مذكرة ختم الدروس

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 137

‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫المقدّم ـة‬

‫اإلجراءات هي قواعد موضوعية تدخل حماية للمصالح االجتماعي ة وتنظم‬


‫رف‬ ‫حق الدولة في العقاب غير أنه بين وقوع الجريمة والحكم فيها من ط‬
‫السلطة القضائية تنشأ روابط إجرائية تنظم سير الدعوى الجزائية منذ لحظة‬
‫إثارتها حتى لحظة انقضائها بموجب حكم بات وتنفيذه‪.‬‬

‫فهذه اإلجراءات التي تحكم الدعوى العمومية في مباشرتها ح ق تحقي ق‬


‫الحكم منها والمتمثل في تسليط عقوبة وتنفيذها تسمى باإلجراءات الجزائي ة‬
‫التي يمكن تعريفها بمحتواها إذ هي تضم القواعد المنظمة لممارسة الدعوى‬
‫العمومية وتنظم الهيكل القضائي الجزائي والقواع د ال واجب إتباعه ا في‬
‫الكشف عن الجريمة ومعينتها وتتبعها ومحاكمة مرتكبيها وك ذلك القواع د‬
‫المتعلقة باألحكام الجزائية وطرق تنفيذها والطعن فيها‪.‬‬

‫ولإلجراءات الجزائية أهمية بالغة بكونها الوسيلة المؤدية إلى عدالة جزائية‬
‫راعي‬ ‫حقيقية تأخذ بعين االعتبار حق المجتمع في تسليط العقوبة بكونها ت‬
‫أيضا حقوق الدفاع واحترام الحريات الفردية التي ب دونها ال يمكن تحقي ق‬
‫العدالة‪.‬‬

‫ولقد وقع تعريف اإلجراءات الجزائية بكونها مجموعة والقواع د المنظم ة‬


‫لحق الدولة في تتبع الجريمة وتسليط العقوبة على مرتكبيها م ع مراع اة‬
‫مصلحة المجتمع من جهة وحماية الحري ات الفردي ة من جه ة أخ رى‬

‫‪1‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ق أو‬ ‫بضمانات تراعي فيها أيضا مصلحة المتهم الشرعية سواء في التحقي‬
‫(‪.)1‬‬
‫المحاكمة أو عند تنفيذ العقوبة‬
‫أما التعقيب فهو طريق من طرق الطعن االستثنائية يرفع إلى محكمة علي ا‬
‫لتراجع القرار القضائي من ناحية القانون لتنقضه إذ ثبت ل ديها أن خرق ا‬
‫للقانون قد شاب الحكم‪ .‬ولقد وجد هذا الطعن أساسا الفرض احترام الق انون‬
‫باعتبار أن النظر فيه يعود إلى محكمة التعقيب التي تتربع على قمة اله رم‬
‫القضائي للبالد(‪.)2‬‬

‫دف‬ ‫التعقيب ليس درجة ثالثة في الطعن بل هو وسيلة طعن غير عادية ته‬
‫إلى مراقبة سالمة تطبيق القانون وتوحيد االجتهادات الفقهية‪ .‬فه و وس يلة‬
‫لضمان شرعية األحكام من الوجهة القانوني ة وليس لمحكم ة التعقيب من‬
‫رع‬ ‫سلطة على وقائع الملف‪ ،‬فليس لها أن تعدلها أو تغيرها‪ .‬وقد أقر المش‬
‫دف‬ ‫طريقتين في التعقيب‪ ،‬الطريقة العادلة ووضعها لمصلحة األطراف به‬
‫طلب نقض األحكام وأخرى استثنائية وضعها المشرع لمص لحة الق انون‪،‬‬
‫واسند االختصاص فيها لوكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب(‪.)3‬‬

‫لذا اتجه تكريس نظام قضاء القانون ممثال في الطعن بالتعقيب الذي يه دف‬
‫إلى‪" :‬رديء أخطاء محتملة يمكن أن تلحق األحكام باعتباره ا أي طريق ة‬

‫‪ -1 1‬حسين بن فالح‪ .‬اإلجراءات الجزائية المعهد األعلى للقضاء‬


‫‪ - 2‬حاتم البرهومي‪ :‬الطعن بالتعقيب في المحاكم الجزائية‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الدراسات المعمقة في الحقوق علوم جنائية‪ ،‬كيفية كلية الحقوق و العلوم السياسية‬
‫بتونس‪1997 .‬‬
‫‪ - 3‬الدكتور علي كحلون‪ :‬دروس في اإلجراءات الجزائية – تونس ‪ 2009‬ص ‪353‬‬

‫‪2‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ة في‬ ‫الطعن بالتعقيب ضمانا لتصحيح المسار الخاطئ الذي توخته المحكم‬
‫حكمها والحصول على حكم أفضل وأحسن تطبيقا وتأويال"(‪.)1‬‬
‫ويبرز وصف التعقيب بكونه طريقا غير عادي للطعن ال يمكن طرقه إال في‬
‫(‪)2‬‬
‫أحوال خاصة وهي نافذة ومالذا أخيرا لمن كان يعتقد أنه مظلوما‬

‫وكذلك يختلف التعقيب عن بقية طرق الطعن العادية‪ ،‬وهي االعتراض على‬
‫الحكم الغيابي والطعن باالستئناف‪.‬‬
‫فاالعتراض الذي هو طريق إلغاء يرمي إلى إلغاء الحكم الذي صدر غيابيا‬
‫لذلك‪ ،‬يقدم إلى نفس المحكمة التي أصدرت الحكم فهو وسيلة مفتوحة لك ل‬
‫من حكم عليه غيابيا(‪.)3‬‬

‫كما يختلف التعقيب عن االستئناف اختالفا عميقا باعتبار أن هذا األخير هو‬
‫طريق إصالح إذ بواسطته يمكن لقضاة األصل أن ينظروا بك ل دق ة في‬
‫األفعال أي إعادة النظر في جميع مالمح الحكم المادية والقانونية في القضية‬
‫المنشورة(‪ . )4‬في حين أن الطعن بالتعقيب ال ينقل الدعوى مجددا أمام محكمة‬
‫التعقيب لتنظر في وقائعها من جهة ثبوتها أو عدمها بل أن وظيفتها تقتصر‬
‫أساسا على تفحص المطعون فيه ومراجعته من ناحية تطبيق القانون‪.‬‬

‫‪ - 1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬أصول اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‬
‫‪ ،1969‬ص ‪786‬‬
‫‪ - 2‬عبد الوهاب حومد‪ ،‬أصول المحاكمات الجزائية نظريا و عمليا‪ ،‬مطبعة الجامعة‬
‫السورية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دمشق‪ ،1957 ،‬ص ‪.667‬‬
‫‪ - 3‬المنصف بن المختار الزين‪ :‬اعتراض المتهم على الحكم الغيابي – مذكرة‬
‫للحصول على شهادة الدراسات المعمقة – كلية الحقوق – تونس ‪.1981‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-Soyer (j). Manuel de droit pénale et procédure‬‬
‫‪pénale.L.G.D.J.Paris 403‬‬

‫‪3‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫فإذا قدرت أن الحكم كان سليما‪ ،‬فإنها تط رح الطعن وترفض ه‪ ،‬أم ا إذا‬
‫وجدت أن الحكم صدر على خالف القانون فإنها تنقض الحكم فتبطل ه دون‬
‫أن تتصدى للموضوع وترجع الدعوى إلى المحكمة ال تي أص درت الحكم‬
‫لتعيد النظر فيه من جديد‪.‬‬
‫و قد كان النظام القضائي التونسي متأثرا منذ فتح المسلمين للبالد التونس ية‬
‫بالتشريع اإلسالمي‪ ،‬فقد أخذ عنه القواعد المنظم ة للطعن إلى أن ص در‬
‫دستور عهد األمان سنة ‪ 1861‬وقانون الجنايات واألحكام العرفي ة ال ذين‬
‫أدخال نظاما قضائيا هرميا مماثال للنظام الفرنسي‪.‬‬

‫أما قمة الهرم القضائي فينصب بها مجلس أعلى يض طلع بمه ام محكم ة‬
‫القانون عمال بأحكام المادة ‪ 21‬من دستور عهد األمان‪.‬‬

‫غير أن هذا النظام القضائي ألغي مع إيقاف العمل بدستور عه د األم ان‬
‫بموجب أمر ‪ 30‬أفريل ‪.1864‬‬

‫ومحكمة التعقيب فقد جاء بتنظيمها األمر الفرنسي المؤرخ في ‪ 27‬نوفم بر‬
‫‪ 1790‬لضمان وحدة فقه القضاء‪ ،‬وقد كرست مختلف التشريعات اإلجرائية‬
‫المقارنة هذه المؤسسة مع اختالف في تنظيمها‪ ،‬إذ ظهرت ثالث ة أنظم ة‬
‫كبرى(‪.)1‬‬

‫‪ - 1‬األستاذ نورالدين الغزواني‪ .‬الجديد في وظائف محكمة التعقيب‪ .‬محاضرة منشورة‬


‫بمجموعة لقاءات الحقوقيين‪ .‬العدد الثاني‪ .‬التعقيب‪ .‬أعمال ملتقى من ‪ 4‬إلى ‪ 7‬أفريل‬
‫‪ ،1988‬تونس ‪1989‬‬

‫‪4‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫جعل النظام األول من محكمة التعقيب محكمة درج ة ثالث ة إذ تعه دت‬
‫د‬ ‫بالطعن فإنها تنظر في وقائع القضية والقواعد القانونية المنطبقة على ح‬
‫السواء شانها شأن محكمة االستئناف‪ .‬فال مجال إذن لإلحال ة على مح اكم‬
‫واألصل في صورة النقض‪ .‬وقد تبنت عدة قوانين مقارنة هذا االتجاه لع ل‬
‫أهمها القانون البريطاني والكندي‪ ،‬والياباني ومن القوانين العربية‪ ،‬الق انون‬
‫اللبناني‪.‬‬
‫أما النوع فقد جعل من الطعن بالتعقيب أداة إلج راء الرقاب ة على أحك ام‬
‫محاكم األصل بحيث تس هم محكم ة التعقيب على توحي د فق ه القض اء‬
‫واتجاهات المحاكم في تأويل النصوص القانونية‪ ،‬فإذا ما تبين له ا وق وع‬
‫محكمة األمل في خطط في تطبيق القانون أو في تأويله فإنه ا تنقض الحكم‬
‫وتحيل القضية على محكمة اإلحالة لتنظر في الوقائع من جديد‪ ،‬وقد كرست‬
‫معظم التشريع األوروبية هذا االتجاه ومنها القانون الفرنس ي‪ ،‬واإليط الي‬
‫واأللماني والبلجيكي‪.‬‬

‫في جميع القوانين المتنازعة وتغليب القانون القومي على القوانين الجهوي ة‬
‫المباشرة في األنظمة الفيدرالية أو الكنفدرالية‪ ،‬كما تراقب احترام الدس تور‬
‫فضال عن امتداد نظرها في القض ايا من حيث الواق ع والق انون(‪ .)1‬ومن‬
‫القوانين التي تبنت هذا النظ ام ن ذكر الق انون األم ريكي والسويس ري‬
‫واليوغسالفي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Ben Aammou Nadhir: , le pouvoir de contrôle de la cour de‬‬
‫‪cassation , thèse , Tunis 1996. p 2.‬‬
‫‪ -‬جاء بالمادة ‪ 45‬من قانون النقض أنه‪ " :‬انعدام ثانية في الحكم الصادر من المحكمة‬
‫المحالة إليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع و في هذه الحالة تتبع‬
‫اإلجراءات المقررة في المحاكمة على الجريمة التي وقعت "‬

‫‪5‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫و ظهرت إلى جانب هذه األنظمة الكبرى‪ ،‬أنظمة خاصة تبنت موقفا توفيقيا‬
‫بين االتجاهات المذكورة إذا تتعهد فيه ا محكم ة التعقيب في اآلن نفس ه‬
‫بمراقبة احترام القانون وتوحيد فقه القضاء والتص دي ألم ل ال نزاع إذا‬
‫وري‬ ‫توفرت الشروط القانونية لذلك‪ .‬وقد كرس المشرع المصري(‪ )1‬والس‬
‫هذا االتجاه‪.‬‬

‫أما النظام القضائي الجزائي التونسي فمن الواض ح أن ه مت أثرا بالمث ال‬
‫الفرنسي إذ يعهد لمحكمة التعقيب مهمة مراقبة مشروعية األحكام‪ .‬فرغم أن‬
‫تنقيح مجلة المرافعات المدنية والتجارية بموجب القانون ع دد ‪ 87‬لس نة‬
‫‪ 4986‬المؤرخ في غرة سبتمبر ‪ 1988‬قد كرس التوجه الذي تبناه المشرع‬
‫المصري‪ .‬فقد أبقى مشرع اإلجراءات الجزائي ة على الوظيف ة التقليدي ة‬
‫لمحكمة التعقيب‪.‬‬

‫مما تقدم‪ ،‬فإن هذا الطعن ليس من ش أنه أن يجع ل من محكم ة التعقيب‬
‫محكمة موضوع أو أصل‪ .‬لذلك هي ليست درجة ثالثة من درجات التقاضي‬
‫فهي محكمة قانون وليست محكمة وقائع تسهم على توحيد االجتهاد القضائي‬
‫وأن األمور المادية خارجة عن أنظارها(‪.)2‬‬

‫‪ - 1‬األستاذ نور الدين الغزواني‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬


‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 190‬مؤرخ في ‪ 11‬جوان ‪ ،1925‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ 1963 ،‬ص‬
‫‪.323‬‬

‫‪6‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫وهي بالتالي ال تحاكم الدعاوى ولكن تحاكم األحكام(‪ .)1‬وهو ما عبر عن ه‬


‫بكل دقة منذ القديم الفقيه قارو عندما قال إن مهم ة التعقيب هي الحكم على‬
‫الحكم(‪.)2‬‬
‫وة‬ ‫ورغم المزايا التي يحققها التعقيب فإنه لم يسلم من النقد‪ ،‬إذ يمس من ق‬
‫األحكام النهائية‪ .‬وما يترتب على ذلك من تطويل لإلجراءات واندثار األدلة‬
‫وارتفاع كلفة العدالة التي تتضرر منها خزينة الدولة والطراف على السواء‪.‬‬
‫وإن تعدد الطعون من شأنه أن يهز الرأي العام ويض عف ثقتهم في قيم ة‬
‫األحكام الصادرة عن القضاء‪.3‬‬

‫ولألسباب المتقدمة‪ ،‬فإن الطعن بالتعقيب فد وقع تحدي ده س واء من حيث‬


‫موضوعه‪ ،‬فال يتسلط إال على قرارات قضائية معينة أو من حيث أطراف ه‬
‫فال يباشر إال أشخاص معينون أو من حيث أسبابه إال في أحوال خاصة(‪.)4‬‬

‫فالتعقيب ال يوجه إال على القرارات واألحكام النهائية الصادرة في األصل‬


‫كما جاء بالفصل ‪258‬م إ ج والصادرة عن مح اكم الموض وع من حيث‬
‫المبدأ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Bouraoui (s) et Mchri (f) la cour de cassation en Tunisie page 30‬‬
‫‪RTD 1987 , page 299.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Garraud (R) , precis de droit criminel , la rose , éditeur , paris ,‬‬
‫‪195 page 757.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Garraud (R) : traite théorique et pratique d’instruction criminelle‬‬
‫‪et procédure pénale. Larme paris 1928 page 282.‬‬
‫‪- Merle et vitu op. cit , p 834‬‬
‫‪ - 4‬حاتم البرهومي‪ :‬الطعن بالتعقيب في األحكام الجزائية‪ .‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫الدراسات المعمقة في الحقوق‪ .‬كلية الحقوق بتونس‪ 1997 .‬ص ‪.5‬‬

‫‪7‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫صحيح أن القانون قد سمح بتوجيه الطعن إلى القرارات الصادرة عن دائرة‬


‫(‪)1‬‬
‫بوضعها درجة ثانية من درجات التحقيق‪ .‬ولكن ذلك ال يك ون إال‬ ‫االتهام‬
‫في حاالت استثنائية وخاصة نظرا للصبغة التحقيقي ة لقراراته ا أوال وأن‬
‫الطعن فيها قد يساعد على إطالة وتعطيل اإلجراءات‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وبما أنها‬ ‫ولهذا فقد أخضع تعقيبها إلى شروط خاصة تستجيب إلى طبيعتها‬
‫كذلك فإنها تخرج عن نطاق هذا البحث وفيما عدا ذلك فإن الطعن بالتعقيب‬
‫له إجراءات مميزة ودقيقة فهو يوجه إلى القرارات واألحكام النهائية ويوجه‬
‫ممن له المصلحة والصفة في الدعوى يجعل من هذا الطريق أكثر تض يقا‪،‬‬
‫وهذا ما ذهبت إليه محكم ة التعقيب إذ ال يقب ل مطلب التعقيب إذا لم يكن‬
‫مشارا لمصلحة طالب التعقيب(‪.)3‬‬

‫وفيما يترتب على إجراءات التعقيب الجزائي من آثار فيالحظ أن المش رع‬
‫حاول أن يكون مستقيما مع ذاته في تكريس الصبغة االستثنائية للطعن‪ ،‬فلم‬
‫يجعل له أي أثر توفيقي من حيث المبدأ كما حجر على محكمة التعقيب في‬
‫صورة قبولها للطعن النظر في أصل الدعوى واالقتص ار على مراجع ة‬
‫قانونية وشرعية األحكام‪ ،‬وحتى في صورة اجتماع دوائر محكمة التعقيب‪،‬‬

‫‪ - 1‬الفصل ‪ 120‬م إ ج ينص على أن " يقع اإلعالم بقرارات دائرة االتهام طبق أحكام‬
‫الفصل ‪ .109‬ويمكن الطعن فيها بالتعقيب حسب الشروط المقررة للفصول ‪ 258‬و ما‬
‫بعدها من هذا القانون‪.‬‬
‫‪ - 2‬انظر الفصالن ‪ 269‬و ‪ 260‬م إ ج‪.‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جنائي عدد‪ 3899‬مؤرخ في ‪ 24‬مارس ‪ 1965‬ن م ت ق ج ‪1966‬‬
‫ص ‪.90‬‬

‫‪8‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫فإن عملها سيقتصر على فض الخالف القائم بين محكمة التعقيب ومحكم ة‬
‫اإلحالة(‪.)1‬‬

‫وفي الحقيقة‪ ،‬فإن الطعن بالتعقيب لم يوجد في العصور القديم ة‪ ،‬ف الحكم‬
‫الصادر في حق الشخص ليس له أن يطعن فيه ال باالستئناف وال بغيره من‬
‫طرق الطعن‪ ،‬فذلك غير مقبول ألن الشعب الذي أصدر الحكم هو ص احب‬
‫السيادة(‪.)2‬‬
‫أما في خصوص التشريع اإلسالمي ف رغم وج ود فك رة نقض األحك ام‬
‫وإمكانية مراجعتها باالستناد إلى الوثيقة العمرية(‪ )3‬واإلمام علي رض ي اهلل‬
‫عنه لديوان المظالم على أساس أنه مرجع للتظلم في أقضية القضاة وال ذي‬
‫اعتبره البعض ال يخرج عن دائرة المراقبة ألحكام القضاة إنقاذا لوجود رد‬
‫ون إال‬ ‫ونقض الحكم الخاطئ وعلى وظيفة قضاء القانون ولكن ذلك ال يك‬
‫بالنسبة لألحكام التي تخالف الدليل الثابت بالقرآن والسنة واإلجماع‪.‬‬

‫أما األدلة التي تنقض باالجتهاد فال تنقض باالجتهاد اس تنادا إلى القواع د‬
‫األصولية التي تحول دون القيام بهذه الوظيفة(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬حاتم البرهومي‪ :‬الطعن بالتعقيب في األحكام الجزائية‪ ،‬مذكرة نيل شهادة الدراسات‬
‫المعمقة في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق بتونس‪ ،1997 ،‬ص ‪7‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Zine (M). cours de procédure publié 1978-1979‬‬
‫‪ - 3‬في رسالة عمر بن الخطاب إلى موسى األشعري "‪...‬ال يمنعك قضاء قضيتك‬
‫باألمس ال يبطله شيء و الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل "‪.‬‬
‫‪ - 4‬حسين السالمي‪ ،‬تطور التقاضي على درجتين‪ ،‬ص ‪ 18‬و ‪ ،19‬أعمال ملتقى‬
‫اإلستئناف كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس من ‪ 18‬إلى ‪ 20‬ماي ‪ ،1989‬تونس‬
‫‪ ،93‬ص ‪.15‬‬

‫‪9‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ألة التعقيب على‬ ‫ولهذا فال يمكن القول بأن القضاء اإلسالمي قد عرف مس‬
‫النحو الذي عرفه القضاء الغربي(‪.)1‬‬

‫وفي الحقيقة فإن الطعن بالتعقيب ظهر في األصل في فرنس ا في الق رن‬
‫السادس عشر مع العادة التي كان تتخذها األطراف المتقاضية والتي تتمث ل‬
‫في التظلم إلى صاحب السلطة العليا في الدولة وهو الملك باعتباره المسؤول‬
‫األول عن توزيع العدالة بين الناس فكان في بدايته وسيلة سياسية تهدف إلى‬
‫تطبيق التشريع الملكي‪.‬‬

‫وبعد قيام الثورة الفرنسية أصبحت الحاجة ملح ة لتنظيم محكم ة التعقيب‪،‬‬
‫يلة من‬ ‫فجاء أمر ‪ 27‬نوفمبر و‪ 1‬ديسمبر ‪ 1790‬لهذا الغرض وذلك كوس‬
‫وسائل تكفل تحقيق وحدة فقه القضاء ومكملة لوحدة التشريع‪.‬‬
‫و فعال فقد أدت محكمة التعقيب الفرنسية مهمتها على أكمل وجه في ضمان‬
‫وحدة تأويل القانون الجنائي فأصبحت مورد حقيقي للقانون(‪.)2‬‬

‫و يبدو واضحا أن المشرع التونسي كان وفي ا في الحف اظ على النم وذج‬
‫الفرنسي إذ جعل من التعقيب وسيلة من وسائل الرقابة على شرعية األحكام‬
‫الصادرة عن مختلف الجهات القضائية‪ ،‬هذا رغم أن المشرع نفسه قد ت أثر‬

‫‪ - 1‬حسين السالمي‪ ،‬التعقيب ووحدة القضاء‪ ،‬أعمال ملتقى التعقيب‪ ،‬كلية الحقوق و‬
‫العلوم السياسية‪ ،‬تونس‪ ،‬من ‪ 4‬إلى ‪ 7‬أفريل ‪ ،1988‬تونس ‪ ،1989‬ص ‪.82‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Merle et vitu op. cit. page 834‬‬

‫‪10‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫في قانون المرافعات المدنية والتجارية بالمشرع المصري‪ ،‬وبدا ذلك واضحا‬
‫من خالل التنقيح الذي أدخله المشرع على الفصول المتعلقة بالتعقيب(‪.)3‬‬
‫وومبقيا في المادة الجزائية على المهمة التقليدية لمحكمة التعقيب في السهر‬
‫على حسن تطبيق القانون وتأويله وتفسيره(‪ .)2‬ذلك أن تجدي د اختص اص‬
‫محكمة التعقيب بمسائل القانون وتفسر بإرادة المشرع في تمكينها من القيام‬
‫بمهمتها في توحيد التفسير القضائي للقانون إذ أن محكمة واحدة تقوم بالنظر‬
‫في األفعال والقانون بجميع القضايا التي تقام أمامها لن يجعلها ق ادرة على‬
‫معالجتها بكيفية ناجعة ولن تتمكن من توحيد فقه القضاء(‪.)3‬‬

‫و ال يخفى ما إلجراءات التعقيب الجزائي من أهمية نظرية تتمثل في تجاوز‬


‫لبي في‬ ‫االختالفات بين مختلف المحاكم لما في هذا االختالف من تأثير س‬
‫تعميق التناقض بين أحكامه‪ ،‬فالتعقيب وجد أساسا لتوحي د كلم ة القض اء‬
‫وتحقيق االنسجام وتجاوز التباين وسد الفراغ التشريعي خاصة وأنها تمت از‬
‫بدقتها وتنظيمها‪.‬‬
‫أما أهمية إجراءات التعقيب العملية فتبدو واضحة أوال من خالل التنقيحات‬
‫المدخلة على مجلة اإلجراءات الجزائية لبعض الفصول بمقتضى قانون عدد‬
‫‪ 75‬لسنة ‪ 2008‬المؤرخ في ‪ 11‬ديسمبر ‪ 2008‬ليضيف فقرة ثالثة ورابعة‬
‫للفصل ‪ 261‬م إ ج في اتجاه إلزام كاتب المحكم ة ال تي أص درت الحكم‬
‫باستدعاء المعقب لتسلم نسخة من الحكم أو القرار المطعون فيه‪.‬‬

‫‪ - 3‬الفقرة الثانية من الفصل ‪ 176‬م م م ت و الفصل ‪ 191‬المتعلق بالفصل في‬


‫الموضوع من قبل الدوائر المجتمعة‪.‬‬
‫‪ - 2‬نورالدين الغزواني‪ ،‬الجديد في وظائف محكمة التعقيب أعمال ملتقى التعقيب كلية‬
‫الحقوق و العلوم السياسية‪ ،‬تونس ‪ .1989‬ص ‪.21‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Ben Ammou Nadhir , le pouvoir de contrôle de la cour de‬‬
‫‪cassation thèse , Tunis 1996. page 7‬‬

‫‪11‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أضيف الفصل ‪ 263‬مكرر م إ ج وجعل المشرع بداية سريان األص ل من‬


‫تاريخ تسلم النسخة بموجب تنقيح ‪ 2008‬بعد ما ك ان من ت اريخ تق ديم‬
‫المطلب وعلى جميع األطراف باستثناء النيابة العمومية على محامي الطاعن‬
‫اريخ‬ ‫أن يتقدم إلى كتابة محكمة التعقيب في أجل أقصاه ثالثون يوما من ت‬
‫تسلمه نسخة من الحكم المطعون فيه من كتابة المحكمة التي أصدرته مذكرة‬
‫فيه أسباب الطعن ونسخة من محضر إبالغ مذكرة الطعن بواسطة عدل منفذ‬
‫إلى المعقب ضدهم باستثناء النيابة العمومية(‪.)1‬‬

‫ومن خالل ما تقدم يمكن أن نتساءل ه ل أن إج راءات التعقيب الج زائي‬


‫ترمي إلى تحقيق وحدة التفسير القضائي للقانون أم أنها فضال عن ذلك تعد‬
‫دعامة من دعائم حقوق الدفاع ؟‬
‫وللتأكد من خيارات المشرع وما اعتمده من اتجاه في مختلف فصول مجلة‬
‫اإلجراءات الجزائية والتنقيحات المدخل ة عليه ا‪ ،‬من المتج ه البحث في‬
‫ممارسة الطعن بالتعقيب في جزء أول لتناول في جزء ثان دراس ة اآلث ار‬
‫الناجمة عنه‪.‬‬

‫‪ -‬الدكتور علي كحلون‪ ،‬دروس في اإلجراءات الجزائية تونس ‪ .2009‬ص ‪367‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪12‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الجزء األول‪:‬ممارسة إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫‪13‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫إذا كان االستئناف كطريق من طرق الطعن العادية يتس لط على األحك ام‬
‫االبتدائية إذ يهدف إلى إلغائها أو تعديلها ف إن التعقيب ال يتس لط إال على‬
‫األحكام الصادرة بالدرجة النهائية‪ .‬وإذا كان االستئناف يمكن ممارسة أسباب‬
‫واقعية وقانونية‪ ،‬فالتعقيب أضيف نطاقا وأكثر دقة وتحديدا‪ ،‬إذ أن الغ رض‬
‫منه مراجعة سالمة وحسن تطبيق القانون بدون النظر في األصل‪ ،‬فالتعقيب‬
‫ليس درجة ثالثة من درجات التقاضي بل هو وسيلة وضعت تحت تص رف‬
‫األطراف في الدعوى إللغاء وإبطال القرار الذي تضمن خرقا للقانون(‪.)1‬‬

‫ولذا فإن دراسة ممارسة إجراءات التعقيب الجزائي تقتضي تحليل شروطها‬
‫‪ ))II‬بعد التطرق إلى نطاقها (‪.)I‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬نطاق إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫‪1‬‬
‫‪- R. Garrand. traite théorique et pratique d’instruction criminelle‬‬
‫‪et procédure pénale. 1928 Tome 5. page 293‬‬
‫‪-‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 6626‬في ‪ 12‬مارس ‪ ،1969‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ت‪.‬ج ‪ 169‬ص‬
‫‪119‬‬

‫‪14‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫تقتضي دراسة نطاق إجراءات التعقيب الجزائي تحديد األحكام القابلة للطعن‬
‫في مرحلة أولى ثم تحديد األشخاص أو األطراف الذين يحق لهم ممارس ته‬
‫في مرحلة ثانية‪.‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األحكام القابلة للطعن بالتعقيب‪:‬‬
‫إذا الطعن بطريق التعقيب الجزائي ال يتسلط إال على الق رارات واألحك ام‬
‫الصادرة من السلطة العدلية التي قضت في األصل بصفة باتة والتي تنتهي‬
‫بها المرافعة وحينئذ فإن األحكام التحضيرية والتي القص د منه ا إج راء‬
‫ع‬ ‫أعمال استقرائية واألحكام الصادرة في أهمية النظر يجب الطعن فيها م‬
‫األحكام الصادرة في أصل النازلة(‪.)1‬‬

‫وقد يمنع القانون صراحة الطعن بالتعقيب ضد ن وع معين من الق رارات‬


‫الصادرة عن القضاء الجزائي فنجد مثال في المادة الجزائية كما هو الح ال‬
‫في المادة المدنية أن القانون يمنع صراحة الطعن في الق رارات المتعلق ة‬
‫بالتدريج في القضاة(‪.)2‬‬

‫و فيما عدا ذلك فإن الفصل ‪ 258‬من مجلة اإلجراءات الجزائية في فقرت ه‬
‫األولى ال يشترط لقابلية الحكم للتعقيب إال أن يكون حكما نهائي ا (الفق رة‬
‫األولى) فاصال في األصل (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي عدد ‪ 1585‬مؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪ 1936‬م‪.‬ق‪.‬ت عدد ‪ 3‬ص ‪196‬‬


‫ص ‪175‬‬

‫‪ - 2‬الفصل ‪ 301‬م إ ج ينص" القرار الصاد ر بشأن التجريح ال يقبل الطعن بأية‬
‫وسيلة من الوسائل‪"...‬‬

‫‪15‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم النهائي‪:‬‬


‫ال يتسلط الطعن بالتعقيب كما سبقت اإلش ارة إال على األحك ام النهائي ة‬
‫المبرمة والصادرة على محاكم الدرجة الثانية هذا ما أوجبه الفصل ‪ 258‬م إ‬
‫ج وقبله الفصل ‪ 170‬من مجلة المرافعات الجنائية‪.‬‬
‫والحكم النهائي هو الذي استنفذ الطرق العادية وأحرز على ق وة اتص ال‬
‫القضاء فال يمكن تعقيبه إال باستنفاذ الط رق العادي ة في الطعن(‪ )1‬بمع نى‬
‫يتعذر الطعن فيه بالطرق العادية وقد أكد فق ه القض اء(‪ )2‬ذل ك في ع دة‬
‫قرارات‪.‬‬
‫و هذه القاعدة في الحقيقة تنسجم م ع طبيع ة وج وهر إج راءات الطعن‬
‫رق‬ ‫بالتعقيب والذي ال يمكن ممارسته أو اللجوء إليه إال إذا سدت كل الط‬
‫األخرى(‪.)3‬‬
‫ولتحديد درجة الحكم أو القرار ومدى قابليت ه للطعن ب التعقيب ال ب د من‬
‫الوقوف على مختلف أنواع األحكام والقرارات الصادرة عن مختلف المحاكم‬
‫وذلك بالنسبة لألحكام الحضورية (أ) ثم الغيابية ( ب)‪.‬‬

‫أ – األحكام الحضورية ‪:‬‬

‫‪ - 1‬الدكتور علي كحلون‪ ،‬دروس في اإلجراءات الجزائية تونس ‪ ،2009‬ص ‪361‬‬


‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 14582‬مؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ ،1987‬ق م ت‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،1988‬ص ‪ 19‬المبدأ ص إن األحكام والقرارات التي مازالت قابلة للطعن بإحدى‬
‫الطرق االعتيادية مثل ٌاستئناف واالعتراض‪ ،‬القيام في شأنها بطلب التعقيب من جانب‬
‫أي طرف"‪.‬‬
‫‪ -3‬هذا المبدأ العام جاء في األمر الفرنسي عدد ‪ 1738‬المتعلق باإلجراءات أمام مجلس‬
‫الملك والذي ينص « ‪La voie de la cassation n’est ouverte que lorsque‬‬
‫‪."toutes les autres sont fermées‬‬

‫‪16‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫تصدر األحكام عن القضاء الجزائي فتكون على ن وعين‪ ،‬أم ا أن تك ون‬


‫(‪)1‬‬
‫نهائية غير قابلة لالستئناف فتعقب مباشرة ما لم ينص القانون على خالفه‬
‫وإما أن تصدر بالدرجة االبتدائية وهذه تستأنف وال تعقب أبدا‪.‬‬

‫األحكام والقرارات غير القابلة لالستئناف‪:‬‬


‫هذه الزمرة تشتمل على مجموعة األحكام الصادرة على المحاكم التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬قرارات الدائرة الجنائية‪:‬‬


‫تختص الدائرة الجنائية بالنظر في المواد الجنائية(‪ )2‬والقرارات الصادرة عنها‬
‫تكون في كل األحوال نهائية(‪ )3‬وهي بالتالي غير قابلة لالس تئناف وليس من‬
‫سبيل سوى الطعن بالتعقيب مباشرة سواء كان القرار قاض يا ب البراءة أو‬
‫اإلدانة فيجوز لجميع األطراف الطعن فيها‪ .‬إال أن تدخل المشرع التونس ي‬
‫بمقتضى الق عدد ‪ 43‬لسنة ‪ 2000‬المؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪ 2000‬وأرس ى‬
‫ات‪،‬‬ ‫قاعدة التقاضي على درجتين في المادة الجزائية‪ ،‬وبالتحديد في الجناي‬
‫فأصبحت األحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية ال يمكن أن تك ون قابل ة‬
‫للتعقيب إال بعد استئنافها‪.‬‬

‫‪ -1‬نص الفصل ‪ 68‬من الدستور على إحداث المحكمة العليا‪ .‬فجاء قانون عدد ‪10‬‬
‫لسنة ‪ 1970‬المؤرخ في ‪1‬افريا ‪ 1970‬ناصا في الفصل الثاني عشر على انه "ال تقبل‬
‫قرارات المحكمة العليا للطعن باالستئناف و ال بالتعقيب"‪.‬‬
‫‪ -2‬الفصل ‪ 127‬م إج‪.‬‬
‫‪ -3‬الفصل ‪ 128‬م إج‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ولكن السؤال الذي يمكن طرحه هنا هو إذا تعهدت الدائرة الجنائية بجناية ثم‬
‫تبين لها أنها مخالفة أو جنحة وخاصة أن هذه األخيرة عادة ما تكون قابل ة‬
‫لالستئناف فما العمل؟‬

‫يجيبنا الفصل ‪ 171‬من مجلة اإلجراءات الجزائية بقوله "إذا تعهدت المحكمة‬
‫الجنائية بصفة قانونية بفعلة يعتبرها القانون جناية واتضح لها من المرافعات‬
‫أنها مجرد جنحة أو مخالفة فإنها تسلط العق اب وثبت عن د االقتض اء في‬
‫تندا في‬ ‫الدعوى الشخصية" وكرس فقه القضاء التونسي هذا االتجاه(‪ )1‬ومس‬
‫ذلك هي القاعدة القائلة من أمكن له األكثر أمكن له األقل"‪.‬‬
‫يبدو أن هذا االتجاه محل نقد إذ فيه إخالل بنظام التقاض ي على درج تين‬
‫ولكن يرد على ذلك بأن وجوبية التحقيق في الجنايات وتش كيل المحكم ة‬
‫وطريقة عملها كلها ضمانات حقيقية وهامة تكفل حق األطراف(‪.)2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أحكام المحاكم العسكرية‪:‬‬


‫تصدر األحكام العسكرية بصورة نهائية وال تقبل الطعن باالستئناف س واء‬
‫كانت الجريمة المرتكبة من نوع المخالفات أو الجنح أو الجنايات دون تفريق‬
‫وهذه فقط الطعن بالتعقيب(‪ )3‬طبقا ألحكام الفصل ‪ 29‬م‪.‬م‪.‬ع‪.‬ع‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 16953‬مؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪ ،1987‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج‬


‫‪ ،1987‬ص ‪16‬‬
‫‪ - 2‬قرار جنائي عدد ‪ 1125‬مؤرخ في ‪ 14‬نوفمبر ‪ ،1957‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ ،‬ماي ‪،1963‬‬
‫ص ‪439‬‬
‫‪ - 3‬الفصل ‪ 29‬م‪.‬م‪.‬ع‪ .‬ينص على " أن تطعن في القرارات الصادرة عن دائرة اإلتهام‬
‫و األحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية لدى محكمة التعقيب على أن يعوض أحد‬
‫مستشاريها بضابط من رتبة سامية يعينه وزير الدفاع الوطني لمدة عام "‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ثالثا ‪ :‬أحكام قاضي الناحية في المخالفات‪:‬‬


‫إن األحكام الصادرة عن محكمة الناحية في مادة المخالفات تصدر بص ورة‬
‫نهائية (‪ )1‬ال تقبل الطعن باالستئناف وإنما تعقب مباشرة‪.‬‬
‫إن المشرع التونسي في اعترافه للطعن بالتعقيب في مادة المخالفات ال تتفق‬
‫مع القانون المصري في هذا التمشي إذ أخرجها من نطاق الطعن ب التعقيب‬
‫وقصرها على الجنح والجنايات فقط وذلك كما تقول المذكرة اإليضاحية انه‬
‫" تبين عدم وجود ضرورة إلطالة أمد التقاضي في مث ل ه ذا الن وع من‬
‫الجرائم(‪.")2‬‬
‫"ويقبل جانب من الفقه المصري هذا الشرط على أساس أنه يخفف من أعباء‬
‫محكمة النقض بما يتيح لها التفرع لألحكام الصادرة في الجرائم الهامة (‪.")3‬‬

‫رابعا ‪ :‬القرارات الصادرة عن محاكم االستئناف ‪:‬‬


‫من البديهي أن القرار اإلستئنافي يك ون نهائي ا وال يمكن الطعن في ه إال‬
‫بالتعقيب سواء كان صادرا عن محكمة االستئناف والتي نظرت في استئناف‬
‫الحكم االبتدائي الصادر عن المحكمة االبتدائية في م ادة الجنح(‪ )4‬أو ك ان‬
‫صادرا عن المحكمة االبتدائية بوصفها محكمة اس تئناف ألحك ام قاض ي‬
‫الناحية (‪.)5‬‬

‫‪ -1‬الفصل ‪ 123‬م‪.‬إ‪.‬ج‬
‫‪ - 2‬محمود محمود مصطفى شرح قانون اإلجراءات الجنائية ن الطبعة الحادي عشر‬
‫القاهرة ‪.1988‬‬
‫‪ - 3‬عبد الرحيم صدفي‪ ،‬قانون اإلجراءات الجنائية طرق الطعن في األحكام‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ص ‪101‬‬
‫‪ - 4‬الفصل ‪ 207‬فقرة ثانية م‪ .‬إ‪.‬ج‬
‫‪ - 5‬الفصل ‪ 124‬فقرة ثانية م‪ .‬إ‪.‬ج‬

‫‪19‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫خامسا ‪ :‬األحكام الصادرة عن محكمة األطفال ‪:‬‬


‫إن األحكام الصادرة عن محاكم األطفال سواء بوصفها محكمة جنائي ة(‪ )1‬أو‬
‫بوصفها محكمة إستئنافية(‪ )2‬عندما تنتصب للنظر في أحكام قاضي األطف ال‬
‫ففي كلتي الحالتين فإن أحكامها تقبل الطعن بالتعقيب‪.‬‬
‫األحكام القابلة لالستئناف‪:‬‬
‫هذا النوع من القرارات واألحكام يصدر عادة بالدرجة االبتدائي ة وال يمكن‬
‫الطعن فيه إال باالستئناف وهو غير قابل للتعقيب بأي ح ال من األح وال‪،‬‬
‫وهذا النوع يشمل األحكام الصادرة في م ادة الجنح وهي إم ا أن تك ون‬
‫صادرة عن قاضي الناحية أو المحكمة االبتدائية على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬قاضي الناحية‪:‬‬


‫ينظر حاكم الناحية نهائيا في المخالفات وينظر ابتدائيا‪:‬‬
‫أوال في الجنح المعاقب عليها بالسجن مدة ال تتجاوز الع ام أو بخطت ه ال‬
‫يتجاوز مقدارها ألف دينارا ويبقى النظر للمحكمة االبتدائية في جنحة الجرم‬
‫على وجهة الخطأ والحريق غير العمد‪.‬‬
‫ثانيا في الجنح التي أسند إليه فيها النظر بمقتضى نص خاص(‪.)3‬‬

‫هذا الصنف من الجرائم ينظر فيه قاضي الناحية ويصدر فيه حكم ه‪ ،‬ف إن‬
‫هذا األخير ال يكون نهائيا بل يقبل طعن باالستئناف أمام المحكمة االبتدائية‬
‫بوصفها محكمة استئناف‪ .‬وهذا االتجاه القانوني مؤكد في فقه القضاء إذ جاء‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 83‬من م‪ .‬إ‪.‬ج‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 103‬فقرة ثانية م‪ .‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬الفص ‪ 123‬م‪.‬إ‪.‬ج‬ ‫‪3‬‬

‫‪20‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫في أحد قرارات محكمة التعقيب " أن الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج نص على تعقيب‬
‫األحكام النهائية الصادرة عن محاكم النواحي فإذا ص در الحكم في جنح ة‬
‫ابتدائيا فإنه ليس بإمكان الطاعن أن يعقبه قبل اللج وء إلى االس تئناف ألن‬
‫(‪.)1‬‬
‫الطعن بالتعقيب طريق طعن غير اعتيادي‬

‫ثانيا المحكمة االبتدائية‪:‬‬


‫تنظر المحكمة االبتدائية ابتدائيا في سائر الجنح باستثناء ما ك ان منه ا من‬
‫أنظار حاكم الناحية(‪ )2‬واألحكام الصادرة فيها تكون أحكاما ابتدائي ة قابل ة‬
‫للطعن باالستئناف أمام محكمة االستئناف‪.‬‬
‫و إذا فوت الطاعن أصل الطعن باالستئناف دون ممارسته يصبح الحكم باتا‬
‫اتصل به القضاء وال يمكن الطعن فيه بالتعقيب(‪ )3‬ذلك أن من أهمل استئناف‬
‫أ‬ ‫حكم محكمة الدرجة االبتدائية دون أن يقوم بما في وسعه إلصالح الخط‬
‫بهذا الطريق العادي فإن ذلك يعد خضوعا منه للحكم األمر ال ذي يجع ل‬
‫الطعن بالتعقيب ال يقوم على أسس قانونية وأكدت محكمة التعقيب ذلك(‪ )4‬كما‬
‫اعتبرت أن عدم احترام مقتضيات الحكم النهائي يعتبر مساسا بالنظام الع ام‬
‫(‪.)5‬‬
‫وللمحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها‬
‫‪ - 1‬قرار تعقيبي عدد ‪ 12505‬مؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر ‪ 1986‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج عدد ‪ 1‬س‬
‫‪ 86‬ص ‪100‬‬
‫‪ - 2‬الفصل ‪ 124‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ - 3‬يالحظ أن القانون السوري في قانون أصول المحاكمات الجزائية كان الطعن‬
‫بالتعقيب في األحكام الصادرة بالدرجة اإلبتدائية عند تفويت أجل اإلستئناف دون الطعن‬
‫فيها و كانت على هذه الصورة تصبح نهائية و لكن المشرع السوري عدل عن ذلك بعد‬
‫صدور المرسومين األول عدد ‪ 99‬لسنة ‪ 1691‬و الثاني عدد ‪ 161‬لسنة ‪.1962‬‬
‫‪ - 4‬قرار تعقيبي عدد ‪ 9552‬بتاريخ ‪ 2‬جانفي ‪ ،1974‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج عدد ‪ 1‬لسنة‬
‫‪ 1974‬ص ‪.38‬‬
‫‪ - 5‬قرار تعقيبي عدد ‪ 36553‬بتاريخ ‪ 20‬أفريل ‪ ،1993‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة ‪1993‬‬
‫ص ‪.3‬‬

‫‪21‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫و لكن السؤال الذي يثور هنا في صورة ما إذا ارتبطت جنحة بمخالفة فكيف‬
‫يكون الحل ؟‬

‫يجيبنا الفصل ‪ 137‬م إ‪.‬ج حيث يقول " إذا كانت الفعلة مخالف ة مرتبط ة‬
‫بجنحة فإن المحكمة تبت فيها بحكم واح د يك ون ق ابال لالس تئناف في‬
‫مجموعه‪".‬‬
‫أن ضرورة توفر الصفة النهائية لإلحكام أو القرارات إلمكاني ة تعقيبه ا ال‬
‫يكون فقط في اإلحكام غير القابلة لالستئناف بل كذلك يجب أال يكون الحكم‬
‫غيابيا‪ .‬بل كذلك يجب أال يكون الحكم غيابيا‪.‬‬

‫ب – األحكام الغيابية‪:‬‬
‫يكون الحكم غيابيا حسب ما جاء في الفقرة الثانية من الفص ل ‪ 175‬م‪.‬إ‪.‬ج‬
‫إذا ما استدعى المتهم بصفة قانونية ولم يحضر يحكم عليه غيابيا رغم عدم‬
‫بلوغ االستدعاء إليه شخص يا‪ .‬وتنص الم ادة ‪ 169‬من ق انون أص ول‬
‫المحاكمات الجزائية األردني على أنه " إذا لم يحضر المضنون إلى المحكمة‬
‫في اليوم والساعة المعينين في مذكرة الدعوى المبلغة له حس ب األص ول‬
‫للمحكمة أن تحاكمه غيابيا‪."...‬‬

‫وطالما أن المتهم لم يحضر ولم تتح له فرصة إلبداء أوجه دفاع ه ف الحكم‬
‫الذي يصدر ضده تعتبر غيابيا ولو حضر يوم النطق بالحكم"(‪.)1‬‬

‫‪ - 1‬محمد صبحي نجم – الوجيز في قانون المحاكمات الجزائية الجامعة األردنية س‬


‫‪ 2006‬ص ‪.499‬‬

‫‪22‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫وفي هذه األحكام فإن المشرع وضع الطعن بطريق االعتراض وبما أن هذا‬
‫رق‬ ‫األخير هو طريقا من طرق الطعن العادية‪ ،‬فإنه يسد الطريق أمام الط‬
‫غير العادية(‪.)1‬‬

‫وتجدر المالحظة بادئ ذي بدء أن األحكام الغيابية الصادرة في مواد الجنح‬


‫سواء كانت صادرة عن قاض الناحية أو المحكمة االبتدائية ال تفقد وص فها‬
‫بأنها حكم ابتدائي غير قابل للطعن بالتعقيب مباشرة بأي شكل من األشكال‪،‬‬
‫وما يهمها هي تلك القرارات واألحكام لو لم تكن غيابية لكانت قابلة للتعقيب‬
‫مباشرة(‪.)2‬‬
‫وإذا صدرت أحكام بالبراءة وإن كانت غيابية فال داعي إلى تعقيبها وذهبت‬
‫محكمة التعقيب في أحد قراراتها أن األحكام الغيابية الص ادرة ب البراءة ال‬
‫لزوم لإلعالم بها وجاء في إحدى حيثيات القرار أنه "من المبادئ الثابتة أن‬
‫األحكام الغيابية بالبراءة ال يعلم بها من قضي بترك سبيله وحينئذ فإن الحكم‬
‫الغيابي بعدم سماع الدعوى العمومية لم يكن واجب اإلعالم به للمتهم"(‪.)3‬‬

‫أما الحكم الغيابي الصادر باإلدانة‪ ،‬فإنه يتعين التفريق بين مرحلتين مرحلة‬
‫ما قبل القيام بإجراءات اإلعالم ومرحلة ما بعدها‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 11201‬مؤرخ في ‪ 22‬أكتوبر ‪ 1986‬ن‪.‬م‪.‬ت سنة‬


‫‪ 1987‬ص ‪ 34‬عدد‪.1‬‬
‫‪ - 2‬عبد اهلل الهاللي‪ ،‬مقال تعقيب األحكام الغيابية‪ ،‬م‪.‬ق‪.‬ت جانفي ‪ 1988‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 6939‬مؤرخ في ‪ 14‬أفريل ‪ 1975‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة‬
‫‪ 1975‬ص ‪.154‬‬

‫‪23‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ذ‬ ‫فإذا لم يقع اإلعالم بالحكم الغيابي فإن محكمة التعقيب قد استقر رأيها من‬
‫القديم على عدم قبول الطعن في هذا النوع من األحكام(‪.)4‬‬

‫أما في مرحلة ما بعد اإلعالم بالحكم الغيابي فإن لألطراف إما أن تعترض‬
‫خالل أجل االعتراض أو تفوت على نفسها أجل االع تراض وفي الحال ة‬
‫األخيرة يصبح الحكم الغيابي نهائيا قابال للطعن بالتعقيب من قب ل جمي ع‬
‫األطراف(‪.)2‬‬

‫ولكن هل يجوز للمتهم التنازل والعدول عن االعتراض والقي ام ب التعقيب‬


‫مباشرة ؟‬

‫تجيبنا محكمة التعقيب في قرار لها بتاريخ ‪ 18‬ديسمبر ‪ 1947‬بأن المحكوم‬


‫عليه غيابيا ال يجوز له العدول عن االعتراض على الحكم الغيابي والطعن‬
‫فيه مباشرة بالتعقيب(‪.)3‬‬

‫‪ - 4‬حاتم البرهومي‪ ،‬الطعن بالتعقيب في األحكام الجزائية مذكرة نيل شهادة الدراسات‬
‫المعمقة في الحقوق سنة ‪ 1997‬ص ‪.23‬‬
‫‪ - 2‬يزيد الرياحي تعقيب وكيل الدولة العام في المادة الجزائية رسالة نيل شهادة ختم‬
‫الدروس المعهد األعلى للقضاء سنة ‪ 2004‬ص ‪.62‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 10939‬مؤرخ في ‪ 18‬ديسمبر ‪ ،1974‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج‬
‫سنة ‪ 75‬من ‪.186‬‬

‫‪24‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أما بالنسبة للنيابة العمومية فلها وضع خاص فيفترض أنها دائما حاض رة‬
‫وممثلة في األحكام‪ ،‬وبالتالي ال يجوز لها االعتراض بل أن ه ذا األخ ير‬
‫شرع للطرف الغائب وبما أن األمر كذلك فهل يجوز لها التعقيب مباشرة(‪.)4‬‬
‫ليس هناك نص يمنع النيابة العمومية من الطعن في الحكم الغيابي بعد القيام‬
‫بإجراءات األعالم والقضاء أجل اعتراض‪.‬‬

‫وبعد انتهاء من الحكم في االع تراض يمكن للنياب ة العمومي ة أن تعقب‬


‫األحكام إذ يصبح الحكم نهائيا وال مجال للحديث عن الحكم الغي ابي‪ .‬إذا لم‬
‫تتم إجراءات اإلعالم فال يمكن قبول الطعن من أي كان إال بعد النظ ر في‬
‫االعتراض أو انقضاء أجله‪ ،‬هذا ما استقر عليه فقه قضاء محكم ة التعقيب‬
‫وهذا محل نظر إذ يعني أنه في صورة عدم تبلي غ الحكم إلى الغ ائب فال‬
‫تدعاء إلى‬ ‫يجوز ألي كان الطعن بالتعقيب‪ .‬والكل يعلم أنه إذا لم يبلغ االس‬
‫الشخص نفسه فإن أجل االعتراض يساوي مدة تقادم العقوبة(‪.)2‬‬

‫وفي هذا اإلطار يميز القانون الفرنسي من األحكام الغيابية الصادرة باإلدانة‬
‫عن محكمة الجنايات‪ ،‬والتي ال يمكن الطعن فيه ا ب التعقيب من ط رف‬
‫المحكوم عليه ولكن يمكن إعادة محاكمته وفق الشروط ال واردة بالفص ل‬
‫‪ 639‬م‪.‬إ‪.‬ج فرنسية وما بعدها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للنيابة العمومية والقائم ب الحق الشخص ي فيمكن له ا الطعن‬
‫ات فال‬ ‫بالتعقيب مباشرة أما إذا كان الحكم صادرا في مادة الجنح والمخالف‬
‫يجوز الطعن فيه بالتعقيب فهو يقبل االعتراض‪.‬‬

‫‪ -‬المنصف بن مختار الزين‪ ،‬اعتراض المتهم‪ ،‬ص ‪.151‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.25‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪25‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫وهذا االتجاه تبناه التشريع السوري الذي منع الطعن بالتعقيب م ادام الطعن‬
‫فيه بطريق االعتراض جائزا(‪.)1‬‬

‫أما الحكم الغيابي في جناية فإنه ال يقبل االعتراض بل يبقى مهددا بالسقوط‬
‫خالل مدة طويلة مما قد يلحق األذى والضرر لبقية أطراف الحكومة ال ذي‬
‫يجب عليهم حق الطعن‪.‬‬

‫و ال يمكن أن يكون الحكم نهائيا لكي يكون قابال للطعن بالتعقيب بل اشترط‬
‫الفصل ‪ 258‬م إ‪.‬ج إضافة إلى ذلك أن يكون الحكم فاصال في األصل‪.‬‬

‫الفقرة االثانية ‪ :‬حكم فاصل في األصل ‪:‬‬


‫لقد اقتضى الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته األولى أن الحكم النهائي الم راد‬
‫الطعن فيه يجب أن يكون صادرا في األصل‪.‬‬
‫وفي الواقع إن تحديد مفهوم هذا المبدأ يطرح بعض اإلشكاليات على النح و‬
‫العملي‪ ،‬لذا ال بد من بيان المقصود من الحكم الفاص ل في األص ل (أ) ثم‬
‫التعويض إذا كان هناك استثناءات (ب)‪.‬‬

‫أ – تحديد المقصود من الفصل في األصل ‪:‬‬

‫‪ - 1‬المادة ‪ 338‬قانون أصول المحاكمات الجزائية ق ال يقبل الطعن بطريق النقض ما‬
‫دام الحكم فيه بطريق اإلعتراض جائزا "‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫لم يعرف المشرع المقصود من الحكم الفاصل في األص ل لكن ذهب أح د‬


‫الفقهاء إلى القول بأن الحكم الفاصل في الموضوع هو الذي ينفي الخصومة‬
‫دعي‬ ‫بالبراءة أو عدم المسؤولية أو باإلدانة وتقرير العقوبة والتعويض للم‬
‫الشخصي‪ ،‬وبالتالي فإنه يؤدي إلى إخراج الدعوى من حوزة المحكمة(‪.)1‬‬
‫وقد اعتبرت محكمة القانون أن الطعن بالتعقيب الجزائي ال يتس لط إال على‬
‫القرارات واألحكام الصادرة عن السلط العدلية التي قضت في األصل بصفة‬
‫باتة والتي تنتهي بها المرافعة(‪.)2‬‬
‫ويمكن القول تأسيسا على ذلك أن الحكم الصادر في األصل هو الذي تنتهي‬
‫به الخصومة وتخرج به الدعوى من يد المحكمة وعلى هذا األس اس ف إن‬
‫األحكام التحضيرية ال تكون قابلة للتعقيب(‪ ،)3‬وهي أحكام سابقة على الفصل‬
‫د المتهم مثال‬ ‫في موضوع الدعوى‪ ،‬فإذا أصدرت المحكمة بطاقة إيداع ض‬
‫فإن " تلك الوسيلة ليست بقرارات في أصل القضية وبذلك فإنها غير قابل ة‬
‫للطعن بطريق التعقيب(‪ )4‬على أن مثل هذه القرارات يمكنها أن تكون مح ل‬
‫طعن بالتعقيب مع الحكم البات في األصل تماما كما ه و األم ر بالنس بة‬
‫لألحكام القابلة لالستئناف عمال بالفصل ‪ 209‬م‪.‬إ‪.‬ج(‪.)5‬‬

‫‪ - 1‬حسن الجوندار‪ ،‬شرح أصول المحاكمات الجزائية مكتبة دار الثقافة للنشر و‬
‫التوزيع‪ ،‬عمان ‪ ،1992‬ص ‪.175‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 1585‬مؤرخ في ‪ 17‬أفريل ‪ 19387‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪1963‬‬
‫ص ‪.175‬‬
‫‪ - 3‬قرار جنائي عدد ‪ 393‬مؤرخ في ‪ 17‬ديسمبر ‪ 1928‬م‪.‬ق‪.‬ت ‪ 1963‬ص ‪.40‬‬
‫‪ - 4‬قرار جنائي عدد ‪ 2988‬مؤرخ في ‪ 19‬أفريل ‪ ،1950‬م‪.‬ق‪.‬ت ‪ ،1963‬ص‬
‫‪.232‬‬
‫‪ - 5‬جوندوبالر مختصر في شرح قانون المرافعات الجنائية التونسي‪ ،‬الطبعة السريعة‬
‫ص ‪.673‬‬

‫‪27‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫إال أنه تجدر اإلشارة إلى أن بعض القرارات غير الص ادرة في األص ل‬
‫وغير الباتة في جوهر التهمة‪ ،‬يمكنها أن تنهي اإلجراءات وتخرج القض ية‬
‫من يد المحكمة مثل الق رارات الص ادرة بع دم االختص اص وب رفض‬
‫االستئناف شكال فهل يحرم األطراف والنياب ة العمومي ة من ح ق الطعن‬
‫بالتعقيب فيها ؟ أم أنه يجوز تعقيبها ؟‬

‫لم يتعرض المشرع لهذه المسألة في األحكام المتعلقة بالتعقيب خالفا لتل ك‬
‫األحكام الصادرة في مادة مرجع النظر‪ ،‬إال أن ه ال يمكن أن يتص ور أن‬
‫المشرع قد قصد حرمان األطراف من الطعن في مثل هذه األحكام بالتعقيب‬
‫الذي شرع لتمكينهم من تعهد محكمة القانون بالنظر فيما قد تك ون مح اكم‬
‫األصل قد ارتكبته من أخطاء قانونية كرفضها لالستئناف شكال دون موجب‬
‫قانوني أو تصريحها بانقضاء الدعوى العمومية بالتقادم مع تغافلها عن عمل‬
‫قاطع‪.‬‬
‫و على أية حال فإنه يبدو أن محكمة التعقيب ال ترفض تعقيب مث ل ه ذه‬
‫القرارات فقد استقر فقه قضائها على قبول مطالب تعقيب ق رارات ع دم‬
‫االختصاص(‪ )1‬وقرارات رفض ٌاستئناف شكال(‪.)2‬‬

‫ولكن قد تطرح بعض الصعوبات في تحديد مدى الفص ل في األص ل في‬


‫بعض القرارات كما جاء في الفصل ‪ 100‬م‪.‬إ‪.‬ج الذي ينص على أن " لكل‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي عدد ‪ 5256‬مؤرخ في ‪ 19‬أفريل ‪ 1967‬م‪.‬ق‪.‬ت‪.‬جانفي ‪ 1968‬ص‬


‫‪.51‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 33393‬مؤرخ في ‪ 15‬أكتوبر ‪ 1991‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪1991‬‬
‫ص ‪.41‬‬

‫‪28‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫شخص يدعي استحقاق أشياء موضوعية تحت يد العدالة أن يطلب ترجيعها‬


‫من حاكم التحقيق وعند امتناع هذا األخير فمن دائرة االتهام"‪.‬‬

‫والسؤال الذي يمكن طرحه في خصوص هذا الفصل هو ه ل أن الق رار‬


‫الصادر عن دائرة االتهام في هذا الموضوع فاصال في األصل أم ال؟‬
‫محكمة التعقيب لم تعط رأيا في الموضوع أما فقه القضاء الفرنسي فإنه يقيم‬
‫التفرقة بين حالتين‪ ،‬ما إذا كان الطاعن طرفا في الدعوى أم ال(‪.)1‬‬

‫(‪)2‬‬
‫أما إذا كان‬ ‫إذا كان الطاعن هو الغير المتدخل فإنه من المتجه قبول طعنه‬
‫الطاعن طرفا في الدعوى سواء كان متهما أو قائم بالحق الشخص ي ف إن‬
‫المحكمة تقضي برفض طعنه(‪ )3‬وال بد من انتظار القرار النهائي للطعن فيه‬
‫برمته(‪ .)4‬ولكن قد تتخذ المحاكم التي تنظر بصورة نهائية بعض الق رارات‬
‫أو تصدر بعض األحكام ولكنها ال تفصل في الموض وع وليس من ش أنها‬
‫حسم النزاع بالكيفية التي وقع شرحها ك األمر ب إجراء بحث تكميلي(‪ )5‬أو‬
‫بإجراء خبرة(‪.)6‬‬

‫إن هذا النوع من اإلجراءات ال تؤثر على السير الط بيعي لل دعوى ومن‬
‫الصعب االعتقاد أن الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج يسمح بالطعن في ه ذا الن وع من‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي مرجع سابق ص ‪.29‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Crim , 6 jouillet 1966 B.N° 191‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Crim. 23 janvier 1973.B.n° 28‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Bore.op.cit.page 65‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 143‬م‪.‬إ‪.‬ج الفقرة األخيرة‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 157‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪29‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫القرارات وذلك قياسيا على الفصل ‪ 209‬م‪.‬إ‪.‬ج بفقرت ه الثاني ة وال ذي ال‬
‫يسمح باالستئناف ما عدا ذلك من األحكام إال م ع األحك ام الص ادرة في‬
‫األصل علما وأن بعض التشريعات العربية مثل التشريع السوري في م ادة‬
‫‪ 238‬من قانون أصول المحاكمات الجزائية والذي نص ص راحة بأن ه ال‬
‫يج وز الطعن بطري ق النقض في األحك ام الص ادرة قي الفص ل في‬
‫الموضوع(‪.)1‬‬

‫فقه القضاء التونسي اعتبر أن القرار الرامي إلى انتداب خبير هو من قبي ل‬
‫األعمال االستقرائية والتحضيرية وال يجوز الطعن فيها بالتعقيب(‪ )2‬والحكمة‬
‫من هذا كله هو أن المحكمة التي أصدرت تلك األحكام لم تخرج الدعوى من‬
‫حوزتها فهي على ذلك تستطيع تبديل أو تعديل ما كانت ق د قررت ه ومن‬
‫ناحية أخرى فإن هذا المنع يؤدي إلى وضع حد الطعون التسويفية ال تي ال‬
‫(‪)3‬‬
‫يقصد منها إال المماطلة في إنهاء الدعوى العمومية وتعطيل سير العدالة "‬
‫ولكن هناك استثناءات قد ترد على هذا المبدأ(ب)‪.‬‬
‫ب‪ -‬االستثناء ‪ :‬األحكام التي ال تنظر في األصل ولكنها تنهي اإلجراءات‪:‬‬
‫هناك استثناءات قد ترد على المبدأ القائل بضرورة أن يكون الحكم النه ائي‬
‫فاصل في األصل‪ ،‬لكي يكون قابال للطعن بالتعقيب‪ ،‬نظرا إلمكانية ص دور‬
‫قرارات عن المحكمة قبل الفصل النهائي في موضوع ال دعوى‪ ،‬ف يرتب‬
‫عليها انقضاء اإلجراءات وبالتالي تعطيل سير العدالة الجزائي ة وخ روج‬

‫‪ - 1‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.29‬‬


‫‪ - 2‬قرار تعقيبي عدد ‪ 1585‬مؤرخ في ‪ 7‬أفريل ‪ 1963‬م‪.‬ق‪.‬ت عدد‪ 3‬س ‪1963‬‬
‫ص ‪.175‬‬
‫‪ - 3‬حسن الجوندار‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 629‬و‪.630‬‬

‫‪30‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الدعوى من ح وزة المحكم ة ومن ه ذه الق رارات مثال الق رار بع دم‬
‫االختصاص أو أن الدعوى قد انقضت بالتقادم أو رفض االستئناف شكال(‪.)1‬‬

‫و بالرغم من أهمية القرارات سابقة ال ذكر‪ ،‬إال أن ه ال يوج د في مجل ة‬


‫اإلجراءات الجزائية نص يسمح بالطعن في مثل هذا الن وع من الق رارات‬
‫التي لها تأثير كبير على الحسم في موضوع ال دعوى‪ ،‬وذل ك على خالف‬
‫بعض التشريعات العربية كالتشريع السوري فقد ج اء في أح د المؤلف ات‬
‫الفقهية السورية أنه هناك بعض األحكام والقرارات التي تصدر قبل الفصل‬
‫النهائي في موضوع النزاع ولكن المشرع أجاز الطعن فيها بطريق النقض‬
‫ألن من شأنها إيقاف السير في الدعوى وإخراج القضية من حوزة المحكمة‬
‫وعلى ذلك نصت المادة ‪ 337‬على أنه "ال يجوز الطعن بطريق النقض في‬
‫األحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع إال إذا أنبنى عليها منع السير في‬
‫الدعوى ومثال ذلك القرارات الص ادرة بع دم االختص اص والق رارات‬
‫الصادرة بعدم سماع الدعوى لسقوطها بأحد أسباب السقوط كالتقادم أو العفو‬
‫العام(‪.)2‬‬

‫وعلى الرغم من سكوت المشرع التونسي إال أن فقه قضاء محكمة التعقيب‬
‫(‪)3‬‬
‫ورفض‬ ‫تجاوز ذلك بقبول الطعن في القرارات الصادرة بعدم االختصاص‬
‫ٌاستئناف شكال(‪ )4‬وهناك تجدر اإلشارة إلى أن الفص ل ‪ 209‬م‪.‬إ‪.‬ج يس مح‬
‫باستئناف األحكام الصادرة في مادة مرجع النظر وكم ا أن الفص ل ‪260‬‬
‫‪ - 1‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.30‬‬
‫‪ - 2‬حسن الجوخدار‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 629‬و‪.630‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي عدد ‪ 5256‬مؤرخ في ‪ 19‬أفريل ‪ 1967‬م‪.‬ق‪.‬ت جانفي ‪ 1968‬ص‬
‫‪.51‬‬
‫‪ - 4‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 5253‬مؤرخ في ‪ 21‬جوان ‪ 1966‬م‪.‬ق‪.‬ت ‪.1986‬‬

‫‪31‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫م‪.‬إ‪.‬ج يقبل الطعن بالتعقيب من قبل القائم بالحق الشخص ي في الق رارات‬
‫الصادرة عن دائرة االتهام والتي تقضي بأن ال وج ه للتتب ع أو بانقض اء‬
‫الدعوى العمومية بالتقادم أو بعدم االختصاص وليس هناك ما يمنع من تبني‬
‫نفس الحل(‪ .)1‬تلك هي القواعد العامة التي تخضع له ا إج راءات التعقيب‬
‫الجزائي والتي تخضع لها األحكام لتكون قابل ة للطعن ب التعقيب‪ .‬وبع د‬
‫دراستها سنتطرق إلى البحث في األطراف المخول لها ممارسة هذا الطريق‬
‫غير العادي من طرق الطعن‪.‬‬
‫تخضع لها األحكام لتكون قابلة للطعن بالتعقيب وبعد دراستها سنتطرق إلى‬
‫البحث في األطراف المخول لها ممارسة هذا الطريق غير العادي من طرق‬
‫الطعن‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األطراف المخول لها حق الطعن بالتعقيب‪:‬‬


‫إن الدعوى الجزائية ليست دعوى شعبية تسمح ألي فرد أن بممارسة الطعن‬
‫بالتعقيب وبمراقبة شرعية القرار القضائي لقد ورد تحديد األطراف المخول‬
‫لها حق الطعن بالتعقيب صلب الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج الذي اشترط ضمنيا توفر‬
‫الصفة والمصلحة في شخص الطاعن‪.‬‬
‫وتبين من هذا النص القانوني أن الطاعن بالتعقيب يجب أن يكون طرفا من‬
‫أطراف الخصومة أي أن تكون له صفة ( فقرة أولى ) وينبغي أن ينجر عن‬
‫الحكم المطعون فيه بالتعقيب ضرر للط اعن مم ا يمنح ه مص لحة في‬
‫الطعن(فقرة ثانية)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- D. jellouli A. les corditions préalables à l’introduction du pouvoir‬‬
‫‪en cassation mémoire pour le D.E.S de science criminelle. 1975-‬‬
‫‪1976 page 69.‬‬

‫‪32‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬صفة الطرف في الدعوى ‪:‬‬


‫إن الطعن بالتعقيب شأنه شأن االستئناف ال يمكن أن يمارس ه إال أط راف‬
‫الخصومة ولذا من المتجه تحديد المقصود من صفة الطرف في الدعوى (أ)‬
‫ثم البحث في حق األطراف في الطعن (ب)‪.‬‬

‫تحديد المقصود من صفة الطرف في الدعوى ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫إن الطعن بالتعقيب يجب أن يكون لرافعه صفة الطرف في ال دعوى وق د‬
‫أكدت محكمة التعقيب على هذه القاعدة حيث أقرت ب أن "مطلب التعقيب ال‬
‫يكون ص حيحا إال إذا ك ان ص ادرا ممن ك ان طرف ا في الحكم أو من‬
‫خلفائه"(‪ .)1‬وعلى هذا األساس ال بد أن يكون الطاعن ذا صفة في الطعن‪.‬‬
‫فالمتضرر يجب أن يكون قد قام بالحق الشخصي لكي يكتسب صفة الطرف‬
‫في الدعوى " فليس له حق الطعن بالتعقيب إذ لم يكن قائما بالحق الشخصي‬
‫النتفاء الصفة(‪.)2‬‬
‫ولقد رفضت محكمة التعقيب في قرار لها مطلب تعقيب الزوج الذي اتهمت‬
‫زوجته بالزنا " ألنه ال يعتبر طرفا في القضية حتى يقوم بهذا الحق طالما لم‬
‫يكن قائما بالحق الشخصي لدى محكمة األصل"‪.‬‬
‫وقد صرحت المحكمة بأنه ال يجوز ح ق الطعن ب التعقيب إال ألط راف‬
‫القضية أو أعضاء النيابة العمومية(‪.)3‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 141‬مؤرخ في ‪ /13‬نوفمبر ‪ 1957‬غير منشور‪.‬‬


‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 3610‬مؤرخ في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1979‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج‪.‬س‬
‫‪ 1979‬ص ‪.103‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 10841‬مؤرخ في ‪ 13‬جويلية ‪ 1974‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج‬
‫‪ 1974‬ص‪.103‬‬

‫‪33‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫وقد ذهبت محكمة التعقيب في قرار له ا إلى رفض مطلب التعقيب ش كال‬
‫وذلك لمخالفته قواعد اإلجراءات األساسية للطعن الذي رفعه الوالد في حق‬
‫ابنته التي خول لها القانون حق القيام بنفسها ونفت عنه ص راحة الص فة‬
‫واعتبرت ذلك مخالفا للنظام العام وللمحكمة إذ تثير ذلك من تلق اء نفس ها‬
‫عمال بأحكام الفصل ‪ 269‬من م‪.‬إ‪.‬ج(‪.)1‬‬

‫غير أنه يتعين التساؤل عن زمن اشتراط الصفة لدى المعقب فه ل يكفي ان‬
‫تتوفر الصفة لدى الطاعن في مرحلة معينة أم ينبغي أن تتواصل هذه الصفة‬
‫على مدى طول اإلجراءات ؟‬

‫ويطرح هنا اإلشكال في التطبيق خاصة في صورة صدور حكم بعدم سماع‬
‫الدعوى وبترك سبيل المتهم‪ ،‬فتتخلى المحكم ة عن النظ ر في ال دعوى‬
‫الشخصية المرفوعة من طرف القائم بالحق الشخصي عمال بالفص ل ‪170‬‬
‫(‪)2‬‬
‫في هذه الحالة أن يطعن بالتعقيب في الحكم المذكور؟‬ ‫م‪.‬أ‪.‬ج‬
‫لقد أجابت محكمة التعقيب بالنفي في عدة قرارات استنادا على انعدام الصفة‬
‫لدى المعقب(‪.)3‬‬
‫وعلى ذلك األساس فإن تخلف الطاعن ب التعقيب عن المش اركة في أح د‬
‫األطوار التي مرت بها الخصومة يفقده حق ه في الطعن ب التعقيب نظ را‬
‫لفقدانه الصفة‪.‬فإن لم يمارس الطاعن حقه في استئناف الحكم االبتدائي فق د‬
‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 56018‬مؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1994‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج ‪94‬‬
‫ص‪.75‬‬
‫‪ - 2‬سلوى التباسي ‪،‬الطعون في األحكام و القرارات الجزائية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة ختم‬
‫الدروس بالمعهد األعلى للقضاء ص ‪.48‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪26613‬مؤرخ في ‪ 6‬مارس ‪ 1990‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج س‬
‫‪ 90‬ص ‪.61‬‬

‫‪34‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫حقه في الطعن بالتعقيب وق د تبنت محكم ة التعقيب ه ذا الموق ف حيث‬


‫ا‬ ‫اعتبرت أن الطاعنة التي فوتت على نفسها أجل استئناف حكم البداية مم‬
‫جعل القضاء ممثال به في حقها لم يعد لها مركزا وال صفة الطعن بالتعقيب‬
‫ة التعقيب‬ ‫في الحكم اإلستئنافي الذي لم تكن طرفا فيه(‪ )1‬كما رفضت محكم‬
‫الفرنسية مطلب الطعن المقدم من قبل القائم بالحق الشخصي ليس مستأنفا(‪.)2‬‬

‫فة‬ ‫إن المتدخل ألول مرة أمام محكمة التعقيب ال يقبل طعنه ألنه فاقدا لص‬
‫الطرف في الدعوى(‪.)3‬‬
‫وقد أدخل المشرع استثناءات على قاعدة اشترط الصفة ل دى الط اعن في‬
‫قوانين خاصة‪ ،‬فمثال خول الفصل السادس من المرس وم ع دد ‪ 23‬لس نة‬
‫‪1962‬المؤرخ في ‪ 30‬أوت ‪ 1962‬المتعلق بإحداث صندوق ضمان لفائ دة‬
‫ضحايا السيارات لصندوق الضمان أن يتدخل لدى المحاكم اإلستئنافية للمرة‬
‫األولى لينازع بالخصوص في مبدأ الغرامة المطلوبة أو في مبلغه ا وق د‬
‫طبقت محكمة التعقيب هذه القاعدة في أحد قراراتها(‪.)4‬‬

‫تي لم تكن‬ ‫بالنسبة لمحكمة التعقيب الفرنسية اعتبرت أن النيابة العمومية ال‬
‫مستأنفة أن تمارس الطعن بالتعقيب‪ ،‬إذا اعترف فقه القضاء الفرنس ي له ا‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 15824‬مؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪ 1988‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج عدد‬


‫‪ 1‬سنة ‪.1988‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Crim.24 mai 1960.B n°277‬‬
‫‪Crim.10 janvier 1946 B n° 7 - 3‬‬
‫‪ - 4‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 4842‬مؤرخ في ‪ 22‬مارس ‪ 1967‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة‬
‫‪ 19688‬ص ‪.106‬‬

‫‪35‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫و لم‬ ‫بالحق في الطعن في القرارات الصادرة عن محاكم الدرجة الثانية ول‬


‫تكن طرفا في االستئناف كالقرار الصادر بتاريخ ‪ 30‬أكتوبر ‪.)1(1946‬‬

‫وفي صورة عدم استئناف النيابة العمومية ووقع استئناف القرار اإلستئنافي‬
‫من طرف بقية األطراف دونها وكان ذلك القرار يتضمن خرقا للق انون فال‬
‫بد لها من مواجهة هذا الحكم لصالح القانون من قبل وكيل الدولة العام لدى‬
‫(‪)2‬‬
‫وعلى هذا األساس فإن النيابة العمومية تكون مخول له ا ح ق‬ ‫التعقيب‬
‫التعقيب دون اشتراط أن تكون طرفا في الطور اإلستئنافي‪.‬‬

‫وبعد التعرض إلى تحديد المقصود من صفة الط رف في ال دعوى يمكن‬


‫التطرق إلى أصحاب الحق في الطعن‪.‬‬

‫أصحاب الحق في الطعن ‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬


‫بالتمعن في األطراف الذين خول لهم الفص ل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج ح ق ممارس ة‬
‫الطعن بالتعقيب يمكن تصنيف هؤالء إلى ثالثة أصناف‪:‬‬

‫‪ /1‬الطرف القائم بالتتبع‪ :‬خول الفصل ‪ 258‬المذكور حق الطعن ب التعقيب‬


‫للنيابة العمومية والقائم بالحق الشخصي وأخيرا اإلدارات العمومية‪.‬‬

‫‪Crim.30 octobre 1946.Bn° 192 -‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 276‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪36‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أوال ‪ :‬النيابة العمومية ‪ :‬ينص الفصل ‪ 120‬م‪.‬إ‪.‬ج على أن "النيابة العمومية‬


‫ق‬ ‫تثير الدعوى العمومية وتمارسها كما تطلب تطبيق القانون" لقد خول ح‬
‫الطعن بالتعقيب للنيابة العمومية تأسيسا على هذه القاعدة العامة التي تمارس‬
‫بمقتضاها النيابة الدعوى العمومية بصفة أص لية‪ ،‬وت دخل في ممارس ة‬
‫الدعوى العمومية الطعن في األحكام بالتعقيب‪.‬‬

‫لقد تعرض الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج على وجه التفصيل لممثلي النيابة العمومية‪.‬‬
‫اكم‬ ‫فبالنسبة لوكيل الجمهورية فيمكنه الطعن في األحكام الصادرة عن مح‬
‫ل ‪ 25‬م‪.‬إ‪.‬ج‬ ‫الجنح والمخالفات والصادرة بصفة نهائية حسب أحكام الفص‬
‫الذي ينص بأنه " يمثل وكيل الجمهورية بنفسه أو بواسطة مساعديه النياب ة‬
‫العمومية لدى المحكمة االبتدائية"(‪.)1‬‬
‫أما خطة الوكيل العام للجمهورية ال تي نص عليه ا الفص ل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج‬
‫المذكور‪ ،‬فقد تم حذفها بمقتضى القانون عدد ‪ 80‬لسنة ‪ 1987‬الم ؤرخ في‬
‫‪ 29‬ديسمبر ‪ 1987‬وعهد اختصاصه على المدعين العموميين لدى مح اكم‬
‫االستئناف‪.‬‬

‫وعلى ذلك األساس واعتمادا على الفصل ‪ 24‬م‪.‬إ‪.‬ج يتولى المدعي العمومي‬
‫الطعن بالتعقيب في األحكام والقرارات اإلستئنافية‪.‬‬

‫وأما في القضاء العسكري اقتض ى الفص ل ‪ 15‬من مجل ة المرافع ات‬


‫العسكرية أنه لقضاة النياب ة العس كرية نفس االمتي ازات والص الحيات‬

‫‪ -‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.50‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪37‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الممنوحة في مجلة اإلجراءات الجزائية لقضاة النيابة العمومية‪ ،‬على أن ال‬


‫تكون معارضة ألحكام مجلة المرافعات العسكرية‪.‬‬

‫وأخيرا يختص وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب بالطعن في األحك ام‬
‫والقرارات النهائية سواء كانت صادرة عن محكم ة الناحي ة أو المحكم ة‬
‫االبتدائية أو اإلستئنافية بناء على األمر الصادر من كاتب الدولة للعدل عمال‬
‫بأحكام الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج أو لمصلحة القانون عمال بالفصل ‪ 276‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫اعتبارا وأن النيابة العمومية وهي ممثلة لحق وق المجتم ع ومدافع ة عن‬
‫مجموع مصالحه‪ ،‬تتمتع بحق الطعن بالتعقيب في جميع القرارات واألحكام‬
‫الجزائية التي تعتبرها مخالفة للقانون‪ .‬ويمكن أن يكون طعنها لصالح المتهم‬
‫أو ضده حيث أن الغاية من طعن النيابة العمومي ة ب التعقيب هي تحقي ق‬
‫احترام القانون وضمان حسن تنفيذه وتطبيقه‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اإلدارات العمومية ‪:‬‬


‫لإلدارة العمومية حق الطعن بالتعقيب رغم عدم تنص يص الفص ل ‪258‬‬
‫م‪.‬إ‪.‬ج على ذلك‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫و قد اعترفت محكمة التعقيب بحق الطعن لإلدارة األداءات غير المباشرة‬
‫وإدارة الديوانة(‪ )2‬وإدارة الغابات(‪ ،)3‬غير أنها في قرارات حديثة لها رفضت‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 717‬مؤرخ في ‪ 6‬جويلية ‪ 1961‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة‬


‫‪ 1962‬ص ‪.564‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 9137‬مؤرخ في ‪ 7‬فيفري ‪ 1973‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة‬
‫‪ 1974‬ص ‪.398‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 3533‬مؤرخ في ‪ 14‬ماي ‪ 1965‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة‬
‫‪ 1965‬ص ‪.678‬‬

‫‪38‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫تعقيب بعض اإلدارات العمومية وقد جاء في قرار غير منشور لها ص ادر‬
‫بتاريخ ‪ 23‬جوان ‪ 1998‬أنه " حيث اقتضى الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج أن األحكام‬
‫والقرارات الصادرة في األصل نهائيا يمكن الطعن فيها ب التعقيب‪ ،‬وذك ر‬
‫ع‬ ‫على سبيل األمر األشخاص الذين يسوغ لهم القيام بالتعقيب وحيث لم يق‬
‫ذكر المدير العام للديوانة‪ ،‬وحيث يستخلص من هذا التصريح أن الطاعن في‬
‫ه‪ ،‬وحيث أن‬ ‫قضية الحال ليست له صفة القيام بتعقيب القرار المخدوش في‬
‫عدم توفر الصفة في الطاعن يجعل مطلبه مرفوضا شكال(‪.)1‬‬
‫اعتمادا على أحكام الفصل ‪ 210‬من م‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬نجد أن المشرع خول لإلدارات‬
‫العمومية إمكانية ممارسة الطعن باالستئناف ونظرا لصيغة الحص ر ال تي‬
‫اعتمدها المشرع في تحديد األش خاص ال ذين لهم ح ق ممارس ة الطعن‬
‫بالتعقيب‪ ،‬حيث نص الفصل ‪ 258‬من م‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬أنه " يسوغ لألشخاص اآلتي‬
‫ذكرهم القيام بطلب تعقيب األحكام والقرارات‪ ،"...‬ويتأكد مقصد المشرع في‬
‫إخراج اإلدارات العمومية من ضمن األشخاص المخ ول لهم ح ق الطعن‬
‫بالتعقيب من مراجعة الئحة مشروع مجل ة اإلج راءات الجزائي ة‪ ،‬نج د‬
‫اإلدارات العمومية مذكورة وتخلى عنها المشرع عند سن المجلة‪.‬‬
‫فإذا كانت اإلدارة العمومية قائمة ب الحق الشخص ي ال يمكنه ا الطعن في‬
‫الحكم إذا أبرمت صلحا مع المتهم وهو م ا أك ده الفق ه وفق ه القض اء‬
‫الفرنسي(‪.)2‬‬

‫ثالثا ‪ :‬القائم بالحق الشخصي ‪:‬‬

‫‪Faustin Helie pratique criminelle.code d’instruction criminelle - 1‬‬


‫‪page 280‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Contribution indirects – crim. 11 mars 1886‬‬
‫‪- Crim. 24 janvier 1929‬‬

‫‪39‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫لقد حصر المشرع إمكانية طعن هذا األخير بالتعقيب في القرارات واألحكام‬
‫التي تضر بحقوقه المدنية‪ ،‬وقد اعتبر األستاذ محمد الهادي األخوة أنه ال بد‬
‫ا‬ ‫من إقامة التفرقة بين تعقيب األحكام والقرارات الصادرة في األصل طبق‬
‫ألحكام الفصل ‪ 258‬من م‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬من طرف القائم بالحق الشخصي من جهة‬
‫ومن جهة ثانية تعقيب القرارات الصادرة عن دائ رة االته ام على مع نى‬
‫الفصل ‪ 260‬من م‪.‬إ‪.‬ج فيكون القائم بالحق الشخص ي في الحال ة األولى‬
‫مستقال بالتعقيب في حين يشترط في الحالة الثانية أن يكون تعقيب ه مقترن ا‬
‫بتعقيب النيابة العمومية(‪.)1‬‬
‫أما إذا لم يكن القائم بالحق الشخصي طرفا في الحكم المعقب فإنه ال حق له‬
‫في تعقيبه النتفاء الصفة الواجب توفرها في القيام به(‪ .)2‬وإذا لم يكن طرف ا‬
‫في الحكم اإلستئنافي فال حق له في التعقيب(‪.)3‬‬

‫‪ -2‬الطرف الواقع عليه التتبع ‪:‬‬


‫و يمكن أن يكون هذا الطرف المحكوم عليه أو المسؤول المدني‪.‬‬

‫‪ - 1‬األستاذ محمد الهادي األخوة‪ ،‬تعقيب القائم بالحق الشخصي حق أم مجرد إمكانية‬
‫أعمال ملتقى التعقيب‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس من ‪ 4‬إلى ‪ 7‬أفريل‬
‫‪ 1988‬تونس ‪ ،1989‬ص ‪.400‬‬

‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 15824‬مؤرخ في ‪ 26‬جانفي ‪ 1988‬ن‪.‬م‪.‬ت عدد ‪1‬‬


‫س ‪ 1988‬ص‪.30‬‬

‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 9386‬مؤرخ في ‪ 30‬جانفي ‪ 1974‬ن‪.‬م‪.‬ت عدد ‪ 1‬س‬


‫‪ 1974‬ص ‪.162‬‬

‫‪40‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أوال ‪ :‬المحكوم عليه ‪ :‬وهو أحق طرف بالطعن بالتعقيب بكونه أول معني‬
‫ه‬ ‫بالحكم الصادر في حقه‪ ،‬ويمكنه أن يسلط طعنه على الحكم المطعون في‬
‫برمته‪ ،‬كما يمكن أن يحصل الطعن في جانب الجزائي أو المدني(‪.)1‬‬
‫ولقد ورد ذكره على رأس قائمة األشخاص المخول لهم الطعن حس ب م ا‬
‫جاء في الفصل ‪ 258‬من مجلة اإلجراءات الجزائية ول ذا يمكن ممارس ة‬
‫الطعن في الحكم الصادر في حقه‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المسؤول المدني‪:‬‬


‫ا‪ ،‬وال‬ ‫للمسؤول المدني الحق في تعقيب األحكام الصادرة في األصل نهائي‬
‫يمكن أن يتعدى طعنه الجانب المتعلق بثبوت مسؤوليته المدنية المنجرة عن‬
‫الجريمة والمبالغ المحكوم عليه بأدائها‪ ،‬ولقد اعتبرت محكم ة التعقيب أن ه‬
‫للمسؤول المدني المحكوم عليه بأداء تعويضات وغرام ات للمتض رر‪ ،‬أن‬
‫يطعن في الحكم القاضي بذلك(‪.)2‬‬

‫الطرف المتدخل‪:‬‬
‫على الرغم من أن هؤالء الفئة لم يقع ذكرهم صراحة على الفصل ‪ 258‬من‬
‫وانين‬ ‫م‪.‬إ‪.‬ج فقد قبلت محكمة التعقيب طعن هذه األطراف وذلك بموجب ق‬
‫وادث‬ ‫خاصة خولت لهم ممارسة الطعن بالتعقيب وهي صندوق ضمان ح‬
‫السيارات‪ ،‬المؤمن وأخيرا الصندوق القومي للضمان االجتماعي‪.‬‬

‫‪ - 1‬األستاذ محمد الهادي األخوة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪405‬‬


‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 6791‬مؤرخ في ‪ 9‬جويلية ‪ 1969‬ن‪.‬م‪.‬ت عدد ‪ 69‬ص‬
‫‪.189‬‬

‫‪41‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أوال ‪ :‬صندوق ضمان حوادث السيارات ‪:‬‬


‫استنادا على الفصل السادس من المرسوم عدد ‪ 23‬لسنة ‪ 1962‬المؤرخ في‬
‫‪ 30‬أوت ‪ 1962‬المتعلق بإحداث صندوق ضمان لفائدة ض حايا ح وادث‬
‫السيارات قبلت محكمة التعقيب طعن هذا الصندوق(‪ )1‬حيث اقتض ى ه ذا‬
‫الفصل أنه " يمكن لصندوق الضمان ألن يتدخل لدى المحاكم الزجري ة في‬
‫جميع الدعاوى القائمة بين ضحايا الحوادث الجسدية أو من مؤمنيهم‪."...‬‬
‫و تدخل هذا الصندوق ليس فقط لينازع في مبدأ الغرامة المطلوبة له أيض ا‬
‫الحق في مناقشة المبلغ المحكوم به للمتضرر‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المؤمن ‪:‬‬


‫لقد جاء بالفصل ‪ 104‬من مجلة الطرقات إمكانية إدخال المؤمن لدى القضاء‬
‫الجزائي في صورة تتبع المؤمن سواء كان محكوما عليه أو مسؤوال مدنيا‪،‬‬
‫وفي صورة إدخاله فله الحق في ممارسة طرق الطعن بما فيها الطعن بم ا‬
‫فيها الطعن بالتعقيب وقد قبلت محكمة التعقيب طعنه(‪ )2‬كما كرس هذا الطعن‬
‫القانون الفرنسي بالمادة ‪ 38‬فقرة ثالثة‪ ،‬من قانون ‪ 8‬جويلية ‪.1983‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الصندوق الوطني للضمان االجتماعي ‪:‬‬


‫لقد منح القانون عدد ‪ 30‬لسنة ‪ 1960‬المؤرخ في ‪ 4‬ديسمبر ‪ 1960‬المتعلقة‬
‫بأنظمة الضمان االجتماعي في الفصل ‪ 70‬فقرة ثاني ة إدخ ال الص ندوق‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 31206‬مؤرخ في ‪ 22‬ماي ‪ 1969‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة‬


‫‪ ،1991‬ص ‪ .101‬ص‪.189‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 8754‬مؤرخ في ‪ 19‬فيفري ‪. 1973‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬سنة‬
‫‪ 1975‬ص ‪.237‬‬

‫‪42‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الوطني للضمان االجتماعي في الدعاوى التي يرفعها " المضمون أو من آل‬


‫إليهم حقه لمقاضاة الغير المسؤول أو مؤمن ه الح ال محل ه‪ "...‬وبم ا أن‬
‫المشرع قد فرض إدخال الصندوق في إلجراءات الدعوى وجع ل إدخال ه‬
‫إجراءا وجوبيا فقد منحه صفة الطرف في الدعوى وبالت الي يمكن قب ول‬
‫طعنه بالتعقيب‪.‬‬
‫إذ اشترط صفة الطرف في الدعوى قد ال يكفي لقبول الطعن بالتعقيب لذا ال‬
‫بد أن يكون لطالب الطعن المصلحة في ذلك وإال يكون طعنه مرفوضا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المصلحة في الطعن‪:‬‬


‫إن صفة الطرف في الدعوى ال تكفي لممارسة حق الطعن بالتعقيب ب ل ال‬
‫دون‬ ‫بد من توفر شرط المصلحة وكما قيل فإن المصلحة مناط وال طعن ب‬
‫وهذا ما أكده فقه القضاء في عدة قرارات(‪.)1‬‬
‫إذ كان القانون الفرنسي قد اشترط صراحة في الفصل ‪ 567‬م‪.‬إ‪.‬ج فرنسية‬
‫أن يكون طالب الطعن قد تضرر من القرار‪ ،‬فإن المشرع التونسي لم يذكر‬
‫ذلك صراحة ولكن يمكن اكتشافه من القواعد العامة‪.‬‬
‫و شرط المصلحة يختلف باختالط الطاعن إذ كان طرفا متتبعا (أ) أو متتبعا‬
‫(ب)‪.‬‬

‫أ – المصلحة لدى الطرف المتتبع ‪:‬‬


‫يختلف مفهوم المصلحة من شخص آلخر ‪:‬‬
‫النيابة العمومية ‪:‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 97562‬مؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ ،1998‬أنظر مالحق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪43‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫إن لمفهوم المصلحة عند النيابة العمومية خصوص ية معين ة تميزه ا عن‬
‫غيرها من األطراف األخرى ذلك ألن عمله ا دائم ا تربط ه اعتب ارات‬
‫ومصلحة المجتمع ومن خالل مفهوم المص لحة ومن حيث المب دأ يص بح‬
‫للنيابة العمومية الحق في ممارسة الطعن ب التعقيب في جمي ع الق رارات‬
‫واألحكام الصادرة عن القضاء الجزائي التي تقدر أنها مخالفة للقانون سواء‬
‫كان الطعن متماشيا مع مصلحة المحكوم عليه أو متعارضا معها ألن دورها‬
‫األساسي هو توخي سياسة جنائية من شأنها أن تسهر على تطبيق القانون‪.‬‬

‫فقه القضاء الفرنسي قبل إثارة النيابة العمومية لألخطاء المتعلق ة بقواع د‬
‫بيق‬ ‫تشكيل المحكمة(‪ )1‬والخطأ في مسؤولية المحكوم عليه(‪ )2‬والخطأ في تط‬
‫(‪)3‬‬
‫النيابة العمومية تقوم برقابة األخطاء التي تلحق بتكيف الجرائم‪.‬‬ ‫العقوبة‬
‫أما القانون التونسي وبناءا على الفصل ‪ 21‬من م‪.‬إ‪.‬ج فإن النيابة العمومي ة‬
‫لها دائما المصلحة في إلغاء القرار الذي تراه متنافيا مع القانون‪ .‬فهي تحتفظ‬
‫ا(‪ )4‬لكن‬ ‫بحقها في الطعن في األحكام الصادرة أو التي تكون قد رضيت به‬
‫هناك قرار تعقيبي صادر سنة ‪ 1966‬نقضت فيه محكمة التعقيب حكما بناءا‬
‫على طعن الوكيل العام للجمهورية رغم أن القرار مستجيبا لطلباتها(‪.)5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Crim. 30 octobre et 15 novembre 1973.B391‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Crim. 25 juin 1913 B. n° 296‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Crim. 25octobre 1960 n° 472‬‬
‫‪ - 4‬المنصف بن المختار الزين مقال بعنوان هل ترضى النيابة العامة بالحكم و تحرر‬
‫من الطعن " سنة ‪.155 ،1996‬‬
‫‪ - 5‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 388‬مؤرخ في ‪ 18‬ماي ‪. 1966‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬سنة ‪1966‬‬
‫ص ‪.493‬‬

‫‪44‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ما تجدر مالحظته هو أن رغم الصالحيات الواس عة في ممارس ة الطعن‬


‫بالتعقيب وخصوصية مفهوم المصلحة لديها‪ .‬فإن تلك الصالحية تمثل عندما‬
‫ة‬ ‫يتعلق األمر بالجانب المدني فالنيابة هناك يمكنها ممارسة الدعوى المدني‬
‫سواء بالدفاع عن المحكوم عليه أو ضده وفي خصوص حقوقه فقط‪.‬‬

‫اإلدارات العمومية‪:‬‬
‫عندما تكون اإلدارة متضررة من القرار القضائي أو ك ان الحكم مناقض ا‬
‫ع‬ ‫لطلباتها فلها الحق في الطعن في الحكم وطلب نقضه لكن يختلف الوض‬
‫بالنسبة للنيابة العمومية إذ أن في صورة صدور حكم وكان متطابق ا م ع‬
‫دام‬ ‫طلبات اإلدارة فليس لها الحق في الطعن بالتعقيب وذلك بناءا على انع‬
‫المصلحة‪.‬‬

‫القائم بالحق الشخصي ‪:‬‬


‫اقتضى الفصل ‪ 2587‬من م‪.‬إ‪.‬ج أن القائم بالحق الشخص ي ال يمكن ه أن‬
‫(‪)1‬‬
‫د على‬ ‫مما يؤك‬ ‫يمارس الطعن بالتعقيب إال في خصوص حقوقه المدنية‬
‫اشتراط المصلحة في جانب القائم بالحق الشخصي لكن مفهوم المصلحة هنا‬
‫يختلف حسبما كان الحكم صادرا باإلدانة أو بعدم سماع الدعوى العامة‪.‬‬

‫الحكم الصادر بإدانة المتهم ‪ :‬في هذه الحالة يمنكن أن يكون الحكم مطابق ا‬
‫لطلبات القائم بالحق الشخصي‪ ،‬فال يمكن له أن يطعن بالتعقيب وقد كرست‬
‫محكمة التعقيب في أحد قراراتها هذا الحل الذي حكمت فيه المحكمة بالمليم‬
‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 11169‬مؤرخ في ‪ 11‬جوان ‪. 1986‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬عدد‪1‬‬
‫سنة ‪ 1987‬ص ‪.119‬‬

‫‪45‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الرمزي الذي طلبه المتضرر فليس له أن يطعن فيه رغم أنه جاء مس تجيبا‬
‫إلى طلبه(‪.)1‬‬
‫أما إذا اقتضت محكمة الحكم المطعون في ه ب التعقيب لص الح ال دعوى‬
‫العمومية دون الحكم وفق طلبات المتضرر القائم بالحق الشخصي‪ ،‬وعند ما‬
‫يطعن هذا األخير بالتعقيب في الج انب الم دني من الحكم يك ون حري ا‬
‫بالقبول(‪.)2‬‬

‫لكن هل من مصلحة للمتضرر في مناقشة الوصف القانوني للجريمة ؟‬

‫لقد اعتبر األستاذ محمد الهادي األخوة أن المتضرر له مصلحة في مناقش ة‬


‫الوصف القانوني المسلط على الجريمة‪ ،‬ويقوم موقف محكمة التعقيب بأن ه‬
‫موقف رافض ويبرز ذلك في عدة قراراتها(‪.)3‬‬
‫نستخلص مما قدمه األستاذ األخوة أنه يحق للمتضرر القائم بالحق الشخصي‬
‫ك في‬ ‫أن يناقش الوصف القانوني الذي سلطته المحكمة على الفعلة ألن ذل‬
‫حدود حقوقه المدنية طبقا للفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج(‪.)4‬‬

‫‪-‬الحكم الصادر بعدم سماع الدعوى‪ :‬اقتضى الفص ل ‪ 170‬من م‪.‬إ‪.‬ج " إذا‬
‫رأت المحكمة أن الفعلة ال تتألف منها جريمة أو أنها غير ثابت ة أو أن ه ال‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 5578‬مؤرخ في ‪ 14‬فيفري ‪. 1968‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬سنة‬


‫‪ 1981‬ص ‪.137‬‬
‫‪ - 2‬سلوى التباسي‪ ،‬الطعون في األحكام و القرارات الجزائية رسالة لنيل شهادة ختم‬
‫الدروس بالمهعد األعلى للقضاء ص ‪.53‬‬
‫‪ - 3‬األستاذ محمد الهادي األخوة المرجع السابق ص ‪.404‬‬
‫‪ - 4‬األستاذ محمد الهادي األخوة المرجع السابق ص ‪.403‬‬

‫‪46‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الحق‬ ‫يمكن نسبتها إلى المتهم فإنها تحكم بترك سبيله وإذا كان هناك قائم ب‬
‫الشخصي تتخلى المحكمة في النظر في الدعوى الشخصية "‪.‬‬
‫من خالل هذا النص لقد رفضت محكمة التعقيب في العديد من قراراته ا إذ‬
‫ال يمكن من حيث الشكل قبول طعن القائم بالحق الشخص ي ب التعقيب في‬
‫الحكم الصادر بعدم سماع الدعوى العمومية وذلك بناءا على انعدام مصلحته‬
‫في الطعن(‪.)1‬‬
‫يخلص األستاذ الهادي األخوة إلى إمكانية طعن الق ائم ب الحق الشخص ي‬
‫بالتعقيب في القرار القاضي بعدم سماع الدعوى العامة بدون أن يخرج عن‬
‫حقوقه المدنية التي خولها له الفصل ‪ 258‬من م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬

‫ب‪-‬المصلحة لدى الطرف المتتبع ‪:‬‬


‫و يشتمل مفهوم المصلحة هنا المحكوم عليه والمسؤول المدني‪.‬‬

‫‪ -1‬المحكوم عليه ‪:‬‬


‫إن المحكوم عليه له مصلحة في الطعن بالتعقيب ألنه هو المع ني ب الحكم‬
‫الصادر في حقه سواء تعلق األمر بالجانب الجزائي أو المدني(‪ .)2‬لكي تكون‬
‫المصلحة مفقودة ومنتفية في الطعن في الحكم القاضي ب البراءة أو ب ترك‬
‫ل ‪ 170‬م‪.‬إ‪.‬ج‬ ‫السبيل على معنى الفصل ‪ 150‬م‪.‬إ‪.‬ج أو على معنى الفص‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 1942‬مؤرخ في ‪ 11‬ماي ‪. 1978‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬سنة ‪1978‬‬


‫ص‪.21‬‬

‫‪ -‬األستاذ محمد الهادي األخوة المرجع السابق ص ‪.405‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪47‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫وقد رفضت محكمة التعقيب الطعن بالتعقيب في مثل هذا المجال بناءا على‬
‫أن ال طعن بدون مصلحة في قرار عدم سماع الدعوى(‪.)1‬‬

‫و في صورة صدور حكم باإلدانة مع ترك الس بيل بن اءا على انقض اء‬
‫الدعوى بمرور الزمن أو على تمتع المتهم بعفو عام أو س قوط ال دعوى‬
‫بالتقادم أو في جريمة الزنا‪ ،‬إذ تبقى المصلحة للمحكوم عليه قائمة في الطعن‬
‫في الحكم الصادر باإلدانة دون عقوبة وذلك بناءا على تبرئة ذمته بم وجب‬
‫ة التعقيب‬ ‫حكم يقضي ببراءته من الجريمة المنسوبة إليه‪ .‬وقد تبنت محكم‬
‫الفرنسية هذا الموقف في قرارها مؤرخ في ‪ 18‬أفري ل ‪ 1857‬قبلت في ه‬
‫طعن المحكوم عليها في جريمة تحويل وتبديد شركة زوجها(‪.)2‬‬

‫اتجاه فقه القضاء كان في هذا المجال اتج اه رافض له ذا الطعن في الحكم‬
‫القاضي بالبراءة(‪ )3‬أو بانقضاء الدعوى بمرور الزمن(‪ )4‬أو بم وجب عف و‬
‫عام(‪ )5‬هو كل في خصوص الفرع المتعلق بالدعوى المدنية‪ ،‬ذلك أن العف و‬
‫العام ال يمر بحقوق الغير ال سيما حقوق القائم بالحق الشخصي(‪.)6‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 97562‬مؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪. 1998‬غير منشور‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Faustin Helie d. 1875.i227 page 282‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- Faustin Helie d. 1875.i227 page 282‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Crim. 6 decembre 1929 B. n° 274‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Crim. 29 janvier 1948 B. n° 32‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- Crim. 29 janvier 1948 B. n° 32‬‬

‫‪48‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫تي ينص‬ ‫أما إن تعلق األمر بصدور حكم باإلدانة مع تسليط عقوبة غير ال‬
‫عليها الفصل الخامس من المجلة الجنائية‪ ،‬نذكر هنا العقوبات المحكوم به ا‬
‫في قضاء األطفال لكن هنا هل يمكن الطعن فيها ؟‬
‫و يجيبنا األستاذ الجلولي بقوله أن الطفل مصلحة أدبية في الطعن في ه ذه‬
‫ي‬ ‫القرارات إذا كانت مخالفة للقانون وذلك قصد الحصول على حكم يقض‬
‫ببراءته(‪.)1‬‬

‫‪ -2‬المسؤول المدني ‪:‬‬


‫إن مصلحة طعن المسؤول المدني ب التعقيب ال يمكن أن تتع دى الج انب‬
‫المتعلق بثبوت مسؤوليته المدنية المنجرة عن الجريمة والتعويضات المحكوم‬
‫له بأدائها للضحية (‪ )2‬وقد رفضت محكمة التعقيب في قرار لها غير منش ور‬
‫طعن شركة التأمين على أساس أن طعنها ب دون مص لحة وبالت الي تعين‬
‫رفض مطلب التعقيب شكال (‪.)3‬‬
‫بعد دراسة نطاق ممارسة إج راءات التعقيب الج زائي من حيث األحك ام‬
‫القابلة للطعن بالتعقيب واألشخاص المخول لهم الحق في رفعها‪ ،‬ل ذا يتعين‬
‫دراسة الشروط التي تحكم ممارسة هذا الطعن وهو ما س نتعرض ل ه في‬
‫الفصل الثاني من هذا الجزء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ali Jallouli op. cit. page 25‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 6791‬مؤرخ في ‪ 9‬جويلية ‪. 1969‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬عدد ‪69‬‬
‫ص‪.189‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي عدد ‪ 98096‬مؤرخ في ‪ 23‬جوان ‪ 1998‬غير منشور‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪49‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬شروط ممارسة إجراءات التعقيب الجزائي‬


‫المبحث الثاني‪ :‬شروط إجرائية‪:‬‬
‫تها‬ ‫إضافة إلى خضوع التعقيب الجزائي إلى شروط أصلية والتي تم دراس‬
‫نجده كذلك خاضع لشروط إجرائية التي ي ترتب عن خرقه ا رفض الطعن‬
‫شكال‪ .‬بالرجوع إلى األحكام القانونية المنظمة إلجراءات التعقيب الج زائي‬
‫نالحظ أن من أهم الشروط الشكلية للطعن بالتعقيب هي تلك ال تي تتعل ق‬

‫‪50‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫بآجال الطعن(فقرة أولى) إضافة إلى بقية الشكليات (فقرة ثانية ) التي أوجب‬
‫القانون احترامها‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أجال الطعن‪:‬‬


‫استنادا إلى أحكام الفصل ‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج نجده ينص على األجل العادي للطعن‬
‫بالتعقيب‪ ،‬وهو عشرة أيام‪ ،‬وهو أجل قصير مقارنة بأجل الطعن في الم ادة‬
‫المدنية‪ ،‬وهو عشرون يوما‪ ،‬وهذا يع ود إلى خصوص ية وم يزة الم ادة‬
‫الجزائية وذلك ما يمكن التعرض إليه هو مدة األجل (أ) ثم نقط ة انطالق ه‬
‫(ب)‪.‬‬

‫مدة األجل ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫لقد حدد الفصل ‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج أجال عاديا للطعن ب التعقيب وأج اال خاص ة‬
‫تختلف حسب خصوصيات الطعن لكن األشكال يكمن في كيفي ة احتس اب‬
‫األجل إذا اقترن اليوم األخير بيوم عطلة رسمية أو تخلله قوة قاهرة‪.‬‬

‫‪-‬األجل العادي‪ :‬لقد حدد الفصل ‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج هذا األج ل للطعن ب التعقيب‬
‫بعشرة أيام وهو يمثل جميع أط راف ال دعوى المحك وم علي ه‪ ،‬النياب ة‬
‫العمومية‪ ،‬القائم بالحق الشخصي والمسؤول المدني‪.‬‬
‫ولقد اعتبرت محكمة التعقيب أن رفع الطعن بالتعقيب خارج ذل ك األج ل‬
‫موجب للرفض شكال(‪.)1‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 28510‬مؤرخ في جانفي ‪( 2009‬غير منشور )‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪51‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ونالحظ أن أجل عشرة أيام هو أجل قصير مقارنة باألجل الطعن ب التعقيب‬
‫في المادة المدنية وهو عشرون يوما(‪ )1‬وتعود أهمية الطعن بالتعقيب الجزائي‬
‫هو أن غاية المشرع هي تجنب طول نشر القضايا الجزائية‪ ،‬والس رعة في‬
‫البت فيها في أقرب أجل ممكن ن كذلك نجده القانون الفرنسي جعل من هذه‬
‫المدة أقصر ومحصورا في خمسة أيام فقط بمقتضى أحكام الفصل ‪ 568‬من‬
‫(‪)2‬‬
‫وهذه األجل الذي حدده القانون الفرنسي يش مل جمي ع‬ ‫م‪.‬إ‪.‬ج الفرنسية‬
‫أطراف الدعوى وأمام جميع محاكم الحق العام والمحاكم العسكرية ومحاكم‬
‫أمن الدولة(‪.)3‬‬

‫‪-‬اآلجال الخاصة‪ :‬عمال بأحكام الفصل ‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج نجده أورد أجاال خاصة‬
‫للطعن بالتعقيب العتبارات خاصة‪.‬‬

‫‪ -1‬وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب ‪:‬‬


‫تين‬ ‫اقتضت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج انه " يرفع األجل إلى س‬
‫يوما من تاريخ صدور الحكم بالنسبة لتعقيب وكيل الدولة العام لدى محكمة‬
‫التعقيب الواقع طبق الفصل ‪ 25‬وعليه أن يعلم به ذا الطعن خالل األج ل‬
‫المذكور المتهمين والمسؤول مدنيا وإال سقط حقه في الطعن"‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ /195‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- art 568 « le ministère public et les parties ont cinq jours francs‬‬
‫‪après celui ou la décision attaquée a été prononcée pour se‬‬
‫‪pouvoir en cassation.‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 702‬من م‪.‬إ‪.‬ج الفرنسية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪52‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫هذا األجل طويل نسبيا يكون لمصلحة جميع األطراف على أن يقوم الطاعن‬
‫بإعالم المتهمين والمسؤولين مدنيا بالطعن واإلسقاط حقه في الطعن‪.‬‬

‫طعن غير محدود األجل ‪ :‬الطعن مفتوح األجل يكون في حالة الطعن لصالح‬
‫القانون(‪ )1‬وهذا الطعن يكون من اختصاص النيابة العمومية ممثلة في وكي ل‬
‫الدولة العام لدى محكمة التعقيب لكن هذا الطعن يكون ممكن ا في ص ورة‬
‫خرق للقانون في الحكم المطعون فيه‪ ،‬وكذلك أن ال يكون أحد األطراف قد‬
‫طعن فيه‪.‬‬

‫ل‬ ‫‪-2‬المحكوم عليه باإلعدام ‪ :‬بالرجوع إلى أحكام الفقرة الثالثة من الفص‬
‫‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج نجد أن أجل الطعن بالتعقيب في صورة الحكم باإلعدام يك ون‬
‫في ظرف خمسة أيام فقط‪ .‬نجد أن المشرع نزل باألجل ذلك سعيا لضرورة‬
‫السرعة في النظر في القضايا التي تكون فيه ا العقوب ة باإلع دام قب ل‬
‫غيرها(‪.)2‬‬
‫بالنسبة للقانون الفرنسي نجده يضع نفس األجل لألحكام القاضي فيها بعقوبة‬
‫اإلعدام عمال بالفقرة األولى من الفصل ‪ 568‬من مجلة اإلجراءات الجزائية‬
‫الفرنسية‪.‬‬

‫‪ -3‬األحكام الصادرة عن القضاء العسكري‪ :‬بالرجوع إلى الفص ل ‪ 31‬من‬


‫مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية نجده قد حدد أجل الطعن بالتعقيب‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 276‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج‬ ‫‪2‬‬

‫‪53‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫كرية‬ ‫في األحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية أوعن دائرة االتهام العس‬
‫بثالثة أيام فقط‪ .‬وقد كرس فقه القضاء هذا األجل حيث رفض ت محكم ة‬
‫التعقيب من حيث الشكل الطعن المقدم بعد هذا األجل‪.‬‬

‫الطعن في قرارات دائرة االتهام‪ :‬استنادا إلى الفصل ‪ 262‬م إج من فقرت ه‬


‫الرابعة نجد أجل طعن بالتعقيب في قرارات دائرة االتهام هو أربع ة أي ام‬
‫ووهو أقصر أجل في قضاء الحق العام‪.‬‬

‫والي‬ ‫‪ -3‬احتساب األجل ‪ :‬يبدأ احتساب اجل الطعن بالتعقيب من اليوم الم‬
‫للنطق بالحكم عمال بإحكام الفصل ‪ 140‬من م إع الذي ينص على أن" ي وم‬
‫ابتداء مدة األجل ال يكون معدودا منه وإن قدر باأليام فإنه يتم عن د تم ام‬
‫اليوم األخير منه"‪.‬‬
‫و قد درج فقه القضاء على هذا المنوال إذا جاء في أحد القرارات التعقيبي ة‬
‫أن اآلجال المحددة للطعن بطريق االستئناف أو التعقيب في األحكام الجزائية‬
‫(‪)1‬‬
‫الحضورية تسري من اليوم الموالي ليوم النطق بالحكم بالحكم‬
‫أما القانون الفرنسي‪ ،‬فإنه يختلف ذلك أن أجل التعقيب هو خمسة أيام كاملة‬
‫‪ Francs‬فقد اعتبرت محكمة التعقيب الفرنسية في قرار صادر بت اريخ ‪29‬‬
‫مارس ‪ 1978‬بأن للطرف خمسة أيام كاملة بعد صدور القرار للطعن في ه‬
‫بالتعقيب لكن ما يمكن التساؤل عنه هو هل أن هذا األجل قابل للتمديد أم ال؟‬
‫بالرجوع إلى أحكام الفصل ‪ 262‬من م ا ج نجد أن هذا األجل قابل للتمديد‬
‫في صورة القوة القاهرة حيث اقتضى أن المطلب التعقيب ال يقبل فيما ع دا‬
‫صورة القوة القاهرة إذا لم يقدم إلى كتابة المحكمة ال تي أص درت الحكم‬

‫‪1‬‬

‫‪54‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫المطعون فيه في ظرف عشرة أيام كذلك تعتبر العطل واإلجازات القانوني ة‬
‫من بين األسباب التي يمتد فيها األجل لليوم الموالي(‪.)1‬‬

‫أوال العطل‪ :‬لقد اقتضى الفصل ‪ 141‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت أنه أذا كان اليوم األخير‬
‫و نفس‬ ‫يوم عطلة رسمية امتد األجل إلى اليوم الموالي النتهاء العطلة‪ ،‬وه‬
‫الحل الذي جاء به الفصل ‪ 19‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت المتعلق بآجال الطعن ب التعقيب‬
‫واالستئناف(‪.)2‬‬
‫و انطالقا من هذا الفصل يفهم أن إمكانية امتداد األجل تكون عندما يصادف‬
‫اليوم األخير عيد أو عطلة رسمية إلى يوم العمل الموالي‪.‬‬
‫فقه القضاء التونسي رفض رفع الطعن بعد األجل نظرا ألن يوم األحد وإن‬
‫كان يعد يوم عطلة إال أنه ال يندرج ضمن األعياد القانونية(‪.)3‬‬
‫أما قفه القضاء الفرنسي فقد اعتبر أن األجل المنتهي بيوم السبت أو األح د‬
‫أو يوم عطلة رسمية أو غير رسمية‪ ،‬فإن األج ل يمت د إلى ي وم العم ل‬
‫الموالي(‪.)4‬‬

‫‪-11‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 5388‬مؤرخ في ‪ 29‬جانفي ‪ ،1966‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ص ‪.127‬‬


‫‪ -‬الدكتور علي كحلون‪،‬مرجع سابق‪.354،‬‬
‫‪ - 2‬يزيد الرياحي تعقيب وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬
‫ختم الدروس يالمعهد األعلى للقضاء‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬ص ‪.70‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 6041‬مؤرخ في ‪ 16‬أكتوبر ‪،1966‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ ،‬س نة‬
‫‪ ،1969‬ص ‪.299‬‬

‫‪ -4‬الفصل ‪ 801‬من م‪.‬إ‪.‬ج الفرنسية‪.‬‬

‫« ‪Le délai qui expirerait normalement un samedi ou un‬‬


‫‪dimanche ou un jour férié ou chôme est prorogé jusqu’au‬‬
‫‪» .premier jour ouvrable suivant‬‬

‫‪55‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ثانيا القوة القاهرة‪ :‬كما يمكن أن يمتد األجل في حالة الق وة الق اهرة عمال‬
‫بأحكام الفصل ‪262‬م‪.‬إ‪.‬ج‪ ،‬كما أك د فق ه القض اء ذل ك في العدي د من‬
‫القرارات(‪.)1‬‬
‫و لكن رغم تعرض المشرع إلى إمكانية تمديد اآلجال للطعن ب التعقيب في‬
‫حالة القوة القاهرة نجده يغفل عن تعريف هذه األخ يرة لكن لس د الف راغ‬
‫التشريعي يمكننا الرجوع إلى مجلة االلتزامات والعقود فنجد الفصل‪283‬منها‬
‫يعرفها كما يلي" القوة القاهرة هي كل ش ئ ال يس تطيع اإلنس ان دفع ه‬
‫كالحوادث الطبيعية من فيضان وقلة أمطار وحريق وجراد أو كهجوم جيش‬
‫العدو أو فعل األمير‪".‬‬
‫و قد كرس فقه القضاء ذلك حيث اعتبرت محكمة التعقيب أن القوة القاهرة‬
‫هي كل ما يقع لإلنسان من أمور لم يكن يتوقعه ا وال يس تطيع التفص ي‬
‫منها(‪.)2‬‬

‫و قد عرفها فقه القضاء الفرنسي بأنها الحالة التي يمنع فيه ا الط اعن من‬
‫ممارسة طعنه إما شخصيا أو بواسطة سبب عائق ال يمكن دفع ه خ ارج‬
‫إرادته(‪.)3‬‬
‫و تأسيسا على ذلك فقد قضت محكمة التعقيب باعتبار المرض البس يط من‬
‫(‪.)4‬‬
‫كذلك رفض فقه القضاء الفرنسي الطعن بالتعقيب على‬ ‫قبيل القوة القاهرة‬

‫‪ -1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 8245‬مؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ ،1974‬ن‪.‬م‪.‬ت‪،‬عدد ‪ 1‬ص‬


‫‪.300‬‬
‫‪ -2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 1253‬مؤرخ في‪ 12‬أكتوبر ‪.،1961‬م‪.‬ق‪.‬ت ‪.1962‬‬

‫‪- crim 28 mars 1977 Bull,n°113‬‬


‫‪3‬‬

‫‪ - 4‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 9236‬مؤرخ في‪ 12‬ديسمبر ‪ ،1973‬ن‪.‬م‪.‬ت‪،1974 ،‬‬


‫ص ‪.193‬‬

‫‪56‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫اعتبار أن سفر الطاعن للخارج من قبل الق وة الق اهرة(‪ )1‬ورفض الك اتب‬
‫مطلب التعقيب(‪.)2‬‬
‫كما نجد الفقيه بوري يعتبر أن اإلضراب العام يعد حالة موجودة قوة قاهرة‬
‫وذلك بعد تقدير الظروف المحيطة بالطاعن وذلك مكان إقامت ه ووس ائل‬
‫االتصال الممكنة(‪.)3‬‬

‫ب‪ -‬وجوب اإلعالم بالطعن‪:‬‬


‫و يقصد باإلعالم بالحكم هو اإلعالم المبلغ للمحكوم عليه بصفة شخص ية‪.‬‬
‫بالرجوع إلى أحكام الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج نجد أنه يتم إعالم الخصوم بالطعن‬
‫في التعقيب من قبل كاتب محكمة التعقيب حيث يشير الفصل الم ذكور إلى‬
‫أنه "‪.....‬و يعلم بها حال المعقب ضده‪ ،"...‬لكن ما نالحظه هو أن المش رع‬
‫التونسي لم يحدد أجل يتم من خالله إعالم جميع الخصوم‪ ،‬وجميع الهيئ ات‬
‫التي يمكنها التدخل في اإلجراءات وقد حدد القانون الفرنسي أجل ثالثة أيام‬
‫لإلعالم(‪.)4‬‬
‫كما فرض المشرع التونسي في الفق رة الثاني ة من الفص ل ‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج‬
‫وجوبية اإلعالم بهذا الطعن خالل األجل الم ذكور المتهمين والمس ؤولين‬
‫مدنيا وإال سقط حقه في الطعن‪ ،‬كما رفضت محكم ة التعقيب في إح دى‬

‫‪1‬‬
‫‪- crim 4 janvier 1963 Bull,n°2.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- crim 8 juillet 1864 Bull,n°182.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Jacques Boré, op, cit, P 165.‬‬
‫‪ -‬فصل ‪ 578‬م‪.‬إ‪.‬ج الفرنسية‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪57‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫قراراتها الطعن على أساس عدم وجود ما يفيد إعالم المتهم طب ق أحك ام‬
‫الفصلين ‪ 210‬و‪ 213‬من م‪.‬إ‪.‬ج (‪.)1‬‬
‫كما أن تنصيص الفص ل ‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج على واجب اإلعالم المحم ول على‬
‫أن‬ ‫وكيل الدولة العام في ظل وجود الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج يؤدي إلى القول ب‬
‫رمي من‬ ‫المشرع لم يكتفي باإلعالم الذي يقوم به كاتب المحكمة‪ ،‬والذي ي‬
‫ورائه إلى حماية حقوق الطرف المعقب ضده‪ .)2(2‬كما أن تكلي ف وكي ل‬
‫الدولة العام بضرورة اإلعالم بالطعن ضمانة إض افية تج د تبريره ا في‬
‫خصوصية التعقيب من قبل وكيل الدولة العام‪.‬‬
‫و بمقتضى التنقيحات المدخلة على مجلة اإلج راءات الجزائي ة نج د أن‬
‫دد ‪26‬‬ ‫المشرع قد أضاف فقرة ثالثة للفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج بموجب قانون ع‬
‫لسنة ‪ 2007‬المؤرخ في ‪ 7‬ماي ‪ 2007‬حيث تشير إلى وجوبية اإلعالم من‬
‫طرف كاتب المحكمة الذي يتلقى العريضة‪ ،‬حيث يعلم به ا ف ورا كتاب ة‬
‫محكمة التعقيب بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا‪.‬‬
‫و باعتبار أن الغاية من اإلعالم هو تمكين أصحاب المصلحة من الدفاع عن‬
‫مصالحهم‪ ،‬فاإلعالم يتضمن اإلشارة إلى وق وع الطعن والتنص يص على‬
‫الحكم المطعون فيه‪ ،‬وتاريخه والمطاعن الموجهة إليه(‪.)3‬‬
‫أما بالنسبة لألطراف الموجهة إليه فقد اكتفى الفص ل على ذك ر المتهمين‬
‫والمسؤولين مدنيا دون القائم بالحق الشخصي‪ ،‬وقد يجد أساسه في كون هذا‬
‫األخير ال يمكن أن يتدخل في الجانب الجزائي‪ ،‬ذلك أن الفصل ‪ 285‬م‪.‬إ‪.‬ج‬
‫حصر طعن القائم بالحق الشخصي في حقوقه المدنية‪.‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي عدد ‪ 35674‬مؤرخ في‪ 16‬ماي ‪ ( 2009‬غير منشور)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬مصطفى الصخري‪ ،‬طرق الطعن في األحكام الجزائية‪ ،‬ص‪.184‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 261‬م‪.‬أ‪.‬ج فقرة ثانية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪58‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أما بالنسبة لتحديد بداية احتساب أجل الطعن فقد اعتمد الفص ل ‪ 262‬م‪.‬إ‪.‬ج‬
‫عدة تواريخ كنقطة انطالق الحتساب األجل‪ ،‬فعند ما يكون الحكم حضوريا‬
‫فإن أجل الطعن تبدأ من تاريخ ص دور الحكم الحكم‪ ،‬وإن ك ان معت برا‬
‫حضوريا على معنى الفصل ‪ 175‬م‪.‬إ‪.‬ج فإن األجل يبدأ من ت اريخ اإلعالم‬
‫به‪.‬‬
‫ة التعقيب‬ ‫و قد درج قفه القضاء التونسي هذا المسلك حيث اعتبرت محكم‬
‫في إحدى قرارتها على أن " الحكم المعتبر حض وريا غ ير قاب ل للطعن‬
‫بالتعقيب إال متى تم اإلعالم به" (‪.)1‬‬
‫أما بالنسبة للنيابة العمومية فإن أحكامها تكون حضورية في حقها وقد أكدت‬
‫محكمة التعقيب ذلك حيث اعتبرت أن األحكام الجزائي ة بالنس بة للنياب ة‬
‫العمومية ال يمكن أن تكون إال حضورية(‪.)2‬‬
‫و عندما يكون الحكم غيابيا فإن أجل الطعن يبدأ من تاريخ انقض اء أج ل‬
‫االعتراض أو من تاريخ اإلعالم بالحكم الصادر برفض االعتراض‪.‬‬
‫و يبدأ احتساب األجل بالنسبة إلى تعقيب وكيل العام لدى محكمة التعقيب من‬
‫تاريخ صدور الحكم(‪.)3‬‬
‫دأ‬ ‫أما بالنسبة للقرارات الصادرة عن دائرة االتهام فإن أجل الطعن فيها يب‬
‫من تاريخ اإلعالم بها أو حصول العلم بها(‪.)4‬‬

‫بداية انطالق واحتساب األجل يمكن تقيسمها كاألتي‪:‬‬


‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 23923‬مؤرخ في ‪ 11‬جانفي ‪ 1988‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج‪،‬‬
‫‪ 1988‬ص ‪.31‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 21748‬مؤرخ في ‪ 23‬جانفي‪1989‬‬
‫‪ - 3‬الدكتور علي كحلون‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 4‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬

‫‪59‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫برا‬ ‫من تاريخ اإلعالم بالحكم‪ :‬يبدأ سريان أجل التعقيب إذا كان الحكم معت‬
‫حضوريا من يوم اإلعالم به‪ .‬والحكم المعتبر حضوري يك ون عن دما لم‬
‫يحضر المضنون فيه بعد استدعائه قانونا أو لم يحضر نائبه طبق ا للفق رة‬
‫الثالثة من الفصل ‪ 141‬م‪.‬إ‪.‬ج‪ ،‬كما ج اء بالفص ل‪ 175‬م‪.‬إ‪.‬ج في فقرت ه‬
‫األولى أن الحاكم ال يتوقف على حضور المتهم الذي عندما يبلغه التنبيه ولم‬
‫ك في‬ ‫يحضر فإنه يصدر حكما يعتبر حضوريا‪ ،‬وقد كرس فقه القضاء ذل‬
‫عدة قرارات(‪ ،)1‬كما أقرت محكمة التعقيب في قرار ص ادر عن دوائره ا‬
‫ور‬ ‫المجتمعة أن األحكام المعتبرة حضورية هي التي تكون عند عدم حض‬
‫المتهم رغم بلوغ االستدعاء إليه شخصيا تبتدئ أجال الطعن فيها من تاريخ‬
‫اإلعالم بها وهي غير قابلة للطعن بطريق االعتراض(‪.)2‬‬
‫من تاريخ صدور الحكم‪ :‬األحكام الحضورية هي التي تكون بحضور المتهم‬
‫بالجلسة ذلك أن أجل الطعن يبدأ بالسريان من ذل ك الت اريخ وق د طبقت‬
‫محكمة التعقيب ذلك في عدة قرارات (‪.)3‬‬
‫أما قفه القضاء الفرنسي فقد ذهب إلى اعتبار الحكم يكون دائما حضوريا في‬
‫حق إدارة الديوانة(‪.)4‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 7321‬مؤرخ في ‪ 19‬ماي ‪ ،1971‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬سنة‬


‫‪ ،1972‬ص ‪.161‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 1897‬مؤرخ في ‪27‬أكتوبر ‪ ،1967‬ص ‪.132‬‬
‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 8492‬مؤرخ في ‪ 15‬جانفي ‪ ،1974‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ 1975 ،‬ج‬
‫‪ 1‬ص ‪.18‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- crim, 6 mai 1980, Bull, n°137.‬‬

‫‪60‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ـا‪ :‬انقض اء أج ل‬
‫من تاريخ انقضاء أجل االعتراض إذا كان الحكم غيابيـ‬
‫االعتراض المقدر بعشرة أيام من تاريخ اإلعالم ب الحكم الغي ابي حس ب‬
‫الفصل ‪ 175‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫تراض‬ ‫إذن فأجل الطعن بالتعقيب يبدأ سريانه من تاريخ انقضاء أجل االع‬
‫بالنسبة للحكم الغيابي‪ ،‬لكن قد يمتد هذا األجل إلى مّدة شهر ويكون ذلك في‬
‫ة‬ ‫حالة وجود المعترض قاطنا خارج تراب الجمهورية عمال بالفقرة الرابع‬
‫من أحكام الفصل ‪ 175‬م‪.‬إ‪.‬ج وبالتالي يبدأ سريان األج ل من ت اريخ علم‬
‫المحكوم علية شخصيا بالحكم الصادر في حقه‪.‬‬
‫كما يبدأ سريان األجل عندما يتبين من أعمال تنفيذ الحكم أن المضنون في ه‬
‫حصل له العلم به حسب أحكام الفصل ‪ 176‬م‪.‬إ‪.‬ج معنى ذلك أنه إذا لم يبلغ‬
‫المحكوم عليه بالحكم فإن أجل االعتراض يبقى معطل‪ .‬وبالتالي يمكن قبول‬
‫االعتراض إلى انقضاء أجل سقوط العقاب(‪.)1‬‬
‫من تاريخ اإلعالم الصادر برفض االعتراض‪:‬‬
‫استنادا إلى الفصل ‪183‬م‪.‬إ‪.‬ج ينص على أنه"إذا لم يحضر المعترض بحكم‬
‫يرفض االعتراض بدون تأمل في األصل"‪ .‬فإذا ك ان ه ذا الحكم ص ادرا‬
‫بالدرجة النهائية فإن أجل التعقيب ينطلق حسب ما جاء به الفصل ‪ 262‬بعد‬
‫القيام بإجراءات اإلعالم فالحكم القاضي برفض االعتراض ش كال تنطل ق‬
‫األجل بداية من ذلك التاريخ وهذا ما كرسه قفه القضاء فالشرط الذي وضعه‬
‫المشرع للطعن بالتعقيب في الحكم الصادر برفض االعتراض هو أن يكون‬
‫في ظرف عشرة أيام من تاريخ اإلعالم به (‪.)2‬‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.93‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬المنصف بالزين‪ ،‬اعتراض المتهم‪ ،‬ص ‪.150‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪61‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شكليات الطعن بالتعقيب‪:‬‬


‫يخضع الطعن بالتعقيب إلى جانب شرط األجل إلى العدي د من الش كليات‬
‫وردت بالفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج وتتعلق بعريضة الطعن(أ) وأخرى تتعلق بتأمين‬
‫الخطية الواردة بالفصل ‪ 263‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫أ – شروط متعلقة بالعريضة‪:‬‬
‫يرفع الطعن بالتعقيب بعريضة كتابية تقدم مباشرة أو بواس طة مح ام إلى‬
‫كتابة محكمة التعقيب التي أصدرت الحكم أو القرار المطعون في ه‪ ،‬فقب ل‬
‫تنقيح الفقرة األولى من الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج بموجب قانون ع دد ‪ 26‬س نة‬
‫‪ 2007‬المؤرخ في ‪ 7‬ماي ‪ 2007‬ك ان مطلب التعقيب يق دم إلى كتاب ة‬
‫محكمة التعقيب‪ ،‬وإذا كان المعقب مسجونا فكبير حراس السجن هو المكلف‬
‫بقبول المطلب وإحالته بدون تأخير على كتابة تلك المحكمة‪.‬‬

‫و ما تجدر مالحظته هو أن نص الفصل المذكور يطرح عديد اإلش كاليات‬


‫سواء كانت على مستوى العريضة نفسها ومكان تق ديمها أو على مس توى‬
‫الشخص مقدم الطعن مع إضافة بعض اإلجراء بموجب تنقيح ‪.2008‬‬

‫‪ – 1‬صيغة الطعن‪ :‬أوجب الفصل م‪.‬إ‪.‬ج تق ديم عريض ة الطعن ينبغي أن‬
‫تكون كتابية‪ ،‬وأن تكون مقدمة بصفة مباشرة إلى كتابة المحكمة مما يقصي‬
‫إمكانية تقديمها بواسطة البريد‪ ،‬على خالف طرق الطعن العادية االستئناف‬
‫واالعتراض اللذان يمكن أن يقع تقديمها إما شفاهيا أو إعالم كتابي‪ ،‬فش رط‬

‫‪62‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الكتابة وجوبي للطعن بالتعقيب وقد رفضت محكم ة التعقيب الطعن ش كال‬
‫على أساس أن توجيهه بواسطة البريد(‪.)1‬‬
‫أما القانون الفرنسي فقد اكتفى بالحضور أمام كتابة المحكمة ويمكن أن يرفع‬
‫إلى كتابة المحكمة الطعن شفاهيا(‪.)2‬‬

‫كما أوجب الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج على الكاتب المتلقي لمطلب التعقيب أن يوقع‬
‫عليه وينص على تاريخ تقديمه ويقيد بالدفتر حاال ويسلم وصال فيه للمعقب‬
‫كما يعلم المعقب ضده حاال‪ ،‬وقد حدد الفص ل ‪ 578‬م‪.‬إ‪.‬ج الفرنس ية أجال‬
‫قدره ثالثة أيام‪ ،‬ويمكن أن يكون اإلعالم برسالة مضمونة الوص ول م ع‬
‫اإلعالم بالبلوغ‪.‬‬
‫‪ -2‬الشخص الذي يقدم العريضة‪:‬‬
‫لم يحدد الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج الطرف المقدم لعريض ة الطعن على عكس‬
‫االعتراض الذي يقدمه للمحكمة التي أصدرته المعترض نفسه أو نائبه عمال‬
‫بأحكام الفصل ‪ 175‬م‪.‬إ‪.‬ج فقرة ثالثة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لالستئناف فإنه ال يمكن أن يقوم ب ه إال من تهم ه القض ية أو‬
‫نائبه(‪ .)3‬وتقدم عريضة الطعن إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو الق رار‬
‫المطعون فيه وهو نفس اإلجراء بالنسبة للطعن ب التعقيب عن االع تراض‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 9953‬مؤرخ في ‪ 21‬ماي‪ ،1975‬ن‪.‬م‪.‬ت‪،‬عدد‬


‫‪.1975 / 1‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- « LA déclaration de pouvoir est faire oralement devant le‬‬
‫‪greffier par le demandeur ou par l’avoué ou le mondataire spéciale‬‬
‫‪qui le représente » Jacques Boré, Pourvoi en cassation, p15‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 211‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪63‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الذي يقدم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وهذا يس هل على‬
‫الطاعن إجراءات الطعن‪.‬‬

‫و ربما يعود سبب اشتراط تقديم عريضة الطعن إلى محكمة الحكم أو إقرار‬
‫المطعون فيه إلى سعي المشرع لضمان جدّية الطعن حيث يعدل الطاعن عن‬
‫تحمل مشقة التنقل إلى العاصمة ليقدم طعنه في األجل المقرر قانونا وبالتالي‬
‫يضمن جدية طعنه وفق اإلجراءات التي حددها القانون‪.‬‬

‫و في صورة وجود المعقب بالسحن فتقدم عريضة ليطعن إلى كبير حراس‬
‫السجن الذي يقوم بإحالته بدون تأخير على كتابة المحكمة‪ .‬ولقد قبلت محكمة‬
‫التعقيب رفع السجين مطلب التعقيب مع حوالة بريدية إلى كب ير ح راس‬
‫السجن حتي وإن قدم لكتابة محكمة التعقيب خارج هذا األجل‪.‬‬
‫قبل تنقيح ‪ 2007‬للفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج الذي أصبح بموجبه يرفع الطعن إلى‬
‫كتابة المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه‪.‬‬
‫كما سمح المشرع بتقديم المطلب بواسطة المحامي‪ ،‬ولم يش ترط حض ور‬
‫المحكوم عليه شخصيا‪ ،‬على خالف القانون الفرنس ي حيث نص الفص ل‬
‫‪ 583‬م‪.‬إ‪.‬ج الفرنسية على ضرورة تقديم المحكوم عليه بالسجن نفسه بغاية‬
‫التنفيذ حتى يقبل مطلب التعقيب‪ ،‬واشترطت محكمة التعقيب الفرنسية تطبيقا‬
‫لهذه القاعدة أن ال يكون التعقيب بواس طة مح امي واش ترطت حض ور‬
‫المحكوم عليه شخصيا‪ ،‬لكن المحكمة األوربي ة اعتبرت ه مخالف ا لقرين ة‬
‫البراءة‪ ،‬وانتهى المشرع الفرنسي إلى إلغاء الفصل ‪ 583‬بموجب قانون ‪15‬‬
‫جوان ‪.)1( 2000‬‬

‫‪ -‬الدكتور علي كحلون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.364‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪64‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫‪ -3‬مكان تقديم العريضة‪ :‬حسب ما جاء في الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج فإن مطلب‬


‫الطعن بالتعقيب يرفع بعريضة كتابية تقدم إلى كتابة المحكمة التي أصدرت‬
‫الحكم أو القرار المطعون فيه بعد أن كان المطلب قبل سنة ‪ 2007‬يقدم إلى‬
‫كتابة محكمة التعقيب‪.‬‬

‫المبدأ إذن بعد تنقيح الفقرة األولى للفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج بموجب قانون ‪2007‬‬
‫أن عريضة الطعن ال بد من تقديمها إلى كتابة المحكمة التي أصدرت الحكم‬
‫أو القرار المطعون فيه دون غيرها‪.‬مثل طرق الطعن العادية ال تي يق دم‬
‫مطلب الطعن فيها إلى كتابة المحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار‪.‬‬

‫و ما تجدر مالحظة‪ ،‬هو أن المشرع التونسي نجده ق د س لك نفس المنهج‬


‫الذي أتبعه في طرق الطعن العادية باعتبار أن نظيره الفرنسي في الفص ل‬
‫‪ 576‬م‪.‬إ‪.‬ج فرنسية أكد على أن الطعن يق دم إلى كتاب ة المحكم ة ال تي‬
‫وال‬ ‫أصدرت الحكم المطعون فيه وقد درج المشرع التونسي على هذا المن‬
‫لما في ذلك من تسهيل في اإلجراءات وتخفيف على الطاعن الذي س يتحمل‬
‫مشقة التنقل إلى محكمة التعقيب التي يقع رفعها إلى كتابة المحكم ة ال تي‬
‫أصدرت الحكم المطعون فيه‪ ،‬وهذا ما يدفع بالطاعن إلى رفع طعنه باعتبار‬
‫عدم وجود مشقة وعرقلة أمام الطاعن‪.‬‬
‫و لعل هذا التبرير ينسجم مع السياسة اإلجرائي ة بش كل ع ام من خالل‬
‫التسهيالت التي قام بها المشرع أثناء قيام الطاعن برفعه لطعنه‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫‪ -4‬تسليم نسخة الحكم وتقديم مستندات التعقيب وتبلغيها‪:‬‬


‫تدخل المشرع بموجب تنقيح ‪ 11‬ديسمبر ‪ 2008‬وأضاف فقرة ثالثة ورابعة‬
‫للفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج وذلك بإلزام ك اتب المحكم ة ال تي أص درت الحكم‬
‫باستدعاء المعقب لتسلم نسخة من الحكم أو القرار المطعون فيه فعلى كاتب‬
‫المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه استدعاء الط اعن أو محامي ه‬
‫بالطريقة اإلدارية وتسليمه نسخة من الحكم المطعون فيه مقابل إمضائه على‬
‫وصل يتضمن تاريخ تسليمه يضاف إلى ملف (‪.)1‬‬
‫أما إذا لم يحضر الطاعن أو محاميه لتسلم نسخة الحكم المطع ون في ه في‬
‫أجل شهر من تاريخ استدعائه بأية وسيلة تترك أثرا كتابيا وتخلف عن تقديم‬
‫مستندات تعقيبه سقط طعنه (‪.)2‬‬
‫و قد خص المشرع كاتب المحكمة ال تي أص درت الحكم بتلقي عريض ة‬
‫التعقيب وتضمينها وإعالم كتابة محكمة التعقيب بذلك وإعالم المعقب ض ده‬
‫وتوجيه االستدعاء إلى المعقب بهدف الحض ور وتس لم نس خة من الحكم‬
‫المطعون فيه‪ ،‬كما فرض إحالة الملف إلى كتابة محكمة التعقيب وذلك قب ل‬
‫فوات أجل ثالثين يوما بداية من توجيه االستدعاء إلى المعقب‪.‬‬

‫ة‬ ‫أما بالنسبة إلى تقديم مستندات التعقيب وتبليغها فقد استثنى المشرع النياب‬
‫العمومية من هذا اإلجراء وفرضه على جميع األطراف وذل ك بمقتض ى‬
‫ل من‬ ‫الفصل ‪ 263‬مكرر بموجب تنقيح ‪ ،2007‬وجعل بداية سريان األج‬

‫‪ - 1‬الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج أضيفت الفقرة الرابعة بموجب القانون عدد ‪ 75‬لسنة ‪2008‬‬
‫المؤرخ في ‪ 11‬ديسمبر ‪.2008‬‬
‫‪ - 2‬الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج الفقرة الخامسة أضيفت بموجب قانون ‪ 75‬لسنة ‪2008‬‬
‫الصادر في ‪ 11‬ديسمبر ‪.2008‬‬

‫‪66‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫تاريخ تسلم النسخة بموجب تنقيح ‪ 2008‬بع دما ك ان من ت اريخ تق ديم‬


‫المطلب(‪.)1‬‬

‫ير في‬ ‫كما فرض أن تباشر اإلجراءات بواسطة محامي‪ ،‬إذا يقدم هذا األخ‬
‫أجل أقصاه ثالثون يوما إلى كتابة محكمة التعقيب من تاريخ سلمه نسخة من‬
‫الحكم المطعون فيه‪ ،‬مذكرة في أسباب الطعن ت بين االخالالت المنس وبة‬
‫للحكم المطعون فيه ونسخة من محضر إبالغ مذكرة الطعن بواسطة ع دل‬
‫منفذ إلى المعقب ضدهم وإذا تخلف المعقب عن تقديم المستندات أو ق ام في‬
‫األجل يكون الجزاء سقوط الطعن‪ .‬وإذا أراد المعقب ض ده في ال رد على‬
‫مستندات الطعن وجب عليه تقديم مذكرة في ذلك إلى كتابة محكمة التعقيب‬
‫ذه‬ ‫خالل أجل ثالثين يوما من تاريخ إبالغه مستندات الطعن(‪ .)2‬وتباشر ه‬
‫اإلجراءات مهما كانت طبيعة القضية‪.‬‬
‫ب – تأمين الخطية‪:‬‬
‫لقد أوجب الفصل ‪ 263‬م‪.‬إ‪.‬ج أن يقدم الطاعن إلى جانب العريضة وص ال‬
‫من قابض التسجيل يفيد تأمينه للخطية ال واجب تس ليطها علي ه إذ رفض‬
‫ا‪ ،‬حيث ال‬ ‫مطلبه وكذلك جميع المعاليم التي يقتضي القانون وجوب تأمينه‬
‫يقبل كاتب المحكمة عريضة الطعن إذا لم يقم الطاعن بهذا اإلجراء‪.‬‬
‫و يعفي المشرع من هذا التأمين ممثل النيابة العمومي ة والمحك وم علي ه‬
‫باإلعدام أو بالسجن مدى الحياة وعن د وق وع الرج وع في التعقيب يمكن‬

‫‪ - 1‬الدكتور علي كحلون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.366‬‬


‫‪ - 2‬الفصل ‪ 263‬م‪.‬إ‪.‬ج مكرر بموجب قانون ‪ 26‬لسنة ‪ 2007‬الصادر في ‪ 7‬ماي‬
‫‪ 2007‬ثم نقح بموجب القانون ‪ 75‬لسنة ‪ 2008‬الصادر في ‪ 11‬ديسمبر ‪.2008‬‬

‫‪67‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫للمحكمة إعفاء المعقب من الخطية وإرجاعها إليه (‪ .)1‬وق د تبنت محكم ة‬


‫التعقيب ذلك في عدة قرارات(‪.)2‬‬
‫ما يمكن قوله هو أن هذا الفصل جاء ليف رض على من يري د الطعن في‬
‫الحكم الجزائي الصادر في حقه أن يؤمن مبلغا قبل النظر في مطلب الطعن‪.‬‬
‫أما القانون الفرنسي فقد ألغيت الفصول ‪ 580‬و‪ 581‬و‪ 582‬المتعلقة بتأمين‬
‫الخطية في المادة الجزائية (‪.)3‬‬
‫ما يمكن في قوله في هذا اإلطار هو أن المشرع أوجب تأمين الخطية وتقديم‬
‫ما يفيد ذلك مع العريضة في أجل الطعن وإال كان طعن ه غ ير مس تكمل‬
‫لشروطه اإلجرائية فإنه مستهدف للفرض‪ ،‬هذا ما درج عليه فقه القضاء (‪،)4‬‬
‫يره‬ ‫وقد كلن من األجدر بالمشرع التونسي أن ألغى تأمين الخطية مثال نظ‬
‫الفرنسي أو ّو سع من دائرة اإلعفاء مثل المش رع الس وري ال ذي أعفى‬
‫ايا‬ ‫األحداث من أداء الرسوم والتأمينات القضائية والطوابع في جميع القض‬
‫التي تنظم فيها محاكم األحداث(‪.)5‬‬
‫كل هذه الشروط التي البد من توفرها للطعن بالتعقيب لكن ليست الش روط‬
‫الوحيدة بل نجد شروط أصلية التي ينبغي تناولها‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 263‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 97140‬مؤرخ في ‪ 30‬جوان ‪ ،1998‬أنظرمالحق‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.107‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -4‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 9911‬م ؤرخ في ‪ 23‬ج انفي‪ ،1974‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬س نة‬
‫‪ ،1975‬ص ‪،36‬ج‪.2‬‬

‫‪ -5‬المادة ‪ 52‬من قانون األحداث الجانجين‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬شروط أصلية‬


‫رع‬ ‫تفيد الشروط األصلية الحاالت التي يقوم عليها الطعن وقد ضبط المش‬
‫التونسي هذه الشروط صلب الفص ل ‪ 258‬من م‪.‬إ‪.‬ج ال ذي نص على أن‬
‫يسوغ طلب التعقيب بناءا على عدم االختصاص أو اإلفراط في الس لطة أو‬
‫خرق القانون أو خطأ في تطبيقه (‪ )1‬وهي المطاعن التي أوردها المشرع على‬
‫سبيل الحصر والتي من المفروض أن يتناولها الطاعن في مستندات طعنه‪.‬‬

‫ة‬ ‫و يقسم أغلب الفقهاء األسباب التي يجوز فيها الطعن بالتعقيب إلى أربع‬
‫اص ن‬ ‫أقسام وهي مخالفة قواعد تشكيل المجلس القضائي‪ ،‬وعدم االختص‬
‫عدم مراعاة الشكليات الذي يرغب عنه الق انون البطالن‪ ،‬وع دم اح ترام‬
‫القواعد الموضوعية للقانون الجنائي(‪.)2‬‬

‫‪ -‬الدكتور علي كحلون‪ ،‬دروس في اإلجراءات الجزائية طبعة ‪ ،2009‬ص ‪.356‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Jean Pradel. droit pénal Tome II.procédure p.6éme édition.1990‬‬
‫‪édition page 624‬‬

‫‪- Merel et vitu opcit page 845 et 46‬‬

‫‪69‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫بر‬ ‫وقد أرجع الفقيه قارو جميع حاالت الطعن إلى خرق القانون(‪ )1‬كما اعت‬
‫(‪.)2‬‬
‫الفقيه دوبالر أن " فرق القانون هو مصدر جميع أوجه النقض‬
‫ولدراسة هذه الحاالت يمكن تناولها في فقرتين األولى تتعلق بمخالفة قواعد‬
‫تشكيل المحكمة واختصاصها والثانية تخص مخالفة القواعد القانونية الشكلية‬
‫واألصلية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مخالفة قواعد تشكيل المحكمة واختصاصها‪:‬‬


‫كي يكون الحكم قابال للطعن بالتعقيب ال بد أن يكون ص ادرا عن محكم ة‬
‫مشكلة تشكيال قانونيا (أ) وأن تكون مختصة (ب)‪.‬‬

‫خرق قواعد تشكيل المحكمة ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫اعتبرت محكمة التعقيب أن هذه القواعد تهم النظام العام(‪ )3‬وه ذه القواع د‬
‫وبعث لضمان حسن سير العدالة‪ ،‬لذا يكون خرقه ا عرض ة لنقض الحكم‬
‫وتقتضي قواعد تشكيل المحكمة ثالثة عناصر وهي قضاة الجالسين وممث ل‬
‫النيابة العمومية والمكاتب وهي عناصر ضرورية لتكوين المجلس القضائي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- R.Garraud precis de droit criminel 1885 page 759 « Tous les cas‬‬
‫‪d’ouverture à cassation peuvent être ramenés à un type unique la‬‬
‫» ‪violation de la loi‬‬
‫‪ - 2‬جون دوبالر مختصر في شرح قانون المرافعات الجنائية التونسي المطبعة‬
‫السريعة ص ‪.687‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 4688‬مؤرخ في ‪ 20‬أفريل‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬لسنة ‪ 1967‬ص‬ ‫‪3‬‬

‫‪.83‬‬

‫‪70‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫القضاة الجالسون‪ :‬من شروط المجلس القضائي أن يكونوا مؤهلين للجلوس‬


‫أي أن تكون لهم الصفة(‪ )1‬مع األهلية‪ .‬وفقه القضاء الفرنسي اعتبر أن توفر‬
‫األهلية لدى القاضي هي قرينة قاطعة غير قابلة للدحض بإثبات العكس(‪.)2‬‬

‫كما يشترط أن الحكم صادر على العديد الالزم من القضاة ال تي اقتض اه‬
‫القانون‪.‬وقد نص الفصل ‪ 592‬م‪.‬إ‪.‬ج الفرنسية على هذه القاعدة إذ جاء ب ه‬
‫أن " الفرارات واألحكام النهائية تكون باطلة عندما ال تصدر بالعدد القانوني‬
‫للقضاة سواء كان هذا العدد أكثر أو أقل "‪.‬‬
‫أما القانون التونسي فقد يلزم المحكمة التي أصدرت الحكم أن يذكر ب الحكم‬
‫أسماء الحكام(‪.)3‬‬

‫كما نجد شرط ثالث يخضع له تشكيل المحكمة يتمثل في مبدأ التفري ق بين‬
‫السلط العدلية وقد كرس هذه القاعدة الفصل ‪ 50‬من م‪.‬إ‪.‬ج وطبقت محكم ة‬
‫التعقيب هذا المبدأ في عدة قرارات(‪ ،)4‬فقه القضاء الفرنسي يعتبر أن ه يكفي‬
‫مجرد إمضاء قاضي التحقيق على اإلنابة العدلية حتى تمن ع عض ويته في‬
‫المجلس(‪.)5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Crim. 27 octobre 1932 B. n° 222‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Crim. 7 mai 1909 B. n° 245‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Crim. 7 mai 1909 B. n° 245‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 168‬من م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪71‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫هذا المنع يشمل كذلك ممثلي النيابة العمومية الذي س بق أن تعه د بمل ف‬
‫القضية فال يجوز أن يشارك في المجلس أي أن يكون خصما وحكما وه ذا‬
‫ما أكده فقه القضاء التونسي(‪ )1‬كما يشترط أن يكون كل عضو من أعض اء‬
‫المجلس قد اشترك في كل مرحلة من مراح ل القض ية بداي ة من ط ور‬
‫المرافعة وصوال لصدور الحكم‪ ،‬ويكون قد استمع ألقوال ك ل ط رف من‬
‫ذه‬ ‫أطراف القضية الجزائية‪ ،‬حيث اعتبرت محكمة التعقيب عدم احترام ه‬
‫القاعدة يوجب نقض الحكم المطعون فيه(‪.)2‬‬

‫النيابة العمومية ‪ :‬ينص الفصل ‪ 168‬م‪.‬إ‪.‬ج أن الحكم يجب أن ي ذكر ب ه‬


‫ة‬ ‫ممثل النيابة العمومية الذي حضر بالجلسة مما يؤكد دور النيابة العمومي‬
‫كطرف ضروري ومكمل لهيئة المحكمة الجزائية وق د كرس ت محكم ة‬
‫التعقيب هذه القاعدة(‪ ،)3‬كما تبنت محكمة التعقيب الفرنسية نفس االتجاه(‪.)4‬‬

‫‪ - 5‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 5 48420‬مؤرخ في ‪ 09‬جانفي‪.1995‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬لسنة‬


‫‪ 1995‬ص‪.11‬‬

‫‪-‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 1482‬مؤرخ في ‪19‬أكتوبر ‪.1935‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Crim. 12 janvier 1933 B. n° 16‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 2549‬مؤرخ في ‪ 23‬ديسمبر ‪ 1963‬ن‪..‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬ج‬ ‫‪2‬‬

‫سنة‪ 1963‬ص‪.150‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 58455‬مؤرخ في ‪ 21‬فيفري ‪ 1995‬ن‪..‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬ج‬ ‫‪3‬‬

‫سنة‪ 1995‬ص‪.163‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- Crim. 26 juillet 1983 1853 .B n° : 288‬‬

‫‪72‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫كما أن حضور ممثل اإلدارة العمومية كطرف متتبع ال يغني عن حض ور‬


‫النيابة العمومية وهو ما أكدته محكمة التعقيب الفرنسية في أحد قراراتها(‪،)1‬‬
‫وبما أن النيابة العمومية وحدة متكاملة غير قابل ة للتجزئ ة فيمكن لممث ل‬
‫النيابة العمومية وحدة متكاملة غير قابل ة للتجزئ ة فيمكن لممث ل النياب ة‬
‫العمومية أن يكون عضوا لدى دائرة االتهام ثم يحضر بنفس الصفة جلس ة‬
‫الدائرة الجنائية(‪.)2‬‬

‫‪-‬الكاتب ‪ :‬يعتبر الكاتب جزء ال يتجزأ من تشكيل المحكمة وبالت الي ف إن‬
‫غيابه يؤدي إلى أن تكون أعمال الجلسة باطلة‪ .‬وقد طبقت محكم ة التعقيب‬
‫أحكام الفصل في قضية كان فيها الحكم المطعون فيه مقتصرا ذك ر اس م‬
‫الكاتب دون لقبه (‪ ،)3‬أما فقه القضاء الفرنسي فقد قبل بالنقض في ذكر اس م‬
‫الكاتب واكتفي بظهور توقيعه على الحكم(‪ ،)4‬وليس من الضروري أن يكون‬
‫الكاتب حاضرا هو نفسه في جميع الجلسات ب ل يمكن تعويض ه دون أن‬
‫يكون هناك خرق للقانون (‪.)5‬‬

‫ب‪ -‬خرق قواعد االختصاص ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Crim. 19 janvier 1954 .B n° : 17‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 37685‬مؤرخ في ‪ 20‬نوفمبر ‪ 1995‬ن‪..‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬ج‬ ‫‪2‬‬

‫سنة‪ 1991‬ص ‪.60‬‬


‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 58455‬مؤرخ في‪ 4‬فيفري ‪ 1995‬ن‪..‬م‪.‬ت‪.‬ق‪ .‬ج سنة‬
‫‪ 1991‬ص ‪.63‬‬

‫‪4‬‬
‫‪- Crim. 15 decembre 1965 .B n° : 276‬‬
‫‪ -‬حاتم البرهومي المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.60‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪73‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫لقد اقتضى الفصل ‪ 258‬من م‪.‬إ‪.‬ج خرق قواعد االختصاص ويعت بر ه ذه‬
‫القواعد أن يكون الحكم صادرا عن محكمة مختصة بالنظر وأن ال يكون فيه‬
‫إفراط في السلطة‪.‬‬
‫لقد عرف الفقه االختصاص في المادة الجزائية بأنه " والية القاضي في نظر‬
‫ة‬ ‫دعوى جزائية معينة(‪ ،)1‬وهو السلطة الممنوحة بالقانون للمحكمة ومنظم‬
‫بقواعد تتعلق بالنظام العام(‪ ،)2‬وعدم االختصاص هو عدم صالحية المحكمة‬
‫ومنظمة النظر في القضية وبالتالي تمثل خرقا للق انون(‪ )3‬ويش مل قواع د‬
‫االختصاص النوعي والشخصي والترابي‪.‬‬

‫‪-‬االختصاص النوعي ‪ :‬يقوم على أساس جسامة وخطورة الجريمة ص نف‬


‫ات فتختص‬ ‫القانون الجنائي الجرائم إلى ثالث أنواع مخالفات‪ ،‬جنح وجناي‬
‫ة‬ ‫محاكم األصل بالنظر في المخالفات والجنح ونميز بين اختصاص محكم‬
‫جن‬ ‫الناحية الذي يشمل جميع المخالفات نهائيا‪ ،‬والجنح المعاقب عليها بالس‬
‫مدة ال تتجاوز العام أو بالخطية في حدود ألف دينار‪ ،‬ويبقى النظر للمحكمة‬
‫االبتدائية بصفة استثنائية في جنحة الجرح على وجه الخطأ أو الح رق من‬
‫غير عمد وأخيرا الجنح التي أسند إليها النظر فيها بنص خاص(‪.)4‬‬

‫‪ -‬حسن الجوندار‪ ،‬أصول المحاكمات الجزائية الجزء الثاني ص ‪ 81‬مطبعة خالد بن‬ ‫‪1‬‬

‫الوليد سنة ‪.1988‬‬


‫‪2‬‬
‫‪- Jacque Boré ,op. cit.page 636‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 346‬مؤرخ في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1929‬م‪.‬ق‪.‬ت‪ .‬ماي لسنة‬ ‫‪3‬‬

‫‪.1963‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 123‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪74‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫يشمل اختصاص المحكمة االبتدائية جميع الجنح التي لم يتعين له ا مرج ع‬


‫النظر وتظل أيضا نهائيا " في جميع األحكام المستأنفة والصادرة عن الحكام‬
‫النواحي التابعين لدائرتها " عمال بأحكام الفصل ‪ 124‬م‪.‬إ‪.‬ج(‪ ،)1‬أما محكم ة‬
‫االستئناف فتختص بالنظر في األحكام الص ادرة عن المح اكم االبتدائي ة‬
‫باعتبارها درجة ثانية من درجات التقاضي عمال بأحكام الفصل ‪ 107‬م‪.‬إ‪.‬ج‬
‫فقرة ثانية‪.‬‬

‫و أخيرا تختص المحكمة الجنائية بالنظر في الجنايات‪ ،‬لقد خول لها المشرع‬
‫النظر في الجنح المرتبطة بجناية وكذلك الجرائم المحالة عليه ا بوص فها‬
‫ل ‪ 222‬م‪.‬إ‪.‬ج‬ ‫جناية ثم تبين أنها جنحة(‪ )2‬وجرائم الجلسات‪ ،‬ويقتضي الفص‬
‫أن تعهد المحكمة الجنائية ال تتم إال بقرار إحالة صادر عن دائرة االتهام(‪.)3‬‬

‫االختصاص الشخصي ‪ :‬المبدأ أن القانون يطبق على جمي ع الن اس بنفس‬


‫الشروط مهما كانت صفاتهم ورتبتهم‪ ،‬فإن مادة اإلجراءات الجزائية تش كل‬
‫استثناء له‪ ،‬حيث يعزل بعض الفئات بمحاكم خاصة بهم ألس باب خاص ة‬

‫‪ -‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق ن ص ‪.69‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 171‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 4564‬مؤرخ في ‪ 23‬أكتوبر ‪ 1968‬ن‪.‬م‪.‬ف لس نة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 1968‬ص ‪.247‬‬

‫‪-‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 2993‬مؤرخ في ‪ 30‬أكتوبر ‪.1979‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬لسنة ‪،1979‬‬


‫ص ‪.212‬‬

‫‪75‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫بسنهم (‪ )1‬أو بانتمائهم لسلك حساس يقتضي إفرادهم بجهاز خاص بهم للتفرقة‬
‫بين القضاء العادي والقضاء اإلستئنافي ويشمل هذا األخير محاكم األطف ال‬
‫والمحكمة العسكرية‪.‬‬

‫الطفل هو كل إنسان عمره أقل من ثمانية عشرة عاما لم يبلغ س ن الرش د‬


‫بمقتضى أحكاما خاصة بهم‪ ،‬ألسباب حمائية ووقائية تفرض عدم الجمع بين‬
‫هذه الفئة وبقية المنحرفين الذين قد يؤثروا سلبا على سلوك الطفل الجانح‪.‬‬
‫أما عندما يكون المتهم عسكريا زمن ارتكاب الجريمة الجريمة(‪ )2‬وهنا يكون‬
‫القضاء العسكري هو المختص في جميع أطوار المحاكمة‪ ،‬بمع نى يع ود‬
‫النظر للمحكمة العسكرية‪ ،‬وعندما تقضي المحكمة بعدم سماع ال دعوى في‬
‫حق العسكري فإن نظرها في هذه الدعوى يخرج عن احتكاكه ا وبالت الي‬
‫يكون من أنظار القضاء العادي‪.‬‬

‫أما جرائم الخيانة العظمى المرتكبة من قبل الوزراء وأعضاء الحكومة فإنهم‬
‫ال يحاكمون أما المحاكم الجزائية العادية بل مرجع النظر يك ون للمحكم ة‬
‫العليا‪.‬‬

‫‪-‬االختصاص الترابي‪ :‬هو المعيار لتحديد المحكمة المتعهدة ترابيا في نظ ر‬


‫الدعوى من بين الجهات القضائية لدلك االختصاص من حيث االختص اص‬
‫النوعي والشخصي‪.‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 72‬من مجلة حماية الطفل‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 2617‬مؤرخ في ‪ 03‬فيفري ‪.1979‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪76‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ا يلي‪" :‬‬ ‫اقتضى الفصل ‪ 129‬م‪.‬إ‪.‬ج معايير تحديد االختصاص الترابي كم‬
‫تنظر في الجريمة محكمة الجهة التي ارتكبت فيها أو محكمة المكان الذي به‬
‫مقر المضنون فيه أو المكان الذي به محل إقامته األخير أو محكمة المك ان‬
‫الذي وجد فيه‪."...‬‬

‫وتكون بذلك ضوابط تعيين المحكمة المختصة هي أوال وقوع الجريمة وثانيا‬
‫مقر المتهم وثالثا محل إقامته األخ ير وأخ يرا مك ان القبض علي ه‪ ،‬لكن‬
‫المحكمة المتعهدة أوال بالجريمة ثبت فيها ولو لم يحترم ال ترتيب ال وارد‬
‫بالفقرة الثانية من الفصل المذكور‪.‬‬

‫و قد اعتبرت محكمة التعقيب أن تحديد االختصاص الترابي ينبغي أن يكون‬


‫محترما للترتيب التفاضلي ال وارد بالفص ل ‪ 129‬م‪.‬إ‪.‬ج وذل ك من خالل‬
‫قضية كانت فيها الجريمة واقعة في دائرة ترابية أولى ومقر المتهم في دائرة‬
‫ترابية ثانية‪ ،‬ذلك أن قاضي التحقيق الذي وقعت الجريمة في مرجع نظ ره‬
‫هو األولى بالتعهد لما في ذلك من سهولة في إج راء التحقي ق وس رعة‬
‫الفصل(‪.)1‬‬
‫إن قواعد االختصاص النوعي والشخصي والترابي كلها في المادة الجزائية‬
‫هي من النظام العام وأي خرق يلحق هذه القواع د من ش أنه أن ي ترتب‬
‫البطالن المطلق في السلطة‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 307‬مؤرخ في ‪ 27‬ديسمبر ‪ 1994‬ن‪.‬م‪.‬ت لسنة ‪1994‬‬


‫ص ‪.54‬‬

‫‪77‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫‪-‬اإلفراط في السلطة ‪:‬‬


‫لم يعرف المشرع التونسي هذا المفهوم واعتبر الفقه اء أن المحكم ة حين‬
‫تنظر في الدعوى وهي غير مختصة تكون قد أفرطت في السلطة(‪.)1‬‬
‫مفهوم اإلفراط في السلطة يرتبط بمفهوم االختصاص وقد اعت بر األس تاذ‬
‫دوبالر أن اإلفراط في السلطة يكون حين يتجاوز المجلس حدود م ا ه و‬
‫مخصص للسلطة العدلية من الوظائف ويتعدد على الس لطة التش ريعية أو‬
‫اإلدارية(‪ ،)2‬وعرفه الفقيه بوري بأنه " التجاور أو االعتدال لوقائع من طرف‬
‫القاضي المتعهد بالنزاع لقواعد تهم النظام العام والتي تحدد وتقي د س لطة‬
‫القاضي "(‪.)3‬‬
‫وانطالقا من هذه التعريف فإن اإلفراط في السلطة ال يخرج عن ص ورتين‬
‫األولى هي تجاوز القاضي لحدود واجبه الوظيفي والثانية هي تعدي القاضي‬
‫على اختصاص السلط األخرى‪.‬‬

‫‪-‬تجاوز القاضي لحدود واجبه الوظيفي ‪ :‬قد يكون هذا التجاوز إيجابي ا او‬
‫سلبيا فالتجاوز اإليجابي يقع عندما يتج اوز القاض ي أو يتع دى دائ رة‬
‫صالحياته المرسومة بالقانون‪ ،‬مثال من هذا التج اوز أن تنظ ر محكم ة‬
‫اإلحالة فيما هو خارج عن الحدود التي حددتها لها محكمة التعقيب في قرار‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ben Ammou Nadhir.op cit. page 71‬‬
‫‪ -‬جون دوبالر مختصر في شرح قانون المرافعات الجنائية‪ ،‬ص ‪.690‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- Jacque Boré ,op. cit.page 655‬‬

‫‪78‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫اإلحالة سواء على مستوى األفعال أو األشخاص‪ ،‬وقد ع برت على ذل ك‬


‫محكمة التعقيب في عدة قرارات(‪ )1‬وهو نفس اتجاه فقه القضاء الفرنسي(‪.)2‬‬
‫كما اعتبرت محكمة التعقيب أن الحكم بأكثر مما طلبه الخص وم أو إث ارة‬
‫دفوعات لم يتمسكوا بها بعد إفراط في السلطة(‪ )3‬وعندما تكون الدعوى معلقة‬
‫ر في‬ ‫على شكوى ورغم عدول الشاكي عن شكايته واصلت المحكمة النظ‬
‫القضية فإن ذلك يمكن اعتباره من قبيل اإلفراط في السلطة(‪.)4‬‬

‫تي‬ ‫أما التجاوز السلبي فيتمثل في امتناع القاضي عن النظر في الدعوى ال‬
‫تعهد بها قانونا وهنا يصبح ناكرا للعدالة وإهماال للنظ ر وهم ا من مالمح‬
‫اإلفراط في السلطة‪.‬‬

‫إهمال النظر يسمح بالطعن بالتعقيب ممن له مصلحة في الطعن وقد اعت بر‬
‫فقه القضاء الفرنسي أن الحكم يكون قابال لإلبطال الذي أهم ل النظ ر في‬
‫طلبات النيابة العمومية(‪.)5‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 362‬مؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 1930‬م‪.‬ق‪ .‬ت ماي‬


‫‪.1963‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Crim. 21 ovtobre 1848 .B n° : 242‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 2418‬مؤرخ في ‪ 5‬جوان ‪.1978‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 8590‬مؤرخ في ‪ 13‬ديسمبر ‪ 1972‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة‬ ‫‪4‬‬

‫‪ 1972‬ص ‪.138‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Crim. 17 avril 1956 .B n° : 309‬‬

‫‪79‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أما إنكار العدالة فيتمثل في امتناع القاضي عن البت في ال نزاع ب دعوى‬


‫وجود فراغ تشريعي أو غموض في نص قانوني وهو موجب للنقض(‪.)1‬‬

‫‪-‬تعدي القاضي على السلط األخرى‪ :‬يتخذ هذا االعتداء عدة أش كال فق د‬
‫يتعدى القاضي على سلطة إدارية وذلك بانتفاء صالحياتها‪ ،‬وهذا ما يجع ل‬
‫الحكم مستوجب للنقض‪.‬‬

‫ة‬ ‫كما اعتبر فقه القضاء الفرنسي أن انتفاء المحكمة لسلوك النيابة العمومي‬
‫يعد إفراطا في السلطة وبالتالي يكون الحكم موجبا للنقض(‪.)2‬‬

‫إذا كانت هذه األسباب موجبة لنقض الحكم المطعون ف إن خ رق الق انون‬
‫يتنزل منزلة رئيسية ضمن الشروط األصلية للطعن‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مخالفة القواعد القانونية‪:‬‬

‫تفيد القواعد القانونية نوعين من القواعد األولى تتعلق بالقواعد الش كلية (أ)‬
‫وهي تتعلق باإلجراءات والثانية بالقواعد الموضوعية (ب)‪.‬‬

‫مخالفة القواعد الشكلية‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي مدني عدد ‪ 1913/40‬مؤرخ في ‪ 4‬جويلية ‪.1960‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪- Crim. 17 février 1900 .B n° : 73.‬‬

‫‪80‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫انون وأوجب‬ ‫القواعد الشكلية هي التي تتعلق باإلجراءات التي فرضها الق‬
‫احترامها وذلك لتحقيق حسن س ير العدال ة الجزائي ة وحماي ة حق وق‬
‫المتقاضين‪ ،‬وخرق هذه القواعد يؤدي إلى البطالن اإلجرائي وبالتالي يكون‬
‫موجبا للطعن بالتعقيب‪.‬‬

‫بحيث تقسم حاالت بطالن هذه القواعد الشكلية إلى ثالث أنواع وهي بطالن‬
‫إجراءات التحقيق والمحاكمة وبطالن عدم احترام قواعد اإلثب ات وأخ يرا‬
‫بطالن عدم احترام واجب التعليل‪.‬‬

‫‪-‬بطالن إجراءات التحقيق والمحاكمة ‪:‬‬


‫التحقيق االبتدائي يهدف إلى " التأكد من قيام األدلة الكافية أو ع دم قيامه ا‬
‫لتقديم المضنون فيه إلى المحاكمة "(‪ )1‬ولقد وضع العديد من القواعد الش كلية‬
‫لتنظيم مرحلتي التحقيق والمحاكمة‪ ،‬ولضمان احترام هذه القواعد رتب على‬
‫خرقها البطالن‪.‬‬

‫و قد جاء الفصل ‪ 199‬م‪.‬إ‪.‬ج بقاعدة عامة تنص على أن" تبطل كل األعمال‬
‫واألحكام المنافية للنصوص المتعلقة بالنظام الع ام أو القواع د اإلجرائي ة‬
‫األساسية أو لمصلحة المتهم الشرعية‪ ".‬ويبقى هذا الفصل األساس في مراقبة‬
‫محكمة التعقيب لجميع الشكليات الواردة في مجلة اإلجراءات الجزائية‪ ،‬على‬
‫اص‪،‬‬ ‫أنه يجب التميز بعناية بين الشكليات التي لها عالقة بالنظام ( اختص‬
‫‪ - 1‬األستاذ العجمي بالحاج حمودة‪ ،‬دائرة االتهام ‪ /‬ص ‪ ،211‬ملتقى حول االستئناف‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬تونس ‪.1993‬‬

‫‪81‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫تي يمكن‬ ‫تنظيم قضائي ) واإلجراءات األساسية ( إجراءات المحكمة ) وال‬


‫أن تؤدي إلى بطالن األحكام أو القرارات بدون ضرر وحق ال دفاع وعلى‬
‫محكمة التعقيب أن تميز بين الحاالت وتطمئن لوجود الضرر توصال لنقض‬
‫القرار المنفذ بناءا على خرق حق الدفاع(‪.)1‬‬
‫لقد اعتبر فقه القضاء التونسي أن البطالن يكون وجوبي ا عن دما يك ون‬
‫اإلخالل يهم قاعدة متعلقة بالنظام العام‪ ،‬ويكون نسبيا إذا ك ان اإلخالل يهم‬
‫قاعدة متعلقة بمصلحة المتهم الشرعية‪ ،‬أما إذا تعلق األمر بالقواعد اإلجرائية‬
‫بيا‬ ‫األساسية فإن البطالن الناجم عن خرقها يكون تارة وجوبيا وأخرى نس‬
‫وذلك حسب طبيعة القاعدة اإلجرائية(‪.)2‬‬

‫وقد اعتبرت محكمة التعقيب على هذا األساس أن خرق القواع د المتعلق ة‬
‫بأداء اليمين ال يؤدي إال إلى البطالن النسبي(‪.)3‬‬

‫أما بالنسبة لإلجراءات المتعلقة بالمحكمة فالعديد منها يهم النظام العام ومنها‬
‫وجوبية استدعاء المتهم لحضور أطوار المحاكمة وإحض اره في ص ورة‬

‫‪ -‬الدكتور علي كحلون‪ ،‬دروس في اإلجراءت الجزائية ن طبعة ‪ ،2009‬ص ‪.358‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي‪ ،‬عدد ‪ 1722‬ن مؤرخ في ‪ 14‬جوان ‪ 1962‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج‬ ‫‪2‬‬

‫سنة ‪ ،1963‬ص‪.130‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي‪ ،‬عدد ‪ 670‬مؤرخ في ‪ 30‬جويلية ن‪ .‬م‪.‬ت‪ .‬ق‪ .‬ج لس نة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪.1963‬‬

‫‪82‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫إيقافه وذلك تكريسا لمبدأ المواجهة‪ ،‬كذلك وجوبية تمثيل المتهم لدى الدائرة‬
‫الجنائية بواسطة محامي(‪.)1‬‬

‫‪-‬خرق قواعد اإلثبات ‪:‬‬


‫المبدأ هو أن قواعد اإلثبات محمولة على القاضي لكن تختل ف في الم ادة‬
‫المدنية القاضي مقيدا بوسائل اإلثب ات ح ددها الق انون من حيث الن وع‬
‫والحجة‪ ،‬أما في المادة الجزائية‪ ،‬فتقدير القاضي لحجة الوسائل تعود لتقديره‬
‫الشخصي حسب وجدانه الخالص‪ ،‬وهذا ما كرس ه فق ه القض اء(‪ ،)2‬لكن‬
‫اإلثبات في المادة الجزائية يبقى خاضعا لقيود تحدد حريته وق د اعت برت‬
‫محكمة التعقيب في هذا اإلطار أنه " ال يمكن للقاضي أن يب ني حكم ه إال‬
‫على حجج قدمت أثناء المرافعة وتم التناقش فيها أمامه ش فويا وبمحض ر‬
‫جميع الخصوم‪ ،‬تأسيسا على ذلك فإن الحكم الذي يسند على وثائق لم تتمكن‬
‫النيابة العمومية من اإلطالع عليها ومناقشتها ويبقى قضاءه عليه ا يعت بر‬
‫مخالفا لقواعد اإلجراءات األساسية الواردة بالفصل ‪ 151‬التي يقع التمس ك‬
‫بها في كل درجة من درجات المرافعات لمساسها بقواعد النظام العام ويبطل‬
‫بها الحكم‪.‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 15467‬مؤرخ أكتوبر ‪ 1985‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج عدد ‪ 1‬لسنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1986‬ص ‪.95‬‬
‫‪ - 2‬قرارا تعقيبي جزائي عدد ‪ 5967‬مؤرخ في ‪ 7‬أوت ‪ ،1968‬ن‪.‬م‪.‬ت سنة ‪،1968‬‬
‫ص ‪.223‬‬

‫‪83‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أما فقه القضاء الفرنسي فقد اعتبر أنه إذا تطلب القانون إلثبات جرائم معينة‬
‫بالحجة الكتابية فال يجوز للقاضي أن يعتمد الشهادة(‪.)1‬‬

‫‪-‬خرق واجب التعليل ‪:‬‬


‫يعتبر واجب التعليل من القواعد المتعلقة بالنظام العام(‪ ،)2‬ويتخذ خرق واجب‬
‫التعليل شكل إحدى هذه الصور الثالثة‪ ،‬إما أن يك ون التعلي ل مفق ودا أو‬
‫ضعيفا أو متناقضا‪.‬‬

‫ا من‬ ‫‪-‬فقدام أو انعدام التعليل‪ :‬يبرز فقدام التعليل عندما يكون الحكم خالي‬
‫مستندات واقعية وقانونية مبرزة للحكم الذي توصلت إليه المحكم ة ك أن‬
‫يتعلق األمر بإغفال المحكمة عن بيان مدى توفر أركان الجريمة أو عرض‬
‫وقائع القضية(‪.)3‬‬
‫كما اعتبر فقه القضاء أن عدم اإلجابة على دفع جوهري مستند على وثائق‬
‫طبية مثال يعتبر من انعدام أو فقدان التعليل الموجب للنقض(‪.)4‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Cass 17 Novembre 1955. B.n° : 493.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ - 3‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 2066‬مؤرخ في ‪ 21‬جوان ‪.1978‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ 1978 ،‬ص‬


‫‪.286‬‬

‫‪84‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫‪-‬ضعف التعليل‪ :‬على عكس فقدان التعليل فإن ضعف التعلي ل يتمث ل في‬
‫إسناد المحكمة لتعليل حكمها على مستندات يكتنفها الغموض أو النقصان مما‬
‫يحجب عن محكمة التعقيب حقها في الرقابة على تطبيق القانون وه ذا م ا‬
‫أكدته محكمة التعقيب في أحد قراراتها(‪.)1‬‬

‫‪-‬التناقض بين العلل ‪ :‬يعتبر عيب شكلي ويفيد أن تكون األسباب التي يقوم‬
‫ك‬ ‫عليها الحكم ما غير متناسقة‪ ،‬متضاربة أي أن يكون القرار غير متماس‬
‫ة‬ ‫األجزاء وذلك في صورة وجود تناقض مع بين مستندات القرار والنتيج‬
‫التي انتهى إليها(‪.)2‬‬

‫ب ‪ -‬مخالفة القواعد الموضوعية‪:‬‬


‫رهم‬ ‫لقد نص الفصل ‪ 258‬من م‪.‬إ‪.‬ج على أنه" يسوغ لألشخاص اآلتي ذك‬
‫القيام بطلب تعقيب األحكام والقرارات‪....‬بناء على‪....‬أو خرق الق انون أو‬
‫الخطأ في تطبيقه "‪.‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 67061‬مؤرخ في ‪ 1‬نوفمبر ‪ 1995‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج‪ .‬سنة‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،1995‬ص ‪.78‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي ‪ 2809‬مؤرخ في ‪ 23‬سبتمبر ‪ 1964‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬سنة ‪1964‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.103‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 57515‬مؤرخ في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1994‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬ق‪.‬ج سنة‬
‫‪ ،1994‬ص ‪.117‬‬

‫‪85‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫و يفهم من هذا النص هو أن خرق هذه القاعدة ومخالفتها يمث ل وجه ا من‬
‫أوجه الطعن ويتمثل الخرق في ثالث حاالت إما أن يكون في تفسير القانون‬
‫أو في الخطأ في تطبيقه سواء على مستوى التجريم أو على مستوى العقاب‪.‬‬

‫‪-‬الخطأ في تأويل القانون الجنائي ‪:‬‬


‫الخرق للقواعد الموضوعية للقانون الجنائي يمكن أن يقع عن طريق الخطأ‬
‫في التأويل ويتخذ هذا األخير عدة أشكال ن فقد يتمث ل الخ رق في رفض‬
‫تطبيق النص القانوني الواضح والذي ال يحتاج إلى تفسير أو تأويل لواقع ة‬
‫معينة أو يقع تطبيق نص قانوني واضح لكن ال يتكيف مع الوق ائع‪ ،‬وهن ا‬
‫يكون خطأ في تكيف األفعال‪.‬‬

‫اح وال‬ ‫عندما تقضي المحكمة بعدم سماع الدعوى على أساس أن الفعل مب‬
‫ينطبق عليه نص القانون والحال أن الفعل مجرم‪ ،‬فهذا ترفع النيابة العمومية‬
‫طعنا بالتعقيب تطلب فيه إلغاء حكم بالبراءة وتط بيق نص وص الق انون‬
‫وتوقيع العقوبة الالزمة(‪.)1‬‬

‫في صورة وضوح النصوص التشريعية ولكن عندما تكون غامضة وغ ير‬
‫واضحة فإنه يقع االلتجاء إلى التفسير الضيق للنص الجنائي وهو مبدأ يقوم‬
‫عليه القانون الجنائي‪ ،‬ويقوم مبدأ التفسير الضيق للنص على خضر القياس‬
‫وااللتجاء إليه قي المادة الجزائية ألن ذلك يساعد على خلق جرائم جديدة لم‬
‫يقصدها المشرع والذي يتعارض مع مبدأ الشرعية‪،‬‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.76‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪86‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫فال يجوز محاكمة إال األفعال المحدد في القانون‪ ،‬فالقاض ي ال يمكن ه أن‬
‫يقيس أو يتالفى النقص أو السكوت الموجود بالقانون أو يوسع في الحاالت‬
‫المحددة بصورة حصرية في نصوصه(‪.)1‬‬

‫و"‬ ‫أما عند ما يكون النص غامضا‪ ،‬في هذه الصورة إن القاعدة العامة ه‬
‫ترجيع التفسير الذي يحقق مصلحة المتهم وهي قاعدة اتفق عليها أن الش ك‬
‫يجب أن يفسر لمصلحة المتهم وذلك ألن األصلي األشياء اإلباح ة ف إن لم‬
‫يستطع القاضي الجزم بما يخالف ذلك تبين اعتبار الفعل مباحا "(‪.)2‬‬

‫‪-‬الخطأ في تطبيق نصوص التجريم ‪:‬‬


‫يقوم القاضي الجزائي بالتأكد من األفعال والوقائع المرتكبة من قبل المتهم ثم‬
‫يكيفها تكييفا يتناسب مع القانون الجنائي‪ ،‬لكن العملية التي يقوم بها القاضي‬
‫ذه‬ ‫الجزائي عند تعهده بالوقائع ال تخضع لرقابة محكمة التعقيب ذلك أن ه‬
‫األخيرة ليست درجة ثالثة من درجات التقاض ي ب ل إن عملي ة التحق ق‬
‫ومراجعة الوقائع التي من اختصاص قاضي األصل(‪.)3‬‬
‫أما عملية التكيف القانوني للوقائع فهي المرحلة التي ينتهي فيها القاضي إلى‬
‫قيام العالقة بين الوقائع والقانون فيختار القالب الذي يتطابق مع مفهومه "(‪.)4‬‬

‫‪ -‬األستاذ محمد الهادي األخوة‪ ،‬دروس في القانون الجنائي‪ ،1980 ،‬ص ‪.24‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬األستاذ محمد الهادي األخوة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.77‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪87‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫التكيف القانوني لألفعال إذن هو الذي يميز بين الجرائم وقد ح دد الق انون‬
‫الجنائي الجرائم وعقوبتها‪ ،‬وقد ذهب الشراح الفرنس يون إلى أن محكم ة‬
‫التعقيب ال يمكن لها مراقبة التكيف إال إذا تعلق األمر بجرائم وقع تعريفه ا‬
‫من قبل المشرع‪ .‬أما التي لم يقع تعريفها فال شأن لمحكم ة التعقيب به ا‪،‬‬
‫وكتب بريس منذ ‪ " 1822‬إن القض اة هم الحك ام الحقيق يين في حكمهم‬
‫فيمكنهم أن يفصلوا في كل الذي لم يقع فص له بالق انون وليس لهم إال أن‬
‫يتبعوا قناعتهم "(‪.)1‬‬

‫ا على‬ ‫و لقد اعتبر فقه القضاء الفرنسي أن محكمة التعقيب تمارس رقابته‬
‫تكييف أركان الجريمة الثالث‪ ،‬الركن الشرعي والمادي والمعنوي(‪.)2‬‬
‫ة‬ ‫على مستوى الركن الشرعي للجريمة‪ :‬قد يقع خرقه عندما يكون للجريم‬
‫عدة أوصاف في هذه الصورة ال بد من األخذ ب التكيف الج رمي األش د‬
‫وتطبيق العقاب األشد(‪.)3‬‬

‫أما على مستوى الركن المادي فإن رقابة محكمة التعقيب يكون في جريم ة‬
‫المواقعة مثال تراقب مفهوم اإليالج(‪.)4‬‬

‫‪ - 4‬الهادي الجديدي سلطة محكمة التعقيب في تقرير الخطأ الجزائي‪ ،‬ـعمال ملتقى‬
‫التعقيب كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس من ‪ 4‬إلى ‪ 17‬أفريل ‪ ،1988‬ص‬
‫‪.420‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Jacqu Boré , op,cit,page 765‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Crim 28 janvier 1969 Bull.n°51‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 68831‬مؤرخ في ‪ 11‬ديسمبر ‪ 1993‬ص ‪.131‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪88‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫و أخيرا على مستوى الركن المعنوي فإذا كان للقاضي سلطة تقديرية مطلقة‬
‫في استخالص الركن القصدي وال معقب علي ه في ذل ك إال أن محكم ة‬
‫التعقيب يمكن لها أن تمارس رقابة حقيقية وإن ك ان ذل ك متخ ذا لتعل ة‬
‫التناقض في اإلثبات(‪.)1‬‬

‫‪-‬الخطأ في تطبيق نصوص العقاب ‪:‬‬

‫يعتبر فقه القضاء التونسي أنه ال يؤاخذ شخص لجريمة ارتكبه ا غ يره(‪،)2‬‬
‫وهذا ما يطلق عليه مبدأ شخصية العقوبة يجعل القاضي مجبرا على تطبيق‬
‫العقوبة المنصوص عليها بالقانون وهي تلك التي نص عليها الفصل الخامس‬
‫من المجلة الجنائية وبالتالي ال يجوز الحكم بعقوبة وق ع إلغائه ا والق رار‬
‫المخالف للقانون يكون عرضه للنقض‪.‬‬
‫أما فيما يخص ظروف التخفيف والتسديد واإلعفاء فق د نظمه ا الق انون‬
‫وظروف التخفيف هي التي من شأنها أن تخفف من العق اب وهي قانوني ة‬
‫منصوصا عليها قانونيا وتستوجب تخفيف العقوبة كالعذر ال وارد بالفص ل‬
‫‪ 207‬م‪.‬إ‪.‬ج قبل إلغاءه‪ ،‬أما القضائية وهي التي تعود إلى تق دير القاض ي‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 6197‬مؤرخ في ‪ 2‬ماي ‪ 1995‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪ 1995‬ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪.199‬‬
‫‪1‬‬
‫‪- Boré , op.cit.p.777‬‬
‫‪ - 2‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 38487‬مؤرخ في ‪ 6‬ماي ‪ 1991‬ن‪.‬م‪.‬ت سنة ‪1991‬‬
‫ص ‪.158‬‬

‫‪89‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫وحده وقد جاء بها الفصل ‪ 53‬من م‪.‬ج‪ .‬إذن فظروف التخفيف القضائية هي‬
‫من أنظار سلطة القاضي وحده وال معقب عليه في ذلك(‪.)1‬‬
‫أما ظروف التسديد وهي التي تؤدي إلى االرتفاع في العقوبة ب ه‪ ،‬فال يمكن‬
‫اعتمادها إال بمقتضى نص قانوني مثال العود(‪.)2‬‬

‫أما اإلعفاء من العقوبة فقد نص الفصل ‪ 65‬م‪.‬ج الفرنسية أنه ال عذر بدون‬
‫نص في القانون التونسي ال يوجد نص عام بل وردت أسباب اإلعفاء متعددة‬
‫اني‬ ‫مثال الفصل ‪ 80‬و‪ 93‬من المجلة الجنائية‪ ،‬وهي تنص على إعفاء الج‬
‫في صورة الكشف عن بعض أن واع الج رائم قب ل حص ول التتبع ات‬
‫ومرتكبيها‪.‬‬

‫خالصة الجزء األول‪:‬‬

‫إن إجراءات التعقيب الجزائي لها خصوصيات تجعلها متم يزة عن بقي ة‬
‫ع إلى‬ ‫طرق الطعن األخرى سواء على صعيد نطاق ممارستها التي تخض‬
‫قواعد خاصة ذلك أن التعقيب الجزائي يتسلط على أحكام نهائية الدرجة‪ ،‬وال‬
‫يمارسه إال من له صفة في الطعن وله مصلحة في ذلك فهو ال يم ارس إال‬
‫في أحوال تتعلق بخرق القوانين‪ ،‬وهذا ما يجع ل إجراءات ه تختل ف عن‬
‫إجراءات االستئناف‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ 31754‬مؤرخ في ‪ 29‬ماي ‪ 1991‬ن‪.‬م‪.‬ت‪.‬سنة ‪1991‬‬


‫‪،‬ص ‪.30‬‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 50‬م‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪90‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ألن هذا األخير يقوم ويتسلط على أسباب قانونية وواقعية باعتب اره درج ة‬
‫ثانية من دراجات التقاضي‪.‬‬
‫فالتعقيب الجزائي يكون إال إذا وجد خرق للقانون إضافة إلى رفعه يخض ع‬
‫إلى شروط إجرائية خاصة خاصة ودقيقة سواء كانت على مستوى اآلج ال‬
‫أو تقديم العريضة أو تامين الخطية‪ ،‬كل هذه الشروط تكرس ص بغة الطعن‬
‫االستثنائية‪.‬‬
‫إن هذه المميزات والخصوصيات التي يتمتع الطعن بالتعقيب الجزائي سوف‬
‫تمتد لتتضمن اآلثار الناجمة عن هذا الطعن على الحكم الجزائي وقد تك ون‬
‫أثار ناجمة على مستوى تقديم عريض ة الطعن أو على مس توى الس لطة‬
‫الممنوحة المحكمة التعقيب للنظر في الطعن‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الجزء الثاني آثار إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫‪92‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫إن الطعن بالتعقيب في األحكام الجزائية هو طريق غير عادي فعلى ال رغم‬
‫من خصوصية من ميزة إجراءاته فان ذلك ال يمنعه من ترتيب آثار معين ة‬
‫وهي بالتالي تكون مختلفة عن غيره من طرق الطعن العادية‪ ،‬فاالس تئناف‬
‫من شانه أن يعلق تنفيذ الحكم المطعون فيه وينقل الدعوى إلعادة النظر فيها‬
‫واقعا وقانونا‪ ،‬أي أن له مفعول انتقالي االستئناف‪ ،‬نجد أن التعقيب ال يعلق‬
‫و‬ ‫التنفيذ مبدئيا وال ينقل الدعوى بصفة مطلقة‪ ،‬وكل ما يقوم به التعقيب ه‬
‫المراجعة من الناحية القانونية‪ ،‬كما محكمة التعقيب ب النقض واإلحال ة إلى‬
‫محاكم األصل للنظر مجددا في الدعوى إذا كان ما يستوجب النظر (‪.)1‬‬
‫لذا يمكن أن نتعرض لدراسة رفع الطعن ( الفصل األول) وآث ار الق رار‬
‫التعقيبي ( الفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬آثار رفع مطلب الطعن بالتعقيب‪:‬‬


‫إن تقديم عريضة الطعن إلى كتابة المحكمة التي أصدرت الحكم المطع ون‬
‫فيه ال بد أن تنتج أثارا هامة سواء كانت على مستوى تنفيذ الحكم ( المبحث‬
‫األول) أو على مستوى المفعول االنتقالي للطعن بالتعقيب ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬األثر على تنفيذ الحكم‪:‬‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪93‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫عمال بإحكام الفصل ‪ 265‬م‪.‬إ‪.‬ج الذي ينص على أن" الطعن ال يوقف تنفيذ‬
‫ق‬ ‫الحكم المطعون فيه إال في صورة الحكم باإلعدام أو إذا كان األمر يتعل‬
‫بحكم قاضي بإتالف حجة مرمية بالزور أو بمحو آثاره أو ببطالن الزواج"‪.‬‬
‫المبدأ إذن هو أن التعقيب ال يوقف التنفيذ ( فق رة أولى) لكن هن اك بعض‬
‫االستثناءات ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المبدأ التعقيب ال يوقف التنفيذ‪:‬‬


‫عمال بأحكام الفصل ‪ 265‬م‪.‬إ‪.‬ج نالحظ أن هنا الفصل جاء بمبدأ عام تبن اه‬
‫المشرع في المجال اإلجرائي لذا يتعين علينا عرض هذا المبدأ( أ) ثم تناول‬
‫تبريرات هذا المبدأ(ب)‪.‬‬

‫أ ‪ -‬عرض المبدأ‪:‬‬
‫القاعدة في مادتي االعتراض واالس تئناف إن الطعن يوق ف تنفي ذ الحكم‬
‫المطعون فيه (‪ ،)1‬أما بالنسبة للتعقيب فإنه يواصل التنفيذ‪.‬و ذلك عالوة على‬
‫طبيعة الحكم المطعون فيه‪.‬‬
‫يعتبر عدم وقف التنفيذ بالنسبة للطعن بالتعقيب امتداد لما كان معمول به في‬
‫قانون المرافعات الجنائية قبل دخول مجلة اإلجراءات الجزائية حيز التنفيذ‪،‬‬
‫إذ نص الفصل ‪ 173‬منها على أن مطلب التعقيب ال يوقف التنفيذ كما نج د‬
‫هذا المبدأ في المادة المدنية ذلك أن رفع الطعن بالتعقيب ال يوق ف تنفي ذ‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 214‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪94‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ادرة‬ ‫الحكم المطعون فيه (‪ .)2‬كما يشمل هذا المبدأ األحكام والقرارات الص‬
‫بصفة نهائية‪.‬‬
‫و تجدر اإلشارة إلى أن تشريعنا يختلف في هذا اإلطار عن نظيره الفرنسي‬
‫الذي وضع في الفصل ‪ 569‬م‪.‬إ‪.‬ج مبدأ يقض ي بتعلي ق تنفي ذ األحك ام‬
‫ك‬ ‫والقرارات عند الطعن فيها بالتعقيب‪ ،‬وقد كرس فقه القضاء الفرنسي ذل‬
‫في عدة قرارات (‪.)1‬‬

‫و هذا يهني أن تشريعنا والتشريع المصري درج نفس االتجاه‪ ،‬إذ لم يجعال‬
‫للطعن بالتعقيب أثرا موقف للتنفيذ‪ .‬كما ذهب المشرع الجزائ ري ض من‬
‫المادة ‪ 499‬من قانون اإلجراءات الجزائية إلى أنه يوقف تنفيذ الحكم خالل‬
‫ميعاد الطعن‪.‬‬
‫إن قصد المشرع التونسي من جعل الطعن غ ير م ؤثر على تنفي ذ الحكم‬
‫اره‬ ‫المطعون فيه يعود إلى تدعيم الطبيعة االستثنائية للطعن بالتعقيب باعتب‬
‫طعنا مرفوعا إلى محكمة قانون‪ .‬وبالتالي تجنب المحكوم عليهم اإلفراط في‬
‫رفع الطعن غير جدية لمجرد تعطيل تنفيذ الحكم (‪.)2‬‬

‫ما يمكن استخالصه هو أن هناك اتج اهين مختلفين‪ ،‬األول ال يجع ل من‬
‫الطعن بالتعقيب أثرا تعليقيا من حيث المبدأ وهو اتجاه المش رع التونس ي‬
‫والمصري‪ ،‬أما االتجاه الثاني تبنى العكس حيث جعل من الطعن أثرا تعليقيا‬

‫‪ -2‬الفصل ‪ 194‬من م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت‪.‬‬

‫‪-. Crim, 6 février 1959, Bull, n°136.‬‬


‫‪1‬‬

‫‪ -2‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.121‬‬

‫‪95‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫للتنفيذ وهو المشرع الفرنسي والجزائري (‪ .)1‬لكن تبنى المشرع التونسي هذا‬
‫المبدأ وفق تبريرات‪.‬‬

‫ب – مبررات المبدأ‪:‬‬
‫إن عدم منح المشرع التونسي األثر التعليقي للطعن ب التعقيب ه و ت دعيم‬
‫للطبيعة االستثنائية للطعن بالتعقيب باعتبار وأن محكمة التعقيب ليست درجة‬
‫ثالثة من درجات التقاضي فهي تتعهد بمراقبة ومراجع ة ص حة تط بيق‬
‫القانون وال تخوض في الوقائع واألصل‪ ،‬فالمشرع منح الطرق العادية األثر‬
‫التوقيفي‪ ،‬أما الطرق غير العادية فلم يمنحها هذا األثر من جهة أولى‪.‬‬
‫و من جهة أخرى أن تعطيل تنفيذ األحكام بعد أن أصبحت نهائية خاصة أن‬
‫األمر يتعلق بأحكام جزائية‪ .‬فليس من المصلحة تعليق تنفيذ حكم نهائي على‬
‫الفصل في طعن غير عادي نفس الشئ بالنس بة لتنفي ذ الحكم في الم ادة‬
‫المدنية(‪.)2‬‬
‫و لذا فإن القانون المصري يرى ان إقرارهذا المبدأ ق د ال يه دف إال إلى‬
‫المماطلة فنجده في سنة ‪ 1900‬يقر بأن الطعن بطري ق النقض ال يوق ف‬
‫التنفيذ اال في حالة الحكم باالعدام‪.‬‬
‫لكن أدخل مجلس شورى للقوانين تعديال يقضي بوجوبية إيقاف التنفي ذ لكن‬
‫المصري يرى أن نتائج أمر ‪ 29‬نوفمبر ‪ 1900‬كانت سلبية ذلك ارتفع عدد‬

‫‪ -1‬المادة ‪ 499‬من قانون اإلجراءات الجزائية‪ ،‬التشريع الجزائري‪.‬‬

‫– الدكتور رؤف عبيد‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجنائية في الق انون المص ري الطبع ة‬ ‫‪2‬‬

‫التاسعة ‪ 1972‬مطبعة النهضة مصر بالفجالة‪ ،‬ص ‪.769‬‬

‫‪96‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الطعون ورفعها يكون إال للمماطلة‪ ،‬واستقر المشروع الص ادر في الم ادة‬
‫‪ 231‬من قانون تحقيق الجنايات على إيقاف تنفي ذ الحكم ال يك ون إال إذا‬
‫الحكم صرا باإلعدام (‪.)1‬‬

‫المشرع التونسي عندما اعتمد اتجاه يقوم على أساس المبدأ العام القائل ب أن‬
‫الطعن بالتعقيب في المادة الجزائية ال يوقف التنفيذ كان هدفه اإلسراع بتنفيذ‬
‫األحكام بعدما أصبحت نهائية‪ ،‬فاألمر يتعل ق بأحك ام جزائي ة فليس من‬
‫المصلحة تعليق تنفيذ حكم نهائي على الفصل في طعن غير عادي سواء يهم‬
‫الجانب الجزائي أو المدني إذا جاء فيها الطعن بالنقض (‪.)2‬‬

‫إضافة إلى أن إقرار وقف التنفيذ في الطعن بالتعقيب يؤدي إلى اإلفراط من‬
‫جانب أطراف الخصومة إلى رفع الطعن بدون أسباب جّدية وهذا يس ام في‬
‫المماطلة واإلطالة في تنفيذ األحكام (‪.)3‬‬
‫و لذا كان األجدر بالمشرع التونسي أن يتبع مسلك القانون الفرنسي ويضع‬
‫تثناءات‬ ‫أثرا تعليقي لتنفيذ الحكم عند الطعن بالتعقيب‪ ،‬لكن نجد بعض االس‬
‫لهذا المبدأ‪.‬‬

‫– زكي العرابي باشا‪ ،‬المبادئ األساسية للتحقيقات و اإلج راءات الجنائي ة‪ ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.535‬‬
‫– رؤف عبيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.769‬‬ ‫‪2‬‬

‫– –حمادي العرابي‪ ،‬تعقيب قرارات دائرة االتهام‪ ،‬كلية الحقوق و العلوم السياسية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫بتونس‪ ،‬ص ‪.86‬‬

‫‪97‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫لذا نجده يجرنا إلى التعرض إلى معرفة االستثناءات الواردة على هذا المبدأ‬
‫موضوع الفقرة الثانية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االستثناءات‪:‬‬


‫ة‬ ‫لقد عّر ف المبدأ أن التعقيب ال يوقف التنفيذ عّدة استثناءات وردت متفرق‬
‫منها ما ورد بمجلة اإلجراءات الجزائية‪ (،‬أ) والبعض األخ ر ورد خ ارج‬
‫المجلة (ب)‪.‬‬

‫أ ‪ -‬االستثناءات الواردة ضمن مجلة اإلجراءات الجزائية‪:‬‬


‫وردت هذه االستثناءات على المبدأ المقر ب أن التعقيب ال يوق ف التنفي ذ‬
‫ذ الحكم‬ ‫بالفصل ‪ 265‬م‪.‬إ‪.‬ج حيث ينص أن" الطعن بالتعقيب ال يوقف تنفي‬
‫المطعون فيه إال في صورة الحكم باإلعدام أو إذا كان األم ر يتعل ق بحكم‬
‫قاضي بإتالف حجة مرمية بالزور أو بمح و آثاره ا ببطالن زواج‪ ".‬إذن‬
‫وردت حاالت مختلفة بهذا الفصل سنتولى دراستها‪.‬‬

‫الحكم باإلعدام‪ :‬هذه العقوبة هي سالبة للحرية ل ذا اقتض ى الفص ل ‪265‬‬


‫م‪.‬إ‪.‬ج تعليق تنفيذ تنفيذ هذا الحكم إلى حين النظر في القض ية وإن أي دت‬
‫محكمة التعقيب الحكم باإلعدام‪ ،‬فقد أوجب الفصل ‪ 342‬م‪.‬إ‪.‬ج أنه إذا صدر‬
‫دل‬ ‫حكم اإلعدام فإنه يقع إعالم الوكيل العام للجمهورية به كاتب الدولة للع‬

‫‪98‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الذي يعرضه على رئيس الجمهورية لممارسة حقه في العفو مع العلم انه ال‬
‫يمكن تنفيذ إال إذا لم يمنح العفو(‪.)1‬‬
‫و قد أخل المشرع المصري هذا االستثناء في تشريعه اإلجرائي إذا اعت بر‬
‫أن إيقاف التنفيذ في هذه الحالة يكون وجوبي (‪.)2‬‬
‫الحكم بإتالف حجة مرمية بالزور أو بمحو أثارها‪ :‬عند الطعن بالتعقيب في‬
‫هذا الحكم فإنه يقع تعليق تنفيذ هذا الحكم إال حين النظر في مطلب التعقيب‪.‬‬
‫ويعود ذلك إلى أن إتالف الحجة أو مح و آثاره ا من ش أنه أن يمس من‬
‫استقرار األوضاع‪.‬‬
‫الحكم ببطالن الزواج‪ :‬عند صدور حكم جزائي يقضي ببطالن الزواج‪ ،‬فإن‬
‫الطعن بتعقيب هذا الحكم يوقف التنفيذ إلى حين البت في القضية سواء كانت‬
‫قضية تعدد الزوجات أو الزواج على خالف الصيغ القانونية‪.‬‬
‫ة‬ ‫لكن اإلشكال يكمن في أن إيقاف التنفيذ هل يشمل بطالن الزواج والعقوب‬
‫الجزائية معا؟‬
‫بالرجوع إلى أحكام الفصل ‪ 265‬م‪.‬إ‪.‬ج نجد أن وقف التنفي ذ ال يش مل إال‬
‫الحكم ببطالن الزواج فقد ذلك أن هذا األمر يتعلق باس تثناء وبالت الي فال‬
‫يمكن التوسع فيه ونجعل من العقوبة الجزائية تحضى بإيقاف التفيذ‪.‬‬
‫االستثناء الوارد بالفصل ‪ 337‬م‪.‬إ‪.‬ج ينص هذا الفصل على أن ه" يس وغ‬
‫(‪)3‬‬
‫وفي األحوال الخط يرة واالس تثنائية أن يمنح‬ ‫للوكيل العام للجمهورية‬
‫دل‬ ‫المحكوم عليه غير الموقوف تأجيل تنفيذ العقاب ويعلم كاتب الدولة للع‬
‫فورا ذلك‪".‬‬
‫– حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪1‬‬

‫– المادة ‪ 469‬من قانون االجراءات الجنائية‪ ،‬التشريع المصري‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪99‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ة‬ ‫ما تجدر اإلشارة إليه في هذا الفصل هو أن تأجيل التنفيذ يهم فقط العقوب‬
‫أي الجانب الجزائي من الحكم دون الجانب المدني الذي يتواصل التنفيذ فيه‪.‬‬
‫و تأجيل التنفيذ معلق على شرطين‪ ،‬األول أن يكون المحكوم علي ه غ ير‬
‫وال‬ ‫موقوف‪ ،‬أما إذا كان موقوف فال يجوز ذلك‪ ،‬والثاني يتعلق بوجود أح‬
‫خطيرة واستثنائية‪.‬‬

‫لكن المشرع في الشرط الثاني لم يحدد ما المقص ود ب األحوال الخط يرة‬


‫واالستثنائية‪ ،‬ربما هذا الغموض والسهو يفتح مجال للتوسع في دائرة تأجيل‬
‫األحكام‪.‬‬

‫إن االستثناءات التي وردت على مبدأ أن التعقيب ال يوق ف التنفي ذ لم تكن‬
‫حرا على مجلة االجراءات الجزائية بل نجد قوانين خاص ة وخ ارج عن‬
‫إطار هذه المجلة تبنت فكرة أن التعقيب يوقف التنفيذ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬االستثناءات خارج االجراءات الجزائية‪:‬‬


‫ل‬ ‫كّر ست كل من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية ومجلة حماية الطف‬
‫االستثناء القائم على أن التعقيب يوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه‪.‬‬

‫نة ‪1987‬‬ ‫‪-‬حذفت خطة الوكيل العام للجمهورية بمقتضى القانون عدد‪ 80‬لس‬ ‫‪3‬‬

‫المؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر‪ ،1987‬أسندت اختصاصاتها القضائية للوكالء الع امين ل دى‬


‫محاكم االستئناف‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫األحكام الواردة عن القضاء العسكري‪ :‬نص الفصل ‪ 35‬من م‪.‬م‪.‬ع‪.‬ع على‬


‫أن " التعقيب يوقف التنفيذ‪".‬‬
‫ما يالحظ مبدئيا هو أن االحكام العسكرية تصدر جميعها نهائي ة وال تقب ل‬
‫االستئناف‪ ،‬غير أن الطعن بالتعقيب ال يوقف التنفيذ إذا كان المحكوم علي ه‬
‫في حالة إيقاف‪.‬‬
‫ونظرا لخصوصية الفضاء العسكري التي يتميز بها يضعنا المشرع أمام هذا‬
‫ذ‬ ‫االشتثناء بأن تعقيب االحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية توقف التنفي‬
‫إال إذا كان المحكوم عليه بحالة سراح‪.‬‬

‫االحكام الواردة بالسجن في حق الطفل‪ :‬نص الفصل ‪ 106‬م‪.‬ح‪.‬ط على أن‬


‫ذا‬ ‫طلب التعقيب يوقف التنفيذ إذا كان الحكم صادر بعقاب السجن‪ ".‬يفيد ه‬
‫الفصل أن االحكام القاضية بعقوبة سجن الطفال‪ ،‬فإن الطعن فيها ب التعقيب‬
‫يوقف التنفيذ‪ ،‬أما في صورة حكم ضد الطفل يقضي بعقوب ة غ ير س البة‬
‫للحرية‪ ،‬كالحكم بوضع الطفل بإحدى مراكز االصالح‪ ،‬أو خطي ة مالي ة‪،‬‬
‫فالطعن في هذه االحكام ال يوقف التنفيذ (‪.)1‬‬
‫و قد أورد المشرع هذا االستثناء مراعيا في ذلك مصلحة الطف ل الفض لى‬
‫ة‬ ‫حتى يقع إعادة النظر في الحكم القاضي بالسجن مع العلم أن هذه العقوب‬
‫تطبق في الجرائم ذات الصبغة الجنائية (‪.)2‬‬
‫كل هذه االستثناءات الواردة على المبدأ القائم على أن التعقيب يوقف التنفيذ‬
‫تمثل األثر األول لرفع الطعن لكن يحتوي هذا الطعن على أثر ثاني‪.‬‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.118‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.124‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪101‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫المبحث الثاني "االثر االنتقالي" للطعن بالتعقيب‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫يمكن للمحكمة التعقيب من التعه د‬ ‫إن الطعن بالتعقيب له مفعول انتقالي‬
‫بالحكم موضوع الطعن‪ ،‬إن كان هذا االث ر متس عا وش امال في ج انب‬
‫االستئناف‪ ،‬فإنه في الطعن بالتعقيب يبدو أقل إتساعا وغير مطلق‪.‬‬
‫لكن نرى أن محكمة التعقيب على خالف محكمة االستئناف يمكن أن تتعهد‬
‫بموضوع الطعن من جهة (فقرة أولى) وبشخص الطاعن من جه ة ثاني ة‬
‫(فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬تقيد محكمة التعقيب بموضوع الطعن‪:‬‬


‫إن الطعن بالتعقيب له مفعول انتقالي يمكن محكمة التعقيب من تعهد بالحكم‬
‫ويكون هذا التعهد إال على األجزاء المسلط عليه (أ) مع إمكانية امتداد ه ذا‬
‫التعهد(ب)‪.‬‬

‫أ – المبدأ اقتصار التعهد على أجزاء محل الطعن‪:‬‬


‫دود‬ ‫لقد اقتضى الفصل ‪ 269‬م‪.‬إ‪.‬ج أن محكمة التعقيب تنظر في ح‬
‫المطاعن المثارة وهذا ما يجعل محكمة التعقيب مقّيدة بالمطاعن التي يتمسك‬
‫بها الطاعن‪ .‬وقد تبنت محكمة التعقيب هذا المبدأ في العدي د من قراراته ا‬

‫‪ -‬جان دوبالر‪ ،‬مختصر في شرح قانون المرافعات الجنائية التونسي‪ ،‬ص ‪" .692‬‬ ‫‪1‬‬

‫و للقيام بطلب النقض مفعول ثان وهو مفعول االنتقالي‪".‬‬

‫‪102‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫فجاء في أحدهم " أن محكمة التعقيب ليست لها قانونا أن تنظر إال في حدود‬
‫ما يثار لديها من مطاعن وليس لها أن تثير وتنظر في غير ذلك ومن تلقاء‬
‫(‪)1‬‬
‫فالطاعن عدة ما يقوم بتحديد األجزاء التي يسلط عليه ا طعن ه‪.‬‬ ‫نفسها"‪.‬‬
‫زاء‬ ‫وعمال بالمبدأ القائم على أن محكمة التعقيب يقتصر نظرها على األج‬
‫المسلط عليها الطعن وبالتالي ال يمكن لها أن تتوسع ويشمل نظره ا بقي ة‬
‫أجزاء الحكم‪.‬‬

‫و قد كّر س فقه القضاء الفرنسي هذا االتجاه‪ ،‬حيث أك دت محكم ة‬


‫التعقيب الفرنسية في قرارلها صادر بتاريخ ‪ 30‬أكتوبر ‪ 1980‬أن للط اعن‬
‫الذي يرفع الطعن أمام محكمة التعقيب أن يوجه طعنه إلى جمي ع أج زاء‬
‫ون‬ ‫الحكم أو يحدد طعنه بوجه أو جزء من أجزاء الحكم‪ ،‬أو القرار المطع‬
‫فيه ومحكمة التعقيب في الحالة االخيرة ال تتعه د إال ب أجزاء أو األوج ه‬
‫الواردة في الطعن (‪.)2‬‬
‫و االجزاء التي يشملها الطعن تكتسب قوة الشئ المحكوم به وتص بح بات ة‬
‫سواء تعلقت باالجراءات التي لم يقع تحدي دها في الطعن‪ ،‬أو باألش خاص‬
‫الذين لم تشملهم عريضة الطعن (‪.)3‬‬
‫و بناءا عليه فإن تحديد الطاعن لطعنه في الج انب الم دني دون الج انب‬
‫الجزائي‪ ،‬أو العكس فإن كان الحكم القاضي باإلدانة من أجل ع دة ج رائم‬
‫فوجه الطعن إلى الجانب المتعلق ببعض الج رائم دون غيره ا فهن ا ليس‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،13557‬م ؤرخ في ‪ 10‬فيف ري ‪،1987‬ن‪.‬م‪.‬ت‪،‬ق‪.‬ج‬ ‫‪1‬‬

‫لسنة ‪ ،1987‬ص ‪.112‬‬


‫‪ -‬يزيد الرياحي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.95‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.123‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪103‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫للمحكمة أن تنظر في الجانب من الحكم المتعلق بالدعوى العمومية‪ ،‬أم ا إذا‬


‫كان رافع الطاعن هي النيابة العمومية فالمحكمة ال يجوز له ا النظ ر في‬
‫الجانب المدني (‪.)1‬‬

‫و بناءا على ذلك فإن تحديد الطاعن طعنه لمناقشة مسألة معينة في الق رار‬
‫المطعون فيه فإن نظر محكمة التعقيب يقتصر على األجزاء ال تي يس لط‬
‫عليها الطعن‪ ،‬غير أن هذا المبدأ يخضع لالستثناءات يجعل نظ ر محكم ة‬
‫التعقيب يشمل مطاعن لم يقع إثارتها من قبل الطاعن‪.‬‬

‫ب –االستثناء‪ :‬إمتداد سلطة محكمة التعقيب في التعهد‪:‬‬


‫يمكن أن يمتد نظر محكمة التعقيب ويشمل بقي ة أج زاء الحكم أو الق رار‬
‫المطعون فيه ويكون ذلك في حاالت معينة‪.‬‬

‫حالة خرق قواعد النظام العام‪ :‬لقد اقتضى الفصل ‪ 264‬م‪.‬إ‪.‬ج " على الكاتب‬
‫أن يحيل ملف القضية على وكيل الدولة العام لدى محكم ة التعقيب ال ذي‬
‫يتولى بنفسه أو بواسطة أحد المدعين العموميين لدى المحكم ة الم ذكورة‬
‫تحرير ملحوظاته الكتابية وال يثير أي مطعن لم يتمسك به األطراف إال إذا‬
‫كان متعلق بالنظام العام‪".‬‬

‫‪ -‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.146‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪104‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫كما أوجب الفصل ‪ 269‬م‪.‬إ‪.‬ج أن محكمة التعقيب تنظر في حدود المطاعن‬


‫المثارة ويحب عليها أن تثير من تلقاء نفسها عند االقتضاء المطاعن المتعلقة‬
‫بالنظام العام‪".‬‬
‫و من خالل هذه النصوص نت بين أن محكم ة التعقيب يمكن أن يتج اوز‬
‫نظرها المطاعن المثارة أمامها من قبل الطاعن ويكون ذلك عندما يتبين لها‬
‫أن هناك مطاعن تتعلق بالنظام العام‪ ،‬وذلك من تلقاء نفسها‪.‬‬

‫و قد كّر ست محكمة التعقيب هذا االستثناء في عّدة ق رارات‪ ،‬حيث أك دت‬


‫محكمة التعقيب أنه " من مشموالت محكمة التعقيب بوصفها محكمة رقاب ة‬
‫التأمل في الحكم المعقب لمعرفة ما إن كان ب ه أخط اء في اإلج راءات‬
‫األساسية أو خرق النصوص القانونية وبإمكانها إثارتها تلقائيا يترتب عليه ا‬
‫النتائج القانونية المفترضة (‪.")1‬‬

‫كما جاء في قرار آخر أنه " ليس للمحكمة أن تثير من تلقاء نفسها أم را ال‬
‫ة التعقيب‬ ‫يهم النظام العام‪ ")2( ."......‬ما يمكن مالحظته أنه أصبح لمحكم‬
‫إمكانية أن تثير من تلقاء نفسها ما تضمنه الحكم المطعون فيه من اخالالت‬
‫بالنظام العام (‪.)3‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،14159‬مؤرخ في ‪ 15‬أفريل ‪ ،1987‬ن‪.‬م‪.‬ت‪،1987 ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.14‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ ،6708‬مؤرخ في ‪4‬مارس ‪ ،1971‬ن‪.‬ق‪.‬ت‪ ،‬عدد ‪،10‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪، 1971‬ص‪.47‬‬

‫‪ -3‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬

‫‪105‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫كما يمكن لمحكمة التعقيب أن تثير مطعنا متعلقا ببطالن إجراءات التحقي ق‬
‫إذا خالفت النظام العام (‪.)1‬‬
‫زاء‬ ‫حالة عدم تحديد المطاعن‪ :‬يمتد نظر محكمة التعقيب ليشمل جميع أج‬
‫الحكم المطعون فيه وذلك عند عدم تحديد الطاعن موضوع طعن ه بص فة‬
‫دقيقة‪ ،‬وقد كّر ست محكمة التعقيب ذلك في عدة قرارات " أن ع دم تق ديم‬
‫ة من‬ ‫المعقب مطاعنه في حدود أحكام الفصل ‪ 285‬م‪.‬إ‪.‬ج ال يمنع المحكم‬
‫إجراءات الرقابة على حسن تطبيق القانون (‪".)2‬‬
‫ه‬ ‫كما جاء في قرار آخر " أن تجرد مطلب التعقيب من األسباب يتعين مع‬
‫على محكمة التعقيب النظر في الحكم المطعون فيه هل أنه اشتمل على خلل‬
‫(‪)3‬‬
‫له ارتباط بالنظام العام‪ ،‬بم يجب على المحكمة إثارته من تلقاء نفسها‪".‬‬

‫حالة الغموض في المطاعن ‪ :‬إن كان لمحكمة التعقيب أن تقبل الطعن غير‬
‫المحدد لموضوعه‪.‬‬

‫فمن األجدر أن يكون الطعن الذي حدد فيه الطاعن الجزء محل الطعن دون‬
‫إيضاح يكون مقبوال‪ ،‬فتجتهد المحكمة في تفسير الغموض وذلك بإعتبار أن‬

‫‪ -‬الفصل ‪ 199‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،19139‬مؤرخ في ‪ 18‬أكتوبر ‪ ،1986‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ع دد‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1987 ،1‬ص ‪.90‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي ج زائي ع دد‪ ،9141‬م ؤرخ في ‪ 4‬ديس مبر ‪ ،1974‬ن‪.‬م‪.‬ت‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ق‪.‬ج ‪،‬عدد ‪.74‬‬

‫‪106‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الطعن مستهدفا لكافة أجزاء الحكم المطعون فيه‪ ،‬وأك دت محكم ة التعقيب‬
‫ذلك في عّدة قرارات (‪.)1‬‬
‫و قد استقر فقه القضاء التونسي على اعتبار أن محكمة التعقيب يمكنه ا أن‬
‫تتعهد بجميع أجزاء الحكم المطعون‪.‬‬
‫كما ذهبت محكمة التعقيب الفرنس ية إلى نفس اإلتج اه من خالل امكاني ة‬
‫اجتهاد المحكمة في حالة الغموض واإلبهام (‪.)2‬‬
‫لكن نظر محكمة التعقيب في البت في المطاعن المثارة من ط رف ط الب‬
‫الطعن أو تلك التي تثيرها من تلقاء نفسها فإنها تتقيد أيضا بشخص الطاعن‬
‫( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تقيد محكمة التعقيب بشخص الطاعن‪:‬‬

‫عالوة على تقيد األثر االنتقالي لموضوع الطعن فإنه يمكن التحديد من خالل‬
‫صفة رافع الطعن (أ) من جهة ومصلحة الطاعن (ب) من جهة ثانية‪.‬‬

‫أ ‪ -‬تقيد المحكمة بصفة الطاعن‪:‬‬


‫إن صفة رافع الطاعن تضع نظر محكمة التعقيب محمول على جانب معين‬
‫من القرار المطعون فيه حتى لو لم يحدد الطاعن موض وع طعن ه ونج د‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي عدد‪ ،11487‬مؤرخ في ‪ 27‬م ارس ‪ ،1975‬ن‪.‬م‪.‬ت ‪ ،1975‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.95‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Jacque Boré, op, cit, p209.‬‬

‫‪107‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أطراف مختلفة تقوم برفض الطعن وسنتناولها تباعا‪:‬‬

‫النيابة العمومية ‪ :‬عندما يرفع الطعن من قبل النياب ة فإن ه ينحص ر في‬
‫الدعوى العمومية‪ ،‬واألثر االنتقالي هنا يكون الطعن عرضة للرفض إذا كان‬
‫مسلطا على الجانب المتعلق بحقوق القائم ب الحق الشخص ي ومص لحته‬
‫الخاصة (‪ ،)1‬أو المسؤول المدني‪.‬‬

‫و تقوم النيابة العمومية من تلقاء نفسها بأن المطعن يكون ماسا بالنظام العام‬
‫حتى وإن كان هذا المطعن لصالح المحكوم عليه (‪ ،)2‬بما أن مهامها ال دفاع‬
‫عن مصلحة المجتمع وتسعى إلى تحقيق العدالة الجزائية وحس ن تط بيق‬
‫القانون‪.‬‬
‫المحكوم عليه‪ :‬إن طعن المحكوم عليه يمكن أن يوجه إلى كامل الحكم بحيث‬
‫تتعهد محكمة التعقيب بالدعوى الجزائية المدنية‪ ،‬ويمت د نظ ر إلى جمي ع‬
‫ون‬ ‫الفروع المطعون فيها‪ ،‬كما يمكن أن يقتصر على إحدى الدعوتين وتك‬
‫المحكمة مقيدة بما تسلط عليه الطعن (‪.)3‬‬
‫القائم بالحق الشخصي‪ :‬إن الطعن الذي يرفعه القائم بالحق الشخصي ليس له‬
‫أثر انتقالي إال من حيث الجانب المدني فقط‪ ،‬وقد اعتبر فقه القضاء الفرنسي‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،5905‬مؤرخ في ‪ 24‬مارس ‪ ،1969‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‬ ‫‪-‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪، 1970‬ص‪.120‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- crim,16 juin, 1904, Bull, n°256.‬‬

‫‪ -‬عرابي حمادي مرجع سابق ص‪.93‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪108‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أن القائم بالحق الشخصي له أن يثير جميع المطاعن المتعلقة بالنظام الع ام‬
‫(‪.)1‬‬

‫المسؤول المدني‪ :‬إن الطعن المرفوع من قبل المسؤول المدني نجده يشترك‬
‫مع الطعن القائم من القائم بالحق الشخصي من حيث تعهد محكم ة التعقيب‬
‫على الجانب المدني‪ ،‬لكن االختالف يبرز في أن المسؤول المدني أن يث ير‬
‫الطعن في الجانب المتعلقة باإلدانة الجزائية باعتبارها ش رط الزم لثب وت‬
‫مسؤوليته المدنية (‪.)2‬‬
‫اإلدارات العمومية‪ :‬لقد خول القانون لهذه اإلدارات العمومية حق ممارس ة‬
‫ات‬ ‫الدعوى العمومية فاألثر اإلنتقالي القائم من طرفها ينحصر في تعويض‬
‫وغرامات المحكوم بها لفائدتها دون غيرها‪.‬‬

‫ب‪ -‬تقيد المحكمة بمصلحة الطاعن‪:‬‬


‫تتقيد محكمة التعقيب بمصلحة الطاعن التي قد تكون النياب ة العمومي ة أو‬
‫أطراف خاصة‪.‬‬
‫*مصلحة النيابة العمومية‪ :‬تمثل النيابة العمومية مص الح المجتم ع وينتج‬
‫طعنها أثرا انتقاليا عام للدعوى العمومية إذ لم تحدد طعنها وهو ما تبناه فقه‬
‫القضاء الفرنسي(‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- crim,28 février, 1974, Bull, n°89.‬‬

‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.129‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- crim,29 janvier, 1975, Bull, n°33.‬‬

‫‪109‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫* مصلحة األطراف الخاصة‪ :‬القاعدة هي أن ال يضار الطاعن بطعنه وق د‬


‫كّر سها المشرع في مادتي االستئناف واالعتراض لكن تعرض لها في ب اب‬
‫التعقيب بصفة ضمنية‪ ،‬إذ جاء بإحدى الق رارات " إن الط اعن ال يض ار‬
‫بطعنه وتأسيسا على هذة القاعدة ال يكون مقبوال المطعن الذي تثيره وكال ة‬
‫الدولة العامة بالمحكمة بحجة ارتباطها بالنظام العام إذ ي ترتب عن قبول ه‬
‫ومي لم يطعن في الحكم‬ ‫تعكير حالة الطعن القانونية مع العلم اإلدعاء العم‬
‫(‪.)1‬‬
‫كما تبنى هذة القاعدة المشرع المصري الذي نص بالم ادة ‪ 43‬من ق انون‬
‫النقض على أنه " إذا كان نقض الحكم ش امال بن اءا على طلب أح د من‬
‫الخصوم غير النيابة العمومية فال يضار بطعنه‪".‬‬
‫إذا كانت مصلحة رافع الطاعن تقيد محكمة التعقيب ف إن ه ذه األخ يرة‬
‫راف‪،‬‬ ‫تسترجع حريتها في وجه الفصل عندما يرفع الطعن من جميع األط‬
‫ة‬ ‫أما إذا تعارضت مصلحة الطاعن مع المصلحة العامة بحيث تسبق الثاني‬
‫على األولى(‪.)2‬‬
‫إن دراسة جملة اآلث ار المترتب ة على تق ديم مطلب التعقيب تجّر ن ا إلى‬
‫التعرض إلى سلطة محكمة التعقيب في الطعن وهو موضوع الفصل الثاني‬
‫لهذا الجزء تحت عنوان آثار القرار التعقيبي‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬آثار القرار التعقيبي‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،4334‬مؤرخ في ‪ 26‬ديسمبر ‪ ،1966‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1967‬ص‪.132‬‬

‫‪ -‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪110‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫يعتبر الفقيه قارو أن محكمة التعقيب ال تتفحص األفعال ب ل الق انون‪ ،‬وال‬
‫الدعوى الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى (‪ .)3‬ولذا فعندما تنظ ر في‬
‫الطعن قد تقرر رفضه إذا توفرت موجباته أو النقض عن دما يك ون ه ذا‬
‫األخير يغنى عن إعادة النظر فإنها تنقض بدون إحالة ( المبحث األول ) أما‬
‫في صورة قبول الطعن فإنها تقرر إرجاع القضية إلى محاكم األصل إلعادة‬
‫النظر فيه مجددا وتكون هناك قرارات إحالة ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬قرارات عدم اإلحالة‪:‬‬


‫ال تعتبر محكمة التعقيب درجة ثالثة من درج ات التقاض ي فهي محكم ة‬
‫قانون‪ ،‬فهي عند تعهدها بالحكم قبل كل شئ تراقب مدى ت وفر الش روط‬
‫رار‬ ‫الشكلية ثم تقرر الرفض أو النقض (فقرة أولى) كما يمكن أن يكون ق‬
‫محكمة التعقيب قاضي بالنقض بدون إحالة (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬قرارات الرفض أو النقض‪:‬‬


‫رر‬ ‫قد تقرر محكمة التعقيب عند تفحصها للطعن إحدى القرارين إما أن تق‬
‫عدم قبول الطعن فتقضي برفض المطعن (أ) وأما أن تقبل الطعن وتص در‬
‫قرار بالنقض (ب)‪.‬‬
‫قرارات الرفض ‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫قد تقضي محكمة التعقيب بالرفض شكال أو أصال‪ ،‬ويرتب هذا القرار آث ار‬
‫معينة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪- R .Garraud, op,cit, p 464.‬‬

‫‪111‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أسباب الرفض‪ :‬تصدر محكمة التعقيب نوعين من الرفض إم ا أن يك ون‬


‫شكال أو أصال‪.‬‬
‫الرفض شكال‪ :‬تقوم محكمة التعقيب بممارس ة س لطتها في رقاب ة الطعن‬
‫كليات مطلب التعقيب‬ ‫المرفوع إليها من حيث الشكل‪ .‬فتراقي مدى توفر ش‬
‫(‪)1‬‬
‫واألجل أوعدم مراعاة الش روط المتعلق ة بت أمين‬ ‫من حيث المصلحة‬
‫الخطية (‪ ، )2‬ومن الشروط الشكلية الموجبة للرفض شكال عند عدم توفرها أو‬
‫اإلخالل بها هي طبيعة األحكام أو القرار المطعون فيه (‪ ،)3‬صفة األطراف‬
‫المعقبة‪.‬‬

‫كما تتيقن من صحة اإلجراءات في االستدعاء لتسلم نسخة الحكم أو القرار‬


‫وحضور المعقب لتسلم النسخة من عدمه وتقديم المس تندات وتبليغه ا في‬
‫اآلجال‪ ،‬وفي صورة ثبوت أي خلل في جميع هذه الشروط فإنه ا تقض ي‬
‫برفض المطلب شكال(‪.)4‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،1942‬مؤرخ في ‪ 11‬ماي ‪ ،1978‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪ ،‬سنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1978‬ص ‪.211‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،26613‬مؤرخ في ‪6‬مارس ‪ ،1990‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪ ،‬سنة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1990‬ص ‪.61‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،9912‬مؤرخ في ‪ 13‬نوفمبر ‪ ،1974‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫سنة ‪ ،1974‬ص‪.151‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،12505‬مؤرخ في ‪ 29‬ديسمبر ‪ ،1986‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫سنة ‪ ،1986‬ص ‪.100‬‬

‫‪112‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫و عند قبول الطعن شكال فإنه ليس من الضروري إصدار قرار خاص بذلك‬
‫بل تنتقل المحكمة مباشرة إلى دراسة الطعن من حيث الموضوع‪.‬‬
‫الرفض أصال‪ :‬بعد التثبت من الشروط الشكلية تم ر محكم ة التعقيب إلى‬
‫التدقيق ومراقبة أصل الطعن‪ .‬ويمكنها أن ترفض الطعن في هذا المستوى‬
‫وذلك عندما ينبني الطعن على مطاعن غير وجيهة وغير مؤسسة‪ ،‬إض افة‬
‫إلى عدم وجود مخالفة للنظام العام أو لإلجراءات األساس ية أو لمص لحة‬
‫د أن قبلت‬ ‫المتهم الشرعية‪ ،‬فإن المحكمة تصدر قرارها بالرفض أصال بع‬
‫مطلب التعقيب شكال(‪.)1‬‬
‫ويمكن أن نجد عّدة أسباب ينجر عليه ا رفض الطعن أص ال‪ ،‬إذا ج اءت‬
‫المطاعن المثارة مرتكزة على أسباب واقعية‪ ،‬أو أن تكون األسباب قانوني ة‬
‫ثم يتضح للمحكمة أن الحكم المطعون فيه سليم من الناحية القانونية فتصدر‬
‫قرار بالرفض(‪ .)2‬أو عندما يتضح من مراجعة المحكمة للحكم أن األس باب‬
‫التي قام عليها الطعن هي من النوع التي ال يمكن إثارتها ألول م رة أم ام‬
‫محكمة التعقيب(‪.)3‬‬
‫ال‬ ‫آثار الرفض‪ :‬إن قرارت محكمة التعقيب القاضية بالرفض شكال أو أص‬
‫يترتب عليها أثار مختلفة‪.‬‬
‫فعندما تقرر محكمة التعقيب رفض الطعن شكال أو أصال فإنه يق ع حج ز‬
‫ومصادرة الخطية المؤمنة عمال بمقتضيات الفصل ‪ 263‬م‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬وقد اقتضى‬

‫‪ -‬الدكتور علي كحلون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.373‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬يزيد الرياحي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد ‪ ،51728‬مؤرخ في ‪ 19‬ديسمبر ‪ ،1995‬ن‪.‬م‪.‬ت‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫ق‪.‬ج‪ ،‬سنة ‪ ،1995‬ص ‪.91‬‬

‫‪113‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫القانون المصري أنه تسلط على الطاعن الذي رفض طعنه والمحكوم علي ه‬
‫بعقوبة مقّيدة للحرّية خطية فضال عن مصادرة الكفالة المؤمنة(‪.)1‬‬
‫كما نص الفصل ‪ 266‬م‪.‬إ‪.‬ج " من رفض طعنه في حكم ليس ل ه أن يطعن‬
‫فيه مرة ثانية ولو أن أجل الطعن م ازال جاري ا أو أن الطعن ق د رفض‬
‫شكال‪".‬‬

‫و على أساس هذا الفصل يصبح الحكم المطعون فيه باتا محرزا على قوة ما‬
‫اتصل به القضاء إزاء المعنيين بالقرار التعقيبي الصادر بالرفض‪.‬‬

‫و قد كّر س فقه القضاء هذه القاعدة حيث اعتبر أن الحكم الذي س بق رفض‬
‫طعنه ال يقبل الطعن فيه مرة ثانية من نفس المطاعن(‪ .)2‬تص در محكم ة‬
‫التعقيب قرارات رفض كما تصدر قرارات نقض‪.‬‬

‫ب – قرارات النقض‪:‬‬
‫تقضي محكمة التعقيب بقبول مطلب التعقيب ش كال وأص ال ونقض الحكم‬
‫المطعون فيه من شأنه أن يبطل ويلغي الحكم المطعون فيه‪ ،‬كما له أن يعفي‬
‫الطان من معلوم الخطية المؤمنة‪ ،‬فإذا كان النقض جزئيا نظرا لقابلية الحكم‬
‫المطعون‪ .‬وقد طبق فقه القضاء ذلك في عدة قرارات (‪.)3‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ ،36‬الفقرة الثانية من قانون النقض المصري‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،8492‬مؤرخ في ‪ 26‬ج انفي ‪ ،1983‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬س نة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1983‬ص ‪.121‬‬

‫‪114‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫فعندما يرفع الطعن من قبل النيابة العمومية لفائدة المجتم ع من ش أنه أن‬
‫ينقض الحكم بالنسبة لجميع األطراف المطعون ضّدهم في الدعوى العمومية‬
‫سواء كان النقض لصالحهم أو ضدهم‪.‬‬
‫أما المحكوم عليه فيستفيد هو من دون سواه من النقض‪.‬‬
‫لكن المشرع التونسي وضع قيدا أورده بالفصل ‪ 270‬م‪.‬إ‪.‬ج "‪....‬ما لم تكن‬
‫األوجه التي بني عليها النقض تتصل بغيره ممن شملتهم القضية‪ ،‬وفي ه ذه‬
‫الحالة يحكم بالنقض بالنسبة إليهم أيضا ولو لم يقّدموا طعنا"‪.‬‬
‫هذا االستثناء الذي جاء به قانون اإلجراءات الجزائية تبناه المشرع التونسي‬
‫عن التشريع المصري من المادة ‪ 42‬من قانون النقض المصري (‪.)1‬‬
‫و قد تصدر محكمة التعقيب قرارات نقض بدون إحالة ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قرارات النقض بدون إحالة‪:‬‬


‫بالرجوع إلى أحكام الفصل ‪ 269‬م‪.‬إ‪.‬ج نتبين أن هناك حالت ان تس تدعي‬
‫النقض بدون إحالة وهي حالة النقض اذي ال يترك شيئا يستوجب الحكم ( أ)‬
‫والحالة الثانية هي النقض بطريق الحذف (ب)‪.‬‬

‫أ – نقض ال يترك ما يستوجب الحكم‪:‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،58535‬مؤرخ في ‪ 18‬أكتوبر ‪ ،1994‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬سنة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1994‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -‬حاتم البرهومي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪115‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫لم يحدد المشرع على وجه الدقة الحاالت التي يس توجب فيه ا النقض لكن‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 33‬من م‪.‬م‪.‬ع‪.‬ع نجده يتحدث عن هذه الحاالت وهي‬
‫أن يكون الفعل ال يشكل جناية أو جنحة‪ ،‬سقوط الدعوى بالتق ادم وأخ ير‬
‫بالعفو العام‪.‬‬
‫و ما نستخلصه من هذا النص هو أن النقض بدون إحالة يكون في ص ورة‬
‫عدم وجود جريمة متوفرة األركان‪ .‬عند ما تبين لمحكم ة التعقيب أن الحكم‬
‫المطعون فيه غير قائم على أساس قانوني النتفاء الجريمة فإن المحكمة هنا‬
‫توجب‬ ‫تقضي بالنقض دون إحالة طالما أن ذلك النقض لم يبقي شيئا ما يس‬
‫الحكم (‪ .)1‬وقد انتقد األستاذ الفرشيشي الدور الموك ول لمحكم ة التعقيب‪،‬‬
‫حيث أنها في هذه الحالة تؤدي به ا إلى االنغم اس في مادي ات القض ية‬
‫وتفاصيلها مجتهدة باذلة قصار جهدها لمعرفة الفعل الموج ه للمتهم يك ون‬
‫اة‬ ‫جناية أو جنحة‪ ،‬فال فالق إذا بين عملها هذا والدور الموكول بعهدة قض‬
‫الواقع‪.‬‬

‫فعندما يتبين لها أن أركان الجريمة مفقودة سواء كانت جناية أو جنحة بم ا‬
‫ا تنقض‬ ‫في ذلك الركن المادي فإنها تقضي بالنقض بدون إحالة مما يجعله‬
‫أمام األحكام المنتقدة بمثابة درجة ثالثة للتقاضي‪ ،‬يجعلها تحيد عن وظيفته ا‬
‫التقليدية في مراقبة األحكام(‪.)2‬‬
‫يز‬ ‫يعتبر هذا الرأي وجيها ذلك أن محكمة التعقيب تبقى محكمة قانون تتم‬
‫وظيفتها عن مهام محاكم األصل‪.‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،493‬مؤرخ في ‪ 19‬فيفري ‪.1971‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬األستاذ البشير الفرشيشي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.340‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪116‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫انقضاء الدعوى العمومية‪ :‬اقتض ى الفص ل ‪ 33‬من م‪.‬م‪.‬ع‪.‬ع أن النقض‬


‫بدون إحالة إذ اعتبرت المحكمة أن الفعل المنس وب للمتهم س قط بم رور‬
‫الزمن أو بعفو عام‪ ،‬لكن ال شئ يمنع من تطبيق ه ذه القاع دة على بقي ة‬
‫صور انقضاء الدعوى العمومية الواردة بالفصل‪ 4‬من م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬
‫مرور الزمن‪ :‬تقضي محكمة التعقيب باإلدانة أو العقوبة‪ ،‬فإنها تقرر النقض‬
‫بدون إحالة (‪.)1‬‬
‫العفو العام‪ :‬تقضي محكمة التعقيب بالنقض دون إحالة بتسليط العقوبة على‬
‫المتهم رغم وجود نص قانوني ألغى الجريمة المنسوبة له (‪.)2‬‬

‫وفاة المتهم‪ :‬عند وفاة المتهم تق رر محكم ة التعقيب النقض دون إحال ة‬
‫ضرورة أن النقض لم يبق ما يستوجب الحكم‪ ،‬وهذا م ا أكدت ه محكم ة‬
‫التعقيب الفرنسية (‪.)3‬‬

‫إن‬ ‫اتصال القضاء‪ :‬عندما يقع محاكمة المتهم من أجل فعل واحد مرتين‪ ،‬ف‬
‫محكمة التعقيب تقضي بإبطال أحد األحكام وتنقضه دون إحالة وهذا ما أكده‬
‫فقه القضاء في عدة قرارات إذ جاء به أن ه " بم ا أن النقض النق راض‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،57866‬مؤرخ في ‪ 23‬ماي ‪ ،1995‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫سنة ‪ ،1995‬ص ‪.58‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،25370‬مؤرخ في ‪ 27‬مارس ‪ ،1991‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪ .‬ج‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫سنة ‪ ،1991‬ص ‪.183‬‬


‫‪3‬‬
‫‪- crim, 22 décembre, 1972, Bull, n°404.‬‬

‫‪117‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫ه‬ ‫الدعوى العمومية بموجب اتصال القضاء لم يترك ما يستوجب الحكم في‬
‫يتعين حينئذ النقض بدون إحالة (‪.)1‬‬
‫الصلح‪ :‬لقد نص القانون على أن الصلح الم برم بين اإلدارات العمومي ة‬
‫والمتهم يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية فإذا واصلت المحكم ة النظ ر‬
‫رغم ابرام الصلح فإن حكمها يك ون عرض ة للنقض دون إحال ة وطبقت‬
‫محكمة التعقيب هذا اإلجراء في عدة قرارات(‪.)2‬‬
‫نسخ النص الجزائي‪ :‬يؤدي نسخ النص الج زائي إلى انقض اء ال دعوى‬
‫العمومية وإذا واصلت محكمة األصل النظر في القضية على أس اس النص‬
‫المنسوخ فإن الحكم مآله النقض بدون إحالة‪.‬‬
‫الرجوع في الشكاية‪ :‬العدول عن الشكاية يوقف التتبع ات الجزائي ة وق د‬
‫ه‬ ‫اقتضى الفصل ‪ 218‬م‪.‬ج "أن إسقاط السلف أو الزوج المعتدي عليه حق‬
‫ة التعقيب‬ ‫يوقف التتبعات أو المحاكمة أو تنفيذ العقاب‪ ".‬وقد كّر ست محكم‬
‫ذلك في عّدة قرارات (‪.)3‬‬

‫ة‬ ‫إضافة إلى هذه الصور يضيف فقه القضاء سببا جديد للنقض بدون إحال‬
‫وهو احتواء الحكم المطعون فيه على خلل إجرائي‪.‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،46628‬مؤرخ في ‪ 3‬فيف ري ‪ ،1993‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬س نة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1993‬ص ‪.12‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،52810‬مؤرخ في ‪ 12‬ديسمبر‪ ،1995‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬س نة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1995‬ص ‪65‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،56623‬مؤرخ في ‪ 7‬مارس ‪ ،1995‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج سنة‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1995‬ص ‪.89‬‬

‫‪118‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫وجود خلل إجرائي‪ :‬عندما يكون الحكم المطعون فيه مشوبا بعيب إج رائي‬
‫تقرر محكمة التعقيب النقض بدون إحالة من ذلك مثال أن تك ون عريض ة‬
‫الدعوى اإلستئنافية غير محترمة لشروطها الشكلية (‪.)1‬‬

‫ة‪ ،‬إذا‬ ‫و بصفة استثنائية يمكن لمحكمة التعقيب أن تقرر النقض بدون إحال‬
‫كان حذف الجزء المنقوض يغني عن إعادة النظر‪.‬‬
‫ب النقض بطريق الحذف‪:‬‬
‫زء‬ ‫لقد اقتضى الفصل ‪ 269‬م‪.‬إ‪.‬ج " النقض يكون بدون إحالة إذا كان الج‬
‫المنقوض يغني عن إعادة النظر‪ ".‬هذا النوع من النقض ال يكون إال جزئيا‪،‬‬
‫"فالحكم المعقب يبقى سليما وصحيحا من حيث المبدأ بّيد أن فقرة من فقراته‬
‫تبطل بسبب خرقها للقانون(‪" .)2‬‬

‫ة‬ ‫يكون النقض ضمنيا عادة عند مباشرة محكمة التعقيب مهمتها في مراقب‬
‫حسن تطبيق القانون فتجد نفسها أحيانا مضطرة الستبدال السند أو األس اس‬
‫القانوني الذي يقوم عليه الحكم المطع ون في ه دون إحال ة على محكم ة‬
‫الموضوع(‪.)3‬‬
‫و النقض الضمني تم االستناد إليه اعتمادا على الفصل ‪ 271‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،11263‬مؤرخ في ‪ 1‬م ارس‪ ،1996‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬س نة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1996‬ص ‪.180‬‬

‫‪ -‬األستاذ الفرشيشي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬االستاذ الفرشيشي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪119‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫استنادا إلى هذا الفصل فإن عمل محكمة التعقيب يقوم على تصحيح الخط أ‬
‫الذي وقعت فيه محكمة الموضوع دون إعادة‪ ،‬وعادة تكون األخطاء واقع ة‬
‫على المستوى القانوني أو خطأ في وصف الفعل (‪.)4‬‬
‫و قد يكون النقض صريحا‪ ،‬ولقد كّر ست فقه القضاء الجزئي وذلك بإبط ال‬
‫ة دون‬ ‫جزء من الحكم دون إحالة كأن يتسلط النقض على الدعوى الخاص‬
‫الدعوى العمومية‪.‬‬
‫إن النقض بدون إحالة حالة خاصة واستثنائية‪ ،‬منحت لمحكمة التعقيب وذلك‬
‫لغاية اختصار الوقت وتسهيل عمل المحكمة‪ ،‬فالمبدأ هو اإلحالة على محاكم‬
‫األصل (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬قرارات اإلحالة‪.‬‬


‫ة‬ ‫القاعدة أن محكمة التعقيب ال تنظر في أصل الدعوى بل عملها المراجع‬
‫والمراقبة لألحكام المطعون فيها من حيث احترامها للق انو ن وق د تحي ل‬
‫القضية على المحكمة عندما يعقب الطاعن وهي محكمة اإلحال ة ( الفق رة‬
‫األولى) فتنظر محكمة التعقيب في الطعن للمرة الثانية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪- -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،1755‬م ؤرخ في ‪ 7‬ج وان‪ ،1962‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬س نة‬ ‫‪4‬‬

‫‪ ،1962‬ص ‪124‬‬

‫‪120‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬محكمة اإلحالة‪:‬‬


‫اقتضى الفصل ‪ 272‬م‪.‬إ‪.‬ج بتحديد محكمة اإلحالة التي ستنظر في القض ية‬
‫مجددا (أ) وأشار الفصل ‪ 273‬م‪.‬إ‪.‬ج إلى مشموالت وسلطات هذه المحكمة‬
‫(ب)‪.‬‬

‫أ‪ -‬تعيين محكمة االحالة‪:‬‬


‫اقتضى الفصل ‪ 272‬م‪.‬إ‪.‬ج كيفية تعيين محكمة اإلحال ة حيث أن تعيينه ا‬
‫يخضع لعّدة شروط ينبغي أن تقع اإلحالة على المحكمة التي أصدرت الحكم‬
‫المعقب وإن كان هذا األخير صادر عن الدائرة الجنائية فال ب د أن تك ون‬
‫محكمة اإلحالة هي نفس الدائرة‪.‬‬
‫أما عند صدور الحكم عن محكمة االستئناف أو الناحي ة فينبغي أن تك ون‬
‫اإلحالة على ذلك تلك المحكمة‪.‬‬
‫أما المشرع الفرنسي فقد إختار عكس ذلك حيث جعل المب دأ ه و إحال ة‬
‫القضية على محكمة أخرى غير تلك المصدرة للحكم بش رط التس اوي في‬
‫الدرجة الطبيعية مما يضمن أكثر حياد المحكمة (‪.)1‬‬
‫لكن المشرع اشترط في الفصل ‪ 272‬م‪.‬إ‪.‬ج أن تعيد محكمة اإلحالة النظ ر‬
‫في القضية" بواسطة حكام لم يس بق لهم الحكم في القض ية‪ ".‬يع ني يق ع‬
‫تعويض الهيئة المصدرة للحكم المعقب بهيئة جدي دة من نفس المحكم ة لم‬
‫يسبق لها النظر في القضية (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬سلوى التباسي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬

‫‪ -2‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،20970‬مؤرخ في ‪ 6‬ديس مبر‪ ،1995‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪،‬‬


‫سنة ‪ ،1995‬ص ‪.53‬‬

‫‪121‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫كما منح الفصل ‪272‬م‪.‬إ‪.‬ج لمحكمة التعقيب إحالة القض ية على محكم ة‬
‫أخرى غير التي أصدرت الحكم المطعون فيه‪ ،‬بشرط أن تكون هذه المحكمة‬
‫متساوية في الدرجة مع الحكمة األولى‪.‬‬
‫نجد الفصل ‪ 294‬م‪.‬إ‪.‬ج ينص على الحاالت التي تقرر فيها محكمة التعقيب‬
‫إحالة القضية على محكمة أخرى وكّر س فقه القضاء هذا االستثناء في عدة‬
‫قرارات (‪.)1‬‬
‫إذا كانت محكمة االحالة هي المصدرة للحكم أم ال‪ ،‬فال ينبغي لها الحياد عن‬
‫مهامها‪.‬‬

‫ب – سلطات محكمة االحالة‪:‬‬


‫ة‬ ‫عمال بأحكام الفصل ‪ 273‬م‪.‬إ‪.‬ج في فقرته األولى نجد أن محكمة اإلحال‬
‫تنقل لها القضية لتعيد النظر فيها مج ددا إذ يلغي الق رار المطع ون في ه‬
‫بالتعقيب وتعيد محكمة اإلحالة النظر في الملف لتحديد موقفها منه‪.‬‬
‫لكن سلطتها عند التعهد بالقضية غير مطلقة بل تبقى مقّيدة بالنظر فيما تسلط‬
‫عليه النقض وال يجوز لها االمتداد في النظر وإال يكون حكمه ا عرض ة‬
‫للنقض وقد أكد فقه القضاء ذلك في عّدة قرارات(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،149‬مؤرخ في ‪ 6‬أفريل‪ ،1993‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪ .‬ج‪ ،‬س نة‬
‫‪ ،1995‬ص ‪.66‬‬

‫قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،8170‬مؤرخ في ‪ 30‬أكتوبر ‪ ،1982‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬سنة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1982‬ص ‪.318‬‬

‫‪122‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫لقد أكدت محكمة التعقيب في قرار لها أن محكمة اإلحالة يمكنها اس ترجاع‬
‫سلطتها في النظر في القضية إذ كان النقض مسلطا على الحكم المطعون فيه‬
‫برمته‪،‬فتتعهد من جديد بالدعوتين المدنية والجزائية‪.‬‬
‫كما يمكنها أن تتعهد بالبحث في مدى توفر أركان الجريمة أن يطبق القانون‬
‫األرفق بالمتهم‪.‬‬
‫إذا كانت هذه السلطة الممنوحة لمحكمة اإلحالة بصفة عامة‪ ،‬فإن درجة هذه‬
‫المحكمة ترتب تطبيق قواعد خاصة بتلك الدرجة‪.‬‬
‫فعندما تصدر محكمة اإلحالة أحكام ابتدائية نهائية الدرجة كأحكام المحكم ة‬
‫فإن سلطتها تكون مطلقة في تحديد موقفها‪.‬‬

‫أما عندما تصدر محكمة اإلحالة أحكام بصفتها درجة ثانية فنجد الحالتين‪.‬‬
‫إذا كان الحكم االبتدائي مستأنفا من قبل النيابة العمومية فإن محكمة اإلحالة‬
‫تحافظ على حريتها دون التقيد بمصلحة الطاعن وعلى ذلك األس اس يمكن‬
‫أن تعكر وضع الطاعن حتى وإن لم تكن النيابة العمومية طرف ا في الطعن‬
‫بالتعقيب‪.‬‬
‫و عندما يكون الطعن باالستئناف موضوعا من قبل المحك وم علي ه دون‬
‫النيابة العمومية فإن محكمة اإلحالة تكون مقّيدة بمب دأ ال يض ار الط اعن‬
‫بطعنه (‪.)1‬‬
‫لئن كان الحكم الصادر عن محكمة اإلحالة هو حكم كغيره األحك ام‪ ،‬فإن ه‬
‫يمكن أن يكون عرضة للطعن‪.‬‬

‫‪ -‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،1848‬م ؤرخ في ‪ 28‬م اي ‪،1962‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬س نة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1963‬ص ‪.120‬‬

‫‪123‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطعن للمرة الثانية‪:‬‬


‫اقتضت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 273‬من م‪.‬إ‪.‬ج أن الطعن للم رة الثاني ة‬
‫يكون من أنظار تعهد الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب(أ) ثم محكمة اإلحالة‬
‫الثانية (ب)‪.‬‬

‫أ‪-‬تعهد الدوائر المجتمعة‪:‬‬


‫اقتضى الفصل ‪ 273‬م‪.‬إ‪.‬ج فقرة ثانية أن تعهد الدوائر المجتمعة يكون وفق‬
‫شروط ويترتب هذا التعهد آثار‪.‬‬
‫فالشرط األول يكون بإصرار محكمة اإلحال ة على مخالف ة رأي محكم ة‬
‫التعقيب‪ ،‬ويفهم من ذلك أنه لو لم تخالف محكم ة اإلحال ة رأي محكم ة‬
‫التعقيب لما اجتمعت الدوائر المجتمعة (‪.)1‬‬
‫كما اشترط الفصل ‪ 273‬م‪.‬إ‪.‬ج أن يكون الطعن الث اني مس تندا على نفس‬
‫المطاعن التي انبنى عليها الطعن األول وفي صورة اختالف األسباب ف إن‬
‫الطعن يكون من أنظار محكمة التعقيب‪.‬‬
‫و قد اعتبر فقه القضاء أن المطاعن التي تقتضي التئام الدوائر المجتمعة هي‬
‫التي تسلط فيها النقض مع اإلحالة على مخالفة قواع د قانوني ة أو اإلخالل‬
‫بقاعدة تهم النظام العام (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،1897‬م ؤرخ في ‪ 27‬أكت وبر ‪ ،1962‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪،‬‬
‫سنة ‪ ،1963‬ص ‪.132‬‬

‫ري ‪ ،1989‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪،‬‬ ‫‪ -2‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،20131‬مؤرخ في ‪ 9‬فيف‬


‫سنة ‪ ،1989‬ص ‪.80‬‬

‫‪124‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫و أما اآلثار التي تنجر عن تعهد الدوائر المجتمعة إما تأييد موقف محكم ة‬
‫اإلحالة فترفض الطعن الثاني أصال‪ ،‬وإما بنقض الحكم الصادر عن محكمة‬
‫اإلحالة إذا تبين للدوائر المجتمعة أن موقف محكمة ه و األنج ع فتحي ل‬
‫القضية ثانية على محكمة إحالة ثانية‪.‬‬

‫ب –محكمة اإلحالة الثانية‪:‬‬


‫دوائر‬ ‫عمال بالفقرة الثانية من الفصل ‪ 273‬م‪.‬إ‪.‬ج نجده يقضي أن قرار ال‬
‫المجتمعة يكون واجب اإلتباع من طرف محكمة اإلحالة الثانية‪ ،‬مما يجع ل‬
‫دوائر‬ ‫سلطتها في تقدير الحكم المستوجب للفصل محدودة وهذا ما أكدته ال‬
‫المجتمعة (‪.)1‬‬
‫لكن محكمة اإلحالة الثانية تسترجع حريتها في النظر في الدفوعات التي لم‬
‫تبد الدوائر المجتمعة رأيها فيها‪.‬‬
‫و قد اعتبر أحد الفقهاء الفرنسيين أنه باستثناء المسائل القانونية التي حسمتها‬
‫الدوائر المجتمعة‪ ،‬تكون لمحكمة اإلحالة الثانية نفس ص الحيات محكم ة‬
‫اإلحالة األولى (‪.)2‬‬
‫لكن اإلشكال يكمن في مدى إمكانية تعهد الدوائر المجتمعة إلصالح الخط أ‬
‫البّين الوارد في قرار صادر عن الدوائر التعقيبية (‪.)3‬‬

‫‪-‬الفصل ‪ 274‬م‪.‬إ‪.‬ج‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار تعقيبي جزائي عدد‪ ،12‬مؤرخ في ‪ 12‬نوفمبر‪ ،1981‬ن‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬ق‪.‬ج‪ ،‬سنة‬


‫‪ ،1981‬ص ‪.13‬‬
‫‪- Boré, op,cit,p,369.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬األستاذ نوالردين الغزواني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 39‬و ما يليها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪125‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 192‬م‪.‬م‪.‬م‪.‬ت نجده يكّر س إمكانية تعّه د المجتمعة عند‬
‫وجود خطأ بّين في قرار تعقيبي‪.‬‬

‫عمال بأحكام الفصالن ‪ 273‬و‪ 275‬م‪.‬إ‪.‬ج اللذان حددا حالت تعّه د ال دوائر‬
‫المجتمعة بصفة حصّر ية فإن هاته األخيرة ال يمكن أن تتعّه د في وجود خطأ‬
‫بّي ن ذلك ألن اختصاصها ال يكون إال في صورة الخالف القائم بين محكمة‬
‫التعقيب ومحكمة اإلحالة‪ ،‬أو عندما يكون هناك م ا ي دعو لتوحي د اآلراء‬
‫القانونية بين مختلف الدوائر‪.‬‬
‫لكن اعتبر إبراهيم العسكري أنه يمكن إصالح الخط أ ال بّين في القض اء‬
‫المدني وذلك عند توفر شروطه ونفس الشأن بالنسبة للقضاء الجزائي (‪.)1‬‬

‫خالصة الجزء الثاني‪:‬‬

‫تعتبر محكمة التعقيب محكمة قانون تتمّيز عن غيرها من المحاكم من خالل‬


‫سلطتها في المراجعة والمراقبة على حسن تطبيق الق انون‪ ،‬فاختصاص ها‬
‫محدود مقارنة مع سلطة االستئناف أو المحكمة االبتدائي ة‪ ،‬فهي ال تبت في‬
‫الموضوع بل تعيد القضية إلى المحكمة التي أص درت الحكم للنظ ر في ه‬
‫مجددا واقعا وقانونا دون أن تكون مقّي دة ب رأي محكم ة التعقيب إال في‬

‫‪ -‬قضاء الدوائر المجتمعة بمحكمة التعقيب‪ ،‬مرجه سابق‪ ،‬ص ‪122‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪126‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫صورة صدور قرار عنها بدوائرها المجتمعة لحس م الخالف بين محكم ة‬
‫التعقيب ومحكاكم األصل في حالة رفع طعن ثان لنفس أسباب الطعن األّو ل‪.‬‬
‫إن هذه المهام التي تتمتع بها محكمة التعقيب هي من الوظ ائف األساس ية‬
‫والهدف منها تحقيق عدالة سليمة وضمان حقوق وحّر يات المجتم ع وف ق‬
‫إجراءات قانونية منظمة‪.‬‬

‫الخـاتمــة‬

‫إن التنقيح المّدخل على ماّدة الطعن الغ ير الع ادي في الق رار الج زائي‬
‫بمقتضى قانون عدد ‪ 75‬لس نة ‪ 2008‬الم ؤرخ في ‪ 11‬ديس مبر ‪2008‬‬
‫والمتعلق باإلجراءات الجزائية في مرحلة التعقيب‪.‬‬
‫وال يخفى ما لهذا التنقيح من أهمّية‪ ،‬إذ ساهم في تعزيز حقوق المضنون فيه‬
‫ومركزه في الخصومة الجزائية‪ ،‬مما جعل تش ريع اإلج راءات الجزائي ة‬
‫التونسي في مقّدمة التشاريع اإلجرائية‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫و قد سعى المشّر ع عند تنظيمه وتعديل بعض فصول مجل ة اإلج راءات‬
‫الجزائية للتقاضي على درجتين في الماّدة الجنائية فق د ش مل ه ذا التنقيح‬
‫الفصل ‪261‬م‪.‬إ‪.‬ج وأضاف له فقرتان ثالثة ورابعة لبّيان مدى إلزام ك اتب‬
‫المحكمة التي أصدرت الحكم باستدعاء المعقب لتس لم نس خة من الحكم أو‬
‫القرار المطعون فيه‪ ،‬وجعل لهذا اإلجراء آثار هاّم ة‪.‬‬

‫ه‬ ‫فعلى كاتب المحكمة التي الحكم المطعون فيه استدعاء الطاعن أو محامي‬
‫حسب الحالة بالطريقة اإلدارية وتسليمه نسخة من الحكم المطعون فيه مقابل‬
‫وصل يتضمن تاريخ التسليم يضيفه إلى ملف القضية‪.‬‬
‫ثّم إن آجال ممارسة الطعن بالتعقيب تبقى محل انتقاد س واء على مس توى‬
‫مّدة أجل الطعن أو تاريخ انطالق احتسابه‪ .‬فاألجل هنا هو عشرة أّيام‪ ،‬وهو‬
‫أجل قصير نسبيا مقارنة مع أجل الطعن بالتعقيب في الماّدة المدني ة ال ذي‬
‫ه‪ ،‬ومن‬ ‫يقّدر بعشرون يوما خاّص ة وأن يوم بداّية العّد ال يكون معدودا من‬
‫ون‬ ‫المثير لالنتباه أن أجل الطعن بالتعقيب يزداد عندما يكون الحكم المطع‬
‫فيه قاضيا باإلعدام‪ ،‬إذ نجده ال يتجاوز خمسة أّيام‪.‬‬
‫و تبرّير المشّر ع في التقليص في هذه اآلجال هو عدم تطويل نشر القض ايا‬
‫الجزائية والسعي للفصل فيها في أقرب أجل ممكن‪.‬‬
‫لكن هذا التبرير غير كاف وال يتماشى مع مصلحة المتهم في أ يقع الفصل‬
‫في الجريمة المنسوبة إليه في وقت قصير‪ ،‬لذا يكون من الضروري الترفيع‬
‫في مّدة احتساب أجل الطعن بالتعقيب في الماّدة الجزائية وجع ل األحك ام‬
‫القاضية باإلعدام خاضعة لنفس مّدة أجل الطعن في بقية األحكام الجزائية‪.‬‬
‫رع‬ ‫أما على مستوى اإلجراءات عند تقديم مطلب التعقيب فقد أضاف المش‬
‫فقرة خامسة من الفصل ‪ 261‬م‪.‬إ‪.‬ج اقتضت أنه في صورة ع دم حض ور‬

‫‪128‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الطاعن أو محاميه لتسلم نسخة الحكم المطعون فيه في أجل شهر من تاريخ‬
‫استدعائه بأية وسيلة تترك أثرا كتابيا وإذ تخلف عن تقديم مستندات التعقيب‬
‫سقط طعنه‪.‬‬
‫كما أضاف هذا التنقيح الفصل ‪ 263‬م‪.‬إ‪.‬ج الذي استثنى النياب ة العمومي ة‬
‫وألزم محامي الطاعن أن يقدم إلى كتابة المحكمة في أجل أقص اه ثالث ون‬
‫يوما من تاريخ تسلمه نسخة من الحكم المطعون فيه من كتابة المحكمة التي‬
‫أصدرته مذكرة في أسباب الطعن تبين االخالالت المنسوبة للحكم المطعون‬
‫فيه ونسخة من محضر إبالغ مذكرة الطعن بواسطة عدل منف ذ إلى المعقب‬
‫ون الطعن‬ ‫ضّدهم‪ ،‬وعند تخلف المعقب عن تقديم المستندات في األجل يك‬
‫عرضة للسقوط‪.‬‬
‫أما على مستوى حاالت الطعن الممكنة في األحكام والق رارات االجزائي ة‬
‫واألشخاص المخّو ل لهم حق ممارسته‪ ،‬يالحظ أن الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج مثال‬
‫لم يتعرض لحالة الطعن بالتعقيب المؤسس على الخطأ البّين‪ ،‬رغم تنصيص‬
‫مجلة المرافعات المدنية على ذلك‪.‬‬
‫كما ضبط نفس الفصل قائمة حصرية لألشخاص المخ ّو ل ح ق ممارس ة‬
‫الطعن بالتعقيب‪ ،‬ولم يضم لهذه القائمة اإلدارات العمومي ة‪ .‬وفي التط بيق‬
‫استقر فقه القضاء على قبول الطعن ب التعقيب المرف وع من قب ل ه ذه‬
‫اإلدارات‪.‬‬
‫أما على مستوى طبيعة األحكام الخاصة بآثار ممارسة الطعن ب التعقيب في‬
‫الماّدة الجزائية فقد اقتضى الفصل ‪ 258‬م‪.‬إ‪.‬ج أن تك ون نهائي ة الدرج ة‬
‫وصادرة في األصل‪.‬‬
‫ل ‪ 263‬م‪.‬إل‪.‬ج‬ ‫و أخيرا نالحظ على مستوى تأمين الخطية الواردة بالفص‬
‫فمن المتعين أن يقع إلغائها كما فعل المشرع الفرنسي في التوسيع في دائرة‬

‫‪129‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫اإلعفاء‪.‬‬

‫إن دراسة إجراءات التعقيب الجزائي جعلتنا نتعرض إلى مجم ل األحك ام‬
‫والقواعد القانونية المتعلقة بالطعن بالتعقيب الجزائي‪ ،‬لكن ما يمكن مالحظته‬
‫في خصوص الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب‪ ،‬فمن الواجب أن يقع إعادة‬
‫تنظيمها وتطويرها في مهامها بأن تكون أكثر شمولية عند تعهّدها‪.‬‬

‫الحمد هلل وحده‬

‫الفهرس‬

‫المقّدمة‪.............................................................‬‬
‫‪1.‬‬

‫الجزء األول‪ :‬ممارسة إجراءات التعقيب الجزائي‪...................‬‬


‫‪15‬‬

‫‪130‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫الفصل األول‪ :‬نطاق إجراءات التعقيب الجزائي‪.....................‬‬


‫‪16‬‬
‫المبحث األول‪ :‬األحكام القابلة للطعن بالتعقيب‪......................‬‬
‫‪16‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحكم النهائي ‪.......................................‬‬


‫‪17‬‬
‫أ‪-‬األحكام الحضورية‪..............................................‬‬
‫‪18‬‬
‫ب‪-‬األحكام الغيابية‪................................................‬‬
‫‪24‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حكم فاصل في األصل‪...............................‬‬
‫‪28‬‬
‫أ‪-‬تحديد المقصود من الفصل في األصل‪...........................‬‬
‫‪29‬‬
‫ب‪-‬األحكام التي ال تنظر في األصل ولكنها تنهي اإلجراءات‪.......‬‬
‫‪33‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬األطراف المخّو ل لها حق الطعن بالتعقيب‪...........‬‬


‫‪34‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬صفة الطرف في الدعوى‪...........................‬‬
‫‪35‬‬

‫‪131‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أ‪-‬تحديد المقصود من صفة الطرف في الدعوى‪....................‬‬


‫‪35‬‬
‫ب‪-‬أصحاب الحق في الطعن‪.......................................‬‬
‫‪39‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المصلحة في الطعن‪.................................‬‬
‫‪46‬‬
‫أ‪-‬المصلحة لدى الطرف المتتبع‪....................................‬‬
‫‪46‬‬
‫ب‪-‬المصلحة لدى الطرف المتتبع‪.........................................‬‬
‫‪50‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬شروط ممارسة إجراءات التعقيب الجزائي‪..................‬‬
‫‪54‬‬
‫المبحث األول‪ :‬شروط إجرائية ‪............................................‬‬
‫‪54‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أجال الطعن ‪...............................................‬‬
‫‪54‬‬
‫أ‪-‬مّدة األجل‪..............................................................‬‬
‫‪54‬‬
‫ب‪ -‬وجوب اإلعالم بالطعن‪...............................................‬‬
‫‪60‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شكليات الطعن بالتعقيب‪....................................‬‬
‫‪65‬‬

‫‪132‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أ‪-‬شروط متعلقة بالعريضة‪................................................‬‬


‫‪65‬‬
‫ب‪-‬تأمين الخطية‪.........................................................‬‬
‫‪71‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬شروط أصلية ‪.............................................‬‬
‫‪72‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مخالفة تشكيل المحكمة واختصاصاتها‪.....................‬‬
‫‪73‬‬
‫أ‪-‬مخالفة قواعد تشكيل المحكمة‪...........................................‬‬
‫‪74‬‬
‫ب‪ -‬خرق قواعد االختصاص‪............................................‬‬
‫‪77‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مخالفة القواعد القانونية ‪...................................‬‬
‫‪84‬‬
‫أ‪-‬مخالفة القواعد الشكلية‪..................................................‬‬
‫‪84‬‬
‫ب‪-‬مخالفة القواعد الموضوعية‪............................................‬‬
‫‪89‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬آثار إجراءات التعقيب الجزائي ‪.............................‬‬
‫‪96‬‬
‫الفصل األول‪ :‬آثار رفع مطلب الطعن بالتعقيب‪............................‬‬
‫‪97‬‬

‫‪133‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫المبحث األول‪ :‬األثر على تنفيذ الحكم ‪.....................................‬‬


‫‪98‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المبدأ التعقيب ال يوقف التنفيذ‪.............................‬‬


‫‪98‬‬
‫أ‪-‬عرض المبدأ‪...........................................................‬‬
‫‪98‬‬
‫ب‪-‬مبررات المب دأ‪.......................................................‬‬
‫‪100‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬االســتثناءات ‪..............................................‬‬
‫‪102‬‬
‫االستثناءات الواردة ضمن مجلة اإلجراءات الجزائي ة‪...........‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪102‬‬
‫ة‪...................‬‬ ‫االستثناءات خارج مجلة اإلجراءات الجزائي‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪105‬‬
‫المبحث الثاني‪" :‬األثر اإلنتقالي" للطعن ب التعقيب‪........................‬‬
‫‪106‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقّيد محكمة التعقيب بموض وع الطعن‪.....................‬‬
‫‪107‬‬
‫المبدأ‪ :‬اقتصار التعهد على مح ل الطعن‪..........................‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪107‬‬

‫‪134‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫د‪..............‬‬ ‫االستثناء ‪ :‬امتداد سلطة محكمة التعقيب في التعه‬ ‫ب‪-‬‬


‫‪108‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تقيد المحكمة بشخص الطــاعن‪.........................‬‬
‫‪112‬‬
‫تقيد المحكمة بصفة الط اعن‪....................................‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪112‬‬
‫اعن‪..................................‬‬ ‫تقيد المحكمة بمصلحة الط‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪114‬‬
‫الفصل الثاني آثار القرار التعقي بي‪......................................‬‬
‫‪115‬‬
‫المبحث األول‪ :‬قرارات عدم اإلحال ة‪...................................‬‬
‫‪116‬‬
‫ـرفض أو النقض‪..............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬قرارات الـ‬
‫‪116‬‬
‫أ ‪ -‬قرارات ال رفض‪....................................................‬‬
‫‪116‬‬
‫ب ‪ -‬ق رارات النقض‪...................................................‬‬
‫‪119‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬قرارات النقض بدون إحالة‪..............................‬‬


‫‪120‬‬

‫‪135‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫أ ‪ -‬نقض ال يترك ما يس توجب الحكم‪..................................‬‬


‫‪120‬‬
‫ب ‪ -‬نقض بطريق الح ذف‪.............................................‬‬
‫‪124‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قرارات اإلحال ة ‪..........................................‬‬
‫‪125‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬محكمة اإلحالــة ‪...........................................‬‬
‫‪126‬‬
‫أ ‪ -‬تعيين محكمة اإلحال ة‪................................................‬‬
‫‪126‬‬
‫ب‪-‬سلطات محكمة اإلحال ة‪..............................................‬‬
‫‪127‬‬
‫ـة ‪.......................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الطعن للمرة الثانيـ‬
‫‪129‬‬
‫أ ‪ -‬تعهد الدوائر المجتمع ة‪...............................................‬‬
‫‪129‬‬
‫ب ‪ -‬محكمة االحالة الثاني ة‪..............................................‬‬
‫‪130‬‬
‫الخاتم ة‪..................................................................‬‬
‫‪133‬‬

‫‪136‬‬
‫إجراءات التعقيب الجزائي‬

‫‪137‬‬

You might also like