Professional Documents
Culture Documents
أهم الإشكالات العلمية في الدعوة السلفية
أهم الإشكالات العلمية في الدعوة السلفية
كتبو
خالد بن عبد اهلل باحميد األنصارم
مؤسس اتحاد طلبة العلم في حضرموت
ِ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
مقدمة
الحمد هلل رب العالمين ،كالصالة كالسالـ على نبينا محمد كعلى آلو
كصحبو أجمعين.
أما بعد:
فكنت كما زلت ػ بفضل من اهلل تعالى ػ أدعو إلى االجتماع على الحق؛
لكي تخرج األمة من أزماتها المتالحقة بها ،كأرل أف ىذا االجتماع لن يتحقق
إال بنقد الدعوة السلفية أم بتتبع اإلشكاالت العلمية فيها التي أدت إلى تفرؽ
أىلها.
كىم
عموما َّ
ىم األمة ن
ككنت آمل أف يتعاكف معي المصلحوف الذين يحملوف َّ
كجدت الخذالف من
ي خصوصا ،فتواصلت مع من تيسر منهم ،لكني
ن االجتماع
أكثرىم ،بل كالمحاربة من بعضهم.
كرأيت أف المصلحة تقتضي تأليف كتاب في أىم اإلشكاالت العلمية في
الدعوة السلفية؛ رجاء أف يدرؾ المصلحوف أىمية تتبع اإلشكاالت العلمية
كاستحالة أف يتحقق االجتماع على الحق قبل حل تلك اإلشكاالت.
كاهلل الموفق.
ّ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
محاكر الكتاب
ْ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ٓ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ٕ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ٖ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ٗ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
( )1أُطلِق اسم شيخ اإلسالم على عدد من العلماء قبل ابن تيمية وبعده ،واختلف يف سبب إطالق ىذا
االسم ،وأشهر األقوال يف ذلك أن سببو التبحر يف العلم ،ومعىن شيخ اإلسالم شيخ يف اإلسالم أي
باعتبار املعرفة واملرجعية.
(( )2الرد الوافر.)25:
(( )3الرد الوافر.)59:
(( )4الرد الوافر.)58:
َُ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كقاؿ اإلماـ العالمة أبو عبد اهلل ابن عبد الهادم الحنبلي (تْْٕق):
"ىو الشيخ الرباني ،إماـ األئمة ،كمفتي األمة ،كبحر العلوـ ،سيد الحفاظ،
كفارس المعاني كاأللفاظ ،فريد العصر ،كحيد الدىر ،شيخ اإلسالـ ،بركة األناـ،
عالمة الزماف ،كترجماف القرآف ،علم الزىاد ،كأكحد العباد ،قامع المبتدعين،
كآخر المجتهدين"(ٓ) .انتهى.
ُّ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ُْ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ُٓ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كنت ػ بعد عودتي من الرحلة في حياة رموز الدعوة ػ أنبو بعض المهتمين
ك ي
بالدعوة إلى كجود اإلشكاالت ،كالضركرة من تتبعها كحلها قبل ظهور آثارىا،
لكن لم يلتفت إلى كالمي.
كثيرا من المهتمين بالدعوة ػ بعد موت الرموز كظهور آثار
كمن المؤسف أف ن
اإلشكاالت ػ يركزكف على نقد ناقدم الدعوة دكف التركيز على نقد الدعوة،
كبالتالي يغلب عليهم الحرص على تصحيح فهم الناقد للدعوة دكف الحرص
على تصحيح الدعوة ،بل كقد يصاحب ىذا التصحيح تسفيو الناقد أك اتهامو
بسوء النية كإرادة ىدـ الدعوة أك إسقاط رموزىا .كىذا قد يؤدم مستقبالن إلى
عودة الدعوة السلفية إلى القلة كالضعف ،كذلك بتزايد المنسحبين من
المنتمين إليها.
كخالصة الكالـ :مصلحة الدعوة تقتضي تتبع اإلشكاالت العلمية كحلها؛
حتى يتبين الحق فيتم االجتماع عليو.
ُٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ُٕ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
الدين الحق
ك ىسبًيلى يه ٍم ًم ىن الٍ ىق ىر ًامطىًةىف الٍ ىف ىال ًس ىفةى ىكىم ٍن ىسلى ىقاؿ شيخ اإلسالـ " :ىك ىما أ َّ
الرجل بً ًدي ًن الٍمسلً ًمين كالٍيػه ً كاالتحادية كنىح ًو ًىم يج ي ً
ود ي ٍ ى ى ىي وز ع ٍن ىد يى ٍم أى ٍف يىػتى ىديَّ ىن َّ ي ي ى ٍ ٍ ىي
اطننا كظى ً ً ً ًً ً ً
اى نرا ين؛ فى ىم ٍن لى ٍم ييق َّر بى ى ىف ىى ىذا يكلَّوي يك ٍف هر باتّْػ ىفاؽ ال يٍم ٍسلم ى
وـ أ َّ
ارل .ىكىم ٍعلي ه َّص ىىكالن ى
س بً يم ٍسلً وم"(َُ). ً ً ً ً ً َّ َّ
بأىف اللوى ىال يىػ ٍقبى يل ديننا س ىول ٍاإل ٍس ىالـ فىػلىٍي ى
ًً ض ًطرا ًر ًمن ًدي ًن الٍمسلً ًم ً ً ً كقاؿ" :كم ٍعلي ً
ين أ َّ
ىف ين ىكباتّْػ ىفاؽ ىجمي ًع ال يٍم ٍسلم ى يٍ ى وـ بًاال ٍ ى ٍ ىى ه
صلَّى اللَّوي و ً و اع غىٍي ًر ًدي ًن ًٍ
اإل ٍس ىالًـ أى ًك اتّْػبى ى
اع ىش ًر ىيعة غىٍي ًر ىش ًر ىيعة يم ىح َّمد ى غ اتّْػبى ى
ىم ٍن ىس َّو ى
ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم فىػ يه ىو ىكافً هر"(ُُ) .انتهى.
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب في سياقو لنواقض اإلسالـ" :التاسع:
من اعتقد أف بعض الناس يسعو الخركج عن شريعة محمد صلى اهلل عليو كسلم
كما كسع الخضر الخركج عن شريعة موسى عليو السالـ فهو كافر"(ُِ).
انتهى.
خالصة كالمهما :الدين الحق ىو اإلسالـ ال غير ،كمن اعتقد غير ذلك
فهو كافر.
اإلسالـ ،بل كقعت الفتنة بين أىلو ،كطمع فيهم عدكىم من الك ٌفار كالنصارل
عرؼ أىل علم كدين ،كال أىل
كالمجوس بالشاـ كالمشرؽ ،كأما بعد علي فلم يي ى
يد كسيف ،نصر اهلل بهم اإلسالـ إال أىل السنة"(ُٔ) .انتهى.
كقاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :كنعتقد أيضان أف أمة محمد صلى اهلل
عليو كسلم المتبعين لسنتو ال تجتمع على ضاللة ،كأنو ال تزاؿ طائفة من أمتو
على الحق منصورة ال يضرىم من خذلهم كال من خالفهم حتى يأتي أمر اهلل
كىم على ذلك"(ُٕ).
كقاؿ" :كىل يتصور شيء أصرح مما صح عنو صلى اهلل عليو كسلم أف أمتو
ستفترؽ على أكثر من سبعين فرقة ،أخبر كلهم في النار إال كاحدة ،ثم كصف
تلك الواحدة أنها التي على ما كاف عليو الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم
كأصحابو"(ُٖ).
كقاؿ" :فلينظر إلى الفرؽ كمعتقداتهم كأعمالهم ،فما كافقت النبي صلى اهلل
عليو كسلم كأصحابو ىي الفرقة الناجية ،كأىل السنة ىم المتبعوف آلثاره صلى
اهلل عليو كسلم كآثار أصحابو كما ال يخفى على منصف ينظر بعين الحق ،فهم
عرف أىل علم (( )16منهاج السنة النبوية .)118-117/4:قلت :لعل مراد شيخ اإلسالم بقولو" :فلم يُ َ
ودين ،وال أىل يد وسيف ،نصر اهلل هبم اإلسالم إال أىل السنة" باعتبار الغالب ،ال باعتبار اإلطالق؛
ٍ
أحيان قليلة كالدولة احلمدانية الشيعية ،فقد نصر اهلل هبا ألن اهلل تعاىل قد نصر دينو بأىل البدع يف
اإلسالم على الروم يف وقائع مشهودة.
(( )17الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)88/1:
(( )18الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)46/1:
َِ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
أحق أف يكونوا الفرقة الناجية ،كآثار النجاة الظاىرة فيهم؛ الستقامتهم على
الدين من غير تحريف ،كظهور مذىبهم كشوكتهم في غالب البالد ككجود
العلماء المحققين كالمحدثين كاألكلياء كالصالحين فيهم"(ُٗ) .انتهى.
معنى كالمهما :أف المسلمين ال يجتمعوف على ضاللة ،كأنهم فرؽ ،كأف
الفرقة التي على الحق كاحدة ،كىم أىل السنة؛ ألنهم مجتمعوف ،كألنهم
متابعوف للصحابة رضي اهلل عنهم ،كألف اإلسناد من خصائصهم ،كألنهم أعلم
كفقها ،كألنهم أحرص
الناس بحديث النبي صلى اهلل عليو كسلم صحة كضع نفا ن
الناس على االستقامة على الدين ،كألف دين اإلسالـ لم يظهر على غيره من
األدياف إال بهم ،كألف مذىبهم ىو الغالب على غيره من المذاىب.
خالصة كالمهما :أف الفرقة التي على الحق ىم أىل السنة ،كمقتضى
كالمهما أف من اعتقد غير ذلك فهو مبتدع.
مصادر الحق
ص يلالسنَّةى يى ٍح ي
اب ىك ُّ ك أ َّ ً
ىف الٍكتى ى قاؿ شيخ اإلسالـ " :ىك ًج ىماعي ٍاأل ٍىم ًر فًي ذىلً ى
ً ً
اب اللَّو ىك يسنَّةى نىبًيّْو ىكقى ى
ص ىد اتّْػبى ًاع ً ً ًم ٍنػ يه ىما ىك ىم ي
اؿ ال يٍه ىدل ىكالنُّوًر ل ىم ٍن تى ىدبَّػ ىر كتى ى
ٍح ّْق"(َِ) .انتهى. ال ى
كقاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :فإذا كاف اهلل سبحانو قد أكجب علينا
أف نرد ما تنازعنا فيو إلى اهلل ،أم :إلى كتاب اهلل ،كإلى الرسوؿ صلى اهلل عليو
قطعا أف من رد إلى الكتاب كالسنة ما تنازع الناس
كسلم أم :إلى سنتو ،علمنا ن
فيو كجد فيهما ما يفصل النٌزاع"(ُِ) .انتهى.
خالصة كالمهما :أف المصدر الحق للدين ىما الكتاب كالسنة ،فمنهما
يحصل الهدل كالنور ،كبالرد إليهما يفصل النزاع.
المنهج الحق
الصالً ًح"(ِِ). ف َّ ٍخ ٍي ًر فًي اتّْػبى ًاع َّ
السلى ً ٍخ ٍيػ ير يك ُّل ال ى
قاؿ شيخ اإلسالـ " :ىكال ى
ضلي ىها الٍ يق يرك يف ت لًلن ً
َّاس ،ىكأىفٍ ى كقاؿً " :م ٍن ىى ًذهً ٍاأل َّيم ًة الَّتًي ًى ىي ىخ ٍيػ ير أ َّيم وة أي ٍخ ًر ىج ٍ
الث ىَّالثىةي"(ِّ).
كقاؿ" :قولهم :كمسائل الخالؼ ال إنكار فيها ليس بصحيح ،فإف اإلنكار
إما أف يتوجو إلى القوؿ بالحكم أك العمل؛ أما األكؿ فإف كاف القوؿ يخالف
قديما ،كجب إنكاره كفاقنا ،كإف لم يكن كذلك فإنو ينكر بمعنى
إجماعا ن
ن سنة أك
بياف ضعفو عند من يقوؿ :المصيب كاحد ،كىم عامة السلف كالفقهاء ،كأما
العمل فإف كاف على خالؼ سنة أك إجماع كجب إنكاره أيضا بحسب درجات
اإلنكار ،كما ذكرنا من حديث شارب النبيذ المختلف فيو ،ككما ينقض حكم
الحاكم إذا خالف سنة كإف كاف قد اتبع بعض العلماء .كأما إذا لم يكن في
المسألة سنة كال إجماع كلالجتهاد فيها مساغ فال ينكر على من عمل بها
مجته ندا أك مقل ندا ،كإنما دخل ىذا اللبس من جهة أف القائل يعتقد أف مسائل
الخالؼ ىي مسائل االجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس .كالصواب
الذم عليو األئمة أف مسائل االجتهاد ما لم يكن فيو دليل يجب العمل بو
ظاىرا ،مثل حديث صحيح ال معارض لو من جنسو فيسوغ إذا عدـ ذلك
كجوبنا ن
االجتهاد لتعارض األدلة المقاربة أك لخفاء األدلة فيها ،كليس في ذكر كوف
(( )24املستدرك على فتاوى ابن تيمية )162/1:نقالً عن ابن مفلح يف كتابو (اآلداب الشرعية-191/1:
.)192
(( )25الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)79/1:
(( )26الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)455/1:
ِْ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
على خطئو ،كينكر عليو .كإف أريد بمسائل االجتهاد مسائل الخالؼ التي لم
يتبين فيها الصواب ،فهذا كالـ صحيح ،ال يجوز لإلنساف أف ينكر الشيء
لكونو مخالفان لمذىبو أك لعادة الناس؛ فكما ال يجوز لإلنساف أف يأمر إال بعلم،
س
ف ىما لىٍي ى
(كال تىػ ٍق ي
ال يجوز أف ينكر إال بعلم ،كىذا كلو داخل في قولو تعالى :ى
ٍم) [اإلسراء .)ِٕ("]ّٔ:انتهى. لى ى ً ً ً
ك بو عل ه
خالصة كالمهم :المنهج الحق في اًتّْباع الكتاب كالسنة ىو اًتّْباع السلف
الصالح ،كىم القركف الثالثة ،مع عدـ جواز التعصب ألحد منهم في المسائل
االجتهادية ،كعليو فمن تبنى قوالن من أقواؿ السلف المعموؿ بها في مسألة من
تلك المسائل فال يجوز أف ينكر على من تبنى غيره من أقوالهم.
قلت :كمن المنهج الحق في اًتّْباع الكتاب كالسنةَّ :
أف على العلماء
المعاصرين اإلفتاء في المسائل الحادثة ،كعلى غيرىم اتّْباعهم؛ ألف من أصوؿ
السلف اًتّْباع العلماء ،كالعلماء الذين ييتبعوف في المسائل الحادثة ىم
المعاصركف لها ،كتخريج العلماء المعاصرين في المسائل الحادثة إنما يجب أف
يكوف على أصوؿ السلف.
المتقدمين من أئمة الدعوة؛ فتارة أنقل بعض كالمهم ،كتارة أحكي خالصة
كالمهم كال أنقل شيئنا من كالمهم ،كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فأحكي
نادرا ،فمن لم يثق بما حكيتو من
خالصة كالمهم كال أنقل شيئنا من كالمهم إال ن
خالصة كالمهم لعدـ علمو بها فهو معذكر من االمتناع عن حل ما فيها من
اإلشكاالت ،كيكفي أف يحل اإلشكاالت المتعلقة بكالـ شيخ اإلسالـ كالشيخ
محمد بن عبد الوىاب.
ِٕ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
تنبيهات
التنبيو األكؿ :تأليفي ىذا الكتاب مبني على رأيي في مراعاة المصلحة،
كذكرت علة ىذا الرأم في مقدمة الكتاب ،كعليو فالذم يرل أف المصلحة
ي
تقتضي عدـ تأليف الكتاب فلو أف يذكر علة رأيو ،لكن ليس لو أف يتعصب
لرأيو؛ فيجزـ بصحة رأيو كينكر تأليف الكتاب.
التنبيو الثاني :ليس غايتي من ذكر اإلشكاالت مجرد اإلشكاؿ ،بل غايتي
أف يساىم المهتموف بالدعوة السلفية بحلها؛ حتى يتبين الحق فيتم االجتماع
عليو ،كما نبهت على ىذا ساب نقا ،كعليو فالذم يرل أف المصلحة تقتضي عدـ
تأليف الكتاب فلو أف يمتنع عن المشاركة في حل اإلشكاالت ،لكن ليس من
الحكمة أف يتجنب حل اإلشكاالت في الدعوة كيشغل نفسو كغيره بإثارة
اإلشكاالت على المؤلف كالكتاب!
التنبيو الثالث :بذلت كسعي في جمع النصوص المتعلقة باإلشكاالت ،كال
سيما نصوص شيخ اإلسالـ ابن تيمية كالشيخ محمد بن عبد الوىاب ،كبذلت
كسعي في معرفة معناىا ،كقد يتبين ػ بعد استدراؾ المستد ًركين ػ أنو قد فاتتني
نصوص مهمة ،أك أني أخطأت في معرفة معناىا ،كعليو فحبذا أف ال يحاكم
المستد ًرؾ قصورم البشرم ،كأف يكتفي بذكر ما فاتني من النصوص المهمة أك
معناىا الصحيح.
التنبيو الرابع :أقوؿ في مواضع يسيرة :ىذا ال إشكاؿ فيو ،كقد يتبين ػ بعد
ِٖ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ِٗ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
القلب سابق على النطق؟ كعليو فإما أف يجعلوا اإليماف ىو التصديق فقط كما
ىو قوؿ جهم ،كىو باطل في نفسو ،كإما أف يجعلوا اإليماف األمور األربعة ،كما
سول ذلك فهو تناقض ،فهل يستقيم تفسير العمل في تعريف السلف لإليماف
بأنو عمل القلب مع عمل الجوارح؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
لم أقف على كالـ لو يتعلق بهذا الفصل.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد
الوىاب يتعلق بهذا الفصل ،إال على كالـ للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن
بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِّٗق) ،حيث قاؿ" :اإليماف
مركب من قوؿ كعمل ،كالقوؿ قسماف :قوؿ القلب ،كىو :اعتقاده ،كقوؿ
اللساف ،كىو :التكلم بكلمة اإلسالـ .كالعمل قسماف :عمل القلب ،كىو:
قصده ،كاختياره ،كمحبتو ،كرضاه ،كتصديقو ،كعمل الجوارح ،كالصالة،
كالزكاة ،كالحج ،كالجهاد ،كنحو ذلك من األعماؿ الظاىرة"(َّ) .انتهى.
قلت :ىذا التفسير ىو نفسو تفسير شيخ اإلسالـ ،كأما المتأخركف من أئمة
الدعوة فال يكاد يوجد بينهم خالؼ في اختيار ىذا التفسير ،كعليو ففي
كالمهم نفس اإلشكالين المذكورين في كالـ شيخ اإلسالـ.
تسمى إيمانا ،فأعالىا :شهادة أف ال إلو إال اهلل ،كأدناىا :إماطة األذل عن الطريق،
إجماعا ،كشعبة الشهادتين ،كمنها :ما ال يزكؿ
ن فمنها :ما يزكؿ اإليماف بزكالو
إجماعا ،كترؾ إماطة األذل عن الطريق ،كبين ىاتين الشعبتين شعب متفاكتة،
ن بزكالو
منها :ما يلحق بشعبة الشهادة ،كيكوف إليها أقرب ،كمنها :ما يلحق بشعبة إماطة
األذل عن الطريق ،كيكوف إليها أقرب .كالتسوية بين ىذه الشعب في اجتماعها
مخالف للنصوص كما كاف عليو سلف األمة كأئمتها"(َْ) .انتهى.
قلت :ىذا كالـ المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد
الوىاب ،كظاىر كالمهم :مثل كالـ شيخ اإلسالـ أف عمل الجوارح كماؿ،
كعليو ففيو نفس اإلشكالين المذكورين في كالـ شيخ اإلسالـ .كأما المتأخركف
من أئمة الدعوة فقد اختلفوا في األصل كالكماؿ؛ فمنهم من ينفي التعبير
باألصل كالكماؿ ،كمنهم من يثبتو ،كالذين يثبتونو منهم من يقوؿ :عمل
الجوارح منو أصل كمنو كماؿ ،كمنهم من يقوؿ :عمل الجوارح أصل ،كىو
الذم عليو أكثرىم ،كىذا االختالؼ عند المتأخرين فيو إشكاالف :اإلشكاؿ
األكؿ :ظاىره اضطراب منهم في حكم عمل الجوارح ،فهل ىو اضطراب
حقيقي؟ كاإلشكاؿ الثاني :كل أقوالهم مخالفة لقوؿ شيخ اإلسالـ كالشيخ
محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة بعده ،فهل الصواب قوؿ
شيخ اإلسالـ كالشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة أك
الصواب قوؿ المتأخرين منهم؟
عمالن إال بها ،ال صالة ،كال صومان ،كال حجان ،كال صدقة ،كال جميع األعماؿ
الصالحة ،إال بمعرفتها كالعمل بها"(ْٓ) .انتهى.
مسلما معصوـ الدـ كالماؿ في الدنيا ناجينا
ن معنى كالمو :اإلنساف ال يكوف
من النار في اآلخرة بمجرد التلفظ بالشهادتين؛ ألف تحقيق التوحيد يكوف
بالقلب كاللساف كالعمل ،كعليو فيشترط العلم بمدلوؿ الشهادتين كاعتقاده
كفرا
كالعمل بو كالكفر بضده؛ فمن حقق العلم كاالعتقاد دكف العمل فهو كافر ن
ظاىرا دكف العلم أك دكف االعتقاد فهو منافق ،كلو
صريحا ،كمن حقق العمل ن ن
عمل من األعماؿ الصالحة ما عمل.
خالصة كالمو :الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر.
كىو معنى كالـ شيخ اإلسالـ.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
ال خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب ال من
المتقدمين كال من المتأخرين في أف الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر.
(ْٕ)
. كقاؿ" :فإذا خال العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنان"
ّْين ىال بي َّد فً ًيو ًم ٍن قىػ ٍووؿ ىك ىع ىم ول ،ىكأىنَّوي يى ٍمتىنً يع أى ٍف يى يكو ىف
ىف الد ى كقاؿ " :ىكقى ٍد تىػبىػيَّ ىن أ َّ
ص ىال نة ً ً الرجل م ٍؤًمننا بًاىللَّ ًو كرسولً ًو بًىق ٍلبً ًو أىك بًىق ٍلبً ًو كلً ًً
سانو ىكلى ٍم ييػ ىؤ ّْد ىكاجبنا ظىاى نرا ىكىال ى ى ى ٍ ىى ي َّ ي ي ي
ىف اللَّوى أ ٍىك ىجبىػ ىها ًمثٍ ىل
ىج ًل أ َّ ً
ات ،ىال أل ٍ اجب ً ً
ك م ىن ال ىٍو ى
صياما كىال غىيػر ىذلً ى ً ً
ىكىال ىزىكاةن ىكىال ى ن ى ٍ ى
يث أىك يػ ٍع ًد ىؿ فًي قىس ًم ًو كح ٍك ًم ًو ًمن غىٍي ًر إيم و
اف أى ٍف يػ ىؤدّْم ٍاألىمانىةى أىك يص ّْد ىؽ ال ً
ى ٍ ى ىي ٍحد ى ٍ ى ى ي ى ى ٍ يى
ك ًمن الٍ يك ٍف ًر؛ فىًإ َّف الٍم ٍش ًركًين كأ ٍىىل ال ً ًً ًً ً ً
ٍكتى ً
اب يىػ ىرٍك ىف ى ى ى ي باىللَّو ىكىر يسولو لى ٍم يى ٍخ ير ٍج ب ىذل ى ى
الر يج يل يم ٍؤًمننا بًاىللَّ ًو ىكىر يسولً ًو ىم ىع ىع ىدًـ ىش ٍي وء ًم ىن وب ىى ًذهً ٍاأل ييموًر ،فى ىال يى يكو يف َّ يك يج ى
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم" .انتهى. يجابً ىها يم ىح َّم هد ى ص بًًإ ى ات الَّتًي يى ٍختى ُّ اجب ً
ً
(ْٖ)
ال ىٍو ى
معنى كالمو :كجود جنس العمل دليل على كجود أصل اإليماف ،كعدـ كجود
جنس العمل دليل على عدـ كجود أصل اإليماف .كالمراد بعدـ كجود جنس العمل
ىو عدـ العمل الظاىر بالكلية ،كالمراد بعدـ العمل الظاىر بالكلية عدـ فعل
شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد صلى اهلل عليو كسلم.
خالصة كالمو :ترؾ جنس العمل كفر.
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاالف :اإلشكاؿ األكؿ :القوؿ بأف جنس العمل
كفر ،كجو اإلشكاؿ :ىل أحد من السلف سبقو إلى ذكر جنس العمل؟ ككلمة
جنس تدؿ على العموـ ،كالتفسير الذم ذكره يدؿ على الخصوص ،فما فائدة
التعبير بالعاـ على معنى خاص مع إمكاف االكتفاء بالتعبير الخاص؟ كاإلشكاؿ
الثاني :القوؿ بأف عدـ فعل شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد
صلى اهلل عليو كسلم كفر ،كجو اإلشكاؿ :ىل أحد من السلف سبقو إلى ذكر
ىذا؟ كما ضابط ىذه الواجبات؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
لم أقف على كالـ لو يتعلق بهذا الفصل.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد
الوىاب يتعلق بهذا الفصل ،إال على كالـ للشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا
بطين (تُِِٖق) كالشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد
بن عبد الوىاب (تُِّٗق).
قاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين" :كمذىب أىل السنة
كالجماعة أف اإليماف تصديق بالقلب كقوؿ باللساف كعمل بالجوارح ،كقد كفر
جماعة من العلماء من أخرج العمل عن اإليماف"(ْٗ).
كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن" :فأىل السنة مجمعوف على أنو
ال بد من عمل القلب ،الذم ىو :محبتو ،كرضاه ،كانقياده .كالمرجئة ،تقوؿ:
يكفي التصديق فقط ،كيكوف بو مؤمننا .كالخالؼ في أعماؿ الجوارح ىل يكفر
أك ال يكفر؟ كاقع بين أىل السنة"(َٓ) .انتهى.
خالصة كالمهما :يوجد خالؼ بين أىل السنة في تكفير تارؾ عمل الجوارح.
قلت :في كالمهما إشكاؿ ،كىو :أنهما قررا خالؼ تقرير شيخ اإلسالـ؛ فشيخ
اإلسالـ قرر أف ترؾ جنس العمل عند أىل السنة كفر ،كىما قررا الخالؼ بين
أىل السنة في تكفير تارؾ العمل ،فما الصواب من التقريرين؟ كأما المتأخركف
من أئمة الدعوة فال يكاد يوجد خالؼ بينهم في أف ترؾ جنس العمل كفر ،كإنما
اختلفوا ىل ىو أصل أـ ال؟ كالذم عليو أكثرىم أنو أصل ،كىم بذلك كافقوا
شيخ اإلسالـ على التعبير بجنس العمل كعلى الحكم بأف تركو كفر ،كأكثرىم
خالفوه في التسمية؛ فهو ال يسميو أصالن ،كىم يسمونو أصالن .كإف كافقوا شيخ
اإلسالـ على التعبير بجنس العمل كعلى الحكم بأف تركو كفر لكنهم اختلفوا في
تفسير جنس العمل ،كلم أقف على تفسير منهم مواف نقا لتفسير شيخ اإلسالـ.
كفي كالـ المتأخرين إشكاالت :اإلشكاؿ األكؿ :ىل أحد من السلف ذكر جنس
العمل؟ كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ شيخ اإلسالـ ،كاإلشكاؿ الثاني :ىل
الصواب ما عليو شيخ اإلسالـ في عدـ تسمية جنس العمل أصالن أك الصواب
ما عليو أكثر المتأخرين من أئمة الدعوة في تسميتو أصالن؟ كاإلشكاؿ الثالث:
ما تفسيرىم لجنس العمل؟ كىل أحد من السلف ذكر ىذا التفسير؟
فصل :ىل ترؾ األركاف األربعة كفر؟
فرع :قوؿ شيخ اإلسالـ:
وب إ ىذا تىػر ىؾ ىشيئنا ًمن ى ًذهً اإلقػٍرا ًر بًال يٍو يج ً
ى ٍ ٍ ى قاؿ شيخ اإلسالـ " :ىكأ َّىما ىم ىع ًٍ ى
ىح يد ىىا :أىنَّوي
ىح ىمد :أ ى اؿ لًلٍعيلى ىم ًاء ًى ىي ًرىكايى ه
ات ىع ٍن أ ٍ اف ٍاأل ٍىربىػ ىع ًة فىًفي التَّ ٍك ًفي ًر أىقػ ىٍو ه
ٍاألىرىك ً
ٍ
ُْ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
اح ود ًم ىن ٍاأل ٍىربىػ ىع ًة ىحتَّى الٍ ىح ّْج ،ىكإً ٍف ىكا ىف فًي ىج ىوا ًز تىأ ًٍخي ًرهً نًىزاعه بىػ ٍي ىن ي ٍك يفر بًتػر ًؾ ك ً
ى ي ىٍ ى
ف ،ىك ًى ىي الٍعيلى ىم ًاء ،فى ىمتىى ىع ىزىـ ىعلىى تىػ ٍركً ًو بًالٍ يكلّْيَّ ًة ىك ىف ىر ،ىك ىى ىذا قىػ ٍو يؿ طىائًىف وة ًم ىن َّ
السلى ً
ارىىا أىبيو بى ٍك ور .ىكالثَّانًي :أىنَّوي ىال يى ٍك يف ير بًتىػ ٍر ًؾ ىش ٍي وء ىح ىمد ،ا ٍختى ى ات ىع ٍن أ ٍ الركاي ً
إح ىدل ّْ ى ى ٍ
ور ًع ٍن ىد ىكثًي ور ًم ىن الٍ يف ىق ىه ًاء ًم ٍن وب ،ىك ىى ىذا يى ىو ال ىٍم ٍش يه ي اإلقػٍرا ًر بًال يٍو يج ً
ك ىم ىع ًٍ ى ًم ٍن ذىلً ى
الركاي ً ك ك َّ ً ً ًو ىصح ً ً ً
ارىىا ىح ىمد ،ا ٍختى ى ات ىع ٍن أ ٍ إح ىدل ّْ ى ى الشافع ّْي ،ىك يى ىو ٍ اب أىبي ىحني ىفةى ىكىمال ى أٍى
الرىكايىةي الثَّالًثىةي ىع ٍن الص ىالةً ،ىك ًى ىي ّْ ث :ىال يى ٍك يف ير َّإال بًتىػ ٍر ًؾ َّ ابٍ ين بىطَّةى ىكغىٍيػ يرهي .ىكالثَّالً ي
الشافً ًع ّْي ىكطىائًىف وة ًم ٍنك ىك َّ اب مالً و
ىص ىح ً ى
ً
ف ىكطىائًىف وة م ٍن أ ٍ ىح ىمد ،ىكقىػ ٍو يؿ ىكثًي ور ًم ىن َّ
السلى ً أٍ
س :بًتىػ ٍركً ىها الزىكاةً فىػ ىقطٍ .كال ى ً الرابً يع :يى ٍك يف ير بًتىػركً ىها ىكتىػ ٍر ًؾ َّ ىص ىح ً
ٍخام ي ى ٍ ىح ىمد .ىك َّ اب أ ٍ أٍ
ٍح ّْج .ىك ىى ًذهً ال ىٍم ٍسأىلىةي لى ىها الصيى ًاـ ىكال ىاـ ىعلىٍيػ ىها يدك ىف تىػ ٍر ًؾ ّْ الزىكاةً إ ىذا قىاتى ىل ًٍ
اإل ىم ى ىكتىػ ٍر ًؾ َّ
اط ًن؛ ات الٍ يك ٍف ًر الٍب ً اى ًر ،كالثَّانًي :فًي إثٍػب ً ات الٍ يك ٍف ًر الظَّ ًاف :أىح يد يىما :فًي إثٍػب ً طىرفى ً
ى ى ى ى ى ى ى
اإليم ً ً ً ً فىأ َّىما الطَّر ي ً
اف قىػ ٍونال ىك ىع ىم نال ىك ىما تىػ ىق َّد ىـ، ؼ الثَّاني فىػ يه ىو ىم ٍبن ّّي ىعلىى ىم ٍسأىلىة ىك ٍوف ًٍ ى ى
ض ىعلىٍي ًو إيمانا ثىابًتنا فًي قىػ ٍلبً ًو بًأ َّ ً ىكًم ىن ال يٍم ٍمتىنً ًع أى ٍف يى يكو ىف َّ
ىف اللَّوى فىػ ىر ى الر يج يل يم ٍؤمننا ى
وـ ًم ٍن ص ي
ًً
يش ىد ٍى ىرهي ىال يى ٍس يج يد للَّو ىس ٍج ىدةن ىكىال يى ي
ً
ٍح َّج ىكيىع ي اـ ىكال ى الصيى ى
الزىكاةى ىك ّْ الص ىالةى ىك َّ
َّ
ً
ص يد ير ىى ىذا َّإال ضا ىف ىكىال ييػ ىؤدّْم للَّ ًو ىزىكاةن ىكىال يى يح ُّج إلىى بىػ ٍيتً ًو ،فىػ ىه ىذا يم ٍمتىنً هع ،ىكىال يى ٍ ىرىم ى
ص ًح و ٍب كىزنٍ ىدقى وة ىال مع و ً و ً
(ُٓ)
يح" . إيماف ى ىى ى ىم ىع ن ىفاؽ في الٍ ىقل ً ى
اط ًن يم ًق ِّراالص ىالةً حتَّى يػ ٍقتل لىم ي يكن فًي الٍب ً كقاؿ" :كمتى امتػنع َّ ً
ى الر يج يل م ىن َّ ى ي ى ى ٍ ى ٍ ى ىى ٍ ى ى ى
استىػ ىف ى ً ًً ً ً ً ًً ً ً ً
ار
اضت ٍاآلثى ي ين ،ىك ىما ٍ ب يو يجوب ىها ،ىكىال يملٍتى ًزنما بف ٍعل ىها ،ىك ىى ىذا ىكاف هر باتّْػ ىفاؽ ال يٍم ٍسلم ى
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ًً ت ىعلىي ًو النُّصوص َّ ً ىع ًن َّ ً
يحةي؛ ىك ىق ٍولو ى الصح ى ي ي الص ىحابىة بً يك ٍف ًر ىى ىذا ،ىك ىدلَّ ٍ ٍ
الص ىالةً) ىرىكاهي يم ٍسلً هم ،ىكقىػ ٍولً ًو: س بىػ ٍي ىن ال ىٍع ٍب ًد ىكبىػ ٍي ىن الٍ يك ٍف ًر َّإال تىػ ٍر يؾ َّ َّ
ىك ىسل ىم( :لىٍي ى
الص ىالةي فى ىم ٍن تىػ ىرىك ىها فىػ ىق ٍد ىك ىف ىر) ،ىكقىػ ٍوًؿ ىع ٍب ًد اللَّ ًو بٍ ًن (ال ىٍع ٍه يد الَّ ًذم بىػ ٍيػنىػنىا ىكبىػ ٍيػنىػ يه يم َّ
اؿ فًي تىػ ٍركً ًو يك ٍف هر َّإال اب يم ىح َّم ود ىال يىػرٍك ىف ىش ٍيئنا ًمن ٍاألى ٍعم ً ىص ىح ي يق :ىكا ىف أ ٍ ىش ًق و
ى ى ى
ط فىػ ىه ىذا وت ىال يى ٍس يج يد لًلَّ ًو ىس ٍج ىدةن قى ُّ ص ِّرا ىعلىى تىػ ٍركً ىها ىحتَّى يى يم ى الص ىالةى ،فىمن ىكا ىف م ً
ي ىٍ َّ
ط يم ٍسلً نما يم ًق ِّرا بً يو يجوبً ىها" .
(ِٓ)
ىال يى يكو يف قى ُّ
وت ىعلىى ىى ىذا ط ،ىكيى يم ي صلّْي قى ُّ ً ً
كقاؿ" :فىأ َّىما ىم ٍن ىكا ىف يمص ِّرا ىعلىى تىػ ٍرك ىها ىال يي ى
صلُّو ىف تى ى
ارةن ،ىكيىػ ٍتػ يريكونىػ ىها ص ىرا ًر ىكالتػ ٍَّر ًؾ فىػ ىه ىذا ىال يى يكو يف يم ٍسلً نما؛ لى ًك َّن أى ٍكثىػ ىر الن ً
َّاس يي ى اإل ٍ ًٍ
ً ً (ّٓ) ً ً
يد" . ت ال ىٍوع سوا يي ىحافًظيو ىف ىعلىٍيػ ىها ،ىك ىى يؤىالء تى ٍح ى ارنة ،فىػ ىه يؤىالء لىٍي ي تى ى
تاط ًن ىزالى ٍ اى ًر بًالٍب ً
ى
ط الظَّ ً ؼ ٍارتًبىا ى ض يع يىػ ٍنبى ًغي تى ىدبُّػ يرهي؛ فى ىم ٍن ىع ىر ى
كقاؿ" :فىػ ىه ىذا الٍمو ً
ىٍ
وباؿ ًم ىن الٍ يف ىق ىه ًاء أىنَّوي إ ىذا أىقىػ َّر بًال يٍو يج ًىف ىم ٍن قى ىاب ،ىك ىعلً ىم أ َّ الش ٍبػ ىهةي فًي ىى ىذا الٍبى ًىع ٍنوي ُّ
الش ٍبػ ىهةي الَّتًي ت ىعلىٍي ًو ُّ إس ىال ًم ًو فىًإنَّوي ىد ىخلى ٍ ً
ىك ٍامتىػنى ىع ىع ًن الٍف ٍع ًل ىال ييػ ٍقتى يل أ ٍىك ييػ ٍقتى يل ىم ىع ٍ
ٍج ٍه ًميَّة" .انتهى.
(ْٓ) ً ً
ت ىعلىى ال يٍم ٍرجئىة ىكال ى ىد ىخلى ٍ
خالصة كالمو :ترؾ األركاف األربعة كفر؛ ألف ترؾ جنس العمل كفر.
كمعنى كالمو :األركاف األربعة في تكفير تاركها نزاع .كتارؾ األركاف األربعة
جميعا كافر ،ككفره مبني على حجتين :األكلى :نصوص الكتاب كالسنة،ن
كالثانية :كفر تارؾ جنس العمل ،كذلك أف عدـ كجود جنس العمل الظاىر يدؿ
على عدـ كجود اإليماف الباطن ،كأىم الواجبات في جنس العمل الظاىر
األركاف األربعة ،كعلى ىذا فمن ترؾ األركاف األربعة فقد ترؾ جنس العمل،
كافرا .كتارؾ الصالة كحدىا إذا أصر على تركها حتى الموت كافر؛
كبهذا يكوف ن
لحجتين :األكلى :نصوص الكتاب كالسنة كأقواؿ الصحابة ،كالثانية :كفر تارؾ
جنس العمل .كبعض الفقهاء دخلت عليهم الشبهة التي دخلت على المرجئة
كالجهمية فقالوا :إف الرجل إذا أقر بوجوب الصالة كأصر على تركها بعد
استتابة الحاكم ليس بكافر .كظاىر كالمو أف تارؾ ما سول الصالة كافر سواء
الزكاة أك الصوـ أك الحج؛ لحجتين :األكلى :نصوص الكتاب كالسنة ،كالثانية:
كفر تارؾ جنس العمل.
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاالت :اإلشكاؿ األكؿ :احتجاجو بنصوص
مخرجا من الملة،
ن كفرا
الكتاب كالسنة كأقواؿ الصحابة على كفر تارؾ الصالة ن
كىو إشكاؿ إذا كاف احتجاجو يقينيِّا ،كجو اإلشكاؿ :ىذه النصوص كاألقواؿ
حجة يقينية على كفر تارؾ الصالة ،كلكن ىل ىي حجة يقينية على أف كفره
مخرج من الملة؟ اإلشكاؿ الثاني :تحديد صورة تارؾ الصالة التي بها يكوف
كافرا بالمصر على تركها حتى الموت ،كجو اإلشكاؿ :ىل أحد من الفقهاء ن
الذين يركف كفر تارؾ الصالة سبقو إلى ىذا التحديد؟ اإلشكاؿ الثالث :اتهاـ
الفقهاء الذين يقولوف :ىمن أصر على ترؾ الصالة بعد استتابة الحاكم ليس
بكافر بأنو دخلت عليهم شبهة المرجئة كالجهمية ،كجو اإلشكاؿ :جمهور
كافرا ،فهل يستقيم ىذا االتهاـ؟ اإلشكاؿ الرابع :إثبات
فقهاء السلف ال يركنو ن
ْْ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
الخالؼ في كفر تارؾ الزكاة كالصوـ كالحج ،كاحتجاجو بالنصوص على الكفر،
كجو اإلشكاؿ :ىل يوجد خالؼ معتبر بين الفقهاء في كفر تارؾ الزكاة كالصوـ
كالحج؟ اإلشكاؿ الخامس :احتجاجو بكفر تارؾ جنس العمل على كفر تارؾ
األركاف األربعة بمجموعها أك بأفرادىا ،كجو اإلشكاؿ :ىل أحد من الفقهاء
سبقو إلى ىذا االحتجاج؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :أركاف اإلسالـ الخمسة ،أكلها
الشهادتاف ،ثم األركاف األربعة ،فاألربعة إذا أقر بها ،كتركها تهاكنا ،فنحن كإف
قاتلناه على فعلها ،فال نكفره بتركها .كالعلماء اختلفوا في كفر التارؾ لها كسالن
من غير جحود ،كال نكفر إال ما أجمع عليو العلماء كلهم ،كىو :الشهادتاف،
كأيضان :نكفره بعد التعريف إذا عرؼ كأنكر"(ٓٓ) .انتهى.
خالصة كالمو :عدـ كفر تارؾ األركاف األربعة؛ لوجود االختالؼ في
التكفير.
قلت :محل اإلشكاؿ ىل يوجد خالؼ معتبر بين الفقهاء في كفر تارؾ
الزكاة كالصوـ كالحج؟ كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ شيخ اإلسالـ.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ أبناء الشيخ محمد بن عبد الوىاب كحمد بن ناصر بن معمر
كدعي إليها كأبى عن
أيضا من أنكر كجوب الصالة ،ي
(تُِِٓق)" :كيكفر ن
(( )56الدرر السنية يف األجوبة النجدية .)132/13:قلت :املشهور يف مذىب أيب حنيفة حيبس حىت
املوت ،وال يقتل.
(( )57الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)333/1:
(( )58الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)483/1:
ْٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ شيخ اإلسالـ .كأما المتأخركف من أئمة
الدعوة فهم على نفس ىذه األقواؿ الثالثة ،إال أف أكثرىم على القوؿ األكؿ،
كيليهم من يقوؿ بالقوؿ الثاني ،كقليل ج ندا من يقوؿ بالقوؿ الثالث ،لكن
بعضهم تبنى القوؿ بتكفير تارؾ الصالة من غير شرط استتابة الحاكم ،كىذا
يقتضي أف تارؾ الصالة في حياتو ال تحل لو زكجتو ،كإذا مات ال يغسل كال
يصلى عليو كال يدفن في مقابر المسلمين ،ثم صار ىذا القوؿ ىو المشهور
عندىم .كىذا القوؿ محل إشكاؿ ،كجو اإلشكاؿ :ىل أحد من الفقهاء الذين
يركف كفر تارؾ الصالة سبقهم إليو؟
كقاؿ عن قسم من أقساـ تاركي الصالة " :ىك يىنىا قً ٍس هم ىرابً هع ،ىك يى ىو :أى ٍف يىػ ٍتػ يرىك ىها
ٍج ٍملىةي ،فىػ ىه ٍل ث ال ي اإل ٍس ىالًـ ًم ٍن ىح ٍي ي
ىكىال ييًق َّر بً يو يجوبً ىها ىكىال يى ٍج ىح ىد يك يجوبىػ ىها؛ لى ًكنَّوي يم ًق ّّر بً ًٍ
ف يمتىػنىا ًك هؿ اإل ٍج ىم ًاع؟ ىكلى ىع َّل ىك ىال ىـ ىكثًي ور ًم ىن َّ
السلى ً ّْز ًاع أ ٍىك ًم ٍن ىم ىوا ًرًد ًٍ ً ً
ىى ىذا م ٍن ىم ىوا ًرد النػ ى
اإل ٍس ىالًـ ،فىػ ىه ىذا ض ىع ٍنػ ىها ىال يم ًق ِّرا ىكىال يم ٍن ًك نرا ،ىكإًنَّ ىما يى ىو يمتى ىكلّْ هم بً ًٍ ً
ل ىه ىذا ،ىك يى ىو ال يٍم ٍع ًر ي
فً ًيو نىظىهر ...إلخ" .انتهى.
(ُٔ)
معنى كالمو :اإلعراض عن الدين كفر ،كىو عدـ إصغاء القلب للدين ،كىو
نوعاف :النوع األكؿ :اإلعراض عن اإليماف بو لعدـ فهمو ،كالنوع الثاني:
اإلعراض عن قبولو مع فهمو .كقد يدخل في النوع األكؿ المسلم المعرض عن
الصالة فال يقر بوجوبها كال ينكر كجوبها لجهلو بها.
قلت :ال إشكاؿ في أف اإلعراض عن الدين كفر ،كأنهما نوعاف ،كىما
يتعلقاف بالكافر األصلي .كمحل اإلشكاؿ إدخاؿ المسلم المعرض عن الصالة ػ
فال يقر بوجوبها كال ينكر كجوبها لجهلو بها ػ في كالـ السلف ،كجو اإلشكاؿ:
ىل أحد قبلو نص على أف ىذه الصورة تدخل في كالـ السلف؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن نواقض اإلسالـ" :العاشر :اإلعراض
(كىم ٍن أىظٍلى يم ًم َّمن ذيّْك ىر
عن دين اهلل ،ال يتعلمػو كال يعمػل بو ،كالدليل قولو تعالى :ى
ين يمنتى ًق يمو ىف) [السجدة.)ِٔ("]ِِ: ً ً بًآي ً ً
ض ىع ٍنػ ىها إًنَّا م ىن ال يٍم ٍج ًرم ى
ات ىربّْو ثي َّم أى ٍع ىر ىى
كقاؿ" :من عرؼ أف التوحيد دين اهلل كرسولو الذم أظهرناه للناس ،كأقر
أيضان أف ىذه االعتقادات في الحجر كالشجر كالبشر الذم ىو دين غالب
الناس أنو الشرؾ باهلل الذم بعث اهلل رسولو صلى اهلل عليو كسلم ينهى عنو،
كيقاتل أىلو؛ ليكوف الدين كلو هلل .كمع ذلك لم يلتفت إلى التوحيد كال تعلمو
كال دخل فيو كال ترؾ الشرؾ ،فهو كافر ،نقاتلو بكفره؛ ألنو عرؼ دين الرسوؿ
فلم يتبعو ،كعرؼ الشرؾ فلم يتركو"(ّٔ).
كقاؿ" :الشرؾ الذم يصدر من المؤمن كىو ال يدرم ،مع كونو مجتهدان في
اًتّْباع أمر اهلل كرسولو ،فأرجو أف ال يخرجو ىذا من الوعد .كقد صدر من
الصحابة أشياء من ىذا الباب ،كحلفهم بآبائهم ،كحلفهم بالكعبة ،كقولهم :ما
شاء اهلل كشاء محمد ،كقولهم :اجعل لنا ذات أنواط ،كلكن إذا باف لهم الحق
اتبعوه ،كلم يجادلوا فيو حمية الجاىلية لمذىب اآلباء كالعادات .كأما الذم
يدعي اإلسالـ ،كىو يفعل من الشرؾ األمور العظاـ ،فإذا تليت عليو آيات اهلل
استكبر عنها ،فليس ىذا بالمسلم .كأما اإلنساف الذم يفعلها بجهالة ،كلم
يتيسر لو من ينصحو ،كلم يطلب العلم الذم أنزلو اهلل على رسولو ،بل أخلد
إلى األرض ،كاتبع ىواه ،فال أدرم ما حالو"(ْٔ) .انتهى.
معنى كالمو :المسلم الذم يعتقد أف اإلسالـ ىو الدين الحق ،كيقع في
الشرؾ على ثالث حاالت :األكلى :الحريص على التوحيد ،فقد يقع في أنواع
من الشرؾ لجهلو ،كلكنو إذا نيػبّْو ترؾ ،فهو معذكر فيما كقع فيو .كالثانية:
المعرض ،كىو الذم يك ًجد في مكانو من يقيم الحجة عليو بتالكة اآليات ،كلكنو
ال يتعلم ليفهم ،كيصر على ما ىو عليو من الشرؾ ،فهذا غير معذكر .كالثالثة:
الذم لم ييوجد في مكانو من يقيم الحجة عليو بتالكة اآليات ،كيقع في أنواع
من الشرؾ لجهلو مع تمكنو من العلم كتقصيره في طلبو ،فهذا اهلل أعلم بحالو.
خالصة كالمو :اإلعراض عن الدين كفر ،كىو :بقاء المسلم على شيء من
يسع
إعراضا؛ ألنو لم ىن الكفر بعد بلوغو الحجة من غير فهمها .كسمى بقاءه
لفهم الحجة التي بلغتو ،فأصر على الكفر لجهلو.
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاؿ ،كىو :ىل أحد من الفقهاء سبقو لذكر ىذه
كفرا؟
الصورة من صور اإلعراض الذم يكوف ن
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)" :فإذا بلغو
القرآف كأعرض عنو كلم يبحث عن أكامره كنواىيو فقد استوجب العقاب ،قاؿ
ش يرهي يىػ ٍوىـ ال ًٍقيى ىام ًة أى ٍع ىمى)
ض ٍن نكا ىكنى ٍح ي ض ىع ٍن ًذ ٍك ًرم فىًإ َّف لىوي ىم ًعي ى
شةن ى (كىم ٍن أى ٍع ىر ى
تعالى :ى
ً [طو ،]ُِْ:كقاؿ تعالى( :كقى ٍد آتىػيػن ى ً
ض ىع ٍنوي فىًإنَّوياؾ م ٍن لى يدنَّا ذ ٍكران .ىم ٍن أى ٍع ىر ى ٍى ى
ين فً ًيو) [طو. "]َُُ-ٗٗ: ًً ً ً ً
يى ٍحم يل يىػ ٍوىـ الٍقيى ىامة ًكٍزران .ىخالد ى
(ٓٔ)
إذا كاف أصل اإليماف موجودان؛ كالتفريق كالترؾ ،إنما ىو فيما دكف ذلك من
الواجبات ،كالمستحبات .كأما إذا عدـ األصل الذم يدخل بو في اإلسالـ،
ً
(كلىىق ٍد ذى ىرأٍنىا ل ىج ىهن ى
َّم كأعرض عن ىذا بالكلية ،فهذا كفر إعراض ،فيو قولو تعالى :ى
ٍج ّْن ك ًٍ
األنٍ ً ً ً ً
ض ىع ٍن (كىم ٍن أى ٍع ىر ى س) اآلية [األعراؼ ،]ُٕٗ:كقولو :ى ىكثيران م ىن ال ى
ض ٍنكان) اآلية [طو .]ُِْ:كلكن عليك أف تعلم :أف شةن ى ًذ ٍك ًرم فىًإ َّف لىوي ىم ًعي ى
المدار على معرفة حقيقة األصل كحقيقة القاعدة ،كإف اختلف التعبير كاللفظ؛
فإف كثيران يعرؼ القصد كالقاعدة ،كيعبر بغير التعبير المشهور .كتعزيرىم
كتوقيرىم كذلك تحتو أنواع أيضان ،أعظمها :رفع شأنهم ،كنصرتهم على أىل
اإلسالـ كمبانيو ،كتصويب ما ىم عليو؛ فهذا كجنسو من المكفرات"(ٔٔ).
كقاؿ الشيخ سليماف بن سحماف (تُّْٗق)" :كأما من ظاىره ال إسالـ
كال كفر ،بل ىو جاىل ،فنقوؿ :ىذا الرجل الجاىل ،إف كاف معو األصل الذم
يدخل بو اإلنساف في اإلسالـ ،فهو مسلم ،كلو كاف جاىالن بتفاصيل دينو ،فإنو
ليس على عواـ المسلمين ممن ال قدرة لهم على معرفة تفاصيل ما شرعو اهلل
كرسولو أف يعرفوا على التفصيل ما يعرفو من أقدره اهلل على ذلك ،من علماء
المسلمين كأعيانهم مما شرعو اهلل كرسولو من األحكاـ الدينية ،بل عليهم أف يؤمنوا
عاما مجمالن ،كما قرر ذلك شيخ اإلسالـ في المنهاج. بما جاء بو الرسوؿ إيمانا ِّ
كإف لم يوجد معو األصل الذم يدخل بو اإلنساف في اإلسالـ فهو كافر ،ككفره
ىو بسبب اإلعراض عن تعلم دينو ،ال علمو كال تعلمو كال عمل بو"(ٕٔ).
معنى كالمو :ال يكوف اإلنساف موح ندا بمجرد اإلقرار بتوحيد الربوبية؛ ألف
المشركين مقركف بو ،كىم مشركوف؛ ألنهم أشركوا في العبادة.
خالصة كالمو :المشركوف موحدكف في الربوبية.
قلت :في ىذا الكالـ إشكاالف :اإلشكاؿ األكؿ :توجد آيات تدؿ على أف
(كاتَّ ىخ يذكا
المشركين يعتقدكف النفع كالضر في معبوداتهم ،كمن ذلك قولو تعالى :ى
ً ً ً ً
ص يرك ىف) [يس ،]ْٕ:كالمعنى :اتخذكا معبودات مع م ٍن يدكف اللَّو آل ىهةن لى ىعلَّ يه ٍم ييػ ٍن ى
ين ًم ٍن يدكنًًو) اهلل تعالى يطلبوف منها النصر ،كقولو تعالى( :كي ىخ ّْوفيونى ى ً َّ ً
ك بالذ ى ىي
[الزمر ،]ّٔ:المعنى :يخوفونك من معبوداتهم أف تصيبك بسوء .كجو اإلشكاؿ:
ما الجمع بين اآليات التي تدؿ على إقرارىم بتوحيد الربوبية كاآليات التي تدؿ
على اعتقادىم النفع كالضر في معبوداتهم؟ كاإلشكاؿ الثاني :دلت اآليات على
(كيىػ ٍعبي يدك ىف ًم ٍن
أنهم يعتقدكف أف معبوداتهم تملك الشفاعة ،كمن ذلك قولو تعالى :ى
ض ُّريى ٍم ىكىال يىػ ٍنػ ىفعي يه ٍم ىكيىػ يقوليو ىف ىى يؤىال ًء يش ىف ىعا يؤنىا ًع ٍن ىد اللَّ ًو) [يونس،]ُٖ:
كف اللَّ ًو ىما ىال يى ي
يد ً
كىذا نوع من شرؾ الربوبية ،كلهذا نفى اهلل تعالى عنهم ملك الشفاعة فقاؿ
اع ىة) [الزخرؼ .]ٖٔ:قاؿ شيخ ين يى ٍدعيو ىف ًم ٍن يدكنًًو َّ
الش ىف ى تعالى( :كىال يملً ي َّ ً
ك الذ ى ى ىٍ
اإلسالـ" :كانوا يثبتوف الشفاعة بدكف إذنو ،فيجعلوف المخلوؽ يملك الشفاعة،
(ّٕ)
كىذا نوع من الشرؾ" ،انتهى ،كجو اإلشكاؿ :كيف يينفى شرؾ الربوبية
عنهم مع كقوعهم في شرؾ ربوبية ملك الشفاعة؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :التوحيد نوعاف :توحيد الربوبية ،كىو:
أف اهلل سبحانو متفرد بالخلق كالتدبير عن المالئكة كاألنبياء كغيرىم؛ كىذا حق
ال بد منو ،لكن ال يدخل الرجل في اإلسالـ؛ بل أكثر الناس مقركف بو ،قاؿ اهلل
اؿ :طى ًري هق يم ىعبَّ هد إ ىذا ىكا ىف يم ىذلَّنال ضا ،ييػ ىق ي الذ ُّؿ أىيٍ ناىا ُّ ىص يل ىم ٍعنى ىادةي أ ٍ كقاؿ " :ىكال ًٍعبى ى
ب؛ ٍح ّْالذ ّْؿ ىكىم ٍعنىى ال ي ض َّم ين ىم ٍعنىى ُّ ور بً ىها تىػتى ى ادةى ال ىٍمأ يٍم ى قى ٍد ىك ًطئىٍتوي ٍاألىقٍ ىد ياـ .لى ًك َّن ال ًٍعبى ى
الذ ّْؿ لًلَّ ًو بًغىايىًة ال ىٍم ىحبَّ ًة لىوي"(ٕٔ). ض َّم ين غىايىةى ُّ فى ًه ىي تىػتى ى
ضاهي ًم ىن ٍاألىقػ ىٍو ًاؿ اس هم ىج ًام هع لً يك ّْل ىما يي ًحبُّوي اللَّوي ىكيىػ ٍر ى ادةي ى ىي ٍ
كقاؿ" :ال ًٍعب ى ً
ى
ص ٍد يؽ الٍح ًد ً الصياـ كالٍح ُّج ك ً اى ىرةً؛ فى َّ اطنى ًة كالظَّ ً اؿ الٍب ً
يث ى الزىكاةي ىك ّْ ى ي ى ى ى الص ىالةي ىك َّ ى ىك ٍاألى ٍع ىم ً ى
ود ك ٍاألىمر بًالٍمعر ً ً ً ً ً ً ً ً
كؼ ىكأ ىىداءي ٍاأل ىىمانىة ىكب ُّر ال ىٍوال ىديٍ ًن ىكصلىةي ٍاأل ٍىر ىحاـ ىكال ىٍوفىاءي بالٍعي يه ى ٍ ي ى ٍ ي
ٍجا ًر ىكالٍيىتً ً ًً ٍجه ي ً
يم سا يف إلىى ال ى ين ىك ًٍ
اإل ٍح ى اد ل ٍل يك َّفا ًر ىكال يٍمنىافق ى َّه يي ىع ًن ال يٍم ٍن ىك ًر ىكال ً ى ىكالنػ ٍ
الد ىع ًاء ىك ّْ
الذ ٍك ًر ين ىكالٍبىػ ىهائً ًم ىك ُّ ً ً ً
يل ىكال ىٍم ٍمليوؾ م ىن ٍاآل ىدميّْ ى ىكال ًٍم ٍس ًكي ًن ىكابٍ ًن َّ
السبً ً
ب اللَّ ًو ىكىر يسولً ًو ىك ىخ ٍشيىةي اللَّ ًو ىك ًٍ
اإلنىابىةي ك يح ُّ ادةً .ىكىك ىذلً ى اؿ ىذلً ى ً
ك م ىن ال ًٍعبى ى كال ًٍقراءةً كأ ٍىمثى ً
ى ىى ى
َّوُّك يل ضا بًىق ى ًً
ضائو ىكالتػ ى الر ى الش ٍك ير لًنً ىع ًم ًو ىك ّْ
الص ٍبػ ير لً يح ٍك ًم ًو ىك ُّ ص الدّْي ًن لىوي ىك َّ ً
إلىٍيو ىكإً ٍخ ىال ي
ادةً لًلَّ ًو"(ٕٕ). ً
ك ًى ىي م ىن ال ًٍعبى ى اؿ ذىلً ى ؼ لً ىع ىذابً ًو ىكأ ٍىمثى ي ٍخ ٍو ي الر ىجاءي لًىر ٍح ىمتً ًو ىكال ى ىعلىٍي ًو ىك َّ
انتهى.
شرعا كماؿ الذؿ ككماؿ المحبة،
خالصة كالمو :العبادة لغة الذؿ ،كالعبادة ن
كالعبادة كذلك ىي الطاعة ،كالطاعة تشمل المأمورات كالمنهيات كلها ،كمنها
المحبة.
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاالف :اإلشكاؿ األكؿ :تعريف العبادة بكماؿ
الذؿ ككماؿ المحبة ،كجو اإلشكاؿ :ىذا التعريف يخالف تعريف العبادة
بالطاعة؛ ألف تعريف العبادة بكماؿ الذؿ ككماؿ المحبة يقتضي أف المحبة غير
أنواعا منها
الذؿ ،كتعريف العبادة بالطاعة يقتضي أف الطاعة ىي الذؿ كتشمل ن
المحبة ،فهل المحبة غير الذؿ أك المحبة من الذؿ؟ كاإلشكاؿ الثاني :تعريف
العبادة بالطاعة ،كجو اإلشكاؿ :ىذا التعريف يقتضي أف الشرؾ األكبر يدخل
في المأمورات كالمنهيات كلها؛ ألف صرؼ العبادة لغير اهلل شرؾ أكبر ،كإذا
كانت العبادة ىي الطاعة ،كالطاعة تشمل المأمورات كالمنهيات كلها ،فالشرؾ
األكبر يدخل فيها كلها ،فكيف يدخل الشرؾ األكبر في صلة الرحم؟ ككيف
يدخل في اجتناب الزنى؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن عبادة اهلل تعالى" :كىي تتضمن
كماؿ الذؿ كالحب ،كتتضمن كماؿ الطاعة كالتعظيم"(ٖٕ).
كقاؿ" :العبادة اسم جامع لكل ما يحبو اهلل كيرضاه ،من أقواؿ العباد كأفعالهم،
مما أمرىم اهلل بو في كتابو ،على لساف رسولو صلى اهلل عليو كسلم"(ٕٗ).
كقاؿ" :كأفراد العبادة كثيرة ،منها :الدعاء ،كالرجاء ،كاإلنابة ،كالخشية،
كالرغبة كالرىبة ،كالخوؼ ،كالتوكل ،كغير ذلك من أنواع العبادة بالقلب
كالجوارح ،كتلك األنواع كغيرىا ال يصلح منها شيء لغير اهلل"(َٖ) .انتهى.
خالصة كالمو مثل خالصة كالـ شيخ اإلسالـ ،كعليو ففيو نفس اإلشكالين
اللذين في كالـ شيخ اإلسالـ.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
ال خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب ال من
المتقدمين كال من المتأخرين في موافقتهم لكالـ شيخ اإلسالـ ،كعليو ففي
كالمهم نفس اإلشكالين اللذين في كالـ شيخ اإلسالـ.
ً
ارل ىكىم ٍن اىا الٍ يق ٍرآ يف ىك ىما ىعلىٍيو ال يٍم ٍش ًريكو ىف ىكالن ى
َّص ى اعةي الَّتًي نىػ ىف ى كقاؿ " :ىكأ َّىما َّ
الش ىف ى
افً ،مثٍ ىل أىنَّػ يه ٍم يىطٍليبيو ىف ًم ىن اإليم ً ً اى ي ً ً ً ً ً
اى ٍم م ٍن ىىذه ٍاأل َّيمة فىػيىػ ٍنف ىيها أ ٍىى يل الٍعل ًٍم ىك ًٍ ى ضى ى
اء ىح ىوائً ًج ًه ٍم ىكيىػ يقوليو ىف :إنَّػ يه ٍم إذىا أ ىىر ي ً ًً ٍاألىنٍبًي ًاء ك َّ ً ً
ادكا ضى ين قى ى ين الٍغىائب ى
ين ىكال ىٍميّْت ى الصالح ى ى ى
ض ٍو ىىا"(ِٖ). ك قى ى ذىلً ى
ب ًم ٍنوي ًم ٍن ىى ًذهً ٍاأل ييموًر ىما يىػ ٍق ًد ير ىعلىٍي ًو ًم ٍنػ ىها ىك ىما قى ى
اؿ "كال ىٍم ٍخليو يؽ ييطٍلى ي
كقاؿ :ى
اؿ: َّص ير) [األنفاؿ ]ِٕ:ىكىك ىما قى ى ص يركيك ٍم فًي الدّْي ًن فىػ ىعلىٍي يك يم الن ٍ (كإً ًف ٍ
استىػ ٍن ى تىػ ىعالىى :ى
استىػغىاثىوي الَّ ًذم ًم ٍن ًش ىيعتً ًو ىعلىى الَّ ًذم ًم ٍن ىع يد ّْكهً) [القصص ]ُٓ:ىكىك ىما قى ى
اؿ (فى ٍ
(كتىػ ىع ىاكنيوا ىعلىى الٍبً ّْر ىكالتَّػ ٍق ىول) [المائدة.)ّٖ("]ِ: تىػ ىعالىى :ى
الصالً ًحين لىم يػعب ٍد فًي حياتًًو بًح ٍ ً ً كقاؿ" :فىًإ َّف أ ً
ض ىرت ًو؛ فىًإنَّوي ىى ى ىح ندا م ىن ٍاألىنٍبًيىاء ىك َّ ى ٍ ي ٍ ى ى
الش ٍر ًؾ
ك ذى ًر ىيعةه إلىى ّْ ؼ يد ىعائً ًه ٍم بىػ ٍع ىد ىم ٍوتً ًه ٍم؛ فىًإ َّف ذىلً ى ك ،بً ًخ ىال ًيىػ ٍنػ ىهى ىم ٍن يىػ ٍف ىع يل ىذلً ى
الش ٍر ًؾ"(ْٖ) .انتهى. ك يد ىعا يؤ يى ٍم فًي ىم ًغيبً ًه ٍم يى ىو ذى ًر ىيعةه إلىى ّْ بً ًه ٍم ،ىكىك ىذلً ى
معنى كالمو :دعاء المخلوؽ يكوف شرنكا إذا طيلًب منو ما ال يقدر عليو إال
اهلل ،إما أف ييطلىب منو مباشرة ما ال ييطلىب إال من اهلل ،سواء كاف المدعو حيِّا
أك ميتنا ،كإما أف ييطلىب منو الشفاعة عند اهلل معتق ندا أف قضاء الشفاعة راجع
إلرادتو ،سواء كاف المدعو ميتنا أك غائبنا .كأما دعاء الحي الحاضر في ما يقدر
عليو فهو جائز ،كأما دعاء الميت أك الغائب في ما يقدر عليو الحي الحاضر
فهو غير جائز ،كىو ذريعة للشرؾ.
خالصة كالمو :دعاء األموات فيو تفصيل ،كىو :إذا طيلًب منهم ما ال يقدر
عليو إال اهلل فهذا شرؾ ،كإذا طيلًب منهم ما يقدر عليو الحي الحاضر فهذا
ذريعة للشرؾ.
كجو كالمو :إذا طىلىب الداعي من المخلوؽ مباشرة ما ال يقدر عليو إال اهلل
فهذا مبني على اعتقاده أنو يملك النفع كالضر ،كإذا طىلىب منو الشفاعة عند
اهلل معتق ندا أف قضاء الشفاعة راجع إلرادتو ال إلرادة اهلل فهذا مبني على
اعتقاده أنو يملك الشفاعة ،كالدعاء في ىاتين الحالتين عبادة؛ ألنو مبني على
اعتقاد الربوبية في المدعو ،كعلى ىذا فالدعاء شرؾ سواء كاف المدعو حيِّا أك
حاضرا أك غائبنا .كإذا طىلىب من المخلوؽ مباشرة ما يقدر عليو فهذا مبني
ن ميتنا
على اعتقاده أنو ال يملك النفع كالضر ،كإذا طىلىب منو الشفاعة عند اهلل معتق ندا
أف قضاء الشفاعة راجع إلرادة اهلل تعالى فهذا مبني على اعتقاده أنو ال يملك
الشفاعة ،كالدعاء في ىاتين الحالتين ليس عبادة؛ ألنو غير مبني على اعتقاد
الربوبية في المدعو ،كعلى ىذا فالدعاء ليس بشرؾ؛ فإف كاف المدعو حيِّا
حاضرا فهو جائز ،كإف كاف ميتنا أك غائبنا فهو غير جائز ،كىو ذريعة للشرؾ.
ن
قلت :ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ
الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :فمن دعا غير اهلل ،طالبنا منو ما ال
يقدر عليو إال اهلل ،من جلب خير ،أك دفع ضر ،فقد أشرؾ في عبادة اهلل ،كما
َٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
معنى كالمو :دعاء المخلوؽ يكوف شرنكا إذا طيلًب منو ما ال يقدر عليو إال
اهلل ،كمن ذلك طلب الشفاعة من الميت أك الغائب .كأما دعاء الحي الحاضر
في ما يقدر عليو فهو جائز ،كمن ذلك االستغاثة بو في ما يقدر عليو.
خالصة كالمو :دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؛ ألنو ييطلىب منهم ما ال يقدر
عليو إال اهلل.
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاالف :اإلشكاؿ األكؿ :عدـ اتضاح ضابط دعاء
العبادة ،كجو ذلك :كوف دعاء المخلوؽ شرنكا إذا طيلًب منو ما ال يقدر عليو إال
اهلل يدؿ على أف الدعاء ال يكوف عبادة إال إذا كاف مبنيِّا على اعتقاد شيء من
الربوبية في المدعو .ككوف دعاء الميت أك الغائب لطلب الشفاعة شرنكا
باإلطالؽ يدؿ على أف دعاء الميت أك الغائب عبادة باإلطالؽ ،كلو لم يكن
مبنيِّا على اعتقاد شيء من الربوبية فيو .كاإلشكاؿ الثاني :إدخاؿ دعاء الميت
أك الغائب لطلب الشفاعة في طلب ما ال يقدر عليو إال اهلل ،كجو اإلشكاؿ:
كيف يدخل دعاء الميت أك الغائب لطلب الشفاعة في طلب ما ال يقدر عليو
إال اهلل؟ مع أف ىذا الطلب ػ كلو لم يقدر عليو الميت أك الغائب ػ لكن يقدر
عليو الحي الحاضر ،فليس ىو مما ال يقدر عليو إال اهلل.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)" :فال يقاؿ:
يا رسوؿ اهلل ،أك يا كلي اهلل ،أسألك الشفاعة ،أك غيرىا ،كأدركني ،أك أغثني ،أك
اشفني ،أك انصرني على عدكم ،كنحو ذلك ،مما ال يقدر عليو إال اهلل تعالى.
فإذا طلب ذلك مما ذكر في أياـ البرزخ كاف من أقساـ الشرؾ"(ٖٖ).
(( )88الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)231/1:
ِٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
األموات عند الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة ال
تفصيل فيو؛ فكلو أف ييطلىب منهم ما ال يقدر عليو إال اهلل ،كحكم دعاء
األموات عندىم ال تفصيل فيو؛ فكلو شرؾ .ككاقع دعاء األموات على
المشهور عند المتأخرين من أئمة الدعوة فيو تفصيل؛ فمنو :أف ييطلىب منهم ما
ال يقدر عليو إال اهلل ،كمنو :أف ييطلىب منهم ما يقدر عليو الحي الحاضر ،كىذا
موافق لكالـ شيخ اإلسالـ كلكنو مخالف لكالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب
كالمتقدمين من أئمة الدعوة ،كحكم دعاء األموات عندىم ال تفصيل فيو؛ فكلو
شرؾ ،كىذا موافق لكالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة
الدعوة كلكنو مخالف لكالـ شيخ اإلسالـ.
ْٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ع
ف ىش ٍر ىكقاؿ " :ىكىم ٍن ىح ىك ىم بً يح ٍك ًم الٍبيػ ٍن يد ًؽ ىك ىش ٍر ًع الٍبيػ ٍن يد ًؽ أ ٍىك غىٍي ًرهً ًم َّما يي ىخالً ي
َّ ً
س التَّتىا ًر الذ ى
ين ك فىػ يه ىو ًم ٍن ًج ٍن ً اللَّ ًو ىكىر يسولً ًو ىك يح ٍك ىم اللَّ ًو ىكىر يسولً ًو ىك يى ىو يىػ ٍعلى يم ىذلً ى
ّْمو ىف يح ٍك ىم الياسق ىعلىى يح ٍك ًم اللَّ ًو ىكىر يسولً ًو"(ٓٗ) .انتهى. ييػ ىقد ي
مخرجا
ن كفرا
معنى كالمو :الحكم بغير ما أنزؿ اهلل من حيث الفعل ليس ن
من الملة ،كالمعتبر في تكفير الحكم بغير ما أنزؿ اهلل ىو اعتقاد االستحالؿ،
كعليو فالحكم بغير ما أنزؿ اهلل قسماف :القسم األكؿ :الحكم المبني على
االستحالؿ ،أم :أف يحكم بغير ما أنزؿ اهلل معتق ندا جواز ذلك ،كيدخل في
االستحالؿ التبديل ،أم :أف يحكم بغير ما أنزؿ اهلل ،كينسب حكمو هلل ،كىذا
القسم كفر مخرج من الملة .كالقسم الثاني :الحكم الخالي من االستحالؿ
كالتبديل ،أم :أف يحكم بغير ما أنزؿ اهلل ،كال يعتقد جوازه ،كال ينسبو هلل،
مخرجا من الملة .كعلى ىذا فمن حكم ن كفرا
كىذا القسم معصية ،كليس ن
بالقوانين المخالفة لحكم اهلل كرسولو كىو يعلم ذلك فهو مثل التتار الذين
يقدموف حكم الياسق على حكم اهلل كرسولو أم من حيث التقديم ،كأما من
حيث حكم التقديم ففيو التفصيل السابق.
قلت :ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ
بعض طلبة العلم المتأخرين المنتمين للدعوة السلفية.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :كالطواغيت كثيركف كرؤكسهم خمسة:
إبليس لعنو اهلل ،كمن عبد كىو راض ،كمن دعا الناس إلى عبادة نفسو ،كمن
ادعى شيئا من علم الغيب ،كمن حكم بغير ما أنزؿ اهلل"(ٔٗ).
(( )95جمموع الفتاوى.)438/35:
(( )96األصول الثالثة.)15/1:
ٔٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كقاؿ في سياقو لنواقض اإلسالـ" :الرابع :من اعتقد أف غير ىدل النبي
صلى اهلل عليو كسلم أكمل من ىديو ،أك أف حكم غيره أحسن من حكمو
كالذين يفضلوف حكم الطاغوت على حكمو فهو كافر"(ٕٗ) .انتهى.
معنى كالمو :الحكم بغير ما أنزؿ اهلل حراـ باإلطالؽ ،كالحكم المبني
على االستحالؿ ػ أم أف يحكم بغير ما أنزؿ اهلل معتق ندا جواز ذلك ػ كفر،
كيدخل في االستحالؿ تفضيل الحكم بغير ما أنزؿ اهلل على الحكم بما أنزؿ
اهلل.
قلت :ىذا الكالـ بمعنى كالـ شيخ اإلسالـ؛ ألف مفهوـ كالمو أف الحكم
كفرا ،كعليو فليس في كالمو إشكاؿ.
الخالي من االستحالؿ ليس ن
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد
الوىاب (تُِّٗق)" :كأما الحكم بغير ما أنزؿ اهلل كترؾ الصالة فهذا كفر
عمل ،ال كفر اعتقاد"(ٖٗ) .كقاؿ" :كأما ما ذكرتو عن األعراب من الفرؽ بين من
استحل الحكم بغير ما أنزؿ اهلل ،كمن لم يستحل؟ فهذا ىو الذم عليو العمل،
كإليو المرجع عند أىل العلم"(ٗٗ).
كقاؿ الشيخ محمد بن إبراىيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن
بن محمد بن عبد الوىاب (تُّٖٗق)" :كمن الممتنع أف يسمي اهلل سبحانو
كافرا ،بل ىو كافر مطل نقا ،إما كفركافرا كال يكوف نالحاكم بغير ما أنزؿ اهلل ن
عمل ،كإما كفر اعتقاد ...أما األكؿ كىو كفر االعتقاد فهو أنواع :أحدىا :أف
يجحد الحاكم بغير ما أنزؿ اهلل أحقية حكم اهلل كرسولو ...الثاني :أف ال
حقا ،لكن اعتقد أف يجحد الحاكم بغير ما أنزؿ اهلل كوف حكم اهلل كرسولو ِّ
حكم غير الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم أحسن من حكمو كأتم كأشمل ...
الثالث :أف ال يعتقد كونو أحسن من حكم اهلل كرسولو ،لكن اعتقد أنو مثلو ...
الرابع :أف ال يعتقد كوف حكم الحاكم بغير ما أنزؿ اهلل مماثالن لحكم اهلل
كرسولو ،فضالن عن أف يعتقد كونو أحسن منو؛ لكن اعتقد جواز الحكم بما
يخالف حكم اهلل كرسولو ...الخامس :كىو أعظمهما كأشملهما كأظهرىا
معاندة للشرع ،كمكابرة ألحكامو ،كمشاقة هلل كلرسولو ،كمضاىاة بالمحاكم
كحكما
ن كتنويعا،
ن كإرصادا كتأصيالن كتفر نيعا ،كتشكيالن
ن كإمدادا،
ن إعدادا
ن الشرعية،
كإلزاما ،كمراجع مستمدات ...السادس :ما يحكم بو كثير من رؤساء العشائر ن
كالقبائل ،من البوادم كنحوىم ،من حكايات آبائهم كأجدادىم ،كعاداتهم التي
يسمونها "سلومهم" ...كأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزؿ
اهلل كىو الذم ال يخرج من الملة ...كذلك أف تحملو شهوتو كىواه على
الحكم في القضية بغير ما أنزؿ اهلل ،مع اعتقاده أف حكم اهلل كرسولو ىو
الحق ،كاعترافو على نفسو بالخطأ كمجانبة الهدل"(ََُ) .انتهى.
مخرجا
ن كفرا
معنى كالمهما :الحكم بغير ما أنزؿ اهلل من حيث الفعل ليس ن
من الملة ،كالمعتبر في تكفير الحكم بغير ما أنزؿ اهلل ىو اعتقاد االستحالؿ،
كعليو فالحكم بغير ما أنزؿ اهلل قسماف :القسم األكؿ :الحكم المبني على
االستحالؿ ،كىو كفر مخرج من الملة ،سواء جحد أحقية حكم اهلل كرسولو أك
اعتقد أفضلية غير حكم اهلل كرسولو أك اعتقد أنو مثلو أك اعتقد جوازه .كالقسم
الثاني :الحكم الخالي من االستحالؿ ،كىو كفر غير مخرج من الملة.
قلت :تقسيم الحكم بغير ما أنزؿ اهلل إلى قسمين :األكؿ :الحكم المبني
على االستحالؿ ،كىو كفر مخرج من الملة ،كالثاني :الحكم الخالي من
االستحالؿ ،كىو كفر غير مخرج من الملة ،ىذا التقسيم ال خالؼ فيو بين
المتقدمين كالمتأخرين من أئمة الدعوة ،كىذا ىو معنى كالـ شيخ اإلسالـ،
كعليو فليس في كالمهم إشكاؿ .كالشيخ ابن إبراىيم أدخل النوعين الخامس
كالسادس في القسم األكؿ ،كىما تحكيم القوانين الغربية كتحكيم العادات،
ككجو إدخالهما أف التحكيم فيهما مبني على اعتقاد أفضلية غير حكم اهلل
كرسولو كإف لم يصرحوا؛ ألف مجرد الفعل قرينة على ذلك ،كإدخاؿ ىذين
اعتمادا على القرينة
ن النوعين في القسم األكؿ من غير التصريح بالتفضيل
موضع اختالؼ بين أئمة الدعوة ،كإنما اإلشكاؿ أف بعض طلبة العلم
المتأخرين المنتمين للدعوة السلفية تبنى القوؿ بأف مجرد كضع القوانين
المخالفة لما أنزؿ اهلل كفر في ذاتو مخرج من الملة كليس قرينة ،كينسبوف ىذا
للدعوة السلفية ،كمنهم من يستدؿ بكالـ شيخ اإلسالـ في تحكيم الياسق،
كأكثرىم يستدؿ بكالـ الشيخ محمد بن إبراىيم في تحكيم القوانين الغربية
كالعادات.
ٗٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم ىسنَّوي ًأل َّيمتً ًو ضا ىف فىًإ َّف رس ى ً
وؿ اللَّو ى ىي اـ ىرىم ى ً
كقاؿ " :ىكأ َّىما قيى ي
ادل لى ًك ٍن لى ٍم صلُّو ىف ىج ىم ى
اعةن ىكفيػ ىر ى ًً
اؿ ىكىكانيوا ىعلىى ىع ٍهده يي ى اعةه ًع َّد ىة لىيى و صلَّى بً ًه ٍم ىج ىم ى ىك ى
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ي ىدا ًكموا ىعلىى جم ى و ً و ً
ات النَّبً ُّي ى ض ىعلىٍي ًه ٍم ،فىػلى َّما ىم ى اعة ىكاح ىدة لئى َّال تيػ ٍف ىر ى ىى ي ي
اح ود، ضي اللَّو ع ٍنو جمعهم علىى إم واـ ك ً ً استىػ ىق َّر ً
الش ًر ىيعةي ،فىػلى َّما ىكا ىف عي ىم ير ىر ى ي ى ي ى ى ى ي ٍ ى ى ى ت َّ ىك ىسلَّ ىم ٍ
ض ىي اللَّوي اب ر ً َّاس ىعلىٍيػ ىها بًأ ٍىم ًر عي ىم ىر بٍ ًن ال ى ك يىو أبي بن ىك ٍع و َّ ً
ٍخطَّ ً ى ب الذم ىج ىم ىع الن ى ٍي ى ى
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ٍخلى ىف ًاء َّ ً ً ض ىي اللَّوي ىع ٍنوي يى ىو ًم ىن ال ي ىع ٍنوي ،كعيمر ر ً
وؿ ى ث يىػ يق يين ىح ٍي ي الراشد ى ى ىي ى
ين م ٍن بىػ ٍع ًدم ،ىعضُّوا ً ً ً
ٍخلى ىفاء َّ ً ً
ين ال ىٍم ٍهديّْ ى
الراشد ى سنَّتًي ىك يسن ًَّة ال ي ً
(علىٍي يك ٍم ب ي ىك ىسلَّ ىم :ى
اس؛ ًألىنَّػ ىها أى ٍعظى يم فًي الٍ يق َّوةً .ىك ىى ىذا الَّ ًذم فىػ ىعلىوي يى ىو ض ىر ى اج ًذ) يىػ ٍعنًي ٍاألى ٍ ىعلىٍيػ ىها بًالنػَّو ً
ى
ً ً
اؿ نً ٍع ىمت الٍبً ٍد ىعةي ىى ًذه فىًإنَّػ ىها بً ٍد ىعةه فًي اللُّغى ًة؛ ل ىك ٍونً ًه ٍم فىػ ىعليوا ىما لى ٍم يسنَّةه؛ لى ًكنَّوي قى ى
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم يىػ ٍعنًي ًم ىن ًاال ٍجتً ىم ًاع ي يكونيوا يػ ٍفعليونىوي فًي حياةً رس ً ً
وؿ اللَّو ى ىى ى ي ى ى ى
ً ً ً
ىعلىى مثٍ ًل ىى ًذه ،كىي سنَّةه من َّ ً ً ً ً
ارل م ٍن َّص ىاج الٍيىػ يهود ىكالن ى الش ًر ىيعة .ىك ىى ىك ىذا إ ٍخ ىر ي ى ى ي ى
ٍكاز ىكالٍيى ىم ين ىكالٍيى ىم ىامةي ىكيك ُّل الٍبً ىال ًد الَّ ًذم لى ٍم يىػ ٍبػلي ٍغوي يمل ي ٍح ىج ي ب ،ك ًىي ال ً ً ً ً
ىجز ىيرة ال ىٍع ىر ى ى
صرةً ،كجمع الٍ يقر ً ً
صا ًر ىكالٍ يكوفىة ىكالٍبى ٍ ى ى ى ٍ ي ٍ الر ًكـ ًم ٍن ىج ًزيرةً ال ىٍعر ً
آف ص ًر ٍاأل ٍىم ى ب ىكىم ٍ ى ى س ىك ُّ فىا ًر ى
استًنىابىةي ىم ٍن اف ،ك ٍاألى ىذا يف ٍاأل َّىك يؿ يػوـ ال ً ض الد ً فًي م ٍ و ً و
ٍج يم ىعة ،ىك ٍ ىٍ ى ي ّْيو ى ص ىحف ىكاحد ،ىكفىػ ٍر ي ى ي
الر ً ً ً ًً
اش يدك ىف؛ ٍخلى ىفاءي َّ ك م َّما ىسنَّوي ال ي ص ًر ،ىكنى ٍح يو ذىل ى ًج ال ًٍم ٍ َّاس يىػ ٍوىـ الٍعيد ىخار ى صلّْي بًالن ً يي ى
س َّمى بً ٍد ىعةن"(َُّ). ً ُّ ً ً ًً ً َّ ً ً
ألىنَّػ يه ٍم ىسنُّوهي بأ ٍىم ًر اللو ىكىر يسولو ،فىػ يه ىو يسنَّةه ،ىكإ ٍف ىكا ىف في اللغىة يي ى
كقاؿ" :أكثر ما في ىذا تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها ،كىذه تسمية
(َُْ)
لغوية ال تسمية شرعية" .انتهى.
معنى كالمو :السنة ىي ما قاـ الدليل الشرعي على أنو من الدين ،كالبدعة
ىي ما لم يقم الدليل الشرعي على أنو من الدين .كعموـ قوؿ النبي صلى اهلل
عليو كسلم( :كل بدعة ضاللة) يدؿ على عدـ تقسيم البدعة إلى حسنة كسيئة.
كما فعلو السلف بعد النبي صلى اهلل عليو كسلم ػ مع قياـ الدليل الشرعي على
أنو من الدين كسموه بدعة ػ فلو تفسيراف :األكؿ :أف يكوف المقصود التسمية
اللغوية؛ أم من حيث الشرع ال يسمى بدعة كمن حيث اللغة يسمى بدعة.
كالثاني :أف يكوف المقصود التسمية الشرعية المستثناة ،أم من حيث الشرع ال
يسمى بدعة إال بعض الصور المستثناة .كالمختار التفسير األكؿ ،كعليو
فالبدعة في الدين كلها سيئة؛ ألنها ال تطلق إال على المحدث الذم ليس لو
أصل ،كال تطلق على المحدث الذم لو أصل إال من حيث اللغة.
خالصة كالمو :البدعة في الدين ال تنقسم إلى حسنة كسيئة ،بل كلها سيئة.
قلت :كال التفسيرين فيو إشكاؿ ،معنى التفسير األكؿ :ما قاـ الدليل على
أنو من الدين فال يجوز للسلف كال لغيرىم تسميتو بدعة من حيث الشرع
كيجوز تسميتو بدعة من حيث اللغة ،كجو اإلشكاؿ :ىذا التفسير يقتضي أنهم
بالتسمية خالفوا الشرع ككافقوا اللغة ،فهل يستقيم القوؿ بأف مراد السلف
بالبدعة البدعة اللغوية؟ كمعنى التفسير الثاني :ما قاـ الدليل على أنو من الدين
فال يجوز تسميتو بدعة إال ما سماه السلف بدعة ،كجو اإلشكاؿ :ىذا التفسير
مسوغ ،كغيرىم ليس لهم أفيقتضي أف السلف بالتسمية كافقوا الشرع لوجود ّْ
المسوغ ،فهل يستقيم القوؿ بأف مراد السلف بالبدعةّْ يفعلوا مثلهم مع كجود
البدعة الشرعية المستثناة؟
ِٕ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب" :البدعة ػ كىي ما حدثت
بعد القركف الثالثة ػ مذمومة مطل نقا ،خالفنا لمن قاؿ حسنة كقبيحة ،كلمن
قسمها خمسة أقساـ .إال إف أمكن الجمع بأف يقاؿ :الحسنة ما عليو السلف
مجازا،
ن الصالح شاملة للواجبة كالمندكبة كالمباحة ،كيكوف تسميتها بدعة
كالقبيحة ما عدا ذلك شاملة للمحرمة كالمكركىة ،فال بأس بهذا الجمع"(َُٕ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين" :كمن ابتدع شيئان استحسنو،
كقاؿ :ىذه بدعة حسنة ،فمقتضى دعواه أنو يقوؿ :ليس كل بدعة ضاللة ،فهذا
مشاؽ لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم ،كمراغم لو ،كإنما الذم ينبغي أف يقاؿ:
إنما ثبت حسنو من األعماؿ التي قد قيل إنها بدعة ،إف ىذا العمل المعين مثالن
ليس ببدعة ،فال يندرج في الحديث .قاؿ ابن رجب :كما كقع في علماء
السلف ،من استحساف بعض البدع ،إنما ذلك في البدع اللغوية ال الشرعية،
كذكر من ذلك :جمع عمر على التراكيح ،كأذاف الجمعة األكؿ ،كجمع عثماف
الناس على مصحف كاحد ،كقتاؿ أبي بكر مانعي الزكاة ،كغير ذلك"(َُٖ).
انتهى.
قلت :كالـ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب يشبو كالـ شيخ
اإلسالـ ،ككالـ الشيخ أبا بطين مثل كالـ شيخ اإلسالـ .كأما المتأخركف فال
يكاد يوجد بينهم خالؼ في اختيار قوؿ شيخ اإلسالـ ،كعليو ففي كالمهم
نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ شيخ اإلسالـ.
ىف الٍبً ٍد ىعةى فًي الدّْي ًن ًى ىي ىما لى ٍم اع ىدةً ُّ
"السن ًَّة ىكالٍبً ٍد ىع ًة" أ َّ كقاؿ" :كقى ٍد قىػ َّررنىا فًي قى ً
ٍ ى
استً ٍحبىاب" . ً
يى ٍش ىر ٍعوي اللَّوي ىكىر يسوليوي ىك يى ىو ىما لى ٍم يىأ يٍم ٍر بًو أ ٍىم ىر ى
و (ُُِ) إيج و
اب ىكىال ٍ
َّاس ٍاألىذىا ىف فًي ض الن ً ً
ث بىػ ٍع يىح ىد ى
كقاؿ عن األذاف لصالة العيدين" :مثٍ ىل ىما أ ٍ
الص ىحابىةي ىكالتَّابًعيو ىف لى يه ٍم ً ً
ٍح ىك ًم ،فىأىنٍ ىك ىر َّ ىح ىدثيوي ىم ٍرىكا يف بٍ ين ال ى الٍعي ىديٍ ًن ،ىكاىلَّذم أ ٍ
ك"(ُُّ). اف ذىلً ى بًًإ ٍحس ً
ى
أيضا عن األذاف لصالة العيدين" :فهذا مثاؿ لما حدث مع قياـ كقاؿ ن
المقتضي لو كزكاؿ المانع"(ُُْ) .انتهى.
معنى كالمو :السنة ىي ما قاـ الدليل الشرعي على أنو من الدين ،سواء كاف
من االعتقادات أك من العبادات .كيكوف من العبادات إذا ثبت بالدليل كجوبو
أك استحبابو .كعلى ىذا فما فعلو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم فهو سنة ،كما
فعلو غيره في عهده لوجود دليل عليو فهو سنة .كما لم يفعلو ىو كلم يفعلو
غيره في عهده؛ لعدـ المقتضي لفعلو أك لوجود المانع منو ،كفي ًعل بعد ذلك
لوجود دليل عليو مع كجود المقتضي أك زكاؿ المانع؛ ففعلو سنة .كمن ذلك:
إخراج اليهود كالنصارل من جزيرة العرب ،كجمع الصحابة القرآف في
المصحف ،كاجتماعهم في التراكيح على إماـ كاحد في المسجد كدكامهم
عليو .كالبدعة ىي ما لم يقم الدليل الشرعي على أنو من الدين ،سواء كاف من
االعتقادات أك من العبادات .كيكوف من بدع العبادات إذا لم يثبت بالدليل
كجوبو أك استحبابو .كعلى ىذا فما لم يفعلو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم
كلم يفعلو غيره في عهده مع كجود المقتضي لفعلو كعدـ كجود المانع منو
ً
فف ٍعليو بعد ذلك بدعة .كمن البدع االعتقادية :أقواؿ الخوارج كالركافض
كالقدرية كالجهمية ،كمن البدع الفعلية :التعبد بالرقص كالغناء في المساجد،
كالتعبد بحلق اللحى كأكل الحشيشة ،كاألذاف لصالة العيدين.
خالصة كالمو :ضابط البدعة الفعلية ىو" :فعل ما لم يفعلو السلف مع
كجود المقتضي كانتفاء المانع".
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاالت :اإلشكاؿ األكؿ :ىل أحد سبقو إلى ىذا
الضابط؟ كاإلشكاؿ الثاني يتعلق بالمسائل التي ال تقبل اإلحداث ،كمن ذلك:
العبادات المحضة ،كمحل اإلشكاؿ :أف الضابط المذكور يفتح باب اإلحداث
في العبادات المحضة بعد السلف ،كذلك إلمكاف إحداث عبادة بدعول أنو
لم يوجد مقتضي لفعلها في زماف السلف أك كجد مانع من فعلها في زمانهم،
فهل يستقيم ىذا الضابط في العبادات المحضة؟ كاإلشكاؿ الثالث :يتعلق
بالمسائل التي تقبل اإلحداث ،كمن ذلك :الوسائل .كمحل اإلشكاؿ :أف
الضابط المذكور يمنع فعل الوسيلة التي يترتب عليها مصلحة شرعية بدعول
أنو كجد مقتضي لفعلها في زماف السلف كلم يوجد مانع من فعلها في زمانهم،
فهل يستقيم ىذا الضابط في الوسائل؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
لم أقف على كالـ لو يتعلق بهذا الفصل.
ٕٕ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاؿ ،كلكنو فرع عن اإلشكاؿ في ضابط البدعة
الفعلية ،محل اإلشكاؿ :ىل الوسيلة المباحة ينظر فيها ىل فعلها السلف أـ
ال؟ كذلك أف أصل االحتفاؿ بالشيء مباح ،كاالحتفاؿ بالمولد النبوم مباح
كأم احتفاؿ ،كفعلو يترتب عليو مصلحة شرعية من التذكير كغيره ،فهل ينظر
فيو ىل فعلو السلف أـ ال؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب في مسائل الجاىلية" :الثامنة كالسبعوف
اتخاذىا أعيادان ،اعلم أف العيد اسم لما يعود من االجتماع العاـ على كجو معتاد
عائدان ما تعود السنة أك يعود األسبوع أك الشهر أك نحو ذلك ،فالعيد يجمع
أموران :منها :يوـ عائد كيوـ الفطر ،كيوـ الجمعة ،كمنها :اجتماع فيو ،كمنها:
أعماؿ تجمع ذلك من العبادات أك العادات .كقد يختص العيد بمكاف بعينو،
كقد يكوف مطلقان؛ ىؤالء مسلمو أىل العراؽ لكل تربة كلي يوـ مخصوص
ص لو يوـ من أياـ
كم ىر ّْد الرأس .كمنهم من يخ َّ
يجتمعوف فيو للزيارة كزيارة الغدير ى
األسبوع؛ فالجمعة لفالف ،كالسبت لفالف ،كالثالثاء لفالف ،كىكذا .كمن ذلك
بعض األياـ كالليالي المباركة كليلة القدر ،كأياـ األعياد ،كليلة النصف من
شعباف ،كغير ذلك ،كل ذلك مما لم ينزؿ اهلل بو من سلطاف ،كمن مكايد
الشيطاف"(ُُٕ) .انتهى.
قلت :العيد المحدث إذا نسب للدين فهذا بدعة محرمة في ذاتها ،كإذا لم
(( )117مسائل اجلاىلية اليت خالف فيها رسول اهلل صلى اهلل عليو وسلم أىل اجلاىلية.)233/1:
ٕٗ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
تقيد بواحد بعينو دكف الباقين فقد أحسن؛ بل ىو الصواب من القولين .كإف
قطعا؛ إذ الحق
أراد :أني ال أتقيد بها كلها بل أخالفها فهو مخطئ في الغالب ن
ال يخرج عن ىذه األربعة في عامة الشريعة؛ كلكن تنازع الناس :ىل يخرج
عنها في بعض المسائل؟ على قولين"(ُُِ) .انتهى.
معنى كالمو :الحق غير منحصر في األئمة األربعة ،كمن األدلة على ذلك:
األكؿ :لم يقل أحد من علماء المسلمين إف الحق منحصر فيهم ،كالثاني:
اتفاؽ أىل السنة على أف ما تنازع فيو المسلموف كجب رده إلى اهلل كالرسوؿ
كليس لألربعة .كالثالث :أنو قد يكوف قوؿ ما يخالف قوؿ األربعة من أقواؿ
إجماعا،
ن العلماء أصح من قولهم .كأقواؿ األئمة األربعة ليس حجة الزمة كال
كمن األدلة على ذلك :األكؿ :اتفاؽ المسلمين على ذلك ،كالثاني :قد ثبت
عنهم أنهم نهوا الناس عن تقليدىم ،كأمركا إذا رأكا في الكتاب كالسنة أقول
من قولهم أف يتركوا قولهم ،كلهذا كاف األكابر من أتباعهم يفعلوف ذلك .ىذا
كلو باعتبار اإلطالؽ ،كأما باعتبار الغالب فالحق منحصر في األئمة األربعة.
خالصة كالمو :يجوز الخركج عن المذاىب األربعة باإلجماع ،لكن في
بعض المسائل ال في غالبها.
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاالف :اإلشكاؿ األكؿ :المنع من الخركج عن
المذاىب األربعة ىو المشهور الذم عليو الفقهاء قبل شيخ اإلسالـ كبعده قبل
انتشار الدعوة السلفية في ىذا العصر ،كقد حكى غير كاحد من الفقهاء
اإلجماع على ذلك ،فهل الصواب اإلجماع الذم حكاه شيخ اإلسالـ أك
(( )121املستدرك على جمموع الفتاوى.)253/2:
ِٖ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
اإلجماع الذم حكاه اآلخركف؟ اإلشكاؿ الثاني :على القوؿ بأف الصواب جواز
الخركج ما الحجة على أف الجواز يكوف في بعض المسائل ال في غالبها؟ كما
ضابط ىذه المسائل؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :كأما قوؿ من قاؿ :اتفاؽ العلماء حجة
فليس المراد األئمة األربعة ،بل إجماع األمة كلهم ،كىم علماء األمة"(ُِِ).
كقاؿ" :فنحن مقلدكف الكتاب كالسنة كصالح سلف األمة ،كما عليو
االعتماد من أقواؿ األئمة األربعة أبي حنيفة النعماف بن ثابت كمالك بن أنس،
كمحمد بن إدريس ،كأحمد بن حنبل رحمهم اهلل تعالى"(ُِّ) .انتهى.
معنى كالمو :يرل جواز الخركج عن المذاىب األربعة ،كلكن ال يفعلو.
كيؤكد ىذا المعنى ما قالو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن
محمد بن عبد الوىاب (تُِّٗق) حاكينا ما يدعو إليو جده الشيخ محمد
بن عبد الوىاب" :ال يوجد لو قوؿ مخالف لما ذىب إليو األئمة األربعة ،بل كال
محصورا في المذاىب
ن خرج عن أقواؿ أئمة مذىبو ،على أف الحق لم يكن
األربعة"(ُِْ) .انتهى.
قلت :ىذا فيو إشكاؿ ،كىو :إذا كاف الصواب جواز الخركج ،كترجح لو
بمقتضى الدليل في مسألة ما خالؼ ما عليو المذاىب األربعة ،فلماذا ال يفعلو؟
فالف ،أك ذىب إليو فالف ،فإنما يقع في األحكاـ؛ الختالفهم بحسب بلوغ
األدلة ،كفهمها ،كىذا ال يختص باألئمة األربعة رحمهم اهلل ،بل مذاىب العلماء
قبلهم كبعدىم في األحكاـ كثيرة؛ فقد جرل الخالؼ بين الصحابة رضي اهلل
عنهم فللصديق رضي اهلل عنو مذىب انفرد بو ،كالبن مسعود كذلك ،ككذا ابن
عباس ،كغيرىم من الصحابة ،ككذلك الفقهاء السبعة من التابعين ،كخالف
بعضا في مسائل ،كغيرىم من التابعين كذلك .كبعدىم أئمة األمصار،
بعضهم ن
كاألكزاعي إماـ أىل الشاـ ،كالليث بن سعد إماـ أىل مصر ،كسفياف بن عيينة
كالثورم إماما أىل العراؽ ،فلكل مذىب معركؼ في الكتب المصنفة في
اختالؼ العلماء ،كمثلهم األئمة األربعة .كجاء بعدىم أئمة مجتهدكف ،كخالفوا
األئمة األربعة في مسائل معركفة عند العلماء ،كأىل الظاىر"(ُِٗ) .كقاؿ" :على
محصورا في المذاىب األربعة ،كما تقدـ ،كلو كاف الحق
ن أف الحق لم يكن
محصورا فيهم لما كاف لذكر المصنفين في الخالؼ كأقواؿ الصحابة كالتابعين
ن
كمن بعدىم مما خرج عن أقواؿ األربعة فائدة"(َُّ) .انتهى.
قلت :خالصة كالـ المتقدمين من أئمة الدعوة :منهم من يمنع الخركج،
كىذا ال إشكاؿ فيو؛ ألنو موافق للمشهور الذم عليو الفقهاء قبل شيخ اإلسالـ
يجوز الخركج،
كبعده قبل انتشار الدعوة السلفية في ىذا العصر ،كمنهم من ّْ
كىذا فيو نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ شيخ اإلسالـ .كأما المتأخركف من أئمة
الدعوة فال يكاد يوجد بينهم خالؼ في تبني قوؿ شيخ اإلسالـ الذم ىو جواز
الخركج ،ككثير منهم يرل جواز الخركج مطل نقا غير مقيد ببعض المسائل ،كىذا
فيو إشكاؿ ،كىو :إذا كاف الصواب جواز الخركج ،فهل جواز الخركج يكوف
في بعض المسائل ال في غالبها كما قالو شيخ اإلسالـ ،أك مطل نقا كما قالو كثير
من المتأخرين من أئمة الدعوة؟
ًً ً
ارنة ىى ىذاين فىػييػ ىقلّْ يدك ىف تى ى اء ال يٍم ٍسلم ى اؿ ال يٍم ٍسل يمو ىف يى ٍستىػ ٍفتيو ىف عيلى ىم ى كقاؿ " :ىكىما ىز ى
ارةن ىى ىذا"(ُّْ). ىكتى ى
ىصلى ىح فًي ًدينً ًو أى ًك الٍ ىق ٍو يؿ بً ىها كقاؿ" :فىًإذىا ىكا ىف ال يٍم ىقلّْ يد ييػ ىقلّْ يد فًي ىم ٍسأىلى وة يىػ ىر ىاىا أ ٍ
ً
كين ،لى ٍم يي ىح ّْرٍـ ذىلً ى ًً ً ً ً
از ىى ىذا باتّْػ ىفاؽ ىج ىماىي ًر عيلى ىماء ال يٍم ٍسلم ى ك ىج ى أ ٍىر ىج يح أ ٍىك نى ٍح ًو ذىلً ى
ىح ىمد"(ُّٓ). ك كىال َّ ً ً ً ً
الشافع ُّي ىكىال أ ٍ ىال أىبيو ىحني ىفةى ىكىال ىمال ه ى
ك أى ًك َّ ً ً الرجل متَّبًعا ًألىبًي حنًي ىفةى أىك مالً و
ىح ىمد الشافع ّْي أ ٍىك أ ٍ ٍ ى ى كقاؿ " :ىكإًذىا ىكا ىف َّ ي ي ي ن
ك، س ىن فًي ىذلً ى ىح ى
ً
ب غىٍي ًره أىقػ ىٍول فىاتَّػبىػ ىعوي ىكا ىف قى ٍد أ ٍ سائً ًل أ َّ
ىف ىم ٍذ ىى ى ض الٍ ىم ىىكىرأىل فًي بىػ ٍع ً
ك فًي ًدينً ًو ىكىال ىع ىدالىتً ًو بً ىال نًىز واع"(ُّٔ) .انتهى. ىكلى ٍم يىػ ٍق ىد ٍح ذىلً ى
معنى كالمو :تقليد العامي لعالم معين جائز ،كليس بواجب .كمن األدلة
على عدـ الوجوب :األكؿ :أف الوجوب يقتضي تنزيل المتبوع منزلة الرسوؿ،
كإف كاف يرل أف قوؿ ىذا المعين ىو الصواب دكف غيره فهذا تعصب كجهل
كفرا .كالثاني :ما زاؿ العواـ يقلدكف العلماء من غير تعيين،
كضالؿ كقد يكوف ن
كعليو فالعامي إذا كاف على مذىب كأخذ في مسألة ما بالقوؿ األرجح على
خالؼ المذىب جاز لو ذلك ،بل أحسن في ذلك.
خالصة كالمو :تمذىب العامي جائز ،كليس بواجب.
قلت :ىذا الكالـ ال إشكاؿ فيو؛ ألف القوؿ بعدـ الوجوب قوؿ من قولي
العلماء ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ بعض المتأخرين من أئمة الدعوة.
لنا نص جلي من كتاب أك سنة غير منسوخ كال مخصص كال معارض بأقول منو
كقاؿ بو أحد األئمة األربعة ػ أخذنا بو ،كتركنا المذىب ،كإرث الجد كاألخوة،
فإنا نقدـ الجد باإلرث ،كإف خالف مذىب الحنابلة .كال نفتش على أحد في
مذىبو ،كال نعترض عليو ،إال إذا اطلعنا على نص جلي مخالف لمذىب أحد
األئمة ككانت المسألة مما يحصل بها شعار ظاىر كإماـ الصالة ،فنأمر الحنفي
كالمالكي مثالن بالمحافظة على نحو الطمأنينة في االعتداؿ ،كالجلوس بين
السجدتين؛ لوضوح دليل ذلك ،بخالؼ جهر اإلماـ الشافعي بالبسملة ،فال
نأمره باإلسرار .كشتاف ما بين المسألتين ،فإذا قوم الدليل أرشدناىم بالنص،
جدا"(ُّٖ) .انتهى.
نادرا ِّ
كإف خالف المذىب ،كذلك يكوف ن
اجتهادا مطل نقا فيخرج عن المذاىب األربعة،
ن معنى كالمو :العالم ال يجتهد
اجتهادا مقي ندا بالمذاىب األربعة؛ ألف األصل أف يكوف على مذىب،
ن بل يجتهد
كإذا تبين الصواب على خالؼ المذىب أخذ بالصواب ،كال ينكر على أىل
و
مذىب ما فإنو يأمرىم المذاىب األربعة ،إال إذا تبين الصواب على خالؼ
باألخذ بالصواب.
ىذا نفسو معنى كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب ،كىو كذلك معنى كالـ
المتقدمين من أئمة الدعوة ،كإنما اكتفيت بذكر قوؿ الشيخ عبد اهلل؛ ألنو
أكضح من غيره في بياف المراد ،كعليو فعندىم تمذىب العامي جائز ،لكن ال
يفهم من كالمهم ىل ىو كاجب أـ ال؟ كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فال
يكاد يوجد بينهم خالؼ على أف تمذىب العامي ليس بواجب ،لكن منهم من
جائزا ،كىم األكثر ،كمنهم من يراه بدعة .كقد اشتهر في المتأخرين شيء
يراه ن
لم يشتهر في من قبلهم ،كىو :تعدد الفتول في المسألة الواحدة؛ فكلّّ يفتي
ترجيحا ظنيِّا ،كحينما كثر الوافدكف إلى أئمة
ن العامي بما ترجح لو ،كلو كاف
الدعوة السلفية لطلب العلم تلقوا عنهم تعدد الفتول ،كرجعوا إلى بلدانهم
بالدعوة السلفية كنشركا تعدد الفتول.
قلت :ما عليو المتأخركف فيو إشكاالف :اإلشكاؿ األكؿ :ىمن يرل منهم أف
تمذىب العامي بدعة ،ىل ىذا الرأم معتبر؟ اإلشكاؿ الثاني :تعدد الفتول
الذم اشتهر فيهم ،أليس ىذا مخال نفا لما ىو مشهور عن أىل السنة من بعد
القرف الثالث إلى زماف المتقدمين من أئمة الدعوة السلفية ،كىو توحيد الفتول
على حسب مذىب أىل البلد؟ كأال يترتب على تعدد الفتول مفاسد كبيرة
ككثيرة ،كمنها :كقوع العواـ في الحيرة ،كتصدر طلبة العلم لإلفتاء ،ثم عدـ
قدرة العواـ التمييز بين العلماء كطلبة العلم؟
َٗ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم؛ ىك ىما يث رس ً ً آف كىال أىنَّوي ًمن أ ً ً ً ً ً
وؿ اللَّو ى ىحاد ى ي ٍ ى يىػ ٍعتىق ٍد أىنَّوي م ىن الٍ يق ٍر ى
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم ىف النَّبً َّي ى ت ًع ٍن ىدهي أ َّ اء ىحتَّى يىػثٍبي ى ىكا ىف بػ ٍعض َّ ً ً
السلىف ييػ ٍنك ير أى ٍشيى ى ى ي
ك ىحتَّى اء ًمثٍ ىل يرٍؤيىًة اللَّ ًو ىكغىٍي ًر ذىلً ى ً
ش ُّكو ىف في أى ٍشيى ى الص ىحابىةي يى يقىالى ىها ،ىكىك ىما ىكا ىف َّ
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم"(ُُْ). ك رس ى ً ً
وؿ اللَّو ى يى ٍسأىليوا ىع ٍن ذىل ى ى ي
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم :ىى ٍل ً ًً كقاؿ" :فىػ ىه ًذهً ىعائً ى
ين ىسأىلىت النَّبً َّي ى شةي أ ُّيـ ال يٍم ٍؤمن ى
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم :نىػ ىع ٍم .ىك ىى ىذا اؿ لى ىها النَّبً ُّي ى َّاس؟ فىػ ىق ى َّ
يىػ ٍعلى يم اللوي يك َّل ىما يى ٍكتي يم الن ي
ىف اللَّوى ىعالً هم بً يك ّْل ك ،ىكلى ٍم تى يك ٍن قىػ ٍب ىل ىم ٍع ًرفىتً ىها بًأ َّ يى يد ُّؿ ىعلىى أىنَّػ ىها لى ٍم تى يك ٍن تىػ ٍعلى يم ىذلً ى
َّاس ىكافً ىرنة"(ُِْ). و
ىش ٍيء يى ٍكتي يموي الن ي
آف ًمثٍ ىل إنٍ ىكا ًر كؼ الٍ يقر ً
ض يه ٍم يح ير ى ٍ ف أىنٍ ىك ىر بىػ ٍع ي السلى ً
ض َّ ك بىػ ٍع ي كقاؿ " :ىكىك ىذلً ى
اؿ :إنَّ ىما ًى ىي :أك لى ٍم آمنيوا) [الرعد ،]ُّ:ىكقى ى ين ى
ض ًهم قىػولىوي( :أىفىػلىم يػيأ ً َّ ً
ىس الذ ى ٍ ىٍ ً
بىػ ٍع ٍ ٍ
ًً ً َّ ً
ك أ َّىال تىػ ٍعبي يدكا َّإال إيَّاهي) ضى ىربُّ ى (كقى ى اء ىة قىػ ٍولو :ى آمنيوا .ىكإًنٍ ىكا ًر ٍاآل ىخ ًر ق ىر ى ين ى يىػتىبىػيَّ ٍن الذ ى
ؼ ال يٍم ىع ّْوذىتىػ ٍي ًن،ض يه ٍم ىكا ىف ىح ىذ ى صى ىربُّك .ىكبىػ ٍع ي اؿ :إنَّ ىما ًى ىي :ىكىك َّ [اإلسراء ،]ِّ:ىكقى ى
اإل ٍج ىم ًاع ىكالنَّػ ٍق ًل ال يٍمتىػ ىواتً ًر ،ىكىم ىع وـ بً ًٍوت .ىك ىى ىذا ىخطىأه ىم ٍعلي ه آخر ي ٍكتيب سورةى الٍ يقني ً
ىك ى ي ى ي ي ى
ك لى ٍم يي ىك َّف يركا ،ىكإً ٍف ىكا ىف يى ٍك يف ير ىى ىذا فىػلى َّما لى ٍم يى يك ٍن قى ٍد تىػ ىواتىػ ىر النَّػ ٍق يل ًع ٍن ىد يى ٍم بً ىذلً ى
ٍح َّجةي بًالنَّػ ٍق ًل ال يٍمتىػ ىواتً ًر" . ك من قىام ٍ ً ً
بً ىذل ى ى ٍ ى
(ُّْ)
ت ىعلىٍيو ال ي
ٍح َّج ًة
وغ ال ي وب ىش ٍي وء ًم ٍنػ ىها بىػ ٍع ىد بيػلي ً ض ٍاأل ٍىربى يع فىًإذىا ىج ىح ىد يك يج ى كقاؿ " :ىكأ َّىما الٍ ىف ىرائً ي
اى ىرةً ال يٍمتىػ ىواتًير ات الظَّ ً ك من جح ىد تى ٍح ًريم ىشي وء ًمن الٍمح َّرم ً ً ً
ى ٍ ى يىى فىػ يه ىو ىكاف هر ،ىكىك ىذل ى ى ٍ ى ى
(( )141جمموع الفتاوى.)166-165/35:
(( )142جمموع الفتاوى.)412/11:
(( )143جمموع الفتاوى.)493-492/12:
ِٗ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ك ،ىكأ َّىما ىم ٍن لى ٍم تىػ يق ٍم ىعلىٍي ًو ٍخ ٍم ًر ىكنى ٍح ًو ىذلً ىب ىكال ى ش ىكالظُّل ًٍم ىكالٍ ىك ًذ ً اح ً تىح ًريمها ىكالٍ ىفو ً
ى ٍ يى
اديىًة بى ًعي ىدةو لى ٍم تىػ ٍبػلي ٍغوي فً ىيها
شأى بًب ً
اإل ٍس ىالًـ أ ٍىك نى ى ى يث ىع ٍه ود بً ًٍٍح َّجةي ػ ًمثٍ ىل أى ٍف يى يكو ىف ىح ًد ى ال ي
اتالصالًح ً ً ط فىظى َّن أ َّ َّ ً ك أ ٍىك غىلً ى اإل ٍس ىالًـ ىكنى ٍح ىو ذىلً ى ىش ىرائً يع ًٍ
آمنيوا ىك ىعمليوا َّ ى ين ى ىف الذ ى
اؿاستىتىابىػ يه ٍم عي ىم ير ىكأ ٍىمثى ي ين ٍ
ط فًي ذىلً ى َّ ً
ك الذ ى ٍخ ٍم ًر ىك ىما غىلً ى يي ٍستىثٍػنىػ ٍو ىف ًم ٍن تى ٍح ًر ًيم ال ى
ىص ُّركا ىك ىف يركا ًحينىئً وذ ،ىكىال ٍح َّجةي ىعلىٍي ًه ٍم؛ فىًإ ٍف أ ى اـ ال يك ػ فىًإنَّػ يه ٍم يي ٍستىتىابيو ىف ،ىكتيػ ىق ي ذىلً ى
الصحابةي بً يك ٍف ًر قدامة بٍ ًن مظٍع و
وف ى ي ك؛ ىك ىما لى ٍم يى ٍح يك ٍم َّ ى ى يي ٍح ىك يم بً يك ٍف ًرًى ٍم قىػ ٍب ىل ذىلً ى
يما غىلًطيوا فً ًيو ًم ىن التَّأٍ ًك ً ً ً كأ ٍ ً ً
(ُْْ)
يل" . ىص ىحابو لى َّما غىلطيوا ف ى ى
ىج ٍرهي ىحتَّى يى ٍس ىم ىع ىك ىال ىـ اللَّ ًو) [التوبة ]ٔ:قد علم أف كقاؿ" :كقولو تعالى( :فىأ ً
سمعا يتمكن معو من فهم معناه؛ إذ المقصود ال يقوـ بمجرد المراد أنو يسمعو ن
سمع لفظ ال يتمكن معو من فهم المعنى ،فلو كاف غير عربي كجب أف يترجم لو ما
يقوـ بو عليو الحجة ،كلو كاف عربيِّا كفي القرآف ألفاظ غريبة ليست لغتو كجب أف
يبين لو معناىا ،كلو سمع اللفظ كما يسمعو كثير من الناس كلم يفقو المعنى كطلب
منا أف نفسره لو كنبين لو معناه فعلينا ذلك ،كإف سألنا عن سؤاؿ يقدح في القرآف
أجبناه عنو كما كاف النبي صلى اهلل عليو كسلم أذا أكرد عليو بعض المشركين أك
(ُْٓ)
. أىل الكتاب أك المسلمين سؤاالن يوردكنو على القرآف فإنو كاف يجيبو عنو"
كقاؿ" :كلهذا كنت أقوؿ للجهمية من الحلولية كالنفاة الذين نفوا أف اهلل
كافرا؛ ألني أعلم أف
تعالى فوؽ العرش لما كقعت محنتهم :أنا لو كافقتكم كنت ن
قولكم كفر ،كأنتم عندم ال تكفركف؛ ألنكم جهاؿ .ككاف ىذا خطابنا لعلمائهم
(ُْٔ)
.انتهى. كقضاتهم كشيوخهم كأمرائهم"
معنى كالمو :المسلم ال يكفر بمجرد الوقوع في الكفر ،بل ال يكفر إال بعد
قياـ الحجة عليو؛ ألف الوقوع في الكفر قد يكوف خطأن ،كالخطأ مغفور سواء
في مسائل األخبار أك في مسائل األحكاـ .كسواء كاف ىذا الخطأ من حديث
عهد بإسالـ أك نشأ ببادية بعيدة ،أك كاف سبب خطئو عدـ بلوغو النص أك عدـ
فهمو لو ،كسواء كاف خطؤه في المسائل الظاىرة أك في المسائل الخفية (يعني
بالمسائل الظاىرة :المعلومة عادةن عند عواـ المسلمين كوجوب الصالة كتحريم
الخمر ،كيعني بالمسائل الخفية :التي قد يجهلها عاد نة عواـ المسلمين) فمن
نفى ما أثبتو اهلل أك أثبت ما نفاه اهلل أك حرـ ما أحلو اهلل أك أحل ما حرـ اهلل
فإنو ال يكفر إال إذا قامت الحجة عليو .كقياـ الحجة يكوف ببلوغها كفهمها،
كلهذا لم يى ٍك يفر الجهمية ػ رغم كقوعهم في الكفر ػ لعدـ قياـ الحجة عليهم
لعدـ فهمهم.
خالصة كالمو :الجهل في الكفر عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة،
مانعا من التكفير بعد إقامتها ،كإقامة الحجة تكوف ببلوغها مع
عذرا ن
كليس ن
اشتراط فهمها سواء في المسائل الظاىرة أك في المسائل الخفية.
كيستثنى الجهل بمدلوؿ الشهادتين فإنو كفر في نفسو كما تقدـ في باب
أسماء الذنوب ،فصل :ىل الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر.
قلت :ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ
الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :فإف الذم لم تقم عليو الحجة ىو الذم
حديث عهد باإلسالـ كالذم نشأ ببادية بعيدة ،أك يكوف ذلك في مسألة خفية
مثل الصرؼ كالعطف؛ فال يكفر حتى يعرؼ .كأما أصوؿ الدين التي أكضحها اهلل
كأحكمها في كتابو فإف حجة اهلل ىو القرآف ،فمن بلغو القرآف فقد بلغتو الحجة.
كلكن أصل اإلشكاؿ أنكم لم تفرقوا بين قياـ الحجة كبين فهم الحجة ،فإف أكثر
الكفار كالمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة اهلل مع قيامها عليهم ،كما قاؿ
ىف أى ٍكثىػ ىريى ٍم يى ٍس ىمعيو ىف أ ٍىك يىػ ٍع ًقليو ىف إً ٍف يى ٍم إًَّال ىك ٍاألىنٍػ ىع ًاـ بى ٍل يى ٍم
ب أ َّ
سيتعالى( :أ ٍىـ تى ٍح ى
ىض ُّل ىسبًيالن) [الفرقاف ،]ْْ:كقياـ الحجة نوع كبلوغها نوع ،كقد قامت عليهم، أى
كفهمهم إياىا نوع آخر ،ككفرىم ببلوغها إياىم كإف لم يفهموىا .إف أشكل عليكم
ذلك فانظركا قولو صلى اهلل عليو كسلم في الخوارج" :أينما لقيتموىم فاقتلوىم"
كقولو" :شر قتلى تحت أديم السماء" مع كونهم في عصر الصحابة كيحقر اإلنساف
عمل الصحابة معهم كمع إجماع الناس أف الذم أخرجهم من الدين ىو التشدد
كالغلو كاالجتهاد كىم يظنوف أنهم يطيعوف اهلل كقد بلغتهم الحجة كلكن لم
يفهموىا ،ككذلك قتل علي رضي اهلل عنو الذين اعتقدكا فيو كتحريقهم بالنار،
مع كونهم تالميذ الصحابة ،كمع عبادتهم كصالتهم كصيامهم ،كىم يظنوف أنهم
على حق ،ككذلك إجماع السلف على تكفير غالة القدرية كغيرىم مع علمهم
ٓٗ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كشدة عبادتهم ككونهم يحسبوف أنهم يحسنوف صنعان كلم يتوقف أحد من
السلف في تكفيرىم ألجل كونهم لم يفهموا"(ُْٕ).
كقاؿ" :فإذا كاف المعين يكفر إذا قامت عليو الحجة فمن المعلوـ أف
قيامها ليس معناه أف يفهم كالـ اهلل كرسولو مثل فهم أبي بكر رضي اهلل عنو،
بل إذا بلغو كالـ اهلل كرسولو كخال من شيء يعذر بو فهو كافر كما كاف الكفار
كلهم تقوـ عليهم الحجة بالقرآف مع قوؿ اهلل ( :ىك ىج ىعلٍنىا ىعلىى قيػليوبً ًه ٍم أىكًنَّةن أى ٍف
ين ىال َّ ً
الص ُّم الٍبي ٍك يم الذ ىاب ًع ٍن ىد اللَّ ًو ُّ يىػ ٍف ىق يهوهي) [األنعاـ ]ِٓ:كقولو( :إً َّف ىش َّر َّ
الد ىك ّْ
يىػ ٍع ًقليو ىف) [األنفاؿ .)ُْٖ("]ِِ:انتهى.
معنى كالمو :المسلم ال يكفر بمجرد الوقوع في الكفر ،بل ال يكفر إال بعد
قياـ الحجة عليو .كالمسلم إذا كاف حديث عهد باإلسالـ أك نشأ ببادية ككقع
في الكفر فإنو ال يكفر؛ ألف الحجة لم تقم عليو ،كإقامة الحجة عليو في
المسائل الظاىرة تكوف بمجرد بلوغ الحجة ،كال يشترط فهمها .كإقامة الحجة
عليو في المسائل الخفية تكوف ببلوغ الحجة مع اشتراط فهمها .كالمسلم قديم
العهد باإلسالـ كالناشئ في الحاضرة ككقع في الكفر فإنو يكفر في المسائل
الظاىرة؛ ألف الحجة قائمة عليو ببلوغها ،كال يكفر في المسائل الخفية إال بعد
بلوغ الحجة كفهمها.
خالصة كالمو :الجهل في الكفر عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة،
مانعا من التكفير بعد إقامتها .كإقامة الحجة تكوف ببلوغها ،مع عذرا ن
كليس ن
كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبابطين (تُِِٖق)" :فال عذر
ألحد بعد بعثة محمد صلى اهلل عليو كسلم في عدـ اإليماف بو كبما جاء بو
بكونو لم يفهم حجج اهلل كبيناتو"(ُٓٓ).
كقاؿ" :فحجة اهلل قائمة على عباده ببلوغ الحجة ،ال بفهمها"(ُٔٓ).
كقاؿ" :كجميع العلماء في كتب الفقو يذكركف حكم المرتد ػ إلى قولو ػ
مجمعا على كفر صاحبها ،كلم يفرقوا بين المعين
ن أنواعا كثيرة
ن كيذكركف
كغيره"(ُٕٓ).
كقاؿ" :كقد ذكر العلماء من أىل كل مذىب أشياء كثيرة ال يمكن حصرىا
من األقواؿ كاألفعاؿ كاالعتقادات أنو يكفر صاحبها ،كلم يقيدكا ذلك
بالمعاند؛ فالمدعي أف مرتكب الكفر متأكالن أك مجته ندا أك مخطئنا أك مقل ندا أك
جاىالن معذكر مخالف للكتاب كالسنة كاإلجماع بال شك ،مع أنو ال بد أف
ينقض أصلو؛ فلو طرد أصلو كفر بال ريب كما لو توقف في تكفير من شك في
رسالة محمد صلى اهلل عليو كسلم كنحو ذلك"(ُٖٓ).
كقاؿ" :كقد دؿ القرآف على أف الشك في أصوؿ الدين كفر ،كالشك ىو
التردد بين شيئين؛ كالذم ال يجزـ بصدؽ الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم كال
كذبو ،كال يجزـ بوقوع البعث كال عدـ كقوعو ،كنحو ذلك ،كالذم ال يعتقد
كجوب الصالة كال عدـ كجوبها ،أك ال يعتقد تحريم الزنى كال عدـ تحريمو،
كىذا كفر بإجماع العلماء ،كال عذر لمن كاف حالو ىكذا بكونو لم يفهم حجج
اهلل كبيناتو؛ ألنو ال عذر لو بعد بلوغها ،كإف لم يفهمها"(ُٗٓ).
كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد
الوىاب (تُِّٗق)" :ألف كل من بيػيَّن لو ما جاء بو الرسوؿ كأصر كعاند
فهو بهذا غير مستجيب ،كالحجة قائمة عليو سواء كاف إصراره لشبهة عرضت،
كما كقع للنصارل ،كبعض المشركين من العرب ،أك كاف ذلك عن عناد
كجحود كاستكبار ،كما جرل لفرعوف كقومو ،ككثير من مشركي العرب،
فالصنفاف يحكم بكفرىم إذا قامت الحجة التي يجب اتباعها ،كال يلزـ أف
يعرؼ الحق في نفس األمر كما عرفتو اليهود كأمثالهم؛ بل يكفي في التكفير
الحجة كعدـ قبوؿ ما جاءت بو الرسل"(َُٔ) .انتهى.
رد َّ ٌ
خالصة كالمهم :الجهل في الكفر عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة،
مانعا من التكفير بعد إقامتها .كإقامة الحجة تكوف ببلوغها ،مع عدـ
عذرا ن
كليس ن
اشتراط فهمها في المسائل الظاىرة ،كمع اشتراط فهمها في المسائل الخفية.
كيستثنى الجهل بمدلوؿ الشهادتين فإنو كفر في نفسو كما تقدـ.
كيحتمل كالمهم :أف إقامة الحجة تكوف بوجود الشخص المبلغ لها؛
فينبههم أف ما ىم عليو كفر ،كيبلغهم اآليات الدالة على ذلك ،كبتنبيهو كتبليغو
تقوـ الحجة ،كلو لم يفهموا اآليات.
ىذا ما عليو المتقدموف من أئمة الدعوة ،كىو نفس ما عليو الشيخ محمد بن
عبد الوىاب ،كعليو ففي كالمهم نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ الشيخ محمد
بن عبد الوىاب .كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فمنهم الموافق لما عليو الشيخ
محمد بن عبد الوىاب كالمتقدموف من أئمة الدعوة أف إقامة الحجة تكوف
ببلوغها مع عدـ اشتراط فهمها في المسائل الظاىرة كمع اشتراط فهمها في
المسائل الخفية ،كمنهم الموافق لشيخ اإلسالـ أف إقامة الحجة تكوف ببلوغها
مع اشتراط فهمها سواء في المسائل الظاىرة أك في المسائل الخفية.
موجود كراء الفلك كما يحويو ،كحقيقة قولهم إف العالم كاجب الوجود بنفسو،
ليس لو مبدع كال فاعل ،كىذا ىو التعطيل الذم كاف يعتقده فرعوف حيث أنكر
رب العالمين ػ إلى قولو ػ كأما اإللهية الدىريوف الذين يقولوف بقدـ العالم كصدكره
عن علة قديمة كابن سينا كأمثالو ،فهؤالء كإف كانوا مقرين بمبدع ىذا العالم
(ُّٔ)
. فقولهم مستلزـ لقوؿ أكلئك المعطلة كإف كانوا ال يلتزموف قولهم"
كقاؿ عن باطنية الشيعة" :كأئمة ىؤالء في الباطن مالحدة زنادقة شر من
الغالية ،ليسوا من جنس االثني عشرية ،لكن إنما طرقهم على ىذا المذاىب
الفاسدة كنسبتها إلى علي ما فعلتو االثنا عشرية كأمثالهم كذب أكلئك عليو
(ُْٔ)
نوعا من الكذب ففرعو ىؤالء كزادكا عليو حتى نسبوا اإللحاد إليو" . ن
ين ،بى ٍل فًي ًه ٍم ًم ىن ًً ً ً ً ً ً ً ً
كقاؿ " :ىكل ىه ىذا ىكا ىف ىى يؤىالء ع ٍن ىد ٍاألىئ َّمة قىاطبىةن ىم ىالح ىد نة يمنىافق ى
ً ً ً ً
سوا ب أىنَّػ يه ٍم لىٍي يارل ،ىك ىى يؤىالء ىال ىريٍ ى الٍ يك ٍف ًر الٍبىاط ًن ىما يى ىو أى ٍعظى يم م ٍن يك ٍف ًر الٍيىػ يهود ىكالن ى
َّص ى
ًً ين فً ٍرقىةن ،ىكإًذىا أىظ ىٍه يركا ًٍ ً ً
اإل ٍس ىال ىـ فىػغىايىػتيػ يه ٍم أى ٍف يى يكونيوا يمنىافق ى
ين م ىن الثّْػ ٍنتىػ ٍي ًن ىك ىس ٍبع ى
صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم" . ىكالٍمنىافً ًقين الَّ ًذين ىكانيوا ىعلىى ىع ٍه ًد رس ً ً
(ُٓٔ)
وؿ اللَّو ى ىي ي ى ى
الرفٍض كب ً ً ً
اطنيوي الٍ يك ٍف ير اؿ الٍعيلى ىماءي في ًه ٍم :ظىاى ير ىم ٍذ ىىبً ًه يم َّ ي ى ى كقاؿ " :ىك يى ٍم ىك ىما قى ى
ً ً ً ً ًً ً ً ً ً
ين؛ ىال ض .ىك ىحقي ىقةي أ ٍىم ًرى ٍم أىنَّػ يه ٍم ىال ييػ ٍؤمنيو ىف بنىب ّْي م ٍن م ىن ٍاألىنٍبيىاء ىكال يٍم ٍر ىسل ى ال ىٍم ٍح ي
ات اللَّ ًو ىك ىس ىال يموي ىعلىٍي ًه ٍم
صلى ىو ي و ً ً بًني ً
يسى ىكىال يم ىح َّمد ى وسى ىكىال ع ى يم ىكىال يم ى وح ىكىال إبٍػ ىراى ى
(( )163الصفدية.)243-242/1:
(( )164منهاج السنة النبوية.)12/8:
(( )165جمموع الفتاوى.)447/17:
َُِ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ب يذنبو ىكىال بًبً ٍد ىع ًة ىح هد بً يم ىج َّرًد ىذنٍ وود يىنىا أىنَّوي ىال يي ٍج ىع يل أ ى ص ى ً
كقاؿ" :لىك َّن ال ىٍم ٍق ي
اط ًنَّ ،إال إذىا ىكا ىف يمنىافً نقا .فىأ َّىما ىم ٍن ابػت ىد ىعها ػ كلىو ىد ىعا النَّاس إلىيػها ػ ىكافًرا فًي الٍب ً
ى ن ى ٍى ٍى ى ى ٍ
ض ىما تىأ َّىكلىوي ًم ىن ط فًي بىػ ٍع ً اء بً ًو ىكقى ٍد غىلً ى الر يسوؿ ىكىما ىج ى
اإليما يف بً َّ ً ً ًً
ىكا ىف في قىػ ٍلبو ًٍ ى
ىص نال"(ُٕٕ). س بً ىكافً ًر أ ٍ ً
الٍب ىد ًع فىػ ىه ىذا لىٍي ى
ين فً ٍرقىةن ىم ٍن ىكا ىف ًم ٍنػ يه ٍم يمنىافً نقا فىػ يه ىو ىكافً هر ك سائًر الثّْػ ٍنتىػ ٍي ًن ك َّ ً
الس ٍبع ى ى
ً
كقاؿ " :ىكىك ىذل ى ى ي
اط ًن لى ٍم يى يك ٍن اط ًن ،كمن لىم ي يكن منىافً نقا بل ىكا ىف م ٍؤًمننا بًاىللَّ ًو كرسولً ًو فًي الٍب ً فًي الٍب ً
ى ىى ي ي ىٍ ىى ٍ ٍ ى ٍ ي ى
يل ىكائًننا ىما ىكا ىف ىخطىيؤهي" .
(ُٖٕ)
اط ًن ،ىكإً ٍف أى ٍخطىأى فًي التَّأٍ ًك ً ىكافًرا فًي الٍب ً
ى ن
يق فىػ ىه ىذا ىكافً هر ،ىكيى ٍكثيػ ير ًمثٍ يل ىى ىذا فًي كقاؿ" :فىأ ٍىى يل الٍبً ىد ًع فًي ًه يم ال يٍمنىافً يق ال ّْزنٍ ًد ي
ض ادقىةن .ىكأ َّىك يؿ ىم ًن ابٍػتى ىد ى ض ًة كالٍج ٍه ًميَّة؛ فىًإ َّف رىؤساء يىم ىكانيوا منىافً ًقين ىزنى ً َّ ً
الرفٍ ى ع َّ ي ى ي ىى ٍ الراف ى ى ى
ادقىةي الزنى ً ىصلىوي ىزنٍ ىدقىةه ىكنًىفا هؽ .ىكلً ىه ىذا ىكا ىف َّ َّج ُّه يم فىًإ َّف أ ٍ ك الت ى ىكا ىف يمنىافً نقا ،ىكىك ىذلً ى
ض ًةالرافً ى ٍس ىف ًة ىكأ ٍىمثىالً ًه ٍم يى ًميليو ىف إلىى َّ اطنًيَّ ًة الٍمتىػ ىفل ً الٍمنىافً يقو ىف ًمن الٍ ىقر ًامطىًة الٍب ً
ي ى ى ى ي
ٍج ٍه ًميَّة لً يق ٍربً ًه ٍم ًم ٍنػ يه ٍم" .
(ُٕٗ)
ىكال ى
اح ود ًم ٍنػ يه ٍم يى ٍك يف ير يك ٍف نرا يىػ ٍنػ يق يل
السب ًعين فًرقىةن يك ُّل ك ً
ى إف الثّْػ ٍنتىػ ٍي ًن ىك َّ ٍ ى ٍ اؿَّ : كقاؿ " :ىكىم ٍن قى ى
ض ىوا يف اللَّ ًو ىعلىٍي ًه ٍم الص ىحابىًة ًر ٍ اع َّ السنَّةى ىكإً ٍج ىم ى
اب ىك ُّ ىع ًن ال ًٍملَّ ًة فىػ ىق ٍد ىخالى ى ً
ف الٍكتى ى
اح ودأىجم ًعين ،بل كإًجماع ٍاألىئً َّم ًة ٍاألىربػع ًة كغىي ًر ٍاألىربػع ًة؛ فىػلىيس فًي ًهم من ىك َّفر يك َّل ك ً
ٍى ى ى ٍ ٍى ى ٍ ى ٍ ى ٍ ى ى ٍى ى ىٍى ٍى ى
ت"(َُٖ). ض الٍم ىق ىاال ً ض يه ٍم بىػ ٍع ن ً ين فً ٍرقىةن ،ىكإًنَّ ىما يي ىك ّْف ير بىػ ٍع ي ً ً
ضا ببىػ ٍع ً ى م ىن الثّْػ ٍنتىػ ٍي ًن ىك ىس ٍبع ى
يث أىنَّػ يه ٍم ىكانيوا يىػ يقوليو ىف :ىم ٍن قى ى السن ًَّة كالٍح ًد ً ً ً ً
اؿ: ور ىع ٍن ىع َّامة أىئ َّمة ُّ ى ى كقاؿ" :ال ىٍمأٍثي ي
إف اللَّوى ىال ييػ ىرل فًي ٍاآل ًخ ىرةً فىػ يه ىو ىكافً هر، اؿَّ : الٍ يق ٍرآ يف ىم ٍخليو هؽ فىػ يه ىو ىكافً هر ،ىكىم ٍن قى ى
ك"(ُُٖ). ىكنى ٍح ىو ذىلً ى
ين أىطٍلى يقوا ىى ًذهً العمومات ً ً َّ ً
ىح ىمد ىك ىع َّامةى ٍاألىئ َّمة الذ ى اـ أ ٍ ىف ًٍ
اإل ىم ى كقاؿ" :ييػبىػيّْ ين ىى ىذا أ َّ
لى ٍم يي ىك ّْف يركا أى ٍكثىػ ىر ىم ٍن تى ىكلَّ ىم بً ىه ىذا الٍ ىك ىالًـ بً ىع ٍينً ًو"(ُِٖ).
ً ًً ُّ ً
ين؛ فىأ َّىما أى ٍف ىح ىمد ىما يى يدؿ ىعلىى أىنَّوي ىك َّف ىر بو قىػ ٍونما يم ىعيَّن ى كقاؿ " :ىكقى ٍد نيق ىل ىع ٍن أ ٍ
اؿ: يل؛ فىػييػ ىق ي صً اف فىًف ًيو نىظىر ،أىك ي ٍحمل ٍاأل ٍىمر ىعلىى التَّػ ٍف ً ي ٍذ ىكر ىع ٍنوي فًي الٍمسأىلى ًة ًركايػتى ً
ه ٍ ي ىي ي ى ٍ ىى ي ى
ت ط التَّ ٍك ًفي ًر ىكانٍػتىػ ىف ٍ ت فً ًيو يش يرك ي يل ىعلىى أىنَّوي يك ًج ىد ٍ الدلً ً
ىم ٍن ىك َّف ىرهي بً ىع ٍينً ًو فىلً ًقيى ًاـ َّ
ك فًي ىح ّْق ًو"(ُّٖ). ىم ىوانًعيوي ،ىكىم ٍن لى ٍم يي ىك ّْف ٍرهي بً ىع ٍينً ًو فىًالنٍتً ىف ًاء ىذلً ى
كقاؿ عن اختالؼ المتأخرين في تفسير كالـ األئمة في تكفير أىل البدع:
وـ فًي ىك ىالًـ ٍاألىئً َّم ًة ما أىصاب ٍاأل َّىكلً اظ الٍعم ً ً ً ً
ين
ى ى ى ى ىصابىػ يه ٍم في أىلٍ ىف ي ي " ىك ىحقي ىقةي ٍاأل ٍىم ًر أىنَّػ يه ٍم أ ى
الشار ًًع؛ يكلَّ ىما ىرأ ٍىك يى ٍم قىاليوا :ىم ٍن قىا ىؿ ىك ىذا فىػ يه ىو ىكافً هر وص َّ ص ً ً ً ً ً
في أىلٍ ىفاظ الٍعي يموـ في ني ي
ىف التَّ ٍك ًف ىير لىوي ظ ىش ًام هل لً يك ّْل ىم ٍن قىالىوي ،ىكلى ٍم يىػتى ىدبَّػ يركا أ َّ ىف ىى ىذا اللَّ ٍف ى ا ٍعتىػ ىق ىد ال يٍم ٍستى ًم يع أ َّ
ىف تى ٍك ًف ىير ال يٍمطٍلى ًق ىال يى ٍستىػلٍ ًزيـ تى ٍك ًف ىير ط ىكىم ىوانً يع قى ٍد تىػ ٍنتى ًقي فًي ىح ّْق ال يٍم ىعيَّ ًن ىكأ َّ يش يرك ه
ت ال ىٍم ىوانً يع"(ُْٖ). ط كانٍػتىػ ىف ً
الش يرك ي ى ت ُّ الٍمعيَّ ًن َّإال إذىا ك ًج ىد ً
ي يى
ً ً َّ ً ً ف يأٍمرك ىف بًىق ٍت ًل َّ ً كقاؿ" :كلً ىه ىذا أى ٍكثىػر َّ ً
الداعي إلىى الٍب ٍد ىعة الذم ييض ُّل الن ى
َّاس؛ السلى ى ي ي ي ى
قلت :ال يوجد خالؼ بين المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن
عبد الوىاب على قالو الشيخ محمد بن عبد الوىاب ،كعليو ففي كالمهم نفس
اإلشكاؿ الذم في كالمو .كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فمنهم الموافق لما عليو
الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدموف من أئمة الدعوة فحملوا التكفير العاـ
من أئمة أىل السنة لبعض أىل البدع على أنو تكفير باعتبار التعيين ال باعتبار
اإلطالؽ ،كمنهم الموافق لشيخ اإلسالـ فحملوا التكفير العاـ من أئمة أىل السنة
لبعض أىل البدع على أنو تكفير باعتبار اإلطالؽ ال باعتبار التعيين.
ٍخالً ًق ىك ىج ٍح ًد ىك ىمالً ًو ىما يى ىو ًم ٍن ات ال ى ص ىف ً يل ً كقاؿ" :فىًإ َّف ىى ىذا فً ًيو ًم ٍن تىػ ٍع ًط ً
ف ىك ٍاألىئً َّمةي تى ٍك ًف نيرا يمطٍلى نقا، السلى ي ين ىك َّف ىريى يم َّ اد ك يىو قىػو يؿ ال ً َّ ً
ٍج ٍهميَّة الذ ى ى ٍح ى ى ٍ
اإلل ً
أى ٍعظى ًم ًٍ ى
ٍح َّج ًة الَّتًي يى ٍك يف ير تىا ًريك ىها" .
(ُّٗ) ً ً
ىكإً ٍف ىكا ىف ال ىٍواح يد ال يٍم ىعيَّ ين ىال يى ٍك يف ير َّإال بىػ ٍع ىد قيى ًاـ ال ي
ىس ىم ًاء اللَّ ًو كقاؿ عن اإلماـ أحمد" :كإًنَّما ىكا ىف ي ىك ّْفر الٍج ٍه ًميَّة الٍم ٍن ًك ًر ً
ين أل ٍ ي ى ي ي ى ى ى
وؿ صلَّى اللَّو ىعلىي ًو كسلَّم ظى ً اء بً ًو َّ ً ً ص ىفاتًًو؛ ًأل َّ كً
اى ىرةه ي ٍ ىى ى الر يس ي ى ضةى أىقػ ىٍوال ًه ٍم ل ىما ىج ى ىف يمنىاقى ى ى
ؼ ىح ًقي ىقةى ٍخالً ًق ،ىكىكا ىف قى ًد ايبٍػتيلً ىي بً ًه ٍم ىحتَّى ىع ىر ى يل ال ى ًً ً بػيّْػنىةه ،كًأل َّ ً
ىف ىحقي ىقةى قىػ ٍوله ٍم تىػ ٍعط ي ى ى
يل .ىكتى ٍك ًف يير َّع ًط ً
كر ىعلىى التػ ٍ
ً
أ ٍىم ًرى ٍم ىكأىنَّوي يى يد ي
ف ىك ٍاألىئً َّم ًة ،لى ًك ٍن ىما ىكا ىف يى ٍك يف ير أى ٍعيىانيػ يه ٍم" . السلى ً ال ً
(ُْٗ)
ور ىع ًن َّ ٍج ٍهميَّة ىم ٍش يه ه ى
اـ
اإل ىم ي كقاؿ عن كالة األمور الذين كانوا يقولوف بقوؿ الجهمية " :ىكىم ىع ىى ىذا فى ًٍ
استىػ ٍغ ىف ىر لى يه ٍم؛ لً ًعل ًٍم ًو بًأىنَّػ يه ٍم لى ٍم يىبً ٍن لى يه ٍم ً
ىح ىمد ىرح ىموي اللَّوي تىػ ىعالىى تىػ ىر َّح ىم ىعلىٍي ًه ٍم ىك ٍ أٍ
اح يدك ىف لً ىما ىجاءى بً ًو ،ىكلى ًك ٍن تىأ َّىكليوا فىأى ٍخطىئيوا ىكقىػلَّ يدكا وؿ كىال ج ً أىنَّػ يه ٍم يم ىك ّْذبيو ىف لً َّ
لر يس ً ى ى
اؿ :الٍ يق ٍرآ يف ً ً اؿ لً ىح ٍف ًالشافً ًع ُّي لى َّما قى ى ك َّ ك .ىكىك ىذلً ى اؿ لى يه ٍم ذىلً ى
ين قى ى ص الٍ ىف ٍرد ح ى ىم ٍن قى ى
ص ىف ىى ىذا الٍ ىق ٍو ىؿ يك ٍف هر ىكلى ٍم يى ٍح يك ٍم بً ًردَّةً ىح ٍف و يم ،بىػيَّ ىن لىوي أ َّىم ٍخليو هؽ :ىك ىف ٍرت بًاىللَّ ًو ال ىٍع ًظ ً
ً ًَّ بًمج َّرًد ذىلً ى ً
س ىعى ٍح َّجةي التي يى ٍك يف ير ب ىها ،ىكلى ًو ا ٍعتىػ ىق ىد أىنَّوي يم ٍرتى ّّد لى ى ك؛ ألىنَّوي لى ٍم يىػتىبىػيَّ ٍن لىوي ال ي يى
الص ىالةً ىخ ٍل ىف يه ٍم. ادةً أ ٍىى ًل ٍاأل ٍىى ىو ًاء ىك َّ وؿ ىش ىه ى ص َّرح فًي يكتيبً ًو بًىقبي ً
في قىػ ٍتلو ،ىكقى ٍد ى ى
ً ًً
ٍم اللَّ ًو ً ىح ىمد فًي الٍ ىق ىد ًر ّْ ك رًحموي اللَّوي ك َّ ً ً ك قى ى ً ىكىك ىذلً ى
م :إ ٍف ىج ىح ىد عل ى الشافع ُّي ىكأ ٍ ى اؿ ىمال ه ى ى
ً ً ىك ىفر ،كلىٍف ي ً
ص يموا ىكإً ٍف ىج ىح يدكهي ظ بىػ ٍعض ًه ٍم :نىاظىيركا الٍ ىق ىد ًريَّةى بًالٍع ٍل ًم فىًإ ٍف أىقىػ ُّركا بًو ىخ ى ى ى
ً
ٍم ىك ىف ىر.
اؿ :إ ٍف ىج ىح ىد الٍعل ى
م :ىى ٍل يى ٍك يف ير؟ فىػ ىق ىىح ىمد ىع ًن الٍ ىق ىد ًر ّْىك ىف يركا .ىك يسئً ىل أ ٍ
ٍج ٍه ًميَّة" .انتهى.
(ُٓٗ)
اح يد ال ًٍعل ًٍم يى ىو ًم ٍن ًج ٍن ً
س ال ى
ك ًحينئً وذ فىج ً
ى ى ى
خالصة كالمو :الجهمية كفار ،كالقدرية نفاة العلم كفار ،كأما مرجئة الفقهاء
كفارا .كتكفير أئمة أىل السنة للجهمية
كالمعتزلة كالقدرية مثبتو العلم فليسوا ن
كالقدرية نفاة العلم إنما ىو باعتبار اإلطالؽ ،ال باعتبار التعيين.
قلت :ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ
الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :ككذلك إجماع السلف على تكفير
غالة القدرية كغيرىم ،مع علمهم كشدة عبادتهم ،ككونهم يحسبوف أنهم
صنعا؛ كلم يتوقف أحد من السلف في تكفيرىم ألجل كونهم لم
يحسنوف ن
يفهموا"(ُٔٗ).
كقاؿ عن التناقض في كالـ أحدىم" :أنو ذكر في أكراقو أنو ال يجوز
الخركج عن كالـ العلماء ،كصادؽ في ذلك .ثم ذكر فيها كفر القدرية،
ناسا لم يكفركا ،كأنكر علينا تكفير أىل
كالعلماء ال يكفركنهم ،فكفر ن
الشرؾ"(ُٕٗ).
أحمد ىي المنع من الصالة خلفهم ،كقد يفرؽ بين من قامت عليو الحجة التي
يكفر تاركها كبين من ال شعور لو بذلك؛ كىذا القوؿ يميل إليو شيخ اإلسالـ
في المسائل التي قد يخفى دليلها على بعض الناس .كعلى ىذا القوؿ:
فالجهمية في ىذه األزمنة قد بلغتهم الحجة ،كظهر الدليل ،كعرفوا ما عليو
أىل السنة ،كاشتهرت األحاديث النبوية كظهرت ظهوران ليس بعده إال المكابرة
كالعناد ،كىذا حقيقة الكفر كاإللحاد ،كيف كقولهم :يقتضي من تعطيل الذات
كالصفات كالكفر بما اتفقت عليو الرسالة كالنبوات ،كشهدت بو الفطر
السليمات ،ما ال يبقى معو حقيقة للربوبية كاإللهية ،كال كجود للذات المقدسة
المتصفة بجميل الصفات"(َِّ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل (تَُّْق) كالشيخ إبراىيم (تُِّٗق) ابنا
الشيخ عبد اللطيف ،كالشيخ سليماف بن سحماف (تُّْٗق)" :ال تصح
إمامة من ال يكفر الجهمية كالقبوريين أك يشك في كفرىم ،كىذه المسألة من
أكضح الواضحات عند طلبة العلم كأىل األثر .كذكركا نحوان مما تقدـ من كالـ
الشيخ عبد اللطيف"(َِْ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)" :كالدرجة
األكلى نفاىا غالة القدرية ،كمعبد الجهني كعمرك بن عبيد ،كنص أحمد
كالشافعي على كفر ىؤالء .كأما من قاؿ :إف اهلل لم يخلق أفعاؿ العباد ،كلم
يشأىا منهم ،مع إقرارىم بالعلم ،ففي تكفيرىم نزاع مشهور بين العلماء"(َِٓ).
انتهى.
سبهم سبنا ال يقدح في عدالتهم كال في دينهم ػ مثل كصف بعضهم بالبخل أك
الجبن أك قلة العلم أك عدـ الزىد كنحو ذلك ػ فهذا ىو الذم يستحق التأديب
كالتعزير ،كال نحكم بكفره بمجرد ذلك ،كعلى ىذا يحمل كالـ من لم يكفرىم
من أىل العلم .كأما من لعن كقبح مطل نقا فهذا محل الخالؼ فيهم لتردد األمر
بين لعن الغيظ كلعن االعتقاد .كأما من جاكز ذلك إلى أف زعم أنهم ارتدكا بعد
نفسا أك أنهم
نفرا قليالن يبلغوف بضعة عشر ن
رسوؿ اهلل عليو الصالة كالسالـ إال ن
أيضا في كفره؛ ألنو كذب لما نصو القرآف في غيرفسقوا عامتهم فهذا ال ريب ن
موضع من الرضى عنهم كالثناء عليهم ،بل من يشك في كفر مثل ىذا فإف كفره
متعين؛ فإف مضموف ىذه المقالة أف نقلة الكتاب كالسنة كفار أك فساؽ كأف
ىذه اآلية التي ىي (كنتم خير أمة أخرجت للناس) [آؿ عمراف ]َُُ:كخيرىا
كفارا أك فساقنا ،كمضمونها أف ىذه األمة شر األمم
ىو القرف األكؿ كاف عامتهم ن
كأف سابقي ىذه األمة ىم شرارىم ،ككفر ىذا مما يعلم باضطرار من دين
اإلسالـ .كلهذا تجد عامة من ظهر عليو شيء من ىذه األقواؿ فإنو يتبين أنو
زنديق ،كعامة الزنادقة إنما يستتركف بمذىبهم ،كقد ظهرت هلل فيهم مثالت،
كتواتر النقل بأف كجوىهم تمسخ خنازير في المحيا كالممات ،كجمع العلماء ما
بلغهم في ذلك ،ممن صنف فيو الحافظ الصالح أبو عبد اهلل محمد بن عبد
الواحد المقدسي كتابو في النهي عن سب األصحاب كما جاء فيو من اإلثم
كالعقاب .كبالجملة فمن أصناؼ السابة من ال ريب في كفره ،كمنهم من ال
يحكم بكفره ،كمنهم من تردد فيو"(ُُِ) .انتهى.
ُُِ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
قلت :ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ
الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن الركافض:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :كالقرآف مشحوف ًمن مدح الصحابة
رضي اهلل عنهم ،فمن سبهم فقد خالف ما أمر اهلل من إكرامهم ،كمن اعتقد
السوء فيهم كلهم أك جمهورىم فقد ك ٌذب اهلل تعالى فيما أخبر من كمالهم
كفضائلهم ،كمك ٌذبو كافر"(ُِِ).
كقاؿ" :كاألحاديث في صحة خالفة الص ٌديق كإجماع الصحابة كجمهور
األمة على الحق أكثر من أف تيحصر ،كمن نسب جمهور أصحابو صلى اهلل
عليو كسلم إلى الفسق كالظلم ،كجعل اجتماعهم على الباطل فقد ازدرل بالنبي
صلى اهلل عليو كسلم كازدراؤه كفر"(ُِّ).
كقاؿ عن أـ المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها" :كونها ىي المبرأة المرادة من
اآليات مشهور بل متواتر ،فإذا عرفت ىذا فاعلم أنو من قذفها بالفاحشة مع
اعتقاده أنها زكجة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كأنها بقيت في عصمتو بعد
ىذه الفاحشة فقد جاء بكذب ظاىر ،كاكتسب اإلثم ،كاستحق العذاب ،كظن
بالمؤمنين سوءان ،كىو كاذب ،كأتى بأمر ظنو ىينان كىو عند اهلل عظيم ،كاتهم
أىل بيت النبوة بالسوء ،كمن ىذا االتهاـ يلزـ نقص النبي صلى اهلل عليو
كسلم ،كمن نقصو فكأنما نقص اهلل ،كمن نقص اهلل كرسولو فقد كفر"(ُِْ).
كقاؿ" :أما علم أف غالة الرافضة الذين حرقهم علي رضي اهلل عنو
يقولونها؟! ككذلك الذين يقذفوف عائشة ،كيكذبوف القرآف؛ ككذلك الذين
يزعموف أف جبرائيل غلط كغير ىؤالء ،ممن أجمع أىل العلم على كفره"(ُِٓ).
كقاؿ" :فهؤالء اإلمامية خارجوف عن السنة ،بل الملٌة"(ُِٔ).
ظاىر كالمو :الرافضة كفار بأعيانهم ،سواء الغالة أك اإلمامية.
قلت :منهج الشيخ محمد بن عبد الوىاب يقتضي ىذا التكفير ،ككجو
ذلك أنهم ارتكبوا الكفر في مسائل ظاىرة ،كالحجة قائمة عليهم ببلوغها لهم،
كالجهل في فهم الحجة ليس بعذر ،كىذا فيو إشكاؿ ،كىو :ىل الرافضة
اإلمامية َّ
كفار باعتبار اإلطالؽ أك باعتبار التعيين؟
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن الخوارج:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :فإف الذم لم تقم عليو الحجة ىو
الذم حديث عهد باإلسالـ كالذم نشأ ببادية بعيدة ،أك يكوف ذلك في مسألة
خفية مثل الصرؼ كالعطف؛ فال يكفر حتى يعرؼ .كأما أصوؿ الدين التي
أكضحها اهلل كأحكمها في كتابو فإف حجة اهلل ىو القرآف ،فمن بلغو القرآف فقد
بلغتو الحجة .كلكن أصل اإلشكاؿ أنكم لم تفرقوا بين قياـ الحجة كبين فهم
الحجة ،فإف أكثر الكفار كالمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة اهلل مع
ىف أى ٍكثىػ ىريى ٍم يى ٍس ىمعيو ىف أ ٍىك يىػ ٍع ًقليو ىف إً ٍف
ب أ َّ
سيقيامها عليهم ،كما قاؿ تعالى( :أ ٍىـ تى ٍح ى
على سائر الصحابة رضي اهلل عنهم ،كال يلعنوف .كمنهم طائفة يزعموف غلط
جبرائيل عليو السالـ في الرسالة ،كال شك في كفر ىذه الطائفة .كأكثرىم في
األصل يعترفوف برسالة محمد صلى اهلل عليو كسلم كيزعموف أف الخالفة لعلي
كيلعنوف الصحابة رضي اهلل عنهم كيفسقونهم .كنذكر ما ذكره الشيخ تقي الدين
رحمو اهلل في حكمهم ،قاؿ رحمو اهلل في "الصارـ المسلوؿ"( :كمن سب
الصحابة أك كاح ندا منهم كاقترف بسبو دعول أف عليَّا إلو أك نبي كأف جبرائيل
غلط فال شك في كفر ىذا؛ بل ال شك في كفر من توقف في كفره .كمن قذؼ
عائشة رضي اهلل عنها بما برأىا اهلل منو كفر بال خالؼ) ػ إلى أف قاؿ ػ (كأما من
لعن كقبح ػ يعني لعن الصحابة رضي اهلل عنهم ػ ففيو الخالؼ ىل يفسق أك
يكفر؟ كتوقف أحمد في تكفيره ،كقاؿ :يعاقب كيجلد ،كيحبس حتى يموت أك
يتوب) .قاؿ الشيخ رحمو اهلل( :كأما من جاكز ذلك كمن زعم أف الصحابة
يسيرا قليالن ال يبلغوف
نفرا ن
ارتدكا بعد موت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم إال ن
أيضا في كفر قائل ذلك؛ بل من شك في
بضعة عشر أك أنهم فسقوا فال ريب ن
كفره فهو كافر) انتهى .فهذا حكم الرافضة في األصل ،كأما حكم متأخريهم
اآلف فضموا اآلف مع الرفض الشرؾ العظيم الذم يفعلونو عند المشاىد الذم
ما بلغو شرؾ العرب الذين بعث إليهم رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم"(ُِٖ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)" :كأما غالة
الجهمية فكغالة الرافضة ،ليس للطائفتين في اإلسالـ نصيب ،كلذلك أخرجهم
ظاىر كالمهم :أف الركافض باعتبار األصل كفار بأعيانهم ،سواء الغالة أك
كفرا؛ ألنهم ضموا مع الرفض الشرؾ األكبر.
اإلمامية ،كأما متأخركىم فأعظم ن
قلت :منهج المتقدمين من أئمة الدعوة يقتضي ىذا التكفير ،ككجو ذلك أف
الركافض ارتكبوا الكفر في مسائل ظاىرة ،كالحجة قائمة عليهم ببلوغها لهم،
كالجهل في فهم الحجة ليس بعذر ،كىذا فيو إشكاالف :األكؿ :القوؿ بأف
الركافض باعتبار األصل كفار بأعيانهم ،ككجو اإلشكاؿ :ىل الرافضة اإلمامية
َّ
كفار باعتبار اإلطالؽ أك باعتبار التعيين؟ كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ
كفرا؛ ألنهم
الشيخ محمد بن عبد الوىاب .الثاني :القوؿ بأف متأخريهم أعظم ن
ضموا مع الرفض الشرؾ األكبر ،ككجو اإلشكاؿ :ما ضابط الشرؾ؟ كتقدـ
الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في فصل :ىل دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؟ كأما
المتأخركف من أئمة الدعوة فمنهم الموافق لما عليو الشيخ محمد بن عبد
الوىاب كالمتقدموف من أئمة الدعوة أف الركافض كفار بأعيانهم ،كمنهم
الموافق لشيخ اإلسالـ أنهم كفار باعتبار اإلطالؽ ال باعتبار التعيين.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب في الخوارج:
قاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق) عن الخوارج:
"أكثر الفقهاء على عدـ كفرىم؛ لتأكيلهم"(ُِِ).
كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب
(تُِٖٓق)" :فانظر إلى ما حكاه النوكم رحمو اهلل من أف الصحيح الذم
األموات ىل ىو شرؾ أك فيو تفصيل؟ كقد تقدـ ىذا اإلشكاؿ .كأما المتأخركف
من أئمة الدعوة فمنهم الموافق لما عليو الشيخ محمد بن عبد الوىاب
كالمتقدمين من أئمة الدعوة في اعتبار خالؼ الفقهاء في كفر الخوارج مع
موافقة قوؿ المتقدمين في ترجيح عدـ الكفر كمخالفة قوؿ الشيخ ،كمنهم
الموافق لشيخ اإلسالـ في عدـ اعتبار خالؼ الفقهاء في كفر الخوارج.
أف تدعو أح ندا من األموات ،ال األنبياء كال الصالحين كال غيرىم ،ال بلفظ
االستغاثة كال بغيرىا ،كال بلفظ االستعاذة كال بغيرىا ،كما أنو لم يشرع ألمتو
السجود لميت كال لغير ميت ،كنحو ذلك ،بل نعلم أنو نهى عن كل ىذه
األمور ،كأف ذلك من الشرؾ الذم حرمو اهلل تعالى كرسولو ،لكن لغلبة الجهل
كقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرىم بذلك حتى
(ِِٕ)
.انتهى. يتبين لهم ما جاء بو الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم مما يخالفو"
معنى كالمو :الجهل في الشرؾ عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة ،كإقامة
الحجة تكوف ببلوغها كفهمها؛ فمن كقع في الشرؾ باهلل جهالن بأف عبد غير اهلل
تعالى فإنو ال يكفر إال إذا قامت عليو الحجة ،كيتبين لو بطالف ما ىو عليو.
خالصة كالمو :من أشرؾ في العبادة كافر إذا أقيمت عليو الحجة.
قلت :الجهل في فعل الكفر عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة ،كيستثنى
من ىذا الجهل بمدلوؿ الشهادتين فإنو كفر في نفسو .كالقوؿ بأف الجهل في
شرؾ العبادة عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة محل إشكاؿ ،ككجو اإلشكاؿ:
أف الجهل في شرؾ العبادة مبني على الجهل بمدلوؿ إحدل الشهادتين؛ ألف
اإلنساف لن يصرؼ العبادة لغير اهلل تعالى جهالن إال إذا جهل تفرد اهلل تعالى
باستحقاؽ العبادة ،أك جهل العبادة التي يستحقها اهلل ،كىذا الجهل ىو نفسو
الجهل بمدلوؿ ال إلو إال اهلل .فكيف يستقيم القوؿ بأف الجهل في شرؾ العبادة
عذر مانع من التكفير مع أف الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر؟
يكفر الشخص المعين بذلك حتى تقوـ عليو الحجة بالرسالة ،كيبين لو ،كيعرؼ
أف ىذا ىو الشرؾ األكبر الذم حرمو اهلل كرسولو؛ فإذا بلغتو الحجة ،كتليت
عليو اآليات القرآنية ،كاألحاديث النبوية ،ثم أصر على شركو فهو كافر،
بخالؼ من فعل ذلك جهالة منو ،كلم ينبو على ذلك؛ فالجاىل فعلو كفر،
كلكن ال يحكم بكفره إال بعد بلوغ الحجة إليو ،فإذا قامت عليو الحجة ثم
أصر على شركو فقد كفر ،كلو كاف يشهد أف ال إلو إال اهلل كأف محم ندا رسوؿ
اهلل ،كيصلي كيزكي ،كيؤمن باألصوؿ الستة"(ِّّ).
عنادا فهذا نكل أمره إلى
كقاؿ" :كأما من مات كىو يفعل الشرؾ جهالن ال ن
كثيرا من
اهلل ،كال ينبغي الدعاء لو ،كالترحم عليو ،كاالستغفار لو ،كذلك ألف ن
العلماء يقولوف :من بلغو القرآف فقد قامت عليو الحجة ،كما قاؿ تعالى:
(ألينٍ ًذ ىريك ٍم بً ًو ىكىم ٍن بىػلى ىغ) [األنعاـ.)ِّْ("]ُٗ:
ً
كقاؿ الشيخ حسين (تُِِْق) كالشيخ عبد اهلل (تُِِْق) ابنا
الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :من مات من أىل الشرؾ قبل بلوغ ىذه الدعوة
فالذم يحكم عليو أنو إذا كاف معركفان بفعل الشرؾ كيدين بو كمات على ذلك فهذا
ظاىره أنو مات على الكفر ،فال يدعى لو ،كال يضحى عنو ،كال يتصدؽ عنو ،كأما
حقيقة أمره فإلى اهلل؛ فإف كاف قد قامت عليو الحجة في حياتو كعاند فهذا كافر في
الظاىر كالباطن ،كإف كاف لم تقم عليو الحجة فأمره إلى اهلل"(ِّٓ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)" :كأما قولو ػ
عن الشيخ محمد رحمو اهلل ػ :إنو ال يكفر من كاف على قبة الكواز ،كنحوه ،كال
يكفر الوثني حتى يدعوه ،كتبلغو الحجة ،فيقاؿ :نعم؛ فإف الشيخ محم ندا رحمو
اهلل لم يكفر الناس ابتداءن ،إال بعد قياـ الحجة كالدعوة؛ ألنهم إذ ذاؾ في زماف
فترة ،كعدـ علم بآثار الرسالة ،كلذلك قاؿ :لجهلهم كعدـ من ينبههم ،فأما إذا
قامت الحجة فال مانع من تكفيرىم كإف لم يفهموىا .كفي ىذه األزماف ػ
خصوصا في جهتكم ػ قد قامت الحجة على من ىناؾ ،كاتضحت لهم ن
المحجة ،كلم يزؿ في تلك البالد من يدعو إلى توحيد اهلل ،كيقرره ،كيناضل
عنو ،كيقرر مذىب السلف ،كما دلت عليو النصوص من الصفات العلية،
كاألسماء القدسية ،كيرد ما يشبو بو بعض أتباع الجهمية ،كمن على طريقتهم،
حتى صار األمر في ىذه المسائل في تلك البالد أظهر منو في غيرىا ،كال
تخفى النصوص كاألدلة ،حتى على العواـ؛ فال إشكاؿ ػ كالحالة ىذه ػ في قياـ
الحجة كبلوغها على من في جهتكم من المبتدعة كالزنادقة الضالؿ .كال
يجادؿ في ىذه المسألة كيشبو بها إال من غلب جانب الهول ،كماؿ إلى
المطامع الدنيوية ،كاشترل بآيات اهلل ثمننا قليالن"(ِّٗ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل (تَُّْق) كالشيخ إبراىيم (تُِّٗق) ابنا
الشيخ عبد اللطيف ،كالشيخ سليماف بن سحماف (تُّْٗق)" :ككذلك
القبوريوف ال يشك في كفرىم من شم رائحة اإليماف ،كقد ذكر شيخ اإلسالـ
كتلميذه ابن القيم رحمهما اهلل في غير موضع أف نفي التكفير بالمكفرات
قوليها كفعليها فيما يخفى دليلو ،كلم تقم الحجة على فاعلو ،كأف النفي يراد بو
نفي تكفير الفاعل كعقابو قبل قياـ الحجة عليو ،كأف نفي التكفير مخصوص
بمسائل النٌزاع بين األمة .كأما دعاء الصالحين كاالستغاثة بهم كقصدىم في
الملمات كالشدائد فهذا ال ينازع مسلم في تحريمو ،كالحكم بأنو من الشرؾ
األكبر؛ فليس في تكفيرىم كتكفير الجهمية قوالف"(َِْ) .انتهى.
معنى كالمهم :غالب المسلمين كقعوا في الشرؾ ،كالجهل في الشرؾ عذر
مانعا من التكفير بعد إقامتها .كإقامة
عذرا ن
مانع من التكفير قبل إقامة الحجة ،كليس ن
الحجة تكوف بوجود الشخص المبلغ لها كال يشترط فهمها .كالمسلموف الذين
كقعوا في الشرؾ قبل ظهور ىذه الدعوة حكمهم حكم أصحاب الفترة :ال يسموف
كفارا؛ لعدـ إقامة الحجة عليهم ،كال يسموف مسلمين؛ ألف ظاىرىم الكفر، ن
كييعاملوف معاملة الكفار .كالحجة قد أقيمت على الجميع بعد ظهور ىذه الدعوة.
خالصة كالمهم :من أشرؾ في العبادة كافر إذا أقيمت عليو الحجة.
قلت :في ىذا الكالـ إشكاالت :اإلشكاؿ األكؿ :القوؿ بأف الجهل في
شرؾ العبادة عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة ،كقد تقدـ ىذا اإلشكاؿ
في كالـ شيخ اإلسالـ .اإلشكاؿ الثاني :القوؿ بأف إقامة الحجة في الشرؾ
تكوف بوجود الشخص المبلغ لها كال يشترط فهمها ،كقد تقدـ أصل ىذا
اإلشكاؿ في كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب .اإلشكاؿ الثالث :القوؿ بأف
المسلمين الذين كقعوا في الشرؾ قبل ظهور ىذه الدعوة حكمهم حكم
أصحاب الفترة ،كجو اإلشكاؿ :من سبقهم إلى ىذا القوؿ؟ كما فائدة نفي اسم
الكفر عنهم مع إثبات أحكاـ الكفر عليهم في الدنيا؟ اإلشكاؿ الرابع :القوؿ
بأف الحجة قد أقيمت على الجميع بعد ظهور ىذه الدعوة ،كجو اإلشكاؿ :أال
يقتضي ىذا التكفير بالعموـ؟
كالقوؿ بأف الجهل في شرؾ العبادة عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة
ىو ما عليو المتقدموف من أئمة الدعوة ،كىو نفس ما عليو الشيخ محمد بن
عبد الوىاب ،كنفس ما عليو شيخ اإلسالـ .كأما المتأخركف من أئمة الدعوة
فمنهم القائلوف بهذا القوؿ ،كمنهم المخالفوف لو فيركف عدـ اإلعذار بالجهل
في شرؾ العبادة ابتداءن.
الزكاة ،لكن منهم من يذكر أف سبب قتالهم أنهم مرتدكف كما قالو شيخ
اإلسالـ ،كىذا فيو نفس اإلشكالين اللذين في كالـ شيخ اإلسالـ ،كمنهم من
يحكي إجماع الصحابة على ردتهم كما قالو الشيخ محمد بن عبد الوىاب،
كىذا فيو نفس اإلشكاالت التي في كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب.
ُُْ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
باعتبار التعيين فكل من ال ينتسب لإلسالـ فهو كافر يقيننا ،ككل من ينتسب
لإلسالـ ككقع في كفر مناقض للشهادتين فهو كافر يقيننا .كال يدخل في ىذا
اإلجماؿ من ينتسب لإلسالـ ككقع في كفر غير مناقض للشهادتين؛ ألف
تكفيره ال يكوف إال بعد إقامة الحجة ،كإقامة الحجة تكوف ببلوغها كفهمها،
ظاىرا ال باطننا؛ ألنو مبني على اجتهاده ،كاالجتهاد
كتكفيره حينئذ يكوف يقيننا ن
قابل لالختالؼ ،كاليقين الظاىر قابل للشك.
قلت :ىذا التقرير ال إشكاؿ فيو ،كإنما ذكرتو للتفريق بين أقوالو كأقواؿ
الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب في سياقو لنواقض اإلسالـ" :الثالث :من
لم يكفر المشركين أك شك في كفرىم أك صحح مذىبهم كفر إجماعان"(ِْٓ).
كقاؿ" :من أظهر اإلسالـ كظننا أنو أتى بناقض ال نكفره بالظن؛ ألف اليقين
ال يرفعو الظن .ككذلك ال نكفر من ال نعرؼ منو الكفر بسبب ناقض ذكر عنو
كنحن لم نتحققو"(ِْٔ) .انتهى.
نص الشيخ محمد بن عبد الوىاب على أف من لم يكفر الكافر أك شك في
كفره فهو كافر ،كما تقدـ من أقوالو يدؿ على أف الذم يدخل في ىذا اإلجماؿ
ما يلي :التكفير باإلطالؽ ،أم كل شخص كقع في الكفر فهو كافر يقيننا
باعتبار اإلطالؽ .كأما باعتبار التعيين فكل من ال ينتسب لإلسالـ فهو كافر
يقيننا ،ككل من ينتسب لإلسالـ ككقع في كفر مناقض للشهادتين فهو كافر
يقيننا ،ككل من ينتسب لإلسالـ ككقع في كفر غير مناقض للشهادتين كلكنو في
مسألة من المسائل الظاىرة كأقيمت عليو الحجة ببلوغها كمن ذلك الشرؾ فهو
كافر يقيننا .كال يدخل في ىذا اإلجماؿ من ينتسب لإلسالـ ككقع في كفر غير
مناقض للشهادتين كلكنو في مسألة من المسائل الخفية؛ ألف تكفيره ال يكوف
إال بعد إقامة الحجة ،كإقامة الحجة تكوف ببلوغها كفهمها ،كتكفيره حينئذ
ظاىرا ال باطننا؛ ألنو مبني على اجتهاده ،كاالجتهاد قابل لالختالؼ،
يكوف يقيننا ن
كاليقين الظاىر قابل للشك.
كعلى ىذا فمراده بالمشركين ىمن أصلهم مسلموف ككقعوا في الشرؾ،
صحح
كمعنى كالمو :من لم يكفر ىؤالء المشركين أك شك في كفرىم أك َّ
مذىبهم ػ بعد أف قامت عليهم الحجة ببلوغها كإف لم يفهموىا ػ فهو كافر.
قلت :ىذا التقرير فيو إشكاالف :األكؿ :ىل إقامة الحجة تكوف بمجرد
البلوغ؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في فصل :ىل الجهل عذر مانع من
التكفير؟ الثاني :ما ضابط الشرؾ؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في فصل:
ىل دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؟
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ سليماف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِّّق):
"كأما قوؿ السائل :فإف كاف ما يقدر من نفسو أف يتلفظ بكفرىم كسبهم ،ما
حكمو؟ فالجواب :ال يخلو ذلك عن أف يكوف شاكان في كفرىم أك جاىالن بو،
ُّْ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
أك يقر بأنهم كفرة ىم كأشباىهم ،كلكن ال يقدر على مواجهتهم كتكفيرىم ،أك
يقوؿ :غيرىم كفار ،ال أقوؿ إنهم كفار؛ فإف كاف شاكان في كفرىم أك جاىالن
بكفرىم بينت لو األدلة من كتاب اهلل كسنة رسولو صلى اهلل عليو كسلم على
كفرىم ،فإف شك بعد ذلك أك تردد فإنو كافر بإجماع العلماء على أف من شك
يقر بكفرىم كال يقدر على مواجهتهم في كفر الكافر فهو كافر .كإف كاف ٌ
(كدُّكا لى ٍو تي ٍد ًى ين فىػيي ٍد ًىنيو ىف)
بتكفيرىم فهو مداىن لهم ،كيدخل في قولو تعالى :ى
[القلم ،]ٗ:كلو حكم أمثالو من أىل الذنوب .كإف كاف يقوؿ :أقوؿ غيرىم
كفار كال أقوؿ ىم كفار فهذا حكم منو بإسالمهم؛ إذ ال كاسطة بين الكفر
إسالما
ن كاإلسالـ ،فإف لم يكونوا كفاران فهم مسلموف ،كحينئذ فمن سمى الكفر
أك سمى الكفار مسلمين فهو كافر ،فيكوف ىذا كافران"(ِْٕ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)" :فأكضح
مما ذكرناه ضالالن من لم يكفر من ارتكب ما ىو كفر إال إذا كاف معان ندا ،كأف
ىذا مخالف للكتاب كالسنة كإجماع األمة"(ِْٖ).
كقاؿ بعضهم ":مما يوجب الجهاد لمن اتصف بو عدـ تكفير المشركين،
أك الشك في كفرىم؛ فإف ذلك من نواقض اإلسالـ كمبطالتو ،فمن اتصف بو
فقد كفر ،كحل دمو كمالو ،ككجب قتالو حتى يكفر المشركين"(ِْٗ) .انتهى.
قلت :ال خالؼ بين المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد
الوىاب على موافقة كالمو في ىذا الفصل ،كعليو ففي كالمهم نفس اإلشكالين
اللذين في كالمو .كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فبالنسبة لكيفية إقامة الحجة
فمنهم الموافق لما عليو الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدموف من أئمة
الدعوة ،كمنهم الموافق لشيخ اإلسالـ ،كسبق تفصيل ىذا في محلو ،كبالنسبة
لضابط الشرؾ فالقوؿ المشهور عند المتأخرين مخالف لكالـ شيخ اإلسالـ
ككالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة ،كسبق
تفصيل ىذا في محلو.
ُْٓ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
معنى كالمو :العالم اعتماده على الكتاب كالسنة ،كرأيو مبني على الكتاب
تبعا ،كلهذا إذا قصد متابعةكالسنة ،ال يجعل رأيو أصالن كالكتاب كالسنة ن
الرسوؿ كاجتهد كاستفرغ كسعو في موافقة الكتاب كالسنة كأخطأ فهذا مغفور
لو خطؤه ،كعلى ىذا لو كثرت أخطاؤه لم يكن ذلك عيبنا؛ ألنو غير معصوـ،
كما من إماـ إال كلو أخطاء ،ككثير من المجتهدين كقعوا في البدعة من غير
قصد ،كلم يكونوا بذلك مبتدعة.
خالصة كالمو :العلماء ال يي َّ
بدعوف على أخطائهم.
قلت :ىذا الكالـ فيو إشكاؿ ،كىو :ىل نفي التبديع باعتبار اإلطالؽ أـ
باعتبار األصل؟ فإف كاف باعتبار اإلطالؽ فهذا يقتضي أف العالم إذا اجتهد
فادحا ال يبدع؟ كإف كاف باعتبار األصل فمتى يبدع؟
كأخطأ خطأن ن
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :دين اهلل تعالى ليس لي دكنكم ،فإذا
أفتيت أك عملت بشيء كعلمتم أني مخطئ كجب عليكم تبيين الحق ألخيكم
المسلم"(ِٗٓ).
كقاؿ" :كمتى لم تتبين لكم المسألة لم يحل لكم اإلنكار على من أفتى أك
عمل ،حتى يتبين لكم خطؤه ،بل الواجب السكوت كالتوقف؛ فإذا تحققتم
الخطأ بينتموه ،كلم تهدركا جميع المحاسن؛ ألجل مسألة أك مائة أك مائتين
أخطأت فيهن ،فإني ال أدعي العصمة"(َِٔ).
قلت :كىذا التصريح فيو إشكاؿ ،كىو :األصل أنهم من أىل السنة؛ ألنهم
منتسبوف لهم ،فما الضابط الذم أخرجهم من دائرة أىل السنة؟
فصل :ىل األشاعرة كالصوفية مبتدعة؟
فرع :قوؿ شيخ اإلسالـ:
ًً ًمن َّ ً ً ً اع ًة السن ًَّة
الص ىحابىة ىجميع ًه ٍم ىكالتَّابع ى
ين ى ٍج ىم ى
ىكال ى قاؿ شيخ اإلسالـ" :أ ٍىى يل ُّ
ك ى الٍ يف ىق ىه ًاء ىك ُّ
الصوفًيَّ ًة؛ ًمثٍ ًل مالً و كجم ً
اىي ًر ىىى يث السن ًَّة كأ ٍىى ًل الٍح ًد ً
ى
ً ً
ىكأىئ َّمة أ ٍىى ًل ُّ ى
اعي كح َّم ً
اد ً ىكالثػ ٍَّوًر ّْ
م ىك ٍاأل ٍىكىز ى ى
ىح ىمد بٍ ًن ىح ٍنبى ول ىكغىٍي ًرًى ٍم ىكيم ىح ّْق ًقي أ ٍىى ًل الٍ ىك ىالًـ"(ِْٔ) .انتهى. ب ًن ىزي ود ك َّ ً ً
الشافع ّْي ىكأ ٍ ٍ ٍ ى
مراده بمحققي أىل الكالـ األشاعرة ،كعليو فهذا نص صريح من شيخ
اإلسالـ على أف األشاعرة كالصوفية من أىل السنة.
قلت :كىذا الكالـ ال إشكاؿ فيو ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ
أئمة الدعوة.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
لم أقف على نص صريح للشيخ محمد بن عبد الوىاب يتعلق بهذا
الفصل.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)" :عرفت خطأ
من جعل األشعرية من أىل السنة ،كما ذكره السفاريني في بعض كالمو"(ِٓٔ).
(كلى ٍو ىكانيوا ييػ ٍؤًمنيو ىف بًاللَّ ًو ىكالنَّبً ّْي ىكىما أينٍ ًز ىؿ إلىٍي ًو ىما
اؿ :ى
الشر ًط انٍتً ىفاء الٍم ٍشر ً
كط فىػ ىق ى ى ى ي َّ ٍ
ضادُّهي ور يىػ ٍن ًفي اتّْ ىخاذى يى ٍم أ ٍىكلًيىاءى ىكيي ى يما ىف ال ىٍم ٍذ يك ى ىف ًٍ
اإل ى اء) فى ىد َّؿ ىعلىى أ َّ ً
اتَّ ىخ يذ ي
كى ٍم أ ٍىكليى ى
ً ً
ك ىعلىى أ َّ
ىف ىم ًن اتَّ ىخ ىذ يى ٍم ٍب ،ىك ىد َّؿ ذىلً ى اء فًي الٍ ىقل ً يما يف ىكاتّْ ىخاذي يى ٍم أ ٍىكليى ى ىكىال يى ٍجتى ًم يع ًٍ
اإل ى
ً اج ً ً
اف بًاىللَّ ًو ىكالنَّبً ّْي ىكىما أينٍ ًز ىؿ إلىٍي ًو .ىكمثٍػليوي اإليم ً
ب م ىن ًٍ ى
ً
يما ىف ال ىٍو ى اء ىما فىػ ىع ىل ًٍ
اإل ى أ ٍىكليى ى
ض ىكىم ٍن ض يه ٍم أ ٍىكلًيىاءي بىػ ٍع و ارل أ ٍىكلًيىاءى بىػ ٍع ي َّص ى
ود ىكالن ى َّخ يذكا الٍيىػ يه ى (ال تىػت ًقىػ ٍولو تىػ ىعالىى :ى
ٍك ٍاآلي ً ً ً ً ً
ات أ َّ
ىف يىػتىػ ىولَّ يه ٍم م ٍن يك ٍم فىًإنَّوي م ٍنػ يه ٍم) [المائدة ،]ُٓ:فىًإنَّوي أى ٍخبىػ ىر في تل ى ى
ىف يمتىػ ىولّْيىػ يه ٍم يى ىو ًم ٍنػ يه ٍم"(ُِٕ).
يمتىػ ىولّْيىػ يه ٍم ىال يى يكو يف يم ٍؤًمننا ،ىكأى ٍخبىػ ىر يىنىا أ َّ
كقاؿ عن قوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم (من تشبو بقوـ فهو منهم):
ظاىره "كىذا الحديث أقل أحوالو أنو يقتضي تحريم التشبو بهم ،كإف كاف
ًم ٍنػ يه ٍم) ً
(كىم ٍن يىػتىػ ىولَّ يه ٍم م ٍن يك ٍم فىًإنَّوي
يقتضي كفر المتشبو بهم كما في قولو :ى
[المائدة.)ِِٕ("]ُٓ:
كقاؿ عن المسلمين الذين قفزكا إلى معسكر التتار عندما ىجموا على
أرض اإلسالـ في بالد الشاـ كغيرىا " :ىكيك ُّل ىم ٍن قىػ ىف ىز إلىٍي ًه ٍم ًم ٍن أ ىيم ىر ًاء ال ىٍع ٍس ىك ًر
الردَّةً ىع ٍن ىش ىرائً ًع ًٍ
اإل ٍس ىالًـ بًىق ٍد ًر ىما ٍارتى َّد ىكغىٍيػ ير ٍاأل ىيم ىر ًاء فى يح ٍك يموي يح ٍك يم يه ٍم ىكفًي ًه ٍم ًم ىن ّْ
ّْين ػ ىم ىع ف قى ٍد س َّموا مانً ًعي َّ ً
الزىكاة يم ٍرتىد ى ى ٍ ى اإل ٍس ىالًـ .ىكإًذىا ىكا ىف َّ
السلى ي ىع ٍنوي ًم ٍن ىش ىرائً ًع ًٍ
ف بً ىم ٍن ًً صلُّو ىف ىكلى ٍم يى يكونيوا ييػ ىقاتًليو ىف ىج ىم ى ً
ين ػ فى ىك ٍي ى اعةى ال يٍم ٍسلم ى ومو ىف ىكيي ىصي ىك ٍون ًه ٍم يى ي
ين"(ِّٕ). صار مع أى ٍع ىد ًاء اللَّ ًو كرسولًًو قىاتًنال لًل ً ً
ٍم ٍسلم ى ي ىى ي ى ى ىى
(( )271جمموع الفتاوى.)18-17/7:
(( )272اقتضاء الصراط.)83/1:
(( )273جمموع الفتاوى.)531-533/28:
ُْٓ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
اؿ ًم ٍن ىكثًي ور ًم ىن التَّتىا ًر؛ فىًإ َّف ىح َّق بًال ًٍقتى ً
كقاؿ" :فى ىم ٍن قىػ ىف ىز ىع ٍنػ يه ٍم إلىى التَّتىا ًر ىكا ىف أ ى
السنَّةي بًأ َّ ً ً التَّتى ً
ىف عي يقوبىةى ال يٍم ٍرتى ّْد أى ٍعظى يم ت ُّ ار في ًه ٍم ال يٍم ٍك ىرهي ىكغىٍيػ ير ال يٍم ٍك ىره ،ىكقىد ٍ
استىػ ىق َّر ٍ ى
ً ً
ّْدةو"(ِْٕ). ىصلً ّْي م ٍن يك يجوهو يمتىػ ىعد ى م ٍن عي يقوبىًة الٍ ىكافً ًر ٍاأل ٍ
ص بً ًو ادتيػهم لًرًح ًم أىك ح و ص يل لً َّ
اجة فىػتى يكو يف ذىنٍػبنا يىػ ٍنػ يق ي لر يج ًل يم ىو َّ ي ٍ ى ٍ ى ى كقاؿ " :ىكقى ٍد تى ٍح ي
ً ً اط ً إيمانيو كىال ي يكو يف بً ًو ىكافًرا ىكما حصل ًمن ح ً
ب ال يٍم ٍش ًرك ى
ين ب بٍ ًن أىبي بلتعة لى َّما ىكاتى ى ن ى ى ىى ٍ ى ى يى ى
َّ ً ًً ً
آمنيوا ىال ين ى صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم ىكأىنٍػ ىز ىؿ اللَّوي فيو (يىا أىيُّػ ىها الذ ى ض أى ٍخبىا ًر النَّبً ّْي ى
بًبىػ ٍع ً
اء تيػ ٍل يقو ىف إلىٍي ًه ٍم بًال ىٍم ىودَّةً) [الممتحنة.)ِٕٓ("]ُ: ً ً
تىػتَّخ يذكا ىع يد ّْكم ىك ىع يد َّكيك ٍم أ ٍىكليى ى
كقاؿ" :قىػ ٍولوي ًأل ٍىى ًل بى ٍد ور ىكنى ٍح ًو ًى ٍم( :ا ٍع ىمليوا ىما ًش ٍئتي ٍم فىػ ىق ٍد غى ىف ٍرت لى يك ٍم) إ ٍف يح ًم ىل
الصغىائً ًر أ ٍىك ىعلىى ال ىٍم ٍغ ًف ىرةً ىم ىع التػ ٍَّوبىًة لى ٍم يى يك ٍن فىػ ٍر هؽ بىػ ٍيػنىػ يه ٍم ىكبىػ ٍي ىن غىٍي ًرًى ٍم؛ فى ىك ىما
ىعلىى َّ
ىف الٍ يك ٍف ىر ىال ييػ ٍغ ىف ير َّإال بًالتػ ٍَّوبىًة ىاليث ىعلىى الٍ يك ٍف ًر لً ىما قى ٍد عيلً ىم أ َّ وز حمل الٍح ًد ً
ىال يى يج ي ى ٍ ي ى
اب الٍ ىكبىائً ًر"(ِٕٔ) .انتهى. اجتًنى ً ً وز ىح ٍمليوي ىعلىى يم ىج َّرًد َّ
الصغىائً ًر ال يٍم ىك َّف ىرة بً ٍ يى يج ي
ظاىر كالمو :مظاىرة الكفار على المسلمين قسماف :كفر كفسق،
كالمظاىرة بالقتاؿ كفر ،كالمظاىرة كفعل حاطب رضي اهلل عنو فسق.
قلت :في ىذا الظاىر من كالمو إشكاالف ،اإلشكاؿ األكؿ :ما ضابط
التفصيل؟ أم ما ضابط مظاىرة الكفر كمظاىرة الفسق؟ اإلشكاؿ الثاني :ىل
أحد من الفقهاء األكائل سبقو إلى جعل المظاىرة بالقتاؿ من مظاىرة الكفر من
غير تفصيل؟
كفر لما قاؿ" :خلوا سبيلو" .كال يقاؿ :قولو صلى اهلل عليو كسلم" :ما يدريك
لعل اهلل اطلع على أىل بدر ،فقاؿ اعملوا ما شئتم ،فقد غفرت لكم" :ىو
المانع من تكفيره؛ ألنا نقوؿ :لو كفر لما بقي من حسناتو ما يمنع من لحاؽ
(ِٖٔ)
انتهى ،كخالصة كالمو :فعل الكفر كأحكامو؛ فإف الكفر يهدـ ما قبلو"
حاطب يدخل في المواالة التي ىي كفر ،لكن بينت السنة أنو مستثنى من
الكفر .كالقوؿ بأف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر من غير تفصيل موافق
لقوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب ،كسبق ذكر اإلشكاؿ في ىذا القوؿ.
كالقوؿ بأف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر باستثناء فعل حاطب فيو
إشكاؿ ،كىو :ىل أحد من الفقهاء األكائل ذكر أف مظاىرة الكفار على
المسلمين كفر باستثناء فعل حاطب؟ كإذا كاف فعل حاطب مستثنى من الكفر؛
كفرا إف كانت لغرضألف غرضو دنيوم أال يقتضي ىذا أف المظاىرة ليست ن
دنيوم ،ال أف فعل حاطب خاصة ىو المستثنى من الكفر؟ كأما المتأخركف من
أئمة الدعوة فاألكثركف على أف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر من غير
يفصل فيجعل المظاىرة على قسمين مظاىرة دينية كىي كفر
تفصيل ،كمنهم من َّ
كمظاىرة دنيوية كىي فسق ،كىذا ال إشكاؿ فيو؛ النضباطو ،كقوؿ األكثرين
موافق لقوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب ،كسبق ذكر اإلشكاؿ في ىذا
القوؿ.
(َِٗ)
. ذكم القدرة كالشوكة فقد غلط"
السنَّةي أى ٍف ي يكو ىف لًلٍمسلً ًمين إم ً
ض أ َّ
ىف اـ ىكاح هد ىكالٍبىاقيو ىف نيػ َّوابيوي ،فىًإذىا في ًر ى يٍ ى ىه ى كقاؿ " :ىك ُّ
ين أ ٍىك غىٍي ًر ىذلً ى ً ً ً ت عن ىذلً ى ً ً ً ً
ك ك ل ىم ٍعصيىة م ٍن بىػ ٍعض ىها ىك ىع ٍج وز م ىن الٍبىاق ى ٍاأل َّيمةى ىخ ىر ىج ٍ ى ٍ
كد ىكيى ٍستىػ ٍوفً ىي ً و ً ً ً و
ٍح يد ىيم ال ي ب ىعلىى يك ّْل ىإماـ أى ٍف ييق ى فى ىكا ىف لى ىها ع َّدةي أىئ َّمة لى ىكا ىف يىج ي
ىح ىك ًام ًه ٍم ىما ييػنىػ َّف يذ ًم ٍن ً
إف أ ٍىى ىل الٍبىػ ٍغ ًي ييػنىػ َّف يذ م ٍن أ ٍ اؿ الٍعيلى ىماءي َّ ٍح يقو ىؽ؛ ىكلً ىه ىذا قى ىال ي
ىح ىك ًاـ أ ٍىى ًل ال ىٍع ٍد ًؿ" .
(ُِٗ)
أٍ
اجب ً ً ىف ًكىاليةى أىم ًر الن ً ً ً
ات الدّْي ًن ،بى ٍل ىال َّاس م ٍن أى ٍعظى ًم ىك ى ؼ أ َّ ى ٍ ب أى ٍف ييػ ٍع ىر ىكقاؿ" :يىج ي
صلى ىحتيػ يه ٍم َّإال بً ًاال ٍجتً ىم ًاعآد ىـ ىال تىتً ُّم ىم ٍ لدنٍػيىا َّإال بً ىها؛ فىًإ َّف بىنًي ى اـ لًلدّْي ًن ىكىال لً ُّ
قيى ى
ً
(ِِٗ)
س" . ض ،ىكىال بي َّد لى يه ٍم ًع ٍن ىد ًاال ٍجتً ىم ًاع ًم ٍن ىرأٍ وض ًه ٍم إلىى بىػ ٍع و لًحاج ًة بػ ٍع ً
ى ى ى
كقاؿ" :كقد اتفقت الصحابة على قتالهم ،كال خالؼ بين علماء السنة أنهم
يقاتلوف مع أئمة العدؿ مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنو،
لكن ىل يقاتلوف مع أئمة الجور فنقل عن مالك أنهم ال يقاتلوف ،ككذلك قاؿ
فيمن نقض العهد من أىل الذمة ال يقاتلوف مع أئمة الجور ،كنقل عنو أنو قاؿ
ذلك في الكفار ،كىذا منقوؿ عن مالك كبعض أصحابو ،كنقل عنو خالؼ
ذلك ،كىو قوؿ الجمهور ،كأكثر أصحابو خالفوه في ذلك ،كىو مذىب أبي
فاجرا إذا كاف
حنيفة كالشافعي كأحمد ،كقالوا :يغزل مع كل أمير ِّبرا كاف أك ن
من شعائر اإلسالـ؛ فإذا كاف الحاكم عادالن فال خالؼ في القتاؿ معو ،كإذا
جائرا فالمشهور عن اإلماـ مالك أنو ال ييقاتل معو ،كىذا مخالف لما عليو
كاف ن
جماىير علماء السلف.
خالصة كالمو :يجب إقرار الحاكم المتغلب ضركرة.
كجو ذلك من كالمو :تعدد الحكاـ ال يكوف إال بالتغلب؛ ألف الحاكم
حراما،
الشرعي كاحد ،كغيره من الحكاـ متغلبوف على الحكم كمرتكبوف ن
ككجوب إقرارىم على الحكم إنما يكوف ضركرة لمنع مفسدة أعظم من مفسدة
التعدد ،كعليو فوجوب إقرارىم يتضمن كجوب إقرار الحاكم المتغلب.
قلت :ىذا الكالـ ال إشكاؿ فيو ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ
بعض طلبة العلم المتأخرين المنتمين للدعوة السلفية.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :األئمة مجمعوف من كل مذىب على
أف من تغلب على بلد أك بلداف لو حكم اإلماـ في جميع األشياء ،كلوال ىذا ما
استقامت الدنيا؛ ألف الناس من زماف طويل قبل اإلماـ أحمد إلى يومنا ىذا ما
اجتمعوا على إماـ كاحد ،كال يعرفوف أح ندا من العلماء ذكر أف شيئنا من
(ِْٗ)
األحكاـ ال يصح إال باإلماـ األعظم" .
كقاؿ" :كأرل كجوب السمع كالطاعة ألئمة المسلمين برىم كفاجرىم ،ما لم
يأمركا بمعصية اهلل"(ِٓٗ).
معنى كالمو :إذا حصل ما ال يجوز من تعدد الحكاـ بالتغلب فيجب على
كل حاكم أف يقوـ بوظيفة الحاكم ،كيجب على الناس طاعة الحاكم في
اجتهاده المتعلق بالحكم.
خالصة كالمو :يجب إقرار الحاكم المتغلب ضركرة.
قلت :ىذا بمعنى كالـ شيخ اإلسالـ ،كعليو فال إشكاؿ فيو.
فرع :قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
ال خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب ال من
المتقدمين كال من المتأخرين على كجوب إقرار الحاكم المتغلب ضركرة.
قلت :ىذا بمعنى كالـ شيخ اإلسالـ ،كعليو فال إشكاؿ فيو ،كإنما
اإلشكاؿ أف بعض طلبة العلم المتأخرين المنتمين للدعوة السلفية تبنى القوؿ
بعدـ جواز إقرار الحاكم المتغلب.
قلت :ال إشكاؿ في ىذا الكالـ ،كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ أئمة
الدعوة.
فرع :قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب:
قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :كمن كلي الخالفة كاجتمع عليو الناس
كرضوا بو كغلبهم بسيفو حتى صار خليفة كجبت طاعتو ،كحرـ الخركج عليو"(َُّ).
كقاؿ الشيخ عن أىل الجاىلية" :مخالفة كلي األمر عندىم كعدـ االنقياد
لو فضيلة ،كالسمع كالطاعة ذؿ كمهانة ،فخالفهم رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو
كسلم كأمر بالصبر على جور الوالة ،كأمر بالسمع كالطاعة لهم ،كالنصيحة،
كغلظ في ذلك ،كأبدل فيو كأعاد"(َِّ) .انتهى.
خالصة كالمو :ال يجوز الخركج على الحاكم الظالم.
يجوز الخركج عليو مجرد
كفي كالمو احتماالف :األكؿ :الظلم الذم ال ّْ
يجوز الخركج عليو مطلق الظلم أم
الظلم أم قليلو .كالثاني :الظلم الذم ال ّْ
قليلو ككثيره.
كفي االحتماؿ الثاني إشكاؿ ،كىو :ىل ىو مراد النبي صلى اهلل عليو كسلم
كمراد السلف؟ كىل الحكمة من ذلك مراعاة مصلحة الناس أك مصلحة
الحاكم؛ ألف الظلم قد يكوف كثي نرا يصل لعامة الناس في دينهم كدمائهم
كأموالهم كنسائهم؟
ُٖٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كقاؿ" :كىو الذم ندعو الناس إليو كنقاتلهم عليو بعد ما نقيم عليهم الحجة
من كتاب اهلل كسنة رسولو كإجماع السلف الصالح من األئمة ممتثلين لقولو
ّْين يكلُّوي لًلَّ ًو) ً
وى ٍم ىحتَّى ال تى يكو ىف ف ٍتػنىةه ىكيى يكو ىف الد ي (كقىاتًلي ي
سبحانو كتعالى :ى
[األنفاؿ ،]ّٗ:فمن لم يجب الدعوة بالحجة كالبياف قاتلناه بالسيف كالسناف،
اب ىكال ًٍم ىيزا ىف ً ً
كما قاؿ تعالى( :لىىق ٍد أ ٍىر ىسلٍنىا ير يسلىنىا بًالٍبىػيّْػنىات ىكأىنٍػ ىزلٍنىا ىم ىع يه يم الٍكتى ى
لًيػ يقوـ النَّاس بًال ًٍقس ًط كأىنٍػزلٍنا الٍح ًدي ىد فً ًيو بأٍس ىش ًدي هد كمنافًع لًلن ً ً
َّاس ىكليىػ ٍعلى ىم اللَّوي ى ىى ي ى ه ٍ ى ىى ى ي ى ى
م ىع ًز هيز) [الحديد .]ِٓ:كندعو الناس إلى ب إً َّف اللَّوى قى ًو ّّص يرهي ىكير يسلىوي بًالٍغىٍي ً
ىم ٍن يىػ ٍن ي
إقاـ الصالة في الجماعات على الوجو المشركع ،كإيتاء الزكاة ،كصياـ شهر
رمضاف ،كحج بيت اهلل الحراـ ،كنأمر بالمعركؼ كننهى عن المنكر ،كما قاؿ
الزىكا ىة كأىمركا بًالٍمعر ً َّاى ٍم فًي األ ٍىر ً َّ ً
كؼ الصال ىة ىكآتىػ يوا َّ ى ى ي ى ٍ ي ض أىقى ياموا َّ ين إً ٍف ىم َّكن يتعالى( :الذ ى
ىكنىػ ىه ٍوا ىع ًن ال يٍم ٍن ىك ًر ىكلًلَّ ًو ىعاقًبىةي األ ييموًر) [الحج.)َّٕ("]ُْ:
كقاؿ" :نقاتل عباد األكثاف كما قاتلهم صلى اهلل عليو كسلم ،كنقاتلهم على
ترؾ الصالة كعلى منع الزكاة كما قاتل مانعها صديق ىذه األمة أبو بكر
الصديق رضي اهلل عنو"(َّٖ).
كقاؿ ػ بعد أف ذكر أربعة أشياء كىي :بياف التوحيد ،كبياف الشرؾ ،كتكفير
من ترؾ التوحيد كفعل الشرؾ بعد إقامة الحجة عليو ،كقتالهم ػ" :فلما اشتهر
عني ىؤالء األربع صدقني من يدعي أنو من العلماء في جميع البلداف في
التوحيد كفي نفي الشرؾ ،كردكا علي التكفير كالقتاؿ"(َّٗ).
(( )337الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)88-87/1:
(( )338الدرر السنية يف األجوبة النجدية )83-82/1:و(.)74/13
(( )339الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)113/13:
َُٕ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كجهارا أف
ن سرا
كقاؿ "إذا كانوا أكثر من عشرين سنة يقركف ليالن كنهاران ِّ
التوحيد الذم أظهر ىذا الرجل ىو دين اهلل كرسولو ،لكن الناس ال يطيعوننا،
كأف الذم أنكره ىو الشرؾ ،كىو صادؽ في إنكاره ،كلكن لو يسلم من
التكفير كالقتاؿ ،كاف على الحق؛ ىذا كالمهم على رؤكس األشهاد ،ثم مع ىذا
يعادكف التوحيد كمن ماؿ إليو ،العداكة التي تعرؼ ،كلو لم يكفر كيقاتل،
كينصركف الشرؾ نصر الذم تعرؼ ،مع إقرارىم بأنو شرؾ"(َُّ).
كقاؿ" :كلكنهم يجادلونكم اليوـ بشبهة كاحدة ،فأصغوا لجوابها ،كذلك
أنهم يقولوف :كل ىذا حق ،نشهد أنو دين اهلل كرسولو ،إال التكفير ،كالقتاؿ؛
كالعجب ممن يخفى عليو جواب ىذا! إذا أقركا أف ىذا دين اهلل كرسولو ،كيف
ال يكفر من أنكره ،كقتل من أمر بو كحبسهم؟!"(ُُّ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)" :كال نكفر
إال من بلغتو دعوتنا للحق ،ككضحت لو المحجة ،كقامت عليو الحجة ،كأصر
مستكبرا معان ندا ،كغالب من نقاتلهم اليوـ ،يصركف على ذلك اإلشراؾ،
ن
كيمتنعوف من فعل الواجبات ،كيتظاىركف بأفعاؿ الكبائر كالمحرمات؛ كغير
الغالب إنما نقاتلو لمناصرتو من ىذه حالو ،كرضاه بو ،كلتكثير سواد من ذكر،
كالتأليب معو ،فلو حينئذ حكمو في قتالو"(ُِّ).
كقاؿ أبناء الشيخ محمد بن عبد الوىاب" :كأما من بلغتو دعوتنا إلى توحيد
اهلل كالعمل بفرائض اهلل كأبى أف يدخل في ذلك كأقاـ على الشرؾ باهلل كترؾ
فرائض اإلسالـ فهذا نكفره كنقاتلو ،كنشن عليو الغارة ،بل بداره؛ ككل من
قاتلناه فقد بلغتو دعوتنا ،بل الذم نتحقق كنعتقده أف أىل اليمن كتهامة
كالحرمين كالشاـ كالعراؽ قد بلغتهم دعوتنا ،كتحققوا أنا نأمر بإخالص العبادة
هلل ،كننكر ما عليو أكثر الناس ،من اإلشراؾ باهلل من دعاء غير اهلل ،كاالستغاثة
بهم عند الشدائد ،كسؤالهم قضاء الحاجات ،كإغاثة اللهفات؛ كأنا نأمر بإقاـ
الصالة ،كإيتاء الزكاة ،كسائر أمور اإلسالـ؛ كننهى عن الفحشاء كالمنكرات،
كسائر األمور المبتدعات؛ كمثل ىؤالء ال تجب دعوتهم قبل القتاؿ ،فإف النبي
صلى اهلل عليو كسلم أغار على بني المصطلق كىم غاركف ،كغزا أىل مكة بال
إنذار كال دعوة"(ُّّ).
كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب ػ حاكينا ما جرل عندما
أرادكا غزك مكة مع األمير سعود سنة (ُُِٖق) كطلب أشراؼ مكة
كعلماؤىا ككافة العامة األماف ثم دخلوىا من غير قتاؿ ػ" :كلما تمت عمرتنا
جمعنا الناس ضحوة األحد ،كعرض األمير ػ رحمو اهلل ػ على العلماء ما نطلب
من الناس كنقاتلهم عليو ،كىو إخالص التوحيد هلل تعالى كحده .كعرفهم أنو لم
يكن بيننا كبينهم خالؼ لو كقع إال في أمرين :أحدىما :إخالص التوحيد هلل
تعالى ،كمعرفة أنواع العبادة ،كأف الدعاء من جملتها ،كتحقيق معنى الشرؾ،
الذم قاتل الناس عليو نبينا محمد صلى اهلل عليو كسلم .كاستمر دعاؤه برىة
من الزماف بعد النبوة إلى ذلك التوحيد كترؾ اإلشراؾ قبل أف تفرض عليو أركاف
اإلسالـ األربعة .كالثاني :األمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر ،الذم لم يبق
عندىم إال اسمو ،كانمحى أثره كرسمو .فوافقونا على استحساف ما نحن عليو
جملةن كتفصيالن ،كبايعوا األمير على الكتاب كالسنة ،كقبل منهم ،كعفا عنهم
كافة"(ُّْ) .انتهى.
قلت :تكفيرىم كقتالهم للمخالفين فيو إشكاالت :األكؿ :تكفيرىم كقتالهم
ألىل الشرؾ ،كجو اإلشكاؿ :ما ضابط الشرؾ؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا
اإلشكاؿ في فصل :ىل دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؟ الثاني :تكفيرىم
كقتالهم بعد إقامة الحجة عليهم ،كجو اإلشكاؿ :ىل إقامة الحجة تكوف
بمجرد البلوغ؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في فصل :ىل الجهل عذر
مانع من التكفير؟ الثالث :تكفيرىم كقتالهم للمظاىرين ألىل الشرؾ ،كجو
اإلشكاؿ :ىل المظاىرة كفر بال تفصيل؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في
باب الوالء كالبراء.
ُْٕ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
عبد اهلل بن محمد بن سعود ،كشملت نج ندا دكف الحجاز ،كعاد االىتماـ بنشر
الدعوة ،ثم تولى اإلمارة بعد مقتلو ابنو اإلماـ فيصل بن تركي ،ثم تولى اإلمارة
بعد كفاتو ابنو األكبر عبد اهلل بن فيصل ،ثم نافسو أخوه سعود بن فيصل على
اإلمارة ،كضعفت إمارتهم نتيجة االختالؼ ،ثم آلت اإلمارة إلى محمد بن
رشيد بالغدر ،كىكذا انتهت الدكلة السعودية الثانية.
كلما خشي اإلماـ عبد الرحمن بن فيصل بن تركي على نفسو من الغدر
خرج بأىلو من الرياض كاستقر في الكويت ،ثم توفي محمد بن رشيد كتولى
اإلمارة بعده ابن أخيو عبد العزيز بن متعب بن رشيد .ثم بعد سنوات قامت
الدكلة السعودية الثالثة على يد اإلماـ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن
تركي حيث قدـ من الكويت كقضى على إمارة ابن رشيد ،كشملت دكلتو نج ندا
كبيرا.
اىتماما ن
ن كالحجاز ،كاىتمت بنشر الدعوة
كمنهج الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو األكائل يقتضي اعتقاد
أنفسهم أنهم ىم أىل الدعوة اإلسالمية دكف غيرىم كأف دكلتهم ىي الدكلة
اإلسالمية دكف غيرىا من الدكؿ.
قاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق):
"فأىل نجد اليوـ أىل الدعوة اإلسالمية ،كمن أخذ عنهم"(ُّٓ) .انتهى.
كمنهج الشيخ محمد بن عبد الوىاب يقتضي تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية،
كلكنو لم ينص على ذلك؛ ألنو لم تحصل المصادمة معهم لعدـ نفوذىم على نجد.
كبعد موت الشيخ محمد بن عبد الوىاب توسع نفوذ الدكلة السعودية،
كحصلت المصادمة مع الخالفة العثمانية ،فاستوجب ذلك النص من أتباعو
على تكفيرىم كقتالهم.
قاؿ اإلماـ سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود في رده على رسالة
سليماف باشا كالي بغداد التابع للخالفة العثمانية سنة (ُِِٓق)":كإنما نقاتل
كنكفر من أشرؾ باهلل"(ُّٔ).
كقاؿ" :كأما إف دمتم على حالكم ىذه ،كلم تتوبوا من الشرؾ ،الذم أنتم
عليو ،كتلتزموا دين اهلل الذم بعث اهلل بو رسولو ،كتتركوا الشرؾ كالبدع
كالمحدثات ،لم نزؿ نقاتلكم ،حتى تراجعوا دين اهلل القويم ،كتسلكوا صراطو
وى ٍم ىحتَّى ال تى يكو ىف فً ٍتػنىةه (كقىاتًلي ي
المستقيم ،كما أمرنا اهلل بذلك ،حيث يقوؿ :ى
ً ًً
ثين ىح ٍي ي ّْين يكلُّوي للَّو) [األنفاؿ ،]ّٗ:كقاؿ تعالى( :فىاقٍػتيػليوا ال يٍم ٍش ًرك ى ىكيى يكو ىف الد ي
ص ود فىًإ ٍف تىابيوا ىكأىقى ياموا كى ٍم ىكاقػٍعي يدكا لى يه ٍم يك َّل ىم ٍر ى
ص ير ي
اح ي
كى ٍم ىك ٍ
وى ٍم ىك يخ يذ ي
ىك ىج ٍدتي يم ي
الزىكاةى فى ىخلُّوا ىسبًيلى يه ٍم) [التوبة.)ُّٕ("]ٓ: الصالةى ىكآتىػ يوا َّ
َّ
كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب
(تُِّٗق) في رسالة لو إلى الشيخ حمد بن عتيق بشأف استعانة اإلماـ عبد
اهلل بن فيصل بالعثمانيين ضد أخيو سعود بن فيصل في حوادث سنة ُِٖٗق
تقريبنا" :كعبد اهلل لو كالية كبيعة شرعية في الجملة ،ثم بدا لي بعد ذلك أنو
كاتب الدكلة الكافرة كاستنصرىا كاستجلبها على ديار المسلمين"(ُّٖ).
(( )316الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)311/1:
(( )317الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)313-312/1:
(( )318الدرر السنية يف األجوبة النجدية.)391/8:
ُٕٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كتمكين ،كبنودىم تخفق شرقنا كغربنا ،جنوبنا كشماالن ،حتى دىمهم ما دىمهم،
من الحوادث العظاـ ،التي أزعجت القلوب ،كزلزلتهم من األكطاف ،عقوبة
قدرية ،سببها ارتكاب الذنوب كالمعاصي؛ ألف من عصى اهلل كىو يعرفو سلط
اهلل عليو من ال يعرفو .كالفتنة التي حلت بهم ىي فتنة العساكر التركية
كالمصرية ،فانتثر نظاـ اإلسالـ ،كشتت أنصاره كأعوانو ،كارتحلت الدكلة
اإلسالمية"(ِِّ) .انتهى.
قلت :تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية فرع عن تكفير كقتاؿ المخالفين،
كعلى ىذا فاإلشكاالت في تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية ىي نفسها
اإلشكاالت المذكورة في تكفير كقتاؿ المخالفين.
كمن ذلك :رسالتو للسويدم ،يقوؿ الشيخ" :كلبسوا على العواـ أف ىذا
خالؼ ما عليو أكثر الناس ،ككبرت الفتنة ،كأجلبوا علينا بخيل الشيطاف
كرجلو"(ِّٓ) .انتهى.
كأعظم افتراء على الشيخ تسمية دعوتو بالدعوة الوىابية.
كالوىابية :فرقة ضالة سميت بذلك نسبة لمؤسسها عبد الوىاب بن عبد
الرحمن بن رستم (ت نحو َُٗ ق) ،كىي متفرعة عن الرستمية المتفرعة عن
اإلباضية المتفرعة عن الخوارج(ِّٔ).
كتميز مؤسس ىذه الفرقة بإحداث تغيرات كبرل في الدين ،كمن ذلك إلغاء
الحج ،كحصل بينو كبين معارضيو حركب سفكت فيها كثير من الدماء .كمكاف
ىذه الفرقة مدينة تاىرت بالشماؿ األفريقي ،كأفتى علماء األندلس كشماؿ
إفريقيا في ذـ الوىابية كالتحذير منها.
كأعداء الدعوة السلفية سموىا بالدعوة الوىابية ،كنشركا فتاكل علماء
إيهاما للناس بأف الدعوة
األندلس كشماؿ إفريقيا في ذـ الوىابية كالتحذير منها ن
السلفية ىي المقصودة بذـ ىؤالء العلماء كتحذيرىم ،ككصلت ىذه التسمية
إلى أنحاء المعمورة ،كصار مجرد التسمية كافينا لتنفير الناس عن الدعوة
بناء على ىذه التسمية
السلفية .ككثير من علماء المسلمين يذموف ىذه الدعوة ن
ُُٖ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
كسلم ،كدليلهم على ىذه التهمة عبارات مختلفة تقتضي التنقص منسوبة لو،
ككلها مفتريات عليو .كمنها :اتهامو بأنو مجسم ،كمرادىم أنو يمثل اهلل تعالى
بالمخلوقين ،كدليلهم على ىذه التهمة إثباتو لصفات اهلل تعالى الواردة في
الكتاب كالسنة كصفة االستواء على العرش ،فمجرد اإلثبات عندىم تجسيم،
زيادة على إثبات صفات لم ترد في الكتاب كالسنة تقتضي التجسيم منسوبة
لو ،ككلها مفتريات عليو .كمنها :اتهامو بأنو يتنقص األكلياء ،كدليلهم على ىذه
التهمة أنو يمنع من دعائهم كالتقرب إليهم ،فمجرد المنع من دعائهم عندىم
تنقص ،زيادة على عبارات مختلفة تقتضي التنقص منسوبة لو ،مثل إنكار
كرامات األكلياء ،ككلها مفتريات عليو .كالشيخ كأتباعو قد ردكا على ىذه
االفتراءات كغيرىا .كنتج عن الصراع بين الدعوة السلفية في نجد كالمخالفين
لهم تأليف كتب كثيرة من المخالفين كتأليف كتب كثيرة من المدافعين.
غالب المسلمين كقعوا في الشرؾ كلكن ال يحكم عليهم بأنهم مشركوف كفار
لجهلهم ،كأما بعد ظهور الدعوة فإنو يكفر بالعموـ صراحة بحجة ظهور
الدعوة ،كىكذا أتباعو ينفوف ىذه التهمة عن الشيخ قبل ظهور الدعوة ،كال
ينفونها عن أنفسهم؛ ألنهم يكفركف بالعموـ صراحة بحجة ظهور الدعوة .كتقدـ
الكالـ عن ىذا في فصل :ىل من أشرؾ في العبادة كافر؟
ُْٖ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
الخاتمة
كعلى ىذا فالخالؼ في األصل األكؿ كفي األصل الثاني خارج عن موضع
خاصا بالدعوة السلفية المتمثلة في تجديد شيخ
البحث؛ ألنو ليس خالفنا ِّ
اإلسالـ كالشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو ،كالخالؼ في األصل الثالث
ىو موضع البحث؛ ألنو خالؼ خاص بهذه الدعوة السلفية.
كعالج ىذا الخالؼ ىو حصر أىم مسائل الخالؼ ،كتحريرىا تحري نرا
جماعيِّا ،من غير نظرة عدائية ،كيكوف ىدؼ التحرير معرفة أقواؿ السلف
كأكائل أئمة الدعوة السلفية في ىذه المسائل ،فإذا كانت أقواؿ شيخ اإلسالـ
كالشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو تتفق مع أقواؿ السلف كأكائل أئمة
الدعوة السلفية فهي حق ،كإذا كانت ال تتفق فالحق أقواؿ السلف كأكائل أئمة
الدعوة السلفية.
كينحصر خالؼ السلفيين فيما بينهم في األصل الثالث؛ ألف كل طرؼ
يزعم أف قولو ىو الموافق لقوؿ السلف كأكائل أئمة الدعوة السلفية ،كعلى ىذا
تحريرا جماعيِّا ،من غير
ن فالعالج ىو حصر أىم مسائل الخالؼ ،كتحريرىا
نظرة عدائية ،كيكوف ىدؼ التحرير معرفة أقواؿ السلف كأكائل أئمة الدعوة
السلفية في ىذه المسائل ،كاألقواؿ الحق ىي التي تتفق مع أقواؿ السلف
كأكائل أئمة الدعوة السلفية.
ً
كمن ثى َّم إذا تبين القوؿ الحق في ىذه المسائل يتم االجتماع عليو.
كاهلل أعلم.
كصلى اهلل كسلم على نبينا محمد كعلى آلو كصحبو أجمعين.
ُٖٔ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
المحتويات
مقدمة ّ ...........................................................................
محاكر الكتابْ ...................................................................
تمهيد يتضمن التعريف بالدعوة السلفية ٓ ...........................................
نشأة الدعوة السلفية ٔ ...........................................................
حقيقة الدعوة السلفية ٕ .........................................................
تجديد الدعوة السلفية ٖ .........................................................
انتشار الدعوة السلفية ٗ .........................................................
ثناء العلماء على المجدد األكؿ للدعوة السلفية َُ ...............................
ثناء العلماء على المجدد الثاني للدعوة السلفية ُِ ...............................
اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية ُّ .......................................
آثار اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية ُٓ ...................................
مدخل يتضمن التعريف بمبادئ الدعوة السلفية ُٕ ..................................
الدين الحق ُٖ .................................................................
الفرقة التي على الحقُٗ ........................................................
مصادر الحق ِِ ................................................................
المنهج الحق ِّ ................................................................
أبواب تتضمن أىم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية ِٔ .......................
تنبيهات ِٖ .......................................................................
ُٕٖ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ُٖٖ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
ُٖٗ
أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية
َُٗ