Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 13

‫‪ -‬كاثرين سولييه‬

‫السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور التكوين‬

‫في مشهد أكاديمي تزدهر فيه الدراسات حول الوسطية والوسطية ‪ ،‬تشهد العالقات بين السينما‬
‫واألدب ‪ ،‬موضوع عدد كبير بالفعل من األعمال ‪ ،‬حيوية ملحوظة تتجلى في أيام الدراسة والندوات‬
‫والمنشورات‪ .‬بعض الناس يأخذون السؤال‬
‫الذراع‪-‬الجسم‪ ،‬في كل مداه وتعقيده‪ ،‬مثل حجم مزدوج‬ ‫‪à‬‬
‫إخراج جان لويس لوترا‪ ،‬السينما واألدب‪ .‬اللعبة الكبيرة‪ ،1 ،‬التي تتناول مقدمتها الواسعة التنافس أو التبادل أو‬
‫النقل من منظور إستعارة غوداردي "القطارين المتقاطعين باستمرار"‪ ،‬أو "سينليتيرتيب"‪ ،‬العدد األخير من‬
‫مجلة النقد التي نسقها مارك سيريسويلو وباتريزيا‬
‫لومباردو ‪ ، 2‬الذي يعتزم النظر في "كليدوسكوب من االحتماالت" ولدت من هذه اللقاءات‪ ،‬أو أستكشاف "ذهابا‬
‫وإيابا بين األشكال والعمليات"‪ .‬آخرون‬

‫جي إل‪ .‬الليوترات‪ ،‬السينما واألدب‪ .‬اللعبة الكبرى‪ ،‬لوهافر‪ ،‬محرر وقوع‪.2010 ،‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪.M. Cerisuelo، P. Lombardo (dir.)، "Cinéliterlittérature"، Critic، No. 795-796، August-September 2013‬‬ ‫‪2‬‬
‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫يشددون من زاوية هجومهم ‪ ،‬يختارون ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬التركيز على العالقات المثمرة أو العقيمة التي‬
‫حافظ عليها الكتاب مع السينما عندما رفضوا حصر أنفسهم في دور النقاد ‪ ،‬أدعوا أنهم إستولوا بأنفسهم على‬
‫الوسيط الجديد (هذا هو مشروع الكتاب الجماعي عندما يقوم الكتاب بعمل السينما ‪ .)3‬ما لم يتم أستكشاف نوع‬
‫غير معروف ‪ ،‬مثل "التجدد" ‪ ،‬الذي يسعى الكاتب جان بيتنز ‪ ،‬في مقالته ‪ .Novellisation‬من الفيلم إلى‬
‫الرواية ‪ ،4‬لتوسيع أبعد من أشكاله التجارية‪ ،‬تلك التي ال تخفي انتمائهم‪.‬‬
‫وبالتالي فإن نطاق النظرة النقدية متغير ‪ ،‬وأنماط النهج المختلفة‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن الجانب المفضل‬
‫من األدب من هذا العمل هو بال لبس الجانب الرومانسي‪ .‬في حد ذاته ‪ ،‬فإن عنوان كتاب جان بيتنز يوحي‬
‫بذلك‪ .‬هذا ال يستبعد بالطبع الغزوات من جانب المقال ‪ ،‬والتي يمكن أن تكون األفالم الوثائقية قد حوكمت‬
‫وريثا لها ‪ ،‬أو الهروب إلى المسرح عندما يتم النظر في مسألة التكيف المسرحي على الشاشة أو انتقال‬
‫‪ ، Pagnol‬غيتري إلى السينما‪ .‬ولكن من النادر أن تؤدي مثل هذه االنحرافات إلى أرض الشعر‪ .‬إذا حدث أن‬
‫تم الكشف عن وجود " أربعة تائهين" في السينما ‪ ،‬فهذا في دراسة حول ملحمة السينما ‪ ،‬مدعومة بمجموعة‬
‫كبيرة غير شاعرية على وجه التحديد حيث تكون صيغة العنوان أوال بمثابة إستعارة ‪ .5‬عندما يتم التطرق إلى‬
‫العالقات التي تمكن الشاعر أو الشاعر‪ ،‬على سبيل المثال سندراس أو شار‪ ،‬من الحفاظ عليها مع الشاشة‪،‬‬
‫فاألمر مشابه لعالقات الروائيين (كلود سيمون‪ ،‬مارغريت دوراس‪ ،‬أو حتى ساشا غيتري للرومانسية‬
‫لالعب) ‪ ،‬في إطار التفكير العام حول السينما واألدب حيث يتعلق األمر بالصعوبات التي يواجهها الكتاب –‬
‫جميع الممارسات العامة – في تجاربهم السينمائية‪ :‬ألنه بالنسبة للكاتب‪ ،‬المألوف من العالقة المنفردة مع‬
‫الصفحة‪ ،‬االنتقال إلى السينما‪ ،‬هو اكتشاف الجينات المتأصلة في الفن الذي هو أيضا صناعة التي‪ ،‬على هذا‬
‫النحو‪ ،‬تخضع لقيود اقتصادية ال مفر منها‪ ،‬تفرض أيضا العمل الجماعي‪ .‬وإذا كان كتاب جان بيتنز يريد أن‬
‫يثبت وجود نوع فرعي عمد‬

‫)‪ ،M. Cerisuelo، V. Berty (dir.‬عندما يقوم الكتاب السينما‪ .‬لقطات حرجة‪ ،‬باريس‪ ،‬أرشيف كارلين‪.2012 ،‬‬ ‫‪3‬‬
‫جاي بيتنز‪ ،‬األخبار‪ .‬من الفيلم إلى الرواية‪ ،‬بروكسل‪ ،‬االنطباعات الجديدة‪.2008 ،‬‬ ‫‪4‬‬
‫انظر ‪ ،"A. Pichon، "Epigraphes and quatrains errants‬في "األدب والسينما في المرآة"‪ ،‬النصوص التي جمعها سيلفان دراير‪،‬‬ ‫‪5‬‬

‫أرقام الفن ‪ ،2013 ،24‬ص ‪.70-59‬‬

‫‪2‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫إنه "التجديد الشعري" ‪ ،‬ال يخصصه إال لمكانة ضئيلة ‪ ،‬كما هو الحال مع ممارسة تقع على حدود النوع ‪ ،‬والتي ال‬ ‫«‬
‫يذكر أمثلة كثيرة عليها ‪ -‬على الرغم من أنه هو نفسه قد جربها من خالل "تجديد" عيش حياته جان لوك غودار‪ .‬حتى أن‬
‫المقال التمهيدي الذي كتبه جان لوي ليوترات‪ ،‬الذي يهتم بلقاءات السينما بأشكال أخرى غير الروايات السردية‪ ،‬يعطي‬
‫مساحة أقل لتفاعالت الفن السابع مع الشعر مقارنة بتقاطعاته مع األنواع األدبية السردية والنقدية‪ .‬ومن بين الدراسات التي‬
‫يعلن عنها‪ ،‬قلة قليلة هي التي تضع في صميمها مسألة عالقات السينما والشعر‪.‬‬
‫قد يكون هذا االمتياز الممنوح للرواية ناجما عن حقيقة أنه عندما يتعلق األمر بعالقات األدب مع‬
‫فنون الصورة ‪ ،‬فإن التقسيم يميل بشكل عفوي إلى حد ما‪ .‬سيكون هناك من ناحية الشعر والرسم الذي غالبا ما‬
‫يتم إستحضار تواطؤه ‪ ،‬سواء تم التركيز على التعاون بين الرسامين والشعراء ‪ ،‬أو الممارسات المزدوجة ‪،‬‬
‫أو األشكال الهجينة ‪ ،‬والخط ‪ ،‬والشعارات ‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬وفقا ل ‪Jan Baetens‬‬
‫(الذي يؤكد على ذلك من أجل تحديد الطابع المتناقض للفئة العامة من‬
‫التجديد الشعري") ‪ ،‬ويفسر هذا االرتباط المزدوج جزئيا بحقيقة أن اللوحة تعتبر نبيلة ‪ ،‬وبالتالي فإن تحالفها ‪،‬‬ ‫«‬
‫"الطبيعي" ‪ ،‬مع الشعر‬
‫‪ -‬النوع في أعالي البحار ‪ -‬في حين ينظر إلى السينما على أنها فن جماهيري ‪ ،‬بدال من الرصيف ‪ ،‬مما‬
‫يجعلها أقرب إلى النثر‪ .‬إن االعتقاد السائد بأن الرسم والنحت ‪ ،‬والفنون الفضائية ‪ ،‬ترتبط بشكل طبيعي أكثر‬
‫مع الشعر ‪ ،‬وكتابة اللحظة ‪ ،‬تميل إلى الركود ‪ ،‬أكثر من السينما ‪ ،‬المتوسطة بطبيعتها الزمنية ‪ ،‬ال يمكن إال‬
‫أن تعزز الفرضية‪.‬‬
‫واألهم من ذلك هو رفض السرد خارج المجال الشعري الذي توتر‬
‫أن تكون حاضرة في األجيال القادمة من أرمينيا‪ .‬في كتاب ملخص شهير ‪ ، 6‬رسم دومينيك كومب ‪ ،‬الذي‬
‫يعلق على النظام الفرنسي لألنواع األدبية ‪ ،‬تاريخ عملية الطالق التي بدأت ببعض تصريحات شاعر شارع‬
‫روما ‪ ،‬والتي تم االستيالء عليها بشكل محموم ومنهجي من قبل فاليري معاد للخرجات اللذيذة للماركيز‬
‫ورفض بشدة كتابتها‪ .‬من المؤكد أن هذه الظاهرة‪ ،‬الفرنسية في األساس‪ ،‬ليست مطلقة‪ ،‬بل هي كذلك‪ ،‬خاصة‬
‫وأن الشعر الناطق باللغة الفرنسية نفسه أبعد ما يكون عن القضاء على الرواية‪ .‬بعد كل شيء‪ ،‬نثر‬

‫‪ ،D. Combe‬الشعر والسرد‪ ،‬الخطاب الجنساني‪ ،‬باريس‪ ،‬كورتي‪.1989 ،‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪3‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫عبر سيبيريا الذي نشره سندرارس في عام ‪ 1913‬في ‪ Chêne‬و ‪" ، Chien‬رواية الديدان" لكوينو التي‬
‫ظهرت في عام ‪ ، 1937‬من أمريكا إلى الشرق وليام كليف التي يعود تاريخها إلى عامي ‪ 1983‬و ‪ 1986‬على‬
‫التوالي ‪ ،‬يقاوم الوريد السردي تجفيفه المزعوم‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فإن عدم سرد الشعر (الحديث والمعاصر على‬
‫األقل) غالبا ما يتم قبوله كأمر بديهي‪ :‬الشعر منذ أواخر القرن ‪ 19‬سيكون النوع األدبي الذي ال يحكي ‪ -‬أو‬
‫الذي يحكي أقل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن السينما‪ ،‬من خالل عملية تخطيطية متماثلة مع تلك التي تطرد السرد من‬
‫الشعر‪ ،‬غالبا ما تصور‪ ،‬في غياهب النسيان من وجود دور السينما التجريبية‪ ،‬كفن السرد أساسا ‪ .7‬فن ‪،‬‬
‫لذلك ‪ ،‬فإن تغيير األنا األدبي هو الرواية ‪ ،‬النوع السردي ‪ ،‬الذي زودها بشخصيات وحيل ‪ ،‬وفي المقابل ‪،‬‬
‫استعار أبطاله وقصصه وأساطره‪ .‬لم تعد هناك أفالم تتكيف مع الروايات‪ ،‬بما في ذلك تلك التي تعتبر غير‬
‫قابلة للتكيف‪ ،‬ومسألة التكيف نفسها‪ ،‬سواء تم رفضها أو إعادة التفكير فيها‪ ،‬هي فقرة إلزامية من األفكار حول‬
‫العالقة بين السينما واألدب‪ .‬ولم يعد هناك أي تحديث‪ .‬وإذا حرمنا من الكرامة األدبية لهذه الكتابات التي غالبا‬
‫ما تكون مجرد منتجات تجارية ‪ ،‬يمكننا ‪ ،‬لتوضيح تداول الفيلم في الرواية ‪ ،‬إستدعاء عدد من الكتب األكثر‬
‫طموحا المدعومة صراحة باألفالم‪ .‬لم ينس الباحثون ذلك ‪ ،‬الذين يستشهدون عن طيب خاطر بسينما تانغي‬
‫فيل ‪ ،‬وهي طبعة رومانسية حقيقية من كتاب ليميير (‪ )Sleuth‬لجوزيف مانكيفيتش ‪ ،‬وإغراء األسلحة النارية‬
‫لباتريك ديفيل حيث تمر بإصرار ذكرى توباز من ألفريد هيتشكوك‪.‬‬

‫ومع ذلك ‪ ،‬على الرغم من أن االرتباط بين السينما والرواية قد يبدو عفويا ‪ ،‬فإن الروابط المنسوجة‬
‫بين السينما والشعر عديدة ومتنوعة‪ .‬منذ يوري تينيانوف ‪ ،‬الذي يعتبر "بين السينما وفنون الفعل" القياس‬
‫الوحيد‬
‫ال يكمن "بين السينما والنثر‪ ،‬بل بين السينما والشعر"‪ ،‬حتى تقدم داني فرضية أن "التلفزيون إذا كان أخيرا‬ ‫«‬

‫صحيح أن اإلنتاج المهيمن يعزز هذه الرؤية ‪ ،‬حيث تروي معظم األفالم قصة‪ .‬انظر ‪ .P.-D‬يقول هيو‪ :‬إذا قابلت يوما أحد معارفك خارج‬ ‫‪7‬‬
‫قاعة سينما‪ ،‬سألتها عما شاهدته للتو‪ ،‬فمن المحتمل أن تسمعها تقول إنها شاهدت قصة رجل أو امرأة حدثت لها عدة مغامرات" ("افتتاحات السينما"‪،‬‬
‫في السينما واألدب‪ )( .‬اللعبة الكبرى‪ ،‬المرجع المذكور‪ ،‬الصفحة ‪.)115‬‬

‫‪4‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫إن نثرنا […] السينما لم يعد لها حظ إال في الشعر ‪ ،8‬لم تفوت إعالنات التقارب االنتقائي‪ .‬دون الوصول إلى‬
‫وضع المخرج السينمائي الكامل ‪ ،‬باستثناء جون كوكتو ‪ ،‬فإن الشعراء ‪ ،‬وليام أبولينير ‪ ،‬وبليز سندرارس ‪،‬‬
‫وروبرت ديسنوس ‪ ،‬وجاك بريفير ‪ ،‬وفيليب سوبولت ‪ ،‬وما إلى ذلك ‪ ،‬وحتى بيير ألفيري وجيروم جيم‬
‫اليوم ‪ ،‬كانوا متحمسين للسينما ‪ ،‬ومارسوا أنواع النقد السينمائي والسيناريو أو "القصيدة السينمائية" ‪ ،‬وتعلموا‬
‫من الفيلم دروسا تقنية ‪ ،‬أو تساءلوا عن خصوصية ممارساتهم في ضوء تغييرها‪ .‬في المقابل‪ ،‬قام العديد من‬
‫المخرجين وبعض الشعراء أنفسهم‪ ،‬مثل بيير باولو باسوليني وعباس كياروستامي‪ ،‬بوضع السينما في حالة‬
‫رغبة في الشعر‪ ،‬واستمدوا من المكتبة الشعرية لالقتباسات‪ ،‬الديدان وشظايا الديدان‪ ،‬الجمل الغريبة إلى حد‬
‫ما التي زحفوها في الحوارات‪ ،‬خارج الصوت أو المنقوشة على صناديق‪ .‬جان لوك غودار ‪ ،‬في المقام األول‬
‫‪ ،‬الذي السينما ‪ ،‬الكوالج الشاسع الذي يستعير من أكثر المجاالت تنوعا ‪ ،‬لديه مساحة كبيرة لكلمات الشعراء‪.‬‬
‫ولكن أيضا ليوس كاراكس الذي يعرض إلهاما ريمبالديا من خالل تسمية فيلمه في عام ‪ 1986‬دم سيئ وجيم‬
‫جارموش الذي يضع الرجل الميت (‪ )1995‬تحت رعاية هنري ميشيل من خالل المقال إنه من األفضل عدم‬
‫السفر مع رجل ميت " ‪ ،‬ترجمة من القذف األصلي "من األفضل دائما عدم السفر مع رجل ميت"‪ .‬إذا اقتبس‬
‫كاراكس من ليز (جولي ديلبي) وأراغون من أليكس (دينيس الفانت) ‪ ،‬إذا أثار على صورة شبح الشاعر جان‬
‫كوكتو ‪ ،‬فإن يارموش ‪ ،‬من ناحية أخرى ‪ ،‬أطلق اسم وليام بليك على الشخصية التي جسدها جوني ديب ‪،‬‬
‫وأدرج في فيلمه إشارات إلى عمل الشاعر الصوفي اإلنجليزي ‪ 9‬ووضع ثالث مرات في فم الهندي ال أحد‬
‫لديه ‪( 10‬غاري فارمر) من ديدان بليك ‪ ،‬مقتطفات من ‪ Augures‬من البراءة أو البروفيسور أفعال الجحيم‪.‬‬
‫ويحاول صانعو أفالم آخرون مغامرة تكييف أو نقل اآلثار الشعرية إلى الشاشة‪ ،‬مثل بيتر غريناواي الذي‬
‫تعاون مع توم فيليبس إلنتاج )‪ A TV Dante (1989‬من جحيم الشاعر الكبير توسكان وديريك جارمان‬
‫الذي استلهم من نغمات شكسبير‪.‬‬

‫‪ .S. Daney، The Zappeur Sale، Ramsay، 1988، p. 252‬نقال عن ‪" ،J.-L. Leutrat‬قطارين يتقاطعان باستمرار"‪ ،‬في‬ ‫‪8‬‬
‫السينما واألدب‪ )( .‬اللعبة الكبرى‪ ،‬المرجع السالف الذكر‪ ،‬الصفحة ‪.58‬‬
‫على سبيل المثال ‪ ،‬من خالل تسمية شخصية أنثوية ‪ ، Thel ،‬من اسم يشير إلى كتاب ‪( Thel‬كتاب ‪.)Thel‬‬ ‫‪9‬‬
‫التي يمكن أن يعمل اسمها في حد ذاته كدليل على اإللهام الشعري ألنه يجعله يفكر في الشخص الذي أعاد أوديسيوس تسميته في‬ ‫‪10‬‬

‫األوديسة‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫)‪ The Angelic Conversation (1985‬فيلمان سيناقشان باستفاضة في هذه المجموعة‪.‬‬


‫الترحيب بالشعر ‪ ،‬والعمل معه والعمل معه ‪ ،‬والسينما ‪ -‬بعض السينما ‪-‬ال يمكن أن تفشل في أن‬
‫تكون شعرية أو أن ينظر إليها ‪ ،‬تلقى على هذا النحو‪ .‬في الواقع ‪ ،‬استولى النقاد السينمائيون على الفئة ‪،‬‬
‫مستخدمين بال تحفظ عبارات "شاعر الكاميرا" ‪" ،‬شاعر السينما" ‪" ،‬شاعر الفيلم الوثائقي" حول جورج‬
‫ميليس ‪ ،‬وجورج فويالد ‪ ،‬وروبرت فالهرتي ‪ ،‬وال يترددون في وصف سينما ليوس كاراكس بأنها‬
‫" شاعرية" ‪ -‬أيضا تيم بيرتون ‪ ،‬ديفيد لينش ‪ ،‬أو جوس فان سان‪ .‬على الرغم من أنه ليس من السهل دائما‬
‫معرفة ما هي خصوصية أفالمهم ‪ ،‬إال أن إستخدام مصطلحي "الشعر" و "الشعر" غير دقيق للغاية في مجال‬
‫السينما‪ .‬غير دقيقة لدرجة أن نادجا كوهين وآن ريفيرسو حاوال مؤخرا إلقاء الضوء على هذه االستخدامات‬
‫‪.11‬‬
‫ال شك أن الشغف المتفرج ‪-‬والمبدع على األقل‪ -‬للشعراء‪ ،‬الذين كانوا على قيد الحياة في العقد‬
‫والعشرينات من القرن العشرين‪ ،‬قد تراجع إلى حد كبير عند االنتقال إلى الحديث ألسباب تم إستكشافها على‬
‫نطاق واسع‪ .‬لكن هذا السخط المعلن ليس نهاية التاريخ‪ .‬وال حتى نهاية الرومانسية‪ .‬صحيح أن بريتون أو‬
‫شار‪ ،‬أحدهما في وقت سابق واآلخر في وقت الحق‪ ،‬نأوا بأنفسهم وتبرأوا من السينما التي بدت لهم فضائلها‬
‫الشعرية منحرفة‪ .‬لكن كوكتو استمر إلى ما بعد العشرينات في إستكشافه ل "شعر السينما" (أورفيوس و‬
‫وصية أورفيوس يعود تاريخها إلى ‪ 1950‬و ‪ 1960‬على التوالي) ؛ بول إلوار وريمون كوينو يقدمون آيات‬
‫إلى آالن رينيه ‪ ،‬األول إلى غيرنيكا (‪ )1950‬الذي يربطهم بصور أعمال بيكاسو ‪ ،‬الثاني ل ‪The Chant‬‬
‫)‪ de styrène (1959‬الذي أثار فضيحة من قبل اإلسكندرية‪ .‬ينتقل المؤلفون إيزيدور إيسو وموريس‬
‫ليماستر من الكتاب إلى الفيلم ويصنعون ‪ ،‬لنظريات ممارساتهم ‪ ،‬نفس مفاهيم التشفير ثم الفن الالنهائي‪ .‬أما‬
‫بالنسبة للشعراء الذين اعتادوا على إستدعاء الصوت ‪ ،‬ولكن من المعروف أن اهتمامهم بالصوت ال يمكن‬
‫فصله حقا عن االهتمام بالصورة ‪ -‬فرانسوا دوفرين هو بالستيكي بقدر ما هو كاتب ‪ ،‬وهنري شوبان هو‬
‫مؤلف كل من القصائد المكتوبة والقصائد الصوتية ‪ -‬فهم‬

‫‪ .N 11‬كوهين‪ .A ،‬ريفيرسو‪ ،‬ما هو "شعري"؟ رحلة إلى الخطب المعاصرة حول السينما" ‪ ،‬مراجعة نقدية للتثبيت الفرنسي المعاصر‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫بعيدا عن عدم االهتمام بالسينما‪ .‬ومن األمثلة على ذلك الصيد الليلي (‪ ،)1963‬وهو أول فيلم صوتي شعري‬
‫باللونين األبيض واألسود‪ ،‬والذي يربط بين قصيدة شوبن وأعمال الرسام البلجيكي لوك بيير‪ ،‬التي حرك‬
‫المخرج السويسري تيرك ويكي تصاميمها المجردة مع عناصر ملموسة مثل القطرات والفقاعات وشبكات‬
‫المياه؛ أو طاقة النوم (‪ ،)1965‬ثمرة تعاون شوبن مع الرسام جياني بيرتيني والمصور سيرج بيجييه الذي‬
‫يرافق التنفس يمضغ الشاعر الصوتي صورا لسرة التنفس واألنف والحنجرة والشعر وحتى الفم (الذي‬
‫يمضغه بيرتيني) شريحة لحم مطلية باللون األزرق‪.‬‬
‫في اآلونة األخيرة ‪ ،‬اعترف كريستيان بريجنت ‪ ،‬الذي يكثر عمله في المراجع السينمائية ‪ ،‬بأنه قد‬
‫تميز ‪ ،‬في سنوات تكوينه (‪ ، )1967-1963‬بأشكال غير أدبية […] على سبيل المثال ‪ ،‬السكتات الدماغية‬
‫اإليقاعية واإلجراءات الهزلية للسينما الهزلية […] (باستر كيتون فوق كل شيء) ‪ ،‬وأفالم تاتي أيضا‪ :‬معنى‬
‫الكارثة المحبطة للعبارة ‪ ،‬والمغطرسة الخطابية الدقيقة ‪ ،‬والتحدث الغامض ‪ ،‬والضجيج ‪[ ،‬العديد من‬
‫التأثيرات] الثالثة في وقت الحق (في النثر بعد عام ‪ .12 )1990‬وعندما يقدم واحدة من أولى محاوالته الشعرية‬
‫‪ -‬غير المنشورة ‪ -‬فإنه يعرف ذلك بأنه كينغ كونغ الغريبة إلى حد ما ‪ ،‬مستوحاة من فيلم كوبر و‬
‫‪ .Schoedsack 13‬الفيلم نفسه تم تفكيكه وإعادة تجميعه من قبل كينغ كونغ في نيويورك لكريستوف فيات (‬
‫‪ ، )2001‬في حين أن آريان دريفوس ‪ ،‬من جانبه ‪ ،‬يعيد زيارة الكالسيكية الغربية (ديلمر ديفيز ‪ ،‬وليام ويلمان‬
‫‪ ،‬واألهم من ذلك ‪ ،‬جون فورد) في قصة سوف تمر هنا (‪ .)1999‬فيرونيك ‪ Pittolo‬يمزج ذكريات مجزأة‬
‫من األفالم مع عناصر مخترعة من حياة الممثلين (معظم هوليوود) لجعل الروايات الدقيقة غاري كوبر لم‬
‫يقرأ الكتب (‪ ،)2004‬قصائد النثر مقطعة وتخطيطها‪ .‬أما جيروم غيم‪ ،‬فقد أعد النثر القصير ل ‪Flip-Book‬‬
‫)‪ (2007‬انطالقا من آثار الذاكرة لصور سينمائية متنوعة‪ ،‬وهو يصر‪ ،‬في "شاعر غير الئق" جيد‪ ،‬على‬
‫"إدخال"‬

‫عزيزي‪.Prigent، B. Gorrillot، Christian Prigent، Paris، Argol، 2009، p. 46 )( .‬‬ ‫‪12‬‬


‫() المرجع نفسه‪ ،‬الصفحة ‪.83‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪7‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫القليل من السينما في األدب‪ 14‬إعطاء سماع وقراءة "فابولر‪ ،‬ويقول" و "‪ H K‬يعيش!‪.15‬‬
‫باختصار‪ ،‬لم يتوقف الشعراء – الكثير منهم على األقل – عن التعامل مع السينما بطرق متعددة في‬

‫ممارساتهم للكتابة‪.‬‬

‫في سنة ‪ ،2000‬التي اتسمت‪ ،‬أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬بتشويش الحدود العامة الموروثة عن‬
‫الطليعة التاريخية‪ ،‬بين الرغبة في التهجين – عندما يتم الخلق "الوسائط المتعددة" – والمحاوالت المتكررة‬
‫إلعادة تعريف الحقول‪ ،‬تضاعفت التعاون بين صانعي األفالم (أو مصوري الفيديو) والشعراء (أو ما بعد‬
‫الشعراء)‪ :‬ليليان جيراودون والمخرج اللبناني أكرم زعتري‪ ،‬جان ماري غليز وإريك بيليه‪ ،‬ناتالي كوينتاني‬
‫وستيفان بيرار؛ بعض الشعراء‪ ،‬مثل بيير ألفيري وفرانك سميث‪ ،‬في مغامرة في مجال األفالم القصيرة‬
‫والفيديو ‪ 16‬؛ وقد ظهرت كائنات هجينة مثل أفالم ألفيري التي كان فيليب ميت قادرا على تسمية ‪OFNI‬‬
‫("كائنات فيلمية – أو شبه فيلمية – غير معروفة" ‪ )17‬أو جيروم لعبة‪ ،‬والتي تستحق نفس االسم‪ .‬ترتبط كلمات‬
‫‪ ، Game‬المقززة ‪ ،‬المحبوكة ‪ ،‬المبتهجة ‪ ،‬مع الصور ‪ ،‬المجزأة في بعض األحيان ‪ ،‬والتي هي أيضا‬
‫مبهجة ‪ ،‬ال تزال غير توضيحية‪ .‬ما لم يصنعوا صورا ألنفسهم كما في مقطع الفيديو لعام ‪ ، 2011‬ابنة الغرب‬
‫المتوحش ‪ ،‬حيث ‪ ،‬بعد عالم البالستيك جان بيير فيرنا ‪ ،‬تكرم ‪ Game‬باراماونت‪ .‬كما هو الحال في قصائد‬
‫ألفيري التي تفضل تمرير الجمل ‪ ،‬اآليات والكلمات ‪ ،‬باأللوان أو باألبيض واألسود ‪ ،‬مقروءة أو غير مقروءة‬
‫‪ ،‬حادة أو مرتجفة ‪ ،‬في كثير من األحيان دون أي مرافقة صوتية ‪ ،‬بسبب عدم الثقة في‬
‫كل ما يبحث عن "الشعر" من الكلمات‪ ،‬حتى في المونتاج المفاجئ ووضع "التجريبية""‪.18‬‬ ‫«‬

‫يتم إستعارة كال الصيغتين من ‪ .J.-M‬إسبيتالييه ‪ ،‬مقدمة ل ‪ ، J. Game ، DQ / HK‬بوردو ‪ ،‬طبعات االنتظار ‪ ، 2013 ،‬ص ‪.11‬‬ ‫‪14‬‬
‫"‪ ، "!H K live‬قصيدة إذاعية ‪ ،‬و "‪ ، Fabuler‬كما يقول" ‪ ،‬قطعة هجينة بين األدب واإلبداع الصوتي مع الموسيقي أوليفييه المارش ‪،‬‬ ‫‪15‬‬
‫تم نشرها تحت عنوان ‪( DQ / HK‬المرجع المذكور‪.).‬‬
‫انظر ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬حميم من ‪ P. Alferi‬على قرص ‪ ، Panoptic‬بانوراما للشعر المعاصر ‪ ،‬جرد ‪ /‬أختراع الناشرين ‪ ،‬الذي‬ ‫‪16‬‬
‫نشر كتابه في نفس الناشر في عام ‪ ، 2005‬ثم ‪ ،‬مع ‪ ، DVD‬إلى إصدارات ‪ Argol‬في عام ‪ ، 2013‬يمكن اعتباره السيناريو‪.‬‬
‫دكتوراه‪ ،Met .‬تأثير الطفل‪ :‬عائلة السينما الجزائرية"‪ ،remue.net ،‬صيف ‪.2005‬‬ ‫‪17‬‬
‫‪ .P‬ألفيري‪" ،‬ما هي القصيدة؟"‪ ،‬العمل الشعري‪ 201 ،‬سي‪ ، .‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪ ،2010‬ص ‪.22‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪8‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫إن العالقة بين السينما والشعر ال يمكن االستهانة بها في أي وقت من األوقات حتى ولو كان‬
‫االهتمام الحاسم منصبا على ما يسمى بعشرينات القرن العشرين التي تعتبر عصره الذهبي فال يمكن‬
‫إختصارها عند حدود الحركة مهما كانت شغف السرياليين السينمائي‪ ،‬وبالتالي فإن العالقة بين السينما‬
‫والشعر تثبت حيوية ملحوظة وراء الكسوف المزعوم والخيبة المعلنة‪ .‬وهي اآلن أكثر من مائة عام‪ ،‬وهي‬
‫تحفز على رسم التاريخ‪ .‬إذا كان هناك أي شيء‪ ،‬فإن اللحظات القوية واألوقات الجوفاء‪ .‬لننظر في ما يمكن‬
‫أن يقرب (وأيضا فصل) إثنين من "رائع" المشغل قطع ‪ 19‬التي هي‪ ،‬كل بطريقته الخاصة‪ ،‬مع وسائل خاصة‬
‫بها من شق واالنضمام والسينما والشعر‪ .‬أستكشاف تقلب االستخدامات السينمائية للشعر وتلك الشعرية‬
‫للسينما‪ ،‬من االستعارة المبتذلة للموضوع إلى نقل – أكثر أو أقل حلما – لألجهزة والعمليات التقنية التي تهدف‬
‫إنتاج تأثيرات سينمائية أو تأثيرات شعرية ‪ ،‬من خالل أشكال متعددة من االقتباس والتكيف ‪ -‬بما في ذلك‬ ‫‪à‬‬
‫االنحراف والتشويه‪ .‬لننظر كيف بحث كل من الفنانين عن أداة حاسمة في اآلخر ‪ -‬والتي تصدع التصورات المطابقة ‪،‬‬
‫المبهجة ‪ ،‬المأخوذة عن الواقع ‪ -‬والنقد الذاتي ‪ -‬مما يشكك في االفتراضات المسبقة حول طبيعتها أو جوهرها‪ .‬لننظر‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬كيف إستطاع صانعو األفالم االستفادة من أعمال شاعرية فريدة من نوعها‪ ،‬أو على نطاق أوسع‪ ،‬من خالل‬
‫االنتباه إلى األداء الشعري للغة التي تحدى ما يسمى بمهنة السرد في السينما‪ ،‬والتي تم عرضها من قبل العديد من اإلنجازات‬
‫التجارية‪ ،‬في حين طلب الشعراء من الفن السابع تزويدهم‪ ،‬بين مقاطع من القصص والصور أو مسارات الجسد‪ ،‬بما يكفي‬
‫إلسقاط الشعر‪ ،‬ومقاومة اإلغراء الشاعري – المثالي والجمالي على حد سواء‪.‬‬
‫وهذا يعني أن األمر يتعلق أيضا – قبل كل شيء – بمراعاة األشكال المختلفة التي تتبناها السينما‬
‫والشعر على مر الزمن‪ .‬ألنه على الرغم من الخداع الفردي ‪ ،‬ال يمكن للسينما وال للشعر أن يكون ثابتا‪.‬‬
‫بالنسبة للبعض‪ ،‬فإن التحوالت التقنية – من الكالم إلى الصورة الرقمية – قد أضيفت إلى تقلب النظريات‬
‫(والخيال الذي يتبلور في كثير من األحيان) لزيادة‬
‫تعدد األشكال ومواجهة الشعراء الذين تمسكوا به في المظهر‬

‫الصيغة تنتمي إلى بيير داميان ‪" ،Huyghe‬السينما كجراحة" في السينما قبل بعد‪ ،‬غرونوبل‪ ،‬من محرر وقوع‪ ،2012 ،‬ص ‪.120-119‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪9‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫تتغير باستمرار‪ .‬من الواضح أنه من الجيد أال ننسى‪ :‬ما يسميه سندراس أو السرياليون السينما في العشرينات‬
‫ال يمكن أن يتماهى دون أي اهتمام مع ما يعطيه هنري شوبان أو جان ماري غليز ‪ ،‬الذي يشير إلى غودار‬
‫أكثر من فيوالدي ‪ ،‬هذا االسم‪ .‬أما بالنسبة للشعر‪ ،‬فمنذ أن توقف تعريفه على أنه فن صنع الديدان‪ ،‬وتحرر من‬
‫أي شكل بداهة ‪ ،‬أصبح من الصعب جدا اقتراح تعريف أساسي له‪ .‬المفاهيم الوجودية التي تجعلها فئة غير‬
‫أدبية واالنحياز الشكلي الذي يرفض فصلها عن مادة لفظية يتقاسمان المجال‪ .‬في بعض األحيان ال ينفصل‬
‫عن الحلم ويرتبط إرتباطا وثيقا ب االستخدام غير المنضبط والعاطفي للصورة المذهلة"‪ ، 20‬وفقا لتقاليد‬
‫وضعتها السريالية ‪ ،‬وأحيانا تجزئة وتسريع اللغة ‪ ،‬وأحيانا العمل في جسد المعنى ‪ ،‬أو تسجيل الجسم في اللغة‬
‫‪ ،‬فإن الشعر هو مفهوم بروتيفورم‪ .‬إن الشعر الحداثي في سنوات ‪ ،1910‬الذي أطلق عليه النقد "التكعيبي"‪،‬‬
‫ليس الشعر السريالي‪ ،‬الذي ال يمكن الخلط بينه وبين الشعر الصوتي‪ ،‬الذي ال عالقة له بما يسمى "الحداثة‬
‫السلبية"‪ ،‬التي ال يمكن ربطها بمختلف ممارسات ما بعد الشعرية التي ظهرت في العقود األخيرة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك ‪ ،‬إذا فكرنا في أن هذه االتجاهات المتعددة ‪ ،‬بدال من أن تتالشى مع بعضها‬
‫البعض ‪ ،‬فقد شهدت كل منها تقلبات أو حتى تحوالت سمحت لها بالتعايش السلمي إلى حد ما ‪ ،‬ال يمكننا‬
‫تجاهل أن صناع السينما الذين يواجهون الشعر ال يمكن أن يفهموه بشكل متساو‪ .‬فقط ألن مكتبتهم الشعرية‬
‫ليست هي نفسها ‪ ،‬فإن المقارنة التالية لسينما فيليب غاريل التي تعتبر مرجعياتها رومانسية سريالية مع جان‬
‫دانيال بوليه ‪ ،‬قارئ بونج ‪ ،‬ستكون كافية إلثبات ذلك‪ .‬فالشعر السينمائي‪ ،‬باعترافه بوجوده‪ ،‬ال يمكن أن يكون‬
‫واحدا‪ .‬واعتمادا على وقتهم وانحيازاتهم الجمالية ‪ ،‬سيبحث بعض المخرجين عنها في األونيالية التي تتميز‬
‫بمواضيع مثل العمل المحدد للصورة التي تهدف إلى تأثير الحلم (على سبيل المثال ‪ ،‬اإلفراط في الطباعة‬
‫والغموض) ‪ ،‬مثل اآلخرين يرغبون في رؤيتها تولد من تسليط الضوء على إمكانات الوسيط الخاصة‪:‬‬
‫حركات الجهاز والتجميع ‪ ،‬وبناء الصورة من خالل نسبة األشكال و‬

‫‪ ،L. Aragon، Le Paysan de Paris‬األعمال الشعرية الكاملة‪t. I، Paris، Gallimard، "Library de La Pleiade"، ،‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪.2007، p. 190‬‬

‫عشرة‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫األلوان‪ ،‬واإليقاعات البصرية‪ ،‬وألعاب الضوء والظالل‪ ،‬وما إلى ذلك من بالستيك بارز‪" ،‬السينما الشعر" ثم‬
‫يقدم تقارب مع الرقص‪ ،‬وهو ما يكشف على سبيل المثال فكرة "الشعر الرقص" التي عقدت هنا حول أفالم‬
‫مان راي‪ .‬وأكثر من ذلك مع الطالء‪ .‬بعيدا عن اإلشارة التصويرية البسيطة المعترف بها ‪ ،‬عندما يتم بناء‬
‫الصورة السينمائية في ذكرى اللوحة ‪ ،‬فإن االهتمام بالمادية أو على األقل خصوصية الوسائط السمعية‬
‫والبصرية التي يجب أن تكون ضرورية ‪ ،‬سواء عن طريق الخدش والتضليل المختلف للفيلم أو عن طريق‬
‫إستخدام تقنيات الرسوم البيانية التي تتابع في مساحة الفيديو‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن التفاعل بين السينما والشعر يكون‬
‫أحيانا مضطربا من خالل صفقات أخرى‪ ،‬أو تبادالت أخرى‪ ،‬سواء كانت صريحة أو سرية‪ ،‬مع فنون أخرى‪.‬‬
‫كان هذا التاريخ من العالقة المعقدة والمتعددة األوجه التي تربطها السينما والشعر ‪ ،‬أو ‪ ،‬بعبارة أقل‬
‫جوهرية ‪ ،‬العالقة التي نشأت بين المخرجين والشعر والشعراء والسينما التي أراد مؤتمر مارس ‪2013‬‬
‫المساهمة فيها‪ .‬وهذا يعني أن هذه المجموعة‪ ،‬التي تشكل أفعالها‪ ،‬تندرج في إطار القرب من عدد من األعمال‬
‫الهامة األخرى التي تم مؤخرا التركيز فيها على تحليل الروابط التي تربط بين بعضها البعض‬
‫السينما األخرى والشعر‪ .‬تلك ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬كريستوف وال رومانا التي‬ ‫‪à‬‬
‫يمكن أن نذكر مؤخرا ‪ Cinepoetry. Imaginary Cinemas in French Poetry 21‬أو ‪Didier‬‬
‫‪ Coureau‬أن تفكيره الشخصي حول جان دانيال بوليه واجه هذه األسئلة منذ فترة طويلة ‪ ،‬والذي قام مؤخرا‬
‫بتنسيق كتابين جماعيين يركزان على هذا‬
‫موضوع‪" :‬الشعر في اإلسقاط"‪ ،22‬أعمال أيام "السينما‪ ،‬فنون الفيديو‪ ،‬الشعر‪ :‬الصور في مرآة الصور" وعدد‬
‫"السينما الشعر" من المجلة‬
‫البحث والعمل ‪.23‬‬
‫من خالل إعطاء الكلمة للشعراء والمخرجين وكذلك للباحثين القادمين من الدراسات األدبية‬
‫والدراسات السينمائية ‪ ،‬تسعى هذه المجموعة إلى مضاعفة وجهات النظر وأساليب النهج ‪ ،‬وال تهمل تاريخ‬
‫األدب والسينما ‪ ،‬وال الشعرية التاريخية وال نقد األعمال‪ .‬في كل مكان‬

‫نيويورك‪ ،‬مطبعة جامعة فوردهام‪.2012 ،‬‬ ‫‪21‬‬


‫ستصدر في العدد ‪ 7‬من مجلة همس‪.‬‬ ‫‪22‬‬
‫البحث والعمل‪ ،‬العدد ‪ .2014 ،84‬يمكن أن نذكر أيضا أطروحة نادجا كوهين التي تطرقت إلى العالقات التي حافظ عليها شعراء العقد‬ ‫‪23‬‬
‫والعشرينات مع السينما في عصرهم‪ .‬انظر السينما والشعر الحديث (‪ ،)1930-1910‬باريس‪ ،‬كالسيك غارنييه‪.2013 ،‬‬

‫‪11‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫ونحن ندرك أن هذه ليست سوى سلسلة من "اللقطات" لكي نستعير من مارك سيريسويلو إستعارة كاشفة‬
‫لصعوبة القيام‪ ،‬في المرحلة الحالية من البحث‪ ،‬بتوليف واسع من شأنه أن يسمح برسم خرائط متزامنة لنقاط‬
‫تقاطع الممارستين‪ ،‬وتتبع تقلبات هذا االرتباط الطويل في مفارقة تاريخية‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإن المنظمة تدرك أن هناك تجزئة‪ ،‬وفجوات‪ ،‬وانفصاال حتميا‪ ،‬إن لم يكن تجزئيا‪ ،‬في هذا‬
‫التفكير الجماعي‪ .‬ولكن إذا لم تكن تدعي أنها تنتج عن طريق الحيل البالغية انطباعا باالستمرارية التي ال‬
‫تشوبها شائبة ‪ ،‬فإنها ال توافق على التفتت‪.‬‬
‫تبدأ اللحظة األولى بالعبور المتسارع ألكثر من نصف قرن من السينما من خالل نظرة الشاعر بول‬
‫لويس روسي ‪ ،‬الذي ‪ ،‬من خالل منظور السيرة الذاتية ‪ ،‬يربط األفالم التي أعطيت له لمشاهدتها مع‬
‫التحوالت التي عرفتها هذه الفترة الزمنية من الشعر‪ .‬بعد هذا النوع من "السينما اليومية" المتعرجة ‪ ،‬هناك‬
‫مجموعتان من التوقف على الصور‪ .‬واحدة تعلق على لحظة دادا السريالية ‪ -‬وهما من أبرز الطليعة‬
‫التاريخية ‪ -‬واألخرى تنتبه إلى األساليب المعاصرة على الفور للقاءات بين السينما والشعر‪ .‬من ناحية ‪،‬‬
‫"الشعر الراقص" لمان راي ‪ ،‬والمواقف المتعارضة من ‪ Soupault‬وأراغون في مواجهة الوسيط الجديد ‪،‬‬
‫واللقاء الفاشل إليلورد مع السينما ؛ من ناحية أخرى تعاون جان ماري غليز وإريك بيليه ‪ ،‬وهو مشروع فيلم‬
‫لفرانك سميث ‪ ،‬وعدد من االستخدامات الفريدة للسينما في الشعر (كريستوف فيات ‪ ،‬بيير ألفيري ‪ ،‬جيروم‬
‫جيم ‪ ،‬ناتالي كوينتاني ‪ ،‬كريستوف هانا)‪.‬‬
‫افتتح من خالل دراسة حالة بودلير ينظر إليه على حد سواء شاعرا منتبهة إلى أسالف السينما ‪-‬‬
‫الديوراما ‪ ،‬المجسم ‪ ،‬الفيناكيسكوب ‪ -‬ومصدر إلهام لمختلف صانعي األفالم ‪ ،‬ومجموعة ثانية تركز على‬
‫االقتراض المتبادل ‪ ،‬من السينما إلى الشعر ‪ ،‬والشعر إلى السينما‪ .‬بطريقة ما ‪ ،‬التكيف مع الشاشة من‬
‫الكالسيكيات الشعر ( جحيم دانتي من قبل بيتر غريناواي وتوم فيليبس ‪ ،‬سونيتات شكسبير من قبل ديريك‬
‫جارمان) ‪ ،‬إعادة االستيالء على شكل داستان (أتشيك كريب دي باراجانوف) ‪ ،‬أفالم محمصة (من الكابتن‬
‫فراكاس من أبيل جانس إلى مارتن فييرو من توري نيلسون إلى غناء ستيرين من آالن ريزنيس) ‪ ،‬وجود‬
‫النصوص الشعرية في الحوارات الفيلمية (الخطيئة إلى فولتير عبد اللطيف كشيش و ‪،Folle Embellie‬‬
‫دومينيكا‬

‫‪12‬‬ ‫المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬


‫جيم ‪ -‬الحذاء‪" ،‬السينما والشعر‪ ،‬قصة في طور النشوء"‬

‫كابريرا)‪ .‬في اآلخر‪ ،‬تأثيرات السينما في الشعر (على سبيل المثال‪ ،‬في قصيدة بول ماري البوينت) و "الخبر‬
‫الشعري" (يعيش حياته من جان لوك غودار من قبل يان ‪.)Baetens‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬هناك سلسلة ثالثة من األفكار التي تركز على ما قد تعنيه "سينما الشعر" أو بعبارة أخرى‪،‬‬
‫ما قد تعنيه " قصائد األفالم"‪ .‬في بعض األحيان بناء على مجموعة من األعمال مثل عمل المخرج اليوناني‬
‫ستافروس تورنز‪ ،‬مدعومة في بعض األحيان بمجموعة مختارة من األمثلة الهامة التي يمكن إستعارتها‬
‫فيلم سينمائي فريد من نوعه – فيلم الوثائقي األمريكي روبرت غاردنر – أو‬ ‫‪à‬‬
‫العديد من هذه المساهمات ‪ -‬التي قدمها إثنان من المخرجين ذوي الحساسية للشعر مثل فيليب غاريل وجان دانيال‬ ‫‪à‬‬
‫بوليه ‪ -‬تركز هذه المساهمات على تحديد الطرق المختلفة لعمل الشعر في السينما‪ .‬يستكشف آخرون الغنائية أو الشعر‬
‫السينمائي من مفاهيم مثل الكارثة أو القذارة‪ .‬في إحدى الحاالت‪ ،‬يندرج الشعر السينمائي في إستمرارية شعراء القبح أو حتى‬
‫الرعب‪ ،‬الذي كان حاضرا في القرن ‪ .19‬أما في الجانب اآلخر‪ ،‬فاألمر يتعلق بتعريف "الغيرية الكارثية" التي تنبع من‬
‫التخريب الدادي وتتجاوز في الوقت نفسه الحدود التاريخية لهذه الطليعة المتناقضة للكشف عن "الكارثة التأسيسية ألي خلق‬
‫حقيقي"‪.‬‬
‫كما نرى‪ ،‬فإن المؤلفات السينمائية والشعرية التي يتم إستدعائها متنوعة‪ .‬كما هي النهج المختلفة‪.‬‬
‫نأمل أن تسمح هذه الدراسات بتنوير‪ ،‬دون تحيز مفرط ودون تخطيطي مفرط‪ ،‬مضمون وطرائق العالقات‬
‫التي يمكن أن تكون قائمة بين السينما والشعر‪ .‬نتمنى بشكل خاص ‪ ،‬في الفترات التي تنقلها ‪ ،‬أن تسمي‬
‫نصوصا أخرى ستساعد بدورها في رسم قصة مبنية على السحر ‪ ،‬وأحيانا ‪ ،‬االشمئزاز ‪ ،‬االقتراض متعدد‬
‫األشكال والمعامالت المختلفة‪ .‬قصة تحتاج إلى إعادة تشكيل باستمرار ألنها ال تزال في طور ‪...‬‬

‫‪13‬المحاضر رقم ‪" ،4‬السينما والشعر‪ ،‬تأمالت"‪ ،‬ديسمبر ‪2014‬‬

You might also like