التعريف بعلم المواريث وبيان موضوعه

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫‪H%RLNFRPϊϗϭϣϭέϭί‬‬

‫بسم الله الرحمان الرحيم‬

‫والصالة والسالم على أشرف المرسلين‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫وبعد‪ :‬يسرني غاية السرور‪ ،‬وأنا التقي بكم مجددا طالبي األعزاء من‬
‫خالل هذه الدروس ‪-‬عن بعد‪ -‬في مادة قانون المواريث‪.‬‬

‫موضوع حصة اليوم خصصناه للحديث عن" التعريف بعلم المواريث ‪،‬‬
‫وبيان موضوعه"‪ ،‬وهو من المواضيع المهمة التي حظيت باهتمام كبير‬
‫من طرف الصحابة والتابعين‪ ،‬وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬إلدراكهم‬
‫فضل هذا العلم‪ ،‬وإحساسهم بأهميته‪.‬‬

‫إذ به يعرف ‪-‬المسلم والمسلمة‪ -‬األنصبة المقدرة شرعا لكل وارث‪ ،‬إما‬
‫بنسب أو سبب‪.‬‬

‫ومن تم‪ ،‬فإن أول سؤال نطرحه في ديباجة هذه الحصة‪ ،‬ما ذا نقصد بعلم‬
‫المواريث؟‪ ،‬وما هي مجاالت اختصاصه؟‪ ،‬ثم ما هي أركانه وأسبابه؟‪.‬‬

‫هذه األسئلة وغيرها سنناقشها من خالل محورين أساسيين‪:‬‬


‫المحور األول ‪:‬التعريف بعلم المواريث‪ ،‬وبيان موضوعه‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬أركان اإلرث وأسبابه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫المحور األول ‪:‬التعريف بعلم المواريث‪ ،‬وبيان موضوعه‪.‬‬

‫هذا المحور سنناقشه من خالل فقرتين أساسيتين‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مفهوم الميراث‪ ،‬وبعض المصطلحات المشابهة له‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم اإلرث في اللغة واالصطالح‪.‬‬

‫‪ ‬أ‪ -‬مفهوم اإلرث في اللغة‪ :‬يطلق مصطلح الميراث عند علماء‬


‫اللغة‪ ،‬ويرا د به أحد المعنيين‪:‬‬
‫‪ -‬أولهما‪ :‬البقاء ومنه كانت تسمية الله سبحانه و تعالى بالوارث‪ ،‬ألنه‬
‫الباقي بعد فناء خلقه‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيهما‪ :‬انتقال ملكية الشيء من شخص آلخر بنسب أو سبب‪.‬‬
‫قال تعالى في محكم كتابه الحكيم‪" :‬و أورثكم أرضهم و ديارهم‬
‫وأموالهم"‪.1‬‬
‫‪ ‬ب‪ : -‬مفهوم اإلرث في االصطالح الفقهي‪:‬‬

‫يطلق مصطلح اإلرث في االصطالح الفقهي بأنه‪... ":‬استحقاق الشيء‬


‫بانتقاله من قوم إلى قوم آخرين بسبب القرابة بينهما أو نكاح أو والء"‪.‬‬

‫و يعرف أيضا" بأنه قواعد من الفقه و الحساب يعرف بها المستحقين‬


‫للتركة و نصيب كل مستحق"‪.‬‬

‫و عرفت المادة‪ 323 :‬من مدونة األسرة المغربية اإلرث بأنه‪:‬‬

‫‪ -1‬سورة األحزاب ‪،‬اآلية ‪.72‬‬

‫‪2‬‬
‫"انتقال حق بموت مالكه بعد تصفية التركة لمن استحقه شرعا بال‬
‫تبرع وال معاوضة"‪.‬‬

‫فالمالحظ من خالل قراءتنا للمادة‪ 323 :‬المشار إليها أعاله‪ ،‬أن اإلرث‬
‫هو انتقال حق بمجرد موت مالكه لورثته الذين يستحقونه شرعا بعد‬
‫تصفية التركة من كل الحقوق المتعلقة بعين التركة‪ ،‬وال يستحق اإلرث‬
‫تبرعا وال معاوضة‪ ،‬و إنما يستحق شرعا إلى ورثة الهالك و انتقاله‬
‫إليهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مفهوم الفرائض في اللغة واالصطالح‪:‬‬

‫‪ ‬أ‪ -‬الفرائض في اللغة‪ :‬جمع فريضة من الفرض‪ ،‬والفرض في اللغة‬


‫له عدة معان منها‪:‬‬
‫‪ -1‬التقدير‪ :‬ومنه قوله تعالى‪" :‬فنصف ما فرضتم"‪ 2‬أي قدرتم‪.‬‬
‫‪ -2‬القطع‪ :‬يقال فرضت لفالن كذا‪ ،‬أي قطعت له شيء من المال‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وخصت المواريث باسم الفرائض‪،‬ومنه قوله تعالى‪" :‬نصيبا مفروضا"‬
‫أي مقطوعا محددا‪.‬‬

‫‪ -3‬اإلنزال‪ :‬ومنه قوله تعالى‪" :‬إن الذي فرض عليك القرآن لرادك‬
‫إلى معاذ"‪ 4‬أي إنزال عليك القرآن‪.‬‬

‫‪ -2‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪.732‬‬


‫‪ -3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.2‬‬
‫‪ -4‬سورة القصص‪ ،‬اآلية ‪.58‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -4‬البيان‪ :‬وتعني أيضا كلمة الفرائض البيان‪ ،‬كقوله تعالى‪" :‬سورة‬
‫أنزلناها و فرضناها"‪ 5‬أي بيناها‪.‬‬

‫و تعني كلمة الفرائض في اللغة أيضا اإلحالل كقوله تعالى‪" :‬ما كان‬
‫على النبيء من حرج فيما فرض الله له"‪ 6‬أي احل الله له‪.‬‬

‫‪ ‬ب‪ -‬مفهوم علم الفرائض في االصطالح الفقهي‪:‬‬

‫لقد عرف العالمة ابن عرفة رحمه الله "علم الفرائض" بقوله هو‪:‬‬
‫" علم ما يوصل لمعرفة قدر ما يجب لكل ذي حق في التركة"‪.‬‬
‫و عرف أيضا ‪"،‬بأنه النصيب المقدر شرعا الذي ال يزاد عليه إال بالرد‪،‬‬
‫و ال ينقص إال ما نقصه العول"‪.‬‬
‫و من ثم‪ ،‬فإن علم الفرائض هو" علم يختص بقسمة المواريث فقها‬
‫وحسابا‪ ،‬وقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن ميراث كل وارث‪.‬‬

‫وهذا ما سنحاول أن نقف عنده بتفصيل من خالل هذه الدروس الموجهة‬


‫لطلبتنا األعزاء في مادة المواريث‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مفهوم التركات في اللغة واالصطالح‪:‬‬

‫‪ ‬أ‪ -‬مفهوم التركة في اللغة‪ :‬التركة في اللغة هي" ما يتركه الميت‬


‫من مال"‪ ،‬و هي كما يقول علماء اللغة ترجع في معناها إلى الفعل‬
‫"ترك"‪.‬‬

‫‪ -5‬سورة النور‪ ،‬اآلية ‪.7‬‬


‫‪ -6‬سورة األحزاب‪،‬اآلية ‪.35‬‬

‫‪4‬‬
‫يقال تركت الشيء تركا أي خليته‪ ،‬و تركة الميت تراثه المتروك‪.‬‬

‫‪ ‬ب‪ -‬مفهوم التركة في االصطالح الفقهي‪:‬‬

‫ذهب المالكية و الشافعية والحنابلة إلى القول ‪ :‬بأن المقصود بالتركة‬


‫هي‪" :‬كل ما يخلفه الميت من مال أو حق"‪.‬‬

‫وعرفها أيضا بعض الفقهاء بأنها" حق يقبل التجزؤ بعد موت يثبت‬
‫لمستحقه إما بقرابة‪ ،‬أو نكاح‪ ،‬أو والء"‪.‬‬

‫و على هذا األساس ‪ ،‬فالتركة إذن تشمل األموال و الحقوق مطلقا‪،‬‬


‫ومنها المنافع مصداقا لقوله (ص)‪":‬من ترك حقا أو ماال فلورثته"‪.7‬‬

‫و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ص) قال‪" :‬من ترك ماال‬
‫فلورثته‪ 8‬ومن ترك كال‪ 9‬فإلينا"‪.10‬‬

‫و بالنسبة لمدونة األسرة المغربية فقد عرفت التركة في المادة‪323 :‬‬


‫بما يلي‪:‬‬

‫"التركة مجموع ما يتركه الميت من مال أو حقوق مالية"‪.‬‬

‫وانطالقا من هذه المادة فإن المقصود بالتركة هي" ما يتركه الهالك مما‬
‫كان يملكه في حياته من أموال كالنقود‪ ،‬و العقارات و المنقوالت‬

‫‪ -7‬أورد ه ابن همام في كتابه‪" :‬فتح القدير شرح على الهداية" ج ‪.313/6‬‬
‫‪ -8‬فلورثته‪ :‬من يصير إليهم بعد موت الهالك‪.‬‬
‫‪ -9‬كال‪ :‬محتاجا لمن يعوله و المراد هنا عياال‪.‬‬
‫‪ -10‬أخرجه البخاري في صحيحه ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وحقوق مالية كالشفعة‪ ،‬و حق قبول الوصية عمال بالقاعدة المشهورة‬
‫"أن من مات عن حق فلوارثه"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحقوق المتعلقة بالتركة‬

‫إن الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة حقوق‪ ،‬يجب إخراجها وفق الترتيب‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬الحقوق المتعلقة بعين التركة‪ ،‬ويسمى بالدين العيني ‪،‬وهي‬


‫الحقوق المتعلقة بذات أمالك الهالك مثل حق االنتفاع‪ ،‬واالرتفاق‬
‫والرهن وااللتزامات الضريبية‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا‪ :‬نفقات تجهيز الميت‪ ،‬و تشمل هذه النفقات جميع مصاريف‬
‫الميت من غسل‪ ،‬و كفن و حمل‪ ،‬و دفن من غير إسراف و ال تقتير‪،‬‬
‫و ما زاد على ذلك من إنفاق فهو غير مشروع‪ ،‬وفيه تبذير للمال‪،‬‬
‫وال يلزم الورثة الذين لم يوافقوا عليه‪.‬‬

‫لذلك وجب تفادي اإلسراف كثيرا في تجهيز الميت حتى ال يكون في‬
‫ذلك الفعل إلحاق الضرر بالحقوق األخرى ‪ ،‬وخاصة حقوق المحاجير‪.‬‬

‫‪ -‬ثالثا‪ :‬ديون الميت‪ ،‬و المقصود بها الديون العادية‪ ،‬و نظرا لكونها‬
‫تحل بالموت‪ ،‬وجب استخراجها قبل نفاذ الوصية‪ ،‬سواء كانت حقا‬
‫لله تعالى كالكفارة و الزكاة و النذر‪ ،‬أو كانت حقوق تتعلق باألدمي‬
‫كالقروض والمهر أو األجرة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫فهذه الديون وجب استخراجها كلها قبل الوصية‪ ،‬وإن استغرقت كل تركة‬
‫الهالك‪.‬‬

‫‪ -‬رابعا‪ :‬الوصية الصحيحة النافذة‪ ،‬و يقصد بها الوصية التي استوفت‬
‫شروط صحتها‪ ،‬و انتفت مبطالتها‪ ،‬فيجب إخراجها من ثلث ما بقي‬
‫بعد إخراج الحقوق المتقدمة ‪ ،‬حيث إن الوصية و كما هو معلوم يجب‬
‫أال تتعدى الثلث ‪،‬وال تكون لوارث‪.‬‬

‫فعن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال‪" :‬كان النبي صلى‬
‫الله عليه و سلم يعودني ‪ ،‬وأنا مريض في مكة ‪ ،‬فقلت ‪ :‬لي مال‪،‬‬
‫أوصي بمالي كله؟‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قلت‪ :‬فالشطر؟ ‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قلت‪ :‬فالثلث؟‪،‬‬
‫قال‪ :‬الثلث‪ ،‬والثلث كثير‪ ،‬إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم‬
‫‪11‬‬
‫عالة يتكففون الناس"‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فإن مقدار الوصية الثلث‪ ،‬وتستحق بوفاة الموصي دون أن‬
‫يرجع عنها‪ ،‬و لو يردها الموصى له‪.‬‬

‫‪ -‬خامسا‪ :‬حق الورثة‪ :‬و هو ما بقي بعد إخراج الحقوق األٍربعة‬


‫المذكورة سابقا‪ ،‬و يقسم هذا الميراث على جميع الورثة وفق أحكام‬
‫الميراث كما سنبين ذلك بتفصيل فيما سيأتي‪.‬‬
‫و على هذا الترتيب المتعلق بحقوق التركة سارت مدونة األسرة المغربية‬
‫في المادة‪ 322 :‬حيث نصت على ما يلي‪" :‬تتعلق بالتركة حقوق خمسة‬
‫تخرج على الترتيب اآلتي‪:‬‬

‫‪ -11‬راه البخاري ومسلم ‪،‬وغيرهما من األئمة والمحدثين رحمهم الله جميعا‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -1‬الحقوق المتعلقة بعين التركة‪.‬‬
‫‪ -2‬نفقات تجهيز الميت‪.‬‬
‫‪ -3‬ديون الميت‪.‬‬
‫‪ -4‬الوصية الصحيحة النافذة‪.‬‬
‫‪ -5‬المواريث بحسب ترتيبها في هذه المدونة"‪.‬‬
‫و إلى هذا أشار الشيخ خليل رحمه الله في مختصره بقوله‪:‬‬

‫"باب يخرج من تركة الميت‪ ،‬حق تعلق بالعين‪ ،‬كالمرهون و عبد‬


‫جنى‪ ،‬ثم مؤونة تجهيزه بالمعروف‪ ،‬ثم تقضى ديونه‪ ،‬ثم وصاياه من‬
‫الثلث الباقي‪ ،‬ثم الباقي لوارثه"‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬أركان اإلرث و أسبابه‬

‫سنناقش هذا المحور باختصار شديد‪ ،‬وفق الشكل التالي‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف بأركان اإلرث‪.‬‬

‫أوال مفهوم الركن في اللغة واالصالح ‪:‬‬

‫‪ ‬أ‪ -‬مفهوم الركن في اللغة‪ :‬لقد عرف علماء اللغة الركن بأنه جانب‬
‫الشيء األقوى‪.‬‬

‫ب‪ -‬مفهوم الركن في االصطالح‪ :‬هو‪ ":‬الجزء الذاتي أي الحقيقة‬


‫الداخلية كالركوع والسجود في الصالة بالنسبة للقادر عليها"‪ ،‬و عليه‬
‫فإن الركن هو جزء الماهية أي ما ال توجد للحقيقة إال به‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أركان اإلرث‪:‬‬

‫أركان اإلرث عند الفقهاء ثالثة‪ ،‬وهي‪ :‬المورث‪ ،‬والوارث‪ ،‬والموروث‪.‬‬

‫‪ )1‬المورث‪ :‬هو الشخص الميت الذي يترك ماال‪ ،‬أو حقا يورث من‬
‫أقاربه‪ ،‬والميت حكما هو من انقطع خبره‪ ،‬و صدر حكم باعتباره‬
‫ميتا‪ ،‬و هذا ما أشارت إليه المادة ‪ 378‬من مدونة األسرة‪.‬‬
‫‪ )7‬الوارث‪ :‬وهو الشخص الذي يستحق اإلرث بسبب القرابة‪ ،‬أو‬
‫الزوجية كما سنبين الحقا‪.‬‬
‫‪ )3‬الموروث‪ :‬و يسمى ميراثا و إرثا و تركة‪ ،‬أو بعبارة أخرى هي‪":‬‬
‫كل ما يتركه الميت من أموال و حقوق تورث عنه من أقاربه"‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫و لقد عرفت مدونة األسرة في المادة‪ 373 :‬بقولها اإلرث هو‪ ":‬انتقال‬
‫حق بموت مالكه بعد تصفية التركة لمن استحقه شرعا بال تبرع و ال‬
‫معاوضة"‬

‫اإلرث إذن ال يكون إال بعد موت الشخص حقيقة أو حكما‪.‬‬


‫فاستحقاق ٍ‬
‫وهو ما يكون بمقتضى حكم قضائي في الموضوع‪ ،‬و بالتالي فال بد من‬
‫التأكد من حياة وارثه بعده‪.‬‬

‫وهذا ما أشارت إليه المادة ‪ 373:‬من قانون األسرة المغربي التي نصت‬
‫على ما يلي‪" :‬يستحق اإلرث بموت الموروث حقيقة أو حكما ‪ ،‬و بتحقق‬
‫حياة وارثه بعده"‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أسباب اإلرث‬

‫أوال‪ :‬مفهوم السبب في اللغة واالصطالح‪:‬‬

‫‪ ‬أ‪ -‬السبب في اللغة‪ :‬هو ما يتصل به إلى غيره‪ ،‬سواء كان كالحبل‬
‫والطريق والباب‪ ،‬أو معنويا كالعلم‪.‬‬
‫‪ ‬ب‪ -‬السبب في االصطالح ‪ :‬هو كل وصف ظاهر منضبط دل الدليل‬
‫السمعي على كونه معرفا لحكم شرعي‪.‬‬

‫و عرف أيضا بأنه‪" :‬ما يلزم من وجوده الوجود‪ ،‬ومن عدمه العدم‬
‫لذاته"‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أسباب اإلرث عند العلماء‪:‬‬

‫أسباب اإلرث المجمع عليها بين العلماء هي‪ :‬الزوجية و القرابة‪.‬‬

‫‪ -1‬الزوجية‪ :‬هي عقد الزوجية الصحيح المستجمع لشروطه وأركانه‪،‬‬


‫فإذا مات أحد الزوجين بعد العقد المذكور‪ ،‬فإن اآلخر يرثه سواء كان‬
‫الموت بعد الدخول‪ ،‬أم لم يحصل الوطء‪ ،‬وذلك مصداقا لقوله تعالى‪:‬‬
‫'و لكم نصف ما ترك أزواجكم"‪.‬‬

‫و لقوله سبحانه‪" :‬و لهن الربع مما تركتم"‪.‬‬

‫و بناء على ما ذكر أعاله‪ ،‬فإن عقد الزواج الصحيح إذن‪ ،‬يعتبر سببا في‬
‫الميراث بين الزوجين‪ ،‬وإن لم يحصل الوطء بينهما ما دام أن العالقة‬
‫بينهما كانت قائمة على زواج صحيح‪.‬‬

‫و قد نصت المادة‪ 16 :‬من مدونة األسرة المغربية على ما يلي‪" :‬تعتبر‬


‫وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة إلثبات الزواج‪"...‬‬

‫فقيام العالقة الزوجية إذن ‪ ،‬ال تثبت إال بإبرام عقد الزواج‪ ،‬وفق ما هو‬
‫مشار إليه في المادة ‪ 16:‬من مدونة األسرة‪.‬‬

‫كما يرث أحد الزوجين اآلخر في عدة الطالق الرجعي‪ ،‬سواء وقع‬
‫الطالق في الصحة أو المرض‪ ،‬فالزوجية قائمة ما دامت في العدة ‪.‬‬

‫أما المطلقة طالقا بائنا‪ ،‬إذا طلقها الزوج في مرض موته‪ ،‬فإنها ترث‬
‫معاملة لنقيض قصده‪ ،‬إذا كان نيته في ذلك حرمانها من الميراث على‬
‫رأي المالكية‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫يقول ابن جزي رحمه الله في القوانين الفقهية‪ :‬طالق المريض نافذ‬
‫كالصحيح اتفاقا‪ ،‬فإن مات من ذلك المرض ورثته المطلقة‪ ،‬وذلك معاملة‬
‫لنقيض قصده‪.‬‬

‫‪ -7‬القرابة‪ :‬و يعبر عنها بالنسب ‪ ،‬و هو القرابة الخاصة التي تربط‬
‫الوارث ومورثه‪ ،‬و تشمل األصول وهم‪ :‬اآلباء‪ ،‬و األمهات‪،‬‬
‫واألجداد‪ ،‬و الجدات‪ ،‬والفروع‪ ،‬وهم األوالد وأوالد البنت و إن نزلوا‪،‬‬
‫و الحواشي وهم اإلخوة و بنوهم و إن نزلوا‪ ،‬و العمومة و إن علوا‬
‫و بنوهم و إن نزلوا‪ ،‬وسنفصل ذلك فيما سيأتي الحقا بحول الله تعالى‪.‬‬

‫فالقرابة إذن‪ ،‬هي أحد أسباب اإلرث‪ ،‬و هي كل صلة سببها الوالدة ‪،‬‬
‫ويعبر عنها بالنسب الحقيقي‪ ،‬فمتى تبث النسب الشرعي تبث اإلرث‬
‫لصاحبه‪ ،‬فالقرابة الشرعية‪ ،‬هي المؤسسة على البنوة الشرعية‪ ،‬فال‬
‫توارث بين األب وابنه إال في إطار مؤسسة الزواج الصحيح‪.‬‬

‫‪ -3‬الوالء‪ :‬و هو عصوبة سببها اإلنعام بالعتق على الرقيق‪.‬‬


‫و قد نصت مدونة األسرة في المادة‪ 373 :‬إلى هذه األسباب بما يلي‪:‬‬
‫أسباب اإلرث كالزوجية و القرابة أسباب شرعية ال تكتسب بالتزام وال‬
‫بوصية‪ ،‬فليس لكل من الوارث أو الموروث إسقاط صفة الوارث أو‬
‫الموروث‪ ،‬و ال تنازل عنه للغير"‪.‬‬

‫فالمالحظ من خالل هذه المادة‪ ،‬أنها حصرت أسباب اإلرث في‪ :‬الزوجية‬
‫والقرابة‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫و أما السبب الثالث‪ ،‬وهو الوالء ‪ ،‬فقد انقرض حاليا‪ ،‬ولم يعد له أي‬
‫وجود‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬فال داعي للحديث عنه بشكل أكبر‪.‬‬

‫ومن تم‪ ،‬فإن هذه األسباب هي أسباب شرعية‪ ،‬ال تكتسب بالتزام و ال‬
‫بوصية‪ ،‬فليس لكل من الوارث أو الموروث إسقاط صفة الوارث أو‬
‫الموروث‪ ،‬وال التنازل عنها للغير‪ ،‬فهي أسباب شرعية كما هو‬
‫منصوص عليها في المادة‪ 373 :‬من مدونة األسرة المشار إليها أعاله‪.‬‬

‫وبهذا نكون قد انتهينا من حصة اليوم‪ ،‬والحمد لله أوال وأخيرا وصلى الله‬
‫على سيدنا ونبينا وموالنا محمد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه الطاهرين‪ ،‬ومن تبعهم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫‪13‬‬

You might also like