Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 22

‫عرض حول‬

‫مصادر ملكية الجماعات‬


‫الترابية للعقارات واشكالية‬
‫االعتداء المادي‬
‫ماستر الحكامة وسياسة الجماعات الترابية‬
‫تنسيق‪ :‬ذ حميد أبوالس‬

‫مادة‪ :‬تدبير الممتلكات الجماعية‬


‫تحت اشراف‪ :‬ذ أحمد رفيع‬

‫من اعداد الطلبة‪:‬‬


‫نهيلة بودن‬ ‫سكينة حيون‬
‫محمد أونينيس‬ ‫منتصر النوني‬
‫أنيسة قبوع‬ ‫حسناء أفنتاوس‬
‫نهيلة الفتوح‬ ‫اميمة السباعي‬

‫السنة الجامعية‪2023/2024 :‬‬


‫مقدمة‬
‫نظرا لألهمية المركزية التي صارت تتبوؤها الجماعات الترابية على المستويين الدولي والوطني في الحياة اليومية للمرتفقين‬
‫والزبناء في مجاالت االدارة والتعمير والتجهيزات والخدمات‪ ،‬وامام التحوالت والتطورات السياسية واالجتماعية واالقتصادية‬
‫والقانونية التي شهدها مغرب االلفية الثالثة فانه كان من الالزم إعادة النظر في األدوار واإلمكانيات والموارد التي يجب ان تتوفر‬
‫للجماعة من اجل تحقيق التنمية الوطنية ‪.‬‬
‫وتشمل أمالك الجماعات الترابية جميع العقارات التي تمتلكها هذه األخيرة ملكية قانونية تامة وتقوم بتدبيرها في حدود ما يسمح‬
‫بها القانون والتي اكتسبتها عن طرق االقتناء بالتراضي أو عن طريق نزع الملكية أو عن طريق المبادلة أو الهبات أو الوصايا أو‬
‫المنقولة إليها من طرف الدولة أو جماعات ترابية أخرى أو مؤسسة عمومية‪ ،‬باإلضافة التي تضع يدها عليها في إطار االعتداء‬
‫المادي‪.‬‬
‫إن تنوع مصادر ملكية الجماعات الترابية للعقارات ناتج عن تطبيق مسطرة قانونية تتدخل فيها إرادة الجماعة وتحضر فيها موافقة‬
‫المالك األصلي لها وبين ما هو ناتج عن ممارسة غير قانونية تغيب فيها إرادة المالك األصلي وتتم خارج كل القواعد القانونية وهو‬
‫ما يصطلح عليه باالعتداء المادي‪.‬‬
‫فإذا كان القانون ‪ 57.19‬المتعلق بنظام األمالك العقارية للجماعات الترابية ينظم الطرق والمساطر المعتمدة في تكوين وتدبير الملك‬
‫الجماعية‪ ،‬فهذا يعد بمثابة مدخال لتنمية أمالكها‪ ،‬فإن األحكام القضائية الصادرة عن المحاكم اإلدارية والقاضية بتعويض عن‬
‫االعتداء المادي مدخال اخرا للجماعات في تكوين رصيد عقاري اضافي‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق عمدنا على طرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫ماهي مصادر ملكية الجماعات الترابية وماهي إشكالية االعتداء المادي؟‬

‫وتتفرع عنها تساؤالت ثانوية يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫◦ كيف تمتلك الجماعات الترابية عقاراتها؟‬


‫ملكية‬ ‫مصادر‬ ‫من‬ ‫كمصدر‬ ‫المادي‬ ‫◦ وكيف يمكن اعتبار االعتداء‬
‫العقارات للجماعات الترابية؟‬

‫لإلجابة عن اإلشكالية المطروحة سنعتمد على التصميم التالي‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬مصادر ملكية الجماعات الترابية‬
‫المطلب األول‪ :‬األمالك المقتناة والمكتسبة للجماعات الترابية‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األمالك المقتناة‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األمالك المكتسبة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬العقارات المنقولة‬
‫الفقرة األولى‪ :‬العقارات المنقولة ملكيتها للجماعات عن طريق الدولة أو جماعة ترابية أخرى أو مؤسسة عمومية‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬العقارات المنقولة ملكيتها للجماعات عن طريق الهبات والتوصيات‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إشكالية اإلعتداء المادي كمصدر من مصادر أمالك الجماعات الترابية‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية االعتداء المادي‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األصل التاريخي لنظرية االعتداء المادي‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعريف الفقهي والقضائي لإلعتداء المادي‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إشكالية االعتداء‬
‫الفقرة األولى‪ :‬االعتداء على الملكية الخاصة من قبل الجماعات الترابية‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية الجمع بين االعتداء المادي ونزع الملكية‬
‫المبحث األول‪ :‬مصادر ملكية الجماعات الترابية‬

‫حسب المادة ‪ 2‬من القانون ‪ 57.19‬المتعلق بنظام األمالك العقارية للجماعات الترابية فإن "الجماعات الترابية تتكون من أمالك‬
‫تابعة لملكها العام وأمالك تابعة لملكها الخاص‪ ،‬تشمل أمالك الجماعات الترابية جميع العقارات" سنقوم من خالل (المطلب‬
‫األول) بإبراز األمالك المقتناة والمكتسبة للجماعات الترابية ومن خالل (المطلب الثاني) ببيان األمالك المنقولة للجماعات‬
‫الترابية ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬األمالك المقتناة والمكتسبة للجماعات الترابية‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن عمليات االقتناء تساهم في الرفع من الرصيد العقاري االحتياطي للجماعة وتساعد على إنجاز مشاريعها االقتصادية‬
‫واالجتماعية والرياضية المرغوب فيها وبالتالي إلى جلب موارد مهمة تدعم ميزانيتها‪ ،‬وهذه العملية تتم إما بالتراضي أو عن طريق نزع‬
‫الملكية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األمالك المقتناة‬


‫ثانيا‪ :‬عن طرق نزع الملكية‬
‫يمكن للجماعات الترابية إذا تعذر عليها اكتساب العقارات بالتراضي أن تلجأ إلى‬ ‫أوال‪ :‬عن طريق االقتناء‬
‫مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة‪ ،‬والتي تعرف عموما بكونها إجراء‬ ‫يمكن للجماعات الترابية اقتناء العقارات التي تحتاج إليها‬
‫يرمي إلى دفع مالك عقار معين إلى التنازل عن ملكيته للعقار المراد نزع ملكيته‬ ‫بالمراضاة من األشخاص العامة أو الخاصة‪ ،‬مقابل أداء‬
‫منه‪ ،‬مقابل مبلغ معين من المال يتم تحديده من طرف اللجنة اإلدارية للتقييم بشكل‬ ‫ثمنها للطرف المقتنى منه أو بمبادلة أمالكها بعقارات‬
‫يروم إعطاء القيمة الحقيقية لألرض حتى ال يتم اجحاف الشخص المنزوع ملكيته‪.‬‬ ‫أخرى‪ ،‬يلزم عقد االقتناء الجماعة بدفع ثمن العقار‬
‫و بما أن حق الملكية حق دستوري طبقا للفصل ‪ 35‬من دستور ‪ ،2011‬فإن هذه‬ ‫موضوع العقد إلى الطرف اآلخر مقابل الحصول على‬
‫المسطرة ال يمكن سلكها إال عبر المرور من المرحلتين اإلدارية والقضائية‪.‬‬ ‫هذا العقار برضاه وذلك طبقا للقوانين الجاري بها العمل‪.‬‬
‫و عليه فإن مسألة نزع الملكية و المنظمة بالقانون رقم ‪ ،7.81‬ال يمكن أن تتم إال‬
‫إذا كان العقار الذي يراد حيازته يدخل في إطار اإلعالن عن المنفعة العامة ‪.‬‬
‫غير أن المالحظ على المستوى العملي‪ ،‬أن العديد من الجماعات الترابية قلما تلجأ‬
‫الى مسطرة نزع الملكية وخاصة في الشق المتعلق بتنفيذ تصميم التهيئة بسبب عدم‬
‫توفر االعتمادات الكافية‪ ،‬كما أنها وفي الكثير من الحاالت التي لجأت فيها إلى هده‬
‫المسطرة‪ ،‬فإنها لم تستكمل كافة مراحلها‪ ،‬إد غالبا ما يتم التوقف عن استكمال‬
‫المسطرة بعد الحصول على الحكم بنقل الملكية وإنجاز المشروع‪ ،‬دون تتبع دلك مع‬
‫مصلحة المحافظة العقارية بغية الحصول على الرسم العقاري الخاص بالقطعة‬
‫المنزوع ملكيتها‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬األمالك المكتسبة‬

‫العقارات المكتسبة عن طريق الحيازة المستوفية‬


‫للشروط القانونية‬
‫العقارات المكتسبة عن طريق المبادلة‬
‫تعتبر المبادلة من وسائل تملك الجماعة الترابية لألمالك العقارية‪ ،‬وهي‬
‫حسب مقتضيات القانون رقم ‪ 19-57‬فإن العقارات التي تمت حيازتها‬ ‫تعني قيام نفس الجماعة باالتفاق مع إحدى مالكي العقار إلجراء مبادلة‬
‫من طرف الجماعات الترابية واستوفت شروط الحيازة فإنها تصبح‬ ‫بين ملكه وملك من أمالك الجماعة الترابية الخاص‪ ،‬وقد تكون المبادلة‬
‫مالكة لها بعد تحديدها أو تحفيظها‪ ،‬غير أنه وبالرجوع إلى القواعد‬ ‫عينية دون أن يصاحبها تعويض إضافي أو العكس‪ ،‬فحينما يتم االتفاق‬
‫القانونية المطبقة على الحيازة والتي تشترط في غالب األحيان أن ال‬ ‫بين الجماعة الترابية ومالك العقار المقترح للمبادلة‪ ،‬تقوم لجنة إدارية‬
‫تقل مدة الحيازة عن عشر سنوات وأن تكون بصفة هادئة ومستمرة‪،‬‬ ‫بتحديد قيمة العقارين‪ ،‬ليتم على أساس دلك احتساب صافي قيمة كل‬
‫فإن الجماعات لن تتمكن من حيازة هاته العقارات بالشروط المطلوبة إال‬ ‫عقار‪ ،‬ومن ثم إجراء عملية المبادلة وتقديم التعويض اإلضافي إن كان‬
‫في الحاالت التي تكون العقارات التي حازتها غير مملوكة أصال ألية‬ ‫هناك فرق بين قيمتي العقارين موضوعي المبادلة‪ ،‬وتجدر اإلشارة إلى‬
‫جهة أو أن مالكيها قد تخلوا عنها دون المطالبة بأحقيتها‪ ،‬إن تطبيق‬
‫أن المشرع لم يقيد حق الجماعات الترابية في هده العملية بل تركها‬
‫هدا المقتضى وإن كان يساهم من جهة في تصفية ممتلكات الجماعات‬
‫مفتوحة ومتوقفة على أساليبها في التدبير‪ ،‬إد يمكن اللجوء لهده‬
‫الترابية ويسهل عملية تحصينها وتحفيضها وخاصة تلك التي تصنف‬
‫العملية سواء بغاية توفير وعاء عقاري الستقطاب مشروع معين‪ ،‬أو‬
‫على أنها أمالك خاصة‪ ،‬فإنه من جهة أخرى قد يكون السبب وراء‬
‫ضياع حقوق أصحاب العقار ومالكه الحقيقيون الدين لم يتمكنوا من‬ ‫لمجرد تطوير عقارات الجماعات الترابية وتملك عقارات يمكن أن‬
‫المطالبة به لسبب من األسباب‪.‬‬ ‫تنفعها الحقًا‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬العقارات المنقولة‬
‫كما هو معلوم فإن للجماعات عقارات منقولة‪ ،‬يمكن أن نقسم هذه األخيرة إلى ثالث فقرات‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬العقارات المنقولة ملكيتها للجماعات عن طريق‬
‫الهبات والتوصيات‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬العقارات المنقولة ملكيتها للجماعات عن طريق الدولة أو‬
‫جماعة ترابية أخرى أو مؤسسة عمومية‬
‫بالرجوع إلى القانون التنظيمي ‪ 57.19‬المتعلق بنظام األمالك‬
‫العقارية للجماعات الترابية‪ ،‬فإن المجلس يتداول بشأن قبول‬
‫الهبات والوصايا المتعلقة بالعقارات الممنوحة للجماعة الترابية‪.‬‬ ‫لتعزيز مبدأ التعاون الذي يحدث بين الدولة وجماعة‬
‫كما يعتبر باطال كل شرط يقضي بتخصيص العقار الموهوب أو‬ ‫ترابية أوعدة جماعات ترابية يمكن لهذه األخيرة ان‬
‫الموصى به تخصيصا مخالفا لوثائق التعمير‪ ،‬كما يجب على‬
‫تقوم بنقل بعض العقارات الى ملكية الجماعات‬
‫رئيس المجلس أن يطلب‪ ،‬داخل ‪ 30‬يوما الموالية لمداوالت‬
‫المجلس ‪ ،‬تقييد عقود الهبات في السجاالت العقارية‪ ،‬بالنسبة‬ ‫الترابية او جماعة ترابية مقابل التزام هذه األخيرة‬
‫للعقارات المحفظة أو في طور التحفيظ ‪ ،‬وأن يودع مطالب‬
‫تحفيظ العقارات غير المحفظة‪ ،‬كما يجب عليه القيام بنفس‬
‫اإلجراءات بالنسبة لعقود الوصايا ‪ ،‬وذلك عند حلول أجل‬
‫استحقاقها‪.‬‬
‫الفقرة الثاالثالثة‪:‬العقارات المنقول ملكيتها تطبيقا لمقتضيات تشريعية أو بموجب مقررات قضائية‪.‬‬

‫قد تؤول ملكية بعض العقارات لفائدة الجماعات الترابية إدا كانت موضوع نزاعات معروضة على القضاء وصدرت‬
‫بشأنها أحكام نهائية لصالحها‪ ،‬إذ تتابع مسطرة تنفيد األحكام القضائية أمام مصالح المحافظة العقارية التي تعمل‬
‫على تنفيد الحكم وتصفية العقار من النزاع وتأسيس رسم عقاري خاص به باسم الجماعة الترابية المعنية‪.‬‬
‫إضافة على دلك فإن بعض النصوص التشريعية تنص على إلزامية تحويل الملكية لفائدة الجماعات الترابية في‬
‫بعض الحاالت‪ ،‬فعلى سبيل المثال ال الحصر وكلما تعلق األمر بمشاريع التجزئات العقارية تنفيذا لمقتضيات قانون‬
‫التعمير والتجزئات العقارية‪ ،‬فإن المنعشين العقاريين المجزئين يلتزمون بإنجاز الطرق المسالك داخل التجزئة‬
‫إضافة الى بعض التجهيزات كالمساحات الخضراء‪ ،‬التي تؤول ملكيتها بقوة القانون لفائدة الجماعات الترابية‬
‫المعنية مباشرة بعد االستالم المؤقت أو النهائي ألشغال التجزئة العقارية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إشكالية اإلعتداء المادي كمصدر من مصادر أمالك الجماعات الترابية‬

‫يعتبر اإلعتداء المادي‪ ،‬ذلك الخروج الجسيم من طرف اإلدارة عن مبدأ المشروعية‪ ،‬والذي يؤدي إلى المس‬
‫بالملكية الخاصة أو إحدى الحريات والحقوق الفردية‪ .‬فمن خالل هذا التعريف البسيط‪ ،‬سنقف في هذا المبحث‬
‫على ماهية االعتداء المادي (المطلب األول)‪ .‬بعد ذلك سنتطرق إلى اإلعتداء المادي كمصدر من مصادر‬
‫أمالك الجماعات الترابية (المطلب الثاني)‬
‫المطلب األول‪ :‬ماهية االعتداء المادي‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األصل التاريخي لنظرية االعتداء المادي‬
‫تعتبر نظرية االعتداء المادي من النظريات القديمة التي ترجع في أصلها إلى الشريعة الالتينية‪ ،‬وكانت تعبيرا‬
‫عن أنواع مختلفة من القوة والعنف‪ ،‬وما لبثت أن عبرت إلى القضاء الفرنسي فصاغ منها نظرية أساسية من‬
‫نظريات القانون العام‪ .‬تقوم هذه النظرية على أساس أن اإلدارة تتبع في سبيل اقتضاء حقوقها وسيلة تخالف‬
‫الطريق الذي رسمه القانون‪ ،‬فاالعتداء المادي – كما تدل عليه عبارته – هو أن تعتدي اإلدارة على القانون‬
‫وتخالف بذلك مبدأ المشروعية‪ ،‬أي سيادة القانون‪.‬‬
‫تطورت نظرية االعتداء المادي في أحكام القضاء بعد ما كانت مقتصرة على األعمال االستبدادية التي يأتيها‬
‫الموظف فيخرج بها عن واجبات وظيفته‪ ،‬وأضحت النظرة إلى هذه الفكرة باعتبارها متضمنة خروجا جسيما عن‬
‫طبيعة عمل اإلدارة وتخضع بذلك الختصاص المحاكم القضائية – العادية –‪ ،‬وامتدت إلى أنواع مختلفة من الحقوق‬
‫والحريات الفردية ثم إلى قوانين االستيالء حيث تلجأ اإلدارة كثيرا إلى التنفيذ المباشر غير المشروع‪.‬‬
‫وهكذا غدت نظرية اإلعتداء المادي نظرية مستقلة لها أصلها التاريخي ولها أساسها الذي تستند عليه‪ ،‬فال تختلط‬
‫بغيرها مما قد يشتبه بها‪ ،‬وهو ما يعبر عنه بمبدأ استقالل نظرية اإلعتداء المادي‪.‬‬
‫أما بخصوص المغرب فيرجع أصل نظرية اإلعتداء المادي إلى االختصاصات التي كانت تبث فيها وزارة الشكايات‬
‫قبل الحماية‪ ،‬ومنها فحص الشطط في استعمال السلطة وكذا أعمال التعدي المرتكبة من طرف الوالة والعمال‪،‬‬
‫واعتبر األستاذ لحسن سيمو أن القضاء المغربي كان يعرف نظرية اإلعتداء المادي تحت اسم أعمال التعدي‬
‫المشار إليه ضمن اختصاصات وزارة الشكايات‪ .‬وكان للقضاء حينها كامل الوالية في إصدار أوامر لإلدارة بالعمل‬
‫أو باالمتناع عن القيام بعمل كاإلخالء والهدم واإلزالة والترميم‪...‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التعريف الفقهي والقضائي لإلعتداء المادي‬
‫لقد عرف الفقه الفرنسي اإلعتداء المادي بأنه كل عمل مادي تنفيذي غير مشروع‪ ،‬ماس بالملكية الخاصة أو‬
‫بالحريات العامة أو بحقوق األفراد والجماعات صادر عن سلطة إدارية‪ ،‬وبالتالي يصبح مجردا عن صفته‬
‫اإلدارية وتفتقد اإلدارة بسببه كل االمتيازات المعترف لها بها كسلطة عامة‪ ،‬فتنزل منزلة األفراد العاديين ويخرج‬
‫عملها هذا عن رقابة القضاء اإلداري‪.‬‬
‫وعرفه الفقه المغربي أمثال الدكتور أمال المشرفي على انه‪ :‬كل عمل ال صلة له مطلقا بتطبيق نص قانوني أو‬
‫تنظيمي‪ ،‬أو حتى بإحدى الصالحيات المسندة لإلدارة‪ .‬فهو العمل الذي ال يمكن اعتباره عمال ذي طبيعة إدارية‬
‫يمكن إدراجه ضمن ممارسة السلطة اإلدارية‪.‬‬
‫وعرفه الدكتور عبد هللا حداد‪ :‬بأن‪ :‬اإلدارة تعتبر مرتكبة العتداء مادي إذا ما ارتكبت خطأ جسيما أثناء قيامها‬
‫بعمل مادي يتضمن إعتداءا على حرية مواطن أو على عقار مملوك ألحد األفراد‪.‬‬
‫كما عرفه األستاذ الحسن الوزاني شاهدي على انه‪ :‬ارتكاب اإلدارة لعدم مشروعية جسيمة‪ ،‬وظاهر أثناء قيامها‬
‫بنشاط مادي تنفيذي يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساسا بالحريات العامة ويكون في حد ذاته منعدم‬
‫االتصال بتطبيق أي نص قانوني أو تنظيمي أو حتى بإحدى السلطات المخولة لإلدارة‪.‬‬
‫نفس االتجاه ذهب إليه القضاء المغربي حين عرف االعتداء المادي بأنه عمل مادي غير مرتبط‬
‫بنص تشريعي أو تنظيمي‪ ،‬وليست له أية صلة بالقرارات اإلدارية الصادرة عن‬
‫السلطة اإلدارية‪ .‬قرار مجلس األعلى عدد ‪ 74‬بتاريخ ‪.1992-3-12‬‬
‫ويتميز اإلعتداء المادي عن غيره من األعمال المادية األخرى كالغصب واالستيالء بالقوة واألعمال‬
‫اإلدارية المنعدمة‪ ،‬واألعمال اإلدارية الباطلة "الخطأ البسيط" بكون اإلعتداء المادي يتحد ويجتمع‬
‫معها في انعدام المشروعية‪ ،‬لكنه يختلف عنها‪.‬‬
‫فهو يختلف عن الغصب واالستيالء بالقوة في كون هذين األخيرين ينصبان على العقار فقط ويكفي‬
‫في ذلك بالمخالفة البسيطة لعدم المشروعية في حين أن االعتداء المادي يرد على العقار والمنقول‬
‫أيضا كما أنه وكما سبق ذكره تكون مخالفة عدم المشروعية جسيمة وبالتالي فهو أوسع من الغصب‬
‫واالستيالء بالقوة‪ ،‬كما يختلف عن األعمال اإلدارية المنعدمة التي تكون منعدمة أساسا بمجرد‬
‫اتخاذها دون حاجة إلى تنفيذها أي أنها في حكم البطالن المطلق من ساعة صدورها‪ ،‬كما يختلف‬
‫عن األعمال الباطلة لكون هذه األخيرة مشوبة فقط بعيب الخطأ البسيط‪ .‬في حين يوصف االعتداء‬
‫المادي كما أسلف الذكر بأنه عمل مادي تنفيذي صادر عن سلطة إدارية دون غيرها وينطوي على‬
‫خطأ جسيم وصارخ يتمثل في االعتداء الواضح على ملكية خاصة أو حرية شخصية‪.‬‬
‫واالعتداء المادي حسب األستاذ الحسن سيمو ال يتحقق إال بشرطين‪:‬‬

‫الثاني‬ ‫األول‬
‫يستوجب أن يكون تصرف اإلدارة مجردا‬
‫أن يكون هناك مساس خطير بالملكية‬
‫من صفة النشاط اإلداري‪ ،‬ويصعب ربطه‬
‫بتنفيذ نص قانوني أو تنظيمي‬ ‫الخاصة أو الحريات األساسية‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إشكالية االعتداء المادي‬
‫يتحقق االعتداء المادي إما بتنفيذ قرار معدوم‪ ،‬أو عندما تقوم اإلدارة بالتنفيذ المباشر ألعمالها دون االلتزام بالشروط التي‬
‫حددها القانون‪ .‬ويتجلى مظهر االعتداء المادي في االعتداء على ملكية خاصة (الفقرة األولى)‪ ،‬أما(الفقرة الثانية) سنخصصها‬
‫إلى إشكالية الجمع بين االعتداء المادي ودعوى نزع الملكية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬االعتداء على الملكية الخاصة من قبل الجماعات الترابية‬

‫ينص الفصل ‪ 15‬من الدستور المراجع لسنة ‪ 1996‬على أن "حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة مضمونان‪ .‬للقانون أن يحد من مداهما‬
‫وممارستهما إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو االقتصادي واالجتماعي للبالد‪ .‬وال يمكن نزع الملكية من طرف الجماعات الترابية إال في األحوال وحسب‬
‫اإلجراءات المنصوص عليها في القانون‪ ".‬إال أن إدارة الجماعات الترابية أحيانا تلجأ إلى احتالل عقار أو تضع يدها على منقول مملوك ألحد األفراد دون‬
‫إتباع اإلجراءات القانونية والمسطرية الالزمة لذلك تحت ذريعة االستعجال أو تعقد وطول المساطر‪ ،‬وذلك لتحقيق المصلحة العامة‪ ،‬وتخرق بذلك القانون‬
‫ويجرد عملها هذا من أية صفة إدارية‪ ،‬وتنزل منزلة األفراد العاديين‪.‬‬
‫كما قد يكون اعتداء الجماعات الترابية على ملكية منقولة وليس فقط على ملكية عقارية‪ ،‬كأن تضع إدارة الجماعات‬
‫يدها على بضائع أو أشياء أخرى منقولة دون موافقة المالك ودون صدور قرار باالستيالء‪ ،‬وكأن تقوم ببيع المنقوالت‬
‫المملوكة لتاجر دون إتباع اإلجراءات الجوهرية لالستيالء‪.‬‬

‫هناك حاالت يرفض فيها القضاء تكييف تصرف الجماعات الترابية على أنه يشكل إعتداء مادي‪ ،‬فمثال إذا كان هناك‬
‫اتفاق مبدئي بين الجماعات والمالك أو الترخيص من هذا األخير لألولى باالستيالء على ملكه والتصرف فيه بشتى أنواع‬
‫التصرف‪ ،‬حيث ينتفي عنصر المساس بحق الملكية وتنعدم ظاهرة االعتداء المادي بالرغم من تحققها قانونيا‪ ،‬كذلك العمل‬
‫المادي غير المشروع المرتكب في حالة الضرورة أو الظروف االستثنائية فانه فإنه ال يرقى إلى اعتداء مادي‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إشكالية الجمع بين االعتداء المادي ونزع الملكية‬

‫إن سلوك إدارة الجماعات الترابية لمسطرة نزع الملكية ال أثر له على اعتدائها الذي قامت به في وقت سابق على العقارات‬
‫موضوع نزع الملكية‪ ،‬إذ أن مباشرتها لتلك المسطرة ال يمكن بأي حال أن يصحح وضع يدها على عقارات األفراد دون سلوك اإلجراءات‬
‫القانونية‪ ،‬ومن تم فالتعويض المستحق لمالك العقار المعتدى عليه يبقى قائما في إطار نظرية االعتداء المادي وليس في إطار نزع الملكية‪.‬‬

‫فالتعويض عن االعتداء المادي يستقل في تقديره عن القواعد المنصوص عليها في الفصل ‪ 20‬من قانون نزع الملكية ‪ ،‬ألجله اعتمد‬
‫القضاء اإلداري على مجموعة من األسس والمعايير المغايرة لتحديد التعويض عن االعتداء المادي‪ ،‬وبذلك فمن حق المغصوبة ملكيتهم‪،‬‬
‫طلب التعويض عن األضرار الناشئة عن االعتداء المادي‪ ،‬والمتمثلة في التعويض عن فقدان الرقابة والتعويض عن الحرمان من االستغالل‬
‫وهذا ما نستنتجه من (الحكم رقم ‪) 04‬الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2‬يناير ‪ 2006‬في (ملف عدد ‪ 02-700‬ش ت) الذي‬
‫نص على‪ " :‬إن االعتداء المادي يكون واضحا عندما تلجأ اإلدارة إلى تنفيذ إجراء يتبين في ظاهره عدم إمكان إسناده إلى نص تشريعي أو‬
‫تنظيمي‪ ،‬فإن المشرع حدد لإلدارة الطرق القانونية لنزع ملكية األراضي للمنفعة العامة‪ ،‬وأن وضع اليد في غياب المساطر المحددة قانونا‬
‫يجعل واقعة االعتداء المادي ثابتة‪ .‬ومسؤولية اإلدارة قائمة عن مختلف األضرار التي تنتج عن ذلك والتي تشمل التعويض عن فقدان‬
‫الرقابة وعن االحتالل غير المشروع وعن الحرمان من االستغالل‪.‬‬
‫أما على مستوى إشكالية الجمع بين دعوى نزع الملكية ودعوى االعتداء المادي فإن االجتهاد‬
‫القضائي ذهب إلى اعتبار أن دعوى التعويض عن االعتداء المادي تختلف عن دعوى نزع‬
‫الملكية ألجل المنفعة العامة‪ ،‬بحيث أن‪:‬‬

‫دعوى االعتداء المادي ترمي إلى‬


‫في حين أن دعوى نزع الملكية ألجل‬ ‫المطالبة بالتعويض عن ضرر ناتج عن‬
‫المنفعة العامة تندرج في إطار اختصاص‬ ‫تصرف إداري متسم بالجسامة في عدم‬
‫المحاكم اإلدارية المتمثل في النزاعات‬ ‫مشروعيته وماس بحق الملكية العقارية‪،‬‬
‫الناتجة عن تطبيق قانون نزع الملكية من‬ ‫ومن تم فهي تندرج في إطار دعوى‬
‫أجل المنفعة العامة‪.‬‬ ‫المسؤولية عن األضرار التي تسببها‬
‫أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫وختاما لقد تعددت مصادر ملكية الجماعات الترابية للعقارات وتنوعت صوره الى عقارات مقتناه بالتراضي‬
‫وعقارات مملوكة عن طريق نزع الملكية ‪،‬إضافة الى عقارات المكتسبة عن طريق المبادلة و الحيازة المستوفية‬
‫للشروط القانونية و عقارات المنقولة اال أن أحيانا قد يتم احتالل أمالك الخواص دون سند قانوني أو ترخيص من‬
‫المالك وذلك تحت مبررات االستعجال وتعقد مسطرة االقتناء بالتراضي أو مسطرة نزع الملكية إضافة الى الجهل‬
‫أحيانا بهذه المساطر من طرف الموظفين أو الى جهل المواطنين بحقوقهم ‪،‬مما يجعل هذه التصرفات خارج دائرة‬
‫القانون وشططا في استعمال سلطتها ‪،‬الشيء الذي يعرض قراراتها تلك لقابلية البطالن بسبب انعدام األساس‬
‫القانوني وافتقادها للمشروعية‪.‬‬
‫ان واقعة االعتداء المادي على عقارات الغير سواء بصفة مؤقتة أو دائمة خارج مقتضيات قانون نزع الملكية‬
‫وخارج أي اتفاق رضائي يعتبر من قبيل الغصب واالعتداء الموصوف بعدم الشرعية لخرقه حق حرمة الملكية‪.‬‬
‫وفي االخير يمكن القول اننا في حاجة الى ترسانة قانونية في هذا الموضوع ‪،‬لكي ال تغيب معه حقوق األفراد في‬
‫مهاب الريح ‪.‬‬
‫شكرا على حسن استماعكم‬

You might also like