Professional Documents
Culture Documents
016 مفاهيم يجب أن تصحح تعديل نهائي نوح للمطبعة 11 9 2022م 1
016 مفاهيم يجب أن تصحح تعديل نهائي نوح للمطبعة 11 9 2022م 1
القاهرة
4111هـ 0200 /م
-1 -
-2 -
الر ِحي ِمِ ْح ِِ
نِ َّ بِ ْس ِمِاهللِ َّ
الر ْ َ
ِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ(هودِِ)88ِ:
-3 -
-4 -
بسم اهلل الرمحن الرحيم
تقــديــــــم
احلمد ِهلل ِرب ِالعاملني ِِ ،والصَلة ِوالسَلم ِعىل ِخاتم ِأنبيائه ِورسله ِِ،
سيدناِحممدِبنِعبدِاهللِِ،وعىلِآلهِوصحبهِِ،ومنِتبعِهداهِإىلِيومِالدينِِ.
وبعـدِِ:
فمن ِخَلل ِتوصيات ِاملؤمتر ِالدويل ِالرابع ِوالعرشين ِللمجلس ِاألعىلِ
للشئون ِاْلسَلمية ِبوزارة ِاألوقاف ِِ ،والذي ِعقد ِحتت ِعنوان ِ"ِ :عظمةِ
اْلسَلمِوأخطاءِبعضِاملنتسبنيِإليه ِ"ِ:طريقِالتصحيح" ِيرسناِأنِنقدمِ
للقارئ ِالكريم ِما ِقدمه ِالزميَلن ِالعزيزان ِِ :األستاذ ِالدكتور/عبد ِاهللِ
مربوكِالنجارِِ-عضوِجممعِالبحوثِاْلسَلميةِِ،واألستاذِالدكتور/حممدِ
سامل ِأبو ِعايص ِِ -عميد ِكلية ِالدراسات ِالعليا ِاألسبق ِبجامعة ِاألزهرِ
الرشيفِِ،منِرشحِوتفصيلِوإيضاحِهلذهِالتوصياتِرجاءِتصحيحِبعضِ
األفكار ِاخلاطئة ِواملنحرفة ِالتي ِقد ِتؤدي ِإىل ِبعض ِالشطط ِأو ِالغلو ِأوِ
التوجهِنحوِالتكفريِأوِالتطرفِِ،آملنيِأنِيكونِهذاِالكتيبِبدايةِلسلسلةِ
ُ
مطبوعاتِأخرىِحولِتصحيحِاملفاهيمِِ،ونرشِسامحةِاْلسَلمِِ،وإبرازِ
أوجهِحضارتهِالراقيةِالتيِتؤصلِللحوارِاحلضاريِوالتعايشِالسلميِبنيِ
-5 -
البشـرِمجي ًعاِِ،ونشـرِالقيمِاألخَلقيةِواْلنسانيةِِ،بمـاِحيققِسعادةِالبرشيةِ
مجعاءِِِ.
أ.د /حممد خمتار مجعة
وزير األوقاف
-6 -
توصيات املؤمتر العام الدولي الرابع والعشرين
للمجلس األعلى للشئون اإلسالمية
( عرض وحتليل )
ِ
يف ِالثامن ِوالعرشين ِمن ِشهر ِفرباير ِِ 5102املوافق ِِ ٩مجادى ِاألوىلِ
0٣٤١هـ ِانعقد ِاملؤمتـر ِالـرابـع ِوالعرشون ِللمجلس ِاألعىل ِللشـئونِ
اْلسـَلميةِحتتِعنوانِِ "ِ:عظمةِاْلسَلمِوأخطاءِبعضِاملنتسبنيِإليهِِ:
طريقِالتصحيح"ِ.
حيثِاجتمعتِكوكبةِمنِعلامءِاألمةِومفكرهياِعىلِاختَلفِانتامءاهتمِ
الفكريةِوالدينيةِيفِهذاِاملؤمترِِ،وتدارسواِخَللِاجتامعاهتمِماِيمرِبهِالعاملِ
يفِاآلونةِاألخريةِمنِأزماتِسياسيةِوأمنيةِوفكرية ِنتجتِعنهاِممارساتِ
خاطئة ِِ،وظواهرِحمزنةِِ ،كالتكفريِواْلرهابِوالعنفِواْلحلاد ِِ...وغريِ
ذلك ِِ ،مما هِهيدّ د ِالسلم ِالعاملي ِِ ،ويرضب ِاستقرار ِكثري ِمن ِاملجتمعاتِ
اْلنسانية ِيف ِمقتل ِِ ،حتى ِأصبح ِأكثر ِالعامل ِمهدّ ًدا ِبالدخول ِيف ِدوامةِ
الفوىضِاملدمرةِوالعنفِالذيِّلِ هيبقيِوّلِيذرِ.
وأكدِاملجتمعونِعىلِأنهِمماِزادِاألمرِسوءاِيفِخضمِهذاِالواقعِاملريرِ
ً
الذي ِحتياه ِأمتنا ِاْلسَلمية ِاليوم ِمن ِتشويه ِاملفاهيم ِالصحيحة ِوقلبِ
املنتسبةِظلام ِلإلسَلمِبكلِ
ً احلقائقِالثابتةِجماهدةِبعضِاجلامعاتِاملغرورةِ
-7 -
سبيلِلزيادةِالـ ُِه َِّوة ِِ،وتعميقِالفجوة ِِ،وإنشاءِالفرقة ِِ،وتوسيعِاخلرق ِِ،
ِيل ِأعناق ِالنصوص ِالرشعية ِبام ِيتفق ِمع ِأفكارهم ِاملزعومة ِِ،
وحماولتها ِّ
وآرائهمِاملنحرفةِِ،وتصويرهاِللناسِعىلِأهناِالدينِالصحيحِواحلقِاملبنيِِِ.
وانطَل ًقاِمنِاملسئو ليةِالرشعيةِوالوطنيةِواْلنسانيةِامللقاةِعىلِعاتقِالعلامءِ
واملفكرين ِِ،وإيامنًاِمنهمِبرضورةِاملواجهةِالعلميةِلألفكارِاملنحرفةِواملفاهيمِ
اخلاطئة ِحول ِكثري ِمن ِالقضايا ِكاجلهاد ِِ ،والتكفري ِِ ،واحلاكمية ِِ ،واملواطنة ِِ،
وغري ِذلك ِِ ،والعمل ِعىل ِكشف ِتوظيف ِبعض ِاملنتسبني ِلإلسَلم ِالدينِ
ألغراضِنفعيةِأوِسلطويةِللوصولِإىلِأغراضهمِاخلبيثةِ.
ِ
ﳑ ﭐﱠ ِِ ،وأنه ِيسوي ِبني ِالناس ِيف ِاملواطنة ِواحلقوق ِوالواجبات ِعىلِ
ﳒ
اختَلف ِمعتقداهتم ِدون ِمتييز ِِ ،وأن ِعامده ِالعدل ِوالرْحة ِوصيانة ِالقيمِ
والدفاعِعنها ِِ،وقبولِالتنوعِواعتبارهِسـ ِّر ِالكون ِِ،كامِحيرمِاّلعتداءِعىلِ
الدماء ِواألعراض ِواألموال ِإّل ِردِا ِلعدوان ِظاهر ِعىل ِالدولة ِِ ،ووفق ِماِ
يقررهِرئيسهاِواجلهاتِاملختصةِبذلكِفيهاِِ،إذِإنِإعَلنِاحلربِدفا ًعاِعنِ
األوطان ِإنام ِهو ِحق ِللدولة ِوفق ِما ِيقرره ِدستورها ِورئيسها ِوليس ِحقِاِ
لألفــرادِِ.
-8 -
وأنه ِحيرتم ِالعقل ِأداة ِللفكر ِالصحيح ِِ ،ويشبع ِالوجدان ِِ ،ويغذيِ
املشاعر ِِ ،ويعانق ِبني ِالدنيا ِواآلخرة ِِ ،وكل ِترصف ِعىل ِغري ِذلك ِجمافِ
لصحيحِاْلسَلمِِ.
-2اْلسَلم ِبريء ِمما ِيرتكبـه ِبعض ِاملنتسبني ِإليـه ِمن ِالتكفـري ِِ،
وترتيبِبعـضِاألفعـالِاْلجراميـةِعليـهِمنِذبحِوحـرقِومتثيـلِبالبرشِ
وتـدمـري ِوختـريب ِِ ،إذ ِهو ِافـتـئات ِعىل ِحق ِاهلل ِ– ِتعاىل ِِ -املتفـردِ
بالعـلـــمِبمـاِيفِقلوبِعبادهِِ،كامِأنهِافتئاتِعىلِحقِويلِاألمرِِ.
ّ -3ل ِيصح ِأن هِحيتج ِعىل ِاْلسَلم ِبأخطاء ِبعض ِاملنتسبني ِإليه ِِ ،وّلِ
بسوءِفهمهمِلهِِ،أوِانحرافهمِعنِمنهجهِِ.
ِ -4عىل ِمجيع ِأتباع ِالديانات ِالنظر ِإىل ِاألديان ِاألخرى ِبمعيارِ
موضوعيِواحدِدونِحتميلهاِأخطاءِبعضِأتباعها.
-5توظيفِبعضِاملنتسبنيِلإلسَلمِالدينِألغراضِنفعيةِأوِسلطويةِ
إساءةِإليهِِ،وإجرامِيفِحقه.
-6أمجع ِاملجتمعون ِمن ِالعلامء ِواملفكرين ِوالباحثني ِوالكتَّاب ِعىلِ
إنكار ِطرد ِالناس ِمن ِأوطاهنم ِِ ،أو ِهدم ِدور ِعبادهتم ِِ ،وسبي ِنسائهم ِِ،
واستباحةِأمواهلم ِبسببِاختَلفِدينهمِحتتِمسمىِالدولةِاْلسَلميةِأوِ
أيِمسمىِآخرِِ،واْلسَلمِبريءِمنِكلِهذا.
-9 -
-7اتفق ِاملجتمعون ِعىل ِحتريم ِازدراء ِاألديان ِملا ِفيه ِمن ِاعتداء ِعىلِ
مشاعرِأتباعهاِوملاِينشأِعنهِمنِتكديرِالسلمِاّلجتامعيِواْلنساينِالعام ِِ،
وماِيرتتبِعليهِمنِإشاعةِالفتنةِوالعنفِوصدامِاحلضاراتِ.
-8أمجعِاملجتمعونِعىلِتصحيحِاملفاهيمِاآلتيةِِ:
أ -اْلرهابِهوِِ:اجلريمـةِاملنظمـةِالتيِيتواطأِفيهـاِجمموعةِمنِاخلارجنيِ
عىل ِنظام ِالدولة ِواملجتمع ِِ ،وينتج ِعنها ِسفك ِدماء ِبريئـة ِِ ،أو ِتدمريِ
منشآتِِ،أوِاعتداءِعىلِممتلكاتِعامةِأوِخاصةِِ.
بِ -اخلَلفة ِِ:وصفِحلالةِحكمِسيايسِمتغريِيمكنِأنِيقومِمقامهاِ
أي ِنظام ِأو ِمسمى ِحيقق ِمصالح ِالبَلد ِوالعباد ِوفق ِاألطر ِالقانونيةِ
واّلتفاقاتِالدوليةِ.
وما ِورد ِفيها ِمن ِنصوص ِحيمل ِعىل ِرضورة ِأن ِيكون ِهناك ِنظام ِلهِ
رئيس ِومؤسسات ِحتى ِّل ِيعيش ِالناس ِيف ِفوىض ِِ ،فكل ِحكم ِحيققِ
مصالحِالبَلدِوالعبادِويقيمِالعدلِفهو حكمِرشيد ِِ،وعليهِفَلِحقِلفردِ
أو ِمجاعة ِيف ِتنصيب ِخليفة ِأو ِدعوى ِإقامة ِدولة ِخَلفة ِخارج ِأطرِ
الديمقراطياتِاحلديثةِ.
ج -اجلزيةِِ:اسمِّللتزامِمايلِانتهىِموجبهِيفِزمانناِهذاِوانتفتِعلتهِ
بانتفاءِماِرشعتِألجلهِيفِزماهناِِ،لكونِاملواطننيِقدِأصبحواِمجي ًعاِسواءِ
-11 -
يف ِاحلقوقِوالواجبات ِِ،وحلتِضوابطِونظمِماليةِأخرىِحملها ِِ،مماِأدىِ
إىلِزوالِالعلةِ.
وماِوردِيفِالقرآنِالكريمِمنِحديثِعنهاِحيملِعىلِاألعداءِاملحاربنيِ
واملعتـدينِالرافضـنيِللمواطنـةِِ،وليسِيفِاملواطنـنيِاملساملنيِاملشـاركنيِ
يفِبناءِالوطنِوالدفاعِعنهِِ.
دِ-دارِاحلـربِِ:مصطلحِفقهيِمتغـريِِ،وقدِأصبحِيفِوقتنــاِاحلاضـرِ
ّلِوجودِلهِبمفهومهِاملصطلحي القديمِيفِظلِاّلتفاقاتِالدوليةِواملواثيقِ
وّلُِي ُّلِتغريهِبالتأكيدِعىلِحقِالدولِيفِاسرتدادِأرضهاِاملغتصبةِِ،
األمميةُِ ِ،
وأخصها ِحقوق ِالشعب ِالفلسطيني ِِ ،والرشع ِيوجب ِالوفاء ِبالعقود ِِ،
وعليهِفَلِهجرةِمنِاألوطانِبدعوىِاّلنتقالِلدارِاْلسَلمِِِ.
هـِ-املـواطنــةِِ:تعنيِأنِيكـونِاملواطنـونِمجي ًِعـاِسـواءِيفِاحلقـــوقِ
والواجباتِداخلِحدودِدوهلمِ.
وِ -اجلهاد ِِ:ر ِّد ِالعدوانِعنِالدولةِبامِيامثلهِدونِجتاوزِأوِشطط ِِ،وّلِ
جمال ِلَلعتداء ِِ ،وّل ِحق ِلألفراد ِيف ِإعَلنه ِِ ،إنام ِهو ِحق ِلرئيس ِالدولةِ
ِ واجلهاتِاملختصةِبذلكِوفقِالقانونِوالدستور.
زِ -عىل ِاملؤسسات ِالعلمية ِالدينية ِوضع ِضوابط ِالتكفري ِلتكون ِبنيِ
يديِالقضاءِِ،وبامِيشكلِوع ًِيـاِثقافيِاِوجمتمعيِـاِيميزِبنيِماِيمكنِأنِيصلِ
-11 -
ِ باْلنسانِإىلِالكفرِِ،وماِّلِيصلِبهِإليه.
أما ِاحلـكم ِعىل ِاألفراد ِأو ِاملنظامت ِأو ِاجلمــاعات ِفَل ِيكون ِحقِــاِ
لألفرادِأوِاملنظامتِأوِاجلامعاتِِ،وإنامِيكونِبموجبِحكمِقضائيِمستندِ
عىلِأدلتهِالرشعيةِوالضوابطِالتيِتضعهاِاملؤسساتِالدينيةِاملعتربةِ؛ِحتىِ
ِ ّلِنقعِيفِفوىضِالتكفريِوالتكفريِاملضادِ.
معِالتأكيدِأنِاستحَللِقتلِالبرشِأوِذبحهمِأوِحرقهمِأوِالتنكيلِهبمِ
ِخروجاِعنِاْلسَلمِ.
ً منِقبلِاألفرادِأوِاجلامعاتِأو التنظيامتِ ُيعدُّ
حِِ -احلاكمية ِِ:تعنيِاّللتزامِبامِنزلِمنِرشعِاهللِ(عزِوجل)ِِ،وهــذاِ
ّل ِيمنع ِاحتكام ِالبرش ِإىل ِقوانني ِيضعوهنا ِيف ِإطار ِمبادئ ِالترشيع ِالعامةِ
وقواعده ِالكلية ِوف ًقا ِلت َِغ ُّ ِ
ري ِالزمان ِواملكان ِِ ،وّل ِيكون ِاّلحتكام ِلتلكِ
الترشيعاتِالوضعيةِخمال ًفاِلرشعِاهلل ِتعاىل ِماِدامِأنهِحيققِاملصالحِالعامةِ
للدولِوالشعوبِواألفرادِواملجتمعاتِوفقِاملقاصدِالعامةِللترشيع.
-9رضورة ِتطوير ِاخلطاب ِاْلسَلمي ِبحيث ِيكون ِخطابا ِمتوازناِ
جيمعِبنيِالعقلِوالنقلِومصلحةِالفردِواملجتمعِوالدولةِِ،ويسويِبنيِ
ِقادرا ِعىل ِحماربة ِكلِ
الرجل ِواملرأة ِيف ِاحلقوق ِوالواجبات ِِ ،ويكون ًِ
ألوانِالتطــرفِوالغلوِِ،والتسيبِواْلحلادِ.
-12 -
-11يويص ِاملجتمعون ِبإقامة ِمرصد ِدائم ِبكل ِلغات ِالعامل ِتكونِ
مهمته ِرصد ِأخطاء ِبعض ِاملنتسبني ِإىل ِاْلسَلم ِوالر ِّد ِعليها ِباحلجةِ
والربهانِِ،بحيثِيربطِبنيِمجيعِاهليئاتِواملؤسساتِاْلسَلميةِيفِالعاملِ.
-11جيبِإعادةِالنظرِيفِمناهجِالدراسةِالدينيةِوالثقافيةِيفِاملؤسساتِ
التعليميةِيفِالعاملِالعريبِواْلسَلمي ِِ،وتنقيتهاِمنِاملسائلِاملرتبطةِبظروفِ
تارُييةِوزمانيةِومكانيةِمعينةِِ،مماِيتطلبِإعــادةِالنظرِفيهاِوفقِظروفناِ
وزمانناِومكانناِوأحـــوالناِبامِيؤديِإىلِنرشِثقـــافةِالتسامح ِِ،وتكوينِ
ِقادرا ِعىل ِالتفكري ِِ ،وإنزال ِاألحكام ِالرشعية ِعىلِ
العقـــــل ِبام ِجيعله ًِ
املستجداتِوالنوازلِمنِغريِجمافاةِللواقعِأوِالتضاربِمعهِ.
-12يطالب ِاملجتمعون ِبتفعيل ِما ِنادى ِبه ِالسيد ِرئيس ِاجلمهوريةِ
وراعيِاملؤمترِالرئيسِ/عبدِالفتاحِالسييس ِِ ،برضورةِقيامِالدولِالعربيةِ
بتشكيلِقوةِردعِعربيةِمشرتكةِملقاومةِاْلرهابِ.
-13يطالب ِاملجتمعون ِباختاذ ِخطوات ِعربية ِوإسَلمية ِباجتاه ِتكوينِ
تكتَلت ِسياسية ِواقتصادية ِوفكرية ِوثقافية ِيف ِظل ِجامعة ِالدول ِالعربيةِ
ومنظمةِالتعاونِاْلسَلميِِ،بامِجيعلِمنهاِجمتمعةِرقامِصع ًِباِيصعبِجتاوزهِ
ًِ
أوِاّلفتئاتِعليه ِيفِاملحافلِالدوليةِِ،أوِالتكتَلتِاّلقتصاديةِالعامليةِِ،أوِ
الغزوِالفكريِوالثقايفِألبناءِأمتناِالعربيةِواْلسَلميةِ.
-13 -
-14التنسيق ِبني ِالوزارات ِاملعنية ِبالثقافة ِوالرتبية ِِ ،بحيث ِتعملِ
وزاراتِاألوقافِ،والرتبيةِوالتعليمِِ،والتعليمِالعايلِِ،والثقافةِِ،والشبابِ،
كفريقِعملِِ،عىلِأنِيقومِاْلعَلمِبدورهِيفِتأصيلِالقيمِِ.
ِواستخداما ِلعواملِ
ًِ -15التوصية ِباّلهتامم ِالبالغ ِتدري ًِبا ِوتثقي ًِفا
التواصلِاحلـديثـةِوالعصـريـةِِ،وبخاصـةِيفِاملؤسساتِالدينيـةِوالفكريةِ
والثقافيةِِ.
-16وافقِاملجتمعونِعىلِتشكيلِجلنةِمتابعةِلتنفيذِالتوصياتِجتتمعِ
كلِأربعةِأشهرِِ،وتهصدرِبيا ًِناِ ُِيرسلِإىلِمجيعِاملشاركنيِولوسائلِاْلعَلمِ
املختلفةِللوقوفِعىلِماِيتمِتنفيذهِ.
*ِِِِِِِِ*ِِِِِِِِ*ِ
ِ
-14 -
متهيـــــد
قبل ِأن ِنبدأ ِببيان ِوحتليل ِالتوصية ِالثامنة ِوالتي ِجاء ِفيها ِالتأكيد ِعىلِ
تصحيـحِبعضِاملفاهيمِاملغلوطـة ِِ،نقفِمعِالتوصيـةِاألوىل ِ؛ِألمهيتـهـاِ
يفِتصحيحِالصورةِاملشوهةِلإلسَلمِِ،فقدِأعلنِاملؤمترِيفِتوصيتهِاألوىلِ:
ِِِأن ِاْلسَلم ِدين ِيكفل ِحرية ِاّلعتقاد ِِ ،ويسوي ِبني ِالناس ِيف ِاملواطنةِ
واحلقوقِوالواجباتِعىلِاختَلفِمعتقداهتمِدونِمتييزِِ،وأنِعامدهِالعدلِ
والرْحةِوصيانةِالقيمِوالدفاعِعنهاِِ،وقبولِالتنوعِواعتبارهِرسِالكونِِ،كامِ
ُحيرمِاّلعتداءِعىل ِالدماء ِواألعراضِواألموال ِإّل ِردِاِلعدوانِظاهرِعىلِ
الدولةِِ،ووفقِماِيقررهِرئيسهاِواجلهاتِاملختصةِبذلكِفيهاِِ،إذِإنِإعَلنِ
احلربِدفـا ًِعاِعنِاألوطانِإنمـاِهوِحـقِِللدولةِوفـقِماِيقـررهِدستورهـاِ
ورئيسهاِوليسِحقاِلألفرادِِِ.
فنصوصِالقرآنِالكريمِتقررِأنِمنِسنةِاهللِتعاىلِيفِخلقهِأنِتنوعتِ
أجناسهمِوألسنتهمِوألواهنمِكامِتنوعتِدياناهتمِِ،وأنِاّلختَلفِباقِِبقاءِ
-15 -
اْلنسانِعىلِهذهِاألرض ِِ،قالِتعاىل ِِ :ﭐﱡ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ
ﱔ ﱓ ﱐ ﱒ
ﱑ ﱇ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ
ﱈ
ﱕﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱝﱠ ِ[هودِ:
ِ.]00٩ِ،008
وّلِيتصورِمعِوجودِذلكِاّلختَلفِأنِينعزلِاملجتمعِاملسلمِعنِغريهِ
منِاملجتمعاتِ ِ،ولذلكِفقدِجاءِاْلسَلمِلينظمِعَلقةِاملسلمِمعِغريهِمنِ
بنيِجنسهِمنِاملسلمنيِوغريِاملسلمنيِِ،وكانتِأحكامِاْلسَلمِيفِمعاملةِ
ًِ
غريِاملسلمنيِبمختلفِأصنافهمِودياناهتمِمنِأهلِالكتابِوغريهمِدليَلِ
واضحاِوبرها ًِناِساط ًِعاِعىلِاحرتامِاْلسَلمِلآلخرِواملختلفِ.
ًِ
ومن تلك األحكامِِِ:
أنهِكفلِحريةِالتدينِلكلِفرد ِِ،فَلِإكراهِيفِالدخولِيفِاْلسَلم ِِ،إنامِ
هيِالقناعةِالتامةِهبدايته ِِ،فلكلِذيِدينِدينه ِِّ،لِجيربِعىلِتركهِليتحولِ
منهِإىلِغريه ِِ،وقدِأبانِالقرآنِالكريمِيفِآياتهِعنِذلكِاملعنىِبقوله ِتعاىلِ:
ﳑ ﳓﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘﱠ (البقرةِِ.)52١
ﳒ ﱡﭐ ﳎ ﳏ ﳐ
وهني ِالنبي ِ(صىل ِاهلل ِعليه ِوسلم) ِعن ِإكراه ِالناس ِللدخول ِيف ِهذاِ
ُِ
الدينِبقولهِسبحانهِيفِسورة ِيونسِاملكيةِﱡﭐ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ
-16 -
ﱟ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦﱠﭐ
ﱠ ﱝ ﱞ
[يونسِ.]٩٩ِ:
ولقدِأوجبتِترشيعاتِاْلسَلمِعىلِاملسلمنيِسلوكِالعدلِيفِالتعاملِ
معِغريهم ِِ،وملِجتعلِاّلختَلفِيفِالدينِسب ًِباِيفِالظلمِأوِالتعديِِ،بلِ
ًِ
جعلتِالعدلِمعِاملخالفِدليَلِعىلِالتقوىِالتيِرتبِعليهاِأعظمِاجلزاءِِ،
ﲧﲩﲪﲫ
ﲨ ﲟﲡﲢﲣﲤﲥ ﲦ
ﲠ
ﲯ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵﱠ [املائدةِِ.]8ِ:
ﲬﲮ ﲰ
ﲭ
فاألمرِبالعدلِبنيِالناسِمجي ًِعاِِ،دونِالنظرِإىلِذواهتمِأوِأجناسهمِأوِ
دينهمِأوِحسبهمِِ،والدليلِعىلِذلكِِ:أنِاهللِ(عزِوجل)ِأمرِرسولهِ(صىلِ
اهلل ِعليه ِوسلم) ِأن ِحيكم ِبالعدل ِإن ِجاءه ِأهل ِالكتاب ِحي ِِّكمونه ِبينهم ِِ،
ﱙﱛﱜﱝ
ﱚ فقـال ِتعاىل ِِ :ﱡﭐﱕ ﱖ ﱗ ﱘ
ﱞﱠ [املائدةِ.]٣5ِ:
بلِلقدِشدِّدِرسولِاهللِ(صىلِاهللِعليهِوسلم) ِيفِالوعيدِعىل ِمنِظلمِ
معاهدًِاِِ،فأخربِأنهِسيخاصمهِيومِالقيامةِِ،وّلِشكِأنِمنُِياصمهِرسولِ
اهللِ(صىلِاهللِعليهِوسلم) ِفقدِخابِوخرسِ،قالِرسولِاهللِ(صىلِاهللِعليهِ
-17 -
َ
ِ،أوِأخذِ ِفوق ِطاقتِ ِِه ِ
ِانتقص ُِه ِِ،أوِك َّل َف ُه َ
َ نِظلم ُِمعاهدً ِ
اِ،أو َ أّلِم
وسلم)َ ِ "ِ:
جيج ُه ِ–ِأيِأناِالذيِأخاصمهِوأحاجهِ-
ناِح ُ
فأ َِطيب ِنفسِ َِ ِ ،
َري ِمن ُه ِشيئًاِبغ ِ
ِ
ِالقيامةِ"ِ(رواهِأبوِداود)ِ. يو َم
ويفِالقرآنِالكريمِآياتِكثريةِيفِاألمرِبالربِوالصلةِواْلحسانِوالعدلِ
والقسطِوالوفاءِبالعهد ِِ،والنصوصِيفِذلكِمطلقةِتستوعبِكلِأحدِ،
تعاىلِِ:ﱡﲶ ﲷ ﲸﱠِ[البقرةِِ.]8٤:
ويف ِظل ِهذا ِاملفهوم ِالعام ِلإلحسان ِأمر ِاْلسَلم ِباْلحسان ِإىل ِغريِ
املسلمنيِالذينِملِيعرفِعنهمِأذيةِللمسلمنيِوّلِقتاهلم ِِ،قالِتعاىلِ:ﱡﭐ ﱩ
ﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷ
ﱹ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾﱠ [املمتحنةِ]8ِ:
ﱺ ﱸ
كام ِأباح ِاْلسَلم ِالتعامل ِمع ِغري ِاملسلمني ِيف ِالبيع ِوالرشاء ِواألخذِ
والعطاءِِ،وأباحِطعامِأهلِالكتابِوأمرِبحسنِمعاملتهم ِِ،وضمنِلغريِ
املسلمنيِيفِاملجتمعِاْلسَلمي ِأمنهمِعىل ِأنفسهم ِوأمواهلمِوأعراضهمِِ،
فَلِيتعرضِهلاِبسوءِّلِمنِاملسلمنيِوّلِمنِغريهمِ.
ِِِوشددِالوعيـدِوأغلظِيفِالعقوبةِملنِاستباحِحرمةِدمائهمِأوِتعرضِهلمِِ
-18 -
ِاجلن َِِّة ِِ،
اِمل ِْ َي َر ْح َِرائِ َح َة َْ
اهدً َ
باألذىِقالِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)َ "ِ:م ْن ِ َقت ََل ُِم َع َ
ِ ِ ِ ِ
نيِ َع ًاما"ِ[رواهِالبخاري]ِ. وجدِم ْن َِمس َرية َِأ ْر َبع َ َوإِ َّن ِِر َ
حي َهاِ َل ُي َ
ومنِثمِملِيعرفِالتاريخِأمةِمنِاألممِعاملتِاملخالفنيِهلاِيفِدينهاِكامِ
عامل تِأبناءهاِواملنتسبنيِإليهاِيفِشأنِقواننيِالعدالةِونوالِحظوظِاحلياةِ
بالقاعدة ِاملعروفة ِ(ِ :هلم ِما ِلنا ِوعليهم ِما ِعلينا)ِ ،مع ِبقائهم ِعىل ِدينهمِ
وعاداهتم ِمثل ِأمة ِاْلسَلم ِِ ،وإن ِدل ِذلك ِعىل ِيشء ِفإنام ِيدل ِعىل ِعظمةِ
اْلسَلمِالتيِتتجىلِيفِسامحتهِِ،مماِتذهبِمعهاِكلِالدعاوىِالباطلةِالتيِ
حياول ِأن ِيلصقها ِبه ِأعداؤه ِمعتربين ِأن ِاْلسَلم ِدين ِإرهاب ِوعنفِ
وتعصبِعىلِعكسِماِيتميزِبهِمنِسامحةِورْحةِِ.
*ِِِِِِِِ*ِِِِِِِِ*ِ
-19 -
حتديد املفاهيم
وأسانيدها الشرعية
ً
أوال :التكفري .
إنِاملؤسساتِالعلميةِالدينيةِإذاِوضعتِضوابطِالتكفريِوكانتِتلكِ
الضوابطِبنيِيديِالقضاءِفإنِذلكِسوفِيشكلِوع ًياِثقافيِاِوجمتمعيِاِيميزِ
بنيِماِيمكنِأنِيصلِباْلنسانِإىلِالكفرِِ،وماِّلِيصلِبهِإليهِ.
أماِاحلكمِعىلِاألفرادِأوِاملنظامتِأوِاجلامعاتِفَلِيكونِحقِاِلألفرادِأوِ
املنظامتِأوِاجلامعاتِِ،وإنامِيكونِبموجبِحكمِقضائيِمستندِعىلِأدلتهِ
الرشعيةِوالضوابطِالتيِتضعهاِاملؤسساتِالدينيةِاملعتربةِ؛ِحتىِّلِنقــعِ
يفِفوىضِالتكفريِوالتكفريِاملضادِِ.
معِالتأكيدِأنِاستحَللِقتلِالبرشِأوِذبحهمِأوِحرقهمِأوِالتنكيلِهبمِ
ِخروجاِعنِاْلسَلمِ.
ً منِقبلِاألفرادِأوِاجلامعاتِأوِالتنظيامتِ ُيعدُّ
ويف بيان ذلك نقولِِ:
التكفري ِهو ِاحلكم ِعىل ِاْلنسان ِاملسلم ِبالكفر ِِ ،واحلكم ِبالكفر ِعىلِ
ُ
ِخطريِِ،يرتتبِعليهِآثارِدنيويةِوأخرويةِ. مسلمِهلوِأمرِجدُّ
ه
فمن ِآثاره ِالدنيوية ِِ :التفريق ِبني ِالزوجني ِِ ،وعدم ِبقاء ِاألوّلد ِحتتِ
سلطانِأبيهمِِ،و َف ْقدُ ِحقِالوّليةِوالنرصةِعىلِاملجتمعِاملسلم ِِ ،وحماكمتهِ
-21 -
غسلِوّلِ
أمامِالقضاءِاْلسَلميِِ،وعدمِإجراءِأحكامِاملسلمنيِعليهِِ،فَلِ ُي ّ
ِ
ثِوّلِيرثِ.ور ُي ّ
صىلِعليهِِ،وّلِيدفنِيفِمقابرِاملسلمنيِِ،وّلِ ُي َ
ومنِآثارهِاألُخرويةِ:إذاِماتِعىلِكفرهِفإنهِيستوجبِلعنةِاهللِوطردهِ
من ِرْحته ِواخللود ِاألبدي ِيف ِنار ِجهنم ِِ ،قال ِاهلل ِتعاىل ِِ :ﱡ ﲱ ﲲ
ﲳﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻﲼ
ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇﱠِ[البقرةِ:
.]0١5ِ،0١0وقالِتعاىلِِ:ﱡﭐﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ
ﲞ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦﱠِ[النساءِ
ﲟ ﲛ ﲜﲝ
ِ،ِ]٣8ِ:وهلذاِجيبِعىلِمنِيتصدىِللحكمِبالتكفريِأنِيتمهلِيفِحكمهِ
مراتِومراتِ.
دِهنىِاْلسَلمِعنِالتعجلِبه ِِ،أوِ
ُِّ وخلطورةِآثارِالتكفريِعىلِاملجتمعِفق
نُِيـطىءِاْلنسانِ إقرارهِإّلِبعدِالتأكدِمنِأسبـابهِدونِأدنىِشبهـة َِ ِ،ف َ َ
أل ُ ِ
يفِالعفوِخريِمنِأنُِيطئِيفِالعقوبةِِ،ومردهِيفِاألمرِإىلِاهللِ.
والقرآنِالكريمِنعىِعىلِالصحايبِاجلليلِأسامةِبنِزيدِ(ريضِاهللِعنه)ِ
قتله ِالرجل ِالذي ِألقى ِإليه ِالسَلم ِِ ،وأمره ِوأمرنا ِمجي ًعا ِبالتبني ِيف ِقولهِ
تعاىلِ:ﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ
-21 -
ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ
ﲬ ﲮ
ﲭ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ
ﲵﲷﲸﲹ
ﲶ ﲯﲰﲱﲲﲳﲴ
ﲺ ﲻ ﲼﱠِ[النساءِ.]٩٣ِ:
ّ
وحذر ِالنبي ِ(صىل ِاهلل ِعليه ِوسلم) ِمن ِالتكفري ِأشد ِالتحذير ِِ ،فقالِ:
ِهب َ
اِأ َحدُ ُ َ
مها"ِ(متفقِعليه)ِ. ِالر ُج ُل َِأ َخا ُِهِ َف َقدْ ِ َب َ
اء ِ َ "إِ َذاِ َك َّف َر َّ
ِفتورعوا ِعن ِاملسارعة ِإىلِ
وقد ِأدرك ِالعلامء ِخطورة ِاحلكم ِبالتكفريّ ،
القولِبهِإّلِبدليلِ ِساطعِ ِِ،وبرهانِ ِواضحِ ِّلِمدافعِلهِ؛ِإذِالشهادةِبالكفرِ
عىلِاملسلمِمنِأعظمِالزورِوالظلمِوالبهتانِ.
وقد ِكان ِالصحابة ِالكرام ِ(ريض ِاهلل ِعنهم) ِيمتنعون ِعن ِإطَلق ِلفظِ
التكفريِأوِالتفسيقِعىلِأحد ِمنِأهلِالقبلة ِِ،فعنِأيبِسفيانِقال"ِ:قلتِ
جلابرِ:أكنتمِتقولونِألحدِمنِأهلِالقبلةِ:كافر؟ِقالِّ:لِِ،قلتِ:فمرشك؟ِ
قالِ:معاذِاهللِ.وفزع"ِ(ِ.رواهِابنِعبدِالربِيفِالتمهيدِ(ِ.)50ِ/01
وملاِسئلِعىلِبنِأيبِطالبِ(ريضِاهللِعنه)ِعنِاخلوارجِ:أمرشكونِهم؟ِ
ُ
ِألن ِاملنافقنيِّلِ
ِمنِالرشكِفروا ِِ،فقيل ِِ :أمنافقونِ؟ِقالِّ:ل ِ؛ َّ
ُّ قالِّ :ل ِ،
ً
يذكرونِاهللِإّلِقليَلِِ،قيلِلهِِ:فامِحاهلمِ؟ِقالِِ:إخوانناِبغواِعلينا"ِِ،فهمِ
-22 -
بغاةِيقاتَلونِقتالِأهلِالبغي ِ؛ِلردهمِعنِبغيهمِ(ِ.اجلامعِألحكامِالقرآنِ
(ِِ.)٤5٣/0١
وهكذا ِينبغي ِأّل ِنسارع ِبتكفري ِأحد ِِ ،وإذا ِكانت ِبعض ِالفرق ِتكفرِ
خمالفيها ِِ ،فنحن ِّل ِنكفرهم ِإّل ِإذا ِاستحلوا ِدماء ِالناس ِوأمواهلمِ
وأعراضهمِبغريِحقِِ.
قال ِالشوكاين ِـ ِرْحه ِاهلل ِـ ِِ "ِ :اعلم ِأن ِاحلكم ِعىل ِالرجل ِاملسلمِ
بخروجه ِمن ِدين ِاْلسَلم ِودخوله ِيف ِالكفر ِّل ِينبغي ِملسلم ِيؤمن ِباهللِ
واليومِاآلخرِأنِ ُيقدمِعليهِإّلِبربهانِأوضحِمنِشمسِالنهار ِِ،فإنهِقدِ
ثبتِيفِاألحاديثِالصحيحةِاملرويةِمنِطريقِمجاعةِمنِالصحابةِأنِ(منِ
قالِألخيه ِِ:ياِكافر ِفقدِباءِهباِأحدمها)ِ...ففيِهذهِاألحاديثِوماِوردِ
موردها ِأعظم ِزاجر ِوأكرب ِواعظ ِعن ِالترسع ِيف ِالتكفري" ِ(السيل ِاجلرارِ
(ِ.)218ِ/٣
-23 -
رسولِاهلل)ِخطـأ ِِ ،واخلطـأِيفِتـركِألفِكافرِيفِاحليـاةِأهـونِمنِاخلطـأِ
يفِسفكِحمجمةِمنِدمِمسلم"(.اّلقتصادِيفِاّلعتقادِصِ.)0٤2ِ:
َّ
ِ:أنِتكفِلسانكِعنِأهلِالقبلةِماِ أيضاِ"ِ:الوصيةِ
ويقولِـِرْحهِاهللِـِ ً
أمكنك ِ ِ،ماِدامواِقائلنيّ(ِ:لِإلهِإّلِاهللِِ،حممدِرسولِاهلل)ِِ،غريِمناقضنيِ
هلاِ"(ِ.فيصلِالتفرقةِبنيِاْلسَلمِوالزندقةِِ،صِِ.)058ِ:
وقال ِاْلمام ِالباجوري ِعن ِاخلوارج ِ"ِ :ومل ِيكفروا ِبتكفري ِمرتكبِ
ومنِاألصولِاملتفقِعليهاِعندِأهلِالسنةِواجلامعة ِأنَّهِّلِجيوزِاحلكمِ
عىلِاملسلمِبالكفرِمهامِتكاثرتِمؤيداتِاحلكمِعليهِبذلكِماِدامِاحتاملِ
واحدِلبقائهِعىلِاْلسَلمِموجو ًداِ.
لكنِالفكرِالتكفرييِيعكسِهذاِاحلكمِِ،فيذهبِإىلِأنهِّلِجيوزِاحلكمِ
عىل ِاملسلم ِباْلسَلم ِمهام ِتكاثرت ِمؤيدات ِاحلكم ِبإسَلمه ِما ِدام ِاحتاملِ
واحدِلتحولهِإىلِالكفرِموجو ًداِ.
ُّ
منِثمِ
َّ إ ًذاِفالتكفريِحكمِرشعيِّلِيصدرِإّلِعنِأدلةِرشعيةِقاطعةِِ،و
فإنِمر َِّدهِإىلِأحكامِالرشيعةِوفقهِنصوصهاِِ،وّلِجيوزِيفِذلكِكلهِاخلوضِ
َّ
بَلِعلمِوّلِبرهانِمنِاهللِِ،ومنِهناِفإنهِّلِجيوزِلواعظِأوِعالـمِأوِمجاعةِ
-24 -
أيِاِكانتِأنِحتكمِعىلِالناسِبالكفرِِ،وإنامِيكونِذلكِحلكمِالقايضِأوِ
املفتيِملاِهلامِمنِعلمِباألحكامِالرشعيةِواْلجراءاتِالقضائيةِِ.
ِ
-25 -
ثانيًا :نظام احلكم واملتاجرة بقضية اخلالفة
وحتتِهذاِالعنوانِالرئيسِتتداعىِتفاصيلِكثريةِهتدفِيفِجمملهاِإىلِ
حتقيقِالعدلِبكلِألوانهِالسياسيةِواّلجتامعيةِوالقضائيةِبنيِالبرشِمجي ًعاِ،
وعدمِالتمييزِبنيِالناسِعىلِأساسِاللونِأوِاجلنسِأوِالعرق ِِ،وّلِإكراهِ
يفِالدين ِِ،يقولِاحلقِسبحانهِوتعاىلِعىلِلسانِنبيناِحممدِ(صىلِاهللِعليهِ
وسلم)ِيفِخماطبةِكفارِمكةِ:ﱡ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠِ[الكافرونِ،]١ِ:
فكل ِحكم ِيعمل ِعىل ِحتقيق ِذلك ِويسعى ِإىل ِتوفري ِاحلاجات ِاألساسيةِ
للمجتمع ِمن ِمأكل ِومرشب ِوملبس ِومسكن ِوبنى ِحتتية ِمن ِِ :صحة ِِ،
-26 -
وتعليمِِ،وطرقِ،ونحوِذلكِمماِّلِتقومِحياةِالبَلدِوالعبادِإّلِبهِِ،فإنهِيعدِ
حكام ِرشيدً اِسديدً اِموف ًقا ِِ،مرضياِعندِاهللِوعندِالناسِإّلِمنِحاقد ِأوِ
ً
حاسدِأوِمكابرِأوِمعاندِأوِخائنِأوِعميل.
ويؤكدِأهلِالعلمِوالرأيِوالفكرِأنِاهللِ(عزِوجل)ِينرصِالدولةِالعادلةِ
وإنِكانتِكافرةِِ،وّلِينرصِالدولةِالظاملةِوإنِكانتِمؤمنةِِ.
أما ِمن ِيتخذون ِمن ِقضية ِاخلَلفة ِوسيلة ِللمتاجرة ِبالدين ِواللعبِ
بعواطف ِالعامة ِحمتجني ِببعض ِالنصوص ِالتي ِيسقطوهنا ِإسقا ًطا ِخاطئًاِ
دونِأيِدرايةِبفقهِالواقعِأوِحتقيقِاملناطِمنِجهةِوجيعلوهناِأصلِاألصولِ
الذيِعليهِمناطِاْليامنِوالكفرِمنِجهةِأخرى ِِ،فإنناِنردِعليهمِبامِأكدِ
عليه ِفضيلة ِاْلمام ِاألكرب ِأ.د/أْحد ِالطيب ِشيخ ِاألزهر ِيف ِكلمته ِالتيِ
ألقاهاِيفِمؤمترِ" ِاألزهرِيفِمواجهةِاْلرهابِوالتطرف" ِمنِأنهِّلِنزاعِ
بني ِأهل ِالعلم ِاملعتربين ِأن ِاخلَلفة ِأليق ِبالفروع ِوأقرب ِهلا ِِ ،ومذهبِ
األشاعرة ِعىل ِأهنا ِفرع ِّل ِأصلِ ،وذكر ِفضيلته ِما ِورد ِيف ِكتاب ِ"رشحِ
املواقف"ِالذيِيعدِأحدِأعمدةِكتبِاملذهبِاألشعريِِ،حيثِذكرِمؤلفهِ
يفِشأنِاْلمامةِأهناِ" ِليستِمنِأصولِالدياناتِوالعقائدِعندنا ِبلِهيِ
ًِ
ِ،ثمِعلقِفضيلةِاْلمامِقائَل ِِ:فكيفِصارتِهذهِاملسألةِ فرعِمنِالفروع"
ً
ِفاصَل ِعند ِهذاِ التي ِليست ِمن ِأصول ِالدين ِعند ِأهل ِالسنة ِواجلامعة
-27 -
ِ،وخ ِّربِالعمران ِِ،
ِ،وفتنةِسفكتِفيهاِالدماء ِ ُ
ُ الشبابِبنيِالكفرِواْليامن ِ
ُ
وشوهتِهباِصورةِهذاِالدينِاحلنيف؟!ِ.
وعندماِحتدثِالنبيِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ِيفِحديثهِاجلامعِعنِاْليامنِ
واْلسَلمِواْلحسانِملِجيعلِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ِاخلَلفةِركنًاِمنِأركانِ
اْليامنِأوِاْلسَلمِِ،فعنِعمرِبنِاخلطابِ(ريضِاهللِعنه)ِقالَ "ِ:ب ْين ََامِن َْح ُنِ
َاِر ُج هل َِش ِديدُ ِ ات ِ َي ْومِ ِِ،إِ ْذ ِ َط َل َع ِ َع َل ْين َ
ول ِاهللِِ(صىلِاهللِعليهِوسلم) ِ َذ َ ِعنْدَ ِرس ِ
َ ُ
ِ،و َّل ِ َي ْع ِر ُف ُه ِِمنَّاِ
ِالس َف ِر َ
ِ
ِّ،ل ِ ُي َرىِ َع َل ْيه َِأ َث ُر َّ ِ،ش ِديدُ ِ َس َو ِاد َّ
ِالش َع ِر َ اض ِال ِّث َي ِ ِ
اب ِ َ َب َي ِ
َّىِج َل َسِإِ َىلِالنَّبِ ِّيِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ِ َف َأ ْسنَدَ ُِر ْك َب َت ْي ِهِإِ َىل ُِر ْك َب َت ْي ِهِ، ِ،حت َ َأ َحدهِِ َ
ِاْل ْس ََل ِِم َِ ِ ،ف َق َالِ رب ِين ِ َع ِن ْ ِ خ َذ ْي ِِه َِِ ،و َق َالَ ِ :يا ُ َ
ِحم َّمدُ َِ ِ ،أ ْخ ِ ِْ وو َضع ِ َك َّفي ِه ِع َىل ِ َف ِ
َ َ َ ْ َ
ُِو َأ َّنِ
ِ:اْل ْس ََل ُم َِأ ْن ِت َْش َهدَ َِأ ْن َِّل ِإِ َل َه ِإِ َّّل ِاهلل َ ول ِاهللِِ(صىلِاهللِعليهِوسلم) ْ ِ َر ُس ُ
ول ِاهللِ ِ ِ
ِ،و َ ُحت َّجِان ِ َ ِ،وت َُصو َم َِر َم َض َِ ِ،وت ُْؤ ِ َِت ِال َّزكَا َِة ِ َ
ِالص ََل َِة ِ َ
يم َّ ِ،وتُق َ َ اِر ُس ُ
حم َّمدً َ َُ
ج ْبنَا ِ َل ُه ِ َي ْس َأ ُل ُِه ِِ،
ت َِ ِ ،ق َالَ ِ :ف َع ِ ِصدَ ْق َ ِ يَل َِ ِ ،ق َالَ :ت ِإِ َل ْي ِه َِسبِ ً ِ ت ِإِ ِن ْ ِ
ِاس َت َط ْع َ ا ْل َب ْي َ
هلل َِِ ،و َم ََلئِكَتِ ِِه ِِ، ِاْل َيام ِِن َِ ِ ،ق َالَِ :أ ْن ِت ُْؤ ِم َن ِبِا ِِ
رب ِين ِ َع ِن ْ ِ َ
َو ُي َصدِّ ُق ُِه َِ ِ ،ق َالَ ِ :فأ ْخ ِ ْ
ِخ ِري ِه ِو َ ِ ِ ِ و ُك ُتبِ ِهِ،ورسلِ ِِه ِِ،وا ْليو ِم ْ ِ
تِ، ِ،وت ُْؤم َن ِبِا ْل َقدَِر َ ْ َ ِّ
رش ِه َِ ِ،ق َال َ
ِ:صدَ ْق َ ِاآلخ ِر َ َ َْ َُ ُ َ
ِ:أ ْن ِ َت ْع ُبدَ ِاهللَِك ََأن َ
َّك ِت ََرا ُهَ ِ،فإِ ْن َِمل ِْ َتك ُْن ِت ََرا ُهِ ِاْل ْح َس ِِ
ان َِ ِ،ق َال َ رب ِين ِ َع ِن ْ ِ َ
َق َالَ ِ:فأ ْخ ِ ْ
ُول ِ َعن َْها ِبِ َأ ْع َل َم ِ ِم َنِ ِالسا َع ِِة َِ ِ ،ق َالَِ :ما ِا َْمل ْسئ ُ
رب ِين ِ َع ِن َّ َ
اكَ ِ ،ق َالَ ِ :فأ ْخ ِ ْ َفإِ َّن ُه ِ َي َر َ
اِ،و َأ ْنِت ََر ُْ
ىِاحل َفاةَِ ِ:أ ْنِتَلِدَ ْ
ِاألَ َم ُة َِر َّبت ََه َ السائِ ِلَ ِ،ق َالَ ِ:ف َأ ْخ ِرب ِينِ َع ْن َِأ َم َار ِهتاَِ ِ،ق َال َ
َ ْ َّ
-28 -
ت َِملِيا ِِ، ون ِِيف ِا ْل ُبنْ َي ِِ
ان َِ ِ،ق َالُ ِ:ث َّم ِا ْن َط َل َق ِ َف َلبِ ْث ُ ِالش ِ
اء ِ َي َت َط َاو ُل َ اء َّا ْل ُع َرا َة ِا ْل َعا َل َة ِِر َع َ
تِ:اهلل َُِو َر ُسو ُل ُه َِأ ْع َل ُِم َِ ِ،ق َالَ ِ:فإِ َّن ُهِ ِالسائِ ُل؟ِ ُق ْل ُ يِم ِن َّ ِيلَ ِ:ياِ ُع َم ُر َِأتَدْ ِر َ ُث َّم ِ َق َال ِ ِ
ُم"ِ(رواهِمسلم)ِ. يل َِأتَاك ُْمِ ُي َع ِّل ُمك ُْم ِِدي َنك ِْ
ِج ْ ِرب ُ
أماِمجلةِاألحاديثِالتيِتتحدثِعنِاخلـَلفةِوالبيعةِفيمكنِأنِحتمـلِ
يفِمجلتهاِيفِضوء ِمعطياتِعرصناِاحلارضِعىل ِرضورةِإقامةِنظامِحكمِ
عادل ِرشيد ِله ِرئيس ِومؤسسات ِِ ،يعمل ِعىل ِحتقيق ِالعدل ِبني ِالناسِ،
وحتقيقِمصالحِالبَلدِوالعباد ِِ،ويستندِإىلِالشورىِواْلفادةِمنِالكفاءاتِ
وأهلِاخلربةِواّلختصاصِِ،بحيثِّلِيرتكِالناسِفوىضِّلِرساةِهلمِِ،وّلِ
إشكالِبعد ِذلكِيفِالسامءِواملسمياتِطاملا ِأهنا ِحتققِاألهدافِوالغاياتِ
التي ِيسعى ِاْلسَلم ِلتحقيقها ِبني ِالناس ِمجي ًعا ِبام ِحيقق ِصالح ِدينهمِ
ودنياهمِ(ِ.)1
*ِِِِِِِِ*ِِِِِِِِ*ِ
(ِ)0هذاِاملبحثِمأخوذِمنِكتاب"ِ:نحوِجتديدِالفكرِالدينيِ:مقاّلتِيفِالدينِواحلياة" ِلألستاذِ
الدكتور/حممدِخمتارِمجعةِوزيرِاألوقافِ(صِ.")008-002
-29 -
ثالثًا :احلاكمية
هيِاّللتزامِبامِنزلِمنِرشعِاهللِِ،وهذاِّلِيمنعِاحتكامِالبرشِإىلِقواننيِ
يضعوهناِيفِإطارِمبادئِالترشيعِالعامةِوقواعدهِالكلية ِِ،وف ًقاِلتغريِالزمانِ
واملكانِِ،وّلِيكونِاّلحتكامِلتلكِالترشيعاتِالوضعيةِخمال ًِفاِلرشعِاهللِماِ
دامِأنهِحيققِاملصالحِالعامةِللدولِوالشعوبِواألفرادِواملجتمعاتِ.
وبيان ذلكِ:
أنِفكرةِاحلاكميةِأساءِفهمهاِتلكِاجلامعاتِالتكفرييةِاْلرهابيةِِ،حيثِ
أدخلواِيفِمضموهناِماِملِ ُِيردهِالرشعِاْلسَلميِاحلنيفِ.
فاحلاكميةِتطلقِباملعنىِالترشيعيِِ،ومعناهاِِ:أنِاهللِسبحانهِهوِاملرشعِ
خللقهِِ،أيِ:هوِالذيِيأمرهمِوينهاهم ِِ،وحيلِهلمِوحيرمِعليهمِمنِخَللِ
تكاليفهِالرشعيةِ.
-31 -
منِخلقهِِ،فهذهِهيِاحلاكميةِالعلياِِ،وهذهِّلِتنفيِأنِيكونِللبرشِقدرِمنِ
الترشيعِأذنِبهِاهللِ(عزِوجل) ِهلم ِِ،وذلكِيفِدائرةِماِّلِنصِفيهِأصَل ِِ،
َتِ َعنْ ُهِ
اِسك َ
وهوِكثريِِ،وهوِاملسكوتِعنهِِ،والذيِجاءِفيهِاحلديثَِ "ِ:و َم َ
َف ُه َو ِ َع ْف هِو" ِ(سنن ِأيب ِداود) ِِ ،ومثل ِذلك ً
ِأيضا ِِ :ما ِنُص ِفيه ِعىل ِاملبادئِ
والقواعدِالعامةِدونِاألحكامِاجلزئيةِوالتفصيلية ِِ ،ومنِثمِيستطيعِالناسِ
أنِيرشعواِألنفسهمِبإذنِمنِدينهمِيفِجماّلتِكثرية ِِ:اجتامعيةِواقتصاديةِ
وسياسية ِِ ،غري ِمقيدين ِإّل ِبمقاصد ِالرشيعة ِالكلية ِِ ،وقواعدها ِالعامةِ،
وكلها ِ تراعي ِجلب ِاملصالح ِودرء ِاملفاسد ِورعاية ِحاجات ِالناس ِأفرادِ
ومجاعاتِ.
وننبهِإىلِأنِالقواننيِالتفصيليةِاملعارصةِّلِتتناىفِيفِمجلتهاِمعِالرشيعةِ
يف ِمقاصدها ِالكلية ِ؛ ِألهنا ِقامت ِعىل ِجلب ِاملنفعة ِودفع ِاملرضة ِورعايةِ
العرفِ.
وقضيةِتكفريِاحلكامِاستنا ًداِإىلِقولهِتعاىلِ:ﱡﭐ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ
-31 -
مرتدِيستحقِالقتلِيفِمذهبِهذاِالفكرِاملنحرفِ.
ً
املِأهنمِإنامِحكمواِبغريِرشعِاهللِتساهَل ِمنهمِأوِ وّلِجدوىِمنِاحت
ً
كسَلِأوِبسببِركوهنمِإىلِشهوةِمتغلبةِأوِمصلحةِدنيويةِقاهرةِأوِبسببِ
إكراهِمنِالظروفِالعامليةِاملحيطةِهبمِمعِيقينهمِبأهنمِآثمونِيفِجنوحهمِ
عنِاحلكمِبامِأنزلِاهللِِ.
ومظهرِالغلوِيفِهذاِيتجىلِيفِجتاهلِالفرقِبنيِاملعصيةِالسلوكيةِالتيِّلِ
جترِإىلِأكثرِمنِالفسق ِِ،واملعصيةِاّلعتقاديةِالتيِتزجِصاحبهاِيفِالكفرِ،
ومنِأصولِأهلِالسنةِأنِاملعايصِتفسقِوّلِتكفرِ.
ِأيضا ِيف ِالتوجه ِباحلكم ِاجلامعي ِعىل ِاملتلبسني ِهبذهِ
كام ِيتجىل ِالغلو ً
املعصيةِدونِتفصيلِوّلِتفريق ِِ،ودونِتقديرِللحاّلتِاخلاصةِواألوضاعِ
الفردية ِ ِ ،ومذاهب ِالعلامء ِمبنية ِعىل ِالتفرقة ِبني ِالنوع ِواملعني ِيف ِقضيةِ
التكفريِ.
كامِيتجىلِذلكِيفِخمالفةِجريئةِهلديِسيدناِرسولِاهللِ(صىلِاهللِعليهِ
وسلم)ِ،وحتذيرهِمنِالتورطِيفِهذاِالغلوِِ،وذلكِيفِاحلديثِالذيِرواهِأبوِ
ول ِاهللِِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ِ: سعيدِاخلدريِ(ريضِاهللِعنه)ِقالَ ِ:ق َال َِر ُس ُ
وب ِ ِ ِ
ُون ِ َع َل ْيك ُْمِ ني َُِهل ُم ُ
ِاجل ُلو ُِد ُِ ِ،ث َّم ِ َيك ُ ُون ُِأ َم َر ُاء ِ َت ْط َمئ ُّن ِإِ َل ْي ِه ُم ِال ُق ُل ُ ِ َ
ِ،وتَل ُ " َيك ُ
وب َِِ ،و َت ْق َش ِع ُّر ِِمن ُْه ُم ُ
ِاجل ُلو ُِد َِِ ،و َق َالَ ِ :ق َال َِر ُج هلِ: ُأ َم َر ُاء ِت َْش َمئِ ُّز ِِمن ُْهم ِال ُق ُل ُ ِ
-32 -
ِ،م َ ِ
واِالصَل َِة"ِ(مسندِأْحد)ِ.فدلِهذاِ
َّ اِأ َق ُام ولِاهلل؟ِ َق َال َ ِ
ِّ:لِ َ َأ ُِن َقات ُل ُه ْمِ َي َ
اِر ُس َ
احلديثِعىلِأنِجمردِرشودِاحلاكمِعنِبعضِهديِالقرآنِوالسنةِّلِيعدِ
كفراِ.
ً
وقدِبيناِيفِصدرِهذاِاملبحثِأنِاّللتزامِبرشعِاهللِ(عزِوجل) ِّلِيمنعِ
احتكامِالبرشِإىلِقواننيِيضعوهناِيفِإطارِمبادئِالترشيعِالعامةِوقواعدهِ
الكلية ِِ،وف ًقاِلتغريِالزمانِواملكان ِِ،وّلِيكونِاّلحتكامِلتلكِالترشيعاتِ
الوضعيةِخمال ًفاِلرشعِاهللِماِدامِأنهِحيققِاملصالحِالعامةِللدولِوالشعوبِ
واألفرادِواملجتمعاتِ.
*ِِِِِِِِ*ِِِِِِِِ*ِ
-33 -
رابعًا :اجلهــــاد
ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧﱠ [الفرقانِ.]25ِ:
والضمري ِيف ِقوله"ِ :به" ِأي ِبالقرآن ِالكريم ِِ ،فهو ِأمر ِرصيح ِللنبيِ
(صىلِاهللِعليهِوسلم) ِباجلهادِالدعويِللكفارِحالِكونهِيفِمكةِقبلِأنِ
يرشعِالقتالِِ.
ِِويفِسورةِالنحلِاملكيةِأيضاِِ:ﱡ ﭐﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ
-34 -
ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ
ﲹ ﲺﱠِ[النحلِِ.]001ِ:
إ ًذاِالقرآنِاملكيِتضمنِكلمةِاجلهاد ِِ،واملرادِهباِجهادِالنفسِبامِفيهِمنِ
الصربِعىلِالدعوةِوحتملِاألذىِيفِسبيلهاِ.
وبعد ِهجرة ِالنبي ِ(صىل ِاهلل ِعليه ِوسلم) ِإىل ِاملدينة ِوجدت ِالدولةِ
اْلسَلميةِبمقوماهتاِ(الدستورِواألرضِوالشعب)ِِ،ومنِثمِشـرعِاجلهـادِ
يفِاملدينةِلدفعِالعدوانِوالدفاعِعنِْحىِالدولةِوالوطن ِِ،وهذاِأمرِتقرهِ
األعرافِوالقواننيِالدوليةِِ.
ومنِاخلطأِأنِيتصورِكثريِمنِالناسِأنِالعلةِيفِعدمِمرشوعيةِاجلهادِ
القتايلِيفِمكةِالضعفِوليسِكذلك ِِ ،بلِالسببِيفِعدمِمرشوعيةِاجلهادِ
يفِالعهدِاملكيِومرشوعيتهِيفِالعهدِاملدينِأنِاملسلمنيِيفِمكةِملِيكنِهناكِ
يشءِيقاتلونِدونهِ ِ،ومنِهناِّلِيوجدِيفِاْلسَلمِجهادِقتايلِْلكراهِالناسِ
فالدعوةِتتسعِوتضيقِحسبِثقافةِالداعيةِوضمنِقاعدةِ ﭐﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ
ﲫﱠِ[البقرةِِ.]58١ِ:
ﲬ ﲩﲪ
أما ِاجلهاد ِالقتايل ِفهو ِمن ِأحكام ِالسياسة ِالرشعية ِِ ،والقاعدة ِيف ِبابِ
ِإرغاماِ
ً ِحوارا ِوإقنا ًعا ِِ ،وليس
ً اجلهاد ِأن ِاجلهاد ِالدعوي ِكان ِوّل ِيزال
ِدرءا ِللحرابة ِواّلعتداء ِِّ ،ل ِعدوا ًِنـاِ
وإكراها ِِ ،واجلهاد ِالقتايل ِإنام ِيكون ً
ًِ
وحر ًِبـاِِ.
ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ
ﲣﱠِ[التوبةِِِ.ِ]2ِ:
ﲤ ﲢ
ِحتَّىِ َي ْش َهدُ َ ِ ِ
واِأ ِْنِ َّاس َ وقولهِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ُِ "ِ:أم ْر ُت َِأ ْن ُِأ َقات َلِالن َ
ِ،و ُي ْؤتُواِال َّزكَا َِةَِ ِ،فإِ َِذاِ ولِاهللِ ِ ّلِإِ َل َهِإِّلَِّاهللَُِ ِ،و َأ َِّنِ ُ َ
حم َّمدً اِ َر ُس ُ ِ
واِالصَل َِةِ َ
َّ يم ِ،و ُيق ُ
َ
-36 -
اهب ْم ِ َع َىلِ ِ اء ُه ْم َِو َأ ْم َو َُاهل ْم ِإِّلَّ ِبِ َح ِّق ِا ِ ِ ِ َف َع ُلواِ َذلِ َ
ْل ْسَل ِم َِوح َس ُ ُ ك ِ َع َص ُمواِمنِّيِد َم َ
اهللِ"ِ(متفقِعليه)ِِِ.
ألنِقولهِتعاىلِِ:ﱡﭐ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ
ﲣﱠ ِخاصِ
ﲤ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ
ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼﱠِ[التوبةِِِ.ِ]١ِ:
ِحرصا ِدون ِغريه ِلتناقض ِذلك ِمعِ
ً فلو ِكانت ِغاية ِالقتال ِهي ِالكفر
احلكمِبإجارةِاملرشكِِ.
وأماِاحلديثِففرقِيف ِلغةِالعربِبنيِ"أقتل" ِو"أقاتل"ِ،فالقتلِغريِ
القتال".فأقتل" ِتعنيِ :مَلحقة ِالناس ِيف ِعقر ِدارهم ِحتى ِيدخلوا ِيفِ
ِقرسا ِِ ،أما ِ"أقاتل" ِفعىل ِوزن ِ"أفاعل"ِ ،وهي ِصيغة ِتقتيضِ
اْلسَلم ً
املشاركةِ.
ومعناهِ:أواجهِعدوانِالناسِباملثل ِِ،وقدِنقلِاْلمامِالبيهقيِعنِاْلمامِ
الشافعيِ(ريض ِاهللِعنه) ِقوله ِ":ليسِالقتلِمنِالقتالِبسبيل ِِ،فقدِحيلِ
قتالِالرجلِِ،وّلِحيلِقتله"(ِ.فتحِالباريِِ.)1١/0ِ:
ِ
*ِِِِِِِِِِ*ِِِِِِِِِِ*
-37 -
خامسًا :املواطنـــــة
وتعني ِأن ِيكون ِاملواطنون ِمجي ًعا ِسواء ِيف ِاحلقوق ِوالواجبات ِداخلِ
حدودِدوهلمِ.
وبيان ذلكِِ:
أنِاملواطنةِهيِ:مفاعلةِبنيِاْلنسانِاملواطنِوبنيِالوطنِالذيِيعيشِفيهِ
وينتمي ِإليه ِِ،وهي ِتقتيض ِأنِيكونِانتامءِاملواطنِووّلؤهِكاملنيِللوطنِ
حيرتمِهويتهِِ،ويؤمنِهباِِ،وينتميِإليهاِِ،ويدافعِعنهاِِ.
وهذهِالعَلقةِمعِالوطنِتتفقِمعِالقولِبأنِحبِاْلنسانِلشعبهِووطنهِ
هو ِحب ِغريزي ِيولد ِمع ِاْلنسان ِذي ِالفطرة ِالسليمة ِالتي ِتشرتك ِفيهاِ
األممِوالشعوبِعىلِاختَلفِأعراقهاِولغاهتاِوعاداهتـا ِِ،وهذاِاملعنىِوردِ
يفِبعضِاألقوالِاملأثورةِالتيِحتثِعىلِحبِاألوطانِوالتمسكِهباِوالدفاعِ
عنها ِِ ،كقوهلم"ِ :حب ِاألوطان ِمن ِاْليامن" ِِ ،وقوهلم ِ"ِ :إذا ِأردت ِأنِ
تعرفِوفاءِالرجلِفانظرِحنينهِإىلِوطنه"ِ.
وهذا ِيدلنا ِعىل ِعدم ِتنايف ِروابط ِاْلنسان ِمع ِوطنه ِوشعبه ِمع ِروابطِ
العقيدةِوالدين ِ؛ِألنِيف ِالدينِمنِالتعاليمِماِيأمرِاْلنسانِباملحافظةِعىلِ
تلكِالروابطِالتيِتشكلِمنهاِاهلويةِالوطنيةِ.
-38 -
ويؤيد ِهذا ِاّلنسجام ِبني ِاهلويتني ِالدينية ِوالوطنية ِأن ِالرشيعة ِقدِ
أوجبتِاجلهادِالدفاعيِعنِالوطنِوالشعب ِِ،واعتربتِمنِ ُيقتلِيف ِسبيلِ
الدفاعِعنهامِشهيدً اِِِِ.
ومنِثم ِِ،فإنِاملواطنةِتنطبقِعىلِمجيعِاملواطننيِالذينِيعيشونِيف ِوطنِ
واحدِدونِتفاوتِبينهم ِِ،وتستدعي ِاملساواةِبينهمِيف ِاحلقوقِوالواجباتِ
املنبثقةِمنِهذاِاّلنتامءِالوطنيِ.
اِواضحاِمنِوثيقةِاملدينةِاملنورةِالتي ِعقدهاِرسولِ
ً وهذاِماِيظهرِجلي
اهللِ(صىلِاهللِعليهِوسلم) ِمعِمكوناتِاملجتمعِاملتعددةِفيهاِيفِبدايةِالعهدِ
اجلديدِ،وإقامةِالدولةِوتنظيمِشئوهناِِ،وقدِكانتِموطنًاِلألوسِواخلزرجِ،
واليهود ِِ ،واملهاجرين ِِ ،وغريهم ِِ ،وقد ِكانت ِاهلوية ِالدينية ِخمتلفة ِبنيِ
هؤّلءِ،ولكنِاهلويةِالوطنيةِكانتِاجلامعِاملشرتكِفيامِبينهم ِِ،وقدِنظرتِ
هذه ِالوثيقة ِإىل ِاجلميع ِعىل ِأهنم ِمتساوون ِيف ِاْلنسانية ِويف ِاحلقوقِ
والواجبات ِالوطنية ِبام ِيف ِذلك ِاليهود ِوغريهم ِممن ِمل ِيؤمن ِبالرسالةِ
اْلسَلمية ِِ،وقدِتضمنتِوثيقةِاملدينةِعقدً اِاجتامعيِاِأرسىِقواعدِاألخوةِ
بنيِاملهاجرينِواألنصار ِوحافظِعىلِالعيشِاملشرتكِبنيِاملسلمنيِوغريهمِ
من ِاملواطنني ِاملشرتكني ِمعهم ِيف ِالوطن ِمن ِالذين ِمل ِيكونوا ِبالرسالة ِمنِ
املؤمنني ِِ،وقدِأعطتهمِالوثيقةِحقِاملساواةِمعِاملسلمنيِيف ِاملصالحِالعامةِ،
-39 -
وكفلت ِهلم ِسائر ِحقوقهم ِيف ِعباداهتم ِوحرياهتم ِالشخصية ِوعاداهتمِ
وتقاليدهم ِعىل ِقاعدة ِالتعايش ِمع ِالرشيك ِيف ِالوطن ِِ ،املستفاد ِمن ِقولهِ
تعاىلِ :ﱡﭐﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ
ﱹ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱠ [املمتحنةِِ،]8ِ:
ﱺ ﱵﱶﱷﱸ
وماِنصتِعليهِهذهِالوثيقةِمنِأنِاليهودِباملدينةِاملنورةِمعِاملسلمنيِأمةِ
واحدةِِ،لليهودِدينهمِوللمسلمنيِدينهمِِ،يفِإطارِالعيشِاْلنساينِالسلميِ
املشرتكِ.
عىل ِأن ِكلمة ِأهل ِالذمة ِتغني ِعنها ِاآلن ِكلمة ِاملواطنة ِواملواطنِ،
فاملواطنة ِتعني ِأن ِاملسلمني ِوغري ِاملسلمني ِيعيشون ِعىل ِأرض ِواحدةِ
جتمعهمِاملواطنةِوجيمعهمِاملكانِِ،فغريِاملسلمنيِهلمِحقوقِاملواطنةِكاملةِ،
كام ِأن ِمسئولية ِالنظام ِيف ِعنق ِاملسلمني ِوغري ِاملسلمني ِِ ،فالوطن ِملكِ
للجميعِِ،سواءِالذينِيدافعونِفيهِعنِالعقيدةِأوِالذينِيدافعونِفيهِعنِ
األرضِوالعرضِِ.
ِ
*ِِِِِِِِِِِ*ِِِِِِِِِِِ*ِ
-41 -
سادسًا :اإلرهـــاب
هو ِ ِ:اجلريمةِاملنظمةِالتيِيتواطأِفيهاِجمموعةِمنِاخلارجنيِعىلِنظامِ
الدولة ِواملجتمع ِِ ،وينتج ِعنها ِسفك ِدماء ِبريئة ِِ ،أو ِتدمري ِمنشآت ِِ ،أوِ
اعتداءِعىلِممتلكاتِعامةِأوِخاصةِِ.
وبيان ذلكِِ:
أن ِظاهرةِاْلرهابِتعتربِمنِأخطرِالظواهرِالتيِيمكنِأنِيتعرضِهلاِ
َّ
جمتمع ِمن ِاملجتمعات ِ؛ ِإذ ِتصل ِتداعياهتا ِإىل ِكل ِجماّلت ِاحلياة ِالعامةِ:
السياسيةِواّلقتصاديةِواّلجتامعيةِوغريهاِ.
وقد ِهنى ِاْلسَلم ِعن ِاْلرهاب ِواّلعتداء ِ؛ ِألنه ِدين ِالسَلم ِجلميعِ
البرشِ،فَلِجيتمعِمعِالعنفِواّلعتداءِ؛ِألهنامِضدانِِ،واملسلمونِمأمورونِ
بالبداءة ِبالسَلم ِلكل ِمن ِيقابلهم ِِ ،وهي ِكلمة ِأمان ِورْحة ِواطمئنانِ،
وإشاعةِلألمنِبنيِالناسِمجي ًعا ِِ،فَلِجيتمعِالضدان ِِ:السَلمِوالعنف ِِ،بلِ
إنِاملسلمنيِمأمورونِبالبحثِعنِالسَلمِواجلنوحِإليهِإذاِجنحِالعدوِإليهِ
ورغبِفيه ِِ،وذلكِيفِحالِاحلربِاملعلنة ِِ،فكيفِبغريِذلكِِ،قالِتعاىل ِِ:
ﭐﱡﭐﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳑ
ﳐﳒﳓﳔﳕ
ﱇ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ
ﱈ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ ﱆ
ﱍﱠ [األنفالِِِ.]ِ١5ِ،ِ١0:
-41 -
وملاِكانِاْلكراهِرض ًباِمنِرضوبِاْلرهاب ِِ،فإنِاْلسَلمِحاربهِبكلِ
صورهِوأشكالهِ؛ِألنِاْلكراهِيؤديِإىلِنقيضِاملطلوبِِ،وإىلِشيوعِالنفاقِ
الذيِهوِقاعدةِالغدرِواخليانةِوالرتبص ِ؛ِحتىِيفِمسألةِاعتناقِاْلسَلمِملِ
يرشعِاملوىلِسبحانهِإكراهِالناسِعىلِذلك ِِ،فقالِسبحانهِ:ﭐﱡﭐ ﳎ ﳏ ﳐ
ﳗﳙﳚﳛﳜﳝﳞ
ﳘ ﳑﳓﳔﳕﳖ
ﳒ
ﳤ ﳦ ﳧ ﳨﱠ
ﳥ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ
[البقرةِِِ.]52١ِ:
وحرمِاْلسَلمِقتلِالنفسِوسفكِالدمِاملعصومِِ،وجعلِذلكِمنِكبائرِ
ﲗﲙ
ﲘ ﲍ ﲎﲏﲐﲑﲒﲓﲔﲕﲖ
ﲚ ﲛﱠ [اْلرساء ِِ،]ِ ٤٤ِ :وقالِتعاىلِ:ﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ
ﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱍﱎﱏﱐﱑ
ﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘﱙﱚ
ﱛ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤﱥ
ﱜ
ﲄﲅﲆ ﲇﲈﲉﲊ ﲋ
-42 -
ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﱠ [النساءِِ.]٩٤ِ:
وعن ِأيب ِهريرة ِ(ريض ِاهلل ِعنه) ِقالِ :قال ِرسول ِاهلل ِ(صىل ِاهلل ِعليهِ
اِه َّن؟ِ َق َالِ:
ِ،و َم ُول ِاهللِ ِ َ اِر ُس َ ات" ِِ ِ،ق َ
يلَ ِ:ي َ واِالس ْب َع ِاملُْوبِ َق ِ ِ
َّ اجتَن ِ ُب
وسلم)ْ "ِ:
ِ،و َأك ُْل ِم ِ يِح َّر َم ِاهللُِإِ َّّل ِبِ َْ الرش ُك ِبِاهللِ ِِ،والسح ِر ِِ،و َقت ُْل ِالنَّ ْف ِ ِ
الِ َ قِ َ احل ِّ ِ س ِا َّلت َ َ ِّ ْ ُ َ " ِّ ْ
َات ِا ْلغَافِ ََل ِ
ف ِاملُْح ِصن ِ ِالر َبا َِِ ،والت ََّو ِّيل ِ َي ْو َم ِالز َّْح ِ ِ ِ
تِ ف َِِ ،و َق ْذ ُ ْ ا ْل َيتي ِم َِ ِ ،و َأك ُْل ِّ
َات" ِ(أخرجه ِالبخاري)ِ ،وعن ِعبد ِاهلل ِبن ِعمر ِ(ريض ِاهلل ِعنهام)ِ املُْ ْؤ ِمن ِ ِ
قالِ:قالِرسولِاهللِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)َ ِ ":ل ْن ِ َيز ََال ِاملُ ْؤ ِم ُن ِِيف ِ ُف ْس َحة ِِم ْنِ
اِح َر ًاما"ِ(أخرجهِالبخاريِ)ِ،وقالِابنِعمرِ(ريضِاهللِ ِدين ِ ِهِم َ ِ
ب ِ َد ًم َ
اِملِْ ُيص ْ َ
ِخم َر َج ِملَ ِ ْن َِأ ْو َق َع ِ َن ْف َس ُِه ِفِ َيها ِ َس ْف َكِ
ور ِا َّلتِيِّلَ َ ْ عنهام) ِِ ":إِ َّن ِِمن ِور َط ِ
ات ِاألُ ُم ِ ْ ََ
ِح ِّل ِِه"ِ(أخرجهِالبخاري)ِِ.
َري ِ
ِِاحل َرامِِبِغ ْ ِ
الدَّ م َ
وحرمِاْلسَلمِترويعِاآلمننيِِ،وجاءتِاألحكامِالرشعيةِمانعةِلألفعالِ
َّ
التي ِتسبب ِترويع ِاآلمنني ِوإخافتهم ِِ ،ومن ِذلك ِالنهي ِعن ِاْلشارةِ
بالسَلح ِِ،ففيِاحلديثِعنِأيبِهريرةِ(ريض ِاهللِعنه) ِأنِرسولِاهلل ِ(صىلِ
ِ ِ ِ ِ
اهللِعليهِوسلم) ِقال َِ ِ "ِ :م ْن َِأ َش َار ِإِ َىل َِأخيه ِبِ َحديدَ ة ِ َفإِ َّن ِاملَْ ََلئ َك َة ِ َت ْل َعنُ ُه َ
ِحتَّىِ
يه َِو ُأ ِّم ِهِ"ِ(أخرجهِمسلم)ِِ. َان َِأ َخاه ِِألَبِ ِ
ُ َيدَ َع ُه َِوإِ ْنِك َ
ِمعِغريِاملسلمنيِس ُِموِاِملِيرقِ
ُِ ولقدِس َمتِرشيعةِاْلسَلمِيفِالتعامل
َ
إليهِقانون ِمنِالقواننيِالبرشيةِأوِنظامِمنِاألنظمة ِ؛ِإذِحفظِهلمِاْلسَلمِ
-43 -
حقوقهم ِاملالية ِواألخَلقية ِواّلجتامعية ِِ ،كام ِحفظ ِأمواهلم ِوأرواحهمِ
وأعراضهمِِ،وملِيكرهمِعىلِتركِدينهمِأوِماِهوِأدنىِمنِذلكِِ.
ِِِووجهِالقرآنِالكريمِإىلِحسنِمعاملتهمِوالتعاملِمعهم ِِ،بلِبِرهمِ
والقسطِإليهم ِِ،يقولِاملوىلِسبحانهِوتعاىلِ:ﭐﱡﭐﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ
ﱹﱻﱼ
ﱺ ﱯﱰﱱﱲﱳ ﱴﱵﱶﱷﱸ
ﱽ ﱾ ﱠ [املمتحنةِِِ.]8ِ:
وشدَّ د ِالنبي ِ(صىل ِاهلل ِعليه ِوسلم) ِالوعيد ِِ ،وأغلظ ِيف ِالعقوبة ِملنِ
استباحِحرمةِدمائهمِأوِتعرضِهلمِباألذى ِِ،فقالِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ِ:
ِ ِ ِ ِ اِمل ِي ِرح ِرائِح َة َ ِ
ُوجدُ ِم ْن َِمس َرية َِأ ْر َبع َ
نيِ ِ،وإِ َِّن ِر َ
حي َهاِت َ ِاجلن َِّة ِ َ اهدً َِ ْ َ ْ َ َ
" َم ْن ِ َقت ََل ُِم َع َ
َع ًاما"ِ(أخرجهِالبخاري)ِ.
وقدِهنتِالرشيعةِاْلسَلميةِعنِالغلوِيفِالدينِِ،وحذرتِاملسلمنيِمنهِ
حتى ِّل ِينجرفوا ِوينحرفوا ِ؛ ِألن ِالغلو ِيف ِالدين ِهو ِالطريق ِإىل ِالتطرفِ
الفكريِواّلعتقاديِِِ.
والفهم ِاخلاطئ ِللدين ِقد ِيدفع ِاْلنسان ِإىل ِحماولة ِفرض ِما ِيعتقدهِ
ويؤمنِبهِبالقوةِِ،وهذاِماِأثبتهِالواقعِاملشاهدِِِ.
وقد ِجعل ِاهلل ِهـذه ِاألمـة ِوس ًِ
طـا ِ؛ ِألن ِدينهم ِكذلك ِِ ،قـال ِتعاىل:ﭐ
ﱡﭐﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ
-44 -
ﱥ ﱠ [البقرةِِِ.]0٣٤ِ:
ﱦ ﱣﱤ
-45 -
ُيلِبأمنِالناسِوأماهنمِِ،ومنِأبرزِتلكِالعقوباتِِ:حدِاحلرابةِِ،وقدِجاءِ
تبيينهِيفِقـولِاهللِتعـاىلِِ:ﱡ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ
ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ
ﲂ ﲄ ﲅ
ﲃ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ
ﲈ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﱠِ[املائدةِِِ.]٤٤ِ:
ﲉ ﲆﲇ
وقدِعرفتِاحلرابةِبوصفنيِعامنيِ:مهاِ:حماربةِاهللِورسوله ِِ،والفسادِ
واْلفساد ِيف ِاألرض ِِ ،وهذان ِالوصفان ِيقتضيان ِحتديد ِالعمل ِاْلجراميِ
باخلروجِعىلِأحكامِالرشعِ؛ِألنِحماربةِاهللِورسولهِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ِ
الواردةِيفِاآليةِالسابقةِليستِعىلِظاهرِالنص ِِ،إنامِيقصدِهباِالعملِعىلِ
ارتكابِاألعاملِاْلجراميةِاملخالفةِألحكامِاهللِواخلروجِعىلِمنهاجِرسولهِ
(صىلِاهللِعليهِوسلم) ِبالعدوانِالسافرِعىلِالناسِوعىلِأنفسهمِودمائهمِ
وأمواهلمِِ.
واحلرابةِتتفقِمعِما ِاصطلحِعىلِتسميتهِباْلرهابِيفِالعرصِاحلديث؛ِ
ِ،وخروجاِعىلِالقانونِ.
ً ً
ذلكِأنِيفِاْلرهابِْحَلِللسَلحِِ،وإخافةِللناسِ
وهذاِالتقاربِيفِالصفةِالظاهرةِيقتيضِالتشابهِيفِكيفيةِالعقابِبعدِتوافرِ
الرشوطِالَلزمةِللحكم ِعىلِمرتكبِاجلريمة ِِ،وتطبيقِمثلِهذهِالعقوبةِ
-46 -
هو ِالذي ِسيستأصل ِهـذا ِاملـرض ِويقطـع ِدابره ِِ ،عىل ِأن ِيكـون ِاحلكمِ
ِ
ِ،والتطبيقِمنِقبلِالسلطاتِاملختصةِِّ،لِمنِآحادِالناسِوّلِمنِ للقضاءِ
عمومهمِِ.
*ِِِِِِِ*ِِِِِِِِ*ِ
-47 -
سابعًا :اجلــزيـة
ِِهيِ:اسمِّللتزامِمايلِانتهىِموجبهِيفِزمانناِهذاِِ،وانتفتِعلتهِبانتفاءِ
ماِرشعتِألجلهِيف ِزماهناِ؛ ِلكونِاملواطنـنيِقدِأصبحــواِمجي ًِعــاِسـواءِ
يفِاحلقوقِوالواجباتِِ،وحلتِضوابطِونظمِماليةِأخرىِحملهاِِ،مماِأدىِ
إىلِزوالِالعلةِ.
ِِوماِوردِيفِالقرآنِالكريمِمنِحديثِعنهاِحيملِعىلِاألعداءِاملحاربنيِ
واملعتدينِالرافضنيِللمواطنــةِِ،وليسِيفِاملواطننيِاملسـاملــنيِاملشاركنيِ
يفِبناءِالوطنِوالدفاعِعنهِ.
وبيان ذلكِ:
أنِاجلزيةِالتيِفرضتهاِالدولةِاْلسَلميةِعىلِالذينِدخلواِيفِدولتهاِوملِ
يدخلواِيفِدينهاِملِتكنِاخرتاعاِإسَلميِاِِ،وإنامِكانتِرضيبةِمعروفةِفيامِ
سبقِاْلسَلمِمنِقواننيِِ،تؤخذِمقابلِاجلنديةِوْحايةِالدولةِوالدفاعِعنِ
ِبدّل ِمن ِاجلندية ِِ ،ومل ِتكن ً
ِبدّل ِمن ِاْليامن ِباْلسَلم ِِ، رعيتها ِِ ،فكانت ً
ويشهدِلذلكِأهناِملِتفرضِإّلِعىلِالقادرينِعىلِأداءِاجلنديةِِ،املالكنيِملاِ
ً
يدفعونهِرضيبةِهلذهِاجلنديةِِ،ولوِكانتِبدّل ِمنِاْليامنِباْلسَلمِلوجبتِ
عىل ِكل ِاملخالفني ِيف ِالدين ِمجي ًعا ِوبَل ِأي ِاستثناء ِِ ،لكن ِمل ِيكن ِأمرهاِ
-48 -
كذلكِِ،فهيِملِتفرضِعىلِالشيوخِوّلِاألطفالِوّلِالنساءِوّلِالعجزةِوّلِ
املرىضِمنِأهلِالكتابِِ،كام ِأهناِملِتفرضِعىلِالرهبانِورجالِالدينِِ،
وكلِالفقهاءِاملسلمنيِِ-باستثناءِفقهاءِاملالكيةِِ-قالواِ:إهناِبدلِعنِالنرصِ
واجلهاد.
لقد ِفرضت ِعىل ِالقادرين ِِ -بدنيِا ِوماليِا ِِ -من ِنصارى ِنجران ِمقابلِ
ِ،نص ِرسولِاهلل ِ(صىلِاهلل ِعليهِوسلم) ِعىلِذلك ِِِ:
إعفائهمِمنِاجلندية ِ َّ ِ
"ّلِيكلفِأحدِمنِأهلِالذمةِمنهمِاخلروجِمعِاملسلمنيِإىلِعدوهمِملَلقاةِ
وجواراِمنِ
ً احلروبِومكاشفةِاألقرانِِ،وأنِيكونِاملسلمونِ َِذ َِّبابنيِعنهمِِ،
دوهنم"ِِ.
ِِويفِالبَلدِالتيِآثرِفيهاِغريِاملسلمنيِأداءِاجلنديةِمعِاملسلمنيِملِتفرضِ
عليهمِاجلزيةِِ،بلِكانواِمتساوينِمعِاملسلمنيِيفِالقتالِويفِنصيبهمِمنِ
الغنائم ِكام ِحدث ِيف ِ(جرجان) ِحيث ِنصت ِمعاهدة ِالقائد ِ(سويد ِبنِ
ًِ
فلهِجزاؤهِيفِمعونتهِعوضاِعنِ مقرن)ِمعِأهلها ِ"ِ:ومنِاستعناِبهِمنكمِ
جزائه"ِ.
وحدثِذلكِأيضاِمـعِالنصـارىِمنِأهـلِْحصِِ،عندمـاِحاربـواِ
ً ِِ
يف ِصفوف ِجيش ِأيب ِعبيدة ِبن ِاجلراح ِيف ِموقعة ِالريموك ِضد ِالرومِ
البيزنطينيِِ.
-49 -
ِِوأسقطِعمرِبنِاخلطابِ(ريضِاهللِعنه)ِاجلزيةِعنِنصارىِبنيِتغلبِ
ملاِرأىِمنِنفارهمِوأنفهمِمنهاِِ،فلمِيأمنِشقاقهمِواللحاقِبالرومِِ،أوِأنِ
يكونواِظهرياِهلمِعىلِأهلِاْلسَلمِِ،وعلمِأنهِّلِرضرِعىلِاملسلمنيِمنِ
ًِ
إسقاطِذلكِاّلسمِعنهمِِ،معِاستبقاءِماِجيبِعليهمِمنِاجلزيةِِ،فأسقطهاِ
عنهمِِ،واستوفاهاِمنهمِباسمِالصدقةِحنيِضاعفهاِعليهم(ِ.أخرجهِابنِ
سَلمِيفِاألموالِِ،وأبوِيوسفِيفِاخلراج)ِ.
وأماِالذيِسامهِبيانِاهللِتعاىلِصغاراِِ،إنامِرتبهِعىلِاحلرابةِّلِعىلِجمردِ
ً ِِ
الكفرِأوِاّلنتسابِإىلِالكتابِِ،فإذاِانتهتِاحلرابةِفَلِصغارِ.
ِِوقدِشددِفقهاءِالرشيعةِالنكريِعىلِمنِييسءِإىلِأهلِالكتابِيفِأيِ
وجهِمنِأوجهِاملعاملةِِ،بلِأكدواِعىلِرضورةِحسنِمعاملتهمِواْلحسانِ
إليهمِِِ.
ِ
*ِِِِِِِِِ*ِِِِِِِِِ*ِ
-51 -
ثامنًا :دار احلـــــرب
ِِ هيِ:مصطلحِفقهيِمتغريِِ،وقدِأصبحِيفِوقتناِاحلارضِّلِوجودِلهِ
بمفهومهِاملصطلحيِالقديمِيفِظلِاّلتفاقاتِالدوليةِواملواثيقِاألمميةِِ،وّلِ
ُُي ُّل ِتغريهِبالتأكيدِعىلِحقِالدولِيفِاسرتدادِأرضهاِاملغتصبةِِ،وأخصهاِ
حقوق ِالشعب ِالفلسطيني ِِ ،والرشع ِيوجب ِالوفاء ِبالعقود ِِ ،وعليه ِفَلِ
هجرةِمنِاألوطانِبدعوىِاّلنتقالِلدارِاْلسَلمِ.
ويف بيان ذلكِ:
ِأن ِدار ِاحلرب ِِ :هي ِالتي ِوقع ِمنها ِاعتداء ِوحرب ِعىل ِبلدِ
نوضح َّ
إسَلمي ِِ ،وأعلن ِرئيس ِالدولة ِالتي ِوقع ِعليها ِاّلعتداء ِالدفاع ِعنها ِِ،
فالدارِاملعتديةِحينئذِهيِدارِحربِِ،وإنِملِيقمِبنيِأيِدولةِوبنيِاملسلمنيِ
قتالِأوِاعتداءِفهيِعندئذِدارِأمانِِ،ومنِاملعلومِأنِكلِالدولِالتيِيقومِ
بينها ِوبني ِاملسلمني ِمتثيل ِدبلومايس ِفهي ِداخلة ِحتت ِاسم ِدار ِأمان ِِ،
وكذلكِكلِالسفراءِوالسياحِوالتجار ِممنِيدخلونِبَلدِاْلسَلم ِإنامِهمِ
أهلِعهدِوأمانِّلِجيوزِاملساسِهبمِأوِاّلفتئاتِعليهمِِ،بلِجيبِإكرامهمِ
واْلحسانِإليهمِطاملاِالتزمواِبالقواننيِاملنظمةِلدخوهلمِوإقامتهمِببَلدناِِ،
فإذاِخرجواِعنِهذهِالقـواننيِفمحاسبتهـمِهيِاختصـاصِاحلكومــاتِ
ّلِاألفرادِوف ًقاِلألعرافِالدوليةِوالعَلقاتِالدبلوماسيةِ.
-51 -
غري ِأن ِاملتطرفني ِيرصون ِعىل ِأن ِدار ِالكفر ِّل ِبد ِأن ِتكون ِدار ِحربِ
دائامِ،وّلِجمالِفيهاِلعهدِأوِأمانِيلتزمهِاملسلمونِماِدامِأهلهاِكافرينِِ،
ًِ
ومنِاستطاعِمنِاملسلمنيِأنِينهبِأمواهلمِويسطوِعىلِممتلكاهتمِفليفعلِِ،
وهكذاِتصبحِالدنياِكلهاِدارِحربِيفِنظرِهؤّلءِاملتطرفنيِالغالنيِحتىِ
بَلدِاْلسَلمِفهيِدارِحربِيفِنظرهم ِ؛ِألنِأهلهاِغريِمطبقنيِللرشيعةِ
اْلسَلميةِفيهاِِ،وغريِاملسلمنيِحربيونِ؛ِألهنمِكفارِِ،وهكذاِتصبحِالدنياِ
كلهاِدارِحربِوقتلِوقتالِيفِنظرِهؤّلءِاْلرهابينيِِ،وهوِماِحيولِالعاملِ
ً
إىلِساحةِرصاعِِ،بدّل ِمنِروحِاحلوارِاحلضاريِوقبولِاآلخرِوالتعايشِ
ُ
السلميِالذيِأرسىِأسسهِورسخهاِدينناِاحلنيفِِ،حيثِ ُِتعدِِّوثيقةِاملدينةِ
املنورةِأعظمِوثيقةِبرشيةِيفِفقهِالتعايشِاْلنساينِبنيِالبرشِعىلِاختَلفِ
أدياهنمِوعقائدهمِوأعراقهمِ.
ِ
*ِِِِِِِِِ*ِِِِِِِِِ*ِ
-52 -
تاسعًا :الديـــن والدولـــة
الدولة ِالرشيدة ِهي ِصامم ِأمان ِللتدين ِالرشيد ِِ ،والعَلقة ِبني ِالدينِ
ِصحيحا ِواع ًياِ
ً والدولة ِليست ِعَلقة ِعداء ِولن ِتكون ِِ ،إن ِتدينا ِرشيدً ا
وسطياِيسهمِوبقوةِيفِبناءِواستقرارِدولةِعرصيةِديمقراطيةِحديثةِتقومِ
عىلِأسسِوطنيةِراسخةِوكاملةِِ،وإنِدولةِرشيدةِّلِيمكنِأنِتصطدمِ
بالفطرةِاْلنسانيةِالتيِتبحثِعنِاْليامنِالرشيدِالصحيحِِ،عىلِأنناِينبغيِ
ِنفرق ِوبوضوح ِشديد ِبني ِالتدين ِوالتطرف ِِ ،فالتدين ِالرشيد ِيدفعِ
أن ّ
صاحبهِإىلِالتسامحِِ،إىلِالرْحةِِ،إىلِالصدقِِ،إىلِمكارمِاألخَلق ِِ،إىلِ
التعايشِالسلميِمع ِالذاتِواآلخرِِ،وهوِما ِندعمهِمجي ًعا ِِ،أماِالتطرفِ
واْلرهابِالذيِيدعوِإىلِالفسادِواْلفسادِِ،والتخريبِوالدمارِِ،واهلدمِ
واستباحةِالدماءِواألموالِِ،فهوِالداءِالعضالِالذيِجيبِأنِنقاومهِمجي ًعاِ
وأنِنقفِلهِباملرصادِِ،وأنِنعملِبكلِماِأوتيناِمنِقوةِللقضاءِعليهِحتىِ
نجتثهِمنِجذورهِ.
ويفِهذهِاملعادلةِغريِالصعبةِجيبِأنِنفرقِبنيِالدينِالذيِهوِحقِِ،
والفكر ِاْلرهايب ِاملنحرف ِالذي ِهو ِباطل ِِ ،موقنني ِأن ِالرصاع ِبني ِاحلقِ
والباطلِقائمِومستمرِإىلِأنِيرثِاهللِاألرضِومنِعليها ِِ،عىلِأنِالنرصِ
-53 -
للحقِطالِالزمنِأوِقرصِِ،حيثِيقولِسبحانهِ:ﱡﭐ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ
ﲊ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﭐﱠ [األنبياءِِ.]08ِ:
ﲋ ﲆﲇﲈﲉ
إن ِمثل ِاحلق ِوالباطل ِكمثل ِالكلمة ِالطيبة ِالتي ِهي ِحق ِِ ،والكلمةِ
ﳈﳉﳊﳋﳌﳍﳎﳏﱁﱂ
ﱆ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ
ﱇ ﱃ ﱄ ﱅ
ﱍﱎﱏﱐﱑ ﱒﱓﱔﱕ
ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛﭐﱠ [إبراهيمِِ.ِ]5١-5٣ِ:
عىلِأنِالنرصِّلِحمالةِللحقِوألهلهِِ،حيثِيقولِاحلقِسبحانهِِ:ﱡﭐ ﲞ
ﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦﲧﲨﲩﲪ
ﲫﱠ [الصافاتِِ،ِ]01٤ِ-010ِ:ويقولِسبحانهِِ:ﭐﱡﭐ ﲧ ﲨ ﲩ
ﲪ ﲫ ﲬﱠ [حممدِِ،ِ]1ِ:ويقولِسبحانهِ:ﭐﱡﭐﲛ ﲜ ﲝ
ﲞ ﲟﱠ [الرومِِِ.]٣1ِ:
إنناِألصحابِقضيةِعادلةِِ،قضيةِدينِِ،وقضيةِوطنِِ،فكلِماِيدعوِ
للبناء ِوالتعمري ِِ ،والعمل ِواْلنتاج ِِ ،وسعادة ِالناس ِوحتقيق ِأمنهمِ
واستقرارهمِِ،هلوِالدينِاحلقِواْلنسانيةِاحلقيقيةِِ،وكلِماِيدعوِللفسادِ
-54 -
واْلفساد ِِ ،والتخريب ِوالقتل ِِ ،يدعو ِإىل ِما ُِيالف ِاألديان ِوسائر ِالقيمِ
النبيلةِوالفطرةِاْلنسانيةِالقويمةِِ.
الدينِوالدولةِّلِيتناقضانِِ،الدينِوالدولةِيرسخانِمعاِأسسِاملواطنةِ
املتكافئة ِيف ِاحلقوق ِوالواجبات ِِ ،وأن ِنعمل ِم ًعا ِخلري ِبلدنا ِوخري ِالناسِ
أمجعني ِِ ،أن ِنحب ِاخلري ِلغرينا ِكام ِنحبه ِألنفسنا ِِ ،األديان ِرْحة ِِ ،األديانِ
سامحةِِ،األديانِإنسانيةِِ،األديانِعطاءِِ.
الدينِوالدولةِيتطلبانِمنَِّاِمجي ًعاِالتكافل ِاملجتمعيِِ،وأنِّلِيكونِبينناِ
جائعِوّلِحمرومِِ،وّلِعارِوّلِمرشدِوّلِحمتاجِِ.
الدينِوالدولةِيدفعانِإىلِالعملِواْلنتاجِِ،والتميزِواْلتقانِِ،ويطاردانِ
البطالة ِوالكسل ِِ ،واْلرهاب ِواْلمهال ِِ ،والفساد ِواْلفساد ِِ ،والتدمريِ
والتخريبِِ،وإثارةِالقَلقلِوالفتنِِ،والعاملةِواخليانةِِ.
وختاما ِِ ...نؤكد ِأن ِمن ِيتومهون ِرصا ًعا ِّل ِجيب ِأن ِيكون ِبني ِالدينِ
ً
ِإماِأهنمِّلِيفهمونِاألديانِفهامِصحيحاِأوِّلِ
ً والدولةِويرونهِرصا ًعاِحم ِّتـ ً ِام
يعون ِمفهوم ِالدولة ِوع ًيا ِتامِا ِِ ،فاخللل ِّل ِعَلقة ِله ِبالدين ِالصحيح ِوّلِ
بالدولةِالرشيدةِِ،إنامِينشأِاخلللِمن ِسوءِالفهمِلطبيعةِالدينِأوِلطبيعةِ
الدولةِأوِلطبيعتهامِم ًعاِِ.
غريِأنناِنؤكدِعىلِرضورةِاحرتامِدستورِالدولةِوقوانينهاِِ،وإعَلءِدولةِِ
-55 -
ِ
القانونِِ،وأّلِتنشأِيفِالدولِسلطاتِموازيةِلسلطةِالدولةِأيِاِكانِمصدرِ
هذهِالسلطاتِِ،فهوِلواءِواحدِتنضويِحتتهِويفِظلهِكلِاأللويةِاألخرىِِ،
أماِأنِحتملِكلِمؤسسةِأوِمجاعةِأوِجهةِلواء ِمواز ًياِللواءِالدولةِفهذاِ
ًِ
خطرِداهمِّلِيستقيمِمعهِّلِأمرِالدينِوّلِأمرِالدولة.
ﭐ
*ِِِِِِِِِِِِِِ*ِِِِِِِِِِِِِ*
ِ
-56 -
عاشرًا :مشروعية الدولة الوطنية
يفِالسياقِواملناخِالفكريِالصحيِّلِحيتاجِالثابتِالراسخِإىل ِدليلِِ،
لكنِاختطافِاجلامعاتِاملتطرفةِللخطابِالدينيِواحتكارهاِلهِولتفسرياتهِ
جعلِماِهوِيفِحكمِاملسلامتِحمتاجاِإىلِالتدليلِوالتأصيلِِ،وكأنهِملِيكنِ
ً
أصَلِثابتًاِِ،فمرشوعيةِالدولةِالوطنيةِأمرِغريِقابلِللجدلِأوِالتشكيكِِ،
بلِهوِأصلِراسخِّلِغنىِعنهِيفِواقعناِاملعارصِِ،حتىِأكدِبعضِالعلامءِ
واملفكرينِأنِالدفاعِعنِاألوطانِمقدمِعىلِالدفاعِعنِاألديانِِ،ألنِالدينِ
ّلِبدِلهِمنِوطنِحيملهِوحيميهِِ،وإّلِملاِقررِالفقهاءِأنِالعدوِإذاِدخلِبلدً اِ
منِبَلدِاملسلمنيِصارِاجلهادِودفعِالعدوِفرضِعنيِعىلِأهلِهذاِالبلدِ
رجاهلم ِونسائهم ِِ ،كبريهم ِوصغريهم ِِ ،قوهيم ِوضعيفهم ِِ ،مسلحهمِ
وأعزهلم ِِ ،كل ِوفق ِاستطاعته ِومكنته ِِ ،حتى ِلو ِفنوا ِمجي ًعا ِِ ،ولو ِمل ِيكنِ
الدفاع ِعن ِالديار ِمقصدً ا ِمن ِأهم ِمقاصد ِالرشع ِلكان ِهلم ِأن ِيرتكواِ
األوطانِوأنِينجواِبأنفسهمِوبدينهمِِِ.
وتعني ِالدولة ِالوطنية ِاحرتام ِعقد ِاملواطنة ِبني ِالشخص ِوالدولة ِِ،
وتعنيِاّللتزامِالكاملِباحلقوقِوالواجباتِاملتكافئةِبنيِأبناءِالوطنِمجي ًِعاِ
دونِأيِتفرقةِعىلِأساسِالدينِأوِاللونِأوِالعرقِأوِاجلنسِأوِاللغةِِ،غريِ
-57 -
أنِتلكِاجلامعاتِالضالةِاملارقةِاملتطرفةِاملتاجرةِبالدينِّلِتؤمنِبوطنِوّلِ
بدولةِوطنيةِِ،فأكثرِتلكِاجلامعاتِإماِأهناِّلِتؤمنِبالدولةِالوطنيةِأصَلِ
ِأن ِوّلءها ِالتنظيمي ِاأليديولوجي ِفوق ِكل ِالوّلءاتِ
من ِاألساس ِِ ،أو َّ
األخرىِوطنيةِوغريِوطنيةِِ،فالفضاءِالتنظيميِلدىِهذهِاجلامعاتِأرحبِ
وأوسعِبكثريِمنِالدولةِالوطنيةِوالفضاءِالوطنيِ.
وتسوقِسائرِاجلامعاتِاملتطرفةِأهناِحاميةِْحىِالدينِ،وأهناِإنامِتسعىِ
ّ
لتطبيقِحكمِاهللِ(عزِوجل)ِوإقامةِرشعه ِِ،ونتساءلِِ:أينِماِتقومِبهِهذهِ
اجلامعاتِمنِقتلِونسفِوتفجريِوتدمريِوسفكِللدماءِوانتهاكِلألعراضِ
وسبيِللحرائرِوهنبِلألموالِوترويعِلآلمننيِمنِرشعِاهللِوحكمه؟ِ.
إنِماِتقومِبهِهذهِاجلامعاتِاملتطرفةِهوِعنيِاجلنايةِعىلِاْلسَلمِِ،ذلكِ
أنِماِأصابِاْلسَلمِمنِتشويهِلصورتهِعىلِأيديِهؤّلءِاملجرمنيِبسببِ
ْحاقاهتمِملِيصبهِعربِتارُيهِعىلِأيديِأعدائهِمنِالتتارِبامِارتكبوهِمنِجمازرِ
يفِاملايضِوماِيصيبهِعىلِأيديِداعشِِ،والقاعدةِِ،والنرصةِِ،وبوكوِحرامِ،
وأرضاهبمِيفِاحلارضِ.
ونستطيع أن نؤكد وباطمئنان على أمور ،أهمهاِِِ:
األولِ :أن ِاْلسَلم ِمل ِيضع ِقال ًِبا ِجامدً ا ِلنظام ِاحلكم ِّل ِيمكن ِاخلروجِ
عنهِ،إنامِوضعِأسساِومعايريِمتىِحتققتِكانِاحلكمِرشيدً اِيقرهِاْلسَلمِِِ،
-58 -
ويف ِمقدمتها ِمدى ِحتقيق ِاحلكم ِللعدل ِواملساواة ِوسعيه ِلتحقيق ِمصالحِ
البَلدِوالعباد ِِ،وّلِإشكالِبعدِذلكِيفِاألسامءِأوِاملسمياتِِ،ألنِالعربةِ
باملعاينِواملضامنيِّلِباألسامءِوّلِباملسمياتِِ.
الثاني ِِ:أنهِحيثِتكونِاملصلحة ِويكونِالبناءِوالتعمريِفثمِرشعِاهللِ
وصحيح ِاْلسَلم ِِ ،وحيث ِيكون ِاهلدم ِوالتخريب ِوالدمار ِفثمة ِعملِ
الشيطانِومجاعاتِالفتنةِوالدمارِواخلرابِِ.
الثالث ِ ِ :أن ِالعمل ِعىل ِتقوية ِشوكة ِالدولة ِالوطنية ِمطلب ِرشعيِ
ووطني ِ ِ،وأنِكلِمنِيعملِعىلِتقويضِبنيانِالدولةِأوِتعطيلِمسريهتا ِِ،
أو ِتدمري ِبناها ِالتحتية ِِ ،أو ِترويع ِاآلمنني ِهبا ِِ ،إنام ِهو ِجمرم ِيف ِحق ِدينهِ
ووطنهِم ًعاِِ.
الرابع ِ:أنناِيفِحاجةِملحةِإىلِإعادةِقراءةِتراثناِالفكريِقراءةِدقيقةِ
واعية ِتفرق ِبني ِالثابت ِواملتغريِ ،بني ِما ِناسب ِعرصه ِوزمانه ِومكانه ِمنِ
اجتهادات ِالفقهاء ِوما ِيتطلبه ِعرصنا ِومستجداته ِمن ِقراءة ِجديدةِ
للنصوص ِيقوم ِهبا ِأهل ِالعلم ِواّلختصاص ِحلل ِإشكاليات ِاحلارضِ،
وبخاصةِفيامِيتصلِبأحكامِاملواطنةِِ،إىلِجانبِتأصيلِفقهِالعيشِاْلنساينِ
املشرتك ِِ ،وبيان ِأن ِأمن ِاألوطان ِواملواطنني ِّل ِيتجزأ ِِ ،وأنه ِّل ِيتحملِ
التجزئةِأوِالتصنيفِِ،وقدِذكرِاْلمامِابنِحزمِ(رْحهِاهلل)ِأنِمنِكانِبينناِ
-59 -
منِأهلِالذمةِوجاءِمنِيقصدوهنمِبسوءِوجبِعليناِأنِنخرجِحلاميتهمِ
بالسَلح ِوأن ِنموت ِدون ِذلك ِِّ ،ل ِأن ِنستحل ِدماءهم ِأو ِأمواهلم ِأوِ
أعراضهمِ.
ِ
-61 -
حادي عشر :وجوب محاية اجملتمع
من التطرف واإلرهاب ()
ّل ِشك ِأن ِاجلامعات ِالضالة ِاملتطرفة ِقد ِحاولت ِاختطاف ِاخلطابِ
الدينيِوتوظيفهِأيدلوجياِخلدمةِمطامعهاِومطامعِمنِ ُي َم ِّوهلاِويستخدمهاِ
هلدم ِدولِاملنطقةِوتفتيتِكياهناِومتزيقِبنياهناِِ،ذلكِأنِأيِأحدِيسمعِأنِ
دينًاِأوِمجاع ًة ِتستبيحِالذبحِواحلرقِوالتنكيلِبالبرشِّلِيسعهِإّلِأنِيكفرِ
هبذهِاجلامعةِوبامِتدعيهِمنِدينِ ِافرتاءِعىلِاهللِورسلهِوسائرِكتبهِاملنزلةِِ،
وأماِمنِجهةِالوطنِفهذهِاجلامعاتِاملارقةِّلِتؤمنِبوطنِوّلِبدولةِوطنيةِ،
ِصن ِ َعت ِهلدم ِاألوطان ِالتي ِّل ِيروهنا ِسوى ِحفنة ِمن ِالرتاب ِِ،
بل ِإهنا ُ
فاألرضِيفِمنظورهمِّلِتعدِعرضاِوّلِمتثلِشاغـ ً ِ
َل ِوّلِمهاِِ،يفِحنيِأنِ ًِ
اْلسـَلمِأوجبِالدفـاعِعنِاألوطانِوافتـداءهاِبكلِماِيملكِبنوهاِمنِ
نفسِِومالِِ.
والســؤالِِ:هل ِنحـنِيفِحاجـةِإىلِتفكيـكِالفكرِاملتطرفِِ،أمِإىلِ
تفكيكِاجلامعاتِاملتطرفةِ؟ِواجلوابِالذيِّلِخَلفِعليهِهوِأنناِيفِحاجةِ
إىل ِتفكيك ِالفكـر ِاملتطـرف ِواجلامعـات ِاملتطرفة ِم ًعـا ِِ ،غري ِأن ِتفكيـكِ
(ِ)هذاِاملبحثِكتبهِأ.دِ/حممدِخمتارِمجعةِِ،وزيرِاألوقافِِ.
-61 -
الفكـر ِيأِت ِيف ِاملقدمة ِِ ،ذلك ِأنك ِقد ِتفكك ِمجاعة ِإرهابية ِأو ِمتطرفةِ
فتخـرجِعليكِمجـاعـةِأخرىِأعتىِوأشدِِ،غريِأنناِعندماِننجحِيفِتفكيكِ
الفكر ِاملتطرف ِوكشف ِزيفه ِوزيغه ِوفساده ِوإفساده ِوأباطيله ِفإننا ِنكونِ
أتيناِعىلِاملشكلةِمنِجذورهاِِ.
ويفِسبيلِذلكِّلِبدِأنِنكشفِوأنِنعريِهذهِاجلامعاتِاملتطرفةِِ،وأنِ
نبني ِعاملتها ِوخيانتها ِلدينها ِوأمتها ِِ ،وأن ِنربز ِشهادات ِمن ِاستطاعواِ
ّ
اْلفَلت ِمن ِجحيم ِهذه ِاجلامعات ِاْلرهابية ِالضالة ِِ ،وأن ِما ِ
ِيعدون ِبهِ
ِوزورا ِمن ِاحلياة ِالرغدة ِهو ِحمض ِكذب ِّل ِوجود ِله ِعىلِ
ً الشباب ِكذ ًبا
أرضِالواقعِِ،فمنِيلتحقِهبمِمصريهمِالتفخيخِوالتفجريِِ،وإنِفكّرِجمردِ
تفكريِيفِاهلروبِمنِجحيمِهذهِاجلامعاتِكانِجزاؤهِالذبحِأوِاحلرقِأوِ
ًِ
املوتِسحَلِ.
كام ِجيب ِتفنيد ِأباطيلهم ِيف ِاستحَلل ِالدماء ِواألموال ِواألعراض ِِ،
واحلكم ِعىل ِالناس ِبالكفر ِحتى ِيسوغوا ِألنفسهم ِقتلهم ِِ ،واستباحةِ
نسائهمِوأمواهلمِِ،وهوِماِحذرِمنهِاحلقِسبحانهِوتعاىلِِ،حيثِيقول ِ :ﭐ
ﱡﭐﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ
ﲞﲟﲠﲡﲢﲣﲤﲥﲦ
ﲬ ﲮﲯﲰ
ﲭ ﲧﲨﲩﲪﲫ
-62 -
ﲵ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ
ﲶ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ
ﲻ ﲼ ﱠ [النساءِِ،]٩٣ِ:ذلكِأنِهذهِاجلامعاتِالضالةِجتعلِ
من ِتكفري ِاملجتمع ِوسيلة ِّلستحَلل ِالدماء ِواألموال ِواألعراض ِالتيِ
يسعونِّلستباحتهاِْلشباعِرغباهتمِالدنيئةِِ،ويفِهذاِنؤكدِأنِاحلكـمِعىلِ
ةِّلِيثبتِإّلِبحكمِقضائيِهنائيِوبات ِ؛ِملاِيرتتبِ
ِّ شخـصِبالكفرِأوِالر ّد
عىلِاحلكمِبالكفرِمنِأمورِخطريةِ.
وكذلك ِدعوهتم ِالضالة ِإىل ِاجلهاد ِِ ،مع ِأن ِما ِيقومون ِبه ِهو ِبغيِ
وعدوانِّلِعَلقةِلهِباجلهادِِ،وليسِمنِاجلهادِيفِيشءِِ.
ومنِثمةِجيبِأنِنبنيِأنِاجلهادِيفِسبيلِاهللِ(عزِوجل)ِأوسعِمنِأنِ
يكونِقتاّلِِ،فهناكِجهادِالنفسِبحملهاِعىلِالطاعةِوكفهاِعنِاملعصيةِ،
والتزامهــــاِمكارمِاألخَلقِمنِالصدقِواألمانةِوالوفاءِبالعهدِوسائـرِ
األخَلقِالكريمةِ.
ُّ
أماِاجلهادِالذيِهوِبمعنىِالقتالِفإنامِرشعِللدفاعِعنِالوطنِِ،وعنِ
الدولِأنِتستباحِِ،وليسِآلحادِالناسِأو ِحلزبِأوِجلامعةِأوِلفصيلِأوِ
لقبيلةِأنِيعلنِهذاِاجلهادِِ،إنامِهوِحقِلويلِاألمرِوفقِماِيقررهِدستورِكلِ
دولةِيفِإعَلنِحالةِاحلربِوالسلمِِ،سواءِأعطاهِالدستورِلرئيسِالدولةِِ،
-63 -
أمِملجلسِأمنهاِالقوميِِ،أمِللرئيسِبعدِأخذِرأيِبرملاهناِِ،املهمِأنِقضيةِ
إعَلنِحالةِاحلربِليستِمل ًِ
كاِلألفرادِأوِاجلامعاتِِ،وإّلِأصبحِاألمـرِ
فوىضِّلِدولةِِ،وعدناِإىلِحياةِاجلاهليةِِ،حيثِيقولِالشاعرِِ:
ِالنــاسِ َفـوىضِّلِسـَراة َُِ
َِهلـمِ ُ ّلِ َيص ُل ُ
ــح
ــاهلــــــمِســادواِ ّلِســـــراةَِإِ ُ
ذاِج ّه ُ َو َ
ِ
فام ِأحوجنا ِإىل ِالفكر ِاملستنري ِِ ،والفهم ِالصحيح ِللدين ِِ ،وتصحيحِ
املفاهيم ِاخلاطئة ِِ ،واسرتداد ِاخلطاب ِالديني ِممن ِحاولوا ِاختطافه ِِ ،وكفِِِّ
ِّ ِ
وغل ِيد ِاملتطرفني ِعن ِالدعوة ِوالفتوى ِِ ،وإىل ِأن ِنواجه ِاجلهل ِبالعلم ِِ،
والظلامت ِبالنور ِِ ،والباطل ِباحلق ِِ ،والفساد ِوالتخريب ِبمزيد ِمن ِالبناءِ
والتعمريِِ،وأنِنعملِعىلِترسيخِالوّلءِلألوطانِمنِجهةِِ،وترسيخِأسسِ
املواطنةِوفقهِالعيشِاملشرتكِعىلِأسسِإنسانيةِخالصةِمنِجهةِأخرىِِ،
وأن ِنسعى ِم ًعا ِومجي ًعا ِملا ِفيه ِأمن ِوسَلم ِاْلنسانية ِمجعاء ِِ ،وأن ِندرك ِأنِ
العاملِكلهِيفِسفينةِواحدةِِ،ولنِينجوِمنهِأحدِدونِاآلخرِِ،وأنِأي ِخرقِ
ِّ
يفِالسفينةِيمكنِأنِهيلكِأهلهاِمجي ًِعاِِ،يقولِنبيناِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ِِ:
ِاست ََه ُمواِ َع َىل َِس ِفينَةِ ِِ، ِ ِ ِ
ِحدُ ود ِاهلل ِ َوا ْل َواق ِع ِف َيهاِِ ،ك ََم َث ِل ِ َق ْوم ْ
ِ
(م َث ُل ِا ْل َقائ ِم ِ َع َىل ُ
َ
ين ِِيف َِأ ْس َفلِ َها ِإِ َذاِ َف َأصاب ِبع ُضهم َِأع ََلها ِِ ،وبع ُضهم َِأس َف َلها َِ ِ ،فك َ ِ
َان ِا َّلذ َ ََْ ُ ْ ْ َ َ َ َْ ُ ْ ْ َ
-64 -
َاِيف ِن َِصيبِن َ
َاِخ ْر ًقاِ َّاِخ َر ْقن ِ
اء َِم ُّرواِ َع َىل َِم ْن ِ َف ْو َق ُه ِْم َِ ِ،ف َقا ُلواَ ِ:ل ْو َِأن َ اِمنِاملَْ ِ اس َِت َقو ِ
ْ ْ
اِِ،وإِ ْن َِأ َخ ُذواِ َع َىلِ اِأرادواِه َلك ِ ِ
ُواِمجي ًع ََ ُوه ْم َِو َم َ َ ُ َ رتك ُ ِ
َو َمل ِْن ُْؤذ َِم ْن ِ َف ْو َقنَا َِ ِ،فإ ْن ِ َي ْ ُ
اِمجِي ًعا)ِ(أخرجهِالبخاري)ِ. اِون ََج ْو ََأ ْيدهيِ ْمِن ََج ْو َ
ِ
فيجبِعليناِمجي ًعاِأنِنعملِعىلِْحايةِجمتمعاتناِوحتصنيِشبابناِمنِهذاِ
الفكر ِاْلرهايب ِاللعني ِِ ،كل ِيف ِجماله ِوميدانه ِِ ،وأّل ِنمكن ِأيِا ِمن ِعنارصِ
التطرفِأوِالتشددِمنِمفاصلِالدولةِاْلداريةِأوِالقياديةِأوِصنـعِالقرارِ
ِأي ِمن ِمؤسساهتـا ِِ ،وّل ِسيمـا ِاملؤسسات ِالدينية ِوالثقافية ِوالتعليميةِ
يف ِّ
والرتبويةِالتيِتعملِعىلِصياغةِالعقولِوتشكيلِالوجدانِِ،وبخاصةِلدىِ
الشبابِوالناشئةِِ،حتىِنجففِمنابعِهذاِالفكرِونقتلعهِمنِجذورهِﱡﭐ ﲩ
ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﱠِ[فاطرِِ.]01ِ:
-65 -
ثاني عشر :كيف حتمي أبناءك من اإلرهاب؟ ()
ّل ِشك ِأن ِهذا ِالسؤال ِقد ُِحيمل ِعىل ِمعنيني ِِ ،أحدمها ِِ :كيف ِحتميِ
أبناءكِمنِأنِيصيبهمِخطرِاْلرهاب؟ِواآلخرِِ:كيفِحتميِأبناءكِمنِأنِ
يكونواِإرهابينيِأوِأنِيكونِأحدهمِإرهابيِاِ؟ِِ.
والسؤاّلن ِبينهام ِعَلقة ِوطيدة ِِ ،وهي ِما ِيعرف ِيف ِاصطَلح ِاملناطقةِ
بالعمومِواخلصوصِاملطلقِِ،فاألولِأعمِ؛ِألنهِيشملِالفاعلِواملفعولِبهِ،
ومهاِهناِسواء ِِ،والثاينِأخصِ؛ِألنِاْلرهابِوإنِكانِلعنةِعىلِالفاعلِِ
واملفعولِبهِِ،فالطامةِيفِالفاعلِأشدِ ُِعتواِوإجراماِمنهاِيفِاملفعولِبهِِ.
فَلِشكِأنِخطرِالفاعلِعىلِنفسهِوعىلِاملجتمعِوالوطنِواألمةِوعىلِ
الدينِِشديدِالتدمريِِ.
واْلجابةِعنِالسؤالِاألولِهيِاألسهلِِ،وإنِكانتِتتطلبِالتكاتفِ
والتعاون ِوالتنسيق ِيف ِمواجهة ِاْلرهاب ِواْلرهابيني ِمواجهة ِرصحيةِ
َلونِِ،وّلِخمادعةِِ،وّلِحساباتِ
وواضحةِوحاسمةِِّ،لِترددِفيهاِِ،وّلِت ّ
سوى ِمراعاة ِمصلحة ِالدين ِوالوطن ِِ ،عىل ِأن ِتكون ِاملواجهة ِشاملة ِِ:
فكريـةِِ،وثقافيـةِِ،وعلميـةِِ،وتربويـةِِ،وأسـريةِِ،وأمنيةِِ،معِقطـعِمجيـعِ
(ِ)هذاِاملبحثِكتبهِأ.دِ/حممدِخمتارِمجعةِِ،وزيرِاألوقافِ.
-66 -
الطرقِاملؤديةِإىلِاْلرهابِمنِالتعنتِوالتشددِوالغلوِ.
أماِاْلجابةِعنِالسؤالِالثاينِفيامِيتصلِبحاميةِأبنائكِوأهلكِوذويكِ
من ِأن ِتتخطفهم ِأيدي ِاْلرهابيني ِِ ،فيجب ِعليك ِأن ِتراقب ِسلوك ِمنِ
يعنيكِأمرهِعىلِالنحوِالتايلِِ:
النظر ِيف ِأحوال ِأصحابه ِوأصدقائه ِومرافقيه ِِ ،ومن ِيرتددون ِعليه ِأوِ
ِأي ِمن ِمجاعات ِاْلسَلمِ
يرتدد ِهو ِعليهم ِِ ،فإن ِكانوا ِحمسوبني ِعىل ٍّ
السيايسِ،أوِمنِ ُيعرفونِباّلنحرافِعنِطريقِاجلا َّدةِِ،أوِأعاملِالبلطجةِأوِ
املشبوهني ِِ ،أو ِوجدته ِيميل ِإىل ِاّلجتامعات ِالرسية ِِ ،أو ِأخذ ِالغموضِ
يبدوِعىلِحتركاتهِِ،فعليكِأنِحتسنِمراقبتهِحتىِتقفِعىلِحقيقةِأمرهِِ،
وأنِتنقذهِمنِبراثنِاْلرهابِقبلِفواتِاألوانِِ.
وإن ِوجدت ِشي ًِئا ِمن ِالثراء ِأو ِالسعة ِغري ِالطبيعية ِأو ِتغري ِيف ِطريقةِ
اْلنفاقِالزائدِالذيِّلِيعدِطبيعياِِ،فعليكِأنِتن ّقبِوأنِتبحثِيفِمصدرِ
هذهِاألموالِِ.
وإنِكانِابنكِيتغيبِعنِالبيتِتغي ًباِغريِمعهودِمنِقبلِِ،وبخاصةِإذاِ
تضمنِغيابهِمبي ًِتاِِ،أوِخروجاِيفِأوقاتِغريِطبيعيةِِ،فعليكِأنِتعرفِأينِ
ذهب؟ِومعِمنِ؟ِوماذاِيصنعِيفِغيابهِ؟ِويفِهذهِاألوقاتِالتيِيتغيبِفيهاِ
بطريقةِمريبةِأوِمقلقةِِ.
-67 -
وإذاِوجـدتِتغـرياِطارئـاِومفاجئاِيفِسلوكياتهِوتصـرفاتهِسـلبـاِِأوِ
ً
إجياباِِ،فعليكِأنِتبحثِيفِأسبابِهذاِالتغريِِ.
ِوإذا ِوجدت ِالولد ِقد ِأخذ ِيكذب ِويتامدى ِيف ِالكذب ِِ ،فاعلم ِأنِ
عدوىِهذهِاجلامعاتِالتيِتستحلِالكذبِوتؤمنِبأنِالغايةِتربرِالوسيلةِ
قدِانتقلتِإليهِِ.
كامِجيبِعليكِأنِتقرتبِمنِأبنائكِِ،وأنِتناقشهمِيفِاألمورِالعامةِ
عىل ِأن ِيكون ِنقاشك ِهاد ًِئا ِوهاد ًِفا ِواستكشافيِا ِِ ،وأن ِتعطيه ِالفرصةِ
الكاملةِليعربِعنِرأيهِدونِقهرِِ،أوِكبتِِ،أوِحجرِعىلِرأيهِِ،وأنِتتحملِ
منهِحتملِالصديقِلصديقهِِ،أوِاخلادمِملخدومهِحتىِتصلِمنِخَللِاحلوارِ
العاقلِمعهِإىلِماِتريدِِ،حرصاِعليهِِ،وحباِلهِِ،وأداءِلواجبكِجتاههِِِِ.
ِكام ِجيب ِعليك ِأن ِتكشف ِهلم ِعن ِحقيقة ِاجلامعات ِوالتنظيامتِ
اْلرهابيةِالتيِّلِتؤمنِبوطنِوّلِدولةِوطنيةِِ،وأهناِّلِختدمِسوىِأعداءِ
الدين ِوالوطن ِِ ،وأهنم ِعمَلء ِملن ِيمولوهنم ِِ ،خونة ِلدينهم ِوأوطاهنم ِِ،
يستخدمهم ِأعداؤنا ِْلضعاف ِأمتنا ِومتزيقها ِوتفتيت ِكياهنا ِمن ِجهة ِِ،
وتشويهِالوجهِاحلضاريِالنقيِالسمحِلدينناِاحلنيفِمنِجهةِأخرىِِ.
ولقدِذكرتِمراراِأنِمجاعةِاْلخوانِاْلرهابيةِهيِاألبِالروحيِجلميعِِ
ً
-68 -
اجلامعات ِوالتنظيامت ِاْلرهابية ِِ ،وأهنا ِالداعم ِواملمول ِالرئيس ِهلذهِ
اجلامعاتِِ،وأنِأكثرِالتنظيامتِاْلرهابيةِإماِأنِتكونِقدِخرجتِمنِرحمِ
اْلخـوانِِ،أوِارتبطـتِبهِبأيِلـونِمنِألـوانِاّلرتبـاطِِ،وهوِماِأخـذتِ
تؤكدهِتقاريرِومقاّلتِوصحفِعامليةِعديدةِِ.
والذي ِينبغي ِالتأكيد ِعليه ِوالتنبه ِله ِهو ِأن ِهذه ِاجلامعات ِوالتنظيامتِ
احرتفتِالكـذبِواخلـداعِِ،واستحـَللِالدماءِواألمـوالِِ،يلـوونِأعناقِ
النصوص ِِ ،وحيرفون ِالكلم ِعن ِمواضعه ِِ ،يامسحك ِأحدهم ِمماسحةِ
الثعبانِِ،ويراوغكِكامِيراوغكِالثعلبِِ،ويقفزِمنكِقفزِال ُقنْ ُف ْذِِ،يظهرونِ
خَلف ِما ِيبطنون ِِ ،يعطونك ِمعسول ِالكَلم ِومن ِخلفه ِالسم ِالزعاف ِِ،
ﳆ ﳈ ﳉﱠ
ﳇ ﳃ ﳅ
ﳄ واملوت ِالزؤام ِِ ،ﱡﭐﳁ ﳂ
[املنافقونِ،]٣:فهمِكامِيقولِاحلقِسبحانهِِ:ﱡ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ
ﱣﱤﱥﱦﱧﱨﱩﱪﱫﱬﱭﱮ
ﱯﱰﱱﱲﱳ ﱴﱵﱶﱷﱸﱹ
ﱺ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿﱠ [البقرةِِ:اآليتانِِ.]512ِ،ِ51٣
ﱻ
وهناكِأمرِآخرِوهوِرضورةِرسمِخريطةِللتطرفِوبيئاتهِِ،وأسبابهِِ،
وطرق ِووسائل ِعَلجه ِِ ،فالذي ِّل ِشك ِفيه ِأن ِبعض ِالبيئات ِحاضنـةِ
-69 -
للتطرف ِأكثر ِمن ِالبيئات ِاألخرى ِِ ،وأن ِبعض ِاجلامعات ِوالتنظيامتِ
واجلمعياتِقدِتكونِمناخاِأكثرِخصوبةِْلنتاجِالتطرفِِِ.
ً
*ِِِِِِِِِِ*ِِِِِِِِِِ*
-71 -
ثالث عشر :اخلطاب الديين
وثالث معضالت كربى
ِ
ّلِشكِأنِاخلطابِالدينيِقدِصارِحديثِالساعةِِ،حديثِاملثقفنيِِ،
حديثِالعامةِواخلاصةِِ،وّلِشكِأنِذلكِكلهِيأِتِنتيجةِملاِأصابِهذاِ
اخلطاب ِيف ِالسنوات ِاألخرية ِمن ِسطو ِوتس ّلق ِعليه ِِ ،أو ِحماوّلتِ
ّلختطافهِِ،أوِاملتاجرةِبهِِ،وماِتبعِذلكِمنِاستخدامِالدينِمنِقبلِأدعيائهِ
املتاجرينِبهِغطاءِلعاملتهمِوأعامهلمِاملشبوهةِضدِأوطاهنمِيفِأعاملِعنفِ
أو ِختريب ِِ ،بل ِجتاوز ِاألمر ِذلك ِإىل ِأعامل ِقتالية ِهتدف ِبأسلوب ِمبارشِ
ورصيحِوفجِ إىلِإسقاطِدوهلمِوأوطاهنمِِ،وتفتيتهاِومتزيقهاِِ،وحتويلهاِإىلِ
ِّ
بؤرِومجاعاتِمتصارعةِتصار ًعاِّلِيرجىِاخلَلصِمنهِيفِالقريبِالعاجلِ
ًِ
ِودوّل ِِ ،وإدراكًاِ إّل ِبرْحة ِمن ِاهلل ِ(ع ّز ِوجل) ِِ ،ويقظة ِمنّا ِمجي ًعا ِِ ،أفرا ًدا
حلجمِاملخططاتِواملؤامراتِالتيِتستهدفِأمتناِومنطقتناِالعربيةِعىلِوجهِ
اخلصوصِِ.
وّلِينكرِأحدِأنِحجمِاْلجرامِوالتخريبِالذيِيقومِبهِبعضِاملنتسبنيِ
اِوشعاراِ
ً دينِستار
ً إىلِاجلامعاتِوالتياراتِاْلرهابيةِواملتطرفةِالتيِتتخذِمنِال
قدِفاقِكلِالتصوراتِِ،وجتاوزِكلِمعاينِاْلنسانيةِإىلِدرجةِيوصفِمعهاِ
منِيقومِهبذاِاْلفسادِوالتخريبِباخليانةِللدينِوالوطنِم ًعاِِ،مماِجعلِبعضِ
-71 -
الكتّاب ِيتجاوز ِباهتامه ِاملخربني ِواملفسدين ِإىل ِاخلطاب ِالديني ِنفسه ِِ،
ِّ ِ
ِالغث ِوالثمني ِِ ،وآخر ِيعممِ واختلطت ِاألمور ِِ :ما ِبني ِعاقل ِيفرق ِبني
األحكامِبَلِإنصافِوّلِرو ّيةِِ،ألنِالفتنةِأحيانًاِجتعلِاحلليمِحريا ًِناِ.
وأرى أن اخلطاب الديين تكتنفه ثالث معضالت كربىِِ:
األوىل ِِ :هي ِمعضلة ِاجلمود ِِ ،من ِهؤّلء ِاملنغلقني ِالذين ِأقسموا ِباهللِ
جهدِأيامهنمِأنِبابِاّلجتهادِقدِأغلقِِ،وأن ِاألمةِملِولنِتلدِجمتهدً اِبعدِِ،
وأهناِعقمتِعقامِّلِبراءِمنهِِ،متناسينيِأوِمتجاهلنيِأنِاهللِ(ِعزِوجلِ)ِملِ
ً
ُيصِبالعلمِوّلِبالفقهِقوماِدونِقومِِ،أوِزمانًاِدونِزمانِِ،وأنِاخلريِيفِ
ً
أمةِحممدِ(صىلِاهللِعليهِوسلم)ِإىلِيومِالقيامةِِ.
املعضلة الثانية ِِ :معضلة ِاخلوف ِمن ِاْلسَلم ِِ ،أو ِما ِيعرف ِبـِ
"اْلسَلم ِفوبيا"ِ ،مما ِجيعل ِبعض ِهؤّلء ِاملتخوفني ِيظن ِخطأ ِأن ِعَلجِ
التشدد ِإنام ِيكون ِبالذهاب ِإىل ِالنقيض ِاآلخر ِِ ،مما ِيعود ِبنا ِإىل ِعقود ِمنِ
الرصاع ِحدث ِفيها ِخلط ِكبري ِبني ِمواجهة ِالتطرف ِوأمهية ِالتدين ِِ ،حيثِ
توهم ِبعض ِاملتخوفني ِمن ِاْلسَلم ِأن ِحماربة ِالتطرف ِتقتيض ِوتستلزمِ
جتفيفِمنابعِالتدينِِ،فاصطدمواِبالفطرةِاْلنسانيةِِ،ﱡﭐﲨ ﲩ ﲪ
ﲭﱠ [الرومِِ،ِ]٤1:ونسواِأنِأفضلِطـريقِملواجهةِالتطرفِ
ﲮ ﲫﲬ
-72 -
هو ِنشـر ِسامحة ِاألديان ِِ ،وحتصني ِالناس ِوبخاصة ِالناشئة ِوالشبابِ
بصحيح ِالدينِ ،وأنك ِّل ِتستطيع ِأنِتقيضِعىلِالتطرفِمنِجذوره ِإّلِإذاِ
عملتِبنفسِالقدرِوالنسبةِعىلِمواجهةِالتسيبِواّلنحَللِواْلحلادِالذيِ
ِموجها ِخللخلة ِجمتمعاتنا ِشأن ِالتشدد ِسواء ِبسواء ِِ ،ومن ِهنا ِكانِ
ً صار
وعي ِاألزهر ِالرشيف ِِ ،ووزارة ِاألوقاف ِِ ،ووزارة ِالشباب ِوالرياضةِ
بخطورة ِاْلحلاد ِوالتسيب ِِ ،فأطلقت ِوزارتا ِاألوقاف ِوالشباب ِمبادرةِ
مشرتكةِملواجهةِاْلحلادِحتتِعنوانِ"ِبالعقل ِكده ِ"ِِ،إيامنًاِمنهامِبخطورةِ
اْلحلادِعىلِأمنِالوطنِواستقرارهِونسيجهِاّلجتامعيِِ.
ويفِهـذاِنـؤكـدِأنِاملسـاسِبثوابتِالعقيـدةِوالتجـرؤِعليهـاِوإنكارِماِ
استقرِمنهاِيفِوجدانِاألمةِّلُِيدمِسوىِقوىِالتطرفِواْلرهابِوخاصةِ
يف ِظل ِالظروف ِالتي ِنمر ِهبا ِِ ،ألن ِاجلامعات ِاملتطرفة ِتستغل ِمثل ِهذهِ
السقطاتِلرتويجِشائعاتِالتفريطِيفِالثوابتِمماِينبغيِالتنبهِلهِواحلذرِمنهِِ،
فإذاِأردناِأنِنقيضِعىلِالتشددِمنِجذورهِفَلبدِأنِنقيضِعىلِالتسيبِمنِ
جـذورهِِ،فلكلِفعـلِردِفعـلِمساوِِلـهِيفِالنسـبةِومضـادِلـهِيفِاّلجتاهِ.
املعضلة الثالثةِ ِ:هيِاخلوفِمنِالتجديدِأوِالتجاوزِفيهِِ،فَلِشكِأنِ
التجديد ِحيتاج ِإىل ِشجاعة ِوجرأة ِحمسوبة ِِ ،وحسن ِتقدير ِلألمور ِيف ِآنِ
واحدِِ،كمـاِأنهِحيتاجِمنِصاحبهِإىلِإخَلصِالن ّيةِهللِبمـاِيعينهِعىلِحسنِِ
-73 -
الفهمِوعىلِحتملِالنقدِوالسهامِالَلذعةِِ.
ولكي نقطع الطريق على أي مزايدات فإنين أؤكد على الثوابت
واألمور التاليةِِ:
ِ -0أنِماِثبتِبدليلِقطعيِالثبوتِوالدّللةِِ،وماِأمجعتِعليهِاألمةِ
وصارِمعلوماِمنِالدينِبالرضورةِكأصولِالعقائدِوفرائضِاْلسَلمِمنِ
ً
وجوبِالصَلةِِ،والصيامِِ،والزكاةِِ،وحجِالبيتِملنِاستطاعِإليهِسبيَلِِ،
كلِذلكِّلِجمالِللخَلفِفيهِِ،فهيِأمورِتوقيفيةِّلِتتغريِبتغريِالزمانِوّلِ
ّ
املكان ِواألحوال ِِ ،فمجال ِاّلجتهاد ِهو ِكل ِحكم ِرشعي ِليس ِفيه ِدليلِ
قطعيِالثبوتِوالدّللةِِ.
ِ -5مع ِتقديرنا ِالكامل ِآلراء ِاألئمة ِاملجتهدين ِفإننا ِندرك ِأن ِبعضِ
الفتاوىِناسبتِعرصها ِوزماهناِِ،أوِمكاهناِِ،أوِأحوالِاملستفتنيِِ،وأنِماِ
ِراجحا ِيف ِعرص ِوفق ِما ِاقتضته ِاملصلحة ِيف ِذلك ِالعرص ِقد ِيكونِ
ً كان
مرجوحاِيفِعرصِآخرِإذاِتغريِوجهِاملصلحةِفيهِِ،وأنِاملفتىِبهِيفِعرصِ
ً
معنيِِ،ويفِبيئةِمعينـةِِ،ويفِظلِظـروفِمعينـةِِ،قـدِيصبحِغريهِأوىلِمنـهِ
تِالبيئةِِ،أوِتغريتِالظروفِِ،ماِدامِ
ّ ِالعرصِِ،أوِتغري
ّ فتاءِبهِإذاِتغري
ّ يفِاْل
ذلكِكلهِيفِضوءِالدليلِالرشعيِاملعتربِِ،واملقاصدِالعامةِللرشيعةِِ.
ِ-٤أنناِنؤمنِبالرأيِوالرأيِاآلخرِِ،وبإمكانيةِتعـددِالصوابِيفِبعضِِ
-74 -
القضايا ِاخلَلف ّية ِِ ،يف ِضوء ِتعدد ِظروف ِالفتوى ِومَلبساهتا ِومقدماهتا ِِ،
وإذاِكانِبعضِسلفناِالصالحِقدِقالِِ:رأييِصوابِحيتملِاخلطأِورأيِ
غرييِخطأ ِحيتملِالصوابِِ،فإنناِنذهبِأبعدِمنِذلكِفنقولِِ:إن ِكَلِ
الرأينيِقدِيكونانِعىلِصوابِِ،غريِأنِأحدمهاِراجحِواآلخرِمرجوحِِ،
اِمعِعدمِختطئتناِملاِنراهِمرجوحاِِ،ماِدامِصاحبهِأهَلِ
ً فنأخذِبامِنراهِراجح
ً
لَلجتهاد ِِ ،ولرأيه ِحظ ِمن ِالنظر ِوالدليل ِالرشعي ِاملعترب ِِ ،فاألقوالِ
الراجحةِليستِمعصومةِِ،واألقوالِاملرجوحةِليستِمهدرةِوّلِمهدومةِِ.
ِ -٣أنِعلامءناِالقدماءِأنفسهمِقدِاعتدواِإىلِحدِكبريِبالعادةِوالعرفِ
يفِمعاجلةِاملتغرياتِواملستجداتِِ،يقولِاْلمام ِالشاطبي ِ(رْحهِاهللِ)ِِ:إنِ
األصلِيفِالعاداتِاّللتفاتِإىلِاملعاينِِ،وباّلستقراءِوجدناِالشارعِقاصدً اِ
ملصالحِالعبادِواألحكامِالعاديةِتدورِعليهِحيثامِدارِِ،فرتىِاليشءِالواحدِ
ُيمنَعِيفِحالِّلِتكونِفيهِمصلحةِِ،فإذاِكانِفيهِمصلحةِجازِِ.
*ِِِِِِِِِ*ِِِِِِِِِ*
-77 -
فهرس املوضوعات
الصفحة املوضـــــــــــــــــوع م
ِ2 ِ .0تقــديــــــمِ.
ِ .5توصيات ِاملؤمتر ِالدويل ِالعام ِالرابع ِوالعرشين ِللمجلسِ
ِ1
األعىلِللشئونِاْلسَلميةِِ.
ِ02 ِ .٤متهيـــــدِِ.
ِ51 ِ .٣حتديدِاملفاهيمِوأسانيدهاِالرشعيةِِ.
ِ51 ِ .2أوّلِِ:التكفريِِ.
ِ5١ ِ .١ثانياِِ:نظامِاحلكمِواملتاجرةِبقضيةِاخلَلفةِِ.
ِ٤1 ِ .1ثالثاِ:احلاكميةِِ.
ِ٤٣ ِ .8رابعاِِ:اجلهــــادِِ.
ِ٤8 ِ .٩خامساِِ:املواطنـــــةِِ.
ِ٣0 سادساِِ:اْلرهـــابِِ.
ِ .01
ِ٣8 سابعاِِ:اجلــزيـةِِ.
ِ .00
ِ20 ثامناِ:دارِاحلـــــربِِ.
ِ .05
ِ2٤ تاس ًعاِ:الديـــنِوالدولـــةِِ.
ِ .0٤
ِ21 عارشاِ:مرشوعيةِالدولةِالوطنيةِِ.
ً ِ .0٣
-78 -
الصفحة املوضـــــــــــــــــوع م
ِ١0 حاديِعرشِ:وجوبِْحايةِاملجتمعِمنِالتطرفِواْلرهابِِ.
ِ .02
ِ١١ ثاينِعرشِ:كيفِحتميِأبناءكِمنِاْلرهاب؟ِ.
ِ .0١
ِ10 ثالثِعرشِ:اخلطابِالدينيِوثَلثِمعضَلتِكربىِِ.
ِ .01
ِ18 فهرسِاملوضوعاتِِ.
ِ .08
-79 -
ِ
ِ
ِ
ِ
ِ
النارشِِ/املجلسِاألعىلِللشئونِاْلسَلميةِ
الرتقيمِالدوىلِِ:
رقمِاْليداعِ:
-81 -