بشرى الكريم ٢

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 13

‫كتاب الطهارة‪.

‬‬
‫(باب) وفي نسخة‪ :‬كتاب‪ ،‬أي‪ :‬في بيان وسائل (الطهارة)‪ ،‬ومقاصدها وأحكامها‪ ،‬وما يتعلق بذلك‪.‬‬
‫والكتاب لغة‪ :‬الضم والجمع؛ إذ الكاتب يجمع الحروف فتصير كلمة‪ ،‬والكلمات فتصير كالما‪.‬‬
‫والباب لغة‪ :‬المنفذ والفصل الحاجز‪ ،‬والفرع‪ :‬ما يبنى على غيره‪.‬‬
‫وأما عرفا ‪ ..‬فكل منها‪ :‬اسم لجملة مختصة من دال العلم‪.‬‬
‫لكن الكتاب مشتمل على أبواب‪ ،‬وفصول‪ ،‬وفروع‪ ،‬ومسائل غالبا‪.‬‬
‫والباب مشتمل على فصول ‪ ...‬إلخ‪ ،‬والفصل مش‪N‬تمل على ف‪N‬روع ‪ ...‬إلخ‪ ،‬والف‪N‬رع مش‪N‬تمل على مس‪N‬ائل‪ ،‬فالكت‪N‬اب ك‪N‬الجنس‪،‬‬
‫والباب كالنوع‪ ،‬والفصل والفرع كالصنف‪ ،‬والمسألة كالشخص‪ ،‬وكل من الكت‪NN‬اب وم‪NN‬ا بع‪NN‬ده ‪-‬في ه‪NN‬ذا المح‪N‬ل وغ‪NN‬يره‪ -‬خ‪N‬بر‬
‫مبتدأ محذوف‪ ،‬أو مبت‪N‬دأ ح‪N‬ذف خ‪N‬بره‪ ،‬أو مفع‪N‬ول لفع‪N‬ل مح‪N‬ذوف‪ ،‬أي‪ :‬ه‪N‬ذا الكت‪N‬اب‪ ،‬أو كت‪N‬اب الطه‪N‬ارة ه‪N‬ذا‪ ،‬أو خ‪N‬ذ كت‪N‬اب‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫ووسائل الطه‪NN‬ارة‪ :‬الم‪NN‬اء‪ ،‬والنجاس‪NN‬ة‪ ،‬واالجته‪NN‬اد‪ ،‬واألواني‪ ،‬وق‪NN‬ال (بج)‪ :‬المش‪NN‬هور أن وس‪NN‬ائلها الحقيقي‪NN‬ة‪ :‬الم‪NN‬اء‪ ،‬وال‪NN‬تراب‪،‬‬
‫والحجر‪ ،‬والدابغ‪.‬‬
‫ومقاصدها‪ :‬الوضوء‪ ،‬والغسل‪ ،‬والتيمم‪ ،‬وإزالة النجاسة‪.‬‬
‫(والطهارة) ‪-‬بفتح الطاء‪ :-‬النظافة‪ ،‬والخلوص من الدنس الحسي كالمخاط‪ ،‬والمعنوي كحسد وكبر‪.‬‬
‫وشرعا‪ :‬تطلق على الفعل الذي هو (التطهير) وهو الوضوء والغسل والتيمم وإزالة النجاسة‪ ،‬وعلى األثر المترتب على ذلك‬
‫التطهير الذي هو زوال المنع الناشئ عن الحدث والخبث‪.‬‬
‫وتعرف على األول بأنها فعل ما يتوقف عليه إباحة ولو من بعض الوجوه كالتيمم‪ ،‬أو ثواب مج‪NN‬رد كالغس‪NN‬لة الثاني‪NN‬ة‪ ،‬وغس‪NN‬ل‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫وعلى الثاني بأنها األثر المترتب على ذلك الفعل‪( .‬والطهارة) ‪-‬بالضم‪ :-‬بقية الماء‪.‬‬
‫وقد افتتح األئمة كتبهم بالطهارة؛ لخبر‪" :‬مفتاح الصالة الطهور"‪ ،‬وألنها شرط للصالة‪ ،‬وهو مقدم طبعا‪ ،‬فيقدم وضعا‪.‬‬
‫(ال يصح) وال يحل (رفع الحدث) أي‪ :‬األمر االعتباري القائم باألعضاء الم‪NN‬انع ص‪NN‬حة الص‪NN‬الة حيث ال م‪NN‬رخص‪ ،‬أو المن‪NN‬ع‬
‫المترتب على ذلك ال األصغر ‪-‬وهو ما أوجب الوضوء‪ -‬وال األكبر ‪-‬وهو حدث الحيض والنفاس‪ -‬وال األوسط‪ ،‬وه‪NN‬و ح‪NN‬دث‬
‫الجنابة والوالدة‪ ،‬وفي معناهما الموت‪.‬‬
‫(وال إزالة النجس) أي‪ :‬المستقذر المانع صحة الصالة حيث ال مرخص‪ ،‬أو المعنى الموصوف به المح‪NN‬ل‪ ،‬المالقي لعين من‬
‫ذلك مع الرطوبة ‪-‬ال المخفف وهو بول الصبي وال المغلظ وهو نجاسة الكلب والخنزير‪ ،‬وال المتوس‪N‬ط وه‪N‬و م‪N‬ا ع‪N‬داهما من‬
‫النجاسة أو الوصف الناشئ عن مالقاتها كما مر‪ -‬وال طهارة لسلس‪ ،‬وال مسنونة‪.‬‬
‫(إال بـ) ماء مطلق ولو ظنا عن االشتباه‪ ،‬وهو‪( :‬ما يسمى ماء) بال قيد الزم عند العالم بحاله على أي ص‪NN‬فة ك‪NN‬ان‪ ،‬من أص‪NN‬ل‬
‫الخلقة‪ ،‬وذلك كماء البحر وإن كان متغير الطعم‪ ،‬وما ينعقد منه الملح‪ ،‬وينحل إليه البرد‪ ،‬وما استهلك فيه خليط لم يسلبه اس‪NN‬م‬
‫الماء‪ ،‬والمترشح من الماء الطهور المغلي‪ ،‬وما جمع من ندى‪ ،‬والمتغير بمجاور أو بما ال غنى عنه‪ ،‬وماء زمزم‪.‬‬
‫ودليل حصر ما ذكر في الماء‪ :‬أن الطهارة ثبتت فيه بالماء دون غيره‪ ،‬وال مدخل للقي‪NN‬اس؛ الختص‪NN‬اص الم‪NN‬اء بمزي‪NN‬د لطاف‪NN‬ة‬
‫ورقة ال توجد في غيره‪.‬‬
‫وخرج بـ (الماء المطلق) غيره من مائع وجامد ولو تراب‪NN‬ا؛ ألن‪NN‬ه في ال‪N‬تيمم ال يرف‪NN‬ع الح‪N‬دث بمع‪NN‬نى األم‪NN‬ر االعتب‪NN‬اري‪ ،‬وفي‬
‫غسل نجاسة نحو الكلب‪ ،‬المطهر فيها إنما هو الماء بش‪N‬رط مزج‪N‬ه ب‪NN‬التراب‪ ،‬ونح‪N‬و الحج‪N‬ر في االس‪N‬تنجاء مخف‪N‬ف ال مزي‪NN‬ل‬
‫للنجاسة‪.‬‬
‫وطهر الجلد بالدبغ‪ ،‬والخمر بالتخلل إحالة ال إزالة‪ ،‬ويستمر التطهير للماء إلى أن يتغير‪ ،‬أو يستعمل‪ ،‬أو ينجس‪.‬‬

‫(فإن تغير) ولو بواحد من (طعمه أو لونه أو ريحه) فـ (أو) مانع‪NN‬ة خل‪NN‬و‪ ،‬ال جم‪NN‬ع (تغ‪NN‬يرا فاحش‪NN‬ا بحيث ال يس‪NN‬مى م‪NN‬اء) ب‪NN‬أن‬
‫يسلب اسم الماء المطلق يقينا‪ ،‬وإنما يسمى ماء مقيدا بقيد الزم كماء الورد‪ ،‬أو يحدث له اسم آخر كالمرقة‪ ،‬وكان ذلك التغ‪NN‬ير‬
‫(بمخالط) للماء يخالفه في صفاته‪ ،‬أو واحدة منها وهو ما ال يمكن فصله‪ ،‬أو ما ال يتميز في رأي العين (طاهر) أم‪NN‬ا المتغ‪NN‬ير‬
‫بنجس ‪ ..‬فمتنجس مطلقا (يستغني الماء عنه) يقين‪N‬ا‪ ،‬أي‪ :‬ال يش‪N‬ق ص‪N‬ونه عن‪N‬ه‪ ،‬كملح جبلي في غ‪N‬ير مم‪N‬ره ومق‪N‬ره‪ ،‬وك‪N‬افور‬
‫رخو‪ ،‬وقطران رخو لم يوضع إلصالح الظرف‪ ،‬وثمر وإن كان أصله في الماء‪.‬‬
‫( ‪ ..‬لم تصح) ولم تحل (الطهارة به)؛ ألن ذلك ال يسمى ماء‪ ،‬حتى لو حلف ال يشرب ماء‪ ،‬أو ال يش‪NN‬تريه ‪ ..‬لم يحنث بش‪NN‬رب‬
‫متغير‪ ،‬أو شرائه‪.‬‬
‫نعم؛ لو تنجس نحو دقيق بحكمية ‪ ..‬طهر بصب الماء عليه وإن تغير كثيرا قبل وص‪NN‬وله لجمي‪NN‬ع أجزائ‪NN‬ه للض‪NN‬رورة‪ ،‬بخالف‬
‫تغيره بالسدر في غسل الميت؛ إذ ال ضرورة‪.‬‬
‫(والتغير التقديري كالتغير الحسي) في جميع أحكامه (فلو وقع فيه) أي الماء ما يوافقه في جميع صفاته كم‪NN‬اء مس‪NN‬تعمل‪ ،‬ولم‬
‫يبلغا قلتين‪ ،‬أو في بعضها كـ (ماء ورد ال رائحة له) وله لون وطعم‪ ،‬أو أحدهما ( ‪ ..‬قدر مخالف‪NN‬ا) ل‪NN‬ه في جميعه‪NN‬ا في األول‪،‬‬
‫وكذا في الثاني‪.‬‬
‫لكن رجح كثير أن الموج‪N‬ود ال يق‪N‬در (بأوس‪N‬ط الص‪N‬فات) كطعم رم‪N‬ان‪ ،‬ول‪N‬ون عص‪N‬ير‪ ،‬وريح الذن‪ ،‬فيف‪N‬رض مغ‪N‬ير الل‪N‬ون‪،‬‬
‫ومغير الطعم‪ ،‬ومغير الريح‪ ،‬فبأيها حصل التغيير تقديرا ‪ ..‬انتفت عنه الطهورية؛ وذلك ألنه لموافقته للماء ال يغيره‪ ،‬فاعتبر‬
‫بغيره كالحكومة‪.‬‬
‫(و) خرج بـ (التغير الفاحش) اليسير‪ ،‬فـ (ال يضر تغير يسير) وهو ما (ال يمنع اسم الماء) ولو بمخال‪N‬ط مس‪N‬تغنى عن‪N‬ه؛ ألن‪N‬ه‬
‫عليه الصالة والسالم "توضأ من قصعة فيها أثر عجين"‪.‬‬
‫(و) بالمخاط التغير بما ليس مخالطا وال مجاورا ك‪NN‬المكث أو بمج‪NN‬اور‪ ،‬فـ (ال يض‪NN‬ر تغ‪NN‬ير بمكث) وإن ك‪NN‬ثر إجماع‪NN‬ا؛ لتع‪NN‬ذر‬
‫االحتراز عنه‪.‬‬
‫(و) ال (بتراب) ولو مستعمال عند (م ر)‪ ،‬سواء قلنا‪ :‬إنه مخالط؛ ألنه مطهر كالماء‪ ،‬أو مجاور ما لم يج‪NN‬ر بطبع‪NN‬ه كالش‪NN‬ربة‪،‬‬
‫وال يضر التغير بما على أبدان المتطهرين‪.‬‬
‫قال الشرقاوي‪( :‬ومن الخليط الذي ال غنى عنه ‪ ..‬ما يقع من غسل الرجلين في الفساقي كميضأة الس‪NN‬يد الب‪NN‬دوي أي‪NN‬ام المول‪NN‬د)‬
‫اهـ‬
‫(و) ال التغير (بطحلب) لم يطرح إن تفتت؛ لعسر االحتراز عنه‪ ،‬فإن طرح وصار مخالطا ‪ ..‬ضر‪.‬‬
‫(و) ال بـ (ما في مقره وممره) أي‪ :‬بما هو خلقي فيهما‪ ،‬أو مصنوع يشبه الخلقي من نحو‪ :‬نوره‪ ،‬وطين‪ ،‬وأثر ال‪NN‬دباغ‪ ،‬وك‪NN‬ذا‬
‫قطران ولو رخوا وضع إلصالح نحو القرب عند (حج)‪.‬‬
‫(وال بمجاور) وإن طرح (كعود) لم تنحل منه عين في الماء يقينا (ودهن) وبخور؛ ألن ما شك في كونه مجاورا أو مخالط‪NN‬ا‬
‫له حكم المجاور‪ ،‬وألنه بفرض أنه مخالط ‪ ..‬ال يسلب اسم الماء‪.‬‬
‫ومن المجاور ما أغلي فيه نحو بر أو ثمر ‪-‬ما لم يعلم انفصال عين منه مخالطة له تس‪N‬لبه اس‪N‬م الم‪NN‬اء‪ -‬وم‪NN‬ا ط‪N‬رح في‪NN‬ه‪ ،‬نح‪N‬و‬
‫ليمون وإن تغير ريحا وطعما كثيرا (وال بملح مائي) وإن ط‪NN‬رح؛ النعق‪NN‬اده من عين الم‪NN‬اء ك‪NN‬الثلج ‪-‬بخالف الجبلي كم‪NN‬ا م‪NN‬ر‪-‬‬
‫وكالملح المائي متغير بخليط ال يؤثر عند (حج)‪ ،‬فال يضر صبه على غير متغير وإن غيره كثيرا؛ النه طهور‪.‬‬
‫(وال بورق تناثر) بنفسه (من الشجر) ولو ربيعيا‪ ،‬فإن طرح وتفتت ‪ ..‬ضر‪ ،‬فإن لم يتفتت ‪ ..‬لم يضر؛ ألنه مجاور‪.‬‬
‫وخرج بزيادتي (يقينا)‪ :‬ما لو شك‪ ،‬هل التغير فاحش أو ال؟ أو هل التغير بمخالط أو مجاور؟ أو ه‪N‬ل المخال‪N‬ط مس‪N‬تغنى عن‪N‬ه‬
‫أو ال؟ أو هل بطاهر أو نجس؟ فال يضر؛ إذ األصل تيقن طهوريته‪ ،‬فال تزول بالشك‪.‬‬
‫ولو شك هل زال التغير المضر ‪ ..‬عاد طهورا عند (م ر)؛ ألن طهوريته إنما سلبها يقين فحش تغيره‪ ،‬وقد زال‪.‬‬
‫وقال (حج)‪( :‬األصل عدم طهوريته فال يزول بالشك)‬

‫**‬ ‫‪‬‬

‫(فصل‪ :‬يكره) تنزيها شرعا استعمال (شديد السخونة‪ ،‬وشديد البرودة) في بدن؛ للتألم بكل‪ ،‬ولمنعه اإلسباغ‪.‬‬
‫نعم؛ إن ضاق الوقت ولم يجد غيره ‪ ..‬وجب استعماله ما لم يعلم ضرره‪ ،‬فيحرم‪ ،‬وكذا يقال في المشمس اآلتي‪.‬‬
‫أما المعتدل ‪ ..‬فال يكره وإن سخن بمغلظ‪.‬‬
‫(و) يكره أيضا ‪-‬شرعا ال طبعا فقط‪ -‬اس‪N‬تعمال (المش‪N‬مس) أي‪ :‬المتش‪N‬مس ول‪N‬و كث‪N‬يرا من الم‪N‬ائع‪ ،‬ول‪N‬و مغطى؛ ألن‪N‬ه ي‪N‬ورث‬
‫البرص‪ ،‬وإنما لم يحرم؛ لندرة ترتبه عليه‪ ،‬فلو علم من نفسه أو من ثقة ترتبه عليه ‪ ..‬حرم‪ ،‬وإنما يكره إن أثرت الشمس في‪NN‬ه‬
‫سخونة بحيث تنفصل من اإلناء أجزاء سمية تؤثر في البدن‪.‬‬
‫وتشمس (في جهة) أي أرض (حارة)‪ ،‬وفي وقت الحر‪ ،‬و (في إن‪N‬اء منطب‪N‬ع) أي‪ :‬ش‪N‬أنه أن يمت‪N‬د تحت المطرق‪N‬ة‪ ،‬غ‪N‬ير ذهب‬
‫وفضة؛ لصفاء جوهرهما‪ ،‬بل نحو حديد ونحاس ورصاص‪.‬‬
‫واستعمل (في) ظاهر أو باطن (بدن) آدمي ولو ميتا عند (م ر)‪ ،‬وأبرص خشي زيادة برصه وإن سخن بالن‪NN‬ار‪( ،‬دون) ب‪NN‬دن‬
‫غير اآلدمي إال من يلحقه البرص كالخيل‪ ،‬فيكره كاآلدمي‪ ،‬ودون نحو (ثوب) لم يلبسه رطبا به‪.‬‬
‫(وتزول) الكراهة في المتشمس (بالتبريد) بأن يصل لحالة لو كان ابتدئ بها ‪ ..‬لم يكره‪ ،‬وبضيق وقت إن لم يجد غيره‪.‬‬
‫ويكره أيضا استعمال ماء كل أرض غضب عليها‪ ،‬كآبار الحجر غير بئر الناقة‪ ،‬وماء دي‪NN‬ار ق‪NN‬وم ل‪N‬وط‪ ،‬وأرض باب‪NN‬ل‪ ،‬وب‪NN‬ئر‬
‫برهوت‪ ،‬وبئر ذروان التي سحر فيها صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وترابها كمائها‪.‬‬
‫زاد في "الفتح"‪( :‬وادي محسر)‪.‬‬
‫وفي "التحفة"‪( :‬يكره الطهر بفضل ما تطهرت منه المرأة؛ للخالف فيه‪ ،‬قيل‪ :‬وللنهي عن‪NN‬ه‪ ،‬وعن التطه‪NN‬ير من إن‪NN‬اء نح‪N‬اس)‬
‫اهـ‬
‫ومن المكروه أيضا‪ :‬ما في صحة الطهر به خالف كالراكد‪ ،‬كما يأتي‪.‬‬

‫**‬ ‫‪‬‬

‫(فصل‪ :‬ال تصح الطهارة) الواجبة‪ ،‬وال المندوبة (بالماء المستعمل) وهو ما أزيل به مانع من خبث ول‪NN‬و معف‪NN‬وا عن‪NN‬ه‪ ،‬أو من‬
‫حدث بمعنى األمر االعتباري والمنع ‪-‬كطهر سليم‪ -‬أو بمعنى المنع فقط‪ ،‬كطهر سلس‪.‬‬
‫وسواء ارتفع رفعا عاما ‪-‬كما هو الغالب‪ -‬أم خاصا ‪-‬كطهر غير مميز للطواف‪ -‬فال يباح به غيره‪ ،‬وكطه‪NN‬ر كتابي‪NN‬ة من نح‪NN‬و‬
‫حيض‪ ،‬ومجنونة وممتنعة غسال منه‪ ،‬فال يحل به غير وطئهن‪.‬‬
‫ودخل في (ما أزال مانعا) ما تطهر به حنفي بال نية؛ ألنه أزال مانعا في اعتقاده‪ ،‬وإنما لم نص‪N‬حح االقت‪N‬داء ب‪N‬ه؛ احتياط‪N‬ا في‬
‫البابين‪.‬‬
‫وإنما يؤثر االستعمال في الماء (القلي‪N‬ل) المنفص‪N‬ل بخالف الكث‪N‬ير وه‪N‬و القلت‪N‬ان‪ ،‬ب‪N‬ل ل‪N‬و جم‪N‬ع المس‪N‬تعمل فبل‪N‬غ قل‪N‬تين ‪ ..‬ع‪N‬اد‬
‫طهورا‪ ،‬وبخالف المتصل‪ ،‬فال يحكم عليه باالستعمال بالنسبة لما استعمل فيه حتى ينفصل عنه ولو حكم‪N‬ا‪ ،‬ك‪N‬أن ج‪N‬اوز م‪N‬اء‬
‫يده منكبه‪ ،‬أو ماء رجله ركبته‪ ،‬أو تقاذف من رأس الجنب إلى ساقه‪.‬‬
‫نعم؛ ال يضر االنفصال فيما يغلب فيه التقاذف‪ ،‬كانفصاله من رأس الجنب الى صدره‪ ،‬ومن الكف إلى الساعد‪ ،‬وكاالنفص‪NN‬ال‬
‫على نحو سوار بساعد اليد ورجع إليها‪.‬‬
‫ومر أول باب الطه‪N‬ارة‪ :‬أنه‪N‬ا ال تص‪N‬ح إال ب‪N‬المطلق‪ .‬فال يص‪N‬ح بالمس‪N‬تعمل تطه‪N‬ير (في رف‪N‬ع ح‪N‬دث‪ ،‬وال) في (إزال‪N‬ة نجس)‬
‫بمعناهما وعمومهما المارين آنفا‪ ،‬وال في غيرهما من بقية الطهارات الواجبة والمندوبة‪.‬‬
‫(فإذا أدخل) الجنب جزءا من بدنه باقيا على جنابته بعد نية الغسل‪ ،‬أو (المتوضىء) جزءا محدثا من ي‪N‬ده اليم‪N‬نى أو اليس‪N‬رى‬
‫(يده في الماء القليل بعد غسل وجهه) ثالثا‪ ،‬إن لم يرد االقتصار على دونها‪ ،‬أو بعدما أراد االقتص‪NN‬ار علي‪NN‬ه منه‪NN‬ا (غ‪NN‬ير ن‪NN‬او‬
‫االغتراف) بأن أدخلها بقصد غسلها في اإلناء‪ ،‬أو مع اإلطالق ( ‪ ..‬صار الماء مستعمال)؛ النتقال المنع إليه‪.‬‬
‫ومع ذلك له أن يحركها ثالثا‪ ،‬فيحصل سنة التثليث إن تم غسلها‪ ،‬ول‪NN‬ه إن لم يتم أن يغس‪NN‬ل ب‪NN‬ه بقيته‪NN‬ا‪ ،‬والجنب بقي‪NN‬ة بدن‪NN‬ه‪ ،‬ثم‬
‫يحركها‪ ،‬فيحصل له التثليث؛ ألن الماء ما دام مترددا على العضو له حكم المطهر‪.‬‬
‫ولو انغمس في ماء قليل ونوى ‪-‬ولو قبل تمام انغماسه‪ -‬رفع الجنابة ‪ ..‬ارتفعت‪ ،‬وله ‪-‬إن أحدث وهو في الم‪NN‬اء‪ -‬أن يرف‪NN‬ع ب‪NN‬ه‬
‫الحدث المتجدد باالنغماس‪ ،‬ال باالعتراف‪.‬‬
‫وكذا لو انغمس محدث في ماء قليل‪ ،‬ثم نوى ‪ ..‬فيرتفع حدث جميع اعضائه‪ ،‬وله ‪-‬قبل انفصاله‪ -‬أن يرفع به حدثا يطرأ‪.‬‬
‫ولو كان ببدن خبث بمحلين‪ ،‬فمر الماء بأعالهما‪ ،‬ثم بأسفلهما مع االتصال‪ ،‬أو مع االنفصال لما يغلب في‪N‬ه التق‪N‬اذف ‪ ..‬طه‪N‬را‬
‫جميعا‪ ،‬كما لو نزل من بدن جنب الى محل منه عليه خبث فأزاله بال تغير‪ ،‬أما لو كان الخبث ببدنين ‪ ..‬فال بد من غس‪NN‬ل ك‪NN‬ل‬
‫منهما وحده‪.‬‬
‫وأفتى (حج) في أعيان متنجسة وضعت في إناء متنجس‪( :‬أن الجميع يطهر بغمر الماء لها) فليتأمل‪.‬‬
‫أما إذا أدخل يده في اإلناء؛ إلخ‪N‬راج نح‪N‬و ع‪NN‬ود‪ ،‬أو لالع‪N‬تراف من‪NN‬ه‪ ،‬أو لغيرهم‪NN‬ا ‪ ..‬فال يص‪N‬ير مس‪N‬تعمال؛ ألن ه‪NN‬ذا ه‪NN‬و ني‪NN‬ة‬
‫االغتراف‪.‬‬
‫واحترز بقوله‪( :‬يده) عما لو أدخل يديه معا‪ ،‬فيحتاج لنية االغتراف‪ ،‬وكذا لو تلقى بهم‪NN‬ا من نح‪NN‬و م‪NN‬يزاب‪ ،‬لكن أف‪NN‬تى (م ر)‪:‬‬
‫(بأن اليدين كالعضو الواحد)‪.‬‬
‫(والمستعمل في) طهر (مسنون‪ ،‬كالغسلة الثانية والثالثة) والوضوء والغسل المندوبين (تصح الطهارة به) وإن نذر؛ ألن‪NN‬ه لم‬
‫ينتقل إليه مانع‪.‬‬
‫(فصل‪ :‬ينجس) أي‪ :‬يتنجس (الماء القليل) حيث لم يكن واردا‪ ،‬وإال ‪ ..‬ففيه تفصيل يأتي‪( .‬وغيره من) الرطب‪ ،‬و (المائعات)‬
‫وإن كثرت‪ ،‬أو كانت واردة على خالف يأتي‪ ،‬وكالمائع متغير بما عنه غنى وإن كثر (بمالق‪NN‬اة النجاس‪NN‬ة) غ‪NN‬ير المعف‪NN‬و عنه‪NN‬ا‬
‫يقينا وإن لم تغيره؛ لمفهوم خبر‪" :‬إذا بلغ الماء قلتين ‪ ..‬لم يحمل خبثا"؛ إذ مفهومه‪ :‬أن ما دونهما يحمله‪ ،‬أي‪ :‬يتأثر به‪.‬‬
‫وفارق كثير المائع كثير الماء بأن حفظ كثير المائع ال يشق‪ ،‬وبأن الماء قوي‪.‬‬
‫وخرج بـ (المالقاة) تغيره بجيفة بقربه‪ ،‬وبـ (غير المعفو عنها) المعف‪NN‬و عنه‪NN‬ا‪ ،‬وبـ (يقين‪NN‬ا) الش‪NN‬ك في مالق‪NN‬اة النجس ل‪NN‬ه‪ ،‬ك‪NN‬أن‬
‫رأى كالبا حول ماء قلي‪N‬ل وإن ك‪N‬ثرت‪ ،‬وأدخلت رؤوس‪N‬ها في إنائ‪N‬ه‪ ،‬وخ‪N‬رج الفم رطب‪N‬ا‪ ،‬ولم يعلم مماس‪N‬ته ل‪N‬ه‪ ،‬فال ينجس في‬
‫جميع ذلك‪.‬‬
‫(ويستثنى مسائل) ال ينجس فيها الماء والمائع والرطب بمالقاة النجس‪.‬‬
‫منها‪( :‬ما) أي‪ :‬نجس (ال يدركه الطرف) أي‪ :‬البصر المعتدل وإن كان بمواض‪NN‬ع متفرق‪NN‬ة‪ ،‬وك‪NN‬ان بحيث ل‪NN‬و جم‪NN‬ع ‪ ..‬ل‪NN‬رؤي‪،‬‬
‫وكان قليال ولو من مغلط‪ ،‬وبفعله عند (م ر)‪.‬‬
‫(و) منها‪( :‬ميتة ال دم لها) أي‪ :‬لجنسها (سائل) عند شق عضو منها في حياتها وإن تغذت بالدم ك‪NN‬الحلم الكب‪NN‬ار‪ ،‬وتفتتت فيم‪NN‬ا‬
‫وقعت فيه واختلط بغيره‪.‬‬
‫ويلحق شاذ الجنس بغالبه‪ ،‬وما شك في سيالن دمه ‪ ..‬له حكم ما لم يسل‪ ،‬وال يجرح عند (حج)؛ ألنه تعذيب‪ ،‬وذل‪NN‬ك كزنب‪NN‬ور‬
‫وعقرب ووزغ بأنواعه وبق‪ ،‬وغيرهما من كل ما يساوي الوزغ أو أصغر منه؛ لألمر بغمس الذباب المفضي لموته كث‪NN‬يرا‪،‬‬
‫فلو نجس ‪ ..‬لما أمر به‪ .‬وقيس به كل ما ال يسيل دمه في العفو ال الغمس‪.‬‬
‫(إال إن غيرت) ما وقعت فيه ولو قليال وإن زال عند (م ر) (أو طرحت) ميتة‪ ،‬وان نشأت مما طرحت فيه عن‪NN‬د (م ر) ‪ ..‬فال‬
‫عفو‪.‬‬
‫نعم؛ ال يضر الطرح لحاجة‪ ،‬كأن طرح لحم عليه دم‪ ،‬أو دود ميت في ق‪NN‬در الطبخ؛ إذ ال يكل‪N‬ف تنقيت‪NN‬ه‪.‬وال يض‪N‬ر ط‪N‬رح ريح‬
‫وبهيمة‪ ،‬وكذا غير مميز عند الخطيب‪ ،‬زاد في "شرح التنبيه"‪( :‬أنه ال يضر طرحها بال قصد)‪ ،‬بل ال يض‪NN‬ر الط‪NN‬رح مطلق‪NN‬ا‬
‫عند البلقيني‪ ،‬بل الميتة المذكورة طاهرة عند جمع‪ .‬أما لو طرحت حية ‪ ..‬فال يضر وإن ماتت في الهواء‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬ما شك في بقاء نجاسته ‪ ..‬فإنه نجس؛ عمال باألصل‪ ،‬وال ينجس مالقيه؛ ألن‪NN‬ا تيقن‪NN‬ا طه‪NN‬ارة مالقي‪NN‬ه‪ ،‬وش‪NN‬ككنا في بق‪NN‬اء‬
‫نجاسته‪.‬‬
‫ويقين الطهارة ال يرفعه إال يقين النجاسة (و) ذلك‪:‬‬
‫كـ (فم هرة تنجس ثم غابت‪ ،‬واحتمل) عادة (ولوغها في ماء) طهور جار ولو قليال‪ ،‬أو راك‪NN‬د (كث‪NN‬ير)؛ ألن الم‪NN‬اء وإن لعقت‪NN‬ه‬
‫بلسانها وارد (وكذلك الصبي) وغيره من الحيوان الطاهر وإن لم يعم اختالطه بالن‪NN‬اس كس‪NN‬بع (إذا تنجس ثم غ‪NN‬اب‪ ،‬واحتم‪NN‬ل‬
‫طهارته) فإذا عاد والقى رطبا ‪ ..‬ال ينجسه‪.‬‬
‫قال في "التحفة"‪( :‬يؤخذ منه‪ :‬أنه لو أصابه رشاش من أحد المشتبهين ‪ ..‬لم ينجسه للشك) قال (ب ج)‪( :‬وإن ظهر باالجته‪N‬اد‬
‫أنه النجس)‪.‬‬
‫(و) منها‪( :‬القليل من دخان النجاسة) فيعفى عنه في المائع وغيره‪ ،‬وقيده في "االمداد"‪( :‬بأن ال يكون من مغلظ‪ ،‬وال حص‪NN‬ل‬
‫بفعله)‪.‬‬
‫وفي نجاسة دخان المتنجس خالف‪.‬‬
‫وتعرف قلته باألثر الذي ينشأ عنه في نحو الثوب‪ ،‬ومثله بخار النجاس‪NN‬ة إن تص‪NN‬اعد بالن‪NN‬ار‪ ،‬وإال ‪ ..‬فط‪NN‬اهر كبخ‪NN‬ار الك‪NN‬نيف‪،‬‬
‫والريح من الشخص وإن القى رطوبة‪.‬‬
‫(و) منها‪( :‬اليسير من الشعر) أو الريش (النجس) لغير الراكب‪ ،‬والكثير منه للراكب ونحوه‪.‬‬
‫(و) منها‪( :‬اليسير من غبار السرجين) أو ما هو بمقدار الذر من السرجين وإن لم يكن غب‪NN‬ارا‪( .‬وال ينجس غب‪NN‬ار الس‪NN‬رجين)‬
‫أو ما هو بمقدار الذر منه (أعضاءه) وثيابه (الرطبة) وال ما وقع فيه؛ لمشقة االحتراز عن جميع ذلك‪.‬‬
‫ويعفى أيضا عن منفذ غير آدمي إذا وقع في مائع‪ ،‬بل قال جمع‪ :‬المنفذ ليس قيدا‪ ،‬بل مثله م‪NN‬ا على نح‪NN‬و رجل‪NN‬ه وفم‪NN‬ه‪ ،‬وعم‪NN‬ا‬
‫يحمله نحو الذباب‪ ،‬وعن ونيمه وإن رؤي‪ ،‬وعن بعر محلوب ورجله المتنجسة إذا وقعا في اللبن حال حلبه‪ ،‬وعما يبقى على‬
‫نحو الكرش بعد المبالغة في تنقيته‪NN‬ا‪ ،‬وعم‪NN‬ا على اللحم من ال‪NN‬دم إذا ط‪NN‬رح في م‪NN‬اء طبخ‪NN‬ه وإن غ‪NN‬يره كث‪NN‬يرا‪ ،‬وعن فم ص‪NN‬بي‬
‫ومجن‪NN‬ون حيث ال عين للنجاس‪NN‬ة‪ ،‬وك‪NN‬ذا إن بقيت قليال إذا التقم أخالف أم‪NN‬ه‪ ،‬وعن ج‪NN‬رة م‪NN‬ا يج‪NN‬تر‪ ،‬وآني‪NN‬ة الخ‪NN‬زف المعمول‪NN‬ة‬
‫بالنجاسة‪ ،‬وعن دود الفاكهة والخل واللحم الميت فيه‪ ،‬وعن بعر فأرة عم االبتالء به‪ ،‬وعن ضرع تل‪NN‬وث بنجس من بوله‪NN‬ا أو‬
‫مبركها‪ ،‬وعما يلصق ببدنها وأصاب اللبن حال الحلب‪ ،‬وعن روث ما نشؤه من الماء‪ ،‬وعن ذرق طير وما بفمه أو رجله إذا‬
‫نزل في الماء‪ ،‬وعما تلقيه بقر الدياسة‪ ،‬وما يماسه العس‪NN‬ل من الك‪NN‬وارة من ال‪NN‬روث‪ ،‬وعن رم‪NN‬اد نجس أص‪NN‬اب م‪NN‬ا وض‪NN‬ع في‬
‫ناره؛ للتسخين‪ ،‬أو لنحو شي‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬وال حصر لذلك‪.‬‬
‫بل الضابط‪ :‬أن ما يشق االحتراز عنه غالبا ‪ ..‬يعفى عنه ‪-‬ولو غير منصوص عليه‪ -‬بثالثة ش‪NN‬روط‪ :‬أن ال يك‪NN‬ون من مغل‪NN‬ظ‪،‬‬
‫وال بفعله‪ ،‬وأن ال يغير غالبا‪.‬‬
‫ومن غير الغالب قد يعفى عن المغلظ كما ال يدركه الطرف ‪-‬كما مر‪ -‬وعما غير وحصل بفعله‪ ،‬كما م‪NN‬ر في ال‪NN‬دم على اللحم‬
‫إذا وضع في ماء طبخه‪.‬‬
‫وبقي من المعفوات أمور تذكر في شروط الصالة‪ ،‬لكن ما هناك نجس وينجس‪ ،‬ويعفى عنه في نحو الصالة في ث‪NN‬وب وب‪NN‬دن‬
‫ومكان‪ ،‬وما هنا نجس ال ينجس المائعات وإن كان ال تجوز معه نحو الصالة‪.‬‬

‫(فصل‪ :‬وإذا كان الماء قلتين) ولو احتماال‪ ،‬وإن تيقنت قلته قبل‪ ،‬بأن جم‪N‬ع ش‪N‬يئا فش‪N‬يئا فبل‪N‬غ قل‪N‬تين ال بب‪N‬ول أو م‪N‬ائع‪ ،‬ب‪N‬ل من‬
‫خالص الماء ولو متنجسا أو مستعمال أو متغيرا ( ‪ ..‬فال ينجس بوقوع النجاسة فيه)؛ لخبر القل‪NN‬تين المتق‪NN‬دم (إال إن تغ‪NN‬ير) من‬
‫تلك النجاسة الواقعة فيه يقينا (طعمه‪ ،‬أو لونه‪ ،‬أو ريحه‪ ،‬ولو تغيرا يسيرا) ولو بمعفو عنه‪ ،‬ولو بمجاور أو مخالط لم يستغن‬
‫الماء عنه؛ لغلظ النجاسة‪.‬‬
‫ولذا يفرض النجس المتصل به الموافق له في الصفات‪ ،‬كبول منقطع الرائحة‪ ،‬بأشدها‪ ،‬كلون ح‪NN‬بر وريح مس‪NN‬ك وطعم خ‪NN‬ل‪،‬‬
‫فإن غير بأي صفة منها ‪ ..‬ضر‪ ،‬وإال ‪ ..‬فال‪.‬‬
‫ولو خالط النجس ماء ثم وقع في ماء ‪ ..‬قدر النجس فقط‪ ،‬أو خالط مائعا ‪ ..‬فرضنا الكل عند (حج)؛ ألنه كله ال يمكن طه‪NN‬ره‪،‬‬
‫أما إذا بلغهما بنجس أو م‪NN‬ائع ‪ ..‬فنجس وإن اس‪N‬تهلك في‪NN‬ه‪ ،‬وإنم‪NN‬ا جع‪NN‬ل للمس‪N‬تهلك كالم‪NN‬اء في إباح‪N‬ة التطه‪NN‬ير ب‪NN‬ه ال في دفع‪NN‬ه‬
‫االستعمال والتنجيس عن نفسه‪ ،‬إذا كثر به؛ لغلظ النجاسة‪ ،‬وألن األول من باب الرفع‪ ،‬والث‪NN‬اني من ب‪NN‬اب ال‪NN‬دفع‪ ،‬وه‪NN‬و أق‪NN‬وى‬
‫غالبا من الرفع؛ إذ الماء القليل يرفع الحدث والخبث‪ ،‬وال يدفع االستعمال والتنجيس عن نفسه‪.‬‬
‫وخرج بـ (وقوعها فيه) تغيره برائحة نحو جيفة بقربه‪ ،‬وما لو وج‪NN‬د ب‪NN‬ه وص‪NN‬ف ال يك‪NN‬ون إال لنجس من غ‪NN‬ير أن يعلم وق‪NN‬وع‬
‫نجس فيه ‪ ..‬فال ينجس‪.‬‬
‫(فإن زال) يقين‪N‬ا (تغ‪N‬يره) الحس‪N‬ي أو التق‪N‬ديري (بنفس‪N‬ه) لنح‪N‬و مكث‪ ،‬أو هب‪N‬وب ريح (أو بم‪N‬اء) ول‪N‬و نجس‪N‬ا أو مس‪N‬تعمال ( ‪..‬‬
‫طهر)؛ لزوال علة التنجيس‪ ،‬وهو التغيير وإن قل بعد‪ ،‬أو عاد تغييره‪ ،‬وقد خال عن نجس جام‪NN‬د‪ ،‬ولم يق‪NN‬ل أه‪NN‬ل الخ‪NN‬برة‪ :‬إن‪NN‬ه‬
‫من تلك النجاسة‪ ،‬وإال ‪ ..‬فنجس‪ ،‬كما في "ب ج" عن "االيعاب"‪.‬‬
‫(أو) زال (بمسك أو كدورة تراب) ونحوهما ( ‪ ..‬فال) يطهر؛ للشك في أن النجاسة زالت أو استترت‪.‬‬
‫نعم؛ ال ينجس ما أصابه للشك‪ ،‬ولو زال تغير المسك وال تغير به من النجاسة ‪ ..‬طهر‪ ،‬ولو وقع نجس في ماء متغ‪NN‬ير بم‪NN‬ا ال‬
‫يضر ‪ ..‬قدر زوال تغيره وفرض النجس‪ ،‬ولو تغير بعض الم‪NN‬اء الكث‪NN‬ير بنجس ‪ ..‬ف‪NN‬المتغير نجس‪ ،‬وك‪NN‬ذا غ‪NN‬ير المتغ‪NN‬ير إن لم‬
‫يبلغ قلتين‪ ،‬وإال ‪ ..‬فطاهر‪.‬‬
‫وأعلم‪ :‬أنه يعتبر في عدم تأثر الماء بالنجس قوة التراد بأن يكون في محل واحد مطلقا‪ ،‬أو في محال بينها اتصال‪ ،‬بحيث ل‪NN‬و‬
‫حرك محل منها تحريكا عنيفا ‪ ..‬تحرك‬
‫ما بجنبه ولو تحركا غير عنيف‪ ،‬فلو لم يتحرك وفي أحدهما نجس وكل دون القلتين ‪ ..‬تنجس الكل‪.‬‬
‫(و) الماء (الجاري) وهو‪ :‬ما اندفع في منخفض أو مستو‪ ،‬وإال ‪ ..‬فهو راكد (كالراكد) في جميع أحكامه السابقة‪ ،‬لكن الع‪NN‬برة‬
‫في الراكد بمجموع الماء‪ ،‬وفي الجاري بالجرية نفسها؛ إذ الجريات وإن تواصلت حسا ‪ ..‬فهي متفاصلة حكما؛ إذ ك‪NN‬ل جري‪NN‬ة‬
‫طالبة لما أمامها‪ ،‬هاربة مما وراءها‪ ،‬فإن كانت الجرية قلتين بأن بلغهما أبعادها الثالثة ‪ ..‬فال تنجس بوقوع النجاسة فيه‪NN‬ا إال‬
‫بالتغير‪ ،‬وإال ‪ ..‬فبالمالقاة‪ ،‬فلو وقع فيه نجس وجرى بجريه ‪ ..‬فموضع الجرية األولى نجس ب‪NN‬ه إن ق‪NN‬ل‪ ،‬ولآلتي‪NN‬ة بع‪NN‬دها حكم‬
‫غسالة النجاسة وإن لم يجر بجريه‪ ،‬فكل جرية تمر عليه وهي دون القلتين نجس‪N‬ة وإن امت‪N‬د النه‪N‬ر فراس‪N‬خ ح‪N‬تى يجتم‪N‬ع من‪N‬ه‬
‫قلتان بمحل‪.‬‬
‫وبه يلغز بأن لنا ماء بلغ آالفا من القالل‪ ،‬وهو نجس من غير تغير‪.‬‬
‫(والقلتان‪ :‬خمس مئة رطل بالبغدادي تقريبا) ال تحديدا (فال يضر نقصان رطلين) فأقل (ويضر نقصان أكثر) منهما كم‪NN‬ا في‬
‫"الروضة"‪ ،‬وفي "التحقيق"‪( :‬ال يضر نقص ال يظهر بنقصه تفاوت في التغيير) قال بعضهم‪( :‬وقد اختبر فوجد رطلين)‪.‬‬
‫و (قدرهما بالمساحة) بكسر الميم؛ أي‪ :‬الذرع (في المربع ذراع وربع) بذراع اليد المعتدلة (طوال وعرضا وعمق‪NN‬ا)؛ إذ ك‪NN‬ل‬
‫من الطول والعرض والعم‪NN‬ق خمس‪NN‬ة أرب‪NN‬اع ذراع‪ ،‬فاض‪NN‬رب خمس‪NN‬ة الط‪NN‬ول في خمس‪NN‬ة الع‪NN‬رض ‪ ..‬يك‪NN‬ون الحاص‪NN‬ل خمس‪NN‬ة‬
‫وعشرين‪ ،‬اضربها في خمسة العمق ‪ ..‬يكون الحاصل مئة وخمس‪NN‬ة وعش‪NN‬رين‪ ،‬وك‪NN‬ل رب‪NN‬ع يس‪NN‬ع أربع‪NN‬ة‪ ،‬فتض‪NN‬رب في المئ‪NN‬ة‬
‫والخمسة والعشرين تبلغ خمس مئة‪.‬‬
‫(وفي المدور ك‪N‬البئر‪ :‬ذراع‪N‬ان عمق‪N‬ا) ب‪N‬ذراع النج‪N‬ار ‪-‬ب‪N‬النون‪ -‬وقي‪N‬ل‪ :‬بالت‪N‬اء‪ ،‬وه‪N‬و‪ :‬ذراع ورب‪N‬ع بي‪N‬د معتدل‪N‬ة‪( ،‬وذراع) ي‪N‬د‬
‫(عرضا) وهو ما بين حائطي البئر من سائر الجوانب‪.‬‬
‫(وتحرم الطهارة) وغيرها من االستعماالت إال الشرب (بالماء المس‪NN‬بل للش‪NN‬رب) ويجب ال‪NN‬تيمم بحض‪NN‬رته‪ ،‬وتص‪NN‬ح من‪NN‬ه م‪NN‬ع‬
‫الحرمة؛ ألنها ألمر خارج‪.‬‬
‫ومثله ما جهل حاله‪ ،‬سواء دلت قرينة على أنه مسبل للش‪NN‬رب‪ ،‬ك‪NN‬الخوابي الموض‪NN‬وعة ب‪NN‬الطرق‪ ،‬أم ال كالص‪NN‬هاريج‪ ،‬ويح‪NN‬رم‬
‫حمل شيء منه إلى غير محله إال لضرورة‪ ،‬كأن توقع المار بها عطشا‪ ،‬فيجوز أن يحمل منه قدر حاجت‪NN‬ه‪ ،‬ف‪NN‬إن اس‪NN‬تغنى عن‬
‫شيء منه ‪ ..‬وجب رده‪.‬‬

‫**‬ ‫‪‬‬

‫(فصل) في االجتهاد وهو كالتحري‪ :‬بذل المجهود في تحصيل المقصود‪:‬‬


‫(إذا اشتبه) ولو بقول ثقة (عليه) أي‪ :‬على أهل للعبادة ولو صبيا مميزا بالنسبة للعبادة‪ ،‬أما بالنسبة للملك ‪ ..‬فيشترط التكلي‪NN‬ف‬
‫(طاهر) أي‪ :‬طهور من ماء أو تراب أو غيرهما (بمتنجس) أو مستعمل ( ‪ ..‬اجتهد) وإن قل الطهور وجوبا مضيقا إن ضاق‬
‫الوقت ولم يجد غير المشتبهين‪ ،‬ولم يبلغا بالخلط قلتين‪ ،‬ولم يفعل الكيفية اآلتية التي قيل بوجوبها وجوازا فيما عدا ذلك‪.‬‬
‫(وتطهر بما ظن طهارته) باالجتهاد بعالمة تدل على ذلك‪ ،‬كاضطراب وتغير وأثر نحو كلب‪ ،‬وله أيض‪NN‬ا اس‪NN‬تعماله في نح‪NN‬و‬
‫شرب‪ ،‬فلو هجم وتطهر بأحد المشتبهين ‪ ..‬لم يصح؛ ألن مبنى العبادة على نفس األمر‪ ،‬واالستناد إلى أص‪NN‬ل أو ظن المكل‪NN‬ف‬
‫وال ظن له‪ ،‬وأما أصل طهارته ‪ ..‬فأعرضوا عنه في هذا الباب‪.‬‬
‫ولجواز االجتهاد شروط‪:‬‬
‫أح‪N‬دهما‪ :‬أن يك‪N‬ون لك‪N‬ل من المش‪N‬تبهين أص‪N‬ل في التطه‪N‬ير ‪-‬أي‪ :‬ع‪N‬دم اس‪N‬تحالته عن خلقت‪N‬ه األص‪N‬لية‪ ،‬ك‪N‬المتنجس بال تغ‪N‬ير‪،‬‬
‫والمستعمل‪ -‬أو في الحل‪.‬‬
‫فلو اشتبه ماء ببول ‪ ..‬لم يجتهد فيهما؛ إذ ال أصل في البول في تطهير وال حل‪ ،‬بل يتل‪NN‬ف أح‪NN‬دهما وي‪NN‬تيمم‪ ،‬أو م‪NN‬ا بنح‪NN‬و م‪NN‬اء‬
‫ورد ‪ ..‬اجتهد لنحو الشرب ال للطهر؛ إذ ال أصل لماء الورد فيه‪ ،‬وإذا اجتهد لنحو شرب ‪ ..‬جاز ل‪N‬ه التطه‪N‬ير بم‪N‬ا ظن‪N‬ه الم‪N‬اء‬
‫عند (م ر)؛ إذ يغتفر في الشيء تبعا ما ال يغتفر فيه مقصودا‪.‬‬
‫وله أن يتطهر بكل من الماء‪ ،‬وماء الورد مرة‪ ،‬ويغتفر التردد في النية؛ للضرورة‪.‬‬
‫وال يجوز في الماء الطهور والمستعمل؛ إذ ال ضرورة مع إمكان االجتهاد‪ ،‬واألفضل‬
‫أن يضع بعضا من أحد المشتبهين من الطهور والمستعمل أو ماء الورد في أحد كفيه‪ ،‬وبعضا من اآلخر في الكف األخ‪N‬رى‪،‬‬
‫ويغسل بهما وجهه من غير خلط‪ ،‬وينوي ‪-‬ثم يعكس‪ ،‬ثم يتمم‪ -‬وضوءه بأحدهما‪ ،‬ثم باآلخر‪ ،‬ويتأتى ل‪N‬ه حينئ‪N‬ذ الج‪N‬زم بالني‪N‬ة‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬تجب هذه الكيفية؛ ألن طهره حينئذ بطهور يقينا مع جزم‪NN‬ه بالني‪NN‬ة‪ ،‬وق‪NN‬ال في "التحف‪N‬ة"‪( :‬وه‪NN‬و وجي‪NN‬ة مع‪NN‬نى‪ ،‬وظ‪N‬اهر‬
‫كالمهم ندبه) اهـ‬
‫نعم؛ لو اجتهد وتحير ولم يجد غيرهما ‪ ..‬تعينت هذه الكيفية‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون للعالمة فيه مجال‪ ،‬كاضطراب أحد المشتبهين أو نقصه‪ ،‬بخالف ما ال مجال لها فيه‪ ،‬ك‪NN‬أن اختلطت محرم‪NN‬ه‬
‫بنسوة أجنبيات‪ ،‬فال اجتهاد‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬تعدد المشتبه ابتداء ودواما‪ ،‬فال اجتهاد في واحد ابتداء أو انتهاء‪ ،‬كأن تلف أحد المشتبهين‪ ،‬فال يجتهد في الباقي‪ ،‬وكذا‬
‫لو تنجس أحد كميه ‪-‬مثال‪ -‬والتبس باآلخر ما لم يفصل أحدهما‪ ،‬ولو اشتبه نجس في أرض واسعة ‪ ..‬صلى فيه‪NN‬ا إلى أن يبقى‬
‫قدره أو ضيقة غسل جميعها‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬العلم بنجاسة أحد المشتبهين ولو بخبر عدل‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬الحصر‪ ،‬فلو اشتبه إناء بول ‪-‬مثال‪ -‬بأوان طاهرة غير محصورة ‪ ..‬فال اجتهاد‪ ،‬ب‪NN‬ل يأخ‪N‬ذ منه‪NN‬ا إلى أن يبقى واح‪N‬د‪،‬‬
‫كما في "اإلمداد" و"الفتح" هنا‪ ،‬وكذا في "التحفة" و"النهاية" في النكاح‪ ،‬وقال (ب ج)‪( :‬وهذا شرط لوجوب االجتهاد؛ ألنه‬
‫يجوز حينئذ)‪.‬‬
‫السادس‪ :‬اتساع الوقت لالجتهاد والطهارة والصالة في الوقت‪ ،‬فلو ضاق الوقت عن ذلك ‪ ..‬تيمم عند (حج)‪ ،‬وأعاد‪.‬‬
‫ويشترط للعمل باالجتهاد‪ :‬ظه‪N‬ور العالم‪N‬ة (ول‪N‬و) لـ (أعمى)؛ ألن‪N‬ه لم يفق‪N‬د من الح‪N‬واس الظ‪N‬اهرة إال البص‪N‬ر‪ ،‬ويمكن إدراك‬
‫العالمة بغيره كشم وذوق وحس‪ ،‬وإنما امتنع اجتهاده في القبلة؛ ألن أدلتها بصرية غالبا‪ ،‬فإن لم تظهر له ‪ ..‬قل‪NN‬د عارف‪NN‬ا ول‪NN‬و‬
‫أعمى‪ ،‬فإن لم يجده أو اختلف مقلدوه ‪ ..‬تيمم ‪-‬كبصير تحير بعد إتالف الماءين أو أحدهما‪ -‬وال قضاء‪.‬‬
‫وتجب إعادة االجتهاد لكل طهر ولو مجددا وإن لم يكفه؛ لوجوب استعمال الناقص‪.‬‬
‫وقال (م ر)‪( :‬تجب إعادته لكل صالة يريد فعلها إن بقي مما استعمله شيء أي إن أحدث أو تغير اجتهاده‪ .‬نعم إن كان ذاكرا‬
‫لدليله األول ‪ ..‬لم يعده‪ ،‬بخالف الثوب المظنون طهارته باالجتهاد‪ ،‬فبقاؤه بحاله بمنزلة بقاء الشخص متطهرا‪ ،‬فيصلي به م‪NN‬ا‬
‫شاء إن لم يتغير ظنه) اهـ‬
‫وإذا اجتهد‪ ،‬فإن وافق اجتهاده الثاني لألول ‪ ..‬فذاك‪ ،‬وإال ‪ ..‬أتلفهم‪NN‬ا أو أح‪NN‬دهما‪ ،‬وتيمم وص‪NN‬لى‪ ،‬وال إع‪NN‬ادة علي‪NN‬ه‪ ،‬وال يعم‪NN‬ل‬
‫بالثاني؛ لئال يلزم نقض االجتهاد باالجتهاد إن غسل ما أصابه من األول‪ ،‬أو يص‪N‬لي بيقين النجاس‪N‬ة إن لم يغس‪N‬له‪ ،‬لكن اعتم‪N‬د‬
‫(م ر)‪ :‬أن له حينئذ أن يعمل بالثاني إن غسل ما أصابه من األول‪ ،‬وكذا لو كان المشتبهان مستعمال وطهورا؛ لعدم المحذور‪.‬‬
‫تنبي‪NN‬ه‪ :‬م‪NN‬ا أص‪NN‬له الطه‪NN‬ارة‪ ،‬وغلب على الظن تنجس‪NN‬ه؛ لغلب‪NN‬ة النجاس‪NN‬ة في مثل‪NN‬ه ‪ ..‬في‪NN‬ه ق‪NN‬والن‪ :‬األص‪NN‬ل والظ‪NN‬اهر‪ ،‬واألرجح‬
‫الطهارة‪ ،‬لكن يكره استعمال ما قوي احتمال تنجسه‪ ،‬وهذا إن لم يعض‪N‬د الظ‪N‬اهر رؤي‪NN‬ة النجس‪ ،‬ك‪NN‬أن ب‪NN‬الت ظبي‪NN‬ة في م‪NN‬اء ثم‬
‫وجد متغيرا‪ ،‬فنحكم بنجاسته؛ عمال بالظاهر من أن تغيره من بولها وإن احتمل كونه من غيره‪.‬‬
‫(ولو أخبره بتنجسه) أي‪ :‬الماء أو غيره‪ ،‬أو باستعماله (ثقة) ولو عبدا أو امرأة‪ ،‬ولو عن عدل آخ‪NN‬ر (وبين الس‪NN‬بب) لتنجس‪NN‬ه‪،‬‬
‫أو استعماله (أو) أطلق‪ ،‬و (كان فقيها) بأحكام الطهارة (موافقا) له في المذهب‪ ،‬قال في "التحفة"‪( :‬أو عارفا بمذهب المخ‪NN‬بر‬
‫‪-‬بفتح الباء‪ -‬وإن لم يعتقده؛ إذ الظاهر أنه إنما يخبره باعتقاده ال باعتقاد نفسه) ( ‪ ..‬اعتمده) وجوبا‪.‬‬
‫وخرج بـ (الثقة)‪ :‬الصبي والمجنون والفاسق‪ ،‬فال يقبل خبرهم إال إن بلغ غير المجانين عدد التواتر‪ ،‬أو أخبر عن فعل نفسه‪،‬‬
‫كقوله‪ :‬بلت فيه‪ ،‬أو وقع في القلب صدقه ‪ ..‬فيجب حينئذ قبول خبرهم‪ ،‬ولو واحدا‪.‬‬

‫**‬ ‫‪‬‬

‫(فصل‪ :‬ويحرم) على المكلف ولو أنثى (استعمال أواني الذهب والفضة) في طهارة وغيرها لنفسه وغ‪NN‬يره ول‪NN‬و ص‪NN‬غيرة‪ ،‬أو‬
‫على وجه غير مألوف‪ ،‬كأن كبه واستعمل أسفله فيما ال يصلح له؛ لخبر الشيخين‪" :‬ال تشربوا في أواني الذهب والفضة‪ ،‬وال‬
‫تأكلوا في صحافها"‪ ،‬وقيس به سائر وجوه االستعماالت‪ ،‬كاالحتواء على مجمرة من أحدهما‪ ،‬أو شم رائحة منه‪NN‬ا من ق‪NN‬رب‪،‬‬
‫بحيث يعد عرفا متطيبا بها‪.‬‬
‫والحيلة في حل استعمال ما في إنائهما‪ :‬أن يصب مما فيه إلى نحو يده بقصد اإلخراج منه‪ ،‬ثم يستعمله‪.‬‬
‫نعم؛ هي ال تمنع حرمة الوضع فيه‪ ،‬وال اتخاذه‪.‬‬
‫ويحرم تزيين البيوت حتى الكعبة والمس‪NN‬اجد والقب‪NN‬ور بال‪NN‬ذهب والفض‪NN‬ة (إال) في ح‪NN‬ال اس‪NN‬تعمالها؛ (للض‪NN‬رورة) ب‪NN‬أن لم يج‪NN‬د‬
‫غيرهما ولو بأجرة مع اضطراره إلى استعمالهما لشرب مثال‪.‬‬
‫(و) يحرم أيضا (اتخاذها) أي اقتناؤها من غير استعمال؛ ألنه يجر إليه غالبا (ولو) كان المستعمل أو المتخذ (إن‪NN‬اء ص‪N‬غيرا)‬
‫جدا‪ ،‬وإن ساوى الضبة المباحة‪( ،‬كمكحلة) ومرود لغير حاجة الجالء‪ ،‬وخالل وإبرة‪ ،‬وإن لم تسم آني‪N‬ة عرف‪N‬ا على اإلطالق؛‬
‫لعموم النهي عن اإلناء‪.‬‬
‫وتحل حلقة اإلناء وسلسلته ورأسه من فضة؛ النفصالها عنه مع أنها ال تستعمل‪ ،‬وال تس‪NN‬مى إن‪NN‬اء‪ .‬ق‪NN‬ال في "األس‪NN‬نى"‪( :‬ق‪NN‬ال‬
‫الرافعي‪ :‬ولك رده بأنه مستعمل بحسبه)‪ ،‬وفي "التحفة"‪( :‬محل تجويزهم اتخاذ رأس لإلناء من النقد إن لم يسم إناء بأن ك‪NN‬ان‬
‫صفيحة‪ ،‬ومع ذلك‪ :‬يحرم وضع شيء عليها لنحو األكل منها؛ ألنها حينئذ إناء بالنسبة إليه)‪.‬‬
‫(و) يحرم استعمال‪ ،‬واتخاذ (ما ضبب بالذهب) أو طليت ضبته به إن حصل منه ش‪NN‬يء ب‪NN‬العرض على الن‪NN‬ار وإن ص‪NN‬غرت؛‬
‫لشدة الخيالء فيه‪.‬‬
‫(وال يحرم ما ضبب بالفضة) ضبة صغيرة أو كبيرة لحاجة أو ال (إال ضبة كبيرة للزينة) وحدها‪ ،‬أو مع الحاج‪NN‬ة ‪ ..‬فتح‪NN‬رم؛‬
‫لما فيها من السرف والخيالء‪ ،‬بخالف الكبيرة لحاجة فقط وإن عمت اإلناء عند (م ر)‪ ،‬والصغيرة لزين‪N‬ة ول‪N‬و م‪N‬ع الحاج‪N‬ة ‪..‬‬
‫فيحالن م‪NN‬ع الكراه‪NN‬ة وإن لمعت من بع‪NN‬د وك‪NN‬انت بموض‪NN‬ع االس‪NN‬تعمال؛ النتف‪NN‬اء الخيالء في الثاني‪NN‬ة‪ ،‬واإلس‪NN‬راف في األولى‪،‬‬
‫بخالف الصغيرة لحاجة فقط ‪ ..‬فمباحة؛ النتفاء األمرين‪ .‬قال (ح ل)‪( :‬ل‪NN‬و تع‪NN‬ددت الص‪NN‬غيرة وك‪NN‬ان الجمي‪NN‬ع بق‪NN‬در الكب‪NN‬يرة ‪..‬‬
‫حرم) وتردد فيه في "االمداد"‪ ،‬وأفتى بعض فقهاء اليمن بحرمة م‪NN‬ا ج‪NN‬رت ب‪NN‬ه ع‪NN‬ادة كث‪NN‬ير من تعميم بي‪NN‬وت ‪-‬نح‪NN‬و الجن‪NN‬ابي‪-‬‬
‫بالفضة‪ ،‬ويؤيده قولهم‪( :‬إن التحلية جعل عين النقد في محال مفرقة مع اإلحكام حتى تصير كالجزء منها‪ ،‬وليس هذا كذلك)‪.‬‬
‫وضابط الصغر والكبر‪ :‬العرف‪.‬‬
‫ولو شك في كبرها‪ ،‬أو في أن الكبيرة لزينة‪ ،‬أو لحاجة ‪ ..‬فاألصل في اإلناء اإلباحة‪ ،‬فتستصحب وإن ك‪NN‬ان األص‪NN‬ل في النق‪NN‬د‬
‫التحريم‪.‬‬
‫والمراد بـ (الحاجة)‪ :‬الغرض المتعلق بالتضبيب غير الزين‪NN‬ة‪ ،‬كإص‪N‬الح كس‪N‬ر وتقوي‪NN‬ة‪ ،‬وليس منه‪NN‬ا تحلي‪NN‬ة رأس الم‪NN‬رش بال‬
‫كسر‪.‬‬
‫(ويحل) استعمال واتخاذ (المموه بهما) أي‪ :‬الذهب والفضة مطلقا‪ ،‬إن لم يحصل منه ش‪NN‬يء يقين‪NN‬ا ب‪NN‬العرض على الن‪NN‬ار؛ لقل‪NN‬ة‬
‫المموه به حينئذ‪ ،‬فكأنه عدم‪ ،‬فإن حصل ‪ ..‬حرما في غير حلي امرأة‪ ،‬وحرم في حليها فعله ال استعماله‪.‬‬
‫ولو شك أيحصل منه شيء بالنار أم ال؟ حرم‪ ،‬وال يشكل بما مر في الضبة؛ ألنه أضيق منها‪ ،‬بدليل حرمة فعل‪NN‬ه مطلق‪NN‬ا‪ ،‬وإن‬
‫جاز استعماله بعد في حلي النساء‪ ،‬قال الشوبري‪( :‬ويحتمل الحل)‪.‬‬
‫أما إناء أحد النقدين إذا غشي بشيء بحيث يستره ‪ ..‬فيحل وإن لم يحصل منه شيء بالنار عند (حج)‪ ،‬قال‪( :‬ألن علة التحريم‬
‫العين مع الخيالء‪ ،‬وهما موجودان في المموه بهما إن حصل منهما شيء ب‪NN‬العرض على الن‪NN‬ار‪ ،‬بخالف المم‪NN‬وه منهم‪NN‬ا بنح‪NN‬و‬
‫نحاس‪ ،‬فالموجود العين دون الخيالء)‪.‬‬
‫وخرج بـ (إنائهما)‪ :‬إناء غيرهما من سائر األواني الطاهرة ولو نفيسة‪ ،‬فتحل اس‪NN‬تعماال واتخ‪NN‬اذا؛ ألن الفق‪NN‬راء يجهلونه‪NN‬ا‪ ،‬فال‬
‫تنكسر قولبهم برؤيتها‪ ،‬لكن مع الكراهة في النفيسة ذاتا كياقوت‪ ،‬أم‪N‬ا النجس‪N‬ة ‪ ..‬فيح‪N‬رم اس‪N‬تعمالها م‪N‬ع الرطوب‪N‬ة إال في م‪N‬اء‬
‫كثير‪.‬‬
‫(فصل‪ ‬في الخصال التي تطلب في خلقة اآلدمي (يسن) استعمال (السواك في كل حال) من غير إفراط؛ لألحاديث الكثيرة‬
‫الشهيرة فيه‪( .‬ويتأكد للوضوء) والغسل والتيمم‪.‬‬
‫(و) عند إرادة (الصالة لكل إحرام) بفرض أو نفل أو سجدة تالوة أو شكر‪ ،‬ولو لفاقد الطهورين وإن لم يتغير فم‪NN‬ه‪ ،‬واس‪NN‬تاك‬
‫عن قرب قبله؛ لحديث‪" :‬ركعتان بسواك خير من سبعين ركعة بغير سواك" وليس أفضل من الجماعة في الص‪NN‬الة؛ ألن كال‬
‫من درجاتها الخمس والعشرين تعدل كثيرا من درجاته السبعين‪ ،‬ولو تذكر أنه تركه وهو في الصالة ‪ ..‬تداركه بفعل قليل أو‬
‫كثير غير متوال‪.‬‬
‫(و) عند (إرادة قراءة القرآن‪ ،‬والحديث‪ ،‬والذكر) والعلم الشرعي وآلته‪ ،‬واألفضل كونه قبل االستعاذة‪.‬‬
‫(و) عند (اصفرار األسنان) أي‪ :‬تغيرها وإن لم يتغير فمه‪.‬‬
‫(و) عند (دخول البيت) أي‪ :‬الم‪N‬نزل ول‪N‬و غ‪N‬ير بيت‪ ،‬ول‪N‬و لغ‪N‬يره ‪ ..‬ق‪N‬ال الش‪N‬ارح‪( :‬ويص‪N‬ح أن ي‪N‬راد ب‪N‬ه‪ :‬الكعب‪N‬ة) لكن تعقب‪N‬ه‬
‫الكردي‪( :‬بأنهم أطبقوا على أنه المنزل‪ ،‬ويدل عليه الحديث)‪.‬‬
‫(و) عند (القيام من النوم)؛ ألنه يغير الفم‪.‬‬
‫(و) عند (إرادة النوم)؛ ليخفف التغير الناشىء منه‪.‬‬
‫(و) يتأكد أيضا (لكل حال يتغير فيه الفم) ريحا أو لونا أو طعما‪ ،‬وعند كل طواف وخطبة وأكل‪ ،‬وبعد ال‪NN‬وتر‪ ،‬وفي الس‪NN‬حر‪،‬‬
‫وللصائم قبل الزوال‪ ،‬وعند االحتضار‪.‬‬
‫ويسن التخليل لألسنان قبل السواك وبعده‪ ،‬ومن أثر الطعام‪ ،‬وهو أمان من تسويسها‪.‬‬
‫ويسن كونه من عود السواك‪ ،‬وباليمنى كالسواك‪.‬‬
‫ويكره بعود القصب واآلس‪ ،‬ويكره أكل ما خرج من بين األسنان إن خرج بنحو عود‪.‬‬
‫ويندب لمن يصحب الناس التنظيف بالسواك ونحوه‪ ،‬والتطيب وحسن األدب‪.‬‬
‫(ويكره) االستياك (للصائم) والممسك (بعد الزوال) وإن احتاج إليه إلزالة تغير فمه من غير الصوم كن‪NN‬وم عن‪NN‬د (حج)؛ ألن‪NN‬ه‬
‫يزيل الخلوف الذي هو أطيب عند هللا من ريح المسك‪ ،‬ولو لم يتع‪NN‬اط مفط‪NN‬را يتول‪NN‬د من‪NN‬ه تغ‪NN‬ير قطع‪NN‬ا ‪ ..‬ك‪NN‬ره ل‪NN‬ه الس‪NN‬واك من‬
‫الفجر؛ ألنه يزيل الخلوف الناشئ من الصوم السابق‪ ،‬وحيث كان في ضمن عبادة كالوضوء لم يحتج لنية؛ لشمول نيته‪NN‬ا ل‪NN‬ه‪،‬‬
‫وإال ‪ ..‬توقف حصول السنة به على أن ينوي به السنة‪ ،‬أو لنحو الصالة‪.‬‬
‫وأما آلته ‪ ..‬فقد أشار إليها بقوله‪( :‬ويحصل بك‪N‬ل خش‪N‬ن) ط‪N‬اهر ول‪N‬و نح‪N‬و أش‪N‬نان‪ ،‬وك‪N‬ذا نجس عن‪N‬د (حج)؛ إذ الحرم‪N‬ة ألم‪N‬ر‬
‫خارج‪ ،‬بخالفه بنحو ماء الغاسول وإن نقى األسنان وأزال القلح؛ ألن‪N‬ه ال يس‪N‬مى س‪N‬واكا (إال إص‪N‬بعه) المتص‪N‬لة ب‪N‬ه؛ ألنه‪N‬ا ال‬
‫تسمى سواكا‪ ،‬لكونها جزءا منه‪ ،‬قال في "اإلمداد"‪( :‬وفيه ما فيه) ويجزئ بأصبع غيره المتصلة وكذا المنفص‪NN‬لة‪ ،‬وبأص‪NN‬بعه‬
‫المنفصلة عند (حج)‪ ،‬إن خشنت في الجميع وإن وجب دفنها فورا لموت صاحبها‪.‬‬
‫وهل تكره إزالة الخلوف بما ال يسمى سواكا؟ قال في "التحفة"‪( :‬األقرب للمدرك نعم‪ ،‬ولكالمهم ال)‪.‬‬
‫(واألراك أولى) من غيره‪ ،‬وأغصانه أولى من عروقه (ثم النخل) ثم الزيتون‪ ،‬ثم ذو الريح الطيب‪ ،‬ثم العود ال‪NN‬ذي ال رائح‪NN‬ة‬
‫له‪ ،‬وفي معناه الخرقة‪.‬‬
‫(ويستحب أن يستاك بيابس ندي بالماء)؛ ألن في الماء من التنظيف ما ليس في غيره‪ ،‬والمندى بغير الماء أولى من الرطب‪.‬‬
‫(و) أن يستاك (عرضا) أي‪ :‬في عرض األسنان ظاهرها وباطنها؛ لخبر‪" :‬إذا استكتم ‪ ..‬فاس‪NN‬تاكوا عرض‪NN‬ا"‪ ،‬ويك‪NN‬ره ط‪NN‬وال؛‬
‫ألنه قد يدمى اللثة‪ ،‬ومع الكراهة يحصل أصل السنة؛ ألنها ألمر خارج (إال في اللسان) ‪ ..‬فيندب ط‪NN‬وال؛ لخ‪NN‬بر في‪NN‬ه‪ ،‬وين‪NN‬دب‬
‫كونه باليد اليمنى إن كانت اليد ال تباشر القذر‪ ،‬وأن يبدأ بجانب فمه األيمن ويذهب به إلى الوسط‪ ،‬ثم باأليسر ويذهب به إلي‪NN‬ه‬
‫أيضا‪ ،‬وأن يعوده الصبي؛ ليألفه‪ ،‬ويجعل خنصره وإبهامه تحته‪ ،‬وبقية األصابع فوقه‪ ،‬ويبلع ريقه أول استياكه بسواك جديد؛‬
‫ألنه أمان من كل داء‪ ،‬وال يمصه‪ ،‬ويجعله خلف أذنه‪ ،‬وال يعرض‪NN‬ه إذا طرح‪NN‬ه ب‪NN‬ل ينص‪NN‬به‪ ،‬وال يزي‪NN‬د طول‪NN‬ه على ش‪NN‬بر‪ ،‬وال‬
‫يستاك بطرفيه‪ ،‬وح‪N‬رم بس‪N‬واك الغ‪N‬ير‪ ،‬إال إن ظن رض‪N‬اه ‪ ..‬فخالف األولى إال لت‪N‬برك‪ ،‬وبض‪N‬ار كب‪N‬ذي س‪N‬م‪ ،‬وق‪N‬د يجب ك‪N‬أن‬
‫توقفت إزالة النجاسة عليه‪ ،‬أو ريح كريه في يوم جمعة‪ .‬وفوائده كثيرة أنهاها بعضهم إلى نيف وسبعين‪ ،‬أعظمه‪NN‬ا رض‪NN‬ا هللا‪،‬‬
‫وتذكير الشهادة عند الموت‪.‬‬
‫(و) يستحب (أن يدهن غبا) أي‪ :‬وقتا بعد وقت‪ ،‬أي‪ :‬عند الحاجة‪.‬‬
‫(و) أن (يكتحل) وأن يكون باإلثمد و (وترا) ثالثة في اليمنى وثالثة في اليسرى‪.‬‬
‫(و) أن (يقص الشارب) حتى تبين حمرة الشفة بيانا ظاهرا‪ ،‬وال يزيد على ذلك‪.‬‬
‫(و) أن (يقلم الظفر) واألفضل يوم الخميس أو اإلثنين أو بكرة الجمعة‪.‬‬
‫وأن يبدأ بسبابة اليمنى فالوسطى فالبنصر فالخنص‪N‬ر فاإلبه‪NN‬ام‪ ،‬ثم بخنص‪N‬ر اليس‪N‬رى إلى إبهامه‪NN‬ا‪ ،‬وفي ال‪N‬رجلين من خنص‪N‬ر‬
‫اليمنى إلى خنصر اليسرى‪.‬‬
‫(و) أن (ينتف اإلبط) إن قدر‪ ،‬وإال ‪ ..‬فليحلقه‪ ،‬ويحصل أصل السنة بحلقه وإن قدر على نتفه‪.‬‬
‫(و) أن (يزيل شعر العانة) واألفضل للذكر حلقه‪ ،‬ولغيره نتفه‪.‬‬
‫ويكره تأخير الدهن وما بعده إلى هنا عن وقت الحاجة‪ ،‬وعن أربعين يوما أشد كراهة‪.‬‬
‫وأن يفرق شعر رأسه‪ ،‬ويرجله (ويسرح اللحية‪ ،‬ويخضب الشيب بحمرة أو صفرة)؛ لالتباع‪ ،‬ويح‪NN‬رم بالس‪NN‬واد ول‪NN‬و الم‪NN‬رأة‪،‬‬
‫على خالف فيها‪.‬‬
‫(و) أن تخصب (المزوجة يديها‪ ،‬ورجليها بالحناء) إن كان حليلها يحبه‪ ،‬وأن تبدأ في كل ذلك باليمنى‪ ،‬أما غيرها ‪ ..‬فال يسن‬
‫لها ذلك‪ ،‬بل يحرم عليها الخضب بسواد‪ ،‬وتطريف األصابع وتحمير الوجنة والنقش إن كانت غير مفترش‪NN‬ة‪ ،‬أو لم ي‪NN‬أذن له‪NN‬ا‬
‫حليلها‪ ،‬وكذا يحرم عليها وصل ش‪N‬عرها بنجس أو ش‪N‬عر آدمي مطلق‪N‬ا‪ ،‬وبط‪N‬اهر إن لم تكن فراش‪N‬ا‪ ،‬أو لم ي‪NN‬أذن له‪NN‬ا‪ ،‬والوش‪N‬ر‬
‫وهو‪ :‬تحديد أطراف األسنان وتفريقها‪ ،‬كالوصل بطاهر غير شعر آدمي‪.‬‬
‫(ويكره القزع) وهو حلق بعض الرأس من موضع واحد‪ ،‬أو متفرق‪ .‬والكراهة في الصغير على ولي‪NN‬ه‪ ،‬وال ب‪NN‬أس بحلق‪NN‬ه لمن‬
‫لم يخف تعهده عليه وال يسن إال في نسك لذكر‪ ،‬ولمن خشي من تركه مشقة‪ ،‬وفي المولود‪ ،‬والكافر إذا أس‪NN‬لم‪ ،‬وال بترك‪NN‬ه لمن‬
‫يخف تعهده عليه‪.‬‬
‫(ونتف الشيب)؛ ألنه نور‪ ،‬بل قال في "المجموع"‪( :‬ولو قيل بتحريمه ‪ ..‬لم يبعد) ونص عليه في "األم"‪.‬‬
‫(ونتف اللحية)؛ إيثار للمرودة‪ ،‬وتبيضها بالكبريت؛ استعجاال للشيخوخة‪ ،‬وتصفيفها طاقة فوق طاقة؛ تحسينا‪ ،‬والزي‪NN‬ادة فيه‪NN‬ا‬
‫والنقص منها؛ لألمر في الصحيحين بـ (توفير اللحى وتركها شعثة)؛ إظهارا لقلة المباالة‪ ،‬وال بأس بترك السبالين‪.‬‬
‫(و) يكره بال عذر (المشي في نعل واحد)؛ لصحة النهي عنه؛ ألنه يختل به المشي‪ ،‬وكالنعل الخف ونحوه‪.‬‬
‫(واالنتعال) بما يخشى منه السقوط حال كونه (قائما) أما المداس المعروفة اآلن ‪ ..‬فال يكره فيها االنتعال قائم‪N‬ا؛ لع‪N‬دم خ‪N‬وف‬
‫السقوط منها‪ ،‬ويسن خلعهما إذا جلس‪ ،‬ويجعلهم‪NN‬ا خلف‪NN‬ه أو بجنب‪NN‬ه األيس‪NN‬ر إن لم يكن يس‪NN‬اره أو وراءه أح‪NN‬د‪ ،‬وإال ‪ ..‬تعين بين‬
‫رجليه أو تحته‪.‬‬
‫***‬
‫(فصل) في أول مقاصد الطهارة وهو الوضوء اسم مصدر توضأ‪ ،‬ومصدر إن أخذ من وضؤ‪ ،‬وليس من خصوص‪NN‬يات ه‪NN‬ذه‬
‫األمة‪ ،‬بل الخاص بها الغرة والتحجيل فقط‪ ،‬أو مع الكيفية المخصوصة‪ ،‬واألفصح ضم واوه إن أري‪NN‬د ب‪NN‬ه الفع‪NN‬ل‪ ،‬وفتحه‪NN‬ا إن‬
‫أريد به الماء الذي يتوضأ به‪.‬‬
‫مأخوذ من الوضاءة وهي النضارة؛ إلزالته ظلمة الذنوب‪.‬‬
‫وفرض مع الصالة ليلة اإلسراء‪ ،‬وهو معقول المعنى؛ ألن الصالة مناجاة للرب‪ ،‬فطلب التنظيف لها‪ ،‬وال ي‪NN‬رد أن ال‪NN‬رأس ال‬
‫غسل فيه ألنه مستور غالبا‪ ،‬فخفف فيه‪.‬‬
‫وموجبه ‪-‬كالغسل‪ :-‬الحدث‪ ،‬وإرادة فعل ما يتوقف عليه‪.‬‬
‫واألصل فيه‪ :‬الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلجماع‪.‬‬
‫(وفروض الوضوء) أي‪ :‬مجموع أركانه ولو مندوبا (ستة) أربعة ثابتة بالكتاب‪ ،‬واثنان بالسنة‪ :‬النية بح‪NN‬ديث "إنم‪NN‬ا األعم‪NN‬ال‬
‫بالنيات"‪ ،‬والترتيب بخبر "ابدأوا بما بدأ هللا به" وهو وإن كان واردا في السعي‪ ،‬فالعبرة بعموم اللفظ ال بخص‪NN‬وص الس‪NN‬بب‪،‬‬
‫وألن العرب ال ترتكب تفريق المتجانس إال لنكتة‪ ،‬وقد فرق في اآلية بين المغسوالت بالممسوح‪ ،‬فعلمنا أنه لنكتة الترتيب‪.‬‬
‫(األول) النية؛ لخبر‪" :‬إنما األعمال ‪-‬أي صحتها‪ -‬بالنيات"‪.‬‬
‫وحقيقتها لغة‪ :‬القصد‪ ،‬وشرعا‪ :‬قصد الشيء مقترنا بفعله إال في صوم‪ ،‬ونح‪N‬و زك‪N‬اة ‪ ..‬فيغتف‪N‬ر تق‪N‬ديمها؛ للعس‪N‬ر‪ ،‬أم‪N‬ا المتق‪N‬دم‬
‫على الفعل ‪ ..‬فعزم‪.‬‬
‫وحكمها‪ :‬الوجوب‪ ،‬ومحلها‪ :‬القلب‪.‬‬
‫والمقصود بها‪ :‬تمييز العبادة من العادة‪ ،‬أو تمييز رتب العبادة ككون العبادة صالة‪ ،‬وكونها فرضا‪.‬‬
‫وشرطها‪ :‬إسالم الناوي‪ ،‬وتمييزه‪ ،‬وعلمه بالمنوي‪ ،‬وتحقق المقتضي وقدرته على المنوي‪ ،‬وعدم إتيانه بم‪NN‬ا ينافيه‪NN‬ا من ردة‪،‬‬
‫ونية قطع‪ ،‬وتردد فيه‪ ،‬وتعليق‪.‬‬
‫وكيفيتها تختلف بحسب األبواب‪ ،‬فيجزىء السليم هن‪N‬ا (ني‪N‬ة رف‪N‬ع الح‪N‬دث) أي‪ :‬المعه‪N‬ود ذهن‪N‬ا‪ ،‬وه‪N‬و ال‪N‬ذي علي‪N‬ه‪ ،‬وه‪N‬و هن‪N‬ا‪:‬‬
‫األصغر‪ ،‬ويصح أن يراد به‪ :‬األمر االعتباري‪ ،‬أو المنع‪ ،‬أو هما؛ بناء على استعمال المش‪N‬ترك في معنيي‪NN‬ه‪ ،‬والمرتف‪N‬ع فيهم‪NN‬ا‬
‫نفس الحدث المنوي منهما‪ ،‬وأن يراد به‪ :‬السبب‪ ،‬فيقدر مضاف‪ ،‬أي‪ :‬رفع حكمه‪ ،‬وهو المنع من الصالة‪ ،‬فيرجع إلى الثاني‪.‬‬
‫فإذا قال‪ :‬نويت رفع الحدث وأطلق ‪ ..‬انصرف إلى حكمه وإن لم يالحظ ذلك‪ ،‬فإن ن‪NN‬وى رف‪NN‬ع الس‪NN‬بب نفس‪NN‬ه ‪ ..‬لم يص‪NN‬ح؛ ألن‬
‫الواقع ال يرتفع‪.‬‬
‫ولو نوى رفع بعض األحداث‪ ،‬كأن نام وبال‪ ،‬فنوى رفع حدث النوم ال البول ‪ ..‬صح؛ ألن الحدث ال يتجزأ‪ ،‬إذا ارتفع بعضه‬
‫‪ ..‬ارتفع كله‪ ،‬كما لو نوى رفع غير حدثه‪ ،‬كأن بال فنوى رفع حدث النوم ‪ ..‬فيصح‪ ،‬وقيده (حج) بكونه غالطا‪.‬‬
‫ولو نوى أن يصلي به في محل نجس ‪ ..‬لم يصح؛ لعدم القدرة على المنوي‪ .‬وتدخل الس‪NN‬نن هن‪NN‬ا ‪-‬كالص‪NN‬الة‪ -‬تبع‪NN‬ا عن‪NN‬د إتيان‪NN‬ه‬
‫بنحو هذه النية‪ ،‬أو فرض الطهارة‪.‬‬
‫(أو الطهارة للصالة) أو عن الحدث‪ ،‬أو أداء ف‪N‬رض الطه‪N‬ارة‪ ،‬أو أداء الطه‪N‬ارة‪ ،‬أو الطه‪N‬ارة الواجب‪N‬ة‪( ،‬أو نح‪N‬و ذل‪N‬ك) كني‪N‬ة‬
‫فرض الوضوء‪ ،‬أو أداء الوضوء‪ ،‬وكذا نية الوضوء‪ ،‬لكنه خالف األولى؛ للخالف في‪NN‬ه‪ ،‬وكني‪NN‬ة اس‪NN‬تباحة مفتق‪NN‬ر إلى وض‪NN‬وء‬
‫كالصالة ومس المص‪N‬حف‪ ،‬ال اس‪N‬تباحة م‪N‬ا يس‪N‬تحب ل‪N‬ه الوض‪N‬وء كق‪N‬راءة الق‪N‬رآن أو الح‪N‬ديث‪ ،‬فال يص‪N‬ح؛ ألن‪N‬ه يس‪N‬تبيحه بال‬
‫وضوء‪.‬‬
‫ويجب كون ما ذكر من النيات (عند غسل الوجه) فمتى اقترنت بجزء من‪NN‬ه ‪ ..‬كفت‪ ،‬وفي اقترانه‪NN‬ا بم‪NN‬ا ال يتم ال‪NN‬واجب إال ب‪NN‬ه‬
‫خالف‪ ،‬وما قارنها هو أوله‪ ،‬فيجب إعادة ما غسله قبلها‪.‬‬
‫نعم؛ يكفي اقترانها بسنة قبل الوجه‪ ،‬كغسل اليدين إن استحضرها عن الوجه‪ ،‬لكن لو انغسل جزء من الوجه م‪NN‬ع المضمض‪NN‬ة‬
‫كحمرة الشفة ‪ ..‬أجزأت النية وفاتت المضمضة واالستنشاق بغسل ذلك الجزء؛ إذ محلها قبل الوجه‪ ،‬ويجب إعادة غسل ذل‪NN‬ك‬
‫الجزء؛ للصارف‪ ،‬وفيه كالم مبسوط في غير هذا الكتاب‪.‬‬
‫والمخلص من ذلك‪ :‬أن ين‪N‬وي عن‪N‬د غس‪N‬ل الكفين س‪N‬نن الوض‪N‬وء‪ ،‬وعن‪N‬د غس‪N‬ل الوج‪N‬ه ف‪N‬رض الوض‪N‬وء أو غ‪N‬يره من الني‪N‬ات‬
‫المجزئة كما مر ويجوز تفريق النية على األعضاء‪ ،‬كأن ينوي عند كل عض‪N‬و رف‪N‬ع حدث‪N‬ه‪ ،‬لكن ال ين‪N‬وي في المن‪N‬دوب نح‪N‬و‬
‫رفع الحدث بل نحو الوضوء‪.‬‬
‫(وينوي سلس البول ونحوه) ممن دام حدثه‪ ،‬بحيث ال يصلي صالة بعد الطهارة بال حدث‪ ،‬كمستحاضة في الوضوء للفرض‬
‫(استباحة فرض) نحو (الصالة) أو غيرها من النيات‪ ،‬دون نية رفع الحدث أو الطهارة عن‪NN‬ه؛ ألن حدث‪NN‬ه ال يرتف‪N‬ع‪ ،‬ويس‪N‬تبيح‬
‫السلس به ما يستبيحه المتيمم‪ ،‬كما يأتي‪.‬‬
‫وفي "اإليعاب" عن "المجموع"‪ :‬شرط نية استباحة الصالة‪ :‬قصد فعلها بتلك الطهارة‪ ،‬وإال ‪ ..‬فهو متالعب‪.‬‬
‫(وإن توضأ للسنة ‪ ..‬نوى استباحة الصالة) أو غيرها مما مر من غير ذكر فرض‪ ،‬ومجدد الوضوء ال ين‪NN‬وي االس‪NN‬تباحة وال‬
‫رفع الحدث‪ ،‬بل غيرهما‪ ،‬لكن كالم "التحفة" يفيد الصحة فيهما إال أن ينوي الحقيقة كما في الص‪N‬الة المع‪N‬ادة‪ ،‬ول‪N‬و ن‪N‬وى م‪N‬ع‬
‫نية الوضوء تبردا أو تنظفا ‪ ..‬لم يضر‪ ،‬لكن ال ثواب فيه عند ابن عبد السالم‪.‬‬
‫وقال الغزالي‪( :‬يثاب بقدر قصده إن غلب باعث اآلخرة) وقال (حج)‪( :‬بقدرقصده مطلقا) وكالوضوء سائر العبادات‪.‬‬
‫ولو نوى تبردا بعد نية الوضوء ‪ ..‬اشترط كونه ذاكرا لنية الوض‪NN‬وء‪ ،‬وإال ‪ ..‬لم يص‪NN‬ح الوض‪NN‬وء من حين ن‪NN‬وى الت‪NN‬برد؛ ألن‪NN‬ه‬
‫صارف‪ ،‬ولذلك لو بقي رجاله فسقط في ماء ‪ ..‬لم يرتفع حدثهما إال إن كان ذاكرا للنية‪ ،‬بخالف م‪NN‬ا ل‪NN‬و غمس‪NN‬هما أو تع‪NN‬رض‬
‫بهما لمطر؛ إقامة لفعله مقام ذكره للنية‪.‬‬

You might also like