Download as odt, pdf, or txt
Download as odt, pdf, or txt
You are on page 1of 6

‫الخميس أغسطس ‪am 8:32 2015 ,13‬‬ ‫اسرار علم الحروف واالرقام‬

‫كان سر هللا مودعا في خزانة علم الحروف وهو علم مخزون ‪ ،‬في كتاب مكنون ‪ ،‬ال‬
‫يمسه إال المطهرون ‪ ،‬وال يناله إال المقربون ‪ ،‬ألنه منبع أسرار الجالل ‪ ،‬ومجمع‬
‫أسماء الكمال ‪ ،‬افتتح هللا به السور ‪ ،‬وأودعه سر القضاء والقدر ‪ ،‬وذلك بأن هللا تعالى‬
‫لما أراد إخراج الوجود من عالم العدم إلى عالم الكون ‪ ،‬أراد العلويات والسفليات‬
‫باختالف أطوار تعاقب األدوار وأبرزها من مكامن التقدير ‪ ،‬إلى قضاء التصوير ‪،‬‬
‫عبأ فيها أسرار الحروف التي هي معيار اإلقرار ‪ ،‬ومصدار اآلثار ‪ ،‬ألن الباري‬
‫تعالى بالكلمة تجلى لخلقه وبها احتجب ثم أوجد طينة آدم في العمل الذي هو عبارة‬
‫عن االختراع األول ‪ ،‬من غير مثال ‪ ،‬وال تعديل تمثال ‪ ،‬ثم ركز في جبلة العملي‬
‫( العماء خ ‪ .‬ل ) نسبة من تلك الحروف ورتبها حتى استشرق منها في عالم اإليجاد ‪،‬‬
‫بلطائف العقل إلشراق الظهور ‪ ،‬ثم نقله بعد ذاك في أطوار الهباء الذي هو عبارة عن‬
‫االختراع الثاني ‪ ،‬ورتب فيه رتبة من الحروف التي ركزها في جبلة العملي ( العماء‬
‫خ ‪ .‬ل ) حتى استشرقها في عالم اإليجاد بلطايف روحه في االحتراق الثاني ‪ ،‬ثم نقله‬
‫بأطوار الذر الذي هو عبارة عن اإلبداع الثاني ‪ ،‬وأوجد فيه نسبة من الحروف التي‬
‫وضعها في جبلتها الفطرية ‪ ،‬حتى استشرق بها في عالم اإليجاد بلطايف القلب في‬
‫اإلبداع الثاني ‪ .‬فالحروف معانيها في العقل ‪ ،‬ولطايفها في الروح ‪ ،‬وصورها في‬
‫النفس ‪ ،‬وانتقاشها في القلب ‪ ،‬وقوتها الناطقة في اللسان ‪ ،‬وسرها المشكل في األسماع‬
‫‪ .‬ولما كان المخاطب األول هو المخترع األول ‪ ،‬وهو العقل النوراني ‪ ،‬كان خطاب‬
‫الحق بما فيه من معاني الحروف ‪ .‬ومجموع هذه الحروف في سر العقل كان ألفا‬
‫واحدا ألنه بالقوة الحقيقية مجموع الحروف ‪ ،‬وهو الذي سمع أسرار العلوم بحقيقة‬
‫هذه الحروف قبل سائر األشياء ‪ ،‬والعقل هو صاحب الرمز واإلشارة ‪ ،‬والحقيقة‬
‫واإليماء ‪ ،‬واإلدراك ‪ .‬والحروف في لطيفة الروح شكل الضلعين من أضالع المثلث‬
‫المتساوي األضالع ‪ ،‬ضلع قائم ‪ ،‬وآخر مبسوط على هذه الصورة ‪ ،‬والقائم ضلع‬
‫األلف ‪ ،‬والمبسوط ضلع الباء ‪ .‬وإنما قلنا بأن الحروف في لطيفة الروح شكل ضلعين‬
‫‪ ،‬ألن فيض األنوار البسيطة التي في العقل بالفعل هي في الروح بالقوة فاتفقا في‬
‫وجود األسرار ‪ ،‬وتباينا في اختالف األطوار ‪ .‬ومن حيث إن الروح تستمد من‬
‫العقل ‪ ،‬والنفس تستمد من الروح ‪ ،‬وجميع األنوار العلوية تستمد من نور العرش ‪،‬‬
‫كذلك سائر الحروف تستمد من نور األلف ‪ ،‬ورجوع السفلي والعلوي منها إليها ‪،‬‬
‫وكل حرف من الحروف قائم بسر األلف واأللف سر الكلمة ‪ ،‬ومالئكة النور‬
‫الحاملون للعرش من ذوات هذه الحروف ‪ ،‬واألول منها المتعلق بالعقل اسمه األلف‬
‫والموحدون لحضرة الجالل أربعة ‪ :‬العقل ‪ ،‬والروح ‪ ،‬والنفس ‪ ،‬والقلب هو الموحد‬
‫الرابع ‪ ،‬وتوحيده بسر الحروف التي أوجدها الحق في جبلته ‪ ،‬ألن القلب لوح النقوش‬
‫الربانية ‪ ،‬بل هو اللوح المحفوظ بعينه ‪ .‬ومن هاهنا اختلفت الحروف باختالف‬
‫أوضاعها ونسبتها إلى أحوال آدم ‪ .‬فالدال يوم خلقه ‪ ،‬وخط الجيم يوم تسويته ‪ ،‬وخط‬
‫الباء يوم نفخ الروح فيه ‪ ،‬وخط األلف يوم السجود ‪ ،‬فكان تركيب البنية اإلنسانية‬
‫بالحكمة اإللهية من شكل تربيعي ‪ ،‬وتربيع طبيعي ‪ ،‬ومن عالمي االختراع واإلبداع ‪،‬‬
‫فعلم أن العالم العلوي والسفلي بأجمعه داخالن تحت فلك األلف الذي هو عبارة عن‬
‫االختراع األول ‪ ،‬والعرش العظيم ‪ ،‬والعقل النوراني ‪ ،‬والجبروت األعلى ‪ ،‬وسر‬
‫الحقيقة وحضرة القدس وسدرة المنتهى ‪ ،‬وساير الحروف إجماال وتفصيال انبعثت‬
‫عنه ‪ ،‬وجميعها باختالف أطوارها وتباين آثارها تستمد منه ‪ ،‬وترجع إلى الرب‬
‫سبحانه ‪ .‬خلق الخلق بسر هذه الحروف ‪ ،‬وعالم األمر كن فيكون ‪ ،‬وكالمه سبحانه‬
‫في حضرة قدسه إنما سمع بهذه الحروف ‪ ،‬وهي قائمة بذات الحق سبحانه ‪ ،‬وأسماؤه‬
‫المخزونة المكنونة مندرجة تحت سجل هذه الحروف ‪ ،‬واأللف منها أول‬
‫المخترعات ‪ ،‬ومنها سائر مراتب العالم ‪ ،‬وجميع الحروف محتاجة إليه وهو غني‬
‫عنها ألن سائر األعداد ال تستغني عنه ‪ ،‬وهو ال يحتاج إليها ‪ .‬ومن عرف ظاهر‬
‫األلف وباطنه ‪ ،‬وصل إلى درجة الصديقين ‪ ،‬ومرتبة المقربين ‪ ،‬ألن له ظاهرا‬
‫وبطونا ‪ ،‬فظاهره ‪ :‬العرش ‪ ،‬واللوح ‪ ،‬والقلم ‪ .‬وهو مركب من ( ‪ ) 3‬نقط ‪ :‬الواحدة‬
‫والواحدة والواحدة ‪ ،‬وبحثها يأتي فيما بعد ‪ .‬وباطنه األول ( ‪ ) 3‬وهي ‪ :‬العقل ‪،‬‬
‫والروح ‪ ،‬والنفس ‪ .‬وباطنه الثاني ( ‪ ) 11‬وهو عدد بسائطه االسم األعظم فإذا أخذ‬
‫منه ( ‪ ) 12‬وهي موضوع األسماء واألعداد بقي ( ‪ ) 99‬وهي عدد األسماء‬
‫الحسنى ‪ ،‬وباطنه الثاني ( ‪ ) 71‬وهو عدد الالم الفايض عنه ‪ ،‬وهذا العدد مادة االسم‬
‫األعظم وحرف من ظاهر االسم األعظم ‪ ،‬وباطنه الثالث ( ‪ ) 42‬وهو فيض الالم ‪،‬‬
‫وهو الميم ‪ ،‬وعدده ( ‪ ) 45‬وعددان في األلف والالم ‪ ،‬وهذا العدد ظاهر االسم‬
‫األعظم وباطنه ‪ ،‬الرابع إن ضرب مفرداته في نفسها ( ‪ ) 9‬والفتق الفايض عنه في‬
‫فتق الحروف أيضا ( ‪ ) 9‬وهي ألف ل ف ألف م م ى م ‪ ،‬والعرش ‪ ،‬واللوح ‪،‬‬
‫والقلم ‪ ،‬مفرداتها أيضا ( ‪ ) 9‬وهي ع ر ش ل و ح ق ل م ‪ ،‬والعقل ‪ ،‬والنفس ‪،‬‬
‫والروح ‪ ،‬أيضا كذلك ع ق ل ن ف س روح ‪ ،‬فألف هي الكلمة التي تجلى فيها الجبار‬
‫بخفي األسرار ‪ .‬فمن عرف ظاهره وباطنه ‪ ،‬أدرك خفي األسرار ‪ ‹ ،‬صفحة ‪› 29‬‬
‫ومكنون األنوار ‪ ،‬ألنه حرف يستمد من قيومية الحق والكل يستمد منه ‪.‬وأما األلف‬
‫المبسوط وهو الباء فهي أول وحي نزل على رسول هللا صلى هللا عليه وآله وأول‬
‫صحيفة آدم ونوح وإبراهيم وسرها ‪ ،‬من انبساط األلف فيها سر القيامة بقيام طرفه ‪،‬‬
‫وهو سر االختراع واألنوار ‪ ،‬واألسرار الحقيقية مرتبطة بنقطة الباء ‪ ،‬وإليها اإلشارة‬
‫بقول أمير المؤمنين ( علي ) ‪ ( :‬أنا النقطة التي تحت الباء المبسوطة ) ( ‪ ، ) 1‬يشير‬
‫إلى األلف القائم المنبسط في ذاتها ‪ ،‬المحتجب فيها ‪ ،‬ولذلك قال محي الدين الطائي ‪:‬‬
‫الباء حجاب الربوبية ‪ ،‬ولو ارتفعت الباء لشهد الناس ربهم تعالى‬

‫وحرف القاف باطن القلم وسر األمر ‪ .‬والمراد بسر األمر ‪ ،‬القدر ‪ .‬والقلم ببسايطه (‬
‫‪ ) 3‬أحرف وهو الكائن ألسرار القدر ‪ ،‬وهو سر االسم األعظم ‪ ،‬والقلم حرفه األول‬
‫القاف المحيط بالعالم ظاهرا ‪ ،‬وبالعلم باطنا وعدده ( ‪ . ) 181‬فإذا أخذ منه عدد االسم‬
‫األعظم ‪ ،‬وهو ( ‪ ) 111‬بقي ( ‪ ) 70‬وهي مادة االسم األعظم ‪ ،‬وحرف من حروفه ‪،‬‬
‫كما أن السين حرف من حروف ظاهر االسم األعظم ‪ ،‬ومن علم باطن السين علم‬
‫االسم األعظم ‪ ،‬وحرفه الثاني ‪ :‬ل ‪ ،‬والثالث ‪ :‬م ‪ ،‬ومن هذه الحروف تتركب العوالم‬
‫بأسرها ‪ ،‬وسائر الموجودات بأجمعها داخلة تحت ( ‪ ) 299‬أسماء ‪ ،‬واألسماء داخلة‬
‫تحت االسم األعظم ‪ ،‬واالسم األعظم هو المائة والقاف بحسابه العددي مائة‬

‫وحرف ‪ :‬ط طيار في جميع العالم ‪ ،‬وسره في المبادئ األوليات ‪ ،‬وتعححت ( ‪) 3‬‬
‫نشأة االختراعيات وسرها في العلويات والسفليات ‪ ،‬ولها أسرار في ظهورها ‪،‬‬
‫فظهرت في آخر اسم لوط ‪ ،‬فكان من ‹ صفحة ‪ › 30‬سرها تدمير قومه ‪ ،‬كما ظهرت‬
‫الهاء في أول اسم هود ‪ ،‬فكان من سرها خسف األرض بقومه وتدميرها ‪ ،‬وظهرتا‬
‫معا في اسم محمد صلى هللا عليه وآله في قوله تعالى ‪ ( :‬طه ) وهو محمد بلغة طي‬

‫وحرف الجيم ( ج ) حرف ملكوتي يتلقى عن الباء ‪ ،‬يشترك فيه جميع العوالم‬
‫الملكوتية وهو حرف أظهره هللا في أول أسماء الجالل ‪ ،‬والعرش قائم بجالل الجيم ‪،‬‬
‫والقلم يستمد منه الكرسي أيضا في صفة الجمال قائم به ‪ ،‬وهو المثلث الذي انبسط فيه‬
‫سر األلف والباء ‪ ،‬وظهر في أطوار الغضب ‪ ،‬ومركز اللطف ‪ ،‬فتجلى في الجبار‬
‫والجواد ‪ ،‬فله الجبروت والجود ‪ .‬فصل وحرف ‪ :‬ك حرف ظهر في آخر اسم الملك ‪،‬‬
‫وله العزيز وهو باطن العلم وباطن األمر وباطن العرش والكرسي ‪ ،‬وباطن الصور‬
‫السمائية واألرضية‬
‫وحرف ‪ :‬ع هو أول أسرار العرش ‪ ،‬والعقل ‪ ،‬وهو حامل أسرار العالم ‪ ،‬ألن العرش‬
‫حامل الكرسي ‪ ،‬والقلم واللوح واألفالك واألرضين ‪ ،‬والعقل حامل الروح ‪ ،‬والروح‬
‫‪ .‬حامل النفس ‪ ،‬والنفس حامل القلب ‪ ،‬والقلب حامل الجسم ‪ ،‬والقدرة حاملة للكل‬

‫وحرف ‪ :‬ث حرف ظهر في الوارث والباعث ‪ ،‬وظهوره في الوارث إشارة إلى فناء‬
‫الموجودات ‪ ،‬وفي الباعث إشارة إلى القدرة على بعثهم بعد الممات ‪ ،‬وجمعهم بعد‬
‫‪ .‬الشتات‬

‫وحرف الزاي حرف شريف ‪ ،‬ظهر في العزيز ‪ ،‬فالعزة هلل جميعا ‪ ،‬ومنه وصول‬
‫العز إلى سائر العالم ‹ صفحة ‪ › 31‬بالترتيب ‪ ،‬فبعض العالم يستمد لعزه من بعض‬
‫فكره ‪ ،‬التراب يستمد من الماء ‪ ،‬والماء من الهواء ‪ ،‬والهواء من النار ‪ ،‬والنار من‬
‫الفلك ‪ ،‬وهكذا ترتيب العزة في األكوان ‪ ،‬وإليه اإلشارة بقوله تعالى ‪ :‬وتعز من تشاء‬
‫وتذل من تشاء ( ‪ . ) 1‬فصل وحرف الواو ‪ ،‬حرف من حروف العرش ‪ ،‬سيار في‬
‫‪ .‬أجزاء العالم ‪ ،‬متعلق بطرفي الخلق ‪ ،‬واألمر كن فيكون‬

‫ولما كان هذا العلم الشريف ‪ ،‬إشارات ورموزا ‪ ،‬وردت منه ها هنا ما فيه إشارة‬
‫‪ .‬وتنبيه‬

‫وأما علم النقط والدوائر ‪ ،‬فهو من أجل العلوم ‪ ،‬وغوامض األسرار ‪ ،‬ألن منتهى‬
‫الكالم إلى الحروف ‪ ،‬ومنتهى الحروف إلى األلف ‪ ،‬ومنتهى األلف إلى النقطة ‪،‬‬
‫والنقطة عندهم عبارة عن نزول الوجود المطلق الظاهر بالباطن ‪ ،‬ومن االبتداء‬
‫‪ .‬باالنتهاء ‪ ،‬يعني ظهور الهوية التي هي مبدأ الوجود التي ال عبارة لها وال إشارة‬

‫ولما كان األلف ‪ ،‬قائما بسر العقل ‪ ،‬والعقل قائم به ‪ ،‬وتمام الحروف في سر األلف ‪،‬‬
‫لكن بينهما تباين في الرتبة ‪ ،‬فألف العقل قائم ‪ ،‬وألف الروح مبسوط ‪ ،‬وهذا العلم‬
‫الشريف لو كشف للناس منه سر ما بين األلف والالم والميم التي هي جوامع األمر‬
‫الحكيم ‪ ،‬الضطرب كل سليم ‪ ،‬وجهل كل عليم ‪ ،‬كما ورد عن ابن سنان عن أبي عبد‬
‫هللا عليه السالم أنه قال ‪ :‬يا محمد إن في سورة األحزاب آيا محكما ‪ ،‬لو قدرنا أن‬
‫ننطق به ‪ ،‬لنطقنا ‪ ،‬ولكفر الناس إذا وجحدوا وضلوا ‪ ،‬ولكن كما قيل ‪ ‹ :‬صفحة ‪› 32‬‬
‫ومستخبر عن سر ليلى أجبته * بعمياء عن ليلى بغير يقين يقولون خبرنا فأنت أمينها‬
‫* وما أنا إن خبرتهم بأمين‬

‫وسر هللا مودع في كتبه ‪ ،‬وسر الكتب في القرآن ‪ ،‬ألنه الجامع المانع ‪ ،‬وفيه تبيان كل‬
‫شئ ‪ ،‬وسر القرآن في الحروف المقطعة في أوائل السور ‪ ،‬وعلم الحروف في الم‬
‫ألف ‪ ،‬وهو األلف المعطوف المحتوي على سر الظاهر والباطن ‪ ،‬وعلم الالم ألف في‬
‫األلف ‪ ،‬وعلم األلف في النقطة ‪ ،‬وعلم النقطة في المعرفة األصلية ‪ ،‬وسر القرآن في‬
‫الفاتحة ‪ ،‬وسر الفاتحة في مفتاحها ‪ ،‬وهي بسم هللا ‪ ،‬وسر البسملة في الباء ‪ ،‬وسر‬
‫‪ .‬الباء في النقطة‬

‫والفاتحة هي سورة الحمد ‪ ،‬وأم الكتاب ‪ ،‬وقد شرفها هللا تعالى في الذكر فأفردها ‪،‬‬
‫وأضاف القرآن إليها فقال عز اسمه ‪ :‬ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم (‬
‫‪ . ) 1‬فذكرها إجماال وإفرادا وذلك لشرفها ‪ ،‬وهذا مثل قوله ‪ :‬حافظوا على الصلوات‬
‫والصالة الوسطى ( ‪ ) 2‬أدخلها إجماال ‪ ،‬وأفردها إجالال ‪ ،‬والصالة الوسطى هي‬
‫صالة المغرب ظاهرا ‪ ،‬وفي وقت أدائها تفتح أبواب السماء ‪ ،‬ويجب التعجيل بها‬
‫لقوله صلى هللا عليه وآله ‪ ( :‬عجلوا بالمغرب ) ‪ .‬وأما في الباطن والرمز ‪ ،‬فهي‬
‫فاطمة الزهراء عليها السالم ‪ ،‬ألن الصلوات الخمس بالحقيقة هم ‪ :‬السادة الخمسة‬
‫الذين إذا لم يعرفوا ولم يذكروا ‪ ،‬فال صالة ‪ ،‬فالظهر رسول هللا صلى هللا عليه وآله‬
‫ومن ثم بدا النور أول ما خلق هللا نوره ( ‪ ) 3‬أول ما خلق هللا اللوح ( ‪ ، ) 4‬أول ما‬
‫خلق هللا القلم ( ‪ ، ) 5‬فالعقل نور محمد صلى هللا عليه وآله ( ‪ ، ) 6‬واللوح والقلم‬
‫علي وفاطمة ‪ ،‬وإليه اإلشارة بقوله تعالى ‪ ( :‬ن والقلم وما يسطرون ) ( ‪ ) 1‬وفريضة‬
‫العصر أمير المؤمنين عليه السالم ‪ ،‬والمغرب الزهراء ‪ ،‬أمرهم هللا تعالى بالمحافظة‬
‫على حبها وحب عترتها ‪ ،‬فصغروا قدرها ‪ ،‬وحقروا عظيم أمرها ‪ ،‬لما غربت عنها‬
‫شمس النبوة ‪ ،‬وحبها الفرض ‪ ،‬وتمام الفرض ‪ ،‬وقبول الفرض ‪ ،‬ألن النبي صلى هللا‬
‫عليه وآله حصر رضاه في رضاها فقال ‪ ( :‬وهللا يا فاطمة ال يرضى هللا حتى ترضي‬
‫‪ ،‬وال أرضى حتى ترضي ) ( ‪ . ) 2‬ومعنى هذا الرمز أن فاطمة عليها السالم ينبوع‬
‫األسرار وشمس العصمة ‪ ،‬ومقر الحكمة ‪ ،‬ألنها بضعة النبي صلى هللا عليه وآله‬
‫وحبيبة الولي ‪ ،‬ومعدن السر اإللهي ‪ ،‬فمن غضبت عليه أم األبرار ‪ ،‬فقد غضب عليه‬
‫نبيه ووليه ‪ ،‬ومن غضب عليه النبي والولي ‪ ،‬فهو الشقي كل الشقي ‪ .‬وصالة العشاء‬
‫الحسن عليه السالم حيث احتجب عنه نور النبي والولي ‪ ،‬والصبح الحسين عليه‬
‫السالم ألنه بذل نفسه في مرضاة هللا تعالى ‪ ،‬حتى أخرج نور الحق في دجنة الباطل ‪،‬‬
‫‪ .‬ولواله لعم الظالم إلى يوم القيامة‬

‫ومثل هذا الباب من الحديث القدسي بقول هللا سبحانه ( والية علي حصني ‪ ،‬فمن دخل‬
‫حصني ‪ ،‬أمن عذابي ) ( ‪ . ) 3‬فحصر األمان من العذاب في والية علي ‪ ،‬ألن‬
‫اإلقرار بالوالية يستلزم اإلقرار بالنبوة ‪ ،‬واإلقرار بالنبوة ‪ ،‬يستلزم اإلقرار بالتوحيد ‪،‬‬
‫فالموالي هو القائل بالعدل ‪ ،‬والقائل باإلمامة ‪ ،‬والعدل مع التوحيد هو المؤمن ‪،‬‬
‫والمؤمن من آمن ‪ .‬فالموالي لعلي هو المؤمن اآلمن ‪ ،‬وإال فهو المنافق الراهق من‬
‫غير عشوارب‪ .‬ومثال هذا من قول النبي صلى هللا عليه وآله ‪ ( :‬أنا مدينة العلم وعلي‬
‫بابها ) ( ‪ ، ) 4‬والمدينة ال تؤتى إال بالباب ‪ ،‬فحصر أخذ العلم بعده في علي وعترته ‪،‬‬
‫فعلم أن كل من أخذ علمه بعد النبي صلى هللا عليه وآله من غير علي وعترته عليهم‬
‫السالم فهو بدعة وضالل ‪ ) 5 ( ،‬وفي هذا الحديث إشارة لطيفة ‪ ،‬وذلك أن كل وحي‬
‫يأتي إلى النبي صلى هللا عليه وآله من حضرة الرب العلي فإنه ال يصل به إال الملك‬
‫حتى يمر به على الباب ‪ ،‬ويدخل به من ‹ صفحة ‪ › 34‬الباب ‪ ،‬وإليه اإلشارة بقوله‬
‫صلى هللا عليه وآله ‪ :‬يا علي إن هللا أطلعني على ما شاء من غيبه وحيا وتنزيال‬
‫وأطلعك عليه إلهاما ( ‪ ، ) 1‬وهذا إشارة إلى ما خص به نبيه ليلة المعراج خطابا ‪،‬‬
‫فإن ذلك خص به وليه إلهاما ‪ ، .‬أما قوله ‪ :‬إنك ترى ما أرى ‪ ،‬وتسمع ما أسمع (‬
‫‪ ، ) 2‬فإنه إشارة إلى نزول المالئكة إلى رسول هللا صلى هللا عليه وآله بالتحف‬
‫اإللهية ‪ ،‬فإن هللا خص وليه بأن يسمع بعضها ويراه ‪ ،‬وأمر نبيه بإيصال باقيه إليه‬
‫ألنه الخازن ألسرار النبوة ‪ ،‬الولي في علو مقامه ‪ ،‬تلميذ النبي صلى هللا عليه وآله‬
‫ووزيره ألن سائر البحار داخلة تحت البحر المحيط‬

You might also like