New-الدرس 10-المسيحيّون العرب في الدّولة الحديثة

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 21

‫الهويّةّالمسيحيّةّفيّالشّرقّاألوسطّوشمالّإفريقياّ ّ‬

‫الوحدةّالعاشرة‪ّ:‬المسيحيونّالعربّفيّالدولةّالحديثة ّ‬

‫مقدم ّة ّ‬
‫قومية أو تلك التي تقوم‬
‫دينية أو ّ‬‫كان ْت ّ‬
‫اإليديولوجية‪ ،‬أي تلك التي تقوم على عقيدة سواء َ‬
‫ّ‬ ‫الدول‬
‫إنتهى عصر ّ‬
‫تخص جميع ُمواطنيها مهما كان عرقهم أو لونهم وتُوِّّفر لهم الفرص بالتّساوي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‬
‫فأصبحت ّ‬
‫َ‬ ‫على العرق‪.‬‬
‫لكن ال ُيمكن إهمال‬‫عام مصالح شعبها‪ْ .‬‬ ‫ٍ‬
‫حركها بشكل ّ‬ ‫اإلقتصادية‪ ،‬وتُ ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلجتماعية و‬
‫ّ‬ ‫الدولة على العدالة‬
‫وتقوم ّ‬
‫خاض ْتها المنطقة‪ .‬فقد نتج عن‬‫المتوسط وشمال إفريقيا‪ ،‬والحروب التي َ‬‫ّ‬ ‫التّاريخ الحديث ُلدَول وشعوب شرقي‬
‫ّ‬
‫القومية‬
‫ّ‬ ‫عروش في المنطقة وبرز ّتيار‬
‫ٌ‬ ‫اهتزت‬
‫أن ّ‬ ‫حرب ‪ 1948‬م إعالن دولة إسرائيل‪ ،‬وترتّب على ذلك ِّ‬
‫السياسي‪ .‬ومع‬ ‫التيار القومي واإلشتراكي‪ ،‬ونهض ّتيار اإلسالم ّ‬
‫العر ّبية‪ .‬ومع انتهاء حرب ‪ 1967‬م‪ ،‬سقط ّ‬
‫السياسي في‬ ‫انتهاء حرب الخليج األولى في عام ‪ 1992‬م والثانية في عام ‪ 2003‬م‪ ،‬بدأ ّتيار اإلسالم ّ‬
‫الربيع العربي ِّّ‬
‫متأخ اًر‪ ،‬وهذا ال ُي َع ُّد ربيعاً‬ ‫ثم جاء ّ‬
‫تمر بها المنطقة‪ .‬ومن ّ‬
‫أن ّ‬
‫اإلنحسار‪ .‬وهذه مراحل كان ال ّبد ْ‬
‫ضادة ترتقي بالمنطقة إلى‬ ‫ات م ٍ‬ ‫ٍ‬
‫الضوء على ضرورة قيام ثور ُ‬
‫بكل المعايير‪ ،‬وهو سّلط ّ‬
‫إسالمي ّ‬
‫ٌّ‬ ‫يف‬
‫بل هو خر ٌ‬
‫المواطنة والقانون‪ ،‬والتي فيها يسود القانون على جميع ُمواطني ّ‬
‫الدولة بالتّساوي‪.‬‬ ‫مستوى دولة ُ‬
‫المسيحيّوالدولةّالحديثةّ(دولةّالمواطنةّ) ّ‬
‫المفهومّاألول‪ّ:‬الّيسمحّمفهومّاألقليةّواألكثريةّباإلضافةّإلىّاألميةّوِقوىّالتجا ُذبّالعكسيّبقيامّدولةّ‬
‫المواطنةّفيّالعالمّالعربي‪ّ .‬‬
‫ُ‬

‫المواطنة‪ .‬وقد استنتجنا‬ ‫ٍ‬


‫القومية ومع دولة ُ‬‫ّ‬ ‫الدولة‬‫الدينية بالمقارنة مع ّ‬
‫ّ‬ ‫الدولة‬‫أن ناقشنا في وحدات ماضية ّ‬ ‫سبق ْ‬
‫اطناً‬‫من تلك المقارنة أن الدولة الدينية ال تُساوي بين مواطنيها‪ ،‬ألن من يعتنق ديناً مخالِّفاً لدين الدولة يصبح مو ِّ‬
‫ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ َْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫بقية المواطنين س ِّمَي ْت ِّ‬ ‫ناحية تار ٍ‬
‫ٍ‬
‫بالجزية‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫فرض على ّ ُ‬ ‫ض ْت عليه ضرائب لم تُ َ‬ ‫يخية‪ ،‬فقد ُف ِّر َ‬ ‫ّ‬ ‫المواطنة‪ .‬ومن‬
‫قوص ُ‬ ‫َم ْن َ‬
‫كان ْت‬ ‫ِّ‬
‫أن الخدمة العسكرّية َ‬ ‫المواطن الذي ُي ْعفى من الخدمة العسكرّية‪ ،‬علماً ّ‬ ‫وقيل عنها ّإنها ضريبة َيدفعها ُ‬
‫إمتيا اًز في ذلك الوقت ح ِّرم منه المواطن غير المسِّلم‪ .‬كيف ال تكون الخدمة العسكرية إمتيا اًز‪ ،‬والمحارب ي ِّ‬
‫قاسم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫إضافي ًة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫المسلِّم فدفع ضريب ًة‬‫المواطن غير ُ‬ ‫أما ُ‬ ‫السبايا والكثير من العطايا األخرى عند ُ‬
‫تقاعده؟ ّ‬ ‫في الغنائم و ّ‬
‫سمى ذمي‪ .‬والذمي‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إجتمع ْت كّلها تحت ُم ّ‬
‫َ‬ ‫ألقاب ُمهين ٌة‪،‬‬
‫المحارب‪ ،‬وألصَق ْت به ٌ‬ ‫وخسر المنافع التي يحظى بها ُ‬
‫الدولة ليس ْت دولته بل دولة المسلِّم فقط‪ .‬كان هذا منطق القرن‬ ‫ِّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ألن ّ‬ ‫المسلِّم‪ّ ،‬‬ ‫ذليل يحظى بحماية ُ‬ ‫هو ُمواط ٌن ٌ‬
‫الذمة ليس في مسألة‬ ‫ٍ‬
‫تعرض له أهل ّ‬ ‫طالعنا عن اإلذالل الذي ّ‬ ‫السابع الميالدي وما تاله‪ .‬وفي وحدات سابقة‪ْ ،‬‬ ‫ّ‬
‫إبتداء من‬ ‫كل نواحي الحياة‪،‬‬ ‫ِّ‬
‫ً‬ ‫المسلم فحسب‪ ،‬بل في ّ‬ ‫الشهادة في المحكمة على ُ‬ ‫اللباس فحسب وال في مسألة ّ‬
‫المَلَّون الذي يلبسه‪ .‬وهذه جميعها‬ ‫الدابة التي يركبها وصوالً إلى اللباس َّ‬
‫المرقع و ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُمواصفات البيت الذي يبنيه إلى ّ‬
‫ٍ‬
‫ذليل من درجة ُم ِّّ‬
‫تدن َية‪.‬‬ ‫اطن ٌ‬‫أعلن ْت ّأنه مو ٌ‬
‫َ‬

‫قبطياً‪،‬‬
‫أرمنياً أو بربرّياً أو ّ‬
‫شركسياً أو ّ‬
‫ّ‬ ‫كأن يكون ّ‬
‫كردياً أو‬ ‫إلثنية غير عر ّبية‪ْ ،‬‬
‫القومية الذي ينتمي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولة‬
‫فمواطن ّ‬‫ُ‬
‫ٍ‬
‫بدونية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ظر له‬
‫وي ْن َ‬ ‫ُيصبح ُمواطناً من درجة ُم ِّّ‬
‫تدنَية ُ‬

‫دولةّالمواطن ّة‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫إنسان ُمواطن‪ ،‬والتي يحكمها قانو ٌن يخضع له الجميع ويتساوى أمامه الجميع‪ .‬وهي‬ ‫كل‬
‫الدولة التي فيها ّ‬
‫هي ّ‬
‫الدولة‪ ،‬يسود‬ ‫ٍ‬ ‫الدولة التي تُ َترك ممارسة األعمال فيها للمؤسسات وليس ٍ‬
‫لفرد أو مجموعة من األفراد‪ .‬وفي هذه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فن اإلختصاصات‪ ،‬وعالقة‬ ‫ِّ‬ ‫القانون‪ .‬ويكون لها فوق ذلك‬
‫مارس ّ‬ ‫السلطات واختصاصها‪ ،‬وكيف ُي َ‬‫حدد ّ‬‫دستور ُي ّ‬
‫ٌ‬
‫فالدستور هو أعلى القواعد‬ ‫بالمواطنين‪ ،‬وحقوق ُ‬
‫المواطنين وواجباتهم‪ّ .‬‬ ‫السلطات بعضها ببعض‪ ،‬وعالقتها ُ‬
‫ّ‬
‫التنفيذية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫القضائية و‬
‫ّ‬ ‫يعية و‬
‫السلطات الثالثة‪ :‬التشر ّ‬ ‫قدس الوحيد لدى ّ‬ ‫الم َّ‬
‫الدولة‪ .‬والقانون هو ُ‬
‫‪1‬‬
‫الوضعية في ّ‬
‫ّ‬
‫أن يتّ ِّخذ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫المواطن‪ .‬والقانون ال ُيمكن ْ‬
‫حاكم ُ‬‫الرئيس كما ُي َ‬
‫حاكم ّ‬‫وي َ‬‫المواطن‪ُ ،‬‬‫ويخضع الحاكم للقانون كما يخضع ُ‬
‫السياج الذي يصون حرّية‬ ‫المطَلَقة‪ .‬والقضاء هو ّ‬‫النزاهة ُ‬ ‫دوره من دون وجود قضاء يتمتّع بالحصانة ُ‬
‫المطَلَقة و ّ‬
‫السلطات‪ .‬والقاضي يخضع للقانون فقط‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫األفراد وممتلكاتهم‪ ،‬وهو العمود الفقري ّ‬
‫بقية ّ‬
‫للدولة‪ ،‬وهو ُمستَق ٌّل عن ّ‬
‫السياسة والبرلمان‪.‬‬ ‫األقلية واألكثرّية في ّ‬
‫ّ‬ ‫المواطنون ّ‬
‫كأقلية وأكثرّية‪ ،‬بل تنحصر‬ ‫صَّنف ُ‬ ‫المواطنة‪ ،‬ال ُي َ‬
‫في دولة ُ‬
‫النظر‬
‫بغض ّ‬
‫احد وهم جميعهم أحرٌار‪ّ ،‬‬
‫صنف و ٌ‬
‫ٌ‬ ‫المواطنون فيها هم جميعهم‬ ‫دولة القانون ليس فيها طوائف‪ ،‬بل ُ‬
‫شخصية ال عالقة لها‬
‫ّ‬ ‫الدينية التي ُيؤمنون بها؛ فهذه مسائل‬
‫ّ‬ ‫عن لونهم والعرق الذي ّ‬
‫يتحدرون منه والعقيدة‬

‫لمواطنة حسب القانون‪ ،‬و ّ‬


‫إما‬ ‫إما ُمواطناً يتمتّع بجميع إمتيازات ا ُ‬ ‫العام‪ ،‬يكون ّ‬
‫الشخص ّ‬ ‫الشأن ّ‬ ‫العام‪ .‬في ّ‬
‫بالشأن ّ‬ ‫ّ‬
‫أجنبياً وهو بذلك ليس مو ِّ‬
‫اطناً‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬

‫لالجابةّعلىّالسؤالّاذهبّالىّموديلّ‪ّ :‬‬
‫سؤالّ‪:ّ1‬‬
‫عرفّدولةّالمواطنةّبماّالّيزيدّعنّ‪ّ50‬كلمة‪.‬‬

‫عّدولةّالمواطنةّفيّالعالمّالعربي ّ‬
‫ُ‬ ‫املّت ْمَن‬
‫عو َ‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫اطية‬ ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪ .‬يرى جورج طرابيشي ّ‬
‫أن الديمقر ّ‬ ‫المواطنة في ّ‬‫أكثر من عامل يمنع قيام دولة ُ‬
‫عية‪ .‬وفي رأيه‪،‬‬
‫جتم ّ‬
‫غالبيات ُم َ‬
‫ّ‬ ‫عامودية أي‬
‫ّ‬ ‫(الشرق األوسط وشمال إفريقيا) تقوم على ّ‬
‫أغلبيات‬ ‫في العالم العربي ّ‬
‫أن‬
‫الح ْكم ْ‬
‫أن الموارنة قالوا‪" :‬نحن أكثرّية‪ ،‬لذا يجب على ُ‬ ‫اللبنانية‪ .‬فهو رأى ّ‬
‫ّ‬ ‫األهلية‬
‫ّ‬ ‫هذا ما ّأدى إلى الحرب‬
‫األغلبية‪ ،‬من هنا‬
‫ّ‬ ‫الشيعة هم‬
‫أن ّ‬‫الم ْنشورة تُ ِّّبين ّ‬
‫الم ْنشورة وغير َ‬
‫إن اإلحصاءات َ‬ ‫ثم أتى َم ْن يقول ّ‬‫مارونياً"‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫يكون‬
‫وكان ِّت ّ‬
‫النتيجة تدمير المجتمع اللبناني‪.‬‬ ‫شيعياً‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫أن يكون ُ‬
‫الح ْكم‬ ‫ُوجوب ْ‬

‫اطية‪ ،‬حيث يوجد في العالم العربي مئة وخمسة ماليين‬ ‫ط ٌل الديمقر ّ‬ ‫عام ٌل آخر ُي َع ِّّ‬
‫كما رأى طرابيشي أن األمية ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪2‬‬
‫اطية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالتّعليم‪ .‬باإلضافة إلى ما قاله‬
‫أن الديمقر ّ‬ ‫إحصائيات اليونسكو‪ ،‬في حين ّ‬ ‫ّ‬ ‫أمي حسب‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫ضع‬ ‫الح ْكم الواحد باآلخر‪ ،‬هناك قوى عديدة تستفيد من َ‬
‫الو ْ‬ ‫األقلية واألكثرّية والتّعليم و ُ‬
‫ّ‬ ‫طرابيشي عن ارتباط مفاهيم‬

‫العربية الثانية‪ .‬ص ‪.187‬‬


‫ّ‬ ‫عاصر‪ .‬ال ّنهضة‬
‫ِ‬ ‫الم‬
‫المؤسسات في العصر الحديث‪ .‬حوارات الفكر العربي ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1‬يحيى الجمل‪ .‬دولة‬
‫مؤسسة عبد الحميد شومان‪ .‬عمان‪ 2000 .‬م‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مؤسسة عبد الحميد شومان‪.‬‬ ‫ات‬
‫ر‬ ‫منشو‬ ‫‪.‬‬ ‫‪541‬‬ ‫ص‬ ‫ين‪.‬‬‫ر‬ ‫العش‬
‫و‬ ‫الحادي‬ ‫ن‬‫القر‬ ‫يات‬‫وتحد‬
‫ّ‬ ‫العرب‬ ‫ر‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫عاص‬ ‫الم‬ ‫بي‬
‫ر‬ ‫الع‬ ‫الفكر‬ ‫في‬ ‫ات‬‫ر‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫ح‬ ‫ابيشي‪.‬‬
‫ر‬ ‫ط‬ ‫ج‬‫جور‬ ‫‪2‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عمان‪ 2000 .‬م‪.‬‬
‫ألنها ِّقوى تستفيد من الفساد الذي‬
‫أن ندعوها ِّقوى "التّجا ُذب العكسي"‪ّ .‬إنها قوى تُقاوم اإلصالح ّ‬
‫الراهن ُيمكن ْ‬‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫قبلية أو‬
‫دينية أو منظومة ّ‬‫يعم في غياب القانون‪ .‬وقد تأخذ هذه القوى أشكاالً ع ّدة‪ ،‬فقد تتّخذ شكل منظومة ّ‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫السطح في‬ ‫كل ما َيحول دون استحصالها على إمتيازات‪ْ .‬‬
‫لكن ما يطفو على ّ‬ ‫طائفية‪ ،‬وهذه المنظومات تُحارب ّ‬ ‫ّ‬
‫نوع ْين‪ :‬نوعٌ يستفيد من غياب القانون من‬ ‫الدينية‪ ،‬والتي على رأسها رجال دين من َ‬
‫ّ‬ ‫حالياً هي المنظومة‬
‫المنطقة ّ‬
‫ِّ‬ ‫ٍ‬
‫يتقرب من هللا‬‫سماوية ّ‬
‫ّ‬ ‫ص لعقائد‬ ‫خالل التمتُّع بإمتيازات يحرمه منها القانون في حال تطبيقه‪ ،‬ونوعٌ آخر ُم ْخل ٌ‬
‫بأن يأخذ بالحسبان فقط مصالح‬ ‫الناس‪ ،‬بل يكتفي ْ‬ ‫عبر تطبيقها على أرض الواقع دون ْ‬
‫أن ُيعير اهتماماً لمصالح ّ‬
‫الخاصة‪ .‬فهو‬ ‫هم إال مصالحه‬ ‫فصل عن البشر‪ ،‬ليس له ٌّ‬ ‫الدين التي هي مصالح هللا‪ .‬والفئتان تؤمنان ٍ‬
‫بإله م ْن ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫الم ْسِّلم‬
‫الحق الذي خلق العربي ُ‬ ‫ّ‬ ‫الدين‪ .‬بينما ليس هذا اإلله‬‫إله ضعيف تحميه وتذود عنه زمرةٌ من رجال ّ‬ ‫ٌ‬
‫الض ِّابط لهذا الكون‪،‬‬ ‫المن ِّّ‬
‫ظم و ّ‬ ‫ِّ‬
‫القوي الخالق ُ‬ ‫سيد الكون وهو ّ‬ ‫الحق هو ّ‬
‫ألن اإلله ّ‬ ‫سيد الكون‪ّ ،‬‬
‫والمسيحي والذي هو ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إنسان وحيو ٍ‬
‫ٍ‬
‫وبيئة‪.‬‬ ‫ونبات‬ ‫ان‬ ‫وتكون خدمته من خالل اإلهتمام بخليقته‪ّ ،‬‬
‫بكل ما فيها من‬

‫ٍ‬
‫أي دين هم في العادة طبقة تتحالف مع طبقات أخرى في المجتمع من أجل تحقيق المنافع ّ‬
‫لكل‬ ‫الدين في ّ‬
‫رجال ّ‬
‫لكن هناك فئة‬
‫كل مكان‪ْ .‬‬‫الدين ّأيام الفراعنة وقبلهم في بابل وبعدهم في ّ‬ ‫المتَحالِّفة‪ .‬هكذا كان رجال ّ‬
‫األطراف ُ‬
‫لكنهم ال يعلمون‬
‫ض ّحون بأنفسهم وبأوالدهم من أجل إلههم‪ّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫من رجال ّ ِّ‬
‫الدين م ّمن هم ُم ْخلصون هلل لدرجة ّأنهم ُي َ‬
‫الدين "أفيونها"‪ ،‬فيه ُي ْغيَّبون عن ّ‬
‫الدنيا وما فيها‬ ‫أن هللا ال يحتاج اإلنسان بل العكس تماماً‪ .‬وهذه الفئة صار ّ‬ ‫ّ‬
‫صممه ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫تَ ُّ‬
‫فم ْن يترك دوره‬
‫وي َحّدد دور اإلنسان فيه‪ .‬والعكس صحيح‪َ ،‬‬ ‫وي ّ ُ ُ‬ ‫وكأن هللا لم يخلق الكون ُ‬
‫عففاً أو ُزْهداً بها‪ّ ،‬‬
‫خالف ترتيب هللا ومشيئته‪.‬‬ ‫ي ِّ‬
‫ُ‬
‫ةّوسيطر ْتّالحركاتّاإلسالمية‪ّ،‬فأصبحّالحلّهوّ‬
‫َ‬ ‫المفهومّالثاني‪ّ:‬علىّإثرّالحروب‪ّ،‬تغيَر ْتّاألنظمةّالعربي‬
‫َف ْصلّالدينّعنّالدولة‪.‬‬

‫حربّ‪ّ1948‬ونتائجهاّعلىّالعرب‬
‫أن ّبدَل ْت المنطقة اإلستعمار‬
‫النتيجة ْ‬
‫وكانت ّ‬ ‫ٍ‬
‫سابق‪َ ،‬‬ ‫نهض ْت ُشعوب المنطقة لِّتُقاوم التّتريك كما رأينا في ٍ‬
‫درس‬ ‫َ‬
‫ط ْت‬ ‫ٍ‬
‫باستعمار أوروبي‪ ،‬تَ َمّثل في َب ْسط بريطانيا سيطرتها على فلسطين وشرقي األردن والعراق بينما بس َ‬ ‫التّركي‬
‫‪3‬‬
‫فض ْتها‬
‫فرنسا نفوذها على سوريا ولبنان‪ .‬وأفاقت ُشعوب المنطقة على َوْقع بنود معاهدة سايكس‪-‬بيكو‪ ،‬والتي ر َ‬
‫سياسياً يجمعهم ويهود‬
‫ّ‬ ‫ضمن ْت لهم كياناً‬
‫َ‬ ‫ألنها‬
‫رحبوا بها ّ‬
‫جميع ُشعوب المنطقة‪ ،‬باستثناء يهود فلسطين الذين ّ‬
‫الشتات على أرض فلسطين‪ .‬وكان لهم الوعد في ‪ 2‬تشرين الثاني من عام ‪ 1917‬م الذي صدر عن و ازرة‬ ‫ُّ‬
‫ِّ‬
‫"إن حكومة جاللة الملك تنظر‬ ‫ينص على ما يلي‪ّ :‬‬ ‫ف في التّاريخ بـ "وعد بلفور"‪ ،‬وهو ّ‬‫وع ِّر َ‬
‫يطانية ُ‬
‫الخارجية البر ّ‬
‫ّ‬
‫للشعب اليهودي في فلسطين‪ ،‬وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية‬ ‫قومي ّ‬
‫ٍ‬ ‫طف إلى تأسيس ٍ‬
‫وطن‬ ‫الع ْ‬
‫بع ْين َ‬‫َ‬
‫ّ‬
‫أن يفهم جلياً ّأن ُه لن ي ْؤتى ٍ‬
‫طوائف غير‬ ‫الدينية التي تتمتّع بها ال ّ‬
‫المدنية و ّ‬
‫ّ‬ ‫أن ُي ِّّ‬
‫غير الحقوق‬ ‫بعمل من شأنه ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫على ْ ُ َ‬
‫المقيمة اآلن في فلسطين وال الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتّع به اليهود في ُ‬
‫‪4‬‬
‫البلدان األخرى"‬ ‫اليهودية ُ‬
‫ّ‬

‫ظمات‬‫محلي بين المن ّ‬


‫ٍ‬ ‫الصراع في البداية شكل ص ار ٍع‬‫الصراع حول أرض فلسطين‪ ،‬واتّخذ ّ‬
‫ونتيج ًة لهذا الوعد‪ ،‬بدأ ّ‬
‫ّ‬
‫يهودية‬
‫ّ‬ ‫صدور قرار األمم المتّحدة بتقسيم فلسطين لدولتَ ْين‬ ‫لكن ومع ُ‬
‫الفلسطينيين‪ْ .‬‬
‫ّ‬ ‫اليهودية العسكرّية والعرب‬
‫ّ‬
‫جيوش من مصر واألردن والعراق وسوريا‬ ‫ٌ‬ ‫قوات اإلنتداب البريطاني من فلسطين ودخَل ْت‬
‫إنسحب ْت ّ‬
‫َ‬ ‫وعر ّبية‪،‬‬
‫كل المشارب‪ ،‬وشارك فيه بالتّحديد‬
‫عرب من ّ‬
‫ولبنان والسعودية‪ ،‬باإلضافة إلى جيش اإلنقاذ والذي شارك فيه ٌ‬
‫الضباط الذين‬ ‫أن بعض‬‫كبير‪ ،‬مع ّ‬ ‫ٍ‬
‫بشكل ٍ‬ ‫لكن دورهم لم َي ُك ْن ملحوظاً‬ ‫ِّّ‬
‫متطوعون من حركة اإلخوان المسلمين‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫حسبون على اإلخوان المسلمين‪ .‬وفي شهر ّأيار من‬ ‫حاربوا ضمن الجيش المصري يرى البعض ّأنهم كانوا ُي َ‬
‫الم َكّوَنة من تشكيالت‬
‫الم َسّل َحة و ُ‬
‫اليهودية ُ‬
‫ّ‬ ‫عام ‪ 1948‬م‪ ،‬دخَل ِّت الجيوش العر ّبية‪ ،‬وكان هدفها َ‬
‫ط ْرد الميليشيات‬
‫البلماخ واإلرجون والهجانا والشتيرن في فلسطين‪.‬‬

‫تم‬ ‫‪ "3‬إتفاقية سايكس‪-‬بيكو" هي إتفاقية ع ِّقد ْت بين بريطانيا وفرنسا وروسيا عام ‪ 1916‬م‪ ،‬وهي الدُّول الم ِّ‬
‫العالمية األولى‪ .‬وبموجبها‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫نتصرة في الحرب‬ ‫ُ‬ ‫ّ َُ‬ ‫ّ‬
‫للدولة العثمانيّة‪ .‬وسايكس هو المندوب الفرنسي الذي فاوض بيكو المندوب البريطاني على هذه المعاهدة‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫كان ْت خاض َعة ّ‬
‫تقاسم البالد التي َ‬
‫ُ‬
‫‪4‬‬
‫جورج أنطونيوس‪ .‬يقظة العرب‪ .‬ص ‪ .374‬مرجع سابق‪.‬‬
‫ف الحقاً‬‫أن ُه ِّزَم ْت الجيوش العر ّبية فيما ُع ِّر َ‬ ‫وكان ِّت ّ‬
‫النتيجة ْ‬ ‫استمرت الحرب حتّى آذار من عام ‪ 1949‬م‪َ ،‬‬‫و ّ‬
‫قام ْت‬ ‫ٍ‬
‫تغي َر ْت أنظم ٌة عر ّبي ٌة‪ .‬فقد َ‬
‫بحرب ‪ 1948‬م‪ .‬وكنتيجة غير مباشرة لهزيمة الجيوش العر ّبية في تلك الحرب‪ّ ،‬‬
‫وتم إعالن الجمهورّية‪ .‬وفي ‪ 14‬تموز عام‬‫الح ْكم الملكي في مصر عام ‪ 1953‬م‪ّ ،‬‬ ‫أنه ْت ُ‬
‫ثورة ‪ 1952‬م التي َ‬
‫الح ْكم الملكي في العراق وأُعلِّ َن ْت الجمهورّية‪ .‬وفي سوريا‪ ،‬ونتيج ًة لهزيمة ‪ 1948‬م‪ ،‬قام حسني‬ ‫‪ 1958‬م‪ ،‬أ ِّ‬
‫ط ُ‬ ‫ُسق َ‬
‫السوري‬ ‫القوتلي‪ ،‬وش ّكَل ْت هذه انطالقة ُّ‬ ‫ٍ‬
‫تدخل الجيش ّ‬ ‫الرئيس شكري ّ‬
‫بانقالب في ‪ 30‬آذار ‪ 1949‬م على ّ‬ ‫الزعيم‬
‫ّ‬
‫السياسة‪.‬‬
‫في ّ‬

‫لمشاهدةّالفيديوّ"حربّ‪ّ1948‬ونتائجهاّعلىّالعرب"ّاذهبّالىّمصادرّالميدياّعلىّمودلّالخاصةّبالوحدة‪ّ .‬‬

‫حربّ‪ّ–ّ1967‬أسبابهاّونتائجها‬
‫ط‬
‫ضّبا ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫النظر في ُّ‬
‫الح ْكم ُ‬
‫فصع َد إلى ُ‬‫السياسية القائمة‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫ظم‬
‫الن ُ‬ ‫فرض ْت حرب ‪ 1948‬م ونتائجها على العرب إعادة ّ‬
‫َ‬
‫الح ْكم‬
‫صعود أنظمة ُ‬‫المد القومي اإلشتراكي‪ .‬ومع ُ‬
‫بأنهم جزٌء من ّ‬
‫ف عنهم ّ‬ ‫شباب في مصر والعراق وسوريا ُع ِّر َ‬
‫تحسناً‬
‫وخاص ًة العرب منهم‪ُّ ،‬‬ ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪،‬‬
‫مسيحيون في ّ‬ ‫أن يشهد ال‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فترض ْ‬
‫الم َ‬
‫القومية‪ ،‬كان م َن ُ‬
‫ّ‬
‫أن حال‬ ‫تبين ّ‬ ‫لكن وبعد ِّ‬
‫أن انتهى ُح ْكم عبد الناصر في مصر‪ ،‬والبعث في العراق‪ّ ،‬‬ ‫في وضعهم اإلجتماعي‪ْ .‬‬
‫اكية لم تَ ُك ْن‬
‫بالقومية واإلشتر ّ‬
‫ّ‬ ‫صنَف ْت نفسها‬
‫يتغير‪ .‬واألنظمة التي ّ‬
‫المسيحيين سواء كانوا عرباً أم غير عرب لم ّ‬ ‫ّ‬
‫الضّباط‬ ‫كل واحدة منها حفنة من ُ‬ ‫ط ِّوّي ًة‪ ،‬تجلس على ّ‬
‫قمة الهرم في ّ‬ ‫كان ْت أنظم ًة ُسْل َ‬
‫اكي ًة‪ ،‬بل َ‬
‫قومي ًة وال إشتر ّ‬
‫ال ّ‬
‫الح ْكم أو في اإلقتصاد واإلجتماع‪.‬‬ ‫الذين ال يملكون خبرة في ّ‬
‫السياسة و ُ‬

‫سرَب ْت معلوم ًة غير‬


‫السوفيتية ّ‬
‫ّ‬ ‫أن المخابرات‬
‫المباشر ّ‬
‫سببها ُ‬
‫قام ْت حرب ‪ 1967‬م وكان ُ‬ ‫و ْانكشف الحال عندما َ‬
‫إن "إسرائيل تحشد على الجبهة السورّية"‪ .‬لذلك‪ ،‬وفي‬ ‫الم َس َّرَبة ّ‬
‫السوفيتية ُ‬
‫ّ‬ ‫صحيحة للمصرّيين‪ .‬وتقول المعلومة‬
‫وكان ْت هذه خطوة تُ ِّنذُر‬ ‫قوات الطوارئ‬ ‫ٍ‬
‫الدولية من سيناء‪َ ،‬‬
‫ّ‬ ‫تهيئة للحرب‪ ،‬أخرج رئيس مصر جمال عبد الناصر ّ‬
‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫جوية صاعقة في صباح ‪ 1967/6/5‬م‪ .‬وذاَق ْت ّ‬ ‫َت مصر بضربة ّ‬ ‫لكن إسرائيل فاجأ ْ‬
‫بالحرب على إسرائيل‪ّ .‬‬
‫طعم الهزيمة‪ ،‬واحتّلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء من مصر والجوالن من‬
‫الجيوش العر ّبية التي دخَل ْت الحرب ْ‬
‫سوريا والضّفة الغر ّبية من األردن‪.‬‬

‫التيار القومي اإلشتراكي الذي قاده جمال عبد الناصر في‬ ‫شعبية ّ‬
‫ّ‬ ‫اجع ْت‬
‫أن تر َ‬
‫هم نتائج الحرب ْ‬
‫وكان ْت من أ ّ‬
‫َ‬
‫ٍ‬
‫المْقهورة من َم اررة الهزيمة إلى ُم ْن ِّقذ آخر‪ ،‬وهو ّ‬
‫الدين‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫فتوج َه ْت الشعوب َ‬
‫مصر وحزب البعث في سوريا والعراق‪ّ .‬‬
‫المتوالِّ َية في‬
‫هزْت ُه الهزائم ُ‬ ‫قد َم ْت تفسي اًر بدا ُمْقِّنعاً ّ‬
‫للشباب الذي ّ‬ ‫الدينية التي ّ‬
‫ّ‬ ‫تفع ْت أسهم الحركات واألحزاب‬
‫وار َ‬
‫الزاهي لمجد اإلسالم‪ .‬وكان لسان حال‬ ‫قوته من الماضي ّ‬ ‫اإلسالمية يستلهم ّ‬
‫ّ‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬وتفسير الحركات‬ ‫ّ‬
‫ومِّنيوا‬
‫وسنة رسوله‪ ،‬إبتعد هللا عنهم‪ُ ،‬‬‫الع ْيش بموجب كتاب هللا ّ‬ ‫ِّ‬
‫الم ْسلمين ابتعدوا عن َ‬‫"ألن ُ‬
‫هذه الحركات يقول‪ّ ،‬‬
‫وسنة‬
‫للمسلمين من هزائمهم ّإال بالعودة إلى ينابيع اإلسالم الصافية‪ ،‬أي كتاب هللا ّ‬ ‫بالهزائم والهوان‪ ،‬فال مخرج ُ‬
‫الدين في ِّرْبح اإلنتخابات في‬ ‫النبوية‪ ".‬وتدّفق مال البترول على هذه الحركات‪ .‬وهكذا تحاَلف المال و ّ‬
‫‪5‬‬
‫ّ‬ ‫رسوله‬
‫الديمقراطيات ِّ‬
‫الناشئة في الجامعات العر ّبية‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الدراسات‬
‫اإلسالميين إلتمام ّ‬
‫ّ‬ ‫الم ْبعوثين من‬
‫الطالبية‪ ،‬وزاد عدد َ‬
‫ّ‬ ‫اإلسالمية على اإلتّحادات‬
‫ّ‬ ‫وسيطر ْت الحركات‬ ‫َ‬
‫الطالبية ميداناً‬ ‫وج َع َل من الجامعات وتنظيماتها‬ ‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫الدينية َ‬
‫ّ‬ ‫التيارات‬
‫العْليا م ّما زاد في عدد أساتذة الجامعات من ّ‬ ‫ُ‬
‫أطباء‬ ‫ِّ‬
‫المهنية‪ ،‬من ُمهندسين و ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلسالمية لتُسيطر على النقابات‬
‫ّ‬ ‫التيارات‬
‫سالميين بامتياز‪ .‬وانتقَلت ّ‬
‫ّ‬ ‫َم ْحصو اًر باإل‬
‫بلغ ْت ذروتها في العقد‬
‫تحول المجتمعات إلى األسلمة والتي َ‬ ‫السبعينيات من القرن الماضي ُّ‬
‫ّ‬ ‫وشهد ْت‬
‫َ‬ ‫ومعّلمين‪،‬‬ ‫ُ‬
‫التّاسع من القرن الماضي‪.‬‬

‫تفع ْت أسهمه بعد حرب تشرين في عام ‪1973‬‬ ‫ِّ‬


‫الدور الذي لعبه الرئيس أنور السادات‪ ،‬والذي ار َ‬‫ال ُب ّد من ذ ْكر ّ‬
‫الطالبية في الجامعات المصرّية‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلسالمية‬
‫ّ‬ ‫فشجع الحركات‬ ‫التيار الديني لمصلحته‪ّ ،‬‬
‫أن يستخدم ّ‬‫م‪ .‬فقد أراد ْ‬
‫لكن نهايته ُكِّت َب ْت على يد تلك الحركات التي غ ّذاها‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫المؤمن‪ّ ،‬‬ ‫أن َيظهر بمظهر الرئيس‬‫وحاول ْ‬

‫غزوّالعراقّللكويتّ(‪)1989‬‬
‫التحول الثالث‪ .‬فبترول الكويت كان ِّم ْن بين ِّ‬
‫منابع المال التي‬ ‫ُّ‬ ‫ش ّكل غزو العراق للكويت عام ‪ 1989‬م بداية‬
‫ٍ‬
‫حركة غير َم ْحسوبة النتائج‪،‬‬ ‫موَل ْت اإلسالم السياسي ‪ -‬وربما ال زال التّمويل م ِّ‬
‫ستم ّاًر على مستوى األفراد ‪ -‬وفي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كان ْت تلك حركة إنتهازّية لكي يكون اإلسالم‬
‫السياسي مع العراق القومي في َغ ْزوه للكويت‪ .‬رّبما َ‬ ‫تحاَلف اإلسالم ّ‬
‫العظمى للغرب ‪ -‬وكان‬ ‫قاتل الغرب المسيحي الم ِّ‬ ‫السياسي في صف من ي ِّ‬
‫القوة ُ‬
‫تمثّل في الواليات المتّحدة ‪ّ -‬‬
‫ُ َ‬ ‫ّ َْ ُ‬ ‫ّ‬
‫بالنصر اإللهي في حرَبي الخليج األولى‬
‫ْ‬ ‫ضد إيران واستبشروا ّ‬ ‫صدام في حربه ّ‬ ‫إسالميون مع ّ‬ ‫ّ‬ ‫تطوع‬
‫أن ّ‬‫َس َب َق ْ‬
‫الكّفار‬ ‫ٍ‬
‫ونصر من عند هللا ُمبيَّن على ُ‬ ‫قصص ُرِّوَي ْت على المستوى الشعبي عن رؤى وأحال ٍم‬ ‫ٌ‬ ‫وشاع ْت‬
‫َ‬ ‫والثانية‪.‬‬
‫وكان ِّت‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫اإلسالميون لعدد من صواريخ "سكود" وصَل ْت إلى إسرائيل واستبشروا بمدد إلهي‪َ .‬‬
‫ّ‬ ‫الغر ّبيين واليهود‪ .‬وهّلل‬

‫التحديات الم ِّ‬


‫عاصرة‪ .‬ص ‪ .19‬منشورات بكركي‪ 2009 .‬م‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬المسيحي أمام‬
‫مجلس بطاركة ّ‬
‫‪5‬‬
‫ُ‬
‫اقيين يهربون‬ ‫ٍ‬
‫لجنود عر ّ‬ ‫صو اًر‬
‫طات التلفزة ُ‬
‫وبثّت مح ّ‬
‫بالنصر اإللهي‪َ ،‬‬
‫كل اآلمال ّ‬ ‫هار ْت ّ‬
‫الصدمة عنيفة عندما ان َ‬
‫ّ‬
‫وم ِّذّلة‪.‬‬
‫وصو اًر أخرى ُمهينة ُ‬
‫مدنية ُ‬
‫بمالبس ّ‬

‫فإن حرَبي الخليج األولى والثانية‬


‫بالقوة‪ّ ،‬‬
‫أمد ْتها ّ‬
‫أصعد ْت حركات اإلسالم السياسي و ّ‬‫َ‬ ‫كان ْت هزيمة ‪ 1967‬م‬
‫فإن َ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬
‫المريعة ألحداث الحادي‬ ‫السياسي‪ .‬على المستوى العالمي‪َ ،‬‬
‫أقنع ْت التداعيات ُ‬ ‫آذن ْت بأفول نجم حركات اإلسالم ّ‬
‫قد َ‬
‫السياسي على مستوى العالم‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫بخطورة اإلسالم ّ‬
‫تحضر ُ‬‫الم ّ‬‫عشر من سبتمبر ‪ 2001‬م الواليات المتّحدة والعالم ُ‬
‫الجهادية‬
‫ّ‬ ‫كان ْت أحداث سبتمبر ‪ 2001‬م وصدمة هزائم حرب الخليج األولى قد زَاد ْت من ُعنف الحركات‬ ‫إن َ‬ ‫وْ‬
‫‪6‬‬
‫السياسي بات قريباً‪ .‬ورّبما الجزء‬
‫بأن أفول نجم اإلسالم ّ‬‫أن الواقع يقول ّ‬
‫كل مكان‪ .‬وهذه حقيقة َمْلموسة‪ّ ،‬إال ّ‬
‫في ّ‬
‫شب اإلسالم‬
‫األقل في مصر‪ ،‬وقد بدأ عندما ّ‬
‫ّ‬ ‫السياسي يجب أن ُيروى على‬ ‫األخير من ُفصول أفول اإلسالم ّ‬
‫يحدث في‬
‫السياسي على وثيقة موته‪ .‬وما ُ‬
‫كان ْت خطوة وّقع بها اإلسالم ّ‬
‫السياسي ليخطف الثّورة في مصر‪ .‬فقد َ‬ ‫ّ‬
‫يحدث في مصر‪.‬‬‫تونس ما هو ّإال استمرٌار لِّما ُ‬

‫دغدغ مشاعر الجماهير‪ ،‬ويعزف على أوتار جوعهم وتوقهم لحياة‬ ‫عندما يكون اإلسالم السياسي خارج الح ْكم‪ ،‬ي ِّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ّ‬
‫ألن المطلوب‬ ‫ٍ‬
‫الح ْكم يخبو بريقه‪ّ ،‬‬‫السياسي ُ‬‫لكن عندما يستلم اإلسالم ّ‬‫كريمة‪ ،‬وينجح في َج ْذب الجماهير التّباعه‪ْ .‬‬
‫السياسي ال يحمل‬ ‫ٍ‬
‫إطعام الجياع‪ ،‬وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل‪ ،‬وتأمين حياة كريمة لهم‪ .‬واإلسالم ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫طوي يقهر الشعب‪ ،‬ال‬‫أن ما صلح على مدى أربعة عشر قرناً من ُح ْكم ُسْل ٍّ‬ ‫مشروع دولة حديثة‪ ،‬ولم يدرك بعد ّ‬
‫الدنيا عليه‬
‫فقام ْت ّ‬ ‫ن‬ ‫ق‬ ‫‪7‬‬ ‫ِّ‬
‫أن يصلح اليوم‪ .‬هذا ما ّنوه به وح ّذر منه علي عبد الراز في بداية القر العشرين‪َ ،‬‬ ‫ُي ْمكن ْ‬
‫يحسن التّذكير ببعض ما كتََب ُه علي عبد الرازق‪ .‬فقد قال‬‫وكّفروه وأجبروه على تَ ْرك منصبه في األزهر‪ .‬وهنا ُ‬
‫ِّ‬
‫تعسفة‬ ‫ٍ‬ ‫‪8‬‬ ‫ِّ‬
‫أي شعب يقبل دولة ُم ّ‬ ‫دينية بال وحي"‪ .‬و ّ‬
‫تعسفة‪ ،‬وال دولة ّ‬‫ليس ْت ّإال دولة ُم ّ‬
‫الرسول َ‬‫إن‪" ،‬دولة اإلسالم بعد ّ‬ ‫ّ‬
‫الشعب المصري ح ْكم اإلخوان أكثر من عا ٍم و ٍ‬
‫احد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ديني ٍة؟ لذلك لم يحتَ ِّمل ّ‬ ‫ٍ‬
‫بحجة ّ‬ ‫ولو ّ‬

‫ظاهرّياً أفضل‬ ‫الشعب المصري في اإلستفتاء على الدستور الجديد والذي يبدو ِّ‬ ‫صوت ّ‬
‫ّ‬ ‫ومع بداية عام ‪ 2014‬م‪ّ ،‬‬
‫ِّ‬
‫وعاج اًز‪،‬‬ ‫لكنه ال يزال ِّ‬
‫قاص اًر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّمما سبَقه‪ ،‬وهو بالفعل كذلك‪ِّ .‬‬
‫الشعب المصري‪ّ ،‬‬ ‫ساحق من ّ‬ ‫بتأييد‬ ‫الدستور‬
‫وحظ َي ّ‬‫َ‬ ‫ّ َ ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫قدم‬ ‫أن يكون ّ‬
‫عملياً ُي ّ‬ ‫ويمنع ُه م ْن ْ‬
‫ُ‬ ‫السياسي‪،‬‬‫دي ّ‬
‫الدين ُي ّقيد َي ّ‬
‫السياسة‪ .‬و ّ‬‫الدين و ّ‬
‫ونقاط َع ْجزه ّأنه ال يزال يخلط بين ّ‬
‫الدولة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫الدين عن ّ‬ ‫صل ّ‬ ‫اغماتية‪ .‬لذا ومن أجل دولة عصرّية‪ ،‬ال ُب ّد م ْن َف ْ‬ ‫ألن العقيدة ال تعرف البر ّ‬
‫ُحلوالً ُم ْمك َنة‪ّ ،‬‬

‫المعاصرة‪ .‬ص ‪ .19‬منشورات بكركي‪ 2009 .‬م‪.‬‬


‫التحديات ُ‬
‫ّ‬ ‫الشرق األوسط‪ .‬المسيحي أمام‬
‫مجلس بطاركة ّ‬
‫‪6‬‬

‫السياسة من الحداثة إلى العولمة‪ .‬ص ‪ .160‬دار ميريت‪ 2006 .‬م‪.‬‬


‫السيد ياسين‪ُ .‬عهود إختراع ّ‬
‫ّ‬
‫‪7‬‬

‫علي عبد الرازق‪ .‬اإلسالم وأصول ُ‬


‫الح ْكم‪ .‬دار الكتاب اللبناني‪ .‬بيروت‪ 2011 .‬م‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫الشرق األوسط وشمال‬ ‫تنوعهم في ّ‬
‫بكل ّ‬
‫المواطنين ّ‬ ‫المواطنون‪ ،‬جميع ُ‬
‫ولن يحظى ُ‬
‫الدولة‪ْ .‬‬ ‫الدين وتصلح ّ‬‫ليصلح ّ‬
‫أن يكون القانون وحده ُم َّ‬ ‫دولة ديمقر ٍ‬
‫غيد وكري ٍم ّإال في كنف ٍ‬
‫شر ٍ‬‫بع ْي ٍ‬
‫قدساً‬ ‫اطية يسود عليها القانون‪ ،‬على ْ‬
‫ّ‬ ‫إفريقيا‪َ ،‬‬
‫الدولة‪.‬‬
‫الدين عن ّ‬
‫صل ّ‬‫فيها وليس الموروث الديني‪ .‬ويتحّقق هذا َبف ْ‬

‫الدولة له أربعة ِّّ‬ ‫ِّ‬


‫مسوغات‬ ‫الدين و ّ‬
‫صل بين ّ‬ ‫الف ْ‬
‫أن َ‬ ‫رأى فرح أنطون‪ ،‬وهو ُمف ّكٌر تنويرٌّي من القرن التّاسع عشر‪ّ ،‬‬
‫‪9‬‬
‫هي‪:‬‬
‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫قيد لخدمة مستقبل‬ ‫طِّلق الفكر اإلنساني من كل ٍ‬ ‫الدولة ُي ْ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدين عن ّ‬
‫صل ّ‬‫• َف ْ‬
‫طَلَقة بين أبناء الوطن الواحد‪.‬‬ ‫الم ْ‬
‫المساواة ُ‬
‫يؤدي إلى ُ‬ ‫الدولة ّ‬ ‫الدين عن ّ‬
‫صل ّ‬‫• َف ْ‬
‫الح ْكم‪.‬‬
‫ؤدي إلى فشل ُ‬ ‫الدولة ِّم ّما ُي ّ‬
‫الدينية في ّ‬
‫ّ‬ ‫السلطة‬ ‫ُّ‬
‫الدولة َي ْم َنع تَ َحكم ّ‬
‫الدين عن ّ‬
‫صل ّ‬‫• َف ْ‬
‫الدولة ُيعيق التّوحيد‪.‬‬
‫الدين و ّ‬
‫الج ْمع بين ّ‬ ‫الدولة ُي َس ِّّهل توحيد المجتمع‪ّ ،‬‬
‫ألن َ‬ ‫الدين عن ّ‬
‫صل ّ‬‫َف ْ‬ ‫•‬

‫لالجابةّعلىّالسؤالّاذهبّالىّموديلّ‪:‬‬
‫سؤالّ‪ّ ّ:2‬‬
‫سي ِ‬
‫سهلّالحياةّعلىّالمسيحيّفيّبالدّالشرقّاألوسطّ‬ ‫إلىّأيّمدىّتعتقدّأنّمبدأّ َف ْصلّالدينّعنّالدولةّ ُ‬
‫وشمالّأفريقيا؟ّأجبّبحواليّ‪ّ200-150‬كلمة‪.‬‬

‫للنشر‪ .‬عمان‪ 2003 .‬م‪.‬‬ ‫‪ 9‬أسامة بركات‪ .‬فرح أنطون وأثره في الفكر القومي العربي الم ِّ‬
‫عاصر‪ .‬ص ‪ .92-85‬بوالق ّ‬ ‫ُ‬
‫المسيحيّوعالقتهّبالحركاتّاإلنجيليةّفيّالعالمّوإسرائيل‬
‫ّعبرّالعالمّبالب ْعدّالروحي‪ّ،‬إالّأنّميراثهمّاألرضيّوإرساليتهمّيبدآنّفيّ‬
‫ُ‬ ‫المفهومّالثالث‪ّ:‬يشتركّاإلنجيليون‬
‫بلدهم‪.‬‬

‫إنجيليوّالعالم‪ّ-‬ترُابطّوانفصال‬
‫اإلنجيلية رغم‬
‫ّ‬ ‫اإلنجيلية عبر العالم بالتّرُابط واإلنفصال في ٍ‬
‫آن واحد‪ .‬هناك روابط تَ ْج َمع الحركة‬ ‫ّ‬ ‫تمتاز الحركة‬
‫تنوعها ونتيجة‬
‫اإلنجيلية تفصلها عن بعضها البعض نتيجة ُّ‬ ‫ّ‬ ‫خصوصية للحركة‬
‫ّ‬ ‫تنوعها في العالم‪ ،‬وهناك‬
‫ُّ‬
‫تفصيل للتّرابط واإلنفصال‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫افية وما يتبع ذلك‪ .‬فيما يلي‬
‫خصوصية مواقعها الجغر ّ‬
‫ّ‬

‫‪ -‬التّرابط‬
‫مؤسساتها ذات‬
‫الب ْعد الروحي‪ ،‬ولها ّ‬‫اإلنجيلية في العالم هي حركة ُمترِّابطة مع بعضها البعض عبر العالم في ُ‬
‫ّ‬
‫الالهوتية إال واحدة منها‪ .‬فهناك‬ ‫لالهوتية وغير‬‫التعليمية ا‬ ‫المؤسسات‬ ‫شترَكة‪ .‬وما‬ ‫الروابط الكثيرة و ِّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الم َ‬
‫تعددة ُ‬
‫الم ّ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫النشر‪،‬‬
‫طباعة و ّ‬ ‫بالشباب الجامعي‪ ،‬وأخرى تُعنى بال ّ‬
‫مؤسسات تُ ْعنى بمدارس األحد وتطويرها‪ ،‬وأخرى تُعنى ّ‬ ‫ّ‬
‫الخ ّدام‪ ،‬وشؤون ُّ‬
‫السجناء‪ ،‬ودراسة الكتاب‬ ‫ووسائل اإلعالم‪ ،‬وحقوق اإلنسان‪ ،‬وشؤون المرأة‪ ،‬وروابط تُعنى بشؤون ُ‬
‫تهتم به‪.‬‬
‫إنجيلية ّ‬
‫ّ‬ ‫مؤسسات‬
‫الالهوتية‪ ،‬والك ارزة‪ .‬وال يوجد منحى من َمناحي الحياة ّإال وهناك ّ‬‫ّ‬ ‫المق ّدس‪ ،‬والعقائد‬
‫صحية ال ُب ّد منها من أجل‬
‫ّ‬ ‫عضوية‬
‫ّ‬ ‫اإلنجيليين عبر العالم بعضهم ببعض‪ ،‬وهذه عالقة‬ ‫ّ‬ ‫المؤسسات‬
‫ّ‬ ‫وتربط هذه‬
‫الشعب‪ .‬ومن خالل‬ ‫التنوع ُي ْثري الخدمة و ُ‬
‫الخ ّدام و ّ‬ ‫لكن هذا الجسد الواحد م ِّّ‬
‫تنوعٌ‪ ،‬و ُّ‬ ‫وحدة الجسد الواحد في العالم‪ّ .‬‬
‫ُ‬
‫إقتصادياً من‬
‫ّ‬ ‫روحياً و‬
‫ّ‬ ‫الشعب اإلنجيلي في ُن ُمِّّوِّه الروحي ويتعاضد في سبيل ذلك‬‫يتوحد ّ‬
‫الروحية‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تبادل الخبرات‬
‫ُ‬
‫الم ْج َمل‪.‬‬
‫أجل عال ٍم أفضل في ُ‬

‫‪ -‬اإلنفصال‬
‫ص ُغ َر‬ ‫ِّ‬
‫إنجيلية مهما َ‬
‫ّ‬ ‫كل كنيسة‬ ‫إن ّ‬
‫أي ّ‬
‫فإن هناك ما ُي ْمكن اعتباره إنفصاالً‪ْ ،‬‬ ‫اإلنجيليين في العالم‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫رغم ترُابط‬
‫وخصوصيتها‪،‬‬ ‫تكاملة بذاتها‪ ،‬تدرس الكلمة نفسها‪ ،‬وتعظ بها ضمن لغتها‬ ‫أي كان موقعها هي وحدة م ِّ‬ ‫حجمها و ٌّ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫الخاصة بها لتوصيل‬‫ّ‬ ‫إنجيلي ٍة في اكتشاف ُ‬
‫ط ُرقها‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬
‫كنيسة‬ ‫لكل‬
‫حيوية وحرّية ّ‬ ‫المحلية‪ .‬وهذا منح ّ‬‫ّ‬ ‫وتتمتّع بإدارتها‬
‫الشرق لهم‬‫فإنجيليو ّ‬
‫ّ‬ ‫الخاص بها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫أرضي يتمّثل في ميراثها األرضي‬
‫ٌّ‬ ‫كنسية لها ُب ْعٌد‬
‫ّ‬ ‫كل وحدة‬
‫أن ّ‬‫رسالتها‪ .‬كما ّ‬
‫اإلنجيليين في الغرب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بشعوبهم‪ ،‬وهي تختلف حتماً عن خدمة‬ ‫الخاصة ُ‬
‫ّ‬ ‫خدمتهم‬
‫كبير فريدة من نوعها‪ .‬وهي تحتاج لِّ ُمقاربة‬ ‫ٍ‬
‫حد ٍ‬ ‫اإلقتصادية‪ ،‬وهي إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫اعية و‬ ‫للشرق لُغاته وثقافته ّ‬
‫وتحدياته اإلجتم ّ‬ ‫ّ‬
‫طط هذه‬ ‫الب ْعد اإلنساني ومصالح ُشعوب الغرب‪ ،‬تخ ِّّ‬ ‫تم َدة في الغرب‪ .‬فمن منطلق ُ‬ ‫الم ْع َ‬
‫قاربة ُ‬ ‫الم َ‬
‫مختلفة عن ُ‬
‫قيون‪ ،‬ال‬ ‫اإلنجيليون الشر ّ‬
‫ّ‬ ‫مصالح يجب ّأال ُي ِّّ‬
‫فرط بها‬ ‫ٌ‬ ‫الشرق‬
‫ولشعوب ّ‬‫مؤسسات ُدَولِّها‪ُ ،‬‬
‫الشعوب لسياساتها عبر ّ‬ ‫ّ‬
‫ابتعاد‬ ‫تبعد عنها أميال قليلة‪ .‬وهذا‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬ ‫محلية بأساليب توصيل رسالتها التي تختلف عن كنيسة ُ‬ ‫كل كنيسة ّ‬ ‫تتفرد ّ‬
‫بل ّ‬
‫تجاهل العقائد المختلفة للجسد اإلنجيلي‬ ‫ِّ‬ ‫الخصوصية ما ُيثري الخدمة‬
‫اإلنجيلية‪ .‬كما ال ُي ْمكن ُ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مود‪ ،‬إذ فيه من‬
‫َم ْح ٌ‬
‫اء للجسد الواحد‪.‬‬
‫ظر إليه على ّأنه إثر ٌ‬ ‫أن ُي ْن َ‬
‫الواحد‪ ،‬ما يجب ْ‬

‫فالشأن العام هو مجال خدمة الكنيسة‪ ،‬وقد ِّ‬


‫لوحظ‬ ‫العام في البلد الواحد‪ّ .‬‬ ‫لكن ذلك ال ُي ِّّ‬
‫ّ‬ ‫الشأن ّ‬ ‫برر اإلنفصال عن ّ‬ ‫ّ‬
‫نجيلية‪ ،‬ويتّخذ‬ ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا نوعٌ من اإلنعز ّ‬
‫الية التي تُمارسها بعض الكنائس اإل ّ‬ ‫في بعض ُبلدان ّ‬
‫بالسياسة‪ ،‬ال بل‬
‫الدين ّ‬
‫العام‪ .‬نعم‪ ،‬ليس المطلوب َخْلط ّ‬
‫الشأن ّ‬ ‫هذا اإلنعزال شكل اإلبتعاد عن اإلنخراط في ّ‬
‫العام قد‬ ‫اإلنجيليين في ّ ق‬
‫الشر األوسط عن شأنهم ّ‬ ‫ّ‬ ‫مسؤولية تجاه مجتمعه‪ .‬وابتعاد‬
‫ّ‬ ‫المؤمن‬
‫المواطن ُ‬
‫تترتّب على ُ‬
‫أقلية غريبة عن جسمها اإلجتماعي‪.‬‬
‫الشأن‪ .‬وقد أسهم ذلك في اعتبارهم ّ‬‫ساهم في تغريبهم عن ذلك ّ‬

‫السياسية‬
‫ّ‬ ‫اإلجتماعية و‬
‫ّ‬ ‫النواحي‬‫العام ّ‬
‫الشأن ّ‬ ‫العام لبالدهم‪ ،‬ويشمل ّ‬
‫الشأن ّ‬ ‫اإلنجيليون إلى اإلنخراط أكثر في ّ‬
‫ّ‬ ‫يحتاج‬
‫وم َه ّني ٍة‪ .‬وتحتاج الكنائس‬
‫الي ٍة ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وجمعيات ونقابات ُع ّم ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلقتصادية‪ ،‬ومؤسسات المجتمع المحّلي من أحز ٍ‬
‫اب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫و‬
‫ٍ‬
‫فعالين في خدمة مجتمعهم من داخل‬ ‫أن يكونوا ّ‬
‫وعي وبخطط َم ْدروسة على ْ‬ ‫شجع أعضاءها عن ٍ‬ ‫أن تُ ِّّ‬
‫اإلنجيلية ْ‬
‫ّ‬
‫شخص يلعبون دو اًر شبيهاً أو ُمو ِّازياً لدور فارس خوري‪،‬‬‫ٍ‬ ‫ِّم َهنهم ووظائفهم وخارجها‪ .‬فتحتاج سوريا ألكثر من‬
‫ٍ‬
‫شخص‬ ‫ٍ‬
‫شخص يلعبون دو اًر شبيهاً أو ُمو ِّازياً لدور مكرم عبيد‪ ،‬ويحتاج لبنان ألكثر من‬ ‫وتحتاج مصر ألكثر من‬
‫ٍ‬
‫شخص يلعبون دو اًر شبيهاً أو‬ ‫يلعبون دو اًر شبيهاً أو ُمو ِّازياً لدور البستاني واليازجي‪ ،‬وتحتاج األردن ألكثر من‬
‫الشرقية في العصر‬
‫ّ‬ ‫ُمو ِّازياً لدور عودة القسوس وسليمان الموسى‪ .‬وتَطول قائمة األسماء التي َ‬
‫خدم ْت ُمجتمعاتها‬
‫الحديث‪.‬‬

‫لالجابةّعلىّالسؤالّاذهبّالىّموديلّ‪:‬‬
‫سؤالّ‪ّ :ّ3‬‬
‫إلىّأيّمدىّيمكنّللكنيسةّأنّتنخرطّفيّالشأنّالعامّلبلدهاّدونّالمساومةّعلىّالحق؟ّحددّطريقتينّ‬
‫ُ‬
‫يمكنّمنّخاللهماّأنّتنخرطّالكنيسةّبالشأنّالعام‪ّ.‬أجبّبحواليّ‪ّ200-150‬كلمة‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫الالهوتّالتدبيريّوإسرائي ّل‬
‫أتباعه‬
‫ُ‬ ‫يتميز بنقطتَْين‪ :‬األولى‪ُ ،‬يؤمن‬
‫الهوتي ّ‬
‫ٌّ‬ ‫تكفي لمح ٌة سريع ٌة على نظام الالهوت التّدبيري لنستنتج ّأنه ٌ‬
‫نظام‬
‫شعب ْين هلل‪ :‬إسرائيل‬
‫بأن هناك َ‬ ‫الكتابية؛ والثانية‪ُ ،‬يؤمن أتباعه ّ‬
‫ّ‬ ‫وخاص ًة النبوءات‬
‫ّ‬ ‫المقدس‬
‫بالتّفسير الحرفي للكتاب ّ‬
‫يتم دائماً باإليمان باهلل في العهد القديم‪ ،‬وباهلل اإلبن في العهد الجديد‪ .‬هؤالء ال يعتقدون‬ ‫والكنيسة‪ .‬والخالص ّ‬
‫ستبدلوا‬
‫بأنهم لن ُي َ‬ ‫أن العهد القديم َي ِّع ُد شعب إسرائيل ّ‬
‫طة هللا و ّ‬
‫محل شعب إسرائيل بحسب خ ّ‬ ‫أن الكنيسة حّل ْت ّ‬‫ّ‬
‫النسل العظيم‪،‬‬‫الم ْعطاة من ِّقَبل هللا لشعب إسرائيل التي هي األرض‪ ،‬و ّ‬ ‫بأن الوعود ُ‬‫بالكنيسة‪ .‬وأيضاً‪ ،‬هم ُيؤمنون ّ‬
‫الم ْذكور في رؤيا يوحنا األصحاح ‪.20‬‬ ‫المْلك األلفي َ‬
‫والبركة‪ ،‬والمذكورة في العهد القديم ستتحّقق في ُ‬
‫أي و ٍ‬
‫احد في‬ ‫المقدس‪ ،‬وال يجوز تعميم ر ٍ‬ ‫ٍ‬
‫إنجيلي من تفسير الكتاب ّ‬
‫ٍ‬
‫ّ‬
‫موقف‬ ‫لكن في واقع األمر‪ ،‬هناك أكثر من‬
‫ْ‬
‫خاص ًة لجهة‬
‫أي في التّفسير الحرفي‪ّ ،‬‬ ‫اإلنجيليين‪ .‬فهناك أكثر من ر ٍ‬
‫ّ‬ ‫كل‬
‫المقدس على ّ‬ ‫التّفسير الحرفي للكتاب ّ‬
‫النبوءات‪ِّ .‬‬
‫قدس‪:‬‬ ‫إنجيلية في التّفسير النبوي للكتاب ُ‬
‫الم ّ‬ ‫ّ‬ ‫قدم جيمس أنس ثالثة آراء‬
‫وي ّ‬
‫ُ‬

‫فيتها فيرجعون إلى بالدهم التي هي فلسطين ويبنون‬


‫بأنها ستتحّقق بحر ّ‬
‫للنبوءات ّ‬
‫األول‪ :‬تفسير اليهود ُ‬ ‫الرأي ّ‬
‫ّ‬
‫الشعوب‪.‬‬‫هيكلهم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ترتفع ديانتهم إلى أعلى درجة بين ّ‬

‫الرأي الثاني‪ :‬رأي التّدبيرّيين‪ ،‬وهم أصحاب التّفسير الحرفي للنبوءات‪ ،‬وهم ال يختلفون في جوهر تفسيرهم عن‬‫ّ‬
‫المسيحية‬
‫ّ‬ ‫إن الكنيسة‬ ‫اليهودية عند تجديدها تكون ديانة الكنيسة كّلها‪ْ .‬‬
‫أي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الديانة‬
‫إن ّ‬‫اليهود‪ّ ،‬إال ّأنهم يقولون ّ‬
‫الرأي‪ ،‬فبعضهم يقول ّإنه لن يكون هناك ُّ‬
‫تحول‬ ‫يهودية‪ .‬وال يتّفق جميع التّدبيرّيين على هذا ّ‬
‫ّ‬ ‫تتحول إلى كنيسة‬
‫ّ‬
‫صدق فقط على رجوع اليهود إلى أرض فلسطين‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫اليهودية‪ ،‬والتّفسير الحرفي ُي ّ‬
‫ّ‬ ‫للكنيسة إلى‬

‫تتم بانضمام اليهود إلى الكنيسة واشتراكهم‬


‫بأن جميع نبوءات العهد القديم ّ‬
‫الرأي ّ‬
‫الرأي الثالث‪ :‬يقول أصحاب هذا ّ‬
‫ّ‬
‫‪10‬‬
‫في بركات اإلنجيل وخيراته‪.‬‬

‫قس ٌم إلى سبعة تدابير أو أزمنة‪ .‬وهم يرون ّ‬


‫أن البشرّية تعيش‬ ‫الزمن ُم َّ‬
‫أن ّ‬‫ومن ناحية األزمنة‪ ،‬يرى التّدبيرّيون ّ‬
‫الح ْكم األلفي‪ .‬وهذه التّدابير أوردها سكوفيلد‬
‫السابع وهو ُ‬
‫الزمن ّ‬
‫يبق إال ّ‬
‫السادس‪ ،‬ولم َ‬ ‫الزمن‪ /‬التّدبير ّ‬
‫في نهاية ّ‬
‫النحو التّالي‪:11‬‬
‫ُمَق ّسم ًة على ّ‬

‫الحرة‪ .‬قصر الدوباره‪ .‬القاهرة‪ 1999 .‬م‪.‬‬


‫جيمس أنس‪ .‬علم الالهوت النظامي‪ .‬ص ‪ .657‬ترجمة‪ .‬منيس عبد النور‪ .‬منشورات الكنيسة اإلنجيليّة ّ‬
‫‪10‬‬

‫الحق باإلستقامة‪ .‬ص ‪ .18‬منشورات معهد عمواس‪.2002 .‬‬ ‫صالً كلمة‬‫ِّ‬


‫سكوفيلد‪ُ .‬مَف ّ‬
‫‪11‬‬
‫ّ‬
‫لمشاهدةّالميدياّالتفاعليةّ"السبعةّتدابيرّبحسبّالتدبيريين"ّاذهبّالىّمصادرّالميدياّعلىّمودلّالخاصةّ‬
‫بالوحدة‪ّ.‬‬
‫ّ‬
‫جنة عدن‪( .‬تكوين ‪26 :1‬؛ ‪16 :2‬؛ ‪:3‬‬
‫ط ْرد آدم من ّ‬
‫ويمتد من الخليقة حتّى َ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬زمن‪/‬تدبير براءة اإلنسان‪.‬‬
‫‪)24-22‬‬

‫طوفان‪( .‬تكوين ‪ 7 :3‬و ‪22‬؛ ‪12-11 ،5 :6‬؛ ‪:7‬‬


‫الضمير‪ .‬من عدن إلى ال ّ‬
‫‪ -‬زمن‪/‬تدبير اإلنسان تحت ّ‬
‫‪)23 ،12 ،11‬‬

‫تبلبل األلسنة (تكوين ‪.2-1 :9‬؛ ‪4-1 :11‬؛‬ ‫ِّ‬


‫المتسّلط على األرض‪ .‬نوح وأوالده حتى ُ‬
‫‪ -‬زمن‪/‬تدبير اإلنسان ُ‬
‫‪)8-5 :11‬‬

‫العبودية في مصر‪( .‬تكوين ‪3-1 :12‬؛‬


‫ّ‬ ‫‪ -‬زمن‪/‬تدبير اإلنسان تحت الوعد‪ .‬من بناء برج بابل حتّى َد ْينونة‬
‫‪5 :15‬؛ ‪3 :26‬؛ ‪13-12 :28‬؛ ‪17-14 :13‬؛ خروج ‪)14-13 :1‬‬

‫الناموس‪ .‬من الخروج حتّى مجيء المسيح‪( .‬خروج ‪8-1 :19‬؛ رومية ‪19 :3‬‬
‫‪ -‬زمن‪/‬تدبير اإلنسان تحت ّ‬
‫و‪20‬؛ أعمال الرسل ‪ 22 :2‬و‪23‬؛ رومية ‪5 :10‬؛ ‪ 2‬ملوك ‪18-1 :17‬؛ أعمال الرسل ‪ 51 :7‬و‪52‬؛‬
‫غالطية ‪10 :3‬؛ ‪ 2‬ملوك ‪)11-1 :25‬‬

‫النعمة‪ .‬من َم ْوت المسيح الكفاري حتى مجيء المسيح الثاني‪.‬‬


‫‪ -‬زمن‪/‬تدبير اإلنسان تحت ّ‬

‫الح ْكم األلفي‪.‬‬


‫شخصياً فترة ُ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬زمن‪/‬تدبير اإلنسان تحت ُح ْكم المسيح‬
‫ّ‬
‫ّومخاطرّقبول ّه‬‫ي‬
‫تقييمّالالهوتّالتدبير َ‬
‫‪12‬‬
‫النظام التّدبيري على ّ‬
‫النحو التالي‪:‬‬ ‫يناقش ري دننغ (‪ )Ray Dunning‬وهو الهوتي أميركي م ِّ‬
‫عاصر ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪12‬‬
‫‪Ray Dunning. Grace Faith & Holiness. P.587-588. Beacon Hill Press Of Kansas City. Missouri. 1988.‬‬
‫ٍ‬
‫مشروط وال ُي ْم ِّكن خرقه‪ .‬وهذا التّمييز‬ ‫‪ -‬يعتمد الالهوت التّدبيري على نظرٍة تَرى ّ‬
‫أن عهد هللا مع إسرائيل غير‬
‫ثم إعادة بناء الهيكل‪ .‬وفي‬ ‫الجوهري بين إسرائيل والكنيسة يشتمل على ضرورة إعادة اليهود إلى األرض‪ ،‬ومن ّ‬
‫تجاهل ِّلما‬
‫ٌ‬ ‫بأن الفروق بين اليهود والكنيسة تتالشى في المسيح‪ .‬كما ّإنه‬ ‫ٍ‬
‫تغاض عن تعليم العهد الجديد ّ‬ ‫هذا‬
‫ص اآلخرون جميعاً من‬ ‫أن اليهود يخلصون على نفس األسس التي بها َي ْخلُ ُ‬ ‫َوَرَد في رومية ‪ 11 – 9‬من حيث ّ‬
‫أن يكون لألمر عالقة باألصل القومي‪.‬‬
‫دون تمييز‪ ،‬ومن دون ْ‬

‫أن‬
‫بكل شجاعة ْ‬ ‫الشائعة عن "المملكة"‪ ،‬والتي حاول أنبياء القرن الثامن ّ‬ ‫يتبنى الالهوت التّدبيري الفكرة ّ‬‫‪ّ -‬‬
‫الروحية‬ ‫الميالدية األولى حول ما إذا كانت إسرائيل‬ ‫ستمر منذ القرون‬ ‫يهدموها‪ .‬فقد دخَل ِّت المسيحية في ٍ‬
‫جدل ُم ٍّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬
‫أن‬ ‫وبالم ْختصر‪ ،‬ترى التدبيرّية ُ‬
‫المعاصرة ّ‬ ‫الجسدية (اليهود) هي إستمرار لموسى واألنبياء‪ُ .‬‬
‫ّ‬ ‫(الكنيسة) أو إسرائيل‬
‫ضة وسط خطط هللا إلسرائيل‪.‬‬ ‫عتر َ‬
‫الكنيسة فترة ُم َ‬

‫أن ذلك المبدأ ُيْلغي َك ْون العهد القديم‬ ‫ِّ‬


‫فض ْت ُه الكنيسة منذ البداية ُمص ّرةً على ّ‬‫‪ -‬تت ّبنى التّدبيرية مبدأ تفسيرّياً ر َ‬
‫مسيحياً‪ .‬وهم يتطابقون في ذلك مع هرطقة مارسيون‪ ،‬ومع رودلف بولتمان (‪ .)Rudolf Bultmann‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫كتاباً‬
‫الدفاع عنه ُمطلقاً في‬‫الرأي التّدبيري ال ُي ْم ِّكن ّ‬
‫"إن هذا ّ‬ ‫الصدد‪ ،‬يقول دونالد بلوش (‪ّ )Donald Bloesch‬‬ ‫هذا ّ‬
‫‪13‬‬
‫الحقيقية"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بأنها إسرائيل‬
‫ضوء تعريف العهد الجديد للكنيسة ّ‬

‫ضح ِّم ّما َكتََب ُه لويس شيفر‬


‫‪ -‬إن هذه النظرية تفرض من البداية مصير الفشل المحتوم على الكنيسة‪ .‬وهذا يتّ ِّ‬
‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أن برنامج هللا‬
‫النظاميين في الحركة التّدبيرية‪ ،‬حيث َكتَ َب "لو ّ‬
‫ّ‬ ‫الالهوتيين‬
‫ّ‬ ‫(‪ ،)Lewis Sperry Chafer‬أحد‬
‫المسيحيون الكثير من األعمال التي قاموا بها‪ .‬فاهلل‬ ‫ّ‬ ‫كان ْت معروف ًة بشكل أفضل‪َ ،‬ل َما عمل‬ ‫المستقبلية َ‬
‫ّ‬ ‫ونواحيه‬
‫ليس ْت مشفوع ًة في‬ ‫ِّ‬
‫النموذجية َ‬
‫ّ‬ ‫بجْلب العالم إليه‪ ،‬والمحاوالت التي ُيقام بها على أساس الفكرة‬ ‫لم ُي ْعط أم اًر َ‬
‫إنجيلي من التّفسير الحرفي وفكرة شعب هللا‪ .‬هل يحتاج‬ ‫ٍ‬
‫موقف‬ ‫أن هناك أكثر من‬ ‫‪ِّ 14‬‬
‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫سلطانه"‪ .‬م ّما سبق‪ ،‬نالحظ ّ‬
‫الشعب اليهودي منها‪:‬‬ ‫تخص ّ‬ ‫كتابية ّ‬ ‫الشعب اليهودي إلى خالص يسوع المسيح؟ هناك حقائق ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬شعب إسرائيل أصحاب َس ْبق حسب ترتيب هللا‬
‫ين ُه ْم ِّإ ْس َرِّائيلِّيُّو َن‪َ ،‬وَل ُه ُم‬ ‫َّ ِّ‬
‫الرسالة إلى أهل رومية ‪" 4 :9‬الذ َ‬ ‫الرسول في ّ‬ ‫هم شعب العهد القديم‪ ،‬وكما يقول بولس ّ‬
‫يح َح َس َب اْل َج َس ِّد‪ ،‬اْل َك ِّائ ُن َعَلى اْل ُك ِّّل‬ ‫ِّ‬
‫اء‪َ ،‬و ِّم ْن ُه ُم اْل َمس ُ‬
‫اآلب ُ‬
‫يد‪َ ،‬وَل ُه ُم َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫التَّبِّّني واْلمجد واْلعهود و ْ ِّ‬
‫االشت َراعُ َواْلعَب َادةُ َواْل َم َواع ُ‬ ‫َ َ َ ُْ َ ُُ ُ َ‬
‫ِّ ِّ‬
‫ين"‪.‬‬ ‫لها ُم َب َارًكا ِّإَلى األ ََبد‪ .‬آم َ‬
‫إً‬
‫ِّ‬

‫‪13‬‬
‫‪Essentials of Evangelical Theology. Vol. 2:P. 195. Donald Bloesc.‬‬
‫‪14‬‬
‫‪Systematic Theology. P. 261. Dallas Seminary Press, 1947 – 48Vol.4. Lewis Sperry Chafer.‬‬
‫الناموس الذي هو المسيح بعد‬ ‫ٍ‬
‫‪ -‬في مرحلة ما‪ ،‬لم ُيدرك جميع شعب إسرائيل غاية ّ‬
‫ص‪ .‬ألَِّّني أ ْ‬
‫َش َه ُد‬ ‫يل ِّهي لِّْل َخالَ ِّ‬ ‫طْل َبِّتي ِّإَلى هللاِّ ألَج ِّل ِّإسرِّائ‬ ‫اإل ْخ َوةُ‪ِّ ،‬إ َّن َم َس َّرَة َقْلِّبي َو َ‬
‫وفي رومية ‪" 4 -1 :10‬أَيُّها ِّ‬
‫ْ َْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ِّ‬
‫َن ُي ْثِّبتُوا ِّب َّر أ َْنُفس ِّه ْم َل ْم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫لك ْن َل ْي َس َح َس َب اْل َم ْع ِّرَفة‪ .‬ألََّن ُه ْم ِّإ ْذ َك ُانوا َي ْج َهُلو َن ِّب َّر هللا‪َ ،‬وَي ْ‬ ‫َن َلهم َغيرةِّ هللِّ‪ ،‬و ِّ‬
‫طُلُبو َن أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َل ُه ْم أ َّ ُ ْ ْ َ ً‬
‫يح لِّْلِّب ِّّر لِّ ُك ِّّل َم ْن ُي ْؤ ِّم ُن"‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫النام ِّ ِّ‬
‫وس ه َي‪ :‬اْل َمس ُ‬ ‫َن َغ َاي َة َّ ُ‬ ‫ض ُعوا لِِّّب ِّّر هللاِّ‪ .‬أل َّ‬
‫ُي ْخ َ‬

‫سيخّلص جميع إسرائيل‬ ‫ِّ‬


‫أن يدخل م ْلء األمم‪ُ ،‬‬ ‫‪ -‬بعد ْ‬
‫ونوا ِّع ْن َد أ َْنُف ِّس ُك ْم‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬
‫الس َّر‪ ،‬لِّ َئال تَ ُك ُ‬
‫َن تَ ْج َهُلوا ه َذا ّ‬
‫يد أَيُّها ِّ‬
‫اإل ْخ َوةُ أ ْ‬
‫ِِّّ‬
‫ويختُم في رومية ‪َ" 26 -25 :11‬فإّني َل ْس ُت أ ُِّر ُ َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َن َي ْد ُخ َل ِّمْل ُؤ األ َُممِّ‪َ ،‬و َ‬ ‫ِّ‬
‫يل‪َ .‬ك َما‬ ‫يع ِّإ ْس َرائ َ‬
‫ص َجم ُ‬ ‫هك َذا َس َي ْخُل ُ‬ ‫يل ِّإَلى أ ْ‬‫صَل ْت ُج ْزِّئيًّا ِّإل ْس َرائ َ‬ ‫اء‪ :‬أ َّ‬
‫َن اْلَق َس َاوَة َق ْد َح َ‬ ‫ُح َك َم َ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬
‫وب"‪.‬‬ ‫ور َع ْن َي ْعُق َ‬ ‫‪«:‬س َي ْخ ُرُج م ْن ص ْه َي ْو َن اْل ُم ْنق ُذ َوَي ُرُّد اْلُف ُج َ‬ ‫وب َ‬ ‫ُه َو َم ْكتُ ٌ‬

‫النحو التّالي‪:‬‬ ‫أولويات هذا الميراث تبدأ على ّ‬ ‫لتزٌم بخدمة وطنه أي ميراثه األرضي‪ ،‬و ّ‬ ‫مؤمن هو ُم ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫كل‬
‫أن ّ‬ ‫رْأينا ّ‬
‫ثم إلى بلده‬ ‫وتمتد خدمته وشهادته إلى مدينته‪ ،‬ومن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الداخلي أي أسرته‬ ‫المؤمن وشهادته تبدأ في بيته ّ‬ ‫خدمة ُ‬
‫ِّ‬
‫إرسالية يسوع لتالميذه‪" :‬لكَّن ُك ْم َستََناُلو َن ُقَّوةً‬‫ّ‬ ‫جداً في‬
‫اضح ّ‬
‫ثم إلى العالم أجمع‪ .‬وهذا و ٌ‬ ‫الذي يعيش فيه‪ ،‬ومن ّ‬
‫ِّ ِّ‬
‫َّة و َّ ِّ‬ ‫ودا ِّفي أُورَشلِّ ِّ ِّ‬
‫ض"‬‫ام َرِّة وإَِّلى أَ ْقصى األ َْر ِّ‬
‫َ‬ ‫الس َ‬ ‫يم َوفي ُك ّل اْل َي ُهودي َ‬
‫ُ َ‬ ‫ونو َن لِّي ُش ُه ً‬
‫الرو ُح اْلُق ُد ُس َعَل ْي ُك ْم‪َ ،‬وتَ ُك ُ‬
‫َمتَى َح َّل ُّ‬
‫الروح القدس‪ ،‬وهو أورشليم‪،‬‬ ‫يحل عليهم ّ‬ ‫المؤمنون في مكانهم الذي ُيقيمون فيه عندما ّ‬ ‫(أعمال الرسل ‪ .)8 :1‬يبدأ ُ‬
‫أن يبدأ‬
‫المؤمن ْ‬ ‫السامرة‪ ،‬وتكون الحلقة األخيرة أقصى األرض‪ .‬على ُ‬
‫المواطن ُ‬ ‫اليهودية‪ ،‬وبعد ذلك ّ‬
‫ّ‬ ‫ومن بعد ذلك‬
‫الرب‪ .‬وينطبق‬
‫قدسة من ّ‬ ‫ومسؤولية ُم ّ‬
‫ّ‬ ‫ألن هذا هو ميراثه األرضي‪ ،‬وهو ميراث‬
‫من بلده الذي يحمل ُمواطنته‪ّ ،‬‬
‫ٍ‬
‫الخاصة تجاه شعبه في بلده‪ ،‬وبعد‬
‫ّ‬ ‫إرساليته‬
‫ّ‬ ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪ّ .‬‬
‫فلكل منهم‬ ‫المؤمنين في ّ‬
‫هذا على ُ‬
‫اإلسالمية والعر ّبية‪ .‬وفي هذا الوقت‪ ،‬تُ َع ُّد هذه‬
‫ّ‬ ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا ُ‬
‫بشعوبه‬ ‫إرساليته تجاه إقليم ّ‬
‫ّ‬ ‫ذلك‬
‫هاب مر ٍ‬
‫تبط بالعقيدة‪.‬‬ ‫يصد ُر من هذا اإلقليم من إر ٍ ُ ْ‬
‫ألهمية ما ُ‬
‫ّ‬ ‫األهم على وجه األرض‪،‬‬
‫ّ‬ ‫اإلرسالية‬
‫ّ‬

‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪ .‬قد يقبل‬ ‫يب للمؤمن عن شعوب منطقة ّ‬ ‫القبول والمناداة بالفكر التّدبيري هو تغر ٌ‬
‫أن اإلهتمام بالميراث‬ ‫المؤمن ‪ -‬الذي يعيش في هذه المنطقة‪ -‬الفكر التّدبيري كعقيدة وهذا من حّقه‪ْ .‬‬
‫لكن فليتذ ّكر ّ‬
‫ط ٌل لرسالته عند الكثير من ُشعوب المنطقة‪ .‬وهذا الموقف ُي ْب ِّع ُد المؤمن عن‬ ‫األرضي إلسرائيل هو حتماً ُمع ِّّ‬
‫كغرباء وأعداء‬
‫اإلنجيليين ُ‬
‫ّ‬ ‫النظر إلى‬
‫الخاص واإلقليم الذي يعيش فيه‪ .‬وهذا ُيساهم في ّ‬ ‫ّ‬ ‫خدمة قضايا وطنه‬
‫الصليبيين عند قدومهم إلى المنطقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫النظرة إلى الذين تحالفوا مع‬ ‫كان ْت ّ‬
‫لشعوبهم تماماً كما َ‬
‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا‪.‬‬
‫مسيحيي ّ‬
‫ّ‬ ‫المناداة بالفكر التدبيري إرتباكاً في ّ‬
‫الهوية عند‬ ‫وأيضاً‪ ،‬قد يخلق القبول و ُ‬
‫أن يقبل إحتالل إسرائيل‬‫لبناني ْ‬
‫ٍ‬ ‫أن يقبل فك اًر ُيعطي بيته وأرضه لغيره؟ وكيف لمو ٍ‬
‫اطن‬ ‫فكيف للمؤمن الفلسطيني ْ‬
‫ّ‬
‫تحذير‬
‫ٌ‬ ‫الرب؟!!! وفي هذا‬
‫اث لهم من عند ّ‬ ‫لمزارع شبعا في الجنوب بدعوى ّأنهم شعب هللا و ّ‬
‫أن وهذه األرض مير ٌ‬
‫زمن (‪ 2014‬م) َح ِّرٌج وصعب ومصيرٌّي إذ فيه يتش ّكل شرق أوسط‬ ‫بالسياسة من جديد‪ّ .‬إنه ٌ‬‫من َخْلط اإليمان ّ‬
‫ماعي بشأن إسرائيل‪ ،‬بل من‬‫الشرق األوسط إتّخاذ قر ٍار َج ٍ‬
‫طلوب من ُمؤمني ّ‬ ‫الم ْ‬
‫وشمال إفريقيا جديدان‪ .‬وليس َ‬
‫ّ‬
‫تبني ذلك القرار أو َرْفضه‪ .‬وهذه‬
‫أن يختاروا ّ‬‫كمواطنين ْ‬
‫أن ُدَولهم هي التي تتّخذ القرار‪ .‬وينبغي بهم ُ‬
‫المْفروض ّ‬
‫َ‬
‫ط بين‬‫تم ذلك‪ ،‬ألصبح هناك َخْل ٌ‬ ‫ألنه ولو ّ‬
‫اإلنجيلية‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫يعم الكنائس‬
‫احد ّ‬‫أي و ٌ‬
‫اطية‪ ،‬لكيال يتش ّكل ر ٌ‬
‫هي الديمقر ّ‬
‫جداً‪.‬‬
‫خطير ّ‬
‫ٌ‬ ‫السياسة‪ ،‬وهذا‬
‫اإليمان و ّ‬

‫الن ْه ِّر اْل َكِّب ِّ‬


‫ير‪َ ،‬ن ْه ِّر‬ ‫ص َر ِّإَلى َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ولألبناء من هاجر نصيب في الوعد‪" ،‬لِّنسلِّك أ ِّ‬
‫ض‪ ،‬م ْن َن ْه ِّر م ْ‬
‫ُعطي هذه األ َْر َ‬‫َْ َ ْ‬ ‫ٌ‬
‫اْلُفر ِّ‬
‫ات"‪.‬‬ ‫َ‬

‫أي و ٍ‬ ‫ألن هناك أكثر ِّم ْن‬ ‫من أجل ذلك‪ ،‬سنعود للوعد الذي أ ِّ‬
‫اجتهاد‬ ‫رٍ‬ ‫ُعط َي إلبراهيم لمناقشته ونرى ماذا يحوي‪ّ ،‬‬ ‫ْ‬
‫ِّميثَاًقا َق ِّائالً‪:‬‬‫الر ُّب َم َع أ َْب َر َام‬
‫ط َع َّ‬ ‫النحو التّالي" ِّفي ذلِّ َك اْل َي ْو ِّم َق َ‬ ‫في تفسير الوعد باألرض‪ .‬وقد َوَرَد الوعد على ّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫«لِّنسلِّك أ ِّ‬
‫ونِّّي َ‬
‫ين‬ ‫ين واْلَق ْدم ِّ‬
‫ين َواْلَقن ِّّزِّّي َ َ ُ‬ ‫ير‪َ ،‬ن ْه ِّر اْلُف َرات‪ .‬اْلقينِّّي َ‬ ‫الن ْه ِّر اْل َكِّب ِّ‬
‫ص َر ِّإَلى َّ‬ ‫ض‪ ،‬م ْن َن ْه ِّر م ْ‬ ‫ُعطي هذه األ َْر َ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫ِّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫واْل ِّحِّثِّّيين واْلَف ِّرِّّزيِّين و َّ ِّ‬
‫ين" (تكوين ‪ .)21 -18 :15‬بعد‬ ‫وسِّّي َ‬ ‫ين واْل َيُب ِّ‬
‫ين َواْلج ْر َجاشّي َ َ‬ ‫ِّين َواْل َك ْن َعانِّّي َ‬ ‫َم ِّ‬
‫ورّي َ‬ ‫الرَفائِّّي َ‬
‫ين َواأل ُ‬ ‫َ َّ َ َّ َ‬
‫السادس عشر من سفر التّكوين عن َو ْعد هللا لهاجر وابنها‬ ‫السفر في األصحاح ّ‬ ‫هذه األعداد مباشرةً‪ ،‬يتكّلم ّ‬
‫ال‬ ‫ٍ‬ ‫إسماعيل‪ ،‬وهو كما يرى طوني معلوف‪ 15‬أول وعد ِّ‬
‫النحو التّالي‪َ" :‬فَق َ‬ ‫المقدس المرأة على ّ‬ ‫أعط َي في الكتاب ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫الر ِّّب‪« :‬تَ ْكث ًا‬ ‫ِّ‬ ‫«ار ِّج ِّعي ِّإَلى َم ْوالَِّت ِّك َو ْ‬
‫ُكثُّر َن ْسَلك َفالَ‬ ‫ير أ َ‬ ‫ك َّ‬ ‫ال َل َها َمالَ ُ‬‫ضعي تَ ْح َت َيَد ْي َها»‪َ .‬وَق َ‬ ‫اخ َ‬ ‫الر ِّّب‪ْ :‬‬ ‫ك َّ‬ ‫َل َها َمالَ ُ‬
‫الر َّب َق ْد َس ِّم َع‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫َن َّ‬ ‫يل‪ ،‬أل َّ‬ ‫اس َم ُه ِّإ ْس َماع َ‬
‫ين ْ‬ ‫ين ْاب ًنا َوتَ ْدع َ‬
‫«ها أ َْنت ُحْبَلى‪َ ،‬ف َتلد َ‬ ‫الر ِّّب‪َ :‬‬ ‫ك َّ‬ ‫ال َل َها َمالَ ُ‬ ‫ِّ‬
‫ُي َع ُّد م َن اْل َك ْث َرة»‪َ .‬وَق َ‬
‫يع ِّإ ْخ َوِّت ِّه َي ْس ُك ُن" (تكوين ‪:16‬‬ ‫ام َج ِّم ِّ‬ ‫ِّ ِّ ٍ ِّ‬ ‫ِّ ِّ ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ َِّّ ِّ‬
‫ل َم َذلتك َوإَِّّن ُه َي ُكو ُن إ ْن َس ًانا َو ْحشيًّا‪َ ،‬ي ُدهُ َعَلى ُك ّل َواحد‪َ ،‬وَي ُد ُك ّل َواحد َعَل ْيه‪َ ،‬وأ َ‬
‫َم َ‬
‫‪.)12 -9‬‬

‫‪15‬‬
‫‪Arabs in the Shadow of Israel: The Unfolding of God’s Prophetic Plan for Ishmael’s Line (Grand Rapids: Kregel‬‬
‫‪Publications, 2003).‬‬
‫(النيل) غرباً وحتّى الفرات شرقاً َلن ْسل إبراهيم‪ .‬وفي‬ ‫في الوعد إلبراهيم‪ِّ ،‬‬
‫أعط َيت األرض الواقعة من نهر مصر ّ‬ ‫ْ‬
‫الوعد لزوجته هاجر وابنها اسماعيل "وأمام جميع إخوته يسكن" "وإخوته أبناء إبراهيم من سارة ومن السراري‬
‫الشرق‪ ،‬نجدها مسكون ًة‬ ‫افية الو ِّاقعة بين نهر النيل في الغرب والفرات في ّ‬
‫أيضاً"‪ .‬وعند التّدقيق في المنطقة الجغر ّ‬
‫َبن ْسل إبراهيم‪ ،‬سواء كانوا أبناء إسماعيل أو إسحق‪ ،‬أو أبناء السراري‪.‬‬
‫يّ‬
‫المسيحيّوالربيعّالعرب ّ‬
‫اجعّ نسبةّ‬
‫المفهومّ الرابع‪ ّ:‬تفجرتّ ثوراتّ الربيعّ العربيّ فيّ سبيلّ الحريةّ والعدالة‪ ّ،‬إالّ أنهاّ أدتّ إلىّ تر ُ‬
‫المسيحيينّفيّالمنطقةّ‪.‬‬

‫المسيحيين في المنطقة‬
‫ّ‬ ‫اجع نسبة‬
‫الربيع العربي في سبيل الحرّية والعدالة‪ّ ،‬إال ّأنها ّأدت إلى تر ُ‬ ‫تفجرت ثورات ّ‬ ‫ّ‬
‫اجتاز ْت حاجز الخوف من‬ ‫الشبابية‪ ،‬التي‬ ‫الشعبية‬ ‫لق على الحركات‬ ‫ٌ ِّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حديث أط َ‬ ‫طَلح‬
‫الربيع العربي هو ُمص َ‬ ‫ّ‬
‫بالع ْيش الكريم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫السياسية القائمة‪ ،‬لتُطالب َ‬
‫ّ‬ ‫الشوارع على األنظمة‬ ‫حتج ًة في ّ‬‫وخر َج ْت ُم َّ‬
‫األنظمة الحاكمة َ‬
‫عاط ٌل عن العمل َبب ْيع الخضار على جانب‬ ‫شاب ِّ‬ ‫الش اررة من تونس‪ ،‬عندما قام ٌّ‬ ‫اطية‪ .‬وقد انطلَق ِّت ّ‬‫والديمقر ّ‬
‫لمخالفته القانون‪ ،‬أو ّ‬ ‫ِّ‬
‫بته التي يبيع‬
‫صادر ْت عر ُ‬
‫َ‬ ‫الشرطة‬
‫إن ّ‬ ‫صفع ْت ُه ُ‬
‫َ‬ ‫شرطي ًة‬
‫ّ‬ ‫إن‬ ‫الشارع ُمخالفاً القانون‪ُ .‬‬
‫ويقال ّ‬ ‫ّ‬
‫األول عام ‪ 2010‬م على َح ْرق نفسه أمام دار الوالية إحتجاجاً على ما‬ ‫عليها الخضار‪ .‬فأقدم في ‪ 17‬كانون ّ‬
‫كل أرجاء‬
‫لتعم ّ‬
‫دلع ْت اإلحتجاجات في بلدة "سيدي بو زيد"‪ ،‬وهي بلدة ذلك الشاب‪ّ ،‬‬
‫َح َد َث له‪ .‬وعلى أثر ذلك‪ْ ،‬إن َ‬
‫توج ٌه نحو‬
‫الح ْكم ونشأ ّ‬
‫أن سقط نظام ُ‬ ‫وكان ِّت ّ‬
‫النتيجة ْ‬ ‫المظاهرات‪َ ،‬‬‫أن يقمع ُ‬
‫ض الجيش التونسي ْ‬ ‫ورَف َ‬
‫تونس‪َ .‬‬
‫اطية‪.‬‬
‫الديمقر ّ‬

‫الح ْكم في‬


‫الشعبية العديد من ُدَول شمال إفريقيا‪ ،‬وسقط نظام ُ‬
‫ّ‬ ‫عمت اإلحتجاجات‬
‫على أثر ما َح َدث في تونس‪ّ ،‬‬
‫المتوسط‪ .‬وأطلِّق على هذه‬
‫ّ‬ ‫تمتد إلى سوريا واليمن في شرقي‬
‫َت اإلحتجاجات ّ‬ ‫مصر وفي ليبيا‪ .‬كما وبدأ ْ‬
‫ّ‬
‫"الربيع العربي"ّعلى غرار "ربيع براغ"‪ ،‬وهي حركة اإلصالح التى انطلَق ْت فيّجمهورّية‬
‫اإلحتجاجات ُمصطلح ّ‬
‫تشيكوسلوفكيا في الخامس من كانون الثاني عام ‪ 1968‬م‪ ،‬وقد قضى عليها إجتياح ّقوات حلف وارسو في ‪21‬‬
‫آب من العام نفسه‪.‬‬

‫َّمنّفجرّالثورة؟‬
‫الربيع‬
‫فجر ثورات ّ‬
‫التيار الوسطي األقرب إلى العلماني والمدني والعقالني والليبرالي هو َم ْن ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫يرى الكثيرون ّ‬
‫ردي سوري "شارك الجميع في ثورات‬ ‫الصدد‪ ،‬قال ُمف ِّّكر ُك ٌّ‬
‫أن دوره كان كبي اًر في ْاندالعها‪ .‬وفي هذا ّ‬
‫العربي أو ّ‬
‫القومية‪ ،‬بل ثورة الجميع من أجل الجميع في‬
‫ّ‬ ‫اإلثنية أو المجموعات‬
‫ّ‬ ‫الربيع العربي‪ ،‬فلم تَ ُك ْن ثورات المجموعات‬
‫ّ‬
‫‪16‬‬
‫المساواة للجميع"‪.‬‬
‫الغ ْبن عن الجميع وتحقيق العدالة و ُ‬
‫سبيل الحرّية والكرامة وإزالة ُ‬

‫المسيحيون هم ملح العرب‪ .‬ص ‪ .45‬منشورات ضفاف‪ .‬بيروت‪ 2013 .‬م‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ 16‬عبد الحسين شعبان‪.‬‬
‫وقواه على ٍ‬
‫نحو سري ٍع ُم ْستفيداً من إمكاناته‬ ‫التيار اإلسالمي َحص َد نتائجها بامتياز‪ ،‬بحيث أعاد تنظيم نفسه ِّ‬
‫لكن ّ‬‫ّ‬
‫َ‬
‫اليومية في الجوامع‬
‫ّ‬ ‫الناس باستمرار تفاعله معهم من خالل اللقاءات‬‫اللوجستية وتأثيره العاطفي على ّ‬
‫ّ‬ ‫المالية و‬
‫ّ‬
‫والمساجد وأماكن العبادة‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬هم اإلنتهازّيون الذين قال عنهم منصف المرزوقي ّ‬
‫"الثوار ليسوا هم‬
‫ِّ‬
‫اإلسالميون ثمار ّ‬
‫الربيع العربي‪ ،‬على‬ ‫ّ‬ ‫ظرف"‪ 17.‬وقد جنى‬‫َم ْن يجنون الثّمار‪ ،‬بل يأتي اإلنتهازّيون ويستغّلون ال ّ‬
‫األقل في مراحله األولى‪.‬‬
‫ّ‬

‫أن ما حصل‬ ‫خاص ًة ّ‬


‫الربيع العربي‪ّ ،‬‬
‫المسيحيين القلق في ُدَول ّ‬
‫ّ‬ ‫الح ْكم‪ ،‬إنتاب‬
‫التيار اإلسالمي إلى ُ‬ ‫نتيج ًة لصعود ّ‬
‫ماثالً أمام الجميع‪ ،‬حيث لعب تنظيم القاعدة في العراق وما ُس ِّّمي بدولة‬ ‫يب في العراق ال ازل ِّ‬ ‫من ٍ‬
‫وقت قر ٍ‬
‫َ‬
‫الدروس‬‫أن هذه ّ‬ ‫الوهابي‪ .‬وبما ّ‬
‫كل َم ْن ال يتّفق مع الفكر ّ‬
‫اإلسالمية دو اًر في ُمهاجمة اآلخر‪ ،‬واآلخر هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫افد ْين‬
‫الر َ‬
‫وتم تفجير ُدور عبادتهم‬ ‫المسيحيين ّ‬
‫ّ‬ ‫هاجمة‬
‫فتمت ُم َ‬
‫الرصد بحالهم فقط‪ّ .‬‬ ‫نصّبة على الشأن المسيحي‪ ،‬سينحصر ّ‬ ‫ُم َ‬
‫المسيحيين‬
‫ّ‬ ‫وتم اإلستيالء على مساكن‬
‫اقيين للهجرة‪ّ ،‬‬ ‫المسيحيين العر ّ‬
‫ّ‬ ‫صّلين فيها‪ِّ ،‬م ّما َدَف َع‬ ‫فوق رؤوس ُ‬
‫الم َ‬
‫مسيحيو العراق‪ ،‬بل بسبب معاناتهم قبل ذلك من التّهميش‬ ‫ّ‬ ‫ط ْردهم‪ .‬ولم َي ُك ْن التّهجير بسبب العنف الذي واجهه‬ ‫وَ‬
‫ألسباب ديني ٍة‪ .‬وفي تونس‪ ،‬أعلنت حركة النهضة عن الرغبة في إقامة ٍ‬
‫دولة‬ ‫ٍ‬ ‫إقتصادياً‬
‫جتماعياً و‬ ‫سياسياً وإ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪18‬‬ ‫إسالمي ٍة‪ ،‬وتحديد ِّ‬
‫الج ْزية‪.‬‬ ‫ّ‬

‫المسيحيين تزيد عن ‪ ،% 20‬وكان عددهم في القدس وحدها قبل عام ‪1948‬‬


‫ّ‬ ‫كان ْت نسبة‬
‫أما في فلسطين‪ ،‬فقد َ‬‫ّ‬
‫تتعدى ‪.%1 .5‬‬
‫المسيحيين في فلسطين ال ّ‬
‫ّ‬ ‫أما اليوم فال يزيد عددهم عن خمسة آالف‪ ،‬ونسبة‬
‫م خمسين ألفاً‪ّ .‬‬
‫المسيحية تراجعاً من‬
‫ّ‬ ‫األهلية ‪ 700‬ألف لبناني مسيحي‪ .‬في سوريا‪ِّ ،‬‬
‫شهَد ْت‬ ‫ّ‬ ‫وفي لبنان‪ ،‬هاجر ّإبان وبعد الحرب‬
‫وكان ْت مصر ِّمثاالً صريحاً على َخ ْ‬
‫‪19‬‬
‫طف الثّورة من‬ ‫َ‬ ‫ما ُيقارب ‪ %16‬في العقود الثالثة األخيرة إلى ‪.%10‬‬
‫الشعب إسترجع الثّورة بثورة‪ ،‬وهم اليوم (‪ )2014/1/14‬يستفتون على دستورهم الجديد‬ ‫لكن ّ‬‫اإلسالميين‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ِّقَبل‬
‫ٍ‬ ‫ِّ‬
‫الدين‬
‫المواطنة‪ .‬وهو لم ُيصبح بعد دستو اًر عصرّياً وذلك إلقحام مواد عن ّ‬
‫تقدمة نحو دولة ُ‬‫والذي ُيش ِّّكل خطوة ُم ّ‬
‫الشريعة فيه‪.‬‬‫و ّ‬

‫الربيعّالعربيّإلىّأين؟‬

‫الربيع العربي إلى أين‪ .‬مركز دراسات الوحدة العر ّبية‪ .‬ص ‪ . 265‬تحرير عبد اإلله بلقزيز‪ .‬منشورات و ازرة الثقافة‪ .‬عمان‪2012 .‬‬
‫منصف المرزوقي‪ّ .‬‬
‫‪17‬‬

‫م‪.‬‬
‫عبد الحسين شعبان‪ .‬المسيحيّون هم ملح العرب‪ .‬ص ‪ .41‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫المسيحيون هم ملح العرب‪ .‬ص ‪ .43‬مرجع سابق‪.‬‬


‫ّ‬ ‫‪ 19‬عبد الحسين شعبان‪.‬‬
‫يقول منصف المرزوقي‪ 20،‬في محاولته لإلجابة على سؤال‪" :‬إلى أين تتّجه الثّورات العر ّبية؟"‪" :‬ال تقوم ثورةٌ ّإال‬
‫السلكة ال يتالشون بالكامل‪ّ ،‬إنما يتراجعون‬ ‫أن َم ْن يفقدون ّ‬
‫السبب في رأيه هو ّ‬ ‫ضادة"‪ .‬و ّ‬
‫وقام ْت مقابلها ثورةٌ ُم ّ‬
‫َ‬
‫ِّ‬
‫هدامة‪ ،‬تُضاف‬ ‫وجد في الثّورة قوى ّ‬ ‫كل ثورة‪ ،‬حيث تُ َ‬ ‫ظ على ّ‬ ‫ثمن باه ٌ‬
‫الستار‪ .‬كما ّأنه يترتّب ٌ‬ ‫ويعملون من خلف ّ‬
‫ِّ‬
‫المضادة للثّورة‪ ،‬وهذا ما يدفع الثّوريين في أغلب األحيان إلى ُمجابهة أعداء الثّورة بالمقاصل‬ ‫إلى القوى ُ‬
‫أن الثُّوار ليسوا هم َم ْن يجنون‬ ‫ِّ‬
‫هنمية من جديد‪ .‬كما ّأنه يرى ّ‬ ‫السجون‪ ،‬م ّما يقود إلى العودة لآللة ُ‬
‫الج ّ‬ ‫والمشانق و ّ‬
‫قام ْت عام ‪ 1789‬م بهدف‬ ‫نسية التي َ‬ ‫ظرف‪ .‬وهو يستشهد بالثّورة الفر ّ‬ ‫الثّمار‪ ،‬بل يأتي اإلنتهازّيون ويستغّلون ال ّ‬
‫لكن بعد أربع سنوات من اإلطاحة‬ ‫اطي‪ْ .‬‬‫المساواة أي بهدف إنشاء نظا ٍم ديمقر ٍ‬ ‫األخوة والحرّية و ُ‬
‫ّ‬ ‫بناء مجتمع‬
‫ّ‬
‫ِّ‬
‫الملكية عام‬
‫ّ‬ ‫عاد ْت‬
‫نصب نفسه إمبراطو اًر عام ‪ 1804‬م‪ ،‬وبعده َ‬ ‫عادت الديكتاتورّية عبر نابليون الذي ّ‬ ‫بالملك‪َ ،‬‬
‫قام ْت عليه ثورة ‪ 1848‬م‪ .‬ومع‬ ‫ثم شارل العاشر عام ‪ 1824‬م والذي َ‬ ‫‪ 1814‬م ُم َمّثَل ًة في لويس الثامن عشر‪ّ ،‬‬
‫جدداً في ثوب نابليون الثالث عام ‪ 1852‬م‪ ،‬ولم تنشأ الجمهورّية إال بعد هزيمة‬ ‫عاد ْت الديكتاتورّية ُم ّ‬
‫ذلك‪َ ،‬‬
‫ضد بروسيا عام ‪ 1870‬م‪ ،‬فلم تتحّقق مطالب الثّورة إال بعد ُقرابة قرٍن من ّ‬
‫الزمن‪ .‬واألمر‬ ‫نظامه في الحرب ّ‬
‫‪21‬‬
‫ليس شا ّذاً بل ُيرى ّأنها القاعدة في حالة الثورات‪.‬‬

‫لالجابةّعلىّالسؤالّاذهبّالىّموديلّ‪:‬‬
‫سؤالّالتقييمّ‪ّ :ّ4‬‬
‫دّتغييراّطرأّعلىّهويةّالمسيحيّالذيّيقيمّفيّبلدٍّشهدّحركةّالربيعّالعربي‪ّ.‬أجبّبحواليّ‪ّ150‬كلمةّ‪ّ .‬‬
‫ً‬ ‫حد‬

‫‪ 20‬منصف المرزوقي‪ ،‬وهو ُمف ِّّكر تونسي وهو شغل منصب رئيس تونس في ذاك الوقت (يناير ‪ 2014‬م)‪.‬‬

‫الربيع العربي إلى أين‪ .‬مركز دراسات الوحدة العر ّبية‪ .‬ص ‪ .268-265‬مرجع سابق‪.‬‬
‫منصف المرزوقي‪ّ .‬‬
‫‪21‬‬
‫الخاتمة ّ‬

‫بمنظار م ِّ‬ ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا‬


‫تشائمٍ‪ ،‬وذلك بسبب الفوضى‬ ‫ٍ ُ‬ ‫المسيحيين ّ‬
‫ّ‬ ‫يرى العديد من ُ‬
‫المؤمنين‬
‫الشرق يحزمون‬ ‫المسيحيين في ّ‬
‫ّ‬ ‫السلطة في أكثر من بلد‪ .‬ولذلك‪ ،‬ترى الكثير من‬ ‫الدينية إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫التيارات‬
‫وصعود ّ‬ ‫ُ‬
‫ض ّحون بميراثهم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫لكنهم ُي َ‬
‫حقائبهم النتهاز ّأول فرصة للهجرة باتّجاه حياة كريمة خارج أوطانهم‪ .‬وهذا من حّقهم‪ّ ،‬‬
‫عينه هللا لهم‪ ،‬فيخدموا إسم هللا من خالل ذلك الميراث‪ .‬ومن الم ْحزِّن‬ ‫األرضي (وطنهم الذي ُولدوا فيه) الذي ّ‬
‫ُ‬
‫ِّ‬ ‫ِّ‬
‫قدم ًة للتغيير نحو األفضل لشعوبهم‬‫أن ُيش ِّّكلوا ُم ّ‬
‫الرب‪ ،‬والذين من المفروض ْ‬
‫المهاجرين ُخ ّدام ّ‬
‫قدمة ُ‬ ‫أن يكون في ُم ّ‬‫ْ‬
‫وبالدهم‪.‬‬

‫بهويتهّالتي ُوِّلد فيها‪ ،‬و ْ‬


‫أن يرى فيها فرص ًة ثمين ًة‬ ‫يتمسك ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫الشرق األوسط وشمال إفريقيا ْ‬
‫كل ُمؤمن في ّ‬‫يحتاج ّ‬
‫الد ِّارسين في‬
‫الم ْرسومين‪ ،‬أو على ّ‬ ‫وليس ْت ِّح ْك اًر على ُ‬
‫الخ ّدام َ‬ ‫لكل المؤمنين َ‬ ‫ألن الخدمة هي ّ‬‫قدسة‪ّ .‬‬
‫الم ّ‬
‫للخدمة ُ‬
‫ُك ّليات الالهوت فحسب‪.‬‬

‫كل‬ ‫أوسط ٍ‬‫ٍ‬ ‫ومن أجل شرق‬


‫يتحالف مع ّ‬ ‫أن‬
‫فإن المؤمن المسيحي َم ْد ُعٌّو ْ‬ ‫اإلنسانية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫جديد تسوده الحرّية والكرامة‬
‫أيضا للمشاركة‬
‫ً‬ ‫فاضل على األرض‪ .‬وهو َم ْد ُعٌّو‬ ‫ٍ‬ ‫التوجهات الحسنة من أجل َخْلق مجتم ٍع‬ ‫أصحاب النوايا و ُّ‬
‫بكل‬ ‫ِّ‬
‫السياسة‪ ،‬والعمل اإلجتماعي واإلقتصادي‪ ،‬والعمل ّ‬ ‫ودخول ُم ْعتَ َرك ّ‬ ‫سياسياً عبر تشكيل األحزاب‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الكاملة‬
‫فرِّق في‬
‫الم ْجتمع‪ .‬ويجب أ ّال ُي ّ‬ ‫لتقدم ُ‬‫القانونية في بلده التي تخدم وتسعى ُّ‬ ‫ّ‬ ‫التجمعات‬
‫ُّ‬ ‫كل‬
‫أنواعه‪ ،‬واإلنضمام إلى ّ‬
‫يك ُم َّال ِّذي ِّفي‬
‫اء أَِّب ُ‬ ‫أن يخدم الجميع ويسعى لمصلحة الجميع‪" ،‬لِّ َك ْي تَ ُك ُ‬
‫ونوا أ َْب َن َ‬ ‫خدمته بين إنسان وإنسان‪ ،‬بل ْ‬
‫َّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّق َشمسه عَلى األ َْشر ِّار و َّ ِّ ِّ‬ ‫ِّ‬
‫ين" (متى ‪ .)45 :5‬وهذا‬ ‫ين‪َ ،‬وُي ْمط ُر َعَلى األ َْب َر ِّار َوالظالم َ‬
‫الصالح َ‬ ‫َ َ‬ ‫الس َم َاوات‪َ ،‬فِّإَّن ُه ُي ْشر ُ ْ َ ُ َ‬
‫َّ‬
‫بقية شرائح المجتمع أو رّبما أكثر من‬ ‫سيتعرضون مثل ّ‬ ‫ّ‬ ‫المؤمنين ال ُيشاركون في َد ْفع الثّمن‪ ،‬بل‬ ‫أن ُ‬ ‫ال يعني ّ‬
‫ابتعاد عن َد ْفع الثّمن‪.‬‬
‫هروب و ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫اله ْجرة في الغالب هي‬
‫الشرائح‪ .‬و ُ‬ ‫بقية ّ‬‫ّ‬

You might also like