Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 90

1

‫أوال ‪ :‬تعريف عقد الشغل الفردي‬


‫عرف المشرع المغربي عقد الشغل (إجازة الخدمة) من خالل الفصل ‪ 327‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫بقوله ‪ :‬إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم لآلخر خدماته‬
‫الشخصية ألجل محدد أو من أجل أداء عمل معين في نظير أجر يلتزم هذا األخير بدفعة له‪:‬‬
‫‪ -‬وباستقراء هذا التعريف يمكننا إبداء المالحظات اآلتية ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬إن التعاريف هي من اختصاص الفقه والقضاء وليس من شأن المشرع ألن‬
‫التعريفات التشريعية توسم المعرف بطابع الجمود والثبات وعدم مسايرة الواقع المتغير‬
‫باستمرار بخالف التعاريف الفقهية والقضائية والتي تكون في الغالب مسايرة لتطور المفاهيم‬
‫وتغيرها‪ .‬كما أن مسطرة تعديل النصوص التشريعية أو تغييرها مسطرة معقدة وتتطلب وقتا من‬
‫الزمن‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إن المشرع المغربي لم يعرف عقد الشغل الفردي من خالل مواد مدونة الشغل‬
‫وخيرا فعل‬
‫ثالثا ‪ :‬إن تعريف ظهير ‪ 22‬غشت ‪ 2127‬ق‪.‬ل‪.‬ع احتفظ بمصطلح إجارة العمل أو الخدمة‬
‫وهو تعبير مأخوذ عن فقهاء الشريعة اإلسالمية‪ ،‬والقانون المدني الفرنسي (مدونة نابليون لسنة‬
‫‪ )2081‬وهذا التعبير مأخوذ أيضا من القانون الروماني الذي كان يميز بين إجارة األشياء وإجارة‬
‫األشخاص‪.‬‬
‫وقد اعتبر جانب من الفقه القانوني بأن هذه التسمية تنطوي على حمولة قدحية وهو ما‬
‫أدى إلى هجرها من لدن أغلب التشريعات المقارنة إلى تسمية عقد الشغل أو العمل ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬إن ا لمشرع المغربي أغفل خالل هذا التعريف أهم عنصر من عناصر عقد الشغل‬
‫أال وهو عالقة التبعية‪.‬‬
‫ويعرف المشرع المصري عقد الشغل من خالل الفصل ‪ 431‬من القانون المدني بقوله ‪:‬‬
‫هو العقد الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بان يعمل في خدمة المتعاقد اآلخر وتحت إدارته‬
‫وإشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد األخر"‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تحديد أطراف عقد الشغل الفردي‪.‬‬


‫من خالل ما سبق يتضح بأن عقد الشغل الفردي يبرم أو ينشـأ بين طرفين أحدهما األجير‬
‫(شخص ذاتي) ثانيهما المشغل أو رب العمل (ذاتي أو معنوي)‪.‬‬
‫* األجير ‪ :‬المشتغل أو المستخدم هو كل شخص ذاتي (طبيعي) ذكرا كان أو أنثى يشتغل‬
‫مقابل أجر في خدمة المشغل وتحت سلطته وإشرافه‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫والمالحظ أن المشرع قصر مفهوم األجير على الشخص الطبيعي دون الشخص المعنوي‬
‫رغبة منه في الحفاظ على مزايا القانون االجتماعي لهذا األخير دون الشخص المعنوي غير‬
‫المحدد‪.‬‬
‫*المشغل ‪ :‬أو المؤاجر أو المستخدم هو كل شخص ذاتي أو اعتباري يشغل عامال أو عماال‬
‫مقابل أجر‪ .‬ويخضعهم لسلطته وإشرافه‪ ،‬وهو أما أن يكون شخصا طبيعيا أو اعتباريا عاما‬
‫(كالدولة والبلديات والجماعات المحلية) أو خاصا كالشركة والجمعية وال تأثير لتغييره على‬
‫استمرار عقد الشغل بل يظل العقد ساريا مع المشغل الجديد‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬خصائص عقد الشغل الفردي‪.‬‬


‫يتصف عقد الشغل الفردي بجملة خصائص أهمها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عقد مسمى‪.‬‬
‫أي أن المشرع خصه باسم خاص ونظمه لشيوعه بين الناس ولحاجة األجراء إليه‪.‬‬
‫أما العقد غير المسمى فهو الذي لم ينظمه المشرع تنظيما خاصا لقلة شيوعه بين الناس‪،‬‬
‫وتخضع العقود غير المسماة للقواعد العامة الواردة في نظرية االلتزامات ق‪.‬ل‪.‬ع والعقود غير‬
‫المسماة ال حصر لها ألن اإلرادة حرة وتستطيع أن تبرم ما تشاء من العقود طالما أنها ال تتعارض‬
‫مع قواعد النظام العام‪.‬‬
‫‪ - 2‬عقد رضائي‪.‬‬
‫والعقد الرضائي هو ما كان يكفي في انعقاده اقتران اإليجاب بالقبول فرضاء األجير‬
‫والمشغل هو الذي يكون العقد‪.‬‬
‫والعقد يكون رضائيا ولو اشترط في إثباته شكل مخصوص ألن المهم هو وجود العقد‬
‫بإرادة الطرفين وليس طريقة إثباته فما دام يكفي في وجود عقد العمل الفردي رضاء المتعاقدين‬
‫فالعقد رضائي حتى ولو اشترط القانون مثال الكتابة إلثباته‪.‬‬
‫ونقيض العقد الرضائي هو العقد الشكلي وهو كل عقد ال يتم بمجرد اقتران القبول‬
‫باإليجاب بل ال بد لتكوينه من اتباع شكل مخصوص يحدده القانون غالبا ما يكون الكتابة‪.‬‬

‫‪ - 3‬عقد ملزم للجانبين أو عقد تبادلي‪.‬‬


‫ويقصد بالعقد التبادلي أو الملزم للجانبين كل عقد يلتزم بمقتضاه المتعاقدان بالتقابل فيما‬
‫بينهما كل منهما نحو اآلخر أي أن األجير يلزم بأداء العمل في مقابل التزام المشغل بأداء األجر‪.‬‬
‫ونتيجة ذلك أنه إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه كان للمتعاقد اآلخر االمتناع هو‬
‫اآلخر عن تنفيذ ما التزم به‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ونقيض هذه الخاصية العقد الملزم لجانب واحد أو العقد الذي ال ينشئ إال التزامات في‬
‫جانب واحد وهكذا يكون أحد الطرفين دائنا ال مدنيا والطرف اآلخر مدينا ال دائنا (عقد‬
‫الصدقة)‪.‬‬
‫‪ - 4‬عقد معاوضة‪.‬‬
‫يعرف الفقيه بوتيه عقد المعارضة بأنه " ذلك العقد الذي تكون فيه فائدة ومنفعة‬
‫متبادلة لكل من الطرفين"‪.‬‬
‫وفي نظرنا يمكن أن يعرف عقد المعاوضة بأنه العقد الذي يأخذ فيه كل من المتعاقدين‬
‫مقابال لما أعطاه‪ .‬وهو نقيض عقد التبرع الذي ال يأخذ فيه المتعاقد مقابال لما أعطاه وال يعطي‬
‫المتعاقد اآلخر مقابال لما أخذه‪.‬‬
‫‪ - 5‬عقد زمني ‪.‬‬
‫العقد الزمني أو عقد المدة هو الذي يكون عنصر الزمن جوهريا فيه بحيث يكون هو‬
‫المقياس الذي يحدد به محل العقد‪.‬‬
‫ففي عقد الشغل مثال فإن األداء الرئيسي فيه هو قيام األجير بالعمل لحساب المشغل‬
‫ويتم تحديد مقدار الخدمات التي يؤديها األجير بالزمن (الساعة ‪ -‬اليوم ‪ -‬األسبوع ‪ -‬الشهر ‪)...‬‬
‫فالزمن إذن عنصر جوهري في العقد‪.‬‬
‫ونقيض العقد الزمني هو العقد الفوري والذي ال يكون الزمن عنصرا جوهريا أي بمعنى‬
‫أدق أن تنفيذ االلتزامات الناتجة عنه ال تحتاج إلى الزمن بحسب األصل (كعقد البيع مثال)‪.‬‬
‫‪ - 6‬عقد يقوم على االعتبار الشخصي‪.‬‬
‫ويستفاد ذلك ضمنيا من مقتضيات الفصل ‪ 374‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص على أنه "ال يجوز‬
‫ألجير الخدمة أو العمل أن يعهد بتنفيذ مهمته إلى شخص آخر إذا ظهر من طبيعة الخدمة أو‬
‫العمل أو من اتفاق الطرفين أن للمشغل مصلحة في أن يؤدي األجير بنفسه التزامه"‪.‬‬
‫وهذا الطابع الشخصي ليس من النظام العام بل يمكن االتفاق على مخالفته بين األجير‬
‫والمشغل كان ينيب األجير ابنه للقيام بالعمل نيابة عنه متى وافق المشغل على ذلك أما إذا لم‬
‫يوافق فإن األجير يظل ملتزما بأداء العمل بنفسه‪.‬‬
‫ومن آثار الطابع الشخصي اللتزام األجير أن عقد العمل ينتهي بوفاة األجير وال يحق‬
‫للمشغل إلزام ورثته بالحلول محله ألداء ما التزم به أصلهم‪.‬‬

‫‪ - 7‬عقد أقرب إلى عقود اإلذعان‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫عقد اإلذعان هو الذي ينعقد دون مساومة وال مناقشة بين الطرفين بل يقوم أحد طرفيه‬
‫بإمالء شروطه ويقبلها الطرف اآلخر دون أن يكون له حق مناقشتها أو تعديلها (االحتكارات‪:‬‬
‫الماء‪-‬الكهرباء‪-‬النقل‪-‬الهاتف) ‪.‬‬
‫وإذا كانت أغلب عقود العمل هي عقود قريبة من عقود اإلذعان فإن ثمة جانبا منها يخرج‬
‫عن هذا اإلطار كعقود عمل األطر العليا والتي غالبا ما تشارك في وضع بنود العقد ومناقشة‬
‫محتواه‪.‬‬
‫ويمكن أن نعتبر بأن البنود المنظمة لعقد الشغل والمضمنة في مدونة الشغل واالتفاقيات‬
‫الجماعية واألنظمة الداخلية نعتبر ذات طبيعة اذعانية بالنسبة لطرفي عقد الشغل (األجير ‪+‬‬
‫والمشغل) معا‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬تمييز عقد الشغل الفردي عن غيره من العقود المشابهة‪.‬‬
‫لتجنب أي خلط أو التباس يمكننا تمييز عقد الشغل عن مجموعة من العقود المشابهة‪.‬‬
‫‪ - 1‬تمييز عقد الشغل الفردي عن عقد المقاولة‪.‬‬
‫عرف المشرع المغربي عقد المقاولة في الفصل ‪ 327‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بأنه عقد يلتزم‬
‫بمقتضاه أحد الطرفين بصنع شيء معين في مقابل أجر يلتزم الطرف اآلخر بدفعه له‪.‬‬
‫والمالحظ أن عقد الشغل وعقد المقاولة يشتركان في محل العقد إال وهو أداء العمل إال‬
‫أنهما يختلفان في أمور جوهرية أهمها ‪:‬‬
‫‪ -‬إن عقد الشغل يخضع أساسا لمقتضيات مدونة الشغل أما عقد المقاولة فيخضع لـ‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫‪ -‬إن األجير يعتبر تابعا للمشغل وهذا األخير مسؤول عنه في إطار مسؤولية المتبوع عن‬
‫أعمال التابع على عكس المقاول أو الصانع الذي يعتبر مستقال وغير تابع للمشغل ويتحمل‬
‫مسؤولية شخصية عن أخطائه‪.‬‬
‫‪ -‬ولتمييز عقد الشغل عن عقد المقاولة اعتمد الفقه عدة معايير منها ما وقع اإلجماع‬
‫عليه ومنها ما اعتبر نشازا وتم استبعاده‪.‬‬
‫المعايير المستبعدة‬
‫*معيار كيفية أداء األجر ‪ :‬حسب أصحاب هذا المعيار فإن عقد الشغل يؤدي فيه األجر‬
‫بحسب الزمن (الساعة‪ ،‬اليوم) أما عقد المقاولة بحسب العمل المنجز‪ .‬وهذا المعيار معيب‬
‫ألننا نجد عماال كثر تؤدى أجورهم بحسب العمل الذي أنجزوه (األجر بالقطعة‪ )..‬تم انه من‬
‫غير المقبول أن تؤثر مسألة ثانوية ( كيفية أداء األجر) في تكييف عقد الشغل مما أدى بغالبية‬
‫الفقه إلى هجر هذا المعيار‪.‬‬
‫*معيار اختالف شخص المتعاقد اآلخر ‪ :‬فبحسب هذا االتجاه فإن األجير يؤدي عمله‬
‫لمصلحة شخص معين أما المقاول فهو يصدر إيجابا موجها للجمهور (كالناقل –أو المورد‪.)..‬‬

‫‪5‬‬
‫* المعيار الصحيح ‪ :‬عالقة التبعية وقد أخذ به جمهور الفقه فحيث تتوافر عالقة‬
‫التبعية والخضوع و اإلشراف والتوجيه نكون إزاء عقد العمل وحيث ال تتوافر هذه العالقة‬
‫ويكون المقاول حرا مستقال كان العقد عقد مقاولة و القضاء المغربي أخذ بمعيار التبعية للتمييز‬
‫بين العقدين‪.‬‬
‫‪ - 2‬تمييز عقد الشغل عن عقد الشركة‪.‬‬
‫عرف المشرع في الفصل ‪ 102‬من ق ل ع عقد الشركة ‪ :‬بأنها عقد بمقتضاه يضع‬
‫شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربــح الذي‬
‫قد ينشأ عنها"‪.‬‬
‫وسبب الخلط الذي يقع هو أن الشريك قد ال يشارك إال بعمله كما أن األجير قد تكون‬
‫أجرته عبارة عن نسبة مئوية من األرباح‪ ،‬إال أن التمييز مع ذلك يظل قائما ألن الشريك يتحمل‬
‫المسؤولية عن ديون الشركة كما يحظى باألرباح في حين أن األجير ال يتحمل أية مسؤولية عن‬
‫الخسارة وال يسأل عن ديون الشركة‪.‬‬
‫و المعيار الدقيق للتمييز بين العقدين هو معيار التبعية القانونية أي سلطة اإلشراف‬
‫والتوجيه وإصدار األوامر والتي تكون متوفرة في عقد العمل دون عقد الشركة‪.‬‬
‫‪ - 3‬تمييز عقد الشغل عن عقد الوكالة‪.‬‬
‫عقد الوكالة بحسب الفصل ‪ 031‬من ق ل ع هو "عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا‬
‫آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه" فعقد الشغل والوكالة معا لهما محل مشترك هو إجراء عمل‬
‫لحساب الغير" إال أنهما يختلفان جوهريا في عدة مسائل ‪ :‬منها‪.‬‬
‫إن عقد العمل يخضع لمدونة الشغل في حين يخضع عقد الوكالة لمقتضيات ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫ولبعض القوانين الخاصة ( قانون المحاماة إذا كان الوكيل محاميا)‪.‬‬
‫إن الوكالة تكون بدون أجر في الغالب أما عقد الشغل فال يتصور قيامه بدون األجر‪.‬‬
‫إن إنهاء عقد الوكالة يكون بإرادة منفردة للموكل أما إنهاء عقد الشغل فيقتضي سلوك‬
‫مسطرة خاصة حماية لحقوق األجراء‪.‬‬
‫إن معيار التمييز بين عقد الوكالة وعقد الشغل هو معيار التبعية القانونية بما يمنحه من‬
‫سلطة اإلشراف والتوجيه للمشغل على األجراء‪.‬‬
‫‪ - 4‬تمييز عقد الشغل عن عقد اإليجار‪.‬‬
‫غالبا ما يثور الخلط بين عقد الشغل و عقد اإليجار وذلك في الحاالت اآلتية ‪:‬‬
‫أ‪-‬سائقو سيارات األجرة غير المالكين لها هل يعتبرون إجراء عند مالكيها أو مكترين‬
‫لها؟! في البداية اعتبر الفقه والقضاء سائق سيارة األجرة مكتريا و بالتالي ال تربطه بمالك‬
‫السيارة أية عالقة عمل‪ ،‬مما أدى إلى حرمان هذه الفئة من مزايا القانون االجتماعي‪ ،‬أما في‬

‫‪6‬‬
‫المغرب فإن المشرع أخضع سائقي سيارات األجرة غير المالكين لها لمقتضيات قانون ‪20-22‬‬
‫بشأن حوادث الشغل‪.‬‬
‫والمعيار السليم لتمييز العقدين هو وجود عالقة التبعية وحده وليس الخضوع لظهير‬
‫حوادث الشغل‪.‬‬
‫ب‪-‬بوابو العمارات‪.‬‬
‫هل العقد الذي يبرم بين بوابي العمارات ومالكيها والذي يخوله حق السكن تابع لعقد‬
‫العمل أم أنه عقد كراء مستقل يخضع لظهير الكراء ؟‪ .‬فإذا كان عقدا تابعا لعقد العمل فهو‬
‫ينقضي بمجرد إنهاء عقد العمل أما إذا كان عقد كراء فإن البواب يصير متمتعا بالحماية القانونية‬
‫التي يوفرها تشري ــع الكراء‪.‬‬
‫ظهير حوادث الشغل يخضع لنطاقه بوابي العمارات وكذا ظهير ‪ 2132‬المتعلق بالضمان‬
‫االجتماعي يخضع البواب كذلك ألحكامه‪.‬‬
‫وجاء ظهير ‪ 0‬أكتوبر ‪ 2133‬المتعلق بتعهد البنايات وتخصيص مساكن للبوابين بها حيث‬
‫نص صراحة على أن البواب هو أجير يخضع في عالقته بمالك العمارة (أو مالكها في نظام‬
‫الملكية المشتركة) لمقتضيات مدونة الشغل‪.‬‬
‫بقي أن نشير إلى أن السكن هو امتياز عيني يمنح للبواب وينتهي عادة بانتهاء عقد الشغل‬
‫ما لم يكن البواب قد أبرم عقد كراء مستقل عن عقد العمل‪.‬‬

‫‪ - 5‬تمييز عقد الشغل عن عقد التسيير الحر لألصل التجاري‪.‬‬


‫‪ -‬األصل التجاري هو عبارة عن مال منقول معنوي يشكل وحدة ذاتية مستقلة عن‬
‫العناصر المادية (البضائع ‪ +‬السلع) والمعنوية (العالمة الزبناء السمعة) المكونة له‪.‬‬
‫‪ -‬واألصل التجاري إما أن يستغل من طرف مالكه وإما أن يتولى مهمة التسيير شخص آخر‬
‫وهنا نميز بين حالتين ‪:‬‬
‫‪ -‬حالة األجير الذي يشتغل لدى مالك األصل التجاري ويخضع ألوامره وتوجيهاته‬
‫وإشرافه ويخضع لمقتضيات مدونة الشغل وال يتحمل أية مسؤولية بخصوص ديون األصل‬
‫التجاري‪.‬‬
‫وحالة المسير الحر لألصل التجاري الذي يكون حرا ومستقال عن شخص المالك لألصل‬
‫ويستغل األصل التجاري بكل استقالل وحرية ويلتزم بأداء واجب الكراء لمالك األصل كما أن‬
‫المسير يكتسب صفة تاجر ويخضع لكل االلتزامات التي يخضع لها التجار بخالف األجير الذي‬
‫ال يكتسب هذه الصفة وال يتحمل بالتزاماتها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ - 6‬تمييز عقد الشغل الفردي عن عقد البيع ‪.‬‬
‫عندما كان النظر إلى العمل على أساس أنه سلعة كان ثمة خلط بين عقد الشغل الذي‬
‫يتضمن تقديم هذا العمل (السلعة) مقابل (األجر) وبين عقد البيع الذي يتضمن نقل ملكية‬
‫الشيء المبيع إلى الغير‪ .‬إال أن الفقه الحديث هجر اعتبار العمل سلعة كما أن التشريعات‬
‫المقارنة أصبحت تنص صراحة على أن العمل ال يعتبر بحال من األحوال سلعة مما أصبح معه‬
‫الخلط غير وارد‪ .‬جاء في ديباجة مدونة الشغل "بأن العمل ليس بضاعة واألجير ليس أداة من‬
‫أدوات اإلنتاج"‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أنواع عقد الشغل الفردي وأهم عناصره‪.‬‬
‫يمكن أن يتخذ عقد الشغل أنواعا متعددة منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬عقد التدريب المهني‪.‬‬
‫هو العقد الذي يتعاقد بمقتضاه الشخص مع مشغل قصد تعلم مهنة أو صناعة معينة‪.‬‬
‫وقد يحصل المتدرب على أجر أو يشتغل بدونه وفي بعض الحاالت قد يؤدي هو مقابال‬
‫لتدريبه‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقه بصدد تكييف طبيعة العالقة التي تربط المتدرب بمدربه وما إذا كانت‬
‫عالقة شغل أم ال؟ والراجح عندهم أنها عالقة تعلم للحرفة أو الصنعة وليست عالقة شغل وإن‬
‫كانت القوانين المنظمة للتكوين المهني تنص على استفادة المتدربين من مجموعة من‬
‫االمتيازات التي يخولها تشري ــع الشغل‪ .‬وإجماال فإن عقد التدريب المهني يرتب أثارا على طرفيه‪:‬‬
‫‪ -‬فالمتدرب يخضع ألوامر وتعليمات مدربة ويلتزم بحضور الدروس النظرية والتطبيقية‪.‬‬
‫‪ -‬أداء العمل الذي يطلب منه بإخالص ومسؤولية‪.‬‬
‫‪ -‬كما يلتزم بالحفاظ على أسرار الشغل التي اطلع عليها عند مدربه‪.‬‬
‫‪ -‬أما المدرب فيتحمل مسؤولية األضرار التي يلحقها المتدرب بالغير‪.‬‬
‫‪ -‬تدريب المتدرب وتلقينه أصول الحرفة والصنعة‪.‬‬
‫‪ -‬بعد انتهاء التدريب (سنتين) ال بد للمدرب إن أراد االستمرار في تشغيل‬
‫المتدرب من منحه على األقل الحد األدنى لألجر‪.‬‬
‫‪ -2‬عقد الشغل تحت التجربة واالختبار‪.‬‬
‫أجاز المشرع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة لطرفي عقد الشغل قبل إبرام العقد‬
‫النهائي المرور بفترة تجربة أو اختبار يتم خاللها التعرف على بعضهما‪ .‬وخالل فترة التجربة أو‬
‫االختبار يمكن ألي من الطرفين إنهاء عقد الشغل بإرادته دون إعالم وال تعويض‪.‬‬
‫غير أنه إذا قضى األجير أسبوعا في الشغل على األقل فال يمكن إنهاء فترة االختبار إال بعد‬
‫منحه أحد أجلي األخطار التاليين ما لم يرتكب خطأ جسيما ‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬يومين قبل اإلنهاء إذا كان ممن يتقاضون أجورهم باليوم أو األسبوع أو الخمسة عشر‬
‫يوما‪.‬‬
‫‪ -‬ثمانية أيام قبل اإلنهاء إذا كان من فئة األجراء الذين يتقاضون أجورهم بالشهر‪.‬‬
‫‪ -‬إ ذا فصل األجير من عمله بعد انتهاء فترة التجربة ودون أن يصدر عنه خطأ جسيم فله‬
‫حق االستفادة من أجل إخطار ال يمكن أن تقل مدته عن ثمانية أيام‪.‬‬
‫‪ -‬هذا وتحدد فترة االختبار بالنسبة للعقود غير محددة المدة كما يلي ‪( :‬المادة ‪ 21 :‬من‬
‫م‪.‬ش)‪.‬‬
‫‪ -‬ثالثة أشهر بالنسبة لألطر العليا‪.‬‬
‫‪ -‬شهر ونصف بالنسبة للمستخدمين‬
‫‪ -‬خمسة عشر يوما بالنسبة للعمال‬
‫‪ -‬ويمكن تجديد فترة االختبار مرة واحدة‬
‫‪ -‬أما العقود المحددة المدة فتحدد فترة االختبار بها في ‪:‬‬
‫‪ +‬يوما واحدا عن كل أسبوع شغل على أن ال تتعدى أسبوعين بالنسبة للعقود المبرمة‬
‫لمدة‬
‫تقل عن ستة أشهر‬
‫‪ +‬شهرا واحدا بالنسبة للعقود المبرمة لمدة تفوق ستة أشهر‪.‬‬
‫‪ -‬ومدة االختبار ليست من النظام العام بمعنى أنه يمكن دائما االتفاق على اإلنقاص منها‬
‫(دون الزيادة فيها) بمقتضى اتفاقية جماعية أو نظام داخلي‪...‬‬
‫‪ -‬وبانتهاء فترة التجربة إما أن يصير العقد نهائيا محدد المدة أو غير محدد المدة‪ .‬وإما أن‬
‫يتم إنهاؤه لتعود األمور إلى بدايتها‪ .‬مع اإلشارة إلى أن الحق في اإلنهاء كغيره من الحقوق يجب‬
‫أن يكون مبررا وغير متعسف فيه‪.‬‬

‫‪ -3‬عقد الشغل محدد المدة‪.‬‬


‫قلنا بأن عقد الشغل هو عقد زمني (الفصل ‪ 327‬من ق‪.‬ل‪.‬ع) أي تلعب فيه المدة والزمن‬
‫دورا جوهريا‪.‬‬
‫وعقد الشغل المحدد المدة هو العقد الذي يبرم لمدة محددة كشهر أو نصف شهر أو‬
‫أسبوع أو موسم معين أو هو العقد الذي يبرم إلنجاز عمل محدد كبناء عمارة أو مسجد‪.‬‬
‫وبانتهاء أجل العقد المحدد المدة ال يملك أي من الطرفين إلزام اآلخر في االستمرار في‬
‫تنفيذ العقد‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫كما يمكن لطرفي العقد االتفاق على إنهائه قبل انتهاء مدته إال أنه ال يجوز ألي منها إنهاؤه‬
‫بإرادته المنفردة قبل حلول أجله تحت طائلة مسؤوليته العقدية (وأساس هذه المسؤولية هو‬
‫اإلخالل بشرط المدة المضمن بالعقد) المادة ‪ 77‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪ -4‬عقد الشغل غير محدد المدة‪.‬‬
‫وهو العقد الذي ال يقترن بأجل معين أو بإنجاز عمل محدد أو هو العقد الذي أبرم لمدة‬
‫محددة ولكنه استمر في السريان بعد انتهائها فتحول إلى عقد عمل غير محدد المدة‪.‬‬
‫وعقد الشغل غير محدد المدة ينتهي بإرادة الطرفين أو باإلرادة المنفردة ألحدهما بشرط‬
‫توجيه إشعار للطرف اآلخر داخل أجل معقول يحدد قانونا لتمكينه من تدبير أموره وعدم‬
‫مفاجأته باإلنهاء كما يجب أن تكون ممارسة الحق في اإلنهاء غير متعسف فيها تحت طائلة‬
‫المسؤولية والتعويض‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أهم عناصر عقد الشغل الفردي‪.‬‬
‫تتلخص أهم عناصر عقد الشغل الفردي في ثالثة عناصر أساسية هي أداء العمل‪ ،‬أداء‬
‫األجر و عالقة التبعية‪.‬‬
‫‪ -1‬أداء العمل ‪ :‬عنصر أساسي من عناصر عقد الشغل والتزام يقع على عاتق األجير نؤجل‬
‫الكالم عنه إلى حينه‪.‬‬
‫‪ -2‬أداء األجر ‪ :‬عنصر جوهري من عناصر عقد الشغل والتزام أساسي يقع على عاتق‬
‫المشغل نرجئ الحديث عنه إلى حينه‪.‬‬
‫‪ -3‬عالقة التبعية ‪ :‬التبعية هي سلطة اإلشراف والتوجيه وإصدار األوامر من المشغل‬
‫تجاه أجرائه أو هي الرابطة القانونية الناشئة عن عقد الشغل التي تربط شخص األجير بأوامر‬
‫وتعليمات وأشراف المشغل وهي التي تخول لهذا األخير سلطة تأديبية‪ ،‬وهي أساس التمييز بين‬
‫عقد الشغل وغيره من العقود المشابهة وهي إما تبعية قانونية أو اقتصادية (األجر) أو فنية أو‬
‫إدارية‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن إثبات وجود التبعية بمختلف وسائل اإلثبات الممكنة ألنها مجرد واقعة مادية‬
‫يستقل قاضي الموضوع بتقديرها دون رقابة عليه في ذلك من طرف محكمة النقض‪.‬‬
‫والتبعي ة تكون أساسا في مكان العمل وفي حدود إنجاز العمل المتفق عليه وال تمتد إلى‬
‫خارج أماكن العمل‪ .‬أو إلى الحياة الشخصية للعامل كما أن سلطة إصدار األوامر المخولة‬
‫للمشغل مقيدة بمراعاة القوانين والنظم أما عند مخالفتها فإن األجير يكون في حل من كل‬
‫خضوع لهذه األوامر‪.‬‬
‫أنواع التبعية‪.‬‬
‫‪ -‬التبعية الفنية ‪ :‬وفي إطارها يخضع األجير لتوجيه وإشراف كامل أو شبه كامل للمشغل ‪:‬‬
‫وهذا النوع من التبعية يقتضي اإللمام الكامل للمشغل بموضوع العمل (نجار –خياط)‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -‬التبعية اإلدارية ‪ :‬ويكتفي فيها صاحب العمل بإدارة العمل وتنظيمه وتقسيم العمل بين‬
‫األجراء ويمكن أن يعمد إلى المراقبة بين الفنية واألخرى أو أن يكلف من يراقب األجراء نيابة‬
‫عنه‪.‬‬
‫‪ -‬التبعية االقتصادية أو تبعية األجر ‪ :‬وهي ال تتضمن سلطة اإلشراف والتوجيه وإصدار‬
‫األوامر ولكنها تتضمن سلطة من نوع آخر وهي سلطة األجر خاصة بالنسبة للفئات التي تعتمد‬
‫على هذا العنصر اعتمادا كليا في معيشتها‪.‬‬
‫واعتماد م عيار التبعية االقتصادية يهدف أساسا إلى توسيع دائرة الفئات العمالية‬
‫المشمولة بمقتضيات مدونة الشغل (الفئات البسيطة) والتي تعتبر في أمس الحاجة للحماية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬إبرام عقد الشغل الفردي‪.‬‬


‫إلبرام عقد الشغل الفردي يلزم توفر شروط موضوعية وأخرى شكلية خاصة ببعض‬
‫العقود‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬األركان الالزمة إلبرام عقد الشغل الفردي‬
‫األصل أن عقد الشغل الفردي عقد رضائي‪ ،‬يكفي إلبرامه تراضي المتعاقدين دون حاجة‬
‫ألن يفرغ هذا التراضي في شكل خاص‪.‬‬
‫ودليل ذلك ما جاء في الفصل ‪ 327‬من ق ل ع والذي ينص على أنه (إذا كان العقد ثابتا‬
‫بالكتابة أعفي من رسوم التمبر والتسجيل)‪.‬‬
‫فاإلعفاء هنا ال يكون إال إذا كان العقد مكتوبا بمعنى أن ثمة وجود لعقود غير مكتوبة‪ .‬إذ‬
‫الكتابة هنا ليست شرط انعقاد بل هي مجرد وسيلة إثبات ليس إال‪.1‬‬
‫واألركان الالزمة النعقاد عقد الشغل هي نفسها األركان الواجب توافرها في العقود عامة‬
‫من أهلية ورضى ومحل وسبب مع بعض التحديدات الخاصة بعقد الشغل بالنظر لذاتيه‬
‫المستقلة‪.‬‬
‫وسنتولى تحليل هذه األركان في حدود ما يتميز به عقد الشغل من خصوصية تاركين‬
‫البحث في األحكام العامة لمراجع القانون المدني باعتبارها محل بحث هذه المسائل‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬األهلية‪.‬‬
‫هي صالحية الشخص ألن تثبت له حقوق أو عليه وألن يباشر بنفسه األعمال القانونية‬
‫والقضائية المتعلقة بهذه الحقوق أو هي صالحية الشخص لإللزام وااللتزام‪.‬‬

‫‪ -1‬المالحظ أن المشرع المغرب ي استلزم الكتابة كوسيلة إثبات ال شرط انعقاد في بعض عقود الشغل الخاصة‪ .‬كعقود الممثلين التجاريين والوكالء والوسطاء‬
‫في الصناعة (المواد ‪ )08-97‬وعقود المقاولة (المادة ‪ )08‬من مدونة الشغل وعقود األجراء األجانب (المواد من ‪ 618‬وما يليها)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وهي تختلف بحسب طرفي عقد الشغل فاألجير ال بد أن يكون شخصا ذاتيا طبيعيا أي‬
‫كائنا حيا في حين أن المشغل يستوي فيه أن يكون شخصا ذاتيا أو معنويا ( شركة ‪ )...‬ألن العقد‬
‫المبرم مع الشخص المعنوي يتعلق بذمته المالية المستقلة عن ذمة أعضائه‪.‬‬
‫واألهلية نوعان ‪ :‬أهلية الوجوب وأهلية األداء ‪:‬‬
‫‪ -‬وأهلية الوجوب هي صالحية الشخص (أجير أو مشغل) ألن تثبت له حقوق وتقرر عليه‬
‫التزامات‪ .‬وهي (األهلية) تثبت لألجير كشخص ذاتي بمجرد والدته أما المشغل فتثبت له‬
‫بحسب ما إذا كان شخصا ذاتيا (بمجرد والدته) أو معنويا (بمجرد استكمال إجراءات تأسيسه)‪.‬‬
‫‪ -‬وأهلية األداء هي صالحية الشخص الستعمال الحق على نحو يعتد به قانونا والذي‬
‫يهمنا بالنسبة لعقد الشغل الفردي هي أهلية األداء باعتبارها صالحية الشخص لمباشرة‬
‫التصرفات والحقوق والتحمل بااللتزامات على نحو يعتد به قانونا‪ .‬وهي تثبت لألجير الحدث‬
‫ببلوغه السن القانونية المسموح له فيها باالشتغال (سن خمسة عشر سنة كاملة المادة ‪217‬‬
‫من مدونة الشغل) إال أنه يجب التمييز هنا بين حالتين ‪:‬‬
‫‪+‬حالة األجير الحدث الذي لم يبلغ سن خمسة عشر سنة كاملة ‪ :‬حيث يكون العقد‬
‫المبرم من طرفه باطال بقوة القانون ألن المادة ‪ 217‬من مدونة الشغل حدد ت سن خمسة‬
‫عشر سنة كسن أدنى للقبول في الشغل هذا المقتضى من النظام العام ال يمكن االتفاق على‬
‫اإلنقاص منه ألنه مقرر لمصلحة الحدث ولو بموافقة نائبه الشرعي (األب ‪ +‬األم ‪ +‬الوصي)‪.‬‬
‫‪ +‬حالة األجير الحدث الذي بلغ سن خمسة عشرة سنة كاملة ولم يبلغ سن ثماني عشرة‬
‫سنة حيث يمنع تشغيله ممثال أو مشخصا في العروض العمومية المقدمة من قبل المقاوالت‬
‫التي حددت الئحتها بنص تنظيمي‪ ،‬دون إذن مكتوب يسلمه مسبقا العون المكلف بتفتيش‬
‫الشغل بخصوص كل حدث على حدة وذلك بعد استشارة ولي أمره كما يمنع تكليفه بأداء ألعاب‬
‫خطرة أو القيام بحركات بهلوانية أو إلتوائية أو أن يعهد إليه بأشغال تشكل خطرا على حياته أو‬
‫صحته أو أخالقه (المادة ‪ 213‬من مدونة الشغل)‪.‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة للمرأة المتزوجة فبالرجوع إلى الفصل ‪ 324‬من ق‪.‬ل‪.‬ع نجده ينص على أنه‬
‫ليس للمرأة المتزوجة أن تؤجر خدماتها للرضاعة أو لغيرها إال بإذن زوجها‪.‬‬
‫وللزوج الحق في فسخ اإلجارة التي تعقدها زوجته بغير إقراره‪.‬‬
‫وباستقراء هذا النص يمكننا إبداء المالحظات اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬إن هذا المقتضى التشريعي يرجع إلى سنة ‪ 2127‬وهو مأخوذ عن التشري ــع الفرنسي‬
‫لسنة ‪( 2081‬مدونة نابليون)‪.‬‬
‫‪ -‬أنه يتضمن تقييدا لحرية المرأة المتزوجة في ولوج ميدان الشغل حيث يشترط موافقة‬
‫الزوج‪.‬‬
‫‪ -‬أنه يتطلب إقرار الزوج لهذا الشغل تحت طائلة فسخه‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬إن حق الزوج في فسخ عقد شغل زوجته يمكن أن يقوم متى تم إبرام عقد الشغل بعد‬
‫الزواج إما إذا تزوج الشخص بامرأة أجيرة فال مجال لتطبيق مقتضيات هذا الفصل‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الرضا‪.‬‬
‫هو تحرك اإلرادة إلى شيء معين وتعلقها به‪ ،‬واإلرادة عمل نفسي ينعقد به العزم على‬
‫شيء معين يظهر في عمل خارجي ملموس و في عقد الشغل الفردي يظهر الرضا في تبادل‬
‫طرفي العقد (األجير والمشغل) لإليجاب والقبول على شروط العقد وموضوعه إعماال لمبدأ‬
‫سلطان اإلرادة‪.‬‬
‫وإذا كان هذا هو األصل أو المبدأ العام الذي يحكم الرضا في عقود الشغل الخاضعة لقانون‬
‫االلتزامات والعقود فإن العقود الخاضعة لمدونة الشغل تعرف تراجعا لسلطان اإلرادة في إبرام‬
‫العقد بفعل التدخل التشريعي المتزايد‪.‬‬
‫مما يدل على أن حرية المتعاقدين في عقود الشغل الخاضعة لمدونة الشغل تكاد تنعدم‬
‫في التراضي على شروط يكون فيها انتقاص من الحدود الدنيا لحقوق األجراء والتي تقررها مواد‬
‫هذه المدونة‪.‬‬
‫‪ -‬بل إن نفس الحكم يسري على مخالفة مقتضيات االتفاقية الجماعية للشغل حيث يقع‬
‫باطال كل شرط مخالف لبنودها يتم تضمينه بعقد شغل فردي ما لم يكن هذا الشرط أكثر فائدة‬
‫لألجير‪.‬‬
‫‪ -‬وما دامت اإلرادة في عقود الشغل الخاضعة لمدونة الشغل مقيدة بمراعاة حقوق‬
‫األجراء وعدم تضمين العقد شروطا غير صالحة لهم فإن السؤال الذي يثار يتعلق بوصف هذه‬
‫الشروط ومدى اعتبارها صالحة أم غير صالحة لألجير ؟؟‬
‫فقد يتضمن العقد شروطا في صالحه وأخرى سيئة له؟ كما قد يكون الشرط الواحد في‬
‫جزء منه صالحا لألجير وفي الجزء اآلخر مضرا به؛ والجواب على هذه األسئلة يكمن في أن كل‬
‫شرط ينظر إليه على حدة فما كان صالحا أبقى عليه وما كان مضرا تم استبعاده‪.‬‬
‫أما بالنسبة للشرط الواحد الصالح من وجه والسيء من وجه آخر فينظر إليه وما إذا كان‬
‫من الممكن تجزئته فيحتفظ بالجزء الصالح ويستبعد الجزء المضر باألجير‪.‬‬
‫أما إذا لم تكن تجزئته ممكنة فينظر إلى نتيجة تطبيقه وما إذا كان في صالح األجير أم أن‬
‫نتيجة تطبيق القانون أو بنود اتفاقية جماعية هي األصلح‪ .‬فيرجع إلى المآل ال إلى الشرط في‬
‫حد ذاته وتكييف الشرط ومدى صالحيته من اختصاص قاضي الموضوع الذي يستقل بالنظر‬
‫إليه موضوعيا وليس من اختصاص نظر األطراف (األجير والمشغل)‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مثال ‪ :‬زيادة ساعات العمل هو في نظر األجير شرط جيد ألنه يمثل أجرا إضافيا ولكنه في‬
‫نظر المشرع ليس كذلك ألنه يحرم األجير من وقت خاص لقضاء مآربه ويؤدي إلى ضرب‬
‫األهداف التي يتوخاها المشرع من وراء فرض حد أقصى لساعات الشغل)‪.‬‬
‫ورغم انتكاص مبدأ سلطان اإلرادة وتراجعه في ميدان عقود الشغل إال أن هذه العقود ال‬
‫زالت تلعب فيها اإلرادة دورا أساسيا مما يجب معه التمسك بالصفة العقدية لها رغم القيود‬
‫الكثيرة التي ترد على اإلرادة‪.‬‬

‫* عيوب الرضا‪.‬‬
‫هي الغلط واإلكراه والتدليس والغبن وهي التي تشوب الرضا فتجعله معيبا‪ .‬والرضا‬
‫المعيب هو رضا موجود ولكنه رضا صدر عن شخص غير حر في رضائه أو على غير بينة من‬
‫أمره‪.‬‬
‫ونتولى بحث هذه العيوب كما يلي ‪:‬‬
‫‪-2‬الغلط ‪ :‬نص الفصل ‪ 71‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه يكون قابال لإلبطال الرضا الصادر عن‬
‫غلط‪.‬‬
‫وأضاف الفصل ‪ 18‬من ق ل ع بأن الغلط في القانون يخول إبطال االلتزام‬
‫‪ -‬إذا كان هو السبب الوحيد أو األساسي‪.‬‬
‫‪ -‬إذا أمكن العذر عنه‪.‬‬
‫وجاء في الفصل ‪ 12‬بأن الغلط يخول اإلبطال إذا وقع في ذات الشيء أو في نوعه أو في‬
‫صفة فيه كانت هي السبب الدافع إلى الرضى‪.‬‬
‫كما نص الفصل ‪ 12‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن الغلط الواقع على شخص أحد المتعاقدين أو على‬
‫صفته ال يخول الفسخ إال إذا كان هذا الشخص أو هذه الصفة أحد األسباب الدافعة إلى صدور‬
‫الرضى من المتعاقد اآلخر‪.‬‬
‫و الغلط حالة تقوم بالنفس تحمل على توهم غير الواقع وهو عيب من عيوب اإلرادة ألنه‬
‫يجعلها تتجه على غير هدى وقد كان يتغير اتجاهها لو أن صاحبها كان على بينة من األمر‪ ،‬ومن‬
‫هنا كان للغلط أثره في صحة عقد الشغل‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس يكون عقد الشغل قابال لإلبطال إذا شاب رضا طرفيه أو أحدهما غلط‬
‫جوهري يبلغ حدا من الخطورة بحيث كان يمتنع المتعاقد عن إبرام العقد لو لم يقع في هذا‬
‫الغلط وأكثر الحاالت انتشارا للغلط في ميدان الشغل أن يقع في ذات المتعاقد أو في صفة من‬
‫صفاته إذا كانت تلك الذات أو الصفة هي السبب الرئيسي في التعاقد في لمؤاجرة الذي يتعاقد‬
‫مع أجير على أساس العمل لديه في الصباغة ثم يتضح بأنه مختص في البناء يخول الحق في‬
‫إبطال العقد والغلط يخول اإلبطال كذلك إذا ظهر أن ثمة غلط في الصفة (شواهد مزورة)‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -2‬اإلكراه ‪ :‬نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 14‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن اإلكراه إجبار يباشر‬
‫من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عمال بدون‬
‫رضاه‪.‬‬
‫ونص الفصل ‪ 13‬على أن اإلكراه ال يخول إبطال االلتزام أال ‪:‬‬
‫‪-2‬إذا كان هو السبب الدافع إليه‪.‬‬
‫‪-2‬إذا قام على وقائع من طبيعتها أن تحدث لمن وقعت عليه إما ألما جسيما واضطرابا‬
‫نفسيا‪ ،‬أو الخوف من تعريض نفسه أو شرفه أو أمواله لضرر كبير‪ ،‬مع مراعاة السن والذكورة‬
‫واألنوثة وحالة األشخاص ودرجة تأثرهم‪.‬‬
‫ونص الفصل ‪ 10‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن الخوف الناتج عن التهديد بالمطالبة القضائية أو عن‬
‫اإلجراءات القانونية األخرى ال يخول األبطال إال إذا استغلت حالة المتعاقد المهدد بحيث تنزع‬
‫منه فوائد مفرطة‪ ،‬أو غير مستحقة وذلك ما لم يكن التهديد مصحوبا بوقائع تكون اإلكراه‬
‫بالمعنى الذي يقتضيه الفصل السابق‪.‬‬

‫ونص الفصل ‪ 11‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن اإلكراه يخول إبطال االلتزام وان لم يباشره المتعاقد‬
‫الذي وقع االتفاق لمنفعته‪.‬‬
‫وجاء في الفصل ‪ 08‬منه على أن اإلكراه يخول اإلبطال ولو وقع على شخص يرتبط عن‬
‫قرب مع المتعاقد بعالقة دم‪.‬‬
‫ونص الفصل ‪ 02‬منه على أن الخوف الناشئ عن االحترام ال يخول اإلبطال إال إذا انضمت‬
‫إليه تهديدات جسيمة أو أفعال مادية‪.‬‬
‫فاإلكراه إذن ضغط تتأثر به إرادة الشخص فيندفع إلى التعاقد واإلكراه وإن كان يفسد‬
‫الرضا إال أنه ال يعدمه‪ ،‬فالمكره إرادته موجودة ولو انتزعت منه هذه اإلرادة رهبة ألنه في الواقع‬
‫خير بين أن يريد أو أن يقع به المكروه الذي يخشاه فاختار أخف الضررين وأراد إال أن اإلرادة‬
‫التي صدرت منه معيبة ألنها لم تكن حرة ومختارة‪.‬‬
‫وفي الواقع العملي فإنه من الناذر جدا أن يقع األجير أو المشغل تحت ضغط إكراه مادي‪.‬‬
‫إال أن التساؤل الذي يطرح يتعلق بالحالة التي يكون فيها األجير بحاجة ملحة إلى الشغل‬
‫للحصول على قوته وقوت عياله فهل تعتبر الحاجة والفقر ظرفا مكرها يعيب رضا األجير‬
‫بشروط العقد المجحفة أم ال تعتبر كذلك؟؟‬
‫يرى الفقه الفرنسي بأن الحاجة تعتبر ظرفا يتحقق به معنى اإلكراه إذا كانت تمثل خطرا‬
‫جسيما يهدد األجير أو أسرته‪ ،‬إال أنهم يؤكدون على أن إثبات ذلك أمر عسير ألن المشرع‬
‫يتدخل باستمرار لفرض حد أدنى لألجر وتنظيم مختلف تفاصيل عقد الشغل واعتبار قواعدها‬
‫آمرة‪ .‬وهو بذلك (المشرع) ال يترك مجاال لتحقق هذا اإلكراه على األجير‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ويرى جانب من الفقه المغربي (محمد سعيد بناني) بأنه ال يجب التوسع كثيرا في مفهوم‬
‫اإلكراه المعنوي ألن االعتماد على الحاجة أو العوز االقتصادي واعتباره إكراها معنويا يخول‬
‫إبطال العقد سينتج عنه عدم استقرار عقود الشغل‪.‬‬
‫‪ -3‬التدليس ‪ :‬نص المشرع المغربي في الفصل ‪ 02‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن التدليس يخول‬
‫األبطال إذا كان ما لجأ إليه من الحيل أو الكمتان أحد المتعاقدين أو نائبه أو شخص آخر يعمل‬
‫بالتواطؤ معه قد بلغت في طبيعتها حدا بحيث لوالها لما تعاقد الطرف اآلخر‪ ،‬ويكون للتدليس‬
‫الذي يباشره الغير نفس الحكم إذا كان الطرف الذي يستفيد منه عالما به‪.‬‬
‫وجاء في الفصل ‪" : 07‬التدليس الذي يقع على توابع االلتزام من غير أن يدفع إلى التحمل‬
‫به ال يمنح إال الحق في التعويض"‪.‬‬
‫فالتدليس إذن هو استعمال أحد المتعاقدين طرقا احتيالية لتضليل المتعاقد اآلخر تضليال‬
‫يحمله على التعاقد‪ .‬أو هو كذب مصحوب بطرق احتيالية يقصد بها تدعيم هذا الكذب بقصد‬
‫إخفاء الحقيقة عن المتعاقد‪.‬‬
‫ويتحقق التدليس في ميدان الشغل بأن يدلي األجير بشواهد علمية أو عملية مزورة تثبت‬
‫أقدميته أو تكوينه‪ ،‬أو تكون لشخص آخر يحمل نفس االسم بغرض التدليس على المشغل من‬
‫أجل الحصول على عمل أفضل أو أجر مرتفع مما يجعل إرادته معيبة والعقد قابل لألبطال‬
‫لمصلحته‪.‬‬
‫ونفس الحكم ينطبق إذا كان التدليس صادرا من الغير بشرط أن يثبت المشغل الذي وقع‬
‫ضحية تدليس مثال أن المتعاقد اآلخر (األجير) كان يعلم أو كان من المفروض علمه بهذا‬
‫التدليس (فصل ‪ 02‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫‪ -4‬الغبن ‪ :‬هو عدم التعادل بين ما يعطيه المتعاقد وما يأخذه فقد يكون مغبونا إذا أعطى‬
‫أكثر مما أخذ وقد يكون غابنا إذا أخذ أكثر مما أعطى‪.‬‬
‫ونص الفصل ‪ 04‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪ ":‬يعتبر غبنا كل فرق يزيد على الثلث بين الثمن‬
‫المذكور في العقد والقيمة الحقيقية للشيء"‪.‬‬
‫وجاء في الفصل ‪ 00‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بأن الغبن ال يخول اإلبطال إال إذا نتج عن تدليس الطرف‬
‫اآلخر أو نائبه أو الشخص الذي تعامل من أجله‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق يمكننا استخالص المالحظات اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬أن الغبن ال يتصور إال في عقود المعاوضة (وعقد الشغل عقد معاوضة) ألن عقود‬
‫التبرع يعطي فيها أحد المتعاقدين وال يأخذ ولذلك فال مجال للحديث فيها عن عدم التعادل‬
‫بين األخذ والعطاء‪.‬‬
‫‪ -‬إن الغبن يقدر وقت تمام العقد ‪ :‬بمعنى أن قيمة ما يعطيه العاقد وقيمة ما يأخذه إنما‬
‫تعتبران في هذا الوقت‪ ،‬فإذا تغيرت القيم بعد ذلك فال عبرة بهذا التغيير وال محل إلثارة الغبن‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬من الصعب االحتراز من وقوع الغبن في عقود المعاوضة ألنه ينذر أن يكون ما يأخذه‬
‫أحد المتعاقدين متعادال مع ما يعطيه فيها لذلك قسم فقهاء الشريعة اإلسالمية الغبن إلى غبن‬
‫يسير وغبن فاحش واعتبروا اليسير متسامحا فيه لكثرة وقوعه أما الفاحش أو الجسيم فال‬
‫تسامح فيه‪.‬‬
‫وفي ميدان الشغل وبعد التدخل التشريعي المتزايد لم يعد للغبن محل كبير لالعتبار ألن‬
‫النصوص التشريعية تكلفت بحماية حقوق األجراء والمشغلين وجعلت مخالفتها مستوجبة‬
‫لتطبيق جزاءات إال أنه يمكن أن تحدث حاالت يستغل فيها المشغل طيش األجير ورعونته‬
‫فيحمله على العمل في خدمته ألداء مهمة محفوفة بالمخاطر وال تكون هذه المهمة في‬
‫خطورتها متعادلة البتة مع األجر الذي يحصل عليه األجير‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬المحل‪.‬‬
‫نص الفصل ‪ 03‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن األشياء واألفعال والحقوق المعنوية الداخلة في دائرة‬
‫التعامل تصلح وحدها ألن تكون محال لاللتزام‪ ،‬ويدخل في دائرة التعامل جميع األشياء التي ال‬
‫يحرم القانون صراحة التعامل بشأنها‪.‬‬
‫ونص الفصل ‪ 01‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن االلتزام الذي يكون محله شيئا أو عمال مستحيال إما‬
‫بحسب طبيعته أو بحكم القانون يعد باطال‪.‬‬
‫والمحل في عقد الشغل محالن أحدهما يتمثل في أداء األجر من طرف المشغل ووضع‬
‫العمل رهن إشارة األجير‪ .‬وثانيهما يكمن في أداء العمل المطلوب من األجير‪ .‬والمالحظ أن محل‬
‫عقد الشغل ما هو إال تعبير عن االلتزامات المتبادلة لطرفيه (والتي سنفصل فيها الكالم الحقا)‬
‫إال أنه بالرجوع للفصول ‪ 03‬إلى ‪ 42‬من ق‪.‬ل‪.‬ع نالحظ أن محل العقد يجب أن يكون مشروعا‬
‫وممكنا ومعينا أو قابال للتعيين وغير مخالف للنظام العام واآلداب الحميدة‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬السبب‪.‬‬
‫هو الغرض المباشر الذي يقصد الملتزم الوصول إليه من وراء التزامه ويقارن رجال القانون‬
‫بين المحل والسبب بأن المحل هو جواب من يسأل بماذا التزم المدين؟ أما السبب فهو جواب‬
‫من يسأل لماذا التزم المدين؟‬
‫وبالرجوع إلى الفصل ‪ 42‬من ق‪.‬ل‪.‬ع نجده ينص على أن االلتزام الذي ال سبب له أو‬
‫المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن (معدوما)‪.‬‬
‫ويكون السبب غير مشروع إذا كان مخالفا لألخالق الحميدة أو للنظام العام أو للقانون‪.‬‬
‫فالتزام المشغل بأداء أجر أجير يعهد إليه بتعليم أو أداء أعمال السحر والشعوذة أو القيام‬
‫بأعمال مخالفة للقانون أو لألخالق الحميدة أو النظام العام أو أعمال تكون مستحيلة‪ .‬يعد‬
‫التزاما باطال ألن سببه غير مشروع (الفصل ‪ 321‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬الشروط الشكلية إلبرام عقد الشغل الفردي‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬األصل أن عقد الشغل الفردي هو عقد رضائي يكفي النعقاده توافر اإليجاب والقبول‬
‫(الرضى) وان يكون طرفاه أهال إلبرامه وأن يكون له محل ممكن ومشروع ومعين أو قابل‬
‫للتعيين وأن يكون له سبب مشروع وحقيقي غير مخالف للنظام العام واآلداب والقانون‬
‫واألخالق الحميدة‪.‬‬
‫إال أن هذا األصل يرد عليه استثناء يتعلق بعقود شغل األجراء األجانب بالمغرب حيث‬
‫استلزم المشرع باإلضافة إلى األركان السابقة شرطا آخر أساسي يتمثل في نظام التأشيرة التي‬
‫تمنح من طرف وزارة الشغل وعليه فإن عقود شغل األجراء األجانب ال بد النعقادها من احترام‬
‫هذه الشكلية (التأشيرة) تحت طائلة البطالن إذ أن التأشيرة ليست وسيلة إثبات بل هي شرط‬
‫انعقاد ووجود لعقد الشغل‪.‬‬
‫وهو ما سار عليه االجتهاد القضائي المغربي المتواتر فقد جاء في قرار صادر عن محكمة‬
‫النقض بتاري ــخ ‪ 27‬أبريل ‪ 2137‬في الملف عدد ‪( 70020‬بأن عقد الشغل ال يشترط في إبرامه‬
‫أي شكل زائد على ثبوت رضا الطرفين في حالة ما إذا كان األجير مغربيا) وبإعمال مفهوم‬
‫المخالفة فإن األجير األجنبي يلزم النعقاد عقد شغله شروط أخرى (التأشيرة) باإلضافة إلى‬
‫مقتضيات أخرى سبق تناولها عند الحديث عن قيود إبرام عقد الشغل‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬القيود المفروضة على إبرام عقد الشغل الفردي‬


‫إن قيام نظام الطوائف المهنية على أساس مراعاة قواعد التدرج داخل الطائفة وتحول‬
‫هذه القواعد إلى امتياز بالنسبة ألبناء الطائفة دون غيرهم وصعوبة الولوج لميدان الشغل دفع‬
‫برواد الثورة الفرنسية إلى المناداة بإلغاء نظام الطوائف المهنية (ألنه يحد من حرية الشغل)‬
‫ونادوا بالمقابل بإقرار حرية التعاقد واعتبروا بأن كل ما هو تعاقدي فهو حق وعدل ألن الشخص‬
‫هو أدرى بمصالحه‪.‬‬
‫إال أن مبادئ "حرية التعاقد" و"دعه يعمل دعه يمر" و"مبدأ كل ما هو تعاقدي حق‬
‫وعدل" سرعان ما أفرز صعوبات كبيرة بالنسبة للطرف الضعيف (األجير) الذي كان مضطرا‬
‫للعمل ضمن شروط قاسية وألوقات عمل متأخرة‪.‬‬
‫وتصديا لهذا الوضع اضطر األجراء إلى التكتل والتجمع واالحتجاج لمواجهته مما دفع‬
‫بأغلب التشريعات المقارنة إلى التدخل لتنظيم الشغل والحد من غلو هذا المبدأ وذلك بفرض‬
‫قيود على التشغيل ‪ :‬استلزمتها المصلحة العامة للوطن أو المصالح الخاصة لبعض فئاته‬
‫الضعيفة ورغم إقرار هذه القيود يظل جوهر حرية الشغل وحرية التعاقد عليه قائما‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬قيود تقوم على اعتبارات المصلحة الوطنية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫قد تفرض االعتبارات الوطنية أو المصلحة العامة على المشرع التدخل للحد من حرية‬
‫التعاقد على الشغل‪ ،‬سواء تعلق األمر بالحد من عمل األجـانـب بالمغرب أو بتنظيم هجرة اليد‬
‫العاملة الوطنية إلى الخارج‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬قيود عمل األجراء األجانب بالمغرب ‪.‬‬


‫تقتضي مصلحة الوطن حماية األجراء المغاربة من منافسة ومزاحمة األجراء األجانب لهم‬
‫على العمل لذلك تدخل المشرع المغربي لفرض قيود تحد من هذه المنافسة سواء بتحديد‬
‫نسبة قصوى لعدد األجراء األجانب المسموح باستخدامهم في الشركات والمؤسسات بالمغرب‬
‫أو باشتراط حصول األجراء األجانب على ترخيص بالعمل واإلقامة‪.‬‬
‫وباستقراء المواد الواردة في مدونة الشغل يمكننا استخالص األحكام والمبادئ اآلتية ‪:‬‬
‫‪-‬يجب أن يكون عقد شغل األجراء األجانب عقد مكتوبا‪.‬‬
‫‪-‬يجب على كل مشغل يرغب في تشغيل إجراء أجانب الحصول على ترخيص بذلك من‬
‫قبل السلطة الحكومية المكلفة بالشغل (وزارة الشغل واإلدماج المهني) ويرد هذا الترخيص في‬
‫شكل تأشيرة توضع على عقد الشغل (المادة ‪.)024‬‬
‫‪-‬يعتبر تاري ــخ التأشيرة هو بداية عقد الشغل بالنسبة لألجير لألجنبي‪.‬‬
‫‪-‬كل تغيير لبنود العقد يلزم إخضاعها لنظام التأشيرة السابق‪ .‬تحت طائلة الجزاء‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪ 022‬من مدونة الشغل (من ‪ 2888‬إلى ‪ 0888‬درهم)‪.‬‬
‫‪-‬يجب أن يرد عقد الشغل مطابقا للنموذج الصادر عن وزارة الشغل واإلدماج المهني‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يتم التنصيص من طرف المشغل في العقد على بند يلزمه بتحمل مصاريف‬
‫عودة األجير األجنبي إلى بلده أو البلد الذي كان يقيم فيه متى تم رفض طلب الترخيص المذكور‬
‫من طرف وزارة الشغل واإلدماج المهني‪.‬‬
‫‪-‬ال يمكن لمن رست عليه صفقات عمومية أنجزت لحساب الدولة أو الجماعات المحلية‬
‫أو المقاوالت أو المؤسسات العمومية أن يسترد مبلغ الكفالة المالية الذي سبق له إبداعه وال‬
‫إعفاء ذمة الكفيل الشخصي الذي قدمه إال بعد اإلدالء بشهادة إدارية تسلم من قبل المندوب‬
‫اإلقليمي المكلف بالشغل تثبت أداء المشغل لمصاريف عودة األجراء األجانب الذين قام‬
‫بتشغيلهم وكذا ما عليه من مستحقات إلجرائه (المادة ‪ 021‬م‪.‬ش)‪.‬‬
‫‪-‬إن الحصول على الترخيص بالعمل من وزارة الشغل إجراء أساسي ال غنى عنه لمزاولة‬
‫األجنبي العمل‪.‬‬
‫‪-‬أن هذا القيد رغم التنصيص عليه في مدونة الشغل فإن أحكامه تسري أيضا على غير‬
‫المخاطبين بأحكامها (مدونة الشغل) ما لم يرد نص خاص على خالف ذلك‪.‬‬
‫‪-‬أن قرار رفض الترخيص بالعمل أو رفض تجديده في حالة منح الترخيص السابق هو قرار‬
‫إداري ويجب أن يكون معلال حتى يتسنى لألجير أو المشغل الطعن فيه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪-‬كل عقد غير مؤشر عليه من طرف وزارة الشغل واإلدماج المهني يعد باطال ويلزم صاحبه‬
‫بمغادرة التراب المغربي داخل األجل المحدد له قانونا‪.‬‬
‫‪-‬يلزم كل أجير أجنبي استقر بالمغرب التوفر على رخصة اإلقامة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قيود عمل األجراء المغاربة بالخارج‪.‬‬
‫حماية لحقوق األجراء المغاربة الذين يرغبون في االشتغال بالخارج وضمانا للمساواة بينهم‬
‫وبين مواطني دول االستقبال عمل المغرب على إبرام العديد من االتفاقيات الثنائية مع عدة‬
‫دول صديقة (فرنسا ‪ -‬اسبانيا ‪ -‬إيطاليا ‪ -‬بلجيكا) وغيرها حاول تضمينها عدة شروط وامتيازات‬
‫لألجراء المغاربة ‪.‬‬
‫وباستقراء أهم هذه االتفاقيات والبنود المنصوص عليها في مدونة الشغل يمكننا إبراز أهم‬
‫القواعد اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬إن األجير المغربي حتى يتسنى له العمل بالخارج ال بد له من الحصول على عقد شغل‬
‫مؤشر عليه من قبل المصالح المختصة لدى الدولة األجنبية المستقبلية ومن قبل السلطة‬
‫الحكومية المغربية المكلفة بالشغل (وزارة الشغل واإلدماج المهني)‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون الشروط المضمنة بعقد الشغل مطابقة (إن لم تكن أفضل) لمضمون‬
‫االتفاقيات الثنائية المتعلقة باليد األجيرة والموقعة مع الدولة المستقبلة للعامل المغربي‪.‬‬
‫‪ -‬باإلضافة إلى عقد الشغل يجب أن يتوفر األجير المغربي على جواز السفر وشهادة طبية‬
‫ال يتعدى تاري ــخ تسليمها شهرا واحدا صادرة عن طبيب تابع لوزارة الصحة العمومية تثبت‬
‫قدرته على ممارسة العمل المنوط به وعدم إصابته بأمراض معدية‪ .‬وإجراءه لمختلف‬
‫التلقيحات الضرورية ضدها‪.‬‬
‫‪ -‬ويجب عليه أيضا لمغادرة التراب الوطني أن يتوفر على جميع الوثائق التي تفرضها‬
‫القوانين واألنظمة الجاري بها العمل في بلد االستقبال والتي تعتبر ضمن اإلجراءات الخاصة‬
‫بهذا البلد‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على المشغل الذي يغادر التراب المغربي برفقة خادم منزلي لمدة أقصاها ستة‬
‫أشهر أن يحرر تعهدا مكتوبا وفق نموذج خاص تصدره وزارة الشغل واإلدماج المهني بمقتضى‬
‫نص تنظيمي يضمنه التزامه بتحمل نفقات إرجاع األجير إلى وطنه كما يتحمل عند االقتضاء‬
‫مصاريف التطبيب في حالة إصابته بمرض أو تعرضه لحادثة شغل‪.‬‬
‫ويتعين وضع نظير لهذا التعهد لدى وزارة الشغل واإلدماج المهني بقصد االحتفاظ به‪.‬‬
‫‪ -‬هذا باإلضافة إلى ا لقيود الواردة على اشتغال بعض فئات المستخدمين (األطر العليا‬
‫للدولة والتي كانت لها مناصب ذات حساسية) لدى الدول والحكومات األجنبية حفاظا على‬
‫أسرار الدولة المغربية ومصالحها العليا‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬قيود تقوم على اعتبارات إنسانية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫اقتضت االعتبارات اإلنسانية فرض مجموعة من القيود حماية لبعض الفئات ذات‬
‫الحساسية (األحداث ‪ +‬النساء ‪ +‬المعاقين) ضمانا لحقوقها وحماية لها من غلو مبدأ حرية‬
‫التعاقد على إطالقه‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬قيود تشغيل األجراء األحداث‪.‬‬


‫األحداث جمع حدث وهو كل من لم يبلغ سن الرشد بعد (ثماني عشرة سنة) ونظرا‬
‫للضرورات االجتماعية لبعض الفئات المعوزة والتي تضطرها إلى الدفع بإحداثها إلى مجال‬
‫الشغل فإن المشرع المغربي والعتبارات إنسانية تدخل لتنظيم عمل هذه الفئات وتقنينه‬
‫حفاظا على مصالحها وضمانا لحقوقها من الهدر‪.‬‬
‫وباستقراء المقتضيات المضمنة بمدونة الشغل يمكننا إبراز أهم مظاهر هذه الحماية فيما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬فرض حد أدنى لسن التشغيل ‪ :‬حيث نصت المادة ‪ 217‬من مدونة الشغل على أنه ال‬
‫يمكن تشغيل األحداث وال قبولهم في المقاوالت أو لدى المشغلين قبل بلوغهم سن خمس‬
‫عشرة سنة كاملة‪.‬‬
‫وهذا المقتضى التشريعي متقدم بالمقارنة مع ظهير ‪ 2‬يوليوز ‪ 2113‬والمتعلق بضابط‬
‫الخدمة أو العمل والذي كان يطبق على المؤسسات التجارية والصناعية والمهن الحرة وكذا‬
‫ظهير ‪ 21‬أبريل ‪ 2137‬المتعلق بالمأجورين الفالحيين والذين كانا يقبالن األحداث في العمل‬
‫ابتداء من سن إثنى عشر سنة‪.‬‬
‫‪-‬كما أن هذه المادة تساير مضمون االتفاقيات الدولية الموقع عليها من طرف المغرب وما‬
‫استقرت عليه أغلب التشريعات المقارنة‪( .‬اتفاقية ‪ 2121‬المتعلقة بالسن األدنى في الصناعة‬
‫والمعدلة سنة ‪.)2137‬‬
‫‪ -‬يمكن للعون المكلف بتفتيش الشغل أن يطلب في أي وقت عرض جميع األجراء‬
‫األحداث الذين تقل سنهم عن ثماني عشر سنة وجميع األجراء المعاقين على طبيب بمستشفى‬
‫تابع لوزارة الصحة قصد التحقق من أن الشغل الذي كلفوا به ال يفوق طاقتهم أو ال يتناسب مع‬
‫إعاقتهم‪.‬‬
‫‪-‬إذا ظهر لمفتش الشغل من خالل تقرير الطبيب أن ذلك الشغل مرهق أمر بإعفاء‬
‫األحداث أو المعاقين من الشغل ودون إخطار مع إمكانية إجراء فحص طبي مضاد من طرف‬
‫أولياء أمور الحدث‪.‬‬
‫‪ -2‬منع تشغيل األحداث دون سن السادسة عشرة في أي شغل ليلي ‪" :‬يعتبر شغال‬
‫ليليا في النشاطات غير الفالحية كل عمل يؤدي فيما بين الساعة التاسعة ليال والسادسة‬
‫صباحا‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬ويعتبر شغال ليليا في النشاطات الفالحية كل عمل يؤدي فيما بين الساعة الثامنة ليال‬
‫والخامسة صباحا‪.‬‬
‫يجب أن تتاح لألحداث فترة راحة بعد كل يومين من الشغل الليلي ال تقل عن ‪ 22‬ساعة‬
‫متوالية‪.‬‬
‫يمنع تشغيل األحداث دون سن ثماني عشر سنة في المقالع واألشغال الباطنية التي تؤدي‬
‫في أغوار المناجم‪.‬‬
‫‪-‬يمنع تشغيل األحداث دون سن ثماني عشرة سنة في أشغال تعيق نموهم (حمل األثقال)‬
‫سواء كانت هذه األشغال على سطح األرض أو في جوفها‪.‬‬
‫‪-‬يمنع تشغيل األحداث دون سن ثماني عشرة سنة في األشغال التي تشكل مخاطر بالغة‬
‫لهم أو تفوق قدرتهم أو قد يترتب عنها ما قد يدخل باآلداب‪.‬‬
‫هذا ويمكن مخالفة األحكام المتعلقة بتشغيل األحداث ليال إذا حتمت الضرورة ذلك (كان‬
‫يكون النشاط متواصال أو موسميا أو أن يكون الشغل فيها متعلقا بمواد سريعة التلف) أو عند‬
‫الحصول على ترخيص استثنائي بذلك من مفتش الشغل في غير الحاالت المشار إليها أعاله‪.‬‬
‫كما يمكن االستفادة من هذا االستثناء (وتشغيل األحداث دون سن السادسة عشر سنة‬
‫ليال) إذا اقتضت ضرورة اتقاء حوادث وشيكة الوقوع أو تنظيم عمليات نجدة أو إصالح خسائر‬
‫لم تكن متوقعة شريطة أخبار مفتش الشغل بذلك واحترام األجل المحدد له في ليلة واحدة‬
‫فقط وأن ال يكون الحدث معاقا‪.‬‬
‫‪ -3‬جزاء مخالفة أحكام القيود المتعلقة بتشغيل األحداث‪.‬‬
‫رتب المشرع المغربي في مدونة الشغل عدة جزاءات على مخالفة المشغلين للقواعد‬
‫واألحكام المنظمة لتشغيل األحداث وحمايتهم‪.‬‬
‫وذلك في المواد ‪ 208‬و‪ 202‬و‪ 233‬و ‪ 230‬و‪ 207‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫والمالحظ على هذه الجزاءات أنها في معظمها جزاءات تقتصر على الغرامات النقدية كما‬
‫أن مقدار هذه الغرامات رغم بعض التحسن في مبلغه فهو هزيل وال يزال مشجعا لبعض‬
‫المشغلون على خرق مقتضيات قانون الشغل أكثر منه رادع لهم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قيود تشغيل النساء األجيرات‪.‬‬
‫المبدأ أن النساء شقائق الرجال في األحكام إذ ال تمييز في شأن حرية الشغل وحرية التعاقد‬
‫عليه بين الذكور واإلناث إال أن ثمة بعض األشغال التي ال تناسب وطبيعة تكوين المرأة وقدرتها‬
‫البدنية كما أن هناك أشغاال أخرى تتعارض مع الضوابط األخالقية المرعية‪.‬‬
‫وحماية لهن من مخاطر مبدأ حرية التعاقد تدخل المشرع لوضع ضوابط اشتغالهن‬
‫وحظر مجموعة من األنشطة عليهن كما ألزم المشغلون بأوقات معينة وبقواعد خاصة‪.‬‬
‫‪ -1‬منع تشغيل النساء في بضع األشغال‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل يمنع تشغيل النساء في المقالع‬
‫(األحجار‪-‬الرمال) وفي جميع األشغال الجوفية التي تؤدي في أغوار المناجم‪.‬‬
‫كما يمنع تشغيل النساء في األشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهن أو تفوق قدرتهن أو‬
‫قد ينجم عنها ما قد يخل باآلداب واألخالق العامة‪.‬‬
‫ويمنع كذلك تشغيل النساء في أعمال الجر والدفع لألثقال سواء تعلق األمر بعربات ثالثية‬
‫أو رباعية العجالت ‪-‬وعند مخالفة هذه األحكام رتب المشرع جزءا جنائيا يتمثل في الغرامة (من‬
‫‪ 788‬درهم إلى ‪ 088‬درهم) عن كل مخالفة‪.‬‬

‫‪ -2‬تخصيص مقاعد للنساء األجيرات‪.‬‬


‫نصت المادة ‪ 20‬من مدونة الشغل على أنه يجب أن يتوفر في كل قاعة من القاعات‬
‫داخل المؤسسات التي تتولى النساء فيها نقل البضائع واألشياء أو عرضها على الجمهور عدد‬
‫من المقاعد لالستراحة يساوي عدد النساء األجيرات بها"‪.‬‬
‫ودفعا لكل تحايل استلزم المشرع المغربي في نفس المادة أن تكون هذه المقاعد متميزة‬
‫عن تلك التي توضع رهن إشارة الزبناء ورتب جزاءا عن مخالفة هذه األحكام يتمثل في الغرامة‬
‫التي تتراوح بين (‪ 2888‬درهم و‪ 0888‬درهم) عند عدم توفير مقاعد بالعدد المنصوص عليه‬
‫في المادة ‪ 202‬المشار إليها أعاله داخل كل قاعة من القاعات التي تباشر فيها األجيرات شغلهن‬
‫(المادة ‪.)207‬‬
‫‪ -3‬ضوابط تشغيل النساء ليال‪.‬‬
‫األصل أنه يمكن تشغيل النساء ليال لكن مع مراعاة وضعهن الصحي واالجتماعي وبعد‬
‫استشارة النقابات المهنية للعمال والمنظمات المهنية للمشغلين‪.‬‬
‫وفي حالة اشتغال النساء ليال يجب تمتيعهن بفترة راحة بين كل يومين من الشغل الليلي‬
‫ال تقل عن إحدى عشر ساعة متوالية تشمل لزوما فترة الشغل الليلية (أي من الساعة التاسعة‬
‫ليال إلى الساعة السادسة صباحا في األنشطة غير الفالحية ومن الساعة الثامنة ليال إلى الساعة‬
‫الخامسة صباحا في األشغال الفالحية)‪.‬‬
‫رتب المشرع جزاء جنائيا في المادة ‪ 233‬من مدونة الشغل يتمثل في الغرامة من ‪788‬‬
‫درهم إلى ‪ 088‬درهم على كل مشغل يشغل النساء ليال في حالة تعرض المؤسسة لظروف‬
‫استثنائية دون أن يحصل على إذن خاص بذلك من العون المكلف بتفتيش الشغل أو عند عدم‬
‫تمتيعه للنساء المشتغالت ليال من فترة راحة بعد بين يومين من الشغل الليلي‪.‬‬
‫وتتكرر هذه العقوبات بتعدد المخالفات على أن ال تتجاوز مجموع الغرامات ‪28.888‬‬
‫درهم‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -4‬حماية المرأة األجيرة العتبارات تتعلق بدورها في األسرة والمجتمع‪.‬‬
‫بالنظر لألدوار الكبيرة التي تلعبها المرأة داخل المجتمع باعتبارها أما وزوجة وربة أسرة فقد‬
‫خصها المشرع في مدونة الشغل ببعض المزايا تثمينا لهذا الدور واعترافا منه بأهميته‪.‬‬
‫وباستقراء األحكام الواردة في المواد ‪ 202‬و‪ 240‬من مدونة الشغل‪ .‬يمكننا استنباط المبادئ‬
‫اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬عند ثبوت حمل األجيرة بمقتضى شهادة طبية يحق لها االستفادة من عطلة والدة مدتها‬
‫أربعة عشرة أسبوعا ما لم تكن ثمة مقتضيات أفضل في عقد الشغل الفردي أو االتفاقية‬
‫الجماعية أو النظام الداخلي للمؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬يمنع تشغيل النساء خالل األسابيع السبعة التي تلي الوضع مباشرة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على المشغل العمل على تخفيف الشغل الذي تقوم به المرأة الحامل خالل‬
‫األسابيع األخيرة قبل الوضع‪ .‬وعقب الوالدة‪.‬‬
‫‪ -‬إذا وضعت األجيرة حملها قبل أوانه أخبرت المشغل بذلك بمقتضى رسالة مضمونة مع‬
‫اإلشعار بالتوصل وأخبرته بالتاري ــخ الذي تنوي فيه االلتحاق بالشغل‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن لألجيرة الحامل أن توقف عقد شغلها لمدة أربعة عشر أسبوعا قبل الوضع وبعده‪.‬‬
‫‪ -‬إذا نتج عن الوضع حالة مرضية تجعل من الضروري إطالة فترة توقف العقد أمكن‬
‫لألجيرة أن تزيد من عطلة الوالدة مدة استمرار تلك الحالة المرضية على أن ال تتعدى فترة‬
‫التوقيف ثم انية أسابيع قبل تاري ــخ توقع الوضع وأربعة عشر أسبوعا بعد تاري ــخ الوضع (أي‬
‫بزيادة ثمانية أسابيع)‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن لألجيرة المرضع أن تستفيد من عطلة خاصة لتربية مولودها شريطة إخبار‬
‫المشغل بذلك على أن ال تتجاوز مدتها تسعين يوما‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكنها باتفاق مع المشغل االستفادة من إجازة غير مدفوعة األجر لمدة سنة كاملة‬
‫لتربية مولودها‪.‬‬
‫‪ -‬تستفيد األجيرة من الحقوق المكتسبة لها خالل فترة توقف عقد شغلها‪.‬‬
‫ويمكن لألم األجيرة التراجع عن قرار استئناف الشغل وال يجب عليها سوى توجيه إشعار‬
‫بذلك إلى المشغل قبل انتهاء فترة توقف عقدها ب خمس عشرة يوما على األقل بواسطة‬
‫رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل‪.‬‬
‫‪ -‬ال يمكن للمشغل إنهاء عقد شغل األجيرة في الحاالت اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬إذا تبت حملها بمقتضى شهادة طبية وطيلة الحمل‪.‬‬
‫‪ -‬خالل مدة ‪ 21‬أسبوعا التي تلي الوضع‪.‬‬
‫‪ -‬أثناء فترة توقف العقد بسبب نشوء حالة مرضية ناتجة عن الحمل أو الوضع‪ .‬ومثبتة‬
‫بواسطة شهادة طبية‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وقد رتب المشرع المغربي جزاء جنائيا عن عدم احترام هذه المقتضيات ويتمثل في‬
‫الغرامة من ‪ 28.888‬درهم إلى ‪ 28.888‬درهم‪.‬‬
‫‪ -‬يحق لألم األجيرة أن تتمتع يوميا على مدى اثنى عشر شهرا من تاري ــخ استئنافها للشغل‬
‫إثر الوضع باستراحة خاصة يؤدى عنها األجر باعتبارها وقتا من أوقات الشغل مدتها نصف‬
‫ساعة صباحا ونصف ساعة ظهرا لكي ترضع وليدها خالل أوقات الشغل ويجب أن تكون هذه‬
‫الساعة مستقلة عن فترات الراحة المعمول بها في المقاولة‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكنها االستفادة من هذه الساعة في أي وقت من أوقات الشغل وذلك باتفاق مع‬
‫المشغل‪.‬‬
‫‪ -‬يلزم كل مشغل يشغل ما ال يقل عن ‪ 08‬امرأة بتجهيز غرفة خاصة للرضاعة داخل‬
‫المقاولة متوفرة على مستلزمات الصحة والسالمة‪.‬‬
‫‪ -‬وقد رتب الشرع المغربي جزاء جنائيا عن عدم احترام هذه المقتضيات يتمثل في عقوبة‬
‫الغرامة من ‪ 2888‬درهم إلى ‪ 0888‬درهم‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬القيود الخاصة بتشغيل المعاقين وحمايتهم‪.‬‬
‫أخذا بالمبادئ الكبرى الواردة في ديباجة قانون مدونة الشغل والتي تنص على حق كل‬
‫شخص في شغل يناسب حالته الصحية‪ ،‬واعتبارا للعدد الكبير من األشخاص المعاقين الذين‬
‫يلجون عالم الشغل أفردت مدونة الشغل نصوصا خاصة بتنظيم عمل األشخاص المعاقين‬
‫وقواعد لضمان حمايتهم‪ .‬وباستقراء مختلف هذه األحكام يمكننا إبراز المبادئ اآلتية‪:‬‬
‫أ‪-‬يعتبر معاقا كل شخص أصبح غير قادر على االعتماد على نفسه في مزاولة عمله أو‬
‫القيام بعمل آخر أو االستمرار فيه أو نقصت قدرته على ذلك نتيجة لقصور عضوي أو عقلي أو‬
‫حسي أو نتيجة عجز خلقي مند الوالدة‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تنظيم الشغل‬


‫كان من نتائج التدخل التشريعي المتزايد إلى جانب فرض قيود على إبرام عقد الشغل‬
‫الفردي تنظيم مدة الشغل العادية واالستثناءات الواردة عليها (المطلب األول) ومختلف العطل‬
‫واإلجازات (المطلب الثاني) إلى جانب إقرار تدابير لحفظ صحة وسالمة األجراء (المطلب‬
‫الثالث)‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مدة الشغل العادية واالستثناءات الواردة عليها‬
‫إن ترك تحديد مدة الشغل لسلطان اإلرادة يؤدي في الواقع العملي إلى رهن ذلك بإرادة‬
‫المشغل الذي يعمل على تحقيق مصلحته وذلك باستغالل األجير أكبر فترة ممكنة‪.‬‬
‫وغير خاف ما لذلك من عواقب صحية واجتماعية على األجير المنهك وعائلته‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫وتفاديا لمثل هذه العواقب عملت جل التشريعات المقارنة على الحد من سلطان إرادة‬
‫صاحب العمل وتقييدها وذلك بإفراد تنظيم خاص لمدة الشغل ولمختلف العطل القانونية التي‬
‫ترد عليها‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مدة الشغل العادية‪.‬‬
‫كان من نتائج الثورة الصناعية إن ازدادت الحاجة إلى اليد العاملة بكثرة مما دفع‬
‫بالمشغلين إلى االستفادة من مبدأ حرية التعاقد‪ ،‬حيث أعملوا سلطان إرادتهم في تحديد‬
‫شروط العمل ومدته مما أضر بالفئات العمالية التي كانت تشتغل لساعات طويلة وفي ظروف‬
‫مزرية‪.‬‬
‫ونتيجة لتطور وعي هذه الفئات وانتظامها وتكتلها في إطار نقابات عمالية طالبت‬
‫بتحسين شروط الشغل والحد من مدته‪.‬‬
‫وتم إصدار العديد من التوصيات توجت بإقرار منظمة العمل الدولية ألول اتفاقية تحدد‬
‫مدة الشغل في ثمان وأربعون ساعة أسبوعيا وثمان ساعات من العمل يوميا وذلك بتاري ــخ ‪21‬‬
‫أكتوبر ‪.2121‬‬
‫وفي المغرب كان أول تنظيم لمدة الشغل بمقتضى ظهير ‪ 27‬يوليوز ‪ 2124‬حيث حدد‬
‫ساعات العمل في عشر ساعات يوميا‪.‬‬
‫ونتيجة لصعود الجبهة الشعبية للحكم بفرنسا سنة ‪ 2174‬والتي كانت ذات توجهات‬
‫اشتراكية نقابية وتأثير ذلك على األوضاع بالمغرب تم تعديل هذا الظهير بآخر صادر في ‪20‬‬
‫يونيو ‪ 2174‬حصر مدة الشغل في ثماني وأربعين ساعة أسبوعيا وذلك انسجاما مع مقتضى‬
‫االتفاقية الدولية لمنظمة العمل‪.‬‬
‫ويبرر الفقه القانوني عادة تحديد مدة الشغل باعتبارات اجتماعية واقتصادية‪.‬‬
‫ذلك أن العمل لساعات طويلة ولشهور وسنوات متعاقبة يجعل األجير سجين عمله وغير‬
‫مستفيد من وقته لتنمية قدراته والتمتع بالقسط المعقول من الراحة ولتلبية حاجيات أسرته‬
‫من الرعاية واإلشراف المباشر‪.‬‬
‫إال أن هذه االعتبارات االجتماعية التي فرضت الحد من ساعات العمل اليومية‬
‫واألسبوعية ال يجب أن تؤدي إلى ضرب القد رة االقتصادية لألجير باإلنقاص من أجره مقابل‬
‫تخفيض مدة اشتغاله‪.‬‬
‫وهو المقتضى الذي نصت عليه جل التشريعات المقارنة صراحة فقد جاء في المادة ‪201‬‬
‫من مدونة الشغل على أنه ‪:‬‬
‫"تحدد في النشاطات غير الفالحية مدة الشغل العادية المقررة لألجراء في ‪2222‬‬
‫ساعة في السنة أو أرب ع وأربعون ساعة في األسبوع يمكن توزي ع المدة السنوية اإلجمالية‬

‫‪26‬‬
‫للشغل على السنة حسب حاجيات المقاولة شريطة أال تتجاوز مدة العمل العادية عشر‬
‫ساعات في اليوم مع مراعاة االستنادات المشار إليها في المواد ‪.112-111-121‬‬
‫تحدد مدة الشغل العادية في النشاطات الفالحية في ‪ 2416‬ساعة في السنة‪ ،‬وتجزأ‬
‫على فترات حسب المتطلبات الضرورية للمزروعات وفق مدد يومية تتولى السلطة‬
‫الحكومية المختصة تحديدها بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات‬
‫النقابية لألجراء األكثر تمثيال‪.‬‬
‫ال يترتب أي تخفيض من األجر عند تقليص مدة الشغل في القطاعات غير الفالحية‬
‫من ‪ 2416‬إلى ‪ 2222‬ساعة وفي القطاع الفالحي من ‪ 2711‬إلى ‪ 2416‬ساعة في السنة"‪.‬‬
‫وباستقراء هذه المادة يمكننا إبراز األحكام اآلتية ‪:‬‬
‫‪-‬إن تحديد مدة الشغل بمقتضى المدونة الجديدة يعتبر أكثر تقدما مقارنة بظهير ‪2174‬‬
‫ألن هذه المدونة قلصت ساعات الشغل في القطاعات غير الفالحية من ‪ 2114‬إلى ‪2200‬‬
‫ساعة سنويا ومن ثماني وأربعون ساعة أسبوعيا إلى أربــع وأربعون ساعة فقط‪.‬‬
‫وقلصتها القطاعات الفالحية من ‪ 2388‬ساعة سنويا إلى ‪ 2114‬ساعة فقط‪ .‬وتركت أمر‬
‫توزي ــع هذه الساعات على األيام للنصوص التنظيمية التي تصدرها الوزارة المكلفة بالشغل بعد‬
‫استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية األكثر تمثيال لألجراء على أن ال‬
‫تتجاوز في كل األحوال عشر ساعات يوميا‪.‬‬
‫‪-‬إن تنظيم ساعات العمل في القطاعات غير الفالحية يسري على كل المقاوالت الصناعية‬
‫والتجارية والمؤسسات العمومية وأصحاب المهن الحرة والموثقين والسماسرة وشركات التأمين‬
‫والجمعيات وغيرها‪...‬‬
‫‪-‬ال يدخل في حساب الثماني ساعات المفروضة كحد أقصى للساعات التي يمكن تشغيل‬
‫األجير فيها الوقت الذي يستغرقه األجير في التنقل لمكان العمل مهما كان بعيدا وال الوقت‬
‫الذي يستغرقه األجير في ارتداء مالبس العمل عند ابتدائه أو خلعها وارتداء مالبسه العادية عند‬
‫انتهائه وال الوقت المخصص بين ساعات الشغل للراحة وتناول الطعام‪.‬‬
‫‪ -‬يجب على المشغل أن يمنح لألجراء فترة للراحة ولتناول الطعام ال تقل عن ساعة وأن ال‬
‫يشتغل األجير ألكثر من خمس ساعات متوالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االستثناءات الواردة على مدة الشغل العادية‪.‬‬


‫إذا كانت القاعدة العامة الواردة في المادة ‪ 201‬من مدونة الشغل تحدد مدة الشغل في‬
‫ثماني ساعات يوميا وأربــع وأربعون ساعة أسبوعيا في القطاعات غير الفالحية و ‪ 2114‬ساعة‬
‫سنويا في القطاعات الفالحية فإن هذه القاعدة ترد عليها استثناءات‪ .‬إما بالرفع أو باإلنقاص‬

‫‪27‬‬
‫وذلك كلما اقتضت ضرورات المقاولة ذلك‪ .‬إال أن هذه االستثناءات ال يجب التوسع في‬
‫تفسيرها حماية لألجراء وضمانا لحقوقهم المقررة بمقتضى مدونة الشغل‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أهم حاالت الرفع من مدة الشغل العادية‬
‫إذا تطلب األمر القيام بأشغال مستعجلة تقتضي الضرورة إنجازها فورا من أجل اتقاء‬
‫أخطار وشيكة أو تنظيم تدابير نجده أو إصالح ما تلف من معدات المقاولة أو تجهيزاتها أو‬
‫بناياتها أو لتفادي فساد بعض المواد جاز تمديد مدة الشغل العادية باالستمرار في الشغل طيلة‬
‫يوم واحد‪ ،‬ثم تمديدها بساعتين خالل األيام الثالثة التي تلي ذلك اليوم (المادة ‪.)212‬‬
‫‪ -‬إذا كان الشغل الذي يؤديه أجراء في مؤسسة ما شغال متقطعا أصال‪ ،‬أو عندما تقتضي‬
‫الضرورة تأدية أشغال تحضيرية أو تكميلية ال غنى عنها للنشاط العام للمؤسسة‪ ،‬مع استحالة‬
‫انجازها في حدود مدة الشغل العادة فإنه يمكن تمديد فترة شغل األجراء المخصصين لتنفيذ‬
‫تلك األشغال إلى ما بعد المدة العادية المذكورة على أال تتجاوز الفترة الممتدة اثنى عشرة ساعة‬
‫في اليوم كحد أقصى (المادة ‪ 218‬من مدونة الشغل) (إفراغ باخرة‪ ،‬تنظيف أفران)‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن للمشغل تعويض ساعات العمل الضائعة إما بسبب توقف جماعي للشغل‬
‫ألسباب عارضة أو لقوة قاهرة سواء أكان كليا أو جزئيا وذلك بعد استشارة مندوبي األجراء‬
‫والممثلين النقابيين عند وجودهم ويمنع في كل األحوال العمل ألكثر من ثالثين يوما في السنة‬
‫الستدراك الساعات الضائعة أو أن تفوق مدة التمديد ساعتين في اليوم وكذا أن تفوق مدة‬
‫الشغل اليومية عشر ساعات كما يمنع أن يتم التعويض خالل أيام الراحة األسبوعية للعمال إال‬
‫استثناء‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حاالت اإلنقاص من مدة الشغل العادية‬
‫‪-‬كما يمكن للمشغل بعد اخذ رأي مندوبي األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند‬
‫وجودهم أن يقلص من مدة الشغل ولفترة متصلة أو منفصلة ال تتجاوز ستين يوما في السنة‬
‫وذلك عند حدوث أزمة اقتصادية عابرة لمقاولته أو لظروف طارئة خارجة عن إرادته‪.‬‬
‫وإذا كان التقليص من مدة الشغل العادية تزيد مدته عن ستين يوما وجب االتفاق بين‬
‫المشغل ومندوبي األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم حول الفترة التي‬
‫سيستغرقها هذا التقليص‪.‬‬
‫وفي حالة عدم حصول االتفاق فال يسمح بالتقليص من مدة الشغل العادية إال بإذن‬
‫يسلمه عامل العمالة أو اإلقليم في أجل أقصاه ستون يوما من تاري ــخ تقديم الطلب من طرف‬
‫المشغل إلى المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل‪.‬‬
‫ويجب أن يكون طلب اإلذن مرفقا بجميع اإلثباتات وبمحضر المشاورات والتفاوض مع‬
‫ممثلي األجراء‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫إذا تعلق األمر بأزمة اقتصادية يجب أن يكون الطلب مرفقا عالوة على الوثائق المشار إليها‬
‫أعاله بتقرير يتضمن األسباب االقتصادية التي تستدعي لتقليص (بيان حول الوضعية‬
‫االقتصادية والمالية للمقاولة)‬
‫ويجب أن يكون قرار األجير معلال بأسباب ألنه يمكن أن يكون محال للطعن من األطراف‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الساعات اإلضافية‪.‬‬
‫‪ -‬تعتبر ساعات إضافية كل ساعات الشغل التي تتجاوز مدة الشغل المقررة عادة لعمل‬
‫األجير‪.‬‬
‫‪ -‬وتعتبر في حكم ساعات الشغل اإلضافية بالنسبة للمقاوالت التي تقسم فيها ‪2200‬‬
‫ساعة شغل تقسيما غير متساو خالل السنة ساعات الشغل التي تتجاوز يوميا عشر ساعات‬
‫وتحسب ابتداء منها‪.‬‬
‫‪ -‬وتعتبر في حكم ساعات الشغل اإلضافية في المجال الفالحي‪ ،‬ساعات الشغل التي تنجز‬
‫سنويا ابتداء من الساعة ‪ 2201‬ساعة وتحسب ابتداء منها‪.‬‬
‫‪ -‬وتعتبر أيضا في حكم ساعات الشغل اإلضافية كل ساعة شغل تنجز خالل األسبوع خارج‬
‫أوقات الشغل بالنسبة لألجير الذي لم يشتغل األسبوع بكامله إما بسبب فصله من الشغل أو‬
‫استقالته أو استفادته من العطلة السنوية المؤدى عنه أو تعرضه لحادثة شغل أو لمرض مهني أو‬
‫استفادته من يوم عيد مؤدى عنه األجر أو من يوم عطلة‪( .‬المواد ‪ )288-211-210-213‬من‬
‫مدونة الشغل‪.‬‬
‫وهدف المشرع من إقراره لهذه الساعات الزائدة عن مدة الشغل العادية هو تمكين‬
‫المشغل من مواجهة زيادة األشغال التي تقتضيها المصلحة الوطنية أو مصلحة المقاولة لكن‬
‫مع مراعاة الضوابط الصارمة التي وضعها المشرع حماية لإلجراء وتقييدا لحرية العمل ومن أهم‬
‫هذه الضوابط ‪:‬‬
‫‪ -‬أن تحديد الساعات اإلضافية مرهون بعدم تجاوز سقف عشر ساعات يوميا كأقصى مدة‬
‫شغل‪.‬‬
‫‪ -‬أن األجراء ملزمون تحت طائلة ارتكاب خطأ جسيم موجب للطرد دون تعويض أو إخطار‬
‫بالقيام بالساعات اإلضافية المحددة طبقا للقانون‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تؤدي لألجير كيفما كانت طريقة أداء أجره زيادة نسبتها ‪ %20‬من األجرة عن‬
‫الساعات اإلضافية إذا قضاها فيما بين الساعة السادسة صباحا والتاسعة ليال في النشاطات‬
‫غير الفالحية وفيما بين الساعة الثامنة ليال والخامسة صباحا في النشاطات الفالحية (م‪.)282‬‬
‫ويؤدى التعويض عن الساعات اإلضافية دفعة واحدة مع األجر المستحق (م‪.)210.‬‬

‫‪29‬‬
‫تضاعف هذه التعويضات على التوالي بالنسبة للفترتين المشار إليهما أعاله إلى ‪% 08‬‬
‫وإلى ‪ % 288‬إذا قضى األجير الساعات اإلضافية في اليوم المخصص لراحته األسبوعية‪ ،‬حتى‬
‫ولو عوضت له فترة الراحة األسبوعية براحة تعويضية‪.‬‬
‫‪ -‬يجب الحتساب التعويض عن الساعات اإلضافية اعتبار األجر وجميع توابعه‪ .‬باستثناء‬
‫(التعويضات العائلية ‪ -‬الحلوان إال فيما يتعلق باألجراء الذين يتكون أجرهم من الحلوان‬
‫فحسب‪ -‬المبالغ المستردة تغطية لمصاريف أو نفقات سبق أن تحملها األجير بسبب شغله‬
‫(التنقل مثال)‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬جزاء خرق المقتضيات المنظمة لمدة الشغل‪.‬‬
‫رتب المشرع المغربي جزاءا جنائيا على مخالفة المشغلين للمقتضيات المتعلقة بتنظيم‬
‫مدة الشغل وذلك في المواد ‪ 287‬و‪ 281‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫والمالحظ على هذا الجزاء انه ينحصر في مبلغ ‪ 788‬درهم إلى ‪ 088‬درهم‪.‬‬
‫وأن هذه الغرامة ال تتجاوز في حدها األقصى مبلغ ‪ 28.888‬درهم مما يشجع بعض‬
‫المشغلين على خرق مقتضيات قانون الشغل أكثر منها رادعه لهم على احترامه‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مختلف العطل واإلجازات‪.‬‬
‫إذا كان تحديد حد أقصى لمدة الشغل اليومية أمرا جيدا ومهما لما فيه من حماية لإلجراء‬
‫فإنه ال تقل أهمية العطل المختلفة التي يستفيد منها األجراء وكذا اإلجازات والتغيبات‬
‫الخاصة التي يتمتعون بها وسنتناول خالل هذا المطلب وبإيجاز مختلف العطل القانونية‬
‫(الفقرة األولى) وكذا اإلجازات والتغيبات (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬العطل القانونية‪.‬‬
‫نظم المشرع في المواد ‪ 280‬إلى ‪ 241‬من مدونة الشغل مختلف العطل القانونية التي‬
‫يستفيد منها األجير وباستقراء هذه المواد يتضح بأن هذه العطل تتحدد كما يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬الراحة األسبوعية أو عطلة نهاية األسبوع‪.‬‬
‫كان من نتائج انتشار الفكر النقابي في صفوف األجراء وارتفاع مستوى وعيهم التعبير عن‬
‫جملة من المطالب االجتماعية أهما توفير فترة راحة أسبوعية بعد عناء الشغل وذلك لتمكين‬
‫األجراء من قضاء مآربــهم الخاصة واالهتمام بأسرهم وتجديد نشاطهم‪ .‬وإدراكا من المشغلين‬
‫ألهمية هذه الراحة للعمال ولإلنتاج وبعد تدافع طويل تم اإلقرار بحق األجراء في التمتع بالراحة‬
‫األسبوعية‪ .‬كما تم إبرام االتفاقية الدولية رقم ‪ 21‬الصادرة بتاري ــخ ‪ 20‬أكتوبر ‪ 2122‬عن منظمة‬
‫العمل الدولية بشأن تمتيع األجراء براحة أسبوعية ال تقل عن أربعة وعشرون ساعة متوالية‪.‬‬
‫وسيرا على هدي هذه االتفاقية نصت المادة ‪ 280‬من مدونة الشغل على أنه يجب تمتيع‬
‫األجراء براحة أسبوعية إلزامية تستغرق مدة أدناها أربعة وعشرين ساعة تحسب من منتصف‬
‫الليل إلى منتصف الليل‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ويجب إن توافق الراحة األسبوعية أيام الجمعة أو السبت أو األحد أو يوم السوق‬
‫األسبوعي كما يجب أن تمنح في نفس الوقت لكل األجراء المشتغلين في المؤسسة الواحدة‪.‬‬
‫(المادة ‪.)284‬‬
‫وباستقراء هاتين المادتين يمكننا إبداء المالحظات اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬إن المشرع أورد عبارة األجراء عامة ومطلقة ودون تحديد بالجنس أو السن أو الصفة‬
‫(مستخدم‪-‬عامل‪-‬إطار عالي) وهذا يفيد بأن المشرع أراد تمتيع جميع األجراء التابعين للمشغل‬
‫بهذه العطلة إذ ا لعبرة في تمتيع األجير بالراحة األسبوعية هي وجوده في حالة تبعية تجاه‬
‫المشغل‪.‬‬
‫‪ -‬إن مدة األربــع والعشرون ساعة المحددة كفترة راحة أسبوعية تعتبر حدا أدنى ال يمكن‬
‫النزول عنه وهي من النظام العام ال يمكن االتفاق على اإلنقاص منها وإن كان االتفاق على‬
‫الزيادة في مدتها ممكنا ما دام ذلك في صالح األجير‪.‬‬
‫‪ -‬إن المشرع قد توسع كثيرا في تبيان األيام التي يمكن أن تكون محال إلعطاء الراحة‬
‫األسبوعية وهو توسع غير مستحسن ألنه ال يمكن من توحيد فترة الراحة األسبوعية كما أنه قد‬
‫يدفع ببعض المشغلين إلى التحايل على األعوان المكلفين بتفتيش الشغل‪.‬‬
‫‪ -‬إن استفادة األجراء من فترة الراحة األسبوعية ال يلزم المشغلون بإغالق محالتهم خالل‬
‫هذه الفترة بل يمكنهم فتحها واالستعانة بأفراد عائلتهم لتشغيلها‪.‬‬
‫‪ -‬إن الفترة المحددة في أربعة وعشرين ساعة هي فترة مستمرة ال يمكن تجزئتها ألن في‬
‫ذلك ضربا للهدف والحكمة من إقرار هذه العطلة‪.‬‬
‫‪ -‬رغم تعدد األيام المخصصة إلعطاء الراحة األسبوعية فإن المشرع ألزم المشغلين‬
‫بتحديد اليوم الخاص بمنح الراحة حتى يكون األجراء على علم مسبق به‪ .‬وحتى يسهل عمل‬
‫مفتش الشغل لمراقبة مدى احترام المشغل لهذه الراحة‪.‬‬
‫*حاالت الخروج على منح الراحة األسبوعية بصفة عادية‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 283‬من مدونة الشغل على أنه يمكن للمؤسسات التي يقتضي نشاطها أن‬
‫تظل مفتوحة باستمرار للعموم أو التي قد يسبب توقف نشاطها ضررا للعموم أو التي قد يؤدي‬
‫أي توقف في نشاطها إلى خسائر نظرا لكون المواد األولية‪ ،‬أو المواد التي هي في طور التصنيع‬
‫أو المحاصيل الفالحية التي يقوم عليها نشاطها معرضة بطبيعتها للتلف أو سريعة الفساد أن‬
‫تعطى إلجرائها كال أو بعضا الراحة األسبوعية بالتناوب فيما بينهم (وسائل النقل‪-‬اإلنارة‪-‬‬
‫المستشفيات)‪.‬‬
‫كما يمكن لوزارة الشغل واإلدماج المهني وبعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين‬
‫والمنظمات النقابية لإلجراء األكثر تمثيال أن ترخص للمؤسسات التي تتقدم بطلب مبرر بأعمال‬
‫نظام التناوب في منح الراحة األسبوعية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫يمكن وقف الراحة األسبوعية واستئناف الشغل في الحاالت التي تبررها طبيعة نشاط‬
‫المؤسسة أو المواد المستعملة أو إنجاز أشغال استعجالية أو زيادة غير عادية في حجم الشغل‬
‫بشرط أخذ إذن مفتش الشغل بذلك‪.‬‬
‫يمكن تخفيض فترة الراحة األسبوعية إلى نصف يوم بالنسبة لألشخاص المكلفين بأشغال‬
‫الصيانة والتي يجب أن تنجز بالضرورة في يوم الراحة الجماعية لإلجراء وذلك لتفادي أي تأخير‬
‫من شأنه أن يعرقل مواصلة الشغل بشكل عادي‪.‬‬
‫ال يسري نظام وقف الراحة األسبوعية على األحداث دون سن ثماني عشرة سنة وال على النساء‬
‫دون سن العشرين وال على األجراء المعاقين‪ .‬وذلك في األحوال المحددة بنص تنظمي‪.‬‬
‫يجب تعويض األجراء الذين تم وقف راحتهم األسبوعية أو تخفيضها براحة تعويضية‬
‫تعادل مدة الراحة األسبوعية وذلك خالل اجل ال يتجاوز ثالثين يوما‪.‬‬
‫رتب المشرع المغربي عن عدم احترام هذه المقتضيات جزءا جنائيا يتمثل في الغرامة من‬
‫‪ 788‬درهم إلى ‪ 088‬درهم وتتكرر الغرامات بتعدد المخالفات على أن ال يتجاوز مجموع‬
‫الغرامات مبلغ ‪ 28.888‬درهم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الراحة أيام األعياد والعطل‪.‬‬
‫يقصد بأيام األعياد تلك األيام المحددة من طرف المشرع وذلك احتفاال بمناسبات دينية‬
‫أو وطنية أو مدنية وهي على سبيل الحصر‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المرسوم الصادر بتاري ــخ ‪ 1‬يناير ‪ 2100‬نجده يحدد قائمة األعياد المعتبرة‬
‫عطلة تؤدى عنها األجور في المؤسسات التجارية والصناعية والمهن الحرة واالستغالالت‬
‫الفالحية والغابوية وهو نفس المقتضى الذي نصت عليه المادة ‪ 223‬من مدونة الشغل‬
‫والمرسوم التطبيقي لها ‪ :‬وعليه فأيام األعياد والعطل هي ‪:‬‬
‫‪ 22‬يناير ذكرى تقديم عريضة المطالبة باالستقالل‬ ‫‪-‬‬
‫‪2‬ماي عيد الشغل‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 27‬ماي العيد الوطني‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 21‬غشت ذكرى وادي الذهب‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 4‬نوفمبر ذكرى المسيرة الخضراء‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 20‬نوفمبر عيد االستقالل‬ ‫‪-‬‬
‫‪2‬شوال عيد الفطر‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 28‬ذو الحجة عيد األضحى‬ ‫‪-‬‬
‫فاتح محرم السنة الهجرية الجديدة‬ ‫‪-‬‬
‫عيد المولد النبوي الشريف‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 78‬يوليوز عيد العرش‬ ‫‪-‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ 22‬غشت عيد الشباب‬ ‫‪-‬‬
‫ويجب عدم تشغيل األجراء خالل هذه األعياد وكل أجير يمتنع عن العمل خاللها ال يعتبر‬
‫مرتكبا ألي خطأ جسيم وإذا تم فصله بسبب هذا االمتناع اعتبر الفصل تعسفيا موجبا‬
‫للتعويض‪.‬‬
‫وإذا كانت القاعدة تنص على عدم االشتغال أيام األعياد المؤدى عنها فإن ثمة استثناء يرد‬
‫عليها يتعلق بالمؤسسات التي يكون فيها مواصلة الشغل أمرا ضروريا نظرا لطبيعة شغلها‬
‫(محالت بيع المواد الغذائية بالتقسيط‪-‬المطاعم‪-‬المقاهي‪ )..‬أو المؤسسات التي تستعمل مواد‬
‫سريعة التلف إذا كانت ال تتبع نظام التناوب على الراحة األسبوعية‪.‬‬
‫ويتعين على المشغلين أن يؤدوا ألجرائهم الذين يشتغلون يوم العيد المؤدى عنه (أو يوم‬
‫العطلة الذي تقرر أن يكون مؤدى عنه) باإلضافة إلى األجر الذي يحصلون عليه على تعويض‬
‫إضافي على الشغل الذي قاموا به ويكون مقدار ذلك التعويض مساويا لمقدار ذلك األجر‬
‫(المادة ‪ 221‬و ‪ 224‬من مدونة الشغل)‬
‫وبذلك ينقلب يوم العيد من يوم للراحة إلى تعويض مالي مضاف إلى األجرة العادية ألن‬
‫المادة ‪ 227‬وما يليها نصت صراحة على عبارة يوم العيد المؤدى عنه‪.‬‬
‫يقصد بأيام العطل تلك األيام التي قد يسمح فيها بتعطيل العمل (يوم التصويت‪-‬زيارة‬
‫رئيس دولة‪ )..‬وهي غير مؤدى عنها كقاعدة ما لم يتم إقرار األداء عنها‪.‬‬
‫هذا ويمكن بعد استشارة مندوبي األجراء أو الممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم‬
‫استدراك ساعات الشغل الضائعة بسبب يوم العطلة شرط أن يتم ذلك خالل الثالثين يوما‬
‫الموالية لتاري ــخ تلك العطلة وإال يباشر االستدراك في اليوم الذي يوافق الراحة األسبوعية لألجير‬
‫وأن ال يؤدي ذلك إلى تجاوز مدة الشغل (عشر ساعات في اليوم)‪.‬‬
‫ويؤدى األجر عن الساعات المستدركة بنفس الشروط التي يؤدي بها عن ساعات الشغل‬
‫العادية‪.‬‬
‫هذا وقد رتب المشرع جزاء جنائيا على عدم احترام هذه المقتضيات يتمثل في الغرامة‬
‫(من ‪ 788‬إلى ‪ 088‬درهم) وتتكرر عقوبات الغرامة بتعدد األجراء الذين لم يراع في حقهم‬
‫تطبيق أحكام المقتضيات السابقة على أن ال يتجاوز مجموع الغرامات ‪ 28.888‬درهم‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬العطلة السنوية المؤدى عنها‪.‬‬
‫إن العمل لفترة طويلة ولشهور متوالية يرهق األجير ويؤثر على صحته ونفسيته‪ ،‬لذلك كان‬
‫لزاما توفير قسط من الراحة له يتمثل في أيام متوالية تمكنه من الخلود إلى الراحة و االبتعاد عن‬
‫أماكن العمل ومرافقة عائلته لالصطياف والنزهة‪.‬‬
‫وقد تم إقرار العطلة السنوية المؤدى عنها بمقتضى االتفاقية الدولية رقم ‪ 02‬الصادر‬
‫بتاري ــخ ‪ 21‬يونيو ‪ 2174‬من طرف منظمة العمل الدولية المنعقدة في دورتها العشرين‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وفي سنة ‪ 2173‬أصدر المشرع المغربي أول ظهير يتناول العطلة السنوية إال أنه يقصرها‬
‫على األجراء غير الفالحين‪.‬‬
‫ومعلوم أنه خالل هذه الفترة كان جل األجراء المغاربة يشتغلون في الميدان الفالحي (أكثر‬
‫من ‪ ) % 10‬مما يجعل هذا المقتضى التشريعي قاصرا على األجراء الفرنسيين واألجانب‬
‫بالمغرب دون نظرائهم المغاربة‪.‬‬
‫وبحصول المغرب على استقالله السياسي عرفت النصوص القانونية المتعلقة بالعطلة‬
‫السنوية المؤدى عنها تعديالت كبيرة حيث تم تمديد تطبيقها إلى األجراء في الميدان الفالحي‬
‫بمقتضى ظهير ‪ 1‬أبريل ‪ 2100‬والذي تم تغييره بظهير آخر هو ظهير ‪ 21‬أبريل ‪ 2137‬كما تم‬
‫توسيع نطاق المقاوالت المستفيدة من نظام العطلة السنوية بمقتضى مرسوم ‪ 21‬نونبر ‪.2147‬‬
‫وهكذا أصبح ميدان تطبيق العطلة السنوية واسعا وشامال ألغلب األجراء المغاربة‬
‫وبصدور مدونة الشغل تم تجميع هذه المقتضيات القانونية وإعادة تنظيمها وذلك في‬
‫المواد ‪ 272‬إلى ‪ 240‬كما تم إلغاء ظهير ‪ 1‬يناير ‪ 2114‬المتعلق بالعطلة السنوية المؤدى عنها‬
‫باستثناء الفصول من ‪ 12‬إلى ‪ 11‬وإلغاء ظهير ‪ 21‬أبريل‪ 2137‬المعتبر بمثابة قانون تحدد‬
‫بموجبه شروط تشغيل األجراء الفالحين وأداء أجورهم‪.‬‬
‫وباستقراء المقتضيات الجديدة يمكننا إبراز أهم األحكام اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -1‬شروط االستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها‪.‬‬
‫يلزم الستفادة األجراء من العطلة السنوية توفر شرطين أساسيين هما ‪ :‬وجود عقد شغل‬
‫يخضع بموجبه األجير لتبعية المشغل و قضاء فترة معينة من الشغل الفعلي عند نفس‬
‫المشغل‪ .‬وإذا كان الشرط األول ال يستوجب توضيحا فإن الشرط الثاني يقتضي بيان ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬قضاء فترة معينة ‪ :‬نصت المادة ‪ 272‬من مدونة الشغل على أنه يستحق كل أجير قضى‬
‫ستة أشهر متصلة من الشغل في نفس المقاولة ولدى نفس المشغل عطلة سنوية مؤدى عنها‬
‫تحدد مدتها على النحو أدناه ما لم يتضمن عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام‬
‫الداخلي أو العرف مقتضيات أكثر فائدة‬
‫وهكذا فإن قضاء األجير لفترة ستة أشهر كحد أدنى يخوله االستفادة من عطلة سنوية‬
‫تحتسب على أساس يوم ونصف من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل (أي عشرة أيام‬
‫تتضمن تسعة أيام من العمل ‪ +‬يوم راحة)‪.‬‬
‫ويقصد بأيام الشغل الفعلي األيام التي هي غير أيام الراحة األسبوعية وأيام األعياد المؤدى‬
‫عنها وأيام العطل التي يتعطل فيها الشغل في المؤسسة‪.‬‬
‫وعليه فإذا اشتغل األجير فترة ستة أشهر متصلة حتى ولو تم إيقاف عقد شغله خاللها‬
‫ألداء الخدمة العسكرية اإلجبارية أو تغييب بسبب مرض أو إصابة مثبتة بمقتضى شهادة طبية‬
‫معتبرة‪ .‬أو كانت األجيرة خالل فترة عطلة الوالدة (المواد ‪ )204-201‬أو كان تغيب األجير خالل‬

‫‪34‬‬
‫فترة العجز المؤقت الناتج عن حادثة شغل أو مرض مهني أو كان التغيب بسبب زواجه أو زواج‬
‫أبناءه أو ربائبه أو في حالة وفاة زوجه أو أحد أبناءه أو أحفاده أو أصوله أو أحد إخوته‪ .‬أو إجراء‬
‫عملية جراحية له أو ألحد مكفوليه (المواد ‪( 230 )231‬امتحان‪-‬تدريب‪-‬مباراة) أو بسبب حضور‬
‫أشغال المجالس الجماعية ولجانها (المادة ‪.)233‬‬
‫فإنه يستفيد من عطلة سنوية مؤدى عنها ال يمكن أن تقل عن عشرة أيام تتضمن تسعة‬
‫أيام من الشغل الفعلي ويوم راحة‪.‬‬
‫أما إذا اشتغل لمدة إثنا عشرة شهرا فإنه يستحق عطلة سنوية مؤدى عنها ال يجب أن تقل‬
‫عن واحد وعشرون يوما متضمنة لـثماني عشرة يوما من أيام الشغل الفعلي وثالثة أيام راحة‬
‫(المجموع واحد وعشرون يوما) ‪.‬‬
‫‪ -‬هذا ويضاف إلى مدة العطلة السنوية المؤدى عنها يوم ونصف يوم من أيام الشغل‬
‫الفعلي عن كل فترة شغل كاملة مدتها خمس سنوات متصلة أو غير متصلة على أال تؤدي هذه‬
‫اإلضافة إلى رفع مجموع العطلة السنوية المؤدى عنها إلى أزيد من ثالثين يوما من أيام الشغل‬
‫الفعلي‪.‬‬
‫االشتغال عند نفس المشغل ‪ :‬وهذا الشرط منصوص عليه صراحة في المادة ‪ 272‬من‬
‫مدونة الشغل وهو شرط معقول ألنه يبرر إخالص األجير لمشغله‪.‬‬
‫إال أن تحقق هذا الشرط ال ينفيه تغير المركز القانوني للمشغل إما بسبب اإلرث أو البيع أو‬
‫اإلدماج أو تحويل المشروع أو تقديمه حصة في شركة بل إن األجير يظل محقا في االستفادة من‬
‫عطلته السنوية حتى مع تغيير المشغل ما دام المشغل الجديد قد استأنف نشاطه بنفس‬
‫المقاولة‪.‬‬
‫وكل إنهاء لعقود الشغل المستمرة مع األجراء من طرف المشغل الجديد يخول لهؤالء‬
‫الحق في االستفادة من العطلة السنوية التي بقيت في ذمة المشغل السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬طرق احتساب العطلة السنوية المؤدى عنها لألحداث‪.‬‬
‫نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 272‬من مدونة الشغل على تحديد مدة العطلة السنوية‬
‫لإلجراء األحداث الذين ال يتجاوز سنهم ثماني عشرة سنة في ‪ :‬يومان من أيام الشغل الفعلي عن‬
‫كل شهر من الشغل‪.‬‬
‫والحكمة من وراء الزيادة في مدة العطلة السنوية بالنسبة لألحداث تكمن في أن هؤالء‬
‫عادة ما يمارسون في هذه السن أشغاال متعبة وال تتناسب مع بنيتهم الجسيمة والنفسية‪ .‬كما‬
‫أنهم في أمس الحاجة إلى الراحة ألنهم في فترة نمو‪.‬‬
‫وهكذا فإذا اشتغل األجير الحدث لمدة ستة أشهر متصلة فهو يستحق عطلة سنوية‬
‫مؤدى عنها تتمثل في خمسة عشرة يوما متضمنة إلثنى عشرة يوما من أيام الشغل الفعلي‬
‫وثالثة أيام راحة‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪-‬أما إذا اشتغل لمدة إثنا عشرة شهرا فهو يستحق عطلة سنوية مؤدى عنها تتمثل في‬
‫ثالثين يوما متضمنة (أربعة وعشرون يوما من أيام الشغل الفعلي وستة أيام راحة)‪.‬‬
‫‪ -3‬مؤيدات الحق في العطلة السنوية لألجير‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الجزاء الجنائي المقرر في المادة ‪ 240‬من مدونة الشغل والمتمثل في عقوبة‬
‫الغرامة (من ‪ 788‬إلى ‪ 088‬درهم) عن عدم احترام المقتضيات المتعلقة بالعطلة السنوية‬
‫وتكرار هذه العقوبة بتعدد األجراء الذين لم تراع في حقهم تلك المقتضيات على أال يتجاوز‬
‫مجموع الغرامات ‪ 28.888‬درهم فإن تمة العديد من األحكام األخرى التي تهدف إلى حماية حق‬
‫األجراء في التمتع بالعطلة السنوية نذكر منها ‪:‬‬
‫‪-‬أن المقتضيات المتعلقة بالعطلة السنوية نعتبر من النظام العام ال يجوز االتفاق على‬
‫مخالفتها ما لم تكن المخالفة لصالح األجير بالزيادة من مدتها (المادة ‪.)272‬‬
‫‪ -‬يعتبر كل اتفاق على التنازل المسبق عن الحق في العطلة السنوية المؤدى عنها أو على‬
‫التخلي عن التمتع بها باطال ولو كان ذلك التنازل أو التخلي مقابل تعويض (المادة ‪ 212‬من‬
‫مدونة الشغل)‪.‬‬
‫‪ -‬يمنع تشغيل األجراء خالل عطلتهم السنوية حتى خارج المؤسسة سواء تم هذا التشغيل‬
‫من طرف المشغل األصلي أو من طرف مشغل آخر متى علم هذا األخير بأن األجير في حالة‬
‫عطلة سنوية (المادة ‪.)242‬‬
‫‪ -‬يمنع على كل أجير أثناء استفادته من عطلته السنوية المؤدى عنها أن ينجز أشغاال‬
‫بمقابل خالل عطلته‪( .‬المادة ‪.)247‬‬
‫والهدف من هذا المقتضى هو تحقيق الغاية من العطلة السنوية المتمثل في خلود األجير‬
‫إلى الراحة الستعادة نشاطه استعدادا الستئناف الشغل‪.‬‬
‫لكن يمكن لألجير أن يمارس أعماال لحسابه الخاص أو لحساب غيره إذا كانت بدون مقابل‬
‫دون أن يطاله المنع‪.‬‬
‫‪ -‬يتقادم الحق في المطالبة بالعطلة السنوية بعد مرور سنة من استحقاقها وهي بذلك‬
‫تسقط عام بعد عام كقاعدة عامة‪ .‬وال يجوز الجمع بين العطل السنوية أو ضمها إال بموجب‬
‫اتفاق مكتوب بين الطرفين (األجير والمشغل)‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن تجزئة العطلة السنوية المؤدى عنها أو ضمها على مدى سنتين متتاليين باالتفاق‪.‬‬
‫غير أنه يمنع أن تؤدي تجزئة العطلة السنوية المؤدى عنها إلى تخفيض مدة العطلة التي‬
‫يقضيها األجير سنويا إلى أقل من إثنى عشر يوما من أيام الشغل الفعلي يتخللها يومان من أيام‬
‫الراحة األسبوعية‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أداء التعويض عن العطلة السنوية لألجير في أجل أقصاه اليوم الذي يسبق بداية‬
‫عطلة األجير المعني‪ .‬ويجب أن يكون أداء التعويض مرفوقا بأداء األجر‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -‬يعتبر تعويض العطلة السنوية المؤدى عنها أو التعويض عند عدم التمتع بها سواء تم‬
‫ضم العطلتين السنويتين أم ال دينا ممتازا يستوفي باألولوية على سائر الديون الممتازة‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 2210‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬أي أنه يأتي من قبل دين مصروفات الجنازة‪.‬‬
‫‪ -4‬فترة العطلة السنوية المؤدى عنها‪.‬‬
‫لم يعمد المشرع إلى تحديد فترة معينة لالستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها بل‬
‫ترك ذلك التفاق األطراف ولمقتضيات العرف‪.‬‬
‫إال أن تناقض مصالح األجراء الذين يفضلون قضاء عطلهم خالل أشهر معينة في السنة‬
‫(غالبا فصل الصيف) ووجود حاالت ال يمكن فيها للمشغلين إغالق مقاولتهم كليا دفع بالمشرع‬
‫إلى التدخل لوضع أحكام خاصة بتنظيم فترة تمتيع األجراء بالعطلة السنوية حيث نصت المادة‬
‫‪ 210‬من مدونة الشغل على أنه ‪:‬‬
‫يتولى المشغل تحديد تواري ــخ العطلة السنوية بعد استشارة مندوبي األجراء والممثلين‬
‫النقابيين بالمقاولة عند وجودهم ويتم تحديد تواري ــخ مغادرة األجراء لشغلهم قصد قضاء‬
‫عطلهم السنوية المؤدى عنها بعد استشارة المعنيين باألمر‪ ،‬مع مراعاة الحالة العائلية لألجراء‬
‫ومدة األقدمية في المقاولة‪.‬‬
‫غير أنه يمكن عند حصول اتفاق مع المعنيين باألمر إما تقديم تواري ــخ مغادرتهم قصد‬
‫قضاء عطلهم السنوية المؤدى عنها‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة يجب على المشغل أن يقوم قبل مغادرة األجير بتعليق الملصق الخاص‬
‫بجدول العطل والسجل الخاص بتنظيم العطلة السنوية‪.‬‬
‫وإما تأخير تواري ــخ المغادرة‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب على المشغل أن يقوم في أجل أقصاه‬
‫اليوم الذي كان مقررا في البداية لمغادرة األجير لشغله قصد قضاء عطلته السنوية المؤدى عنها‬
‫بإدخال ما يلزم من تغيير على الملصق أو السجل‪.‬‬
‫ويجب على المشغل في الحالتين معا المشار إليهما أعاله إخبار مفتش الشغل بكل تغيير‬
‫وذلك بمقتضى رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل‪.‬‬

‫هذا ويجب على المشغل أن يطلع جميع األجراء المستحقين للعطلة السنوية المؤدى عنها‬
‫على جدول المغادرة وذلك خالل أجل ‪ 78‬يوما من تاري ــخ المغادرة‪ .‬ما لم تنص اتفاقية جماعية‬
‫أو عقد شغل فردي أو نظام داخلي على مقتضيات أفضل لإلجراء كما يجب تعليق جدول‬
‫المغادرة في أماكن يرتادها األجراء (المكاتب – المستودعات – األوراش) (المادة ‪ 214‬من مدونة‬
‫الشغل)‪.‬‬
‫كما يجب تضمين جدول المغادرة التغيرات الطارئة عليه (بالتقديم أو التأخير) وتثبيت‬
‫الكل بسجل خاص بالعطلة السنوية يوضع رهن إشارة مفتش الشغل واألجراء‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫والغاية من هذه المقتضيات هي تفادي عنصر المفاجأة وترك الوقت الكافي لألجير لتدبير‬
‫أموره واختيار مكان قضاء عطلته واالستعداد لذلك حتى ال يقضي األيام األولى من العطلة في‬
‫االستعداد للسفر مما يحرمه من جزء من عطلة السنوية‪...‬‬
‫‪ -5‬حاالت الخروج عن القاعدة العامة بشأن تحديد فترة العطلة السنوية المؤدى عنها‪.‬‬
‫قد تقوم اعتبارات تتعلق إما باألجير أو المشغل أو بطبيعة الشغل تفرض ضرورة الخروج‬
‫عن القواعد العامة بشأن تحديد فترة العطلة السنوية المؤدى عنها ويمكن إيراد أهم هذه‬
‫الحاالت كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬حالة اقتران العطلة السنوية المؤدى عنها باإلغالق الكلي أو الجزئي للمؤسسة حيث‬
‫يجب تمتيع جميع األجراء بتعويض عن العطلة السنوية المؤدى عنها يعادل مدة اإلغالق حتى‬
‫ولو تعلق األمر بأجراء لم يقضوا مدة الستة أشهر الالزمة لالستفادة من العطلة السنوية (أي أيا‬
‫كانت المدة التي قضوها في الشغل حتى تاري ــخ اإلغالق)‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة وجود عدة مؤسسات ممارسة لنشاط واحد في نطاق الجماعة نفسها أو‬
‫العمالة أو اإلقليم فيمكن للسيد العامل بعد أخذ رأي المندوب اإلقليمي المكلف بالشغل أن يأمر‬
‫المؤسسات بإجراء تناوب فيما بينها تجنبا لحدوث تزامن في فترة إغالق المؤسسات لنشاطها‬
‫ألن ذلك قد يضر بمصلحة الجمهور وتحدد كيفية تنظيم هذا التناوب باتفاق المشغلين وعند‬
‫اختالفهم أو عند عدم موافقة األجير على مقترحهم بالتناوب يتولى هذا األخير تحديد فترة‬
‫العطلة السنوية المؤدى عنها لتلك المؤسسات (المادة ‪.)210‬‬
‫تحدد في كل والية أو عمالة أو إقليم بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالشغل وبعد أخذ‬
‫رأي المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية لألجراء األكثر تمثيال الفترات التي ال‬
‫يمكن لألجراء الذين يشتغلون في االستغالالت الفالحية والغابوية وتوابعها االستفادة خاللها من‬
‫العطلة السنوية المؤدى عنها‪.‬‬
‫وغالبا ما تكون هذه الفترات متعلقة بمواسم الحرث أو الحصاد أو جني المحاصيل‬
‫الزراعية حيث يمكن أن يترتب عن مطالبة األجراء باالستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها‬
‫إلحاق الضرر بالمشغلين الذين يوجدون في وضعية جني المحاصيل والتي تتطلب التوفر على‬
‫يد عاملة في حالة شغل‪.‬‬
‫‪ -‬يستحق األجير المنزلي الذي يقدم خدماته لمشغلين متعددين االستفادة من العطلة‬
‫السنوية وتحدد أجل بدء االستفادة منها من طرف أقدم مشغل له ويبلغ سائر المشغلين‬
‫اآلخرين بذلك (المادة ‪ 241‬من مدونة الشغل)‪.‬‬
‫ويمنع على أي مشغل آخر أن يستفيد من خدمات األجير المنزلي خالل فترة عطلته‪.‬‬
‫‪-‬أما بالنسبة لألجير المصاب بحادثة شغل فيجب على المشغل أن يؤجل إعطاؤه العطلة‬
‫السنوية المؤدى عنها إلى أن تلتئم جراحه‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وال تحتسب المبالغ التي تؤدى على أساس التعويض اليومي لألجير نتيجة حادثة شغل أو‬
‫مرض مهني عند تحديد مقدار التعويض عن العطلة السنوية المؤدى عنها أو التعويض عن عدم‬
‫التمتع بها‪.‬‬
‫أما إذا انقطع األجير المصاب بحادثة بعد التئام جروحه عن الشغل بالمقاولة التي كان‬
‫يشتغل بها وقت إصابته بالحادثة فيجب على المشغل أن يؤدي له تعويضا عن عدم التمتع‬
‫بالعطلة السنوية المؤدى عنها في نفس الوقت الذي يحصل فيه على تعويضاته اليومية طبقا‬
‫لقانون ‪ 22 – 20‬بشأن حوادث الشغل‪.‬‬
‫وعند إنهاء عقد الشغل أو توقفه ألي سبب كان (ما لم يكن بسبب خطأ جسيم لألجير)‬
‫فإن هذا األخير يستحق التعويض على عطلته السنوية ألن هذا التعويض يتعلق بتنفيذ عقد‬
‫الشغل وليس بإنهائه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مختلف اإلجازات والتغيبات‪.‬‬


‫إلى جانب مختلف العطل القانونية واألعياد التي يتمتع بها األجراء ثمة اعتبارات خاصة‬
‫فرضت ضرورة استفادة بعض األجراء من إجازات خاصة ومن تغيبات إما ألحداث عائلية أو‬
‫بسبب المرض أو لحضور اجتماعات بعض المجالس واللجان التي يعتبرون أعضاء بها‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬التغيبات الناتجة عن أحداث عائلية وهي متعددة نذكر منها ‪:‬‬
‫‪-1‬التغيب بسبب الزواج ‪ :‬نصت المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل على حق األجير من‬
‫رخصة للتغيب أربعة أيام إذا كان هو من سيتزوج‪.‬‬
‫أما إذا تعلق الزواج بأحد أبنائه أو ربائبه فله حق التغيب لمدة يومين‪.‬‬
‫‪ -2‬التغيب بسبب الوفاة ‪ :‬نصت المادة ‪ 231‬من مدونة الشغل على حق األجير في‬
‫التغيب لمدة ثالثة أيام عند وفاة زوجه أو أحد أبنائه أو أحفاده أو أصوله أو أبناء زوجه من زواج‬
‫سابق‪.‬‬
‫وعلى حقه في التغيب لمدة يومين عند وفاة أحد إخوته أو أخواته أو أحد إخوة أو إحدى‬
‫أخوات زوجه أو أحد أصول زوجه‪.‬‬
‫وتنص المادة ‪ 234‬على عدم أداء أجر التغيبات المشار إليها أعاله إال لفئات األجراء الذين‬
‫يتقاضون أجورهم شهريا ما لم ينص على خالف ذلك في عقد الشغل الفردي أو اتفاقية شغل‬
‫جماعية أو بمقتضى نظام داخلي للمقاولة‪.‬‬
‫‪-3‬تغيبات أخرى ‪ :‬إذا كان التغيب بسبب إجراء ختان فمدته يومان‪.‬‬
‫ونفس المدة إذا كان بسبب إجراء عملية جراحية للزوج أو ألحد مكفوله من األبناء‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪-4‬اإلجازة بمناسبة الوالدة ‪ :‬نصت المادة ‪ 241‬من مدونة الشغل على حق كل أجير في‬
‫االستفادة من إجازة مدتها ثالثة أيام بمناسبة كل والدة ويسري نفس الحكم على األجير الذي‬
‫استلحق طفال بنسبه‪.‬‬
‫ومدة اإلجازة هاته يمكن أن تكون متصلة أو غير متصلة وذلك بحسب االتفاق بين‬
‫المشغل واألجير على أن تمنح وجوبا خالل مدة شهر من تاري ــخ الوالدة كأقصى أجل‪.‬‬
‫وإذا تزامن وقوع الوالدة مع الفترة التي يكون فيها األجير متمتعا بعطلته السنوية المؤدى‬
‫عنها أو كان في اإلجازة بسبب المرض أو بسبب حادثة أيا كان نوعها (حادثة شغل‪-‬حادثة طريق)‬
‫أضيفت إلى العطلة السنوية أو إجازة المرض أو الحادثة إجازة األيام الثالثة المذكورة‪.‬‬
‫وخروجا عن القاعدة العامة نصت المادة ‪ 238‬من مدونة الشغل على جعل هذه اإلجازة‬
‫مؤدى عنها حيث نصت على أن األجير يستحق خالل أيام إجازته الثالثة تعويضا مساويا لألجر‬
‫الذي كان سيتقاضاه لو بقي في شغله والحكمة من ذلك هي حاجة األجير الماسة لمثل هذا‬
‫التعويض خصوصا في مثل هذه المناسبات التي تفرض مصاريف إضافية‪.‬‬
‫ويؤدى هذا التعويض إلى األجير من طرف مشغله عند حلول موعد أداء األجر الذي يلي‬
‫مباشرة قيام األجير باإلدالء بالوثائق اإلدارية المثبتة لوقوع الوالدة والمسلمة من ضابط الحالة‬
‫المدنية‪.‬‬
‫على أن يسترجع المشغل هذا التعويض من الصندوق الوطني للضمان االجتماعي في‬
‫حدود السقف الخاص لمبلغ االشتراكات الشهرية المدفوعة إلى هذا الصندوق (المادة ‪.)238‬‬
‫وال يجب الخلط هنا بين رخصة التغيب هاته الممنوحة لألب وبين رخصة التغيـب للوضـع‬
‫الممنوحة لألجيرة الحامل (أربــع عشرة أسبوعا)‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اإلجازة للمرض‪.‬‬
‫ق ــد يتغي ــب األجي ــر ع ــن الش ــغل بس ــبب م ــرض أل ــم ب ــه ويتع ــين علي ــه أن يخب ــر مش ــغله ب ــذلك‬
‫خ ــالل ثم ــاني وأربع ــين س ــاعة الموالي ــة وأن يب ــرر ذل ــك م ــا ل ــم تح ــل ق ــوة ق ــاهرة دون ذل ــك‪ .‬والق ــوة‬
‫القــاهرة هــي مســألة واقــع يمكــن إثباتهــا بكــل طــرق اإلثبــات الممكنــة ويســتقل قاضــي الموضــوع فــي‬
‫تقديرها دون رقابة عليـه فـي ذلـك مـن طـرف محكمـة الـنقض ‪ -‬وإذا اسـتمر غيـاب األجيـر ألكثـر مـن‬
‫أربعـة أيــام فيجــب عليــه إخبــار مشــغله بالمـدة المحتملــة لغيابــه واإلدالء بشــهادة طبيــة تبــرر ذلــك –‬
‫إال إذا تعذر عليه األمر‪.‬‬
‫ويحــق للمشــغل أن يعهــد علــى نفقتــه إلــى طبيــب يختــاره بنفســه بــأن يخضــع األجيــر لفحــص‬
‫طبــي مضــاد داخــل مــدة التغيــب المحــددة فــي الشــهادة الطبيــة المــدلى بهــا مــن قبــل األجيــر ويعتبــر‬
‫فــي حكــم المســتقيل كــل أجيــر يتغيــب ألكثــر مــن مائــة وثمــانون يومــا (ســتة أشــهر ) متواليــة بســبب‬
‫م ــرض غي ــر الم ــرض المهن ــي أو نتيج ــة حادث ــة غي ــر حادث ــة ش ــغل خ ــالل فت ــرة ث ــالث مائ ــة وخمس ــة‬
‫وستون يوما‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ونف ــس الحك ــم يس ــري إذا فق ــد األجي ــر قدرت ــه عل ــى االس ــتمرار ف ــي أداء الش ــغل حي ــث نص ــت‬
‫المــادة ‪ 237‬علــى عــدم أداء األجــر عــن الغيــاب بســبب مــرض غيــر المــرض المهنــي أو حادثــة غيــر‬
‫حادثـة شـغل مـا لــم يـنص علـى مقتضــى مخـالف فـي عقـد الشــغل الفـردي أو االتفاقيـة الجماعيــة‬
‫للشغل أو في النظام الداخلي للمؤسسة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬رخص أخرى للتغيب‪.‬‬
‫كمـ ــا يحـ ــق لألجيـ ــر االسـ ــتفادة مـ ــن رخـ ــص أخـ ـرى للتغيـ ــب وذلـ ـك الجتيـ ــاز امتحـ ــان أو القيـ ــام‬
‫بتـدريب رياضـي وطنــي أو للمشـاركة فـي مبــاراة رسـمية دوليـة أو وطنيــة أو بحضـور األجـراء األعضــاء‬
‫في المجالس الجماعية الجلسـات العامـة لهـذه المجـالس أو أشـغال اللجـان التابعـة لهـا والـذين هـم‬
‫أعضاء فيها وتعتبر هذه التغيبات غير مؤداة األجر ما لم ينص على خالف ذلك‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬مؤيدات حق األجراء في اإلجازات والتغيبات‪.‬‬


‫حماية لحقوق األجراء في االستفادة من اإلجازات السابقة ومن رخص التغيـب أقـر المشـرع‬
‫جزاء جنائيا في المادة ‪ 230‬من مدونة الشغل يتمثل في الغرامة من ‪ 788‬إلـى ‪ 088‬درهـم مـن كـل‬
‫خرق لبنودها‪.‬‬
‫وتتكــرر هــذه العقوبــة بتعــدد األج ـزاء الــذين لــم ي ـراع فــي حقهــم تطبيــق المقتضــيات الســابقة‬
‫على أن ال يتجاوز مجموع الغرامات ‪ 28.888‬درهم‪.‬‬
‫كم ــا أل ــزم المش ــرع المش ــغلين بمس ــك جمي ــع الوث ــائق المثبت ــة للعط ــل واإلج ــازات والتغيب ــات‬
‫حتى يتمكن أعوان تفتيش الشغل من أداء مهام المراقبة‪.‬‬
‫وعاقـب علـى عـدم احتـرام هـذا المقتضـى بغرامـة مــن ‪ 2888‬درهـم إلـى ‪ 0888‬درهـم‪( .‬المــادة‬
‫‪ 208‬من مدونة الشغل)‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬تدابير حفظ الصحة والسالمة‪.‬‬
‫كان من نتائج الثـورة الصـناعية وازديـاد اسـتخدام اآللـة وتعقـد أنظمـة اشـتغالها إصـابة العديـد‬
‫من األجراء بحوادث الشغل واألمراض المهنية‪.‬‬
‫كم ــا أن ع ــدم ت ــوفير وس ــائل الص ــحة والس ــالمة ف ــي أم ــاكن الش ــغل ض ــاعف م ــن حج ــم ه ــذه‬
‫الح ــوادث وخطورته ــا وزاد مـ ــن ح ــدة األمـ ـراض المهنيـ ــة الناجم ــة ع ــن اسـ ــتعمال الم ــواد الكيماويـ ــة‬
‫والخطيرة أثناء العمل‪.‬‬
‫ووعيـ ــا مـ ــن المشـ ــرع بخطـ ــورة الموقـ ــف واآلثـ ــار السـ ــلبية الوخيمـ ــة علـ ــى األج ـ ـراء وعـ ــائالتهم‬
‫وعموم االقتصاد الوطني تدخل لتنظـيم هـذا الموضـوع انطالقـا مـن مقتضـيات ق ل ع حيـث نـص‬
‫الفصــل ‪ 311‬منــه علــى وجــوب تــوفير الشــروط الالزمــة للســالمة وتفــادي األخطــار بالنســبة لإلجـراء‬
‫والعمــل علــى تــأمين أمــاكن الشــغل مــن مخــاطره وجعــل اآلالت واألدوات فــي حالــة ال يخشــى معهــا‬
‫إلحاق األذى بهم وصيانة حياتهم من كل خطر‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫وإلـى جانـب المقتضـيات العامـة المضـمنة ب ق ل ع سـن المشـرع المغربـي ظهيـر ‪ 2‬يوليـوز‬
‫‪ 2120‬المتعلق بتنظـيم الشـغل والمغيـر بموجـب ظهــير ‪ 2‬يوليـوز ‪ .2113‬وظـل هـذا األخيـر سـاري‬
‫المفعــول إلــى أن تــم إق ـرار مدونــة الشــغل‪ ،‬حيــث تولــت هــذه المدونــة إعــادة تنظــيم هــذا الموضــوع‬
‫فــي القســم الرابــع تحــت عنــوان حفــظ صــحة األج ـراء وســالمتهم وبــالرجوع إلــى أحكــام هــذا القســم‬
‫يمكننا تناول هذا الموضوع من خالل فقرتين كاآلتي ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التدابير العامة بشأن حفظ صحة وسالمة األجراء وجزاءات خرقها‪.‬‬
‫أفــردت مدونــة الشــغل المــواد مــن ‪ 202‬إلــى ‪ 781‬منهــا لعــرض مختلــف التــدابير العامــة بشــأن‬
‫حفظ السالمة والصحة لألجـراء كمـا ضـمنتها جـزاءات عنـد مخالفـة مقتضـياتها‪ .‬وبـالرجوع إلـى أهـم‬
‫األحكام المضمنة بهذه المواد يمكننا إيراد التدابير اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬إلـ ـزام المشـ ــغل بالسـ ــهر علـ ــى نظافـ ــة أمـ ــاكن الشـ ــغل وتـ ــوفير كـ ــل شـ ــروط الوقايـ ــة الصـ ــحية‬
‫والس ــالمة لإلج ـراء (ك ــأجهزة الوقاي ــة م ــن الحرائ ــق ‪ +‬التدفئ ــة ‪ +‬التهوي ــة ‪ +‬الم ـراوح ‪ +‬الم ــاء الص ــالح‬
‫للشرب‪( )...‬م ‪)202‬‬
‫‪ -‬تسهيل عمل األشخاص المعاقين من خالل توفير الولوجيات (م ‪.)202‬‬
‫‪ -‬إلـزام المشــغلين بتــوفير وســائل الوقايــة لــآلالت إلــى تشــكل خطــر علــى األجـراء‪ ،‬أو فــي أمــاكن‬
‫العمل التي تكتسي خطورة خاصة (كاآلبار ‪ +‬المناجم ‪.)207‬‬
‫‪ -‬منع استخدام المستحضـرات أو المـواد الخطـرة المنصـوص عليهـا بـنص تنظمـي وفـي حالـة‬
‫االس ــتثناء اإلش ــارة عل ــى ظه ــر غالفه ــا إل ــى أن ه ــذه الم ــواد خط ــرة وت ــوفير وس ــائل الوقاي ــة للعم ــال‬
‫(أقنعة – قبعة‪ )...‬المادتين ‪ 200-203‬م‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ -‬إلـ ـزام األجـ ـراء باالمتنـ ـاع ع ــن اسـ ــتعمال اآلالت التـ ــي ال تتـ ــوفر عل ــى وسـ ــائل الوقايـ ــة أو عنـ ــد‬
‫تعطيل هذه الوسائل حالة وجودها‪.‬‬
‫‪ -‬يمنع على أي مـؤاجر أن يكلـف أجيـرا باسـتعمال آلـة مـن غيـر أن تكـون وسـائلها الوقايـة التـي‬
‫جهزت بها مثبتة عليها في مكانها المناسب‪.‬‬
‫‪ -‬إجبــار المشــغلين بعــرض إجـراءهم للفحــص الطبــي عنــد بدايــة اشــتغالهم وبكيفيــة دوريــة إذا‬
‫كانت أمكنة الشغل أو طبيعة الشغل تشكل خطرا على صحتهم (م‪ 201‬م‪.)218‬‬
‫‪ -‬يعتبــر عــدم امتثــال األج ـراء لتــدابير الحف ــاظ علــى الســالمة أو الصــحة خطــأ جســيما يخــول‬
‫المشـ ــغل فصـ ــله مـ ــن عملـ ــه بـ ــدون إخطـ ــار أو تعـ ــويض بشـ ــرط إطـ ــالع األج ـ ـراء علـ ــى تلـ ــك التـ ــدابير‬
‫وتعليقها في أماكن يرتادونها (م ‪.)217‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -‬وأفــرد المشــرع المغربــي ج ـزاء جنائيــا يتمثــل فــي الغرامــة مــن ‪ 2888‬إلــى ‪ 0888‬درهــم عنــد‬
‫مخالف ــة مقتض ــيات الم ــواد ‪ 202‬و‪ 202‬و‪ 201‬و‪ 204‬وبالغرام ــة م ــن ‪ 28888‬دره ــم إل ــى ‪28888‬‬
‫درهم عند عدم التقيد بأحكام المواد ‪ 200-207‬و‪.218‬‬
‫وأرف ــق المش ــرع ه ــذه الج ـزاءات بمآي ــد آخ ــر حماي ــة لص ــحة األج ـراء وس ــالمتهم ويتمث ــل ف ــي‬
‫إمكاني ــة إص ــدار المحكم ــة لحكمه ــا باإلدان ــة مقرون ــا بقـ ـرار اإلغ ــالق المؤق ــت للمؤسس ــة حت ــى ي ــتم‬
‫احت ـرام المقتض ــيات المش ــار إليه ــا س ــابقا والت ــي كان ــت موض ــوع الخ ــرق وعن ــد انته ــاء أج ــل اإلغ ــالق‬
‫المؤقــت وعــدم قيــام المشــغل بتنفيــذ اإلصـالحات فــإن المحكمــة يمكنهــا أن تصــدر حكمــا بــاإلغالق‬
‫النهائي للمؤسسة تطبيقا لمقتضيات الفصلين ‪ 18‬و‪ 721‬من القانون الجنائي (م ‪.)788‬‬
‫تنص المادة ‪ 782‬مـن مدونـة الشـغل علـى وجـوب أداء أجـور األجـراء وتعويضـاتهم طيلـة مـدة‬
‫اإلغــالق المؤقــت‪ ،‬وفــي حالــة الحكــم بــاإلغالق النهــائي وأدى ذلــك إلــى فصــل األج ـراء مــن شــغلهم‬
‫وجــب علــى المشــغل أن يــؤدي لهــم التعويضــات التــي يســتحقونها فــي حالــة إنهــاء عقــد الشــغل بمــا‬
‫في ذلك التعويض عن الضرر‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المصالح الطبية للشغل ولجان السالمة وحفظ الصحة‬


‫داخل المقاوالت‪.‬‬
‫ضمانا لتنفيذ التدابير المتعلقة بالمحافظة على السالمة وصحة األجراء أحدث المشرع‬
‫مجموعة من األجهزة والمؤسسات والتي عهد إليها بالسهر على ضمان الشروط الصحية داخل‬
‫المقاوالت كما نص على إحداث لجان مختصة للسالمة وحفظ الصحة‪ .‬ولإلحاطة بسير وتنظيم‬
‫هذه المؤسسات األجهزة ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فقرات كاآلتي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬المصالح الطبية للشغل‪.‬‬
‫يعتبر ظهير يوليوز ‪ 2103‬أول نص تشريعي يعني بتنظيم المصالح الطبية للشغل‬
‫بالمغرب‪ ،‬وهو الذي ظل ساري المفعول إلى حين إقرار مدونة الشغل‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المواد ‪ 781‬إلى ‪ 770‬من مدونة الشغل نالحظ أن المشرع حافظ على‬
‫نفس التنظيم مع بعض التعديالت الطفيفة إلى تهم التسميات وتحديد المهام‪.‬‬
‫وباستقراء هذه المواد يمكننا التمييز بين أربــع أنواع من هذه المصالح ‪:‬‬
‫‪ -1‬المصلحة الطبية المستقلة ‪ :‬ويسهر على سيرها طبيب للشغل ويتم إحداثها لدي ‪:‬‬
‫المقاوالت الصناعية والتجارية ومقاوالت الصناعة التقليدية واالستغالالت الفالحية والغابوية‬
‫وتوابعها إذا كانت تشغل خمسين أجيرا على األقل‪.‬‬
‫وكذا لدى نفس المؤسسات المشار إليها أعاله وأيضا المشغلين الذين يمارسون أشغال‬
‫تعرض األجراء لمخاطر األمراض المهنية التي حددها التشري ــع المتعلق بالتعويض عن حوادث‬
‫الشغل واألمراض المهنية‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ويتولى إدارة هذه المصلحة رئيس ويتعين عليه أن يوجه تقريرا حول تنظيمها وسير عملها‬
‫وتدبيرها المالي إلى كل من العون المكلف بتفتيش الشغل وإلى الطبيب المكلف بتفتيش الشغل‬
‫وإلى مندوبي األجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم وكذا إلى مناديب السالمة إذا‬
‫تعلق األمر بالمقاوالت المعدنية التي تخضع للنظام المنجمي‪ ،‬ويجب أن يكون هذا التقرير‬
‫مطابقا لنموذج خاص تصدره الوزارة المكلفة بالشغل‪.‬‬
‫هذا وتتحمل المقاولة مصاريف وصوائر تنظيم المصلحة الطبية المستقلة للشغل كما‬
‫تتكلف بأداء أجر طبيب الشغل الذي يشتغل لديها‪.‬‬
‫ويجب أن تستعين المصلحة الطبية المستقلة للشغل بمساعدين اجتماعيين أو ممرضين‬
‫حاصلين على إجازة الدولة في التمريض ومرخص لهم وفق الضوابط القانونية بمزاولة أشغال‬
‫المساعدة الطبية ويحدد عدد هؤالء المساعدين بموجب قرار تنظيمي للوزارة المكلفة بالشغل‬
‫اعتبارا لعدد األجراء المشتغلين بالمقاولة‪.‬‬
‫‪ -2‬المصلحة الطبية المشتركة بين المقاوالت‪.‬‬
‫ويتم إحداثها لدى المقاوالت الصناعية والتجارية ومقاوالت الصناعة التقليدية‬
‫واالستغالالت الفالحية والغابوية وتوابعها التي تشغل أقل من خمسين أجيرا‪.‬‬
‫ويكون اختصاصها الترابي والمهني محال للموافقة والمصادقة من طرف كل من مفتش‬
‫الشغل والطبيب مفتش للشغل‪.‬‬
‫ويجب عليها أن تقبل عضوية أية مقاولة داخلة في نطاق اختصاصها ما لم ير المندوب‬
‫اإلقليمي للشغل خالف ذلك‪.‬‬
‫ويرأسها رئيس ويخضع لنفس االلتزامات التي عهد بها لرئيس المصلحة المستقلة للشغل‪.‬‬
‫كما أنها قد تستعين بمساعدين اجتماعيين أو ممرضين مجازين ومرخص لهم يتم تحديد‬
‫عددهم تبعا ألعداد األجراء المشتغلين لدى المقاوالت المحدثة لها وبمقتضى نصوص‬
‫تنظيمية‪.‬‬
‫* اختصاصات ومهام أطباء الشغل‪.‬‬
‫يعتبر طبيب الشغل المسؤول المباشر عن تنفيذ اإلجراءات والتدابير المتعلقة بحماية‬
‫صحة األجراء وضمان سالمتهم وألهميته ومكانته‪ ،‬فقد خصته مدونة الشغل بعدة مواد تبرز‬
‫اختصاصاته والمجاالت المتعددة التي يتدخل فيها‪ .‬واستنادا إلى تلك المواد يمكن إيراد أهم‬
‫اختصاصات طبيب الشغل كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ -‬الممارسة الشخصية لمهامه وعدم إنابة الغير عنه (المادة ‪.)781‬‬
‫‪ -‬أداء مهامه باستقالل ونزاهة وحرية تجاه المشغل واألجراء وعدم مراعاة أي اعتبار إال‬
‫االعتبارات الخاصة بمهنته (المادة ‪ 721‬م‪.‬ش)‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -‬إجراء فحوص طبية على األجراء قبل بداية تشغيلهم أو في أقصى اآلجال قبل انقضاء‬
‫فترة االختبار‪.‬‬
‫‪ -‬وكذا على األجراء مرة في السنة بالنسبة للبالغين سن ثماني عشر سنة أو ما فوقها ومرة‬
‫كل ستة أشهر بالنسبة لمن تقل أعمارهم عن ثماني عشر سنة‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء فحوص على األجيرة الحامل ومن لها مولود دون الثانية والمعطوب والمعاق‪،‬‬
‫وذلك بصفة دورية (المادة ‪.)723‬‬
‫‪ -‬فتح ومسك ملفات طبية خاصة بإجراء المقاولة‪ ،‬وتتبع حالتهم الصحية‪.‬‬
‫‪ -‬مسك بطاقة خاصة بالمقاولة يتم تحيينها باستمرار تتضمن قائمة باألخطار واألمراض‬
‫المهنية إن وجدت وعدد األجراء المعرضين لها‪ ،‬ويتم توجيه هذه القائمة إلى الطبيب مفتش‬
‫الشغل والعون المكلف بتفتيش الشغل‪ ،‬ولجنة حفظ الصحة والسالمة‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء فحوص وقائية على األجراء للتأكد من مدى مالئمة مناصب الشغل المعهود إليهم‬
‫بها مع حالتهم الصحية‪.‬‬
‫مراقبة توفر شروط النظافة ومخاطر العدوى داخل أماكن الشغل وتنبيه األجراء إليها‬
‫وإخطار المشغل ومفتش الشغل بها‪.‬‬
‫وإلى جانب المهام الطبية الخالصة يؤدي طبيب الشغل دورا استشاريا واقتراحيا داخل‬
‫المقاولة ويتجلى ذلك في‪:‬‬
‫‪ -‬إسداء النصح لإلدارة ورؤساء المصالح الطبية قصد الحرص على تطبيق التدابير اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -‬تنبيه األجراء إلى الحوادث واألضرار التي تهدد صحتهم‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين ظروف الشغل وخاصة ما يتعلق بالبنايات والتجهيزات المستحدثة ومدى‬
‫مالئمة تقنيات الشغل للتكوين الجسمي لألجير والعمل على استبعاد المستحضرات المضرة‬
‫والخطيرة بصحة األجراء (المادة ‪.)722‬‬
‫‪ -‬إبداء الرأي فيما يتعلق بالتنظيم التقني للشغل وكذا المواد والمستحضرات الجديدة‪.‬‬
‫هذا ويجب على رئيس المؤسسة اطالعه على تركيبة تلك المنتجات مع التزام طبيب‬
‫الشغل بحفظ السر المهني‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ -‬اقتراح تدابير فردية تخص بعض األجراء (كالنقل من شغل إلى آخر أو تحويل منصب‬
‫الشغل) متى كانت تلك التدابير تبررها اعتبارات تتعلق بسن األجير أو حالته الصحية أو قدرته‬
‫الجسمية على التحمل‪.‬‬
‫‪ -‬التصري ــح لدى وزارة الصحة ولدى مفتش الشغل بكل مرض مهني يصل إلى عمله‪.‬‬
‫‪ -‬هذا ويجب على رئيس المقاولة أن يسهل عمل طبيب الشغل ويقدم له كل المساعدات‬
‫الضرورية ألداء مهامه‪.‬‬
‫ويعد طبيب الشغل أجيرا خاضعا للتبعية اإلدارية واالقتصادية للمشغل دون التبعية الفنية‪.‬‬

‫‪ -3‬المفتشية الطبية للشغل‪.‬‬


‫وهي تتكون من مجموعة من أطباء مفتشين للشغل يتم تعيينهم بقرار من وزير الشغل‬
‫بعد أخذ رأي وزير الصحة العمومية‪ ،‬ويعملون بها تحت إشراف وزارة الصحة العمومية كما‬
‫يسهرون على تنفيذ خططها بشأن حماية صحة األجراء وتوفير شروطها داخل المقاولة‪.‬‬
‫وبالرجوع لمقتضيات مدونة الشغل يمكننا إبراز أهم اختصاصات الطبيب مفتش الشغل‬
‫كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬إبداء الرأي بشأن تحديد االختصاص الجغرافي والمهني للمصالح الطبية المشتركة‬
‫والمستقلة‪.‬‬
‫‪ -‬مراقبة التقارير السنوية التي يوجهها أطباء الشغل بشأن سير المصالح الطبية المستقلة‬
‫أو المشتركة للشغل‪.‬‬
‫‪ -‬الرقابة على القرارات التأديبية التي يتخذها المشغل أو رئيس المصلحة الطبية المشتركة‬
‫بين المقاوالت في مواجهة أطباء الشغل‪.‬‬
‫‪ -‬مراقبة تنفيذ أطباء الشغل لمهامهم واختصاصاتهم‪.‬‬
‫‪ -4‬مجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية‪.‬‬
‫وكان يسمى بالمجلس االستشاري لطب الشغل سابقا ومهمته تقديم االقتراحات واآلراء‬
‫الناجعة لتطوير المصالح الطبية للشغل "مستقلة كانت أو مشتركة" وكذا مفتشية طب الشغل‬

‫‪46‬‬
‫وعموما كل ما يتعلق بحماية األجراء ووقايتهم من األمراض المهنية وحوادث الشغل وضمان‬
‫سالمتهم‪.‬‬
‫وهو مجلس يحدث لدى وزارة الشغل ويرأسه وزيرها أو من ينوب عنه ويتشكل من‬
‫ممثلين عن اإلدارة (وزارة الصحة ووزارة المالية ووزارة الشغل) وممثلين عن المنظمات المهنية‬
‫للمشغلين والمنظمات النقابية لإلجراء األكثر تمثيال‪.‬‬
‫هذا ويمكن للمجلس أن يشرك في أعماله كل شخص له كفاءة وخبرة معترف بها في‬
‫مجال تخصص المجلس‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ويتم تحد يد أعضاء هذا المجلس وطريقة تنظيمه وطريقة سير أعمال بموجب نص‬
‫تنظيمي‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬لجنة السالمة وحفظ الصحة داخل المقاولة‬
‫ويتعين إحداثها لدى المقاوالت الصناعية والتجارية ومقاوالت الصناعة التقليدية‬
‫واالستغالالت الفالحية والغابوية وتوابعها التي تشغل خمسين أجيرا على األقل‪.‬‬
‫‪ -1‬تكوين اللجنة ‪:‬‬
‫وتتألف هذه اللجنة من ‪:‬‬
‫_المشغل أو ينوب عنه رئيسا‬
‫_رئيس مصلحة السالمة‪ ،‬وعند عدم وجوده مهندس أو إطار تقني يعمل بالمقاولة يعينه‬
‫المشغل لهذه المهمة‪.‬‬
‫_طبيب الشغل بالمقاولة‪.‬‬
‫_مندوبين اثنين لإلجراء يتم انتخابهما من قبل المندوبين المنتخبين‬
‫_ممثل أو ممثلين نقابيين لألجراء بالمقاولة عند وجودهما‪.‬‬
‫ويمكن للجنة أن تشرك في أشغالها كل شخص ينتمي إلى المقاولة يتوفر على الكفاءة‬
‫والخبرة في مجال الصحة والسالمة المهنية وخاصة رئيس مصلحة المستخدمين أو مدير‬
‫اإلنتاج بالمقاولة‪.‬‬
‫‪ -2‬مهام اللجنة ‪ :‬وتتحدد مهام هذه اللجنة فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬استقصاء المخاطر المهنية التي تتهدد إجراء المقاولة‪.‬‬
‫‪ -‬السهر على حسن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية في مجال السالمة‬
‫وحفظ الصحة‪.‬‬
‫‪ -‬الحرص على حسن استعمال األجهزة المعدة لوقاية األجراء من المخاطر‬
‫المهنية‪.‬‬
‫‪ -‬الحفاظ على البيئة داخل المقاولة ومحيطها‪.‬‬
‫‪ -‬اقتراح كل المبادرات التي تهم على الخصوص مناهج الشغل وطرقه وانتقاء‬
‫المعدات واختيار األدوات واآلالت الضرورية للشغل والمالئمة لضوابط‬
‫الصحة والسالمة‪.‬‬
‫‪ -‬تقديم كل االقتراحات بشأن إعادة تأهيل المعاقين من أجراء المقاولة‪.‬‬
‫‪ -‬إبداء الرأي حول سير المصالح الطبية للشغل‪.‬‬
‫‪ -‬نشر الوعي داخل المقاولة بضرورة التوقي من المخاطر المهنية وتنميته روح‬
‫الحفاظ على السالمة داخل أماكن الشغل‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -3‬سير عمل اللجنة‪.‬‬
‫تعقد هذه اللجنة اجتماعاتها باستدعاء من رئيسها مرة كل ثالثة أشهر بشكل عادي وكلما‬
‫دعت الضرورة لذلك في األحوال االستثنائية‪.‬‬
‫كما أ نها ملزمة باالجتماع إثر كل حادث خطير أو كان من الممكن أن تتربت عنه مخاطر‬
‫لإلجراء‪.‬‬
‫ويجب أن تتم هذه االجتماعات في مكان مخصص لذلك داخل المقاولة وفي الوقت‬
‫المحدد للشغل ما أمكن ويعتبر الوقت المستغرق في االجتماعات وقت شغل فعلي مؤدى عنه‬
‫األجر لإلجراء‪.‬‬
‫‪ -4‬آليات اشتغال اللجنة ‪:‬‬
‫تتمثل آليات عمل اللجنة في التحقيقات التي تجريــها على إثر كل حادثة شغل أو مرض‬
‫مهني ويتخذ شكل تقارير محددة لظروف تلك الحوادث أو ألسباب المرض‪.‬‬
‫ويجب على طبيب الشغل توجيه نسخة من هذه التقارير إلى كل من مفتش الشغل وإلى‬
‫الطبيب المكلف بتفتيش الشغل وذلك خالل خمسة عشر يوما الموالية لوقوع حادثة الشغل أو‬
‫المعاينة المرض المهني‪.‬‬
‫كما يجب على هذه اللجنة وضع تقرير سنوي حول تطور مستوى المخاطر المهنية داخل‬
‫المقاولة‪ .‬وتسطير البرنامج السنوي للوقاية من المخاطر المهنية‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬آثار عقد الشغل الفردي‪.‬‬


‫باعت بار عقد الشغل عقدا ملزما للجانبين فهو يفرض التزامات متبادلة على طرفيه (األجير‬
‫والمشغل) وهذه االلتزامات إما أن يكون منشؤها عقد الشغل ذاته وتستند في أحكامها إلى‬
‫مدونة الشغل وكذا إلى أحكام إجارة الخدمة أو العمل الواردة في ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫وإما أن يكون أساسها القواعد العامة الناظمة للعقد الواردة في ق‪.‬ل‪.‬ع ‪.‬‬
‫وعلى هذا ينبغي التطرق اللتزامات األجير والمشغل سواء تلك التي وردت في ق‪.‬ل‪.‬ع أو‬
‫في مدونة الشغل‪ .‬وبذلك سنقسم هذا المبحث إلى ثالث مطالب كالتالي ‪:‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬التزامات األجير‪.‬‬
‫باستقراء المقتضيات القانونية الواردة في كل من ق‪.‬ل‪.‬ع ومدونة الشغل يمكننا تعداد‬
‫االلتزامات المختلفة التي تقع على عاتق األجير في أداء الشغل‪ .‬الفقرة األولى واالئتمار بأوامر‬
‫المشغل الفقرة الثانية والمحافظة على األشياء التي سلمت له بمناسبة أداء الشغل الفقرة‬
‫الثالثة والمحافظة على أسرار الشغل الفقرة الرابعة وعدم منافسة المشغل متى تم تضمين‬
‫العقد مثل هذا الشرط الفقرة الخامسة كما تثار مسألة في غاية األهمية تتعلق بمصير‬
‫اختراعات األجير التي يتوصل إليها أثناء أداء الشغل أو بمناسبته الفقرة السادسة‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬االلتزام بأداء الشغل‪.‬‬
‫يمثل االلتزام بأداء الشغل االلتزام الرئيسي الذي يقع على عاتق األجير حيث ال تعدو‬
‫االلتزامات األخرى أن تكون تابعة له وهذا األمر قررته صراحة مقتضيات الفصل ‪ 327‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع وكذا بنود مدونة الشغل‪.‬‬
‫وأداء الشغل يجب أن يكون شخصيا أوال وبحسن نية وحسب قواعد المهنة ثانيا وإن‬
‫يبذل فيه األجير العناية الالزمة ثالثا وأن ينصب على ذات الشغل المتفق عليه وفي ظروف‬
‫الزمان والمكان الواردة في العقد رابعا‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أداء الشغل بصفة شخصية‪.‬‬
‫نصت مقضيات الفصل ‪ 327‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على هذه الصفة في أداء الشغل صراحة حيث‬
‫جاء فيها "إجازة الخدمة أو العمل‪ ،‬عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم لآلخر خدماته‬
‫الشخصية ألجل محدد أو من أجل أداء عمل معين في نظير أجر يلتزم هذا األخير بدفعه له‪.‬‬
‫وهذا التنصيص التشريعي على صفة الشخصية في أداء األجير للشغل يبرره أن تلك‬
‫الصفة غالبا ما تكون محل اعتبار خاص في عقد الشغل من طرف المشغل‪.‬‬
‫ويترتب على هذا أن وفاء األجير بالتزامه المتمثل في أداء الشغل ال يتحقق إال إذا قام‬
‫األجير بنفسه بأدائه ودون أن يعهد به إلى الغير‪ .‬ألنه من حق المشغل دائما أن يرفض هذه‬
‫النيابة ويتمسك باألداء الشخصي لألجير اللتزامه‪.‬‬
‫إال أن الطابع الشخصي اللتزام األجير بأداء الشغل ال يرتبط بالنظام العام ألنه يمكن دائما‬
‫االتفاق (بين األجير والمشغل) على مخالفته وإسناد مهمة التنفيذ لاللتزام إلى شخص آخر غير‬
‫األجير‪.‬‬
‫وهذا ما يستخلص صراحة من بنود الفصل ‪ 374‬من ق‪.‬ل‪.‬ع التي تنص على أنه "ال يجوز‬
‫ألجير الخدمة أو العمل أن يعهد بتنفيذ مهمته إلى شخص آخر إذا ظهر من طبيعة الخدمة أو‬
‫العمل أو من اتفاق الطرفين أن للمشغل مصلحة في أن يؤدي األجير بنفسه التزامه ‪:‬‬
‫وبإعمال مفهوم المخالفة وتطبيقا ألحكام الفصل ‪ 274‬من ق‪.‬ل‪.‬ع فإنه يجوز دائما للمدين‬
‫(األجير في حالتنا) أن ينفذ االلتزام إما بنفسه وإما بواسطة شخص آخر ما لم يشترط في عقد‬
‫الشغل صراحة أن يتم التنفيذ شخصيا من طرف األجير إذ في هذه الحالة ال يجوز لألجير أن‬
‫ينيب عنه شخصا آخر ولو كان هذا الشخص أفضل منه في أدائه‪.‬‬
‫أو كانت طبيعة االلتزام أو صفة من صفات المدين محل اعتبار خاص عند إبرام عقد‬
‫الشغل‪.‬‬
‫ومن النتائج المترتبة على الطابع الشخصي ألداء األجير اللتزامه أن هذا االلتزام يسقط‬
‫بمجرد وفاة األجير وال يحق للمشغل إلزام ذوي حقوقه باالستمرار في تنفيذ التزام مورثهم ما لم‬
‫يتم االتفاق كذلك على خالف ذلك‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أداء الشغل بحسن نية ووفق القواعد المهنية‪.‬‬
‫يعتبر مبدأ حسن النية من المبادئ القانونية الهامة التي تحكم العقود وهو مبدأ أصيل‬
‫يجد أساسه في أحكام الشريعة اإلسالمية وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم (من غش‬
‫فليس منا) رواه اإلمام مسلم وأبو داود والترمذي) وكذا في القواعد العامة المضمنة في ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫بشأن االلتزام حيث نص الفصل ‪ 272‬منه على ان "كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية" وكمبدأ‬
‫في المادة ‪ 28‬من مدونة الشغل التي تنص على أن األجير مسؤول في إطار شغله عن فعله أو‬
‫إهماله أو تقصيره أو عدم احتياطه"‪.‬‬

‫وهذا يقتضي من األجير أداء الشغل دون تدليس أو استعمال لطرق احتيالية (كالتخفيض‬
‫من اإلنتاج بصفة عمدية أو تضييع الوقت ألسباب مفتعلة أو التغيب بدون مبرر‪.)...‬‬
‫وال يكفي األجير أن ينفذ الشغل بحسن نية بل يلزمه أن يكون األداء مطابقا للقواعد‬
‫المهنية‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع المغربي قد سوى بين األجير الذي ينفذ التزامه بشكل معيب عن‬
‫حسن نية وعدم إدراك وبين األجير الذي يدرك جيدا أصول القيام بالتزامه ولكنه يقصر في أدائه‬
‫وفق لها‪ .‬إذ رتب في الحالتين معا مسؤوليتهما عن األضرار التي يسببانها للمؤاجر وذلك إعماال‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 373‬من ق‪.‬ل‪.‬ع التي تنص على أن ‪" :‬من يلتزم بإنجاز عمل يسأل ليس‬
‫فقط عن فعله ولكن أيضا عن إهماله ورعونته وعدم مهارته وكل شرط مخالف لذلك يكون‬
‫عديم األثر‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬بذل األجير العناية الالزمة لتنفيذ التزامه‪.‬‬


‫والعناية المطلوبة من األجير لتنفيذ التزامه هي عناية الرجل المعتاد (وهو األجير المتوسط‬
‫الذكاء الذي يمارس عمله في نفس الظروف)‪.‬‬
‫ما لم يتم اشتراط عناية أكبر من طرف المشغل إذ يتعين عليه في هذه الحالة التقيد‬
‫بمقدار العناية الواجب تحت طائلة ترتب مسؤوليته عند اإلخالل بها‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أداء الشغل ذاته و وفقا للظروف المتفق عليها‪.‬‬
‫األصل أن األجير يلتزم بأداء الشغل المتفق عليه في العقد مع المشغل وأن هذا األخير ال‬
‫يسوغ له تغيير محل العقد بإرادة متفردة‪.‬‬
‫غير أن العقد قد ال يفصح عن طبيعة الشغل ويورده عاما دون تحديد ومع ذلك فإن العقد‬
‫يظل صحيحا‪ ،‬وعند وقوع نزاع بشأن تحديد محل العقد يتم اللجوء إلى القضاء الذي يعمل‬
‫على تحديد نية المتعاقد استنادا إلى وقائع النزاع والعرف والعادة مع احترام أهداف المشرع‬
‫الرامية إلى حماية الطرف الضعيف (األجير)‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫والمالحظ أن مقتضيات قانون الشغل غالبا ما يمنح للمؤاجر استنادا إلى حق الملكية‬
‫والسلطة التنظيمية للعمل سلطة واسعة لتعديل محل العقد وتكليف األجير بأداء شغل غير‬
‫الشغل المتفق عليه متى اقتضت ذلك حالة الضرورة أو القوة القاهرة أو كان العمل الجديد ال‬
‫يختلف جوهريا عن الشغل محل التعاقد‪.‬‬
‫إال أن تغيير محل عقد الشغل إسنادا إلى حالة الضرورة أو القوة القاهرة يجب أن يكون‬
‫مؤقتا ومرهونا بقيام هذه الحاالت وال يجب التوسع فيه خارج الحدود واآلجال الالزمة‬
‫لتجاوزها‪.‬‬
‫كما ال ينبغي أن يؤدي استعمال المشغل لسلطته في تغيير محل عقد الشغل في األحوال‬
‫السابقة إلى االنتقاص من الحقوق المكتسبة لألجير أو اإلساءة إلى األجير أو مضايقته (بحكم‬
‫نشاطه النقابي مثال)‪ .‬حيث يكون المشغل وقتئذ متعسفا في استعمال سلطته مما يعطي‬
‫األجير حق االمتناع عن القيام بالشغل الجديد الذي كلف به ودون أن يوصف ذلك االمتناع‬
‫بصفة الخطأ الجسم الذي يخول المشغل إمكانية إنهاء عقد شغله أو إخضاعه لسلطته‬
‫التأديبية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬االئتمار بأوامر المشغل‪.‬‬
‫يعتبر هذا االلتزام مظهرا جليا لعالقة التبعية والخضوع التي يخضع لها األجير تجاه مشغله‬
‫ومعيارا معتمدا لتمييز عقد الشغل عن غيره من األنظمة المشابهة‪.‬‬
‫فاألجير ملزم وفقا لهذا المعيار باحترام أوامر المشغل وتعليماته وتنفيذها تحت طائلة‬
‫ترتب مسؤوليته متى كانت هذه التعليمات صريحة وواضحة وغير مخالفة للنظام العام واآلداب‬
‫وكانت وثيقة الصلة بالشغل محل العقد إعماال لمقتضيات الفصل ‪ 370‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص‬
‫على أن األجير يسأل أيضا عن النتائج المترتبة عن عدم مراعاة التعليمات التي تلقاها إذا كانت‬
‫صريحة ولم يكن له مبرر خطير يدعوه لمخالفتها‪ ،‬وإذا وجد هذا المبرر لزمه أن يخطر به‬
‫المشغل وان ينتظر تعليماته‪.‬‬
‫وبنود المادة ‪ 22‬من مدونة الشغل التي تقرر على أن يمتثل األجير ألوامر المشغل في‬
‫نطاق المقتضيات القانونية أو التنظيمية أو عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام‬
‫الداخلي‪.‬‬
‫يمتثل األجير أيضا للنصوص المنظمة ألخالقيات المهنة‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫وينجم عن عدم احترام هذه التعليمات ارتكاب األجير لخطأ جسيم يمكن أن يترتب عنه‬
‫الفصل دون إعالم أو تعويض تطبيقا ألحكام المادة ‪ 71‬من مدونة المشغل الجديدة والتي تنص‬
‫على أنه ‪:‬‬
‫تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدي إلى الفصل األخطاء التالية المرتكبة من طرف‬
‫األجير‪.‬‬
‫‪ -‬رفض إنجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر‪.‬‬
‫‪ -‬عدم مراعاة التعليمات الالزم اتباعها لحفظ السالمة في الشغل وسالمة المؤسسة‪.‬‬
‫واألجير تنفيذا لهذا االلتزام ملزم باحترام تعليمات نواب المشغل أو وكالئه أو ممثلية‬
‫المفوضين في إدارة العمل واإلشراف عليه‪ ،‬ما دامت تلك التعليمات مرتبطة بتنفيذ عقد الشغل‬
‫وفي نطاقه وحدوده‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬االلتزام بالمحافظة على األشياء التي سلمت له بمناسبة أداء المشغل‬
‫إلى جانب االلتزامات السابقة يتحمل األجير بالتزام المحافظة على األشياء والتجهيزات‬
‫المسلمة له من طرف المشغل ألداء عمله وعدم تعريضها للتلف أو التعييب أو التخريب تطبيقا‬
‫ألحكام الفصل ‪ 318‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص على أن " أجير الخدمة وأجير العمل اللذان ال‬
‫يقدمان إال العمل يلتزمان بالمحافظة على األشياء التي تسلم لهما ألداء ما يكلفان به من‬
‫الخدمة أو العمل‪ ،‬ويجب عليهما رد هذه األشياء بعد أداء شغلهما ويضمنان هالكها أو‬
‫تعييبها الحاصل بخطئهما‪ ،‬والمادة ‪ 22‬من مدونة الشغل التي تنص على أنه"‪.‬‬
‫" يجب على األجير المحافظة على األشياء والوسائل المسلمة إليه للقيام بالشغل‪ ،‬مع ردها‬
‫بعد انتهاء الشغل الذي كلف به‪.‬‬
‫يسأل األجير عن ضياع األشياء والوسائل السالفة الذكر أو تلفها إذا تبين للقاضي بما له من‬
‫سلطة تقديرية أن الضياع أو التلف ناتجان عن خطأ األجير‪ ،‬كما لو نتج الضياع أو التلف عن‬
‫استعمال األشياء أو الوسائل في غير الشغل المعدة له أو خارج أوقات الشغل ال يسأل األجير‬
‫إذا كان التلف أو الضياع ناتجين عن حادث فجائي أو قوة قاهرة"‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫ومن قبيل الحادث الفجائي قابلية األشياء للكسر (كانكسار أكواب المشروبات أو صحون‬
‫تقديم الطعام من طرف النادل في المقهى أثناء تقديمها إلى الزبناء‪ )...‬ففي مثل هذه الحاالت‬
‫وغيرها ال يسأل األجير عن الخطأ الصادر عنه ألنه مما يعد يسيرا وال دخل لإلرادة فيه‪.‬‬
‫أما إذا كان التلف أو التخريب عمديا ويقصد اإلضرار بالمشغل فإن مسؤولية األجير تكون‬
‫قائمة ومرتبة إلمكانية فصله بدون إخطار أو تعويض تطبيقا ألحكام المادة ‪ 71‬من مدونة الشغل‬
‫التي تنص على اعتباره خطأ جسيما يمكن أن يترتب عنه الفصل بقولها‪.‬‬
‫‪-‬إلحاق لضرر جسيم بالتجهيزات أو اآلالت أو المواد األولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح‪.‬‬
‫‪-‬ارتكاب خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪ :‬االلتزام بالمحافظة على أسرار الشغل‪.‬‬
‫يعتبر هذا االلتزام من نتائج تطبيق مبدأ حسن النية في تنفيذ عقد الشغل ذلك أن األجير‬
‫غالبا ما يطلع بحكم شغله على أسرار خاصة وفي غاية األهمية مما يفرض عليه االلتزام‬
‫بالمحافظة عليها وعدم إذاعتها وإفشاءها ألن من شأن ذلك اإلضرار بالمشغل‪.‬‬
‫وهكذا فالخادم الذي يشتغل في منزل مثال ويطلع على أسرار العائلة ملزم بالحفاظ عليها‬
‫تحت طائلة ارتكاب خطأ جسيـم مؤدي إلى الفصـل دون إعـالم أو تعويض‪.‬‬
‫كما أن االشتغال بميدان صناعي أو تجاري يمكن األجير من اإلطالع على أسرار صنع المواد‬
‫وطرق تمويل التجارة وتحديد األثمان ويجعل ملما بطبيعة الزبناء مما يفرض عليه الحفاظ على‬
‫هذه األسرار وعدم إفشاءها للغير تجنبا للمنافسة غير المشروعة‪.‬‬
‫وقد رتب المشرع في مدونة الشغل (المادة ‪ )71‬على خرق هذا االلتزام قيام مسؤولية‬
‫األجير باعتباره مرتكبا لخطأ جسيم يمكن أن يؤدي إلى فصله بدون تعويض أو إعالم‪.‬‬
‫وإذا كان التزام األجير بالمحافظة على أسرار الشغل عاما خالل فترة سريان العقد بحيث‬
‫يمنع إفشاؤها للغير أو االستفادة الشخصية منها‪ ،‬فإن هذا االلتزام ينحصر بعد انتهاء العقد في‬
‫عدم نشر هذه األسرار وتمكين الغير منها أما االستخدام الشخصي لها من طرف األجير فممكن‪،‬‬
‫ما لم تكن تلك األسرار متعلقة ببراءات اختراع مسجلة ومحمية قانونا‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الفقرة الخامسة ‪ :‬االلتزام بعدم المنافسة‪.‬‬
‫يعتبر هذا االلتزام تجسيدا لمبدأ حرية اإلرادة حيث يجوز للمشغل توقيا من منافسة أجيره‬
‫المطلع على أسرار شغله أن يضمن عقد الشغل شرطا بعدم المنافسة سواء أثناء تنفيذ عقد‬
‫الشغل أو بعد انتهاءه‪ .‬كما أنه ليس هناك مانع في تضمين مثل هذا الشرط لبنود اتفاقية‬
‫جماعية للشغل‪.‬‬
‫إال أنه من الواضح أن إطالق العنان للمشغل في تضمين مثل هذا الشرط قد يؤدي إلى‬
‫هدر حرية العمل ويغل حرية األجير بحيث يظل ملتزما باالشتغال عند نفس المشغل طوال‬
‫حياته‪.‬‬
‫وتقييدا لهذا اإلطالق استقر الفقه والقضاء المقارن (الفرنسي والمصري والمغربي) على‬
‫اعتبار شروط عدم المنافسة باطلة إذا كانت عامة ومطلقة من حيث الزمان والمكان‪ ،‬كما ساير‬
‫التشري ــع المغربي ذلك صراحة بنصه في الفصل ‪ 320‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه ‪" :‬يبطل كل اتفاق‬
‫يلتزم بمقتضاه شخص بتقديم خدماته طوال حياته أو لمدة تبلغ من الطول حدا بحيث‬
‫يظل ملتزما حتى موته" وفي الفصل ‪ 281‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي حدد الشرطين الواجب توفرهما‬
‫إلمكانية منع األجير من مباشرة حرفة معينة حيث نص على ضرورة تقييد المنع بفترة زمنية‬
‫محددة وبمنطقة جغرافية معينة‪.‬‬
‫إن تضمين العقد شرطا بعدم االشتغال لدى أي مؤاجر آخر وفي أي وقت كان وبالمغرب‬
‫كله يتضمن ضربا لحرية الشغل ويعتبر باطال بطالنا مطلقا لمخالفته ألحكام الفصل ‪ 323‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص على أنه ال يسوغ للشخص أن يؤجر خدماته إال إلى أجل محدد أو ألداء عمل‬
‫معين‪ ،‬أو لتنفيذه وإال وقع العقد باطال بطالنا مطلقا‪.‬‬
‫ويمكن أن نضيف إلى هذان الشرطان شرطا آخر يتمثل في أن المنع يجب أن يكون قاصرا‬
‫على ذات العمل الذي يمارسه المشغل دون سواه‪ .‬وإن كان البعض يرى بأن المنع من المنافسة‬
‫يكون كذلك مشروعا حتى ولو كان منصرفا إلى عمل آخر مرتبط بالعمل أو النشاط األصلي‬
‫للمشغل طالما أن لهذا األخير مصلحة جدية ومشروعة في اشتراط منع المنافسة في شأنه‪.‬‬
‫وشرط النسبية هذا من ابتكار القضاء الفرنسي الذي حاول جاهدا التلطيف من شروط‬
‫عدم المنافسة حماية لألجراء باعتبارهم الطرف الضعيف وضمانا لحرية الشغل كحق أساسي‬
‫للعمال‪.‬‬
‫وقد سبق للقضاء المغربي أن أكد نفس المبدأ في قرار صادر عن محكمة النقض بتاري ــخ‬
‫‪ 22‬شتنبر ‪ 2108‬في الملف االجتماعي عدد ‪ 07007‬تحت رقم ‪ 7778‬منشور بمجلة قضاء‬
‫محكمة النقض العدد ‪ 23‬لسنة ‪ 2102‬ص ‪ 274 :‬جاء فيه "نعم حيث صح ما نعته الوسيلة‬
‫على القرار المطعون فيه ذلك أنه بمقتضى الفصل ‪ 22‬من العقد المبرم بين الطاعنة والمطلوب‬
‫في النقض يلتزم هذا األخير بإفادة الشركة بجميع نشاطه المهني ويمنع عليه إشاعة أي إيضاح‬

‫‪55‬‬
‫أو بيان عن سير الشركة أو الوسائل الخاصة المستعملة من طرفها أو استخدام هذه المعلومات‬
‫واألساليب لفائدة مصلحته الشخصية ولو حتى بعد انتهاء مدة العقد‪ .‬وكل مخالفة لهذا االلتزام‬
‫تعتبر خطأ جسيما ال يبرر فحسب الفصل فورا بل يوجب عالوة على ذلك تعويض الضرر الناتج‬
‫عنه‪.‬‬
‫‪-‬وحيث أتبثت الطاعنة أن المطلوب في النقض أسس شركة مماثلة لها تهدف إلى تحقيق‬
‫نفس الهدف تحت اسم سيتكو‪ .‬وذلك بواسطة نسخة من القانون األساسي للشركة المذكورة‪.‬‬
‫وحيث إن ما قام به المطلوب في النقض يشكل خرقا صريحا لما التزم في الفصل ‪ 22‬من‬
‫عقد العمل المبرم بينه وبين مشغلته شركة (لموسيت) كما يشكل خطأ جسيما يبرر طرده من‬
‫طرف الشركة المذكورة طبق نفس االلتزام"‪.‬‬
‫وإجماال فإن مسؤولية األجير المخل بشرط عدم المنافسة هي مسؤولية عقدية أساسها‬
‫ذات الشرط المضمن بالعقد‪ .‬وبقيامها يستحق المشغل تعويضا يستقيل قضاة الموضوع‬
‫بتقديره ما لم يكن منصوصا عليه في بنود العقد كبند جزافي إذ في هذه الحالة ينحصر دور‬
‫القاضي في مراقبة مدى عدالة هذا الجزاء وعدم مبالغته‪ .‬مع إمكانية التخفيض منه حالة ثبوت‬
‫التعسف‪.‬‬
‫الفقرة السادسة ‪ :‬مصير اختراعات األجير‪.‬‬
‫نتيجة الرتفاع مستوى التكوين الفكري والمهني لبعض األجراء (وخاصة الشباب منهم)‬
‫طرح التساؤل عن مصير االختراعات التي يتوصلونها إليها أثناء تنفيذهم لعقد الشغل وما إذا‬
‫كانت خالصة لهم ؟ أم أنها ملك للمؤاجر الذي وفر األدوات والوسائل والظروف المناسبة‬
‫للوصول إلى ذلك االختراع؟ أم أن الحق في هذه االختراعات حق مشترك ومشاع بينهما ؟‬
‫وبالرجوع إلى بنود مدونة الشغل نجدها تلتزم الصمت بخصوص هذا الموضوع رغم‬
‫أهمية النزاعات التي أصبح يثيرها أمام المحاكم‪.‬‬
‫و باستقرائنا ألحكام الفقه والتشريعات المقارنة (الفرنسي‪-‬المصري) يمكننا التمييز بين‬
‫ثالثة أنواع من االختراعات العمالية كما يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬االختراعات الحرة‪.‬‬
‫يقصد باالختراعات الحرة تلك االختراعات التي يتوصل إليها األجير بجهده الشخصي‬
‫خارج أماكن العمل ودون االعتماد على األدوات والتجهيزات العائدة للمؤسسة‪ ،‬أو هي‬
‫االختراعات التي يتوصل إليها األجير وتكون منقطعة الصلة تماما بالشغل الذي ينجزه لفائدة‬
‫المشغل‪.‬‬
‫وجلي أن مثل هذه االختراعات تكون ملكا خالصا لألجير يستفيد من الحقوق المادية‬
‫والمعنوية التي تنتجها دون أية مشاركة من المشغل في اقتسام فوائدها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االختراعات المترتبة عن أداء الشغل أو اختراعات الخدمة ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وهي التي يتوصل إليها األجير أثناء إنجازه للشغل وباستعمال المختبرات والتجهيزات‬
‫والمواد التي توفرها المؤسسة‪.‬‬
‫وواضح أن المشغل في مثل هذه الحاالت يوفر الظروف والوسائل المؤدية إلى بلوغ‬
‫االبتكار أو االختراع إن لم يكن يقصده بالذات مما يجعله محقا في االستفادة ماليا‪.‬‬
‫غير أن تقرير أحقية المشغل المالية على هذه االختراعات ال يعني حرمان األجير المخترع‬
‫من تعويض عادل يقابل الجهد الذي أنفقه للوصول إلى هذا االختراع‪.‬‬
‫كما ال يفيد انتقال الحق المعنوي في االختراع إلى المشغل ألن هذا الحق يظل دائما وفي‬
‫كل األحوال حقا خالصا لألجير المخترع‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬االختراعات المختلطة أو العرضية‪.‬‬
‫ومصير هذا النوع من االختراع مثار نزاع بين الفقه والقضاء والتشري ــع المقارن والغالب‬
‫عندهم اتجاهان األول يعتبره حقا خالصا لألجير ألنه نتاج جهده الشخصي وال دخل للمؤاجر‬
‫فيه والثاني يعتبره حقا مشتركا بين األجير المخترع والمشغل ما لم يتم النص على خالف ذلك‬
‫في عقد الشغل الفردي أو بموجب اتفاقيـة جمـاعيـة أو نظام داخلي‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬جزاء إخالل األجير بالتزاماته‪.‬‬


‫اعتبارا لكون عقد الشغل عقد ملزم للجانبين‪ ،‬يرتب التزامات وحقوق متبادلة على طرفيه‪.‬‬
‫فإن األجير الذي يخل بالتزاماته يكون محال لتوقيع جزاءات متعددة منها ما تقره القواعد‬
‫العامة من حق المشغل في إنهاء العقد أو حقه في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به‬
‫من جراء عدم تنفيذ األجير اللتزاماته‪.‬‬
‫ومنها ما يجد أساسه في عقد الشغل حيث يتعرض األجير لتوقيع جزاءات تأديبية من‬
‫طرف المشغل كعقوبة له على عدم تنفيذ تعليماته وأوامره وكجزاء على إخالله بالتزامه‬
‫ولإلحاطة بمضمون السلطة التأديبية المخولة للمؤاجر ومصادرها وأساسها ونطاق تطبيقها وكذا‬
‫القيود الواردة عليها إرتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين كاآلتي ‪:‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬ماهية السلطة التأديبية للمؤاجر ونطاق تطبيقها‪.‬‬
‫يقتضي اإللمام بماهية السلطة التأديبية للمؤاجر إبراز مفهومها أوال ومصادرها ثانيا‬
‫وأساسها ثالثا ونطاق تطبيقها أخيرا‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬مفهوم السلطة التأديبية للمؤاجر‪.‬‬
‫يقصد بالسلطة التأديبية عموما تلك السلطة القانونية التي يكون موضوعها فرض قاعدة‬
‫سلوك على أعضاء الجماعة وذلك من خالل جزاءات محددة لجبرهم على العمل وفق‬
‫المصلحة المشتركة التي تعتبر أساس وجودها‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وفي ميدان الشغل يكمن موضوع السلطة التأديبية للمؤاجر في المعاقبة على األخطاء‬
‫التأديبية للعمال التي تضر بالسير الحسن للمقاولة‪.‬‬
‫وهي بهذا التحديد ال تقوم إال للحفاظ على النظام داخل المقاولة ويجب أن تكون‬
‫العقوبات الناتجة عن ممارستها مالئمة لجسامة األخطاء المرتكبة وغير متعسف فيها‪.‬‬
‫والسلطة التأديبية موجودة في كل التكتالت والجماعات المنظمة بهدف ردع المخالفات‬
‫التي تسئ إلى سير الجماعة وفرض احترام قواعد وضوابط السلوك الالزمة لحياة تلك‬
‫الجماعات واستمرارها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مصادر السلطة التأديبية للمؤاجر‪.‬‬
‫على خالف جل القواعد القانونية التي يعتبر القانون أهم مصادرها‪ ،‬فإن مساهمة المشرع‬
‫في قيام قانون تأديبي متكامل تعتبر ضعيفة وغير ذات أهمية‪.‬‬
‫وتبقى األنظمة الداخلية للمقاوالت واالتفاقيات الجماعية الشغل أهم مصدر من مصادر‬
‫السلطة التأديبية للمؤاجر‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ -2‬القانون‪.‬‬
‫اتسم القرن ‪ 20‬بغياب شبه كلي لدور المشرع في إقرار قانون تأديبي في ميدان الشغل‪،‬‬
‫وترجع أسباب ذلك إلى ضعف الفئات العمالية وعدم تكتلها وانتظامها‪.‬‬
‫وبحلول القرن ‪ 21‬ظهرت بوادر حركة نقابية عالمية عملت على إسماع صوت األجراء‬
‫لمراكز القرار وفرضت على المشرع ضرورة التدخل للحد من تعسفات المشغلون ووضع قيود‬
‫على ممارستهم للسلطة التأديبية‪.‬‬
‫وكان من نتائج التدخل في المغرب إقرار ظهير ‪ 20‬يوينو ‪ 2174‬والذي حد من حرية‬
‫المشغلين في اللجوء إلى العقوبات المالية ضد األجراء إال عند مخالفتهم للمقتضيات المتعلقة‬
‫بالمحافظة على الصحة والسالمة بالمقاولة‪.‬‬
‫كما تم حث المشغلين على وضع أنظمة داخلية للمقاوالت تحد من سلطان إرادتهم‬
‫وتنظم عالقات الشغل في إطار من التوازن بين حقوق والتزامات األجراء في مواجهة‬
‫المشغلون‪.‬‬
‫وبصدور مدونة الشغل تم تضمينها بعض المقتضيات القانونية التي تحد من سلطة‬
‫المشغل ين في توقيع الجزاءات التأديبية كما تم اإلقرار بحق األجراء في الدفاع عن أنفسهم‬
‫واالستعانة بمندوبي األجراء لمؤازرتهم قبل إيقاع أية عقوبة عليهم وتم التنصيص على الرقابة‬
‫اإلدارية (مفتش الشغل) والقضائية على مساطر التأديب داخل المقاولة تجنبا لكل تعسف أو‬
‫إساءة استعمال للسلطة التأديبية في غير موضعها‪ ،‬وإجماال فإن مساهمة المشرع في المجال‬
‫التأديبي للمقاوالت ضعيفة وغير شاملة وال تمس بالسلطات الواسعة للمؤاجرين‪.‬‬
‫‪-2‬النظام الداخلي للمقاولة‪.‬‬
‫إن البحث في األنظمة الداخلية للمقاوالت هدفه معرفة إلى أي مدى كان لغياب المشرع‬
‫على الحقل التأديبي دافعا للمشغلين على إصدار أنظمة داخلية متكاملة تؤدي إلى وضع قانون‬
‫تأديبي مفصل يتضمن أنواع المخالفات وجزاءاتها والمساطر الواجب اتباعها من أجل توقيعها أو‬
‫استبعادها‪.‬‬
‫وبإلقاء نظرة على جل األنظمة الداخلية للمقاوالت يتضح جليا بأن هذه األنظمة صيغت‬
‫بطريقة عامة وغير واضحة وال تحدد بدقة الئحة لألخطاء المرتكبة من طرف األجراء وال‬
‫تصنيفها (بين أخطاء جسيمة ويسيرة) كما ال تضع ترتيبا للجزاءات بحسب كل مخالفة وال‬
‫مساطر لتوقيع هذه الجزاءات أو الستعادها ناهيك عن أن هذه األنظمة صادرة عن إرادة منفردة‬
‫للمشغل‪ .‬ولم يتم التشاور في شأن وضعها مع مندوبي األجراء أو ممثليهم النقابيين إن وجدوا‬
‫مما يجعل محتواها مثار نزاعات دائمة مع المشغلين‪.‬‬
‫وأخيرا فإن عدد المقاوالت التي تشتغل وفق هذه األنظمة قليل جدا والغالب أن يتم‬
‫تعليق صورة من النظام النموذجي الصادر بتاري ــخ ‪ 27‬أكتوبر ‪ 2110‬وهو نظام من وضع‬

‫‪59‬‬
‫سلطات الحماية ليس هدفه حماية مصالح األجراء المغاربة كما أنه لم يعد معموال به بعد إلغاءه‬
‫من طرف مدونة الشغل‪.‬‬
‫‪-7‬اتفاقيات الشغل الجماعية‪.‬‬
‫هي عقد جماعي ينظم عالقات الشغل ويبرم بين ممثلي منظمة نقابية لألجراء األكثر‬
‫تمثيال أو عدة منظمات نقابية لألجراء األكثر تمثيال أو إتحاداتها من جهة وبين مشغل واحد أو‬
‫عدة مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية أو ممثلي منتظمة مهنية للمشغلين أو عدة منظمات‬
‫مهنية للمشغلين األكثر تمثيال (المادة ‪ 281‬من مدونة الشغل) ويجب تحت طائلة البطالن أن‬
‫تكون اتفاقيات الشغل الجماعية مكتوبة‪.‬‬
‫يتضح من خالل هذا التعريف التشريعي أن اتفاقيات الشغل الجماعية تعنى بتنظيم‬
‫عالقات الشغل داخل المقاولة ومما يدخل في مفهوم عالقات الشغل تنظيم السلطة التأديبية‬
‫للمؤاجر‪ ،‬ووضع الئحة بالمخالفات المرتكبة من طرف األجراء وكذا الجزاءات التي تلحقهم من‬
‫جراءها‪( .‬الميدان التأديبي)‪.‬‬
‫والمالحظ أن االتفاقيات الجماعية بالمغرب على نذرتها لم تعط المجال التأديبي ما‬
‫يستحقه من عناية حيث بينت الدراسة أن موقعي االتفاقيات الجماعية للشغل عادة ما‬
‫يحاولون تجنب التعرض لمثل هذه المواضيع بتفصيل ليتركوا لألنظمة الداخلية في كل مؤسسة‬
‫– على حدة ‪ -‬أمر ضبطها وتنظيمها‪.‬‬
‫ولذلك يمكن القول بأن القانون التأديبي للمقاولة ال يمكن أن يتطور وينمو إال في نطاق‬
‫األنظمة الداخلية التي يجب أن تكون معبرة عن إرادة مشتركة لإلجراء والمشغلون وخاضعة‬
‫لرقابة فعالة من طرف اإلدارة والقضاء‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أساس السلطة التأديبية للمؤاجر‪.‬‬


‫اختلف فقهاء القانون االجتماعي بشأن تحديد األساس الذي تنبني عليه السلطة التأديبية‬
‫للمؤاجر إلى اتجاهات عدة‪.‬‬
‫حيث أرجعها بعضهم إلى حق الملكية الذي يتمتع به المشغل في حين اسندها البعض‬
‫اآلخر إلى العرف الذي كان يجعل المشغلون دائمي الشعور بأن هذه السلطة هي حق ثابت لهم‪.‬‬
‫ورأى البعض اآلخر بأن أساس هذه السلطة هو تفويض حق العقاب من طرف الدولة‬
‫للمؤاجرين في حين بناها آخرون على أساس عقد الشغل الفردي الذي يبرمه األجير والذي‬
‫يقبل فيه بسلطات التأديب والجزاء المخولة للمشغل كنتيجة إخالله ببنوده‪.‬‬
‫ولعل االتجاه الذي يؤسس السلطة التأديبية على أساس عالقة التبعية القانونية يعتبر أكثر‬
‫االتجاهات دقة وانتشارا ألن األجير الذي يشتغل لدى مؤاجر وتحت إدارته وإشرافه يكون ملزما‬

‫‪60‬‬
‫بالضرورة للخضوع ألوامر وتعليماته وعند مخالفتها قد يكون عرضة لتوقيع جزاءات تأديبية‬
‫عليه‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬نطاق تطبيق السلطة التأديبية للمؤاجر‪.‬‬
‫يراد بنطاق تطبيق السلطة التأديبية للمؤاجر بيان موضوعها ‪ 1‬ومن يمارسها ‪ 2‬والظروف‬
‫التي تمارس فيها ‪ 3‬والخاضعون لها أخيرا‪.‬‬
‫‪-1‬موضوع السلطة التأديبية‪.‬‬
‫ينحصر موضوع السلطة التأديبية في المعاقبة على األخطاء التي يرتكبها األجراء والتي‬
‫تمس بالسير الحسن للمؤسسة‪.‬‬
‫وال يشترط في الخطأ الموجب للتأديب ان يؤدي إلى األضرار بالغير بل يكفي أن يشكل‬
‫إخالال بمقتضيات النظام الداخلي (مثال ‪ :‬األجير الذي يدخن) في أماكن الشغل يعتبر مرتكبا‬
‫لخطأ موجب للعقاب حتى ولو لم يترتب عن هذا الفعل الخاطئ والمخالف للنظام الداخلي‬
‫ضرر للمؤاجر‪.‬‬
‫وعلى خالف الجزاءات التي تعتبر –مبدئيا‪-‬سهلة التجديد (اإلنذار‪-‬التوبيخ‪-‬التوقيف‬
‫المؤقت‪-‬الفصل‪ )...‬فإن تحديد قائمة باألخطاء التي يمكن أن يرتكبها األجراء تبدو معقدة‬
‫لصعوبة تصور كل السلوكات الخاطئة التي قد يقترفها األجراء كما أن ما يوصف بسلوك خاطئ‬
‫بل جسيم في مقاولة ما (التدخين في مؤسسة لتعبئة قنينات الغاز) قد ال يعتبر كذلك في‬
‫مقاولة أخرى‪.‬‬
‫وكيفما كان الحال فإن األخطاء التي تصلح أن تكون محال ألعمال المشغل لسلطته‬
‫التأديبية يجب أن تكون وثيقة االرتباط بالشغل وتمس بالسير الحسن للمؤسسة‪ .‬وال يتعلق‬
‫بالحياة الخاصة لألجير (كعدم اإلنفاق على زوجته أو عدم أداء مستحقات الكراء لمسكنه‪.)...‬‬

‫‪-2‬من يمارس السلطة التأديبية‪.‬‬


‫األصل أن المشغل أو المشغل هو الممارس الفعلي للسلطة التأديبية إال أن تطور‬
‫المقاوالت واتساع حجمها وعدم إمكانية تصور االتصال المباشر بين رئيس المقاولة وبين أعداد‬
‫األجراء في هذا النوع من المؤسسات وتفويض ممارسة هذه السلطة لبعض رؤساء الفرق أو‬
‫لبعض اللجن دفع بالفقه إلى التساؤل عن الممارس الحقيقي للسلطة التأديبية ؟‬
‫وبالرجوع إلى التشريعات المقارنة يالحظ بأن السلطة التأديبية تظل حكرا على رئيس‬
‫المقاولة بفرنسا وليس هناك أية مقتضيات قانونية توجب اقتسامها مع الغير ونفس األمر يطبق‬
‫في كل من بلجيكا واسبانيا‪.‬‬
‫أما في المغرب فإن المشرع في الفصل ‪ 4‬من النظام النموذجي (الملغي) كان ينص على‬
‫أنه يتوجب على األجراء االمتثال لرئيسهم المباشر ويجب على المشغل ومساعديه أيا كانت‬
‫مهنتهم التأدب مع األجراء‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫وكل مخالفة مخلة باآلداب وبوجه عام كل خطأ بما في ذلك األخطاء المهنية التي يرتكبها‬
‫األجير يترتب عليها عقوبات تأديبية‪.‬‬
‫وبتحليل هذا الفصل يتضح بأن المشرع لم يحدد بدقة الممارس للسلطة التأديبية حيث‬
‫تركها مشاعة بين الرئيس المباشر والمشغل ومساعديه‪.‬‬
‫وغير خاف ما لذلك من خطورة على حقوق األجراء ذلك أن ترك اتخاذ القرارات التأديبية‬
‫للرؤساء المباشرين (وهم في الغالب أشخاص ال يتوفرون على مستوى معرفي عال وال يملكون‬
‫المؤهالت الكافية إلدراك الغاية من العقوبة التأديبية) يجعل قراراتهم مطبوعة في أغلب األحيان‬
‫بروح االنتقام وتصفية الحسابات ال روح اإلصالح والتهذيب‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مدونة الشغل نجدها تحد قليال من هذا التوسع وذلك بتركيزها على المشغل‬
‫وحده دون مساعديه مثال المادة ‪ 73‬منها التي تنص ‪" :‬يمكن للمشغل اتخاذ إحدى العقوبات‬
‫التأديبية في حق األجير الرتكابه خطأ غير جسيم"‪.‬‬
‫والمادة ‪ 70‬منها التي تنص على أن ‪ :‬يتبع المشغل بشأن العقوبات التأديبية مبدأ التدري ــج‬
‫في العقوبة‪.)...‬‬
‫والمادة ‪ 47‬منها التي جاء فيها "يسلم مقرر العقوبات التأديبية الواردة في المادة ‪ 73‬أعاله‬
‫أو مقرر الفصل إلى األجير المعني باألمر يدا بيد مقابل وصل أو بواسطة رسالة مضمونة مع‬
‫إشعار بالتوصل داخل أجل ثماني وأربعين ساعة من تاري ــخ اتخاذ المقرر المذكور‪.‬‬
‫يقع على عاتق المشغل عبء إثبات وجود مبرر مقبول للفصل كما يقع عليه عبء اإلثبات‬
‫عندما يدعي مغادرة األجير لشغله‪.‬‬
‫وإن كان هذا التصنيف غير كاف خصوصا في الحاالت التي يتم فيها تفويض بعض‬
‫الصالحيات للرؤساء المباشرين األجراء أو مندوبــهم‪.‬‬
‫‪-3‬مكان وزمان ممارسة السلطة التأديبية‪.‬‬
‫إن تحديد زمان ومكان ممارسة السلطة التأديبية يرتبط ارتباطا باألساس الذي تنبني عليه‬
‫هذه السلطة والمتمثل في عالقة التبعية القانونية التي تربط األجير بالمشغل فحيتما وجدت‬
‫هذه العالقة تقوم سلطة المشغل في التأديب وحيثما انتفت زالت تلك السلطة‪.‬‬
‫واألصل أن األجير ال يؤاخذ إال على األفعال التي يرتكبها داخل المقاولة أو خارجها (متى‬
‫كان الشغل التابع الذي كلف بإنجازه يتم خارج أسوار المؤسسة) وخالل أوقات الشغل‪.‬‬
‫أما األفعال ومختلف أنواع السلوك التي يقترفها خارج مكان وزمان الشغل فال يسأل عنها‬
‫وال تعتبر أخطاء تأديبية موجبة للعقاب وإن كان العقاب عنها كخطأ مدني أو جنائي بحسب‬
‫األحوال وفي إطار القانون العام ممكنا‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫فال يمكن للمؤاجر أن يصدر عقوبات تأديبية على األجير بسبب إهماله ألسرته أو تطليقه‬
‫لزوجة أو بسبب معتقداته السياسية أو انتماءاته النقابية‪.‬‬

‫‪ -4‬الخاضعون للسلطة التأديبية‪.‬‬


‫يخضع للسلطة التأديبية لرئيس المقاولة كل األشخاص المنتمين للمؤسسة سوءا أكانوا‬
‫عماال عاديين أو أطر عليا أو مستخدمين وسواء أكانوا يرتبطون بالمقاولة بعقد شغل صحيح أو‬
‫كان عقد شغلهم مشوبا بأحد أسباب البطالن‪.‬‬
‫كما يخضع لها كل األجراء الموجودين في فترة تجربة أو اختبار وكذا األجراء الذين يرتبطون‬
‫بالمقاولة بموجب عقد تمرين أو تعلم للمهنة‪.‬‬
‫بقي أن نشير إلى أن األجراء يظلون خاضعين للسلطة التأديبية حتى خالل مهلة األخطار‬
‫(ألن عقد الشغل خاللها يظل ساري المفعول) مما يفضي إلى إمكانية توقيع جزاءات عليهم‬
‫أثناءها عند ارتكاب أفعال مشكلة ألخطاء مبررة للتأديب‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬القيود الواردة على ممارسة السلطة التأديبية‪.‬‬


‫إن إطالق العنان لسلطان إرادة المشغل في إعمال سلطته التأديبية سيؤدي ال محالة إلى‬
‫األضرار باألجراء وإلحاق األذى بهم‪ ،‬وتجنبا لكل تعسف عملت جل التشريعات المقارنة على‬
‫فرض قيود سابقة (إدارية) على ممارسة هذه السلطة كما أخضعتها لقيود الحقة (قضائية) بعد‬
‫ممارستها‪ .‬وإلبراز أهم مظاهر هذه الرقابة (السابقة والالحقة) ارتأينا تقسيم هذه الفقرة إلى ما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬القيود السابقة على ممارسة المشغل لسلطته التأديبية‪.‬‬
‫أحاط المشرع المغربي في مدونة الشغل توقيع المشغل للجزاءات التأديبية بضمانات‬
‫عدة تكفل حماية األجراء من تعسف المشغل في إعمال سلطته التأديبية نذكر منها ‪:‬‬
‫‪-1‬تحقيق االتهام وضمان حرية الدفاع‪.‬‬
‫حيث خول المشرع لألجير الذي يتعرض للفصل كجزاء تأديبي أو إلحدى العقوبات‬
‫التأديبية األخرى (اإلنذار‪ ،‬التوبيخ‪ ،‬التوقيف عن الشغل مدة ال تتعدى ‪ 0‬أيام‪ -‬النقل إلى مصلحة‬
‫أو مؤسسة أخرى عند االقتضاء) حق الدفاع عن نفسه وذلك باالستماع إليه من طرف المشغل‬
‫شخصيا أو من ينوب عنه بحضور مندوب األجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره‬

‫‪63‬‬
‫األجير بنفسه وذلك خالل أجل ال يتجاوز ثمانية أيام ابتداء من اليوم الذي تبين فيه ارتكاب‬
‫الفعل المنسوب إلى األجير‪.‬‬
‫ويجب تحرير محضر بما راج خالل جلسة االستماع هاته من قبل إدارة المقاولة يوقعه‬
‫األجير والمشغل أو من ينوب عنه وتسلم نسخة منه إلى األجير‪( .‬المادة ‪ 42‬من م‪.‬ش)‪.‬‬
‫ومعلوم أنه ما دام البحث والتقصي جاريا بشأن المخالفة فال يجوز وقف األجير نهائيا عن‬
‫الشغل بل يجب انتظار نتيجة البحث ألن األصل براءة الذمة‪.‬‬
‫إال أنه يجوز إيقاف األجير مؤقتا كإجراء احتياطي –ال كعقوبة تأديبية‪ -‬إذا كانت المخالفة‬
‫المنسوبة إليه تتعلق باألمانة أو الشرف أو كان بقاءه في الشغل يشكل خطرا على المقاولة‪.‬‬
‫هذا ويجب أن يبلغ مقرر العقوبات التأديبية أو مقرر الفصل إلى األجير شخصيا (يدا بيد)‬
‫مقابل وصل أو بواسطة رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل داخل أجل ثماني وأربعين ساعة‬
‫من تاري ــخ اتخاذ القرار‪.‬‬
‫كما أناط المشرع في المادة ‪ 47‬من م‪.‬ش بالمشغل عبء اثبات وجود مسوغ مقبول‬
‫التخاذ القرار التأديبي بالفصل‪.‬‬
‫وتضمين المقرر الموجه أو المسلم لألجير بكل األسباب المبررة التخاذه وكذا تاري ــخ‬
‫االستماع إليه مرفوقا بمحضر جلسة االستماع‪.‬‬
‫كما يجب التنصيص على األجل المخول لألجير (تسعون يوما) لرفع دعوى الفصل أمام‬
‫المحكمة المختصة حتى يتمكن األجير من ممارسة حقه في التقاضي أمام المحكمة داخل‬
‫األجل تفاديا لسقوط حقه (المادة ‪ 40‬من مدونة الشغل)‬
‫ويسمي الفقه هذه الفئات باألجراء المحميين وهم ‪( :‬مناديب األجراء والممثلون النقابيون‬
‫وأطباء الشغل واألجيرة الحامل)‪ .‬والذي استلزم المشرع إلى جانب احترام المقتضيات العامة‬
‫بشأن ممارسة الشغل لسلطته التأديبية ضرورة احترام إجراءات خاصة‪.‬‬
‫‪-2‬احترام اإلجراءات الشكلية الخاصة ببعض فئات األجراء‪.‬‬
‫إذا تعلق األمر بأحد مندوبي األجراء فإن المشرع احتاط كثيرا في شأن توقيع الجزاءات‬
‫التأديبية عليه حماية له من تعسف المشغل الذي يسعي في غالب األحيان إلى التخلص منه أو‬
‫توقيع جزاءات تعسفية أو انتقامية للحد من نشاطه داخل المقاولة‪ ،‬فنص على جملة من‬
‫الضمانات نذكر منها ‪:‬‬
‫‪-‬يجب أن يكون كل مقرر بنقل المندوب أو نائبه من مصلحة إلى أخرى داخل المقاولة أو‬
‫خارجها أو من شغل إلى آخر أو يرمي إلى إيقافه عن شغله أو فصله نهائيا عنه موضوع مقرر‬
‫يوافق عليه العون المكلف بتفتيش الشغل‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫وهذه الحماية ال تنحصر على مندوب األجراء الممارس أو نائبه بل تمتد إلى المرشح لهذا‬
‫المنصب ابتداء من وضع اللوائح االنتخابية داخل المقاولة وتستمر مدة ثالثة أشهر من تاري ــخ‬
‫إعالن نتائج االنتخابات‪.‬‬
‫كما تشمل هذه الحماية قدماء مندوبي األجراء وذلك خالل أجل ستة أشهر من تاري ــخ‬
‫انتهاء انتدابهم إذا كانوا محل توقيع جزاءات تأديبية تهدف إلى نقلهم من مصلحة إلى أخرى أو‬
‫من شغل إلى آخر أو إلى توقيفهم أو إلى فصلهم عن شغلهم (المادة ‪ 100‬من م‪.‬ش)‪.‬‬
‫وهذه الضمانات الشكلية تعتبر من النظام العام ال يمكن توقيع جزاءات على المندوبين‬
‫بدون مراعاتها وذلك تحت طائلة بطالن الجزاء المتخذ واعتبار العقوبة المطبقة بشأنه‬
‫تعسفية‪.‬‬
‫وهذا ما أكده القضاء المغربي ممثال في محكمة النقض في العديد من قراراته نذكر منها‬
‫القرار الصادر بتاري ــخ ‪ 21‬سبتمبر ‪ 2104‬والمنشور بمجلة القضاء والقانوني عدد ‪ 270‬ص ‪:‬‬
‫‪ 272‬والذي جاء فيه "حيث أنه مما ال نزاع فيه أن المطلوب في النقض كان مندوبا للعمال‬
‫ساعة طرده وال يوجد من بين وثائق الملف ما يفيد أن الطاعنة قد أخبرت مفتش الشغل‬
‫باألجراء الذي تنوي اتخاذه ضد المطلوب في النقض‪ ،‬ونتيجة لذلك فإن رسالة الفصل‬
‫الموجهة تعتبر الغية‪ ،‬وبالتالي فإن فصله عن العمل بصفة نهائية يبقى غير مبني على‬
‫أساس‪ ،‬ولم يكن من حق الطاعنة سوى إيقافه عن العمل مؤقتا وإخبار مفتش الشغل‬
‫وانتظار جوابه ومن ثم فإن قضاة االستئناف عندما اعتبروا الفصل تعسفيا قد طبقوا‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 12‬المشار إليه أعاله تطبيقا سلميا ولم يكونوا في حاجة لمناقشة أسباب‬
‫الفصل ما دامت اإلجراءات الشكلية لم تحترم ‪."....‬‬
‫وباستقراء هذا القرار يتضح ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬إن اإلجراءات الشكلية والضمانات المخولة للمندوبين هي من صميم النظام العام يثيرها‬
‫القاضي تلقائيا ولو لم يطلبها الخصوم ويتم البت في شأنها قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر‪.‬‬
‫‪-‬إن رأي مفتش الشغل بالموافقة أو الرفض يظل رأيا استشاريا ال يلزم المشغل وتبقى‬
‫صالحية تقيم الجزاء التأديبي المتخذ بشأن مندوب األجراء من اختصاص القضاء عند وقوع‬
‫النزاع‪.‬‬
‫‪-‬إن الفصل ألسباب اقتصادية أو تقنية أو هيكلية يوجب اتباع مسطرة خاصة تم التنصيص‬
‫عليها في المواد من ‪ 44‬إلى ‪ 32‬من مدونة الشغل‪.‬‬
‫ويترتب عن عدم احترام هذه المسطرة اعتبار هذا الفصل تعسفيا موجبا للتعويض‪ .‬جاء‬
‫في قرار صادر عن محكمة النقض بتاري ــخ ‪ 20‬فبراير ‪ 2107‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض‬
‫العدد ‪ 72‬ص ‪ 14‬أن "لكن حيث أن المحكمة بعد أن ثبت لها أن الفصل تم قبل الحصول‬
‫اإلذن من طرف السلطة المختصة بمنحه (األجير) استنتجت عن صواب ابن الفصل الواقع‬

‫‪65‬‬
‫على تلك الكيفية يعتبر طردا تعسفيا قضاء قرارها مبنيا على أساس قانوني سليم ولم تشطط‬
‫المحكمة في سلطتها مما تكون معه الوسيلة غير ذات أساس"‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القيود الالحقة على ممارسة المشغل لسلطته التأديبية‪.‬‬
‫وتتمثل في الرقابة التي تفرضها المحاكم على الجزاءات والعقوبات التي يوقعها المشغل‬
‫على أجرائه بمناسبة ارتكابهم ألخطاء تأديبية وهذه الرقابة تم التنصيص عليها صراحة بمقتضى‬
‫المادة ‪ 12‬من مدونة الشغل والتي جاء في فقرتها األخيرة " تخضع لمراقبة السلطة القضائية‬
‫القرارات التي يتخذها المشغل في إطار ممارسة سلطته التأديبية"‪.‬‬
‫وهي رقابة تشمل التثبت من وجود الخطأ وتحديد حجم خطورته أوال ومدى تالءم‬
‫العقوبة أو الجزاء الموقع مع جسامة الخطأ المرتكب ثانيا‪.‬‬
‫‪-1‬التثبت من وجود الخطأ و خطورته‪.‬‬
‫إن القضاء ملزم بالتحقق من وجود الخطأ المزعوم ومدى نسبته إلى األجير تم تكييف هذا‬
‫الخطأ وما إذا كان يعتبر جسيما طبقا للمادة ‪ 71‬من مدونة الشغل التي أوردت الئحة بأهم‬
‫األخطاء الجسيمة بنصها ‪:‬‬
‫" تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدي إلى الفصل األخطاء التالية المرتكبة من‬
‫طرف األجير ‪:‬‬
‫‪-‬ارتكاب جنحة ماسة بالشرف أو األمانة أو اآلداب العامة صدر بشأنها حكم نهائي‬
‫وسالب للحرية‪.‬‬
‫‪-‬إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة‪.‬‬
‫‪-‬ارتكاب األفعال التالية داخل المؤسسة أو أثناء الشغل‪.‬‬
‫‪-‬السرقة‪.‬‬
‫‪-‬خيانة األمانة‪.‬‬
‫‪-‬السكر العلني‪.‬‬
‫‪-‬تعاطي مادة مخدرة‪.‬‬
‫‪-‬االعتداء بالضرب‪.‬‬
‫‪-‬السب الفادح‪.‬‬
‫‪-‬رفض إنجاز شغل من اختصاصه عمدا وبدون مبرر‪.‬‬
‫‪-‬التغيب بدون مبرر ألكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم خالل االثنى عشر شهرا‪.‬‬
‫‪-‬إلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أو اآلالت أو المواد األولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح‪.‬‬
‫‪-‬ارتكاب خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل‪.‬‬
‫‪-‬عدم مراعاة التعليمات الالزم اتباعها لحفظ السالمة في الشغل وسالمة المؤسسة‬
‫ترتبت عنها خسارة جسيمة‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫‪-‬التحريض على الفساد‪.‬‬
‫‪-‬استعمال أي نوع من أنواع العنف واالعتداء البدني الموجه ضد أجير أو المشغل أو من‬
‫ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة ويقوم مفتش الشغل في هذه الحالة بمعاينة عرقلة سير‬
‫المؤسسة وتحرير محضر بشأنها‪.‬‬
‫وهذا التعداد الوارد بهذه المادة رغم شمولية وإحاطته بجل األخطاء الممكن تصور وقوعها‬
‫داخل المقاولة فإنه يظل تعدادا واردا على سبيل المثال ال الحصر ويمكن دائما للمشغل أن‬
‫يصف أخطاء أخرى لم يرد ذكرها بهذه المادة بصفة الخطأ الجسيم إذا كانت تستجمع مقومات‬
‫الخطأ الجسيم‪.‬‬
‫ووقوفا بجانب األجير باعتباره الطرف الضعيف في عقد الشغل الفردي فإن القضاء غالبا‬
‫ما يحاول التخفيف من جسامة الخطأ الصادر عن األجير وإعادة تكييفه إلى خطأ يسير أو مجرد‬
‫خطأ عادي إما بسبب أقدميته حيث اعتبر القضاء في فرنسا بأن األجير الذي قضى مدة طويلة‬
‫في خدمة مشغله وكان حسن السلوك وعلي األخالق يعتبر خطأه كقاعدة و على الرغم من‬
‫جسامته مجرد خطأ عادي أو يسير ال يبرر طرده ‪Cass. soc 12 janvier 1967 JC1967 IV‬‬
‫‪26 .‬‬
‫‪ ،Cass soc 30 janvier 1963 JC P 1963 IV 58‬أو بسبب حسن نيته كاألجير الذي يؤدي‬
‫أعماال لمنشأة منافسة اعتقادا منه بحسن نية أنها تتعاون مع المقاولة التي يشتغل بها ‪(Cass‬‬
‫)‪ soc 30 octobre 1962 D1969.49‬أو كان الخطأ المرتكب من طرف األجير بمثابة رد‬
‫فعل في مواجهة تعسف المشغل وعدم تأدبه معه (المادة ‪ 18‬من مدونة الشغل الجديدة)‪.‬‬
‫‪ - 2‬الرقابة القضائية حول المالئمة بين العقوبة والخطأ‬
‫إلى جانب الرقابة التي يمارسها القضاء بشأن وجود الخطأ وخطورته فهو يباشر دورا رقابيا‬
‫أيضا بشأن المالئمة بين الخطأ المرتكب فعال من طرف األجير والعقوبة التي يطبقها المشغل‬
‫عقابا له على هذا الخطأ‪.‬‬
‫والمالحظ بأن القضاء الفرنسي ممثال في محكمة النقض ذهب إلى أنه في حالة وجود‬
‫قائمة بالجزاءات المعينة لكل خطأ بالمقاولة فإن ال مجال ألعمال المشغل السلطة التقديرية في‬
‫توقيع هذا الجزاء دون إمكانية مراقبة‪ ،‬أو مراجعة من طرف القضاء‪.‬‬
‫إال أن هذا االجتهاد ‪-‬في نظرنا‪ -‬ليس صائبا ألن محكمة النقض استندت فيه إلى فكرة‬
‫الشرط الجزائي وهذا االستناد ليس مقنعا ألن قائمة الجزاءات كالنظام الداخلي للمقاولة ال يقوم‬
‫على أساس تعاقدي أو رضائي بل يتم وضعها بإرادة منفردة من طرف المشغل‪.‬‬
‫بقي أن نشير إلى أن الفقه المصري يعارض مبدأ الرقابة القضائية على مدى تناسب الجزاء‬
‫مع خطورة الفعل المرتكب من طرف األجير‪ .‬في حالة وجود الئحة للجزاءات محددة بشكل‬
‫دقيق وجامد وسنده في ذلك أن الالئحة تكون قد خضعت للمراقبة من طرف اإلدارة وتم‬

‫‪67‬‬
‫اعتمادها مما يفترض معه أن اإلدارة قد قامت بواجبها في مراقبة مدى تناسب الجزاء مع حجم‬
‫المخالفة‪.‬‬
‫إال أن هذا الفرض رهين بمدى قيام اإلدارة بتدقيق وفحص الئحة الجزاءات ومراقبة مدى‬
‫مالئمتها مع خطورة األفعال التي تعاقبها وهذا لما ال يتأتى حصوله في الواقع إذ تكاد تكون‬
‫الرقابة اإلدارية هنا مجرد رقابة شكلية‪.‬‬
‫وكيفما كان الحال فإن مراقبة اإلدارة لقوائم الجزاءات واعتمادها ال ينفي على توقيع هذه‬
‫الجزاءات من طرف المشتغل أنها مجرد ممارسة لحق أو سلطة تأديبية والحقوق كما هو معلوم‬
‫يتعين ممارستها في إطار مشروع ودون تعسف‪.‬‬
‫ولذلك فال مجال للحديث عن تفرقة بين حالة التحديد الجامد للجزاءات في القوائم‬
‫وحالة التحديد المرن لها‪ .‬إذ في كلتا الحالتين يكون من حق القضاء ممارسة رقابته حول‬
‫المالئمة بين الخطأ والجزاء‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬التزامات المشغل‪.‬‬
‫يتحمل المشغل بالتزامات متعددة منها ما يتعلق بأداء األجر الذي يعتبر أهم التزام يقع‬
‫على عاتقه وهو عنصر أساسي في عقد الشغل ذاته وبانتفائه يفقد العقد أحد أركانه األساسية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ومنها ما يتعلق بتنفيذ عقد الشغل الفقرة الثانية ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬االلتزام العام بأداء األجر‪.‬‬
‫يعتبر األجر عنصرا أساسيا في عقد الشغل والتزاما جوهريا يقع على عاتق المشغل لفائدة‬
‫األجير والذي يعتمد عليه اعتمادا شبه كلي لتلبية حاجياته وتوفير قوته وقوت عياله‪ ،‬مما يجعله‬
‫في تبعية اقتصادية دائمة في مواجهة المشغل إلى جانب التبعية القانونية‪.‬‬
‫وقد كان تحديد األجر وتنظيمه متروكا لسلطان اإلرادة والتفاق األطراف (إعماال لمبدأ حرية‬
‫التعاقد) إال أن التجربة أظهرت بأن هذا التحديد كان دائما يراعي مصلحة المشغلين على حساب‬
‫مصالح األجراء مما نتج عنه عواقب وخيمة مست آثارها فئات واسعة من المجتمع (الفئات‬
‫العمالية) والتي كانت تشتغل لساعات طويلة في مقابل أجور زهيدة‪.‬‬
‫ولتفادي عواقب هذا الوضع تدخل المشرع في العديد من الدول وعمل على تحقيق نوع‬
‫من التوازن بين مصالح طرفي العقد المتعارضة‪.‬‬
‫وهكذا لم يعد األجر هو مقابل الشغل بل أضحى ذا طابع اجتماعي واقتصادي يراعى في‬
‫تحديده مصلحة األجراء وعائالتهم ومصلحة المقاولة واالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫وسيرا على هذا النحو أعادت مدونة الشغل تنظيم هذا الموضوع في القسم الخامس من‬
‫الكتاب الثاني (المواد ‪ 710‬إلى ‪.)711‬‬
‫وباستقراء األحكام المضمنة بهذه المواد يمكننا بحث هذا الموضوع من خالل أربعة محاور‬
‫كاآلتي ‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫أوال ‪ :‬مفهوم األجر وعناصره أو مكمالته‪.‬‬
‫‪ -2‬مفهوم األجر‪.‬‬
‫يراد باألجر كل ما يدخل في ذمة األجير مقابل الشغل الذي ينجزه لفائدة المشغل تنفيذا‬
‫لعقد الشغل‪ ،‬أو بعبارة أخرى هو ذلك المبلغ النقدي أو العيني الذي يدخل ذمة األجير مقابل‬
‫الشغل الذي يقوم به تنفيذا لعقد الشغل (الفصل ‪ 327‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫ومن خالل هذه التعاريف يتضح بأن ثمة عالقة وثيقة بين أداء األجر وانجاز الشغل فهما‬
‫محالن لعقد الشغل والتزامان يقعان على طرفيه بحيث يعتبر سبب التزام األجير بأداء الشغل‬
‫هو نفسه سبب التزام المشغل بأداء األجر‪.‬‬
‫إال أن هذا التعريف القانوني لألجر رغم دقته وصرامته فهو ال يتسع ليشمل كل االمتيازات‬
‫والمنافع التي يحصل عليها األجير (كالتعويضات العائلية وتعويضات المرض واإلصابة بحوادث‬
‫الشغل وتعويضات العطل المؤدى عنها) والتي ال تستند بالضرورة إلى عقد الشغل بل تقوم على‬
‫اعتبارات إنسانية واجتماعية‪ ،‬رغم أن المبالغ المستحقة عنها تساهم بشكل كبير إلى جانب‬
‫األجر في توفير حاجيات األجير وأسرته‪.‬‬
‫هذا وقد عرفت االتفاقية الدولية رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 2111‬الصادرة عن منظمة العمل الدولية‬
‫األجور بقولها " يقصد بكلمة األجور في هذه االتفاقية بصرف النظر عن طريق حسابها ما‬
‫يقدر نقدا من مرتب أو كسب وتحدد قيمته بالتراضي أو عن طريق القوانين أو اللوائح‬
‫القومية أو يستحق الدفع بموجب عقد خدمة – مكتوب أو غير مكتوب – أبرم بين صاحب‬
‫العمل واألجير نظير عمل أنجز‪ ،‬أو يجري إنجازه أو نظير خدمات قدمت أو يجري تقديمها"‪.‬‬

‫‪ -2‬عناصر األجر أو مكمالته ‪:‬‬


‫عادة ما يحصل األجير بمناسبة تنفيذه لعقد الشغل على مبالغ مالية مختلفة منها ما يعتبر‬
‫أجرا بالمفهوم القانوني ويخضع للحماية التي يوفرها له المشرع كما يدخل في احتساب‬
‫مجموعة من الحقوق واالمتيازات التي يتمتع بها األجير‪ ،‬ومنها ما ال يتصف بصفة األجر وال‬
‫يدخل في احتساب تلك الحقوق والمزايا‪.‬‬
‫ولتمييز األجر (سواء أكان نقديا أو عينيا) عن بعض ملحقاته ارتأينا تناول األنواع اآلتية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬األجر ‪ :‬األجر هو كل ما يدخل ذمة األجير مقابل الشغل الذي يؤديه تنفيذا لعقد الشغل‬
‫وهو إما أن يكون أجرا نقديا أو عينيا‪.‬‬
‫واألجر العيني هو مجموع المزايا العينية (المأكل – الملبس – المسكن) التي تضاف إلى‬
‫األجر النقدي وتعتبر عنصرا من عناصره‪.‬‬
‫لكن تجدر اإلشارة إلى أنه ليست كل المزايا العينية التي تمنح لألجير – ولو بمناسبة إنجاز‬
‫الشغل – تأخذ وصف األجر العيني فالمالبس التي يقدمها المشغل إلجراءه مثال للظهور بمظهر‬

‫‪69‬‬
‫الئق أمام الزبناء تعتبر أداة من أدوات الشغل وليست مزية عينية تدخل في حساب األجر‪.‬‬
‫ويشترط العتبارها كذلك أن تتضمن معنى المقابل عن أداء الشغل وأن يكون المشغل ملزما‬
‫بإعطائها لألجير ال مجرد متبرع بها‪.‬‬
‫وهذا اإللزام إما أن يتحقق باالتفاق بين األجير والمشغل أو بموجب العـرف أو النظام‬
‫الداخلي‪.‬‬
‫ويترتب على اعتبار هذه المزايا العينية أجرا اعتمادها كأساس إلى جانب األجر النقدي عند‬
‫احتساب مجموعة من األداءات المستحقة لألجير (كعالوة األقدمية تطبيقا لمقتضيات ‪707‬‬
‫من مدونة الشغل التي نصت على أنه ‪" :‬يراعي عند احتساب عالوة األقدمية األجر بمعناه‬
‫األساسي وتوابعه‪ "...‬أو مقابل أجل اإلخطار (المادة ‪ 10‬من مدونة الشغل) أو مقابل التعويض‬
‫عن الفصل التعسفي تطبيقا للمادة ‪ 03‬من مدونة الشغل التي نصت على أنه "يعتمد في تقدير‬
‫التعويض عن الفصل من الشغل األجر بمعناه األساسي مع توابعه المبنية أدناه ‪:‬‬
‫‪ -1‬المكافآت والتعويضات المرتبطة بالشغل‪.‬‬
‫‪ -2‬الفوائد العينية‬
‫‪ -3‬العمولة والحلوان"‬
‫ومتى تبثث للمزايا العينية صفة األجر فإن المشغل يكون ملزما بها وال يجوز له حرمان‬
‫األجير منها بإرادته المنفردة أو اإلنقاص منها‪.‬‬
‫إال أن استحقاق هذه المزايا رهين بسريان عقد الشغل؛ أما عند توقفه لسبب ما (المادة ‪72‬‬
‫من مدونة الشغل) فإن األجير يحرم منها – مؤقتا – إلى حين استئناف عقد الشغل لسريانه‪ ،‬ما‬
‫لم ينص القانون أو العقد أو النظام الداخلي للمؤسسة على خالف ذلك (كما في حالة اإلغالق‬
‫المؤقت للمقاالت كجزاء إداري أو قضائي حيث يكون المشغل ملزما بصرف المزايا العينية إلى‬
‫جانب األجر النقدي لألجراء المتوقفين عن الشغل نتيجة هذا اإلغالق الخارج عن إرادتهم‪.)...‬‬
‫أما ع ند انتهاء عقد الشغل فإن المزايا العينية كما األجر النقدي ينتهيان النتهاء أساسهما‬
‫المتمثل في عقد الشغل‪.‬‬
‫ب ‪ :‬المكافأة ‪ : la gratification‬وهي المبلغ المالي الذي يؤديه المشغل لألجير تعبيرا له‬
‫عن رضاه عن الشغل الذي ينجزه أو عن انضباطه وحسن سلوكه ومثابرته في العمل أو عن‬
‫إتقانه وتحسين جودة المصنوعات التي ينتجها وقد تؤدي هذه المكافأة في بعض األحيان‬
‫بمناسبة حدث عائلي خاص باألجير (زواج أو ازدياد مولود‪.)...‬‬
‫والمالحظ أن المشرع لم يتطرق في مدونة الشغل إلى عنصر المكافأة ضمن عناصر األجر‬
‫ولم يعمد إلى تعريفها مما دفع بالفقه والقضاء إلى محاولة وضع ضوابط وأركان بتوفرها تصطبغ‬
‫المكافأة بصفة األجر وتعتبر عنصرا من عناصره‪ .‬ويمكن إجمال هذه األركان في ‪:‬‬
‫‪ ‬الركن المادي ‪ :‬ويتمثل في الديمومة والتحديد والعمومية‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ويقصد بالديمومة أن يكون أداء المكافأة مستمرا ومتكررا بدورية مضبوطة (كمرة في‬
‫السنة‪ ،‬أو بمناسبة عيد معين‪ )...‬وعنصر الدوام واالستمرار هو الذي يجعل األجير معتقدا‬
‫بأحقية في الحصول على هذه المكافأة واقتضاءها‪.‬‬
‫وال يشترط بلوغ عدد معين لتحقق عنصر االستمرار والتكرار بل إن مسألة التأكد من توفر‬
‫هذا العنصر أمر يستقل بتقديره قضاة الموضوع بمناسبة كل نزاع على حدة دون رقابة عليهم‬
‫في ذلك من طرف قضاة محكمة النقض‪.‬‬
‫‪ -‬أما التحديد فيراد به أن تكون هذه المكافأة محددة في مبلغها وصنفها (كأداء قدر معين‬
‫من النقود أو منح سلع ومواد غذائية بمناسبة حلول شهر رمضان كل سنة‪.)...‬‬
‫وال ينفي عن المكافأة صفة التحديد أن يزاد في قدرها لكن اإلنقاص منه أو عدم أداءها‬
‫بكيفية دورية ومنتظمة هو الذي يؤدي إلى إضفاء صفة التذبذب عليها ويجعل األجير غير‬
‫معتقد بأحقيته في الحصول عليها كما يؤكد على حرية المشغل في أدائها لألجير أو حرمانه منها‪.‬‬
‫جاء في قرار صادر عن الغرفة االجتماعية لمحكمة االستئناف لمدينة الدار البيضاء تحت‬
‫عدد ‪ 04‬بتاري ــخ ‪ 27‬يناير ‪ 2101‬في الملف االجتماعي عدد ‪.133/2107‬‬
‫"وحيث باالطالع على الخبرة تتأكد أسبقية منح األجير المكافأة عن سنوات ‪-30-31-37‬‬
‫‪ 34‬وبمبالغ تصاعدية وهو أمر لم تنكره المشغلة مما يفيد قناعة أطراف العالقة الشغلية بأدائها‬
‫واعتبارها من مكمالت األجر‪ ،‬وهي بالفعل تتولد إذن عن عرف قار بالمؤسسة يتمثل في شقيه‬
‫المادي من تحديد وديمومة والمعنوي من عدم امتناع الشركة سابقا عن هذا األداء إال عندما‬
‫غادر األجير العمل"‪.‬‬
‫‪ -‬أما عنصر العمومية فيتحقق بأداء المكافأة لكل األجراء أو الغالبية منهم على األقل‪ ،‬أما‬
‫األداء الشخصي ألجراء معينين فال يضفي عليها صفة المكافأة‪ ،‬وصفة العمومية هاته تجعل‬
‫المكافأة تعتمد على أساس موضوعي يهم كل األجراء ال على أساس شخصي خاص بأحدهم‪.‬‬
‫‪ ‬الركن المعنوي ‪ :‬ويكمن في إحساس األجراء بأن هذه المكافأة حق لهم والتزام يقع‬
‫على عاتق المشغل‪.‬‬
‫وبتحقق هذا الركن تتحول واقعة االعتياد على أداء المكافأة إلى عرف قار مؤداه ضرورة‬
‫اتباع المشغل لهذا السلوك‪.‬‬
‫ويمكن أن يتم التنصيص على هذا اإللزام في عقد الشغل الفردي أو بمقتضى اتفاقية‬
‫جماعية أو في النظام الداخلي للمقاولة‪.‬‬
‫ج‪ -‬المشاركة في األرباح ‪ :‬قد يحدث أحيانا بغرض تحقيق معدالت مرتفعة لإلنتاج أو‬
‫الجودة أن يعمد المشغل إلى جعل أجر أجرائه عبارة عن نسبة من األرباح التي تحققها‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫وال يعتبر االشتراك في األرباح الذي يمنح لألجراء وحده كافيا إلضفاء صفة شريك عليهم‪،‬‬
‫ألن ما يحصلون عليه من أرباح يكون ناتجا عن أداء الشغل الذي كلفوا بإنجازه‪ .‬كما أن تكييف‬
‫العالقة وإعطائها صفة عقد شركة يقتضى توافر شروط معينة أهمها ‪ :‬نية المشاركة واقتسام‬
‫األرباح والخسائر واستقالل كل شريك وهي عناصر ال تتوفر بالنسبة لهؤالء األجراء الذين ليست‬
‫لهم أية نية في المشاركة وال يتحملون خسائر المؤسسة كما يعدون تابعين لرئيس المؤسسة‬
‫ويخضعون لسلطته في اإلشراف والتوجيه وإصدار األوامر مما ينفي عنهم أية استقاللية‪.‬‬
‫هذا وغالبا ما تكون هذه النسبة من األرباح أجرا إضافيا إلى جانب األجر األصلي الثابت‬
‫وإن كان المشرع المغربي ال يرى مانعا في أن تكون هذه األرباح وحدها هي األجر الممنوح طبقا‬
‫لمقتضيات المادة ‪ 701‬من مدونة الشغل التي تنص على أنه " إذا كان األجير يتقاضى أجره‬
‫كله أو بعضه على أساس النسبة المئوية من األرباح"‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الواقع العملي نالحظ بأن نسبة مشاركة األجراء في أرباح المؤسسات تظل‬
‫ضئيلة بالنظر للصعوبات والعراقيل المتمثلة في عدم رغبة المشغلين في اطالع األجراء على‬
‫النسب الحقيقية لألرباح التي تحققها المؤسسة باإلضافة إلى جنوح البعض إلخفاء هذه النسب‬
‫على األجراء ومصالح الضرائب معا‪.‬‬
‫ح ‪ :‬المنحة ‪ : la prime‬وهي عبارة عن مبلغ مالي يمنح لألجير العتبارات مختلفة‬
‫ومتنوعة وتكتسي طابع االستقرار ومن أنواع المنح التي دأبت بعض المؤسسات على منحها‬
‫لألجراء نذكر ‪:‬‬
‫‪ -‬منحة النقل ‪ :‬وهي التي تكون عبارة عن مبالغ مرجعة يتم صرفها لألجير كتعويض عن‬
‫تنقالت سابقة بمناسبة أداء الشغل وهي بهذا المعنى ليست من قبيل األجر ألنها ليست مقابل‬
‫جهد أو شغل وإنما هي مجرد تعويض عن نفقة أو خسارة‪.‬‬
‫‪ -‬منحة المخاطر أو نوع الشغل ‪ :‬وهي تمنح لألجراء الذين يشتغلون في مهن خطرة أو في‬
‫أماكن مظلمة (مناجم – مقالع باطنية‪ )...‬أو في ظروف بيئية مضرة بصحة األجراء‪.‬‬
‫‪ -‬منحة الخزينة أو الصندوق ‪ :‬وهي تمنح عادة لألجراء الذين يكلفون بمسك الحسابات‬
‫المالية وصناديق األداء واالستخالص لبعض المؤسسات البنكية أو الفندقية أو المحالت‬
‫التجارية‪.‬‬
‫‪ -‬منحة االنتاجية ‪ :‬وهي تمنح لبعض األجراء الذين يحققون نسبا مرتفعة في اإلنتاج أو‬
‫إنقاصا في التكاليف والخسائر (كالمنح التي تمنحها مؤسسات النقل لألجراء على اقتصاد الوقود‬
‫أو ضبط المواعيد أو تجنب حوادث السير أو المحافظة على تجهيزات الحافالت)‪.‬‬
‫والقاعدة أن المنحة ليست إال تبرعا وعطاء يتفضل به المشغل على بعض أجراءه و هو حر‬
‫في منحها أو منعها وفي تحديد قدرها‪ .‬وال تخضع لوصف األجر ما لم تكن مستندة إلى بند في‬

‫‪72‬‬
‫عقد الشغل الفردي أو اتفاقية الشغل الجماعية أو متضمنة في النظام الداخلي للمؤسسة أو‬
‫قائمة على أساس عرف قار اكتسبت معه صفة االعتياد واالعتقاد بإلزاميتها‪.‬‬
‫د‪ -‬عالوة األقدمية ‪ :‬وهي عبارة عن مبلغ مالي يحصل عليه األجير يتناسب مع الفترة التي‬
‫قضاها في خدمة مشغله‪ .‬تثمينا له على إخالصه وتفانيه في العمل وتحفيزا له على االستقرار‬
‫في الشغل‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع المغربي غير من تسمية هذا العنصر من عناصر األجر من اسم‬
‫منحة (الوارد في كل من الفصل الثامن من النظام النموذجي الصادر بتاري ــخ ‪ 27‬أكتوبر ‪2110‬‬
‫والفصل السادس من ظهير ‪ 21‬يناير ‪ 2107‬المتعلق بحساب وأداء األجر‪ ،‬والفصل ‪ 12‬من‬
‫ظهير ‪ 21‬أبريل ‪ 2137‬المتعلق بتحديد شروط تشغيل المأجورين في الميدان الفالحي وأداء‬
‫أجورهم) إلى تسمية عالوة (المواد ‪ 708‬ما يليها من مدونة الشغل) وهي تسمية تعرف انتشارا‬
‫وتداوال لدى الفقه والتشري ــع المصري‪.‬‬
‫وباستقراء هذه المواد يتضح بأن مجال تطبيق هذه العالوة واسع ويشمل كل األجراء‬
‫(عمال ومستخدمين) الذين يخضعون لعالقة شغل تابع ومأجور سواء أكانوا يشتغلون في‬
‫الميدان الفالحي أو الصناعي أو التجاري أو الحر وسواء أكانوا يتقاضون أجورهم بالشهر أو‬
‫األسبوع أو اليوم أو الساعة‪.‬‬
‫كما أن أحكام هذه العالوة تعد من النظام العام بحيث ال يمكن االتفاق على حرمان األجير‬
‫منها أو اإلنقاص من مبلغها المحدد وفقا للمادة ‪ 708‬من مدونة الشغل‪ ،‬وإن كان االتفاق على‬
‫الزيادة في قدرها أو اإلنقاص من المدة الزمنية المتطلبة الستحقاقها أمرا ممكنا لما فيه من‬
‫مصلحة لألجراء متى تم التنصيص على ذلك بمقتضى عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية‬
‫أو النظام الداخلي للمؤسسة‪.‬‬
‫طريقة احتساب عالوة األقدمية‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 708‬من مدونة الشغل على طريقة احتساب عالوة األقدمية بقولها يجب‬
‫أن يستفيد كل أجير ما لم يحتسب له األجر على أساس األقدمية بموجب بند من بنود عقد‬
‫الشغل أو نظام داخلي أو اتفاقية شغل جماعية من عالوة األقدمية تحدد نسبها على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫‪ %5‬من األجر المؤدى له بعد قضائه سنتين في الشغل‪.‬‬
‫‪ %10‬من األجر المؤدى له بعد قضائه خمس سنوات في الشغل‪.‬‬
‫‪ %15‬من األجر المؤدى له بعد قضائه اثني عشر سنة في الشغل‪.‬‬
‫‪ %20‬من األجر المؤدى له بعد قضائه عشرين سنة في الشغل‪.‬‬
‫‪ %25‬من األجر المؤدى له بعد قضائه خمس وعشرون سنة في الشغل‪.‬‬
‫وباستقراء هذه المادة يمكننا استنباط القواعد واألحكام اآلتية ‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬إن هذا التحديد للنسب يعتبر حدا أدنى ال يجوز النزول عنه وكل اتفاق مخالف يعتبر‬
‫عديم األثر ما لم يكن متضمنا للزيادة في قدرها أو اإلنقاص من الفترة الزمنية المتطلبة‬
‫الستحقاقها‪.‬‬
‫‪ -‬إن االشتغال لمدة تقل عن سنتين عند نفس المشغل ال تخول الحق في الحصول على‬
‫عالوة األقدمية‪.‬‬
‫‪ -‬إن قضاء فترة سنتين كاملة تخول األجير حق االستفادة من عالوة أقدمية تقدر بنسبة‬
‫‪ %5‬من األجرة الفعلية التي يحصل عليها وترتفع هذه النسبة إلى ‪ %25‬بقضائه في الشغل مدة‬
‫خمسة وعشرين سنة‪.‬‬
‫‪ -‬إن استحقاق األجير لعالوة األقدمية يستلزم إلى جانب قضاء الفترة المحددة قانونا أن‬
‫يتم االشتغال عند نفس المشغل ألن هذه العالوة تعد مقابال إلخالص األجير وتفانيه وتشجيعا‬
‫له على االستقرار في شغله‪.‬‬
‫غير أن هذا المقتضى ليس من النظام العام ألنه يمكن دائما أن يتم االتفاق بين المشغلين‬
‫على منح عالوة األقدمية بناء على احتساب مجموع المدد التي قضاها األجير في الشغل داخل‬
‫مقاوالت متعددة‪.‬‬
‫‪ -‬يمكن أ ن تكون فترات الشغل المشار إليها في المادة السابقة والتي على أساسها يتم‬
‫احتساب مبلغ عالوة األقدمية متصلة أو غير متصلة في نفس المؤسسة أو لدى نفس المشغل‪.‬‬
‫‪ -‬إن فترة الشغل المعتبرة لمنح عالوة األقدمية ال يمكن أن تسقط من حسابها مختلف‬
‫فترات توقف عقد الشغل الواردة في المادة ‪ 72‬من مدونة الشغل (كالفترة الممنوحة لألجير‬
‫ألداء الخدمة العسكرية اإلجبارية أو التغيب الناتج عن المـرض أو اإلصابة التي يثبتها طبيب إثباتا‬
‫قانونيا أو إجازة الوضع المنصوص على أحكامها في المادتين ‪ 204-201‬أو فترة العجز المؤقت‬
‫الناتج عن حادثة شغل أو مرض مهني‪ ،‬أو خالل فترات التغيب المنصوص عليها في المواد‬
‫‪ 233-230-231‬من مدونة الشغل‪ ،‬أو خالل توقف عقد الشغل بسبب اإلضراب أو اإلغالق‬
‫القانوني المؤقت للمقاولة‪.‬‬
‫وكذا خالل فترة العطلة السنوية المؤدى عنها وخالل فترة االنقطاع المؤقت عن الشغل‬
‫بسبب توقف المقاولة كلي ا أو جزئيا بفعل قوة قاهرة (زلزال‪ ،‬فيضان‪ ،‬حرب) أو أثناء توقف التيار‬
‫الكهربائي أو تخفيض أو خصاص في الـمواد األوليـة أو خالل فترة اإلغالق المؤقت للمقاولة‬
‫بسبب قوة قاهرة أو بمقتضى حكم قضائي أو بموجب قرار إداري (المادة ‪ 702‬من مدونة‬
‫الشغل)‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع قد استعرض جل حاالت التوقف الممكنة والتي ال تأثير لها على‬
‫الفترة الالزمة لمنح عالوة األقدمية وذلك حماية لألجراء الذين يضطرون إلى التوقف عن الشغل‬
‫ألسباب خارجة عن إرادتهم‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -‬إن األجر المعتبر عند حساب عالوة األقدمية هو األجر بمعناه األساسي وكذا توابعه‬
‫والزيادات المستحقة عن الساعات اإلضافية‪.‬‬
‫‪ -‬وال يدخل في حساب هذا األجر (مختلف التعويضات العائلية)‪ .‬وكذا الحلوان ما لم‬
‫يتعلق األمر باألجراء الذين تقتصر أجورهم عليه‪.‬‬
‫‪ -‬وكذا المكافآت التي تمنح إما على أقساط وإما دفعة واحدة في نهاية السنـة أو في نهاية‬
‫السنة المالية بما فيها المكافآت المقدرة على أساس نسبة مئوية من أرباح المقاولة أو من رقم‬
‫معامالتها‪.‬‬
‫‪ -‬وكذا المساهمات في األرباح وكل تبرع يتسم بطابع االحتمال وال يمكن توقعه ما لم‬
‫يوجد ما يخالف ذلك في عقد الشغل أو اتفاقية للشغل الجماعية أو النظام الداخلي‪.‬‬
‫‪ -‬وكذا مختلف التعويضات أو المنح التي تؤدى لألجراء والمتعلقة باسترداد مصاريف أو‬
‫نفقات سبق أن تحملها األجير بسبب شغله (تعويضات النقل مثـال‪ )...‬أو تعويض عن المسؤولية‬
‫أو عن إنجازه ألشغال خطرة أو متعبة أو التعويض الممنوح لألجير عند حلوله بصفة مؤقتة محل‬
‫أجير آخر في منصب من فئة أعلى من فئته أو عند إنجازه لشغل مؤقت في منصب من‬
‫المناصب التي تتطلب شغال استثنائيا‪.‬‬
‫‪ -‬إن احتساب عالوة األقدمية بعد مرور فترة خمس سنوات من الشغل يتم اعتمادا على‬
‫األجر الذي يتقاضاه األجير مضافا إليه عالوة األقدمية األولى (‪ )%0‬التي حصل عليها األجير بعد‬
‫مرور فترة سنتين من اشتغاله وهكذا‪.‬‬
‫إن احتساب عالوة األقدمية بالنسبة لألجراء الذين يتقاضون أجورهم على أساس نسبة‬
‫مئوية من األرباح أو على أساس العمولة أو المردودية أو القطعة يتم باالستناد إلى معدل األجر‬
‫الصافي الذي حصل عليه األجير خالل الثالثة أشهر السابقة لتاري ــخ استحقاق هذه العالوة‪.‬‬
‫هذا وتعتبر عالوة األقدمية عنصرا من عناصر األجر ويجب أداءها وفقا لنفس الشروط‬
‫التي يؤدي بها األجر (المادة ‪.)700‬‬
‫ر‪-‬العمولة ‪ : La commission‬عبارة عن مبلغ مالي يحصل عليه الوسيط أو الممثل‬
‫التجاري أو الصناعي مقابل الجهد الذي يبذله في الحصول على صفقات لحساب مشغله‪.‬‬
‫وهي إما أن تضاف إلى أجر تابت يتقاضاه األجير وأما أن تشكل أجره الوحيد (المادة ‪ 701‬م‪.‬ش)‪.‬‬
‫والمالحظ أن المشرع المغربي قد تجاوز الجدل الفقهي القديم الذي كان يعتبر الوسطاء‬
‫والممثلين التجاريين والصناعيين وكالء ال أجراء وحسم األمر باعتبار هذه العالقة عالقة شغل‬
‫خاضعة لمقتضيات مدونة الشغل متى كانت عالقة التبعية متوفرة تطبيقا لمقتضيات المادة‬
‫‪ 31‬منها و التي نصت على أنه ‪":‬يعد عقد شغل كل عقد يكون التمثيل التجاري والصناعي‬
‫محال له أيا كان الوصف الذي أعطى له والمبرم بين الوكيل المتجول أو الممثل أو الوسيط‬

‫‪75‬‬
‫مهما كانت صفته وبين مشغله في الصناعة أو التجارة‪ ،‬سواء نص العقد صراحة على ذلك أم‬
‫سكت عنه في األحوال التي يكون فيها الوكيل المتجول أو الممثل أو الوسيط‪.‬‬
‫‪-‬يعمل لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين‪.‬‬
‫‪-‬يمارس فعليا مهنته وحدها بصفة مستمرة‪.‬‬
‫‪-‬مرتبطا بمشغله بالتزامات تحدد طبيعة التمثيل التجاري أو الصناعي أو الخدمات أو‬
‫البضائع المعروضة للبيع أو للشراء والجهة التي يجب أن يمارس فيها نشاطه أو فئات الزبناء‬
‫التي كلف بالتعامل معها ونسبة األداءات المستحقة له‪.)...‬‬
‫والعمولة تستحق لألجير عند إتمام الصفقة أو بمجرد بذله مجهود ومساعي كانت السبب‬
‫في إبرامها حتى ولو انتهى عقد الشغل قبل إتمام هذا اإلبرام‪.‬‬
‫ز‪-‬الحلوان أو البوفوار ‪ : Le pour boire‬أو الوهبة أو البقشيش في التعبير المصري )‬
‫هو عبارة عن مبلغ مالي يحصل عليه األجير من الزبناء مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عن طريق‬
‫المشغل الذي يتولى تحصيله منهم لحساب أجراءه‪.‬‬
‫واألصل أن الحلوان كان اختياريا في بداية ظهوره وال يلزم الزبون بتقديمه لألجير وإنما هو‬
‫محض تبرع يعبر من خالله الزبون عن رضاه عن الخدمة المقدمة له‪.‬‬
‫لكن مع استقرار الحلوان وانتشاره في بعض المؤسسات (وخاصة الفندقية‪-‬ودور السينما‬
‫والمقاهي والمطاعم) بدأ االعتقاد يسود بإلزاميته مما دفع بالمشغلون إلى إدخاله في االعتبار‬
‫عند تحديد أجور األجراء بل واقتطاعه أحيانا مباشرة من الزبناء مع اإلشارة إلى طبيعته في‬
‫فاتورة األداء‪.‬‬
‫ونتيجة لهذا التطور وحماية لحقوق األجراء من كل تحايل تدخل المشرع المغربي وخص‬
‫هذا العنصر من عناصر األجر بتنظيم خاص وذلك في الباب الثالث من القسم الخامس من‬
‫الكتاب الثاني المتعلق بشروط الشغل وأجر األجير‪.‬‬
‫وباستقراء المواد ‪ 702- 734‬المنظمة له يمكننا إيراد أهم األحكام اآلتية ‪:‬‬
‫‪-‬يشترط العتبار الحلوان جزءا من األجر توفر شرطين أساسيين ‪:‬‬
‫أولهما أن يستند إلى عرف قار وهذا األخير يستلزم توافر ركنين ‪:‬‬
‫‪ -‬ركن مادي ‪ :‬ويتمثل في تكرار أداء الحلوان واستقراره على نحو منتظم‪.‬‬
‫‪ -‬ركن معنوي ‪:‬يكمن في سيادة االعتقاد لدى الزبون بإلزاميته‪.‬‬
‫و ثانيهما أن يتم أخذه بعين االعتبار عند االتفاق على تحديد األجر‪.‬‬
‫و الحلوان إما أن يضاف إلى أجر ثابت‪ ،‬وإما أن يتم االقتصار عليه وحده كأجر أساسي‪،‬‬
‫وفي هذه الحالة األخيرة إذا كان مقدار الحلوان دون الحد األدنى القانوني لألجر فيجب على‬
‫المشغل أن يؤدي القسط المكمل للحد األدنى القانوني لألجر‪ ،‬وإذا لم تصل مجموع المبالغ‬

‫‪76‬‬
‫المحصلة من الزبناء برسم الحلوان إلى األجر المتفق عليه مع المشغل وجب على هذا األخير أن‬
‫يدفع لألجير القسط المكمل لهذا األجر (المادة ‪ 730‬م‪.‬ش)‪.‬‬
‫إن المبالغ المحصلة برسم الحلوان سواء تم جمعها من طرف األجراء مباشرة أو من طرف‬
‫المشغل يجب أن تؤدى بكاملها إلى جميع األجراء الذي يشتغلون باتصال مباشر مع الزبناء‬
‫ويمنع على المشغل أن يحتفظ لنفسه بأي جزء من هذه المبالغ‪.‬‬
‫‪-‬الحلوان باعتباره عنصرا من عناصر األجر يخضع في أدائه وتوزيعه لنفس الشروط‬
‫المتعلقة بأداء األجور (المادة ‪ 733‬م‪.‬ش)‪.‬‬
‫‪ -‬إن المبالغ المحصلة برسم الحلوان تدخل في حساب مجموعة من األداءات المختلفة‪:‬‬
‫(كواجب االنخراط في الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪ .‬ومبلغ التعويض عن الفصل‬
‫ومهلة االخطار (المادة ‪ 03‬م‪.‬ش والتعويض الممنوح لضحايا حوادث الشغل واألمراض المهنية‬
‫والتعويض عن العطلة السنوية المؤدى عنها)‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الحد األدنى لألجر‪.‬‬
‫كان لسيادة المذهب الفردي الحر وإعطاء سلطان اإلرادة مجاال واسعا لتحديد شروط‬
‫العقد أوخم العواقب على األجراء وعلى أجورهم التي كانت تحدد استنادا إلى حرية إرادة‬
‫الطرفين و إلى قوانين السوق المبنية على منطق العرض والطلب‪.‬‬
‫وألن المشغلين كانوا في مركز قوي فإن هذا التحديد كان دائما في صالحهم ضدا على‬
‫مصالح عموم األجراء الذين كانوا يضطرون تحت ضغط الحاجة إلى لقمة العيش للقبول‬
‫بشروط العقد المجحفة وأجوره الهزيلة‪.‬‬
‫ونتيجة لعوامل متعددة (تزايد أعداد األجراء وتكثلهم وانتظامهم في نقابات عمالية ولجوء‬
‫هذه األخيرة إلى خوض اإلضرابات العامة وإلى المطالبة بتحسين شروط الشغل وظروفه‪،‬‬
‫وظهور المذهب االجتماعي المناهض لمذهب الحرية الفردية) وحفاظا على توازن العالقات‬
‫المصالح داخل المجتمعات الغربية‪ ،‬ووقوفا بجانب الفئات العمالية المستغلة‪ ،‬اتجهت جل‬
‫التشريعات المقارنة إلى التدخل للحد من الحرية الفردية في وضع شروط العقد وتحديد األجر‬
‫الذي يعتبر أهم عنصر من عناصره‪.‬‬
‫وهكذا برزت فكرة وضع حد أدنى لألجور يحفظ لألجير كرامته ويضمن له مستوى الئق‬
‫من العيش‪ .‬كما تم ربط مبلغ األجور بمستوى األسعار ارتفاعا وانخفاضا باإلضافة إلى إقرار‬
‫مجموعة من االمتيازات والتعويضات المكملة لألجر‪.‬‬
‫وفي مغ رب ما قبل الحماية كان مبدأ سلطان اإلرادة هو السائد في وضع شروط العقد‬
‫وتحديد األجر‪ ،‬وكانت القواعد واألحكام المطبقة تجد أصولها في كتب الفقه اإلسالمي عموما‬
‫ومذهب إمام المدينة ومحدثها األكبر مالك بن أنس بن عامر األصباحي أساسا‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ورغم دخول الحماية إلى المغرب وإصدارها لظهير ‪ 22‬غشت ‪ 2127‬وتضمينه لمجموعة‬
‫من الفصول والمقتضيات المتعلقة بإجارة الخدمة أو العمل فإن فكرة تحديد الحد األدنى لألجر‬
‫لم تر النور مما مكن المشغلون (وخاصة الفرنسيين األجانب) من إعمال سلطان إرادتهم في‬
‫تحديد األجور التي كانت هزيلة وال تكفي بالكاد لسد الرمق‪.‬‬
‫وبحلول سنة ‪ 2174‬ونتيجة لظروف األزمة االقتصادية العالمية لسنة ‪ 2121‬واالنهزامات‬
‫المتتالية لفرنسا وانهيار األوضاع االقتصادية واالجتماعية بالمغرب‪ ،‬وصعود الجبهة الشعبية‬
‫ذات التوجهات اليسارية للحكم بفرنسا‪ ،‬بادرت سلطات اإلقامة العامة الفرنسية بإصدار قانون‬
‫‪ 20‬يونيو ‪ 2174‬الذي ينص على تعيين حد أدنى لألجر اليومي في أربــع فرنكات في كل التراب‬
‫المغربي الخاضع للحماية الفرنسية‪ ،‬وذلك في القطاعات التجارية والصناعية والمهن الحرة‪.‬‬
‫ونتيجة للضغوط التي مارسها المشغلون الفرنسيون واألجانب بالمغرب تم تعديل هذا‬
‫الظهير بموجب قرار صادر عن السكرتارية العامة بتاري ــخ ‪ 24‬أكتوبر ‪ ،2173‬يقضي بتقسيم‬
‫المغرب إلى ثالثة مناطق لكل منها حدها األدنى من األجر‪.‬‬
‫وقد تم تعديل هذا القرار بقرار آخر صادر بتاري ــخ ‪ 27‬يونيو ‪ 2170‬يقضي بإعادة التقسيم‬
‫مع إضافة منطقة رابعة‪.‬‬
‫كما ميز هذا القرار األخير بين األجر الممنوح للرجال و نظيره الذي تتقاضاه النساء‪.‬‬
‫وقد جاء تحديد األجر في هذه المناطق كاآلتي ‪:‬‬
‫‪ -2‬منطقة درعة الرجال ‪ 0‬فرنكات والنساء ‪ 7‬فرنكات في اليوم‪.‬‬
‫‪ -2‬منطقة تافياللت واألطلس المتوسط ‪ :‬ورززات‪ ،‬أكادير الرجال ‪ 5,20‬فرنكا والنساء‬
‫‪ 3,60‬فرنكا‪.‬‬
‫‪ -7‬مراكش باستثناء منطقة ورزازات وأكادير والجديدة وآسفي الرجال ‪ 5,60 :‬فرنكا‬
‫والنساء ‪ 3,60‬فرنكا‪.‬‬
‫‪ -1‬منطقة الدار البيضاء‪ ،‬فاس‪ ،‬مكناس وجدة الرباط والقنيطرة وتازة الرجال ‪ 4‬فرنكات‬
‫والنساء ‪ 1‬فرنكات في اليوم‪.‬‬
‫هذا وقد خضع هذا القرار لتعديالت متتالية وظل العمل ساريا به إلى أن صدر مرسوم ‪20‬‬
‫يناير ‪ 2132‬والذي وحد مبلغ الحد األدنى في كل التراب الوطني وألغى التميز القائم بين مناطق‬
‫المغرب‪.‬‬
‫وجدير ذكره أن فكرة الحد األدنى لألجر لم تكن تشمل المجال الفالحي الذي يعرف‬
‫تشغيل نسبة كبيرة من األجراء المغاربة‪ ،‬ولم يتم إخضاع هذا المجال لهذا التحديد إال في سنة‬
‫‪( 2101‬أي قبل سنتين من حصول المغرب على استقالله السياسي) مما يدل على أن سلطات‬
‫الحماية لم تكن تستهدف بتنظيمها للحد األدنى لألجر حماية األجراء المغاربة أو ضمان حدود‬

‫‪78‬‬
‫دنيا ألجور "األهالي" بقدر ما كان هذا التحديد خاصا باألجراء الفرنسيين واألجانب المشتغلين‬
‫بالمغرب‪.‬‬
‫وبصدور مدونة الشغل تم تنظيم هذا الموضوع في المواد ‪ 704‬و ‪ 742‬منها‪ ،‬حيث عرفت‬
‫المادة ‪ 700‬الحد األدنى لألجر بأنه القيمة الدنيا المستحقة لألجير والذي يضمن لألجراء ذوي‬
‫الدخل الضعيف قدره شرائية مناسبة لمسايرة تطور مستوى األسعار والمساهمة في التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية وتطوير المقاولة‪.‬‬
‫واعتبرت المادة ‪ 748‬من م‪.‬ش المقتضيات المنظمة له من النظام العام ال يمكن االتفاق‬
‫على مخالفتها كما رتبت البطالن بقوة القانون لكل اتفاق سواء كان فرديا (بموجب عقد الشغل‬
‫الفردي) أو جماعيا (بموجب اتفاقية جماعية للشغل) يرمي إلى تخفيض األجر إلى ما دون الحد‬
‫األدنى المقرر قانونا‪.‬‬
‫كما أيدت المادة ‪ 742‬منها هذه القواعد بجزاءات جنائية يتعين تطبيقها حالة إخالل‬
‫المشغل بأحكام وقواعد الحد األدنى لألجر‪.‬‬
‫وإجماال فإن فكرة الحد األدنى لألجر أصبحت حقيقة تشريعية واقتصادية واجتماعية في‬
‫جل الدول المتقدمة‪ ،‬كما غدت مطلبا ملحا وجوهريا للنقابات العمالية‪ ،‬بهدف ضمان أجور‬
‫عادلة لألجراء تضمن لهم مستوى من المعيشة يحفظ كرامتهم ويقيهم تقلبات األسعار وغالء‬
‫المعيشة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أداء األجر‬


‫إن البحث في أداء األجر يقتضي بيان النقط اآلتية ‪:‬‬
‫‪-1‬وسيلة أداء األجر ‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 742‬من مدونة الشغل على وجوب أداء األجر بالعملة المغربية المتداولة‬
‫قانونا‪ ،‬واعتبرت هذا المقتضى من النظام العام ال يمكن االتفاق على مخالفته‪.‬‬
‫مما يستبعد معه كل أداء ألجور األجراء أو المستخدمين بعملة أجنبية أو بنقود ال تتمتع‬
‫بحق الرواج القانوني بالمغرب‪.‬‬
‫لكن يتار تساؤل حول مدى إمكانية أداء أجور األجراء بواسطة شيكات بنكية أو بريدية من‬
‫عدمه ؟‬
‫يرى جانب الفقه المغربي (موسى عبود ومحمد سعيد بناني) بأن بطالن شرط األداء‬
‫بالعمالت األجنبية ال يجب أن بفهم منه بطالن اتفاق الطرفين على أداء األجر بواسطة الشيكات‬
‫أو الحواالت ا لبريدية أو بأية وسيلة أخرى يمكن معها لألجير أن يتقاضى أجره كامال‪ ،‬أما إذا‬
‫عارض األجير أو أصر على الحصول على أجره نقدا وبصفة مباشرة فال يمكن للمشغل إلزامه‬
‫بتلك الوسائل وكل اتفاق على خالف ذلك يعتبر باطال وعديم األثر‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫‪ -2‬كيفية أداء األجر أو طريقته ‪:‬‬
‫يقتضي توضيح هذه الكيفية بيان مكان أداء األجر وزمانه ودوريته‪.‬‬
‫أ‪ -‬مكان أداء األجر ‪ :‬لم يعمد قانون مدونة الشغل إلى تحديد مكان خاص ألداء أجور‬
‫األجراء بل ترك أمر ذلك التحديد للمشغلين‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 741‬من م‪.‬ش التي تنص على أنه يجب الشروع في عملية أداء األجور‬
‫ابت داء من الساعة المعلن عنها في الملصق المنصوص عليه في المادة ‪ 740‬أعاله وإتمامها بعد‬
‫الساعة التي حددت النتهاء شغل األجير بثالثين دقيقة على األكثر نستنتج بأن هذا األداء يجب‬
‫أن يتم في أماكن الشغل وأن ال يقع إجبار األجراء على التنقل لمسافات بعيدة للحصول على‬
‫أجورهم‪.‬‬
‫كما أن المشرع المغربي سبق له في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 0‬من ظهير ‪ 21‬يناير‬
‫‪( 2107‬الملغى) أن منع صراحة أن يتم هذا األداء لألجور في محالت لبيع الخمور أو المشروبات‬
‫الكحولية ما لم يتعلق األمر بأجور ومستحقات أجراء هذه المحالت ذاتها‪.‬‬
‫ب ‪ :‬زمان أداء األجور ‪ :‬نصت المادة ‪ 740‬من مدونة الشغل على وجوب تعليق ملصق‬
‫متضمن ليوم وساعة أداء األجر أو األقساط المسبقة عند االقتضاء‪.‬‬
‫ويتعين أن يكون هذا الملصق مثبتا في مكان يرتاده األجراء ومكتوب بشكل واضح تسهل‬
‫قراءته‪.‬‬
‫كما ألزمت المادة ‪ 741‬من م‪.‬ش المشغلين على احترام الوقت المحدد في اإلعالن لبدء‬
‫عملية أداء األجور أو التسبيقات (عند االقتضاء) وأن يتم إنهاء هذا األداء بثالثين دقيقة على‬
‫األكثر بعد الساعة المحددة النتهاء الشغل داخل المقاولة ما لم يتعلق األمر بعمال المقاوالت‬
‫المنجمية أو أوراش البناء واألشغال العمومية أو المعامل التي تشتغل باستمرار أو المقاوالت التي‬
‫تشغل أعدادا كبيرة من األجزاء إذ يمكن في مثل هذه الحاالت ومثيالتها للمؤاجرين تمديد فترة‬
‫األداء ألكثر من نصف ساعة بعد انتهاء مدة الشغل العادية بإذن خاص من العون المكلف‬
‫بتفتيش الشغل هذا ويجب أن يتم األداء بشكل متواصل بالنسبة إلجراء المقاولة الواحدة ؛ كما‬
‫يمنع أداء أجور األجراء في يوم راحتهم ما لم يتعلق األمر بأجراء مقاوالت البناء أو األشغال‬
‫العمومية‪ ،‬حيث أجاز المشرع ذلك األداء متى وافق يوم راحة األجراء يوم سوق أسبوعي شرط‬
‫أن تؤدى لهم هذه األجور قبل الساعة التاسعة صباحا (المادة ‪ 744‬من مدونة الشغل)‪.‬‬
‫ج‪ -‬دورية أداء األجور ‪ :‬بالنظر لألدوار االجتماعية واالقتصادية لألجر تدخل المشرع ي‬
‫المغربي للحد من حرية المشغلين في تحديد دوريته‪ ،‬وسن مجموعة من القواعد القانونية‬

‫‪80‬‬
‫الملزمة في المواد ‪ 747‬و ‪ 741‬و ‪ 740‬من مدونة الشغل وباستقراء األحكام الواردة بهذه المواد‬
‫يمكننا التمييز بين مجالين ‪:‬‬
‫دورية األداء في المجال الصناعي والتجاري والحر‪.‬‬
‫نصت المادة ‪ 747‬من مدونة الشغل على وجوب أداء أجور األجراء في القطاعات‬
‫الصناعية والتجارية والمهنية الحرة مرتين في الشهر‪ ،‬على أن ال تفصل بينهما مدة أقصاها ستة‬
‫عشر يوما‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمستخدمين بهذه القطاعات فتؤدى أجورهم مرة في الشهر على األقل على‬
‫أن ال تتجاوز المدة الفاصلة بين أداءين عدد أيام الشهر‪.‬‬
‫أما بالنسبة لعموالت الوكالء المتجولين والممثلين والوسطاء في التجارة والصناعة‪ ،‬فقد‬
‫نصت المادة أعاله على وجوب أدائها مرة كل ثالثة أشهر على األقل‪.‬‬
‫وإذا تعلق األمر بإنجاز أشغال تتطلب مدة تزيد عن خمسة عشر يوما (كاألجراء الذين‬
‫يشتغلون على أساس القطعة أو الشغل المؤدى أو المردودية) فإن دورية أداء األجر تحدد‬
‫باالتفاق بين هؤالء األجراء وبين المشغلين‪ ،‬شرط أن تؤدى لهم أقساط مسبقة كل خمسة عشر‬
‫يوما على أن يستوفوا كامل أجورهم خالل الخمسة عشر يوما الموالية‪ ،‬إلنهائهم الشغل الذي‬
‫كلفوا بإنجازه وتسليمهم إياه للمؤاجر‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ونصت المادة ‪ 740‬من مدونة الشغل على وجوب أداء أجور األجراء الذين يتقاضون‬
‫أجورهم على أساس الساعة أو اليوم خالل األربــع والعشرين ساعة الموالية لتاري ــخ فصلهم عن‬
‫الشغل أو خالل االثنين والسبعين ساعة الموالية لمغادرتهم للشغل تلقائيا‪.‬‬

‫دورية األداء في المجال الفالحي ‪:‬‬


‫لم تخصص مدونة الشغل أحكاما خاصة بدورية أداء أجور األجراء في الميدان الفالحي‪،‬‬
‫غير أن الفصل السادس من قرار وزير الشغل الصادر بتاري ــخ ‪ 21‬أبريل ‪ ،2137‬نص على وجوب‬
‫أداء أجور األجراء المياومين في الفالحة مرتين في الشهر على األقل‪ ،‬وأن ال يفصل بين أداءين‬
‫أكثر من ستة عشر يوما‪ ،‬أما األجراء والمستخدمون الذين يحصلون على أجورهم شهريا فتؤدى‬
‫لهم أجورهم خالل الخمسة أيام األولى النتهاء الشهر‪.‬‬
‫وإعماال لمقتضيات الفقرة الثالثة من القرار المشار إليه أعاله يتعين أداء أجر األجير الذي‬
‫تم فصله عن شغله خالل األربــع والعشرين ساعة الموالية‪.‬‬
‫أما األجير الذي غادر أماكن الشغل بصفة تلقائية أو قدم استقالته فيجب أداء أجره داخل‬
‫الثمانية أيام التي تلي تاري ــخ المغادرة أو تقديم االستقالة‪.‬‬
‫‪ -7‬إثبات أداء األجر ‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫خالفا للقاعدة المدنية التي تنص على أن إثبات االدعاء يقع على مدعيه وإبرازا لذاتيته‬
‫المستقلة‪ ،‬عمل المشرع على قلب عبء إثبات أداء األجر‪ ،‬حيث حمله للمؤاجر كما ألزمه‬
‫بوسائل خاصة لإلثبات ال يجوز له الخروج عنها إال استثناء‪.‬‬
‫أ‪ -‬ورقة األداء ‪ :‬نصت الفقرة األولى من المادة ‪ 738‬من مدونة الشغل على أنه يجب على‬
‫كل مشغل أن يسلم إجراءه عند أداء أجورهم وثيقة إثبات تسمى "ورقة األداء" وأن يضمنها‬
‫وجوبا البيانات التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالشغل‪.‬‬
‫وهذا المقتضى التشريعي عام وشامل من حيث التطبيق و يشمل (باستثناء موظفي‬
‫الدولة ومؤسساتها العمومية) كل المشغلين الذين يمارسون أنشطة تجارية أو صناعية أو مهنا‬
‫حرة‪.‬‬
‫والغاية من إعطاء األجراء ورقة األداء هي إطالعهم على كيفية حساب أجورهم كما أنها‬
‫وسيلة إثبات هامة بيد المشغل إلبراء ذمته في مواجهة األجراء‪.‬‬
‫ويجب أن تتضمن هذه الورقة جملة من البيانات الهامة كاسم المشغل وموطنه ونوع‬
‫العمل الذي يمارسه ورقم انخراطه في الصندوق الوطني للضمان االجتماعي وتاري ــخ التحاق‬
‫األجير بالشغل وعدد أيام أو ساعات الشغل التي احتسب على أساسها األجر ومختلف‬
‫التسبيقات أو االقتطاعات التي لحقت هذا األجر‪ ،‬وكذا اإلشارة إلى عدد الساعات اإلضافية‬
‫ونسبة الزيادة المقررة قانونا عنها إن وجدت‪ ،‬وتاري ــخ وقوع األداء مرفوقا بتوقيع المشغل واألجير‬
‫المعني باألمر‪.‬‬
‫غير أنه ال يعتبر تنازال من األجير عن حقه في األجر أو ملحقاته أو في المطالبة بها القبول‬
‫الصادر ع نه دون احتجاج عند توقيعه لورقة األداء حتى ولو كان ذلك التوقيع مرفوقا بعبارة‬
‫"قرئ وصودق عليه" ويمكنه دائما عند اكتشاف وجود خطأ مادي في الحساب أو عند عدم‬
‫احتساب مبالغ مالية مستحقة له أن يطالب بالحصول عليها‪ ،‬وأن يثبت عكس ما تتضمنه ورقة‬
‫األداء (المادة ‪ 738‬من مدونة الشغل والفصل ‪ 310‬مكرر ثالث مرات من ق ل ع)‪.‬‬
‫ب ‪ :‬دفتر األداء ‪ :‬إلى جانب بطاقة األداء التي يجب أن تسلم لألجير يتعين على المشغل‬
‫أن يمسك دفترا خاصا باألداء وفق نموذج تحدده الوزارة المكلفة بالشغل‪.‬‬
‫ويجب أن يكون هذا الدفتر مرقما ومرتبا ترتيبا تسلسليا ومؤشرا على صفحاته من طرف‬
‫العون المكلف بتفتيش الشغل دون كشط أو بياض أو بتر ألوراقه‪.‬‬
‫ويمكن لمفتش الشغل وكذا لمفتشي الصندوق الوطني للضمان االجتماعي طلب االطالع‬
‫على هذا الدفتر في كل وقت وحين‪.‬‬
‫هذا ويمكن بطلب من المشغل أو من ينوب عنه االستعاضة عن دفتر األداء واالعتماد‬
‫على أساليب حديثه (كوسائل المحاسبة الميكانوغرافية أو المعلوماتية أو أية وسيلة أخرى)‬
‫للمراقبة متى رآى العون المكلف بتفتيش الشغل أنها كفيلة بأن تقوم مقام دفتر األداء‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ويجب على المشغل االحتفاظ بهذا الدفتر وبمختلف الوسائل األخرى طيلة مدة سنتين‬
‫من تاري ــخ إقفال دفتر األداء أو من تاري ــخ اعتمادها‪.‬‬
‫وعند مخالفة هذه المقتضيات فقد رتب المشرع جزاء جنائيا يتمثل في الغرامة من ‪788‬‬
‫درهم إلى ‪ 088‬درهم عن كل مخالفة‪ ،‬ويتعدد مبلغ هذه الغرامة بتكرار عدد المخالفات‬
‫المرتكبة في حق األجراء على أن ال يتجاوز مجموع الغرامات ‪ 28.888.88‬درهما‪.‬‬
‫ج‪ -‬توصيل تصفية كل حساب ‪ :‬عادة ما يحرص المشغلون عند انتهاء عقد شغل أحد‬
‫أجرائهم (وسواء أكان هذا اإلنهاء مبررا أو تعسفيا أو صادرا عن اإلرادة الحرة لألجير) على تأمين‬
‫أنفسهم ضد المطالبات الالحقة التي قد تصدر عن األجير‪ ،‬حيث يعمدون إلى الحصول على‬
‫توصيل بتصفية كل حساب‪.‬‬
‫وحماية لألجراء الذين يضطرون في الغالب إلى توقيع هذه التواصيل تدخل المشرع‬
‫المغربي بمقتضى المواد ‪ 37‬و‪ 31‬و‪30‬و ‪ 34‬من مدونة الشغل ونص على جملة أحكام وشروط‬
‫ملزمة في التوصيل ال يمكن للمؤاجر مخالفتها وهكذا وبعد أن عرفت المادة ‪ 37‬هذا التوصيل‬
‫بأنه "هو الذي يسلمه األجير للمشغل عند إنهاء العقد ألي سبب كان وذلك قصد تصفية كل‬
‫األداءات اتجاهه " نصت المادة ‪ 31‬على جملة من الشروط والبيانات الواجب توفرها في‬
‫التوصيل تحت طائلة اعتباره باطال حيث استلزمت تضمينه ‪:‬‬
‫‪-2‬المبلغ المدفوع بكامله قصد التصفية النهائية للحساب مع بيان مفصل لألداءات‪.‬‬
‫‪-2‬أجل سقوط الحق المحدد في ستين يوما (بدل ثالثين يوما الواردة في الفصل ‪754‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع) مكتوبا بخط واضح تسهل قراءته ‪.‬‬
‫‪-3‬اإلشارة إلى كون التوصيل محررا في نظيرين يسلم أحدهما لألجير‪.‬‬
‫يجب أن يكون توقيع األجير على التوصيل مسبوقا بعبارة "قرأت ووافقت " وإذا كان‬
‫األجير أميا فيجب أن يكون توصيل تصفية كل حساب موقعا بالعطف من قبل العون‬
‫المكلف بتفتيش الشغل في إطار الصلح المنصوص عليه في المادة ‪ 532‬من مدونة الشغل"‪.‬‬
‫وهذا إجراء جيد ألن من شأنه حماية األجير األمي وضمان حقوقه‪.‬‬
‫هذا ويمكن لألجير أن يتراجع عن التوصيل الذي وقعه خالل أجل ستين يوما التالية‬
‫لتوقيعه إما برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل يبعث بـها إلـى المشغـل أو بمقتضى مقال‬
‫مرفوع أمام الغرفة االجتماعية للمحكمة االبتدائية‪.‬‬
‫وفي كلتا الحالتين يتعين عليه ليكون تراجعه صحيحا ومرتبا آلثاره القانونية أن يضمن‬
‫الرسالة الموجهة للمشغل أو المقال المقدم للمحكمة تفصيال بمختلف الحقوق التي ال يزال‬
‫يتمسك بها‪.‬‬
‫وكل توصيل يتم التراجع عنه خالل األجل القانوني يعد مجرد توصيل بسيط بالمبالغ‬
‫المضمنة به ويمكن تعديله أو إلغائه‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫وحق الطعن في التوصيل مخول لألجير فقط ال يشاركه فيه المشغل إعماال لمقتضيات‬
‫الفصل ‪ 301‬المشار إليه أعاله‪ ،‬وهذا ما أكده القضاء المغربي في قرار صادر عن الغرفة‬
‫االجتماعية لمحكمة االستئناف بالدار البيضاء عدد ‪ 78/21‬بتاري ــخ ‪ 23‬يناير ‪ 2107‬في الملفين‬
‫االجتماعيين عدد ‪ 02/030‬و ‪ 02/710‬جاء فيه ‪:‬‬
‫"وحيث إن الخطأ الذي تشير إليه الشركة في كيفية حساب المبالغ المتقاضاة في‬
‫إطار التوصيل ال يمكن أن يعتد به أمام محكمة االستئناف بهذه الطريقة ألن الطعن في‬
‫التوصيل عن صافي كل حساب طبقا للفصل ‪ 754‬مكرر ثالث مرات من قانون االلتزامات‬
‫والعقود يحصر لفائدة األجير فقط وال يسمح بهذه اإلمكانية للمشغل إال طبقا للقواعد‬
‫العامة"‪.‬‬
‫هذا ويعتبر باطال كل تنازل أو صلح يوقعه األجير طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 2810‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع يؤدي إلى حرمانه من الحصول على الحقوق المقررة له قانونا والناتجة عن تنفيذ عقد‬
‫الشغل أو إنهائه‬
‫‪ -4‬تقادم دعاوى المطالبة باألجر ‪:‬‬
‫نصت المادة ‪ 710‬من مدونة الشغل على أنه ‪" :‬تتقادم بمرور سنتين كل الحقوق‬
‫الناتجة عن عقود الشغل الفردية وعن عقود التدريب من أجل اإلدماج المهني‪ ،‬وعن عقود‬
‫التدرج المهني وعن الخالفات الفردية التي لها عالقة بهذه العقود أيا كانت طبيعة هذه‬
‫الحقوق‪ ،‬وسواء أكانت ناتجة عن تنفيذ هذه العقود أو عن إنهاءها"‪.‬‬
‫وهذا التقادم هو مجرد قرينة بسيطة على الوفاء باألجر يمكن دحضها بإقرار المشغل‬
‫بعدم األداء أو بنكوله عن أداء اليمين طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 718‬من ق‪.‬ل ع‪.‬‬

‫‪-5‬حماية األجر أو مؤيداته ‪:‬‬


‫أن احترام المشغل للحد األدنى لألجر وتعيين مكان الوفاء به ودوريته ومنح األجير ورقة‬
‫األداء وتضمينها للبيانات الالزمة ال يكفي وحده لضمان حصول األجير على أجره الذي يعتبر‬
‫عنصرا أساسيا لسد حاجياته ومتطلبات أسرته‪.‬‬
‫بل ال بد من توفير حماية خاصة لهذا األجير في مواجهة دائنيه أو دائني المشغل أو في‬
‫مواجهة المشغل نفسه ضد إعمال قواعد المقاصة أو نظام الغرامات أو مختلف أنواع الضغوط‬
‫التي تستهدف المس باألجر‪ ،‬وسنتولى إبراز مختلف مظاهر الحماية المقررة قانونا لألجر حتى‬
‫يؤدي وظيفته االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫أ‪ -‬حماية األجر من دائني األجير ‪ :‬ينص الفصل ‪ 100‬من قانون المسطرة المدنية على‬
‫أنه‪" :‬يمكن لكل دائن ذاتي أو اعتباري يتوفر على دين ثابت إجراء حجز بين يدي الغير بإذن‬
‫من القاضي على مبالغ ومستندات المدين والتعرض على تسليمها له"‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫والسؤال المطروح يتمثل في مدى إمكانية استفادة دائني األجير من هذه المقتضيات‬
‫والمطالبة بحجز مبلغ األجر المستحق لهذا األخير من المصدر‪ ،‬أي بين يدي المشغل‪،‬‬
‫والتعرض على إعطائه لألجير ؟‬
‫إن تطبيق هذه المقتضيات على إطالقها سيحرم األجير ال محالة من أجره الذي يعد‬
‫المصدر األساسي لعيشه‪ ،‬كما أن حرمان دائني األجير من إمكانية الحجز على أجره بين يدي‬
‫مشغله بصفة مطلقة سيعود بالضرر على األجير نفسه الذي لن يجد من يمنحه قروضا في‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫وتجاوزا لهذا الوضع تدخل المشرع المغربي وأقر حال وسطا ال يحرم دائني األجير من‬
‫إمكانية إيقاع الحجز على نسبة من األجر‪ ،‬كما يضمن لألجير اإلبقاء على أجزاء منه لسد‬
‫حاجياته‪.‬‬
‫وهكذا نصت المادة ‪ 703‬من مدونة الشغل على أنه ‪ " :‬يمكن إجراء الحجز على األجور‬
‫المستحقة ألي أجير مهما كان نوعها ومبلغها‪ ،‬إذا كانت دينا له على مشغل واحد أو أكثر‪،‬‬
‫على أال يتجاوز الحجز النسب التالية من األجر السنوي‪.‬‬
‫‪ -‬جزءا من عشرين جزءا من الحصة التي تقل عن أربعة أضعاف الحد األدنى القانوني‬
‫لألجر‪ ،‬وتفوق ثمانية أضعاف الحد القانوني لألجر‪ ،‬وتقل عن ثمانية أضعاف الحد األدنى‬
‫القانوني لألجر أو تعادل هذه النسبة‪.‬‬
‫‪ -‬عشر الحصة التي تفوق أربعة أضعاف الحد األدنى القانوني لألجر‪ ،‬وتقل عن ثمانية‬
‫أضعاف الحد األدنى القانوني لألجر أو تعادل هذه النسبة‪.‬‬
‫‪ -‬خمس الحصة التي تفوق ثمانية أضعاف الحد األدنى القانوني لألجر وتقل عن اثني‬
‫عشر ضعفا للحد األدنى القانوني لألجر‪ ،‬أو تعادل هذه النسبة‪.‬‬
‫‪ -‬رب ع الحصة التي تفوق اثني عشر ضعفا للحد األدنى القانوني لألجر وتقل عن ستة‬
‫عشر ضعفا للحد األدنى القانوني كاألجر أو تعادل هذه النسبة‪.‬‬
‫‪ -‬ثلث الحصة التي تفوق ستة عشر ضعفا للحد األدنى القانوني لألجر وتقل عن‬
‫عشرين ضعفا للحد األدنى القانوني لألجر أو تعادل هذه النسبة‪.‬‬
‫‪ -‬ال حد بالنسبة للحصة من األجر السنوي التي تفوق عشرين ضعفا من الحد األدنى‬
‫القانوني لألجر‪.‬‬
‫واألجر الذي تحتسب على أساسه النسب العالية للحجز يشمل األجر األساسي مضافا إليه‬
‫جميع مكمالته وملحقاته"‬
‫غير أنه ال يدخل في حساب هذا األجر ‪:‬‬
‫‪ -‬مختلف التعويضات واإليرادات التي نص القانون على عدم جواز حجزها‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬المبالغ التي يتم استردادها تغطية لمصاريف أو لنفقات سبق أن تحملها األجير بسبب‬
‫شغله (مصاريف التنقل مثال‪.)...‬‬
‫‪ -‬التعويض عن الوالدة‪.‬‬
‫‪ -‬التعويض عن السكن‪.‬‬
‫‪ -‬مختلف التعويضات العائلية‪.‬‬
‫‪ -‬التعويضات التي يتم إقرارها بمقتضى عقد الشغل الفردي أو اتفاقية جماعية للشغل أو‬
‫النظام الداخلي أو التي يقضي بها العرف (كالتعويضات التي تمنح بمناسبة أعياد دينية أو‬
‫أحداث عائلية‪.)...‬‬
‫وإذا كان مبلغ الدين المترتب بذمة األجير عبارة عن نفقة لفائدة زوجته أو مطلقتـه أو أحد‬
‫فروعه أو أصوله‪ .‬وكان واجب األداء شهريا فإنه يمكن استثناءا اقتطاع مبلغه بأكمله كل شهر من‬
‫حصة األجر غير القابلة للحجز‪ ،‬سواء تم اتباع مسطرة حجز ما للمدين لدى الغير أو مسطرة‬
‫حوالة الدين‪.‬‬
‫كما يمكن عند االقتضاء إضافة حصة األجرة القابلة للحجز إلى ذلك االقتطاع‪ ،‬إما ضمانا‬
‫للوفاء باالستحقاقات المتأخرة من النفقة مع المصاريف وإما أداء الديون مستحقة لدائنين‬
‫عاديين أو متعرضين‪.‬‬
‫ب‪ -‬حماية األجر من المشغل ‪ :‬قد يلجأ األجير تحت ضغط الحاجة‪ ،‬إلى طلب قروض‬
‫أو الحصول على سلفات من مشغله‪ ،‬مما يجعله مدينا له‪.‬‬
‫فهل يحق للمشغل في هذه الحالة إعمال قواعد المقاصة المنصوص عليها في قانون‬
‫االلتزامات والعقود على إطالقها ؟ أم أن األمر مقيد بشروط ؟‬
‫نص الفصل ‪ 703‬من ش‪.‬م على أنه "تقع المقاصة إذا كان كل من الطرفين دائنا لآلخر‬
‫ومدينا له بصفة شخصية"‪.‬‬
‫غير أن السماح للمؤاجر بإعمال هذا المقتضى على إطالقه في مواجهة مدينه (األجير)‬
‫السترداد مبلغ القرض أو السلفة سيؤدي ال محالة إلى اإلضرار باألجير وحرمانه من أجره الذي‬
‫يعتمد عليه اعتمادا كليا لتلبية حاجياته وحاجيات أسرته‪.‬‬
‫وتفاديا ألية نتائج عكسية تدخل المشرع المغربي بمقتضى المواد ‪ 700‬و ‪ 704‬من‬
‫مدونة الشغل وسمح للمؤاجر بإجراء مقاصة في حدود نسبة محددة من األجر ال يجوز له‬
‫تجاوزها‪.‬‬
‫حيث نصت المادة ‪ 704‬من ش‪.‬م على أنه "ال يمكن ألي مشغل قدم إلجرائه سلفة‬
‫مالية أن يسترد سلفته إال على شكل أقساط تقتطع من أجورهم تباعا‪ ،‬بحيث ال يتجاوز‬
‫القسط المقتطع عشر (‪ )1/11‬األجر الذي حل أداؤه"‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫غير أنه يمكن للمؤاجر إجراء المقاصة بين ما عليه ألجيره من أجور وبين ما قد يكون على‬
‫هذا األجير من دين لفائدته‪ ،‬مقابل ما مده به من أدوات أو معدات إنجاز الشغل‪ ،‬أو مقابل‬
‫المواد واللوازم التي تسلمها األجير والتي توجد في عهدته أو مقابل المبالغ المدفوعة إليه مسبقا‬
‫لشراء تلك األدوات والمعدات والمواد واللوازم (المادة ‪ 700‬من مدونة الشغل)‪.‬‬
‫هذا وينبغي تمييز القسط الذي يقتطعه المشغل على أساس المقاصة عن الجزء من األجر‬
‫القابل للحجز بين يدي المشغل لفائدة دائني األجير وكذا عن الجزء الذي تجوز فيه الحوالة‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى مظاهر الحماية هاته تدخل المشرع للحد من سلطة المشغل في توقيع‬
‫الغرامات على األجير بمناسبة ارتكابه ألخطاء تأديبية أو من خالل مختلف أنواع الضغوطات‬
‫التي قد يلجأ إليها المشغل إلرغام أجراءه على اقتناء السلع والمواد التي تنتجها المؤسسات‬
‫التابعة له أو ألحد أفراد عائلته‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 712‬من مدونة الشغل على أنه ‪:‬‬
‫"يمنع على كل مشغل ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يلحق بمؤسسة‪ ،‬مقتصدية يبيع فيها ألجرائه أو ذوي هم بضائع أو سلعا أيا كان‬
‫نوعها‪ ،‬سواء كان البيع مباشرا أو غير مباشر‪.‬‬
‫‪ -‬أن يفرض على أجرائه إنفاق كل أو بعض أجورهم في المتاجر التي يشير عليهم‬
‫باالستبضاع منها‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتولى بنفسه األداء عن أجرائه لدى األشخاص الذين يتزود منهم هؤالء األجراء‪،‬‬
‫ما لم يتفق الطرفان كتابة على خالف ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬غير أنه يمكن الترخيص‪ ،‬وفق الشروط التي تحددها النصوص التنظيمية‪ ،‬بإنشاء‬
‫مقتصديات في األوراش واالستغالالت الفالحية أو المقاوالت الصناعية أو في المناجم أو‬
‫المقالع البعيدة عن مركز التموين إذا كان إنشاء تلك المقتصديات ضروريا للمعيشة اليومية‬
‫لألجراء"‪.‬‬
‫وأضافت المادة ‪ 717‬من ش‪.‬م على أنه ‪ " :‬يمنع على كل مسؤول له نفوذ على األجراء‪،‬‬
‫أن يبيع بصفة مباشرة أو غير مباشرة ألجراء المقاولة التي يشتغل فيها ما اشتراه من مواد‬
‫أو سلع بن ية تحقيق الرب ح وإذا وقع نزاع حول ذلك‪ ،‬فالبينة على البائع في إثبات عدم‬
‫حصوله على أي رب ح من مبيعاته‪.‬‬
‫ويجب في النشاطات الفالحية عندما يبيع المشغل ألجرائه محاصيل من منتوجه أن‬
‫يسعرها بتراضي الطرفين على أال يزيد السعر عن قيمة المحصول عند إنتاجه‪ ،‬كما تحدده‬
‫النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة باألسعار"‪.‬‬
‫وعند مخافة المشغل لهذه المقتضيات يتعرض لعقوبة جنائية تتمثل في الغرامة من‬
‫‪ 2.888‬درهم إلى ‪ 0.888‬درهم‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫ج‪ -‬حماية األجر في مواجهة دائني المشغل ‪ :‬قد تترتب ديون في ذمة المشغل مما يدفع‬
‫بأصحابها إلى إعمال مقتضيات الفصل ‪ 2212‬من قانون اإللتزامات والعقود التي تنص‪:‬‬
‫"أموال المدين ضمان عام لدائنيه ‪ ،‬ويوزع ثمنها عليه بنسبة دين كل واحد منهم‪ ،‬ما لم‬
‫توجد بينهم أسباب قانونية لألولوية"‪.‬‬
‫ومن األسباب القانونية لألولوية ولتفضيل بعض الديون على غيرها نذكر االمتياز‪.‬‬
‫واالمتياز كما عرفه المشرع في الفصل ‪ 2217‬من ق‪.‬ل‪.‬ع هو "حق أولوية يمنحها‬
‫القانون على أموال المدين نظرا لسبب الدين"‪.‬‬
‫وخالفا للفصل ‪ 2210‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي رتب أجور وتعويضات األجراء في المرتبة الرابعة‬
‫فإن مقتضيات المادة ‪ 702‬من مدونة الشغل كانت أكثر إنصافا لألجراء وأكثر حماية لهم‪ ،‬إذ‬
‫رتبت تلك الحقوق في المرتبة األولى حين نصت على أنه ‪:‬‬
‫"يستفيد األجراء خالفا لمقتضيات الفصل ‪ 1242‬من الظهير الشريف المكون من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع من امتياز الرتبة األولى المقررة في الفصل المذكور قصد استيفاء ما لهم من أجور‬
‫وتعويضات في ذمة المشغل من جميع منقوالته‪.‬‬
‫ونفس الحكم يسري على التعويضات القانونية المترتبة عن الفصل التعسفي من‬
‫الشغل"‪.‬‬
‫وهذا المنحى صائب بالنظر إلى األدوار االقتصادية واالجتماعية الهامة التي يلعبها األجر‬
‫بالنسبة لألجير واعتماد غالبية األجراء عليه لضمان عيشهم وكرامتهم‪.‬‬
‫د‪-‬تدابير أخرى لحماية األجر ‪ :‬نصت المادة ‪ 323‬من مدونة الشغل على استفادة‬
‫األجراء الذين يتم تشغيلهم من طرف مقاول أو من رست عليه صفقات إنجاز أشغال‬
‫عمومية من االمتياز الخاص المنصوص عليه في الفصل ‪ 411‬من قانون المسطرة المدنية‬
‫والذي يخولهم حق األولوية من المرتبة األولى بنصه على أنه ‪:‬‬
‫" ال يكون لتحويل أو حجز المبالغ المستحقة للمقاولين أو من رسا عليهم مزاد أعمال‬
‫لها صفة األشغال العمومية أثر إال بعد استالم هذه األشغال وبعد اختصام جميع المبالغ‬
‫المستحقة لمن يأتي ذكرهم حسب الترتيب التالي‪.‬‬
‫أ‪-‬األجراء والمستخدمون من أجل أجورهم أو تعويض ا عن عطلة م ؤدى عنه ا أو تعويضا‬
‫مقابال لها بسبب تلك األشغال"‪.‬‬
‫‪-‬ونصت المادة ‪ 701‬من مدونة الشغل على حق األجراء الذين يتم تشغيلهم من طرف‬
‫مقاول في البناء في إقامة دعوى مباشرة في مواجهة صاحب البناء وذلك في حدود المبالغ التي‬
‫تكون عليه للمقاول‪.‬‬
‫ويكون حق االمتياز هذا بنسبة دين كل واحد منهم (الفصل ‪ 308‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬االلتزامات الناتجة عن تنفيذ عقد الشغل‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫إلى جانب االلتزام العام بأداء األجر يلتزم المشغل بالتزامات أخرى متعددة منها تقديم‬
‫الشغل المتفق عليه لألجراء وتهيئة مستلزماته أوال ومعاملتهم معاملة إنسانية الئقة ثانيا‬
‫وضمان الحقوق المقررة لهم قانونا ثالثا‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬االلتزام بتقديم الشغل المتفق عليه لألجير وتهيئة مستلزماته‪.‬‬
‫يعتبر هذا اإللتزام من مقتضيات تنفيذ عقد الشغل بالنسبة للمؤاجر إذ يتعين عليه أن‬
‫يضع رهن إشارة األجراء الشغل المتفق عليه بموجب العقد والمواد واألدوات الالزمة إلنجازه‬
‫وأن يعد لهم المكان الذي سيتم فيه إنجازه‪.‬‬
‫وإذا تعلق األمر بأشغال تتطلب أكثر من أجير واحد (العمل الذي يتم إنجازه في إطار‬
‫سلسلة) فيجب على المشغل أن يوفر المعاونين والمساعدين لألجير‪.‬‬
‫إال أن السؤال المطروح يتعلق بمدى قدرة المشغل على تغيير موضوع الشغـل أو نوعـه أو‬
‫الشروط المتفق عليها ؟‬
‫األصل أن األجير ال يلزم إال بأداء الشغل المتفق عليه مع المشغل متى كان ذلك الشغل‬
‫محددا بشكل واضح ودقيق في العقد‪.‬‬
‫وحيث إن هذا التحديد غالبا ما يكون منتفيا فإنه يجوز للمؤاجر إعماال لسلطته التنظيمية‬
‫داخل المقاولة أن يعدل استثناءا من موضوع الشغل أو نوعه طالما أن هذا التعديل مما تقتضيه‬
‫مصلحة المقاولة وال يشوبه أي تعسف أو رغبة في االنتقام من األجير‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االلتزام بمعاملة األجراء معاملة إنسانية الئقة‪.‬‬
‫إن األجير هو إنسان قبل كل شيء‪ ،‬يجب معاملته معاملة إنسانية الئقة تحفظ كرامته ‪:‬‬
‫فال يجوز للمؤاجر تكليفه بأشغال ال يطيقها (إذ ال تكليف بمستحيل) كما يمنع عليه إهانتـه أو‬
‫سبه أو شتمه أو احتقاره أو االزدراء به أو توجيه عبارات نابية في حقه أو تعريضه للعنف أو‬
‫للتحرش الجنسي أو تحريضه على ممارسة الفساد ‪...‬إلى غير ذلك من التصرفات المشينة‬
‫والقادحة والتي اعتبرها مشرع مدونة الشغل في المادة ‪ 18‬بمثابة أخطاء جسيمة عند‬
‫صدورها من المشغل ورتب على مغادرة األجير بسببها لشغله اعتبار تلك المغادرة بمثابة طرد‬
‫تعسفي موجب للتعويض جاء في المادة المشار إليها أعاله أنه ‪:‬‬
‫" يعد من األخطاء الجسيمة المرتكبة ضد األجير من طرف المشغل أو رئيس المقاول ة‬
‫أو المؤسسة ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬السب الفادح‬
‫‪-‬استعمال أي نوع من أنواع العنف واالعتداء الموجه ضد األجير‬
‫‪-‬التحرش الجنسي‬
‫‪-‬التحريض على الفساد‬

‫‪89‬‬
‫وتعتبر مغادرة األجير لشغله بسبب أحد األخطاء الواردة في هذه المادة في حالة‬
‫ثبوت ارتكاب المشغل إلحداها بمثابة فصل تعسفي"‪.‬‬
‫وقد ضرب لنا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أروع األمثلة في معاملة األجراء‬
‫إذ جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال ‪ " :‬خدمت النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم عشر سنين (وفي رواية اإلمام أحمد في السفر والحضر) فما قال لي أف قط وال قال‬
‫لشيء صنعته لم صنعته ؟وال لشيء تركته لم تركته)‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اإللتزام بضمان حقوق األجراء المقررة قانونا ( إحالة)‪.‬‬


‫إلى جانب اإللتزامات السابقة يتحمل المشغل بالتزام ضمان الحقوق المقررة قانونا‬
‫لألجراء ونخص بالذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -‬احترام حرية األجير في اختيار الشغل الذي يرغب في ممارسته وفي االنتماء النقابي أو‬
‫عدمه وفي اعتناق األفكار والمبادئ التي يقتنع بها‪.‬‬
‫‪ -‬احترام مدة الشغل القانونية ومختلف العطل واإلجازات الواردة عليها وااللتزام بأداء‬
‫التعويضات المستحقة عنها‪.‬‬
‫‪ -‬واحترام مقتضيات السالمة والصحة وتطبيق بنود ظهير حوادث الشغل واألمراض‬
‫المهنية‪.‬‬
‫‪ -‬احترام الحقوق المكتسبة لألجراء‬
‫بموجب االتفاقيات الجماعية للشغل واألنظمة الداخلية للمقاوالت‪.‬‬
‫‪ -‬تمكين األجراء من تكوين مستمر ومن برامج لمحو األمية خاصة الوظيفية وإعطائهم‬
‫كامل الفرص للترقي المهني‪.‬‬
‫‪ -‬تمكين األجراء من كافة الحقوق واالمتيازات التي تقررها مدونة الشغل (بطاقة الشغل‪-‬‬
‫االنخراط بالصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪ .)...‬وغيرها‪.‬‬

‫‪90‬‬

You might also like