Professional Documents
Culture Documents
مصادر ملكية الجماعات الترابية للعقارات واشكالية الاعتداء المادي
مصادر ملكية الجماعات الترابية للعقارات واشكالية الاعتداء المادي
حسب المادة 2من القانون 57.19المتعلق بنظام األمالك العقارية للجماعات الترابية فإن "الجماعات الترابية تتكون من أمالك
تابعة لملكها العام وأمالك تابعة لملكها الخاص ،تشمل أمالك الجماعات الترابية جميع العقارات" سنقوم من خالل (المطلب
األول) بإبراز األمالك المقتناة والمكتسبة للجماعات الترابية ومن خالل (المطلب الثاني) ببيان األمالك المنقولة للجماعات
الترابية .
المطلب األول :األمالك المقتناة والمكتسبة للجماعات الترابية
تجدر اإلشارة إلى أن عمليات االقتناء تساهم في الرفع من الرصيد العقاري االحتياطي للجماعة وتساعد على إنجاز مشاريعها االقتصادية
واالجتماعية والرياضية المرغوب فيها وبالتالي إلى جلب موارد مهمة تدعم ميزانيتها ،وهذه العملية تتم إما بالتراضي أو عن طريق نزع
الملكية.
قد تؤول ملكية بعض العقارات لفائدة الجماعات الترابية إدا كانت موضوع نزاعات معروضة على القضاء وصدرت
بشأنها أحكام نهائية لصالحها ،إذ تتابع مسطرة تنفيد األحكام القضائية أمام مصالح المحافظة العقارية التي تعمل
على تنفيد الحكم وتصفية العقار من النزاع وتأسيس رسم عقاري خاص به باسم الجماعة الترابية المعنية.
إضافة على دلك فإن بعض النصوص التشريعية تنص على إلزامية تحويل الملكية لفائدة الجماعات الترابية في
بعض الحاالت ،فعلى سبيل المثال ال الحصر وكلما تعلق األمر بمشاريع التجزئات العقارية تنفيذا لمقتضيات قانون
التعمير والتجزئات العقارية ،فإن المنعشين العقاريين المجزئين يلتزمون بإنجاز الطرق المسالك داخل التجزئة
إضافة الى بعض التجهيزات كالمساحات الخضراء ،التي تؤول ملكيتها بقوة القانون لفائدة الجماعات الترابية
المعنية مباشرة بعد االستالم المؤقت أو النهائي ألشغال التجزئة العقارية.
المبحث الثاني :إشكالية اإلعتداء المادي كمصدر من مصادر أمالك الجماعات الترابية
يعتبر اإلعتداء المادي ،ذلك الخروج الجسيم من طرف اإلدارة عن مبدأ المشروعية ،والذي يؤدي إلى المس
بالملكية الخاصة أو إحدى الحريات والحقوق الفردية .فمن خالل هذا التعريف البسيط ،سنقف في هذا المبحث
على ماهية االعتداء المادي (المطلب األول) .بعد ذلك سنتطرق إلى اإلعتداء المادي كمصدر من مصادر
أمالك الجماعات الترابية (المطلب الثاني)
المطلب األول :ماهية االعتداء المادي
الفقرة األولى :األصل التاريخي لنظرية االعتداء المادي
تعتبر نظرية االعتداء المادي من النظريات القديمة التي ترجع في أصلها إلى الشريعة الالتينية ،وكانت تعبيرا
عن أنواع مختلفة من القوة والعنف ،وما لبثت أن عبرت إلى القضاء الفرنسي فصاغ منها نظرية أساسية من
نظريات القانون العام .تقوم هذه النظرية على أساس أن اإلدارة تتبع في سبيل اقتضاء حقوقها وسيلة تخالف
الطريق الذي رسمه القانون ،فاالعتداء المادي – كما تدل عليه عبارته – هو أن تعتدي اإلدارة على القانون
وتخالف بذلك مبدأ المشروعية ،أي سيادة القانون.
تطورت نظرية االعتداء المادي في أحكام القضاء بعد ما كانت مقتصرة على األعمال االستبدادية التي يأتيها
الموظف فيخرج بها عن واجبات وظيفته ،وأضحت النظرة إلى هذه الفكرة باعتبارها متضمنة خروجا جسيما عن
طبيعة عمل اإلدارة وتخضع بذلك الختصاص المحاكم القضائية – العادية – ،وامتدت إلى أنواع مختلفة من الحقوق
والحريات الفردية ثم إلى قوانين االستيالء حيث تلجأ اإلدارة كثيرا إلى التنفيذ المباشر غير المشروع.
وهكذا غدت نظرية اإلعتداء المادي نظرية مستقلة لها أصلها التاريخي ولها أساسها الذي تستند عليه ،فال تختلط
بغيرها مما قد يشتبه بها ،وهو ما يعبر عنه بمبدأ استقالل نظرية اإلعتداء المادي.
أما بخصوص المغرب فيرجع أصل نظرية اإلعتداء المادي إلى االختصاصات التي كانت تبث فيها وزارة الشكايات
قبل الحماية ،ومنها فحص الشطط في استعمال السلطة وكذا أعمال التعدي المرتكبة من طرف الوالة والعمال،
واعتبر األستاذ لحسن سيمو أن القضاء المغربي كان يعرف نظرية اإلعتداء المادي تحت اسم أعمال التعدي
المشار إليه ضمن اختصاصات وزارة الشكايات .وكان للقضاء حينها كامل الوالية في إصدار أوامر لإلدارة بالعمل
أو باالمتناع عن القيام بعمل كاإلخالء والهدم واإلزالة والترميم...
الفقرة الثانية :التعريف الفقهي والقضائي لإلعتداء المادي
لقد عرف الفقه الفرنسي اإلعتداء المادي بأنه كل عمل مادي تنفيذي غير مشروع ،ماس بالملكية الخاصة أو
بالحريات العامة أو بحقوق األفراد والجماعات صادر عن سلطة إدارية ،وبالتالي يصبح مجردا عن صفته
اإلدارية وتفتقد اإلدارة بسببه كل االمتيازات المعترف لها بها كسلطة عامة ،فتنزل منزلة األفراد العاديين ويخرج
عملها هذا عن رقابة القضاء اإلداري.
وعرفه الفقه المغربي أمثال الدكتور أمال المشرفي على انه :كل عمل ال صلة له مطلقا بتطبيق نص قانوني أو
تنظيمي ،أو حتى بإحدى الصالحيات المسندة لإلدارة .فهو العمل الذي ال يمكن اعتباره عمال ذي طبيعة إدارية
يمكن إدراجه ضمن ممارسة السلطة اإلدارية.
وعرفه الدكتور عبد هللا حداد :بأن :اإلدارة تعتبر مرتكبة العتداء مادي إذا ما ارتكبت خطأ جسيما أثناء قيامها
بعمل مادي يتضمن إعتداءا على حرية مواطن أو على عقار مملوك ألحد األفراد.
كما عرفه األستاذ الحسن الوزاني شاهدي على انه :ارتكاب اإلدارة لعدم مشروعية جسيمة ،وظاهر أثناء قيامها
بنشاط مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بالحريات العامة ويكون في حد ذاته منعدم
االتصال بتطبيق أي نص قانوني أو تنظيمي أو حتى بإحدى السلطات المخولة لإلدارة.
نفس االتجاه ذهب إليه القضاء المغربي حين عرف االعتداء المادي بأنه عمل مادي غير مرتبط
بنص تشريعي أو تنظيمي ،وليست له أية صلة بالقرارات اإلدارية الصادرة عن
السلطة اإلدارية .قرار مجلس األعلى عدد 74بتاريخ .1992-3-12
ويتميز اإلعتداء المادي عن غيره من األعمال المادية األخرى كالغصب واالستيالء بالقوة واألعمال
اإلدارية المنعدمة ،واألعمال اإلدارية الباطلة "الخطأ البسيط" بكون اإلعتداء المادي يتحد ويجتمع
معها في انعدام المشروعية ،لكنه يختلف عنها.
فهو يختلف عن الغصب واالستيالء بالقوة في كون هذين األخيرين ينصبان على العقار فقط ويكفي
في ذلك بالمخالفة البسيطة لعدم المشروعية في حين أن االعتداء المادي يرد على العقار والمنقول
أيضا كما أنه وكما سبق ذكره تكون مخالفة عدم المشروعية جسيمة وبالتالي فهو أوسع من الغصب
واالستيالء بالقوة ،كما يختلف عن األعمال اإلدارية المنعدمة التي تكون منعدمة أساسا بمجرد
اتخاذها دون حاجة إلى تنفيذها أي أنها في حكم البطالن المطلق من ساعة صدورها ،كما يختلف
عن األعمال الباطلة لكون هذه األخيرة مشوبة فقط بعيب الخطأ البسيط .في حين يوصف االعتداء
المادي كما أسلف الذكر بأنه عمل مادي تنفيذي صادر عن سلطة إدارية دون غيرها وينطوي على
خطأ جسيم وصارخ يتمثل في االعتداء الواضح على ملكية خاصة أو حرية شخصية.
واالعتداء المادي حسب األستاذ الحسن سيمو ال يتحقق إال بشرطين:
الثاني األول
يستوجب أن يكون تصرف اإلدارة مجردا
أن يكون هناك مساس خطير بالملكية
من صفة النشاط اإلداري ،ويصعب ربطه
بتنفيذ نص قانوني أو تنظيمي الخاصة أو الحريات األساسية.
المطلب الثاني :إشكالية االعتداء المادي
يتحقق االعتداء المادي إما بتنفيذ قرار معدوم ،أو عندما تقوم اإلدارة بالتنفيذ المباشر ألعمالها دون االلتزام بالشروط التي
حددها القانون .ويتجلى مظهر االعتداء المادي في االعتداء على ملكية خاصة (الفقرة األولى) ،أما(الفقرة الثانية) سنخصصها
إلى إشكالية الجمع بين االعتداء المادي ودعوى نزع الملكية.
ينص الفصل 15من الدستور المراجع لسنة 1996على أن "حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة مضمونان .للقانون أن يحد من مداهما
وممارستهما إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو االقتصادي واالجتماعي للبالد .وال يمكن نزع الملكية من طرف الجماعات الترابية إال في األحوال وحسب
اإلجراءات المنصوص عليها في القانون ".إال أن إدارة الجماعات الترابية أحيانا تلجأ إلى احتالل عقار أو تضع يدها على منقول مملوك ألحد األفراد دون
إتباع اإلجراءات القانونية والمسطرية الالزمة لذلك تحت ذريعة االستعجال أو تعقد وطول المساطر ،وذلك لتحقيق المصلحة العامة ،وتخرق بذلك القانون
ويجرد عملها هذا من أية صفة إدارية ،وتنزل منزلة األفراد العاديين.
كما قد يكون اعتداء الجماعات الترابية على ملكية منقولة وليس فقط على ملكية عقارية ،كأن تضع إدارة الجماعات
يدها على بضائع أو أشياء أخرى منقولة دون موافقة المالك ودون صدور قرار باالستيالء ،وكأن تقوم ببيع المنقوالت
المملوكة لتاجر دون إتباع اإلجراءات الجوهرية لالستيالء.
هناك حاالت يرفض فيها القضاء تكييف تصرف الجماعات الترابية على أنه يشكل إعتداء مادي ،فمثال إذا كان هناك
اتفاق مبدئي بين الجماعات والمالك أو الترخيص من هذا األخير لألولى باالستيالء على ملكه والتصرف فيه بشتى أنواع
التصرف ،حيث ينتفي عنصر المساس بحق الملكية وتنعدم ظاهرة االعتداء المادي بالرغم من تحققها قانونيا ،كذلك العمل
المادي غير المشروع المرتكب في حالة الضرورة أو الظروف االستثنائية فانه فإنه ال يرقى إلى اعتداء مادي.
الفقرة الثانية :إشكالية الجمع بين االعتداء المادي ونزع الملكية
إن سلوك إدارة الجماعات الترابية لمسطرة نزع الملكية ال أثر له على اعتدائها الذي قامت به في وقت سابق على العقارات
موضوع نزع الملكية ،إذ أن مباشرتها لتلك المسطرة ال يمكن بأي حال أن يصحح وضع يدها على عقارات األفراد دون سلوك اإلجراءات
القانونية ،ومن تم فالتعويض المستحق لمالك العقار المعتدى عليه يبقى قائما في إطار نظرية االعتداء المادي وليس في إطار نزع الملكية.
فالتعويض عن االعتداء المادي يستقل في تقديره عن القواعد المنصوص عليها في الفصل 20من قانون نزع الملكية ،ألجله اعتمد
القضاء اإلداري على مجموعة من األسس والمعايير المغايرة لتحديد التعويض عن االعتداء المادي ،وبذلك فمن حق المغصوبة ملكيتهم،
طلب التعويض عن األضرار الناشئة عن االعتداء المادي ،والمتمثلة في التعويض عن فقدان الرقابة والتعويض عن الحرمان من االستغالل
وهذا ما نستنتجه من (الحكم رقم ) 04الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ 2يناير 2006في (ملف عدد 02-700ش ت) الذي
نص على " :إن االعتداء المادي يكون واضحا عندما تلجأ اإلدارة إلى تنفيذ إجراء يتبين في ظاهره عدم إمكان إسناده إلى نص تشريعي أو
تنظيمي ،فإن المشرع حدد لإلدارة الطرق القانونية لنزع ملكية األراضي للمنفعة العامة ،وأن وضع اليد في غياب المساطر المحددة قانونا
يجعل واقعة االعتداء المادي ثابتة .ومسؤولية اإلدارة قائمة عن مختلف األضرار التي تنتج عن ذلك والتي تشمل التعويض عن فقدان
الرقابة وعن االحتالل غير المشروع وعن الحرمان من االستغالل.
أما على مستوى إشكالية الجمع بين دعوى نزع الملكية ودعوى االعتداء المادي فإن االجتهاد
القضائي ذهب إلى اعتبار أن دعوى التعويض عن االعتداء المادي تختلف عن دعوى نزع
الملكية ألجل المنفعة العامة ،بحيث أن: