Professional Documents
Culture Documents
عرض الوسائل البديلة الية التفاوضpdf
عرض الوسائل البديلة الية التفاوضpdf
التصميم :
مقدمة عامة:
الخاتمة
1
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
مقدمة عامة:
أضحت وسائل فض النزاعات بصفة عامة في عصرنا الحالي متنوعة ،ولم تعد تقتصر على القضاء (المحكمة) فقط ،بل أصبحت
هناك وسائل وطرق بديلة لتسوية النزاعات كالمفاوضات ،الوساطة والتحكيم .بحيث يتم اللجوء إليها نظرا لما تمتاز به هذه الوسائل من
سرعة ومهنية وسرية واقتصاد في المصاريف ونفقات التقاضي ،إضافة الى التعقيدات المسطرية القانونية منها ما هو موضوعي وما هو
شكلي.
فالمفاوضات تقوم على أساسا على حسن النية والرغبة في اجاد الحلول بشكل حبي وودي لبعض النزاعات التي تنشأ بين
األشخاص في اطار النقاش وتبادل الحجج واالقناع بشكل مباشر دون ادخال اطراف خارجة عن القضايا صلب النزاع مما يتطلب من اطراف
المفاوضات التحلي بروح المسؤولية واألخذ والعطاء في اطار تنازالت متبادلة بين المعنيين باألمر لتجنب القطيعة التي غالبا ما تنتج بين
األطرا ف المتنازعة عقب اللجوء الى المحاكم ،في الوقت الذي تبقى الصورة النمطية ألطراف النزاع تشوبها شكوك حول انحياز القضاء
لطرف دون اخر.
هذا وقد تأخذ المفاوضات بين اطراف النزاع الواحد عدة صور منها ما هو سياسي ،ومنها ما هو اقتصادي او اجتماعي حسب
طبيعة النزاع واط رافه تجارية منها او مدنية او قانونية مثال ،كما يمكن ان تأخذ ابعادا متعددة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي كل
حسب الموقع الدي يتواجد به او الجهة التي يمثلها....الخ.
وقبل تناول موضوع المقاضاة السؤال الرئيس في عرضنا هذا يبدو جليا تحديد معنى التفاوض وداللته ( )1تطوره كوسيلة بديلة
لحل النزاعات( ) 2الفرضيات التي يمكن عليها االعتماد في البحث ( ) 3و قبل تحديد الموضوع الذي يهمنا من معالجة هده الوسيلة في كبديل
عن الوساطة والتحكيم و اللجوء الى القضاء من خالل عرضنا هذا( )4مرورا بطرح بعض اإلشكاالت التي تطرحها هذه الوسيلة كبديل لحل
المنازعات ( )5والمنهجية المعتمدة في البحث( .)6
-1تعريف ومدلول المفاوضات:
تحظى المفاوضات بمكانة مهمة بين الوسائل السلمية دات الطابع الحبي والودي في تسوية القضايا الناشئة عن تضارب
المصالح بين االفراد والجماعات والمترتبة عن قصد او غير قصد باإلخالل بالتزامات احد اطراف النزاع او كالهما .وتعد هذه الوسيلة احدى
الطرق إلرجاع األمور الى نصابها بشكل مباشر وودي بين أطراف النزاع دون تطور األحداث أكثر واللجوء لوسائل وطرق غير مرغوب
فيها من لدن الطرفين .وان ذل ذلك عن شيء ،انما يذل على حسن نية األطراف الراغبة في تسوية النزاع بطرق سلمية إلعطاء انطالقة
جديدة دون احذات قطيعة بين األطراف المتنازعة كما تكون عليه الحالة عندما يلجؤون اللجوء الى القضاء او وسائل أخرى كالوساطة او
التحكيم مثال .وذلك مما تتميز به من مرونة ويسر في تسوية مختلف أنواع النزاعات .ومساهمتها في الحفاظ على أواصر المحبة والمودة
التي تطبع المعامالت والعالقات بين األشخاص فرادا وجماعة عامة واألطراف المعنية بالنزاع بصفة خاصة من خالل تذليل الصعاب واجاد
الحلول الكفيلة لضمان حقوق المتنازعين كطريقة راقية دات البعد األخالقي السامي .بعيدا عن اشراك أطراف خارجة عن النزاع والتي يمكن
لدورها في حل النزاع ان تزيده تأزيما وتعقيدا.
ويعرف النزاع بانه نتاج تضارب المصالح بين طرفين او أكثر ورغم الصيغة االصطالحية المشحونة بالعنف فهذا ال يعني انه يمكن
ان يكتسي صبغة نزاع سلمي بعيدا عما يقصد بصيغته اللغوية .كما يمكن تعريف التفاوض لغة او اصطالحا بأنه:
1
-التفاوض لغة :تفاوض القوم في االمر أي فاوض بعضهم بعضا
1زين الدين أبو عبد هلال محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي ،مختار الصحاح المحقق :يوسف الشيخ محمد بيروت :المكتبة
العصرية ،الطبعة ،1999, 5الجزء األول ،ص.244:
2
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
2
-فاوضه في األمر بادله الرأي بغية الوصول إلى تسوية واتفاق
-التفاوض اصطالحا " :المحادثات المؤدية إلى التفاعل ،بهدف التوصل الى اسس لالتفاق ،نحو مشكلة قائمة أو هدف محدد،
3
للوصول إلى الرضا من تحقيق االتفاق.
أو هو" :عملية ديناميكية متكاملة األبعاد ،تقوم على التفاهم بين طرفين أو أكثر ،للوصول إلى اتفاق يحقق لهم مصلحة مشتركة،
وهي عملية تمتد من اإلعداد للمفاوضات مرورا بالمفاوضات ذاتها ،وانتهاء بصياغة وتوقيع اتفاق أو معاهدة ،بين األطراف المشاركة في
التفاوض .4
تنشأ أهمية علم التفاوض من زاويتين أساسيتين:
-األولى ضرورته ،والثانية حتميته .فنحن نعيش عصر المفاوضات ،سواء بين األفراد أو الدول أو الشعوب فكافة جوانب حياتنا
هي سلسلة من المواقف التفاوضية .وتظهر ضرورة علم التفاوض ومدى األهمية التي يستمدها من العالقة التفاوضية القائمة بين أطرافه
أي ما يتعلق بالقضية التفاوضية التي يتم التفاوض بشأنها وتلك هي الزاوية األولى .أما زاوية الحتمية ،نجد أن علم التفاوض يستمد حتميته
من كونه المخرج أو المنفذ الوح يد الممكن استخدامه لمعالجة القضية والوصول إلى حل للمشكلة المتنازع بشأنها .فكل طرف من أطراف
القضية التفاوضية لديه درجة معينة من السلطة والقوة والنفوذ لكنه في الوقت نفسه ليس لديه كل السلطة أو النفوذ أو القوة الكاملة إلمالء
إرادته وفرضها إجباريا على الطرف اآلخر ومن ثم يصبح التفاوض هو األسلوب الوحيد المتاح أمام األطراف التي لها عالقة بالقضية وتريد
الوصول إلى حل لها.
ه ذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن التفاوض يمثل مرحلة من مراحل حل القضية محل النزاع إذ يستخدم في أكثر من مرحلة،
وغالبا ما يكون تتويجا كامال لهذه المراحل ،فالتفاوض كأداة للحوار يكون اشد تأثيرا من الوسائل األخرى لحل المشاكل .ويعد التفاوض
مخرجا نهائيا نحو االستقرار وان كان يجب التحفظ قليال للتأكد من صدق النوايا والتأكد من القدرات والقوى التي تملكها األطراف
المتفاوضة .وهو كذلك انتصار للعقالنية المدركة لكافة األمور واألبعاد وتستخدم فيها أسلحة الحوار ومقارعة 5الحجة بالحجة والدليل
بالدليل ومن ثم يكون الوصول إلى نتائج نهائية يقتنع بها األطراف.5
هناك عدة مبادئ تحكم العملية التفاوضية في أي مجال من مجاالت الحياة وهي:
أ – مبدأ القدرة الذاتية :وهي قدرة المفاوض على تفهمه للقضية وأبعادها ،وكذلك قدرته على فهم الطرف اآلخر ،من حيث سلوكه
وأفكاره ،كما يتمثل في قدرته على القيادة واإلشراف ،ومهاراته في االتصال والحوار واإلقناع.
ب – مبدأ المنفعة :وهي الفوائد والمنافع التي يسعى كل طرف إلى تحقيقها ،سوا ء أكان ذلك مكسب أو تقليل للخسائر..
ج – مبدأ االلتزام :وهي التزام كل طرف بالعمل على تحقيق األهداف والمنافع للطرف الذي ينتمي إليه؛ وكذلك التزامه بتنفيذ ما يتم
التوصل إليه من اتفاقيات ،واحترام المواعيد المحددة بأوقتها.
د – مبدأ العالقات المتبادلة :أي المحافظة ع لى استمرارية العالقات المتبادلة المستقبلية بين أطراف التفاوض .
ه -مبدأ أخالقيات التفاوض :هي التأكيد على أهمية األخالق في التعامل ،بعيدا عن الغش والتضليل ،حيث أن المفاوض أوال
وأخيرا يمثل المنظمة التي ينظر إليها الجميع.6
-2تطور التفاوض كوسيلة بديلة لحل النزاع.
منذ القدم كان الحوار والنقاش بين األفراد والجماعات فيما يتعلق بعالقتهم الحياتية الوسيلة للتفاهم والتوافق وقد كانت المحادثات
الشفوية الوسيلة األولي لالتصال والتفاوض وتبادل الرأي في مختلف المواضيع والقضايا والمشاكل ،ففي الصالت والعالقات االجتماعية
3
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
كالزواج مثال -كانت المحادثات الشفوية ووساطة أطراف ثالثة من وسائل التفاوض الهامة إلتمام الزواج .وفي العالقات والمعامالت
التجارية كانت المحادثات الشفوية وسيلة التفاوض واالولي في البيع والشراء والمقايضة بين سلعة وأخرى.
وفي المعامالت بين المجموعات البشرية في حروبها وص لحها كان التفاوض وسيلة إلقرار هدنة او عقد صلح او تكوين نوع من التحالف
بين فريقين ضد الفريق االخر ومع تقدم االنسان وظهور الحضارات القديمة العريقة اهتمت بتنظيم عالقاتها الخارجية واجراء المفاوضات
ونجد ان المصريين والبابليين كانوا يعقدون المعاهدات الخاصة بالتحالف والصداقة ومع نشوء االمم وظهور الدولة الحديثة بمؤسساتها
السياسية والقانونية واالقتصادية واالجتماعية تطورت وتعقدت وتنوعت العالقات بين الجماعات والمؤسسات والتكتالت المختلفة داخل
الدولة الواحدة كما تطورت العالقات السياسية واالقتصادية والتجارية بين الدول المختلفة.
وفي ظل هذا التطور اصبح التفاوض سواء على المستوي المحلي او االقليمي او الدولي أداة هامة في تسوية المشاكل وحل
الخالفات وخنق أالزمات وإحالل الوفاق وفي العمل على زيادة التفاهم والتفاعل واقامة التوازن بين المصالح المختلفة وبين اآلراء
7
والمصالح المتباينة وبين الحقوق والواجبات.
ففي العقد األول من القرن العشرين عثر على لوح حجري يحتوي على نصوص معاهدة الصلح باللغة السومارية ابرمت بين مدينة
( ليكش) ومدينة (اوما) السوماريتين في جنوب العراق ،وقد تضمنت المعاهدة وجوب احترام ا خندق الحدود بين الطرفين ،وعلى شرط
8
التحكيم لفظ أي نزاع قد ينشا بشان الحدود .
-3أهمية الموضوع:
تبرز أهمية الموضوع في األهداف والغايات التي يصبو اليها التفاوض في حل المنازعات المختلفة عن طريق الوسائل السلمية
البديلة والودية والتي تقصي دور القضاء من خالل التزام األطراف المتنازعة بالنتائج المترتبة عن هذه االتفاقات المتعددة الصور
والمجاالت .وهي الوسائل التي فرضتها التحوالت والمستجدات المتالحقة التي دعت فيها الحاجة الى تغيير لغة التواصل والحوار باعتماد
أداة مباشرة بين اطراف النزاع.
-4تحديد موضوع البحث:
يهدف موضوع البحث الى دراسة وت طبيق احد المبادئ االخالقية في حل النزاعات كبديل موضوعي للوسائل التقليدية كالتحكيم
والوساطة والقضاء.
-5إشكاليات الموضوع:
رغم اإليجابية المتعددة للتفاوض كوسيلة لفظ النزاعات بطريقة مباشرة ،تطفو على السطح بعض اإلشكاالت المتعلقة بمهارات
المتفاوض وقدرته ع لى االقناع وتحقيق مصلحته من خالل عملية التفاوض التي قد يطغى عليها جو عدم التوازن بين األطراف تكوينا
وتجربة ومهنية ،فإلى أي حد يمكن اعتبار التفاوض وسيلة بديلة لتحقيق األهداف التي دفعت للجوء اليه؟
-6منهجية البحث:
ولإلجابة على هده التساؤالت سنعتمد على المنهج التحليلي الوصفي لطبيعة الموضوع.
-7التصميم:
7تاريخ وأنواع وخصائص ومجاالت التفاوض ،المصدر http://www.ecwregypt.org/Arabic :تم تفحص الموق بتاريخ 2021-05-27الساعة .18
8الدكتور عبد الحسين القطبفي ،دور التحكيم في فض المنازعات الدولية ،مجلة العلوم القانونية ،عدد .1بغداد ،1996ص.32،
4
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
بعد ما تطرقنا سابقا إلى كل من مفهوم التفاوض ومبادئه ،سنحاول من خالل هذا المبحث الذي قسمناه إلى مطلبين محاولة الوقوف
على طبيعة التفاوض ( المطلب األول ) قبل أن ننتقل إلى أساليب أو مهارات التفاوض (المطلب الثاني ).
5
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
وأيا ما كانت هذه السياسات فكل منها له سياسات مضادة ،ومن ثم فإنه من المناسب العرض لكل سياسة مع السياسة المضادة لها،
وهو ما سيتم تناوله فيما يلي:
-1سياسة االختراق التفاوضية /سياسة الجدار الحديدي التفاوضية
1-1سياسة االختراق:
تستخدم هذه السياسة بفعالية وعلى نطاق واسع في حالة الجلوس ألول مرة مع طرف آخر لم تكن هناك عالقات معه من قبل،
ومن ثم فإنه يمثل كما مجهوال وصندوقا مغلقا في حاجة الى اختراقه وال يعني هذا بالطبع أن ليس هناك معلومات عنه بل قد تكون هناك
بعض المعلومات ولكنها بالطبع معلومات غير كافية أو معلومات غامضة ومبهمة حصلت عليها.
وسوف تكتشف أن بعض هذه المعلومات خاطئة تم تسريبها إليك عبر عدة قنوات إقناعك بموقف معين أو إجبارك على اتباع
أسلوب معين وسياسة معينة يسهل التغلب بها عليك أثناء العملية التفاوضية.
وهنا يجب التحذير من االنطباع األول الذي يتكون من خالله اللقاء التفاوضي األول مع هذا الطرف ،حيث غالبا ما يكون غير دقيق
نظرا لقدرة الطرف اآلخر على إضفاء كثير من الصفات الخادعة غير الحقيقية على نفسه خالل هذه المقابلة ،والتي سرعان ما تتالشى
تدريجيا من تعدد اللقاءات والجلسات التفاوضية ،إلى أن يظهر هذا المفاوض على حقيقته ،وتعتمد هذه السياسة على الحصول على كل ما
يمكن جمعه من معلومات عن الطرف اآلخر ،وتقليل دائرة عدم التأكد أو هالة الضباب المحيطة به.
فإذا ما تمكنا من الحصول على هذه البيانات أمكن التأثير على فريق التفاوض اآلخر بشكل يمكننا من كسب الجوالت التفاوضية
بنجاح.
2.1سياسة الجدار الحديدي التفاوضية:
وهي السياسة التي تواجه بها محاولة الخصم استخدام سياسة االختراق عن طريق المحافظة على تماسك وصالبة فريق التفاوض
الذي عليه ان ال يتيح للطرف اآلخر فرصة الحصول على معلومات يستفيد منها ،وتستخدم سياسة الجدار الحديدي بفعالية كبيرة في
المفاوضات الدولية والمحلية بل و الشخصية على حد سواء ,حيث يتم االعتناء باختيار أفراد فريق التفاوض الذين يتسمون بالقدرة على
المحافظة على أسرارهم ,وأنهم من غير المعروفين للطرف اآلخر ,وأن االحترام و الثقة قائما بينهم وبين رئيسهم و أنهم من الصعب التأثير
عليهم ,و أنهم شديدو الصالبة و التزمت أمام المغريات المادية و غير المادية ,كما أنهم من أصحاب الوجوه الجامدة التي تخفي مشاعر
أصحابها و عواطفهم الحقيقية. ...
ومن ثم فإن من الصعب التأثير عليهم واختراقهم ومعرفة تكوينهم النفسي والتأثير على وحدة القرار لديهم او تماسكهم كفريق
تفاوضي متكامل .فضال عن اإلشراف عليهم وحمايتهم من أي اختراق يقوم به الطرف اآلخر من حيث زرع أجهزة التصنت أو ارسال
الجواسيس أو غيرهم من األفراد الذين يهددون سالمة قيامهم بالعمل التفاوضي على خير وجه.
-2سياسة التعميق التفاوضية /سياسة التعتيم التفاوضية
1.2.سياسة التعميق :
وتعمل هذه السياسة على تطوير مستوى المعلومات التي تم الحصول عليها من الطرف اآلخر سواء خالل جلسات التفاوض
السابقة أو قبلها .وبحث مجاالت أكثر تفصيال وعمقا من المجاالت التي تم بحثها في الجلسات السابقة ،خاصة وأننا أصبحنا على دراية
ومعرفة أكثر بالطرف اآلخر ومن ثم فإنه من معرفة المجاالت التي يتم التركيز عليها أكثر يمكن تعظيم العائد وتضخيم المكاسب التفاوضية،
ومن ثم يتم اختيار هذه المجاالت كنقاط بحث ذات أولوية خاصة ،ويتم تركيز االهتمام عليها بشكل كبير .ومن حيث االرتقاء بمستوى
المعالجة التفاوضية واالنتقال بها من معالجة القضايا والنواحي الشكلية الى معالجة األمور الجوهرية والحقيقية أو الرئيسية الخاصة
بالقضية المتفاوض بشأنها .وال تستخدم هذه السياسة ،إال بعد التأكد من اإلحاطة بكل شيء عن الطرف آخر ،وخاصة أن البعض من
المفاوضين يطلقون على هذه السياسة سياسة التأكيد التفاوضية ،أي تأكيد مستوى العالقات التفاوضية مع الطرف اآلخر بالسير في نفس
االتجاه السابق ،ولكن بصورة أكثر تحديدا وتأكيدا.
6
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
2.2سياسة التعتيم
ويطلق عليها البعض أحيانا سياسة التهميش أو التسطيح حيث تعمل على جعل العملية التفاوضية مجرد عملية هامشية سطحية ال
تتعدى النواحي الشكلية للقضية التفاوضية .وهي السياسة التي تستخدم لمواجهة سياسة التعميق ،حيث يكون على الفريق التفاوض
مواجهة محاوالت الفريق اآلخر للتغلغل وابطال هذه المحاوالت وإفشالها عن طريق استخدام سياسة ذكية وماهرة للتعتيم تقوم بالتشكيك في
قيمة المعلومات التي حصل عليها ،وفي تصديقها وفي مدى مناسبتها .وبصفة عامة تستخدم هذه السياسات إلخفاء سحابة من الشك،
وإلباس الموقف التفاوضي خالله الريبة والتوجس ،عن طريق الطرف اآلخر بعدم توافر بيانات كافية لديه عن نوايا وحقيقة أهدافنا.
-3سياسة التوسيع واالنتشار التفاوضية /سياسة التضييق والحصار التفاوضية
1.3سياسة التوسيع واالنتشار
وهي سياسة من أهم وأزكى سياسات التفاوض التي تجعل جلساته ساخنة دائما ,وتجعل الفريق اآلخر يلهث من اإلرهاق و التعب
حيث تقوم على توسيع النقاط التفاوضية التي يتم بحثها باستمرار وضم نقاط جديدة للتفاوض ,بحيث يتسع نطاق التفاوض ليشمل في
الجلسة الواحدة عدة عناصر من ع ناصر القضية التفاوضية ,مع سرعة عرض وتناول كل منها معا ,مما يمثل ارهاقا للطرف اآلخر بشكل
يجعله ضعيف التركيز ,ومن ثم يمكن كسب كثير من النقاط التفاوضية شديدة األهمية دون أن يدرك الطرف اآلخر التفاصيل و األجزاء التي
يحتويها و التي يكون لها القدرة على كسب القضية بكاملها.
2.3سياسة التضييق والحصار
وتقوم هذه السياسة على السماح للطرف اآلخر باالنتقال من نقطة أخرى قبل أن نفرغ تماما من النقطة التي نحن بصددها ،وعدم
التوسع في تناول أكثر من نقطة تفاوضية خاصة إذا كان الطرف اآلخر ممن يتصف بالخبث والدهاء ولم يتسع لنا الوقت لإللمام بكافة
عناصر القضية التفاوضية.
سياسة إحداث التوتر التفاوضي /سياسة االسترخاء التفاوضي -4
1.4سياسة إحداث التوتر التفاوضي
يعد القلق أحد أهم العوامل التي من خاللها يتم ارباك الطرف اآلخر و االنتصار عليه تفاوضيا ,ويتم إحداث القلق عن طريق اتباع
سياسة التوتر التفاوضي ,من حيث إحداث نوع من عدم االستقرار في الموقف التفاوضي ,وإدخال عدة عوامل تفاوضية جملة واحدة بغرض
إحداث إرباك لدى الطرف اآلخر من حيث صعوبة تناوله جملة واحدة بالتفاوض ,فضال عما تحتاج اليه كل منها من معالجة خاصة ,وما
تتطلبه من توافر متخصصين ومعلومات عن كل منها ,وهو يمثل أيضا وسيلة في نفس الوقت لزيادة حالة "القلق" لدى الطرف اآلخر عن
طريق زيادة كم و حجم النواحي الفنية في القضية التفاوضية مثل العوامل الجغرافية -الهندسية-القانونية -التعليمية -البحرية -االقتصادية-
التجارية -السياسية -الثقافية -االجتماعية -القومية (...وجعلها محور التفاوض مما يجبر الطرف اآلخر على اللجوء للمتخصصين في هذه
النواحي ويجعله دائم التغير في فريق التفاوض الخاص به .أو على األقل زيادة عدده مما يجعل الفرصة مهيأة أكثر لوجود خالف في الرأي
بين أعضائه أو زرع هذا الخالف مما يزيد من فرص التوتر ويجعل المجال مهيأ للفوز على هذا الفريق المرتبك القلق جدا سواء بالنسبة
لعوامل الوقت ،أو بالنسبة لعوامل التكلفة التي سوف تتحملها عملية التفاوض.
2.4سياسة االسترخاء التفاوضي
ويطلق عليها البعض أحيانا سياسة التجاهل ،وسياسة النفس الطويل ،وهي تقوم على عدم االهتمام بكل ما يطلبه الفريق اآلخر ،وعدم
االنسياق للضغوط التي يقوم بها ،بل التريث حتى يتبين لنا مدى أهمية ما يعرض علينا وماهي جوانبه التي حاول الطرف اآلخر أن يجعلها
مبهمة ويخفيها عنا .وتستخدم في سياسة االسترخاء عوامل الصبر ،وأن يترك للزمن حل معظم القضايا ،وان الزمن في هذه الحالة سيكون هو
العامل شديد الفع ل والتأثير على سير القضية التفاوضية وعلى إدارة جلساتها .وكثيرا ما تستخدم الشركات المتعددة الجنسية هذه الوسيلة في
مفاوضاتها التجارية مع بعض الوفود التجارية من دول العالم الثالث ,حيث تقوم باستضافة هذه الوفود في افخر الفنادق التي تبعد كثيرا عن
7
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
مكان التفاوض ال محدد ,وأن تتضمن إقامتهم برنامج حافل بالسهرات حتى ساعات متأخرة من اليل ,وأن يتاح لهم الوقت الكامل للقيام بعمليات
الشراء لذويهم وأسرهم ,ومن ثم يكون الوقت المتاح للتفاوض محددا للغاية يكاد يكون محددا فقط للتوقيع على االتفاق الذي اعد ببراعة وعناية
وتحت ضغط العالم و الحاجة اللذين سبق إحض ارهما و اختيارهما لتسجيل اللحظة "التاريخية" لتوقيع العقد يتم التوقيع عليه ,وال مانع من
إضافة فقرات إعالمية تظهر مدى براعة وكفاءة وجهد وصبر وإتقان وتفاني فريق مفاوضي العالم الثالث في الوصول على هذا االتفاق بعد
مفاوضات شاقة ومرهقة للغاية.
8
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
ومدى قبولها وتقبّلها لبعض المقترحات والحلول .وقد يكون التفاوض االستكشافي إحدى مراحل عملية التفاوض النهائيّة ويكون الهدف
منه ،في هذه الحالة ،هو تكوين فهم ووعي لمتطلبات كل طرف في المفاوضات ووضع استراتيجيات اإلقناع والمساومة الالزمة.
-4التفاوض التسكيني ،والهدف من هذا النوع من التفاوض هو تهدئة األوضاع القائمة بين األطراف المعنيّة وربما تمييعها ،وذلك
بسبب صعوبة الوصول إلى حل وشدّة الصراع بين تلك األطراف .وقد يشكّل التفاوض التسكيني إحدى االستراتيجيات لربح
للوقت والتالعب باألجندة والتمهيد لمفاوضات مقبلة تكون الظروف أكثر مواءمة لطرف ما أو للطرفين معا.
-5تفاوض التأثير في طرف ثالث ،ويحدث هذا النوع من التفاوض حين يكون هدف أحد األطراف المعنيّة هو إيصال رسالة لطرف
ثالث أو التأثير على موقفه بخصوص قضية التفاوض .وعلى األغلب ،هذا الطرف الثالث غير معني بالصراع بشكل مباشر ،ولكنه يمكن أن
يؤثر على الخصم المباشر.
-6تفاوض عن طريق الوسيط ،وهو من أه ّم أنواع التفاوض ،واألكثر شيوعا سواء في مجال التجارة أو الحروب وصراع الدول.
فغالبا ما تلجأ األطراف المتصارعة إلى المفاوضات بعد تدخل وسيط من المفترض أن يكون محايدا .وكمثال على ذلك ،يمكننا الحديث عن
المفاوضات الجارية حاليا في جنيف برعاية األمم المتحدة وممثلها دي ميستورا ،كوسيط محايد ،بين وفد من المعارضة السور ّية ووفد
ممثل لنظام بشار األسد.
9
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
ت-التمنع :يجب عليك المناورة حين يقدم إليك أي عرض ،دائما تمنع حين يقدم لك أي عرض ،كي توحي للطرف اآلخر ،أن عليهم
أن يقدموا لك عروضا مناسبة إلتمام التسوية.
ثالثا :مرحلة االقتراح:
على المفاوض االستمرار في عملية تحليل األوضاع وتحليل التغذية الراجعة أثناء الموقف الحواري ،والقيام بتقديم حلول إيجابية
جديدة واالبتعاد عن تكرار الصيغ التفاوضية ،من أجل ضمان إحراز تقدم في المفاوضات ،واالبتعاد عن الصراع للوصول إلى المصالح،
واعتبار المفاوضات فرصة للتعاون ،وإيجاد المرونة لجعل الطرف اآلخر يقدم على تقديم تنازالت ،حيث يقوم بتقديم بعض التنازالت غير
الهامة ،ومن تكتيكات هذه المرحلة:
أ-الضغط دون صدام:
المفاوض الناجح هو الذي يضغط على الطرف اآلخر ،لتقديم أكبر قدر من التنازالت ،دون الوصول لمرحلة الصدام ،لكن يجب أن
تعرف متى تتوقف عن الضغط ،وعليك عند تقديم الطرف اآلخر عرضه بعد الضغط عليه ،أن تبدي عدم قدرتك على الموافقة على هذا
العرض ،إذ يتوجب عليك رفع األمر للجهة العليا ،ثم تؤجل المفاوضات من أجل ذلك ،وعند العودة للمفاوضات عليك بالتظاهر بعدم موافقة
الجهة العليا على هذه العرض ،وإن على الطرف اآلخر تقديم عرض ،يمكنك من عرضه على الجهة العليا لنيل موافقتها ،هذا التكتيك يوحي
بأنك راغب بالموافقة ،لكن األمر األخير للسلطة العليا ،وكي ال تقع ضحية هذا التكتيك ،فاطلب منذ البداية من الطرف اآلخر أن يكون مفوضا
بإقرار التسوية النهائية.
ب-العبارة السحرية:
عند تقديم أي عرض من الطرف اآلخر ال تقابله بطلب تنازالت محددة وخاصةُ لجهة األرقام ،بل استخدم العبارة السحرية :ينبغي
عليكم أن تقدموا أفضل من هذا العرض ،ثم اصمت ،فهذا التكتيك يضغط على الطرف اآلخر دون مواجهته ،وتجعله يقوم بتقديم تنازالت،
ولتفادي هذا الضغط يمكن الرد بعبارة :ألي مدى تريدون تحسين هذا العرض ،فإن من أهم ما عليك معرفته في هذه المرحلة ،هو مدى
حماس ورغبة الطرف اآلخر بالوصول إلى تسوية ،وما هو هدفه النهائي ،وهل يمتلك هذا الطرف ،سلطة إقرار التسوية النهاية ،فبمقدار
امتالك المفاوض إجابات لهذه األسئلة ،يساهم ذلك بقدرته على معرفة أي الضغوط يمكنه ممارستها.
10
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
مبدأ جيد للمفاوضات ،بل يجب تبني مبدأ تشاركي هو مبدأ الفائز -الفائز ،أي أن الطرفين يجب أن يخرجا فائزان من عملية التفاوض ،بإيجاد
تسوية يرضى بها الجميع ،وللوصول للنتيجة الفائز -الفائز ،يجب على المفاوض أن يحترم األسس والمبادئ التي تؤدي إلى نجاح
المفاوضات ،فالمفاوضات ليست حربا وليست مباراة ،فالمفاوضات مشروع تعاوني ،فعند مراعاة المصالح المشتركة للطرفين تؤدي
المفاوضات للوصل إلى تسوية ،فالمفاوضات أخذ وعطاء.
11
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
وتشكل المفاوضات ركنا أساسيا من الحلول البديلة في مرحلة ما قبل الوساطة .وتعد عملية التفاوض من أعقد العمليات على
اإلطالق ،ففيها محاورة ،ومراوغة ،وإصرار ،ومثابرة .وظهرت عملية التفاوض منذ وقت بعيد على شكل المساومة حيث يسعى كل طرف
إلى تحقيق أقصى منفعة من الصفقة المتفاوض عليها نظير أدنى مقابل .ومع مرور الوقت لم تعد المسألة مجرد مساومة تحكمها اجتهادات
شخصية .وإنما علم له قواعد وأصول أفردت لشرحها كتابات متخصصة ،فالمفاوض ات مهمة جدا إذا كان الفرقاء واقفين على أسس
متساوية ويهدفون للمحافظة على عالقاتهم ،فهي وسيلة مرنة وال تحتاج إلى مظاهر وشكليات إنهاء الخالف القائم بل مجرد تعيين
المكان و الزمان و المواضيع التي تحتاج إلى حوار و نقاش جدي ،و ذلك بحسن نية و رضا األطراف أنفسهم بهدف الوصول إلى حل نقاط
الخالف فيما بينهم وعملية التفاوض سواء أكانت تقليدية ،أم تمت باستخدام وسائل االتصال الحديثة ،ذات عوامل مشتركة مهما اختلف
الموضوع الذي يتم التفاوض بشأنه ،و لهذا فإن التفاوض الذي نعنيه هنا ،هو إحدى الوسائل البديلة لحل النزعات الناشئة عن عقود
التجارة الدولية ،التي تبرم بواسطة شبكة األنترنت ،األمر الذي يفترض أن عملية التفاوض تتم بين طرفين ،أو أكثر ،تربطهم عالقة
تجارية أبرمت عبر شبكة اإلنترنت ،و يفترض أن كل األطراف المتفاوضة تهدف من وراء هذه المفاوضات إلى االتفاق على حل للنزاع
الناشئ بينهما ،غير أن ذلك ال يعني أن المفاوضات سوف تنتهي باالتفاق على الحل في جميع الحاالت ،ذلك أن المفاوضات ،سواء أكانت
تقليدية أم معاصرة ،تستخدم فيها وسائل االتصال الحديثة ،تكون محاطة بظرف يؤثر في نتيجتها النهائية بشكل كبير ،وال يمكن ألي من
الطرفين ،أن يؤكد جازما على النتيجة التي ستؤول إليها ،و السيما في بدايتها ،خصوصا و أن األطراف يدركون عدم وجود عنصر إلزام
يوجب عليهم االتفاق مع بعضهم ،بالنظر لوجود وسائل أخرى لحل النزاع ،يستطيع كل من الطرفين اللجوء إليها ،إذا لم يتم التوصل إلى
حل للنزاع عبر التفاوض.
وكلما كبرت معرف ة المفاوض باألمر الذي يفاوض بشأنه ،نوع ومحل التفاوض ،كلما كبرت فرص الوصول إلى تسوية للنزاع.
ثانيا :أنواع التفاوض عبر الوسائل اإللكترونية
ينقسم التفاوض اإللكتروني إلى نوعين رئيسيين ،النوع األول وهو تفاوض يتم بين طرفي النزاع على األنترنت مع تدخل بعض برامج
الحاسوب التي تعين هؤالء األطراف على الوصول إلى تسوية .والنوع الثاني تفاوض تستخدم فيه الوسائل الحديثة اإللكترونية من قبل
الطرفين المتفاوضين ،باعتبارها مجرد وسائل تساعد األطراف في إكمال عملية التفاوض التي يجريانها بغية تسوية النزاع الناشئ بينهما.
12
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
،يقوم البرنامج بحساب متوسط هذين المبلغين ،ليحدد – في النهاية – المبلغ المستحق ،و ذلك بصورة إلكترونية.
هذه اآللية عرفت حديثا ب ( المناقصة العمياء ) ،ألنها تقوم على تقديم الطرفين عطاء أو مبلغا موافقا عليه من قبلهما ،كبداية
لتسوية ،و ذلك على صورة مبلغ نقدي في المنازعات المالية ،أو بصورة تسوية موضوعية ،في المنازعات التي يكون موضوعها أمورا
غير نقدية ،و الفكرية الرئيسية هي أن المركز الذي تجري عملية التفاوض عبره ،يحرص على بقاء األرقام المقدمة من الطرفين
المتناز عين ،سرية إلى أن تقترب من بعضها لحد يسمح بإجراء تسوية مقبولة بينهما ،عن طريق تسوية الخالف على أساس معدل حسابي
بين الرقمين المقدمين لغرض حسم النزاع.
ولما كانت اآللية التي يستخدمها مركز تسوية Cyber Seattleتخص المنازعات المالية التي يقع الخالف فيها بين الطرفين حول
مبالغ مستحقة لبعضهم ،لذا أوجدت مراكز أخرى مثل مركز Smart Stèleبرنامجا Multi Variable résolution optimisation
programsيمكن أن يستخدم في تسوية جميع أنواع المنازعات ،و منها المنازعات المالية ،برنامج تقدير و يقوم هذا البرنامج – أساسا –
على طرح جملة من األسئلة التوقيعية ،تتعلق بتحديد موضوع النزاع بدقة ،بهدف تحديد النقطة التي ينصب عليها الخالف ،و مدى إمكانية
التوصل إلى تسوية مرضية ،و ما هي نسبة التنازل التي يمكن أن يقدمها كل من الطرفين ،أو المعدل المقبول من أطراف النزاع للتنازل
عنه ،و غي ر ذلك ،مع منح أطراف النزاع فرصة التفاوض المباشر بينهما بالشكل الذي يساعدهما في تعديل ما يتوصالن إليه من حلول،
بغية إيجاد تسوية نهائية للنزاع.
ومن الجدير بالمالحظة ،أن حرية الطرفين في التفاوض ليست مطلقة ،من حيث المدة الزمنية التي يجب أن تستغرقها ،إذ توجب
بعض المراكز ،توصل األطراف إلى تسوية و إنهاء المفاوضات ،سلبا أو إيجابا ،خالل مدة ال تتجاوز 30يوما من تاريخ بدء المفاوضات،
يبادر المركز بنهايتها إلى غلق صفحة التفاوض اإللكتروني بشكل تلقائي ،ما لم يقدم الطرفان أسباب وجيهة تستوجب منحهما مهلة إضافية
،يتوقف أمدها على ما يقدمانه من أسباب ،وهناك مراكز أخرى ،تحدد المدة التي يجب على طرفي المفاوضات المباشرة التوصل خاللها إلى
تسوية للنزاع ،ب 10أيام ،يتعهد الطرفان ،بإحالة النزاع ،عند انتهائها دون التوصل إلى تسوية ،المركز ليتولى تعيين وسيط يساهم في
تسوية النزاع ،أ و اللجوء إلى وسيلة أخرى من وسائل التسوية البديلة ،و بالتالي فإن هذا التقييد للمدة التي يجب من خاللها تسوية النزاع،
فإن أمر إيجابي لوضع حد ألساليب المماطلة و التسويف ،التي قد يلجأ إليها أحد األطراف.
ب -التفاوض بمساعدة الكمبيوتر.
يتم التفاوض بين األطراف المباشرة على األنترنت دون استخدام برامج الكمبيوتر الخاصة للتسوية كما هو الحال في التفاوض
اآللي ،و إنما يبقى الحاسوب مجرد و سيلة اتصال بين األطراف لتبادل وجهات النظر و الحلول المقترحة لتسوية المنازعة ،كما تظهر
خاصية مساعدة الكمبيوتر من خالل تمكين األطراف من استخدام برامج االتصال و تحميلها ،و تسهيل دخولهم إلى المواقع اإللكترونية
المؤمنة أو تقديم برامج تدير الحوار بينهما و تطرح عليهما حلوال نموذجية أو حلوال تم التوصل إليها من قبل في منازعات مشابهة.
ويعد مركز ،Square Tradeمن بين أهم المراكز التي تستخدم التفا وض بمساعدة الكمبيوتر و الذي حقق نجاحا كبيرا في
تسوية المنازعات ،حيث أعلن المركز أن نسبة %80من حجم المنازعات التي تم التفاوض حولها عن طريقه قد تم حلها بالمفاوضات
المنظمة من طرف الحاسوب ،ولعل ما يبرر فعالية مركز Square Tradeهي بساطته و سهولة اإلجراءات المتبعة خالل مرحلة
التفاوض ،بحيث تبدأ بتقديم الطرفين ،أو أحدهما إلى المركز طلبا إلكترونيا ،يتضمن البيانات الرئيسية عن الطرفين ،وعن موضوع النزاع و
أسبابه ،فإذا كان الطلب مشتركا تبدأ عملية التفاوض ،أما إذا كان الطلب مقدما من أحدهما ،فعندئذ يتم إخطار الطرف اآلخر ،برغبة مقدم
الطلب التفاوض معه ،فإن قبل ،تبدأ.
عملية التفاوض ،و أما إذا أجاب بالرفض أو امتنع عن اإلجابة ،خالل المدة المحددة له ،فإن مرحلة المفاوضات المباشرة تعد
منتهية قبل أن تبدأ.
يتمثل دور المركز ،في حالة تسلمه طلبا مشتركا من الطرفين ،أو طلبا منفردا ،ويوافق الطرف اآلخر عليه ،في إرسال كلمة المرور
السرية الخاصة بالصفحة اإللكترونية ،التي تخصص للنزاع ،على الموقع اإللكتروني للمركز ،إلى الطرفين ليتفاوضا من خاللها ،مع
التأكيد عليهما بأن المدة التي يتوجب عليهما التوصل خاللها إلى تسوية ،يجب أن ال تزيد عن 30يوما .إال أنه غالبا ما تستغرق عملية
13
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
التفاوض من 10إلى 14يوما استنادا لمدى تفاعل التفاوضين وسعيهم لحل نزاعهم.
وقد القت هذه الطريقة في فض المنازعات إقباال واسعا ،لما لمسه المتنازعان -إلى جانب ما تقدم من أسباب – من توفير للوقت
والمال ،وخصوصا العاملين منهم في حقل التجارة اإللكترونية والذين تتجاوز اعمالهم الحدود الجغرافية التقليدية .الفقرة الثانية :دور
التفاوض عبر الوسائل اإللكترونية في تسوية منازعات التجارة اإللكترونية
عند النظر إلى المفاوضات المباشرة كوسيلة لتسوية المنازعات الناجمة عن عقود التجارة اإللكترونية ،يمكن القول أنها بنوعيها اآللي
و الجاري عبر اإلنترنت ،تمثل وسيلة مفيدة لتسوية و حسم عدد كبير من المنازعات ،و خاصة تلك التي تكون قيمتها المادية ضئيلة ،و
بالذات منها عقود االستهالك ،ذلك أنه و مع المميزات التي توفرها المفاوضات باستخدام الوسائل اإللكترونية ،من سهولة اللجوء إليها ،و
قلة تكاليفها ،و سرعة حسم النزاع من خاللها ،نجد أنها وسيلة تصلح لحسم عدد كبير من النزاعات التي قد ال تستوجب لجوء أطرافها
إلى وسائل تقاضي أكثر تعقيدا و تكلفة.
وعلى الرغم من هذه المميزات ،يعتقد البعض أن أهم سلبية في التفاوض كوسيلة لحل المنازعات ،هي أن األطراف المتفاوضة تضع
في حساباتها ،منذ بدء عملية التفاوض ،أنها ليست ملزمة بحل النزاع عبر هذه الوسيلة ،لذلك يشير الواقع العملي إلى ان كل طرف يضع
في ذهنه عند التفاوض اعتبارات معينة ،و يتبع أسلوبا محددا للوصول إليها في المفاوضات ،ونرى أن هذه المسألة ال تنقص من قيمة
التفاوض كوسيلة بديلة ،ألنها ليست مسألة قانونية تحتاج إلى حلول بقدر ما هي أمر يعود إلى الخصوم أنفسهم وعند تقييم التفاوض
اآللي ،قياسيا إلى التفاوض عبر شبكة األنترنت ،نرى تفضيل التفاوض عبر األنترنت ،و الوسائل الحديثة لالتصال ،على التفاوض )
اآللي( ،نظرا للمميزات التي يتمتع بها التفاوض عبر األنترنت ،و التي سبقت اإلشارة إليها ،ومرد ذلك هو إمكانية بروز دور العنصر
البشري في التفاوض المباشر الذي يتم بواسطة األجرة الحديثة،
ومنها شبكة اإلنترنت ،بعكس التفاوض اآللي ،الذي يطغى فيه دور اآللة على دور األطراف المتفاوضة ،ذلك أن التفاوض عبر شبكة
األنترنت ،يقترب من اللقاء المباشر بين الطرفين المتنازعين ،األمر الذي يزيد من فرص الوصول إلى تسوية للنزاع ،نظرا إمكانية األخذ و
الرد بين األطراف ،هذا فضال على أنه بإمكانهم – أي األطراف – في أي مرحلة اللجوء إلى القضاء الرسمي ،وهو أمر و إن كان يمثل في
شق منه عنصرا سلبيا يقلل من قيمة المفاوضات كوسيلة لتسوية المنازعات ،إال أنه من جانب ثان ،يعطي مرونة و حرية أكثر ،للطرف
الذي ال يجد في المفاوضات ،سبيال منصفا لحل نزاعه ،في العدول عنه .ومن الجدير بالذكر أنه سواء تم التفاوض آليا وعن طريق
مساعدة الحاسوب ،فإن لألطراف دائما أو ألحدهما حق رفض التسوية التي يصل إليها الكمبيوتر في التفاوض اآللي ،أو التي يطرحها
الطرف اآلخر في التفاوض بمساعدة الكمبيوتر .فالمفاوضات تتميز بصفة عامة بالطابع غير الملزم ،ويتوقف نجاحها دائما على قبول
الطرفين معا للمشرع المقترح للتسوية .وال بد من اإلشارة إلى أن قوة اإلنسان التفاوضية لها أكثر من مردود اجتماعي وعملي ،حيث أن
المفاوضات بهدف المصالحة تلعب دورا مهما على الصعيد االقتصادي والتجاري في حل النزاعات ،وعلى المفاوض كلما تحلى بحنكة
ودراية أصولها فإن حظوظه بالنجاح في الوصول إلى الحل الودي سوف تزداد ،خصوصا إذا تم تشخيص موضوع النزاع قبل اللجوء إلى
المفاوضات ،ووضعه ضمن أطره الواقعية بعيدا عن المشاعر واالنفعاالت الشخصية .وال بد من االعتراف بأن الجهة المفاوضة األخرى
هي أيضا صاحبة حقوق وإن هدف المفاوضات ليس إقناع الغير بالتنازل عن حقوقه ،بل التوصل إلى حلول مشتركة ترضي الجميع،
ويفترض أيضا عدم التركيز على حل واحد للنزاع ،بل اإلتيان بحلول عدة لتوسيع حلقة المفاوضات وحظوظ نجاحها .لكي نعطي
المفاوضات ثمارها بهدف التوصل إلى حل ينهي النزاع ويعيد أطرافه إلى الحالة التي كانوا عليها قبل نشوء النزاع .البد من تسهيل
تعقيدات موضوع النزاع بتجزئة إلى مفاصل والعمل على حل كل مفصل بحد ذاته.
ومن الضروري أن نشير هنا إلى أن عدد المنازعات التي يتم تسويتها بالتفاوض بمساعدة الحاسوب كبيرة جدا بالمقارنة بغيرها من وسائل
التسوية اإللكترونية األخرى بما فيها التحكيم والوساطة ويمكن أن نذكر هنا على سبيل المثال أكثر من %60من المنازعات التي تطرح
على هذا ا لموقع ،يتم تسويتها في مرحلة المفاوضات بمساعدة الحاسوب ،وذلك قبل االنتقال إلى الوساطة التي يقدمها أيضا هذا المركز،
وهو ما يمكن أن يؤخذ في االعتبار عند تقدير مدى نجاح هذا النوع من التفاوض.11
14
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
خاتمة :
إن ثقافة وقيم اللجوء للوسائل البديلة لفض النزاعات ،هي ثقافة فض النزاع داخل األسرة الواحدة ،أي تسوية ودية دون شحناء
وبغض ، 12وتعتبر المفاوضات أحد أهم وأنجع هذه الوسائل وأكترها ميوال للسلم إلى جانب كل من الوساطة والتحكيم ،وتقوم المفاوضات
على مجموعة من الخطوات الالزمة والضرورية إلى جانب ضرورة اعتماد المفاوضين على أحد األساليب التفاوضية وذلك بغية التأثير
بشكل أفضل وتحقيق أكبر عدد من النقاط الممكنة من العملية التفاوضية .وختاما يمكن القول إن المفاوضات تبقى أفضل وسيلة سلمية
للتصفية النزاعات كيفما كانت خلفيتها كما أن األمر أصبح ميسرا بشكل أكبر وذلك تحت ظل ما يعرف بالمفاوضات اإللكترونية.
12 - 12المجلد الخامس من العدد الثالث والثالثين لحوليات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية للبنات باإلسكندرية "حوكمة الوسائل البديلة لتسوية المنازعات لتحقيق
مقاصد الشريعة من إعداد الباحث عبد الحنان محمد العيسى الصفحة 1006.
15
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
زين الدين أبو عبد هللا محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي ،مختار الصحاح المحقق ؛ يوسف الشيخ -
محمد بيروت المكتبة العصرية ،الطبعة ، 1999 ,5الجزء األول. -
مجمع اللغة العربية ،المعجم الوجيز القاهرة دار التحرير. 1980 ، -
حسن الحسن ،التفاوض والعالقات العامة بيروت المؤسسة الجامعية.1931، -
علي سالم ".قن التفاوض المبادئ العامة وبعض التطبيقات العملية" ،المصرية للتنمية والتخطيط ،المجلد 4العدد ،2القاهرة -
1996
برنامج األمم المتحدة اإلنمائي اليمن دليل المجتمع المحلي للحد من النزاعات والتنمية الحساسة للنزاعات .2012 -
محمد عوض الهزايمة ،المدخل إلى فن التفاوض الدنمارك :األكاديمية العربية المفتوحة2011,م. -
محمد بدر الدين زايد ،المفاوضات الدولية بين العلم والممارسة :مكتبة الشروق الدولية ،الطبعة األولى.2003 ، -
-
المجلد الخامس من العدد الثالث والثالثين لحوليات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية للبنات باإلسكندرية "حوكمة الوسائل البديلة
لتسوية المنازعات لتحقيق مقاصد الشريعة" من إعداد الباحث عبد الحنان محمد العيسى.
https://democraticac.
https://www.alaraby.co.uk
https://www.droitetentreprise.com
16
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
الفهرس
مقدمة1.............................................................................................................................................. :
الفقرة الثانية :دور التفاوض عبر الوسائل اإللكترونية في تسوية منازعات التجارة اإللكترونية 12 ...................................
17
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
18
المفاوضات كآلية لحل النزاعات
19