Professional Documents
Culture Documents
دين الموتى - د عبدالله الصرامي
دين الموتى - د عبدالله الصرامي
وتقديسا ً
تعظيما سبحان الله
وله الحمد وحده
ُ
كتبت هذه األسطر
ابتغاء وجه الله تعالى
ّ ً
ودرءا للتشدد والتطرف
ً
وسعيا لالعتدال.
3
مقدمة
ما خال كتاب الله ،الذي تكفل الله بحفظه بنص محكم،
ۡ ُ َ ُ َّ َ ۡ ُ َ َّ ۡ َ ّ ۡ َ َ َّ َ ُ َ َ ٰ ُ َ
﴿إِنا نحن نزلنا ٱلذِكر وِإنا لهۥ لحفِظون﴾ سورة الحِجرِ 9
وهذا الذكر هو
ُ َ ٓ
ورةُ ا ِل ع ِۡم َر َان 138 ِلن ِ َ ُ ٗ َ َ ۡ َ َ َّ ُ ۡ ّ ٞ
اس وهدى وموعِظة ل ِلمتقِين﴾ س
ان لّ َّ
ََ ٞ
﴿بي
َ َ ُ ً َ ٗ َّ َٰ َ ۡ َ ّ ُ ٞ
ت َءاي ٰ ُت ُهۥ ق ۡر َءانا ع َرب ِ ّيا ل ِق ۡو ٖم َي ۡعل ُمون﴾ وهو ﴿كِتب ف ِصل
َ
ورةُ فُ ّ ِصل ۡت 3
ُس َ
4
عــدا ذلــك مــن أحاديــث ومرويــات وآثار
وأخبــار وكتابــات ،فهــي مــن صنــع
بشــر ،مــن صحابــة وتابعيــن وفقهــاء
ومحدثيــن ومفســرين ومؤرخيــن ،غيــر
معصوميــن ،هــؤالء (يؤخــذ منهــم
ويُــردّ )...وهــؤالء هــم الموتــى الذيــن
صنعــوا هــذا اإلرث الضخــم والكــم
تحولــت إلــىالهائــل مــن الروايــات التــي ّ
ديانــات ،فاختلفــوا فــي كل شــيء وعلــى
كل شــيء وتركــوا مــن ورائهــم إرثــا ،ال
تعــرف مــن أيــن تدخــل إليــه وال كيــف
تخــرج منــه .و كل كالم غيــر كالم اللّٰــه،
كالم أمــوات و الــكالم الوحيــد الــذي
ال يمــوت كالم اللــه الحــي وكالمــه ال
يمــوت ألنــه دينــه وشــرعه لخلقــه.
5
تمهيد
السلفية استحضار
الماضي إلى الحاضر
ُولــد «ديــن الموتــى» وال زال حيًــا ،بجهــود أحيــاء -
ً
طــوال، أمــوات -...وع ّمــر مئــات الســنين ،بــل قرونًــا
دون أن تحيــد عنــه -مقــدار شــبر -عقــول ،تجــاوزت،
وال تــزال ،الحديــث القائــل« ،إن اللــه يبعــث لهــذه
األمــة علــى رأس كل مائــة ســنة مــن يجــدّد لهــا دينهــا».
رحــم المذهــب الســلفي التكفيــريُ ،ولــد «ديــن الموتــى».
مــن ِ
ولــذا فــإن الدرايــة بهــذا المذهــب وبتياراتــه المختلفــة ومعرفــة
أصولــه النظريــة ،أمــر ضــروري.
7
ســس علــى يــد بدايــة ،نســتطيع القــول إن االتجــاه الســلفي تأ ّ
صــل علــى يــد ابــن تيميــةأحمــد بــن حنبــل (ت241.هـــ) وتأ ّ
(ت728 .هـــ) ثــم جــاء بعــده محمــد عبدالوهــاب (ت)1207.
ووضعــه موضــع التطبيــق.
ـر فــي ذلك التالزم بيــن تبنّي الفكر الســلفي وظاهرة ولعــل السـ ّ
التكفيــر أن هــذا الفكــر خلــق الجــو المناســب العتنــاق فكــرة
قداســة الماضــي ومثاليتــه ممــا يحــول دون كشــف عيــوب
التــراث أو التجــرؤ علــى رمــوزه وأســانيده ،بــل واعتبــار
ذلــك مســلمات ومعطيــات قطعيــة يُعـ ّد الخــروج عنهــا ونقدهــا
جــوا خانقــا
خرو ًجــا عــن اإلســام نفســه .كمــا أنهــا تخلــق ً
للعلــم والفكــر الدينــي بداعــي تلــك القداســة المفتعلــة.
8
لقــد أدّى المنهــج الســلفي هــذا ،إلــى خلــق الكثيــر مــن
الضــرورات والمشــهورات الدينيّــة التــي ال أصــل لهــا ،والتي
ترتبــت عليهــا أحــكام وآثــار خطيــرة وصلــت إلــى حــد تكفيــر
منكرهــا ،وتجويــز قتلــه.
9
والجمــود عليــه ورفــض التأويــل واعتمــدوا اعتمــادا مفرطــا
علــى النقــل ،وأقــوال الصحابــة ،وذم علــم الــكالم والنهــي
عنــه ،ورفــض التصــوف ونعــت المتصوفة بالضاللــة وابتداع
الســمع والطاعــة لولــي األمــر ،وحرمــة الخــروج علــى
الســلطان المســلم .كمــا أسســوا للتبديــع والتضليــل والتكفيــر
لعمــوم المســلمين المخالفيــن والخصــوم ،و لجــأوا إلــى لغــة
العنــف ،وإرهــاب المخالفيــن ،واســتخدموا القــوة فــي نشــر
عقائدهــم وآراءهــم.
11
إن الســلف أنفســهم لــم يكونــوا ينظــرون إلــى مــا يصــدر عنهــم ّ
مــن أقــوال أو أفعــال أو تصرفات هذه النظرة القدســية الجامدة
التــي تقتضيهــم أن يس ـ ّمروها بمســامير الخلــود والثبــات ،ثــم
إن حديــث الخيــرة ال يمكــن االحتجــاج بــه فــي إثبــات مســألة
عقديــة ،ألنــه خبــر آحــاد.
12
إن التقليــد األعمــى للســلف والقدمــاء كان الس ـ ّد المنیــع أمــام ّ
قبــول دعــوات األنبيــاء واألوليــاء والمصلحيــن ،واآليــات فــي
ذلــك كثيــرة ومنهــا
َ ُ ۡ
ون أَن تَ ُص ُّدونا ع َّما كان َيع ُب ُد َءابَاؤنا فأتونا ب ُسل َطٰن ُّ
ۡ َ َ ُ ٓ ۡ َ َ َ َ ُ ُ َ
ين﴾ ٖ ِ ٖ ب م ِ ﴿ت ِريد
ِيم 10 ورةُ إبۡ َراه َ ُ َ
س ِ
ك تَأۡ ُم ُر َك أَن َّن ۡت ُر َك َما َي ۡع ُب ُد َءابَا ٓ ُؤنَا ٓ أَوۡ َ ُ ْ َٰ ُ َ ۡ ُ َ َ َ ٰ ُ َ
و ﴿قالوا يشعيب أصلوت
ُ ۡ َ َ َ َّ ْ
ٰٓ ُ ۖ َ َ َ َ َ ۡ َ َ َّ ۡ َ َ
َّ ُ َ
أن نفعل فِي أمول ِنا ما نشؤا إِنك لأنت ٱلحل ِيم ٱلرشِيد﴾ َ ٰ ٓ
ورةُ ُهو ٍد 87 ُس َ
14
وقــد نتــج عــن هــذا الرجــوع إلــى الماضــي -ومــن دون
اعتمــاد قواعــد نظريــة واضحــة تحكم عمليــة الفهم والتفســير-
نــوع مــن الفوضــى العارمــة ممــا فســح ويفســح المجــال أيضــا
لشــيوع الفهــم غيــر المنهجــي بــل االلتــزام ال َح ْرفــي بأدلــة
الشــرع بعيـدًا عــن مقاصــد الشــارع األمــر الــذي بــدوره ،أدّى
إلــى توالــد العنــف والتطــرف الدينــي واإلرهــاب الدمــوي مــع
اآلخــر المختلــف .أضــف إلــى ذلــك ،أن وجــود هــذا الفاصــل
الزمنــي الكبيــر عــن عصــر النــص ،و بــروز الكثيــر مــن
األســئلة العقليــة والشــبهات المختلفــة ،أوصــل إلــى الجمــود
الفكــري ،وإلــى الفهــم الســطحي لآليــات والمعــارف القرآنيــة
نتيجــة حصــر دائــرة الفهــم بالمفــردات والــذي هــو فــي واقــع
األمــر س ـ ّد لطريــق فهــم مــراد اللــه تعالــى ومقاصــده.
إن غلــق بــاب االجتهــاد واعتمــاد منهــج النقــل واالتبــاع لفهــم ّ
الســلف الصالــح جعــل الديــن بمعظمــه قائ ًمــا علــى الروايــة
والحديــث ممــا ســيقود حت ًمــا إلــى تقييــد فهــم القــرآن مــن جهــة
الزمــان والمــكان وبالتالــي تجاهــل مصلحــة المجتمعــات
المتغيــرة والتــي جــاء القــرآن لعــاج أوضاعهــا ومشــاكلها.
15
في تعريف المصطلحات
حسب المنهج
الكالسيكي المعروف
ً
تاريخيا
تعريفــات لمصطلحــات البــد مــن عرضهــا ،وبالتالــي ليكــون
أمــر التــداول فيهــا واض ًحــا حيــن نتعــرض لهــا بالنقــد فيمــا
بعــد .وهــي تعريفــات كالســيكية امتــأت بهــا كتــب التــراث
اإلســامي ودارت حولهــا رحــى حــرب كالميــة عظيمــة
الشــأن.
ُّ
السنة
هــي مــا صــدر عــن النبــي عليــه الصــاة والســام مــن قــول
أو فعــل أو تقريــر ممــا يــراد بــه التشــريع ،فيخــرج بذلــك
والجبليــة التــي ال دخــل لهــا
مــا صــدر مــن األمــور الدنيويــة ِ
باألمــور الدينيــة ،وال صلــة لهــا بالوحــي.
17
وهــي بمعناهــا العــام عنــد المحدثيــن تشــمل الواجــب
ـص بالمنــدوب ومــا
والمنــدوب .وفــي اصطــاح الفقهــاء تختـ ّ
دون الواجــب .ثــم هــي كل مــا أثــر عــن النبــي صلــى اللــه
عليــه وســلم غيــر القــرآن الكريــم ،مــن قــول ،أو فعــل ،أو
ً
دليــا لحكــم شــرعي. تقريــر ،ممــا يصلــح أن يكــون
18
الحديث
هــو فــي اللغــة ،الــكالم الــذي يتحــدث بــه ،وينقــل بالصــوت
والكتابــة.
وفــي االصطــاح ،هــو مــرادف للسـنّة عنــد جمهــور العلمــاء
وذهــب قــوم إلــى اختصاصــه بمــا صــدر عــن النبــي صلــى
اللــه عليــه وســلم مــن قــول دون الفعــل والتقريــر.
الخبر
فهــو لغــة مــرادف للحديــث فهمــا يــدالن علــى شــيء واحــد
ولكــن شــاع بيــن كثيــر مــن العلمــاء تخصيــص الحديــث بمــا
صــدر عنــه صلــى اللــه عليــه وســلم وجعــل الخبــر أعـ ّم منــه،
بــأن يشــمل مــا صــدر عنــه ومــا صــدر عــن غيــره ،فبينهمــا
عمــوم وخصــوص فــكل حديــث خبــر وليــس كل خبــر حديثــا
ولذلــك ســ ّمي المشــتغل بالســنّة محدثًــا والمشــتغل بالتاريــخ
وأخبــار النــاس إخباريًــا وذهــب بعضهــم إلــى جعــل الخبــر
مرادفًــا للحديــث والس ـنّة.
األثر
هــو المنقــول عــن الســابقين فيكــون كالخبــر يشــمل فــي أصلــه
مــا صــدر عــن النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم ومــا صــدر
عــن غيــره ،وبعضهــم اصطلــح علــى تخصيصــه بمــا صــدر
عــن الســلف مــن الصحابــة والتابعيــن وأتباعهــم.
19
السند
هــو الطريــق الموصــل إلــى المتــن ،أي الــرواة الذيــن نقلــوا
المتــن وأدّوه ،ابتــدا ًءا مــن الــراوي المتأخر وانتها ًءا بالرســول
صلــى اللــه عليــه وســلم.
المتن
هــو ألفــاظ الحديــث التــي تقــوم بهــا المعانــي ،وقــد امتنــع
العلمــاء عــن قبــول أي حديــث مــا لــم يكــن لــه ســند (إســناد)
وذلــك بســبب انتشــار الكــذب علــى النبــي صلــى اللــه عليــه
وســلم.
20
التواتر اللفظي
مــا إذا اتّحــدت ألفــاظ المخبريــن فــي خبرهم ،وبعبــارة أخرى:
التواتــر اللفظــي هــو اتفــاق الناقليــن الذيــن يمتنــع اجتماعهــم
علــى الكــذب عــادة فــي نقــل ألفــاظ الخبــر وعباراتــه ،كتواتــر
نقلهــم (إنمــا األعمــال بالنيّــات) أو قولــه (صلّوا كمــا رأيتموني
أصلي).
التواتر المعنوي
وهــو اتفاقهــم علــى نقــل مضمــون واحــد وإن اختلفــوا فــي
نقــل األلفــاظ ،ســواء كانــت داللــة ألفاظهــم علــى المضمــون
بالمطابقــة أو بالتضمــن أو بااللتــزام.
ســا بالتواتر
والتواتــر المعنــوي هــو أكثــر األنــواع المتواتــر قيا ً
وإن غالــب المعــارف الدينيــة وجــزاء العبــادات قــد اللفظــي ّ
نقلــت لنــا مــن خــال هــذا النــوع مــن التواتــر كعــدد الركعــات
ومبطــات الصيــام .وأركان الحــج والــزكاة و...
21
الكتابة
قــال فــي اللســان( :كتــب الشــيء كتْبًــا وكتابًــا وكتابــة وكتبــه
َطــه فكتابــة الشــيء ّ
خطــه). خ َّ
التدوين
(ودونــه
ّ قــال فــي اللســان( :والديــوان مجتمــع الصحــف).
تدوينًــا جمعَــه ،وعليــه فالتدويــن هــو جمــع الصحــف المشــتتة
فــي ديــوان ليحفظهــا).
التصنيف
قــال فــي اللســان :والتصنيــف تمييــز األشــياء بعضهــا مــن
بعــض ،وصنّــف الشــيء ميّــز بعضــه مــن بعــض ،وتصنيــف
الشــيء جعلــه أصنافًــا .وعليــه فالتصنيــف تمييــز الجزئيــات،
كأن يميــز المصنّــف الصــواب مــن الخطــأ واألهــم مــن المهم.
وهــذا تعريــف موجــز للكتابــة والتدويــن والتصنيــف يتضــح
منــه الفــرق بيــن ك ٍّل منهــا.
بنــا ًءا علــى مــا تقــدم ،فالقــول إن الســنّة د ُّونــت فــي نهايــة
القــرن األول ،ال يســتفاد منــه أنهــا لــم تُكــن مكتوبــة فيمــا
ســبق ،بــل يفيــد أنهــا كانــت مكتوبــة لكنهــا لــم تصــل إلــى
درجــة التدويــن.
22
مظاهر وإشكاالت الروايات
23
بــه للنبــي -لــم يســلم مــن تنــازع تلــك الروايــات وال حتــى
ســلم ممــا نســبته لــه .وســوف نعــرض فيمــا يلــي ﷺ النبــي
لتلــك الروايــات والنصــوص التــي أوردهــا المفســرون وأهــل
الحديــث وغيرهــم حــول مســألة جمــع القــرآن ونعقــب عليهــا
بمــا تســتحق.
24
إن أبــا بكــر بعــث إليــه عقــب ثابــت أبــرز كتــاب الوحــيّ ،
وقعــة اليمامــة التــي مــات فيهــا كثيــر مــن القــراء وطلــب إليــه
أن يتتبــع القــرآن ويجمعــه ،مخافــة أن يضيــع منــه الشــيء
الكثيــر .يقــول زيــد" :فتتبعــت القــرآن أجمعــه مــن العســب
واللخــاف وصــدور الرجــال حتــى وجــدت آخــر ســورة التوبــة
مــع أبــي خزيمــة األنصــاري لــم أجدهــا مــع أحــد غيــره .ثــم
قــال ،فكانــت الصحــف عنــد أبــي بكــر حتــى توفــاه اللــه ،ثــم
عنــد عمــر ،ثــم عنــد حفصــة بنــت عمــر.
أن عمــر كان ّأول مــن بــادر وتشــير روايــات أخــرى إلــى ّ
بنفســه إلــى ذلــك .كمــا فــي روايــة أبــي داوود ّ
أن عمــر ســأل
عــن آيــة مــن كتــاب اللــه ،فقيــل :كانــت مــع فــان قتــل يــوم
اليمامــة .فقــال :إنــا للــه ،وأمــر بجمــع القــرآن ،فــكان ّأول مــن
جمعــه فــي المصحــف.
25
وفــي روايــة يذكرهــا الســيوطي فــي اإلتقــان عــن ابــن بريــدة
أنــه قــالّ :أول مــن جمــع القــرآن فــي مصحــف ،ســالم مولــى
أبــي حذيفــة.
26
إشكاالت الجمع الثاني
فــي ســرد البخــاري لوقائــع الجمــع الثانــي للقــرآن زمــن
"أن حذيفــة بــن اليمــان قــدم علــى عثمــان وكان عثمــانّ ،
يشــارك فــي غــزو أهــل الشــام فــي فتــح أرمينيــة وأذربيجــان
مــع أهــل العــراق ،فأفــزع حذيفــة اختالفهــم فــي القــراءة،
فقــال لعثمــان :أدرك األمــة قبــل أن يختلفــوا (فــي القــرآن)
اختــاف اليهــود والنصــارى ،فأرســل إلــى حفصــة يطلــب
منهــا إرســال الصحــف التــي جمعــت أيــام أبــي بكــر لنســخها
فــي المصاحــف ،فأرســلت بهــا إليــه ،فأمــر زيــد بــن ثابــت
وعبــد اللــه بــن الزبيــر وســعيد بــن العــاص وعبــد الرحمــن
بــن الحــارث بــن هشــام فنســخوها فــي المصاحــف".
وتضيــف الروايــة أنهــم عندمــا فرغــوا مــن نســخ الصحــف
فــي المصاحــف رد عثمــان الصحــف إلــى حفصــة ،وأرســل
إلــى كل أفــق بمصحــف ممــا نســخوا ،وأمــر بمــا ســواه مــن
القــرآن فــي كل صحيفــة أو مصحــف أن يحــرق .وقــد سـ ّمي
المصحــف آنــذاك بالمصحــف اإلمــام .قــال زيــد ففقــدت آيــة
مــن األحــزاب حيــن نســخنا المصحــف قــد كنت أســمع رســول
اللــه صلــى اللــه عليــه وســلّم يقــرأ بهــا ،فالتمســناها فوجدناهــا
مــع خزيمــة بــن ثابــت األنصــاري
ّ َ ۡ ُ ۡ َ َ َۡ َ َ َّ ْ ُ َ ٰ َ َ ْ ُ َ َ ٞ
﴿مِن ٱلمؤ ِمن ِين رِجال صدقوا ما عهدوا ٱلل عليهِۖ﴾
اب 23 ُ َُ َۡ َ
سورة الأحز ِ
فألحقناها في سورتها في المصحف.
27
إن القــرآن لــم ينــزلوتقــول روايــات أخــرىّ ،
كتابًــا مكتوبًــا وإنمــا أنــزل مفرقًــا ومنج ًمــا
(وقرآنــا فرقنــاه لتقــرأه علــى النــاس علــى
لــمﷺ مكــث ونزلنــاه تنزيــا) ّ
وإن النبــي
يأمــر بجمعــه فــي مصحــف جامــع ،كمــا
يــد ّل عليــه قــول أبــي بكــر حيــن طلــب إليــه
ـرا لــم يفعلــه
عمــر جمعــه فقــال كيــف أفعــل أمـ ً
ﷺ
،فلــم يــزل بــه عمــر حتــى أقنعــه الرســول
بضــرورة جمعــه خوفًــا مــن وقــوع التحريــف.
28
إشكاالت فروقات المصاحف
ذكــر السجســتانى فــي كتابــه المصاحــف (دار الكتــب العلميــة
-بيــروت – لبنــان -عــام ّ )1985
أن الخليفــة الثالــث عثمــان
بــن عفــان أحــرق العديــد مــن المصاحــف التــي كتبهــا بعــض
أن يكــون (مصحفــه) هــو ـر علــى ْ
أصحــاب النبــي ،ألنــه أصـ ّ
النســخة (الوحيــدة – ال ُمـوحـّـــدة) وهــذا يدل على تدخل البشــر
فــي كتابــة آيــات القــرآن ،ورغــم ذلــك اكتشــف اآلثاريــون
عــدة مصاحــف مــن بيــن المصاحــف التــي اعتــرض عثمــان
عليهــا ومــن بينهــا:
•مصحف عكرمة
29
مصحف حفصة
زوج النبي ﷺ
أمــرت مولــى لهــا ْ أن حفصــة عــن ســالم بــن عبــد اللــه ّ
بلغــت هــذه اآليــة َ أن يكتــب لهــا مصحفـًــا وقالــت :إذا ْ
َ ُ ْ َ َ َّ َ َ َ َّ َ ۡ
الب َق َرة ِ 238
ورةُ َ ٱلصل ٰوة ِ ٱل ُو ۡس َط ٰ
ىى﴾ ُس َ تو ﴿حٰفِظوا على ٱلصلو ٰ ِ
مصحف عبيد
بن عمير الليثي
عــن عمــرو بــن دينــار قــال :ســمعتُ عبيــد بــن عميــر يقــول:
ُ َ ََۡ
ـورةُ الأعلــ ٰى .وعــن اآليــة رقــم 1
أول مــا نــزل مــن القــرآن سـ
واآليــة رقــم 2منهــا
َ َ َ َّ َ ّ ۡ َ َّ َ ََۡۡ
﴿سبِحِ ٱسم ربِك ٱلأعلى ١ٱلذِي خلق﴾
بينما هي في مصحف عبيد بن عمير
َ ََ َ ّ ۡ َ َ ّ َ ۡ َ ۡ َ َّ
﴿سبِحِ ٱسم ربِك ٱلأعلى ٱلذِي خلقك﴾
30
مصحف عطاء بن
أبي رباح
ذكــر ابــن حجــر فــي كتابــه (تهذيــب التهذيــب) بعــض
التفاصيــل عــن أبــى نخــراء عــن فــان عــن طلحــة ّ
أن عطــاء
خوفكــم أوليــاءه) بينمــا هــي في المصحــف الحالي
كان يقــرأ (يُ ّ
َُ ُ
﴿يخ ّوِف﴾ آل عمران 175
َُ ُ
وليس ﴿يخ ّوِفكم﴾.
مصحف عكرمة
حديرأن عكرمة كان يقرأ ّ وعن عمران بن
ُ َ
ِين يُ ِط ّوقون ُهۥ﴾ بينما هي في المصحف الحالي ﴿وعَلَى ٱلَّذ َ
َ
َ َ َ َّ َ ُ ُ
يقونَ ُهۥ﴾ ُس َ
الب َق َرة ِ 184
ورةُ َ ﴿وعلى ٱلذِين ي ِط
طوقونه)أن عكرمــة غيّــر فــي كلمــة (يُطيقونــه) فقرأهــا (يُ ّ أي ّ
وطبعًــا الفــرق واضــح بيــن الكلمت ْيــن فــي المعنــى .وهــذه اآلية
ـرض لها.يتحاشــى األصوليــون التعـ ّ
31
مصحف سعيد بن جبير
أن سعيد بن جبير كان يقرأ عن فالن عن فالن ّ
ُ َ
ِين يُ ِط ّوقون ُهۥ﴾ بينما هي في مصحف عثمان ﴿وعَلَى ٱلَّذ َ
َ
َ َ َ َّ َ ُ ُ
يقونَ ُهۥ﴾ ُس َ
الب َق َرة ِ ١٨٤
ورةُ َ ﴿وعلى ٱلذِين ي ِط
ضــا -مقتــل أضــف إلــى كل هــذا -وحســب الروايــات أي ً
القــراء ،الذيــن كان مــع ك ّل منهــم
ّ ســبعين مــن الصحابــة
مقــدار مــن القــرآن فــي غــزوة بئــر معونــة ،ومثــل هــذا العــدد
قضــوا يــوم اليمامــة.
32
شبهات نقص القرآن
33
ي أبــي وهــووعــن حميــدة بنــت أبــي يونــس قالــت :قــرأ عل ـ َّ
إن اللــه ومالئكتــهابــن ثمانيــن ســنة فــي مصحــف عائشــةّ :
يصلّــون علــى النبــي ،يــا أيّهــا الذيــن آمنــوا صلّــوا عليــه
وســلّموا تســليما ،وعلــى الذيــن يصلّــون الصفــوف األولــى.
قالــت :قبــل أن يغيــر عثمــان المصاحــف.
وأخــرج ابــن أبــي حاتــم عــن أبــي موســى األشــعري قــال :كنا
نقــرأ ســورة نشــبهها بإحــدى المســبحات مــا نســيناها ،غيــر
أنــي حفظــت منهــا( :يــا أيهــا الذيــن آمنــوا ال تقولــوا مــا ال
34
تفعلــون :فتكتــب شــهادة فــي أعناقكــم فتســألون عنهــا يــوم
القيامــة).
ي قــال :قــال عمــر :كنــا نقــرأ( :ال ترغبــواي بــن عــد ّ عــن عــد ّ
عــن آبائكــم فإنــه كفــر بكــم ).ثــم قــال لزيــد بــن ثابــت :أكذلــك؟
قــال :نعم.
أن مســلمة بــن مخلــد األنصــاري قــال لهــم ذات يــوم: وروي ّ
أخبرونــي بآيتيــن فــي القــرآن لــم يكتبــا فــي المصحــف ،فلــم
يخبــروه وعندهــم أبــو الكنــود ســعد بــن مالــك ،فقــال ابــن
مســلمةّ :
(إن الذيــن آمنــوا وهاجــروا وجاهــدوا فــي ســبيل اللــه
بأموالهــم وأنفســهم أال أبشــروا أنتــم المفلحــون).
35
وأخــرج ابــن الضريــس فــي فضــل القــرآن عــن يعلــى بــن
حكيــم عــن زيــد أن عمــر خطــب النــاس فقــال :ال تشـ ّكوا فــي
الرجــم فإنــه حــق ،ولقــد هممــت أن أكتبــه فــي المصحــف،
ي بــن كعــب فقــال :أليــس أتيتنــي وأنــا اســتقرئها
فســألت أب ـ ّ
رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلّم؟ فدفعــت فــي صــدري
وقلــت :تســتقرئه آيــة الرجــم وهــم يتســافدون تســافد الحمــر.
وقــال صاحــب البرهــان فــي قــول عمــر :لــوال أن تقـ ّـول الناس
زاد عمــر فــي كتــاب اللــه لكتبتهــا :يعنــي آيــة الرجــم .ظاهــرة
أن كتابتهــا جائــزة ،وإنمــا منعــه قــول النــاس .والجائــز فــي
نفســه قــد يقــوم مــن خــارج مــا يمنعــه ،فــإذا كانــت جائــزة لــزم
أن تكــون ثابتــة ألن هــذا شــأن المكتــوب.
أن عمــر تــرك كتابــة هــذه اآليــة فــي ويظهــر لنــا كيــف ّ
المصحــف مخافــة اتهامــه بالزيــادة ،والمفــروض وقــد ثبــت
لديــه أنهــا مــن المصحــف أن يبــادر لكتابتهــا ،وال يعــرج
علــى مقالــة النــاس ألن مقالــة النــاس ال تصلــح مانعًــا ،وهــو
الــذي تــروى عنــه الكثيــر فــي الصــدع بالحــق فكيــف بآيــة
مــن كتــاب اللــه .كمــا أن قولــه" :تســتقرئه آيــة الرجــم وهــم
يتســافدون تســافد الحمــر" .فيــه مــا يــد ّل علــى اســتعمالهم
الــرأي فيمــا أثبتــوه أو أســقطوه مــن القــرآن ولقــد فطــن عمــر
أن اآليــة تأمــر برجــم الشــيخ والشــيخة البتــة ســواء أحصنــواّ
أو لــم يحصنــوا خالفًــا لحكــم الشــاب والشــابة الــذي يفــرق
36
بيــن المحصــن وغيــر المحصــن ولذلــك قــال عمــر أال تــرى
أن الشــيخ إذا زنــى ولــم يحصــن جلــدّ ،
وأن الشــاب إذا زنــا ّ
يتصرفــون فــي القــرآن
ّ وقــد أحصــن رجــم .فــد ّل أنهــم كانــوا
بآرائهــم.
38
بســم اللــه الرحمــن الرحيــم ،اللهــم إنــا نســتدعيك ونســتغفرك
ونثنــي عليــك وال نكفــرك ونخلــع ونتــرك مــن يفجــرك ،اللهــم
إيــاك نعبــد ولــك نصلّــي ونســجد وإليــك نســعى ونحفــد ،نرجو
إن عذابــك بالكافريــن ملحــق .ثــمرحمتــك ونخشــى نقمتــكّ ،
قــال ابــن جريــج معلقًــا :حكمــة البســملة أنهمــا ســورتان فــي
مصحــف بعــض الصحابــة.
39
رد الشبهات والروايات
41
أن الصحابــة كانــوا يشــعرون بخــوف مــن هــذه الروايــات ّ
كبيــر مــن تحريــف القــرآن وتبديلــه ،كمــا جــاء علــى لســان
كثيــر منهــم ومــن ذلــك قــول حذيفــة بــن اليمــان لعثمــان،
أدرك األمــة قبــل أن يختلفــوا (فــي القــرآن) اختــاف اليهــود
والنصــارى .وهــذا يضعنــا أمــام حقيقــة تــكاد تشــكك بنظريــة
حفــظ اللــه للقــرآن (إنــا نزلنــا الذكــر) ،وهــذا يقودنــا إلــى أن
ضــا :إذا كان الصحابــة أنفســهم ال ّ
ينزهــون أنفســهم نســأل أي ً
عــن الوقــوع فــي التقـ ّـول والتهمــة ،بدليــل اشــتراطهم الشــهود
ـإن مــن جــاء بعدهــم مــن فقهــاء ومحدثيــن قــدـراء ،فـ ّ
علــى القـ ّ
سســوا لعقيــدة دخيلــة فــي اإلســام ال يقوم لها دليــل معقول أو أ ّ
أن الصحابــي ال يطعــن فــي عدالتــه وصدقه، مــروي ،مفادهــا ّ
وال يتّهــم فــي دينــه وأمانتــه .هــل تتفــق هــذه األقــوال عــن
عدالــة الصحابــة التــي أسســت لهــا الروايــات ،مــع الوقائــع
إن الصحابــة ،بــل المجتمــع الصحابــي التاريخيــة التــي تقــول ّ
بأســره (إن صـ ّح التعبيــر) وقعــوا فــي إشــكاالت -فــي حيــاة
وبعــده -فــي أتــون الصراعــات المحمومــة علــى ﷺ النبــي
الســلطة والزعامــة الدينيــة والسياســية بيــن المهاجريــن
واألنصــار ،وبيــن بنــي هاشــم وبنــي أميّــة وغيــر ذلــك مــن
وخلوهــم مــن
ّ الوقائــع التــي تدحــض فكــرة عدالــة الصحابــة
الهــوى والمؤثــرات النفســية التــي تعتــري البشــر مهمــا بلغــت
درجتهــم أو علــت مرتبتهــم.
42
اإلعجاز اللفظي والبالغي
يُعــد اإلعجــاز اللفظــي والبالغــي مــن دعائــم االحتجــاج علــى
ص ّحــة نســبة القــرآن إلــى اللــه ،ويعتبــر مــن أعظــم دالئــل
النبــوة ،المتمثلــة فــي تقبــل القلــوب لــه وترديــده بالقــراءة
ّ
والتــاوة بــا ملــل ،وفــي مــا تضمنــه مــن إخبــار عــن
غيبيــات حدثــت فــي الماضــي أو أحــداث مســتقبلية ،وفــي
مــا جــاء فيــه مــن ســنن كونيــة ونواميــس و أدلــة عقليــة علــى
الوجــود اإللهــي وقــد تح ـدّى اللــه ســبحانه العــرب المكذبيــن
بالدعــوة المحمديــة باإلتيــان بســورة أو آيــة مــن مثلــه وأنهــم
فــإن خــوف الصحابــة مــن أن يدخــل علــى ّ لــم يســتطيعوا.
القــرآن مــا ليــس فيــه ،إضافــة إلــى اشــتراطهم الشــهود علــى
ـراء ،يطعــن فــي صحــة هــذه النظريــة خاصــة إذا علمنــا القـ ّ
أن الكثيــر مــن اآليــات التــي أتــى بهــا بعــض الصحابــة ،لــم ّ
تقبــل منهــم ألنهــم لــم يأتــوا بشــاهدين علــى صحتهــا ،وليــس
لإلعجــاز مــن عدمــه محــ ّل فيهــا ،كآيــة الرجــم وســورتي
وردّت عليهــم.القنــوت التــي أتــى بهــا بعــض كبــار الصحابــة ُ
أن المفــروض حســب نظريــة اإلعجــاز اللفظــي ّ
أن كمــا ّ
ـص القرآنــي الــذي هــو كالم اللــه تأليــف معجــز ،ونظــم النـ ّ
معــروف ،وخــرق للعــادة ،وينبغــي أن يتميّــز بوضــوح ال
يرقــى لــه شــك عــن غيــره مــن النصــوص البشــرية ،وإال فــا
معنــى لإلعجــاز وال للتحــدّي!
43
التواتر
فــإن العلمــاء المســلمين يحت ّجــون علــى ّ ومــن جهــة أخــرى
بأنــه وصلنــا ﷺ ص ّحــة ثبــوت نســبة القــرآن ،إلــى النبــي
ويعرفــون التواتــر بأنــه مــا رواه الجمــع
ّ عــن طريــق التواتــر
الكثيــر عــن الجمــع الكثيــر ،وبالتالــي هــو االتفــاق الجمعــي
بيــن المســلمين ،بــد ًءا مــن وفــاة الرســول إلــى اليــوم ،وأن
هــذا الــذي بيــن أيدينــا الموجــود بيــن دفتــي المصحــف هــو
،ﷺ كالم اللّــه وكتابــه الــذي نزلــه علــى خاتــم رســله محمــد
مــن مبتــداه إلــى منتهــاه تحيــل العــادة تواطئهــم علــى الكــذب.
جــدل بســامة هــذا التعريــف مــن الجهــة ً إن ســلّمنا
ونحــن ْ
ـإن القــرآن ال تنطبــق عليــه التواتريــةاإلســتداللية والثبوتيــة ،فـ ّ
ّ
فــإن الذيــن جمعــوا مــن جهــة مبتــداه ،فبحســب الروايــات،
القــرآن كانــوا أقليّــة مــن الصحابــة ال تنطبــق عليهــم صفــة
الجمــع الغفيــر الــذي يثبــت بــه التواتــر ،ولذلــك كان الصحابــة
أنفســهم علــى توافــر النــاس وقــرب العهــد ،يشــترطون
شــاهدين لقبــول مــا يأتيهــم بــه النــاس مــن القــرآن عل ًمــا بـ ّ
ـأن
األكثريــة مــن الصحابــة كانــوا يحفظــون أجــزا ًءا مــن القــرآن،
واألقلّــون هــم مــن كان يحفظــه كامـ ًـا ،بــل يذهــب أنــس بــن
مالــك حيــن ســأله قتــادة ع ّمــن جمــع القــرآن فــي عهــد النبــي
ي بــن كعــب ،ومعاذ ﷺ
،قــال أربعــة كلّهــم مــن األنصــار :أبـ ّ
بــن جبــل ،وزيــد بــن ثابــت ،وأبــو زيــد .قلــت :مــن أبــو زيــد؟
44
قــال :أحــد عمومتــي .هــذه صيغــة البخــاري وفــي روايــة
لثابــت عــن أنــس جــاءت بصيغــة الحصــر قــال :مــات النبــي
صلــى اللــه عليــه وســلم ولــم يجمــع القــرآن غيــر أربعــة أبــو
الــدرداء ،ومعــاذ بــن جبــل ،وزيــد بــن ثابــت ،وأبــو زيــد.
روايات قلقة
مــن عــادة كثيــر مــن العلمــاء حشــر كثيــر مــن هــذه الروايــات
فــي بــاب الناســخ والمنســوخ معتمديــن علــى محــض آرائهــم،
وخالــص أهوائهــم ،غيــر أن علمــاء آخريــن أنكــروا أن يكــون
مــا ســقط مــن القــرآن مــن النســخ ،إذ مــن غيــر الجائــز نســخ
كمــا قــرره القاضــي ﷺ شــيء مــن القــرآن بعــد وفــاة النبــي
أبــو بكــر فــي االنتصــار ،وقالــوا إن مــا ذكــر مــن الزيــادة
والنقصــان فــي القــرآن يرجــع إلــى خبــر اآلحــاد والقــرآن
ال يثبــت بهــا وإنمــا يثبــت بالتواتــر .وســنعرض بعــض هــذه
الروايــات:
45
ورةُ ُّ
ُس َ َ ٰ َ ُ ْ َ ٓ ّۡ ََُۡۡ ْ َ
الطورِ 34 ِيث مِثلِهِۦ إِن كانوا ص ِدقِين﴾
﴿فليأتوا ِبحد ٖ
ثم تحدّاهم بعشر سور ۡ منه في قوله،
َََُۡ َ ۡ ُ ْ
ٰ َۡ َ ُ ُ َ ۡ ََ ُٰ ُۡ َ ُ ْ َ ۡ ُ َ ّ ۡ
ت وٱدعوا ٖ ي رت ف م ِۦ هِ لِث ﴿أم يقولون ٱفترىهۖ قل فأتوا بِعش ِر سورٖ م
ورةُ ُهو ٍد 13
ِين﴾ ُس َ ٱللِ إن ُك ُ
نت ۡم َص ٰ ِدق َ َّ
ون
َ ۡ ََ ُۡ ّ ُ
ِ م ِن ٱستطعتم مِن د ِ
ثم تحدّاهم بسورة في ۡقوله،
ُ َُ ُ ُ َۡ َ ُ ُ َ ۡ ََ ُٰ ُۡ َ ُ ْ ُ َ ّ ۡ
﴿أم يقولون ٱفترىهۖ قل فأتوا بِسورة ٖ مِثلِهِۦ﴾ سورة يونس 38
َ
46
هــذا مــن جهــة ومــن جهــة أخــرى فإنــك إذا اعتبــرت ســورتي
الخلــع والحفــد مثـ ًـا اللتيــن كان يعدّهمــا بعــض الصحابــة مــن
القــرآن ،وبالتالــي يحمــان معنــى اإلعجــاز الخــارق للعــادة،
وهمــا عنــد عامــة المســلمين اليــوم دعــاء كباقــي األدعيــة
أن عثمــان أثبتهمــا فــي المأثــورة ،فإننــا نتســاءل مــاذا لــو ّ
المصحــف اإلمــام؟ هــل كان للمفســرون والمؤلفــون فــي
أوجــه إعجــاز القــرآن ،كالخطابــي والرمانــي ،والزملكانــي،
والــرازي ،وابــن ســراقة والقاضــي أبــو بكــر الباقالنــي،
وبديــع الزمــان النورســي وغيرهــم كثيــر ،أقــول هــل كان لهــم
أن يتوانــوا -بــكل مــا أتقنــوه مــن صناعــة الــكالم وفنــون
االســتنباط ووجــوه البالغــة -عــن أن يثبتــوا للنــاس أنهمــا
معجزتــان خارقتــان للعــادة وأن المنكــر لهمــا إنمــا هــو منكــر
بلســانه ال بقلبــه ،وأنــه معانــد ملحــد فــي آيــات اللــه.
لقــد مضــى علــى نــزول القــرآن أكثــر مــن أربعــة عشــر قرنا،
ـرر بعــد محــل تاريــخ جمــع القــرآن وتدوينــه ،فمــن ولــم يتحـ ّ
قائــل إنــه د ُّون فــي عهــد رســول اللــه ،وعلــى يــد رســول
اللــه .وقائــل إنــه لــم يت ـ ّم جمعــه وتدوينــه فــي حياتــه ،وإنمــا
ودون بعــد وفاتــه.جمــع القــرآن ّ
الــرأي األول ،قائلــوه قليلــون ،والــرأي اآلخــر هــو الســائد،
وقائلــوه ال يحصــون!
47
إن األخبــار والمرويــات ال يحكــم لهــا،
وال عليهــا ،بكثــرة القائليــن ،أو قلّتهــم،
وإنمــا يحكــم لهــا ،أو عليهــا بحكــم
األدلّــة العلميــة التــي تتســم بالرصانــة،
وتتميز بالثقل العلمي،
فلننظر أي القولين أرجح دليال،
وأقوى ثبوتا.
هل قضى النبي ﷺ
ّ
دون أن يدون القرآن؟
هــل فــارق رســول اللــه أصحابــه ،وغــادر الدنيــا ،ولــم يجمــع
صنــه ،ولــم يحكــم القــرآن ،ولــم يدونــه ،ولــم يرتبــه ،ولــم يح ّ
األســوار حولــه ،ولــم يطمئــن إلــى حفظــه ،وصيانتــه مــن
الضيــاع؟ هــل توانــى رســول اللــه عــن جمــع القــرآن؟ وهــو
الــذي كان علــى علــم وبصيــرة بمــا أصيبــت بــه األمــم الســالفة
بعــد رســلهم ،حيــث ضيّعــوا مــا جــاءت بــه رســلهم ،وتالعبــوا
بــه ،وأحدثــوا فيــه مــا أملــت عليهــم أهواؤهــم ،مــن تحريــف
وتبديــل!
هــل أغفــل رســول اللــه جمــع القــرآن وهــو علــى علــم بــأن
ي تفريــط القــرآن خاتــم الكتــب؟ وهــو خاتــم األنبيــاءّ ،
وأن أ ّ
فــي حفظــه ،وتدوينــه ،أو حصــول تقديــم أو تأخيــر ،أو تبديــل
أو تحريــف فهــو خــزي األبــد ،حيــث ال يأتــي بعــده كتــاب
يهــدي النــاس إلــى الرشــد ،ويصلــح مــا فســد مــن أمرهــم،
ويذ ّكرهــم بمــا نســوا مــن كتــاب ربهــم.
49
إن لــم يســتطع الرســول أن يجمــع القــرآن ،ويرتبــه بيــن
الدفتيــن ،فــي حياتــه ،فمــا الــذي منعــه مــن الوصيــة فــي
جمعــه ،وترتيبــه بعــد وفاتــه؟.
يــدون بعــد ،ورأى أبــو بكــر وعمــر ّ إن كان القــرآن لــمْ
ضــرورة تدوينــه ،فهــل يُعقــل أن يُســند هــذا األمــر الخطيــر
العظيــم إلــى شــخص واحــد هــو زيــد بــن ثابــت األنصــاري
فلــم يجمــع لــه المســلمين كلّهــم ،ومــن ثــم تشــكل لجنــة تضـ ّم
ســا يكونــون موضــع ثقــة وتقديــر عنــد الجميــع. نا ً
50
القــرآن فقــط ،أم اســتخدمت لكتابــة أشــياء أخرى غيــر القرآن؟
هــل كتبــت المعلقــات العشــر ،أو قصائــد فحــول الشــعراء
علــى العســب واللخــاف؟ هــل كانــت العهــود والمواثيــق بيــن
القبائــل ،وبيــن المســلمين واليهــود ،وبيــن المســلمين والقــرى،
كلهــا كانــت تكتــب علــى الرقــاع واألكتــاف؟
51
إن القــرآن أرشــد المؤمنيــن إلــى أحســن شــيء يكتبــون عليــه
القــرآن ،حينمــا قــال:
ورةُ ُّ
الطورِ ١ ٱلطور﴾ ُس َ ﴿و ُّ
َ
ِ
ورةُ ُّ
الطورِ ٢ ﴿وك َِتٰب َّم ۡ
س ُطور﴾ ُس َ َ
ٖ ٖ
ورةُ ُّ
الطورِ ٣ ف َ ّ َّ ُ
نشور﴾ ُس َ ﴿ ِ ي� ر ٖق م
ٖ
52
والعــرب كانــوا يســتعملونه عــادة ،وكانــوا يذكرونــه فــي
شــعرهم ،كمــا قــال األخنــس بــن شــهاب التغلبــي:
ناز ٌل
ع ْوفٍ َم ِ بن َ ِال ْبنَ ِة ِح َّ
طانَ ِ
الر ّق كاتِ ُ
ب كما َرقَّ َ
ش العُ ْنوانَ في ّ
(المفضليات)36/1:
وقال آخر:
هب في لُ َجي ٍْن
يَحو ُكهما َذ ٌ
ق خ ًّ
َطا َدقِيقَا ك َم ْش ِقك في َّ
الر ّ ِ
(الشمشاطي ،األنوار ومحاسن األشعار)111/1 :
53
تساؤالت
ثم ماذا تعني الرواية عن زيد بن ثابت حينما قال" :حتى وجدت
من سورة التوبة آيتين مع خزيمة األنصاري لم أجدهما مع
ُ ۡ َ ٌ َ َ ُ ٞ ٓ ُ ََ
يز َعل ۡيهِ َما أحد غيره﴿ .لق ۡد َجا َءك ۡم َر ُسول ّم ِۡن أنفسِكم ع ِز
ُۡ ۡ َ َ ُ ٞ َ ُ
ورةُ َّ
الت ۡو َبةِ 128 وف َّرح ٞ
ِيم﴾ ُس َ يص َعل ۡيكم بِٱلمؤ ِمن ِين رءَعن ُِّت ۡم َحر ٌ
ِ
(هــي آيــة واحــدة وليســت آيتين).هــل نســي المســلمون كلهــم،
وفيهــم أبــو بكــر وعمــر! وفيهــم عثمــان وعلــي! وفيهــم مئــات
مــن الصحابــة؟.
55
تقــول هــذه الروايــات ،جمــع زيــد بــن ثابــت القــرآن فــي عهــد
أبــي بكــر ففقــد آخــر ســورة بــراءة ،ولــم يجدهــا إال عنــد
خزيمــة األنصــاري( ،كتــاب المصاحــف )169/1مــا وجدهــا
عنــد غيــره! ثــم حينمــا عــاد إلــى تلــك الصحــف فــي عهــد
عثمــان بــن عفــان لينســخها ،فقــد مــرة أخــرى آيــة مــن ســورة
األحــزاب ،كان يســمع رســول اللــه يقرؤها ،فالتمســها فوجدها
مــع خزيمــة بــن ثابــت األنصــاري ،فألحقهــا فــي ســورتها فــي
المصحــف! أهكــذا كان األمــر؟ أمــر ليــس فيــه شــيء مــن
المســئوليّة والجدّيــة! وإن كان األمــر هكــذا فمــن يضمــن لنــا
الصحــة والدقــة فــي جمــع القــرآن؟ ومــن يســتطيع أن يلجــم
األعــداء ،إن بســطوا ألســنتهم إلــى القــرآن بســوء؟
56
قريــش .وأيضــا تذكــر لنــا الروايــات عــن زيــد بــن ثابــت أنــه
ع ْرضـةً ،فلــم أجــد فيه هــذه اآلية: قــال :فلمــا فرغــتُ عرضتــه َ
ّ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ َ َّ ْ ُ َ ٰ َ َ ْ ُ َ َ ٞ
ٱلل َعل ۡيهِۖ ف ِم ۡن ُهم َّمن ﴿مِن ٱلمؤ ِمن ِين رِجال صدقوا ما عهدوا
َ ٗ
ظ ُر ۖ َو َما بَ َّدلُوا ْ َت ۡبدِيلا﴾ ُس َ َ ۡ َّ َ َ َۡ ُ
ورةُ الأ ۡح َزاب 23
ِ قض ٰى نح َبهۥ َومِن ُهم من يَنت ِ
قــال :فاســتعرضتُ المهاجريــن أســألهم عنهــا ،فلــم أج ْدهــا
األنصــار أســألهم عنهــا،َ عنــد أحــد منهــم ،ثــم اســتعرضتُ
فلــم أجدهــا عنــد أحــد منهــم ،حتــى وجدُتهــا عنــد ُخزيمــة بــن
ضـةً أخــرى ،فلــم أجــد فيــه عر َ عرضتــه َ ثابــت ،فكتبتهــا ،ثــم َ
هاتيــن اآليتيــن:
َ
يز َعل ۡيهِ َما َعن ُِّت ۡم َحر ٌ ُ
ِك ۡم َعز ٌ ُ َ ٞ
ك ۡم َر ُسول ّم ۡ ََ ۡ َ َٓ ُ
يص ِ ِ س نف أ ِن ﴿لقد جاء
َ َ َ َّ ۡ ْ َ ُ ۡ َ ۡ َ َُّ ٞ َ ۡ
كم بٱل ُمؤ ِمن ِين َر ُءوف َّرح ٞۡ َ َۡ ُ
ِيم ١٢٨فإِن تولوا فقل حس ِبي ٱلل علي َّ ِ
ۡ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ َّ ۡ ُ ُ َٓ َ
تۖ َوه َو َر ُّب ٱل َع ۡر ِش ٱل َع ِظي ِم ﴾١٢٩ لا إِل ٰ َه إِلا هو ۖ عليهِ توكل
ُ َ ُ َّ
ورة الت ۡو َب ِةس
57
هكــذا ،بهــذه الســهولة :لجعلتهــا ســورة علــى
كأن الســور فــي القــرآن ليســت مــن صنع ِحـ َدةٍ! ّ
اللــه ،ولــم تــزل فــي األمــر ســعة إلــى عهــد
أن تضــاف ســورة إلــى ســور القــرآن! عثمــان ْ
وتلــك اإلضافــة ال تحتــاج إلــى ســلطان ،بــل
يمكــن أن يفعلهــا مــن ُكلّــف بجمــع القــرآن!
58
والعــودة إلــى القــرآن نفســه كفيلــة بحســم
األمــور ،وهــو يلقــي القــول الفصــل فــي
ـورةُ الق َي َ
ام ـةِ : الموضــوع ،قــال تعالــى فــي ُسـ َ ِ
َّ َ َ َ َ َۡ ََ َ َُ ۡ
جل بِه ِٓۦ ١٦إِن َعل ۡي َنا ﴿لا تح ّ ِرك بِهِۦ ل ِسانك ل ِتع
َ َ َ َ ۡ َ ٰ ُ َ َّ ۡ ُ ۡ َ َ ُ َ َۡ
جم َع ُهۥ َوق ۡر َءان ُهۥ ١٧فإِذا قرأنه فٱتبِع قرءانهۥ ١٨
ُ
َ ُ َّ َ
ث َّم إِن َعل ۡي َنا َب َيان ُهۥ ﴾ ١٩
59
المخطوطات تصدق القرآن
وتدحض الروايات
مخطوطة برلين
تتألــف المخطوطــة مــن ســبع ُرقــوق (جمــع َر ّق :جلــد حيــوان
كان يســتخدم للكتابــة) مكتــوب عليهــا آيــات بالخــط الحجــازي
مــن ســورتي "النســاء" و"المائــدة" (مــن اآليــة 138إلــى اآلية
155مــن النســاء ،ومــن اآليــة 172مــن النســاء إلــى 87
مــن المائــدة) .يبلــغ طــول الرقــوق حوالــي 35ســم وبعــرض
26ســم تقريبــا.
61
أرســلت عينــة مــن رق المخطوطــة إلــى "المعهــد الفيدرالــي
للتكنولوجيــا" فــي زيوريــخ بسويســرا ،الــذي يعتبــر واحــد
مــن أفضــل عشــر جامعــات علــى مســتوى العالــم ،وذلــك
عمــربغيــة إجــراء اختبــار الكربــون المشــع ( )C-14لتحديــد ُ
ـرق .عــن نتيجــة الفحــص يقــول راوخ" :بنســبة 95فــإن الـ َ
الــر ّق يعــود لألعــوام بيــن 606و 652ميــادي .أرجــح أن َ
يكــون فــي حــدود العــام ."650مــن المعلــوم ،أن النبــي محمــد
توفــي فــي العــام .632يضيــف الســيد رواخ قائــاً: ﷺ
"ولكــن الفحــص الكربونــي ال يعطــي نتائــج قاطعــة عــن
تاريــخ الكتابــة ،بــل عــن عمــر الجلــد ال ُمســتخدم" .يوافقــه
الــر ّق وليــس
الــرأي ماركــس ويضيــف" :لقــد تــم تأريــخ َ
الحبــر .مــن المحتمــل نظريــاً ،ولكنــه مســتبعد ،أن يكــون
قــد تــم ذبــح الخــروف فــي هــذا الوقــت ولكــن تمــت الكتابــة
علــى جلــده فــي عقــود الحقــة .ال حقائــق علميــة مطلقــة مائــة
بالمائــة".
62
مخطوطة لندن
عثــر علــى مخطوطــة قرآنيــة يزيــد عمرهــا عــن 1370
ســنة فــي جامعــة برمنغهــام البريطانيــة ،وأظهــرت فحــوص
الكاربــون المشــع التــي أُجريــت فــي جامعــة أوكســفورد
أن الصفحــات المكتوبــة علــى الــرق المصنــوع مــن جلــود
األغنــام أو الماعــز ،هــي مــن اقــدم المصاحــف فــي العالــم.
63
مخطوطات صنعاء
أثنــاء أعمــال ترميــم الجامــع الكبيــر بصنعــاء ،عاصمــة
اليمــن ،إثــر ســقوط أمطــار غزيــرة عــام ،1972عثــر العمــال
علــى مخبــأ ســري بيــن الســقف الداخلــي والســقف الخارجــي
للجامــع.
وتبيــن بعــد ذلــك ،أن مــا عثــروا عليــه يمثــل مكتبــة قرآنيــة
قديمــة ،وأكــد رجــال اآلثــار اليمنيــون ،أن المخطوطــات
المكتشــفة ،تحتــوي علــى آيــات قرآنيــة يعــود تدوينهــا إلــى
القــرون األولــى للهجــرة.
65
اختالفات الفقهاء والمفسرين
اختالف الفقهاء
واتفاقهم
ب ال َح َكــم علــى كل شــيء ،وهــو الــذي صلح بــه ّأول هــو ْال ِكتَــا ِ
سنُ ْســأل عنــه، األمــة وهــو صــاح آخرهــا ،والوحيــد الــذي َ
َ َّ ُ َ ۡ َ ُ َ ۡ ُ َ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ َّ ٞ
الز ۡخ ُر ِف ٤٤
ورةُ ُّ
ون﴾ ُس َ ﴿وِإنهۥ لذِكر لك ول ِقومِك ۖ وسوف تسـٔل
ســم ْعت)وليــس عــن الروايــات واألحاديــث و(قِيــ َل وقــال و َ
أو فتــاوى الموتــى التــي نجدهــا مــع ُك ّل آيــة مــن كتــاب اللــه
تعالــى ،حيــث ال َكـ ّم الهائـ ُل مــن الروايــات واألحاديــث( ،وقــال
فــان وأفتــى عــان) ،لتغــدو مدونــات التفاســير بــاآلالف بــل
عشــرات اآلالف و لتغــدو بعــض المجلــدات لمؤلــف واحــد-
أو األصــح لمجمــع األقــوال والروايــات إلــى أكثــر مــن 30
ـرارا ونقــوالت وتصحي ًحــا لروايــات مجل ـدًا ،ممــا يشــكل تكـ ً
وأحاديــث ،أو تضعيفًــا ألخــرى ،أو ردًا لمــا ص ّححــه آخرون،
كمــا فــي آيــة الوضــوء والتيمــم فــي قــول اللــه تعالــى:
67
كمۡ َ ٰٓ َ ُّ َ َّ َ َ َ ُ ٓ ْ َ ُ ۡ ُ ۡ َ َّ َ ٰ ِ َ ۡ ُ ْ ُ ُ َ ُ
﴿يأيها ٱلذِين ءامنوا إِذا قمتم إِلى ٱلصلوة فٱغسِلوا وجوه
َ َ َ ُ ُ َ ۡ َ ُ ْ َ ۡ ُ َ
حوا ب ِ ُر ُءوسِك ۡم َوأ ۡر ُجلك ۡم إِلى َوأيۡدِيَك ۡم إِلى ٱل َم َراف ِِق وٱمس
ۡ َ ۡ َ ۡ َ ُ ُ ۡ ُ ُ ٗ َ َّ َّ ُ ْ َ ُ ُ َّ ۡ َ ٰٓ َ ۡ َ َ ٰ َ َ
ٱلكعبي ِنۚ وِإن كنتم جنبا فٱطهر ۚوا وِإن كنتم مرضـى أو على سف ٍر
َ ۡ َ ٓ َ َ َ ْ ُ َ ۡ َ َ َ ٓ َ ّ ُ ُ ۡ َ َٰ ۡ َ ٓ َ ۡ َ ّ ُ ّ ٞ
أو جاء أحد مِنكم مِن ٱلغائ ِ ِط أو لمستم ٱلنِساء فلم ت ِجدوا
ِيكم ّم ِۡنهُ ُ ِك ۡم َو َأيدُۡ َ ٓ ٗ َ َ َ َّ ُ ْ َ ٗ َ ّ ٗ َ ۡ َ ُ ْ
حوا ب ِ ُو ُجوه ماء فتيمموا صعِيدا طيِبا فٱمس
ۚ
ُ كم ّم ِۡن َح َرج َو َلٰكن يُر ُ َ ُ ُ َّ ُ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ
يد ل ُِي َط ّ ِه َرك ۡم ِ ِ ٖ ما ي ِريد ٱلل ل ِيجعل علي
َ َ ُ َ َّ ُ َ ۡ ُ َ
َول ُِيت ِ َّم ن ِۡع َم َت ُهۥ عل ۡيك ۡم ل َعلك ۡم تشك ُرون﴾
ورةُ َ
المائـِ َدة ِ 6 ُس َ
68
إن أداء مــا افترضــه وأوجبــه اللــه تعالــى فــي الوضــوء وفــي
التي ّمــم صريــح وواضــح فــي اآليــة ،ولقــد توضــأ رســول اللــه
صلــى اللــه عليــه وســلم وتيمــم كمــا توضــأ وتيمــم الصحابــة
ـتقر
والتابعــون ومــن تبعهــم وكل مســلم بعــد كل حــدث .واسـ ّ
ذلــك وصــار ممــا يعلــم مــن الديــن بالضــرورة ،ال يجهلــه
ـرا تتناقلــهمســلم إلــى يومنــا هــذا ،وغــدا واقعًــا عمليًــا متواتـ ً
األ ّمــة جيـ ًـا بعــد جيــل علــى مــدى أكثــر مــن ( 1440ســنة).
هــم يغســلون وجوههــم ثــم أيديهــم إلــى المرافــق ثــم يمســحون
رؤوســهم ثــم يغســلون أرجلهــم إلــى الكعبيــن ،و بذلــك يتـ ّم مــا
فــرض اللــه تعالــى عليهــم من الوضــوء .لكن بســبب الروايات
واألحاديــث واألقــوال اختلــف األئمــة والعلمــاء وتالميذهــم
وأتباعهــم فــي هــل المضمضــة واالستنشــاق واجبــان فــي
الوضــوء والغســل؟ كمــا هــو مذهــب أحمــد بــن حنبــل أم همــا
مســتحبّان فيهمــا كمــا هــو مذهــب مالــك والشــافعي أو واجبــان
فــي الغســل دون الوضــوء كمــا هــو مذهــب أبــي حنيفــة أو
وجــوب االستنشــاق دون المضمضــة كمــا فــي روايــة عــن
اإلمــام أحمــد؟
وكــذا األمــر فــي المســح علــى الــرأس ...هــل هــو إلصــاق اليد
بالــرأس أو مجــرد تمريــر لهــا؟ وفــي المســح علــى الــرأس
كلــه أو النصــف أو الربــع أو أي جــزء منــه .فَ َخفَـ َ
ـت التدبــر
والنظــر فــي نــور كالم اللــه تعالــى ،حتــى حجــب فهمــه إال
69
عــن طريــق الدخــول فــي تشــعبات الروايــات واألحاديــث
ســر،واألقاويــل ،واللــه تعالــى فــي آيــات كثيــرة يقــول :إنــه ُمي ّ
وإنــه بلســاننا العربــي
ُّ َّ ََۡ ۡ َ َ َ ۡ َ َّ ۡ َ ۡ ُ َ َ ّ
﴿ولقد يسرنا ٱلق ۡرءان ل ِلذِك ِر فهل مِن مدك ِٖر﴾ سورة
ُ َُ َ
الق َم ِر 17
َ َّ َ َ َ َّ َ َ َّ
ان ٥٨ ُ َ ُ ُّ َ
سورة الدخ ِ ﴿فإِن َما ي َ َّس ۡرنٰ ُه بِل َِسان ِك ل َعل ُه ۡم َي َتذك ُرون﴾
َ ُّ ٗ ۡ ُ َّ َ ُ َ َ ّ َ َّ َ َّ َ ُ
ين َوتنذ َِر بِهِۦ ق ۡو ٗما ل ّدا﴾ ﴿فإِن َما يس ۡرنٰه بِل َِسان ِك ل ُِتب ِش َر بِهِ ٱلمتقِ
ورةُ َم ۡر َي َم ٩٧
ُس َ
70
إن تقديــس وتقديــم الروايــات واألحاديث و(قيل وقــال وحدثنا،
وســمعنا) ،جعلهــا ال َح َكــم علــى كتــاب اللــه تعالــى ،وبوابــة
لفهمــه ،فتفرقــت األمــة إلــى طوائــف ومذاهــب ،وصــارت
هــذه التفاســير ،واألقــوال ،والروايــات واألحاديــث هــي الديــن
والتشــريع وقدمــت علــى الثابــت يقينًــا "الكتــاب والســنّة
ألن الديــن ،وتشــريع المتيقنــة" – المقطــوع بثبوتهمــا – ّ
األحــكام ،ال يثبــت إال بهمــا ،وبهمــا فقــط تقــوم ال ُح ّجــة ،وتبلّــغ
الرســالة ،فهمــا الدليــل القطعــي الثبــوت ،والداللــة ،والنــور
ِل ـ ُكل ظلمــة.
71
دفع القرآن لغرائب
الفتاوي
حكم من مات عنها زوجها وأتت بمولود بعد سنتين
72
وحجــة الجمهــور أن مــا ال نــص فيــه يرجــع فيــه إلــى الوجود،
وقــد وجــد مــن تحمــل أربــع ســنين ،فــروى الدارقطنــي عــن
الوليــد بــن مســلم قــال :قلــت لمالــك بــن أنــس عــن حديــث
عائشــة قالــت :ال تزيــد المــرأة فــي حملهــا علــى ســنتين ،فقال:
ســبحان اللــه ،مــن يقــول هــذا؟ هــذه جارتنــا امــرأة محمــد بــن
عجــان امــرأة صــدق ،وزوجهــا رجــل صــدق ،حملــت ثالثــة
أبطــن فــي اثنتــي عشــر ســنة ،وقــال الشــافعي :بقــي محمــد
بــن عجــان فــي بطــن أمــه أربــع ســنين ،وقــال أحمــد ،نســاء
ابــن عجــان تحمــل أربــع ســنين.
73
أكثر مدة الحمل
في القرآن
أن اآليــات التــي جــاءت فــي موضــوع الحمــل مــن الواضــح ّ
إنمــا جــاءت مــن أجــل بيــان جملــة أحــكام ،ومــن بينهــا نســب
المولــود ،ولــم تكــن فــي مجملهــا آيــات مباشــرة فــي النطــق
بأكثــر مــدة الحمــل وأقلــه ،إال أن األحــكام نفســها اقتضــت
معرفــة هــذه الحــدود ،واقتضــت النظــر فــي نفــس اآليــات مــن
أجــل الوصــول لهــذه المعرفــة.
74
َ ُ ََُ َ َ َ َُۡ ُ َُ ََۡ
﴿وحمل ُهۥ َوف ِصٰل ُهۥ ثلٰثون ش ۡه ًراۚ﴾ اف ١٥
ورة الأحق ِس
ظهــر منهــا لعلــي بــن أبــي طالــب ومــن تبعــه دون عنــاء أقــل
مــدة الحمــل ،وإذا لــم يظهــر مــن اآليــة أكثــره ،أو لــم يكــن
بيانــه مقصــوداً ،منهــا فــا غرابــة ألن الغالــب فــي أكثــره
ـر للعيــان ،وال يحتــاج إلــى مزيــد بيــان. (تســعة شــهور) ظاهـ ٌ
لكــن بمــا أن الفقــه خــاض فــي أكثــر مــدة الحمــل وقــال فيهــا
شــططا ،وصــار هــذا الشــطط دينــا ً متبعــا ،وترتبــت علــى
هــذه األقــوال أحــكا ٌم كمــا ترتبــت علــى معرفــة أقــل مــدة
الحمــل ،كان ال بــد مــن الرجــوع لآليــات لنســتنطقها بأكثــر
مــدة الحمــل.
قول الله تعالى:
ُ َ َ َ َ َ ُ َ َُۡ
﴿وحمل ُهۥ َوف ِصٰل ُهۥ ثلٰثون ش ۡه ًراۚ﴾
والرضــاع معًــا ،فــا يكــون "حمــل وضــع حــدًا للحمــل ِ
ورضــاع" أكثــر مــن الحــد الــذي حــده اللــه تعالــى فــي اآليــة
الكريمــة محــاً الســتنباط األحــكام أو ألي بحــث شــرعي.
75
ّ
أقل مدة الحمل
في القرآن
فــي المــوروث الفقهــي يُنســب لعلــي بــن أبــي طالــب -رضــي
اللــه تعالــى عنــه -أنــه أول مــن تحــدث بأقــل مــدة الحمــل
مســتدالً علــى ذلــك بآيتيــن مــن كتــاب اللــه وهمــا قولــه تعالــى
ُ َُ ََۡ
اف ١٥ ورة الأحق ِ فــي اآليــة مــن س
ٗ ُ ُ َ َ ٰ َ َٰ َ ۡ ۡ َ ٰ َ َ ۡ
س ًناۖ حمل ۡت ُه أ ُّم ُهۥ ك ۡرها ﴿و َو َّص ۡي َنا ٱل ِإنسن بِول ِديهِ إِح
َ
ون َش ۡه ًراۚ﴾.َ َ َ َ ۡ ُ ُ ۡ ٗ َ َ ۡ ُ ُ َ َ ٰ ُ ُ َ َٰ ُ َ
ووضعته كرهاۖ وحملهۥ وف ِصلهۥ ثلث
الب َق َرة ِ 233
ورةُ َ
وقوله تعالى في اآلية من ُس َ
َۡ َ َ ُ َ َۡ َ ُ
ض ۡع َن أ ۡول ٰ َده َّن َح ۡولي ِن
﴿وٱلوٰل ِدٰت يُ ۡر ِ
َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ُ َّ َّ َ َ َ
كامِلي ِنۖ ل ِمن أراد أن يتِم ٱلرضاعة ۚ﴾
ليصــل مــن الجمــع بيــن اآليتيــن إلــى أن أقــل مــدة الحمــل هــي
ســتة شــهور .وفقـا ً للمنطــق الرياضــي التالي:
ثالثــون شــهرا ً هــي مــدة الحمــل والرضــاع معـا ً كمــا جــاء في
َ ُ ََُ َ َ َ َُۡ ُ َُ ََۡ
﴿وحمل ُهۥ َوف ِصٰل ُهۥ ثلٰثون ش ۡه ًراۚ﴾، اف ١٥
ورة الأحق ِس
وأربعة وعشرون شهرا ً هي مدة الرضاع الكاملة كما جاء في
َ ۡ َ ٰ َ ٰ ُ ُ ۡ ۡ َ َ ۡ َ ٰ َ ُ َّ َ ۡ َ ۡ َ َ ۡ ُ َُ ََ
ضعن أولدهن حولين كامِلي ِنۖ البق َرة ِ ﴿ 233وٱلول ِدت ير ِ سورة
َ ۡ َ َ َ َ ُ َّ َّ َ َ َ
ٱلرضاعة ۚ﴾ ل ِمن أراد أن يتِم
76
ُ
ُ َُ ۡ َ َ
ان ١٤ ويعضدها اآلية من سورة لقم
َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ ُّ ُ َ ۡ ً َ َ َ ۡ َ َ ٰ ُُ
﴿ووصينا ٱل ِإنسن بِوٰل ِديهِ حملته أمهۥ وهنا عل ٰى وه ٖن وف ِصلهۥ فِي
ُ َ َ َ ۡ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َّ ۡ
عامي ِن أ ِن ٱشكر لِي ول ِوٰل ِديك إِلي ٱلم ِصير﴾
فلــزم مــن ذلــك أن أقــل مــدة الحمــل ســتة أشــهر ،وذلــك
بطــرح مــدة الرضــاع الكاملــة ( 24شــهراً) مــن مــدة الحمــل
والرضاعــة معـا ً ( 30شــهراً) وفقـا ً للمعادلــة البســيطة التاليــة:
6 = 24 – 30
77
ً
الزوج ليس ملزما
بعالج زوجه
هنــاك إجمــاع واتفــاق بيــن المذاهــب
األربعــة وغيرهــم كلهــم نصــوا على أن
(الــزوج ليــس ملزم ـا ً بعــاج زوجــه)،
وذلــك ألن المــرض متعلــق ببدنهــا،
وهــذا أمــر يتعلــق بذاتهــا وليــس لــه
صلــة بالحيــاة الزوجيــة ،صحيــح أنــه
ال يمكنــه أن يســتمتع بهــا إال إذا شــفيت،
هــذا شــيء ال يعنينــا مثلمــا لــو اســتأجر
أجيــرا ً لعمــل ومــرض األجيــر ،فليــس
مــن حقــه أن يطالــب...
78
فتاوى ابن باز و ابن عثيمين حول هذا الموضوع:
24أكتوبر · 2014
الجواب:
"الــدواء للــزوج علــى زوجتــه علــى المذهــب ال تجــب ،ألنهــا
أمــر طــارئ خــارج عــن النفقــة .والصحيــح فــي هــذا أن ٌ
نتبــع العــرف :إن جــرت العــادة أن الــزوج يــداوي زوجتــه
وجــب عليــه ،وإن لــم تجــر العــادة فــي ذلــك لــم يجــب ،وأظــن
العــرف عندنــا يختلــف ،النفقــات الباهظــة -مثـاَ -لــو تحتــاج
إلــى عمليــة فــي الخــارج ال تلــزم الــزوج ،والشــيء اليســير
يلــزم الــزوج ،والميــزان عنــدك اجعلــه دائمــا ً بيــن يديــك،
وهــو قــول اللــه تبــارك وتعالــى:
ۡ ۡ ُ َ َ
اش ُروه َّن بِٱل َمع ُر ِ ۚ
ُ َُ ّ
الن ِ َسا ِء 19 وف﴾ سورة ﴿وع ِ
وقــول الرســول صلــى اللــه عليــه وســلم« :ولهــن عليكــم
رزقهــن وكســوتهن بالمعــروف» فاتبعــوا العــرف فــي هــذا".
المصدر :سلسلة لقاءات الباب المفتوح ()184
79
فهــذا حقهــا فــي النفقــة عند التشــاح ،وإال فاألصل أن يعاشــرها
بالمعــروف ،ويطعمهــا معــه ،ويكرمهــا ،ويتبيــن مــن ذلــك أنــه
لــو أعطاهــا حقهــا مــن الطعــام ،وأكل هــو مــا هــو أرفــع منــه
أنــه ال إثــم عليــه -مــع كــون هــذا يتنافــى مــع المــروءة -وال
يلزمــه أن يُجيبهــا فــي كل مــا تطلبــه ،بــل الواجــب أن يُعطيهــا
حقهــا ،وكذلــك يعطيهــا مــن الحلــوى المعروفــة لمثلهــا قــال
اجبَــة المــاوردي" َونَفَقَــة َّ
الز ْو َجــة إِذا مكنــت مــن نَفســ َها َو ِ
ســاره وإعســاره ،فَــإِذا َكانَ ُمو ِس ً
ــرا علــى َّ
الــز ْوج ِب َحســب ي َ
فمــدان مــن غَالــب َمــا يقتاتــه أَهلــه مــن ْال ُحبُــوب َومــن ْالدم
عــا َدة الموســرين مــن اللَّ ْحــم والحلــوى".َمــا جــرت بِـ ِه َ
81
المودة والرحمة في
القرآن والعدل
ُ ۡ ََۡ ٗ َّ ۡ ُ
ك ُن ٓوا ْ إل َ ۡيهاَ َ ۡ َ َٰ ٓ َ ۡ َ َ َ َ ُ ّ ۡ َ ُ
ِ ٰ
﴿ومِن ءايتِهِۦ أن خلق لكم مِن أنفسِكم أزوجا ل ِتس
َ ٰ َ َ ٰ ّ َ ۡ َ َ َ َّ ُ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َّ َ َّ ٗ َ َ ۡ َ ً َّ
ت ل ِقو ٖم يتفكرون﴾ وجعل بينكم مودة ورحمة ۚ إِن فِي ذل ِك ٓأَلي ٖ
الر ِوم 21ورةُ ُّ
ُس َ
ٞ َ
ِلر َجا ِل َعل ۡي ِه َّن َد َر َجة ۗ
وف َول ّ ُ
ر ﴿ول َ ُه َّن م ِۡث ُل ٱلَّذِي َعلَ ۡيه َّن بٱل ۡ َم ۡ
ع َ
ِ ۚ ِ ِ ِ
يز َحك ٌ
ِيم﴾ ٱلل َعز ٌ َو َّ ُ
ُ َ ُ َ ََ
سورة البقرة ِ 228 ِ
82
أكل البشر حسب
المذاهب األربعة
هنــاك كتــب موثقــة فــي المرجعيــات الدينيــة التراثيــة
والمعاصــرة الحديثــة تــدرس فــي بعــض المــدارس والمعاهــد
الدينيــة المعتبــرة ،أهمهــا:
83
اإلســامي لــدى الفقهــاء والعلمــاء فــي مذهــب اإلمــام األعظــم
أبــي حنيفــة كان وال زال منهـاً عذبـا ً لطــاب العلــم ينهلــون
منــه الفقــه باألحــكام الشــرعية فــي المعاهــد والكليــات ودور
العلــم.
85
وإنمــا حــرم قتــل الصبــي الحربــي ،والمــرأة الحربيــة فــي
غيــر الضــرورة لحرمتهمــا .ولــه قتــل الزانــي المحصــن
والمحــارب وتــارك الصــاة ومــن لــه عليــه قصــاص حتــى
وإن لــم يــأذن اإلمــام فــي القتــل ألن قتلهــم مســتحق ،وإنمــا
يكــون إذنــه تأدب ـا ً معــه ،وفــي الضــرورة ليــس فيهــا رعايــة
أدب».
86
أين ذلك من قوله تعالى:
َ َّ ٰٓ َ ٓ َ ۡ َ ُ ُ َ َ َ ُ ُ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ۡ َ ّ َ
نت ُموه ۡم اب حتى إِذا أثخ ٱلرق ِ ﴿فإِذا ْلقِۡيتم ٱلذِين كفروا فضرب ِ
َ َ ۡ َ َ ٓ اق فَإ َّما َم َّنۢا َب ۡع ُد َو َّ
ََ َ َ ُ
ِإما ف َِدا ًء َح َّت ٰى تض َع ٱلحَ ۡر ُب أ ۡو َز َارها ۚ ِ فش ُّدوا ٱلوث
ّ ۡ َُْ َ ۡ َ ُ َ ۡ َ َذٰل َِك َول َ ۡو ي َ َشا ٓ ُء َّ ُ َ َ َ ۡ
كن ل َِيبلوا بعضكم بِبع ٖ ۗ
ض ٱلل لٱنتص َر مِن ُه ۡم َول ٰ َ ِ ۖ
َ ۡ
ضل أع َمٰل ُه ۡم﴾
َّ ُ َ َ
يل ٱللِ فلن ي ِ
َّ
ب
ْ ُ ُ
ِين قتِلوا في َ
س َوٱلَّذ َ
ُ َ ُ ُ ََّ
سورة محم ٍد 4 ِ ِ ِ
87
اختالفات المفسرين
هنــاك ظاهــرة تثيــر الحيــرة ،وهــي ظاهــرة عامــة وشــاملة
لكتــب التفاســير ،أعنــي بهــا اختالفــات المفســرين لكتــاب
اللــه ،وهــي لضخامتهــا أثقلــت التــراث بأحمــال واحتمــاالت
جــاوزت التصــور .لقــد اختلفــوا علــى كل أمــر ،ســواء فــي
القصــص القرآنــي أو األحــكام العمليــة أوالعقيــدة أو معانــي
األلفــاظ أو فــي القــراءات وفــي غيــر ذلــك الكثيــر.
88
إن مــا يلفــت النظــر أن االختــاف فــي التفســير يعــود إلــى أيام
الصحابــة والتابعيــن مــن بعدهــم ،ومن ثــم تتالــت االختالفات.
89
آية واحدة تعكس
المدى التي بلغته
االختالفات
َ ََ َ َ َّ ُ ْ َ َ ۡ ُ ْ َّ َ ُ َ َ ُ ۡ
ك ُسل ۡي َم ٰ َنۖ َو َما كف َر ُسل ۡي َم ٰ ُن ﴿وٱت َبعوا ما تتلوا ٱلشيٰ ِطين عل ٰى مل ِ
ّ ۡ َ ََٓ ُ َ ََ ٱلن َ ون َّ َ َ ٰ َّ َّ َ ٰ َ َ َ ُ ْ ُ َ ّ ُ َ
نزل على ِ أ ا مو ر ِحٱلس اس كن ٱلشي ِطين كفروا يعل ِم ول ِ
ۡ َ َ َ َّ َ ُ َ ٓ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ٰ ُ َ َ َ ٰ ُ َ َ َ ُ َ َّ
ان مِن أح ٍد حت ٰى يقولا ٱلملكي ِن بِبابِل هروت ومروتۚ وما يعل ِم ِ
َّ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ ُ ّ َ ُ َ َ ُ ۡ َ ُ َّ َ َ َ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ ٞ
إِنما نحن ف ِتنة فلا تكفر ۖ فيتعلمون مِنهما ما يف ِرقون بِهِۦ
َّ َ
َّ ۡ
ين بِهِۦ م ِۡن أ َح ٍد إِلا بِإِذ ِن ٱللِۚ َبي ۡ َن ٱل ۡ َم ۡر ِء َو َز ۡوجهِۦ َو َما ُهم ب َضا ٓ ّر َ
ِ ِ ِ ۚ
َ ۡ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ َّ َ
َو َي َت َعل ُمون َما يَض ُّره ۡم َولا يَنف ُع ُه ۡ ۚم َولق ۡد َعل ُِموا ل َم ِن ٱشت َرى ٰ ُه َما
َ ۡ َ َٰ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ْ ٓ َ ُ َ ُ ۡ َ ۡ َ ُ ْ َ
ق ول ِبئس ما شروا بِهِۦ أنفسه ۚم لو كانوا ل ُهۥ فِي ٱٓأۡلخِرة ِ مِن خل ٖ ۚ
ََُۡ َ
الب َق َرة ِ 102
ورةُ َ
ون﴾ ُس َ يعلم
لقد اختلف المفسرون في تفسير هذه اآلية اختالفا عجيبًا.
اختلفــوا فــي مرجــع ضميــر قولــه :اتبعــوا ،أهــم اليهــود الذيــن
كانــوا فــي عهــد ســليمان ،أو الذيــن فــي عهــد رســول اللــه؟
واختلفــوا فــي قولــه ،تتلــوا ،هــل هــو بمعنــى تتبــع الشــياطين،
أو بمعنــى تكــذب؟
90
واختلفــوا فــي قولــه ،الشــياطين ،فقيــل هــم شــياطين الجــن
وقيــل شــياطين اإلنــس وقيــل همــا معــا.
91
واختلفــوا فــي قولــه ،ببابــل ،فقيــل هــي بابــل العــراق وقيــل
بابــل نهاونــد ،وقيــل ،مــن نصيبيــن إلــى رأس العيــن.
92
قول للفخر الرازي
قولــه تعالــى (واتبعــوا) حكايــة عمــن تقـدّم ذكــره وهــم اليهود،
ثــم فيه أقــوال:
أحدهــا :أنهــم اليهــود الذيــن كانــوا فــي زمــان محمــد عليــه
الصــاة والســام ،وثانيهــا :أنهــم الذيــن تقدمــوا مــن اليهــود،
وثالثهــا :أنهــم الذيــن كانــوا فــي زمــن ســليمان عليــه الســام
مــن الســحرة ألن أكثــر اليهــود ينكــرون نبــوة ســليمان عليــه
الســام ويعدونــه مــن جملــة الملــوك فــي الدنيــا ،فالذيــن كانــوا
منهــم فــي زمانــه ال يمتنــع أن يعتقــدوا فيــه أنــه إنمــا وجــد
ذلــك الملــك العظيــم بســبب الســحر ،ورابعهــا :أنــه يتنــاول
الــكل وهــذا أولــى ألنــه ليــس صــرف اللفــظ إلــى البعــض
أولــى مــن صرفــه إلــى غيــره ،إذ ال دليــل علــى التخصيــص.
قــال الســدي لمــا جاءهــم محمــد عليــه الصــاة والســام
عارضــوه بالتــوراة فخاصمــوه بهــا فاتفقــت التــوراة والقــرآن
فنبــذوا التــوراة وأخــذوا بكتــاب آصــف وســحر هــاروت
ومــاروت فلــم يوافــق القــرآن ،فهــذا قولــه تعالــى:
ٱللِ ُم َص ّد ِٞق ل ّ َِما َم َع ُه ۡم َن َب َذ فَر ٞ
يق
َّ
د
ِ ِن
ع ِن
َ َ َّ َ ٓ َ ُ ۡ َ ُ ٞ
ول ّم ۡ ﴿ولما جاءهم رس
ِ
ۡ ُ ّ َ َّ َ ُ ُ ْ ۡ َ ٰ َ َ ٰ َ َّ َ َ َ ُ
ٓ
مِن ٱلذِين أوتوا ٱلكِتب كِتب ٱللِ وراء ظهورِهِم﴾
الب َق َرة ِ 101
ورةُ َ
ُس َ
93
قول للطبري
"والصــواب مــن القــول فــي تأويــل قولــه( :واتبعــوا مــا
تتلــوا الشــياطين علــى ملــك ســليمان) ،أن ذلــك توبيــخ مــن
اللــه ألحبــار اليهــود الذيــن أدركــوا رســول اللــه صلــى اللــه
عليــه وســلم ،فجحــدوا نبوتــه ،وهــم يعلمــون أنــه للــه رســول
مرســل ،وتأنيــب منــه لهــم فــي رفضهــم تنزيلــه ،وهجرهــم
العمــل بــه ،وهــو فــي أيديهــم يعلمونــه ويعرفــون أنــه كتــاب
اللــه ،واتباعهــم واتبــاع أوائلهــم وأســافهم مــا تلتــه الشــياطين
فــي عهــد ســليمان .وقــد بينــا وجــه جــواز إضافــة أفعــال
أســافهم إليهــم فيمــا مضــى ،فأغنــى ذلــك عــن إعادتــه فــي
هــذا الموضــع.
94
وإنمــا اخترنــا هــذا التأويــل ،ألن المتبــع مــا تلتــه الشــياطين،
فــي عهــد ســليمان وبعــده إلــى أن بعــث اللــه نبيــه بالحــق،
وأمــر الســحر لــم يــزل فــي اليهــود .وال داللــة فــي اآليــة أن
اللــه تعالــى أراد بقولــه( :واتبعــوا) بعضــا منهــم دون بعــض.
إ ْذ كان جائــزا فصيحــا فــي كالم العــرب إضافــة مــا وصفنــا-
مــن اتبــاع أســاف المخبــر عنهــم بقولــه( :واتبعــوا مــا تتلــوا
الشــياطين) إلــى أخالفهــم بعدهــم ،ولــم يكــن بخصــوص ذلــك
عــن رســول اللــه صلــى اللــه عليــه وســلم أثــر منقــول ،وال
حجــة تــدل عليــه .فــكان الواجــب مــن القــول فــي ذلــك أن
يقــال :كل متبــع مــا تلتــه الشــياطين علــى عهــد ســليمان مــن
اليهــود ،داخــل فــي معنــى اآليــة ،علــى النحــو الــذي قلنــا".
95
اختالف المفسرين
أسبابه وآثاره:
إن أهــم أســباب وقــوع الخــاف بيــن المفســرين قدي ًمــا
وحديثًــا يتمثــل فــي :أوال :القــراءات المتواتــرة للقــرآن
الكريــم ،واختــاف مقاييــس قبــول القــراءة عنــد كل مفســر،
واعتمــاد بعــض المفســرين علــى قــراءة متواتــرة تخالــف
أغلــب مــا اعتمــد عليــه المفســرين وهــي روايــة حفــص .ثانــي
هــذه األســباب :المباحــث البيانيــة واللغويــة والنحويــة ،ومــدى
مطالعــة كل مفســر وتمكنــه مــن مفــردات اللغــة وتراكيبهــا
المتعــددة وأثــر هــذا التبايــن فــي فهــم مفــردات اللغــة ،وأثــر
البيئــة اللغويــة المحيطــة بالمفســر فــي اختــاف التفســير.
ثالــث هــذه األســباب هــو :دعــاوى النســخ واالختــاف فــي
الناســخ والمنســوخ ،وعــدم تمكــن بعــض المفســرين مــن
معرفــة زمــن النــزول أو ســببه والــذي يعــد المبحــث الرئيــس
فــي معرفــة الناســخ والمنســوخ مــن آي القــرآن .رابــع هــذه
األســباب العامــة عنــد المفســرين والداعيــة إلــى اختالفهــم فــي
تفاســيرهم هــو :موقــف المفســرين مــن القضايــا العقليــة وفهــم
هــؤالء المفســرين للمحكــم والمتشــابه مــن آي القــرآن الكريــم.
96
أما األسباب الخاصة الختالف المفسرين فأهمها:
97
علم رباني أم إسرائيليات
كانت متداولة؟
في تفسير قوله تعالى:
َ َ ٗ َ ُْٓ َۡ ٞ َ ۡ َ َ َ ُّ َ ۡ َ َ ٰٓ َ ّ
ۡرض خل ِيفة ۖ قالوا لئِكةِ إِنِي َجاعِل فِي ٱلأ ِ ﴿وِإذ قال ربك ل ِلم
َ
ٱلد َِما ٓ َء َون ۡح ُن ن ُ َس ّب ُح بحَ ۡمدِكَ
ك ّ َ ََُۡ َ َ ُۡ ُ َ ََ ۡ ُ
ِ ِ أتجعل فِيها من يفسِد فِيها ويسفِ
َ َُ ّ ُ َ َ َ َ ّٓ َ ۡ َ ُ َ َ َ ۡ َ ُ َ
الب َق َرة ِ 30
ورةُ َ ون﴾ ُس َ ونقدِس لك ۖ قال إِنِي أعلم ما لا تعلم
98
عند ابن كثير:
"يخبــر تعالــى بامتنانــه علــى بنــي آدم ،بتنويهــه بذكرهــم فــي
المــأ األعلــى قبــل إيجادهــم ،فقــال تعالــى( :وإذ قــال ربــك
للمالئكــة) أي :واذكــر يــا محمــد إذ قــال ربــك للمالئكــة،
واقصــص علــى قومــك ذلــك .وحكــى ابــن جريــر عــن بعــض
أهــل العربيــة [ وهــو أبــو عبيــدة ] أنــه زعــم أن " إذ " هاهنــا
زائــدة ،وأن تقديــر الــكالم :وقــال ربــك .ورده ابــن جريــر.
َ ٌۡ َ َ ََ
ورةُ َم ۡر َي َم 59 ُس َ وقال ﴿فخلف ِم ۢن َب ۡع ِده ِۡم خلف﴾
99
[ وقــرئ فــي الشــاذ " :إنــي جاعــل فــي األرض خليقــة " حكاه
الزمخشــري وغيــره ونقلهــا القرطبــي عــن زيــد بــن علــي ].
وليــس المــراد هاهنــا بالخليفــة آدم -عليــه الســام -فقــط،
كمــا يقولــه طائفــة مــن المفســرين ،وعــزاه القرطبــي إلــى ابــن
مســعود وابــن عبــاس وجميــع أهــل التأويــل ،وفــي ذلــك نظر،
بــل الخــاف فــي ذلــك كثيــر ،حــكاه فخــر الديــن الــرازي فــي
تفســيره وغيــره ،والظاهــر أنــه لــم يــرد آدم عينــا إذ لــو كان
كذلــك لمــا حســن قــول المالئكــة :أتجعــل فيهــا مــن يفســد فيهــا
ويســفك الدمــاء) فإنهــم إنمــا أرادوا أن مــن هــذا الجنــس مــن
يفعــل ذلــك ،وكأنهــم علمــوا ذلــك بعلــم خــاص ،أو بمــا فهمــوه
مــن الطبيعــة البشــرية فإنــه أخبرهــم أنــه يخلــق هــذا الصنــف
مــن صلصــال مــن حمــإ مســنون [ أو فهمــوا مــن الخليفــة أنــه
الــذي يفصــل بيــن النــاس فيمــا يقــع بينهــم مــن المظالــم ،ويــرد
عنهــم المحــارم والمآثــم ،قالــه القرطبــي ] أو أنهــم قاســوهم
علــى مــن ســبق ،كمــا ســنذكر أقــوال المفســرين فــي ذلــك.
100
وقــول المالئكــة هــذا ليــس علــى وجــه االعتــراض علــى اللــه،
وال علــى وجــه الحســد لبنــي آدم ،كمــا قــد يتوهمــه بعــض
المفســرين [وقــد وصفهــم اللــه تعالــى بأنهــم ال يســبقونه
بالقــول ،أي :ال يســألونه شــيئا لــم يــأذن لهــم فيــه وهاهنــا لمــا
أعلمهــم بأنــه ســيخلق فــي األرض خلقــا .قــال قتــادة :وقــد
تقــدم إليهــم أنهــم يفســدون فيهــا فقالــوا :أتجعــل فيهــا اآليــة]
وإنمــا هــو ســؤال اســتعالم واستكشــاف عــن الحكمــة فــي
ذلــك ،يقولــون :يــا ربنــا ،مــا الحكمــة فــي خلــق هــؤالء مــع أن
منهــم مــن يفســد فــي األرض ويســفك الدمــاء ،فــإن كان المراد
عبادتــك ،فنحــن نســبح بحمــدك ونقــدس لــك ،أي :نصلــي لــك
كمــا ســيأتي ،أي :وال يصــدر منــا شــيء مــن ذلــك ،وهــا
وقــع االقتصــار علينــا؟ قــال اللــه تعالــى مجيبــا لهــم عــن هــذا
الســؤال( :إنــي أعلــم مــا ال تعلمــون) أي :إنــي أعلــم مــن
المصلحــة الراجحــة فــي خلــق هــذا الصنــف علــى المفاســد
التــي ذكرتموهــا مــا ال تعلمــون أنتــم ،فإنــي ســأجعل فيهــم
األنبيــاء ،وأرســل فيهــم الرســل ،ويوجــد فيهــم الصديقــون
والشــهداء ،والصالحــون والعبــاد ،والزهــاد واألوليــاء،
واألبــرار والمقربــون ،والعلمــاء العاملــون والخاشــعون،
والمحبــون لــه تبــارك وتعالــى المتبعــون رســله ،صلــوات
اللــه وســامه عليهــم ".
101
بذل الجهد في
االختالف في لون البقرة
َ ُ َ َ َّ ُ ُ َ ّ َّ َ ُ ْ ۡ ُ َ
في قوله تعالى ﴿قالوا ٱدع ل َنا َر َّبك يُبَيِن ل َنا َما ل ۡون َها ۚ قال إِن ُهۥ َيقول
ٱلنٰ ِظر ََّ َ َ َ َ َّ ُّ ُ َ َ ُ ۡ َّ ٞ َ ُ ٓ َ ۡ َ ٞ
الب َق َرة ِ 69
ورةُ َ
ين﴾ ُس َ
ِ إِنها بقرة صفراء فاق ِع لونها تسر
عنــد الطبــري :واختلــف أهــل التأويــل فــي معنــى قولــه:
(صفــراء) .فقــال بعضهــم :معنــى ذلك ســوداء شــديدة الســواد.
102
ذكر من قال ذلك:
حدثنــي يونــس قــال ،أخبرنــا ابــن وهــب قــال ،قــال ابــن زيــد:
هــي صفــراء.
103
قــال أبــو جعفــر :وأحســب أن الــذي قــال فــي قولــه :صفــراء،
يعنــي بــه ســوداء ،ذهــب إلــى قولــه فــي نعــت اإلبــل الســود
" هــذه إبــل صفــر ،وهــذه ناقــة صفــراء " يعنــي بهــا ســوداء.
وإنمــا قيــل ذلــك فــي اإلبــل ألن ســوادها يضــرب إلــى
الصفــرة ،ومنــه قــول الشــاعر:
يعنــي بقولــه " :هــن صفــر " هــن ســود وذلــك إن وصفــت
اإلبــل بــه ،فليــس ممــا توصــف بــه البقــر .مــع أن العــرب ال
تصــف الســواد بالفقــوع ،وإنمــا تصــف الســواد -إذا وصفتــه-
بالشــدة بالحلوكــة ونحوهــا ،فتقــول " :هــو أســود حالــك
وحانــك و ُحلكــوك ،وأســود ِغربيــب و َدجوجــي" -وال تقــول:
هــو أســود فاقــع .وإنمــا تقــول " :هــو أصفــر فاقــع " .فوصفــه
إيــاه بالفقــوع ،مــن الدليــل البيــن علــى خــاف التأويــل الــذي
تــأول قولــه :إنهــا بقــرة صفــراء فاقــع المتــأول ،بــأن معنــاه
ســوداء شــديدة الســواد.
القول في تأويل قوله تعالى :فَاقِ ٌع لَ ْونُ َها
قــال أبــو جعفــر :يعنــي خالــص لونهــا .و " الفقــوع " فــي
الصفــر ،نظيــر النصــوع فــي البيــاض ،وهــو شــدته وصفــاؤه،
كمــا:
104
-حدثنــا الحســن بــن يحيــى قــال ،أخبرنــا عبــد الــرزاق قــال،
أخبرنــا معمــر قــال ،قــال قتــادة( :فاقــع لونهــا) هــي الصافــي
لونهــا.
ُ -حدثــت عــن عمــار قــال ،حدثنــا ابــن أبــي جعفــر ،عــن أبيــه،
عــن الربيــع بمثله.
-حدثنــي يونــس قــال ،أخبرنــا ابــن وهــب قــال ،قــال ابــن زيــد
فــي قولــه (فاقــع لونهــا) ،قــال :شــديدة صفرتها.
105
أجمل وأرقى اآليات
جرى تشويــهها
في قوله تعالى:
َّ ُ ْ َ ُ َ َ ُ َۡ َ َ َ ُ َ
﴿وم ِۡن َءايٰتِه ِٓۦ أن خل َق لكم ّم ِۡن أنفسِك ۡم أ ۡز َو ٰ ٗجا ل ِت ۡسك ُن ٓوا إِل ۡي َها َ
َ َّ َ َٰ َ َ ٰ ّ َ َ َ َ َ َ ۡ َ ُ َّ َ َّ ٗ َ َ ۡ َ ً َّ
ت ل ِق ۡو ٖم َي َتفك ُرون﴾ وجعل بينكم مودة ورحمة ۚ إِن فِي ذل ِك ٓأَلي ٖ
الر ِوم 21 ورةُ ُّ
ُس َ
"لمــا بيــن اللــه خلــق اإلنســان ،بيّــن أنــه لمــا خلقــه ،ولــم يكــن
مــن األشــياء التــي تبقــى وتــدوم ســنين متطاولــة أبقــى نوعــه
باألشــخاص وجعلــه بحيــث يتوالــد ،فــإذا مــات األب يقــوم
االبــن مقامــه لئــا يوجــب فقــد الواحــد ثلمــة فــي العمــارة ال
تنســد ،وفــي اآليــة مســائل:
106
المســألة األولــى :قولــه :خلــق لكــم (دليــل علــى أن النســاء
خلقــن كخلــق الــدواب والنبــات وغيــر ذلــك مــن المنافــع ،كمــا
َۡ َ َ َ ُ
َ ُ َُ ََ
قــال تعالــى﴿ :خل َق لكم َّما فِي ٱلأ ِ
ۡرض﴾ سورة البقرة ِ 29
وهــذا يقتضــي أن ال تكــون مخلوقــة للعبادة والتكليــف ،فنقول:
خلــق النســاء مــن النعــم علينــا وخلقهــن لنــا وتكليفهــن إلتمــام
النعمــة علينــا ال لتوجيــه التكليــف نحوهــن مثــل توجيهــه إلينــا
وذلــك مــن حيــث النقــل والحكــم والمعنــى ،أمــا النقــل فهــذا
وغيــره ،وأمــا الحكــم فــأن المــرأة لــم تكلــف بتكاليــف كثيــرة
كمــا كلــف الرجــل بهــا ،وأمــا المعنــى فــأن المــرأة ضعيفــة
الخلــق ســخيفة فشــابهت الصبــي ،لكــن الصبــي لــم يكلــف
فــكان يناســب أن ال تؤهــل المــرأة للتكليــف ،لكــن النعمــة
علينــا مــا كانــت تتــم إال بتكليفهــن لتخــاف كل واحــدة منهــن
العــذاب فتنقــاد للــزوج وتمتنــع عــن المحــرم ،ولــوال ذلــك
لظهــر الفســاد".
سؤال
أهكــذا يكــون التدبــر فــي كتــاب
اللــه تعالــى وهــو المعجــز فصاحــة
وبالغــة وحســن بيــان ...أم علــى
قلــوب أقفالهــا؟ وهــل فهــم القــرآن
يتطلــب هــذه األطنــان مــن المصنفــات
والخالفــات واالختالفــات؟!
107
ترتيب السور واآليات
بحسب الروايات:
فــي المســند والســنن أن ابــن عبــاس قــال :قلــت لعثمــان بــن
عفــان مــا حملكــم أن عمدتــم إلــى بــراءة وهي مــن المئين وإلى
األنفــال ،وهــي مــن المثانــي فجعلتموهمــا فــي الســبع الطــوال،
ولــم تكتبــوا بينهمــا ســطر :بســم اللــه الرحمــن الرحيــم؟ قــال
109
ـزل عليــهعثمــان :كان النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم لمــا تنـ ّ
اآليــات ،يدعــو بعــض مــن كان يكتــب لــه ،ويقــول لــه ضــع
هــذه اآليــة فــي الســورة التــي يذكــر فيهــا كــذا وكــذا ،وتنــزل
عليــه اآليــة واآليتــان ،فيقــول مثــل ذلــك ،وكانــت األنفــال مــن
أول مــا أنــزل عليــه بالمدينــة ،وكانــت بــراءة مــن آخــر مــا
نــزل مــن القــرآن ،وكانــت قصتهــا شــبيهة بقصتهــا ،فظننــت
أنهــا منهــا ،فمــن هنــاك وضعتهــا فــي الســبع الطــوال ،ولــم
أكتــب بينهمــا ســطر ،بســم اللــه الرحمــن الرحيــم.
فــآل الخــاف بيــن الفريقيــن إلــى أنــه هــل كان ذلــك بتوقيــف
قولــي أو بمجــرد إســنا ٍد فعلــي بحيــث يبقــى لهــم فيــه مجــال
للنظــر؟
وقــد مــال ابــن عطيــة إلــى قــول ثالــث :هــو أن الكثيــر مــن
الســور علــم ترتيبــه فــي حيــاة النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم،
كالســبع الطــوال والحواميــم والمفصــل.
وأن مــا ســوى ذلــك يمكــن أن يكــون فــوض األمــر فيــه لألمــة
بعده.
111
يالحظ من هذا النص األمور التالية:
وأن مــا ســوى ذلــك يمكــن أن يكــون فــوض األمــر فيــه لألمــة
بعده.
112
أمثلة من
القرآن الكريم
إننــا بعرضنــا لألمثلــة التاليــة نصــف واقــع النــص القرآنــي
كمــا هــو فــي القــرآن ،مــن حيــث ترتيــب بعــض اآليــات أو
اختالفــات اإلمــاء باإلضافــة إلــى إشــكاليات مراعــاة قواعــد
أن ذلــك النحــو العربــي فــي بعضهــا ،آخذيــن بعيــن االعتبــار ّ
مــا كان ال بحســب النــزول ،وال بأمــر مــن الرســول صلــى
وأن لجنــة التأليــف والنســاخ -كمــا ذُ ِكــر
اللــه عليــه وآلــهّ ،
أعــاه -هــي التــي تصرفــت فــي هــذا الترتيــب وهــذا اإلمالء.
ثــم إن بعــض المفســرين أشــاروا إليهــا.
113
من حيث الترتيب
هنــاك آيــات نزلــت فــي خبــر ،ثــم انقطعــت قبــل تمامهــا،
عطــف بعــد ذلــك علــى الخبــر وجــاءت آيــات أخــرى ،ثــم ُ
ُ َُ َ َ
ورة العنك ُب ِ
وت: األول ،كقولــه فــي س
114
ۡ ُ ُ ْ َّ َ َّ ُ َ ُ َ َّ ُ َ ۡ َٰ َ ۡ َ َ َ
ٱلل َوٱتقوهُ ۖ ذٰل ِك ۡم خ ۡير ٞلك ۡم ِيم إِذ قال ل ِق ۡو ِمهِ ٱعبدوا وِإبره
ُُۡ َ َ َّ َ َ ُ َّ َ َ ۡ ُ ُ َ ُ ُۡ ََُۡ َ
ون ٱللِ أ ۡوث ٰ ٗنا َوتخلقون إِن كنتم تعلمون ١٦إِنما تعبدون مِن د ِ
ٗ ُ َ َ ُ َّ َ ُ ۡ ً َّ َّ َ َ ۡ ُ ُ َ
ون ٱللِ لا َي ۡمل ِكون لك ۡم رِ ۡزقا ِ د ِن م ون إِفكا ۚ إِن ٱلذِين تعبد
َ ۡ ُ ْ َ َ ُ َ ۡ َ ُ ْ َ َّ ّ َ ۡ
ٱلر ۡزق َوٱع ُب ُدوهُ َوٱشك ُروا ل ُه ۖ ٓۥ إِل ۡيهِ ت ۡر َج ُعون ١٧ فٱبتغوا عِند ٱللِ ِ
َّ َ ُ َ ّ ُ ْ َ َ ۡ َ َّ َ َ ُ ۡ َ ّ ٞ ُ
ٱلر ُسو ِل إِلا ِك ۡمۖ َو َما عَلَى َّ وِإن تكذِبوا فقد كذب أمم مِن قبل
َّ ٱلل ٱلخَ ۡل َق ُث َّم يُع ُ ۡ ُ َ َ َ ۡ َ َ ۡ ْ َ ۡ َ ُ ۡ ُ َّ ٱل ۡ َب َل ٰ ُغ ٱل ۡ ُمب ُ
يدهُ ۚ ٓۥ إِن ِ ِئ د ب ي ف ي ك ا و ر ي م ل و أ ١٨ ين ِ
َ ُ ْ ََۡ َََ َۡ ْ ٱللِ يَسِير ١٩ ٞقُ ۡل س ُ َ ٰ َ َ َ َّ
ۡرض فٱنظ ُروا كيف بدأ ِيروا فِي ٱلأ ِ ذل ِك على
ٱلل عَل َ ٰى ُك ّل َ ۡ ٍء قَد ٞ ٱلن ۡشأةَ ٱٓأۡلخ َِرةَ ۚ إ َّن َّ َ َ ۡ َ ۡ َ ُ َّ َّ ُ ُ ُ َّ
ِير ِ ِ ٱلخلق ۚ ثم ٱلل ينشِ ئ
َ َ ٓ َُ َ ٓ َ ُۡ َ َ َ ٓ ُ ٢٠ي َع ّذ ُ
ِب َمن يَشا ُء َو َي ۡر َح ُم َمن يَشا ُء ۖ َوِإل ۡيهِ تقل ُبون ٢١وما أنتم
َّ َّ َ ٓ ِ َ َ َ ُ ّ ُ ََ َۡ
ون ٱللِ مِن د ِنم م ك ل ا م و ء ا م ٱلس ي ف ا ل و ۡرض ِ أ ين فِي ٱل ب ُم ۡعجز َ
ِ ۖ ِ ِ ِ ِ
َ َ ُ ٓ َ َّ َ ْ َ َ ََ َّ َ ّ ََ َ
ت ٱللِ َول ِقائِه ِٓۦ أ ْو ٰٓلئِك ِين كف ُروا أَـِبي ٰ ِ ير ٢٢وٱلذ ول ِ ٖي ولا ن ٖ
صِ
ان َج َو َ ََ َ َ َ ك ل َ ُه ۡم َع َذ ٌ َّ ۡ َ َ ْ َ ٰٓ َ ُ ْ
اب ِيم ٢٣فما ك اب أل ٞ يَئ ِ ُسوا مِن رحمتِي وأول ِئ
َّ َّ َ ُ َ ۡ ٓ َّ ٓ َ َ ُ ْ ۡ ُ ُ ُ َ ۡ َ ّ ُ ُ َ َ َ ٰ ُ َّ
قو ِمهِۦ إِلا أن قالوا ٱقتلوه أو ح ِرقوه فأنجىه ٱلل مِن ٱلنارِۚ إِن فِي
َ ۡ َٰ َ َ ٰ ّ َ
ت ل ِق ۡو ٖم يُؤم ُِنون ٢٤ ذل ِك ٓأَلي ٖ
115
ُ ُ َ ۡ َ َ ُۡ
﴿وِإذ قال لق َم ٰ ُن ل ِٱبۡنِهِۦ َوه َو يَعِظ ُهۥ ُ َ ُۡ َ
ورةُ لق َمان ومثل ذلك في س
ٱلش ۡر َك لَ ُظ ۡل ٌم َع ِظ ٞ
َّ َّ ّ َ ٰ ُ َ َّ َ ُ ۡ ۡ
يم﴾١٣ ِ ن يبني لا تش ِر ِ ۖ ِ
إ ِ ٱلل ب ك
(هنا انقطع الخبر)
َ َ َّ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ ُ ُّ ُ َ ۡ ً َ َ َ ۡ َ َ ٰ ُُ
﴿ووصينا ٱل ِإنسن بِوٰل ِديهِ حملته أمهۥ وهنا عل ٰى وه ٖن وف ِصلهۥ فِي
ج ٰ َه َداكَ ﴿وِإن َ ير﴾َ ١٤ ك إل َ َّي ٱل ۡ َم ِص ُ
َ َٰ َ ۡ َ ۡ َ َۡ َ ۡ ُ
عامي ِن أ ِن ٱشكر لِي ول ِول ِدي ِ
ك بهِۦ ع ِۡل ٞم فَلَا تُ ِط ۡع ُه َماۖ َو َصاح ِۡب ُهماَ َ َۡ َ َ َ َ َ َ ٰٓ َ ُ ۡ
على أن تش ِرك بِي ما ليس ل ِ
َ
ُ
ج ُعك ۡم ُّ ۡ َ َ ۡ ُ ٗ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ َ َ َ ُ َّ َ َ ۡ
فِي ٱلدنيا معروفاۖ وٱتبِع سبِيل من أناب إِل َّي ۚ ثم إِل َّي مر ِ
ََُّ ُ ُ َ ُ ُ َ ُ َ
نت ۡم ت ۡع َملون﴾١٥ فأنبِئكم بِما ك
(هنا اتصل الخبر)
َۡ ۡ َ َ َ ُ َّ ٓ َ ُ ۡ َ َ َ
﴿ي ٰ ُب َن َّي إِن َها إِن تك مِثقال َح َّبةٖ ّم ِۡن خ ۡرد ٖل ف َتكن فِي َصخ َر ٍة أو
َ َّ ُ َّ َّ َ َ ٌ َ َۡ َۡ ۡ َّ َ َ َ
ٞ
ت بِها ٱللۚ إِن ٱلل ل ِطيف خبِير ١٦ ۡرض يأ ِ ت أو فِي ٱلأ ِ فِي ٱلسمٰو ٰ ِ
َ َۡ َ ُۡ َ َ ۡ ۡ ََ َٓ ۡ ۡ َّ َ َ ۡ َ َ
وف وٱنه ع ِن ٱلمنك ِر وٱصبِر عل ٰى ما ٱلصل ٰوة َوأ ُم ۡر بِٱل َمع ُر ِ ي ٰ ُب َن َّي أق ِ ِم
ُۡ َ َّ َ َ َ
أ َصابَك ۖ إِن ذٰل ِك م ِۡن َع ۡز ِم ٱلأ ُمورِ﴾١٧
116
ُ َُ ُ َ
ورة الف ۡرق ِانآخر :الخبر في س مثال
ُ َُ َ َُ
وجوابه في سورة العنكب ِ
وت
117
شبهات التقديم
والتأخير
َ ُ َ ٞ َ َ َ ََ
﴿أف َمن كان عَل ٰى بَ ّي ِ َن ٖة ّمِن َّر ّبِهِۦ َو َي ۡتلوهُ شاهِد ّم ِۡن ُه َومِن ق ۡبلِهِۦ
حمَ ًة ۚ ﴾ ُس َ
ورةُ ُهو ٍد ١٧
َٰ ُ ُ َ ٰ َ ٗ َ َ ۡ
كِتب موسـى إِماما ور
َ َ َ َ َ َ َ ٰ َ ّ َ ّ َّ ّ َ َ ۡ ُ ُ َ ً َ ۡ َ َ ٗ َ ُ ۡ ّ ٞ
﴿أفمن كان على بيِنةٖ مِن ربِهِۦ ويتلوه شاهِد مِنه إِماما ورحمة ۚ
ـى﴾ وس ٰٓ ب ُم ََومِن َق ۡبلِهِۦ ك َِتٰ ُ
ٱلرٰكِع َ ٱر َكعي َم َع َّ ٱق ُنتي ل َِر ّب َ ۡ ُ ۡ َ
ين﴾ ِ َ ۡ
ك وٱسجدِي و ِ ﴿ي ٰ َم ۡر َي ُم ِ ِ ِ
جدِي ٱس ُ ٱر َكعي َو ۡ ُس َور ُة ٓال ع ۡم َر َان ۡ 43
ِ ِ ِ
َّ ۡ ُ ْ َ َ ۡ َ َ َ َّ َ َ ٰ َ َ َ َ ۡ َّ ٞ
خع نف َسك عل ٰٓى َءاث ٰ ِره ِۡم إِن ل ۡم يُؤمِنوا بِهٰذا ٱلحَد ِ
ِيث ﴿فلعلك ب ِ
ۡ ُ َُ َ ََ ً
أسفا﴾ سورة الكه ِف ٦
سفًا ِإ ْن لَ ْم يُؤْ ِمنُوا بِ َه َذا ْال َحدِيثِ. علَى آَث َ ِ
ار ِه ْم أ َ فَلَعَلَّ َك بَ ِ
اخ ٌع نَ ْف َ
س َك َ
118
شبهات (خطأ النساخ)
الرسم اإلمالئي
المخالف للرسم العثماني
اإلمالئي
روي أن عثمــان بعــد مراجعــة أول نســخة مــن القــرآن قــال:
إننــي أرى أخطــاء لغويــة فيــه ،وإن العــرب ســوف يقرؤونــه
بالطريقــة الصحيحــة ألنــه نــزل علــى لســانهم .ثــم قيــل بعــد
ذلــك إن ابــن الخطيــب الــذي ذكــر لنــا الروايــة الســابقة فــي
كتابــه " الفرقــان " ذكــر روايــة أخــرى عــن عائشــة ،أن
واحــدة مــن زوجــات النبــي صلــى اللــه عليــه وســلم قالــت:
إن هنــاك ثالثــة أخطــأ لغويــة فــي ) القــرآن ،فــي مثــل قولــه
تعالــى( :قالــوا إن هــذان لســاحران يريــدان أن يخرجاكــم مــن
أرضهمــا( )......هــذان) اســم إن فالوجــوب نصبــه باليــاء
ألنــه مثنــى .وقولــه تعالــى( :إن الذيــن آمنــوا والذيــن هــادوا
والصابئــون والنصــارى مــن آمــن باللــه واليــوم واآلخــر
وعمــل صالحــا فــا خــوف عليهــم وال هــم يحزنــون) وفــي
قولــه والمقيميــن الصــاة والمؤتــون الــزكاة والمؤمنــون
باللــه واليــوم اآلخــر أولئــك ســنؤتيهم أجــرا) تعالــى( :لكــن
الراســخون فــي العلــم منهــم والمؤمنــون يؤمنــون بمــا أنــزل
إليــك ومــا أنــزل مــن قبلــك
119
الصابئــون اســم إن والقاعــدة باليــاء الصابئيــن آلنــه جمــع
مذكــر ســالم ومثلــه الراســخون اســم (لكــن) ومثلــه المؤتــون
ألنــه معطــوف علــى منصــوب وكــذا المؤمنــون.
120
مــن بعــده المتلقــون لوحيــه مــن كتــاب اللــه وكالمــه .كمــا
يقتفــى لهــذا العهــد خــط ولــي أو عالــم ،تبــر ًكا ،ويتبــع رســمه
خطــا ً أو صوابًــا .وأيــن نســبة ذلــك مــن الصحابــة فيمــا
كتبــوه؟ فاتبــع ذلــك وأثبــت رســ ًما ونبّــه العلمــاء بالرســم
علــى مواضعــه .وال تلتفتــن فــي ذلــك إلــى مــا يزعمــه بعــض
المغفليــن مــن أنهــم كانــوا (الصحابــة) محكميــن لصناعــة
الخــط وأن مــا يتخيــل مــن مخالفــة خطوطهــم ألصــول الرســم
ليــس كمــا يتخيــل بــل لــكل منهــا وجــه .يقولــون فــي مثــل
ۡ َّ ُ َ ُ ۡ ٓ ُ َّ ََْۡ ََ
ــل 21 َّ
حن ـهُۥٓ ســورة النم ِ زيــادة األلــف فــي ﴿لأاذبحنــهۥ﴾ ل أذبَ َ
َ
إنــه تنبيــه علــى الذبــح لــم يقــع وفــي زيــادة اليــاء فــي ِبأ َ ۡيــد
ُ َ ُ َّ ْ ۡ َ
ات 47 َ
﴿بِأييد﴾ سورة الذارِي ِ
121
إنــه تنبيــه علــى كمــال القــدرة الربانيــة وأمثــال ذلــك ممــا ال
أصــل لــه إال التحكــم المحــض .ومــا حملهــم علــى ذلــك إال
اعتقادهــم أن فــي ذلــك تنزي ًهــا للصحابــة عــن توهــم النقــص
فــي قلــة إجــادة الخــط .وحســبوا أن الخــط كمــال فنزهوهــم
عــن نقصــه ونســبوا إليهــم الكمــال بإجادتــه وطلبــوا تعليــل مــا
خالــف اإلجــادة مــن رســمه وذلــك ليــس بصحيــح .واعلــم أن
الخــط ليــس بكمــال فــي حقهــم إذ الخــط مــن جملــة الصنائــع
المدنيــة المعاشــية كمــا رأيتــه فيمــا مــر .والكمــال فــي الصنائع
إضافــي وليــس بكمــال مطلــق إذ ال يعــود نقصــه علــى الــذات
فــي الديــن وال فــي الخــال وإنمــا يعــود علــى أســباب المعــاش
وبحســب العمــران والتعــاون عليــه ألجــل داللتــه علــى مــا
فــي النفــوس"( .انظــر كتــاب تاريــخ ابــن خلــدون ،الجــزء
األول ،ص .)419
122
ونجد الذي ينتقده ابن خلدون عند مؤلفين معاصرين.
فهــذا الزرقانــي (ت1948 .م ).يقــول فــي كتابــه «مناهــل
العرفــان فــي علــوم القــرآن»:
123
إشكاالت (خطأ النساخ)
في النحو
ٱلن َص ٰ َر ٰ َّ َّ َ َ َ ُ ْ َ َّ َ َ ُ ْ َ َّ ٰ ُ َ
ى َم ۡن َء َام َن ون َو َّ﴿إِن ٱلذِين ءامنوا وٱلذِين هادوا وٱلصبِـٔ
َ ُ َ ََ َ ٌ َ َ ۡ َّ
بِٱللِ َوٱل َي ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر َو َع ِمل صٰل ِٗحا فلا خ ۡوف َعل ۡي ِه ۡم َولا ه ۡم
ورةُ َ ََُۡ َ
المائـ َدة ِ 69
ِ ون﴾ ُس َ يحزن
للنحــاة والمفســرين فــي هــذه اآليــة عــدة آراء ،ســنعرضها
كمــا يلــي:
األول :مــا قالــه جمهــور نحــاة البصــرة ،الخليــل وســيبويه
إن " الصابئــون " مرفــوع علــى أنــه وأتباعهمــا ،قالــواّ :
"مبتــدأ" وخبــره محــذوف يــد ّل عليــه خبــر مــا قبلــه ّ
"إن الذيــن
آمنــوا" قالــوا :والنيــة فيــه التأخيــر ،أي تأخيــر "والصابئــون"
إلــى مــا بعــد "والنصــارى" .وتقديــر النظــم والمعنــى عندهــم:
"إن الذيــن آمنــوا والذيــن هــادوا والنصــارى مــن آمــن منهــم
باللــه واليــوم اآلخــر فــا خــوف عليهــم وال هــم يحزنــون
والصابئــون كذلــك".
124
فقــد حــذف الخبــر مــن المبتــدأ األول ،وتقديــره "راضــون"
لداللــة الثانــي عليــه "راض".
وقول اآلخر:
وقول الشاعر:
اســتمروا فــي
ّ الشــاعر يصــف الفريقيــن أنهــم "بغــاة " ْ
إن
الشــقاق ،والتقديــر:
125
"إن" المحــذوف ونظــم اآليــةالثانــي دليـ ًـا علــى خبــر اســم ّ
التــي كانــت منشــأ الشــبهة عندهــم ال يخــرج عــن هــذه
األســاليب الفصيحــة ،التــي عرفناهــا فــي األبيــات الشــعرية
الثالثــة ،وهــي لشــعراء فصحــاء يستشــهد بكالمهــم.
وعليــه كمــا كان فــي المذهــب األول فــا خطــأ فــي اآليــة كمــا
زعــم خصــوم القــرآن.
127
وقــد ألمــح اإلمــام الشــوكاني إلــى إضافــة جديــدة خالــف بهــا
كل مــن الخليــل وســيبويه والزمخشــري ،ألن هــؤالء جعلــوا ً
"الصابئــون" مقد ًمــا مــن تأخيــر كمــا تقــدم ،أمــا هــو فجعلــه
ـارا فــي موضعــه غيــر مقــدم مــن تأخيــر بدليــل قولــه:قـ ًّ
" والصابئــون والنصــارى كذلــك" وهــذه إضافــة حســنة
ومقبولــة .وعليــه يمكــن َج ْعــل "النصــارى" مرفوعــة عطف ـا ً
علــى "الصابئــون" وال حاجــة إلــى جعلهــا منصوبــة عطفًــا
علــى "إن الذيــن آمنــوا" ،والواقــع أن هــذا المذهــب علــى
جملتــه الــذي ذهــب إليــه جمهــور علمــاء البصــرة ،وتابعهــم
فيــه اإلمــام الشــوكاني هــو أقــوى مــا أورده النحــاة فــي توجيــه
رفــع "الصابئــون" فــي هــذه اآليــة الكريمــة .أمــا بقيــة اآلراء،
فهــي دون ذلــك بكثيــر.
128
األربــع:
•الذين آمنوا.
•الذين هادوا
•النصارى.
•الصابئون.
129
ـاص ،واآليــة
إلــى ماضيهــم الــذي كانــوا عليــه مــن كفــر ومعـ ٍ
بــدأت بالذيــن آمنــوا ليســتمروا علــى إيمانهــم الــذي هــم فيــه،
ويلتزمــوا بعمــل الصالحــات واللــه ســيجزيهم خيــر الجــزاء
علــى إيمانهــم المســتمر ،وصالحهــم الدائــم.
ثــم زاد اللــه فــي ترغيــب هــذه الفــرق الثــاث فيمــا عنــده
بــأن يجعــل هــذا الفضــل للصابئيــن الذيــن خرجــوا عــن جميــع
الرســاالت الســماوية ،وإذا كان اللــه يقبــل منهــم إيمانهــم إذا
130
آمنــوا ،ويثيبهــم علــى عمــل الصالحــات .فــإن الذيــن آمنــوا
واليهــود والنصــارى أولــى بالقبــول عنــد اللــه ،إذا آمنــوا
وعملــوا الصالحــات.
131
والخالصة:
إن هذه اآلية: ّ
َّ َّ َ َ َ ُ ْ َ َّ َ َ ُ ْ َ َّ َ ٰ َ ٰ َ َّ
ين َم ۡن َء َام َن
ٱلصٰبـٔ َ
ِِ ﴿إِن ٱلذِين ءامنوا وٱلذِين هادوا وٱلنصرى و
َّ ۡ
ٱللِ َوٱل َي ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر﴾ ُس َور ُة َالب َق َرِة ٦٢ بِ
ي خطــأ نحــوي أو غيــر نحــوي .بــل هــي (تخلــو مــن أ ّ
فــي غايــة الصحــة واإلعجــاز ،وقــد بيّنــا وجــوه صحتهــا،
والمعانــي البيانيــة التــي ألمــح إليهــا رفــع "الصابئــون"
وهــؤالء الذيــن يلحــدون فــي آيــات اللــه ال درايــة لهــم بالنحــو
وال بالصــرف وال بالبالغــة ،وليســوا هــم طــاب حــق ،وال
باحثيــن عنــه ،والــذي ســيطر علــى كل تفكيرهــم هــو البحــث
"عــن العــورات" فــي كتــاب ال عــورات فيــه بــل هــو أنقــى
وأبلــغ وأفصــح وأصــح ،وأصــدق بيــان فــي الكــون كلــه ،وال
يأتوننــا بمثــل إال جئناهــم بالحــق ومــا هــم بســابقين.
132
يقول ابن عاشور:
أن هــذا اللّفــظ كذلــك نــزل، " فم ّمــا يجــب أن يُوقــن بــه ّ
وكذلــك تلقّــاه المســلمون منــه ﷺ وكذلــك نطــق بــه النّبــي
عــرب خلّــص، وقــرؤوه ،و ُكتــب فــي المصاحــف ،وهــم َ
ـرف منــه أســلوبًا مــن أســاليب اســتعمال فــكان لنــا أصـ ًـا نتعـ ّ
ً
اســتعمال غيــر شــائع لكنّــه العــرب فــي العطــف وإن كان
أن مــن الشــائع فــي مــن الفصاحــة واإليجــاز بمــكان ،وذلــك ّ
(إن) وأتــي باســم ّ
إن الــكالم أنّــه إذا أتــي بــكالم مو ّكــد بحــرف ّ
وخبرهــا وأريــد أن يعطفــوا علــى اســمها معطوفًــا هــو غريب
عــا ليدلّــوا
عــن ذلــك الحكــم جــيء بالمعطــوف الغريــب مرفو ً
بذلــك علــى أنّهــم أرادوا عطــف الجمــل ال عطــف المفــردات،
ـرا يقـدّره بحســب ســياق الــكالم ومــن ذلــك فيقـد َّر الســامع خبـ ً
(أن اللــه بــريء مــن المشــركين ورســولُه) التوبــة: قولــه فــي ّ
ـإن براءتــه منهــم فــي حــال كونــه ،3أي ورســوله كذلــك ،فـ ّ
أنمــن ذي نســبهم وصهرهــم أمــر كالغريــب ليظهــر منــه ّ
آصــرة الدّيــن أعظــم مــن جميــع تلــك األواصــر ،وكذلــك هــذا
المعطــوف هنــا ل ّمــا كان الصابــون أبعــد عــن الهــدى مــن
اليهــود والنّصــارى فــي حــال الجاهليــة قبــل مجــيء اإلســام،
ـق لهــمألنّهــم التزمــوا عبــادة الكواكــب ،وكانــوا مــع ذلــك تحـ ّ
النّجــاة إن آمنــوا باللــه واليــوم اآلخــر وعملــوا صال ًحــا ،كان
عــا تنبي ًهــا علــى ذلــك .لكــن كان الجــري
اإلتيــان بلفظهــم مرفو ً
133
عــاعلــى الغالــب يقتضــي أن ال يؤتــى بهــذا المعطــوف مرفو ً
(إن) خبرهــا ،إنَّمــا كان الغالــب فــي كالم إالّ بعــد أن تســتوفي ّ
ـرا، العــرب أن يؤتــى باالســم المقصــود بــه هــذا الحكــم مؤ ّخـ ً
فأ ّمــا تقديمــه كمــا فــي هــذه اآليــة فقــد يتــراءى للنّاظــر أنّــه
ينافــي المقصــد الّــذي ألجلــه خولــف حكــم إعرابــه ،ولكــن هذا
ضــا اســتعمال عزيــز ،وهــو أن يجمــع بين مقتضيــي حالين، أي ً
وهمــا للدّاللــة علــى غرابــة ال ُمخبــر عنــه فــي هــذا الحكــم.
ـإن الصابئيــن والتّنبيــه علــى تعجيــل اإلعــام بهــذا الخبــر فـ ّ
يــكادون ييأســون مــن هــذا الحكــم أو ييــأس منهــم مــن يســمع
أن عفــو الحكــم علــى المســلمين واليهــود .فنبّــه الــك ّل علــى ّ
اللــه عظيــم ال يضيــق عــن شــمولهم ،فهــذا موجــب التّقديــم
الرفــع ،ولــو لــم يقـدّم مــا حصــل ذلــك االعتبــار ،كمــا أنّــه
مــع ّ
(إن) فلــم يكــن عطفــه لــو لــم يرفــع لصــار معطوفـا ً علــى اســم ّ
عطــف جملــة .وقــد جــاء ذكــر الصابيــن فــي ســورة الح ـ ّج
مق ّد ًمــا علــى النّصــارى ومنصوبًــا ،فحصــل هنــاك مقتضــى
حــال واحــدة وهــو المبــادرة بتعجيــل اإلعــام بشــمول فصــل
القضــاء بينهــم وأنّهــم أمــام عــدل اللــه يســاوون غيرهــم .ث ـ ّم
عقّــب ذلــك كلّــه بقولــه :وعمــل صال ًحــا ،وهــو المقصــود
بالـذّات مــن ربــط الســامة مــن الخــوف والحــزن ،بــه ،فهــو
وأول قيــد فــي المذكوريــن كلّهــم مــن المســلمين وغيرهــمّ ،
الرســول واإليمــان بالقــرآن ،ثــم صالحــة تصديــق ّ األعمــال ال ّ
يأتــي امتثــال األوامــر واجتنــاب المنهيــات".
134
وهذا ورد في االستعمال اللغوي عند العرب.
فالمبتــدأ اآلخــر فــي اآليــة و الــذي هــو ليــس اســما لـــ "إن"
هــو الصابئــون ،فـ ّ
ـكأن اآليــة تــو ّد أن تتركــب (أو كان أصــل
تركيبهــا كجملــة) علــى هــذا النحــو:
ّ
إن الذيــن آمنــوا والذيــن هــادوا والنصــارى مــن آمــن منهــم
باللــه واليــوم اآلخــر فــا خــوف عليهــم وال هــم يحزنــون،
والصابئــون كذلــك.
ونالحــظ ّ
أن الجملــة انتهــت بعــد (ال يحزنــون) ثــم بــدأت
بمبتــدأ جديــد وهــو (الصابئــون)
135
وقال اإلمام الشوكاني:
" والصابئــون" مرتفــع علــى االبتــداء (أي مرفــوع ألنــه
مبتــدأ) ،وخبــره محــذوف.
والتقديــرّ :
إن الذيــن آمنــوا والذيــن هــادوا مــن آمــن منهــم
باللــه واليــوم اآلخــر وعمــل صال ًحــا فــا خــوف عليهــم وال
هــم يحزنــون.
(انتهت االقتباسات).
137
أسئلة مشروعة
انتهــى هــذا الجهــد المبــذول -أعــاه -الــذي
الحظنــاه ،والــذي يدخلنــا فــي متاهــات (قالــوا
وقلنــا) ،ثــم إدراجــه تحــت عنــوان اإلعجــاز
القرآنــي!
138
1.1يجــدر أن ال يقــاس كالم اللــه -المعجــز -علــى كالم البشــر
بــل العكــس هــو األجــدر ،أي أن يكــون كالم القــرآن هــو مــا
يقــاس عليــه نحـ ًـوا وصرفًــا وإمــا ًءا ،فصاحـةً وبالغــة ،حتــى
لــو قــال بذلــك كل علمــاء األمــة .يقــول الشــافعي( ،ال يقــاس
إال علــى القــرآن والســنة وهمــا موجــودان ،وإنمــا يؤخــذ العلــم
مــن أعلــى) .وهنــا يحضرنــي كالم لطــه حســين ،وهــو محــق،
يــوم قــال ،كالم العــرب ثــاث – نثــر وشــعر وقــرآن -مميـ ً
ـزا
بذلــك كالم القــرآن عــن غيــره.
َ ُّ َ ٓ ُ َ َّ ُ ُ ۡ َ ُ َ
﴿وٱلشع َراء يتبِعه ُم ٱلغاوۥن﴾ سورة
ُ َ ُ ُّ
الش َع َر ِاء 224
139
ثم لماذا لم يقس على اآلية ذاتها وقد وردت بتمامها في
َّ َّ َ َ َ ُ ْ َ َّ َ َ ُ
ادوا ْ َو َّ
ٱلن َص ٰ َر ٰ
ى الب َق َرة ِ﴿ 62إِن ٱلذِين ءامنوا وٱلذِين ه ورةُ َ ُس َ
ََ َ َ ۡ َّ َ َّ
ين َم ۡن َء َام َن بِٱللِ َوٱل َي ۡو ِم ٱٓأۡلخ ِِر َو َع ِمل صٰل ِٗحا فل ُه ۡم
ٱلصٰبـٔ َ
ِِ و
ُ َۡ ُ َ َ ََ َ ٌ َ
ِند َر ّب ِ ِه ۡم َولا خ ۡوف عل ۡي ِه ۡم َولا ه ۡم يح َزنون﴾ أَ ۡج ُر ُه ۡم ع َ
141
إن هــذه الشــبهات واإلشــكاالت ،دفعــت البعــض إلــى القــول
بمــا يلــي:
جــاء فــي مجلــة األزهــر لشــهر رمضــان ســنة 1950\1370م
مجلــد 22مــا يلــي:
"إن ترتيــب القــرآن فــي وضعــه الحالــي يبلبــل األفــكار،
ويضيــع الفائــدة مــن تنزيــل القــرآن ،ألنــه يخالــف منهــج
التــدرج التشــريعي ،الــذي روعــي فــي النــزول ،ويفســد نظــام
التسلســل الطبيعــي للفكــرة ،ألن القــارىء إذا انتقــل من ســورة
مكيــة إلــى ســورة مدنيــة ،اصطــدم صدمــة عنيفــة ،وانتقــل
بــدون تمهيــد ،إلــى جــو غريــب عــن الجــو الــذي كان فيــه،
وصــار كذلــك ينتقــل مــن درس فــي الحــروف األبجديــة إلــى
درس فــي البالغــة".
142
وبحســب المدرســة اإلخباريــة عنــد الشــيعة التــي تُقصــي
القــرآن عــن المعرفــة الدينيــة ،يقــول مؤســس هــذه المدرســة
محمــد أميــن اإلســترآبادي (المتوفــى عــام )1623فــي هــذا
الخصــوص« :وأن القــرآن فــي األكثــر ورد علــى وجــه
التعميــة بالنســبة إلــى أذهــان الرعيــة ،وكذلــك كثيــر مــن
الســنن النبويــة .وأنــه ال ســبيل لنــا فيمــا ال نعلمــه مــن األحــكام
الشــرعية النظريــة أصليــة كانــت أو فرعيــة إال الروايــات".
(المحــدث الشــيعي األســترابادي -كتــاب الفوائــد المدنيــة
ص).104
143
وفــي الخالصــة ورغــم كل شــيء نقــول ،إن ثبــوت القــرآن
الكريــم قطعــي يقينــي بإجمــاع األمــة كلهــا ،وأن الــذي بيــن
أيدينــا الموجــود بيــن دفتــي المصحــف ،هــو كالم اللــه الموحى
وذهبــت جماعــة مــن أهــل العلــم إلــى أن بــه إلــى النبــي ﷺ
. ﷺ
الترتيــب كان بتوقيــف مــن النبــي
144
ومــن أوحــى للنــاس بصعوبــة فهمــه واللــه تعالــى يقــول:
َ ُ َّ َ
﴿ث َّم إِن َعل ۡي َنا َب َيان ُهۥ﴾ ُس َورة ِالق َي َام ِة ١٩لكافة الناس ،خاصتهم
ُ
145
إشكاالت كتابة
الحديث وتدوينه
روايات بين
الحظر واإلباحة
قــام أبــو بكــر ومــن جــاء بعــده بمنــع ﷺ بعــد رحيــل النبــي
كتابــة الحديــث ،وقــد علّــل ذلــك بـ َّ
ـأن الــرواة بعــد رحيــل النبــي
تحدثــوا بأحاديــث اختلفــوا فيهــا ،وســيكون النــاس بعدهــم ﷺ
أشـ ّد اختالفــا ،لذلــك نهاهــم عــن الحديــث وأوصاهــم بـ َّ
ـأن مــن
يســألهم أن يقولــوا بيننــا وبينكــم القــرآن ،فاســتحلّوا حاللــه
وحرمــوا حرامــه.
ّ
أن عمــر بــن الخطــاب عــزم علــى وذكــرت بعــض المصــادر َّ
جمــع أحاديــث رســول اللــه بعــد أن استشــار مجموعــة مــن
الصحابــة ،ولكــن بعــد مــدة أعــرض عــن ذلــك معلــا ســبب
إعراضــه بأنــه خــاف أن يختلــط القــرآن بالروايــات وأن
يتــرك المســلمون القــرآن النشــغالهم باألحاديــث ،لذلــك نقلــت
المصــادر التاريخيــة َّ
أن عمــر أمــر والتــه باالكتفــاء بالقــرآن
ونهاهــم عــن نقــل الروايــات والعمــل بهــا والترويــج لهــا.
147
أسباب الحظر
ذكــر كل مــن المؤيديــن والمعارضيــن لكتابــة الحديــث أدلّــة
خاصــة بهــم ،فأبــو بكــر وعمــر ومــن تبعهمــا مــن علمــاء أهــل
وذهبــت ﷺ الســنّة اســتدلّوا بروايــات رووهــا عــن النبــي
جماعــة مــن أهــل العلــم إلــى أن الترتيــب كان بتوقيــف مــن
. ﷺ النبــي
قــال" :ال تكتبــوا عنــي شــيئا غيــر ﷺ فقــد رووا َّ
أن النبــي
القــرآن ومــن كتــب شــيئًا فليمحــه".
َّ
إن النهي عن التدوين جاء لجهل بعض الصحابة بالكتابة.
148
إن إنــكار عمــر بــن الخطــاب علــى الصحابــة روايتهــم عــن
رســول اللــه ،بســبب خوفــه مــن أن ينكلــوا عــن األعمــال،
ويتّكلــوا علــى ظاهــر األخبــار ،فخشــي أن يُحمــل حديــث
علــى غيــر وجهــه أو يؤخــذ بظاهــر لفظــه ،وال ُحكــم بخالفــه.
149
نتائج حظر الحديث
ذكــر المحققــون أنــه ترتــب علــى منــع تدويــن الحديــث عــدة
آثــار ســلبيّة ،ومنهــا:
150
انتشار اإلسر ّ
ائيليات
ذكــر العلمــاء أنــه عندمــا قــام ال ُحـ ّكام بعــد رحيــل النبــي ﷺ
بمنــع تدويــن الحديــث قامــوا بالمقابــل بفتــح بــاب األحاديــث
اإلســرائيليّة ،وذلــك بالســماح ألمثــال تميــم الــداري الراهــب
النصرانــي ،وكعــب األحبــار اليهــودي ،أن ينشــروا األحاديــث
صــص عمــر بــن الخطاب اإلســرائيليّة بيــن المســلمين ،وقــد خ ّ
لتميــم الــداري ســاعة فــي كل أســبوع يتحــدث فيهــا قبــل صالة
الجمعــة فــي مســجد الرســول ،وجعلهــا عثمــان بــن عفــان
علــى عهــده ســاعتين فــي يوميــن ،أمــا كعــب أحبــار اليهــود،
فــكان كل مــن عمــر وعثمــان ومعاويــة يســألونه عــن مبــدأ
الخلــق ،وقضايــا المعــاد ،وتفســير القــرآن إلــى غيــر ذلــك.
151
فصل المقال بين
السنة المتيقنة
و(قيل وقال)
ّ
في نقد المسلمات
سـنّة ،ال بُـ ّد مــن التوقــف عنــد
قبــل الخــوض فــي موضــوع ال ّ
بعــض المســلمات ،أو مــا سـ ّمي معلو ًما من الديــن بالضرورة،
والتــي اعتــاد المســلمون أخذهــا مــن أفــواه رجــال الديــن -ثقــة
بهــم وركونًــا إليهــم -أو مــن الدعــاة المنبثيــن كالبقــل فــي
الحقــول ،أو مــن التلمــذة بيــن يــدي الفضائيــات ،علــى امتــداد
التاريــخ الدينــي دون مســاءلة أو تحقيــق ،ودون اعتمــاد منهــج
ـرد فــي البحــث واالســتقصاء ،والمقارنــة العقليــة بيــن مــا متجـ ّ
ـرره الفقهــاء والمح ّدِثــون ،ومــا ينكــره العقــل وتكذبــه مناهــجقـ ّ
البحــث العلمــي الصحيــح.
153
و الخــوض فــي مثــل هــذه اللجــج ال يكــون ذا جــدوى إال إذا
صاحبــه انزيــاح عــن كل ما قيل في هذا الموضوع ،واســتقبال
البحــث بحيــاد عقلــي تــام ،األمــر الــذي يســاعد علــى التخلــص
مــن كل األغــال التــي تقيــد حركــة العقــل -ترغيبًــا وترهيبًــا
سســه القدماء -إلــى ناحيــة التســليم والرضــى والمحابــاة ،لمــا أ ّ
مــن مفاهيــم وأحــكام صــارت -بفعــل اســتحكام العادة وانتشــار
الخمــول واألميــة الدينيــة -إيمانًــا راسـ ًخا ،وضــرورة ال محيد
عنهــا ،ال ســيما أن المفاهيــم اإلشــكالية ليــس لهــا أصــل علمــي
يعتمــد عليــه ،وال قاعــدة عقليــة يُقعّــد عليهــا ،وإنمــا مردهــا
العــام إلــى الوجــدان العــام الــذي يقــدس الشــخص والفكــرة
وغــدت تشــكل منبعــا غزيــرا للســلفيين الذيــن ينطلقــون منهــا
لبنــاء صرحهــم الدينــي واالجتماعــي والسياســي ،وصــارت
فيمــا بعــد رافــدا أساســيا لثقافــة اإلقصــاء والتكفيــر واســتحالل
الدمــاء واألعــراض واألمــوال ،وضمــت مجموعــة رؤى
وتصــورات راديكاليــة لماهيــة الفــرد والمجتمــع والغايــة مــن
خلــق اإلنســان والمصيــر الــذي ينتهــي إليــه.
لقــد أشــاعت هــذه المســلمات فــي المجتمعــات اإلســامية نهــج
األحاديــة الرافضــة لــكل أشــكال التعدديــة العقديــة والفكريــة.
ألجــل ذلــك َو َجــب تبييــن خطلهــا ،وهتــك أســتارها ،مــن أجــل
مجتمــع عقالنــي ،تســوده روح الحريــة والتســامح والتجديــد
"إن الله يبعثالمســتمر ،وذلــك انســجا ًما مــع الحديث النبــويّ ،
لهــذه األمــة علــى رأس كل مائــة ســنة مــن يجــدد لهــا دينهــا".
154
مــر معنــا فــي الفصــل الســابق ،فقــد أســس علمــاء وكمــا ّ
الحديــث عل ًمــا اصطلحــوا علــى تســميته علــم مصطلــح
الحديــث ،وهــو العلــم الــذي يتنــاول األخبــار المنقولــة عــن
وممارســاته الدينيــة وأقوالــه وأفعالــه وتقريراتــه، ﷺ النبــي
وكــذا مــا كان موقوفــا علــى أصحابــه ،وقســموها أقســاما بيــن
صحيــح وحســن يحتــج بــه فــي العقائــد واألحــكام ،أو ضعيــف
يُعملونــه فــي األخالقيــات وفضائــل األعمــال ،أو موضــوع
مكــذوب يطرحونــه ويحــذرون منــه .ووضعــوا لكل قســم منها
كتبًــا ومجاميــع ومســانيد ،كصحيــح البخــاري وســنن الترمذي
ومســند أحمــد وموضوعــات ابــن الجــوزي والصاغانــي...
:ﷺ وعرفــوا الحديــث الصحيــح المرفــوع إلــى النبــي محمــد
بالحديــث المســند الــذي يتصــل إســناده بنقــل العــدل الضابــط
عــن العــدل الضابــط إلــى منتهــاه وال يكــون شــاذا وال معلــا.
(مقدمــة ابــن الصــاح).
ومعلــوم أن سلســلة اإلســناد هــم الــرواة الذيــن رووا الحديــث.
ولقــد وضــع لــه المحدثــون عل ًمــا ســموه "الجــرح والتعديــل"،
أقــل مــا يمكــن أن يوصــف بــه ،أنــه وجداني بحــت ،ومزاجي،
وقريــب مــن حــد الغيبــة والنميمــة ،وتفتيــش قلــوب الــرواة،
وهنــا تكمــن مغالطــات المحدثيــن فــي تجريحهــم وتعديلهــم
للــرواة ،وبالتالــي تصحيــح أو تضعيــف الخبــر اعتمــادا
علــى حكــم فــان مــن النــاس علــى فــان مــن النــاس ،كأن
نقــول أخطــأ الثــوري أو أصــاب ،ووفّــق الحاكــم أو لــم يوفّــق
155
وفــان ثقــة ثبــت ألن ابــن معيــن شــهد لــه بذلــك ،وعــان
كــذاب متــروك ألن يحــي القطــان اتهمــه ...دون اإلرتقــاء
بالبحــث والتفكيــر إلــى نظــرة أعمــق ،إذ أن المنهــج المعتمــد
فــي قبــول الخبــر مــن عدمــه ،ال يختلــف فــي جوهــره عــن
منهــج المؤرخيــن القدمــاء وكتــاب الســير والمالحــم ،ورواة
األســاطير واإلســرائيليات التــي تمتلــئ بالمبالغــات والخرافات
التــي تعـ ّـود أن يقتــات منهــا الوعــاظ والقصاصــون.
إن موقــف الشــك ال يتنــاول صــدق الرواة أوســهوهم وحســب، ّ
ضا ...والســؤال ،كيف الســبيل وإنمــا المحدثيــن والمصنفيــن أي ً
إلــى معرفــة الصحيــح مــن الضعيــف إذا كان المنهــج المتبــع
هــو توثيــق رجــل لرجــل حســب هــواه وقناعاتــه الذاتيــة.
أهكــذا تؤخــذ األحــكام والعقائــد التــي تقضــي فــي مصائــر
النــاس الدنيويــة واألخرويــة؟ّ!
ســو ُل لر ُ كيــف نواجــه اليــوم ،العالــم ،بأحاديــث منســوبة َ
ـاس َحتَّــى ـرتُ أَن أُقا ِت ـ َل النَّـ َ :مثــل حديــث "أ ُ ِمـ ْ ﷺ الرحمــة
ســو ُل اللَّـ ِه ،ويُ ِقي ُمــوايَ ْشـ َهدُوا أَن ال ِإلـهَ ِإالَّ اللَّــه وأ َ َّن ُم َح َّمـدًا َر ُ
ص ُمــوا ِم ِنّــي
ع َـكَ ، ـزكاة َ ،فَ ـإِذا فَعَلــوا ذلـ َ صــاة ََ ،ويُؤْ تُــوا الـ َّ ال َّ
علــى اللَّــه"؟! وحســابُ ُه ْم َ
ـامِ ،اإلسـ ِ ـق ِ ِد َما َء ُهـ ْم وأ َ ْم َوالَهــم ّإل ب َحـ ّ ِ
تحت ِظ ِّل ُرمحي"؟!
َ أو حديث " ُجعل ِر ْزقي
أوحديث "من بدل دينه فاقتلوه"؟!
أوحديث" نُصرت بالرعب مسيرة شهر"؟!
156
أال تشــكل هــذه األحاديــث مخالفــة لقول الله تعالــى في اآليات:
َّ ُ ۡ ُ َۡ َ
ٱلرش ُد م َِن ٱلغ ِّ ۚي ف َمن يَكف ۡر بِٱلطٰغ ِ
وت
ّ َ َّ َ َّ َ ُّ ۡ
ِينۖ قد تبين ٱلد ي ف ﴿ل َ ٓا إ ۡك َراهَ
ِ ِ ِ
ام ل َ َهاۗ َو َّ ُ َ ۡ ۡ
ك بٱل ُع ۡر َوة ِ ٱل ُو ۡث َق ٰى لا ٱنف َص َ َّ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َُۡ
ٱلل ِ ويؤ ِم ۢن بِٱللِ فق ِد ٱستمس ِ
يع َعل ٌ
ِيم﴾ ُس َور ُة َالب َق َرة ٢٥٦ َس ِم ٌ
ِ
ِيعا ۚ أَفَأَنتَ
ۡرض ُكلُّ ُه ۡم َجم ً َۡ
ٓأَلم َن َمن فِي ٱلأ ِ
ك َ َ َ ۡ َ ٓ َ َ ُّ َ
والآية﴿ :ولو شاء رب
س ٩٩ ون َُ َُ ُ ُ ُ ۡ ُ َّ َ َ َّ َ ُ ُ ْ ُ ۡ َ
تك ِره ٱلناس حت ٰى يكونوا مؤ ِمن ِين﴾ سورة ي
ۡ َ ۡ َ َ ۡ ۡ ۡ ُ َ
يل َر ّبِــك بِٱلحِك َمـةِ َوٱل َم ۡوعِظةِ ٱلحَ َســنةِۖ ِ ِ ب ـ ـى َ
س ٰ ـ والآيــة﴿ :ٱدع إِل
َ َ َّ َ َ ۡ
َ َّ ـو أ ۡعلَـ ُ
ـم ب ِ َمــن ضل ـك ُهـ ََ ۡ َ ُ َّ َ َّ َ
جٰدِل ُهــم بِٱلتِــي هِـــي أحســنۚ إِن ربـ و
َ
ـورةُ َّ
الن ۡح ِل ١٢٥ ـن﴾ ُسـ َـم بٱل ۡ ُم ۡه َتدِيـ َ
َُ َ َۡ ُ َ َ
عــن سـبِيلِهِۦ وهــو أعلـ ِ
َ َ ُ ۡ َ َ ۡ ُ َ َ ًّ َ َ َ ۡ َ ّ َ َّ
ـت فظــا ـن ٱللِ ل ِنــت لهــمۖ ولــو كنـ والآيــة﴿ :فبِمــا رحم ـةٖ ِمـ
َ َ َ ُّ ْ َ َ َۡ ۡ
ـب لٱنفضــوا م ِۡن َح ۡول ِك ۖ ﴾
ٓ
ـورةُ ا ِل ع ِۡم َر َان 159
ُسـ َ
غل ِيــظ ٱلقلـ ِ
َ ٓ َۡ ۡ ُ َ ٓ َۡ ۡ ُ َ ۡ َُ
﴿وق ِل ٱلحَ ُّق مِن َّر ّبِك ۡمۖ ف َمن شا َء فل ُيؤمِن َو َمن شا َء فل َيكف ۡر ۚ﴾
ُ َ
ُس َورة الك ۡه ِف ٢٩
157
وبعد،
كيــف يقيــم اللــه ســبحانه ،الحجة علــى الناس بأخبــار وأحاديث
ال تتمتــع بأدنــى مصداقيــة يقينيــة -بمعارضتهــا للنصــوص
القرآنيــة -لمجــرد أن البخــاري أو مســل ًما أو غيرهمــا،
ممــن صنفــوا فــي الحديــث ،وثّقــوا رواة هــذه األحاديــث...؟!
واألنكــى مــن ذلــك أنهــم لــم يُعملــوا مبضــع جرحهــم وتعديلهــم
فــي الصحابــة وتابعيهــم باعتبــار أنهــم منزهــون عــن الكــذب،
ـر بــأن
فالقــرآن لــم ينــص علــى عدالــة أي صحابــي ،بــل أقـ ّ
ال عصمــة ألحــد مــن النــاس مــن غيــر األنبيــاء .ولذلــك
يــروي لنــا القــرآن والســيرة والتاريــخ عــن مخالفــات كثيــرة
للصحابــة ...عــن خالفاتهــم وصراعاتهــم.
158
إن المقــام هنــا ،يســتوجب التوقــف أمــام هــذه األخبــار
والروايــات التــي ازدحمــت بهــا مؤلفــات المســلمين وتأســس
علــى ضوئهــا ديــن بعقائــده وشــعائره وحــدوده وشــرائعه
ومفاهيمــه ويجــدر بنــا فــي هــذا الســياق تحديــدا القــول إن
الســنة القطعيــة المتيقنــة وليــس روايــات (وقــال وقيــل) هــي
مــا يجــب أن تحتــل مــن الديــن مكانتهــا إلــى جانــب القــرآن،
وأن يكــون لهــا الحيــز الواســع فــي مــدار الشــريعة ،العتقادنــا
أنهــا جــاءت مفصلــة وشــارحة ومبينــة لمــا أجملــه القــرآن،
ومعظــم األحــكام الشــرعية ،والطقــوس التعبديــة ،والنظــم
الحكميــة ،والتوجيهــات الروحيــة والوعظيــة.
159
نشأة السنة
إن الفتــرة التــي أمضاهــا الرســول منــذ بــدء دعوتــه حتــى
وفاتــه ،والتــي لــم تتجــاوز الربــع قــرن شــكلت المرحلــة
التعليميــة والتطبيقيــة األســاس للســنة.
160
و مــن هنــا نســتطيع القــول إن الســنة نشــأت مالزمــة للقــرآن
طيلــة أيــام وســنوات الدعــوة التــي بــدأت مــن مكة ثم انتشــرت
فــي أنحــاء جزيــرة العــرب .وقــد هيــأ اللــه كل األســباب لحفــظ
دينــه و ســنة نبيــه المتمثلــة بالشــرح التفصيلــي و البيــان
العملــي التطبيقــي لكتــاب اللــه عــز و جــل ،مترافقــة بتوجيــه
الرســول البعــوث مــن القــراء والحفظــة إلــى حيــث انتشــار
الدعــوة ،ليعلمــوا النــاس كتــاب اللــه ويفقهوهــم فــي الديــن ،و
بالتالــي كيفيــة إقامــة شــعائر اإلســام وأركانــه ،منــذ مــا قبــل
الهجــرة .حيــث كان مصعــب بــن عميــر أول ســفير للرســول
إلــى المدينــة ليفقــه األنصــار ويعلمهــم دينهــم ،ويدعــو النــاس
يء الظــروف ليــوم الهجــرة .واســتمرت إلــى اإلســام ويهــ ّ
هــذه البعــوث إلــى مــا بعــد الهجــرة وحتــى آخــر أيــام الرســول
فقبــل حجــة الــوداع ،بعــث أبــا موســى ومعــاذ بــن جبــل ،إلــى
اليمــن وقبلــه بعــث الرجيــع إلــى هذيــل فــي صفــر مــن الســنة
الرابعــة مــن الهجــرة كمــا أرســل بعثــه إلــى أهــل نجــد حيــث
أ ّمــر عليهــم المنــذر بــن عمــرو ،مــن بنــى ســا ِعدة .وقــد داوم
ـراءالخلفــاء الراشــدون مــن بعــده علــى إرســال الحفــاظ والقـ ّ
لتعليــم القــرآن .ولنــا أن نقـدّر أن هــذه البعــوث حملــت معهــا
مــا كان ميســرا ً مــن كالم اللــه تعالــى ومــن ســنة الرســول
{صلــى اللــه عليــه وســلم} و مــا كان مــن فرائــض وحــدود.
161
سـنَةَ ال ُمتَيَقَ ْنــة قطعيــة الثبــوت عــن رســولنا {صلــى اللــه عليه
ال ُ
وســلم} وأعظــم صفاتهــا اتفاقهــا ،بالضــرورة ،مــع القــرآن
وعــدم تعارضهــا مــع أحكامــه ،ألنهــا فــي أصلهــا مصــدر
لبيــان مجمــل القــرآن ،وبهــا تُشــرع األحــكام وهــي التــي ُ
ع ِم ّل
بهــا منــذ زمــن الرســول واســتمرت األمــة علــى العمــل بهــا
إلــى اليــوم بــا روايــات وال أحاديــث وال (قيــل و قــال) ،وال
يتطــرق إليهــا الشــك أو الظــن ألنهــا تعبديــة للــه وال تتعلــق
بأحــكام فيهــا شــبهة منافــع أو مصالــح للديــن السياســي أو
االجتماعــي .ولــم يقــع الخــاف فيهــا بيــن المســلمين ،وال
علمائهــم ،وبهــا اشــتهر واســتفاض عمل المســلمين إلــى اليوم،
ومــا ســوى ذلــك ممــا جــاء فــي كتــب مــا يســمى الســنن ،أو
الصحــاح أو المســانيد أو المجاميــع ،للروايــات واألحاديــث
ســنة وتبقــى مجرد و(قيــل وقــال ،وســمعت) وروايــات ليســت ُ
أخبــار وآثــار ومرويــات وقــع الخــاف فيهــا للســعي للكمــال
والترغيــب والترهيــب ،وال ترتقــي ألن تشــرع بهــا أحــكام أو
يبنــى عليهــا اعتقــاد.
162
ال شــك أن القــرآن هــو أصــل الديــن ،وأصــل الســنة المتيقنــة
ومناطهــا ،والطعــن فيمــا ســواها مــن روايــات ليــس طعنــا،
ال بالديــن وال بالرســول ،إنمــا هــو طعــن بالــرواة الذيــن هــم
بشــر غيــر معصوميــن عــن االشــتباه أوالنســيان أو الهــوى
أواالنحيــاز إلــى السياســة والســلطان و التعصــب للمذاهــب
وال ِفــرق ،ومــا أكثرهــا ،ناهيــك عــن انقطــاع الصلــة -بحكــم
تقــادم الزمــن -بيــن الرســول ومــن روى عنــه األخبــار
واألحاديــث وانتشــار الوضــع والواضعيــن وصعوبــة التمييــز
بيــن الســقيم والصحيــح بســبب إهمــال تدوينهــا لنحــو قرنيــن
مــن الزمــان.
وبعــد ...فــإن عــرض بعض المســلمات التي اعتاد المســلمون
أخذهــا مــن أفــواه رجــال الديــن علــى امتــداد التاريــخ الدينــي،
دون مســاءلة أو تحقيــق أواســتقصاء ،ودون عقــد المقارنــة
العقليــة بيــن مــا قــرروه ،ثــم بيــن مــا ينكــره عليهــم العقــل
وتأبــاه مناهــج البحــث العلمــي ،أقــول ،يشــكل كل ذلــك منبعًــا
ـرا للســلفيين و راف ـدًا أساس ـيًا لثقافــة اإلقصــاء والتكفيــر
غزيـ ً
واســتحالل الدمــاء واألعــراض واألمــوال.
163
أمثلة على دين الموتى
إن الروايــات واألحاديــث واألقــوال الظنيــة ،المســماة :سـنّة... ّ
والتــي قررنــا أنهــا ُم ْحتَملــة علــى أن الرســول -صلــى اللــه
تعالــى عليــه وســلم -قَالَهــا ،أو أنــه لـ ْم يَقُلهــا ،و اختلفــت أقــوال
العلمــاء فــي قبولهــا وإثبــات الحكــم بنــا ًءا عليهــا أو َردهَــا،
ســنعرضها وفــق التالــي:
164
بســبب هــذه الروايــات واألحاديــث ،تجــد -أحيانًــاّ -
أن للعالــم
الفقيــه أو المحــدث أو المفســر أكثــر مــن رأي وقــول فــي حكــم
المســألة الواحــدة ،بــل حتــى أنــك تجــد عنــد عالــم واحــد أكثــر
مــن روايــة وقــول فــي حكــم شــرعي واحــد ،وهــذا نتيجــة
عــدم صحــة إحــدى الروايــات عنــده ،فيأتــي حكمــه مخالفًــا
لروايــة أخــرى ،ألن عنــده روايــة غيرهــا أصـ ّح منهــا .وعالــم
آخــر يحــاول الجمــع بيــن الروايــات :فيكــون لــه حكــم مخالــف
لظاهــر الروايــات ،وعالــم آخــر يرجــح روايــة علــى روايــة
ويحكــم بإحــدى الروايــات لتقدمهــا مــن حيــث الزمــن وتأخــر
األخــرى ،أو وجــد لــه روايــة أصــح ،أو تغيــر فهمــه للروايــة
والحديــث بســبب تغيــر الزمــان أو المــكان ،كمذهــب الشــافعي
القديــم ،حيــن كان فــي العــراق ومذهبــه الجديــد لمــا رحــل إلى
مصــر .بــل اختلفــت أقــوال وآراء بعــض تالميــذ العلمــاء عــن
أقــوال وآراء شــيوخهم ،بســبب تصحيحهــم لروايــات لَــم يكــن
يــرى شــيوخهم صحتهــا ،كاختيــارات أبــي يوســف ،ومحمــد
بــن الحســن الشــيباني ،وكــذا اختيــارات ابــن تيميــة وابــن القيم
وغيرهمــا ،مــن أتبــاع مذهــب ابــن حنبــل ،وهكــذا هــي الحــال
فــي كل المذاهــب .فاالختالفــات كثيــرة وكبيــرة ،و ال تــكاد
تخلــو منهــا مســألة مــن المســائل.
165
روايات متأرجحة
مــن يأخــذ بروايــة أســماء يــرى جــواز كشــف الوجــه
والكفيــن ،ومــن يأخــذ بروايــة عائشــة يــرى حرمــة كشــف
الوجــه ،فمــن جمــع يفــرق بيــن الســفر واإلقامــة ،ومــن رجــح
بالزمــن لتأخــر روايــة عائشــة وتقــدم روايــة أســماء .حتــى
فــي اإلحــرام ،ومــن رجــح روايــة أســماء فــي أن هــذا كالم
الرســول صلــى اللــه تعالــى عليــه وســلم ،لهــا ،أهمــل روايــة
عائشــة واعتبــر هــذا فعــل منهــا .وذهــب ُك ُّل صاحــب رأي
لتأييــد رأيــه بروايــات أخــرى ظنيــة مثلهــا كلها ،قيــل ،وروى،
وســمعت .بينمــا الثابــت يقينًــا وقطعًــا كالم اللــه تعالــى ،الــذي
ليــس فيــه تحريــم لكشــف الوجــه والكفيــن.
166
وكــذا مثــال ســجود الســهو فــي الصــاة مــن ســهى وجــب
عليــه ســجود الســهو ،ألنــه تواتــر عنــه صلــى اللــه تعالــى
عليــه وســلم ذلــك ،فيســجد مــن ســهى قبــل أو بعــد الســام،
لكــن بســبب الروايــات ِقيّــل :قبــل الســام ،وقيّــل :بعد الســام،
وقِّيــل :الســهو بنقــص قبــل الســام ،وقيّــل :الســهو بزيــادة بعــد
الســام ،وقيِّــل :الســهو بنقــص قبــل الســام ،وقيِّــل :للجمع بين
الروايــات واألحاديــث للنقــص والشــك بالنقــص قبــل الســام،
وللزيــادة والشــك بالزيــادة بعــد الســام ،إذًا المتواتــر وجــوب
ســجود الســهو ،لــو ســجد الســاهي فــي الصــاة قبــل أو بعــد
الســام جــاز لــه ،ألنــه أخــذ بالوجــوب .وهكــذا ...دوامــة ال
تنتهــي مــن الروايــات واألحاديــث واألقــوال المســماة س ـنّة.
ولــم تتفــق األمــة أو غالبيتهــا علــى ثبوتهــا عــن رســول اللــه،
بــل اختلفــت األقــوال باختــاف الروايــات واألحاديــث.
167
اآلثار المحبطة
لروايات الموتى
لقــد تمــادى محبّــو اتبــاع األمــوات وعيــش الحاضــر بعقليــة
الماضــي وأســطورة فضــل الماضــي علــى الحاضــر و
المســتقبل ،وفضــل المــوت علــى الحيــاة رغــم أن رواياتهــم
تقــول إن المـــتأخرين هــم أحبــاب رســول اللــه صلــى الله عليه
وســلم والمتقدميــن أخــوة رســول اللــه ،وإن عمــل الواحــد مــن
المتأخريــن يفــوق عمــل خمســين مــن الصحابــة رضــوان اللــه
عليهــم.
168
وبلــغ التعصــب لمذاهــب األئمــة إلــى حــدود منــع الخــروج
عــن أقوالهــم وتأصيالتهــم المدونــة فــي كتبهم وكتــب أتباعهم،
وأطلقــوا تلــك الدعــوة (غلــق بــاب االجتهــاد) حتــى يقطعــوا
الطريــق أمــام مــن يجتهــد فــي فهــم النصــوص ،ويســتنبط
أحكا ًمــا تخالــف مــا قالــه األئمــة الســابقون ،وآراء وأفهــام
مشــايخهم.
أقصــد فــي ذلــك أحــكام التفريــق بيــن الــزوج والزوجــة -مثـ ًـا
-لعــدم الكفــاءة فــي النســب ،أو التشــدد فــي تطبيــق حــق
الخلــع للمــرأة ،وغيــر ذلــك الكثيــر كترويــج روايــات التحريــم
والتفســيق المتناقضــة باللعــن للنســاء إن هــن تزيــن ألزواجهن
– النامصــة والمتنمصــة والواشــمة – ولعــن المالئكــة لهــن
إن هــن رفضــن الجمــاع مــع أزواجهــن ،مــع احتمــال طلــب
الســجود للــزوج إذا ســمح بــه الــزوج.
169
مــع أن الواجــب هــو النظــر والتدبــر لفهــم كالم اللــه تعالــى
بحســب مــا فتــح علــى النــاس مــن فتــوح علميــة وتقنيــات
ووســائل اتصــال ،حيــث لــم يبــق مفهــوم التصويــر علــى مــا
هــو عليــه ،ولــم يبــق تشــبه الرجــال بالنســاء والنســاء بالرجــال
علــى مــا هــو عليــه ،وال الموســيقى والغنــاء علــى مــا همــا
عليــه وبمفاهيــم الزمــن األول أو القــرون األولــى ،مــع العلــم
أنــه ال يوجــد نــص مقطــوع بــه مــن كالم اللــه وال مــن
رســوله علــى تحريــم مــا حرمــه األولــون وال أتباعهــم مــن
محبــي ومريــدي منهــج األمــوات ،لذلــك اختلفــوا فــي حرمــة
التصويــر ،والموســيقى ،وإســبال الثيــاب لمــا دون الكعبيــن،
وحرمــة حلــق اللحــى ،والقــزع ،وكشــف المــرأة وجههــا.
170
فَ ـ ُكل تحريــم أو حكــم مــن األحــكام مختلــف فيــه ،وكــذا كل
ترغيــب أو ترهيــب ،أو دعــوى خالفــة أو ثنــاء علــى بلــد كـــ
(الشــام واليمــن) ،أوعلــى حاكــم كـــ (فاتــح القســطنطينية) ،أو
علــى عــرق كـــ (العــرب والفــرس) ،أو علــى قبيلة كـ (ســليم)،
أو فئــة مــن النــاس ،أو طائفــة ،أو تفضيــل زمــن علــى زمــن،
أو بشــر علــى بشــر ،أو كفــاءة فــي النــكاح لغيــر الديــن ،أو
تمييــز ،أو امتيــاز ألهــل ســلطة وســلطان كـــ (األئمــة مــن
قريــش) ،أو كإقالــة الوجهــاء وأصحــاب الســلطة ،عثراتهــم
أو روايــات عــن الخالفــة ،وأمثــال ذلــك مــن الروايــات
واألحاديــث التــي لــم يســمعها إال فــرد أو أفــراد مــن النــاس،
ليســت مــن الســنة فــي شــيئ – وال يبنــى عليهــا حكــم.
171
روايات التطرف
والكراهية وأثرها على
اإلسالم والمسلمين
هنــاك روايــات وأحاديــث وأقــوال يترتــب عليهــا حكــم أو حــد
مــن حــدود اللــه تعالــى لــم تصــل للجميــع ،أو علــى أقــل تقديــر
لَــم يســمح بتدوينهــا وتناقلهــا ،إِ ْذ كيــف يكــون هنــاك حكــم
وشــرع مــن اللــه تعالــى ولــم يســمع بــه إال فــرد أو فــردان
أو حتــى أفــراد مــن المســلمين ،ث ُـ ّم ت ُـ َدون بعــد قرنيــن تقريبًــا
مــن وفــاة صاحبهــا – صلــى اللــه تعالــى عليــه وســلم – وهــذا
يســري علــى ُكل الروايــات واألحاديــث الســمعية الظنيــة التــي
ال تفيــد العلــم ،بــل تبقــى فــي بــاب االحتمــال والشــك ،وال يبنى
الديــن وال تشــريع األحــكام علــى ظــن وشــك واحتمــال ،وال
علــى أنــه (قِيّــل أو لــم يُقَــل) ،بــل إن الروايــات واألحاديــث
ـرف فــي النفــوس. تكــون أحيانًــا ســببًا فــي بــذر التشـدّد والتطـ ّ
صـ َـا ِة ـروا أ َ ْو َل َد ُك ـ ْم ِبال َّ تكفــي اإلشــارة هنــا ،إلــى روايــة ( ُمـ ُ
علَ ْي َهــاَ ،و ُهــ ْم أ َ ْبنَــا ُء
ســبْعِ ِســنِينَ َ ،واض ِْربُو ُهــ ْم َ َو ُهــ ْم أ َ ْبنَــا ُء َ
اجــعِ) ،وقــد تبــث فــي النفــوس ض ِ عــ ْش ٍر َوفَ ِ ّرقُــوا بَ ْينَ ُهـ ْم فِــي ْال َم ََ
172
االزدراء كـــ (تضييــق الطريــق علــى غيــر المســلم ،وعــدم
مبــادءة غيــر المســلم بالتحيــة) حتــى انتقــل هــذا الســلوك
المتشــدد بيــن المســلمين أنفســهم فصــار مــن يدَّعــون أو
يحســبون أنفســهم (مطاوعــة وملتزميــن) ال يبــدؤون بتحيــة
غيــر الملتــزم بالديــن حســب المظاهــر والشــكليات بمــا
تمليــه عليهــم أفهامهــم وأفكارهــم ،ونســوا كالم اللــه تعالــى:
َّ َ ۡ ُ ۡ ُ َ ۡ َ َّ ْ ُ َّ َ ۡ ُ ۡ َ َ َ َ ۡ َ ْ ُ ۡ َ َ ٞ
ٱللَ ﴿إِنما ٱلمؤمِنون إِخوة فأصل ِحوا بين أخويك ۚم وٱتقوا
ُ َ َ َّ ُ ۡ ُ ۡ َ ُ َ
ون﴾ ُس َ ُ
ورة الحُج َر ِ
ات ١٠ لعلكم ترحم
صلــوا بموجــب هــذه الروايــات واألحاديث لــروح الكراهية وأ ّ
تجــاه اآلخــر فقالــواّ :
إن األصــل فــي عالقــة الــدول تقــوم علــى
الحرب ال الســلم.
173
وهــذه الروايــات واألحاديــث واألقاويــل هــي ديــن المصالــح،
وديــن السياســة والســلطة والحكــم ،وديــن أهــل المذاهــب
والطوائــف ،وتجــار الديــن فــي تاريخنــا ،وقــد تفاقــم أمرهــا
فــي زماننــا وأصبحــت أكثــر تشــظيًا ،وتشــعبت إلــى ســلفية،
وإخوانيــة ،وجاميــة ،وســرورية ،وتطــورت الصوفيــة
إلــى حقانيــة وبقانيــة ،والتشــيع إلــى إيرانــي وعربــي،
وفيالــق وحــراس ،والتشــيع العربــي إلــى صــدري وأحــزاب
للمعارضــة ،تجــرأت علــى اســم اللــه -جــل وعــا – فتســمت
بحــزب اللــه ،وأنصــار اللــه ،وك ٌّل اصطنــع لنهجــه روايــات
وأحاديــث وأقــوال :كروايــات (تركــت فيكــم كتــاب اللــه
وســنتي) ،وروايــة (تركــت فيكــم كتــاب اللــه وعترتــي أهــل
بيتــي) ،وروايــة( :عليكــم بكتــاب اللــه وســنتي وســنة الخلفــاء
الراشــدين المهدييــن مــن بعــدي) ،وغيرهــا الكثيــر.
174
ك ٌل يدعــي الوصــل والوصــال ،وأنــه صاحــب الســنة والعترة،
بينمــا المتواتــر والمتفــق عليــه -سـنّة وشــيعة وطوائــف -بيــن
أيديهــم ،كتــاب اللــه ليــس إال...
وكل أهــل مذهــب وطائفــة بــات ينتظــر َمه ِديّــه ليقتــل بــه
اآلخريــن ،ألهــل الســنة مهــدي ينتظرونــه ،وألهــل التشــيع
مهــدي ينتظرونــه ،وكذلــك لــكل دجــال يتعــوذون منــه.
والغريــب أن الروايــات فــي ذلــك كلــه ،مؤصــل وجودهــا فــي
اإلســرائيليات.
175
أمــا مــا سـ ّمي (سـنّة) مــن روايــات وأحاديــث ظنيــة الثبــوت،
فأكثــر مــا يجــب أن تكــون لالســتئناس بهــا ،وال يبنــى
عليهــا حكــم ،لكــي ال توقــع النــاس فــي الحــرج والتكليــف
بمــا ال يطــاق ،فاإلســام ديــن يســر كمــا فــي اآليــة:
ُ ُ َّ ُ ُ ُ ۡ ُ ۡ َ َ َ ُ ُ ُ ۡ
يد بِك ُم ٱل ُع ۡس َر﴾ ﴿ي ِريد ٱلل بِكم ٱليسر ولا ي ِر
الب َق َرة ِ ١٨٥
ورةُ َ
ُس َ
176
ومــن ذلــك تحريــم التصويــر بشــكل عــام بالروايــات
واألحاديــث ،وأنــه مــن الكبائــر ،كروايــة "إن الذيــن يصنعــون
هــذه الصــور يعذبــون يــوم القيامــة" ،ويقــال لهــم" :أحيــوا
مــا خلقتــم" .وكروايــة "إن أشــ ّد النــاس عذابــا ً يــوم القيامــة
المحرمون
ّ المصـ ّـورون" وغيرهــا مــن الروايــات ،ث ُ َّم اضطــر
لتخفيــف التحريــم بالتفريــق بيــن ذوات األرواح وغيرهــا،
وبيــن التصويــر الفوتوغرافــي وغيــره ،وبيــن التصويــر
لمــا هــو ضــرورة كالوثائــق الرســمية مــن بطاقــات الهويــة
وجــوازات الســفر ،وصــور الحــكام علــى العمــات ،ومــا ال
ضــرورة فيــه ...وهكــذا ،كل تحريــم يُبنــى علــى روايــات
وأحاديــث ظنيــة ،ينتــج عنــه ســوء ظــن ،وطعــن بعلــم اللــه
تعالــى و يوقــع فــي الحــرج والتكليــف بمــا ال يطــاق ،وهــذا
مــا ال يمكــن أن يقــع فــي ديــن اللــه وشــرعه.
177
خالصات واستنتاجات
ّ
السنة المتيقنة:
سماتها واختصاصاتها
سـنَّةَ ال ُمتَيَقَّ ْنــة قطعيــة الثبــوت عــن رســولنا {صلــى اللــه عليه
ال ُ
وســلم} وهــي مصــدر بيــان لمجمــل القــران والمتوافقــة معــه،
ع ِمـ ّل بهــا مــن زمــن الرســول
و بهــا تشــرع األحــكام والتــي ُ
واســتمرت األمــة علــى العمــل بهــا إلــى اليــوم بــا روايــات
وال أحاديــث و(قيــل وقــال) ،وال يتطــرق إليهــا الشــك أو الظن
ألنهــا تعبديــة للــه وال تتعلــق بأحــكام فيهــا شــبهة منافــع أو
مصالــح للديــن السياســي أو االجتماعــي.
179
وهــي التــي لــم يقــع الخــاف فيهــا بيــن المســلمين ،وال بيــن
علمائهــم ،وغالــب إجمــاع الفقهــاء عليهــا ،أو مــا اشــتهر
واســتفاض عمــل المســلمين بهــا ،وأمــا مــا ســوى ذلــك ،ممــا
يســمى بكتــب الســنن ،أو الصحــاح أو المســانيد أو المجاميــع
الروايــات واألحاديــث و(قيــل وقال ،وســمعت ورأيت) ليســت
ســنة بــل تبقــى مجــرد إخبــار وآثــار ومرويــات وقــع الخــاف ُ
فيهــا ســعيا للكمــال أوالترغيــب والترهيــب ،وال ترتقــي ألن
يشــرع بهــا أحــكام أو يبنــى عليهــا اعتقــاد.
180
الصلوات:
وإنهــا خمــس مــرات فــي اليــوم والليلــة بأوقاتهــا وعــدد
ركعاتهــا:
1.1الفجــر ركعتــان جهريــة القــراءة مــن طلــوع الفجــر إلــى
شــروقها.
2.2الظهــر أربــع ركعــات بإخفــات القــراءة مــن زوال الشــمس
إلــى أن يكــون ظــل الشــيء مثلــه.
3.3العصــر أربــع ركعــات بإخفــات القــراءة مــن ظــل الشــيء
مثليــه إلــى اصفــرار الشــمس.
4.4المغــرب ثــاث ركعــات جهريــة القــراءة مــن مغيــب
الشــفق إلــى منتصــف الليــل.
5.5يحتســب نصــف الليــل مــن مغيــب الشــمس إلــى طلــوع
الفجــر ،فنصــف مــا بينهمــا هــو آخــر وقــت العشــاء (وهــو
نصــف الليــل) مثــال :الشــمس تغيــب الســاعة ( )5والفجــر
يــؤذن الســاعة ( )5فمنتصــف الليــل هــو الســاعة ( )11مســا ًء
وان غابــت الشــمس الســاعة ( )5والفجــر يطلــع الســاعة ()6
منصــف الليــل يكــون الســاعة ( )11.30وهكــذا....
6.6الجمعــة ركعتــان جهريــة القــراءة وخطبتيــن بعــد الــزوال
وللمنفــرد أربــع ركعــات بإخفــات القــراءة.
181
-أما كيفية الصالة وما يقال فيها:
182
يكــرر بعــدد الركعــات ،للصــاة ّ وهكــذا
المفروضــة خمــس مــرات ،هــذا مــا يــؤدي بــه
المــرء مــا افترضــه اللــه تعالــى عليــه ،وأمــا ما
جــاء فــي الروايــات واألحاديــث و(قيــل وقــال
وســمعت ورأيــت) ،إن صــح عــن رســولنا
صلــى اللــه تعالــى عليــه وســلم فهــو لالســتئناس
بــه للكمــال ،باإلطالــة فــي القــراءة ،أو تكــرار
التســبيح ،للحــد األدنــى مــن الكمــال تكــرار 3
مــرات والكمــال 7مــرات وأعلــى الكمــال 11
ومــا فــوق .21
183
والصــاة علــى الميــت ،الصــاة فيهــا وقوفًــا ثــم التكبيــر
وقــراءة الفاتحــة .ثــم يكبــر ثــم يقــرأ التشــهد ثــم يكبــر ثــم يدعو
للميــت ولجميــع المســلمين ثـ ّم يكبــر وننهــي الصــاة بالتســليم.
المضمضــة :واالستنشــاق ومســح األذنيــن للوضــوءَ ،كمــا
هــي الحــال فــي عمــل المســلمين اليــوم.
ّ
للصلة بكيفيتها وصيغتها المعهودة اليوم. األذان واإلقامة
فــي الصــاة ،ســجدتان خفيفتــان َكالســجود فــي صــاة
الفريضــة
كيفيــة الصيــام ،مــن دخــول هــال شــهر رمضــان باالمتنــاع
عــن ُك ّل مــا يصــل عمــدًا إلــى الجــوف َكاألكل والشــرب،
مــن طلــوع الفجــر إلــى غــروب الشــمس حتــى دخــول هــال
شــوال.
إخــراج زكاة الفطــر ،مــن يــوم 28رمضــان حتــى مــا قبــل
صــات العيــد ،صــاع بمــا يعــادل اليــوم 2.50إلــى 2.75
كيلــو جــرام مــن طعــام أهــل كل بلــد بحســبه.
شــعائر الحــج ،البــدء مــن اإلحــرام مــن الميقــات ثــم الطــواف
ســبعة أشــواط والصــاة ركعتــان ،ث ـ ّم الســعي ســبعة أشــواط
ثــم تقصيــر أو حلــق ،وتحلــ ٌل مــن اإلحــرام لغيــر المفــرد
بالحــج ،ثــم إذا كان يــوم الترويــة وهــو اليــوم الثامــن مــن ذي
حجــة يحــرم المتمتــع بالحــج.
184
ويتوجــه إلــى منــى والصــاة فيهــا جميــع الصلــوات ابتــداء
مــن صــاة ظهــر اليــوم الثامــن مــن ذي الحجــة ،ويقصــر
الحــاج الصــاة الرباعيــة ،كمــن يبقــى فــي منــى حتــى طلــوع
شــمس يــوم التاســع مــن ذي الحجــة ،ومــن ثــم التوجــه إلــى
عرفــة والوقــوف فيهــا بعــد طلــوع شــمس اليــوم التاســع
مــن ذي الحجــة حيــث يصلــى فيهــا الحــاج صــاة الظهــر
والعصــر فيجمــع ويقصــر ،ويدعــو فــي عرفــة ويذكــر اللــه
حتــى مغــرب الشــمس حيــث يتوجــه بعدهــا للمبيــت فــي
مزدلفــة ،ثــم التوجــه إلــى منــى قبيــل طلــوع شــمس اليــوم مــن
ذي الحجــة لرمــي جمــرة العقبــة بســبعة حصيــات يكبــر عنــد
رمــي كل واحــدة منهــا ،ثــم يذبــح الحــاج هديــه إن كان عليــه
هــدي ،ثــم يتحلــل مــن إحرامــه ويحلــق رأســه أو يقصــره .ثــم
يقــوم بالطــواف حــول الكعبــة طــواف اإلفاضــة ،ثــم الســعي
بيــن الصفــا والمــروة لمــن كان متمتعًــا فيكــون بذلــك قــد تحلــل
مــن إحرامــه تحلـ ًـا يبيــح لــه جميــع محظــورات الحــج حتــى
النســاء ،ثــم يبيــت فــي منــى حتــى حلــول اليــوم الحــادي عشــر
مــن ذي الحجــة ،لرمــي الجمــرات الثــاث فــي اليــوم الحــادي
عشــر والثانــي عشــر مــن ذي الحجــة ،ثــم إذا أراد أن يتعجــل
فــي حجــه نفــر مــن منــى أو بــات فيهــا إن شــاء حتــى حلــول
يــوم الثالــث عشــر مــن ذي الحجــة حيــث يفعــل المتأخــر مــا
يعلــه مــن قبــل مــن رمــي الجمــرات ،ثــم ينهــي الحــاج أعمــال
ومناســك الحــج بطــواف الــوداع .وهــذا مــا عليــه أغلــب عمــل
األمــة وأفضلهــا وهــو التمتــع فالمتمتــع يــؤدي عمــرة كاملــة
وحجــة كاملــة.
185
أنصبة الزكاة
النقــدان ،النصــاب وهــو القــدر الــذي إذا وصــل
إليــه المــال وجبــت فيــه زكاة النقديــن فــي الذهــب
والفضــة ،عنــد بلــوغ النصــاب ،ونصــاب الذهــب:
عشــرون مثقــاال ،ونصــاب الفضــة خمــس أواق،
بمــا يعــادل اليــوم نصــاب الذهــب 85جــرام مــن
الذهــب الخــاص مــن عيــار 24أو 97،14جــرام
مــن الذهــب عيــار 21أو 113،33جــرام مــن
الذهــب عيــار 18أمــا الفضــة النصــاب هــو ،595
جــرام مــن الفضــة عيــار .99،9فيقــاس عليهــا مــا
يعادلهــا مــن األوراق النقديــة اليــوم وزكاتهــا ربــع
العشــر.
186
زكاة البهائم:
نصــاب اإلبــل ( )5مــن اإلبــل وفيهــا شــاة وفــي
( )10مــن اإلبــل شــاتان وفــي ( )15ثــاث شــياه،
وفــي ( )20أربــع شــياه ،وفــي ( )24فَ َمــا دُونَ َهــا
شــاةٌ ،فــإذا بلغــا ( )25فيهــا ـن ْالغَنَـ ِـم فــي ُك ِّل (َ )5 ِمـ ْ
َــت ( 25إلــى )35في َهــا بنــت مخــاض فــإذا بَلَغ ْ
َــت ( 36إلــى )45 َــاض أ ْنثَــى ،فــإذا بَلَغ ْب ْنــت َمخ ٍ
ـت ( 46إلــى )60 ـون أ ْنثَــى فــإذا بَلَغَـ ْ
فيهــا ب ْنــتُ لَبُـ ٍ
َــت ( 61إلــى )75 فِيهــا ِحقَّــةٌ ْال َج َمــ ِل ،فــإذا بَلَغ ْ
ـت ( 67إلــى )90فيهــا ب ْنتــا عــةٌ ،فــإذا بَلَغَـ ْ
فيهــا َج َذ َ
َــت ( 91إلــى )120فِي َهــا ِحقَّت َ ِ
ــان ــون ،فــإذا بَلَغ ْ لَبُ ٍ
أربَعِيــنَ بِ ْنــت ت علــى ( )120فِــي ُك ِّل ْ فــإذا زَ ا َد ْ
ــن اإل ِبــل ــون َوفِــي ُك ِّل خ َْم ِســين ِحقَّــة ،و(ِ )4م ْ لَبُ ٍ
ـت (ِ )5مـ ْ
ـن اإلبِـ ِل فَ ِفيهــا ـس فِي َهــا زكاة فــإذا بَلَغَـ ْ لَ ْيـ َ
شــاةٌ.
َ
ونصــاب البقــر ،30فيهــا تبيــع لــه ســنة و 40مســنة لهــا
ســنتين .
ونصــاب الغنــم 40شــاة ،فيهــا شــاة واحــدة ،الزمــاة فــي بهيمة
األنعــام أن تكــون ســائمة ،وهــي التــي ترعــى الــكأل المبــاح
أكثــر الســنة ،وأمــا التــي ت ْعلَــف فــا تجــب فيهــا الــزكاة إال أن
تكــون للتجــارة .
187
زكاة الزرع:
الزكاة في الحبوب والثمار قوله تعالى:
ِين﴾ ﴿و َءاتُوا ْ َح َّق ُهۥ يَ ۡو َم َح َصادِه ِۦ َولَا ت ُ ۡسرفُ ۚٓوا ْ إنَّ ُهۥ لَا ُيحِ ُّ
ب ٱل ۡ ُم ۡسرف َ َ
ِ ِ ِ ۖ
َ
ورةُ الأ ۡن َع ِام 141
ُس َ
189
•الصــاة بــأي مــكان مــن األرض ،خــاف األمــم
األخــرى الملزمــة بالتعبــد فقــط فــي أماكــن العبــادة.
•تــرك الحائــض الصالة وال تقضي مــا فاتها وتترك
الصيام وتقضي ما أفطرت من أيام.
•رخصــة الصــاة ألكثــر مــن فــرض بوضــوء
واحــد لمــن لــم يحــدث
•الرخــص فــي العبــادات فــي الســفر والمــرض،
والمطــر.
•إقامة الحدود.
•البسملة عند األكل والشرب
•حرمة أكل لحم الحمر األهلية
•بقــاء مفاتيــح الكعبــة بوعــد الرســول عنــد "بنــي
شــيبة" الذيــن توارثــوا مفتــاح الكعبــة بعــد اإلســام منــذ
اكثــر مــن 16قرنًــا
مــا تواتــر بالمعنــى واشــتهر ،واســتفاض خبــره يؤمــن بــه فــي
الجملــة ،وال يلــزم منــه إيمــان وتصديــق بالتفاصيــل.
وال يلــزم مــن إنــكاره كفــر ،وخــروج مــن ملــة اإلســام
والمســلمين
َكـ الشفاعة والدجال وعذاب القبر.
190
ّ
الظنية سماتها الداللة
واختصاصاتها
يشــمل اختصــاص الداللــة الظنيــة كل مــا يترتــب عليــه
وجــوب اإليمــان بــه بالمجمــل ،كالغيبيــات وأحــداث اآلخــرة،
والجنــة والنــار ،والحــدث المســتقبلي ،كيأجــوج ومأجــوج،
فهــو اختبــار للمؤمــن ولمــدى قــوة إيمانــه وتصديقــه ،وهــو
مــن بــاب المتشــابه يؤمــن بــه ويؤخــذ بــه علــى ظاهــره
ت ُه َّن أُمُّ ك َم ٰ ٌ ُ َ َّ ٓ َ َ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ ۡ ُ َ َ ٰ َ ۡ ُّ ٞ
﴿هو ٱلذِي أنزل عليك ٱلكِتب مِنه ءايت مح
َ َّ َ ٞ ُُ
ِين فِي قلوب ِ ِه ۡم َز ۡيغ ف َيتب ِ ُعون َما تۖ فَأَ َّما ٱلَّذ َ ب َوأ َخ ُر ُمتَ َ ِٰ
شب َه ٰ ٞ ُ
ٱلك َِتٰ
ۡ
ِ
ش َب َه م ِۡن ُه ٱبۡت ِ َغا ٓ َء ٱلۡفِ ۡت َنةِ َوٱبۡت ِ َغا ٓ َء تَأۡويلِهِۦ َو َما َي ۡعلَ ُم تَأۡويل َ ُه ٓۥ إلَّا َّ ُ
ٱللۗ تَ َ ٰ
ِ ِ ُ ّٞ ۖ ِ
َّ َّ ۡ ۡ ُ ُ َ َ َّ ُ َ
ٱلرٰسِخون فِي ٱلعِل ِم َيقولون َء َام َّنا بِهِۦ كل ّم ِۡنعِن ِد َر ّب ِ َناۗ َو َما يَذك ُر و
ُ َ ٓ َ ۡ َ ۡ ْ ُ ْ ُ ٓ َّ
ورةُ ا ِل ع ِۡم َر َان ٧ ب﴾ س إِلا أولوا ٱلألبٰ ِ
و تكــون الداللــة الظنيــة ،فيمــا ال يترتــب عليــه تكليــف
بحكــم أو ُمســاءلة فــي اآلخــرة ،وإنمــا فــي األمــور الدنيويــة
الخاضعــة لالجتهــاد والتدبــر ،لمعرفــة ســنن اللــه تعالــى فــي
خلقــه واالســتفادة منهــا ،وممــا سـ ّخر اللــه تعالــى فــي الكــون
لعبــاده ،فهــو مــن العطــاء الدنيــوي لجميــع الخلــق :مؤمنهــم
191
وكافرهــم ،مــن ســبق إليــه فهــو أحــق بــه مــن غيــره ،فــكل
االكتشــافات واالختراعــات فــي كل المجــاالت مباحــة لــكل
ــك َو َمــا َ
ــاء َربِّ َ
ط ِ ع َ الخلــق } ُك ِ ّل نُّ ِمــ ُّد هَــؤ ُِل ِء َوهَــؤ َُل ِء ِم ْ
ــن َ
ــورا{ اإلســراء ،20 :كاألرض هــل ظ ً ــك َم ْح ُ طــا ُء َر ِبّ َ ع َ
َكاَنَ َ
هــي كرويــة أم مســطحة ،ال توجــد داللــة قطعيــة عليهــا فــا
يترتــب علــى ذلــك تكليــف.
غيــر أن تجــار الديــن وأصحــاب المصالح والهوى
-لتبريــر أفعالهــم – عمــدوا إلــى تنزيــل اآليــات
فــي غيــر مواضعهــا وعلــى غيــر ظاهرهــا،
وجعلــوا تأويلهــا هــو مــراد اللــه تعالــى ،بــل
كأن جعلــوا أصــل العالقــة جعلوهــا هــي الديــنْ ،
بيــن المســلم وغيــره القتــل والقتــال والحــرب،
فتأولــوا آيــات القتــال والجهــاد لتوافــق منهجهــم
فــي ذبــح اآلخريــن ،مســتندين تعس ـفًا ،علــى آيــة
الســيف -كمــا ســموها -لقتــل كل مــن يخالفهــم فــي
دينهــم أو مذهبهــم أو طائفتهــم ،وقالــوا بنســخها
لــكل آيــة تدعــو للســلم والموادعــة ،مهمليــن مــا
نفســها﴿،و َقٰتلُوا ْ ٱل ۡ ُم ۡشــرك َ
ِين َ ِ َ ِ جــاء فــي الســورة
ْ
ــوا أ َّن َّ َ َ
ٱعل ُم َٓ ٓ َّ ٗ َ َ ُ َ ٰ ُ َ ُ ۡ َّ ٗ َ ۡ
ٓ َ
ٱلل كافــة كمــا يقتِلونكــم كافــة ۚ و
ــورةُ َّ
الت ۡو َبــةِ ٣٦ ــع ٱل ۡ ُم َّتق َ
يــن﴾ ُس َ َم َ
ِ
193
ضا تنزيل اآلية في سورة التوبة في ومن ذلك أي َ
َ َ ُ ْ َ َ َ ُ ْ َّ َ ٰ َ َ َ َ ُ ْ
غير موضعها﴿ ،فإِن تابوا وأقاموا ٱلصلوة وءاتوا
ورةُ ِيم﴾ ُس َ ٱلل َغ ُفورَّ ٞرح ٞ َّ َ ٰ َ َ َ
خ ُّلوا ْ َسبيلَ ُه ۡم إ َّن َّ َ
ِ ۚ ِ ٱلزكوة ف
الت ۡو َب ِة ،٥فتوهموا وأوهموا فقالوا إن هذه األية َّ
194
هــذا باإلضافــة إلــى أن هنــاك روايــات كثُيــرة عــن الذين
ارتــدوا زمــن النبــي -صلــى اللــه تعالــى عليــه وســلم-
ولــم يقــم عليهــم ح ـ ّد ردة ،وهــذه الروايــات معارضــة
لروايــة (مــن ب ـدّل دينــه فاقتلــوه) ،فعــدم التفريــق بيــن
قتــال المرتديــن المحاربيــن ،والمرت ـ ّد غيــر المحــارب
ـرف (الــردّة الفرديــة الفكريــة) جعــل أهــل التشـدّد والتطـ ّ
يقدمــون روايــة واحــدة ظنيــة علــى صريــح آيــات
الكتــاب ،وتجاهلــوا الروايــات واألحاديــث المعارضــة
لروايتهــم.
النــص أكثــر ممــا يحتمــل ظاهــره ليتفــق مــع ّ تحميــل
الروايــات واألحاديــث لتوافــق مــراد اللــه تعالى ،حســب
زعمهــم ،كمــا أشــرنا ســابقا ً فــي تحريمهــم الموســيقى،
واالختــاط ،ووجــوب تغطيــة الوجه بروايــات وأحاديث
وجعلهــا ال َح َكــم علــى مــا بينــت آيــات الكتــاب ،وصــرف
ظاهــر اآليــات ليوافــق الروايــات واألحاديــث التــي
يختارونهــا ،مــع أنهــا معارضــة بروايــات وأحاديــث
أخــرى ظنيّــة مثلهــا وأقــرب مثــال:
ُ َّ َۡ ۡ َ َۡ َ
ضل َعن اس من يشت ِري له َو ٱلحَد ِ
ِيث ل ِي ِ ﴿وم َِن َّ
ٱلن ِ َ
ۡ َ َ َّ َ َ ُ ُ ً ُ ْ َ ٰٓ َ
ك ل َ ُهمۡ َّ َ ۡ َ
خذها هزواۚ أولئ ِ يل ٱللِ بِغي ِر عِل ٖم ويت ِ
سب ِ ِ
اب ُّمه ٞ َع َذ ٞ
ين﴾ ِ
ُ َُ ُۡ َ َ
ان ٦ سورة لقم
195
ـص يدل علــى تحريــم الموســيقى واألغاني، ليــس فــي اآليــة نـ ٌّ
لكنهــم حملــوه علــى الروايــات واألحاديــث ،فقالــوا إن اآليــة
فــي الموســيقى واألغانــي وإن ابــن مســعود أقســم علــى ذلــك،
بينمــا اآليــة وحســب الروايــات نزلــت فــي الشــعر ،مــع العلــم
أن الروايــات واألحاديــث متعارضــة بيــن التحريــم واإلباحــة،
لــذا اختلفــت األقــوال واآلراء فــي الموســيقى واألغانــي.
تــرك علــى
تحــرم االختــاط ،بــل ِ
ّ و ال يوجــد آيــة واحــدة
الفطــرة ،وبقــي علــى األصــل وهــو اإلباحــة ،بــل هنــاك
آيــات توحــي بجــواز االختــاط وهــي أولــى مــن الروايــات
واألحاديــث ،فلنتأمــل ونتدبــر مــن يجــوز لهــم األكل جميعــا
أو أشــتاتًا ،فــي كالم اللــه تعالــى:
196
َ َ ََ ََ ٞ َ َّ ۡ َ َ َ ۡ َ ۡ َ ٰ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ ٞ
﴿ليس على ٱلأعمـى حرج ولا على ٱلأعر ِج حرج ولا على
ِكمۡ ُ ۡ َ َۡ ُ ُ ْ ۢ ُُ ُ َ َ ُ َ ٰٓ َ َ َ َ ٞ ۡ
يض حرج ولا على أنفسِكم أن تأكلوا ِمن بيوت ِ ٱل َم ِر
ُ َ ۡ ُ َّ َ ُ ۡ َ َ َٓ ُ ۡ َ َ
وت إِخ َوٰن ِك ۡم أ ۡو ُ
ي ُ
ب ۡ
و أ م ك تٰ ه م أ وت ُ
ي ُ
ب ۡ
و أ م ك ئ ا اب ء وت ُ
ي ُ
ب و ۡ أ
َ ِ َ َ ِ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ِ َ ۡ َ ِ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ ِ َ َّ ُ ۡ َۡ
وت عمٰتِكم أو ِ وت أعم ٰ ِمكم أو بي ِ وت أخوٰت ِكم أو بي ِ ُب ُي
اتحَ ُه ٓۥ أَوۡ َ ٰ َ ٰ ُ ۡ َ ۡ َ َ َ ۡ ُ َّ َ
وت خلتِكم أو ما ملكتم مف ِ ِ ُ ُ ۡ َ َۡ ُ ۡ َ
وت أخوٰل ِكم أو بي ِ ُب ُي
ُ ۡ َۡ َ َ َۡ ُ ۡ ُ َ ٌ َ َۡ ُ ُ ْ َ ً َۡ َ ۡ َ ٗ
َصدِيقِك ۚم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جمِيعا أو أشتاتا ۚ
َّ ُ َ ٗ ٗ َ ّ ْ َ َ ُ َ َ َ َ ۡ
فإِذا دخل ُتم ُب ُيوتا ف َسل ُِموا عَل ٰٓى أنفسِك ۡم ت ِح َّية ّم ِۡن عِن ِد ٱللِ
ُ َ ٰ َ َ ٗ َ ّ َ ٗ َ َ ٰ َ ُ َ ّ ُ َّ ُ َ ُ ُ َ ٰ َ َّ ُ َ ُ َ
ت ل َعلك ۡم ت ۡعقِلون﴾ مبركة طيِبة ۚ كذل ِك يبيِن ٱلل لكم ٱٓأۡلي ِ
ُ َ ُ ُّ
ور ٦١
سورة الن ِ
نشــير هنــا إلــى التشــابه بيــن اعتمــاد أهــل الكتــاب علــى تفاســير
األحبــار والرهبــان ورواياتهــم وتــرك األصــل الــذي هــو كتــب
اللــه تعالــى لهــم ،فتشــابهت للمســلمين مشــناة كمشــناة يهــود،
(مشــناه بالعبريــة המשנה) كلمــة عبريــة مشــتقة مــن الفعــل
العبــري "ِنّــاه" ومعناهــا بالعربيــة (يُثنٌّــي أو يكــرر) وأصبــح
معناهــا (يــدرس) ،ثــم أصبحــت الكلمــة تشــير بشــكل محــدد
إلــى دراســة الشــريعة الشــفوية ،وهــي أول مــا ألــف فــي التوراة
الشــفهية ،وتتضمــن الشــرائع ومجموعــة واســعة مــن الشــروح
والتفاســير وأقــوال وشــروح األحبــار ورواياتهم وهو ما يســمى
التلمــود ،وتتنــاول أســفار العهــد القديــم (التــوراة) وهنــاك آراء
مختلفــة حــول بدايــة صياغــة المشــنا ،لكــن تــم االتفــاق علــى أن
تحريرهــا وصياغتهــا النهائيــة ت ّمــت فــي بدايــة القــرن الثالــث،
بواســطة الرابــي يهــودا الناســي وحكمــاء جيلــه.
197
خاتمة
وفــي الختــام نشــير إلــى مــا ذكــره الســيوطي عــن تهــاوي
الروايــات واألحاديــث فــي ألفيتــه فــي بــاب روايــة األكابــر
عــن األصاغــر ،والصحابــة عــن التابعيــن" ،وحيــث لــم
يســتطع أعــداء ديــن اللــه مــن كل أهــل ملــة وأهــل نحلــة
ومذهــب وطائفــة أن يضربــوا المســلمين فــي صميــم دينهــم،
ســوا إلــى أصولــه التــي قــام عليهــا ،مــا يريــدون
وذلــك بــأن يد ّ
مــن أســاطير وخرافــات ،وأوهــام وترهــات ،لكــي تنتهــي
هــذه األصــول وتضعــف .فلمــا عجــزوا عــن أن ينالــوا مــن
القــرآن الكريــم ألنــه قــد حفــظ بالتدويــن ،واســتظهره آالف
مــن المســلمين ،وأنــه قــد أصبــح بذلــك فــي منعــة مــن أن يــزاد
ـدس إليــه حــرف اتجهــوا إلــى التحديــث عــن فيــه كلمــة أو يـ ّ
النبــي (صلــى اللــه عليــه وآلــه وســلم) ،فافتــروا مــا شــاءوا أن
يفتــروا عليــه".
وبالتالــي فــإن الروايــات واألحاديــث بمــا فيهــا مــن الشــك
والتشــكيك وســوء الظــن ،قــد أفســدت الغايــات ومقاصــد
وحولــت المظاهــر والشــكليات إلــى ديــن ،وأهملــتّ الديــن،
حقــوق اإلنســان والسياســة والحكــم – وجعلــت لحريــة الديــن
والفكــر والــرأي ،حـدّا شــرعيًا ،متجــاوزة لــروح اإلســام فــي
ســماحته ويســره والتــي أرى حســن الختــام باآليــات الدالــة
علــى ذلــك:
198
ۡ َ
ُ ُ َّ ُ ُ ُ ُ ۡ َ َ ُ ُ ُ ۡ
ك ُم ٱل ُع ۡس َر﴾ ﴿ي ِريد ٱلل بِكم ٱليسر ولا ي ِريد ب ِ
ُ
ُس َورة َالب َق َرِة ١٨٥
ٓ ۡ َ َ
﴿ َوأ َّما َم ۡن َء َام َن َو َع ِم َل َصٰل ِٗحا فَل ُهۥ َج َزا ًء ٱلحُ ۡس َنىٰۖ
ٗ ۡ ُ َ َ َ ُ ُ َُ ۡ َۡ َ
وسنقول لهۥ مِن أمرِنا يسرا﴾
َ ُ
ُس َورة الك ۡه ِف ٨٨
َ َّ َۡ
﴿ َو َمن َي َّتق َّ َ
ٱلل يج َعل ل ُهۥ م ِۡن أ ۡم ِره ِۦ ي ُ ۡس ٗرا﴾ ِ
ُ َ َّ َ ُ
الطل ِق ٤ سورة
ُ
ٱلل نف ًسا إلا َما َءاتَى ٰ َها ۚ َس َي ۡج َعل َّ ُ ٓ َّ
﴿لا يُكل ِف َّ ُ َۡ َُّ َ
ٱلل َب ۡع َد ُع ۡس ٖر ي ُ ۡس ٗرا﴾ ِ
ُ َ َّ َ ُ
الطل ِق ٧ سورة
ََ ََ َ َ َ َ َ َٓ َ َٰ َ
ك َّ ُ
يبك م َِن ٱلل َّ
ٱلد َار ٱٓأۡلخِرة ۖ ولا تنس ن ِص ﴿ َو ۡٱب َتغِ فِيما ءاتى
َ َ ٓ َ ۡ َ َ َّ ُ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ۡ َ َ َ ۡ ُّ ۡ َ َ َ
ٱلدنياۖ وأحسِن كما أحسن ٱلل إِليك ۖ ولا تبغِ ٱلفساد فِي
َّ َّ َ َ ُ ُّ ۡ ۡ َۡ
ِين﴾ ب ٱل ُمف ِ
سد َ ۡرض إِن ٱلل لا ي ِحِ
ٱل ۖ أ
ُ َ َ َ ُ
ص ٧٧
سورة القص ِ
199
صلَّــى الل ـهُ عليــه وســلَّ َم وصــدق َرســو ِل اللَّ ـ ِه َ
فــي حديثــه حيــن "جــاءه رجــل ِمــن أ ْهـ ِل ن َْجـ ٍد
ول يُ ْفقَـهُ مــا ص ْوتِـ ِه َ ي َ ـرأْ ِس ،يُ ْسـ َم ُع َد ِو ُّ ـر الـ َّ ثَائِـ َ
ع ِن اإل ْسـ َـا ِم، يقــولُ ،حتَّــى َدنَــا ،فَـإِ َذا هو يَ ْســأ َ ُل َ
صلَّــى اللــهُ عليــه وســلّم، فَقــا َل َرســو ُل اللَّــ ِه َ
ـل ـوم واللَّ ْيلَـ ِة .فَقــا َل ،هـ ْ ت فــي اليَـ ِ صلَـ َـوا ٍ ـس َ خ َْمـ ُ
ع .قــا َل ــو َ
ط َّ غي ُْرهَــا؟ قــا َل َل ،إلَّ ْ
أن ت َ َ ي َ علَــ َّ َ
وصيَــا ُم صلَّــى الل ـهُ عليــه وســلَّ َمِ : َرســو ُل اللَّـ ِه َ
ـرهُ؟ قــا َلَ :ل ،إلَّ ي َ
غ ْيـ ُ علَـ َّ ـل َ ضــانَ .قــا َل ،هـ ْ َر َم َ
صلَّــى ـر لــه َرســو ُل اللَّـ ِه َ ع .قــا َل و َذ َكـ َ أن ت َ َ
طـ َّـو َ ْ
ي علَــ َّ ْ
هــل َ الــز َكاة َ ،قــا َل، اللــهُ عليــه وســلَّ َم َّ
ـر ع .قــا َل ،فأ ْدبَـ َ طـ َّـو َ أن ت َ َ غي ُْر َهــا؟ قــا َلَ ،ل ،إلَّ ْ َ
الر ُجـ ُل وهــو يقــولُ ،واللَّـ ِه ال ِأزيـ ُد علَــى هــذا َّ
صلَّــى اللـهُ عليــه ـص ،قــا َل َرســو ُل اللَّـ ِه َ ول أ ْنقُـ ُ َ
ص ـ َدقَ ". إن َ وســلَّ َم :أ ْفلَ ـ َح ْ
200
لله تعالى الحمد ال معبود إال هو،،،
الصرامي
د .عبدالله ِ ّ
201
نبذة عن المؤلف
بريد إلكتروني
dr.alsaram@gmail.com
رقم جوال
966556227755
202
•خريج كلية الشريعة بالرياض جامعة اإلمام محمد بن سعود
اإلسالمية عام 1407هجري
•درجة الماجستير في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء
بالرياض -جامعة اإلمام عام 1410هجري
•عمل في مجال االستشارات والمحاماة ،وحضور الجلسات
والترافع في القضايا لدى المحاكم التابعة لوزارة العدل ،بجميع
درجاتها ،وفي ديوان المظالم ،ومكاتب وهيئات الفصل في
المنازعات العمالية والتجارية ،والمصرفية حتى عام .1412
•التحق عام 1412هجري بالعمل األكاديمي بكلية الملك خالد
العسكرية محاضر
• 29/4/هجري ابتعث للحصول على درجة الدكتوراة من
المعهد األعلى بجامعة الزيتونة بتونس في العلوم اإلسالمية
منجزا أطروحة دكتوراة في موضوع "مفردات المالكية في ً
كتاب المعامالت"
•تمت المناقشة في 20/11/1418هجري بتقدير مشرف جدًا
وتم معادلة الشهادة في ذات التخصص من وزارة التعليم العالي
بالقرار رقم 15/3/1419
•أستاذ مساعد في 27/4/1419هجري
•أستاذ مشارك 26/1/1427هجري
•عمل متعاونا في مجال االستشارات وصياغة العقود ،والعمل
(عضو) في اللجان الثقافية والمجالس العلمية.
•ساهم في دورات في سرعة التعليم.
•تقاعد بنا ًءا لطلبه التقاعد المبكر بعد أن عمل لما يقارب 30
سنة في الحقل األكاديمي بكلية الملك خالد العسكرية.
203
المؤلفات
205
المحتويات
4 مقدمة
7 تمهيد
7 الحا�
ض ض
الما� إىل استحضار السلفية
ي
ف
17 ي� تعريف المصطلحات
17 ً
تاريخيا الكالسيك المعروف حسب المنهج
ي ُّ
17 السنة
19 الحديث
19 الخ�
ب
19 األثر
20 السند
20 ت ن
الم�
20 الحديث المتواتر وحديث اآلحاد
21 ظ
اللف� التواتر
ي
21 التواتر المعنوي
22 الكتابة
22 التدوين
22 التصنيف
23 مظاهر وإشكاالت الروايات
ف
23 ي� كتابة وجمع القرآن
24 إشكاالت الجمع األول
ن
27 إشكاالت الجمع ي
الثا�
29 إشكاالت فروقات المصاحف
30 الن� ﷺ
مصحف حفصة زوج ب ي
30 عم� ث
اللي� مصحف عبيد بن ي
ي
31 أ� رباحمصحف عطاء بن ب ي
31 مصحف عكرمة
32 جب�
مصحف سعيد بن ي
33 شبهات نقص القرآن
33 سورة األحزاب تعدل سورة البقرة
206
41 رد الشبهات والروايات
41 ن
اإلنسا� والثقة بالرقاع اإلله والخوف إشكالية الحفظ
ي يغ ظ
43 والبال�
ي اللف�
ي اإلعجاز
44 التواتر
45 روايات قلقة
49 ض الن� ﷺ دون أن ّ
يدون القرآن؟ هل ق� ب ي
55 تساؤالت
61 المخطوطات تصدق القرآن وتدحض الروايات
61 مخطوطة بر ي ن
ل�
63 مخطوطة لندن
64 مخطوطات صنعاء
67 اختالفات الفقهاء والمفرسين
67 اختالف الفقهاء واتفاقهم
72 دفع القرآن لغرائب الفتاوي
ف ث
74 أك� مدة الحمل ي� القرآن
ف ّ
76 أقل مدة الحمل ي� القرآن
ً
78 الزوج ليس ملزما بعالج زوجه
ف
82 المودة والرحمة ي� القرآن والعدل
83 الب� حسب المذاهب األربعة أكل ش
88 اختالفات المفرسين
90 ال� بلغته االختالفاتت
آية واحدة تعكس المدى ي
93 قول للفخر الرازي
94 للط�ي
قول ب
96 اختالف المفرسين أسبابه وآثاره:
98 ربا� أم إرسائيليات كانت متداولة؟ ن
ف ف علم ي
102 بذل الجهد ي� االختالف ي� لون البقرة
ق
106 أجمل وأر� اآليات جرى تشويــهها
109 ترتيب السور واآليات
113 أمثلة من القرآن الكريم
114 ال�تيبمن حيث ت
118 والتأخ�
ي شبهات التقديم
119 شبهات (خطأ النساخ)
207
119 ئ
اإلمال� ن
العثما� ئ
اإلمال� المخالف للرسم الرسم
ي ي ي
124 إشكاالت (خطأ النساخ)
ف
124 ي� النحو
132 والخالصة:
133 يقول ابن عاشور:
138 م�وعة أسئلة ش
208