Professional Documents
Culture Documents
بشرى الكريم ٢
بشرى الكريم ٢
بشرى الكريم ٢
(باب) وفي نسخة :كتاب ،أي :في بيان وسائل (الطهارة) ،ومقاصدها وأحكامها ،وما يتعلق بذلك.
والكتاب لغة :الضم والجمع؛ إذ الكاتب يجمع الحروف فتصير كلمة ،والكلمات فتصير كالما.
والباب لغة :المنفذ والفصل الحاجز ،والفرع :ما يبنى على غيره.
وأما عرفا ..فكل منها :اسم لجملة مختصة من دال العلم.
لكن الكتاب مشتمل على أبواب ،وفصول ،وفروع ،ومسائل غالبا.
والباب مشتمل على فصول ...إلخ ،والفصل مشNتمل على فNروع ...إلخ ،والفNرع مشNتمل على مسNائل ،فالكتNاب كNالجنس،
والباب كالنوع ،والفصل والفرع كالصنف ،والمسألة كالشخص ،وكل من الكتNNاب ومNNا بعNNده -في هNNذا المحNل وغNNيره -خNبر
مبتدأ محذوف ،أو مبتNدأ حNذف خNبره ،أو مفعNول لفعNل محNذوف ،أي :هNذا الكتNاب ،أو كتNاب الطهNارة هNذا ،أو خNذ كتNاب
الطهارة.
ووسائل الطهNNارة :المNNاء ،والنجاسNNة ،واالجتهNNاد ،واألواني ،وقNNال (بج) :المشNNهور أن وسNNائلها الحقيقيNNة :المNNاء ،والNNتراب،
والحجر ،والدابغ.
ومقاصدها :الوضوء ،والغسل ،والتيمم ،وإزالة النجاسة.
(والطهارة) -بفتح الطاء :-النظافة ،والخلوص من الدنس الحسي كالمخاط ،والمعنوي كحسد وكبر.
وشرعا :تطلق على الفعل الذي هو (التطهير) وهو الوضوء والغسل والتيمم وإزالة النجاسة ،وعلى األثر المترتب على ذلك
التطهير الذي هو زوال المنع الناشئ عن الحدث والخبث.
وتعرف على األول بأنها فعل ما يتوقف عليه إباحة ولو من بعض الوجوه كالتيمم ،أو ثواب مجNNرد كالغسNNلة الثانيNNة ،وغسNNل
الجمعة.
وعلى الثاني بأنها األثر المترتب على ذلك الفعل( .والطهارة) -بالضم :-بقية الماء.
وقد افتتح األئمة كتبهم بالطهارة؛ لخبر" :مفتاح الصالة الطهور" ،وألنها شرط للصالة ،وهو مقدم طبعا ،فيقدم وضعا.
(ال يصح) وال يحل (رفع الحدث) أي :األمر االعتباري القائم باألعضاء المNNانع صNNحة الصNNالة حيث ال مNNرخص ،أو المنNNع
المترتب على ذلك ال األصغر -وهو ما أوجب الوضوء -وال األكبر -وهو حدث الحيض والنفاس -وال األوسط ،وهNNو حNNدث
الجنابة والوالدة ،وفي معناهما الموت.
(وال إزالة النجس) أي :المستقذر المانع صحة الصالة حيث ال مرخص ،أو المعنى الموصوف به المحNNل ،المالقي لعين من
ذلك مع الرطوبة -ال المخفف وهو بول الصبي وال المغلظ وهو نجاسة الكلب والخنزير ،وال المتوسNط وهNو مNا عNداهما من
النجاسة أو الوصف الناشئ عن مالقاتها كما مر -وال طهارة لسلس ،وال مسنونة.
(إال بـ) ماء مطلق ولو ظنا عن االشتباه ،وهو( :ما يسمى ماء) بال قيد الزم عند العالم بحاله على أي صNNفة كNNان ،من أصNNل
الخلقة ،وذلك كماء البحر وإن كان متغير الطعم ،وما ينعقد منه الملح ،وينحل إليه البرد ،وما استهلك فيه خليط لم يسلبه اسNNم
الماء ،والمترشح من الماء الطهور المغلي ،وما جمع من ندى ،والمتغير بمجاور أو بما ال غنى عنه ،وماء زمزم.
ودليل حصر ما ذكر في الماء :أن الطهارة ثبتت فيه بالماء دون غيره ،وال مدخل للقيNNاس؛ الختصNNاص المNNاء بمزيNNد لطافNNة
ورقة ال توجد في غيره.
وخرج بـ (الماء المطلق) غيره من مائع وجامد ولو ترابNNا؛ ألنNNه في الNتيمم ال يرفNNع الحNدث بمعNNنى األمNNر االعتبNNاري ،وفي
غسل نجاسة نحو الكلب ،المطهر فيها إنما هو الماء بشNرط مزجNه بNNالتراب ،ونحNو الحجNر في االسNتنجاء مخفNف ال مزيNNل
للنجاسة.
وطهر الجلد بالدبغ ،والخمر بالتخلل إحالة ال إزالة ،ويستمر التطهير للماء إلى أن يتغير ،أو يستعمل ،أو ينجس.
(فإن تغير) ولو بواحد من (طعمه أو لونه أو ريحه) فـ (أو) مانعNNة خلNNو ،ال جمNNع (تغNNيرا فاحشNNا بحيث ال يسNNمى مNNاء) بNNأن
يسلب اسم الماء المطلق يقينا ،وإنما يسمى ماء مقيدا بقيد الزم كماء الورد ،أو يحدث له اسم آخر كالمرقة ،وكان ذلك التغNNير
(بمخالط) للماء يخالفه في صفاته ،أو واحدة منها وهو ما ال يمكن فصله ،أو ما ال يتميز في رأي العين (طاهر) أمNNا المتغNNير
بنجس ..فمتنجس مطلقا (يستغني الماء عنه) يقينNا ،أي :ال يشNق صNونه عنNه ،كملح جبلي في غNير ممNره ومقNره ،وكNافور
رخو ،وقطران رخو لم يوضع إلصالح الظرف ،وثمر وإن كان أصله في الماء.
( ..لم تصح) ولم تحل (الطهارة به)؛ ألن ذلك ال يسمى ماء ،حتى لو حلف ال يشرب ماء ،أو ال يشNNتريه ..لم يحنث بشNNرب
متغير ،أو شرائه.
نعم؛ لو تنجس نحو دقيق بحكمية ..طهر بصب الماء عليه وإن تغير كثيرا قبل وصNNوله لجميNNع أجزائNNه للضNNرورة ،بخالف
تغيره بالسدر في غسل الميت؛ إذ ال ضرورة.
(والتغير التقديري كالتغير الحسي) في جميع أحكامه (فلو وقع فيه) أي الماء ما يوافقه في جميع صفاته كمNNاء مسNNتعمل ،ولم
يبلغا قلتين ،أو في بعضها كـ (ماء ورد ال رائحة له) وله لون وطعم ،أو أحدهما ( ..قدر مخالفNNا) لNNه في جميعهNNا في األول،
وكذا في الثاني.
لكن رجح كثير أن الموجNود ال يقNدر (بأوسNط الصNفات) كطعم رمNان ،ولNون عصNير ،وريح الذن ،فيفNرض مغNير اللNون،
ومغير الطعم ،ومغير الريح ،فبأيها حصل التغيير تقديرا ..انتفت عنه الطهورية؛ وذلك ألنه لموافقته للماء ال يغيره ،فاعتبر
بغيره كالحكومة.
(و) خرج بـ (التغير الفاحش) اليسير ،فـ (ال يضر تغير يسير) وهو ما (ال يمنع اسم الماء) ولو بمخالNط مسNتغنى عنNه؛ ألنNه
عليه الصالة والسالم "توضأ من قصعة فيها أثر عجين".
(و) بالمخاط التغير بما ليس مخالطا وال مجاورا كNNالمكث أو بمجNNاور ،فـ (ال يضNNر تغNNير بمكث) وإن كNNثر إجماعNNا؛ لتعNNذر
االحتراز عنه.
(و) ال (بتراب) ولو مستعمال عند (م ر) ،سواء قلنا :إنه مخالط؛ ألنه مطهر كالماء ،أو مجاور ما لم يجNNر بطبعNNه كالشNNربة،
وال يضر التغير بما على أبدان المتطهرين.
قال الشرقاوي( :ومن الخليط الذي ال غنى عنه ..ما يقع من غسل الرجلين في الفساقي كميضأة السNNيد البNNدوي أيNNام المولNNد)
اهـ
(و) ال التغير (بطحلب) لم يطرح إن تفتت؛ لعسر االحتراز عنه ،فإن طرح وصار مخالطا ..ضر.
(و) ال بـ (ما في مقره وممره) أي :بما هو خلقي فيهما ،أو مصنوع يشبه الخلقي من نحو :نوره ،وطين ،وأثر الNNدباغ ،وكNNذا
قطران ولو رخوا وضع إلصالح نحو القرب عند (حج).
(وال بمجاور) وإن طرح (كعود) لم تنحل منه عين في الماء يقينا (ودهن) وبخور؛ ألن ما شك في كونه مجاورا أو مخالطNNا
له حكم المجاور ،وألنه بفرض أنه مخالط ..ال يسلب اسم الماء.
ومن المجاور ما أغلي فيه نحو بر أو ثمر -ما لم يعلم انفصال عين منه مخالطة له تسNلبه اسNم المNNاء -ومNNا طNرح فيNNه ،نحNو
ليمون وإن تغير ريحا وطعما كثيرا (وال بملح مائي) وإن طNNرح؛ النعقNNاده من عين المNNاء كNNالثلج -بخالف الجبلي كمNNا مNNر-
وكالملح المائي متغير بخليط ال يؤثر عند (حج) ،فال يضر صبه على غير متغير وإن غيره كثيرا؛ النه طهور.
(وال بورق تناثر) بنفسه (من الشجر) ولو ربيعيا ،فإن طرح وتفتت ..ضر ،فإن لم يتفتت ..لم يضر؛ ألنه مجاور.
وخرج بزيادتي (يقينا) :ما لو شك ،هل التغير فاحش أو ال؟ أو هل التغير بمخالط أو مجاور؟ أو هNل المخالNط مسNتغنى عنNه
أو ال؟ أو هل بطاهر أو نجس؟ فال يضر؛ إذ األصل تيقن طهوريته ،فال تزول بالشك.
ولو شك هل زال التغير المضر ..عاد طهورا عند (م ر)؛ ألن طهوريته إنما سلبها يقين فحش تغيره ،وقد زال.
وقال (حج)( :األصل عدم طهوريته فال يزول بالشك)
**
(فصل :يكره) تنزيها شرعا استعمال (شديد السخونة ،وشديد البرودة) في بدن؛ للتألم بكل ،ولمنعه اإلسباغ.
نعم؛ إن ضاق الوقت ولم يجد غيره ..وجب استعماله ما لم يعلم ضرره ،فيحرم ،وكذا يقال في المشمس اآلتي.
أما المعتدل ..فال يكره وإن سخن بمغلظ.
(و) يكره أيضا -شرعا ال طبعا فقط -اسNتعمال (المشNمس) أي :المتشNمس ولNو كثNيرا من المNائع ،ولNو مغطى؛ ألنNه يNورث
البرص ،وإنما لم يحرم؛ لندرة ترتبه عليه ،فلو علم من نفسه أو من ثقة ترتبه عليه ..حرم ،وإنما يكره إن أثرت الشمس فيNNه
سخونة بحيث تنفصل من اإلناء أجزاء سمية تؤثر في البدن.
وتشمس (في جهة) أي أرض (حارة) ،وفي وقت الحر ،و (في إنNاء منطبNع) أي :شNأنه أن يمتNد تحت المطرقNة ،غNير ذهب
وفضة؛ لصفاء جوهرهما ،بل نحو حديد ونحاس ورصاص.
واستعمل (في) ظاهر أو باطن (بدن) آدمي ولو ميتا عند (م ر) ،وأبرص خشي زيادة برصه وإن سخن بالنNNار( ،دون) بNNدن
غير اآلدمي إال من يلحقه البرص كالخيل ،فيكره كاآلدمي ،ودون نحو (ثوب) لم يلبسه رطبا به.
(وتزول) الكراهة في المتشمس (بالتبريد) بأن يصل لحالة لو كان ابتدئ بها ..لم يكره ،وبضيق وقت إن لم يجد غيره.
ويكره أيضا استعمال ماء كل أرض غضب عليها ،كآبار الحجر غير بئر الناقة ،وماء ديNNار قNNوم لNوط ،وأرض بابNNل ،وبNNئر
برهوت ،وبئر ذروان التي سحر فيها صلى هللا عليه وسلم ،وترابها كمائها.
زاد في "الفتح"( :وادي محسر).
وفي "التحفة"( :يكره الطهر بفضل ما تطهرت منه المرأة؛ للخالف فيه ،قيل :وللنهي عنNNه ،وعن التطهNNير من إنNNاء نحNاس)
اهـ
ومن المكروه أيضا :ما في صحة الطهر به خالف كالراكد ،كما يأتي.
**
(فصل :ال تصح الطهارة) الواجبة ،وال المندوبة (بالماء المستعمل) وهو ما أزيل به مانع من خبث ولNNو معفNNوا عنNNه ،أو من
حدث بمعنى األمر االعتباري والمنع -كطهر سليم -أو بمعنى المنع فقط ،كطهر سلس.
وسواء ارتفع رفعا عاما -كما هو الغالب -أم خاصا -كطهر غير مميز للطواف -فال يباح به غيره ،وكطهNNر كتابيNNة من نحNNو
حيض ،ومجنونة وممتنعة غسال منه ،فال يحل به غير وطئهن.
ودخل في (ما أزال مانعا) ما تطهر به حنفي بال نية؛ ألنه أزال مانعا في اعتقاده ،وإنما لم نصNحح االقتNداء بNه؛ احتياطNا في
البابين.
وإنما يؤثر االستعمال في الماء (القليNل) المنفصNل بخالف الكثNير وهNو القلتNان ،بNل لNو جمNع المسNتعمل فبلNغ قلNتين ..عNاد
طهورا ،وبخالف المتصل ،فال يحكم عليه باالستعمال بالنسبة لما استعمل فيه حتى ينفصل عنه ولو حكمNا ،كNأن جNاوز مNاء
يده منكبه ،أو ماء رجله ركبته ،أو تقاذف من رأس الجنب إلى ساقه.
نعم؛ ال يضر االنفصال فيما يغلب فيه التقاذف ،كانفصاله من رأس الجنب الى صدره ،ومن الكف إلى الساعد ،وكاالنفصNNال
على نحو سوار بساعد اليد ورجع إليها.
ومر أول باب الطهNارة :أنهNا ال تصNح إال بNالمطلق .فال يصNح بالمسNتعمل تطهNير (في رفNع حNدث ،وال) في (إزالNة نجس)
بمعناهما وعمومهما المارين آنفا ،وال في غيرهما من بقية الطهارات الواجبة والمندوبة.
(فإذا أدخل) الجنب جزءا من بدنه باقيا على جنابته بعد نية الغسل ،أو (المتوضىء) جزءا محدثا من يNده اليمNنى أو اليسNرى
(يده في الماء القليل بعد غسل وجهه) ثالثا ،إن لم يرد االقتصار على دونها ،أو بعدما أراد االقتصNNار عليNNه منهNNا (غNNير نNNاو
االغتراف) بأن أدخلها بقصد غسلها في اإلناء ،أو مع اإلطالق ( ..صار الماء مستعمال)؛ النتقال المنع إليه.
ومع ذلك له أن يحركها ثالثا ،فيحصل سنة التثليث إن تم غسلها ،ولNNه إن لم يتم أن يغسNNل بNNه بقيتهNNا ،والجنب بقيNNة بدنNNه ،ثم
يحركها ،فيحصل له التثليث؛ ألن الماء ما دام مترددا على العضو له حكم المطهر.
ولو انغمس في ماء قليل ونوى -ولو قبل تمام انغماسه -رفع الجنابة ..ارتفعت ،وله -إن أحدث وهو في المNNاء -أن يرفNNع بNNه
الحدث المتجدد باالنغماس ،ال باالعتراف.
وكذا لو انغمس محدث في ماء قليل ،ثم نوى ..فيرتفع حدث جميع اعضائه ،وله -قبل انفصاله -أن يرفع به حدثا يطرأ.
ولو كان ببدن خبث بمحلين ،فمر الماء بأعالهما ،ثم بأسفلهما مع االتصال ،أو مع االنفصال لما يغلب فيNه التقNاذف ..طهNرا
جميعا ،كما لو نزل من بدن جنب الى محل منه عليه خبث فأزاله بال تغير ،أما لو كان الخبث ببدنين ..فال بد من غسNNل كNNل
منهما وحده.
وأفتى (حج) في أعيان متنجسة وضعت في إناء متنجس( :أن الجميع يطهر بغمر الماء لها) فليتأمل.
أما إذا أدخل يده في اإلناء؛ إلخNراج نحNو عNNود ،أو لالعNتراف منNNه ،أو لغيرهمNNا ..فال يصNير مسNتعمال؛ ألن هNNذا هNNو نيNNة
االغتراف.
واحترز بقوله( :يده) عما لو أدخل يديه معا ،فيحتاج لنية االغتراف ،وكذا لو تلقى بهمNNا من نحNNو مNNيزاب ،لكن أفNNتى (م ر):
(بأن اليدين كالعضو الواحد).
(والمستعمل في) طهر (مسنون ،كالغسلة الثانية والثالثة) والوضوء والغسل المندوبين (تصح الطهارة به) وإن نذر؛ ألنNNه لم
ينتقل إليه مانع.
(فصل :ينجس) أي :يتنجس (الماء القليل) حيث لم يكن واردا ،وإال ..ففيه تفصيل يأتي( .وغيره من) الرطب ،و (المائعات)
وإن كثرت ،أو كانت واردة على خالف يأتي ،وكالمائع متغير بما عنه غنى وإن كثر (بمالقNNاة النجاسNNة) غNNير المعفNNو عنهNNا
يقينا وإن لم تغيره؛ لمفهوم خبر" :إذا بلغ الماء قلتين ..لم يحمل خبثا"؛ إذ مفهومه :أن ما دونهما يحمله ،أي :يتأثر به.
وفارق كثير المائع كثير الماء بأن حفظ كثير المائع ال يشق ،وبأن الماء قوي.
وخرج بـ (المالقاة) تغيره بجيفة بقربه ،وبـ (غير المعفو عنها) المعفNNو عنهNNا ،وبـ (يقينNNا) الشNNك في مالقNNاة النجس لNNه ،كNNأن
رأى كالبا حول ماء قليNل وإن كNثرت ،وأدخلت رؤوسNها في إنائNه ،وخNرج الفم رطبNا ،ولم يعلم مماسNته لNه ،فال ينجس في
جميع ذلك.
(ويستثنى مسائل) ال ينجس فيها الماء والمائع والرطب بمالقاة النجس.
منها( :ما) أي :نجس (ال يدركه الطرف) أي :البصر المعتدل وإن كان بمواضNNع متفرقNNة ،وكNNان بحيث لNNو جمNNع ..لNNرؤي،
وكان قليال ولو من مغلط ،وبفعله عند (م ر).
(و) منها( :ميتة ال دم لها) أي :لجنسها (سائل) عند شق عضو منها في حياتها وإن تغذت بالدم كNNالحلم الكبNNار ،وتفتتت فيمNNا
وقعت فيه واختلط بغيره.
ويلحق شاذ الجنس بغالبه ،وما شك في سيالن دمه ..له حكم ما لم يسل ،وال يجرح عند (حج)؛ ألنه تعذيب ،وذلNNك كزنبNNور
وعقرب ووزغ بأنواعه وبق ،وغيرهما من كل ما يساوي الوزغ أو أصغر منه؛ لألمر بغمس الذباب المفضي لموته كثNNيرا،
فلو نجس ..لما أمر به .وقيس به كل ما ال يسيل دمه في العفو ال الغمس.
(إال إن غيرت) ما وقعت فيه ولو قليال وإن زال عند (م ر) (أو طرحت) ميتة ،وان نشأت مما طرحت فيه عنNNد (م ر) ..فال
عفو.
نعم؛ ال يضر الطرح لحاجة ،كأن طرح لحم عليه دم ،أو دود ميت في قNNدر الطبخ؛ إذ ال يكلNف تنقيتNNه.وال يضNر طNرح ريح
وبهيمة ،وكذا غير مميز عند الخطيب ،زاد في "شرح التنبيه"( :أنه ال يضر طرحها بال قصد) ،بل ال يضNNر الطNNرح مطلقNNا
عند البلقيني ،بل الميتة المذكورة طاهرة عند جمع .أما لو طرحت حية ..فال يضر وإن ماتت في الهواء.
ومنها :ما شك في بقاء نجاسته ..فإنه نجس؛ عمال باألصل ،وال ينجس مالقيه؛ ألنNNا تيقنNNا طهNNارة مالقيNNه ،وشNNككنا في بقNNاء
نجاسته.
ويقين الطهارة ال يرفعه إال يقين النجاسة (و) ذلك:
كـ (فم هرة تنجس ثم غابت ،واحتمل) عادة (ولوغها في ماء) طهور جار ولو قليال ،أو راكNNد (كثNNير)؛ ألن المNNاء وإن لعقتNNه
بلسانها وارد (وكذلك الصبي) وغيره من الحيوان الطاهر وإن لم يعم اختالطه بالنNNاس كسNNبع (إذا تنجس ثم غNNاب ،واحتمNNل
طهارته) فإذا عاد والقى رطبا ..ال ينجسه.
قال في "التحفة"( :يؤخذ منه :أنه لو أصابه رشاش من أحد المشتبهين ..لم ينجسه للشك) قال (ب ج)( :وإن ظهر باالجتهNاد
أنه النجس).
(و) منها( :القليل من دخان النجاسة) فيعفى عنه في المائع وغيره ،وقيده في "االمداد"( :بأن ال يكون من مغلظ ،وال حصNNل
بفعله).
وفي نجاسة دخان المتنجس خالف.
وتعرف قلته باألثر الذي ينشأ عنه في نحو الثوب ،ومثله بخار النجاسNNة إن تصNNاعد بالنNNار ،وإال ..فطNNاهر كبخNNار الكNNنيف،
والريح من الشخص وإن القى رطوبة.
(و) منها( :اليسير من الشعر) أو الريش (النجس) لغير الراكب ،والكثير منه للراكب ونحوه.
(و) منها( :اليسير من غبار السرجين) أو ما هو بمقدار الذر من السرجين وإن لم يكن غبNNارا( .وال ينجس غبNNار السNNرجين)
أو ما هو بمقدار الذر منه (أعضاءه) وثيابه (الرطبة) وال ما وقع فيه؛ لمشقة االحتراز عن جميع ذلك.
ويعفى أيضا عن منفذ غير آدمي إذا وقع في مائع ،بل قال جمع :المنفذ ليس قيدا ،بل مثله مNNا على نحNNو رجلNNه وفمNNه ،وعمNNا
يحمله نحو الذباب ،وعن ونيمه وإن رؤي ،وعن بعر محلوب ورجله المتنجسة إذا وقعا في اللبن حال حلبه ،وعما يبقى على
نحو الكرش بعد المبالغة في تنقيتهNNا ،وعمNNا على اللحم من الNNدم إذا طNNرح في مNNاء طبخNNه وإن غNNيره كثNNيرا ،وعن فم صNNبي
ومجنNNون حيث ال عين للنجاسNNة ،وكNNذا إن بقيت قليال إذا التقم أخالف أمNNه ،وعن جNNرة مNNا يجNNتر ،وآنيNNة الخNNزف المعمولNNة
بالنجاسة ،وعن دود الفاكهة والخل واللحم الميت فيه ،وعن بعر فأرة عم االبتالء به ،وعن ضرع تلNNوث بنجس من بولهNNا أو
مبركها ،وعما يلصق ببدنها وأصاب اللبن حال الحلب ،وعن روث ما نشؤه من الماء ،وعن ذرق طير وما بفمه أو رجله إذا
نزل في الماء ،وعما تلقيه بقر الدياسة ،وما يماسه العسNNل من الكNNوارة من الNNروث ،وعن رمNNاد نجس أصNNاب مNNا وضNNع في
ناره؛ للتسخين ،أو لنحو شي ،وغير ذلك ،وال حصر لذلك.
بل الضابط :أن ما يشق االحتراز عنه غالبا ..يعفى عنه -ولو غير منصوص عليه -بثالثة شNNروط :أن ال يكNNون من مغلNNظ،
وال بفعله ،وأن ال يغير غالبا.
ومن غير الغالب قد يعفى عن المغلظ كما ال يدركه الطرف -كما مر -وعما غير وحصل بفعله ،كما مNNر في الNNدم على اللحم
إذا وضع في ماء طبخه.
وبقي من المعفوات أمور تذكر في شروط الصالة ،لكن ما هناك نجس وينجس ،ويعفى عنه في نحو الصالة في ثNNوب وبNNدن
ومكان ،وما هنا نجس ال ينجس المائعات وإن كان ال تجوز معه نحو الصالة.
(فصل :وإذا كان الماء قلتين) ولو احتماال ،وإن تيقنت قلته قبل ،بأن جمNع شNيئا فشNيئا فبلNغ قلNتين ال ببNول أو مNائع ،بNل من
خالص الماء ولو متنجسا أو مستعمال أو متغيرا ( ..فال ينجس بوقوع النجاسة فيه)؛ لخبر القلNNتين المتقNNدم (إال إن تغNNير) من
تلك النجاسة الواقعة فيه يقينا (طعمه ،أو لونه ،أو ريحه ،ولو تغيرا يسيرا) ولو بمعفو عنه ،ولو بمجاور أو مخالط لم يستغن
الماء عنه؛ لغلظ النجاسة.
ولذا يفرض النجس المتصل به الموافق له في الصفات ،كبول منقطع الرائحة ،بأشدها ،كلون حNNبر وريح مسNNك وطعم خNNل،
فإن غير بأي صفة منها ..ضر ،وإال ..فال.
ولو خالط النجس ماء ثم وقع في ماء ..قدر النجس فقط ،أو خالط مائعا ..فرضنا الكل عند (حج)؛ ألنه كله ال يمكن طهNNره،
أما إذا بلغهما بنجس أو مNNائع ..فنجس وإن اسNتهلك فيNNه ،وإنمNNا جعNNل للمسNتهلك كالمNNاء في إباحNة التطهNNير بNNه ال في دفعNNه
االستعمال والتنجيس عن نفسه ،إذا كثر به؛ لغلظ النجاسة ،وألن األول من باب الرفع ،والثNNاني من بNNاب الNNدفع ،وهNNو أقNNوى
غالبا من الرفع؛ إذ الماء القليل يرفع الحدث والخبث ،وال يدفع االستعمال والتنجيس عن نفسه.
وخرج بـ (وقوعها فيه) تغيره برائحة نحو جيفة بقربه ،وما لو وجNNد بNNه وصNNف ال يكNNون إال لنجس من غNNير أن يعلم وقNNوع
نجس فيه ..فال ينجس.
(فإن زال) يقينNا (تغNيره) الحسNي أو التقNديري (بنفسNه) لنحNو مكث ،أو هبNوب ريح (أو بمNاء) ولNو نجسNا أو مسNتعمال ( ..
طهر)؛ لزوال علة التنجيس ،وهو التغيير وإن قل بعد ،أو عاد تغييره ،وقد خال عن نجس جامNNد ،ولم يقNNل أهNNل الخNNبرة :إنNNه
من تلك النجاسة ،وإال ..فنجس ،كما في "ب ج" عن "االيعاب".
(أو) زال (بمسك أو كدورة تراب) ونحوهما ( ..فال) يطهر؛ للشك في أن النجاسة زالت أو استترت.
نعم؛ ال ينجس ما أصابه للشك ،ولو زال تغير المسك وال تغير به من النجاسة ..طهر ،ولو وقع نجس في ماء متغNNير بمNNا ال
يضر ..قدر زوال تغيره وفرض النجس ،ولو تغير بعض المNNاء الكثNNير بنجس ..فNNالمتغير نجس ،وكNNذا غNNير المتغNNير إن لم
يبلغ قلتين ،وإال ..فطاهر.
وأعلم :أنه يعتبر في عدم تأثر الماء بالنجس قوة التراد بأن يكون في محل واحد مطلقا ،أو في محال بينها اتصال ،بحيث لNNو
حرك محل منها تحريكا عنيفا ..تحرك
ما بجنبه ولو تحركا غير عنيف ،فلو لم يتحرك وفي أحدهما نجس وكل دون القلتين ..تنجس الكل.
(و) الماء (الجاري) وهو :ما اندفع في منخفض أو مستو ،وإال ..فهو راكد (كالراكد) في جميع أحكامه السابقة ،لكن العNNبرة
في الراكد بمجموع الماء ،وفي الجاري بالجرية نفسها؛ إذ الجريات وإن تواصلت حسا ..فهي متفاصلة حكما؛ إذ كNNل جريNNة
طالبة لما أمامها ،هاربة مما وراءها ،فإن كانت الجرية قلتين بأن بلغهما أبعادها الثالثة ..فال تنجس بوقوع النجاسة فيهNNا إال
بالتغير ،وإال ..فبالمالقاة ،فلو وقع فيه نجس وجرى بجريه ..فموضع الجرية األولى نجس بNNه إن قNNل ،ولآلتيNNة بعNNدها حكم
غسالة النجاسة وإن لم يجر بجريه ،فكل جرية تمر عليه وهي دون القلتين نجسNة وإن امتNد النهNر فراسNخ حNتى يجتمNع منNه
قلتان بمحل.
وبه يلغز بأن لنا ماء بلغ آالفا من القالل ،وهو نجس من غير تغير.
(والقلتان :خمس مئة رطل بالبغدادي تقريبا) ال تحديدا (فال يضر نقصان رطلين) فأقل (ويضر نقصان أكثر) منهما كمNNا في
"الروضة" ،وفي "التحقيق"( :ال يضر نقص ال يظهر بنقصه تفاوت في التغيير) قال بعضهم( :وقد اختبر فوجد رطلين).
و (قدرهما بالمساحة) بكسر الميم؛ أي :الذرع (في المربع ذراع وربع) بذراع اليد المعتدلة (طوال وعرضا وعمقNNا)؛ إذ كNNل
من الطول والعرض والعمNNق خمسNNة أربNNاع ذراع ،فاضNNرب خمسNNة الطNNول في خمسNNة العNNرض ..يكNNون الحاصNNل خمسNNة
وعشرين ،اضربها في خمسة العمق ..يكون الحاصل مئة وخمسNNة وعشNNرين ،وكNNل ربNNع يسNNع أربعNNة ،فتضNNرب في المئNNة
والخمسة والعشرين تبلغ خمس مئة.
(وفي المدور كNالبئر :ذراعNان عمقNا) بNذراع النجNار -بNالنون -وقيNل :بالتNاء ،وهNو :ذراع وربNع بيNد معتدلNة( ،وذراع) يNد
(عرضا) وهو ما بين حائطي البئر من سائر الجوانب.
(وتحرم الطهارة) وغيرها من االستعماالت إال الشرب (بالماء المسNNبل للشNNرب) ويجب الNNتيمم بحضNNرته ،وتصNNح منNNه مNNع
الحرمة؛ ألنها ألمر خارج.
ومثله ما جهل حاله ،سواء دلت قرينة على أنه مسبل للشNNرب ،كNNالخوابي الموضNNوعة بNNالطرق ،أم ال كالصNNهاريج ،ويحNNرم
حمل شيء منه إلى غير محله إال لضرورة ،كأن توقع المار بها عطشا ،فيجوز أن يحمل منه قدر حاجتNNه ،فNNإن اسNNتغنى عن
شيء منه ..وجب رده.
**
**
(فصل :ويحرم) على المكلف ولو أنثى (استعمال أواني الذهب والفضة) في طهارة وغيرها لنفسه وغNNيره ولNNو صNNغيرة ،أو
على وجه غير مألوف ،كأن كبه واستعمل أسفله فيما ال يصلح له؛ لخبر الشيخين" :ال تشربوا في أواني الذهب والفضة ،وال
تأكلوا في صحافها" ،وقيس به سائر وجوه االستعماالت ،كاالحتواء على مجمرة من أحدهما ،أو شم رائحة منهNNا من قNNرب،
بحيث يعد عرفا متطيبا بها.
والحيلة في حل استعمال ما في إنائهما :أن يصب مما فيه إلى نحو يده بقصد اإلخراج منه ،ثم يستعمله.
نعم؛ هي ال تمنع حرمة الوضع فيه ،وال اتخاذه.
ويحرم تزيين البيوت حتى الكعبة والمسNNاجد والقبNNور بالNNذهب والفضNNة (إال) في حNNال اسNNتعمالها؛ (للضNNرورة) بNNأن لم يجNNد
غيرهما ولو بأجرة مع اضطراره إلى استعمالهما لشرب مثال.
(و) يحرم أيضا (اتخاذها) أي اقتناؤها من غير استعمال؛ ألنه يجر إليه غالبا (ولو) كان المستعمل أو المتخذ (إنNNاء صNغيرا)
جدا ،وإن ساوى الضبة المباحة( ،كمكحلة) ومرود لغير حاجة الجالء ،وخالل وإبرة ،وإن لم تسم آنيNة عرفNا على اإلطالق؛
لعموم النهي عن اإلناء.
وتحل حلقة اإلناء وسلسلته ورأسه من فضة؛ النفصالها عنه مع أنها ال تستعمل ،وال تسNNمى إنNNاء .قNNال في "األسNNنى"( :قNNال
الرافعي :ولك رده بأنه مستعمل بحسبه) ،وفي "التحفة"( :محل تجويزهم اتخاذ رأس لإلناء من النقد إن لم يسم إناء بأن كNNان
صفيحة ،ومع ذلك :يحرم وضع شيء عليها لنحو األكل منها؛ ألنها حينئذ إناء بالنسبة إليه).
(و) يحرم استعمال ،واتخاذ (ما ضبب بالذهب) أو طليت ضبته به إن حصل منه شNNيء بNNالعرض على النNNار وإن صNNغرت؛
لشدة الخيالء فيه.
(وال يحرم ما ضبب بالفضة) ضبة صغيرة أو كبيرة لحاجة أو ال (إال ضبة كبيرة للزينة) وحدها ،أو مع الحاجNNة ..فتحNNرم؛
لما فيها من السرف والخيالء ،بخالف الكبيرة لحاجة فقط وإن عمت اإلناء عند (م ر) ،والصغيرة لزينNة ولNو مNع الحاجNة ..
فيحالن مNNع الكراهNNة وإن لمعت من بعNNد وكNNانت بموضNNع االسNNتعمال؛ النتفNNاء الخيالء في الثانيNNة ،واإلسNNراف في األولى،
بخالف الصغيرة لحاجة فقط ..فمباحة؛ النتفاء األمرين .قال (ح ل)( :لNNو تعNNددت الصNNغيرة وكNNان الجميNNع بقNNدر الكبNNيرة ..
حرم) وتردد فيه في "االمداد" ،وأفتى بعض فقهاء اليمن بحرمة مNNا جNNرت بNNه عNNادة كثNNير من تعميم بيNNوت -نحNNو الجنNNابي-
بالفضة ،ويؤيده قولهم( :إن التحلية جعل عين النقد في محال مفرقة مع اإلحكام حتى تصير كالجزء منها ،وليس هذا كذلك).
وضابط الصغر والكبر :العرف.
ولو شك في كبرها ،أو في أن الكبيرة لزينة ،أو لحاجة ..فاألصل في اإلناء اإلباحة ،فتستصحب وإن كNNان األصNNل في النقNNد
التحريم.
والمراد بـ (الحاجة) :الغرض المتعلق بالتضبيب غير الزينNNة ،كإصNالح كسNر وتقويNNة ،وليس منهNNا تحليNNة رأس المNNرش بال
كسر.
(ويحل) استعمال واتخاذ (المموه بهما) أي :الذهب والفضة مطلقا ،إن لم يحصل منه شNNيء يقينNNا بNNالعرض على النNNار؛ لقلNNة
المموه به حينئذ ،فكأنه عدم ،فإن حصل ..حرما في غير حلي امرأة ،وحرم في حليها فعله ال استعماله.
ولو شك أيحصل منه شيء بالنار أم ال؟ حرم ،وال يشكل بما مر في الضبة؛ ألنه أضيق منها ،بدليل حرمة فعلNNه مطلقNNا ،وإن
جاز استعماله بعد في حلي النساء ،قال الشوبري( :ويحتمل الحل).
أما إناء أحد النقدين إذا غشي بشيء بحيث يستره ..فيحل وإن لم يحصل منه شيء بالنار عند (حج) ،قال( :ألن علة التحريم
العين مع الخيالء ،وهما موجودان في المموه بهما إن حصل منهما شيء بNNالعرض على النNNار ،بخالف الممNNوه منهمNNا بنحNNو
نحاس ،فالموجود العين دون الخيالء).
وخرج بـ (إنائهما) :إناء غيرهما من سائر األواني الطاهرة ولو نفيسة ،فتحل اسNNتعماال واتخNNاذا؛ ألن الفقNNراء يجهلونهNNا ،فال
تنكسر قولبهم برؤيتها ،لكن مع الكراهة في النفيسة ذاتا كياقوت ،أمNا النجسNة ..فيحNرم اسNتعمالها مNع الرطوبNة إال في مNاء
كثير.
(فصل في الخصال التي تطلب في خلقة اآلدمي (يسن) استعمال (السواك في كل حال) من غير إفراط؛ لألحاديث الكثيرة
الشهيرة فيه( .ويتأكد للوضوء) والغسل والتيمم.
(و) عند إرادة (الصالة لكل إحرام) بفرض أو نفل أو سجدة تالوة أو شكر ،ولو لفاقد الطهورين وإن لم يتغير فمNNه ،واسNNتاك
عن قرب قبله؛ لحديث" :ركعتان بسواك خير من سبعين ركعة بغير سواك" وليس أفضل من الجماعة في الصNNالة؛ ألن كال
من درجاتها الخمس والعشرين تعدل كثيرا من درجاته السبعين ،ولو تذكر أنه تركه وهو في الصالة ..تداركه بفعل قليل أو
كثير غير متوال.
(و) عند (إرادة قراءة القرآن ،والحديث ،والذكر) والعلم الشرعي وآلته ،واألفضل كونه قبل االستعاذة.
(و) عند (اصفرار األسنان) أي :تغيرها وإن لم يتغير فمه.
(و) عند (دخول البيت) أي :المNنزل ولNو غNير بيت ،ولNو لغNيره ..قNال الشNارح( :ويصNح أن يNراد بNه :الكعبNة) لكن تعقبNه
الكردي( :بأنهم أطبقوا على أنه المنزل ،ويدل عليه الحديث).
(و) عند (القيام من النوم)؛ ألنه يغير الفم.
(و) عند (إرادة النوم)؛ ليخفف التغير الناشىء منه.
(و) يتأكد أيضا (لكل حال يتغير فيه الفم) ريحا أو لونا أو طعما ،وعند كل طواف وخطبة وأكل ،وبعد الNNوتر ،وفي السNNحر،
وللصائم قبل الزوال ،وعند االحتضار.
ويسن التخليل لألسنان قبل السواك وبعده ،ومن أثر الطعام ،وهو أمان من تسويسها.
ويسن كونه من عود السواك ،وباليمنى كالسواك.
ويكره بعود القصب واآلس ،ويكره أكل ما خرج من بين األسنان إن خرج بنحو عود.
ويندب لمن يصحب الناس التنظيف بالسواك ونحوه ،والتطيب وحسن األدب.
(ويكره) االستياك (للصائم) والممسك (بعد الزوال) وإن احتاج إليه إلزالة تغير فمه من غير الصوم كنNNوم عنNNد (حج)؛ ألنNNه
يزيل الخلوف الذي هو أطيب عند هللا من ريح المسك ،ولو لم يتعNNاط مفطNNرا يتولNNد منNNه تغNNير قطعNNا ..كNNره لNNه السNNواك من
الفجر؛ ألنه يزيل الخلوف الناشئ من الصوم السابق ،وحيث كان في ضمن عبادة كالوضوء لم يحتج لنية؛ لشمول نيتهNNا لNNه،
وإال ..توقف حصول السنة به على أن ينوي به السنة ،أو لنحو الصالة.
وأما آلته ..فقد أشار إليها بقوله( :ويحصل بكNل خشNن) طNاهر ولNو نحNو أشNنان ،وكNذا نجس عنNد (حج)؛ إذ الحرمNة ألمNر
خارج ،بخالفه بنحو ماء الغاسول وإن نقى األسنان وأزال القلح؛ ألنNه ال يسNمى سNواكا (إال إصNبعه) المتصNلة بNه؛ ألنهNا ال
تسمى سواكا ،لكونها جزءا منه ،قال في "اإلمداد"( :وفيه ما فيه) ويجزئ بأصبع غيره المتصلة وكذا المنفصNNلة ،وبأصNNبعه
المنفصلة عند (حج) ،إن خشنت في الجميع وإن وجب دفنها فورا لموت صاحبها.
وهل تكره إزالة الخلوف بما ال يسمى سواكا؟ قال في "التحفة"( :األقرب للمدرك نعم ،ولكالمهم ال).
(واألراك أولى) من غيره ،وأغصانه أولى من عروقه (ثم النخل) ثم الزيتون ،ثم ذو الريح الطيب ،ثم العود الNNذي ال رائحNNة
له ،وفي معناه الخرقة.
(ويستحب أن يستاك بيابس ندي بالماء)؛ ألن في الماء من التنظيف ما ليس في غيره ،والمندى بغير الماء أولى من الرطب.
(و) أن يستاك (عرضا) أي :في عرض األسنان ظاهرها وباطنها؛ لخبر" :إذا استكتم ..فاسNNتاكوا عرضNNا" ،ويكNNره طNNوال؛
ألنه قد يدمى اللثة ،ومع الكراهة يحصل أصل السنة؛ ألنها ألمر خارج (إال في اللسان) ..فيندب طNNوال؛ لخNNبر فيNNه ،وينNNدب
كونه باليد اليمنى إن كانت اليد ال تباشر القذر ،وأن يبدأ بجانب فمه األيمن ويذهب به إلى الوسط ،ثم باأليسر ويذهب به إليNNه
أيضا ،وأن يعوده الصبي؛ ليألفه ،ويجعل خنصره وإبهامه تحته ،وبقية األصابع فوقه ،ويبلع ريقه أول استياكه بسواك جديد؛
ألنه أمان من كل داء ،وال يمصه ،ويجعله خلف أذنه ،وال يعرضNNه إذا طرحNNه بNNل ينصNNبه ،وال يزيNNد طولNNه على شNNبر ،وال
يستاك بطرفيه ،وحNرم بسNواك الغNير ،إال إن ظن رضNاه ..فخالف األولى إال لتNبرك ،وبضNار كبNذي سNم ،وقNد يجب كNأن
توقفت إزالة النجاسة عليه ،أو ريح كريه في يوم جمعة .وفوائده كثيرة أنهاها بعضهم إلى نيف وسبعين ،أعظمهNNا رضNNا هللا،
وتذكير الشهادة عند الموت.
(و) يستحب (أن يدهن غبا) أي :وقتا بعد وقت ،أي :عند الحاجة.
(و) أن (يكتحل) وأن يكون باإلثمد و (وترا) ثالثة في اليمنى وثالثة في اليسرى.
(و) أن (يقص الشارب) حتى تبين حمرة الشفة بيانا ظاهرا ،وال يزيد على ذلك.
(و) أن (يقلم الظفر) واألفضل يوم الخميس أو اإلثنين أو بكرة الجمعة.
وأن يبدأ بسبابة اليمنى فالوسطى فالبنصر فالخنصNر فاإلبهNNام ،ثم بخنصNر اليسNرى إلى إبهامهNNا ،وفي الNرجلين من خنصNر
اليمنى إلى خنصر اليسرى.
(و) أن (ينتف اإلبط) إن قدر ،وإال ..فليحلقه ،ويحصل أصل السنة بحلقه وإن قدر على نتفه.
(و) أن (يزيل شعر العانة) واألفضل للذكر حلقه ،ولغيره نتفه.
ويكره تأخير الدهن وما بعده إلى هنا عن وقت الحاجة ،وعن أربعين يوما أشد كراهة.
وأن يفرق شعر رأسه ،ويرجله (ويسرح اللحية ،ويخضب الشيب بحمرة أو صفرة)؛ لالتباع ،ويحNNرم بالسNNواد ولNNو المNNرأة،
على خالف فيها.
(و) أن تخصب (المزوجة يديها ،ورجليها بالحناء) إن كان حليلها يحبه ،وأن تبدأ في كل ذلك باليمنى ،أما غيرها ..فال يسن
لها ذلك ،بل يحرم عليها الخضب بسواد ،وتطريف األصابع وتحمير الوجنة والنقش إن كانت غير مفترشNNة ،أو لم يNNأذن لهNNا
حليلها ،وكذا يحرم عليها وصل شNعرها بنجس أو شNعر آدمي مطلقNا ،وبطNاهر إن لم تكن فراشNا ،أو لم يNNأذن لهNNا ،والوشNر
وهو :تحديد أطراف األسنان وتفريقها ،كالوصل بطاهر غير شعر آدمي.
(ويكره القزع) وهو حلق بعض الرأس من موضع واحد ،أو متفرق .والكراهة في الصغير على وليNNه ،وال بNNأس بحلقNNه لمن
لم يخف تعهده عليه وال يسن إال في نسك لذكر ،ولمن خشي من تركه مشقة ،وفي المولود ،والكافر إذا أسNNلم ،وال بتركNNه لمن
يخف تعهده عليه.
(ونتف الشيب)؛ ألنه نور ،بل قال في "المجموع"( :ولو قيل بتحريمه ..لم يبعد) ونص عليه في "األم".
(ونتف اللحية)؛ إيثار للمرودة ،وتبيضها بالكبريت؛ استعجاال للشيخوخة ،وتصفيفها طاقة فوق طاقة؛ تحسينا ،والزيNNادة فيهNNا
والنقص منها؛ لألمر في الصحيحين بـ (توفير اللحى وتركها شعثة)؛ إظهارا لقلة المباالة ،وال بأس بترك السبالين.
(و) يكره بال عذر (المشي في نعل واحد)؛ لصحة النهي عنه؛ ألنه يختل به المشي ،وكالنعل الخف ونحوه.
(واالنتعال) بما يخشى منه السقوط حال كونه (قائما) أما المداس المعروفة اآلن ..فال يكره فيها االنتعال قائمNا؛ لعNدم خNوف
السقوط منها ،ويسن خلعهما إذا جلس ،ويجعلهمNNا خلفNNه أو بجنبNNه األيسNNر إن لم يكن يسNNاره أو وراءه أحNNد ،وإال ..تعين بين
رجليه أو تحته.
***
(فصل) في أول مقاصد الطهارة وهو الوضوء اسم مصدر توضأ ،ومصدر إن أخذ من وضؤ ،وليس من خصوصNNيات هNNذه
األمة ،بل الخاص بها الغرة والتحجيل فقط ،أو مع الكيفية المخصوصة ،واألفصح ضم واوه إن أريNNد بNNه الفعNNل ،وفتحهNNا إن
أريد به الماء الذي يتوضأ به.
مأخوذ من الوضاءة وهي النضارة؛ إلزالته ظلمة الذنوب.
وفرض مع الصالة ليلة اإلسراء ،وهو معقول المعنى؛ ألن الصالة مناجاة للرب ،فطلب التنظيف لها ،وال يNNرد أن الNNرأس ال
غسل فيه ألنه مستور غالبا ،فخفف فيه.
وموجبه -كالغسل :-الحدث ،وإرادة فعل ما يتوقف عليه.
واألصل فيه :الكتاب ،والسنة ،واإلجماع.
(وفروض الوضوء) أي :مجموع أركانه ولو مندوبا (ستة) أربعة ثابتة بالكتاب ،واثنان بالسنة :النية بحNNديث "إنمNNا األعمNNال
بالنيات" ،والترتيب بخبر "ابدأوا بما بدأ هللا به" وهو وإن كان واردا في السعي ،فالعبرة بعموم اللفظ ال بخصNNوص السNNبب،
وألن العرب ال ترتكب تفريق المتجانس إال لنكتة ،وقد فرق في اآلية بين المغسوالت بالممسوح ،فعلمنا أنه لنكتة الترتيب.
(األول) النية؛ لخبر" :إنما األعمال -أي صحتها -بالنيات".
وحقيقتها لغة :القصد ،وشرعا :قصد الشيء مقترنا بفعله إال في صوم ،ونحNو زكNاة ..فيغتفNر تقNديمها؛ للعسNر ،أمNا المتقNدم
على الفعل ..فعزم.
وحكمها :الوجوب ،ومحلها :القلب.
والمقصود بها :تمييز العبادة من العادة ،أو تمييز رتب العبادة ككون العبادة صالة ،وكونها فرضا.
وشرطها :إسالم الناوي ،وتمييزه ،وعلمه بالمنوي ،وتحقق المقتضي وقدرته على المنوي ،وعدم إتيانه بمNNا ينافيهNNا من ردة،
ونية قطع ،وتردد فيه ،وتعليق.
وكيفيتها تختلف بحسب األبواب ،فيجزىء السليم هنNا (نيNة رفNع الحNدث) أي :المعهNود ذهنNا ،وهNو الNذي عليNه ،وهNو هنNا:
األصغر ،ويصح أن يراد به :األمر االعتباري ،أو المنع ،أو هما؛ بناء على استعمال المشNترك في معنييNNه ،والمرتفNع فيهمNNا
نفس الحدث المنوي منهما ،وأن يراد به :السبب ،فيقدر مضاف ،أي :رفع حكمه ،وهو المنع من الصالة ،فيرجع إلى الثاني.
فإذا قال :نويت رفع الحدث وأطلق ..انصرف إلى حكمه وإن لم يالحظ ذلك ،فإن نNNوى رفNNع السNNبب نفسNNه ..لم يصNNح؛ ألن
الواقع ال يرتفع.
ولو نوى رفع بعض األحداث ،كأن نام وبال ،فنوى رفع حدث النوم ال البول ..صح؛ ألن الحدث ال يتجزأ ،إذا ارتفع بعضه
..ارتفع كله ،كما لو نوى رفع غير حدثه ،كأن بال فنوى رفع حدث النوم ..فيصح ،وقيده (حج) بكونه غالطا.
ولو نوى أن يصلي به في محل نجس ..لم يصح؛ لعدم القدرة على المنوي .وتدخل السNNنن هنNNا -كالصNNالة -تبعNNا عنNNد إتيانNNه
بنحو هذه النية ،أو فرض الطهارة.
(أو الطهارة للصالة) أو عن الحدث ،أو أداء فNرض الطهNارة ،أو أداء الطهNارة ،أو الطهNارة الواجبNة( ،أو نحNو ذلNك) كنيNة
فرض الوضوء ،أو أداء الوضوء ،وكذا نية الوضوء ،لكنه خالف األولى؛ للخالف فيNNه ،وكنيNNة اسNNتباحة مفتقNNر إلى وضNNوء
كالصالة ومس المصNحف ،ال اسNتباحة مNا يسNتحب لNه الوضNوء كقNراءة القNرآن أو الحNديث ،فال يصNح؛ ألنNه يسNتبيحه بال
وضوء.
ويجب كون ما ذكر من النيات (عند غسل الوجه) فمتى اقترنت بجزء منNNه ..كفت ،وفي اقترانهNNا بمNNا ال يتم الNNواجب إال بNNه
خالف ،وما قارنها هو أوله ،فيجب إعادة ما غسله قبلها.
نعم؛ يكفي اقترانها بسنة قبل الوجه ،كغسل اليدين إن استحضرها عن الوجه ،لكن لو انغسل جزء من الوجه مNNع المضمضNNة
كحمرة الشفة ..أجزأت النية وفاتت المضمضة واالستنشاق بغسل ذلك الجزء؛ إذ محلها قبل الوجه ،ويجب إعادة غسل ذلNNك
الجزء؛ للصارف ،وفيه كالم مبسوط في غير هذا الكتاب.
والمخلص من ذلك :أن ينNوي عنNد غسNل الكفين سNنن الوضNوء ،وعنNد غسNل الوجNه فNرض الوضNوء أو غNيره من النيNات
المجزئة كما مر ويجوز تفريق النية على األعضاء ،كأن ينوي عند كل عضNو رفNع حدثNه ،لكن ال ينNوي في المنNدوب نحNو
رفع الحدث بل نحو الوضوء.
(وينوي سلس البول ونحوه) ممن دام حدثه ،بحيث ال يصلي صالة بعد الطهارة بال حدث ،كمستحاضة في الوضوء للفرض
(استباحة فرض) نحو (الصالة) أو غيرها من النيات ،دون نية رفع الحدث أو الطهارة عنNNه؛ ألن حدثNNه ال يرتفNع ،ويسNتبيح
السلس به ما يستبيحه المتيمم ،كما يأتي.
وفي "اإليعاب" عن "المجموع" :شرط نية استباحة الصالة :قصد فعلها بتلك الطهارة ،وإال ..فهو متالعب.
(وإن توضأ للسنة ..نوى استباحة الصالة) أو غيرها مما مر من غير ذكر فرض ،ومجدد الوضوء ال ينNNوي االسNNتباحة وال
رفع الحدث ،بل غيرهما ،لكن كالم "التحفة" يفيد الصحة فيهما إال أن ينوي الحقيقة كما في الصNالة المعNادة ،ولNو نNوى مNع
نية الوضوء تبردا أو تنظفا ..لم يضر ،لكن ال ثواب فيه عند ابن عبد السالم.
وقال الغزالي( :يثاب بقدر قصده إن غلب باعث اآلخرة) وقال (حج)( :بقدرقصده مطلقا) وكالوضوء سائر العبادات.
ولو نوى تبردا بعد نية الوضوء ..اشترط كونه ذاكرا لنية الوضNNوء ،وإال ..لم يصNNح الوضNNوء من حين نNNوى التNNبرد؛ ألنNNه
صارف ،ولذلك لو بقي رجاله فسقط في ماء ..لم يرتفع حدثهما إال إن كان ذاكرا للنية ،بخالف مNNا لNNو غمسNNهما أو تعNNرض
بهما لمطر؛ إقامة لفعله مقام ذكره للنية.