Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬

‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬


‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬
‫تاريخ قبول املقال للنشر‪2017/04/22 :‬‬ ‫تاريخ إرسال املقال ‪2017/02/17 :‬‬

‫برابح حمزة ‪ /‬املركزالجامعي ‪ -‬بريكة‬


‫امللخص‪:‬‬
‫في أدبيات العالقات الدولية‪ ،‬لطاملا احتل الجدل حول معنى األمن وأهميته بالنسبة إلى‬
‫الجماعات السياسية مكانة مركزية خاصة فـي ظـل ثنائية التهديد والـبـقـاء‪ ،‬مـا عكس بصورة‬
‫واضحة دينامية البيئة األمنية الدولية في محاولة للبحث عن منطق األمن اليوم في السياسة‬
‫العاملية‪ .‬فبالنظر إلى ما ّقدمته «املقاربات النقدية لألمن» من مراجعات نقدية إيبيستيمية‬
‫وأنطولوجية ملفهوم األمـن لإلجابة عـن إشكالية‪ :‬كيف يمكن الحديث عـن نظرية أمنية في غياب‬
‫املعادلة التقليدية للدراسات اإلستراتيجية؟ لكنها طرحت ّ وبقوة مسألة القيمة التحليلية لهذه‬
‫املراجعات بالنسبة إلـى املنطقة األفريقية حيث تشهد عملية ّ الصناعة األمنية ً تجاذبا تحليليا‬
‫بين التوظيف الواقعي لألمن من حيث املعضالت األمنية للنظام الفوضوي ّ املحفزة لسلوكيات‬
‫الدول ِّ واملؤسسة لفجوة القوة النسبية بهدف ممارسة ما يعرف «بالضغط الجانبي» أي املفهوم‬
‫التقليدي للهيمنة في منطقة شهدت ً حضورا ً استعماريا ً قويا‪،‬وبين فرضها ضرورة التركيز‬
‫عـلـى‪ :‬الـقـيـادات غير املستقرة؛ سـوء إدارة االقـتـصـاد واالنـقـالبـات والـحـروب األهلية كمتغيرات‬
‫تحليلية جـديـدة أنتجت بـصـورة منطقية املجاعات ومشكلة الالجئين‪ ،‬والجريمة‪ ،‬واملرض‪ ،‬كأهم‬
‫مواضيع األجندة األمنية األفريقية‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬اإلستراتيجية‪ ،‬التهديدات األمنية‪ ،‬التهديدات األمنية الالتماثلية‪ ،‬العقيدة‬
‫األمنية‪ ،‬البعد التنموي‪ ،‬الدبلوماسية‪ ،‬منطقة الساحل اإلفريقي‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪Dans la littérature des relations internationales, il a toujours occupé le débat‬‬
‫‪sur le sens de la sécurité et son importance pour en particulier sous la menace d’ac-‬‬
‫‪cords bilatéraux et rester au cœur des groupes politiques, ce qui reflète clairement‬‬
‫‪un environnement de sécurité internationale dynamique pour tenter de trouver la‬‬
‫‪logique de sécurité aujourd’hui dans la politique mondiale. En regardant ce qui est‬‬
‫‪prévu par «approches monétaires à la sécurité» de Aibistimih et ontologiques exa-‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪260‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫‪men critique du concept de sécurité pour répondre au problème: Comment pou-‬‬


‫‪vez-vous parler de la théorie de la sécurité en l’absence de l’équation traditionnelle‬‬
‫‪pour les études stratégiques? Mais il a soulevé fortement la question de la valeur‬‬
‫‪analytique de ces examens pour la région de l’Afrique, qui connaît le processus de‬‬
‫‪l’industrie de la sécurité et des escarmouches d’analyse entre l’emploi de facto la sé-‬‬
‫‪curité en termes de dilemmes de sécurité du comportement du système chaotique‬‬
‫‪états stimulant et l’institution de l’écart force relative afin de mettre en pratique‬‬
‫‪ce que l’on appelle «côté pression» tout le concept traditionnel de position domi-‬‬
‫‪nante dans une région qui a connu une forte présence du colonialisme, et imposé‬‬
‫‪entre la nécessité de se concentrer sur: le leadership instable, la mauvaise gestion‬‬
‫‪de l’économie, coups d’Etat, les guerres civiles, de nouvelles variables analytiques‬‬
‫‪produites logiquement et problème famines Les réfugiés, la criminalité, la maladie,‬‬
‫‪comme les sujets les plus importants de l’ordre du jour de la sécurité en Afrique.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تشكل منطقة الساحل األفريقي أحد املجاالت الجيوسياسية التي تثير اهتمام الفواعل‬
‫اإلقليمية والدولية‪ ،‬ومراكزالبحوث والدراسات في الوقت الحالي‪ ،‬على خالف ما كانت عليه قبل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حقبة الحرب الباردة حيث كانت منطقة ّ‬
‫مهمشة استراتيجيا واقتصاديا وسياسيا‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫بعد نهاية الحرب الباردة أصبح األمن املعادلة الصعبة في األجندات الحكومية‪ ،‬ملا شهده‬
‫العالم من تحوالت كبيرة أثرت على أمن واستقرارالكثيرمن الدول‪ ،‬بسبب بروزتهديدات لم تكن‬
‫لها فعالية من قبل في ظل هيمنة التهديدات التماثلية التي مصدرها القوة العسكرية للدول‪،‬‬
‫وتعددت بتعدد مصادرها‪ ،‬وهو ما جعل األمن بمفهومه التقليدي الضيق عاجزا عن محاربة‬
‫التهديدات الالتماثلية‪ ،‬وبذلك تم التوسع في مفهوم األمن ليشمل مجاالت جديدة هي في حد‬
‫ذاتها مصادر للتهديد‪ ،‬ومع التحوالت التي جاء بها الربيع العربي زادت حدة وخطورة التهديدات‬
‫اإلقليمية‪ ،‬وألول مرة منذ حرب الرمال ‪ 1963‬أصبح األمن القومي الجزائري مهددا من الخارج‪،‬‬
‫وبطرق مباشرة وغيرمباشرة‪ ،‬وعلى مستوى كل الحدود تقريبا‪ ،‬وبنسب متفاوتة‪ ،‬خاصة في ظل‬
‫تأزم وتفاقم األوضاع األمنية في دول الجوار‪ ،‬والذي يرجع لعاملين األول الفشل الدوالتي في دول‬
‫الساحل اإلفريقي‪ ،‬والثاني سقوط األنظمة السياسية في كل من تونس وليبيا ومصر‪ ،‬وما ترتب‬
‫عن ذلك من آثار ّ‬
‫جد سلبية على األمن الوطني في الجزائر‪.‬‬
‫من الناحية األمنية‪ ،‬أجمع معظم دار�سي املعضالت األمنية أو ما يعرف بالحلقة املفرغة‬
‫على صعوبة مقاربة التهديدات األمنية الالتماثلية) إرهاب‪ ،‬جريمة منظمة‪ ،‬تجارة غير شرعية‬
‫للمخدرات‪ ،‬البشر‪ ،‬وحركات الهجرة غير الشرعية( باملنظور االستراتيجي الواقعي الدولتي‪ ،‬ومن‬
‫‪261‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫خالل التطور الذي شهدته املنطقة عبراالمتداد التاريخي‪ ،‬فإنها تعرضت للعديد من التهديدات‬
‫نتيجة انعكاسات األهمية االستراتيجية للموقع الجغرافي‪ ،‬وتوافراإلمكانات االقتصادية‪ ،‬إضافة‬
‫إلى تأثيرات النزاعات اإلثنية وهشاشة األنظمة السياسية‪ ،‬وكذا الشبكة العنكبوتية للتحديات‬
‫األمنية‪ ،‬هذه األخيرة التي فرضت التأسيس ملرحلة جديدة من العمل الجهوي املشترك وفق‬
‫مقاربة براغماتية قائمة على مواجهة التهديدات األمنية واالنتقال بمستوى التحليل من املستوى‬
‫الكلي إلى املستوى الجزئي‪ ،‬وبخاصة في منطقة الساحل وجنوب الصحراء‪.‬‬
‫على ضوء هذه املقدمة ‪ ،‬فإن اإلشكالية الرئيسية التي يعالجها بحثنا يمكن صياغتها على النحو‬
‫التالي ‪:‬‬
‫‪-‬ما هي اإلستراتيجية األمنية التي اعتمدتها الجزائرملواجهة التهديدات األمنية‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي؟‬

‫وسوف نقسم الدراسة إلى ثالثة محاور وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫املحور األول‪:‬العقيدة األمنية الجزائرية(األسس واملرتكزات)‪.‬‬
‫املحور الثاني‪:‬البعد التنموي للمقاربة الجزائرية لألمن في منطقة الساحل اإلفريقي‪.‬‬
‫املحور الثالث‪ :‬اآلليات الدبلوماسية الجزائرية الحتواء أزمات منطقة الساحل اإلفريقي‪.‬‬

‫املحور األول ‪:‬العقيدة األمنية الجزائرية (األسس واملرتكزات)‪.‬‬


‫قرر به القادة السياسة األمنية‬‫ُ ّ‬
‫تكت�سي العقيدة األمنية أهميتها من اعتبارها دليال يوجه وي ِ‬
‫للدولة ببعدها الداخلي والخارجي‪ ،‬ومن هنا نشأت العالقة بين العقيدة األمنية والسياسة‬
‫الخارجية‪ ،‬إذ يالحظ تنامي تأثير العقيدة األمنية باعتبارها تمثل املبادئ املنظمة التي تساعد‬
‫رجال الدولة على تعريف املصالح الجيوسياسية لدولتهم وتحديد ما يحظى منها باألولوية‪ ،‬كما‬
‫تساعد الدولة على التفاعل مع التهديدات والتحديات البارزة والكامنة التي تواجه أمنها على‬
‫املستويات الزمنية (القريبة‪ ،‬املتوسطة والبعيدة)‪.‬‬
‫ويمكن القول إن العقيدة األمنية على العموم تمد الفاعلين األمنيين في الدولة بإطارنظري‬
‫متناسق من األفكاريساعد على تحقيق أهداف الدولة مجال أمنها القومي‪.‬‬
‫وتستمد العقيدة األمنية الجزائرية توجهها العام من املبادئ العامة املستمدة من ركائز‬
‫عدم التدخل في شؤون اآلخرين‪ ،‬وهو ما الحظناه في التحرك الجزائري حيال األزمة الليبية التي‬
‫أنتجت ثورة أدت إلى تغييرطبيعة النظام بدعم من حلف الناتو‪ ،‬وهي الرؤية التي تجد لها ركائز‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪262‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫قانونية ودستورية تحدد املهام األساسية ألجهزة األمن الجزائرية التي تنحصر مهامها في حماية‬
‫وصون سيادة الدولة وحدودها‪.‬‬
‫تتحرك الدبلوماسية الجزائرية في فضائها الجيوسيا�سي اإلفريقي وهي تدرك أنها تعيش في‬
‫ساحل من األزمات املمتدة على حدود تتجاوز ‪ 6343‬كلم‪ ،‬وهذا الساحل األزماتي‪ ،‬يرتبط بعدد‬
‫من املعضالت األمنية أهمها ‪ 5‬معضالت كبرى تتمثل أساسا في‪:‬‬
‫‪-‬صعوبة بناء الدولة في هذه املنطقة‬
‫‪-‬ضعف في الهوية وتنامي الصراعات اإلثنية‪.‬‬
‫‪-‬البنى االقتصادية الهشة “وهو ما سيشكل تهديدات صلبة ّ‬
‫ولينة يمكن تصديرها‬
‫للجزائر”‪.‬‬
‫‪-‬ضعف األداء السيا�سي؛ إذ سجلت لحد اآلن ست انقالبات في كل من موريتانيا‪ ،‬ومالي‬
‫والنيجر‪.‬‬
‫‪-‬انتشارلجميع أشكال الجريمة وأنواع األشكال الجديدة للعنف البنيوي‪.‬‬
‫وهذه األشكال الجديدة للعنف تؤكدها تقاريراألمم املتحدة التي تح�صي ما نسبته من ‪30%‬‬
‫إلى ‪ 40%‬من املخدرات الصلبة تمر عبر هذه املنطقة‪ ،‬كما ّأنها تشكل ثاني أكبر أسواق األسلحة‬
‫الخفيفة وتشير‪ ،‬تقديرات تقرير مسح األسلحة الخفيفة التابع لبرنامج املعهد األعلى للدراسات‬
‫الدولية بجنيف في تقريرسابق إلى أن هناك حوالي ‪ 100‬مليون سالح خفيف في القارة اإلفريقية‪،‬‬
‫كما أن ‪ 80‬باملائة من األسلحة املوجودة مصدرها بؤر الصراعات السائدة في إفريقيا الغربية‬
‫والتي تنتقل إلى الجزائرعبرمالي والنيجر‪.‬‬
‫ً‬
‫إن عين الجزائر على استقرارها وهي التي خاضت حربا عويصة استنزافية ضد ما يسمى‬
‫باإلرهاب وملدة ‪10‬سنوات ُيسميها الجزائريون ُ‬
‫«العشرية السوداء»‪ ،‬وعينها الثانية على التحرك‬
‫اإلفريقي ذو البنى السياسية واالقتصادية الهشة والتي تشكل ما من شأنه نقل جميع أنواع‬
‫الفشل األزموي و الدولتي عبرالحدود مما يعني تهديد األمن الجزائري‪.1‬‬
‫هناك طريق واحد للمساعدة في إعادة بناء مقارباتنا األمنية وهوأن يقوم القادة العسكريون‬
‫الجزائريون بتوسيع تركيزهم إلى أعلى وإلى أسفل التسلسل القيادي‪ .‬لقد فهم القادة العسكريون‬
‫الجزائريون بالقوات البرية‪ ،‬وبشكل تقليدي‪ ،‬نية قادتهم ملستويين أعلى وقاموا بنقل نيتهم‬
‫ملستوى تشكيليين أدنى‪ ،‬وإني أعتقد بثقة أنه في ميدان املواجهة الحديث القادة بحاجة إلى‬
‫توسيع تركيزهم ثالث مستويات أو أكثر في كل اتجاه‪ ،‬وأنا ال أقترح أن الجيش الوطني الشعبي‬
‫يجب أن يتجاوز التسلسل القيادي أوالتصرف على مستوى املرؤوسين‪ .‬ولكن التجارب امليدانية‬

‫‪263‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫للوحدات الجزائرية وضعتنا أمام مدرك يق�ضي وأن عمليات القوات املسلحة الجزائرية المركزية‬
‫بدرجة متفاوتة وأن كل منطقة من مناطق العمليات تختلف عن األخرى بدرجة تجعل القادة‬
‫امليدانيين في حاجة إلى توسعة تفهمهم للعمليات فيما وراء ما كان يعمل لصالح الجيش الوطني‬
‫بشكل متعارف عليه في ميدان املواجهة و االصطدام التقليدي‪.‬‬
‫يمكن دعم إعادة تشكيل وصياغة عقيدة عسكرية جزائرية عن طريق مزيد من العمل‬
‫على تمكين التكامل األفقي غيراملقيد والنقل السريع واملجدي للمعلومات العسكرية السيادية‪.‬‬
‫ففي بعض األحيان ال تأتي املعلومات األكثر حساسية بميدان مواجهة التهديدات عن طريق‬
‫التسلسل القيادي‪ ،‬وإنما من مصادر خارجية‪ .‬ويكون على قيادة الجيش الوطني تمكين أولئك‬
‫األكثر حاجة لتلك املعلومات من الوصول إليها دون املراجعات التي يفرضها التسلسل القيادي‬
‫بصورة تقليدية‪ .‬ويقترب من ذلك كثيرا الحاجة إلى املراجعة املتواصلة لكيفية تصنيف القيادة‬
‫للمعلومات والسيطرة عليها‪ .‬أنا أعتقد أن القوات املسلحة الجزائرية تميل إلى املبالغة في عملية‬
‫تصنيف املعلومات التي تكون إما سريعة التال�شي أو ال تستحق التصنيف على اإلطالق‪ .‬وذلك‬
‫يؤدي في بعض األحيان إلى تقييد املعلومات الحساسة بقنوات سرية ال يكون في إمكان قادة‬
‫الوحدات الصغيرة الوصول إليها‪ .‬ومن الناحية التكنولوجية‪ ،‬يمكن تناول هذه املشكلة عن‬
‫طريق زيادة عدد األدوات املتاحة لنشر املعلومات السرية‪ .‬أما اآلن فيمكن دعم عملية حل‬
‫املشكلة باستخدام املزيد من الفكرواإلطالع في تقريرما هوبحاجة بالفعل للتصنيف كمعلومات‬
‫سرية منذ البداية‪ 2،‬يفتقرالجيش الوطني في األساس لآلتي‪:‬‬
‫– التأمل النقدي على فرائض أفراد الجيش تجاه القيادة‪.‬‬
‫– التركيز املتالئم على القيادة اإلستراتيجية على أنها مهارة وموضوع يتوجب أن يناقش ويطور‬
‫باستمرارية في أنحاء الجيش الوطني الشعبي‪.‬‬
‫– االنتظام فيما يسعى إليه أفراد الجيش تجاه القيادة العسكرية عندما ينظرون إلى ممارساتهم‪،‬‬
‫أنظمتهم‪ ،‬والعقيدة عبرالجيش الوطني عامة‪.3‬‬
‫وعليه ال يمكن ألي دولة أن تستخدم قدراتها العسكرية كقوة وطنية حاسمة لتحقيق‬
‫أهدافها ومصالحها دون االستناد إلى عقيدة عسكرية واضحة وفعالة‪ ،‬وذلك لألدواراملهمة التي‬
‫تقدمها العقيدة العسكرية لتوجيه النشاطات واألعمال العسكرية على املستويات املختلفة‪،‬‬
‫والتي تصب في مصلحة تحقيق أهداف اإلستراتيجية الشاملة‪ ،‬السيما إذا علمنا أن العقيدة‬
‫العسكرية بما تمثله من أسس ومبادئ تستوعب بتواترها حقيقة املراد الكلي إلستراتيجية ما‪،‬‬
‫وتعد بمثابة األساس الذي تقوم عليه تلك اإلستراتيجية‪ ،‬إذ إن العقيدة العسكرية تستند إلى‬
‫مجموعة من املقتربات اإلستراتيجية والتي نستطيع هنا أن نؤشرلها باالتي‪:‬‬
‫‪ -‬العقيدة العسكرية هي املوجه الرئيس إلعداد وبناء وتطوير القوات املسلحة وتجهيزها‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪264‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫واستخدامها ملواجهة التحديات‬


‫‪ -‬تعد العقيدة العسكرية بمثابة الركيزة األساسية لتنظيم وتدريب القوات املسلحة على‬
‫املستويات املختلفة‪ .‬الحالية واملستقبلية‪.‬‬
‫‪ -‬العقيدة العسكرية املنطلق األسا�سي ألية عملية عسكرية تقوم ا القوات املسلحة مهما كان‬
‫نوعها وحجمها‪.‬‬
‫‪ -‬تعد العقيدة العسكرية القاعدة األساسية لتوحيد جميع مفاهيم العسكريين تجاه استخدام‬
‫القوات املسلحة وهي الدليل املوحد لجميع األعمال والنشاطات العسكرية على جميع مستويات‬
‫الدولة املختلفة‪.‬‬
‫وتنقسم العقيدة العسكرية إلى ثالث أنواع رئيسية‪:‬‬
‫‪ -1‬العقيدة األساسية‪ :‬وهي مجموعة مبادئ تساعد على تحديد اإلطار العام للعقيدة‬
‫العسكرية على املستوى االستراتيجي وتقوم أو تأثره باملتغيرات اإلستراتيجية أو التقنية مقارنة‬
‫باملستوى ألعملياتي والتعبوي من العقيدة العسكرية‪ .‬بتوجيهها أيضا‪ ،‬ونطاق هذا النوع من‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫العقيدة واسع جدا‪ ،‬وال تعلوه إال العقيدة الشاملة للدولة‪ ،‬ويتسم هذا النوع بعدم خضوعه‬
‫و تأثره باملتغيرات اإلستراتيجية أو التقنية مقارنة باملستوى ألعملياتي والتعبوي من العقيدة‬
‫العسكرية‪.‬‬
‫‪ -2‬العقيدة البيئية ‪:‬وتعد ثاني أنواع العقيدة العسكرية على املستوى ألعملياتي‪ ،‬وهي‬
‫عبارة عن املبادئ األساسية التي تنتهجها العقيدة القتالية للعمليات املشتركة‪ ،‬والعقائد‬
‫القتالية للقوات البرية والجوية والبحرية ‪ .‬الوحدات الرئيسية للقوات املسلحة لتوجيه نشاطا ا‬
‫العسكرية املختلفة لتحقيق األهداف املرسومة لها‪ ،‬ومن أمثلة العقيدة البيئية‬
‫‪ -3‬العقيدة التنظيمية ‪ :‬وهي املبادئ األساسية التي تتبعها التشكيالت املختلفة في أي قوة‬
‫عسكرية لغرض القيام بواجبات وانجازاملهام املنوطة كجزء من القوات املسلحة‪ ،‬وتعد العقيدة‬
‫ً‬
‫التنظيمية على املستوى التعبوي للعقيدة العسكرية أكثرأنواع العقائد العسكرية تفصيال‪ ،‬فهي‬
‫توضح املهام واألدوار ومبادئ االستخدام لكل نشاط عسكري‪ ،‬وتتدرج في تفاصيلها إلى الطرق‬
‫واألساليب واإلجراءات الخاصة باستخدام أي تشكيل معين‪ ،‬هو أكثر أنواع العقيدة العسكرية‬
‫ً ً‬
‫تغيرا نظرا لتأثرها الكبيرواملباشربالتطورات التقنية والخبرات الفعلية العسكرية‪.‬‬
‫وتتمثل العوامل املؤثرة في صياغة العقيدة العسكرية للدولة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إستراتيجية األمن القومي املعتمدة ‪.‬‬
‫‪ -‬الخلفية التاريخية‪.‬‬
‫‪265‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫‪ -‬التكنولوجيا و التطور التقني‪.‬‬


‫‪ -‬التهديدات املدركة‪.‬‬
‫‪ -‬املوارد القومية التي تخصصها الدولة لبناء قو ا العسكرية‪.‬‬
‫‪ -‬الوضع الجغرافي وتأثيره في قدرة الدولة عن الدفاع عن وجودها وحماية مواطنيها وممتلكاتهم‪.‬‬
‫‪ -‬املوارد البشرية والعوامل االقتصادية‪.4‬‬
‫العقيدة العسكرية الجزائرية غنية باملعارف العسكرية – العلمية بحيث يمكن اعتبارها‬
‫مجموعة متكاملة من وجهات النظر التي تعلل وبشكل علمي جوهر وطبيعة وأساليب تنفيذ‬
‫الحرب‪ ،‬واملتطلبات الواجب توفرها في البناء العسكري أيضا وإعداد القوات املسلحة والبالد‬
‫لسحق العدو واالنتصار عليه‪ .‬وقد تجلى ظهور العقيدة العسكرية الجزائرية بشكلها املحدد في‬
‫النظرية واملمارسة العملية لبناء القوات املسلحة واإلستراتيجية والفن العملياتي والتكتيك‪.5‬‬
‫املحور الثاني ‪ :‬البعد التنموي للمقاربة الجزائرية لألمن في املنطقة‬
‫ً‬
‫على الرغم من أن الحدود التي لم تأخذ بالحسبان الخصائص البشرية اإلفريقية (تاريخيا‬
‫وأثنيا)‪ ،‬و لم تتوافق في كثير من املناطق الساحلية و الصحراوية مع املعايير الطبيعية املعتمدة‬
‫في إقامة الحدود بين الدول‪ ،‬إال أنه يمكن تحويل هذه الحدود إلى مناطق للتعاون والتنمية‬
‫اإلقليمية‪ ،‬ويمثل مشروع الطريق السيار الجزائر وجنوب إفريقيا باإلضافة إلى أنبوب النفط‬
‫الذي سينقل النفط النيجيري إلى أوروبا عبرالجزائر‪ .‬العابرللصحراء مشاريع التكامل اإلقليمي‪،‬‬
‫وسيكون الطريق وسيلة لعبور كابل األلياف البصرية‪.‬‬
‫‪-1‬مشروع الطريق العابرلصحراء إفريقيا‪ :‬من الناحية التاريخية‪ ،‬يعتبرالطريق العابرللصحراء‬
‫أول مشروع إفريقي من نوعه‪ ،‬يدخل في سياق البرنامج اإلفريقي للهياكل األساسية للطرقات‬
‫على مستوى القارة و الذي يغطي ‪ 9‬طرق رئيسية من شأ ا ربط جميع عواصم الدول اإلفريقية‬
‫بغية ترقية التنمية والتكامل االقتصادي واالجتماعي للقارة و يربط بين ستة بلدان هي الجزائر‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬مالي‪ ،‬النيجر‪ ،‬تشاد ونيجيريا ‪ ،‬ويساهم في زيادة نسبة املبادالت التجارية بين هاته البلدان‬
‫وتحسين الظروف املعيشية لشعوب املنطقة‪ ،‬بكسر العزلة عن املناطق الصحراوية وتطوير‬
‫املبادالت ( التجارية والثقافية بين الشعوب الجارة ‪ ،‬التي تمثل األهداف املحورية لتحقيق هذا‬
‫املشروع الكبير والهيكلي ) ( اإلفريقي الذي من شأنه اإلسهام في تحقيق األمن و التنمية ‪ ،‬حيث‬
‫أنفقت الجزائر مبلغ ‪ 2‬مليار أورو‪ ) ،‬ما يعادل ‪ 212‬مليار دج إلنجاز املشروع‪ ،‬حيث نجحت إلى‬
‫غاية اآلن في إنجاز‪ % 95‬منه‪ ،‬على مستوى الجزائر‪ ،‬تونس‪ ،‬النيجر‪ ،‬مالي‪ ،‬نيجيريا وتشاد‪ ،‬حيث‬
‫تكفلت الجزائربإنجازنصيبها املتمثل في‪ 3400‬كلم‪ ،‬وأنجزت املقطعين املتعلقين بالنيجروتونس‬
‫على امتداد ‪ 2400‬كلم و‪ 39‬كلم على التوالي‪ ،‬فيما يبقى الجزء الخاص بمالي متعطال النفالت‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪266‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫أمني بعدما أنجزت نسبة ‪ % 50‬منه‪ ،‬على مسافة بلغت ‪ 200‬كلم التي تربط بين تمنراست‪،‬‬
‫تيمياوين وتيزاواتين‪ ،‬وأشار وزير األشغال العمومية ( فاروق شيالي إلى أن استكمال املشروع‬
‫سيتم قريبا بما أنه مبرمج حتى آفاق ‪.)2016‬‬
‫‪ -2‬مشاريع نقل كابل األلياف البصرية و أنابيب البترول والغاز‪ :‬حيث تربط هذه املشاريع بين‬
‫نيجيريا والجزائرمرورا بالنيجرومالي استنادا إلى طرق الصحراء التي تمرعبرها أنابيب نقل الغاز‬
‫والبترول‪ ،‬حيث تفرض عليها رسوم و اتوات توجه لتنمية تلك املناطق الحدودية‪ .‬باإلضافة‬
‫إلى مباشرة الجزائر ومنذ فترة تمويل عمليات حفر أبار املياه وكذا مراكز التكوين االحترافي‬
‫واملراكز الصحية خصوصا في شمال مالي ( والنيجر وتشاد) ‪ .‬إن املتمعن واملتفحص للخريطة‬
‫الجيوسياسية للدول الساحلية و املغاربية من املشكالت و قضايا األمنية يجدها تعاني نزاعات‬
‫وحروب التي تالزم هاته النزاعات داخلية وبينية ودول منهارة وأخرى عاجزة ونظرا لخاصية‬
‫االنتشار واملخاطر والتي تشكل تحديا رئيسيا ألمن الساحل اإلفريقي إدراكا من الجزائر ومن‬
‫خالل خبر ا في الحرب على اإلرهاب بأن(الفقر والجهل واألمية) من األسباب الرئيسية املنتجة‬
‫لإلرهاب أو الداعمة له فقد أكدت في الكثير من املرات على ضرورة تطوير مقاربة اقتصادية‬
‫تضامنية ملحاربة اإلرهاب العابر لألوطان‪ ،‬وذلك من خالل مراعاة الجانب املتعلق بالعنصر‬
‫البشري أي إقامة مشاريع تنموية يمكن بواسطتها امتصاص البطالة وضمان استقرارالسكان‪،‬‬
‫وهو ما تفضل الجزائر وتلح عليه بأن يلتفت إليه الجميع من خالل تفعيل التنمية في الساحل‬
‫ألنه البديل الفعال الذي يسمح بتجاوز كل املصاعب في هذا الجزء الحساس من القارة‪.6‬‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫ولطاملا تبنى االتحاد االوربي مقاربة إستراتيجية يحكمها «مبدا املزيد من ا جل املزيد»‪،‬‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫املزيد من اإلصالحات ا و باالحر ى التنازالت يف�ضي إلى الحظوة باملزيد من املساعدات‪ ،‬التي‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫يؤمها مشروع «إستراتيجية من ا جل الساحل» الذي يركز على معادلة اال من والتنمية في‬
‫املنطقة كمدخل لإلصالح واستتباب األمن والسالم في أقاليم تشهد تفككا اجتماعيا وسياسيا‬
‫ٔ‬
‫واقتصاديا بالغا‪ .‬تبلورت هذه اإلستراتيجية في ‪ 22‬سبتمبر ‪ 2011‬عن جهاز املصالح االوروبية‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫من ا جل العمل الخارجي (‪ )SEAE‬يهدف إلى توحيد السلوك الخارجي اال وربي و جعله منسجما و‬
‫ٓ‬ ‫ٔ‬
‫فعاال حسب ما عبرت عنه املمثلة السامية للشؤون الخارجية و سياسة االمن “كاثرين اشتون”‬
‫ٔ‬
‫(‪ )Catherine Ashton‬فحوى هذه اإلستراتيجية يقوم على الربط بين االمن و التنمية في حل‬
‫ٔ‬
‫مشكالت املنطقة ‪ ،‬كما اتجهت بالدرجة اال ولى نحو ثالث دول بعينها هي ‪ :‬النيجر ‪ ،‬ومالي‪ ،‬و‬
‫ٔ‬
‫موريتانيا حيث سمتهم بدول قلب الساحل ‪ ،‬هذا و تنصرف إستراتيجية من اجل الساحل في‬
‫ٔ‬
‫التركيزعلى اربعة محاور أساسية هي‪:‬‬
‫ٔ‬
‫املحور االول‪ :‬ترقية التنمية‪ ،‬الحكم الراشد وحل النزاعات الداخلية‪ ،‬حيث الهدف حل‬
‫املشكالت السوسيواقتصادية من خالل تحسين ظروف معيشة السكان في الساحل‬
‫ومنحهم فرصا اقتصادية تضمن تحجيم التيارات املتطرفة واإلجرام الذي يستثمر في‬

‫‪267‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫تلك املتغيرات في تعزيز الكيانات املؤسساتية‪،‬وبلورة الحوار الوطني المتصاص التوترات‬


‫االجتماعية‪،‬والسياسية‪،‬واالثنية‪.‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬ترقية التعاون اإلقليمي من خالل دمج دول املنطقة في حوار إقليمي فعال يتيح‬
‫لها إدارة التهديدات والتحديات التي تواجهها‪.‬‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫املحور الثالث‪ :‬تقوية القدرات اال منية الوطنية وتعزيز دولة القانون‪ ،‬حيث اتضح ا ن سبب‬
‫عدم االستقرارفي املنطقة مرده إلى غياب التنمية وهشاشة رقابة األجهزة الحكومية‪ ،‬فانصرفت‬
‫اإلستراتيجية نحو دعم األجهزة األمنية وتقوية القدرات املؤسساتية املؤهلة ملواجهة اإلرهاب‬
‫والجريمة عبرالوطنية‪.‬‬
‫املحور الرابع‪ :‬تحسين الوضع االقتصادي ومنع التطرف‪،‬والعنف‪،‬والراديكالية‪ ،‬حيث‬
‫يعيش الشريط الساحلي على وقع املشكالت السوسيواقتصادية التي عززت التهميش‪،‬وتردي‬
‫االنسجام‪،‬والتوازن املجتمعي‪،‬ومن شأن العمل على هذا املحور محاربة الفقر وعوامل العنف‬
‫والتطرف‪ .‬وقد خصص االتحاد لتنفيذ هذه اإلستراتيجية غالفا ماليا يقدر بحوالي ‪ 650‬مليون‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫ا ورو؛ منها ‪ 450‬خصصت للدول الثالث التي تمثل قلب اإلستراتيجية‪ ،‬ا ما ‪ 200‬مليون ا ورو‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫فوجهت لبقية دول غرب إفريقيا واملغرب العربي‪،‬إضافة إلى ‪ 150‬مليون ا ورو من الصندوق اال‬
‫‪7‬‬
‫وربي للتنمية‪.‬‬
‫في الجزائر فقد اضطلعت القوات املسلحة بمهامها وذلك بمشاركتها الفعالة في مشروع‬
‫التنمية الوطنية الهادف إلى استكمال االستقالل في جميع امليادين حيث قامت عقب االستقالل‬
‫الوطني بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تطهير الحدود الشرقية والغربية من األلغام املمتدة على خطي شال وموريس وإزالة أثار‬
‫الحرب املدمرة‪.‬‬
‫‪ -‬بناء املرافق الخدماتية و تقريبها من املواطنين لفك العزلة عنهم‪.‬‬
‫‪ -‬رسم الحدود مع الدول املجاورة وتأمين سالمتها‪.‬‬
‫‪ -‬املساهمة في تحقيق عدة مشاريع وطنية كاملخطط الرباعي األول ومشاريع البرامج الخاصة‬
‫بتنمية املناطق الريفية و الفقيرة‪ .‬تمثلت تلك االنجازات‪ ،‬في بناء القرى النموذجية ومختلف‬
‫مرافقها الحيوية‪ ،‬بناء السدود الجديدة وإصالح القديمة منها‪ ،‬وشق الطرق‪ ،‬حفر اآلبار ومد‬
‫األنابيب‪ ،‬مد األسالك وأعمدة الكهرباء والهاتف‪ .‬لقد كانت مساهمة الجيش الوطني الشعبي‬
‫بوصفه أداة الثورة في تنمية البالد وبناء االشتراكية األمرالذي أكسبه الشرعية كحافظ للنظام‬
‫و مدافع عن عملية التحول نحو االشتراكية ‪.‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪268‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫‪ -‬بناء املدارس والثانويان والجامعات في كثيرمن واليات الوطن حيث أتاحوا لألجيال الصاعدة‬
‫فرصة االلتحاق بميدان التعليم‪ ،‬إضافة إلى قيامهم بإنجاز العديد من املطارات املدنية و شق‬
‫‪8‬‬
‫الطرق السريعة و خطوط السكة الحديدية في مختلف جهات الوطن خاصة باملدن الجنوبية‪.‬‬
‫املحور الثالث ‪ :‬اآلليات الدبلوماسية الجزائرية الحتواء أزمات املنطقة‬
‫يصعب فهم الدبلوماسية األمنية الجزائرية في فضائها العام‪ ،‬من دون اإلملام بشبكة من‬
‫املؤشرات الجيوسياسية املتداخلة‪ ،‬ويزداد هذا التوجه صعوبة إذ لم تتم موضعة( (�‪localisa‬‬
‫‪ )tion‬هذه الدبلوماسية ضمن التدبيرالسيا�سي العمومي‪ )management publique( ،‬للسياسة‬
‫الخارجية الجزائرية التي تتكئ على جملة مقومات وثوابت دستورية وقانونية شكلت على مدار‬
‫التاريخ السيا�سي الجزائري منطلقا هاما في تفسيرالسلوك السيا�سي الجزائري الدبلوما�سي‪.‬‬
‫ولعل أهم ملمح ينبغي التأكيد عليه هو أنه فواصل زمنية متقاطعة تشكلت مجاال مهما‬
‫لفهم السلوك الجزائري‪ ،‬كما أن هناك عقيدة أمنية (‪ )Doctrine sécuritaire‬وثوابت دستورية‬
‫إجرائية ‪ Principes constitutionnels et Opérationnels‬تشكل على الدوام لوازم مهمة من‬
‫لوازم عالقات الجزائر بالغير؛ وترتكز على مفاهيم عدم التدخل في شؤون الغير وضبط إيقاع‬
‫التحرك الدبلوما�سي ضمن الجماعة العربية أو اإلفريقية مع األخذ بعين االعتبارسياسة حسن‬
‫‪9‬‬
‫الجواركمورد أسا�سي مهم في فهم العالقات الدبلوماسية الجزائرية‪.‬‬
‫تعتبر منطقة الساحل بمنزلة الحزام األمني الجنوبي للجزائر‪ ،‬ملا تشكله من عمق‬
‫ويعد الشريط الساحلي الصحراوي‬ ‫جيواستراتيجي وتهديدات أمنية الستقرار األمن الوطني‪ّ .‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قضية حيوية لألمن القومي الجزائري‪ ،‬نظرا إلى املميزات الخاصة التي تطبع املنطقة وتحديدا‬
‫في ما يرتبط بفشل الدول وهشاشة نظامها من جهة‪ ،‬يضاف إليها شساعة الرقعة الجغرافية‬
‫يصعب على دول الساحل ضبط االستقرار األمني وتحقيق اإلشباع‬ ‫للمنطقة الصحراوية؛ ما ّ‬
‫ِ‬
‫والتماسك االجتماعيين لتجسيد املشاريع التنموية‪ .‬وتعتبرجملة هذه املميزات بمنزلة التحديات‬
‫والتهديدات األمنية الكبرى لألمن الوطني وهو األمرالذي يطرح مجموعة من‪ (.‬املشاريع الوطنية‬
‫واإلقليمي‪.10‬‬
‫ً‬
‫باعتبار أن الجزائر لديها تجربة أمنية عميقة ومشهود لها دوليا بعد خروجها من العشرية‬
‫السوداء بأيادي جزائرية ودون تدخل أجنبي‪،‬فإنها بخبرتها وضعت نفسها في مكان ُيحظى باألولوية‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫في مجال االستشارة األمنية إقليميا قاريا ودوليا ‪ ،‬بل كانت لها املقاربة األفضل من كل املقاربات‬
‫ملعالجة التهديدات في منطقة ساحل الصحراء بتفضيلها لغة العقل والحوار على البندقية‬
‫والدبابة واملقاربة االقتصادية كبديل على القوة العسكرية لبناء السالم ‪ ،‬وباعتراف املجتمع‬
‫الدولي من خالل عدة زيارات رسمية لعدة دول كبرى حثت الجزائر على لعب دور الدركي أو‬
‫الشرطي في املنطقة التي ترى في هذا الدور دور سيغرقها في أوحال (مشاكل نزاعات صعوبات…)‬

‫‪269‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫ال خروج منها‪ ،‬كما أنه مبدأ ال يتما�شى مع سياستها الخارجية‪ ،‬ومن هنا يمكن القول أن املقاربة‬
‫الجزائرية األمنية في منطقة الساحل تقوم على ما يلي‪:‬‬
‫‪ 1-‬االعتماد على الدبلوماسية كنهج في فضائها الجيوسيا�سي اإلقليمي واإلفريقي والسيما‬
‫أنها تدرك أن جوارها يمثل حزام ناري يهددها في حدود يتجاوز طولها ‪6343‬كلم‪،2‬وبالتالي‬
‫فإن األمن الجواري الجزائري يرتبط بخمسة معضالت أساسية وهي كما يلي‪-:‬‬
‫‪2 2-‬صعوبة بناء الدولة ضمن الواقع الجواري‪.‬‬
‫‪3 3-‬تعدد الصراعات السيما منها الهوياتية والقبلية‪.‬‬
‫‪4 4-‬انتشارلجميع أشكال الجريمة خاصة منها الخطيرة كتجارة األسلحة واملخدرات‪.‬‬
‫‪ 5-‬ضعف األداء السيا�سي الوظيفي للدول املجاورة خاصة وأنها شهدت ستة انقالبات منذ‬
‫بداية األلفية الثالثة (تشاد‪،‬موريتانيا‪،‬مالي…)‪.‬‬
‫‪ 6-‬الخريف العربي الذي جعل الدول تنطلق من الصفربل تحت الصفرفي ليبيا والتخوف‬
‫من سيناريو جزائري تثيره أيادي مصلحية‪.‬‬
‫ً‬
‫لذلك فإن الجزائرتدرس األوضاع األمنية جيدا في منطقة الساحل‪،‬وتتمسك باملبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ 1-‬عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول‬
‫‪ 2-‬تغليب لغة الحواروالعقل على لغة السالح‬
‫‪ 3-‬انتهاج املقاربة االقتصادية لبناء السالم في املنطقة‬
‫‪4 4-‬حل النزاعات بالطرق السلمية‬
‫‪ 5-‬التنسيق والتعاون املشترك بين الدول ملواجهة التهديدات األمنية في منطقة الساحل‬
‫باعتبارأن أمن الجزائرهو أمن الجاروأن التهديدات أصبحت زاحفة (‪. )Greeping‬‬
‫‪ 6-‬التعامل مع املجتمع الدولي بتوجه يرفض دفع الفدية لإلرهابيين ومكافحة اإلرهاب‬
‫ومنع انتشاره‪.‬‬
‫‪7 7-‬رفض التدخل األجنبي ومحاولة حل املشاكل اإلفريقية بأيادي إفريقية كما يقول‬
‫املثل”أهل مكة أدرى بشعابها” ألنها إفريقيا تدرك وتفهم عناصر مسببات مشاكلها‬
‫أفضل من الغرب وهذا ال يعني العزلة بل تقديم الدعم الغربي السيما املادي لإلفريقيين‬
‫ملواجهة التهديدات‪.‬‬
‫‪ 8-‬تأمين الحدود الجزائرية بأزيد من ‪ 147‬ألف جندي‪،‬والتركيز على الجنوب الجزائري‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪270‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫السيما وأنه يمثل “البطن الرخو” لألمن القومي الجزائري التساع املساحة‪،‬ومن جانب‬
‫‪11‬‬
‫آخرفإن الجزائربهذا ال تؤمن حدودها فقط بل حدود الدول املجاورة لها‪.‬‬
‫بعد هجمات ‪ 11‬سبتمبر‪2001‬م انقلبت املوازين السياسية واكتسبت الجزائرفي حربها‬
‫ضد التهديدات الداخلية نوعا من الشرعية‪ ،‬وأصبح العالم يعتمد على الخبرة الجزائرية‬
‫في املجال األمني و االستخباراتي والعسكري لتصدي ملصادر التهديدات واألخطار العابرة‬
‫للحدود خاصة في مجال مكافحة اإلرهاب الدولي‪ ،‬ومع التحوالت التي جاء بها الربيع‬
‫العربي زادت حدة وخطورة التهديدات اإلقليمية‪ ،‬وألول مرة منذ حرب الرمال ‪1963‬‬
‫أصبح األمن القومي الجزائري مهددا من الخارج‪ ،‬وبطرق مباشرة وغير مباشرة‪ ،‬وعلى‬
‫مستوى كل الحدود تقريبا‪ ،‬وبنسب متفاوتة‪ ،‬خاصة في ظل تأزم وتفاقم األوضاع األمنية‬
‫في دول الجوار‪ ،‬والذي يرجع لعاملين األول الفشل الدوالتي في دول الساحل اإلفريقي‪،‬‬
‫والثاني سقوط األنظمة السياسية في كل من تونس وليبيا ومصر‪ ،‬وما ترتب عن ذلك‬
‫جد سلبية على األمن الوطني في الجزائر‪ ،‬وقد تعددت الفواعل املهددة لألمن في‬‫من آثار ّ‬
‫املنطقة وأبرزها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تحالف اإلرهاب والجريمة املنظمة (التهديدات الصلبة ) ‪:‬‬
‫أخذت تهديدات الدائرة اإلفريقية لألمن القومي الجزائري التي مصدرها ما بات يعرف‬
‫باإلرهاب في الصحراء والساحل منحى أخطر بعدما أقامت التنظيمات املسلحة عالقات تعاون‬
‫وتبادل مع عصابات الجريمة املنظمة واملافيا‪ ،‬وبعدما صارت ال تتوانى عن ممارسة أي نشاط‬
‫إجرامي (االتجار باملخدرات‪ ،‬البشر والسالح) من أجل التموين وتمويل نشاطها بسبب مصادر‬
‫التمويل واملؤونة التي كانت تعتمد عليها في التسعينات من القرن املا�ضي‪ .‬ففي هذا الصدد‪،‬‬
‫كشفت التحريات الجزائرية حول االعتداء املسلح في نهاية يونيو‪ /‬حزيران ‪ 2010‬بتين زاوتين‬
‫بتمنراست‪ ،‬والذي أسفرعن اغتيال ‪ 12‬عنصرا من حرس الحدود الجزائري‪ ،‬عن تورط تنظيم‬
‫القاعدة فيه‪ ،‬وأن هذا االعتداء كان تسهيل عملية تهريب سبعة قناطير من الكيف املعالج إلى‬
‫داخل التراب الجزائري‪ .‬وتضاف هذه العملية إلى اعتداءات أخرى ضد فرق الجمارك الجزائرية‬
‫سبقتها أهمها مقتل ‪ 13‬جمركي باملنيعة على أيدي الجماعة السلفية في ‪ ،2006‬باإلضافة إلى‬
‫االعتداءات املسلحة ضد حرس الحدود في والية بشاراملعروفة كممرللتهريب‪.‬‬
‫تشكل الجريمة املنظمة‪ ،‬وباألخص املتعلقة باالتجار باملخدرات‪ ،‬تهديدا جديدا لألمن‬
‫الجزائري يمس بتأثيراته السلبية جميع الوحدات املرجعية لألمن الجزائري (الدولة‪ ،‬املجتمع‬
‫واملجتمع األفراد) والذي يتطلب أيضا استراتيجيات أمنية شاملة‪ ،‬أي قائمة على إجراءات‬
‫عسكرية وأخرى غير عسكرية (قضائية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬اجتماعية) للتصدي له‪ .‬وقد ساهمت‬
‫عوامل القرب الجغرافي من مناطق إنتاج وعبور املخدرات في إفريقيا جنوب الصحراء (خليج‬
‫غينيا بالدرجة األولى‪ ،‬باإلضافة إلى السنغال‪ ،‬ساحل العاج‪ ،‬غانا‪ ،‬التوغو‪ ،‬البنين‪ ،‬نيجيريا‬
‫‪271‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫والكاميرون)‪ .‬وكذا ضعف األنظمة الجنائية في إفريقيا جنوب الصحراء وفسادها‪ ،‬وطبيعة‬
‫بنية الحروب والنزاعات فيها وكذا انكشاف الجزائرمن الجنوب بسبب ضعف التغطية األمنية‬
‫لحدودها الجنوبية في تفاقم التأثير السلبي للمخدرات على أمن املجتمع واألفراد الجزائريين‪.‬‬
‫وتشير أرقام كميات القنب الهندي‪ ،‬الكوكايين‪ ،‬الهروين املضبوطة في الجزائر كل سنة واملقدرة‬
‫باألطنان‪ ،‬باإلضافة إلى مئات اآلالف من األقراص املهلوسة‪ ،‬إلى خطورة التهديد اآلتي من‬
‫املخدرات وشبكات تهريبها واالتجاربها على األمن الجزائري‪.12‬‬
‫ً‬
‫يعد الساحل منطقة مثالية لحركة مرور األسلحة‪ ،‬فقد أصبح الطلب عليها مكثفا بسبب‬
‫العديد من الصراعات‪ ،‬إذ تتحدث التقديرات عن وجود نحو ‪ ٨٠‬ألف قطعة سالح من نوع‬
‫كالشينكوف‪ ،‬ما غذي الشبكات اإلجرامية العاملة في التهريب والجماعات اإلرهابية‪ .‬وازدادت‬
‫هذه الظاهرة بشكل وعودة الطوارق الذين « معمر القذافي » كبير ومتسارع من جراء إفرازات‬
‫األزمة الليبية وسقوط نظام قاتلوا إلى جانبه مدججين باألسلحة‪.13‬‬
‫‪ -2‬أزمة الطوارق‪( :‬إشكالية فوق دولتية)‪ :‬اعتبرت منطقة انتشار الطوارق من البؤر ذات‬
‫الجغرافيا السياسية البالغة الحساسية أمنيا‪ ،‬كما عدت أزمة الطوارق من أقدم وأعقد‬
‫التحديات التي تواجه األمن القومي الجزائري بل ويعتبر حضورها ضمن الشواغل األمنية‬
‫الجزائرية منذ زمن قديم مقارنة بمشكالت وتهديدات دوائر إستراتيجية أخرى‪ .‬وتعد أزمة‬
‫الطوارق مورثا استعماريا ملغما يرجع تاريخه إلى استقالل كل من ليبيا ‪ ،1951‬والنيجر‪،1960‬‬
‫ومالي ‪ ،1960‬وبوركينافاسو‪ 1960‬والجزائر‪ ،1962‬عندما وجدت القبائل الطوارقية املتمركزة‬
‫في الصحراء الكبرى نفسها مشتتة بين هذه الدول ذات السيادة‪ ،‬والتي اتفقت على احترام مبدأ‬
‫«عدم املساس بالحدود املوروثة عن االستعمار» املنصوص عليه في ميثاق منظمة الوحدة‬
‫اإلفريقية سنة ‪ .1963‬ومعلوم أن التقسيمات الجغرافية للصحراء التي تمت باالتفاق بين‬
‫فرنسا‪ ،‬التي كان أكبرجزء من الصحراء تابعا لها‪ ،‬وإلسبانيا وإيطاليا تم تقطيعها بشكل اعتباطي‬
‫لم يراع الحدود األنثروبولوجية (العرقية والدينية) للمجتمعات اإلفريقية والقبائل الصحراوية‬
‫(الطوارق فيما يخص حالة الجزائر)‪.‬‬
‫في ظل هذا الواقع‪ ،‬انقسم الطوارق في رؤيتهم إلى موقفين‪ :‬موقف رافض لواقعهم املقسم‬
‫ويطالب بتكوين دولة طوارقية في الصحراء الكبرى‪ ،‬وموقف مؤيد للبقاء تحت سيادة الدول‬
‫املستقلة شريطة التمتع بالحرية في التنقل والحكم واإلدارة الذاتية‪ ،‬حتى وإن كان أغلب الطوارق‬
‫في األصل ال يعترفون بفكرة الحدود وال بتحديد مجال جغرافي لتنقالتهم التي تتسايرمع التقلبات‬
‫املناخية‪ .‬ومنذ ذلك الوقت وعالقات الطوارق مع األنظمة املتعاقبة على الدول التي يتواجدون‬
‫فيها يسودها التوتر سيما دوليتي مالي والنيجر اللتان مارستا تهميشا وقمعا ضد سكان شمال‬
‫كل منهما خالل عشرية الثمانينيات من القرن املا�ضي مما أجبرالطوارق على الهجرة إلى الجزائر‬
‫وليبيا وعلى حمل السالح في وجه جيوش النيجرومالي للمطالبة بحقوقهم‪.‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪272‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫نتيجة للموقف األخير‪ ،‬ظهرت مجموعة من حركات األزواد تسمي نفسها تحريرية تمردت على‬
‫سلطة الحكومات املركزية ملالي والنيجروقادت خالفاتها معها وتحركاتها ضدها إلى تنامي موجات‬
‫الالجئين واملهاجرين السريين نحو الجزائر‪ ،‬وفضال عن التبعات اإلنسانية واملشكالت األمنية‬
‫(تهريب‪ ،‬تجارة مخدرات‪ ،‬اعتداءات على مواطنين جزائريين وغيرها) التي أفرزها وجود هؤالء‬
‫الالجئين واملهاجرين في صحراء الجزائرومدنها الجنوبية واستخدامهم كمناطق انكفاء إستراتيجي‬
‫وانسحاب في حال مالحقات من طرف القوات النظامية النيجرية أو املالية‪ .‬وال تستبعد بعض‬
‫التقارير أن تكون العمليات املسلحة التي قاموا بها ضد بلدانهم األصلية (وبتحديد ضد ثكنتين‬
‫عسكريتين للجيش املالي في كيدال) انطلقت من األرا�ضي الجزائرية وبالتعاون مع أفراد قبائلهم‬
‫الذين لم يغادروا مواطنهم في مطلع تسعينيات القرن املنصرم أو حتى سنة ‪ .2006‬وقد قادت‬
‫هذه العمليات إلى توتر إقليمي بين البلد املستقبل (الجزائر) والبلدان األصلية لالجئين (مالي‬
‫والنيجر) كادت أن تؤدي إلى انفالت الوضع األمني هناك وإلى فتح جبهة جنوبية للقتال بالنسبة‬
‫للجزائر كانت في غنى عنها بحكم تكريسها لجهدها األمني والعسكري في شمال البالد الذي كان‬
‫يعاني من األلفية املنقضية‪.‬‬
‫وقد تبنت الجزائر رؤية تقوم على سياسة وقائية وذلك بتوفير البديل االقتصادي‬
‫واالجتماعي للطوارق املوجودين على أراضيها عبرجمعهم في قرى ومدن جنوبها وترقية معيشتهم‬
‫ومحاولة إدماجهم في الحياة السياسية‪ .‬غير أن هذه السياسة الجزائرية لم تكف لدرء تهديد‬
‫الحركات األزوادية والحد من نشاطهم املسلح‪ ،‬ألن مالي والنيجرلم تقدما‪ ،‬وبشكل موازملا قامت‬
‫به الجزائر‪ ،‬أي بديل لتعويض التغيرات التي طرأت على النمط املعي�شي للطوارق بشكل يخدم‬
‫استقرار املنطقة‪ ،‬بل أعطت سياستهما تجاه الساكنة الشمالية وضعف العدالة التوزيعية‬
‫اقتصاديا وسياسيا فيهما الحجة للطوارق للثورة ضد حكومتيهما؛ سيما وأن الطوارق لم يجدوا‬
‫بديال عنها أمام استمرارتدهور أحوالهم االقتصادية وتجاهل مطالبهم من طرف حكومتي باماكو‬
‫ونيامي‪.‬‬
‫وقد خاضت الجزائر من منطق ومبدأ حسن الجوار الوساطة الدبلوماسية لحل مشكلة‬
‫األزواد منذ ‪ 1991‬بين الحركة الشعبية لتحرير األزواد‪ ،‬والجبهة العربية اإلسالمية لألزواد‬
‫لغرض وقف العمليات املسلحة‪ .‬كما قادت الجزائر دبلوماسية نشطة بين الطوارق وحكومتي‬
‫مالي والنيجر محتضنة العديد من اللقاءات وعمليات الوساطة مثل (لقاء الجزائر العاصمة‬
‫األول من ‪ 29‬إلى ‪ 30‬ديسمبر‪ /‬كانون األول ‪ ،1991‬لقاء الجزائرالثاني من ‪ 22‬إلى ‪ 30‬يناير‪ /‬كانون‬
‫الثاني ‪ ،1994‬لقاء الجزائر الثالث من ‪ 15‬إلى ‪ 25‬مارس‪ /‬آذار ‪ ،1992‬لقاء تمنراست من ‪ 16‬إلى‬
‫‪ 20‬أبريل‪ /‬نيسان ‪ ،1994‬لقاء الجزائر ‪ 10‬إلى ‪ 15‬ماي ‪ ،1994‬لقاء تمنراست من ‪ 27‬إلى ‪30‬‬
‫يناير‪ /‬كانون الثاني ‪ )1994‬وتوج اللقاء األخير باإلعالن الرسمي عن انتهاء النزاع في شمال مالي‬
‫‪ 26‬مارس‪ /‬آذار ‪ ،1996‬نظمت الحكومة املالية على إثره بمنطقة تمبكتو حفل «شعلة السالم»‬
‫ُ‬
‫اجتمع فيه جميع الفرقاء وأتلفت خالله كل األسلحة التي جمعت في هذا النزاع‪.‬‬
‫‪273‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫إال أن عدم احترام الطرفين املالي والطوارقي لالتفاقيات املبرمة بينهما كان يؤدي في كل‬
‫مرة إلى االضطراب مجددا وتتدخل الجزائر على خط الوساطة بسرعة؛ لوعيها بخطورة النزاع‬
‫الطوارقي على أمنها القومي‪ .‬وعلى إثر اشتداد الصراع سنة ‪ 2006‬قادت الجزائر وساطة أشرف‬
‫عليها الرئيس الجزائري بوتفليقة شخصيا كدليل على اهتمام الجزائر الكبير بالدائرة اإلفريقية‬
‫ألمنها القومي وبتهديد الذي يشكله إقليم أزواد بصفة خاصة‪ .‬وقد أفضت هذه الوساطة إلى‬
‫التوقيع على اتفاق سالم بالجزائر في يوليو‪ /‬تموز ‪ 2006‬تحت اسم «تحالف ‪ 23‬مايو من أجل‬
‫ً‬
‫التغيير» الذي كان أثراملقاربة الجزائرية إلحالل األمن في املنطقة واضحا فيه‪ .‬ولتجسيد االتفاق‬
‫أن�شئ مجلس جهوي مؤقت للتنسيق واملتابعة يتم اختيار أعضائه بطريقة متفق عليها‪ ،‬يتولى‬
‫شؤون التنمية ويشرف على امليزانية املحلية وجميع مظاهر األمن في املنطقة‪ .‬وعلى الصعيدين‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬نص االتفاق على تنظيم منتدى كيدال حول التنمية خالل ثالثة أشهر‬
‫بعد توقيع االتفاق يف�ضي إلى إنشاء صندوق خاص لالستثمار‪ ،‬مع تسريع مسارتحويل صالحيات‬
‫التسيير إلى الجماعات املحلية‪ ،‬ومنح قروض إلقامة مشاريع تنموية‪ ،‬وتحديد التبادل التجاري‬
‫وتنسيقه بين مناطق دول الجوار‪ ،‬ووضع نظام صحي يالئم طبيعة األهالي الرحل والقضاء على‬
‫عزلة املنطقة عبرتطويرشبكة الطرقات الرئيسية بين كيدال وداخل البالد وداخل البالد وبينها‬
‫وبين املناطق الجزائرية املتاخمة‪.‬‬
‫بيد أن تطبيق البنود السابقة شهد خالفات أخرى بين الطرفين تطلبت الدخول في‬
‫مفاوضات جديدة برعاية الوسيط الجزائري انتهت بالتوقيع في ‪ 20‬فبراير‪ /‬شباط ‪2007‬‬
‫بالجزائر على بروتوكول إضافي يضم ثالث وثائق‪ :‬األولى تخص اإلجراءات التطبيقية العالقة في‬
‫اتفاق يوليو‪ /‬تموز‪ ،‬الثانية عبارة عن جدول زمني حدد آجال تسليم ‪ 3000‬من عناصرالتحالف‬
‫لسالحهم; ّأما الوثيقة الثالثة فتضبط شروط منتدى املانحين لتنمية منطقة شمال مالي‬
‫(كيدال‪ ،‬تمبكتو وغاو) وطريقة تنظيم هذا املنتدى الذي عقد في ‪ 23‬و‪ 24‬مارس‪ /‬آذار ‪.2008‬‬
‫ولم يؤد هذا االتفاق إلى نتيجة فشتدد االقتتال مجددا بين الطرفين في نفس شهر مارس‪ /‬آذار‬
‫‪ 2008‬فقامت الجزائرمرة أخرى بجمع الفرقاء في اجتماعات تفاوضية بالجزائرالعاصمة دامت‬
‫ُ‬
‫أربعة أيام (من ‪ 24‬إلى ‪ 27‬يوليو‪ /‬تموز ‪ )2008‬وتوجت بتوقيع اتفاق لوقف القتال بين الطرفين‬
‫وتثبيته‪ ،‬إلى جانب التشديد على ضرورة السعي إلطالق املساجين املوجودين عند كل طرف‬
‫وإيجاد حلول ملسألة العائالت املشردة التي وصلت إلى الحدود‪ ،‬وحرصا على تنفيذ هذه البنود‪،‬‬
‫تم إنشاء لجنة مختصة للمراقبة تتكون من نحو مائتي عضو من الطرفين بالتساوي‪.‬‬
‫إن الجزائر بقدر امتالكها وتحريكها ملاكنة الدبلوماسية املعززة لعالقات حسن الجوار‬
‫واطفاء النزاعات بالدول املجاورة إال أن هشاشة البناء السيا�سي وشساعة مناطق الصراع‬
‫َّ‬
‫صعب من مهمة الجزائرفي تطويق واحتواء االقتتاالت املستمرة‪.14‬‬
‫تعتبر أزمة الطوارق أزمة فوق دولتية تضم كل من ليبيا والجزائر والنيجر ومالي وشمال‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪274‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫بوركينافسو‪ ،‬وهي من أعقد التحديات األمنية التي يواجهها األمن القومي الجزائري منذ زمن‬
‫قديم ويرجع أصل مشكل الطوارق إلى سياسات اإلستعمار “فرق تسد” الذي لم يراع الحدود‬
‫األنثربولوجية للمجتمعات ووزعها على الحدود‪،‬و لقد اشتدت هذه األزمة مع زيادة تهميشهم‬
‫من طرف الدول التي تضم الطوارق خاصة في مالي(الشمال) والنيجر مما جعلهم يهاجرون‬
‫‪15‬‬
‫نحوالجزائروليبيا ويحملون السالح ضد حكومات بالدهم‪.‬‬
‫‪ -3‬الهجرة غيرالشرعية‪:‬‬
‫يلخص العالم الديمغرافي الفرن�سي «ألفريد صوفي» إشكالية الهجرة بقوله «إما أن ترحل‬
‫الثروات حيث يوجد البشروإما أن يرحل البشرحيث توجد الثروات»‪.16‬‬
‫نتيجة للموقع االستراتيجي الذي تحتله الجزائر‪ ،‬والذي يتوسط دول املغرب العربي وتميزه‬
‫بحدوده الشاسعة مع دول الساحل والصحراء كالنيجر ومالي‪ ،‬هذه الوضعية شكلت نقطة‬
‫عبور ووجهة ألفواج من األفارقة وأصبحت تحتضن أعدادا من املهاجرين يتسللون عبرالحدود‬
‫مستعملين طرقا ووسائل متعددة‪ ،‬حيث وجدت هذه األفواج مجاالت لتحركها ومرورها بواليات‬
‫الجنوب الكبير‪ ،‬وكذلك بعض املناطق الغربية للوصول إلى أوروبا ‪ ،‬وفي السنوات األخيرة تعمقت‬
‫الظاهرة في الجزائر حيث تحولت من دولة عبور إلى دولة مصدر‪ ،‬ولهذا انتهجت الجزائر جملة‬
‫من اإلجراءات تنوعت بين القانونية واألمنية والتعاون الخارجي ملكافحة هذه الظاهرة‪.‬‬
‫إلى وقت قريب جدا لم يكن هناك تشريع يعالج الهجرة غيرالقانونية في الجزائرالتي تنامت‬
‫فيها بشكل كبير في السنوات األخيرة‪ ،‬وأصبحت دولة مصدرة للمهاجرين غير الشرعيين بعدما‬
‫كانت دولة عبور‪ ،‬حيث اقتصرت وسائل املكافحة على حمالت التوعية اإلعالمية وخطب األئمة‬
‫في ملساجد‪ ،‬وفي جو استياء كبيرمن طرف النواب في البرملان الجزائري ومنظمات أخرى‪ .‬إلى غاية‬
‫صدور قانون ‪ 2009‬الذي جرم فيه املشرع الجزائري الهجرة غيرالشرعية تحت عنوان»الجرائم‬
‫املرتكبة ضد القوانين املتعلقة بمغادرة التراب الوطني(قانون رقم‪09- 1‬املؤرخ في ‪ 25‬فبراير‬
‫‪17‬‬
‫‪ )2009‬بنص املادة ‪ 175‬مكرر‬
‫يعتقد كثير من الباحثين في شأن األمن الجزائري أن الدبلوماسية األمنية الجزائرية في‬
‫حاجة إلى إعادة قراءة سياسية وأمنية‪ ،‬وهذه القراءة يجب أن تشمل املنظومات التالية‪:‬‬
‫‪-‬إعادة قراءة مدى نجاعة الدبلوماسية األمنية الجزائرية وقدرتها على أن تستجيب لوزن‬
‫ً‬
‫الدولة الجزائرية وقدرتها الجيوسياسية‪ ،‬ودبلوماسيتها النشطة تاريخيا خصوصا في‬
‫مرحلة اإلشعاع الدبلوما�سي (مرحلة الستينات والسبعينات من القرن املا�ضي)‪.‬‬
‫‪-‬إعادة النظر في ضمان إجراءات دستورية تعطي الجيش الجزائري حق التدخل وتتبع‬
‫فلول الجماعات اإلرهابية والتهديدات الصلبة املتأتية من خارج حدود الدولة‪ ،‬بما‬

‫‪275‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫يضمن عدم تكرارمثل هذه الخروقات‪.‬‬


‫‪-‬إعادة قراءة واقع األمن الجزائري بشكل استشرافي يقوي الجيش الجزائري ويضمن‬
‫احترافية أكبر في ظل اإلنعاش االقتصادي الذي تعيشه الجزائر‪ ،‬بما يكفل تقوية‬
‫املنظومة الدفاعية الوطنية وفق آلية تضمن سالمة الحدود الجزائرية من التهديدات‬
‫‪18‬‬
‫الصلبة والناعمة‪.‬‬
‫إن التحرك الجزائري يبدو محكوما باحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية‪ ،‬وقد حرصت‬
‫الجزائرمنذ سنوات على أن تكون وساطتها الدبلوماسية محكومة بمبدأ احترام الوحدة الترابية‬
‫لجوار‪ ،‬وال يزال هذا املبدأ مقدسا في نظرالجزائر‪.‬‬
‫عملت الدولة الجزائرية على تبني إستراتجية مدروسة ملواجهة ظاهرة الهجرة غيرالشرعية‬
‫تتمحور حول األولويات الثالث اآلتية ‪:‬‬
‫•معرفة التدفقات‪ :‬من أجل سيطرة أفضل على التدفقات وعت الدولة الجزائرية‬
‫بضرورة معرفتها ‪ ،‬وبناء عليه منذ سنة ‪ 2000‬تنشر الشرطة الوطنية بصورة منتظمة‬
‫نشرات لتسجيل اإلحصائيات الخاصة بحركة السكان األجانب على األرا�ضي الجزائرية‬
‫‪ ،‬كما يجري منذ سنوات إنشاء معهد للبحث والدراسات حول الهجرة والخالف حول‬
‫الجهة التي يتبع لها لم يعد يشكل عقبة في وجه هذا املشروع بعد قراررئيس الجمهورية‬
‫بإنشاء مركز للوثائق واإلحصائيات حول تدفقات الهجرة بمساعدة مصادر موثوق بها‬
‫نابعة من هيئات مكلفة بإدارة حركة السكان األجانب أي وزارتي الخارجية والجالية‬
‫الوطنية بالخارج ‪ ،‬العمل والتضامن االجتماعي والداخلية والوحدات املحلية والشرطة‬
‫واإلدارة العامة األمن الوطني والجمارك والجيش الشعبي الوطني ‪.‬‬
‫•السيطرة على التدفقات‪ :‬من خالل ثالث أنواع من األعمال ‪:‬‬
‫‪1 1-‬التوقيفات‪.‬‬
‫‪2 2-‬السجن والطرد‪.‬‬
‫‪3 3-‬الحكم املتسامح‪ :‬ألسباب متنوعة بدت السلطات الجزائرية رحيمة ومتسامحة اتجاه‬
‫الوجود املؤقت لبعض فئات األجانب على األرا�ضي الجزائرية ‪ ،‬وبذلك فضلت السلطات‬
‫الجزائرية لدوافع إنسانية تفادي اللجوء إلى الطرد والسماح بتجميع األشخاص‬
‫املوقوفين في مواقع تحت املراقبة ‪.‬‬
‫•التعاون‪ :‬فالسلطات الجزائرية وفي إطارجهودها ملكافحة تدفقات الهجرة تولي اهتماما‬
‫كبيرا للتعاون اإلقليمي لتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع وذلك من خالل ‪:‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪276‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫‪1 1-‬التعاون مع الدول األوروبية ‪ :‬فالتعاون مع الدول األوروبية سواء على املستوى‬
‫املجموعة األوروبية أو على املستوى الثنائي (فرنسا – ايطاليا – اسبانيا) على‬
‫مستوى املجموعة يهدف إلى ترحيل املهاجرين السريين وتدعيم قدرات الحكومة‬
‫الجزائرية في مجال التحكم في الهجرات‪.‬‬
‫‪2 2-‬التعاون اإلقليمي‪ :‬فالجزائرتحاول من خالل إشراك دول الساحل أن تربط السيطرة‬
‫على الهجرة غير الشرعية بترقية الديناميكية اإلقليمية ‪ ،‬وفي هذا اإلطار تشارك في‬
‫منظمة النيباد وتتعاون مع الهيئات األمنية لدول الجوار كاتفاق التعاون األمني مع‬
‫مالي‪.91‬‬
‫في ضوء ما سبق يمكن القول أن التحرك الدبلوما�سي األمني الجزائري تحكمه مجموعة‬
‫محركات وعدة مؤشرات‪ ،‬وبناء على هذه املحركات يمكن فهم الدور األمني الدبلوما�سي تجاه‬
‫‪20‬‬
‫الفضاء الجيوسيا�سي اإلفريقي‪.‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫تسعى الجزائر في إطار مقاربتها األمنية في منطقة الساحل األفريقي لتغليب اآلليات‬
‫السياسية والدبلوماسية والتنموية على اآلليات العسكرية في التغلب على التهديدات األمنية‬
‫ً‬
‫في هذا الفضاء‪ ،‬وكذا إدارة املخاطر في إطار تصور يجمع ما بين فكرتي األمننة واألنسنة سعيا‬
‫لتفعيل منطق األمن اإلنساني وتجسيد مبدأ الدبلوماسية اإلنسانية القائمة على احترام حقوق‬
‫ً‬
‫اإلنسان كمدخل لتفعيل وتحقيق األمن الوطني و الجهوي على حد سواء‪ .‬وانطالقا مما تم بيانه‬
‫وتفصيله من خالل هذا البحث‪ ،‬نتوصل إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫‪-‬تمثل منطقة الساحل األفريقي منطقة إستراتيجية هامة في التقسيم الجيوسيا�سي‬
‫للعالم‪ ،‬كما تمثل العمق الجنوبي للجزائر ودائرة جيوسياسية مهمة من دوائر أمنها‬
‫القومي‪.‬‬
‫‪-‬انعكس الوضع األمني في منطقة الساحل األفريقي بصفة مباشرة على األمن الجزائري‬
‫مست الجوانب السياسية واالقتصادية‬‫بحكم الجوار الجغرافي‪ ،‬فأنتج تهديدات أمنية ّ‬
‫واملجتمعية واألمنية على حد سواء‪.‬‬
‫‪-‬تعتبر الجماعات اإلرهابية وأنشطة الجريمة املنظمة في منطقة الساحل األفريقي من‬
‫أهم وأبرز الفواعل املهددة لألمن في منطقة الساحل األفريقي‪ ،‬ويعزى استفحال هذه‬
‫الظاهرة إلى عوامل جغرافية وسياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية‪.‬‬
‫‪-‬تكمن مواجهة التهديدات األمنية في منطقة الساحل األفريقي بالنسبة إلى صانع القرار‬
‫الجزائري والدبلوماسية الجزائرية بوضع تصورات قائمة على املقاربة الجزائرية الكبرى‬
‫‪277‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬ ‫العدد السادس‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬
‫ً‬
‫في منطقة الساحل األفريقي للتكيف مع هذه التهديدات‪ ،‬وهي تتمثل أساسا بمجموعة‬
‫من اآلليات السياسية والدبلوماسية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية والثقافية والتنموية‪،‬‬
‫من دون استبعاد اآلليات العسكرية‪.‬‬
‫‪-‬املقاربة األمنية الجزائرية في منطقة الساحل األفريقي ترتكز بدرجة كبيرة على مبادئ‬
‫الدبلوماسية اإلنسانية القائمة على حماية حقوق اإلنسان والتنمية‪.‬‬
‫وعليه وجب العمل األكثرعلى هذه املقاربة وتفعيل مبدأ الدبلوماسية اإلنسانية والوقائية‬
‫الحتواء الفواعل املهددة لألمن القومي الجزائري من خالل مدخل التنمية ودعم الديمقراطية‬
‫وتعزيزوحماية حقوق اإلنسان‪ .‬وكذا تعزيزاألطرالجهوية واإلقليمية في ما يخص التعاون األمني‬
‫واالستخباري بين حكومات املنطقة في إطارتحقيق أمن جهوي‪ ،‬واستبعاد أي تدخل خارجي من‬
‫ً‬
‫شأنه تعقيد األمور وإبقاء املبادرات اإلقليمية في إطاراالتحاد األفريقي قائمة وفعالة‪ ،‬فضال عن‬
‫تعزيزالتعاون الدولي مع الشركاء في هذه املنطقة‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ 1‬بوحنية قوي ‪ « ،‬إستراتيجية الجزائرتجاه التطورات األمنية في الساحل األفريقي» ‪ ،‬تم تصفح هذا املوقع في ‪ 2017 /05 /18‬على‬
‫الساعة ‪ ، 20:20‬نقال من املوقع االلكتروني‪:‬‬

‫‪http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2012/06/20126310429208904.html‬‬

‫‪ 2‬بلهول نسيم ‪ “ ،‬العقيدة العسكرية القومية الجزائرية‪ :‬أسس القيادة وهيبة الوضع العسكري في حقبة من الشك وعدم اليقين‬
‫اإلستراتيجي “ ‪ ،‬تم تصفح هذا املوقع في ‪ 2017 /05 /17‬على الساعة ‪ ، 20:22‬نقال من املوقع االلكتروني‪:‬‬

‫‪http://babalmaghariba.org/?p=680‬‬

‫‪ 3‬بلهول نسيم ‪ “ ،‬العقيدة العسكرية القومية الجزائرية‪ :‬أسس القيادة وهيبة الوضع العسكري في حقبة من الشك وعدم اليقين‬
‫اإلستراتيجي “‪ ،‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪ 4‬نزارإسماعيل الحيالي و عمارحميد ياسين ‪ “ ،‬قراءة في املذهب العسكري الرو�سي بين املا�ضي و الحاضر“ ‪ ،‬تم تصفح هذا املوقع في‬
‫‪ 2017 /05 /15‬على الساعة ‪ ، 45:08‬نقال من املوقع االلكتروني ص ص (‪:.)5-12‬‬

‫‪http://iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=87139‬‬

‫‪ 5‬نسيم بلهول‪ “ ،‬فهم وبناء العظمة العسكريةم من مدخلي اامليتاسوسيولوجيا الحربية وبحوث العمليات “‪ ،‬سياسات الدفاع‬
‫االوطني بين االلتزاامات السيادية والتحديات االقليمية‪ ،‬كتاب اكاديمي محكم صدربالتنسيق مع مجلة دفاترالسياسة والقانون‬
‫وبالتعاون مع مخبراشكالية التحول االسيا�سي واالقتصادي واالجتماعي بجامعة قاصدي مرباح ورقلة ‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬في ‪13-12‬‬
‫نوفمبر‪.2014‬ص ‪..228‬‬

‫‪ 6‬الحامدي عيدون‪ ،‬أمن الحدود وتداعياته الجيوسياسية على الجزائر‪ ،‬مذكرة مكملة لنيل شهادة املاجستيرفي العلوم السياسية‬
‫والعالقات الدولية‪ ،‬تخصص‪ :‬الدراسات السياسية املقارنة جامعة املسيلة ‪ ، 2015 – 2014 ،‬ص ‪.163-162-161‬‬

‫‪ 7‬جميلة عالق ‪ “ ،‬استراتجياات التنافس الدولي في منطقة الساحل “ ‪ ،‬تم تصفح هذا املوقع في ‪ 2017 /05 /15‬على الساعة ‪، 15:23‬‬
‫نقال من املوقع االلكتروني‪:‬‬
‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫‪278‬‬
‫العدد السادس‬ ‫اإلستراتيجية األمنية الجزائرية ملواجهة التهديدات األمنية‬
‫جوان ‪2017‬‬
‫الالتماثلية في منطقة الساحل اإلفريقي‬

‫‪http://dspace.univsetif2.dz/xmlui/bitstream/handle/setif2/350/alague.pdf?sequence=1&isAllowed=y‬‬

‫‪ 8‬مصطفى بلعور‪ “ ،‬دور القوات املسلحة في التنمية‪ :‬دراسة في الجوانب الدستورية والتنظيمية‪ ،“ ...‬سياسات الدفاع الوطني بين‬
‫االلتزامات السيادية والتحديات اإلقليمية‪ ،‬كتاب أكاديمي محكم صدربالتنسيق مع مجلة دفاترالسياسة والقانون وبالتعاون مع‬
‫مخبرإشكالية التحول السيا�سي واالقتصادي واالجتماعي بجامعة قاصدي مرباح ورقلة ‪ ،‬جامعة ورقلة‪ ،‬في ‪ 13-12‬نوفمبر‪.2014‬ص‬
‫‪. 314-313‬‬

‫‪ 9‬بوحنية قوي ‪ “ ،‬إستراتيجية الجزائرتجاه التطورات األمنية في الساحل األفريقي”‪،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ 10‬محمد األمين بن عائشة ‪ « ،‬الدبلوماسية الجزائرية واملعضلة األمنية في مالي‪ :‬بين االستمرارُّ والتغير« ‪ ،‬تم تصفح هذا املوقع في‬
‫‪ 2017 /05 /17‬على الساعة ‪ ، 20:19‬نقال من املوقع االلكتروني‪:‬‬

‫‪http://www.caus.org.lb/PDF/EmagazineArticles/mhmd_amin_bn_3a2isha.pdf‬‬

‫‪ 11‬جارش عادل‪ “ ،‬تأثيرالتهديدات األمنية بمنطقة الساحل فى األمن القومى الجزائرى” ‪ ،‬تم تصفح هذا املوقع في ‪2017 /05 /19‬‬
‫على الساعة ‪ ، 20:23‬نقال من املوقع االلكتروني‪:‬‬

‫=‪http//:democraticac.de?/p2448‬‬

‫‪ 12‬بوحنية قوي ‪ “ ،‬إستراتيجية الجزائرتجاه التطورات األمنية في الساحل األفريقي”‪،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ 13‬عربي بومدين‪ ،‬فوزية قا�سي ‪ :‬املقاربة األمنية الجزائرية في منطقة الساحل األفريقي‪ :‬نحو تفعيل مبدأ الدبلوماسية اإلنسانية‪،‬‬
‫مجلة املستقبل العربي‪ ،‬لبنان‪، 2015 ،‬ص ‪. 05‬‬

‫‪ 14‬بوحنية قوي ‪ « ،‬إستراتيجية الجزائرتجاه التطورات األمنية في الساحل األفريقي»‪،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ 15‬جارش عادل‪ “ ،‬تأثيرالتهديدات األمنية بمنطقة الساحل فى األمن القومى الجزائرى”‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ 16‬محمد الخشاني‪ “ ،‬أسباب الهجرة غيرالشرعية إلى أوروبا” ‪ ،‬تم تصفح هذا املوقع في ‪ 2017 /05 /16‬على الساعة ‪ ، 18:09‬نقال‬
‫من املوقع االلكتروني‪http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/40d65cc9-4cc5-41a4-b718-6656b133f208 :‬‬

‫‪ 17‬خديجة بتقة ‪“ ،‬السياسة األمنية األورروبية في مواجهة الهجرة غيرالشرعية” ‪ ،‬رسالة ماجيستيرفي العلوم االسياسية ‪ ،‬تخصص‬
‫عالقات دولية واستراتجية‪ ،‬جامعة محمد خيضربسكرة ‪ ،2014-2013،‬ص ‪. 111-110‬‬

‫‪ 18‬بوحنية قوي ‪ “ ،‬إستراتيجية الجزائرتجاه التطورات األمنية في الساحل األفريقي”‪،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪ 19‬ساعد رشيد‪“ ،‬واقع الهجرة غير الشرعية في الجزائرمن منظور األمن اإلنساني»‪ ،‬رسالة ماجستير في العلوم السياسية ‪ ،‬تخصص‬
‫دراسات مغاربية‪ ،‬جامعة محمد خيضربسكرة ‪ ،2012-2011،‬ص ‪.95-94‬‬

‫‪ 20‬نسيم بلهول‪ « ،‬فهم األمن القومي الجزائري من مدخلي األمن الوطني والدفاع الوطني «‪ ،‬دارالحامد ‪ ،‬األردن‪. 2015 ،‬ص ‪.482‬‬

‫‪279‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬

You might also like