Text

You might also like

Download as txt, pdf, or txt
Download as txt, pdf, or txt
You are on page 1of 11

‫‪Read‬‬

‫‪Watch‬‬
‫‪Listen‬‬
‫‪Learn‬‬
‫‪Donate‬‬
‫‪READ‬‬
‫‪TRANSLATIONS‬‬
‫قوة التحفيز‪ :‬سلسلة علم النفس الروحي‬
‫‪Published: August 28, 2018 • Updated: October 11, 2020‬‬
‫‪Author: Dr. Zohair Abdul-Rahman‬‬

‫‪Share‬‬
‫ِبْس ِم اللِه الَّرْح ٰم ِن الَّر ِح ِمْي‬
‫‪In the name of God, the Most Gracious, the Most Merciful.‬‬
‫ُم َلَّخ ٌص‬
‫يشكل الدافع مصدًر ا ألفكارنا وانفعاالتنا وسلوكياتنا الواعية‪ ،‬بل هو أساس ما نخوض من تجارب؛ من سعادة وفرح‪ ،‬وقلق وَح َز ن‪ ،‬وينعكس‬
‫على أحكامنا ومعتقداتنا في هذه الحياة الدنيا‪ .‬والقرآن الكريم يصف مكونات النفس الداخلية التي ترسي الدعائم لحالتنا التحفيزية‪ .‬واستمراًر ا‬
‫للمشروع األكبر واألوسع نطاًقا المتمثل في صياغة فهِم محدِد للنفس البشرية من منظور إسالمي‪ ،‬فهذا المقال ُيسّلط الضوء على مفهوم‬
‫الدافع‪ ،‬وينقسم إلى ثالثة أقسام‪ )1( :‬أساسيات الدافع؛ و (‪ )2‬الحالة التحفيزية؛ و (‪ )3‬الوقود التحفيزي‪ .‬أّم ا الجزء األول يتناول‬
‫حاالت المتعة واأللم في ظل السياق التحفيزي‪ .‬ويصف الجزء الثاني المكونات التي تحدد الدوافع‪ ،‬ويشمل مناقشة حول المصطلحات‬
‫القرآنية‪ :‬النفس األمارة بالسوء والنفس المطمئنة‪ .‬وهناك الجزء الثالث واألخير الذي يتعرض لمفاهيم الصبر والشهوة باعتبارهما قوتان‬
‫‪.‬محركتان دافعتان‪ ،‬ويطرح أيًض ا إرشادات عملية للتحلي بالصبر وكبح جماح الشهوات‬
‫مقدمة‬
‫تهدف سلسلة علم النفس الروحي إلى بناء نماذج أساسية من شأنها ربط الروحانية اإلسالمية بنظريات العقل والسلوك؛ مما شأنه إلهام القارئ‬
‫إلعادة انسجام روحه بطريقة ذات مغزى وتكون مدعومة بفهم أعمق لألمور‪ .‬في المقال السابق‪ ،‬حقّقنا في الجوانب األساسية للتفكر‪ ،‬بل‬
‫عملية التفكر ذاتها‪ ،‬وعرضنا نظاًم ا مقترًح ا للتفكر‪ .‬أّم ا المقال الحالي فكل هدفه الدافع البشري‪ ،‬الذي هو محِد د للفكر والسلوك‪ .‬من خالل‬
‫تبني نظام مراتب القصد (انظر المقال السابق)‪ ،‬فقد تعرضنا للهاجس‪ ،‬والخاطر‪ ،‬وحديث النفس‪ .‬والمقال الذي بين أيدينا يركز‬
‫‪.‬على الهمم (الدافع)‬
‫يشكل الدافع مصدر أفكارنا وانفعاالتنا وسلوكياتنا الواعية‪ ،‬وتتميز الحالة التحفيزية بأنها بنية نفسية ضرورية لنجوب الحياة بإعمال العقل‪ ،‬فهي‬
‫توجهنا إلى ما تسمو إليه قلوبنا‪ ،‬بل هي أساس ما نخوض من تجارب؛ سعادة وفرح‪ ،‬وقلق وَح َز ن‪ ،‬وتنعكس في أحكامنا ومعتقداتنا في هذه‬
‫الحياة الدنيا‪ .‬في المقال السابق‪ ،‬تحدثنا عن العوامل المختلفة التي تعرض األفكار التي تجول في أذهاننا‪ .‬إن إدراك الحالة التحفيزية بصورة‬
‫‪.‬أعمق سيمكننا من التحكم في زمام تفكيرنا وعواطفنا وسلوكياتنا ومن ثم حياتنا في نهاية المطاف‬
‫تنقسم هذه الورقة إلى ثالثة أقسام‪ )1( :‬أساسيات الدافع؛ و (‪ )2‬الحالة التحفيزية؛ و (‪ )3‬الوقود التحفيزي‪ .‬ويتناول الجزء األول منها‬
‫المفاهيم األساسية التي تكمن وراء الدافع البشري‪ :‬األلم والمتعة‪ .‬والجزء الثاني يتطرق إلى بنية الحاالت التحفيزية التي تتبلور في القلب‬
‫ويتناول وظائفها‪ ،‬ويصف الطريقة التي تتكامل بها مشاعرنا وأفكارنا وتجاربنا بالمتعة واأللم مع أي حالة تحفيزية تشكل أساًسا ألهدافنا‬
‫وتطلعاتنا في الدنيا‪ .‬ويتناول الجزء الثالث واألخير القوى المحركة للدافع ويعرض إرشادات عملية تسخير قوة الدافع نحو تحقيق اهدافنا‬
‫‪.‬وغايتنا‬
‫الجزء األول‪ :‬أساسيات الدافع‬
‫المتعة واأللم‬
‫إن أهم التجارب األساسية التي يخوضها اإلنسان هي المتعة واأللم‪ ،‬وتقّبل عقولنا وأجسادنا إلى ما يجلب لنا المتعة ويبعدنا عما ُيجلب األلم‪.‬‬
‫ويطلق على فكرة وجوب اإلنسان معايشة حياته بطريقة تزيد من المتعة وتقلل من األلم باسم "مذهب المتعة" (وهو َم ْذ َهب َيْج َع ل ِم ن الَّلَّذ ة‬
‫َو اْلُم ْتَع ة َغاَية ُقْص وى)‪ .‬هناك مدارس مختلفة لمذهب المتعة‪ ،‬حيث وضعت تعريفات مختلفة للمتعة القصوى التي يجب طلبها والسعي إليها‪.‬‬
‫وهناك عديد من الفلسفات‪ ،‬مثل المدرسة اإلِبيُقوِرّية‪ ،‬التابعة لمذهب المتعة‪ ،‬التي تتبع نهًج ا نحو المتعة يتسم بكونه أكثر رزانة‪ .‬يقر‬
‫األبيقوريون بأن المتعة الحقيقية تكمن في عيش حياة الفضيلة‪ ،‬دون االنغماس في الشهوات الجسدية‪ .‬من هنا‪ ،‬ثمة تداخل مع المفاهيم‬
‫‪.‬اإلسالمية للمتعة‬
‫تتبلور نقطة االنطالق بين المنظور اإلسالمي وجميع مدارس مذهب المتعة في توصيف المتعة كغاية مقابل المتعة كوسيلة‪ .‬ومن الناحية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬يعد السعي نحو المتعة وتجنب األلم دليل على سلوكنا االتجاه الصحيح في الحياة‪ ،‬ولكنه ال يشكل االتجاه نفسه‪ ،‬وتكمن فائدة‬
‫الدليل في أي رحلة في توجيه المسافر حتى يواصل سعيه لبلوغ مقصده‪ ،‬دون اإلشارة إلى غايته فحسب‪ .‬على النقيض من ذلك‪ ،‬يفترض‬
‫‪.‬مذهب المتعة أن المتعة هي الغاية القصوى من حياة اإلنسان‬
‫هنالك طريقة واحدة لفهم ماهية الفارق في ذلك؛ أال وهي الرجوع إلى "مذهب المتعة النفسية" و "مذهب المتعة األخالقية"‪ .‬يرى مذهب‬
‫المتعة النفسية أن المتعة واأللم هما الدافعان األساسيان للسلوك البشري‪ .‬أّم ا مذهب المتعة األخالقية يعّبر عن الفكرة القائلة‪ :‬أن الغاية‬
‫القصوى هي التصرف بطريقة تعزز المتعة وُتجّنب األلم والضرر‪ ،‬المذهب األول مجرد وصُف واألخير وصفة عالجية‪ .‬أّم ا الشريعة‬
‫‪.‬اإلسالمية‪ ،‬فتنتهج نهًج ا وسًطا؛ إذ تقر باألبعاد األخالقية لأللم والمتعة كوسيلة نحو الحقيقة والفضيلة‪ ،‬وليست حقيقة وفضيلة في حد ذاتها‬
‫األبعاد التجريبية للمتعة واأللم‬
‫يتناول ابن القيم (توفى ‪ 751‬هـ) مخطًطا لتصنيف المتعة في عالقتها بالتجربة البشرية‪ .‬وفي إطار نطاق أوسع‪ ،‬سنشير إلى ذلك على‬
‫‪:‬أنه متعة تجريبية‪ .‬يعرض ابن القيم ثالثة أنواع مختلفة من المتعة التجريبية‬
‫اللذة الجسمانية؛ و (‪ )2‬اللذة الخيالية الوهمية؛ و (‪ )3‬اللذة العقلية الروحانية‪ ، .‬ولكنه لم يذكر األلم صراحة‪ ،‬إذ أن كل فئة )‪(1‬‬
‫تحوي في طياتها بالضرورة األلم‪ ،‬كتجربة على الجانب اآلخر من الطيف‪ ،‬ولكنه يفسر في موضع آخر "من حكمة الله تعالى أن جعل‬
‫‪".‬المتعة يعقبها ألم‪ ،‬واأللم يعقبه متعة‬
‫إن الملذات الحسية واأللم هي تلك المرتبطة باألكل والشرب والتناسل‪ ،‬وهي الملذات واآلالم التي يتقاسمها البشر مع الحيوانات‪ .‬أّم ا الملذات‬
‫الخيالية فتنشأ عندما يبلغ المرء سلطة أو نفوًذ ا أو منصًبا قيادًيا‪ .‬على النقيض‪ ،‬يرتبط األلم الخيالي بالسيطرة على المرء والهيمنة عليه‬
‫واضطهاده‪ .‬ويمكن فهم ذلك من خالل المفهوم الحديث للتسلسل الهرمي للهيمنة االجتماعية‪ .‬يتأسس التسلسل الهرمي للهيمنة على كل ما‬
‫يعتبره البشر ذي قيمة‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬تنفرد القيمة النقدية بتسلسل هرمي خاص للهيمنة في كل مجتمع‪ ،‬مما يفضي إلى الشعور‬
‫بالمتعة؛ حيث يرتقي المرء إلى مستِو أعلى بجمع الثروة‪ .‬إن التأثير‪ ،‬والقيادة‪ ،‬والسلطة‪ ،‬والنفوذ‪ ،‬والجوائز‪ ،‬والشهرة‪ ،‬والجمال‪ ،‬جميعها تمثل‬
‫سالسل هرمية مختلفة للهيمنة‪ ،‬حيث يسعى البشر كثيًر ا إلى تسلقها لتجربة ما يرتبط بها من ملذات‪ .‬ترتبط الملذات الفكرية والروحية بالعلم‬
‫والوعي الروحي وتعزيز فضائل مثل النبل والسخاء والعفة والشجاعة والِح لم‪َ .‬ع ِم د ابن القيم إلى بيان أنه عندما ترتبط المتعة بالعلم بالله‬
‫‪.‬ومحبته‪ ،‬فقد دخل المرء بذلك جنة عاجلة نسبتها إلى الدنيا‬
‫فإنه ليس للقلب والروح ألذ‪ ،‬وال أطيب‪ ،‬وال أحلى‪ ،‬وال أنعم من محبة الله‪ ،‬واإلقبال عليه‪ ،‬وقرة العين به‪ ،‬واألنس بقربه‪ ،‬والشوق إلى "‬
‫‪".‬لقائه ورؤيته‬
‫‪:‬والله يصف تلك المتعة في قرآنه الكريم قائاًل‬
‫‪".‬اَّلِذ يَن آَم ُنوا َو َتْط َم ِئُّن ُقُلوُبُهْم ِبِذ ْك ِر الَّلِه َأال ِبِذ ْك ِر الَّلِه َتْطَم ِئُّن اْلُقُلوُب "‬
‫‪:‬على النقيض‪ ،‬فأولئك الذين يعيشون حياة روحية ُم ْهِلَكة أو قائمة على مذهب العدمية هم من يعانون األلم الوجودي األكبر‬
‫‪َ".‬و َم ْن َأْع َر َض َع ْن ِذ ْك ِر ي َفِإَّن َلُه َم ِع يَش ًة َض نكًا"‬
‫‪:‬وأيًضا‬
‫‪َ".‬و َم ْن ُيْش ِرْك ِبالَّلِه َفَك َأَّنَم ا َخ َّر ِم ْن الَّس َم اِء َفَتْخ َطُفُه الَّطْيُر َأْو َتْهِو ي ِبِه الِّريُح ِفي َم َكاٍن َسِح يٍق "‬
‫وظائف أخروية للمتعة واأللم‬
‫هناك عالقة بالغة التعقيد بين المتعة واأللم فيما يتعلق باِإل يمان ِبالَبْع ِث والِح ساب في اإلسالم‪ .‬ففي هذه الحياة الدنيا‪ ،‬تعقب الصالحات متعُة‪،‬‬
‫وفي بعض األحيان يعقبها ألُم ‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فالذنب يعقبه ألُم ‪ ،‬وفي أحيان أخرى يعقبه متعُة‪ .‬أّم ا في اآلخرة‪ ،‬ليس هنالك سوى المتعة جزاء‬
‫‪.‬الخير‪ ،‬واأللم جزاء الشر‬
‫المتعة في اآلخرة‬
‫المتعة السرمدية )‪1‬‬
‫إن المتعة أساس األجر المرتبط بالعيش الصالح في اآلخرة‪ ،‬وكان أعظم أجر ُو عد به المؤمنون في اآلخرة هو التمتع بالنظر إلى وجه الله‬
‫‪".‬تعالى‪ .‬وقد وصف هذا األجر بأنه لذة في الدعاء النبوي الشهير "اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك‬
‫األلم في اآلخرة‬
‫األلم المستحق )‪1‬‬
‫إن األلم في اآلخرة أساس العقاب المرتبط بالحياة الغامرة بالشر في هذه الحياة الدنيا‪ ،‬وكان العقاب واأللم في نار جهنم هما جزاء األلم‬
‫الذي يسببه المرء لنفسه ولالخرين‬
‫‪.‬في هذه الحياة الدنيا‬
‫‪ِ".‬إَّن اَّلِذ يَن َكَفُروا ِبآَياِتَنا َسْو َف ُنْص ِليِهْم َنارًا ُك َّلَم ا َنِضَج ْت ُج ُلوُدُهْم َبَّد ْلَناُهْم ُج ُلودًا َغْيَر َها ِلَيُذ وُقوا اْلَع َذ اَب ِإَّن الَّلَه َك اَن َع ِزيزًا َح ِكيمًا"‬
‫‪.‬األلم الُم زّك ي للنفس )‪2‬‬
‫هناك وظيفة أخرى لأللم في اآلخرة أال وهي تزكية النفوس‪ ،‬وبحسب اِإل يمان ِبالَبْع ِث والِح ساب في اإلسالم‪ ،‬فسُيتزكى الناُس من ذنوبهم‬
‫‪.‬بتجريب العذاب في جهنم ثم دخول الجنة‬
‫المتعة في الحياة الدنيا‬
‫المتعة الُم جزية )‪1‬‬
‫إن المتعة جزاء لفعل الخير في هذه الحياة الدنيا‪ ،‬لذا كان على المرء اتخاذ ما يتمتع به في هذه الحياة الدنيا أنه رحمة من الله‪ ،‬وذلك‬
‫‪.‬نتيجة الخضوع الذي يظهره المرء في سبيل الله تعالى‬
‫‪َ".‬م ْن َعِمَل َص اِلحًا ِم ْن َذ َك ٍر َأْو ُأنَثى َو ُهَو ُم ْؤ ِم ٌن َفَلُنْح ِيَيَّنُه َحَياًة َطِّيَبًة َو َلَنْج ِزَيَّنُهْم َأْج َر ُهْم ِبَأْح َس ِن َم ا َكاُنوا َيْع َم ُلوَن "‬
‫وقال النبي صلى الله عليه وسلم عندما ُسئل "َأَر َأْيَت الَّرُج َل َيْع َم ُل اْلَع َم َل ِم َن اْلَخْيِر َو َيْح َم ُد ُه الَّناُس َع َلْي ِه َقاَل " ِتْلَك َعاِج ُل ُبْش َر ى‬
‫‪".‬اْلُم ْؤ ِم ِن‬
‫المتعة الخّد اعة )‪2‬‬
‫‪:‬إن المتعة المذمومة عقاب يوهم اإلنسان باالستمرار في حياته اآلثمة‪ .‬ويقول القرآن الكريم في ذلك‬
‫"‪َ.‬فَذ ْر ُهْم ِفي َغ ْمَر ِتِهْم َح َّتى ِح يٍن ‪َ .‬أَيْح َسُبوَن َأَّنَم ا ُنِم ُّدُهْم ِبِه ِم ْن َم اٍل َوَبِنيَن ‪ .‬نَس اِرُع َلُهْم ِفي اْلَخْيَر اِت َبل ال َيْش ُعُروَن‬
‫األلم في الحياة الدنيا‬
‫األلم العقابي )‪1‬‬
‫‪:‬قد يكون األلم في هذه الدنيا عقاًبا جزاء الخطيئة والظلم‪ .‬وكما ذكرنا سالًفا‪ ،‬يقول القرآن الكريم في ذلك‬
‫‪َ".‬و َم ْن َأْع َر َض َع ْن ِذ ْك ِر ي َفِإَّن َلُه َم ِع يَش ًة َض نكًا"‬
‫‪َ".‬و َلَقْد َأَخ ْذ َناُهْم ِباْلَع َذ اِب َفَم ا اْسَتَكاُنوا ِلَر ِّبِهْم َوَم ا َيَتَض َّرُعون‪َ .‬ح َّتى ِإَذ ا َفَتْح َنا َع َلْيِهْم َبابًا َذ ا َع َذ اٍب َش ِد يٍد ِإَذ ا ُهْم ِفيِه ُم ْبِلُسوَن "‬
‫ألم الرحمة )‪2‬‬
‫قد ُيذكر األلم أيًضا المرء بتغيير نمط حياته‪ ،‬ففي كثير من األحيان‪ ،‬ال يزال المرء يعيش حياة آثمة حتى يصيبه شر‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬يقبل على‬
‫الله كوسيلة للصبر على األلم‪7.‬‬
‫‪َ".‬و َم ا َأْر َس ْلَنا ِفي َقْر َيٍة ِم ْن َنِبٍّي ِإَّال َأَخ ْذ َنا َأْهَلَها ِباْلَبْأَس اِء َو الَّضَّراِء َلَع َّلُهْم َيَّضَّرُع وَن "‬
‫‪.‬الم التحمل )‪3‬‬
‫‪:‬إن األلم نوع من االبتالءات‬
‫‪".‬وَلَنْبُلَو َّنُك ْم ِبَش ْي ٍء ِم ْن اْلَخ ْو ِف َو اْلُجوِع َو َنْقٍص ِم ْن اَألْمَو اِل َو اَألنُفِس َو الَّثَم َر اِت َو َبِّش ْر الَّصاِبِريَن "‬
‫‪.‬األلم الخالصي )‪4‬‬
‫‪:‬قد يؤدي األلم أيًض ا إلى العفو عن الذنوب‬
‫‪".‬قال النبي ﷺ "َم ا ِم ْن َشيء ُيِص يُب اْلُم ْؤ ِم َن َح َّتى الَّش ْو َك ِة ُتِص يُبُه ِإَّال َكَتَب الَّلُه َلُه ِبَها َحَس َنًة َأْو ‪ُ7‬ح َّطْت َع ْنُه ِبَها َخ ِط يَئٌة‬
‫آالم النمو )‪5‬‬
‫‪.‬وفي النهاية‪ ،‬قد يكون األلم نتيجة حتمية لألعمال الصالحات ويكون جزاؤه المتعة بعد ذلك في الدنيا واآلخرة‬
‫َذ ِلَك ِبَأَّنُهْم ال ُيِص يُبُهْم َظَم ٌأ َو ال َنَص ٌب َو ال َم ْخ َم َص ٌة ِفي َس ِبيِل الَّلِه َو ال َيَطُئوَن َم ْو ِط ئًا َيِغ يُظ اْلُكَّفاَر َو ال َيَناُلوَن ِم ْن َع ُد ٍّو َنْيًال ِإَّال ُك ِتَب َلُهْم "‬
‫‪ِ".‬بِه َع َم ٌل َص اِلٌح ِإَّن الَّلَه ال ُيِض يُع َأْج َر اْلُم ْح ِسِنيَن‬
‫الوظائف اإلدراكية للمتعة واأللم‬
‫إن طلب المتعة وتجنب األلم ليس بالضرورة أمر تلذذي‪ ،‬بل قد يكون أداًة إدراكية ناجحة للبحث عن مساٍع نافعة في الحياة الدنيا‪ .‬يصف‬
‫ابن القيم اإلمكانات المعرفية الحدسية لأللم والمتعة وما يتعلق بمعرفة ما يضر المرء وما ينفعه في قوله "ترتبط الفائدة بالمتعة ويرتبط‬
‫الضرر باأللم"‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فإن المتعة ‪-‬من هذا المنظور‪-‬بمثابة دليل على النفع الذي يتحصل المرء عليه‪ .‬بالمقابل‪ ،‬يكون األلم إشارة إلى‬
‫‪.‬الضرر الناشئ عنه‬
‫يستشهد ابن القيم بكالم ابن تيمية (توفى ‪ 728‬هـ) في شرح الداللة الالهوتية للوظائف المعرفية للمتعة واأللم في قوله "إدراء المالئم‬
‫يسبب اللذة‪ ،‬إدراك المنافي يسبب األلم‪ ".‬وإذا ما أخذنا االثنين مًعا‪ ،‬يمكننا إدراك المتعة المعرفية بأنها تجربة شيء خارجي (من البيئة)‬
‫أو داخلي (من العقل والجسم) وقد يكون القصد منها خوضها‪ ،‬فما ُيراد حدوثه هو ما لزم حدوثه بالضرورة؛ هذا حكُم ّقيُم ال يمكن‬
‫‪.‬إصداره إال في ظل الحق الذي بينه الله‪ ،‬فحدوث األمور واألشياء مرتبط بإرادة الله لحدوثها‬
‫‪ُ".‬يِريُد الَّلُه ِلُيَبِّيَن َلُك ْم َو َيْهِدَيُك ْم ُسَنَن اَّلِذ يَن ِم ْن َقْبِلُك ْم َوَيُتوَب َع َلْيُك ْم َو الَّلُه َع ِليٌم َحِكيٌم "‬
‫للحق‪ .‬ومهما‬ ‫اعلم أن ما يريد الله أن تسعى إليه هو الحق – دون غيره‪ ،‬لذلك‪ ،‬يمكن تصور متعة خوض “التوافق“كتجربة ظاهرية‬
‫كان "الُم راد" مّنا خوضه أو ما كان متوافًقا بالنسبة لنا فهو بمثابة إشارة إلى ماهية قصد الله لما سنخوضه‪ .‬بالمقابل‪ ،‬فإن تجربة األلم‬
‫‪.‬المعرفي هي مؤشر على الضرر‪ ،‬وهو ما ال يتعارض مع شهواتنا‪ ،‬ومن ثم فهي إشارة إلى تجربة ظاهرية للباطل‬
‫إجمااًل ‪ ،‬تشير الوظائف المعرفية للمتعة واأللم إلى قدرتها على إبالغنا بالحق‪ ،‬ذلك أن الله خلق عالقة راسخة بين المتعة والنفع واأللم‬
‫والضرر‪ .‬وربما ُيتفّهم النفع والضرر على أنهما يمثالن ما هو متوافق وما هو غير متوافق مع ما ُيراد أن يخوضه اإلنسان‪ ،‬وأن التوافق‬
‫‪.‬وعدم التوافق يمثالن الحق والباطل ‪-‬من منظور ظاهري‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬يشرح ابن تيمية كيف يرتبط النفع والحق ببعضهما البعض على مستوى وجودي‪ .‬فهو يصف النفع والحق بأنهما أسماء‬
‫متكافئة‪ ،‬وهو مصطلح يستخدمه ابن تيمية لوصف عالقة الكلمات بمعنى محدد‪ .‬وبالنسبة له‪ ،‬فإن األسماء المتكافئة ليست أسماء مترادفة أو‬
‫أسماء متباينة‪ ،‬بل هي الكلمات التي تشير إلى الصفات التكميلية لجوهر واحد‪ ،‬وأن المشروع والنافع والصالح والعدل والحق والحسن‬
‫جميعها أسماء متكافئة‪ .‬وهكذا فإن هذه المعاني بالنسبة إلى ابن تيمية تمثل صفات مختلفة لجوهر واحد ال يمكن فصله‪ ،‬وهو إرادة الله‬
‫التي يكون القصد منها في القبول والتطبيق في الدنيا‪ .‬وعندما نتصرف على ذلك األساس‪ ،‬فإننا حينئذ نجّرب المتعة‪ ،‬وعلى الرغم من عدم‬
‫ذكرها صراحة‪ ،‬يمكننا استنتاج من خالل "مفهوم المخالفة" أن العكس صحيح‪ .‬ذلك الذي يخالف إرادة الله فهو ضرر وفسق وظلم وباطل‬
‫‪.‬وقبيح‪ ،‬وعندما نتصرف وفًقا لهذه المفاهيم‪ ،‬فإننا نشعر باأللم‬
‫البعد األخالقي للمتعة واأللم‬
‫ال بد لنا مالحظة أن خطر الوقوع في مذهب المتعة أمر جلل إذا ما اعتبر البحث عن المتعة أداة كافية في الداللة على الحق أو القيمة‬
‫أو النفع‪ .‬وها هو ابن القيم يوضح أن أي متعة تؤدي إلى كمال البشر يمكن تصورها على أنها لذة محمودة‪ ،‬ويقر بأن العديد منهم‬
‫ضالون وُم ضلَلون بمشاعرهم ويتبعون اللذة التي تجر الضرر وتفسد الحياة‪ ،‬وقد وصفها بأنها لذة مذمومة‪ .‬يمكننا بديهًيا إدراك أن بعض‬
‫تجارب المتعة تبدو مذمومة أو على األقل غير فاضلة على أساس مخطط التصنيف األخير‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يشير ابن القيم إلى أن‬
‫الملذات الحسية في حد ذاتها ال تحقق الكمال الحقيقي لإلنسان‪ .‬ويضيف قائاًل بأنها لو كانت كمااًل لكان أفضل اإلنسان‪ ،‬وأشرفهم‪ ،‬و‬
‫خاليا من الهدف‪ .‬كما أنه ُيعاب على‬ ‫أكملهم أكثرهم أكاًل ‪ ،‬وشرًبا‪ ،‬وجماًعا‪ .‬و البشر بطبيعة الحال يرون هذا النمط من الحياة سطحيا‬
‫الملذات المعرفية المرتبطة بالهيمنة بأنها سريعة اإلفساد والتدمير‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن كال النوعين من الملذات يراد خوضهم بطريقة ال‬
‫تجر ضرًر ا على نفس المرء أو روحه‪ .‬وقد ُأمرت الملذات الحسية أن تتحقق مباشرة من عند الله‪ ،‬ولكن دون إفراط‪ ،‬ذلك أنها تجر‬
‫الضرر واألذى باإلنسان "َو ُك ُلوا َو اْش َر ُبوا َو ال ُتْس ِر ُفوا ِإَّنُه ال ُيِح ُّب اْلُم ْس ِرِفيَن "‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن التنافس في التسلسل الهرمي للهيمنة االجتماعية‬
‫يولد الغيرة وينتج الرذيلة دون الفضيلة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬نحن ُخ لقنا للتنافس مع بعضنا البعض‪ ،‬ولكن في ظل الروحانية والفضيلة‪ ،‬بطريقة محفزة‬
‫‪".‬ومشجعة من الجانبين "َو ِفي َذ ِلَك َفْلَيَتَناَفْس اْلُم َتَناِفُسوَن‬
‫يميز ابن القيم بين المتعة المحمودة والمتعة المذمومة في مصطلحات تبعية‪ ،‬فالمتعة العاجلة التي يعقبها ألُم أعظم في هذه الحياة‪ ،‬أو في‬
‫‪:‬الدار األخرة تكون مذمومة‪ .‬ويؤكد ابن القيم‬
‫وكل لذة أعقبت ألًم ا‪ ،‬أو منعت لذة أكمل منها‪ ،‬فليست بلذة في الحقيقة‪ ،‬وإن غالطت النفس في االلتذاذ بها‪ ،‬فأي لذة آلكل طعام شهي‬
‫مسموم ُيقّطع أمعاءه عن قريب؟‬
‫‪.‬وعلى ذلك‪ ،‬فإن الملذات المحرمة أو المشاركة في الملذات المباحة بإفراط تؤدي في النهاية إلى الشعور باأللم‪ ،‬ومن ثم فهي ليست بمتعة‬
‫التوفيق بين المتعة واأللم‬
‫من خالل تمييز الملذات المذمومة والمحمودة‪ ،‬يشرح ابن القيم توظيف العقل الذي ال غنى عنه‪" ،‬خاصة العقل مالحظة العواقب على أساس‬
‫ما يتاح من خيارات"‪ .‬فالعقل هو الَم لكة التي تمكننا من التنبؤ بعواقب أفعالنا ويخبرنا ما إذا كان سلوك ما يستحق نحوه أم أنه سينتهي‬
‫به األمر ألُم ‪ .‬وهناك عامل مساعد جوهري آخر يتألف من الحدود التي حرمها الله في قرآنه الكريم‪ .‬هذا هو السبب في وصف القرآن‬
‫بـالفرقان (أي المميز بين الخير والشر)‪ .‬العنصر األخير هو الصبر (ضبط النفس والتنظيم الذاتي)‪ ،‬الذي يشير إلى القدرة الالزمة لتغيير‬
‫السلوك على الرغم من المكاسب التلذذية العاجلة على أساس العلم المتأتي من العقل أو الوحي أو كليهما‪ .‬وعلى العكس‪ ،‬فإن الهوى‬
‫والشهوة ووساوس الشيطان تطلق العنان للمتعة العاجلة على الرغم من توجهها نحو األلم‪ ،‬مما يجعل السعي هنا مذموًم ا‪ .‬خالصة القول‪،‬‬
‫فإن المتعة والذكاء والعلم الظاهر والتنظيم الذاتي جميعها تعمل معًا لتوجيه اإلنسان في اتجاه استجالب نفع صالح (من خالل الوحي) وباِق‬
‫‪(:‬من خالل العقل)‪ .‬والقرآن يجمع بين هاتين الصفتين في مواضع متعددة‪ ،‬منها‬
‫‪.".‬اْلَم اُل َو اْلَبُنوَن ِزيَنُة اْلَحَياِة الُّد ْنَيا َو اْلَباِقَياُت الَّصاِلَح اُت َخْيٌر ِع ْنَد َرِّبَك َثَو ابًا َو َخْيٌر َأَم ًال"‬
‫ليست المتعة سوًء ا أو منكًر ا‪ ،‬بل رحمة من الله ووسيلة تخلق لدينا دافع اإلقبال على الله في هذه الحياة الدنيا‪ .‬يذكر ابن القيم أن البشر‬
‫‪.‬مستعدون بفطرتهم للبحث عما يجلب لهم المتعة وأن التوحيد ضروري لتجربة المتعة الحقيقية والقصوى نحو حياة هادفة‬
‫إن العالقة بين النفع والحق والمتعة الموصوفة ِقباًل تتحقق بأنها متعة مستمرة طويلة األمد‪ .‬يوضح ابن القيم أن هذا يحدث فقط عندما‬
‫ينخرط المرء في أنشطة ممتعة وهادفة‪ ،‬مما يؤدي إلى القرب من الله‪ .‬إن الهدف هنا باعتباره شرط أساسي لخوض المتعة هو مفهوم‬
‫جدير بالذكر ُيشاع االعتراف به في مجال الصحة العقلية‪ .‬هناك عالقة متبادلة بين معدالت االنتحار واالفتقار إلى الهدف فاالنتحار يرتبط‬
‫ارتبًطا وثيًقا بظاهرة تعرف باسم "انعدام التلذذ"‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن المرء الذي يرى حياته دون هدف عاجز عن التلذذ في هذه الحياة وال يزال‬
‫‪ .‬األلم يالزمه؛ وهذا يدفعه إلى الرغبة في وضع حد لمعاناته باالنتحار وإنهاء حياته‬
‫!‪Welcome back‬‬
‫‪Bookmark content‬‬
‫‪Download resources easily‬‬
‫‪Manage your donations‬‬
‫‪Track your spiritual growth‬‬

‫‪Log in‬‬
‫‪Editor's Picks‬‬

‫‪QURAN‬‬
‫‪The Qur’an’s Engagement with Christian and Jewish Literature‬‬
‫‪Sharif RandhawaandTaha Soomro‬‬

‫‪PARENTING‬‬
‫‪The Alchemy of Divine Love: How Our View of God Affects Our Faith and Happiness‬‬
‫‪Dr. Hassan ElwanandDr. Osman Umarji‬‬

‫‪CONTEMPORARY IDEOLOGIES‬‬
‫‪Islam and the LGBT Question: Reframing the Narrative‬‬
‫‪Yaqeen Institute,‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬الحالة التحفيزية‬
‫يمكننا إدراك مفهوم هدف المتعة بشكل أوضح من خالل البحث في علم األعصاب وعلم النفس للدوافع البشرية‪ ،‬حيث إن عملية تجربة المخ‬
‫للمتعة تنطوي على إطالق الدوبامين‪ ،‬وهو ناقل عصبي مرتبط باإلثابة والحاالت التحفيزية‪ ، .‬من أجل إفراز الدوبامين‪ ،‬ال ُبد أن يكون‬
‫لدى الشخص حالة تحفيزية في ذهنه موّج هة نحو هدف محدد‪ .‬وكما سنتناول في هذا الجزء‪ ،‬من دون الهدف أو الغاية‪ ،‬ال توجد استجابة‬
‫‪.‬للدوبامين‪ ،‬وبالتالي ال توجد متعة مرتبطة بأي سعي في الحياة‪ .‬هذا هو القصد بضرورة الهدف للمتعة‬
‫المكونات المعرفية للدافع‬
‫صاغ علم النفس الحديث الحالة التحفيزية بأنها تتألف من العديد من المكونات التي تدفع السلوك البشري على طول مساره لتحقيق هدفه‬
‫المنشود‪ .‬المكونات المعرفية للدوافع عبارة عن "مفاهيم ذات صلة بالحركة من النقطة "أ"‪ ،‬و تمثل حالة البداية غير المرغوبة‪ ،‬إلى النقطة‬
‫"ب"‪ ،‬و تمثل الحالة النهائية المنشودة‪ ".‬يمكننا فهم الحالة النهائية على أنها هدف المرء أو غايته‪ .‬يصف ابن القيم مفهوًم ا مشابًها للحالة‬
‫التحفيزية بينما يصف الهياكل المعرفية األساسية التي تكمن وراء السلوك‪" ،‬فهذه أربعة أشياء‪ )1( :‬أمر محبوب مطلوب الوجود‪)2( ،‬‬
‫‪".‬أمر مكروه مطلوب العدم‪ )3( ،‬الوسيلة إلى حصول المحبوب‪ )4( ،‬الوسيلة إلى دفع المكروه‬
‫كما يوضح ابن القيم االستشهاد السابق فيما يتعلق بالمكونات المعرفية للدوافع من خالل شرح المفاهيم الالزمة لبناء هذا المخطط‪" .‬معلوم‬
‫أن كل حًي سوى الله سبحانه وتعالى من ملك أو إنس أو جن أو حيوان؛ فهو فقير إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضره‪ ،‬وال يتم له ذلك‬
‫إال من خالل تصوره النافع والضار‪ ،‬والمنفعة من جنس النعيم واللذة‪ ،‬والمضرة من جنس األلم والعذاب"‪ .‬ومن هنا يحتاج المرء إلى‬
‫‪.‬وضع تصور واضح لما سيحقق له النفع ويدفع عنه الضرر ُبغية بناء هدف أسمى‪ ،‬بينما يبنى مسارات هدفها اجتذابه نحوها‬
‫وعلى سبيل اإليجاز‪ ،‬ال يمكن تحقيق المتعة إال فيما يتعلق بالحالة التحفيزية‪ .‬تكون الحالة التحفيزية هدف نهائي مستحب‪ ،‬أي أنه يجلب‬
‫النفع‪ .‬يصف ابن القيم هذا األمر بأنه تصرف غريزي "األمر المحبوب المطلوب الوجود هو الذي يجلب النفع والمتعة"‪ .‬وبالتالي يجب‬
‫أن يكون لدى المرء منظومة من المعتقدات التي تعلمه بمصادر النفع والضرر‪ .‬من هذا المفهوم‪ ،‬يمكن للمرء بناء حاالت تحفيزية نحو‬
‫تحقيق النفع ودرء الضرر؛ هذا هو مصدر الهدف والغاية في حياة المرء‪ .‬يوضح ابن القيم أن القدرة على جلب النفع ودفع الضرر بمنأى‬
‫‪،‬هي سمة مميزة لأللوهية كما ُذ كر في القرآن الكريم عدة مرات‬
‫‪ُ".‬قْل َأَتْعُبُد وَن ِم ْن ُدوِن الَّلِه َم ا ال َيْمِلُك َلُك ْم َض ّر ًا َو ال َنْفعًا َو الَّلُه ُهَو الَّس ِم يُع اْلَعِليُم "‬
‫"‪َ.‬و َيْعُبُد وَن ِم ْن ُدوِن الَّلِه َم ا ال َيُضُّر ُهْم َو ال َيْنَفُعُهْم "‬
‫‪َ"..‬يْد ُعوا ِم ْن ُدوِن الَّلِه َم ا ال َيُضُّر ُه َو َم ا ال َيْنَفُعُه َذ ِلَك ُهَو الَّضالُل اْلَبِع يُد "‬
‫لذا فإن المرء يقبل على المصدر النهائي للنفع والضرر‪ ،‬إنه إلهه‪ ،‬فهو مصدر الهدف النهائي‪ .‬وفي شأن هذه العملية الرامية إلى بناء حالة‬
‫تحفيزية بأهداف نهائية تقتضي وجود منظومة للمعتقدات تسترشد بمصادر النفع‪ ،‬فإنها تكون ضرورية للعقل البشري باعتباره واعًيا في حال‬
‫اليقظة‪ ،‬هكذا تنطبق العملية على البشر عامة‪ ،‬حتى الملحدين‪ .‬من دون تصور لما سيحقق النفع‪ ،‬وقيمة ما يتبع ذلك‪ ،‬لن يكون المرء قادًر ا‬
‫‪.‬على التصرف على اإلطالق في الحياة الدنيا‪ ،‬كل تصرف ينطوي على اعتقاد ضمني بأن هذا السلوك يستحق المتابعة‬
‫يشرح ابن القيم مفهوم التسلسل الهرمي للقيمة فيما يتعلق بالحاالت التحفيزية لترسيخ وضوح أعمق‪ .‬في حياة المرء‪ُ ،‬يوجه كل تصرف‬
‫بالضرورة نحو هدف ما "فصار المرء مجبواًل على أن يقصد شيًئا ويريده"‪ .‬يصنف ابن القيم هذه األهداف إلى‪ :‬مراد لنفسه ومراد‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬يكمن الهدف الخارجي‬ ‫لغيره‪ .‬فاألهداف الخارجية هي تلك التي يسعى المرء إليها ألنها ستحقق هدًفا مرغوًبا آخر‪.‬‬
‫لدى معظم البشر في تناول الطعام‪ ،‬وذلك ألهداف الحفاظ على الحياة أو التزويد بالطاقة أو تجنب الجوع‪ ،‬فهم يسعون وراء األهداف‬
‫الجوهرية لذاتها‪ .‬والهدف الجوهري يمثل الحق األسمى الذي ينظم جميع األهداف الخارجية‪ ،‬بل إنه يمثل الغرض من الحياة‪ ،‬و يوحد جميع‬
‫أهداف المرء لغرض الوضوح و المعنى والهدف لجميع مساعيه‪ .‬هذا الدمج لمساعي الحياة يقع تحت هدف أسمى واحد ويصب في جوهر‬
‫‪.‬التوحيد‬
‫‪ُ".‬قْل ِإَّن َص الِتي َو ُنُس ِكي َو َم ْح َياي َوَمَم اِتي ِلَّلِه َر ِّب اْلَع اَلِم يَن "‬
‫يسود الهدف الجوهري في التسلسل الهرمي لقيمة المرء‪ ،‬ويسعى المرء إليه ألي سبب آخر سوى لذاته‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬من الناحية‬
‫الوظيفية‪ ،‬إنه الدافع األساسي لكل أعمال المرء وتصرفاته‪ ،‬وهو محور الكون النفسي لدى المرء‪ ،‬وهو اإلله ذاته الذي يعبده المرء في هذه‬
‫‪".‬الحياة الدنيا‪ ،‬حتى وإن لم يتأكد من وجود إلهه المتعال‪ .‬وكما يذكر الله في القرآن الكريم "َأَر َأْيَت َم ْن اَّتَخ َذ ِإَلَهُه َهَو اُه‬
‫التي ‪ Y،‬التي ُتفعل بسبب ‪ X،‬بسبب ‪ A‬أنا أفعل( إن األهداف الخارجية تقتضي وجود هدف جوهري بطبيعة معضلة االنحدار الالنهائي‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬إذا لم يكن هناك هدف ‪ X).‬التي أفعلها بسبب ‪ Y،‬بسبب ‪ X‬أنا أفعل( والتدور )وما إلى ذلك ‪ُ Z،‬تفعل بسبب‬
‫جوهري‪ ،‬فإن األهداف الخارجية تصبح بال معنى أو مغزى‪ ،‬حيث ال يوجد شيء ذي قيمة ُيذكر ‪ .‬ال بد أن يكون هناك أساس للتسلسل‬
‫الهرمي لقيمة كل فرد‪ ،‬وأن يكون هناك أساس يعمل باعتباره إلهه‪ ،‬وما هو محبوب وّقيم ومدروس كمصدر للنفع المنشود‪ .‬فالشخص الذي‬
‫ليس لديه تصور واضح عن الله محكوم عليه بأن يهيم العالم ساعًيا إلى أهداف خارجية غير ذات مغزى‪ُ ،‬تسحب من كل اتجاه‪ .‬يصور‬
‫‪".‬القرآن هذه الحقيقة في اآلية "ِإَّن َس ْع َيُك ْم َلَش َّتى‬
‫وبناًء على هذا النموذج‪ ،‬يمكننا فهم الالمعقولية النفسية للِش رك بالله‪ .‬يدخل الشرك في إطار مفاهيمي ذي عدة أهداف جوهرية وفًقا لهذا‬
‫اإلطار‪ .‬إن وجود العديد من األهداف الجوهرية التي توجد في قمة التسلسل الهرمي للقيمة يجعل نظام القيمة بالكامل غير سائغ هيكلًيا‪.‬‬
‫تعتمد فائدة نظام القيم المنظمة على قدرتها على تمكين المرء من تحديد أولويات تصرفاته في الدنيا‪ ،‬وليس للمرء ثمة وسيلة بأن يميز بين‬
‫األهداف الداخلية‪ ،‬ألن لديه قيمة متساوية‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬هناك ضرورة نفسية لتوحيد الهدف الجوهري‪ .‬يشرح القرآن هذا المنظور المعقد‬
‫‪:‬للتوحيد والِش رك من خالل ضرب مثل بليغ‬
‫‪َ".‬ضَرَب الَّلُه َم َثًال َر ُج ًال ِفيِه ُش َر َكاُء ُم َتَشاِكُسوَن َو َر ُج ًال َس َلمًا ِلَر ُج ٍل َهْل َيْسَتِوَياِن َم َثًال اْلَحْم ُد ِلَّلِه َبْل َأْكَثُرُهْم ال َيْع َلُم وَن "‬
‫على هذا النحو‪ ،‬ال يمكن تحقيق المتعة إال إذا كان للمرء هدف في حياته‪ ،‬وأن يكون للهدف عالقة تربط وجود المرء مع بغرض أو‬
‫هدف أسمى‪ ،‬والمتعة تتحقق بتقدم المرء نحو هذا الهدف‪ .‬من دون هدف أو غاية‪ ،‬لن يتمكن المرء من تجربة المتعة‪ ،‬ألنه ال يوجد‬
‫‪.‬بالضرورة أي تقدم نحو أي شيء‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬يمكن تجربة المتعة المؤقتة إما بأهداف خارجية بسيطة أو أهداف جوهرية زائفة‪ ،‬وستفقد األهداف الخارجية الهدف في‬
‫نهاية المطاف ويشعر المرء بوجود فراغ وجودي عميق في حياته‪ ،‬وهو ما يسمى بانعدام التلذذ‪ ،‬وكل ذلك بسبب عدم وجود هدف‬
‫جوهري‪ .‬وإذا كان المرء لديه آلهة مزيفة جعل منها أهداف جوهرية‪ ،‬إما في شكل أصنام أو هيمنة اجتماعية‪ ،‬فسينكشف زيفها عن قريب‪.‬‬
‫ويرجع ذلك إلى أن األهداف الجوهرية ُتتصور حسب قدرتها على تحقيق النفع للمرء‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬عندما يعمل المرء على تحقيق‬
‫‪.‬رغباته والسعي نحو الهيمنة‪ ،‬سيدرك كيف أن الهدف كان فارًغ ا وغير ذي معنى عندما لم يعد يجلب له المتعة‬
‫المكون العاطفي للدافع‬
‫هناك مكون آخر مهم للحالة التحفيزية إضافة إلى اإلدراك يتألف من العواطف‪ ،‬التي تتمتع بوظيفة تقييمية تستند إلى تقييم داخلي واعي أو‬
‫غير واعي لما نحققه في رحلتنا نحو الهدف النهائي‪ .‬تنتابنا العواطف السلبية عندما نواجه حواجز في رحلتنا مما يعيق تقدمنا نحو النهاية‪،‬‬
‫عند حدوث ذلك‪ ،‬يشعر المرء باأللم المرتبط بالقلق واإلحباط والغضب‪ ،‬يشعر معظم البشر بهذا الشعور بديهًيا عندما يواجه الفشل في السعي‬
‫‪،‬نحو هدف ما‪ .‬ويشرح ابن القيم المكون العاطفي للدافع من خالل وصف األلم المرتبط بعدم القدرة على هوى القلب‬
‫فإن من أطلق نظره دامت حسرته؛ فأضر شيء على القلب إرسال البصر‪ ،‬فإنه يريه ما يشتد طلبه‪ ،‬وال صبر له عنه‪ ،‬وال وصول له"‬
‫‪".‬إليه‪ ،‬وذلك غاية ألمه وعذابه‬
‫األسس الروحية للدافع‬
‫من منظور علم النفس العصبي‪ ،‬هناك تبادل مستمر بين األجهزة المعرفية (العقل) وأجهزة المتعة (المذمومة)‪ ،‬وهو ما يجمع بين تحديد‬
‫الحاالت التحفيزية التي نخوضها في الحياة‪ .‬اقتبس ابن القيم هذه العالقة بوصف الصراع بين النفس األمارة بالسوء والنفس المطمئنة في‬
‫ظل تفاصيل جلية‪ .‬وقد ذكرنا هذا الصراع في المقال السابق عند شرح الصراع الدائم بين الشيطان واإلنسان‪ .‬هذا الصراع يترسخ في‬
‫‪.‬القلب مثل النفس المطمئنة والنفس األمارة بالسوء‬
‫عندما ندمج هذا الصراع بالمناقشة السابقة حول الدافع‪ ،‬يمكننا فهم هذه الظاهرة على أنها النفس األمارة بالسوء في محاولة لبناء أطر‬
‫تحفيزية نحو نهايات غير أخالقية وفاسدة ذات متعة عاجلة‪ .‬وعلى العكس من ذلك‪ ،‬تعمل النفس المطمئنة على إعادة توجيه المرء نحو‬
‫نهاية محمودة وتبني المخطط التحفيزي المناسب‪ .‬إن العملية التي تقوم بها النفس المطمئنة على تفكيك الحاالت التحفيزية وإعادة توجيها‪ ،‬هذه‬
‫الحاالت التحفيزية التي تعززها النفس األمارة بالسوء‪ ،‬تقتضي وجود العقل ونوع خاص من القدرة يشار إليها باسم الصبر (ضبط النفس أو‬
‫الَج لد)‪ . .‬يشير علم النفس الحديث إلى تلك البنية بأنها تنظيم ذاتي‪ ،‬وقدرة العقل على تنظيم سلوك المرء عن طريق معادلة المتعة‬
‫العاجلة لتحقيق النفع على المدى الطويل والتصرف وفًقا لقيم المرء‪ .‬عندما تنشط حالة تحفيزية نحو النهاية التي تراها عقولنا ضارة أو‬
‫ميؤوس منها أو جامدة‪ ،‬فإن النفس المطمئنة توظف قدرتها التنظيمية الذاتية (الصبر) للسيطرة على اإلكراه واالرغام الناجمين عن الحالة‬
‫‪.‬التحفيزية‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تعمل النفس األمارة بالسوء على تفكيك وتحويل الحالة التحفيزية التي شكلتها النفس المطمئنة نحو غاياتها المنشودة‪ ،‬هذه‬
‫العملية دقيقة وغالًبا ما تحدث دون علم المرء‪ .‬قد يعتقد المرء أنه يسير في طريقه نحو العمل الخيري‪ ،‬لكنه فعلًيا على مسار التظاهر‬
‫والتباهي‪ .‬تظهر التصرفات في كلتا الحالتين كما هي ظاِهِرًّيا‪ ،‬لكن الحالة التحفيزية مختلفة‪ .‬يصف ابن القيم أكثر من ‪ 35‬زوِج ثنائي‪،‬‬
‫حيث تحّو ل النفس األمارة بالسوء أهداف النفس المطمئنة ببراعة إلى هدف مختلف داخلًيا‪ ،‬ولكنه مماثل تقريًبا من الناحية الظاهرية‪ .‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬تحجب النفس األمارة بالسوء التمييز بين الِكبر والخيالء والكرم واإلسراف واالنضباط والتعنت والتفاؤل والتفكير الغارق في‬
‫‪.‬التمني‬
‫الدافع والشك‬
‫إن تحّك م النفس األمارة بالسوء بالقلب ال يقتصر على سوء السلوك‪ ،‬ولكنه أيًض ا ذا صلة بظاهرة الشك‪ ،‬وقد ُخ لق اإلنسان بمسار تحفيزي‬
‫داخلي نحو فهم هادف للدنيا‪ .‬وتعلم العلم يحمل مسؤولية التصرف تباًعا‪ .‬ويمكن القول بأن العلم والعمل وجهان لعملة واحدة‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫يعقب ذلك مشكلتان رئيستان تؤثران في قلب المرء مشكالت العلم و هي ( الشبهات) و مشكالت األعمال وهي ( الشهوات) ‪ .‬هاتان‬
‫المشكلتان تمثالن الطريقتين األساسيتين اللتين تسيران الحالة التحفيزية من خالل النفس المطمئنة نحو األهداف التي حددتها النفس األمارة‬
‫‪.‬بالسوء‬
‫إن اكتساب العلم هو إجراء يتداخل بالضرورة في حالة تحفيزية مصحوبة بجهل باعتباره نقطة انطالق وعلم باعتباره نقطة النهاية‪ .‬وقد‬
‫نشأت هذه الحالة التحفيزية بواسطة النفس المطمئنة لتحقيق التنوير باكتساب العلم وحماية الذات من الجهل الذي يؤدى إلى المعتقدات الخاطئة‬
‫وسوء السلوك‪ .‬تعمل النفس األمارة بالسوء على تحويل الحالة التحفيزية من العلم إلى الظن‪ ،‬ذلك أن العلم بالحق والمسؤولية الروحية‬
‫واألخالقية التي ترافقها تتطلب من المرء أن يتصرف مخالفًا حججه المظلمة ‪ .‬ال يرى الظن أي مسؤولية ويجعل المرء ينغمس في الشهوات‬
‫دون الشعور بالندم‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬يتفاعل الظن بشكل تام مع العلم القائم في القلب مما يسفر عن الشك‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن الظن الذي‬
‫‪.‬يتحقق عندما تستخدم النفس األمارة بالسوء العقل يفكك العلم القائم ويضعه موضع الشك‬
‫‪:‬هذا المفهوم يرد في اآلية القرآنية اآلتية‬
‫‪َ".‬و ِإَذ ا ِقيَل ِإَّن َو ْع َد الَّلِه َح ٌّق َو الَّساَع ُة ال َر ْيَب ِفيَها ُقْلُتْم َم ا َنْد ِر ي َم ا الَّساَع ُة ِإْن َنُظُّن ِإَّال َظّنًا َو َم ا َنْح ُن ِبُم ْسَتْيِقِنيَن "‬
‫في هذا المثال‪ ،‬يسلط القرآن الكريم الضوء على العلم بالمساءلة البشرية باعتبارها حق‪ ،‬واالعتراف بها على هذا النحو هو الهدف األسمى‬
‫من تحقيق المرحلة التالية من السعادة في حياتنا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن العلم بهذا الحق يتأتى مع المسؤولية الجسيمة المتمثلة في ضمان أن كل‬
‫‪.‬خيار‪ ،‬سواء كان صغيًر ا أو جزئًيا‪ ،‬هو األمثل من الناحية األخالقية والفكرية والروحية‬
‫َو ُوِضَع اْلِكَتاُب َفَتَر ى اْلُم ْج ِرِم يَن ُم ْش ِفِقيَن ِمَّم ا ِفيِه َوَيُقوُلوَن َيا َو ْيَلَتَنا َم اِل َهَذ ا اْلِكَتاِب ال ُيَغاِد ُر َصِغ يَر ًة َو ال َك ِبيَر ًة ِإَّال َأْح َص اَها َو َو َج ُدوا َم ا "‬
‫"‪َ.‬ع ِم ُلوا َح اِض رًا َو ال َيْظ ِلُم َرُّبَك َأَح دًا‬
‫هذا العلم يعرقل األهداف التي وضعتها النفس األمارة بالسوء‪ ،‬لتوجيه ضربة قاضية‪ .‬إن االستجابة المتأتية من النفس األمارة بالسوء هي‬
‫إلبطال هذا العلم بالظن الذي يقلل من العلم باآلخرة إلى شيء مريب ومشكوك فيه‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬قد يفترض المرء على نحو مالئم‬
‫‪.‬أن الواقع منبثق من الحواس الجسدية حصًر ا‪ ،‬وهذا يؤدي إلى استنتاج مفاده أن الواقع يقتصر على هذه الحياة الدنيا فحسب‬
‫‪َ".‬و َقاُلوا َم ا ِهَي ِإَّال َحَياُتَنا الُّد ْنَيا َنُم وُت َو َنْح َيا َو َم ا ُيْهِلُك َنا ِإَّال الَّدْهُر َو َم ا َلُهْم ِبَذ ِلَك ِم ْن ِع ْلٍم ِإْن ُهْم ِإَّال َيُظُّنوَن "‬
‫هذا الظن ال يمكن إثباته عقالنًيا أو تجريبًيا أو حدسًيا‪ ،‬بل إنه مجرد افتراض واهن باقتناع أكبر من منظومة المعتقدات التي يجعل الواقع‬
‫بأكمله ذا مغزى‪،‬بيد أن الظن ُيستخدم للهروب من المسؤولية المرتبطة بالحق‪ ،‬وإعانة السعي نحو التمتع بالحياة تمتًعا مذموًم ا‪ .‬ما يثير‬
‫االنتباه‪ ،‬عندما يقول الله في المتشككين على لسانهم‪" :‬نحن غير مستيقنين"‪ ،‬فقد أستخدم الكلمة العربية "المستيقنين" دون غيرها‪ ،‬حيث‬
‫يليها عملية بحث واستكشاف لليقين‪ .‬إنه هدف استراتيجي حاسم ألولئك الذين يبحثون عن الحق في الحياة الدنيا‪ ،‬وقد يتهرب من المسؤولية‬
‫‪.‬أولئك الذين ال يجعلون من اليقين أولوية لهم‪ ،‬إذ أن تلك المسؤولية يرافقها قناعة‪ ،‬لكنهم سوف يتحملون األلم الشديد للعدمية‬
‫‪َ".‬و َم ْن َأْع َر َض َع ْن ِذ ْك ِر ي َفِإَّن َلُه َم ِع يَش ًة َض نكًا َو َنْح ُش ُر ُه َيْو َم اْلِقَياَم ِة َأْع َم ى"‬
‫الجزء الثالث‪ :‬الوقود التحفيزي‬
‫تناولنا أساسيات الحالة التحفيزية وهيكلها ووظيفتها‪ ،‬والجزء األخير من اللغز التحفيزي يتعلق بالقدرة المرتبطة بالحالة التحفيزية‪ .‬وقد تكون‬
‫هذه القدرة إيجابية (الصبر) أو سلبية (الشهوة) اعتماًدا على الهدف من الحالة التحفيزية‪ ،‬فالنفس األمارة بالسوء وقودها الشهوة‪ ،‬والنفس‬
‫المطمئنة زادها بالصبر‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن ذلك يعني أن تعزيز الصبر وإضعاف الشهوة هو نهج أساسي لتحقيق األهداف والمطامح الحقيقية‬
‫‪.‬للمرء‬
‫الصبر والتنظيم الذاتي‬
‫إن مفهوم التنظيم الذاتي في علم النفس الحديث يكاد يكون مكافًئا لمفهوم "الصبر" في اإلسالم‪ ،‬إذ ُيعّر ف التنظيم الذاتي بأنه القدرة التي‬
‫تمّك ن المرء من التصرف بانسجام مع قيمة ومنافعه المتوقعة على المدى الطويل؛ على الرغم من القدرة المطلوبة والتخلي عن المتعة على‬
‫المدى القصير‪ُ .‬يعِّر ف ابن القيم الصبر بأنه قوة وقدرة الزمتان للتصرف بطرق تجلب النفع واالبتعاد عن ما يجر الضرر‪ .‬فقد ذهب‬
‫إلى ما أبعد من الدراسات الحديثة فيما يتعلق بطبيعة هذه القوة والقدرة‪ ،‬ويصف ان للنفس قوتان قوة اإلقدام وقوة اإلحجام و تمثالن‬
‫عنصرين أساسيين للصبر‪ .‬قوة اإلقدام هي عنصر الصبر الذي يتيح بدء التصرف لتحقيق نفع طويل المدى أو التصرف وفقا لقيم المرء‪.‬‬
‫يستخدم هذا البعد من الصبر عندما يتصرف المرء للوفاء بمسؤولياته وواجباته‪ ،‬على الرغم من العواقب الواضحة من استنفاذ القوة والشعور‬
‫باأللم والصعوبة‪ .‬تركز قوة االحجام على القوة الالزمة لضبط النفس أو االمتناع‪ .‬هذا البعد من الصبر هو األكثر مالءمة لهذا المقال‪ ،‬كما‬
‫هو الحال في االمتناع عن سلوك تصرف معين‪ ،‬على الرغم من إغراءات المتعة قصيرة األجل أو تجنب األلم قصير األجل المرتبطين‬
‫‪.‬باالمتناع‪ ،‬وتتمثل سمة هذا المفهوم في أنه أكثر دقة ويمكن أن يفسر مدى تباين الصبر لدى البشر بشكل أكثر دقة‬
‫يشير ابن القيم إلى أن االختالفات بين البشر بشأن الصبر تعتمد على التفاوت في إطار هذين البعدين‪ ،‬ويوضح أن المرء قد يكون ذو‬
‫قوة اقدام كبيرة‪ ،‬ولكنه ذو قوه أحجام منخفضة مقارنة بآخر ذو قوة اقدام منخفضة ولكنه ذو قوه أحجام قويه‪ ،‬فالتفاوت يتعلق بدرجة‬
‫الصبر‪ ،‬ليس بحجمه‪ .‬يوضح ابن القيم أن هذا هو السبب في أنك قد تجد شخًصا يعاني من االبتعاد عن المحظور‪ ،‬ولكنه ال يجد صعوبة‬
‫في إقامة الفروض مثل الصالة أو الصيام أو حتى األعمال الصالحات مثل قراءة نصوص دينية أو قيام الليل‪ .‬مثل هذا الشخص لديه قوة‬
‫اقدام قويه للصبر‪ ،‬ولكنه ذو قوه احجام ضعيفه‪ .‬هذا يصف النموذج األصلي المشترك للمسلم الملتزم لكنه يقيم الفروض ويكافح اإلدمان‬
‫على الشهوة‪ .‬في الحقيقة‪ ،‬يضرب ابن القيم مثاًال على الشخص الذي يجد صعوبة في االمتناع عن النظرات الشهوانية ولكنه ال يجد‬
‫صعوبة في صالة الليل في حرارة الصيف وبرد الشتاء‪ .‬على النقيض‪ ،‬فهو يصف الشخص الذي لديه القدرة على مقاومة إغراء النظرات‬
‫الشهوانية ولكنه ال يستطيع الوفاء بالتزاماته‪ .‬قد يكون هذا سبب أنك تجد المسلمين الذين ال يقيمون فروض الصالة أو الصيام‪ ،‬ولكن‬
‫‪.‬يحذروا اللحم المحرم والعالقات غير المشروعة والمسكرات‬
‫تعزيز الصبر والتنظيم الذاتي‬
‫هناك الكثير من األبحاث و الدراسات الحديثة التي حققت في كيفية تطوير مهارات التنظيم الذاتي‪ ،‬والتي يمكن أن تكون مفيدة في هذا‬
‫الصدد‪ .‬يوصف التنظيم الذاتي بأنه مورد محدود يتناقص في كل مرة ُيستخدم فيها‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬من الممكن أن تنضب طاقة المرء الذاتية‬
‫التنظيمية بالكامل‪ ،‬وفي هذه الحالة‪ ،‬غالًبا ما يستسلم الشخص لإلغراءات ويعاني تأثيًر ا مرتًدا‪ .‬وهذا يعني استخدام الشخص قدرته الذاتية‬
‫التنظيمية الكاملة لتجنب سلوك معين أو انتهاج سلوك معين‪ .‬ثم يرتد بمجرد بعد نضوب طاقته وينتهي بهم األمر إلى انتهاج السلوك الذي‬
‫كان يحاول تجنبه أو يصبح غير قادِر على فعل ما كان ينوى فعله‪ .‬غالًبا ما ينظر إلى التأثير المرتد في األنظمة الغذائية غير المنظمة‪،‬‬
‫‪.‬فالمرء يستخدم كافة موارد التنظيم الذاتي لديه لالمتناع عن تناول جميع أنواع األطعمة‪ ،‬وبعد نفاد الموارد‪ ،‬يشرع في األكل بنهم‬
‫في إطار السلوكيات المرتبطة بالشهوة‪ ،‬يمكن للمرء استنفاد موارده محاولة منه لالمتناع عن النظرة المحظورة ومن ثم "االرتداد" واالنخراط‬
‫في تلك األنشطة‪ .‬وربما يشارك المرء في أعمال أخرى تقتضي قوة التنظيم الذاتي‪ ،‬كما أن نضوب المورد يتقاطع مع نطاق الشهوة‪ ،‬وال‬
‫يجد المرء القدرة على الخروج منها‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬قد يكون المرء قد قضى يوم كامل في دراسة طويلة أو عمل مكثف‪ ،‬وأعقب ذلك‬
‫عبادة جمة في القراءة أو الصالة‪ ،‬ثم قرب نهاية اليوم يذهب الشخص إلى صالة األلعاب الرياضية لممارسة التمارين الرياضية‪ .‬هذا‬
‫الشخص زاول أنشطة تستلزم موارد كبيرة من الطاقة التنظيمية الذاتية‪ .‬لذا عندما يعود إلى المنزل وتمر الصور الشهوانية بجوار ذهنه‪،‬‬
‫فتجده ليس لديه طاقة للمقاومة ‪ .‬وعلى الرغم من أننا ذكرنا أن ابن القيم يرى نقاط القوة األقدمية واالحجام مجاالت منفصلة للصبر‪ ،‬يبدو‬
‫أن استنفاد الطاقة في أحدهما قد ينتقل بعض األحيان إلى االخر‬
‫كان أول اقتراح عملي لفكرة استنفاد التنظيم الذاتي هو التأكد من توافر كمية كافية منه على مدار اليوم‪ ،‬يمكن القيام بذلك بالتأكد من أن‬
‫الشخص ال ينخرط في نشاط مفاجئ ومفرط يتطلب قوة اإلرادة‪ .‬هذه الفكرة واردة في حديث النبي ﷺ‪ِ" ،‬إَّن َهَذ ا الِّد يَن ُيْسٌر َو َلْن ُيَشاَّد‬
‫الِّد يَن َأَح ٌد ِإاَّل َغ َلَبُه‪ "...‬ويمكن أيًض ا الحفاظ عليه من خالل مزاولة األنشطة التي تجدد هذا المورد‪ .‬بصورة عامة‪ ،‬تعمل الراحة‬
‫والمشاعر اإليجابية على تجديد موارد التنظيم الذاتي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬قد يساعد النوم أو األنشطة المحفزة للمشاعر مثل التواصل االجتماعي والفن‬
‫‪.‬والرياضة والهوايات التي تسهم في إعادة تزويد طاقة اإلرادة بالوقود‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬تصف األدبيات بعض الشخصيات أو الصفات التي تكون أكثر عرضة للنضوب الذاتي التنظيمي دون غيرها‪ .‬على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬ترى األشخاص الذين يتمتعون بتقدير الذات بدرجة كبيرة وكانوا دفاعيين (درجة كبيرة من تحيز العرض الذاتي) هم أكثر من‬
‫عانوا من استنفاد التنظيم الذاتي‪ .‬ويشير تحيز العرض الذاتي إلى شخص يبدل سلوكه لضمان ظهوره بشكل أفضل أمام اآلخرين‪ ،‬وهو‬
‫أمر ملفت لالنتباه ألنه يمكن فهمه بنية ارتفاع مستوى تقدير الذات الدفاعية على أنه نوع من الِكبر‪ ،‬ألنه يصف الذين يفكرون في أنفسهم‬
‫‪.‬أكثر من الالزم‪ ،‬وهكذا قد يساعد تعزيز التواضع في إبطاء استنفاد التنظيم الذاتي‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أنه عندما يستنزف المرء طاقة الذاتية التنظيمية‪ ،‬فإنه ال يزال من الممكن له مزاولة تلك األنشطة أو االمتناع عنها‪،‬‬
‫تلك األنشطة التي تستلزم وجود الطاقة من خالل استخدام الحوافز الخارجية لتحريك الدافع‪ .‬وقد وجدت الدراسات أن المشاركين الذين‬
‫‪.‬استنفدوا طاقة التنظيم الذاتي لديهم لكنهم حصلوا على حوافز مثل المال‪ ،‬كانوا قادرين على مواصلة األنشطة التي تقتضي التنظيم الذاتي‬
‫أحد العناصر الحيوية في التنظيم الذاتي أو الصبر الذي لم نتطرق إليه‪ ،‬هو قدرته على النمو بقوة حسب تكرار استخدامه‪ .‬من هذا‬
‫المنظور‪ ،‬فإنه يشبه العضالت التي تضعف في البداية من خالل االستخدام لفترة طويلة‪ ،‬ولكنها بعد تعافيها تصبح أقوى‪ .‬من هذا المفهوم‪،‬‬
‫هناك اقتراح عملي آخر للمهتمين برفع مستوى التنظيم الذاتي لديهم هو استخدامه في أغلب األوقات‪ ،‬غير أنه كما هو الحالي في التمرين‬
‫المفرط الذي يكون عائًقا أمام نمو العضالت‪ ،‬ربما يؤدي ذلك إلى تنظيم ذاتي مفرط‪ .‬وكما ذكرنا من قبل‪ ،‬ال بد من استخدامه كثيًر ا بينما‬
‫‪.‬ال ُيستنزف بالكامل‬
‫خصص ابن القيم فصاًل كاماًل لمسألة تعزيز الصبر‪ ،‬ويوضح أن جميع التدخالت المتعلقة بمسائل القلب أو الجسم يمكن أن تنقسم إلى‬
‫‪.‬إدراكية (العلم) أو سلوكية (العمل)‬
‫من حيث التدخالت المعرفية للصبر‪ ،‬يبين ابن القيم بأن لذلك عالقة بفهم أفضل اللتزامات المرء ومسؤولياته وقيمه‪ .‬يجب أن يعلم المرء ما‬
‫يقوده إلى النفع والتحقيق‪ ،‬وما يؤدي إلى األلم والمعاناة‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن الصبر ليس مفيًدا ما لم يوظفه المرء لألهداف المناسبة‪.‬‬
‫وتأتي الخطوة الثانية في هذا التدخل المعرفي في تعيين قيمة عالية وأهمية لتلك األهداف‪ ،‬مما ينتهي إلى تعزيز العزيمة والدافع‪ .‬ويوضح‬
‫ابن القيم أنه عندما يعلق المرء هذه األهمية الكبيرة ويقبل على القيم التي تعلمها‪ ،‬فإن التصرف لذلك تباًعا سيؤدي إلى متعة جمة تطمس‬
‫‪.‬أي ألم مهما كانت شدته‬
‫ّأما من حيث التدخالت السلوكية‪ ،‬يصور ابن القيم الصبر وكأنه "مصارعة باعث العقل والدين لباعث اللهو والنفس"‪ .‬من هذا اإلطار‬
‫المفاهيمي‪ ،‬يستنتج ابن القيم أن تقوية الصبر لدى المرء تنتج من تعزيز الذات‪ ،‬أو تضعيف الخصم‪ .‬وهو يقدم ‪ 5‬تدخالت يمكن أن‬
‫‪.‬تضعف الشهوات إلى حد كبير‪ ،‬مما يؤدي إلى الصبر بصورة أقوى نسبًيا‬
‫ينطوي التدخل األول على تقييم مادة الشهوات والملذات‪ ،‬حرام كانت أم حالال‪ ،‬بعد هذا التقييم‪ ،‬على المرء حسم هذه المادة وتقليلها‪ ،‬حتى‬
‫وإن كانت حالاًل ‪ .‬تلك هي العلة من الصيام‪ ،‬الذي أقره النبي ﷺ للشباب الذين يسعون إلى تحصين الفرج دون وجود معوض عن‬
‫‪:‬الحرام‬
‫‪َ".‬يا َم ْعَش َر الَّش َباِب َمِن اْسَتَطاَع ِم ْنُك ُم اْلَباَء َة َفْلَيْنِكْح َفِإَّنُه َأَغُّض ِلْلَبَص ِر َو َأْح َص ُن ِلْلَفْر ِج َوَم ْن َال َفْلَيُص ْم َفِإَّن الَّصْو َم َلُه ِو َج اٌء "‬
‫التدّخ ل الثاني هو اجتناب المرء محرك الطلب وهو النظر‪ ،‬والتدخل الثالث هو تسلية النفس بالمباح المعوض عن الحرام‪ .‬عندما يشتهي‬
‫المرء المباح المعوض عن الحرام‪ ،‬فإنه يضعف قوة الشغف نحو الشهوة الحرام‪ .‬ويذكر ابن القيم أن كل شهوة لها وسيلة مباحة كما ُذ كر‬
‫آنًفا‪ .‬التدّخ ل الرابع هو الفكر في المفاسد الدنيوية المتوقعة من قضاء هذه الرغبات‪ ،‬أّم ا التدخل الخامس هو الفكر في مقابح الصورة التي‬
‫‪".‬تدعوه نفسه إليها‪ ،‬وكما صور ذلك ابن القيم "وليعز نفسه الشرب من حوض ترده الكالب والذباب‬
‫ويصور ابن القيم التدخالت الثالثة بأن األولى تشبه قطع العلف عن الدابة الجموح‪ ،‬والثانية تشبه تغيب اللحم عن الكلب والشعير عن البهيمة‬
‫لئال تتحرك نفوسهم له عند المشاهدة‪ ،‬والثالثة تشبه إعطاءها من الغذاء ما يميل إليه طبعها‪ .‬وبناء على ذلك‪ُ ،‬يرمز إلى الشهوات بأنها دابة‬
‫جموح تقبع داخل النفس‪ ،‬التي لو تلقت الكثير من المؤن‪ ،‬في صورة سلوكيات محظورة‪ ،‬قويت وقد تدمر الجسم تدميرا؛ بينما إعطائها من‬
‫‪.‬الغذاء ما يميل إليه طبعها‪ ،‬يؤدي إلى تطويعها‬
‫‪:‬وفيما يتعلق بتعزيز دافع لفعل الخير وترك المحظور‪ ،‬يقدم ابن القيم ‪ 20‬اقتراًح ا‬
‫‪.‬إجالل الله تبارك وتعالى أن يعصى وهو يرى ويسمع ومن قام بقلبه مشهد إجالله لم يطاوعه قلبه لذلك البتة ‪1-‬‬
‫‪.‬مشهد محبته سبحانه فيترك معصيته محبة له ‪2-‬‬
‫‪.‬مشهد إحسان الله تعالى ونعمته ‪3-‬‬
‫‪.‬مشهد غضب الله وانتقامه ‪4-‬‬
‫‪.‬مشهد الفوات وهو ما يفوته بالمعصية‪ ،‬ومشهد فوات اإليمان الذي أدنى مثقال ذرة منه خير من الدنيا ‪5-‬‬
‫‪.‬مشهد القهر والظفر فإن قهر الشهوة والظفر بالشيطان له حالوة ومسرة وفرحة ‪6-‬‬
‫‪.‬مشهد العوض وهو ما وعد الله سبحانه من تعويض من ترك المحارم ألجله ‪7-‬‬
‫‪.‬مشهد المعية المصحوبة برحمته ومحبته ‪8-‬‬
‫‪.‬مشهد المغافصة والمعاجلة وهو أن يخاف أن يغافصه األجل فيأخذه الله على غرة ‪9-‬‬
‫‪.‬مشهد عاقبة المعصية من ألم وشقاء ‪10-‬‬
‫‪.‬مصارعة الشهوة ومقاومتها على التدريج ‪11-‬‬
‫‪.‬كف الفكر ة األولى التي ستؤدي في النهاية إلى فتنة الشر ‪12-‬‬
‫قطع العالئق واألسباب التي تدعوه إلى موافقة الهوى‪ .‬يتجلى هذا المبدأ في قصة يوسف حين هرع إلى مغادرة الغرفة التي يمكن ‪13-‬‬
‫‪.‬أن تحدث بها الخطيئة فقط‬
‫‪.‬صرف الفكر إلى عجائب آيات الله وكتابه ‪14-‬‬
‫‪.‬التفكر في الدنيا وسرعة زوالها‪ ،‬فهذه الحياة مجرد اختبار والمتعة المحرمة فيها مجرد وهم ‪15-‬‬
‫‪.‬تعرضه إلى من القلوب بين أصبعي الرحمن وأزمة األمور بيديه وانتهاء كل شيء إليه فاسألوه على الدوام ‪16-‬‬
‫أن يعلم العبد بأن في الحياة جاذبين متضادين‪ ،‬ومحنته بين الجاذبين جاذب يجذبه إلى الرفيق األعلى وجاذب يجذبه إلى أسفل ‪17-‬‬
‫‪.‬سافلين‬
‫أن يعلم العبد أن تفريغ المحل شرط لنزول غيث الرحمة وتنقيته من الدغل شرط لكمال الزرع فمتى لم يفرغ المحل لم يصادف ‪18-‬‬
‫‪.‬غيث الرحمة محاًل قاباًل ينزل فيه‬
‫‪.‬أن يعلم العبد أن الله سبحانه خلقه لبقاء ال فناء له و لعز ال ذل معه وأمن ال خوف فيه وغناء ال فقر معه ‪19-‬‬
‫‪.‬أال يغتر العبد بالعلم بالخير والشر‪ .‬فالعلم يأتي بمسؤولية الصراع والنضال من أجل تحويله إلى واقع ‪20-‬‬
‫تهدف هذه االقتراحات التي قدمها ابن القيم إلى زيادة الوقود التحفيزي من خالل تطبيق التحوالت المعرفية والتغيرات السلوكية‪ .‬خالصة‬
‫القول‪ ،‬حاولنا تكثيف هذه النقاط والتعبير عنها في صيغة نأمل أن تلهم القلوب وتنضح دافع أقوى‪ .‬وقد صيغت على هيئة خطاب من‬
‫‪:‬النفس المطمئنة‬
‫يا عباد ملك الملوك‬
‫مالكم تفسقون عن الواحد الذي خلقكم؟‬
‫هل نسَيت قلوبكم جاللته وعظمته وعزته؟ هل نسَيت أنه يعلم ما ُتِك ّن صدوركم‪ ،‬ويرى أعمالكم‪ ،‬ويسمع تحاوركم؟‬
‫اعلموا أن أموالكم وإيمانكم ضحايا إجحافكم وظلمكم ألنفسكم‪ .‬فأّنى لكم تقيمون حواجز بينكم وبين بركاته؟‬
‫يا أيها المتضرع الفقير إلى الله‪ ،‬هل لك في نعمته التي ال تعد وال تحصى ما يخالف نفسك بعصيانه‪ ،‬أم هل لك فيها ما لنفسك ما تمتن‬
‫به له؟‬
‫يا أيها المسافر الهائم على وجه! تفكر فيما يتنزل من بركات منه‪ ،‬فكر في ترك الخطيئة‪ ،‬وتذكر أنه الكريم الجواد ضمن لك استبدالها بما‬
‫هو خير! تأمل وتدبر! هل من شيء يجبر إلهك على منحك إياه! فما من شيء في الوجود يجبر الجبار على فعل شيء‪ .‬غير أنه‬
‫‪.‬يحبك‪ ،‬ويريد السعادة لك‬
‫يا أيتها الروح القانطة‪ ،‬ليس أمامك إال التيقن من محبته لِك ؛ فقد خلقك لبقاء ال فناء ولعز ال ذل وأمن ال خوف وغنى ال فقر‪ .‬ما الذي‬
‫جعلك تدركين أن ارتكاب الذنب يقربِك إليه؟‬
‫أيها العبد الفقير‪ ،‬هل لك أن تستجيب إلى دعوة أكثر المحبين إليك؟ فلو كنت في محبة له‪ ،‬لكنت تجتنب ما من شأنه أن يبعدك عن‬
‫محِبك‪ .‬ولله المثل األعلى‪ ،‬إنه الحي القيوم‪ .‬فتوخ الحذر‪ ،‬وال تدع أي أفكار فاسدة أو مشاعر مخيبة تتحول إلى أوهام مدمرة وخطط‬
‫مستفيضة‪ ،‬تذكر أن قدرتك في التغلب على شهواتك وعزمك وإرادتك هي بين أصابع الرحمن‪ ،‬فهل لك دعوته بفرج قريب؟ فاسأله واصبر‬
‫‪.‬لحكمه‪ ،‬واعلم أنه مجيب دعائك ال محالة‬

‫‪1‬‬ ‫‪.‬اس‪ .‬إي‪ .‬روزين باوم (‪ .)1990‬المدرسة اإلِبيُقوِرّية حول المتعة والحياة الكاملة‪ .‬األخالق الهلينستية‪41-21 ،)1( 73 ،‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪.‬ار‪ .‬وولف‪ .)2004( ،‬أي نوع من المتلذذين كان أبيقور؟ صحيفة للفلسفة القديمة‪322-303 ،)4( 49 ،‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪.‬المرجع نفسه‬
‫‪4‬‬ ‫روضة المحبين‪ ،‬ص ‪245‬‬
‫‪5‬‬ ‫كما يعّلق ابن القيم على مسألة وجودّية تحيط بوجودية المتعة واللذة‪ .‬هل المتعة تعنى مجرد غياب لأللم أو أنها تنفصل عنه؟ وقد جادل‬
‫البعض بأن المتعة المرتبطة بالطعام والشراب ما هي إال نتيجة للحاجة إلى سد الجوع والعطش‪ .‬وهذا هو الموقف الشهير الذي تبناه‬
‫أبيقور‪ ،‬على الرغم من عدم ذكر اسمه في حديث ابن القيم‪ .‬يدور موقف ابن القيم في أن المتعة ذات وجود مستقل يقي من األلم‬
‫‪.‬بالضرورة‪ .‬ومن ثم فإنها مرتبطة باأللم بطبيعته المتعارضة معها‪ ،‬ولكنها ليست مستقلة من الناحية الوجودية منه‬
‫‪.‬ابن القيم‪ ،‬شفاء العليل‪ .‬القاهرة‪ :‬دار التراث‪ ،‬ص‪6 526 .‬‬
‫روضة المحبين‪ ،‬ص ‪7 245‬‬
‫‪8‬‬ ‫جيه‪ .‬ب‪ .‬هيرش‪ .‬م‪ .‬د‪ .‬والبيرج‪ ،‬جيه‪ .‬ب‪ .‬بيترسون (‪ .)2013‬الليبراليون الروحيون و المحافظون الدينيون‪ .‬علم النفس‬
‫‪.‬االجتماعي وسمات الشخصية‪20-14 ،)1( 4 ،‬‬
‫روضة المحبين‪ ،‬ص ‪9 246‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪10 247-246‬‬
‫سورة الرعد ‪ :‬االيه‪11 ٢٨‬‬
‫سورة طه ‪ :‬االيه‪12 ١٢٤‬‬
‫سورة الحج ‪ :‬االيه‪13 ٣١‬‬
‫]أغسطس ‪ https://sunnah.com/nasai/13/127 [28 2017‬سنن النسائي‪ُ ،‬أطلع عليه في ‪14‬‬
‫يمكن للقارئ المهتم الرجوع إلى مقال يقين على الرابط التالي للمزيد من ‪15‬‬
‫‪:: https://yaqeeninstitute.org/en/mohammad-elshinawy/the-infinitely-merciful-‬التفاصيل‬
‫‪and-the-question-of-hellfire/‬‬
‫سورة النحل ‪ :‬االيه‪16 ٩٧‬‬
‫]من أغسطس ‪ https://sunnah.com/muslim/45/216 [28 2017‬صحيح مسلم‪ ،‬تم االطالع في ‪17‬‬
‫سورة المؤمنون ‪18 ٥٦ -٥٤ :‬‬
‫سورة طه ‪ :‬االيه‪19 ١٢٤‬‬
‫سورة المؤمنون ‪20 ٧٧ -٧٦ :‬‬
‫سورة األعراف ‪ :‬االيه‪21 ٩٤‬‬
‫سورة البقرة ‪ :‬االيه‪22 ١٥٥‬‬

‫]من سبتمبر‪ https://www.sunnah.com/muslim/45/65 4 [2017 ،‬صحيح مسلم‪ ،‬تم االطالع في ‪23‬‬


‫سورة التوبة ‪ :‬االيه‪24 ١٢٠‬‬
‫‪.‬ابن القيم‪ ،‬إغاثة اللهفان‪ ،‬جدة‪ :‬دار عالم الفوائد؛ ص ‪25 39‬‬
‫‪.‬ابن القيم‪ ،‬روضة المحبين‪ ،‬جدة‪ :‬دار عالم الفوائد؛ ‪ ،2010‬ص ‪26 233‬‬
‫سورة النساء ‪ :‬االيه‪27 ٢٦‬‬
‫تشير الظواهر إلى دراسة التجربة الواعية لظاهرة ما وال تشير إلى طبيعة وجودها‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬يمكن النظر في الحق كمفهوم ‪28‬‬
‫‪.‬منفصل‪ ،‬ولكن الظواهر هنا تشير إلى كيفية تعامل الشخص مع الحق في حياته من حيث األفكار والمشاعر والعواطف والسلوكيات‬
‫بوجه عام‪ ،‬ترتقي إرادة الله إلى كونها تنفيذية وتشريعية‪ .‬فاإلرادة التنفيذية تشمل كل ما يحدث في الواقع واإلرادة التشريعية تتكون ‪29‬‬
‫من األشياء التي يريد الله أن تأتي إلى حيز الوجود (مثل الجمال والخير والتوبة وما إلى ذلك)‪ ،‬لكنه منح اإلنسان حرية االختيار‪ .‬وقصد‬
‫الله في هذه الفقرة يشير إلى اإلرادة التشريعية‪ .‬لمزيد من التفاصيل يرجى الرجوع‬
‫‪ https://yaqeeninstitute.org/en/justin-parrott/reconciling-the-divine-decree-and-‬إلى‬
‫‪free-will-in-islam/#ftnt8‬‬
‫‪.‬ابن تيمية‪ .‬قاعدة في المحبة‪ .‬القاهرة‪ :‬دار التراث‪ ،‬ص ‪3017‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪31‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪32‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪33235 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪34‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪35245 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪36‬‬
‫سورة األعراف ‪ :‬االيه‪37 ٣١‬‬
‫سورة المطففين ‪ :‬االيه‪38 ٢٦‬‬
‫روضة المحبين‪ ،‬ص ‪39 235‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪40240 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪41164 .‬‬
‫سورة آل عمران ‪ :‬االيه‪42 ٤‬‬
‫‪.‬سنتناول هذه المفاهيم بمزيد من التفصيل في الجزء الثالث (الوقود التحفيزي) ‪43‬‬
‫سورة الكهف ‪ :‬االيه‪44 ٤٦‬‬
‫‪.‬إغاثة اللهفان‪ ،‬ص ‪45 39‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪46236 .‬‬
‫س‪ .‬أويشي‪ ،‬إي‪ .‬ديتير‪ )2013( .‬سكان الدول الفقيرة يتمتعون بإدراك أكبر لهدفهم في الحياة أكثر من سكان الدول الغنية‪ .‬علم ‪47‬‬
‫‪.‬النفس‪430-422 ،25 ،‬‬
‫‪.‬د‪ .‬إي‪ .‬أدينجتون‪ ،‬جبه‪ .‬م‪ .‬أدينجتون‪ .)1992( .‬محاولة االنتحار واالكتئاب في المصابين بمرض االنفصام في الشخصية ‪48‬‬
‫‪Acta Psychiatrica Scandinavica، 85 (4)، 288-291.‬‬
‫د‪ .‬إل‪ .‬هيلتون جونيور‪ .)2013( .‬إدمان المواد اإلباحية ‪-‬وهو حافز شاذ يدخل في سياق المرونة العصبية‪ .‬علم النفس وعلم ‪49‬‬
‫‪s7، DOI: 10.3402/snp.v3i0.20767‬األعصاب العاطفي االجتماعي‪207 ،3:1.‬‬
‫إتش‪ .‬كيه‪ .‬كاليتس‪-‬نيلسون‪ ،‬جيه‪ .‬م‪ .‬دومينجوز‪ ،‬جيه‪ .‬ف‪ .‬بول‪ .)2010( .‬يرتبط إطالق الدوبامين في منطقة أمام التصالبية ‪50‬‬
‫‪.‬البصرية اإلنسية بالنشاط الهرموني والدافع الجنسي‪ .‬علم األعصاب السلوكي‪779-773 ،)6( 124 ،‬‬
‫جيه‪ .‬ب‪ .‬بيترسون (‪ .)2008‬معنى الهدف‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬فانكوفر‪ :‬روتليدج‪ .‬ص ‪51 32 -11‬‬
‫‪.‬إغاثة اللهفان‪ ،‬ص ‪52 39‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪53‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪54439 .‬‬
‫سورة المائدة ‪ :‬االيه‪55 ٧٦‬‬
‫سورة يونس ‪ :‬االيه‪56 ١٨‬‬
‫سورة الحج ‪ :‬االيه‪57 ١٢‬‬
‫‪.‬إغاثة اللهفان‪ ،‬ص ‪58 67‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪5968 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪60‬‬
‫سورة األنعام ‪ :‬االيه‪61 ١٦٢‬‬
‫سورة الفرقان‪ :‬االيه‪62 ٤٣‬‬
‫سورة الليل‪ :‬االيه‪63 ٤‬‬
‫سورة الزمر‪ :‬االيه‪64 ٢٩‬‬
‫‪.‬جيه‪ .‬ب‪ .‬بيترسون (‪ .)2008‬معنى الهدف‪ .‬الطبعة الثانية‪ .‬فانكوفر‪ :‬روتليدج‪ .‬ص ‪65 32-11‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪66‬‬
‫روضة المحبين‪ ،‬ص ‪67 153‬‬
‫‪.‬ابن القيم‪ .‬كتاب الروح‪ .‬الطبعة الخامسة‪ .‬القاهرة‪ :‬المكتبة التوفيقية‪ ،2012 .‬ص ‪68 328‬‬
‫‪ُ.‬تناقش مفاهيم الصبر والتنظيم الذاتي بمزيد من التفصيل الحًقا في هذا المقال ‪69‬‬
‫كتاب الروح‪ ،‬ص‪70 369 .‬‬
‫سورة الجاثية‪ :‬اآلية ‪71 32‬‬
‫سورة الكهف ‪ :‬اآلية ‪72 49‬‬
‫سورة الجاثية ‪ :‬اآلية ‪73 24‬‬
‫‪:: http://spiritualperception.org/the-real-battle-meaningful-vs-‬للقارئ المهتم الرجوع إلى ‪74‬‬
‫‪meaningless/‬‬
‫سورة طه ‪:‬اآلية ‪75 124‬‬
‫سنستخدم مصطلحات الصبر والتنظيم الذاتي بالتناوب‪ .‬بصورة عامة‪ ،‬سنستخدم التنظيم الذاتي عند الحديث عن المنظور النفسي والصبر ‪76‬‬
‫‪.‬عند الحديث عن منظور ابن القيم أو المنظور اإلسالمي‬
‫ار‪ .‬إف بوميشتير‪ ،‬كي‪ .‬دي‪ .‬فوهس‪ )2007( ،‬التنظيم الذاتي واستنزاف األنا والدافع‪ .‬بوصلة علم النفس االجتماعي وسمات ‪77‬‬
‫‪.‬الشخصية‪128-115 ،1 ،‬‬
‫‪.‬ابن القيم‪ .‬عدة الصابرين‪ .‬الدمام‪ :‬دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع‪ ،2012 ،‬ص‪78 41.‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪7940 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪8041 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪81‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪82‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪83‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪84‬‬
‫ام‪ .‬مورافين‪ ،‬دى‪ .‬م‪ .‬تايس‪ ،‬ار‪ .‬اف‪ .‬بموشتير‪ .)1998( .‬ضبط النفس كمورد محدود‪ :‬أنماط االستنفاد التنظيمية‪ .‬مجلة علم ‪85‬‬
‫‪.‬النفس االجتماعي وسمات الشخصية‪789-774 ،)3( 74 ،‬‬
‫‪.‬صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم ‪86 39‬‬
‫دي‪.‬ام‪.‬تايس‪ ،‬ار‪.‬اء ف‪ .‬بموشتير‪ ،‬دي‪ .‬شمولي‪ ،‬ام‪ .‬مورافين‪ .)2007( .‬استعادة الذات‪ :‬التأثير اإليجابي يساعد على تحسين ‪87‬‬
‫‪.‬التنظيم الذاتي عقب استنزاف الذات‪ .‬مجلة علم النفس االجتماعي التجريبي‪384-379 ,)3(43 ،‬‬
‫كي‪ .‬إف‪ .‬المبيرد‪ ،‬تي‪ .‬مان‪ )2006( .‬متى تؤدي تهديدات األنا إلى تراجع التنظيم الذاتي؟ العواقب السلبية الرتفاع مستوى تقدير ‪88‬‬
‫‪.‬الذات الدفاعية مجلة علم النفس االجتماعي وسمات الشخصية‪1187–1177 ،32 ،‬‬
‫‪89‬‬ ‫ار‪ .‬إف بوميشتير‪ ،‬كي‪ .‬دي‪ .‬فوهس‪ )2007( ،‬التنظيم الذاتي واستنزاف األنا والدافع‪ .‬بوصلة علم النفس االجتماعي والسمات‬
‫‪.‬الشخصية‪128-115 ،1 ،‬‬
‫ام‪ .‬مورافين‪ ،‬ار‪ .‬اف‪ .‬بموشتير‪ .)2000( .‬التنظيم الذاتي واستنزاف الموارد المحدودة‪ :‬هل ضبط النفس يشبه العضلة؟ النشرة ‪90‬‬
‫‪.‬النفسية‪259-247 ،)2( 126 ،‬‬
‫عدة الصابرين‪ ،‬ص‪91 89 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪92‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪93‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪94‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه ‪95‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪9690 .‬‬
‫‪.‬صحيح البخاري‪ ،‬حديث رقم ‪97 5066‬‬
‫عدة الصابرين‪ ،‬ص‪98 90 .‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪9992-91 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪10092 .‬‬
‫‪.‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪10191 .‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪102 101-93‬‬
‫‪.‬يود المؤلف التعبير عن امتنانه لمساهمة السيد‪ /‬سي‪ .‬زاراك أسلم في إعداد هذه الرسالة المختصرة ‪103‬‬

‫‪Share‬‬
‫‪Disclaimer: The views, opinions, findings, and conclusions expressed in these‬‬
‫‪papers and articles are strictly those of the authors. Furthermore, Yaqeen does not‬‬
‫‪endorse any of the personal views of the authors on any platform. Our team is‬‬
‫‪diverse on all fronts, allowing for constant, enriching dialogue that helps us‬‬
‫‪produce high-quality research.‬‬
‫‪Table of Contents‬‬

‫‪Yaqeen Institute for Islamic Research‬‬


‫‪7750 N. MacArthur Blvd‬‬
‫‪Suite 120237, Irving, TX 75063‬‬
‫‪info@yaqeeninstitute.org‬‬
‫‪Yaqeen Newsletter‬‬

‫‪Subscribe‬‬
‫‪By subscribing, you agree to our Privacy Policy‬‬
‫‪Connect with Us‬‬
Download Yaqeen app
(opens in a new tab)
(opens in a new tab)
Links
Donate
Match Gift
Why Donate?
Donor Privacy Policy
Volunteer
Careers
Contact Us
Privacy Policy
© Yaqeen Institute for Islamic Research 2024. We are a 501(C)(3) organization. All
donations are tax deductible. Our EIN is 81-2822877

You might also like