Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 45

‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬

‫الجريمة‬

‫الجزء االول‬
‫شروط قيام الجريمة‬
‫الى جانب االركان القانونية والتقليدية الواجب توفرها في كل انواع الجرائم من‬

‫ركن مادي مجسم في الفعل االجرامي وركن معنوي مجسم في القصد الجنائي وركن‬

‫شرعي مجسم في نص التجريم والعقاب ‪ ،‬تتميز الجريمة المرتكبة بإستعمال خصائص‬

‫الوظيف بضرورة توفر شروط خاصة تساهم في قيامها وتتمثل في شرط صفة الجاني‬

‫(فصل اول) وشرط استعمال خصائص الوظيف (فصل ثاني)‪.‬‬

‫الفصل االول ‪ :‬شرط صفة الجاني‪:‬‬


‫تتميز الجريمة المرتكبة باستعمال خصائص الوظيف بضرورة توفر صفة معينة‬

‫في الجاني يتجه تعريفها (فرع اول) ثم بيان اهمية اقترانها بارتكاب الجريمة (فرع ثاني)‬

‫الفرع االول ‪ :‬تعريف الجاني ‪:‬‬


‫اقتضى المشرع الجنائي لقيام الجريمة المرتكبة باستعمال خصائص الوظيف‬

‫ضرورة توفر صفة الموظف العمومي او شبه في مرتكبها اذ نص الفصل ‪ 114‬م ج على‬

‫ان "الموظف العمومي او شبهه الذي في خارج الصور المذكورة بهذا القانون يستعمل‬

‫الرتكاب جريمة خصائص وظيفته او الوسائل التابعة لها يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها‬

‫لتلك الجريمة بزيادة الثلث"‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫ودراسة هذه الصفة تقتضي اوال تعريف الموظف العمومي (فقرة اولى) وشبه‬

‫الموظف العمومي (فقرة ثانية )‬

‫فقرة اولى ‪ :‬الموظف العمومي ‪:‬‬


‫خالفا لبعض التشاريع الجنائية المقارنة تولى المشرع التونسي ومنذ اصدار المجلة‬
‫‪1‬‬
‫الجنائية سنة ‪،1959‬ضبط تعريف قانوني للموظف العمومي او شبهه ضمن الفصل ‪82‬‬

‫من هذه المجلة والذي بموجب التنقيح االخير لسنة ‪ 21998‬اصبح ينص على انه ‪ " :‬يعتبر‬

‫موظفا عموميا تنطبق عليه احكام هذا القانون كل شخص تعهد اليه صالحيات السلطة‬

‫العمومية او يعمل لدى مصلحة من مصالح الدولة او جماعة محلية او ديوان او مؤسسة‬

‫عمومية او منشأة عمومية او غيرها من الذوات التي تساهم في تسيير مرفق عمومي ‪.‬‬

‫ويشبه بالموظف العمومي كل من له صفة المأمور العمومي ومن انتخب لنيابة‬

‫مصلحة عمومية او من تنوبه العدالة للقيام بمأمورية قضائية"‪.‬‬

‫ان اول ما يالحظ بخصوص هذا النص الجديد ان المشرع ادخل تعديل على مفهوم‬

‫الموظف العمومي دون ان يقع االستغناء عن هذه العبارة في حد ذاتها او استبدالها بعبارات‬

‫اخرى مثل عبارة "عون دولة" او "مستخدم بادارة" ولكن الذي تغير هو مضمون العبارة‬

‫ومفهومها‪ ،‬ان من خالل مقارنة اولية للتصنيف يتضح وان المشرع الجنائي تبنى مفهوما‬

‫موسعا للموظف العمومي‪.‬‬

‫‪ - 1‬كان الفصل ‪ 82‬من المجلة الجنائية لسنة ‪ 1959‬يعرف الموظف العمومي او شبهه كونه ‪ :‬يعتبر متوظفا عموميا في نظر هذا‬
‫القانون كل فرد من رعايانا الذي بأي تسمية وباي وسيلة كانت استولى ولو مؤقتا في خطة او نيابة اجراؤها مرتبط بمصلحة من‬
‫النطام العام سواء كان ذلك باجرا او مجانا بحيث يكون بهاته الصفة مشاركا في خدمة الدولة واالدارة العمومية واالدارات البلدية‬
‫وغيرها مما فيه مصلحة عمومية من االدارات التي للدولة حق المراقبة عليها‪.‬‬
‫ويشبه بالمتوظفين العموميين االشخاص الذين ينتخبهم الناس او تنوبهم العدلية بصفة عرفاء او محكمين او مترجمين"‬
‫‪- 2‬تم تنقيح الفصل ‪ 82‬من م ج بالقانون عدد ‪ 33‬لسنة ‪ 1998‬والمؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪.1998‬‬

‫‪9‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫وقد انطلق المشرع ضمن الفصل ‪ 82‬جديد من م ج في تحديد مفهوم الموظف‬

‫العمومي ‪ .‬ومن خالل صياغة هذا النص نالحظ انه صيغ بعبارات تفيد التحديد والتوجيه‬

‫للحكم في مسألة معينة واعتبار هذا الحكم من قبيل االمور المحسوم في مدلولها تشريعيا‬

‫ويتجلي ذلك خاصة من خالل عبارة "يعتبر‪...‬تنطبق عليه احكام هذا القانون" وهذه الصياغة‬

‫تفيد ان المشرع سوف يخرج بنا عن المألوف في القانون الخاص بالوظيفة العمومية‬

‫ومفاهيم القانون االداري وهو ما يستنتج من عبارة "في نظر هذا القانون" اذا فالمشرع اعلن‬

‫منذ بداية صياغة النص انه سيتبنى مفهوما مغايرا لما استقر عليه القانون االداري وفقه هذا‬

‫القانون وهو ما يجعلنا ونظرا لخصوصية القانون الجنائي وموضوعه ستتولى اقصاء‬

‫القانون االداري ومفاهيمه من دائرة البحث دون ان يمنع ذلك من االشارة اليها كلما اقتضى‬

‫االمر ذلك ‪.‬‬

‫اذا فبمقتضى التنقيح الجديد للفصل ‪ 82‬نالحظ ان المشرع الجنائي قام بسحب صفة‬

‫الموظف العمومي على كل من تعهد اليه "صالحيات السلطة العمومية" وتعني هذه العبارة‬

‫كل االشخاص الذين يمارسون وظيفة سلطة بقطع النظر عن طبيعة ذلك الشخص "‪Le‬‬

‫‪ "statut de la personne‬كأن يكون نظاما خاصا "‪( "Privé‬كعضو مختص بشؤون‬

‫الطفولة في تركيبة محكمة االطفال من غير القضاة ‪ ،‬مثال عضو في تركيبة الدائرة‬

‫التجارية من غير القضاة او نظاما عاما (‪ )Public‬مثل كل من له صالحيات السلطة‬

‫العمومية بحكم وظيفه الرسمي‪.‬‬

‫وهو ما يتضح معه ومن خالل عبارة كل شخص تعهد اليه صالحيات السلطة‬

‫العمومية" ان االمر يتجاوز حدود اعوان الوظيفة العمومية الخاضعين جلهم الى النظام‬

‫‪10‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫‪1‬‬
‫االساسي العام المحدد بالقانون عدد ‪ 122‬لسنة ‪ 1983‬المؤرخ في ‪12/12/1983‬‬

‫ليشمل اصناف اخرى من اعوان الوظيفة العمومية والخاضعين النظمة اساسية عامة‬

‫متميزة‪. 2‬‬

‫كما سحب المشرع ايضا صفة الموظف العمومي على كل شخص يعمل لدى‬

‫مصلحة من مصالح الدولة او جماعة محلية او ديوان او مؤسسة عمومية (سواء كانت ذات‬

‫طابع إداري او صناعي او تجاري) كأعوان المؤسسات ذات الصبغة الصناعية والتجارية‬

‫والشركات القومية والشركات التي تساهم الدولة او الجماعة المحلية في رأس مالها‪ .‬او‬

‫منشأة عمومية ‪ ،‬كما سحب المشرع ايضا صفة الموظف العمومي على كل شخص يعمل‬

‫لدى ذات من الذوات التي تساهم في تسيير مرفق عمومي وحسب صياغة الفصل فان‬

‫المشرع لم يفرق بين ما اذا كان االمر يتعلق بذات عمومية او خاصة اذ يكفي ان يعمل‬

‫الشخص لدى هذه الذوات التي ليس لها أي قدر من السلطة العمومية سواء بصفة دائمة او‬

‫مؤقتة لتسحب عليه صفة الموظف العمومي اعتبار لمساهمة تلك الذات التي يعمل بها في‬
‫‪3‬‬
‫تسيير مرفق عمومي‪.‬‬

‫‪ - 1‬نقح بالقنون عدد ‪ 83‬لسنة ‪ 97‬مؤرخ في ‪ 20/12/1997‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية ‪ 26‬ديسمبر ‪ 1997‬ص ‪2482‬عدد‬
‫‪.103‬‬
‫‪- 2‬تشمل هذه االصناف ‪:‬‬
‫أ‪- /‬االعوان العسكريين الخاضعين للقانون عدد ‪ 20‬لسنة ‪ 1967‬المؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪.1967‬‬
‫‪ -‬اعوان االمن الداخلي الخاضعين للقانون عدد ‪ 70‬لسنة ‪ 1982‬المؤرخ في ‪ 6‬اوت ‪ 1982‬والمنقح بالقانون عدد ‪58‬‬
‫لسنة ‪ 2000‬المؤرخ في ‪ 13‬جوان ‪.2000‬‬
‫‪-‬االعوان المكلفين بامن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية الخاضعين للقانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪ 1988‬المؤرخ في ‪ 2‬جوان‬
‫‪.1988‬‬
‫‪-‬قضاة الصنف العدلي الذين يخضعون للقانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 1967‬المؤرخ في ‪ 14‬جويلية ‪.1967‬‬
‫‪-‬قضاة المحكمة االدارية الخاضعين للمرسوم عدد ‪ 67‬لسنة ‪ 1972‬المؤرخ في ‪ 1‬اوت ‪.1972‬‬
‫‪-‬قضاة دائرة المحاسبات الخاضعين للمرسوم عدد ‪ 6‬لسنة ‪ 1970‬المؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪.1970‬‬
‫ب‪ /‬وبذلك تجاوز المشرع االشكال الذي كان قائما حول عدم اعتبار االشخاص التابعين لهذه االصناف‪ ،‬موظفين عموميين‬
‫باعتبار ان القانون عدد ‪ 112‬اقصاهم من اطار احكامه خاصة وان االقصاء ال يفيد انتفاء تلك الصفة عنهم‪.‬‬
‫‪- 3‬المرفق العام يعبر عنه بالخدمة العمومية حسب ما استقر عليه فقه القانون االداري‪ ،‬وهو نشاط تتواله االدارة بطريقة مباشرة او‬
‫غير مباشرة بهدف اشباع حاجة من حاجات االفراد على اساس تحقيق مصلحة عامة ‪ .‬فالتعليلم يعتبر مرفقا عاما الن الدولة تتواله‬
‫مباشرة او عن طريق مؤسسات عمومية كالمعاهد والكليات ‪...‬‬
‫وكذلك االمر بالنسبة للقضاء والشرطة والبريد والبرق والهاتف فهي مرافق عامة ‪.‬‬
‫‪-‬وقد تعهد االمر الى شخص خاص لتسيير مرفق عام وهو ما يسمى في القانون االداري باالزام او امتياز المرافق العامة وهو عقد‬
‫اداري تعهد بمقتضاه االدارة الحد الخواص (فرد‪ ،‬شركة) بتسيير مرفق عام‬

‫‪11‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫اذا يتضح مما سبق بيانه ان المشرع الجنائي تبنى مفهوما موسعا للموظف العمومي‬

‫يستوعب المفهوم االداري بل ويتجاوزه ‪ ،‬فالموظف العمومي يعرف في القانون الجنائي‬

‫اعتمادا على مهامه في حين يعّر ف في القانون االداري على اساس طبيعة العالقة الرابطة‬

‫بين العون العمومي والشخصية العمومية التي توظفه وهو ما استقر عليه الفقه االداري‬

‫باعتباره يعرف الموظف العمومي بكونه الشخص الذي يساهم في عمل دائم في خدمة مرفق‬

‫عام تديره الدولة او احد اشخاص القانون العام االخرى‪.‬‬

‫فالموظف العمومي يعرف بكونه عون الوظيفة العمومية الخاضع للقانون العام من‬

‫حيث تعيينه وترقيته وعزله اذ نص الفصل ‪ 27‬من القانون عدد ‪ 112‬لسنة ‪ 1983‬المؤرخ‬

‫في ‪ 12/12/1983‬والمتعلق بضبط النظام االساسي العوان الدولة والجماعات المحلية‬

‫والمؤسسات العمومية ذات الصبغة االدارية على نفس التعريف الوارد بالفصل ‪ 16‬من‬

‫القانون عدد ‪ 12‬لسنة ‪ 68‬المؤرخ في ‪ 3‬جوان ‪" : 1968‬يعتبر موظف رسميا من وقع‬

‫تعيينه في خدمة دائمة وتم ترسيمه في رتبة دائمة منصوص عليها باطارات االدارة التي‬

‫يرجع اليها بالنظر ‪ ،‬فالقانون االداري يعتمد لتعريف الموظف العمومي على طبيعة العالقة‬

‫الرابط بين العون العمومي والشخصية العمومية التي توظفه ‪.‬‬

‫وتجدر االشارة هنا الى ان الفصل االول من قانون عدد ‪ 112‬لسنة ‪ 1983‬المؤرخ‬

‫في ‪ 12/12/1983‬ان "تطبيق هذا النظام االساسي العام على جميع االعوان المستخدمين‬

‫بأعوان كان‪ "...‬وهي عبارة عامة تستوعب الموظفين والعملة واالعوان الوقتيين واالعوان‬
‫‪1‬‬
‫المتعاقدين باعتبار هؤالء يمثلون اصناف اعوان الوظيفة العمومية ‪.‬‬
‫‪ - 1‬قانون الوظيفة العمومية ‪ :‬صالح الدين الشريف وماهر كمون المدرسة القومية لالدارة ‪.1994‬‬

‫‪12‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫اذا فالموظف العمومي طبق القانون االداري ال يمثل اال صنفا من اصناف االعوان‬
‫‪1‬‬
‫العموميين‪.‬‬

‫في حين وكما سبق االشارة اليه اعاله فإن التعريف الجنائي للموظف العمومي جاء‬

‫اعم واشمل من نظيره االداري باعتبار وان القانون الجنائي يعتمد لتعريف الموظف‬

‫العمومي على مهمة والوظيفة التي يؤديها‪ 2‬وهو ما استقر فقه قضاء محكمة التعقيب على‬

‫تكريسه "الموظف العمومي هو كل شخص عهدت اليه الدولة بجزء من سلطتها التنفيذية" ‪.‬‬

‫فبالرجوع الى جل القرارات التعقيبية نجدها تكتفي بالتذكير بنص الفصل ‪" 82‬حيث‬

‫يعتبر موظفا في نظر الفصل ‪ 82‬م ج من القانون الجنائي كل شخص استولى بأي تسمية‬

‫كانت ولو مؤقتة على خطة او نيابة اجراؤها مرتبط بمصلحة عامة بحيث يكون مشاركا في‬
‫‪3‬‬
‫خدمة الدولة"‪.‬‬

‫وفي قرار اخر اعتبرت محكمة التعقيب توفر صفة الموظف عند ضابط صف كلف‬

‫بادارة مصلحة الجيش وقد ردت المحكمة على ما تمسك به لسان الدفاع من كون صفة‬

‫الجندية ال تكسب صابحها صفة موظف عمومي ‪ ،‬اذ جاء في احدى حيثياتها ‪" ،‬كل من بشار‬

‫خطة اجراءها مرتبط بمصلة عامة سواء كانت مدنية او عسكرية ‪...‬يعتبر موظفا عمومية‬

‫وينطبق عليه الفصل ‪ 82‬من م ج كما ورد بنفس القرار "حيث ان الطاعن كلف بادارة‬

‫مصلحة بريد الجيش بثكنة من ثكناته وهي خطة اجراءها مرتبك بمصلحة عمومية اذ انها‬

‫‪ - 1‬جورج فودال في كتابه "دروس في القانون االداري ‪.52-1951‬‬


‫‪- 2‬ص ‪" 871‬توجد ‪ :‬بين مفهوم العون العمومي ومفهوم الموظف العمومي نفس العالقة الموجودة بين النوع والصنف"‪ .‬هكذا يتجلى‬
‫المفهوم المتميز للموظف وهو يعتبر من نظرية موسة للوظيفة العمومية ويؤكد في نفس الوقت على استقاللية القانون الجنائي عن‬
‫القانون االداري ‪ :‬بالتيني ‪.Traité pratique de la facture 2vol –3édition 1971‬‬
‫‪ - 3‬قرار جزائي عدد ‪ 3925‬مؤرخ في ‪ 4‬جوان ‪ 65‬مجلة القضاء والتشريع لسنة ‪ 1965‬ص ‪.756‬‬

‫‪13‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫لفائدة الجنود وبهذه الصفة يعد مشاركا في خدمة الدولة وملتحقا بإحدى المؤسسات الخاضعة‬

‫لمراقبة الدولة زيادة عن صفته كضابط صف"‪.‬‬

‫كما جاء بنفس القرار "وحيث ان التفرقة بين الموظف المدني والموظف العسكري‬

‫في هذا الباب ال تقوم على سند قانوني وسياق الفصل ‪ 82‬من القانون الجنائي في تعريف‬

‫الموظف العمومي سياق عام بتعبيره الشامل المطلق وان كانت عبارات القانون مطلقة‬
‫‪1‬‬
‫جرت على اطالقها حسب احكام الفصل ‪ 533‬من م ا ع "‪.‬‬

‫لكن هل يعتبر الجندي الذي دعي ألداء واجب الخدمة العسكرية لمدة عام‪ ،‬موظفا‬

‫عموميا اثناء تلك الفترة ؟‬

‫لمدة طويلة انكر البعض صفة الموظف العمومي على الجندي استنادا على مجانية‬

‫الخدمة التي يقوم بها ووجوبيتها ومدتها المحدودة ويعتبر االستاذ ناجي البكوش ان "الجندي"‬

‫اصبح في ايامنا هذه في وضعية قانونية وترتيبية من قواعد القانون العام باعتباره يخضع‬

‫كأي رتبة من رتب الجيش الى قواعد القانون االساسي العام للعسكرين المؤرخ في‬

‫‪ "231/5/1967‬ذلك ان الفصل ‪ 4‬من نفس هذا القانون تعرض الى رتبة الجندي في اسفل‬

‫سلم رتب الجيش وهو ما يجعله واثناء فترة قضاء آداء واجبه متمتعا بصفة الموظف‬

‫العمومي طبق احكام الفصل ‪ 82‬من م ج وهو ما اقرته المحكمة العسكرية الدائمة بتونس‬

‫في قضية احيل فيها على انظارها حافظ امن وجندي من اجل السرقة باستعمال خصائص‬

‫الوظيف طبق الفصلين ‪ 264‬و ‪ 114‬من م ج (‪.)1‬‬


‫‪- 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 7500‬مؤرخ في ‪ 3‬نوفمبر ‪ 1971‬م ق ت لسنة ‪.1972‬‬
‫‪ - 2‬المحكمة العسكرية الدائمة بتونس حكم جنائي عدد ‪ 5/07606‬مؤرخ في ‪ 14/11/2000‬ص ‪.417‬‬

‫‪14‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫كما طبقت محكمة التعقيب الفصل ‪ 82‬على الوزير واعتبرته موظفا عموميا اذ‬

‫تقول"جاء الفصل ‪ 82‬من المجلة الجنائية بتعريف الموظف العمومي في نظر القانون‬

‫الجنائي لكن هذا التعريف عام ويختلف باختالف النص الوارد به لفظ موظف والذي يشمل‬

‫بصفة عامة من استودعته الحكومة قسطا من سلطتها التنفيذية ومنهم من يعهد اليه‬
‫‪1‬‬
‫بمساعدتها على تصريف شؤونها االدارية المالية والثقافية وما الى ذلك"‬

‫فالمفهوم الجنائي للموظف العمومي يستوعب عدة اصناف من الموظفين واعوان‬

‫الدولة انطالقا من موظفي الدولة (وزراء‪-‬نواب‪ )...‬وصوال الى استيعاب عديد المهن‬

‫الحرة وهو يوسع مجال تطبيق الفصل ‪ 82‬م ج ‪.‬‬

‫وقد اتجهت عديد القوانين الجنائية المقارنة الى تكريس تعريف جنائي للموظف‬

‫العمومي من ذلك مثال القانون الجنائي االلماني والبلجيكي‪ ...‬وفي هذا االطار عرف قانون‬

‫العقوبات الجزائري الموظف العمومي ضمن المادة ‪ 149‬بانه "يعتبر موظفا بالنسبة لقانون‬

‫العقوبات كل شخص يتولى تحت أي تسمية وبأي وضع كان اية وظيفة او مهمة ولو مؤقتة‬

‫ذات اجر او يغير اجر ويؤدي بهذا الوصف خدمة للدولة او لالدارات العمومية او‬

‫للمجموعات المحلية او المؤسسات العمومية او اية خدمة ذات مصلحة عمومية"‪.‬‬

‫كما تبنى المشرع الجنائي المغربي ايضا تعريفا للموظف العمومي ضمن الفصل‬

‫‪ 224‬م ج م الذي نص على انه "يعد موظفا عموميا في تطبيق احكام التشريع الجنائي كل‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 7500‬مؤرخ في ‪ 3‬نوفمبر ‪ 1971‬م ق ت لسنة ‪.1972‬‬

‫‪15‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫شخص كيفما كانت صفته يعهد اليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة او مهمة ولو مؤقتة‬

‫باجر او بدون اجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة او المصالح العمومية او الهيئات البلدية او‬

‫المؤسسات العمومية او مصلحة ذات نفع عام"‪.‬‬

‫وما يالحظ في هذا االطار وبالنسبة للنص الجنائي الجزائي انه يشبه الى حد كبير‬

‫الصياغة القديمة للفصل ‪ 82‬م ج والتي ارتأى المشرع الجنائي التونسي ضرورة تحويرها‬

‫لتصبح اكثر شموال واتساعا وتناسبا مع احكام القانون الجنائي‪.‬‬

‫هذا وتجدر االشارة الى ان عديد القوانين المقارنة االخرى رفضت تكريس تعريف‬

‫جنائي للموظف العمومي من ذلك مثال القانون الفرنسي وقد برر الفقه ذلك بسبب انه ال‬

‫يمكن ان يوجد تعريف موحد للموظف العمومي‪ 1‬وان مهمة تحديد المفاهيم هي من عمل‬

‫الفقه والقضاء بتوسع في تحديد مفهوم الموظف العمومي كلما اقتضت الضرورة ذلك‬

‫باعتبار ان هذه العبارة وردت مطلقة في القانون اذ تقول محكمة التعقيب الفرنسية "حيث ان‬
‫‪2‬‬
‫عبارة الموظف العمومي التي استعملها القانون يجب ان تفهم في اوسع مدلولها"‬

‫اما بالنسبة للقانون التونسي كما سبق بيانه فقد تبنى مفهوما جنائيا للموظف‬

‫العمومي وذلك بسحب مجال تطبيق الفصل ‪ 82‬م ج على كل شخص يباشر صالحيات‬

‫عمومية او يسير مرفقا عاما أو نيابة مصلحة عمومية وذلك بهدف تحديد مجال تطبيق‬

‫القانون بصفة واضحة ولتالفي االشكاليات التي تطرح في التطبيق والمتعلقة باالشخاص‬

‫‪1‬‬
‫‪- Guy Debeyre « Il n’existe pas une nation penal unique du fonctionnaire le mot varie selon les cas,‬‬
‫‪cad selon les Encycl-Dalloz p2 articles qui lutilisent , il n’est pas prudent pour définir le fonctionnaire‬‬
‫‪a propos de telles infraction de se reporter a la definition donnée par telle autre ».‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Cass-crim 28/10/10 1943 JCP II n2578 note charlier‬‬

‫‪16‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫الذين يباشرون وظائف تتصل بالمرفق العام والمصلحة العمومية دون ان تتوفر فيهم صفة‬

‫الموظف بما يكونون معه منظوين تحت طائلة القانون وال ينسحب عليهم التجريم كما ان‬

‫المشرع الجنائي سعى من وراء تبني هذا المفهوم الى محاولة توجيه فقه القضاء وجعله‬

‫مستقر حول تعريف موجه فجاء التعريف الجنائي للموظف العمومي تعريف موسعا بلغ حد‬

‫استيعاب بعض المهن الحرة وشبه اصحابها بالموظفين العموميين ‪.‬‬

‫فقرة ثانية ‪ :‬شبه الموظف العمومي ‪:‬‬


‫بالنسلة لشبه الموظف العمومي نص الفصل ‪ 82‬جديد من م ج ضمن الفقرة الثانية‬

‫على انه "يشبه بالموظف العمومي كل من له صفة المأمور العمومي ومن انتخب لنيابة‬

‫مصلحة عمومية او من تنوبه العدالة للقيام بمأمورية قضائية"‪.‬‬

‫وتعتبر هذه الصيغ الثالث جديدة قياسا بما كان مقررا بنص الفصل ‪ 82‬قديم والذي‬

‫كان ينص قبل تنقيح ‪ 1998‬على انه "يشبه المتوظفين العموميين االشخاص الذين ينتخبهم‬

‫الناس او تنوبهم العدلية بصفة عرفاء او محكمين او مترجمين" وبمقارنة الصياغتين القديمة‬

‫والجديدة يتضح ان تعريف شبه الموظف العمومي اضحى اكثر اتساعا وشموال فالمشرع‬

‫الجنائي اضاف صفة المأمور العمومي ليصبح كل من له هذه الصفة شبه موظف عمومي‬

‫أي ان هذه العبارة اتخذها المشرع معيارا لتحديد شبه الموظف العمومي ‪ .‬وهذا المصطلح‬

‫يجد جذوره ضمن م ا ع بالفصل (‪ 442‬و ‪ 445‬و ‪ ،) 450‬فهذه الصفة تنسحب على كل‬

‫من منح اياها بنص خاص ‪ ،‬كعدول االشهاد‪ 1‬وعدول التنفيذ‪ 2‬او الذين يكتسبون هذه الصفة‬

‫‪ - 1‬نص الفصل االول من القانون عدد ‪ 60‬لسنة ‪ 1994‬المؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ 1994‬المتعلق بتنظيم محصنة محصنة عدول االشهاد‬
‫على ما يلي ‪ :‬لعدل االشهاد صفة المأمور العمومي او يخضع في ممارسة مهنته لهذا القانون‪. .‬‬
‫‪ - 2‬نص الفصل االول من القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 1995‬المؤرخ في ‪ 13‬مارس ‪ 1995‬المتعلق بتنظيم مهنة عدول التنفيذ على انه‬
‫"العدل المنفذ صفة المأمور العمومي وهو مساعد للقضاء‪"..‬‬

‫‪17‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫بحكم طبيعة العمل الذي بمارسونه‪ .1‬اضافة الى ذلك فقد عمد المشرع الى حذف التحديد‬

‫الحصري لمن تنوبهم العدالة بصفة عرفاء او محكمين او مترجمين وترك المجال مفتوحا‬

‫لكل من تنوبه العدالة للقيام بمأمورية قضائية كالمترجم والخبير‪ 2‬وامين الفلسة والمصفي‬

‫والمؤتمن العدلي والمتصرف القضائي‪ 3‬فكل من تنتدبه المحكمة للقيام بمأمورية قضائية‬

‫مثال الجراء اختبار فني في مجال البناء‪ ،‬فالحة او محاسب‪ ،‬او طبيب او محام تسخره‬

‫المحكمة للدفاع عن متهم او في نطاق اعانة عدلية للتقاضي‪ ،‬فهو بتلك الصفة شبه موظف‬

‫عمومي باعتباره كلف بمأمورية قضائية والمشرع استعمل عبارة "العدالة" وهي عبارة‬

‫شاسعة فقد تعني المحكمة‪ ،‬او رئيس المحكمة او لجنة االعانة العدلية ‪ ،‬وهذا االختيار من‬

‫المشرع لتلك العبارة مقصود حتى ال يقتصر التعيين للقيام بمأمورية قضائية حكرا على‬

‫المحكمة ‪.‬‬

‫وفي هذه الصورة فان كل من تعينه العدالة للقيام بمأمورية قضائية يكتسب صفة‬

‫شبه الموظف العمومي ويدخل في نطاق الفصل ‪ 82‬وتحت طائلة احكام المجلة الجنائية فيما‬

‫يتعلق بجرائم الموظف العمومي وشبهه‪.‬‬

‫‪ - 1‬لم يعط القانون عدد ‪ 80‬لسنة ‪ 1994‬المتعلق بتنظيم مهنة المترجمين المحلفين صفة المأمور العمومي للمترجم المحلف صراحة‬
‫لكن جاء بالفصل ‪ 14‬من نفس ذلك القانون "بعد المترجم المحلف عند مباشرته لمهامه شبه موظف عمومي طبقا للفصل ‪ 82‬من‬
‫المجلة الجنائية"‪.‬‬
‫‪-‬عرف الفصل ‪ 442‬من م ا ع المأمور العمومي بانه الشخص المنتصب قانونا لتحرير الحجة الرسمية مثل عدل التنفيذ‬
‫وعدل االشهاد وفي بعض الصور القانونية المحامي غير المتمرن ولكن المحامي هو صاحب مهنة حرة وال يعتبر مبدئيا موظف‬
‫عمومي او شبهه باعتباره خاضعا للقانون االساسي لمهنة المحاماة ‪ ،‬اال انه ويكتسب صفة المأمور العمومي وبالتالي صفة شبه‬
‫الموظف العمومي في صورة قيامه بمهمة تحرير عقود البيع للعقارات المسجلة وكذلك يكتسب هذه الصفة في صورة قيامه بمأمورية‬
‫قضائية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬نص الفصل ‪ 11‬من القانون عدد ‪ 61‬لسنة ‪ 1993‬المؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ 19932‬والمتعلق بالخبراء العدليين"يعد الخبير العدلي‬
‫عند مباشرته لمهامه شبه موظف عمومي طبق الفصل ‪ 82‬من المحكمة الجنائية "‬
‫‪ - 3‬جاء بالفصل ‪ 29‬من القانون عدد ‪ 71‬لسنة ‪ 1997‬المؤرخ في ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1997‬المتعلق بالمصفين والمؤتمنين العدليين وامناء‬
‫الفلسة والمتصرفين القضائيين "يشبه المصفي والمؤتمن العدلي وامين الفلسة والمتصرف القضائي بالموظف العمومي على معنى‬
‫الفصل ‪ 82‬من المجلة الجنائية"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫كما استعاض المشرع عن "االشخاص الذين ينتخبهم الناس" ب"من "انتخب لنيابة‬

‫مصلحة عمومية" وهذا التحديد هل معيار اخر لتعريف شبه الموظف العمومي وهو ينطبق‬

‫على كل من يباشر وظيفة عمومية هدفها المصلحة العامة كأعضاء المجالس البلدية‬

‫ومجالس الوالية والمجالس القروية ‪ ،‬وكذلك اعضاء مجلس النواب مع العلم انه ليس‬

‫بالضروري ان يكون شبه الموظف العمومي في هذا المجال منتخبا باالقتراع وانها يكفي‬

‫ان يكون مختارا لتسيير مصلحة عمومية ‪.‬‬

‫ويتضح اذا مما سبق بيانه ان المشرع الجنائي لسنة ‪ 1998‬وسع من قائمة‬

‫االشخاص المشبهين بالموظف العمومي بان اضاف عبارة "كل من له صفة المأمور‬

‫العمومي والغى عبارة االشخاص الذين ينتخبهم الناس واستعاض عنها بعبارة "ومن انتخب‬

‫لنيابة مصلحة عمومية كما اضاف عبارة اكثر شموال واتساعا مما كان منصوصا عليه‬

‫بالنص القديم بان الغى التعداد الحصري لمن يمكن ان تنوبه العدالة ‪.‬‬

‫اال انه ولئن وسع المشرع في نطاق االشخاص المشبهين بالموظفين العموميين فبان‬
‫ذكرهم كما ورد بالفصل ‪ 82‬م ج يبقى حصريا فشبه الموظف العمومي ال يمكن ان يخرج‬
‫عن هذه االصناف الثالث‪.‬‬

‫اال انه ومع ذلك فان تلك االصناف تعتبر موسعة مقارنة بما كان عليه النص القديم‬
‫اضافة الى ذلك فكل من ينتمي الى صنف من هذه االصناف يصبح شبه موظف عمومية‬
‫تنسحب عليه احكام الفصل ‪ 82‬م ج ‪.‬‬

‫اذا فمن خالل تنقيح الفصل ‪ 82‬من م ج يتضح ان المشرع عمد الى توسيع تعريف‬
‫الموظف العمومي وشبهه بما يتماشى والوضعيات الواقعية المعروضة على المحاكم تفاديا‬
‫لعدم االستقرار حول تعريف موحد‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫ان احراز الجاني لصفة الموظف العمومي او شبهه في حد ذاتها ال يكفي لقيام‬
‫الجريمة المرتكبة باستعمال خصائص الوظيف بل يجب ان تكون تلك الصفة متوفر عند‬
‫ارتكاب الجريمة ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬اقتران الصفة بارتكاب الجريمة‪:‬‬


‫ان اق ‪aa‬ران الص ‪aa‬فة بارتك ‪aa‬اب الجريم ‪aa‬ة يع ‪aa‬ني ض ‪aa‬رورة ت ‪aa‬وفر الص ‪aa‬فة عن ‪aa‬د ارتك ‪aa‬اب‬

‫الجريمة (فقرة اولى) باعتبار ان اختاللها قد يؤثر على قيام الجريمة (فقرة ثانية)‬

‫فقرة اولى ‪ :‬ضرورة توفر الصفة عند ارتكاب الجريمة ‪:‬‬


‫من الشروط االساسية التي ضبطها المشرع لنكون بصدد جريمة مرتكبة باستعمال‬

‫خصائص الوظيف هي ان تتوفر في الجاني صفة الموظف العمومي او شبهه اال ان ذلك قد‬

‫ال يكفي لقيام هذا النوع من الجرائم في حقه بل البد ان تكون تلك الصفة متوفرة عند‬

‫ارتكاب الجريمة اي يجب ان يستند عليها الجاني القتراف جريمته‪.‬‬

‫فانتفاء تلك الصفة يؤدي حتما الى استبعاد تطبيق احكام الفصل ‪ 114‬م ج اذ ولئن‬

‫لم ينص المشرع صراحة على ضرورة توفر هذه الصفة عند اتيان الفعل االجرامي فان‬

‫مجرد تنصيصه على ان "الموظف العمومي او شبهه‪...‬يستعمل الرتكاب جريمة خصائص‬

‫وظيفة‪...‬يعاقب" وهو ما يستنتج منه ان تلك الصفة يجب ان تكون قائمة ومتوفرة عند‬

‫ارتكاب الجريمة ‪ ،‬الن انتفائها يحول الجريمة من جريمة مرتكبة باستعمال خصائص‬

‫الوظيف الى جريمة عادية مرتكبة من شخص عادي او جريمة استعمل فيها الجاني صفة‬

‫غير حقيقية ليستعمله او صفة زالت عنه اذا فشرط صفة الجاني هو شرط جوهري لتوفر‬

‫‪20‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫هذا النوع من الجرائم‪ .‬اذ ان مناط التجريم والتشديد ضمن الفصل ‪ 114‬هو استعمال‬

‫الجاني لصفته الحقيقية والتي يجب ان تكون متوفرة‪ ،‬الصفة وهمية او منعدمة ‪.‬‬

‫فان ثبت مثال ان عون الشرطة المتهم بجريمة التحيل باستعمال خصائص الوظيف‬

‫انه عند ارتكابه لتلك الجريمة لم ينظم بعد لسلك االمن فانه ال يمكن مؤاخذته من اجل‬

‫التحيل باستعمال خصائص الوظيف بل من اجل التحيل المجرد فقط‪.‬‬

‫فانعدام تلك الصفة يجعل الفصل ‪ 114‬م ج غير منطبق اذ ال يمكن ان ينطبق هذا‬

‫النص اذا استعمل الجاني خصائص الوظيف دون ان تكون له (صفة الوظيف) صفة‬

‫الموظف العمومي او شبهه‪ ،‬والقول بغير ذلك فيه سوء تطبيق او فهم للنص‪.‬ان هناك من‬

‫يعتبر ان الجريمة المرتكبة باستعمال خصائص الوظيف والتي تشكل جريمة مستقلة بذاتها‬

‫من حيث الوصف ال تقتضي اصال توفر صفة الموظف العمومي اليقاعها اذا ما استعمل‬

‫الجاني الرتكابها خصائص وظيفة او الوسائل التابعة لها"‪1‬فكيف يمكن الحديث عن‬

‫خصائص الوظيف دون ضرورة توفر صفة الموظف العمومي او شبهه لدى الجاني"‪.‬‬

‫ان توفر صفة الجاني عند ارتكاب الجريمة امر جوهري على اساسه تقرر المحكمة‬

‫ثبوت االدانة طبق نص التصريم االصلي والفصل ‪ 114‬م ج ‪ .‬وهي مسألة قانونية تخضع‬

‫لرقابة محكمة التعقيب ‪ ،‬والتي ما فتئت تجري رقابتها على توفر تلك الصفة لدى الجاني‬

‫عند ارتكابه للجريمة اذ تقول هذه المحكمة في احد قراراتها "حيث فضال عن التعريف‬

‫الوارد بالفصل ‪ 82‬من القانون الجنائي للموظف العمومي‪...‬واوراق الملف ناطقة بانتماء‬

‫‪- 1‬قيس الخالدي "مسؤولية الموظف العمومي" ر‪.‬ت المعهد االعلى للقضاء ‪ 1995/1996‬ص ‪.48‬‬

‫‪21‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫المحكوم عليه ساعة ارتكابه للجريمة لالدارة العمومية ‪ ...‬وبالتالي فان صفته كمتوظف ال‬
‫‪1‬‬
‫جدال فيها وان المطعن كان غير جدي واتجه رفضه"‬

‫وقد جرت محاكم االصل على ابراز توفر تلك الصفة لدى الجاني من ذلك ما ورد‬

‫بالحكم الصادر عن الدائرة الجنائية بمحكمة االستئناف بتونس "المتهم موظف عمومي على‬

‫معنى الفصل ‪ 82‬جنائي ما في ذلك شك ان وظيفته وقتئذ هو انه المدير الجهوي للمناطق‬

‫الغابية بوالية جندوبة"‪. 2‬‬

‫كما ان مختلف اجهزة القضاء الجزائي من نيابة عمومية وتحقيق ودائرة اتهام‬

‫ومحاكم جنائية عند نظرها في مثل هذه القضايا فان المسائل االولية التي ينصب اهتمامها‬

‫حولها هي بحث توفر تلك الصفة من عدمه عند ارتكاب الجريمة ‪ .‬فاذا ثبت ان تلك الصفة‬

‫لم تكن قائمة عند ارتكاب الجريمة فال مجال عندها لتطبق احكام الفصل ‪ 114‬م م ج الن‬

‫دفع المتهم بعدم توفر تلك الصفة عند ارتكاب الجريمة يعد دفعا جوهريا يؤدي الى نقض‬

‫الحكم الذي لم يتعرض الى بحث توفر تلك الصفة من عدمه عند ارتكاب الجريمة‪.‬‬

‫وتقول محكمة النقض المصرية في هذا االطار ‪":‬اذا دفع المتهم بان صفة الموظف‬

‫قد انحصرت عنه قبل ارتكاب الفعل المسند اليه او انه لم يحصل على هذه الصفة اال في‬

‫تاريخ الحق على هذا الفعل كان دفعه جوهريا‪ ،‬فان اغفل الحكم تحقيقه والرد عليه كان‬
‫‪3‬‬
‫حكما قاصرا"‬

‫‪- 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 3842‬مؤرخ في ‪ 3/7/1991‬ت م ت ق ح س ‪ 1991‬ص ‪.99‬‬


‫‪- 2‬حكم جنائي عدد ‪ 8903‬مؤرخ في ‪ 17‬مارس ‪( 1984‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪- 3‬نقض مصري ‪ 22‬اكتوبر ‪ 1984‬مجموعة القواعد القانونية ج ‪ 3‬رقم ‪ 277‬ص ‪.375‬‬

‫‪22‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫ولقد كان لبعض القوانين الجنائية العربية المقارنة موقف متميز في هذا المجال ‪:‬‬

‫من ذلك ما تضمنته المادة ‪ 149‬فقرة ثانية من القانون الجنائي الجزائري اذ نصت هذه‬

‫المادة "وتتعين صفة الموظف في يوم وقوع الجريمة وتستمر هذه الصفة مع ذلك بعد انتهاء‬

‫اعمال الوظيفة اذا كانت قد سهلت او سمحت بارتكاب الجريمة"‪.‬‬

‫وهو نفس االتجاه الذي كرسه المشرع الجنائي المغربي اذ نصت المادة ‪ 224‬فقرة‬

‫ثانية من م ج المغربية على انه "تراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك‬

‫فان هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته اذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة‬

‫او مكنته من تنفيذها"‪.‬‬

‫فالى جانب التنصيص الصريح ضمن هاتين المادتين على ضرورة توفر صفة‬

‫الموظف لدى الجاني عند ارتكابه للجريمة فان كالهما نص على ان تلك الصفة" تستمر او‬

‫تعتبر باقية بعد انتهاء الخدمة او الوظيف "بشرط ان تكون تلك الصفة قد سهلت ايقاع‬

‫الجريمة او تنفيذها ‪.‬‬

‫وما تجدر االشارة اليه في هذا المجال ان المقصود بانتهاء الخدمة او الوظيف ليس‬

‫فقط خارج اوقات العمل بل المشرع في كال النصين ذهب ابعد من ذلك أي قدص انتهاء‬

‫الخدمة مطلقا أي مغادرة الوظيف بصفة نهائية النتهاء الخدمة مطلقا أي مغادرة الوظيف‬

‫بصفة نهائية النتها المهمة او الحالة على التقاعد او لالستقالة او لمغادرة الوظيف لسبب من‬

‫االسباب القانونية او غيرها ‪ ،‬ففي جميع الحاالت اذا كانت الصفة القديمة هي التي سهلت‬

‫ارتكاب الجريمة او مكنت من تنفيذها فانها تعتبر باقية ومستمرة أي كأنها لم تزل خاصة‬

‫‪23‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫وان انتهاء الوظيفة ال يعني بالضرورة انتهاء تلك الصفة لدى العموم ‪ ،‬اما بالنسبة للقانون‬

‫التونسي فعلى الرغم من توسيع مفهوم الموظف العمومي وشبهه لم يكرس المشرع مثل هذا‬

‫الحل‪.‬‬

‫فلما ال يقع اضافة فقرة ثالثة للفصل ‪ 82‬من م ج تكرس نسب التوجه الذي تبناه‬

‫القانون الجنائي المغربي او الجزائري بخصوص التنصيص صراحة على ضرورة توفر‬

‫تلك الصفة عند ارتكاب الجريمة واعتبارها باقية بعد انتهاء الوظيف اذ ثبت انها سهلت‬

‫ارتكاب الجريمة ‪ ،‬فتكون الصياغة مثال كآلتي ‪ " .‬ويجب ان تتوفر صفة الموظف‬

‫العمومي او شبهه عند ارتكابه للجريمة ‪ ،‬وتعتبر تلك الصفة مستمرة بعد انتهاء الوظيف او‬

‫المأمورية اذا ثبت وانها سهلت ارتكاب الجريمة او تنفيذها"‪.‬‬

‫وهذا االقتراح يتالئم حسب رأينا مع المفهوم الموسع الذي كرس المشرع للموظف‬

‫العمومي وشبهه من خالل التنقيح الجديد الذي ادخل على الفصل ‪ 82‬من م ج سنة ‪.1998‬‬

‫كما يتناسق ايضا مع الحماية الجزائية للوظيفة العمومية التي كرسها المشرع‬

‫التونسي ضمن عديد فصول المجلة الجنائية وخاصة منها الفصل ‪ 114‬من م ج موضوع‬

‫بحثنا هذا ‪.‬‬

‫اذا فثبوت توفر صفة الموظف العمومي او شبهه لدى الجاني عند ارتكابه للجريمة‬

‫هو من العناصر االساسية التي اقرها المشرع ضمن الفصل ‪ 114‬لمؤاخذته من اجل‬

‫الجرائم المرتكبة باستعمال خصائص الوظيف‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫لكن هل ان هذا الفصل ينطبق على الموظف العمومي او شبهه الذي شاب قرار‬

‫تعيينه عيب مبطل ؟‪.‬‬

‫فقرة ثانية ‪ :‬اختالل الصفة عند ارتكاب الجريمة‬


‫هل ان بطالن قرار تعيين الموظف العمومي او شبهه ينفي عنه تلك الصفة وبالتالي‬

‫يجوز له ان يتمسك بانعدامها وعدم توفرها عند ارتكاب الجريمة ‪ ،‬فال يخضع بذلك الحكام‬

‫الفصل ‪ 114‬من م ج ؟‬

‫بالنظر الى مختلف القوانين االساسية والخاصة فان عدم توفر الشروط القانونية‬

‫(السن‪ ،‬الجنسية السيرة والسلوك ‪ ،‬المؤهالت البدنية اجراءات التعيين والسلطة المؤهلة‬

‫قانونا لذلك واداء اليمني بالنسبة لبعض المهن ) او اختاللها يؤثر على صفة الموظف‬

‫العمومي او شبهه ‪ ،‬فتعتبر كأنها لم تكن ‪.‬‬

‫اذ اتجه الرأي الى اعتبار انه اذا شاب قرار التعيين عيب (عدم توفر احد الشروط‬

‫المشار اليها اعاله) فال مجال لمعاملة ذلك الشخص على اساس انه موظف النه بالنظر الى‬

‫تلك القوانين فاقد لصفة الموظف او شبهه ‪ ،‬باعتبار وانه اذا كان قرار التعيين باطال فانه‬

‫من وجه القانون االداري يقع الغائه بصفة رجعية ويعتبر الشخص المعني بذلك القرار كما‬

‫لو لم يقع تسميته بالوظيفة العمومية ‪ ،‬ولذلك اتجه جانب من الفقه الى القول بضرورة تقيد‬

‫القانون الجنائي بهذا الحل باعتبار وان بعض الجرائم تستوجب توفر صفة الموظف‬

‫العمومي او شبهه وبالتالي يجب ان يكتسب الجاني هذه الصفة من الناحية القانونية‬

‫الصحيحة فان اختلت تلك الصفة من الناحية القانونية فال مجال مسائلة من كان جائزا لها‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫ان ما يعاب على هذا الرأي هو تقيده بالمنظومة االدارية لمفهوم الموظف العمومي‬

‫والحال ان القانون الجنائي بات بما ال يدع مجاال للشك مستقال عن بقية القوانين االخرى‬

‫الن العلة من تجريم جرائم الموظف العمومي عامة والجرائم المرتكبة باستعمال خصائص‬

‫الوظيف خاصة ليس تحديد مفهوم الموظف العمومي بل حماية الوظيف ‪ ،‬اذ ال يعقل ان‬

‫يفلت من العقاب من شاب قرار تعيينه عيب مبطل باعتبار وان تلك العيوب قد تخفي على‬

‫المتعاملين مع ذلك الشخص والذي يبقى في نظرهم مكتسبا لتلك الصفة ومجسدا لالدارة‬

‫التي ينتمي اليها خاصة اذا كان قد باشر فعال مهامه ‪ ،‬لكل هذه االسباب وغيرها تم تكريس‬

‫نظرية الموظف الفعلي ‪.‬‬

‫لقد اتجه اغلب الفقه الى اعتبار انه اذا ارتكب الموظف جريمة من جرائم الموظف‬

‫العمومي ولم يصدر قرار بتعيينه او كان قرار تعيينه باطال فاننا نكون بصدد ما سمي بحالة‬

‫الموظف الفعلي او الواقعي "ومن المقرر في القانون االداري ان الموظف ال يعتبر فعليا اال‬

‫اذا كان قرار قرار تعيينه الباطل معقوال أي يرجع الى الظاهر فيعتبر صحيحا اذا لم يفطن‬

‫الجمهور الى سبب بطالنه دون عبرة بما اذا كان الموظف حسن النية ام ال‪ .. ،‬اما في‬

‫الحاالت االستثنائية كحالة الحرب او الثورة فقد قبل بانه ليس من الضروري ان يكون‬

‫التعيين معقوال بل يعتبر ذلك الشخص موظفا فعليا ولو لم يصدر قط قرار بتعيينه ‪ ،‬واذا فان‬
‫‪1‬‬
‫اساس نظرية الموظف الفعلي ‪ :‬اما الظاهر او الضرورة"‬

‫‪ - 1‬احمد فتحي سرور قانون العقوبات القسم الخاص ص ‪ 22‬و ‪.23‬‬

‫‪26‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫ان تكريس نظرية الموظف الفعلي يجب ان يكون موسعا تالئما مع المفهوم الموسع‬

‫للموظف العمومي الذي كرسه المشرع الجنائي التونسي ضمن الفصل ‪ 82‬من م ج حتى ال‬

‫يفلت من العقاب كل من استغل صفته الرتكاب جريمة حتى وان كان اكتساب تلك الصفة‬

‫معيبا بخلل في االجراءات او لبطالن قررا التعيين ‪..‬‬

‫ألن تلك االسباب المبطلة غالبا ما تخفى على العموم ولذلك وحماية للوضعيات‬

‫الظاهرة وللوظيف ولمصالح الهيئة االجتماعية فانه ال يمكن ألي كان ومهما كان سبب‬

‫بطالن اكتساب صفة الموظف العمومي او شبهه ان ينتفع بذلك البطالن الن العموم تعامل‬

‫معه على اساس تأثير وضعيته الظاهرة وبالتالي وجب تسليط عقاب رادع له على اساس‬

‫تلك الوضعية الظاهرة ‪.‬‬

‫الى جانب شرط صفة الجاني من كونه موظفا عموميا او شبه اشترط المشرع‬

‫ولتطبيق احكام الفصل ‪ 114‬ان يتم استعمال خصائص الوظيف في ارتكاب الجريمة ‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪:‬‬


‫شرط استعمال خصائص الوظيف ‪:‬‬
‫قد يلجأ الحاني (موظف عمومي او شبهه) الى ارتكاب الجريمة استنادا الى‬

‫خصائص وظيفة وهو ما من شانه ان يوفر في جانبه جريمة مرتكبة باستعمال خصائص‬

‫الوظيف باعتبار الدور الهام لتلك الخصائص في تحقيق الفعل االجرامي ودراسة التوظيف‬

‫‪27‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫االجرامي تلك الخصائص في الجريمة (فرع ثاني) تقتضي قبل ذلك تحديد مدلولها (فرع‬

‫اول )‪.‬‬

‫فرع اول ‪ :‬مدلول خصائص الوظيف ‪:‬‬


‫نص المشرع ضمن الفصل ‪ 114‬من م ج على ان "الموظف العمومي او شبهه‬

‫الذي ‪...‬يستعمل الرتكاب جريمة خصائص الوظيفة او الوسائل التابعة لها ‪"...‬‬

‫فهذه الخصائص شرط اساسي لتطبيق الفصل ‪ 114‬م ج وأول مالحظة يمكن‬

‫استنتاجها من احكام الفصل ‪ 114‬هو ان هذه الخصائص يجب ان تكون من متعلقات وظيفة‬

‫الجاني ‪ ،‬ذلك ان احكام الفصل ‪ 114‬ال تنطبق اذا استعمل الموظف العمومي او شبهه‬

‫خصائص وظيفة اخرى ال ينتمي اليها قطعا ‪ ،‬كان يستعمل موظف بالصندوق القومي‬

‫للضمان االجتماعي خصائص وظيفة عون امن ‪ ،‬ففي هذه الصورة سنكون بصدد انتحال‬

‫صفة او تلبس بلقب او بزي موظف عمومي‪ ،‬وال تنطبق احكام الفصل ‪ 114‬م ج على هذه‬

‫الصورة باعتبار ان المشرع نص صراحة على شرط استعمال الجاني خصائص‬

‫وظيفته‪.‬هي فعال من خصائص الوظيف وهي المظهر المادي لخصائص الوظيف فقه‬

‫القضاء التونسي مستقر على وصف هذه الجرائم بكونها جرائم مرتبكة باستعمال خصائص‬

‫الوظيف للداللة في نفس الوقت على الخصائص والوسائل ‪ :‬كالتحليل باستعمال خصائص‬

‫الوظيف او السرقة باستعمال خصائص الوظيف ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫وتجدر االشارة في هذا المجال الى المشرع ضمن الفصل ‪ 114‬تعرض الى‬

‫خصائص الوظيف ووسائله ‪ ،‬وفرق بينها باستعمال " او "كتعداد حصري للعناصر‬

‫المرتبطة بوظيفة الجاني والتي يمكن ان يستعملها اليقاع جريمته ولكن اال تعتبر وسائل‬

‫الوظيف عنصرا من عناصر خصائص الوظيف او احدى مكوناتها ؟‬

‫بالرجوع الى فقه قضاء محكمة التعقيب ‪ 1‬وعمل القضاء الجزائي بمختلف درجاته‬

‫نالحظ انه ال يفرق بين الخصائص والوسائل بل ويستعمل عبارة "خصائص الوظيف"‬

‫للداللة على الخصائص والوسائل في نفس الوقت ‪ ،‬باعتبار ان وسائل الوظيف هي فعال من‬

‫خصائص الوظيف وهي المظهر المادي لخصائص الوظيف فقه القضاء التونسي مستقر‬

‫على وصف هذه الجرائم بكونها جرائم مرتكبة باستعمال خصائص الوظيف للداللة في نفس‬

‫الوقت على الخصائص الوسائل ‪ :‬التحيل باستعمال خصائص الوظيف او السرقة باستعمال‬

‫خصائص الوظيف ‪.‬‬

‫فعبارة خصائص الوظيف لدى فقه القضاء تستعمل للداللة على الخصائص‬

‫والوسائل اذ ال وجود لقرار تعقيبي او حكم جزائي يصف جريمة ارتكبها موظف عمومي‬

‫او شبهه بكونها جريمة مرتكبة باستعمال وسائل الوظيف ‪.‬‬

‫فالمهم هو ان تكون تلك الوسائل من متعلقات وظيفة الجاني حتى تعتبر من‬

‫خصائص الوظيف‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 41533‬مؤرخ في ‪ 26‬فيفري ‪ 1992‬ن م ت ق ح س ‪ 1991‬ص ‪.190‬‬


‫‪-‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 230‬مؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ 1967‬م ق ت ‪.1967‬‬

‫‪29‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫وعموما فان خصائص الوظيف هي مميزات الوظيف ويمكن تعريفها بكونها ‪:‬‬

‫جملة العناصر والوسائل المادية والمعنوية التي تختلف باختالف وتنوع االختصاصات‬

‫واالنشطة والصالحيات التي يتمتع بها الهيكل او الجهاز االداري او الذات العمومية التي‬

‫ينتمي اليها الموظف العمومي او شبهه والتي يكتسبها هذا االخير كلها وا جزء منها ألداء ‪.‬‬

‫والتي من خاللها او بواسطتها يمارس الموظف العمومي او شبهه العمل او المأمورية‬

‫المعهود اليه انجازها‪.‬‬

‫هذا وتجدر االشارة الى ان خصائص الوظيف ترتبط بفكرة االختصاص فتعد تحديد‬

‫اختصاص الجهة االدارية او الهيكل او السلطة العمومية او الذات التي تساهم في تسيير‬

‫خدمة عمومية تتحدد بالتبعية خصائص الوظيف او على االقل تتضح معالمها ‪ .‬فمثال‬

‫تختص قوات االمن الداخلي بالمحافظة على االمن العام واحترام القانون ومعاينة المخالفات‬

‫عند االقتضاء ويختص عدل التنفيذ بتحرير وابالغ االحتجاجات واالعالمات والتنابيه‬

‫فخصائص الوظيف في هذيه المثالين تختلف باختالف‬ ‫‪1‬‬


‫واالستدعاءات واجراء العقل‬

‫طبيعة العمل واالختصاص ‪.‬‬

‫وما تجدر االشارة اليه في هذا المجال ان خصائص الوظيف يمكن ان تنقسسم الى‬

‫نوعين اوال خصائص تتصل باالختصاص العام للوظيفة التي ينتمي اليها الموظف العمومي‬

‫او شبهه ‪ ،‬كسلك القضاء وسلك قوات االمن الداخلي‪ ...‬وهو ما يمكن التعبير عنه‬

‫بالخصائص العامة والنوع الثاني يتصل باالختصاص الخاص المسند للموظف العمومي او‬

‫شبهه في نطاق المهمة المحددة له فاختصاص حاكم التحقيق بعمل التحقيق‪ ...‬وهو ما يمكن‬

‫تسميته بالخصائص الخاصة ‪.‬‬


‫‪ - 1‬فصل ‪ 5‬من القانون عدد ‪ 70‬لسنة ‪ 1982‬المؤرخ في ‪ 6/8/1982‬والمنقح بالقانون عدد ‪ 58‬لسنة ‪ 2000‬المؤرخ في ‪ 13‬جوان‬
‫‪ 2000‬والمتعلق بضبط النظام االساسي الخاص بقوات االمن الداخلي ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫وما تجدر مالحظته في هذا االطار هو ان خصائص الوظيف التي قد يعتمدها‬

‫الجاني في ارتكاب جريمته يمكن ان تكون متصلة بالمهمة المعهود اليه انجازها أي متصلة‬

‫بالنشاط الخاص او المأمورية المكلف بها شخصيا ويمكن ان تكون متصلة بالنشاط العام‬

‫واالختصاص العام للوظيفة او الهيكل الذي ينتمي اليه‪ .‬والمهم هو ان تكون تلك الخصائص‬

‫متصلة بالنشاط العام الذي ينتمي اليه الموظف العمومي او شبهه أي ال يشترط ان تكون‬

‫تلك الخصائص متصلة بمهامه الوظيفية المباشرة بل يكفي ان تكون تلك الخصائص التي‬

‫استند اليها متصلة باالختصاص العام للنشاط الذي ينتمي اليه ‪.‬‬

‫فكاتب المحكمة العقارية الذي يتصل ببعض الفالحين ويوهمهم بانه رئيس المحكمة‬

‫تلك المحكمة ويعرض عليهم خدماته قصد تمكينهم من تسجيل االراضي الفالحية الدولية‬

‫التي يحوزتهم بالمنطقة لفائدتهم بصفة نهائية مقابل تنازل كل واحد منهم على جزء من‬

‫ارضه ويتسلم فعال بذلك القنوان وبالحجة العادلة ما يثبت ذلك التنازل يكون مرتكبا لجريمة‬

‫التحيل باستعمال خصائص الوظيف طبق الفصل ‪ 291‬ة ‪ 114‬من م ج ‪.‬‬

‫وق‪aa‬د ك‪aa‬ون ه‪aa‬ذا المث‪aa‬ال فعال وق‪aa‬ائع قض‪aa‬ية نظ‪aa‬رت فيه‪aa‬ا محكم‪aa‬ة التعقيب‪ 1‬وثبتت فيه‪aa‬ا ادان‪aa‬ة‬

‫ك‪aa‬اتب المحك‪aa‬ة العقاري‪aa‬ة رغم ان‪aa‬ه اس‪aa‬تعمل ص‪aa‬فة ليس‪aa‬ت ل‪aa‬ه أي ص‪aa‬فة رئيس المحكم‪aa‬ة وه‪aa‬ذه االدان‪aa‬ة‬

‫متجهة باعتبار وان رئاسة المحكمة العقارية هي خاصية من خص‪aa‬ائص الوظيف‪aa‬ة ال‪aa‬تي ينتمي اليه‪aa‬ا‬

‫ذل‪aa‬ك الك‪aa‬اتب ‪ ،‬ف‪aa‬اذا ادعى ذل‪aa‬ك الك‪aa‬ابت بان‪aa‬ه م‪aa‬دير مؤسس‪aa‬ة بنكي‪aa‬ة ف‪aa‬ان ادانت‪aa‬ه لن تك‪aa‬ون على اس‪aa‬اس‬

‫استعمال خصائص الوظيف في ارتكاب التحيل‪ ،‬بل سيدان من اجل التحيل المجرد ‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 41533‬مؤرخ في ‪ 26/2/1992‬من ن م ت ق ج س ‪ 1992‬ص ‪190‬‬

‫‪31‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫اذا المهم ان تك‪aa‬ون خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف ال‪aa‬تي يعتم‪aa‬دها الج‪aa‬اني في ارتك‪aa‬اب الجريم‪aa‬ة نابع‪aa‬ة‬

‫من اختصاص الجهة التي ينتمي اليها ومرتبطة بها ‪ ،‬سواء ك‪aa‬انت تل‪aa‬ك الخص‪aa‬ائص تابع‪aa‬ة لنش‪aa‬اطه‬

‫الخاص المباشر أي متصلة بمهمته مباشرة او متصلة باالختص‪aa‬اص الع‪aa‬ام للجه‪aa‬ة ال‪aa‬تي ينتمي اليه‪aa‬ا‬

‫‪.‬‬

‫وتأسيس‪aa a‬ا على م‪aa a‬ا تق‪aa a‬دم يمكن دراس‪aa a‬ة م‪aa a‬دلول خص‪aa a‬ائص الوظي‪aa a‬ف من خالل تقس‪aa a‬يم ه‪aa a‬ذه‬

‫الخص‪aa a‬ائص الى قس‪aa a‬مين خص‪aa a‬ائص ذات طبيعي‪aa a‬ة مادي‪aa a‬ة (فق‪aa a‬رة ثاني‪aa a‬ة ) وخص‪aa a‬ائص ذات طبيع‪aa a‬ة‬

‫معنوية (فقرة اولى )‬

‫الفقرة االولى ‪:‬خصائص ذات طبيعة معنوية ‪:‬‬


‫من اهم هذه الخصائص نذكر الصفة والسلطة ‪:‬‬

‫‪-‬الصفة ‪:‬‬

‫ت‪aaa‬برز الص‪aa a‬فة ك‪aaa‬أهم عنص‪aa a‬ر معن‪aaa‬وي من العناص‪aa a‬ر المكون ‪aa‬ة لخص‪aa a‬ائص الوظي‪aaa‬ف وال‪aaa‬تي‬

‫يكتس‪aa‬يها الش‪aa‬خص من خالل انتمائ‪aa‬ه ال‪aa‬وظيفي بالعم‪aa‬ل ل‪aa‬دى اح‪aa‬دى الهياك‪aa‬ل او ال‪aa‬ذوات ال‪aa‬تي ض‪aa‬بطها‬

‫الفص ‪aa‬ل ‪ 82‬من م ج ‪.‬ومن اهم آث ‪aa‬ار ه ‪aa‬ذه الص ‪aa‬فة انه ‪aa‬ا تمنح حائزه ‪aa‬ا ص ‪aa‬الحيا)ت واختصاص ‪aa‬ات‬

‫وامتيازات تجعله في نظر العامة ممثل للجهة التي ينتمي اليها ويعمل باسمها بل تجعل تلك الجهة‬

‫مجسد في ذاته‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫وعنص‪aa a‬ر الص‪aa a‬فة يرتب‪aa a‬ط بطبيع‪aa a‬ة عم‪aa a‬ل حائزه‪aa a‬ا وهي من خص‪aa a‬ائص وظيف‪aa a‬ه وهي اول‬

‫خاص ‪aa‬ية من خص ‪aa‬ائص الوظي ‪aa‬ف يكتس ‪aa‬بها الموظ ‪aa‬ف العم ‪aa‬ومي او ش ‪aa‬بهه بمج ‪aa‬رد انتمائ ‪aa‬ه ال ‪aa‬وظيفي‬

‫لجهة معينة ‪ .‬فصفة عدل التنفيذ يكتسبها الشخص بمجرد انتمائه لسلك عدول التنفيذ وص‪aa‬فة ع‪a‬ون‬

‫االمن يكتس‪aa a‬بها الش‪aa a‬خص اذا التح‪aa a‬ق مثال بجه‪aa a‬از اع‪aa a‬وان الش‪aa a‬رطة باعتب‪aa a‬ار ان خص‪aa a‬ائص ه‪aa a‬ذا‬

‫الوظيف تفرض تلك الصفة ‪.‬‬

‫واس‪aa‬اس اعتب‪aa‬ار الص‪aa‬فة ك‪aa‬أول عنص‪aa‬ر من عناص‪aa‬ر خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف ه‪aa‬و ان الج‪aa‬اني في‬

‫مث ‪aa‬ل ه ‪aa‬ذه الج ‪aa‬رائم يلج ‪aa‬أ الى تل ‪aa‬ك الص ‪aa‬فة ك ‪aa‬أول وس ‪aa‬يلة يعتم ‪aa‬دها في ارتك ‪aa‬اب جريمت ‪aa‬ه باعتباره ‪aa‬ا‬

‫خاص‪aa‬ية حقيقي‪aa‬ة تعكس وظيف‪a‬ه والجه‪aa‬ة ال‪aa‬تي ينتمي اليه‪aa‬ا وظيفي‪aa‬ا ومن ش‪aa‬أنها ان تس‪aa‬هل اح‪aa‬راز ثق‪a‬ة‬

‫الضحية و تخفي الصبغة االجرامية لفعل الجاني (موظف عمومي او شبهه)‪.‬‬

‫‪-‬السلطة ‪:‬‬

‫هي العنصر الثاني الهام من العناصر المعنوية المكونة لخصائص الوظيف وقد تع‪aa‬رض‬

‫المش‪aa‬رع الجن‪aa‬ائي الى ه‪aa‬ذا اللف‪aa‬ظ ض‪aa‬من القس‪aa‬م الخ‪aa‬امس من الب‪aa‬اب الث‪aa‬الث تحت عن‪aa‬وان "في تج‪aa‬اوز‬

‫حد السلطة‪ "...‬وهي تعني عموما القدرة والنفوذ والضغط او اإلكراه والقوة الملزمة ‪.‬‬

‫وهي تعت‪aa‬بر روح اإلدارة وتم‪aa‬ارس من ط‪aa‬رف الم‪aa‬وظفين تج‪aa‬اه العام‪aa‬ة في ش‪aa‬كل ض‪aa‬غط او‬

‫اك‪aa‬راه خ‪aa‬ارخي ‪ ،‬ولكنن‪aa‬ا نج‪aa‬دها في ش‪aa‬كل داخلي كعنص ‪aa‬ر يض ‪aa‬بط االختص ‪aa‬اص بين ف ‪aa‬روع اإلدارة‬

‫وفي عالقة الرؤساء االداريين ومساعديهم ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫فوض‪aa a‬ع اختص‪aa a‬اص معين بين ي‪aa a‬دي عض‪aa a‬و اإلدارة يقتض‪aa a‬ي منح‪aa a‬ه ج‪aa a‬زء من س‪aa a‬لطة ه‪aa a‬ذه‬

‫االخيرة حتى يتسنى له انجاز مهامه ‪.‬‬

‫وتبع‪aa‬ا ل‪aa‬ذلك تعت‪aa‬بر الس‪aa‬لطة من خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف وهي ال تقتص‪aa‬ر على مفه‪aa‬وم الض‪aa‬غط‬

‫واالكراه المادي بل تشمل ايضا سلطة اتخاذ القرار طبق االختصاص‪.‬‬

‫ويبرز عنصر السلطة كجزء من خصائص الوظيف ‪ ،‬خاصة لدى اع‪aa‬وان الس‪aa‬لطة العام‪aa‬ة‬

‫‪ ،‬فع ‪aa‬ون الش ‪aa‬رطة يمث ‪aa‬ل الس ‪aa‬لطة ال ‪aa‬تي ينتمي اليه ‪aa‬ا ويعم ‪aa‬ل باس ‪aa‬مها وه ‪aa‬و ب ‪aa‬ذلك يتمت ‪aa‬ع بج ‪aa‬زء من‬

‫س ‪aa‬لطتها باعتب ‪aa‬اره "من الم ‪aa‬وظفين ال ‪aa‬ذين اس ‪aa‬ند اليهم الق ‪aa‬انون او الحكوم ‪aa‬ة قس ‪aa‬طا من س ‪aa‬لطتها لحف ‪aa‬ظ‬
‫‪1‬‬
‫النظام العام"‬

‫فبمجرد ان يعرّف عون االمن بصفته ألي شخص من عامة الناس يدرك هذا االخير انه‬

‫يتعام ‪aa‬ل م ‪aa‬ع ص ‪aa‬احب الس ‪aa‬لطة وتتأك ‪aa‬د تل ‪aa‬ك الس ‪aa‬لطة من خالل المظه ‪aa‬ر الخ ‪aa‬ارجي ل ‪aa‬ذلك الع ‪aa‬ون ومن‬

‫وسائل وظيفه‪.‬‬

‫والى ج ‪aa‬انب ذل ‪aa‬ك ف ‪aa‬ان عنص ‪aa‬ر الس ‪aa‬لطة كخاص ‪aa‬ية من خص ‪aa‬ائص الوظي ‪aa‬ف ق ‪aa‬د يتخ ‪aa‬ذ ش ‪aa‬كل‬

‫قرار اداري يترتب عنه تغيير في المراكز القانونية كمنح حق او ازالت‪aa‬ه وه‪aa‬ذا العم‪aa‬ل يعت‪aa‬بر س‪aa‬لطة‬

‫في حد ذاته فالموظف العمومي او شبهه كما وقع تعريف‪a‬ه بالفص‪a‬ل ‪ 82‬من م ج يكتس‪a‬ب آلي‪a‬ا ج‪a‬زء‬

‫من سلطة الذوات التي حددها الفصل المذكور باعتباره يعمل باسمها ويمثلها‪.‬‬

‫اذا ان خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف ذات الطبيع‪aa‬ة المعنوي‪aa‬ة (كم‪aa‬ا اص‪aa‬طلحنا على تس‪aa‬ميتها ق‪aa‬د تتع‪aa‬دد‬

‫بتع ‪aa‬دد واختالف وظ ‪aa‬ائف واختصاص ‪aa‬ات الجه ‪aa‬ة االداري ‪aa‬ة او المرف ‪aa‬ق ال ‪aa‬ذي ينتمي الي ‪aa‬ه الموظ ‪aa‬ف‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 4960‬مؤرخ في ‪.16/1/1967‬‬

‫‪34‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫العمومي او ش‪a‬بهه‪ .‬فاالمتي‪a‬ازات الممنوح‪a‬ة للم‪a‬وظفين بمقتض‪a‬ى وظيفهم يمكن اعتباره‪a‬ا خص‪a‬ائص‬

‫وظيف ‪ ،‬اال ان هذه الخصائص ‪ ،‬قد تحتاج الى وسائل مادية تفصح عنها وتبرزها للعموم‪.‬‬

‫فقرة ثانية خصائص ذات طبيعة مادية ‪:‬‬


‫تتع‪aa a‬دد ه‪aa a‬ذه الخص‪aa a‬ائص وتختل‪aa a‬ف ب‪aa a‬اختالف االختص‪aa a‬اص ال‪aa a‬وظيفي واالجه‪aa a‬زة االداري‪aa a‬ة‬

‫والسلط العمومية التابعة للدولة والذوات التي تساهم في تسيير المرفق العمومي ‪.‬‬

‫وه‪aa‬ذه الخص ‪aa‬ائص هي عموم‪aa‬ا جمل‪aa‬ة وس‪aa‬ائل وادوات الوظي‪aa‬ف ال‪aa‬تي بواس‪aa‬طتها يتم انج‪aa‬از‬

‫العم‪aa‬ل س‪aa‬واء بطريق‪aa‬ة مباش‪aa‬رة او غ‪aa‬ير مباش‪aa‬رة باعتباره‪aa‬ا تك‪aa‬ون في بعض االحي‪aa‬ان وس‪aa‬ائل لتس‪aa‬هيل‬

‫انجازه ‪.‬‬

‫ومن بين اهم هذه الوسائل نذكر الزي الرسمي والبطاقة المهنية والوثائق االدارية ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫‪-‬البطاقة المهنية ‪ :‬او بطاقة اطار ‪:‬‬

‫وهي عموم ‪aa‬ا بطاق ‪aa‬ة مرقم ‪aa‬ة تتض ‪aa‬من ع ‪aa‬ادة ص ‪aa‬ورة حامله ‪aa‬ا وهويت ‪aa‬ه ورقم بطاق ‪aa‬ة تعريف ‪aa‬ه‬

‫الوطنية ‪ ،‬وتحدد الجهاز او الهيكل او السلطة التي ينتمي اليها ورتبت‪a‬ه واختصاص‪a‬ه وتتض‪a‬من م‪a‬دة‬

‫صلوحيتها وتحمل ختم ذلك الهيكل او تلك السلطة وشعاره ‪.‬‬

‫وهي وس‪aa‬يلة من وس‪aa‬ائل الوظي‪aa‬ف تس‪aa‬ند اص‪aa‬حابها الثب‪aa‬ات ص‪aa‬فته واختصاص‪aa‬ه ال‪aa‬وظيفي ‪،‬‬

‫تس‪a‬هل لص‪aa‬احبها انج‪a‬از عمل‪a‬ه ‪ .‬فهي ب‪a‬ذلك خاص‪aa‬ية من خص‪aa‬ائص الوظي‪a‬ف ووس‪a‬ائله ‪ ،‬فهي اض‪aa‬افة‬

‫الى كونها وسيلة عمل فانها تمكن من تمييز صاحبها عن بقية الموظفين واالشخاص العاديين‪.‬‬

‫‪ - 1‬مثال نص الفصل ‪ 42‬من االمر عدد ‪ 755‬لسنة ‪ 84‬المؤرخ في ‪ 30‬افريل ‪ 1984‬والمتعلق بضبط النظام االساسي الخاص بأعوان‬
‫الحماية المدنية "يحمل اعوان الحماية المدنية بطاقة مهنية تثبت احدى الصافت الثالثة ‪:‬‬
‫‪-‬ضبط او ضابط صف او رقيب‪...‬‬
‫يضبط وزير الداخلية مواصفات البطاقة المهنية وشروط اسنادها وسحبها ‪"...‬‬
‫فصل ‪ 5‬من القانون عدد ‪ 29‬لسنة ‪ 1995‬المؤرخ في ‪ 13/3/1995‬المنظم لمهنة عدول التنفيذ ‪" :‬يحمل العدل المنفذ بطاقة مهنية‬
‫تسلمها وزارة العدل"‬

‫‪35‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫‪-‬الزي الرسمي ‪ :‬او الكسوة الرسمية ‪:‬‬

‫وه‪aaa‬و لب‪aaa‬اس خ‪aaa‬اص اقرت‪aaa‬ه الس‪aaa‬لطة العام‪aaa‬ة لتمي‪aaa‬يز الم ‪aa‬وظفين عن اف ‪aa‬راد الن ‪aa‬اس او تمي‪aaa‬يز‬

‫الموظفين من طبقة معينة عن موظفين من طبقة اخرى ‪ ،‬او لتم‪aa‬يزهم عن االش‪aa‬خاص الع‪aa‬اديين‪.‬‬

‫والزي هو العالمة الظاهرة للوظيفة اذن به يتسنى معرف‪aa‬ة من لهم الح‪a‬ق في العم‪a‬ل باس‪a‬م الق‪a‬انون ‪،‬‬

‫وواض ‪aa‬ح ان ه ‪aa‬ذا الغ ‪aa‬رض ال يتحق ‪aa‬ق اال اذا ك ‪aa‬ان اس ‪aa‬تعمال ال ‪aa‬زي الرس ‪aa‬مي مقص ‪aa‬ورا عن اوالئ ‪aa‬ك‬

‫الموظفين دون غيرهم وقد نصت عديد االنظمة االساسية التونسية الخاص‪aa‬ة ب‪aa‬االعوان العموم‪aa‬يين‬

‫على فرض إرتداء ازياء خاصة اثناء مباشرتهم للوظيف‪ ،‬او بمناسبته‪.‬‬

‫اذ يط ‪aa‬الب القض ‪aa‬اة والعس ‪aa‬كريون واع ‪aa‬وان ق ‪aa‬واة االمن ال ‪aa‬داخلي واع ‪aa‬وان الديوان ‪aa‬ة واع ‪aa‬وان‬
‫‪1‬‬
‫االستقبال وبعض االسالك االخرى بارتداء ازياء خاصة بهم ‪.‬‬

‫وتج‪aaa‬در االش‪aa a‬ارة الى ان واجب ارت‪aaa‬داء ال‪aaa‬زي الرس ‪aa‬مي ليس حك ‪aa‬را على اع ‪aa‬وان الس‪aaa‬لطة‬

‫العام‪aa‬ة اذ ان مختل‪aa‬ف الس‪aa‬لط االداري‪aa‬ة يمكنه‪aa‬ا ان تف‪aa‬رض على موظفيه‪aa‬ا او بعض اعوانه‪aa‬ا ارت‪aa‬داء‬

‫وهو ما يتضح معه ان الزي الرسمي من خصائص الوظيف ووسائله‪،‬‬ ‫‪2‬‬


‫زي رسمي مميز‬
‫‪3‬‬
‫ويعبر عن االختصاص والسلطة ويعكس صفة صاحبه‬

‫‪-‬الوثائق االدارية ‪:‬‬


‫‪ - 1‬فصل ‪ 29‬من االمر عدد ‪ 750‬لسن ‪ 1984‬المؤرخ في ‪ 30/4/1984‬المتعلق بضبط النظام االساسي الخاص باعوان الحرس‬
‫الوطني ‪.‬‬
‫" تشمل االزياء النظامية العوان الحرس الوطني على ‪:‬‬
‫‪-1‬زي المواكب الرسمية‬
‫‪-2‬زي رقم ‪ 4-1‬الزي رقم ‪ 3‬زي رقم ‪ 5– 2‬زي القتال‪.‬‬
‫‪-‬الفصل ‪ 29‬من االمر عدد ‪ 380‬لسنة ‪ 1972‬المؤرخ في ‪ 6/12/1972‬المتعلق بضبط النظام االساسي الخاص بالعسكريين‪.‬‬
‫‪-‬الفصل ‪ 45‬من القانون عدد ‪ 70‬لسنة ‪ 82‬المؤرخ في ‪ 6‬اوت ‪ 1982‬المتعلق بضبط النظام االساسي العام لقوات االمن الداخلي‪.‬‬
‫والمنقح بالقانون عدد ‪ 58‬لسنة ‪ 2000‬المؤرخ في ‪. 13/6/2000‬‬
‫‪ - 2‬مجلس الدولة الفرنسي ‪" 4/5/1984 :‬ليس هناك أي مبدأ قانوني يحجر على السلط االدارية ان تفرض على موظفيها ارتداء زي‬
‫رسمي"‪.‬‬
‫‪ - 3‬نظرا الهميته اقر المشرع ضمن ‪ 159‬م ج حماية جزائية للزي الرسمي وبالتالي للوظيف ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫وتعني جميع الوث‪a‬ائق ال‪a‬تي تعتم‪a‬دها اإلدارة في نط‪a‬اق اختصاص‪a‬ها ال‪a‬وظيفي وخاص‪a‬ة منه‪a‬ا‬

‫جميع الوثائق الرس‪aa‬مية من محاض‪aa‬ر واس‪aa‬تدعاءات وعق‪a‬ود واحك‪aa‬ام ودف‪aa‬اتر‪...‬وغيره‪aa‬ا من االوراق‬

‫الرس‪aa‬مية ال‪aa‬تي يختص الموظ‪aa‬ف العم‪aa‬ومي او ش‪aa‬بهه بتحريره‪aa‬ا او تك‪aa‬ون بص‪aa‬فة عام‪aa‬ة ص‪aa‬ادرة عن‬

‫اإلدارة وهذه الوثائق تتعدد وتختلف بتع‪a‬دد واختالف االختصاص‪aa‬ات والمهم ان تك‪a‬ون تل‪a‬ك الوث‪a‬ائق‬

‫تابعة للهيكل االداري او الجهة االدارية او المؤسسة التي ينتمي اليها الموظ‪aa‬ف العم‪aa‬ومي او ش‪aa‬بهه‬

‫وان تك ‪aa‬ون متعلق ‪aa‬ة بطبيع ‪aa‬ة وظيف ‪aa‬ه بحيث تك ‪aa‬ون في ح ‪aa‬د ذاته ‪aa‬ا ومن حيث ش ‪aa‬كلها معت ‪aa‬برة رس ‪aa‬مية‬

‫وصادرة عن هيكل اداري مختص‪ .‬ان وسائل الوظيف المتعددة وال يمكن حص‪aa‬رها وهي تختل‪aa‬ف‬

‫ب‪aa‬اختالف االختصاص‪aa‬ات وطبيع‪aa‬ة العم‪aa‬ل فالس‪aa‬يارة االداري‪aa‬ة تعت‪aa‬بر من وس‪aa‬ائل الوظي‪aa‬ف ‪ ،‬والمكتب‬

‫هو وسيلة وظيف‪...‬‬

‫وم‪aa‬ا يجم‪aa‬ع بينه‪aa‬ا جميع‪aa‬ا ه‪aa‬و انه‪aa‬ا تمث‪aa‬ل وتجس‪aa‬م االختص‪aa‬اص ال‪aa‬وظيفي والهيك‪aa‬ل االداري‬

‫ال ‪aa‬ذي ينتمي الي ‪aa‬ه الموظ ‪aa‬ف العم ‪aa‬ومي او ش ‪aa‬بهه ‪ ،‬وق ‪aa‬ادرة في ح ‪aa‬د ذاته ‪aa‬ا على االفص ‪aa‬اح عن ص ‪aa‬فة‬

‫حائزها وسلطته واختصاصه‪.‬‬

‫وتأسيس ‪aa‬ا على ذل ‪aa‬ك يمكن الق ‪aa‬ول ب ‪aa‬أن خص ‪aa‬ائص الوظي ‪aa‬ف ‪ :‬هي جمل ‪aa‬ة العناص ‪aa‬ر المادي ‪aa‬ة‬

‫والمعنوي‪aa a a‬ة ال‪aa a a‬تي تم‪aa a a‬يز وظيف‪aa a a‬ة عن اخ‪aa a a‬رى من حيث ص‪aa a a‬فة اعوانه‪aa a a‬ا وس‪aa a a‬لطتهم وص‪aa a a‬الحياتهم‬

‫واختصاصهم ووسائل عمليهم ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫ونظ‪aa‬را ألهمي‪aa‬ة ه‪aa‬ذه الخص‪aa‬ائص ومميزاته‪aa‬ا ق‪aa‬د يعم‪aa‬د الج‪aa‬اني (موظ‪aa‬ف عم‪aa‬ومي او ش‪aa‬بهه)‬

‫الى توظيفه ‪aa‬ا في ارتك ‪aa‬اب الج ‪aa‬رائم باعتماده ‪aa‬ا كوس ‪aa‬ائل تس ‪aa‬هل تحقي ‪aa‬ق الفع ‪aa‬ل االج ‪aa‬رامي ويتم ذل ‪aa‬ك‬

‫باعتماد اساليب مختلفة ‪.‬‬

‫فرع ثاني ‪ :‬التوظيف االجرامي لخصائص الوظيف ‪:‬‬


‫تقتض‪aa‬ي دراس‪aa‬ة التوظي‪aa‬ف االج‪aa‬رامي لخص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف اوال تحدي‪aa‬د اس‪aa‬لوب توظيفه‪aa‬ا في‬

‫الجريمة (فقرة اولى ) ثم بيان مجال ذلك التوظيف (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬اسلوب التوظيف ‪:‬‬


‫يمكن دراس‪aa‬ة اس‪aa‬لوب الج‪aa‬اني (موظ‪aa‬ف عم‪aa‬ومي او ش‪aa‬بهه) في اس‪aa‬تعمال خص‪aa‬ائص وظيف‪aa‬ة‬

‫الرتكاب الجرائم طبق الحاالت الواقعية التي تعرض لها عمل المحاكم وال‪aa‬تي ال تك‪aa‬اد تخ‪aa‬رج عن‬

‫ثالث صور او اساليب ‪:‬‬

‫فاما ان يعتمد الجاني صفته فقط الرتكاب جريمته ‪ .‬واما ان يعتمد وسائل وظيفه ‪.‬‬

‫واما ان يجمع بين الصفة (او الخصائص المعنوية ) وبين الوسائل (الخصائص المادية)‬

‫لتحقيق الفعل االجرامي ‪.‬‬

‫ويكون كل اسلوب من هذه االساليب اذا ما اقترن بعناصر الجريمة كافيا ليوفر في جانب‬

‫الجاني جميع اركان الجريمة المرتكبة باستعمال خصائص الوظيف ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫*استعمال الصفة ‪:‬‬

‫يلج‪a‬أ الج‪a‬اني في ه‪a‬ذه الص‪a‬ورة الى اس‪a‬تعمال ص‪a‬فته الرتك‪a‬اب جريمت‪a‬ه ويتم ذل‪a‬ك ع‪a‬بر س‪a‬وء‬

‫استغاللها لتحقيق الفعل االجرامي ‪ ،‬اذ يعمد الى ابرازها اذا لم يكن المجني عليه عالم‪a‬ا به‪a‬ا (ك‪a‬أن‬

‫تكون له معرفة بتلك الصفة بحكم الجوار او الصداقة ‪ )...‬ويتم ذلك عبر التص‪aa‬ريح به‪aa‬ا واالعالن‬

‫عنه‪aa‬ا لض‪aa‬حيته ‪ ،‬من كون‪aa‬ه مثال ع‪aa‬ون امن ‪ ،‬او موظ‪aa‬ف بالص‪aa‬ندوق الق‪aa‬ومي للض‪aa‬مان االجتم‪aa‬اعي‪،‬‬

‫وتك ‪aa‬ون ه ‪aa‬ذه الص ‪aa‬فة منطل ‪aa‬ق الفع ‪aa‬ل االج ‪aa‬رامي ‪ ،‬ل ‪aa‬ذلك ف‪a a‬ان اق ‪aa‬تران ه ‪aa‬ذه الص ‪aa‬فة ببقي ‪aa‬ة العناص ‪aa‬ر‬

‫القانونية للجريمة يوفر في جانب مرتكبها اركان الجريم المرتكبة باستعمال خصائص الوظيف‪.‬‬

‫فمثال في جريم ‪aa‬ة التحي ‪aa‬ل باس ‪aa‬تعمال خص‪aaa‬ائص الوظي ‪aa‬ف ق ‪aa‬د يلج ‪aa‬أ الج ‪aa‬اني الى التص‪aaa‬ريح‬

‫بصفته للمجني علي‪a‬ه ثم يختل‪a‬ق ادع‪a‬اءات واك‪a‬اذيب ح‪a‬ول مس‪a‬ألة متعلق‪a‬ة بوظيفت‪a‬ه في‪a‬وهم المتض‪a‬رر‬

‫باشياء ال وجود لها في الحقيقة (كمش‪a‬روع ك‪a‬اذب‪ )1..‬ويتس‪a‬لم من‪a‬ه ب‪a‬ذلك العن‪a‬وان ام‪a‬وال او غيره‪a‬ا‬

‫من المنق‪aa‬والت ‪ ،‬فاس‪aa‬تعمال الص‪aa‬فة به‪aa‬ذا االس‪aa‬لوب يمكن الج‪aa‬اني من اق‪aa‬تراف جريمت‪aa‬ه دون اظه‪aa‬ار‬

‫صبغتها االجرامية ‪.‬‬

‫هذا وتجدر االشارة هنا الى ان اقتران صفة الجاني الحقيقي‪aa‬ة باالك‪aa‬اذيب كافي‪aa‬ا في ح‪aa‬د ذات‬

‫العتب ‪aa‬اره طريق ‪aa‬ة احتيالي ‪aa‬ة "اذ ق ‪aa‬د يص ‪aa‬در من الج ‪aa‬اني مج ‪aa‬رد ك ‪aa‬ذب وم ‪aa‬ع ذل ‪aa‬ك ي ‪aa‬رقى الى مص ‪aa‬اف‬
‫‪2‬‬
‫الطرق االحتيالية بالنظر الى صفة الجاني"‬

‫وقد تم تك‪a‬ريس ه‪a‬ذا االتج‪a‬اه ل‪a‬دى فق‪a‬ه القض‪a‬اء التونس‪a‬ي من ذل‪a‬ك مثال قض‪a‬ية تمثلت وقائعه‪a‬ا‬

‫في ان شخص‪aa a‬ا (المتض‪aa a‬رر ) يمل‪aa a‬ك محال تجاري‪aa a‬ا وك‪aa a‬ان المتهم ال‪aa a‬ذي يعم‪aa a‬ل بالص‪aa a‬ندوق الق‪aa a‬ومي‬

‫‪ - 1‬تحقيق احدى االعراض المذكورة بالفصل ‪ 291‬من م ج ‪.‬‬


‫‪ - 2‬محمود محمود مصطفى ‪ :‬شرح قانون العقوبات القسم العام الطبعة الثانية ‪ 1984‬جامعة القاهرة ‪.1984‬‬

‫‪39‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫للضمان االجتماعي يتردد عليه باستمرار الى ان توطدت العالقة بينهما وبعد مدة عمد المتهم الى‬

‫اعالم المتضرر بان الص‪a‬ندوق الق‪a‬ومي للض‪a‬مان االجتم‪a‬اعي انش‪a‬أ مجموع‪a‬ة س‪a‬كنية بمنطق‪a‬ة (‪)...‬‬

‫لفائ‪a‬دة ض‪aa‬عاف الح‪a‬ال المنخ‪a‬رطين بالص‪aa‬ندوق واوهم‪a‬ه بان‪a‬ه بامكان‪a‬ه مس‪a‬اعدته في الحص‪aa‬ول على‬

‫م‪aa‬نزل من تل‪aa‬ك المس‪aa‬اكن ‪ ،‬وب‪aa‬أن من ي‪aa‬رغب في ذل‪aa‬ك علي‪aa‬ه تق‪aa‬ديم مطلب للغ‪aa‬رض ودف‪aa‬ع مبلغ‪aa‬ا مالي‪aa‬ا‬

‫كدفع‪aa‬ة اولى بم‪aa‬ا ق‪aa‬دره ‪ 2.500‬دين‪aa‬ار وفعال فق‪aa‬د تس‪aa‬لم الج‪aa‬اني من المتض‪aa‬رر ب‪aa‬ذلك العن‪aa‬وان مب‪aa‬الغ‬

‫ماية متفاوتة ‪ ،‬اال انه وبالتصال المتضرر بالنصدوق اتضح ان المتهم تحيل عليه‪.‬‬

‫اذ تق‪aa a a‬ول المحكم ‪aa a a‬ة في ه ‪aa a a‬ذه القض ‪aa a a‬ية "حيث يأخ ‪aa a a‬ذ من اوراق القض ‪aa a a‬ية ان المتهم (‪)...‬‬

‫الموظ‪aa a‬ف بالص‪aa a‬ندوق الق‪aa a‬ومي للض‪aa a‬مان االجتم‪aa a‬اعي اوهم المتض‪aa a‬رر ب‪aa a‬ان ذل‪aa a‬ك الص‪aa a‬ندوق انش‪aa a‬أ‬

‫مجموعة سكنية‪ ...‬وباتت التهمة قائمة في حقه‪ ...‬وتعينت مؤاخذته وتسليط العق‪aa‬اب الالزم علي‪aa‬ه"‬

‫‪.‬‬

‫ففي ه‪aa‬ذا المث‪aa‬ال اس‪aa‬تغل الج‪aa‬اني ص‪aa‬فته بطريق‪aa‬ة غ‪aa‬ير مباش‪aa‬رة من خالل معرف‪aa‬ة المتض‪aa‬رر‬

‫بتلك الصفة واستند عليها الرتكاب الجريمة دون غيرها من خصائص الوظيف‪.‬‬

‫المثال الثاني ‪ :‬يتعلق بقضية احيل فيها المتهم وهو عمدة باحدى ضواحي العاص‪aa‬مة على‬

‫دائ‪aa‬رة االته‪aa‬ام من اج‪aa‬ل التحي‪aa‬ل باس‪aa‬تعمال خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف ‪ :‬اذ تتلخص وق‪aa‬ائع ه‪aa‬ذه القض‪aa‬ية في‬

‫كون المتهم (العمدة) اتصل بالمتضررة (‪ )...‬واعلمها بانه سيقع اسناد قطع ارض لذوي الدخل‬

‫الض‪aa‬عيف وع‪aa‬رض عليه‪aa‬ا تس‪aa‬جيل اس‪aa‬مها بالقائم‪aa‬ة المع‪aa‬د ل‪aa‬ذلك مقاب‪aa‬ل تمكين‪aa‬ه من مبل‪aa‬غ م‪aa‬الي ق‪aa‬دره (‬

‫‪ 500‬دين‪aa a‬ار) فس‪aa a‬لمته المتض‪aa a‬ررة (‪ 30‬دين‪aa a‬ار) وس‪aa a‬روال وجم‪aa a‬ازة ‪ ،‬اال ان‪aa a‬ه بع‪aa a‬د ذل‪aa a‬ك اص‪aa a‬بح‬

‫يماطلها‪"...‬‬

‫‪40‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫فاص ‪aa‬درت دائ‪aa‬رة االته‪aa‬ام قراره‪aa‬ا بثب‪aa‬وت االدان‪aa‬ة ج‪aa‬اء في‪aa‬ه خاص ‪aa‬ة " حيث ان المتهم (‪)...‬‬

‫عم ‪aa‬د الى اس ‪aa‬تغالل ص ‪aa‬فته كعم ‪aa‬دة ‪ ...‬اليه ‪aa‬ام المتض ‪aa‬ررة ‪ ...‬وان قي ‪aa‬ام المتهم باالفع ‪aa‬ال الم ‪aa‬ذكورة‬

‫يشكل ضده جريم التحيل باستعمال خصائص الوظيف المنصوص عليها بالفصلين ‪ 291‬و ‪114‬‬
‫‪1‬‬
‫من م ج "‬

‫وقد يعم‪a‬د الج‪a‬اني كم‪a‬ا س‪a‬بق بيان‪a‬ه الى التص‪a‬ريح مباش‪a‬رة بص‪a‬فته للمتض‪a‬رر ويقتص‪a‬ر عليه‪a‬ا‬

‫دون غيرها من الخصائص الرتكاب جريمته‪.‬‬

‫ون‪aa a‬ورد مث‪aa a‬ال على ذل‪aa a‬ك ‪ :‬تمث‪aa a‬ل في قض‪aa a‬ية نظ‪aa a‬ر فيه‪aa a‬ا مكتب التحقي‪aa a‬ق الث‪aa a‬الث بالمحك‪aa a‬ة‬

‫العسكرية الدائمة بتونس تعلقت بجريمة التحيل باستعمال خصائص الوظيف ‪.‬‬

‫اذ ج ‪aa‬اء في ق ‪aa‬رار ختم البحث "حيث تع ‪aa‬رف المتض ‪aa‬رر‪ ..‬على المتهم النقيب ال ‪aa‬ذي ق ‪aa‬دم ل ‪aa‬ه‬

‫نفسه على انه ‪...‬ويعمل كضابط بالجيش برتبة نقيب‪"...‬‬

‫وحيث فق‪a‬د تعم‪a‬د المتهم النقيب‪...‬ايه‪a‬ام المتض‪a‬رر بان‪a‬ه ي‪a‬دعى‪...‬وبان‪a‬ه س‪a‬يتدخل لفائ‪a‬دة ابنت‪a‬ه‬
‫‪2‬‬
‫حتى تنظم للعمل بصفوف الجيش مستغال في ذلك صفته كضابط بالجيش‪"..‬‬

‫اذا يتضح من خالل ه‪a‬ذه االمثل‪a‬ة ان اس‪a‬تعمال الج‪a‬اني لص‪aa‬فته كأس‪a‬لوب الرتك‪a‬اب الجريم‪a‬ة‬

‫قد يتم بصفة مباشرة عبر التصريح بها للضحية وقد يتم بصفة غير مباش‪aa‬رة من خالل اس‪aa‬تغالل‬

‫‪ - 1‬الدائرة الجنائية عدد ‪ 12‬بمحكمة االستئناف بتونس القضية عدد ‪ 28103‬بتاريخ ‪( 16/10/1999‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ - 2‬قرار ختم البحث الصادر عن قاضي التحقيق بالمكتب الثالث لدى المحكمة العسكرية الدائمة بتونس تحت عدد ‪ 3/1654‬مؤرخ في‬
‫‪( 25/3/1999‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫معرفة المتضرر السابقة بتلك الص‪a‬فة ‪ ،‬تم ي‪a‬رتكب جريمت‪a‬ه وتك‪a‬ون تل‪a‬ك الص‪a‬فة كافي‪a‬ة في ح‪a‬د ذاته‪a‬ا‬

‫لتوفر في جانبه اركان الجريمة المرتكبة باستعمال خصائص الوظيف‪.‬‬

‫اال ان ‪aa‬ه تج ‪aa‬در االش ‪aa‬ارة هن ‪aa‬ا الى ان ص ‪aa‬فة الج ‪aa‬اني تحم ‪aa‬ل في م ‪aa‬دلولها مع ‪aa‬نى االختص ‪aa‬اص‬

‫والسلطة والنفوذ وهو م‪a‬ا من ش‪a‬أنه ان يس‪a‬هل ارتك‪a‬اب الجريم‪a‬ة باعتب‪a‬ار وان تل‪a‬ك الص‪aa‬فة تجلب ثق‪a‬ة‬

‫المج ‪aa‬ني علي ‪aa‬ه في ك ‪aa‬ل م ‪aa‬ا يص ‪aa‬در عن الج ‪aa‬اني من افع ‪aa‬ال‪ .‬الى ج ‪aa‬انب ه ‪aa‬ذا االس ‪aa‬لوب في ارتك ‪aa‬اب‬

‫الج‪aa‬رائم باس‪aa‬تعمال خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف ق‪aa‬د يلج‪aa‬أ الج‪aa‬اني الى توظي‪aa‬ف وس‪aa‬ائل وظيف‪aa‬ه لتحقي‪aa‬ق الفع‪aa‬ل‬

‫االجرامي ‪.‬‬

‫*استعمال وسائل الوظيف ‪:‬‬

‫يمكن ان يلج‪aa‬أ الج‪aa‬اني ( موظ‪aa‬ف عم‪aa‬ومي او ش‪aa‬بهه) الى اعتم‪aa‬اد وس‪aa‬ائل وظيف‪aa‬ه الرتك‪aa‬اب‬

‫جريمته دون غيرها من الخصائص او الوسائل‪ ،‬ويتم ذلك عبر سوء توظي‪a‬ف ه‪a‬ذه الوس‪a‬ائل لغاي‪a‬ة‬

‫تحقيق الفعل االجرامي ‪.‬‬

‫ويتم االقتص ‪aa‬ار على وس ‪aa‬ائل الوظي ‪aa‬ف دون حاج ‪aa‬ة الى التص ‪aa‬ريح بالص ‪aa‬فة مثال او غيره ‪aa‬ا‬

‫من الخص ‪aa‬ائص خاص ‪aa‬ة اذا ك ‪aa‬انت ه ‪aa‬ذه الوس ‪aa‬ائل ق ‪aa‬ادرة في ح ‪aa‬د ذاته ‪aa‬ا على االفص ‪aa‬اح عن ص ‪aa‬فة‬

‫مستعملها وسلطته او اختصاص‪aa‬ه والجه‪a‬ة او الس‪a‬لك ال‪a‬ذي يعم‪a‬ل باس‪a‬مه او من ش‪a‬انها اقن‪a‬اع المج‪a‬ني‬

‫علي‪aa‬ه او الغ‪aa‬ير عموم‪aa‬ا بجدي‪aa‬ة وش‪aa‬رعية تص‪aa‬رفات الج‪aa‬اني ‪ ،‬كإرت‪aa‬داء الج‪aa‬اني ل‪aa‬زي رس‪aa‬مي معين او‬

‫استظهاره ببطاقته المهنية او غيرها من وثائق الوظيف ك‪aa‬دفتر المحاض‪aa‬ر ال‪aa‬ذي يس‪aa‬تعمله اع‪a‬وان‬

‫الشرطة في تحرير المخالفات المرورية مثال فجميع هذه الوسائل وغيرها قد تك‪aa‬ون في ح‪aa‬د ذاته‪aa‬ا‬

‫‪42‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫كافي‪aa‬ة لحم‪aa‬ل المج‪aa‬نى علي‪aa‬ه على الخض‪aa‬وع الرادة الج‪aa‬اني وفعل‪aa‬ه االج‪aa‬رامي دون وعي من‪aa‬ه بحقيق‪aa‬ة‬

‫تلك االفعال‪.‬‬

‫ومن هن‪aa‬ا يتض‪aa‬ح اس‪aa‬لوب الج‪aa‬اني في ارتك‪aa‬اب جريمت‪aa‬ه باس‪aa‬تعمال خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف ‪ ،‬فق‪aa‬د‬

‫يك‪aa‬ون ه‪aa‬ذا االس ‪aa‬لوب مباش‪aa‬را ويتم ذل‪aa‬ك خاص ‪aa‬ة اذا ق ‪aa‬ام الج‪aa‬اني بفع‪aa‬ل م‪aa‬ادي كاالس‪aa‬تظهار بالبطاق‪aa‬ة‬

‫المهنية وقد يكون بطريقة غير مباشرة اذا كانت وسائل الوظي‪aa‬ف ظ‪aa‬اهرة للعي‪aa‬ان بطبيعته‪aa‬ا وتعكس‬

‫صفة ص‪a‬احبها ك‪a‬الزي الرس‪a‬مي والس‪a‬يارة االداري‪a‬ة ‪ ...‬وللتوض‪a‬يح ن‪a‬ورد مث‪a‬ال قض‪a‬ية نظ‪a‬رت فيه‪a‬ا‬

‫محكمة التعقيب تعلقت وقائعه‪aa‬ا بمتهيمن اح‪aa‬دهما رئيس حض‪aa‬يرة وادي زرود والث‪aa‬اني عام‪aa‬ل بتل‪aa‬ك‬

‫الحضيرة فكرا في وسيلة يستغالنها لتسديد مصاريف تنقلهما من مك‪aa‬ان س‪aa‬كناهما الى مق‪a‬ر عملهم‪aa‬ا‬

‫ول‪aa‬ذلك عم‪aa‬د االول الى تس‪aa‬جيل اس‪aa‬م ش‪aa‬خص ث‪aa‬اني المض‪aa‬نون في‪aa‬ه (‪ )...‬بقائم‪aa‬ة الع‪aa‬املين بالحض‪aa‬يرة‬

‫لم‪aa‬دة مح‪aa‬ددة وق‪aa‬د مكنت تل‪aa‬ك الوس‪aa‬يلة المض‪aa‬نون في‪aa‬ه الث‪aa‬الث من اس‪aa‬تخالص مبل‪aa‬غ م‪aa‬الي تس‪aa‬لمه من‪aa‬ه‬

‫المتهمين االولين لتسديد تكاليف السفر‪.‬‬

‫ففي ه‪aa‬ذا المث‪aa‬ال تم اعتم‪aa‬اد قائم‪aa‬ة الع‪aa‬املين بالحض ‪aa‬يرة باعتباره‪aa‬ا وس‪aa‬يلة الوظي‪aa‬ف النج‪aa‬از‬

‫العم ‪aa‬ل االج ‪aa‬رامي وه ‪aa‬و م ‪aa‬ا ي ‪aa‬وفر في ج ‪aa‬انب المض ‪aa‬نون فيهم طب ‪aa‬ق رأي محكم ‪aa‬ة التعقيب ‪ :‬جريم ‪aa‬ة‬

‫التحيل باستعمال خصائص الوظيف وطبقت عليهما احكام فصل ‪ 291‬و ‪ 114‬م ج ‪. 1‬‬

‫اذا ق‪aa a‬د يعم‪aa a‬د الج‪aa a‬اني الى اس‪aa a‬تعمال وس‪aa a‬ائل وظيف‪aa a‬ه دون غيره‪aa a‬ا من الخص‪aa a‬ائص اليق‪aa a‬اع‬

‫جريمته وتكون هذه الوسائل كافية في حد ذاته‪a‬ا لتس‪a‬هيل ارتك‪a‬اب الجريم‪a‬ة خاص‪aa‬ة اذا ك‪a‬انت تعكس‬

‫ص‪aa‬راحة ص‪aa‬فة الج‪aa‬اني واختصاص‪aa‬ه وس‪aa‬لطته وه‪aa‬و م‪aa‬ا يجع‪aa‬ل الج‪aa‬اني يعتم‪aa‬دها دون غيره‪aa‬ا لعلم‪aa‬ه‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 230‬مؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪. 1967‬‬

‫‪43‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫الس‪a‬ابق بج‪a‬دوى تل‪a‬ك الوس‪a‬ائل في تحقي‪a‬ق الفع‪a‬ل االج‪a‬رامي ‪ .‬اال ان الج‪a‬اني ق‪aa‬د يعم‪a‬د الى الجم‪a‬ع بين‬

‫تلك الوسائل وصفته او احدى الخصائص االخرى الرتكاب جريمته ‪.‬‬

‫*الجمع بين خصائص الوظيف ووسائله ‪:‬‬

‫في ه‪aa a‬ذه الص‪aa a‬ورة يعم‪aa a‬د الج‪aa a‬اني الى ارتك‪aa a‬اب جريمت‪aa a‬ه باس‪aa a‬تعمال خص‪aa a‬ائص الوظي‪aa a‬ف‬

‫ووس ‪aa‬ائله وذل ‪aa‬ك ع ‪aa‬بر الجم ‪aa‬ع بينه ‪aa‬ا جميع ‪aa‬ا عن ‪aa‬د تحقي ‪aa‬ق الفع ‪aa‬ل االج ‪aa‬رامي ‪ ،‬فيعم ‪aa‬د الى ابرازه ‪aa‬ا‬

‫لضحيته او الغير عموما وهذا ما من شأنه ان يضفي على مسرح الجريمة صبغة شرعية فيسهل‬

‫للجاني ارتكاب جريمته دون اظهار عناصرها االجرامية ‪.‬‬

‫فمثال قد يدلي الجاني بصفته كموظف عم‪a‬ومي او ش‪a‬بهه ويس‪a‬تظهر ببطاقت‪a‬ه المهني‪a‬ة لتأكي‪a‬د‬

‫ص‪aa‬حة تل‪aa‬ك الص‪a‬فة او يعم‪aa‬د الى احظ‪aa‬ار بعض الوث‪aa‬ائق التابع‪aa‬ة لوظيف‪aa‬ه وذل‪aa‬ك به‪aa‬دف جع‪aa‬ل المج‪aa‬ني‬

‫علي‪aa‬ه يعتق‪aa‬د في ش‪aa‬رعية الفع‪aa‬ل ال‪aa‬ذي يق‪aa‬وم ب‪aa‬ه الج‪aa‬اني وبأن‪aa‬ه من عالئ‪aa‬ق وظيف‪aa‬ه‪ ،‬وان‪aa‬ه منح الس‪aa‬لطة‬

‫والنفوذ القانون النجاز ذلك العمل‪.‬‬

‫وبه‪aa a‬ذا االس‪aa a‬لوب المتمث‪aa a‬ل في الجم‪aa a‬ع بين خص‪aa a‬ائص الوظي‪aa a‬ف ذات الص‪aa a‬يغة المعنوي‪aa a‬ة ‪،‬‬

‫والخص‪aa‬ائص ذات الص‪aa‬بغة المادي‪aa‬ة يتمكن الج‪aa‬اني من ارتك‪aa‬اب جريمت‪aa‬ه والح‪aa‬االت التطبيقي‪aa‬ة ال‪aa‬تي‬

‫تعرض لها فقه القضاء بخصوص هذا االس‪aa‬لوب في ارتك‪a‬اب الج‪a‬رائم متع‪a‬ددة ن‪a‬ذكر منه‪a‬ا مث‪a‬الين‬

‫للتوضيح ‪:‬‬

‫ف ‪aa‬االول يتمث ‪aa‬ل في قض ‪aa‬ية نظ ‪aa‬رت فيه ‪aa‬ا ال ‪aa‬دائرة الجنائي ‪aa‬ة الثالث ‪aa‬ة عش ‪aa‬ر بمحكم ‪aa‬ة االس ‪aa‬تئناف‬

‫بتونس وتعلقت بجريمة السرقة باستعمال خصائص الوظيف اذ جاء بحيثيات ذلك الحكم ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫"حيث يس‪aa a a‬تخلص من الوق‪aa a a‬ائع الثابت‪aa a a‬ة ان المتهمين اعترض‪aa a a‬ا س‪aa a a‬بيل المتض‪aa a a‬رر ‪ ،‬وبع‪aa a a‬د‬

‫التظ‪aa‬اهر ب‪aa‬التحري مع‪aa‬ه بع‪aa‬د اعالم‪aa‬ه بكونهم‪aa‬ا ينتمي‪aa‬ان لس‪aa‬لك االمن اس‪aa‬توليا على الكيس ال‪aa‬ذي ك‪aa‬ان‬

‫بحوزته‪.1"...‬‬

‫فخص‪aa a‬ائص الوظي‪aa a‬ف الواق‪aa a‬ع اس‪aa a‬تعمالها في ه‪aa a‬ذه الجريم‪aa a‬ة تمثلت في التص‪aa a‬ريح بالص‪aa a‬فة‬

‫والتظ ‪aa‬اهر ب ‪aa‬التحري وه ‪aa‬ذا االس ‪aa‬لوب من ش ‪aa‬أنه بعث االعتق ‪aa‬اد ل ‪aa‬دى المتض ‪aa‬رر ب ‪aa‬ان االم ‪aa‬ر يتعل ‪aa‬ق‬

‫بممارسة الوظيف بصفة قانونية وه‪a‬و م‪a‬ا س‪a‬هل فعال ارتك‪a‬اب الجريم‪a‬ة ‪ :‬وتق‪a‬ول المحكم‪a‬ة ‪ :‬وحيث‬

‫ق‪aa‬ام م‪aa‬ا يكفي من االدل‪aa‬ة والق‪aa‬رائن المتظ‪aa‬افرة على ثب‪aa‬وت ادان‪aa‬ة المتهمين من اج‪aa‬ل م‪aa‬ا نس‪aa‬ب اليهم‪aa‬ا‬

‫السرقة المجردة باستعمال خصائص الوظيف"‬

‫المثال الثاني ‪ :‬يتعلق بقضية نظرت فيها نفس الدائرة المذكورة بالمثال االول‪:‬‬

‫تمثلت وقائعه‪aa‬ا في متهم ينتمي لالدارة العام‪aa‬ة للح‪aa‬رس الوط‪aa‬ني برتب‪aa‬ة عري‪aa‬ف‪ ،‬ك‪aa‬ان الح‪aa‬ظ‬

‫ك ‪aa‬ثرة ع ‪aa‬دد الراغ ‪aa‬بين في االنخ ‪aa‬راط بس ‪aa‬لك الح ‪aa‬رس الوط ‪aa‬ني ‪ ،‬والس ‪aa‬تغالل ذل ‪aa‬ك الموق ‪aa‬ف اتص ‪aa‬ل‬

‫بش‪aa‬خص من ابن‪aa‬اء حي‪aa‬ه وطلب من‪aa‬ه البحث ل‪aa‬ه عن ش‪aa‬بان يرغب‪aa‬ون في االنض‪aa‬مام الى س‪aa‬لك الح‪aa‬رس‬

‫الوط‪aa‬ني باعتب‪aa‬اره ق‪aa‬ادرا على مس‪aa‬اعدتهم على ذل‪aa‬ك ‪ ،‬مقاب‪aa‬ل مب‪aa‬الغ مالي‪aa‬ة وفعال ق‪aa‬دم ل‪aa‬ه الش‪aa‬خص‬

‫الم ‪aa‬ذكور ع ‪aa‬دة ملف ‪aa‬ات ومب ‪aa‬الغ مالي ‪aa‬ة متفاوت ‪aa‬ة االهمي ‪aa‬ة ‪ ،‬ولمزي ‪aa‬د تك ‪aa‬ثيف نش ‪aa‬اطه اتص ‪aa‬ل المتهم‬

‫بزمي‪aa‬ل ل‪aa‬ه يعم‪aa‬ل بالمرص‪aa‬د الوط‪aa‬ني للم‪aa‬رور واعلم‪aa‬ه بخطت‪aa‬ه وطلب مس‪aa‬اعدته‪ ،‬كم‪aa‬ا عم‪aa‬د الى تس‪aa‬ليم‬

‫المتضررين اس‪a‬تدعاءات للمش‪a‬اركة في ال‪a‬دورات التدريبي‪a‬ة ‪ ،‬وقب‪a‬ل الموع‪a‬د المح‪a‬دد باالس‪a‬تدعاءات‬

‫اشعرهم بان الدورات تم تأجيلها ‪.‬‬

‫‪ - 1‬حكم جنائي عدد ‪ 28705‬مؤرخ في ‪ 24‬جون ‪( 1999‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫فمن خالل ه‪aa‬ذا المث‪aa‬ال يتض‪aa‬ح اس‪aa‬لوب الج‪aa‬اني في ارتك‪aa‬اب جريمت‪aa‬ه ب‪aa‬الجمع بين وس‪aa‬ائل‬

‫الوظي ‪aa a‬ف وخصائص ‪aa a‬ه ‪ ،‬وق ‪aa a‬د ثبتت ادان ‪aa a‬ة المتهمين اذا من اج ‪aa a‬ل التحي ‪aa a‬ل باس ‪aa a‬تعمال خص ‪aa a‬ائص‬

‫الوظي‪aa‬ف ‪ ،‬اذ تق‪aa‬ول المحكم‪aa‬ة ‪ :‬وحيث ان المتهم اس‪aa‬تغل ص‪aa‬فته كعري‪aa‬ف ب‪aa‬الحرس الوط‪aa‬ني اليه‪aa‬ام‬

‫‪...‬وحيث ال جدال في ان ثقة المتضرر بالخطة الوظيفية للمتهمين هي التي جعلت‪a‬ه يقتن‪a‬ع بجدي‪a‬ة‬

‫االنتداب في سلك الحرس الوطني ‪.‬‬

‫وحيث ال جدال كذلك في ان المتضرر ما كان ليس‪a‬لم المتهمين أي مبل‪a‬غ ل‪a‬وال الخ‪a‬زعبالت‬

‫ال‪aa‬تي اس‪aa‬تعملها قص‪aa‬د اقناع‪aa‬ه بجدي‪aa‬ة العملي‪aa‬ة وخاص‪aa‬ة تحض‪aa‬ير الوث‪aa‬ائق ال‪aa‬تي في ظاهره‪aa‬ا قانوني‪aa‬ة‬
‫‪1‬‬
‫ومثبتة لعملية االنتداب"‬

‫هك‪aa‬ذا يتض‪aa‬ح اذا ومن خالل دراس‪aa‬ة ه‪aa‬ذه االس‪aa‬اليب الثالث ال‪aa‬تي يعتم‪aa‬دها الج‪aa‬اني (موظ‪aa‬ف‬

‫عمومي او شبهه) في ارتكاب الجرائم باستعمال خصائص الوظيف ‪ ،‬ان تل‪aa‬ك الخص‪aa‬ائص تس‪aa‬هل‬

‫ايقاع الجريمة باعتبارها تخفي مقصد الجاني والصبغة االجرامي‪a‬ة للفع‪a‬ل الم‪a‬رتكب او ال‪a‬ذي س‪a‬يقع‬

‫ارتكاب‪aa‬ه وتض‪aa‬في علي‪aa‬ه ص‪aa‬بغة الش‪aa‬رعية باعتب‪aa‬ار وان تل‪aa‬ك الخص‪aa‬ائص تبعث الثق‪aa‬ة ل‪aa‬دى المج‪aa‬ني‬

‫عليه في صحة اعمال الجاني وفي سلطته واختصاصه‪.‬‬

‫ونظ‪aa a‬را لخط‪aa a‬ورة س‪aa a‬وء اس‪aa a‬تغالل ه‪aa a‬ذه الوس‪aa a‬ائل على الهيئ‪aa a‬ة االجتماعي‪aa a‬ة عام‪aa a‬ة وعلى‬

‫الوظيفة العمومية واجهزة الدول‪a‬ة خاص‪aa‬ة فق‪a‬د اق‪aa‬ر المش‪a‬رع لك‪a‬ل موظ‪a‬ف عم‪a‬ومي او ش‪a‬بهه يس‪a‬يء‬

‫اس‪aa‬تغالل خص‪aa‬ائص وظيف‪aa‬ه او الوس‪aa‬ائل التابع‪aa‬ة ل‪aa‬ه في ارتك‪aa‬اب الج‪aa‬رائم عقوب‪aa‬ة خاص‪aa‬ة تس‪aa‬لط‬

‫‪ - 1‬الدائرة الجنائية الثالثة عشرة بمحكمة االستئناف بتونس حكم عدد ‪ 28572‬بتاريخ ‪( 11/11/1999‬غير منشور‬

‫‪46‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫على ه‪aa‬ذا الص‪aa‬نف من الجن‪aa‬اة كلم‪aa‬ا ق‪aa‬ام بارتك‪aa‬اب الج‪aa‬رائم بالعناص‪aa‬ر ال‪aa‬تي ح‪aa‬ددها المش‪aa‬رع ض‪aa‬من‬

‫الفصل ‪ 114‬م ج ‪.‬‬

‫فقرة ثانية ‪ :‬مجال التوظيف االجرامي ‪:‬‬


‫يعم ‪aa a‬د الج ‪aa a‬اني (موظ ‪aa a‬ف عم ‪aa a‬ومي او ش ‪aa a‬بهه) في ه ‪aa a‬ذا الن ‪aa a‬وع من الج ‪aa a‬رائم الى اس ‪aa a‬تعمال‬

‫خصائص وظيفه الرتكابها نظرا لنجاعة تلك الخصائص في تحقي‪a‬ق الفع‪a‬ل االج‪a‬رامي باعتباره‪a‬ا‬

‫ق ‪aa‬ادرة في ح ‪aa‬د ذاته ‪aa‬ا على اخف ‪aa‬اء عناص ‪aa‬ر الجريم ‪aa‬ة ب ‪aa‬ل وجع ‪aa‬ل الفع ‪aa‬ل االج ‪aa‬رمي يب ‪aa‬دو ص ‪aa‬حيحا‬

‫ش ‪aa a‬رعيا باعتب ‪aa a‬ار ان تل ‪aa a‬ك الخص ‪aa a‬ائص تحم ‪aa a‬ل المج ‪aa a‬ني علي ‪aa a‬ه على االعتق ‪aa a‬اد في س ‪aa a‬لطة الج ‪aa a‬اني‬

‫واختصاصه بذلك الفعل‪.‬‬

‫اال ان‪aa‬ه يج‪aa‬در التس‪aa‬اؤل في ه‪aa‬ذا االط‪aa‬ار عن م‪aa‬دى ارتب‪aa‬اط توظي‪aa‬ف ه‪aa‬ذه الخص‪aa‬ائص باط‪aa‬ار‬

‫الوظيف ؟‬

‫أي هل يجب ان يتم استعمال هذه الخصائص عند ارتك‪aa‬اب الجريم‪aa‬ة داخ‪aa‬ل اط‪aa‬ار الوظي‪aa‬ف‬

‫ح‪aa‬تى نعت‪aa‬بر االم‪aa‬ر منظوي‪aa‬ا في اط‪aa‬ار االخط‪aa‬اء الجزائي‪aa‬ة للموظ‪aa‬ف العم‪aa‬ومي او ش‪aa‬بهه ام ان س‪aa‬وء‬

‫اس‪aa‬تغالل ه‪aa‬ذه الخص‪aa‬ائص يبقى منتمي‪aa‬ا الخط‪aa‬اء الموظ‪aa‬ف العم‪aa‬ومي او ش‪aa‬بهه ح‪aa‬تى وان ارتكبت‬

‫الجريمة خارج اطار الوظيف ؟‬

‫ان اس‪aa‬اس ه‪aa‬ذا التس‪aa‬اؤل يرج‪aa‬ع الى ورود الفص‪aa‬ل ‪ 114‬م ج ض‪aa‬من احك‪aa‬ام القس‪aa‬م الخ‪aa‬امس‬

‫من الب‪a‬اب الث‪a‬الث من الج‪a‬زء االول من الكت‪a‬اب الث‪a‬اني والمتعلق‪a‬ة ب"الج‪a‬رائم الواقع‪a‬ة من الم‪a‬وظفين‬

‫العموميين او المشبهين بهم حال مباشرة او بمناسبة مباشرة وظائفهم ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫ان عنونة الباب الرابع قد تفيد انه يجب ان يتم ارتك‪a‬اب تل‪a‬ك الج‪a‬رائم داخ‪a‬ل اط‪a‬ار الوظي‪a‬ف‬

‫أي حال مباشرة الوظيف بمناسبته ‪ ،‬بما يجع‪a‬ل ك‪a‬ل جريم‪a‬ة ت‪a‬رتكب باس‪a‬تعمال خص‪aa‬ائص الوظي‪a‬ف‬

‫خ ‪aa‬ارج ه ‪aa‬ذا االط ‪aa‬ار ‪ ،‬جريم ‪aa‬ة عادي ‪aa‬ة ال جريم ‪aa‬ة موظ ‪aa‬ف عم ‪aa‬ومي او ش ‪aa‬بهه وبالت ‪aa‬الي ال تخض ‪aa‬ع‬

‫الحكام الفص ‪ 114‬باعتباره منتميا الحكام الكتاب الثاني ‪.‬‬

‫أي ان الخط‪aa‬أ الج‪aa‬زائي حس‪aa‬ب عن‪aa‬وان الكت‪aa‬اب الث‪aa‬اني لكي يعت‪aa‬بر خط‪aa‬أ موظ‪aa‬ف عم‪aa‬ومي او‬

‫ش ‪aa‬بهه الب ‪aa‬د ان يتم ح ‪aa‬ال مباش ‪aa‬رة الوظي ‪aa‬ف او بمناس ‪aa‬بته ‪ .‬وه ‪aa‬و م ‪aa‬ا يص ‪aa‬بح مع ‪aa‬ه تك ‪aa‬ييف الجريم ‪aa‬ة‬

‫المرتكب‪aa‬ة باس‪aa‬تعمال خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف يتأس‪aa‬س على العنص‪aa‬ر الزم‪aa‬ني ‪ ،‬أي وق‪aa‬وع ارتك‪aa‬اب تل‪aa‬ك‬

‫الجريم‪aa‬ة ح‪aa‬ال مباش‪aa‬رة الوظي‪aa‬ف او بمناس‪aa‬بة مباش‪aa‬رته ‪ ،‬وه‪aa‬و م‪aa‬ا تص‪aa‬بح مع‪aa‬ه ك‪aa‬ل جريم‪aa‬ة مرتكب‪aa‬ة‬

‫باس‪aa‬تعمال خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف خ‪aa‬ارج اوق‪aa‬ات ال‪aa‬دوام الرس‪aa‬مي جريم‪aa‬ة عادي‪aa‬ة خاص‪aa‬ة وان الج‪aa‬اني‬

‫خارج ذلك االطار يصبح انسان عادي وبالتالي حتى وان استعمل خص‪aa‬ائص ووس‪aa‬ائل وظيف‪aa‬ه في‬

‫ارتك‪a‬اب الجريم‪a‬ة فانه‪a‬ا ال تعت‪a‬بر من االخط‪a‬اء الجزائي‪a‬ة للموظ‪a‬ف العم‪a‬ومي او ش‪a‬بهه‪ .‬فحس‪a‬ب ه‪a‬ذا‬

‫التفس ‪aa‬ير ف ‪aa‬ان ع ‪aa‬ون الش ‪aa‬رطة ال ‪aa‬ذي ي ‪aa‬رتكب جريم ‪aa‬ة باس ‪aa‬تعمال خص ‪aa‬ائص الوظي ‪aa‬ف خ ‪aa‬ارج اط ‪aa‬ار‬

‫الوظيف ك‪a‬أن يعم‪a‬د في ي‪a‬وم الراح‪a‬ة االس‪a‬بوعية الى ارت‪a‬داء زي‪a‬ه الرس‪a‬مي وب‪a‬الطريق الع‪a‬ام يس‪a‬توقف‬

‫شخصا ويتظاهر بالتحري معه ثم يستولي منه على كيس او غير ذك من االشياء ‪ ،‬يعت‪aa‬بر كانس‪aa‬ان‬

‫ع‪aa‬ادي وتعت‪aa‬بر جريمت‪aa‬ه س‪aa‬رقة ارتكبه‪aa‬ا انس‪aa‬ان ع‪aa‬ادي ‪ ،‬خاص‪aa‬ة وان ذل‪aa‬ك الع‪aa‬ون كم‪aa‬ا تق‪aa‬ول محكم‪aa‬ة‬

‫التعقيب "بغير مكان عمله المكلف بحفظ االمن فيه ال يعتبر في حالة مباشرته لوظيفه س‪aa‬واءا أك‪aa‬ان‬

‫البس‪aa‬ا ال‪aa‬زي الرس‪aa‬مي ام ال الن‪aa‬ه ال يس‪aa‬تطيع قانون‪aa‬ا ان يق‪a‬وم هن‪aa‬اك ب‪aa‬اي عم‪aa‬ل مم‪aa‬ا ه‪aa‬و مكل‪aa‬ف ب‪aa‬ه في‬

‫‪48‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫منطقة عمله وبمجرد لبسه الزي الرسمي ال يقتضي خالف ذلك وال يض‪aa‬في علي‪aa‬ه وص‪aa‬فا خاص‪aa‬ا‬

‫يميزه عن بقية مواطني ذلك المكان"‪.‬‬

‫اال انه ورغم ذلك فان هذا التفس‪a‬ير المتق‪a‬دم ال يتط‪a‬ابق م‪a‬ع خصوص‪aa‬ية احك‪a‬ام الفص‪aa‬ل ‪114‬‬

‫من م ج لعدة اسباب لعل اهمها هو ان المشرع اعلن ضمن نفس النص عن مج‪a‬ال تطبيق‪a‬ه ‪ ،‬فه‪a‬و‬

‫يتعل ‪aa‬ق بك ‪aa‬ل الج ‪aa‬رائم ال ‪aa‬تي يرتكبه ‪aa‬ا الموظ ‪aa‬ف العم ‪aa‬ومي او ش ‪aa‬بهه خ ‪aa‬ارج الص ‪aa‬ور الم ‪aa‬ذكورة ب ‪aa‬ذلك‬

‫القانون ‪ ،‬وهذه العبارة تجعله يمتد الى جميع الجرائم التي قد يرتكبها الموظف العمومي او شبهه‬

‫باسثناء الج‪a‬رائم ال‪a‬تي نص المش‪a‬رع ص‪aa‬راحة على اعتب‪a‬ار ص‪aa‬فة الج‪a‬اني ركن من اركانه‪a‬ا او س‪a‬بب‬

‫لتسديد عقابها كما تجعل النص يمتد الى الجرائم المرتكبة خارج اطار الوظيف ‪.‬‬

‫وه ‪aa a‬و م ‪aa a‬ا يجع ‪aa a‬ل احك ‪aa a‬ام الفص ‪aa a‬ل ‪ 114‬احكام ‪aa a‬ا عام ‪aa a‬ة تنطب ‪aa a‬ق على الج ‪aa a‬رائم المرتكب ‪aa a‬ة‬

‫باس ‪aa‬تعمال خص ‪aa‬ائص الوظي ‪aa‬ف داخ ‪aa‬ل اط ‪aa‬ار الوظي ‪aa‬ف وخارج ‪aa‬ه بحيث يبقى الج ‪aa‬اني بالنس ‪aa‬بة له ‪aa‬ذه‬

‫الجرائم واحكام الفص‪aa‬ل ‪ 114‬من م ج محافظ‪aa‬ا على ص‪aa‬فته ح‪aa‬تى خ‪aa‬ارج اط‪aa‬ار الوظي‪aa‬ف ‪ ،‬وبالت‪aa‬الي‬

‫كلما ارتكبت جريمة باستعمال خصائص الوظيف مهم‪a‬ا ك‪a‬ان االط‪a‬ار الزم‪a‬اني والمك‪a‬اني الرتكابه‪a‬ا‬

‫وكأنها مرتكبة حال مباشرة الوظيف او بمناس‪aa‬بة مباش‪aa‬رته فتبقى ص‪aa‬فة الج‪aa‬اني قائم‪aa‬ة وخص‪aa‬ائص‬

‫ووسائل وظيفة فاعلة ‪.‬‬

‫ويتأك‪aa‬د ه‪aa‬ذا االتج‪aa‬اه خاص ‪aa‬ة من خالل الص ‪aa‬ياغة ا لفرنس‪aa‬ية لنص الفصــل ‪ 114‬م ج ‪En‬‬

‫‪ "de hors des cas prevus ou present chapitre‬والمقصود بكلمة ‪ "chapitre‬هي احكام‬

‫الب‪aa‬اب الث‪aa‬الث من الكت‪aa‬اب الث‪aa‬اني كم‪aa‬ا س‪aa‬بق االش‪aa‬ارة الي‪aa‬ه ‪ ،‬فنص الفص‪aa‬ل ‪ 114‬م ج اعلن عن ع‪aa‬دم‬

‫‪49‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫انطباق ‪aa‬ه على جمي ‪aa‬ع ج ‪aa‬رائم ذل ‪aa‬ك الب ‪aa‬اب كيفم ‪aa‬ا ح ‪aa‬ددها المش ‪aa‬رع ‪ ،‬اال ان الص ‪aa‬ياغة العربي ‪aa‬ة اك ‪aa‬ثر‬

‫وض‪aa‬وحا باعتب‪aa‬ار وان المش‪aa‬رع اقص‪aa‬ى من خالله‪aa‬ا ال ج‪aa‬رائم الب‪aa‬اب الث‪aa‬اني فق‪aa‬ط ب‪aa‬ل جمي‪aa‬ع الج‪aa‬رائم‬

‫الواردة بالمجلة الجنائي‪a‬ة ال‪a‬تي تك‪a‬ون ص‪a‬فة الج‪a‬اني (موظ‪a‬ف عم‪a‬ومي او ش‪a‬بهه) ركن من اركانه‪a‬ا‬

‫او س‪aa‬ببا لتش‪aa‬ديد العق‪aa‬اب وه‪aa‬و م‪aa‬ا تص‪aa‬بح مع‪aa‬ه اذا جمي‪aa‬ع خص‪aa‬ائص الوظي‪aa‬ف غ‪aa‬ير مرتب‪aa‬ط باط‪aa‬ار‬

‫الوظيف وتبقى فاعلية كما لو استعملها في اطار الوظيف وهو ما يصبح معه‪.‬‬

‫وهو ما يصبح معه الفصل ‪ 114‬من م ج منطبقا سواء تم ارتك‪aa‬اب الجريم‪aa‬ة ح‪aa‬ال مباش‪aa‬رة‬

‫الوظيف او بمناسبته وخارج اطار الوظيف ‪.‬‬

‫اذا فمج‪aa‬ال تط‪aa‬بيق الفص‪aa‬ل ‪ 114‬م ج ليس مرتبط‪aa‬ا باط‪aa‬ار الوظي‪aa‬ف فق‪aa‬ط ب‪aa‬ل ان احك‪aa‬ام ه‪aa‬ذا‬

‫الفص ‪aa‬ل تمت ‪aa‬د الى جمي ‪aa‬ع الج ‪aa‬رائم ال ‪aa‬تي يرتكبه ‪aa‬ا الموظ ‪aa‬ف العم ‪aa‬ومي وش ‪aa‬بهه س ‪aa‬واء ارتكبت اثن ‪aa‬اء‬

‫مباش‪aa‬رة الوظي‪aa‬ف او بمناس‪aa‬بة مباش‪aa‬رته او اخ‪aa‬ارج اط‪aa‬اره الوظي‪aa‬ف والمهم بالنس‪aa‬بة له‪aa‬ذه الج‪aa‬رائم ان‬

‫يثبت استعمال الجاني لخصائص وظيفته في ارتكابها هذا ما يتطابق م‪aa‬ع فلس‪aa‬فة المش‪aa‬رع من وراء‬

‫احكام الفصل ‪ 114‬من م ج ‪.‬‬

‫وهي حماية الوظيفة العمومية داخل اطار الوظيف وخارجه وهو م‪aa‬ا جع‪aa‬ل الفص‪aa‬ل ‪114‬‬

‫م ج يتض‪aa a‬من حكم‪aa a‬ا عام‪aa a‬ا مش‪aa a‬ددا بالنس‪aa a‬بة لجمي‪aa a‬ع الج‪aa a‬رائم ال‪aa a‬تي ق ‪a a‬د يرتكبه‪aa a‬ا الج‪aa a‬اني باس‪aa a‬تعمال‬

‫خص ‪aa‬ائص الوظي ‪aa‬ف ع ‪aa‬دى الج ‪aa‬رائم الخاص ‪aa‬ة ال ‪aa‬تي نص المش ‪aa‬رع على تجريمه ‪aa‬ا وعقابه ‪aa‬ا اعتب ‪aa‬ارا‬

‫لصفة هذا الجاني ‪ .‬اذا فمن خالل احكام الفصل ‪ 114‬ذاتها نستنتج ان ارتكاب الجرائم باس‪aa‬تعمال‬

‫خصائص الوظيف ليس مشروطا باطار الوظيف أي بضرورة وقوعها داخل ذل‪aa‬ك االط‪aa‬ار اثن‪aa‬اء‬

‫‪50‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫مباشرته او بمناسبة مباشرته ب‪a‬ل تعت‪a‬بر ه‪a‬ذه الج‪a‬رائم قائم‪a‬ة ويؤاخ‪a‬ذ مرتكبه‪a‬ا جزائي‪a‬ا وطب‪a‬ق احك‪a‬ام‬

‫الفص‪aa‬ل ‪ 114‬ح‪aa‬تى وان ارتكابه‪aa‬ا خ‪aa‬ارج اط‪aa‬ار الوظي‪aa‬ف ف‪aa‬المهم بالنس‪aa‬بة له‪aa‬ذه الج‪aa‬رائم ان يس‪aa‬تعمل‬

‫الجاني (موظف عم‪a‬ومي او ش‪a‬بهه) الرتكابه‪a‬ا خص‪a‬ائص وظيف‪a‬ه ‪ ،‬وغاي‪a‬ة المش‪a‬رع في ه‪a‬ذا التوس‪a‬ع‬

‫من مج‪aa‬ال تط‪aa‬بيق ذل‪aa‬ك الفص‪aa‬ل هي التص‪aa‬دي للج‪aa‬رائم ال‪aa‬تي يرتكبه‪aa‬ا الموظ‪aa‬ف العم‪aa‬ومي او ش‪aa‬بهه‬

‫بذلك االسلوب ايا كان زمان ومكان ارتكابها ‪.‬‬

‫ه‪aa‬ذا وتج‪aa‬در االش‪aa‬ارة الى ان المش‪aa‬رع الفرنس‪aa‬ي وبخص‪aa‬وص بعض الج‪aa‬رائم ال‪aa‬تي يرتكبه‪aa‬ا‬

‫الموظ‪aa a‬ف العم‪aa a‬ومي ال‪aa a‬ذي منح ج‪aa a‬زء من الس‪aa a‬لطة العمومي‪aa a‬ة او المكل‪aa a‬ف بمهم‪aa a‬ة متص‪aa a‬لة بمرف‪aa a‬ق‬

‫عمومي ‪ ،‬فبالنسبة لهذا الصنف من الجناة اشترط ان ترتكب الجريمة داخل اطار الوظيف ح‪a‬تى‬

‫يك‪aa‬ون الج‪aa‬اني خاض‪aa‬عا لنظ‪aa‬ام زج‪aa‬ري خ‪aa‬اص ‪ .‬أي ان‪aa‬ه نص على ض‪aa‬رورة ارتك‪aa‬اب تل‪aa‬ك الج‪aa‬رائم‬

‫اثناء مباشرة او بمناسبة مباشرة الوظيفة او المهمة ‪ ،‬ويتعلق ه‪a‬ذا المث‪a‬ال خاص‪a‬ة بجريم‪a‬تي الس‪a‬رقة‬

‫والتحي ‪aa‬ل‪ 1‬أي ان المش ‪aa‬رع رب ‪aa‬ط بين ارتك ‪aa‬اب الجريم ‪aa‬ة واطاره ‪aa‬ا المك ‪aa‬اني وق ‪aa‬رر له ‪aa‬ا الج ‪aa‬ل ذل ‪aa‬ك‬

‫عقوبة مشددة‪.‬‬

‫بالنسبة للمشرع التونسي فانه كما اسفلنا تبني موقفا مغايرا لم يشرط ضمن الفصل‬

‫‪ 114‬ضررة ارتكاب تلك الجرائم داخل اطار الوظيف وحتى وان ورد هذا الفصل ضمن‬

‫احكام الباب الثالث الذي ورد تحت عنوان " في الجرائم الواقعة من الموظفين العمومين‬

‫او المتشبهين بهم حال مباشرة او بمناسبة مباشرة وظائفهم فان المشرع نص ضمن نفس‬

‫الفصل على انه ينطبق على جميع الحاالت غير المذكورة بذلك القانون والتي من ضمنها‬

‫الجرائم المرتكبة خارج اطار الوظيف ‪ .‬اذا ولئن كان الموظف العمومي او شبهه في هذا‬
‫‪ - 1‬فصل ‪ 4-311‬و ‪ 2-313‬من م ج ف ‪ .‬المنقحة بالقانون عدد ‪ 92-685‬المؤرخ في ‪.22/7/1992‬‬

‫‪51‬‬
‫شروط قيام‬ ‫الجزء االول‬
‫الجريمة‬

‫النوع من الجرائم يشترك مع االنسان العادي في موضوع الجريمة فانه وبسبب سوء‬

‫استغالل خصائص وظيفه في ارتكاب تلك الجرائم فقد اقر له المشرع نظاما خاصا على‬

‫مستوى العقوبة المستوجبة ‪.‬‬

‫‪52‬‬

You might also like