Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 12

‫الدور المعياري لممنظمات الدولية غير الحكومية‬

‫في المجال البيئة‬

‫المقدمة ‪:‬‬

‫بالرغم من أن جمعيات المواطنين التطوعية قد وجدت عبر التاريخ‪ ،‬إال أن المنظمات الدولية غير الحكومية‬
‫كما نعرفيا اليوم‪ ،‬خاصة عمى المستوى الدولي قد تطورت بعد الثورة الصناعية‪.‬‬

‫إن تأسيس أول منظمة دولية غير حكومية كان عام ‪ 9381‬وىي منظمة " مناىضة العبودية الدولية "‪ ،‬وقد‬
‫تنامى عددىا بعد الحرب العالمية الثانية بشكل متسارع‪.‬‬

‫تم استخدام العديد من التسميات ليذا النوع من المنظمات مثل‪ :‬المنظمة التطوعية الخاصة‪ ،‬منظمات‬
‫القطاع الثالث‪ ،‬المنظمات الغير الربحية(‪ ،)9‬كما عرفت جداال كبي ار حول تسميتيا‪ ،‬حيث عرفيا محمود خمف بأنيا‪:‬‬
‫"تمك المنظمات المتكونة من الممثمين الخاصين‪ ،‬أي أفراد وجمعات أو حتى كيانات خاصة مستقمة عن الحكومات‬
‫الوطنية "(‪.)2‬‬

‫أما األستاذ مارسيل ميرل فعرفيا بأنيا‪ " :‬كل جمعية أو تجمع أو حركة مكونة بصفة دائمة من طرف‬
‫(‪)8‬‬
‫"‪.‬‬ ‫الخواص منتميين لدول مختمفة لمتابعة أىداف غير الربح و الكسب‬

‫لقد عرفت السنوات األخيرة اىتماما متزايدا بدور المجتمع المدني في قضايا مختمفة‪ ،‬عمى رأسيا قضية‬
‫حماية البيئة سواء عمى المستوى العالمي أو المحمي‪ ،‬فحماية البيئة من التموث‪ ،‬ونشر الوعي البيئي من أىم‬
‫الجيود التي تبذليا ىاتو المنظمات في ىذا الشأن‪ ،‬فمنذ مؤتمر ستولكيوم عام ‪ ،9192‬قامت ىاتو األخيرة بدور ال‬
‫غنى عنو في عممية تحديد المخاطر‪ ،‬و تقييم اآلثار البيئية‪ ،‬و محاولة اتخاذ كل اإلجراءات لمعالجتيا‪.‬‬

‫‪ -9‬مرايسي أسماء‪ ،‬إدارة المنظمات الدولية غير الحكومية لقضايا حقوق اإلنسان‪ ،‬مذكرة ماجيستير‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫باتنة‪ ،2192-2199،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬ساسي بن عامر‪ ،‬المنظمات غير الحكومية اإلنسانية‪ -‬من الدفاع عن حقوق اإلنسان إلى التدخل‪-‬مذكرة ماجيستير‪ ،‬جامعة‬
‫الجزائر‪ ،‬كمية العموم السياسية‪ ،2198-2192 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -8‬طير كمال‪ ،‬دور المنظمات الدولية غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬مذكرة ماجيستير‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫‪ ،2191-2192‬ص‪.91‬‬
‫إن الت أثير المتزايد لممنظمات غير الحكومية في النطاق الدولي ولد االنتباه ليس فقط إلى اإلنجازات‪ ،‬ولكن‬
‫إلى قضايا مختمفة التي تدافع عنيا‪ ،‬في مقدمتيا مشاكل البيئة‪ ،‬التي لم تعد شأنا داخميا و إنما أصبحت قضية‬
‫دولية تستمزم تظافر جيود كل الدول‪ ،‬وكذا المنظمات غير الحكومية‪ ،‬و غيرىما من الفواعل من أجل الحفاظ‬
‫عمييا‪ ،‬وعميو أضحت ىاتو المنظمات تمعب دو ار ىاما في رسم السياسات العامة العالمية في ىذا المجال‪ ،‬وتدير‬
‫ىاتو القضايا وفقا لمنطقيا وطبيعة اآلليات التي تستخدميا‪.‬‬

‫بدأت ىاتو المنظمات عمميا عمى الصعيد الدولي عمى شكل ىيئات تعيد ليا ادوا ار استشارية أو فنية‪ ،‬لكنيا‬
‫تحولت إلى طرف دولي فاعل يساىم في ايجاد القواعد الدولية المطورة لمقانون الدولي لمبيئة‪.‬‬

‫يكتسي الموضوع أىمية كبيرة‪ ،‬ألنو يسمط الضوء عمى طرق تدخل ىاتو المنظمات في انتاج و تطوير‬
‫القانون الدولي لمبيئة‪ ،‬مع تحديد مختمف األساليب المتبعة لتجسيد ىذا الدور‪.‬‬

‫وعميو نطرح اإلشكال اآلتي‪ :‬ما مدى فاعمية دور المنظمات الدولية غير الحكومية في انتاج المعايير الدولية‬
‫لمبيئة؟‬

‫سنحاول االجابة من خالل مبحثين‪ ،‬نتعرض في المبحث األول لمراحل تدخل المنظمات الدولية غير‬
‫الحكومية‪ ،‬أما المبحث الثاني خصصناه ألساليب تفعيل المعايير الدولية البيئية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مراحل تدخل المنظمات الدولية غير الحكومية في انشاء المعايير الدولية‬

‫تدخل المنظمات الدولية غير الحكومية يتم عبر عدة مراحل من أجل انشاء المعايير الدولية لحماية البيئة من‬
‫المبادرة قصد تعبئة الحكومات‪ ،‬مرو ار بالمشاركة في تحضير و تحرير النص وصوال إلى تفعيل القاعدة القانونية‬
‫و تكريسيا‪.‬‬

‫المطمب األول ‪ :‬المبادرة بتكوين القاعدة‬

‫حرصت المنظمات الدولية غير الحكومية عمى تعزيز تواجدىا‪ ،‬عن طريق تطوير قواعد حماية البيئة‬
‫والمشاركة بصفة مباشرة في انتاج القواعد الدولية في ىذا المجال(‪.)9‬‬

‫قد ال تتمتع التوصيات الصادرة عن المنظمات الدولية باألثر القانوني إال أنيا ترتب آثار معنوية‪ ،‬خاصة في‬
‫ىاتو المرحمة من تطور المجتمع الدولي‪ ،‬حيث أصبح يولي عناية كبيرة لق اررات المنظمات الدولية‪ ،‬ويتجو إلى‬
‫اعتبارىا أىم آلية لتطوير قواعد القانون الدولي العام(‪.)2‬‬

‫يؤكد الفقيو مارسيمو فاريال( ‪ ) MACILO VARELLA‬بأنو(‪:)8‬‬

‫" أصبحت المنظمات غير الحكومية فواعل ميمة في تطوير القانون الدولي لمبيئة‪ ،‬وخاصة فيما يتعمق باالقتراحات‬
‫و المفاوضات من أجل قواعد جديدة‪ ،‬و أيضا فيما يخص العمل بيا و مقاربة القانون الدولي "‪.‬‬

‫تتجسد ممارسة المنظمات غير الحكومية في تطوير القانون الدولي من خالل ممارسة نشاطيا‪ ،‬أو من خالل‬
‫عمميا المتخصص في ىاتو الناحية‪.‬‬

‫أنشأت بعض المنظمات لجان دائمة ذات صمة بتطوير قواعد قانونية لحماية البيئة كالمجمس الدولي‬
‫لالتحادات العممية(‪.)4‬‬

‫‪ -9‬شعشوع قويدر‪ ،‬دور المنظمات غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كمية الحقوق و العموم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة تممسان‪ ،2194-2198 ،‬ص‪.242‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسو‪.‬‬
‫‪3- MARCILO diace verella, Le rôle des ONG dans le développement du droit international de‬‬
‫‪l’environnement, Janvier 2005, N°01, P41.‬‬
‫‪ -4‬المجان التي أنشأىا المجمس‪ :‬المجنة العممية بشأن بحوث المحيطات عام ‪ ،9129‬المجنة العممية بشأن بحوث الفضاء عام‬
‫‪ ،9123‬المجنة العممية بشأن المسائل البيئية لعام ‪.9111‬‬
‫رغم ذلك نجد أن دور المنظمات غير الحكومية ال يزال ىشا نظ ار الحتكار ىذا النشاط من طرف الييئات‬
‫الحكومية الرسمية خوفا من أن تتعارض القواعد المنشأة خارج سمطة و رقابة الدول مع سياستيا و مصالحيا‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬المشاركة في تكوين القاعدة‬

‫يتجمى ىذا النوع من المشاركة‪ ،‬عندما تستدعى ىاتو المنظمات في اطار النظام الدولي المتمثل في المركز‬
‫االستشاري‪ ،‬حيث يتم اشراكيا لالستفادة من الكفاءات العالية و الخبرات التي تتمتع بيا في ميدان اختصاصيا (‪.)9‬‬

‫تطور أداء ىاتو المنظمات ب حيث تحولت من قوة احتجاج إلى قوة اقتراح‪ ،‬و من قوة اعتراض إلى قوة‬
‫اشتراك‪ ،‬وفي ىذا الصدد يقول األستاذ سعيد سالم جويمي(‪ " :)2‬ال نبالغ القول عندما نقرر في ظل ظاىرة‬
‫المنظمات الدولية غير الحكومية بأن تمك المنظمات تمارس اآلن دو ار رئيسيا في العالقات الدولية يجعل منيا‬
‫واحد من الكيانات القانونية الدولية‪ ،‬الذي ال يقتصر نشاطيا عمى مساعدة الدول و المنظمات في تحقيق أىداف‬
‫التنظيم الدولي( األمن و الرفاىية لكل الشعوب)‪ ،‬بل يتجاوز ذلك إلى إرساء قواعد القانون الدولي و تطويرىا "‪.‬‬

‫من ىذا المنطمق ساىمت العديد من ىاتو المنظمات في انتاج الصكوك االتفاقية الدولية و االقميمية في‬
‫المجال البيئي‪ ،‬كما ساىمت في تبني اجراءات قانونية دولية متعمقة بحماية البيئة‪.‬‬

‫إن العممية التشاركية بين الدول و المنظمات الغير الحكومية يعتبر مجاال ىاما الستفادة كل طرف من خبرة‬
‫الطرف اآلخر‪ ،‬فبينما تقدم ىاتو المنظمات الخبرة و التخصص توفر الدولة بدورىا المناخ المناسب إلنتاج المعايير‬
‫الدولية مع عدم السيطرة عمى ىاتو المنظمات(‪.)8‬‬

‫المطمب الثالث‪ :‬تكريس القاعدة‬

‫يظير دور المنظمات غير الحكومية في تكريس القاعدة من خالل تثبيت النص و الترويج اه‪ ،‬فيي تقوم‬
‫بأعمال تحسيسية و توعوية حتى تتضح و تتجمى‪ ،‬و يسيل اعتمادىا(‪.)4‬‬

‫‪ -9‬شعشوع قويدر‪ ،‬دور المنظمات غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.248‬‬
‫‪ -2‬سعيد سالم جويمي‪ ،‬المنظمات الدولية غير الحكومية في النظام القانون الدولي‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‬
‫‪،2112‬ص‪.992‬‬
‫‪3- PIERRE Marie Dupuy, droit international public,5émé édition,Dalloz,2000,P690.‬‬
‫‪ -4‬خالد السيد متولي‪ ،‬دور المجتمع المدني في انفاد الحق في البيئة و االلتزام بحمايتيا‪ ،‬مجمة مصر المعاصرة‪ ،‬أبريل‬
‫‪ ،2191‬العدد ‪ ،413‬القاىرة‪ ،‬ص‪.492‬‬
‫تساىم ىاتو المرحمة في إعداد قواعد القانون الدولي العام و تطويرىا بل إنيا تتعداىا إلى تكوين القواعد‬
‫العرفية الدولية‪ ،‬عن طريق تأثيرىا في الرأي العام العالمي‪ ،‬كما أن ىاتو المرحمة تيتم من خالليا المنظمات‬
‫بمتابعة تنفيذ تمك القواعد‪ ،‬و مراقبة مدى التزام المخاطبين بيا‪ ،‬محاولة اخرجيا من الجانب النظري إلى الجانب‬
‫الواقعي‪ ،‬لذلك فيي تنشط باستمرار سواء بحث الدول عمى االنضمام لممعاىدات الخاصة بحماية البيئة أو بدفع‬
‫الدول لتنفيذ و احترام التزاماتيا التعاقدية و اتخاد االجراءات االزمة فيما يخص موضوع حماية البيئة‪.‬‬

‫لمرحمة تكريس القاعدة القانونية أىمية بالغة‪ ،‬و ذلك ألن ىاتو المنظمات تمعب ىنا دو ار الرقيب الحتراميا‬
‫و تفعيميا عمى أرض الواقع(‪.)9‬‬

‫أكدت األمم المتحدة عمى أىمية مساىمة المنظمات غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي في‬
‫العديد من التقارير الصادرة عنيا(‪.)2‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أساليب تفعيل المعايير الدولية البيئية‬

‫تعتمد المنظمات الدولية غير الحكومية عمى مجموعة من اآلليات التي توفر المجال المناسب لتفعيل‬
‫القانون الدولي البيئي الذي شاركت في انشاء معاييره المختمفة‪ ،‬األمر الذي دفعيا إلى خمق آليات تتناسب مع‬
‫طبيعة العمل في المجال البيئي‪ ،‬لذلك فيي تعتمد مجموعة من األساليب منيا ما ىو وقائي كالمراقبة و أسموب‬
‫التقارير‪ ،‬ومنيا ما ىو ردعي كتحميل الدول المسؤولية الدولية عن األضرار البيئية‪.‬‬

‫المطمب األول ‪ :‬اسموب المراقبة‬

‫يتطمب ىذا األسموب العديد من وسائل العمل حيث تحقق ىذه اآللية المعرفة الكافية بالوضع البيئي‪ ،‬و رصد‬
‫التغيرات التي تحصل نتيجة الممارسات الضارة بالبيئة‪ ،‬بحيث تستمزم جمع المعمومات ‪ ،‬إذ تمتاز ىاتو المنظمات‬
‫نظ ار لتكونيا من أشخاص مؤىمين بالقدرة عمى جمع المعمومات‪ ،‬إذ تشكل مرحمة جمع المعمومات و المعطيات‬
‫مرحمة ىامة و حاسمة‪ ،‬فيي أقدر من الدول في الوصول إلى البيانات و تحميميا و نشرىا بسرعة في العديد من‬
‫المجاالت كونيا تحت رقابة و متابعة مستمرة من قبل النشطاء و االخصائيين(‪.)8‬‬

‫‪ -9‬خالد السيد متولي‪ ،‬دور المجتمع المدني في انفاد الحق في البيئة و االلتزام بحمايتيا‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.498‬‬
‫‪ -2‬عبد المعز عبد الغفار نجم‪ ،‬مؤتمر األمم المتحدة لمبيئة‪ ،‬دراسة قانونية تحميمية‪،9131 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -8‬عماد عمر ممدوح عبد الجواد‪ ،‬التكتيكات الجديدة في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬األىمية لمنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،2113‬ص‪.49‬‬
‫تعمل ىاتو المنظمات إلى التحول من رد الفعل إلى ما يعرف باالستباقية أو القدرة التوقعية أي التحرك قبل‬
‫وقوع الظرف الميدد(‪.)9‬‬

‫باإلضافة إلى استغالل المعمومات في العمل الوقائي‪ ،‬بحيث تسعى من خالل جمع المعمومات إلى تقديميا‬
‫لمجماىير‪ ،‬خاصة فيما يتعمق ببعض المشاريع التي يجيل السكان خطورتيا‪ ،‬وذلك بقصد الضغط عمى الحكومات‬
‫لمنع مباشرتيا نظ ار لألضرار الناجمة عنيا‪ ،‬و كثي ار ما ترسل بعثات لتقصي الحقائق التي قد تثار من قبل أحد‬
‫األطراف أو تقوم بذلك من تمقاء نفسيا عندما ترد إلييا معمومات حول أعمال تعتبر تيديدا لمبيئة(‪.)2‬‬

‫تشكل المعمومات عنص ار ىاما و فعاال لنجاح أي لجنة لتحقي الحقائق ‪ ،‬ألنيا تعتبر أرضية انطالق ليا‬
‫و أرضية وصول‪ ،‬ألنيا تبدأ عمميا بجمع المعمومات التي تحتاجيا من أجل الكشف عن االنتياكات‪ ،‬كما أنيا تقدم‬
‫في نياية عمميا معمومات كافية لتفسير حجم ىاتو االنتياكات و تحديد المنتسب فييا‪.‬‬

‫المطمب الثاني‪ :‬أسموب التقارير‬

‫تعد ىاتو اآللية من أىم اآلليات التي تتخذىا ىاتو المنظمات‪ ،‬بحيث أنيا تؤثر تأثي ار كبي ار في اتخاد القرار‬
‫السياسي في الدول‪ ،‬يعتبر ىذا تطو ار في نشاطيا بحيث يمكنيا إعطاء تقارير تكون موازية لمتقارير التي تتقدم بيا‬
‫الدول‪ ،‬فيحق ألي منظمة غير حكومية وطنية كانت أم دولية أن تقدم تقري ار موازيا لتقرير أي دولة شريطة أن‬
‫تكون متمتعة بالمركز االستشاري داخل المجمس االقتصادي و االجتماعي(‪.)8‬‬

‫ترتكز تقارير المنظمات غير الحكومية عمى مجموعة واسعة من مصادر المعمومات كالتشريع‪ ،‬و التقارير‬
‫الحكومية حول تنفيذه‪ ،‬احصائيات حكومية‪ ،‬التقارير المنشورة من جانب المنظمات و الييئات المينية‪ ،‬الكتب‬
‫النشرات الدورية‪...‬إلخ(‪.)4‬‬

‫‪ -9‬عماد عمر ممدوح عبد الجواد‪ ،‬التكتيكات الجديدة في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسو‪.‬‬
‫‪ -8‬إدري صافية‪ ،‬دور المنظمات الدولية غير الحكومية في تفعيل مضامين األمن اإلنساني‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬جامعة‬
‫باتنة‪ ،2192-2199،‬ص‪.33‬‬
‫‪ -4‬طير كمال‪ ،‬دور المنظمات الولية غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.911‬‬
‫لمتقارير المقدمة من قبل المنظمات الدولية غير الحكومية أىمية بالغة ألنيا تمكن المجنة من التأكد من مدى‬
‫صحة ما ورد في تقارير الدول التي غالبا ما تكون شكمية‪ ،‬بحيث تتفادى أن تذكر فيو الدول كيفية اعتمادىا في‬
‫نظاميا القانوني الداخمي‪ ،‬لذلك يعتبر نظام التقارير األسموب األكثر استعماال في الرقابة عمى االتفاقيات الدولية‬
‫لم بيئة‪ ،‬بحيث تحرص العديد من ىاتو االتفاقيات عمى ضرورة اشراك المنظمات غير حكومية في نظر تقارير‬
‫الدول(‪.)9‬‬

‫المطمب الثالث ‪ :‬اثارة المسؤولية الدولية عن األضرار البيئية‬

‫ال تزال األسس التي تقوم عمييا المسؤولية الدولية عن انتياك قواعد القانون الدولي البيئي محل جدل‪ ،‬إال أن‬
‫جل المواثيق الدولية و حتى فقيا و قضاءا تعمد إلى تحميل الدول المسؤولية نتيجة اإلخالل بالتزاماتيا أو نتيجة‬
‫ما تتسبب فيو أنشطتيا من أضرار حتى إن كانت ىاتو األعمال مشروعة(‪ ،)2‬لذلك فعمت المنظمات الدولية غير‬
‫الحكومية ىاتو اآللية متجاوزة بذلك األسس التقميدية و إعمال األسس الحديثة و المرنة لممسؤولية الدولية(‪ ،)8‬ألنو‬
‫قد اتضح أن األضرار البيئية ذات طبيعة خاصة مما يثير كثي ار من المشاكل القانونية فيما يتعمق بعالقة السببية‬
‫بين الضرر الحادث من التموث و مصدره‪ ،‬و تقدير حجم الضرر‪ ،‬و مبمغ التعويض الواجب دفعو(‪.)4‬‬

‫لذلك أجمع فقياء القانون الدولي عمى التحمل من القيود التي تفرضيا القواعد التقميدية إلثبات الضرر‬
‫و اسناده إلى مصدره(‪.)2‬‬

‫إن الفكرة الرئيسية التي تقوم عمييا المسؤولية الدولية في المجال البيئي‪ ،‬جوىرىا أن البيئة و مختمف المشاكل‬
‫المتعمقة بيا لم تصبح شأنا داخميا إنما ىي تكريس كمفيوم التراث المشترك لإلنسانية المشار إليو في اتفاقية األمم‬
‫المتحدة لقانون البحار عام ‪.9132‬‬

‫‪ -9‬طير كمال‪ ،‬دور المنظمات الولية غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪2- KISS Alexandre, droit de l’environnement, Pédons, Paris, 1990,P68.‬‬
‫‪3- JEAN Marc Laveille, droit de l’environnement, Ellipse édition, Paris, 1998,P28.‬‬
‫‪ -4‬صباح العشاوي‪ ،‬المسؤولية الدولية عن حماية البيئة‪ ،‬دار الخمدونية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2191 ،‬ص‪.913‬‬
‫‪ -2‬عبد السالم منصور الشيوى‪ ،‬التعويض عن األضرار البيئية في نطاق القانون الدولي العام‪ ،‬دار النيضة العربية‪ ،‬القاىرة‬
‫‪ ،2113‬ص‪.99‬‬
‫يتأسس ىذا النظام عمى أن أية دولة‪ ،‬ال تسأل فقط في حالة تسببيا في احداث الضرر لمغير‪ ،‬و إنما‬
‫يترتب عمييا المسؤولية حتى في حالة انتياكيا لقواعد القانون البيئي أو حتى لعدم الوفاء بالتزاماتيا الدولية حتى‬
‫و لو لم يترتب عن ىذا االنتياك أو عدم الوفاء بااللتزامات ضرر مادي ألي دولة أخرى‪.‬‬

‫تقوم المنظمات الدولية غير الحكومية بدور ىام في التشجيع عمى ايجاد صيغة مناسبة لمحاسبة الدول‬
‫و الييئات الدولية عن األضرار التي تمحقيا بالبيئة‪ ،‬و قد تمكنت عام ‪ 9118‬بتقديم الدعم لمبنك الدولي من أجل‬
‫انشاء فريق تفتيش ميمتو تقييم األضرار التي تصيب األفراد و التي تسببيا المشاريع التي يدعميا البنك ليتم اتخاد‬
‫القرار المناسب حول وقوع الضرر بدفع التعويض أو سحب الدعم المالي لممشروع(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬وافي الحاجة‪ ،‬المنظمات غير الحكومية و دورىا في حماية البيئة‪ ،‬مجمة جيل لمدراسات السياسية و العالقات الدولية‪ ،‬العدد‬
‫األول‪ ،‬جوان ‪ ،2192‬ص‪.18‬‬
‫الخـــاتمة ‪:‬‬

‫لم تظير البيئة كموضوع اساسي لمدراسات القانونية اال عندما ظيرت المشاكل‪ ،‬و حدث االختالل بين‬
‫عناصرىا الطبيعية و الصناعية بسبب تدخل اإلنسان بطريقة خاطئة الستغالليا‪ ،‬لذلك أصبح الحديث عن الظاىرة‬
‫من األمور المسمم بيا‪ ،‬فأخدت بذلك حي از من االىتمام عمى الصعيد ين الوطني و الدولي‪ ،‬في الوقت الذي عرف‬
‫فيو المجتمع الدولي من جية أخرى تغيرات كبيرة في شكل العالقة بين أطرافو‪ ،‬وفي طبيعة وقيمة األدوار التي‬
‫يقوم بيا كل طرف‪ ،‬بحيث انضمت و ظيرت كيانات جديدة إلى أشخاصو عمى رأسيا المنظمات الدولية غير‬
‫الحكومية كطرف و شريك و فاعل في العالقات الدولية ميتم بتطوير القانون الدولي عامة والقانون البيئي خاصة‬
‫من خالل المشاركة في اعدادا و تبني و مراقبة تطبيق و تفعيل القانون الدولي لمبيئة‪.‬‬

‫من خالل ىاتو الدراسة المتواضعة توصمنا إلى أن المشاكل البيئية ال يمكن التصدي ليا بدون وضع‬
‫استراتيجية يش ارك فييا الجميع من دول و ىيئات و منظمات حكومية و غير حكومية‪ ،‬كما أن الدول تيقنت أنو‬
‫عمييا التشارك مع مختمف الفاعمين داخل المجتمع الدولي ‪ ،‬في مقدمتيم المنظمات الدولية غير الحكومية و ذلك‬
‫بفضل طريقة عمميا‪ ،‬و األجيزة المكونة ليا‪ ،‬و الخبرة العممية و الميدانية التي يتميز بيا اعضاؤىا لذلك يجب‬
‫التأكيد عمى ما يمي‪:‬‬

‫‪ -‬ضرورة تقديم الدعم لياتو المنظمات خاصة في الجانب المالي حتى تتمكن من تأدية وظيفتيا‪ ،‬و تضمن‬
‫حريتيا مما يجعميا في منأى عن الضغوط التي تؤثر عمييا‪.‬‬
‫‪ -‬باإلضافة إلى زيادة دورىا خاصة عمى مستوى المبادرة بتكوين القاعدة‪ ،‬ألن المعايير التي تضعيا ىاتو‬
‫المنظمات بحكم احتكاكيا و تواجدىا الميداني تعتبر انعكاسا حقيقيا لمواقع‪.‬‬
‫‪ -‬ضرورة تعاون الدول مع مختمف أشخاص القانون الدولي خاصة المنظمات الدولية غير الحكومية‬
‫لتطوير القانون الدولي البيئي في شقو المتعمق بالمسؤولية عن التعويض ضحايا التموث و األضرار البيئية‬
‫التي تنتج عن نشاطات تمارسيا الدولة ضمن اختصاصيا و تحت اشرافيا‪.‬‬
‫‪ -‬إن الوضع الذي آل إليو النظام الدولي البيئي نتيجة التعاون الدولي الضعيف‪ ،‬من فيضانات و كوارث‬
‫كبير أودت بماليين األشخاص‪ ،‬و أمراض و أوبئة مختمفة‪ ،‬باإلضافة إلى استعمال لألسمحة الفتاكة التي‬
‫تخمف اإلبادة الجماعية لمجنس البشري و لمكائنات الحية ككل‪ ،‬يحتاج إلى تفعيل آليات أخرى لتكريس‬
‫و تجسيد قواعد القانون الدولي البيئي تجسيدا فعميا‪ ،‬لذلك تقترح ىاتو المنظمات تطوير نظام الشكاوى‬
‫باعتبار البيئة حقا من حقوق اإلنسان‪ ،‬و حث المحكمة الجنائية الدولية عمى تفعيل المسؤولية الدولية‬
‫اإليكولوجية‪.‬‬
‫قائمة المراجع ‪:‬‬

‫‪ -1‬المراجع باللغة العربية ‪:‬‬


‫‪ ‬إدري صافٌة‪ ،‬دور المنظمات الدولٌة غٌر الحكومٌة فً تفعٌل مضامٌن األمن اإلنسانً‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجستٌر‪ ،‬جامعة باتنة‪.3123-3122،‬‬
‫‪ ‬خالد السٌد متولً‪ ،‬دور المجتمع المدنً فً انفاد الحق فً البٌئة و االلتزام بحماٌتها‪ ،‬مجلة مصر‬
‫المعاصرة‪ ،‬أبرٌل ‪ ،3121‬العدد ‪ ،894‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ ‬ساسي بن عامر‪ ،‬المنظمات غير الحكومية اإلنسانية‪ -‬من الدفاع عن حقوق اإلنسان إلى التدخل‪-‬مذكرة ماجيستير‬
‫جامعة الجزائر‪ ،‬كمية العموم السياسية‪.2198-2192 ،‬‬
‫‪ ‬سعٌد سالم جوٌلً‪ ،‬المنظمات الدولٌة غٌر الحكومٌة فً النظام القانون الدولً‪ ،‬دار النهضة العربٌة‬
‫القاهرة ‪.3113‬‬
‫‪ ‬شعشوع قويدر‪ ،‬دور المنظمات غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كمية الحقوق و العموم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة تممسان‪.2194-2198 ،‬‬
‫‪ ‬صباح العشاوي‪ ،‬المسؤولٌة الدولٌة عن حماٌة البٌئة‪ ،‬دار الخلدونٌة‪ ،‬الطبعة األولى‪.3121 ،‬‬
‫‪ ‬طير كمال‪ ،‬دور المنظمات الدولية غير الحكومية في تطوير القانون الدولي البيئي‪ ،‬مذكرة ماجيستير‪ ،‬جامعة الجزائر‬
‫‪.2191-2192‬‬
‫‪ ‬عبد السالم منصور الشٌوى‪ ،‬التعوٌض عن األضرار البٌئٌة فً نطاق القانون الدولً العام‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربٌة‪ ،‬القاهرة ‪.3114‬‬
‫‪ ‬عبد المعز عبد الغفار نجم‪ ،‬مؤتمر األمم المتحدة للبٌئة‪ ،‬دراسة قانونٌة تحلٌلٌة‪،2949 ،‬ص‪.31‬‬
‫‪ ‬عماد عمر ممدوح عبد الجواد‪ ،‬التكتٌكات الجدٌدة فً مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬األهلٌة للنشر و التوزٌع‬
‫الطبعة األولى ‪.3114‬‬
‫‪ ‬مرايسي أسماء‪ ،‬إدارة المنظمات الدولية غير الحكومية لقضايا حقوق اإلنسان‪ ،‬مذكرة ماجيستير‪ ،‬كمية الحقوق‪ ،‬جامعة‬
‫باتنة‪.2192-2199،‬‬
‫‪ ‬وافً الحاجة‪ ،‬المنظمات غٌر الحكومٌة و دورها فً حماٌة البٌئة‪ ،‬مجلة جٌل للدراسات السٌاسٌة‬
‫و العالقات الدولٌة‪ ،‬العدد األول‪ ،‬جوان ‪.3122‬‬

‫‪ -3‬المراجع باللغة األجنبية ‪:‬‬

‫‪ JEAN Marc Laveille, droit de l’environnement, Ellipse édition, Paris, 1998.‬‬
‫‪ KISS Alexandre, droit de l’environnement, Pédons, Paris, 1990.‬‬
‫‪ MARCILO diace verella, Le rôle des ONG dans le développement du droit‬‬
‫‪international de l’environnement, Janvier 3112, N°12.‬‬
‫‪ PIERRE Marie Dupuy, droit international public,5émé édition,Dalloz,2000.‬‬
‫الـمـلـخـــــص ‪:‬‬

‫شهدت السنوات األخٌرة‪ ،‬تزاٌدا ملحوظا لتدخل المجتمع المدنً فً عدة قضاٌا‪ ،‬فً مقدمتها قضاٌا البٌئة‬
‫من التلوث‪ ،‬و العمل على نشر الوعً البٌئً‪ ،‬فمند مؤتمر ستوكهولم لعام ‪ ،2993‬قامت المنظمات الدولٌة‬
‫الغٌر الحكومٌة‪ ،‬التً تعنٌنا فً هاته الدراسة‪ -‬بدور ال غنى عنه فً عملٌة تحدٌد المخاطر‪ ،‬و تقٌٌم اآلثار‬
‫البٌئٌة‪ ،‬و العمل على اتخاذ كل االجراءات المناسبة لمعالجتها‪ ،‬أو تفادٌها‪.‬‬

‫هذا التأثٌر المتزاٌد للمنظمات الدولٌة غٌر الحكومٌة شدا االنتباه إلنجازاتها خاصة فً المجال البٌئً‪ ،‬الذي‬
‫ٌمكن الجزم بأنه لم ٌعد شأنا داخلٌا محضا‪ ،‬و إنما تحول لقضٌة دولٌة تحتاج لتضافر جهود كل الدول مع كل‬
‫الفواعل داخل المجتمع الدولً‪ ،‬على رأسهم المنظمات الدولٌة غٌر الحكومٌة من أجل الحفاظ علٌها‪ ،‬ألن هاته‬
‫األخٌرة أصبحت تلعب دورا هاما فً رسم السٌاسات العامة العالمٌة فً هذا المجال‪ ،‬و تدٌر هاته القضاٌا وفقا‬
‫لمنطقها و طبٌعة اآللٌات التً تتخذ ها‪ ،‬بل إن دورها تعدى ذلك إلى مراحلة إنتاج المعاٌٌر الدولٌة‪ ،‬و بالتالً‬
‫تطوٌر القانون الدولً للبٌئة‪ ،‬محاولة اٌجاد اآللٌات المختلفة لتفعٌله‪ ،‬لذلك قمنا بطرح اإلشكال اآلتً ‪ :‬ما مدى‬
‫فاعلٌة دور المنظمات غٌر الحكومٌة فً إنتاج المعاٌٌر الدولٌة البٌئٌة‪.‬‬

‫و قد حاولنا اإلجابة من خالت مبحثٌن تناولنا فً المبحث األول مراحل تدخل المنظمات غٌر الحكومٌة فً‬
‫عملٌة إنتاج المعاٌٌر الدولٌة البٌئٌة‪ ،‬أما المبحث الثانً خصص ألسالٌب تفعٌل المعاٌٌر الدولٌة البٌئٌة‪.‬‬

You might also like