الحقوق العينية

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫‪ :‬تقديم‬

‫إن تملك اإلنسان لألرض و ارتباطه بها كان منذ األزل وسيبقى قائما متجددا ‪ ،‬ما دامت الحياة على وجه‬
‫البسيطة متجددة باستمرار ‪ .‬وهذا االرتباط باألرض إنما هو انجذاب فطري غريزي يكمن في باطن‬
‫اإلنسان وشعوره ووعيه أودعه هللا تعالى ألحكام بالغة و أسرار عظيمة ‪ ،‬أما ملكية اإلنسان لألرض‬
‫اتسمت في بدايتها بطابعها الجماعي حيث كا ن االنتفاع بها يعود لجميع أفراد القبيلة ‪ ،‬لتظهر بعد ذلك‬
‫ملكية أرباب األسر ‪ ،‬ولم يتم ترسيخ الطابع الفردي لحق الملكية إال مع مطلع القرن ‪ ، 18‬مع ظهور‬
‫الثورة الفرنسية ‪ ،‬وإقرار المواثيق الدولية بهذا الحق‪ ،‬حيث جاء في المادة ‪ 17‬من اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنسان ( أن الملكية باعتبارها حقا مقدسا ال يجوز انتهاك حرمته ‪ ،‬فال يجوز حرمان صاحبه‬
‫منه ‪ ،‬إال إذا قضت بذلك في وضوح ضرورة من مصلحة عامة تثبت قانونا ‪ ،‬وبشرط أداء تعويض عاجل‬
‫بدفع مسبقا) ‪ .‬كما يؤكد القانون المغربي بدوره على قدسية حق الملكية في أسمى قانون و هو دستور‬
‫يوليوز لسنة ‪ 2011‬الذي ينص في مادته ‪ 35‬على أنه « يضمن القانون حق الملكية ويمكن الحد من‬
‫نطاقها وممارستها بموجب القانون ‪ ،‬إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد ‪،‬‬
‫‪ .‬وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت وفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون‬

‫فحق الملكية من أقوى الحقوق العينية وأوسعها نطاقا ‪ ،‬فمن حيث المحل نجد حق الملكية ينصب على‬
‫المنقول وكذلك على العقار سواء بطبيعته أو بالتخصيص ‪ .‬أما من حيث طبيعته فيوصف حق الملكية‬
‫بكونه حق عيني أصلي ال يحتاج إلى حق آخر يستند إليه ‪ ،‬فهو حق يحتج به على الكافة ما عدا صاحب‬
‫‪ .‬الحق ذاته ‪ ،‬ويحق لصاحبه وحده التنازل عنه دون الحاجة لموافقة شخص آخر‬

‫وكما سبق القول ‪ ،‬بأن حق الملكية هو حق يحتج به إذ من هنا تنصهر أهميته فهو يمنح الفرد حريته‬
‫الشخصية في امتالك ممتلكات خاصة ‪ ،‬كما يعزز االستقرار االجتماعي بين األفراد باستقالل كل شخص‬
‫‪ .‬بممتلكاته‬

‫وموضوع دراستنا لهذا البحث سيرتكز بألساس على حق الملكية و نطاقها ‪ ،‬إذ اعتمدنا في تحليلنا‬
‫‪ :‬لحيثيات هذا الموضوع المنهجية االتية‬
‫ألول ‪ :‬الحقوق العينية األصلية المبحث‬

‫المطلب األول ‪ :‬حق الملكية (التعريف ‪ /‬العناصر ‪ /‬الحماية القانونية لحق الملكية‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬خصائص حق الملكية‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬نطاق حق الملكية‬

‫المطلب األول ‪ :‬نطاق حق الملكية من حيث الموضوع‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نطاق حق الملكية من حيث التفرعات‬


‫ألول ‪ :‬الحقوق العينية األصلية المبحث‬

‫الحق العيني هو سلطة مباشرة لشخص على شيء مادي معين بالذات ‪،‬تمكنه من القيام بأعمال معينة‬
‫على هذا الشيء تحقيقا لمصلحة معينة‪ .‬ومثاله حق الملكية‪ ،‬وحق االرتفاق‪ ،‬وحق الرهن‪ .‬وتتميز‬
‫الحقوق العينية بأنها تقع على شيء مادي‪ ،‬كسيارة أو منزل‪ ،‬وبأنها تمنح صاحبها سلطة مباشرة على‬
‫الشيء‪ ،‬بحيث يستطيع أن يستفيد منه دون تدخل الغير‪ ،‬فالذي يملك سيارة مثًال يستطيع أن يستخدمها‬
‫في تنقالته‪ ،‬أو يؤجرها للغير مقابل مبلغ معين أو يبيعها أو يرهنها أو يهبها‪ ،‬وذلك كله دون اقتضاء‬
‫‪ .‬تدخل الغير لقيامه بهذه األفعال و التصرفات‬

‫المطلب األول ‪ :‬حق الملكية (التعريف ‪ /‬العناصر ‪ /‬الحماية القانونية لحق الملكية‬

‫أوال ‪:‬تعريف حق الملكية‬

‫يقصد بحق الملكية في اللغة احتواء الشيء والقدرة على االستبداد به والتصرف فيه بانفراد‪ ،‬فيما‬
‫ُيعرف اصطالحًا اختصاص اإلنسان بشيء ما يخول له التصرف به ما لم يكن هناك مانع‪ ،‬وقد عّر ف‬
‫القانون المدني العراقي حق الملكية في المادة ‪ 1048‬بأَّنه الملك التام من شأنه أن يتصّر ف به المالك‬
‫تصرفًا مطلقًا فيما يملكه عينًا ومنفعة واستغالًال‪ ،‬فينتفع بالعين المملوكة وبغّلتها ونتاجها ويتصرف في‬
‫عينها بجميع التصرفات الجائزة‪ ،‬في حين أَّن المادة ‪ 802‬من القانون المدني المصري رأت أّنه لمالك‬
‫الشيء وحده في حدود القانون حق االستعمال واالستغالل والتصّر ف‪ ،‬وعلى ذلك ُيمكن تعريف حق‬
‫الملكية بأنه الملك التام والذي يسمح للمالك أن يتصّر ف به عينًا ومنفعة واستغالًال ضمن الضوابط‬
‫‪ .‬الجائزة‬

‫ثانيا ‪ :‬عناصر حق الملكية‬

‫‪.‬يمنح حّق الملكّية ثالث سلطات للمالك‪ ،‬وهي االستعمال واالستغالل والتصّر ف‬

‫االستعمال‪ :‬ويقصد به استخدام مالك الشيء فيما أعّد له والحصول على منافعه‪ .‬وقد تختلط سلطة‬
‫االستعمال بالسلطة االستغالل من جانب الفهم ‪ ،‬ومثال على ذلك قيام المالك بزراعة أرضه‪ ،‬فالزراعة‬
‫هي استعمال لألرض‪ ،‬ولكن الحصول على المحصول هو استغالل لألرض‪ .‬وقد يختلط االستعمال‬
‫بالتصّر ف أيضا‪ ،‬ومثال ذلك األشياء التي تستهلك باالستعمال كالنقود‪ .‬والمالك حّر ـــ من حيث المبدأ ـ‬
‫‪ .‬في استعمال ملكه أو عدم استعماله‬

‫‪ .‬االستغالل‪ :‬ويعني الحصول على ثمار الشيء‪ .‬ويكون االستغالل إّم ا مباشرًا وإّم ا غير مباشر‬
‫التصّر ف‪ :‬وهو على نوعين ‪ :‬تصرف ماّد ّي ‪ ،‬ويهدف إلى إحداث تغيير ماّد ّي في الشيء‪ ،‬كالبناء في‬
‫األرض‪ .‬و تصرف قانونّي ‪ ،‬ويقصد به نقل ملكّية الشيء أو إنشاء حّق عينّي عليه‪ .‬وسلطة التصّر ف‬
‫الماّد ّي في الشيء مقصورة على المالك‪ ،‬في حين أن سلطة التصّر ف القانونّي ليست مقصورة على‬
‫‪.‬المالك‪ ،‬وإنما تثبت لكّل صاحب حّق عينّي كصاحب حّق االنتفاع الذي يحّق له التصّر ف في منافع الشيء‬

‫ثالثا ‪ :‬الحماية القانونية‬

‫إن القضاء المغربي يحاول نهج سياسة حمائية للملكية العقارية‪ ،‬ويبذل في ذلك كامل جهده لتطبيق‬
‫القانون أحسن تطبيق‪ ،‬ويتجلى ذلك بوضوح أكثر في تدخله الذي يختلف باختالف المرحلة التي يقطعها‬
‫‪ .‬العقار‪ ،‬وباختالف االختصاصات الموكولة للقضاء بصفة عامة‬

‫ففي مسطرة التحفيظ نجد النيابة العامة تلعب دورا محوريا‪ ،‬حيث تتدخل في المرحلة اإلدارية من خالل‬
‫إجراءات التبليغ‪ ،‬وكذا من خالل تقديم التعرضات نيابة على القاصرين والمحجوزين‪ ،‬هذا فضال على‬
‫أنها تتدخل خالل المرحلة القضائية‪ ،‬باعتبارها طرفا رئيسيا أو منظما في دعوى التحفيظ‪ .‬أما دور‬
‫القضاء الجالس‪ ،‬فال يقل أهمية إذ يعمل على التصدي لكل الدعاوي الكيدية‪ ،‬ويراقب كافة القرارات التي‬
‫‪.1‬يتخذها المحافظ أثناء هذه المرحلة‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬خصائص حق الملكية‬

‫يتمتع حق الملكية بخصائص معّينة مرتبطة به دون غيره من الحقوق‪ ،‬وهي ثالث خصائص ينفرد بها‬
‫‪ :‬كالتالي‬

‫حق الملكية جامع‪ :‬بحيث يشمل جميع السلطات التي ُيمكن أن تكون للشخص على شيء ما هو ُم لكه‪،‬‬
‫وتشمل هذه السلطات حق االستعمال واالستغالل والتصّر ف وما يتبعه من حق الحصول على جميع مزايا‬
‫‪.‬الشيء الذي يملكه ضمن الضوابط القانونية‬

‫حق الملكية مانع‪ :‬بذلك يكون المالك له الحق وحده في الحصول على جميع مزايا ملكه دون غيره‪ ،‬مما‬
‫ُيمكنه من استخدام جميع ُس لطاته عليه‪ ،‬كما يكون له الحق في منع أي أحد من مشاركته فيه حتى وإن‬
‫‪.‬لم ُيسّبب له الضرر‬

‫حق الملكية دائم‪ :‬هذا يعني أَّن حق الملكية يبقى ما دام الشيء محل الحق موجود‪ ،‬أي أَّن الملكية تبقى‬

‫‪1‬‬
‫‪https://www.business4lions.com/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9/‬‬
‫على طول الزمان‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أَّن صاحب الملكية قد يتصّر ف به ‪ ،‬كبيعه مثًال وبهذا ينتقل كحق‬
‫‪2.‬دائم من شخص إلى شخص آخر‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬نطاق حق الملكية‬

‫تبين لنا في المبحث أعاله‪ ،‬أن حق الملكية يحتوي على ثالث عناصر وهي ‪ :‬االستعمال و االستغالل و‬
‫التصرف ‪ ،‬لكن نتوقف عند هذه العناصر لنرى هل من حدود تقيد اإلنسان في ملكه أو بعبارة أخرى‬
‫‪ .‬النطاق المادي لحق الملكية ‪ ،‬وهذا ما سيفصله هذا المبحث‬

‫المطلب األول ‪ :‬نطاق حق الملكية من حيث الموضوع‬

‫أوال ‪ :‬ملكية العلو‬

‫يخول حق الملكية للمالك ملكية ما يعلو أرضه أي الفضاء العمودي الذي يرتفع فوق األرض أو البناء‪،‬‬
‫غير أن حقه هذا ال يعني أنه يستأثر بالتمتع بالهواء الذي يعلو أرضه إلى ما ال نهاية في االرتفاع‪ ،‬بل إن‬
‫حقه محصور في االستفادة من العلو إلى الحد المفيد في التمتع به وهو ما نصت عليه المادة ‪ 15‬من‬
‫‪ .‬م‪.‬ح‪.‬ع‬

‫كما أنه على المالك مراعاة الضوابط القانونية التي ال يجوز مخالفتها كضوابط التعمير‪ ،‬وفي نطاق هذا‬
‫الحد المفيد يبقى من حق المالك إقامة ما يشاء فوق أرضه من أبنية ومنشآت وأغراس‪ 3‬حيث نصت‬
‫‪ :‬المادة ‪ 234‬م‪.‬ح‪.‬ع على أنه‬

‫يجوز للمالك األرض أن يقيم عليها جميع انواع المغروسات والبناءات التي يرتئيها مع التقيد بالقوانين"‬
‫"‪ .‬واألنظمة‬

‫إضافة إلى ذلك يحق للمالك أن يمنع غيره من االعتداء على علوه بحيث إذا امتدت أغصان أشجار الجار‬
‫‪ .‬فوق علو أرضه حق له أن يطالبه بقطعها‬

‫كما أسلفنا الذكر‪ -‬يحق للمالك أيضا أن يتصرف في علو أرضه عن طريق تفويته‪ ،‬فمالك أرض شيد‪-‬‬
‫عليها بناء من طابق واحد يمكن له أن يبيع الهواء العلوي‬

‫‪2‬‬
‫اكرم فالح الصواف (‪ ،)2010‬الحماية الدستورية والقانونية في حق الملكية الخاصة (دراسة مقارنة) (الطبعة األولى)‪ ،‬عّمان‪ :‬دار زهران‪،‬‬
‫‪.‬صفحة ‪ .20-19‬بتصّر ف‬
‫‪3‬‬
‫مأمون الكزبري ‪ ،‬التحفيظ العقاري و الحقوق العينية األصلية و التبعية ‪ /‬ص ‪219‬‬
‫لشخص آخر ليشيد فوقه طابقا ثانيا وهو ما نص عليه الفصل ‪ 483‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بقوله‪" :‬يقع صحيحا بيع‬
‫جزء محدد من الفضاء الطليق أو الهواء العمودي الذي يرتفع فوق بناء قائم فعال‪ ،‬ويسوغ للمشتري أن‬
‫يبني فيه بشرط تحديد طبيعة البناء وأبعاده‪ ،‬ولكن ال يسوغ للمشتري أن يبيع الهواء العمودي الذي‬
‫"‪ .‬يعلوه بغير رضى البائع األصلي‬

‫ثانيا ‪ :‬ملكية العمق‬

‫إن حق ملكية األرض يشمل ملكية ما تحتها‪ ،‬فالمالك أن يقيم فيها أبنية أو أنفاقا وأن يستخرج منها‬
‫‪ .‬جميع المواد التي يمكن أن يحصل عليها من مواد خام ومعادن وغيرها‬

‫إال أن التمتع بالعمق‪ ،‬كالتمتع بالعلو‪ ،‬ال يعني اسثئتار المالك بما تحت أرضه إلى ما ال نهاية في‬
‫األعماق‪ ،‬بل إن حقه‪ ،‬كما في نطاق العلو قاصر على االستفادة من العمق إلى الحد المفيد في التمتع به‪،‬‬
‫‪ .‬وفي حدود القوانين والضوابط الجاري بها العمل وهو ما نصت عليه المادة ‪ 234‬في فقرتها األخيرة‬

‫وفي نطاق هذا الحد المفيد‪ ،‬يستطيع المالك أن يقيم في عمق أرضه ما يشاء من األبنية والمنشآت وأن‬
‫يجري فيها كل تنقيب يرتئيه ويستخرج من باطنها جميع المواد التي يمكن الحصول عليها ‪ 4.‬كما يبقى‬
‫من حقه أن يمنع غيره من استعمال عمق أرضه دون موافقته كحفر خندق أو نفق تحت أرضه أو أخذ‬
‫مواد من أرضه‪ ،‬وله كذلك أن يقطع جذور األشجار التي تمتد إلى أرضه من أرض جاره هذا إضافة إلى‬
‫‪ .‬حقه في أن يتصرف في عمق أرضه كأن يعطي لغيره الحق في بناء نفق أو حفر بئر بأرضه‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نطاق حق الملكية من حيث التفرعات‬

‫أوال ‪ :‬حق المالك في غلة الشيء‬

‫للمالك الحق في جميع ما يغله الشيء ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك‪ ،‬والغلة التي ينتجها الشيء‬
‫‪ .‬المملوك نوعان‪ :‬ثمار ومنتجات‬

‫‪ .‬فالثمار هي كل ما يغله الشيء المملوك في فترات منتظمة من غير أن يلحقه تلف أو نقص في هيأته‬

‫فهذه الثمار تعود لمالك األرض سواء كانت هذه الثمار طبيعية أو صناعية أو مدنية‪ ،‬وهو ما نصت عليه‬
‫‪ :‬المادة ‪ 231‬من م‪.‬ح‪.‬ع التي جاء فيها‬

‫" إن ثمار األرض الطبيعية أو الصناعية والثمار المدنية ونتاج الحيوان هي للمالك بطريق االلتصاق"‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫مأمون الكزبري ‪ ،‬مرجع سابق ‪296 ،‬‬
‫ويقصد بالثمار الطبيعية ما يغله الشيء مباشرة من غير أن يحتاج إلى عمل اإلنسان‪ ،‬وذلك مثل ما تنبته‬
‫‪ .‬األرض من غلة وما يتولد من الماشية من صوف وغيرها‬

‫ويقصد بالثمار الصناعية ما يغله الشيء بتدخل من اإلنسان وعمله‪ ،‬وذلك مثل ثمار األشجار‬
‫‪ .‬والمحاصيل الزراعية‬

‫أما الثمار المدنية فيقصد بها المبالغ المالية التي يحصل عليها المالك في فترات معينة مقابل تنازله عن‬
‫منفعة ذلك الشيء لغيره‪ ،‬وذلك كأجرة كراء الدار وأجرة كراء األراضي الزراعية‪ 5.‬أما المنتجات‪ ،‬فهي‬
‫كل ما ينتج عن الشيء المملوك في فترات منتظمة أو غير منتظمة‪ ،‬ويترتب على ذلك اإلنتاج أن يلحق‬
‫بالشيء المملوك تلف أو نقص في هيأته وذلك مثل األشجار المثمرة حينما تقطع أو تقلع من األرض‬
‫‪ .‬واألحجار حينما تؤخذ من المقالع‪ ،‬واألنقاض التي تؤخذ بعد هدم األبنية‬

‫وعليه فإن كل هذه الثمار والمنتجات تعتبر في األصل مملوكة لمالك الشيء‪ ،‬الذي تفرعت عنه ألن‬
‫نطاق حق الملكية يمتد إليها ويشملها‪ .‬وإضافة إلى الغلة فإن كل ما يضم العقار أو يدمج فيه فهو للمالك‬
‫‪ :‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 233‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬كما أضافت المادة ‪ 235‬أن‬

‫كل البناءات واألغراس والمنشآت الموجودة فوق األرض أو داخلها تعد محدثة من طرف مالكها وعلى"‬
‫‪ " .‬نفقته وتعتبر ملكا له ما لم يبث على خالف ذلك‬

‫ثانيا ‪ :‬الحاالت االستثنائية التي تعود فيها الغلة لغير المالك‬

‫على الرغم من أن القاعدة أن الثمار والمحاصيل والمنتجات تعود للمالك‪ ،‬فإن هناك حاالت استثنائية‬
‫‪ :‬تكون فيها الثمار والمنتجات لغير المالك ومن هذه الحاالت ما يلي‬

‫حينما يتنازل مالك الشيء عن ثماره ومنتجاته لشخص آخر‪ ،‬فتصبح تلك الغلة مملوكة لهذا الشخص‪-‬‬
‫المتنازل له عنها‪ ،‬وذلك كما في تفويت المالك لحقه في االنتفاع بملكه لشخص آخر وكما في العارية‬
‫‪ .‬وفي العمرى‪ ،‬وكما إذا فوت الشخص أنقاض داره لمن يأخذها بعد هدمها‬

‫حينما يحوز شخص شيئا ما بنية تملكه وهو يعتقد أن حيازته وتملكه متوفران على الشروط المتطلبة‪-‬‬
‫قانونا أي يكون حسب النية كما إذا اشترى شخص عقارا أو منقوال بمقتضى عقد لم يطلع ما به من‬
‫عيب يجعله باطال أو قابال إلبطال ‪ ،‬ثم يرفع عليه المالك الحقيقي دعوى برد ذلك الشيء إليه ويحكم له‬
‫‪ .‬بذلك‬

‫‪5‬‬
‫محمد ابن معجوز‪ ،‬الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي و التقنين المغربي ص‪63 .‬‬
‫فإن كل ما أخذه من غلة ومنتجات طيلة مدة وجود الشيء في يده وقبل رفع الدعوى المذكورة يكون‬
‫‪ .‬للحائز ‪ ،‬أما ما كان موجودا من الغلة في تاريخ رفع تلك الدعوى فإنه يلزم برده لمالك الشيء‬

‫ولو كان قد نتج قبل رفع هذه الدعوى‪ ،‬كما يلزم برد ما نتج من الغلة بعد ذلك‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل‬
‫‪ 103‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬غير أن هذا الحكم ال يطبق على الحائز سيء النية‪ ،‬وإنما يكون ملزما برد الثمار التي‬
‫جناها والتي كان يمكن أن يجنيها عن المدة التي بقي فيها ذلك الشيء تحت حيازته‪ ،‬بعد أن يسترد منها‬
‫‪ .‬المصروفات التي أنفقها في جني تلك الثمار‪ ،‬وهذا ما يشير إليه الفصل ‪ 101‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬

‫‪ -‬حينما تتساقط ثمار األشجار الممتدة على أرض الغير‬

‫وذلك فيما إذا غرس الملك أشجارا على حدود أرضه وامتدت فروعها إلى أرض الجار‪ ،‬فإن ما يتساقط‬
‫بصفة تلقائية من ثمار تلك الفروع على أرض الجار يكون لهذا الجار بدون أي مقابل وهو ما نصت عليه‬
‫المادة ‪ 74‬م‪.‬ح‪.‬ع بقولها‪" :‬إذا امتدت أغصان األشجار فوق أرض الجار فله أن يطالب بقطعها إلى الحد‬
‫‪" .‬الذي تستوي فيه مع حدود أرضه وتكون له الثمار التي تسقط منها طبيعيا‬

‫وبذلك ال يحق لمالك تلك األشجار أن يلزم الجار برد تلك الثمار له ما لم يكن هو الذي قطفها أو تسبب‬
‫‪ .‬في سقوطها أو سقطت حين قيام المالك بقطفها‪ ،‬وإن ألزم بردها لصاحبها‬

‫وبطبيعة الحال يكون من حق كل شخص امتدت فروع أشجار جاره إلى أرضه أن يطالب مالكها بقلعها‪،‬‬
‫‪ :‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 73‬م‪.‬ح‪.‬ع التي جاء فيها‬

‫ال يجوز للجار أن يغرس أشجارا بجوار بناء جاره إذا كانت هذه األشجار تمتد جذورها‪ ،‬فإذا غرسها"‬
‫‪ " .‬فإنه يحق لمالك هذا البناء المطالبة بقلعها‬

‫‪ :‬خاتمة‬

‫صفوة القول ‪ ،‬أن حق الملكية وإن كان يمنح لصاحبه سلطة على الشيء المملوك تمكنه من استعماله و‬
‫‪ .‬استغالله و التصرف فيه إال أنه مقيد في ذلك بنطاق معين ال يمكنه تجاوزه‬

‫سواء كان هذا النطاق ناتج عن االتفاق ‪ ،‬أو فرضه القانون أو فرضته الضوابط القانونية المعمول بها‬
‫‪ .‬كضوابط التعمير‬

You might also like