Professional Documents
Culture Documents
E A
E A
E A
تمهيد:
تميز االقتصاد الجزائري خالل فترة ما قبل االستقالل بهيمنة النشاط الفالحي ،حيث أدت السياسة
االقتص ادية االس تعمارية إلى إع ادة تنظيم هيك ل االقتص اد الجزائ ري وذل ك بتحويل ه إلى اقتص اد ت ابع
ومنقول للخارج لخدمة االقتصاد الفرنسي وتنميته .من خالل جعل الجزائر مصدرا للمواد األولية ،كي
تضمن تزويد دواليب انتاجها منها ،واالستمرار في التوسع الصناعي ،وإ يجاد منفد لتصريف منتجاتها.
-القطاع الفالحي:
اعتم د االقتص اد الجزائ ري بش كل أساس ي على الزراع ة ،إذ ك انت مجم ل النش اطات االقتص ادية
الجزائرية موجهة لخدمة االقتصاد الفرنسي والمستهلك الفرنسي ،في الوقت الذي كان النظام الزراعي
الجزائري قبل االحتالل نظاما شبه إقطاعي وقبلي ،إال أن هذا النظام كان قادرا بشكل أو بآخر على سد
حاجة المزارع وحاجة أسرته من إنتاج األرض ،وقد كان من الطبيعي أن يركز المحتلون الفرنسيون
على االستحواذ على أكبر مساحة من األراضي الزراعية واستغاللها استغالًال كامًال ونقل إنتاجها إلى
السوق الفرنسية والمواد األولية لمصانعها او لالستهالك المباشر )1(.وترك االستعمار األراض ي الج دباء
لألهالي و في المقابل يعيش %72من الجزائريين على الفالحة مقابل %16من األوربيين ،لكن نسبة
()2
ملكية األرض الصالحة للزراعة هي 109هكتار لكل أوروبي ،و 14هكتارا فقط للجزائري.
ترك ز إنت اج القط اع الفالحي على محاص يل الكروم الذي ي دخل في ص ناعة الخم ور ومعظم إنتاج ه
ك ان ينق ل إلى األس واق الفرنس ية ..كم ا أهتم المس توطنون الفرنس يون اهتمام ًا كب يرا بزراع ة
:) (1مساعد أسامة صاحب منعم ،األوضاع االقتصادية العامة للجزائر في ظل االدارة الفرنسية 1962-1830ومحاولة البحث عن
النفط قبل االستقالل ،مجلة مركز بابل للدراسات االنسانية ،المجلد ،4العدد ،3ص .224
: ) (2بلقاسم ميسوم :)2013( ،سياسة فرنسا االقتصادية واالجتماعية والثقافية في الجزائر خالل الفترة ،1954-1930مجلة علوم
االنسان والمجتمع( ،العدد ،)3ص .56
الخضراوات والسيما البطاطا والبقوليات ذلك ألهميتها بالنسبة إلى السوق الفرنسية ،أما انتاج الحبوب
بأنواعها فقد شهد ارتفاع ًا واضحًا بعد الحرب العالمية الثانية ،والسبب يعود إلى حاجة سكان فرنسا
له ذه الم ادة آن ذاك .ومن جه ة ثاني ة ك ان للمحاص يل الص ناعية أهمي ة كب يرة بالنس بة لقط اع المس توطنين
()3
الزراعي ،إذ تركزت جهوده على زراعة القطن والتبغ ٕو انتاج الفلين في الغابات .
ولقد كان الوض ع في األرياف يتسم بخص ائص اجتماعية واقتصادية ،أقل م ا يمكن أن يقال عنها،
()4
أنها غير طبيعية .و أهم هذه الخصائص:
-وج ود أقلي ة من المعم رين األورب يين ال ذين اس تحوذوا على أج ود األراض ي و أخص بها ويجن ون من
-وج ود أقلي ة ( %5من س كان األري اف) من كب ار المالك المس لمين ال ذين يجن ون نس بة %13من
-اضطرار أغلبية تشكل %95من سكان المنطقة الزراعية من الجزائريين إلى تقاسم حصة ال تزيد
ونتيجة لما سبق فقد ظلت نسبة نمو اإلنتاج الزراعي والحيواني الجزائري في المدة من
1880وحتى عام 1955نسبة نمو ضئيلة لم تتجاوز % 1.5سنويًا ،في حين كانت نسبة نمو السكان
تج اوزت ، % 1.8وبالت الي معان اة المجتم ع الجزائ ري في بعض األع وام من نقص الم واد الغذائي ة
()5
األساسية.
-القطاع الصناعي:
حيث طبقت فرنس ا على الجزائ ر سياس ة" عدم تص نيع المس تعمرة" فقض ت تل ك السياس ة االس تعمارية
على الص ناعات اليدوي ة والحري ة كص ناعة النس يج والجل ود والنح اس والحلي ال تي ك انت مزده رة في
الجزائر ،عندما فتحت األبواب على مصرعيها للبضاعة والسلع الفرنسية المصنوعة ،إذ تعرضت إلى
ظ روف منافس ة غ ير عادل ة أدت في نهايته ا إلى زواله ا ،وبق اء البض ائع الفرنس ية المحتك رة للس وق
الجزائري ة ،كم ا أخ ذت فرنس ا كدول ة اس تعمارية ترك ز اهتمامه ا على عملي ة اس تخراج الم واد المعدني ة
ٕو انتاج كل ما يمكن أن يفيد الصناعة الفرنسية ،كمواد خام أو مواد أولية لتلك الصناعة ،فقامت بحفر
المناجم مثل مناجم الحديد والفوسفات وربطها بخطوط سكك حديدية إلى الساحل ليتسنى لها تصديرها
إلى األس واق الفرنس ية ،في حين بقيت اهتمام ات الجزائ ريين أم ام ه ذا الوض ع الص عب باتج اه ت أمين
الغذاء والسكن بحدودهما الدنيإ ،و اذا ما أردنا أن نركز على مدى مساهمة الصناعة المحلية والحرف
في الجزائر في الدخل الوطني فإنها مساهمة ضئيلة ال تتعدى نسبة % 10في عام .1955
()7
-قطاع التجارة:
سيطر المستوطنون الفرنسيون على مجمل نشاطات التجارة في الجزائر ،وذلك من خالل سيطرتهم
على السوق الداخلية الجزائرية ،وتصديرهم لرؤوس األموال الفائضة عن التجارة وأرباحها إلى فرنسا،
ولقد بدأ تنفيذ عن طريق إصدار القوانين التي وحدت الجزائر مع فرنسا في عامي 1851و ، 1867
والتي كان الهدف منها عزل الجزائر تجاريا ،تلك القوانين التي حرمت الجزائر من حماية صناعاتها
وحرفها الوطنية ،التي لم تستطيع المنافسة مع الشركات الفرنسية الحديثة التي كانت تنتح بضائع وس لع
ذات ج ودة عالي ة وأس عار أق ل مم ا ك انت تنتج ه الص ناعات والح رف الجزائري ة ،األم ر ال ذي أدى إلى
ومم ا س اعد على تحقي ق ذل ك اله دف ه و احتك ار النق ل البح ري بين الجزائ ر ودول الع الم من قب ل
الشركات البحرية الفرنسية .في ظل هكذا وضع ،تحقق الهدف الثاني وهو " تصدير رؤوس األموال"
بش كل تلق ائي ،فالث ابت تاريخي ًا أن العالق ات التجاري ة بين ال دول االس تعمارية مس تعمراتها ك انت في
الغالب ،مصحوبة بعجز الميزان التجاري للدولة التي تقع تحت هيمنة المستعمر ،ولم تشذ الجزائر عن
هذه القاعدة.
ويص ل حجم التعام ل التج اري للجزائ ر م ع فرنس ا إلى ، %76وتمث ل المحاص يل الزراعي ة العم ود
()8
الفقري للصادرات الجزائرية ،أما الواردات الجزائرية فتتمثل أساسا في المصنوعات.
-قطاع النفط:
ظهرت الثروة النفطية الجزائرية وبكميات تجارية مهمة في النصف األول من القرن العشرين وهو
م ا ك انت فرنس ا تفتق د وج وده في أرض ها مم ا زاده ا تمس كا ب الجزائر ،ب التزامن م ع تص اعد الحرك ة
الوطني ة ال تي تبل ورت في ث ورة عارم ة من ذ ع ام 1954مم ا ح دا بالس لطات الفرنس ية إلى فتح األب واب
أمام الشركات النفطية العالمية للمساهمة في البحث والتنقيب عن النفط الجزائري الذي تركز وج وده في
الص حراء الجزائري ة بإيج اد م ا ع رف ب" ق انون الب ترول الص حراوي "ع ام 1958ال ذي نظم عملي ات
( )9
االستثمار النفطي في الجزائر.
ومنذ اكتشاف النفط في الجزائر سنة 1953ازداد االهتمام به من حيث حجم االستثمارات المنجزة
()10
و حجم اإلنتاج و كذا حصة المحروقات في الصادرات إلى الخارج.
إن أهم وثيق ة تنموي ة ته دف إلى تغي ير االوض اع االقتص ادية و االجتماعي ة للجزائ ريين ،ه و مخط ط
قس نطينة ،ال ذي ح اولت الس لطات االس تعمارية من خالل توجي ه اهتمامه ا لمش اكل الجزائ ريين ،وه ذا
يتوج ه المش روع إلى النه وض ب الجزائر وتحدي دا الري ف الجزائ ري ،ال ذي ك ان يع اني من التخل ف
()11
االقتصادي واالجتماعي والثقافي ،وتتمثل أهداف هذا المخطط فيما يلي:
-النهوض بالريف :يكون ذلك باالعتناء بعدد كبير من سكان الريف ،بتنمية قدراتهم ورفع مؤهالتهم
-توسيع مساحة األراضي المسقية إلى 20.000هكتار ،والعمل على تجهيز سهل عنابة بما يحتاجه
-انشاء من 800إلى 900نقطة مياه رعوية في مناطق تربية المواشي ،خصوصا مناطق الهضاب
العليا.
سيحل الكثير من المشاكل الداخلي ة ،من توفير مناص ب شغل واالهتمام بالبنى التحتي ة ،اضافة لتطوير
إن التصنيع وفق المخطط يعني انشاء في نفس الوقت ورشات صغيرة ومصانع من حجم متوسط ،وفي
األخير المصانع الكبيرة أو المركبات الكبيرة ،التي تتطلبها الصناعات القاعدية في الوقت المعاصر.
أما فيما يتعلق بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ،فإن الميزة فيها توفر األيدي العاملة الرخيصة.
ومن أهم المش روعات الك برى م ركب ص ناعة الص لب في عناب ة ،ومرك ز الص ناعات الكيميائي ة في
أما الصناعات الخفيفة التي نص عليها المخطط ،فهي تشمل الصناعات الزراعية والغذائية ومواد البناء
ومن التوقع ات األساس ية ال تي اش تمل عليه ا المخط ط ،أن النفق ات الحكومي ة لألغ راض المدني ة س تزداد
حرك77ة رؤوس األم77وال :في ه ذا الص دد ي ذكر التقري ر م ا يلي " :إن انتم اء الجزائ ر إلى منطق ة الفرن ك
يض عها في وض ع يختل ف عن األوض اع الموج ودة عليه ا بقي ة البل دان المس تقلة ،الواقع ة تحت مخ اطر
الص رف في مبادالتها م ع مورديه ا وزبائنها ،فهي مض طرة إلى أن تهتم اهتماما خاص ا ودائما بتوازن
ميزان حساباتها ،حتى في حالة وجود مؤسستي إصدار مختلفتين ،تعمالن ضمن المتروبول واألخرى
على مس توى الجزائ ر والص حراء ،ف إن تحوي ل األوراق النقدي ة ،يتم بالتك افؤ وب دون أي ة ح دود ،وتنق ل
حركة األشخاص :تتوقع الخطة تنقالت لألشخاص في االتجاهين عبر البحر المتوسط.
أ -س77يطرة النش77اط الفالحي :حيث تمثلت سياس ة االس تعمار الفرنس ي االقتص ادية في الجزائ ر بع د
االحتالل في تخصيص هذا البلد في اإلنتاج الزراعي ،وخلق قط اع زراعي يملكه المعمرون ،و الذي
بلغت مس احته الكلي ة حس ب إحص اء ،1954ح والي 2.7ملي ون هكت ار موزع ة بين 25000معم ر ،و
هذا في الوقت الذي كانت فيه مساحة قطاع مجموع الجزائريين تقدر بحوالي 5.6مليون هكتار يملكها
و قد شكل اإلنتاج الزراعي أكبر جزء في مجموع الناتج الداخلي اإلجمالي الذي بلغ سنة 1953
قيمة 304مليار فرنك قديم ،حيث قدرت حصة القطاع الفالحي من هذا الناتج بحوالي % 58و الباقي
و من جهة أخرى ،تميزت المبادالت التجارية الخارجية للجزائر قبل االستقالل بعدم التوازن ،و يتضح
ذلك من جهة على صعيد معدل تغطية الصادرات للواردات الذي كان عاجزا بنسبة قريبة من% 38
حسب أرقام سنة ، 1954و من جهة أخرى على صعيد التوزيع الجغرافي للمبادالت التي نجد أكثر
من % 66من الصادرات كانت تتجه إلى فرنسا وحوالي % 75من الواردات كانت تأتي منها.
ب -سيطرة طبقة اجتماعية أجنبية على القوى االقتصادية الرئيسية للبالد ،تصنف هذه الطبقة إلى أربع
-مجموعة الرأسماليين الصناعيين :الذين كانوا يمارسون هيمنتهم على القط اع الص ناعي عن طريق
تش كيل اتح ادات ص ناعية مث ل "بن ك االتح اد الباريس ي -م يرابو" ال ذي ك ان يس يطر على من اجم حدي د
:) (12محمد بلقاسم حسن بهلول ،الجزء ،1مرجع سبق ذكره ،ص .26-22
-مجموع77ة الرأس 77ماليين العق 77اريين :ال ذين ك انوا يس يطرون على العدي د من المس احات الزراعي ة و
المب اني مث ل "ش ركة الم زارع الفرنس ية لت ونس" ال تي ك انت تس يطر على س بعة دومين ات ،و ش ركة
"كيرولي" التي كانت تملك مباني و أراضي زراعية واسعة في سهول متيجة.
-مجموعة الرأسماليين الماليين :الذين كانوا يسيطرون على الجهاز المصرفي مثل القرض العقاري
-مجموعة الرأسماليين الزراعيين :ال ذين يمثلهم الكولون بع ددهم المحدود ) 25000مالك) و لكنهم
-اختالل العالق ة بين الم وارد المادي ة و البش رية ،بفع ل قل ة الوس ائل المادي ة و ض عف ال تراكم
الرأسمالي )االستثمار( من جهة ،و ارتفاع نسبة الزيادات السكانية من جهة ثانية.
-اختالل الهيك ل اإلنت اجي المتمث ل أوال في ض عف نص يب الص ناعة في تك وين الن اتج ال داخلي الخ ام
قياسا بنصيب الزراعة ،و ثانيا ،تركز كبير لليد العاملة في القطاع الزراعي غير المندمج في اقتصاد
-أحادية هيكل التجارة الخارجية المتمثلة في تصدير عدد محدود من الموارد و المنتجات بفعل واقع
السيطرة و االندماج.