Professional Documents
Culture Documents
التعريف بعلم المواريث وبيان موضوعه
التعريف بعلم المواريث وبيان موضوعه
التعريف بعلم المواريث وبيان موضوعه
وبعد :يسرني غاية السرور ،وأنا التقي بكم مجددا طالبي األعزاء من
خالل هذه الدروس -عن بعد -في مادة قانون المواريث.
موضوع حصة اليوم خصصناه للحديث عن" التعريف بعلم المواريث ،
وبيان موضوعه" ،وهو من المواضيع المهمة التي حظيت باهتمام كبير
من طرف الصحابة والتابعين ،وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ،إلدراكهم
فضل هذا العلم ،وإحساسهم بأهميته.
إذ به يعرف -المسلم والمسلمة -األنصبة المقدرة شرعا لكل وارث ،إما
بنسب أو سبب.
ومن تم ،فإن أول سؤال نطرحه في ديباجة هذه الحصة ،ما ذا نقصد بعلم
المواريث؟ ،وما هي مجاالت اختصاصه؟ ،ثم ما هي أركانه وأسبابه؟.
1
المحور األول :التعريف بعلم المواريث ،وبيان موضوعه.
2
"انتقال حق بموت مالكه بعد تصفية التركة لمن استحقه شرعا بال
تبرع وال معاوضة".
فالمالحظ من خالل قراءتنا للمادة 323 :المشار إليها أعاله ،أن اإلرث
هو انتقال حق بمجرد موت مالكه لورثته الذين يستحقونه شرعا بعد
تصفية التركة من كل الحقوق المتعلقة بعين التركة ،وال يستحق اإلرث
تبرعا وال معاوضة ،و إنما يستحق شرعا إلى ورثة الهالك و انتقاله
إليهم.
-3اإلنزال :ومنه قوله تعالى" :إن الذي فرض عليك القرآن لرادك
إلى معاذ" 4أي إنزال عليك القرآن.
3
-4البيان :وتعني أيضا كلمة الفرائض البيان ،كقوله تعالى" :سورة
أنزلناها و فرضناها" 5أي بيناها.
و تعني كلمة الفرائض في اللغة أيضا اإلحالل كقوله تعالى" :ما كان
على النبيء من حرج فيما فرض الله له" 6أي احل الله له.
لقد عرف العالمة ابن عرفة رحمه الله "علم الفرائض" بقوله هو:
" علم ما يوصل لمعرفة قدر ما يجب لكل ذي حق في التركة".
و عرف أيضا "،بأنه النصيب المقدر شرعا الذي ال يزاد عليه إال بالرد،
و ال ينقص إال ما نقصه العول".
و من ثم ،فإن علم الفرائض هو" علم يختص بقسمة المواريث فقها
وحسابا ،وقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن ميراث كل وارث.
4
يقال تركت الشيء تركا أي خليته ،و تركة الميت تراثه المتروك.
وعرفها أيضا بعض الفقهاء بأنها" حق يقبل التجزؤ بعد موت يثبت
لمستحقه إما بقرابة ،أو نكاح ،أو والء".
و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال" :من ترك ماال
فلورثته 8ومن ترك كال 9فإلينا".10
وانطالقا من هذه المادة فإن المقصود بالتركة هي" ما يتركه الهالك مما
كان يملكه في حياته من أموال كالنقود ،و العقارات و المنقوالت
-7أورد ه ابن همام في كتابه" :فتح القدير شرح على الهداية" ج .313/6
-8فلورثته :من يصير إليهم بعد موت الهالك.
-9كال :محتاجا لمن يعوله و المراد هنا عياال.
-10أخرجه البخاري في صحيحه .
5
وحقوق مالية كالشفعة ،و حق قبول الوصية عمال بالقاعدة المشهورة
"أن من مات عن حق فلوارثه".
إن الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة حقوق ،يجب إخراجها وفق الترتيب
التالي:
لذلك وجب تفادي اإلسراف كثيرا في تجهيز الميت حتى ال يكون في
ذلك الفعل إلحاق الضرر بالحقوق األخرى ،وخاصة حقوق المحاجير.
-ثالثا :ديون الميت ،و المقصود بها الديون العادية ،و نظرا لكونها
تحل بالموت ،وجب استخراجها قبل نفاذ الوصية ،سواء كانت حقا
لله تعالى كالكفارة و الزكاة و النذر ،أو كانت حقوق تتعلق باألدمي
كالقروض والمهر أو األجرة.
6
فهذه الديون وجب استخراجها كلها قبل الوصية ،وإن استغرقت كل تركة
الهالك.
-رابعا :الوصية الصحيحة النافذة ،و يقصد بها الوصية التي استوفت
شروط صحتها ،و انتفت مبطالتها ،فيجب إخراجها من ثلث ما بقي
بعد إخراج الحقوق المتقدمة ،حيث إن الوصية و كما هو معلوم يجب
أال تتعدى الثلث ،وال تكون لوارث.
فعن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال" :كان النبي صلى
الله عليه و سلم يعودني ،وأنا مريض في مكة ،فقلت :لي مال،
أوصي بمالي كله؟ ،قال :ال ،قلت :فالشطر؟ ،قال :ال ،قلت :فالثلث؟،
قال :الثلث ،والثلث كثير ،إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم
11
عالة يتكففون الناس".
ومن ثم ،فإن مقدار الوصية الثلث ،وتستحق بوفاة الموصي دون أن
يرجع عنها ،و لو يردها الموصى له.
7
-1الحقوق المتعلقة بعين التركة.
-2نفقات تجهيز الميت.
-3ديون الميت.
-4الوصية الصحيحة النافذة.
-5المواريث بحسب ترتيبها في هذه المدونة".
و إلى هذا أشار الشيخ خليل رحمه الله في مختصره بقوله:
8
المحور الثاني :أركان اإلرث و أسبابه
أ -مفهوم الركن في اللغة :لقد عرف علماء اللغة الركن بأنه جانب
الشيء األقوى.
)1المورث :هو الشخص الميت الذي يترك ماال ،أو حقا يورث من
أقاربه ،والميت حكما هو من انقطع خبره ،و صدر حكم باعتباره
ميتا ،و هذا ما أشارت إليه المادة 378من مدونة األسرة.
)7الوارث :وهو الشخص الذي يستحق اإلرث بسبب القرابة ،أو
الزوجية كما سنبين الحقا.
)3الموروث :و يسمى ميراثا و إرثا و تركة ،أو بعبارة أخرى هي":
كل ما يتركه الميت من أموال و حقوق تورث عنه من أقاربه".
9
و لقد عرفت مدونة األسرة في المادة 373 :بقولها اإلرث هو ":انتقال
حق بموت مالكه بعد تصفية التركة لمن استحقه شرعا بال تبرع و ال
معاوضة"
وهذا ما أشارت إليه المادة 373:من قانون األسرة المغربي التي نصت
على ما يلي" :يستحق اإلرث بموت الموروث حقيقة أو حكما ،و بتحقق
حياة وارثه بعده".
أ -السبب في اللغة :هو ما يتصل به إلى غيره ،سواء كان كالحبل
والطريق والباب ،أو معنويا كالعلم.
ب -السبب في االصطالح :هو كل وصف ظاهر منضبط دل الدليل
السمعي على كونه معرفا لحكم شرعي.
و عرف أيضا بأنه" :ما يلزم من وجوده الوجود ،ومن عدمه العدم
لذاته".
10
ثانيا :أسباب اإلرث عند العلماء:
و بناء على ما ذكر أعاله ،فإن عقد الزواج الصحيح إذن ،يعتبر سببا في
الميراث بين الزوجين ،وإن لم يحصل الوطء بينهما ما دام أن العالقة
بينهما كانت قائمة على زواج صحيح.
فقيام العالقة الزوجية إذن ،ال تثبت إال بإبرام عقد الزواج ،وفق ما هو
مشار إليه في المادة 16:من مدونة األسرة.
كما يرث أحد الزوجين اآلخر في عدة الطالق الرجعي ،سواء وقع
الطالق في الصحة أو المرض ،فالزوجية قائمة ما دامت في العدة .
أما المطلقة طالقا بائنا ،إذا طلقها الزوج في مرض موته ،فإنها ترث
معاملة لنقيض قصده ،إذا كان نيته في ذلك حرمانها من الميراث على
رأي المالكية.
11
يقول ابن جزي رحمه الله في القوانين الفقهية :طالق المريض نافذ
كالصحيح اتفاقا ،فإن مات من ذلك المرض ورثته المطلقة ،وذلك معاملة
لنقيض قصده.
-7القرابة :و يعبر عنها بالنسب ،و هو القرابة الخاصة التي تربط
الوارث ومورثه ،و تشمل األصول وهم :اآلباء ،و األمهات،
واألجداد ،و الجدات ،والفروع ،وهم األوالد وأوالد البنت و إن نزلوا،
و الحواشي وهم اإلخوة و بنوهم و إن نزلوا ،و العمومة و إن علوا
و بنوهم و إن نزلوا ،وسنفصل ذلك فيما سيأتي الحقا بحول الله تعالى.
فالقرابة إذن ،هي أحد أسباب اإلرث ،و هي كل صلة سببها الوالدة ،
ويعبر عنها بالنسب الحقيقي ،فمتى تبث النسب الشرعي تبث اإلرث
لصاحبه ،فالقرابة الشرعية ،هي المؤسسة على البنوة الشرعية ،فال
توارث بين األب وابنه إال في إطار مؤسسة الزواج الصحيح.
فالمالحظ من خالل هذه المادة ،أنها حصرت أسباب اإلرث في :الزوجية
والقرابة.
12
و أما السبب الثالث ،وهو الوالء ،فقد انقرض حاليا ،ولم يعد له أي
وجود .وبالتالي ،فال داعي للحديث عنه بشكل أكبر.
ومن تم ،فإن هذه األسباب هي أسباب شرعية ،ال تكتسب بالتزام و ال
بوصية ،فليس لكل من الوارث أو الموروث إسقاط صفة الوارث أو
الموروث ،وال التنازل عنها للغير ،فهي أسباب شرعية كما هو
منصوص عليها في المادة 373 :من مدونة األسرة المشار إليها أعاله.
وبهذا نكون قد انتهينا من حصة اليوم ،والحمد لله أوال وأخيرا وصلى الله
على سيدنا ونبينا وموالنا محمد ،وعلى آله وأصحابه الطاهرين ،ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين.
13