Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 16

Journal home page: https://sej-lagh.

com ‫مجلـة التمكين االجتماعي‬


ASJP: https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/644 16 - 02 ‫ ص ص‬/ 2022 ‫ جوان‬/ 02 ‫ الع ــدد‬/ 04 ‫املجلد‬

‫ قراءة نقدية‬:‫االتجاه البيولوجي والسيكولوجي في تفسيرسلوك العنف والجريمة في املجتمع‬

The biological and psychological trend in explaining violent and criminal behavior in soci
ety: critical reading

‫أمينة أقنيني‬
Amina Aguenin
a.aguenini@lagh-univ.dz :‫ البريد االلكتروني‬:)‫مخبر التمكين االجتماعي والتنمية املستدامة بالبيئة الصحراوية _ جامعة األغواط (الجزائر‬
2022/06/30 :‫تاريخ النشر‬ 2022/06/18 :‫تاريخ القبول‬ 2022/05/12 :‫تاريخ االستالم‬

:‫ملخص‬
‫ حيث قدمت‬،‫تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن بعض التفسيرات البيولوجية و السيكولوجية لسلوك العنف والجريمة في املجتمع‬
‫التفسيرات البيولوجية منظورا جديدا في تفسير الظاهرة مستندين روادها في ذلك على الخصائص البيولوجية للفرد وسماته الفيزيقية في ظهور سلوك‬
‫ و الدليل أن هناك أشخاص‬،‫العنف و الجريمة إال أن هذه األخيرة تعرضت النتقادات شديدة منها أنه يصعب الجزم بأن االنسان يولد مجرما بالفطرة‬
‫ أما التفسيرات النفسية‬.‫ كما أن هذه التفسيرات تفتقد إلى سالمة املنهج العلمي في الطرح‬، ‫أسوياء لديهم نفس الخصائص البيولوجية للمجرمين‬
‫ إال أنها تعرضت هي األخرى النتقادات‬،‫للسلوك اإلنساني فهي تحتل مكان مميزة في العلوم االجتماعية وخاصة في تفسير سلوك العنف و الجريمة‬
‫مختلفة ونخص بالذكر نظرية التحليل النفس ي التي رأى الباحثون أنه ال يوجد دليل علمي واضح على وجود عالقة بين الحالة الداخلية الذاتية للعقل‬
‫ خاصة وأن السلوك االنساني عموما هو باملقام األول‬،‫ كما ان هذه التفسيرات أهملت العوامل االجتماعية والثقافية في تحليالتها‬.‫والسلوك العنيف‬
.‫نتيجة الخبرات االجتماعية وال تحدده النزعات والغرائز كما تدعي هذه النظريات‬
.‫ نظرية سلوكية‬،‫ نظرية معرفية‬،‫ اتجاه نفس ي‬،‫ تكوين اجرامي‬،‫ نظرية ملبروزو‬،‫ اتجاه بيولوجي‬،‫ جريمة‬،‫ عنف‬:‫كلمات مفتاحية‬
ABSTRACT:
This study aims to reveal some biological and psychological explanations for the behavior of violenc
e and crime in society. Biological explanations provided a new perspective in explaining the phenomenon,
relying on the biological characteristics of the individual and his physical characteristics in the appearan
ce of violent and criminal behavior. However, the latter have been severely criticized, including the fact th
at it is difficult to say that human beings are born criminals by nature, and the evidence is that there are
bad people who have the same biological characteristics as criminals, and these explanations lack the sou
ndness of the scientific method of presentation. Psychological interpretations of human behavior occupy a
distinctive place in the social sciences, especially in interpreting violent behavior and crime. However, the
y have also been subjected to various criticisms, especially the theory of psychoanalysis, which researcher
s believe that there is no clear scientific evidence for a relationship between the internal self-
state of the mind and violent behavior.
These interpretations neglect social and cultural factors in their analysis, especially since human be
havior is primarily the result of social experiences and is not determined by instincts or tendencies, as thes
e theories claim.
Keywords: violence, crime, biological trend, Limbrozo theory, criminal formation, psychological
trend, cognitive theory, behavioral theory.

a.aguenini@lagh-univ.dz :‫ البريد االلكتروني‬،‫ أمينة أقنيني‬:‫ املؤلف املرسل‬-


ISSN: 2676-234X Doi : 10.34118/sej.v4i2.2179 EISSN: 2716-9006
‫أمينة أقنيني‬

‫‪-1‬مقدمة‪:‬‬

‫حاول الكثير من املنظرين تفسير ظاهرة العنف والجريمة عبر مراحل زمنية مختلفة وفهم األفراد املمارسين لهذا النوع من‬
‫السلوك‪ ،‬لذلك تعددت اآلراء واختلفت املداخل النظرية التي تناولت سلوك العنف واإلجرام بالدراسة والتحليل من تخصص‬
‫فإن دراسة العنف والجريمة والعوامل املؤدية لهم تجعلنا نقف عند ّ‬
‫أهم‬ ‫علمي آلخر (بيولوجية ‪،‬نفسية‪ ،‬اجتماعية‪ ،)...،‬لذلك ّ‬
‫أهمها‪ :‬التفسير السوسيولوجي و التفسير‬ ‫ألهم أسباب هذا السلوك ومن ّ‬ ‫النظريات واملحاوالت التفسيرية التي قدمت تفسيرا ّ‬
‫البيولوجي ‪ ،‬والتفسير النفس ي للظاهرة و سنحاول من هذا املقام أن نتطرق إلى االتجاه البيولوجي و النفس ي في تفسير الظاهرة‬
‫حتى نقف على وجهات نظر مختلفة غير السوسيولوجية التي قدمت تفسيرات نظرية و علمية لسلوك العنف والجريمة داخل‬
‫املجتمع‪.‬‬
‫ويهتم التفسير البيولوجي لسلوك العنف والجريمة بالعوامل البيولوجية في الكائن الحي كالصبغيات والجينات الوراثية‬
‫والهرمونات والجهاز العصبي املركزي والالمركزي والغدد الصماء والتأثيرات البيوكيميائية‪ ،‬واألنشطة الكهربائية للمخ و غيرها‪...‬‬
‫بينما يهتم التفسير النفس ي لسلوك العنف والجريمة فيهتم بجوانب النفس البشرية وسمات الشخصية للفرد ودورها في ممارسة‬
‫هذه السلوكات‪ ،‬حيث تحتل التفسيرات النفسية للسلوك اإلنساني مكانة مميزة في العلوم االجتماعية وخاصة في علم الجريمة‪،‬‬
‫أن الفرد هو وحدة التحليل األولية وأن الشخصية الجزء‬ ‫أهمها‪ّ :‬‬
‫وتشترك مجمل النظريات النفسية في مجموعة من االفتراضات ّ‬
‫الرئيس ي للدافعية في الشخص‪ ،‬فالشخصية هي مصدر النزاعات والدوافع‪ .‬أما الجريمة فهي نتيجة السلوك الشرطي غير مناسب‬
‫فإن التفسيرات النفسية للعنف والجريمة تتناول في‬ ‫أو نتيجة لعمليات عقلية مضطربة أو غير مناسبة في الشخصية‪ .‬لذلك ّ‬
‫مجملها دراسة شخصية الفرد من سمات نفسية كاملشاعر‪ ،‬الذكاء وصفاته الشخصية كالجنس والسن وغيرها‪...‬وبناء على ما‬
‫سبق يمكن لنا ان نطرح التساؤالت اآلتية التي سنحاول اإلجابة عليها الحقا في هذا البحث‪:‬‬
‫• كيف قدمت االتجاهات البيولوجية تفسيرات لسلوك العنف و الجريمة في املجتمع؟ وما هي االنتقادات التي وجهت‬
‫لهذه الطروحات ؟‬
‫• كيف قدمت االتجاهات النفسية تفسيرات لسلوك العنف والجريمة في املجتمع؟ وما هي االنتقادات التي وجهت لهذه‬
‫الطروحات؟‬
‫أهداف البحث‪:‬‬
‫هذا البحث إلى محاولة التعرف على بعض االتجاهات النظرية البيولوجية والنفسية في تفسير سلوك العنف‬ ‫• يهدف‬
‫والجريمة في املجتمع‪.‬‬
‫• الكشف عن بعض العوامل البيولوجية والسيكولوجية املساهمة في ظهور سلوك الجريمة و ارتكاب سلوك العنف لدى‬
‫األفراد من وجهة نظر أصحاب هذه االتجاهات‪.‬‬
‫• الكشف عن مواطن القوة في هذه النظريات وعرض أهم االنتقادات التي تعرضت إليها وجعلتها نظريات قاصرة في تفسير‬
‫سلوك العنف والجريمة في املجتمع‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫االتجاه البيولوجي والسيكولوجي في تفسير سلوك العنف والجريمة في املجتمع‪ :‬قراءة نقدية‬

‫‪-2‬مفاهيم الدراسة‪:‬‬
‫‪ -1-2‬العنف‪:‬‬
‫ّ‬
‫جاء في معجم املصطلحات االجتماعية أن العنف‪ ":‬هو اإليذاء سواء باليد بالفعل أو بالكلمة في الحقل التصادمي مع اآلخر‪،‬‬
‫وهو حالة ال يمكن دراستها بعيدا عن أسبابها وموجباتها ومبرراتها‪ ،‬ومساراتها التاريخية‪ ،‬ومن ناحية أخرى فالعنف يمكن اعتباره‬
‫حالة مركبة من حيث الظهور وإيذائها أو ترابطاتها‪ ،‬أو حالة ذاتية لها موضوعها (األنا في مواجهة اآلخر)" ( خليل أحمد‪،1994 ،‬‬
‫ص ‪ . )282_281‬كما يعرف سلوك العنف على أنه استخدام القوة املادية من أجل إلحاق األذى باآلخرين أو بممتلكاتهم وهو‬
‫أنواع العنف الرمزي و املادي و اللفظي‪( Gilles Ferréol et al,2011 , p299(...‬‬
‫وفي سياق متصل نجد "ابن خلدون" يرى بأن العنف هو من أخالق البشر وهو نزعة طبيعية‪ ،‬حيث يقول‪ ":‬ومن أخالق‬
‫ّ‬
‫البشر فيها الظلم و العدوان بعض على بعض فمن امتدت عينه إلى متاع أخيه فقد امتدت يده إلى أخذه إال أن يصده وازع"‪ ،‬ثم‬
‫يقول‪ ":‬إن الحرب و املقاتلة لم تزل واقعة في الخليقة منذ برأها هللا‪ ،‬وأصلها إرادة انتقام بعض البشر من بعض‪ ،‬ويتعصب لكل‬
‫منها أهل عصبيته‪ ،‬فإذا تذمروا لذلك وتوافقت الطائفتان‪ ،‬أحدهما تطلب االنتقام في األكثر إما غيرة ومنافسة وإما عدوان‪ ،‬وإما‬
‫غضب هلل ولدينه‪ ( "....‬ابرهيم الحيدري‪ ،2015،‬ص ‪.)52‬‬
‫ّ‬ ‫ّأما كارل ماركس فيرى ّ‬
‫بأن العنف "ما هو إال األداة واملولد الحقيقي لكل مجتمع حديث ينشأ من طيات مجتمع قديم‪،‬‬
‫فالعنف هو األداة التي تحل بواسطتها الحركة االجتماعية‪ ،‬ويحمل أشكاال سياسية جامدة ومتينة‪ ،‬ويكون التغيير عنيفا‬
‫بالضرورة في حالة الطبقة الرأسمالية‪ ،‬ألنها تعلم أنها تنفي الطبقة املحكومة واإلنسان الذي تحكمه‪ ،‬فهي إذا تسلبه نتاج عمله‬
‫ّ‬ ‫وتنفيه اقتصاديا‪ّ ،‬‬
‫وأن الطبقة العاملة منفية في العالم االقتصادي‪ ،‬فهي إذن تمثل انعدام الطبقات وال يسعها في هذا املقام إال‬
‫أن تكون ثورية مطالبة لنفسها لهذا الشكل الذي قضت عنه‪ ،‬لذا ستكون عنيفة" ( فليب برو وآخرون‪ ،1985 ،‬ص ‪.)95‬‬
‫أن ماركس يرى ّ‬ ‫ّ‬
‫فإننا نستنتج ّ‬
‫بأن العنف هو مصدر عنف مضاد يتم من خالله تحرير الطبقة العاملة التي تعاني‬ ‫وعليه‬
‫من ظلم وقهر الطبقة الرأسمالية الحاكمة فهو بذلك عنف يسعى من خالله تحرير الشعوب من القمع والسيطرة‪ ،‬واستغالل‬
‫الطبقة الرأسمالية‪ ،‬فهو بذلك يعد ثقافة راسخة لدى املاركسيين حيث يجعلون من السلوك العنفي في هذا السياق سلوكا‬
‫مقبوال ومسموحا به وحتى مقررا اجتماعيا‪ .‬لذلك كان العنف لديهم له غاية وهدف ويتمثل في تغيير األوضاع االجتماعية‬
‫والسياسية‪....‬‬
‫ّ‬
‫أما عاملا االجتماع األمريكيان " هـ‪ .‬جراهام ‪ "H.Graham‬و " ت‪.‬جير ‪ "T. Guirt‬فيذهبان إلى القول بأن العنف هو‪":‬سلوك‬
‫يميل إلى إيقاع أذى جسدي أو خسارة مالية‪ ،‬بغض النظر عن معرفة ما إذا كان السلوك يبدي طابعا جماعيا او فرديا" ( ف‪.‬‬
‫دينوف‪ ،1982،‬ص‪. )119‬‬
‫إذن فالعنف بوصفه ظاهرة فردية أو مجتمعية‪ ،‬هو تعبير عن خلل ما موجود في سياق صانعها‪ ،‬سواء تعلق األمر‬
‫بالجانب النفس ي أو االقتصادي أو االجتماعي أو السياس ي‪ ،‬دفعه هذا السياق الذي يعانيه نحو استخدام وتبني خيار العنف‬
‫ّ‬
‫الذي قد يحقق متطلباته أو أهدافه سواء كانت النفسية أو املادية‪ .‬غير أنه في حقيقة أمره ما هو إال انتهاكا صريحا لحقوق وحرية‬
‫اآلخر‪ ،‬وانتهاكا أيضا لقوانين الضبط االجتماعي ألي مجتمع الذي حددت فيه أنماط التعامل في إطار العالقات االجتماعية ألن‬
‫العنف بمختلف أشكاله يعمل على عرقلة الحياة االجتماعية والتنموية خاصة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويقول عدلي محمد السمري عن العنف بأنه‪ " :‬سلوك يصدر من فرد أو جماعة تجاه فرد آخر أو آخرين‪ ،‬ماديا كان أم‬
‫لفظيا‪ ،‬إيجابيا أو سلبيا‪ ،‬مباشرا أو غير مباشر‪ ،‬نتيجة للشعور بالغضب أو اإلحباط أو الدفاع عن النفس أو املمتلكات أو الرغبة‬

‫‪3‬‬
‫أمينة أقنيني‬

‫من االنتقام من اآلخرين‪ ،‬أو للحصول على مكاسب معينة‪ ،‬يترتب عليه إلحاق أذى بدني أو مادي أو نفس ي بصورة متعمدة‬
‫بأن العنف هو عبارة عن‬ ‫بالطرف اآلخر" ( عدلي السمري‪ ، 2000 ،‬ص ‪ ،)03‬لذلك يمكن أن نستنتج من هذا التعريف املقدم ّ‬
‫سلوك يهدف إليذاء اآلخر سواء كان مادي أو معنوي‪ ،‬نتيجة ملشاعر غضب أو إحباط مسيطرة على الفرد املمارس للسلوك‬
‫العنفي‪.‬‬
‫ّ‬
‫من خالل استقراء التعريفات السابقة فإنه يتضح لنا بأن معنى العنف األساس ي من املنظور السوسيولوجي هو عدم‬
‫االعتراف باآلخر فهو كل عملية إيذاء بالقول أو بالفعل لآلخر‪ ،‬سواء كان هذا اآلخر فردا أو جماعة ‪ ،‬فهو سلوك في جوانبه‬
‫النفسية يحمل معاني التوتر واالنفجار‪ ،‬تسهم في تأجيجها داخل الفرد أو الجماعة عوامل كثيرة‪ ،‬أبرزها هذا العالم الحديث‬
‫املنقسم على نفسه والذي يعيش فيه إنسان اليوم عالم التناقضات السياسية واالقتصادية والعقائدية ‪ ،‬فهو إذن سلوك تحركه‬
‫جملة من العوامل أهم ما ينتج عنه هو أذى لآلخرين‪ ،‬ويستند إلى استخدام غير املشروع للقوة كوسيلة وحيدة للضغط على اآلخر‬
‫وظلمه‪.‬‬
‫‪ -2-2‬الجريمة‪:‬‬
‫جاء في معجم العلوم االجتماعية مفهوم الجريمة على أنها " خرق للقوانين‪ ،‬أو بشكل أدق خرق للمعايير االجتماعية التي‬
‫أصبحت تحت حماية الدولة وطائلة الجزاءات القانونية بموجب عقوبات‪ ،‬ومن ثم فإن تعريف الجريمة يؤدي دورا قويا في‬
‫االندماج ‪/‬التكامل االجتماعي ألنه يرسم الحدود األساسية للسلوك في املجتمع (كريغ كالهون‪ ،2021،‬ص ‪.)271‬‬
‫وفي التعريف النفس ي واالجتماعي للجريمة نجدها تعرف على أساس أنها‪" :‬سلوك ينتهك القواعد األخالقية التي وضعت لها‬
‫الجماعة جزاءات سلبية تحمل صفة الرسمية" ( عبد املجيد سيد أحمد و زكريا الشربيني‪ ،2003،‬ص ‪ ، )32‬فالجريمة من‬
‫املنظور االجتماعي هي كل ّرد فعل يخالف الشعور العام للجماعة‪ ،‬وهي كل فعل فردي أو جماعي يشكل خرقا لقواعد الضبط‬
‫أقرها املجتمع‪ ،‬والذي يمكن التعبير عنه بمجموعة القيم والتقاليد واألعراف السائدة في املجتمع ( حسن‬ ‫االجتماعي التي ّ‬
‫حد ما التعريف الذي يقدمه " إميل دوركايم" حول الجريمة فيعرفها بأنها‪" :‬‬ ‫اسماعيل‪،1993،‬ص ‪،)97‬وهذا التعريف يوافقه إلى ّ‬
‫كل فعل أو امتناع يتعارض مع القيم واألفكار التي استقرت في ضمير الجماعة" )‪.(Emile Durkheim,1977,p67‬‬
‫إن تحديد مفهوم الجريمة له عدة اتجاهات قانونية‪ ،‬نفسية‪ ،‬اجتماعية‪ ،‬وعموما هي كل فعل أو امتناع من فعل يرتب له‬ ‫ّ‬
‫القانون عقوبة جنائية‪ ،‬وهي الخروج عن املبادئ وقواعد السلوك التي يحددها املجتمع ألفراده وهي من الوقائع االجتماعية التي‬
‫الزمت املجتمعات البشرية منذ أقدم التاريخ‪،‬‬
‫‪-3-2‬عالقة العنف بالجريمة‪:‬‬
‫إن العنف هو تعبير صارم عن القوة التي تمارس ضد اآلخر بهدف إلحاق األذى به سواء كان هذا األذى مادي أو معنوي‬
‫أن الجريمة هي سلوك يخالف القانون وهي تحدث ضررا باألفراد واملمتلكات رغم أنها قد ال تكون مصحوبة بعنف‬ ‫وحيث ّ‬
‫بالضرورة‪ ،‬ومن هنا يظهر التداخل الواضح بين مفهوم الجريمة ومفهوم العنف‪ ،‬ويمكن رصد الفرق فيما بينهما على اعتبار ّأن‬
‫العنف أكثر اتساعا من الجريمة‪ ،‬حيث يشتمل على تلك التي ال يعاقب عليها القانون‪ ،‬بل ّإن بعضهم قد يكون مرغوبا فيه‬
‫اجتماعيا عندما يكون منظما من خالل معايير املجتمع( سعد الخولي وعادل عبد هللا محمد‪ ،2008،‬ص ‪ .)114‬لذلك فإنه ال‬
‫ّ‬ ‫وجود للجريمة إال حيث توجد العقوبة القانونية على ذلك‪ ،‬في حين ّ‬
‫أن سلوك العنف ال يعاقب عليه دائما‪ ،‬إال إذا كان سلوك‬
‫العنف ينتج ضمن السلوكات التي يحددها ذات املجتمع بأنها سلوكات مخالفة للقانون وجب املعاقبة عليها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫االتجاه البيولوجي والسيكولوجي في تفسير سلوك العنف والجريمة في املجتمع‪ :‬قراءة نقدية‬

‫‪ -3‬االتجاه البيولوجي في تفسير سلوك العنف و الجريمة‪:‬‬


‫في هذا االتجاه الذي سوف نركز على نظرية ملبروزو في الجريمة‪ ،‬ونظرية " دي تيليو" وكذا نظرية انحرافات الدماغ‪:‬‬
‫‪ -1-3‬نظرية "ملبروزو" في الجريمة‪:‬‬
‫سيزار ملبروزو "‪( )1909_1835 ( "Cesare Lombroso‬طبيب إيطالي‪ -‬أستاذ الطب الشرعي والعقلي) يدعى أب علم‬
‫الجريمة الحديث‪ ،‬قام بالعديد من البحوث إال أن الشهرة جاءته بعد نشره كتاب اإلنسان املجرم سنة ‪ ،1878‬حيث أقر بوجود‬
‫عالقة بين الصفات الجسدية و العقلية و الجريمة منذ الوالدة حيث وضع نظريته املفسرة للجريمة خلص فيها إلى القول ّ‬
‫بأن‬
‫ّ‬
‫الجريمة ترجع إلى تشنجات عصبية تدفع إلى ارتكاب أفعال عنيفة بل إنه اعتمد في صياغة نظرياته عن الجريمة على دراسة حالة‬
‫أشخاص اتسموا أساسا بارتكاب جرائم عنف عديدة‪ ،‬فقد توصل من خالل نتائج بحوثه ومقارناته إلى أن اإلنسان املجرم يختلف‬
‫عن اإلنسان العادي في التكوين الجسماني والوظيفي الداخلي‪ ،‬وهذا النقص في التكوين يؤثر بدوره على التكوين النفس ي ويؤدي‬
‫بالفرد إلى ارتكاب الجريمة مثلما يرتكب املصابون باألمراض العقلية والعصبية أفعاال إجرامية تحت تأثير النقص العقلي( جمال‬
‫معتوق‪ ،2008 ،‬ص‪.)91‬‬
‫ّ‬
‫ويذهب ملبروزو إلى أن املجرم يحمل غالبا بعض العالمات "الصفات االرتدادية" التي ترده إلى اإلنسان املتخلف (اإلنسان‬
‫البدائي)‪ ،‬وهي بذاتها قد ال تؤدي إلى ارتكاب الجريمة ما لم تندمج في شخصية صاحبها‪ ،‬ومن هنا غلب "ملبروزو" دور الوراثة على ما‬
‫عداها من عوامل وقد انتهى إلى أمرين أساسيين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أ ّن الصفات االرتدادية (الصفات الخلقية) الخالقة معه تتوافر لدى معظم املجرمين ال لدى جميعهم‪.‬‬
‫أن الوراثة وحدها ال تؤدي إلى الجريمة‪ ،‬وإنما تؤدي إلى توافر ميل نحو الجريمة‪ ،‬ما لم يكن مقترنا بعوامل معينة‪ ،‬قد‬ ‫الثاني‪ّ :‬‬
‫أهم ما استمر به "ملبروزو" في وصفه للمجرم هو تقريره بإمكانية‬ ‫تكتسب بعد امليالد ( عدلي السمري‪ ،2009،‬ص ‪ . )74‬ومن ّ‬
‫التعرف عليه بواسطة صفاته العضوية الظاهرة‪ ،‬كعدم انتظام وتشابه نصفي الوجه‪ ،‬كبر زائد في أبعاد الفك وعظام الوجنتين‪،‬‬
‫تشوهات في العينين‪ ،‬كبر زائد أو صغر غير عادي في حجم األذنين‪ ،‬التواء األنف أو اعوجاجه‪ ،‬عيوب في التجويف الصدري‬
‫بأنهم متخلفون حضاريا أي بمعنى‬ ‫بأن أصلها خلقي أو وراثي‪ ،‬ووصف "ملبروزو" هؤالء ّ‬ ‫وغيرها من الصفات والقياسات التي اعتقد ّ‬
‫ّأنهم متخلفون بالنسبة ملراحل التطور البشري (غير بعيدين عن مرحلة الحيوانات حسب نظرية داروين) ( جمال معتوق‪،‬ص‪.)91‬‬
‫وحيث أن كل فعل جريمة هو في أصله فعل عنف‪ ،‬فإن " ملبروزو " قد ميز بين خمسة طوائف من املجرمين املمارسين‬
‫ألفعال العنف الوحشية و هي ‪:‬‬
‫‪_1‬املجرم بالوالدة‪ :‬فإلى جانب خصائص بيولوجية مختلفة عن اإلنسان العادي كاختالف حجم وشكل الرأس مقارنة بالنمط‬
‫الشائع في ساللة املنطقة التي ينتمي إليها‪ ،‬و عدم انتظام و تشابه نصفي الوجه و كبر زائد في أبعاد الفك و عظام الوجنتين و‬
‫تشوهات في العينين و كبر زائد أو صغر غير عادي في حجم األذنين يماثل أذني الشمبانزي و غيرها من الخصائص الجسمية ‪ ،‬إلى‬
‫جانب الخصائص النفسية كانعدام أو ضعف اإلحساس وعنف املزاج و االندفاع و التهور و الشعور الدائم بعدم االستقرار‬
‫النفس ي و االجتماعي‪.‬‬
‫‪_2‬املجرم املجنون‪ :‬وهو يربط هنا بين هذا النمط من املجرمين واألمراض العقلية وينصح بعالجهم أو التخلص منهم‪.‬‬
‫‪_3‬املجرم بالعادة‪ :‬وهو ذلك الشخص الذي تعود ممارسة العنف والجريمة نتيجة لعوامل ومسببات بيئية وليس بسبب تكوينه‬
‫الجسدي وهنا نالحظ بأن " ملبروزو" لم يهمل أثر البيئة في السلوك العنيف إال انه لم نجده يعطيها حقها من االنتباه وتبقى‬
‫الحتمية البيولوجية هي السبب الرئيس ي للجريمة والعنف‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أمينة أقنيني‬

‫‪_4‬املجرم بالصدفة‪ :‬ويتميز هذا النمط من املجرمين بعدم وجود ميل واضح نحو اإلجرام لديه وهو يرتكب الجريمة بسبب‬
‫مؤثرات خارجية ال يستطيع تقديرها بشكل سليم فيقع في الجريمة وهذا النمط يسهل عالجه‪.‬‬
‫‪_5‬املجرم بالعاطفة‪ :‬وهذا النمط يرتكب جرائم عنف ألسباب عاطفية مثل الحب و الغيرة و الحقد والدفاع عن الشرف وهو‬
‫يتسم بالحساسية املفرطة التي يصعب مقاومتها( عايد عواد الوريكات‪ ،2008 ،‬ص ‪. )81_80‬‬
‫وعليه نالحظ بأن " ملبروزو" قد اتخذ الحتمية البيولوجية في تفسير ارتكاب الجريمة‪ ،‬إال أنه ربط ذلك ببعض الخصائص‬
‫النفسية التي أشار إليها كعنف املزاج و الطبع لدى املجرمين و بالدة اإلحساس لديهم وعدم الشعور باأللم واالندفاع و الغيرة و‬
‫الحقد هي أيضا أسباب تدفع بأصحابها إلى ممارسة الجريمة والعنف‪.‬‬
‫‪ -2-3‬نظرية "دي تيليو ‪ " Di tillio‬في التكوين اإلجرامي‪:‬‬
‫أما النظرية التي نادى بها " دي تيليو" ‪( Di tillio‬باحث جنائي إيطالي) عام ‪ 1945‬التي أطلق عليها نظرية " التكوين اإلجرامي"‬
‫أو االستعداد السابق للجريمة وجد أن أحد املؤشرات السلوكية األساسية في املجرم بالتكوين تتمثل في امليل إلى العنف والكسل‬
‫والشذوذ في غريزة القتال والدفاع وهذا الشذوذ يكون مصحوبا عادة بخلل في وظائف الجهاز العصبي ويزيد من ّ‬
‫حدته‬
‫وحساسيته ما يؤدي إلى ارتكاب الجرائم(عبد هللا عبد الغني غانم‪ ،2004،‬ص‪.)66‬‬
‫أن إصابة الجسم ترجع إلى ضعف مقاومته للجراثيم‪،‬‬ ‫وكان" دي تيليو‪ "Di Tillio‬يشبه السلوك اإلجرامي باملرض فكما ّ‬
‫فكذلك الجريمة يتوقف ارتكابها على ضعف قوة الفرد على التكيف مع مقتضيات الحياة االجتماعية نتيجة لخلل عضوي ونفس ي‬
‫يتمثل فيه االستعداد اإلجرامي‪ ،‬ويرى الباحث هنا ّأن عدم القابلية للتكيف مع البيئة االجتماعية يرجع إلى نوعين من العوامل‪،‬‬
‫النوع األول مصدرها النمو العاطفي املعيب للشخص بسبب ظروف داخلية تتصل بطاقته الغريزية‪ ،‬وما يصحب ذلك من عدم‬
‫تقبل مثل هذا الشخص للقيم االجتماعية املكتسبة والتوافق مع األنماط االجتماعية السائدة‪ّ ،‬أما النوع الثاني يتضمن عوامل‬
‫ترجع إلى العيوب الجثمانية الناجمة عن الوراثة أو الهرمونات أو التهاب املخ‪ ،‬ومن شأن هذا النوع أن يخلق شخصية سيكوباتية‬
‫بأن أبحاث "دي‬‫ال يوجد لديها القابلية للتوافق مع املجتمع بأي حال( علي عبد هللا قهوجي‪،1985،‬ص ‪ ، )53‬وعليه يمكن القول ّ‬
‫أن التكوين العضوي‬ ‫أن "دي تيليو" أنكر ّ‬ ‫ّ‬
‫إال ّ‬ ‫تيليو" مشابهة إلى ّ‬
‫حد ما نتائج أبحاث ملبروزو والتي ركزت على وجود املجرم بالتكوين‬
‫ّ‬
‫وحده عامل للسلوك اإلجرامي‪ ،‬وإنما يشكل مع غيره من العوامل االجتماعية عامال مركبا للسلوك اإلجرامي إلى جانب هذا يفسر‬
‫بعض البيولوجيون سلوك العنف عند األفراد بالشذوذ في التركيب الجيني أو التركيبة الوراثية‪ ،‬ففي الستينات والسبعينات من‬
‫القرن العشرين جرت أبحاث مهمة عن تكوين الكروموزومات لدى اإلنسان يحتوي على ‪ 46‬وحدة صبغية‪ -‬كروموزوم‪ -‬منها ‪22‬‬
‫زوجا متشابه تشابها كليا (وكل صبغي أو كروموزوم يحتوي على املئات بل اآلالف ما يسمى باألجنة أو مولدات املوروثات) في حين‬
‫أن الزوج ‪ 23‬من هذه الصبغيات هو زوج الصبغيات (الكروموزومات) الجنسية يختلف في خلية الذكر عنه عند األنثى فهو لدى‬ ‫ّ‬
‫أن األفراد الذين يتميزون بالعدوانية والذين اعتقلوا‬ ‫املرأة متشابهين (‪ )xx‬وعند الرجل مختلفات (‪ ،)xy‬وقد أثبتت الد اسات ّ‬
‫ر‬
‫بسبب ارتكابهم شتى أنواع العنف‪ ،‬تظهر لديهم في أغلب األحيان حاالت من الشذوذ في صبغياتهم الجنسية بحيث أن زيادة (‪)x‬‬
‫واحدة أو اثنين قد تسبب تخلفا عقليا بينما زيادة (‪ )y‬واحدة قد يكون لها تأثير في الغرائز اإلجرامية‪ ،‬وقد لوحظ بالفعل وجود‬
‫نسبة كبيرة من صبغية (‪ )xyy‬بين املجرمين( عبد هللا عبد الغني غانم‪،‬ص‪ .)69‬لذلك فقد حاول البعض الربط بين هذا الشذوذ‬
‫وبين امليل إلى العنف والعدوان عند الذكر أو األنثى‪ ،‬ورغم ّأن العلم لم يتوصل بعد إلى القطع بوجود صلة بين هذين املتغيرين‬
‫(العنف واإلجرام ككل من ناحية وهذا الشذوذ الكروموزومي من ناحية أخرى لوجود مثل هذا الشذوذ بين املجرمين وأيضا غير‬

‫‪6‬‬
‫االتجاه البيولوجي والسيكولوجي في تفسير سلوك العنف والجريمة في املجتمع‪ :‬قراءة نقدية‬

‫ّ‬
‫املجرمين‪ ،‬إال ّأن السنوات األخيرة كشفت عن تركيز كبير وانتشار واسع لتفسير العنف بإرجاعه إلى هذا الشذوذ في التركيبة‬
‫الوراثية‪.‬‬
‫‪ -3-3‬نظرية انحر افات وظائف الدماغ‪:‬‬
‫ّ‬
‫فسر أصحاب هذه النظرية سلوك العنف على أنه يحدث بسبب انحرافات في وظائف الدماغ وقد استند علماء األعصاب‬
‫إلى معطيات التشخيص التي تمت باستخدام آلة قراءة الدماغ (‪ ،)FMRI‬للكشف عن اإلخطار‪ ،‬وعن طريق مشاهدة نماذج‬
‫النشاط في أدمغة األشخاص أثناء قيامهم بأنشطة متعددة والتفكير في أمور مختلفة‪ ،‬استطاع علماء األعصاب وضع خريطة‬
‫مفصلة لوظائف الدماغ‪ ،‬وتظهر الخريطة سلوكنا تتم عبر تفاعل وحدات قياس الدماغ‪ ،‬وهي كتل فردية أو مناطق نسيجية كل‬
‫ّ‬ ‫واحدة فيها مخصصة لوظيفة ّ‬
‫محددة بدقة‪ ،‬وباستخدام الخريطة كمخطط فإنه يمكن اآلن استخدام التصوير الوظيفي إلظهار‬
‫االنحرافات ( ليث محمد عبد الغني عياش‪ ،2010 ،‬ص ‪، )24_23‬الحاصلة في وظيفة الدماغ التي تؤدي إلى حدوث العنف و‬
‫السلوكيات غير الطبيعية‪.‬‬
‫ّ‬
‫هذا باإلضافة إلى تفسيرات أخرى‪ ،‬تعلق األمر بالنظرية الوراثية‪ ،‬كيمياء الدماغ‪ ‬وغيرها من التفسيرات البيولوجية‪ ،‬إال‬
‫تعمم على جميع‬ ‫أن هذه الد اسات ال الت تحتاج إلى تدعيم وبحوث ّ‬
‫ألن النتائج املتوصل إليها ال تعد حاسمة نظرا ألنها ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ز‬ ‫ر‬
‫األفراد‪ ،‬فإذا كان العنف والعدوان يفسر باضطراب في الكروموزومات أو خلل وظيفي في الدماغ‪ ،‬أو اضطراب في الغدد فيما‬
‫نفسر وجود أفراد عدوانيين وآخرين غير ذلك(عاديين)‪ ،‬أو العكس صحيح‪ ،‬فيما نفسر وجود مجرمين ال توجد لديهم أية‬
‫اضطرابات في الغدد أو في الكروموزومات أو غير ذلك‪.‬‬
‫لقد أفرز هذا االتجاه العديد من الدراسات في الفيزيولوجيا الجنائية‪ ،‬وساهمت في تنمية العديد من العلوم الجنائية‬
‫نذكر بالخصوص االنثروبولوجيا الجنائية‪ ،‬علم العقاب‪ ،‬الطب الشرعي‪ ،‬علم النفس الجنائي‪ ،‬علم االجتماع الجنائي‪ ،‬الجغرافيا‬
‫الجنائية وغيرها من العلوم األخرى‪ .‬كما ال يمكن اليوم وبالرغم من التطور الهائل الذي عرفه علم اإلجرام بشكل‪ ،‬إهمال أو القفز‬
‫فوق إسهامات هذه املدرسة‪ ،‬فهي حاضرة بالرغم من التنوع النظري الذي عرفه علم اإلجرام‪.‬‬

‫* تصوير مناطق الدماغ تشريحيا ويلتقط لها صور وهي تعمل‪Functional Magnétic Resonance Imaging:‬‬
‫‪ _ ‬كيمياء الدماغ‪ :‬وهو تفسير يربط بين الكيمياء والعنف حيث ربط الباحثين بين زيادة العنف وملوثات البيئة حيث ّإن ملوثات البيئة تدعم العنف‬
‫مثل التعرض للملوثات السامة في مواد كيميائية ومعادن ثقيلة‪ ،‬يشكل خطرا على صحة الدماغ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫أمينة أقنيني‬

‫العالقة بني العوامل البيولوجية‬


‫املسببة للعنف عند األفراد‬

‫احنراف وظائف املخ عن‬ ‫وجود نقص وعيوب يف‬ ‫وجود موراثت جينية‬
‫تغيري كيميائية الدماغ‬
‫اخلريطة املفصلة للسلوك‬ ‫الدماغ تؤدي إىل‬ ‫تؤدي إىل‬

‫التعرض مللواثت بيئية‬ ‫غلق طرق املرور العصبية‬ ‫الضرب أو احلوادث يف‬ ‫إنتاج هرمون أو تغيري‬
‫سامة‬ ‫اليت تصل بني الالوعي‬ ‫فرتة الطفولة وغريها‬ ‫اإلفرازات اهلرمونية‬

‫التسمم العصيب املقصود‬ ‫تؤدي إىل احنرافات يف‬ ‫تلف يف النصف األمامي‬ ‫اخنفاض مستوى‬
‫بتغيريات بكميائية الدم‬ ‫وظائف الدماغ‬ ‫واخللفي للدماغ‬ ‫الكورتيزول‬

‫مناطق غري نشطة تتعلق مبراكز السيطرة يف‬


‫الدماغ فيتميز الفرد بضعف العمليات‬
‫العقلية أو يعاين من خصائص مرضية‬
‫عصبية‬
‫تؤدي‬
‫إىل‬

‫سلوك عدواين حنو األفراد‬

‫شكل ‪ .1‬العوامل البيولوجية املسببة لسلوك العنف لدى األفراد‬


‫(املصدر‪ :‬ليث محمد عياش عبد الغني‪ ،2010 .‬ص ‪)25‬‬

‫‪8‬‬
‫االتجاه البيولوجي والسيكولوجي في تفسير سلوك العنف والجريمة في املجتمع‪ :‬قراءة نقدية‬

‫‪ -4‬االتجاه النفس ي في تفسيرالعنف والجريمة‪:‬‬


‫من أهم هذه التفسيرات نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1-4‬نظرية التحليل النفس ي( سيجموند فرويد)‪:‬‬
‫تعتبر نظرية التحليل النفس ي من النظريات الرئيسية في حقل علم النفس والعلوم االجتماعية‪ ،‬وقد أسهم " سيجموند‬
‫ّ‬
‫فرويد" (‪ )1939-1852‬أكثر من سواه في وضع هذه النظرية‪ ،‬فقد جاء في كتابه " خلل الحضارة" أنه " ليس اإلنسان قطعا ذلك‬
‫الكائن الطيب الذي يقال عنه إنه يداف ع عن نفسه عندما يهاجم‪ ،‬بل إن اإلنسان على العكس من ذلك فإنه يتحتم عليه أن يضع‬
‫في حسابه معطياته الغريزية وهي الحصول على قدر كبير من العدوانية‪ ،‬حيث يعتبر بأن العدوانية ليست أمرا عارضا بل ّإنها من‬
‫مقومات الكائن البشري‪ ،‬ولقد افترض "فرويد" غريزتين أساسيتين في اإلنسان‪ ،‬األولى‪ :‬هي غريزة " إيروس" "‪( "Eros‬أو إله الحب في‬
‫األساطير اليونانية) وهو ما سماه بغريزة الحياة وهي تتضمن مجموعة القوى الحيوية والدوافع الغريزية التي تهدف للحصول على‬
‫ّ‬
‫اللذة الجنسية وبقاء النوع‪ّ ،‬أما الثانية‪ :‬فهي غريزة املوت أو الهدم ويصدر عن تفاعل هاتين الغريزتين جميع مظاهر الحياة‬
‫وترتبط غريزة الهدم هذه بالعدوانية والعنف( عبد هللا عبد الغني غانم‪،‬ص ‪.)90‬‬
‫وبينما يربط تفسير "فرويد" بالعدوانية والعنف‪ ،‬حيث يرجع العدوان إلى ما اسماه بغريزة الهدم في داخلنا مع ترابطها أو‬
‫بأن الشخص الذي يقاتل اآلخرين وينزع إلى التدمير يعود ذلك إلى ّ‬
‫ان رغبته في‬ ‫تعارضها مع غريزة الحب والحياة حيث فسر ذلك ّ‬
‫املوت قد عاقتها قوى غرائز الحياة‪ ،‬وقد تمتزج غرائز املوت وغرائز الحياة ومشتقاتها معا‪ ،‬فتلزم كل منها األخرى بموقف الحياة أو‬
‫يحل إحداهما محل اآلخر‪ ،‬فاألكل يمثل امتزاج الجوع بالتدمير فيتحقق إشباعهما بأكل الطعام‪ (...‬هول ولندزي‪،1983،‬ص‬
‫‪.)115‬‬
‫ّ‬
‫وعليه فإن "فرويد" يرى بأن العدوان والعنف هو حافز فطري وظيفته إشباع حاجاته‪ ،‬ويظهر العدوان حين تبقى‬
‫وأن الذات السوية تعمل على التكيف والتوافق وإشباع‬ ‫الحاجات بال إشباع‪ ،‬كما يظهر في أي صورة من صور تأكيد الذات‪ّ ،‬‬
‫الحاجات والدوافع الفطرية في ضوء الواقع الفعلي‪ ،‬وفشل الذات في إحداث هذا التوافق قد يؤدي بالفرد إلى أحد مصادر ثالث‬
‫يتجنب الصراع والتوتر عليه أن يشبع‬‫فإن اإلنسان الذي يريد لنفسه أن ّ‬ ‫وهي املرض النفس ي‪ ،‬الجناح‪ ،‬العنف والعدوان لذلك ّ‬
‫دوافعه البيولوجية دون أن يتأثر بها‪ ،‬ويشكل هذا االتجاه النفس ي صورة الصراع النفس ي على أنها حرب تشنها أجهزة الشخصية‪،‬‬
‫صورها أصحاب مدرسة التحليل النفس ي على الوجه التالي‪ ( :‬صبحي سيد صبحي‪،1984،‬ص‪.)53‬‬ ‫تلك األجهزة التي ّ‬
‫تسعى إلى إشباع الغرائز دون مراعاة ملطالب الواقع‪.‬‬ ‫الهو‪ :‬مركز الدوافع الجنسية‬
‫هناك من الدوافع ما يمكن إشباعه وما ال يمكن إشباعه‪.‬‬ ‫األنا ‪ :‬ترتبط بالواقع‬
‫تراقب مطالب (الهو) وتعمل على كبح جماح الغرائز‪.‬‬ ‫األنا األعلى‪ :‬الرقيب أو الضمير‬
‫ومن علماء النفس التحليلي الذين اعتمدوا نظرية فرويد في تفسير الجريمة واالنحراف نجد العالم‬
‫ّ‬ ‫(أبراهمسين ‪ )Abrahamsen‬والذي اعتقد ّ‬
‫أن جرائم الشباب ما هي إال نتيجة لصراعات بين "األنا واألنا األعلى" في الشخصية‪،‬‬
‫واملجرم هو ذلك الشخص الذي سيطرت عليه "الهو" ويعاني من عدم املقدرة على السيطرة عليها وكبح نزواتها وقد يكون مرد ذلك‬
‫خبرات الطفولة السيئة وعدم مقدرة األهل على توفير الحب والرعاية‪ ،‬فهؤالء األحداث يعانون من أنا ضعيفة غير قادرة على‬
‫التكيف في املجتمع بشكل سو ّي (عايد عواد الوريكات‪،‬ص‪.)119‬‬

‫‪9‬‬
‫أمينة أقنيني‬

‫ويرى عالم النفس ي التحليلي " أوغست أكورن ‪ "August Aichorn‬أن ضغوط الحياة وحدها غير قادرة على تفسير الحالة‬
‫العاطفية للشباب‪ ،‬وهنا يأتي بمفهوم األحداث الكامنين "‪ ،"Latent Delinquents‬هؤالء الفتية التي تقودهم حياتهم األسرية‬
‫املضطربة للبحث عن اإلشباع اآلني لرغباتهم‪ ،‬بدون أية اعتبارات ملشاعر اآلخرين ومعايير الخطأ والصواب(عايد عواد‬
‫بأن هناك تركيز كبير على دور األسرة كمؤسسة رئيسية في التنشئة االجتماعية ّ‬
‫وأن‬ ‫الوريكات‪،‬ص‪ ، )122‬ويمكن أن نالحظ هنا ّ‬
‫فشلها سوف ينتج أحداثا منحرفين‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وعموما ّ‬
‫فإن " فرويد" رائد هذا االتجاه يرى بأن العدوان ميل فطري في اإلنسان‪ ،‬فاإلنسان يكره أخاه بالفطرة وراء املحبة‬
‫الظاهرة بين الناس عداء كامن مستور‪ ،‬فالظالم والعدوان من شيم النفوس‪ ،‬ومهمة املجتمع تهذيب هذه امليول العدوانية‬
‫بأن العنف والعدوان هو سلوك يعود أصله إلى اضطرابات في‬ ‫وترويضها‪ ،‬وعليه فإن أصحاب نظرية التحليل النفس ي يرون ّ‬
‫شخصية الفرد أو هو جزء من شخصية الفرد يعني أن العنف متأصل في اإلنسان وهي نظرة تشاؤمية وكان " فرويد" يعطي مبررا‬
‫نفسيا لكل شخص عنيف‪ .‬والشكل‪ ،2‬يوضح وجهة نظر التحليلية في تفسير ظاهرة العنف‪.‬‬

‫وجهة نظر اثبتة يف أن العنف غريزة مقاتلة‬


‫وجهة نظر أوىل يف تفسري‬
‫فطرية يشرتك هبا اجلميع‬
‫العنف عند األفراد‬

‫ر‬ ‫ر‬

‫اختالل الغرائز عند‬


‫اإلنسان‬
‫يستخدمها الفرد بشكل‬
‫منفصل أو بشكل مجاعي‬ ‫سلوكيات تتميز كوهنا عدوانية‬ ‫ر‬
‫ومتثل حيل دفاعية يستخدمها‬ ‫وتشكل مقومات اجلنس‬ ‫أمراض أو عقد نفسية‬
‫الفرد من أجل العودة إىل‬ ‫البشري عند اإلنسان وتكون‬
‫ر‬
‫حالة التوازن الداخلي أو‬ ‫استعداد فطري غريزي فردي‬
‫التوازن اخلارجي ضمن‬ ‫تتمثل يف السلوك الشاذ‬
‫سلوك فردي يهدف إىل‬
‫اجلماعة‬
‫إبعاد األمل واحلصول على‬
‫اللّذة‬

‫شكل ‪ .2‬وجهة النظرالتحليلية في حدوث سلوك العنف‬


‫(املصدر‪ :‬محمد ليث عياش عبد الغني‪ ،2010 ،‬ص ‪.)26‬‬

‫‪10‬‬
‫االتجاه البيولوجي والسيكولوجي في تفسير سلوك العنف والجريمة في املجتمع‪ :‬قراءة نقدية‬

‫‪ -2-4‬النظرية السلوكية‪:‬‬
‫ّ‬
‫لقد رأينا سابقا بأن مدرسة التحليل النفس ي قد ربطت بين مكونات الشخصية والعنف‪ ،‬حيث اعتقدت بأن السلوك‬ ‫ّ‬
‫اإلنساني يسيطر عليه مجموعة من العمليات الالعقلية الالشعورية‪ ،‬أي حالة الصراع الالشعوري املستمر‪ ،‬إضافة إلى أهمية‬
‫ّ‬
‫السنوات املبكرة من حيث إشباع الحاجات األساسية‪ ،‬إال ّأن املدرسة السلوكية كمدرسة وضعية قد رفضت هذه التفسيرات‪،‬‬
‫أن الشخصية اإلنسانية والسلوك اإلنساني بشكل عام سلوك‬ ‫حيث ال يمكن قياسها والتأكد من صحتها‪ ،‬وبدال من ذلك اقترحت ّ‬
‫متعلم من خالل عمليات التفاعل مع اآلخرين ولقد اعتمدت هذه املدرسة على دراسات العالم الفيزيولوجي الروس ي "‬
‫ّ‬
‫بافلوف‪ "Pavlov‬والتي كانت حول أبحاثه املتعلقة باإلشراط الكالسيكي تجربة الكلب والطعام وقرع الجرس وسيالن اللعاب‪ ،‬إال‬
‫أن املدرسة السلوكية الحديثة اعتمدت بشكل أساس ي على أبحاث عالم النفس األمريكي واطسون (‪)watson 1878 -1958‬‬ ‫ّ‬
‫أن الشخص‬ ‫بأن التعلم يحدث نتيجة مثير خارجي‪ ،‬حيث يعتقد" سكينر‪ّ "Skinner‬‬ ‫وكذلك العالم" سكينر ‪ " Skinner‬الذين أقروا ّ‬
‫يتعلم من خالل مالحظة ّرد فعل اآلخرين على سلوكه‪ ،‬فالسلوك عادة ما ينشأ تحت تأثير مثير أو تغير في البيئة‪ ،‬وإذا كان ّرد‬
‫ّ‬ ‫فإن هذا السلوك سيستمر ويتم تعلمه‪ّ ،‬أما إذا ّ‬ ‫الفعل إيجابيا ومعززا ّ‬
‫تم عقاب هذا السلوك فإنه لن يتكرر أو يتم تعلمه وبالتالي‬
‫أن السلوك العدواني يزداد احتماالت حدوثه عندما تكون نتائجه إيجابية‬ ‫سوف ينتهي( عايد عواد الوريكات‪،2008،‬ص‪،)124‬أي ّ‬
‫ـو معززة ومدعمة‪ ،‬وتقل احتماالت حدوثه عندما تكون نتائجه سلبية أو عقابية‪ ،‬ويتم عالج السلوكيات العدوانية بناء على‬
‫تفسير هذه النظرية من خالل أساليب تعديل السلوك املختلفة‪ ،‬كالتعزيز والعقاب والعزل وغيرها (ال أحمد رشيد عبد‬
‫الرحمن‪ ،2007،‬ص ‪.)31‬‬
‫املختلفة‪ ،‬وذلك من خالل التدعيم واإلثابة‬ ‫بأن الطفل في سنواته الباكرة يكتسب األنماط السلوكية‬‫كما ترى هذه النظرية ّ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫وتتكرر وتعمم على‬ ‫تم تدعيمها إلى أن تقوى‬ ‫لالستجابات اإليجابية أو معاقبة االستجابات غير املرغوبة‪ ،‬وتميل االستجابات التي ّ‬
‫فإنها تختفي أو تضعف كما يقل حدوثها‪ ،‬وعلى سبيل املثال ّ‬
‫فإن إثابة‬ ‫املواقف املتشابهة‪ّ ،‬أما االستجابات التي يعاقب عليها الطفل ّ‬
‫الطفل على السلوك العدواني (الذكر) وعقاب الطفلة (األنثى) على نفس السلوك يجعل من الطفل الذكر أكثر عدوانية عن‬
‫األنثى‪.‬‬
‫‪ -3-4‬النظرية املعرفية‪:‬‬
‫أن سلوك الفرد يعتمد على الطريقة التي يدرك بها املوقف االجتماعي أو‬ ‫يقوم االفتراض األساس ي للنظرية املعرفية على أساس ّ‬
‫دور العوامل املعرفية في القيام بالسلوك‪ ،‬فاألفراد ينظمون إدراكاتهم وأفكارهم عن املوقف بصورة تلقائية من خالل طرق‬
‫وأن هذا التنظيم واإلدراك والتفسير للعالم يؤثر بصورة جوهرية في كيفية استجابة األفراد في املوقف‬ ‫بسيطة ذات معنى‪ّ ،‬‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫وبالرغم ّأن نظريات علم النفس املعرفي قد تباينت في طريقة تناولها وتفسيرها للعمليات العقلية التي تحدث داخل الدماغ‪ ،‬أذ‬
‫أن بعضها يهتم بدراسة اإلدراك الحس ي وعمليات التنظيم املعرفي كما هو الحال في نظرية " الجشتلطية" في حين البعض اآلخر‬ ‫ّ‬
‫يهتم بدراسة التغيرات النوعية والكمية التي تطرأ على العمليات املعرفية اإلدراكية عبر مراحل النمو املختلفة مثل نظرية " جون‬
‫بياجيه" في النمو املعرفي‪ .‬وهناك أيضا نموذج معالجة املعلومات الذي يهتم بمراحل تناول املعلومات ومعالجتها داخل النظام‬
‫ّ‬
‫املعرفي‪ ،‬إال ّأنها جميعا تشترك في تأكيدها على أهمية العمليات املعرفية ودورها في تحديد أنماط الفعل السلوكي الذي يصدر عن‬
‫اإلنسان‪ ،‬فهي جميعا ترى ّأن السلوك هو دالة ملثل هذه العمليات وليس مجرد ارتباط آلي ميكانيكي يتشكل بين مثير واستجابة (‬
‫رافع الناصر زغلول وآخرون‪،2003،‬ص‪.)11‬‬

‫‪11‬‬
‫أمينة أقنيني‬

‫ويرى ّرواد املنظور املعرفي أمثال العالم " أفلين والترز" وكذلك زميله العالم " توماس وايت ‪ّ )1989( "Walters and White‬‬
‫أن‬
‫أن العوامل االجتماعية‬‫علم الجريمة قد أهمل الجانب أو البعد اإلد اكي واملعرفي في الشخص‪ ،‬وفي هذا املجال الحظ العاملان ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫والبيئية ّإما أن تضاعف من الفرص املتاحة للسلوك أو تضعفها وتحد منها‪ ،‬وهنا يبرز دور الطبيعة اإلنسانية العقالنية التي‬
‫أن العاملين يريان ّ‬ ‫ّ‬
‫فإننا نجد ّ‬
‫أن الجريمة وأشكال العنف نتيجة للتفكير غير العقالني وليس‬ ‫تحدد شكل السلوك املنحرف‪ ،‬وهكذا‬
‫الحد من الخيارات الفردية املتاحة ( عايد عواد الوريكات‪،2008،‬‬ ‫ّ‬ ‫للعوامل االجتماعية أو االقتصادية دور مهم سوى‬
‫ص‪.)117_116‬‬
‫تعد نظرية معالجة املعلومات من النظريات املهمة والحديثة في علم النفس املعرفي‪ ،‬حيث تعد ثورة علمية في مجال دراسة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الذاكرة وعمليات التعلم اإلنساني باإلضافة إلى دراسة اللغة والتفكير‪ ،‬فنموذج معالجة املعلومات يختلف عن النظريات املعرفية‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القديمة من حيث أنه لم يكثف بوصف العمليات املعرفية التي تحدث داخل اإلنسان فحسب وإنما حاول توضيح وتفسير آلية‬
‫أن استجابات الفرد ألية‬‫حدوث هذه العمليات ودورها في معالجة املعلومات وإنتاج السلوك فنظرية معالجة املعلومات تفترض ّ‬
‫ّ‬
‫منبهات مثيرة للعدوان أو العنف‪ ،‬ال تعتمد على الهاديات التي يتضمنها املوقف فحسب‪ ،‬وإنما تعتمد على أسلوب معالجة الفرد‬
‫وتفسيره لهذه الهاديات‪ ،‬ولذلك يفترض " دودج" (‪ّ )Dodge‬أن االستجابات العنيفة تحدث نتيجة لخمس مراحل أو عمليات‬
‫معرفية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬االستقبال‪ :‬ويتم في هذه املرحلة ترميز الهاديات االجتماعية التي يتم استقبالها عبر الحواس‪.‬‬
‫‪ -2‬التفسير‪ :‬ويقوم الفرد في هذه املرحلة بتفسير الهاديات االجتماعية وتقييمها مستعينا بالخبرات السابقة واملعلومات املتعلقة‬
‫بهذه الهاديات وتوقعاته االجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬البحث عن االستجابة املالئمة‪ :‬وتتضمن تكوين عقلي يعد تأويال للمدرك الخام‪ ،‬ويكون هذا التمثل مخزونا في الذاكرة وله‬
‫معنى مرتبط بها‪.‬‬
‫‪ -4‬تقييم مختلف بدائل االستجابة في ضوء النتائج املتوقعة واختيار االستجابة املالئمة‪ ،‬ويتم تقويم البدائل املحتملة‬
‫لالستجابة في ضوء محكات أخالقية أو إدراك النتائج املرتبطة بكل استجابة‪.‬‬
‫أن االستجابات املحتملة أو املمكنة تعد ذاتية وخاصة بكل تقييم ولكن‬‫‪ -5‬مرحلة االستجابة‪ :‬أوضح "دودج" ّأنه على الرغم من ّ‬
‫االستجابة يحتمل أن يقوم بها الفرد بدون تقييم وبدون ضبط أي شكل‪ ،‬أي بشكل تلقائي ّ‬
‫مما يؤدي إلى استثارة انفعالية أو‬
‫غير متوقعة( معتز سيد عبد هللا‪،2005،‬ص ‪.)80‬‬
‫وبالتالي يرى " دودج" ّأن األفراد العدوانيين (والذين لديهم مخزون سلوكي مكثف للعدوان) يغلب الطابع العدائي على تفسيرهم‬
‫للهاديات االجتماعية الغامضة‪ ،‬مما جعلهم يسلكون بشكل عدواني أو عنيف يؤدي إلى إثارة عدوان اآلخرين‪ ،‬وبالتالي تأكيد‬
‫تصورهم حول عداء اآلخرين لهم‪.‬‬‫ّ‬
‫لقد ركز علماء النفس املعرفيون معظم دراساتهم وبحوثهم على الكيفية التي يدرك فيها العقل اإلنساني وقائع أحداث‬
‫معينة أي في املجال اإلدراكي املتمثلة في مختلف املواقف االجتماعية التي يتعرض لها ومدى انعكاساتها على الحياة النفسية‬
‫لإلنسان‪ ،‬مما يؤدي به إلى تكوين مشاعر الغضب والكراهية وكيف أن مثل هذه املشاعر تتحول إلى "إدراك" داخلي يقود صاحبه‬
‫إلى ممارسة السلوك العدواني‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫االتجاه البيولوجي والسيكولوجي في تفسير سلوك العنف والجريمة في املجتمع‪ :‬قراءة نقدية‬

‫وبناء على ذلك كانت طريقة العلماء العالجية للتحكم في مثل هذا النوع من السلوك العدواني من خالل التعديل اإلدراكي‪،‬‬
‫بمعنى تعديل إدراكات الفرد ويكون ذلك بتزويده بمختلف الحقائق واملعلومات املتاحة في املوقف مما يوضح أمامه املجال‬
‫اإلدراكي وال يترك فيه أي غموض مما يجعله مستبصر بكل األبعاد والعالقات بين السبب والنتيجة( عصام عبد اللطيف‬
‫العقاد‪ ،2001،‬ص ‪.)116_115‬‬
‫ويقدم بارون تصورا آخر لتفسير السلوك العدواني أو العنيف في ضوء النظرية املعرفية وهو ما يوضحه الشكل التالي‪:‬‬

‫تقومي سلوك اآلخر‬

‫خمطط املوقف احلال‬ ‫الذكرايت والتداعيات‬


‫والعوامل املعرفية األخرى‬

‫هادايت العدوان‬ ‫اخلربات السابقة واتريخ‬


‫التعلم‬

‫احلالة الوجدانية الراهنة‬

‫شكل ‪ .3‬يمثل ّ‬
‫تصور"بارون" للعوامل املفسرة للعدوان أو العنف في ضوء النظرية املعرفية‬
‫(املصدر‪ :‬معتزسيد عبد هللا‪ ،2005 ،‬ص ‪)81‬‬

‫قدم " بارون" هذا النموذج املعرفي في إطار نظرية معالجة املعلومات االجتماعية ودورها في تفسير السلوك العنيف حيث‬ ‫ّ‬
‫اهتم في نظريته بمتغير آخر أساس ي أال وهو ّ‬
‫متغير املزاج (الحالة الوجدانية الراهنة) باعتباره عامال ذا تأثير قوي في تفسير الفرد‬

‫‪13‬‬
‫أمينة أقنيني‬

‫ّ‬
‫للمنبه االجتماعي‪ ،‬كما أنه يتأثر بالخبرات السابقة غير السارة والذكريات املؤملة التي ترتبط بمواقف تتشابه مع املواقف الراهنة‪،‬‬
‫مما يفسر صدور االستجابة العنيفة‪.‬‬
‫هذا ويرى بعض الباحثين املحددات التي تفترضها نظرية معالجة املعلومات االجتماعية للسلوك العنيف تمثل (في واقع األمر)‬
‫امتدادا ملا طرحته نظرية التعلم االجتماعي حول مراحل اكتساب العدوان (املالحظة‪ ،‬االفتداء‪ ،‬تلقي التدعيم‪ ،‬وتمثل رموز وصور‬
‫أن ما نكتسبه من مالحظة لعدوان اآلخر هو نفسه املخططات‬ ‫هذا السلوك‪ ،‬والتوحد معه)‪ ،‬فيقرر " هيوسمان ‪ّ "Heusman‬‬
‫املعرفية والتي تتضمن تقويما كيف يمكن ضبط سلوك اآلخر‪ ،‬وفرص نجاح العنف وإمكانية أن يتلو العقاب أو املكافأة السلوك‬
‫العنيف‪ ،‬وربما كان ما تقدمه هذه النظرية من تحليل معرفي للسلوك العدواني هو تحليل دقيق إلحدى مراحل اكتساب العدوان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كما تقدمه نظرية التعلم االجتماعي وهي تمثل ما يالحظ من عدوان تمثال معرفيا‪ ،‬ولهذا يتنبأ " بارون" (‪ )Baron‬بأنه كلما زاد‬
‫الضبط املعرفي للسلوك‪ ،‬زادت قدرتنا على تقليل احتمال صدور السلوك العنيف‪.‬‬
‫أن فهم السلوك اإلنساني وكيفية حدوثه حسب وجهة نظر نموذج معالجة املعلومات يتطلب تحديد‬ ‫مما سبق يتضح لنا ّ‬
‫أن الفعل السلوكي هو محصلة ملثل هذه‬ ‫طبيعة العمليات التي تحدث على املعلومات واملثيرات أثناء مراحل معالجتها‪ ،‬حيث ّ‬
‫العمليات‪ ،‬وليس بمثابة استجابة آلية لهذه املثيرات‪.‬‬
‫وبالرغم من هذه اإلسهامات املتعددة لنظرية معالجة املعلومات االجتماعية‪ ،‬فإنها ركزت على جانب واحد فقط في تفسير‬
‫العنف وهو التحليل املعرفي للسلوك العنيف‪ ،‬فالعنف يحتاج إلى صياغات أكثر ضبطا في تفسير هذا النمط املعقد والخطير من‬
‫السلوك الذي تحدده عوامل متداخلة ومتفاعلة مع بعضها البعض( مجموعة من الباحثين‪ ،2004،‬ص ‪.)61‬‬
‫‪ -6‬قراءة نقدية للتفسيرات البيولوجية و السيكولوجية للسلوك العنف والجريمة‪:‬‬
‫قدمت النظريات البيولوجية منظورا جديدا يمكن من خالله تفسير ظاهرة العنف و الجريمة في املجتمع‪ ،‬إال أنها تعرضت‬
‫النتقادات كثيرة تنم عن عدم صالحيتها في تفسير الظاهرة ولعل من أبرز االنتقادات التي تعرض لها " ملبروزو " وهو رائد املدرسة‬
‫الوضعية االيطالية في تفسير الجريمة أن قول النظرية بوجود مجرم بامليالد أو مجرم بالفطرة قول غير سليم‪ ،‬ألن السلوك‬
‫يتحدد كونه إجراميا أو غير إجرامي وفقا ملتطلبات الحياة االجتماعية‪ ،‬واستنادا إلى نص من نصوص قانون العقوبات‪ ،‬كما عنيت‬
‫النظرية بدراسة أعضاء وشخصية املجرم فقط ( العامل البيولوجي فقط)‪ ،‬و أغفلت دراسة جميع العوامل االجتماعية‬
‫واالقتصادية و الثقافية‪ .‬خاصة و أن كثيرا من صفات املجرمين البيولوجية كانت موجودة عند أفراد أسوياء وهذا و جعل‬
‫النظرية البيولوجية ال تستند إلى أساس علمي خاصة في ظل غياب منهج علمي واضح من حيث وجود جماعات ضابطة وأخرى‬
‫تجريبية‪.‬‬
‫أما النقد الذي تعرضت له نظرية التكوين االجرامي " دي تيليو"‪ ،‬هو ان اإلصرار و املبالغة على ضرورة وجود االستعداد‬
‫أو التكوين اإلجرامي لدى كل من يرتكب جريمة هو أمر يصعب التسليم به بصورة مطلقة‪ .‬فالتكوين اإلجرامي ال يصدق إال على‬
‫الجريمة الطبيعية أو األخالقية‪ ،‬أما الجريمة القانونية فال تقبل إطالقا القول بوجود استعداد فطري لها‪ ،‬ألن الجريمة القانونية‬
‫مخلوق قانوني نتيجة إرادة املشرع‪ ،‬ولذلك فإن فعال ما قد يكون مباحا ومشروعا في وقت معين ثم يجرمه املشرع بعد ذلك أو‬
‫العكس‪ .‬على الرغم من ان هذه النظرية قد وضعت في اعتبارها _ باإلضافة إلى االستعداد اإلجرامي_ تأثير العوامل البيئية‬
‫املحيطة باملجرم حتى يحدث هذا االستعداد أثره في ارتكاب الجريمة‪ ،‬إال أنها قطعت بأن العامل االجتماعي ال يحدث إال إذا‬
‫صادف تكوينا إجراميا‪ .‬وموضع النقد هنا أن العوامل البيئية قد يكون لها وحدها دور مسبب الجريمة‪ ،‬مثال ذلك الزوج الذي‬

‫‪14‬‬
‫االتجاه البيولوجي والسيكولوجي في تفسير سلوك العنف والجريمة في املجتمع‪ :‬قراءة نقدية‬

‫يفاجئ زوجته متلبسة بالزنا فيقتلها في الحال ومن يزني بها‪ ،‬فالزوج ارتكب جريمته دون أن يكون ذلك راجعا إلى استعداد إجرامي ‪،‬‬
‫و إنما ترجع الجريمة أساسا إلى العامل الخارجي (عدلي محمود السمري‪،2009،‬ص ‪.)88_87‬‬
‫عموما فإن التفسيرات البيولوجية الحتمية للعنف و الجريمة حاولت أن تبين لنا أن املجرمين يختلفون عن األسوياء‬
‫سواء من حيث الصفات الجسدية أو التكوين الحيوي وكذلك الوراثة و غيرها ( العامل البيولوجي)‪ ،‬إال أن تلك النظريات غالبا ما‬
‫عابها املنهج العلمي السليم‪ ،‬حيث اعتمدت في الغالب على املجرمين أو الحداث املحكومين دون االعتماد على عينات ضابطة من‬
‫املجتمع ‪ ،‬هذا من جانب و من جانب آخر لم تكن نتائجها شاملة وواضحة عالوة على صغر حجم العينات املدروسة‪.‬‬
‫تحتل التفسيرات النفسية للسلوك اإلنساني مكان مميزة في العلوم االجتماعية وخاصة في تفسير سلوك العنف و الجريمة‪،‬‬
‫إال أنها تعرضت النتقادات شديدة ونخص بالذكر هنا نظرية التحليل النفس ي التي رأى الباحثون أنه ال يوجد دليل على وجود ربط‬
‫بين الحالة الداخلية الذاتية للعقل و السلوك العنيف‪ .‬كما أن القول بأنت الشخصية تتكون من ثالثة أجزاء وهي الهو واألنا‬
‫واألنا األعلى مسألة جدلية وقابلة للنقاش‪ ،‬كذلك ال يمكن االعتماد على املقولة التي ترى بأن الجنس عامل كلي قادر على تفسير‬
‫الصراعات الذهنية لألفراد‪ .‬باإلضافة إلى أنها لم تراع هذه النظرية التأثيرات الثقافية وافترضت عاملية السلوك اإلنساني (عايد‬
‫عواد الوريكات‪،2008،‬ص ‪.)120‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أما النظرية السلوكية تعتبر أن السلوك اإلنساني سلوك فطري منعكس أي أنه عبارة عن فعل ورد فعل (مثير‪-‬استجابة)‪،‬‬
‫فهي ال تعترف بوجود استعدادات فطرية دافعة يرثها النوع اإلنساني‪ ،‬بل بالعكس ربطت بين املنبه واالستجابة بصورة آلية‬
‫محضة‪ ،‬دون االهتمام ملشاعر الفرد وحالته النفسية‪ ،‬لذلك فهي تعتبر ّأن السلوك العدواني هو سلوك مكتسب والبيئة املحيطة‬
‫املحدد الرئيس ي له‪ ،‬أي ّأن البيئة هي التي تسهم في تشكيل السلوك العنيف‪.‬‬
‫بالفرد هي (املنبهات) ّ‬
‫أما النظريات املعرفية فقد قدمت هي األخرى منظورا جديدا من خالله يمكن تفسير السلوك العدواني والعنيف‪ ،‬حيث‬
‫بأن ما يحدث له في‬‫أن العنف حسب هذه النظريات هو مرتبط بكيفية إد اك الفرد لوقائع وأحداث معينة‪ ،‬فإذا أدرك الفرد ّ‬ ‫ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫مجتمعه هو ظلم وتعسف وحرمان له من حقوقه املتعددة فإنه يكون مستعدا للدفاع عن هذه الحقوق من خالل السلوكات‬
‫العنيفة‪ ،‬بينما أنه إذا أدرك أن كل ذلك هو أمر طبيعي قد يحدث في جميع املجتمعات وقد يعاني منه العديد من األفراد ّ‬
‫فإن‬
‫بأن السلوك العدواني‬‫سلوكاته ستكون مرتبطة لهذا اإلد اك‪ ،‬وهذا تفسير يحتاج إلى الكثير من االهتمام ففي هذه الحالة نجد ّ‬
‫ر‬
‫ّ‬
‫مرتبط بفكر الفرد وإدراكه فإننا بحاجة إلى معرفة كيفية تغيير هذه األفكار خاصة إذا كانت أفكار متطرفة من شأنها أن تشكل‬
‫خطرا على الفرد واملجتمع‪.‬‬
‫‪ -7‬خاتمة‪:‬‬
‫من خالل قراءتنا لإلرث النظري الذي تناول محاوالت عديدة لتفسير سلوك العنف و الجريمة كسلوك إنساني طبع على‬
‫كل املجتمعات يمكن لنا اإلشارة إلى فكرة مهمة‪ ،‬وهي أن كل النظريات و االتجاهات النظرية املختلفة التي حاولت تفسير هذا‬
‫السلوك باختالف املجتمعات التي ينتمي إليها ّروادها تؤكد لنا بان العنف و الجريمة ظاهرة مرتبطة بالعديد من األسباب والعوامل‬
‫املختلفة و ان سلوك العنف والجريمة في الحقيقة ال يرجع إطالقا إلى عامل واحد فقط كالدافع البيولوجي أو النفس ي أو‬
‫االجتماعي أو االقتصادي‪ ،...‬بل يرجع في نظر الباحثة إلى تظافر مجموعة من العوامل في معظم األحيان‪ ،‬لكن تبقى هذه‬
‫املساهمات العلمية و النظرية سواء البيولوجية أو النفسية في حقل دراسة العنف والجريمة قيمة نظرا لدورها املهم في محاولة‬
‫تحليل و تفسير السلوكات غير السوية ( العنف و الجريمة) لألفراد‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫أمينة أقنيني‬

‫‪ -‬قائمة املراجع‪:‬‬
‫إبراهيم‪ ،‬الحيدي‪.)2015( .‬سوسيولوجيا العنف واإلرهاب‪.‬ط‪.1‬بيروت‪.‬دار الساقي‪.‬‬
‫أحمد رشيد عبد الرحيم زيادة‪.)2007( .‬العنف املدرس ي‪ .‬عمان‪ .‬مؤسسة الوراق‪.‬‬
‫جمال‪ ،‬معتوق‪.)2008( .‬مدخل إلى علم االجتماع الجنائي‪ .‬ط‪.1‬الجزائر‪.‬دار بن مرابط للنشر و الطباعة‪.‬‬
‫حسن إسماعيل‪ ،‬عبيد‪.)1993( .‬سوسيولوجيا الجريمة‪ .‬لندن‪ .‬شركة ميدالت املحدودة ‪.‬‬
‫خليل أحمد ‪،‬خليل‪.)1994( .‬معجم املصطلحات االجتماعية‪ .‬بيروت‪ .‬دار الفكر اللبناني‪.‬‬
‫رافع النصير‪ ،‬الزغلول وآخرون‪.)2003( .‬علم النفس املعرفي‪.‬ط‪ .1‬عمان‪ .‬دار الشروق للنشر والتوزيع‬
‫صبحي سيد‪ ،‬صبحي ‪ .)1984(.‬دراسات في الصحة النفسية‪.‬ط‪ .2‬دم ن‪ .‬املطبعة التجارية الحديثة‪.‬‬
‫عايد عواد ‪،‬الوريكات‪.)2008( .‬نظريات علم الجريمة‪ .‬ط‪ .2‬األردن‪ .‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫عبد هللا عبد الغني‪ ،‬غانم‪.)2004( .‬جرائم العنف وسبل املواجهة‪ .‬ط‪ .1‬الرياض‪ .‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪.‬‬
‫عبد املجيد سيد أحمد‪ ،‬منصور و زكريا أحمد الشربيني‪ .)2003(.‬سلوك اإلنسان بين الجريمة‪ ،‬العدوان‪ ،‬اإلرهاب‪ .‬ط‪ .1‬القاهرة‪ .‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫عدلي‪ ،‬السمري‪.)2000( .‬سلوك العنف بين الشباب ‪.‬ورقة بحثية مقدمة في الندوة السنوية السابعة "الشباب ومستقبل مصر"‪ .‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫عدلي السمري‪،)2009 (.‬علم االجتماع الجنائي‪ .‬ط‪.1‬عمان‪ .‬دار املسيرة‪.‬‬
‫عصام عبد اللطيف‪ ،‬العقاد‪ .)2001(.‬سيكولوجية العدوان وترويضها‪ .‬ط‪.1‬مصر‪.‬دار غريب‪.‬‬
‫علي عبد هللا ‪،‬قهوجي‪ .)1985(.‬علم اإلجرام وعلم العقاب‪ .‬بيروت‪ .‬الدار الجامعية للطباعة والنشر‪.‬‬
‫فليب برونر وآخرون‪ .)1985(.‬املجتمع والعنف‪ .‬ترجمة‪ :‬الياس زحالوي‪ .‬بيروت‪ .‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫ف‪.‬ديينوف‪.)1982( .‬نظريات العنف في الصراع األيديولوجي‪ .‬ترجمة‪ :‬سحر سعيد‪ .‬دمشق ‪.‬دار دمشق للطباعة والنشر‪.‬‬
‫كريغ كالهون‪ .)2021( .‬معجم العلوم االجتماعية‪ .‬ترجمة‪ :‬معين رومية‪ .‬بيروت‪ .‬املركز العربي لألبحاث و دراسة السياسات‪.‬‬
‫ليث محمد عياش‪ ،‬عبد الغني‪ .)2010( .‬أنماط العنف املوجه نحو املرأة العراقية بعد االحتالل األمريكي للعراق وفق تنميط منظمة الصحة العاملية‬
‫للعنف‪ .‬دراسة مقدمة بمؤتمر كلية التربية الثامن ‪ 22-20 .‬نيسان‪ ،‬األردن‪ .‬جامعة اليرموك‪.‬‬
‫مجموعة باحثين‪ .)2004(.‬العنف بين طالب املدارس‪ :‬بعض املتغيرات النفسية‪ ،‬االرتباطات واملنبئات‪ .‬القاهرة‪.‬املركز القومي للبحوث االجتماعية‬
‫والجنائية‪.‬‬
‫معتز سيد ‪،‬عبد هللا‪.)2005( .‬العنف في الحياة الجامعية‪ .‬القاهرة‪ .‬منشورات مركز البحوث والدراسات النفسية‪.‬‬
‫محمد سعد‪ ،‬الخولي وعادل عبد هللا محمد‪.)2008(.‬العنف في مواقف الحياة اليومية‪ :‬نطاقات وتفاعالت‪ .‬ط‪ .1‬القاهرة ‪.‬مكتبة األنجلو املصرية‪.‬‬
‫هول‪ ،‬ولندزي‪ .)1983(.‬نظريات الشخصية ‪.‬ترجمة‪ .‬فرج أحمد وآخرون ‪ .‬القاهرة‪ .‬مكتبة األنجلو املصرية‪.‬‬
‫‪Emile Durkheim(1977).les règles de la méthode sociologique. Paris. P.U.F.‬‬
‫‪Gilles Ferréol et al.(2011).Dictionnaire de Sociologie.4e édition revue et augmentée .Tizi-Ouzou .Edition Mehdi.‬‬

‫‪16‬‬

You might also like