032 Daniel

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 140

‫سفر دانيال و تتمة دانيال ‪ -‬جدول سفر دانيال و تتمة دانيال‬

‫رقم األصحاح‬ ‫رقم األصحاح‬ ‫رقم األصحاح‬ ‫رقم األصحاح‬ ‫رقم األصحاح‬ ‫رقم األصحاح‬
‫تتمة دانيال ‪14‬‬ ‫دانيال ‪12‬‬ ‫دانيال ‪9‬‬ ‫دانيال ‪6‬‬ ‫دانيال ‪3‬‬ ‫مقدمة سفر دانيال‬
‫تتمة دانيال ‪3‬‬ ‫دانيال ‪10‬‬ ‫دانيال ‪7‬‬ ‫دانيال ‪4‬‬ ‫دانيال ‪1‬‬
‫تتمة دانيال ‪13‬‬ ‫دانيال ‪11‬‬ ‫دانيال ‪8‬‬ ‫دانيال ‪5‬‬ ‫دانيال ‪2‬‬

‫‪1‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫عودة للجدول‬ ‫مقدمة سفر دانيال‬

‫‪ .1‬انتهت نبوات حزقيال بواقع حزين هو خراب أورشليم بالكامل مع أمل في المستقبل بعودتها للمجد‪.‬‬
‫‪ .2‬بينما يحدثنا سفر حزقيال عما رآه النبي وتنبأ به في سنوات السبي األولى‪ ،‬يحدثنا سفر دانيال عما رآه وتنبأ به‬
‫في السنوات األخيرة من السبي‪.‬‬
‫‪ .3‬كان دانيال من سبط يهوذا (‪ )6:1‬بل كان على ما يبدو من األسرة الملكية (‪ )3:1‬ولقد تم سبي دانيال في‬
‫السبي األول (‪2‬أي‪ )7 ، 6:36‬بينما تم سبي حزقيال في السبي الثاني (‪2‬مل‪( )16-14:24‬راجع مقدمة سفر‬
‫أرمياء)‪.‬‬
‫قاضي ‪ .God is my Judge‬وقد أسماه ملك بابل بلطشاسر‪ ،‬وهي تعني ليحفظ اإلله بيل‬
‫َّ‬ ‫‪ .4‬دانيال تعني الرب‬
‫حياته‪ ،‬وهكذا أبدل الوثنيون اسم هللا بإسم إلههم في إسم دانيال‪ .‬ونالحظ أن هناك عالقة بين إسم النبي‬
‫وموضوع نبوته‪ ،‬فنبوة دانيال تتحدث عن ملكوت هللا وإنتشاره في العالم وأنه الديان‪ ،‬وأن الممالك تقوم بسماح‬
‫منه فهو ضابط الكل‪ ،‬وأن كل قوة أخرى هي نابعة منه‪ .‬وكل قوة أو كل مملكة تقوم هي لتحقيق خطة إلهية‬
‫حتى لو كانت هذه القوة يبدو أنها تقاوم هللا‪ .‬وهذا يتضح من أن هللا يخبر دانيال بكل الممالك التي ستأتي‬
‫لقرون طويلة قادمة‪ ،‬فمن يعرف المستقبل قادر أن يتحكم فيه‪ .‬والسفر يحدثنا أيضاً عن قيام مملكة المسيح‪.‬‬
‫ويدين أيضاً الوثنية ويظهر ضعفها وبطالن آلهتها وألقاب هللا في هذا السفر تشير ألنه الديان ضابط الكل‪،‬‬
‫فيطلق السفر على هللا أنه ملك السماء ‪ /‬إله السماء‪ /‬إله اآللهة‪ /‬رب الملوك‪...‬‬
‫‪ .5‬كان متمي اًز من بداية حياته بالحكمة والتقوى‪ .‬ويتحدث عنه حزقيال النبي المعاصر له‪ ،‬كحكيم أو نبي‬
‫(حز‪ )3:28‬وكذلك كرجل صالة مشهو اًر بقوة صالته وفاعليتها (حز‪ )20 ، 14:14‬مما يعني أن دانيال بدأت‬
‫شهرته منذ صباه‪.‬‬
‫‪ .6‬في الرسم اآلتي نجد موقع دانيال كنبي وسط أنبياء إسرائيل‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫‪3‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫‪ .7‬يقسم علماء اليهود الكتاب المقدس إلى ثالثة أقسام وهي [‪ ]1‬التوراة وتشمل كتب موسى الخمسة ثم [‪ ]2‬النبييم‬
‫وتشمل األنبياء ثم [‪ ]3‬الكتوبيم أي الكتب وهي ما تبقي‪ .‬ويضع اليهود نبوات دانيال مع الكتب وال يعتبرونه‬
‫نبياً من الفئة العليا‪ ،‬وال يضعوا نبواته وسط األنبياء وحججهم في ذلك واهية‪:‬‬
‫أ‪ .‬أنه لم يكن مذلوالً في حياته ومهاناً مثل إرمياء‪ ،‬بل عاش كأمير ورئيس وزراء! ولكن هل يقتصر هللا‬
‫في تعامله على الفقراء والمضطهدين؟! هذا أمر عجيب! فاهلل يتعامل مع أي إنسان عنده إستعداد أن‬
‫يفتح قلبه الستقبال اإلعالنات اإللهية‪ .‬وبينما عاش دانيال النبي في بالط أعظم ملوك بابل وفارس‬
‫من بعدها مثل نبوخذ نصر وكورش وداريوس‪ ،‬إال أنه رفض أن يتنجس بأطايبهم (‪ )8:1‬وكان‬
‫مضطهداً ممن حوله ويحيكون المؤامرات ضده (‪ .)4:6‬وكان دانيال ينسحق أمام هللا وال يأكل طعاماً‬
‫شهياً (‪ .)3:10‬ونجده أيضاً قد ضعف وهزل عندما كان تحت سلطان روح النبوة (‪ .)27:8‬فهو‬
‫بحق يستحق اللقب الذي أطلقه عليه يوسيفوس المؤرخ اليهودي "أحد أعظم األنبياء"‪ .‬واللقب الذي‬
‫أطلقه عليه المالك جبرائيل "الرجل المحبوب" (‪ )11:10‬وألم يكن داود النبي ملكاً!! حقاً الروح يهب‬
‫حيث يشاء‪ .‬وإشعياء كان من أوالد عمومة الملك حزقيا ‪.‬‬
‫ب‪ .‬من ضمن أسبابهم‪ ،‬كتابة دانيال لنبوته وهو وسط األمم‪ ،‬ولم يكتبه في أرض يهوذا ولكن حزقيال كتب‬
‫نبوته أيضاً في بابل وسط األمم ولم يكتبها في أرض يهوذا‪.‬‬
‫ت‪ .‬من أسبابهم أيضاً أن دانيال كتب أجزاء من كتابه باللهجة الكلدانية وهي بالذات من (‪ )4:2‬حتى آخر‬
‫اإلصحاح السابع‪ ،‬أما باقي السفر فكتبه بالعبرية‪ .‬ويرى علماء اليهود أن كتابة أجزاء نبوية بغير‬
‫العبرية يفقدها قيمتها‪ ،‬ففي نظرهم أن هللا ال يرضى بأن يتكلم بغير العبرانية‪ .‬ولكن الرد على هذا‬
‫بسيط جداً‪ ،‬فأولا‪ :‬هللا غير مقيد بلغة معينة‪ ،‬ثاني ا‪ :‬فإن الشعب اليهودي في السبي كان يتكلم اللغتين‬
‫(الكلدانية أو اآلرامية ‪ +‬العبرية) وكان دانيال يكتب باآلرامية حين يكتب عن البابليين وحوارهم معه‪.‬‬
‫أما حين يكتب عن النبوات والتعزيات وحديث هللا عن المستقبل فهو يكتب بالعبرية‪ ،‬فهذه عالقة خاصة‬
‫بين هللا وشعبه‪ .‬ودانيال يكتب باآلرامية التي يفهمها شعب بابل حتى يكون هذا شاهداً على أن إله‬
‫دانيال هو اإلله الحق "قد قلت لكم اآلن قبل أن يكون حتى إذا كان تؤمنون" (يو‪ )29:14‬فاهلل يطلب‬
‫خالص كل إنسان وليس اليهود فقط (إش‪ .)21:45 + 7:44 + 23-21:41‬ثالث ا‪ :‬فدانيال يكتب‬
‫باآلرامية ما يشير لتفاهة اآللهة الوثنية ويشير لقوة هللا وهو بهذا يعلم شعب هللا كيف يجيبون الوثنيون‬
‫عندما يسألونهم لماذا ال تعبدون آلهتنا‪ .‬وهذا ما فعله أرمياء أيضاً في تغييره اآلية (إر‪ )11:10‬إلى‬
‫اللهجة الكلدانية حتى يتعلم المسبيين الرد بها على الكلدانيين وأن يظهروا لهم حماقة أوثانهم‪ .‬رابعا‪:‬‬
‫طالما أن اليهود يعتبرون السفر سفر إلهي فلماذا التشكيك؟!‬
‫ث‪ .‬يقولون أيضاً أن دانيال لم يمت شهيداً مثل إرمياء وإشعياء وغيرهم والرد بسيط فموسى وإيليا وإليشع‬
‫وداود وصموئيل أنبياء كبار‪ ،‬وهم أيضاً لم يستشهدوا‪ .‬إال أن دانيال في أصوامه وزهده وبكائه واآلالم‬
‫التي تحملها (مثالً وهو في جب األسود) يعتبر من المعترفين‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫ج‪ .‬يقولون أن السفر يشمل أجزاء تاريخية وأجزاء عبارة عن رؤى هي في نظرهم ليست نبوات صريحة‬
‫وهذه حجة واهية فكل األسفار النبوية تحتوي على أجزاء تاريخية ولكنها توضع لما فيها من نبوات‬
‫ضمن مجموعة النبييم أي النبوات مثل إشعياء وإرمياء‪ .‬ودانيال له نبوات صريحة كشفت عن مستقبل‬
‫األمم‪ ،‬وكشفها له هللا في رؤى عديدة‪ .‬ونبوات دانيال تشمل إمتداد ملكوت المسيح في كنيسته‪ ،‬بل‬
‫تمتد لنهاية األيام‪.‬‬
‫ح‪ .‬لكن السبب الحقيقي لرفضهم هذا السفر فهو بسبب وضوحه في نبواته عن مجيء المسيح وتحديد‬
‫سنة مجيئه‪ ،‬وأنه سيبطل ذبيحتهم وطقوسهم‪ .‬وهي نبوة صريحة وواضحة اضطروا أمامها ألن يتجنبوا‬
‫السفر كله كما حدث وامتنعوا عن قراءة اإلصحاح (‪ )53‬من نبوة إشعياء‪ .‬فهم كما فكروا بعقليتهم‬
‫الضيقة أن يقتلوا لعازر بعد أن أقامه المسيح (يو‪ )11 ، 10:12‬حتى ال يكون شاهداً أللوهية المسيح‪،‬‬
‫هكذا سلبوا من دانيال نبوته حتى ال يشهد للمسيح‪ .‬وسنأتي لتفسير النبوة العجيبة‪ .‬التي تنبأ فيها دانيال‬
‫عن موعد مجئ المسيح في اإلصحاح (‪.)9‬‬
‫خ‪ .‬في الترجمة السبعينية وقد قام بترجمتها من العبرية لليونانية بعض علماء اليهود‪ ،‬نجدهم قد وضعوا‬
‫سفر دانيال ضمن أسفار األنبياء الكبار ويضعونه بعد نبوة حزقيال مباشرة‪ ،‬وهذا ما درجت عليه كل‬
‫الترجمات المسيحية لآلن‪.‬‬
‫‪ .8‬سفر دانيال هو سفر يبعث الرجاء في النفوس الجريحة فإن كان هللا يسمح لنا أحياناً أن نلقى في أتون التجارب‪،‬‬
‫لكن نجده معنا وسط األتون يعزينا‪ ،‬ونجد هللا مع شعبه كسور من نار يحميهم ويتمجد وسطهم‪ ،‬بل يرفعهم في‬
‫ضيقتهم‪.‬‬
‫‪ .9‬كما اتخذ اليهود موقفاً من سفر دانيال ألغراضهم الخاصة‪ ،‬نجد أن إبليس ال يكف عن تشكيكه في كلمة هللا‪.‬‬
‫فلقد استخدم إبليس نقاد العصر الحديث ليهاجموا في صحة نسبة السفر لدانيال النبي‪ .‬ومما يأخذونه على‬
‫سفر دانيال كتابة دانيال باألرامية (اللغة المنتشرة في بابل أنذاك) ويقولون أن األلفاظ المستخدمة لم تعرف قبل‬
‫سنة ‪165‬ق‪.‬م لذلك إ دعوا أن هذه النبوة كتبها أحد المكابيين ونسبها لدانيال‪ .‬ولكن "إن سكت هؤالء فالحجارة‬
‫تتكلم"‪.‬‬
‫أ‪ .‬إكتشف في جزيرة األلفنتين في مصر أوراق بردي وهي عبارة عن رسائل من اليهود للوالي الفارسي‬
‫على أورشليم تحوي نفس الكلمات المختلف عليها مما يشهد بأنها كانت متداولة في هذا العصر‬
‫(الرسائل التي عث َر عليها ترجع لنفس فترة سفر دانيال)‪.‬‬
‫ب‪ .‬إكتشف في اآلثار البابلية أن عقوبة الجاحدين ألحد اآللهة هي أن يلقي في أتون ناري‪ ،‬بل قد وجَد‬
‫في الحفريات األتون وقد نقش عليه "هنا موضع حرق من يجدفون على آلهة الكلدانيين‪ ،‬يموتون‬
‫بالنار" وإكتشف أيضاً أن من يمارس عمالً ضد الملك يلقى حياً في جب األسود‪ .‬وإكتشف أيضاً أن‬
‫نبوخذ نصر كان يأمر بعبادة التماثيل الضخمة‪ .‬ووجد في األثار ما يشير لجنون نبوخذ نصر في‬
‫أواخر أيام حياته‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫ت‪ .‬أشار سفر المكابيين األول (كت َب سنة ‪135‬ق‪.‬م) إلى سفر دانيال كسفر قانوني فال يمكن أن يكون‬
‫السفر قد كت َب في عصرهم‪ .‬بل أن السفر يشهد لدانيال النبي وبره وأن هللا أنقذه من أفواه األسود‬
‫(‪1‬مك‪ )61:2‬كما اقتبس السفر من دانيال نبوته عن رجسة الخراب (‪1‬مك‪ )29:1‬ويذكر السفر دانيال‬
‫مع العظماء في اإليمان مثل إبراهيم وداود‪.‬‬
‫ث‪ .‬حين توجه اإلسكندر األكبر ألورشليم ليفتحها قابله يوياداع رئيس الكهنة على رأس موكب من الكهنة‪،‬‬
‫وكان يوياداع مرتدياً مالبسه الخاصة به كرئيس كهنة‪ .‬وفوجئ جيش اإلسكندر‪ ،‬باإلسكندر يسجد‬
‫ليوياداع (وبعد ذلك سأله قادة جيشه لماذا فعل ذلك‪ ،‬فأخبرهم أنه شاهد هذا المنظر في رؤيا قبل أن‬
‫يخرج من بالد اليونان) وكان هللا هو الذي أشار على يوياداع بأن يفعل ذلك‪ .‬ويقول يوسيفوس المؤرخ‬
‫أن يوياداع أظهر لإلسكندر نبوة دانيال التي تنبأ فيها بأن اإلسكندر سيهزم الفرس‪ ،‬وهذا شجعه على‬
‫أن يهاجم الفرس‪ .‬ولهذا صار اإلسكندر بعد ذلك صديقاً لليهود يعاملهم بلطف غير عادي‪ .‬إذاً كان‬
‫السفر بنبواته معروفاً عند اليهود قبل الغزو اليوناني سنة‪333‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ج‪ .‬يردد المعترضون أيضاً أن هناك ‪ 3‬كلمات يونانية في السفر ويقولون كيف تصل اللغة اليونانية لبابل‬
‫قبل فتح اليونان لها‪ .‬وهذه مغالطة ألن األلفاظ اليونانية هي عبارة عن ‪ 3‬كلمات لثالث آالت موسيقية‬
‫وردت أسماءها في حادثة إقامة نبوخذ نصر تمثال آللهته وطلبه أن يسجد الجميع للتمثال حينما تعزف‬
‫الموسيقي‪ .‬ولكن هل هناك مانع أن يستخدم البابليون اآلالت الموسيقية اليونانية ويطلقوا عليها نفس‬
‫أسمائها اليونانية‪ .‬وحتى نثبت هذا فقد انتشرت الحضارة اليونانية في العالم كله قبل ذلك‪ .‬وكان هناك‬
‫بعض الجنود اليونانيين في جيش بابل من األسرى‪ .‬وقد كانت صور مرك اًز للتجارة العالمية لكل شئ‬
‫(راجع حزقيال ‪ )27‬بما فيها بضائع اليونان‪ .‬ومن الطبيعي حين يستعمل البابليون آالت موسيقية‬
‫يونانية أن يطلقوا عليها نفس أسمائها اليونانية‪.‬‬
‫ح‪ .‬من المشاكل التي يثيرها النقاد أيضاً وجود اللغة األرامية في سفر دانيال‪ .‬وحل هذه النقطة كما قلنا‬
‫من قبل أن هذه اللغة كانت منتشرة وسط اليهود في السبي‪ .‬بل كانت هي لغة الدبلوماسية والتجارة‪،‬‬
‫وقد انتشرت بين الفرس والفينيقيين ومادي وأشور وأسيا الصغرى وفلسطين‪ ،‬وكان ذلك بسبب إنتشار‬
‫األراميين في كل مكان‪ .‬ولنراجع حادثة حصار ربشاقي قائد جيش أشور ألسوار أورشليم وحديثه مع‬
‫الرؤساء بالعبرية‪ ،‬وطلب رؤساء اليهود منه أن يتحدث باألرامية فهم يفهمونها (إش‪.)11 :36‬‬
‫خ‪ .‬غير أن مشكلة هؤالء النقاد الحقيقية هي إنكارهم لمبدأ النبوات‪ ،‬فهم ال يتصورون كيف يتنبأ دانيال‬
‫بأن يأتي ملك اليونان ويغزو فارس التي انتصرت على بابل‪ ..‬وكل هذا في أيام قوة ونفوذ بابل‪ ،‬فهم‬
‫ال يقدرون أن يتصوروا أن هللا قادر أن يكشف المستقبل لعبيده األحباء‪ .‬لذلك يحاولون جاهدين إثبات‬
‫أن السفر برمته كت َب بعد أن تحققت األحداث‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫د‪ .‬قالوا أن كاتب السفر هو أحد المكابيين‪ ،‬فكيف يتنبأ هذا المكابى المجهول عن ميعاد والدة وصلب‬
‫المسيح‪ ،‬بل السفر يشمل نبوات تمتد لنهاية الزمان‪ .‬ولماذا يسلبون صفة النبوة من دانيال المحبوب‬
‫وينسبونها لشخص مجهول‪.‬‬
‫ذ‪ .‬كل المعترضين يريدون دانيال مؤرخا وليس نبيا‪.‬‬

‫مملكة بابل وملوكها‪:‬‬ ‫‪.10‬‬


‫بالسر اإلمبراطور الذي أسس الدولة‬
‫أشهر ملوكها هو نبوخذ نصر ومعنى إسمه = نبو حامي الحدود وهو ابن نبو َّ‬
‫البابلية سنة ‪ 625‬ق‪.‬م‪ .‬ونبو بالسر هو الذي أسقط نينوى عاصمة أشور وأنهى بذلك إمبراطورية أشور‪ .‬وقد حاول‬
‫نخو فرعون مصر أن يحمى مصالح مصر في أرض فلسطين فحاربه يوشيا ملك يهوذا‪ ،‬وقتله نخو سنة ‪608‬‬
‫ق‪.‬م‪ .‬ثم أعد جيشاً كبي اًر ليحارب بابل نفسها‪ .‬فأرسل نبو بالسر إبنه نبوخذ نصر ليحارب نخو فهزمه في معركة‬
‫كركميش‪ .‬ثم جاء نبوخذ نصر إلى أورشليم وسبي منها السبي األول سنة ‪ 606‬ق‪.‬م‪ .‬الذي كان من ضمنه دانيال‬
‫والثالثة فتية‪ .‬وكما قلنا فهم غالباً من النسل الملوكي‪ .‬وقد استحسن ملك بابل أن يجعل أوالد الملوك خداماً له‪.‬‬
‫وإذا فهمنا أن بابل تشير لمملكة الشيطان في الكتاب المقدس منذ حاولت بابل أن تتحدى هللا (تك‪ )9-1:11‬وحتى‬
‫سفر الرؤيا‪ ،‬فإن سبي أوالد الملوك ليخدموا ملك بابل هو في معناه الروحي أن الخطية تسببت في أن أوالد هللا‬
‫الذين هم أوالد الملك صاروا عبيداً للشيطان‪ .‬وأن خطة إبليس دائماً هي أن يستولى على قوى النفس ويصيرها‬
‫عبيداً للخطية‪ .‬وحتى تكمل هذه الصورة نجد أن هللا دعا إبراهيم أن يترك أور الكلدانيين أرض ميالده ويذهب إلى‬
‫كنعان‪ ،‬هذه دعوة هللا لكل نفس أن تترك أرض الخطية لكي تحلق في السماويات‪.‬‬
‫صَله خبر وفاة أبيه فأسرع بالعودة ثم أعلن نفسه خليفة ألبيه بعد معركة كركميش‪.‬‬
‫وأثناء فتوحات نبوخذ نصر َو َ‬
‫وتكرر صعود نبوخذ نصر على أورشليم بسبب ثورتها عليه إلى أن خربها في السنة الحادية عشر لملكها صدقيا‪.‬‬
‫وينسب لنبوخذ نصر بناء الحدائق المعلقة وحفر قنوات الرى‪ .‬وفيما يلي تاريخ سريع لملوك بابل‪:‬‬
‫أ‪ .‬نبو بالسر‪ 604-625 :‬ق‪.‬م هو مؤسس اإلمبراطورية البابلية‪.‬‬
‫ب‪ .‬نبوخذ نصر‪ 561-606 :‬ق‪.‬م هو أشهر ملوك اإلمبراطورية البابلية‪ .‬ويالحظ اشتراك نبوخذ نصر‬
‫في الحكم مع أبيه لمدة ثالث سنوات‪.‬‬
‫ت‪ .‬أبيل مرودخ ‪ 560-561‬ق‪.‬م وهو ابن نبوخذ نصر‪ .‬وهذا قد قتله نرجل شراصر زوج أخته‪ .‬وغالباً‬
‫فإن نرجل شراصر هذا هو المعروف باسم نبونيدس‪.‬‬
‫ث‪ .‬نبونيدس‪ :‬وهذا قد إختلف مع كهنة بابل إلى الدرجة التي َف َّ‬
‫ض َل فيها أن يترك عاصمة ملكه تحت‬
‫رئاسة ابنه بيلشاصر‪ .‬وتولى بيلشاصر هذا الملك بدالً عن أبيه‪ .‬وذهب نبونيدس للصحراء في منطقة‬
‫اسمها تيماء وبنى هناك مدينة وقصو اًر عاش فيها‪ .‬فكان نبونيدس هو الملك إسماً‪ ،‬أما الملك الفعلي‬
‫فهو بيلشاصر‪ .‬وكان نبونيدس يسمى أوالً في المملكة ويسمى بيلشاصر ثانياً‪ .‬ولذلك فحينما أراد‬
‫بيلشاصر تكريم دانيال سماه ثالثاً (‪ . )29:5‬وحينما سقطت بابل أمام كورش ملك فارس كان نبونيدس‬

‫‪7‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫هذا في منفاه اإلختياري‪ .‬ولقد اكتشفت في األثار حديثاً قصة بيلشاصر ونبونيدس بعد أن كان النقاد‬
‫لمدة طويلة يشككون في وجود ملك باسم بيلشاصر ويتساءلون لماذا يقول بيلشاطر لدانيال وأجعلك‬
‫ثالثاً في المملكة‪.‬‬
‫ج‪ .‬بيلشاصر ‪ 536-555‬ق‪.‬م‪ .‬ومعنى اسمه أمير منعم عليه من اإلله بيل ‪ .‬وبيل أو بال هو نفسه‬
‫(بعل) وهذا الملك هو الذي أولم وليمة كبيرة مدة حصار بابل بواسطة جيش كورش‪ ،‬واستعمل في هذه‬
‫الوليمة آنية الهيكل التي غنمها نبوخذ نصر‪ .‬وظهرت وسط هذه الوليمة أصابع تنبئ بنهاية ملك بابل‪.‬‬
‫وبيلشاصر يسميه الكتاب إبن نبوخذ نصر وهذا صحيح فهو ابن ابنته‪.‬‬
‫ويبدو أن مركز دانيال قد تغير بعد نبوخذ نصر ‪ ،‬بل أنه كان يبدو بعيداً عن القصر حتى تذكرته الملكة‬
‫في الليلة األخيرة لحكم بيلشاصر (‪.)11:5‬‬
‫ويذكر الكتاب المقدس أن مؤسس بابل هو نمرود‪ .‬أما البابليين فيقولون أن إلههم مرودخ هو مؤسسها‪.‬‬
‫ومرودخ هو رأس اآللهة‪ .‬واسم بابل مشتق من َبْلَب َل حيث بلبل هللا ألسنة من حاولوا أن َيتَ َحدوه‪ .‬فالخطية‬
‫تبلبل األلسنة والمحبة تؤلف بين الناس‪ .‬والروح القدس يوم الخمسين أعطى موهبة األلسنة التي بها فهم‬
‫الناس لغة اآلخرين‪ .‬وغالباً فاإلله مرودخ هو نفسه بيل‪ .‬وكانت مدينة بابل تحفة معمارية محصنة بسور‬
‫عجيب‪ ،‬ولكنها سقطت أمام كورش الفارسي‪ .‬وأشهر آلهة بابل هي مرودخ وبيل‪ .‬ولكن كان هناك آلهة‬
‫أخرى مثل اإلله سين‪ .‬وكان نبونيدس إبن كبير كهنة هذا اإلله‪ ،‬وحين ملك نبونيدس حاول تغيير العبادة‬
‫وإعطاء األهمية إللهه المحبوب سين بدالً من مرودخ وبيل ففقد شعبيته واختلف مع الكهنة واضطر‬
‫لإلعتزال وترك الملك إلبنه بيلشاصر‪.‬‬
‫شخصية نبوخذ نصر‪ :‬تسجل لنا النقوشات األثرية كثي اًر من جوانب هذه الشخصية وكبرياءه وزهوه بنفسه‬
‫ومكانته وقوته وعشقه آللهته مرودخ وبيل‪ ،‬وأن آلهته دعته لهذه اإلمبراطورية العالمية‪ .‬وكان يسعى دائماً‬
‫لجعل بابل مكان سكنى آلهته ‪ ،‬أعظم مكان في الدنيا‪ ،‬وهذا يالحظ في اآلثار البابلية التي تمجد آلهتهم‬
‫نصر‬
‫وعظمتهم‪ ،‬بينما نجد في النقوش األشورية أخبار حروبهم‪ .‬ولوحظ في النقوش األثرية ميل نبوخذ َّ‬
‫جد شعر منسوب له فيه أنه جعل بابل عظيمة وبها وفرة من كل‬
‫لكتابة الشعر في أواخر أيامه‪ .‬وهكذا و َ‬
‫ما جلبه من أنحاء العالم‪ .‬ويتشابه تماماً هذا الشعر في كلماته ومضمونه مع ما سجله الكتاب المقدس‬
‫عن نبوخذ نصر في (‪ ،)13-4:4‬حتى حينما تكلم المالك تكلم بنفس األسلوب‪.‬‬
‫النبوة المزورة‪ :‬وج َد في اآلثار نبوة منسوبة لنبوخذ نصر واضح تزويرها والنبوة تقول أنه "سيأتي كورش‬
‫البغل الفارسي ويأخذ حكم بابل وأنه سينجح لخيانة شخص تلمح هذه النبوة أنه نبونيدس" وواضح تزوير‬
‫هذه النبوة بواسطة كهنة مرودخ أعداء نبونيدس وغرضهم إلغاء صفة النبوة من دانيال وإشعياء وإضفائها‬
‫على نبوخذ نصر‪ ،‬وأيضاً إهانة كورش الذي أسقط مملكتهم وإحتقر آلهتهم والتشهير بعدوهم نبونيدس‪.‬‬
‫الكلدانيين‪ :‬غالباً الكلدانيين لفظ يطلقه البابليين على كهنتهم‪ .‬ولذلك أطلق األجانب لفظ الكلدانيين على‬
‫البابليين‪ ،‬أما البابليين أنفسهم فيسمون أنفسهم بابليين (هذه كما يسمى األجانب المصريين فراعنة مع أن‬

‫‪8‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫فرعون هو لقب الملوك فقط) وفي الكتابات الحالية يسمى البابليين كلدانيين (راجع دا‪+ 2:2 + 10:2‬‬
‫‪.)30 ، 29 ، 7 ، 6:4‬‬

‫سقوط بابل‪:‬‬
‫يتفق في ذكر حوادث سقوط بابل نبوات إرمياء وإشعياء مع قصة دانيال ومع القصص التي أوردها‬
‫المؤرخين‪.‬‬
‫أ‪ .‬نبوات إرمياء‪ :‬تنبأ إرمياء بأنهم سيسقطون بغزو يأتي عليهم من الشمال (‪ )41 ، 9 ، 3:50‬وبأن‬
‫ملوك مادي هم الذين سيفعلون هذا (‪ )28 ، 11:51‬وأن أسوارها لن تحميها (‪ )12:51‬وسقوطها‬
‫سيجئ عن طريق دفاعاتها المائية التي أطال نبوخذ نصر في شرحها في نقوشاته (‪ )36:51‬وسيكون‬
‫سقوطها في وقت إحتفال يسكر فيه عظماؤها (‪.)57 ، 39:51‬‬
‫ب‪ .‬نبوات إشعياء‪ :‬تنبأ إشعياء بخطة كورش في تحويل مجرى النهر بل تنبأ باسم كورش نفسه مرتين‬
‫(إش‪.)3:45-26:44‬‬
‫ت‪ .‬قصة دانيال ‪ :‬سجلها في اإلصحاح الخامس‪.‬‬
‫ث‪ .‬شهادة المؤرخين‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬هيرودوتس‪ :‬قال أن بابل سقطت بواسطة كورش سنة‪536‬ق‪.‬م‪ .‬وقال أيضاً أن كورش اقترب من بابل‬
‫في ربيع هذه السنة وقابله البابليين أوالً فهزمهم‪ .‬فدخلوا مدينتهم واحتموا بأسوارها المنيعة‪ .‬وكانت مؤونتهم‬
‫تكفيهم سنيناً طويلة (‪20‬سنة) وهم بدأوا التخزين حين أروا كورش يهزم بلداً بعد اآلخر فعرفوا أن الدور سيأتي‬
‫عليهم‪ .‬فإحتموا بأسوارهم ‪ ،‬فلجأ كورش للخطط الماهرة فشق قناة حولت مجرى النهر إلى بحيرة كانت الملكة‬
‫نيتوكريس قد أقامتها لعمل بحيرة صناعية لكنها لم تتم‪ .‬وأعد جزء من جيشه بجانب النهر وحينما هبط مستوى‬
‫المياه إلى مستوى الخاصرتين سار جيشه وفاجأ البابليين‪ .‬وكان من الممكن لو كانوا متنبهين أن يقتلوا الغزاة‬
‫الفرس فو اًر ولكنهم كانوا غارقين الهين في حفالتهم وسكرهم ورقصهم لذلك فوجئوا بالفرس وسطهم‪ .‬وهذا المؤرخ‬
‫أخذ القصة ممن عاصروها‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬زينوفون‪ :‬الذي قال إن كورش فكر أوالً في حصار المدينة وتجويعها‪ .‬ثم لفت نظره النهر وعرف عمقه‬
‫فبدأ في حفر قنوات حول المدينة ظنها البابليون نوع من الحصار‪ ،‬فسخروا منه حيث أنهم قادرين على مقاومة‬
‫الحصار لمدة ‪ 20‬سنة وفي ليلة سمع كورش أن الجميع يحتفلون وأنهم سكارى‪ ،‬فأخذ معه الجنود وحفروا سكة‬
‫للنهر ليصب في هذه القنوات حتى إذا صار ممكناً السير فى النهر‪ ،‬دخلوا المدينة وقتلوا الملك وكل من وجدوه‬
‫في الطريق‪ .‬ثم أعاد الحياة الطبيعية للمدينة تحت حكم داريوس‪ .‬وكان معه اثنان من الجواسيس ليقودوا الجيش‬
‫الفارسي‪ .‬وكانوا من أمراء بابل وأساء ملك بابل معاملتهم فذهبوا إلى كورش أحدهم اسمه جوبرياس الذي يظن‬
‫البعض أنه داريوس المذكور‪ ،‬ولكن األرجح أن داريوس هو خال كورش فأم كورش من مادي وكذلك خاله‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫أما والد كورش فهو من فارس‪ .‬وملك داريوس على بابل كتابع لكورش ملك اإلمبراطورية الفارسية كلها‪ ،‬ولم‬
‫يكن مستقالً عنه‪( .‬وج َد نقش في بابل كتبه كورش بنفسه يتضمن هذه القصة)‪.‬‬

‫مملكة مادي وفارس وملوكها‪:‬‬ ‫‪.11‬‬


‫الماديون هم نسل مادي بن يافث (تك‪ )2:10‬وقد اشتهروا بخيولهم وفرسانهم وكانوا يتصلون بالفرس في الجنسية‬
‫واللغة والثقافات والتاريخ‪ .‬وفي وقت نبوبالسر مؤسس بابل كانت فارس تتبع مادي‪ .‬وفي أيام كورش إتحدت مادي‬
‫وفارس وسميت المملكة مادي وفارس وواضح أن الماديين سبقوا الفرس‪ ،‬لكن تفوق الفرس عليهم فيما بعد‪ .‬وفي‬
‫أيام كورش الفارسي إستعاد اليهود حريتهم وعادوا إلى أورشليم‪ .‬وكانت عواصم ملوك فارس برسبوليس (‪2‬مك‪)2:9‬‬
‫وسوسا (شوشن) (نح‪ + 1:1‬إس‪ )2:1‬وأشهر مدن مادي اكبتانا (أحمثا) (عز‪ .)2:6‬ومع أن كورش سمح لليهود‬
‫بالعودة إلى بالدهم إال أنه لم يمنحهم إستقالالً سياسياً (كان ذلك سنة ‪ 536‬ق‪.‬م‪ ).‬بل كان يحكمهم حاكم يعينه‬
‫اإلمبراطور الفارسي (نح‪ 7:3‬وقابل مع ‪ . )15-14:5‬فكانت بالدهم جزءاً من مقاطعة عبر النهر (عز‪)36:8‬‬
‫وكانت مؤلفة من سوريا وفلسطين وفينيقية وقبرص وقد خضع اليهود لحكم الفرس ‪207‬سنين‪ .‬وذلك من احتالل‬
‫كورش لبابل حتى احتالل اإلسكندر األكبر لفلسطين سنة ‪ 333‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫ملوك الفرس وعالقتهم بأورشليم‪:‬‬ ‫‪.12‬‬


‫أ‪ .‬كورش‪ :‬هو مؤسس دولة مادي وفارس‪ .‬وهو الذي أصدر نداء بعودة الشعب إلى أورشليم سنة ‪536‬‬
‫ق‪.‬م‪( .‬عز‪ . )2:1‬فعاد الشعب وبدأوا في بناء الهيكل (عز‪ )13-8:3‬وكان ذلك سنة ‪ 535‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ .‬وبدأت مقاومة األعداء (عز‪ . )5:4‬وتوفى كورش سنة ‪ 529‬ق‪.‬م‪ .‬وفي فترة حكم كورش َمَّل َك‬
‫داريوس المادي على بابل دا‪ 1:6 + 31:5‬كمجاملة لشركائه الماديين‪.‬‬
‫ب‪ .‬قمبيز (ارتحشستا)‪ :‬هو إ بن كورش وملك بعد وفاة كورش‪ .‬وقد نجح الوشاة في إقناع هذا الملك‬
‫بوقف العمل في بناء الهيكل فأصدر أم اًر بذلك (عز‪ )25-17:4‬وظل العمل متوقفاً طوال مدة هذا‬
‫الملك‪ .‬وكان لكورش ولدان ‪ ،‬الكبير هو قمبيز واآلخر يدعى سمردس‪ .‬وذهب قمبيز ليحارب في‬
‫مصر وتولى أخوه الحكم أثناء غيابه‪ ،‬فجاء محتال يشبه سمردس هذا وإغتاله وتملك العرش مكانه‬
‫لمدة سبعة شهور‪ .‬وبينما كان قمبيز في رحلة عودته في حملته من مصر مات في الطريق سنة‬
‫‪ 522‬ق‪.‬م‪ .‬فجاء داريوس هستاسب وكان صه اًر لكورش وقتل هذا المحتال وإمتلك العرش مكانه‪.‬‬
‫وبموت قمبيز وسمردس انقرضت ساللة كورش‪.‬‬
‫ت‪ .‬داريوس هستاسب‪ :‬إستولى على العرش سنة ‪ 521‬ق‪.‬م‪ .‬وأسس مملكة جديدة إمتدت من الهند إلى‬
‫األرخبيل اإلغريقي والدانوب وإغتني جداً ‪ .‬وفي أيامه أخذ النبيان حجي وزكريا يحثان الشعب للعمل‬
‫في بناء الهيكل (عز‪ )1:5‬وكان ذلك سنة ‪ 520‬ق‪.‬م‪ .‬وأمر هذا الملك بإعادة البناء (عز‪+ )24:4‬‬

‫‪10‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫(عز‪ )6 ، 5‬وقد اكتمل بناء الهيكل وتم تدشينه سنة ‪ 515‬ق‪.‬م‪ .‬وقد ملك هذا الملك ما يزيد على‬
‫‪36‬سنة وتوفى سنة ‪ 486‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ث‪ .‬زركسيس األول (أحشويرش) ‪ :‬هو زوج أستير وهذا ظل يجمع جيشاً لمدة ‪ 4‬سنين حتى صار‬
‫جيشاً عظيماً قوامه ‪ 2, 5‬مليون رجل تقريباً لكن كان هذا العدد الضخم سبباً في هزيمته فاألوامر‬
‫ال تصل لألفراد بسهولة‪ .‬وحاول غزو اليونان ولكنه هزَم في معركة سالميس سنة ‪ 480‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫واضطر للتقهقر وحفظت اليونان هذه النقمة للفرس حتى جاء اإلسكندر األكبر‪ .‬وكان هذا الملك‬
‫غارقاً في شهواته ومستهت اًر وفي أيامه حدثت حيلة هامان إلبادة الشعب‪ .‬وأغتيل هذا الملك سنة‬
‫‪ 465‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ج‪ .‬ارتحشستا لونجيمانوس أي طويل اليد‪ :‬وهذا الطف اليهود وسمح لعز ار أن يعود بعدد منهم إلى‬
‫أورشليم كما أذن لنحميا أن يعيد بناء أسوار المدينة (عز‪ + 13-11:7‬نح‪ )10-1:2‬وتوفى سنة‬
‫‪ 424‬ق‪.‬م‪ .‬وفي عهده سنة ‪ 457‬ق‪.‬م‪ .‬صدر األمر بإعادة بناء أورشليم (دا‪. )25:9‬‬
‫ح‪ .‬تعاقب على العرش عدد من الملوك كان آخرهم داريوس قدمانوس الذي تغلب عليه اإلسكندر األكبر‬
‫سنة ‪ 331‬ق‪.‬م لتبدأ اإلمبراطورية اليونانية‪.‬‬
‫مملكة اليونان‪:‬‬ ‫‪.13‬‬
‫قامت على يد اإلسكندر األكبر وإنتشرت إنتشا اًر واسعاً جداً وبسرعة عجيبة‪ .‬ثم مات اإلسكندر شاباً وعمره حوالي‬
‫‪32‬سنة‪ .‬وخلفه قادة جيوشه األربعة على مملكته التي انقسمت إلى أربع ممالك ضخمة وستأتي التفاصيل بعد ذلك‪.‬‬

‫شهادة السيد المسيح لسفر دانيال‪ :‬سماه السيد المسيح دانيال النبي أي أن هللا هو الذي أوحي له أو‬ ‫‪.14‬‬
‫أعلن له ما قاله (مت‪ )15:24‬وقارن هذه اآلية مع (دا ‪ )11:12 ،31:11 ،27:9‬وقارن أيضاً حديث السيد‬
‫المسيح عن الضيق في آخر األيام (مت‪ )21:24‬مع نبوة دانيال (‪ )1:12‬وقارن أيضاً حديث السيد المسيح‬
‫حين يصف مجيئه على السحاب (مت‪ )30:24‬مع (دا‪ )13:7‬وأشار لهذا أيضاً في حديثه مع رئيس الكهنة‬
‫(مت‪ )64:26‬بل أن المسيح كان يطلق على نفسه لقب إبن اإلنسان كما قاله دانيال (‪ )13:7‬وكانت اآليات‬
‫(دا‪ )14 ، 13:7‬هي األساس لما إستعمله المسيح في وصف مجيئه الثاني (مت‪28 ، 27:16 + 23:10‬‬
‫‪ )31:25 + 30:24 + 28:19 +‬ويضاف لذلك أن وصف القيامة في (يو‪ )29 ، 28:5‬هو ما قيل في‬
‫(دا‪.)2:12‬‬

‫شهادات أخرى من العهد الجديد‪ :‬أشار بولس الرسول لحادثتي جب األسود والفتية في أتون النار في‬ ‫‪.15‬‬
‫(عب‪.)34 ، 33:11‬‬

‫التشابه بين سفر دانيال وسفر الرؤيا‪:‬‬ ‫‪.16‬‬

‫‪11‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫قال المالك عن دانيال أنه الرجل المحبوب (‪ )19 ، 11:10 + 23:9‬ويوحنا هو التلميذ المحبوب للمسيح‬
‫(يو‪ . )20 ، 7:21 + 2:20 + 26:19 + 23:11‬وكالهما كتب سفره في األسر (دانيال كتبه في بابل ويوحنا‬
‫كتبه في بطمس) وكال السفرين له طبيعة أخروية‪ ،‬كالهما به ختوم بعضها فتح واآلخر لم يسمح هللا بفتحه‪.‬‬
‫وكالهما تكلم عن مجيء ضد المسيح في سفره‪ .‬وقارن اآلتي بين السفرين‪:‬‬
‫(رؤ‪)1:4 + 19:1‬‬ ‫مع‬ ‫أ‪ -‬األشياء التي ستحدث (دا ‪)45 ، 29:2‬‬
‫(رؤ‪)11:20‬‬ ‫مع‬ ‫(دا ‪)35:2‬‬ ‫ب‪ -‬نهاية األرض‬
‫(رؤ‪)15:13‬‬ ‫مع‬ ‫(دا ‪)6:3‬‬ ‫ج‪ -‬دعوة الناس لعبادة التمثال‬
‫مع‬ ‫(دا ‪)30:4‬‬ ‫د – بابل العظيمة‬
‫(رؤ‪)21 ، 10 ، 2:18+8:17+8:14‬‬
‫هـ‪ -‬آلهة الذهب والفضة والنحاس والحديد والخشب التي ال تسمع وال ترى والتعرف‬
‫(رؤ‪)20:9‬‬ ‫مع‬ ‫(دا ‪)23:5‬‬
‫(رؤ‪)7:1‬‬ ‫مع‬ ‫و‪ -‬رؤيا دانيال للمسيح مثل رؤيا يوحنا (دا ‪)14 ، 13:7‬‬
‫(رؤ‪)14:1‬‬ ‫مع‬ ‫(دا ‪)9:7‬‬ ‫شعر الرأس كالصوف‬
‫ز‪ -‬الزمان والزمانين ونصف الزمان(دا ‪ )7:12+ 25:7‬مع (رؤ‪)6:12+3:11‬‬
‫مع (رؤ‪)16 -13 :1‬‬ ‫(دا ‪)6 ، 5:10‬‬ ‫ح‪ -‬وقارن‬
‫(رؤ‪)6 ، 5:10‬‬ ‫مع‬ ‫(دا ‪)6:12‬‬ ‫وقارن‬
‫وهناك فرق ففي دانيال‪ ،‬يضع المسيح المنطقة على حقويه‪ ،‬وهذا وضع استعداد لعمل ما‪ ،‬فهو يستعد للتجسد‬
‫إلتمام الفداء‪ ،‬أما في سفر الرؤيا فهو يضع المنطقة عند ثدييه على صدره فهو هنا سيقوم بدور القاضي الديان‪.‬‬
‫(رؤ‪)15:20‬‬ ‫مع‬ ‫(دا ‪)1:12‬‬ ‫ط‪ -‬سفر الحياة‬
‫قيل أن سفر دانيال هو رؤيا العهد القديم وسفر الرؤيا هو رؤيا العهد الجديد‪.‬‬

‫دور دانيال مع شعب هللا في إنتشار الكرازة‪:‬‬ ‫‪.17‬‬


‫كما شهد بولس الرسول أمام الوالة بل وفي قصر قيصر للمسيح‪ ،‬هكذا شهد دانيال هلل أمام ملوك بابل وملوك‬
‫الفرس‪ .‬وكما أظهر هللا قوته للمصريين ليطلقوا شعبه من عبوديتهم في مصر ‪ ،‬هكذا كان دانيال بحكمته‬
‫والمعجزات التي صنعها مظه اًر قوة هللا لهذه الشعوب الوثنية ليقنعها بعجز آلهتها الوثنية أمام قوة إلهه حتى‬
‫يطلقوا الشعب‪ .‬ونالحظ فى (‪ )37 – 33: 4‬إيمان نبوخذ نصر مما رآه فى دانيال ‪ .‬وفى (عز‪)4 – 1 : 1‬‬
‫تأثر كورش بما أراه إياه دانيال من نبوات ‪ ،‬ونبوات دانيال أثرت فى اإلسكندر ملك اليونان ‪.‬‬
‫ولنالحظ أنه قبل تأسيس كنيسة العهد القديم في أورشليم ‪ ،‬قضى الشعب سنيناً في العبودية في مصر حتى‬
‫حررهم موسى النبى ثم دخلوا أرض الميعاد ولكنهم إستمروا فترة بال ملك إلى أن أسس داود المملكة‪ .‬وهكذا‬

‫‪12‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫بعد العودة من سبى بابل إستمروا فترة تحت حكم الفرس ثم اليونان وبعدهم الرومان إلى أن أتى المسيح إبن‬
‫داود‪.‬‬
‫ولنالحظ حكمة هللا فاليهود الذين تشتتوا بعد سبى أشور للمملكة الشمالية إسرائيل سنة ‪ 722‬ق‪.‬م‪ .‬ثم سبى‬
‫بابل للمملكة الجنوبية يهوذا والذى كان على أربع فترات إبتداء من سنة ‪ 606‬ق‪.‬م‪ .‬وحتى سنة ‪ 586‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫هؤالء اليهود الذين تشتتوا فى كل العالم كانوا عامالً مساعداً إلنتشار اإليمان باهلل وباإليمان المسيحى بعد‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ويقال أن دانيال هو الذي كشف نبوات إشعياء (التي تنبأ فيها بإسم كورش الملك وبخطته في غزو بابل)‬
‫لكورش الملك‪ ،‬وأراه نبوات إرمياء التي حددت مدة سبي بابل وسقوط بابل (إش‪ + 3:45 -26:44‬إر‪10:25‬‬
‫‪ +‬إر‪ )14-10:29‬وكان هذا سبباً في أن كورش يعتبر أن أم اًر صدر له من السماء ليعيد الشعب ويبني‬
‫الهيكل (عز‪ )4-1:1‬ونبوات دانيال هذه في سفره كانت سبباً هي األخرى في عطف ملك اليونان اإلسكندر‬
‫على أورشليم‪ ،‬راجع نقطة (‪-9‬ث) فيما سبق‪.‬‬
‫ملحوظة‪ :‬الشعب بعد عودته من السبي لم يعد لهم نفس الشكل والمجد الذي كان لهم بعد عودتهم من مصر‪.‬‬
‫فهم لم يعودوا أح ار اًر تماماً بل خاضعين مرة للفرس ومرة لليونان ومرة للرومان والهيكل لم يعد لسابق مجده‪.‬‬
‫فالعالم اآلن وأورشليم يستعدون إلنتهاء الرموز والذبائح الحيوانية التي ترمز للمسيح‪ ،‬ويستعدون إلستقبال‬
‫المسيح الذب يحة الحقيقية والمحرر الحقيقي من عبودية إبليس‪ .‬ولذلك فعندما إنتهي نحميا من بناء السور انتهي‬
‫مالخي أيضاً من نبوته التي كانت آخر النبوات وانتظر العالم مجئ المسيح الذي فيه تحققت النبوات‪.‬‬

‫تقسيمات السفر‪ :‬هناك تقسيمات للسفر تقسمه لجزء تاريخي (‪ )6-1‬وجزء نبوي (‪ )12-7‬ولكن نجد أن‬ ‫‪.18‬‬
‫إصحاح (‪ )2‬يدخل في القسم النبوي متفقاً مع إصحاح (‪ )7‬وهناك رأى بأن أصحاحي (‪ )7 ، 2‬يعطوا فكرة‬
‫عن القوى العالمية‪ ،‬واإلصحاحات (‪ )6-3‬يعطوا فكرة عن مقاومة هذه القوى العالمية لشعب هللا‪ .‬واإلصحاح‬
‫المحوري هو إصحاح (‪ )9‬الذي يتنبأ عن ميعاد مجئ المسيح وصلبه ثم في (‪ )7:12 -36:11‬يتنبأ عن‬
‫األالم التي سيعاني منها شعب هللا في النهاية ومجيء ضد المسيح والقيامة من األموات‪.‬‬
‫نياحة دانيال النبي‪ :‬عاش دانيال النبي ما يقرب من ‪90‬سنة قضى معظمها مشهو اًر بحكمته كشخصية بارزة في‬
‫بالط بابل وفارس‪ .‬هذا بفرض أن سنه وقت السبي كان حوالي ‪18‬سنة ودفن دانيال في مقابر ملوك الفرس‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫الخط العام لنبوة دانيال النبى‬

‫يرجى قراءة هذا الجزء اآلن ومرة أخرى بعد اإلنتهاء من دراسة السفر‬

‫هناك خط واحد يجمع إصحاحات سفر دانيال وهو أن هللا المحب خلق اإلنسان ليكون إبنا له ينعم بمجده ‪،‬‬
‫فخلقه على صورته كامال جميال كما يليق بأوالد الملوك‪ .‬وسقط اإلنسان بغواية الشيطان فى نفس سقطة‬
‫الشيطان ‪ ،‬إذ هو أراد أن يكون مثل هللا ولكن باإلنفصال عن هللا ‪ ،‬كأنه فى حالة تنافس مع هللا ‪ .‬بينما أن الفكر‬
‫اإللهى أن يكون اإلنسان فى وحدة مع هللا فيحصل من هللا على كل البركات اإللهية من جمال وحكمة ومعرفة‬
‫وقوة ومجد وفرح ‪...‬إلخ ‪.‬‬
‫ولنرى كيف كانت سقطة الشيطان ‪ ،‬وكيف سقط آدم ‪ .‬وسيستمر هذا الفكر سائدا على البشر حتى نهايه األيام‬
‫‪.‬‬
‫*أنت قلت فى قلبك أصعد إلى السموات‪ .‬أرفع كرسيى فوق كواكب هللا ‪ ...‬أصير مثل العلى (إش‪، 13 : 14‬‬
‫‪. )14‬‬
‫*وكانت هذه خدعة الشيطان أن يسقط آدم وحواء فى نفس الخطية ‪ ،‬إذ قال الشيطان لحواء "لن تموتا‪ ،‬بل هللا‬
‫عالم أنه يوم تأكالن منه تنفتح أعينكما وتكونان كاهلل" (تك‪. )5 ، 4 : 3‬‬
‫*وستكون هذه نفس سقطة ضد المسيح فى آخر األيام ‪ ،‬فسينادى من يتبعونه بقولهم "من مثل الوحش" ويقبل‬
‫هو سجودهم "وسجدوا للتنين الذى أعطى السلطان للوحش‪ ،‬وسجدوا للوحش قائلين >من هو مثل الوحش<‬
‫(رؤ‪. )4 : 13‬‬
‫فالفكر اإللهى أن هللا "خلقنا على صورته كشبهه" (تك‪ ، )26 : 1‬فخلق المالئكة أوال ثم اإلنسان ‪ ،‬آدم وحواء‬
‫وكان الكل فى حضن هللا اآلب ‪ .‬فاإلبن الوحيد الجنس إبن هللا الكلمة "الذى هو فى حضن اآلب" (يو‪)18 : 1‬‬
‫‪ ،‬هو الذى به كانت الخليقة ‪" ،‬به كان كل شئ وبغيره لم يكن شئ مما كان" (يو‪ ، )3 : 1‬هو رأس الخليقة‬
‫"بداءة الخليقة" (رؤ‪ . )14 : 3‬وهو "بكر كل خليقة ‪ ،‬فإنه فيه خلق الكل ما فى السموات وما على األرض ‪...‬‬
‫هو رأس الجسد" (كو‪ )18 – 15 : 1‬فالخليقة كلها خرجت من اإلبن الذى هو فى حضن اآلب ‪.‬‬
‫*ولما سقط الشيطان إنفصل عن هللا ‪.‬‬
‫*ثم سقط اإلنسان فإنفصل عن هللا ومات وسقط تحت عبودية الشيطان الباطل ولكن على رجاء (رو‪. )20 : 8‬‬
‫*ولكن كان الفرق بين اإلنسان والشيطان أن اإلنسان كان ضعيفا ومترددا وقابال للتوبة ‪ ،‬وهذا ليس هو وضع‬
‫الشيطان ‪ ،‬فالشيطان أخذ ق ارره وإنفصل عن هللا بال تردد وال مكان للتوبة فى فكره بل هو فى حالة ٍ‬
‫تحد هلل‬
‫للنهاية‪ .‬فكان الفداء لإلنسان وليس للشيطان‪.‬‬
‫* والفداء كان بأن تجسد إبن هللا الكلمة وإتحد باإلنسان ليعيده مرة ثانية إلى األحضان اإللهية ‪ .‬وهكذا تبنى‬
‫الكنائس لشرح هذه الفكرة ‪ .‬فصحن الكنيسة يجتمع فيه الشعب يصلون فيمألهم الروح القدس ‪ ،‬والروح القدس‬

‫‪14‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫يحول الخبز والخمر إلى جسد ودم المسيح ويثبتهم الروح القدس فى المسيح ‪ ،‬فيحملهم المسيح اإلبن إلى حضن‬
‫اآلب ‪ ،‬وهذا ي َمَّثل بالجزء الدائرى فى نهاية الهيكل المواجه للمذبح‪.‬‬
‫*فمن يرغب بحريته أن يتحد بالمسيح ويثبت فيه ‪ ،‬فاهلل وضع فى الكنيسة أس ار ار سبعة يتم بها هذا الثبات لمن‬
‫يريد ‪ ،‬على أن يكون المدخل هو عن طريق الباب الضيق أى رفض الخطية ‪ ،‬والنهاية حياة أبدية فى المجد ‪.‬‬
‫*ومن ال يريد فطريق الهالك ‪ ،‬طريق الشيطان موجود أمامه ‪ .‬وهذا هو الباب الواسع الذى نهايته الهالك مع‬
‫الشيطان‪.‬‬
‫*وقطعا فالشيطان يسعى وراء كل إنسان ليجذبه للهالك ‪ ،‬ولكن الشيطان مقيد حاليا وسيطلق فى نهاية األيام‬
‫فيعطى كل قوته لضد المسيح ‪ ،‬وذلك لمدة محدودة هى ثالث سنوات ونصف السنة ينتهى العالم الحالى بعدها‬
‫ويأتى المسيح للدينونة‪.‬‬
‫*وإذا كان الشيطان يسعى إلغراء كل نفس بملذات الخطية المهلكة ‪ ،‬فعلى الجانب اآلخر نجد الروح القدس ال‬
‫يتركنا ‪ ،‬إنما يعطينا "نعمة أعظم" لننتصر فى هذه التجارب ونخلص (يع‪ . )4 : 4‬وكل إنسان حر فى ق ارره ‪،‬‬
‫فاهلل يريد أن الجميع يخلصون ‪ ،‬لكن السؤال هل الجميع يريدون؟! "هللا يريد أن الجميع يخلصون" ‪" ...‬كم مرة‬
‫أردت ولم تريدوا" ‪" ...‬هل تريد أن تبرأ" ‪ ...‬وكيف نحصل على هذه النعمة ‪ " ...‬إسألوا تعطوا"‪.‬‬
‫(‪1‬تى‪ + 4 : 2‬مت‪ + 37 : 23‬يو‪ + 6 : 5‬مت‪. )7 : 7‬‬
‫*سفر دانيال يرسم صورة كاملة لصورة الخليقة منذ خلقتها وحتى نهايتها ‪ ،‬وهللا القدوس القاضى بالعدل (وهذا‬

‫معنى إسم دانيال) يقضى بالحب حقا ‪ ،‬ولكن بالعدل فهو إله قدوس وعادل ‪ .‬ولنرى كيف َ‬
‫ص َّوَر السفر هذه‬
‫الحقائق‪.‬‬

‫اإلصحاح األول‬
‫هللا خلقنا فى أجمل صورة وجعلنا أوالد ملك بال عيب فينا ومن الشرفاء فنحن أوالد ملك الملوك ‪ ،‬وحسان‬ ‫‪.i‬‬
‫المنظر ولنا حكمة وفهم ومعرفة ‪ .‬ولنالحظ ما قيل عن دانيال والثالثة فتية ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‪ِ ،‬ف ْتَياانا لَ‬ ‫يس ِخ ْصَي ِانه ِبأ ْ‬
‫ِ ‪4‬‬
‫يل َو ِم ْن َن ْس ِل اْل ُمْل ِك َو ِم َن ُّ‬
‫الشَرَف‬ ‫َن ُي ْحضَر م ْن َبني ِإ ْسَرائ َ‬ ‫َمَر اْل َملِ ُك أ ْ‬
‫َش َفَن َز َرِئ َ‬ ‫" َوأ َ‬
‫ين َم ْع ِرَف اة َوَذوِي َف ْه ٍم ِباْل ِعْلمِ" (دا‪. )3 : 1‬‬ ‫ظ ِر‪ ،‬ح ِاذ ِق ِ‬ ‫َع ْي َب ِف ِ‬
‫ين في ُك ِل ِح ْك َم ٍة َو َع ِارِف َ‬ ‫ان اْل َمْن َ َ َ‬ ‫يه ْم‪ِ ،‬ح َس َ‬
‫نصر ملك بابل ‪ .‬وكما إستخدم نبوخذ‬
‫وبالخطية سقطنا تحت عبودية الشيطان ‪ ،‬ويمثله هنا الملك نبوخذ َّ‬
‫نصر أوالد الملوك ليكونوا خداما له هكذا عمل الشيطان مع البشر‪ .‬وحاول نبوخذ نصر أن يغير هوية دانيال‬
‫َّ‬
‫والثالثة فتية ولكنهم قاوموا ورفضوا وهللا أعانهم فإزدادوا حكمة وقوة ونورانية ‪ .‬إذاً ليس معنى العبودية‬
‫للشيطان أن اإلنسان كان بالضرورة ال بد أن يسقط ‪ ،‬بل قال هللا لقايين من قبل عن الخطية "إليك‬
‫إشتياقها وأنت تسود عليها" (تك‪ . )7 : 4‬وبينما رفض قايين وسقط بإرادته وهلك كالشيطان ‪ ،‬نجد دانيال‬
‫والثالثة فتية ينتصرون‪ ،‬بل كان لهم الفضل فى تغيير الملك نبوخذ َّ‬
‫نصر نفسه لما رآه من عمل هللا معهم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫كما رأينا فاهلل يريد أن الجميع يخلصون ‪ ،‬وهو يعطى نعمة ويعين من يريد ‪ ،‬وهو "قصبة مرضوضة ال‬ ‫‪.ii‬‬
‫يقصف وفتيلة مدخنة ال يطفئ" ولكن لمن يريد ‪ ،‬فنحن مخلوقين على صورته أح ار ار ‪ ،‬وهو لن يلغى هذه‬
‫الحرية ‪ .‬وهللا فى محبته يسعى وراء كل نفس ليخلصها ‪ ،‬وكما رأينا يعطى لمن يريد نعمة أعظم من‬
‫إغراءات الشيطان‪.‬‬
‫على فغلبت" (إر‪ . )7 : 20‬هذا مبدأ هللا فى التعامل مع البشر ‪ ،‬أو قل‬
‫"أقنعتنى يا رب فإقتنعت‪ ،‬وألححت َّ‬ ‫‪.iii‬‬
‫أن هللا يبدأ باإلقناع فإن لم نستجب فاهلل له أساليب أخرى‪ ،‬فهناك مجاعة لإلبن الضال ليراجع نفسه ويعود‬
‫ألبيه ‪ ،‬وهناك حوت ليونان ‪ .‬فاهلل ال يرغم أحدا على شئ ما بل يظل يسعى وراءه باإلقناع واإللحاح وغيره‬
‫ص نفسه ‪ ،‬وإن رفض ‪ ،‬يكون هو الذى إختار طريق الهالك‪.‬‬ ‫َّ‬
‫من الوسائل‪ .‬فإن إستجاب لهذه المحاوالت خل َ‬
‫ولكن هللا فى محبته ‪ ،‬قبل أن ي ْهلك ‪ ،‬يجرب اإلنسان بتجارب كثيرة تبدأ بسيطة ثم تشتد لعله يندم ويستيقظ‬
‫أصر يهلك ‪.‬‬
‫ويعود فيخلص ‪ .‬فإن َّ‬

‫نصر ملك بابل‬


‫نبوخذ َّ‬
‫اإلصحاحات الثانى والثالث والرابع‬
‫نصر نموذج حى إلنسان ساقط خاطئ خدعه الشيطان بنفس أسلوب خداعه التقليدى ‪ ،‬وهو أن يشعر‬
‫*نبوخذ َّ‬
‫نصر أيضا هو نموذج حى لطريقة هللا فى جذب النفوس التى يجد‬
‫بذاته وإمكانياته باإلنفصال عن هللا ‪ .‬ونبوخذ َّ‬
‫هللا أنها فتيلة مدخنة فال يطفئها‪.‬‬
‫نصر مواهب عظيمة وإمكانيات هائلة ‪ ،‬فكان القائد العظيم عسكريا وأسس إمبراطورية‬
‫*هللا أعطى لنبوخذ َّ‬
‫عظيمة مترامية األطراف ‪ ،‬وكان المؤسس لمدينة عظيمة هى بابل ‪ .‬بل هو عمل واحدة من عجائب الدنيا السبع‬
‫وهى حدائق بابل المعلقة ‪.‬‬
‫*ولكنه وصل للنقطة نفسها التى سقط فيها الشيطان وبعده آدم ‪ ،‬فقال إذ وقف يشاهد ما صنعته يداه من عظمة‬
‫بابل "أليست هذه بابل العظيمة التى بنيتها لبيت الملك بقوة إقتدارى‪ ،‬ولجالل مجدى" (دا‪ )30 : 4‬ونسى أن كل‬
‫ما عمله كان بعقله وهذا العقل هو عطية وهبة من هللا ‪ .‬وهذه العطايا والمواهب هى ما يسميه الرب الوزنات‬
‫(مثل الوزنات مت ‪. )30 – 14 : 25‬‬
‫نصر من كبريائه هذه ليخلص ‪-:‬‬
‫*فكيف يشفى هللا نبوخذ َّ‬
‫‪ )1‬فى اإلصحاح الثانى يريه هللا فى حلم أن مملكته لن تستمر ‪ ،‬وتأتى مملكة أخرى ‪ ،‬وتتوالى الممالك إلى أن‬
‫ينتهى العالم كله ‪ .‬ويملك المسيح وحده ‪ ،‬الحجر الذى قطع بغير يدين فال دا ٍع لإلنتفاخ على مملكة ستنتهى بل‬
‫وعالم سينتهى‪.‬‬
‫‪ )2‬يتحدى نبوخذنصر ما سمعه من دانيال فى اإلصحاح الثالث ويعمل تمثاال هائال ولسان حاله يقول بتحدى ‪،‬‬
‫إن كان رأس التمثال الذى من ذهب هو بابل ‪ ،‬فلن تأتى ممالك أخرى بعده ‪ .‬وأقام تمثاال عظيما من ذهب كله‬

‫‪16‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫‪ ،‬فهو يعاند ما رآه فى الحلم ليقول بل بابل باقية بال نهاية ‪ .‬ولكن رؤيته للثالثة فتية فى أتون النار ومعهم شبيه‬
‫بإبن اآللهة تجعله يفكر ‪ .‬فاهلل يقنعه خطوة بخطوة أنه إله ال مثيل له ينقذ عبيده وهم فى أتون نار ‪.‬‬
‫‪ )3‬ثم يأتى التأديب فى اإلصحاح الرابع ويبعده هللا عن عرشه ‪ 7‬سنوات يعيش فيها كالحيوان فى ذل فيتضع ‪،‬‬
‫ثم يشفيه هللا ‪ .‬ونرى العجب فى طرق شفاء هللا إذ يخرج نبوخذ َّ‬
‫نصر من هذه التجربة فنجده الملك المتواضع‬
‫والمؤمن باهلل (دا‪ .)37 – 36 : 4‬وعمل هللا هذا فى شفاء النفس أو تغيير طبيعة النفس هو معجزة حقيقية‬
‫نصر الملك الوثنى والمتوحش الدموى‬
‫يتحول فيها اإلنسان ليصير خليقة جديدة (‪2‬كو‪ . )17 : 5‬فنرى هنا نبوخذ َّ‬
‫حوله هللا إلى إنسان يعترف باهلل ويسبح هللا‪ .‬وإذا كان هذا قد حدث فى العهد القديم قبل الفداء‬
‫والمتكبر ‪ ،‬وكيف َّ‬
‫فكم وكم يقدر الروح القدس الساكن فينا اآلن أن ي َغير طبيعتنا إلى صورة المسيح (غل‪. )19 : 4‬‬
‫*اإلصحاح الخامس‬
‫هنا نرى الصورة العكسية ‪ ،‬أى لمن يرفض محاوالت هللا معه فيظل يتحدى هللا ‪ ،‬ونجد هذا واضحا فيما حدث‬
‫نبوخذنصر (هو حفيده) وهذا أراد أن يتحدى هللا ويشرب خم ار فى آنية بيت هللا ‪ ،‬فهلك فى‬
‫َّ‬ ‫مع بيلشاصر إبن‬
‫نفس الليلة هو وكل مملكته ‪ .‬ونالحظ أن هللا أعطى له إنذارات قبل الهالك ‪ ،‬فكورش هاجمه ولم يستطع مقاومته‬
‫فإنسحب وأغلق أبواب بابل على نفسه ‪ .‬وأخي ار تظهر اليد التى أرعبته ‪ .‬ولم يتب فهلك ‪.‬‬
‫*اإلصحاح السادس‬
‫نصر فى رؤيا الحلم‬
‫وفى اإلصحاح السادس وبعد نهاية مملكة بابل تأتى مملكة الفرس تماما كما قال هللا لنبوخذ َّ‬
‫‪ .‬ولكننا نجد أن اإلضطهاد ضد شعب هللا وأوالد هللا مستمر وسيستمر للنهاية ‪ .‬ولكن نجد أن أوالد هللا دائما‬
‫منتصرين فاهلل يعطى نعمة أعظم ‪ .‬وما يحدث ألوالد هللا يكون وسيلة تعليم لغير المؤمنين ‪ .‬فلقد رأى الملك‬
‫الفارسى يد هللا التى تحمى أوالده ‪ .‬هذا اإلضطهاد لشعب هللا مستمر عبر العصور وحتى نهاية األيام ‪ ،‬فألن‬
‫العالم والشيطان يبغض المسيح فهو أيضا سيبغض أوالد هللا (يو‪. )25 - 18 : 15‬‬

‫*اإلصحاح السابع‬
‫نرى فى هذا اإلصحاح عدة حقائق‬
‫*نرى هنا حقيقة األمم التى تضطهد شعب هللا ‪ ،‬وما هم سوى وحوش ‪ ،‬والشيطان هو من أعطاهم هذه الطبيعة‬
‫الوحشية ‪.‬‬
‫*وإلى متى يستمر هذا اإلضطهاد ؟ إلى النهاية ‪.‬‬
‫*ولكن هناك هللا الديان العادل ‪ ،‬فنرى فى اإلصحاح السابع يوم الدينونة وهللا جالس ليدين ‪ ،‬فاهلل يقضى ويحكم‬
‫بالعدل على من إضطهد أوالده‪.‬‬
‫"قربوا‬
‫*ولكن أيضا فى اإلصحاح السابع نرى شفاعة المسيح الكفارية فى أوالد هللا يوم الدينونة‪ .‬ونسمع هنا أنهم َّ‬
‫قدامه إبن اإلنسان" وكلمة قربوا تعنى َّ‬
‫قدموه ذبيحة ليشفع فينا ‪.‬‬
‫*اإلصحاح الثامن‬

‫‪17‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫نرى فيه الوحى يبدأ فى اإلقتراب من األيام األخيرة ويرسم صورة ألحداث األيام األخيرة‪ .‬ويعطينا فكرة عن‬
‫وي ْك َمل أوالد هللا إستعدادا للنهاية‪ .‬وكان هذا عن طريق‬
‫في ْكمل َ‬
‫الوحش الذى سيظهر ليكمل إضطهاد أوالد هللا ‪َ ،‬‬
‫شرح األيام األخيرة للدولة اليونانية السلوكية (نسبة لسلوكس ملك سوريا) ‪ .‬وكان آخر ملوك هذه األسرة فعليا هو‬
‫أنطيوخس إبيفانيوس وهذا يعتبر رم از واضحا لضد المسيح ‪.‬‬
‫اإلصحاح التاسع‬
‫فى هذا اإلصحاح نرى شرحا وافيا وواضحا لعمل المسيح الفدائى الكفارى ‪ ،‬ويحدد هذا اإلصحاح بدقة السنة‬
‫التى يولد فيها المسيح‪ ،‬والسنة التى يبدأ فيها خدمته التعليمية‪ ،‬والسنة التى يصلب فيها المسيح ‪ .‬ونرى فيها‬
‫النتائج المدمرة لشعب اليهود بسبب صلبهم المسيح من دمار ألورشليم ‪ ،‬وما سوف يحدث قبل خراب أورشليم من‬
‫نجاسات ‪.‬‬
‫اإلصحاح العاشر والحادى عشر‬
‫رؤيا يرى فيها دانيال السيد المسيح ليشرح له األحداث الخاصة بنهاية الدولة اليونانية التى حكمت سوريا ‪ ،‬وهذه‬
‫الدولة كانت تمتد من سواحل البحر المتوسط وحتى الهند وكانت تشمل اليهودية وأورشليم‪ .‬ولكن هذه‬
‫اإلصحاحات فضال عن أنها تحققت حرفيا ‪ ،‬إال أنها مكتوبة بصورة غامضة لتشير عن أحداث أيام النهاية ‪.‬‬
‫وهى تعطينا عالمات غامضة اآلن وستتضح فيما بعد عن ضد المسيح الذى يرمز له أنطيوخس إبيفانيوس‬
‫الملك اليونانى (هى غير واضحة تماما اآلن ولكنها ستتضح فى أيام النهاية فاهلل ال يريد لها أن تنكشف اآلن) ‪.‬‬
‫ولكن هذا الغموض مقصود ولن يتضح إال فى أيام النهاية لنعرف نحن الدارسين للكتاب المقدس كيف نتعرف‬
‫على هذا الشخص ‪.‬‬
‫اإلصحاح الثانى عشر‬
‫مزيد من العالمات ‪ ،‬والوحى يحدد هنا دور الدارسين الفاهمين للكتاب المقدس ويقول عنهم أنهم "يضيئون‬
‫كضياء الجلد"‪ .‬والجلد هنا هو السماء التى تلمع فيها النجوم ليال ‪ ،‬والليل هو إشارة للخطية التى تنتشر فى األيام‬
‫األخيرة للعالم وبسببها تكون الضربات واألالم والخراب النهائى‪ .‬وهؤالء الفاهمون إذ يجدون العالمات التى‬
‫وضعها هللا فى سفر دانيال هنا ‪ ،‬وفى سفر الرؤيا ‪ ،‬وأنها تنطبق على ضد المسيح أو ما يسميه سفر الرؤيا‬
‫"الوحش" يعلنون حقيقته للعالم فيردون كثيرين لكى ال يهلكوا (دا‪. )3 : 12‬‬
‫ونرى دانيال المحبوب يرقد لينضم لمن سبقوه وهذا ما يحدث مع كل أوالد هللا إذ ينتقلون للراحة فى الفردوس ‪،‬‬
‫حتى يأتى المسيح فى مجيئه الثانى لينقل أوالده إلى المجد األبدى والفرح الذى ال ينطق به (‪1‬بط‪. )8 : 1‬‬
‫ولذلك نجد فى هذا اإلصحاح أوضح نبوات عن القيامة بل يسمى هذا اإلصحاح بإصحاح القيامة العامة ‪ .‬وبعد‬
‫القيامة العامة تسود مملكة المسيح ‪ ،‬وال يعود هناك من هو ليس خاضعا له ‪ .‬فأوالد هللا سيخضعون عن حب‪،‬‬
‫أما من كانوا يعادون هللا فيخضعون صاغرين تحت موطئ قدميه ‪.‬‬
‫ويكون بهذا الخط العام لنبوة دانيال أنها تبدأ بخلقة اإلنسان فى أبهى صورة ‪ ،‬ثم سقوطه وعبوديته ‪ ،‬لكن هللا يعمل‬
‫نصر الملك ‪ ،‬ومن يقاوم ويتحدى يهلك كبيلشاصر حفيده ‪ .‬ولكن‬
‫مع كل شخص ومن يستجيب يخلص كنبوخذ َّ‬

‫‪18‬‬
‫سفر دانيال (مقدمة سفر دانيال)‬

‫إضطهاد شعب هللا مستمر للنهاية‪ ،‬وهللا الديان والقاضى العادل سيدين ‪ .‬ويوم الدينونة نجد لنا المسيح إبن اإلنسان‬
‫شفيعا لنا‪ .‬والضيقات والتجارب تزداد مع أيام النهاية بظهور ضد المسيح ‪ .‬ومن يموت اآلن بالجسد يذهب ليستريح‬
‫مع من سبقونا ‪ .‬وفى النهاية وبعد القيامة العامة تسود مملكة المسيح‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫سفر دانيال (األصحاح األول)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح األول‬

‫يم‬ ‫اصر ملِ ُك با ِبل ِإَلى أ ِ‬ ‫يم َملِ ِك َي ُهوَذا‪َ ،‬ذ َه َب َنُب َ‬ ‫الثالِ َث ِة ِم ْن مْل ِك يه ِ‬ ‫السَن ِة َّ‬ ‫اآليات (‪ِ " -:)7-1‬في َّ‬
‫‪1‬‬
‫ُور َشل َ‬‫ُ‬ ‫وخ ْذَن َّ ُ َ َ َ‬ ‫وياق َ‬
‫ُ َُ َ‬
‫ض ِشْن َع َار ِإَلى َب ْي ِت‬ ‫اقيم ملِك يهوَذا مع بع ِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫الر ُّب ِبي ِد ِه يه ِ‬
‫اء ِب َها ِإَلى أَْر ِ‬ ‫اصَرَها‪َ .‬و َسَّل َم َّ َ َ ُ َ‬
‫‪2‬‬
‫ض آنَية َبْيت هللا‪َ ،‬ف َج َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫وي َ َ َ َ ُ‬ ‫َو َح َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‪3‬‬
‫اآلنَي َة ِإَلى ِخ َازَن ِة َب ْي ِت ِإ ِ‬
‫له ِه‪ ،‬وأ َْد َخل ِ‬
‫يل َو ِم ْن‬‫َن ُي ْحضَر م ْن َبني ِإ ْسَرائ َ‬ ‫يس ِخ ْصَي ِانه ِبأ ْ‬ ‫َمَر اْل َملِ ُك أ ْ‬
‫َش َفَن َز َرِئ َ‬ ‫لهه‪َ .‬وأ َ‬ ‫ِإ ِ َ َ‬
‫ظ ِر‪ ،‬ح ِاذ ِق ِ‬ ‫اء‪ِ 4 ،‬ف ْتَياانا لَ َع ْي َب ِف ِ‬ ‫الشرَف ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َم ْع ِرَف اة َوَذوِي‬ ‫ين في ُك ِل ِح ْك َم ٍة َو َع ِارِف َ‬ ‫ان اْل َمْن َ َ َ‬ ‫يه ْم‪ِ ،‬ح َس َ‬ ‫َن ْس ِل اْل ُمْلك َو ِم َن ُّ َ‬
‫ِ‬ ‫وف ِفي َقص ِر اْلملِ ِك‪َ ،‬فيعلِم ُ ِ‬ ‫يهم ُق َّوٌة عَلى اْلوُق ِ‬ ‫َفه ٍم ِباْل ِعْلمِ‪ ،‬و َّال ِذ ِ‬
‫وه ْم ك َت َاب َة اْل َكْل َدانِي َ‬
‫ين َولِ َساَن ُه ْم‪َ 5 .‬و َعَّي َن َل ُه ُم‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ين ف ِ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْل َملِ ُك َو ِظي َف اة ُك َّل َي ْو ٍم ِبَي ْو ِم ِه ِم ْن أَ َ‬
‫ام‬
‫َم َ‬‫ين‪َ ،‬وعْن َد ن َه َايت َها َيق ُفو َن أ َ‬ ‫طاِي ِب اْل َملِك َو ِم ْن َخ ْم ِر َم ْشُروبِه لِ َتْربَِيت ِه ْم َثالَ َث ِسن َ‬
‫يس اْل ِخ ْصَي ِ‬ ‫اْلملِ ِك‪6 .‬وَكان بيَنهم ِم ْن ب ِني يهوَذا‪َ :‬د ِانيآل وحَنْنيا و ِم َ ِ‬
‫يل َو َع َزْرَيا‪َ .‬ف َج َع َل َل ُه ْم َرِئ ُ‬
‫‪7‬‬
‫اء‪َ ،‬ف َس َّمى‬ ‫َس َم ا‬
‫ان أ ْ‬ ‫يشائ ُ‬ ‫ََُ َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ َْ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫يش ِائيل ِ‬ ‫ِ‬
‫«ع ْب َدَن ُغ َو»‪".‬‬‫يش َخ»‪َ ،‬و َع َزْرَيا َ‬ ‫«م َ‬ ‫«ش ْدَر َخ»‪َ ،‬و ِم َ َ‬ ‫اصَر»‪َ ،‬و َحَنْنَيا َ‬ ‫ط َش َّ‬ ‫«بْل َ‬
‫يآل َ‬ ‫َدان َ‬
‫في السنة الثالثة ويقول إرمياء (‪ )9 ، 1:25‬في السنة الرابعة وال يوجد تعارض بينهما فإرمياء يحسب سنة تولى‬
‫الملك ملكه هي السنة األولى لحكمه أما دانيال فيتبع الطريقة البابلية‪ ،‬فهو يعتبر السنة التالية للملك هي السنة‬
‫األولى لحكمه‪ ،‬وهو بهذا ال يحسب كسور السنة‪ ،‬ونالحظ أن السبي حدث على أربع مراحل (راجع تفسير سفر‬
‫إرمياء) والمذكور هنا هو السبي األول الذي فيه أخذ دانيال والثالث فتية إلى بابل = أرض شنعار = هو اإلسم‬
‫القديم ألرض بابل‪ ،‬ثم صار اسمها بابل بعد بلبلة األلسنة‪.‬‬
‫أدخل اآلنية إلى خزانة بيت إلهه = اآلنية تشير ألوالد هللا (‪2‬كو‪2 + 7:4‬تي‪ )21 ، 20:2‬لذلك إهتم عز ار بحصر‬
‫عدد اآلنية (عز‪ )11-7:1‬وكان هذا رم اًز لتحرير أوالد هللا من سلطان إبليس وعودتهم للكنيسة (أورشليم) وكان‬
‫المخطط البابلي إعادة تشكيل الشباب العبراني (غسل مخهم) حتى ينسوا وطنهم ولغتهم ودينهم وإلههم وكان ذلك‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫قاضي ‪ .God is my Judge‬وقد أسماه ملك بابل بلطشاسر‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أ‪ .‬تغيير األسماء‪ :‬دانيال‪ :‬تعني الرب‬
‫وهي تعني ليحفظ اإلله بيل حياته‪ ،‬وهكذا أبدل الوثنيون اسم هللا (إيل) بإسم إلههم (بيل أو بال) –‬
‫والحظ أن دانيال هو النطق بالعربية‪ ،‬وباإلنجليزية دانيإيل‪ .‬وهكذا فعلوا مع الفتية الثالثة‪ .‬حنانيا‪:‬‬
‫الرب حنان (الرب هو يهوه ويقال عنه ياه فيصبح اإلسم حنان ياه)‪ .‬ميشائيل‪ :‬من مثل هللا‪ .‬عزريا‪:‬‬
‫الرب عوني‪ .‬بهذا الحظ أن هللا = إيل‪ ،‬والرب = ياه‪ .‬وهكذا مثال إشعيا (اإلسم هو إشعياه) = الرب‬
‫خالصى‪ .‬هؤالء تغيرت أسماءهم إلى شدرخ‪ :‬أخو إله القمر آخ أو أكو‪ .‬ميشخ‪ :‬من مثل اإلله آخ‬
‫أو أكو‪ .‬وعبدناغو‪ :‬عبد اإلله نبو كبير اآللهة‪ .‬فألن أسماءهم األولى تذكرهم بارتباطهم باهلل غيَّروها‬
‫ليرتبطوا بآلهة بابل‪ .‬إذاً لنهتم أن نطلق على أوالدنا أسماء قديسين ليرتبطوا بهم‪.‬‬
‫ب‪ .‬نوعية الطعام ‪ :‬كان اليهود مدققين جداً في طعامهم ولهم أكل محلل وأكل محرم مثل لحم الخنزير‪،‬‬
‫أو ما ذبح لألوثان‪ .‬وكانت لهم طريقة خاصة في الذبح‪ .‬وحتى ينسوا هذا َق َّد َم لهم الملك أفخر مأكوالته‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫سفر دانيال (األصحاح األول)‬

‫وكان للبابليين طريقة خاصة هي أن يلقوا جزءاً من الطعام آللهتهم أثناء طبخ طعامهم على النار‬
‫(كنوع من الشركة مع اآللهة فيتباركوا من اآللهة‪ ،‬هذا كما نقول فى المثل العامى "أكلنا عيش وملح‬
‫مع بعض")‪ .‬لذلك رفض دانيال والفتية هذا النوع من الطعام حتى ال يشتركوا في هذه العبادة الوثنية‪.‬‬
‫ت‪ .‬تغيير اللغة‪ :‬لينسوا لغة أبائهم وتوراتهم‪ ،‬واللغة مقدسة عند العبرانيين فهي لغة موسى ولغة التوراة‪.‬‬
‫وبرع دانيال في علومهم كما تهذب موسى بكل حكمة المصريين‪ .‬ولكن ال نق أر أن هذا الملك أمر‬
‫بتعليمهم ديانات البابليين‪ ،‬أو فنون السحر وإال كانوا قد رفضوها‪ .‬فإذا كانوا قد رفضوا طعام البابليين‬
‫فباألولى يرفضوا قبول ديانتهم‪ .‬ويبدو أن المطلوب كان تعليمهم الحكمة والقانون والفنون والعلوم ليؤهلوا‬
‫للخدمة‪ .‬وسبي أوالد الملوك مثل دانيال ورفاقه هو تحقيق لنبوة إشعياء ضد الملك حزقيا (‪)7:39‬‬
‫ولكن هؤالء الفتية الثالثة مع دانيال وإن تغيرت أسماءهم لم تتغير قلوبهم فكانوا مثل يوسف أمناء هلل‬
‫بالرغم من تغيير أسماءهم (فيوسف غيروا إسمه إلى صفنات فعنيح)‪.‬‬
‫ث‪ .‬نسل الملك = إذاً كانوا من العائلة الملكية فى أورشليم ‪.‬‬

‫طَل َب ِم ْن‬ ‫طاِي ِب اْلملِ ِك ولَ ِب َخم ِر م ْشروب ِ‬ ‫َّس ِبأَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات (‪8" -:)16-8‬أ َّ ِ‬
‫ِه‪َ ،‬ف َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫يآل َف َج َع َل في َقْل ِبه أََّن ُه لَ َي َتَنج ُ‬ ‫َما َدان ُ‬
‫ان‬‫يس اْل ِخ ْصَي ِ‬ ‫ال َرِئ ُ‬
‫‪10‬‬
‫ان‪َ .‬فَق َ‬ ‫يس اْل ِخ ْصَي ِ‬ ‫يآل ِن ْع َم اة َوَر ْح َم اة ِعْن َد َرِئ ِ‬ ‫ِ‬
‫هللا َدان َ‬ ‫طى ُ‬ ‫َع َ‬
‫‪9‬‬
‫َّس‪َ .‬وأ ْ‬ ‫َن لَ َي َتَنج َ‬ ‫ان أ ْ‬ ‫يس اْل ِخ ْصَي ِ‬ ‫َرِئ ِ‬
‫ين ِم ْن‬ ‫َه َزل ِمن اْل ِف ْتي ِ ِ‬ ‫اف َسِي ِدي اْل َملِ َك َّال ِذي َعَّي َن َ‬ ‫يآل‪ِ« :‬إ ِني أ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ان َّالذ َ‬ ‫َ‬ ‫وه ُك ْم أ ْ َ َ‬ ‫ام ُك ْم َو َشَرَاب ُك ْم‪َ .‬فلِ َما َذا َيَرى ُو ُج َ‬‫ط َع َ‬ ‫َخ ُ‬ ‫ل َدان َ‬
‫ِ‬ ‫يس اْل ِخ ْصَي ِ‬ ‫يس ُّ ِ ِ‬ ‫يآل لَِرِئ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السَقاة َّالذي َولَّ ُه َرِئ ُ‬ ‫جيل ُك ْم‪َ ،‬ف ُت َدِيُنو َن َ ْأرسي لْل َملك؟»‪َ .‬فَق َ‬
‫‪11‬‬
‫يآل َو َحَنْنَيا‬‫ان َعَلى َدان َ‬ ‫ال َدان ُ‬
‫ْكل وماء لَِن ْشرب‪13 .‬وْليْنظُروا ِإَلى مَن ِ‬
‫اظ ِرَنا‬ ‫ام‪َ .‬فْليعطُوَنا اْلَق َ ِ ِ‬ ‫«ج ِر ْب َع ِب َ‬
‫‪12‬‬ ‫و ِم َ ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ََ‬ ‫طان َّي لَنأ ُ َ َ َ ا‬ ‫يد َك َع َشَرَة أََّي ٍ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫يل َو َع َزْرَيا‪:‬‬ ‫يشائ َ‬ ‫َ‬
‫يد َك َك َما َتَرى»‪َ .‬ف َس ِم َع َل ُه ْم ه َذا اْل َكالَ َم‬ ‫طاِي ِب اْلملِ ِك‪ .‬ثُ َّم اصَنع ِبع ِب ِ‬ ‫ْكُلو َن ِم ْن أَ َ‬ ‫اظ ِر اْل ِف ْتي ِ ِ‬ ‫أَمامك وِإَلى مَن ِ‬
‫ان َّالذ َ‬
‫‪14‬‬
‫ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ين َيأ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ َ‬
‫ين ِم ْن‬ ‫اظرُهم أَحسن وأَسمن َلحما ِم ْن ُك ِل اْل ِف ْتي ِ ِ‬
‫ان اآلكلِ َ‬
‫ِ‬ ‫ام‪َ .‬و ِعْن َد ِن َه َاي ِة اْل َع َشَرِة األََّيامِ َ‬
‫‪15‬‬
‫َ‬ ‫ظ َهَر ْت َمَن ُ ْ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ ا‬ ‫َو َجَّرَب ُه ْم َع َشَرَة أََّي ٍ‬
‫ط ِان َّي‪".‬‬ ‫طاِيَب ُه ْم َو َخ ْمَر َم ْشُروب ِِه ْم َوُي ْع ِط ِ‬ ‫السَق ِ‬ ‫ِ ‪16‬‬
‫يه ْم َق َ‬ ‫اة َيْرَف ُع أَ َ‬ ‫يس ُّ‬ ‫ان َرِئ ُ‬ ‫طاِي ِب اْل َملِك‪َ .‬ف َك َ‬ ‫أَ َ‬
‫أعطى هللا نعمة لدانيال في عين رئيس الخصيان كما سبق وحدث مع يوسف في بيت فوطيفار وفي السجن وعلينا‬
‫أن نعترف حين نالحظ محبة وإحترام اآلخرين أن هذا من عمل يد هللا ونعمته‪ .‬وما سبب هذه النعمة؟ أن دانيال‬
‫جعل في قلبه = أي كان ينوي نية جادة‪ ،‬والحياة الروحية تبدأ من القلب هو إحتياج يسعى إليه القلب‪ .‬ودانيال‬
‫طلب من رئيس الخصيان = وهو طلب مستحيل فعقاب رفض األوامر الموت‪ .‬لكن ال ننسى عمل السماء‪ ،‬فهو‬
‫كان أميناً مع هللا " فجعل هللا أعداؤه يسالمونه " (أم‪ . )7 : 16‬وأعطاه هللا نعمة في أعين رئيس الخصيان‪ .‬والحظ‬
‫قول دانيال جرب عبيدك = فهو طلب كله إيمان لكن بوداعة‪ .‬ل يتنجس بأطايب الملك = فنحن حين نموت عن‬
‫شهوات الجسد وننظر إليها في عدم مباالة يكون هذا سبب نعمة من هللا وحكمة وتقوى‪ .‬وباإلضافة لما سبق فهناك‬
‫سبباً آخر في أنهم رفضوا طعام الملك‪ ،‬فإنه من غير المناسب أن يفرحوا وهم في السبي وبلدهم في ضيقة‪ .‬والحظ‬
‫أنهم حين اشتركوا في الحزن مع شعب هللا َحَّو َل هللا حزنهم إلى فرح (يو‪ )20:16‬وهذا حال كل من يبكي على‬
‫خطيته فاهلل يعطيه عزاء ويحول دموعه إلى فرح (مز‪ )6 ، 5:126‬وهم طلبوا أن يأكلوا القطاني = أي الحبوب‬
‫التي تطبخ كالعدس والفول والحمص واللوبيا وهذا هو األكل الصيامي عند األقباط وهذا أعطاهم منظ اًر وصحة‬

‫‪21‬‬
‫سفر دانيال (األصحاح األول)‬

‫أحسن وهذا فيه رد ٍ‬


‫كاف لمن يرفض الصيام خوفاً على صحته‪ .‬بل زادت لهم بركة خاصة فصحتهم تحسنت عن‬
‫أترابهم‪ .‬وفي آية (‪ )17‬نجد أن هللا أعطاهم عطية زائدة معرفة وعقالا وحكمة وفهم أحالم‪ .‬ولنالحظ أنهم تربوا في‬
‫يهوذا على الترف ولكن من أجل هللا قبلوا بل طلبوا هذه الحياة الخشنة "أكلة بقول مع المحبة خير من ثور معلوف‬
‫مع البغضة" (أم‪ .)17 : 15‬ولنذكر أنه ليس بالخبز وحده يحيا اإلنسان‪ .‬بل أن اإلستغراق في شهوات وملذات‬
‫العالم سبب كثير من األمراض‪ .‬ونالحظ أنهم صاموا ليرضوا هللا فأعطاهم هللا كل هذا أما لو صمنا ألغراض‬
‫مادية‪ ،‬فقد ال يعطينا هللا ما نطلبه من الماديات ألن هدف صومنا يجب أن يكون فقط شركة حب مع أالم رب‬
‫المجد‪.‬‬

‫ِ‬ ‫هللا َم ْع ِرَف اة َو َعْقالا ِفي ُك ِل ِك َت َاب ٍة‬ ‫َما ُ ِ ِ‬


‫َو ِح ْك َمةٍ‪َ ،‬وَك َ‬
‫‪17‬‬
‫يآل‬
‫ان َدان ُ‬ ‫اه ُم ُ‬ ‫ط ُ‬ ‫َع َ‬
‫ان األَْرَب َع ُة َفأ ْ‬
‫هؤلَء اْلف ْتَي ُ‬ ‫اآليات (‪ " -:)21-17‬أ َّ‬
‫َّ ِ‬ ‫‪ِ ِ ِ 18‬‬
‫يس اْل ِخ ْصَي ِ‬
‫ان‬ ‫ِب ِه ْم َرِئ ُ‬ ‫َن ُي ْد ِخُل ُ‬
‫وه ْم َب ْع َد َها‪ ،‬أ ََتى‬ ‫ال اْل َملِ ُك أ ْ‬
‫َحالَمِ‪َ .‬وعْن َد ن َه َاية األََّيامِ التي َق َ‬ ‫الرَؤى َواأل ْ‬ ‫يما ِب ُك ِل ُّ‬
‫َف ِه ا‬
‫ام‬ ‫اصر‪19 ،‬وَكَّلمهم اْلملِك َفَلم يوج ْد بيَنهم ُكلِ ِهم ِم ْثل َد ِانيآل وحَنْنيا و ِم َ ِ‬ ‫ِ‬
‫َم َ‬
‫يل َو َع َزْرَيا‪َ .‬ف َوَق ُفوا أ َ‬
‫يشائ َ‬ ‫َ ََ َ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ َ ُ ْ ُ َ َْ ُ ْ‬ ‫وخ ْذَن َّ َ‬
‫َمامِ َنُب َ‬
‫إَلى أ َ‬
‫َم ِر ِح ْك َم ِة َف ْه ٍم َّال ِذي َسأََل ُه ْم َعْن ُه اْل َملِ ُك َو َج َد ُه ْم َع َشَرَة أ ْ‬
‫ِ ِ ‪20‬‬
‫الس َحَرِة‬
‫وس َو َّ‬ ‫اف َف ْو َق ُك ِل اْل َم ُج ِ‬ ‫َض َع ٍ‬ ‫ِ‬
‫اْل َملك‪َ .‬وِفي ُكل أ ْ‬
‫ش اْل َملِ ِك‪".‬‬ ‫ور َ‬ ‫ِ‬ ‫َّال ِذين ِفي ُك ِل ممَل َك ِت ِه‪21 .‬وَكان د ِانيآل ِإَلى َّ ِ‬
‫السَنة األُوَلى ل ُك َ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫في مقابل أمانتهم نجد مواهب وعطايا هللا غير المحدودة بل حصل دانيال على روح النبوة‪ .‬وتفوقوا على الكلدانيين‬
‫فى حكمتهم‪ .‬فماذا تكون آلهة الكلدانيين وحكمتهم أمام هللا وعطاياه‪ .‬وهذه شهادة ممن كانوا أمناء هلل‪ .‬وقد قيل‬
‫عي َنهم مشيرين له (إس‪ )14:1‬ودانيال استمر حتى السنة األولى‬
‫عنهم وقفوا أمام الملك = وهذه تعني أن الملك َّ‬
‫لكورش وهذه ال تعني أن دانيال عاش حتى السنة األولى لكورش ألنه يقول كان ولم يقل عاش ومعني هذا أنه‬
‫رأي تحرر شعبه ونهاية السبي وعودتهم إلى أورشليم كمكافأة له فهو طالما إشتاق قلبياً لهذا‪ .‬ويعني القول أيضاً‬
‫أن دانيال استمر في مركزه الهام حتى السنة األولي لكورش‪ .‬إال أنه عاش بعد ذلك بسنوات‪ .‬وقارن جرب عبيدك‬
‫‪ 10‬أيام مع وجدهم ‪ 10‬أضعاف‪ .‬ورقم ‪ 10‬يشير للكمال في طاعة الوصية فكمال طاعتنا للوصية يعطينا كمال‬
‫السلطان على قوى الشر‪ .‬المجوس= كلمة فارسية تعني كهنة وفي ترتيبهم يأتون بعد الحاكم مباشرة في بالد مادي‬
‫وفارس‪ .‬وهؤالء َي َّدعون معرفة المستقبل بقراءة النجوم ورصد حركاتها‪ .‬وهم يعبدون النجوم ويؤمنون بأنها تسيطر‬
‫على اإلنسان‪ ،‬والحظ أن هللا عند والدة المسيح قاد المجوس إلى المسيح الذى كانوا ينتظرونه‪ ،‬وذلك بالطريقة التى‬
‫يفهمونها أى عن طريق نجم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الثاني‬

‫جرت أحداث هذا اإلصحاح سنة ‪ 603‬ق‪.‬م‪ .‬ولقد قيل في اإلصحاح األول عدد (‪ )17‬أن دانيال كان فهيماً‬
‫باألحالم‪ .‬وفي هذا اإلصحاح نرى مثالً بار اًز لذلك‪ ،‬ولقد ظهر هذا مبك اًر‪ .‬وهذا جعله معروفاً في بالط بابل كما‬
‫كان يوسف مشهو اًر في بالط مصر لنفس السبب‪ .‬وبينما كان حلم فرعون وتفسير يوسف له متعلقين بسنوات الشبع‬
‫والجوع فقط‪ ،‬جاء حلم نبوخذ نصر هنا وتفسير دانيال له متعلقاً بممالك العالم ثم مملكة المسيا التي سيؤسسها‪.‬‬
‫ونرى في حلم نبوخذ نصر أن الممالك العظيمة في جبروتها البد أن يكون لها نهاية‪ ،‬هي تبدأ بالذهب وتنتهي‬
‫بالخزف ثم تباد‪ ،‬أما مملكة المسيح فهي حجر يبدأ صغي اًر ثم يكبر إلى ما ال نهاية‪ .‬ممالك العالم لها منظر بهي‬
‫جداً آية (‪ )31‬ولكن نهايتها الفناء‪ .‬أما ملكوت المسيح فيبدأ صغي اًر ثم ينمو ويستمر لألبد‪ .‬ونرى في هذا الحلم أن‬
‫هللا يتحكم في التاريخ ويدير دفته لمجد اسمه وتنفيذ خطة أزلية فهو ضابط الكل وضابط التاريخ‪.‬‬

‫الث ِانَي ِة ِم ْن ُمْل ِك َنُب َ‬


‫السَن ِة َّ‬
‫آية (‪َ " -:)1‬وِفي َّ‬
‫‪1‬‬
‫ط َار َعْن ُه َن ْو ُم ُه‪".‬‬
‫وح ُه َو َ‬
‫َحالَ اما‪َ ،‬فاْن َز َع َج ْت ُر ُ‬
‫وخ ْذَن َّصُر أ ْ‬
‫وخ ْذ َن َّصَر‪َ ،‬حَل َم َنُب َ‬
‫في السنة الثانية من ملك نبوخذ نصر = يبدو أن هناك تعارض بين هذه اآلية وبين (‪ )5:1‬التي أشارت إلى أن‬
‫الملك عَّين لدانيال والثالثة فتية مدة ‪ 3‬سنين للتعليم يقفون بعدها أمامه‪ .‬إال أن هناك أراء متعددة لحل هذا اإلشكال‬
‫البسيط‪:‬‬
‫‪ .1‬كان البابليون يحسبون السنة األولى للملك أنها هي السنة التالية الفلكية لتوليه الحكم وبهذا تكون السنة الثانية‬
‫لنبوخذ نصر هي فعالً بعد ثالث سنوات من تدريبهم ليقفوا أمام الملك‪.‬‬
‫‪ .2‬قد تكون هي السنة الثانية لحكم نبوخذ نصر منفرداً بعد موت أبيه ولكنها الخامسة أو السادسة لملكه باالشتراك‬
‫مع أبيه‪.‬‬
‫‪ .3‬كانت المدة المعينة لتعليم هؤالء الفتيان هي ‪ 3‬سنوات ولكن يبدو أن دانيال كان متقدماً بدرجة واضحة‪ ،‬وذلك‬
‫مبك اًر بدرجة أهلته ألن يقف أمام الملك قبل نهاية هذه السنوات الثالث‪.‬‬
‫أحالما= يبدو أن الحلم كان يتردد عليه عدة مرات بصورة ملحة أو لعدة أيام وهو نفس الحلم‪ .‬وكانت يد هللا واضحة‬
‫فهو حلم لم ينساه الملك بعد أن استيقظ بل كانت يد هللا شديدة عليه‪ .‬حتى طار عنه نومه‪ .‬ولنقارن مع " هللا يعطي‬
‫ألحبائه نوماً"‪ .‬فأحباء هللا قد يكونون في ظلم وإضطهاد أو فقر أو مرض لكنهم في سالم يفوق كل عقل‪ ،‬وهذا‬
‫يحفظ قلوبهم وأفكارهم في المسيح يسوع (في‪ )7:4‬فينامون في سالم‪ .‬بينما أن الملك والسلطان والغنى‪ ..‬الخ فهم‬
‫غير قادرين أن يعطوا هذا السالم وهذا النوم الهادئ كما نرى في هذه الحالة‪.‬‬
‫هناك ثالثة أنواع من األحالم (لمثلث الرحمات قداسة البابا شنودة) ‪-:‬‬
‫‪ ) 1‬أحالم من هللا‪ :‬مثل حلم يوسف النجار وحلم فرعون الذي َّ‬
‫فسره يوسف وأيضاً هذا الحلم الذي لنبوخذ نصر‬
‫هو من هللا‪ .‬ولذلك فهي أحالم موجهة أو منبئة بشئ يحدث في المستقبل‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫‪)2‬أحالم من الشياطين‪ :‬بها يخدعون اإلنسان ويضللونه ليسير في طريق خاطئ‪ ،‬أو ليزعجونه‪.‬‬
‫‪ )3‬أحالم من ترسيبات العقل الباطن وهو ما جمعه الفكر والحواس وترسب وتم تخزينه في العقل الباطن‪ ،‬ويظهر‬
‫ليالً بدون ضابط‪.‬‬

‫َحالَ ِم ِه‪.‬‬ ‫ِ‬


‫الس َحَرُة َواْل َعَّار ُفو َن َواْل َكْل َدانُّيو َن لُِي ْخ ِبُروا اْل َملِ َك ِبأ ْ‬ ‫وس َو َّ‬ ‫َن ُي ْس َت ْد َعى اْل َم ُج ُ‬ ‫َمَر اْل َملِ ُك ِبأ ْ‬
‫‪2‬‬
‫اآليات (‪َ " -:)13-2‬فأ َ‬
‫وحي لِ َم ْع ِرَف ِة اْل ُحْلمِ»‪َ 4 .‬ف َكَّل َم اْل َكْل َد ِانُّيو َن‬ ‫َفأ ََتوا ووَق ُفوا أَمام اْلملِ ِك‪َ 3 .‬فَقال َلهم اْلملِ ُك‪َ « :‬ق ْد حَلم ُت حْلما واْن َزعج ْت ر ِ‬
‫َ ْ ُ ا َ ََ ُ‬ ‫َ ُُ َ‬ ‫ََ َ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬ ‫ش أَُّي َها اْل َملِ ُك ِإَلى األََب ِد‪ .‬أ ْ‬ ‫امَّي ِة‪ِ :‬‬ ‫اْلملِ َك ِباألَر ِ‬
‫ال لِْل َكْل َدانِي َ‬ ‫ِ‬
‫يد َك ِباْل ُحْلمِ َفُنَبِي َن َت ْع ِب َيرُه»‪َ .‬فأ َ‬ ‫َخ ِبْر َع ِب َ‬
‫‪5‬‬
‫ين‪:‬‬ ‫اب اْل َمل ُك َوَق َ‬ ‫َج َ‬ ‫«ع ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِن َبَّيْن ُت ُم اْل ُحْل َم‬ ‫‪6‬‬
‫وت ُك ْم َم ْزَبَلةا‪َ .‬وإ ْ‬‫يرِه‪ُ ،‬ت َصَّيُرو َن ِإْرابا ِإْرابا َوُت ْج َع ُل ُبُي ُ‬ ‫« َق ْد َخَر َج ِم ِني اْلَق ْو ُل‪ِ :‬إ ْن َل ْم ُتْن ِبُئوِني ِباْل ُحْلمِ َوب َِت ْع ِب ِ‬
‫َج ُابوا َث ِانَي اة َوَقاُلوا‪« :‬لُِي ْخ ِب ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يما‪َ .‬فَبِيُنوا لي اْل ُحْل َم َوَت ْعِب َيرُه»‪َ .‬فأ َ‬ ‫َوَت ْع ِب َيرُه‪َ ،‬تَناُلو َن م ْن قَبلِي َه َد َايا َو َحالَ ِو َ‬
‫‪7‬‬
‫اما َعظ ا‬ ‫ين َوِإ ْكَر ا‬
‫َعَل ُم َي ِقيانا أََّن ُك ْم َت ْك َت ِس ُبو َن َوْق اتا‪ِ ،‬إ ْذ َأرَْي ُت ْم أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْل َمِل ُك َع ِب َ‬
‫ال‪ِ« :‬إني أ ْ‬ ‫يد ُه ِباْل ُحْلمِ َفُنَبِي َن َت ْع ِب َيرُه»‪ .‬أ َ‬
‫‪8‬‬
‫َن اْلَق ْو َل‬ ‫اب اْل َمل ُك َوَق َ‬ ‫َج َ‬
‫اس ٍد لِ َت َت َكَّل ُموا ِب ِه‬ ‫احٌد‪ .‬أل ََّن ُكم َق ِد َّات َف ْق ُتم عَلى َكالَ ٍم َك ِذ ٍب وَف ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬
‫اؤُكم و ِ‬
‫َق ْد َخَر َج مني ِبأََّن ُه ِإ ْن َل ْم ُتْن ِبُئوِني ِباْل ُحْلمِ َفَق َض ُ ْ َ‬
‫‪9‬‬ ‫ِِ‬
‫َّام اْل َملِ ِك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُقد ِ‬
‫اب اْل َكْل َدانُّيو َن ُقد َ‬ ‫َعَل َم أََّن ُك ْم ُتَبِيُنو َن لي َت ْع ِب َيرُه»‪ .‬أ َ‬ ‫َخ ِبُروِني ِباْل ُحْلمِ‪َ ،‬فأ ْ‬ ‫َّامي ِإَلى أ ْ‬
‫‪10‬‬
‫َج َ‬ ‫َن َي َت َح َّو َل اْل َوْق ُت‪َ .‬فأ ْ‬
‫َماار ِم ْث َل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َل أ ْ‬ ‫ان َسأ َ‬ ‫طٍ‬ ‫يم ُذو ُسْل َ‬ ‫س َمل ٌك َعظ ٌ‬ ‫َمَر اْل َملك‪ .‬لذل َك َل ْي َ‬ ‫َن ُيَبِي َن أ ْ‬ ‫يع أ ْ‬ ‫ان َي ْس َتط ُ‬ ‫ض ِإْن َس ٌ‬ ‫س َعَلى األَْر ِ‬ ‫َوَقاُلوا‪َ« :‬ل ْي َ‬
‫َّام اْل َملِ ِك َغ ْيَر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه َذا ِم ْن َم ُج ِ‬
‫س َ ِ‬ ‫وس ٍي أ َْو َساح ٍر أ َْو َكْل َدان ٍي‪َ .‬واأل َْمُر َّالذي َي ْطُلُبهُ اْل َمل ُك َعسٌر‪َ ،‬وَل ْي َ‬
‫‪11‬‬
‫آخُر ُيَبيُنهُ ُقد َ‬
‫ظ ِجًّدا وأَمر ِبِإب َاد ِة ُك ِل ح َكم ِ‬ ‫ذل َك َغ ِض َب اْل َمِل ُك َوا ْغ َتا َ‬ ‫َج ِل ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫اء َبا ِب َل‪.‬‬ ‫اه ْم َم َع اْلَب َش ِر»‪ .‬أل ْ‬ ‫اآلل َهة َّالذ َ‬
‫‪12‬‬
‫ُ َ‬ ‫َ ََ َ‬ ‫ين َل ْي َس ْت ُس ْكَن ُ‬
‫ِ‬
‫َص َح َاب ُه لَِي ْقُتُل ُ‬ ‫اء ُي ْقَتُلو َن‪َ .‬ف َ‬
‫‪13‬‬
‫وه ْم‪" .‬‬ ‫يآل َوأ ْ‬‫طَلُبوا َدان َ‬ ‫ان اْل ُح َك َم ُ‬‫َف َخَر َج األ َْمُر‪َ ،‬وَك َ‬
‫ذهب المجوس والسحرة والعرافون والكلدانيون (أي فئة الكهنة) وهؤالء َي َّدعون معرفة المستقبل‪ .‬وكانت األحالم في‬
‫بابل الوثنية تفسر كالنبوات ولها قواعد للتفسير‪ .‬أما كل هؤالء فكانوا خداماً للشيطان في شخص هذه اآللهة الوثنية‬
‫(بيل ومرودخ)‪ .‬وإبتداء من آية (‪ )4‬حين قال النبي "فكلم الكلدانيون الملك باآلرامية بدأ دانيال يكتب باألرامية‬
‫حتى نهاية اإلصحاح السابع ‪ .‬وكان المتبع أن يخبر الشخص بحلمه هؤالء السحرة وهم يخبرونه بالتفسير ‪ ،‬ولكن‬
‫الملك إتبع هنا أسلوباً جديداً وطلب منهم أن يقولوا له الحلم أوالً ثم التفسير‪ ،‬وذلك ألنه خاف أن يطمئنوه ويخدعونه‬
‫بكال ٍم ملق‪ ،‬فبدأ بتهديدهم بقسوة عنيفة ثم بدأ يستلطفهم ويعطيهم وعود بأنهم لو فعلوا سيعطيهم هدايا وحالوين =‬
‫أي هدايا ومكافآت ‪ .‬وقوله في آية (‪ )9‬إلى أن يتحول الوقت يعني إما أن ينسى الملك الحلم‪ ،‬ومن ثم يقتنع بأي‬
‫كالم يقوله السحرة ‪ ،‬أو ينسى الملك وعيده لهم ويشفق عليهم فال يقتلهم‪ .‬وكان قصد هللا من كل هذا أن يكشف‬
‫آخُر‬
‫س َ‬ ‫لملك بابل كذب وبطل هذه اآللهة وأن إله دانيال هو اإلله الحقيقي‪ .‬والحظ قول السحرة والمجوس َوَل ْي َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اه ْم َم َع اْلَب َش ِر = فهم بهذا يعترفون أنه حين يكشف دانيال الحلم‬ ‫َّام اْل َملِك َغ ْيَر اآللِ َهة َّالذ َ‬
‫ين َل ْي َس ْت ُس ْكَن ُ‬ ‫ِ‬
‫ُيَبيُن ُه ُقد َ‬
‫لنبوخذنصر الملك‪،‬‬
‫َّ‬ ‫وتعبيره فإن هذا من قَبل إله دانيال الذى هو اإلله الحقيقى‪ .‬هللا بهذا يريد أن ي َعرف نفسه‬
‫فيجتذبه لإليمان به فيخلص‪ .‬نالحظ عبر اإلصحاحات (‪ )4 – 1‬كيف يجتذب هللا نبوخذ نصر لإليمان به ‪،‬‬
‫وكيف يؤدبه ويقنعه حتى يؤمن ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫اء‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫وخ َرِئ ِ‬ ‫يآل ِب ِح ْك َم ٍة َو َعْقل ألَْرُي َ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ 14‬‬
‫يس ُشَرط اْل َملك الذي َخَر َج لَي ْقُت َل ُح َك َم َ‬ ‫اب َدان ُ‬ ‫َج َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)23-14‬حيَنئ ٍذ أ َ‬
‫يآل ِباأل َْم ِر‪.‬‬ ‫َخبر أَريو ُ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اش َتَّد األ َْمُر م ْن قَب ِل اْل َملك؟» حيَنئ ٍذ أ ْ َ َ ْ ُ‬ ‫وخ َق ِائ ِد اْل َملِ ِك‪« :‬لِ َما َذا ْ‬ ‫َبا ِب َل‪ ،‬أ َ‬
‫‪15‬‬
‫خ َدان َ‬ ‫ال ألَْرُي َ‬‫اب َوَق َ‬ ‫َج َ‬
‫يآل ِإَلى َب ْيِت ِه‪َ ،‬وأَ ْعَل َم‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ 17‬‬
‫الت ْع ِب َير‪ .‬حيَنئ ٍذ َم َضى َدان ُ‬ ‫َن ُي ْع ِطَيهُ َوْق اتا َفُيَبِي ُن لِْل َملِ ِك َّ‬ ‫طَل َب ِم َن اْل َملِ ِك أ ْ‬ ‫يآل َو َ‬ ‫ِ‬
‫َف َد َخ َل َدان ُ‬
‫‪16‬‬

‫الس ِر‪ ،‬لِ َك ْي لَ‬ ‫ات ِم ْن ِجه ِة ه َذا ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫‪ِ 18‬‬ ‫حَنْنيا و ِم َ ِ‬
‫َ‬ ‫َص َح َاب ُه ِباأل َْم ِر‪ ،‬لَي ْطُلُبوا اْل َمَراح َم م ْن قَب ِل ِإله َّ َ َ‬ ‫يل َو َع َزْرَيا أ ْ‬ ‫يشائ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫اء َبا ِب َل‪.‬‬‫يهلِ َك َد ِانيآل وأَصحاب ُه مع س ِائ ِر ح َكم ِ‬
‫ُ َ‬ ‫ُ َ ْ َ ُ ََ َ‬ ‫َْ‬
‫ات‪20 .‬أَجاب َد ِانيآل وَقال‪« :‬لِي ُك ِن اسم ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫‪ِ 19‬حيَن ِئ ٍذ لِ َد ِانيآل ُك ِش َ ِ ِ‬
‫هللا‬ ‫ُْ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫له َّ َ َ‬ ‫يآل ِإ َ‬
‫ف السُّر في ُرْؤَيا اللْيل‪َ .‬فَب َار َك َدان ُ‬ ‫َ‬
‫وكا َوُيَن ِص ُب‬ ‫ِ‬
‫ُمَب َاراكا ِم َن األ ََز ِل َوِإَلى األََبد‪ ،‬أل َّ‬
‫ات َواأل َْزِمَنةَ‪َ .‬ي ْع ِز ُل ُمُل ا‬‫وت‪َ .‬و ُه َو ُي َغِيُر األ َْوَق َ‬ ‫َن َل ُه اْل ِح ْك َم َة َواْل َجَبُر َ‬
‫‪21‬‬

‫الظْل َم ِة‪،‬‬
‫ف اْلعم ِائ َق واألَسَرَار‪َ .‬ي ْعَلم ما ُهو ِفي ُّ‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِ‬ ‫‪22‬‬
‫ين َف ْه اما‪ُ .‬ه َو َي ْكش ُ َ َ‬ ‫اء ِح ْك َمةا‪َ ،‬وُي َعلِ ُم اْل َع ِارِف َ‬
‫ِ‬
‫وكا‪ُ .‬ي ْعطي اْل ُح َك َم َ‬ ‫ُمُل ا‬
‫ط ِاني اْل ِح ْكم َة واْلُق َّوَة وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫النور‪ِ23 .‬إَّياك يا ِإله ِ‬
‫اه‬
‫طَل ْبَن ُ‬ ‫اآلن َما َ‬ ‫َعَل َمني َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُس ِب ُح َّالذي أ ْ‬
‫َع َ‬ ‫َح َم ُد‪َ ،‬وأ َ‬ ‫آبائي أ ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َو ِعْن َد ُه َي ْس ُك ُن ُّ ُ‬
‫َمَر اْل َملِ ِك»‪" .‬‬ ‫ِ‬
‫مْن َك‪ ،‬أل ََّن َك أ ْ‬
‫َعَل ْم َتَنا أ ْ‬
‫واضح أن دانيال لم يطلب ليحضر مع المنجمين والسحرة أوالً‪ .‬وهذا بتدبير من هللا فإرتباك السحرة جعل حكمة‬
‫دانيال ظاهرة جداً‪ ،‬بل هم شهدوا أن مطلب الملك ال يقدر عليه سوى اآللهة‪ ،‬وتمجد هللا في كل هذا‪ .‬ونالحظ أن‬
‫دانيال يتكلم بحكمة مع آريوخ فاهلل يعطي ألوالده حكمة‪ .‬وأيضاً نالحظ إعتماد دانيال المطلق على هللا في حل كل‬
‫مشاكله وأنه كان رجل صالة‪ .‬وصالته جعلت له تأثي اًر على قلب أريوخ‪ .‬والحظ كلمات دانيال الرقيقة لماذا اشتد‬
‫األمر بالملك = أي لماذا هو في ضيقة شديدة حتى يأمر بهذا‪ .‬فحتى وهو مقبل على اإلعدام بأمر ظالم من الملك‬
‫لم يهاجم الملك أو ينسب له ظلماً (ال يمكن اكتساب رقة الطبع والمحبة والحكمة إال باالتصال المستمر باهلل)‬
‫وطلب دانيال من الفتية الثالث أن يشاركوه الصالة نرى فيه صورة للصالة الجماعية‪ .‬فهناك صالة فردية وهناك‬
‫ِ‬
‫أيضاً صالة جماعية وطلب دانيال مراحم الرب‪ .‬ثم بعد أن كشف هللا له السر بدأ يسبح ويشكر هللا = لَي ُك ِن ْ‬
‫اس ُم‬
‫ُس ِب ُح‪ .‬وهذه العناصر هي عناصر أساسية للصالة (طلب الرحمة والشكر)‬ ‫ِ‬
‫هللا مباراكا ‪ِ ..‬إَّياك يا ِإله ِ‬
‫َح َم ُد‪َ ،‬وأ َ‬
‫آبائي أ ْ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َُ َ‬
‫لذلك فكنيستنا بإرشاد الروح القدس تضع في بدء صلوات األجبية صالة الشكر والمزمور الخمسون (إرحمني يا‬
‫هللا‪ )..‬ودانيال لم يذهب ليتشاور مع أحد وال ذهب ليدرس كتب تفسير األحالم بل ذهب ليصلي؟ وهو يطلب من‬
‫هللا شيئاً صعباً حقيقة ولكن هل يستحيل على الرب شئ‪ .‬وفي آية (‪ )19‬رؤيا الليل= هذا يعني غالباً أن هللا جعل‬
‫دانيال يحلم نفس الحلم ثم أرسل له هللا مالكاً يفسره له "إقرعوا يفتح لكم" ‪" +‬صالة البار تقتدر كثي اًر في فعلها"‬
‫قدم الشكر هلل حتى قبل أن يذهب للملك ويرى النتيجة‪ ،‬فعمل هللا دائماً كامل‪.‬‬‫(يع‪ . )16 : 5‬ودانيال َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات (‪َ 24 " -:)30-24‬ف ِمن أَج ِل ذلِك َد َخل َد ِانيآل ِإَلى أَري َ َّ ِ‬
‫وخ الذي َعَّيَن ُه اْل َمل ُك ِإلَب َادة ُح َك َماء َبا ِب َل‪َ ،‬م َضى َوَق َ‬
‫ال‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ‬
‫يآل ِإَلى‬ ‫التع ِبير»‪ِ .‬حيَن ِئ ٍذ َد َخل أَريو ُ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬
‫خ ِب َدان َ‬ ‫اء َبا ِب َل‪ .‬أ َْدخْلني ِإَلى ُقدَّامِ اْل َملك َفأَُبِي َن لْل َملك َّ ْ َ‬ ‫هك َذا‪« :‬لَ ُت ِب ْد ُح َك َم َ‬
‫‪25‬‬
‫َ ُْ‬ ‫َلهُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف اْل َمِل َك ِب َّ‬
‫الت ْع ِب ِ‬ ‫هك َذا‪َ « :‬ق ْد َو َج ْد ُت َر ُجالا ِم ْن َبني َسْب ِي َي ُهوَذا َّالذي ُي َع ِر ُ‬ ‫ِِ‬
‫ُقدَّامِ اْل َملك ُم ْس ِر اعا َوَق َ‬
‫‪26‬‬
‫اب‬
‫َج َ‬‫ير»‪ .‬أ َ‬ ‫ال َل ُه َ‬
‫يرِه؟»‬‫َن ُت َع ِرَف ِني ِباْل ُحْلمِ َّال ِذي َأرَْي ُت‪َ ،‬وب َِت ْع ِب ِ‬
‫يع أَْن َت َعَلى أ ْ‬
‫ِ‬
‫«ه ْل َت ْس َتط ُ‬ ‫اصُر‪َ :‬‬ ‫ط َش َّ‬
‫اس ُم ُه َبْل َ‬ ‫َّ ِ‬
‫يآل‪ ،‬الذي ْ‬
‫اْلملِك وَق ِ ِ‬
‫ال ل َدان َ‬ ‫َ ُ َ َ‬
‫وس َولَ اْل ُمَن ِج ُمو َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫«السُّر َّال ِذي َ‬
‫‪27‬أَجاب َد ِانيآل ُقدَّام اْلملِ ِك وَقال‪ِ :‬‬
‫الس َحَرُة َولَ اْل َم ُج ُ‬ ‫اء َولَ َّ‬ ‫طَلَب ُه اْل َمل ُك لَ َت ْقدُر اْل ُح َك َم ُ‬ ‫ُ َ َ َ َ‬ ‫َ َ‬

‫‪25‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫وخ ْذَن َّصَر َما َي ُكو ُن ِفي‬ ‫ف اْل َملِ َك َنُب َ‬ ‫ات َك ِ‬ ‫السماو ِ‬ ‫لك ْن يوج ُد ِإ ٌ ِ‬ ‫َن يبِيُنوه لِْلملِ ِك‪ِ 28 .‬‬
‫َسَر ِار‪َ ،‬وَق ْد َعَّر َ‬
‫ف األ ْ‬ ‫اش ُ‬ ‫له في َّ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َعَلى أ ْ ُ َ ُ َ‬
‫اش َك َص ِع َد ْت ِإَلى َما‬ ‫اش َك ُهو ه َذا‪29 :‬أَْن َت يا أَُّيها اْلملِ ُك أَ ْف َكار َك عَلى ِفر ِ‬
‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َخيرِة‪ .‬حْلم َك ورْؤيا ْأر ِس َك عَلى ِفر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫األََّيامِ األ َ ُ ُ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫السُّر لِ ِح ْك َم ٍة ِف َّي أَ ْك َثَر ِم ْن ُك ِل‬
‫َما أََنا َفَلم ي ْك َش ْف لِي ه َذا ِ‬ ‫َسَر ِار ُي َع ِرُف َك ِب َما َي ُكو ُن‪ .‬أ َّ‬
‫‪30‬‬ ‫ي ُكو ُن ِم ْن بع ِد ه َذا‪ ،‬وَك ِ‬
‫ْ ُ‬ ‫ف األ ْ‬ ‫اش ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ير‪َ ،‬ولِ َكي َت ْعَل َم أَ ْف َك َار َقْل ِب َك‪".‬‬ ‫ف اْل َملِ ُك ِب َّ‬
‫الت ْع ِب ِ‬ ‫اء‪ ،‬و ِ‬
‫لك ْن لِ َك ْي ُي َعَّر َ‬ ‫األ ِ‬
‫ْ‬ ‫َحَي َ‬
‫ْ‬
‫لم يطلب دانيال هالك المنجمين والسحرة بالرغم من أنهم يستحقوا ذلك حسب الشريعة وذلك [‪ ]1‬هم ال يعرفون هللا‬
‫وال شريعة هللا‪ ،‬وهللا حين يطلب عقاب السحرة والمشتغلين بالسحر والتنجيم فهو يطلب عقاب السحرة من شعبه‪،‬‬
‫فهم شعب هللا القدوس (خر‪ + 18 :22‬تث‪ .)14-9 :18‬أما هؤالء الكلدانيين فهم ال يعرفون هللا وال شرائعه‪]2[ .‬‬
‫يعطيهم فرصة أن يكتشفوا جهلهم فيخجلوا من أوثانهم [‪ ]3‬يكتشفوا قوة إله دانيال‪ .‬وفي (‪ )26‬هل تستطيع أنت=‬
‫فيه إستغراب أن دانيال صغير السن لكن له معرفة أكثر من كل حكماء بابل‪ .‬وفي (‪ )28‬يوجد إله في السموات‬
‫= هنا دانيال ينسب كل شئ هلل‪ .‬ولنالحظ أنه حينما نعطي المجد هلل يمجدنا هللا وسط الناس وحينما ننسب المجد‬
‫والنجاح ألنفسنا يختفي عنا‪ .‬وهللا الذي يكشف لدانيال السر هو "الذي يعلنها لألطفال الصغار ويخفيها عن‬
‫الحكماء" ورؤيا رأسك على فراشك = فهي تعني أن نبوخذ نصر الملك العظيم الذي جعل من بابل إمبراطورية‬
‫عظيمة كان قبل أن ينام يحلم ويفكر في المستقبل‪ ..‬ماذا بعد كل ما عمله حتى اآلن‪ .‬وأجابه هللا بأن أعلن له‬
‫المستقبل ‪ ،‬ليعطي لهذا الملك الوثني أن يتعرف على هللا اإلله الحقيقي ويكون هناك خير لعبيد هللا األمناء مثل‬
‫دانيال والثالثة فتية‪.‬‬
‫واأليام األخيرة = هذه تشير لمملكة المسيح بعد مجيئه وصليبه وصعوده (عب‪ .)1:1‬بل تشير إلى نهاية األيام‬
‫أيضا‪ ،‬حين تزول كل ممالك العالم وتبقى مملكة هللا وحدها‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يم اْلَب ِه ُّي ِجدًّا َوَق َ‬ ‫اآليات (‪« " -:)45-31‬أَْن َت أَُّي َها اْل َملِ ُك ُكْن َت َتْنظُُر َوِإ َذا ِب ِت ْم َثال َعظ ٍ‬
‫‪31‬‬
‫ف‬ ‫ال اْل َعظ ُ‬ ‫يم‪ .‬ه َذا الت ْم َث ُ‬
‫اه ِم ْن ُن َح ٍ‬ ‫ال ِم ْن َذ َه ٍب جِيدٍ‪ .‬ص ْدره وِذراع ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫التم َث ِ‬ ‫ِ‬
‫اه م ْن ف َّضةٍ‪َ .‬ب ْطُن ُه َوَف ْخ َذ ُ‬ ‫ظُرُه َهائ ٌل‪ْ َ .‬أر ُ‬
‫‪32‬‬
‫اس‪.‬‬ ‫َ ُُ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫س ه َذا ْ‬ ‫ُقَباَل َت َك‪َ ،‬و َمْن َ‬
‫َن ُق ِط َع َح َجٌر ِب َغْي ِر َي َد ْي ِن‪،‬‬ ‫ف‪ُ .‬كْن َت َتْنظُُر ِإَلى أ ْ‬
‫‪34‬‬
‫ض ِم ْن َخ َز ٍ‬ ‫ض ُه َما ِم ْن َح ِدي ٍد َواْلَب ْع ُ‬ ‫اه َب ْع ُ‬ ‫ِ‬
‫اه م ْن َحديدٍ‪َ .‬ق َد َم ُ‬
‫‪33‬سا َق ِ‬
‫َ ُ‬
‫ِ‬
‫اس َواْل ِف َّض ُة‬ ‫ف َو ُّ‬ ‫ف َف َس َحَق ُه َما‪َ .‬فاْن َس َح َق ِحيَنِئ ٍذ اْل َح ِد ُ‬ ‫الل َت ْي ِن ِم ْن َح ِدي ٍد َو َخ َز ٍ‬ ‫التم َثال َعَلى َق َدم ْيه َّ‬ ‫ِ‬
‫‪35‬‬
‫الن َح ُ‬ ‫يد َواْل َخ َز ُ‬ ‫َ‬ ‫َف َضَر َب ْ َ‬
‫َما اْل َح َجُر َّال ِذي َضَر َب‬ ‫ف‪َ ،‬ف َح َمَل ْت َها ِ‬ ‫الصي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َّ‬
‫ان‪ .‬أ َّ‬ ‫وج ْد َل َها َم َك ٌ‬ ‫يح َفَل ْم ُي َ‬ ‫الر ُ‬ ‫الذ َه ُب َم اعا‪َ ،‬و َص َار ْت َك ُع َصا َفة اْلَب ْي َد ِر في َّ ْ‬ ‫َ‬
‫َّام اْل َملِ ِك‪.‬‬ ‫ض ُكَّل َها‪36 .‬ه َذا ُه َو اْل ُحْلم‪َ .‬فُن ْخ ِبُر ِب َت ْع ِب ِِ‬ ‫ال َف َص َار َجَبالا َكِب اا‬ ‫ِ‬
‫يره ُقد َ‬ ‫ُ‬ ‫ير َو َمألَ األ َْر َ‬ ‫الت ْم َث َ‬
‫طاانا َوَف ْخارا‪َ 38 .‬و َح ْي ُث َما َي ْس ُك ُن َبُنو‬ ‫ار َو ُسْل َ‬ ‫اك َم ْمَل َك اة َوا ْقِت َد اا‬ ‫ط َ‬ ‫َع َ‬ ‫ِ‬
‫الس َم َاوات أ ْ‬ ‫له َّ‬ ‫َن ِإ َ‬ ‫وك‪ ،‬أل َّ‬ ‫‪«37‬أَْن َت أَُّي َها اْل َمِل ُك َمِل ُك ُمُل ٍ‬
‫س ِم ْن َذ َه ٍب‪َ 39 .‬وَب ْع َد َك‬ ‫ط َك عَليها ج ِم ِ‬ ‫ِِ‬ ‫طيور َّ ِ‬
‫يع َها‪َ .‬فأَْن َت ه َذا َّ ْأ‬
‫الر ُ‬ ‫الس َماء َد َف َع َها لَيد َك َو َسَّل َ َ ْ َ َ‬ ‫وش اْلَب ِر َو ُُ ُ‬ ‫اْلَب َش ِر َو ُو ُح ُ‬
‫ض‪َ 40 .‬وَت ُكو ُن َم ْمَل َك ٌة َار ِب َع ٌة‬ ‫اس َف َت َت َسَّلطُ َعَلى ُك ِل األَْر ِ‬ ‫ُخَرى ِم ْن ُن َح ٍ‬ ‫َص َغُر ِمْن َك َو َم ْمَل َك ٌة َثالِ َث ٌة أ ْ‬ ‫ُخَرى أ ْ‬ ‫وم َم ْمَل َك ٌة أ ْ‬
‫َتُق ُ‬
‫ِ ‪41‬‬
‫ق َوُت َك ِسُر ُك َّل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َن اْل َح ِد َ‬ ‫صْلب ٌة َكاْلح ِد ِ‬
‫ِما َأرَْي َت‬ ‫هؤلَء‪َ .‬وب َ‬ ‫ق ُك َّل َش ْي ٍء‪َ .‬وَكاْل َحديد َّالذي ُي َكسُر َت ْس َح ُ‬ ‫ق َوَي ْس َح ُ‬ ‫يد َي ُد ُّ‬ ‫يد‪ ،‬أل َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫يد ِم ْن‬ ‫ض ِمن ح ِديدٍ‪َ ،‬فاْلممَل َك ُة َت ُكو ُن مْنَق ِسمةا‪ ،‬وي ُكو ُن ِفيها ُق َّوةُ اْلح ِد ِ‬ ‫ض َها ِم ْن َخ َز ٍ‬ ‫َصا ِب َع َب ْع ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ََ‬ ‫َْ‬ ‫ف َواْلَب ْع ُ ْ َ‬ ‫اْلَق َد َم ْي ِن َواأل َ‬
‫ض ِم ْن َخ َز ٍ‬ ‫ض َها ِم ْن َح ِدي ٍد َواْلَب ْع ُ‬ ‫َصا ِب ُع اْلَق َد َم ْي ِن َب ْع ُ‬ ‫الط ِ‬‫ف ِ‬ ‫طا ِب َخ َز ِ‬ ‫يد ُم ْخَتلِ ا‬ ‫َح ْي ُث ِإَّن َك َأرَْي َت اْل َح ِد َ‬
‫‪42‬‬
‫ض‬ ‫ف‪َ ،‬فَب ْع ُ‬ ‫ين‪َ .‬وأ َ‬

‫‪26‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫الن ِ‬
‫اس‪،‬‬ ‫ين‪َ ،‬فِإَّن ُه ْم َي ْخَتلِطُو َن ِبَن ْس ِل َّ‬ ‫ف ِ‬
‫الط ِ‬ ‫طا ِب َخ َز ِ‬
‫يد ُم ْخَتلِ ا‬ ‫ِما َأرَْي َت اْل َح ِد َ‬
‫‪43‬‬ ‫اْلممَل َك ِة ي ُكو ُن َق ِوًّيا واْلبع ُ ِ‬
‫ض َقص اما‪َ .‬وب َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َْ َ‬
‫السماو ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ف‪ .‬وِفي أََّيامِ ُ ِ‬ ‫يد لَ ي ْخَتلِطُ ِباْل َخ َز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يم ِإ ُ‬ ‫ق ه َذا ِب َذ َ‬
‫‪44‬‬
‫ات‬ ‫له َّ َ َ‬ ‫هؤلَء اْل ُمُلوك‪ُ ،‬يق ُ‬ ‫َ‬ ‫َن اْل َحد َ َ‬ ‫اك‪َ ،‬ك َما أ َّ‬ ‫َولك ْن لَ َي َتالَ َص ُ‬
‫هذ ِه اْل َم َمالِ ِك‪َ ،‬و ِهي َت ْثُب ُت ِإَلى األََب ِد‪.‬‬
‫آخر‪ ،‬وَتسحق وُت ْفِني ُك َّل ِ‬ ‫ِ‬
‫ض أََب ادا‪َ ،‬و َمل ُك َها لَ ُي ْتَر ُك ل َش ْع ٍب َ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫َم ْمَل َك اة َل ْن َتْنَق ِر َ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫النحاس واْل َخ َز َ ِ‬ ‫أل ََّن َك َأرَْي َت أََّن ُه َق ْد ُق ِط َع َح َجٌر ِم ْن َجَبل لَ ِبَي َدْي ِن‪َ ،‬ف َس َح َق اْل َح ِد َ‬
‫ف َواْلف َّض َة َوالذ َه َب‪ .‬اَ ُ‬ ‫يد َو ُّ َ َ َ‬
‫‪45‬‬
‫يم‬
‫لل اْل َعظ ُ‬
‫ين»‪".‬‬ ‫ف اْل َملِ َك َما َسَيأ ِْتي َب ْعَد ه َذا‪ .‬اَْل ُحْل ُم َح ٌّ‬
‫ق َوَت ْع ِب ُيرُه َي ِق ٌ‬ ‫َق ْد َعَّر َ‬
‫كان نبوخذ نصر مفتوناً بالتماثيل‪ ،‬مأل قصره منها وعبد تماثيل كثيرة‪ .‬فاهلل يخاطب هذا الملك باللغة التي يفهمها‪.‬‬
‫والملك رأى التمثال هنا عظيم وبهي جدا = وهو يشير لممالك العالم‪ .‬وهللا هنا يهتم بالممالك التي لها عالقة بشعبه‬
‫وتؤثر فيه من خالل سلطانها الزمني‪ .‬وهذه الممالك في نظر الناس عظيمة وبهية جداً‪ .‬فالبشر يحكمون حسب‬
‫المظاهر‪ ،‬فهذه الممالك تحكم وتتسلط وهي غنية جداً وقوية جدا‪ .‬ولكن في نظر هللا‪ ،‬وفي نظر أوالد هللا فهذه‬
‫الممالك كما رآها دانيال في إصحاح (‪ )7‬ما هي إال وحوش‪ ،‬هي قوى أرضية جسدانية وقوى طغيان‪ ،‬فيها من‬
‫طبع الوحوش أكثر من طبع اإلنسان‪.‬‬
‫ونالحظ أن هذه القوى تمثلت بشكل تمثال واحد وليس بعدة تماثيل فكلها قوة واحدة ضد هللا وكنيسته‪ .‬وحين يتحرك‬
‫الملوك ضد الكنيسة ويضطهدون شعب هللا فالشيطان هو الذي يحركهم‪ .‬والشيطان قد أسماه دانيال أو المالك الذي‬
‫يكلمه "رئيس فارس" ثم "رئيس اليونان" (دا ‪ )20:10‬والمعنى أن هذا الشيطان هو الذي يحرك ويهيج هؤالء الملوك‬
‫ضد شعب هللا‪ .‬والمسيح أطلق على الشيطان "رئيس هذا العالم" (يو‪ )30:14‬إذاً هو الشيطان وقد سكن في أربع‬
‫أمم مختلفة عبر التاريخ‪ .‬والحظ أن رقم أربعة يشير للعمومية‪ ،‬أي لكل العالم‪ .‬هللا إستخدم فى حلم التمثال ‪ 4‬أمم‬
‫ليشير بذلك إلى كل أمم العالم التى تقاوم كنيسته‪ ،‬عبر كل زمان ومكان‪ ،‬فالعالم يبغض المسيح ومن يؤمن به‬
‫(يو‪ .)18 :15‬الشيطان هو رئيس سلطان الهواء (أف‪ )2 :2‬الذى يهيج الريح فيهيج البحر (العالم) = فكما يهيج‬
‫الريح البحر يهيج الشيطان الملوك ضد كنيسة هللا وشعب هللا‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫‪ .1‬رأس الذهب‪ :‬هو نبوخذ نصر ملك بابل وأسماه دانيال ملك ملوك أي أعظم ملك‪،‬‬
‫كما يقال عبد العبيد أي أحقر عبد‪ .‬ولقب ملك الملوك استعمله ملوك بابل‬

‫وملوك فارس (عز‪ + 12:7‬حز‪ )7:26‬وبابل رأس فهي مشهورة بالحكمة والقوة‪.‬‬
‫وهي ذهب ألنها غنية‪ .‬مملوءة ذهباً‪ .‬وهي قديمة جداً فبابل بدأت بنمرود‪ ،‬أي استمرت ما يقرب من‬
‫‪1600‬سنة وفي وقت دانيال كانت كما لم تكن من قبل‪ ،‬وكان نبوخذ نصر في ذلك الحين أقوى ملك عرفه‬
‫التاريخ حتى هذا الوقت وهو ي َمَّث ْل هنا بالذهب فسلطانه مطلق‪ ،‬وهذا لم يكن ألي ملك في أي مملكة بعده‪.‬‬
‫‪ .2‬الصدر والذراعان الفضة‪ :‬واضح التسلسل الزمني‪ ،‬فمادي وفارس أعقبت بابل زمنياً‪.‬‬
‫فمعني مجيء الصدر والذراعان تحت الرأس‪ ،‬أن مملكة مادي وفارس ستعقب بابل‪.‬‬
‫وفي آية (‪ )39‬كلمة أصغر منك = تعني منخفض عنك‪ ،‬فهو يأتي تحته في التمثال‪ .‬وهذا هو األصح فإن‬
‫مملكة فارس لم تكن أصغر من بابل ولكنها تليها زمنياً في التاريخ‪ .‬وهي في موقعها على التمثال تليها مكانياً‬
‫أى تحتها‪ .‬فالصدر يجئ تحت الرأس‪ .‬وألن الدولة كانت تتكون من مادي وفارس فقد تم تمثيلها بذراعين‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫بل أن كورش نفسه كان أبوه من فارس‪ ،‬وأمه من مادي وكذلك خاله داريوس الذي حكم بابل بعد سقوطها في‬
‫أيديهم‪ .‬ونالحظ أن دانيال هنا لم يعط وصفاً لمملكة فارس بينما أعطى وصفاً لليونان بأنها تتسلط على كل‬
‫األرض وقال عن الرومان مملكة رابعة صلبة‪ ،‬وذلك غالباً ألن نبوخذ نصر سيكون شديد الحساسية لمن سيأتي‬
‫بعده ويحطم مملكته‪ .‬وبحكمة أيضاً استخدم دانيال كلمة أصغر منك التي تحتمل معنيان "أصغر منك" وتعنى‬
‫أيضا "تأتي تحتك" (هذه كما نقول بالعامية أوطى منك) فالصدر تحت الرأس وأوطى منه‪ .‬ولكن أوطى قد‬
‫تعنى أحقر‪ ،‬وبذلك ال يسئ لمشاعر الملك الحالي‪.‬‬
‫‪ .3‬البطن والفخذان النحاس‪ :‬هي دولة اليونان التي أسسها اإلسكندر األكبر حين هزم ملك الفرس داريوس‬
‫كودومانوس آخر أباطرة الفرس‪ .‬وهذا فتح كل العالم المعروف تقريباً‪ .‬وبكى حين لم يجد ما يغزوه بعد ذلك‪.‬‬
‫واليونان اهتموا بنشر اللغة اليونانية في العالم كله‪ ،‬مما مهد للكتاب المقدس أن ينتشر سريعاً إذ كت َب العهد‬
‫الجديد باليونانية وكانت قد تمت ترجمة العهد القديم إلى اليونانية قبل هذا فيما يعرف بالترجمة السبعينية(وكان‬
‫ذلك في القرن الثالث ق‪.‬م‪. ).‬‬
‫‪ .4‬الساقان الحديد‪ :‬هي الدولة الرومانية التي جاء المسيح في أيامها ليؤسس مملكته‪ .‬وكانت الدولة الرومانية‬
‫دولة قوية كالحديد سادت لعصور طويلة بعد أن حطمت الدولة اليونانية‪ .‬ولكنها لم تستطع أن تغير الثقافة‬
‫اليونانية وال اللغة اليونانية لقرون عديدة‪ .‬وهي التي أنهت الدولة اليهودية وأحرقت أورشليم والهيكل‪ ،‬وهي التي‬
‫عذبت المسيحيين لعدة قرون‪ .‬وفي نهايتها بدأت تضعف وتنقسم فصارت كأصابع القدمين‪ ،‬وبعض هذه األقسام‬
‫كان قوياً وبعضها كان ضعيفاً كالخزف‪ .‬واإلمبراطورية الضخمة نظ اًر ألنها جمعت فيها دوالً متحضرة وقبائل‬
‫برابرة‪ ،‬كان الظن أن يجتمعوا في دولة واحدة‪ ،‬ولكنهم لم يجتمعوا أبداً بل صاروا سبباً في إنهيار اإلمبراطورية‬
‫كلها‪ ،‬فلم تستطع أن تقف في وجه العرب بل هم قد حطموها‪.‬‬
‫حطم مملكة الشيطان الذي‬ ‫‪ .5‬الحجر الذي قطع بغير يدين‪ :‬هو المسيح الذي ولد بغير زرع بشر‪ ،‬وهو الذي َّ‬
‫َ‬
‫سكن هذه الممالك أو هذا التمثال‪ .‬فالروح القدس هو الذي َهَّياَ بطن العذراء لتلد عمانوئيل إلهنا وملكنا‪ .‬هذا‬
‫هو الحجر الذي رذله البناؤون وهو رأس الزاوية وهو حجر العثرة لليهود (مز‪ + 22:118‬إش‪ )14:8‬والمسيح‬
‫ول َد في أيام هذه اإلمبراطورية التي سادت العالم وأمر إمبراطورها باالكتتاب (لو‪. )1:2‬‬
‫كل هذه اإلمبراطوريات الضخمة التي كانت ضد هللا وملكوته َخرَبت رم اًز لخراب هذا العالم النهائي أما ملكوت‬
‫المسيح فهو أبدي وكنيسته مؤسسة على صخرة ولن تقوى عليها أبواب الجحيم‪ .‬وسيأتي يوم النهاية ليضع هللا‬
‫أعداؤه عند موطئ قدميه (‪1‬كو‪ )25 ، 24:15‬ونالحظ أن نبوخذ نصر لم يقاطع دانيال مرة واحدة‪ ،‬فهو مأخوذ‬
‫بهذه القوة اإللهية‪ ،‬فاهلل وحده هو الذي يستطيع أن يخبر بحلم إلنسان أو بالمستقبل (إش‪ )26 ، 23:41‬وقول‬
‫دانيال الحلم حق وتعبيره يقين = أي أنه من هللا وتفسيره من هللا‪ ،‬وهو تفسير مؤكد بسبب هذا‪ .‬وهللا ليس عنده‬
‫تغيير وال ظل دوران‪ ،‬هو أوحي به ولذلك سيتم تنفيذه‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫معنى الذهب والفضة والنحاس والحديد والخزف‪:‬‬


‫‪ .1‬شبهت بابل بالذهب‪ :‬يسجل هيرودوتس أن معابد بابل امتألت بكميات خرافية من الذهب‪ ،‬وفي كثير من‬
‫هياكلها موائد من الذهب الخالص وتماثيل ذهبية (دا ‪ )1:3‬وفيه نجد نموذجاً لهذه التماثيل الذهبية العمالقة‬
‫(تقريباً ‪30‬مت اًر × ‪ 3‬أمتار وقد يكون من الذهب الخالص أو مغطى بقشرة ذهبية)‪ .‬وكانت بعض اآللهة الذهبية‬
‫تجلس على عروش ذهبية ومذابحهم ذهبية‪ .‬وقال هيرودوتس أنه لم يرى أحد في أي مكان ذهباً بهذا المقدار‪.‬‬
‫وكانت القصور هكذا مغشاة بالذهب‪ .‬كان نبوخذ نصر عاشقاً لبابل وآللهتها مرودخ وبيل‪ .‬ولم يسجل في‬
‫تاريخه كثي اًر عن انتصاراته بل ما صنعه لبابل من عظمة وجعلها مدينة ذهبية‪ .‬وسجل نبوخذ نصر أنه أتى‬
‫لبابل حبيبته وبيل إلهه ‪ ،‬ولهياكل آلهته بأعظم األحجار الكريمة والذهب من كل مكان‪ .‬وكانت حوائط هياكله‬
‫وقصوره تلمع وتبرق كالشمس فهي مغطاة بالذهب‪ .‬إذن فهذه المملكة كانت تميل لالستعراض‪ ،‬إستعراض القوة‬
‫والغني للملك وآلهته ليلقي الروع في قلوب شعبه‪ .‬كانت بابل مغشاة بالذهب‪ .‬أما كيف يرى هللا كل هذا الذهب‬
‫"ويل للم َكثر ما ليس له‪ ،‬إلى متى؟ وللمثَقل نفسه رهوناً" (حب‪ .)6 :2‬ورهوناً تعنى‬
‫والثروات واألمجاد العالمية ٌ‬
‫طين كثيف‪.‬‬
‫‪ .2‬وشبهت مملكة مادي وفارس بالفضة‪ : :‬الفضة في الكتاب المقدس تشير للنقود‪ ،‬فالمسيح باعه يهوذا بثالثين‬
‫من الفضة (مت‪ )15:26‬وكان ذلك حسب نبوة زكريا (‪ )12:11‬والفضة تشير للنقود في كل اللغات السامية‪.‬‬
‫وكان الفرس في بدايتهم ال يهتمون بالمال (إش‪ )17:13‬بل بالسيادة‪ ،‬لكن مع تقدم الوقت إهتموا بتكوين جيوش‬
‫ضخمة وهذه إحتاجت لكثير من النقود للصرف عليها‪ .‬ومن هنا إهتمت الدولة بالضرائب وجمعها وكان الم ارزبة‬
‫المذكورين في (دا ‪ )2:6‬هم المسئولين عن جمع هذه الضرائب‪ .‬ويسجل التاريخ أن نظام جمع الضرائب في‬
‫فارس وصل للكمال أيام داريوس هستاسبس‪ .‬وراجع سفر عز ار (‪ )22-7:4‬فالملك ارتحشستا منع البناء "حتى‬
‫ال تحصل خسارة للملك" أي أن يمتنع اليهود عن دفع الجزية‪ .‬ولذلك كانت صورة فارس في دانيال (‪ )7‬أنها‬
‫تأكل لحماً كثي اًر وهذا معناه الشره والطمع والنهب أكثر من كونه احتالالً وإخضاعاً لألمم‪ .‬ولذلك صار ملوك‬
‫الفرس أغنياء جداً (دا ‪ )2:11‬حتى أنهم أثاروا اليونان بغناهم‪ .‬بل لسعيهم وراء النقود لم يتردد أحد ملوكهم‬
‫من أن ينقب مقبرة الملكة البابلية نيتوكريس بحثاً عن كنوزها‪ .‬وقطعاً فهذه المملكة كانت أقوى من بابل‪ .‬والحظ‬
‫أن التمثال يتدرج في القوة فالفضة أقوى كمعدن من الذهب‪.‬‬
‫‪ .3‬وشبهت مملكة اليونان بالنحاس‪ :‬ومملكة اليونان كانت أقوى من الفرس كما أن النحاس أقوى من الفضة‪.‬‬
‫وكان رجالها وجيشها أقوى‪ ،‬وفرسانها قد إشتهروا بالشجاعة‪ .‬وثبت أن الشجاعة أفضل من الثروة‪ .‬وكان الجيش‬
‫اليوناني متسلحاً بالنحاس‪ .‬ويلبسون دروعاً نحاسية‪ .‬وكان اللباس الحربي اليوناني أقوى من مثيله الفارسي‬
‫الذي كان يهتم بالمنظر والفخامة‪ ،‬بل أن اليونانيون كان يطلق عليهم الرجال النحاسيون‪ .‬وفي (حزقيال‬
‫‪ )13:27‬ينسب لليونان تجارة النحاس‪ ،‬وكان هذا يشمل اآلنية النحاسية واألسلحة النحاسية‪.‬‬
‫‪ .4‬شبهت الدولة الرومانية بالحديد‪ :‬والحديد هو أقوى المعادن األربعة‪ .‬ولقد انتقلت الدولة الرومانية من عصر‬
‫النحاس والبرونز إلى عصر الحديد‪َ .‬ووج َد أن شعراء الرومان كانوا يطلقون على عصر النحاس (األيام القديمة)‬

‫‪30‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫ولقد أصبحت أسلحتهم من الحديد‪ .‬ولكن في بداية أيام الرومان كانت األسلحة المستخدمة خليط من األسلحة‬
‫الحديدية واألسلحة النحاسية ودروعهم كانت خليط من النحاس والحديد‪ ،‬والحظ وصف الحيوان الرابع في (دا‬
‫‪ )19:7‬الذي يصف الرومان بأن له أسنان حديد وأظافر نحاس‪ .‬وكانت هذه اإلمبراطورية رهيبة في التدمير‬
‫وخراب أورشليم شاهد على ذلك‪ .‬وقوة هذه الدولة يدل عليها امتداد فترة حكمهم لحوالي ‪500‬سنة قبل أن تنقسم‪،‬‬
‫ثم انقسمت لدولتين‪ ،‬شرقية وغربية‪ ،‬واستمرت بهذه الصورة المقسمة (رجلين حديد) حتى سنة ‪1453‬م عندما‬
‫استولى األتراك على القسطنطينية واستمر الجزء الغربي يتبع أوروبا‪ .‬والحظ أن التمثال يتدرج من فوق إلى‬
‫أسفل زمانياً‪ ،‬لذلك فالرجلين حديد ثم تأتي األصابع من حديد وخزف‪ .‬فالقدمين يشيروا لمرحلة أولية لهذه الدولة‬
‫واألصابع لمراحلها النهائية‪ .‬اإلمبراطورية الرومانية بدأت كدولة موحدة قوية جدا وإستمرت موحدة ما يقرب من‬
‫الخمسمائة عام‪ ،‬ثم إنقسمت إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية‪ .‬وإنتهت كدول بعضها قوى وبعضها ضعيف‪.‬‬
‫‪ .5‬األصابع بعضها حديد وبعضها خزف‪ :‬نبوات دانيال ونبوات كثيرين غيره لها تطبيقين في نفس الوقت‪ ،‬التطبيق‬
‫األول في القريب‪ ،‬والثاني ينظر إلى بعيد‪[ .‬أ] التفسير القريب‪ -:‬يمكننا تفسير الحديد‪ ....‬على أنهم األجزاء‬
‫أو الدول القوية المتحضرة داخل الدولة الرومانية والخزف تشير لقبائل البرابرة التي حاولت اإلمبراطورية‬
‫الرومانية ضمها وتوحيدها في جسد اإلمبراطورية بال فائدة‪ .‬فالحديد ال يمكن دمجه مع الخزف‪ ،‬بل كان سبباً‬
‫في إنهيار اإلمبراطورية هذا هو التفسير القريب‪[ .‬ب] التفسير اآلخر هو تفسي اًر أبعد يصعب أن نعرفه اآلن ‪.‬‬
‫ولكن هناك محاولة للفهم‪ ،‬فقد يشير هذا النبعاث الدولة الرومانية من جديد وبشكل جديد مختلف بعض الشئ‬
‫‪ ،‬فتكون متكونة من كتلتين‪ ،‬األولى تتكون من دول قوية ومتحدة (هذه هي األصابع الحديد) لكن لكل منها‬
‫شخصيتها كاألصابع المتفرقة ‪ ،‬ولكن تجمعها قدم واحدة (كما يحدث مثالً اآلن في االتحاد األوروبي) وكتلة‬
‫أخرى تتكون من دول ضعيفة (أصابع الخزف) لكنها متحدة بصورة ما‪ ،‬فهناك ما يجمعها ولكن لكل منها‬
‫َن ُق ِط َع َح َجٌر‬
‫ظُر ِإَلى أ ْ‬
‫شخصيتها‪ .‬وما الذى يدفعنا لهذا التصور؟ ‪ :‬قول الوحى على لسان دانيال " ُكْن َت َتْن ُ‬
‫ٱلتم َثال َعَلى َق َدم ْي ِه َّ‬
‫ٱلل َت ْي ِن ِم ْن َح ِدي ٍد َو َخ َز ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ف َف َس َحَق ُه َما" فالحجر هو المسيح الذى ولد فى‬ ‫َ‬ ‫ب َغ ْي ِر َي َدْي ِن‪َ ،‬ف َضَر َب ْ َ‬
‫أيام الدولة الموحدة‪ .‬ولكن قوله ضرب التمثال على قدميه (قدميه هما الدولة الرمانية)‪ .‬وقوله إنسحق التمثال‬
‫وتبدد فى الهواء‪ ،‬وهذا يعنى نهاية العالم‪ .‬إذاً هناك ظهور ٍ‬
‫ثان للدولة الرومانية وفى أيام هذا الظهور ينتهى‬
‫العالم‪.‬‬
‫‪ .6‬والحظ أنه ال يذكر عدد األصابع (فنحن ال نعرف عدد الدول في كل كتلة)‪ .‬هذا مجرد تصور لموضوع‬
‫األصابع‪ ،‬لكن ليس الشكل الحالى هو الشكل النهائى قبل المجئ الثانى‪ .‬فالشكل النهائى الذى سينتهى عليه‬
‫العالم سيكون فى أيام ضد المسيح‪ ،‬وهذا يسبقه حرب البوق السادس (راجع سفر الرؤيا اإلصحاح التاسع)‬
‫وهى حرب عالمية‪ .‬ومن المؤكد أن شكل العالم سيتغير تغيي ار كبي ار بعد هذه الحرب الرهيبة التى يقتل فيها‬
‫ثلث سكان العالم‪ .‬لكن موضوع الوحدة األوروبية تعطينا تفسي ار منطقيا لموضوع األصابع‪ .‬خصوصا أن الدولة‬
‫الرومانية كانت تتكون من الدول األوروبية ودول شمال إفريقيا ويتوسطها البحر األبيض المتوسط‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫وإذا فهمنا أن عدد األصابع بالطبيعة هو عشر فهل تكون هذه األصابع هم العشر الملوك الذين يساندون الوحش‬
‫في األيام األخيرة (رؤ‪ )12:17‬؟ ‪ .‬والحظ أن المسيح ولد في أيام عظمة الدولة الرومانية حينما كانت الدولة‬
‫الرومانية دولة واحدة قبل أن تنقسم إلى إمبراطوريتين غربية وشرقية (األرجل الحديد)‪ ،‬ولكنه ضرب التمثال على‬
‫قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما‪ .‬ففي مجيء المسيح الثانى سيبيد العالم وسيكون هذا في أيام الكتلتين‬
‫الحديد والخزف أي في الصورة الجديدة التي تظهر بها الدولة الرومانية‪ .‬وفي مجئ المسيح الثاني "سيبيد األثيم‬
‫بنفخة فمه" (‪2‬تس‪ )8:2‬ومعه هؤالء الملوك الذين ساندوه‪ .‬وبمجيء المسيح الثاني ستنتهي هيئة هذا العالم وتزول‬
‫السماء واألرض‪ ،‬وهذا هو التطبيق الكامل لهذه النبوة أي زوال كل ملك عالمي والخضوع الكامل هلل الملك الوحيد‬
‫الحقيقي‪ ،‬أي أن هللا سيؤسس مملكته األبدية التى يكون فيها الكل خاضعا تماما على أنقاض التمثال أي كل الدول‬
‫التي حركها الشيطان لمقاومة هللا‪.‬‬
‫ويتفق قول دانيال فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان (‪ )35:2‬مع "يبيد األثيم بنفخة فمه" (‪2‬تس‪ + 8:2‬حز‪:38‬‬
‫‪.)18‬‬
‫وكون األصابع تشير لملوك فهذا يتضح من (دا ‪ ،)44:2‬وفى (دا‪ )7 :7‬نرى هؤالء الملوك بوضوح أنهم عشرة‬
‫قرون‪ .‬أي أنه في أيام هؤلء الملوك‪( ،‬العشرة) يبيد هللا صورة هذا العالم ليؤسس ملكوته األبدي بعد أن يأتي في‬
‫مجيئه الثاني‪ .‬فمجيئه األول وتجسده كان في أيام مجد الدولة الرومانية وهي على صورتها القديمة‪ .‬ومجيئه الثاني‬
‫سيكون في أيام الشكل الجديد للدولة الرومانية أي التي تتكون من نفس دول الدولة الرومانية القديمة ولكن بشكل‬
‫جديد‪ .‬فهي ستكون من كتلتين‪ ،‬كل كتلة متحدة بصورة ما‪ ،‬هذه هي األرجل اإلثنين‪ ،‬لكن الدول لها شخصيتها‬
‫المتفردة داخل هذا االتحاد‪.‬‬
‫تفسير مكمل لتمثال نبوخذ نصر من واقع ما سبق‬
‫وتقوى وعظمته زادت وبلغت إلى السماء (دا ‪ )22 : 4‬وعن مدى‬
‫رأس التمثال الذهب تشير لملك بابل الذي كبر َّ‬
‫سلطانه "فهو أياً شاء قتل وأياً شاء إستحيا" (دا ‪ )19 : 5‬وهذا السلطان المطلق قد حرم منه داريوس الملك‬
‫الفارسى‪ ،‬فلم يستطع أن يترك دانيال صديقه حياً (ص‪ )6‬ولذلك شب َه بالفضة‪ .‬وأما اليونان فكان سلطان ملوكهم‬
‫أقل‪ .‬أما الرومان فقد اشتهروا بالديموقراطية وفى هذا راجع سفر المكابيين األول (‪ )16-14:8‬فالسلطان المطلق‬
‫يقل بتدرج التمثال من أعلي إلى أسفل بينما القوة تزداد‪ .‬لذلك شبه اليونان بالنحاس والرومان بالحديد‬

‫‪32‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫ما بين التمثال ووجوه الكاروبيم‬


‫(راجع شرح الكاروبيم في حز ‪)1‬‬
‫ظهر التمثال في هيئة إنسان ليشير لملوك‪ ،‬فاهلل خلق اإلنسان ليكون ملكاً ح اًر ال تستعبده شهوة أو خطية أو‬
‫شيطان‪ .‬وظهر التمثال على هيئة أربع ممالك‪ ،‬ورقم ‪ 4‬يشير لكل العالم‪ .‬ولما سقط اإلنسان "أخضعت الخليقة‬
‫للباطل" (رو‪ .)20 :8‬وكان فداء المسيح ليعيد اإلنسان ح اًر وملكاً (يو‪ + 36:8‬رؤ‪ )6 ، 5:1‬وهذا صار متاحاً‬
‫لكل إنسان في كل العالم‪ .‬ولكننا رأينا لألسف أن التمثال سكنه إبليس‪ ،‬أي أن اإلنسان بكامل حريته يسلم نفسه‬
‫للشيطان فيفقد حريته وال يصير بعد ملكاً بل عبداً وفي هذه الحالة سيباد حينما يبيد هللا الشيطان ومن يتبعه‬
‫(‪2‬تس‪ + 8:2‬رؤ‪ + 15 ، 10:20‬مز‪)6-4:1‬‬
‫أما الكاروبيم فهم عرش هللا (كلمة كاروب تعنى كلى المعرفة‪ ،‬وتم التعبير عن ذلك بقول القديس يوحنا عنهم أنهم‬
‫مملوئين عيونا رؤ‪ .6 :4‬أما عرش فهو الكرسى الذى يجلس عليه الملك ليرتاح)‪ ،‬أي أن هللا يرتاح فيهم فهم‬
‫مملوؤون من معرفة هللا (مز‪ .)10:18‬وهذا عكس البشر الذين إشتكى منهم رب المجد قائال "ليس إلبن اإلنسان‬
‫أين يسند رأسه" (مت‪ .)20 :8‬فليس من أحد يعرف هللا معرفة حقيقية‪ ،‬لذلك يتصادم البشر مع هللا فى ق ارراته‬
‫ويتذمرون على أحكامه‪ .‬أما الكاروبيم فإن هللا يرتاح فيهم ألنهم يعرفونه‪ .‬وألنهم يعرفون هللا أحبوه‪ ،‬فمن يعرف هللا‬
‫حقيقة يحب هللا‪ ،‬فاهلل يستحق كل الحب‪ .‬وألنهم يعرفون هللا صاروا يرتاحون لكل ق ارراته‪ ،‬وهللا يرتاح فيهم‪ .‬ومن‬
‫يرتاح هللا فيه يجعله يحيا فى السماويات‪ .‬وهذا معنى قول المرنم فى المزمور "ركب على كروب وطار" مز‪:18‬‬

‫‪33‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫‪ .10‬فالكاروبيم ألنهم يعرفون هللا ويحبونه ويرتاحوا ويفرحوا بكل ق ارراته فاهلل أعطاهم أن يرتفعوا فى الدرجات‬
‫السماوية‪ ،‬يرفعهم هللا لدرجات سماوية مرتفعة‪.‬‬
‫كيف نعرف هللا ليرتاح هللا فينا؟‬
‫أمامنا األربعة األناجيل كلمة هللا‪ ،‬وهى موحى بها من الروح القدس (‪2‬تى‪2 + 16 :3‬بط‪ .)21 :1‬وبقراءتها يحكى‬
‫لنا الروح القدس عن شخص المسيح فنعرفه ونحبه (يو‪ .)14 :16‬لذلك أعطت الكنيسة وجوه الكاروبيم كرموز‬
‫لألربعة أناجيل ‪ -‬وجه اإلنسان إلنجيل متى إذ أنه أكثر من يذكر تعبير إبن اإلنسان‪ .‬ومتى بدأ إنجيله بسلسلة‬
‫نس ب المسيح‪ .‬وأعطت الكنيسة إلنجيل مرقس وجه األسد ألنه بدأ إنجيله بقوله "صوت صارخ فى البرية" وأظهر‬
‫القديس مرقس فى إنجيله قوة الرب يسوع الملك إبن هللا‪ .‬وأعطت الكنيسة وجه الثور إلنجيل لوقا الذى بدأ بلقاء‬
‫المالك مع زكريا الكاهن عند المذبح‪ .‬وأعطت الكنيسة وجه النسر إلنجيل يوحنا ألن يوحنا كتب إنجيله لنؤمن‬
‫بالهوت المسيح إبن هللا الذى أتى من السماء‪ .‬فمن يق أر الكتاب المقدس كله سيكشف له الروح القدس عن شخص‬
‫المسيح فيعرفه ويحبه ويسلم له أموره بال تذمر‪ ،‬فيرتاح عنده المسيح‪.‬‬
‫واإلنسان يتقدس فيرتاح هللا فيه‪-:‬‬
‫‪ .1‬بعمل المسيح الفدائي‪.‬‬
‫‪ .2‬بمعرفة المسيح من خالل الكتاب المقدس‪.‬‬
‫‪ .3‬بتقديس طاقاته‪.‬‬
‫‪ .4‬بجهاده فى تنفيذ وصايا المسيح‪.‬‬
‫وعمل المسيح الفدائي يمثله وجوه الكاروبيم‪ .‬فوجه اإلنسان يشير لتجسده‪ ،‬ووجه الثور يشير ألنه قدم نفسه ذبيحة‬
‫على الصليب‪ ،‬ووجه األسد يشير لقيامته‪ ،‬ووجه النسر يشير لصعوده‪ .‬بهذا العمل قدس المسيح البشرية‪ ..‬ولكن‬
‫من الذي يتقدس ويستفيد من عمل المسيح؟ هذا هو من يقدس طاقاته لحساب المسيح‪ .‬ومرة أخرى نعود لوجوه‬
‫الكاروبيم فوجه األسد يشير لقوى اإلنسان العضلية ووجه الثور يشير لقواه الشهوانية ووجه اإلنسان يشير لقواه‬
‫العقلية ووجه النسر يشير لقواه الروحية‪ ،‬وحين يقدس اإلنسان كل هذه القوى يسكن هللا فيه ويصير مركبة كاروبيمية‬
‫ويطير ويحلق في السماويات‪ ،‬وتصير أبديته سماوية‪ .‬ولنقارن بين أجزاء التمثال ووجوه الكاروبيم ‪.‬‬
‫بل من يرتاح هللا عنده يبارك له هللا فى طاقاته وقدراته‪ ،‬ونعود لوجوه الكاروبيم‪ :‬فالنسر له القدرة على الرؤية‬
‫لمسافات هائلة‪ ،‬واألسد له قوة عضلية جبارة‪ .‬والمعنى أن هللا يعطى إمكانيات جبارة لمن يسكن عنده فى الرؤية‬
‫وفى القدرات الجسدية وفى القدرات العقلية وفى إمكانيات المحبة هلل‪ .‬وهذه األخيرة هى ما تعطى الفرح الحقيقى‪.‬‬
‫فمن يبدأ بأن يقدس طاقاته للمسيح يبارك له هللا فى هذه الطاقات فتصبح غير محدودة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫❖ فاإلنسان له الحرية أن يقدس قواه العقلية‪ ،‬كما يقول الكتاب "مستأسرين كل فكر لطاعة المسيح" (‪2‬كو‪)5:10‬‬
‫‪ .‬لكن هناك من يترك فكره للفلسفات والغرور الباطل "أنظروا أن ال يكون أحد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل"‬
‫(كو‪ . )8:2‬ومن يقدس قواه الفكرية يسمع "كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة واإلعالن‬
‫في معرفته مستنيرة عيون أذهانكم" (أف‪.)17:1‬‬
‫❖ واإلنسان له الحرية أن يقدس قلبه وتكون سيرته في السماويات (في‪ )20:3‬ولذلك يطلب هللا قائالً " يا إبني‬
‫أعطنى قلبك" (أم‪ )26:23‬ويقول الكتاب " تحب الرب إلهك من كل قلبك"(تث‪ )6-4:6‬وقد يترك اإلنسان قلبه‬
‫وعواطفه وقدراته للعالم‪ ،‬وحيث يكون كنزه يكون قلبه أيضاً (مت‪ )21:6‬وكل من يسلك بالروح يتقدس قلبه‪.‬‬
‫❖ وهللا خلق لإلنسان شهوة حين يقدسها اإلنسان يقول مع بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح"‬
‫(في‪ )23:1‬ويقول مع داود النبي "واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي‬
‫لكي أنظر إلى جمال الرب وأتفرس في هيكله" (مز‪ .)4:27‬هذه الشهوة حين تتقدس نجد أن اإلنسان يحب هللا‬
‫من كل قلبه ومن كل فكره ومن كل قوته (تث‪ .)4 :6‬الروح القدس هو الذى يسكب محبة هللا فى قلب من يبدأ‬
‫فى أن يقدس نفسه وحواسه هلل‪ .‬ومن يحب هللا هكذا سيختبر الفرح الحقيقى‪ .‬ولكن قد تنحرف شهوة اإلنسان‬
‫فيشتهي إمرأة قريبه (إر‪ )9-7:5‬وهذا ما يسمى اللذة الحسية‪ .‬وشتان الفارق ما بين الفرح واللذة الحسية‪.‬‬
‫❖ وهللا َق َّدم لإلنسان قوة جبارة هي النعمة بها يستطيع أن يقدس كل قواه العضلية ويكرسها لحساب مجد هللا‪.‬‬
‫وتتحول أعضاءه ألالت بر عوضاً عن أن تكون أالت إثم‪ .‬ولو لم يجاهد اإلنسان تتحول كل قواه لخدمة‬
‫الخطية إذ يفقد النعمة الممنوحة له من هللا (رو‪.)13:6‬‬

‫‪35‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫❖ وباختصار إما أن تتقدس قوى اإلنسان فيملك هللا عليه‪ ،‬ويصير مركبة كاروبيمية وينطلق للسماويات‪ ،‬أو‬
‫ينجرف وراء شهواته ويصير جسداً مستعبداً لشهواته‪ ،‬يصير جسدانياً تقوده شهواته التى يقودها الشيطان فيهلك‬
‫مع التمثال‪ .‬لذلك نجد أن أوالد هللا يصرخون مع داود النبى قائلين "إليك يا رب أرفع نفسى" (مز‪.)1 :25‬‬
‫"يطلبون ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين هللا" (كو‪.)3-1 :3‬‬
‫❖ قال األباء عن الكاروبيم أنهم بوجوههم األربعة يشفعون فى كل الخليقة‪ .‬ونحن قد رأينا أن األربعة والعشرون‬
‫قسيسا يرفعون صلواتنا أمام هللا (رؤ‪ .)8 :5‬وإذا كان القديس يعقوب يطلب منا كبشر أن نصلى بعضنا لبعض‬
‫(يع‪ ،)16 :5‬فباألولى فهؤالء المالئكة القديسين المملوئين محبة يصلون عنا ويشفعون فينا أمام هللا‪ .‬وهم لهم‬
‫أربعة وجوه‪ ،‬وألن رقم ‪ 4‬هو رقم العمومية‪ ،‬فهو يشير ألنهم يشفعون في كل العالم‪ .‬فوجه األسد يشفع في‬
‫الحيوانات المتوحشة‪ ،‬ووجه الثور يشفع في الحيوانات األليفة ووجه النسر يشفع في الطيور ووجه اإلنسان‬
‫يشفع في البشر‪ .‬هم المركبة الكاروبيمية التي يركبها هللا (حزقيال‪ )1‬أى التى يرتاح فيهم هللا‪ .‬ويقول المزمور‬
‫"ركب على كروب وطار وهف على أجنحة الرياح"‪( .‬مز‪ )10 :18‬وهذا يعنى الحياة السماوية للكاروبيم مع‬
‫هللا‪ .‬والمعنى أنه كلما تزداد معرفة هللا يرتفع فى درجته السماوية‪.‬‬
‫❖ فهل يمكن لإلنسان أن يتحول إلى مركبة كاروبيمية يرتاح هللا عليها ويسكن في داخله فيحيا اإلنسان فى‬
‫السماويات‪ ،‬بل يتحول اإلنسان ليشفع في الخليقة مثل الكاروبيم‪ .‬طبعاً هذا ممكن لو تقدس اإلنسان أي يتكرس‬
‫هلل‪ ،‬ومن يتنقى قلبه يعرف هللا "طوبى ألنقياء القلب ألنهم يعاينون هللا" (مت‪ .)8 :5‬فيصير مثل هذا مملوءاً‬
‫معرفة مثل الكاروبيم‪ .‬ولقد قيل أن هللا يفيض ماء النيل من أجل األنبا بوال‪.‬‬
‫الجبل العظيم وكيف فهم البابليون الحلم وتفسيره‪:‬‬
‫كان البابليون يؤمنون أن اآللهة تسكن في جبل مقدس كانوا يسمونه جبل األراضي وبالذات لإلله مرودخ‪ .‬وبهذا‬
‫المعنى كانت اآلية (‪ .)35‬وكانت الكلمة التي إستخدمها دانيال جبالا كبي ار هي نفسها التي يستعملها الكهنة‪ .‬بل‬
‫أن الكهنة كانوا يسمونهم "كهنة شادوراب" أي كهنة جبل الرب‪ .‬واآلن هؤالء الكهنة يسمعون الكلمة نفسها من دانيال‬
‫الذي يؤمن باإلله الواحد‪ .‬وهم قطعاً فهموا من كالمه أن السيادة ستنتقل من ملكهم إلى ملك ٍ‬
‫ثان ثم ملك ثالث ثم‬
‫رابع ثم يحكم إله دانيال "إله السماء" على األرض‪ ،‬وستكون بداية مملكته بسيطة ولكن سريعاً ما ستمأل األرض‪.‬‬
‫الريح التي ذرت العصافة وكيف فهمها البابليون‪:‬‬
‫كان للبابليين إله يدعى إنليل وهو إله العاصفة الشديدة‪ .‬وهو في صراعه مع الحية إله‬
‫الخراب أرسل عليها عواصف مدمرة ليدمرها ولكن مرودخ هو الذي انتصر اإلنتصار‬
‫النهائي على إله الخراب ‪ ،‬فأعطى إنليل إسمه لمرودخ أي صار إسم مرودخ هو إله العاصفة‪ .‬إذاً فالعاصفة هي‬
‫عمل إلهي أيضاً‪ .‬والحجر الصغير قطع بعمل إلهي ألنه بغير يدين أي ليس بعمل بشر‪ .‬وألن البابليين كانوا‬
‫يسمون مرودخ ملك اآللهة أطلق نبوخذ نصر على إله دانيال إله اآللهة ورب الملوك (‪ )47:2‬وهكذا فاهلل يكلم‬
‫كل واحد بلغته‪ .‬وما فعله دانيال جعله يشتهر بالحكمة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫هللا َّ‬
‫كلم كهنة البابليين وبالتالي ملك بابل ومن يتبعه بلغتهم‪ ،‬وقد فهموا الرسالة التى أرادها هللا أن تصل إليهم وهى‬
‫أن‪-:‬‬
‫‪ )1‬إله دانيال ساكن الجبل الكبير الذى مأل كل األرض‪ ،‬بينما جبل إلههم محدوداً في بالدهم بابل‪ .‬فهم‬
‫يؤمنون أن اآللهة تسكن الجبال‪ .‬وبينما أن إلههم يسكن جبال صغي اًر يسكن إله دايال جبل يمأل األرض‪.‬‬
‫وهذا دليل على عظمة إله دانيال‪.‬‬
‫‪ )2‬مولوداً بعمل إلهى وليس بتدخل بشرى‪.‬‬
‫‪ )3‬تنسحق أمامه كل األرض كعصافة البيدر (قش القمح مثالً)‪ .‬وهو ينفخ كل ممالك األرض فتحملها ريح‬
‫أنفه‪ .‬وهذا ال يستطيعه إلههم مرودخ إله العاصفة الذى ال يستطيع سوى أن يثير عواصف على الحية‬
‫وليس على كل ممالك األرض ليبيدها‪.‬‬
‫‪ )4‬وبهذا فإله دانيال هو أعظم من إلههم وأن إله دانيال سيسود على كل األرض ويملك عليها‪.‬‬
‫‪ )5‬أنظر تطبيق قول إرمياء النبى هلل "َق ْد أَ ْق َن ْعتَني َي َارب َفٱ ْقتََن ْعت‪َ ،‬وأَْل َح ْح َت َعَل َّي َف َغَل ْب َت" (إر‪ )7:20‬وكيف‬
‫يقنع هللا نبوخذنصر باإليمان به‪.‬‬

‫َن ُيَق ِد ُموا َل ُه َت ْق ِد َم اة َوَرَو ِائ َح‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآليات (‪ِ " -:)49-46‬حيَن ِئ ٍذ َخَّر َنُب َ‬
‫َمَر ِبأ ْ‬ ‫وخ ْذَن َّصُر َعَلى َو ْج ِهه َو َس َج َد ل َدان َ‬
‫‪46‬‬
‫يآل‪َ ،‬وأ َ‬
‫ِ‬ ‫وك وَك ِ‬‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َسَر ِار‪ِ ،‬إذ ْ‬ ‫«حًّقا ِإ َّن ِإ َ‬
‫له ُك ْم ِإ ُ‬
‫‪47‬‬
‫ط ْع َت َعَلى‬ ‫اس َت َ‬ ‫ف األ ْ‬ ‫اش ُ‬ ‫له اآلل َهة َوَر ُّب اْل ُمُل َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫يآل َوَق َ‬ ‫اب اْل َمل ُك َدان َ‬ ‫َج َ‬
‫ور‪َ .‬فأ َ‬‫ُسُر ٍ‬
‫ِ‬ ‫ط َايا َك ِث َيراة‪َ ،‬و َسَّل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫‪ِ ِ 48‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يس‬ ‫ط ُه َعَلى ُك ِل ِولََية َبا ِب َل َو َج َعَل ُه َرِئ َ‬ ‫اه َع َ‬
‫طُ‬ ‫َع َ‬ ‫َك ْشف ه َذا الس ِر»‪ .‬حيَنئ ٍذ َعظ َم اْل َمل ُك َدان َ‬
‫يآل َوأ ْ‬
‫ال ِولََي ِة‬‫َعم ِ‬
‫يش َخ َو َع ْب َدَن ُغ َو َعَلى أ ْ َ‬ ‫يآل ِم َن اْل َملِ ِك‪َ ،‬ف َوَّلى َش ْدَر َخ َو ِم َ‬ ‫ِ‬
‫طَل َب َدان ُ‬ ‫اء َبا ِب َل‪َ .‬ف َ‬
‫‪49‬‬ ‫الشح ِن عَلى ج ِمي ِع ح َكم ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬
‫اب اْل َملِ ِك‪".‬‬‫ان ِفي َب ِ‬ ‫با ِبل‪ .‬أ َّ ِ‬
‫يآل َف َك َ‬
‫َما َدان ُ‬ ‫َ َ‬
‫كان من المتوقع أن يغتاظ نبوخذ نصر مما سمعه بأن مملكته ستنتهي‪ ،‬ولكن هذا لم يحدث فدانيال كان يتكلم‬
‫بسلطان إلهي ال يستطيع أحد أن يقاومه‪ ،‬بل نجد في آية (‪ )46‬أن الملك يعامل دانيال كإله‪ .‬وغالباً مع أن هذا‬
‫لم يذكر‪ ،‬أن دانيال رفض هذا كما رفضه بولس الرسول بعد ذلك‪ ،‬ونسب الفضل هلل (أع‪ .)15-8 :14‬ونستنتج‬
‫ذلك من آية (‪ )47‬التي فيها يعترف نبوخذ نصر بعظمة إله دانيال‪ .‬فلو كان دانيال قد قبل التكريم كإله لكان قد‬
‫فقد إتصاله باهلل ولضاعت حكمته ‪ ،‬ولكن هذا لم يحدث مع دانيال ‪ .‬هللا يريد أن يعطى أوالده المجد والحكمة ‪...‬‬
‫ولكن من خالل اإلتحاد به وليس باإلنفصال عنه‪ ،‬والحظ قول بولس الرسول "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى‬
‫يقوينى" (فى‪ .)13 : 4‬فاإلتحاد باهلل ينقل اإلنسان إلى إمكانيات النهائية ‪ ،‬فاهلل الذى نتحد به ال نهائى لذلك قال‬
‫السيد المسيح لتالميذه أنهم قادرين أن يعملوا كاألعمال التى يعملها وأعظم منها "الحق الحق أقول لكم من يؤمن‬
‫ٍ‬
‫ماض إلى أبى" (يو‪ . )12 : 14‬أما‬ ‫بي فاألعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضا ويعمل أعظم منها ألني‬
‫اإلنفصال عن هللا فهو الموت ‪ ،‬فاهلل هو الحياة ‪.‬‬
‫ولنالحظ أن المال والملك ال يعطيان لإلنسان عظمة إن لم يعطه هللا‪ .‬وكما إعتلى يوسف العبد مكاناً بار اًز في‬
‫مصر هكذا حدث مع دانيال المسبي في بابل‪ .‬دانيال كان في باب الملك = هذه تساوي رئيس للمجلس أو رئيس‬

‫‪37‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني)‬

‫وزراء فالباب يجلس عنده القضاة واألمراء والرؤساء‪ .‬ولم ينس دانيال أصدقائه الذين شاركوه صالته فأشركهم في‬
‫مجده‪ .‬ولنالحظ في قصتي دانيال ويوسف كيف أن هللا يسمح بالضيق (عبودية وسبي) لبعض الوقت ليمجد أوالده‪.‬‬
‫"فإن كنا نتألم معه فلكي نتمجد أيضاً معه" (رو‪ . )17:8‬وإن لم نتمجد على األرض مثل يوسف ودانيال لكننا‬
‫سنتمجد قطعاً في السماء (رو‪.)18:8‬‬

‫‪38‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الثالث‬

‫سنة ‪587‬ق‪.‬م‬
‫تركنا الثالث فتية في نهاية اإلصحاح السابق وهم في مراكز سامية ومع أن هللا يعطي مجداً لقديسيه في السماء‬
‫إال أنه في بعض األحيان يعطي أيضاً مكافآت أرضية لهم‪ .‬وهذا ال يمنع أن يسمح أيضاً لهم ببعض الضيقات‬
‫والتجارب‪ .‬وهؤالء الفتية الثالث تركوا الكرامة وقبلوا األالم فأنقذهم هللا (عب‪ .)34:11‬هنا الرسول في العبرانيين‬
‫يشير لهذه القصة في هذا اإلصحاح‪ .‬ولنرى فائدة هذه الضيقة‪-:‬‬
‫نبوخذنصر الرب وقدرته غير المحدودة فيجتذبه الرب لإليمان‪ .‬وهكذا كانت فترة‬
‫َّ‬ ‫‪ .1‬كانت خطوة ليعرف‬
‫اإلضطهاد الرومانى فترة إلنتشار المسيحية فى العالم‪.‬‬
‫‪ .2‬األالم تحل القيود كما سنرى‪ ،‬فمالبس الثالث فتية لم تحترق‪ ،‬لكن األربطة إحترقت (األربطة ترمز لرباطات‬
‫ف عن الخطية" (‪1‬بط‪.)1 :4‬‬
‫الخطايا)‪ .‬كما يقول القديس بطرس "من تألم فى الجسد ك َّ‬
‫‪ .3‬هذه القصة صارت درسا للكنيسة عبر كل زمان‪ ،‬ففى وسط التجارب نجد المسيح بجانبنا‪ ،‬شريكا فى‬
‫أالمنا‪ ،‬ومعزيا لنا فنحتملها‪ ،‬وهذا معنى "يعطى مع التجربة المنفذ" (‪1‬كو‪ .)13 :10‬هذه القصة هى درس‬
‫فهمنا منه أن وراء كل ضيقة أو تجربة حكمة‪ ،‬قد ندركها أو ال ندركها أو نفهمها‪ .‬والمسيح يأتى فى‬
‫الضيقة ليقف مع المتألم ليعزيه‪ ،‬وهذا معنى "إحملوا نيرى فهو هين" (مت‪ .)30 :11‬وكما يشترك معنا‬
‫فى األلم يشركنا معه فى مجده (رو‪.)17 :8‬‬

‫ض ُه ِس ُّت أَ ْذُر ٍع‪َ ،‬وَن َصَب ُه ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وخ ْذَن َّصُر اْل َمل ُك َصَن َع ت ْم َثالا م ْن َذ َه ٍب طُوُل ُه س ُّتو َن ذَر ا‬
‫‪1‬‬
‫اعا َو َعْر ُ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)7-1‬نُب َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وخ ْذَن َّصُر اْل َمل ُك لَي ْج َم َع اْل َمَر ِازَب َة َوالش َح َن َواْل ُولَ َة َواْلُق َضا َة َواْل َخ َزَن َة َواْل ُفَق َه َ‬‫ور ِفي ِولََي ِة َبا ِب َل‪ .‬ثُ َّم أَْر َس َل َنُب َ‬ ‫ُب ْق َع ِة ُد َا‬
‫‪2‬‬
‫اء‬
‫الش َح ُن‬‫اج َتمع اْلمر ِازب ُة و ِ‬ ‫ِ ‪ِ ِ3‬‬
‫وخ ْذَن َّصُر اْل َمل ُك‪ .‬حيَنئ ٍذ ْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ال َّال ِذي َن َصَب ُه َنُب َ‬‫التم َث ِ‬ ‫ات‪ ،‬لِيأ ُْتوا لِ َت ْد ِش ِ ِ‬
‫ين ْ‬ ‫َ‬
‫واْلم ْف ِتين وُك َّل ح َّكامِ اْل ِولَي ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ َ ُ‬
‫ال َّال ِذي َن َصَب ُه َنُبو َخ ْذَن َّصُر اْل َملِ ُك‪،‬‬ ‫ات لِ َت ْد ِش ِ ِ‬
‫التم َث ِ‬
‫ين ْ‬
‫واْلولَ ُة واْلُق َضا ُة واْل َخ َزَن ُة واْل ُفَقهاء واْلم ْف ُتو َن وُك ُّل ح َّكامِ اْل ِولَي ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ُم ُم َواألَ ْل ِسَنةُ‪،‬‬ ‫ِ‬
‫وخ ْذَن َّصُر‪َ .‬وَن َادى ُمَنا ٍد ِب ِشَّدةٍ‪َ « :‬ق ْد أُمْرُت ْم أَُّي َها ُّ‬
‫‪4‬‬ ‫ِ‬
‫ال َّالذي َن َصَب ُه َنُب َ‬ ‫ِ‬
‫َو َوَق ُفوا أَمام التم َث ِ‬
‫وب َواأل َ‬ ‫الش ُع ُ‬ ‫ََ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 5‬عْن َد َما َت ْس َم ُعو َن َص ْو َت اْلَقْر ِن َو َّ‬
‫َن َتخُّروا َوَت ْس ُج ُدوا‬ ‫ير َواْلم ْزَم ِار َوُك ِل أَْن َوا ِع اْل َع ْزف‪ ،‬أ ْ‬ ‫اب َوالسْنط ِ‬ ‫الرَب ِ‬
‫اي َواْل ُعوِد َو َّ‬ ‫الن ِ‬
‫اع ِة ُيْلَقى ِفي َو َس ِط أ َُّتو ِن َن ٍار‬ ‫الس َ‬‫وخ ْذَن َّصُر اْل َملِ ُك‪َ .‬و َم ْن لَ َي ِخُّر َوَي ْس ُج ُد‪َ ،‬ف ِفي ِتْل َك َّ‬
‫‪6‬‬
‫الذ َه ِب َّال ِذي َن َصَب ُه َنُب َ‬ ‫ال َّ‬ ‫لِ ِتم َث ِ‬
‫ْ‬
‫ير وُك ِل أَْنوا ِع اْلع ْز ِ‬ ‫الرب ِ ِ ِ‬ ‫وب َص ْو َت اْلَقْر ِن َو َّ‬ ‫َج ِل ذلِ َك َوْق َت َما َس ِم َع ُك ُّل ُّ‬ ‫ِ‬
‫اب َوالسْنط ِ َ‬ ‫اي َواْل ُعوِد َو َّ َ‬ ‫الش ُع ِ‬ ‫ُم َّتق َدةٍ»‪ .‬أل ْ‬
‫‪7‬‬
‫ف‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الن ِ‬
‫الذ َه ِب َّال ِذي َن َصَبهُ َنُب َ‬
‫وخ ْذَن َّصُر اْل َملِ ُك‪".‬‬ ‫ال َّ‬ ‫وب َواألُممِ َواألَ ْل ِسَن ِة َوس َج ُدوا لِ ِتم َث ِ‬ ‫الش ُع ِ‬
‫َخَّر ُك ُّل ُّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قد يكون هذا التمثال لإلله مرودخ أو لنبوخذ نصر نفسه‪ .‬لكن لنالحظ كمية الذهب المستخدمة (التمثال ‪60‬ذراعاً‬
‫× ‪ 6‬أذرع أي حوالي‪ 30‬مت اًر في ارتفاعه‪ 3 ،‬أمتار في عرضه‪ .‬وقد يشمل هذا ارتفاع القاعدة وهناك احتمال‬
‫قطعاً أن ال يكون التمثال كله من الذهب الخالص‪ ،‬بل يكون مغطى بقشرة من الذهب) ولكن عموماً فكمية الذهب‬

‫‪39‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫المستخدمة ضخمة فهؤالء الوثنيون يبذلون الكثير إلرضاء آلهتهم ‪ ،‬فماذا نبذل نحن إللهنا؟! ورقم (‪ )6‬يتكرر فهو‬
‫رقم النقص‪ ،‬وضد المسيح رقم اسمه (‪ )666‬فوراء عبادة التماثيل إبليس بالتأكيد‪.‬‬
‫نبوخذنصر هذا التمثال من الذهب؟‬
‫َّ‬ ‫لماذا صنع‬
‫‪ .1‬نالحظ أنه بعد اعتراف نبوخذ نصر هلل بأنه إله اآللهة ارتد سريعاً ربما ليثبت للشعب أنه لم يرتد عن عبادة‬
‫األصنام وأن إلهه ما زال اإلله بيل‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا كان التمثال له فهذا يشير إلنتفاخه وكبريائه‪.‬‬
‫‪ .3‬وفى تفسير حلم التمثال سمع نبوخذنصر أنه هو رأس الذهب‪ .‬وسمع أن مملكته ستنتهى وستأتى وراءه‬
‫مملكة من الفضة‪ .‬وهو فى ٍ‬
‫تحد للحلم‪ ،‬أراد أن يقول بل أنا ومملكتى من الذهب مستمرين للنهاية‪.‬‬
‫‪ .4‬وربما هو أراد أن يزيل من عقول الشعب إعجابهم بإله دانيال‪.‬‬
‫وهو أمر بجمع كل كبار رجال الدولة لتدشين التمثال أي إلعالن الجميع خضوعهم له‪ .‬كم تعبوا وكم أنفقوا في‬
‫سبيل هذه الرحلة الغبية‪ ،‬ولكن عابدي األوثان أغبياء كأوثانهم‪ .‬وكان اإلغراء بالموسيقى والتهديد بنيران األتون (=‬
‫فرن كبير) والمرازبة = حكام الواليات‪ .‬والشحن = رؤساء الشرطة‪ .‬والخزنة = وزراء المالية والتموين‪ .‬وقد اكتشفوا‬
‫في األثار قاعدة تمثال في مقاطعة اسمها (دوار) في خرائب بابل‪ .‬وآلة السنطير هي الهارب ‪( HARP‬وهي آلة‬
‫وترية) وسجود الناس لهذا الصنم يعادل سجود الناس للوحش في أيام نهاية العالم ‪ .‬وغالباً كان دانيال خارج بابل‬
‫وإال لكان قد رفض السجود للصنم مع الفتية أو هم لم يشتكوا دانيال ألنهم يعرفون تقدير الملك له‪.‬‬

‫َج ُابوا َوَقاُلوا لِْل َملِ ِك َنُب َ‬


‫اش َت َك ْوا َعَلى اْلَي ُهوِد‪ ،‬أ َ‬ ‫ال َكْل َد ِانُّيو َن َو ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اآليات (‪8" -:)18-8‬أل ْ ِ‬
‫َج ِل ذل َك َتَقَّد َم حيَنئ ٍذ ِر َج ٌ‬
‫‪9‬‬
‫وخ ْذَن َّصَر‪:‬‬
‫ِ ‪10‬‬
‫اي َواْل ُعوِد‬ ‫ان َي ْس َم ُع َص ْو َت اْلَقْر ِن َو َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َن ُك َّل ِإْن َس ٍ‬ ‫َماار ِبأ َّ‬
‫َص َدْر َت أ ْ‬
‫ِ‬
‫ش ِإَلى األََبد! أَْن َت أَُّي َها اْل َمل ُك َق ْد أ ْ‬ ‫«أَُّي َها اْل َملِ ُك‪ِ ،‬ع ْ‬
‫الذ َه ِب‪َ 11 .‬و َم ْن لَ َي ِخُّر َوَي ْس ُج ُد َفِإَّن ُه ُيْلَقى ِفي‬ ‫ال َّ‬ ‫ف‪َ ،‬ي ِخُّر َوَي ْس ُج ُد لِ ِتم َث ِ‬ ‫ير واْل ِم ْزم ِار وُك ِل أَْنوا ِع اْلع ْز ِ‬ ‫الرب ِ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اب َوالسْنط ِ َ َ َ‬ ‫َو َّ َ‬
‫هؤلَ ِء‬
‫يش ُخ َو َع ْب َدَن ُغ َو‪ُ .‬‬‫خ َو ِم َ‬ ‫ال ِولََي ِة َبا ِب َل‪َ :‬ش ْدَر ُ‬ ‫َعم ِ‬
‫ين َوَّكْل َت ُه ْم َعَلى أ ْ َ‬
‫وس ِط أ َُّتو ِن َن ٍار م َّت ِق َدةٍ‪12 .‬يوج ُد ِرجال يه ٌ ِ‬
‫ود‪َّ ،‬الذ َ‬ ‫ُ َ َ ٌ َُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ِ‬
‫ال الذ َه ِب َّالذي َن َص ْب َت لَ َي ْس ُج ُدو َن»‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعتَب اارا‪ .‬آل َه ُت َك لَ َي ْعُب ُدو َن‪َ ،‬ولِتم َث ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ال َل ْم َي ْج َعُلوا َل َك أَُّي َها اْل َمل ُك ْ‬
‫الر َج ُ‬
‫َّام اْل َملِ ِك‪.‬‬ ‫هؤلَ ِء ِ ِ‬ ‫وخ ْذَن َّصُر ِب َغ َض ٍب َو َغ ْي ٍظ ِبِإ ْح َض ِار َش ْدَر َخ َو ِم َ‬
‫يش َخ َو َع ْب َدَن ُغ َو‪َ .‬فأ ََت ْوا ِب ُ‬ ‫‪ِ ِ 13‬‬
‫الر َجال ُقد َ‬ ‫َمَر َنُب َ‬ ‫حيَنئ ٍذ أ َ‬
‫ال َّ‬
‫الذ َه ِب‬ ‫يش ُخ َو َع ْب َدَن ُغ َو لَ َت ْعُب ُدو َن آلِ َه ِتي َولَ َت ْس ُج ُدو َن لِ ِتم َث ِ‬ ‫خ َو ِم َ‬ ‫«ت َع ُّم ادا َيا َش ْدَر ُ‬
‫ال َل ُه ْم‪َ :‬‬
‫‪14‬‬
‫ْ‬ ‫وخ ْذَن َّصُر َوَق َ‬ ‫اب َنُب َ‬ ‫َج َ‬ ‫َفأ َ‬
‫السْن ِط ِ‬
‫ير َواْل ِم ْزَم ِار‬ ‫اب و ِ‬
‫الرَب ِ َ‬ ‫اي َواْل ُعوِد َو َّ‬ ‫ين ِعْن َد َما َت ْس َم ُعو َن َص ْو َت اْلَقْر ِن َو َّ‬
‫الن ِ‬ ‫ِِ‬
‫اآلن ُم ْس َتعد َ‬‫َّالذي َن َص ْب ُت! َفِإ ْن ُكْن ُت ُم َ‬
‫‪15‬‬ ‫ِ‬
‫اع ِة ُتْلَق ْو َن ِفي َو َس ِط‬ ‫الس َ‬‫ِن َل ْم َت ْس ُج ُدوا َف ِفي ِتْل َك َّ‬ ‫ف ِإَلى أَن َت ِخُّروا وَتسج ُدوا لِ ِلتم َث ِ ِ‬
‫ال َّالذي َع ِمْل ُت ُه‪َ .‬وإ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫وُك َّل أَْنوا ِع اْلع ْز ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يش ُخ وعب َدَن ُغو وَقاُلوا لِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اإل ِ‬ ‫ِ‬
‫خ َو ِم َ َ َ ْ َ َ‬ ‫له َّالذي ُيْنق ُذ ُك ْم م ْن َي َد َّي؟»‪َ .‬فأ َ‬ ‫الن ِار اْل ُم َّت ِق َدة‪َ .‬و َم ْن ُه َو ِ ُ‬
‫أ َُّتو ِن َّ‬
‫‪16‬‬
‫«يا‬
‫لملك‪َ :‬‬ ‫َ‬ ‫اب َش ْدَر ُ‬ ‫َج َ‬
‫َن ُيَن ِجَيَنا ِم ْن أ َُّتو ِن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ِار‬ ‫لهَنا َّالذي َن ْعُب ُد ُه َي ْس َتط ُ‬ ‫َن ُن ِج َيب َك َع ْن ه َذا األ َْم ِر‪ُ .‬ه َوَذا ُي َ‬
‫وج ُد ِإ ُ‬
‫‪17‬‬
‫يع أ ْ‬ ‫وخ ْذَن َّصُر‪ ،‬لَ َيْل َزُمَنا أ ْ‬ ‫َنُب َ‬
‫َن ُيْن ِق َذَنا ِم ْن َي ِد َك أَُّي َها اْلملِ ُك‪َ 18 .‬وِإلَّ َفْلَي ُك ْن م ْعُلوما َل َك أَُّي َها اْلملِ ُك‪ ،‬أََّنَنا لَ َن ْعُب ُد آلِ َه َت َك َولَ َن ْس ُج ُد لِ ِتم َث ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ا‬ ‫َ‬ ‫اْل ُم َّت ِق َدة‪َ ،‬وأ ْ‬
‫الذ َه ِب َّال ِذي َن َص ْب َت ُه»‪".‬‬ ‫َّ‬

‫‪40‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫كانت شكوى الكلدانيين من الثالثة فتية لغيرتهم من المراكز التي نالوها‪ .‬وفي كالمهم مع الملك يقولون رجال يهود‬
‫= ليثيروه ويذكروه بأنه سحق يهوذا وأن هؤالء من يهوذا الدولة الوضيعة ومع هذا فلقد أعطاهم الملك مراكز سامية‬
‫وهم اآلن يعارضون السجود آللهة الملك‪.‬‬
‫ونالحظ ثورة الملك الفظيعة ضدهم بينما أن من يعبد هللا تتهذب طباعه أما عبادة األوثان هذه فتحول الناس إلى‬
‫وحوش‪ .‬وعموماً فالخطية تقسي القلب‪ .‬والحظ قول الملك لهم من هو اإلله الذي ينقذكم = هذا قول كل متكبر‬
‫وقال هذا أيضاً فرعون وسنحاريب‪ ،‬هذا بحق رد شيطاني (ونالحظ أن هللا يجتذب نبوخذ نصر لكن أيضاً الشيطان‬
‫يقاوم عمل هللا)‪ .‬أما الفتية الثالثة فكانت ردودهم رائعة مملوءة إيماناً وشاعرين بحماية هللا لهم مفضلين الموت عن‬
‫خيانة إلههم‪ .‬ومهما كانت قوة الملك فهو له سلطان على أجسادهم فقط‪ .‬ولنعرف حجم الضغوط الواقعة عليهم‬
‫لنالحظ‪-:‬‬
‫‪ .1‬كان المطلوب منهم تصرف واحد فقط وهو السجود ثم يعودوا لعبادة إلههم أن أرادوا‪.‬‬
‫‪ .2‬من يأمرهم بهذا هو الملك الذي له عليهم سلطان مطلق‪.‬‬
‫‪ .3‬هذا الملك أحسن إليهم وأعطاهم مراكز سامية مما يشعرهم بالحرج لمخالفة أوامره‪.‬‬
‫‪ .4‬هم اآلن في بلد قوى وكان لهم عذرهم لو إنجرفوا مع التيار القوى‪.‬‬
‫‪ .5‬أباؤهم وملوكهم وكهنتهم فعلوا هذا بإختيارهم في أورشليم‪.‬‬
‫‪ .6‬حرصهم على مراكزهم التي عن طريقها يقدمون خدمات لشعبهم‪.‬‬
‫كل هذا يبرر عقلياً سجودهم ولكن محبتهم إللههم منعتهم‪ ،‬ليعبدوه وحده‪.‬‬

‫اب‬‫َج َ‬ ‫يش َخ َو َعْب َدَن ُغ َو‪َ ،‬فأ َ‬‫ظُر َو ْج ِه ِه َعَلى َش ْدَر َخ َو ِم َ‬ ‫ظا َوَت َغَّيَر َمْن َ‬ ‫وخ ْذَن َّصُر َغْي ا‬ ‫ام َتألَ َنُب َ‬ ‫‪ِ ِ 19‬‬
‫اآليات (‪ " -:)27-19‬حيَنئ ٍذ ْ‬
‫ِ‬
‫َن ُيوِثُقوا‬ ‫َمَر َجَبا ِبَرَة اْلُق َّوِة ِفي َج ْي ِشه ِبأ ْ‬ ‫ِ‬
‫اف أَ ْك َثَر م َّما َك َ‬ ‫َن َي ْح ُموا األ َُتو َن َس ْب َع َة أ ْ‬ ‫َمَر ِبأ ْ‬
‫‪20‬‬
‫َن ُي ْح َمى‪َ .‬وأ َ‬ ‫ان ُم ْع َت اادا أ ْ‬ ‫َض َع ٍ‬ ‫َوأ َ‬
‫اويلِ ِه ْم َوأَ ْق ِم َص ِت ِه ْم‬
‫ال ِفي َسَر ِ‬ ‫هؤلَ ِء ِ‬ ‫الن ِار اْل ُم َّت ِق َد ِة‪ُ .‬ث َّم أُوِث َق ُ‬ ‫وه ْم ِفي أ َُّتو ِن َّ‬ ‫َش ْدَر َخ َو ِم َ‬
‫‪21‬‬
‫الر َج ُ‬ ‫يش َخ َو َع ْب َدَن ُغ َو َوُيْلُق ُ‬
‫ِ ‪22‬‬
‫يد ٌة َواأل َُتو َن َق ْد َح ِمي ِجدًّا‪،‬‬
‫َ‬ ‫الن ِار اْل ُم َّت ِق َدة‪َ .‬و ِم ْن َحْي ُث ِإ َّن َكلِ َم َة اْل َملِ ِك َش ِد َ‬ ‫اس ِه ْم َوأُْل ُقوا ِفي َو َس ِط أ َُّتو ِن َّ‬ ‫وأَرِدي ِت ِهم ولِب ِ‬
‫َْ َ ْ َ َ‬
‫هؤلَ ِء َّ‬ ‫ِ‬
‫خ َو ِم َ‬ ‫الر َج ِ‬
‫الثالَ َث ُة ِ‬ ‫ين َرَف ُعوا َش ْدَر َخ َو ِم َ‬ ‫ال َّالذ َ‬ ‫الن ِار ِ‬‫يب َّ‬ ‫َقَت َل َل ِه ُ‬
‫‪23‬‬
‫يش ُخ َو َع ْب َدَن ُغ َو‪،‬‬ ‫ال‪َ ،‬ش ْدَر ُ‬ ‫يش َخ َو َعْبَدَن ُغ َو‪َ .‬و ُ‬ ‫الر َج َ‬
‫الن ِار اْل ُم َّت ِق َد ِة‪.‬‬
‫ين ِفي َو َس ِط أ َُّتو ِن َّ‬ ‫ِ‬
‫َسَقطُوا ُموَثق َ‬
‫ين ِفي َو َس ِط‬ ‫ِ‬ ‫ير ِ‬
‫ال لِ ُم ِش ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِحيَن ِئ ٍذ َت َحَّيَر َنُب َ‬
‫ق َثالَ َث َة ِر َجال ُموَثق َ‬ ‫يه‪« :‬أََل ْم ُنْل ِ‬ ‫ام ُم ْس ِر اعا َفأ َ‬
‫‪24‬‬
‫اب َوَق َ‬ ‫َج َ‬ ‫وخ ْذَن َّصُر اْل َمل ُك َوَق َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫«ها أََنا َناظٌر أَْرَب َع َة ِر َجال َم ْحُلولِ َ‬
‫ين َي َت َم َّش ْو َن‬ ‫«ص ِح ٌ‬ ‫الن ِار؟» َفأ َ‬ ‫َّ‬
‫‪25‬‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫اب َوَق َ‬ ‫َج َ‬ ‫يح أَُّي َها اْل َمل ُك»‪ .‬أ َ‬ ‫َج ُابوا َوَقاُلوا لْل َملك‪َ :‬‬
‫اب أ َُّتو ِن َّ‬
‫الن ِار‬ ‫الراب ِع َش ِبيهٌ ِب ْاب ِن اآللِ َه ِة»‪ .‬ثُ َّم ا ْق َتَر َب َنُب َ‬
‫وخ ْذَن َّصُر ِإَلى َب ِ‬ ‫ِفي َو َس ِط َّ‬
‫الن ِار َو َما ِب ِه ْم َضَرٌر‪َ ،‬و َمْن َ‬
‫‪26‬‬
‫ظُر َّ‬
‫يد ِ‬
‫هللا اْل َعلِ ِي‪ْ ،‬‬ ‫ِ ِ‬
‫يش ُخ‬‫خ َو ِم َ‬ ‫اخُر ُجوا َوَت َعاَل ْوا»‪َ .‬ف َخَر َج َش ْدَر ُ‬ ‫يش ُخ َو َع ْب َدَن ُغو‪َ ،‬يا َع ِب َ‬‫خ َو ِم َ‬ ‫«يا َش ْدَر ُ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫اب‪َ ،‬فَق َ‬‫َج َ‬‫اْل ُم َّتق َدة َوأ َ‬
‫ِ‬ ‫هؤلَ ِء ِ‬‫الش َح ُن َواْل ُولَ ُة َو ُم ِش ُيرو اْل َمِل ِك َوَأر َْوا ُ‬‫اج َتمع ِت اْلمر ِازب ُة و ِ‬ ‫َو َع ْب َدَن ُغو ِم ْن َو َس ِط َّ‬
‫ال َّالذ َ‬ ‫الن ِار‪َ .‬ف ْ َ َ‬
‫‪27‬‬
‫ين َل ْم َت ُك ْن‬ ‫الر َج َ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ْت َعَل ْي ِه ْم‪" .‬‬ ‫الن ِار َلم َتأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ام ِه ْم‪َ ،‬و َش ْعَرٌة ِم ْن ُرُؤ ِ‬
‫وس ِه ْم َل ْم َت ْح َت ِر ْق‪َ ،‬و َسَر ِ‬ ‫لِ َّلن ِار ُق َّوٌة عَلى أَجس ِ‬
‫اويُل ُه ْم َل ْم َت َت َغَّيْر‪َ ،‬وَرائ َح ُة َّ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬

‫‪41‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫كان المفروض أن كالم الفتية الثالثة يحرك مشاعر نبوخذ نصر القديمة‪ ،‬وإيمانه السابق بأن هللا إله اإللهة ومع‬
‫أنه يعلم حكمة هؤالء الفتية الثالثة إال أن صورته تغيرت‪ ،‬وهذا يحدث مع كل من أسلم نفسه للشيطان فهو يزداد‬
‫هياجاً أمام كلمات هللا‪ .‬وهو زاد العقوبة عليهم لكن هللا تمجد باألكثر وسط هذه الوحشية لتكون يد هللا واضحة في‬
‫خالصهم‪ .‬والحظ أن النيران قد أحرقت قيودهم دون أن تحرق مالبسهم وهذا من بركات أي تجربة يسمح بها هللا‬
‫أنها تحررنا من قيود الخطية (راجع إش‪ .)2:43‬وظهور المسيح وسطهم يعني أن الضيقات التي تقع على أوالده‬
‫تقع عليه هو‪ .‬هم إستهانوا بالنار التي تقتلهم في دقائق فماذا تكون هذه أمام نيران البحيرة المتقدة بالنار وعذابها‬
‫أبدي‪ .‬ونالحظ أن طريقة هللا أنه ال يخرجنا من التجربة بل يأتي ويسير معنا فيها ويعزينا فتتحول نيرانها لبرودة‬
‫وأالمها لسالم وفرح بمن يسير معنا‪.‬‬
‫كان لألتون فتحة من أسفل يري منها من في الخارج الفتية الثالث وهم في النار ومنها خرج الفتية الثالث‪ .‬ونالحظ‬
‫أنه بعد أن هاج نبوخذ نصر ضد الفتية الثالث عاد وسماهم عبيد هللا العلي‪.‬‬
‫وظهور المسيح معهم هنا هو ظهور وليس تجسد‪ .‬المسيح كان يظهر فى شكل إنسان كما ظهر إلبراهيم ومعه‬
‫مالكان‪ ،‬ولكن هذا كان مجرد ظهور وليس بجسد حقيقى‪ .‬فالتجسد والتأنس‪ ،‬أى أن المسيح يشبهنا كبشر فى كل‬
‫شئ ما خال الخطية وحدها‪ ،‬كان بوالدته من العذراء مريم‪ .‬وعجيب أمر الفتية الثالث فبعد ما إحترقت قيودهم لم‬
‫يخرجوا من األتون إال حينما أمرهم الملك فهم في األتون مع المسيح أكثر فرحاً من وجودهم خارجه في وسط‬
‫العالم‪ ،‬حيث الجنود والنفوس المملوءة كراهية‪.‬‬

‫يش َخ َو َع ْب َدَن ُغ َو‪َّ ،‬ال ِذي أَْر َس َل َمالَ َك ُه َوأَْنَق َذ‬ ‫له َش ْدَر َخ َو ِم َ‬ ‫«تَب َار َك ِإ ُ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫وخ ْذَن َّصُر َوَق َ‬‫اب َنُب َ‬ ‫َج َ‬
‫‪28‬‬
‫اآليات (‪َ " -:)30-28‬فأ َ‬
‫له ِه ْم‪َ 29 .‬ف ِم ِني‬ ‫َج َس َاد ُه ْم لِ َك ْيالَ َي ْعُب ُدوا أ َْو َي ْس ُج ُدوا ِإل ل ٍه َغ ْي ِر ِإ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع ِب َ ِ‬
‫ين َّات َكُلوا َعَل ْيه َو َغَّيُروا َكل َم َة اْل َملك َوأ ْ‬
‫َسَل ُموا أ ْ‬ ‫يد ُه َّالذ َ‬ ‫َ‬
‫يش َخ َو َع ْب َدَن ُغ َو‪َ ،‬فِإَّن ُه ْم ُي َصَّيُرو َن ِإْرابا‬ ‫ِ‬
‫وء َعَلى ِإله َش ْدَر َخ َو ِم َ‬ ‫ان َي َت َكَّل ُمو َن ِب ُّ‬
‫الس ِ‬ ‫ُم ٍة َولِ َس ٍ‬
‫َن ُك َّل َش ْع ٍب َوأ َّ‬ ‫َمٌر ِبأ َّ‬‫َق ْد َص َدَر أ ْ‬
‫هك َذا»‪ِ .‬حيَن ِئ ٍذ َقَّد َم اْل َملِ ُك َش ْدَر َخ َو ِم َ‬ ‫يع أَ ْن ُيَن ِج َي َ‬ ‫ِ‬ ‫س ِإ ٌ‬ ‫وت ُه ْم َم ْزَبَلةا‪ِ ،‬إ ْذ َل ْي َ‬
‫ِإْرابا‪َ ،‬وُت ْج َع ُل ُبُي ُ‬
‫‪30‬‬
‫يش َخ َو َع ْب َدَن ُغ َو‬ ‫آخُر َي ْس َتط ُ‬ ‫له َ‬
‫ِفي ِولََي ِة َبا ِب َل‪".‬‬
‫بعد هذه القصة عرف الملك لماذا سقطت أورشليم في يده‪ .‬فهذا كان ليس راجعاً لقوته بل ألن هللا أسلمها ليده‬
‫بسبب خطاياها‪ .‬ولو كان يهود أورشليم أمناء مثل الثالثة فتية ألنقذهم هللا أيضاً‪ .‬ولكن مع كل هذا لم يؤمن الملك‬
‫له َّال ِذي ُيْن ِق ُذ ُك ْم ِم ْن‬ ‫باهلل بل َّسماه إله شدرخ وميشخ (‪ )29‬والحظ أنه أجاب على سؤاله في (‪َ )15‬و َم ْن ُه َو ِ‬
‫اإل ُ‬
‫َي َد َّي‪.‬‬
‫يش َخ َو َع ْب َدَن ُغ َو ِفي ِولََي ِة َبا ِب َل = نالحظ هنا مبدأ روحى وهو أن وراء كل تجربة يسمح‬
‫ِحيَن ِئ ٍذ َقَّد َم اْل َملِ ُك َش ْدَر َخ َو ِم َ‬
‫‪30‬‬

‫بها هللا ألوالده فائدة ‪ ،‬فهنا نجد أن الملك رفع من قدر الفتية الثالثة بعد التجربة التى حدثت لهم = َقَّد َم ‪ .‬وروحيا‬
‫فاهلل ال يسمح للشيطان بأن يجربنا إال لو هناك فائدة روحية لنا من وراء التجربة (راجع تفسير إصحاح ‪2‬أي ‪)20‬‬
‫‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫صالة الثالثة فتية في األتون ‪ :‬وردت في األسفار القانونية الثانية وهي صالة رائعة تأتي بعد اآلية (‪)23‬‬
‫والكنيسة األرثوذكسية تسبح بهذه التسبحة يومياً فيما يسمى بالهوس الثالث من تسبحة نصف الليل التي تسبق‬
‫القداس‪ .‬وتقرأها الكنيسة أيضاً في ليلة أبوغلمسيس وبالتحديد الجزء األول من (‪ )45-24‬والجزء الثاني من‬
‫(‪ )90-51‬فهي تسبحة الهوس الثالث وسيأتي تفصيلها فيما بعد‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الرابع)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الرابع‬

‫سنة ‪ 571‬ق‪.‬م‬
‫في اإلصحاح السابق رأينا مقاومة العالم لملكوت هللا وهنا نرى هللا هو ملك الملوك ورب األرباب وضابط الكل ‪.‬‬
‫والكل خاضع له‪ .‬نجد هنا قصة نبوخذ نصر عن نفسه ضمنها دانيال في كتابه‪ .‬وهنا نرى كيف تعامل هللا مع‬
‫الملك بطرق متعددة حتى يؤمن‪ ،‬فأراه حلم التمثال وأظهر له حكمة دانيال وجهل أوثانه‪ ،‬ثم أظهر له قوته في‬
‫حادثة الثالثة فتية‪ .‬ولكن مازال قلبه مرتفعاً ومازال مؤلهاً نفسه وهنا هللا يحاول تحذيره من عواقب هذه السقطة‬
‫ط بها كل البشر‪ .‬وهللا إستخدم حلماً آخر ليدعوه‬
‫الشيطانية أي الكبرياء وهي التي سقط فيها الشيطان‪ .‬ومازال ي ْسق ْ‬
‫للتواضع ولما لم يستجب ضربه وأدبه فآمن وتواضع‪.‬‬

‫ض ُكِل َها‪ :‬لَِي ْك ُثْر‬‫ين ِفي األ َْر ِ‬ ‫وب واألُممِ واألَ ْل ِسَن ِة َّ ِ ِ‬ ‫وخ ْذَن َّصَر اْل َملِ ِك ِإَلى ُك ِل ُّ‬ ‫اآليات (‪ِ " -:)3-1‬م ْن َنُب َ‬
‫الش ُع ِ َ َ َ‬
‫‪1‬‬
‫الساكن َ‬
‫ظ َم َها‪َ ،‬و َع َج ِائُب ُه‬ ‫ِ‬
‫ُخ ِبَر ِب َها‪َ .‬‬ ‫هللا اْل َعلِ ُّي‪َ ،‬ح ُس َن ِعْندي أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬
‫َع َ‬
‫آي ُات ُه َما أ ْ‬ ‫َن أ ْ‬ ‫ات َواْل َع َجائ ُب التي َصَن َع َها َمعي ُ‬ ‫آلي ُ‬
‫َسالَ ُم ُك ْم‪ .‬اَ َ‬
‫وت أََب ِد ٌّي َو ُسْل َ‬
‫طاُن ُه ِإَلى َد ْو ٍر َف َد ْو ٍر‪".‬‬ ‫وت ُه َمَل ُك ٌ‬ ‫َما أَ ْق َو َ‬
‫اها! َمَل ُك ُ‬
‫لم يستفد الملك من الحلم واستمر في ارتفاع قلبه وهنا لجأ هللا لألسلوب األعنف‪ ،‬فتحقق وعيد هللا ونفذ اإلنذار الذي‬
‫كان قد سبق وأنذر به الملك وقد ج َّن الملك فعالً وبعد أن شفى كتب هذه الكلمات التي تعبر عن توبته وشفائه‬
‫الروحي‪ .‬وهذا هو أسلوب هللا دائماً فهو الذي أرسل إرمياء منذ اًر بخراب أورشليم إن لم تتب ثم نفذ تهديده‪ .‬وبعد‬
‫أن عاد الشعب من السبي كان قد شفى تماماً من العبادة الوثنية التي بسببها ذهب إلى السبي‪ .‬وفى حالة نبوخذنصر‬
‫هنا شعر الملك بسلطان هللا وسيادته على كل الناس‪ .‬هو إستفاد من الدرس وأراد أن يفيد شعبه به فكتب الحادثة‬
‫وسجلها واعترف بخطيته علناً‪ .‬ويعترف هنا بملكوت هللا األبدي بينما عرف أن مملكته ستزول ‪ .‬إلى دور فدور‬
‫أي من جيل إلى جيل ولغة هذه التسبحة تميل للفكر الكتابي وهذا يظهر تأثير دانيال على الملك الوثني‪.‬‬

‫اضاار ِفي َق ْصرِي‪َ5 .‬أرَْي ُت ُحْل اما َفَرَّو َع ِني‪َ ،‬واألَ ْف َك ُار‬ ‫وخ ْذَن َّصر َق ْد ُكْن ُت م ْطم ِئًّنا ِفي بيِتي وَن ِ‬
‫َْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)18-4‬أََنا َنُب َ ُ‬
‫‪4‬‬

‫اء با ِبل ُقد ِ‬


‫َّامي لُِي َع ِرُفوِني ِب َت ْع ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعَلى ِفَار ِشي َوُرَؤى َ ْأر ِسي أَ ْف َز َع ْت ِني‪َ 6 .‬ف َص َدَر ِم ِني أ ِ‬
‫ير اْل ُحْلمِ‪.‬‬ ‫َمٌر بِإ ْح َض ِار َجمي ِع ُح َك َم َ َ‬ ‫ْ‬
‫ير‬
‫َخ اا‬ ‫يرِه‪ .‬أ ِ‬
‫‪8‬‬
‫الس َحَرُة َواْل َكْل َد ِانُّيو َن َواْل ُمَن ِج ُمو َن‪َ ،‬وَق َص ْص ُت اْل ُحْل َم َعَل ْي ِه ْم‪َ ،‬فَل ْم ُي َع ِرُفوِني ِب َت ْعِب ِ‬‫وس َو َّ‬ ‫‪ِ ِ7‬‬
‫حيَنئ ٍذ َح َضَر اْل َم ُج ُ‬
‫َّام ُه‪:‬‬
‫ين‪َ ،‬فَق َص ْص ُت اْل ُحْل َم ُقد َ‬ ‫وس َ‬ ‫وح اآللِ َه ِة اْلُقُّد ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫لهي‪َ ،‬و َّالذي فيه ُر ُ‬ ‫اسمِ ِإ ِ‬ ‫اصُر َك ْ‬ ‫ط َش َّ‬ ‫اس ُم ُه َبْل َ‬ ‫َّ ِ‬
‫يآل الذي ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َد َخ َل ُقدَّامي َدان ُ‬
‫ين‪َ ،‬ولَ َي ْع ُسُر َعَل ْي َك ِسٌّر‪،‬‬
‫وس َ‬ ‫وح اآللِ َه ِة اْلُقُّد ِ‬‫يك ُر َ‬ ‫َن ِف َ‬
‫َعَل ُم أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫اصر‪َ ،‬ك ِبير اْلمج ِ ِ‬
‫وس‪ ،‬م ْن َح ْي ُث ِإني أ ْ‬ ‫ُ َُ‬ ‫ط َش َّ ُ‬‫«يا َبْل َ‬
‫َ‬
‫‪9‬‬

‫اشي ِهي‪ :‬أ َِني ُكْن ُت أََرى َفِإ َذا ِب َش َجَرٍة ِفي َو َس ِط‬ ‫يرِه‪َ 10 .‬فرَؤى ْأر ِسي عَلى ِفر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َخ ِبْرِني ِبُرَؤى ُحْل ِمي َّال ِذي َأرَْي ُت ُه َوب َِت ْع ِب ِ‬
‫َفأ ْ‬
‫َ‬
‫ظُرَها ِإَلى أَ ْق َصى ُك ِل األ َْر ِ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم‪َ 11 .‬ف َكُبَر ِت َّ‬ ‫ِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫اء َو َمْن َ‬ ‫الش َجَرُة َوَق ِوَي ْت‪َ ،‬فَبَل َغ ُعُل ُّو َها إَلى َّ َ‬ ‫ض َوطُوُل َها َعظ ٌ‬ ‫األ َْر ِ‬
‫ِ‬ ‫طع ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان اْلَب ِر‪َ ،‬وِفي أَ ْغ َصان َها َس َكَن ْت طُُي ُ‬ ‫أ َْوَار ُق َها َجميَل ٌة َوَث َمُرَها َكث ٌير َوِف َ‬
‫‪12‬‬
‫ور‬ ‫ظ َّل َحَي َو ُ‬
‫اس َت َ‬
‫ام لْل َجميعِ‪َ ،‬وَت ْح َت َها ْ‬ ‫يها َ َ ٌ‬

‫‪44‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الرابع)‬

‫اء‪،‬‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬


‫ُّوس َن َز َل م َن َّ َ‬ ‫اشي َوِإ َذا ِب َسا ِه ٍر َوُقد ٍ‬ ‫ط ِعم ِمْنها ُك ُّل اْلب َش ِر‪ُ 13 .‬كْن ُت أَرى ِفي رَؤى ْأر ِسي عَلى ِفر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الس َماء‪َ ،‬و َ َ َ‬
‫َّ ِ‬
‫ِ‬
‫الش َجَرَة‪َ ،‬وا ْقضُبوا أَ ْغ َصاَن َها‪َ ،‬واْنثُُروا أ َْوَار َق َها‪َ ،‬و ْاب ُذُروا َث َمَرَها‪ ،‬لَِي ْهُر َب اْل َحَي َو ُ‬ ‫ط ُعوا َّ‬ ‫ِِ‬
‫َف َصَر َخ بشَّد ٍة َوَق َ‬
‫‪14‬‬
‫ان‬ ‫هك َذا‪ :‬ا ْق َ‬
‫ال َ‬
‫اس ِفي ُع ْش ِب‬ ‫ض‪َ ،‬وبَِقْي ٍد ِم ْن َح ِدي ٍد َوُن َح ٍ‬ ‫َصلِ َها ِفي األ َْر ِ‬ ‫اق أ ْ‬
‫ِ ‪ِ 15‬‬
‫ور م ْن أَ ْغ َصان َها‪َ .‬ولك ِن ا ْتُرُكوا َس َ‬
‫الطي ِ‬ ‫ِ‬
‫م ْن َت ْحت َها َو ُّ ُ ُ‬
‫ِ‬
‫ط‬‫اإل ْن َس ِانَّي ِة‪َ ،‬وْلُي ْع َ‬
‫ان ِفي ُع ْش ِب اْل َحْق ِل‪16 .‬لَِي َت َغَّيْر َقْلُب ُه َع ِن ِ‬ ‫يب ُه َم َع اْل َحَي َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْلحْق ِل‪ ،‬وْليبَت َّل ِبَن َدى َّ ِ‬
‫الس َماء‪َ ،‬وْلَي ُك ْن َنص ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ين‪ ،‬لِ َكى َت ْعَل َم‬ ‫ين‪َ ،‬واْل ُح ْك ُم ِب َكلِ َم ِة اْلُقد ِ‬
‫ُّوس َ‬
‫اء َّ ِ‬
‫الساه ِر َ‬
‫ض عَلي ِه سبع ُة أ َْزِمَنةٍ‪17 .‬ه َذا األَمر ِبَق َض ِ‬
‫ُْ‬ ‫ان‪َ ،‬وْل َت ْم ِ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َقْل َب َحَي َو ٍ‬
‫ْ‬
‫اس‪18 .‬ه َذا اْل ُحْل ُم َأرَْي ُت ُه‬ ‫الن ِ‬ ‫اء‪َ ،‬وُيَن ِص َب َعَل ْي َها أ َْدَنى َّ‬ ‫يها َم ْن َي َش ُ‬
‫ِ‬
‫اس‪َ ،‬فُي ْعط َ‬ ‫الن ِ‬ ‫َن اْل َعلِ َّي ُم َت َسلِطٌ ِفي َم ْمَل َك ِة َّ‬‫اء أ َّ‬‫َحَي ُ‬‫األ ْ‬
‫َن ُي َع ِرُفوِني‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اصُر َفَبِي ْن َت ْع ِب َيرُه‪ ،‬أل َّ‬ ‫وخ ْذَن َّصَر اْل َملِ َك‪ .‬أ َّ‬
‫يعو َن أ ْ‬
‫َن ُك َّل ُح َك َماء َم ْمَل َكتي لَ َي ْس َتط ُ‬ ‫ط َش َّ‬ ‫َما أَْن َت َيا َبْل َ‬ ‫أََنا َنُب َ‬
‫ين»‪".‬‬ ‫وس َ‬‫وح اآللِ َه ِة اْلُقُّد ِ‬ ‫يك ُر َ‬ ‫َن ِف َ‬ ‫يع‪ ،‬أل َّ‬ ‫ِ‬
‫َما أَْن َت َف َت ْس َتط ُ‬
‫ير‪ .‬أ َّ‬ ‫ِب َّ‬
‫الت ْع ِب ِ‬

‫في (‪ )4‬كان الملك ناض ار = أي مزده اًر فاهلل أعطاه اإلنذار وهو بعد في كامل عقله وسلطانه بعد أن إنتهي من‬
‫كل حروبه وبالذات مع مصر وكان في السنة ‪ 34‬أو ‪ 35‬لحكمه‪ .‬وهذا الحكم اإللهي تحقق بعد سنة من تاريخ‬
‫اإلنذار بالحلم‪ ،‬فاهلل يطيل أناته‪ .‬وتم تنفيذ اإلنذار وج َّن الملك لمدة ‪ 7‬سنوات ثم شفى لمدة سنتين كتب فيهما هذه‬
‫القصة ثم مات في السنة ‪ 45‬له‪ .‬وفي (‪ )5‬روعنى = هذا الذي لم يخشى إنساناً وال حرباً َرَّو َعه حلم ألنه من قبل‬
‫هللا‪ .‬وفي (‪ )7‬السحرة = وظيفتهم عمل الرقيات والتعاويذ وكتابات السحر وذلك عن طريق عالقاتهم باألرواح‬
‫الشريرة ‪ .‬والمنجمون أو العرافون = هؤالء يدعون المعرفة عن طريق األرواح الشريرة أيضاً ويدعون معرفة الغيب‬
‫(كمن يق أر الفنجان اآلن) والمجوس = هؤالء َي َّدعون معرفة المستقبل بقراءة النجوم ورصد حركاتها‪ .‬وهم يعبدون‬
‫النجوم ويؤمنون بأنها تسيطر على اإلنسان‪ .‬والكلدانيون هم كهنة األوثان‪ .‬وكل هؤالء فشلوا في تفسير الحلم مع‬
‫أنهم في أعين الناس حكماء (‪ . )6‬ونجد شبهاً لهذا الحلم في حزقيال (‪ . )3:31‬وكانت الشجرة هناك هي ملك‬
‫أشور ولكن حكماء بابل لم يعرفوا هذا‪.‬‬
‫أخي ار دخل قدامي دانيال = هذه عادة كثيرين حتى اآلن أن يجعلوا اللجوء هلل آخر محاوالتهم بعد يأسهم من البشر‪.‬‬
‫تغير بعد الدرس (‪)3-1:4‬‬
‫وحتى هذه اللحظة كان الملك يسمى بيل إلهه ولكن هذا َّ‬
‫لماذا لم يقتل الملك السحرة والمجوس كما فعل من قبل (حلم التمثال)؟ واضح أن الملك قد بدأت طبيعته في‬
‫التغيير‪ ،‬وبدأ هللا يعمل فيه‪ ،‬فإختفت طبيعته الوحشية‪.‬‬

‫الحلم‪:‬‬
‫كان البابليون يعبدون شجرة ووجد في معابدهم رسومات لشجرة يقدسونها ويرتلون لها في عبادتهم‪ .‬وغالباً فهي‬
‫شجرة معرفة الخير والشر‪ ،‬أو شئ يرمز لها‪ .‬وقد وصلت القصة لهم عبر األجيال فعبدوا الشجرة وتركوا هللا‪ .‬والحظ‬
‫أن الملك كان متأث اًر بالتسابيح التي تقدم في المعابد‪ .‬كان يسمعها دائماً كلما ذهب ليصلي‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الرابع)‬

‫نبوخذ نصر البناء الملكي مشبه بشجرة‪:‬‬


‫أحد أعمال هذا الملك العظيم‪ ،‬الحدائق المعلقة (أحد عجائب الدنيا السبع) وكانت على شكل جبل من أجل أن‬
‫يرضي زوجته التي من مادي ويعوضها عن مناظر الجبال في بالدها وكانت هذه الحدائق تروي بواسطة آالت‬
‫هيدروليكية لرفع المياه إخترعها نبوخذ نصر(إكتشاف أثري) ‪ .‬وقام هذا الملك ببناء العديد من القصور والقالع‬
‫والهياكل وشق القنوات‪ .‬والتعمير الذي قام به يجعله من عظماء إن لم يكن أعظم بناء في العالم‪ .‬ويبدو أن منظر‬
‫بابل من فوق قصره كان رائعاً‪ ،‬وقد دفعه هذا للغرور ثم للجنون‪ .‬وقد وجد في النقوشات األثرية تقريباً نفس كلمات‬
‫هذا اإلصحاح‪ .‬وكانت بابل التي بناها نبوخذ نصر عظيمة تحوى داخل أسوارها المنيعة العجيبة شعب بابل تحت‬
‫حماية الملك كأنه شجرة يستظلون بها (‪ .)10:4‬وكان لهذا الملك عالقة خاصة باألشجار‪ ،‬فأينما ذهب لحروبه‬
‫كان يجمع األشجار لبناء هياكل آلهته وبعد أن استقرت المملكة وإنتهت الحروب ‪ ،‬إستغل الملك السبايا في بناء‬
‫بابل العظيمة‪ .‬وجمع في مخازنها كميات هائلة من الحبوب‪ .‬ووجد في النقوشات األثرية " أنني جمعت كل الرجال‬
‫فوصف الشجرة يتفق مع أفكار نبوخذ نصر عن نفسه بأنه‬ ‫في سالم وزمن حكمي هو زمن رخاء أنا صنعته "‬
‫هو الذي وفر الرخاء لشعبه ولغيره من البشر الذين جمعهم تحته أو تحت ظله‪ .‬وهو كما كان مولع بجمع الذهب‬
‫سمى لبنان جبل األرز "غابة‬
‫آللهته كان مولعاً بأشجار األرز العالية يأتي بها من لبنان لمعابد آلهته حتى أنه َّ‬
‫مرودخ الفخمة " وكان يتغنى بجمال وروعة األرز‪ .‬ووجد في النقوشات األثرية قوله " أنا قطعت األرز بيدي‬
‫الطاهرتين أو النقيتين" وهذا تعبير ديني المقصود به أن الملك قطع بنفسه شجرة األرز بعد أن تطهر ليبني به‬
‫هيكل مرودخ‪ .‬وال توجد شجرة تعطى ظالً وحماية كشجرة األرز لذلك فهي تؤخذ كتشبيه للحكومة القوية التي تحمي‬
‫مواطنيها‪ .‬والحظ التشبيه فشجرة األرز تمتد فروعها أفقياً وهذه الممالك امتدت بطول األرض (أشور وبابل‪. )..‬‬
‫ووجد في النقوشات قول نبوخذ نصر عن بابل حبيبته "تحت ظلها األبدي جمعت كل البشر في سالم وقد جمعت‬
‫وواضح أن ما قيل في هذا اإلصحاح هو نفس ما وجد منقوشاً في‬ ‫وخزنت فيها كميات هائلة من الحبوب"‬
‫األثار‪ .‬وقد تكون الشجرة التي حلم بها الملك أرزة كبيرة لكنها ذات ثمار وورق كبير لهذه األسباب أنزعج الملك‬
‫من الحلم فالشجرة مقدسة بالنسبة له‪ .‬وهو شعر بأن هناك خطر قادم عليه‪.‬‬
‫وفي (‪ )10‬شجرة وسط األرض = كانت بابل قد أصبحت مرك اًز لهذه اإلمبراطورية الكبيرة وطولها عظيم = تشير‬
‫لمركز الملك العالي‪ .‬ومنظرها إلى أقصى األرض‪ )11( .‬إشارة ألن قوة نبوخذ نصر كانت حديث كل األمم‪ ،‬الكل‬
‫عينهم عليها إما عن إعجاب أو عن حسد ‪ .‬وفي (‪ )12‬أوراقها جميلة = تشير لبهاء وعظمة بالطه وحكومته‬
‫وجيشه‪ .‬وثمرها كثير = الخير فيها كثير‪ ،‬وهي ليست منظ اًر فقط بل تحمي من حولها وتعولهم‪( .‬هكذا خلق هللا‬
‫وغير صورته الجميلة)‪ .‬وأنظر فاهلل أعطى لهذه الدولة‬
‫اإلنسان جميالً ناض اًر مثم اًر لكن سقوطه في الكبرياء أذله َّ‬
‫الخير والسالم ففيها الحيوان والطير في سالم واإلنسان يشبع من كثرة الخيرات‪ .‬ولكن خطية الكبرياء تخرب كل‬
‫شئ‪.‬‬
‫وفي آية (‪ )13‬ساهر قدوس = ساهر جاءت فى اإلنجليزية ‪ watcher‬بمعنى مراقب أو من يسهر على راحة‬
‫مريض‪ .‬وحين تقال عن المالئكة فتعبير ساهر يعنى أن المالئكة ال تنعس وال تنام بل هي ساهرة على تنفيذ أوامر‬

‫‪46‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الرابع)‬

‫هللا (الحظ أن هللا هنا يكلم الملك البابلي باللغة التي يفهمها‪ .‬فهم كانوا يعتقدون في بابل أن هناك كائنات سماوية‬
‫تدين أعمال البشر وتقرر مصيرهم)‪.‬‬
‫ولكن من أين أتى نبوخذنصر الملك الوثنى بتعبير قدوس وهو تعبير ال يعرفه الوثنيون‪ ،‬بل اليهود فقط‪ ،‬فهكذا‬
‫يسبح المالئكة هللا (إش‪ ،)4-1 :6‬إال إذا كان بتعليم من دانيال‪ .‬وبنفس الطريقة من أين فهم معنى ساهر وأنه‬
‫يشير للسهر على تنفيذ أوامر هللا‪ .‬فالمالك القدوس ليس هو الذى يقرر مصير البشر كما يفهم نبوخذنصر‪ ،‬بل‬
‫هو يتلقى األوامر من هللا ويسهر على تنفيذها‪ .‬واضح إمتزاج أفكار الملك مع تأثير دانيال‪ .‬فالملك رأى مالكا كلمه‬
‫وهو بحسب عقيدته يؤمن بأن هناك كائنات سماوية تقرر مصير البشر‪ ،‬وبتأثير دانيال فهم أن من رآه أو رآهم هم‬
‫مالئكة ساهرين على تنفيذ أوامر هللا‪ .‬دانيال شرح لنبوخذنصر أن هذه الكائنات السماوية ليست هى التى تدين‬
‫البشر وتقرر مصيرهم‪ ،‬بل هللا الذى يؤمن به دانيال هو الذى يقرر‪ .‬والمالئكة أو من يسميهم نبوخذنصر كائنات‬
‫سماوية هم مجرد جنود هلل ومنفذين ألوامره وساهرين على تنفيذها‪.‬‬
‫والملك كان يذكر كلمة كلمة من هذا الحلم المفزع والذي فيه أري الحيوان والطير تهرب من تحت هذه الشجرة‪.‬‬
‫ولنالحظ فإن اإلزدهار العالمي هو شئ مؤقت وليس ثابتاً‪.‬‬
‫أتركوا ساق أصلها= هذا يعني أن هناك أمل في عودته‪ ،‬إذاً هي ضربة تأديب لكسر كبريائه كما قال بولس الرسول‬
‫" أن يسلم مثل هذا للشيطان لهالك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع" (‪1‬كو‪. )5:5‬‬
‫وسيربط بقيود حديد ونحاس = حتي ال يهلك نفسه أو غيره في أثناء جنونه‪ .‬وقد وجد فى األثار من هذا العصر‬
‫سبائك نحاسية تحيط بالحديد‪ .‬والمالك فسر للملك معني الحلم (‪ )17 ،16‬فمن وضع في قلبه أن يرتفع مثل هللا‬
‫طي قلب حيوان‪.‬‬
‫(حز ‪ )2 : 28‬يخفضه هللا وينزع عنه قلب اإلنسان ويع َ‬
‫ه َذا األ َْمُر بقضاء الساهرين = كما قلنا فهذا ما يؤمن به نبوخذنصر‪ ،‬أن هناك كائنات سماوية تقرر مصير البشر‪،‬‬
‫قال عنها الساهرين‪ .‬لكن إيمان دانيال وإيماننا نحن فهو أن هللا هو الذى يقضى والمالئكة يقروا ويؤيدوا ويستحسنوا‬
‫قضاء هللا ويسهروا على تنفيذ ق اررات هللا‪ .‬هللا ال يحتاج لموافقة أحد‪.‬‬
‫والحكم بكلمة القدوسين = القدوسين المقصود بهم المالئكة الذين ينفذون حكم هللا‪ ،‬وبحسب فهم نبوخذنصر أنهم‬
‫هم الذين يصدرون األحكام‪ .‬هللا الذى يقرر‪ ،‬أما هؤالء القديسين من المالئكة ومن البشر يجدون راحتهم في ق اررات‬
‫هللا ويفرحون بها‪ .‬وقد تعنى القدوسين أيضا أنهم شعب هللا الذين أضيروا من كبرياء وتعنت الملك‪ ،‬وهم بالتأكيد‬
‫سيوافقون هللا علي حكمه‪ .‬بل نحن نصلي "لتكن مشيئتك"‪ .‬وكلما ازدادت قداسة إنسان نجده ال يختلف مع هللا في‬
‫شىء‪ ،‬وراجع تفسير (أع‪.)28 :15‬‬
‫ه َذا األ َْمُر بقضاء الساهرين‪ ،‬والحكم بكلمة القدوسين = مرة أخرى نقول أن كالم نبوخذنصر هنا يمتزج فيه تعليم‬
‫دانيال مع عقيدة نبوخذنصر‪.‬‬
‫وفى (‪ )17‬ينصب عليها أدني الناس = فاهلل أقام داود على مملكته وهو راع للغنم‪ ،‬وأيضاً كان هو الصغير فى‬
‫إخوته‪.‬‬
‫وواضح من (‪ )16‬أن الشجرة تشير لشخص إذ يقول = ليتغير قلبه عن اإلنسانية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الرابع)‬

‫اب اْل َملِ ُك‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ 19‬‬


‫َج َ‬ ‫اع اة َواح َد اة َوأَ ْف َز َع ْت ُه أَ ْف َك ُارُه‪ .‬أ َ‬ ‫اصُر َس َ‬ ‫ط َش َّ‬ ‫اس ُم ُه َبْل َ‬ ‫يآل الذي ْ‬ ‫اآليات (‪ " -: )27-19‬حيَنئ ٍذ َت َحَّيَر َدان ُ‬
‫ِ‬
‫يك َوَت ْعِب ُيرُه‬ ‫«يا َسِيدي‪ ،‬اْل ُحْل ُم لِ ُم ْب ِغ ِض َ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫اصُر َوَق َ‬ ‫ط َش َّ‬ ‫اب َبْل َ‬ ‫َج َ‬ ‫اصُر‪ ،‬لَ ُي ْف ِز ُع َك اْل ُحْل ُم َولَ َت ْع ِب ُيرُه»‪َ .‬فأ َ‬ ‫ط َش َّ‬ ‫«يا َبْل َ‬
‫ال‪َ :‬‬ ‫َوَق َ‬
‫ظُرَها ِإَلى ُك ِل األ َْر ِ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫أل ِ‬
‫ض‪َ 21 ،‬وأ َْوَار ُق َها‬ ‫اء‪َ ،‬و َمْن َ‬ ‫لش َجَرةُ التي َأرَْي َت َها‪ ،‬التي َكُبَر ْت َوَق ِوَي ْت َوَبَل َغ ُعُل ُّو َها إَلى َّ َ‬ ‫يك‪20 .‬اَ َّ‬ ‫َعاد َ‬‫َ‬
‫ان اْلَب ِر‪َ ،‬وِفي أَ ْغ َص ِان َها َس َكَن ْت ُ‬ ‫ِ‬
‫ِ ‪22‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َماء‪ِ ،‬إَّن َما‬ ‫ور َّ‬ ‫طُي ُ‬ ‫ام لِْل َجمي ِع‪َ ،‬وَت ْح َت َها َس َك َن َحَي َو ُ‬ ‫ط َع ٌ‬‫يها َ‬ ‫َجميَل ٌة َوَث َمُرَها َكث ٌير َوِف َ‬
‫ض‪.‬‬ ‫طاُن َك ِإَلى أَ ْق َصى األ َْر ِ‬ ‫اء‪َ ،‬و ُسْل َ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬
‫ظ َم ُت َك َق ْد َزَاد ْت َوَبَل َغ ْت إَلى َّ َ‬ ‫ِه َي أَْن َت َياأَُّي َها اْل َملِ ُك‪َّ ،‬ال ِذي َكُبْر َت َوَتَق َّوْي َت‪َ ،‬و َع َ‬
‫َصلِ َها ِفي‬ ‫ِ‬ ‫اه ار وُقُّدوسا َن َزل ِمن َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫وها‪َ ،‬ولك ِن ا ْتُرُكوا َس َ‬ ‫َهلِ ُك َ‬ ‫ط ُعوا َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪23‬‬
‫اق أ ْ‬ ‫الش َجَرَة َوأ ْ‬ ‫ال‪ :‬ا ْق َ‬ ‫الس َماء َوَق َ‬ ‫َ َ‬ ‫َو َح ْي ُث َأرَى اْل َمل ُك َس ا َ ا‬
‫ان اْلَب ِر‪َ ،‬ح َّتى‬ ‫يب ُه َم َع َحَي َو ِ‬ ‫ِ‬
‫الس َماء‪َ ،‬وْلَي ُك ْن َنص ُ‬
‫اس ِفي ع ْش ِب اْلحْق ِل‪ ،‬وْليبَت َّل ِبَن َدى َّ ِ‬
‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ض‪َ ،‬وبَِقْي ٍد ِم ْن َح ِدي ٍد َوُن َح ٍ‬ ‫األ َْر ِ‬
‫اء اْل َعلِ ِي َّال ِذي َيأ ِْتي َعَلى َسِي ِدي اْل َملِ ِك‪:‬‬ ‫ِ‬
‫الت ْع ِب ُير أَُّي َها اْل َمل ُك‪َ ،‬وه َذا ُه َو َق َض ُ‬ ‫َت ْم ِضي َعَل ْي ِه َس ْب َع ُة أ َْزِمَنةٍ‪َ 24 .‬فه َذا ُه َو َّ‬
‫َ‬
‫اء‪،‬‬ ‫السم ِ‬ ‫ى‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ِ‬
‫ب‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫و‬ ‫ُّ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫ي‬‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ان‬‫ِ‬ ‫ير‬ ‫ِ‬
‫الث‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ِ‬
‫ع‬ ‫ط‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ر‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ِ‬
‫ان‬ ‫و‬ ‫ي‬‫ح‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫اك‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ك‬‫ت‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اس‬ ‫َّ‬
‫الن‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫‪25‬‬
‫َّ َ‬ ‫َ َ ُ ُ ُ ْ َ َ َ َ َ َ َ َْ َ ُ ْ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َُ َ َ َ َ‬ ‫َي ْطُ ُ َ َ ْ َ ْ‬
‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫و‬ ‫د‬‫ر‬
‫َمُروا ِب َتْرِك‬ ‫‪26‬‬
‫اء‪َ .‬و َح ْي ُث أ َ‬ ‫يها َم ْن َي َش ُ‬
‫ِ‬
‫اس َوُي ْعط َ‬ ‫الن ِ‬ ‫ط ِفي َم ْمَل َك ِة َّ‬ ‫َن اْل َعلِ َّي ُم َت َسلِ ٌ‬ ‫َف َت ْم ِضي َعَل ْي َك َس ْب َع ُة أ َْزِمَن ٍة َح َّتى َت ْعَل َم أ َّ‬
‫ورِتي‬ ‫ِ‬
‫ان‪ .‬لذل َك أَُّي َها اْل َمل ُك‪َ ،‬فْل َت ُك ْن َم ُش َ‬
‫ط ٌ ‪ِ ِ 27‬‬ ‫اء ُسْل َ‬ ‫الس َم َ‬
‫َن َّ‬ ‫الش َجَرِة‪َ ،‬فِإ َّن َم ْمَل َك َت َك َت ْثُب ُت َل َك ِعْن َد َما َت ْعَل ُم أ َّ‬ ‫ول َّ‬ ‫ُص ِ‬ ‫اق أ ُ‬‫َس ِ‬
‫ال ا ْط ِمْئَناُن َك»‪".‬‬ ‫ين‪َ ،‬ل َعَّل ُه ُي َ‬‫اك ِ‬‫اك ِباْل ِب ِر وآ َثام َك ِبا َّلرحم ِة لِْلمس ِ‬ ‫َم ْقُبوَل اة َل َد ْي َك‪َ ،‬وَف ِار ْق َخ َ‬
‫ط ُ‬ ‫َْ ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ط َاي َ‬
‫تحير دانيال = من القرار الصعب الصادر ضد الملك العظيم‪ .‬وكيف يخبره بهذه األخبار السيئة وهو الذي أحبه‬
‫وأحسن إليه ‪ ،‬وشجعه الملك وأجاب دانيال بكالم لطيف = الحلم لمبغضيك = فهو يتمنى له الخير‪ ،‬لكن أمنياته‬
‫شئ وقرار هللا شئ آخر‪ .‬وقول الملك ل يفزعك الحلم = تعني إما أنه يريد أن يعرف بأمانة أو غير مهتم بما‬
‫سيقال‪ .‬وألنه لم ينفذ رأي دانيال ولم يستمع لمشورته (‪ )27‬فاألرجح هو الرأي الثاني‪ .‬ودانيال أعطي نصيحة للملك‬
‫بالتوبة‪ ،‬فالتوبة وحدها تنقذنا من الشرور‪ .‬سبعة أزمنة = ‪ 7‬سنين‪.‬‬
‫ساعة واحدة (‪ = )19‬أى مدة قصيرة من الزمن (الحظ أنه لم يكن هناك توقيت فى ذلك الزمان)‪ .‬ولنالحظ ان‬
‫دانيال لم يكره الملك بالرغم من شره واضطهاده لشعبه‪ ،‬فأوالد هللا ال يكرهون الخطاة بل يكرهون الخطية‪ .‬ونصيحة‬
‫دانيال للملك تشمل التوبة السلبية = فارق خطاياك وفيها التوبة اإليجابية = بالبر والرحمة للمساكين‪ .‬ولو كان‬
‫نبوخذ نصر قد فعل إلرتد حمو غضب هللا عنه كما حدث مع نينوى‪.‬‬
‫ان = مملكتك تثبت حينما تعلم أن السماء (كناية عن هللا السماوى‬
‫طٌ‬ ‫اء ُسْل َ‬
‫الس َم َ‬ ‫َم ْمَل َك َت َك َت ْثُب ُت َل َك ِعْن َد َما َت ْعَل ُم أ َّ‬
‫َن َّ‬
‫المرتفع) هى التى تحكم وليس أنت (األرضى المحدود)‪.‬‬

‫ِ ‪ِ ِ ِ 29‬‬
‫ان َي َت َم َّشى َعَلى‬ ‫وخ ْذَن َّصَر اْل َملِك‪ .‬عْن َد ن َه َاية ا ْثَن ْي َع َشَر َش ْهاار َك َ‬
‫‪28‬‬
‫اء َعَلى َنُب َ‬ ‫اآليات (‪ُ " -:)33-28‬ك ُّل ه َذا َج َ‬
‫يم َة َّال ِتي َبَن ْي ُت َها لَِب ْي ِت اْل ُمْل ِك ِبُق َّوِة ا ْق ِت َدارِي‪َ ،‬ولِ َجالَ ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪« :‬أََل ْي َس ْت هذه َباب َل اْل َعظ َ‬ ‫َق ْص ِر َم ْمَل َكة َبا ِب َل‪َ .‬وأ َ‬
‫‪30‬‬
‫اب اْل َمل ُك َفَق َ‬ ‫َج َ‬
‫وخ ْذَن َّصُر اْل َملِ ُك‪ِ :‬إ َّن اْل ُمْل َك‬‫اء َق ِائالا‪َ« :‬ل َك َيُقوُلو َن َيا َنُب َ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 31‬‬ ‫ِ‬
‫َم ْجدي؟» َواْل َكل َم ُة َب ْع ُد ب َفمِ اْل َملك‪َ ،‬وَق َع َص ْو ٌت م َن َّ َ‬
‫ان‪َ ،‬ف َت ْم ِضي‬ ‫ان اْلب ِر‪ ،‬وي ْط ِعموَنك اْلع ْشب َك ِ‬
‫الث َير ِ‬ ‫الن ِ‬‫ال َعْن َك‪َ 32 .‬وَي ْطُرُدوَن َك ِم ْن َب ْي ِن َّ‬
‫اك َم َع َحَي َو ِ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫اس‪َ ،‬وَت ُكو ُن ُس ْكَن َ‬ ‫َق ْد َز َ‬
‫اع ِة َت َّم‬
‫الس َ‬‫اء»‪ِ .‬في ِتْل َك َّ‬
‫‪33‬‬
‫يها َم ْن َي َش ُ‬
‫ِ‬
‫اس َوأََّن ُه ُي ْعط َ‬ ‫َن اْل َعلِ َّي ُم َت َسلِطٌ ِفي َم ْمَل َك ِة َّ‬
‫الن ِ‬ ‫َعَل ْي َك َس ْب َع ُة أ َْزِمَن ٍة َح َّتى َت ْعَل َم أ َّ‬

‫‪48‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الرابع)‬

‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس‪ ،‬وأ ََكل اْلع ْشب َك ِ‬ ‫وخ ْذَن َّصَر‪َ ،‬فطُ ِرَد ِم ْن َب ْي ِن َّ‬
‫ال َش ْعُرُه‬
‫ط َ‬‫اء َح َّتى َ‬ ‫الث َير ِ‬
‫ان‪َ ،‬و ْابَت َّل ج ْس ُم ُه بَن َدى َّ َ‬ ‫الن ِ َ َ ُ َ‬ ‫األ َْمُر َعَلى َنُب َ‬
‫ور‪ ،‬وأَ ْظ َف ُارُه ِم ْثل ُّ‬
‫الطُي ِ‬ ‫ِم ْث َل ُّ‬
‫ور‪".‬‬ ‫َ‬ ‫الن ُس ِ َ‬
‫هللا أعطاه اإلنذار ودانيال أعطاه النصيحة‪ .‬ثم أمهله هللا سنة لعله يتوب ولكنه مثل كثيرين يميلون أن ينسبوا العظمة‬
‫تصور أنه ليست قوة قادرة أن تأخذ منه شئ حرَم حتى من كرامته‬
‫لهم وليس هلل‪ .‬وصدر الحكم من السماء فحين َّ‬
‫كإنسان‪ ،‬وفقد عقله وأصيب بمرض يسمى ليكانثروبى وهو يجعل اإلنسان يتصور نفسه حيواناً ويقال مرض‬
‫اإلستذئاب (يتصور المريض نفسه ذئباً) ويفضل المريض أن يسكن مع الحيوانات‪ .‬حقا فاهلل يقاوم المستكبرين أما‬
‫المتواضعين فيعطيهم نعمة‪ .‬وغالباً فلقد ملك إبن نبوخذ نصر وهو أويل مردوخ مكانه فى فترة جنونه هذه‪.‬‬

‫اء‪َ ،‬فَر َج َع ِإَل َّي َعْقلِي‪َ ،‬وَب َارْك ُت‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء األََّيامِ‪ ،‬أََنا َنُب َ‬‫اآليات (‪34 " -:)37-34‬و ِعْن َد اْن ِته ِ‬
‫وخ ْذَن َّصُر‪َ ،‬رَف ْع ُت َع ْيَن َّي إَلى َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اْل َعلِ َّي َو َسَّب ْح ُت َو َح َم ْد ُت اْل َح َّي ِإَلى األََبد‪َّ ،‬الذي ُسْل َ‬
‫وت ُه ِإَلى َد ْو ٍر َف َد ْو ٍر‪َ .‬و ُحسَب ْت َجم ُ‬
‫‪35‬‬
‫يع‬ ‫ان أََبد ٌّي‪َ ،‬و َمَل ُك ُ‬ ‫طٌ‬ ‫طاُن ُه ُسْل َ‬
‫ول‬ ‫ان األ َْر ِ‬ ‫اء َو ُس َّك ِ‬‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض َكالَ َشيء‪ ،‬و ُهو ي ْفعل َكما ي َش ِ‬ ‫ان األ َْر ِ‬
‫ُس َّك ِ‬
‫وج ُد َم ْن َي ْمَن ُع َي َد ُه أ َْو َيُق ُ‬‫ض‪َ ،‬ولَ ُي َ‬ ‫اء في ُجْند َّ َ‬ ‫َْ َ َ َ َُ َ َ ُ‬
‫طَلَبِني ُم ِشيرَّ‬
‫ِي‬ ‫«ما َذا َت ْف َع ُل؟»‪ِ .‬في ذلِ َك اْل َوْق ِت َر َج َع ِإَل َّي َعْقلِي‪َ ،‬و َع َاد ِإَل َّي َجالَ ُل َم ْمَل َك ِتي َو َم ْج ِدي َوَب َه ِائي‪َ ،‬و َ‬
‫‪36‬‬
‫َل ُه‪َ :‬‬
‫َح َم ُد َملِ َك‬ ‫وخ ْذَن َّصر‪ ،‬أُس ِبح وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظ َم ِائي‪َ ،‬وَت َثَّب ُّت َعَلى َم ْمَل َك ِتي َو ْازَد َاد ْت لِي َع َ‬
‫اآلن‪ ،‬أََنا َنُب َ ُ َ ُ َ َ‬ ‫ظ َم ٌة َكث َيرةٌ‪َ .‬ف َ‬
‫‪37‬‬
‫ُعظ ُم َوأ ْ‬ ‫َو ُع َ‬
‫َن ُي ِذَّل ُه‪".‬‬ ‫ِ‬ ‫طرِق ِه ع ْدل‪ ،‬وم ْن يسُل ُك ِباْل ِكب ِري ِ‬ ‫َع َم ِال ِه َح ٌّ‬ ‫َّ ِ ِ‬
‫اء َف ُه َو َقادٌر َعَلى أ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ق َو ُُ َ ٌ َ َ َ ْ‬ ‫الس َماء‪َّ ،‬الذي ُك ُّل أ ْ‬
‫هو شفى ألنه نظر للسماء = رفعت عيني إلى السماء‪ .‬والحظ أن اإلنسان وحده هو الذى ينظر إلى السماء‪ ،‬بينما‬
‫أن الحيوانات تنظر لألرض‪ .‬وبهذا تحول هذا الوحش وعاد إنسانا كما ظهر فى حلم دانيال عن نبوخذ نصر " ْٱألََّول‬
‫ف َعَلى ر ْجَل ْين َكإ ْن َس ٍ‬
‫ان‪،‬‬ ‫ٱأل َْرض‪َ ،‬وأوق َ‬
‫ص َب َعن ْ‬ ‫احاه َو ْٱنتَ َ‬
‫ف َجَن َ‬ ‫احا َن ْس ٍر‪َ .‬وك ْنت أ َْنظر َحتَّى ْٱنتَتَ َ‬ ‫َسد َوَله َج َن َ‬ ‫َك ْٱأل َ‬
‫ان" (دا‪ .)4 :7‬والنظر للسماء وليس إلى األرض هو الذي يشفى‪ ،‬أو تحول النظرة من اإلعجاب‬ ‫َوأ ْعطي َقْل َب إ ْن َس ٍ‬
‫َ‬
‫بالذات إلى هللا وهذه هى التوبة والشفاء من الجنون‪ .‬وهو نظر للسماء كتائب متواضع وبتقوى طالباً الرحمة‪ .‬والحظ‬
‫كيف إعترف باهلل كإله له " َوَب َارْك ُت اْل َعِل َّي َو َسَّب ْح ُت َو َح َم ْد ُت اْل َح َّي ِإَلى األََب ِد"‪ .‬وقارن مع اآلية‪ 8‬من هذا اإلصحاح‬
‫لهي"‪ .‬فحتى اآلية‪ 8‬لم يكن قد آمن بعد إذ يقول‬ ‫اسمِ ِإ ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حينما قال "أ ِ‬
‫اصُر َك ْ‬ ‫ط َش َّ‬
‫اس ُم ُه َبْل َ‬
‫يآل الذي ْ‬ ‫ير َد َخ َل ُقدَّامي َدان ُ‬‫َخ اا‬
‫كإسم إلهى بيل ‪ -‬بيلطشاصر‪.‬‬
‫وهو شفى حينما عرف أن هللا هو وحده الذي يحكم فنظر إليه فشفاه تحقيقاً لآلية (‪ )26‬وحينما عاد له عقله سبح‬
‫هللا به‪ ،‬فلنسبح هللا علي كل ما أعطانا‪ .‬ما أعظم مراحمك يا رب فعقوبة هذا اإلنسان كانت سبباً فى خالصه‪،‬‬
‫وهذا الوثنى أنهي حياته مؤمناً باهلل‪.‬‬

‫لننظر اآلن لخطة هللا مع نبوخذنصر ليجتذبه لإليمان‪-:‬‬


‫‪ .1‬إصحاح‪ :1‬نبوخذنصر الملك الذى يذل أوالد الملوك ويظن أنه فى جبروته وكبريائه أنه قادر أن يفعل ما‬
‫يريد‪ .‬هو أسس إمبراطورية واسعة هو يملك عليها‪ .‬وعن مدى سلطانه قيل عن ملوك بابل "أياً شاء قتل‬
‫وأياً شاء إستحيا" (دا‪.)19 :5‬‬

‫‪49‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الرابع)‬

‫‪ .2‬إصحاح‪ :2‬حلم التمثال – بهذا الحلم عرف نبوخذنصر أن مملكته ستنتهى وتأتى ممالك أخرى‪ ،‬والكل‬
‫سينتهى ولكن مملكة هللا هى الباقية‪ .‬وكأن الحلم هو دعوة لنبوخذنصر أن يفهم أن يتواضع فمملكته‬
‫ستنتهى‪ ،‬واألفضل أن ينتمى لهذه المملكة الباقية لألبد‪.‬‬
‫‪ .3‬إصحاح‪ :3‬نبوخذنصر يتحدى ويقول بل مملكتى باقية لألبد (التمثال الذهب الذى يعنى لن تأتى ممالك‬
‫من الفضة أو النحاس أو الحديد‪ ،‬بل أنا الرأس الذهبى مستمر لألبد‪ ،‬لست أنا رأس فقط بل أنا الكل‬
‫المستمر)‪ .‬وهنا يرى قدرة هللا الذى يحمى أوالده من النيران بل يصاحبهم فيها فال تؤذيهم‪.‬‬
‫‪ .4‬إصحاح‪ :4‬الدرس األخير وهو عبارة عن تأديب نبوخذنصر على كبريائه الذى أصر عليه‪ ،‬وعلى أنه لم‬
‫يصدق هللا‪ .‬وبعد هذا الدرس األخير أعلن نبوخذصر إيمانه باهلل‪.‬‬
‫عجيب هو هللا الذى فى محبته يبحث عن القصبة المرضوضة والفتيلة المدخنة ليجتذبها لإليمان والخالص‪.‬‬
‫تأمل‬
‫ون ٍة" (يو‪ .)8:16‬والمعانى المتعددة لألصل‬ ‫ٍ‬
‫اك ي َبكت ٱْل َعاَل َم َعَلى َخطيَّة َو َعَلى ب ٍر َو َعَلى َد ْين َ‬
‫اء َذ َ‬
‫في اآلية " َو َمتَى َج َ‬
‫اليونانى لكلمة ُيَب ِك ُت وتطبيق ذلك عى معامالت هللا مع نبوخذنصر الملك‪.‬‬
‫ُيَب ِك ُت = تترجم الكلمة اليونانية بثالث معانى (‪ )convince/reprove/convict‬وتعنى الكلمات على الترتيب‬
‫يقنع – يوبخ ويؤنب – يدين‪ .‬وهللا يستعمل الثالث معانى في إجتذاب اإلنسان إليه ليخلصه‪ .‬وهذا ما إتبعه هللا‬
‫مع نبوخذنصر‪-:‬‬
‫على فغلبت" (إر‪ .)7:20‬وهذا ما بدأ هللا به‬
‫يقنع‪ -:‬وهذا ما قاله إرمياء النبى "أقنعتنى يا رب فإقتنعت‪ ،‬وألححت َّ‬
‫مع نبوخذنصر‪ .‬فنبوخذنصر كان يحلم بإمتداد ملكه لكل العالم‪ .‬ولكن هللا يريه تفاهة هذا العالم ويقنعه عن طريق‬
‫حلم التمثال بأن األرض بما فيها من ممالك ستنتهى كغبار يتطاير في الجو وال يكون هناك سوى مملكة هللا‪ .‬إذاً‬
‫األفضل له أن ينضم لمملكة هللا الباقية لألبد‪ .‬فهذا أفضل من أن يملك على ما سوف يفنى‪.‬‬
‫يوبخ ويؤنب‪ -:‬دخل نبوخذنصر في ٍ‬
‫تحد مع هللا وتصور أن مملكته ستظل هي السائدة على كل العالم‪ .‬وأن هللا‬
‫غير قادر على تغيير إرادته‪ .‬وهللا يظهر له حمايته ألوالده وأنه هو الذى ال يقدر على تحدى هللا‪.‬‬
‫يدين‪ -:‬أمام إص ارره على تحدى هللا أصدر هللا حكمه باإلدانة‪ ،‬وأعطاه إنذا اًر‪ ،‬ومع إستمرار عناده تم تنفيذ الحكم‬
‫فيه حتى تم شفاءه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الخامس)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الخامس‬

‫سنه ‪ 536‬ق‪ .‬م‪.‬‬


‫فى اإلصحاح السابق رأينا هللا ينذر ويؤدب نبوخذ نصر ليرتد عن كبريائه‪ ،‬وأنه خضع هلل فشفى وخلص‪ .‬وهنا نرى‬
‫أن من يستخف بإنذارات هللا يهلك‪ .‬نجد هنا قصة الليلة األخيرة لمملكة بابل‪ .‬وقبل هذه الليلة بعامين هزم كورش‬
‫جيش بابل فإحتمي البابليون بأسوارهم حتى هذه الليلة التي سكروا فيها في حفلة ضخمة أكمل بها الملك خطاياه‪.‬‬

‫ان‬ ‫‪2‬‬ ‫ف‪ ،‬و َش ِرب َخم ار ُقدَّام األَ ْل ِ‬ ‫ظم ِائ ِه األَ ْل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬
‫َوِإ ْذ َك َ‬ ‫ف‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْا‬ ‫يم اة ل ُع َ َ‬‫يم اة َعظ َ‬ ‫اصُر اْل َمل ُك َصَن َع َول َ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)9-1‬بْيْل َش َّ‬
‫َّال ِذي ِفي‬ ‫وه ِم َن اْل َه ْي َك ِل‬‫وخ ْذَن َّصُر أَُب ُ‬ ‫َخَر َج َها َنُب َ‬ ‫الذ َه ِب َواْل ِف َّض ِة َّال ِتي أ ْ‬ ‫آني ِة َّ‬ ‫ِ‬
‫َمَر ِبِإ ْح َض ِار َ‬ ‫ق اْل َخ ْمَر‪ ،‬أ َ‬ ‫اصُر َي ُذو ُ‬ ‫َبْيْل َش َّ‬
‫ُخ ِر َج ْت ِم ْن َه ْي َك ِل‬ ‫الذ َه ِب َّال ِتي أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‪ِ 3‬‬ ‫يم‪ ،‬لَِي ْشَر َب ِب َها اْل َملِ ُك َو ُع َ‬ ‫أ ِ‬
‫آني َة َّ‬
‫َح َضُروا َ‬ ‫اؤُه َوَزْو َج ُات ُه َو َسَر ِاريه‪ِ .‬حيَنئ ٍذ أ ْ‬ ‫ظ َم ُ‬ ‫ُور َشل َ‬‫ُ‬
‫ِ‬
‫اؤُه َوَزْو َج ُات ُه َو َسَر ِاريه‪َ .‬كاُنوا َي ْشَرُبو َن اْل َخ ْمَر َوُي َس ِب ُحو َن آلِ َه َة‬
‫‪4‬‬
‫يم‪َ ،‬و َش ِر َب ِب َها اْل َملِ ُك َو ُع َ‬ ‫هللا َّال ِذي ِفي أ ِ‬ ‫بي ِت ِ‬
‫ظ َم ُ‬ ‫ُور َشل َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬
‫يد َواْل َخ َش ِب َواْل َح َج ِر‪.‬‬ ‫اس واْلح ِد ِ‬
‫الن َح ِ َ َ‬ ‫الذ َه ِب َواْل ِف َّض ِة َو ُّ‬‫َّ‬

‫س َح ِائ ِط َق ْص ِر اْل َملِ ِك‪َ ،‬واْل َملِ ُك َيْنظُُر‬ ‫اس َعَلى ُم َكَّل ِ‬ ‫الن ْبَر ِ‬‫اء ِ‬ ‫ان‪ ،‬وَك َتب ْت ِبِإ َز ِ‬
‫ابع َيد ِإْن َس ٍ َ َ‬
‫ِ‬ ‫اع ِة َ‬ ‫ِفي ِتْل َك َّ‬
‫‪5‬‬
‫َص ُ‬ ‫ظ َهَر ْت أ َ‬ ‫الس َ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ‪ِ ِ6‬‬ ‫ِ‬
‫اه‪َ 7 .‬ف َصَر َخ‬ ‫ط َّك ْت ُرْكَب َت ُ‬ ‫اص َ‬ ‫ف اْلَيد اْل َكاتَبة‪ .‬حيَنئ ٍذ َت َغَّيَر ْت َهْيَئ ُة اْل َملك َوأَ ْف َز َع ْت ُه أَ ْف َك ُارُه‪َ ،‬واْن َحَّل ْت َخَرُز َح ْق َوْيه‪َ ،‬و ْ‬ ‫طَر َ‬ ‫َ‬
‫هذ ِه اْل ِك َت َاب َة‬
‫َي رجل ي ْق أرُ ِ‬
‫ال ل ُح َك َماء َبا ِب َل‪« :‬أ ُّ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ين‪َ ،‬فأَجاب اْلملِ ُك وَق ِ‬
‫َ َ َ َ َ‬
‫ِ‬
‫ين َواْل ُمَن ِجم َ‬
‫ِ‬
‫الس َحَرِة َواْل َكْل َدانِي َ‬‫ال َّ‬ ‫اْلملِ ُك ِب ِشَّد ٍة ِإل ْد َخ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ان َوِقالََد اة م ْن َذ َه ٍب في ُعُنقه‪َ ،‬وَي َت َسلطُ َثال اثا في اْل َم ْمَل َكة»‪ .‬ثُ َّم َد َخ َل ُك ُّل‬ ‫َوُيَبِي ُن لي َت ْفس َيرَها َفِإَّن ُه ُيَلَّب ُ‬
‫‪8‬‬
‫س األُْر ُج َو َ‬
‫ِ‬
‫اصُر ِجدًّا َوَت َغَّيَر ْت‬ ‫يرَها‪َ .‬ف َف َز َع اْل َملِ ُك َبْيْل َش َّ‬ ‫َن ُي َع ِرُفوا اْل َملِ َك ِب َت ْف ِس ِ‬‫َن َي ْقَأرُوا اْل ِك َت َابةَ‪َ ،‬ولَ أ ْ‬ ‫ِ ِِ‬
‫‪9‬‬
‫يعوا أ ْ‬ ‫ُح َك َماء اْل َملك‪َ ،‬فَل ْم َي ْس َتط ُ‬
‫ظ َم ُاؤُه‪" .‬‬ ‫طَر َب ُع َ‬ ‫اض َ‬ ‫يه َه ْيَئ ُت ُه‪َ ،‬و ْ‬‫ِف ِ‬
‫كما ذكر في المقدمة فقد ترك نبونيدس الحرب وإدارة شئون المملكة إلبنه بيلشاصر الذى كان ينتسب عن طريق‬
‫"أما مرودخ ونرجل وأبى‬ ‫أمه لنبوخذ نصر (كان نبوخذ نصر جده) وقد وجد فى النقوش األثرية كتابة لبيلشاصر‬
‫(أى نبونيدس) فماذا صنعوا‪ .‬لقد كانوا ملوكا باإلسم فقط ولم يكن بينهم من هو جدير بأن يكون سليل نبوخذ نصر"‪.‬‬
‫ولكن بيلشاصر لم يشابه جده سوى فى جنون العظمة‪ .‬ويضاف لسقطاته جنونه بالوالئم والسكر‪ .‬وهذه الحفلة‬
‫المذكورة هنا حضرها ‪ ،1000‬وهذا يدل على حجم هذه الحفلة وكانوا غالباً من القادة رجال الحرب‪ .‬وظهور الملك‬
‫أمامهم ليشرب خم اًر فيه كرامة لهم فالملوك ال يظهرون إال ناد اًر‪ .‬وفي (‪ )1‬شرب خم ار قدام = إتضح أن الملك‬
‫في هذه الوالئم كان يجلس مرتفعاً عن مدعويه‪ .‬وهذا القول يشير لدقة الكتاب‪.‬‬
‫هز بآنية هللا المقدسة ولكن بسبب هذا أرعبه هللا‪ .‬فاهلل أعطاه إنذا اًر أوالً بهزيمته أمام كورش ثم بالحصار لعله‬
‫وهو أ‬
‫يتوب (كما تاب أبوه نبوخذ نصر) ولكنه إزداد في خطاياه وكبريائه‪ .‬وليعلم أن كل من يه أز بمقدسات هللا ‪ ،‬أن هللا‬
‫ال يشمخ عليه (غل‪ .)7 :6‬وفي (‪ )5‬في تلك الساعة = إذاً سقوط بابل كان بسبب هذا اإلستهزاء بآنية بيت الرب‪.‬‬
‫وآنية هللا المقدسة هي أجسادنا "لنا هذا الكنز فى أو ٍ‬
‫ان خزفية" (‪2‬كو‪ ،)7 :4‬وأجسادنا هي هياكل هلل "أما تعلمون‬

‫‪51‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الخامس)‬

‫أنكم هيكل هللا‪ ،‬وروح هللا ساكن فيكم" (‪1‬كو‪" .)16 :3‬ومن يفسد هيكل هللا يفسده هللا" (‪1‬كو‪2 +17:3‬تي‪، 20:2‬‬
‫‪( )21‬بيلشاصر هذا يرمز للشيطان الذي تملك على البشر الذين هم آنية بيت هللا لزمان ما‪ .‬وكما ضرب هللا‬
‫بيلشاصر إلستهزائه باآلنية ‪ ،‬سينتقم من الشيطان ألنه إسته أز بأوالده وتسبب فى موتهم وهالكهم) ‪ .‬وكورش يرمز‬
‫للمسيح الذي حررنا ليبنى هيكله أي كنيسته (عز ار ‪ )1‬ولزيادة السخرية فهم شربوا في آنية هللا المقدسة وسبحوا‬
‫آلهة الذهب والفضة‪ .‬وهذا الفرح الخاطئ زاد في قساوة قلوبهم‪ .‬ويد هللا التي كتبت الوصايا العشر تكتب اآلن ق ار اًر‬
‫ضدهم بسبب خطاياهم‪ .‬ولم يرعبهم هللا ببروق أو رعود بل بكلمات مكتوبة‪ .‬وكتاب هللا المقدس هو ما كتبته يد‬
‫هللا فلنرتعب منه‪ .‬ومن شاركوا الملك حفلته الماجنة شاركوه رعبه‪ .‬وهللا وضع حجاباً على عيون حكمائه حتى ال‬
‫يفهم الكتابة سوى دانيال الذى كان غالباً مبعداً عن مجلس الملك من بعد موت نبوخذ نصر‪ .‬وقد سمع كورش‬
‫بأخبار هذه الحفلة وإستغل حالتهم وسكرهم وهاجم بابل وخربها كما تنبأ إشعياء (‪ )5-1 : 21‬أنهم يهلكون بيد‬
‫مادى وفارس ليلة لذتهم وأكلهم وشربهم‪.‬‬
‫س َح ِائ ِط َق ْص ِر اْل َملِ ِك = النبراس = هو المصباح وجاءت الكلمة فى اإلنجليزية‬
‫اس َعَلى ُم َكَّل ِ‬ ‫اء ِ‬
‫الن ْبَر ِ‬ ‫وَك َتب ْت ِبِإ َز ِ‬
‫َ َ‬
‫حامل أنوار (أباجورة ضخمة)‪ .‬مكلس = هو البياض الذى على الحائط‪ .‬وهذا يعنى ظهور الكتابة فى النور‬
‫للجميع‪ ،‬وظهور اليد للجميع‪.‬‬

‫َج َاب ِت اْل َملِ َك ُة َوَقاَل ْت‪:‬‬ ‫ظم ِائ ِه د َخَلت بيت اْلولِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪10‬‬
‫يمة‪َ ،‬فأ َ‬ ‫َما اْل َمل َك ُة َفل َسَبب َكالَمِ اْل َملك َو ُع َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ‬ ‫اآليات (‪ " -:)29-10‬أ َّ‬
‫وح اآللِ َه ِة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫وج ُد في َم ْمَل َكت َك َر ُج ٌل فيه ُر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش ِإَلى األََبد! لَ ُت َف ِز ْع َك أَ ْف َك ُار َك َولَ َت َت َغَّيُر َه ْيَئ ُت َك‪ُ .‬ي َ‬
‫‪11‬‬
‫«أَُّي َها اْل َملِ ُك‪ِ ،‬ع ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وك َج َعَل ُه َك ِب َير‬ ‫يك ُو ِج َد ْت ِفيه َنِيَرةٌ َوِف ْطَن ٌة َو ِح ْك َم ٌة َك ِح ْك َمة اآللِ َهة‪َ ،‬واْل َملِ ُك َنُبو َخ ْذَن َّصُر أَُب َ‬ ‫ين‪َ ،‬وِفي أََّيامِ أَِب َ‬ ‫وس َ‬ ‫اْلُقُّد ِ‬
‫ِ‬ ‫السحرِة واْل َكْل َد ِانِيين واْلمَن ِج ِمين‪ .‬أَب َ ِ ‪ِ 12‬‬
‫َحالَمِ‬ ‫وحا َفاضَل اة َو َم ْع ِرَف اة َوِف ْطَن اة َوَت ْع ِب َير األ ْ‬
‫وك اْل َمل ُك‪ .‬م ْن َح ْي ُث ِإ َّن ُر ا‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫وس َو َّ َ َ َ‬ ‫اْل َم ُج ِ‬
‫الت ْف ِس َير»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اه اْل َملِ ُك َبْل َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يآل َفُيَبِي َن َّ‬ ‫اآلن َدان ُ‬ ‫اصَر‪َ .‬فْلُي ْد َع َ‬ ‫ط َش َّ‬ ‫يآل ه َذا‪َّ ،‬الذي َس َّم ُ‬ ‫ِ‬
‫ين أَْل َغ ٍاز َو َح َّل ُعَق ٍد ُوج َد ْت في َدان َ‬ ‫َوَت ْبِي َ‬
‫يآل ِم ْن َب ِني َسْب ِي َي ُهوَذا‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يآل‪« :‬أَأَْن َت ُه َو َدان ُ‬
‫‪ِ 13‬حيَن ِئ ٍذ أ ُْد ِخل َد ِانيآل ِإَلى ُقدَّامِ اْلملِ ِك‪َ .‬فأَجاب اْلملِك وَق ِ ِ‬
‫ال ل َدان َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫اضَلةا‪.‬‬ ‫يك َنِيراة وِف ْطَن اة و ِح ْكم اة َف ِ‬ ‫يك روح اآللِه ِة‪ ،‬وأ َّ ِ‬ ‫َّال ِذي جَلب ُه أَِبي اْلملِ ُك ِم ْن يهوَذا؟ َق ْد س ِمع ُت عْن َك أ َّ ِ‬
‫‪14‬‬
‫َ َ‬ ‫َن ف َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َن ف َ ُ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َن ُيَبِيُنوا َت ْف ِس َير‬ ‫ِ‬ ‫هذه اْل ِك َت َاب َة َوُي َع ِرُفوِني ِب َت ْف ِس ِ‬‫ِ‬ ‫السحرُة لِي ْق أرُوا ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪15‬و َ ِ‬
‫يعوا أ ْ‬
‫يرَها‪َ ،‬فَل ْم َي ْس َتط ُ‬ ‫اء َو َّ َ َ َ َ‬ ‫اآلن أ ُْدخ َل ُقدَّامي اْل ُح َك َم ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫َن ُت َف ِسَر َت ْف ِس اا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن َت ْقَأَر اْلك َت َاب َة‬ ‫ير َوَت ُح َّل ُعَق ادا‪َ .‬فِإ ِن ْ‬ ‫اْل َكالَمِ‪َ .‬وأََنا َق ْد َسم ْع ُت َعْن َك أََّن َك َت ْس َتط ُ‬
‫‪16‬‬
‫اآلن أ ْ‬
‫ط ْع َت َ‬ ‫اس َت َ‬ ‫يع أ ْ‬
‫ان َوِقالََد اة ِم ْن َذ َه ٍب ِفي ُعُن ِق َك َوَت َت َسَّلطُ َثالِ اثا ِفي اْل َم ْمَل َك ِة»‪.‬‬ ‫س األُْر ُجو َ‬ ‫يرَها َفُتَلَّب ُ‬ ‫َوُت َع ِرَف ِني ِب َت ْف ِس ِ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫طاي َ ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ُع ِرُف ُه‬ ‫اك لَن ْفس َك َو َه ْب هَبات َك ل َغ ْيرِي‪ .‬لكني أَ ْقَأرُ اْلك َت َاب َة لْل َملك َوأ َ‬
‫‪17‬‬
‫َّام اْل َملك‪« :‬ل َت ُك ْن َع َ َ‬ ‫ال ُقد َ‬ ‫يآل َوَق َ‬ ‫اب َدان ُ‬ ‫َج َ‬ ‫َفأ َ‬
‫ظ َم ِة َّال ِتي‬ ‫اء‪َ .‬ولِْل َع َ‬
‫‪19‬‬
‫ظ َم اة َو َجالَلا َوَب َه ا‬‫وتا َو َع َ‬ ‫وخ ْذَن َّصَر َمَل ُك ا‬‫اك َنُب َ‬ ‫طى أََب َ‬ ‫الل اْل َعلِ ُّي أ ْ‬
‫َع َ‬ ‫ِ‬
‫ير‪ .‬أَْن َت أَُّي َها اْل َمل ُك‪َ ،‬ف ُ‬
‫‪18‬‬
‫الت ْف ِس ِ‬
‫ِب َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اء‬‫اس َت ْحَيا‪َ ،‬وأًَّيا َش َ‬ ‫اء َقَت َل‪َ ،‬وأًَّيا َشا َء ْ‬‫ُممِ َواألَ ْلسَنة‪َ .‬فأًَّيا َش َ‬
‫يع ُّ ِ‬
‫الش ُعوب َواأل َ‬ ‫َّام ُه َجم ُ‬ ‫ع ُقد َ‬ ‫اها َكاَن ْت َتْرَت ِع ُد َوَت ْف َز ُ‬ ‫اه ِإَّي َ‬
‫طُ‬ ‫َع َ‬ ‫أْ‬
‫ط َع ْن ُكْرِس ِي ُمْل ِك ِه‪َ ،‬وَن َز ُعوا َعْن ُه َجالَ َل ُه‪َ 21 ،‬وطُ ِرَد‬ ‫وح ُه َت َجُّبارا‪ ،‬اْن َح َّ‬ ‫‪20‬‬
‫اء َو َض َع‪َ .‬فَل َّما ْارَت َف َع َقْلُب ُه َوَق َس ْت ُر ُ‬ ‫َرَف َع‪َ ،‬وأًَّيا َش َ‬
‫ير اْلوح ِشَّي ِة‪َ ،‬فأَ ْطعموه اْلع ْشب َك ِ‬
‫الث َير ِ‬ ‫ِ‬ ‫اس‪َ ،‬وَت َس َاوى َقْلُب ُه ِباْل َحَي َو ِ‬ ‫ِم ْن َب ْي ِن َّ‬
‫الن ِ‬
‫ان‪َ ،‬و ْابَت َّل‬ ‫َُ ُ ُ َ‬ ‫اه َم َع اْل َحم ِ َ ْ‬ ‫ان‪َ ،‬وَكاَن ْت ُس ْكَن ُ‬
‫اء‪َ 22 .‬وأَْن َت َيا‬ ‫يم َعَل ْي َها َم ْن َي َش ُ‬
‫ِ‬
‫اس‪َ ،‬وأََّن ُه ُيق ُ‬‫الن ِ‬‫ان ِفي َم ْمَل َك ِة َّ‬ ‫طٌ‬ ‫هللا اْل َع ِل َّي ُسْل َ‬
‫َن َ‬ ‫اء‪َ ،‬ح َّتى َعِل َم أ َّ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬
‫ج ْس ُم ُه بَن َدى َّ َ‬
‫ِ‬

‫‪52‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الخامس)‬

‫اء‪َ ،‬فأَح َضروا ُقدَّامك ِ‬ ‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫اصُر ْابَن ُه َل ْم َت َض ْع َقْلَب َك‪َ ،‬م َع أََّن َك َعَرْف َت ُك َّل ه َذا‪َ ،‬ب ْل َت َعظ ْم َت َعَلى َرب َّ َ‬
‫‪23‬‬
‫آنَي َة‬ ‫ََ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َبْيْل َش َّ‬
‫اس واْلح ِد ِ‬
‫يد‬ ‫ِ‬
‫الذ َه ِب َوالن َح ِ َ َ‬ ‫يك َش ِرْب ُتم ِبها اْل َخمر‪ ،‬وسَّب ْح َت آلِه َة اْل ِف َّض ِة و َّ‬ ‫اؤ َك َوَزْو َج ُات َك َو َسَر ِار َ‬ ‫َب ْي ِت ِه‪َ ،‬وأَْن َت َو ُع َ‬
‫ظ َم ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫هللا َّال ِذي ِبَي ِد ِه َن َس َم ُت َك‪َ ،‬وَلهُ ُك ُّل طُُرِق َك َفَل ْم ُت َم ِج ْد ُه‪.‬‬
‫َما ُ‬
‫ِ‬
‫َواْل َخ َش ِب َواْل َح َج ِر َّالتي لَ ُت ْب ِصُر َولَ َت ْس َم ُع َولَ َت ْع ِر ُ‬
‫ف‪ .‬أ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ ِ 25‬‬ ‫ِِ ِ‬
‫ف اْلَيد‪َ ،‬ف ُكتَب ْت هذه اْلك َت َابةُ‪َ .‬وهذه ه َي اْلك َت َاب ُة َّالتي ُسطَر ْت‪َ :‬مَنا َمَنا َتَقْي ُل َوَفْرِس ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِحيَن ِئ ٍذ أُْرِس َل ِم ْن ِقَبلِ ِه َ‬
‫‪24‬‬
‫ين‪.‬‬ ‫طَر ُ‬
‫س‪ُ ،‬ق ِس َم ْت‬ ‫ين َفو ِج ْد َت َن ِ‬
‫اق اصا‪َ 28 .‬فْر ِ‬ ‫اه‪َ .‬تَقْي ُل‪ُ ،‬و ِزْن َت ِباْل َم َو ِاز ِ ُ‬ ‫وت َك َوأَْن َه ُ‬ ‫َوه َذا َت ْف ِس ُير اْل َكالَمِ‪َ :‬مَنا‪ ،‬أ ْ‬
‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬
‫هللا َمَل ُك َ‬
‫َح َصى ُ‬
‫ممَل َك ُتك وأ ِ ِ ِ‬
‫س»‪.‬‬ ‫ُعطَي ْت ل َمادي َوَف ِار َ‬ ‫َْ َ َ ْ‬
‫ان َوِقالََد اة ِم ْن َذ َه ٍب ِفي ُعُن ِق ِه‪َ ،‬وُيَن ُادوا َعَل ْي ِه أََّن ُه َي ُكو ُن ُم َت َسلِ ا‬
‫طا‬ ‫يآل األَْر ُجو َ‬
‫ِ‬ ‫اصُر أ ْ ِ‬
‫َن ُيْلب ُسوا َدان َ‬ ‫َمَر َبْيْل َش َّ‬ ‫‪ِ ِ 29‬‬
‫حيَنئ ٍذ أ َ‬
‫َثالِ اثا ِفي اْل َم ْمَل َك ِة‪" .‬‬
‫غالباً الملكة هي نيتوكريس أرملة أبيل مرودخ التي ذكرها هيرودتس وقال عنها أنها كانت حكيمة جداً حكمة غير‬
‫عادية وهي لم تحضر هذه الحفلة الصاخبة لسنها ومركزها‪ .‬وهي تكلمت عن دانيال بمنتهى االحترام في حدود ما‬
‫تسمح به تقاليد بالدها‪ .‬والحظ أنها متأثرة بكلمات دانيال التى يقولها عن هللا كما تأثر نبوخذنصر‪ ،‬فهى قالت عن‬
‫ين (لفظ قدوس عن هللا وال يعرفه سوى اليهود)‪ .‬أما الملك المغرور فقال َس ِم ْع ُت‬ ‫وح اآللِ َه ِة اْلُقُّد ِ‬
‫وس َ‬
‫ِ ِ‬
‫دانيال َر ُج ٌل فيه ُر ُ‬
‫وح اآللِ َه ِة‪ .‬فهو لم يكن له عالقة بدانيال وقد أبعده‪.‬‬ ‫َن ِف َ‬
‫يك ُر َ‬ ‫َعْن َك أ َّ‬
‫وقولها أبوك الملك‪ .‬وتكرار كلمة أبوك كانت لتذكر هذا المغرور بأن الخير الذي فيه راجع ألبيه وليس لنفسه (الجد‬
‫يطلق عليه أب) ‪ .‬ونالحظ تمسك دانيال بإسمه حتى أن الملكة استخدمت اإلسمين (‪ .)12‬وواضح أن دانيال كان‬
‫مازال من ضمن رجال القصر‪ ،‬ولكن لكل ملك بطانته فيبدو أنه كان مبعداً‪ ،‬ولكن هللا يظهره اآلن وفى هذه الليلة‬
‫بالذات ليكون له دور في المملكة القادمة‪ .‬وكان دانيال اآلن يناهز التسعين عم اًر‪ .‬والحظ عجرفة الملك في سؤاله‬
‫لدانيال أأنت هو دانيال ‪ .‬ولكي يحقر من شأنه يقول من بنى سبى يهوذا‪ .‬وكان رد دانيال على الملك جريئاً جداً‬
‫وإحتقر عطاياه فهو يرى نهاية مملكته فكيف يفرح بعطاياه‪ .‬والسؤال لنا هل نفرح نحن بعطايا هذا العالم الفاني‪،‬‬
‫ولكنه على أي حال قام بواجبه دون أن ينتظر مكافآت‪ .‬وبدأ دانيال يشرح للملك كيف تعامل هللا مع أبيه‪ .‬وهذا‬
‫كان ضرورياً كمدخل لكالمه عن بيلشاصر‪ .‬وشرح دانيال أن هللا أعطى نبوخذ نصر مجداً لم يسبق أن أخذه ملك‬
‫من قبل ولكنه حين نسب هذا المجد لنفسه سقط‪ .‬وخطية بيلشاصر أكبر ألنه رأى ما حدث لجده ولم يتعظ وإن‬
‫كان نبوخذ نصر قد أخذ آنية بيت الرب دون أن يعرف قداستها فإن بيلشاصر كان يعرف قداستها لذلك فخطيته‬
‫أعظم‪ .‬ونبوخذ نصر عرف هللا وآمن به إال أن بيلشاصر تحدى هللا وسبح آلهة الذهب والفضة‪ ..‬ولم يمجد هللا الذي‬
‫بيده كل طرقه (‪ . )23‬وهللا كان قد أعلن نفسه ألبيه من قبل‪.‬‬
‫بيده نسمتك = أي خلقك ويحافظ عليك ويقوتك ويعطيك الملك ويحكم عليك‪.‬‬
‫منا منا تقيل وفرسين‬
‫هذه هي الكلمات التي كتبت على الحائط ففزع الملك فهو عرف أن فيها مصيره فالبابليون يعتقدون أن ق اررات‬
‫اآللهة ضدهم تسجل في السماء على ألواح المصير أو القدر‪ .‬والكلمات التي كتبت كانت باآلرامية اللغة المكتوب‬
‫بها هذا الجزء من السفر‪ .‬وكانت الحروف مكتوبة بدون نقط فكان يمكن قراءتها بعدة طرق وهي ‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الخامس)‬

‫‪ .1‬أنها أسماء عمالت باألرامية أو أسماء ألوزان فاألوزان كانت تحل محل العمالت فى ذلك الوقت‪ .‬وعلى هذا‬
‫منا‪ .‬وهناك نصف المنا ويسمى أوفارسين ‪Upharsin‬‬ ‫تفهم هكذا‪ .‬المنا= هو أكبر عملة‪ .‬والشيكل =‬
‫‪1‬‬
‫‪16‬‬
‫وبهذا تق أر الكلمات هكذا ‪......‬‬
‫ونصف منا‪ .‬والغريب الذي البد وقد الحظه دانيال أن التدرج ليس منتظماً فهو يبدأ بأكبر‬ ‫شيكل‬ ‫منا منا‬
‫عملة ويليها أصغر عملة ثم عملة أكبر كأننا نقول (جنيه وقرش صاغ ونصف جنيه) مع مالحظة أن الحرف "شا"‬
‫في البابلية هو الحرف "ت" فى اآلرامية فتكون شيكل = تقيل‬
‫‪ .2‬الطريقة الثانية التي تعامل بها دانيال مع هذه الكلمات أنها ثالثة أفعال آرامية هي ‪:‬‬
‫‪Mumbered‬‬ ‫مانو = حسبت‬
‫شكالو = وزنت‬
‫باراسو = قسمت‬
‫وفى هذا التفسير نجد حرف ‪ U‬قد تعامل معه دانيال على أنه حرف عطف = " و"‬
‫ورأى دانيال أن معنى إختفاء اليد التي كتبت‪ ،‬وتكرار كلمة منا مرتين أن القرار نهائي ال رجعة فيه‪ .‬وحسب الطريقة‬
‫الثانية يكون المعنى حسبت حسبت ووزنت وقسمت‪ .‬ونضع التفسير في جدول لنرى المعنى‬
‫حسب الرؤية األولى = وجد دانيال هبوط‬
‫مفاجئ فى العمالت فالترتيب الطبيعي أن يقال مانا ثم أوفارسين ثم تقيل أى األكبر فاألصغر فالصغير ‪.‬‬

‫‪Upharsin‬‬ ‫‪TEKIL‬‬ ‫تفسير دانيال‬


‫الرؤية‬
‫هى‬ ‫شيكل (أصغر أوفارسين‬ ‫للكلمات على ‪MANA‬‬
‫األولى‬
‫عملة) = ‪ 1/16‬عملة قيمتها =‬ ‫منا (أكبر عملة)‬ ‫أنها عمالت‬
‫للكلمات‬
‫‪ 1/2‬منا‬ ‫منا‬ ‫أو اوزان‬
‫تفسير دانيال‬
‫شاكالو = فعل باراسو = فعل‬ ‫الرؤية‬
‫للكلمات على مانو = فعل أرامى‬
‫بمعنى‬ ‫بمعنى أرامى‬ ‫أرامي‬ ‫الثانية‬
‫بمعني حسبت‬ ‫أنها أفعال‬
‫قسمت‬ ‫وزنت‬ ‫للكلمات‬
‫أرامية‬

‫وهو فهم هذا بأن الملك وزن فوجد ناقصاً أو أنه قد حدث له هبوط عند تقييمه‪.‬‬
‫وحسب الرؤية الثانية = فهو قسم كلمة ‪ Upharsin‬إلي ‪ U + Pharsin‬و" ‪ " U‬هي حرف عطف بمعنى "و"‬
‫ومعنى ‪ Pharsin‬تقسيم المملكة على مادي وفارس فهو فهم أن فارسين أي مضاعف كلمة فارس كما نقول‬
‫ص َرين) هو فهم هذا ألن معنى الكلمة يشير للتقسيم‪ .‬وراجع آية (‪ )28‬تجد أن دانيال نطقها فرس =‬
‫وم ْ‬
‫(مصر َ‬

‫‪54‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الخامس)‬

‫قسمت بمعني أنه نطقها بالمفرد‪ ،‬كما نقول مصر بالمفرد ومصرين بالمثنى‪ ،‬ففهم من هذا أنها قسمت على شقى‬
‫مملكة فارس وهما مادي وفارس والمعنى أن هللا لم يحكم على هذا الملك إال بعد أن وجده ناقصاً لشروره وآثامه‬
‫وكبريائه‪ .‬وهذه الكلمات تعنى لكل خاطئ أنه بالموازين اإللهية يستحق الموت والجحيم‪ .‬فبالموت أيام الخاطئ‬
‫تحصي وتنتهي‪ ،‬وقضاء هللا بعد الموت سي َقيم أعمال كل خاطئ‪ .‬ولهذا أى لخطاياه سيسلم للجحيم‪.‬‬
‫وهنا نجد أن دانيال لم يعطى أي نصائح لبيلشاصر فهو وجد أن األمر نهائي ال رجعة فيه‪ ،‬مع أنه كان قد أعطى‬
‫نصيحة بالتوبة لنبوخذ نصر ألنه يعلم أنه سيتوب ويقبله هللا‪ .‬ولم يرفض عطايا الملك وإعتبرها تكريماً هلل الذي‬
‫أعطاه هذه الحكمة وليس لشخصه‪.‬‬
‫مالحظات‪ :‬كان بيلشاصر شاباً صغي اًر في القصر حين مات نبوخذ نصر أي أنه عاش أحداث جنون الملك وعرف‬
‫السبب لذلك فدانيال قد ذكره بها وأصبحت مسئوليته أكبر‪ .‬وقد سبق حبقوق وتنبأ بولع البابليين بالخمر (‪)5 : 2‬‬
‫وبأنهم بنوا مدينتهم بدماء السبايا (‪.)13-11:2‬‬

‫وس اْل َم ِاد ُّي َو ُه َو ْاب ُن‬


‫َخ َذ اْل َم ْمَل َك َة َد ِارُّي ُ‬
‫ِ‬ ‫اللْيَل ِة ُق ِت َل َبْيْل َش َّ‬
‫اصُر َملِ ُك اْل َكْل َدانِي َ‬ ‫اآليات (‪ِ 30" -:)31-30‬في ِتْل َك َّ‬
‫‪31‬‬
‫ين‪َ ،‬فأ َ‬
‫ِ‬
‫ا ْثَن َت ْي ِن َو ِست َ‬
‫ين َسَنةا‪".‬‬
‫في هذه الليلة =أي الليلة التي فرح فيها الملك بالخمر‪ ،‬وبإهانة آنية بيت الرب بشرب الخمر فيها‪ .‬وأخذ كورش‬
‫فيها بابل بمفاجأة فالموت يأتي فجأة لمن قلوبهم في سكر الهية عن حياتهم األبدية‪ .‬وكان هالك بابل في ليلة لذة‬
‫كما قال إشعياء (‪ )5 ،4 : 21‬وتم تقسيم بابل وأخذها داريوس خال كورش فهم شركاء في الحرب واإلنتصار‬
‫والسيادة‪ .‬وهذا كان تحقيقاً لكالم دانيال (‪ )28 : 6‬ووقت أن تولى داريوس كان عمره ‪ 62‬سنه‪ .‬وإذا علمنا أن‬
‫السبي كانت مدته ‪ 70‬سنة‪ ،‬وقد تم على مراحل آخرها كان قبل سقوط بابل بخمسين سنة‪ ،‬وفى هذه المرحلة‬
‫األخيرة تم تدمير أورشليم نهائياً وتدمير الهيكل‪ .‬إذاً فعند تدمير أورشليم والهيكل وسبى الشعب األخير إلى بابل‬
‫كان عمر داريوس ‪ 12‬سنه وكان هللا يع َده ويعد كورش في ذلك الوقت ليحرروا الشعب ويبنوا الهيكل بعد أن تنتهي‬
‫فترة التأديب ويشفى الشعب من وثنيته‪ ،‬فاهلل يعطى مع التجربة المنفذ‪.‬‬
‫وكانت هذه الحادثة سبباً في حصول دانيال على مرك اًز سامياً في مملكة فارس‪ ،‬فقطعاً سمع كورش وسمع داريوس‬
‫الذي َمَّلكه كورش على بابل بنبوة دانيال في هذه الليلة وسمعوا بحكمته‪ .‬وسمو مركز دانيال في مملكة فارس‬
‫سنسمع عنه في اإلصحاح التالي‪.‬‬
‫أسوار بابل كانت منيعة جداً لذلك ظن بيلشاصر أنه ال يمكن غزوها‪ .‬وهكذا كان الشيطان يظن أنه في أمان‪،‬‬
‫وكان الفداء بالصليب الذي كان فيه نهاية الشيطان‪ ،‬بعيداً تماماً عن فكر إبليس‪ ،‬كما كان تحويل نهر الفرات‬
‫بعيداً تماماً عن فكر بيلشاصر‪.‬‬
‫وفى هذا يرمز بيلشاصر إلى الشيطان الذى ظن أن هللا لن يعاقبه ‪ ،‬فيبدو أن عقاب الشيطان كان مرتبطا‬
‫ٍ‬
‫فحينئذ سيعاقب الشيطان‪.‬‬ ‫بخالص آدم وبنيه‪ ،‬بمعنى أنه لو وجد هللا طريقة لينقذ البشر من الموت والهالك‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الخامس)‬

‫تصور إستحالة عقابه ‪ .‬رجاء‬


‫تصور إستحالة وجود طريقة يخلص بها اإلنسان لذلك فهو َّ‬
‫وحيث أن الشيطان َّ‬
‫مراجعة تفسير اآليات (إر‪. )22 – 15 : 49‬‬
‫أما كورش فيرمز للمسيح الذى حرر الشعب من بابل وأعاد آنية بيت الرب للهيكل الذى أصدر أم ار ببنائه‬
‫(عز‪ )1‬فكان رم از للمسيح الذى حررنا من عبودية الشيطان‪ ،‬وبانى هيكل جسده أى الكنيسة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السادس)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح السادس‬

‫في اإلصحاح السابق رأينا دانيال وقد تم تعظيمه وبيلشاصر رمز إبليس وقد هلك ‪ .‬وهذا يشير لعمل المسيح الذي‬
‫حرر اإلنسان وجعلنا أوالداً هلل أبيه‪ .‬ولكننا مازلنا في العالم وسط أسود هائجة لكن هللا قادر أن يحفظنا منهم‪.‬‬
‫ونالحظ أن دانيال لم يعط وصفاً لحكم مملكة بابل أو فارس بالتفصيل‪ ،‬إال أنه كتب بعض الحوادث لتعليمنا وتثبيت‬
‫إيماننا وتشجيعنا على طاعة هللا‪ .‬والقصة هنا أشير إليها في (عب‪ . )33:11‬ونرى هنا دانيال في بالط ملك‬
‫الفرس وحسد رجال البالط ضده ومؤامراتهم ضده ونجاته من هذه المؤامرة‪.‬‬

‫ين َمْرُزَباانا َي ُكوُنو َن َعَلى اْل َم ْمَل َك ِة ُكلِ َها‪.‬‬ ‫ِ ِ‬


‫َن ُي َولِ َي َعَلى اْل َم ْمَل َكة مَئ اة َو ِع ْش ِر َ‬ ‫وس أ ْ‬ ‫ِ‬
‫اآليات (‪َ " -:)5-1‬ح ُس َن عْن َد َد ِارُّي َ‬
‫‪1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪2‬وعَلى ُ ِ‬


‫يآل‪ ،‬ل ُت َؤد َي اْل َمَر ِازَب ُة ِإَل ْي ِهمِ اْلح َس َ‬
‫‪3‬‬
‫يآل‬
‫اق َدان ُ‬ ‫يب اْل َمل َك َخ َس َارةٌ‪َ .‬ف َف َ‬ ‫اب َفالَ ُتص َ‬ ‫َح ُد ُه ْم َدان ُ‬ ‫اء أ َ‬
‫هؤلَء َثالَ َث َة ُوَزَر َ‬ ‫ََ‬
‫ِ ِ‬ ‫اضَلةا‪ .‬وَف َّكر اْلملِ ُك ِفي أ ْ ِ‬ ‫يه روحا َف ِ‬ ‫اء واْلمر ِازب ِة‪ ،‬أل َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َن ُي َولَي ُه َعَلى اْل َم ْمَل َكة ُكل َها‪ .‬ثُ َّم ِإ َّن اْل ُوَزَر َ‬
‫‪4‬‬
‫اء‬ ‫َ َ َ‬ ‫َن ف ُ ا‬ ‫ه َذا َعَلى اْل ُوَزَر َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬
‫ان‬‫َن َي ِج ُدوا عَّل اة َولَ َذْنابا‪ ،‬أل ََّن ُه َك َ‬ ‫يآل ِم ْن ِج َهة اْل َم ْمَل َكة‪َ ،‬فَل ْم َي ْقدُروا أ ْ‬ ‫َواْل َمَر ِازَب َة َكاُنوا َي ْطُلُبو َن عل اة َيج ُدوَن َها َعَلى َدان َ‬
‫َن َن ِج َد َها ِم ْن ِج َه ِة‬ ‫يآل ه َذا ِعَّل اة ِإلَّ أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ال‪« :‬لَ َنج ُد َعَلى َدان َ‬ ‫الر َج ُ‬‫هؤلَ ِء ِ‬ ‫ال ُ‬ ‫طأٌ َولَ َذْن ٌب‪َ .‬فَق َ‬
‫‪5‬‬
‫يه َخ َ‬‫َميانا وَلم يوجد ِف ِ‬
‫أِ َ ْ ُ َْ‬
‫له ِه»‪" .‬‬
‫يع ِة ِإ ِ‬
‫َش ِر َ‬
‫إنتهي اإلصحاح السابق بعمل إعجازي تنبأ فيه دانيال بأن مادي وفارس سيقتسمان مملكة بابل‪ .‬وغالباً فقد وصل‬
‫داريوس الذي ملك علي بابل بعد إنتهاء حكم ملوك بابل أخبار عظمة دانيال وحكمته فكان أن أعطى داريوس‬
‫لدانيال منصباً سامياً في مملكته‪ .‬وكانت مملكة فارس واسعة جداً‪ ،‬ولم يكن ممكناً للملك أن يديرها وحده فأقام‬
‫‪ 120‬أمي اًر أو رئيساً على المقاطعات ليحفظوا سالمها ويجمعوا الجزية وعلي هؤالء الـ ‪ 120‬مرزبانا كان هناك ‪3‬‬
‫رؤساء ليحاسبوهم فال تصيب الملك خسارة وقارن مع " لماذا يكثر الضرر لخسارة الملوك" (عز‪ .)22 : 4‬وكان‬
‫دانيال متفوقاً ومفضالً فوق كل األمراء والرؤساء وكان عمره اآلن حوالي ‪ 90‬عاماً‪ ،‬ولكن أمانته هلل أعطته صحة‬
‫جسدية وذهنية في هذا العمر المتقدم‪ .‬وكان أميناً جداً في تصرفاته‪ ،‬فهل هذا اإلنسان الذى باع العالم يقبل رشوة‬
‫من أحد‪ .‬وأدت محبة الملك له أنه فكر في أن يوليه على المملكة كلها ‪ .‬وأيضا كانت نزاهته سببا فى أن كثر‬
‫الحاقدون عليه‪ ،‬فأرسلوا له جواسيس يتصيدون عليه أي خطأ فلم يجدوا سوى أنه يعبد إلهه بأمانة‪ .‬وغالباً لم تأت‬
‫فرصة للملك ليوليه على المملكة كلها‪ .‬ونحن لم نق أر أن دانيال طلب مباشرة من ملوك الفرس رجوع الشعب اليهودي‬
‫ألورشليم‪ ،‬ولكن من المؤكد أن شخصية دانيال وقداسته باإلضافة للنبوات التي أراها لكورش (إشعياء وإرمياء)‬
‫لألحداث التي وقعت فعالً‪ ،‬هذا كله أقنع كورش بأن إله دانيال إله عظيم (راجع عز‪ .)4-1 :1‬وتجد النبوات التى‬
‫حددت إسم كورش الملك وخطته التى إقتحم بابل بها فى سفر إشعياء‪ .‬وإرمياء تنبأ أيضا بالخطة التى نفذها‬
‫كورش‪ ،‬وتنبأ بأن السبى البابلى لليهود سيكون لمدة‪ 70‬سنة‪ ،‬وأن بابل ستسقط بيد مادى‪ .‬ولما كان السبى األول‬

‫‪57‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السادس)‬

‫لليهود قد حدث سنة‪606‬ق‪.‬م‪ .‬فيكون نهاية دولة بابل سنة‪536‬ق‪.‬م‪ .‬وتجد هذه النبوات فى (إش‪:45 – 26 :44‬‬
‫‪ )5-1‬و (إر‪.)11 :51 ، 38 :50 ، 10 :29 ، 12 :25‬‬

‫وس‪،‬‬ ‫ِ‬
‫هك َذا‪« :‬أَُّي َها اْل َمل ُك َد ِارُي ُ‬ ‫اء َواْل َمَر ِازَب ُة ِعْن َد اْل َملِ ِك َوَقاُلوا َلهُ َ‬ ‫اآليات (‪ِ 6" -:)10-6‬حيَن ِئ ٍذ اج َتمع ُ ِ‬
‫هؤلَء اْل ُوَزَر ُ‬ ‫ْ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش َح ِن َواْل َمَر ِازَبة َواْل ُم ِش ِ‬ ‫ِ‬
‫اء اْلممَل َكة و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‪7‬‬
‫ِع ْ‬
‫َماار‬‫َن َي َض ُعوا أ ْ‬ ‫ين َواْل ُولَة َق ْد َت َش َاوُروا َعَلى أ ْ‬ ‫ير َ‬ ‫يع ُوَزَر َ ْ َ‬ ‫ش ِإَلى األََبد! ِإ َّن َجم َ‬
‫ح ِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َي ْو اما ِم ْن ِإل ٍه أ َْو ِإْن َس ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َمَل ِكًّيا َوُي َش ِد ُدوا َن ْهايا‪ِ ،‬بأ َّ‬
‫ان ِإلَّ مْن َك أَُّي َها اْل َمل ُك‪ُ ،‬ي ْطَر ُ‬ ‫َن ُك َّل َم ْن َي ْطُل ُب طْلَب اة َح َّتى َثالَ ث َ‬
‫س َّال ِتي لَ ُتْن َس ُخ»‪.‬‬ ‫ض اْل ِك َتاب َة لِ َكي لَ َت َت َغَّير َك َش ِر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 8‬‬
‫يعة َمادي َوَف ِار َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َم ِ‬ ‫اآلن َّ‬
‫الن ْه َي أَُّي َها اْل َمل ُك‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ُسوِد‪َ .‬ف َث ِبت َ‬ ‫ُجب األ ُ‬
‫ِ‬
‫الن ْهي‪.‬‬ ‫وس اْل ِك َت َاب َة َو َّ‬ ‫ُ‬ ‫َم َضى اْل َملِ ُك َد ِارُي‬ ‫ْ‬ ‫َج ِل ذلِ َك أ‬ ‫ْ‬ ‫‪9‬أل‬
‫َ‬
‫يم‪َ ،‬ف َج َثا َعَلى ُرْكَب َت ْي ِه‬ ‫اء اْل ِك َتاب ِة َذ َهب ِإَلى بي ِت ِه‪ ،‬وُكواه م ْف ُتوح ٌة ِفي علَِّيِت ِه َن ْحو أ ِ‬
‫ُور َشل َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪َ 10‬فَل َّما علِم َد ِانيآل ِبِإم َض ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ َ‬
‫ان َي ْف َع ُل َقْب َل ذلِ َك‪" .‬‬ ‫ات ِفي اْليومِ‪ ،‬وصَّلى وحمد ُقدَّام ِإ ِ ِ‬
‫لهه َك َما َك َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ََ َ‬ ‫َثالَ َث َمَّر ٍ‬
‫وكان كورش قد أصدر أم اًر ملكياً بحرية العبادة‪ ،‬فلم يقدر هؤالء الحاقدين أن يشتكوا على دانيال بأنه يعبد إلهه‬
‫فلجأوا للخديعة والمكر‪ .‬ودبروا خطة كاآلتي " إن مملكة فارس تضم ديانات كثيرة بآلهة كثيرة وطقوس كثيرة‪ .‬وهذا‬
‫يسبب مشاكل متعددة‪ ،‬فحتى تحل هذه المشاكل ويكون هناك نوع من الوحدة ولكي تهدأ األمور لمدة على األقل‬
‫ثالثين يوماً فلتكن أنت أيها الملك اإلله الوحيد والكل يطلب منك وحدك وال يطلب من إلهه الخاص "‪ ..‬وقد أصابوا‬
‫بهذه الخطة كبرياء الملك الشخصي‪ ،‬فأي إنسان يعانى من نقطة الضعف هذه‪ ،‬أنه يسقط أمام مثل هذه التملقات‬
‫(أو ما يسمى مسح الجوخ) فقبل الملك هذه الفكرة ووقع القرار‪ .‬وكان هؤالء المتآمرين على ثقة أن دانيال لن يمتنع‬
‫عن الصالة ويخون إلهه‪ .‬ومع أن القرار في ظاهره يحمل معاني الكرم ومراحم الملك التي يريد أن يفيض بها على‬
‫شعبه‪ ،‬إال أنه ليظهر الظلم الذي في هذا القرار‪ ،‬فلو طلب إبن من أبيه خب اًز ليأكل إلستوجب بموجب هذا القرار‬
‫أن يلَقى في جب األسود‪ .‬ومن الواضح أن هذا القرار كان يمنع الصالة لمدة ‪ 30‬يوماً‪ .‬ولم يقبل دانيال أن يعبد‬
‫هللا س اًر بل حسب هذه فرصة ليظهر محبته هلل أكثر من خوفه من الملك‪ .‬والحظ أنه لم يذهب ليشاور الملك أو‬
‫َّ‬
‫وصلى‪ .‬وهو تعود على فتح كواه (شرفاته) ناحية أورشليم‪،‬‬ ‫يتظلم من هذا القرار العجيب بل هو ذهب هلل مباشرة‬
‫فلم يغلقها هذه المرة فهو ال يريد أن يخفى ما يفعله‪ .‬فهو لم يفتح كواه ليتَ َّ‬
‫حدى الملك بل كانت هذه هي عادته‪.‬‬
‫والحظ عناصر صالة دانيال‪:‬‬
‫‪ .1‬بيته بيت صالة‪ ،‬فهو حين يريد أن يصلى يدخل إلى مخدعه‪ ،‬هي عالقة خاصة‪.‬‬
‫‪ .2‬حمد هللا أي شكر‪.‬‬
‫‪ .3‬جثا على ركبتيه (ولم يمتنع نظ اًر لسنه وال مركزه) والحظ أهمية الميطانيات فى الصالة‪ ،‬وطلب مراحم هللا‪.‬‬
‫‪ .4‬ثالث مرات فى اليوم = وكان يجد هذا الوقت بالرغم من مشاغله‪.‬‬
‫‪ .5‬كواه مفتوحة نحو أورشليم = بمعنى أن إشتياق قلبه متجه ألورشليم مدينه هللا وليس لمركزه العالمي ومجد‬
‫العالم المتوفر له فى قصر الملك‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السادس)‬

‫‪ .6‬لم ينسب هلل ظلم ا ولم يشتكى ال من وجوده فى السبي وال من قرار الملك الظالم بل هو يحمد هللا منشغالً‬
‫بأورشليمه وإشتياقات قلبه واثقاً أن كل ما يفعله هللا هو للخير‪ .‬وهو لم يخجل من أورشليم وهي مدمرة‪.‬‬
‫كانت الحكمة اإلنسانية تقول ماذا لو إمتنع عن الصالة ‪ 30‬يوماً ماذا يضيره ؟ فهو سيشترى حياته !! ولكن كيف‬
‫يشهد هلل ؟ ربما لو فعل لصار قدوة سيئة لكل اليهود الضعفاء فهو بال شك قدوة‪ ،‬وكل العيون عليه لمركزه وشهرته‪.‬‬
‫عموماً من عرف قيمة الصالة ال يمكنه أن يتركها يوماً‪ .‬ولماذا كان يوجه وجهه نحو أورشليم ؟ (راجع ‪2‬أى‪:6‬‬
‫‪.)39-36‬‬

‫له ِه‪َ 12 .‬ف َتَقَّد ُموا َوَت َكَّل ُموا‬


‫َّام ِإ ِ‬
‫ع ُقد َ‬ ‫يآل َي ْطُل ُب َوَي َت َضَّر ُ‬ ‫ِ‬
‫ال َف َو َج ُدوا َدان َ‬ ‫هؤلَ ِء ِ‬
‫الر َج ُ‬ ‫اج َت َم َع ِحيَنِئ ٍذ ُ‬
‫‪11‬‬
‫اآليات (‪َ " -:)17-11‬ف ْ‬
‫ِ‬ ‫ان َي ْطُل ُب ِم ْن ِإل ٍه أ َْو ِإْن َس ٍ‬ ‫ض أَُّي َها اْل َملِ ُك َن ْهايا ِبأ َّ‬
‫َن ُك َّل ِإْن َس ٍ‬ ‫َّام اْل َملِ ِك ِفي َن ْه ِي اْل َملِ ِك‪« :‬أََل ْم ُت ْم ِ‬
‫ين َي ْو اما‬ ‫ان َح َّتى َثالَ ث َ‬ ‫ُقد َ‬
‫س َّال ِتي لَ‬ ‫ِإلَّ ِمْنك أَُّيها اْلملِك ي ْطرح ِفي ج ِب األُسوِد؟» َفأَجاب اْلملِك وَقال‪« :‬األَمر ص ِحيح َك َش ِر ِ ِ‬
‫يعة َمادي َوَف ِار َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ ٌ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُ ُ َُ‬
‫اع ِتَب اا‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫‪ِ ِ 13‬‬
‫ار‬ ‫يآل َّالذي م ْن َبني َس ْب ِي َي ُهوَذا َل ْم َي ْج َع ْل َل َك أَُّي َها اْل َملِ ُك ْ‬ ‫َّام اْل َملك‪ِ« :‬إ َّن َدان َ‬ ‫َج ُابوا َوَقاُلوا ُقد َ‬ ‫ُتْن َس ُخ»‪ .‬حيَنئ ٍذ أ َ‬
‫ظ َعَلى َن ْف ِس ِه‬ ‫ات ِفي اْلَي ْومِ َي ْطُل ُب ِطْلَب َت ُه»‪َ .‬فَل َّما َس ِم َع اْل َملِ ُك ه َذا اْل َكالَ َم ا ْغ َتا َ‬
‫‪14‬‬
‫َم َض ْي َت ُه‪َ ،‬ب ْل َثالَ َث َمَّر ٍ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َولَ ل َّلن ْه ِي الذي أ ْ‬
‫ال ِإَلى اْل َملِ ِك‬ ‫س لِيْن ِق َذه‪َ 15 .‬فاج َتمع أ ِ‬ ‫ِ‬
‫الر َج ُ‬ ‫ُولئ َك ِ‬ ‫ْ ََ‬ ‫الش ْم ِ ُ ُ‬ ‫وب َّ‬ ‫اج َت َه َد ِإَلى ُغُر ِ‬ ‫يآل لُِيَن ِجَي ُه‪َ ،‬و ْ‬ ‫جدًّا‪َ ،‬و َج َع َل َقْلَب ُه َعَلى َدان َ‬
‫ِ‬
‫َم ٍر َي َض ُعهُ اْل َملِ ُك لَ َي َت َغَّيُر»‪ِ 16 .‬حيَن ِئ ٍذ‬ ‫َن ُك َّل َن ْه ٍي أ َْو أ ْ‬‫س ِهي أ َّ‬ ‫يع َة َم ِادي وف ِار‬ ‫َن َش ِر َ‬ ‫«اعَل ْم أَُّي َها اْل َملِ ُك أ َّ‬
‫َوَقاُلوا لِْل َملِ ُك‪ْ :‬‬
‫ََ َ َ‬
‫له َك َّال ِذي َت ْعُب ُد ُه َد ِائ اما ُه َو‬‫يآل‪ِ« :‬إ َّن ِإ َ‬
‫طرحوه ِفي ج ِب األُسوِد‪ .‬أَجاب اْلملِك وَق ِ ِ‬
‫ال ل َدان َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يآل َو ََ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمَر اْل َمل ُك َفأَ ْح َضُروا َدان َ‬ ‫أَ‬
‫ِ ِ‬ ‫يك»‪17 .‬وأ ُِتي ِبحج ٍر وو ِضع عَلى َفمِ اْلج ِب و َخ َتم ُه اْلملِ ُك ِب َخ ِات ِم ِه و َخ ِاتمِ ع َ ِ ِ ِ‬ ‫ُيَن ِج َ‬
‫يآل‪".‬‬‫ظ َمائه‪ ،‬لَئالَّ َي َت َغَّيَر اْلَق ْص ُد في َدان َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ َُ َ َ‬
‫في (‪ )13‬قولهم من بنى سبى يهوذا = يقصد به التحقير من شأنه‪ .‬وواضح إحتقار هؤالء المتآمرين لدانيال‪.‬‬
‫وغالباً هو كان يذكر الجميع في صلواته هذه‪ .‬وفى (‪ )14‬الملك أغتاظ على نفسه = فهو قد إكتشف أنهم خدعوه‪،‬‬
‫وقد َعل َم اآلن لماذا طلبوا منه هذا الطلب‪ .‬والملك حاول إنقاذ دانيال وإستثنائه من هذا القرار ولكنهم واجهوه بأن‬
‫شريعة مادي وفارس ل تنسخ آية (‪ )15‬وراجع في هذا أيضاً إستير (‪.)8 : 8 +19 : 1‬‬

‫تفسير مكمل لتمثال نبوخذ نصر من واقع ما سبق‬


‫وتقوى وعظمته زادت وبلغت إلى السماء (دا ‪ )22 : 4‬وعن مدى‬
‫رأس التمثال الذهب تشير لملك بابل الذي كبر َّ‬
‫سلطانه فهو "أياً شاء قتل وأياً شاء إستحيا" (دا ‪ . )19 : 5‬وهذا السلطان المطلق قد حرم منه داريوس‪ ،‬فلم يستطع‬
‫أن يترك دانيال صديقه حياً ولذلك شب َه بالفضة‪ .‬وأما اليونان فكان سلطان ملوكهم أقل‪ ،‬إذ كان الملك يتشاور مع‬
‫قادته‪ .‬أما الرومان فقد اشتهروا بالديموقراطية وفى هذا راجع سفر المكابيين األول (‪ . )16-14:8‬فالسلطان‬
‫المطلق يقل بتدرج التمثال من أعلي إلى أسفل بينما القوة تزداد‪ .‬لذلك شبه اليونان بالنحاس والرومان بالحديد والحظ‬
‫الموقف الحرج الذي وقفه داريوس‪ .‬لذلك تعلم الكنيسة أن نصلى لحكامنا حتى يعطيهم هللا حكمة في هذه المواقف‬
‫المحرجة وذلك ألجل سالم الكنيسة‪ .‬وكما ختم على قبر المسيح وخرج حياً هكذا ختم على جب دانيال واألسود‬
‫وخرج دانيال حياً‪ .‬وكان داريوس يشجع دانيال وبهذا يتأكد أنه سمع بقصة الفتية الثالث‪ .‬وأيضاً برر دانيال من‬
‫أي خطأ‪ .‬وكان كالم داريوس عن هللا كله ثقة في قوة هللا‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السادس)‬

‫ط َار َعْن ُه َن ْو ُم ُه‪.‬‬ ‫يه َو َ‬ ‫اآليات (‪ِ 18" -:)24-18‬حيَن ِئ ٍذ م َضى اْلملِك ِإَلى َقص ِرِه وبات ص ِائما‪ ،‬وَلم ي ْؤت ُقدَّامه ِبسر ِار ِ‬
‫َ ُ ََ‬ ‫ْ ََ َ َ ا َ ْ ُ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫يآل ِب َص ْو ٍت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اكاار ِعْن َد اْل َف ْج ِر َوَذ َه َب م ْس ِر اعا ِإَلى ُج ِب األ ِ‬ ‫‪19‬ثُ َّم َقام اْلملِ ُك ب ِ‬
‫ُسود‪َ .‬فَل َّما ا ْق َتَر َب ِإَلى اْل ُجب َن َادى َدان َ‬
‫‪20‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َن ُيَن ِجَي َك ِم َن‬ ‫له َك َّالذي َت ْعُب ُد ُه َد ِائ اما َقدَر َعَلى أ ْ‬ ‫يآل َع ْب َد هللا اْل َح ِي‪َ ،‬ه ْل ِإ ُ‬
‫ِ‬
‫«يا َدان ُ‬ ‫يآل‪َ :‬‬
‫يف‪ .‬أَجاب اْلملِك وَق ِ ِ‬
‫ال ل َدان َ‬ ‫أَس ٍ َ َ َ ُ َ َ‬
‫ِ‬
‫ُسوِد َفَل ْم‬ ‫اه األ ُ‬‫لهي أَْر َس َل َمالَ َك ُه َو َسَّد أَ ْف َو َ‬ ‫ش ِإَلى األََب ِد! ‪ِ22‬إ ِ‬ ‫«يا أَُّي َها اْل َملِ ُك‪ِ ،‬ع ْ‬ ‫ِِ‬
‫يآل َم َع اْل َملك‪َ :‬‬
‫األ ِ ‪ِ َّ 21‬‬
‫ُسود؟» َف َت َكل َم َدان ُ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمَر ِبأ ْ‬ ‫ِ‬
‫َّام َك أ َْي اضا أَُّي َها اْل َمل ُك‪َ ،‬ل ْم أَ ْف َع ْل َذْنابا»‪ .‬حيَنئ ٍذ َف ِر َح اْل َمل ُك به‪َ ،‬وأ َ‬
‫ِ‬
‫ضَّرني‪ ،‬ألَني ُوج ْد ُت َب ِر ايئا ُقد َ‬
‫َت ُ ِ‬
‫‪23‬‬
‫َن‬ ‫َّام ُه‪َ ،‬وُقد َ‬
‫ِ ‪24‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫يصع َد َد ِانيآل ِمن اْلج ِب‪َ .‬فأُص ِع َد َد ِان ِ‬
‫َح َضُروا‬ ‫َمَر اْل َملِ ُك َفأ ْ‬ ‫لهه‪َ .‬فأ َ‬ ‫آم َن ِبِإ ِ‬
‫وج ْد فيه َضَرٌر‪ ،‬أل ََّن ُه َ‬ ‫يآل م َن اْل ُج ِب َوَل ْم ُي َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ُْ َ‬
‫ِ‬ ‫وهم ِفي ُج ِب األ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ِ‬
‫َسَف ِل‬‫اء ُه ْم‪َ .‬وَل ْم َيصُلوا ِإَلى أ ْ‬ ‫ِ‬
‫ُسود ُه ْم َوأ َْولََد ُه ْم َون َس َ‬ ‫ُ‬ ‫طَر ُح ُ ْ‬
‫يآل َو َ‬‫اش َت َك ْوا َعَلى َدان َ‬ ‫ين ْ‬ ‫ال َّالذ َ‬ ‫ُولئ َك ِ‬
‫الر َج َ‬
‫ظِ‬
‫ام ِه ْم‪".‬‬ ‫ود َو َس َحَق ْت ُك َّل ِع َ‬
‫ُس ُ‬ ‫ط َش ْت ِب ِهمِ األ ُ‬ ‫اْل ُج ِب َح َّتى َب َ‬
‫لم يسامح الملك نفسه على إلقاء دانيال في الجب وهو صديقه الوفى‪ ،‬وصام حزيناً ولم ينم‪ ،‬وكيف ينام وروحه‬
‫مضطربة‪ .‬وباك اًر ذهب للجب بنفسه ولم يكن عنده من الصبر ما يجعله يرسل خادماً ليأتيه بالنبأ‪ .‬والحظ كالم‬
‫دانيال للملك بكل احترام فهو لم يوجه له اللوم على ما فعله‪ ،‬بل معنى كلماته أنه سامحه على ما فعل‪ .‬ويبدو أن‬
‫دانيال قضى في الجب مع المالك ليلة مفرحة = الهى أرسل مالكه‪ .‬حقاً إن كل من أتكل على هللا ينجيه هللا وال‬
‫وتقوى داريوس فعاقب أعداء دانيال عقوبة بشعة كعادة الملوك الوثنيين وشراهة األسود في إفتراس هؤالء‬
‫يخزيه‪َّ .‬‬
‫تثبت أن إمتناعها عن إفتراس دانيال لم يكن ألنه ال شهية لها لألكل‪ ،‬بل ألن قوة إلهية قد منعتها‪ .‬والحظ أن‬
‫دانيال كان في الجب في سالم وفرح إفتقدهم الملك على سريره في قصره‪ ،‬فهو لم ينم تلك الليلة‪.‬‬
‫في آية (‪ )4‬يقول إن الوزراء والم ارزبة كانوا يطلبون علة‪ .‬ولكن ال يمكن فهم هذا على أن ال ـ ‪ 120‬مرزبانا تورطوا‬
‫في هذه المؤامرة‪ ،‬بل بعضهم فقط‪.‬‬

‫ض ُكلِ َها‪:‬‬ ‫ين ِفي األ َْر ِ‬ ‫وب واألُممِ واألَ ْل ِسَن ِة َّ ِ ِ‬ ‫وس ِإَلى ُك ِل ُّ‬ ‫ِ‬
‫الش ُع ِ َ َ َ‬ ‫اآليات (‪ُ " -:)28-25‬ث َّم َك َت َب اْل َمل ُك َد ِارُّي ُ‬
‫‪25‬‬
‫الساكن َ‬
‫ان ممَل َك ِتي يرَت ِع ُدو َن وي َخا ُفو َن ُقد ِ ِ‬ ‫َمٌر ِبأََّن ُه ِفي ُك ِل ُسْل َ‬ ‫‪ِ ِ ِ 26‬‬ ‫ِ‬
‫َّام ِإله َدان َ‬
‫يآل‪ ،‬أل ََّن ُه ُه َو‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َْ‬ ‫ط ِ َْ‬ ‫«لَي ْكثُْر َسالَ ُم ُك ْم‪ .‬م ْن قَبلي َص َدَر أ ْ‬
‫ات َواْل َع َج ِائ َب‬
‫طاُنه ِإَلى اْلمْن َتهى‪27 .‬هو يَن ِجي ويْن ِق ُذ ويعمل اآلي ِ‬
‫َُ ََ ْ َ ُ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ول َو ُسْل َ ُ‬‫وت ُه َل ْن َي ُز َ‬‫وم ِإَلى األََب ِد‪َ ،‬و َمَل ُك ُ‬
‫له اْل َح ُّي اْلَقُّي ُ‬ ‫ِ‬
‫اإل ُ‬
‫وس َوِفي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‪28‬‬ ‫ض‪ .‬هو َّال ِذي َنجَّى َد ِاني ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِفي َّ‬
‫يآل ه َذا في ُمْلك َد ِارُّي َ‬
‫ُسود»‪َ .‬فَن َج َح َدان ُ‬ ‫آل م ْن َيد األ ُ‬‫َ‬ ‫الس َم َاوات َوِفي األ َْر ِ ُ َ‬
‫ش اْل َف ِارِس ِي‪".‬‬‫ور َ‬ ‫ِ‬
‫ُمْلك ُك َ‬
‫قرار داريوس هنا في توقير هللا فاق ما قاله نبوخذ نصر‪ .‬حقاً فاهلل قادر أن يتمجد في أعين الجميع حتى الوثنيين‪.‬‬
‫والحظ الصفات التي قالها داريوس عن هللا = الحي القيوم إلى األبد‪ .‬والقيوم هى كلمة أرامية (سريانية) تعنى‬
‫األبدى ‪ Eternal‬أى الثابت والراسخ والدائم إلى األبد ‪.He endures foerever‬‬
‫فنجح دانيال هذا في ملك داريوس وفى ملك كورش الفارسي = كان داريوس المادي يحكم بابل تحت ملك‬
‫كورش‪ .‬فقد عين كورش داريوس ملكاً على بابل‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح السابع‬

‫بعد أن أنهى النبي األحداث التاريخية في الستة اإلصحاحات األولى يبدأ هنا باألجزاء النبوية وفيها كثير من‬
‫الغموض‪ ،‬بعضها تحقق والبعض متعلق باأليام األخيرة‪ .‬ونفس النبوة قد تكون تحققت في زمن سابق ولكن سيتم‬
‫تحقيقها في المستقبل بطريقة أخرى وقد تم صياغة هذه النبوات بحيث تحتمل تطبيقها عدة مرات‪.‬‬

‫اش ِه‪ِ .‬حيَن ِئ ٍذ‬ ‫اصر ملِ ِك با ِبل‪ ،‬أرَى َد ِانيآل حْلما ورَؤى ْأر ِس ِه عَلى ِفر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ ا َُ‬ ‫السَنة األُوَلى لَبْيْل َش َّ َ َ َ َ َ‬
‫ِ‬ ‫اآليات (‪ِ 1" -:)8-1‬في َّ ِ‬
‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ى ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخَبَر ِبَ ْأر ِ‬
‫اي َل ْيالا َوِإ َذا بأَْرَب ِع ِرَيا ِح َّ َ‬
‫‪2‬‬
‫اء َه َج َم ْت‬ ‫«كْن ُت أََر في ُرْؤَي َ‬ ‫ال‪ُ :‬‬ ‫يآل َوَق َ‬‫اب َدان ُ‬ ‫َج َ‬
‫س اْل َكالَمِ‪ .‬أ َ‬ ‫َك َت َب اْل ُحْل َم َوأ ْ‬
‫ف َذاك‪4 .‬األ ََّول َكاأل ِ‬ ‫ير‪3 .‬وص ِع َد ِمن اْلبح ِر أَربع ُة حيواَن ٍ ِ‬
‫احا َن ْس ٍر‪.‬‬ ‫َسد َوَل ُه َجَن َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يمةٍ‪ ،‬ه َذا ُم َخالِ ٌ َ‬ ‫ات َعظ َ‬ ‫َ َ ْ َْ َ َََ‬ ‫َعَلى اْلَب ْح ِر اْل َك ِب ِ َ َ‬
‫ان‪َ 5 .‬وِإ َذا‬ ‫ُع ِط َي َقْل َب ِإْن َس ٍ‬
‫ان‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ف َعَلى ِر ْجَل ْي ِن َكِإْن َس ٍ‬ ‫ض‪َ ،‬وأُوِق َ‬ ‫اه َواْن َت َص َب َع ِن األ َْر ِ‬ ‫اح ُ‬
‫ف َجَن َ‬ ‫َوُكْن ُت أَْنظُُر َح َّتى اْن َت َت َ‬
‫هك َذا‪ُ :‬ق ْم ُك ْل‬ ‫َسَن ِان ِه‪َ ،‬فَقاُلوا َل ُه َ‬ ‫اح ٍد َوِفي َف ِم ِه َثالَ ُث أ ْ‬
‫َضُل ٍع َب ْي َن أ ْ‬
‫الد ِب‪َ ،‬فارَت َفع عَلى جْن ٍب و ِ‬
‫ْ َ َ َ َ‬ ‫ان َش ِبي ٍه ِب ُّ‬ ‫آخَر َث ٍ‬ ‫ان َ‬ ‫ِب َحَي َو ٍ‬
‫ان لِْل َحَي َو ِ‬ ‫ظه ِرِه أَربع ُة أَج ِنح ِة َ ِ‬ ‫آخر ِم ْث ِل َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫النم ِر َوَل ُه َعَلى َ ْ ْ َ َ ْ َ‬ ‫َل ْح اما َكث ايرا‪َ .‬وَب ْع َد ه َذا ُكْن ُت أََرى َوِإ َذا ِب َ َ‬
‫‪6‬‬
‫ان أَْرَب َع ُة‬ ‫طائ ٍر‪َ .‬وَك َ‬
‫ِ‬ ‫ابع َها ِئل َوَقو ٍ‬ ‫طاانا‪َ7 .‬ب ْع َد ه َذا ُكْن ُت أََرى ِفي ُرَؤى َّ‬
‫اللْي ِل َوِإ َذا ِب َحَي َو ٍ‬ ‫ُع ِط َي ُسْل َ‬
‫ان‬‫َسَن ٌ‬ ‫ِي َو َشدي ٍد ِجدًّا‪َ ،‬وَل ُه أ ْ‬ ‫ان َر ٍ‬ ‫وس‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ُرُؤ ٍ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َقْبَل ُه‪َ ،‬وَل ُه َع َشَرةُ ُقُرو ٍن‪.‬‬ ‫ان ُم َخالِ افا لِ ُك ِل اْل َحَي َواَنات َّالذ َ‬ ‫اس اْلَباق َي ِب ِر ْجَل ْيه‪َ .‬وَك َ‬ ‫م ْن َحدي ٍد َك ِب َيرةٌ‪ .‬أ ََك َل َو َس َح َق َوَد َ‬
‫َّام ِه‪َ ،‬وِإ َذا ِب ُعُيو ٍن‬‫طَلع بيَنها‪ ،‬وُقلِع ْت َثالَ َث ٌة ِمن اْلُقرو ِن األُوَلى ِم ْن ُقد ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ير َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫آخَر َص ِغ ٍ‬ ‫َمالا ِباْلُقُرو ِن‪َ ،‬وِإ َذا ِبَقْر ٍن َ‬ ‫‪ُ 8‬كْن ُت م َتأ ِ‬
‫ُ‬
‫ظ ِائ َم‪" .‬‬
‫ان ِفي ه َذا اْلَقْر ِن‪َ ،‬وَف ٍم ُم َت َكلِ ٍم ِب َع َ‬ ‫اإل ْن َس ِ‬ ‫َك ُعُيو ِن ِ‬
‫هنا نجد رؤيا خاصة بأربعة ممالك إضطهدت شعب هللا‪ ،‬وهم اليهود في العهد القديم‪ ،‬أما في العهد الجديد فشعب‬
‫هللا هو كنيسته‪ .‬وهكذا قال السيد المسيح " في العالم سيكون لكم ضيق" لذلك كان تشبيه هذه الممالك بأربعة‬
‫وحوش‪ .‬وهذه الرؤيا هي إعادة لحلم نبوخذ نصر في اإلصحاح الثاني‪ .‬والفارق أن نبوخذ نصر كإنسان مادي‬
‫دنيوي يعتبر ممثل للقوى العالمية‪ ،‬هو يهتم بالقوة والمجد العالمي‪ ،‬أو هو ينبهر بقوة الممالك وعظمتها‪ ،‬لذلك رآها‬
‫في شكل تمثال هائل رأسه ذهب وقدماه حديد‪ .‬وهناك رأى بأن التمثال الذي أقامه بطول ‪ 60‬ذراعاً (إصحاح ‪)3‬‬
‫مشابه لتمثال الحلم‪ ،‬وأقامه كله من ذهب مع أن هللا أظهر له في الحلم بأن التمثال لن يستمر ذهباً‪ ،‬بل ستنتقل‬
‫السلطة إلى مملكة أخرى ثم مملكة ثالثة إلى أن يباد التمثال كله‪ ،‬إال أنه قد تصور أنه بإقامته لهذا التمثال سيحافظ‬
‫على مملكته ذهبية إلى األبد‪ .‬وكان هللا يريد أن يريه أنه ال ثبات ألي مملكة عالمية‪ ،‬وكل مملكة عالمية لها نهاية‪،‬‬
‫وكل حاكم هو وقتي وبسماح من هللا أما ملكوت المسيح فأبدى‪.‬‬
‫أما دانيال كإنسان روحاني ال يهتم بأمجاد هذا العالم فقد رأى هذه الممالك في صورتها الحقيقية كوحوش كاسرة‬
‫تتحكم فيها طبيعتها الحيوانية الدموية‪ .‬وهذه الممالك طالما اضطهدت شعب هللا وسفكت دماء القديسين‪.‬‬
‫والشيطان هو الذي يثير هذه الممالك ضد شعب هللا ويهيج ملوكها ضدهم‪ .‬ولذلك رأى دانيال أربع رياح السماء‬
‫هجمت على البحر الكبير‪ .‬وقارن مع (أف‪ )2:2‬فالشيطان يسميه الرسول "رئيس سلطان الهواء الذي يعمل في‬

‫‪61‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫أبناء المعصية" ‪ .‬ولكننا نرى في (رؤ‪ )1:7‬أن هناك أربعة مالئكة ممسكين بأربع رياح األرض لكي ال تهب ريح‬
‫على األرض إال بسماح منهم‪ .‬والمعنى أن الرياح هي التجارب واألالم والضيقات التي يعانى منها شعب هللا‬
‫والتي يثيرها عدو الخير‪ ،‬ولكن شك اًر هلل فكل هذا بسماح منه وتحت سيطرته‪.‬‬
‫أربع رياح السماء هجمت على البحر = اليهود فهموا من (تك‪ )8 – 6 :1‬أن الشيطان حين طرده هللا من‬
‫السماء ظل معلقا فى الهواء (الجلد الذى يحمل السحاب) ألن الوحى لم يذكر عن خليقة هللا فى اليوم الثانى أن‬
‫هللا وجد أن ما عمله كان حسن كما قيل عن بقية األيام الستة‪ .‬والقديس بولس الرسول إعتمد هذا الفكر وقال عن‬
‫الشيطان "رئيس سلطان الهواء"؟‬
‫والحظ أن الرياح حين تهب على البحر يهيج البحر وتعلو أمواجه‪ ،‬وهكذا ي َهيج الشيطان ملوك ورؤساء هذا‬
‫العالم ضد شعب هللا‪ .‬والعالم مشبه فى الكتاب المقدس بالبحر‪-:‬‬
‫‪ .1‬ماء البحر مالح من يشرب منه يعطش ويموت‪ ،‬وهكذا شهوات العالم‪ .‬فمن يشرب من ماء البحر المالح‬
‫يظن أنه يرتوى‪ ،‬ولكن العكس هو ما يحدث‪ ،‬فالملح يسحب الماء من األنسجة فيجف اإلنسان ويموت‪.‬‬
‫هكذا من يسعى وراء شهوات العالم ظانا أنها ترويه‪ ،‬ولكن العكس هو ما يحدث إذ تتسبب فى هالكه‪.‬‬
‫‪ .2‬أمواج البحر تجدها ترفعك ثم تنخفض بك‪ ،‬وهكذا العالم يرتفع بك يوما‪ ،‬ويوما آخر يخفضك إلى أسفل‪.‬‬
‫‪ .3‬ال يوجد إنسان يقدر أن يحيا فى البحر‪ .‬ومن يحاول سيموت‪ .‬ولكن نستطيع أن نحيا على سطح البحر‬
‫فى سفينة مثال‪ .‬وهكذا أوالد هللا يعيشون على سطح العالم دون أن ينغمسوا فى شهواته‪ .‬نستعمل العالم‬
‫لنحيا ولكن ال يجتذبنا العالم إلى أعماق شهواته وملذاته وانشغاالته التى تلهينا عن هللا لئال نموت‪.‬‬
‫‪ .4‬قال رب المجد عن الشيطان أنه رئيس هذا العالم‪ ،‬فهو قادر أن يثير الحروب والقالقل‪ ،‬وقادر أن يسهل‬
‫لنا الطريق إلى شهوات هذا العالم‪ .‬وهذا ما عمله مع رب المجد حين قال له "أعطيك كل هذه ‪ ..‬ولكن‬
‫كان الثمن "خر وأسجد لى"‪.‬‬
‫‪ .5‬وبنفس المفهوم قال المالك لدانيال النبى عن الشيطان الذى يحرك الملوك ضد شعب هللا "… َف ْٱآل َن‬
‫ونان َيأْتي" (دا‪ .)20 – 13 :10‬فالمالك قال‬‫يس َفار َس‪َ .‬فإ َذا َخ َر ْجت ه َوَذا َرئيس ٱْلي َ‬
‫أ َْرجع َوأ َحارب َرئ َ‬
‫عن الشيطان الذى يحرك ملك فارس ضد شعب هللا "رئيس فارس"‪ .‬وقال عن المالك الذى يحرك ملك‬
‫اليونان "رئيس اليونان"‪ .‬فالشيطان هو الذى يحرك هؤالء الملوك‪.‬‬
‫‪ .6‬والمعنى أن ممالك بابل وفارس واليونان وغيرها هى مشبهة بالبحر‪ ،‬والشيطان رئيس سلطان الهواء يهيج‬
‫هؤالء الملوك ضد شعب هللا‪ .‬وهذا كما يهيج الهواء أمواج البحر‪ .‬وهذا معنى اآلية أربع رياح السماء‬
‫هجمت على البحر‪.‬‬
‫‪ .7‬هللا إختار ‪ 4‬شعوب (بابل والفرس واليونان والرومان) فقط ألن رقم‪ 4‬هو رقم العمومية‪ .‬والمعنى أن‬
‫الشيطان يفعل هذا عبر العصور‪ ،‬ومع كل الملوك يحركهم ضد شعب هللا كما يحرك الهواء أمواج‬
‫البحر‪ .‬فيهيج الملوك على شعب هللا ويحدث اإلضطهاد‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫والبحر قد يكون هو البحر المتوسط الذي يتوسط ممتلكات هذه الممالك األربعة‪ ،‬فبابل وفارس امتدت أمالكها حتى‬
‫الساحل الشرقي والجنوبي للبحر المتوسط أي سوريا وفلسطين ومصر‪ .‬أما اليونان والرومان فقد امتلكوا كل هذا‬
‫باإلضافة ألوروبا على الساحل الشمالي‪ .‬ولكن البحر في الكتاب المقدس يشير للعالم المضطرب الهائج وماؤه‬
‫المالح من يشرب منه يعطش‪ .‬وإبليس رئيس العالم سلطان الهواء هجم برياحه على البحر‪ ،‬أي عمل بقوته من‬
‫خالل هذه الممالك وإضطهد شعب هللا‪ ،‬فهياج البحر هو‬

‫الضيقات التي تواجه شعب هللا لكنها تحت سيطرة هللا وبسماح منه‪ .‬وهى أربعة رياح فرقم "‪ "4‬يشير لكل أنحاء‬
‫العالم فالضيقات تواجه شعب هللا أينما كانوا‪ .‬وقوله أربع رياح يعنى أن معارك هذه الممالك ستشمل كل مكان‬
‫وستكون عنيفة‪ .‬لكن لنعلم أنه وإن كان الشيطان يستعمل هذه الممالك الضطهاد شعب هللا ‪ ،‬لكن نجد أن هللا‬
‫ضابط الكل يستخدم كل األمور لخير شعبه‪ .‬فهو القادر أن يخرج من الجافي حالوة‪ .‬فهو إستخدم بابل لتأديب‬
‫شعبه فإمتنعوا عن العبادة الوثنية‪ ،‬ثم إستخدم فارس لتحرير شعبه من بابل‪ .‬واليونان بإنتشارهم في كل العالم‬
‫وإنتشار لغتهم وكونها أصبحت لغة عالمية فهذا مهد السبيل لنشر الكتاب المقدس في العالم كله‪ ،‬فقد كتب العهد‬

‫‪63‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫الجديد باليونانية وتمت ترجمة العهد القديم لليونانية (الترجمة السبعينية)‪ .‬والرومان بإمتالكهم العالم كله مهدوا‬
‫السبيل للرسل والتالميذ لنشر الك ارزة في العالم كله‪ .‬فالرومان مهدوا الطرق عبر كل المملكة ‪ ،‬وكل الطرق‬
‫متجهة الي روما‪ .‬ووضعوا عالمات في كل طريق تشير للمسافة المتبقية الى روما العاصمة‪ ،‬ولذلك قيل المثل‬
‫المعروف "كل الطرق تؤدى إلى روما"‪.‬‬
‫وفى (‪ )1‬رأس الكالم = لب أو أصل الموضوع‪.‬‬
‫وفى (‪ )4‬أسد له جناحان‪ .‬وهذا يماثل الرأس الذهبي في تمثال نبوخذ نصر والحيوانات المجنحة‪ ،‬وهي طريقة‬
‫معروفة لتصوير ملوك أشور وبابل‪ .‬وقد وجد هذا فى النقوشات األثرية‪ ،‬وفيها تصويرهم على شكل أسود وثيران‬
‫مجنحة بأجنحة نسور‪ ،‬فاألسد والثور يشيران للملك والسلطة والقوة والضراوة وأجنحة النسور تشير لسرعة الفتوحات‪.‬‬
‫(جريدة األهرام نشرت هذا الخبر عن العثور على هذه النقوشات األثرية بتاريخ ‪ )90/6/5‬وملك بابل مشبه هنا‬
‫بأسد فله سلطة مطلقة‪ .‬ونجد بعد ذلك أنه إنتتف جناحاه = هذا يشير ‪:‬‬
‫[‪ ]1‬أنه بعد جنونه قد شفى من وثنيته وتبدل قلبه الوحشي لقلب إنسان = أوقف على رجلين كإنسان وأعطى قلب‬
‫[‪ ]2‬يشير هذا أيضاً لضعف المملكة بعد موت نبوخذ نصر‪ .‬ثم وصلت بهم الحال‬ ‫إنسان (دا ‪.)37-34:4‬‬
‫للهزيمة أمام جيش كورش‪ .‬وفى هذا التشبيه والحيوان بال جناحان فهو غير قادر على الطيران أو اإلنقضاض أو‬
‫الغزو والحرب‪ .‬وكانت آخر حروب بابل المسجلة سنة ‪ 568‬ق‪.‬م‪ .‬مع مصر‪.‬‬
‫وفى (‪ )5‬الدب هنا يشير لمادي وفارس‪ .‬ومادي هو الجانب األسفل من المملكة أي الغير عامل‪ .‬وفارس هي‬
‫الجانب األعلى من المملكة = فإرتفع على جنب واحد‪ .‬ففي بدايات هذه المملكة كانت مادي هي المملكة الكبيرة‬
‫وفارس هي المملكة األصغر‪ .‬ولذلك ففي بدايات هذه المملكة كانت تسمى مادي وفارس‪ .‬وداريوس كان من مادي‬
‫غير أنه كان خاضعاً لكورش (دا ‪ . )8 : 6‬ومع مرور الزمن أصبحت فارس هي القوة الكبيرة وتغير إسم المملكة‬
‫إلى فارس ومادي (إس ‪ )3 : 1‬وال يزال شكل الدب يرى في الحجارة األثرية لهذه المملكة‪ .‬والدب ليس في قوة‬
‫األسد ولكنه ليس أقل وحشية (عا ‪ )19 : 5‬ثالث أضلع بين أسنانه = تشير لثالث ممالك كبيرة إلتهمها هذا الدب‬
‫الفارسي = وهى غالباً بابل ومصر وليديا‪ .‬عموماً لقد إمتدت فتوحات فارس فى ثالث اتجاهات شماالً وجنوباً وغرباً‬
‫(‪ )4 ، 3 : 8‬شماالً = ليديا وأرمينيا‪ .‬وجنوباً = مصر وغرباً = اليونان وتركيا‪.‬‬
‫وقم كل لحم ا كثي ار = هذا يشير كما قلنا سابقاً لنظام الضرائب المحكم الذي جعل فارس أغنى دولة‪.‬‬
‫وفى (‪ )6‬يشير النمر لمملكة اليونان‪ .‬والنمر حيوان ضاري جداً ويشتهر بسرعة انقضاضه‪ .‬وقد قام اإلسكندر‬
‫بغزو العالم في سنوات قليلة جداً‪ .‬ويشير لسرعة فتوحاته أنه له أربعة أجنحة بالمقارنة بجناحين لبابل‪ .‬واإلسكندر‬
‫األكبر في خالل ‪ 6‬سنوات تسيد على كل إمبراطورية فارس ومصر وسوريا والهند وأمم أخرى‪ .‬وهذا النمر يشير‬
‫للجزء النحاسي في التمثال‪ ،‬بينما مادي وفارس يشار لهما هنا بدب على جانب واحد وفى التمثال بالصدر وذراعين‬
‫فضة ‪ .‬وكان للحيوان أربعة رؤوس = بعد موت اإلسكندر ولم يكن له أوالد‪ ،‬تولى قادة جيشه الكبار حكم المملكة‬
‫واقتسموها كالتالي ‪:‬‬
‫توالها كاساندر‬ ‫‪ .1‬مقدونيا واليونان (اليونان حالياً)‬

‫‪64‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫توالها ليسيماخوس‬ ‫‪ .2‬تراقيا وبيثينية (تركيا حالياً)‬


‫توالها سلوكس‬ ‫‪ .3‬سوريا حتى حدود الهند (سوريا والعراق وإيران وباكستان)‬
‫توالها بطلميوس‬ ‫‪ .4‬مصر وليبيا‬
‫ويسمى ملك مصر ملك الجنوب وملك سوريا ملك الشمال‪.‬‬
‫وذكر األجنحة قبل الرؤوس يعنى انتشار المملكة قبل اقتسامها‪.‬‬
‫ولقد إحتار الدارسين في كيفية إنتصار اإلسكندر في حروبه وأن تمتد إمبراطوريته إلى كل هذا اإلتساع في ‪7‬‬
‫َج ِن َح ِة‬ ‫الن ِم ِر َوَل ُه َعَلى َ‬
‫ظ ْه ِرِه أَْرَب َع ُة أ ْ‬ ‫آخَر ِم ْث ِل َّ‬
‫سنوات‪ .‬ولكن نجد اإلجابة هنا في آية‪َ 6‬وَب ْع َد ه َذا ُكْن ُت أََرى َوِإ َذا ِب َ‬
‫‪6‬‬

‫طاانا = والمعنى أن هللا هو الذى أعطى له هذا السلطان = َوأُ ْع ِطي‬ ‫ُع ِط َي ُسْل َ‬
‫وس‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ان لِْل َحَي َو ِ‬
‫ان أَْرَب َع ُة ُرُؤ ٍ‬ ‫َِ‬
‫طائ ٍر‪َ .‬وَك َ‬
‫َ‬
‫طاانا ولماذا؟ كان إهتمام اإلسكندر ومن َخَلَفه من ملوك (الرؤوس األربعة كاساندر وليسيماخوس وسلوكس‬ ‫ُسْل َ‬
‫وبطليموس) كان أيضاً نشر اللغة اليونانية والحضارة اليونانية هو إهتمامهم األكبر‪ .‬وكان هذا لصالح إنتشار‬
‫الكتاب المقدس‪ :‬أ) إهتم ملك مصر (أحد البطالمة) بترجمة العهد القديم إلى اللغة اليونانية فيما ي َس َّمى بالترجمة‬
‫السبعينية‪ .‬وكان هذا ليضمه إلى مكتبة اإلسكندرية‪ .‬ب) العهد الجديد كله كتب باللغة اليونانية‪ .‬وبذلك إستطاع‬
‫العالم كله أن يفهم الكتاب المقدس‪.‬‬
‫وفى (‪ ) 7‬نجد وحش جديد ليس له شبيه وهو أعقب الدولة اليونانية ومن المعروف أن الدولة الرومانية هي التي‬
‫قامت في أعقا ب اليونان‪ .‬وكانت إمبراطورية رهيبة شملت أوروبا وإفريقيا وأجزاء من أسيا‪ .‬وكان البحر األبيض‬
‫يتوسط هذه اإلمبراطورية ولذلك سمى بالمتوسط‪ .‬وكانت في بدايتها قوية كالحديد‪ ،‬لذلك فهذا الحيوان يماثل الرجلين‬
‫الحديد في تمثال نبوخذ نصر‪ .‬ولكن هذه اإلمبراطورية في نهايتها صارت ضعيفة وتفككت فصارت مثل األصابع‪،‬‬
‫وأجزاء منها قوية كالحديد وأجزاء منها ضعيفة كالخزف‪.‬‬
‫والتماثل بين هذه الرؤيا (إصحاح ‪ )7‬وتمثال نبوخذ نصر (إصحاح ‪ )2‬تتضح من أن هذا الحيوان له أسنان حديد‬
‫كبيرة‪ .‬وفعالً فقد أكل هذا الحيوان كل األمم األخرى وداسها وسحقها‪ .‬وسيطرت الدولة الرومانية على العالم ألكثر‬
‫من ‪ 500‬سنة‪ .‬ولقد ولد المسيح في زمان هذه الدولة وكان هو الحجر الذي قطع بغير يد = ولد بدون زرع بشر‪.‬‬
‫وهذا الحيوان كان له عشر قرون‪ .‬اإلمبراطورية الرومانية لها شكالن (راجع تفسير هذا فى اإلصحاح الثانى‪-:‬‬
‫األول هو الذي ظهرت به في القديم‪ ،‬أيام مجدها وكان يتوسطها البحر المتوسط الذي كان كبحيرة رومانية‪.‬‬
‫والشكل الثاني هو الذي تنبعث به الدولة الرومانية في نهاية األيام كدولة متحدة لكن لكل دولة شكلها وشخصيتها‬
‫المستقلة‪ ،‬أي شكل األصابع في رجل واحدة‪ ،‬ولكن بعض األصابع حديد وبعضها خزف‪.‬‬
‫*فى الشكل األول للدولة الرومانية تكون العشر قرون هم العشر أباطرة (نيرون‪ -‬دقلديانوس) الذين اضطهدوا‬
‫الكنيسة‪ .‬وفى أيام نيرون إستشهد الرسولين بطرس وبولس وبنهاية دقلديانوس إنتهي عصر االستشهاد‪ ،‬وهذا ما‬
‫كان يعنيه سفر الرؤيا بقوله يكون لكم ضيق عشرة أيام (رؤ‪ . )10:2‬فالعشرة أيام هنا هي عشرة فترات زمنية يكون‬
‫فيها ضيق للكنيسة ومع كل هذا الضيق تنمو الكنيسة وتمتد‪ ،‬فكما أن الحجر قطع بال يد أي بعمل إلهى =‬
‫فالمسيح ولد بدون زرع بشر‪ ،‬هكذا نمو الكنيسة يكون بعمل إلهى‪ .‬ومازالت هذه الكنيسة تمتد عبر العالم كله مكونة‬

‫‪65‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫جبل عال رأسه المسيح الذي يملك ليس على ممالك دنيوية زائلة‪ ،‬بل يملك بصليب محبته على قلوب شعبه‪ .‬وقال‬
‫ٱلرب َيكون ثَابتًا في َأرْس ٱْلج َبال" (إش‪.)2 :2‬‬ ‫إشعياء النبى عن هذا " َوَيكون في آخر ْ‬
‫ٱألَيَّام أ َّ‬
‫َن َجَب َل َب ْيت َّ‬
‫*وفى الشكل الثاني للدولة الرومانية تكون العشر قرون هم عشر ملوك يساندون الوحش الذي سيظهر في آخر‬
‫األيام (رؤ‪ . )12:17‬ومن المعروف أن التمثال سيضرب في هذه األيام أي أيام الوحش وينتهي شكل العالم الحالي‬
‫‪ ،‬وهذا ي َّ‬
‫مثل فى التمثال بأنه يصير كعصافة البيدر (دا‪ . )35 : 2‬فالحجر ضرب التمثال على القدمين اللذين من‬
‫حديد وخزف (دا‪ . )34 : 2‬فاإلمبراطورية الرومانية كانت فى أوج عظمتها عندما ولد المسيح ‪ ،‬وهذا َّ‬
‫يمثل بفترة‬
‫الحقوين فى التمثال‪ .‬ولكن ضرب التمثال الذى يشير لنهاية العالم سيكون مع الشكل الجديد للدولة الرومانية ‪.‬‬
‫وفى آية (‪ )8‬قرن آخر صغير ‪ :‬نجد هنا قرن صغير وفى (دا ‪ )9: 8‬نجد قرن صغير آخر‪ .‬وفى بعض األحيان‬
‫يخلط المفسرون بينهما‪ ،‬ولكن هناك فروق واضحة ‪:‬‬
‫قرن إصحاح (‪ )7‬هو قوة جديدة ال عالقة لها بالممالك السابقة فهو ليس امتداداً ألحدها‪ .‬هو قام وسطها وهو‬
‫مختلف عنهم‪ ،‬وهذا معني قرن آخر‪ .‬بينما أن قرن إصحاح (‪ )8‬هو امتداد لقوة عالمية موجودة إذ يقول في (دا‬
‫‪ )9 : 8‬ومن واحد منها خرج قرن صغير‪ .‬إذاً هو ليس قوة جديدة أو مختلفة ولكن هو امتداد وتطوير لقوة موجودة‪.‬‬
‫هو خرج من أحد القرون األربعة التي إنقسمت إليها مملكة اإلسكندر (وهو سيخرج من مملكة الشمال أى مملكة‬
‫السلوكيين كما سيأتي فيما بعد)‪.‬‬
‫في اللغة األصلية كلمة قرن صغير في إصحاح (‪ )7‬تختلف عن كلمة قرن صغير في (‪ . )8‬ففي إصحاح (‪)7‬‬
‫كلمة قرن صغير تشير لقرن صغير آخر‪ .‬أما الكلمة قرن صغير في (‪ )8‬فتعنى " أقل من القلة " أو "قرن من‬
‫القلة "‪( .‬غالباً القلة هنا هم اليهود كما سيأتي فيما بعد) والحظ أن المعنى‪ ،‬أنه سيبدأ صغي اًر جداً من وسط القلة‪،‬‬
‫وهو أقل من القلة ولكنه يتعظم جداً‪.‬‬
‫قرن إصحاح (‪ )8‬ينتهي بتطهير القدس (‪ )14 : 8‬أما قرن إصحاح (‪ )7‬فهو مستمر لنهاية األيام‪ ،‬حين يجلس‬
‫الدين (‪ . )9: 7‬فما أعقب هذا القرن هو الدينونة‪ ،‬أي أنه مستمر إلى المجيء الثاني‪.‬‬

‫قرن إصحاح (‪)8‬‬ ‫قرن إصحاح (‪)7‬‬


‫قرن ممتد من أحد القرون األربعة‬ ‫قرن آخر غير العشرة قرون‬ ‫‪1‬‬
‫هو امتداد للدولة اليونانية‬ ‫يأتي في أعقاب الدولة الرومانية‬ ‫‪2‬‬
‫ممتد إلى أن يتب أر القدس‬ ‫ممتد إلى الدينونة‬ ‫‪3‬‬
‫الصطططططططالح األ رامي المسططططططتخدم "قرن الصطططططططططالح األ رامي المسططططططططتخدم "قرن‬ ‫‪4‬‬
‫صغير من القلة"‬ ‫صغير أخر"‬
‫يشطططططططططير للهرطقططات التي تنكر ألوهيططة يشطير ألنطيوخس إبيفانيوس كرمز لضطد‬
‫المسيح‬ ‫المسيح‬

‫‪66‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫عموماً سواء قرن إصحاح (‪ )7‬أو قرن إصحاح (‪ )8‬فهم قوى بدأت صغيرة ثم نمت وتحولت لقوى عظيمة إضطهدت‬
‫شعب هللا‪ .‬وهى قوى ستنجح إلى حين‪ .‬وهذه القوى ستعظم نفسها تجاه هللا أو ضده وضد شعبه‪ .‬ونعود اآلن إلى‬
‫قرن إصحاح (‪ )7‬فنجد‪ .‬وقلعت ثالثة من القرون األولى من قدامه‪ .‬وقوله القرون األولى إذاً هو ال يقصد القرون‬
‫العشرة بل ملوك الدولة اليونانية األربعة الذين تقاسموا مملكة اإلسكندر ‪ .‬ثم قارن مع (دا ‪ )8: 8‬فنجد أن مملكة‬
‫اإلسكندر قد انقسمت إلى أربعة قرون وهي ‪:‬‬
‫اليونان حالياً‪.‬‬ ‫‪ .1‬مقدونيا واليونان‬
‫تركيا حالياً‪.‬‬ ‫‪ .2‬تراقيا وبيثينية‬
‫‪ .3‬سوريا والعراق وإيران وباكستان‪.‬‬
‫‪ .4‬مصر‪.‬‬
‫ومعنى هذا أن هذا القرن قد استولى على ثالثة ممالك من األربعة المذكورين‪ .‬وهذا القرن الصغير مواصفاته أنه‬
‫له عيون كعيون إنسان وفم متكلم بعظائم = وهذا يعنى أنها هرطقة تنكر أن المسيح هو هللا‪ .‬وكلمة عظائم في‬
‫اإلنجليزية ‪ Presumptuous things‬ال تعنى تجاديف بل كلمات بجرأة ووقاحة‪ .‬ووردت في ترجمات أخرى‬
‫‪ Pompous‬أو ‪ Great‬أي شئ متسم بالغرور‪ .‬وهذا ينطبق على الهرطقات التي ظهرت بعد أن تحولت‬
‫اإلمبراطورية الرومانية للمسيحية‪ ،‬مثل هرطقات أريوس ونسطور وغيرهم‪ .‬وهذه الهرطقات ظهرت في مصر على‬
‫يد أريوس وكذلك في ليبيا وانتشرت في سوريا والشرق حتى إيران‪ ،‬ووصلت إلى قصر قسطنطين أي القسطنطينية‬
‫وهى تركيا حالياً أي أنها امتدت إلى مصر وسوريا وتركيا وهذه هي الثالثة قرون التي أكلها القرن الصغير‪ .‬وهناك‬
‫رأى بأن هذه الجرأة والوقاحة ظهرت في الشيوعية الملحدة والتي إضطهدت المسيحية‪ .‬ومن بشاعة إضطهاد‬
‫الحيوان الرابع وهذا القرن الصغير قيل في آية (‪ )7‬كنت أرى في رؤى الليل‪ ،‬إشارة لبشاعة ووحشية هذا الوحش‬
‫وهذا القرن الصغير‪.‬‬

‫الثْل ِج‪َ ،‬و َش ْعُر َ ْأر ِس ِه‬


‫ض َك َّ‬‫اس ُه أ َْبَي ُ‬ ‫ِ‬
‫يم األََّيامِ‪ .‬لَب ُ‬
‫ِ‬
‫س اْلَقد ُ‬‫وش‪َ ،‬و َجَل َ‬‫اآليات (‪ُ " -:)10-9‬كْن ُت أََرى أََّن ُه ُو ِض َع ْت ُعُر ٌ‬
‫‪9‬‬

‫وف َت ْخ ِد ُم ُه‪،‬‬‫وف أُُل ٍ‬ ‫الن ِق ِي‪ ،‬وعر ُشه َل ِهيب َن ٍار‪ ،‬وب َكر ُاته َنار م َّت ِقدةٌ‪َ10 .‬نهر َن ٍار جرى و َخرج ِمن ُقد ِ ِ‬ ‫وف َّ‬ ‫الص ِ‬
‫َّامه‪ .‬أُُل ُ‬ ‫ََ َ َ َ ْ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ َ ُ ٌ ُ َ‬ ‫َ َْ ُ ُ‬ ‫َك ُّ‬
‫َس َف ُار‪" .‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪َ ،‬وُفت َحت األ ْ‬
‫س الد ُ‬ ‫َّام ُه‪َ .‬ف َجَل َ‬
‫وف ُقد َ‬
‫ات ُوُق ٌ‬
‫ات َرَب َو ٍ‬
‫َوَرَب َو ُ‬
‫في (‪ )9‬وضعت عروش = التعبير األرامي المستخدم لكلمة وضعت هو فرشت داللة على فرش البسط والوسائد‬
‫على ديوان العرش في الممالك الشرقية‪ .‬والمعنى المصور هنا أن هللا يستعد ليوم الدينونة‪ .‬وهذا مما يعزى شعب‬
‫هللا في كل زمان أن هناك يوماً سيدين هللا فيه كل ظالم‪ .‬وهللا اآلن في السماء يضحك بهؤالء الظالمين (مزمور‬
‫‪ )2‬فهم يتصورون في حقدهم أنهم ينتقمون من شعب هللا والحقيقة أنهم ينفذون خطة هللا من نحو شعبه‪ ،‬فهذا ما‬
‫حدث مع المسيح نفسه‪ .‬لذلك فاهلل يضحك بهم كأنه يقول " إصنعوا ما شئتم وفى النهاية ستجدوا أنكم نفذتم ما‬
‫أريده أنا" ‪ .‬هنا كلمة وضعت عروش تقابل إنهيار العروش الدنيوية‪ .‬فعرش هللا ثابت أزلي أبدى‪ ،‬أما هذه العروش‬
‫التي كانت للوحوش فهي تقوم في فترة زمنية ثم تختفي‪ .‬ونالحظ أن هللا له عرشه ‪ ،‬واألربعة والعشرون قسيساً لهم‬

‫‪67‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫عروشاً‪ .‬وما يعزى شعب هللا أن كل ما يحدث هو تحت سيطرة هللا وهو لخير شعبه دائماً‪ .‬عرشه لهيب نار وبكراته‬
‫نار متقدة = فإلهنا نار آكلة‪ .‬والبكرات تشير لقصد هللا وتدبيره عبر التاريخ (راجع تفسير حزقيال‪ .)1‬ولكننا هنا‬
‫ين‪،‬‬ ‫ِ‬
‫س الد ُ‬‫اآلن يوم الدينونة فتدبير هللا هو عقاب الشيطان ومن تبعه‪ ،‬وألن التدبير خاص بالدينونة إذ قيل = َف َجَل َ‬
‫َوُف ِت َح ِت األَ ْس َف ُار قال عرشه لهيب نار وبكراته نار متقدة‪ .‬بكراته نار متقدة = البكرات هي تدبير هللا‪ ،‬وتدبير هللا‬
‫كله حكمة ورحمة‪ ،‬لكنه يتكلم هنا عن الدينونة وعقاب الشيطان ومن تبعه في البحيرة المتقدة بالنار‪ .‬وهذا ما يشير‬
‫إليه قوله قديم األيام‪ .‬وشعر رأسه كالصوف النقي‪ .‬فبلغة البشر نجد أن الشيخوخة وكبر السن يتناسبان طردياً مع‬
‫الحكمة فيقال فالن له حكمة الشيوخ‪ .‬وأحكام هللا كلها عدل وبر ومحبة وهذا يشير له = لباسه أبيض كالثلج‪.‬‬
‫ونهر نار خرج من قدامه= إشارة إلى دينونته القادمة‪ .‬ولكنه ألحبائه نهر ماء صافي (رؤ‪ . )1:22‬وأمام حكمة‬
‫هللا ليصمت كل لسان وكل معترض على أحكامه‪ .‬وهو محاط بمالئكته كما سيأتي في مجيئه الثاني محاطاً بهم‪.‬‬
‫يم األََّيامِ = من هو المقصود بلقب قديم األيام؟ هذا اللقب ذكر هنا ويشير لآلب‪ .‬وذكر فى (اآلية‪)22‬‬ ‫ِ‬
‫س اْلَقد ُ‬
‫َو َجَل َ‬
‫والمقصود به اإلبن‪ ،‬فاآلب واإلبن الهوتيا أزليين فيقال عنهما هذا اللقب‪.‬‬
‫فى (اآلية‪ )9‬يشير اللقب لآلب ألنه فى (اآلية‪ )13‬رأى دانيال النبى شبه إبن إنسان ‪ ..‬وقربوه قدامه = أى قربوه‬
‫قدام اآلب‪ .‬وكما نعرف أن إبن اإلنسان تقال عن اإلبن بعد تجسده‪ ،‬وهنا نجدهم يقربوه لآلب‪.‬‬
‫أما فى (اآلية‪ )22‬فالمقصود بلقب قديم األيام هو اإلبن‪ ،‬فاآلب أعطى الدينونة لإلبن (يو‪.)30 – 27 : 5‬‬
‫ونالحظ أن مشيئة اآلب هى نفسها مشيئة اإلبن‪ .‬فما يريده اآلب ينفذه اإلبن‪ .‬ألن اإلبن والروح القدس هما أقنومى‬
‫التنفيذ‪ ،‬أما اآلب فهو أقنوم اإلرادة‪ .‬ومشيئة الثالثة أقانيم واحدة‪.‬‬
‫تصور البعض أن دانيال قد رأى هللا‬
‫ملحوظة ‪ -:‬حين قال دانيال النبى أنه رأى هنا رؤيا خاصة بالدينونة (آية‪َّ )9‬‬
‫اآلب وقد ظهر فى هيئة إنسانية وله لباس أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقى‪ .‬وقام بعض الفنانين برسم‬
‫صور‪ ،‬صوروا فيها اآلب على هيئة رجل كبير السن شعره أبيض‪ ،‬وأمامه اإلبن كشاب له شعر أسود‪ .‬وكل هذا‬
‫خطأ ‪-:‬‬
‫‪ .1‬أقنومى اآلب والروح القدس ال يتم تصويرهم بهيئة إنسانية أبداً‪ ،‬فاآلب لم يتجسد وهكذا الروح القدس‪ .‬أقنوم‬
‫اإلبن وحده هو الذى تجسد وتأنس‪ .‬ومنذ القديم كان لإلبن ظهورات على هيئة إنسانية إعالنا عن أنه‬
‫سوف يتجسد يوما فى ملء الزمان‪ .‬وكانت هذه الظهورات مثل ما حدث مع إبراهيم وكان مع اإلبن مالكان‬
‫(تك‪ )1 : 18‬وهكذا مع يشوع (يش‪ .)13 : 5‬ومع دانيال أيضا (دا‪.)5 :10‬‬
‫تصور أن اآلب أخذ هنا شكال إنسانيا ألنه رأى شعر أبيض‪ ،‬نقول له أن المسيح اإلبن قد رآه القديس‬
‫‪ .2‬من َّ‬
‫يوحنا فى رؤياه وله شعر أبيض (رؤ‪.)14 : 1‬‬
‫‪ .3‬فما هو الشعر األبيض إذاً؟ حقاً الشعر األبيض يشير لقدم األيام وللحكمة‪ ،‬ولكن األهم فإن الشعر األبيض‬
‫يرمز لشعب هللا المبرر والذى يحيط باهلل‪ .‬فالشعر يرمز لشعب هللا فى الكتاب المقدس‪ ،‬الذى يحيط باهلل‬
‫كما يحيط الشعر بالرأس‪ .‬وراجع (حزقيال‪ )5‬لتجد أن هللا حينما أراد أن يشرح لشعبه أنه قرر التخلى عنهم‬
‫وقرر عقابهم عقابا شديدا على وثنيتهم‪ ،‬أمر حزقيال النبى بأن يحلق شعر رأسه (إشارة ألن هللا رفضهم)‪،‬‬

‫‪68‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫ويحرق ثلثه‪ ،‬ويضرب ثلثا آخر بالسيف‪ ،‬ويذر الباقى إلى الريح‪ .‬كان هذا رم از ألن عقوبة الشعب ستكون‬
‫بالوباء والسيف والتشتت‪.‬‬
‫‪ .4‬أما الكنيسة شعب المسيح التى بررها بدمه (رؤ‪ )14 : 7‬تظهر فى (رؤ‪ )14 : 1‬كشعر أبيض ألنها‬
‫كنيسة مبررة إغتسلت وإبيضت بدم المسيح رأسها‪ .‬وإلتصقت برأسها المسيح كما يلتصق الشعر بالرأس‪.‬‬
‫‪ .5‬وهنا نرى أيضا المسيح وقد أتى بكنيسته (الشعر األبيض) إلى حضن اآلب‪ .‬لذلك قال السيد المسيح "أنا‬
‫س‬ ‫َّ‬
‫هو الطريق والحق والحياة‪ .‬ليس أحد يأتى إلى اآلب إال بى" (يو‪ .)6 : 14‬وهذا سبب قوله هنا َو َجَل َ‬
‫يم األََّيامِ‪ .‬فقول الكتاب أن هللا جلس‪ ،‬فإن الكتاب بهذا يشير ألن هللا إستراح‪ .‬ولقد إستراح هللا حين تم‬ ‫ِ‬
‫اْلَقد ُ‬
‫خالص اإلنسان بالفداء وعاد إليه أبنائه‪ ،‬فنحن نعود لآلب كبنين فى المسيح بالمعمودية‪.‬‬
‫‪ .6‬كان هذا وعد هللا منذ القديم "هلم نتحاجج يقول الرب‪ .‬إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج‪ .‬إن كانت‬
‫حمراء كالدودى تصير كالصوف (إش‪ .)18 : 1‬وهذا هو نفس ما قيل هنا بالنص لباسه أبيض كالثلج‬
‫وشعر رأسه كالصوف النقى‪ .‬لقد تمم المسيح اإلبن وعده الذى قيل فى سفر إشعياء بدمه‪.‬‬
‫‪ .7‬لقد تبررت الكنيسة بدم المسيح الذى َق َّد َم نفسه كذبيحة دموية على الصليب‪ .‬لذلك قيل هنا فى (آية‪)13‬‬
‫ِ‬ ‫ِم ْث ُل ْاب ِن ِإْن َس ٍ‬
‫َّام ُه (أى قدم كذبيحة هلل‬ ‫اء ِإَلى اْلَقديمِ األََّيامِ (اآلب)‪َ ،‬فَقَّرُب ُ‬
‫وه ُقد َ‬ ‫ان (المسيح اإلبن) أ ََتى َو َج َ‬
‫كما سنرى فى شرح اآلية‪.)13‬‬
‫‪ .8‬نحن هنا أمام العرش يوم الدينونة‪ ،‬والمعنى أن من سيكون ثابتا فى المسيح سيتبرر ويبيض كالثلج‪ ،‬يصير‬
‫كامال فى المسيح وبال لوم وبال دينونة (كو‪ + 28 : 1‬أف‪ + 4 : 1‬رو‪ .)1 : 8‬ويأتى به المسيح اإلبن‬
‫إلى حضن اآلب‪ .‬ومن ال يوجد ثابتا فى المسيح سيدان فى لهيب النار (آيات‪ .)11 ، 10‬فيوم الدينونة‬
‫نجد موقفين ‪ -:‬أ) إما فى المجد‪ .‬ب) وإما فى الجحيم‪ .‬من يؤمن بالمسيح ويثبت فيه يجده فى هذا اليوم‬
‫الشفيع الكفارى الذى بررنا بدمه (رو‪ .)34 ، 33 : 8‬ومن رفض المسيح سيجده الديان‪ .‬وهذا هو نفس‬
‫المنظر الذى صورته هذه الرؤيا التى رآها دانيال النبى هنا‪.‬‬
‫‪ .9‬كانت عودة أبناء هللا ليحيطوا به سببا لفرحه‪ .‬لذلك قال يوم عماد المسيح "هذا هو إبنى الحبيب الذى به‬
‫سررت"‪ .‬فأوالده عادوا إليه فى المسيح إبنه بالمعمودية التى إكتسبت قوتها بالصليب (ذبيحة المسيح الذى‬
‫قربوه أمام القديم األيام)‪.‬‬
‫‪ .10‬اللباس األبيض كالثلج يشير أيضا للكنيسة‪ ،‬وذلك ألن اللباس يحيط بجسم الشخص كما أحاطت الكنيسة‬
‫بالمسيح‪ .‬وهكذا نجد فى (مزمور‪ )133‬أن الطيب (الروح القدس) إنسكب أوال على رأس هارون رئيس الكهنة‬
‫(الذى كان رم از للمسيح رئيس كهنتنا األعظم)‪ .‬ثم إنسكب على اللحية (الشعر الملتصق بالرأس) وعلى ثيابه‬
‫(لباسه)‪ .‬فالشعر واللباس إشارة للكنيسة شعب هللا‪ .‬لقد صارت الكنيسة هنا تحيط بعرش هللا كما كان الكاروبيم‬
‫يحيط بالعرش (رؤ‪ + 6 : 4‬حز‪ )1‬والعرش مقصود به المجد‪ ،‬وهذا نصيب كل من يغلب من شعب المسيح‬
‫(رؤ‪.)21 : 3‬‬

‫‪69‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫‪ .11‬أقانيم اآلب والروح القدس ال يظهران أبداً فى هيئة إنسانية فهما لم يتجسدا‪ .‬أما الروح القدس فظهر بهيئات‬
‫أ) فلقد ظهر على هيئة حمامة‪،‬‬ ‫أخرى مختلفة‪ ،‬وكان هذا لشرح شئ ما‪ ،‬لكى نفهم عمله وهذا ما أراده هللا‪.‬‬
‫فالحمامة دائما تعود لبيتها‪ .‬وهذا هو عمل الروح القدس معنا‪ ،‬فهو يثبتنا فى المسيح بالمعمودية وحينما‬
‫ب) وظهر الروح القدس بهيئة ألسنة‬ ‫نخطئ يعيدنا للثبات فى المسيح باإلقناع والتبكيت (يو‪.)8 : 16‬‬
‫ج)‬ ‫نارية لنفهم عمله‪ ،‬وأنه يحرق اإلشتياق للخطية ويغفرها‪ ،‬ويعطينا بدال منها أشواقا نارية لمحبة هللا‪.‬‬
‫ويظهر على هيئة ريح (أع‪ )2‬فهو يوجهنا ويحملنا دون أن نراه (يو‪.)8 : 3‬‬
‫‪ .12‬وهكذا اآلب ال يظهر فى صورة إنسانية أبداً‪ .‬ونالحظ أن دانيال لم يقل هنا أنه رأى إنسان‪ ،‬أو وجه‬
‫إنسان‪ .‬بل أن كل ما قاله دانيال أن لباسه أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقى إعالنا عن عودة‬
‫أبناء هللا أى الكنيسة التى بررها اإلبن بدمه حينما َّ‬
‫قدم نفسه ذبيحة = قربوه أمامه‪ .‬لم يقل دانيال أنه رأى‬
‫هللا أو رأى اآلب‪ ،‬بل هو قال نفس ما قاله القديس يوحنا فى رؤياه "وإذا عرش موضوع فى السماء وعلى‬
‫س القديم األيام‪.‬‬ ‫وجَل َ‬
‫العرش جالس" (رؤ‪ .)2 : 4‬وهذا نفس ما قاله دانيال النبى هنا وضعت عروش ‪َ ...‬‬
‫ض َك َّ‬
‫الثْل ِج‪،‬‬ ‫اس ُه أ َْبَي ُ‬ ‫ِ‬
‫دانيال لم يصف ما رآه بل قال نفس ما قاله يوحنا‪ .‬وقال عنه القديم األيام ثم أضاف لَب ُ‬
‫الن ِق ِي وكان هذا عن الكنيسة كما رأينا‪ .‬من كل هذا نفهم أن ‪-:‬‬ ‫َو َش ْعُر َ ْأر ِس ِه َك ُّ‬
‫الص ِ‬
‫وف َّ‬
‫دانيال لم يرى اآلب بل رأى الكنيسة المبررة فى المجد‪،‬‬
‫رآها فى هيئة شعر أبيض ولباس أبيض‪.‬‬
‫ورأى يوم دينونة هذا العالم كنهاية لألشرار الكارهين لشعب هللا‪.‬‬

‫يم ِة َّال ِتي َت َكَّل َم ِب َها اْلَقْر ُن‪ُ .‬كْن ُت أََرى ِإَلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اآليات (‪ُ 11" -:)12-11‬كْن ُت أَْنظُُر ِحيَن ِئ ٍذ ِم ْن أ ْ ِ‬
‫َجل َص ْوت اْل َكل َمات اْل َعظ َ‬
‫ِ‬ ‫ات َفُن ِز َع َعْن ُه ْم ُسْل َ‬‫اقي اْلحيواَن ِ‬ ‫َما ب ِ‬ ‫يد َّ‬‫أَن ُق ِتل اْلحيوان وهَلك ِجسمه وُد ِفع لِوِق ِ‬
‫الن ِار‪ .‬أ َّ َ‬
‫‪12‬‬
‫ول‬
‫ُعطُوا طُ َ‬ ‫طاُن ُه ْم‪َ ،‬ولك ْن أ ْ‬ ‫َََ‬ ‫ْ َ َََ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ‬
‫َحَيا ٍة ِإَلى َزَم ٍ‬
‫ان َو َوْق ٍت‪".‬‬
‫سواء في رؤيا التمثال أو هذه الرؤيا للوحوش تسلسلت الممالك عبر التاريخ ‪ .‬يراها العالم ممالك عظيمة كما في‬
‫التمثال ‪ ،‬ولكن في حقيقتها هي وحوش تحارب شعب هللا‪ .‬وهذه الممالك كانت بالترتيب األسد (بابل) وعلى أنقاض‬
‫بابل قام الدب (مادي وفارس) وعلى أنقاضه قام النمر (اليونان) وعلى أنقاضه جاء الحكم الروماني‪ .‬ولم تذكر‬
‫النبوة أنه انتهى بمجيء القرن الصغير ولكن سيبقيان معاً‪ ،‬الحيوان والقرن الصغير حتى نهاية األيام‪ .‬وهذا يتضح‬
‫من اآلية (‪ )11‬التي تنقسم لقسمين‪ .‬األول خاص بالقرن الصغير‪ .‬والثاني خاص بالحيوان‪ .‬وهذه اآلية وردت بعد‬
‫أن بدأ النبي يرى عروشاً معدة‪ .‬أي أن كال الحيوان والقرن الصغير باقيان حتى مجيء المسيح الثاني‪ .‬وفى آية‬
‫(‪ ) 12‬نجد باقي الحيوانات أي بابل وفارس واليونان موجودة ولكنها بال قوة مؤثرة في مجريات األمور‪ .‬ولنراجع‬
‫رؤيا التمثال في إصحاح (‪ )2‬فنجد أن الحجر الذي قطع يشير للمسيح في والدته‪ ،‬وهو ولد في زمان قوة وعظمة‬
‫الدولة الرومانية وقبل إنشقاقها ولم تنتهي الدولة الرومانية بميالده بل إستمرت ما يزيد على ‪ 400‬سنة في قوتها‪.‬‬
‫فما معنى أن الحجر سحق الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر في الصيف‬

‫‪70‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان ‪ 35:2‬؟ يفهم هذا على نهاية كل ممالك العالم فكما قلنا أن رقم ‪ 4‬هو رقم‬
‫العمومية‪ .‬ولكن هناك رأى آخر وقد يكون كالهما صحيحا‪-:‬‬
‫لنالحظ في ‪ 11:7‬أن في الدينونة أي في نهاية هذا العالم قتل الوحش وهلك جسمه ودفع لوقيد النار = فيبدو‬
‫أن الممالك التي كونت الدولة الرومانية المحيطة بالبحر المتوسط ضعفت لفترة ما بعد القرن الخامس والسادس‬
‫الميالدي ‪ ،‬لكنها ستعود للظهور بقوة تؤثر في مجريات األحداث قرب نهاية األيام وظهور الوحش‪ .‬ومما يؤكد هذا‬
‫(رؤ‪" )12:17‬والعشرة القرون التي رأيت هي عشرة ملوك لم يأخذوا ملكاً بعد لكنهم يأخذون سلطانهم كملوك ساعة‬
‫واحدة مع الوحش" (راجع رؤ‪ )17‬وبهذا التدعيم من الملوك العشرة للوحش سيخربون العالم ويضطهدون شعب هللا‬
‫ولكن سيكون شكل الدولة الرومانية مختلفاً‪ .‬بعض من ملوكها حديد واآلخر من خرف‪ .‬وفي شكل اإلمبراطورية‬
‫األول سيكون الملوك الذين يضطهدون شعب هللا متعاقبين وهم بدأوا بنيرون وانتهوا بدقلديانوس (في القرن الرابع‬
‫الميالدي) ‪ .‬وفي الشكل الجديد لإلمبراطورية الرومانية سيكون العشرة ملوك في وقت واحد ومتزامنين مع ظهور‬
‫الوحش‪ ،‬هذا الذي "يبيده المسيح بنفخة فمه" عند ظهوره الثاني (‪2‬تس‪ . )8:2‬وبهذا نفهم كيف تحمل الريح عصافة‬
‫البيدر (دا ‪ )35:2‬وبهذا نرى هالك كل أعداء هللا وكنيسته (يه‪ . )15‬والحظ أن الكلمات العظيمة ليست إال كلمات‬
‫باطلة سيعطي الناس عنها حساباً في اليوم األخير‪ .‬وبعد أن تزال هيئة هذا العالم سيكون شعب هللا في مجد أبدي‬
‫مع عريسهم في السماء‪ .‬وراجع (رؤ‪ )2 ، 1:13‬فالوحش الذي خرج من البحر كان شبه نمر وقوائمه كقوائم دب‬
‫وفمه كفم أسد‪ ،‬أي نفس شكل الحيوانات السابقة ولكن نجدها هنا مجتمعة في وحش واحد أعطاه التنين قدرته‬
‫وعرشه وسلطاناً عظيماً‪ .‬فيبدو من هذا أن وحش األيام األخيرة سيكون جامعاً لكل صفات الوحوش السابقة الشريرة‪.‬‬
‫فالشيطان في نهاية األيام سيكون محلوالً لزمان يسير وهذه األيام هي أيام الضيقة العظيمة التي لو لم تقصر لما‬
‫خلص جسد (مت‪ )22:24‬وراجع (إصحاح‪ )2‬فالشيطان هو القوة المحركة وراء التمثال ووراء الوحوش أي وراء‬
‫الممالك التي تضطهد شعب هللا‪.‬‬
‫ولنالحظ أن المجيء األول للمسيح كان في عصر حقوى التمثال الحديدية‪ ،‬وقبل أن تنقسم الدولة الرومانية إلى‬
‫مملكتين غربية (روما) وشرقية (القسطنطينية) ‪ ،‬ويمثلهما القدمين الحديديتين ‪ .‬أما المجيء الثاني سيجيء في‬
‫عصر األصابع ليبيد كل سلطان في العالم‪" ،‬فاألرض األولى مضت والبحر ال يوجد فيما بعد" ‪ .‬وفي مجيء‬
‫المسيح األول لم يخضع له كل العالم (عب‪ ، )8:2‬لكن في مجيئه الثاني سيخضع الجميع لآلب (‪1‬كو‪)28:15‬‬
‫وحينئذ يصبح المؤمنين جبالً سماوياً يمأل األرض الجديدة (دا ‪ + 35:2‬رؤ‪ . )1:21‬فاآلن المؤمنين وهم جسد‬
‫المسيح قد صاروا جبالً رأسه المسيح ولكن الصورة ستكتمل في مجيء المسيح الثاني‪ .‬حين َي ْك َمل الجبل (رؤ‪: 6‬‬
‫‪ )12 – 9‬الذى بدأ بحجر صغير (المسيح) الذى قطع من جبل (هو جسد البشرية) وظل ينمو حتى صار جبالً‬
‫ٍ‬
‫وحينئذ يأتى المسيح ليدين العالم ‪.‬‬ ‫كبي ار (إنتشرت الكنيسة فى كل العالم) ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫اء ِإَلى اْلَق ِديمِ‬ ‫اء ِم ْث ُل ْاب ِن ِإْن َس ٍ‬


‫ان أ ََتى َو َج َ‬
‫السم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫«كْن ُت أََر في ُرَؤى اللْيل َوِإ َذا َم َع ُس ُحب َّ َ‬
‫ى ِ‬ ‫‪13‬‬
‫اآليات (‪ُ " -:)14-13‬‬
‫ُممِ َواألَ ْل ِسَن ِة‪ُ .‬سْل َ‬ ‫وتا لِ َت َت َعَّب َد َل ُه ُك ُّل ُّ ِ‬ ‫ُع ِط َي ُسْل َ‬
‫‪14‬‬
‫ان‬
‫طٌ‬ ‫طاُن ُه ُسْل َ‬ ‫الش ُعوب َواأل َ‬ ‫طاانا َو َم ْج ادا َو َمَل ُك ا‬ ‫َّام ُه‪َ .‬فأ ْ‬ ‫وه ُقد َ‬
‫األََّيامِ‪َ ،‬فَقَّرُب ُ‬
‫ض‪".‬‬ ‫وتهُ َما لَ َيْنَق ِر ُ‬
‫ول‪َ ،‬و َمَل ُك ُ‬ ‫ِ‬
‫أََبد ٌّي َما َل ْن َي ُز َ‬
‫نبوخذ نصر رأى المسيح كصخرة قطعت بال يد فهو ملك وثني‪ ،‬أما دانيال المحبوب من هللا فقد رآه هنا شخصياً‬
‫"مثل ابن إنسان" ‪ .‬والمسيح وجد في الهيئة كإنسان ليصبح وسيطاً بين هللا والناس ليقترب الناس في المسيح من‬
‫َّ‬
‫ع اْل َمسيح"‬ ‫اآلب‪ .‬وهذا معنى قربوه قدامه = فبه تمت المصالحة " َولك َّن اْلك َّل م َن هللا‪ ،‬الذي َ‬
‫صاَل َح َنا ل َنْفسه بَيسو َ‬
‫(‪2‬كو‪ .)18 :5‬وكلمة قربوه تعني قدموه ذبيحة أي تقدمة (ومنها كلمة قربان ) (ال‪ ..1:3 + 1:2 + 2:1‬الخ)‬
‫قربوه عن إبن اإلنسان فى مشهد الدينونة ففى اآليات‬
‫فالمسيح قدم ذبيحة ليصالح هللا مع الناس‪ .‬وتأتى هنا كلمة َّ‬
‫‪ 10 ، 9‬نرى مشهد الدينونة‪ .‬والمسيح إبن اإلنسان سيشفع فينا يومها ‪ .‬وهو مثل ابن إنسان ألنه في حقيقته هو‬
‫إبن هللا وهو إبن اإلنسان ولكنه بال خطية‪ .‬وحين ظهر لدانيال ظهر مع سحب السماء‪ ،‬فالسحب تصاحب ظهور‬
‫هللا في مجده (راجع حزقيال ‪ . )1‬وهكذا في صعود المسيح حجبته سحابة وفي مجيئه الثاني سيأتي على السحاب‬
‫من السماء‪ ،‬وهذا ما يحدث دائما عند ظهور مجد هللا (خر‪1 + 34 :40‬مل‪ .)10 :8‬وبالمقارنة مع الوحوش فهي‬
‫تأتي من البحر‪ .‬هو صعد ليجلس عن يمين أبيه فيعد لنا مكاناً‪ ،‬وفي مجيئه الثاني يأتي ليأخذنا لهذا المكان‪ .‬وفيه‬
‫سنوجد نحن قريبين من هللا‪ .‬وهذه المملكة األبدية لم ولن تقوم مملكة أخرى بعدها‪ .‬ولهذه النبوة كان المسيح يشير‬
‫ف‪.‬‬‫في رده على رئيس الكهنة في (مت‪ )64:26‬وهكذا فهمها رئيس الكهنة لذلك قال قد َج َّد َ‬
‫الش ُعوب = المسيح بعد صعوده جلس عن يمين أبيه‪ .‬ولكن أيضاً‬ ‫وتا لِ َت َت َعَّب َد َل ُه ُك ُّل ُّ‬ ‫ُع ِط َي ُسْل َ‬
‫طاانا َو َم ْج ادا َو َمَل ُك ا‬ ‫َفأ ْ‬
‫فإن هذه نبوة عن ملك المسيح على الجميع‪ ،‬يهوداً وأمم‪ .‬لقد مَل َّكت كنيسة المسيح عريسها المسيح عليها حبا بعد‬
‫قدمه لها‪.‬‬ ‫أن أدركت ما َّ‬
‫رأينا فى (اآلية‪ )9‬فى مشهد الدينونة أن اآلب الديان وهو على عرشه وقد أحاط به شعبه الذى برره المسيح‬
‫َّ‬
‫ط ْيتَه ْم لي‪َ ،‬وَق ْد‬
‫َع َ‬
‫ط ْيتَني م َن ٱْل َعاَلم‪َ .‬كانوا َل َك َوأ ْ‬ ‫ٱس َم َك ل َّلناس ٱلذي َن أ ْ‬
‫َع َ‬ ‫بدمه‪ .‬وراجع قول رب المجد "أ ََنا أَ ْ‬
‫ظ َه ْرت ْ‬
‫َحفظوا َك َال َم َك" (يو‪ .)6:17‬فاهلل اآلب هو إله الكل أعطى لإلبن أن يقدم الفداء للبشر فمن آمن وإعتمد برره‬
‫اإلبن بدمه وهذا هو الشعر األبيض الذى للمسيح (رؤ‪ )14:7‬ولذلك نجد شعر المسيح أبيض (رؤ‪.)14:1‬‬
‫ثم حملهم المسيح فيه إلى حضن اآلب وهذا ما رأيناه فى (اآلية‪ )9‬لذلك نرى اآلب له شعر أبيض هو كنيسته‬
‫التى بررها المسيح بدمه‪ .‬ولذلك فاآلب واإلبن شعرهما أبيض‪ ،‬فمن بررهم اإلبن بدمه حملهم إلى حضن أبيه‪.‬‬
‫ونجد أن القول قربوه هنا يشير لدم المسيح الذى به تم الصلح بين اآلب والبشر‪ ،‬هذا لمن آمن‪ ،‬وحمل المسيح‬
‫اإلبن هؤالء المؤمنين فيه إلى حضن اآلب‪ .‬أما من رفض فهناك الدينونة ونهر النار‪.‬‬
‫ففى هذا المشهد نرى أن هناك مكانين فى يوم الدينونة‪ )1 -:‬حضن اآلب لمن تبرر بدم المسيح‪ )2 ،‬أو الدينونة‬
‫فى النار األبدية‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫وحي ِفي َو َس ِط ِج ْس ِمي َوأَ ْف َز َع ْت ِني ُرَؤى َ ْأر ِسي‪َ 16 .‬فا ْق َتَرْب ُت ِإَلى‬ ‫َما أََنا َد ِانيآل َفح ِزَن ْت ر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫‪15‬‬
‫اآليات (‪« " -:)28-15‬أ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫هؤلَ ِء اْل َحَي َواَن ُ‬ ‫ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫طَل ْب ُت ِمْن ُه اْل َح ِق َيق َة ِفي ُك ِل ه َذا‪َ .‬فأ ْ ِ‬ ‫اح ٍد ِمن اْلوُق ِ‬ ‫وِ‬
‫‪17‬‬
‫يم ُة‬
‫ات اْل َعظ َ‬ ‫ُ‬ ‫ور‪:‬‬ ‫َخَبَرني َو َعَّرَفني َت ْفس َير األ ُ‬ ‫وف َو َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬
‫يسو اْل َعلِ ِي َفَي ْأ ُخ ُذو َن اْل َم ْمَل َك َة َوَي ْمَتلِ ُكو َن اْل َم ْمَل َك َة‬ ‫ض‪ .‬أ َّ ِ ِ‬
‫‪18‬‬
‫ومو َن َعَلى األ َْر ِ‬ ‫َّال ِتي ِهي أَْرَب َع ٌة ِهي أَْرَب َع ُة ُمُل ٍ‬
‫َما قد ُ‬ ‫وك َيُق ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ان ُم َخالِ افا لِ ُكلِ َها‪َ ،‬و َه ِائالا ِجدًّا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪ِ .‬حيَن ِئ ٍذ ُر ْم ُت اْل َح ِق َيق َة ِم ْن ِج َهة اْل َحَي َو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الراب ِع َّالذي َك َ‬ ‫ِإَلى األََبد َوِإَلى أََبد اآل ِبد َ‬
‫‪19‬‬
‫ان َّ‬
‫اقي ِب ِر ْجَل ْي ِه‪َ 20 ،‬و َع ِن اْلُقُرو ِن اْل َع َشَرِة َّال ِتي ِبَ ْأر ِس ِه‪،‬‬ ‫وأَسنانه ِمن ح ِدي ٍد وأَظفاره ِمن نحاس‪ ،‬وقد أَكل وسحق وداس الب ِ‬
‫َ ْ َ ُ ُ ْ َ َ َْ ُ ُ ْ ُ َ ٍ َ َْ َ َ َ َ َ َ َ َ َ َْ َ‬
‫َشُّد ِم ْن ُرَفَق ِائ ِه‪.‬‬ ‫ظُرُه أ َ‬ ‫ظ ِائ َم َو َمْن َ‬
‫َّام ُه َثالَ َثةٌ‪َ .‬وه َذا اْلَقْر ُن َل ُه ُعُيو ٌن َوَف ٌم ُم َت َكلِ ٌم ِب َع َ‬ ‫ط ْت ُقد َ‬ ‫طَل َع َف َسَق َ‬ ‫اآلخ ِر َّال ِذي َ‬ ‫َو َع ِن َ‬
‫يس ِي اْل َعلِ ِي‪،‬‬ ‫ين لِ ِق ِد ِ‬ ‫يسين َف َغَلبهم‪22 ،‬ح َّتى جاء اْلَق ِديم األََّيامِ‪ ،‬وأ ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫َوُكْن ُت أَْنظُُر َوِإ َذا ه َذا اْلَقْر ُن ُي َح ِار ُب اْلقد َ َ ُ ْ‬
‫‪21‬‬
‫ُعط َي الد ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫يسو َن اْل َم ْمَل َكةَ‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫امَتَل َك اْلقد ُ‬ ‫َوَبَل َغ اْل َوْق ُت‪َ ،‬ف ْ‬
‫ض ُكَّل َها‬ ‫ض ُم َخالِ َف ٌة لِ َس ِائ ِر اْل َم َمالِ ِك‪َ ،‬ف َتأ ُ‬ ‫ابع َف َت ُكو ُن َم ْمَل َك ٌة َار ِب َع ٌة َعَلى األ َْر ِ‬ ‫‪23‬‬
‫ْك ُل األ َْر َ‬ ‫ان اْلَّر ُ‬ ‫َما اْل َحَي َو ُ‬
‫هك َذا‪ :‬أ َّ‬‫ال َ‬ ‫« َفَق َ‬
‫آخُر‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫وم َب ْع َد ُه ْم َ‬ ‫ومو َن‪َ ،‬وَيُق ُ‬ ‫وك َيُق ُ‬ ‫هذ ِه اْل َم ْمَل َك ِة ِهي َع َشَرةُ ُمُل ٍ‬ ‫وَت ُدوسها وَتسحُقها‪24 .‬واْلُقرو ُن اْلع َشرةُ ِمن ِ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َُ َ ْ َ َ‬
‫َ‬
‫ات‬‫يسي اْل َعلِ ِي‪َ ،‬وَيظُ ُّن أََّن ُه ُي َغِيُر األ َْوَق َ‬ ‫وك‪ .‬وي َت َكَّلم ِب َكالَ ٍم ِضَّد اْلعلِ ِي ويبلِي ِق ِد ِ‬ ‫‪25‬‬
‫ين‪َ ،‬وُي ِذ ُّل َثالَ َث َة ُمُل ٍ‬ ‫ف األ ََّولِ َ‬‫ُم َخالِ ٌ‬
‫َ َ ُْ‬ ‫ََ ُ‬
‫ِ‬ ‫ان وأ َْزِمَن ٍة وِنص ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫يدوا‬ ‫طاَن ُه ِلَي ْفَن ْوا َوَي ِب ُ‬ ‫ين َوَيْن ِز ُعو َن َعْن ُه ُسْل َ‬ ‫س الد ُ‬ ‫ف َزم ٍ ‪ِ 26‬‬
‫ان‪َ .‬فَي ْجل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫السَّنةَ‪َ ،‬وُي َسَّل ُمو َن لَيده ِإَلى َزَم ٍ َ‬ ‫َو ُّ‬
‫وت‬‫وت ُه َمَل ُك ٌ‬ ‫يسي اْل َعلِ ِي‪َ .‬مَل ُك ُ‬ ‫طى لِ َشع ِب ِق ِد ِ‬ ‫ظم ُة اْلممَل َك ِة َتح َت ُك ِل ال َّسم ِ‬
‫اء ُت ْع َ‬ ‫ِإَلى اْل ُمْن َت َهى‪َ .‬واْل َم ْمَل َك ُة َو ُّ‬
‫‪27‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ان َو َع َ َ َ ْ‬ ‫طُ‬ ‫السْل َ‬
‫يآل‪َ ،‬فأَ ْف َكارِي أَ ْف َز َع ْت ِني َكِث ايرا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يعو َن‪ِ .‬إَلى ُهَنا ِن َه َاي ُة األ َْم ِر‪ .‬أ َّ‬ ‫ِ‬ ‫السالَ ِط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َما أََنا َدان َ‬ ‫اه َي ْعُب ُدو َن َوُيط ُ‬ ‫ين ِإَّي ُ‬
‫‪28‬‬
‫يع َّ‬ ‫أََبد ٌّي‪َ ،‬و َجم ُ‬
‫أزمنة‬ ‫َوَت َغَّيَر ْت َعَل َّي َهْيَئ ِتي‪َ ،‬و َح ِف ْظ ُت األ َْمَر ِفي َقْل ِبي»‪".‬‬
‫هبوط‬
‫صعود‬ ‫مفاجئ‬ ‫فزع دانيال مما رآه خصوصاً ما عرفه‬
‫زمان‬
‫عن الحيوان الرابع والقرن الصغير‪،‬‬
‫نصف زمان‬
‫وسأل بخصوصهما فهو عرف وحشيتهما‬
‫وإضطهادهما لقديسي العلي‪ .‬وكالم القرن الصغير ضد العلي وكان رد المالك أن الوحوش هم أربعة ملوك‬
‫يقومون على األرض= فهم أرضيين وهذا القرن مع هذا الوحش وبتخطيط الشيطان سيحاولون أن يضعفوا شعب‬
‫هللا بالظلم المتواصل‪ .‬وفي تخطيطهم أن يفنوهم ولكن كنيسة هللا باقية لألبد فهي سماوية‪ .‬والقرن يظن أنه يغير‬
‫األوقات والسنة= أي يلغي كل شرائع هللا‪.‬‬
‫زمان وأزمنة ونصف زمان = هي طريقة نبوية في التعبير عن فترة يراها هللا في حكمته وتدبيره أنها مناسبة بمعنى‬
‫ملء الزمان‪ .‬ولكنها تشير لصعود مفاجئ وهبوط مفاجئ ‪ ،‬فاهلل سيسمح لهذه القوى الشيطانية أن تحارب الكنيسة‬
‫لفترة ثم يأتي هو على السحاب‪ .‬كل وحش من هؤالء يمكن تسميته ضد المسيح‪ ،‬هذا يصعد نجمه فجأة وكما صعد‬
‫فجأة سينهار فجأة‪.‬‬
‫أمثلة لنفهم المقصود من عبارة‪ -:‬زمان وأزمنة ونصف زمان = هللا يريد أن يؤدب يهوذا‪ .‬يختار هللا بابل الصغيرة‬
‫التي يرى فيها الدولة المناسبة (زمان) ويظل يدعمها ويشددها فتصعد صعودا مفاجئا (أزمنة)‪ .‬وفى الزمان المناسب‬
‫(ملء الزمان) تصبح إمبراطورية بابل القادرة على تأديب يهوذا‪ ،‬فتضرب أورشليم وتسبى شعبها‪ .‬وفى (ملء‬
‫الزمان) حينما يرى هللا أن التأديب أتى بثماره يمنع هللا القوة عن بابل فيحدث لها هبوط مفاجئ (نصف زمان)‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫فتصبح بابل دولة ضعيفة تنهى عليها فارس التي أعدها هللا بنفس الطريقة وأعطاها صعودا مفاجئاً (أزمنة) لتؤدب‬
‫بابل على كبريائها‪ ،‬وتنهى عبودية شعب هللا لبابل‪ .‬وراجع تفسير "منا منا تقيل وفرسين" (دانيال‪ ،)5‬وراجع أيضاً‬
‫تفسير (زك‪ .)21-18 :1‬وهذا نفس ما حدث مع اإلسكندر إذ أعطاه هللا صعوداً مفاجئاً ليكتسح كل العالم وينشر‬
‫اللغة اليونانية‪ ،‬التي صارت لغة الكتاب المقدس لحوالي ‪ 14-13‬قرنا من الزمان‪ .‬ويعنى أيضاً قوله زمان وأزمنة‬
‫ونصف زمان أن هذا الصعود المفاجئ لدولة ما أو شخص ما هو شيء مؤقت‪ ،‬أراده هللا لتتمم هذه الدولة أو هذا‬
‫الشخص عمل ما ثم ينتهى‪.‬‬
‫ِ‬
‫يم األََّيامِ = القديم األيام هنا هو المسيح الديان وهذه عن مجيئه الثانى‪ .‬وهناك تأمل آخر لمعنى‬ ‫َح َّتى َج َ‬
‫اء اْلَقد ُ‬
‫زمان وأزمنة ونصف زمان = فاهلل يطيل أناته علينا لو سقطنا لمدة يعرف هللا أنها كافية يقال عنها زمان‪ .‬وقد‬
‫نتصور أنه سيمهلنا لوقت طويل بدون عقاب فنتراخى = أزمنة ولكننا يجب أن نتصور ونفهم أن الوقت َّ‬
‫مقصر =‬
‫نصف زمان فنتوب سريعاً قبل أن تأتى الدينونة‪.‬‬
‫ولكن وسط هذه األخبار الصعبة نجد آيات معزية مثل (‪ )22 ، 18:7‬ونجد تفسيرها في (‪ )27 ، 26:7‬وهي‬
‫تشير للمجيء الثاني الذي به تنتهي كل الضيقات تماماً‪ ،‬ويملك هللا لألبد‪ .‬القديسون يتبررون ويملكون‪ ،‬واألشرار‬
‫ٱلصالح! ألََّن َك‬
‫يخضعون تحت قدمى المسيح (مز‪ )1 :110‬ويقول رب المجد عن من ربح َمناه "نع َّما أَي َها ٱْل َع ْبد َّ‬
‫ان َعَلى َع ْشر م ْد ٍن" (لو‪ .)19 ،17 :19‬بالمجيء األول صار لشعب هللا‬
‫طٌ‬ ‫ك ْن َت أَم ًينا في ٱْلَقليل‪َ ،‬فْل َيك ْن َل َك سْل َ‬
‫سالماً داخلياً ليس من هذا العالم‪ ،‬ولكن مازال الجسد يعاني والسبب أن الجسد مازالت تسكنه الخطية (رو‪،17:7‬‬
‫‪ )18‬لذلك فهذه الضيقات هي للتأديب‪ ،‬ومن يحبه الرب يؤدبه (عب‪ )6:12‬فلنفرح بهذه التجارب (يع‪ )2:1‬أما بعد‬
‫"التبني فداء األجساد" (رو‪ )23:8‬ستنتهي أالم الجسد ويمسح هللا كل دمعة من العيون وال يعود هناك حر وال برد‬
‫وال جوع وال عطش وال مرض وال موت وال اضطهاد وال ظلم‪ .‬وسيحكم القديسين على هذا العالم (‪1‬كو‪ )2:6‬ولكن‬
‫كيف؟ القديسون سيشهدون على العالم في اليوم األخير‪ .‬حين يحاول أحد األشرار أن يعتذر عن تقصيره وأعمال‬
‫فجوره بأنه كان بش اًر ضعيفاً ‪ ،‬يظهر هؤالء القديسين أنه كانت لهم نفس الطبيعة ولكنهم آثروا طاعة هللا على كل‬
‫الدين= أي القاضي أو هيئة المحكمة أو الديان سيبرر القديسين‪ ،‬بل هم سيدينون العالم من‬ ‫شئ‪ .‬وفي (‪ِ )22‬‬

‫طى المملكة لشعب قديسى العلى‪ .‬وملك القديسين ليس ملكاً‬


‫خالل المسيح رأسهم (مت‪ .)28:19‬وفى (‪ )27‬تع َ‬
‫جسدياً على األرض لكنه هو ملك روحي فمملكة المسيح ليست من هذا العالم‪ ،‬ولكن هو اآلن‪ ..‬ملك أوالد هللا‬
‫على شهواتهم وفساد طبيعتهم وإنتصاراتهم على الشيطان واغراءاته وعلى الجسد‪ ،‬وهو إنتصار الشهداء على الموت‬
‫ومخاوفه‪ .‬هي مملكة نور وحب وقداسة ونعمة وكل هذا هو عربون المجد السماوي‪ .‬والقديسون سيمتلكون المملكة‬
‫لألبد ألن َمل َكه ْم أبدي‪ .‬نحن اآلن نملك وعوداً بالمجد األبدى‪ ،‬ولكن بعد مجئ المسيح الثانى سيكون لنا ملكا أبديا‬
‫حقيقيا‪ ،‬وهذا معنى وعد الرب "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معى فى عرشى ‪( "..‬رؤ‪ .)21 :3‬ونحن نملك ألننا‬
‫في المسيح فنحن جسده‪ ،‬وهو يحتوينا في جسده فهي وحدة في جسده "أنا حي فأنتم ستحيون" (يو‪ .)19:14‬فمملكة‬
‫هللا هي للقديسين‪ .‬نحن نملك اآلن وعدا بالميرث السماوى وبعد المجئ الثانى سنملك حقيقة هذا الميراث‪ .‬هنا نرى‬
‫ض كَّل َها" (دا‪ .)35 : 2‬وهذا‬ ‫ير َو َم َألَ ْ‬
‫ٱأل َْر َ‬ ‫ص َار َج َب ًال َكب ًا‬
‫ال َف َ‬
‫ض َر َب ٱلت ْمثَ َ‬
‫َّ‬
‫َما ٱْل َح َجر ٱلذي َ‬
‫تحقيق حلم نبوخذ نصر "أ َّ‬

‫‪74‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح السابع)‬

‫يم ٌة في‬
‫ات َعظ َ‬
‫َص َو ٌ‬ ‫ما هتف به المالك السابع فى رؤيا القديس يوحنا الالهوتى "ث َّم َبَّو َق ٱْل َم َالك َّ‬
‫ٱلسابع‪َ ،‬ف َح َدثَ ْت أ ْ‬
‫ين" (رؤ‪.)15 :11‬‬ ‫ٱآلبد َ‬
‫ص َار ْت َم َمالك ٱْل َعاَلم ل َرب َنا َو َمسيحه‪َ ،‬ف َس َي ْملك إَلى أ ََبد ْ‬
‫ٱلس َماء َقائَل ًة‪َ« :‬ق ْد َ‬
‫َّ‬

‫كلمة ِ‬
‫الدين‬
‫(ما بين اآليات ‪)26 ، 22 ، 10‬‬

‫ين لِ ِق ِد ِ‬
‫يس ِي اْل َعلِ ِي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫‪22‬ح َّتى جاء اْلَق ِديم األََّيامِ‪ ،‬وأ ِ‬
‫ُعط َي الد ُ‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫بحسب الترجمة اإلنجليزية (‪ )NKJV‬جاءت كلمة الدين فى اآلية ‪ 22‬هكذا‬
‫‪And a judgment was made in favor of the saints of the Most High‬‬
‫كلمة ِ‬
‫الدين فى اآلية ‪ 22‬جاءت بمعنى حكما أصدره هللا الديان لصالح قديسيه‪ .‬أى حكم هللا ببرهم فى المسيح‪،‬‬
‫وصاروا الشعر األبيض ولباس الديان األبيض كالثلج (آية‪ .)9‬هؤالء هم الذين غسلوا ثيابهم وبيضوها فى دم‬
‫الخروف (رؤ‪ ،)14 :7‬الذى هو إبن اإلنسان الذى قربوه قدام اآلب (آية‪.)13‬‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬


‫َن ْهُر َن ٍار َجَرى َو َخَر َج م ْن ُقدَّامه…‪َ .‬ف َجَل َ‬
‫‪10‬‬
‫َس َفار‪.‬‬
‫ين‪َ ،‬وُفت َحت األ ْ‬
‫س الد ُ‬
‫‪A fiery stream issued …the court was seated, and the books ..‬‬
‫طاَن ُه لَِي ْفَن ْوا َوَي ِب ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ 26‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين َوَيْن ِز ُعو َن َعْن ُه ُسْل َ‬ ‫آخُر … َوَي َت َكَّل ُم ِب َكالَ ٍم ضَّد اْل َعل ِي … َفَي ْجل ُ‬
‫‪25‬‬ ‫‪24‬‬
‫يدوا‪.‬‬ ‫س الد ُ‬ ‫وم َب ْع َد ُه ْم َ‬
‫َوَيُق ُ‬
‫الدين فى اآلية ‪ 26‬هكذا‬ ‫وجاءت كلمة ِ‬
‫‪But the court shall be seated‬‬
‫أما فى اآليات ‪ 26 ، 10‬فجاءت بمعنى القضاء أى الدينونة‪ ،‬حين يجلس هللا ليدين الوحش الرابع والعشرة القرون‬
‫والقرن الصغير وينزع سلطانهم ويبيدهم ‪.‬‬

‫*وفي (‪ )19‬أسنانه حديد وأظافره نحاس = هذا يتفق مع ما قيل سابقاً أن عصر اليونان تميز بالنحاس وعصر‬
‫الرومان تميز بالحديد ولكن مختلطاً بالنحاس فكانت أسلحتهم من حديد أساساً لكنها مختلطة بنحاس ‪ .‬وآية‬
‫(‪ )21‬أن القرن يحارب القديسين ويغلبهم = هي التي جعلت النبي يفزع في آية (‪.)15‬‬

‫‪75‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثامن)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الثامن‬

‫نبوات هذا اإلصحاح تتحدث عن المملكتين القريبتين فارس واليونان‪ .‬وتشير أيضا لمجيء ملك من نسل اليونانيين‬
‫سماه القرن الصغير أيضاً‪ .‬وهذا القرن الصغير يكون رم اًز لضد المسيح (الوحش) الذي سيأتي في نهاية األيام‪.‬‬
‫وإبتداء من هنا عاد النبي ليكتب بالعبرية فالكالم لشعب هللا‪ .‬وقصد هللا أن يعزي شعبه ويخبرهم عن األيام اآلتية‬
‫وحتى نهاية الزمان حين تسود مملكة هللا ويتطهر القدس‪ .‬وبينما كانت رؤيا النبي في إصحاح (‪ )7‬في الليل وهو‬
‫نائم‪ ،‬كانت هذه الرؤيا وهو مستيقظ لذلك تسمى األولى رؤيا المساء ألن دانيال كان نائما على فراشه (دا‪.)1 :7‬‬
‫وتسمى هذه الرؤيا (إصحاح‪ )8‬رؤيا الصباح (دا‪ .)26 :8‬وكانت هذه الرؤيا في شوشان وكان بها قصور ملوك‬
‫الفرس‪ ،‬وقد يكون النبي رأي هذه الرؤيا وهو في الروح بينما مازال بالجسد في بابل‪.‬‬

‫ظ َهَر ْت لِي‬ ‫يآل ُرْؤَيا َب ْع َد َّال ِتي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ظ َهَر ْت لي أََنا َدان َ‬ ‫اصَر اْل َملِ ِك‪َ ،‬‬ ‫الثالِ َث ِة ِم ْن ُمْل ِك َبْيْل َش َّ‬ ‫السَن ِة َّ‬
‫اآليات (‪ِ " -:)8-1‬في َّ‬
‫‪1‬‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اي َوأَنا ِفي ُش َ‬ ‫الرْؤيا‪ ،‬وَك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ‪2‬‬ ‫ِ‬


‫ؤيا‬
‫الر َ‬ ‫ان اْلَق ْص ِر َّالذي في ِولََية عيالَ َم‪َ ،‬وَأرَْي ُت في ُ‬ ‫وش َ‬ ‫ان في ُرْؤَي َ‬ ‫البت َداء‪َ .‬فَأرَْي ُت في ُّ َ َ َ‬ ‫في ْ‬
‫َعَلى‬ ‫ان‪ ،‬واْلو ِ‬
‫اح ُد أ ْ‬ ‫القرَن ِ ِ‬
‫ان َعالَي ِ َ َ‬ ‫ف ِعْن َد َّ‬
‫الن ْه ِر َوَل ُه َقْرَنا ِن َو َ ْ‬ ‫ش َو ِاق ٍ‬ ‫َوأََنا ِعْن َد َن ْه ِر أُولَ َي‪َ .‬فَرَف ْع ُت َع ْيَن َّي َوَأرَْي ُت َوِإ َذا ِب َك ْب ٍ‬
‫‪3‬‬

‫َّام ُه َولَ ُمْن ِق ٌذ ِم ْن‬


‫ان ُقد َ‬ ‫وبا َفَل ْم َي ِق ْف َحَي َو ٌ‬ ‫ط ُح َغْرابا َو ِش َمالا َو َجُن ا‬ ‫ش َيْن َ‬
‫‪4‬‬
‫َخ ايرا‪َ .‬أرَْي ُت اْل َك ْب َ‬ ‫طالِ ٌع أ ِ‬ ‫َعَلى َ‬ ‫ِم َن َ‬
‫اآلخ ِر‪َ ،‬واأل ْ‬
‫ض َوَل ْم‬‫اء ِم َن اْل َم ْغ ِرِب َعَلى َو ْج ِه ُك ِل األ َْر ِ‬ ‫َمالا ِإ َذا ِب َتي ٍ ِ‬
‫س م َن اْل َم ْع ِز َج َ‬ ‫ْ‬
‫ي ِد ِه‪ ،‬وَفعل َكمر َض ِات ِه وعظُم‪5 .‬وبيَنما ُكْن ُت م َتأ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َ ََْ َ‬ ‫َ َ َ َ َْ‬
‫اق افا ِعْن َد َّ‬‫اح ِب اْلَقرَني ِن َّال ِذي أرَي ُت ُه و ِ‬ ‫شص ِ‬ ‫ِ‬
‫الن ْه ِر‬ ‫اء ِإَلى اْل َك ْب ِ َ‬ ‫س َقْر ٌن ُم ْع َتَبٌر َب ْي َن َعْيَن ْيه‪َ .‬و َج َ‬ ‫ض‪َ ،‬ولِ َّلت ْي ِ‬
‫‪6‬‬
‫َْ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫س األَْر َ‬ ‫َي َم َّ‬
‫ش َوَك َسَر َقْرَنْي ِه‪َ ،‬فَل ْم‬ ‫ط َعَل ْي ِه َو َضَر َب اْل َك ْب َ‬ ‫اس َت َشا َ‬‫ش‪َ ،‬ف ْ‬ ‫ض ِإَل ْي ِه ِب ِشَّد ِة ُق َّوِت ِه‪َ 7 .‬وَأرَْي ُت ُه َق ْد َو َص َل ِإَلى َج ِان ِب اْل َك ْب ِ‬ ‫َوَرَك َ‬
‫ش مْن ِق ٌذ ِم ْن َي ِد ِه‪َّ َ 8 .‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َت ُك ْن ِلْل َك ْب ِ‬
‫س‬ ‫فت َعظ َم َتْي ُ‬ ‫اس ُه‪َ ،‬وَل ْم َي ُك ْن لْل َك ْب ِ ُ‬ ‫ض َوَد َ‬ ‫طَر َح ُه َعَلى األ َْر ِ‬ ‫ام ُه‪َ ،‬و َ‬ ‫َم َ‬‫ش ُق َّوٌة َعَلى اْل ُوُقوف أ َ‬
‫السم ِ‬ ‫المع ِز ِجدًّا‪ .‬وَل َّما اع َت َّز اْن َكسر اْلَقر ُن اْلع ِظيم‪ ،‬و َ ِ‬
‫اء األَْرَبعِ‪" .‬‬ ‫طَل َع ع َو اضا َعْن ُه أَْرَب َع ُة ُقُرو ٍن ُم ْع َتَبَرٍة َن ْح َو ِرَيا ِح َّ َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫تم تمثيل مملكة مادي وفارس بكبش ذو قرنين‪ .‬وكان الكبش رم اًز لهذه المملكة يضعون صورته على راياتهم‪ .‬وكان‬
‫ملوكهم يلبسون رؤوس كباش من ذهب كتيجان خصوصاً في حروبهم‪ .‬والقرنان في الرؤيا هما مادي وفارس‪.‬‬
‫وكانت فارس هي األصغر ولكنها صارت األكبر ولم تعد مادي تذكر فيما بعد= واألعلى طالع أخيرا‪ .‬وكورش‬
‫أصبح أشهر من الماديين بل أصبح كل ملوك هذه المملكة من الفرس‪ .‬وفي (‪ )4‬كان الكبش ينطح غربا وشمالا‬
‫وجنوبا = فهم في فتوحاتهم لم يتجهوا أبداً ناحية الشرق‪ ،‬بل وصلوا غرباً لحدود اليونان‪ ،‬بل حاولوا غزو اليونان‬
‫نفسها وفشلوا‪ ،‬ووصلوا جنوباً إلى مصر وإثيوبيا (كوش) وشماالً تجاه ليديا وأرمينيا والسكيثيين‪ .‬ولم يقف حيوان‬
‫قدامه = لم يقف ملك أمامهم‪ .‬وفي (‪ )5‬تيس الماعز هو اإلسكندر األكبر الذي أتي من المغرب= أي من الغرب‪.‬‬
‫كان يرمز لإلله جوبيتر بتيس وعث َر في األثار أن التيس كان رم اًز للجيش اليوناني‪ .‬ولم يمس األرض= إشارة‬
‫لسرعة فتوحاته‪ ،‬وهذه تقابل في الرؤيا السابقة األجنحة األربعة‪ .‬ولم تجدي معه أي مقاومة لذلك سمى = قرن‬
‫معتبر‪ .‬ولآلن فالعالم يحفظ إسمه كأحد أعظم القادة‪ ،‬وهو هجم على الفرس بجيش قوامه ‪30‬ألف جندي‬

‫‪76‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثامن)‬

‫و‪5000‬حصان‪ ،‬وهاجمهم بسرعة قبل أن تكتشف مخابرات فارس عددهم القليل‪ .‬وركض إليه بشدة قوته = فهو‬
‫ضرب ملك الفرس داريوس قدمانوس بعنف بالرغم من أن جيش الفرس كان أكثر عدداً‪ ،‬لكن مهارة اليونان أفضل‪.‬‬
‫ونجد هنا ‪ 3‬تعبيرات ضرب الكبش‪ ،‬كسر قرنيه‪ ،‬طرحه على األرض وداسه= وهناك رأي بأن هذه تشير لثالث‬
‫معارك دارت بين اليونان والفرس‪ ،‬وكان النصر فيها لليونان وهي جرانيكوس وأبسوس وأربيال وبها تسيد اإلسكندر‬
‫تماماً وقتل في المعركة األخيرة ‪ 600.000‬رجل فكسر قرني الكبش وكان اإلسكندر حين بدأ معاركه في عمر‬
‫يناهز العشرين عاماً وهزم داريوس وعمره ‪26‬عاماً‪ ،‬ومات وعمره ‪ 32‬أو ‪ 33‬عاما في عز مجده‪ ،‬ويقال من إفراطه‬
‫في الشراب‪ .‬ولم يترك إبناً يرثه فإمتلك قادته األربعة مملكته= أربعة قرون معتبرة (ملوك اليونان وتركيا وسوريا‬
‫ومصر) ‪ .‬ومن كثرة ما كان لإلسكندر فحين وزعوا أمالكه على قادته األربعة أصبح لكل واحد منهم أمالكاً كثيرة‪.‬‬
‫فتوزعت المملكة على رياح السماء األربع= أي في كل أنحاء العالم وهناك قصة سجلها المؤرخ يوسيفوس‬
‫بخصوص هذه النبوة ‪ ،‬فبعد أن سقطت صور وفلسطين في يد اإلسكندر بلغت أخبار فتوحاته يدوع رئيس كهنة‬
‫اليهود فخاف حين علم أن اإلسكندر في طريقه إلى أورشليم‪ ،‬وصلى طالباً سالمة بالده ‪ ،‬فأوحى له هللا أن يقابل‬
‫اإلسكندر بمالبسه الكهنوتية كاملة هو ومعه كهنته من ورائه أما الشعب فيلبسون مالبس بيضاء‪ .‬وهكذا كان ‪،‬‬
‫فحين رأي اإلسكندر هذا المنظر ذهب ليسجد لرئيس الكهنة‪ ،‬ولما سأله قادته عن سبب ذلك قال أنه رأي ذلك‬
‫المنظر نفسه قبل أن يخرج من مقدونية في حْل ْم‪ ،‬وأن رجالً في الحلم له نفس شكل رئيس الكهنة وعلى رأسه‬
‫"قدس للرب" قد تنبأ له باإلنتصارات في آسيا (وكان هذا في الحلم)‪.‬‬
‫العمامة مع الصفيحة الذهبية المنقوش عليها ٌ‬
‫أره نبوات دانيال‬
‫وبعد اللقاء العجيب لإلسكندر برئيس الكهنة‪ ،‬قاد يدوع اإلسكندر فقدم ذبيحة إلله إسرائيل‪ ،‬و ا‬
‫بخصوصه التي ذكر فيها أنه سيدمر الفرس وكان هذا مما شجعه في هجومه على داريوس‪ .‬بل بعد ذلك وضع‬
‫اليهود تحت حمايته هم وديانتهم ووعد بأن يكون شفوقاً على كل يهودي يلقاه في فارس‪ ،‬وتكريماً لإلسكندر َّ‬
‫سمى‬
‫الكهنة أوالدهم المولودين في هذه السنة بإسمه‪ .‬والحظ أن هذه النبوة كتبت قبل أن تتحقق بحوالي ‪ 200‬سنة ‪ ،‬بل‬
‫قبل قيام دولة اليونان أصالً = في السنة الثالثة من ملك بيلشاصر‪.‬‬

‫ق َوَن ْح َو َف ْخ ِر‬ ‫الشْر ِ‬ ‫وب َوَن ْح َو َّ‬ ‫اح ٍد ِمْن َها َخَر َج َقْر ٌن َص ِغ ٌير‪َ ،‬و َعظُم ِجدًّا َن ْح َو اْل َجُن ِ‬ ‫اآليات (‪9 " -:)14-9‬و ِم ْن و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫اس ُه ْم‪َ .‬و َح َّتى ِإَلى‬
‫‪11‬‬
‫الن ُجومِ ِإَلى األ َْر ِ‬
‫ض َوَد َ‬ ‫طَر َح َب ْع اضا ِم َن اْل ُجْن ِد َو ُّ‬ ‫ات‪َ ،‬و َ‬ ‫السماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪َّ 10‬‬
‫األََراضي‪َ .‬وَت َعظ َم َح َّتى ِإَلى ُجْند َّ َ َ‬
‫ِ‬
‫َّائ َم ِة‬
‫َّائمةُ‪ ،‬وه ِدم مس َكن م ْق ِد ِس ِه‪12 .‬وج ِعل جْنٌد عَلى اْلمحرَق ِة الد ِ‬
‫ُ َْ‬ ‫َُ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يس اْل ُجْند َت َعظ َم‪َ ،‬وبِه أ ُْبطَلت اْل ُم ْحَرَق ُة الد َ َ ُ َ َ ْ ُ َ‬
‫ِ َّ‬ ‫َرِئ ِ‬
‫احٌد لِ ُفالَ ٍن اْل ُم َت َكلِمِ‪:‬‬‫اح ادا ي َت َكَّلم‪َ .‬فَقال ُقُّدوس و ِ‬
‫ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫وسا َو َ ُ‬
‫ِ‬ ‫‪ِ 13‬‬
‫ض َوَف َع َل َوَن َج َح‪َ .‬ف َسم ْع ُت ُقُّد ا‬ ‫ق َعَلى األ َْر ِ‬ ‫ِباْل َم ْع ِصَي ِة‪َ ،‬ف َ‬
‫طَر َح اْل َح َّ‬
‫ال ِلي‪ِ« :‬إَلى‬ ‫ِ‬ ‫اب‪ِ ،‬لَب ْذ ِل اْلُق ْد ِ‬ ‫َّائم ِة َوم ْع ِصَي ِة اْل َخَر ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫«ِإَلى َم َتى ُّ‬
‫وسْي ِن؟» َفَق َ‬
‫‪14‬‬
‫س َواْل ُجْند َم ُد َ‬ ‫الرْؤَيا م ْن ج َهة اْل ُم ْحَرَقة الد َ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫س»‪".‬‬ ‫اء‪َ ،‬فَي َتَبَّأرُ اْلُق ْد ُ‬ ‫أَْل َف ْي ِن َوَثالَث مَئة َصَب ٍ‬
‫اح َو َم َس ٍ‬
‫هذا القرن الصغير يشير لملك من نسل السلوكيين وهو أنطيوخس إبيفانيوس أي الالمع‪ ،‬ولكن اليهود تالعباً‬
‫باأللفاظ أطلقوا عليه إبيمانس أي المجنون‪ .‬وهو قرن صغير ألن بدايته كانت ضعيفة جداً وحقيرة فكان مسجوناً‬
‫كرهينة في روما‪ ،‬ولكنه تمكن من الهرب‪( .‬سجنه الرومان فى روما وهو إبن الملك اليونانى الذى كان يحاربهم‪،‬‬
‫حتى يضمنوا عدم هجوم الجيش اليونانى عليهم)‪ .‬واستولى على المملكة في حياة أخيه األكبر‪ .‬ثم تقوى حتى‬

‫‪77‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثامن)‬

‫وصل ألن ضرب مصر مملكة الجنوب القوية وفارس وأرمينيا شرق ا‪ .‬والنبوة تشرح األضرار التي لحقت بشعب‬
‫اليهود منه‪ ،‬وسميت أورشليم هنا فخر األراضي = ففيها سيولد المسيح‪ ،‬وفي زمن أنطيوخس كان فيها هيكل هللا‪.‬‬
‫وهو دخل الهيكل وأخذ كل كنوز بيت الرب والمنارة الذهب والمائدة ومذبح المحرقة وأقام مذابح لألوثان في كل‬
‫مكان‪ .‬وكان يقتل بوحشية من ال يأكل لحم الخنزير وقتل مرة ‪ 100000‬يهودى (‪2‬مك‪ . )7:6‬وهو تعظم وتكبر‬
‫على هللا نفسه وحرم رئيس الكهنة أونيا من وظيفته وخدمته‪ .‬فصار مثل فرعون الذي قال "من هو هللا" ؟ والحظ‬
‫أن من يضطهد أوالد هللا يضطهد هللا نفسه "شاول شاول لماذا تضطهدنى" (أع‪ .)4 :9‬وهو أبطل المحرقة الدائمة=‬
‫أي الذبيحة المسائية والذبيحة الصباحية‪ .‬وهو غالباً منع كل الذبائح هلل‪ .‬ولكنه يذكر المحرقة الدائمة بمعنى إبطال‬
‫العبادة فهذه أهمها ألنها تمثل العبادة المنتظمة التي تربط الشعب باهلل‪ .‬وهو َّ‬
‫دن َس الهيكل بجعله هيكالً لجوبيتر‬
‫أوليمبوس ووضع فيه تمثاالً له‪ .‬بل هو َق َّدم خنزير (وهو نجس عند اليهود) على المذبح‪ .‬معصية الخراب =‬
‫المعصية ينتج عنها دائما خراب‪ .‬فمعصية اليهود هلل نتج عنها كل هذا الخراب على يد أنطيوخس‪ ،‬وهذا سيتكرر‬
‫فى نهاية العالم‪ .‬فهذه النجاسة التى يحيا فيها العالم اآلن البد وسيأتى بسببها خراب‪.‬‬
‫*المحرقة الدائمة عبارة عن حمل يقدم ذبيحة محرقة كل مساء‪ ،‬وحمل آخر يقدم كل صباح‪ .‬وبعد تقديم الحمل‬
‫يرفع البخور على مذبح البخور‪ .‬وتقدمة المساء ترمز لصليب المسيح‪ ،‬وتقدمة الصباح ترمز لإلفخارستيا اآلن فى‬
‫كنيستنا‪ .‬راجع تفسير(عد‪.)8-1 :28‬‬
‫وهو حارب جند السماوات= أي شعب هللا‪ ،‬فشعب هللا هم مملكة السماء‪ .‬أو هم الكهنة والالويين‪ .‬والنجوم = أي‬
‫الالمعين من الكهنة فهو جعلهم إما يسجدون آللهته أو يقتلهم‪ .‬وهو هدم كثي اًر من الهيكل وخربه ‪ ،‬وهو طرح‬
‫الحق= أي طرح كتاب الناموس َّ‬
‫ومزقه وأحرقه في محاولة لجعل الشعب ينساه تماماً‪ .‬والمعنى األشمل لقوله وطرح‬
‫الحق‪ ،‬أن الباطل صار هو السائد‪ ،‬وإختفى الحق من أمام عيون الغالبية من الناس‪ .‬ولنالحظ أنه كان له هذه‬
‫القوة ألن هللا سمح له بذلك‪ ،‬فالشعب كان قد أغاظ هللا جداً‪ ،‬هم وكهنتهم أيضاً (مال‪ )8 ، 1:2 + 8 ، 7:1‬ولذلك‬
‫أرسل هللا أنطيوخس ليمنع ذبائحهم‪ ،‬فاهلل يحرم الناس من بركاته التي ال يقدرونها ‪ .‬ورئيس الجند = رئيس شعب‬
‫هللا‪ .‬وأنطيوخس هذا يسمى الوحش األول فهو رمز لوحش ثان سيظهر مثله في األيام األخيرة وسيخرب العالم‪ .‬وقد‬
‫َح َّدَد هللا المدة التي سيحدث فيها اإلضطهاد فهم في هذه الفترة سيكونون بال أنبياء‪ .‬وحدد َّ‬
‫المدة بأنها ‪ 2300‬صباح‬
‫ومساء = فهذا هو األسلوب العبري في التعبير عن اليوم الكامل‪ ،‬وكان اليوم يبدأ من غروب الشمس‪ .‬وهذه المدة‬
‫تساوي ‪ 6‬سنين ‪ 3 +‬شهور‪ 18 +‬يوما‪ .‬وهى نفس المدة من يوم َّ‬
‫دنس األمم اليونانيين الهيكل حتى تطهر بواسطة‬
‫منيالوس رئيس الكهنة في زمان المكابيين‪ .‬وهللا يحسب مدة ضيقة شعبه فهو "في كل ضيقهم تضايق ومالك‬
‫حضرته خلصهم" (إش‪ .)9 : 63‬وهو هنا يظهر لهم أنه سيريهم أياماً سعيدة بعد تطهير الهيكل مما يحمل أخبا اًر‬
‫معزية لهم‪ .‬وهذه القصة نجدها في سفر المكابيين بالتفصيل‪ .‬وفي آية (‪ )13‬المالك ي َّسمى قدوس‪ .‬والمالك هنا‬
‫يظهر اهتمامه بشعب هللا‪ .‬ويسأل إلى متى هذه الضيقات‪ ،‬فهو خاف من إرتداد الشعب لو زادت مدة الضيقة‪ ،‬وهو‬
‫سأل دون حتى أن يسأل دانيال نفسه ونضيف قول السيد المسيح عن السمائيين‪ ،‬بأنه "يصير فرح في السماء‬

‫‪78‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثامن)‬

‫بخاطئ واحد يتوب" فنفهم أنهم يفرحون ألفراحنا وتوبتنا وخالصنا بل هم يستقبلون من ينتقل (قصة لعازر والغني)‬
‫‪ .‬وبمعرفتنا أنهم يكلمون هللا ويصلون دائماً‪ ،‬أفال يثبت هذا شفاعتهم عنا‪.‬‬
‫ملحوظة‪ :‬بعد أن طهر الشعب الهيكل أخذوا يحتفلون بهذه المناسبة بعيد جديد أسموه عيد التجديد‪ ،‬ونجد أن المسيح‬
‫احتفل به أيضا‪ ،‬إذ ذهب المسيح إلى الهيكل فى ذلك اليوم (يو‪ .)22:10‬وكانت المدة التي إستمر فيها الهيكل‬
‫نجساً تمتد من سنة‪ -171‬سنة‪ 165‬ق‪.‬م‪ .‬وكان المالك في آية (‪ )13‬يكلم فالن المتكلم = فمن هو فالن هذا؟‬
‫غالباً هو المسيح كلمة هللا الذي لم يكن أحد قد عرف اسمه‪ .‬والمالك يسأل المسيح‪ ،‬فالمسيح وحده هو الذي يعلم‬
‫كل شئ‪ .‬وحتى وقت هذه الرؤيا لم يكن للمسيح اسم فهو لم يكن قد تجسد "لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب"‬
‫(قض‪ .)18:13‬اإلسم ي َكَّنى به عند اليهود على قدرات وشخصية الشخص‪ ،‬وإسم هللا عجيب فهو فى تجسده وفى‬
‫فدائه وكل ما عمله كان عجيبا‪.‬‬

‫ف ُقَباَل ِتي‪.‬‬ ‫ان َو ِاق ٍ‬ ‫طَل ْب ُت اْل َم ْعَنى‪ِ ،‬إ َذا ِب ِش ْب ِه ِإْن َس ٍ‬ ‫ِ‬
‫ان َل َّما َأرَْي ُت أََنا َدان َ‬
‫‪15‬‬
‫الرْؤَيا َو َ‬‫يآل ُّ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)27-15‬وَك َ‬
‫اء ِإَلى َح ْي ُث َوَق ْف ُت‪،‬‬ ‫‪17‬‬
‫يل‪َ ،‬ف ِه ْم ه َذا َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َو َس ِم ْع ُت َص ْو َت ِإْن َس ٍ‬
‫‪16‬‬
‫الرْؤَيا»‪َ .‬ف َج َ‬ ‫الر ُج َل ُّ‬ ‫«يا ج ْبَرائ ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ان َب ْي َن أُولَ َي‪َ ،‬فَن َادى َوَق َ‬
‫ِ‬
‫الرْؤَيا لِ َوْقت اْل ُمْن َت َهى»‪َ .‬وِإ ْذ َك َ‬
‫ان َي َت َكَّل ُم‬ ‫آد َم‪ِ .‬إ َّن ُّ‬‫ال لِي‪« :‬ا ْف َه ْم َيا ْاب َن َ‬ ‫اء خ ْف ُت َو َخَرْر ُت َعَلى َو ْج ِهي‪َ .‬فَق َ‬
‫وَل َّما ج ِ‬
‫‪18‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ُع ِرُف َك َما َي ُكو ُن ِفي‬ ‫‪19‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َم ِعي ُكْن ُت ُم َسَّب اخا َعَلى َو ْج ِهي ِإَلى األ َْر ِ‬
‫ال‪« :‬هأََن َذا أ َ‬ ‫ض‪َ ،‬فَل َم َسني َوأ َْوَق َفني َعَلى َمَقامي‪َ .‬وَق َ‬
‫ِ‬ ‫َما اْل َكب ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َن لِ ِم ِ‬ ‫الس َخ ِط‪ .‬أل َّ‬ ‫ِ‬
‫س‪َ 21 .‬و َّ‬ ‫وك َمادي َوَف ِار َ‬ ‫ش َّالذي َأرَْي َت ُه َذا اْلَقْرَن ْي ِن َف ُه َو ُمُل ُ‬ ‫آخ ِر ُّ‬
‫‪20‬‬
‫س‬ ‫الت ْي ُ‬ ‫ْ‬ ‫اء‪ .‬أ َّ‬ ‫يعاد ال ْنت َه َ‬ ‫َ‬
‫ام أَْرَب َع ٌة ِع َو اضا َعْن ُه‪،‬‬ ‫‪ِ 22‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان‪ ،‬واْلَقر ُن اْلع ِظ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يم الذي َب ْي َن َع ْيَن ْيه ُه َو اْل َمل ُك األ ََّو ُل‪َ .‬وإِذ اْن َك َسَر َوَق َ‬ ‫َ ُ‬ ‫اْل َعافي َمل ُك اْلُيوَن ِ َ ْ‬
‫افي‬ ‫اصي يُقوم ملِ ٌك ج ِ‬ ‫آخ ِر ممَل َك ِت ِهم ِعْن َد َتمامِ اْلمع ِ‬ ‫لك ْن َليس ِفي ُق َّوِت ِه‪23 .‬وِفي ِ‬ ‫ُم ِة‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ُ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫وم أَْرَب ُع َم َمال َك م َن األ َّ َ‬ ‫َف َس َتُق ُ‬
‫ظماء و َشعب اْل ِق ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫س ِبُق َّوِته‪ُ .‬ي ْهلِ ُك َع َجابا َوَيْن َج ُح َوَي ْف َع ُل َوُي ِب ُ‬ ‫اْل َو ْجه َوَفاه ُم اْلحَي ِل‪َ .‬وَت ْعظُ ُم ُق َّوُت ُه‪َ ،‬ولك ْن َل ْي َ‬
‫‪24‬‬
‫ين‪.‬‬ ‫يس َ‬ ‫يد اْل ُع َ َ َ َ ْ َ‬
‫اء‪،‬‬ ‫الرَؤس ِ‬
‫يس ُّ َ‬ ‫وم َعَلى َرِئ ِ‬ ‫ين‪َ ،‬وَيُق ُ‬ ‫ير َ‬‫ان ُي ْهلِ ُك َك ِث ِ‬ ‫ظ ُم ِبَقْل ِب ِه‪َ .‬وِفي ال ْط ِمْئَن ِ‬ ‫ِح َذا َق ِت ِه َيْن َج ُح أ َْي اضا اْلم ْكُر ِفي َي ِد ِه‪ ،‬وَي َتع َّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َوب َ‬
‫‪25‬‬

‫الرْؤَيا أل ََّن َها ِإَلى أََّيامٍ َك ِث َيرٍة»‪َ 27 .‬وأََنا‬ ‫َما أَْن َت َفا ْك ُتمِ ُّ‬ ‫ق‪ .‬أ َّ‬‫الصَبا ِح َّال ِتي ِقيَل ْت ِه َي َح ٌّ‬ ‫اء َو َّ‬ ‫وبِالَ ي ٍد يْن َك ِسر‪َ 26 .‬فرْؤيا اْلمس ِ‬
‫ُ َ ََ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫الرْؤيا ولَ َف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اه َم‪".‬‬ ‫ال اْل َملك‪َ ،‬وُكْن ُت ُم َت َحِياار م َن ُّ َ َ‬ ‫َع َم َ‬
‫اشْر ُت أ ْ‬ ‫اما‪ُ ،‬ث َّم ُق ْم ُت َوَب َ‬ ‫يآل َض ُع ْف ُت َوَن َحْل ُت أََّي ا‬
‫َدان َ‬
‫في (‪ )15‬دانيال طلب المعنى في صالته وهللا لم يرفض طلبه‪ .‬وإذا بشبه إنسان= هذا هو المسيح ألنه يعطي‬
‫أوامر للمالك جبرائيل ليشرح لدانيال‪ .‬وقال عنه دانيال من قبل "إبن إنسان" (دا‪ .)13:7‬ودليل أنه المسيح أن‬
‫دانيال قال ِخ ْف ُت َو َخَرْر ُت َعَلى َو ْج ِهي‪.‬‬
‫والرؤيا لوقت المنتهى (‪ )1 = )17‬أي حينما ينتهي تدبير هللا الخاص بهذه الضيقة‪ :‬هللا سمح بكل هذا التدمير‬
‫والخراب والقتل بسبب خطايا الشعب‪ ،‬وكان تدبير هللا هذا لتأديب شعبه‪ ،‬ولما يأتي التأديب بثماره ويتوب الشعب‬
‫ينتهى هذا التدبير المؤلم = وقت المنتهى‪ .‬فالمالك يسأل عن ميعاد إنتهاء هذه الضيقة‪ ،‬وهللا يقول ستنتهى بإنتهاء‬
‫ام َك ِث َيرٍة (‪ = )26‬باإلضافة لقوله لوقت المنتهى توحي بأن هذا القرن‬
‫الرْؤَيا ألَ َّن َها ِإَلى أََّي ٍ‬
‫أعمال الخطية‪ُّ )2 .‬‬
‫الصغير يشير لضد المسيح الذي سيظهر في األيام األخيرة ويضطهد شعب هللا "ويجلس نفسه في هيكل هللا مظه ارً‬

‫‪79‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثامن)‬

‫نفسه أنه إله" (‪2‬تس‪ )4 ، 3:2‬وهذه نفهمها بأنه سيعطل الصالة بالكنائس‪ .‬ولكنك يا دانيال لن تعرفه اآلن ولكن‬
‫َسجْله لألجيال القادمة‪.‬‬
‫مسبخا = فى اإلنجليزية ‪ = deep sleep‬النوم العميق ‪ ،‬وهذا ربما يكون راجعا لخوفه من الرؤيا أو عدم إحتماله‬
‫لها ‪ .‬في (‪ )26‬قوله أن الرؤيا إلى أيام كثيرة باإلضافة لقوله لوقت المنتهى توحي بأن هذا القرن الصغير يشير‬
‫لضد المسيح الذي سيظهر في األيام األخيرة ويضطهد شعب هللا "ويجلس نفسه في هيكل هللا مظه ارً نفسه أنه إله"‬
‫(‪2‬تس‪ )4 ، 3:2‬وهذه نفهمها بأنه سيعطل الصالة بالكنائس ‪ .‬وفى هذا نجد أن أنطيوخس إبيفانيوس يرمز لضد‬
‫المسيح‪ ،‬فأنطيوخس أبطل المحرقة الدائمة أى أوقف العبادة فى الهيكل ‪.‬‬
‫وبالنسبة ألنطيوخس إبيفانيوس فكما شرح المالك لدانيال أنه سيأتي في نهاية مملكة اليونان حين يمأل اليهود كأس‬
‫معاصيهم ويكونون مستحقين لهذا الخراب‪ ،‬ويكون هذا الملك قضيب تأديب لهم‪ .‬وتعظم قوته ولكن ليس بقوته =‬
‫بل بقوة الشيطان وهذا ما يجعلنا نطبقه على ضد المسيح (رؤ‪" )2:13‬وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطانا عظيما"‪.‬‬
‫فالتنين هو إسم من أسماء الشيطان ‪.‬‬
‫أنه لميعاد السخط = أي بسبب سخط هللا على اليهود سمح بهذا ضدهم‪ .‬وفي (‪ )23‬يسميه فاهم الحيل فهو‬
‫ماكر جداً‪ .‬وجافي الوجه = أي قاسياً جداً‪ .‬وكان يحكي عن أنطيوخس أبيفانيوس هذا أنه كان ماك اًر جداً ودموياً‪.‬‬
‫وهكذا سيكون ضد المسيح (رؤ‪ )15:13‬فهو بمكره سيجعل صورة الوحش تتكلم ‪ ،‬ومن دمويته يجعل جميع الذين‬
‫ال يسجدون لصورة الوحش يقتلون ‪ .‬وهذا نفس ما قاله السيد المسيح عن ضيق هذه األيام األخيرة "لو لم تقصر‬
‫تلك األيام لم يخلص جسد" (مت‪ . )22 : 24‬وكالهما (أنطيوخس إبيفانيوس وضد المسيح) يهلك عجبا (آية‪)24‬‬
‫= فهو سيهلك الناس األقوياء ولن يقف في وجهه أحد‪ .‬ويبيد العظماء وشعب القديسين = فهو له سلطان على‬
‫الجسد ولكن ليس على الروح‪ .‬وقوته قائمة على الخداع فأنطيوخس مثالً بغشه وبمعاهداته الكاذبة َد َّمر الكثير في‬
‫الحروب‪ .‬وهو عقد معاهدات غاشة َليطمإن له خصومه ثم يغدر بهم = في اإلطمئنان يهلك كثيرين‪ .‬وبهذا يضمن‬
‫أن يخضع الكل له‪ .‬ولنجاحه يتصور أنه يستطيع أن يقف في وجه رئيس الرؤساء نفسه أي هللا وهيكله ‪.‬‬
‫وبال يد ينكسر= فاهلل هو الذي يهلكه ويميته‪ .‬وأنطيوخس لم يمت في حرب أو إغتيال بل هو وقع في يدي هللا‬
‫الحي الذي أباده بنفخة فمه‪ .‬وهذا حدث كما يلي‪ :‬فهو سمع أن اليهود نزعوا صورة جوبيتر أوليمبوس من الهيكل‬
‫بقيادة المكابيين حيث وضعها هو‪ ،‬فهاج جداً على اليهود وأقسم أن يجعل أورشليم مقبرة عامة وعزم على التوجه‬
‫فو اًر ألورشليم‪ .‬ولكن بعد أن تفوه بهذه الكلمات الوقحة إبتاله الرب بضربة عديمة الشفاء في بطنه وتوالد الدود في‬
‫بطنه بسرعة كبيرة حتى أن أجزاء من لحمه صارت تتساقط ولم يكن أحد يستطيع أن يقترب منه من رائحة نتانته‪.‬‬
‫وطالت مدة معاناته من هذا المرض‪ .‬ووعد أنه لو شفي من مرضه لما عاد إلضطهاد اليهود ‪ ،‬وهللا لم يشفه ‪،‬‬
‫فاهلل يعلم أنه لو شفاه لكان قد عاد لقسوته ‪ ،‬ولكان استمر في تعذيب شعب هللا‪ .‬ولكن حين يأس من الشفاء‬
‫استدعى أصدقائه واعترف أمامهم أن السبب في أالمه هذه هو إضطهاده لليهود وتدنيسه للهيكل‪ ،‬وكتب خطابات‬
‫لليهود يعدهم فيها أنه لو شفى سيسمح لهم بممارسة شعائرهم بحرية‪ .‬وحينما زاد عليه المرض ولم يعد يستطيع‬

‫‪80‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثامن)‬

‫احتمال رائحته إعترف قائالً " أنه من المناسب أن يخضع اإلنسان هلل‪ ،‬فاإلنسان يموت ‪ ،‬وعليه أن ال يتحدى هللا"‬
‫ومات بائساً في أرض غريبة على جبال باكاتا قرب بابل حوالي سنة ‪160‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫الرؤيا هي حق = أي بالرغم من غرابتها فى أن هللا يعطى نبوة بأن الهيكل سيدنسه هذا القرن الصغير‪ .‬إال أنها‬
‫حق وستحدث وأن هللا سيحتمل تدنيس مقادسه هذه المدة ألنه مزمع أن يؤدب شعبه بما سوف يحدث‪ .‬ولكن الحظ‬
‫أنه نتيجة النجاسة المنتشرة أن هللا يغادر الهيكل‪ ،‬وهذا كان قد حدث سابقاً بسبب نجاستهم ووثنيتهم‪ .‬فسمح هللا أن‬
‫وبال حماية (حز‪، 3:9‬‬ ‫نبوخذنصر سنة‪ 586‬ق‪.‬م‪ .‬فأصبح الهيكل كومة من األحجار واألخشاب‬
‫َّ‬ ‫يدمره‬
‫حز‪ ، 19،18:10‬حز‪.)23:11‬‬
‫رؤيا المسطططاء = دا‪ 7‬وفيها نرى الوحوش والقرن الصغير يأكلون ويسحقون الباقين‪ .‬وكبرياء هؤالء الذين تكلموا‬
‫حتى ضد هللا‪ .‬ولكننا نرى أن هناك يوم للدينونة‪ .‬وهذا هو حال العالم الذى نحيا فيه‪ .‬المساء هنا إشارة لسيادة‬
‫الشر فى هذا العالم "الذى وضع كله فى الشرير" (‪1‬يو‪ .)19 :5‬هذا العالم الذى تحكمه وحوش دموية (دا‪.)7‬‬
‫رؤيا الصباح = دا‪ 8‬وفيها نرى نهاية كل وحش إضطهد شعب هللا‪ ،‬ونرى إنكسار األشرار ونهاية النجاسة وتطهير‬
‫الهيكل‪ .‬لذلك نجد دانيال يتحول فى هذا اإلصحاح ويكتب بالعبرية فهذه رسالة تعزية لشعب هللا فى كل زمان‬
‫ومكان = أن للظلم نهاية ومملكة هللا ستسود والقدس يتطهر‪ .‬ولكن نرى فى هذه اآليات إشارة لشعب هللا فى مملكة‬
‫هللا التى ال يدخلها شئ دنس فى صباح األبدية السعيد (رؤ‪ )27 :21‬وهو صباح دائم بال مساء‪.‬‬
‫وكان على دانيال أن يكتم الرؤيا حتى ال يغتاظ الفرس بسببها‪ ،‬الذين كانوا سيستولون على بابل وقد يمتنعون‬
‫بسببها عن تحرير اليهود‪ .‬فالنبوة تشير إلنكسار الفرس أمام اليونان ‪.‬‬
‫الرْؤَيا أل ََّن َها إلى أيام كثيرة = النبوات تكتب بطريقة عجيبة لتصلح أن تطبق عدة مرات‪ .‬فهذه النبوة‬
‫َما أَْن َت َفا ْك ُتمِ ُّ‬
‫أ َّ‬
‫تتنبأ عن أنطيوخس إبيفانيوس آخر ملوك اليونانيين الذين حكموا اليهود‪ .‬وهذه تحققت بعد ‪ 300‬سنة‪ .‬فاهلل ال يريد‬
‫كشف كل شئ وإال تعطلت خططه‪ .‬وبالذات حتى ال تثير هذه النبوة الفرس‪ .‬ولكن هذه النبوة كانت تشير أيضا‬
‫الرْؤَيا أل ََّن َها إلى أيام كثيرة‪.‬‬
‫َما أَْن َت َفا ْك ُتمِ ُّ‬
‫لضد المسيح الذى سيظهر بعد أالف السنين = أ َّ‬
‫وبالرغم من ضعفه قام وباشر عمله = علينا إذاً أن نمارس أعمالنا بأمانة حتى آخر يوم في حياتنا‪ ،‬ملتصقين باهلل‬
‫وخائفين هللا‪.‬‬

‫مالحظات‪:‬‬
‫‪ .1‬مكان الرؤيا = كانت في شوشن المعروفة عند اليونان باسم سوسا‪ .‬وتسمى في سفر نحميا ودانيال شوشن‬
‫القصر ألن فيها قصور ملوك الفرس‪ ،‬وفيها جرت أحداث سفر إستير‪ .‬وموضع هذه المدينة بين نهري الكرخي‬
‫وأوالي وهما فرعا نهر واحد يتشعب على بعد ‪ 20‬ميل من شوشن‪ ،‬ولهذا يصح قول دانيال أنه كان عند نهر‬
‫أوالي (آية ‪ ،)2‬وقوله أيضا بين أوالي (آية‪.)16‬‬
‫‪ .2‬نبوة الط‪ 2300‬يوم = كما رأينا قبالً فقد تحققت النبوة حرفياً‪ ،‬فكانت المدة بين تنجيس الهيكل بواسطة أنطيوخس‬
‫إبيفانيوس وتطهيره أيام المكابيين ‪ 2300‬يوماً تماماً‪ .‬ولقد ظن البعض أنه يمكن تطبيقها على المستقبل بحساب‬

‫‪81‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثامن)‬

‫اليوم = سنة (كما سنرى في نبوة السبعين أسبوعاً دا‪ )9‬ويسمون هذه األيام أياماً نبوية فتكون المدة ‪2300‬‬
‫سنة وذلك حتى يتطهر القدس ولكن ‪-:‬‬
‫[‪ ]1‬متى تبدأ هذه الـ ‪ 2300‬سنة ؟ هنا يختلف المفسرون ‪ .‬وعلينا بتواضع أن نقول مع دانيال كنت متحي ار من‬
‫الرؤيا ول فاهم = فالنبوات ال يصح أن تكون واضحة تماماً‪ ،‬بل هي تتضح قرب أو بعد تتميمها‪.‬‬
‫[‪ ]2‬قول الرب هنا واضح أنها ‪ 2300‬صباح ومساء‪ ،‬إذاً هي أيام وليست سنيناً مثل (دا‪ .)9‬فالتعبير اليهودى عن‬
‫اليوم هو صباح ومساء ‪.‬‬
‫[‪ ]3‬قال البعض أنها تبدأ يوم دخول اإلسكندر األكبر إلى أورشليم سنة ‪ 333‬ق‪.‬م‪ .‬وهذا خطأ بكل المقاييس ‪ .‬فلقد‬
‫رأينا ما حدث من اإلسكندر وسجوده لرئيس الكهنة ‪ ،‬بل أنه فرض حمايته على اليهود ‪ ،‬فكيف تنجس القدس عند‬
‫دخول اإلسكندر إلى أورشليم ؟! ‪ .‬وألم يالحظ من يقول هذا أن البابليين قد دنسوا الهيكل وحطموه تماما سنة ‪586‬‬
‫ق‪.‬م‪ ، .‬وألم يكن من األوقع أن يعتبروا أن البداية هى سنة ‪ 167‬ق‪.‬م‪ .‬يوم َّ‬
‫قدم أنطيوخس خنزيرة على مذبح هللا‬
‫!‬
‫*كانت رؤيا هذا اإلصحاح عند نهر أوالي والحظ أن بابل وفارس إشتهرتا بنظام مائي عجيب وشق القنوات‬
‫للزراعة ‪ ،‬وهذا ما جعل إرمياء يقول عن بابل "الجالسة على مياه كثيرة"(إر‪ .)13 : 51‬وقد أتى عليها الفرس‬
‫لغناها (إر‪ .)14 :51 + 41 :50‬والفرس هم أيضاً اشتهروا بنظام للقنوات واألنهار لزيادة غناهم‪ .‬وبسبب غناهم‬
‫أتى عليهم اإلسكندر‪ .‬لذلك رأي دانيال رؤيته بجانب النهر سبب خيرهم وغناهم ‪ ،‬وهذا سيأتي عليهم بالخراب‬
‫والسلب على أيدي اليونانيين‪ .‬وكان نهر أوالي أضخم هذه القنوات بعرض ‪100‬متر تقريباً‪ .‬وكانت هذه األنهار‬
‫والقنوات تستعمل أيضاً في المواصالت والتجارة وهذا مما زاد في غناهم‪ .‬وكانت قوة الفرس في غناهم وثرواتهم‪.‬‬
‫وحيث أن هذا اإلصحاح يشير للفرس كقوة عالمية تؤثر في مجرى األحداث فمكان الرؤيا يشير لسبب قوتهم‬
‫أيضاً‪.‬‬

‫أنطيوخس إبيفانيوس رمز لضد المسيح‬

‫َّائ َمةُ‪َ ،‬و ُه ِد َم َم ْس َك ُن َم ْق ِد ِس ِه‪َ .‬و ُج ِع َل‬ ‫ُ َْ‬


‫ِ‬
‫ِه أُب ِطَل ِت اْلمحرَق ُة الد ِ‬ ‫يس اْل ُجْن ِد َتع َّ‬
‫ظ َم‪َ ،‬وب ْ‬ ‫َ‬ ‫اآليات ‪َ " -:12-11‬و َح َّتى ِإَلى َرِئ ِ‬
‫ض َوَف َع َل َوَن َج َح" = هذه اآليات يتم تفسيرها مرتين‪،‬‬ ‫ق َعَلى األ َْر ِ‬
‫طَر َح اْل َح َّ‬‫َّائ َم ِة ِباْل َم ْع ِصَي ِة‪َ ،‬ف َ‬
‫جْنٌد عَلى اْلمحرَق ِة الد ِ‬
‫ُ َْ‬ ‫ُ َ‬
‫األولى على أنطيوخس إبيفانيوس‪ ،‬والثانية على ضد المسيح‪ .‬ورأينا فيما سبق تطبيقها على أنطيوخس‪.‬‬
‫أما تطبيقها على ضد المسيح فشرحه القديس بولس الرسول " َال َيأْتي (المسيح فى مجيئه الثانى) إ ْن َل ْم َيأْت‬
‫ٱِل ْرت َداد أ ََّوًال‪َ ،‬وي ْستَ ْعَل ْن إ ْن َسان ٱْل َخطيَّة (ضد المسيح)‪ْ ،‬ٱبن ٱْل َه َالك‪ ،‬ٱْلمَقاوم َوٱْلم ْرتَفع َعَلى كل َما ي ْد َعى إَل ًها أ َْو‬
‫ظه ًار َنْف َسه أََّنه إَل ٌه" (‪2‬تس‪.)4-3 :2‬‬ ‫ودا‪َ ،‬حتَّى إَّنه َي ْجلس في َه ْي َكل ٱهلل َكإَل ٍه (يأخذ الكنائس)‪ ،‬م ْ‬ ‫َم ْعب ً‬
‫وهو سيبطل المحرقة الدائمة = هذه بالنسبة لنا كمسيحيين هى سر اإلفخارستيا‪ .‬وهذا األثيم سيبطل الصالة فى‬
‫َّائ َم ِة = يكلف ضد‬ ‫الكنائس ويبدو أيضا أنه سيكون هناك جنود لمنع تقديم السر = ج ِعل جْنٌد عَلى اْلمحرَق ِة الد ِ‬
‫ُ َْ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫المسيح جنوده بمنع الصلوات فى الكنائس‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثامن)‬

‫ودا‪.‬‬
‫ظ َم = َوٱْلم ْرتَفع َعَلى كل َما ي ْد َعى إَل ًها أ َْو َم ْعب ً‬ ‫يس اْل ُجْن ِد َتع َّ‬‫َو َح َّتى ِإَلى َرِئ ِ‬
‫َ‬
‫أما من ناحية قتل شعب هللا‪ ،‬فكما قتل أنطيوخس إبيفانيوس مئات األالف من شعب اليهود هكذا قيل عن ضد‬
‫ان َوأ َّم ٍة" (رؤ‪)7 :13‬‬ ‫ط ًانا َعَلى كل َقبيَل ٍة َول َس ٍ‬ ‫ين َوَي ْغل َبه ْم‪َ ،‬وأ ْعط َي سْل َ‬
‫ص َن َع َح ْرًبا َم َع ٱْلقديس َ‬‫َن َي ْ‬ ‫المسيح " َوأ ْعط َي أ ْ‬
‫ورة ٱْل َو ْحش يْقَتلو َن" (رؤ‪َ " + .)15 :13‬وَل ْو َل ْم تَق َّ‬ ‫‪" +‬ويجعل جم َّ‬
‫ٱألَيَّام َل ْم‬
‫ص ْر تْل َك ْ‬ ‫ين َال َي ْسجدو َن لص َ‬ ‫يع ٱلذ َ‬ ‫ََ َْ َ َ َ‬
‫صر تْل َك ْٱألَيَّام" (مت‪.)22 :24‬‬ ‫ين تَق َّ‬
‫َجل ٱْلم ْختَار َ‬
‫ص َج َسٌد‪َ .‬وَلك ْن أل ْ‬
‫َي ْخل ْ‬
‫َّائ َم ِة‪ ،‬ومعصية الخراب = المالك إنزعج من أجل تعطيل‬
‫الرْؤيا ِم ْن ِجه ِة اْلمحرَق ِة الد ِ‬
‫َ ُ َْ‬ ‫اآلية‪ِ -:13‬إَلى َم َتى ُّ َ‬
‫العبادة (صلوات الكنائس)‪ .‬وسأل إلى متى؟ وكانت اإلجابة فى (‪ .)14‬ما نفهمه من ذلك تعطيل الصلوات‬
‫والشعائر الدينية والقداسات‪ ،‬وكنتيجة للفساد العالمى الذى إنتشر بسرعة كبيرة‪ ،‬نفهم أن هللا القدوس ال يمكن أن‬
‫يسكت على كل هذا الشر وسيأتى بسبب هذا الشر خراب كبير ‪.transgression of desolation‬‬
‫ِ ِ ِ‬
‫اء‪َ ،‬فَي َتَبَّأرُ اْلُق ْد ُ‬
‫س = هذه قد تعنى بالنسبة لنهاية األيام = نهاية الشر‪،‬‬ ‫اآلية‪ -:14‬أَْل َف ْي ِن َوَثالَث مَئة َصَب ٍ‬
‫اح َو َم َس ٍ‬
‫وهالك الشيطان ومن تبعه وضد المسيح ونهاية الخطية‪ .‬حينها يسود المسيح على شعبه بالحب ويبررهم‪،‬‬
‫وي ْخضع أعداءه تحت موطئ قدميه‪ .‬وبعد الـ‪ 2300‬يوم يتطهر القدس‪ ،‬هكذا بعد مدة ‪ 2300‬يوم (ربما من بدأ‬
‫ظهور ضد المسيح) ينتهى العالم ويبدأ اليوم الثامن‪ ،‬يوم األبدية‪ ،‬يوم الفرح األبدى والمجد األبدى‪ .‬وكان رمزه‬
‫عيد التجديد عند اليهود الذى فيه ذهب المسيح للهيكل (يو‪ .)22 :10‬أما بالنسبة لألبدية ففى هذا اليوم يحدث‬
‫التجديد الكلى لنا ونحصل على الجسد الممجد (فداء األجساد رو‪.)23 :8‬‬
‫هللا بهذه الرؤيا يظهر لشعبه (اليهود ٍ‬
‫وقتئذ) أنه سيريهم أياما سعيدة بعد السبى‪ ،‬وهكذا يظهر لنا نحن شعبه أنه‬
‫سيدخلنا المجد بعد نهاية هذا العالم الذى وضع فى الشرير (‪1‬يو‪ )19 :5‬حين نتطهر ونتب أر تماما‪.‬‬
‫نهاية أنطيوخس إبيفانيوس ونهاية ضد المسيح‪ -:‬عن أنطيوخس يقول هللا َوبالَ َي ٍد َي ْن َكسر‪ ،‬وعن ضد المسيح‬
‫ٱلس ْيف" (رؤ‪ .)10 :13‬ويقول الوحى فى سفر زكريا "ذراعه‬ ‫َن يْقَت َل ب َّ‬
‫ٱلس ْيف‪َ ،‬ف َي ْنَبغي أ ْ‬
‫َحٌد َيْقتل ب َّ‬
‫ان أ َ‬
‫يقول " َوإ ْن َك َ‬
‫تيبس‪ ،‬وعينه اليمنى تكل كلوال" (زك‪.)17 :11‬‬

‫‪83‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح التاسع‬

‫نجد هنا صالة دانيال من أجل خالص اليهود وعودتهم لبالدهم‪ .‬وفيها يعترف بخطاياهم واستحقاقهم لكل هذه‬
‫المآسي ولكن يطلب مراحم هللا (‪ )19-1‬ثم نجد إجابة فورية من المالك لصالته‪ ،‬وفيها يعلنه أن خالصهم من‬
‫السبي لهو سريع جداً (‪ .)23-20‬ثم أخبره بخالص العالم كله بفداء يسوع المسيح‪ ،‬وأن خالصهم من السبي لهو‬
‫رمز للخالص الذي بالمسيح‪ .‬وأخبره بنوع هذا الفداء وتوقيته (‪ .)27-24‬وهذه هي أوضح نبوات العهد القديم‬
‫وأكثرها إشراقاً عن المسيح‪.‬‬

‫ين َّال ِذي ُملِ َك َعَلى َم ْمَل َك ِة‬ ‫ِ‬ ‫السَن ِة األُوَلى لِ َد ِاريوس ب ِن أَح َش ِوير َ ِ‬
‫وش م ْن َن ْس ِل اْل َمادِي َ‬ ‫ُ َ ْ ْ ُ‬ ‫اآليات (‪ِ " -:)3-1‬في َّ‬
‫‪1‬‬

‫الرِب‬ ‫ين َّال ِتي َكاَن ْت َعْن َها َكلِ َم ُة َّ‬ ‫السَن ِة األُوَلى ِم ْن مْل ِك ِه‪ ،‬أََنا َد ِانيآل َف ِهم ُت ِمن اْل ُك ُت ِب ع َد َد ِ ِ‬ ‫ين‪ِ ،‬في َّ‬ ‫ِ‬
‫اْل َكْل َدانِي َ‬
‫‪2‬‬
‫السن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫الصالَ ِة‬ ‫السِي ِد َ‬
‫ط ِالابا ِب َّ‬ ‫اب أُور َشلِيم‪َ 3 .‬فوجَّهت وج ِهي ِإَلى ِ‬ ‫ين سَن اة َعَلى َخَر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫هللا َّ‬ ‫َ ُْ َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫الن ِب ِي‪ ،‬ل َك َماَلة َس ْبع َ َ‬ ‫ِإَلى ِإْرِمَيا َّ‬
‫الرَم ِاد‪" .‬‬ ‫الت َضُّرع ِ‬
‫ات‪ِ ،‬ب َّ‬
‫الص ْومِ َواْل َم ْس ِح َو َّ‬ ‫َو َّ َ‬
‫انتهي اإلصحاح السابق ونحن نجد دانيال يعمل عمله في قصر الملك‪ .‬ولكن دانيال كان له عمالً آخر مقدس‪،‬‬
‫فهو مهتم بشعبه ويصلي ألجلهم وبالرغم من أهمية مركزه فهو كرئيس للوزراء‪ ،‬لكنه يجد وقتاً للصالة ولم يتحجج‬
‫بمركزه وال بمشاغله وال بسنه‪ .‬وهناك نقطة أخرى فهو كان يمكنه أن يقول "إذا كان قصد هللا إسترجاع شعبه فإنه‬
‫البد أن يتمم قصده بغض النظر عن صالتي‪ ،‬وما حاجتي أن أشغل نفسي بهذه القضية" غير أنه كان يدرك أن‬
‫هللا قبل بدئه بالعمل‪ ،‬يبدأ بإنهاض نفوس شعبه ليردهم عن ضاللهم ويسترجعهم لنفسه بالتوبة فتكون البركة نتيجة‬
‫لوصولهم إلى درجة روحية تسمح بذلك‪ .‬وهذا يشبه تماما قول الرب "الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون فأطلبوا من‬
‫رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده" (مت‪ .)38-37 :9‬إذاً هللا يعلم أن الفعلة قليلون‪ ،‬لكن هل نريد نحن‬
‫فعلة؟ لو كنا نريد فعال ونهتم بذلك لكنا نطلب بلجاجة فى الصالة وهو يرسل‪.‬‬
‫وكان سفر إرمياء ونبواته عن مدة السبي هو مرجع دانيال لمعرفته موضوع الـ ‪ 70‬سنة (إر‪)10:29 + 11:25‬‬
‫وحسبها دانيال من يوم سبيه وكان هذا سنة ‪ 606‬ق‪.‬م‪ ، .‬وكان الوعد في إرمياء "سأفتقدكم وأحسن إليكم بعد تمام‬
‫السبعين سنة" ‪ .‬وهو َّ‬
‫صدق هذه النبوات وبدأ يطالب هللا بتنفيذها فوجهت وجهي إلى هللا = هذا يعبر عن ثباته‬
‫في الطلب واهتمامه به ليس خالل الصلوات فقط بل حتى في أثناء إنشغاله في عمله‪ .‬فهو كل اليوم كان رافعاً‬
‫قلبه هلل‪.‬‬
‫وواضح أن هللا كشف لدانيال عن هذا الميعاد بسبب إنشغاله بما جاء في الكتاب المقدس‪ .‬فعلينا أن ننشغل به‬
‫ونصادقه ففيه نبوات كثيرة سوف تنكشف في حينها حين يأذن هللا بذلك‪ ،‬لكن علينا فقط أن نوجه وجهنا إلى هللا‬
‫ونق أر يومياً وننشغل بما نق أر ونطلب من هللا الفهم‪ .‬ولم يكن دانيال مصلياً فقط بل متذلالً بصوم في مسوح ورماد‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫ظ اْل َع ْه ِد‬ ‫له اْلع ِظيم اْلمهوب‪ ،‬ح ِ‬


‫اف َ‬ ‫اإل ُ َ ُ َ ُ ُ َ‬ ‫الر ُّب ِ‬‫اع َتَرْف ُت َوُقْل ُت‪« :‬أَُّي َها َّ‬ ‫لهي َو ْ‬ ‫الر ِب ِإ ِ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)19-4‬و َصَّل ْي ُت ِإَلى َّ‬
‫‪4‬‬

‫اك وع ْن أَح َك ِ‬ ‫ط ْأَنا َوأ َِث ْمَنا َو َع ِمْلَنا َّ‬ ‫ِِ‬ ‫و َّ ِ ِ ِ ِ‬


‫ام َك‪َ 6 .‬و َما‬ ‫الشَّر‪َ ،‬وَت َمَّرْدَنا َو ِح ْدَنا َع ْن َو َص َاي َ َ َ ْ‬ ‫الر ْح َمة ل ُمح ِبيه َو َحافظي َو َص َاي ُ‬
‫‪5‬‬
‫َخ َ‬ ‫اه‪ .‬أ ْ‬ ‫َ‬
‫اس ِم َك َكَّل ُموا ُمُل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ض‪َ .‬ل َك َيا َسِي ُد اْل ِبُّر‪،‬‬ ‫اءَنا َوُك َّل َش ْع ِب األ َْر ِ‬ ‫ين ِب ْ‬ ‫َسم ْعَنا م ْن َع ِبيد َك األَ ْنِبَياء َّالذ َ‬
‫‪7‬‬
‫آب َ‬
‫اءَنا َو َ‬ ‫وكَنا َوُرَؤ َس َ‬
‫ين ِفي ُك ِل‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان أ ِ‬ ‫َما َلَنا َف ِخ ْزُي اْل ُو ُجوِه‪َ ،‬كما ُه َو اْلَي ْوم لِ ِر َج ِ‬
‫ين َواْلَبعيد َ‬ ‫يل اْلَق ِري ِب َ‬
‫يم‪َ ،‬ولِ ُكل ِإ ْسَرائ َ‬ ‫ُور َشل َ‬ ‫ال َي ُهوَذا َولِ ُس َّك ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َّ‬
‫اها‪َ8 .‬يا َسِي ُد‪َ ،‬لَنا ِخ ْز ُي اْل ُو ُجوِه‪ ،‬لِ ُمُلوِكَنا‪ ،‬لُِرَؤ َس ِائَنا‬ ‫وك ِإَّي َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َج ِل ِخَياَنت ِهمِ َّالتي َخاُن َ‬ ‫ِ‬ ‫اضي َّال ِتي َ‬
‫طَرْد َت ُه ْم ِإَل ْي َها‪ ،‬م ْن أ ْ‬
‫األَر ِ‬
‫َ‬
‫الر ِب ِإ ِ‬ ‫اح ُم َواْل َم ْغ ِفَرُة‪ ،‬أل ََّنَنا َت َمَّرْدَنا َعَل ْي ِه‪َ .‬و َما َس ِم ْعَنا َص ْو َت َّ‬ ‫لهَنا اْلمر ِ‬ ‫ط ْأَنا ِإَل ْي َك‪9 .‬لِ َّلر ِب ِإ ِ‬ ‫آلب ِائَنا أل ََّنَنا أ ْ‬
‫‪10‬‬
‫لهَنا‬ ‫ََ‬ ‫َخ َ‬ ‫َو َ‬
‫يع ِت َك‪َ ،‬و َح ُادوا لَِئالَّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‪11‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يل َق ْد َت َعدَّى َعَلى َش ِر َ‬ ‫امَنا َع ْن َيد َع ِبيده األَ ْن ِبَياء‪َ .‬وُك ُّل ِإ ْسَرائ َ‬ ‫َم َ‬
‫لَن ْسُل َك في َشَرائعه التي َج َعَل َها أ َ‬
‫ِ ‪12‬‬ ‫اللعَن َة واْلحْلف اْلم ْك ُتوب ِفي َش ِريع ِة موسى عب ِد ِ‬ ‫َّ‬
‫هللا‪ ،‬أل ََّنَنا أَ ْخ َ ِ‬
‫ام‬‫ط ْأَنا إَل ْيه‪َ .‬وَق ْد أَ َق َ‬ ‫َ ُ َ َْ‬ ‫َي ْس َم ُعوا َص ْوَت َك‪َ ،‬ف َس َك ْب َت َعَل ْيَنا ْ َ َ َ َ َ‬
‫السماو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫ات‬ ‫يما‪َ ،‬ما َل ْم ُي ْجَر َت ْح َت َّ َ َ‬ ‫ين َق َض ْوا َلَنا‪ ،‬لَي ْجل َب َعَل ْيَنا َشًّار َعظ ا‬ ‫َكلِ َماته َّالتي َت َكَّل َم ِب َها َعَل ْيَنا َو َعَلى ُق َضاتَنا َّالذ َ‬
‫اء َعَل ْيَنا ُك ُّل ه َذا ال َّش ِر‪َ ،‬وَل ْم َن َت َضَّر ْع ِإَلى َو ْج ِه‬ ‫وسى‪َ ،‬ق ْد َج َ‬ ‫يعة ُم َ‬
‫ُكِلها َكما أُجرِي عَلى أُور َشِليم‪َ 13 .‬كما ُك ِتب ِفي َش ِر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ ْ َ َ‬
‫لهَنا َب ٌّار ِفي ُك ِل‬ ‫الر َّب ِإ َ‬ ‫الر ُّب َعَلى َّ‬
‫الش ِر َو َجَلَب ُه َعَل ْيَنا‪ ،‬أل َّ‬ ‫امَنا َوَن ْف ِط َن ِب َح ِق َك‪َ .‬ف َس ِهَر َّ‬ ‫لهَنا لَِنرجع ِم ْن آ َث ِ‬
‫الر ِب ِإ ِ ْ َ‬
‫‪14‬‬
‫َن َّ‬ ‫َّ‬
‫ض ِم ْصَر ِبَي ٍد َق ِوَّيةٍ‪،‬‬ ‫َخَر ْج َت َش ْعَب َك ِم ْن أَْر ِ‬ ‫لهَنا‪َّ ،‬ال ِذي أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السِي ُد ِإ ُ‬ ‫َع َمالِه َّالتي َعمَل َها ِإ ْذ َل ْم َن ْس َم ْع َص ْوَت ُه‪َ .‬و َ‬
‫‪15‬‬
‫اآلن أَُّي َها َّ‬ ‫أْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اص ِر ْف َس َخ َ‬ ‫ط ْأَنا‪َ ،‬عمْلَنا َشًّرا‪َ .‬يا َسِي ُد‪َ ،‬ح َس َب ُك ِل َر ْح َمت َك ْ‬
‫‪16‬‬
‫ط َك‬ ‫َخ َ‬
‫اس اما َك َما ُه َو ه َذا اْلَي ْوَم‪َ ،‬ق ْد أ ْ‬ ‫َو َج َعْل َت لَن ْفس َك ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫طاياَنا وآل َثامِ آب ِائَنا صار ْت أُور َشلِيم و َشعبك ع ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َغ َضب َك ع ْن م ِديَن ِت َك أ ِ‬
‫ين‬ ‫ار عْن َد َجمي ِع َّالذ َ‬ ‫ُ ُ َ ُْ َ َ ا‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫يم َجَب ِل ُق ْدس َك‪ِ ،‬إ ْذ ل َخ َ َ َ‬ ‫ُور َشل َ‬‫ُ‬ ‫َ َ َ َ‬
‫السِي ِد‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َج ِل َّ‬ ‫ئ ِب َو ْج ِه َك َعَلى َم ْقد ِس َك اْل َخ ِر ِب م ْن أ ْ‬ ‫اآلن َيا ِإ َ‬
‫‪17‬‬
‫لهَنا َصالَ َة َع ْبد َك َوَت َضُّر َعاته‪َ ،‬وأَض ْ‬ ‫اس َم ِع َ‬ ‫َح ْوَلَنا‪َ .‬ف ْ‬
‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫لهي واسم ْع‪ِ .‬ا ْف َت ْح عيَني َك واْن ُ ِ‬ ‫‪ِ 18‬‬
‫ح‬ ‫َج ِل ِب ِرَنا َن ْطَر ُ‬
‫اس ُم َك َعَل ْي َها‪ ،‬أل ََّن ُه لَ أل ْ‬
‫ظْر خَرَبَنا َواْل َمديَن َة التي ُدع َي ْ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ِ‬
‫أَم ْل أُ ُذَن َك َيا إ ِ َ ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ‪19‬‬ ‫ِ‬ ‫َت َضُّرع ِاتَنا أَمام وج ِه َك‪ ،‬بل أل ِ ِ ِ‬
‫اصَن ْع‪ .‬لَ ُت َؤ ِخْر‬ ‫َص ِغ َو ْ‬‫اس َم ْع‪َ .‬يا َسِي ُد ا ْغفْر‪َ .‬يا َسِي ُد أ ْ‬ ‫يمة‪َ .‬يا َسِي ُد ْ‬ ‫َجل َمَراحم َك اْل َعظ َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ََ َْ‬ ‫َ‬
‫اس َم َك ُد ِعي َعَلى َم ِديَن ِت َك َو َعَلى َش ْع ِب َك»‪".‬‬ ‫َن ْ‬ ‫لهي‪ ،‬أل َّ‬ ‫َج ِل َن ْف ِس َك َيا ِإ ِ‬‫م ْن أ ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫نجد هنا صالة دانيال والحظ فيها االعتراف بالخطية‪ .‬وهذا ما نكرره في صلوات األجبية في المزمور الخمسون‪.‬‬
‫وهو إعترف بخطاياه وخطايا الشعب‪ .‬ليس ليلقي الذنب على الشعب ويبرر نفسه وإال لما قال أخطأنا وأثمنا وعملنا‬
‫الشر‪ ،‬لكنه يعترف بأن هللا بار وعادل وهو لم يظلم شعبه‪ ،‬وهذا واضح في آية(‪ )7‬لك يا سيد البر ‪ .‬وهو يشعر‬
‫أنهم ال يستحقون سوى هذا‪ ،‬إنما ال يطلب سوى مراحم هللا (‪ . )16‬وهو أيضاً يعطي المجد هلل فاهلل في عهد مع‬
‫شعبه (‪ ، )15 ، 4‬إذا التزموا بالوصية تفيض عليهم بركاته‪ ،‬وإذا لم يلتزموا بها يتألمون‪ .‬ولكن هللا ال يعطينا‬
‫إرحمنا‪ ..‬كيريى ليسون‪ ..‬يا رب أرحم ‪.‬‬ ‫بحسب ما نستحق بل بحسب مراحمه‪ ،‬لذلك تكرر الكنيسة كلمة‬
‫وصالة مثل هذه ال‬ ‫ويضاف عنصر آخر لصالة دانيال وهو اللجاجة يا سيد أغفر يا سيد إصفح وإصنع‬
‫يرفضها هللا‪.‬‬
‫ف = الحلف تأتى بمعنى اللعنة ألنها هى حلف بتوجيه ضربات للمعاندين‪.‬‬ ‫َفس َك ْب َت َعَل ْيَنا َّ‬
‫الل ْعَن َة َواْل َحْل َ‬ ‫َ‬

‫بركات صالة دانيال‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫‪ .1‬ظهور المسيح له أكثر من مرة بل أن دانيال هو الذي أطلق اسم إبن اإلنسان على المسيح وهو رآه في مجده‬
‫على السحاب‪ ،‬وحدد موعد مجيئه األول‪.‬‬
‫‪ .2‬صار دانيال صديقاً للمالئكة جبرائيل وميخائيل وأسمته المالئكة " الرجل المحبوب"‪.‬‬
‫‪ .3‬أعطاه هللا نعمة أمام ملوك قساة القلوب سواء في بابل أو في فارس‪.‬‬
‫‪ .4‬في وسط شرور هذه الممالك حفظه هللا في طهارة وقداسة‪.‬‬
‫‪ .5‬أعطاه هللا حكمة غير عادية فكشف له األحالم ورأى المستقبل حتى نهاية األيام‪.‬‬
‫‪ .6‬سد هللا أمامه أفواه األسود‪.‬‬
‫قال أحد األباء " من يعرف أن يصلي حسناً يعرف أن يعيش حسناً"‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اآليات (‪20" -:)23-20‬وبيَنما أََنا أ ََت َكَّلم وأُصلِي وأَع َت ِر ِ ِ ِ‬
‫ام‬
‫َم َ‬
‫ح َت َضُّرعي أ َ‬ ‫يل‪َ ،‬وأَ ْطَر ُ‬ ‫ف ب َخطَّيتي َو َخطَّية َش ْع ِبي ِإ ْسَرائ َ‬ ‫ُ َ َ َ ْ ُ‬ ‫ََْ َ‬
‫الرْؤيا ِفي البِت َد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصالَ ِة‪ِ ،‬إ َذا ِب َّ ِ ِ ِ‬ ‫لهي‪َ ،‬وأََنا ُم َت َكلِ ٌم َب ْع ُد ِب َّ‬
‫يل َّالذي َأرَْي ُت ُه في ُّ َ‬ ‫س ِإ ِ‬ ‫لهي َع ْن َجَب ِل ُق ْد ِ‬ ‫الر ِب ِإ ِ‬
‫‪21‬‬
‫اء‬ ‫ْ‬ ‫الر ُجل ج ْبَرائ َ‬ ‫َّ‬
‫ُعلِ َم َك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‪22‬‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ط ا ِ‬
‫يآل‪ِ ،‬إني َخَر ْج ُت َ‬
‫اآلن أل َ‬ ‫«يا َدان ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ار َواغ افا َل َم َسني عْن َد َوْقت َت ْقد َمة اْل َم َساء‪َ .‬وَف َّه َمني َوَت َكل َم َمعي َوَق َ‬ ‫ُم َ ا‬
‫َم ِل اْل َكالَ َم َوا ْف َهمِ ُّ‬
‫الرْؤَيا‪" .‬‬ ‫وب‪َ .‬ف َتأ َّ‬ ‫اء َت َضُّر َع ِات َك َخَر َج األ َْمُر‪َ ،‬وأََنا ِجْئ ُت أل ْ‬
‫ُخ ِبَر َك أل ََّن َك أَْن َت َم ْحُب ٌ‬
‫اْل َفهم‪ِ 23 .‬في اب ِت َد ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫هو كان يصلي ويتضرع عن شعبه وعن أورشليم = جبل قدس إلهي ويعترف بخطيته وخطية شعبه نيابة عنهم=‬
‫خطيتي وخطية شعبي (إن كان دانيال البار المحبوب (حز‪ +14:14‬دا ‪ 23:9‬يعترف بخطيته ويتضرع فماذا‬
‫نفعل نحن‪ ،‬فلنردد ما علمنا الرب إياه "إن فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون" لو‪ ) 10 :17‬وما أجمل‬
‫أن نصلي إلخوتنا ونهتم باآلخرين ونصلي ألجل الكنيسة‪ .‬وإذا تعلم كل واحد في الكنيسة أن ال يالحظ السلبيات‬
‫الموجودة ‪ ،‬وإن الحظها يصلي حتى يرفعها هللا عوضاً عن اإلدانة وإلقاء اللوم على اآلخرين‪ ،‬إلمتألت الكنيسة‬
‫بالروح القدس‪ ،‬وإنعدمت السلبيات‪ .‬لكن يبدو أن الطريق األسهل هو ان ألقي اللوم على اآلخرين وال أعترف بأنني‬
‫أنا أيضا مخطئ‪ .‬أما دانيال فمن أجل صالته جاء له المالك ويسميه إذا بالرجل جبرائيل= فهو إعتاد أن يراه لذلك‬
‫عرفه فو اًر (دا‪ .)16 :8‬مطا ار واغفا = أي طائ اًر برشاقة وسرعة‪ .‬ولمسني = لينبهه إلى خطورة الموضوع الذي‬
‫سيحدثه عنه‪ .‬عند وقت تقدمة المساء = كانت تقدمة المساء إحدى تقدمتين يوميتين فهناك ذبيحة صباحية وهناك‬
‫ذبيحة مسائية‪ .‬وكان دانيال في ذلك الحين مسبياً لمدة ‪ 70‬سنة لم يري فيها تقدمة في الهيكل‪ ،‬لكن قلبه كان‬
‫متعلقاً بالهيكل والعبادة‪ .‬وهللا هنا يرفع قلبه لما هو أهم أي الخالص بالمسيح‪ .‬وربما كان دانيال في صالته في‬
‫هذه اللحظة وهو يفكر في أورشليم المحترقة بالنار والمخربة والمتهدمة يشتاق أن يراها وقد عاد لها المجد وعادت‬
‫الذبائح تقدم في هيكلها (فأورشليم المحترقة أقرب إلى قلب دانيال من بابل وفارس وهم في مجدهم)‪ .‬وإلنشغال قلبه‬
‫بمجد هللا ومجد أورشليم ظهر له المالك ليفهمه أن مجد هللا الحقيقي ليس في الذبائح الحيوانية ‪ ،‬ولكن في المسيح‬
‫ذبيحة المساء الحقيقية وبه ستبطل الذبائح الحيوانية‪ .‬ونالحظ أن المسيح أسلم الروح وقت المساء علي الصليب‪.‬‬
‫والمسيح قدم نفسه ذبيحة في مساء هذا العالم‪ .‬والرد اآلتي هو أوضح نبوات العهد القديم عن المسيح‪ .‬فاإلصحاح‬
‫السابع كلمنا عن مملكة المسيح إبن اإلنسان الذى قربوه أمام هللا أى قدم ذبيحة كفارة عنا ليكون شفيعنا يوم الدينونة‬

‫‪86‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫‪ .‬واإلصحاح الثاني كلمنا عن الصخرة التي تقطع بغير يدين‪ .‬وهذا اإلصحاح يكلمنا عن ميعاد قطع هذه الصخرة‬
‫أي ميعاد والدة المسيح وميعاد صلبه أيضاً‪ ،‬وعمله الكفارى‪ .‬وعلينا أن ال ننتظر مالكاً كلما وقفنا لنصلي لكن‬
‫علينا أن نثق بإيمان في استجابة هللا لنا‪ .‬والحظ قول المالك في ابتداء تضرعاتك = هذا زمن رد هللا في بدء‬
‫الصالة‪ .‬إذاً فاهلل لم يستجب للكلمات التي قالها دانيال بل لقلبه المشتاق وخشوعه أمامه‪ .‬واستجابة هللا كانت‬
‫سريعة‪ ،‬فالمالك جاء مطا ار واغفا‪ .‬وكلمة واغفا تعني أنه يطير بسرعة لتنفيذ أوامر هللا (حزقيال ‪ . )1‬ولماذا يخبره‬
‫هللا بأس ارره؟ هو سبق وأخبره باألالم التي ستقع علي الشعب علي يدي أنطيوخس‪ ،‬وهذه األالم هي نبوة ورمز عن‬
‫أالم الكنيسة علي يد ضد المسيح في أواخر األيام‪ .‬وها هو يخبره بما هو أعظم‪ ،‬أي بمجيء المسيح‪ ،‬وهذا ألنه‬
‫محبوب = فاهلل أظهر ليوحنا أس ارره في الرؤيا فهو التلميذ المحبوب‪ .‬حقاً إن الحب يفتح قلب هللا ويجعله يكشف‬
‫أس ارره‪" ..‬هل أخفي عن عبدي إبراهيم ما أنا فاعله"‪.‬‬

‫يل اْل َم ْع ِصَي ِة َوَت ْت ِميمِ‬


‫وعا ُق ِضَي ْت َعَلى َش ْع ِب َك َو َعَلى م ِديَن ِت َك اْلمَقَّدس ِة لِ َت ْك ِم ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُسُب ا‬ ‫اآليات (‪َ " -: )27-24‬س ْب ُعو َن أ ْ‬
‫‪24‬‬

‫اعَل ْم َوا ْف َه ْم أََّن ُه‬ ‫النُب َّوِة‪َ ،‬ولِ َم ْس ِح ُقد ِ‬


‫ُّوس اْلُقُّد ِ‬ ‫اإل ْثمِ‪َ ،‬ولُِي ْؤَتى ِباْل ِب ِر األََب ِد ِي‪َ ،‬ولِ َخ ْتمِ ُّ‬
‫الرْؤَيا َو ُّ‬ ‫ط َايا‪َ ،‬ولِ َك َّف َارِة ِ‬
‫‪25‬‬
‫ين‪َ .‬ف ْ‬ ‫وس َ‬ ‫اْل َخ َ‬
‫الرِئ ِ‬‫يم َوبَِن ِائ َها ِإَلى اْل َم ِسي ِح َّ‬ ‫يد أ ِ‬ ‫ِمن ُخرو ِج األَم ِر لِ َتج ِد ِ‬
‫ود َوُيْبَنى‬ ‫وعا‪َ ،‬ي ُع ُ‬ ‫ان َو ِس ُّتو َن أ ْ‬
‫ُسُب ا‬ ‫َسا ِب َ‬
‫يع َوا ْثَن ِ‬ ‫يس َسْب َع ُة أ َ‬ ‫ُور َشل َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يج ِفي ِض ِ‬
‫آت ُي ْخ ِر ُب‬ ‫س َل ُه‪َ ،‬و َش ْع ُب َرِئ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يق األ َْزِمَنة‪َ .‬وَب ْع َد ا ْثَن ْي ِن َو ِست َ‬ ‫ق َو َخلِ ٌ‬
‫‪26‬‬
‫يس ٍ‬ ‫يح َوَل ْي َ‬
‫ط ُع اْل َمس ُ‬ ‫وعا ُي ْق َ‬‫ُسُب ا‬‫ين أ ْ‬ ‫ُسو ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ير ِ‬ ‫ِ‬
‫اؤُه ِب َغ َم َارٍة‪َ ،‬وِإَلى الن َه َاية َحْر ٌب َو ِخَر ٌب ُقض َي ِب َها‪َ .‬وُي َث ِب ُت َع ْه ادا َم َع َكث ِ َ‬ ‫س‪َ ،‬واْن ِت َه ُ‬
‫‪27‬‬
‫ُسُبوٍع‬ ‫ين في أ ْ‬ ‫اْل َمديَن َة َواْلُق ْد َ‬
‫اس ُم َخَّر ٌب َح َّتى َي ِت َّم َوُي َص َّب اْل َم ْق ِض ُّي َعَلى‬ ‫الت ْق ِد َمةَ‪َ ،‬و َعَلى َجَنا ِح األَْر َج ِ‬ ‫يح َة َو َّ‬ ‫اح ٍد‪ ،‬وِفي وس ِط األُسبوِع يب ِطل َّ‬
‫الذ ِب َ‬ ‫ْ ُ َُ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫وِ‬
‫َ‬
‫اْل ُم َخ ِر ِب»‪".‬‬
‫رؤيا السبعين أسبوع ا‬
‫كلمة أسبوع األصلية هنا هي ال تعني أسبوع من سبعة أيام بل تعني وحدة من سبعة أو عدد سبعي "أي المعني‬
‫سبعون وحدة كل وحدة مكونة من سبعة‪ .‬إذاً هي سبعون سبعات أو سبعون وحدة سبعات أو سبعة مرات تكرار‬
‫للسبعين فهي بالتالي = ‪ 490 = 7 × 70‬سنة ولماذا نعتبر هذه الوحدات سنيناً ؟‬
‫‪ .1‬الكالم عن ‪ 70‬سنة سبي والمالك يقول لدانيال انتظر ‪ 70‬سبعة‪ ،‬فيكون المعني ‪ 7 ×70‬سنين أي ‪490‬‬
‫سنة‪.‬‬
‫‪ .2‬ال يمكن أن تكون غير هذا فلو كانت هذه الوحدات ثواني لكانت المدة كلها ‪ 8,16‬دقيقة ولو كانت شهور‬
‫لصارت المدة كلها ‪ 41‬سنة أي أقل من سنوات السبي السبعون‪.‬‬
‫‪ .3‬يقول دانيال في ‪ 3 ، 2:10‬أسابيع أيام ليميزها عن هذا األسبوع‪.‬‬
‫إذاً فال معني أن تكون الـ ‪ 2300‬يوم في إصحاح "‪ "8‬لها تطبيق نبوي علي أنها ‪ 2300‬سنة خصوصاً إذا سمعنا‬
‫قول الكتاب ‪ 2300‬صباح ومساء أي يوم من ‪ 24‬ساعة‪.‬‬
‫وكانت صالة دانيال من اجل أن يخلص شعبه طالما أن السبعين سنة قد إنتهت‪ .‬وهنا المالك يقول له أنت تتكلم‬
‫عن ‪ 70‬سنة ألجل خالص اليهود‪ ،‬لكنني سوف أكلمك عن ‪ 7×70‬سنة ليأتي المسيح الذي سيخلص العالم كله‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫وربما ظن دانيال أنه بإنتهاء السبعين سنة يأتي المسيح لكن المالك يقول له ال بل سبعين أسبوعا قضيت علي‬
‫شعبك وعلي مدينتك المقدسة أي ما زال هناك قضاء مدة حتى يأتي المسيح‪ .‬ولكن هذه الجملة تعني أن المدينة‬
‫ستعود وبعد عودتها تنتظر المسيح‪ .‬حقا إجابة المالك علي دانيال كانت بأكثر مما يطلب أو يفتكر وهكذا عطايا‬
‫هللا دائما لنا‪ .‬وهذه السبعين أسبوعاً في مقابل الـ‪ 70‬سنة سبي‪ ،‬إذاً هم سيعودون لبالدهم ويستقرون فيها ‪ 490‬سنة‬
‫في مقابل ‪ 70‬سنة سبي‪ ،‬وهذا يظهر أن هللا ي َّسر بإظهار مراحمه عن تنفيذ عقابه‪ .‬وهذه النبوة هي أول نبوة تحدد‬
‫ميعاد مجيء المسيح‪ .‬فقبل ذلك كانت كل النبوات تشير ألنه سيجئ ولكن متي يجئ ؟ فقد كانت النبوات تصمت‪.‬‬
‫ولوضوح هذه النبوة كان أن إنتظر كثيرين مجيء المسيح (لو‪ .)38 ، 25:2‬وبسببها كان كثيرين يعتقدون أن‬
‫مملكة المسيح ستظهر حاالً (لو‪ )11:19‬وقد يكون بسببها أيضا أنه جاء كثيرين ألورشليم (أع ‪ .)5:2‬وهذه النبوة‬
‫تْفحم وتسكت كل من ال يزال ينتظر مسيحاً آخر‪ .‬وهي تدين هؤالء اليهود الذين لم يعترفوا بالمسيح حتى اآلن‪.‬‬
‫وفي آيه (‪ )25‬يذكر أن هناك أمر سيصدر بتجديد أورشليم وكان هذا لتعزية دانيال المؤقتة‪ ،‬ولتعزية الشعب بأن‬
‫أورشليم ستعود‪ .‬لكن هناك ما هو أهم‪ ،‬وهذا ما تشير له النبوة‪ .‬واليهود كانوا ينتظرون مسيحاً يخلصهم من الرومان‬
‫ويعطيهم ملكاً وغني‪ ،‬ولكن هنا يظهر أن المسيح سيأتي بغرض روحي فقط‬
‫لتكميل المعصية = فاليهود بعد عودتهم من السبي تطهروا من عبادة األوثان حقاً‪ ،‬لكنهم عادوا لخطايا كثيرة‬
‫وإرتدوا عن البر‪ .‬وقد كملت معصيتهم بصلب المسيح ورفضوا هللا وخالصه منتظرين مسيحاً يعطيهم خالصاً‬
‫ومجداً زمنياً أرضياً‪ .‬إذاً تكميل المعصية تشير لصلب المسيح بيد اليهود‪.‬‬
‫تتميم الخطايا = الخطية كانت سبباً للخصومة بين هللا واإلنسان‪ .‬وهي جعلت اإلنسان بعيداً عن هللا‪ .‬وهي أغاظت‬
‫هللا جداً‪ .‬وبسببها عاش اإلنسان في بؤس وفقد كرامته‪ .‬وما كان لشيء أن يصلح هذا كله سوي نزع الخطية أو‬
‫كبحها وكسر قوتها‪ ،‬بكسر رأس الحية‪ ،‬وهذا تم بالصليب‪ .‬ألن المسيح بعد أن تمم الفداء أرسل لنا الروح القدس‬
‫الذى يثبتنا فى المسيح‪ ،‬ويمألنا نعمة وقوة قادرة على أن تجعل الخطية ال تسود علينا ثانية (رو‪ .)14 :6‬باإلضافة‬
‫إلى أن كل من يثبت فى المسيح اآلن يعتبر كامال وبال لوم (كو‪ + 28 :1‬أف‪ .)4 :1‬ورد تعبير تتميم الخطايا‬
‫في اإلنجليزية ‪ ”TO MAKE AN END OF SINS‬وبالصليب أقام هللا مملكة محبة وقداسة في قلوب البشر‬
‫على خرائب مملكة الشيطان‪ .‬وحين مات المسيح قال "قد أكمل" فالخطية اآلن ال تقف ضدنا فهو قد غفرها وأعطانا‬
‫سلطانا أن ال تسود علينا (رو ‪ .)14:6‬وهذا لمن يثبت فيه ‪.‬‬
‫كفارة اإل ثم = كلمة كفارة تعني أن دم المسيح يغطينا فنتبرر "هؤالء غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف"‬
‫فى وأنا فيكم" (يو‪ .)4 :15‬وكل من‬
‫(رؤ‪ .)14:7‬فذبيحة المسيح استوفت عدل هللا‪ .‬قال الرب يسوع لنا "إثبتوا َّ‬
‫يفعل ويثبت فى المسيح يغطيه دم المسيح فيتبرر‪" ،‬هؤالء غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم فى دم الخروف" (رؤ‪:7‬‬
‫‪ .) 14‬والمسيح قال وهو على الصليب وجسمه كله مغطى بالدم "يا أبتاه إغفر لهم" والمعنى أن جسمى الذى هو‬
‫كنيستى مغطى كله بالدم فليبدأ الغفران ولتبدأ الكفارة (كفارة من ‪ .)cover‬فكل من هو ثابت فى المسيح يكون‬
‫مغطى بدم المسيح (هذه هى الكفارة)‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫ونه به‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬


‫اسمه الذي َي ْدع َ‬
‫البر األبدي = المسيح هو برنا "في أَيَّامه ي َخلص َيهوَذا‪َ ،‬وَي ْسكن إ ْس َرائيل آم ًنا‪َ ،‬وه َذا ه َو ْ‬
‫الر ُّب ِبُّرَنا‪( .‬إر‪ )6 :23‬فيه نصير أب ار اًر (‪2‬كو‪.)21 :5‬‬
‫َّ‬
‫غسل ثيابه وبيَّضها فى دم الخروف (رؤ‪:7‬‬
‫• البر بالمسيح أشار له سفر الرؤيا بأن من له الثياب البيض قد َّ‬
‫‪.)14‬‬
‫• وأيضا فالمسيح يعطينا حياته فنخلص بحياته‪ .‬هو كفر عن خطيتنا وأعطانا حياته وإمكانياته نحيا بها‬
‫أب ار اًر‪ .‬تصير لنا حياة المسيح "لى الحياة هى المسيح" (فى‪ .)21 :1‬والمسيح بحياته التى فينا يستخدم‬
‫أعضاءنا كأالت بر‪ ،‬فنحيا نصنع البر لمجد هللا‪ .‬ومن ال يسلك فى البر يبكته الروح القدس "على خطية‬
‫وعلى بر وعلى دينونة" (يو‪ .)8 :16‬أى يبكته ألنه ال يصنع البر‪.‬‬
‫لختم الرؤيا والنبوة = كلمة ختم تعني وضع خاتم على ورقة رسمية إلعطائها قوة فيصدقها الناس‪ .‬وبالمسيح‬
‫تحققت كل نبوات العهد القديم‪ .‬فالعهد الجديد شاهد لصدق العهد القديم‪ ،‬والعكس صحيح فالعهد القديم شاهد واضح‬
‫بنبواته عن المسيح‪ .‬وقد تعني أن زمن النبوات قد إنتهي بمجيء المسيح الذي تنباؤا عنه‪.‬‬
‫لمسح قدوس القدوسين = المسح تم بحلول الروح القدس على المسيح يوم العماد ليخصصه ليقوم بعمل رئيس‬
‫كهنة ليقدم ذبيحة نفسه‪ .‬وحلول الروح القدس علي المسيح كان لحساب الكنيسة‪ ،‬أى يبدأ الروح القدس باإلنسكاب‬
‫على رأس الكنيسة المسيح‪ ،‬ثم ينسكب علينا نحن جسده (مز‪ .)133‬وقوله قدوس القدوسين يترجم أيضا قدس‬
‫األقداس‪ .‬فى العهد القديم كانوا يسكبون دهن المسحة على الملوك ورؤساء الكهنة ليمتألوا بالروح القدس ليتقدسوا‬
‫(يتخصصوا أو يتكرسوا) لهذا العمل الذى سيقومون به ويقودهم الروح القدس فيه‪ .‬وهكذا كان الروح القدس يمأل‬
‫األنبياء‪ .‬والمسيح تخصص ليقوم بعمل رئيس الكهنة الحقيقى الذى يقدم ذبيحة نفسه فيصير لنا ملك الملوك الذى‬
‫يملك على قلوبنا‪ ،‬وكنبى ينبئنا بالمجد السماوى الذى أعده لنا‪ .‬وألنه ال يوجد من البشر من يمكنه سكب الدهن‬
‫على المسيح إبن هللا‪ ،‬حل عليه الروح القدس من السماء يوم العماد على هيئة حمامة‪.‬‬

‫لكن متي يبدأ حساب السبعين اسبوعا‬


‫اإلجابة في آية (‪ )25‬من خروج األمر لتجديد أورشليم‬
‫وهناك عدة أوامر صدرت من ملوك الفرس وقد ذكرها الكتاب المقدس‬
‫األول ‪ -:‬في السنة األولي لكورش سنة ‪ 536‬ق‪.‬م (عز‪ )3-1:1‬ولكن هذا يخص بناء الهيكل‪.‬‬
‫الثاني ‪ -:‬في السنة السادسة لملك داريوس هستاسب تم بناء الهيكل سنة ‪ 515‬ق‪.‬م بعد أن أصدر هذا الملك أم اًر‬
‫بالبناء (عز‪ .)6‬ولكن هذا األمر أيضا خاص ببناء الهيكل وليس بتجديد أورشليم‪( .‬راجع المقدمة تحت عنوان ملوك‬
‫الفرس وعالقتهم بأورشليم)‪.‬‬
‫الثالث‪ -:‬في السنة السابعة من ملك ارتحشستا سنة ‪ 457‬ق‪.‬م (عز‪ .)7:7‬وبعد صدور هذا األمر بسنوات قليلة‬
‫توجه نحميا لإلشراف على بناء المدينة والسور وكان ذلك فى سنة ‪ 444‬ق‪.‬م ولنق أر سفر نحميا لنعرف حجم‬
‫الضيقات التي صادفتهم في هذا البناء‪ ،‬حتى أنه قال "يد تبني ويد تمسك السالح"‪ .‬ولهذا نأخذ تاريخ األمر الثالث‬

‫‪89‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫ميعاداً لبدء السبعين أسبوعا أو الـ ‪ 490‬سنة‪ .‬وتأكيده أن أورشليم ستبني يعني أن الهيكل سيبني والذبائح الحيوانية‬
‫ستعود حتى يجئ المسيح في منتصف األسبوع األخير ‪ ،‬ويكون هو الذبيحة الحقيقية التي تنهي الذبائح الحيوانية‪.‬‬
‫بل تنهي الكهنوت اليهودي (شق حجاب الهيكل)‪ .‬وبنهاية الكهنوت اليهودي وشق حجاب الهيكل‪ ،‬إنتهى دور‬
‫الهيكل اليهودى ل يبدأ المسيح في تأسيس هيكل جسده أي الكنيسة‪ .‬لذلك هو أشار لنفسه بأنه الهيكل (يو‪-18:2‬‬
‫‪ . )22‬وهذا معني مسح قدوس القدوسين‪ .‬أي تأسيس الكنيسة جسد المسيح بالروح القدس‪.‬‬
‫تقسيم السبعين أسبوع ا‪:‬‬
‫تقسم السبعين أسبوعاً إلى ‪ 7‬أسابيع ‪ 62 +‬أسبوعاً ‪ +‬أسبوع‪.‬‬
‫وهذه النبوة تبدأ ببناء أورشليم أي األمر الصادر بهذا سنة ‪ 457‬وتنتهي بخراب أورشليم وقد تم خرابها بيد تيطس‬
‫سنة ‪70‬م‪ .‬فالمجيء األول للمسيح صاحبه نهاية الكهنوت اليهودي وشق حجاب الهيكل ثم خراب أورشليم ذاتها‪،‬‬
‫فهي التي صلبت ملكها‪ .‬والمجيء الثاني للمسيح أيضاً سيصاحبه نهاية العالم وأورشليم ضمناً‪ ،‬أو يسبقه خراب‬
‫أورشليم الستمرار رفضها للمسيح‪ ،‬بل أنهم سيكملون المعصية بقبولهم لضد المسيح‪ .‬وحيثما يوجد الشيطان فهذا‬
‫يعني الخراب‪ .‬إذاً نهاية النبوة قد تتكرر مرتين بخراب أورشليم‪.‬‬

‫الفترة األولي‬
‫هي فترة = ‪ 7‬أسابيع أي ‪ 49‬سنة من سنة ‪ 457‬ق‪.‬م إلى سنة ‪ 408‬ق‪.‬م وخاللها تم ترميم األسوار وعمل السوق‬
‫والخليج (في اإلنجليزية شارع) إذاً المقصود بناء المدينة ولماذا كانت المدة طويلة ؟ السبب أن البناء كان متقطعاً‬
‫بسبب المضايقات والمؤامرات (راجع سفر نحميا) وهذا معني = يعود ويبني سوق وخليج في ضيق األزمنة‪.‬‬

‫الفترة الثانية‬
‫نضيف فترة الـ‪ 7‬أسابيع على فترة الـ‪ 62‬أسبوعا‪ ،‬وبعدها أى بعد الـ‪ 69‬أسبوعا يظهر المسيح‪ ،‬وهذا معنى ِم ْن‬
‫يم (سنة ‪ 457‬ق‪.‬م) َوبَِن ِائ َها (وهذا تم بعد نهاية األسبوع األول) ِإَلى اْل َم ِسي ِح َّ‬
‫الرِئ ِ‬
‫يس‬ ‫يد أ ِ‬ ‫ُخرو ِج األَم ِر لِ َتج ِد ِ‬
‫ُور َشل َ‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وعا‪.‬‬
‫ُسُب ا‬ ‫ان َو ِس ُّتو َن أ ْ‬ ‫(ظهور المسيح) َس ْب َع ُة أَ َسا ِب َ‬
‫يع َوا ْثَن ِ‬
‫هي فترة = ‪ 62‬أسبوعاً أي ‪ 434‬سنة تبدأ من سنة ‪ 408‬ق‪.‬م‪ .‬إلى سنة ‪ 26‬م‪ .‬وبسبب أخطاء حسابية في تقويم‬
‫السنين‪ ،‬اكتشف أن المسيح في سنة ‪26‬م كان عمره ‪30‬سنة‪ ،‬أي أن المسيح ولد فعالً سنة ‪ 4‬ق‪.‬م‪ .‬إذاً بدأ المسيح‬
‫ظهوره وخدمته سنة ‪ 26‬م‪ .‬فهذه النبوة تحدد بالضبط ميعاد ميالد المسيح وميعاد بدء خدمته ‪ ،‬ألن المعروف أن‬
‫المسيح ككاهن قد قدم ذبيحة نفسه‪ .‬والكاهن يبدأ خدمته في سن الثالثين‪ .‬وداود ملك فى سن ‪30‬سنة‪ ،‬وداود الملك‬
‫هو رمز للمسيح الملك‪ .‬ولو كنا موجودين أيام ميالد المسيح لكنا نحسب ميعاد والدته كالتالي‪.‬‬
‫[‪ ]1‬نحدد ميعاد صدور األمر بتجديد أورشليم‪......‬وهو سنة ‪ 457‬ق‪.‬م‬
‫[‪ ]2‬نضيف عليه ‪ 434 + 49‬فنحدد بهذا ميعاد بدء ظهوره لخدمته العلنية‪...‬سنة ‪26‬م‬
‫[‪ ]3‬نطرح ‪ 30‬سنة لنحدد ميعاد والدته‪....‬المسيح ولد سنة ‪ 4‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫من أين حدثت األخطاء الحسابية؟‬


‫كان الخبراء في الفلك قديماً هم قدماء المصريين‪ ،‬وهم أول من أنشأ تقويم فلكي‪ ،‬لكنهم إعتمدوا على ظهور نجم‬
‫في السماء‪ ،‬يظهر كل سنة يسمى نجم الشعرى اليمانية‪ .‬وهم الحظوا أن الدورة الشمسية تتطابق مع الفترة بين‬
‫ظهورين متتاليين لهذه النجمة‪ .‬فإفترضوا تساوي الفترة بين ظهورين متتاليين للنجم والسنة الشمسية‪ .‬فقسموا هذه‬
‫الفترة إلى شهور ‪ ،‬والشهور أليام ‪ .‬وكانت هذه السنة هي ما يسمى بالسنة النجمية ألنها تعتمد على نجم الشعرى‬
‫اليمانية‪ .‬وحينما أرادت روما عمل تقويم فلكي خاص بها استقدمت أحد الخبراء المصريين في علم الفلك الذي أتى‬
‫إلى روما بمعتقداته المصرية‪ ،‬وأسس ما يسمى اآلن بالتقويم الميالدي‪ ،‬ولكن على أساس النجوم ألنه إفترض أن‬
‫السنة الشمسية تتطابق مع السنة النجمية‪ .‬وكانت السنة الرومانية تبدأ من سنة تأسيس روما على يد رومولوس‪.‬‬
‫وبعد أن دخلت المسيحية إلى روما غيروا هذه البداية‪ ،‬لتصبح بداية التقويم الميالدي هي السنة التي ولد فيها‬
‫المسيح‪.‬‬
‫في القرون الوسطى أتى أحد باباوات روما (غريغوريوس الكبير) وكان عالماً في الفلك وإكتشف خطأ في حسابات‬
‫المصريين وأن السنة النجمية أطول من السنة الشمسية بـ‪ 11‬دقيقة (هذه ما كان العلم أيام قدماء المصريين بقادر‬
‫على إكتشافها) فأصلح التقويم الميالدي‪ .‬ومن هنا جاء الخالف بين األقباط والغرب‪ .‬فالغرب يعيدون عيد الميالد‬
‫يوم ‪25‬ديسمبر‪ .‬أما األقباط فيتبعون السنة النجمية ويحتفلون بعيد الميالد يوم ‪29‬كيهك‪ .‬وسنة ميالد المسيح كان‬
‫‪ 25‬ديسمبر يوافق ‪ 29‬كيهك ‪ .‬ومع توالى السنين تراكم فرق الـ ‪ 11‬دقيقة فصار ‪ 29‬كيهك اآلن يوافق ‪ 7‬يناير‬
‫‪ .‬فالغرب يتبع السنة الشمسية‪ ،‬أما الكنيسة القبطية فتتبع السنة القبطية (السنة النجمية) ‪.‬‬
‫المهم أنه بعد أن أصلح البابا غريغوريوس التقويم الميالدي بحوالي ‪200‬سنة اكتشفوا أنه أخطأ في حساباته بحوالي‬
‫‪ 4‬سنوات‪ ،‬ولم يصلح أحد هذا الخطأ فكانت ماليين الكتب قد طبعت وما كان ممكناً إصالح هذا كله‪ .‬وصار من‬
‫المعروف اآلن أن المسيح قد ولد سنة ‪ 4‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫الفترة الثالثة‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ 3‬سنة بعد اثنين وستين أسبوعأا يقطع‬ ‫هي فترة = أسبوع أي ‪ 7‬سنين ‪ .‬وهو ينقسم إلى نصفين كل منهم =‬
‫‪2‬‬
‫المسيح‪ ..‬وفي وسط األسبوع يبطل الذبيحة راجع هذا بالمقارنة مع (إش‪ )10 ، 8:53‬فالمسيح قيل عنه "قطع‬
‫من أرض األحياء‪ ،‬جعل نفسه ذبيحة إثم" ‪ .‬إذاً معنى يقطع المسيح أي يموت ويصبح ذبيحة إثم من أجل ذنب‬
‫الشعب‪ .‬وبموت المسيح تبطل الذبائح الحيوانية (راجع عب‪ .)10 ، 9‬وهذا معنى يبطل الذبيحة‪ .‬وليس له= معناها‬
‫ليس من أجل خطيته بل من أجل ذنب الشعب‪ .‬وهكذا ترجمتها الترجمة اإلنجليزية ‪ .but not for Himself‬على‬
‫أنها تفهم أيضاً "أنه لم يقف أحد بجانبه "تأتي ساعة وهي اآلن حين تتركونني وحدي" (يو‪ .)32 : 16‬وقد شهد‬
‫طع تستخدم في الخروج والالويين والعدد بمعنى قتل الشخص‬
‫بيالطس لبر المسيح وأنه وحده بال ذنب‪ .‬وكلمة يْق َ‬
‫أو تنفيذ حكم القتل فيه‪ .‬وبالنسبة للمسيح لم يكن له من يدافع عن قضيته‪ .‬وإذا كانت النبوة قد حددت أنه في خالل‬

‫‪91‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫الـ‪ 49‬سنة األولى يكون ضيق أزمنة فهي لم تحدد ماذا سوف يحدث خالل الـ‪ 434‬سنة التالية لتستعد األذهان في‬
‫التفكير في المسيح وحده‪.‬‬

‫التفسير اليهودي للنبوة‪ :‬هم يتالعبون بالتواريخ لمحاولة إثبات أن الشخص المشار إليه هنا هو أونيا رئيس‬
‫الكهنة وأنه إضطهد وإستشهد بواسطة المضطهدين بمساعدة بعض اليهود المرتدين ‪ ،‬وسينجح هذا المضطهد في‬
‫اضطهاده حتى يصب هللا غضبه عليه‪ .‬وهم يعتبرون أن هذا المضطهد هو أنطيوخس إبيفانيوس ولكن تالعبهم‬
‫في التواريخ بطريقة مكشوفة جداً‪ .‬ومع هذا فهناك فرق ‪ 66‬سنة ال يجدون له حالً‪ .‬وأخي ار هم منعوا قراءة هذا‬
‫اإلصحاح ويقولون حين يأتى إيليا كسابق للمسيح سوف يفسره لهم‪ .‬كما سوف يفسر لهم إش‪ 53‬الذى منعوا قراءته‬
‫أيضا فهو يرسم صورة واضحة ألالم المسيح‪.‬‬
‫تأمل في الفترة األولى‪ :‬هناك وعد ببناء المدينة ولكن في أثناء الضيق‪ .‬وهكذا طول فترة وجودنا على األرض‬
‫فهناك ضيقات "في العالم سيكون لكم ضيق" ولكن ما يعزينا أن هللا سيكمل عمله ويحمي مدينته (كنيسته) بسور‬
‫فهو سور من نار لنا ولكنيسته‪.‬‬
‫األسبوع األخير أو األسبوع السبعين‪ :‬فيه المسيح يثبت عهدا مع كثيرين = هذا هو‬
‫‪1‬‬
‫‪ 3‬سنة هي مدة خدمته بالجسد على األرض‪،‬‬ ‫العهد الجديد الذي أشار إليه إرمياء (‪ )31:31‬واستمر المسيح‬
‫‪2‬‬
‫يعمل ويخدم‪ ،‬ويجول يصنع خي اًر‪ ،‬ويدعو الجميع للخالص‪ ،‬ثم يؤسس سر اإلفخارستيا (دم العهد الجديد) ثم في‬
‫منتصف األسبوع يصلب = وبدمه يتأسس العهد الجديد ويثبت‪ ،‬ويبطل الذبيحة الحيوانية‪.‬‬
‫يبطل الذبيحة والتقدمة = بصلب المسيح تبطل الذبائح الدموية التى كانت رم اًز لذبيحة المسيح على الصليب‪،‬‬
‫فطالما جاء المرموز إليه يبطل الرمز‪ .‬أما من يعود بعد المسيح ليقدم ذبائح دموية‪ ،‬فهذا قيل عنه " َم ْن َي ْذَبح ثَ ْوًار‬
‫َح َر َق ل َب ًانا َفه َو م َبار ٌ‬
‫ك‬ ‫صعد َد َم خ ْنزيرٍ‪َ .‬م ْن أ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫َفه َو َقاتل إ ْن َس ٍ‬
‫صعد تَْقد َم ًة ي ْ‬
‫ان‪َ .‬م ْن َي ْذَبح َشاةً َفه َو َناحر َكْلب‪َ .‬م ْن ي ْ‬
‫َوثًَنا‪( ".‬إش‪ .)3 :66‬والمعنى أن من يقدم ذبائح دموية بعد الصليب فهو يتحدى هللا منك اًر ورافضا فداء المسيح‪.‬‬
‫وماذا عن النصف الثاني من األسبوع؟ هناك تفسيرين‪-:‬‬
‫التفسير األول‪ :‬الثالث سنين ونصف الثانية من األسبوع األخير هي من وقت صعود المسيح حتى وقت إستشهاد‬
‫إسطفانوس أي حين بدأ اليهود في اضطهاد كنيسة المسيح‪ ،‬وبذلك إستحقوا ما حدث لهم على يد تيطس الروماني‪.‬‬
‫آت = ألنه في وقت هذه الرؤيا لم‬
‫وهو ما قيل عنه شعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس = وهو قال رئيس ٍ‬
‫تكن الدولة الرومانية قد قامت بعد‪.‬‬
‫التفسير الثاني‪ :‬يقول البعض أنه بعد صلب المسيح توقفت ساعة السبعون أسبوعاً النبوية‪ ،‬أي أن هذه الثالثة‬
‫‪1‬‬
‫‪ 3‬سنة = ‪42‬شه ار = ‪1260‬يوماً المذكورة في سفر الرؤيا‪ .‬وهذا‬ ‫سنين ونصف لم تأتي بعد ‪ .‬خصوصاً أن‬
‫‪2‬‬
‫تفسير مقبول جداً‪.‬‬
‫وهذه المدة التى تتوقف فيها الساعة النبوية للسبعون أسبوعا هى المدة التى أعطاها هللا للبشرية لتدخل إلى اإليمان‬
‫وتتأسس كنيسة المسيح السماوية‪ ،‬وهذه الفترة تبدأ بالصليب الذى به تم ربط الشيطان وتقييده‪ .‬وتم التعبير عن هذه‬

‫‪92‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫الفترة رمزيا بأنها ألف سنة (رؤ‪ )3 – 1 :20‬فرقم ألف يشير للسماويات‪ .‬والكنيسة التى أسسها المسيح هى كنيسة‬
‫سماوية (أف‪ + 6 :2‬فى‪ .)20 :3‬فالمسيح "طأطأ السموات ونزل" (مز‪ )9 :18‬ليؤسس كنيسة سماوية‪ ،‬هو رأسها‬
‫وهو عريسها السماوى‪ .‬والكنيسة أبوها سماوى تصلى له وتقول "أبانا الذى فى السموات"‪ .‬والكنيسة التى أسسها‬
‫المسيح هى كنيسة واحدة سماوية‪ ،‬نصفها كنيسة منتصرة هى اآلن فى الفردوس‪ ،‬والنصف اآلخر هى كنيسة‬
‫مجاهدة على األرض وهى أيضا سماوية‪.‬‬
‫ولماذا رقم ألف يرمز للسماويات؟ ‪ .10×10×10 = 1000‬ورقم ‪ 10‬هو رقم الوصايا العشر‪ .‬وبهذا يكون رقم‬
‫‪ 1000‬يرمز للكمال األدبى والتشريعى‪ .‬فأورشليم السماوية ال يدخلها شئ دنس (رؤ‪ .)27 :21‬ولذلك نسمع أن‬
‫المالئكة ألوف ألوف وربوات ربوات‪ .‬والربوة = ‪ 10000‬أى مضاعفات رقم ‪( 1000‬رؤ‪ + 11 :5‬دا‪.)10 :7‬‬
‫وحين يربط الشيطان يسهل دخول المؤمنين لإليمان (مت‪ " )29 : 12‬أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوى‬
‫ونهب أمتعته إن لم يربط القوى أوال ‪ .‬وحينئذ ينهب بيته " وقوله ينهب أي يحرر من كانوا تحت سلطانه مستعبدين‬
‫‪ ،‬فالمسيح له المجد ربط الشيطان بل وأعطى المؤمنين سلطانا عليه ليعطى الفرصة لكل البشر أن يدخلوا لإليمان‬
‫ويدوسوا على كل إغراءات الخطايا والشهوات التى يضعها الشيطان أمامهم إلسقاطهم ‪.‬‬
‫وتنتهى هذه المدة بحل الشيطان لمدة ثالث سنين ونصف ‪ .‬وخالل هذه المدة أيضا يعطى هللا الفرصة األخيرة‬
‫للمؤمنين أن يقدموا توبة فيخلصوا ‪ ،‬إذ يروا بأعينهم نتائج الخطايا التى كانوا يتصورون أنها فيها متعتهم فإذ بها‬
‫هى سبب عذابهم ‪.‬‬
‫وتكون الثالث سنين ونصف هذه هى الفترة التى يطلق فيها الشيطان ويعطى كل قوته للوحش = ضد المسيح ‪،‬‬
‫ويقبله اليهود (يو‪ )43 :5‬فهم ما زالوا ينتظرون مجئ المسيح الذى يخلصهم دنيويا ‪ ،‬ولكن سيكون خراب من يقبله‬
‫خراب نهائى كما خربوا بيد تيطس سنة ‪ 70‬م‪..‬‬
‫وقد يصح كال الرأيين‪ ،‬فالنبوات قد تتكرر أكثر من مرة‪.‬‬
‫الخراب على يد الرومان‪ :‬يذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودي أنه في ذلك اليوم كان بأورشليم ‪2‬مليون يهودي لالحتفال‬
‫بعيد الفصح‪ .‬وأتى تيطس وحاصر األبواب كلها ليمنع الخروج والدخول فإشتدت المجاعة حتى أن رأس الحمار‬
‫كانت تساوي ‪500‬دينار وأكلت األمهات أوالدهن‪ .‬ومن تسلل من اليهود صلبه تيطس‪ .‬وقد َّ‬
‫عل َق ‪120‬ألف على‬
‫صلبان‪ ،‬وأخي اًر إقتحم أورشليم وأهلك حوالي مليون ودك المدينة والهيكل وكان اإلكتساح الروماني كالطوفان مما‬
‫جعل اليهود يتشتتون تماماً في العالم‪ .‬وكلمة غمارة (‪ )26‬تعني الطوفان فهذا الشعب اآلتي أي الرومان سيكتسح‬

‫أورشليم كالطوفان‪ .‬وبعد تشتتهم سيستمرون للنهاية في حرب وخرب قضى بها = جز ً‬
‫اء لهم على رفضهم للمسيح‪.‬‬
‫وهذا ما حدث تاريخياً لليهود‪ ،‬فهم ظلوا مرفوضين يقتلهم كل أحد حوالي ‪2000‬سنة‪.‬‬
‫مخر ْب = كان الغيورين هم جماعة يهودية ظهرت بعد المسيح وقد نسب لهم يوسيفوس سبب‬ ‫على جناح األرجاس َّ‬
‫خراب أورشليم‪ .‬هؤالء قاموا بثورة على الرومان ليتحرروا منهم‪ .‬لكنهم هم في الحقيقة لم يكونوا غيورين على الدين‬
‫بل كانوا قطاع طرق ولصوص وقتلة‪ ،‬ويصح تسميتهم بالمغتالين‪ .‬وحاول هيرودس الكبير كبح جماحهم ألنه كانت‬
‫لهم اليد الطويلة على تالل الجليل‪ .‬لكنهم في األيام األخيرة تحدوا الرومان وأغلقوا مدناً أمامهم‪ .‬بل بدأوا فى إغتيال‬

‫‪93‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫الجنود الرومان‪ ،‬فأرسل األمبراطور فاسباسيان جيشا بقيادة إبنه تيطس لتأديب أورشليم‪ .‬وقبل خراب أورشليم بثالث‬
‫سنوات لجأوا إلى أورشليم بقيادة من يسمى ‪ JOHN GISCHALA‬وبدأوا في إثارة ثورة ضد الرومان ثم دخلوا‬
‫الهيكل وإمتلكوه‪ ،‬وفيه بدأ طغيانهم ضد الشعب وكانوا يصدرون أوامرهم للشعب والكهنة ويقول المؤرخ "ال يمكن‬
‫تخيل بشاعة وفظاعة أعمالهم" وهم في نجاستهم وخطيتهم بدا أنهم نجحوا بعض الوقت بل هم أزاحوا رئيس الكهنة‬
‫وأتوا برجل أخرق ليقوم بدوره ليصنعوا ما يريدونه‪ .‬وهذا جعل الكهنة يبكون بم اررة على ما يحدث وقال أحدهم "كنت‬
‫أفضل أن أموت عن أن أرى الهيكل مدوساً بهؤالء النجسين الذين يسكرون في الهيكل‪ .‬ويصبح معنى على جناح‬
‫خرب ‪ .‬وجناح األرجاس تترجم‬ ‫األرجاس ُم َخَّرب = وهذه تترجم على جناح األرجاس يقوم م َ‬
‫‪ OVERSPREADING OF ABOMINATIONS‬أي أنه نظ اًر إلنتشار الرجاسات سيأتي الخراب على يد‬
‫مخرب‪ .‬وهذا المخرب هو تيطس‪ .‬وهم احتقروا النبوات‪ ،‬ولو تأملوا فيها لفهموا‪ .‬ولكن ما معني جناح الرجاس‬
‫= بحسب المفهوم القديم بل وحتي اآلن يستعمل للتعبير عن السرعة تشبيه الطيور ‪ ،‬وذلك لسرعة طيرانها‪ .‬وكان‬
‫القدماء مثال يتحيرون من سرعة إنتشار ضوء الشمس لينير كل االرض بمجرد ظهور الشمس ‪ ،‬فقالوا إن لنور‬
‫الشمس أجنحة ينتشر بها فينير نور الشمس المسكونة كلها بسرعة ‪ .‬وهذا التشبيه إستخدمه مالخي النبي لإلشارة‬
‫لسرعة إنتشار شفاء البشر بفداء المسيح ( مال ‪ . ) 2 : 4‬وبهذا نفهم قول دانيال النبي هنا‪ ...‬أنه حينما ترون أن‬
‫الشر ينتشر سريعا فتوقعوا خرابا سريعا ‪ .‬فلماذا يسكت هللا القدوس الذي ال يحتمل الخطية ‪.‬‬
‫واآلن لنفهم كيف أشار المسيح لهذه النبوة‪.‬‬
‫‪( .1‬مت‪ " )15:24‬فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس ليفهم القارئ‬
‫فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال" وكان هؤالء المجرمين بوجودهم في الهيكل هم رجسة الخراب‬
‫قائمة في المكان المقدس‪.‬‬
‫‪( .2‬لو ‪" )20:21‬ومتى رأيتم أورشليم محاطة بجيوش فحينئذ إعلموا أنه اقترب خرابها حينئذ ليهرب الذين في‬
‫اليهودية إلى الجبال‪."...‬‬
‫فهؤالء الثائرين النجسين نجسوا الهيكل‪ .‬وهيجوا الرومان بثورتهم ضدهم‪ .‬فأحاطت الجيوش الرومانية بأورشليم‪.‬‬
‫وفي ليلة حاول الجنود الرومان التسلل إلى الهيكل عبر األسوار ووضعوا على الهيكل النسر الروماني‪ ،‬إال أن‬
‫اليهود تنبهوا وقتلوا الجنود الرومان المتسللين‪ .‬فيأس تيطس من حصار أورشليم وإنسحب معتقداً أنها كمدينة صغيرة‬
‫ال تستحق هذا العناء من الجيش الروماني العظيم‪ .‬إال أنه بعد مسيرة ساعات تقابل مع نجدة آتية من روما مع‬
‫أوامر من أبيه اإلمبراطور فاسباسيان‪ ،‬بسحق أورشليم فعاد أدراجه إلى أورشليم إال أن المؤمنين من المسيحيين من‬
‫الذين كانوا داخل أورشليم حينما أروا هذه العالمات ‪:‬‬
‫النسر الروماني على الهيكل‪.‬‬
‫رجسة الخراب في المكان المقدس‬ ‫هؤالء المجرمين في الهيكل‪.‬‬
‫جيوش محيطة بأورشليم‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫وقارنوا هذا مع ما قاله السيد المسيح ففهموا أن أورشليم ستخرب فهربوا إلى الجبال فو اًر‪ .‬أما اليهود فبدأوا في‬
‫احتفاالتهم باالنتصار وإنسحاب الجيوش الرومانية‪ .‬وما هي إال ساعات وعاد الجيش الروماني بقيادة تيطس‬
‫وحاصر أورشليم هذا الحصار البشع الذي سجله يوسيفوس وقال عنه أكلت األم أبنائها فيه‪ ،‬لكن كان المسيحيين‬
‫المؤمنين كلهم قد هربوا‪ ،‬ولم يبق فى أورشليم مسيحى واحد‪ ،‬تنفيذا لقول الرب يسوع "ليهرب الذين فى اليهودية إلى‬
‫الجبال" (هذه فائدة النبوات‪ ،‬أنها تكون غير مفهومة ولكنها تفهم في الوقت المناسب فيكون لها فائدة) فالنبوات‬
‫يجب أن تظل غامضة حتى يحين موعدها لئال تتعطل خطط هللا‪ .‬وهذا الحصار انتهى بخراب أورشليم الخراب‬
‫النهائي‪.‬‬

‫هل تتكرر هذه النبوة؟ (راجع ‪2‬تس‪ )12-3:2‬وفيها نجد أن ضد المسيح سيأتي ويدخل هيكل هللا‪ ،‬بل أنه سيظهر‬
‫نفسه أنه إله‪ .‬وهو سيأتي بعمل الشيطان وبأيات وعجائب كاذبة‪ .‬وألنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا سيرسل‬
‫هللا لهم عمل الضالل حتى يصدقوا الكذب‪ .‬فنحن أمام صورة أخرى إلنتشار الرجاسات وحيثما وجد الشيطان يوجد‬
‫الخراب‪ .‬وغالباً حين يظهر هذا األثيم سيعقب هذا إنتشار بدعته في العالم وتنتشر األرجاس‪ .‬ويكون هذا عالمة‬
‫على خراب نهائي للعالم وألورشليم‪ .‬وسيأتي هذا الخراب مثل الفيضان أي بغمارة أيضاً‪ .‬ولكن الغمارة األخيرة‬
‫ِ‬
‫المخرب =‬ ‫ُّ‬
‫المقضى على‬ ‫ستكون الدينونة حيث يلقي هذا األثيم ومن تبعه في البحيرة المتقدة بالنار حيث يصب‬
‫فاهلل قضى بخراب أورشليم لصلبها المسيح واضطهادها الكنيسة مبتدئة بقتل الشماس اسطفانوس‪ .‬وقضى بدينونة‬
‫فضل وراء ضد المسيح تاركاً المسيح الحقيقي ولذلك سيصب هللا قضاؤه على‬
‫َّ‬ ‫هذا العالم النهائية ألنه أحب الخطية‬
‫خرب العالم أال وهو الوحش ضد المسيح‪ .‬وأال نالحظ انتشار الخطية في العالم اآلن ‪...‬ولماذا‬ ‫هذا اُل ِ‬
‫مخر ْب الذي َّ‬
‫يسكت هللا القدوس ‪ ...‬إذاً البد ان نستعد ألن غضب هللا قادم ‪.‬‬
‫ونقول أيضاً أن هللا سيسمح بهذه الحروب وهذه الوحشية فى األيام األخيرة ضد الكنيسة لتطهيرها فيخلص أوالده‬
‫إذ يتوبوا حينما يرون بأعينهم نتائج الخطية التى كانوا يشتهونها‪ .‬ولكن الويل لمن هاجم الكنيسة وإضطهد أوالد‬
‫هللا‪.‬‬
‫اآلية (‪ )27‬الذبيحة والتقدمة‪ :‬الذبيحة تعنى الذبائح الدموية والتقدمة مثل الدقيق واللبان‪.‬‬

‫كيف نحدد موعد ميالد المسيح‪:‬‬


‫‪( .1‬لو ‪ )2 ، 1:3‬في السنة الخامسة عشرة لطيباريوس قيصر‪ .‬وهذا يحدد سنة ميالد المسيح ألن يوحنا المعمدان‬
‫يكبر المسيح بستة أشهر‪ .‬والمسيح بدأ وله ‪30‬سنة (لو‪.)23:3‬‬
‫‪ .2‬ولد المسيح أيام هيرودس الكبير وغالباً في نهاية حكمه‪ ،‬قارن مع (مت‪ )20 ، 19:2‬وقد مات هيرودس سنة‬
‫‪4‬ق‪.‬م ‪ .‬لذلك يكون ع ْمر المسيح سنة ‪26‬م = ‪30‬سنة‪.‬‬
‫نأتي ثالثة لسنة‬ ‫‪ .3‬من تحديد عمر الهيكل وتجديده بـ‪ 46‬سنة‪ ،‬وبمعرفة أن هيرودوس بدأ البناء سنة ‪20‬ق‪.‬م‬
‫‪26‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫كيف نحسب مدة خدمة المسيح قبل صلبه‪.‬‬


‫يذكر القديس يوحنا ‪ 3‬مرات أن المسيح أكل الفصح مع تالميذه (‪ )1:12 + 4:6 + 13:2‬واألخير هو الذي‬
‫بدأت معه أالم المسيح ويمكن إثبات أن المسيح قضى فصحاً آخر بين الثاني والثالث من حساب مواعيد الزراعة‬
‫‪1‬‬
‫‪ 3‬سنين بين بدء خدمته وصلبه‪.‬‬ ‫فتكون خدمة المسيح‬
‫‪2‬‬

‫‪96‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫‪97‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫‪98‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح التاسع)‬

‫‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح العاشر)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح العاشر‬

‫اإلصحاحات من العاشر حتى الثاني عشر‪ ،‬هي نبوة واحدة‪ ،‬أظهرها هللا لمصلحة الكنيسة ليس بالرموز والعالمات‬
‫ص تاريخاً‬
‫كما سبق في رؤيا الحيوانات أو حلم نبوخذ نصر‪ ،‬لكنها تأتي هنا بصورة واضحة وكلمات محددة كمن َيق ْ‬
‫قد حدث‪ ،‬أو يحكى قصة رآها‪ .‬وقد أ ْعطيت لدانيال هذه الرؤيا بعد سنتين من عودة اليهود من السبي‪ .‬وسبب‬
‫إعطاء دانيال هذه النبوة‪-:‬‬
‫‪ .1‬هذه الرؤيا تبدأ باألحداث في زمن دانيال وتستمر حتى نهاية األيام‪ .‬وال يستطيع سوى هللا أن يخبر عن‬
‫المستقبل بهذه الدقة البالغة‪ .‬وهللا هنا هو الذى يخبرنا بالمستقبل‪.‬‬
‫‪ .2‬لنثق فيه كإله فيزداد إيماننا به ونضع ثقتنا فيه خصوصا فى أيام الضيقة العظيمة حين يظهر ضد المسيح‬
‫‪.‬‬
‫‪ .3‬بل هللا يتحدى أن يفعل ذلك ويخبر بالمستقبل أي أحد سواه (راجع إش‪ . )24-21:41‬والسيد المسيح‬
‫يقول "قلت لكم اآلن قبل أن يكون حتى متى كان تؤمنون" (يو‪. )29:14‬‬
‫‪ .4‬وليس فقط ليزداد إيماننا بل حينما نعرف أن هللا يعرف تفاصيل المستقبل فهو بالتالي قادر على التحكم‬
‫فيه وهذا يعطينا إطمئناناً‪.‬‬
‫‪ .5‬وهذه اإلصحاحات تشمل عالمات نستدل منها على ضد المسيح فنكتشفه ونكشفه لآلخرين ولكنها اآلن‬
‫غامضة وستتضح فى حينه ‪.‬‬
‫(ص‪ ):10‬ظهور المسيح لدانيال وحوار مالئكة معه‪.‬‬
‫(ص‪ :)11‬نبوات خاصة بالعالقة بين البطالسة في مصر (مملكة الجنوب) والسلوكيين في سوريا (مملكة الشمال)‬
‫‪ .‬وتنتهي بموت أنطيوخس إبيفانيوس (وفيه نبوات واضحة عن ضد المسيح وعالمات عنه)‪.‬‬
‫(ص‪ :)12‬تحدثنا عن الضيقة العظيمة ونهاية األزمنة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ش ملِ ِك َف ِارس ُك ِشف أ ِ ِ‬ ‫آية (‪ِ 1" -:)1‬في َّ ِ َّ ِ ِ ِ‬


‫ق‬
‫اصَر‪َ .‬واأل َْمُر َح ٌّ‬
‫ط َش َّ‬ ‫يآل الذي ُسم َي ِب ْ‬
‫اس ِم َبْل َ‬ ‫َمٌر ل َدان َ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ور َ َ‬ ‫السَنة الثال َثة ل ُك َ‬
‫ِ‬
‫َواْل ِج َه ُاد َعظ ٌ‬
‫يم‪َ ،‬وَف ِه َم األ َْمَر َوَل ُه َم ْع ِرَف ُة ُّ‬
‫الرْؤَيا‪" .‬‬
‫في السنة الثالثة لكورش = بينما في دانيال ‪ 21:1‬يذكر " كان دانيال إلى السنة األولى لكورش" فيبدو أن دانيال‬
‫إستمر في مركزه السامي أيام الفرس حتى السنة األولى لكورش ثم ترك منصبه السامي هذا (ربما إلحالته على‬
‫المعاش) ‪ .‬ولكنه عاش بعد ذلك لمدة سنتين يتابع عودة شعبه‪ ،‬ولكنه لم يعد معهم إلى أورشليم غالباً ألن هللا أراد‬
‫منه أن يتمم عمل معين في بابل‪ .‬وبعد أن رأى دانيال هذه الرؤيا إستراح من أتعاب هذا العالم (دا ‪. )13:12‬‬
‫وذكره إلسمه البابلي بلطشاسر = يعني أن تأثير الحكم البابلي استمر فترة وأن الناس كانت تعرفه بهذا االسم‪،‬‬
‫أصر حتى أيام البابليين على استخدام اسمه دانيال‪ .‬األمر حق = أي كل كالم الرؤيا الذي سيأتي هو‬
‫ولكنه دائماً َّ‬

‫‪100‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح العاشر)‬

‫حق وسيحدث‪ .‬ومن وضوح هذه النبوة صارت كأنها تاريخ مكتوب وليست كلمات نبوية غامضة‪ .‬وحيث أن‬
‫مضمون النبوة يشير آلالم كثيرة‪ ،‬مثالً على يد أنطيوخس وتتكرر في أيام النهاية مع ضد المسيح أيام الضيقة‬
‫العظيمة فيقول والجهاد عظيم‪ .‬فأعداء شعب هللا كثيرين وهللا ينبه أن ما سيأتي يحتاج لجهاد عظيم من الشعب‪.‬‬
‫ومن وضوح ما رآه فهم األمر وعرف معنى الرؤيا‪ .‬حقاً ما دام الشيطان يحارب ضدنا‪ ،‬علينا أن نجاهد‪.‬‬

‫اما َش ِهًّيا َوَل ْم َي ْد ُخ ْل ِفي‬ ‫َسا ِبي ِع أََّي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ2‬‬
‫اآليات (‪ " -:)3-2‬في تْل َك األََّيامِ أََنا َدان َ‬
‫‪3‬‬
‫ط َع ا‬
‫آك ْل َ‬
‫ام َل ْم ُ‬ ‫يآل ُكْن ُت َنائ احا َثالَ َث َة أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسا ِبي ِع أََّي ٍ‬
‫ام‪.‬‬ ‫َفمي َل ْح ٌم َولَ َخ ْمٌر‪َ ،‬وَل ْم أََّده ْن َح َّتى َت َّم ْت َثالَ َث ُة أ َ‬
‫الحظ إنسحاق دانيال في هذه السن المتقدمة فهو يشارك شعبه أالمهم وهو لم يكن يتوقع أن يظهر هللا له رؤيا‪.‬‬
‫بل غالباً كان حزيناً لتقاعس الشعب عن العودة ألورشليم‪ ،‬فهو يصلي ويصوم كما هي عادته معترفاً بخطاياه‬
‫وخطايا شعبه‪ .‬وربما وصلته أخبار مقاومة األعداء لبناء الهيكل‪ ،‬وتقاعس الشعب عن بنائه‪ ،‬أو أن أورشليم محروقة‬
‫وسورها منهدم‪ .‬فالقديسين الحقيقيين يبكون حين يروا أن نمو عمل هللا يقاوم ‪ .‬وقوله ثالثة أسابيع أيام= أي ‪21‬‬
‫يوماً‪ .‬ألنه يريد أن يميز بين السبعين أسبوعاً وهم = ‪ 490‬سنة وبين األسابيع العادية‪ .‬والحظ أن صوم دانيال هذا‬
‫لم يكن صوماً عاماً بل صوماً اختيارياً‪.‬‬

‫الن ْه ِر اْل َع ِظيمِ ُه َو ِد ْجَلةُ‪" ،‬‬


‫الش ْه ِر األ ََّو ِل‪ِ ،‬إ ْذ ُكْن ُت َعَلى َج ِان ِب َّ‬
‫ين ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫(آية ‪َ " -:)4‬وِفي اْلَي ْومِ َّ‬
‫الراب ِع َواْلع ْش ِر َ‬
‫‪4‬‬

‫النهر العظيم دجلة‪ :‬قارن مع (تك‪ )18:15‬فنهر الفرات سمى النهر الكبير ونهر دجلة (أو حداقل تك‪)14:2‬‬
‫َ‬
‫يسمى المياه العظيمة فدجلة طوله ‪ 1146‬ميالً بينما الفرات نجد أن طوله ‪2170‬ميالً‪ .‬ولكن نهر دجلة في عمقه‬
‫وحجمه وسرعته يزداد عن الفرات‪ .‬ومعنى كلمة دجلة في لغتها األصلية تعني السريع أما الفرات في لغتها األصلية‬
‫فتعني الكبير‪ ،‬وقارن هذا مع نهر أوالي في إصحاح (‪ )8‬وهو النهر الهادئ أو القناة الهادئة التي تستخدم في‬
‫التجارة والري ‪ .‬ودانيال رأى رؤياه في (‪ )8‬لإلشارة لمصدر غنى فارس الذي سيثير عليهم حقد وحروب اليونان‬
‫(دا ‪ .)2:11‬أما في هذه اإلصحاحات فالرؤيا تشير لقوى حربية ضخمة وحروب رهيبة‪ ،‬ولهذا كانت الرؤيا بجانب‬
‫دجلة السريع في حركته وإندفاع مياهه (راجع إش ‪( )8-6:8 + 13:17‬وحتى يكمل المعني فدانيال نفسه استخدم‬
‫هذا في ‪ . )40 ، 10:11‬ونجد في هذه الشواهد إشعياء ودانيال شبهوا حركة الجيوش بالفيضان‪ .‬ونجد فى سفر‬
‫الرؤيا أن حرب البوق السادس‪ ،‬والحرب النهائية‪ ،‬حرب جوج وماجوج كالهما يبدآن من نهر الفرات (رؤ‪+ 14 :9‬‬
‫رؤ‪.)15 :16‬‬
‫يضاف أن دانيال رأى رؤياه على دجلة ألن سلوكس نيكانور الذي أسس كرسي السلوكيين أسسه على ضفاف‬
‫دجلة وبنى مدينة عظيمة هي سلوكية لتحل محل بابل ولتكون عاصمة لمملكته الممتدة شرقاً‪ .‬وكان تعداد سكانها‬
‫‪ 600000‬وكانت مدينة عظيمة وسميت بابل الثانية كما سميت بابل أشور الثانية‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح العاشر)‬

‫الزَبْر َج ِد‪،‬‬
‫ان ِب َذ َه ِب أُوَف َاز‪َ 6 ،‬و ِج ْس ُم ُه َك َّ‬ ‫اه ُم َتَن ِطَق ِ‬
‫س َك َّتاانا‪َ ،‬و َح ْق َو ُ‬ ‫ظْر ُت َفِإ َذا ِبَر ُجل لَ ِب ٍ‬
‫‪5‬‬
‫اآليات (‪َ " -:)9-5‬رَف ْع ُت َوَن َ‬
‫ول‪َ ،‬و َص ْو ُت َكالَ ِم ِه َك َص ْو ِت‬ ‫اس اْلم ْصُق ِ‬
‫الن َح ِ َ‬ ‫اه َو ِر ْجالَ ُه َك َع ْي ِن ُّ‬ ‫اح ْي َن ٍار‪َ ،‬وِذَر َ‬
‫اع ُ‬
‫ق‪ ،‬وعيَن ِ‬
‫اه َكم ْصَب َ‬ ‫ظ ِر اْلَبْر ِ َ َ ْ ُ‬ ‫َوَو ْج ُه ُه َك َمْن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َكاُنوا َم ِعي َل ْم َيَرْوا ُّ‬ ‫الرج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الرْؤَيا‪ ،‬لك ْن َوَق َع َعَل ْي ِهمِ ْارِت َع ٌاد َعظ ٌ‬ ‫ال َّالذ َ‬
‫الرْؤَيا َو ْحدي‪َ ،‬و ِ َ ُ‬ ‫ور‪َ .‬فَأرَْي ُت أََنا َدان ُ‬
‫‪7‬‬
‫يم‪،‬‬ ‫يآل ُّ‬ ‫ُج ْم ُه ٍ‬
‫يمةَ‪َ .‬وَل ْم َت ْب َق ِف َّي ُق َّوٌة‪َ ،‬وَن َض َارِتي َت َح َّوَل ْت ِف َّي ِإَلى‬ ‫ِ‬ ‫هذ ِه ُّ‬
‫الر ْؤَيا اْل َعظ َ‬
‫َفهربوا لِي ْخ َت ِبُئوا‪َ 8 .‬فب ِقيت أََنا وح ِدي‪ ،‬و أرَيت ِ‬
‫ََ ْ ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َض ِب ْط ُق َّواة‪َ .‬و َسم ْع ُت َص ْو َت َكالَمه‪َ .‬وَل َّما َسم ْع ُت َص ْو َت َكالَمه ُكْن ُت ُم َسَّب اخا َعَلى َو ْج ِهي‪َ ،‬وَو ْج ِهي ِإَلى‬ ‫‪9‬‬
‫َف َسادٍ‪َ ،‬وَل ْم أ ْ‬
‫ض‪" .‬‬ ‫األ َْر ِ‬
‫هنا نجد أحد ظهورات السيد المسيح قبل التجسد‪ .‬ودانيال رآه في نفس الصورة التي رآه بها يوحنا الرائي في سفر‬
‫الرؤيا‪ .‬لبس كتان = فهو رئيس كهنة‪ .‬وحقواه متنطقتان بينما في (رؤ‪" )13:1‬كان متمنطقاً عند ثدييه" والسبب‬
‫أنه حينما رآه دانيال كان يستعد للتجسد فهو منطق حقويه استعداداً لعمل خدمة الفداء‪ ،‬كما تمنطق يوم غسل أرجل‬
‫تالميذه‪ .‬بينما يوحنا رآه متمنطقاً عند ثدييه كما يفعل القضاة فهو هنا يستعد للقضاء أي ليوم الدينونة‪ .‬ذهب أوفاز‬
‫= أفخر أنواع الذهب ‪ ،‬والذهب يرمز للسماويات‪ .‬وجسمه كالزبرجد= والزبرجد نوع من الحجارة الكريمة شديدة‬
‫الصالبة لونه أخضر فاتح‪ .‬والخضرة عالمة الحياة‪ .‬فالمسيح هو الحياة وسيأتي ليعطينا حياة ووجهه كمنظر‬
‫البرق= بينما رآه يوحنا "ووجهه يضئ كالشمس في قوتها" والفرق واضح فكل منهما رأى قدر ما يحتمل فدانيال‬
‫نبى العهد القديم رأى الوجه يلمع كالبرق أي في نبضات يلمع لفترة قصيرة فهو ال يحتمل أكثر‪ .‬أما يوحنا الذي‬
‫حل عليه الروح القدس فلقد احتمل أن يرى النور بثبات‪ .‬ولكن كالهما لم يحتمل ما رآه والسبب َف َّس َره يوحنا نفسه‬
‫"إن قلنا أننا بال خطية نضل أنفسنا" ‪ .‬إذاً طالما كنا في الجسد لن نحتمل رؤية المسيح في مجده بسبب الخطية‬
‫التي فينا‪" .‬ويحي أنا اإلنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت" (رو‪ )24:7‬وبولس يشتاق لهذا لكي يرى‬
‫مجد المسيح وليفرح به كل الفرح (‪1‬كو‪2 + 2:13‬كو‪ . )18:3‬وعيناه كمصباحي نار= فاحصتان مميزتان تخترقان‬
‫أستار الظالم وال يخفي عليه شئ‪ .‬له نظرة مرعبة لألشرار تمألهم خوفاً‪ .‬وهذا ما سيجعل األشرار في اليوم األخير‬
‫"يقولون للجبال اسقطي علينا من وجه الجالس على العرش"‪ .‬أما التائب الباكي فيري فيهما نو اًر ومحبة ‪ ،‬وقلب‬
‫يعطف عليه مقد اًر ضعفه‪ .‬النحاس المصقول = فيديه ورجليه كانوا هكذا والنحاس يشير للدينونة‪ ،‬فالمسيح سيدين‬
‫إبليس والخطية بقوة صليبه‪ ،‬هو مقدم على عمل جبار سيدك به معقل الشيطان‪ ،‬وقدميه ليستا من خزف‪ .‬ولكن‬
‫يوحنا في الرؤيا رأى "رجاله شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون" ‪ .‬والنحاس المتحد بنار األتون يشير‬
‫إلتحاد الالهوت بالناسوت‪ .‬وألنه في أيام دانيال ما كان هذا االتحاد قد تم بعد‪ ،‬رأى دانيال يداه ورجاله كنحاس‬
‫فقط‪ .‬وصوت كالمه كصوت جمهور= صوت قوى مرعب لألشرار‪ .‬وهو صوت تسبيح الكنيسة من كل الشعوب‬
‫واأللسنة ‪ ،‬وربما تعني لألبرار أن الكنيسة كلها تردد صوته فلها فكر المسيح‪ .‬ودانيال وحده رأى الرؤيا ومن معه‬
‫لم يراها‪ .‬فحالتهم ال تسمح‪ ،‬أما هذا المحبوب فلقد رأى بقدر ما يستطيع (أع‪ + 9:22 + 7:9‬يو‪" + )22:14‬ال‬
‫يراني اإلنسان ويعيش" أما خوفهم كان ربما من الصوت أو شئ مرعب أحسوا به من حولهم دون أن يدركوا كنهه‪.‬‬
‫وخوف المرافقين دليل صحة الرؤيا‪ .‬إذاً هي ليست خيال‪ .‬وكما قلنا فال يوجد إنسان بال خطية‪ ،‬فكما سقط يوحنا‬

‫‪102‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح العاشر)‬

‫وحزقيال وبولس هكذا سقط دانيال أمام هذه الرؤيا ووجهه إلى األرض ‪ .‬مسبخ ا = في اإلنجليزية ‪DEEP‬‬
‫‪ SLEEP‬فيبدو أنه غاب عن الوعي ولكن كمن في حلم لذيذ‪.‬‬
‫صورة إبن هللا التى ظهر بها لدانيال‪-:‬‬
‫س َك َّتاانا = ألنه سيتجسد ويتأنس ويشابهنا فى كل شئ ما خال الخطية وحدها‪ .‬والكتان األبيض هو‬ ‫*َر ُجل لَ ِب ٍ‬
‫مالبس الكهنة‪ ،‬والمسيح هو رئيس كهنتنا الذى َّ‬
‫قدم ذبيحة نفسه‪.‬‬
‫اه ُم َتَن ِطَق ِ‬
‫ان ِب َذ َه ِب = كانوا يتمنطقون عند الحقوين حينما ينوون القيام بعمل شاق‪ .‬والمسيح كان مزمعا أن‬ ‫* َح ْق َو ُ‬
‫يقوم بعمل الفداء‪ .‬والذهب رمز للعمل اإللهى فى الفداء‪.‬‬
‫الزَبْر َج ِد = اللون األخضر هو لون الحياة‪ .‬والرب يسوع قال عن نفسه "من يأكلنى يحيا بى" ‪" +‬جسدى‬ ‫*ج ْس ُم ُه َك َّ‬
‫مأكل حق" (يو‪.)57-55 :6‬‬
‫ق = هوإله حق من إله حق‪ ،‬هو نور من نور‪.‬‬ ‫ظ ِر اْلَبْر ِ‬ ‫* َو ْج ُه ُه َك َمْن َ‬
‫احي َن ٍار = هو فاحص القلوب والكلى (رؤ‪.)23 :2‬‬ ‫*عيناه ك ِمصب‬
‫ََْ ُ َ ْ َ َ ْ‬
‫اس اْلم ْصُق ِ‬ ‫ِ‬
‫ول = عمل المسيح هو دينونة الخطية (النحاس يرمز للدينونة (راجع مقدمة‬ ‫الن َح ِ َ‬
‫اه َو ِر ْجالَ ُه َك َع ْي ِن ُّ‬
‫اع ُ‬‫*ذَر َ‬
‫خيمة اإلجتماع)‪ ،‬كما سمعنا فى (دا‪ = "an end of sins to make" )24 :9‬لتتميم الخطايا‪ .‬وهنا نسمع أن‬
‫ذراعاه من نحاس‪ ،‬واليدين يشيران للعمل‪ ،‬وعمل المسيح الذى قام به هو الفداء‪ .‬أما رجاله فيشيروا لدينونة الخطية‬
‫وسحق الشيطان‪" ،‬أضع أعداءك عند موطئ قدميك" (مز‪ .)1 :110‬والقديس يوحنا فى رؤياه لم يذكر أنه شاهد‬
‫ذراعا المسيح النحاسيتين‪ ،‬فالرب يسوع كان قد أنهى عمل الفداء‪ .‬لكنه ذكر أنه رأى قدميه النحاسيتين‪ ،‬فعمل‬
‫المسيح فى دينونة الخطية مستمر لنهاية األيام‪.‬‬
‫ور = آمن بالمسيح معظم سكان األرض‪ ،‬وكانوا يسبحونه على أعمال محبته وفدائه‪،‬‬ ‫* َص ْو ُت َكالَ ِم ِه َك َص ْو ِت ُج ْم ُه ٍ‬
‫وكرزوا بإسمه‪.‬‬

‫يآل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اآليات (‪10" -:)21-10‬وِإ َذا ِبي ٍد َلمس ْت ِني وأَ َقام ْتِني مرَت ِج افا عَلى رْكب َت َّي وعَلى َك َّفي ي َد َّي‪11 .‬وَق ِ‬
‫«يا َدان ُ‬ ‫ال لي‪َ :‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُ َ ََ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ََ‬
‫اآلن أُْرِسْل ُت ِإَل ْي َك»‪َ .‬وَل َّما َت َكَّل َم َم ِعي ِبه َذا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وب ا ْف َهمِ اْل َكالَ َم َّالذي أ َُكلِ ُم َك ِبه‪َ ،‬وُق ْم َعَلى َمَقام َك ألَني َ‬ ‫الر ُج ُل اْل َم ْحُب ُ‬
‫أَُّي َها َّ‬
‫اْل َكالَمِ ُقمت مرَت ِعدا‪َ 12 .‬فَقال لِي‪« :‬لَ َت َخف يا د ِانيآل‪ ،‬أل ََّنه ِمن اْليومِ األ ََّو ِل َّال ِذي ِف ِ‬
‫يه َج َعْل َت َقْلَب َك لِْل َف ْهمِ َوِإل ْذلَ ِل‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ ُْ ا‬
‫ف مَقا ِبلِي و ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اح ادا َو ِع ْش ِر َ‬ ‫يس َم ْمَل َكة َف ِار َ‬‫َج ِل َكالَم َك‪َ .‬وَرِئ ُ‬ ‫َّام ِإ ِ‬
‫له َك‪ُ ،‬سم َع َكالَ ُم َك‪َ ،‬وأََنا أ ََت ْي ُت أل ْ‬
‫‪13‬‬
‫ين‬ ‫َ‬ ‫س َوَق َ ُ‬ ‫َن ْفس َك ُقد َ‬
‫ِ‬ ‫يت هَن ِ‬ ‫ِ‬ ‫يخ ِائيل و ِ‬
‫س‪َ 14 .‬و ِجْئ ُت‬ ‫اك عْن َد ُمُلوك َف ِار َ‬ ‫اء ِإل َعاَنتي‪َ ،‬وأََنا أ ُْب ِق ُ ُ َ‬ ‫ين َج َ‬
‫ِ‬
‫الرَؤ َساء األ ََّولِ َ‬ ‫احٌد ِم َن ُّ‬ ‫ِ‬
‫َي ْو اما‪َ ،‬و ُه َوَذا م َ ُ َ‬
‫الرْؤَيا ِإَلى أََّي ٍ‬
‫ام َب ْع ُد»‪.‬‬ ‫َن ُّ‬ ‫ألُ ْف ِهم َك ما ي ِصيب َشعب َك ِفي األََّيامِ األ ِ‬
‫َخ َيرِة‪ ،‬أل َّ‬ ‫َ َ ُ ُ َْ‬
‫ِ‬
‫ض َو َص َم ُّت‪َ .‬و ُه َوَذا َك ِشْبه َب ِني َ‬ ‫‪َ 15‬فَل َّما َت َكَّل َم َم ِعي ِب ِم ْث ِل ه َذا اْل َكالَمِ َج َعْل ُت َو ْج ِهي ِإَلى األ َْر ِ‬
‫‪16‬‬
‫س َش َف َت َّي‪،‬‬ ‫آد َم َل َم َ‬
‫ِ‬ ‫«يا َسِي ِدي‪ِ ،‬ب ُّ‬ ‫فأ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫‪17‬‬
‫ف‬ ‫الرْؤَيا اْنَقَلَب ْت َعَل َّي أ َْو َجاعي َف َما َضَب ْط ُت ُق َّواة‪َ .‬ف َك ْي َ‬ ‫َمامي‪َ :‬‬ ‫َف َف َت ْح ُت َفمي َوَت َكل ْم ُت َوُقْل ُت لْل َواق َ‬
‫َن َي َت َكَّل َم َم َع َسِي ِدي ه َذا َوأََنا َف َحالا‪َ ،‬ل ْم َت ْثُب ْت ِف َّي ُق َّوٌة َوَل ْم َت ْب َق ِف َّي َن َس َمةٌ؟»‪َ 18 .‬ف َع َاد‬ ‫ِ‬
‫يع َعْب ُد َسِيدي ه َذا أ ْ‬
‫ِ‬
‫َي ْس َتط ُ‬
‫وب‪َ .‬سالَ ٌم َل َك‪َ .‬ت َشَّد ْد‪َ .‬تَق َّو»‪َ .‬وَل َّما َكَّل َم ِني‬ ‫الر ُج ُل اْل َم ْحُب ُ‬
‫ال‪« :‬لَ َت َخ ْف أَُّي َها َّ‬
‫‪19‬‬ ‫ِ‬
‫ان َوَق َّواني‪َ ،‬وَق َ‬ ‫َوَل َم َس ِني َك َمْن َ‬
‫ظ ِر ِإْن َس ٍ‬

‫‪103‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح العاشر)‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُح ِار ُب َرِئ َ‬ ‫«ه ْل َعَرْف َت لِ َما َذا ِجْئ ُت ِإَل ْي َك؟ َف َ‬ ‫ِ َّ‬
‫َتَق َّوْي ُت َوُقْل ُت‪« :‬لَي َت َكل ْم َسِيدي أل ََّن َك َق َّوْي َتني»‪َ .‬فَق َ‬
‫‪20‬‬
‫يس‬ ‫جع َوأ َ‬‫اآلن أَْر ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬
‫َحٌد َي َت َم َّس ُك َم ِعي‬ ‫ُخ ِبُر َك ِباْلمْرسومِ ِفي ِك َت ِ‬
‫اب اْل َح ِ‬
‫ق‪َ .‬ولَ أ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫لك ِني أ ْ‬
‫ان يأ ِْتي‪21 .‬و ِ‬
‫َ‬ ‫يس اْلُيوَن ِ َ‬ ‫س‪َ .‬فِإ َذا َخَر ْج ُت ُه َوَذا َرِئ ُ‬
‫َف ِار َ‬
‫هؤلَ ِء ِإلَّ ِم َ ِ‬
‫يل َرِئ ُ‬
‫يس ُك ْم‪".‬‬ ‫يخائ ُ‬ ‫َعَلى ُ‬
‫من منظر المسيح سقط دانيال‪ .‬وأرسل له المسيح المالك جبرائيل يقويه ويعيد له هدوءه‪ .‬وهو بدأ بالوقوف‬
‫تدريجياً فهو بدأ يقف على يديه ورجليه أوالً‪ .‬وهللا قبل أن يعطي قوة لرجاله يكشف لهم ضعفهم "لنا هذا الكنز في‬
‫أوان خزفية" (‪2‬كو‪ )4‬فال ينتفخوا ‪ .‬ولذلك قال بني إسرائيل لموسى "ال يكلمنا هللا لئال نموت" فهم لم يحتملوا ‪.‬‬
‫ومرة ثانية يؤكد المالك أن هللا سمع لدانيال من اليوم األول لصيامه‪ .‬وفي (‪ )13‬رئيس مملكة فارس= هو‬
‫الشيطان الذي يعمل في مملكة فارس وألنها مملكة عظيمة فيبدو أن الشيطان الذي يعمل فيها شيطان َجبَّار‪.‬‬
‫وهو حاول أن ي َعطل خطط هللا لخالص شعبه فدبَّر مؤامرات وخطط ليعطل عمل الخالص‪ .‬ووقف جبرائيل‬
‫أمامه هذه الواحد وعشرين يوماً ثم جاء المالك ميخائيل لمساندته‪ .‬وهللا أراد بإعالن قوة الشيطان هذه أن نعلم‬
‫نحن عظمة الخالص الذي حصلنا عليه‪ ،‬إذ يقول لنا رب المجد "ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب‬
‫وكل قوة العدو" (لو‪ .)19 :10‬وبقى جبرائيل عند ملوك فارس ليرشدهم ويحبط مؤامرات الشياطين ضد شعب‬
‫هللا‪ .‬هذه هي معونة المالئكة لنا ولذلك نتشفع بهم‪ .‬ولنالحظ أن الرجل البس الكتان هو المسيح بينما أن الذى‬
‫كان يكلم دانيال هو المالك جبرائيل‪ .‬ومن لمس شفتى دانيال هو المسيح ألنه قال عنه كشبه بنى آدم ‪ ،‬وكان‬
‫دانيال هو الذى قال عنه سابقا "مثل إبن إنسان" (دا‪ . )13 : 7‬والدليل على ذلك آية (‪ )17‬وفيها دانيال يعبر‬
‫عن روعه من منظر المسيح وأنه حينما رآه لم يستطع أن يتكلم‪ .‬فهو يسأل المالك كيف يستطيع عبد سيدي‬
‫هذا أن يتكلم مع سيدي هذا= أي كيف تستطيع أيها المالك وأنت عبد سيدي هذا الواقف أمامي ومنظره يرعبني‬
‫أن تتكلم معه وال تخاف‪ .‬لكن السبب أن المالئكة بال خطية‪ .‬وما أنعش نفس دانيال تسمية المالك له بأنه‬
‫محبوب‪ .‬المالك هنا يحاول نزع الخوف كما تفعل األم مع طفلها‪ .‬بل هو قواه ليثبت (‪ .)18‬وهللا الذي َو َج َد في‬
‫قلب دانيال إهتماماً بشعبه ومستقبلهم أرسل له مع المالك رؤيا خاصة بالمستقبل إعالناً منه أنه قبل صلواته‬
‫وصومه‪ .‬فهو متألم اآلن بسبب من بقى في السبي وبذلك اشترك مع هللا في ألمه من أجل الشعب فأشركه هللا‬
‫معه في المستقبل‪ .‬وأظهر له المالك هؤالء الملوك الذين سيحاربون شعب هللا‪ ،‬وأيضا أظهر له أنه ومعه المالك‬
‫ميخائيل يدافعون عن شعب هللا‪ .‬رئيس اليونان = أي الشيطان الذي يعمل مع رئيس اليونان ليضطهد شعب‬
‫هللا‪ ،‬فالشيطان كما أسماه المسيح رئيس هذا العالم‪ .‬ولكن ال نخاف من هذا فمن معنا أقوى ممن علينا‪ .‬والمالئكة‬
‫يكلفها هللا بالحرب ضد سالطين الظلمة‪ .‬ونجد هنا وعد بأن ميخائيل رئيسكم يتمسك معي = هو يحارب مع‬
‫جبرائيل ضد الشيطان‪ .‬ولذلك ترسم األيقونات القبطية صورة المالك ميخائيل ومعه سيف والشيطان ساقطاً‬
‫مقهو اًر تحت قدميه‪ .‬هذا هو المالك ميخائيل نصير وشفيع الكنيسة وحاميها ضد أعدائها‪ .‬ولكن لماذا تنجح‬
‫خطط الشيطان إلى حين؟ هللا يستخدم الشيطان كعصا تأديب ضد أوالده إذا عصوا (‪1‬كو‪ )5 :5‬بل يستخدمهم‬
‫هللا في بعض األحيان ليصيبوا الجبابرة مثل بولس بشوكة في الجسد حتى ال يستكبروا (‪2‬كو‪.)7 :12‬‬
‫ويستخدمهم هللا كنار تأديب لتطهير أوالده من بعض خطاياهم (أيوب) فتجارب الشياطين تكون علينا كنار ولكن‬

‫‪104‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح العاشر)‬

‫هللا يسمح بها ليطهرنا‪ .‬وهللا يستخدمهم ليغربل الحنطة من التبن والعصافة‪ .‬فالنار تحرق العصافة وتنقي الذهب‪.‬‬
‫ويسمح هللا للشيطان أن يض ْل ملك شرير مثل أخاب ألنه يستحق هذا (‪1‬مل‪" . )23-20:22‬إذاً كل األشياء‬
‫تعمل معاً للخير للذين يحبون هللا"(رو‪ . )28 : 8‬وإن سمح هللا بأالم للجسد من جراء مؤامراتهم فلكي تخلص‬
‫الروح (‪1‬كو‪.)5: 5‬‬

‫ملحوظات على اإلصحاح‬


‫‪ )1‬فى آية ‪ 6‬من اإلصحاح رأى دانيال السيد المسيح فى أحد ظهوراته قبل التجسد وقال عنه وصوت كالمه‬
‫كو َن جسده أى الكنيسة من كل الشعوب واألمم واأللسنة ‪ ،‬وهذه‬
‫كصوت جمهور = فالمسيح بعد التجسد َّ‬
‫الكنيسة تسبحه من كل أنحاء العالم على الخالص الذى تممه لها ‪.‬‬
‫‪ )2‬فى آية ‪ 10‬وإذا بي ٍد لمستنى وكان هذا معونة من المالك جبرائيل لدانيال ليقف‪ .‬ولكن فى آية ‪ 16‬يقول‬
‫شفتى = وهذا كان عن المسيح‪ ،‬فدانيال هو من أطلق عليه مثل ابن إنسان‬ ‫َّ‬ ‫وهوذا كشبه بنى آدم لمس‬
‫(‪ . )13 : 7‬ولما لمسه أخذ قوة ليتكلم ‪ ،‬ووجه كالمه للمالك جبرائيل قائال كيف تستطيع أن تتكلم مع‬
‫سيدى هذا أى المسيح الذى ظهر فى هذه الرؤيا بمجد عظيم‪ .‬وفى آية (‪َ )18‬ف َع َاد َوَل َم َس ِني َك َمْن َ‬
‫ظ ِر‬
‫ان َوَق َّو ِاني = هنا هو المالك الذى لمس دانيال وليس المسيح ‪ ،‬ألن دانيال يقول عنه كمنظر إنسان‬ ‫ِإْن َس ٍ‬
‫‪ ،‬أما المسيح فيقول عنه إبن إنسان ‪ .‬وهنا المالك يأخذ شكل إنسان ولكنه لن يتجسد فيقال عنه إبن إنسان‬
‫‪.‬‬
‫‪ )3‬عرفنا أن المالك الذى يكلمه هو جبرائيل من (دا‪. )16 : 8‬‬
‫‪ )4‬الحظنا قوة الشيطان وكيف يدبر المؤامرات ويحرك الملوك والرؤساء إلضطهاد شعب هللا‪ .‬ولذلك يسميه‬
‫هنا رئيس فارس ورئيس اليونان فهو الذى يحرك الملوك إلضطهاد شعب هللا ‪ .‬والحظنا كيف يدبر هللا‬
‫مالئكة إلفساد مؤامراته لحماية شعبه فى كل مكان‪ .‬فكان المالك جبرائيل هو المكلف بهذا فى مملكة‬
‫فارس ‪ ،‬ومن قوة الشيطان = رئيس مملكة فارس ‪ ،‬كان أن المشاكل التى أثارها لشعب هللا فى فارس ‪،‬‬
‫أن عطلت المالك جبرائيل ‪ 21‬يوما من الذهاب لدانيال ‪ ،‬إلى أن أرسل هللا المالك ميخائيل ليساعده ‪،‬‬
‫فيتمكن من الذهاب لدانيال ‪ .‬ومن هذه القصة ندرك عظمة عمل المسيح مع كنيسته إذ " أعطانا السلطان‬
‫أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو " (لو‪. )19 : 10‬‬

‫‪105‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الحادي عشر‬

‫سبق هللا وأنبأ في اإلصحاحات (‪ )7 ، 2‬بالدول العظمى أو الممالك الكبيرة التي تؤثر في شعب هللا‪ .‬وكانت‬
‫بالترتيب بابل ثم مادي وفارس ثم اليونان ثم الرومان‪ .‬وركز اإلصحاح السابع على الرومان بالذات والهرطقة التي‬
‫تأتي بعدهم‪ .‬وفي اإلصحاح الثامن تركيز على الفرس والمملكة التي تأتي بعدهم وهي الدولة اليونانية ‪ ،‬التي يخرج‬
‫منها ملك مضطهد خبيث ماكر دموي يضطهد شعب هللا‪ .‬ونجد هنا في هذا اإلصحاح تركي اًز أكثر على كون أن‬
‫اليونان ستعقب مملكة الفرس‪ ،‬ويخرج منهم هذا المضطهد وهو أنطيوخس إبيفانيوس‪ .‬والقصة المذكورة هنا حدثت‬
‫تماماً وهللا قصد أن يخبر بهذه األحداث قبل حدوثها حتى يتوقع الشعب ظهور هذا المقاوم‪ .‬وقد تتكرر هذه‬
‫األحداث بصورة أو بأخرى قرب نهاية األيام‪ ،‬وتنتهي بظهور شخصية ماكرة دموية تضطهد شعب هللا‪ ،‬أال وهو‬
‫ضد المسيح واليهود سيقبلونه على أنه المسيح‪ .‬والمسيح قد سبق وحذرنا من أن نقبله "ال تصدقوا أن قال لكم أحد‬
‫هوذا المسيح هنا أو هناك" (مر‪ .)21:13‬وحتى نتأكد من أن هذا الشخص دجال ستسبق هذه األحداث ظهوره‪.‬‬
‫خصوصاً أن كلمات هذا اإلصحاح تشير لشخصية ضد المسيح هذا‪ .‬وكون أن هللا يخبر شعبه بنبوة ستحدث بعد‬
‫آالف السنين فهذا بال شك يقوي إيمانهم خالل هذه الضيقة المنتظرة‪ .‬ومن يعرف ما سوف يحدث من آالف السنين‬
‫فال شك أنه يستطيع أن يتصرف ويسيطر على األمور‪.‬‬

‫ُش ِد َد ُه َوأُ َق ِوَي ُه‪" .‬‬


‫وس اْل َم ِاد ِي َوَق ْف ُت أل َ‬ ‫ِ‬ ‫آية (‪«1" -:)1‬وأََنا ِفي َّ ِ‬
‫السَنة األُوَلى ل َد ِارُي َ‬ ‫َ‬
‫هنا المتكلم هو المالك جبرائيل‪ ،‬وهو يعلن كيف كان يحارب الشيطان رئيس فارس‪ ،‬فهو كان يشدد ملكها داريوس‬
‫ليطلق الشعب من أرض العبودية‪ .‬وهذه القصة تظهر عمل المالئكة وخدمتهم للبشر‪ .‬وغالباً كانت هناك مالئكة‬
‫تشجع داريوس حتى ينتصر على جيش بابل‪ .‬ونحن نصلي ألي حاكم حتى يكون هناك سالم للكنيسة‪ .‬إذاً المالئكة‬
‫تشدد الحكام لصالح شعب هللا‪( .‬وألم يتشدد دانيال نفسه بلمسة من المالك جبرائيل مرتين فى هذه الرؤيا ‪: 10‬‬
‫‪. )18 ، 10‬‬

‫ابع َي ْس َت ْغ ِني ِب ِغانى أ َْوَفَر ِم ْن‬


‫الر ُ‬
‫س‪َ ،‬و َّ‬ ‫ِ‬
‫ومو َن في َف ِار َ‬
‫وك أ َْي اضا َيُق ُ‬‫ق‪ُ .‬ه َوَذا َثالَ َث ُة ُمُل ٍ‬‫ُخ ِبُر َك ِباْل َح ِ‬
‫اآلن أ ْ‬
‫‪2‬‬
‫آية (‪َ " -:)2‬و َ‬
‫يع َعَلى َم ْمَل َك ِة اْلُيوَن ِ‬
‫ان‪".‬‬ ‫ِ‬
‫اه ُي َه ِي ُج اْل َجم َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َجميع ِه ْم‪َ ،‬و َح َس َب ُق َّوِته ِبغَن ُ‬
‫راجع المقدمة عن ملوك الفرس ‪ ،‬فالثالثة ملوك هم إما كورش ثم قمبيز ثم داريوس هستاسب أو يكون المقصود‬
‫هم من أتوا بعد كورش وهم قمبيز ثم المحتال سمردس ثم داريوس هستاسب‪ .‬وأما الرابع فهو زركسيس األول أغناهم‬
‫ثروة والفرس أطلقوا على كورش لقب األب وعلى قمبيز لقب المعلم وعلى داريوس لقب المؤسس والحامي‪ .‬أما‬
‫الرابع وهو زركسيس فقد أثار اليونان بهجومه عليها وكانت حملته ضد اليونان شهيرة في التاريخ‪ ،‬وأيضاً هزيمته‬

‫‪106‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫النكراء هناك والحظ قول الكتاب ي َهيج وليس يهزم‪ .‬وهو حين خرج ليحارب اليونان بجيشه الضخم كان مصدر قلق‬
‫ورعب لهم وفي رجوعه كان هزءاً وسخرية لليونان‪ .‬وأسقط الكتاب بقية ملوك الفرس لينتقل لملوك اليونان‪.‬‬

‫يما َوَي ْف َع ُل َح َس َب ِإَرَاد ِت ِه‪" .‬‬ ‫ط َتسُّل ا ِ‬


‫طا َعظ ا‬
‫َّ‬ ‫آية (‪3" -:)3‬ويُق ِ‬
‫وم َمل ٌك َجَّب ٌار َوَي َت َسل ُ َ‬
‫ََ ُ‬
‫ط كيفما يريد‪.‬‬ ‫هذه تشير لإلسكندر األكبر الذي عبدوه كإله َّ‬
‫وتسل َ‬

‫ط ِان ِه َّال ِذي َت َسَّل َ‬


‫ط‬ ‫اء األَْرَبعِ‪َ ،‬ولَ لِ َع ِق ِب ِه َولَ َح َس َب ُسْل َ‬
‫السم ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪ِ ِِ ِ 4‬‬
‫آية (‪َ " -:)4‬وَكقَيامه َتْن َكسُر َم ْمَل َك ُت ُه َوَتْنَقس ُم إَلى ِرَيا ِح َّ َ‬
‫آلخ ِرين َغي ِر أ ِ‬
‫ُولئ َك‪" .‬‬ ‫ض َوَت ُكو ُن َ َ ْ‬ ‫ِب ِه‪ ،‬أل َّ‬
‫َن َم ْمَل َك َت ُه َتْنَق ِر ُ‬
‫مات اإلسكندر شاباً ولم يكن له من يخلفه على عرشه فأخوه أريديوس (وهو ليس من أمه) الذي تركه في اليونان‬
‫قتلته أم اإلسكندر أوليمباس بل سممت إبنا اإلسكندر هيركوليس وإلكسندر لتحكم هي‪ .‬ول لعقبه ول حسب سلطانه=‬
‫فحينما مات اإلسكندر لم يرثه عقبه‪ ،‬بل إنتهت عائلته بموته وقام عوضاً عنه قادته األربعة (ملوك اليونان وتركيا‬
‫وكقيامه تنكسر مملكته = أي كما قام وغ از‬ ‫وسوريا ومصر) ولكنهم لم يكونوا في قوته = ول حسب سلطانه‪.‬‬
‫العالم بسرعة سيموت فجأة شاباً وقصة اإلسكندر ونهايته ونهاية أسرته هي شاهد على بطالن هذه الدنيا "هو امتلك‬
‫الدنيا وخسر نفسه"‪.‬‬

‫ممالك الجنوب والشمال‪:‬‬


‫كانت أقوى مملكتين من األربع ممالك هما مملكة مصر وتسمى مملكة الجنوب ومملكة سوريا وتسمى مملكة‬
‫الشمال‪ .‬وهذين المملكتين ظال في صراع منذ نشأتهما ودار هذا الصراع حول إسرائيل وأورشليم‪ .‬ولذلك يخبر هللا‬
‫مسبقاً بما سيصنعه هؤالء بشعبه‪ .‬ومن شدة وضوح النبوات وتطابقها مع ما حدث فعالً ظن نقاد الكتاب المقدس‬
‫أن كاتب سفر دانيال ليس هو دانيال إنما كاتب آخر من العصر اليوناني‪ .‬هؤالء ال يصدقون إمكانية أن ينبئ أحد‬
‫األنبياء بالمستقبل‪ ،‬بل هم يريدون األنبياء مجرد مؤرخين ألحداث وقعت فعالً‪ .‬ولكن الحظ قول الرب في‬
‫إش‪ 23-21:41‬فاهلل هنا يقول أنه ليس غيره من يستطيع أن يخبر بالمستقبل‪ ،‬وهو يفعل هذا قطعاً عن طريق‬
‫أنبيائه‪ ،‬وذلك ليزداد إيماننا ونتشدد حين يتم ما سبق وأخبرنا به (يو‪ . )29:14‬ومملكة الجنوب كانت تسمى مملكة‬
‫البطالمة نسبة لمؤسسها بطلميوس ‪ .‬ومملكة الشمال كانت تسمى مملكة السلوكيين نسبة لمؤسسها سلوكس‪ .‬ولكن‬
‫إن كانوا حسب تصورهم أن كاتب سفر دانيال ما هو إال مؤرخ ألحداث حدثت فعال‪ ،‬فما تفسيرهم لنبواته عن نهاية‬
‫العالم؟! بل أن هذه األحداث ستتكرر مرة أخرى‪ ،‬وحين تتكرر ماذا سوف يقول هؤالء الدارسون حين يرون أن‬
‫دانيال قد تنبأ عن أحداث ستحدث بعد أالف السنين وحتى نهاية األيام‪ .‬وهللا أعطى لدانيال هذه النبوات ليعطيها‬
‫يم َما أ ََنا َفاعله" (تك‪.)17:18‬‬
‫ٱلرب‪َ « :‬ه ْل أ ْخفي َع ْن إ ْب َراه َ‬
‫ال َّ‬
‫لشعبه فاهلل يحب أن يطلع شعبه على ما يعمله "َفَق َ‬
‫هذه األحداث المذكورة الخاصة بالصراعات بين مملكة الشمال (سوريا وتسمى مملكة السلوكيين) ومملكة الجنوب‬
‫(مصر وتسمى مملكة البطالمة)‪ ،‬هذه األحداث ستتكرر مرة أخرى في نهاية األيام وتنتهى بحرب جوج وماجوج‬

‫‪107‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫وبها تكون النهاية ويأتي المسيح للدينونة‪ .‬ولكن قبل حرب النهاية جوج وماجوج (حزقيال‪ )39،38‬ستكون هناك‬
‫حرباً كبرى (رؤ‪ ،)9‬قيل عنها في سفر الرؤيا أن عدد الجنود المشتركين في الحرب ‪200‬مليون وقتلى هذه الحرب‬
‫سيكونوا ‪( 1/3‬ثلث) سكان العالم‪ .‬فبعد هذه الحرب المرعبة لن يمكننا تصور أين ستكون مملكة الشمال وأين‬
‫ستكون مملكة الجنوب‪ .‬وكما نرى أنه في نهاية حروب مملكة الشمال ومملكة الجنوب قديماً ظهر الملك أنطيوخس‬
‫إبيفانيوس (دا‪ + 23:8‬دا‪ )45-21 :11‬هكذا ستتكرر هذه األحداث ويظهر في نهاية حروب الشمال والجنوب‬
‫في نهاية األيام ضد المسيح هذا‪ ،‬وبنهايته ينتهى العالم كما رأينا في (دا‪.)11-8 :7‬‬
‫ولكن حين تحدث هذه الحروب (الحرب الكبرى رؤ‪ 9‬وحرب مملكة الشمال والجنوب وحرب جوج وماجوج) سنرى‬
‫أن هللا قد أخبرنا بما سوف يحدث وبدقة شديدة‪ .‬وهذا سوف يعطى شعب هللا سالما وإطمئنانا فإن من يعرف ما‬
‫ٱآل َن‬
‫سيحدث قبل أن يحدث بأالف السنين‪ ،‬هو قادر أن يحفظ أوالده‪ ،‬وهذا ما قاله الرب يسوع لتالميذه "قْلت َلكم ْ‬
‫َن َيكو َن‪َ ،‬حتَّى َمتَى َك َ‬
‫ان ت ْؤمنو َن" (يو‪.)29:14‬‬ ‫َقْب َل أ ْ‬

‫وفيما يلي جدول بملوك المملكتين‪.‬‬


‫بطلميوس الجوس من سنة ‪ 323‬ق‪.‬م‬ ‫سلوكس نيكاتور (الغالب) من سنة ‪ 310‬ق‪.‬م‬
‫بطلميوس فيالدلفوس من سنة ‪284‬‬ ‫أنطيوخس سوتير (المنقذ) من سنة ‪280‬‬
‫بطلميوس إيروجيتس من سنة ‪246‬‬ ‫أنطيوخس ثيوس (اإلله) من سنة ‪260‬‬
‫بطلميوس فيلوباتر من سنة ‪221‬‬ ‫سلوكس كاللينيكوس (الطبيب) من سنة ‪245‬‬
‫بطلميوس أبيفانيوس من سنة ‪204‬‬ ‫سلوكس كيرونوس من سنة ‪225‬‬
‫بطلميوس فيلوميتر من سنة ‪180‬‬ ‫أنطيوخس الكبير من سنة ‪223‬‬
‫سلوكس فيلوباتير من سنة ‪186‬‬
‫هليودوروس‪ -‬بطلميوس السادس‬
‫وديمتريوس‪ .‬وهؤالء قاومهم أنطيوخس‬
‫إبيفانيوس وخلفهم بالمكر‬
‫أنطيوخس إبيفانيوس من سنة ‪175‬‬
‫ملوك مصر (الجنوب)‬ ‫ملوك سوريا (الشمال)‬

‫واآليات التالية تشير للحروب التي قامت بين هاتين العائلتين‪ .‬وتسميتها بالشمال والجنوب فهذا قطعاً بالنسبة‬
‫ألرض إسرائيل حيث يوجد شعب هللا‪ .‬ولذلك لم نسمع عن أخبار مملكة اليونان وال تراقيا بعد ذلك‪ .‬فالمالك يعلن‬
‫لدانيال أنه سيريه ويفهمه ما يصيب شعبه‪ .‬إذاً النبوات مركزة على ما يصيب شعب هللا‪.‬‬

‫يم َت َسُّل ُ‬ ‫ط‪َ .‬تسُّل ٌ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫آية (‪َ " -:)5‬وَي َتَق َّوى َمل ُك اْل َجُنوب‪َ .‬و ِم ْن ُرَؤ َسائه َم ْن َي ْق َوى َعَل ْيه َوَي َت َسل ُ َ‬
‫‪5‬‬
‫ط ُه‪" .‬‬ ‫ط َعظ ٌ‬

‫‪108‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫وب = ملك الجنوب هو بطلميوس الجوس‪ .‬بعد موت اإلسكندر تقوى هذا الملك وإمتلك مصر‬ ‫َوَي َتَق َّوى ملِ ُك اْل َجُن ِ‬
‫َ‬
‫وسوريا سنة‪ 323‬ق‪.‬م‪ .‬وقوله ومن رؤسائه من يقوى عليه تشير ألن سلوكس نيكاتور كان خاضعاً أوالً لبطلميوس‬
‫الجوس‪ .‬ثم تقوى سلوكس على بطلميوس واستولى على أعظم مملكة بين األربع ممالك وهي مملكة سوريا والتي‬
‫امتدت من شاطئ البحر المتوسط حتى حدود الهند‪ .‬وقيل أنه كان يتبع سلوكس هذا ‪ 72‬ملكاً وهذا يتضح من‬
‫الجدول السابق فسلوكس نيكاتور بدأ ملكه مستقالً سنة ‪ 310‬ق‪.‬م أي بعد تأسيس كرسي البطالمة بـ‪ 13‬سنة‬
‫وسلوكس هذا سمى بالغالب أو الفاتح لكثرة فتوحاته‪ ،‬مما قواه ضد بطلميوس وكانت هناك أحقاد بسبب هذا بين‬
‫العائلتين‪.‬‬

‫اق‪ ،‬و ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وب َتأ ِْتي ِإَلى ملِ ِك ِ‬ ‫ان‪َ ،‬وبِْن ُت ملِ ِك اْل َجُن ِ‬ ‫ِ‬
‫لك ْن لَ َت ْض ِب ُ‬ ‫ال ِإل ْجَراء الت َف ِ َ‬ ‫الشم ِ‬ ‫اه َد ِ‬ ‫آية (‪َ " -:)6‬وَب ْع َد ِسن َ‬
‫‪6‬‬
‫ط‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ين َي َت َع َ‬
‫اع ُق َّواة‪ ،‬ولَ يُقوم هو ولَ ِذراعه‪ .‬وُتسَّلم ِهي و َّال ِذين أ ََتوا ِبها و َّال ِذي وَل َدها وم ْن َق َّواها ِفي ِتْلك األَوَق ِ‬
‫ات‪" .‬‬ ‫ِ‬
‫الذَر ُ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ََ‬ ‫َ َ ُ َُ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ َ َ ْ َ َ‬
‫كانت هناك محاوالت لدمج وتوحيد المملكتين ولكنها كانت غير مثمرة‪ .‬وبعد وفاة اإلسكندر بحوالي ‪70‬سنة كانت‬
‫هناك محاولة غير مخلصة لربط المملكتين وكان ذلك بأن َزَّو َج بطلميوس فيالدلفوس ملك مصر إبنته برنيكي‬
‫ألنطيوخس ثيوس ملك سوريا‪ ،‬الذي كان له زوجة تدعى الوديس‪ .‬فبنت ملك الجنوب برنيكي هذه تأتي لملك‬
‫الشمال إلجراء التفاق = أي الوحدة ولكن ل تضبط الذراع قوة = أي لن تملك هي وال ذريتها على كرسي الشمال‪،‬‬
‫بل وال أبوها وال أنطيوخس زوجها نفسه (اللذين كان التحالف بينهما) وستسلم هي والذين أتوا بها = أي كل من‬
‫خطط لهذا الزواج‪ .‬فقد تسبب هذا الزواج في مصائب كثيرة‪ ،‬فقد تولت الوديس الزوجة األولى تأليب أصدقائها‬
‫على الملك‪ ،‬مما اضطر أنطيوخس أن يطلق برنيكي ويرد زوجته الوديس األولى‪ .‬إال أنها قتلته بالسم ثم دبرت‬
‫قتل برنيكي وولدها‪ ،‬وملكت إبنها باسم سلوكس كاللينيكوس‪.‬‬

‫الشم ِ‬‫ش وي ْد ُخل ِحص َن ملِ ِك ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وم ِم ْن َفْر ِع أ ُ ِ‬


‫ُصول َها َقائ ٌم َم َكاَن ُه‪َ ،‬وَيأْتي إَلى اْل َج ْي ِ َ َ ُ ْ َ‬
‫‪7‬‬
‫ال َوَي ْع َم ُل‬ ‫َ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)9-7‬وَيُق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫آني ِت ِهمِ َّ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِب ِهم وي ْقوى‪8 .‬ويس ِبي ِإَلى ِمصر آلِه َتهم أَي اضا مع مسب َ ِ‬
‫ين‬‫الثميَنة م ْن ف َّض ٍة َوَذ َه ٍب ‪َ ،‬وَي ْق َتصُر ِسن َ‬ ‫وكات ِه ْم َو َ‬ ‫ََ َُْ‬ ‫ْ َ َ ُْ ْ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ْ ََ َ‬
‫وب ِإَلى َم ْمَل َك ِت ِه َوَيْرِج ُع ِإَلى أَْر ِض ِه‪".‬‬
‫ال‪َ .‬فَي ْد ُخل ملِ ُك اْل َجُن ِ‬
‫ُ َ‬
‫‪9‬‬
‫َ‬
‫ع ْن ملِ ِك ِ‬
‫الشم ِ‬
‫َ َ‬
‫ويقوم من فرع أصولها= الفرع هو بطلميوس إيروجيتس فهو ابن بطلميوس فيالدلفوس أي شقيق برنيكي وهذا جمع‬
‫جيشاً ضخماً وجاء على سلوكس كاللينيكوس لينتقم ألخته برنيكي‪ ،‬وقتل الوديس فعالً ‪ .‬وفي دخوله ألراضي‬
‫حل‪ .‬ونجح في حربه ضد سلوكس وكان له غنيمة كبيرة من الرجال‬
‫سلوكس ومن بينها يهوذا نشر الخراب أينما َّ‬
‫والمقتنيات = ويسبى إلى مصر آلهتهم‪ ..‬وهو سمع بأخبار فتنة في مصر فإضطر للعودة ليحفظ السالم فيها =‬
‫يدخل ملك الجنوب إلى مملكته‪ .‬ويبدو أنه إلنشغاله بالسالم في مصر لم يتحمل البقاء خارجها كثي اًر فأقتصر‬
‫سنين عن ملك الشمال‪ .‬وقد مات كاللينيكوس هذا بعد ذلك لسقوطه عن جواده‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫يمةٍ‪َ ،‬وَيأ ِْتي ٍ‬


‫آت َوَي ْغ ُمُر َوَي ْط ُمو َوَيْرِج ُع َوُي َح ِار ُب‬ ‫اآلية (‪«10" -:)10‬وبُنوه ي َتهَّيجو َن َفيجمعو َن جمهور جي ٍ ِ‬
‫وش َعظ َ‬ ‫ُ ْ ُ َ ُُ‬ ‫َ َُْ‬ ‫ََ ُ َ َ ُ‬
‫َح َّتى ِإَلى ِح ْص ِن ِه‪" .‬‬
‫كان إبنا كاللينيكوس هما سلوكس كيرونوس وأنطيوخس‪ .‬وهذين تهيجوا بسبب هزيمة أبيهم وما سلبه منهم البطالمة‪،‬‬
‫فجمعوا جيوشاً ضخمة على مصر ليستردوا ما فقده أبوهم‪ .‬ولكن سلوكس االبن األكبر كان ضعيفاً وغير قادر أن‬
‫يحكم جيشه ومات مقتوالً بالسم بيد أصدقائه وحكم سنتين فقط فأتي بعده أخوه أنطيوخس الذي حكم ‪37‬سنة وتسمى‬
‫باسم أنطيوخس الكبير‪ .‬والحظ إعجاز الوحي‪ ،‬فالمالك يبدأ حديثه بقوله وبنوه يتهيجون فيجمعون‪ ..‬فهم اآلن‬
‫اثنين‪ ..‬ثم ينهي كالمه بقوله ويغمر ويطمو‪ ..‬فقد مات أحدهم وترك اآلخر بمفرده وأنطيوخس جاء إلى مصر‬
‫بجيش كبير‪.‬‬

‫ال‪ ،‬وي ِقيم جمه ا ِ‬ ‫وب وي ْخرج ويح ِارب ُه أ ِ ِ‬ ‫آية (‪11" -:)11‬وي ْغ َتا ُ ِ‬
‫يما َفُي َسَّل ُم اْل ُج ْم ُه ُ‬
‫ور‬ ‫َي َمل َك الش َم ِ َ ُ ُ ُ ْ ُ ا‬
‫ور َعظ ا‬
‫ِ‬
‫ظ َمل ُك اْل َجُن َ َ ُ ُ َ ُ َ ُ ْ‬ ‫ََ‬
‫ِفي َي ِد ِه‪" .‬‬
‫ولكن ملك الجنوب كان له نجاح عظيم على أنطيوخس ‪ ،‬فأنطيوخس أثار بطلميوس فيلوباتر بأفعاله‪ ،‬فإغتاظ منه‬
‫وحاربه فأتي أنطيوخس بجيش كبير = ويقيم جمهو ار عظيم ا‪ .‬لكن فيلوباتير أكتسح جيش أنطيوخس وهزمه =‬
‫فيسلم الجمهور في يده = أي في يد فيلوباتر‪.‬‬

‫ِ‬
‫ات َولَ َي ْع َت ُّز‪" .‬‬ ‫آية (‪َ " -:)12‬فِإ َذا ُرِف َع اْل ُج ْم ُه ُ‬
‫ور َي ِرْتف ُع َقْلُب ُه َوَي ْطَر ُ‬
‫‪12‬‬
‫ح َرَب َو ٍ‬
‫نتيجة انتصار فيلوباتر ارتفع قلبه = أي دخله الكبرياء‬
‫الجمهور= رف َع مترجمة ‪ TAKEN AWAY‬أي يزيل‪ .‬والجمهور هو جيش أنطيوخس المعادي‪ .‬وفيلوباتر‬ ‫ُرِف َع‬
‫كان أحمق ال يقلع عن ملذاته وحماقاته‪ .‬وبعد انتصاره زاد إنغماسه في الحماقات واإلباحية‪ ،‬ويقول عنه‬ ‫هذا‬
‫المؤرخون أنه بعد انتصاره هذا دخل هيكل هللا في أورشليم‪ ،‬بل دخل إلى قدس األقداس مخالفاً الناموس وهذا‬
‫أغضب هللا عليه‪ ،‬فبالرغم من انتصاره = طرحه ربوات أي كان القتلي بعشرات األلوف من جيش أنطيوخس‪ ،‬إال‬
‫أنه ل يعتز = أي ال يتقوى فهو تحدى هللا‪ ،‬وهللا سحب منه القوة لذلك‪ .‬وتسمى المعركة التي انتصر فيها فيلوباتير‬
‫على غريمه أنطيوخس معركة رافيا قرب حدود مصر سنة ‪ 217‬ق‪.‬م وبعد هذا حدثت حركة عصيان في سوريا‬
‫ضد فيلوباتير هذا فاضطر أن يعقد صلحاً مهيناً مع أنطيوخس‪ ،‬وهذا مما يؤكد قول هللا = ل يعتز = فهو لم يقوى‬
‫على مواصلة انتصاراته أو استثمارها‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ور أَ ْك َثَر ِم َن األ ََّو ِل‪َ ،‬وَيأ ِْتي َب ْع َد ِح ٍ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬


‫ين‪َ ،‬ب ْع َد ِسن َ‬
‫ين ِب َج ْي ٍ‬
‫‪13‬‬
‫ش‬ ‫يم ُج ْم ُه اا‬
‫جع َمل ُك الش َمال َوُيق ُ‬
‫اآليات (‪َ " -:)14-13‬فَيْر ُ‬
‫اة ِم ْن َشع ِبك يُقومو َن ِإل ْثب ِ‬ ‫وب‪ ،‬وبُنو اْلع َت ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ات يُق ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ ِ 14‬‬ ‫ِ‬
‫ات‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫وم َكث ُيرو َن َعَلى َملك اْل َجُن ِ َ َ‬ ‫يم َوَثْرَوٍة َج ِزيَلةٍ‪َ .‬وفي تْل َك األ َْوَق َ ُ‬
‫َعظ ٍ‬
‫الرْؤَيا َوَي ْعثُُرو َن‪" .‬‬
‫ُّ‬

‫‪110‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫صار هناك اآلن أعداء كثيرين لمصر = يقوم كثيرون = ملك الجنوب اآلن هو ابن فيلوباتير واسمه بطلميوس‬
‫إبيفانيوس وهذا كان قاص اًر صغير السن جداً‪ .‬فانتهز انطيوخس هذه الفرصة وتحالف مع فيليب المقدوني‪ .‬بل‬
‫سعى لضم اليهود كما في آية (‪ .)14‬فلم يوافقه اليهود األمناء ولكن وافقه اليهود العتاة أي الذين يحاولون كسب‬
‫رضاء أنطيوخس ليحصلوا على أمجاد عالمية‪ .‬وبذلك قام الكثيرون ضد هذا الملك الصغير السن‪.‬‬

‫ال وي ِقيم ِم ْترس اة وي ْأ ُخ ُذ اْلم ِديَن َة اْلح ِصيَنةَ‪َ ،‬فالَ َتُقوم أَم ِ‬ ‫‪ِ ِ ِ 15‬‬
‫وب‬‫اعا اْل َجُن ِ‬
‫ام ُه ذَر َ‬‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)20-15‬فَيأْتي َمل ُك الش َم ِ َ ُ ُ َ َ َ َ‬
‫وم ِفي‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ‪ِ 16‬‬
‫ام ُه‪َ ،‬وَيُق ُ‬ ‫َم َ‬
‫ف أَ‬ ‫س َم ْن َي ِق ُ‬ ‫ِ‬
‫َولَ َق ْو ُم ُه اْل ُمْن َت َخ ُب‪َ ،‬ولَ َت ُكو ُن َل ُه ُق َّوةٌ لْل ُمَق َاو َمة‪َ .‬واآلتي َعَل ْيه َي ْف َع ُل َكِإَرَادته َوَل ْي َ‬
‫ان ُك ِل ممَل َك ِت ِه‪ ،‬ويجعل معه صْلحا‪ ،‬ويع ِط ِ‬
‫يه ِبْن َت‬ ‫طِ‬ ‫‪17‬‬
‫ض اْلَب ِهَّي ِة َو ِهي ِب َّ‬
‫الت َمامِ ِبَي ِد ِه‪َ .‬وَي ْج َع ُل َو ْج َه ُه لَِي ْد ُخ َل ِب ُسْل َ‬ ‫األ َْر ِ‬
‫ََ ْ َ ُ َ َ ُ ُ ا َُ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫اء ِلي ْف ِس َد َها‪َ ،‬فالَ َت ْثب َت ولَ َت ُكو َن َل ُه‪18 .‬ويح ِول وجه ُه ِإَلى اْلج َزِائ ِر وي ْأ ُخ ُذ َك ِث ا ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫يس َت ْعِي َيرُه َف ْضالا‬‫يل َرِئ ٌ‬ ‫ير مْن َها‪َ ،‬وُي ِز ُ‬ ‫ا‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُ َ ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫الن َس ُ‬
‫صو ِن أَْر ِض ِه َوَي ْع ُثُر َوَي ْسُق ُ‬
‫ِ ‪19‬‬
‫وم َم َكاَن ُه َم ْن ُي َع ِبُر َجا ِبي‬ ‫‪20‬‬
‫وج ُد‪َ « .‬فَيُق ُ‬ ‫ط َولَ ُي َ‬ ‫يرِه َعَل ْيه‪َ .‬وُي َح ِو ُل َو ْج َه ُه ِإَلى ُح ُ‬ ‫َع ْن َرِد َت ْعِي ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ام َقلِيَل ٍة َيْن َك ِسُر لَ ِب َغ َض ٍب َولَ ِب َحْرٍب‪" .‬‬ ‫اْل ِج ْزَية ِفي َف ْخ ِر اْل َم ْمَل َكة‪َ ،‬وِفي أََّي ٍ‬
‫اليهود بنو العتاة= هؤالء كانوا يعرفون النبوة وأن أنطيوخس سينجح ضد ملك مصر‪ .‬فهم قاموا وساندوه ليحصلوا‬
‫على امتيازات لليهود بعد إنتصار أنطيوخس بمساعدتهم ولكن يعثرون = فلم يعطهم أنطيوخس الحرية أبداً بل قيل‬
‫ويقوم في األرض البهية وهي بالتمام في يده (‪ = )16‬أي سلطانه كامل عليها وهذا الجيش العظيم حمل على‬
‫الحامية المصرية المتبقية في أورشليم فهزموها‪ .‬وفي موقعة بانياس هزم قائدها اسكوبياس وفر إلى صيدا الحصينة‬
‫ولكنه قتل هناك‪ .‬وكذلك أبيدت الجيوش المصرية المرسلة للنجدة‪ .‬وأصبح أنطيوخس هو السيد المطلق هناك في‬
‫كل مكان‪ ،‬وعقب عودته من الحروب المصرية دخل األرض البهية أي فلسطين‪ .‬وفي (‪ )17‬حتى يضمن أنطيوخس‬
‫أن يخضع له بطلميوس إبيفانيس أعطاه إبنته كليوبات ار زوجة له (هذه غير كليوبات ار الملكة المصرية المشهورة)‬
‫وقد أوصاها أبوها أنطيوخس أن تعمل لمصلحته بعد زواجها = ليفسدها = أي هو عمل هذا بنية شريرة ليفسد‬
‫مصر وعرشها ويفسد المخطط الذي قاله بفمه عن الوحدة والتصالح‪ ،‬فنية قلبه كانت غير هذا‪ ،‬فهو كان يتكلم‬
‫بفمه عن الوحدة ولكنه يعطي إبنته لبطلميوس كشرك لتؤذيه‪ .‬إال أنها وقفت بجانب زوجها ضد أبيها = فال تثبت‬
‫ول تكون له = وبذلك فشلت خطته‪َّ .‬‬
‫فحول وجهه نحو اليونان لتوسيع أراضيه وتمت له السيطرة على جزر بحر‬
‫إيجة أوالً‪ .‬ثم عبر بجيوشه إلى اليونان إال أن نجم روما كان قد ظهر في األفق‪ ،‬وعقد اليونانيين حلفاً دفاعياً‬
‫وهجومياً مع الرومان‪ .‬وأتي لوكيوس أسكيبيو مفوضاً من مجلس الشيوخ الروماني وكسر أنطيوخس وفرض عليه‬
‫شروطاً مهينة جداً‪ .‬ثم َّ‬
‫رده على أعقابه إلى بلده ويحول وجهه إلى الجزائر = تشير لمحاولة أنطيوخس غزو‬
‫اليونان‪ .‬والحظ أن اليهود كانوا يسمون المناطق عبر البحر بالجزائر فهم ال خبرة لهم في الشئون البحرية‪ .‬ويزيل‬
‫رئيس تعييره= هذا الرئيس هو لوكيوس أسكيبيو الروماني‪ ،‬الذي بانتصاره على أنطيوخس أزال التعيير الذي وقع‬
‫على اليونان‪ ،‬بل وعلى الرومان‪ ،‬إذ أن أنطيوخس خالل غزوته هزم بعض الجيوش الرومانية في اليونان وسخر‬
‫وعيرهم‪ ،‬بل رده إلى أرضه = يحول وجهه إلى حصون أرضه‪ .‬فضالا عن رد تعييره عليه تحولت المهانة‬
‫منهم َّ‬
‫إلى أنطيوخس وعاد بشروط صعبة غير عالم كيف يدفع الجزية المقررة عليه للرومان‪ .‬وفي يأسه دخل هيكل‬

‫‪111‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫جوبيتر ليسلبه‪ ،‬فثار عليه الشعب بل وجنوده أيضاً‪ .‬وقتله الشعب الثائر ألن فعلته هذه كانت تعتبر عندهم إنتهاكاً‬
‫لحرمة مكان مقدس بطريقة ال تغتفر‪ .‬ونتيجة للحالة المزرية التي ترك بالده عليها‪ ،‬جاء إبنه سلوكس فيلوباتر وأخذ‬
‫في جمع الجزية فسمى جابي الجزية‪ .‬ألنه أوقع على شعبه جزية كبيرة‪ .‬ولما قالوا له " أنت بهذا تخسر أصدقائك‬
‫" قال لهم " أنا ال أعرف صديقاً لي سوى المال" ومن أعماله أنه حاول سرقة هيكل الرب في أورشليم فأرسل القائد‬
‫هليودوروس لنهبه وهذا بعد عودته بالغنيمة إغتال سيده بمكر= وفي أيام قليلة ينكسر ل بغضب ول بحرب = بل‬
‫في إغتيال‪ ،‬وكان هذا لسرقته هيكل الرب الذي في أورشليم = فخر المملكة = وملك هليودوروس هذا لمدة ‪12‬سنة‪.‬‬

‫أنطيوخس إبيفانيوس‬
‫ات‪.‬‬ ‫اآليات (‪َ 21" -:)35-21‬فيُقوم م َكاَنه مح َتَقر َلم يجعُلوا عَلي ِه َف ْخر اْلممَل َك ِة‪ ،‬ويأ ِْتي ب ْغ َت اة ويم ِسك اْلممَل َك َة ِبا َّلتمُّلَق ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ َُ ْ ُ َ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ُ َ ُ ُْ ٌ ْ َ َْ َ ْ‬
‫اه َد ِة َم َع ُه َي ْع َم ُل ِباْل َم ْك ِر َوَي ْص َعُد‬ ‫ِ ‪23‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ف ُتجر ُ ِ‬ ‫ع اْلج ِار ِ‬
‫يس اْل َع ْهد‪َ .‬و ِم َن اْل ُم َع َ‬ ‫ف م ْن ُقدَّامه َوَتْن َكسُر‪َ ،‬وَكذل َك َرِئ ُ‬ ‫َوأَ ْذُر ُ َ‬
‫‪22‬‬
‫َْ‬
‫آب ِائ ِه‪َ .‬ي ْب ُذُر َب ْيَن ُه ْم َن ْهابا‬
‫اء َ‬ ‫آب ُ‬ ‫اؤُه َولَ َ‬ ‫آب ُ‬ ‫ِ‬ ‫‪24‬‬ ‫ِ‬
‫َوَي ْعظُ ُم ِبَق ْو ٍم َقليل‪َ .‬ي ْد ُخ ُل َب ْغ َت اة َعَلى أ ْ‬
‫َس َم ِن اْل ِبالَد َوَي ْف َع ُل َما َل ْم َي ْف َعْل ُه َ‬
‫وب ِب َجْي ٍ‬ ‫ض ُق َّوَت ُه َوَقْلَب ُه َعَلى ملِ ِك اْل َجُن ِ‬ ‫صو ِن‪َ ،‬وذلِ َك ِإَلى ِح ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‪َ .‬وُيْن ِه ُ‬ ‫يم اة َو ِغانى‪َ ،‬وُي َفكُر أَ ْف َك َارُه َعَلى اْل ُح ُ‬
‫‪25‬‬
‫ش‬ ‫َ‬ ‫َو َغن َ‬
‫لكَّن ُه لَ َي ْثُب ُت أل ََّن ُه ْم ُي َد ِبُرو َن َعَل ْي ِه َت َدا ِب َير‪.‬‬
‫ِي ِجدًّا‪ ،‬و ِ‬
‫َ‬ ‫يم َوَقو ٍ‬ ‫وب ي َتهَّيج ِإَلى اْلحر ِب ِبجي ٍ ِ‬
‫ش َعظ ٍ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬ ‫يم‪َ ،‬و َمل ُك اْل َجُن ِ َ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫َعظ ٍ‬
‫ِ‬
‫ان َقْلُب ُه َما لِ ِف ْع ِل َّ‬
‫الش ِر‪َ ،‬وَي َت َكَّل َم ِ‬
‫ان‬ ‫طاِيَبهُ َي ْك ِسُروَنهُ‪َ ،‬و َج ْي ُشهُ َي ْط ُمو‪َ ،‬وَي ْسُقطُ َك ِث ُيرو َن َق ْتَلى‪َ 27 .‬وه َذ ِ‬
‫ان اْل َملِ َك ِ‬ ‫‪26‬و ِ‬
‫اآلكُلو َن أَ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫جع ِإَلى أَْر ِضه ِب ِغانى َج ِزيل َوَقْلُب ُه َعَلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِباْل َكذ ِب عَلى مائ َد ٍة و ِ‬ ‫ِ‬
‫اء َب ْع ُد ِإَلى م َ‬ ‫اح َد ٍة َولَ َيْن َج ُح‪ ،‬أل َّ‬
‫‪28‬‬
‫يعادٍ‪َ .‬فَيْر ُ‬ ‫َن ال ْنت َه َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫جع ِإَلى أَْر ِض ِه‪.‬‬‫س‪َ ،‬فَي ْع َم ُل َوَيْر ُ‬ ‫اْل َع ْه ِد اْل ُمَقَّد ِ‬
‫ِ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ِ ‪ِ 30‬‬ ‫ِ‬
‫وب‪َ ،‬ولك ْن لَ َي ُكو ُن اآلخُر َكاأل ََّول‪َ .‬ف َتأْتي َعَل ْيه ُس ُف ٌن م ْن كت َ‬
‫ِ‬ ‫يع ِاد َي ُع ُ‬ ‫ِ‬
‫«وِفي اْلم َ‬
‫‪29‬‬
‫س‬ ‫يم َفَيْيَئ ُ‬ ‫ود َوَي ْد ُخ ُل اْل َجُن َ‬ ‫َ‬
‫وم ِمْن ُه أَ ْذُر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ظ َعَلى اْل َع ْه ِد اْل ُمَقَّد ِ‬
‫جع َوَي ْص َغى ِإَلى َّالذ َ‬
‫ين َتَرُكوا اْل َع ْه َد اْل ُمَقَّد َ‬
‫‪31‬‬
‫ع‬ ‫س‪َ .‬وَتُق ُ‬ ‫س‪َ ،‬وَي ْع َم ُل َوَيْر ُ‬ ‫جع َوَي ْغ َتا ُ‬ ‫َوَيْر ُ‬
‫س اْل ُم َخ ِر َب‪َ 32 .‬واْل ُم َت َعُّدو َن َعَلى اْل َع ْه ِد ُي ْغ ِو ِ‬
‫يه ْم‬ ‫ع اْلمحرَق َة الد ِ‬
‫َّائ َمةَ‪َ ،‬وَت ْج َع ُل ِ‬
‫الر ْج َ‬ ‫ين‪َ ،‬وَتْن ِز ُ ُ ْ َ‬
‫ِ‬
‫س اْل َحص َ‬
‫ِ‬
‫س اْل َم ْقد َ‬ ‫َوُتَن ِج ُ‬
‫ين‪َ .‬وَي ْعثُُرو َن‬ ‫الش ْع ِب ُي َعلِ ُمو َن َك ِث ِ‬
‫اه ُمو َن ِم َن َّ‬ ‫الشعب َّال ِذين يع ِرُفو َن ِإلههم َفي ْقوو َن ويعمُلو َن‪33 .‬واْل َف ِ‬ ‫التمُّلَق ِ‬ ‫ِ‬
‫ير َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ ْ ََ ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َما َّ ْ ُ‬ ‫ات‪ .‬أ َّ‬ ‫ب َّ َ‬
‫التمُّلَق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِالس ْب ِي َوب َّ ِ‬ ‫ف َوب َّ‬
‫ِالل ِه ِ‬ ‫السي ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫اما‪َ .‬فإ َذا َع َثُروا ُي َعاُنو َن َع ْوانا َقليالا‪َ ،‬وَي َّتص ُل ب ِه ْم َكثيُرو َن ب َّ َ‬
‫‪ِ 34‬‬
‫ِالن ْهب أََّي ا‬ ‫يب َوب َّ‬ ‫ِب َّ ْ‬
‫يع ِاد‪".‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ام ِت َحاانا َل ُه ْم لِ َّلت ْط ِه ِ‬ ‫ِِ‬
‫يض ِإَلى َوْقت الن َه َاية‪ .‬أل ََّنهُ َب ْع ُد ِإَلى اْلم َ‬ ‫ير َولِ َّلت ْبِي ِ‬ ‫ين َي ْعثُُرو َن ْ‬
‫‪35‬‬
‫ض اْل َفاهم َ‬ ‫َوَب ْع ُ‬
‫هذه النبوة بخصوص أنطيوخس إبيفانيوس آخر ملوك أسرة السلوكيين ومعنى كلمة أنطيوخس باليونانية "مقاوم"‬
‫لذلك فهو رمز لضد المسيح من ناحية اسمه ومن ناحية أعماله ويبدأ الكالم عنه هنا‪ .‬ويمكن تسميته بوحش األيام‬
‫األولى‪ ،‬وهو طلع من مملكة الشمال‪ .‬وهو شخص ماكر كذاب واشتهر بإختالق األكاذيب‪ .‬هو أطلق على نفسه‬
‫اسم إبيفانيوس أي البهي‪ .‬وأطلق اليهود عليه اسم إبيمانس أي المجنون‪ .‬ولقد احتقره الجميع = فيقوم مكانه محتقر‬
‫وهو كان يقطع العهود على نفسه ويخونها بسهولة جداً‪ .‬حدث هذا مع الشعب اليهودي ومع ملك مصر عدة مرات‪.‬‬
‫هذا هو القرن الصغير في (دا ‪ )9:8‬وكان عدواً لدوداً لشعب هللا‪ ،‬يضطهدهم بعنف‪ .‬وكثير من اآليات هنا عن‬
‫أنطيوخس هذا تشير لضد المسيح وحش األيام األخيرة‪ .‬ويمكن تطبيقها على كليهما‪ .‬وكما حدث في (إش‪)14‬‬
‫حين كان يتكلم عن ملك بابل وكما حدث في حزقيال (‪ )28‬حين كان يتكلم عن ملك صور‪ ،‬وكانت الكلمات في‬

‫‪112‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫كال اإلصحاحين تحتمل التطبيق على هؤالء الملوك أو الشيطان‪ ،‬لكن في كال اإلصحاحين نجد الوحي ينتقل‬
‫صراحة للكالم عن الشيطان (أنظر إش‪ + 12:14‬حز‪ )11:28‬هكذا هنا نجد الكالم قد إنتقل فجأة ابتداء من آية‬
‫(‪ )36‬ليتكلم صراحة عن ضد المسيح‪ .‬وكما تعودنا من األنبياء أنهم حين يتكلمون عن إزدهار الدولة اليهودية‬
‫يكون المقصود كنيسة المسيح‪ .‬هكذا حينما يتكلم األنبياء عن الضيقات التي تصيب شعب الرب يصلح تطبيقها‬
‫على الكنيسة‪ .‬وهنا نجد أن مملكة أنطيوخس إبيفانيوس تشير لمملكة ضد المسيح في قيامها وسقوطها‪ .‬وسقوط‬
‫دولة ضد المسيح يكون إيذاناً بنهاية العالم ومجئ يوم الدينونة‪ ،‬ولذلك نجد أن إصحاح (‪ )12‬يكلمنا عن القيامة‪.‬‬

‫صفات وتاريخ أنطيوخس إبيفانوس‪:‬‬


‫هو ابن أنطيوخس الكبير‪ ،‬وهو قال عنه المؤرخون أنه كان شاذاً غريب التصرفات‪ ،‬فظ‪ ،‬هائج‪ ،‬وضيع وخسيس‪.‬‬
‫كان ينسل في بعض األحيان خارج القصر ويضع نفسه ضمن جماعة من الدهماء متنك اًر‪ .‬وكان يصنع هذا مع‬
‫أوضع الناس في المدينة حتى مع الغرباء‪ .‬وكانت له نزوات غريبة‪ ،‬ولقد تصور البعض أنه أحمق‪ ،‬والبعض‬
‫تصور أنه مجنون‪ ،‬لذلك كله قال عنه الوحى أنه محتقر‪ .‬وهو أرسل إلى روما فترة كرهينة ليضمن الرومان والء‬
‫مملكة سوريا لهم حينما هزموا والده أنطيوخيس‪ .‬وكانت اإلتفاقية أنه حينما يتم تبادل األسرى يظل هو في روما‪،‬‬
‫لكنه كان مطلق السراح‪ .‬وقد تمكن من الهرب من روما بعد موت أبيه‪ ،‬وأرسل إبن أخيه األكبر ديمتريوس بخديعة‬
‫ليبقى كرهينة في روما‪ .‬وكان هليودوروس قد قتل أخيه األكبر‪ .‬والواليات السورية لم تعطه الملك ألنهم يعرفون أنه‬
‫إلبن أخيه = َل ْم َي ْج َعُلوا َعَل ْي ِه َف ْخَر اْل َم ْمَل َك ِة‪ .‬فهو لم يأخذ المملكة بالتنصيب فهذا ليس حقه‪ ،‬وهو لم يأخذ الملك‬
‫بالسيف بل بالتملقات (‪ )21‬فهو إ َّدعى أنه آ ٍت بسالم ليحكم بدالً من ابن أخيه الذي هو في روما‪ .‬ثم بمساعدة‬
‫بعض األمراء الجيران له (أومينيس وأتالوس) بدأ الشعب يتقبله‪ .‬فسحق هليودوروس وحصل على المملكة‪ .‬وهو‬
‫صنع هذا ضد أذرع الجارف = فما هو الجارف هذا [‪ ]1‬هليودوروس نفسه وجيشه [‪ ]2‬الشعب إكتشف خداعه‬
‫فقاموا ضده ورفضوا ملكه عليهم فهم يعرفوا أن المملكة ليست له [‪ ]3‬مقاومة مصر له إذ كانت مصر في معاهدة‬
‫مع من سبقه وكانت كل هذه المقاومات كالسيل الجارف ولكنه هزم الجميع وكان ذلك بسماح من هللا‪ ،‬ألن هللا كان‬
‫يريد تأديب شعبه بواسطة هذا األنطيوخس‪ .‬وهو سحق الجميع حتى رئيس العهد = ربما يكون ملك مصر الذي‬
‫كان في عهد مع من سبق أنطيوخس هذا‪ ،‬وربما هو إبن أخيه الذي كانت المملكة من حقه وربما كان رئيس الكهنة‬
‫اليهودي‪ .‬والحظ أنه كان قد إدعَّي أنه سيتنحى حين يعود األمير الحقيقي‪ .‬ومن المعاهدة معه يعمل بالمكر= أي‬
‫بعد أن عاهدوه خدع الكل‪ .‬وهو بدأ بقوم قليل لذلك استخدمت في كلمة قرن صغير في إصحاح (‪ )8‬كلمة تشير‬
‫أنه "من القلة"‪ .‬هؤالء إلتفوا حوله في البداية حتى تعظم ودخل إلى أسمن البالد = وهي سوريا وذلك لكي ينهبها‪.‬‬
‫وهو إستغلها كما لم يفعل أباؤه‪ .‬ويحاول السيطرة على الحصون = وهذا تفسيره كالتالي‪ :‬فهو أظهر كرماً وسماحة‬
‫سلمت له الحاميات فغدر بهم وحكمهم بالقوة‪ .‬وبالنسبة إلى مصر‪ ،‬فهو جاء أوالً كصديق‪ ،‬ومعه بعض‬ ‫إلى أن َّ‬
‫رجاله القالئل ووضعهم في حصون مصر وذلك ليكونوا عيوناً له‪ ،‬هو أتي كصديق وحارس لملك مصر بطلميوس‬

‫‪113‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫فيلوميتر (الحظ أن أنطيوخس هذا كان خال ملك مصر‪ .‬فأنطيوخس هو أخو كليوبات ار أمه‪ .‬وكان بطلميوس‬
‫فيلوميتر صغي اًر سناً فإطمئن لخاله) وكان أن إنخدع فيلوميتر من خاله‪ ،‬الذي عاد فخانه ونكث عهوده معه‬
‫بمساعدة رجاله الذين تركهم في مصر‪ .‬وفي (‪ )25‬في هذه اآلية تتضح خيانته وخداعه لملك مصر‪ .‬وحين حاول‬
‫ملك مصر فيلوميتر الحرب إنهزم أمامه بسبب خيانة رجال فيلوميتر الذين رشاهم أنطيوخس إبيفانيوس (‪= )26‬‬
‫األكلون أطايبه يكسرونه‪ .‬ومات من جيش مصر كثيرين ألنهم دبروا عليه تدابير (‪ .)25‬ونأتي لخديعة أخرى‬
‫في (‪ )27‬فبعد المعركة ستكون هناك محاولة للسالم وسيجتمع الملكان على مائدة واحدة للمفاوضات‪ .‬ولوضع‬
‫نصوص معاهدة سالم‪ ،‬ولكن كالهما كان غير مخلصاً في إدعائه‪ .‬وكل منهما كان يريد إلحاق األذى باآلخر‪.‬‬
‫لذلك لن تنجح محاولة السالم هذه‪ ،‬ولن يكون السالم نهائياً‪ .‬ألن اإلنتهاء بعد إلى ميعاد = أي أن السالم لم يكن‬
‫نهائياً ألن هللا كان له مخطط آخر‪ ،‬ويجب أن تقوم حرب أخرى في النهاية‪ .‬فالسالم يحدده هللا‪ .‬وفي (‪ )28‬هو‬
‫عاد ألرضه بعد هذه الحملة بغني جزيل‪ .‬وقلبه على العهد المقدس = كان اليهود قد سمعوا إشاعة بمقتل أنطيوخس‬
‫فإبتهجوا‪ ،‬وسمع هذا أنطيوخس فزحف بجيشه على أورشليم وقتل منهم ‪ 8000‬وباع ‪ 40000‬عبيدا في مصر‪.‬‬
‫وهو كان له سخط طبيعي ضد دين اليهود وعهدهم مع هللا‪ .‬فكره ناموسهم وشرائعهم وأنبيائهم‪ .‬وهكذا كل غريب‬
‫على العهد يكرهه‪ .‬وفي (‪ )29‬في الميعاد = بعد سنتين من الحملة األولى وألنه لم يكن ينوي سالماً‪ .‬أتى مرة‬
‫أخرى على مصر = يدخل الجنوب = ولكن حملته هذه لن تنجح كاألولى = لكن ل يكون اآلخر كاألول‪ .‬ألنه‬
‫ستأتي عليه سفن من كتيم = أي سفن الرومان‪ .‬وكان هذا ألن بطلميوس فيلوميتر كان قد دخل في معاهدات مع‬
‫الرومان ضد أنطيوخس‪ .‬وطلب مساعدة الرومان ضد أنطيوخس‪ ،‬حين حاصره أنطيوخس هو وأمه كليوبات ار في‬
‫اإلسكندرية‪ .‬وقام الرومان بإرسال بعثة عسكرية لمساعدة بطلميوس‪ .‬وطلب القائد الروماني من أنطيوخس فك‬
‫الحصار واإلنسحاب‪ ،‬فطلب أنطيوخس وقتاً ليتشاور مع زمالئه فقام القائد الروماني بوبليوس برسم دائرة حوله‬
‫وطلب منه أن يتخذ ق ارره قبل الخروج من الدائرة‪ .‬وألنه خاف من القوة الرومانية آثر اإلنسحاب بجيشه من مصر‪.‬‬
‫وصب غضبه عليهم مع أنهم‬
‫َّ‬ ‫لكنه رجع مغتاظاً ألنه أ ْجب َر على ذلك‪ .‬وفي (‪ )30‬عاد في غيظه ثائ اًر على اليهود‪،‬‬
‫لم يستفزوه (لكنهم بالتأكيد كانوا بخطاياهم قد استفزوا هللا نفسه فسمح هللا بهذا)‪ .‬ويغتاظ على العهد المقدس =‬
‫هذه المرة دنس الهيكل بدماء خنزيرة قدمها ذبيحة على مذبح المحرقة‪ .‬وكان أن تعاون معه بعض من الذين تركوا‬
‫العهد المقدس = أي اليهود المرتدين‪ ،‬وهؤالء أدخلوا العادات الوثنية لليهودية وهو تشاور معهم واستخدمهم ضد‬
‫الهيكل (‪1‬مك‪ .)15-11:1‬وفي هذه الفقرة نجد تحقيق النبوة‪ .‬وفي (‪2‬مك‪ )9:4‬نجد ياسون شقيق أونيا الكاهن‬
‫العظيم قد أقام مدرسة باالتفاق مع أنطيوخس لتعليم الشباب عادات األمم‪ .‬وفي (‪2‬مك‪ )23:4‬وما بعده ساعد‬
‫مينيالوس أنطيوخس‪ .‬هو دعمهم في تعليمهم اليهود العادات الوثنية‪ ،‬وهم ساعدوه في مخططاته‪ .‬وفي (‪ )31‬هذا‬
‫ما فعله بتقديم الخنزيرة ذبيحة وهدم أجزاء من الهيكل وأبطل العبادة في الهيكل‪ .‬وتقوم منه أذرع لتنجس = األذرع‬
‫هي جيشه وخونة اليهود المرتدين‪ .‬وقصة هذا نجدها في (‪1‬مك‪ 21:1‬وما بعده) وهو دخل الهيكل في كبرياء وأخذ‬
‫المذبح الذهبي والمنارة الذهبية وغيرهم وكانت مناحة في إسرائيل بسبب ذلك‪ .‬وفي (‪2‬مك‪ )15:5‬وما بعده‪ ،‬نجد‬
‫أنه دخل لقدس األقداس‪ ،‬وكان مرشده منيالوس الخائن‪ .‬وهو أوقف المحرقة الدائمة حتى يجبرهم أن يتبعوا دينه‬

‫‪114‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫الوثني‪ .‬والحظ البعض أن التعبير المستخدم هنا لإلشارة للمحرقة الدائمة استعمل هنا فقط ويمكن تفسيره المحرقة‬
‫اليومية وقالوا ربما هذا إشارة ألن ضد المسيح قد يعطل الخدمة في الكنائس أيضاً‪.‬‬
‫وتجعل الرجس المخرب= هذا تم بوضعه تمثال إلهه جوبيتر في الهيكل‪ .‬ولكن بالنسبة لضد المسيح فسيكون هذا‬
‫بوجوده هو شخصياً في الهيكل مظه اًر نفسه أنه إله (‪2‬مك‪1 + 2:6‬مك‪2 + 59 ،54:1‬تس‪ )4:2‬وهو إضطهد‬
‫من حافظ على إيمانه‪ ،‬ولكن كثيرين احتملوا اإلضطهاد مما أخجل هذا الطاغية‪ .‬وكمثل على هذا العازار الذي‬
‫قذف لحم الخنزير من فمه حينما ألقوه داخله‪ ،‬وكان يعلم أن هذا سيكون سبباً في موته وقد كان (‪2‬مك‪+ 19:6‬‬
‫‪2‬مك‪ )7‬وقارن مع (عب‪ )35:11‬وفي (‪ .)32‬يقومون ويعملون= هم المكابيين وهؤالء سيعلمون اآلخرين أن‬
‫يفرقوا بين الحق والباطل ألنهم يعلمون (‪ .)33‬وقد تحقق هذا في مدرسة الغيورين األتقياء الذين كانوا يعلمون الحق‬
‫اإللهي‪ .‬ولكن هذا لم يحمهم من السيف = يعثرون بالسيف‪ .‬وهذا االضطهاد سيستمر أياماً حددها الوحي سابقاً‬
‫بـ‪ 2300‬يوم‪ .‬وهذه تناظر في العهد الجديد يكون لكم ضيق ‪ 10‬أيام (رؤ‪ )10:2‬ونق أر في سفر المكاببين عن‬
‫المعامالت البربرية ألنطيوخس ضد كل من يمارس العادات والطقوس والشعائر اليهودية‪ .‬فكان مثالً يشنق من‬
‫يختن إبنه‪ ،‬كان يشنق األب واألم والطفل (‪1‬مك‪ . )61-60:1‬وهذه األالم سمح بها هللا لكي يطهر ويبيض شعبه‬
‫(‪.)35‬‬
‫واالضطهاد واآلالم لصالح الكنيسة عموماً (‪1‬بط‪ )7:1‬ودماء الشهداء هي بذرة الكنيسة‪ .‬وفي (‪ )34‬فإذا عثروا‬
‫= أي وقع عليهم إضطهاد بالسيف أو النار يعانون عونا قليالا = أي لن يكون العون بأن يوقف هللا الضيقات بل‬
‫هو سيعين ويقوى ويشدد ويعزي أوالده األمناء والمتألمين (مثال الثالثة فتية في أتون النار) وكان هذا العون القليل‬
‫عن طريق يهوذا المكابي والمكابيين الذين هبوا لنصرة الشعب (‪1‬مك‪ 45:2‬وما بعده) ولكن كثيرون من الخونة‬
‫حين أروا نجاح المكابيين إتصلوا بهم بالتملقات حتى يخونوهم بعد هذا‪ ،‬أو يصعدوا على حسابهم ولكن الشدة هي‬
‫التي تفصل بين المتدين الحقيقي والمتظاهر‪.‬‬

‫ور ع ِجيب ٍة عَلى ِإ ِ‬


‫له‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫‪36‬‬
‫ُم ٍ َ َ َ‬ ‫«وَي ْف َع ُل اْل َمل ُك َكإَرَادته‪َ ،‬وَيْرَتف ُع َوَي َت َعظ ُم َعَلى ُكل إلهٍ‪َ ،‬وَي َت َكل ُم بأ ُ‬ ‫اآليات (‪َ " -:)45-36‬‬
‫اء‪َ ،‬وب ُِك ِل ِإل ٍه‬ ‫النس ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َن اْلم ْق ِضي ِب ِه يجرى‪37 .‬ولَ يبالِي ِبآلِه ِة ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آبائه َولَ ب َش ْه َوة َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اآلل َهة‪َ ،‬وَيْن َج ُح ِإَلى ِإ ْت َمامِ اْل َغ َض ِب‪ ،‬أل َّ َ َّ ُ ْ َ‬
‫الذ َه ِب َواْل ِف َّض ِة‬‫اؤه‪ ،‬ي ْك ِرم ُه ِب َّ‬
‫آب ُ ُ ُ ُ‬ ‫ِلها َل ْم َت ْع ِرْف ُه َ‬
‫ِِ‬
‫صو ِن في َم َكانه‪َ ،‬وإ ا‬
‫ِ‬ ‫ظ ُم َعَلى اْل ُك ِل‪َ .‬وُي ْك ِرُم ِإ َ‬
‫له اْل ُح ُ‬
‫‪38‬‬ ‫لَ ُيَبالِي أل ََّن ُه َي َتع َّ‬
‫َ‬
‫يد ُه َم ْج ادا‪َ ،‬وُي َسلِطُ ُه ْم َعَلى‬ ‫يب‪َ .‬م ْن َي ْع ِرُفهُ َي ِز ُ‬ ‫صو ِن اْل َح ِصيَن ِة ِبِإل ٍه َغ ِر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يم ِة َو َّ‬
‫الن َف ِائ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َوبِاْلح َج َارة اْل َك ِر َ‬
‫‪39‬‬
‫س‪َ .‬وَي ْف َع ُل في اْل ُح ُ‬
‫ُجَراة‪.‬‬
‫ض أْ‬ ‫ين‪َ ،‬وَي ْق ِس ُم األ َْر َ‬ ‫َك ِث ِ‬
‫ير َ‬
‫ِس ُف ٍن َك ِث َيرٍة‪َ ،‬وَي ْد ُخ ُل‬ ‫الشم ِ‬
‫ال ِب َمْرَكَب ٍ‬ ‫وب‪َ ،‬فيثُور عَلي ِه ملِ ُك ِ‬ ‫الن َه َاي ِة ُي َح ِارُب ُه ملِ ُك اْل َجُن ِ‬
‫‪َ «40‬ف ِفي وْق ِت ِ‬
‫ان َوب ُ‬ ‫ات َوبُِفْر َس ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِِ‬ ‫ض اْلب ِهَّي ِة َفيع َثر َك ِثيرو َن‪ ،‬و ُ ِ ِ‬ ‫األَر ِ‬
‫هؤلَء ُي ْفل ُتو َن م ْن َيده‪ :‬أ َُد ُ‬ ‫ف َوَي ْط ُمو‪َ .‬وَي ْد ُخ ُل ِإَلى األ َْر ِ َ‬
‫‪41‬‬
‫وآب‬
‫وم َو ُم ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫اض َي َوَي ْجُر ُ‬ ‫َ‬
‫الذه ِب واْل ِف َّضةِ‬ ‫ط َعَلى ُكُن ِ َّ‬ ‫ض ِم ْصَر لَ َتْن ُجو‪َ .‬وَي َت َسَّل ُ‬
‫‪43‬‬ ‫ورَؤساء بني ع ُّمو َن‪ .‬ويمُّد ي َده عَلى األَر ِ‬
‫‪42‬‬ ‫ِ‬
‫وز َ َ‬ ‫اضي‪َ ،‬وأَْر ُ‬ ‫َ‬ ‫ََ ُ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ ُ َ‬
‫الشم ِ‬ ‫ق و ِم َن ِ‬
‫الشْر ِ َ‬ ‫َخَب ٌار ِم َن َّ‬ ‫وشُّيو َن ِعْن َد ُخطُ َو ِات ِه‪َ .‬وُت ْف ِز ُع ُه أ ْ‬ ‫س ِم ْصَر‪َ .‬و ُّ‬
‫اللوبُِّيو َن َواْل ُك ِ‬ ‫َو َعَلى ُك ِل َن َف ِائ ِ‬
‫‪44‬‬
‫ج‬‫ال‪َ ،‬فَي ْخُر ُ‬ ‫َ‬

‫‪115‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ور وجب ِل به ِ‬ ‫يم لُِي ْخ ِر َب َولُِي َح ِرَم َك ِث ِ‬ ‫ِ‬


‫اء اْلُق ْد ِ‬ ‫ط ُه َبْي َن اْلُب ُح ِ َ َ َ َ َ‬ ‫ِب َغ َض ٍب َعظ ٍ‬
‫‪45‬‬
‫ين‬
‫س‪َ ،‬وَيْبُل ُغ ن َه َاي َت ُه َولَ ُمع َ‬ ‫طا َ‬
‫ص ُب ُف ْس َ‬
‫ين‪َ .‬وَيْن ُ‬
‫ير َ‬
‫َل ُه‪".‬‬

‫هنا ينتقل الكالم صراحة إلى ضد المسيح ودليل هذا آية (‪ )36‬فلم يحدث أن أنطيوخس قد نصب نفسه إلهاً‪ ،‬بل‬
‫هو كان يعبد إلهه جوبيتر‪ ،‬ووضع تمثاله في هيكل هللا‪ .‬لكن هذا الشخص يتعظم على كل إله= وهذا يتطابق مع‬
‫ودا‪َ ،‬حتَّى إَّنه َي ْجلس في َه ْي َكل‬
‫قول بولس الرسول عن ضد المسيح "ٱْلمَقاوم َوٱْلم ْرتَفع َعَلى كل َما ي ْد َعى إَل ًها أ َْو َم ْعب ً‬
‫ظه ًار َنْف َسه أََّنه إَل ٌه" (‪2‬تس‪ )4:2‬بل أن الكلمات متشابهة إلى حد بعيد‪ .‬ربما نأخذ الكالم جزئياً على‬ ‫ٱهلل َكإَل ٍه‪ ،‬م ْ‬
‫أنطيوخس فهو سيفعل كإرادته وال أحد يوقفه لكن حتى تنطبق كل اآليات يجب تطبيقها على ضد المسيح ‪ .‬وهذا‬
‫أو ذاك إحتقر كالهما هللا وسينجح كالهما لفترة‪ .‬فاهلل أمهل أنطيوخس ‪ 2300‬ي وماً ثم صب قضاؤه عليه‪ .‬وهللا‬
‫تركه هكذا ليؤدب الشعب العاصي الذي إرتد عنه‪ .‬فاهلل يعطي اإلنسان حسب قلبه‪ .‬هم إشتهوا الخطية وإحتقروا‬
‫هللا فجاء لهم هذا الوحش‪ .‬وفي األيام األخيرة سيحتقر الناس هللا ويحبون العالم والخطية فسيعطيهم هللا حسب قلبهم‬
‫ويطلق لهم الشيطان [يقول المزمور "يعطيك الرب حسب قلبك" (مز‪ ])4:20‬ويجئ هذا الوحش‪ ،‬ضد المسيح‪ ،‬بكل‬
‫قوة الشيطان‪ .‬وبمكره وخديعته (وكان أنطيوخس هذا مثاالً ورم اًز له) يجذب إليه كثيرين ويسقطهم‪ .‬ومن يسير وراءه‬
‫ستنسكب عليه جامات غضب هللا (رؤ‪ )2 ، 1:16‬وتكون نهاية هذا الوحش ومن معه في البحيرة المتقدة بالنار =‬
‫الم ْق ِض َّى به ُيجرَى = القضاء الذى قضى به هللا فى تأديب شعبه بواسطته‪ ،‬البد‬
‫وينجح إلى إتمام الغضب ألن َ‬
‫وأنه سيتم‪ .‬وبعد أن تنتهى مهمة التأديب يضربه هللا‪ .‬وهذا هو نفسه ما ذكر في (دا ‪ )27:9‬فضد المسيح هو‬
‫المخرب وسيصب هللا عليه وعلى من يتبعه جامات غضبه وأخي اًر هالكاً أبدياً‪ .‬لكنه سيظل قويا وناجحاً ويضرب‬
‫ويضطهد شعب هللا بقوة إلى أن تأتى عليه ضربة إلهية تقضى عليه‪ .‬ولكن لماذا تركه هللا كل هذه المدة؟ اإلجابة‬
‫= ينجح إلى إتمام الغضب وهذا يعنى أن هللا يستخدمه ليؤدب شعبه ويعدهم هللا للفرح األبدى بعد أن يتطهروا‪.‬‬
‫وهذه هى طريقة هللا ‪ ،‬فاهلل إستخدم بابل ليؤدب شعبه فيكفوا عن العبادة الوثنية‪ .‬وبعد أن تأدب الشعب وكفوا عن‬
‫وثنيتهم أرسل هللا كورش الفارسى ليهزم بابل‪.‬‬

‫ضد المسيح‪:‬‬
‫الس ــيد المس ــيح س ــبق ونبه أنه س ــيقوم مس ــحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يض ــلوا ولو‬
‫أمكن المختارين أيضـاً (مت‪ )24:24‬ثم يضـيف "ها أنا قد سـبقت وأخبرتكم" ولكن يبدو أن هناك شـخصـاً تشـير له‬
‫النبوات سـ ـ ــيظهر في نهاية األيام‪ ،‬وسـ ـ ــتكون له كل قوة الشـ ـ ــيطان الذي ي َّح ْل لفترة يسـ ـ ــيرة (رؤ‪. )2:13 + 3:20‬‬
‫َّه بأنه من الممكن حسـ ـ ـ ــاب "عدد الوحش فإنه عدد إنسـ ـ ـ ــان وعدده ‪"666‬‬‫وغالباً فهو إنسـ ـ ـ ــان‪ ،‬ألن سـ ـ ـ ــفر الرؤيا َنب َ‬
‫(رؤ‪ . )18:13‬وعـدد إنسـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان هـذا يعني اآلتي‪ :‬في اللغـة اليونـانيـة القـديمـة وهكـذا في القبطيـة لم يكن هنـاك أرقـام‬
‫(‪ )....،1،2،3‬فكانوا يستخدمون الحروف للترقيم بعد وضع شرطة فوق الحرف ليتم تمييزه عن الحروف العادية‬
‫̅‪̅=𝟏 ,‬‬
‫∝‬ ‫𝟎𝟑 = ̅𝝀 ‪̅ = 𝟒 , 𝜺̅ = 𝟓 ,‬‬
‫𝜹 ‪̅ =𝟑 ,‬‬
‫𝜸 ‪𝜷 =𝟐 ,‬‬
‫ونفرض أن شخصا إسمه عادل فهكذا يكتب باليونانية‬

‫‪116‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫‪1+4+5+30=40‬‬ ‫ويصبح عدد اسمه‬ ‫̅𝝀 ̅𝜺 ̅‬


‫𝜹 ̅‬
‫∝‬

‫وجاء في التاريخ كثيرين قاوموا المسيح والكنيسة ‪ ،‬وبحساب أرقام أسمائهم وجدوها ‪ 666‬مثل دقلديانوس‪ .‬ولكن‬
‫هناك شخص محدد سيظهر في آخر األيام‪ ،‬وسيكون مختلفاً عن كل المسحاء الكذبة وأضداد المسيح اآلخرين‪،‬‬
‫وسيكون رقمه أيضاً ‪ .666‬وراجع قول القديس يوحنا الرسول "أيها األوالد هي الساعة األخيرة وكما سمعتم أن ضد‬
‫المسيح يأتي‪ .‬قد صار اآلن أضداد للمسيح كثيرون‪ .‬من هنا نعلم أنها الساعة األخيرة"‪1(.‬يو‪ )18:2‬ومعنى هذا‬
‫الكالم أن الرسول يوضح أن من عالمات الساعة األخيرة ظهور ضد المسيح هذا‪ .‬والسيد المسيح نبهنا أن ال نقبله‬
‫وأعطانا عالمات كثيرة لنستدل منها أنه هو ضد المسيح المقصود‪ ،‬ومن هذه العالمات أنه يمكننا أن نحسب عدد‬
‫اسمه عند كتابته باللغة اليونانية‪ .‬وأنه سيصنع آيات عظيمة فهو فيه كل حكمة وقوة وذكاء ودهاء ودموية وكذب‬
‫الشيطان‪ .‬فهو تجسيد للذكاء الخارق والقدرة الفكرية الهائلة‪ .‬وهو سيذهل األمم بقدراته الفائقة للبشر إلى أبعد حد‪.‬‬
‫وقطعاً لن يصدقه إال من هو في فراغ روحي ‪ .‬أما من هو مملوء من الروح القدس‪ ،‬فالروح القدس قادر أن يعلمه‬
‫ويذكره بكل شئ (يو‪ .)26:14‬وهذا الشخص سيظهر وسط اليهود (وقد يكون هذا معنى من القلة التي سيظهر‬
‫منها القرن الصغير في إصحاح ‪ )8‬وهم سيقبلونه‪ .‬فهم أي اليهود مازالوا ينتظرون مجئ المسيح ‪ .‬وقال أحد قادة‬
‫اليهود الصهاينة "نحن مستعدون لإلعتراف بأي إنسان أنه مسيحنا إذا استطاع أن يوطد أقدامنا ثانية في أرض‬
‫آبائنا" ‪ .‬وقد سبق السيد المسيح أن نبه اليهود لهذه السقطة فقال لهم "أنا قد أتيت لكم باسم أبي ولستم تقبلوني ‪،‬‬
‫إن أتى آخر بإسم نفسه فذلك تقبلونه" (يو‪ . )43:5‬وال يوجد في العالم كله اآلن من ينتظر أن يأتى المسيح سوى‬
‫اليهود‪ .‬وهذا الشخص سيعظم نفسه بشكل غير عادي وغير مسبوق فهو سيدعى أنه إله (‪2‬تس‪ . )4:2‬ومع أنه‬
‫يهودي إال أنه لن يبالي بآلهة أبائه = أي لن يبالي باهلل‪ ،‬فهو في نظر نفسه إله‪ .‬سيكون هو محور نفسه معجباً‬
‫بذاته وبقد ارته الخارقة‪ ،‬ربما غير عالم أنها قدرة شيطانية وستدفعه للهالك ولكن إلتفاف الناس حوله وإعجابهم‬
‫بقدراته ومعجزاته تجعله يتمركز حول نفسه وال يبالي بشئ (آلهة هنا هي إلوهيم كما قيل في (تك‪ )1:1‬في البدء‬
‫خلق إلوهيم السماء واألرض) ‪ .‬وهناك عالمة أخرى عن هذا الشخص نجدها هنا أال وهي شذوذه عن الطبيعة ل‬
‫يبالي بشهوة النساء فاإلنسان الطبيعي بطبيعته يشتاق للجنس اآلخر‪ ،‬فالرجل يشتاق للنساء‪ .‬حقاً هناك من أجبروا‬
‫ذواتهم على الحياة في بتولية مثل الرهبان‪ ،‬ولكن هؤالء كان محورهم هو هللا وليس ذواتهم وقال عنهم السيد المسيح‬
‫"يوجد خصيان خصوا أنفسهم من أجل ملكوت هللا" ‪ .‬أما هذا الوحش فهو لن يهتم بهذه المشاعر الطبيعية فمحور‬
‫حياته هو ذاته وليس أي إله أو مشاعر طبيعية‪ .‬ولكن هذه العالمة تشير أيضاً ألنه ربما كان هذا الشخص شاذاً‬
‫جنسياً‪ .‬فمن (رؤ‪ )8:11‬نعلم أن خطية المدينة العظيمة (أورشليم) حيث يكون مقر هذا الوحش هي خطية سدوم‬
‫(الشذوذ الجنسي) ومصر (العناد مع شدة الضربات) ‪ .‬فقول سفر الرؤيا عن مملكة ضد المسيح أنها ُتدعي روحي ا‬
‫سدوم ومصر = أي الخطية السائدة فيها هى خطايا سدوم ومصر‪.‬‬
‫وفي (‪ )38‬هذا الضد للمسيح ال إله له‪ ،‬فهو أََّله نفسه‪ .‬ومن له إله يحتمى به‪ .‬فلمن يلجأ هذا الشخص ليحتمى‪.‬‬
‫لذلك نجده يكرم إله الحصون‪ ..‬بالذهب والفضة = إله الحصون في اإلنجليزية ‪ God of forces‬أو ‪Fortresses‬‬

‫‪117‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫والمعنى أنه يكرم القوة ويتحصن بها‪ .‬وقد تكون هذه القوة هي المال ويكون هذا هو المقصود بالذهب والفضة‪ .‬أو‬
‫قوة عسكرية وهذا ما يبدو واضحاً في (رؤ‪ )14 ، 13:17‬فالعشرة ملوك يعطون قدرتهم للوحش ويعطونه سلطانهم‬
‫وهو يتحصن بهذه القوة‪ .‬ولكن ضد من؟! لبؤسه هو يحارب هللا "هؤالء يحاربون الخروف ولكن الخروف يغلبهم"‬
‫(رؤ‪ . )14 : 17‬المال والقوة هما الوثن الجديد الذي يعبده العالم‪ ،‬واإلنسان الجسداني يشعر أنه محصن لو‬
‫إمتلكهما‪ .‬وفى هذا قال السيد المسيح أنه ال يمكن ألحد أن يعبد سيدين هللا والمال ‪ .‬وكان هذا من فجر التاريخ ‪،‬‬
‫ولكن فى أيام النهاية ومع اإلرتداد العام واإللحاد (‪2‬تس‪ )2‬صارت هذه هى لغة العالم ‪.‬‬
‫آية (‪ :)39‬الحصون الحصينة = هي مقادس هللا راجع آية (‪ )31‬فالهيكل أسماه المقدس الحصين‪ .‬ويبدو أن‬
‫الحصون الحصينة هي كنيسة المسيح‪ ،‬فهو سيهاجمها علناً وال نجد ما يفسر هذا تفسي اًر واضحاً سوى (‪2‬تس‪)4:2‬‬
‫‪ ،‬فهو سيجلس نفسه في هيكل هللا كإله‪ .‬ومن يعرفه يزيده مجدا ويسلطهم على كثيرين ويقسم األرض أجرة=‬
‫فاألرض هى كل ما يملكه‪ ،‬وما يستطيع أن يعطيه لمن يتبعه‪ ،‬وهكذا قال الشيطان للمسيح "أعطيك هذه جميعها‬
‫إن خررت وسجدت لي" والمجد المقصود الذي سيزيده لتابعيه هو مجد هذا العالم وهذا متطابق مع سفر الرؤيا‬
‫"هو صنع سمة لمن يتبعه‪ ،‬وال يقدر أحد أن يشترى أو يبيع إال من له السمة أو إسم الوحش أو عدد اسمه"‬
‫(رؤ‪.)18-16:13‬‬
‫لنرى اآلن العالمات التى أعطاها لنا هللا لضد المسيح الذى يظهر فى آخر األيام‪-:‬‬
‫‪ )1‬دموى متوحش والحظ مواصفاته (رؤ‪ )2 : 13‬ومن ال يتبعه هكذا ال بد أن يقتل (رؤ ‪" .)13‬ولو لم‬
‫يقصر هللا تلك األيام لم يخلص جسد" (مت ‪. )24‬‬
‫‪ )2‬يصنع عالمة لمن يتبعه بها يشترى ويبيع ‪ ،‬أى من ليس له العالمة لن يستطيع أن يعيش (رؤ ‪.)13‬‬
‫‪ )3‬إما شاذ جنسيا أو هو سينشر الشذوذ الجنسى = ل يبالى بشهوة النساء ولذلك تسمى مملكته روحيا سدوم‬
‫(رؤ ‪. )11‬‬
‫‪ )4‬ال يعترف بإله بل يجلس فى هيكل هللا مظه ار نفسه أنه إله (‪2‬تس‪ + )2‬لن يبالي بآلهة أبائه ‪( .‬دانيال‬
‫‪.)11‬‬
‫‪ )5‬يعيد تقسيم األرض كمكافأة لمن يتبعه = يقسم األرض أجرة‪( .‬دانيال ‪.)11‬‬
‫‪ )6‬رقم إسمه باليونانية هو ‪( 666‬رؤ ‪. )13‬‬
‫‪ )7‬هما وحشين ‪ ،‬أحدهما زعيم أو قائد يخرج من العالم ‪ ،‬وهذا هو وحش البحر وهو الوحش الدموى ‪ ،‬واآلخر‬
‫غالبا سيكون رئيس دينى يهودى يكون مركزه فى أورشليم ويسميه سفر الرؤيا وحش األرض ‪ ،‬وله سلطان‬
‫شيطانى على عمل خوارق وأعاجيب تبهر الناس فتتبعه ‪ .‬وهذا ينزل نا ار من السماء وهذه قد تكون لقبول‬
‫ذبيحة يقدمها فيظن الناس أن هللا قد قبلها وينخدعوا وراءه (رؤ‪. )13‬‬
‫‪ )8‬وحش األرض سيكون أداة الدعاية لوحش البحر (رؤ‪. )12 : 13‬‬
‫‪ )9‬سيكون له جرح مميت ويشفى منه (رؤ‪.)3 :13‬‬

‫‪118‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫وحش األرض سيجعل صورة وحش البحر تتكلم‪ .‬وجميع الذين ال يسجدون لهذه الصورة يجعلهم‬ ‫‪)10‬‬
‫يقتلون (رؤ‪ .)15 :13‬والسجود يعنى العبادة للوحش كإله‪ ،‬فهو سيجعل من نفسه إلها‪.‬‬
‫يعطل الكنائس وغالبا يأخذها لحسابه = يجلس فى هيكل هللا كإله مظه ار نفسه أنه إله (‪2‬تس‪: 2‬‬ ‫‪)11‬‬
‫‪. )4‬‬
‫السمة الواضحة له أنه يدعى أنه المسيح ويهاجم مسيحنا ومخلصنا الحقيقى بشدة‪.‬‬ ‫‪)12‬‬
‫له ذكاء خارق ويبهر الناس بقوته وإمكانياته ربما العسكرية أو المالية = بالذهب والفضة ‪.‬‬ ‫‪)13‬‬
‫إله هذه الفترة هو المال واألسلحة والقوة المالية أو العسكرية يتحصن بها = ُيكرم إله الحصون ‪.‬‬ ‫‪)14‬‬
‫(دا‪ .)11‬هو ال يعترف بأى إله ولكنه يتحصن بالقوة‪ .‬أما من له هللا إلها فهو يحتمى به وال يحتاج لسواه‪.‬‬
‫الضربات تصيبه بطريقة عجيبة ولكنه يعاند ‪ ،‬لذلك تدعى مملكته روحيا مصر (رؤ ‪ )11‬ففرعون‬ ‫‪)15‬‬
‫كان يعاند موسى ويرفض إطالق الشعب مع كل الضربات التى ضربه بها هللا‪ .‬وضربات مملكة الوحش‬
‫تجدها فى (رؤ ‪. )16‬‬
‫فى نفس مدة وجوده يرسل هللا النبيين إيليا وأخنوخ لمقاومته (رؤ ‪. )11‬‬ ‫‪)16‬‬
‫يعطينا سفر زكريا النبى عالمة أخرى "ويل للراعي الباطل التارك الغنم‪ .‬السيف على ذراعه وعلى‬ ‫‪)17‬‬
‫عينه اليمنى‪ .‬ذراعه تيبس يبسا وعينه اليمنى تكل كلوال" (زك‪ .)17 :11‬نفهم من هذا أن هللا سيضربه‬
‫مثال بشلل فى ذراعه اليمنى‪ ،‬وضربة أخرى فى عينه اليمنى‪.‬‬
‫ال = هذه تشير لجيوش تأتى من الشرق لتحاربه‪ .‬وهذه تتفق‬ ‫الشم ِ‬‫َخبار ِم َن َّ ِ ِ ِ‬
‫الشْرق َوم َن َ‬ ‫َوُت ْف ِز ُع ُه أ ْ َ ٌ‬ ‫‪)18‬‬
‫ين‬ ‫َّ‬ ‫ف َماؤه ل َك ْي ي َع َّد َ‬ ‫امه َعَلى َّ‬
‫طريق ٱْلملوك ٱلذ َ‬ ‫ٱلن ْهر ٱْل َكبير ٱْلف َرات‪َ ،‬ف َنش َ‬ ‫ٱلسادس َج َ‬ ‫مع "ثم َس َك َب ٱْل َم َالك َّ‬
‫ٱلش ْمس" (رؤ‪ .)12 :16‬ومن هم هؤالء الملوك اآلتون من الشمس؟ غالبا هم جوج وماجوج‬ ‫م ْن م ْشرق َّ‬
‫َ‬
‫(حز‪ )5 – 2 :38‬رئيس روش ماشك وتوبال وهى قبائل أو شعوب سكنت شرقا‪.‬‬
‫الشم ِ‬ ‫َخبار ِم َن َّ ِ ِ ِ‬
‫ال والمقصود بالشمال‬ ‫الشْرق َوم َن َ‬ ‫وأيضاً تأتى عليه جيوش من الشمال = َوُت ْف ِز ُع ُه أ ْ َ ٌ‬ ‫‪)19‬‬
‫وشُّيو َن ِعْن َد ُخطُ َو ِات ِه‪ .‬وأليست هذه تماما حرب‬ ‫اللوبُِّيو َن َواْل ُك ِ‬ ‫هى فارس‪ .‬ويساندهم اللوبيون والكوشيون = َو ُّ‬
‫ٱج َع ْل َو ْج َه َك َعَلى جو ٍج‪ ،‬أ َْرض َماجو َج َرئيس‬ ‫جوج وماجوج التى أشار إليها حزقيال النبى "يا ْٱب َن َآد َم‪ْ ،‬‬
‫ط (هى ليبيا) َم َعه ْم‪ ،‬كَّله ْم بم َج ٍن َوخوَذ ٍة" (حز‪:38‬‬ ‫وش َوُفو َ‬ ‫س َوُك َ‬ ‫ال‪َ ،‬وتََنَّب ْأ َعَل ْيه…‪َ ..‬ف ِار َ‬
‫وب َ‬
‫وش َماش َك َوت َ‬ ‫ر ٍ‬
‫‪.)5 – 2‬‬
‫اء َب ِني َع ُّمو َن هؤالء لن يحاربوه أو يقفوا ضده لذلك ُي ْفِل ُتو َن ِم ْن َي ِد ِه‪.‬‬ ‫وآب َوُرَؤ َس ُ‬ ‫وم َو ُم ُ‬ ‫أ َُد ُ‬ ‫‪)20‬‬
‫هناك الكثير من النبوات فى (دانيال‪ )11‬ستتضح فى حينه‪ .‬ولكن باألكثر الحظ فى آية‪ 40‬قوله‬ ‫‪)21‬‬
‫الن َه َاي ِة فقوله وقت النهاية يشير ألن هذه األحداث خاصة بنهاية األيام‪ .‬فنجد أن ملك الجنوب‬ ‫َف ِفي وْق ِت ِ‬
‫َ‬
‫يهاجم ملك الشمال فيأتى ملك الشمال ليحارب ملك الجنوب … إلخ‪ .‬ونحن اآلن ال نعرف من هو المقصود‬
‫بملك الجنوب وال ملك الشمال‪ .‬فكل الموجود أمامنا سيتغير بعد حرب البوق السادس‪ .‬وهذه األمور ستتضح‬
‫فى حينه‪ ،‬ونكتشف منها شخص هذا الوحش‪ .‬اإلصحاح‪ 11‬إصحاح طويل عن تاريخ ملوك اليونان وملوك‬

‫‪119‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫مصر والحروب التى كانت بينهما‪ .‬وما يهمنا فيه هو أنه‪ :‬من أين ظهر هذا األنطيوخس إبيفانيوس الذى‬
‫هو رمز لضد المسيح‪ .‬وغالبا فهناك أحداث مشابهة ألحداث اإلصحاح‪ 11‬من سفر دانيال تحدث فى‬
‫نهاية األيام على األرض‪ ،‬ستؤدى لظهور ضد المسيح يكتشفها دارسى الكتاب المقدس (قيل عنهم الفاهمون‬
‫دا‪ ،)3 :12‬وستكون كعالمات واضحة أن هذا الشخص هو ضد المسيح‪ ،‬وهؤالء الفاهمون يردون كثيرين‬
‫من الذين ضلوا وراء ضد المسيح‪.‬‬
‫ولنتساءل اآلن ‪ ...‬أما نحن قريبين من هذا اليوم ‪ .‬فالفراغ الروحى إنتشر فى العالم‪/‬اليهود موجودون فى أورشليم‬
‫وهم فى إنتظار مسيحا يخلصهم وهم يمتلكون الميديا من صحف وتليفزيون وقادرين على عمل الدعاية لهذا‬
‫الشخص عند ظهوره‪/‬إنتشار الشذوذ الجنسى بقوانين تشرعها الحكومات‪/‬أليس من السهل وضع عالمة على كروت‬
‫البنوك التى يتعامل بها كل العالم اآلن بدال من النقود وهذه العالمة تميز من هو تابع لضد المسيح‪/‬العالم اآلن ال‬
‫يحترم سوى القوى المالية أو العسكرية‪/‬إنتشار اإللحاد ‪ .‬وليرحمنا هللا‪.‬‬
‫بل صارت بعض الجهات تضع كل معلومات الشخص فيما يشبه خرزة صغيرة توضع تحت الجلد بها يبيع‬
‫ويشترى‪ .‬ويسهل وضع كود عليها يشير إلنتماء الشخص لضد المسيح‪ ،‬فيبيع ويشترى وبدونها تصعب الحياة على‬
‫أوالد هللا الذين يرفضون هذا الكود‪ .‬فال بيع وال شراء لهم (رؤ‪.)17 :13‬‬

‫اآليات (‪ :) 45-40‬هذه لها تطبيقان‪ ،‬فهنا عاد النبي ليتنبأ عن الحروب بين ملك الجنوب وملك الشمال وهذه قد‬
‫حدثت مع أنطيوخس إبيفانيوس‪ ،‬لكنها ستتكرر حدوثها مع اقتراب أيام النهاية‪ .‬إذاً هذه النبوة ستتكرر مرتين‪.‬‬
‫بالنسبة ألنطيوخس إبيفانيوس‪ :‬فقد قيده الرومان ومنعوه أن يغزو مصر‪ .‬ولكن قام ملك مصر بشن حرب ضده‬
‫= في وقت النهاية يحاربه ملك الجنوب هو هاجم حدوده فثار عليه أنطيوخس = يثور عليه ملك الشمال = وأتى‬
‫عليه بقوة عظيمة ويجرف ويطمو = وهو ضرب بالداً كثيرة في مصر‪ .‬ونفهم قوله فى وقت النهاية هنا على أنه‬
‫وقت نهاية الدولة اليونانية‪.‬‬
‫ولكن تتكرر األحداث فى أيام ضد المسيح والذى يرمز له هذا األنطيوخس إبيفانيوس‪ .‬وتكون كلمة فى وقت‬
‫النهاية إشارة لنهاية األيام على األرض‪.‬‬
‫وفي حملته ضد مصر سيضرب اليهود = يدخل إلى األرض البهية (‪ )9:8‬أسماها فخر األراضي فبها أورشليم‪،‬‬
‫وسيصنع بهم أمو اًر مرعبة = فيعثر كثيرون لكنه لم يضرب أدوم وبني عمون (‪ )41‬فهم كانوا يؤيدونه ويشجعونه‬
‫ضد اليهود‪ .‬وهو في حملته هذه ضد مصر ضرب بالداً كثيرة ومنها مصر (‪ )42‬ما عدا من سبق وأيَّده وكانت‬
‫هذه حملته الرابعة واألخيرة ضد مصر في سنته العاشرة والحادية عشرة لحكمه‪ .‬وهو جاء ضد مصر مدعياً أنه‬
‫يساعد أخو بطلميوس فيلوميتر الصغير ضد أخيه‪ .‬وفي هذه الحملة لم يسقط قتلي ولكنه استولى على كنوز‬
‫مصر(‪ .)43‬فهو جاء من أجل هذا‪ .‬وهذا سجله بوليبيوس األثيني‪ ،‬أن أنطيوخس غنم كثي اًر من مصر بعد أن‬
‫كسر المعاهدة مع فيلوميتر‪ .‬ويسجل هذا المؤرخ كيف أنه َب َّذ َر كل ما حصل عليه‪ ،‬وقد ساعده الليبيين والكوشيين‬
‫بخيانتهم لمصر وكانوا رهن إشارته = عند خطواته (‪ . )43‬وفي آية (‪ )44‬بينما هو مشغول في حربه مع مصر‬

‫‪120‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫مزهواً بإنتصاراته فيها سمع بأخبار من الشرق والشمال فهو سمع بأن ملك بارثيا هاجم مملكته وأن الفرس تمردوا‬
‫عليه‪ .‬وهذا إضطره أن يؤجل خططه ضد اليهود إلفنائهم وذهب ليحارب في فارس‪ .‬ومات هناك كما ذك َر قبالً‬
‫خالل حملته ضد البارثيين وهذا شرحه تاسيتوس الوثني الذي كان يمتدح أنطيوخس على محاوالته استئصال ديانة‬
‫اليهود بخرافاتها وتطبيعهم بالطبع اليوناني‪ .‬وهذا الوثني رثى موته في هذه الحرب (هو مات بمرض كما ذكر قبالً‬
‫لكنه مات وجيوشه تحارب) قبل أن يتم مهمته ضد اليهود (راجع تفسير إصحاح‪ )8‬وكانت هذه المهمة في تحطيم‬
‫وي َح ِرم كثيرين‪ .‬فهو حين وجد نفسه مضطرباً ومحرجاً في أعماله وحربه ضد‬
‫اليهود هي ما قيل عنها ُلي ْخ ِر ْب ُ‬
‫البارثيين خرج بغضب عظيم ليخرب اليهود ويبيدهم = ُي َح ِرم ‪ ،‬فيحرم تعنى إبادة ‪ .‬وقصة هذا تجدها في‬
‫(‪1‬مك‪ )27:3‬وما بعده‪.‬‬
‫آية (‪ :)45‬سمع أنطيوخس بنجاح يهوذا المكابي فأعطى أوامره إلى أحد قادته واسمه ليسياس لي َدمر أورشليم‪ .‬فجاء‬
‫ليسياس ونشر خيامه وبينها خيمة الملك بين البحر األبيض والبحر الميت‪ .‬وهذا معنى ينصب فسطاطه بين‬
‫البحور = والفسطاط هو الخيام الملكية الفخمة‪ .‬وأراد أنطيوخس بوضع خيمته بينها أن يكون كأنه وسط جيشه‪.‬‬
‫وكان نشر الخيام هذه في منطقة عمواس بالقرب من أورشليم‪ .‬وكان قد أعطى تفويضاً كامالً إلى ليسياس بأن‬
‫يضرب بكل عنف وأعطاه سلطاناً مطلقاً‪ .‬وهو وضع خيمته هناك كأنه إمتلك جبل قدس الرب‪ .‬ولكن يهوذا المكابي‬
‫هزم جيش ليسياس ‪ ،‬وكانت نهاية أنطيوخس بشعة كما سبق وشرحناه (إصحاح ‪ . )8‬فاهلل هو الذي قطعه وال نجد‬
‫نبوات عن أي ملك يأتي بعده فهو كان أسوأهم ‪ ،‬وهو رمز لضد المسيح الذي به ينتهي العالم وال يأتي شيئاً بعده‪،‬‬
‫بعد أن يتحول التمثال إلى عصافة وتذريه الريح (دا ‪.)2‬‬
‫بالنسبة لتفسير اآليات في األيام األخيرة‪ :‬هذه تشير لحروب قرب األيام األخيرة وتبدأ بزحف ملك الجنوب على‬
‫الشمال ولكن من الصعب تصور طبيعة هذه الحروب‪ .‬ويصعب أيضا تصور من هما دولتى الشمال والجنوب‪.‬‬
‫هذا سيتضح فى حينه‪ .‬إال أنه من الواضح أن ضد المسيح سيخوض حروباً تدور رحاها بين الشمال والجنوب‪.‬‬
‫لماذا يصعب تصور الحروب بين ملك الشمال وملك الجنوب فى األيام األخيرة؟ األيام األخيرة هى أيام ضد‬
‫المسيح‪ .‬وضد المسيح يظهر فى أعقاب حرب البوق السادس (رؤ‪ ،)9‬وهى حرب عالمية يهلك فيها ثلث سكان‬
‫األرض‪ .‬وقطعا سيتغير شكل الدول وتوزيعات البشر‪ ،‬وكل شئ عما نعرفه اآلن‪.‬‬
‫إال أن ما يستوقفنا هو اآلية (‪ )45‬فهناك من يحاول أن ينشر فسطاطه بين البحور وجبل بهاء القدس = فلألسف‬
‫فهذا ما يحدث اآلن من بدع وهرطقات لها مظهر عالمى جذاب يشير له الفسطاط أى الخيام الملكية ‪ ،‬وهذه‬
‫األفكار لها مظهر براق يدور حول الذات ‪ ،‬ولكنها من داخل فارغة فال يوجد ملك داخلها بل هذا الملك هناك ينازع‬
‫الموت بعيدا فى أقصى الشرق ‪ .‬وهذه األفكار المنتشرة اآلن هى إلحاد وشذوذ ولكنهم يطلقون عليها الحرية‬
‫الشخصية المقدسة والعلم الحديث‪ ،‬بينما يقولون أن الكتاب المقدس به أساطير‪ ،‬وأفكارهم وصلت لعبادة الشيطان‬
‫‪ ،‬بل حتى رجال دين كثيرين يبشرون بعلم الهوت حديث َّيدعي أن الكتاب المقدس به أساطير ‪ ،‬وهذه البدع تحجز‬
‫البشر (المعبر عنهم بالبحور) عن رؤية جبل بهاء القدس أي مجد هللا‪ .‬وسيكون هذا في أبشع صوره مع ظهور‬
‫ضد المسيح‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الحادى عشر)‬

‫عموماً فاهلل إذا سمح بضيقات وأالم تجتازها الكنيسة خالل هذه الحروب وخالل إضطهاد ضد المسيح لها‪،‬‬
‫فسيكون هذا للتأديب والتبييض إعداداً للمجد السماوي‪ ،‬وملك هللا الكامل على كنيسته وخالل األالم يعين هللا‬
‫كنيسته وال يتركها وحيدة (دا ‪ .)35 ، 34:11‬ويقول فى سفر الرؤيا أن هللا أعد مكانا لتهرب فيه الكنيسة وهناك‬
‫يعولونها (رؤ‪ ، )12‬وللمؤمنين المسيحيين فى أورشليم يعد لهم هللا مكانا للهرب من الضربات اآلتية على مملكة‬
‫ضد المسيح (زك ‪ . )14‬فاهلل لن يتخلى عن شعبه وسط هذه الضيقة العظيمة ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الثاني عشر‬

‫يسمى هذا اإلصحاح إصحاح القيامة العامة‪ .‬فبعد أن إنتهى اإلصحاح السابق بأخبار ضد المسيح الذي يأتي في‬
‫نهاية األيام‪ .‬ينبؤنا هذا اإلصحاح بأحداث نهاية األيام والقيامة‪ .‬وألن هذا السفر يحدثنا عن ملكوت هللا‪ ،‬فنجد ختام‬
‫السفر يكلمنا عن القيامة التي فيها سيظهر ملكوت هللا بصورته الكاملة‪.‬‬

‫ان ِضيق َل ْم َي ُك ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اآلية (‪«1" -:)1‬وِفي ذلِك اْلوْق ِت يُقوم ِم َ ِ‬
‫يم اْلَقائ ُم لَِبني َش ْع ِب َك‪َ ،‬وَي ُكو ُن َزَم ُ‬ ‫الرِئ ُ‬
‫يس اْل َعظ ُ‬ ‫يل َّ‬
‫يخائ ُ‬ ‫َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ُم ٌة ِإَلى ذلِ َك اْلوْق ِت‪ .‬وِفي ذلِ َك اْلوْق ِت يَنجَّى َشعب َك‪ُ ،‬ك ُّل م ْن يوج ُد م ْك ُتوبا ِفي ِ‬
‫الس ْف ِر‪" .‬‬ ‫ُمْن ُذ َكاَن ْت أ َّ‬
‫َ ُ َ َ ا‬ ‫ُْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هذه األيام األخيرة مع ظهور الوحش (ضد المسيح) ستكون أيام ضيق لم يكن منذ كانت أمة = وما يجعلنا نفهم‬
‫هذه اآليات من سفر دانيال أنها على األيام األخيرة‪ ،‬أن هذا هو نفس ما قاله السيد المسيح وبنفس الكلمات عن‬
‫ٍ‬
‫األيام األخيرة "ألََّنه َيكون ح َينئذ ضي ٌق َعظ ٌ‬
‫يم َل ْم َيك ْن م ْثله م ْنذ ْٱبت َداء ٱْل َعاَلم إَلى ْٱآل َن َوَل ْن َيكو َن" (مت‪.)21:24‬‬
‫وسيكون ذلك نتيجة تسلط الشيطان الذى سمح هللا بأن ي َّحل‪ .‬حتى أن السيد المسيح قال "لو لم تقصر تلك األيام‬
‫لم يخلص جسد" (مت‪ . )22:24‬ولكن نشكر هللا فهم لهم سلطان على الجسد فقط‪ ،‬أى الشيطان وضد المسيح‬
‫وأتباعهم‪ .‬هؤالء لهم سلطان على الجسد فقط‪ .‬والضيق سيكون ناشئاً من أن شعب المسيح لن يقبل سمة الوحش‬
‫وبذلك لن يستطيع أن يبيع أو يشتري‪ .‬وأيضاً الضيق سيكون في صورة اضطهاد جسدي يصل لإلستشهاد ولكن‬
‫هللا لن يتخلى عن شعبه‪ .‬وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك (رؤ‪. )11-7:12‬‬
‫وسيرسل هللا شاهدين (إيليا وأخنوخ) ضد هذا الوحش ليحاربوه ويفسدوا أعماله ضد شعب هللا (رؤ‪ . )3:11‬وهذه‬
‫هي األيام التي ينجي فيها شعبك كل من يوجد مكتوبا في السفر قارن مع (رؤ‪ ،)5:3‬فهناك سفر للحياة مكتوب‬
‫فيه أسماء الذين يرثون الحياة‪ .‬ولكن من هم هؤالء الذين ينجوا؟ هم المؤمنين بالمسيح الذين يغلبون‪ ،‬وهذا واضح‬
‫من نفس اآلية "من يغلب لن أمحو اسمه من سفر الحياة"‪ .‬وأيضاً قد تشير هذه اآلية لليهود الذين سيؤمنون بالمسيح‬
‫في نهاية األيام فينجوا‪ .‬وما أجمل أن نشعر بأن هللا يرسل لنا قوى غير مرئية مثل المالك ميخائيل مع قوى مرئية‬
‫مثل إيليا وأخنوخ ليدافعوا عن الكنيسة وعن شعب هللا‪ ،‬بل وبأحداث عجيبة فى الطبيعة كالزلزال المذكور فى‬
‫(زك‪ ،)5-3 :14‬حقاً "إن نسيت األم رضيعها أنا ال أنساكم"‪ .‬وقد سبق المالك أن أخبر دانيال عن ميخائيل في‬
‫(دا ‪ )21:10‬أنه صديق وشفيع ومحارب عن الكنيسة‪.‬‬
‫وينجي شعبك = ال يجب أن نفهمها أن هللا سينجي شعبه من اإلستشهاد فهذا ليس في فكر هللا‪ .‬ولو كان هذا في‬
‫فكر هللا فلماذا سمح بعصور إستشهاد طويلة في الماضي ولكن ما تقصده اآلية هو النجاة من الهالك األبدي‬
‫(رؤ‪ )15:20‬والدخول لألمجاد‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫ِ‬ ‫هؤلَ ِء ِإَلى اْلحي ِ‬


‫اة األََب ِدَّية‪َ ،‬و ُ‬
‫هؤلَ ِء ِإَلى اْل َع ِار‬ ‫ََ‬ ‫ض َي ْس َت ْي ِقظُو َن‪ُ ،‬‬ ‫ين ِفي ُتَر ِ‬
‫اب األ َْر ِ‬ ‫آية (‪2" -:)2‬وَكِثيرو َن ِمن َّ ِ ِ‬
‫الراقد َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫اء األََب ِد ِي‪" .‬‬
‫الزِدر ِ‬
‫ل ْ َ‬
‫ِ‬
‫يها َي ْس َمع‬
‫اعةٌ ف َ‬
‫هذه هي القيامة العامة‪ .‬كل من مات ودفن فى تراب األرض سيقوم كما قال الرب يسوع "تَأْتي َس َ‬
‫امة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ٱلسيَئات إَلى قَي َ‬‫ين َعملوا َّ‬‫امة ٱْل َح َياة‪َ ،‬وٱلذ َ‬
‫ٱلصال َحات إَلى ق َي َ‬
‫ين َف َعلوا َّ‬
‫ص ْوتَه‪َ ،‬ف َي ْخرج ٱلذ َ‬
‫ين في ٱْلقبور َ‬
‫َجميع ٱلذ َ‬
‫ونة (يو‪.)29-28:5‬‬ ‫َّ‬
‫ٱلد ْين َ‬
‫كثيرون = لماذا يقول كثيرون بينما أن الكل سيقوم؟‬
‫‪ )1‬قوله كثيرون يقصد بهم األبرار الراقدين‪ ،‬لذلك يضيف أنهم يستيقظون للحياة األبدية أى يقومون لقيامة‬
‫الحياة (يو‪.)28 :5‬‬
‫َن َيع َّده‪ ،‬م ْن‬
‫َحٌد أ ْ‬
‫ير َل ْم َي ْستَط ْع أ َ‬
‫ظ ْرت َوإ َذا َج ْم ٌع َكث ٌ‬ ‫‪ )2‬وقوله كثيرون يذكرنا بما جاء فى سفر الرؤيا "ب ْع َد َه َذا َن َ‬
‫ام ٱْل َخروف" (رؤ‪.)9 :7‬‬ ‫َم َ‬
‫ام ٱْل َع ْرش َوأ َ‬
‫َم َ‬‫ٱألَْلس َنة‪َ ،‬واقفو َن أ َ‬
‫ٱأل َمم َوٱْل َقَبائل َوٱلشعوب َو ْ‬
‫كل ْ‬
‫‪ )3‬أى أن الوحى يريد أن ينوه على أن عدد الذين يخلصون هم عدداً هائالً‪ .‬فكلما زاد عدد الم َخَّلصين يكون‬
‫هذا سببا لفرح السماء (لو‪ .)7 :15‬ولذلك يقول الوحى أن عدد الذين يخلصون كثيرون‪ .‬هؤالء مصدر‬
‫فرح هللا والسمائيين‪ .‬هذا الفرح اإللهى بعودة أبناء هللا إلى حضنه هو ما جعل اآلب يقول "هذا هو إبنى‬
‫الحبيب الذى به سررت" يوم معمودية المسيح‪ ،‬فبالمعمودية نتحد بإبنه فنصير له أبناء‪.‬‬
‫‪ )4‬وبهذا يتمجد هللا ففداء المسيح لم يذهب س َدى‪.‬‬
‫ورجاء لكل من يجاهد لخالص نفسه‪ ،‬أن المخلصين كثيرون‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ )5‬وهذا يعطى إطمئنانا‬
‫اء األََب ِد ِي‪ .‬هذه اآلية تذكرنا بماقيل عن لعازر والغنى‬‫الزِدر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وأما الباقين فهم األشرار قال عنهم و ُ ِ‬
‫هؤلَء ِإَلى اْل َع ِار ل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ضا َودف َن" (لو‪ .)22 :16‬هنا نجد العالقة‬‫ات ٱْل َغني أ َْي ً‬‫يم‪َ .‬و َم َ‬
‫ضن إ ْب َراه َ‬ ‫ات ٱْلم ْسكين َو َح َمَل ْته ٱْل َم َالئ َكة إَلى ح ْ‬
‫"َف َم َ‬
‫واضحة بين المالئكة واألبرار‪.‬‬
‫والحظ أنه يسمى األموات راقدين‪ ،‬وهذه تسمية العهد الجديد كما قال المسيح "حبيبنا لعازر قد نام" ونالحظ أن‬
‫هناك مكانين فقط بعد الموت‪ ،‬إذاً أين الملك األلفي وأين المطهر؟!!‬
‫مدعين أنه ال أحد يستطيع إحتمال‬‫وهذه اآلية مناسبة هنا جداً‪ ،‬فمع هذه الضيقات الشديدة سنجد كثيرين يخورون َّ‬
‫هذا العذاب‪ .‬ولكن ترد عليهم هذه اآلية بأن كثيرين يخلصون ويثبتون محتملين هذه األالم‪ .‬وهذه اآلية تشجع كل‬
‫من يصبر على ضيقات هذا العالم‪.‬‬

‫اك ِب ِإَلى أََب ِد ُّ‬


‫الد ُه ِ‬
‫ور‪".‬‬ ‫يرين ِإَلى اْل ِب ِر َكاْل َكو ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ين َرُّدوا َكث ِ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫آية (‪3 " -:)3‬واْل َف ِ‬
‫اه ُمو َن َي ِض ُ‬
‫يئو َن َكضَياء اْل َجَلد‪َ ،‬و َّالذ َ‬ ‫َ‬
‫من عرف المسيح وامتأل من الروح القدس يعطي له الروح فهماً‪ .‬وحين يظهر هذا الوحش سيعرفونه من العالمات‬
‫التى ذكرها الكتاب (العالمات فى إصحاح‪ .)11‬وحين يخدع وحش األرض الناس بخداعاته (رؤ‪ )13‬سيكتشفها‬
‫وخ َد َع ْته حيل هذا المضل‪ .‬ولكن من يشهد للمسيح في هذه األيام‬
‫هؤالء الفاهمين‪ .‬ويشرحوا لمن ليس له فهم َ‬
‫سيعرض نفسه لإلستشهاد والضيق ‪ ،‬ولكن "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه" (رؤ‪ .)17:8‬وهؤالء مجد‬

‫‪124‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫"الرب اإلله ينير عليهم" (رؤ‪ )5:22‬والقديسين سيكونون في السماء كالكواكب ألن المسيح سيكون هو شمس البر‬
‫الذى يضئ لهم‪.‬‬

‫الن َه َاي ِة‪َ .‬ك ِث ُيرو َن َي َت َص َّف ُحوَن ُه َواْل َم ْع ِرَف ُة‬
‫الس ْفر ِإَلى وْق ِت ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اخ ِتمِ ِ‬ ‫َخ ِ‬
‫ف اْل َكالَ َم َو ْ‬ ‫يآل َفأ ْ‬ ‫ِ‬
‫َما أَْن َت َيا َدان ُ‬
‫‪4‬‬
‫آية (‪ « " -:)4‬أ َّ‬
‫َت ْزَد ُاد»‪".‬‬
‫إخف الكالم = المالك جبرائيل كان يشرح الكثير لدانيال‪ ،‬ولكن الرب منع دانيال من إعالن كل ما عرفه كما منع‬ ‫ِ‬
‫يوحنا الرائى من إعالن ما قالته الرعود السبعة (رؤ‪.)4 :10‬‬
‫معنى الكالم أن كلمات هذا السفر ستكون غامضة إلى وقت النهاية‪ .‬وقرب النهاية ستتضح معاني الكلمات حتى‬
‫تكون شاهداً‪ ،‬ومؤيدة بعالمات تكشف هذا الوحش‪ .‬وفي وقت النهاية كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد بخصوص‬
‫عالمات هذه األيام‪ .‬ويتأكدون من صدق مواعيد هللا‪ ،‬فهو قد سبق وأخبرهم بكل شئ‪ ،‬وهذا مما يزيد الثقة واإلطمئنان‪.‬‬
‫أشياء كثيرة بدأت تتكشف اآلن ‪-:‬‬
‫• بدأنا نعرف كيف يصنع الوحش عالمة بها يبيع أتباعه ويشترون (رؤ‪.)13‬‬
‫• بعد الفضائيات فهمنا كيف يرى العالم كله جثتى النبيين (رؤ‪.)11‬‬

‫احٌد ِمن هَنا عَلى َش ِ‬ ‫ِ‬


‫آخُر ِم ْن ُهَن َ‬ ‫اط ِئ َّ‬
‫الن ْه ِر‪َ ،‬و َ‬ ‫آخري ِن َق ْد وَق َفا و ِ‬
‫يآل َوِإ َذا ِبا ْثَن ْي ِن َ َ ْ‬
‫ظْر ُت أََنا َدان َ‬
‫‪5‬‬
‫اك َعَلى‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫آية (‪َ " -:)5‬فَن َ‬
‫َش ِ‬
‫اط ِئ َّ‬
‫الن ْه ِر‪" .‬‬
‫هنا دانيال يري مالكين كل منهما على ضفة من ضفاف النهر‪ .‬فاهلل يحيط شعبه دائما بمالئكته ليقووا ويساندوا‬
‫شعبه فى كل مكان = مالك على كل شاطئ ‪.‬‬

‫اء اْل َع َج ِائ ِب؟» "‬ ‫ِ‬ ‫ق ِمَي ِاه َّ‬


‫الن ْه ِر‪ِ« :‬إَلى َم َتى اْنت َه ُ‬ ‫ان َّال ِذي ِم ْن َف ْو ِ‬ ‫ال لِ َّلر ُج ِل الالَّ ِب ِ‬
‫س اْل َك َّت ِ‬ ‫‪6‬‬
‫آية (‪َ " -:)6‬وَق َ‬
‫أما الرجل الالبس الكتان فهو المسيح‪ .‬وواضح إهتمام المالك بالبشر وهو الذي يسأل إلى متى انتهاء العجائب =‬
‫أي متى ستكون هذه النهاية‪ .‬أو متى تأتي وتنتهي هذه األحداث‪ .‬وقد سمع دانيال سؤال المالك للمسيح ورد المسيح‬
‫عليه‪ .‬والحظ أن المسيح مكانه هنا فوق مياه النهر= والنهر هو نهر دجلة الذي قيل عنه في (دا ‪ )4:10‬وعرفنا‬
‫سابقاً أن جريانه السريع وإندفاعه وعمقه تشير لألحداث الرهيبة األخيرة أو المعارك الحربية األخيرة التي كانت رم اًز‬
‫لها حروب الماضي بين اليونان والفرس‪ .‬وفي األيام األخيرة تشير ألحداث صاخبة مثل إندفاع مياه دجلة‪ .‬ولكن‬
‫أليس من المعزي جداً والمبهج لنا جداً أن المسيح فوق هذه األحداث أي يسيطر عليها ويتحكم فيها لصالح شعبه‪.‬‬
‫والمسيح عمل نفس الشئ وسار فوق البحر الهائج بل جعل بطرس يعمل نفس الشئ ‪ .‬وهذه العبارة تتكرر ثانية‬
‫في آية (‪ )7‬كتأكيد لهذا‪ ،‬أن هللا هو ضابط الكل‪ .‬وكيف يستغل هللا هذه األحداث لصالح شعبه‪ .‬راجع اآلية (‪)10‬‬
‫من هذا اإلصحاح كثيرون يتطهرون ويبيضون ويمحصون = هذه هي فوائد الضيقات‪ .‬وكان سير المسيح على‬
‫مياه البحر بنفس المعني وإنتهار المسيح للبحر فيهدأ "حتى البحر يطيعه" ‪ .‬ويبدو أن المالك سأل هذا السؤال‬

‫‪125‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫نيابة عن دانيال الذي خشى أن يسأله وذلك ألن المسيح أراد هذا‪ .‬فهو كان يرد على أسئلة التالميذ التي يريدون‬
‫أن يسألوها (يو‪ )19:16‬والحظ قوله يتطهرون ويبيضون‪ ..‬وقارن مع قصة الثالثة فتية في أتون النار فاهلل يسمح‬
‫بالضيقات حتى نتطهر ونتحرر من قيودنا (كما إحترقت أربطة الفتية ولم تحترق ثيابهم) ويكون هو معنا في وسط‬
‫الضيقة يعزينا كما كان إبن اإلنسان فى اآلتون مع الفتية‪.‬‬

‫لسماو ِ‬
‫ات‬ ‫اه َن ْح َو ا َّ َ َ‬ ‫اه َوُي ْسَر ُ‬ ‫ق ِمَي ِاه َّ‬
‫الن ْه ِر‪ِ ،‬إ ْذ َرَف َع ُي ْمَن ُ‬ ‫ان َّال ِذي ِم ْن َف ْو ِ‬ ‫س اْل َك َّت ِ‬ ‫آية (‪َ " -:)7‬ف َس ِم ْع ُت َّ‬
‫الر ُج َل الالَّ ِب َ‬
‫‪7‬‬

‫هذ ِه»‪".‬‬
‫س َت ِت ُّم ُك ُّل ِ‬‫يق أ َْي ِدي ال َّش ْع ِب اْل ُمَقَّد ِ‬
‫ف‪َ .‬فِإ َذا َت َّم َت ْف ِر ُ‬ ‫ان َوَزَماَنْي ِن َوِن ْص ٍ‬ ‫ف ِباْل َح ِي ِإَلى األََب ِد‪ِ « :‬إَّن ُه ِإَلى َزَم ٍ‬ ‫َو َحَل َ‬
‫ان = المسيح يظهر فى مالبس الكهنة‪ ،‬فهو يشفع فينا بدم ذبيحة نفسه التى قدمها على الصليب‪.‬‬ ‫الر ُج َل الالَّ ِب َ‬
‫س اْل َك َّت ِ‬ ‫َّ‬
‫وهذا يعطينا اإلطمئنان وسط هذه الضيقة العظيمة أننا لنا شفيع قوى يسندنا وسط هذه الضيقة‪.‬‬
‫اإلجابة كانت زمانا وزمانين ونصف زمان = هذه اإلجابة الرمزية تتكرر كثي اًر‪ .‬وهي تعني [‪ ]1‬ملء الزمان أي‬
‫حينما تنضج األحداث وتكتمل ويرى هللا هذا مناسباً [‪ ]2‬هي فترة ضيقات ولكنها مؤقتة وتنتهي بمجد هلل [‪ ]3‬قد‬
‫[‪ ]4‬ولها تفسير آخر‪ ،‬كتأمل‬ ‫‪ 3‬سنة‬ ‫تعنى نصف األسبوع األخير من نبوة السبعين أسبوعاً (دا ‪ )9‬أي‬
‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-:‬‬
‫فزمان = تعني أنه ملء الزمان أي أفضل توقيت لحدوث هذا في علم هللا الكامل‪.‬‬
‫وزمانين= بالنسبة للبشر فهم متسرعين‪ ،‬لكن عليهم أن يتعلموا الصبر فهم يريدون تنفيذ األحداث اآلن‪ ،‬أو نهاية‬
‫الضيقات اآلن‪ .‬لكن هللا يقول ال‪ ..‬فعليكم أن تعتبروا مدة تنفيذ هذه األحداث ضعف ما تتصورون‪ ،‬أي ال داعي‬
‫للعجلة‪.‬‬
‫ونصف زمان= هذه بالنسبة للمتهاونين‪ ،‬هؤالء عليهم أن يعلموا أن المسيح سيأتي بأسرع مما يتصورون فالوقت‬
‫منذ اآلن مقصر "ويوم الرب يأتي كلص"‪ .‬وحين تتم األحداث سيجد اإلنسان أن الوقت كان أسرع مما يتصور‪ .‬بل‬
‫أن هللا نفسه مشتاق أن يعود اإلنسان إلى صورة المجد والبهاء التى خلقه عليها أوال بل ستكون أفضل (رو‪: 5‬‬
‫‪. )15‬‬
‫وهذا الوقت تم التعبير عنه في سفر الرؤيا بنفس األسلوب‪ .‬وهذا الوقت تم بقسم فقد رفع البس الكتان كلتا يديه‪،‬‬
‫وهكذا صنع في سفرالرؤيا (‪ .)6 ، 5:10‬أي تأكيد أكثر من هذا؟! فحين يأتي أحد وينكر المجئ الثاني فأي دينونة‬
‫تنتظره (‪2‬بط‪.)4:3‬‬
‫فإذا تم تفريق أيدي الشعب المقدس‪ .‬ويعود في (‪ )11‬ويحدد بدءها إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخرب‪.‬‬
‫فقد يعني هذا سيطرة كاملة للوحش أو ضد المسيح مما يتسبب في تعطيل العبادة في الكنائس‪ .‬وإقامة رجس‬
‫المخرب‪ .‬من المحتمل أن يكون هذا بجلوس ضد المسيح في الهيكل مظه اًر نفسه أنه إله‪ .‬ويمكن بعدها حساب‬
‫مدة األالم باأليام كما في آية (‪ .)11‬رجس المخرب = الرجس هو إنتشار الخطية – وهذا يكون سبباً للخراب =‬
‫المخرب‪ .‬فالخراب هو النتيجة المتوقعة إلنتشار الخطية‪ ،‬فاهلل قدوس وال يمكن أن يتغاضى عن الشر‪ .‬وقوله إقامة‬

‫‪126‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫تعنى بدء الخراب نتيجة الرجس الذى حدث بل وإنتشر إنتشا ار ‪ -‬راجع تفسير "على جناح األرجاس م َخ َّر ٌب" (دا‪:9‬‬
‫‪.)27‬‬

‫هذ ِه؟» "‬


‫آخر ِ‬‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫«يا َسِيدي‪َ ،‬ما ه َي ُ‬
‫ِ‬
‫اآلية (‪َ " -:)8‬وأََنا َسم ْع ُت َو َما َف ِه ْم ُت‪َ .‬فُقْل ُت‪َ :‬‬
‫‪8‬‬

‫هذا سؤال كل محب للكنيسة هنا دانيال هو الذي يسأل‪ ،‬وما آخر كل هذا الشر الذي في العالم‪ .‬ودانيال يعبر هنا‬
‫عن عدم فهمه فلنتضع ونقول ونحن أيضاً ال نفهم‪ .‬وبنفس المعنى صرخت النفوس التى تحت المذبح فى السماء‬
‫قائلة (رؤ‪. )10 : 6‬‬

‫الن َه َاي ِة‪".‬‬


‫ات م ْخ ِفَّي ٌة وم ْخ ُتوم ٌة ِإَلى وْق ِت ِ‬
‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫اآلية (‪َ 9" -:)9‬فَقال‪« :‬ا ْذهب يا َد ِانيآل أل َّ ِ ِ‬
‫َن اْل َكل َم َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫ولكن هذه الكلمات ستظل مختومة وغير مفهومة حتى وقت النهاية "حين تزداد المعرفة" ويكون لهذه اآليات فائدة‬
‫وربما لو عرف معناها اآلن تماماً لتعطلت خطة هللا‪ ،‬وهذه هي طبيعة النبوات فهي تفهم بعد تنفيذها أو بالقرب من‬
‫موعد تنفيذها ليكون لها فائدة‪.‬‬

‫َشر ِار‪ِ ،‬‬


‫لك ِن‬ ‫َشَرُار َفَي ْف َعُلو َن َشًّرا‪َ .‬ولَ َي ْف َه ُم أ َ‬ ‫َّصو َن‪ ،‬أ َّ‬
‫ضو َن َوُي َمح ُ‬ ‫آية (‪َ " -:)10‬ك ِث ُيرو َن َي َت َ‬
‫ط َّهُرو َن َوُيَبَّي ُ‬
‫‪10‬‬
‫َح ُد األ ْ َ‬ ‫َما األ ْ‬
‫اْل َف ِ‬
‫اه ُمو َن َي ْف َه ُمو َن‪".‬‬
‫هذه اآلالم يكون لها عمل النار المطهرة للمؤمنين وأما األشرار فيزدادون تجديفاً على هللا‪ ،‬ولن يقدموا توبة‪( .‬راجع‬
‫رؤ‪" )20:9‬فلم يتوبوا بعد‪ "..‬بالرغم من الضربات التي بيضت وطهرت غيرهم ‪( +‬رؤ‪ )9:16‬فهم "لم يتوبوا بل هم‬
‫جدفوا أيضاً" ‪( +‬رؤ‪" )10:16‬يعضون ألسنتهم من الوجع" ‪ ....‬وهذا ما يسمى روحيا " خطية مصر " ‪.‬‬
‫وأما الذين أعطاهم الروح القدس فهماً فسيفهمون ويقدمون توبة واآلن نجد كال القمح والزوان في الحقل وكالهما‬
‫ينميان معاً حتى يوم النهاية‪ .‬وهذه اآلية هي نفسها (رؤ‪ )11:22‬من هو نجس فليتنجس بعد ‪.‬‬
‫َشَرُار َفَي ْف َعُلو َن َش ار =‪ the wicked will persist in doing wrong‬األشرار يستمروا فى العناد ويخطئوا‪.‬‬
‫َما األ ْ‬
‫أ َّ‬
‫َشَر ِار= ‪ the wicked will never understand‬وهؤالء األشرار ستعمى عيونهم ولن يفهموا أن‬ ‫َح ُد األ ْ‬
‫َولَ َي ْف َه ُم أ َ‬
‫النهاية قد إقتربت (‪2‬بط‪ .)4:3‬فالخطية تعمى العيون (يو‪ + 19:3‬مت‪.)15 ، 14:13‬‬
‫لك ِن اْل َف ِ‬
‫اه ُمو َن َي ْف َه ُمو َن = ‪ who are wise will understand‬الحكماء يستفيدون من التجربة‪ .‬والفهم والحكمة‬ ‫ِ‬
‫هم للمملوء من الروح القدس‪ ،‬روح الحكمة والفهم‪ ،‬روح النصح (إش‪2 + 2 :11‬تى‪ .)7 :1‬الفاهمون سيكتشفوا‬
‫خداعات ضد المسيح‪ ،‬وسيكشفوها لآلخرين وسوف يرشدهم الروح القدس للتصرف الحكيم وقتها‪.‬‬

‫ان َوِت ْس ُعو َن َي ْو اما‪" .‬‬


‫ف َو ِمَئ َت ِ‬ ‫ام ِة ِر ْج ِ‬
‫س اْل ُم َخَّر ِب أَْل ٌ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫‪ِ 11‬‬
‫آية (‪َ " -:)11‬وم ْن َوْقت إَازَلة اْل ُم ْحَرَقة الدَّائ َمة َوِإ َق َ‬
‫‪1290‬يوما هي المدة التي تبطل فيها الشعائر الدينية‪ ،‬حين يبطل الوحش العبادة‪ ،‬هذه التى قال عنها "وبه‬
‫أبطلت المحرقة الدائمة" (دا‪ )11 : 8‬وهذه تعنى بالنسبة للكنيسة تعطيل صلوات الكنائس وسر اإلفخارستيا‪ .‬مع‬

‫‪127‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫مالحظة أنه في خالل هذه المدة ولمدة ‪1260‬يوماً سيشهد للمسيح شاهديه إيليا وأخنوخ (رؤ‪ )3:11‬بينما‬
‫سيدوس األمم المدينة المقدسة ‪ 42‬شه اًر أي ‪ 1278‬أو ‪ 1279‬يوماً وهنا مجرد تصور لتقسيم هذه المدة وهي‬
‫محاولة للفهم‪ ،‬هى مجرد محاولة لكن األمر سيظل غامضاً إلى أن يتضح في حينه‪.‬‬

‫الثالَ ِث ِمَئ ٍة واْل َخمس ِة و َّ ِ‬


‫ف و َّ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبى ل َم ْن َيْن َتظُر َوَيْبُل ُغ ِإَلى األَ ْل َ‬
‫‪12‬‬
‫ين َي ْو اما‪".‬‬
‫الثالَ ث َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫آية (‪ " -:)12‬طُ َ‬
‫وطوبى لمن ينهي فترة الـ‪ 1335‬يوماً ومازال على اإليمان = طوبى لمن ينتظر ويبلغ إلى ‪ 1335‬يوما (‪ )12‬أي‬
‫يحتمل األالم التي سيثيرها هذا الوحش ضد المؤمنين وهذه تساوي قوله من يغلب في سفر الرؤيا‪ .‬ينتظر ويبلغ =‬
‫ليصل ويبلغ األمجاد‪.‬‬

‫وم لُِقر َع ِت َك ِفي ِن َه َاي ِة األََّيامِ»‪".‬‬


‫وتُق َ‬
‫يح‪َ ،‬‬ ‫الن َه َاي ِة َ‬
‫فت ْس َت ِر َ‬
‫َما أَْن َت َفا ْذهب ِإَلى ِ‬
‫َْ‬
‫‪13‬‬
‫آية (‪ " -:)13‬أ َّ‬
‫الحظ أن الموت راحة‪ (.‬وهذه هي الكلمة التي تستخدمها كنيستنا مع المنتقلين ‪ ،‬ونستعملها بالنطق السرياني تنيح‬
‫أي إستراح‪ ،‬ونياح أي راحة)‪ .‬والحظ أن اآلية تتكلم أيضاً عن القيامة = وتقوم لقرعتك في نهاية األيام =‬
‫قرعتك تعنى نصيبك وميراثك‪ .‬ونهاية األيام تعنى مجئ المسيح الثانى للدينونة وفيها مكافأة األبرار مثل دانيال‪.‬‬
‫وكان دانيال في هذا الوقت قد وصل لشيخوخة كبيرة‪ ،‬لم يستطع بسببها غالباً أن يعود إلى وطنه‪ ،‬رغم أن كورش‬

‫‪128‬‬
‫سفر دانيال (اإلصحاح الثاني عشر)‬

‫كان قد سمح بعودة اليهود سنة ‪ 536‬ق‪.‬م‪ .‬وغالباً فقد مات دانيال سنة ‪ 534‬ق‪.‬م‪ .‬أي بعد هذه الرؤيا مباشرة‪.‬‬
‫وقد دفن في برج كبير في عاصمة مادي كان مثوى لملوك مادي وفارس وتعيد كنيستنا القبطية لنياحته في يوم‬
‫‪23‬برمهات بركة صالته تكون معنا آمين‪.‬‬
‫هناك رقم آخر نضعه أمام عيوننا وهو الـ ‪ 2300‬يوما (إصحاح‪)8‬‬
‫وكمجرد تصور لمعانى األرقام يكون‪-:‬‬
‫• الـ ‪ 2300‬يوم من يوم ظهور هذا الوحش كقوة عالمية مؤثرة‪.‬‬
‫• الـ ‪ 1335‬يوم من يوم ظهوره كقوة شريرة تقاوم هللا وتضطهد كنيسته‪.‬‬
‫• الـ ‪ 1290‬يوم من يوم إستيالءه على الكنائس وتعطيل سر اإلفخارستيا‪.‬‬
‫• الـ ‪ 1278‬من يوم دوس أورشليم‪.‬‬
‫• الـ ‪ 1260‬يوم من يوم ظهور الشاهدين إيليا وأخنوخ حتى يقتلهما الوحش‪.‬‬
‫• بعد ‪ 3‬أيام يقوم الشاهدان ويصعدان للسماء فى السحابة (رؤ‪.)13‬‬
‫• يتبقى أسبوعين على نهاية العالم لمن يتحرك قلبه ويفهم فيتوب‪.‬‬
‫ولكن يبدو أن هذه األرقام تحمل معانى خفية لن نفهم معناها اآلن وكأنها مكتوبة بالشفرة‪ .‬ولكنها سوف تنبئنا بما‬
‫يجب علينا أن نعمله أيام ضد المسيح هذا‪ .‬هللا لن يتركنا وسط الضيقة وحدنا ولكنه سيقودنا وسطها ويرشدنا‪،‬‬
‫وذلك عن طريق معلومات أخفاها فى الكتاب ستتضح معانيها فى نهاية األيام‪ ،‬أيام ضد المسيح‪ ،‬أيام الضيقة‬
‫العظيمة‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الثالث‬

‫المقدمة‬

‫• تتمة ســفر دانيال تشــتمل على تســبحة الثالثة فتية في األتون‪ .‬وهذه تضــاف بين اآلية (‪ )23‬واآلية (‪ )24‬في‬
‫اإلصــحاح الثالث من ســفر دانيال‪ .‬كما تشــتمل التتمة على اإلصــحاح الثالث عشــر ويتكلم عن قصــة ســوســنة‬
‫العفيفة واإلصحاح الرابع عشر ويشمل قصتي الصنم بال والتنين‪.‬‬
‫• الكثير من اآلباء شهدوا بصحتها‪ ،‬ومع هذا لم توردها نسخة بيروت للكتاب المقدس‪.‬‬
‫• هناك أجزاء كثيرة من تسبحة نصف الليل مأخوذة من هذه التتمة وبالذات الهوس الثالث‪.‬‬

‫األسفار القانونية الثانية‬

‫بقية اإلصحاح الثالث‬

‫تسبحة الثالثة فتية القديسين‪:‬‬

‫ووقف عزريا‬ ‫‪25‬‬


‫اآليات (‪24 " -:)90-24‬فكانوا يتمشططططططون في وسططططططط اللهيب مسططططططبحين هللا ومباركين الرب‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫مبارك أنت أيها الرب اله آبائنا وحميد واسطططططططمك ممجد إلى‬ ‫وصطططططططلى هكذا وفتح فاه في وسطططططططط النار وقال‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪27‬‬
‫وقد‬ ‫ألنك عادل في جميع ما صطنعت وأعمالك كلها صطدق وطرقك اسطتقامة وجميع أحكامك حق‪.‬‬ ‫الدهور‪.‬‬
‫أجريت أحكام حق في جميع ما جلبت علينا وعلى مدينة آبائنا المقدسططططططة أورشططططططليم ألنك بالحق والحكم جلبت‬
‫‪30‬‬ ‫‪29‬‬
‫ولم نسطططمع لوصطططاياك‬ ‫إذ قد خطئنا واثمنا مرتدين عنك وأجرمنا في كل شطططيء‪.‬‬ ‫جميع ذلك ألجل خطايانا‪.‬‬
‫فجميع ما جلبت علينا وجميع ما صطططططنعت بنا إنما‬ ‫‪31‬‬
‫ولم نحفظها ولم نعمل بما أوصطططططيتنا لكي يكون لنا خير‪.‬‬
‫فأسططططلمتنا إلى أيدي أعداء آثمة وكفرة ذوي بغضططططاء وملك ظالم شططططر من كل من على‬ ‫‪32‬‬
‫صططططنعته بحكم حق‪.‬‬
‫‪34‬‬ ‫‪33‬‬
‫فال تخطذلنطا إلى‬ ‫واآلن ليس لنطا أن نفتح أفواهنطا فقطد صطططططططططرنطا خزيطا وعطا ار لعبيطدك والقطانتين لطك‪.‬‬ ‫األرض‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫ول تصرف رحمتك عنا ألجل إبراهيم خليلك واسحق عبدك وإسرائيل‬ ‫النقضاء ألجل اسمك ول تنقض عهدك‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪36‬‬
‫لقد جعلنا‬ ‫الذين قلت لهم انك تكثر نسططططلهم كنجوم السططططماء وكالرمل الذي على شططططاطئ البحر‪.‬‬ ‫قديسططططك‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫وليس لنطا في هطذا الزمطان‬ ‫أيهطا الرب اقطل عطددا من كطل أمطة ونحن اليوم أذلء في كطل األرض ألجطل خططايطانطا‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫ولنيل‬ ‫رئيس ول نبي ول قائد ول محرقة ول ذبيحة ول تقدمة ول بخور ول موضطططططططططع لتقريب البواكير أمامك‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫وكمحرقات الكباش والثيران وربوات الحمالن السطمان‬ ‫رحمتك ولكن لنسطحاق نفوسطنا وتواضطع أرواحنا اقبلنا‪.‬‬
‫أنطا نتبعطك اآلن بكطل قلوبنطا‬ ‫‪41‬‬
‫هكطذا فلتكن ذبيحتنطا أمطامطك اليوم حتى ترضططططططط طيطك فطانطه ل خزي للمتوكلين عليطك‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫‪43‬‬ ‫‪42‬‬
‫وأنقذنا على حسطططططططب عجائبك‬ ‫فال تخزنا بل عاملنا بحسطططططططب رأفتك وكثرة رحمتك‪.‬‬ ‫ونتقيك ونبتغي وجهك‪.‬‬
‫وليخجل جميع الذين أروا عبيدك المساوئ وليخزوا ساقطين عن كل اقتدارهم‬ ‫‪44‬‬
‫وأعط المجد لسمك أيها الرب‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫‪45‬‬
‫ولم يزل خدام الملك الذين‬ ‫وليعلموا انك أنت الرب اإلله وحدك المجيد في كل المسكونة‪.‬‬ ‫ولتحطم قوتهم‪.‬‬
‫فارتفع اللهيب فوق اآلتون تسططعا وأربعين ذراعا‪.‬‬ ‫‪47‬‬
‫القوهم يوقدون اآلتون بالنفط والزفت والمشططاقة والزرجون‪.‬‬
‫أما أصطططططحاب عزريا فنزل مالك الرب إلى‬ ‫‪49‬‬
‫وانتشطططططر واحرق الذين صطططططادفهم حول اآلتون من الكلدانيين‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫وجعل وسططط اآلتون ريحا ذات ندى تهب فلم تمسططهم النار البتة‬ ‫‪50‬‬
‫داخل اآلتون وطرد لهيب النار عن اآلتون‪.‬‬
‫مبارك أنت‬ ‫‪52‬‬
‫حينئذ سطبح الثالثة بفم واحد ومجدوا وباركوا هللا في اآلتون قائلين‪.‬‬ ‫‪51‬‬
‫ولم تسطؤهم ولم تزعجهم‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫مبارك أنت‬ ‫أيها الرب اله آبائنا وحميد ورفيع إلى الدهور ومبارك اسطططططططم مجدك القدوس ورفيع إلى الدهور‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫مبطارك أنطت في عرش ملكطك ومسطططططططططبح ورفيع إلى‬ ‫في هيكطل مجطدك القطدوس ومسطططططططططبح وممجطد الى الطدهور‪.‬‬
‫‪56‬‬ ‫‪55‬‬
‫مبارك أنت‬ ‫مبارك أنت أيها الناظر األعماق الجالس على الكروبين ومسطططبح ورفيع إلى الدهور‪.‬‬ ‫الدهور‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫باركي الرب يا جميع أعمال الرب سطبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬ ‫في جلد السطماء ومسطبح وممجد إلى الدهور‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫‪58‬‬
‫باركي الرب أيتها السطماوات سطبحي وارفعيه إلى‬ ‫باركوا الرب يا مالئكة الرب سطبحوا وارفعوه إلى الدهور‪.‬‬
‫باركي الرب يا جميع‬ ‫‪61‬‬
‫باركي الرب يا جميع المياه التي فوق السماء سبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬ ‫‪60‬‬
‫الدهور‪.‬‬
‫‪63‬‬ ‫‪62‬‬
‫باركا الرب أيها الشططططططمس والقمر سططططططبحا وارفعاه إلى الدهور‪.‬‬ ‫جنود الرب سططططططبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫باركي الرب يا جميع األمطار واألنداء سطططططبحي‬ ‫باركي الرب يا نجوم السطططططماء سطططططبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫‪65‬‬
‫بطاركطا الرب أيهطا النطار‬ ‫بطاركي الرب يطا جميع الريطاح سطططططططططبحي وارفعيطه إلى الطدهور‪.‬‬ ‫وارفعيطه إلى الطدهور‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫‪67‬‬
‫باركا الرب أيها‬ ‫باركا الرب أيها البرد والحر سطبحا وارفعاه إلى الدهور‪.‬‬ ‫والحر سطبحا وارفعاه إلى الدهور‪.‬‬
‫‪70‬‬ ‫‪69‬‬
‫باركا‬ ‫باركا الرب أيها الجمد والبرد سطططبحا وارفعاه إلى الدهور‪.‬‬ ‫الندى والجليد سطططبحا وارفعاه إلى الدهور‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫باركا الرب أيها الليل والنهار سططططططططبحا وارفعاه إلى‬ ‫الرب ايها الصططططططططقيع والثلج سططططططططبحا وارفعاه إلى الدهور‪.‬‬
‫باركي الرب أيتها البروق والسطططططحب‬ ‫‪73‬‬
‫باركا الرب أيها النور والظلمة سطططططبحا وارفعاه إلى الدهور‪.‬‬ ‫‪72‬‬
‫الدهور‪.‬‬
‫‪75‬‬ ‫‪74‬‬
‫باركي الرب أيتها الجبال‬ ‫لتبارك األرض الرب لتسططططبح وترفعه إلى الدهور‪.‬‬ ‫سطططططبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫‪76‬‬
‫باركي الرب يا جميع أنبتة األرض سططططططططبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬ ‫والتالل سططططططططبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫باركي الرب أيتها البحار واألنهار سبحي وارفعيه إلى‬ ‫باركي الرب أيتها الينابيع سبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫‪79‬‬
‫باركي الرب‬ ‫باركي الرب أيتها الحيتان وجميع ما يتحرك في المياه سطططبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬ ‫الدهور‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫باركي الرب يا جميع الوحوش والبهائم سططبحي وارفعيه‬ ‫يا جميع طيور السططماء سططبحي وارفعيه إلى الدهور‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫‪82‬‬
‫باركوا الرب يا إسرائيل سبحوا وارفعوه‬ ‫باركوا الرب يا بني البشر سبحوا وارفعوه إلى الدهور‪.‬‬ ‫إلى الدهور‪.‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪84‬‬
‫باركوا الرب يا عبيد الرب سطططططططبحوا‬ ‫باركوا الرب يا كهنة الرب سطططططططبحوا وارفعوه إلى الدهور‪.‬‬ ‫إلى الدهور‪.‬‬
‫‪87‬‬ ‫‪86‬‬
‫باركوا الرب‬ ‫باركوا الرب يا أرواح ونفوس الصططططططديقين سططططططبحوا وارفعوه إلى الدهور‪.‬‬ ‫وارفعوه إلى الدهور‪.‬‬
‫باركوا الرب يا حننيا وعزريا وميشطططططائيل‬ ‫‪88‬‬
‫أيها القديسطططططون والمتواضطططططعو القلوب سطططططبحوا وارفعوه إلى الدهور‪.‬‬
‫سطططططططبحوا وارفعوه إلى الدهور ألنه أنقذنا من الجحيم وخلصطططططططنا من يد الموت ونجانا من وسطططططططط آتون اللهيب‬

‫‪131‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫‪90‬‬ ‫‪89‬‬
‫باركوا يا جميع القانتين الرب‬ ‫اعترفوا للرب ألنه صطالح لن إلى األبد رحمته‪.‬‬ ‫المضططرم ومن وسطط النار‪.‬‬
‫اله اآللهة سبحوا واعترفوا لن إلى األبد رحمته‪".‬‬
‫ونالحظ عناصر تسبحتهم و صالتهم‪-:‬‬
‫‪ .1‬العتراف بالخطية‪ :‬كان هذا بانسحاق ويقولون أن كل هذا أتى عليهم (السبي‪ /‬احتراق أورشليم‪ /‬إلقائهم في‬
‫آتون النار) بسبب خطيتهم وهذا هو قول العشار اللهم ارحمني أنا الخاطئ وهذا ما قاله النبي إرمياء في‬
‫المراثي فهم لم ينسبوا هلل ظلماً‪.‬‬
‫‪ .2‬اللجاجة في الصالة‪ :‬ال تخذلنا لإلنقضاء‪ ...‬أطلبوا تجدوا‪...‬‬
‫‪ .3‬الشفاعة‪ :‬كانوا يصلون قائلين "من أجل إبراهيم واسحق ويعقوب"‪.‬‬
‫‪ .4‬الذبائح المقبولة ‪ :‬إقبل ذبائحنا قدامك‪ .‬يقول بولس الرسول " قدموا أجسادكم ذبائح حية ولكن هؤالء قدموا‬
‫أجسادهم ذبائح حقيقية‪ .‬علينا أن نحسب كل شئ رخيصاً أمام هللا"‪.‬‬
‫‪ .5‬الشكر‪ :‬ألنه أنقذهم من النار‪ .‬والكنيسة تضع صالة الشكر في مقدمة كل صالة‪.‬‬
‫‪ .6‬العهد مع هللا‪ :‬نتبعك اآلن من كل قلوبنا‪ .‬والتوبة هي نوع من العهد مع هللا‪.‬‬
‫التمجيد‪ :‬خليقة هللا الجملية (شمس ‪ /‬نجوم‪ )..‬تمجد هللا وشاهدة على عمله وعظمته‪.‬‬
‫تأمالت‪-:‬‬
‫هللا يسمح بالتجارب وال يرفعها عن عبيده وأبنائه‪ ،‬بل يأتي ويعزيهم ويرافقهم وسط الضيقة كما حدث هنا‪ .‬وفائدة‬
‫التجارب هي قطع رباطات الخطية وهذا ما حدث للثالثة فتية هنا‪ ،‬إذ لم تحترق مالبسهم لكن إحترقت األربطة‬
‫التي كانت تربطهم (دا ‪( )25:3‬بحسب نسخة بيروت)‪ .‬وحينما تتقطع الرباطات يسبح اإلنسان هللا‪ .‬فعلى أنهار‬
‫بابل لم يستطيعوا التسبيح إذ مازالوا في العبودية‪ ،‬مربوطين برباطات العبودية (مز‪ .)4-1:137‬ولكن هؤالء‬
‫المحررين من الرباطات يرون هللا فيسبحونه‪ .‬والذي يسبح ال يطلب شئ من هللا‪ ،‬بل هو فرح باهلل وهذا يكفي‪ .‬لذلك‬
‫فالتسبيح أرقى درجات الصالة‪ .‬ونرى أن عزريا هو الذي بدأ التسبيح (‪ )25‬ثم سبح الثالثة بف ٍم واحد (‪ .)51‬وهذا‬
‫يعني أن تسبيح عزريا أشعل محبتهم هلل فإمتألوا بالروح‪ ،‬فنطق الروح على ألسنتهم جميعاً (مز‪ )1:45‬صارت‬
‫ألسنتهم قلم واحد لكاتب ماهر واحد هو الروح القدس‪.‬‬
‫ونرى من إمتأل بالروح ال ينسب هلل ظلماً وال عتاباً على ما هو فيه من ألم‪ ،‬بل ينسب األلم لخطاياه هو (‪-28‬‬
‫‪ .)33‬لقد إنفتحت عينا مثل هذا اإلنسان فرأي هللا في محبته‪ ،‬ويراه أنه ال يمكن أن يؤذي أوالده ‪ ،‬ويفهم أن‬
‫الضربات هي للتأديب‪ ،‬يرى هللا في وداعته وعينيه المملوئتين شفقة ومحبة ويتأمل في صفاته فيسبحه‪ .‬إحتراق‬
‫الرباطات ينقي القلب‪ ،‬فيرى اإلنسان هللا (مت‪ )8:5‬ومن يرى هللا يحبه فيسبحه‪ .‬ويرى أيضاً بشاعة قلبه فيعترف‬
‫بخطيته (إر‪ .)9:17‬وبهذا يعترف بعدل هللا في كل أحكامه‪ .‬وإن سمح هللا بنار تجربة ‪ ،‬فسيخرج منها أبناءه بعد‬
‫أن تحترق رباطاتهم‪ ،‬إذاً هي لتنقية القلب‪ .‬وهللا له أدوات يصنع بها هذا‪ ،‬مثل هذا األتون ومثل الملك الظالم نبوخذ‬
‫نصر وجيشه‪ .‬وبعد أن يتم التأديب يؤدب هللا الملوك الظالمين (إر‪ .)51 ، 50‬صرنا عا ار= الوثنيون رأوهم سبايا‬
‫محتقرين (‪ )33‬والمؤمن وسط التجربة عليه أن ال يكف عن التضرع هلل ليخلصه= ل تخذلنا إلى اإلنقضاء (‪)34‬‬

‫‪132‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫ول تنقض عهدك= فعدم أمانتنا لن يجعل هللا ينقض عهده ويكون غير أميناً (رو‪ )4 ، 3 : 3‬ألجل إبراهيم خليلك‬
‫وإسحق عبدك وإسرائيل قديسك (‪ )35 ، 34‬هذا النص موجود في قطع صالة الساعة التاسعة‪.‬‬
‫(‪ )37‬لقد جعلنا أيها الرب أقل عددا= فلقد ذهب كثيرين إلى السبي (تث‪ ،)62:28‬وبهذا تنبأ لهم موسى‪.‬‬
‫(‪ )38‬ليس لنا نبي ول‪ =..‬صاروا بال عبادة وال ذبائح وال هيكل في السبي‪ .‬وهللا قطع عالقته معهم‪ .‬وهم كانوا‬
‫أصدقاء لدانيال ولكن في هذا الوقت لم يعرفوا دانيال كنبي‪ ،‬فهذا قد ظهر في أواخر أيامه‪ .‬وأما حزقيال فلقد أخذوه‬
‫من ضمن سبايا السبي الثاني‪ .‬وكان دانيال والفتية الثالث قبله بسنوات في بابل‪ ..‬ول محرقة ول ذبيحة= ولكن‬
‫تسبحتهم هذه عند هللا لهي أفضل من المحرقات والذبائح [(هو‪ )2:14‬وقد ترجمت عجول شفاهنا في السبعينية‬
‫"ثمر شفاه معترفة بإسمه" وهكذا إقتبسها بولس الرسول في (عب‪ ])15:132‬والمعنى أن الشفاه المعترفة بإحسانات‬
‫هللا والتي تسبحه لهي أفضل من عجول المحرقات‪ .‬وما أحلى تسبحة هؤالء الفتية عند هللا وهم وسط تجربة األتون‪.‬‬
‫واألعداد (‪ )43-41‬أخذتها الكنيسة لترتل بها في التسبحة اليومية‪ .‬إنقذنا على حسب عجائبك= وليس على حسب‬
‫إستحقاقنا‪ .‬ولماذا ؟ لتتمجد أنت يا رب= إعط المجد إلسمك أيها الرب‪ ..‬وليعلموا أنك أنت الرب اإلله وحدك‬
‫(‪ .)45-43‬فال تخزنا بل عاملنا بحسب رأفتك وكثرة رحمتك (‪ )42‬هي ما نصلي بها في صلوات القداس (كرحمتك‬
‫يا رب وال كخطايانا)‪.‬‬
‫(‪ )46‬النفط= منتجات البترول‪ .‬المشاقة= مثل الشعر الذي يمشط من نسيج الصوف‪ .‬زرجون = هو مادة كحولية‬
‫تستخدم كخمر وتساعد على اإلشتعال‪.‬‬
‫نزل مالك الرب إلى داخل األتون وطرد لهيب النار عن األتون= هذه هي طريقة الرب مع أوالده‪ ،‬هو ال يرفع‬
‫التجربة حتى تؤتي ثمارها‪ ،‬لكنه يأتي ويكون مع أوالده يعزيهم‪ ،‬فهو يعطي مع التجربة المنفذ (‪1‬كو‪ =)13:10‬جعل‬
‫وسط األتون ريح ا ذات ندى‪.‬‬
‫وفي تسبحة الثالثة فتية معاً بعد ذلك نراهم يطلبون من الخليقة كلها أن تسبح هللا والمعنى أن الخليقة حتى الجامدة‬
‫منها تعلن مجد هللا وقدرته وعظمته‪ .‬وهذا رد من الفتية على نبوخذ نصر الذي إعتبر تمثاله الذهبي إلهاً‪.‬‬
‫القانتين = الطائعين هلل‪.‬‬

‫اآليات (‪91" -:)100-91‬حينئذ تحير نبوخذنصر الملك وقام مسرعا فاجاب وقال لمشيريه الم نلقي ثالثة‬
‫رجال موثقين في وسط النار فاجابوا وقالوا للملك صحيح ايها الملك ‪92‬اجاب وقال ها انا ناظر اربعة رجال‬
‫محلولين يتمشون في وسط النار وما بهم ضرر ومنظر الرابع شبيه بابن اللهة ‪93‬ثم اقترب نبوخذنصر الى‬
‫باب اتون النار المتقدة واجاب فقال يا شدرخ وميشخ وعبد نغو يا عبيد هللا العلي اخرجوا وتعالوا فخرج شدرخ‬
‫وميشخ وعبد نغو من وسط النار ‪94‬فاجتمعت المرازبة والشحن والولة ومشيرو الملك و اروا هؤلء الرجال الذين‬
‫لم تكن للنار قوة على اجسامهم وشعرة من رؤوسهم لم تحترق وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تات‬
‫عليهم ‪95‬فاجاب نبوخذنصر وقال تبارك اله شدرخ وميشخ وعبد نغو الذي ارسل مالكه وانقذ عبيده الذين‬
‫اتكلوا عليه وغيروا كلمة الملك واسلموا اجسادهم لكيال يعبدوا او يسجدوا لله غير الههم ‪96‬فمني قد صدر‬

‫‪133‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الثالث)‬

‫امر بان كل شعب وامة ولسان يتكلمون بالسوء على اله شدرخ وميشخ وعبد نغو فانهم يصيرون اربا اربا‬
‫وتجعل بيوتهم مزبلة اذ ليس اله اخر يستطيع ان ينجي هكذا ‪97‬حينئذ قدم الملك شدرخ وميشخ وعبد نغو في‬
‫ولية بابل ‪98‬من نبوخذنصر الملك الى كل الشعوب والمم واللسنة الساكنين في الرض كلها ليكثر سالمكم‬
‫‪100‬‬
‫اياته ما اعظمها وعجائبه ما‬ ‫‪99‬اليات والعجائب التي صنعها معي هللا العلي حسن عندي ان اخبر بها‬
‫اقواها ملكوته ملكوت ابدي وسلطانه الى دور فدور‪" .‬‬

‫‪134‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الثالث عشر)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الثالث عشر‬

‫اآليات (‪1 " -:)65-1‬وكان في بابل رجل اسمه يوياقيم‪ 2 .‬وكان متزوجا امرأة اسمها سوسنة ابنة حلقيا‬
‫جميلة جدا ومتقية للرب‪ 3 .‬وكان أبواها صديقين فأدبا ابنتهما على حسب شريعة موسى‪ 4 .‬وكان يوياقيم‬
‫غنيا جدا وكانت له حديقة تلي داره وكان اليهود يجتمعون إليه ألنه كان أوجههم جميعا‪ 5 .‬وكان قد أقيم‬
‫شيخان من الشعب للقضاء في تلك السنة وهما من الذين قال الرب فيهم أن اإلثم قد صدر من بابل من‬
‫شيوخ قضاة يحسبون مدبري الشعب‪ 6 .‬وكانا يترددان إلى دار يوياقيم فيأتيهما كل ذي دعوى‪ 7 .‬وكانت‬
‫سوسنة متى انصرف الشعب عند الظهر تدخل وتتمشى في حديقة رجلها‪ 8 .‬فكان الشيخان يريانها كل يوم‬
‫‪9‬‬
‫واسلما عقولهما إلى الفساد وصرفا أعينهما لئال ينظ ار إلى السماء فيذك ار‬ ‫تدخل وتتمشى فكلفا بهواها‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪10‬‬
‫حياء من كشف هواهما‬ ‫وكانا كالهما مشغوفين بها ولم يكاشف أحدهما اآلخر بوجده‪.‬‬ ‫األحكام العادلة‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫‪12‬‬
‫وان أحدهما قال لآلخر لننصرف‬ ‫وكانا كل يوم يجدان في الترقب لكي ينظراها‪.‬‬ ‫ورغبة في مضاجعتها‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫ثم انقلبا ورجعا إلى الموضع فسال بعضهما بعضا عن سبب‬ ‫إلى بيوتنا فأنها ساعة الغذاء فخرجا وتفارقا‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫وكان في بعض األيام بينما‬ ‫رجوعه فاعترفا بهواهما وحينئذ اتفقا معا على وقت يمكنهما فيه أن يخلوا بها‪.‬‬
‫هما مترقبان اليوم الموافق أنها دخلت مثل أمس فما قبل ومعها جاريتان فقط وأرادت أن تغتسل في الحديقة‬
‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬
‫فقالت للجاريتين ائتياني بدهن‬ ‫ولم يكن هناك أحد إل الشيخان وهما مختبئان يترقبانها‪.‬‬ ‫ألنه كان حر‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫ففعلتا كما أمرتهما أغلقتا أبواب الحديقة وخرجتا من أبواب السر‬ ‫وغسول واغلقا أبواب الحديقة لغتسل‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫فلما خرجت الجاريتان قام الشيخان وهجما عليها‬ ‫لتأتيا بما أمرتا به ولم تعلما أن الشيخين مختبئان هناك‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫‪20‬‬
‫وإل فنشهد‬ ‫ها أن أبواب الحديقة مغلقة ول يرانا أحد ونحن كلفان بهواك فوافقينا وكوني معنا‪.‬‬ ‫وقال‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫فتنهدت سوسنة وقالت لقد ضاق بي األمر من كل‬ ‫عليك انه كان معك شاب ولذلك صرفت الجاريتين عنك‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫ولكن خير لي أن ل افعل ثم أقع‬ ‫جهة فأني أن فعلت هذا فهولي موت وان لم افعل فال أنجو من أيديكما‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪24‬‬
‫وأسرع‬ ‫وصرخت سوسنة بصوت عظيم فصرخ الشيخان عليها‪.‬‬ ‫في أيديكما من أن أخطأ أمام الرب‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫فلما سمع أهل البيت الصراخ في الحديقة وثبوا إليها من باب السر ليروا ما‬ ‫أحدهما وفتح أبواب الحديقة‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪27‬‬
‫ولما تكلم الشيخان بكالمهما خجل العبيد جدا ألنه لم يقل قط مثل هذا القول على سوسنة‪.‬‬ ‫وقع لها‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫وفي الغد لما اجتمع الشعب إلى رجلها يوياقيم أتى الشيخان مضمرين نية أثيمة على سوسنة ليهلكاها‪.‬‬
‫وقال أمام الشعب أرسلوا إلى سوسنة بنة حلقيا التي هي امرأة يوياقيم فأرسلوا‪30 .‬فاتت هي ووالداها وبنوها‬
‫فأمر هذان الفاجران أن يكشف وجهها‬ ‫‪32‬‬
‫وكانت سوسنة ترفة جدا وجميلة المنظر‪.‬‬ ‫‪31‬‬
‫وجميع ذوي قرابتها‪.‬‬
‫فقام الشيخان في وسط‬ ‫‪34‬‬
‫وكان أهلها وجميع الذين يعرفونها يبكون‪.‬‬ ‫‪33‬‬
‫وكانت مبرقعة ليشبعا من جمالها‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫فرفعت طرفها إلى السماء وهي باكية لن قلبها كان متوكال على‬ ‫الشعب ووضعا أيديهما على رأسها‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫فقال الشيخان أننا كنا نتمشى في الحديقة وحدنا فإذا بهذه قد دخلت ومعها جاريتان وأغلقت أبواب‬ ‫الرب‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الثالث عشر)‬

‫‪38‬‬ ‫‪37‬‬
‫وكنا نحن في زاوية من الحديقة‬ ‫فاتاها شاب كان مختبئا ووقع عليها‪.‬‬ ‫الحديقة ثم صرفت الجاريتين‪.‬‬
‫أما ذاك فلم نستطع أن نمسكه ألنه كان أقوى منا ففتح‬ ‫‪39‬‬
‫فلما رأينا اإلثم أسرعنا إليهما ورأيناهما متعانقين‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫‪40‬‬
‫فصدقهما‬ ‫وأما هذه فقبضنا عليها وسألناها من الشاب فأبت أن تخبرنا هذا ما نشهد به‪.‬‬ ‫األبواب وفر‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫فصرخت سوسنة بصوت عظيم وقالت‬ ‫المجمع ألنهما شيخان وقاضيان في الشعب وحكموا عليها بالموت‪.‬‬
‫انك تعلم انهما إنما شهدا علي بالزور‬ ‫‪43‬‬
‫أيها اإلله األ زلي البصير بالخفايا العالم بكل شيء قبل أن يكون‪.‬‬
‫وها أنا أموت ولم اصنع شيئا مما افترى علي هذان‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪44‬‬
‫وإذ كانت تساق إلى الموت نبه هللا روحا مقدسا لشاب حدث اسمه دانيال‪.‬‬ ‫فاستجاب الرب لصوتها‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫فالتفت إليه الشعب كله وقالوا ما هذا الكالم الذي قلته‪.‬‬ ‫‪47‬‬
‫فصرخ بصوت عظيم أنا بريء من دم هذه‪.‬‬
‫فوقف في وسطهم وقال أهكذا انتم أغبياء يا بني إسرائيل حتى تقضوا على بنت إس ارئيل بغير أن تفحصوا‬
‫‪50‬‬ ‫‪49‬‬
‫فأسرع الشعب كله ورجع فقال‬ ‫ارجعوا إلى القضاء فان هذين إنما شهدا عليها بالزور‪.‬‬ ‫وتتحققوا األمر‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫فقال لهم دانيال فرقوهما بعضهما عن بعض‬ ‫له الشيخان هلم اجلس بيننا وافدنا فقد أتاك هللا مزية الشيوخ‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫فلما فرقا الواحد عن اآلخر دعا أحدهما وقال له يا أيها المتعتق األيام الشريرة لقد أتت عليك‬ ‫فاحكم فيهما‪.‬‬
‫خطاياك التي ارتكبت من قبل‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫بقضائك أقضية ظلم وحكمك على األبرياء وإطالقك للمجرمين وقد قال هللا البريء والزكي ل تقتلهما‪.‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪55‬‬
‫فقال دانيال لقد صوبت‬ ‫فالن ان كنت قد رايتها فقل تحت أية شجرة رايتهما يتحدثان فقال تحت الضروة‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫ثم نحاه وأمر بإقبال اآلخر فقال له يا‬ ‫كذبك على رأسك فمالك هللا قد أمر من لدن هللا بان يشقك شطرين‪.‬‬
‫هكذا كنتما تصنعان مع بنات إسرائيل‬ ‫‪57‬‬
‫نسل كنعان ل يهوذا قد فتنك الجمال واسلم الهوى قلبك الى الفساد‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫فالن قل لي تحت أية شجرة صادفتهما‬ ‫وكن يحدثنكما مخافة منكما أما بنت يهوذا فلم تحتمل فجوركما‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫فقال له دانيال وأنت أيض ا قد صوبت كذبك على رأسك فمالك هللا واقف‬ ‫يتحدثان فقال تحت السنديانة‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫فصرخ المجمع كله بصوت عظيم وباركوا هللا مخلص الذين‬ ‫وبيده سيف ليقطعك شطرين حتى يهلككما‪.‬‬
‫يرجونه‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫وقاموا على الشيخين وقد اثبت دانيال من نطقهما انهما شهدا بالزور وصنعوا بهما كما نويا ان يصنعا‬
‫‪63‬‬ ‫‪62‬‬
‫فسبح حلقيا وامرأته‬ ‫عمال بما في شريعة موسى فقتلوهما وخلص الدم الزكي في ذلك اليوم‪.‬‬ ‫بالقريب‪.‬‬
‫وعظم دانيال عند الشعب من‬ ‫‪64‬‬
‫ألجل ابنتهما مع يوياقيم رجلها وذوي قرابتهم ألنه لم يوجد فيها شيء قبيح‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫وانضم الملك اسطواج إلى آبائه واخذ كورش الفارسي ملكه‪".‬‬ ‫ذلك اليوم فما بعد‪.‬‬

‫قصة سوسنة العفيفة‪:‬‬

‫نجد فيه قصة سوسنة العفيفة والتدبير الشرير ضدها من قضاة اليهود ونجاتها بفضل حكمة دانيال‪ .‬وتق أر‬
‫الكنيسة هذه القصة ليلة أبوغلمسيس أي مساء الجمعة العظيمة بعد صلب المسيح‪ .‬فاهلل الذي أنقذ سوسنة من‬

‫‪136‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الثالث عشر)‬

‫حكم الشيوخ الظالم‪ ،‬أقام المسيح من األموات بعد أن حكموا عليه زو اًر وهو القدوس‪ ،‬كما حكموا على سوسنة‬
‫بالظلم وهي العفيفة‪.‬‬
‫تق أر هذه القص ــة ليلة أبو غالمس ــيس لما فيها من [‪ ]1‬براءة س ــوس ــنة وطهارتها [‪ ]2‬خبث الش ــيوخ وش ــهادتهم الزور‬
‫عليها [‪ ]3‬ثبوت براءة س ـ ـ ـ ـ ــوس ـ ـ ـ ـ ــنة‪ .‬وهذا ما حدث مع المس ـ ـ ـ ـ ــيح الذي تبرر في الروح (‪1‬تي‪ )16:3‬وثبتت براءته‬
‫بقيامته‪ .‬وسـوسـنة تعني زهرة السـوسـن‪ ،‬وهذا هو اإلسـم الذي قالته عروس النشـيد عن عريسـها المسـيح (نش‪.)1:2‬‬
‫وأيضـاً وألن الكنيسـة هي شـبيهة بعريسـها (غل‪ .)19:4‬شـبهت الكنيسـة عروس النشـيد بزهرة السـوسـن (نش‪+ )2:2‬‬
‫(نش‪ .)3 ، 2 : 6‬وكما شـ ــهد الشـ ــيوخ‪ ،‬يقودهما الشـ ــيطان‪ ،‬ضـ ــد سـ ــوسـ ــنة‪ ،‬هكذا الشـ ــيطان دائماً يدبر المؤامرات‬
‫لعروس المسيح أي كنيسته‪.‬‬
‫وكان الكثير من اليهود قد إغتنوا جداً في بابل‪ ،‬والسـ ـ ـ ـ ـ ــلطات البابلية أفسـ ـ ـ ـ ـ ــحت لهم المجال ليكون لهم قضـ ـ ـ ـ ـ ــاتهم‬
‫يحكمون لهم بحسب شريعتهم‪.‬‬
‫قال الرب فيهم إن اإلثم قد صططططدر من بابل (‪ )5‬ال يوجد هذا النص في العهد القديم ولكن المعنى واض ـ ــح‪ ،‬فبابل‬
‫ترمز للش ـ ــر في العهد القديم والجديد‪ .‬من يوم قيل عن نمرود أنه جبار ص ـ ــيد أمام الرب وكان إبتداء مملكته بابل‬
‫(تك‪ .)10-8:10‬وســميت بابل هكذا لبلبلة ألســنتهم إذ أرادوا أن َيتَ َحدوا هللا (تك‪ )9-4:11‬فبداية اإلثم وتحدي هللا‬
‫كان من بابل وكانت نبوات األنبياء ضـ ـ ـ ــد بابل كثيرة لشـ ـ ـ ــرها ووثنيتها (إر‪" )51 ، 50‬ألنها بغت على الرب على‬
‫قدوس إس ـ ـرائيل" (إر‪ .)29:50‬وراجع س ـ ــفر حبقوق وماذا قال عن بابل‪ .‬وهكذا كتب متى عن الس ـ ــيد المس ـ ــيح أنه‬
‫باألنبياء قيل عنه سـ ـ ـ ـ ـ ــيدعى ناص ـ ـ ـ ـ ـ ـرياً (مت‪ .)23:2‬وال توجد نبوة بهذا المعنى‪ .‬لكن المعنى موجود في النبوات‪.‬‬
‫وبهذا نفهم أن الشيخان اللذان أقيما للقضاء‪ ،‬هما فيهما روح بابل أي روح تحدي هللا‪ ،‬روح إبليس‪.‬‬
‫والحظ خبث الشيخان إذ أرادا إستمالة دانيال فقاال له "هلم إجلس بيننا وأفدنا إذ أتاك هللا مزية الشيوخ‪ .‬وإنضم‬
‫الملك أسطواج إلى آبائه= هو إستياجيس ملك مادي سنة ‪ – 585‬سنة ‪ 550‬ق‪.‬م وملك كورش مكانه‪ ،‬وكورش‬
‫هذا هو الذي أسقط بابل وقتل رؤسائها وملكها سنة ‪536‬ق‪.‬م‪ ،‬لكنه أبقى على دانيال مشي اًر له وهذه اآلية مقدمة‬
‫ألن دانيال إستمر حتى كورش الفارسي وغالباً فقد حدثت القصص اآلتية في عصر كورش‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الرابع عشر)‬

‫عودة للجدول‬
‫اإلصحاح الرابع عشر‬

‫اآليات (‪ 1" -:)42-1‬وكان دانيال نديما للملك ومكرما فوق جميع أصدقائه‪ 2 .‬وكان ألهل بابل صنم اسمه‬
‫بال وكانوا ينفقون له كل يوم اثني عشر إردبا من السميذ وأربعين شاة وستة أمتار من الخمر‪ 3 .‬وكان الملك‬
‫يعبده وينطلق كل يوم فيسجد له أما دانيال فكان يسجد إللهه فقال له الملك لماذا ل تسجد لبال‪ 4 .‬فقال ألني‬
‫‪5‬‬
‫ل اعبد أصناما صنعة األيدي بل اإلله الحي خالق السماوات واألرض الذي له السلطان على كل ذي جسد‪.‬‬
‫فقال له الملك أتحسب أن بال ليس باله حي أو ل ترى كم يأكل ويشرب كل يوم‪ 6 .‬فضحك دانيال وقال ل‬
‫تضل أيها الملك فان هذا باطنه طين وظاهره نحاس فلم يأكل قط‪ 7 .‬فغضب الملك ودعا كهنته وقال لهم ان لم‬
‫تقولوا لي من الذي يأكل هذه النفقة تموتون‪.‬‬

‫وان بينتم أن بال يأكل هذه يموت دانيال ألنه جدف على بال فقال دانيال للملك ليفعل كما تقول‪ 9 .‬وكان‬ ‫‪8‬‬

‫‪10‬‬
‫فقال كهنة بال ها أنا‬ ‫كهنة بال سبعين كاهنا ما خال النساء واألولد فآتى الملك ودانيال إلى بيت بال‪.‬‬
‫ننصرف إلى الخارج وأنت أيها الملك ضع األطعمة وامزج الخمر وضعها ثم اغلق الباب واختم عليه بخاتمك‪.‬‬
‫وكانوا‬ ‫‪12‬‬
‫وفي غد ارجع فان لم تجد بال قد أكل الجميع فأنا نموت وإل فيموت دانيال الذي افترى علينا‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪13‬‬
‫يستخفون باألمر ألنهم كانوا قد صنعوا تحت المائدة مدخال خفيا يدخلون منه كل يوم ويلتهمون الجميع‪.‬‬
‫فلما خرجوا وضع الملك األطعمة لبال فأمر دانيال غلمانه فأتوا برماد وذروه في الهيكل كله بحضرة الملك‬
‫‪14‬‬
‫فلما كان الليل دخل الكهنة كعادتهم هم‬ ‫وحده ثم خرجوا وأغلقوا الباب وختموا عليه بخاتم الملك وانصرفوا‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪15‬‬
‫فقال أسالمة الخواتيم يا‬ ‫وبكر الملك في الغد ودانيال معه‪.‬‬ ‫ونساؤهم وأولدهم وأكلوا الجميع وشربوا‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫ولما فتحت األبواب نظر الملك إلى المائدة فهتف بصوت عال عظيم أنت يا‬ ‫دانيال قال سالمة أيها الملك‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫فضحك دانيال وامسك الملك لئال يدخل إلى داخل وقال انظر البالط واعرف ما هذه‬ ‫بال ول مكر عندك‪.‬‬
‫حينئذ قبض على الكهنة ونسائهم‬ ‫‪20‬‬
‫فقال الملك أنى أرى آثار رجال ونساء وأولد وغضب الملك‪.‬‬ ‫‪19‬‬
‫اآلثار‪.‬‬
‫فقتلهم الملك واسلم بال إلى يد‬ ‫‪21‬‬
‫وأولدهم فاروه األبواب الخفية التي يدخلون منها ويأكلون ما على المائدة‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬
‫فقال الملك لدانيال أتقول‬ ‫وكان في بابل تنين عظيم وكان أهلها يعبدونه‪.‬‬ ‫دانيال فحطمه هو وهيكله‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫فقال‬ ‫عن هذا أيضا انه نحاس ها انه حي يأكل ويشرب ول تستطيع أن تقول انه ليس إلها حيا فاسجد له‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫وأنت أيها الملك اجعل لي سلطانا فاقتل التنين بال‬ ‫دانيال أني إنما اسجد للرب الهي ألنه هو اإلله الحي‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫فاخذ دانيال زفتا وشحما وشع ار وطبخها معا وصنع أقراصا‬ ‫سيف ول عصا فقال الملك قد جعلت لك‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫فلما سمع بذلك أهل بابل غضبوا جدا‬ ‫وجعلها في فم التنين فأكلها التنين فانشق فقال انظروا معبوداتكم‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫وأتوا إلى الملك‬ ‫واجتمعوا على الملك وقالوا ان الملك قد صار يهوديا فحطم بال وقتل التنين وذبح الكهنة‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪29‬‬
‫فلما رآهم الملك ثائرين به اضطر فاسلم دانيال إليهم‪.‬‬ ‫وقالوا له اسلم إلينا دانيال وإل قتلناك أنت والك‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الرابع عشر)‬

‫‪31‬‬
‫وكان في الجب سبعة اسود يلقى لها كل يوم جثتان ونعجتان‬ ‫فالقوه في جب األسود فكان هناك ستة أيام‪.‬‬
‫فلم يلق لها حينئذ شيء لكي تفترس دانيال‪.‬‬

‫وكان حبقوق النبي في ارض يهوذا وكان قد طبخ طبيخا وثرد خب از في جفنة وانطلق إلى الصحراء ليحمله‬ ‫‪32‬‬

‫فقال‬ ‫‪34‬‬
‫فقال مالك الرب لحبقوق احمل الغداء الذي معك إلى بابل إلى دانيال في جب األسود‪.‬‬ ‫‪33‬‬
‫للحصادين‪.‬‬
‫حبقوق أيها السيد أني لم‬
‫‪35‬‬
‫فاخذ مالك الرب بجمته وحمله بشعر رأسه ووضعه في بابل عند الجب‬ ‫أر بابل قط ول اعرف الجب‪.‬‬
‫فقال دانيال اللهم‬ ‫‪37‬‬
‫فنادى حبقوق قائال يا دانيال يا دانيال خذ الغداء الذي أرسله لك هللا‪.‬‬ ‫‪36‬‬
‫باندفاع روحه‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫وقام دانيال واكل ورد مالك الرب حبقوق من ساعته إلى موضعه‪.‬‬ ‫‪38‬‬
‫لقد ذكرتني ولم تخذل الذين يحبونك‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫فهتف بصوت‬ ‫وفي اليوم السابع آتى الملك ليبكي على دانيال فدنا من الجب ونظر فإذا بدانيال جالس‪.‬‬
‫عال وقال عظيم أنت أيها الرب اله دانيال ول اله غيرك ثم أخرجه من جب األسود‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫‪41‬‬
‫فقال الملك ليتق جميع‬ ‫أما الذين سعوا به للهالك فألقاهم في الجب فافترسوا من ساعتهم أمامه‪.‬‬
‫سكان األرض اله دانيال فانه المخلص الصانع اآليات والعجائب في األرض وهو الذي أنقذ دانيال من جب‬
‫األسود‪".‬‬

‫يشتمل على قصتين يفضح فيها دانيال بحكمته آلهة البابليين بال والتنين‪ .‬وإلقاء الملك له في جب األسود ليرضي‬
‫الشعب الوثني ونجاته بل المالك يحضر له حبقوق النبي بطعام في الجب‪.‬‬

‫قصتي بال والتنين‪:‬‬

‫يظهر في هذه القصص سذاجة عبادة األوثان وحكمة دانيال‬


‫بال أو بيل هو بعل‪ .‬أحد ألقاب مرودخ كبير آلهة البابليين (إش‪ +1:46‬إر‪ )2:50‬وكلمة بعل في العهد القديم‬
‫بشكل عام تعني الصنم أو آلهة الوثنيين‪.‬‬
‫ط ْر (يو‪ .)6:2‬والكمية المذكورة التي كانت تقدم للبعل كانت تكفي‬‫ستة أمتار (‪ )2‬أمتار =هي أمطار جمع م ْ‬
‫لعشرات العائالت‪ .‬واألصنام كانت تصنع من الخشب وتكسي بالنحاس (‪ .)6‬وكان غالباً ما تقام مساكن الكهنة‬
‫داخل هذه الهياكل‪ .‬وكان هؤالء الكهنة يأخذون ما يوضع للبعل‪ ،‬يأكلون ما يأكلونه ويبيعون الباقي‪.‬‬
‫أما عن التنين فكانت الشعوب القديمة تعبد ما تخافه‪ .‬وربما حينما ظهر هذا التنين عبده أهل بابل خوفاً منه‪.‬‬
‫والطعام الذي وضعه دانيال للتنين دس فيه مواداً ملتهبة مزجها بالشعر مما أحدث آالماً مبرحة داخل أحشاء التنين‬
‫أدت إلنفجار بطنه‪.‬‬
‫ونتيجة موت هذا الثعبان حدث تمرد في وسط الشعب فآثر الملك أن يرضيهم بوضع دانيال في جب األسود‪.‬‬
‫وكان حبقوق قد طبخ طبيخا (‪ .)32‬وجاءت كلمة طبيخ بمعنى عصيداً والعصيدة= دقيق يعجن ويجفف ثم يقطع‬
‫ويطبخ في الماء ثم يضاف إليه العسل أو اللبن أو كليهما‪ .‬وثرد خب از= أي خبز مفتوت هو خبز يابس مفتوت في‬

‫‪139‬‬
‫تتمة سفر دانيال (اإلصحاح الرابع عشر)‬

‫حساء‪ .‬وكون مالك الرب يأخذ حبقوق فهذا حدث أيضاً مع فيلبس (أع‪ )39:8‬وحزقيال (حز‪ )3:8‬ويحدث مع‬
‫السواح اآلن‪.‬‬
‫ويقول التاريخ أن الملك ارتحشستا قد أكمل هدم وتخريب معبد بال‪ .‬وغالباً كان هذا بعد أن إنكسرت شوكة‬
‫البابليين عباد البعل تماماً‪ .‬وأرتحشستا جاء بعد كورش بزمان‪ .‬وغالباً فالفرس ما كانوا يعبدون بال‪ ،‬لكن غالباً‬
‫كانوا يحترمون آلهة الشعوب التي يستعمرونها مجاملة لها‪ .‬ولقد إنخدع الملك الفارسي بقصة أكل بال للطعام‬
‫ولما إنكشفت الحقيقة ثار لهذه الخديعة‪ .‬وفي قصة التنين هو تفادي حدوث ثورة شعبية وفضل إلقاء دانيال‬
‫لألسود مع محبته له‪.‬‬

‫‪140‬‬

You might also like