Professional Documents
Culture Documents
ما التنوير14210
ما التنوير14210
التنوير) (1هو خروج اإلنسان من القصور) (2الذي يرجع إليه هو ذاته .القصور هو عدم
قدرة املرء ع ى استخدام فهمه دون قيادة الغ ﺮ .يكون هذا القصور راجعا إ ى الذات إذا كان سببه
ال يكمن ي غياب الفهم ،بل ي غياب العزم والجرأة ع ى استخدامه دون قيادة الغ ﺮ! Sapere aude
) ،(3تجرأ ع ى استخدام فهمك الخاص!) (4هذا إذن هو شعار التنوير.
إن الكسل والج ن هما السبب الذي يجعل طائفة كب ﺮة من الناس يظلون ،عن طيب خاطر ،قاصرين
طوال حيا م ،ح بعد أن تكون الطبيعة قد حرر م ،منذ مدة طويلة ،من كل قيادة خارجية
) ،(5)(naturaliter majorennesوالذي يجعل أخرين ينصبون أنفسهم بسهولة أوصياء عل م .إنه
من املريح جدا أن يكون املرء قاصرا .إذا كان لدي كتاب له فهم نيابة ع ،وواعظ له ضم ﺮ نيابة
ع ،وطبيب يحدد ي نظام تغذي الخ ،فإني لن أحتاج إ ى أن أج د بنفﺴ .ليس من الضروري أن
أفكر ما دمت قادرا ع ى أداء الثمن؛ ذلك أن اآلخرين سيتحملون هذا العمل املزعج نيابة ع .أما
أن األغلبية الساحقة من الناس )وضم م الجنس اللطيف بأكمله( يعت ﺮون أن الخطوة نحو الرشد،
فضال عن أ ا شاقة ،خط ﺮة جدا كذلك ،فهذا ما سبق أن دبرﻩ أولئك األوصياء الذين يتحملون
اإلشراف العام عل م بطيبوبة تامة .فبعد أن يجعلوا أوال ماشي م مغفلة ،وبعد أن يحرصوا بعناية
ع ى أال يسمح لـهذﻩ املخلوقات الهادئة بأن تتجرأ ع ى القيام بخطوة واحدة خارج عربة امل )(6
ال حبسوها داخلها ،بعد ذلك يبينون لهم الخطر الذي ي ددهم إذا ما حاولوا امل بمفردهم.
صحيح أن هذا الخطر ليس بالذات جد كب ﺮ ،أل م سين ون بتعلم امل بعد أن يسقطوا بضع
مرات؛ إال أن مثاال واحدا من هذا النوع يث ﺮ الوجل لدى املرء ويردعه عموما عن القيام بمحاوالت
أخرى.
إنه إذن ملن الصعب ع ى أي إنسان بمفردﻩ أن يتخلص من القصور الذي أصبح تقريبا بمثابة
طبيعة له .بل أك ﺮ من ذلك ،إنه غدا يحبه ،وهو ي الوقت الحاضر عاجز بالفعل عن استخدام فهمه
الخاص ،ألنه لم يسمح له أبدا بأن يحاول ذلك .إن النظم والقواعد ،هذﻩ األدوات امليكانيكية
الستعمال املواهب الطبيعية ،أو قل لسوء استعمالها ،ي بمثابة قيود للقصور الدائم .وح من
خلعها ،لن يتمكن من القيام إال بقفزة غ ﺮ آمنة فوق أضيق الحفر ،ألنه لم يتعود ع ى مثل هذﻩ
الحركة الحرة .لـهذا السبب ،لم يوفق إال القليلون ي أن ين عوا أنفسهم من حالة القصور بواسطة
مجهودهم الخاص وأن يس ﺮوا مع ذلك بأمان.
3
أما أن ينور جمهور) (7ذاته ،فهذا باألحرى ممكن ،بل إنه تقريبا أمر محتم إذا كان هذا الجمهور
متمتعا بالحرية .ذلك أنه ،ي هذﻩ الحالة ،سيوجد دائما ،ح ب ن من نصبوا أنفسهم أوصياء ع ى
األغلبية ،بعض الذين يفكرون بأنفسهم ،والذين ،بعد أن يتخلصوا هم أنفسهم من ربقة القصور،
ينشرون حوال م روح تقدير عق ي لقيمة كل إنسان واستعدادﻩ ألن يفكر اعتمادا ع ى نفسه .والغريب
هنا أن الجمهور الذي سبق أن وضع من قبلهم تحت ربقة هذا القصور ،يج ﺮهم بعد ذلك ،هو أيضا،
ع ى أن يظلوا تح ا ،إذا حرضه ع ى ذلك بعض أوصيائه العاجزين عن التنوير .إ ى هذا الحد يكون
ترسيخ األحكام املسبقة مضرا ،أل ا ي األخ ﺮ تنتقم لنفسها من أولئك الذين كانوا هم أنفسهم أو
أسالفهم واضع ا .لـهذا ،ال يمكن لجمهور أن يبلغ التنوير إال بتأن .فالثورة قد تطيح باالستبداد
الشخ واالضطهاد املتعطش للمصلحة املادية أو السلطة ،ولكن ال يمكن أن تؤدي أبدا إ ى إصالح
حقيقي لنمط التفك ﺮ ) ،(8بل فقط إ ى استخدام أحكام مسبقة جديدة ،مثلما كانت تستخدم
القديمة ،كشريط موجه ) (9لألغلبية ال ال تفكر.
وإنه من أجل هذا التنوير ال يتطلب األمر شيئا آخر غ ﺮ الحرية وبالضبط تلك الحرية األقل ضررا
ب ن كل ما يندرج تحت هذا اللفظ ،أي حرية االستعمال العمومي للعقل ي كل امليادين .إال أن
أسمع من جميع الجهات صوتا ينادي :ال تفكروا! ) (10فالضابط يقول :ال تفكروا ،بل قوموا
بالتمارين! وموظف املالية :ال تفكروا ،بل سددوا املبالغ! ورجل الدين :ال تفكروا ،بل آمنوا! )هناك
سيد واحد ي العالم ) (11يقول :فكروا بمقدار ما تريدون و ي كل ما تريدون ،لكن أطيعوا (.وهكذا
يتم هنا ي كل مجال تقييد الحرية .ولكن أي تقييد للحرية يعوق التنوير؟ وأي تقييد ال يعوقه ،بل
باألحرى يفيدﻩ؟ أجيب :إن استعمال اإلنسان لعقله استعماال عموميا يجب أن يكون دائما حرا ،وهو
وحدﻩ يمكن أن يؤدي إ ى تنوير الناس؛ أما استعماله الخصو فيمكن غالبا تقييدﻩ بصرامة
شديدة ،دون أن يعوق ذلك بشكل خاص تقدم التنوير ) .(12أع باالستعمال العمومي لعقلنا
الخاص ذلك االستعمال الذي يقوم به شخص ما بصفته رجل فكر ) (13أمام جمهور يتكون من
عالم القراء بأكمله .أما االستعمال الخصو فأع به ذلك الذي يمكن أن يقوم به املرء بصفته
يتقلد منصبا مدنيا أو وظيفة مدنية ما ) .(14ذلك أنه من الضروري لبعض الشئون ال تـهم مصلحة
الجماعة ) (15أن توجد آلية معينة يجب بواسط ا ع ى بعض أعضاء الجماعة أن يتصرفوا فقط
بسلبية ) ،(16ح يمكن ،بفضل توافق تصطنعه الحكومة ،أن يتم توج هم نحو املصالح العامة،
أو ،ع ى األقل ،منعهم من إتالفها .فهنا بالطبع ال يسمح بالتفك ﺮ ،بل يجب ع ى املرء أن يطيع .ولكن
من حيث إن هذا الجزء من اآللة يعت ﺮ ذاته ي نفس الوقت عضوا ي جماعة بأكملها ،بل و ي املجتمع
العاملي ،وتبعا لذلك يخاطب ،من خالل كتاباته ،جمهورا ،معتمدا ي ذلك ع ى فهمه الخاص ،فإنه
يمكنه ،بال شك ،أن يفكر دون أن تتأثر بذلك الشئون ال ع ن لتصريفها كعضو سل إ ى حد ما.
وهكذا سيكون من املفسد جدا أن يريد ضابط ،خالل أداء عمله ،املجادلة جهرا ي صواب أو فائدة
4
أمر تلقاﻩ من رؤسائه ،بل عليه أن يطيع .ولكن ليس من العدل أن نحرمه ،بصفته رجل فكر ،من
إبداء مالحظات حول عيوب الخدمة العسكرية وأن يعرض هذﻩ املالحظات ع ى الجمهور ليحكم
عل ا .واملواطن ال يحق له أن يمتنع عن أداء الرسوم املفروضة عليه ،بل إن طعنا وقحا ي هذﻩ
املستحقات ،إذا كان عليه أداؤها ،أمر يجب أن يعاقب عليه بصفته فضيحة )قد يمكن أن تسبب
عصيانا عاما( .ومع ذلك ،فإنه لن يخل بواجبه كمواطن ،إذا ع ﺮ عموميا ،بصفته رجل فكر ،عن
آرائه حول عيوب هذﻩ املستحقات أو أيضا جورها .وكذلك فإن رجل الدين ملزم بأن يعلم تالمذته
وجماعته حسب رمز ) (17الكنيسة ال يخدمها ،ألنه قد تم تعيينه ي هذﻩ املهمة ع ى أساس هذا
الشرط .ولكنه يتمتع ،كرجل فكر ،بكامل الحرية ي أن يف للجمهور بكل أفكارﻩ املدروسة بعناية
واملنبثقة عن نية حسنة حول ما هو خاطئ ي ذلك الرمز واق ﺮاحاته الرامية إ ى تدب ﺮ أفضل للنظام
الدي والكنيﺴ ؛ بل وإن هذا يعت ﺮ جزءا من رسالته .وليس ي ذلك أيضا ما يمكن أن يسبب له
وخز الضم ﺮ .ذلك أن ما يلقنه ،بناءا ع ى وظيفته كقائم بأعمال الكنيسة ،يقدمه ال ك ء يتمتع
هو بحرية تقلينه وفق ما يحلو له ،بل ك ء ع ن لتلقينه حسب تعليمات الغ ﺮ وباسمه .إنه سيقول:
تعتنق كنيستنا هذا الرأي أو ذاك؛ هذﻩ ي الحجج ال تستند إل ا .ثم إنه يجلب لجماعته كل املنفعة
العملية من القواعد ال قد ال يقبلها هو ذاته باقتناع تام وال تعهد مع ذلك بتدريسها ،ألنه ليس
من املستحيل تماما أن توجد ب ن طياتـها حقيقة كامنة ،وألنه ع ى أي حال ال يوجد ف ا ع ى األقل
ما يتناقض مع الدين الداخ ي .أما إذا كان يعتقد بوجود هذا التناقض ،فإنه لن يستطيع القيام
بوظيفته بكيفية تر ضم ﺮﻩ؛ و ي هذﻩ الحالة ،سيكون عليه أن يتخ ى ع ا .إن استعمال املدرس
املوظف لعقله أمام جماعته هو مجرد استعمال خصو ،ألن هذﻩ الجماعة تبقى مجرد تجمع
عائ ي ح وإن كان كب ﺮا جدا؛ وهو كقسيس ليس حرا ي هذا االستعمال ،وال يحق أيضا أن يكون
حرا فيه ،ألنه ينفذ مأمورية كلفه ا الغ ﺮ .وع ى العكس من ذلك ،يتمتع رجل الدين ي االستعمال
العمومي لعقله ،أي بصفته رجل فكر يخاطب الجمهور الحقيقي ،أي العالم ،بحرية غ ﺮ مقيدة ي
أن يستخدم عقله الخاص وأن يتلكم باسمه الشخ .ذلك أنه من الحماقة ال تؤدي إ ى تأبيد
الحماقات أن يكون أوصياء الشعب ) ي األمور الدينية( هم أنفسهم قاصرين أيضا.
ولكن أال ينب ي أن تتمتع هيئة من رجال الدين ،مجمع كنﺴ مثال ،أو طبقة مبجلة )كما تسمى لدى
الهولندي ن ) ((18بالحق ي أن يل م أعضاؤها فيما بي م قسما برمز مع ن غ ﺮ قابل للتغي ﺮ ،ح
يمارسوا ،بل ويؤيدوا وصاية عليا دائمة ع ى كل األعضاء ،وبواسطة هؤالء ع ى الشعب ،أقول :إن
ذلك غ ﺮ ممكن تماما .إن مثل هذا التعاقد ع ى منع كل استمرار ي تنوير الجنس البشري هو باطل
تماما ،ح وإن تم تأكيدﻩ من قبل السلطة العليا ،من قبل برملانات ومعاهدات السلم األك ﺮ رسمية.
ال يمكن لعصر أن يتحد ويتفق ع ى جعل العصر الالحق ي حالة تمنعه من توسيع معارفه )خاصة
امللحة جدا( والتخلص من األخطاء ،وعموما التقدم ي التنوير .فذلك سيكون جناية ي حق الطبيعة
5
البشرية ال تكمن غاي ا األصلية ي هذا التقدم بالضبط .وإن للخلف الحق كل الحق ي أن يرفض
تلك القرارات وأن يعت ﺮها غ ﺮ مشروعة وطائشة .إن محك كل ما يمكن إقرارﻩ ع ى شعب كقانون
يكمن ي السؤال :هل يمكن لشعب أن يفرض ع ى ذاته مثل هذا القانون؟ قد يكون هذا القانون
ممكنا خالل زمن وج محدد إلرساء نظام مع ن ،وذلك ،إذا جاز التعب ﺮ ،ي انتظار قانون أفضل،
ع ى شرط أن ت ﺮك ي نفس الوقت لكل واحد من املواطن ن ،وخاصة لرجل الدين ،حرية أن يبدي
عموميا ،بصفته رجل فكر ،أي من خالل كتابات ،مالحظاته ع ى ما هو خاطئ ي التنظيم الحا ي؛
و ي أثناء ذلك يبقى النظام الذي تم إرساؤﻩ قائما ،إ ى أن يبلغ فهم طبيعة األشياء عموميا درجة
متقدمة وأن تثبت صالحيته إ ى حد يسمح بأن يرفع للعرش بواسطة جمع األصوات ) ح وإن لم
تكن كلها( اق ﺮاح يرمي إ ى حماية تلك الجماعات ال اتفقت مثال انطالقا من تصورها لفهم أفضل
لألشياء ،ع ى تنظيم دي مخالف ،وذلك دون املساس بالجماعات ال تريد ترك األمر ع ى ما هو
عليه .إنه من غ ﺮ املشروع بتاتا االتفاق ،ولو خالل مدة حياة إنسان واحد فقط ،ع ى نظام دي
ثابت ال يمكن الشك فيه عموما ،وبالتا ي القضاء ،إذا صح التعب ﺮ ،ع ى حقبة ي مس ﺮة البشرية
نحو التحسن ،وجعلها غ ﺮ مثمرة ،بل وبسبب ذلك مضرة بالخلق .نعم ،يمكن إلنسان أن ير ئ التنوير
فيما ينب ي عليه معرفته ،أما التخ ي عنه ،سواء بالنسبة لشخصه ،أو أك ﺮ من ذلك ،بالنسبة للخلف،
فهو خرق للحقوق املقدسة لإلنسانية ودوس عل ا باألقدام .والحال أنه ال يحق للملك أن يقرر ع ى
شعبه ما ال يحق ح لـهذا األخ ﺮ أن يقررﻩ ع ى ذاته ،ألن نفوذﻩ التشري ي يقوم بالضبط ع ى أنه
يوحد ي إرادته اإلرادة الشعبية بأكملها .وإنه إذا حرص فقط ع ى أن يكون كل إصالح حقيقي أو
مف ﺮض مالئما للنظام املدني ،فيمكنه ،فيما عدا ذلك ،أن ي ﺮك رعاياﻩ يقومون بما يرونه ضروريا
من أجل خالص نفوسهم؛ فإن ذلك ليس من مهامه ،ولكن من مهامه بالفعل أن يحول دون أن
يستعمل شخص العنف ملنع شخص آخر من العمل لغاية خالص نفسه والتقدم ي تحقيقه بكل ما
يملك من مقدرة .إن تدخله ي ذلك األمر بممارسة املراقبة الحكومية ع ى الكتابات ال يعمل رعاياﻩ
من خاللها ع ى توضيح تصورا م ،سينال من جاللته ذا ا ،سواء أقام بذلك انطالقا من تصورﻩ
الخاص األسمى ،فيعرض ذاته ي هذﻩ الحالة ملأخذ هو Caesar non est supra Grammaticos :
) ،(19أو وهو ما سينال من جاللته بكيفية أك ﺮ بكث ﺮ ،إذا ما أنزل سلطته العليا إ ى حد دعم
االستبداد الدي الذي يمارسه بعض الطغاة ي دولته ضد بقية رعاياﻩ .واآلن إذا تساءلنا والحالة
هذﻩ :هل نعيش حاليا ي عصر متنور؟ فسيكون الجواب :ال ،ولكن نعيش بالتأكيد ي عصر للتنوير.
ففي الوضعية الراهنة لألشياء ال زال ينقص الكث ﺮ عموما ،لكي يكون الناس ي حالة تسمح لهم بأن
يستخدموا ،ي األمور الدينية ،فهمهم الخاص بكيفية آمنة وجيدة ،دون قيادة الغ ﺮ ،بل ال زال
ينقص الكث ﺮ ح لكي يصبح من املمكن نقلهم إ ى هذﻩ الحالة .ولكن ،ي مقابل ذلك ،هناك عالمات
واضحة ع ى أن املجال مفتوح أمامهم اآلن ح يئوا أنفسهم بحرية لتحقيق ذلك ،وع ى أن عوائق
التنوير العام ،أو الخروج من القصور الذي يرجع إل م ،تتناقص تدريجيا
6
إن امللك الذي ال يرى من املش ن به أن يقول بأنه يعت ﺮ من الواجب أال تفرض ع ى الناس تعليمات
ي األمور الدينية ،بل أن ت ﺮك لهم ي تلك األمور الحرية التامة ،والذي يدفع عن نفسه إذن ح
االسم امل ﺮفع للتسامح ،هو ذاته متنور ،ويستحق أن يمدح من قبل كل من يع ﺮف بالجميل ي العالم
و ي األجيال الالحقة بصفته أول من حرر الجنس البشري ،ع ى األقل من جانب الحكومة ،من
القصور ،وترك لكل شخص حرية استخدام عقله ي كل األمور ال تعود إ ى الضم ﺮ تحت إمرة هذا
امللك ،يحق لرجال دين مح ﺮم ن ،دون مساس بواجبات وظيف م ،أن يعرضوا ع ى أنظار العالم،
بصف م رجال فكر ،بكيفية حرة وعمومية ،أحكامهم وآراءهم ال تختلف ،ي هذﻩ النقطة أو تلك،
عن الرمز الذي ينتمون إليه؛ ويحق ذلك أيضا ،وباألخرى ،لكل شخص غ ﺮ مقيد بواجبات أية وظيفة.
إن روح الحرية هذﻩ تنتشر أيضا خارج هذا املجال ،ح حيث يكون عل ا أن تواجه عوائق خارجية
تفرضها حكومة تﺴ ء فهم دورها .إن ذلك يصلح كمثل يدل ع ى أنه ليس هناك ما يخ ع ى األمن
العام ووحدة الجماعة ي ظل الحرية .إن الناس يخلصون أنفسهم من تلقاء أنفسهم أك ﺮ فأك ﺮ من
الخشونة ،ما لم يتم العمل عمدا ع ى تركهم ي هذﻩ الحالة.
لقد وضعت النقطة الرئيسية للتنوير ،أي لخروج اإلنسان من القصور الراجع إليه هو ذاته ،ي
األمور الدينية أساسا ،ألن حكامنا ليس لهم أية مصلحة ي أن يلعبوا دور الوصاية ع ى رعاياهم ي
مجال الفنون والعلوم؛ وفوق هذا ،فإن ذلك القصور ،فضال عن أنه األك ﺮ ضررا ،فإنه أيضا األك ﺮ
مساسا بالكرامة .ولكن نمط تفك ﺮ عاهل يشجع التنوير يذهب إ ى أبعد من ذلك ،ف ﺮى أنه ح ي
مجال التشريع ،ليست هناك خطورة ي أن يسمح لرعاياﻩ باستعمال عقلهم الخاص استعماال
عموميا ،وأن يعرضوا ع ى العالم علنا أفكارهم حول شكل أفضل لـهذا التشريع ،ح وإن تضمنت
نقدا صريحا للتشريع القائم .ولدينا ع ى ذلك مثال ساطع لم يسبق فيه أي ملك ذلك امللك الذي
نجله.
ولكن من جهة أخرى ،يمكن فقط ملن هو متنور ال يخاف الظالل والذي يتوفر ي نفس الوقت ع ى
جيش وافر العدد ومحكم التنظيم لضمان األمن العام ،أن يقول ماال يمكن أن تتجرأ جمهورية ع ى
قوله :فكروا بمقدار ما تريدون و ي كل ما تريدون؛ ولكن أطيعوا! هكذا يتج ى هنا ،وكذلك ي مجاالت
أخرى ،مسار غريب وغ ﺮ منتظر لألمور البشرية ،إذا الحظناﻩ ي عموميته ،بدا لنا أن كل ء فيه
تقريبا يحمل طابع املفارقة .إن قدرا أك ﺮ من الحرية املدنية يبدو أنه مفيد لحرية روح الشعب ،ومع
ذلك ،فإنه يضع أمامها حواجز ال يمكن تخط ا؛ وع ى العكس من ذلك ،فإن قدرا أقل م ا يفسح
املجال للشعب ك ي يتفتح حسب كل مقدرته .إذا كانت الطبيعة قد أخرجت من تحت هذﻩ القشرة
السميكة البذرة ال ترعاها بالكيفية األك ﺮ حنوا ،أي امليل واالستعداد للتفك ﺮ الحر ،فإن هذا األخ ﺮ
يؤثر بدورﻩ تدريجيا ع ى خلق الشعب )الذي يصبح بذلك شيئا فشيئا أهال لحرية التصرف( ،ويؤثر
7
أخ ﺮا ح ع ى مبادئ الحكومة ال تجد ي ذا ا من املفيد أن تعامل اإلنسان ،الذي هو اآلن أك ﺮ
من مجرد آلة ،بما يتالءم مع كرامته.
إ .كنط
الهوامش:
: Aufklärung - 1تحريا للدقة ينب ي ترجمة هذا املصطلح بلفظ "التنوير" ،ليس فقط ألنه يوافق
اللفظ األملاني من حيث الصيغة ،بل ألنه ،عالوة ع ى ذلك ،يش ﺮ إ ى أن األمر ال يتعلق بحالة أو
وضعية تسود ف ا األنوار ،بل بعملية أو س ﺮورة يتم ي إطارها نشر العلم واملعرفة املستندة إ ى
العقل ،والتحرر من األحكام املسبقة واملعتقدات املستندة إ ى مختلف أشكال السلطة.
mineur : unmündigقاصر
: majorité : Mündigkcitرشد
: minorité : Unmündigkcitقصور
- 3وردت هذﻩ العبارة ي النص باللغة الالتينية ،و ي تع ":تجرأ ع ى املعرفة " ،وقد اتخذت شعارا
للتنوير قبل كنط.
8