‎⁨أهم الإشكالات العلمية في الدعوة السلفية⁩

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 190

‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫أىم اإلشكاالت العلمية‬


‫في الدعوة السلفية‬

‫كتبو‬
‫خالد بن عبد اهلل باحميد األنصارم‬
‫مؤسس اتحاد طلبة العلم في حضرموت‬

‫تاريخ النشر األكؿ‪ُّْٗ/ُ/ُٔ :‬ق‪ ،‬الموافق‪َُِٕ/َُ/ٔ:‬ـ‬

‫تاريخ النشر الثالث‪ُُْْ/ُ/ِٗ:‬ق‪ ،‬الموافق‪َُِٗ/ٗ/ِٖ:‬ـ‬

‫ِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫مقدمة‬

‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬كالصالة كالسالـ على نبينا محمد كعلى آلو‬
‫كصحبو أجمعين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فكنت كما زلت ػ بفضل من اهلل تعالى ػ أدعو إلى االجتماع على الحق؛‬
‫لكي تخرج األمة من أزماتها المتالحقة بها‪ ،‬كأرل أف ىذا االجتماع لن يتحقق‬
‫إال بنقد الدعوة السلفية أم بتتبع اإلشكاالت العلمية فيها التي أدت إلى تفرؽ‬
‫أىلها‪.‬‬
‫كىم‬
‫عموما َّ‬
‫ىم األمة ن‬
‫ككنت آمل أف يتعاكف معي المصلحوف الذين يحملوف َّ‬
‫كجدت الخذالف من‬
‫ي‬ ‫خصوصا‪ ،‬فتواصلت مع من تيسر منهم‪ ،‬لكني‬
‫ن‬ ‫االجتماع‬
‫أكثرىم‪ ،‬بل كالمحاربة من بعضهم‪.‬‬
‫كرأيت أف المصلحة تقتضي تأليف كتاب في أىم اإلشكاالت العلمية في‬
‫الدعوة السلفية؛ رجاء أف يدرؾ المصلحوف أىمية تتبع اإلشكاالت العلمية‬
‫كاستحالة أف يتحقق االجتماع على الحق قبل حل تلك اإلشكاالت‪.‬‬
‫كاهلل الموفق‪.‬‬

‫ّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫محاكر الكتاب‬

‫يحتوم الكتاب ػ بعد المقدمة ػ على أربعة محاكر‪:‬‬


‫المحور األكؿ‪ :‬تمهيد يتضمن التعريف بالدعوة السلفية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬مدخل يتضمن التعريف بمبادئ الدعوة السلفية‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬أبواب تتضمن أىم اإلشكاالت العلمية في الدعوة‬
‫السلفية‪.‬‬
‫المحور الرابع‪ :‬تتمة تتعلق بالدعوة السلفية في نجد‪.‬‬
‫كينتهي الكتاب ػ بعد المحاكر ػ بخاتمة‪.‬‬

‫ْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫تمهيد يتضمن التعريف بالدعوة السلفية‬

‫كفيو ثمانية مباحث‪:‬‬


‫المبحث األكؿ‪ :‬نشأة الدعوة السلفية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حقيقة الدعوة السلفية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تجديد الدعوة السلفية‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬انتشار الدعوة السلفية‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬ثناء العلماء على المجدد األكؿ للدعوة السلفية‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬ثناء العلماء على المجدد الثاني للدعوة السلفية‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬آثار اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‪.‬‬

‫ٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫نشأة الدعوة السلفية‬


‫خير من فهم الدين من الكتاب كالسنة ىم الصحابة رضي اهلل عنهم‪.‬‬
‫ثم التابعوف كأتباع التابعين انقسموا في فهم الدين إلى قسمين‪ :‬أىل السنة‪،‬‬
‫كأىل البدع‪ ،‬كأىل السنة ىم الفرقة التي على الحق‪ ،‬كىم الجمهور‪ ،‬كمن‬
‫أئمتهم أبو حنيفة (تَُٓق) كمالك (تُٕٗق) رحمهما اهلل تعالى‪.‬‬
‫فهؤالء ىم السلف الصالح الصحابة كأئمة التابعين كأتباع التابعين‪.‬‬
‫ثم المنتسبوف ألىل السنة بعد التابعين كأتباع التابعين إلى نهاية المائة الثالثة‬
‫انقسموا في فهم الدين إلى قسمين‪ :‬متابعوف للسلف‪ ،‬كمخالفوف لهم‪،‬‬
‫كالمتابعوف للسلف ىم الذين على الحق‪ ،‬كىم الجمهور‪ ،‬كمن أئمتهم الشافعي‬
‫(تَِْق) كأحمد (تُِْق) رحمهما اهلل تعالى‪.‬‬
‫كأئمة المتابعين للسلف ىم أكائل أئمة الدعوة السلفية‪.‬‬
‫كعلى ىذا فنشأة الدعوة السلفية كانت بعد السلف الصالح بسبب كجود‬
‫مخالفين لهم في فهم الدين‪.‬‬

‫ٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫حقيقة الدعوة السلفية‬


‫من خالؿ معرفة نشأة الدعوة السلفية يتضح أف حقيقة الدعوة السلفية ىي‬
‫الدعوة إلى اًتّْباع السلف الصالح في فهم الدين‪ ،‬كخصوـ ىذه الدعوة ىم‬
‫المخالفوف للسلف الصالح في فهم الدين‪.‬‬
‫كعلى ىذا فالدعوة السلفية ىي الدعوة الحق‪ ،‬كأما ما سواىا من دعوات‬
‫المنتسبين ألىل السنة فهي دعوة حق بقدر موافقتهم لفهم السلف‪.‬‬

‫ٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫تجديد الدعوة السلفية‬


‫بعد المائة الثالثة بدأ تدريجيِّا يكثر كيتقول المخالفوف للسلف في العقيدة‬
‫كالتوحيد إلى المائة الخامسة‪ ،‬حيث قل كضعف المتابعوف للسلف‪ ،‬كاستمر‬
‫حاؿ المتابعين للسلف من القلة كالضعف إلى المائة بعد األلف‪.‬‬
‫كفي زماف القلة كالضعف يعد شيخ اإلسالـ ابن تيمية (تِٖٕق) رحمو‬
‫اهلل تعالى المجدد األكؿ للدعوة السلفية‪ ،‬كيعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‬
‫(تَُِٔق) رحمو اهلل تعالى المجدد الثاني للدعوة السلفية‪.‬‬
‫كالمجدد في الدعوة ىو من يدعو إلى ما خفي من معالم الدين‪ ،‬كلهذا فإف‬
‫من صفاتو أنو يصدع بما خفي من الحق مع كثرة الخصوـ‪ ،‬كيثبت على دعوتو‬
‫مع كثرة المعاناة‪ ،‬كيضحي ألجلها مع قلة النصير‪ ،‬كىكذا كاف شيخ اإلسالـ‬
‫كالشيخ محمد بن عبد الوىاب في دعوتهما إلى اًتّْباع السلف‪.‬‬
‫كليس من صفات المجدد عدـ كقوعو في األخطاء؛ ألف الوقوع في‬
‫األخطاء ال يسلم منو أحد من علماء المسلمين‪ ،‬كال يقضي على غالب حالو‬
‫من الصواب كالنفع‪ ،‬كلهذا فليس المقصود من كصف الشيخين بالتجديد‬
‫تنزيههما من الوقوع في األخطاء‪.‬‬
‫كيوجد في زماف القلة كالضعف ػ غير ىذين الشيخين ػ من يدعو إلى اًتّْباع‬
‫السلف‪ ،‬كيمكن إطالؽ التجديد عليهم‪ ،‬لكن المقصود ىنا من لو أثر كبير في‬
‫ىذه الدعوة‪ ،‬كعلى ىذا فتجديد الدعوة السلفية في زماف القلة كالضعف مع األثر‬
‫الكبير كاف على يدم شيخ اإلسالـ ابن تيمية كالشيخ محمد بن عبد الوىاب‪.‬‬

‫ٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫انتشار الدعوة السلفية‬


‫يعد شيخ اإلسالـ ابن تيمية المجدد األكؿ للدعوة السلفية‪ ،‬كلكن لم‬
‫تنتشر دعوتو‪ ،‬إال أف أثره الكبير كاف في آثاره العلمية حيث صارت أىم ما أيلّْف‬
‫في الدعوة السلفية في زماف القلة كالضعف‪ .‬كيعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب المجدد الثاني للدعوة السلفية‪ ،‬كأثره الكبير كاف في انتشار دعوتو‪،‬‬
‫كمن أىم مراجع دعوتو اآلثار العلمية لشيخ اإلسالـ ابن تيمية‪.‬‬
‫كمجمل كاقع المسلمين في زماف الشيخ محمد بن عبد الوىاب ىو‬
‫التخلف الكبير في دين الناس كدنياىم؛ فالخرافات منتشرة على أنها دين‪ ،‬كمن‬
‫ذلك دعاء األموات‪ .‬كالمعاصي كالفواحش متفشية مع قلة النكير‪ .‬كاألمن‬
‫مختل‪ ،‬كمن ذلك الحركب بين القبائل كقطع الطريق‪.‬‬
‫كمن أىم األحداث في ذلك الزماف إقامة الدكلة السعودية التي كانت‬
‫بدايتها التعاكف بين الشيخ محمد عبد الوىاب كاألمير محمد بن سعود رحمهما‬
‫اهلل تعالى‪.‬‬
‫كمن ثمار إقامة ىذه الدكلة انتشار الدعوة السلفية في أنحاء المعمورة‪.‬‬
‫كمن ثمار إقامة ىذه الدكلة قطع دابر الخرافات في البقاع التي تحت‬
‫سيطرتها‪ ،‬كانحسار ارتكاب الفواحش‪ ،‬كاستتباب األمن‪.‬‬
‫كعلى ىذا فانتشار الدعوة السلفية كانت ثمرة من ثمار إقامة الدكلة‬
‫السعودية‪.‬‬

‫ٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ثناء العلماء على المجدد األكؿ للدعوة السلفية‬


‫ألف اإلماـ العالمة أبو عبد اهلل ابن ناصر الدين الدمشقي (تِْٖق)‬
‫كتابنا حافالن‪ ،‬عنوانو (الرد الوافر) نقل فيو أقواؿ العلماء من أتباع المذاىب‬
‫األربعة في الثناء على شيخ اإلسالـ ابن تيمية(ُ)‪ ،‬سأنقل أربعة أقواؿ ألربعة‬
‫علماء من أتباع المذاىب األربعة‪:‬‬
‫قاؿ اإلماـ العالمة أبو عبد اهلل ابن الحريرم الحنفي (تِٖٕق)‪" :‬إف لم‬
‫يكن ابن تيمية شيخ اإلسالـ فمن؟!"(ِ)‪.‬‬
‫كقاؿ اإلماـ العالمة أبو الفتح ابن دقيق العيد المالكي الشافعي‬
‫اجتمعت بابن تيمية رأيت رجالن العلوـ كلها بين عينيو يأخذ‬
‫ي‬ ‫(تَِٕق)‪" :‬لما‬
‫منها ما يريد كيدع ما يريد"(ّ)‪.‬‬
‫كقاؿ اإلماـ العالمة أبو المعالي ابن الزملكاني الشافعي (تِٕٕق)‪" :‬كاف‬
‫إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي كالسامع أنو ال يعرؼ غير ذلك الفن‪،‬‬
‫كحكم أف أح ندا ال يعرؼ مثلو‪ .‬ككاف الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معو‬
‫استفادكا في مذاىبهم منو ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك‪ ،‬كال يعرؼ أنو ناظر‬
‫أح ندا فانقطع معو‪ ،‬كال تكلم في علم من العلوـ سواء كاف من علوـ الشرع أك‬
‫غيرىا إال فاؽ فيو أىلو كالمنسوبين إليو"(ْ)‪.‬‬

‫(‪ )1‬أُطلِق اسم شيخ اإلسالم على عدد من العلماء قبل ابن تيمية وبعده‪ ،‬واختلف يف سبب إطالق ىذا‬
‫االسم‪ ،‬وأشهر األقوال يف ذلك أن سببو التبحر يف العلم‪ ،‬ومعىن شيخ اإلسالم شيخ يف اإلسالم أي‬
‫باعتبار املعرفة واملرجعية‪.‬‬
‫(‪( )2‬الرد الوافر‪.)25:‬‬
‫(‪( )3‬الرد الوافر‪.)59:‬‬
‫(‪( )4‬الرد الوافر‪.)58:‬‬
‫َُ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ اإلماـ العالمة أبو عبد اهلل ابن عبد الهادم الحنبلي (تْْٕق)‪:‬‬
‫"ىو الشيخ الرباني‪ ،‬إماـ األئمة‪ ،‬كمفتي األمة‪ ،‬كبحر العلوـ‪ ،‬سيد الحفاظ‪،‬‬
‫كفارس المعاني كاأللفاظ‪ ،‬فريد العصر‪ ،‬كحيد الدىر‪ ،‬شيخ اإلسالـ‪ ،‬بركة األناـ‪،‬‬
‫عالمة الزماف‪ ،‬كترجماف القرآف‪ ،‬علم الزىاد‪ ،‬كأكحد العباد‪ ،‬قامع المبتدعين‪،‬‬
‫كآخر المجتهدين"(ٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )5‬الرد الوافر‪.)33:‬‬


‫ُُ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ثناء العلماء على المجدد الثاني للدعوة السلفية‬


‫قاؿ عالمة الشاـ الشيخ محمد بهجة البيطار (تُُِّق)‪" :‬ليس‬
‫للوىابية كال لإلماـ محمد بن عبد الوىاب مذىب خاص‪ ،‬كلكنو رحمو اهلل كاف‬
‫مجددا لدعوة اإلسالـ"(ٔ)‪.‬‬
‫ن‬
‫كقاؿ عالمة الشاـ محمد كرد علي (تُِّٕق)‪" :‬كما ابن عبد الوىاب‬
‫إال داعية‪ ،‬ىداىم من الضالؿ‪ ،‬كساقهم إلى الدين السمح‪ .‬كإذا بدت شدة من‬
‫بعضهم فهي ناشئة من نشأة البادية‪ ،‬كقلما رأينا شعبنا من أىل اإلسالـ يغلب‬
‫عليو التدين كالصدؽ كاإلخالص مثل ىؤالء القوـ‪ ،‬كقد اختبرنا عامتهم‬
‫كخاصتهم سنين طويلة‪ ،‬فلم نرىم حادكا عن اإلسالـ قيد غلوة‪ ،‬كما يتهمهم بو‬
‫أعداؤىم فزكر ال أصل لو"(ٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ المؤرخ حافظ كىبة (تُّٕٖق)‪" :‬مصلح مجدد‪ ،‬داع إلى الرجوع‬
‫إلى الدين الحق‪ ،‬فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة‪ ،‬كال آراء خاصة"(ٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ المؤرخ خير الدين الزركلي (تُّٔٗق)‪" :‬ككانت دعوتو كقد جهر بها‬
‫سنة ُُّْق َُّٕـ الشعلة األكلى لليقظة الحديثة في العالم اإلسالمي كلو‪،‬‬
‫تأثر بها رجاؿ اإلصالح في الهند كمصر كالعراؽ كالشاـ كغيرىا‪ ،‬فظهر اآللوسي‬
‫الكبير في بغداد‪ ،‬كجماؿ الدين األفغاني بأفغانستاف‪ ،‬كمحمد عبده بمصر‪،‬‬
‫كجماؿ الدين القاسمي بالشاـ‪ ،‬كخير الدين التونسي بتونس‪ ،‬كصديق حسن خاف‬
‫في بهوباؿ‪ ،‬كأمير علي في كلكتة‪ ،‬كلمعت أسماء آخرين"(ٗ)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )6‬حياة شيخ اإلسالم ابن تيمية‪.)233:‬‬


‫(‪( )7‬القدمي واحلديث‪.)123:‬‬
‫(‪( )8‬جزيرة العرب يف القرن العشرين‪.)323-322:‬‬
‫(‪( )9‬األعالم‪.)257/6:‬‬
‫ُِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬


‫مرادم باإلشكاالت العلمية األقواؿ التي ظاىرىا أخطاء‪.‬‬
‫كليس ثمت إشكاالت في بداية الدعوة السلفية؛ ألف أكائل أئمتها العلماء‬
‫فردا منهم‪.‬‬
‫المتابعوف للسلف الذين يمثلوف أىل الحق في زمانهم‪ ،‬كليس ن‬
‫كالذين يمثلوف أىل الحق معصوموف من االجتماع على الخطأ؛ فما أجمعوا‬
‫عليو فهو حق‪ ،‬كما اختلفوا فيو فالحق ال يخرج عن اختالفهم‪.‬‬
‫كأما الدعوة السلفية في القرف الثامن فإف مجددىا فرد كاحد‪ ،‬كىو شيخ‬
‫اإلسالـ ابن تيمية‪ .‬كالدعوة السلفية في القرف الثاني عشر مجددىا فرد كاحد‪،‬‬
‫كىو الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ .‬كالفرد غير معصوـ من الخطأ‪ ،‬كلهذا فإف‬
‫الدعوة السلفية المتمثلة بتجديد ابن تيمية كابن عبد الوىاب قابلة لإلشكاالت‪.‬‬
‫كاإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية؛ منها إشكاالت غير حقيقية أم‬
‫إشكاالت في فهم الناقد للدعوة‪ ،‬كليست إشكاالت في الدعوة‪ ،‬كحل ىذه‬
‫اإلشكاالت يكوف بتصحيح فهم الناقد‪ .‬كمنها إشكاالت حقيقية‪ ،‬تارة تكوف‬
‫إشكاالت في دعوة شيخ اإلسالـ ابن تيمية‪ ،‬كتارة تكوف في دعوة الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كتارة تكوف في دعوة األتباع أعني أئمة الدعوة السلفية‬
‫بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كىذه اإلشكاالت ىي أ ه‬
‫قواؿ مخالفةه ألقواؿ‬
‫السلف كأكائل أئمة الدعوة السلفية‪ ،‬كحلها يكوف بتصحيح الدعوة أم برد‬
‫األقواؿ المخالفة من غير أف ينقص ذلك من قدرىم‪.‬‬
‫مت أئمة الدعوة السلفية بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب إلى متقدمين‬
‫كقس ي‬
‫َّ‬

‫ُّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كمتأخرين‪ ،‬كينتهي المتقدموف بالشيخ محمد بن إبراىيم آؿ الشيخ رحمو اهلل‬


‫تعالى (تُّٖٗق) كأقرانو‪ ،‬كيبدأ المتأخركف بالشيخ عبد العزيز ابن باز رحمو‬
‫اهلل تعالى (تَُِْق) كأقرانو‪.‬‬
‫كخالصة الكالـ‪ :‬توجد إشكاالت علمية في الدعوة السلفية المتمثلة‬
‫بتجديد ابن تيمية كابن عبد الوىاب‪ ،‬ككجود اإلشكاالت يقتضي تصحيح‬
‫الدعوة مع تقدير رموزىا‪ ،‬ال ىدـ الدعوة كإسقاط رموزىا‪.‬‬

‫ُْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫آثار اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬


‫قمت برحلة استكشافية لواقع األمة اإلسالمية من خالؿ سفرم من المملكة‬
‫العربية السعودية لبعض الدكؿ‪ ،‬ككاف ذلك سنة َُْٗق‪ ،‬كاستغرقت الرحلة‬
‫ثالث سنوات‪ ،‬كلمست انتشار الدعوة السلفية‪ ،‬كلفت نظرم كجود اإلشكاالت‬
‫العلمية في الدعوة‪ ،‬إال أف آثار اإلشكاالت في ذلك الوقت قليلة؛ لوجود رموز‬
‫كبيرة في الدعوة كالشيخ ابن باز كالشيخ ابن عثيمين رحمهما اهلل تعالى‪.‬‬
‫كبعد عودتي من الرحلة تكلمت في مناسبات عدة أنو سيحصل اختالؼ‬
‫كبير بعد موت الرموز؛ ألف الرموز موضع ثقة عند السلفيين‪ ،‬فمجرد الرجوع‬
‫إليهم يخفف من ظهور آثار اإلشكاالت‪ ،‬كلكن بموتهم تظهر آثار اإلشكاالت‪،‬‬
‫كىذا الذم قد حصل فيما بعد‪.‬‬
‫كيمكن تلخيص آثار اإلشكاالت العلمية في جانبين‪:‬‬
‫الجانب األكؿ‪ :‬السلفيوف أنفسهم‪ ،‬حيث حصل اختالؼ كبير بينهم‪،‬‬
‫كترتب على ىذا تعدد االنقسامات بينهم‪ ،‬كل قسم يدعي أنو ىو السلفي‬
‫الحقيقي كغيره السلفي المزيف‪ ،‬كنتج عن ىذا كجود حيرة في كثير منهم‪،‬‬
‫كأدل ىذا إلى انسحاب بعضهم من االنتماء للسلفية‪ ،‬بل كمعاداتها‪.‬‬
‫الجانب الثاني‪ :‬المخالفوف للسلفيين‪ ،‬حيث منهم من يرغب في االنتماء‬
‫للسلفية‪ ،‬كلكن اإلشكاالت تحملو على التردد‪ ،‬كمنهم من جعل اإلشكاالت‬
‫أدلة على عدـ صحة الدعوة السلفية‪ ،‬كجعل كاقع السلفيين من االنقسامات‬
‫مؤك ندا على ذلك‪.‬‬

‫ُٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كنت ػ بعد عودتي من الرحلة في حياة رموز الدعوة ػ أنبو بعض المهتمين‬
‫ك ي‬
‫بالدعوة إلى كجود اإلشكاالت‪ ،‬كالضركرة من تتبعها كحلها قبل ظهور آثارىا‪،‬‬
‫لكن لم يلتفت إلى كالمي‪.‬‬
‫كثيرا من المهتمين بالدعوة ػ بعد موت الرموز كظهور آثار‬
‫كمن المؤسف أف ن‬
‫اإلشكاالت ػ يركزكف على نقد ناقدم الدعوة دكف التركيز على نقد الدعوة‪،‬‬
‫كبالتالي يغلب عليهم الحرص على تصحيح فهم الناقد للدعوة دكف الحرص‬
‫على تصحيح الدعوة‪ ،‬بل كقد يصاحب ىذا التصحيح تسفيو الناقد أك اتهامو‬
‫بسوء النية كإرادة ىدـ الدعوة أك إسقاط رموزىا‪ .‬كىذا قد يؤدم مستقبالن إلى‬
‫عودة الدعوة السلفية إلى القلة كالضعف‪ ،‬كذلك بتزايد المنسحبين من‬
‫المنتمين إليها‪.‬‬
‫كخالصة الكالـ‪ :‬مصلحة الدعوة تقتضي تتبع اإلشكاالت العلمية كحلها؛‬
‫حتى يتبين الحق فيتم االجتماع عليو‪.‬‬

‫ُٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫مدخل يتضمن التعريف بمبادئ الدعوة السلفية‬

‫كفيو أربعة مباحث‪:‬‬


‫المبحث األكؿ‪ :‬الدين الحق‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الفرقة التي على الحق‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مصادر الحق‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬المنهج الحق‪.‬‬
‫كأذكر في ىذه المباحث ما تيسر من كالـ شيخ اإلسالـ ابن تيمية ككالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬ثم أذكر خالصة كالمهما‪.‬‬

‫ُٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الدين الحق‬
‫ك ىسبًيلى يه ٍم ًم ىن الٍ ىق ىر ًامطىًة‬‫ىف الٍ ىف ىال ًس ىفةى ىكىم ٍن ىسلى ى‬‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىك ىما أ َّ‬
‫الرجل بً ًدي ًن الٍمسلً ًمين كالٍيػه ً‬ ‫كاالتحادية كنىح ًو ًىم يج ي ً‬
‫ود‬ ‫ي ٍ ى ى ىي‬ ‫وز ع ٍن ىد يى ٍم أى ٍف يىػتى ىديَّ ىن َّ ي ي‬ ‫ى ٍ ٍ ىي‬
‫اطننا كظى ً‬ ‫ً ً‬ ‫ًً‬ ‫ً ً‬
‫اى نرا‬ ‫ين؛ فى ىم ٍن لى ٍم ييق َّر بى ى‬ ‫ىف ىى ىذا يكلَّوي يك ٍف هر باتّْػ ىفاؽ ال يٍم ٍسلم ى‬
‫وـ أ َّ‬
‫ارل‪ .‬ىكىم ٍعلي ه‬ ‫َّص ى‬‫ىكالن ى‬
‫س بً يم ٍسلً وم"(َُ)‪.‬‬ ‫ً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً َّ َّ‬
‫بأىف اللوى ىال يىػ ٍقبى يل ديننا س ىول ٍاإل ٍس ىالـ فىػلىٍي ى‬
‫ًً‬ ‫ض ًطرا ًر ًمن ًدي ًن الٍمسلً ًم ً ً ً‬ ‫كقاؿ‪" :‬كم ٍعلي ً‬
‫ين أ َّ‬
‫ىف‬ ‫ين ىكباتّْػ ىفاؽ ىجمي ًع ال يٍم ٍسلم ى‬ ‫يٍ ى‬ ‫وـ بًاال ٍ ى ٍ‬ ‫ىى ه‬
‫صلَّى اللَّوي‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫اع غىٍي ًر ًدي ًن ًٍ‬
‫اإل ٍس ىالًـ أى ًك اتّْػبى ى‬
‫اع ىش ًر ىيعة غىٍي ًر ىش ًر ىيعة يم ىح َّمد ى‬ ‫غ اتّْػبى ى‬
‫ىم ٍن ىس َّو ى‬
‫ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم فىػ يه ىو ىكافً هر"(ُُ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب في سياقو لنواقض اإلسالـ‪" :‬التاسع‪:‬‬
‫من اعتقد أف بعض الناس يسعو الخركج عن شريعة محمد صلى اهلل عليو كسلم‬
‫كما كسع الخضر الخركج عن شريعة موسى عليو السالـ فهو كافر"(ُِ)‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫خالصة كالمهما‪ :‬الدين الحق ىو اإلسالـ ال غير‪ ،‬كمن اعتقد غير ذلك‬
‫فهو كافر‪.‬‬

‫(‪( )13‬جمموع الفتاوى‪.)463/27:‬‬


‫(‪( )11‬جمموع الفتاوى‪.)524/28:‬‬
‫(‪( )12‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)362-361/2:‬‬
‫ُٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الفرقة التي على الحق‬


‫ً‬ ‫و‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬لى َّما أى ٍخبىػ ىر النَّبً ُّي أ َّ‬
‫ىف أ َّيمتىوي ىستىػ ٍفتى ًر يؽ ىعلىى ثىىالث ىك ىس ٍبع ى‬
‫ين‬
‫اعةي‪ ،‬كفًي ح ًد و‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(ى ٍم‬
‫اؿ‪ :‬ي‬ ‫يث ىع ٍنوي أىنَّوي قى ى‬ ‫ٍج ىم ى ى ى‬ ‫ف ٍرقىةن يكلُّ ىها في النَّا ًر َّإال ىكاح ىدةه‪ ،‬ىكى ىي ال ى‬
‫ً‬
‫س يكو ىف بً ًٍ‬
‫اإل ٍس ىالًـ‬ ‫ار ال يٍمتى ىم ّْ‬
‫صى‬ ‫ىص ىحابًي) ى‬ ‫ىم ٍن ىكا ىف ىعلىى مثٍ ًل ىما أىنىا ىعلىٍي ًو الٍيىػ ٍوىـ ىكأ ٍ‬
‫اع ًة"(ُّ)‪.‬‬
‫ٍج ىم ى‬ ‫ب يىم أ ٍىىل ُّ ً‬
‫السنَّة ىكال ى‬ ‫الش ٍو ٍ ي‬
‫ص ىع ًن َّ ً‬ ‫ٍخالً ً‬ ‫ال ىٍم ٍح ً‬
‫ض ال ى‬
‫كقاؿ‪" :‬كاإلسناد من خصائص ىذه األمة‪ ،‬كىو من خصائص اإلسالـ‪ ،‬ثم‬
‫ىو في اإلسالـ من خصائص أىل السنة"(ُْ)‪.‬‬
‫َّاس بًأى ٍف تى يكو ىف ًىي ال ًٍفرقىةي الن ً‬
‫َّاجيىةي أ ٍىى يل‬ ‫ىح َّق الن ً‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكبً ىه ىذا يىػتىبىػيَّ ين أ َّ‬
‫ى ٍ‬ ‫ىف أ ى‬
‫صلَّى اللَّوي‬ ‫صبو ىف لىوي َّإال رس ى ً‬ ‫يث ك ُّ ً َّ ً‬ ‫ال ً ً‬
‫وؿ اللَّو ى‬ ‫ىي‬ ‫س لى يه ٍم ىم ٍتبيوعه يىػتىػ ىع َّ ي‬ ‫ين لىٍي ى‬‫السنَّة؛ الذ ى‬ ‫ٍحد ى‬ ‫ى‬
‫َّاس بًأىقػٍوالً ًو كأىحوالً ًو‪ ،‬كأى ٍعظىمهم تىميًيزا بػين ص ًح ً‬ ‫ً‬
‫يح ىها‬ ‫ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم‪ ،‬ىك ٍىم أى ٍعلى يم الن ً ى ى ٍ ى ى ي ي ٍ ٍ ن ى ٍ ى ى‬
‫ص ًدي نقا ىك ىع ىم نال‬ ‫يم ىها‪ ،‬ىكأىئً َّمتيػ يه ٍم فيػ ىق ىهاءي فً ىيها‪ ،‬ىكأ ٍىى يل ىم ٍع ًرفى وة بً ىم ىعانً ىيها ىكاتّْػبى ن‬
‫اعا لى ىها تى ٍ‬ ‫كس ًق ً‬
‫ىى‬
‫اد ىاىا"(ُٓ)‪.‬‬ ‫اداةن لً ىم ٍن ىع ى‬ ‫ىك يحبِّا ىكيم ىو ىاالةن لً ىم ٍن ىك ىاال ىىا ىكيم ىع ى‬
‫كقاؿ‪" :‬كلم يظهر دين محمد صلى اهلل عليو كسلم قط على غيره من‬
‫األدياف إال بأىل السنة‪ ،‬كما ظهر في خالفة أبي بكر كعمر كعثماف رضي اهلل‬
‫ظهورا لم يحصل لشيء من األدياف‪ ،‬كعلي رضي اهلل عنو مع أنو من‬
‫ن‬ ‫عنهم‬
‫الخلفاء الراشدين‪ ،‬كمن سادت السابقين األكلين‪ ،‬فلم يظهر في خالفتو دين‬

‫(‪( )13‬جمموع الفتاوى‪.)159/3:‬‬


‫(‪( )14‬منهاج السنة النبوية‪.)37/7:‬‬
‫(‪( )15‬جمموع الفتاوى‪.)347/3:‬‬
‫ُٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫اإلسالـ‪ ،‬بل كقعت الفتنة بين أىلو‪ ،‬كطمع فيهم عدكىم من الك ٌفار كالنصارل‬
‫عرؼ أىل علم كدين‪ ،‬كال أىل‬
‫كالمجوس بالشاـ كالمشرؽ‪ ،‬كأما بعد علي فلم يي ى‬
‫يد كسيف‪ ،‬نصر اهلل بهم اإلسالـ إال أىل السنة"(ُٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كنعتقد أيضان أف أمة محمد صلى اهلل‬
‫عليو كسلم المتبعين لسنتو ال تجتمع على ضاللة‪ ،‬كأنو ال تزاؿ طائفة من أمتو‬
‫على الحق منصورة ال يضرىم من خذلهم كال من خالفهم حتى يأتي أمر اهلل‬
‫كىم على ذلك"(ُٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كىل يتصور شيء أصرح مما صح عنو صلى اهلل عليو كسلم أف أمتو‬
‫ستفترؽ على أكثر من سبعين فرقة‪ ،‬أخبر كلهم في النار إال كاحدة‪ ،‬ثم كصف‬
‫تلك الواحدة أنها التي على ما كاف عليو الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم‬
‫كأصحابو"(ُٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فلينظر إلى الفرؽ كمعتقداتهم كأعمالهم‪ ،‬فما كافقت النبي صلى اهلل‬
‫عليو كسلم كأصحابو ىي الفرقة الناجية‪ ،‬كأىل السنة ىم المتبعوف آلثاره صلى‬
‫اهلل عليو كسلم كآثار أصحابو كما ال يخفى على منصف ينظر بعين الحق‪ ،‬فهم‬

‫عرف أىل علم‬ ‫(‪( )16‬منهاج السنة النبوية‪ .)118-117/4:‬قلت‪ :‬لعل مراد شيخ اإلسالم بقولو‪" :‬فلم يُ َ‬
‫ودين‪ ،‬وال أىل يد وسيف‪ ،‬نصر اهلل هبم اإلسالم إال أىل السنة" باعتبار الغالب‪ ،‬ال باعتبار اإلطالق؛‬
‫ٍ‬
‫أحيان قليلة كالدولة احلمدانية الشيعية‪ ،‬فقد نصر اهلل هبا‬ ‫ألن اهلل تعاىل قد نصر دينو بأىل البدع يف‬
‫اإلسالم على الروم يف وقائع مشهودة‪.‬‬
‫(‪( )17‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)88/1:‬‬
‫(‪( )18‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)46/1:‬‬
‫َِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫أحق أف يكونوا الفرقة الناجية‪ ،‬كآثار النجاة الظاىرة فيهم؛ الستقامتهم على‬
‫الدين من غير تحريف‪ ،‬كظهور مذىبهم كشوكتهم في غالب البالد ككجود‬
‫العلماء المحققين كالمحدثين كاألكلياء كالصالحين فيهم"(ُٗ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمهما‪ :‬أف المسلمين ال يجتمعوف على ضاللة‪ ،‬كأنهم فرؽ‪ ،‬كأف‬
‫الفرقة التي على الحق كاحدة‪ ،‬كىم أىل السنة؛ ألنهم مجتمعوف‪ ،‬كألنهم‬
‫متابعوف للصحابة رضي اهلل عنهم‪ ،‬كألف اإلسناد من خصائصهم‪ ،‬كألنهم أعلم‬
‫كفقها‪ ،‬كألنهم أحرص‬
‫الناس بحديث النبي صلى اهلل عليو كسلم صحة كضع نفا ن‬
‫الناس على االستقامة على الدين‪ ،‬كألف دين اإلسالـ لم يظهر على غيره من‬
‫األدياف إال بهم‪ ،‬كألف مذىبهم ىو الغالب على غيره من المذاىب‪.‬‬
‫خالصة كالمهما‪ :‬أف الفرقة التي على الحق ىم أىل السنة‪ ،‬كمقتضى‬
‫كالمهما أف من اعتقد غير ذلك فهو مبتدع‪.‬‬

‫(‪( )19‬الرد على الرافضة‪.)24:‬‬


‫ُِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫مصادر الحق‬
‫ص يل‬‫السنَّةى يى ٍح ي‬
‫اب ىك ُّ‬ ‫ك أ َّ ً‬
‫ىف الٍكتى ى‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىك ًج ىماعي ٍاأل ٍىم ًر فًي ذىلً ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اب اللَّو ىك يسنَّةى نىبًيّْو ىكقى ى‬
‫ص ىد اتّْػبى ًاع‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًم ٍنػ يه ىما ىك ىم ي‬
‫اؿ ال يٍه ىدل ىكالنُّوًر ل ىم ٍن تى ىدبَّػ ىر كتى ى‬
‫ٍح ّْق"(َِ)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ال ى‬
‫كقاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬فإذا كاف اهلل سبحانو قد أكجب علينا‬
‫أف نرد ما تنازعنا فيو إلى اهلل‪ ،‬أم‪ :‬إلى كتاب اهلل‪ ،‬كإلى الرسوؿ صلى اهلل عليو‬
‫قطعا أف من رد إلى الكتاب كالسنة ما تنازع الناس‬
‫كسلم أم‪ :‬إلى سنتو‪ ،‬علمنا ن‬
‫فيو كجد فيهما ما يفصل النٌزاع"(ُِ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫خالصة كالمهما‪ :‬أف المصدر الحق للدين ىما الكتاب كالسنة‪ ،‬فمنهما‬
‫يحصل الهدل كالنور‪ ،‬كبالرد إليهما يفصل النزاع‪.‬‬

‫(‪( )23‬جمموع الفتاوى‪.)132/5:‬‬


‫(‪( )21‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)8/4:‬‬
‫ِِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫المنهج الحق‬
‫الصالً ًح"(ِِ)‪.‬‬ ‫ف َّ‬ ‫ٍخ ٍي ًر فًي اتّْػبى ًاع َّ‬
‫السلى ً‬ ‫ٍخ ٍيػ ير يك ُّل ال ى‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكال ى‬
‫ضلي ىها الٍ يق يرك يف‬ ‫ت لًلن ً‬
‫َّاس‪ ،‬ىكأىفٍ ى‬ ‫كقاؿ‪ً " :‬م ٍن ىى ًذهً ٍاأل َّيم ًة الَّتًي ًى ىي ىخ ٍيػ ير أ َّيم وة أي ٍخ ًر ىج ٍ‬
‫الث ىَّالثىةي"(ِّ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬قولهم‪ :‬كمسائل الخالؼ ال إنكار فيها ليس بصحيح‪ ،‬فإف اإلنكار‬
‫إما أف يتوجو إلى القوؿ بالحكم أك العمل؛ أما األكؿ فإف كاف القوؿ يخالف‬
‫قديما‪ ،‬كجب إنكاره كفاقنا‪ ،‬كإف لم يكن كذلك فإنو ينكر بمعنى‬
‫إجماعا ن‬
‫ن‬ ‫سنة أك‬
‫بياف ضعفو عند من يقوؿ‪ :‬المصيب كاحد‪ ،‬كىم عامة السلف كالفقهاء‪ ،‬كأما‬
‫العمل فإف كاف على خالؼ سنة أك إجماع كجب إنكاره أيضا بحسب درجات‬
‫اإلنكار‪ ،‬كما ذكرنا من حديث شارب النبيذ المختلف فيو‪ ،‬ككما ينقض حكم‬
‫الحاكم إذا خالف سنة كإف كاف قد اتبع بعض العلماء‪ .‬كأما إذا لم يكن في‬
‫المسألة سنة كال إجماع كلالجتهاد فيها مساغ فال ينكر على من عمل بها‬
‫مجته ندا أك مقل ندا‪ ،‬كإنما دخل ىذا اللبس من جهة أف القائل يعتقد أف مسائل‬
‫الخالؼ ىي مسائل االجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس‪ .‬كالصواب‬
‫الذم عليو األئمة أف مسائل االجتهاد ما لم يكن فيو دليل يجب العمل بو‬
‫ظاىرا‪ ،‬مثل حديث صحيح ال معارض لو من جنسو فيسوغ إذا عدـ ذلك‬
‫كجوبنا ن‬
‫االجتهاد لتعارض األدلة المقاربة أك لخفاء األدلة فيها‪ ،‬كليس في ذكر كوف‬

‫(‪( )22‬جمموع الفتاوى‪.)535/6:‬‬


‫(‪( )23‬جمموع الفتاوى‪.)23/9:‬‬
‫ِّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫المسألة قطعية طعن على من خالفها من المجتهدين كسائر المسائل التي‬


‫اختلف فيها السلف كقد تيقنا صحة أحد القولين فيها مثل كوف الحامل‬
‫المتوفى عنها زكجها تعتد بوضع الحمل‪ ،‬كأف الجماع المجرد عن اإلنزاؿ‬
‫يوجب الغسل‪ ،‬كأف ربا الفضل كالمتعة حراـ‪ ،‬كذكر مسائل كثيرة"(ِْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كأخبرؾ أني كهلل الحمد متبع‪ ،‬لست‬
‫بمبتدع"(ِٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬
‫"متبعا‬
‫الوىاب (تُِّٗق) حاكينا دعوة جده الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ :‬ن‬
‫رحمو اهلل ما مضى عليو السلف الصالح من أىل العلم كاإليماف‪ ،‬كما درج عليو‬
‫القركف المفضلة بنص الحديث"(ِٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كأما قوؿ من قاؿ‪ :‬ال إنكار في‬
‫مسائل االجتهاد‪ ،‬فجوابها يعلم من القاعدة المتقدمة؛ فإف أراد القائل مسائل‬
‫الخالؼ فهذا باطل يخالف إجماع األمة؛ فما زاؿ الصحابة كمن بعدىم‬
‫ينكركف على من خالف كأخطأ كائنان من كاف‪ ،‬كلو كاف أعلم الناس كأتقاىم‪.‬‬
‫كإذا كاف اهلل بعث محمدان صلى اهلل عليو كسلم بالهدل كدين الحق‪ ،‬كأمرنا‬
‫بًاتّْباعو كترؾ ما خالفو‪ ،‬فمن تماـ ذلك أف من خالفو من العلماء مخطئ ينبو‬

‫(‪( )24‬املستدرك على فتاوى ابن تيمية‪ )162/1:‬نقالً عن ابن مفلح يف كتابو (اآلداب الشرعية‪-191/1:‬‬
‫‪.)192‬‬
‫(‪( )25‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)79/1:‬‬
‫(‪( )26‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)455/1:‬‬
‫ِْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫على خطئو‪ ،‬كينكر عليو‪ .‬كإف أريد بمسائل االجتهاد مسائل الخالؼ التي لم‬
‫يتبين فيها الصواب‪ ،‬فهذا كالـ صحيح‪ ،‬ال يجوز لإلنساف أف ينكر الشيء‬
‫لكونو مخالفان لمذىبو أك لعادة الناس؛ فكما ال يجوز لإلنساف أف يأمر إال بعلم‪،‬‬
‫س‬
‫ف ىما لىٍي ى‬
‫(كال تىػ ٍق ي‬
‫ال يجوز أف ينكر إال بعلم‪ ،‬كىذا كلو داخل في قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ٍم) [اإلسراء‪ .)ِٕ("]ّٔ:‬انتهى‪.‬‬ ‫لى ى ً ً ً‬
‫ك بو عل ه‬
‫خالصة كالمهم‪ :‬المنهج الحق في اًتّْباع الكتاب كالسنة ىو اًتّْباع السلف‬
‫الصالح‪ ،‬كىم القركف الثالثة‪ ،‬مع عدـ جواز التعصب ألحد منهم في المسائل‬
‫االجتهادية‪ ،‬كعليو فمن تبنى قوالن من أقواؿ السلف المعموؿ بها في مسألة من‬
‫تلك المسائل فال يجوز أف ينكر على من تبنى غيره من أقوالهم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كمن المنهج الحق في اًتّْباع الكتاب كالسنة‪َّ :‬‬
‫أف على العلماء‬
‫المعاصرين اإلفتاء في المسائل الحادثة‪ ،‬كعلى غيرىم اتّْباعهم؛ ألف من أصوؿ‬
‫السلف اًتّْباع العلماء‪ ،‬كالعلماء الذين ييتبعوف في المسائل الحادثة ىم‬
‫المعاصركف لها‪ ،‬كتخريج العلماء المعاصرين في المسائل الحادثة إنما يجب أف‬
‫يكوف على أصوؿ السلف‪.‬‬

‫(‪( )27‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)9-8/4:‬‬


‫ِٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫أبواب تتضمن أىم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كفيها عشرة أبواب‪:‬‬


‫األكؿ‪ :‬باب أسماء الدين‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬باب أسماء الذنوب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬باب التوحيد كالشرؾ‪ ،‬كىو فرع عن أسماء الدين كأسماء الذنوب‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬باب الحكم بغير ما أنزؿ اهلل‪ ،‬كىو فرع عن التوحيد كالشرؾ‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬باب السنة كالبدعة‪ ،‬كىو فرع عن أسماء الدين كأسماء الذنوب‪.‬‬
‫السادس‪ :‬باب حكم الخركج عن المذاىب األربعة كالتمذىب‪ ،‬كىو فرع‬
‫عن السنة كالبدعة‪.‬‬
‫السابع‪ :‬باب الحكم على األشخاص في الدنيا‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬باب ضوابط التبديع‪ ،‬كىو فرع عن الحكم على األشخاص في‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬باب الوالء كالبراء‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬باب قياـ كبقاء الدكلة اإلسالمية‪.‬‬
‫كىذه األبواب منها أبواب خالية من الفصوؿ‪ ،‬كمنها أبواب متفاكتة فيما‬
‫تحتويو من الفصوؿ‪.‬‬
‫كأحرص في ىذه األبواب على نقل كالـ شيخ اإلسالـ كالشيخ محمد بن‬
‫عبدالوىاب‪ ،‬ثم أذكر ػ غالبنا ػ معنى كالمهما أك خالصتو أك االثنين‪ ،‬ثم أذكر ما‬
‫في كالمهما من إشكاؿ إف كجد‪ ،‬ثم أحرص بدرجة أقل على نقل كالـ‬
‫ِٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫المتقدمين من أئمة الدعوة؛ فتارة أنقل بعض كالمهم‪ ،‬كتارة أحكي خالصة‬
‫كالمهم كال أنقل شيئنا من كالمهم‪ ،‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فأحكي‬
‫نادرا‪ ،‬فمن لم يثق بما حكيتو من‬
‫خالصة كالمهم كال أنقل شيئنا من كالمهم إال ن‬
‫خالصة كالمهم لعدـ علمو بها فهو معذكر من االمتناع عن حل ما فيها من‬
‫اإلشكاالت‪ ،‬كيكفي أف يحل اإلشكاالت المتعلقة بكالـ شيخ اإلسالـ كالشيخ‬
‫محمد بن عبد الوىاب‪.‬‬

‫ِٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫تنبيهات‬

‫التنبيو األكؿ‪ :‬تأليفي ىذا الكتاب مبني على رأيي في مراعاة المصلحة‪،‬‬
‫كذكرت علة ىذا الرأم في مقدمة الكتاب‪ ،‬كعليو فالذم يرل أف المصلحة‬
‫ي‬
‫تقتضي عدـ تأليف الكتاب فلو أف يذكر علة رأيو‪ ،‬لكن ليس لو أف يتعصب‬
‫لرأيو؛ فيجزـ بصحة رأيو كينكر تأليف الكتاب‪.‬‬
‫التنبيو الثاني‪ :‬ليس غايتي من ذكر اإلشكاالت مجرد اإلشكاؿ‪ ،‬بل غايتي‬
‫أف يساىم المهتموف بالدعوة السلفية بحلها؛ حتى يتبين الحق فيتم االجتماع‬
‫عليو‪ ،‬كما نبهت على ىذا ساب نقا‪ ،‬كعليو فالذم يرل أف المصلحة تقتضي عدـ‬
‫تأليف الكتاب فلو أف يمتنع عن المشاركة في حل اإلشكاالت‪ ،‬لكن ليس من‬
‫الحكمة أف يتجنب حل اإلشكاالت في الدعوة كيشغل نفسو كغيره بإثارة‬
‫اإلشكاالت على المؤلف كالكتاب!‬
‫التنبيو الثالث‪ :‬بذلت كسعي في جمع النصوص المتعلقة باإلشكاالت‪ ،‬كال‬
‫سيما نصوص شيخ اإلسالـ ابن تيمية كالشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كبذلت‬
‫كسعي في معرفة معناىا‪ ،‬كقد يتبين ػ بعد استدراؾ المستد ًركين ػ أنو قد فاتتني‬
‫نصوص مهمة‪ ،‬أك أني أخطأت في معرفة معناىا‪ ،‬كعليو فحبذا أف ال يحاكم‬
‫المستد ًرؾ قصورم البشرم‪ ،‬كأف يكتفي بذكر ما فاتني من النصوص المهمة أك‬
‫معناىا الصحيح‪.‬‬
‫التنبيو الرابع‪ :‬أقوؿ في مواضع يسيرة‪ :‬ىذا ال إشكاؿ فيو‪ ،‬كقد يتبين ػ بعد‬

‫ِٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫استدراؾ المستد ًركين ػ أف في بعضها أك كلها إشكاالن‪ ،‬كعليو فحبذا أف ال‬


‫يحاكم المستد ًرؾ قصورم البشرم‪ ،‬كأف يكتفي بذكر الصواب مع الحجة‪.‬‬
‫التنبيو الخامس‪ :‬في مواضع كثيرة أكرد اإلشكاالت على أنها إشكاالت‬
‫حقيقية‪ ،‬كقد يتبين ػ بعد أف يساىم المهتموف بالدعوة السلفية بحلها ػ أف‬
‫بعضها أك كلها إشكاالت غير حقيقية‪ ،‬كعليو فحبذا أف ال يحاكم المستد ًرؾ‬
‫قصورم البشرم‪ ،‬كأف يكتفي بذكر الحل مع الحجة‪.‬‬
‫كىكذا نرجو أف يتحقق التعاكف على الوصوؿ للحق كاالجتماع عليو‪ ،‬كأف ال‬
‫تضيع الجهود في التسفيو كاالتهاـ‪ ،‬حتى ال نزداد بع ندا عن الحق كتفرقنا فيو‪.‬‬

‫ِٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب أسماء الدين‬

‫فصل‪ :‬ما معنى (اإليماف قوؿ كعمل)؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫(ِٖ)‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬كأجمع السلف أف اإليماف قوؿ كعمل" ‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كالمقصود ىنا أف من قاؿ من السلف‪( :‬اإليماف قوؿ كعمل) أراد‬
‫(ِٗ)‬
‫قوؿ القلب كاللساف كعمل القلب كالجوارح" ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬تفسير القوؿ بأنو قوؿ‬
‫القلب كاللساف‪ ،‬كمعنى قوؿ القلب تصديقو‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬التعبير بقوؿ‬
‫القلب بمعنى تصديقو غير مستعمل في اللغة‪ ،‬كال في الكتاب كالسنة‪ ،‬كال عند‬
‫السلف‪ ،‬فهل يستقيم تفسير القوؿ في كالـ السلف بأنو قوؿ القلب مع قوؿ‬
‫اللساف؟ كاإلشكاؿ الثاني‪ :‬تفسير العمل بأنو عمل القلب كالجوارح‪ ،‬كجو‬
‫اإلشكاؿ‪ :‬ىذا التفسير يقتضي اتهاـ مرجئة الفقهاء ػ كىم من علماء السلف ػ‬
‫بالتناقض البيّْن؛ ألف مبدأ اإليماف ىو التصديق‪ ،‬كثمرة التصديق عمل القلب‪،‬‬
‫كثمرة عمل القلب النطق بالشهادتين‪ ،‬كثمرة النطق بالشهادتين عمل الجوارح‪،‬‬
‫كمرجئة الفقهاء قالوا‪( :‬اإليماف قوؿ بال عمل) كمعناه ػ على حسب تفسير شيخ‬
‫اإلسالـ ػ اإليماف ىو التصديق بالقلب كالنطق بالشهادتين‪ ،‬فكيف يجعلوف‬
‫النطق بالشهادتين من اإليماف كعمل القلب ليس من اإليماف مع أف عمل‬

‫(‪( )28‬جمموع الفتاوى‪.)672/7:‬‬


‫(‪( )29‬جمموع الفتاوى‪.)171/7:‬‬
‫َّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫القلب سابق على النطق؟ كعليو فإما أف يجعلوا اإليماف ىو التصديق فقط كما‬
‫ىو قوؿ جهم‪ ،‬كىو باطل في نفسو‪ ،‬كإما أف يجعلوا اإليماف األمور األربعة‪ ،‬كما‬
‫سول ذلك فهو تناقض‪ ،‬فهل يستقيم تفسير العمل في تعريف السلف لإليماف‬
‫بأنو عمل القلب مع عمل الجوارح؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ لو يتعلق بهذا الفصل‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب يتعلق بهذا الفصل‪ ،‬إال على كالـ للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن‬
‫بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِّٗق)‪ ،‬حيث قاؿ‪" :‬اإليماف‬
‫مركب من قوؿ كعمل‪ ،‬كالقوؿ قسماف‪ :‬قوؿ القلب‪ ،‬كىو‪ :‬اعتقاده‪ ،‬كقوؿ‬
‫اللساف‪ ،‬كىو‪ :‬التكلم بكلمة اإلسالـ‪ .‬كالعمل قسماف‪ :‬عمل القلب‪ ،‬كىو‪:‬‬
‫قصده‪ ،‬كاختياره‪ ،‬كمحبتو‪ ،‬كرضاه‪ ،‬كتصديقو‪ ،‬كعمل الجوارح‪ ،‬كالصالة‪،‬‬
‫كالزكاة‪ ،‬كالحج‪ ،‬كالجهاد‪ ،‬كنحو ذلك من األعماؿ الظاىرة"(َّ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا التفسير ىو نفسو تفسير شيخ اإلسالـ‪ ،‬كأما المتأخركف من أئمة‬
‫الدعوة فال يكاد يوجد بينهم خالؼ في اختيار ىذا التفسير‪ ،‬كعليو ففي‬
‫كالمهم نفس اإلشكالين المذكورين في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬

‫(‪( )33‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)483-479/1:‬‬


‫ُّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فصل‪ :‬ىل عمل الجوارح أصل أـ كماؿ؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ٍب‪ ،‬ىك يى ىو قىػ ٍو يؿ الٍ ىقل ً‬
‫ٍب ىك ىع ىمليوي‪،‬‬ ‫اف فًي الٍ ىقل ً‬‫اإليم ً‬
‫ىص يل ًٍ ى‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬فىأ ٍ‬
‫ً ً ً (ُّ)‬ ‫ك يىو إقػٍرار بًالت ٍ ً‬
‫اد" ‪.‬‬ ‫ب ىكاالنٍقيى‬ ‫َّصد ًيق ىكال ي‬
‫ٍح ّْ‬ ‫ى ى ىه‬
‫اؿ ال ىٍع ىم ًل بًالٍ ىقل ً‬
‫ٍب‬ ‫يق‪ ،‬ىكفىػ ٍرعيوي إ ٍك ىم ي‬ ‫َّص ًد ي‬ ‫اف ًٍ‬
‫اإلقػ ىٍر يار ىكالت ٍ‬ ‫اإليم ً‬
‫ىص يل ًٍ ى‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىأ ٍ‬
‫ىكالٍبى ىد ًف"‬
‫(ِّ)‬
‫‪.‬‬
‫اإليم ً ً‬ ‫كقاؿ‪" :‬كالدّْين الٍ ىقائًم بًالٍ ىقل ً ً‬
‫اؿ‬‫ىص يل‪ ،‬ىك ٍاألى ٍع ىم ي‬ ‫اف عل نٍما ىك ىح ناال يى ىو ٍاأل ٍ‬ ‫ٍب م ىن ًٍ ى‬ ‫ي‬ ‫ى ي‬
‫اى ىرةي ًى ىي الٍ يف يركعي‪ ،‬ىك ًى ىي ىك ىم ي‬ ‫الظَّ ً‬
‫ً (ّّ)‬
‫اف" ‪.‬‬ ‫يم‬ ‫اؿ ًٍ‬
‫اإل ى‬
‫اف ىال يى يكو يف ىكافً نرا ىحتَّى يىػ ٍتػ ير ىؾ‬
‫اإليم ً‬
‫كع ًٍ ى‬ ‫إف ىم ٍن تىػ ىر ىؾ فيػ ير ى‬‫السن ًَّة‪َّ :‬‬
‫اؿ أ ٍىى يل ُّ‬ ‫كقاؿ‪" :‬قى ى‬
‫ٍح ًقي ىق ًة ػ الَّتًي ًى ىي ىذ ي‬
‫ات‬ ‫اد‪ .‬ىكىال يىػل ىٍزيـ ًم ٍن ىزىك ًاؿ فيػ ير ً‬
‫كع ال ى‬ ‫اف‪ ،‬ىك يى ىو ًاال ٍعتً ىق ي‬‫اإليم ً‬
‫ىص ىل ًٍ ى‬ ‫أٍ‬
‫الش ىج ىرةً إذىا قي ًط ىع‬ ‫ت يى يدهي أى ًك َّ‬ ‫اف إذىا قي ًط ىع ٍ‬ ‫اإلنٍس ً‬
‫اسم ىها‪ ،‬ىك ًٍ ى‬
‫اؿ ٍ ً‬ ‫ىج ىز واء ػ ىزىك ي‬
‫ب ىكأ ٍ‬ ‫يش ىع و‬
‫ً (ّْ)‬
‫كع ىها" ‪.‬‬ ‫ض فيػ ير‬
‫بىػ ٍع ي‬
‫اؿ‬‫اد بً ًو الٍ ىك ىم ي‬ ‫ب‪ ،‬ىكقى ٍد ييػ ىر ي‬ ‫اد بً ًو الٍ ىكم ي ً‬
‫اؿ ال ىٍواج ي‬ ‫ى‬ ‫اؿ قى ٍد ييػ ىر ي‬‫ظ الٍ ىكم ً‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكلىٍف ي ى‬
‫(ّٓ)‬
‫ب" ‪.‬‬ ‫ال يٍم ٍستى ىح ُّ‬

‫(‪( )31‬جمموع الفتاوى‪.)644/7:‬‬


‫(‪( )32‬جمموع الفتاوى‪.)324/7:‬‬
‫(‪( )33‬جمموع الفتاوى‪.)355/13:‬‬
‫(‪( )34‬جمموع الفتاوى‪.)138/11:‬‬
‫(‪( )35‬جمموع الفتاوى‪.)198/7:‬‬
‫ِّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ين يىػ ٍزنًي ىك يى ىو يم ٍؤًم هن‬ ‫(ال يػزنًي َّ ً ً‬


‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم‪ :‬ى ى ٍ‬ ‫ًً‬
‫الزاني ح ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكقىػ ٍولو ى‬
‫ين يى ٍش ىربيػ ىها ىك يى ىو‬ ‫السا ًر يؽ ًحين يس ًر يؽ كىو م ٍؤًمن كىال ي ٍشرب ال ى ً‬ ‫ىكىال يى ٍس ًر يؽ َّ‬
‫ٍخ ٍم ىر ح ى‬ ‫ى ى ٍ ى يى ي ه ى ى ى ي‬
‫ٍجنَّةى‪ ،‬ىكىال يى ٍستىػ ٍل ًزيـ ذىلً ى‬
‫ك نىػ ٍف ىي‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ب الَّذم يى ٍستىح ُّق بًو ال ى‬
‫ً‬
‫يما يف ال ىٍواج ي‬ ‫يم ٍؤًم هن) فىػنيًفي ىع ٍنوي ًٍ‬
‫اإل ى‬ ‫ى‬
‫اإليم ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اف كسائًر أ ًً ً ً‬ ‫اإل ً‬
‫اف ىال‬ ‫ىج ىزائو ىك يش ىعبو‪ .‬ىك ىى ىذا ىم ٍعنىى قىػ ٍول ًه ٍم‪( :‬نىػ ٍف يي ىك ىماؿ ًٍ ى‬ ‫ٍ‬ ‫يم ى ى‬ ‫ىص ًل ًٍ ى‬ ‫أٍ‬
‫(ّٔ)‬ ‫ىم الٍ ىكم ي ً‬ ‫ً‬
‫ب" ‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫س يى ىو الٍ ىك ىم ى‬
‫اؿ ال يٍم ٍستى ىح َّ‬ ‫ب لىٍي ى‬
‫اؿ ال ىٍواج ي‬ ‫ىحقي ىقتيوي) أ ً ى‬
‫معنى كالمو‪ :‬اإليماف أصل ككماؿ‪ ،‬فأما األصل فهو في القلب‪ ،‬كىو‬
‫اإلقرار‪ ،‬كىو االعتقاد‪ ،‬كيتضمن قوؿ القلب كعملو‪ ،‬كقوؿ القلب التصديق‪،‬‬
‫كعملو الحب كاالنقياد‪ .‬كأما الكماؿ فهو عمل القلب الزائد على األصل‪،‬‬
‫كعمل البدف الذم ىو األعماؿ الظاىرة‪ .‬كالكماؿ نوعاف‪ :‬كاجب كمستحب‪،‬‬
‫كنفي اإليماف عن المذنب ىو نفي الكماؿ الواجب عنو‪.‬‬
‫كخالصة كالمو‪ :‬عمل الجوارح كماؿ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬حصر األصل على ما في‬
‫القلب‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىذا الحصر يقتضي أف النطق بالشهادتين كماؿ‪ ،‬كإذا‬
‫كاف النطق بالشهادتين أصالن كليس كماالن فلماذا حصر األصل على ما في‬
‫القلب؟ كاإلشكاؿ الثاني‪ :‬تسمية عمل الجوارح كماالن‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىذه‬
‫كفرا كتقتضي عدـ كجود‬‫التسمية تقتضي أف ترؾ جنس العمل الظاىر ليس ن‬
‫كفرا كالمكفرات الظاىرة‬
‫مكفرات ظاىرة‪ ،‬كإذا كاف ترؾ جنس العمل الظاىر ن‬
‫موجودة فلماذا سمى عمل الجوارح كماالن؟‬

‫(‪( )36‬جمموع الفتاوى‪.)478/12:‬‬


‫ّّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬مأمور بتصديق الصدؽ؛ كىذا أصل‬
‫اإليماف"(ّٕ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ظاىر كالمو مثل كالـ شيخ اإلسالـ أف عمل الجوارح كماؿ‪ ،‬كعليو‬
‫ففيو نفس اإلشكالين المذكورين في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ أبناء الشيخ محمد بن عبد الوىاب كحمد بن ناصر بن معمر‬
‫(تُِِٓق)‪" :‬فإف قيل‪ :‬أليس ضد اإليماف الكفر؟ فالجواب‪ :‬إف الكفر ضد‬
‫كفركعا‪ ،‬فال يثبت الكفر حتى يزكؿ أصل‬
‫ن‬ ‫أصل اإليماف؛ ألف لإليماف أصالن‬
‫اإليماف‪ ،‬الذم ىو ضد الكفر"(ّٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق)‪:‬‬
‫"كفسر اإليماف بأعماؿ القلب؛ ألنها أصل اإليماف كمعظمو‪ ،‬كقوتو كضعفو‬
‫ناشئ عن قوة ما في القلب من ىذه األعماؿ أك ضعفها"(ّٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬
‫الوىاب (تُِّٗق)‪" :‬اإليماف أصل‪ ،‬لو شعب متعددة‪ ،‬كل شعبة منها‬

‫(‪( )37‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)543/7:‬‬


‫(‪( )38‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)233/1:‬‬
‫(‪( )39‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)335/1:‬‬
‫ّْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫تسمى إيمانا‪ ،‬فأعالىا‪ :‬شهادة أف ال إلو إال اهلل‪ ،‬كأدناىا‪ :‬إماطة األذل عن الطريق‪،‬‬
‫إجماعا‪ ،‬كشعبة الشهادتين‪ ،‬كمنها‪ :‬ما ال يزكؿ‬
‫ن‬ ‫فمنها‪ :‬ما يزكؿ اإليماف بزكالو‬
‫إجماعا‪ ،‬كترؾ إماطة األذل عن الطريق‪ ،‬كبين ىاتين الشعبتين شعب متفاكتة‪،‬‬
‫ن‬ ‫بزكالو‬
‫منها‪ :‬ما يلحق بشعبة الشهادة‪ ،‬كيكوف إليها أقرب‪ ،‬كمنها‪ :‬ما يلحق بشعبة إماطة‬
‫األذل عن الطريق‪ ،‬كيكوف إليها أقرب‪ .‬كالتسوية بين ىذه الشعب في اجتماعها‬
‫مخالف للنصوص كما كاف عليو سلف األمة كأئمتها"(َْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا كالـ المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب‪ ،‬كظاىر كالمهم‪ :‬مثل كالـ شيخ اإلسالـ أف عمل الجوارح كماؿ‪،‬‬
‫كعليو ففيو نفس اإلشكالين المذكورين في كالـ شيخ اإلسالـ‪ .‬كأما المتأخركف‬
‫من أئمة الدعوة فقد اختلفوا في األصل كالكماؿ؛ فمنهم من ينفي التعبير‬
‫باألصل كالكماؿ‪ ،‬كمنهم من يثبتو‪ ،‬كالذين يثبتونو منهم من يقوؿ‪ :‬عمل‬
‫الجوارح منو أصل كمنو كماؿ‪ ،‬كمنهم من يقوؿ‪ :‬عمل الجوارح أصل‪ ،‬كىو‬
‫الذم عليو أكثرىم‪ ،‬كىذا االختالؼ عند المتأخرين فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ‬
‫األكؿ‪ :‬ظاىره اضطراب منهم في حكم عمل الجوارح‪ ،‬فهل ىو اضطراب‬
‫حقيقي؟ كاإلشكاؿ الثاني‪ :‬كل أقوالهم مخالفة لقوؿ شيخ اإلسالـ كالشيخ‬
‫محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة بعده‪ ،‬فهل الصواب قوؿ‬
‫شيخ اإلسالـ كالشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة أك‬
‫الصواب قوؿ المتأخرين منهم؟‬

‫(‪( )43‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)478/1:‬‬


‫ّٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب أسماء الذنوب‬

‫فصل‪ :‬ىل الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫َّاـ‪ ،‬ىكلً ىه ىذا ىكا ىف‬ ‫ود ال ًٍعل ًٍم الت ّْ‬ ‫اف يك يج ي‬‫اإليم ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬فىم ٍن ىش ٍرط ًٍ ى‬
‫احبيوي ىكافً نرا إذىا ىكا ىف‬ ‫ص ىفاتًًو ىال ي يكو يف ص ً‬ ‫ىسم ًاء اللَّ ًو ك ً‬ ‫ٍج ٍه ىل بًبىػ ٍع ً‬ ‫اب أ َّ‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ض أٍى‬ ‫ىف ال ى‬ ‫الص ىو ي‬ ‫َّ‬
‫ٍم بً ىما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اء بً ًو َّ‬ ‫ً ً‬
‫ب الٍعل ى‬ ‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم ىكلى ٍم يىػ ٍبػلي ٍغوي ىما ييوج ي‬
‫وؿ ى‬ ‫الر يس ي‬ ‫يمق ِّرا ب ىما ىج ى‬
‫يث الَّ ًذم أ ىىم ىر أ ٍىىلىوي بًتى ٍح ًر ًيق ًو ثي َّم‬‫ضي يك ٍفرهي إذىا لىم يػ ٍعلىموي ىكح ًد ً‬
‫ٍى ٍ ى‬ ‫ي‬
‫ج ًهلىوي ىعلىى ك ٍج وو يػ ٍقتى ً‬
‫ى ى‬ ‫ى‬
‫اضليو ىف فًي ال ًٍعل ًٍم بً ًو"(ُْ)‪.‬‬
‫تى ٍذ ًريىتً ًو؛ بى ًل الٍعيلى ىماءي بًاىللَّ ًو يىػتىػ ىف ى‬
‫كقاؿ‪" :‬أما من اقترف بسبو دعول أف عليِّا إلو أك أنو كاف ىو النبي كإنما‬
‫غلط جبرئيل في الرسالة فهذا ال شك في كفره بل ال شك في كفر من توقف‬
‫في تكفيره"(ِْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ً :‬من شرط اإليماف كجود العلم التاـ باهلل كرسولو‪ ،‬كىو العلم بأف‬
‫اهلل ىو الرب كاإللو دكف غيره‪ ،‬كالعلم بأف محم ندا رسوؿ من اهلل كخاتم الرسل‪.‬‬
‫كالجهل باهلل كرسولو يتضمن عدـ اإليماف بهما لعدـ كجود شرطو؛ فمن شهد‬
‫الشهادتين كىو ال يعتقد بأف اهلل رب أك إلو أك يعتقد بأف غير اهلل رب أك إلو أك‬
‫يعتقد بأف محم ندا ليس رسوالن من اهلل أك يعتقد في غير محمد من أمتو بأنو رسوؿ‬
‫صرح بذلك‪.‬‬
‫ظاىرا أم عند الناس إف َّ‬
‫من اهلل فإنو كافر باطننا أم عند اهلل ككافر ن‬
‫(‪( )41‬جمموع الفتاوى‪.)538/7:‬‬
‫(‪( )42‬الصارم املسلول‪.)593/1:‬‬
‫ّٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫خالصة كالمو‪ :‬الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر‪.‬‬


‫قلت‪ :‬ليس في ىذا الكالـ إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو؛ ألف لو عالقة بإشكاؿ‬
‫سيأتي في باب الحكم على األشخاص في الدنيا‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪( :‬من قاؿ‪:‬‬
‫ال إلو إال اهلل ككفر بما يعبد من دكف اهلل حرـ مالو كدمو‪ ،‬كحسابو على اهلل)‬
‫كىذا من أعظم ما يبيّْن معنى (ال إلو إال اهلل) فإنو لم يجعل التلفظ بها عاصمان‬
‫للدـ كالماؿ‪ ،‬بل كال معرفة معناىا مع لفظها‪ ،‬بل كال اإلقرار بذلك‪ ،‬بل كال كونو‬
‫ال يدعو إال اهلل كحده ال شريك لو‪ ،‬بل ال يحرـ مالو كدمو حتى يضيف إلى‬
‫ذلك الكفر بما يعبد من دكف اهلل‪ ،‬فإف شك أك توقف لم يحرـ مالو كدمو"(ّْ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬ال خالؼ أف التوحيد ال بد أف يكوف بالقلب كاللساف كالعمل‪ ،‬فإف‬
‫اختل شيء من ىذا لم يكن الرجل مسلمان‪ .‬فإف عرؼ التوحيد كلم يعمل بو فهو‬
‫كافر معاند‪ ،‬كفرعوف كإبليس كأمثالهما" ػ إلى قولو ػ "فإف عمل بالتوحيد عمالن‬
‫ظاىران كىو ال يفهمو أك ال يعتقده بقلبو فهو منافق‪ ،‬كىو شر من الكافر‬
‫الخالص"(ْْ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فمن نصح نفسو كأىلو كعيالو‪ ،‬كأراد النجاة من النار‪ ،‬فليعرؼ‬
‫شهادة أف ال إلو إال اهلل‪ ،‬فإنها العركة الوثقى ككلمة التقول‪ ،‬ال يقبل اهلل من أحد‬

‫(‪( )43‬التوحيد الذي ىو حق اهلل على العبيد‪.)17/1:‬‬


‫(‪( )44‬كشف الشبهات‪.)28/1:‬‬
‫ّٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫عمالن إال بها‪ ،‬ال صالة‪ ،‬كال صومان‪ ،‬كال حجان‪ ،‬كال صدقة‪ ،‬كال جميع األعماؿ‬
‫الصالحة‪ ،‬إال بمعرفتها كالعمل بها"(ْٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫مسلما معصوـ الدـ كالماؿ في الدنيا ناجينا‬
‫ن‬ ‫معنى كالمو‪ :‬اإلنساف ال يكوف‬
‫من النار في اآلخرة بمجرد التلفظ بالشهادتين؛ ألف تحقيق التوحيد يكوف‬
‫بالقلب كاللساف كالعمل‪ ،‬كعليو فيشترط العلم بمدلوؿ الشهادتين كاعتقاده‬
‫كفرا‬
‫كالعمل بو كالكفر بضده؛ فمن حقق العلم كاالعتقاد دكف العمل فهو كافر ن‬
‫ظاىرا دكف العلم أك دكف االعتقاد فهو منافق‪ ،‬كلو‬
‫صريحا‪ ،‬كمن حقق العمل ن‬ ‫ن‬
‫عمل من األعماؿ الصالحة ما عمل‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر‪.‬‬
‫كىو معنى كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫ال خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب ال من‬
‫المتقدمين كال من المتأخرين في أف الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل ترؾ جنس العمل كفر؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫اؿ ًمن لىوا ًزًـ إيم ً‬
‫اف‬ ‫ىف ًج ٍنس ٍاألى ٍعم ً‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكقى ٍد تىػ ىق َّد ىـ أ َّ‬
‫ى‬ ‫ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫(ْٔ)‬
‫ٍب" ‪.‬‬ ‫الٍ ىقل ً‬

‫(‪( )45‬مؤلفات ابن عبد الوىاب‪( )192/1:‬الرسائل الشخصية‪.)116/1:‬‬


‫(‪( )46‬جمموع الفتاوى‪.)616/7:‬‬
‫ّٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫(ْٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫كقاؿ‪" :‬فإذا خال العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنان"‬
‫ّْين ىال بي َّد فً ًيو ًم ٍن قىػ ٍووؿ ىك ىع ىم ول‪ ،‬ىكأىنَّوي يى ٍمتىنً يع أى ٍف يى يكو ىف‬
‫ىف الد ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكقى ٍد تىػبىػيَّ ىن أ َّ‬
‫ص ىال نة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الرجل م ٍؤًمننا بًاىللَّ ًو كرسولً ًو بًىق ٍلبً ًو أىك بًىق ٍلبً ًو كلً ًً‬
‫سانو ىكلى ٍم ييػ ىؤ ّْد ىكاجبنا ظىاى نرا ىكىال ى‬ ‫ى ى‬ ‫ٍ‬ ‫ىى ي‬ ‫َّ ي ي ي‬
‫ىف اللَّوى أ ٍىك ىجبىػ ىها ًمثٍ ىل‬
‫ىج ًل أ َّ‬ ‫ً‬
‫ات‪ ،‬ىال أل ٍ‬ ‫اجب ً‬ ‫ً‬
‫ك م ىن ال ىٍو ى‬
‫صياما كىال غىيػر ىذلً ى ً‬ ‫ً‬
‫ىكىال ىزىكاةن ىكىال ى ن ى ٍ ى‬
‫يث أىك يػ ٍع ًد ىؿ فًي قىس ًم ًو كح ٍك ًم ًو ًمن غىٍي ًر إيم و‬
‫اف‬ ‫أى ٍف يػ ىؤدّْم ٍاألىمانىةى أىك يص ّْد ىؽ ال ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ىي‬ ‫ٍحد ى ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫ي ى ى ٍ يى‬
‫ك ًمن الٍ يك ٍف ًر؛ فىًإ َّف الٍم ٍش ًركًين كأ ٍىىل ال ً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫ً ً‬
‫ٍكتى ً‬
‫اب يىػ ىرٍك ىف‬ ‫ى ى ى‬ ‫ي‬ ‫باىللَّو ىكىر يسولو لى ٍم يى ٍخ ير ٍج ب ىذل ى ى‬
‫الر يج يل يم ٍؤًمننا بًاىللَّ ًو ىكىر يسولً ًو ىم ىع ىع ىدًـ ىش ٍي وء ًم ىن‬ ‫وب ىى ًذهً ٍاأل ييموًر‪ ،‬فى ىال يى يكو يف َّ‬ ‫يك يج ى‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم" ‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫يجابً ىها يم ىح َّم هد ى‬ ‫ص بًًإ ى‬ ‫ات الَّتًي يى ٍختى ُّ‬ ‫اجب ً‬
‫ً‬
‫(ْٖ)‬
‫ال ىٍو ى‬
‫معنى كالمو‪ :‬كجود جنس العمل دليل على كجود أصل اإليماف‪ ،‬كعدـ كجود‬
‫جنس العمل دليل على عدـ كجود أصل اإليماف‪ .‬كالمراد بعدـ كجود جنس العمل‬
‫ىو عدـ العمل الظاىر بالكلية‪ ،‬كالمراد بعدـ العمل الظاىر بالكلية عدـ فعل‬
‫شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد صلى اهلل عليو كسلم‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬ترؾ جنس العمل كفر‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬القوؿ بأف جنس العمل‬
‫كفر‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل أحد من السلف سبقو إلى ذكر جنس العمل؟ ككلمة‬
‫جنس تدؿ على العموـ‪ ،‬كالتفسير الذم ذكره يدؿ على الخصوص‪ ،‬فما فائدة‬
‫التعبير بالعاـ على معنى خاص مع إمكاف االكتفاء بالتعبير الخاص؟ كاإلشكاؿ‬

‫(‪( )47‬شرح العمدة‪.)86/4:‬‬


‫(‪( )48‬جمموع الفتاوى‪.)621/7:‬‬
‫ّٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الثاني‪ :‬القوؿ بأف عدـ فعل شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد‬
‫صلى اهلل عليو كسلم كفر‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل أحد من السلف سبقو إلى ذكر‬
‫ىذا؟ كما ضابط ىذه الواجبات؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ لو يتعلق بهذا الفصل‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب يتعلق بهذا الفصل‪ ،‬إال على كالـ للشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا‬
‫بطين (تُِِٖق) كالشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد‬
‫بن عبد الوىاب (تُِّٗق)‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين‪" :‬كمذىب أىل السنة‬
‫كالجماعة أف اإليماف تصديق بالقلب كقوؿ باللساف كعمل بالجوارح‪ ،‬كقد كفر‬
‫جماعة من العلماء من أخرج العمل عن اإليماف"(ْٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن‪" :‬فأىل السنة مجمعوف على أنو‬
‫ال بد من عمل القلب‪ ،‬الذم ىو‪ :‬محبتو‪ ،‬كرضاه‪ ،‬كانقياده‪ .‬كالمرجئة‪ ،‬تقوؿ‪:‬‬
‫يكفي التصديق فقط‪ ،‬كيكوف بو مؤمننا‪ .‬كالخالؼ في أعماؿ الجوارح ىل يكفر‬
‫أك ال يكفر؟ كاقع بين أىل السنة"(َٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )49‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)364/1:‬‬


‫(‪( )53‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)483-479/1:‬‬
‫َْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫خالصة كالمهما‪ :‬يوجد خالؼ بين أىل السنة في تكفير تارؾ عمل الجوارح‪.‬‬

‫قلت‪ :‬في كالمهما إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬أنهما قررا خالؼ تقرير شيخ اإلسالـ؛ فشيخ‬
‫اإلسالـ قرر أف ترؾ جنس العمل عند أىل السنة كفر‪ ،‬كىما قررا الخالؼ بين‬
‫أىل السنة في تكفير تارؾ العمل‪ ،‬فما الصواب من التقريرين؟ كأما المتأخركف‬
‫من أئمة الدعوة فال يكاد يوجد خالؼ بينهم في أف ترؾ جنس العمل كفر‪ ،‬كإنما‬
‫اختلفوا ىل ىو أصل أـ ال؟ كالذم عليو أكثرىم أنو أصل‪ ،‬كىم بذلك كافقوا‬
‫شيخ اإلسالـ على التعبير بجنس العمل كعلى الحكم بأف تركو كفر‪ ،‬كأكثرىم‬
‫خالفوه في التسمية؛ فهو ال يسميو أصالن‪ ،‬كىم يسمونو أصالن‪ .‬كإف كافقوا شيخ‬
‫اإلسالـ على التعبير بجنس العمل كعلى الحكم بأف تركو كفر لكنهم اختلفوا في‬
‫تفسير جنس العمل‪ ،‬كلم أقف على تفسير منهم مواف نقا لتفسير شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫كفي كالـ المتأخرين إشكاالت‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬ىل أحد من السلف ذكر جنس‬
‫العمل؟ كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كاإلشكاؿ الثاني‪ :‬ىل‬
‫الصواب ما عليو شيخ اإلسالـ في عدـ تسمية جنس العمل أصالن أك الصواب‬
‫ما عليو أكثر المتأخرين من أئمة الدعوة في تسميتو أصالن؟ كاإلشكاؿ الثالث‪:‬‬
‫ما تفسيرىم لجنس العمل؟ كىل أحد من السلف ذكر ىذا التفسير؟‬
‫فصل‪ :‬ىل ترؾ األركاف األربعة كفر؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫وب إ ىذا تىػر ىؾ ىشيئنا ًمن ى ًذهً‬ ‫اإلقػٍرا ًر بًال يٍو يج ً‬
‫ى ٍ ٍ ى‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكأ َّىما ىم ىع ًٍ ى‬
‫ىح يد ىىا‪ :‬أىنَّوي‬
‫ىح ىمد‪ :‬أ ى‬ ‫اؿ لًلٍعيلى ىم ًاء ًى ىي ًرىكايى ه‬
‫ات ىع ٍن أ ٍ‬ ‫اف ٍاأل ٍىربىػ ىع ًة فىًفي التَّ ٍك ًفي ًر أىقػ ىٍو ه‬
‫ٍاألىرىك ً‬
‫ٍ‬

‫ُْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫اح ود ًم ىن ٍاأل ٍىربىػ ىع ًة ىحتَّى الٍ ىح ّْج‪ ،‬ىكإً ٍف ىكا ىف فًي ىج ىوا ًز تىأ ًٍخي ًرهً نًىزاعه بىػ ٍي ىن‬ ‫ي ٍك يفر بًتػر ًؾ ك ً‬
‫ى ي ىٍ ى‬
‫ف‪ ،‬ىك ًى ىي‬ ‫الٍعيلى ىم ًاء‪ ،‬فى ىمتىى ىع ىزىـ ىعلىى تىػ ٍركً ًو بًالٍ يكلّْيَّ ًة ىك ىف ىر‪ ،‬ىك ىى ىذا قىػ ٍو يؿ طىائًىف وة ًم ىن َّ‬
‫السلى ً‬
‫ارىىا أىبيو بى ٍك ور‪ .‬ىكالثَّانًي‪ :‬أىنَّوي ىال يى ٍك يف ير بًتىػ ٍر ًؾ ىش ٍي وء‬ ‫ىح ىمد‪ ،‬ا ٍختى ى‬ ‫ات ىع ٍن أ ٍ‬ ‫الركاي ً‬
‫إح ىدل ّْ ى ى‬ ‫ٍ‬
‫ور ًع ٍن ىد ىكثًي ور ًم ىن الٍ يف ىق ىه ًاء ًم ٍن‬ ‫وب‪ ،‬ىك ىى ىذا يى ىو ال ىٍم ٍش يه ي‬ ‫اإلقػٍرا ًر بًال يٍو يج ً‬
‫ك ىم ىع ًٍ ى‬ ‫ًم ٍن ذىلً ى‬
‫الركاي ً‬ ‫ك ك َّ ً ً‬ ‫ًو‬ ‫ىصح ً ً ً‬
‫ارىىا‬ ‫ىح ىمد‪ ،‬ا ٍختى ى‬ ‫ات ىع ٍن أ ٍ‬ ‫إح ىدل ّْ ى ى‬ ‫الشافع ّْي‪ ،‬ىك يى ىو ٍ‬ ‫اب أىبي ىحني ىفةى ىكىمال ى‬ ‫أٍى‬
‫الرىكايىةي الثَّالًثىةي ىع ٍن‬ ‫الص ىالةً‪ ،‬ىك ًى ىي ّْ‬ ‫ث‪ :‬ىال يى ٍك يف ير َّإال بًتىػ ٍر ًؾ َّ‬ ‫ابٍ ين بىطَّةى ىكغىٍيػ يرهي‪ .‬ىكالثَّالً ي‬
‫الشافً ًع ّْي ىكطىائًىف وة ًم ٍن‬‫ك ىك َّ‬ ‫اب مالً و‬
‫ىص ىح ً ى‬
‫ً‬
‫ف ىكطىائًىف وة م ٍن أ ٍ‬ ‫ىح ىمد‪ ،‬ىكقىػ ٍو يؿ ىكثًي ور ًم ىن َّ‬
‫السلى ً‬ ‫أٍ‬
‫س‪ :‬بًتىػ ٍركً ىها‬ ‫الزىكاةً فىػ ىقطٍ‪ .‬كال ى ً‬ ‫الرابً يع‪ :‬يى ٍك يف ير بًتىػركً ىها ىكتىػ ٍر ًؾ َّ‬ ‫ىص ىح ً‬
‫ٍخام ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ىح ىمد‪ .‬ىك َّ‬ ‫اب أ ٍ‬ ‫أٍ‬
‫ٍح ّْج‪ .‬ىك ىى ًذهً ال ىٍم ٍسأىلىةي لى ىها‬ ‫الصيى ًاـ ىكال ى‬‫اـ ىعلىٍيػ ىها يدك ىف تىػ ٍر ًؾ ّْ‬ ‫الزىكاةً إ ىذا قىاتى ىل ًٍ‬
‫اإل ىم ى‬ ‫ىكتىػ ٍر ًؾ َّ‬
‫اط ًن؛‬ ‫ات الٍ يك ٍف ًر الٍب ً‬ ‫اى ًر‪ ،‬كالثَّانًي‪ :‬فًي إثٍػب ً‬ ‫ات الٍ يك ٍف ًر الظَّ ً‬‫اف‪ :‬أىح يد يىما‪ :‬فًي إثٍػب ً‬ ‫طىرفى ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬
‫اإليم ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫فىأ َّىما الطَّر ي ً‬
‫اف قىػ ٍونال ىك ىع ىم نال ىك ىما تىػ ىق َّد ىـ‪،‬‬ ‫ؼ الثَّاني فىػ يه ىو ىم ٍبن ّّي ىعلىى ىم ٍسأىلىة ىك ٍوف ًٍ ى‬ ‫ى‬
‫ض ىعلىٍي ًو‬ ‫إيمانا ثىابًتنا فًي قىػ ٍلبً ًو بًأ َّ‬ ‫ً‬ ‫ىكًم ىن ال يٍم ٍمتىنً ًع أى ٍف يى يكو ىف َّ‬
‫ىف اللَّوى فىػ ىر ى‬ ‫الر يج يل يم ٍؤمننا ى‬
‫وـ ًم ٍن‬ ‫ص ي‬
‫ًً‬
‫يش ىد ٍى ىرهي ىال يى ٍس يج يد للَّو ىس ٍج ىدةن ىكىال يى ي‬
‫ً‬
‫ٍح َّج ىكيىع ي‬ ‫اـ ىكال ى‬ ‫الصيى ى‬
‫الزىكاةى ىك ّْ‬ ‫الص ىالةى ىك َّ‬
‫َّ‬
‫ً‬
‫ص يد ير ىى ىذا َّإال‬ ‫ضا ىف ىكىال ييػ ىؤدّْم للَّ ًو ىزىكاةن ىكىال يى يح ُّج إلىى بىػ ٍيتً ًو‪ ،‬فىػ ىه ىذا يم ٍمتىنً هع‪ ،‬ىكىال يى ٍ‬ ‫ىرىم ى‬
‫ص ًح و‬ ‫ٍب كىزنٍ ىدقى وة ىال مع و‬ ‫ً و ً‬
‫(ُٓ)‬
‫يح" ‪.‬‬ ‫إيماف ى‬ ‫ىى ى‬ ‫ىم ىع ن ىفاؽ في الٍ ىقل ً ى‬
‫اط ًن يم ًق ِّرا‬‫الص ىالةً حتَّى يػ ٍقتل لىم ي يكن فًي الٍب ً‬ ‫كقاؿ‪" :‬كمتى امتػنع َّ ً‬
‫ى‬ ‫الر يج يل م ىن َّ ى ي ى ى ٍ ى ٍ‬ ‫ى ىى ٍ ى ى ى‬
‫استىػ ىف ى ً‬ ‫ًً‬ ‫ً ً ً‬ ‫ًً ً‬ ‫ً ً‬
‫ار‬
‫اضت ٍاآلثى ي‬ ‫ين‪ ،‬ىك ىما ٍ‬ ‫ب يو يجوب ىها‪ ،‬ىكىال يملٍتى ًزنما بف ٍعل ىها‪ ،‬ىك ىى ىذا ىكاف هر باتّْػ ىفاؽ ال يٍم ٍسلم ى‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو‬ ‫ًً‬ ‫ت ىعلىي ًو النُّصوص َّ ً‬ ‫ىع ًن َّ ً‬
‫يحةي؛ ىك ىق ٍولو ى‬ ‫الصح ى‬ ‫ي ي‬ ‫الص ىحابىة بً يك ٍف ًر ىى ىذا‪ ،‬ىك ىدلَّ ٍ ٍ‬

‫(‪( )51‬جمموع الفتاوى‪.)611-613/7:‬‬


‫ِْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الص ىالةً) ىرىكاهي يم ٍسلً هم‪ ،‬ىكقىػ ٍولً ًو‪:‬‬ ‫س بىػ ٍي ىن ال ىٍع ٍب ًد ىكبىػ ٍي ىن الٍ يك ٍف ًر َّإال تىػ ٍر يؾ َّ‬ ‫َّ‬
‫ىك ىسل ىم‪( :‬لىٍي ى‬
‫الص ىالةي فى ىم ٍن تىػ ىرىك ىها فىػ ىق ٍد ىك ىف ىر)‪ ،‬ىكقىػ ٍوًؿ ىع ٍب ًد اللَّ ًو بٍ ًن‬ ‫(ال ىٍع ٍه يد الَّ ًذم بىػ ٍيػنىػنىا ىكبىػ ٍيػنىػ يه يم َّ‬
‫اؿ فًي تىػ ٍركً ًو يك ٍف هر َّإال‬ ‫اب يم ىح َّم ود ىال يىػرٍك ىف ىش ٍيئنا ًمن ٍاألى ٍعم ً‬ ‫ىص ىح ي‬ ‫يق‪ :‬ىكا ىف أ ٍ‬ ‫ىش ًق و‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ط فىػ ىه ىذا‬ ‫وت ىال يى ٍس يج يد لًلَّ ًو ىس ٍج ىدةن قى ُّ‬ ‫ص ِّرا ىعلىى تىػ ٍركً ىها ىحتَّى يى يم ى‬ ‫الص ىالةى‪ ،‬فىمن ىكا ىف م ً‬
‫ي‬ ‫ىٍ‬ ‫َّ‬
‫ط يم ٍسلً نما يم ًق ِّرا بً يو يجوبً ىها" ‪.‬‬
‫(ِٓ)‬
‫ىال يى يكو يف قى ُّ‬
‫وت ىعلىى ىى ىذا‬ ‫ط‪ ،‬ىكيى يم ي‬ ‫صلّْي قى ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كقاؿ‪" :‬فىأ َّىما ىم ٍن ىكا ىف يمص ِّرا ىعلىى تىػ ٍرك ىها ىال يي ى‬
‫صلُّو ىف تى ى‬
‫ارةن‪ ،‬ىكيىػ ٍتػ يريكونىػ ىها‬ ‫ص ىرا ًر ىكالتػ ٍَّر ًؾ فىػ ىه ىذا ىال يى يكو يف يم ٍسلً نما؛ لى ًك َّن أى ٍكثىػ ىر الن ً‬
‫َّاس يي ى‬ ‫اإل ٍ‬ ‫ًٍ‬
‫ً ً (ّٓ)‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يد" ‪.‬‬ ‫ت ال ىٍوع‬ ‫سوا يي ىحافًظيو ىف ىعلىٍيػ ىها‪ ،‬ىك ىى يؤىالء تى ٍح ى‬ ‫ارنة‪ ،‬فىػ ىه يؤىالء لىٍي ي‬ ‫تى ى‬
‫ت‬‫اط ًن ىزالى ٍ‬ ‫اى ًر بًالٍب ً‬
‫ى‬
‫ط الظَّ ً‬ ‫ؼ ٍارتًبىا ى‬ ‫ض يع يىػ ٍنبى ًغي تى ىدبُّػ يرهي؛ فى ىم ٍن ىع ىر ى‬
‫كقاؿ‪" :‬فىػ ىه ىذا الٍمو ً‬
‫ىٍ‬
‫وب‬‫اؿ ًم ىن الٍ يف ىق ىه ًاء أىنَّوي إ ىذا أىقىػ َّر بًال يٍو يج ً‬‫ىف ىم ٍن قى ى‬‫اب‪ ،‬ىك ىعلً ىم أ َّ‬ ‫الش ٍبػ ىهةي فًي ىى ىذا الٍبى ً‬‫ىع ٍنوي ُّ‬
‫الش ٍبػ ىهةي الَّتًي‬ ‫ت ىعلىٍي ًو ُّ‬ ‫إس ىال ًم ًو فىًإنَّوي ىد ىخلى ٍ‬ ‫ً‬
‫ىك ٍامتىػنى ىع ىع ًن الٍف ٍع ًل ىال ييػ ٍقتى يل أ ٍىك ييػ ٍقتى يل ىم ىع ٍ‬
‫ٍج ٍه ًميَّة" ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(ْٓ)‬ ‫ً ً‬
‫ت ىعلىى ال يٍم ٍرجئىة ىكال ى‬ ‫ىد ىخلى ٍ‬
‫خالصة كالمو‪ :‬ترؾ األركاف األربعة كفر؛ ألف ترؾ جنس العمل كفر‪.‬‬
‫كمعنى كالمو‪ :‬األركاف األربعة في تكفير تاركها نزاع‪ .‬كتارؾ األركاف األربعة‬
‫جميعا كافر‪ ،‬ككفره مبني على حجتين‪ :‬األكلى‪ :‬نصوص الكتاب كالسنة‪،‬‬‫ن‬
‫كالثانية‪ :‬كفر تارؾ جنس العمل‪ ،‬كذلك أف عدـ كجود جنس العمل الظاىر يدؿ‬

‫(‪( )52‬جمموع الفتاوى‪.)48/22:‬‬


‫(‪( )53‬جمموع الفتاوى‪.)49/22:‬‬
‫(‪( )54‬جمموع الفتاوى‪.)616/7:‬‬
‫ّْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫على عدـ كجود اإليماف الباطن‪ ،‬كأىم الواجبات في جنس العمل الظاىر‬
‫األركاف األربعة‪ ،‬كعلى ىذا فمن ترؾ األركاف األربعة فقد ترؾ جنس العمل‪،‬‬
‫كافرا‪ .‬كتارؾ الصالة كحدىا إذا أصر على تركها حتى الموت كافر؛‬
‫كبهذا يكوف ن‬
‫لحجتين‪ :‬األكلى‪ :‬نصوص الكتاب كالسنة كأقواؿ الصحابة‪ ،‬كالثانية‪ :‬كفر تارؾ‬
‫جنس العمل‪ .‬كبعض الفقهاء دخلت عليهم الشبهة التي دخلت على المرجئة‬
‫كالجهمية فقالوا‪ :‬إف الرجل إذا أقر بوجوب الصالة كأصر على تركها بعد‬
‫استتابة الحاكم ليس بكافر‪ .‬كظاىر كالمو أف تارؾ ما سول الصالة كافر سواء‬
‫الزكاة أك الصوـ أك الحج؛ لحجتين‪ :‬األكلى‪ :‬نصوص الكتاب كالسنة‪ ،‬كالثانية‪:‬‬
‫كفر تارؾ جنس العمل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالت‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬احتجاجو بنصوص‬
‫مخرجا من الملة‪،‬‬
‫ن‬ ‫كفرا‬
‫الكتاب كالسنة كأقواؿ الصحابة على كفر تارؾ الصالة ن‬
‫كىو إشكاؿ إذا كاف احتجاجو يقينيِّا‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىذه النصوص كاألقواؿ‬
‫حجة يقينية على كفر تارؾ الصالة‪ ،‬كلكن ىل ىي حجة يقينية على أف كفره‬
‫مخرج من الملة؟ اإلشكاؿ الثاني‪ :‬تحديد صورة تارؾ الصالة التي بها يكوف‬
‫كافرا بالمصر على تركها حتى الموت‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل أحد من الفقهاء‬ ‫ن‬
‫الذين يركف كفر تارؾ الصالة سبقو إلى ىذا التحديد؟ اإلشكاؿ الثالث‪ :‬اتهاـ‬
‫الفقهاء الذين يقولوف‪ :‬ىمن أصر على ترؾ الصالة بعد استتابة الحاكم ليس‬
‫بكافر بأنو دخلت عليهم شبهة المرجئة كالجهمية‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬جمهور‬
‫كافرا‪ ،‬فهل يستقيم ىذا االتهاـ؟ اإلشكاؿ الرابع‪ :‬إثبات‬
‫فقهاء السلف ال يركنو ن‬

‫ْْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الخالؼ في كفر تارؾ الزكاة كالصوـ كالحج‪ ،‬كاحتجاجو بالنصوص على الكفر‪،‬‬
‫كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل يوجد خالؼ معتبر بين الفقهاء في كفر تارؾ الزكاة كالصوـ‬
‫كالحج؟ اإلشكاؿ الخامس‪ :‬احتجاجو بكفر تارؾ جنس العمل على كفر تارؾ‬
‫األركاف األربعة بمجموعها أك بأفرادىا‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل أحد من الفقهاء‬
‫سبقو إلى ىذا االحتجاج؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬أركاف اإلسالـ الخمسة‪ ،‬أكلها‬
‫الشهادتاف‪ ،‬ثم األركاف األربعة‪ ،‬فاألربعة إذا أقر بها‪ ،‬كتركها تهاكنا‪ ،‬فنحن كإف‬
‫قاتلناه على فعلها‪ ،‬فال نكفره بتركها‪ .‬كالعلماء اختلفوا في كفر التارؾ لها كسالن‬
‫من غير جحود‪ ،‬كال نكفر إال ما أجمع عليو العلماء كلهم‪ ،‬كىو‪ :‬الشهادتاف‪،‬‬
‫كأيضان‪ :‬نكفره بعد التعريف إذا عرؼ كأنكر"(ٓٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬عدـ كفر تارؾ األركاف األربعة؛ لوجود االختالؼ في‬
‫التكفير‪.‬‬
‫قلت‪ :‬محل اإلشكاؿ ىل يوجد خالؼ معتبر بين الفقهاء في كفر تارؾ‬
‫الزكاة كالصوـ كالحج؟ كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ أبناء الشيخ محمد بن عبد الوىاب كحمد بن ناصر بن معمر‬
‫كدعي إليها كأبى عن‬
‫أيضا من أنكر كجوب الصالة‪ ،‬ي‬
‫(تُِِٓق)‪" :‬كيكفر ن‬

‫(‪( )55‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)132/1:‬‬


‫ْٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كفرا‪ ،‬كىو مذىب اإلماـ أحمد كإسحاؽ كغيرىما من‬


‫فعلها جح ندا‪ ،‬ييقتل عندنا ن‬
‫السلف كالخلف‪ ،‬كىو الذم تدؿ عليو األدلة من الكتاب كالسنة‪ ،‬كفي المسألة‬
‫حدا‪ ،‬كىو القوؿ المشهور في مذىب اإلماـ مالك‬ ‫قوؿ آخر‪ :‬أنو يقتل ِّ‬
‫كالشافعي كأبي حنيفة"(ٔٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق)‪:‬‬
‫"كأما األركاف الخمسة فهي جزء مسمى اإليماف‪ ،‬كال يحصل اإلسالـ على‬
‫الحقيقة إال بالعمل بهذه األركاف"(ٕٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬
‫الوىاب (تُِّٗق)‪" :‬كأما الحكم بغير ما أنزؿ اهلل كترؾ الصالة فهذا كفر‬
‫عمل‪ ،‬ال كفر اعتقاد"(ٖٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا كالـ بعض المتقدمين من أئمة الدعوة السلفية بعد الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوىاب؛ فمنهم من يكفر تارؾ الصالة ال غير‪ ،‬كىو المشهور‬
‫من مذىب اإلماـ أحمد‪ ،‬كمنهم من يكفر تارؾ أحد األركاف األربعة‪ ،‬كىو ظاىر‬
‫قوؿ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كمنهم من ال يكفر باإلطالؽ‪ ،‬كىو قوؿ الشيخ محمد بن‬
‫عبد الوىاب‪ .‬كقوؿ بعضهم بتكفير تارؾ أحد األركاف األربعة محل إشكاؿ‪،‬‬
‫كىو ىل يوجد خالؼ معتبر بين الفقهاء في كفر تارؾ الزكاة كالصوـ كالحج؟‬

‫(‪( )56‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪ .)132/13:‬قلت‪ :‬املشهور يف مذىب أيب حنيفة حيبس حىت‬
‫املوت‪ ،‬وال يقتل‪.‬‬
‫(‪( )57‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)333/1:‬‬
‫(‪( )58‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)483/1:‬‬
‫ْٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ شيخ اإلسالـ‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة‬
‫الدعوة فهم على نفس ىذه األقواؿ الثالثة‪ ،‬إال أف أكثرىم على القوؿ األكؿ‪،‬‬
‫كيليهم من يقوؿ بالقوؿ الثاني‪ ،‬كقليل ج ندا من يقوؿ بالقوؿ الثالث‪ ،‬لكن‬
‫بعضهم تبنى القوؿ بتكفير تارؾ الصالة من غير شرط استتابة الحاكم‪ ،‬كىذا‬
‫يقتضي أف تارؾ الصالة في حياتو ال تحل لو زكجتو‪ ،‬كإذا مات ال يغسل كال‬
‫يصلى عليو كال يدفن في مقابر المسلمين‪ ،‬ثم صار ىذا القوؿ ىو المشهور‬
‫عندىم‪ .‬كىذا القوؿ محل إشكاؿ‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل أحد من الفقهاء الذين‬
‫يركف كفر تارؾ الصالة سبقهم إليو؟‬

‫فصل‪ :‬ىل اإلعراض عن الدين كفر؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫الر ٍحم ًن م ٍح ىد و‬ ‫ً ً ً ً‬
‫ث‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬كقاؿ تعالى‪ ( :‬ىكىما يىأٍتي ًه ٍم م ٍن ذ ٍك ور م ىن َّ ى ي‬
‫ٍح َّجةي‪ ،‬ىكلى ًك ٍن لى ٍم‬ ‫اىم كقىام ٍ ً‬
‫ت بًو ال ي‬ ‫ين) [الشعراء‪ ،]ٓ:‬فىػ ىق ٍد أىتى ي ٍ ى ى‬
‫ً‬
‫إًَّال ىكانيوا ىع ٍنوي يم ٍع ًرض ى‬
‫صغى ٍوا إلىٍي ًو بً يقليوبً ًه ٍم فىػلى ٍم يىػ ٍف ىه يموهي أ ٍىك فى ًه يموهي فىػلى ٍم يىػ ٍع ىمليوا بً ًو" ‪.‬‬
‫(ٗٓ)‬
‫يى ٍ‬
‫اد لىوي‬‫اض ىع ًن ًاالنٍ ًقي ً‬ ‫اإل ٍع ىر ً‬‫وؿ اللَّ ًو ىم ىع ًٍ‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكإًَّال فى يم ىج َّر يد ىم ٍع ًرفى ًة قىػ ٍلبً ًو أىنَّوي ىر يس ي‬
‫ى‬
‫ك‬ ‫س ندا ىكإً َّما كً ٍبػ نرا ىكإً َّما لً ىم ىحبَّ ًة ًدينً ًو الَّ ًذم يي ىخالًيفوي ىكإً َّما لًغىٍي ًر ذىلً ى‬ ‫كلًما ج ً ً‬
‫اء بو َّإما ىح ى‬ ‫ىى ىى‬
‫(َٔ)‬
‫إيمانا" ‪.‬‬ ‫فى ىال يى يكو يف ى‬

‫(‪( )59‬جمموع الفتاوى‪.)158/16:‬‬


‫(‪( )63‬جمموع الفتاوى‪.)397/7:‬‬
‫ْٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ عن قسم من أقساـ تاركي الصالة‪ " :‬ىك يىنىا قً ٍس هم ىرابً هع‪ ،‬ىك يى ىو‪ :‬أى ٍف يىػ ٍتػ يرىك ىها‬
‫ٍج ٍملىةي‪ ،‬فىػ ىه ٍل‬ ‫ث ال ي‬ ‫اإل ٍس ىالًـ ًم ٍن ىح ٍي ي‬
‫ىكىال ييًق َّر بً يو يجوبً ىها ىكىال يى ٍج ىح ىد يك يجوبىػ ىها؛ لى ًكنَّوي يم ًق ّّر بً ًٍ‬
‫ف يمتىػنىا ًك هؿ‬ ‫اإل ٍج ىم ًاع؟ ىكلى ىع َّل ىك ىال ىـ ىكثًي ور ًم ىن َّ‬
‫السلى ً‬ ‫ّْز ًاع أ ٍىك ًم ٍن ىم ىوا ًرًد ًٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىى ىذا م ٍن ىم ىوا ًرد النػ ى‬
‫اإل ٍس ىالًـ‪ ،‬فىػ ىه ىذا‬ ‫ض ىع ٍنػ ىها ىال يم ًق ِّرا ىكىال يم ٍن ًك نرا‪ ،‬ىكإًنَّ ىما يى ىو يمتى ىكلّْ هم بً ًٍ‬ ‫ً‬
‫ل ىه ىذا‪ ،‬ىك يى ىو ال يٍم ٍع ًر ي‬
‫فً ًيو نىظىهر‪ ...‬إلخ" ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(ُٔ)‬

‫معنى كالمو‪ :‬اإلعراض عن الدين كفر‪ ،‬كىو عدـ إصغاء القلب للدين‪ ،‬كىو‬
‫نوعاف‪ :‬النوع األكؿ‪ :‬اإلعراض عن اإليماف بو لعدـ فهمو‪ ،‬كالنوع الثاني‪:‬‬
‫اإلعراض عن قبولو مع فهمو‪ .‬كقد يدخل في النوع األكؿ المسلم المعرض عن‬
‫الصالة فال يقر بوجوبها كال ينكر كجوبها لجهلو بها‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ال إشكاؿ في أف اإلعراض عن الدين كفر‪ ،‬كأنهما نوعاف‪ ،‬كىما‬
‫يتعلقاف بالكافر األصلي‪ .‬كمحل اإلشكاؿ إدخاؿ المسلم المعرض عن الصالة ػ‬
‫فال يقر بوجوبها كال ينكر كجوبها لجهلو بها ػ في كالـ السلف‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪:‬‬
‫ىل أحد قبلو نص على أف ىذه الصورة تدخل في كالـ السلف؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن نواقض اإلسالـ‪" :‬العاشر‪ :‬اإلعراض‬
‫(كىم ٍن أىظٍلى يم ًم َّمن ذيّْك ىر‬
‫عن دين اهلل‪ ،‬ال يتعلمػو كال يعمػل بو‪ ،‬كالدليل قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ين يمنتى ًق يمو ىف) [السجدة‪.)ِٔ("]ِِ:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بًآي ً ً‬
‫ض ىع ٍنػ ىها إًنَّا م ىن ال يٍم ٍج ًرم ى‬
‫ات ىربّْو ثي َّم أى ٍع ىر ى‬‫ى‬

‫(‪( )61‬جمموع الفتاوى‪.)98/23:‬‬


‫(‪( )62‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)362-361/2:‬‬
‫ْٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ‪" :‬من عرؼ أف التوحيد دين اهلل كرسولو الذم أظهرناه للناس‪ ،‬كأقر‬
‫أيضان أف ىذه االعتقادات في الحجر كالشجر كالبشر الذم ىو دين غالب‬
‫الناس أنو الشرؾ باهلل الذم بعث اهلل رسولو صلى اهلل عليو كسلم ينهى عنو‪،‬‬
‫كيقاتل أىلو؛ ليكوف الدين كلو هلل‪ .‬كمع ذلك لم يلتفت إلى التوحيد كال تعلمو‬
‫كال دخل فيو كال ترؾ الشرؾ‪ ،‬فهو كافر‪ ،‬نقاتلو بكفره؛ ألنو عرؼ دين الرسوؿ‬
‫فلم يتبعو‪ ،‬كعرؼ الشرؾ فلم يتركو"(ّٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬الشرؾ الذم يصدر من المؤمن كىو ال يدرم‪ ،‬مع كونو مجتهدان في‬
‫اًتّْباع أمر اهلل كرسولو‪ ،‬فأرجو أف ال يخرجو ىذا من الوعد‪ .‬كقد صدر من‬
‫الصحابة أشياء من ىذا الباب‪ ،‬كحلفهم بآبائهم‪ ،‬كحلفهم بالكعبة‪ ،‬كقولهم‪ :‬ما‬
‫شاء اهلل كشاء محمد‪ ،‬كقولهم‪ :‬اجعل لنا ذات أنواط‪ ،‬كلكن إذا باف لهم الحق‬
‫اتبعوه‪ ،‬كلم يجادلوا فيو حمية الجاىلية لمذىب اآلباء كالعادات‪ .‬كأما الذم‬
‫يدعي اإلسالـ‪ ،‬كىو يفعل من الشرؾ األمور العظاـ‪ ،‬فإذا تليت عليو آيات اهلل‬
‫استكبر عنها‪ ،‬فليس ىذا بالمسلم‪ .‬كأما اإلنساف الذم يفعلها بجهالة‪ ،‬كلم‬
‫يتيسر لو من ينصحو‪ ،‬كلم يطلب العلم الذم أنزلو اهلل على رسولو‪ ،‬بل أخلد‬
‫إلى األرض‪ ،‬كاتبع ىواه‪ ،‬فال أدرم ما حالو"(ْٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬المسلم الذم يعتقد أف اإلسالـ ىو الدين الحق‪ ،‬كيقع في‬
‫الشرؾ على ثالث حاالت‪ :‬األكلى‪ :‬الحريص على التوحيد‪ ،‬فقد يقع في أنواع‬
‫من الشرؾ لجهلو‪ ،‬كلكنو إذا نيػبّْو ترؾ‪ ،‬فهو معذكر فيما كقع فيو‪ .‬كالثانية‪:‬‬

‫(‪( )63‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)132/1:‬‬


‫(‪( )64‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)151-153/2:‬‬
‫ْٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫المعرض‪ ،‬كىو الذم يك ًجد في مكانو من يقيم الحجة عليو بتالكة اآليات‪ ،‬كلكنو‬
‫ال يتعلم ليفهم‪ ،‬كيصر على ما ىو عليو من الشرؾ‪ ،‬فهذا غير معذكر‪ .‬كالثالثة‪:‬‬
‫الذم لم ييوجد في مكانو من يقيم الحجة عليو بتالكة اآليات‪ ،‬كيقع في أنواع‬
‫من الشرؾ لجهلو مع تمكنو من العلم كتقصيره في طلبو‪ ،‬فهذا اهلل أعلم بحالو‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬اإلعراض عن الدين كفر‪ ،‬كىو‪ :‬بقاء المسلم على شيء من‬
‫يسع‬
‫إعراضا؛ ألنو لم ى‬‫ن‬ ‫الكفر بعد بلوغو الحجة من غير فهمها‪ .‬كسمى بقاءه‬
‫لفهم الحجة التي بلغتو‪ ،‬فأصر على الكفر لجهلو‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬ىل أحد من الفقهاء سبقو لذكر ىذه‬
‫كفرا؟‬
‫الصورة من صور اإلعراض الذم يكوف ن‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬فإذا بلغو‬
‫القرآف كأعرض عنو كلم يبحث عن أكامره كنواىيو فقد استوجب العقاب‪ ،‬قاؿ‬
‫ش يرهي يىػ ٍوىـ ال ًٍقيى ىام ًة أى ٍع ىمى)‬
‫ض ٍن نكا ىكنى ٍح ي‬ ‫ض ىع ٍن ًذ ٍك ًرم فىًإ َّف لىوي ىم ًعي ى‬
‫شةن ى‬ ‫(كىم ٍن أى ٍع ىر ى‬
‫تعالى‪ :‬ى‬
‫ً‬ ‫[طو‪ ،]ُِْ:‬كقاؿ تعالى‪( :‬كقى ٍد آتىػيػن ى ً‬
‫ض ىع ٍنوي فىًإنَّوي‬‫اؾ م ٍن لى يدنَّا ذ ٍكران ‪ .‬ىم ٍن أى ٍع ىر ى‬ ‫ٍى‬ ‫ى‬
‫ين فً ًيو) [طو‪. "]َُُ-ٗٗ:‬‬ ‫ًً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫يى ٍحم يل يىػ ٍوىـ الٍقيى ىامة ًكٍزران ‪ .‬ىخالد ى‬
‫(ٓٔ)‬

‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬


‫الوىاب (تُِّٗق)‪" :‬كأما ما كاف في دار اإلسالـ كال تعلٌم أصل الدين كال‬
‫قواعده‪ ،‬كألجل الجهل بها صار يعزر كيوقر أعداء الدين؟ فالجواب أف يقاؿ‪:‬‬
‫إف أحواؿ الناس تتفاكت تفاكتان عظيمان‪ ،‬كتفاكتهم بحسب درجاتهم في اإليماف‪،‬‬

‫(‪( )65‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)275/13:‬‬


‫َٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫إذا كاف أصل اإليماف موجودان؛ كالتفريق كالترؾ‪ ،‬إنما ىو فيما دكف ذلك من‬
‫الواجبات‪ ،‬كالمستحبات‪ .‬كأما إذا عدـ األصل الذم يدخل بو في اإلسالـ‪،‬‬
‫ً‬
‫(كلىىق ٍد ذى ىرأٍنىا ل ىج ىهن ى‬
‫َّم‬ ‫كأعرض عن ىذا بالكلية‪ ،‬فهذا كفر إعراض‪ ،‬فيو قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ٍج ّْن ك ًٍ‬
‫األنٍ ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ض ىع ٍن‬ ‫(كىم ٍن أى ٍع ىر ى‬ ‫س) اآلية [األعراؼ‪ ،]ُٕٗ:‬كقولو‪ :‬ى‬ ‫ىكثيران م ىن ال ى‬
‫ض ٍنكان) اآلية [طو‪ .]ُِْ:‬كلكن عليك أف تعلم‪ :‬أف‬ ‫شةن ى‬ ‫ًذ ٍك ًرم فىًإ َّف لىوي ىم ًعي ى‬
‫المدار على معرفة حقيقة األصل كحقيقة القاعدة‪ ،‬كإف اختلف التعبير كاللفظ؛‬
‫فإف كثيران يعرؼ القصد كالقاعدة‪ ،‬كيعبر بغير التعبير المشهور‪ .‬كتعزيرىم‬
‫كتوقيرىم كذلك تحتو أنواع أيضان‪ ،‬أعظمها‪ :‬رفع شأنهم‪ ،‬كنصرتهم على أىل‬
‫اإلسالـ كمبانيو‪ ،‬كتصويب ما ىم عليو؛ فهذا كجنسو من المكفرات"(ٔٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ سليماف بن سحماف (تُّْٗق)‪" :‬كأما من ظاىره ال إسالـ‬
‫كال كفر‪ ،‬بل ىو جاىل‪ ،‬فنقوؿ‪ :‬ىذا الرجل الجاىل‪ ،‬إف كاف معو األصل الذم‬
‫يدخل بو اإلنساف في اإلسالـ‪ ،‬فهو مسلم‪ ،‬كلو كاف جاىالن بتفاصيل دينو‪ ،‬فإنو‬
‫ليس على عواـ المسلمين ممن ال قدرة لهم على معرفة تفاصيل ما شرعو اهلل‬
‫كرسولو أف يعرفوا على التفصيل ما يعرفو من أقدره اهلل على ذلك‪ ،‬من علماء‬
‫المسلمين كأعيانهم مما شرعو اهلل كرسولو من األحكاـ الدينية‪ ،‬بل عليهم أف يؤمنوا‬
‫عاما مجمالن‪ ،‬كما قرر ذلك شيخ اإلسالـ في المنهاج‪.‬‬ ‫بما جاء بو الرسوؿ إيمانا ِّ‬
‫كإف لم يوجد معو األصل الذم يدخل بو اإلنساف في اإلسالـ فهو كافر‪ ،‬ككفره‬
‫ىو بسبب اإلعراض عن تعلم دينو‪ ،‬ال علمو كال تعلمو كال عمل بو"(ٕٔ)‪.‬‬

‫(‪( )66‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)363/8:‬‬


‫(‪( )67‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)471-473/13:‬‬
‫ُٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ محمد بن إبراىيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن‬


‫بن محمد بن عبد الوىاب (تُّٖٗق)‪" :‬التوحيد ما فيو جهل‪ ،‬ىذا ليس‬
‫مثلو يجهل‪ ،‬إنما ىذا معرض عن الدين‪ ،‬يجهل اإلنساف الشمس؟ علماؤىم‬
‫جهاؿ‪ ،‬كال أجهل من المشرؾ‪ ،‬ما في القراف خطاب بالجهل إال في بعض من‬
‫يعبد غير اهلل؛ فهم جهاؿ كالحجة قائمة عليهم؛ فالشيئاف يجتمعاف‪ :‬علم بقدر‬
‫ما قامت عليهم الحجة‪ ،‬كجهل بقدر ما أعرض عنو"(ٖٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫خالصة كالمهم‪ :‬اإلعراض عن الدين كفر‪ ،‬كىو‪ :‬بقاء المسلم على شيء‬
‫من الكفر بعد بلوغو الحجة من غير فهمها‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ىو كالـ المتقدمين من أئمة الدعوة‪ ،‬كىو نفس كالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كعليو ففيو نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فإنهم متابعوف‬
‫للشيخ في التصريح بأف اإلعراض كفر‪ ،‬كلكنهم مختلفوف في تفسير صورة‬
‫اإلعراض التي يقصدىا الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كفي كالـ المتأخرين‬
‫إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬ما التفسير الصحيح لصورة اإلعراض التي يقصدىا‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب؟ اإلشكاؿ الثاني‪ :‬ىل أحد من الفقهاء سبقهم‬
‫كفرا؟ كقد سبق ذكر ىذا‬
‫لذكر ىذه الصورة من صور اإلعراض الذم يكوف ن‬
‫اإلشكاؿ في كالـ الشيخ‪.‬‬

‫(‪( )68‬فتاوى ورسائل حممد بن إبراىيم آل الشيخ‪.)237/12:‬‬


‫ِٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب التوحيد كالشرؾ‬

‫فصل‪ :‬ىل المشركوف موحدكف في الربوبية؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫(ٗٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬كليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية"‬
‫(َٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫كقاؿ‪" :‬كإال فمجرد توحيد الربوبية قد كاف المشركوف يقركف بو"‬
‫كقاؿ‪" :‬فال ريب أنو من التوحيد الواجب‪ ،‬كىو اإلقرار بأف خالق العالم‬
‫كاحد‪ .‬لكنو ىو بعض الواجب‪ ،‬كليس ىو الواجب الذم بو يخرج اإلنساف من‬
‫اإلشراؾ إلى التوحيد‪ .‬بل المشركوف الذين سماىم اهلل كرسولو مشركين كأخبرت‬
‫(ُٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫الرسل أف اهلل ال يغفر لهم كانوا مقرين بأف اهلل خالق كل شيء"‬
‫ب أى ٍف نىػ ٍعبي ىد اللَّوى ىك ٍح ىدهي ىال ني ٍش ًر ىؾ بً ًو ىش ٍيئنا ىكىال نى ٍج ىع ىل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كقاؿ‪" :‬فىًإ َّف التػ ٍَّوحي ىد ال ىٍواج ى‬
‫اإلقػ ىٍر يار بًأىنَّوي ىخالً يق‬ ‫لىوي نً ِّدا فًي إلى ًهيَّتً ًو ىال ىش ًري نكا ىكىال ىش ًف نيعا‪ .‬فىأ َّىما تىػ ٍو ًحي يد ُّ‬
‫الربيوبًيَّ ًة ىك يى ىو ًٍ‬
‫يك ّْل ىش ٍي وء فىػ ىه ىذا قى ٍد أىقىػ َّر بً ًو ال يٍم ٍش ًريكو ىف" ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(ِٕ)‬

‫معنى كالمو‪ :‬ال يكوف اإلنساف موح ندا بمجرد اإلقرار بتوحيد الربوبية؛ ألف‬
‫المشركين مقركف بو‪ ،‬كىم مشركوف؛ ألنهم أشركوا في العبادة‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬المشركوف موحدكف في الربوبية‪.‬‬

‫(‪( )69‬درء تعارض العقل والنقل‪.)225/1:‬‬


‫(‪( )73‬درء تعارض العقل والنقل‪.)345/9:‬‬
‫(‪( )71‬درء تعارض العقل والنقل‪.)378/9:‬‬
‫(‪( )72‬جمموع الفتاوى‪.)53/11:‬‬
‫ّٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬في ىذا الكالـ إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬توجد آيات تدؿ على أف‬
‫(كاتَّ ىخ يذكا‬
‫المشركين يعتقدكف النفع كالضر في معبوداتهم‪ ،‬كمن ذلك قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ً ً ً‬ ‫ً‬
‫ص يرك ىف) [يس‪ ،]ْٕ:‬كالمعنى‪ :‬اتخذكا معبودات مع‬ ‫م ٍن يدكف اللَّو آل ىهةن لى ىعلَّ يه ٍم ييػ ٍن ى‬
‫ين ًم ٍن يدكنًًو)‬ ‫اهلل تعالى يطلبوف منها النصر‪ ،‬كقولو تعالى‪( :‬كي ىخ ّْوفيونى ى ً َّ ً‬
‫ك بالذ ى‬ ‫ىي‬
‫[الزمر‪ ،]ّٔ:‬المعنى‪ :‬يخوفونك من معبوداتهم أف تصيبك بسوء‪ .‬كجو اإلشكاؿ‪:‬‬
‫ما الجمع بين اآليات التي تدؿ على إقرارىم بتوحيد الربوبية كاآليات التي تدؿ‬
‫على اعتقادىم النفع كالضر في معبوداتهم؟ كاإلشكاؿ الثاني‪ :‬دلت اآليات على‬
‫(كيىػ ٍعبي يدك ىف ًم ٍن‬
‫أنهم يعتقدكف أف معبوداتهم تملك الشفاعة‪ ،‬كمن ذلك قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ض ُّريى ٍم ىكىال يىػ ٍنػ ىفعي يه ٍم ىكيىػ يقوليو ىف ىى يؤىال ًء يش ىف ىعا يؤنىا ًع ٍن ىد اللَّ ًو) [يونس‪،]ُٖ:‬‬
‫كف اللَّ ًو ىما ىال يى ي‬
‫يد ً‬
‫كىذا نوع من شرؾ الربوبية‪ ،‬كلهذا نفى اهلل تعالى عنهم ملك الشفاعة فقاؿ‬
‫اع ىة) [الزخرؼ‪ .]ٖٔ:‬قاؿ شيخ‬ ‫ين يى ٍدعيو ىف ًم ٍن يدكنًًو َّ‬
‫الش ىف ى‬ ‫تعالى‪( :‬كىال يملً ي َّ ً‬
‫ك الذ ى‬ ‫ى ىٍ‬
‫اإلسالـ‪" :‬كانوا يثبتوف الشفاعة بدكف إذنو‪ ،‬فيجعلوف المخلوؽ يملك الشفاعة‪،‬‬
‫(ّٕ)‬
‫كىذا نوع من الشرؾ" ‪ ،‬انتهى‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬كيف يينفى شرؾ الربوبية‬
‫عنهم مع كقوعهم في شرؾ ربوبية ملك الشفاعة؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬التوحيد نوعاف‪ :‬توحيد الربوبية‪ ،‬كىو‪:‬‬
‫أف اهلل سبحانو متفرد بالخلق كالتدبير عن المالئكة كاألنبياء كغيرىم؛ كىذا حق‬
‫ال بد منو‪ ،‬لكن ال يدخل الرجل في اإلسالـ؛ بل أكثر الناس مقركف بو‪ ،‬قاؿ اهلل‬

‫(‪( )73‬جمموع الفتاوى‪.)122/16:‬‬


‫ْٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ار ىكىم ٍن‬


‫صى‬ ‫الس ٍم ىع ىكاألىبٍ ى‬
‫ك َّ‬ ‫الس ىم ًاء ىكاأل ٍىر ً‬
‫ض أ َّىم ٍن يى ٍملً ي‬ ‫تعالى‪( :‬قي ٍل ىم ٍن يىػ ٍريزقي يك ٍم ًم ىن َّ‬
‫سيىػ يقوليو ىف‬ ‫ت كي ٍخ ًرج الٍميّْ ى ً‬ ‫ً‬ ‫ي ٍخ ًرج ال ً‬
‫ٍح ّْي ىكىم ٍن يي ىدبّْػ ير األ ٍىم ىر فى ى‬
‫ت م ىن ال ى‬ ‫ٍح َّي م ىن ال ىٍميّْ ى ي ي ى‬ ‫ي ي ى‬
‫اللَّوي فىػ يق ٍل أىفىال تىػتَّػ يقو ىف) [يونس‪ ،]ُّ:‬كأف الذم يدخل الرجل في اإلسالـ ىو‬
‫توحيد اإللهية‪ ،‬كىو‪ :‬أال يعبد إال اهلل‪ ،‬ال مل نكا مقربنا كال نبينا مرسالن"(ْٕ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫مسلما بمجرد اإلقرار بتوحيد الربوبية؛ ألف‬ ‫ن‬ ‫معنى كالمو‪ :‬ال يكوف اإلنساف‬
‫أكثر المشركين مقركف بو‪ ،‬كىم مشركوف؛ ألنهم أشركوا في العبادة‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬أكثر المشركين موحدكف في الربوبية‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ نحو كالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو ففيو نفس اإلشكالين‬
‫اللذين في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫ال خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد عبد الوىاب ال من المتقدمين‬
‫كال من المتأخرين في أف المشركين كلهم أك أكثرىم موحدكف في الربوبية‪،‬‬
‫كعليو ففي كالمهم نفس اإلشكالين اللذين في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫فصل‪ :‬ما تعريف العبادة؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫الذ ّْؿ‬
‫اؿ ُّ‬
‫ض َّم ين ىك ىم ى‬
‫ادتيوي تىػتى ى‬ ‫ً‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ عن عبادة اهلل تعالى‪ " :‬ىكعبى ى‬
‫اعتً ًو"(ٕٓ)‪.‬‬
‫اؿ طى ى‬
‫ض َّم ين ىك ىم ى‬ ‫ب لىوي‪ ،‬ىكذىلً ى‬
‫ك يىػتى ى‬ ‫ٍح ّْ‬
‫ىكال ي‬

‫(‪( )74‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)14/13:‬‬


‫(‪( )75‬جمموع الفتاوى‪.)93-89/3:‬‬
‫ٓٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫اؿ‪ :‬طى ًري هق يم ىعبَّ هد إ ىذا ىكا ىف يم ىذلَّنال‬ ‫ضا‪ ،‬ييػ ىق ي‬ ‫الذ ُّؿ أىيٍ ن‬‫اىا ُّ‬ ‫ىص يل ىم ٍعنى ى‬‫ادةي أ ٍ‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكال ًٍعبى ى‬
‫ب؛‬ ‫ٍح ّْ‬‫الذ ّْؿ ىكىم ٍعنىى ال ي‬ ‫ض َّم ين ىم ٍعنىى ُّ‬ ‫ور بً ىها تىػتى ى‬ ‫ادةى ال ىٍمأ يٍم ى‬ ‫قى ٍد ىك ًطئىٍتوي ٍاألىقٍ ىد ياـ‪ .‬لى ًك َّن ال ًٍعبى ى‬
‫الذ ّْؿ لًلَّ ًو بًغىايىًة ال ىٍم ىحبَّ ًة لىوي"(ٕٔ)‪.‬‬ ‫ض َّم ين غىايىةى ُّ‬ ‫فى ًه ىي تىػتى ى‬
‫ضاهي ًم ىن ٍاألىقػ ىٍو ًاؿ‬ ‫اس هم ىج ًام هع لً يك ّْل ىما يي ًحبُّوي اللَّوي ىكيىػ ٍر ى‬ ‫ادةي ى ىي ٍ‬
‫كقاؿ‪" :‬ال ًٍعب ى ً‬
‫ى‬
‫ص ٍد يؽ الٍح ًد ً‬ ‫الصياـ كالٍح ُّج ك ً‬ ‫اى ىرةً؛ فى َّ‬ ‫اطنى ًة كالظَّ ً‬ ‫اؿ الٍب ً‬
‫يث‬ ‫ى‬ ‫الزىكاةي ىك ّْ ى ي ى ى ى‬ ‫الص ىالةي ىك َّ‬ ‫ى‬ ‫ىك ٍاألى ٍع ىم ً ى‬
‫ود ك ٍاألىمر بًالٍمعر ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫كؼ‬ ‫ىكأ ىىداءي ٍاأل ىىمانىة ىكب ُّر ال ىٍوال ىديٍ ًن ىكصلىةي ٍاأل ٍىر ىحاـ ىكال ىٍوفىاءي بالٍعي يه ى ٍ ي ى ٍ ي‬
‫ٍجا ًر ىكالٍيىتً ً‬ ‫ًً‬ ‫ٍجه ي ً‬
‫يم‬ ‫سا يف إلىى ال ى‬ ‫ين ىك ًٍ‬
‫اإل ٍح ى‬ ‫اد ل ٍل يك َّفا ًر ىكال يٍمنىافق ى‬ ‫َّه يي ىع ًن ال يٍم ٍن ىك ًر ىكال ً ى‬ ‫ىكالنػ ٍ‬
‫الد ىع ًاء ىك ّْ‬
‫الذ ٍك ًر‬ ‫ين ىكالٍبىػ ىهائً ًم ىك ُّ‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫يل ىكال ىٍم ٍمليوؾ م ىن ٍاآل ىدميّْ ى‬ ‫ىكال ًٍم ٍس ًكي ًن ىكابٍ ًن َّ‬
‫السبً ً‬
‫ب اللَّ ًو ىكىر يسولً ًو ىك ىخ ٍشيىةي اللَّ ًو ىك ًٍ‬
‫اإلنىابىةي‬ ‫ك يح ُّ‬ ‫ادةً‪ .‬ىكىك ىذلً ى‬ ‫اؿ ىذلً ى ً‬
‫ك م ىن ال ًٍعبى ى‬ ‫كال ًٍقراءةً كأ ٍىمثى ً‬
‫ى ىى ى‬
‫َّوُّك يل‬ ‫ضا بًىق ى ًً‬
‫ضائو ىكالتػ ى‬ ‫الر ى‬ ‫الش ٍك ير لًنً ىع ًم ًو ىك ّْ‬
‫الص ٍبػ ير لً يح ٍك ًم ًو ىك ُّ‬ ‫ص الدّْي ًن لىوي ىك َّ‬ ‫ً‬
‫إلىٍيو ىكإً ٍخ ىال ي‬
‫ادةً لًلَّ ًو"(ٕٕ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫ك ًى ىي م ىن ال ًٍعبى ى‬ ‫اؿ ذىلً ى‬ ‫ؼ لً ىع ىذابً ًو ىكأ ٍىمثى ي‬ ‫ٍخ ٍو ي‬ ‫الر ىجاءي لًىر ٍح ىمتً ًو ىكال ى‬ ‫ىعلىٍي ًو ىك َّ‬
‫انتهى‪.‬‬
‫شرعا كماؿ الذؿ ككماؿ المحبة‪،‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬العبادة لغة الذؿ‪ ،‬كالعبادة ن‬
‫كالعبادة كذلك ىي الطاعة‪ ،‬كالطاعة تشمل المأمورات كالمنهيات كلها‪ ،‬كمنها‬
‫المحبة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬تعريف العبادة بكماؿ‬
‫الذؿ ككماؿ المحبة‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىذا التعريف يخالف تعريف العبادة‬

‫(‪( )76‬جمموع الفتاوى‪.)153/13:‬‬


‫(‪( )77‬جمموع الفتاوى‪.)153-149/13:‬‬
‫ٔٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫بالطاعة؛ ألف تعريف العبادة بكماؿ الذؿ ككماؿ المحبة يقتضي أف المحبة غير‬
‫أنواعا منها‬
‫الذؿ‪ ،‬كتعريف العبادة بالطاعة يقتضي أف الطاعة ىي الذؿ كتشمل ن‬
‫المحبة‪ ،‬فهل المحبة غير الذؿ أك المحبة من الذؿ؟ كاإلشكاؿ الثاني‪ :‬تعريف‬
‫العبادة بالطاعة‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىذا التعريف يقتضي أف الشرؾ األكبر يدخل‬
‫في المأمورات كالمنهيات كلها؛ ألف صرؼ العبادة لغير اهلل شرؾ أكبر‪ ،‬كإذا‬
‫كانت العبادة ىي الطاعة‪ ،‬كالطاعة تشمل المأمورات كالمنهيات كلها‪ ،‬فالشرؾ‬
‫األكبر يدخل فيها كلها‪ ،‬فكيف يدخل الشرؾ األكبر في صلة الرحم؟ ككيف‬
‫يدخل في اجتناب الزنى؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن عبادة اهلل تعالى‪" :‬كىي تتضمن‬
‫كماؿ الذؿ كالحب‪ ،‬كتتضمن كماؿ الطاعة كالتعظيم"(ٖٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬العبادة اسم جامع لكل ما يحبو اهلل كيرضاه‪ ،‬من أقواؿ العباد كأفعالهم‪،‬‬
‫مما أمرىم اهلل بو في كتابو‪ ،‬على لساف رسولو صلى اهلل عليو كسلم"(ٕٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كأفراد العبادة كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬الدعاء‪ ،‬كالرجاء‪ ،‬كاإلنابة‪ ،‬كالخشية‪،‬‬
‫كالرغبة كالرىبة‪ ،‬كالخوؼ‪ ،‬كالتوكل‪ ،‬كغير ذلك من أنواع العبادة بالقلب‬
‫كالجوارح‪ ،‬كتلك األنواع كغيرىا ال يصلح منها شيء لغير اهلل"(َٖ)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )78‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)518/1:‬‬


‫(‪( )79‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)158/13:‬‬
‫(‪( )83‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)367/11:‬‬
‫ٕٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫خالصة كالمو مثل خالصة كالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو ففيو نفس اإلشكالين‬
‫اللذين في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫ال خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب ال من‬
‫المتقدمين كال من المتأخرين في موافقتهم لكالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو ففي‬
‫كالمهم نفس اإلشكالين اللذين في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ور‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يل الٍ ىق ٍوًؿ‪ :‬أ َّ‬ ‫ً‬
‫وب ال ىٍع ٍبد إ ٍف ىكا ىف م ىن ٍاأل ييم ي‬ ‫ىف ىمطٍلي ى‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكتىػ ٍفص ي‬
‫ً‬ ‫ًً ً‬ ‫الَّتًي ىال يػ ٍق ًدر ىعلىيػها َّإال اللَّوي تىػعالىى ػ ًمثٍل أى ٍف يطٍلي ً‬
‫اء ىم ًريضو م ىن ٍاآل ىدميّْ ى‬
‫ين‬ ‫ب ش ىف ى‬ ‫ي ى ى‬ ‫ى‬ ‫ى ي ٍى‬
‫اء ىديٍنً ًو ًم ٍن غىٍي ًر ًج ىه وة يم ىعيَّػنى وة أ ٍىك ىعافًيىةى أ ٍىىلً ًو ىكىما بً ًو ًم ٍن بىىال ًء ُّ‬
‫الدنٍػيىا‬ ‫ً‬
‫ىكالٍبىػ ىهائ ًم أ ٍىك ىكفى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً ً ً‬
‫ٍجنَّةى أ ٍىك نى ىجاتىوي‬‫ارهي ىعلىى ىع يد ّْكه ىكى ىدايىةى قىػ ٍلبًو ىكغي ٍف ىرا ىف ذىنٍبًو أ ٍىك يد يخولىوي ال ى‬ ‫صى‬ ‫ىك ٍاآلخ ىرة ىكانٍت ى‬
‫س ىن يخليىقوي ىكييػ ىزّْك ىي‬‫صلً ىح قىػلٍبىوي ىكيي ىح ّْ‬ ‫َّ ً‬ ‫ً‬
‫ٍم ىكالٍ يق ٍرآ ىف أ ٍىك أى ٍف يي ٍ‬ ‫م ىن النَّا ًر أ ٍىك أى ٍف يىػتىػ ىعل ىم الٍعل ى‬
‫ب َّإال ًم ىن اللَّ ًو تىػ ىعالىى‪ ،‬ىكىال‬ ‫ور يكلُّ ىها ىال يى يج ي‬
‫وز أى ٍف تيطٍلى ى‬
‫ًً‬
‫ك ػ فىػ ىهذه ٍاأل ييم ي‬ ‫اؿ ذىلً ى‬ ‫سوي ىكأ ٍىمثى ى‬‫نىػ ٍف ى‬
‫ك ىكىال نىبً ٍّي ىكىال ىش ٍي وخ ػ ىس ىواءه ىكا ىف ىحيِّا أ ٍىك ىميّْتنا ػ ا ٍغ ًف ٍر ذىنٍبًي ىكىال‬ ‫وؿ لًملً ً‬
‫وز أى ٍف يىػ يق ى ى‬ ‫يى يج ي‬
‫اؼ أ ٍىىلًي أ ٍىك ىدابَّتًي ىكىما‬ ‫يضي كىال ىعافًنًي أىك ىع ً‬
‫ٍ‬ ‫ى‬
‫ف م ًر ً‬ ‫ً‬
‫ص ٍرني ىعلىى ىع يد ّْكم ىكىال ا ٍش ى‬
‫اينٍ ً‬
‫ي‬
‫ك‪ .‬ىكىم ٍن ىسأ ىىؿ ىذلً ى‬ ‫أى ٍشبىوى ىذلً ى‬
‫ً ً (ُٖ)‬
‫ك ىم ٍخليوقنا ىكائًننا ىم ٍن ىكا ىف فىػ يه ىو يم ٍش ًر هؾ ب ىربّْو" ‪.‬‬

‫(‪( )81‬جمموع الفتاوى‪.)68-67/27:‬‬


‫ٖٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ً‬
‫ارل ىكىم ٍن‬ ‫اىا الٍ يق ٍرآ يف ىك ىما ىعلىٍيو ال يٍم ٍش ًريكو ىف ىكالن ى‬
‫َّص ى‬ ‫اعةي الَّتًي نىػ ىف ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكأ َّىما َّ‬
‫الش ىف ى‬
‫اف‪ً ،‬مثٍ ىل أىنَّػ يه ٍم يىطٍليبيو ىف ًم ىن‬ ‫اإليم ً‬ ‫ً‬ ‫اى ي ً ً ً ً ً‬
‫اى ٍم م ٍن ىىذه ٍاأل َّيمة فىػيىػ ٍنف ىيها أ ٍىى يل الٍعل ًٍم ىك ًٍ ى‬ ‫ضى‬ ‫ى‬
‫اء ىح ىوائً ًج ًه ٍم ىكيىػ يقوليو ىف‪ :‬إنَّػ يه ٍم إذىا أ ىىر ي‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ٍاألىنٍبًي ًاء ك َّ ً ً‬
‫ادكا‬ ‫ضى‬ ‫ين قى ى‬ ‫ين الٍغىائب ى‬
‫ين ىكال ىٍميّْت ى‬ ‫الصالح ى‬ ‫ى ى‬
‫ض ٍو ىىا"(ِٖ)‪.‬‬ ‫ك قى ى‬ ‫ذىلً ى‬
‫ب ًم ٍنوي ًم ٍن ىى ًذهً ٍاأل ييموًر ىما يىػ ٍق ًد ير ىعلىٍي ًو ًم ٍنػ ىها ىك ىما قى ى‬
‫اؿ‬ ‫"كال ىٍم ٍخليو يؽ ييطٍلى ي‬
‫كقاؿ‪ :‬ى‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫َّص ير) [األنفاؿ‪ ]ِٕ:‬ىكىك ىما قى ى‬ ‫ص يركيك ٍم فًي الدّْي ًن فىػ ىعلىٍي يك يم الن ٍ‬ ‫(كإً ًف ٍ‬
‫استىػ ٍن ى‬ ‫تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫استىػغىاثىوي الَّ ًذم ًم ٍن ًش ىيعتً ًو ىعلىى الَّ ًذم ًم ٍن ىع يد ّْكهً) [القصص‪ ]ُٓ:‬ىكىك ىما قى ى‬
‫اؿ‬ ‫(فى ٍ‬
‫(كتىػ ىع ىاكنيوا ىعلىى الٍبً ّْر ىكالتَّػ ٍق ىول) [المائدة‪.)ّٖ("]ِ:‬‬ ‫تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫الصالً ًحين لىم يػعب ٍد فًي حياتًًو بًح ٍ ً‬ ‫ً‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىًإ َّف أ ً‬
‫ض ىرت ًو؛ فىًإنَّوي‬ ‫ىى ى‬ ‫ىح ندا م ىن ٍاألىنٍبًيىاء ىك َّ ى ٍ ي ٍ ى‬ ‫ى‬
‫الش ٍر ًؾ‬
‫ك ذى ًر ىيعةه إلىى ّْ‬ ‫ؼ يد ىعائً ًه ٍم بىػ ٍع ىد ىم ٍوتً ًه ٍم؛ فىًإ َّف ذىلً ى‬ ‫ك‪ ،‬بً ًخ ىال ً‬‫يىػ ٍنػ ىهى ىم ٍن يىػ ٍف ىع يل ىذلً ى‬
‫الش ٍر ًؾ"(ْٖ)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ك يد ىعا يؤ يى ٍم فًي ىم ًغيبً ًه ٍم يى ىو ذى ًر ىيعةه إلىى ّْ‬ ‫بً ًه ٍم‪ ،‬ىكىك ىذلً ى‬
‫معنى كالمو‪ :‬دعاء المخلوؽ يكوف شرنكا إذا طيلًب منو ما ال يقدر عليو إال‬
‫اهلل‪ ،‬إما أف ييطلىب منو مباشرة ما ال ييطلىب إال من اهلل‪ ،‬سواء كاف المدعو حيِّا‬
‫أك ميتنا‪ ،‬كإما أف ييطلىب منو الشفاعة عند اهلل معتق ندا أف قضاء الشفاعة راجع‬
‫إلرادتو‪ ،‬سواء كاف المدعو ميتنا أك غائبنا‪ .‬كأما دعاء الحي الحاضر في ما يقدر‬
‫عليو فهو جائز‪ ،‬كأما دعاء الميت أك الغائب في ما يقدر عليو الحي الحاضر‬
‫فهو غير جائز‪ ،‬كىو ذريعة للشرؾ‪.‬‬

‫(‪( )82‬جمموع الفتاوى‪.)342/24:‬‬


‫(‪( )83‬جمموع الفتاوى‪.)134-133/1:‬‬
‫(‪( )84‬جمموع الفتاوى‪.)179/1:‬‬
‫ٗٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫خالصة كالمو‪ :‬دعاء األموات فيو تفصيل‪ ،‬كىو‪ :‬إذا طيلًب منهم ما ال يقدر‬
‫عليو إال اهلل فهذا شرؾ‪ ،‬كإذا طيلًب منهم ما يقدر عليو الحي الحاضر فهذا‬
‫ذريعة للشرؾ‪.‬‬
‫كجو كالمو‪ :‬إذا طىلىب الداعي من المخلوؽ مباشرة ما ال يقدر عليو إال اهلل‬
‫فهذا مبني على اعتقاده أنو يملك النفع كالضر‪ ،‬كإذا طىلىب منو الشفاعة عند‬
‫اهلل معتق ندا أف قضاء الشفاعة راجع إلرادتو ال إلرادة اهلل فهذا مبني على‬
‫اعتقاده أنو يملك الشفاعة‪ ،‬كالدعاء في ىاتين الحالتين عبادة؛ ألنو مبني على‬
‫اعتقاد الربوبية في المدعو‪ ،‬كعلى ىذا فالدعاء شرؾ سواء كاف المدعو حيِّا أك‬
‫حاضرا أك غائبنا‪ .‬كإذا طىلىب من المخلوؽ مباشرة ما يقدر عليو فهذا مبني‬
‫ن‬ ‫ميتنا‬
‫على اعتقاده أنو ال يملك النفع كالضر‪ ،‬كإذا طىلىب منو الشفاعة عند اهلل معتق ندا‬
‫أف قضاء الشفاعة راجع إلرادة اهلل تعالى فهذا مبني على اعتقاده أنو ال يملك‬
‫الشفاعة‪ ،‬كالدعاء في ىاتين الحالتين ليس عبادة؛ ألنو غير مبني على اعتقاد‬
‫الربوبية في المدعو‪ ،‬كعلى ىذا فالدعاء ليس بشرؾ؛ فإف كاف المدعو حيِّا‬
‫حاضرا فهو جائز‪ ،‬كإف كاف ميتنا أك غائبنا فهو غير جائز‪ ،‬كىو ذريعة للشرؾ‪.‬‬
‫ن‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬فمن دعا غير اهلل‪ ،‬طالبنا منو ما ال‬
‫يقدر عليو إال اهلل‪ ،‬من جلب خير‪ ،‬أك دفع ضر‪ ،‬فقد أشرؾ في عبادة اهلل‪ ،‬كما‬

‫َٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫يب لىوي إًلىى يىػ ٍوًـ‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬


‫ىض ُّل م َّم ٍن يى ٍدعيو م ٍن يدكف اللَّو ىم ٍن ال يى ٍستىج ي‬
‫قاؿ تعالى‪( :‬كمن أ ى ً‬
‫ىى ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫اء ىكىكانيوا‬ ‫الٍقيى ىامة ىك يى ٍم ىع ٍن يد ىعائ ًه ٍم غىافليو ىف ‪ .‬ىكإ ىذا يحش ىر الن ي‬
‫َّاس ىكانيوا لى يه ٍم أى ٍع ىد ن‬
‫ين تى ٍدعيو ىف ًم ٍن يدكنًًو ىما‬ ‫ادتً ًهم ىكافً ًرين) [األحقاؼ‪ ،]ٔ-ٓ:‬كقاؿ تعالى‪ً َّ :‬‬
‫(كالذ ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫بًعبى ى ٍ‬
‫ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استى ىجابيوا‬‫اء يك ٍم ىكلى ٍو ىس ًمعيوا ىما ٍ‬ ‫وى ٍم ال يى ٍس ىمعيوا يد ىع ى‬ ‫يى ٍمل يكو ىف م ٍن قًط ًٍمي ور ‪ .‬إً ٍف تى ٍدعي ي‬
‫ك ًمثٍ يل ىخبًي ور) [فاطر‪.]ُْ-ُّ:‬‬ ‫لى يك ٍم ىكيىػ ٍوىـ ال ًٍقيى ىام ًة يى ٍك يف يرك ىف بً ًش ٍركً يك ٍم ىكال ييػنىبّْئي ى‬
‫فأخبر تبارؾ كتعالى أف دعاء غير اهلل شرؾ‪ ،‬فمن قاؿ‪ :‬يا رسوؿ اهلل‪ ،‬أك يا عبد‬
‫زاعما أنو يقضي حاجتو إلى‬ ‫اهلل بن عباس‪ ،‬أك يا عبد القادر‪ ،‬أك يا محجوب‪ ،‬ن‬
‫اهلل تعالى‪ ،‬أك أنو شفيعو عنده‪ ،‬أك كسيلتو إليو؛ فهو الشرؾ الذم يهدر الدـ‪،‬‬
‫كيبيح الماؿ‪ ،‬إال أف يتوب من ذلك"(ٖٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬اتخاذ الشفعاء الذين أنكر اهلل تعالى إنما ىو بدعائهم‪ ،‬كااللتجاء‬
‫إليهم‪ ،‬كالرغبة إليهم فيما أراده الراغب منهم؛ من الشفاعة التي ال يقدر عليها‬
‫إال اهلل‪ ،‬كذلك ينافي اإلسالـ كاإليماف بال ريب‪ ،‬فإف طلبها من األموات‬
‫كالغائبين طلب لما ال يقدر عليو إال اهلل"(ٖٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬االستغاثة بالمخلوؽ فيما يقدر عليو ال ننكرىا‪ .‬كما قاؿ اهلل تعالى‬
‫استىػغىاثىوي الَّ ًذم ًم ٍن ًش ىيعتً ًو ىعلىى الَّ ًذم ًم ٍن ىع يد ّْكهً)‬ ‫في قصة موسى‪( :‬فى ٍ‬
‫[القصص‪ ،]ُٓ:‬ككما يستغيث اإلنساف بأصحابو في الحرب أك غيره في‬
‫أشياء يقدر عليها المخلوؽ‪ ،‬كنحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند‬
‫قبور األكلياء‪ ،‬أك في غيبتهم في األشياء التي ال يقدر عليها إال اهلل"(ٕٖ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(‪( )85‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)37-36/2:‬‬
‫(‪( )86‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)157/11:‬‬
‫(‪( )87‬كشف الشبهات‪.)27-25/1:‬‬
‫ُٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫معنى كالمو‪ :‬دعاء المخلوؽ يكوف شرنكا إذا طيلًب منو ما ال يقدر عليو إال‬
‫اهلل‪ ،‬كمن ذلك طلب الشفاعة من الميت أك الغائب‪ .‬كأما دعاء الحي الحاضر‬
‫في ما يقدر عليو فهو جائز‪ ،‬كمن ذلك االستغاثة بو في ما يقدر عليو‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؛ ألنو ييطلىب منهم ما ال يقدر‬
‫عليو إال اهلل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬عدـ اتضاح ضابط دعاء‬
‫العبادة‪ ،‬كجو ذلك‪ :‬كوف دعاء المخلوؽ شرنكا إذا طيلًب منو ما ال يقدر عليو إال‬
‫اهلل يدؿ على أف الدعاء ال يكوف عبادة إال إذا كاف مبنيِّا على اعتقاد شيء من‬
‫الربوبية في المدعو‪ .‬ككوف دعاء الميت أك الغائب لطلب الشفاعة شرنكا‬
‫باإلطالؽ يدؿ على أف دعاء الميت أك الغائب عبادة باإلطالؽ‪ ،‬كلو لم يكن‬
‫مبنيِّا على اعتقاد شيء من الربوبية فيو‪ .‬كاإلشكاؿ الثاني‪ :‬إدخاؿ دعاء الميت‬
‫أك الغائب لطلب الشفاعة في طلب ما ال يقدر عليو إال اهلل‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪:‬‬
‫كيف يدخل دعاء الميت أك الغائب لطلب الشفاعة في طلب ما ال يقدر عليو‬
‫إال اهلل؟ مع أف ىذا الطلب ػ كلو لم يقدر عليو الميت أك الغائب ػ لكن يقدر‬
‫عليو الحي الحاضر‪ ،‬فليس ىو مما ال يقدر عليو إال اهلل‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬فال يقاؿ‪:‬‬
‫يا رسوؿ اهلل‪ ،‬أك يا كلي اهلل‪ ،‬أسألك الشفاعة‪ ،‬أك غيرىا‪ ،‬كأدركني‪ ،‬أك أغثني‪ ،‬أك‬
‫اشفني‪ ،‬أك انصرني على عدكم‪ ،‬كنحو ذلك‪ ،‬مما ال يقدر عليو إال اهلل تعالى‪.‬‬
‫فإذا طلب ذلك مما ذكر في أياـ البرزخ كاف من أقساـ الشرؾ"(ٖٖ)‪.‬‬
‫(‪( )88‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)231/1:‬‬
‫ِٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد‬


‫بن عبد الوىاب (تُّٕٔق)‪" :‬فمن دعا غير اهلل من ميت أك غائب أك‬
‫استغاث بو فهو مشرؾ كافر‪ ،‬كإف لم يقصد إال مجرد التقرب إلى اهلل كطلب‬
‫الشفاعة عنده"(ٖٗ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كالـ المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‬
‫مثل كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كعليو ففي كالمهم نفس اإلشكالين‬
‫اللذين في كالمو‪ .‬كأما المشهور عند المتأخرين من أئمة الدعوة فهو‪ :‬أف دعاء‬
‫العبادة ىو‪ :‬دعاء الميت أك الغائب أك الحي الحاضر فيما ال يقدر عليو إال‬
‫اهلل‪ ،‬كلكنهم مختلفوف في تفسيره‪ ،‬كأشهر التفاسير أف دعاء الميت أك الغائب‬
‫شرؾ باإلطالؽ‪ ،‬سواء طيلب منهم ما ال يقدر عليو إال اهلل أك طيلب منهم ما‬
‫يقدر عليو الحي الحاضر‪ ،‬كدعاء الحي الحاضر شرؾ إذا كاف فيما ال يقدر‬
‫عليو إال اهلل؛ فخالصة المشهور عند المتأخرين‪ :‬دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ‪،‬‬
‫سواء طيلب منهم ما ال يقدر عليو إال اهلل أك طيلب منهم ما يقدر عليو الحي‬
‫الحاضر‪ .‬كىذا فيو إشكاؿ؛ ألنو مخالف لكالـ شيخ اإلسالـ ككالـ الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة‪ ،‬كجو ذلك‪ :‬كاقع دعاء‬
‫األموات عند الشيخ اإلسالـ فيو تفصيل؛ فمنو‪ :‬أف ييطلىب منهم ما ال يقدر‬
‫عليو إال اهلل‪ ،‬كمنو‪ :‬أف ييطلىب منهم ما يقدر عليو الحي الحاضر‪ ،‬كحكم دعاء‬
‫األموات عنده فيو تفصيل؛ فاألكؿ شرؾ‪ ،‬كالثاني‪ :‬ذريعة للشرؾ‪ .‬ككاقع دعاء‬

‫(‪( )89‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)567/2:‬‬


‫ّٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫األموات عند الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة ال‬
‫تفصيل فيو؛ فكلو أف ييطلىب منهم ما ال يقدر عليو إال اهلل‪ ،‬كحكم دعاء‬
‫األموات عندىم ال تفصيل فيو؛ فكلو شرؾ‪ .‬ككاقع دعاء األموات على‬
‫المشهور عند المتأخرين من أئمة الدعوة فيو تفصيل؛ فمنو‪ :‬أف ييطلىب منهم ما‬
‫ال يقدر عليو إال اهلل‪ ،‬كمنو‪ :‬أف ييطلىب منهم ما يقدر عليو الحي الحاضر‪ ،‬كىذا‬
‫موافق لكالـ شيخ اإلسالـ كلكنو مخالف لكالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‬
‫كالمتقدمين من أئمة الدعوة‪ ،‬كحكم دعاء األموات عندىم ال تفصيل فيو؛ فكلو‬
‫شرؾ‪ ،‬كىذا موافق لكالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة‬
‫الدعوة كلكنو مخالف لكالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬

‫ْٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب الحكم بغير ما أنزؿ اهلل‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫(كىم ٍن لى ٍم‬ ‫ً‬ ‫اؿ ابٍ ين ىعبَّ و‬
‫ىص ىحابيوي في قىػ ٍولو تىػ ىعالىى ى‬ ‫اس ىكأ ٍ‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬قى ى‬
‫ك يى يم الٍ ىكافً يرك ىف) قىاليوا‪ :‬ىك ىف يركا يك ٍف نرا ىال يىػ ٍنػ يق يل ىع ًن ال ًٍملَّ ًة‪،‬‬ ‫يى ٍح يك ٍم بً ىما أىنٍػ ىز ىؿ اللَّوي فىأيكلىئً ى‬
‫السن ًَّة"(َٗ)‪.‬‬ ‫ىح ىمد بٍ ين ىح ٍنبى ول ىكغىٍيػ يرهي ًم ٍن أىئً َّم ًة ُّ‬
‫كأٍ‬ ‫ىكقى ًد اتَّػبىػ ىع يه ٍم ىعلىى ىذلً ى‬
‫كقاؿ‪" :‬كال ريب أف من لم يعتقد كجوب الحكم بما أنزؿ اهلل على رسولو‬
‫فهو كافر"(ُٗ)‪.‬‬
‫ً‬
‫ٍح ىال ىؿ ال يٍم ٍج ىم ىع‬‫ٍح ىر ىاـ ال يٍم ٍج ىم ىع ىعلىٍيو أ ٍىك ىح َّرىـ ال ى‬ ‫سا يف ىمتىى ىحلَّ ىل ال ى‬ ‫"ك ًٍ‬
‫اإلنٍ ى‬ ‫كقاؿ‪ :‬ى‬
‫اؽ الٍ يف ىق ىه ًاء‪ .‬ىكفًي ًمثٍ ًل‬ ‫ع الٍم ٍجمع ىعلىٍي ًو ىكا ىف ىكافًرا مرتى ِّدا بًاتّْػ ىف ً‬
‫ن يٍ‬ ‫الش ٍر ى ي ى ى‬ ‫ىعلىٍي ًو أ ٍىك بى َّد ىؿ َّ‬
‫(كىم ٍن لى ٍم يى ٍح يك ٍم بً ىما أىنٍػ ىز ىؿ اللَّوي فىأيكلىئً ى‬ ‫ىى ىذا نىػز ىؿ قىػوليوي ىعلىى أ ً‬
‫ك يى يم‬ ‫ىحد الٍ ىق ٍولىٍي ًن‪ :‬ى‬ ‫ى‬ ‫ى ٍ‬
‫ٍح ٍك ًم بًغىٍي ًر ىما أىنٍػ ىز ىؿ اللوي" ‪.‬‬
‫َّ (ِٗ)‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ىم يى ىو ال يٍم ٍستىح ُّل لل ي‬ ‫الٍ ىكاف يرك ىف) أ ٍ‬
‫كثيرا من الناس أسلموا‪ ،‬كلكن مع ىذا ال يحكموف إال‬ ‫كقاؿ‪" :‬فإف ن‬
‫بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعوف؛ فهؤالء إذا عرفوا أنو ال يجوز‬
‫الحكم إال بما أنزؿ اهلل فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أف يحكموا بخالؼ ما‬
‫أنزؿ اهلل فهم كفار‪ ،‬كإال كانوا جهاالن"(ّٗ)‪.‬‬
‫كظاىرا لكن عصى‬ ‫ن‬ ‫كقاؿ‪" :‬كأما من كاف ملتزما لحكم اهلل كرسولو باطننا‬
‫كاتبع ىواه فهذا بمنزلة أمثالو من العصاة"(ْٗ)‪.‬‬

‫(‪( )93‬جمموع الفتاوى‪.)312/7:‬‬


‫(‪( )91‬منهاج السنة النبوية‪.)133/5:‬‬
‫(‪( )92‬جمموع الفتاوى‪.)268-267/3:‬‬
‫(‪( )93‬منهاج السنة النبوية‪.)133/5:‬‬
‫(‪( )94‬منهاج السنة النبوية‪.)131/5:‬‬
‫ٓٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ع‬
‫ف ىش ٍر ى‬‫كقاؿ‪ " :‬ىكىم ٍن ىح ىك ىم بً يح ٍك ًم الٍبيػ ٍن يد ًؽ ىك ىش ٍر ًع الٍبيػ ٍن يد ًؽ أ ٍىك غىٍي ًرهً ًم َّما يي ىخالً ي‬
‫َّ ً‬
‫س التَّتىا ًر الذ ى‬
‫ين‬ ‫ك فىػ يه ىو ًم ٍن ًج ٍن ً‬ ‫اللَّ ًو ىكىر يسولً ًو ىك يح ٍك ىم اللَّ ًو ىكىر يسولً ًو ىك يى ىو يىػ ٍعلى يم ىذلً ى‬
‫ّْمو ىف يح ٍك ىم الياسق ىعلىى يح ٍك ًم اللَّ ًو ىكىر يسولً ًو"(ٓٗ)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ييػ ىقد ي‬
‫مخرجا‬
‫ن‬ ‫كفرا‬
‫معنى كالمو‪ :‬الحكم بغير ما أنزؿ اهلل من حيث الفعل ليس ن‬
‫من الملة‪ ،‬كالمعتبر في تكفير الحكم بغير ما أنزؿ اهلل ىو اعتقاد االستحالؿ‪،‬‬
‫كعليو فالحكم بغير ما أنزؿ اهلل قسماف‪ :‬القسم األكؿ‪ :‬الحكم المبني على‬
‫االستحالؿ‪ ،‬أم‪ :‬أف يحكم بغير ما أنزؿ اهلل معتق ندا جواز ذلك‪ ،‬كيدخل في‬
‫االستحالؿ التبديل‪ ،‬أم‪ :‬أف يحكم بغير ما أنزؿ اهلل‪ ،‬كينسب حكمو هلل‪ ،‬كىذا‬
‫القسم كفر مخرج من الملة‪ .‬كالقسم الثاني‪ :‬الحكم الخالي من االستحالؿ‬
‫كالتبديل‪ ،‬أم‪ :‬أف يحكم بغير ما أنزؿ اهلل‪ ،‬كال يعتقد جوازه‪ ،‬كال ينسبو هلل‪،‬‬
‫مخرجا من الملة‪ .‬كعلى ىذا فمن حكم‬ ‫ن‬ ‫كفرا‬
‫كىذا القسم معصية‪ ،‬كليس ن‬
‫بالقوانين المخالفة لحكم اهلل كرسولو كىو يعلم ذلك فهو مثل التتار الذين‬
‫يقدموف حكم الياسق على حكم اهلل كرسولو أم من حيث التقديم‪ ،‬كأما من‬
‫حيث حكم التقديم ففيو التفصيل السابق‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫بعض طلبة العلم المتأخرين المنتمين للدعوة السلفية‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كالطواغيت كثيركف كرؤكسهم خمسة‪:‬‬
‫إبليس لعنو اهلل‪ ،‬كمن عبد كىو راض‪ ،‬كمن دعا الناس إلى عبادة نفسو‪ ،‬كمن‬
‫ادعى شيئا من علم الغيب‪ ،‬كمن حكم بغير ما أنزؿ اهلل"(ٔٗ)‪.‬‬
‫(‪( )95‬جمموع الفتاوى‪.)438/35:‬‬
‫(‪( )96‬األصول الثالثة‪.)15/1:‬‬
‫ٔٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ في سياقو لنواقض اإلسالـ‪" :‬الرابع‪ :‬من اعتقد أف غير ىدل النبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم أكمل من ىديو‪ ،‬أك أف حكم غيره أحسن من حكمو‬
‫كالذين يفضلوف حكم الطاغوت على حكمو فهو كافر"(ٕٗ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬الحكم بغير ما أنزؿ اهلل حراـ باإلطالؽ‪ ،‬كالحكم المبني‬
‫على االستحالؿ ػ أم أف يحكم بغير ما أنزؿ اهلل معتق ندا جواز ذلك ػ كفر‪،‬‬
‫كيدخل في االستحالؿ تفضيل الحكم بغير ما أنزؿ اهلل على الحكم بما أنزؿ‬
‫اهلل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ بمعنى كالـ شيخ اإلسالـ؛ ألف مفهوـ كالمو أف الحكم‬
‫كفرا‪ ،‬كعليو فليس في كالمو إشكاؿ‪.‬‬
‫الخالي من االستحالؿ ليس ن‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬
‫الوىاب (تُِّٗق)‪" :‬كأما الحكم بغير ما أنزؿ اهلل كترؾ الصالة فهذا كفر‬
‫عمل‪ ،‬ال كفر اعتقاد"(ٖٗ)‪ .‬كقاؿ‪" :‬كأما ما ذكرتو عن األعراب من الفرؽ بين من‬
‫استحل الحكم بغير ما أنزؿ اهلل‪ ،‬كمن لم يستحل؟ فهذا ىو الذم عليو العمل‪،‬‬
‫كإليو المرجع عند أىل العلم"(ٗٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ محمد بن إبراىيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن‬
‫بن محمد بن عبد الوىاب (تُّٖٗق)‪" :‬كمن الممتنع أف يسمي اهلل سبحانو‬

‫(‪( )97‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)362-361/2:‬‬


‫(‪( )98‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)483/1:‬‬
‫(‪( )99‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)497/1:‬‬
‫ٕٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كافرا‪ ،‬بل ىو كافر مطل نقا‪ ،‬إما كفر‬‫كافرا كال يكوف ن‬‫الحاكم بغير ما أنزؿ اهلل ن‬
‫عمل‪ ،‬كإما كفر اعتقاد ‪ ...‬أما األكؿ كىو كفر االعتقاد فهو أنواع‪ :‬أحدىا‪ :‬أف‬
‫يجحد الحاكم بغير ما أنزؿ اهلل أحقية حكم اهلل كرسولو ‪ ...‬الثاني‪ :‬أف ال‬
‫حقا‪ ،‬لكن اعتقد أف‬ ‫يجحد الحاكم بغير ما أنزؿ اهلل كوف حكم اهلل كرسولو ِّ‬
‫حكم غير الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم أحسن من حكمو كأتم كأشمل ‪...‬‬
‫الثالث‪ :‬أف ال يعتقد كونو أحسن من حكم اهلل كرسولو‪ ،‬لكن اعتقد أنو مثلو ‪...‬‬
‫الرابع‪ :‬أف ال يعتقد كوف حكم الحاكم بغير ما أنزؿ اهلل مماثالن لحكم اهلل‬
‫كرسولو‪ ،‬فضالن عن أف يعتقد كونو أحسن منو؛ لكن اعتقد جواز الحكم بما‬
‫يخالف حكم اهلل كرسولو ‪ ...‬الخامس‪ :‬كىو أعظمهما كأشملهما كأظهرىا‬
‫معاندة للشرع‪ ،‬كمكابرة ألحكامو‪ ،‬كمشاقة هلل كلرسولو‪ ،‬كمضاىاة بالمحاكم‬
‫كحكما‬
‫ن‬ ‫كتنويعا‪،‬‬
‫ن‬ ‫كإرصادا كتأصيالن كتفر نيعا‪ ،‬كتشكيالن‬
‫ن‬ ‫كإمدادا‪،‬‬
‫ن‬ ‫إعدادا‬
‫ن‬ ‫الشرعية‪،‬‬
‫كإلزاما‪ ،‬كمراجع مستمدات ‪ ...‬السادس‪ :‬ما يحكم بو كثير من رؤساء العشائر‬ ‫ن‬
‫كالقبائل‪ ،‬من البوادم كنحوىم‪ ،‬من حكايات آبائهم كأجدادىم‪ ،‬كعاداتهم التي‬
‫يسمونها "سلومهم" ‪ ...‬كأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزؿ‬
‫اهلل كىو الذم ال يخرج من الملة ‪ ...‬كذلك أف تحملو شهوتو كىواه على‬
‫الحكم في القضية بغير ما أنزؿ اهلل‪ ،‬مع اعتقاده أف حكم اهلل كرسولو ىو‬
‫الحق‪ ،‬كاعترافو على نفسو بالخطأ كمجانبة الهدل"(ََُ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫مخرجا‬
‫ن‬ ‫كفرا‬
‫معنى كالمهما‪ :‬الحكم بغير ما أنزؿ اهلل من حيث الفعل ليس ن‬
‫من الملة‪ ،‬كالمعتبر في تكفير الحكم بغير ما أنزؿ اهلل ىو اعتقاد االستحالؿ‪،‬‬

‫(‪( )133‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)218-236/16:‬‬


‫ٖٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كعليو فالحكم بغير ما أنزؿ اهلل قسماف‪ :‬القسم األكؿ‪ :‬الحكم المبني على‬
‫االستحالؿ‪ ،‬كىو كفر مخرج من الملة‪ ،‬سواء جحد أحقية حكم اهلل كرسولو أك‬
‫اعتقد أفضلية غير حكم اهلل كرسولو أك اعتقد أنو مثلو أك اعتقد جوازه‪ .‬كالقسم‬
‫الثاني‪ :‬الحكم الخالي من االستحالؿ‪ ،‬كىو كفر غير مخرج من الملة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬تقسيم الحكم بغير ما أنزؿ اهلل إلى قسمين‪ :‬األكؿ‪ :‬الحكم المبني‬
‫على االستحالؿ‪ ،‬كىو كفر مخرج من الملة‪ ،‬كالثاني‪ :‬الحكم الخالي من‬
‫االستحالؿ‪ ،‬كىو كفر غير مخرج من الملة‪ ،‬ىذا التقسيم ال خالؼ فيو بين‬
‫المتقدمين كالمتأخرين من أئمة الدعوة‪ ،‬كىذا ىو معنى كالـ شيخ اإلسالـ‪،‬‬
‫كعليو فليس في كالمهم إشكاؿ‪ .‬كالشيخ ابن إبراىيم أدخل النوعين الخامس‬
‫كالسادس في القسم األكؿ‪ ،‬كىما تحكيم القوانين الغربية كتحكيم العادات‪،‬‬
‫ككجو إدخالهما أف التحكيم فيهما مبني على اعتقاد أفضلية غير حكم اهلل‬
‫كرسولو كإف لم يصرحوا؛ ألف مجرد الفعل قرينة على ذلك‪ ،‬كإدخاؿ ىذين‬
‫اعتمادا على القرينة‬
‫ن‬ ‫النوعين في القسم األكؿ من غير التصريح بالتفضيل‬
‫موضع اختالؼ بين أئمة الدعوة‪ ،‬كإنما اإلشكاؿ أف بعض طلبة العلم‬
‫المتأخرين المنتمين للدعوة السلفية تبنى القوؿ بأف مجرد كضع القوانين‬
‫المخالفة لما أنزؿ اهلل كفر في ذاتو مخرج من الملة كليس قرينة‪ ،‬كينسبوف ىذا‬
‫للدعوة السلفية‪ ،‬كمنهم من يستدؿ بكالـ شيخ اإلسالـ في تحكيم الياسق‪،‬‬
‫كأكثرىم يستدؿ بكالـ الشيخ محمد بن إبراىيم في تحكيم القوانين الغربية‬
‫كالعادات‪.‬‬

‫ٗٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب السنة كالبدعة‬

‫فصل‪ :‬ىل البدعة في الدين تنقسم إلى حسنة كسيئة؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬السنة ما أمر بو الشارع‪ ،‬كالبدعة ما لم يشرعو من‬
‫الدين"(َُُ)‪.‬‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم‪ ( :‬يك ُّل بً ٍد ىع وة‬ ‫ً‬
‫كقاؿ‪" :‬ال يٍم ىحافىظىةى ىعلىى عي يموـ قىػ ٍوًؿ النَّبً ّْي ى‬
‫وم ًو‪ ،‬ىكأ َّ‬ ‫ض ىاللىةه) متػعيّْن‪ ،‬كأىنَّو ي ًجب الٍعمل بًعم ً‬
‫س ون‬ ‫ع إلىى ىح ى‬ ‫ّْف الٍبً ىد ى‬ ‫صن ي‬ ‫ىخ ىذ يي ى‬‫ىف ىم ٍن أ ى‬ ‫يى ى ه ى ي ى ي ى ى ي ي ي‬ ‫ى‬
‫َّه ًي فىػ ىق ٍد أى ٍخطىأى ىك ىما‬ ‫ك ذى ًر ىيعةن إلىى أ ىىال يي ٍحتى َّج بًالٍبً ٍد ىع ًة ىعلىى النػ ٍ‬ ‫يح ىكيى ٍج ىع يل ذىلً ى‬ ‫ىكقىبً و‬
‫ص ّْوفى ًة ىكال يٍمتىػ ىعبّْ ىدةً؛ إذىا نيػ يهوا ىع ًن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫يىػ ٍف ىع يل طىائ ىفةه م ىن ال يٍمتىػ ىف ّْق ىهة ىكال يٍمتى ىكلّْ ىمة ىكال يٍمتى ى‬
‫كىةه َّإال ىما‬ ‫َّع ٍوا أى ٍف ىال بً ٍد ىعةى ىم ٍك ير ى‬ ‫ات ال يٍم ٍبتى ىد ىع ًة كالٍ ىك ىالًـ فًي التَّ ىديُّ ًن ال يٍم ٍبتى ىد ًع اد ى‬ ‫ال ًٍعبى ى‬
‫اد ً‬
‫اؿ " يك ُّل ىما نيًه ىي ىع ٍنوي" أ ٍىك " يك ُّل ىما يح ّْرىـ" أ ٍىك‬ ‫يث إلىى أى ٍف ييػ ىق ى‬ ‫ٍح ًد ي‬ ‫ود ال ى‬‫نيًه ىي ىع ٍنوي‪ ،‬فىػيىػعي ي‬
‫اف‪،‬‬ ‫ضح ًمن أى ٍف ي ٍحتىاج إلىى بػي و‬ ‫ص النُّبيػ َّوةً فىػ يه ىو ى‬
‫ىى‬ ‫ض ىاللىةه"‪ ،‬ىك ىى ىذا أ ٍىك ى ي ٍ ى ى‬ ‫ف نى َّ‬ ‫" يك ُّل ىما ىخالى ى‬
‫ت يح ٍسنيوي بًأ ًىدلًَّة‬ ‫ض ىاللىةه‪ .‬ىكىما يس ّْم ىي بً ٍد ىعةن ىكثىػبى ى‬ ‫ع ًم ىن الدّْي ًن فىػ يه ىو ى‬ ‫بى ٍل يك ُّل ىما لى ٍم يي ٍش ىر ٍ‬
‫س بًبً ٍد ىع ًة فًي الدّْي ًن‪ ،‬ىكإً ٍف ىكا ىف‬ ‫اؿ‪ :‬لىٍي ى‬ ‫ىح يد ٍاأل ٍىم ىريٍ ًن فً ًيو ىال ًزهـ؛ َّإما أى ٍف ييػ ىق ى‬ ‫َّ‬
‫الش ٍر ًع فىأ ى‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫اؿ عي ىم ير‪" :‬نً ٍع ىمت الٍبً ٍد ىعةي ىى ًذهً" ىكإً َّما أى ٍف ييػ ىق ى‬ ‫ث اللُّغىةي‪ ،‬ىك ىما قى ى‬ ‫س َّمى بً ٍد ىعةن ًم ٍن ىح ٍي ي‬ ‫يي ى‬
‫يما ىع ىد ىاىا ىعلىى‬ ‫ً‬ ‫الصورةي لًمعا ًر ً ً‬ ‫ص ٍ ً ًً‬
‫ض ىراج وح ىك ىما يىػ ٍبػ ىقى ف ى‬ ‫ت م ٍنوي ىىذه ُّ ى ي ى‬ ‫ىى ىذا ىعاـّّ يخ َّ‬
‫السن ًَّة"(َُِ)‪.‬‬ ‫ٍكتى ً‬ ‫وـ ىكسائً ًر عمومات ال ً‬ ‫م ٍقتضى الٍعم ً‬
‫اب ىك ُّ‬ ‫ى‬ ‫ي ى ى يي‬
‫(‪( )131‬االستقامة‪.)13/1:‬‬
‫(‪( )132‬جمموع الفتاوى‪.)371-373/13:‬‬
‫َٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم ىسنَّوي ًأل َّيمتً ًو‬ ‫ضا ىف فىًإ َّف رس ى ً‬
‫وؿ اللَّو ى‬ ‫ىي‬ ‫اـ ىرىم ى‬ ‫ً‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكأ َّىما قيى ي‬
‫ادل لى ًك ٍن لى ٍم‬ ‫صلُّو ىف ىج ىم ى‬
‫اعةن ىكفيػ ىر ى‬ ‫ًً‬
‫اؿ ىكىكانيوا ىعلىى ىع ٍهده يي ى‬ ‫اعةه ًع َّد ىة لىيى و‬ ‫صلَّى بً ًه ٍم ىج ىم ى‬ ‫ىك ى‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو‬ ‫ي ىدا ًكموا ىعلىى جم ى و ً و ً‬
‫ات النَّبً ُّي ى‬ ‫ض ىعلىٍي ًه ٍم‪ ،‬فىػلى َّما ىم ى‬ ‫اعة ىكاح ىدة لئى َّال تيػ ٍف ىر ى‬ ‫ىى‬ ‫ي ي‬
‫اح ود‪،‬‬ ‫ضي اللَّو ع ٍنو جمعهم علىى إم واـ ك ً‬ ‫ً‬ ‫استىػ ىق َّر ً‬
‫الش ًر ىيعةي‪ ،‬فىػلى َّما ىكا ىف عي ىم ير ىر ى ي ى ي ى ى ى ي ٍ ى ى ى‬ ‫ت َّ‬ ‫ىك ىسلَّ ىم ٍ‬
‫ض ىي اللَّوي‬ ‫اب ر ً‬ ‫َّاس ىعلىٍيػ ىها بًأ ٍىم ًر عي ىم ىر بٍ ًن ال ى‬ ‫ك يىو أبي بن ىك ٍع و َّ ً‬
‫ٍخطَّ ً ى‬ ‫ب الذم ىج ىم ىع الن ى‬ ‫ٍي‬ ‫ى ى‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو‬ ‫ٍخلى ىف ًاء َّ ً ً‬ ‫ض ىي اللَّوي ىع ٍنوي يى ىو ًم ىن ال ي‬ ‫ىع ٍنوي‪ ،‬كعيمر ر ً‬
‫وؿ ى‬ ‫ث يىػ يق ي‬‫ين ىح ٍي ي‬ ‫الراشد ى‬ ‫ى ىي ى‬
‫ين م ٍن بىػ ٍع ًدم‪ ،‬ىعضُّوا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍخلى ىفاء َّ ً ً‬
‫ين ال ىٍم ٍهديّْ ى‬
‫الراشد ى‬ ‫سنَّتًي ىك يسن ًَّة ال ي‬ ‫ً‬
‫(علىٍي يك ٍم ب ي‬ ‫ىك ىسلَّ ىم‪ :‬ى‬
‫اس؛ ًألىنَّػ ىها أى ٍعظى يم فًي الٍ يق َّوةً‪ .‬ىك ىى ىذا الَّ ًذم فىػ ىعلىوي يى ىو‬ ‫ض ىر ى‬ ‫اج ًذ) يىػ ٍعنًي ٍاألى ٍ‬ ‫ىعلىٍيػ ىها بًالنػَّو ً‬
‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اؿ نً ٍع ىمت الٍبً ٍد ىعةي ىى ًذه فىًإنَّػ ىها بً ٍد ىعةه فًي اللُّغى ًة؛ ل ىك ٍونً ًه ٍم فىػ ىعليوا ىما لى ٍم‬ ‫يسنَّةه؛ لى ًكنَّوي قى ى‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم يىػ ٍعنًي ًم ىن ًاال ٍجتً ىم ًاع‬ ‫ي يكونيوا يػ ٍفعليونىوي فًي حياةً رس ً ً‬
‫وؿ اللَّو ى‬ ‫ىى ى ي‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىعلىى مثٍ ًل ىى ًذه‪ ،‬كىي سنَّةه من َّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ارل م ٍن‬ ‫َّص ى‬‫اج الٍيىػ يهود ىكالن ى‬ ‫الش ًر ىيعة‪ .‬ىك ىى ىك ىذا إ ٍخ ىر ي‬ ‫ى ى ي ى‬
‫ٍك‬‫از ىكالٍيى ىم ين ىكالٍيى ىم ىامةي ىكيك ُّل الٍبً ىال ًد الَّ ًذم لى ٍم يىػ ٍبػلي ٍغوي يمل ي‬ ‫ٍح ىج ي‬ ‫ب‪ ،‬ك ًىي ال ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ىجز ىيرة ال ىٍع ىر ى ى‬
‫صرةً‪ ،‬كجمع الٍ يقر ً‬ ‫ً‬
‫صا ًر ىكالٍ يكوفىة ىكالٍبى ٍ ى ى ى ٍ ي ٍ‬ ‫الر ًكـ ًم ٍن ىج ًزيرةً ال ىٍعر ً‬
‫آف‬ ‫ص ًر ٍاأل ٍىم ى‬ ‫ب ىكىم ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫س ىك ُّ‬ ‫فىا ًر ى‬
‫استًنىابىةي ىم ٍن‬ ‫اف‪ ،‬ك ٍاألى ىذا يف ٍاأل َّىك يؿ يػوـ ال ً‬ ‫ض الد ً‬ ‫فًي م ٍ و ً و‬
‫ٍج يم ىعة‪ ،‬ىك ٍ‬ ‫ىٍ ى ي‬ ‫ّْيو ى‬ ‫ص ىحف ىكاحد‪ ،‬ىكفىػ ٍر ي ى‬ ‫ي‬
‫الر ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫اش يدك ىف؛‬ ‫ٍخلى ىفاءي َّ‬ ‫ك م َّما ىسنَّوي ال ي‬ ‫ص ًر‪ ،‬ىكنى ٍح يو ذىل ى‬ ‫ًج ال ًٍم ٍ‬ ‫َّاس يىػ ٍوىـ الٍعيد ىخار ى‬ ‫صلّْي بًالن ً‬ ‫يي ى‬
‫س َّمى بً ٍد ىعةن"(َُّ)‪.‬‬ ‫ً ُّ ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً َّ ً‬ ‫ً‬
‫ألىنَّػ يه ٍم ىسنُّوهي بأ ٍىم ًر اللو ىكىر يسولو‪ ،‬فىػ يه ىو يسنَّةه‪ ،‬ىكإ ٍف ىكا ىف في اللغىة يي ى‬
‫كقاؿ‪" :‬أكثر ما في ىذا تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها‪ ،‬كىذه تسمية‬
‫(َُْ)‬
‫لغوية ال تسمية شرعية" ‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )133‬جمموع الفتاوى‪.)235-234/22:‬‬


‫(‪( )134‬اقتضاء الصراط‪.)276/1:‬‬
‫ُٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫معنى كالمو‪ :‬السنة ىي ما قاـ الدليل الشرعي على أنو من الدين‪ ،‬كالبدعة‬
‫ىي ما لم يقم الدليل الشرعي على أنو من الدين‪ .‬كعموـ قوؿ النبي صلى اهلل‬
‫عليو كسلم‪( :‬كل بدعة ضاللة) يدؿ على عدـ تقسيم البدعة إلى حسنة كسيئة‪.‬‬
‫كما فعلو السلف بعد النبي صلى اهلل عليو كسلم ػ مع قياـ الدليل الشرعي على‬
‫أنو من الدين كسموه بدعة ػ فلو تفسيراف‪ :‬األكؿ‪ :‬أف يكوف المقصود التسمية‬
‫اللغوية؛ أم من حيث الشرع ال يسمى بدعة كمن حيث اللغة يسمى بدعة‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أف يكوف المقصود التسمية الشرعية المستثناة‪ ،‬أم من حيث الشرع ال‬
‫يسمى بدعة إال بعض الصور المستثناة‪ .‬كالمختار التفسير األكؿ‪ ،‬كعليو‬
‫فالبدعة في الدين كلها سيئة؛ ألنها ال تطلق إال على المحدث الذم ليس لو‬
‫أصل‪ ،‬كال تطلق على المحدث الذم لو أصل إال من حيث اللغة‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬البدعة في الدين ال تنقسم إلى حسنة كسيئة‪ ،‬بل كلها سيئة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كال التفسيرين فيو إشكاؿ‪ ،‬معنى التفسير األكؿ‪ :‬ما قاـ الدليل على‬
‫أنو من الدين فال يجوز للسلف كال لغيرىم تسميتو بدعة من حيث الشرع‬
‫كيجوز تسميتو بدعة من حيث اللغة‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىذا التفسير يقتضي أنهم‬
‫بالتسمية خالفوا الشرع ككافقوا اللغة‪ ،‬فهل يستقيم القوؿ بأف مراد السلف‬
‫بالبدعة البدعة اللغوية؟ كمعنى التفسير الثاني‪ :‬ما قاـ الدليل على أنو من الدين‬
‫فال يجوز تسميتو بدعة إال ما سماه السلف بدعة‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىذا التفسير‬
‫مسوغ‪ ،‬كغيرىم ليس لهم أف‬‫يقتضي أف السلف بالتسمية كافقوا الشرع لوجود ّْ‬
‫المسوغ‪ ،‬فهل يستقيم القوؿ بأف مراد السلف بالبدعة‬‫ّْ‬ ‫يفعلوا مثلهم مع كجود‬
‫البدعة الشرعية المستثناة؟‬

‫ِٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬نخلع جميع البدع إال بدعة لها أصل‬
‫في الشرع كجمع المصحف في كتاب كاحد كجمع عمر رضي اهلل عنو‬
‫الصحابة على التراكيح جماعة كجمع ابن مسعود أصحابو على القصص كل‬
‫خميس كنحو ذلك‪ ،‬فهذا حسن"(َُٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فكالمك فيها من أعجب العجاب‪ ،‬أنت تقوؿ بدعة حسنة‪ ،‬كالنبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم يقوؿ‪( :‬كل بدعة ضاللة‪ ،‬ككل ضاللة في النار)‪ ،‬كلم‬
‫يستثن شيئنا"(َُٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ظاىر كالمو‪ :‬البدعة في الدين قسماف‪ :‬األكؿ‪ :‬البدعة الحسنة‪ ،‬كىي المحدث‬
‫الذم لو أصل‪ ،‬كالثاني‪ :‬البدعة السيئة‪ ،‬كىي المحدث الذم ليس لو أصل‪ .‬كالبدعة‬
‫السيئة ػ أم المحدث الذم ليس لو أصل ػ ال تنقسم إلى حسنة كسيئة‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬البدعة في الدين تنقسم إلى حسنة كسيئة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫شيخ اإلسالـ كأئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب يتعلق بهذا الفصل‪ ،‬إال للشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب‬
‫(تُِِْق) كالشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)‪.‬‬

‫(‪( )135‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)246-245/1:‬‬


‫(‪( )136‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)41/13:‬‬
‫ّٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب‪" :‬البدعة ػ كىي ما حدثت‬
‫بعد القركف الثالثة ػ مذمومة مطل نقا‪ ،‬خالفنا لمن قاؿ حسنة كقبيحة‪ ،‬كلمن‬
‫قسمها خمسة أقساـ‪ .‬إال إف أمكن الجمع بأف يقاؿ‪ :‬الحسنة ما عليو السلف‬
‫مجازا‪،‬‬
‫ن‬ ‫الصالح شاملة للواجبة كالمندكبة كالمباحة‪ ،‬كيكوف تسميتها بدعة‬
‫كالقبيحة ما عدا ذلك شاملة للمحرمة كالمكركىة‪ ،‬فال بأس بهذا الجمع"(َُٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين‪" :‬كمن ابتدع شيئان استحسنو‪،‬‬
‫كقاؿ‪ :‬ىذه بدعة حسنة‪ ،‬فمقتضى دعواه أنو يقوؿ‪ :‬ليس كل بدعة ضاللة‪ ،‬فهذا‬
‫مشاؽ لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‪ ،‬كمراغم لو‪ ،‬كإنما الذم ينبغي أف يقاؿ‪:‬‬
‫إنما ثبت حسنو من األعماؿ التي قد قيل إنها بدعة‪ ،‬إف ىذا العمل المعين مثالن‬
‫ليس ببدعة‪ ،‬فال يندرج في الحديث‪ .‬قاؿ ابن رجب‪ :‬كما كقع في علماء‬
‫السلف‪ ،‬من استحساف بعض البدع‪ ،‬إنما ذلك في البدع اللغوية ال الشرعية‪،‬‬
‫كذكر من ذلك‪ :‬جمع عمر على التراكيح‪ ،‬كأذاف الجمعة األكؿ‪ ،‬كجمع عثماف‬
‫الناس على مصحف كاحد‪ ،‬كقتاؿ أبي بكر مانعي الزكاة‪ ،‬كغير ذلك"(َُٖ)‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كالـ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب يشبو كالـ شيخ‬
‫اإلسالـ‪ ،‬ككالـ الشيخ أبا بطين مثل كالـ شيخ اإلسالـ‪ .‬كأما المتأخركف فال‬
‫يكاد يوجد بينهم خالؼ في اختيار قوؿ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو ففي كالمهم‬
‫نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬

‫(‪( )137‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)237/1:‬‬


‫(‪( )138‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)134-133/8:‬‬
‫ْٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فصل‪ :‬ما ضابط البدعة الفعلية؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ب‬ ‫ىف ُّ ًَّ ً‬ ‫ىصلى ىح يك ٍم اللَّوي ػ أ َّ‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكأىنٍػتي ٍم تىػ ٍعلى يمو ىف ػ أ ٍ‬
‫السنَّةى التي يىج ي‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم‬ ‫اتّْػباعيها كيحم يد أ ٍىىليها كي ىذ ُّـ من ىخالىىفها ًىي سنَّةي رس ً ً‬
‫وؿ اللَّو ى‬ ‫ى ى ي ىي‬ ‫ى ىي ى ٍ‬ ‫ى ى ىي ٍ ى‬
‫ؼ‬ ‫ك إنَّ ىما ييػ ٍع ىر ي‬ ‫ات‪ .‬ىك ىذلً ى‬ ‫ات كسائً ًر أيموًر الدّْيانى ً‬
‫ى‬ ‫اد ى ى ي‬
‫ات كأيموًر ال ًٍعب ى ً‬
‫ى‬ ‫اد ى ي‬
‫فًي أيموًر ًاال ٍعتً ىق ى ً‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم الثَّابًتىة ىع ٍنوي في أىقػ ىٍوالو ىكأىفٍػ ىعالو ىكىما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىحاديث النَّبً ّْي ى‬ ‫بً ىم ٍع ًرفىة أ ى‬
‫اف"(َُٗ)‪.‬‬ ‫السابً يقو ىف كالتَّابًعو ىف لى يهم بًًإ ٍحس ً‬
‫ٍ ى‬ ‫ى ي‬ ‫تىػ ىرىكوي ًم ٍن قىػ ٍووؿ ىك ىع ىم ول‪ ،‬ثي َّم ىما ىكا ىف ىعلىٍي ًو َّ‬
‫اعةه لًلَّ ًو‬ ‫الدلًيل َّ ً‬ ‫ىف ُّ ً‬
‫الش ٍرع ُّي ىعلىٍي ًو بًأىنَّوي طى ى‬ ‫اـ َّ ي‬ ‫السنَّةى ى ىي ىما قى ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكبىػيَّػنَّا أ َّ‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم أ ٍىك في ًع ىل ىعلىى ىزىمانًًو أ ٍىك لى ٍم‬ ‫كرسولً ًو‪ ،‬سواء فىػعلىوي رس ي ً‬
‫وؿ اللَّو ى‬ ‫ىى ه ى ى ي‬ ‫ىى ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يىػ ٍف ىعلٍوي ىكلى ٍم ييػ ٍف ىع ٍل ىعلىى ىزىمانو ل ىع ىدًـ ال يٍم ٍقتىضي حينىئذ لف ٍعلو أ ٍىك يك يجود ال ىٍمان ًع م ٍنوي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ارل‬ ‫استى ىحبَّوي فىػ يه ىو يسنَّةه‪ ،‬ىك ىما أ ىىم ىر بًًإ ٍج ىالء الٍيىػ يهود ىكالن ى‬
‫َّص ى‬ ‫ت أىنَّوي أ ىىم ىر بًو أ ٍىك ٍ‬ ‫فىًإنَّوي إذىا ثىػبى ى‬
‫ف‪ ،‬ىكىك ىما ىد ىاكيموا ىعلىى‬ ‫ص ىح ً‬ ‫الص ىحابىةي الٍ يق ٍرآ ىف فًي ال يٍم ٍ‬
‫ب‪ ،‬ىكىك ىما ىج ىم ىع َّ‬ ‫ًم ٍن ىج ًزيرةً ال ىٍعر ً‬
‫ى ى‬
‫ضا ىف فًي ال ىٍم ٍسجد ىج ىم ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫قًيى ًاـ ىرىم ى‬
‫(َُُ)‬
‫اعةن" ‪.‬‬
‫ف ٍاأل َّيم ًة ًم ىن‬ ‫اع سلى ً‬
‫إج ىم ى ى‬ ‫السنَّةى أ ٍىك ٍ‬ ‫اب ىك ُّ‬ ‫ً ً‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكالٍبً ٍد ىعةي ىما ىخالىىفت الٍكتى ى‬
‫َّ ً‬ ‫ض كالٍ ىق ىد ًريًَّة كال ً‬ ‫ًج ك َّ ً‬ ‫ات؛ ىكأىقػ ىٍو ًاؿ ال ى‬ ‫اد ً‬ ‫ات ىكال ًٍعبى ى‬ ‫اد ً‬‫ًاال ٍعتً ىق ى‬
‫ين‬
‫ٍج ٍهميَّة‪ ،‬ىكىكاىلذ ى‬ ‫ى ى‬ ‫الرىكاف ً ى‬ ‫ٍخ ىوار ً ى‬
‫ين يىػتىػ ىعبَّ يدك ىف بً ىحل ًٍق اللّْ ىحى ىكأى ٍك ًل‬ ‫ٍص كال ًٍغنى ًاء فًي الٍم ً ً َّ ً‬ ‫يىػتىػ ىعبَّ يدك ىف بً َّ‬
‫ساجد‪ ،‬ىكاىلذ ى‬ ‫ىى‬ ‫الرق ً ى‬
‫ٍكتى ً‬ ‫ف ًمن الٍم ىخالًًفين لًل ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ش ًة‪ ،‬كأىنٍػو ًاع ىذلً ى ً ً ًَّ‬ ‫ال ً‬
‫اب‬ ‫ى‬ ‫ك م ىن الٍب ىد ًع التي يىػتىػ ىعبَّ يد ب ىها طىىوائ ي ى ي‬ ‫ٍحشي ى ى ى‬ ‫ى‬
‫ً (ُُُ)‬
‫السنَّة" ‪.‬‬ ‫ىك ُّ‬

‫(‪( )139‬جمموع الفتاوى‪.)378/3:‬‬


‫(‪( )113‬جمموع الفتاوى‪.)24/13:‬‬
‫(‪( )111‬جمموع الفتاوى‪.)346/18:‬‬
‫ٕٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ىف الٍبً ٍد ىعةى فًي الدّْي ًن ًى ىي ىما لى ٍم‬ ‫اع ىدةً ُّ‬
‫"السن ًَّة ىكالٍبً ٍد ىع ًة" أ َّ‬ ‫كقاؿ‪" :‬كقى ٍد قىػ َّررنىا فًي قى ً‬
‫ٍ‬ ‫ى‬
‫استً ٍحبىاب" ‪.‬‬ ‫ً‬
‫يى ٍش ىر ٍعوي اللَّوي ىكىر يسوليوي ىك يى ىو ىما لى ٍم يىأ يٍم ٍر بًو أ ٍىم ىر ى‬
‫و (ُُِ)‬ ‫إيج و‬
‫اب ىكىال ٍ‬
‫َّاس ٍاألىذىا ىف فًي‬ ‫ض الن ً‬ ‫ً‬
‫ث بىػ ٍع ي‬‫ىح ىد ى‬
‫كقاؿ عن األذاف لصالة العيدين‪" :‬مثٍ ىل ىما أ ٍ‬
‫الص ىحابىةي ىكالتَّابًعيو ىف لى يه ٍم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍح ىك ًم‪ ،‬فىأىنٍ ىك ىر َّ‬ ‫ىح ىدثيوي ىم ٍرىكا يف بٍ ين ال ى‬ ‫الٍعي ىديٍ ًن‪ ،‬ىكاىلَّذم أ ٍ‬
‫ك"(ُُّ)‪.‬‬ ‫اف ذىلً ى‬ ‫بًًإ ٍحس ً‬
‫ى‬
‫أيضا عن األذاف لصالة العيدين‪" :‬فهذا مثاؿ لما حدث مع قياـ‬ ‫كقاؿ ن‬
‫المقتضي لو كزكاؿ المانع"(ُُْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬السنة ىي ما قاـ الدليل الشرعي على أنو من الدين‪ ،‬سواء كاف‬
‫من االعتقادات أك من العبادات‪ .‬كيكوف من العبادات إذا ثبت بالدليل كجوبو‬
‫أك استحبابو‪ .‬كعلى ىذا فما فعلو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم فهو سنة‪ ،‬كما‬
‫فعلو غيره في عهده لوجود دليل عليو فهو سنة‪ .‬كما لم يفعلو ىو كلم يفعلو‬
‫غيره في عهده؛ لعدـ المقتضي لفعلو أك لوجود المانع منو‪ ،‬كفي ًعل بعد ذلك‬
‫لوجود دليل عليو مع كجود المقتضي أك زكاؿ المانع؛ ففعلو سنة‪ .‬كمن ذلك‪:‬‬
‫إخراج اليهود كالنصارل من جزيرة العرب‪ ،‬كجمع الصحابة القرآف في‬
‫المصحف‪ ،‬كاجتماعهم في التراكيح على إماـ كاحد في المسجد كدكامهم‬
‫عليو‪ .‬كالبدعة ىي ما لم يقم الدليل الشرعي على أنو من الدين‪ ،‬سواء كاف من‬
‫االعتقادات أك من العبادات‪ .‬كيكوف من بدع العبادات إذا لم يثبت بالدليل‬

‫(‪( )112‬جمموع الفتاوى‪.)138-137/4:‬‬


‫(‪( )113‬جمموع الفتاوى‪.)234-233/22:‬‬
‫(‪( )114‬اقتضاء الصراط‪.)283/1:‬‬
‫ٕٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كجوبو أك استحبابو‪ .‬كعلى ىذا فما لم يفعلو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم‬
‫كلم يفعلو غيره في عهده مع كجود المقتضي لفعلو كعدـ كجود المانع منو‬
‫ً‬
‫فف ٍعليو بعد ذلك بدعة‪ .‬كمن البدع االعتقادية‪ :‬أقواؿ الخوارج كالركافض‬
‫كالقدرية كالجهمية‪ ،‬كمن البدع الفعلية‪ :‬التعبد بالرقص كالغناء في المساجد‪،‬‬
‫كالتعبد بحلق اللحى كأكل الحشيشة‪ ،‬كاألذاف لصالة العيدين‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬ضابط البدعة الفعلية ىو‪" :‬فعل ما لم يفعلو السلف مع‬
‫كجود المقتضي كانتفاء المانع"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالت‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬ىل أحد سبقو إلى ىذا‬
‫الضابط؟ كاإلشكاؿ الثاني يتعلق بالمسائل التي ال تقبل اإلحداث‪ ،‬كمن ذلك‪:‬‬
‫العبادات المحضة‪ ،‬كمحل اإلشكاؿ‪ :‬أف الضابط المذكور يفتح باب اإلحداث‬
‫في العبادات المحضة بعد السلف‪ ،‬كذلك إلمكاف إحداث عبادة بدعول أنو‬
‫لم يوجد مقتضي لفعلها في زماف السلف أك كجد مانع من فعلها في زمانهم‪،‬‬
‫فهل يستقيم ىذا الضابط في العبادات المحضة؟ كاإلشكاؿ الثالث‪ :‬يتعلق‬
‫بالمسائل التي تقبل اإلحداث‪ ،‬كمن ذلك‪ :‬الوسائل‪ .‬كمحل اإلشكاؿ‪ :‬أف‬
‫الضابط المذكور يمنع فعل الوسيلة التي يترتب عليها مصلحة شرعية بدعول‬
‫أنو كجد مقتضي لفعلها في زماف السلف كلم يوجد مانع من فعلها في زمانهم‪،‬‬
‫فهل يستقيم ىذا الضابط في الوسائل؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ لو يتعلق بهذا الفصل‪.‬‬

‫ٕٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب يتعلق بهذا الفصل‪ .‬كأما المتأخركف فال يكاد يوجد بينهم خالؼ في‬
‫اختيار قوؿ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو ففي كالمهم نفس اإلشكاالت التي في كالـ‬
‫شيخ اإلسالـ‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل االحتفاؿ بالمولد بدعة حسنة أـ بدعة سيئة؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ عن االحتفاالت‪" :‬كأ َّىما اتّْ ىخاذي مو ًس وم غىي ًر الٍمو ً‬
‫اس ًم‬ ‫ٍ ىى‬ ‫ىٍ‬ ‫ى‬
‫ض‬‫اؿ‪ :‬إنَّػ ىها لىٍيػلىةي ال ىٍم ٍولً ًد أ ٍىك بىػ ٍع ً‬
‫ض لىيىالًي ىش ٍه ًر ىربًي وع ٍاأل َّىكًؿ الَّتًي ييػ ىق ي‬ ‫الش ٍر ًعيَّ ًة ػ ىكبىػ ٍع ً‬
‫َّ‬
‫ب أ ٍىك ثى ًام ًن ىش َّو واؿ‬ ‫ٍح َّج ًة أ ٍىك أ َّىكًؿ يج ٍم ىع وة ًم ٍن ىر ىج و‬‫شر ًذم ال ً‬ ‫ً‬
‫ب أ ٍىك ثىام ىن ىع ى ى‬ ‫لىيىالً ًي ىر ىج و‬
‫ف‬‫السلى ي‬ ‫اؿ ًعي ىد ٍاألىبٍػ ىرا ًر ػ فىًإنَّػ ىها ًم ىن الٍبً ىد ًع الَّتًي لى ٍم يى ٍستى ًحبَّػ ىها َّ‬‫ٍج َّه ي‬ ‫الَّ ًذم ي ً‬
‫س ّْميو ال ي‬ ‫يى‬
‫(ُُٓ)‬
‫وىا" ‪.‬‬ ‫ىكلى ٍم يىػ ٍف ىعلي ى‬
‫كقاؿ عن االحتفاؿ بالمولد‪" :‬فإف ىذا لم يفعلو السلف مع قياـ المقتضي‬
‫لو كعدـ المانع منو"(ُُٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬أف االحتفاالت الدينية بدعة سيئة‪ ،‬كمن ذلك االحتفاؿ‬
‫بالمولد؛ لعدـ فعل السلف لو‪ ،‬مع كجود المقتضي كعدـ كجود المانع‪.‬‬

‫(‪( )115‬جمموع الفتاوى‪.)298/25:‬‬


‫(‪( )116‬اقتضاء الصراط‪.)295/1:‬‬
‫ٖٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاؿ‪ ،‬كلكنو فرع عن اإلشكاؿ في ضابط البدعة‬
‫الفعلية‪ ،‬محل اإلشكاؿ‪ :‬ىل الوسيلة المباحة ينظر فيها ىل فعلها السلف أـ‬
‫ال؟ كذلك أف أصل االحتفاؿ بالشيء مباح‪ ،‬كاالحتفاؿ بالمولد النبوم مباح‬
‫كأم احتفاؿ‪ ،‬كفعلو يترتب عليو مصلحة شرعية من التذكير كغيره‪ ،‬فهل ينظر‬
‫فيو ىل فعلو السلف أـ ال؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب في مسائل الجاىلية‪" :‬الثامنة كالسبعوف‬
‫اتخاذىا أعيادان‪ ،‬اعلم أف العيد اسم لما يعود من االجتماع العاـ على كجو معتاد‬
‫عائدان ما تعود السنة أك يعود األسبوع أك الشهر أك نحو ذلك‪ ،‬فالعيد يجمع‬
‫أموران‪ :‬منها‪ :‬يوـ عائد كيوـ الفطر‪ ،‬كيوـ الجمعة‪ ،‬كمنها‪ :‬اجتماع فيو‪ ،‬كمنها‪:‬‬
‫أعماؿ تجمع ذلك من العبادات أك العادات‪ .‬كقد يختص العيد بمكاف بعينو‪،‬‬
‫كقد يكوف مطلقان؛ ىؤالء مسلمو أىل العراؽ لكل تربة كلي يوـ مخصوص‬
‫ص لو يوـ من أياـ‬
‫كم ىر ّْد الرأس‪ .‬كمنهم من يخ َّ‬
‫يجتمعوف فيو للزيارة كزيارة الغدير ى‬
‫األسبوع؛ فالجمعة لفالف‪ ،‬كالسبت لفالف‪ ،‬كالثالثاء لفالف‪ ،‬كىكذا‪ .‬كمن ذلك‬
‫بعض األياـ كالليالي المباركة كليلة القدر‪ ،‬كأياـ األعياد‪ ،‬كليلة النصف من‬
‫شعباف‪ ،‬كغير ذلك‪ ،‬كل ذلك مما لم ينزؿ اهلل بو من سلطاف‪ ،‬كمن مكايد‬
‫الشيطاف"(ُُٕ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬العيد المحدث إذا نسب للدين فهذا بدعة محرمة في ذاتها‪ ،‬كإذا لم‬

‫(‪( )117‬مسائل اجلاىلية اليت خالف فيها رسول اهلل صلى اهلل عليو وسلم أىل اجلاىلية‪.)233/1:‬‬
‫ٕٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ينسب للدين لكن ييفعل فيو ما ال يجوز من الشرؾ أك البدع أك الشهوات‬


‫المحرمة فهذا ال يجوز لما ييفعل فيو‪ .‬كإذا لم ينسب للدين كلم ييفعل فيو ما ال‬
‫يجوز كاستعمل كسيلة للخير فهل ىذا يكوف من البدعة السيئة أك من البدعة‬
‫الحسنة؟ قد تدخل ىذه الصورة في كالمو السابق كقد ال تدخل‪ ،‬كلم أقف‬
‫على كالـ كاضح لو في ىذا‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب يتعلق بهذا الفصل‪ ،‬إال للشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب‬
‫(تُِِْق)‪ ،‬حيث قاؿ في سياقو للبدع المنتشرة التي نهوا الناس عنها‪:‬‬
‫"كمنها‪ :‬االجتماع في كقت مخصوص على من يقرأ سيرة المولد الشريف‪،‬‬
‫اعتقادا أنو قربة مخصوصة مطلوبة ػ دكف علم السير ػ فإف ذلك لم يى ًرد"(ُُٖ)‪.‬‬
‫ن‬
‫انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ظاىر كالمو أف االحتفاؿ بالمولد إذا كاف مبنيِّا على اعتقاد أنو مأمور‬
‫شرعا فهو بدعة سيئة‪ ،‬كإذا كاف مبنيِّا على اعتقاد أنو كسيلة للتذكير فليس‬
‫بو ن‬
‫ببدعة سيئة‪ ،‬كىذا ال إشكاؿ فيو‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فال يكاد‬
‫يوجد بينهم خالؼ في تبني قوؿ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو ففي كالمهم نفس‬
‫اإلشكاؿ الذم في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬

‫(‪( )118‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)238/1:‬‬


‫َٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب حكم الخركج عن المذاىب األربعة كالتمذىب‬

‫فصل‪ :‬ما حكم الخركج عن المذاىب األربعة؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬كلم يقل أحد من علماء المسلمين إف الحق منحصر‬
‫في أربعة من علماء المسلمين كأبي حنيفة كمالك كالشافعي كأحمد‪ ،‬كما يشنع‬
‫بذلك الشيعة على أىل السنة فيقولوف إنهم يدعوف أف الحق منحصر فيهم‪ .‬بل‬
‫أىل السنة متفقوف على أف ما تنازع فيو المسلموف كجب رده إلى اهلل كالرسوؿ‪،‬‬
‫كأنو قد يكوف قوؿ ما يخالف قوؿ األربعة من أقواؿ الصحابة كالتابعين لهم‬
‫بإحساف‪ ،‬كقوؿ ىؤالء األربعة مثل الثورم كاألكزاعي كالليث بن سعد كإسحاؽ‬
‫بن راىويو كغيرىم أصح من قولهم"(ُُٗ)‪.‬‬
‫س يح َّجةن ىال ًزىمةن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫اؿ بػ ٍع ً ً ً‬
‫ض ٍاألىئ َّمة ىكالٍ يف ىق ىهاء ٍاأل ٍىربىػ ىعة ىكغىٍي ًرى ٍم فىػلىٍي ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكأ َّىما أىقػ ىٍو ي ى‬
‫ت ىع ٍنػ يهم ر ً‬
‫ض ىي اللَّوي ىع ٍنػ يه ٍم أىنَّػ يه ٍم نىػ ىه ٍوا‬ ‫ًً‬ ‫إجم ن ً ً‬
‫ٍ ى‬ ‫ين‪ ،‬بى ٍل قى ٍد ثىػبى ى‬ ‫اعا باتّْػ ىفاؽ ال يٍم ٍسلم ى‬ ‫ىكىال ٍ ى‬
‫السن ًَّة أىقػ ىٍول ًم ٍن قىػ ٍولً ًه ٍم‬ ‫اب ىك ُّ‬ ‫ٍكتى ً‬‫يد ًىم؛ كأىمركا إ ىذا رأىكا قىػونال فًي ال ً‬
‫ىٍ ٍ‬
‫ًً‬
‫َّاس ىع ٍن تىػ ٍقل ٍ ى ى ي‬ ‫الن ى‬
‫السنَّةي ىكيى ىدعيوا أىقػ ىٍوالى يه ٍم‪ ،‬ىكلً ىه ىذا ىكا ىف ٍاألى ىكابًير ًم ٍن‬ ‫اب ىك ُّ‬ ‫ً ً‬
‫أى ٍف يىأٍ يخ يذكا بً ىما ىد َّؿ ىعلىٍيو الٍكتى ي‬
‫السن ًَّة ىعلىى ىما‬ ‫اب أى ًك ُّ‬ ‫أىتٍػب ًاع ٍاألىئً َّم ًة ٍاألىربػع ًة ىال يػزاليو ىف إ ىذا ظىهر لىهم ىد ىاللىةي ال ً‬
‫ٍكتى ً‬ ‫ىى ي ٍ‬ ‫ىى‬ ‫ٍى ى‬ ‫ى‬
‫ك"(َُِ)‪.‬‬ ‫ف قىػو ىؿ م ٍتب ً‬
‫وع ًه ٍم اتَّػبىػعيوا ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫يي ىخال ي ٍ ى ي‬
‫كقاؿ‪" :‬كأما قوؿ القائل‪ :‬ال أتقيد بأحد ىؤالء األئمة األربعة‪ .‬إف أراد أنو ال‬

‫(‪( )119‬منهاج السنة النبوية‪.)373-369/2:‬‬


‫(‪( )123‬جمموع الفتاوى‪.)11-13/23:‬‬
‫ُٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫تقيد بواحد بعينو دكف الباقين فقد أحسن؛ بل ىو الصواب من القولين‪ .‬كإف‬
‫قطعا؛ إذ الحق‬
‫أراد‪ :‬أني ال أتقيد بها كلها بل أخالفها فهو مخطئ في الغالب ن‬
‫ال يخرج عن ىذه األربعة في عامة الشريعة؛ كلكن تنازع الناس‪ :‬ىل يخرج‬
‫عنها في بعض المسائل؟ على قولين"(ُُِ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬الحق غير منحصر في األئمة األربعة‪ ،‬كمن األدلة على ذلك‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬لم يقل أحد من علماء المسلمين إف الحق منحصر فيهم‪ ،‬كالثاني‪:‬‬
‫اتفاؽ أىل السنة على أف ما تنازع فيو المسلموف كجب رده إلى اهلل كالرسوؿ‬
‫كليس لألربعة‪ .‬كالثالث‪ :‬أنو قد يكوف قوؿ ما يخالف قوؿ األربعة من أقواؿ‬
‫إجماعا‪،‬‬
‫ن‬ ‫العلماء أصح من قولهم‪ .‬كأقواؿ األئمة األربعة ليس حجة الزمة كال‬
‫كمن األدلة على ذلك‪ :‬األكؿ‪ :‬اتفاؽ المسلمين على ذلك‪ ،‬كالثاني‪ :‬قد ثبت‬
‫عنهم أنهم نهوا الناس عن تقليدىم‪ ،‬كأمركا إذا رأكا في الكتاب كالسنة أقول‬
‫من قولهم أف يتركوا قولهم‪ ،‬كلهذا كاف األكابر من أتباعهم يفعلوف ذلك‪ .‬ىذا‬
‫كلو باعتبار اإلطالؽ‪ ،‬كأما باعتبار الغالب فالحق منحصر في األئمة األربعة‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬يجوز الخركج عن المذاىب األربعة باإلجماع‪ ،‬لكن في‬
‫بعض المسائل ال في غالبها‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬المنع من الخركج عن‬
‫المذاىب األربعة ىو المشهور الذم عليو الفقهاء قبل شيخ اإلسالـ كبعده قبل‬
‫انتشار الدعوة السلفية في ىذا العصر‪ ،‬كقد حكى غير كاحد من الفقهاء‬
‫اإلجماع على ذلك‪ ،‬فهل الصواب اإلجماع الذم حكاه شيخ اإلسالـ أك‬
‫(‪( )121‬املستدرك على جمموع الفتاوى‪.)253/2:‬‬
‫ِٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫اإلجماع الذم حكاه اآلخركف؟ اإلشكاؿ الثاني‪ :‬على القوؿ بأف الصواب جواز‬
‫الخركج ما الحجة على أف الجواز يكوف في بعض المسائل ال في غالبها؟ كما‬
‫ضابط ىذه المسائل؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كأما قوؿ من قاؿ‪ :‬اتفاؽ العلماء حجة‬
‫فليس المراد األئمة األربعة‪ ،‬بل إجماع األمة كلهم‪ ،‬كىم علماء األمة"(ُِِ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فنحن مقلدكف الكتاب كالسنة كصالح سلف األمة‪ ،‬كما عليو‬
‫االعتماد من أقواؿ األئمة األربعة أبي حنيفة النعماف بن ثابت كمالك بن أنس‪،‬‬
‫كمحمد بن إدريس‪ ،‬كأحمد بن حنبل رحمهم اهلل تعالى"(ُِّ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬يرل جواز الخركج عن المذاىب األربعة‪ ،‬كلكن ال يفعلو‪.‬‬
‫كيؤكد ىذا المعنى ما قالو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن‬
‫محمد بن عبد الوىاب (تُِّٗق) حاكينا ما يدعو إليو جده الشيخ محمد‬
‫بن عبد الوىاب‪" :‬ال يوجد لو قوؿ مخالف لما ذىب إليو األئمة األربعة‪ ،‬بل كال‬
‫محصورا في المذاىب‬
‫ن‬ ‫خرج عن أقواؿ أئمة مذىبو‪ ،‬على أف الحق لم يكن‬
‫األربعة"(ُِْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا فيو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬إذا كاف الصواب جواز الخركج‪ ،‬كترجح لو‬
‫بمقتضى الدليل في مسألة ما خالؼ ما عليو المذاىب األربعة‪ ،‬فلماذا ال يفعلو؟‬

‫(‪( )122‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)9/4:‬‬


‫(‪( )123‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)97/1:‬‬
‫(‪( )124‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)446/1:‬‬
‫ّٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬كال ننكر‬
‫على من قلد أحد األئمة األربعة‪ ،‬دكف غيرىم؛ لعدـ ضبط مذاىب الغير‪،‬‬
‫ظاىرا على شيء من‬ ‫ن‬ ‫الرافضة‪ ،‬كالزيدية‪ ،‬كاإلمامية‪ ،‬كنحوىم‪ .‬كال نقرىم‬
‫مذاىبهم الفاسدة‪ ،‬بل نجبرىم على تقليد أحد األئمة األربعة"(ُِٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬عندنا أف اإلماـ ابن القيم كشيخو إماما حق من أىل السنة‪ ،‬ككتبهم‬
‫عندنا من أعز الكتب‪ ،‬إال أنا غير مقلدين لهم في كل مسألة‪ ،‬فإف كل أحد‬
‫يؤخذ من قولو كيترؾ إال نبينا محم ندا صلى اهلل عليو كسلم‪ .‬كمعلوـ مخالفتنا‬
‫لهما في عدة مسائل‪ ،‬منها‪ :‬طالؽ الثالث بلفظ كاحد في مجلس‪ ،‬فإنا نقوؿ بو‬
‫تبعا لألئمة األربعة"(ُِٔ)‪.‬‬
‫ن‬
‫كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق)‪:‬‬
‫"كأما قولو (كاألئمة األربعة النقاد) فحصر العلم كالدين في المذاىب األربعة‬
‫مما أحدثو غالة المقلدين من المتأخرين"(ُِٕ)‪ .‬كقاؿ‪" :‬فدعول ىذا الجاىل‬
‫اإلجماع على مذاىب األربعة‪ ،‬كترؾ ىمن خالفها‪ ،‬كأف خالفها بدعة‪ ،‬كذب‬
‫كافتراء على العلماء"(ُِٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬
‫الوىاب (تُِّٗق)‪" :‬كأما ما جرل على ألسن العلماء‪ ،‬من قولهم‪ :‬مذىب‬

‫(‪( )125‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)127/1:‬‬


‫(‪( )126‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)243/1:‬‬
‫(‪( )127‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)358/11:‬‬
‫(‪( )128‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)359/11:‬‬
‫ْٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فالف‪ ،‬أك ذىب إليو فالف‪ ،‬فإنما يقع في األحكاـ؛ الختالفهم بحسب بلوغ‬
‫األدلة‪ ،‬كفهمها‪ ،‬كىذا ال يختص باألئمة األربعة رحمهم اهلل‪ ،‬بل مذاىب العلماء‬
‫قبلهم كبعدىم في األحكاـ كثيرة؛ فقد جرل الخالؼ بين الصحابة رضي اهلل‬
‫عنهم فللصديق رضي اهلل عنو مذىب انفرد بو‪ ،‬كالبن مسعود كذلك‪ ،‬ككذا ابن‬
‫عباس‪ ،‬كغيرىم من الصحابة‪ ،‬ككذلك الفقهاء السبعة من التابعين‪ ،‬كخالف‬
‫بعضا في مسائل‪ ،‬كغيرىم من التابعين كذلك‪ .‬كبعدىم أئمة األمصار‪،‬‬
‫بعضهم ن‬
‫كاألكزاعي إماـ أىل الشاـ‪ ،‬كالليث بن سعد إماـ أىل مصر‪ ،‬كسفياف بن عيينة‬
‫كالثورم إماما أىل العراؽ‪ ،‬فلكل مذىب معركؼ في الكتب المصنفة في‬
‫اختالؼ العلماء‪ ،‬كمثلهم األئمة األربعة‪ .‬كجاء بعدىم أئمة مجتهدكف‪ ،‬كخالفوا‬
‫األئمة األربعة في مسائل معركفة عند العلماء‪ ،‬كأىل الظاىر"(ُِٗ)‪ .‬كقاؿ‪" :‬على‬
‫محصورا في المذاىب األربعة‪ ،‬كما تقدـ‪ ،‬كلو كاف الحق‬
‫ن‬ ‫أف الحق لم يكن‬
‫محصورا فيهم لما كاف لذكر المصنفين في الخالؼ كأقواؿ الصحابة كالتابعين‬
‫ن‬
‫كمن بعدىم مما خرج عن أقواؿ األربعة فائدة"(َُّ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬خالصة كالـ المتقدمين من أئمة الدعوة‪ :‬منهم من يمنع الخركج‪،‬‬
‫كىذا ال إشكاؿ فيو؛ ألنو موافق للمشهور الذم عليو الفقهاء قبل شيخ اإلسالـ‬
‫يجوز الخركج‪،‬‬
‫كبعده قبل انتشار الدعوة السلفية في ىذا العصر‪ ،‬كمنهم من ّْ‬
‫كىذا فيو نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ شيخ اإلسالـ‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة‬

‫(‪( )129‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)441-443/1:‬‬


‫(‪( )133‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)446/1:‬‬
‫ٖٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الدعوة فال يكاد يوجد بينهم خالؼ في تبني قوؿ شيخ اإلسالـ الذم ىو جواز‬
‫الخركج‪ ،‬ككثير منهم يرل جواز الخركج مطل نقا غير مقيد ببعض المسائل‪ ،‬كىذا‬
‫فيو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬إذا كاف الصواب جواز الخركج‪ ،‬فهل جواز الخركج يكوف‬
‫في بعض المسائل ال في غالبها كما قالو شيخ اإلسالـ‪ ،‬أك مطل نقا كما قالو كثير‬
‫من المتأخرين من أئمة الدعوة؟‬

‫فصل‪ :‬ما حكم التمذىب؟‬


‫فرع قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ص بً ىع ٍينً ًو لً ىع ٍج ًزهً ىع ٍن ىم ٍع ًرفى ًة‬
‫ب ىش ٍخ و‬ ‫ص لً ىم ٍذ ىى ً‬‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكاتّْػبىاعي ىش ٍخ و‬
‫ىح ود‬ ‫ً ً‬ ‫الشر ًع ًمن غىي ًر ًجهتً ًو إنَّما ىو ً‬
‫ب ىعلىى يك ّْل أ ى‬ ‫س يى ىو م َّما يىج ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫ٍ‬‫ى‬‫ل‬ ‫‪،‬‬‫ي‬‫و‬‫ى‬‫ل‬ ‫غ‬
‫ي‬ ‫و‬ ‫س‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ى‬ ‫ا‬‫م‬‫َّ‬ ‫م‬ ‫َّ ٍ ٍ ٍ ى ى ي ى‬
‫ك الطَّ ًر ًيق"(ُُّ)‪.‬‬ ‫الش ٍر ًع بًغىٍي ًر ذىلً ى‬
‫إذىا أ ٍىم ىكنىوي ىم ٍع ًرفىةي َّ‬
‫يل يى يد ُّؿ‬ ‫وب اتّْػبى ًاع الٍ ىقائً ًل فًي يك ّْل ىما يىػ يقوليوي ًم ٍن غىٍي ًر ًذ ٍك ًر ىدلً و‬ ‫كقاؿ‪" :‬أ َّىما يك يج ي‬
‫وؿ الَّتًي ىال‬ ‫يح؛ بى ٍل ىى ًذهً ال ىٍم ٍرتىػبىةي ًى ىي ىم ٍرتىػبىةي َّ‬
‫الر يس ً‬ ‫ص ًح ً‬ ‫س بً ى‬‫وؿ فىػلىٍي ى‬ ‫ص َّح ًة ىما يىػ يق ي‬
‫ىعلىى ً‬
‫صلي يح َّإال لىوي"(ُِّ)‪.‬‬ ‫تى ٍ‬
‫ىح ىمد أ ٍىك أىبًي ىحنًي ىفةى ىكيىػ ىرل أ َّ‬
‫ىف‬ ‫ك أى ًك َّ ً ً‬
‫الشافع ّْي أ ٍىك أ ٍ‬ ‫صب لًمالً ً‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىك ىم ٍن يىػتىػ ىع َّ ي ى‬
‫اإل ىم ًاـ الَّ ًذم ىخالىىفوي‪،‬‬ ‫اب الَّ ًذم يىػ ٍنبى ًغي اتّْػبىاعيوي يدك ىف قىػ ٍوًؿ ًٍ‬ ‫الص ىو ي‬‫قىػ ٍو ىؿ ىى ىذا ال يٍم ىعيَّ ًن يى ىو َّ‬
‫ض ِّاال؛ بى ٍل قى ٍد يى يكو يف ىكافً نرا"(ُّّ)‪.‬‬ ‫اى نال ى‬ ‫فىمن فىػعل ى ىذا ىكا ىف ج ً‬
‫ى‬ ‫ىٍ ىى ى‬

‫(‪( )131‬جمموع الفتاوى‪.)239/23:‬‬


‫(‪( )132‬جمموع الفتاوى‪.)121/35:‬‬
‫(‪( )133‬جمموع الفتاوى‪.)248/22:‬‬
‫ٖٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ًً‬ ‫ً‬
‫ارنة ىى ىذا‬‫ين فىػييػ ىقلّْ يدك ىف تى ى‬ ‫اء ال يٍم ٍسلم ى‬ ‫اؿ ال يٍم ٍسل يمو ىف يى ٍستىػ ٍفتيو ىف عيلى ىم ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكىما ىز ى‬
‫ارةن ىى ىذا"(ُّْ)‪.‬‬ ‫ىكتى ى‬
‫ىصلى ىح فًي ًدينً ًو أى ًك الٍ ىق ٍو يؿ بً ىها‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىًإذىا ىكا ىف ال يٍم ىقلّْ يد ييػ ىقلّْ يد فًي ىم ٍسأىلى وة يىػ ىر ىاىا أ ٍ‬
‫ً‬
‫ك‬‫ين‪ ،‬لى ٍم يي ىح ّْرٍـ ذىلً ى‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫از ىى ىذا باتّْػ ىفاؽ ىج ىماىي ًر عيلى ىماء ال يٍم ٍسلم ى‬ ‫ك ىج ى‬ ‫أ ٍىر ىج يح أ ٍىك نى ٍح ًو ذىلً ى‬
‫ىح ىمد"(ُّٓ)‪.‬‬ ‫ك كىال َّ ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الشافع ُّي ىكىال أ ٍ‬ ‫ىال أىبيو ىحني ىفةى ىكىال ىمال ه ى‬
‫ك أى ًك َّ ً ً‬ ‫الرجل متَّبًعا ًألىبًي حنًي ىفةى أىك مالً و‬
‫ىح ىمد‬ ‫الشافع ّْي أ ٍىك أ ٍ‬ ‫ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكإًذىا ىكا ىف َّ ي ي ي ن‬
‫ك‪،‬‬ ‫س ىن فًي ىذلً ى‬ ‫ىح ى‬
‫ً‬
‫ب غىٍي ًره أىقػ ىٍول فىاتَّػبىػ ىعوي ىكا ىف قى ٍد أ ٍ‬ ‫سائً ًل أ َّ‬
‫ىف ىم ٍذ ىى ى‬ ‫ض الٍ ىم ى‬‫ىكىرأىل فًي بىػ ٍع ً‬
‫ك فًي ًدينً ًو ىكىال ىع ىدالىتً ًو بً ىال نًىز واع"(ُّٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ىكلى ٍم يىػ ٍق ىد ٍح ذىلً ى‬
‫معنى كالمو‪ :‬تقليد العامي لعالم معين جائز‪ ،‬كليس بواجب‪ .‬كمن األدلة‬
‫على عدـ الوجوب‪ :‬األكؿ‪ :‬أف الوجوب يقتضي تنزيل المتبوع منزلة الرسوؿ‪،‬‬
‫كإف كاف يرل أف قوؿ ىذا المعين ىو الصواب دكف غيره فهذا تعصب كجهل‬
‫كفرا‪ .‬كالثاني‪ :‬ما زاؿ العواـ يقلدكف العلماء من غير تعيين‪،‬‬
‫كضالؿ كقد يكوف ن‬
‫كعليو فالعامي إذا كاف على مذىب كأخذ في مسألة ما بالقوؿ األرجح على‬
‫خالؼ المذىب جاز لو ذلك‪ ،‬بل أحسن في ذلك‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬تمذىب العامي جائز‪ ،‬كليس بواجب‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ال إشكاؿ فيو؛ ألف القوؿ بعدـ الوجوب قوؿ من قولي‬
‫العلماء‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ بعض المتأخرين من أئمة الدعوة‪.‬‬

‫(‪( )134‬جمموع الفتاوى‪.)381/23:‬‬


‫(‪( )135‬جمموع الفتاوى‪.)381/23:‬‬
‫(‪( )136‬جمموع الفتاوى‪.)248/22:‬‬
‫ٕٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كأما مذىبنا فمذىب اإلماـ أحمد بن‬
‫حنبل‪ ،‬إماـ أىل السنة‪ ،‬كال ننكر على أىل المذاىب األربعة إذا لم يخالف‬
‫نص الكتاب كالسنة‪ ،‬كال إجماع األمة‪ ،‬كال قوؿ جمهورىا"(ُّٕ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬األصل أنو على مذىب أحمد بن حنبل‪ ،‬كإذا تبين الصواب‬
‫على خالؼ المذىب أخذ بالصواب‪ ،‬كال ينكر على أىل المذاىب األربعة‪ ،‬إال‬
‫و‬
‫مذىب ما فإنو يأمرىم باألخذ بالصواب‪.‬‬ ‫إذا تبين الصواب على خالؼ‬
‫خالصة كالمو‪ :‬تمذىب العامي جائز‪.‬‬
‫لكن ال يفهم من كالمو ىل ىو كاجب أـ ال؟ كجو ذلك‪ :‬إذا كاف المقصود‬
‫أنو يأمر باألخذ بالصواب الظني فهذا يقتضي أف تمذىب العامي جائز كليس‬
‫بواجب‪ ،‬كإذا كاف المقصود أنو يأمر باألخذ بالصواب اليقيني دكف الظني فقد‬
‫يكوف ىذا من باب أف تمذىب العامي كاجب‪ ،‬كلهذا ال يفتيو بخالفو‪ ،‬كقد‬
‫يكوف ىذا من باب أف تمذىب العامي جائز‪ ،‬كلكن ال يفتيو بخالفو‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ؛ ألف القوؿ بالوجوب كعدمو قوالف‬
‫للعلماء‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كال نستحق مرتبة‬
‫االجتهاد المطلق‪ ،‬كال أحد لدينا يدعيها‪ ،‬إال أننا في بعض المسائل ػ إذا صح‬

‫(‪( )137‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)245/1:‬‬


‫ٖٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫لنا نص جلي من كتاب أك سنة غير منسوخ كال مخصص كال معارض بأقول منو‬
‫كقاؿ بو أحد األئمة األربعة ػ أخذنا بو‪ ،‬كتركنا المذىب‪ ،‬كإرث الجد كاألخوة‪،‬‬
‫فإنا نقدـ الجد باإلرث‪ ،‬كإف خالف مذىب الحنابلة‪ .‬كال نفتش على أحد في‬
‫مذىبو‪ ،‬كال نعترض عليو‪ ،‬إال إذا اطلعنا على نص جلي مخالف لمذىب أحد‬
‫األئمة ككانت المسألة مما يحصل بها شعار ظاىر كإماـ الصالة‪ ،‬فنأمر الحنفي‬
‫كالمالكي مثالن بالمحافظة على نحو الطمأنينة في االعتداؿ‪ ،‬كالجلوس بين‬
‫السجدتين؛ لوضوح دليل ذلك‪ ،‬بخالؼ جهر اإلماـ الشافعي بالبسملة‪ ،‬فال‬
‫نأمره باإلسرار‪ .‬كشتاف ما بين المسألتين‪ ،‬فإذا قوم الدليل أرشدناىم بالنص‪،‬‬
‫جدا"(ُّٖ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫نادرا ِّ‬
‫كإف خالف المذىب‪ ،‬كذلك يكوف ن‬
‫اجتهادا مطل نقا فيخرج عن المذاىب األربعة‪،‬‬
‫ن‬ ‫معنى كالمو‪ :‬العالم ال يجتهد‬
‫اجتهادا مقي ندا بالمذاىب األربعة؛ ألف األصل أف يكوف على مذىب‪،‬‬
‫ن‬ ‫بل يجتهد‬
‫كإذا تبين الصواب على خالؼ المذىب أخذ بالصواب‪ ،‬كال ينكر على أىل‬
‫و‬
‫مذىب ما فإنو يأمرىم‬ ‫المذاىب األربعة‪ ،‬إال إذا تبين الصواب على خالؼ‬
‫باألخذ بالصواب‪.‬‬
‫ىذا نفسو معنى كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كىو كذلك معنى كالـ‬
‫المتقدمين من أئمة الدعوة‪ ،‬كإنما اكتفيت بذكر قوؿ الشيخ عبد اهلل؛ ألنو‬
‫أكضح من غيره في بياف المراد‪ ،‬كعليو فعندىم تمذىب العامي جائز‪ ،‬لكن ال‬
‫يفهم من كالمهم ىل ىو كاجب أـ ال؟ كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فال‬

‫(‪( )138‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)228/1:‬‬


‫ٖٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫يكاد يوجد بينهم خالؼ على أف تمذىب العامي ليس بواجب‪ ،‬لكن منهم من‬
‫جائزا‪ ،‬كىم األكثر‪ ،‬كمنهم من يراه بدعة‪ .‬كقد اشتهر في المتأخرين شيء‬
‫يراه ن‬
‫لم يشتهر في من قبلهم‪ ،‬كىو‪ :‬تعدد الفتول في المسألة الواحدة؛ فكلّّ يفتي‬
‫ترجيحا ظنيِّا‪ ،‬كحينما كثر الوافدكف إلى أئمة‬
‫ن‬ ‫العامي بما ترجح لو‪ ،‬كلو كاف‬
‫الدعوة السلفية لطلب العلم تلقوا عنهم تعدد الفتول‪ ،‬كرجعوا إلى بلدانهم‬
‫بالدعوة السلفية كنشركا تعدد الفتول‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ما عليو المتأخركف فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬ىمن يرل منهم أف‬
‫تمذىب العامي بدعة‪ ،‬ىل ىذا الرأم معتبر؟ اإلشكاؿ الثاني‪ :‬تعدد الفتول‬
‫الذم اشتهر فيهم‪ ،‬أليس ىذا مخال نفا لما ىو مشهور عن أىل السنة من بعد‬
‫القرف الثالث إلى زماف المتقدمين من أئمة الدعوة السلفية‪ ،‬كىو توحيد الفتول‬
‫على حسب مذىب أىل البلد؟ كأال يترتب على تعدد الفتول مفاسد كبيرة‬
‫ككثيرة‪ ،‬كمنها‪ :‬كقوع العواـ في الحيرة‪ ،‬كتصدر طلبة العلم لإلفتاء‪ ،‬ثم عدـ‬
‫قدرة العواـ التمييز بين العلماء كطلبة العلم؟‬

‫َٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب الحكم على األشخاص في الدنيا‬

‫فصل‪ :‬ىل الجهل عذر مانع من التكفير؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ك ًمنّْي أىنّْي‬ ‫سنًي يىػ ٍعلى يم ىذلً ى‬ ‫ً‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىى ىذا ىم ىع أىنّْي ىدائ نما ىكىم ٍن ىجالى ى‬
‫صيى وة‪َّ ،‬إال إ ىذا‬ ‫يق كم ٍع ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب يم ىعيَّ هن إلىى تى ٍكفي ور ىكتىػ ٍفس و ى ى‬ ‫سى‬ ‫َّاس نىػ ٍهينا ىع ٍن أى ٍف ييػ ٍن ى‬‫ًم ٍن أى ٍعظى ًم الن ً‬
‫ت ىعلىي ًو الٍح َّجةي الرسالية الَّتًي من ىخالىىفها ىكا ىف ىكافًرا تىارنة كفى ً‬ ‫ً‬
‫اس نقا‬ ‫ن ى ى‬ ‫ى‬ ‫ىٍ‬ ‫عيل ىم أىنَّوي قى ٍد قى ىام ٍ ٍ ي‬
‫ك يىػعي ُّم‬ ‫ىف اللَّوى قى ٍد غى ىف ىر لً ىه ًذهً ٍاأل َّيم ًة ىخطىأ ىىىا‪ ،‬ىكذىلً ى‬ ‫اصينا أي ٍخ ىرل‪ ،‬ىكإًنّْي أيقىػ ّْرير أ َّ‬ ‫أي ٍخرل ك ىع ً‬
‫ى ى‬
‫سائً ًل ال ىٍع ىملًيَّ ًة" ‪.‬‬
‫(ُّٗ)‬ ‫ٍخطىأى فًي الٍمسائً ًل ال ى ً ً ً‬
‫ٍخبى ًريَّة الٍ ىق ٍوليَّة ىكال ىٍم ى‬ ‫ىى‬ ‫ال ى‬
‫الر يج يل لى ٍم تىػ ٍبػلي ٍغوي‬ ‫اؿ الَّتًي يى ٍك يف ير قىائًلي ىها قى ٍد يى يكو يف َّ‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىك ىى ىك ىذا ٍاألىقػ ىٍو ي‬
‫ت ًع ٍن ىدهي أ ٍىك لى ٍم يىػتى ىم َّك ٍن‬‫ٍحقّْ‪ ،‬ىكقى ٍد تى يكو يف ًع ٍن ىدهي ىكلى ٍم تىػثٍبي ٍ‬ ‫ً ً ً‬
‫وص ال يٍموجبىةي ل ىم ٍع ًرفىة ال ى‬ ‫ُّص ي‬ ‫الن ي‬
‫ات يىػ ٍع يذ يرهي اللَّوي بً ىها‪ ،‬فى ىم ٍن ىكا ىف ًم ٍن‬ ‫ت لىوي يشبيػ ىه ه‬ ‫ض ٍ‬ ‫ًم ٍن فىػ ٍه ًم ىها‪ ،‬ىكقى ٍد يى يكو يف قى ٍد ىع ىر ى‬
‫ٍح ّْق ىكأى ٍخطىأى فىًإ َّف اللَّوى يىػ ٍغ ًف ير لىوي ىخطىأىهي ىكائًننا ىما ىكا ىف‪،‬‬ ‫ين يم ٍجتى ًه ندا فًي طىلى ً‬ ‫ًً‬
‫ب ال ى‬ ‫ال يٍم ٍؤمن ى‬
‫ً‬
‫سائً ًل النَّظى ًريًَّة أ ٍىك ال ىٍع ىمليَّ ًة‪ ،‬ىى ىذا الَّ ًذم ىعلىٍي ًو أ ٍ‬ ‫ً‬
‫صلَّى‬ ‫اب النَّبً ّْي ى‬ ‫ىص ىح ي‬ ‫ىس ىواءه ىكا ىف في ال ىٍم ى‬
‫(َُْ)‬
‫اإل ٍس ىالًـ" ‪.‬‬ ‫اى يير أىئً َّم ًة ًٍ‬ ‫اللَّو ىعلىي ًو كسلَّم كجم ً‬
‫ي ٍ ى ى ى ىىى‬
‫ت‬ ‫ك بًأىنَّوي ىكافً هر ىحتَّى يىػثٍبي ى‬ ‫اؿ ىذلً ى‬ ‫ص قى ى‬ ‫ب أى ٍف يي ٍح ىك ىم فًي يك ّْل ىش ٍخ و‬ ‫ً‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكىال يىج ي‬
‫الربىا ىح ىال هؿ؛‬ ‫إف الٍ ىخ ٍم ىر أى ًك ّْ‬ ‫اؿ‪َّ :‬‬ ‫ط التَّ ٍك ًفي ًر ىكتىػ ٍنتى ًفي ىم ىوانًعيوي؛ ًمثٍ يل ىم ٍن قى ى‬ ‫فًي ىح ّْق ًو يش يرك ي‬
‫اديىوة بى ًعي ىدةو‪ ،‬أ ٍىك ىس ًم ىع ىك ىال نما أىنٍ ىك ىرهي ىكلى ٍم‬ ‫شوئًًو فًي ب ً‬
‫ى‬ ‫اإل ٍس ىالًـ أ ٍىك لًني ي‬‫ب ىع ٍه ًدهً بً ًٍ‬ ‫لً يق ٍر ً‬

‫(‪( )139‬جمموع الفتاوى‪.)229/3:‬‬


‫(‪( )143‬جمموع الفتاوى‪.)346/23:‬‬
‫ُٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم؛ ىك ىما‬ ‫يث رس ً ً‬ ‫آف كىال أىنَّوي ًمن أ ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وؿ اللَّو ى‬ ‫ىحاد ى ي‬ ‫ٍ ى‬ ‫يىػ ٍعتىق ٍد أىنَّوي م ىن الٍ يق ٍر ى‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم‬ ‫ىف النَّبً َّي ى‬ ‫ت ًع ٍن ىدهي أ َّ‬ ‫اء ىحتَّى يىػثٍبي ى‬ ‫ىكا ىف بػ ٍعض َّ ً ً‬
‫السلىف ييػ ٍنك ير أى ٍشيى ى‬ ‫ى ي‬
‫ك ىحتَّى‬ ‫اء ًمثٍ ىل يرٍؤيىًة اللَّ ًو ىكغىٍي ًر ذىلً ى‬ ‫ً‬
‫ش ُّكو ىف في أى ٍشيى ى‬ ‫الص ىحابىةي يى ي‬‫قىالى ىها‪ ،‬ىكىك ىما ىكا ىف َّ‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم"(ُُْ)‪.‬‬ ‫ك رس ى ً‬ ‫ً‬
‫وؿ اللَّو ى‬ ‫يى ٍسأىليوا ىع ٍن ذىل ى ى ي‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم‪ :‬ىى ٍل‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىػ ىه ًذهً ىعائً ى‬
‫ين ىسأىلىت النَّبً َّي ى‬ ‫شةي أ ُّيـ ال يٍم ٍؤمن ى‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم‪ :‬نىػ ىع ٍم‪ .‬ىك ىى ىذا‬ ‫اؿ لى ىها النَّبً ُّي ى‬ ‫َّاس؟ فىػ ىق ى‬ ‫َّ‬
‫يىػ ٍعلى يم اللوي يك َّل ىما يى ٍكتي يم الن ي‬
‫ىف اللَّوى ىعالً هم بً يك ّْل‬ ‫ك‪ ،‬ىكلى ٍم تى يك ٍن قىػ ٍب ىل ىم ٍع ًرفىتً ىها بًأ َّ‬ ‫يى يد ُّؿ ىعلىى أىنَّػ ىها لى ٍم تى يك ٍن تىػ ٍعلى يم ىذلً ى‬
‫َّاس ىكافً ىرنة"(ُِْ)‪.‬‬ ‫و‬
‫ىش ٍيء يى ٍكتي يموي الن ي‬
‫آف ًمثٍ ىل إنٍ ىكا ًر‬ ‫كؼ الٍ يقر ً‬
‫ض يه ٍم يح ير ى ٍ‬ ‫ف أىنٍ ىك ىر بىػ ٍع ي‬ ‫السلى ً‬
‫ض َّ‬ ‫ك بىػ ٍع ي‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكىك ىذلً ى‬
‫اؿ‪ :‬إنَّ ىما ًى ىي‪ :‬أك لى ٍم‬ ‫آمنيوا) [الرعد‪ ،]ُّ:‬ىكقى ى‬ ‫ين ى‬
‫ض ًهم قىػولىوي‪( :‬أىفىػلىم يػيأ ً َّ ً‬
‫ىس الذ ى‬ ‫ٍ ىٍ‬ ‫ً‬
‫بىػ ٍع ٍ ٍ‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫َّ ً‬
‫ك أ َّىال تىػ ٍعبي يدكا َّإال إيَّاهي)‬ ‫ضى ىربُّ ى‬ ‫(كقى ى‬ ‫اء ىة قىػ ٍولو‪ :‬ى‬ ‫آمنيوا‪ .‬ىكإًنٍ ىكا ًر ٍاآل ىخ ًر ق ىر ى‬ ‫ين ى‬ ‫يىػتىبىػيَّ ٍن الذ ى‬
‫ؼ ال يٍم ىع ّْوذىتىػ ٍي ًن‪،‬‬‫ض يه ٍم ىكا ىف ىح ىذ ى‬ ‫صى ىربُّك‪ .‬ىكبىػ ٍع ي‬ ‫اؿ‪ :‬إنَّ ىما ًى ىي‪ :‬ىكىك َّ‬ ‫[اإلسراء‪ ،]ِّ:‬ىكقى ى‬
‫اإل ٍج ىم ًاع ىكالنَّػ ٍق ًل ال يٍمتىػ ىواتً ًر‪ ،‬ىكىم ىع‬ ‫وـ بً ًٍ‬‫وت‪ .‬ىك ىى ىذا ىخطىأه ىم ٍعلي ه‬ ‫آخر ي ٍكتيب سورةى الٍ يقني ً‬
‫ىك ى ي ى ي ي ى‬
‫ك لى ٍم يي ىك َّف يركا‪ ،‬ىكإً ٍف ىكا ىف يى ٍك يف ير‬ ‫ىى ىذا فىػلى َّما لى ٍم يى يك ٍن قى ٍد تىػ ىواتىػ ىر النَّػ ٍق يل ًع ٍن ىد يى ٍم بً ىذلً ى‬
‫ٍح َّجةي بًالنَّػ ٍق ًل ال يٍمتىػ ىواتً ًر" ‪.‬‬ ‫ك من قىام ٍ ً‬ ‫ً‬
‫بً ىذل ى ى ٍ ى‬
‫(ُّْ)‬
‫ت ىعلىٍيو ال ي‬
‫ٍح َّج ًة‬
‫وغ ال ي‬ ‫وب ىش ٍي وء ًم ٍنػ ىها بىػ ٍع ىد بيػلي ً‬ ‫ض ٍاأل ٍىربى يع فىًإذىا ىج ىح ىد يك يج ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكأ َّىما الٍ ىف ىرائً ي‬
‫اى ىرةً ال يٍمتىػ ىواتًير‬ ‫ات الظَّ ً‬ ‫ك من جح ىد تى ٍح ًريم ىشي وء ًمن الٍمح َّرم ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى ٍ ى يىى‬ ‫فىػ يه ىو ىكاف هر‪ ،‬ىكىك ىذل ى ى ٍ ى ى‬
‫(‪( )141‬جمموع الفتاوى‪.)166-165/35:‬‬
‫(‪( )142‬جمموع الفتاوى‪.)412/11:‬‬
‫(‪( )143‬جمموع الفتاوى‪.)493-492/12:‬‬
‫ِٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ك‪ ،‬ىكأ َّىما ىم ٍن لى ٍم تىػ يق ٍم ىعلىٍي ًو‬ ‫ٍخ ٍم ًر ىكنى ٍح ًو ىذلً ى‬‫ب ىكال ى‬ ‫ش ىكالظُّل ًٍم ىكالٍ ىك ًذ ً‬ ‫اح ً‬ ‫تىح ًريمها ىكالٍ ىفو ً‬
‫ى‬ ‫ٍ يى‬
‫اديىًة بى ًعي ىدةو لى ٍم تىػ ٍبػلي ٍغوي فً ىيها‬
‫شأى بًب ً‬
‫اإل ٍس ىالًـ أ ٍىك نى ى ى‬ ‫يث ىع ٍه ود بً ًٍ‬‫ٍح َّجةي ػ ًمثٍ ىل أى ٍف يى يكو ىف ىح ًد ى‬ ‫ال ي‬
‫ات‬‫الصالًح ً‬ ‫ً‬ ‫ط فىظى َّن أ َّ َّ ً‬ ‫ك أ ٍىك غىلً ى‬ ‫اإل ٍس ىالًـ ىكنى ٍح ىو ذىلً ى‬ ‫ىش ىرائً يع ًٍ‬
‫آمنيوا ىك ىعمليوا َّ ى‬ ‫ين ى‬ ‫ىف الذ ى‬
‫اؿ‬‫استىتىابىػ يه ٍم عي ىم ير ىكأ ٍىمثى ي‬ ‫ين ٍ‬
‫ط فًي ذىلً ى َّ ً‬
‫ك الذ ى‬ ‫ٍخ ٍم ًر ىك ىما غىلً ى‬ ‫يي ٍستىثٍػنىػ ٍو ىف ًم ٍن تى ٍح ًر ًيم ال ى‬
‫ىص ُّركا ىك ىف يركا ًحينىئً وذ‪ ،‬ىكىال‬ ‫ٍح َّجةي ىعلىٍي ًه ٍم؛ فىًإ ٍف أ ى‬ ‫اـ ال ي‬‫ك ػ فىًإنَّػ يه ٍم يي ٍستىتىابيو ىف‪ ،‬ىكتيػ ىق ي‬ ‫ذىلً ى‬
‫الصحابةي بً يك ٍف ًر قدامة بٍ ًن مظٍع و‬
‫وف‬ ‫ى ي‬ ‫ك؛ ىك ىما لى ٍم يى ٍح يك ٍم َّ ى ى‬ ‫يي ٍح ىك يم بً يك ٍف ًرًى ٍم قىػ ٍب ىل ذىلً ى‬
‫يما غىلًطيوا فً ًيو ًم ىن التَّأٍ ًك ً‬ ‫ً ً‬ ‫كأ ٍ ً ً‬
‫(ُْْ)‬
‫يل" ‪.‬‬ ‫ىص ىحابو لى َّما غىلطيوا ف ى‬ ‫ى‬
‫ىج ٍرهي ىحتَّى يى ٍس ىم ىع ىك ىال ىـ اللَّ ًو) [التوبة‪ ]ٔ:‬قد علم أف‬ ‫كقاؿ‪" :‬كقولو تعالى‪( :‬فىأ ً‬
‫سمعا يتمكن معو من فهم معناه؛ إذ المقصود ال يقوـ بمجرد‬ ‫المراد أنو يسمعو ن‬
‫سمع لفظ ال يتمكن معو من فهم المعنى‪ ،‬فلو كاف غير عربي كجب أف يترجم لو ما‬
‫يقوـ بو عليو الحجة‪ ،‬كلو كاف عربيِّا كفي القرآف ألفاظ غريبة ليست لغتو كجب أف‬
‫يبين لو معناىا‪ ،‬كلو سمع اللفظ كما يسمعو كثير من الناس كلم يفقو المعنى كطلب‬
‫منا أف نفسره لو كنبين لو معناه فعلينا ذلك‪ ،‬كإف سألنا عن سؤاؿ يقدح في القرآف‬
‫أجبناه عنو كما كاف النبي صلى اهلل عليو كسلم أذا أكرد عليو بعض المشركين أك‬
‫(ُْٓ)‬
‫‪.‬‬ ‫أىل الكتاب أك المسلمين سؤاالن يوردكنو على القرآف فإنو كاف يجيبو عنو"‬
‫كقاؿ‪" :‬كلهذا كنت أقوؿ للجهمية من الحلولية كالنفاة الذين نفوا أف اهلل‬
‫كافرا؛ ألني أعلم أف‬
‫تعالى فوؽ العرش لما كقعت محنتهم‪ :‬أنا لو كافقتكم كنت ن‬

‫(‪( )144‬جمموع الفتاوى‪.)613-639/7:‬‬


‫(‪( )145‬اجلواب الصحيح‪.)222-221/1:‬‬
‫ّٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قولكم كفر‪ ،‬كأنتم عندم ال تكفركف؛ ألنكم جهاؿ‪ .‬ككاف ىذا خطابنا لعلمائهم‬
‫(ُْٔ)‬
‫‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫كقضاتهم كشيوخهم كأمرائهم"‬
‫معنى كالمو‪ :‬المسلم ال يكفر بمجرد الوقوع في الكفر‪ ،‬بل ال يكفر إال بعد‬
‫قياـ الحجة عليو؛ ألف الوقوع في الكفر قد يكوف خطأن‪ ،‬كالخطأ مغفور سواء‬
‫في مسائل األخبار أك في مسائل األحكاـ‪ .‬كسواء كاف ىذا الخطأ من حديث‬
‫عهد بإسالـ أك نشأ ببادية بعيدة‪ ،‬أك كاف سبب خطئو عدـ بلوغو النص أك عدـ‬
‫فهمو لو‪ ،‬كسواء كاف خطؤه في المسائل الظاىرة أك في المسائل الخفية (يعني‬
‫بالمسائل الظاىرة‪ :‬المعلومة عادةن عند عواـ المسلمين كوجوب الصالة كتحريم‬
‫الخمر‪ ،‬كيعني بالمسائل الخفية‪ :‬التي قد يجهلها عاد نة عواـ المسلمين) فمن‬
‫نفى ما أثبتو اهلل أك أثبت ما نفاه اهلل أك حرـ ما أحلو اهلل أك أحل ما حرـ اهلل‬
‫فإنو ال يكفر إال إذا قامت الحجة عليو‪ .‬كقياـ الحجة يكوف ببلوغها كفهمها‪،‬‬
‫كلهذا لم يى ٍك يفر الجهمية ػ رغم كقوعهم في الكفر ػ لعدـ قياـ الحجة عليهم‬
‫لعدـ فهمهم‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬الجهل في الكفر عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪،‬‬
‫مانعا من التكفير بعد إقامتها‪ ،‬كإقامة الحجة تكوف ببلوغها مع‬
‫عذرا ن‬
‫كليس ن‬
‫اشتراط فهمها سواء في المسائل الظاىرة أك في المسائل الخفية‪.‬‬
‫كيستثنى الجهل بمدلوؿ الشهادتين فإنو كفر في نفسو كما تقدـ في باب‬
‫أسماء الذنوب‪ ،‬فصل‪ :‬ىل الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر‪.‬‬

‫(‪( )146‬الرد على البكري‪.)494/2:‬‬


‫ْٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬فإف الذم لم تقم عليو الحجة ىو الذم‬
‫حديث عهد باإلسالـ كالذم نشأ ببادية بعيدة‪ ،‬أك يكوف ذلك في مسألة خفية‬
‫مثل الصرؼ كالعطف؛ فال يكفر حتى يعرؼ‪ .‬كأما أصوؿ الدين التي أكضحها اهلل‬
‫كأحكمها في كتابو فإف حجة اهلل ىو القرآف‪ ،‬فمن بلغو القرآف فقد بلغتو الحجة‪.‬‬
‫كلكن أصل اإلشكاؿ أنكم لم تفرقوا بين قياـ الحجة كبين فهم الحجة‪ ،‬فإف أكثر‬
‫الكفار كالمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة اهلل مع قيامها عليهم‪ ،‬كما قاؿ‬
‫ىف أى ٍكثىػ ىريى ٍم يى ٍس ىمعيو ىف أ ٍىك يىػ ٍع ًقليو ىف إً ٍف يى ٍم إًَّال ىك ٍاألىنٍػ ىع ًاـ بى ٍل يى ٍم‬
‫ب أ َّ‬
‫سي‬‫تعالى‪( :‬أ ٍىـ تى ٍح ى‬
‫ىض ُّل ىسبًيالن) [الفرقاف‪ ،]ْْ:‬كقياـ الحجة نوع كبلوغها نوع‪ ،‬كقد قامت عليهم‪،‬‬ ‫أى‬
‫كفهمهم إياىا نوع آخر‪ ،‬ككفرىم ببلوغها إياىم كإف لم يفهموىا‪ .‬إف أشكل عليكم‬
‫ذلك فانظركا قولو صلى اهلل عليو كسلم في الخوارج‪" :‬أينما لقيتموىم فاقتلوىم"‬
‫كقولو‪" :‬شر قتلى تحت أديم السماء" مع كونهم في عصر الصحابة كيحقر اإلنساف‬
‫عمل الصحابة معهم كمع إجماع الناس أف الذم أخرجهم من الدين ىو التشدد‬
‫كالغلو كاالجتهاد كىم يظنوف أنهم يطيعوف اهلل كقد بلغتهم الحجة كلكن لم‬
‫يفهموىا‪ ،‬ككذلك قتل علي رضي اهلل عنو الذين اعتقدكا فيو كتحريقهم بالنار‪،‬‬
‫مع كونهم تالميذ الصحابة‪ ،‬كمع عبادتهم كصالتهم كصيامهم‪ ،‬كىم يظنوف أنهم‬
‫على حق‪ ،‬ككذلك إجماع السلف على تكفير غالة القدرية كغيرىم مع علمهم‬

‫ٓٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كشدة عبادتهم ككونهم يحسبوف أنهم يحسنوف صنعان كلم يتوقف أحد من‬
‫السلف في تكفيرىم ألجل كونهم لم يفهموا"(ُْٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فإذا كاف المعين يكفر إذا قامت عليو الحجة فمن المعلوـ أف‬
‫قيامها ليس معناه أف يفهم كالـ اهلل كرسولو مثل فهم أبي بكر رضي اهلل عنو‪،‬‬
‫بل إذا بلغو كالـ اهلل كرسولو كخال من شيء يعذر بو فهو كافر كما كاف الكفار‬
‫كلهم تقوـ عليهم الحجة بالقرآف مع قوؿ اهلل‪ ( :‬ىك ىج ىعلٍنىا ىعلىى قيػليوبً ًه ٍم أىكًنَّةن أى ٍف‬
‫ين ىال‬ ‫َّ ً‬
‫الص ُّم الٍبي ٍك يم الذ ى‬‫اب ًع ٍن ىد اللَّ ًو ُّ‬ ‫يىػ ٍف ىق يهوهي) [األنعاـ‪ ]ِٓ:‬كقولو‪( :‬إً َّف ىش َّر َّ‬
‫الد ىك ّْ‬
‫يىػ ٍع ًقليو ىف) [األنفاؿ‪ .)ُْٖ("]ِِ:‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬المسلم ال يكفر بمجرد الوقوع في الكفر‪ ،‬بل ال يكفر إال بعد‬
‫قياـ الحجة عليو‪ .‬كالمسلم إذا كاف حديث عهد باإلسالـ أك نشأ ببادية ككقع‬
‫في الكفر فإنو ال يكفر؛ ألف الحجة لم تقم عليو‪ ،‬كإقامة الحجة عليو في‬
‫المسائل الظاىرة تكوف بمجرد بلوغ الحجة‪ ،‬كال يشترط فهمها‪ .‬كإقامة الحجة‬
‫عليو في المسائل الخفية تكوف ببلوغ الحجة مع اشتراط فهمها‪ .‬كالمسلم قديم‬
‫العهد باإلسالـ كالناشئ في الحاضرة ككقع في الكفر فإنو يكفر في المسائل‬
‫الظاىرة؛ ألف الحجة قائمة عليو ببلوغها‪ ،‬كال يكفر في المسائل الخفية إال بعد‬
‫بلوغ الحجة كفهمها‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬الجهل في الكفر عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪،‬‬
‫مانعا من التكفير بعد إقامتها‪ .‬كإقامة الحجة تكوف ببلوغها‪ ،‬مع‬ ‫عذرا ن‬
‫كليس ن‬

‫(‪( )147‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)94-93/13:‬‬


‫(‪( )148‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)73-69/13:‬‬
‫ٔٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫عدـ اشتراط فهمها في المسائل الظاىرة‪ ،‬كمع اشتراط فهمها في المسائل‬


‫الخفية‪.‬‬
‫كيستثنى الجهل بمدلوؿ الشهادتين فإنو كفر في نفسو كما تقدـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬في ىذا الكالـ إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬القوؿ بأف إقامة الحجة في المسائل‬
‫الظاىرة تكوف ببلوغها مع عدـ اشتراط فهمها‪ ،‬ككجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل أحد من‬
‫الفقهاء األكائل ذكر ىذا؟ كإذا كانت الحجة تقوـ ببلوغها مع عدـ اشتراط‬
‫فهمها فما الحكمة من إقامتها؟ كىل الحكمة تتحقق بمجرد البلوغ؟‬
‫كيحتمل كالمو‪ :‬أف إقامة الحجة تكوف بوجود الشخص المبلغ لها؛ فينبههم‬
‫أف ما ىم عليو كفر‪ ،‬كيبلغهم اآليات الدالة على ذلك‪ ،‬كبتنبيهو كتبليغو تقوـ‬
‫الحجة‪ ،‬كلو لم يفهموا اآليات‪ ،‬كمما يدؿ على ىذا من كالمو قولو‪" :‬ال نكفر‬
‫من عبد الصنم الذم على عبد القادر‪ ،‬كالصنم الذم على قبر أحمد البدكم‪،‬‬
‫كأمثالهما؛ ألجل جهلهم‪ ،‬كعدـ من ينبههم"(ُْٗ)؛ فقد يكوف مراده‪ :‬كجود‬
‫الواقع‪ ،‬كذلك أف اآليات‬
‫ي‬ ‫الشخص المنبو شرط إلقامة الحجة‪ ،‬كمما يؤكد ىذا‬
‫تتلى على الناس‪ ،‬فلو كاف بمجرد بلوغ اآليات تقوـ الحجة لقامت من غير‬
‫دعوتو‪ ،‬كمع ذلك فإف الشيخ ال يعتبر الحجة قامت إال بعد ظهور دعوتو‪.‬‬
‫كفي ىذا االحتماؿ من كالمو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬ىل أحد من الفقهاء األكائل‬
‫ذكر ىذا؟ كىل من بلغتو الحجة كفهمها من غير كجود شخص مبلغ لها تقوـ‬
‫عليو الحجة أـ ال؟‬

‫(‪( )149‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)134/1:‬‬


‫ٕٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬كال نكفر‬
‫إال من بلغتو دعوتنا للحق‪ ،‬ككضحت لو المحجة‪ ،‬كقامت عليو الحجة‪ ،‬كأصر‬
‫مستكبرا معان ندا"(َُٓ)‪.‬‬
‫ن‬
‫(ُُٓ)‬
‫كقاؿ‪" :‬كنعتذر عمن مضى بأنهم مخطئوف معذكركف" ‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فإف قلت‪ :‬ىذا فيمن ذىل‪ ،‬فلما نبو انتبو‪ ،‬فما القوؿ فيمن حرر‬
‫مصرا على ذلك حتى مات؟‬ ‫األدلة‪ ،‬كاطلع على كالـ األئمة القدكة‪ ،‬كاستمر ن‬
‫قلت‪ :‬كال مانع أف نعتذر لمن ذكر‪ ،‬كال نقوؿ‪ :‬إنو كافر‪ ،‬كال لما تقدـ أنو‬
‫مخطئ‪ ،‬كإف استمر على خطئو؛ لعدـ من يناضل عن ىذه المسألة في كقتو‪،‬‬
‫بلسانو كسيفو كسنانو‪ ،‬فلم تقم عليو الحجة‪ ،‬كال كضحت لو المحجة"(ُِٓ)‪.‬‬
‫كسئل أبناء الشيخ كحمد بن ناصر (تُِِٓق)‪ ،‬رحمهم اهلل‪ :‬ىل تعتقدكف‬
‫كفر أىل األرض على اإلطالؽ؟ أـ ال؟ فأجابوا‪ :‬الذم نعتقده ديننا كنرضاه‬
‫إلخواننا مذىبنا أف من أنكر ما ىو معلوـ من الدين بالضركرة كقامت عليو الحجة‬
‫فإنو يكفر بذلك‪ ،‬كلو ادعى اإلسالـ؛ كىذا أمر مجمع عليو بين العلماء"(ُّٓ)‪.‬‬
‫كقالوا‪" :‬كأما تكفير أىل األرض كلهم فنحن نبرأ إلى اهلل من ىذا‪ ،‬بل نعتقد‬
‫أف أمة محمد صلى اهلل عليو كسلم ال تجتمع على ضاللة"(ُْٓ)‪.‬‬

‫(‪( )153‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)234/1:‬‬


‫(‪( )151‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)235/1:‬‬
‫(‪( )152‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)235/1:‬‬
‫(‪( )153‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)131/13:‬‬
‫(‪( )154‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)132/13:‬‬
‫ٖٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبابطين (تُِِٖق)‪" :‬فال عذر‬
‫ألحد بعد بعثة محمد صلى اهلل عليو كسلم في عدـ اإليماف بو كبما جاء بو‬
‫بكونو لم يفهم حجج اهلل كبيناتو"(ُٓٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فحجة اهلل قائمة على عباده ببلوغ الحجة‪ ،‬ال بفهمها"(ُٔٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كجميع العلماء في كتب الفقو يذكركف حكم المرتد ػ إلى قولو ػ‬
‫مجمعا على كفر صاحبها‪ ،‬كلم يفرقوا بين المعين‬
‫ن‬ ‫أنواعا كثيرة‬
‫ن‬ ‫كيذكركف‬
‫كغيره"(ُٕٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كقد ذكر العلماء من أىل كل مذىب أشياء كثيرة ال يمكن حصرىا‬
‫من األقواؿ كاألفعاؿ كاالعتقادات أنو يكفر صاحبها‪ ،‬كلم يقيدكا ذلك‬
‫بالمعاند؛ فالمدعي أف مرتكب الكفر متأكالن أك مجته ندا أك مخطئنا أك مقل ندا أك‬
‫جاىالن معذكر مخالف للكتاب كالسنة كاإلجماع بال شك‪ ،‬مع أنو ال بد أف‬
‫ينقض أصلو؛ فلو طرد أصلو كفر بال ريب كما لو توقف في تكفير من شك في‬
‫رسالة محمد صلى اهلل عليو كسلم كنحو ذلك"(ُٖٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كقد دؿ القرآف على أف الشك في أصوؿ الدين كفر‪ ،‬كالشك ىو‬
‫التردد بين شيئين؛ كالذم ال يجزـ بصدؽ الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم كال‬
‫كذبو‪ ،‬كال يجزـ بوقوع البعث كال عدـ كقوعو‪ ،‬كنحو ذلك‪ ،‬كالذم ال يعتقد‬

‫(‪( )155‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)352/13:‬‬


‫(‪( )156‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)363-359/13:‬‬
‫(‪( )157‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)432/13:‬‬
‫(‪( )158‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)73-72/12:‬‬
‫ٗٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كجوب الصالة كال عدـ كجوبها‪ ،‬أك ال يعتقد تحريم الزنى كال عدـ تحريمو‪،‬‬
‫كىذا كفر بإجماع العلماء‪ ،‬كال عذر لمن كاف حالو ىكذا بكونو لم يفهم حجج‬
‫اهلل كبيناتو؛ ألنو ال عذر لو بعد بلوغها‪ ،‬كإف لم يفهمها"(ُٗٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬
‫الوىاب (تُِّٗق)‪" :‬ألف كل من بيػيَّن لو ما جاء بو الرسوؿ كأصر كعاند‬
‫فهو بهذا غير مستجيب‪ ،‬كالحجة قائمة عليو سواء كاف إصراره لشبهة عرضت‪،‬‬
‫كما كقع للنصارل‪ ،‬كبعض المشركين من العرب‪ ،‬أك كاف ذلك عن عناد‬
‫كجحود كاستكبار‪ ،‬كما جرل لفرعوف كقومو‪ ،‬ككثير من مشركي العرب‪،‬‬
‫فالصنفاف يحكم بكفرىم إذا قامت الحجة التي يجب اتباعها‪ ،‬كال يلزـ أف‬
‫يعرؼ الحق في نفس األمر كما عرفتو اليهود كأمثالهم؛ بل يكفي في التكفير‬
‫الحجة كعدـ قبوؿ ما جاءت بو الرسل"(َُٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫رد َّ‬ ‫ٌ‬
‫خالصة كالمهم‪ :‬الجهل في الكفر عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪،‬‬
‫مانعا من التكفير بعد إقامتها‪ .‬كإقامة الحجة تكوف ببلوغها‪ ،‬مع عدـ‬
‫عذرا ن‬
‫كليس ن‬
‫اشتراط فهمها في المسائل الظاىرة‪ ،‬كمع اشتراط فهمها في المسائل الخفية‪.‬‬
‫كيستثنى الجهل بمدلوؿ الشهادتين فإنو كفر في نفسو كما تقدـ‪.‬‬
‫كيحتمل كالمهم‪ :‬أف إقامة الحجة تكوف بوجود الشخص المبلغ لها؛‬
‫فينبههم أف ما ىم عليو كفر‪ ،‬كيبلغهم اآليات الدالة على ذلك‪ ،‬كبتنبيهو كتبليغو‬
‫تقوـ الحجة‪ ،‬كلو لم يفهموا اآليات‪.‬‬

‫(‪( )159‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)366-365/13:‬‬


‫(‪( )163‬مصباح الظالم ‪.)533-499‬‬
‫ََُ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ىذا ما عليو المتقدموف من أئمة الدعوة‪ ،‬كىو نفس ما عليو الشيخ محمد بن‬
‫عبد الوىاب‪ ،‬كعليو ففي كالمهم نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ الشيخ محمد‬
‫بن عبد الوىاب‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فمنهم الموافق لما عليو الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوىاب كالمتقدموف من أئمة الدعوة أف إقامة الحجة تكوف‬
‫ببلوغها مع عدـ اشتراط فهمها في المسائل الظاىرة كمع اشتراط فهمها في‬
‫المسائل الخفية‪ ،‬كمنهم الموافق لشيخ اإلسالـ أف إقامة الحجة تكوف ببلوغها‬
‫مع اشتراط فهمها سواء في المسائل الظاىرة أك في المسائل الخفية‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل الفالسفة كالباطنية كفار؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ عن الفالسفة كالباطنية‪":‬ثم الفالسفة كالباطنية ىم كفار‪،‬‬
‫(ُُٔ)‬
‫كفرىم ظاىر عند المسلمين" ‪.‬‬
‫ىف ًم ىن الٍ ىف ىال ًس ىف ًة ىك ٍاأل ٍىكلًيى ًاء ىم ٍن يى ىو أى ٍعلى يم بًاىللَّ ًو ىكالٍيىػ ٍوًـ ٍاآل ًخ ًر‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكيىػ ٍزعي يمو ىف أ َّ‬
‫اطنًيَّ ًة‬ ‫ٍح ًدين ًمن الٍ ىف ىال ًس ىف ًة كالٍب ً‬
‫اطنًيَّ ًة‪ :‬ب ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ين‪ .‬ىك ىىذه ىم ىقالىةي غي ىالة ال يٍمل ى ى‬ ‫م ىن ال يٍم ٍر ىسل ى‬
‫الصوفًيَّ ًة" ‪.‬‬
‫(ُِٔ)‬
‫اطنًيَّ ًة ُّ‬ ‫الشيع ًة كب ً‬
‫ّْ ى ى ى‬
‫كقاؿ عن الفالسفة‪" :‬كمما يوضح األمر في ذلك أف ىؤالء حقيقة قولهم تعطيل‬
‫الصانع؛ فإف ىؤالء نوعاف‪ :‬طبائعيوف كإلهيوف‪ .‬فأما الطبيعيوف فال يقركف بوجود‬

‫(‪( )161‬العقيدة األصفهانية‪.)164/1:‬‬


‫(‪( )162‬جمموع الفتاوى‪.)32/5:‬‬
‫َُُ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫موجود كراء الفلك كما يحويو‪ ،‬كحقيقة قولهم إف العالم كاجب الوجود بنفسو‪،‬‬
‫ليس لو مبدع كال فاعل‪ ،‬كىذا ىو التعطيل الذم كاف يعتقده فرعوف حيث أنكر‬
‫رب العالمين ػ إلى قولو ػ كأما اإللهية الدىريوف الذين يقولوف بقدـ العالم كصدكره‬
‫عن علة قديمة كابن سينا كأمثالو‪ ،‬فهؤالء كإف كانوا مقرين بمبدع ىذا العالم‬
‫(ُّٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫فقولهم مستلزـ لقوؿ أكلئك المعطلة كإف كانوا ال يلتزموف قولهم"‬
‫كقاؿ عن باطنية الشيعة‪" :‬كأئمة ىؤالء في الباطن مالحدة زنادقة شر من‬
‫الغالية‪ ،‬ليسوا من جنس االثني عشرية‪ ،‬لكن إنما طرقهم على ىذا المذاىب‬
‫الفاسدة كنسبتها إلى علي ما فعلتو االثنا عشرية كأمثالهم كذب أكلئك عليو‬
‫(ُْٔ)‬
‫نوعا من الكذب ففرعو ىؤالء كزادكا عليو حتى نسبوا اإللحاد إليو" ‪.‬‬ ‫ن‬
‫ين‪ ،‬بى ٍل فًي ًه ٍم ًم ىن‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكل ىه ىذا ىكا ىف ىى يؤىالء ع ٍن ىد ٍاألىئ َّمة قىاطبىةن ىم ىالح ىد نة يمنىافق ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سوا‬ ‫ب أىنَّػ يه ٍم لىٍي ي‬‫ارل‪ ،‬ىك ىى يؤىالء ىال ىريٍ ى‬ ‫الٍ يك ٍف ًر الٍبىاط ًن ىما يى ىو أى ٍعظى يم م ٍن يك ٍف ًر الٍيىػ يهود ىكالن ى‬
‫َّص ى‬
‫ًً‬ ‫ين فً ٍرقىةن‪ ،‬ىكإًذىا أىظ ىٍه يركا ًٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اإل ٍس ىال ىـ فىػغىايىػتيػ يه ٍم أى ٍف يى يكونيوا يمنىافق ى‬
‫ين‬ ‫م ىن الثّْػ ٍنتىػ ٍي ًن ىك ىس ٍبع ى‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم" ‪.‬‬ ‫ىكالٍمنىافً ًقين الَّ ًذين ىكانيوا ىعلىى ىع ٍه ًد رس ً ً‬
‫(ُٓٔ)‬
‫وؿ اللَّو ى‬ ‫ىي‬ ‫ي ى ى‬
‫الرفٍض كب ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اطنيوي الٍ يك ٍف ير‬ ‫اؿ الٍعيلى ىماءي في ًه ٍم‪ :‬ظىاى ير ىم ٍذ ىىبً ًه يم َّ ي ى ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىك يى ٍم ىك ىما قى ى‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً ًً ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ين؛ ىال‬ ‫ض‪ .‬ىك ىحقي ىقةي أ ٍىم ًرى ٍم أىنَّػ يه ٍم ىال ييػ ٍؤمنيو ىف بنىب ّْي م ٍن م ىن ٍاألىنٍبيىاء ىكال يٍم ٍر ىسل ى‬ ‫ال ىٍم ٍح ي‬
‫ات اللَّ ًو ىك ىس ىال يموي ىعلىٍي ًه ٍم‬
‫صلى ىو ي‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بًني ً‬
‫يسى ىكىال يم ىح َّمد ى‬ ‫وسى ىكىال ع ى‬ ‫يم ىكىال يم ى‬ ‫وح ىكىال إبٍػ ىراى ى‬

‫(‪( )163‬الصفدية‪.)243-242/1:‬‬
‫(‪( )164‬منهاج السنة النبوية‪.)12/8:‬‬
‫(‪( )165‬جمموع الفتاوى‪.)447/17:‬‬
‫َُِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫آف‪،‬‬‫يل كىال الٍ يقر ً‬


‫اإلنٍج ً ى‬
‫ب اللَّ ًو الٍمنىػ َّزلى ًة؛ ىال التػَّوراةً كىال ًٍ ً‬ ‫شي ًء ًم ٍن يكتي ً‬ ‫ً‬ ‫أ ً‬
‫ٍ‬ ‫ٍى ى‬ ‫ي‬ ‫ين‪ ،‬ىكىال ب ى ٍ‬ ‫ىج ىمع ى‬ ‫ٍ‬
‫ىف لىوي ىد نارا يى ٍج ًزم‬ ‫ىف لىوي ًديننا أ ىىم ىر بً ًو‪ ،‬ىكىال أ َّ‬ ‫ىف لًل ىٍعالى ًم ىخالًنقا ىخلى ىقوي‪ ،‬ىكىال بًأ َّ‬‫ىكىال ييًق ُّرك ىف بًأ َّ‬
‫َّاس فً ىيها ىعلىى أى ٍع ىمالً ًه ٍم غىٍيػ ىر ىى ًذهً َّ‬
‫(ُٔٔ)‬
‫الدا ًر" ‪.‬‬ ‫الن ى‬
‫ارل؛ فىًإ ٍف لى ٍم يىظ ىٍه ٍر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يع ىى يؤىالء الٍ يك َّفا ًر أى ٍك ىف ير م ىن الٍيىػ يهود ىكالن ى‬
‫َّص ى‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىًإ َّف ىجم ى‬
‫ىس ىف ًل ًم ىن النَّا ًر‪ ،‬ىكىم ٍن‬ ‫ك ىكا ىف ًمن الٍمنىافً ًقين الَّ ًذين ىم فًي َّ ً‬
‫الد ٍرؾ ٍاأل ٍ‬ ‫ى ي ى ى يٍ‬ ‫ىح ًد ًى ٍم ىذلً ى‬
‫ىع ٍن أ ى‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أىظ ىٍه ىر ىذلً ى‬
‫ين ىال‬ ‫وز أى ٍف ييق َّر بىػ ٍي ىن ال يٍم ٍسلم ى‬ ‫ين يك ٍف نرا؛ فى ىال يى يج ي‬ ‫ك ىكا ىف أى ىش َّد م ىن الٍ ىكاف ًر ى‬
‫سائً ًه ٍم ىكىال تيػ ٍؤىك يل ذىبىائً يح يه ٍم؛ ًألىنَّػ يه ٍم يم ٍرتى ُّدك ىف ًم ٍن‬ ‫بً ًج ٍزي ًة كىال ًذ َّم وة كىال ي ًح ُّل نً ىك ً‬
‫اح ن ى‬ ‫ي‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى‬
‫(ُٕٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫ّْين"‬
‫ىش ّْر ال يٍم ٍرتىد ى‬
‫كس يه ٍم يى ٍم أىئً َّمةي يك ٍف ور‪،‬‬ ‫ً ً ً‬
‫كقاؿ عن باطنية الصوفية‪ " :‬ىك ىى ىك ىذا ىى يؤىالء االتّْ ىحاديَّةي فىػ يرءي ي‬
‫يخ ىذ قىػ ٍب ىل التػ ٍَّوبىًة؛ فىًإنَّوي ًم ٍن أى ٍعظى ًم‬
‫ي ًجب قىػ ٍتػليهم‪ ،‬كىال تيػ ٍقبل تىػوبةي أىح ود ًم ٍنػهم إ ىذا أ ً‬
‫ى ي ي ٍ ى ى ي ٍى ى ي ٍ‬
‫اإل ٍس ىال ىـ ىكييػ ٍب ًطنيو ىف أى ٍعظى ىم الٍ يك ٍف ًر" ‪.‬‬ ‫َّ ً ً َّ ً‬
‫(ُٖٔ)‬
‫ين ييظٍ ًه يرك ىف ًٍ‬ ‫الزنىادقىة الذ ى‬
‫ود اللَّ ًو تىػ ىعالىى‪،‬‬ ‫ات يىو ىعين كج ً‬
‫ى ٍي يي‬
‫ود الٍ ىكائًنى ً‬
‫إف يك يج ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىح ًقي ىقةي قىػ ٍوًؿ ىى يؤىال ًء‪َّ :‬‬
‫ود ىىا غىٍيػ ىرهي‪ ،‬ىكىال ىش ٍي ىء ًس ىواهي أىلٍبىتَّةى" ‪.‬‬
‫(ُٗٔ)‬
‫س يك يج ي‬‫لىٍي ى‬
‫إف اللَّوى يى ىو‬ ‫ين قىاليوا‪َّ :‬‬ ‫َّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ارل الذ ى‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىػ ىه يؤىالء يك ٍف يريى ٍم ىش ّّر م ٍن يك ٍف ًر الن ى‬
‫َّص ى‬
‫ً‬
‫ارل إنَّ ىما‬ ‫َّص ى‬ ‫اإلط ىٍال ًؽ‪ ،‬ىكيىػ يقوليو ىف‪ :‬الن ى‬ ‫يح ابٍ ين ىم ٍريى ىم‪ .‬ىكأ َّىما ٍاأل َّىكليو ىف فىػيىػ يقوليو ىف بً ًٍ‬
‫ال ىٍمس ي‬

‫(‪( )166‬جمموع الفتاوى‪.)152/35:‬‬


‫(‪( )167‬جمموع الفتاوى‪.)475-474/28:‬‬
‫(‪( )168‬جمموع الفتاوى‪.)132/2:‬‬
‫(‪( )169‬جمموع الفتاوى‪.)143/2:‬‬
‫َُّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ارل‪ ،‬ىكفً ىيها ًم ىن التػَّنىاقي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ىك ىفركا بًالتَّ ٍخ ً‬


‫ض‬ ‫اؿ ىى يؤىالء ىش ّّر م ٍن أىقػ ىٍو ًاؿ الن ى‬
‫َّص ى‬ ‫يص‪ .‬ىكأىقػ ىٍو ي‬‫ص ً‬ ‫ي‬
‫وؿ تىارةن كبً ًاالتّْح ً‬ ‫ً‬ ‫ًمن ًج ٍن ً ً‬
‫اد أي ٍخ ىرل‬ ‫ٍحلي ً ى ى ى‬ ‫ارل؛ ىكل ىه ىذا يىػ يقوليو ىف بًال ي‬ ‫س ىما في أىقػ ىٍو ًاؿ الن ى‬
‫َّص ى‬ ‫ٍ‬
‫سو ىف ىعلىى ىم ٍن لى ٍم‬ ‫ً‬ ‫ًً ً‬ ‫كبًالٍوح ىدةً تىارةن‪ ،‬فىًإنَّوي م ٍذ ىىب متىػنىاقً ه ً‬
‫ض في نىػ ٍفسو؛ ىكل ىه ىذا يىػلٍب ي‬ ‫ى ه ي‬ ‫ى‬ ‫ى ىٍ‬
‫ك فًي يك ٍف ًر ىى يؤىال ًء‬ ‫اى نرا بًًإ ٍج ىم ًاع يك ّْل يم ٍسلً وم‪ ،‬ىكىم ٍن ىش َّ‬
‫اطننا كظى ً‬
‫ً‬
‫يىػ ٍف ىه ٍموي‪ .‬فىػ ىه ىذا يكلُّوي يك ٍف هر بى ى‬
‫ك فًي يك ٍف ًر الٍيػه ً‬
‫ود‬ ‫ىي‬ ‫ش ُّ‬ ‫بىػ ٍع ىد ىم ٍع ًرفى ًة قىػ ٍولً ًه ٍم ىكىم ٍع ًرفى ًة ًدي ًن ًٍ‬
‫اإل ٍس ىالًـ فىػ يه ىو ىكافً هر ىك ىم ٍن يى ي‬
‫ً (َُٕ)‬
‫ين" ‪.‬‬ ‫ارل ىكال يٍم ٍش ًرك ى‬ ‫َّص ى‬ ‫ىكالن ى‬
‫كقاؿ عن بعض السبابة من الشيعة‪" :‬أما من اقترف بسبو دعول أف علينا إلو‬
‫أك أنو كاف ىو النبي كإنما غلط جبرئيل في الرسالة فهذا ال شك في كفره‪ ،‬بل‬
‫ال شك في كفر من توقف في تكفيره"(ُُٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ عن مقالة من مقاالت الباطنية الكفرية‪" :‬ىذا الكالـ ػ كىو قوؿ القائل‬
‫إف معجزات األنبياء صلى اهلل عليهم كسلم قول نفسانية ػ باطل‪ ،‬بل ىو كفر‪،‬‬
‫يستتاب قائلو‪ ،‬كيبين لو الحق‪ ،‬فإف أصر على اعتقاده بعد قياـ الحجة الشرعية‬
‫عليو كفر‪ .‬كإذا أصر على إظهاره بعد االستتابة قتل‪ .‬كىو من كالـ طائفة من‬
‫(ُِٕ)‬
‫‪.‬‬ ‫المتفلسفة كالقرامطة الباطنية كاإلسماعيلية كنحوىم"‬
‫كقاؿ عن الدركز‪ " :‬يك ٍف ير ىى يؤىال ًء ًم َّما ىال يى ٍختىلً ي‬
‫ف فً ًيو ال يٍم ٍسلً يمو ىف؛ بى ٍل ىم ٍن ىش َّ‬
‫ك‬
‫فًي يك ٍف ًرًى ٍم فىػ يه ىو ىكافً هر ًمثٍػلي يه ٍم" ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(ُّٕ)‬

‫(‪( )173‬جمموع الفتاوى‪.)368/2:‬‬


‫(‪( )171‬الصارم املسلول‪.)593/1:‬‬
‫(‪( )172‬الصفدية‪.)2-1/1:‬‬
‫(‪( )173‬جمموع الفتاوى‪.)162/35:‬‬
‫َُْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫معنى كالمو‪ :‬الملحدكف من الفالسفة المنتسبين لإلسالـ كباطنية الشيعة‬


‫كباطنية الصوفية رؤكسهم منافقوف‪ ،‬يظهركف اإلسالـ كيبطنوف الكفر‪ ،‬كحقيقة‬
‫أمرىم عدـ إيمانهم باهلل كعدـ إيمانهم بالرسوؿ‪ ،‬كعليو فهم كفار عند اهلل‪ ،‬كأما‬
‫عند الناس فمن أظهر منهم ىذا الكفر المناقض للشهادتين فهو كافر بعينو‬
‫ظاىرا إال بعد إقامة‬
‫ظاىرا كباطننا‪ ،‬كمن أظهر ما سول ذلك من الكفر فال يكفر ن‬
‫ن‬
‫ظاىرا ككافر باطننا‪ .‬كمن‬
‫الحجة عليو‪ ،‬كمن لم يظهر شيئنا من الكفر فهو مسلم ن‬
‫ليس بمنافق منهم كلكنو كافقهم في شيء من كفرىم؛ فإف كافقهم فيما ىو‬
‫مناقض للشهادتين كمن يدعي أف عليِّا إلو أك أنو كاف ىو النبي فهو كافر بعينو‪،‬‬
‫مناقضا للشهادتين كمن يقوؿ إف معجزات األنبياء صلى‬
‫ن‬ ‫كإف كافقهم فيما ليس‬
‫اهلل عليهم كسلم قول نفسانية فال يكفر إال بعد إقامة الحجة عليو‪ .‬كالدركز‬
‫كفار بأعيانهم؛ ألنهم من الباطنية ككفرىم مناقض للشهادتين‪ ،‬كتكفيرىم يشمل‬
‫رؤكسهم المنافقين كجهالهم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ال إشكاؿ فيو‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو في ىذا‬
‫الفصل ككالمو في الفصل التالي‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ لو يتعلق بهذا الفصل‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫ال خالؼ بين المتقدمين كالمتأخرين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن‬
‫عبد الوىاب على أف الملحدين من الفالسفة كالباطنية كفار‪.‬‬
‫َُٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فصل‪ :‬ىل أىل البدع كفار؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫اب بً ًذ ٍك ًر أ ٍ‬
‫اب فًي ىى ىذا الٍبى ً‬ ‫ٍخطى ً‬ ‫صل ال ً‬
‫ىح يد يى ىما‪:‬‬ ‫ىصلىٍي ًن‪ :‬أ ى‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكفى ٍ ي‬
‫س ٍاألىم ًر ًمن أ ٍىى ًل َّ ً‬
‫الص ىالة ىال يى يكو يف َّإال يمنىافً نقا؛ فىًإ َّف اللَّوى‬ ‫ىف الٍ ىكاف ىر في نىػ ٍف ً ٍ ٍ‬
‫أى ٍف يػ ٍعلىم أ َّ ً ً‬
‫ي ى‬
‫اج ىر إلىى ال ىٍم ًدينى ًة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم ىكأىنٍػ ىز ىؿ ىعلىٍيو الٍ يق ٍرآ ىف ىك ىى ى‬ ‫ث يم ىح َّم ندا ى‬ ‫يم ٍن يذ بىػ ىع ى‬
‫ف‬ ‫اؼ‪ :‬م ٍؤًمن بً ًو كىكافًر بً ًو مظٍ ًهر الٍ يك ٍفر كمنىافً هق مستى ٍخ و‬ ‫صار النَّاس ثىىالثىةى أىصنى و‬
‫ٍ‬
‫يٍ‬ ‫ى ىي‬ ‫ي ه ى ه ي ه‬ ‫ي‬ ‫ىى‬
‫ىف ال ىٍم ىقالىةى تى يكو يف يك ٍف نرا؛ ىك ىج ٍح ًد‬ ‫ىص يل الثَّانًي‪ :‬أ َّ‬ ‫ػ إلى قولو ػ " ىك ٍاأل ٍ‬
‫(ُْٕ)‬
‫بًالٍ يك ٍف ًر"‬
‫اح‬‫ٍخ ٍم ًر ىكال ىٍم ٍي ًس ًر ىكنً ىك ً‬
‫الزنىا ىكال ى‬
‫يل ّْ‬ ‫ٍح ّْج ىكتى ٍحلً ً‬ ‫الصيى ًاـ ىكال ى‬‫الزىكاةً ىك ّْ‬ ‫الص ىالةً ىك َّ‬
‫وب َّ‬ ‫يك يج ً‬
‫اب‪ ،‬ىكىك ىذا ىال‬ ‫ً‬
‫ث لى ٍم يىػ ٍبػليغٍوي الٍخطى ي‬ ‫ات ال ىٍم ىحا ًرًـ‪ ،‬ثي َّم الٍ ىقائً يل بً ىها قى ٍد يى يكو يف بً ىح ٍي ي‬ ‫ذىك ً‬
‫ى‬
‫و‬ ‫ي ىك َّفر بً ًو ج ً‬
‫اديىًة بى ًعي ىدة لى ٍم تىػ ٍبػليغٍوي‬
‫شأى بًب ً‬
‫اإل ٍس ىالًـ أ ٍىك نى ى ى‬ ‫يث ىع ٍه ود بً ًٍ‬ ‫اح يدهي ىك ىم ٍن يى ىو ىح ًد ي‬ ‫ي ي ى‬
‫وؿ إذىا‬ ‫اإل ٍس ىالًـ؛ فىػ ىه ىذا ىال يي ٍح ىك يم بً يك ٍف ًرهً بً ىج ٍح ًد ىش ٍي وء ًم َّما أىنٍػ ىز ىؿ ىعلىى َّ‬
‫الر يس ً‬ ‫ىش ىرائً يع ًٍ‬
‫وؿ"(ُٕٓ)‪.‬‬ ‫لى ٍم يىػ ٍعلى ٍم أىنَّوي أينٍ ًز ىؿ ىعلىى ال َّر يس ً‬
‫محضا مواف نقا للسنة؛ إذ لو كانت كذلك‬ ‫ن‬ ‫كقاؿ‪" :‬فإف البدعة ال تكوف ِّ‬
‫حقا‬
‫ضا ال حق فيو؛ إذ لو كانت كذلك لم تخف‬
‫لم تكن باطالن‪ ،‬كال تكوف باطالن مح ن‬
‫على الناس‪ .‬كلكن تشتمل على حق كباطل‪ ،‬فيكوف صاحبها قد لبس الحق‬
‫بالباطل؛ إما مخطئنا غالطنا‪ ،‬كإما متعم ندا لنفاؽ فيو كإلحاد"(ُٕٔ)‪.‬‬

‫(‪( )174‬جمموع الفتاوى‪.)353-352/3:‬‬


‫(‪( )175‬جمموع الفتاوى‪.)354/3:‬‬
‫(‪( )176‬درء تعارض العقل والنقل‪.)134/2:‬‬
‫َُٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ب يذنبو ىكىال بًبً ٍد ىع ًة‬ ‫ىح هد بً يم ىج َّرًد ىذنٍ و‬‫ود يىنىا أىنَّوي ىال يي ٍج ىع يل أ ى‬ ‫ص ى‬ ‫ً‬
‫كقاؿ‪" :‬لىك َّن ال ىٍم ٍق ي‬
‫اط ًن‪َّ ،‬إال إذىا ىكا ىف يمنىافً نقا‪ .‬فىأ َّىما ىم ٍن‬ ‫ابػت ىد ىعها ػ كلىو ىد ىعا النَّاس إلىيػها ػ ىكافًرا فًي الٍب ً‬
‫ى‬ ‫ن‬ ‫ى ٍى‬ ‫ٍى ى ى ٍ‬
‫ض ىما تىأ َّىكلىوي ًم ىن‬ ‫ط فًي بىػ ٍع ً‬ ‫اء بً ًو ىكقى ٍد غىلً ى‬ ‫الر يسوؿ ىكىما ىج ى‬
‫اإليما يف بً َّ ً‬ ‫ً ًً‬
‫ىكا ىف في قىػ ٍلبو ًٍ ى‬
‫ىص نال"(ُٕٕ)‪.‬‬ ‫س بً ىكافً ًر أ ٍ‬ ‫ً‬
‫الٍب ىد ًع فىػ ىه ىذا لىٍي ى‬
‫ين فً ٍرقىةن ىم ٍن ىكا ىف ًم ٍنػ يه ٍم يمنىافً نقا فىػ يه ىو ىكافً هر‬ ‫ك سائًر الثّْػ ٍنتىػ ٍي ًن ك َّ ً‬
‫الس ٍبع ى‬ ‫ى‬
‫ً‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكىك ىذل ى ى ي‬
‫اط ًن لى ٍم يى يك ٍن‬ ‫اط ًن‪ ،‬كمن لىم ي يكن منىافً نقا بل ىكا ىف م ٍؤًمننا بًاىللَّ ًو كرسولً ًو فًي الٍب ً‬ ‫فًي الٍب ً‬
‫ى‬ ‫ىى ي‬ ‫ي‬ ‫ىٍ‬ ‫ىى ٍ ٍ ى ٍ ي‬ ‫ى‬
‫يل ىكائًننا ىما ىكا ىف ىخطىيؤهي" ‪.‬‬
‫(ُٖٕ)‬
‫اط ًن‪ ،‬ىكإً ٍف أى ٍخطىأى فًي التَّأٍ ًك ً‬ ‫ىكافًرا فًي الٍب ً‬
‫ى‬ ‫ن‬
‫يق فىػ ىه ىذا ىكافً هر‪ ،‬ىكيى ٍكثيػ ير ًمثٍ يل ىى ىذا فًي‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىأ ٍىى يل الٍبً ىد ًع فًي ًه يم ال يٍمنىافً يق ال ّْزنٍ ًد ي‬
‫ض‬ ‫ادقىةن‪ .‬ىكأ َّىك يؿ ىم ًن ابٍػتى ىد ى‬ ‫ض ًة كالٍج ٍه ًميَّة؛ فىًإ َّف رىؤساء يىم ىكانيوا منىافً ًقين ىزنى ً‬ ‫َّ ً‬
‫الرفٍ ى‬ ‫ع َّ‬ ‫ي ى‬ ‫ي ىى ٍ‬ ‫الراف ى ى ى‬
‫ادقىةي‬ ‫الزنى ً‬ ‫ىصلىوي ىزنٍ ىدقىةه ىكنًىفا هؽ‪ .‬ىكلً ىه ىذا ىكا ىف َّ‬ ‫َّج ُّه يم فىًإ َّف أ ٍ‬ ‫ك الت ى‬ ‫ىكا ىف يمنىافً نقا‪ ،‬ىكىك ىذلً ى‬
‫ض ًة‬‫الرافً ى‬ ‫ٍس ىف ًة ىكأ ٍىمثىالً ًه ٍم يى ًميليو ىف إلىى َّ‬ ‫اطنًيَّ ًة الٍمتىػ ىفل ً‬ ‫الٍمنىافً يقو ىف ًمن الٍ ىقر ًامطىًة الٍب ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ي‬
‫ٍج ٍه ًميَّة لً يق ٍربً ًه ٍم ًم ٍنػ يه ٍم" ‪.‬‬
‫(ُٕٗ)‬
‫ىكال ى‬
‫اح ود ًم ٍنػ يه ٍم يى ٍك يف ير يك ٍف نرا يىػ ٍنػ يق يل‬
‫السب ًعين فًرقىةن يك ُّل ك ً‬
‫ى‬ ‫إف الثّْػ ٍنتىػ ٍي ًن ىك َّ ٍ ى ٍ‬ ‫اؿ‪َّ :‬‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكىم ٍن قى ى‬
‫ض ىوا يف اللَّ ًو ىعلىٍي ًه ٍم‬ ‫الص ىحابىًة ًر ٍ‬ ‫اع َّ‬ ‫السنَّةى ىكإً ٍج ىم ى‬
‫اب ىك ُّ‬ ‫ىع ًن ال ًٍملَّ ًة فىػ ىق ٍد ىخالى ى ً‬
‫ف الٍكتى ى‬
‫اح ود‬‫أىجم ًعين‪ ،‬بل كإًجماع ٍاألىئً َّم ًة ٍاألىربػع ًة كغىي ًر ٍاألىربػع ًة؛ فىػلىيس فًي ًهم من ىك َّفر يك َّل ك ً‬
‫ٍى ى ى ٍ ٍى ى ٍ ى ٍ ى ٍ ى ى‬ ‫ٍى ى ىٍى ٍى ى‬
‫ت"(َُٖ)‪.‬‬ ‫ض الٍم ىق ىاال ً‬ ‫ض يه ٍم بىػ ٍع ن ً‬ ‫ين فً ٍرقىةن‪ ،‬ىكإًنَّ ىما يي ىك ّْف ير بىػ ٍع ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضا ببىػ ٍع ً ى‬ ‫م ىن الثّْػ ٍنتىػ ٍي ًن ىك ىس ٍبع ى‬

‫(‪( )177‬جمموع الفتاوى‪.)217/7:‬‬


‫(‪( )178‬جمموع الفتاوى‪.)218/7:‬‬
‫(‪( )179‬جمموع الفتاوى‪.)353/3:‬‬
‫(‪( )183‬جمموع الفتاوى‪.)218/7:‬‬
‫َُٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫يث أىنَّػ يه ٍم ىكانيوا يىػ يقوليو ىف‪ :‬ىم ٍن قى ى‬ ‫السن ًَّة كالٍح ًد ً‬ ‫ً ً ً‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫ور ىع ٍن ىع َّامة أىئ َّمة ُّ ى ى‬ ‫كقاؿ‪" :‬ال ىٍمأٍثي ي‬
‫إف اللَّوى ىال ييػ ىرل فًي ٍاآل ًخ ىرةً فىػ يه ىو ىكافً هر‪،‬‬ ‫اؿ‪َّ :‬‬ ‫الٍ يق ٍرآ يف ىم ٍخليو هؽ فىػ يه ىو ىكافً هر‪ ،‬ىكىم ٍن قى ى‬
‫ك"(ُُٖ)‪.‬‬ ‫ىكنى ٍح ىو ذىلً ى‬
‫ين أىطٍلى يقوا ىى ًذهً العمومات‬ ‫ً ً َّ ً‬
‫ىح ىمد ىك ىع َّامةى ٍاألىئ َّمة الذ ى‬ ‫اـ أ ٍ‬ ‫ىف ًٍ‬
‫اإل ىم ى‬ ‫كقاؿ‪" :‬ييػبىػيّْ ين ىى ىذا أ َّ‬
‫لى ٍم يي ىك ّْف يركا أى ٍكثىػ ىر ىم ٍن تى ىكلَّ ىم بً ىه ىذا الٍ ىك ىالًـ بً ىع ٍينً ًو"(ُِٖ)‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬
‫ين؛ فىأ َّىما أى ٍف‬ ‫ىح ىمد ىما يى يدؿ ىعلىى أىنَّوي ىك َّف ىر بو قىػ ٍونما يم ىعيَّن ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكقى ٍد نيق ىل ىع ٍن أ ٍ‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫يل؛ فىػييػ ىق ي‬ ‫صً‬ ‫اف فىًف ًيو نىظىر‪ ،‬أىك ي ٍحمل ٍاأل ٍىمر ىعلىى التَّػ ٍف ً‬ ‫ي ٍذ ىكر ىع ٍنوي فًي الٍمسأىلى ًة ًركايػتى ً‬
‫ه ٍ ي ىي ي‬ ‫ى ٍ ىى‬ ‫ي ى‬
‫ت‬ ‫ط التَّ ٍك ًفي ًر ىكانٍػتىػ ىف ٍ‬ ‫ت فً ًيو يش يرك ي‬ ‫يل ىعلىى أىنَّوي يك ًج ىد ٍ‬ ‫الدلً ً‬
‫ىم ٍن ىك َّف ىرهي بً ىع ٍينً ًو فىلً ًقيى ًاـ َّ‬
‫ك فًي ىح ّْق ًو"(ُّٖ)‪.‬‬ ‫ىم ىوانًعيوي‪ ،‬ىكىم ٍن لى ٍم يي ىك ّْف ٍرهي بً ىع ٍينً ًو فىًالنٍتً ىف ًاء ىذلً ى‬
‫كقاؿ عن اختالؼ المتأخرين في تفسير كالـ األئمة في تكفير أىل البدع‪:‬‬
‫وـ فًي ىك ىالًـ ٍاألىئً َّم ًة ما أىصاب ٍاأل َّىكلً‬ ‫اظ الٍعم ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ين‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىصابىػ يه ٍم في أىلٍ ىف ي ي‬ ‫" ىك ىحقي ىقةي ٍاأل ٍىم ًر أىنَّػ يه ٍم أ ى‬
‫الشار ًًع؛ يكلَّ ىما ىرأ ٍىك يى ٍم قىاليوا‪ :‬ىم ٍن قىا ىؿ ىك ىذا فىػ يه ىو ىكافً هر‬ ‫وص َّ‬ ‫ص ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫في أىلٍ ىفاظ الٍعي يموـ في ني ي‬
‫ىف التَّ ٍك ًف ىير لىوي‬ ‫ظ ىش ًام هل لً يك ّْل ىم ٍن قىالىوي‪ ،‬ىكلى ٍم يىػتى ىدبَّػ يركا أ َّ‬ ‫ىف ىى ىذا اللَّ ٍف ى‬ ‫ا ٍعتىػ ىق ىد ال يٍم ٍستى ًم يع أ َّ‬
‫ىف تى ٍك ًف ىير ال يٍمطٍلى ًق ىال يى ٍستىػلٍ ًزيـ تى ٍك ًف ىير‬ ‫ط ىكىم ىوانً يع قى ٍد تىػ ٍنتى ًقي فًي ىح ّْق ال يٍم ىعيَّ ًن ىكأ َّ‬ ‫يش يرك ه‬
‫ت ال ىٍم ىوانً يع"(ُْٖ)‪.‬‬ ‫ط كانٍػتىػ ىف ً‬
‫الش يرك ي ى‬ ‫ت ُّ‬ ‫الٍمعيَّ ًن َّإال إذىا ك ًج ىد ً‬
‫ي‬ ‫يى‬
‫ً ً َّ ً ً‬ ‫ف يأٍمرك ىف بًىق ٍت ًل َّ ً‬ ‫كقاؿ‪" :‬كلً ىه ىذا أى ٍكثىػر َّ ً‬
‫الداعي إلىى الٍب ٍد ىعة الذم ييض ُّل الن ى‬
‫َّاس؛‬ ‫السلى ى ي ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬

‫(‪( )181‬جمموع الفتاوى‪.)487/12:‬‬


‫(‪( )182‬جمموع الفتاوى‪.)488/12:‬‬
‫(‪( )183‬جمموع الفتاوى‪.)489/12:‬‬
‫(‪( )184‬جمموع الفتاوى‪.)477-487/12:‬‬
‫َُٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫س بً ىكافً ًر‪ .‬ىكإً ىذا عي ًر ى‬ ‫ً‬ ‫ًألىج ًل إفٍ ً ً ً‬


‫ؼ ىى ىذا‬ ‫اء قىاليوا‪ :‬يى ىو ىكاف هر أ ٍىك لىٍي ى‬ ‫ساده في الدّْي ًن‪ ،‬ىس ىو ن‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫ث يي ٍح ىك يم ىعلىٍي ًو بًأىنَّوي ًم ىن الٍ يك َّفا ًر ػ‬‫اؿ ىكأ ٍىمثىالً ًه ٍم ػ بً ىح ٍي ي‬
‫ٍج َّه ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فىػتى ٍكف يير ال يٍم ىعيَّ ًن م ٍن ىى يؤىالء ال ي‬
‫ٍح َّجةي الرسالية الَّتًي يىػتىبىػيَّ ين‬ ‫اإلقٍ ىداـ ىعلىي ًو َّإال بػع ىد أى ٍف تىػ يقوـ ىعلىى أ ً ً‬
‫ىحدى ٍم ال ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىٍ‬ ‫وز ًٍ ي ٍ‬ ‫ىال يى يج ي‬
‫ب أىنَّػ ىها يك ٍف هر‪ .‬ىك ىى ىك ىذا‬ ‫لرس ًل‪ ،‬كإً ٍف ىكانى ٍ ً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ت ىىذه ال ىٍم ىقالىةي ىال ىريٍ ى‬ ‫ب ىها أىنَّػ يه ٍم يم ىخال يفو ىف ل ُّ ي ى‬
‫ً‬ ‫ً ً ً‬
‫ين"(ُٖٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫الٍ ىك ىال يـ في تى ٍكفي ًر ىجمي ًع ال يٍم ىعيَّن ى‬
‫كافرا عند اهلل تعالى إال المنافق‪.‬‬ ‫معنى كالمو‪ :‬ال يكوف أحد من أىل البدع ن‬
‫عاما‪ ،‬بل‬ ‫تكفيرا ِّ‬
‫ن‬ ‫يكفركف الطائفة من أىل البدع بأعيانهم‬ ‫كأئمة أىل السنة ال ّْ‬
‫ادا منهم لوجود ما يقتضي تكفيرىم‪ .‬كتكفير األئمة ألىل البدع إنما‬
‫يكفركف أفر ن‬
‫ىو باعتبار اإلطالؽ‪ ،‬كال يكفركنهم باعتبار التعيين‪ ،‬إال من قامت الحجة‬
‫عليهم‪ .‬كمن حمل تكفيرىم ألىل البدع على أنو تكفير عاـ باعتبار التعيين فقد‬
‫أخطأ‪ .‬كلهذا ال يجوز تكفير المعين من أىل البدع إال بعد إقامة الحجة عليو‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬األصل في أىل البدع أنهم مسلموف؛ فال يكفركف إال من‬
‫كانت بدعتهم تقتضي تكفيرىم‪ ،‬كما كرد عن أئمة أىل السنة من تكفيرىم فإما‬
‫خاصا باعتبار‬
‫تكفيرا ِّ‬
‫ن‬ ‫عاما باعتبار اإلطالؽ كإما أف يكوف‬
‫تكفيرا ِّ‬
‫ن‬ ‫أف يكوف‬
‫التعيين ألفراد منهم أقيمت الحجة عليهم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده‪.‬‬

‫(‪( )185‬جمموع الفتاوى‪.)533/12:‬‬


‫َُٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن أىل البدع‪" :‬كأحكم عليهم‬
‫بالظاىر‪ ،‬كأكل سرائرىم إلى اهلل"(ُٖٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كما صح عن العلماء من أنو ال يكفر أىل القبلة فمحموؿ على من‬
‫لم يكن بدعتو مكفرة؛ ألنهم اتفقت كلمتهم على تكفير من كانت بدعتو‬
‫مكفرة"(ُٕٖ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬األصل في أىل البدع أنهم مسلموف‪ ،‬فال يكفركف إال من‬
‫كانت بدعتهم تقتضي تكفيرىم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ليس في ىذا الكالـ إشكاؿ‪ ،‬كإنما محل اإلشكاؿ أنو حمل التكفير‬
‫العاـ من أئمة أىل السنة لبعض أىل البدع على أنو تكفير باعتبار التعيين ال‬
‫باعتبار اإلطالؽ‪ ،‬كما سيأتي‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬الذم عليو‬
‫المحققوف من العلماء أف أىل البدع كالخوارج كالمرجئة كالقدرية كالرافضة‬
‫كنحوىم ال يكفركف‪ ،‬كذلك ألف الكفر ال يكوف إال بإنكار ما علم من الدين‬
‫بالضركرة"(ُٖٖ)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )186‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)33/1:‬‬


‫(‪( )187‬الرد على الرافضة‪.)16:‬‬
‫(‪( )188‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)244/13:‬‬
‫َُُ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬ال يوجد خالؼ بين المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن‬
‫عبد الوىاب على قالو الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كعليو ففي كالمهم نفس‬
‫اإلشكاؿ الذم في كالمو‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فمنهم الموافق لما عليو‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدموف من أئمة الدعوة فحملوا التكفير العاـ‬
‫من أئمة أىل السنة لبعض أىل البدع على أنو تكفير باعتبار التعيين ال باعتبار‬
‫اإلطالؽ‪ ،‬كمنهم الموافق لشيخ اإلسالـ فحملوا التكفير العاـ من أئمة أىل السنة‬
‫لبعض أىل البدع على أنو تكفير باعتبار اإلطالؽ ال باعتبار التعيين‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل الجهمية كالقدرية كالمرجئة كالمعتزلة كفار؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ف ىك ٍاألىئً َّم ًة إط ىٍال يؽ أىقػ ىٍو واؿ بًتى ٍك ًفي ًر‬ ‫السلى ً‬
‫ور ىع ًن َّ‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكال ىٍمأٍثي ي‬
‫ين ييػ ٍن ًك يرك ىف ّْ‬ ‫الٍج ٍه ًميَّة الٍمح ى ً َّ ً‬
‫ً (ُٖٗ)‬
‫ات" ‪.‬‬ ‫الص ىف‬ ‫ضة الذ ى‬ ‫ىٍ‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ ً‬
‫ٍم فى ىك َّف ير ي‬
‫كى ٍم‪ ،‬ىكلى َّما يي ىك ّْف يركا ىم ٍن‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكأ َّىما الٍ ىق ىد ًريَّةي الذ ى‬
‫ين يىػ ٍنػ يفو ىف الٍكتىابىةى ىكالٍعل ى‬
‫(َُٗ)‬
‫اؿ" ‪.‬‬ ‫ٍق ٍاألىفٍػ ىع ً‬
‫ت ىخل ى‬ ‫ٍم ىكلى ٍم ييػثٍبً ٍ‬ ‫أىثٍػب ى ً‬
‫ت الٍعل ى‬ ‫ى‬
‫ً (ُُٗ)‬
‫ىح ندا ًم ٍن يم ٍرًجئى ًة الٍ يف ىق ىهاء" ‪.‬‬ ‫كقاؿ‪" :‬لىم ي ىك ّْفر أىح هد ًم ٍن َّ ً‬
‫السلىف أ ى‬ ‫ٍي ٍ ى‬
‫ين يىػتى ىديَّػنيو ىف بً ًدي ًن‬ ‫ً َّ ً‬ ‫ً‬ ‫وؿ بًبىػ ٍع ً‬
‫َّج ُّه ًم ىكال يٍم ٍعتى ًزلىة ىكنى ٍح ًوى ٍم الذ ى‬
‫ض الت ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكأ َّىما ىم ٍن يىػ يق ي‬
‫(ُِٗ)‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم بً ىال ىريٍ و‬ ‫و‬ ‫ًً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب" ‪.‬‬ ‫اإل ٍس ىالًـ بىاطننا ىكظىاى نرا فىػ ىه يؤىالء م ٍن أ َّيمة يم ىح َّمد ى‬ ‫ًٍ‬

‫(‪( )189‬جمموع الفتاوى‪.)352/3:‬‬


‫(‪( )193‬جمموع الفتاوى‪.)352/3:‬‬
‫(‪( )191‬جمموع الفتاوى‪.)394/7:‬‬
‫(‪( )192‬جمموع الفتاوى‪.)448/17:‬‬
‫ُُُ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ٍخالً ًق ىك ىج ٍح ًد ىك ىمالً ًو ىما يى ىو ًم ٍن‬ ‫ات ال ى‬ ‫ص ىف ً‬ ‫يل ً‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىًإ َّف ىى ىذا فً ًيو ًم ٍن تىػ ٍع ًط ً‬
‫ف ىك ٍاألىئً َّمةي تى ٍك ًف نيرا يمطٍلى نقا‪،‬‬ ‫السلى ي‬ ‫ين ىك َّف ىريى يم َّ‬ ‫اد ك يىو قىػو يؿ ال ً َّ ً‬
‫ٍج ٍهميَّة الذ ى‬ ‫ى‬ ‫ٍح ى ى ٍ‬
‫اإلل ً‬
‫أى ٍعظى ًم ًٍ ى‬
‫ٍح َّج ًة الَّتًي يى ٍك يف ير تىا ًريك ىها" ‪.‬‬
‫(ُّٗ)‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىكإً ٍف ىكا ىف ال ىٍواح يد ال يٍم ىعيَّ ين ىال يى ٍك يف ير َّإال بىػ ٍع ىد قيى ًاـ ال ي‬
‫ىس ىم ًاء اللَّ ًو‬ ‫كقاؿ عن اإلماـ أحمد‪" :‬كإًنَّما ىكا ىف ي ىك ّْفر الٍج ٍه ًميَّة الٍم ٍن ًك ًر ً‬
‫ين أل ٍ‬ ‫ي ى‬ ‫ي ي ى‬ ‫ى ى‬
‫وؿ صلَّى اللَّو ىعلىي ًو كسلَّم ظى ً‬ ‫اء بً ًو َّ‬ ‫ً ً‬ ‫ص ىفاتًًو؛ ًأل َّ‬ ‫كً‬
‫اى ىرةه‬ ‫ي ٍ ىى ى‬ ‫الر يس ي ى‬ ‫ضةى أىقػ ىٍوال ًه ٍم ل ىما ىج ى‬ ‫ىف يمنىاقى ى‬ ‫ى‬
‫ؼ ىح ًقي ىقةى‬ ‫ٍخالً ًق‪ ،‬ىكىكا ىف قى ًد ايبٍػتيلً ىي بً ًه ٍم ىحتَّى ىع ىر ى‬ ‫يل ال ى‬ ‫ًً ً‬ ‫بػيّْػنىةه‪ ،‬كًأل َّ ً‬
‫ىف ىحقي ىقةى قىػ ٍوله ٍم تىػ ٍعط ي‬ ‫ى ى‬
‫يل‪ .‬ىكتى ٍك ًف يير‬ ‫َّع ًط ً‬
‫كر ىعلىى التػ ٍ‬
‫ً‬
‫أ ٍىم ًرى ٍم ىكأىنَّوي يى يد ي‬
‫ف ىك ٍاألىئً َّم ًة‪ ،‬لى ًك ٍن ىما ىكا ىف يى ٍك يف ير أى ٍعيىانيػ يه ٍم" ‪.‬‬ ‫السلى ً‬ ‫ال ً‬
‫(ُْٗ)‬
‫ور ىع ًن َّ‬ ‫ٍج ٍهميَّة ىم ٍش يه ه‬ ‫ى‬
‫اـ‬
‫اإل ىم ي‬ ‫كقاؿ عن كالة األمور الذين كانوا يقولوف بقوؿ الجهمية‪ " :‬ىكىم ىع ىى ىذا فى ًٍ‬
‫استىػ ٍغ ىف ىر لى يه ٍم؛ لً ًعل ًٍم ًو بًأىنَّػ يه ٍم لى ٍم يىبً ٍن لى يه ٍم‬ ‫ً‬
‫ىح ىمد ىرح ىموي اللَّوي تىػ ىعالىى تىػ ىر َّح ىم ىعلىٍي ًه ٍم ىك ٍ‬ ‫أٍ‬
‫اح يدك ىف لً ىما ىجاءى بً ًو‪ ،‬ىكلى ًك ٍن تىأ َّىكليوا فىأى ٍخطىئيوا ىكقىػلَّ يدكا‬ ‫وؿ كىال ج ً‬ ‫أىنَّػ يه ٍم يم ىك ّْذبيو ىف لً َّ‬
‫لر يس ً ى ى‬
‫اؿ‪ :‬الٍ يق ٍرآ يف‬ ‫ً ً‬ ‫اؿ لً ىح ٍف ً‬‫الشافً ًع ُّي لى َّما قى ى‬ ‫ك َّ‬ ‫ك‪ .‬ىكىك ىذلً ى‬ ‫اؿ لى يه ٍم ذىلً ى‬
‫ين قى ى‬ ‫ص الٍ ىف ٍرد ح ى‬ ‫ىم ٍن قى ى‬
‫ص‬ ‫ىف ىى ىذا الٍ ىق ٍو ىؿ يك ٍف هر ىكلى ٍم يى ٍح يك ٍم بً ًردَّةً ىح ٍف و‬ ‫يم‪ ،‬بىػيَّ ىن لىوي أ َّ‬‫ىم ٍخليو هؽ‪ :‬ىك ىف ٍرت بًاىللَّ ًو ال ىٍع ًظ ً‬
‫ً‬ ‫ًَّ‬ ‫بًمج َّرًد ذىلً ى ً‬
‫س ىعى‬ ‫ٍح َّجةي التي يى ٍك يف ير ب ىها‪ ،‬ىكلى ًو ا ٍعتىػ ىق ىد أىنَّوي يم ٍرتى ّّد لى ى‬ ‫ك؛ ألىنَّوي لى ٍم يىػتىبىػيَّ ٍن لىوي ال ي‬ ‫يى‬
‫الص ىالةً ىخ ٍل ىف يه ٍم‪.‬‬ ‫ادةً أ ٍىى ًل ٍاأل ٍىى ىو ًاء ىك َّ‬ ‫وؿ ىش ىه ى‬ ‫ص َّرح فًي يكتيبً ًو بًىقبي ً‬
‫في قىػ ٍتلو‪ ،‬ىكقى ٍد ى ى‬
‫ً ًً‬
‫ٍم اللَّ ًو‬ ‫ً‬ ‫ىح ىمد فًي الٍ ىق ىد ًر ّْ‬ ‫ك رًحموي اللَّوي ك َّ ً ً‬ ‫ك قى ى ً‬ ‫ىكىك ىذلً ى‬
‫م‪ :‬إ ٍف ىج ىح ىد عل ى‬ ‫الشافع ُّي ىكأ ٍ‬ ‫ى‬ ‫اؿ ىمال ه ى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ىك ىفر‪ ،‬كلىٍف ي ً‬
‫ص يموا ىكإً ٍف ىج ىح يدكهي‬ ‫ظ بىػ ٍعض ًه ٍم‪ :‬نىاظىيركا الٍ ىق ىد ًريَّةى بًالٍع ٍل ًم فىًإ ٍف أىقىػ ُّركا بًو ىخ ى‬ ‫ى ى‬

‫(‪( )193‬جمموع الفتاوى‪.)352/2:‬‬


‫(‪( )194‬جمموع الفتاوى‪.)348/23:‬‬
‫ُُِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ً‬
‫ٍم ىك ىف ىر‪.‬‬
‫اؿ‪ :‬إ ٍف ىج ىح ىد الٍعل ى‬
‫م‪ :‬ىى ٍل يى ٍك يف ير؟ فىػ ىق ى‬‫ىح ىمد ىع ًن الٍ ىق ىد ًر ّْ‬‫ىك ىف يركا‪ .‬ىك يسئً ىل أ ٍ‬
‫ٍج ٍه ًميَّة" ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫(ُٓٗ)‬
‫اح يد ال ًٍعل ًٍم يى ىو ًم ٍن ًج ٍن ً‬
‫س ال ى‬
‫ك ًحينئً وذ فىج ً‬
‫ى ى ى‬
‫خالصة كالمو‪ :‬الجهمية كفار‪ ،‬كالقدرية نفاة العلم كفار‪ ،‬كأما مرجئة الفقهاء‬
‫كفارا‪ .‬كتكفير أئمة أىل السنة للجهمية‬
‫كالمعتزلة كالقدرية مثبتو العلم فليسوا ن‬
‫كالقدرية نفاة العلم إنما ىو باعتبار اإلطالؽ‪ ،‬ال باعتبار التعيين‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬ككذلك إجماع السلف على تكفير‬
‫غالة القدرية كغيرىم‪ ،‬مع علمهم كشدة عبادتهم‪ ،‬ككونهم يحسبوف أنهم‬
‫صنعا؛ كلم يتوقف أحد من السلف في تكفيرىم ألجل كونهم لم‬
‫يحسنوف ن‬
‫يفهموا"(ُٔٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ عن التناقض في كالـ أحدىم‪" :‬أنو ذكر في أكراقو أنو ال يجوز‬
‫الخركج عن كالـ العلماء‪ ،‬كصادؽ في ذلك‪ .‬ثم ذكر فيها كفر القدرية‪،‬‬
‫ناسا لم يكفركا‪ ،‬كأنكر علينا تكفير أىل‬
‫كالعلماء ال يكفركنهم‪ ،‬فكفر ن‬
‫الشرؾ"(ُٕٗ)‪.‬‬

‫(‪( )195‬جمموع الفتاوى‪.)348/23:‬‬


‫(‪( )196‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)94/13:‬‬
‫(‪( )197‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)47-46/13:‬‬
‫ُُّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ إسحاؽ بن عبد الرحمن بن حسن بن حسن بن محمد بن عبد‬


‫الوىاب (تُُّٗق) عن جده الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كيبرأ من رأم‬
‫الجهمية القائلين بخلق القرآف‪ ،‬كيحكي تكفيرىم عن جمهور السلف‪ ،‬أىل‬
‫العلم كاإليماف"(ُٖٗ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ظاىر كالمو‪ :‬الذين كفرىم السلف من الجهمية كغالة القدرية كفار‬
‫بأعيانهم‪ ،‬كأما القدرية غير الغالة فليسوا بكفار؛ ألف السلف لم يكفركىم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬منهج الشيخ محمد بن عبد الوىاب يقتضي تكفير الجهمية كغالة‬
‫القدرية‪ ،‬ككجو ذلك أنهم ارتكبوا الكفر في مسائل ظاىرة‪ ،‬كالحجة قائمة‬
‫عليهم ببلوغها لهم‪ ،‬كالجهل في فهم الحجة ليس بعذر‪ ،‬كىذا فيو إشكاؿ‪،‬‬
‫كىو‪ :‬ىل التكفير العاـ من أئمة أىل السنة للجهمية كالقدرية نفاة العلم باعتبار‬
‫اإلطالؽ أك باعتبار التعيين؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬كسلف‬
‫األمة كأئمتها كفركا الجهمية"(ُٗٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪":‬كأما الجهمية فالمشهور من مذىب أحمد كعامة أئمة أىل السنة‬
‫تكفيرىم؛ فإف قولهم صريح في مناقضة ما جاءت بو الرسل‪ ،‬من الكتاب‬
‫كالسنة‪ .‬كحقيقة قولهم‪ :‬جحود الصانع‪ ،‬كجحود ما أخبر بو عن نفسو‪ ،‬كعلى‬
‫لساف رسولو صلى اهلل عليو كسلم‪ ،‬بل كجميع الرسل"(ََِ)‪.‬‬

‫(‪( )198‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)585/1:‬‬


‫(‪( )199‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)31/3:‬‬
‫(‪( )233‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)224/13:‬‬
‫ُُْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق)‪:‬‬


‫"لما حدثت بدعة الجهمية‪ ،‬كظهرت في آخر القركف الثالثة‪ ،‬ككفرىم من‬
‫العلماء نحو من خمسمائة أك أكثر"(َُِ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬
‫الوىاب (تُِّٗق)‪" :‬كالمقصود أف علماء األمة أنكركا مذىب الجهمية‬
‫أشد اإلنكار‪ ،‬كصرحوا بأنو من مذاىب الضالؿ كالكفار‪ ،‬كلم يخالف في ذلك‬
‫أحد منهم‪ ،‬كقد جمع اإلماـ الاللكائي جملة من كالـ السلف في تكفيرىم‬
‫كتضليلهم‪ ،‬في كتابو الذم سماه‪( :‬كاشف الغمة عن معتقد أىل السنة)"(َِِ)‪.‬‬
‫كسئل الشيخ عبد اللطيف عما نسب عن شيخ اإلسالـ أنو ذكر أف اإلماـ‬
‫أحمد كاف يصلي خلف الجهمية؟ فأجاب‪" :‬ىذا ػ لو سلم ػ من أكضح‬
‫الواضحات عند طلبة العلم كأىل األثر‪ ،‬كذلك أف اإلماـ أحمد كأمثالو من أىل‬
‫العلم كالحديث ال يختلفوف في تكفير الجهمية‪ ،‬كأنهم ضالؿ زنادقة؛ كقد ذكر‬
‫من صنف في السنة تكفيرىم عن عامة أىل العلم كاألثر‪ ،‬كعد الاللكائي منهم‬
‫عددان يتعذر ذكرىم في ىذه الرسالة‪ ،‬ككذلك عبد اهلل بن اإلماـ أحمد في كتاب‬
‫السنة‪ ،‬كالخالؿ في كتاب السنة‪ ،‬كابن أبي مليكة في كتاب السنة لو؛ كإماـ‬
‫األئمة ابن خزيمة قرر كفرىم‪ ،‬كنقلو عن أساطين األئمة‪ .‬كقد حكى كفرىم‬
‫شمس الدين ابن القيم في كافيتو عن خمسمائة من أئمة المسلمين كعلمائهم‪.‬‬
‫كالصالة خلفهم ال سيما صالة الجمعة ال تنافي القوؿ بتكفيرىم‪ ،‬لكن تجب‬
‫اإلعادة حيث ال تمكن الصالة خلف غيرىم؛ كالركاية المشهورة عن اإلماـ‬

‫(‪( )231‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)516/11:‬‬


‫(‪( )232‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)287/3:‬‬
‫ُُٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫أحمد ىي المنع من الصالة خلفهم‪ ،‬كقد يفرؽ بين من قامت عليو الحجة التي‬
‫يكفر تاركها كبين من ال شعور لو بذلك؛ كىذا القوؿ يميل إليو شيخ اإلسالـ‬
‫في المسائل التي قد يخفى دليلها على بعض الناس‪ .‬كعلى ىذا القوؿ‪:‬‬
‫فالجهمية في ىذه األزمنة قد بلغتهم الحجة‪ ،‬كظهر الدليل‪ ،‬كعرفوا ما عليو‬
‫أىل السنة‪ ،‬كاشتهرت األحاديث النبوية كظهرت ظهوران ليس بعده إال المكابرة‬
‫كالعناد‪ ،‬كىذا حقيقة الكفر كاإللحاد‪ ،‬كيف كقولهم‪ :‬يقتضي من تعطيل الذات‬
‫كالصفات كالكفر بما اتفقت عليو الرسالة كالنبوات‪ ،‬كشهدت بو الفطر‬
‫السليمات‪ ،‬ما ال يبقى معو حقيقة للربوبية كاإللهية‪ ،‬كال كجود للذات المقدسة‬
‫المتصفة بجميل الصفات"(َِّ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل (تَُّْق) كالشيخ إبراىيم (تُِّٗق) ابنا‬
‫الشيخ عبد اللطيف‪ ،‬كالشيخ سليماف بن سحماف (تُّْٗق)‪" :‬ال تصح‬
‫إمامة من ال يكفر الجهمية كالقبوريين أك يشك في كفرىم‪ ،‬كىذه المسألة من‬
‫أكضح الواضحات عند طلبة العلم كأىل األثر‪ .‬كذكركا نحوان مما تقدـ من كالـ‬
‫الشيخ عبد اللطيف"(َِْ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)‪" :‬كالدرجة‬
‫األكلى نفاىا غالة القدرية‪ ،‬كمعبد الجهني كعمرك بن عبيد‪ ،‬كنص أحمد‬
‫كالشافعي على كفر ىؤالء‪ .‬كأما من قاؿ‪ :‬إف اهلل لم يخلق أفعاؿ العباد‪ ،‬كلم‬
‫يشأىا منهم‪ ،‬مع إقرارىم بالعلم‪ ،‬ففي تكفيرىم نزاع مشهور بين العلماء"(َِٓ)‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬

‫(‪( )233‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)438-437/4:‬‬


‫(‪( )234‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)439/4:‬‬
‫(‪( )235‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)357/1:‬‬
‫ُُٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫معنى كالمهم‪ :‬الذين كفرىم السلف من الجهمية كغالة القدرية كفار‬


‫بأعيانهم؛ ألف كفرىم صريح‪ ،‬كإف كاف شيخ اإلسالـ يرل أف الجهمية ليسوا‬
‫كفارا لخفاء األدلة عليهم في تلك األزمنة فإنهم في ىذه األزمنة قد بلغتهم‬
‫ن‬
‫الحجة فال شك في كفرىم‪ .‬كأما القدرية غير الغالة ففي تكفيرىم نزاع‪.‬‬
‫خالصة كالمهم‪ :‬الجهمية كغالة القدرية كفار بأعيانهم؛ ألنهم ارتكبوا‬
‫الكفر في مسائل ظاىرة‪ ،‬كالحجة قائمة عليهم ببلوغها لهم‪ ،‬كالجهل في فهم‬
‫الحجة ليس بعذر‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا ما عليو المتقدموف من أئمة الدعوة‪ ،‬كىو نفس ما عليو الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كلهذا ففي كالمهم نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فمنهم الموافق‬
‫لما عليو الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدموف من أئمة الدعوة أف‬
‫الجهمية كغالة القدرية كفار بأعيانهم‪ ،‬كمنهم الموافق لشيخ اإلسالـ أنهم كفار‬
‫باعتبار اإلطالؽ ال باعتبار التعيين‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل الخوارج كالركافض كفار؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ض فىًفي تى ٍك ًفي ًرًى ٍم نًىزاعه ىكتىػ ىر ُّد هد ىع ٍن‬ ‫ٍخوارًج ك َّ ً‬
‫الرىكاف ي‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكأ َّىما ال ى ى ي ى‬
‫ىح ىم ىد ىكغىٍي ًرهً"(َِٔ)‪.‬‬
‫أٍ‬

‫(‪( )236‬جمموع الفتاوى‪.)352/3:‬‬


‫ُُٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ًج ىكانيوا ًم ٍن أىظ ىٍه ًر الن ً‬


‫َّاس بً ٍد ىعةن ىكقًتى ناال لً ٍأل َّيم ًة ىكتى ٍك ًف نيرا لى ىها‪ ،‬ىكلى ٍم‬ ‫ٍخ ىوار ي‬
‫كقاؿ‪ " :‬ىكال ى‬
‫ب ىكىال غىٍيػ يرهي‪ ،‬بى ٍل ىح ىك يموا فًي ًه ٍم‬ ‫الص ىحابىًة ىم ٍن يي ىك ّْف يريى ٍم ىال ىعلً ُّي بٍ ين أىبًي طىالً و‬
‫يى يك ٍن فًي َّ‬
‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫ً ً ً‬
‫ين"(َِٕ)‪.‬‬ ‫ين الظَّالم ى‬
‫ين ال يٍم ٍعتىد ى‬ ‫ب يح ٍكم ًه ٍم في ال يٍم ٍسلم ى‬
‫كقاؿ‪" :‬كالشيعة ىم ثالث درجات‪ :‬شرىا الغالية الذين يجعلوف لعلي شيئنا‬
‫من اإللهية أك يصفونو بالنبوة‪ ،‬ككفر ىؤالء بين لكل مسلم يعرؼ اإلسالـ‪،‬‬
‫ككفرىم من جنس كفر النصارل من ىذا الوجو‪ ،‬كىم يشبهوف اليهود من كجوه‬
‫أخرل‪ .‬كالدرجة الثانية‪ :‬كىم الرافضة المعركفوف كاإلمامية كغيرىم الذين‬
‫يعتقدكف أف عليِّا ىو اإلماـ الحق بعد النبي صلى اهلل عليو ك سلم بنص جلي أك‬
‫خفي كأنو ظلم كمنع حقو كيبغضوف أبا بكر كعمر كيشتمونهما‪ ،‬كىذا ىو عند‬
‫اإلمامية سيما الرافضة‪ ،‬كىو بغض أبي بكر كعمر كسبهما‪ .‬كالدرجة الثالثة‪:‬‬
‫المفضلة من الزيدية كغيرىم الذين يفضلوف عليِّا على أبي بكر كعمر‪ ،‬كلكن‬
‫يعتقدكف إمامتهما كعدالتهما كيتولونهما‪ ،‬فهذه الدرجة ػ كإف كانت باطلة ػ فقد‬
‫نسب إليها طوائف من أىل الفقو كالعبادة‪ ،‬كليس أىلها قريبنا ممن قبلهم‪ ،‬بل‬
‫إلى أىل السنة أقرب منهم إلى الرافضة؛ ألنهم ينازعوف الرافضة في إمامة‬
‫الشيخين كعدلهما كمواالتهما‪ ،‬كينازعوف أىل السنة في فضلهما على علي‪،‬‬
‫كالنزاع األكؿ أعظم كلكن ىم المرقاة التي تصعد منو الرافضة فهم لهم‬
‫باب"(َِٖ)‪.‬‬

‫(‪( )237‬جمموع الفتاوى‪.)218-217/7:‬‬


‫(‪( )238‬الفتاوى الكربى‪.)369/6:‬‬
‫ُُٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫وؿ بًالن ّْ‬


‫َّص‬ ‫ين لً ىعلً ّْي‪ ،‬ىكىم ٍن ىكا ىف ًم ٍنػ يه ٍم يىػ يق ي‬ ‫ً‬ ‫ك ّْ‬
‫الش ىيعةي ال يٍم ىفضّْل ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكىك ىذلً ى‬
‫اطننا كظى ً‬
‫اى نرا ىكظىن ًّْو أ َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫ً ًً‬ ‫كال ًٍع ٍ ً‬
‫ىف‬ ‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم بى ى‬ ‫ص ىمة ىم ىع ا ٍعت ىقاده نيػبيػ َّو ىة يم ىح َّمد ى‬ ‫ى‬
‫ين ىع ٍن أ َّيم ًة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اإل ٍس ىالًـ‪ ،‬فىػ ىه يؤىالء أ ٍىىل ى و‬
‫ين ًٍ‬ ‫ً ً‬
‫سوا ىخا ًرج ى‬ ‫ض ىالؿ ىك ىج ٍه ول لىٍي ي‬ ‫ي‬ ‫ىما يى ىو ىعلىٍيو يى ىو د ي‬
‫ين فىػ َّرقيوا ًدينىػ يه ٍم ىكىكانيوا ًشيىػ نعا"(َِٗ)‪.‬‬ ‫ً َّ ً‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم‪ ،‬بى ٍل يى ٍم م ىن الذ ى‬
‫يم ىح َّمد ى‬
‫كقاؿ‪" :‬كأما قولو‪( :‬كأف األئمة معصوموف كاألنبياء في ذلك) فهذه خاصة‬
‫الرافضة اإلمامية التي لم يشركهم فيها أحد ال الزيدية الشيعة كال سائر طوائف‬
‫المسلمين‪ ،‬إال من ىو شر منهم كاإلسماعيلية الذين يقولوف بعصمة بني عبيد‬
‫المنتسبين إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر القائلين بأف اإلمامة بعد جعفر في‬
‫محمد بن إسماعيل دكف موسى بن جعفر‪ ،‬كأكلئك مالحدة منافقوف‪ ،‬كاإلمامية‬
‫االثنا عشرية خير منهم بكثير؛ فإف اإلمامية مع فرط جهلهم كضاللهم فيهم‬
‫كظاىرا‪ ،‬ليسوا زنادقة منافقين‪ ،‬لكنهم جهلوا كضلوا كاتبعوا‬ ‫ن‬ ‫خلق مسلموف باطننا‬
‫أىواءىم‪ ،‬كأما أكلئك فأئمتهم الكبار العارفوف بحقيقة دعوتهم الباطنية زنادقة‬
‫منافقوف‪ ،‬كأما عوامهم الذين لم يعرفوا باطن أمرىم فقد يكونوف مسلمين"(َُِ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬أما من اقترف بسبو دعول أف علينا إلو أك أنو كاف ىو النبي كإنما‬
‫غلط جبرئيل في الرسالة فهذا ال شك في كفره‪ ،‬بل ال شك في كفر من توقف‬
‫في تكفيره‪ .‬ككذلك من زعم منهم أف القرآف نقص منو آيات ككتمت‪ ،‬أك زعم‬
‫أف لو تأكيالت باطنة تسقط األعماؿ المشركعة كنحو ذلك‪ ،‬كىؤالء يسموف‬
‫القرامطة كالباطنية‪ ،‬كمنهم التناسخية‪ ،‬كىؤالء ال خالؼ في كفرىم‪ .‬كأما من‬

‫(‪( )239‬جمموع الفتاوى‪.)448/17:‬‬


‫(‪( )213‬منهاج السنة النبوية‪.)453-452/2:‬‬
‫ُُٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫سبهم سبنا ال يقدح في عدالتهم كال في دينهم ػ مثل كصف بعضهم بالبخل أك‬
‫الجبن أك قلة العلم أك عدـ الزىد كنحو ذلك ػ فهذا ىو الذم يستحق التأديب‬
‫كالتعزير‪ ،‬كال نحكم بكفره بمجرد ذلك‪ ،‬كعلى ىذا يحمل كالـ من لم يكفرىم‬
‫من أىل العلم‪ .‬كأما من لعن كقبح مطل نقا فهذا محل الخالؼ فيهم لتردد األمر‬
‫بين لعن الغيظ كلعن االعتقاد‪ .‬كأما من جاكز ذلك إلى أف زعم أنهم ارتدكا بعد‬
‫نفسا أك أنهم‬
‫نفرا قليالن يبلغوف بضعة عشر ن‬
‫رسوؿ اهلل عليو الصالة كالسالـ إال ن‬
‫أيضا في كفره؛ ألنو كذب لما نصو القرآف في غير‬‫فسقوا عامتهم فهذا ال ريب ن‬
‫موضع من الرضى عنهم كالثناء عليهم‪ ،‬بل من يشك في كفر مثل ىذا فإف كفره‬
‫متعين؛ فإف مضموف ىذه المقالة أف نقلة الكتاب كالسنة كفار أك فساؽ كأف‬
‫ىذه اآلية التي ىي (كنتم خير أمة أخرجت للناس) [آؿ عمراف‪ ]َُُ:‬كخيرىا‬
‫كفارا أك فساقنا‪ ،‬كمضمونها أف ىذه األمة شر األمم‬
‫ىو القرف األكؿ كاف عامتهم ن‬
‫كأف سابقي ىذه األمة ىم شرارىم‪ ،‬ككفر ىذا مما يعلم باضطرار من دين‬
‫اإلسالـ‪ .‬كلهذا تجد عامة من ظهر عليو شيء من ىذه األقواؿ فإنو يتبين أنو‬
‫زنديق‪ ،‬كعامة الزنادقة إنما يستتركف بمذىبهم‪ ،‬كقد ظهرت هلل فيهم مثالت‪،‬‬
‫كتواتر النقل بأف كجوىهم تمسخ خنازير في المحيا كالممات‪ ،‬كجمع العلماء ما‬
‫بلغهم في ذلك‪ ،‬ممن صنف فيو الحافظ الصالح أبو عبد اهلل محمد بن عبد‬
‫الواحد المقدسي كتابو في النهي عن سب األصحاب كما جاء فيو من اإلثم‬
‫كالعقاب‪ .‬كبالجملة فمن أصناؼ السابة من ال ريب في كفره‪ ،‬كمنهم من ال‬
‫يحكم بكفره‪ ،‬كمنهم من تردد فيو"(ُُِ)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )211‬الصارم املسلول‪.)593/1:‬‬


‫َُِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫معنى كالمو‪ :‬أئمة أىل السنة اختلفوا في تكفير الخوارج كالركافض‪،‬‬


‫كفارا؛ ألف الصحابة لم يكفركىم‪ .‬كالركافض في‬ ‫كالصحيح أف الخوارج ليسوا ن‬
‫حكمهم تفصيل؛ فرؤكسهم منافقوف‪ ،‬يظهركف اإلسالـ كيبطنوف الكفر‪ ،‬كحقيقة‬
‫أمرىم عدـ إيمانهم باهلل كعدـ إيمانهم بالرسوؿ‪ ،‬كىم الذين أحدثوا القوؿ بأف‬
‫عليِّا إلو كالقوؿ بأنو كاف ىو النبي كالقوؿ بأف القرآف ناقص كالقوؿ بأف لو‬
‫تأكيالت باطنة تسقط األعماؿ المشركعة كالقوؿ بأف عامة الصحابة كفار‬
‫كفساؽ‪ .‬كعليو فهؤالء المنافقوف كفار عند اهلل‪ ،‬كأما عند الناس فمن أظهر‬
‫ظاىرا كباطننا‪ ،‬كمن أظهر‬
‫منهم ىذا الكفر المناقض للشهادتين فهو كافر بعينو ن‬
‫ظاىرا إال بعد إقامة الحجة عليو‪ ،‬كمن لم‬‫ما سول ذلك من الكفر فال يكفر ن‬
‫ظاىرا ككافر باطننا‪ .‬كمن ليس بمنافق منهم‬‫يظهر شيئنا من الكفر فهو مسلم ن‬
‫كلكنو كافقهم في شيء من كفرىم؛ فإف كافقهم فيما ىو مناقض للشهادتين‬
‫مناقضا‬
‫ن‬ ‫كمن يقوؿ‪ :‬إف عليِّا إلو أك نبي فهو كافر بعينو‪ ،‬كإف كافقهم فيما ليس‬
‫للشهادتين كالقوؿ بأف القرآف ناقص أك أف لو تأكيالت باطنة تسقط األعماؿ‬
‫المشركعة أك القوؿ بأف عامة الصحابة كفار أك فساؽ فهم كفار باعتبار‬
‫اإلطالؽ ال باعتبار التعيين؛ ألف كفرىم غير مناقض للشهادتين‪ ،‬كالجهل فيو‬
‫عذر مانع من التكفير‪ ،‬فال يكفركف إال بعد إقامة الحجة عليهم‪ .‬كأما من كانت‬
‫بدعتهم تفضيل علي على من سواه أك سب بعض من سواه سبِّا ال يقدح في‬
‫عدالتهم كال في دينهم فليسوا بكفار أصالن‪ ،‬كعليو فالرافضة اإلمامية ػ الذين لم‬
‫كفار باعتبار اإلطالؽ‪ ،‬إال من أقيمت‬ ‫يظهر منهم الكفر المناقض للشهادتين ػ َّ‬
‫الحجة عليهم‪.‬‬

‫ُُِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ليس فيو إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن الركافض‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كالقرآف مشحوف ًمن مدح الصحابة‬
‫رضي اهلل عنهم‪ ،‬فمن سبهم فقد خالف ما أمر اهلل من إكرامهم‪ ،‬كمن اعتقد‬
‫السوء فيهم كلهم أك جمهورىم فقد ك ٌذب اهلل تعالى فيما أخبر من كمالهم‬
‫كفضائلهم‪ ،‬كمك ٌذبو كافر"(ُِِ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كاألحاديث في صحة خالفة الص ٌديق كإجماع الصحابة كجمهور‬
‫األمة على الحق أكثر من أف تيحصر‪ ،‬كمن نسب جمهور أصحابو صلى اهلل‬
‫عليو كسلم إلى الفسق كالظلم‪ ،‬كجعل اجتماعهم على الباطل فقد ازدرل بالنبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم كازدراؤه كفر"(ُِّ)‪.‬‬
‫كقاؿ عن أـ المؤمنين عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬كونها ىي المبرأة المرادة من‬
‫اآليات مشهور بل متواتر‪ ،‬فإذا عرفت ىذا فاعلم أنو من قذفها بالفاحشة مع‬
‫اعتقاده أنها زكجة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم كأنها بقيت في عصمتو بعد‬
‫ىذه الفاحشة فقد جاء بكذب ظاىر‪ ،‬كاكتسب اإلثم‪ ،‬كاستحق العذاب‪ ،‬كظن‬
‫بالمؤمنين سوءان‪ ،‬كىو كاذب‪ ،‬كأتى بأمر ظنو ىينان كىو عند اهلل عظيم‪ ،‬كاتهم‬
‫أىل بيت النبوة بالسوء‪ ،‬كمن ىذا االتهاـ يلزـ نقص النبي صلى اهلل عليو‬
‫كسلم‪ ،‬كمن نقصو فكأنما نقص اهلل‪ ،‬كمن نقص اهلل كرسولو فقد كفر"(ُِْ)‪.‬‬

‫(‪( )212‬الرد على الرافضة‪.)13:‬‬


‫(‪( )213‬الرد على الرافضة‪.)8:‬‬
‫(‪( )214‬الرد على الرافضة‪.)19:‬‬
‫ُِِ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ‪" :‬أما علم أف غالة الرافضة الذين حرقهم علي رضي اهلل عنو‬
‫يقولونها؟! ككذلك الذين يقذفوف عائشة‪ ،‬كيكذبوف القرآف؛ ككذلك الذين‬
‫يزعموف أف جبرائيل غلط كغير ىؤالء‪ ،‬ممن أجمع أىل العلم على كفره"(ُِٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فهؤالء اإلمامية خارجوف عن السنة‪ ،‬بل الملٌة"(ُِٔ)‪.‬‬
‫ظاىر كالمو‪ :‬الرافضة كفار بأعيانهم‪ ،‬سواء الغالة أك اإلمامية‪.‬‬
‫قلت‪ :‬منهج الشيخ محمد بن عبد الوىاب يقتضي ىذا التكفير‪ ،‬ككجو‬
‫ذلك أنهم ارتكبوا الكفر في مسائل ظاىرة‪ ،‬كالحجة قائمة عليهم ببلوغها لهم‪،‬‬
‫كالجهل في فهم الحجة ليس بعذر‪ ،‬كىذا فيو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬ىل الرافضة‬
‫اإلمامية َّ‬
‫كفار باعتبار اإلطالؽ أك باعتبار التعيين؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب عن الخوارج‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬فإف الذم لم تقم عليو الحجة ىو‬
‫الذم حديث عهد باإلسالـ كالذم نشأ ببادية بعيدة‪ ،‬أك يكوف ذلك في مسألة‬
‫خفية مثل الصرؼ كالعطف؛ فال يكفر حتى يعرؼ‪ .‬كأما أصوؿ الدين التي‬
‫أكضحها اهلل كأحكمها في كتابو فإف حجة اهلل ىو القرآف‪ ،‬فمن بلغو القرآف فقد‬
‫بلغتو الحجة‪ .‬كلكن أصل اإلشكاؿ أنكم لم تفرقوا بين قياـ الحجة كبين فهم‬
‫الحجة‪ ،‬فإف أكثر الكفار كالمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة اهلل مع‬
‫ىف أى ٍكثىػ ىريى ٍم يى ٍس ىمعيو ىف أ ٍىك يىػ ٍع ًقليو ىف إً ٍف‬
‫ب أ َّ‬
‫سي‬‫قيامها عليهم‪ ،‬كما قاؿ تعالى‪( :‬أ ٍىـ تى ٍح ى‬

‫(‪( )215‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)44/2:‬‬


‫(‪( )216‬الرد على الرافضة‪.)32:‬‬
‫ُِّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ىض ُّل ىسبًيالن) [الفرقاف‪ ،]ْْ:‬كقياـ الحجة نوع كبلوغها‬


‫يى ٍم إًَّال ىك ٍاألىنٍػ ىع ًاـ بى ٍل يى ٍم أ ى‬
‫نوع‪ ،‬كقد قامت عليهم‪ ،‬كفهمهم إياىا نوع آخر‪ ،‬ككفرىم ببلوغها إياىم كإف لم‬
‫يفهموىا‪ .‬إف أشكل عليكم ذلك فانظركا قولو صلى اهلل عليو كسلم في‬
‫الخوارج‪" :‬أينما لقيتموىم فاقتلوىم" كقولو‪" :‬شر قتلى تحت أديم السماء" مع‬
‫كونهم في عصر الصحابة كيحقر اإلنساف عمل الصحابة معهم كمع إجماع‬
‫الناس أف الذم أخرجهم من الدين ىو التشدد كالغلو كاالجتهاد كىم يظنوف‬
‫أنهم يطيعوف اهلل كقد بلغتهم الحجة كلكن لم يفهموىا‪ ،‬ككذلك قتل علي رضي‬
‫اهلل عنو الذين اعتقدكا فيو كتحريقهم بالنار‪ ،‬مع كونهم تالميذ الصحابة‪ ،‬كمع‬
‫عبادتهم كصالتهم كصيامهم‪ ،‬كىم يظنوف أنهم على حق‪ ،‬ككذلك إجماع‬
‫السلف على تكفير غالة القدرية كغيرىم مع علمهم كشدة عبادتهم ككونهم‬
‫يحسبوف أنهم يحسنوف صنعان كلم يتوقف أحد من السلف في تكفيرىم ألجل‬
‫كونهم لم يفهموا"(ُِٕ)‪.‬‬
‫ظاىر كالمو‪ :‬أف الخوارج كفار؛ ألنو ذكرىم في سياؽ ًذ ٍك ًر ىمن كفركا مع‬
‫كونهم جهاالن‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاؿ‪ ،‬كىو ىل القوؿ بكفرىم قوؿ معتبر؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب في الركافض‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬الرافضة‬
‫في األصل طوائف‪ ،‬منهم طائفة يسموف المفضلة؛ لتفضيلهم عليِّا رضي اهلل عنو‬

‫(‪( )217‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)94-93/13:‬‬


‫ُِْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫على سائر الصحابة رضي اهلل عنهم‪ ،‬كال يلعنوف‪ .‬كمنهم طائفة يزعموف غلط‬
‫جبرائيل عليو السالـ في الرسالة‪ ،‬كال شك في كفر ىذه الطائفة‪ .‬كأكثرىم في‬
‫األصل يعترفوف برسالة محمد صلى اهلل عليو كسلم كيزعموف أف الخالفة لعلي‬
‫كيلعنوف الصحابة رضي اهلل عنهم كيفسقونهم‪ .‬كنذكر ما ذكره الشيخ تقي الدين‬
‫رحمو اهلل في حكمهم‪ ،‬قاؿ رحمو اهلل في "الصارـ المسلوؿ"‪( :‬كمن سب‬
‫الصحابة أك كاح ندا منهم كاقترف بسبو دعول أف عليَّا إلو أك نبي كأف جبرائيل‬
‫غلط فال شك في كفر ىذا؛ بل ال شك في كفر من توقف في كفره‪ .‬كمن قذؼ‬
‫عائشة رضي اهلل عنها بما برأىا اهلل منو كفر بال خالؼ) ػ إلى أف قاؿ ػ (كأما من‬
‫لعن كقبح ػ يعني لعن الصحابة رضي اهلل عنهم ػ ففيو الخالؼ ىل يفسق أك‬
‫يكفر؟ كتوقف أحمد في تكفيره‪ ،‬كقاؿ‪ :‬يعاقب كيجلد‪ ،‬كيحبس حتى يموت أك‬
‫يتوب)‪ .‬قاؿ الشيخ رحمو اهلل‪( :‬كأما من جاكز ذلك كمن زعم أف الصحابة‬
‫يسيرا قليالن ال يبلغوف‬
‫نفرا ن‬
‫ارتدكا بعد موت رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم إال ن‬
‫أيضا في كفر قائل ذلك؛ بل من شك في‬
‫بضعة عشر أك أنهم فسقوا فال ريب ن‬
‫كفره فهو كافر) انتهى‪ .‬فهذا حكم الرافضة في األصل‪ ،‬كأما حكم متأخريهم‬
‫اآلف فضموا اآلف مع الرفض الشرؾ العظيم الذم يفعلونو عند المشاىد الذم‬
‫ما بلغو شرؾ العرب الذين بعث إليهم رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم"(ُِٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)‪" :‬كأما غالة‬
‫الجهمية فكغالة الرافضة‪ ،‬ليس للطائفتين في اإلسالـ نصيب‪ ،‬كلذلك أخرجهم‬

‫(‪( )218‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)253-248/13:‬‬


‫ُِٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫جماعة من السلف من الثنتين كالسبعين فرقة‪ ،‬كقالوا ىم مباينوف للملة"(ُِٗ)‪.‬‬


‫كقاؿ الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد‬
‫بن عبد الوىاب (تُّٕٔق)‪" :‬كأما حكم الرافضة ػ فيما تقدـ ػ فقد قاؿ‬
‫شيخ اإلسالـ ابن تيمية رحمو اهلل في الصارـ المسلوؿ‪( :‬كمن سب الصحابة أك‬
‫أحدان منهم كاقترف بسبو أف جبرئيل غلط في الرسالة فال شك في كفره‪ ،‬بل ال‬
‫شك في كفر من توقف في كفره‪ .‬كمن قذؼ عائشة فيما برأىا اهلل منو كفر بال‬
‫خالؼ) ػ إلى أف قاؿ ػ (كأما من لعن أك قبح ػ يعني الصحابة رضي اهلل عنهم ػ‬
‫ففيو الخالؼ ىل يفسق أك يكفر؟ كتوقف أحمد في تكفيره‪ ،‬كقاؿ‪ :‬يعاقب‬
‫كيجلد كيحبس‪ ،‬حتى يموت أك يتوب) قاؿ رحمو اهلل‪( :‬كأما من زعم أف‬
‫الصحابة ارتدكا بعد موت النبي صلى اهلل عليو كسلم إال نفران قليالن ال يبلغوف‬
‫بضعة عشر كأنهم فسقوا فال ريب أيضان في كفر قائل ذلك‪ ،‬بل ال ريب في كفر‬
‫من لم يك ٌفره)‪ .‬انتهى كالمو رحمو اهلل‪ .‬فهذا حكم الرافضة في األصل‪ ،‬كأما‬
‫اآلف فحالهم أقبح كأشنع؛ ألنهم أضافوا إلى ذلك الغلو في األكلياء كالصالحين‬
‫من أىل البيت كغيرىم‪ ،‬كاعتقدكا فيهم النفع كالضر في الشدة كالرخاء‪ ،‬كيركف‬
‫أف ذلك قربة تقربهم إلى اهلل‪ ،‬كدين يدينوف بو؛ فمن توقف في كفرىم كالحالة‬
‫ىذه كارتاب فيو فهو جاىل بحقيقة ما جاءت بو الرسل‪ ،‬كنزلت بو الكتب‪،‬‬
‫فليراجع دينو قبل حلوؿ رمسو"(َِِ)‪.‬‬

‫(‪( )219‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)374/13:‬‬


‫(‪( )223‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)453/8:‬‬
‫ُِٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ظاىر كالمهم‪ :‬أف الركافض باعتبار األصل كفار بأعيانهم‪ ،‬سواء الغالة أك‬
‫كفرا؛ ألنهم ضموا مع الرفض الشرؾ األكبر‪.‬‬
‫اإلمامية‪ ،‬كأما متأخركىم فأعظم ن‬
‫قلت‪ :‬منهج المتقدمين من أئمة الدعوة يقتضي ىذا التكفير‪ ،‬ككجو ذلك أف‬
‫الركافض ارتكبوا الكفر في مسائل ظاىرة‪ ،‬كالحجة قائمة عليهم ببلوغها لهم‪،‬‬
‫كالجهل في فهم الحجة ليس بعذر‪ ،‬كىذا فيو إشكاالف‪ :‬األكؿ‪ :‬القوؿ بأف‬
‫الركافض باعتبار األصل كفار بأعيانهم‪ ،‬ككجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل الرافضة اإلمامية‬
‫َّ‬
‫كفار باعتبار اإلطالؽ أك باعتبار التعيين؟ كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ‬
‫كفرا؛ ألنهم‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ .‬الثاني‪ :‬القوؿ بأف متأخريهم أعظم ن‬
‫ضموا مع الرفض الشرؾ األكبر‪ ،‬ككجو اإلشكاؿ‪ :‬ما ضابط الشرؾ؟ كتقدـ‬
‫الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في فصل‪ :‬ىل دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؟ كأما‬
‫المتأخركف من أئمة الدعوة فمنهم الموافق لما عليو الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب كالمتقدموف من أئمة الدعوة أف الركافض كفار بأعيانهم‪ ،‬كمنهم‬
‫الموافق لشيخ اإلسالـ أنهم كفار باعتبار اإلطالؽ ال باعتبار التعيين‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب في الخوارج‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق) عن الخوارج‪:‬‬
‫"أكثر الفقهاء على عدـ كفرىم؛ لتأكيلهم"(ُِِ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب‬
‫(تُِٖٓق)‪" :‬فانظر إلى ما حكاه النوكم رحمو اهلل من أف الصحيح الذم‬

‫(‪( )221‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)364/13:‬‬


‫ُِٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قالو األكثركف المحققوف‪ :‬إف الخوارج ال يكفركف ببدعتهم‪ ،‬كحسبك بهذا‬


‫اإلماـ"(ِِِ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل (تَُّْق) كالشيخ إبراىيم (تُِّٗق) ابنا‬
‫الشيخ عبد اللطيف‪ ،‬كالشيخ سليماف بن سحماف (تُّْٗق)‪" :‬كأما‬
‫اإلباضية في ىذه األزماف فليسوا كفرقة من أسالفهم‪ ،‬كالذم بلغنا أنهم على‬
‫دين عباد القبور‪ ،‬كانتحلوا أموران كفرية ال يتسع ذكرىا ىنا‪ ،‬كمن كاف بهذه‬
‫المثابة فال شك في كفره؛ فال يقوؿ بإسالمهم إال مصاب في عقلو كدينو‪ ،‬كال‬
‫تصح الصالة خلف من ال يرل كفر ىؤالء المالحدة‪ ،‬أك يشك في‬
‫كفرىم"(ِِّ)‪.‬‬
‫كقالوا‪" :‬كأما إباضية أىل ىذا الزماف فحقيقة مذىبهم كطريقتهم جهمية‬
‫قبوريوف‪ ،‬كإنما ينتسبوف إلى اإلباضية انتسابنا‪ ،‬فال يشك في كفرىم كضاللهم‪،‬‬
‫إال من غلب عليو الهول‪ ،‬كأعمى اهلل عين بصيرتو؛ فمن توالىم فهو عاص‬
‫ظالم‪ ،‬يجب ىجره كمباعدتو‪ ،‬كالتحذير منو‪ ،‬حتى يعلن بالتوبة‪ ،‬كما أعلن‬
‫بالظلم كالمعصية‪ .‬كما ذكر في السؤاؿ‪ :‬عمن ال يرل كفر الجهمية كإباضية‬
‫أىل ىذا الزماف‪ ،‬كيزعم‪ :‬أف جهاد أىل اإلسالـ لهم ساب نقا غلو كىو ألجل‬
‫الماؿ كاللصوص‪ ،‬فهذا لم يعرؼ حقيقة اإلسالـ‪ ،‬كال شم رائحتو‪ ،‬كإف انتسب‬
‫ك لىوي ًم ىن اللَّ ًو ىش ٍيئان)‬
‫(كىم ٍن يي ًرًد اللَّوي فً ٍتػنىتىوي فىػلى ٍن تى ٍملً ى‬
‫إليو كزعم أنو من أىلو‪ .‬ى‬

‫(‪( )222‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)273/8:‬‬


‫(‪( )223‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)413-439/4:‬‬
‫ُِٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫(كىم ٍن لى ٍم يى ٍج ىع ًل اللَّوي لىوي نيوران فى ىما لىوي ًم ٍن نيوور) [النور‪ .]َْ:‬كأما‬


‫[المائدة‪ ،]ُْ:‬ى‬
‫ما ذكرتو من استدالؿ المخالف بقولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬من صلى صالتنا"‬
‫كأشباه ىذه األحاديث‪ ،‬فهذا استدالؿ جاىل بنصوص الكتاب كالسنة‪ ،‬ال‬
‫يدرم‪ ،‬كال يدرم أنو ال يدرم‪ ،‬فإف ىذا فرضو كمحلو في أىل األىواء من ىذه‬
‫األمة؛ كمن ال تخرجو بدعتو من اإلسالـ كالخوارج كنحوىم‪ ،‬فهؤالء ال‬
‫يكفركف؛ ألف أصل اإليماف الثابت ال يحكم بزكالو إال بحصوؿ مناؼ لحقيقتو‪،‬‬
‫كعدما‪ ،‬لكنهم يبدعوف‬
‫ن‬ ‫كجودا‬
‫ن‬ ‫مناقض ألصلو‪ ،‬كالعمدة‪ :‬استصحاب األصل‬
‫كيضللوف‪ ،‬كيجب ىجرىم كتضليلهم‪ ،‬كالتحذير عن مجالستهم كمجامعتهم‪،‬‬
‫كما ىو طريقة السلف في ىذا الصنف"(ِِْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫اعتمادا على األصل‪ ،‬كألف أكثر‬
‫ن‬ ‫خالصة كالمهم‪ :‬الخوارج ليسوا بكفار؛‬
‫الفقهاء لم يكفركىم‪ ،‬كأما اإلباضية المتأخركف ػ كىم الباقوف من الخوارج ػ‬
‫فإنهم كفار؛ ألنهم جهمية كقبورية‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬القوؿ بأف أكثر الفقهاء‬
‫لم يكفركا الخوارج‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل قوؿ بعض الفقهاء بكفرىم قوؿ معتبر؟‬
‫كسبق ذكر ىذا اإلشكاؿ في كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ .‬اإلشكاؿ‬
‫الثاني‪ :‬القوؿ بأف اإلباضية المتأخرين كفار؛ ألنهم جهمية كقبورية‪ ،‬كجو‬
‫اإلشكاؿ‪ :‬ىل الجهمية كالقبورية كفار؟ أما تكفير الجهمية فقد تقدـ اإلشكاؿ‬
‫فيو قريبنا‪ ،‬كأما تكفير القبورية فاإلشكاؿ فيو فرع عن اإلشكاؿ في دعاء‬

‫(‪( )224‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)432-431/13:‬‬


‫ُِٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫األموات ىل ىو شرؾ أك فيو تفصيل؟ كقد تقدـ ىذا اإلشكاؿ‪ .‬كأما المتأخركف‬
‫من أئمة الدعوة فمنهم الموافق لما عليو الشيخ محمد بن عبد الوىاب‬
‫كالمتقدمين من أئمة الدعوة في اعتبار خالؼ الفقهاء في كفر الخوارج مع‬
‫موافقة قوؿ المتقدمين في ترجيح عدـ الكفر كمخالفة قوؿ الشيخ‪ ،‬كمنهم‬
‫الموافق لشيخ اإلسالـ في عدـ اعتبار خالؼ الفقهاء في كفر الخوارج‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل من أشرؾ في العبادة كافر؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ت‬ ‫ت لًغىٍي ًر اللَّ ًو ىما ىال يى يكو يف َّإال لًلَّ ًو فىػ يه ىو أىيٍ ن‬
‫ضا ىكافً هر إذىا قى ىام ٍ‬ ‫كقاؿ‪ ":‬ىكىم ٍن أىثٍػبى ى‬
‫ٍح َّجةي الَّتًي يى ٍك يف ير تىا ًريك ىها" ‪.‬‬
‫(ِِٓ)‬ ‫ً‬
‫ىعلىٍيو ال ي‬
‫ب قتليو‬ ‫ً‬
‫الشرؾ إذا قامت على اإلنساف الحجةي فيو كلم يىنتو ىك ىج ى‬ ‫ي‬ ‫كقاؿ‪" :‬كىذا‬
‫ً ً‬
‫ص َّل عليو‪.‬‬ ‫كقتل أمثالو من المشركين‪ ،‬كلم ييدفى ٍن في مقاب ًر المسلمين‪ ،‬كلم يي ى‬
‫قاتل عليو‬‫العلم كلم يىع ًرؼ حقيقةى الشرؾ الذم ى‬ ‫كإما إذا كاف جاىالن لم يىبلي ٍغو ي‬ ‫َّ‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍي ًو ىك ىسلَّ ىم المشركين فإنو ال ييح ىكم ب يك ٍف ًره‪ ،‬كال ًسيَّما كقد ىكثير‬ ‫النبي ى‬
‫مثل ىذا قيربةن كطاعةن فإنو‬ ‫الشرؾ في المنتسبين إلى اإلسالـ‪ ،‬كمن اعتق ىد ى‬ ‫ي‬ ‫ىذا‬
‫(ِِٔ)‬
‫قياـ الحجة كافر" ‪.‬‬ ‫باتفاؽ المسلمين‪ ،‬كىو بعد ً‬ ‫اؿ ً‬ ‫ض ّّ‬ ‫ى‬
‫كقاؿ‪" :‬فإنا بعد معرفة ما جاء بو الرسوؿ نعلم بالضركرة أنو لم يشرع ألمتو‬

‫(‪( )225‬الرد على البكري‪.)423/1:‬‬


‫(‪( )226‬جامع املسائل البن تيمية‪.)151/3:‬‬
‫َُّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫أف تدعو أح ندا من األموات‪ ،‬ال األنبياء كال الصالحين كال غيرىم‪ ،‬ال بلفظ‬
‫االستغاثة كال بغيرىا‪ ،‬كال بلفظ االستعاذة كال بغيرىا‪ ،‬كما أنو لم يشرع ألمتو‬
‫السجود لميت كال لغير ميت‪ ،‬كنحو ذلك‪ ،‬بل نعلم أنو نهى عن كل ىذه‬
‫األمور‪ ،‬كأف ذلك من الشرؾ الذم حرمو اهلل تعالى كرسولو‪ ،‬لكن لغلبة الجهل‬
‫كقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرىم بذلك حتى‬
‫(ِِٕ)‬
‫‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫يتبين لهم ما جاء بو الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم مما يخالفو"‬
‫معنى كالمو‪ :‬الجهل في الشرؾ عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪ ،‬كإقامة‬
‫الحجة تكوف ببلوغها كفهمها؛ فمن كقع في الشرؾ باهلل جهالن بأف عبد غير اهلل‬
‫تعالى فإنو ال يكفر إال إذا قامت عليو الحجة‪ ،‬كيتبين لو بطالف ما ىو عليو‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬من أشرؾ في العبادة كافر إذا أقيمت عليو الحجة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬الجهل في فعل الكفر عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪ ،‬كيستثنى‬
‫من ىذا الجهل بمدلوؿ الشهادتين فإنو كفر في نفسو‪ .‬كالقوؿ بأف الجهل في‬
‫شرؾ العبادة عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة محل إشكاؿ‪ ،‬ككجو اإلشكاؿ‪:‬‬
‫أف الجهل في شرؾ العبادة مبني على الجهل بمدلوؿ إحدل الشهادتين؛ ألف‬
‫اإلنساف لن يصرؼ العبادة لغير اهلل تعالى جهالن إال إذا جهل تفرد اهلل تعالى‬
‫باستحقاؽ العبادة‪ ،‬أك جهل العبادة التي يستحقها اهلل‪ ،‬كىذا الجهل ىو نفسو‬
‫الجهل بمدلوؿ ال إلو إال اهلل‪ .‬فكيف يستقيم القوؿ بأف الجهل في شرؾ العبادة‬
‫عذر مانع من التكفير مع أف الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر؟‬

‫(‪( )227‬الرد على البكري‪.)731/2:‬‬


‫ُُّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كىذا الشرؾ الذم ذكره اهلل‪ ،‬قد طبق اليوـ‬
‫مشارؽ األرض كمغاربها‪ ،‬إال الغرباء المذكورين في الحديث‪ ،‬كقليل ما ىم"(ِِٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬ال نكفر من عبد الصنم الذم على عبد القادر‪ ،‬كالصنم الذم على‬
‫قبر أحمد البدكم‪ ،‬كأمثالهما؛ ألجل جهلهم‪ ،‬كعدـ من ينبههم"(ِِٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فجنس ىؤالء المشركين كأمثالهم ممن يعبد األكلياء كالصالحين‬
‫نحكم بأنهم مشركوف كنرل كفرىم إذا قامت عليهم الحجة الرسالية"(َِّ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬المسلم إذا أشرؾ بعد بلوغ الحجة‪ ،‬أك المسلم الذم يفضل ىذا‬
‫على الموحدين‪ ،‬أك يزعم أنو على حق‪ ،‬كغير ذلك من الكفر الصريح الظاىر‪،‬‬
‫الذم بينو اهلل كرسولو‪ ،‬كبينو علماء األمة‪ ،‬أنا نؤمن بما جاءنا عن اهلل كعن‬
‫رسولو من تكفيره‪ ،‬كلو غلط من غلط‪ ،‬فكيف كالحمد هلل‪ ،‬كنحن ال نعلم عن‬
‫كاحد من العلماء خالفنا في ىذه المسألة"(ُِّ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬غالب المسلمين كقعوا في الشرؾ‪ ،‬كالجهل في الشرؾ عذر‬
‫مانعا من التكفير بعد إقامتها‪.‬‬
‫عذرا ن‬
‫مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪ ،‬كليس ن‬
‫كإقامة الحجة تكوف بوجود الشخص المبلغ لها كال يشترط فهمها‪ .‬كالمسلموف‬
‫كفارا؛ لجهلهم كعدـ‬
‫الذين كقعوا في الشرؾ قبل ظهور ىذه الدعوة ال يسموف ن‬

‫(‪( )228‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)61/13:‬‬


‫(‪( )229‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)134/1:‬‬
‫(‪( )233‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)522/1:‬‬
‫(‪( )231‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)436/9:‬‬
‫ُِّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كفارا بعد قياـ الحجة عليهم‪ .‬كإذا كقع‬


‫كجود من يقيم الحجة عليهم‪ ،‬كيسموف ن‬
‫المسلم في الشرؾ أك فضَّل الشرؾ على التوحيد أك قاؿ الشرؾ حق فإنو يكفر‬
‫بمجرد بلوغ الحجة إذا لم يتب؛ ألف ذلك من الكفر الصريح الظاىر‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬من أشرؾ في العبادة كافر إذا أقيمت عليو الحجة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬في ىذا الكالـ إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬القوؿ بأف الجهل في شرؾ‬
‫العبادة عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪ ،‬كقد تقدـ ىذا اإلشكاؿ في كالـ‬
‫شيخ اإلسالـ‪ .‬اإلشكاؿ الثاني‪ :‬القوؿ بأف إقامة الحجة في الشرؾ تكوف بوجود‬
‫الشخص المبلغ لها كال يشترط فهمها‪ ،‬كقد تقدـ أصل ىذا اإلشكاؿ‪ ،‬كىو أف إقامة‬
‫الحجة في المسائل الظاىرة تكوف بوجود الشخص المبلغ لها كال يشترط فهمها‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق)‪:‬‬
‫"ككثر الشرؾ في القرل كاألمصار‪ ،‬كصاركا ال يعرفوف من التوحيد إال ما تدعيو‬
‫األشاعرة من تأكيل صفات الرب كاإللحاد فيها‪ ،‬فصاركا كذلك حتى نسي‬
‫العلم‪ ،‬كعم الشرؾ كالبدع‪ ،‬إلى منتصف القرف الثاني عشر"(ِِّ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬سؤاؿ‬
‫الميت كاالستغاثة بو في قضاء الحاجات كتفريج الكربات من الشرؾ األكبر‬
‫الذم حرمو اهلل كرسولو‪ ،‬كاتفقت الكتب اإللهية كالدعوات النبوية على تحريمو‬
‫كتكفير فاعلو‪ ،‬كالبراءة منو كمعاداتو‪ .‬كلكن في أزمنة الفترات كغلبة الجهل ال‬

‫(‪( )232‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)223/2:‬‬


‫ُّّ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫يكفر الشخص المعين بذلك حتى تقوـ عليو الحجة بالرسالة‪ ،‬كيبين لو‪ ،‬كيعرؼ‬
‫أف ىذا ىو الشرؾ األكبر الذم حرمو اهلل كرسولو؛ فإذا بلغتو الحجة‪ ،‬كتليت‬
‫عليو اآليات القرآنية‪ ،‬كاألحاديث النبوية‪ ،‬ثم أصر على شركو فهو كافر‪،‬‬
‫بخالؼ من فعل ذلك جهالة منو‪ ،‬كلم ينبو على ذلك؛ فالجاىل فعلو كفر‪،‬‬
‫كلكن ال يحكم بكفره إال بعد بلوغ الحجة إليو‪ ،‬فإذا قامت عليو الحجة ثم‬
‫أصر على شركو فقد كفر‪ ،‬كلو كاف يشهد أف ال إلو إال اهلل كأف محم ندا رسوؿ‬
‫اهلل‪ ،‬كيصلي كيزكي‪ ،‬كيؤمن باألصوؿ الستة"(ِّّ)‪.‬‬
‫عنادا فهذا نكل أمره إلى‬
‫كقاؿ‪" :‬كأما من مات كىو يفعل الشرؾ جهالن ال ن‬
‫كثيرا من‬
‫اهلل‪ ،‬كال ينبغي الدعاء لو‪ ،‬كالترحم عليو‪ ،‬كاالستغفار لو‪ ،‬كذلك ألف ن‬
‫العلماء يقولوف‪ :‬من بلغو القرآف فقد قامت عليو الحجة‪ ،‬كما قاؿ تعالى‪:‬‬
‫(ألينٍ ًذ ىريك ٍم بً ًو ىكىم ٍن بىػلى ىغ) [األنعاـ‪.)ِّْ("]ُٗ:‬‬
‫ً‬
‫كقاؿ الشيخ حسين (تُِِْق) كالشيخ عبد اهلل (تُِِْق) ابنا‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬من مات من أىل الشرؾ قبل بلوغ ىذه الدعوة‬
‫فالذم يحكم عليو أنو إذا كاف معركفان بفعل الشرؾ كيدين بو كمات على ذلك فهذا‬
‫ظاىره أنو مات على الكفر‪ ،‬فال يدعى لو‪ ،‬كال يضحى عنو‪ ،‬كال يتصدؽ عنو‪ ،‬كأما‬
‫حقيقة أمره فإلى اهلل؛ فإف كاف قد قامت عليو الحجة في حياتو كعاند فهذا كافر في‬
‫الظاىر كالباطن‪ ،‬كإف كاف لم تقم عليو الحجة فأمره إلى اهلل"(ِّٓ)‪.‬‬

‫(‪( )233‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)274/13:‬‬


‫(‪( )234‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)275/13:‬‬
‫(‪( )235‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)155-154/5:‬‬
‫ُّْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ حمد بن ناصر بن معمر (تُِِٓق)‪" :‬كأما من كاف يعبد‬


‫األكثاف كمات على ذلك قبل ظهور ىذا الدين فهذا ظاىره الكفر‪ ،‬كإف كاف‬
‫يحتمل أنو لم تقم عليو الحجة الرسالية لجهلو كعدـ من ينبهو؛ ألنا نحكم على‬
‫الظاىر‪ ،‬كأما الحكم على الباطن فذلك إلى اهلل تعالى‪ ،‬ال يعذب أحدان إال بعد‬
‫ً‬
‫ث ىر يسوالن)‬ ‫(كىما يكنَّا يم ىع ّْذب ى‬
‫ين ىحتَّى نىػ ٍبػ ىع ى‬ ‫قياـ الحجة عليو‪ ،‬كما قاؿ تعالى‪ :‬ى‬
‫[اإلسراء‪.)ِّٔ("]ُٓ:‬‬
‫كقاؿ‪" :‬إذا تقرر ىذا‪ ،‬فنقوؿ‪ :‬إف ىؤالء الذين ماتوا قبل ظهور ىذه الدعوة‬
‫اإلسالمية كظاىر حالهم الشرؾ ال نتعرض لهم‪ ،‬كال نحكم بكفرىم كال‬
‫بإسالمهم"(ِّٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ أبناء الشيخ محمد بن عبد الوىاب كحمد بن ناصر بن معمر‬
‫(تُِِٓق)‪ " :‬إذا كاف يعمل بالكفر كالشرؾ لجهلو أك عدـ من ينبهو ال‬
‫نحكم بكفره حتى تقاـ عليو الحجة‪ ،‬كلكن ال نحكم بأنو مسلم‪ ،‬بل نقوؿ‬
‫عملو ىذا كفر‪ ،‬يبيح الماؿ كالدـ‪ ،‬كإف كنا ال نحكم على ىذا الشخص؛ لعدـ‬
‫قياـ الحجة عليو؛ ال يقاؿ‪ :‬إف لم يكن كاف نرا فهو مسلم‪ ،‬بل نقوؿ عملو عمل‬
‫الكفار‪ ،‬كإطالؽ الحكم على ىذا الشخص بعينو متوقف على بلوغ الحجة‬
‫الرسالية‪ .‬كقد ذكر أىل العلم‪ :‬أف أصحاب الفترات يمتحنوف يوـ القيامة في‬
‫العرصات‪ ،‬كلم يجعلوا حكمو حكم الكفار‪ ،‬كال حكم األبرار"(ِّٖ)‪.‬‬

‫(‪( )236‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)145/7:‬‬


‫(‪( )237‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)75/11:‬‬
‫(‪( )238‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)137-136/13:‬‬
‫ُّٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)‪" :‬كأما قولو ػ‬
‫عن الشيخ محمد رحمو اهلل ػ‪ :‬إنو ال يكفر من كاف على قبة الكواز‪ ،‬كنحوه‪ ،‬كال‬
‫يكفر الوثني حتى يدعوه‪ ،‬كتبلغو الحجة‪ ،‬فيقاؿ‪ :‬نعم؛ فإف الشيخ محم ندا رحمو‬
‫اهلل لم يكفر الناس ابتداءن‪ ،‬إال بعد قياـ الحجة كالدعوة؛ ألنهم إذ ذاؾ في زماف‬
‫فترة‪ ،‬كعدـ علم بآثار الرسالة‪ ،‬كلذلك قاؿ‪ :‬لجهلهم كعدـ من ينبههم‪ ،‬فأما إذا‬
‫قامت الحجة فال مانع من تكفيرىم كإف لم يفهموىا‪ .‬كفي ىذه األزماف ػ‬
‫خصوصا في جهتكم ػ قد قامت الحجة على من ىناؾ‪ ،‬كاتضحت لهم‬ ‫ن‬
‫المحجة‪ ،‬كلم يزؿ في تلك البالد من يدعو إلى توحيد اهلل‪ ،‬كيقرره‪ ،‬كيناضل‬
‫عنو‪ ،‬كيقرر مذىب السلف‪ ،‬كما دلت عليو النصوص من الصفات العلية‪،‬‬
‫كاألسماء القدسية‪ ،‬كيرد ما يشبو بو بعض أتباع الجهمية‪ ،‬كمن على طريقتهم‪،‬‬
‫حتى صار األمر في ىذه المسائل في تلك البالد أظهر منو في غيرىا‪ ،‬كال‬
‫تخفى النصوص كاألدلة‪ ،‬حتى على العواـ؛ فال إشكاؿ ػ كالحالة ىذه ػ في قياـ‬
‫الحجة كبلوغها على من في جهتكم من المبتدعة كالزنادقة الضالؿ‪ .‬كال‬
‫يجادؿ في ىذه المسألة كيشبو بها إال من غلب جانب الهول‪ ،‬كماؿ إلى‬
‫المطامع الدنيوية‪ ،‬كاشترل بآيات اهلل ثمننا قليالن"(ِّٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل (تَُّْق) كالشيخ إبراىيم (تُِّٗق) ابنا‬
‫الشيخ عبد اللطيف‪ ،‬كالشيخ سليماف بن سحماف (تُّْٗق)‪" :‬ككذلك‬
‫القبوريوف ال يشك في كفرىم من شم رائحة اإليماف‪ ،‬كقد ذكر شيخ اإلسالـ‬

‫(‪( )239‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)435-434/13:‬‬


‫ُّٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كتلميذه ابن القيم رحمهما اهلل في غير موضع أف نفي التكفير بالمكفرات‬
‫قوليها كفعليها فيما يخفى دليلو‪ ،‬كلم تقم الحجة على فاعلو‪ ،‬كأف النفي يراد بو‬
‫نفي تكفير الفاعل كعقابو قبل قياـ الحجة عليو‪ ،‬كأف نفي التكفير مخصوص‬
‫بمسائل النٌزاع بين األمة‪ .‬كأما دعاء الصالحين كاالستغاثة بهم كقصدىم في‬
‫الملمات كالشدائد فهذا ال ينازع مسلم في تحريمو‪ ،‬كالحكم بأنو من الشرؾ‬
‫األكبر؛ فليس في تكفيرىم كتكفير الجهمية قوالف"(َِْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمهم‪ :‬غالب المسلمين كقعوا في الشرؾ‪ ،‬كالجهل في الشرؾ عذر‬
‫مانعا من التكفير بعد إقامتها‪ .‬كإقامة‬
‫عذرا ن‬
‫مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪ ،‬كليس ن‬
‫الحجة تكوف بوجود الشخص المبلغ لها كال يشترط فهمها‪ .‬كالمسلموف الذين‬
‫كقعوا في الشرؾ قبل ظهور ىذه الدعوة حكمهم حكم أصحاب الفترة‪ :‬ال يسموف‬
‫كفارا؛ لعدـ إقامة الحجة عليهم‪ ،‬كال يسموف مسلمين؛ ألف ظاىرىم الكفر‪،‬‬ ‫ن‬
‫كييعاملوف معاملة الكفار‪ .‬كالحجة قد أقيمت على الجميع بعد ظهور ىذه الدعوة‪.‬‬
‫خالصة كالمهم‪ :‬من أشرؾ في العبادة كافر إذا أقيمت عليو الحجة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬في ىذا الكالـ إشكاالت‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬القوؿ بأف الجهل في‬
‫شرؾ العبادة عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‪ ،‬كقد تقدـ ىذا اإلشكاؿ‬
‫في كالـ شيخ اإلسالـ‪ .‬اإلشكاؿ الثاني‪ :‬القوؿ بأف إقامة الحجة في الشرؾ‬
‫تكوف بوجود الشخص المبلغ لها كال يشترط فهمها‪ ،‬كقد تقدـ أصل ىذا‬
‫اإلشكاؿ في كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ .‬اإلشكاؿ الثالث‪ :‬القوؿ بأف‬

‫(‪( )243‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)439/4:‬‬


‫ُّٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫المسلمين الذين كقعوا في الشرؾ قبل ظهور ىذه الدعوة حكمهم حكم‬
‫أصحاب الفترة‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬من سبقهم إلى ىذا القوؿ؟ كما فائدة نفي اسم‬
‫الكفر عنهم مع إثبات أحكاـ الكفر عليهم في الدنيا؟ اإلشكاؿ الرابع‪ :‬القوؿ‬
‫بأف الحجة قد أقيمت على الجميع بعد ظهور ىذه الدعوة‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬أال‬
‫يقتضي ىذا التكفير بالعموـ؟‬
‫كالقوؿ بأف الجهل في شرؾ العبادة عذر مانع من التكفير قبل إقامة الحجة‬
‫ىو ما عليو المتقدموف من أئمة الدعوة‪ ،‬كىو نفس ما عليو الشيخ محمد بن‬
‫عبد الوىاب‪ ،‬كنفس ما عليو شيخ اإلسالـ‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة‬
‫فمنهم القائلوف بهذا القوؿ‪ ،‬كمنهم المخالفوف لو فيركف عدـ اإلعذار بالجهل‬
‫في شرؾ العبادة ابتداءن‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل الطائفة الممتنعة كفار؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫اؿ ىمانً ًعي‬ ‫الص ىحابىةي ك ٍاألىئً َّمةي بىػ ٍع ىد يى ٍم ىعلىى قًتى ً‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكقى ًد اتَّػ ىف ىق َّ‬
‫ى‬
‫ضا ىف‪ .‬ىك ىى يؤىال ًء لى ٍم يى يك ٍن لى يه ٍم‬
‫ومو ىف ىش ٍه ىر ىرىم ى‬ ‫صي‬ ‫س ىكيى ي‬ ‫صلو ىف الٍ ىخ ٍم ى‬
‫الزىكاةً‪ ،‬ىكإً ٍف ىكانيوا يي ى ُّ‬
‫َّ‬
‫ّْين‪ ،‬ىك يى ٍم ييػ ىقاتىػليو ىف ىعلىى ىم ٍن ًع ىها‪ ،‬ىكإً ٍف أىقىػ ُّركا‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يش ٍبػ ىهةه ىسائغىةه؛ فىل ىه ىذا ىكانيوا يم ٍرتىد ى‬
‫(ُِْ)‬
‫وب ىك ىما أ ىىم ىر اللَّوي" ‪.‬‬ ‫بًال يٍو يج ً‬
‫الصيى ًاـ أى ًك‬
‫ات أى ًك ّْ‬ ‫كض ً‬ ‫الصلىو ً‬
‫ات ال ىٍم ٍف ير ى‬ ‫ض َّ ى‬ ‫ت ًم ٍن بىػ ٍع ً‬
‫كقاؿ‪" :‬فىأىيُّ ىما طىائًىف وة ٍامتىػنىػ ىع ٍ‬

‫(‪( )241‬جمموع الفتاوى‪.)519/28:‬‬


‫ُّٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الزنىا ىكال ىٍم ٍي ًس ًر أ ٍىك ىع ٍن نً ىك ً‬


‫اح‬ ‫ٍخ ٍم ًر ىك ّْ‬ ‫ّْم ًاء ىك ٍاأل ٍىم ىو ًاؿ ىكال ى‬ ‫ً‬
‫ٍح ّْج أ ٍىك ىع ًن الٍت ىز ًاـ تى ٍح ًر ًيم الد ى‬
‫ال ى‬
‫ٍج ٍزي ًة ىعلىى أ ٍىى ًل ال ً‬ ‫ضر ً ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اب‬‫ٍكتى ً‬ ‫ب ال ى‬ ‫ذى ىكات ال ىٍم ىحا ًرـ أ ٍىك ىع ًن الٍت ىز ًاـ ج ىهاد الٍ يك َّفا ًر أ ٍىك ى ٍ‬
‫ود ىىا‬‫ات الدّْي ًن كمح َّرماتًًو ػ الَّتًي ىال عي ٍذر ًألىح ًد فًي جح ً‬ ‫اجب ً‬ ‫ً‬ ‫كغىي ًر ذىلً ى ً‬
‫يي‬ ‫ى ى‬ ‫ىي ى ى‬ ‫ك م ٍن ىك ى‬ ‫ى ٍ‬
‫كتىػركًها ػ الَّتًي ي ٍك يفر الٍج ً‬
‫اح يد لً يو يجوبً ىها‪ .‬فىًإ َّف الطَّائًىفةى ال يٍم ٍمتىنً ىعةى تيػ ىقاتى يل ىعلىٍيػ ىها ىكإً ٍف‬ ‫ى ي ى‬ ‫ىٍ ى‬
‫ت يم ًق َّرةه بً ىها‪ .‬ىك ىى ىذا ىما ىال أى ٍعلى يم فً ًيو ًخ ىالفنا بىػ ٍي ىن الٍعيلى ىم ًاء ‪ ...‬فىػ يه ٍم ىخا ًر يجو ىف ىع ًن‬ ‫ىكانى ٍ‬
‫الزىكاةً" ‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫اإل ٍس ىالًـ بً ىم ٍن ًزلى ًة ىمانً ًعي َّ‬
‫(ِِْ)‬
‫ًٍ‬
‫خالصة كالمو‪ :‬أجمع الصحابة كاألئمة بعدىم على قتاؿ مانعي الزكاة‪ ،‬كأف‬
‫سبب قتالهم أنهم مرتدكف‪ ،‬كأم طائفة امتنعت عن شعيرة من شعائر اإلسالـ‬
‫فحكمهم حكم مانعي الزكاة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬حكى اإلجماع على قتاؿ مانعي الزكاة‪ ،‬ال على الحكم عليهم بالردة‪.‬‬
‫كأما قولو‪" :‬كىؤالء لم يكن لهم شبهة سائغة فلهذا كانوا مرتدين‪...‬إلخ"؛ فهذا‬
‫رأيو في بياف سبب قتالهم‪ ،‬كىذا ليس داخالن في حكايتو لإلجماع‪ .‬كفي اختيار‬
‫ىذا السبب إشكاالف‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬إذا كانت طائفة البغاة ػ أم الذين‬
‫كفارا باإلجماع‪ ،‬فكيف‬
‫مسوغ شرعي ػ ليسوا ن‬‫يخرجوف على اإلماـ العدؿ بغير ّْ‬
‫كفارا‪ ،‬ككلتاىما طائفة ممتنعة عن االستجابة للحاكم‬
‫تكوف الطائفة الممتنعة ن‬
‫كفرا‬
‫كمستعدة لقتالو؟ كاإلشكاؿ الثاني‪ :‬إذا كاف امتناع الفرد عن الزكاة ليس ن‬
‫كفرا‬
‫عند جماىير الصحابة كمن بعدىم‪ ،‬فكيف يكوف امتناع الطائفة عن الزكاة ن‬
‫عندىم؟‬

‫(‪( )242‬جمموع الفتاوى‪.)534-533/28:‬‬


‫ُّٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كمن أعظم ما يحل اإلشكاؿ في مسألة‬
‫التكفير كالقتاؿ عمن قصده اًتّْباع الحق إجماع الصحابة على قتاؿ مانعي الزكاة‪،‬‬
‫كإدخالهم في أىل الردة‪ ،‬كسبي ذراريهم‪ ،‬كفعلهم فيهم ما صح عنهم‪ ،‬كىو أكؿ‬
‫قتاؿ كقع في اإلسالـ على من ادعى أنو من المسلمين‪ ،‬فهذه أكؿ كقعة كقعت‬
‫في اإلسالـ على ىذا النوع‪ ،‬أعني المدعين لإلسالـ‪ ،‬كىي أكضح الواقعات‪ ،‬التي‬
‫كقعت من العلماء عليهم من عصر الصحابة إلى كقتنا ىذا"(ِّْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬أجمع الصحابة على ردة كقتاؿ مانعي الزكاة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاالت‪ :‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬كيف ييحكى إجماع‬
‫الصحابة على ردة مانعي الزكاة مع عدـ كجود أقوالهم التي تدؿ على إجماعهم؟‬
‫كجمهور الفقهاء على عدـ الردة‪ ،‬فهل يتصور أف جمهور الفقهاء ال يعرفوف أقواؿ‬
‫الصحابة رضي اهلل عنهم؟ اإلشكاالف الثاني كالثالث‪ :‬إذا كانت طائفة البغاة ليسوا‬
‫كفارا؟ كإذا كاف امتناع الفرد عن‬
‫كفارا باإلجماع‪ ،‬فكيف تكوف الطائفة الممتنعة ن‬
‫ن‬
‫كفرا عند جماىير الصحابة كمن بعدىم‪ ،‬فكيف يكوف امتناع الطائفة‬
‫الزكاة ليس ن‬
‫كفرا عندىم؟ كسبق ذكر ىذين اإلشكالين في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫عن الزكاة ن‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫ال يوجد خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب ال من‬
‫المتقدمين كال من المتأخرين على حكاية إجماع الصحابة على قتاؿ مانعي‬

‫(‪( )243‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)419/9:‬‬


‫َُْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الزكاة‪ ،‬لكن منهم من يذكر أف سبب قتالهم أنهم مرتدكف كما قالو شيخ‬
‫اإلسالـ‪ ،‬كىذا فيو نفس اإلشكالين اللذين في كالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كمنهم من‬
‫يحكي إجماع الصحابة على ردتهم كما قالو الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪،‬‬
‫كىذا فيو نفس اإلشكاالت التي في كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل من لم يكفر الكافر أك شك في كفره كافر؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬ليس ألحد أف يك ٌفر أح ندا من المسلمين ػ كإف أخطأ كغلط ػ‬
‫كمن ثبت إسالمو بيقين لم يزؿ ذلك‬
‫حتى تيقاـ عليو الحجة‪ ،‬كتيبين لو المحجة‪ .‬ى‬
‫(ِْْ)‬
‫‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫عنو بالشك‪ ،‬بل ال يزكؿ إال بعد إقامة الحجة كإزالة الشبهة"‬
‫كقاؿ الذىبي (تْٖٕق) في ترجمة شيخ اإلسالـ‪" :‬كمذىبو توسعة العذر‬
‫كفر أح ندا إال بعد قياـ الدليل كالحجة عليو‪ ،‬كيقوؿ‪ :‬ىذه المقالة‬ ‫للخلق‪ ،‬كال يي ّْ‬
‫جاىل لم تقم عليو حجة اهلل‪ ،‬كلعلو رجع عنها‬
‫ه‬ ‫ه‬
‫كضالؿ‪ ،‬كصاحبها مجته هد‬ ‫كفر‬
‫ه‬
‫أك تاب إلى اهلل‪ .‬كيقوؿ‪ :‬إيمانو ثبت لو فال نخرجو منو إال بيقين‪ ،‬أما من عرؼ‬
‫فكافر ملعو هف كإبليس"‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫ه‬ ‫الحق كعانده كحاد عنو‬
‫كما تقدـ من أقواؿ شيخ اإلسالـ يدؿ على أف من لم يكفر الكافر أك شك‬
‫في كفره فهو كافر‪ ،‬كعلى أف الذم يدخل في ىذا اإلجماؿ ما يلي‪ :‬التكفير‬
‫باإلطالؽ‪ ،‬أم كل شخص كقع في الكفر فهو كافر يقيننا باعتبار اإلطالؽ‪ .‬كأما‬

‫(‪( )244‬جمموع الفتاوى‪.)466/12:‬‬

‫ُُْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باعتبار التعيين فكل من ال ينتسب لإلسالـ فهو كافر يقيننا‪ ،‬ككل من ينتسب‬
‫لإلسالـ ككقع في كفر مناقض للشهادتين فهو كافر يقيننا‪ .‬كال يدخل في ىذا‬
‫اإلجماؿ من ينتسب لإلسالـ ككقع في كفر غير مناقض للشهادتين؛ ألف‬
‫تكفيره ال يكوف إال بعد إقامة الحجة‪ ،‬كإقامة الحجة تكوف ببلوغها كفهمها‪،‬‬
‫ظاىرا ال باطننا؛ ألنو مبني على اجتهاده‪ ،‬كاالجتهاد‬
‫كتكفيره حينئذ يكوف يقيننا ن‬
‫قابل لالختالؼ‪ ،‬كاليقين الظاىر قابل للشك‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا التقرير ال إشكاؿ فيو‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين أقوالو كأقواؿ‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأئمة الدعوة بعده‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب في سياقو لنواقض اإلسالـ‪" :‬الثالث‪ :‬من‬
‫لم يكفر المشركين أك شك في كفرىم أك صحح مذىبهم كفر إجماعان"(ِْٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬من أظهر اإلسالـ كظننا أنو أتى بناقض ال نكفره بالظن؛ ألف اليقين‬
‫ال يرفعو الظن‪ .‬ككذلك ال نكفر من ال نعرؼ منو الكفر بسبب ناقض ذكر عنو‬
‫كنحن لم نتحققو"(ِْٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫نص الشيخ محمد بن عبد الوىاب على أف من لم يكفر الكافر أك شك في‬
‫كفره فهو كافر‪ ،‬كما تقدـ من أقوالو يدؿ على أف الذم يدخل في ىذا اإلجماؿ‬
‫ما يلي‪ :‬التكفير باإلطالؽ‪ ،‬أم كل شخص كقع في الكفر فهو كافر يقيننا‬
‫باعتبار اإلطالؽ‪ .‬كأما باعتبار التعيين فكل من ال ينتسب لإلسالـ فهو كافر‬

‫(‪( )245‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)362-361/2:‬‬


‫(‪( )246‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)112/13:‬‬
‫ُِْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫يقيننا‪ ،‬ككل من ينتسب لإلسالـ ككقع في كفر مناقض للشهادتين فهو كافر‬
‫يقيننا‪ ،‬ككل من ينتسب لإلسالـ ككقع في كفر غير مناقض للشهادتين كلكنو في‬
‫مسألة من المسائل الظاىرة كأقيمت عليو الحجة ببلوغها كمن ذلك الشرؾ فهو‬
‫كافر يقيننا‪ .‬كال يدخل في ىذا اإلجماؿ من ينتسب لإلسالـ ككقع في كفر غير‬
‫مناقض للشهادتين كلكنو في مسألة من المسائل الخفية؛ ألف تكفيره ال يكوف‬
‫إال بعد إقامة الحجة‪ ،‬كإقامة الحجة تكوف ببلوغها كفهمها‪ ،‬كتكفيره حينئذ‬
‫ظاىرا ال باطننا؛ ألنو مبني على اجتهاده‪ ،‬كاالجتهاد قابل لالختالؼ‪،‬‬
‫يكوف يقيننا ن‬
‫كاليقين الظاىر قابل للشك‪.‬‬
‫كعلى ىذا فمراده بالمشركين ىمن أصلهم مسلموف ككقعوا في الشرؾ‪،‬‬
‫صحح‬
‫كمعنى كالمو‪ :‬من لم يكفر ىؤالء المشركين أك شك في كفرىم أك َّ‬
‫مذىبهم ػ بعد أف قامت عليهم الحجة ببلوغها كإف لم يفهموىا ػ فهو كافر‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا التقرير فيو إشكاالف‪ :‬األكؿ‪ :‬ىل إقامة الحجة تكوف بمجرد‬
‫البلوغ؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في فصل‪ :‬ىل الجهل عذر مانع من‬
‫التكفير؟ الثاني‪ :‬ما ضابط الشرؾ؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في فصل‪:‬‬
‫ىل دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ سليماف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِّّق)‪:‬‬
‫"كأما قوؿ السائل‪ :‬فإف كاف ما يقدر من نفسو أف يتلفظ بكفرىم كسبهم‪ ،‬ما‬
‫حكمو؟ فالجواب‪ :‬ال يخلو ذلك عن أف يكوف شاكان في كفرىم أك جاىالن بو‪،‬‬

‫ُّْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫أك يقر بأنهم كفرة ىم كأشباىهم‪ ،‬كلكن ال يقدر على مواجهتهم كتكفيرىم‪ ،‬أك‬
‫يقوؿ‪ :‬غيرىم كفار‪ ،‬ال أقوؿ إنهم كفار؛ فإف كاف شاكان في كفرىم أك جاىالن‬
‫بكفرىم بينت لو األدلة من كتاب اهلل كسنة رسولو صلى اهلل عليو كسلم على‬
‫كفرىم‪ ،‬فإف شك بعد ذلك أك تردد فإنو كافر بإجماع العلماء على أف من شك‬
‫يقر بكفرىم كال يقدر على مواجهتهم‬ ‫في كفر الكافر فهو كافر‪ .‬كإف كاف ٌ‬
‫(كدُّكا لى ٍو تي ٍد ًى ين فىػيي ٍد ًىنيو ىف)‬
‫بتكفيرىم فهو مداىن لهم‪ ،‬كيدخل في قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫[القلم‪ ،]ٗ:‬كلو حكم أمثالو من أىل الذنوب‪ .‬كإف كاف يقوؿ‪ :‬أقوؿ غيرىم‬
‫كفار كال أقوؿ ىم كفار فهذا حكم منو بإسالمهم؛ إذ ال كاسطة بين الكفر‬
‫إسالما‬
‫ن‬ ‫كاإلسالـ‪ ،‬فإف لم يكونوا كفاران فهم مسلموف‪ ،‬كحينئذ فمن سمى الكفر‬
‫أك سمى الكفار مسلمين فهو كافر‪ ،‬فيكوف ىذا كافران"(ِْٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)‪" :‬فأكضح‬
‫مما ذكرناه ضالالن من لم يكفر من ارتكب ما ىو كفر إال إذا كاف معان ندا‪ ،‬كأف‬
‫ىذا مخالف للكتاب كالسنة كإجماع األمة"(ِْٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ بعضهم ‪":‬مما يوجب الجهاد لمن اتصف بو عدـ تكفير المشركين‪،‬‬
‫أك الشك في كفرىم؛ فإف ذلك من نواقض اإلسالـ كمبطالتو‪ ،‬فمن اتصف بو‬
‫فقد كفر‪ ،‬كحل دمو كمالو‪ ،‬ككجب قتالو حتى يكفر المشركين"(ِْٗ)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )247‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)161-163/8:‬‬


‫(‪( )248‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)359/13:‬‬
‫(‪( )249‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)291/9:‬‬
‫ُْْ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬ال خالؼ بين المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب على موافقة كالمو في ىذا الفصل‪ ،‬كعليو ففي كالمهم نفس اإلشكالين‬
‫اللذين في كالمو‪ .‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فبالنسبة لكيفية إقامة الحجة‬
‫فمنهم الموافق لما عليو الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدموف من أئمة‬
‫الدعوة‪ ،‬كمنهم الموافق لشيخ اإلسالـ‪ ،‬كسبق تفصيل ىذا في محلو‪ ،‬كبالنسبة‬
‫لضابط الشرؾ فالقوؿ المشهور عند المتأخرين مخالف لكالـ شيخ اإلسالـ‬
‫ككالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب كالمتقدمين من أئمة الدعوة‪ ،‬كسبق‬
‫تفصيل ىذا في محلو‪.‬‬

‫ُْٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب ضوابط التبديع‬

‫فصل‪ :‬ىل العلماء يي َّ‬


‫بدعوف على أخطائهم؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬كأما أىل العلم كاإليماف فهم على نقيض ىذه الحاؿ‬
‫يجعلوف كالـ اهلل ككالـ رسولو ىو األصل الذم يعتمد عليو"(َِٓ)‪.‬‬
‫اف‬‫ك سبًيلى يهم ًمن التَّابً ًعين لى يهم بًًإ ٍحس ً‬
‫ى‬ ‫ى ٍ‬ ‫الص ىحابىةي ىكىم ٍن ىسلى ى ى ٍ ى‬ ‫كقاؿ‪" :‬فىػ ىه ىك ىذا ىكا ىف َّ‬
‫وص بً ىم ٍع يقولً ًو ىكىال‬ ‫ُّص ى‬ ‫ض الن ي‬
‫كأىئً َّم ًة الٍمسلً ًمين؛ فىلًه ىذا لىم ي يكن أ ً‬
‫ىح هد م ٍنػ يه ٍم ييػ ىعا ًر ي‬ ‫يٍ ى ى ٍ ى ٍ ى‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫و‬
‫اد ىم ٍع ًرفىةى ىش ٍيء م ىن الدّْي ًن ىكالٍ ىك ىالًـ‬ ‫اء بً ًو َّ‬ ‫يػ ىؤ ّْس ً‬
‫وؿ‪ ،‬ىكإًذىا أ ىىر ى‬ ‫الر يس ي‬ ‫س ديننا غىٍيػ ىر ىما ىج ى‬ ‫ي ي‬
‫وؿ‪ ،‬فى ًم ٍنوي يىػتىػ ىعلَّ يم‪ ،‬ىكبً ًو يىػتى ىكلَّ يم‪ ،‬ىكفً ًيو يىػ ٍنظيير ىكيىػتىػ ىف َّك ير‪،‬‬ ‫يما قىالىوي اللَّوي ىك َّ‬
‫الر يس ي‬ ‫ً‬
‫فيو نىظىىر ف ى‬
‫ًً‬
‫السن ًَّة"(ُِٓ)‪.‬‬ ‫ىص يل أ ٍىى ًل ُّ‬ ‫ىكبً ًو يى ٍستى ًد ُّؿ‪ ،‬فىػ ىه ىذا أ ٍ‬
‫كقاؿ‪" :‬كمن كاف قصده متابعتو من المؤمنين كأخطأ بعد اجتهاده الذم‬
‫استفرغ بو كسعو غفر اهلل لو خطأه"(ِِٓ)‪.‬‬
‫ك‬ ‫ىف ال ىٍعالً ىم الٍ ىكثً ىير الٍ ىفتى ىاكل أى ٍخطىأى فًي ًمائى ًة ىم ٍسأىلى وة لى ٍم يى يك ٍن ذىلً ى‬ ‫ّْر أ َّ‬
‫كقاؿ‪" :‬لى ٍو قيد ى‬
‫يب ىكيي ٍخ ًط يئ"(ِّٓ)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم ييص ي‬ ‫وؿ ى‬‫الر يس ً‬ ‫ىع ٍيبنا‪ ،‬ىكيك ُّل ىم ٍن ًس ىول َّ‬
‫اؿ ىال ييػتَّبى يع ىعلىٍيػ ىها ىم ىع أىنَّوي ىال يي ىذ ُّـ‬‫اؿ ىكأىفٍػ ىع ه‬‫كقاؿ‪ " :‬ىكىما ًم ىن ٍاألىئً َّم ًة َّإال ىم ٍن لىوي أىقػ ىٍو ه‬
‫ىعلىٍيػ ىها"(ِْٓ)‪.‬‬
‫(‪( )253‬درء التعارض‪.)149/1:‬‬
‫(‪( )251‬جمموع الفتاوى‪.)63/13:‬‬
‫(‪( )252‬درء التعارض‪.)149/1:‬‬
‫(‪( )253‬جمموع الفتاوى‪.)331/27:‬‬
‫(‪( )254‬جمموع الفتاوى‪.)383/13:‬‬
‫ُْٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ف قى ٍد قىاليوا ىكفىػ ىعليوا ىما يى ىو بً ٍد ىعةه‪،‬‬ ‫ٍخلى ً‬


‫ف ىكال ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكىكثً هير ًم ٍن يم ٍجتى ًه ًدم َّ‬
‫السلى ً‬
‫ات فى ًه يموا‬ ‫ُّوىا ص ًحيحةن‪ ،‬كإً َّما ًآلي ً‬ ‫يث ى ً و‬ ‫كلىم يػ ٍعلىموا أىنَّوي بً ٍد ىعةه؛ َّإما ًألىح ً‬
‫ى‬ ‫ضعي ىفة ظىن ى ى ى ى‬ ‫اد ى‬ ‫ى‬ ‫ى ٍ ى ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وص لى ٍم تىػ ٍبػلي ٍغ يه ٍم"(ِٓٓ)‪.‬‬
‫ص ه‬ ‫م ٍنػ ىها ىما لى ٍم ييػ ىر ٍد م ٍنػ ىها‪ ،‬ىكإً َّما ل ىرأٍ وم ىرأ ٍىكهي ىكفي ال ىٍم ٍسأىلىة ني ي‬
‫ت ًم ٍن‬ ‫ص ىد ىر ٍ‬ ‫ً‬
‫كقاؿ عن مجتهدم السلف‪" :‬إذىا ىرأىيٍت ال ىٍم ىقالىةى ال يٍم ٍخطئىةى قى ٍد ى‬
‫ً‬ ‫وغ ال ً‬ ‫إم واـ قى ًد ويم فىا ٍغت ًفر ٍ ً‬
‫ٍح َّجةي ىما‬ ‫ٍح َّجة لىوي؛ فى ىال ييػغٍتىػ ىف ير ل ىم ٍن بىػلىغىٍتوي ال ي‬ ‫ت؛ ل ىع ىدًـ بيػلي ً ي‬ ‫يى‬ ‫ى‬
‫اب الٍ ىق ٍب ًر ىكنى ٍح ًو ىىا إذىا أىنٍ ىك ىر‬ ‫يث ىع ىذ ً‬ ‫اد ي‬‫اي ٍغتيًفر لً ٍأل َّىكًؿ‪ ،‬فىلًه ىذا يػب َّدعي من بػلىغىٍتوي أىح ً‬
‫ى‬ ‫ى يى ى ٍ ى‬ ‫ى‬
‫ىف ال ىٍم ٍوتىى يى ٍس ىمعيو ىف فًي‬ ‫ؼ بًأ َّ‬ ‫شةي ىكنى ٍح يو ىىا ًم َّم ٍن لى ٍم يىػ ٍع ًر ٍ‬ ‫ك‪ ،‬ىكىال تيػبى َّدعي ىعائً ى‬ ‫ىذلً ى‬
‫قيػبيوًرًى ٍم"(ِٔٓ)‪.‬‬
‫وؿ‪َّ :‬‬ ‫اء ىة ىم ٍن قىػ ىرأى ‪( :‬بى ٍل ىع ًج ٍب ي‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫إف‬ ‫ت) ىكيىػ يق ي‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكىكا ىف الٍ ىقاضي شريح ييػ ٍنك ير ق ىر ى‬
‫ً‬ ‫َّخ ًعي فىػ ىق ى‬ ‫ً‬ ‫ب؛ فىػبىػلى ىغ ذىلً ى‬
‫اؿ‪ :‬إنَّ ىما شريح ىشاعر ييػ ٍع ًجبيوي‬ ‫يم الن ى‬ ‫ك إبٍػ ىراى ى‬ ‫اللَّوى ىال يىػ ٍع ىج ي‬
‫اءةن‬ ‫ً‬
‫ت)‪ .‬فىػ ىه ىذا قى ٍد أىنٍ ىك ىر ق ىر ى‬ ‫وؿ‪( :‬بى ٍل ىع ًج ٍب ي‬ ‫ٍموي‪ .‬ىكا ىف ىع ٍبد اللَّو أيفيقو ًم ٍنوي فى ىكا ىف يىػ يق ي‬ ‫عل ي‬
‫ً‬
‫اـ ًم ىن‬ ‫ت ٍاأل َّيمةي ىعلىى أىنَّوي ىإم ه‬ ‫السنَّةي‪ ،‬كاتَّػ ىف ىق ً‬
‫اب ىك ُّ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ثىابًتىةن‪ ،‬ىكأىنٍ ىك ىر ص ىفةن ىد َّؿ ىعلىٍيػ ىها الٍكتى ي‬
‫ٍاألىئً َّم ًة"(ِٕٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ عن مجتهدم الخلف‪" :‬لكن شيوخ أىل العلم الذين لهم لساف صدؽ‬
‫كإف كقع في كالـ بعضهم ما ىو خطأ منكر فأصل اإليماف باهلل كرسولو إذا كاف‬
‫ثابتنا غفر ألحدىم خطأه الذم أخطأه بعد اجتهاده"(ِٖٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫(‪( )255‬جمموع الفتاوى‪.)191/19:‬‬


‫(‪( )256‬جمموع الفتاوى‪.)61/6:‬‬
‫(‪( )257‬جمموع الفتاوى‪.)492/12:‬‬
‫(‪( )258‬الصفدية‪.)265/1:‬‬
‫ُْٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫معنى كالمو‪ :‬العالم اعتماده على الكتاب كالسنة‪ ،‬كرأيو مبني على الكتاب‬
‫تبعا‪ ،‬كلهذا إذا قصد متابعة‬‫كالسنة‪ ،‬ال يجعل رأيو أصالن كالكتاب كالسنة ن‬
‫الرسوؿ كاجتهد كاستفرغ كسعو في موافقة الكتاب كالسنة كأخطأ فهذا مغفور‬
‫لو خطؤه‪ ،‬كعلى ىذا لو كثرت أخطاؤه لم يكن ذلك عيبنا؛ ألنو غير معصوـ‪،‬‬
‫كما من إماـ إال كلو أخطاء‪ ،‬ككثير من المجتهدين كقعوا في البدعة من غير‬
‫قصد‪ ،‬كلم يكونوا بذلك مبتدعة‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬العلماء ال يي َّ‬
‫بدعوف على أخطائهم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ فيو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬ىل نفي التبديع باعتبار اإلطالؽ أـ‬
‫باعتبار األصل؟ فإف كاف باعتبار اإلطالؽ فهذا يقتضي أف العالم إذا اجتهد‬
‫فادحا ال يبدع؟ كإف كاف باعتبار األصل فمتى يبدع؟‬
‫كأخطأ خطأن ن‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬دين اهلل تعالى ليس لي دكنكم‪ ،‬فإذا‬
‫أفتيت أك عملت بشيء كعلمتم أني مخطئ كجب عليكم تبيين الحق ألخيكم‬
‫المسلم"(ِٗٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كمتى لم تتبين لكم المسألة لم يحل لكم اإلنكار على من أفتى أك‬
‫عمل‪ ،‬حتى يتبين لكم خطؤه‪ ،‬بل الواجب السكوت كالتوقف؛ فإذا تحققتم‬
‫الخطأ بينتموه‪ ،‬كلم تهدركا جميع المحاسن؛ ألجل مسألة أك مائة أك مائتين‬
‫أخطأت فيهن‪ ،‬فإني ال أدعي العصمة"(َِٔ)‪.‬‬

‫(‪( )259‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)56/13:‬‬


‫(‪( )263‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)57/13:‬‬
‫ُْٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫خالصة كالمو‪ :‬العلماء ال يي َّ‬


‫بدعوف على أخطائهم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا بمعنى كالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو ففيو نفس اإلشكاؿ الذم في‬
‫كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬ىذا كقد‬
‫رأل معاكية كأصحابو رضي اهلل عنهم منابذة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‬
‫رضي اهلل عنو كقتالو‪ ،‬كمناجزتو الحرب‪ ،‬كىم في ذلك مخطئوف باإلجماع‪،‬‬
‫كاستمركا في ذلك الخطأ‪ ،‬كلم يشتهر عن أحد من السلف تكفير أحد منهم‬
‫إجماعا‪ ،‬بل كال تفسيقو‪ ،‬بل أثبتوا لهم أجر االجتهاد‪ ،‬كإف كانوا مخطئين‪ ،‬كما‬
‫ن‬
‫(ُِٔ)‬
‫أف ذلك مشهور عند أىل السنة" ‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)‪" :‬فإذا‬
‫اختلفت المذاىب في حكم مسألة فالمصيب منهم كاحد‪ ،‬كالمجتهد المخطئ‬
‫إذا كاف أىالن مأجور على اجتهاده‪ ،‬كال يجوز لو تقليده إذا باف لو خطؤه‪ ،‬مع‬
‫كونو أعلم ممن بعده"(ِِٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫بدعوف على أخطائهم‪.‬‬ ‫خالصة كالمهما‪ :‬العلماء ال يي َّ‬
‫قلت‪ :‬ال خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب ال من‬
‫المتقدمين كال من المتأخرين على ىذا‪ ،‬كىو بمعنى كالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو‬
‫ففيو نفس اإلشكاؿ الذم في كالـ شيخ اإلسالـ‪.‬‬

‫(‪( )261‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)236/1:‬‬


‫(‪( )262‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)73/4:‬‬
‫ُْٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فصل‪ :‬ىل الكالبية كالمحاسبية مبتدعة؟‬


‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬كالٍ يك َّالبًية يىم أىتٍػباعي أىبًي مح َّم ود ىعب ًد اللَّ ًو ب ًن س ًع ً‬
‫يد بٍ ًن‬ ‫ٍ ى‬ ‫ٍ‬ ‫يى‬ ‫ى ٍ ى‬
‫اسبً ّْي‬ ‫ب ىكال ً‬ ‫ً‬ ‫ب الَّ ًذم ىسلى ى‬ ‫كً ىال و‬
‫ٍحا ًرث ال يٍم ىح ى‬ ‫اب ابٍ ين ك ىال و ى‬ ‫ىص ىح ي‬ ‫م يخطَّتىوي ىكأ ٍ‬ ‫ك ٍاألى ٍش ىع ًر ُّ‬
‫اس القالنسي ىكنى ٍح ًو ًى ىما ىخ ٍيػ هر ًم ىن ٍاألى ٍش ىع ًريًَّة فًي ىى ىذا ىك ىى ىذا‪ ،‬فى يكلَّ ىما ىكا ىف‬ ‫ىكأىبًي ال ىٍعبَّ ً‬
‫ض ىل"(ِّٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ب ىكا ىف قىػ ٍوليوي أى ٍعلىى ىكأىفٍ ى‬ ‫السلى ً ً ً‬
‫ف ىك ٍاألىئ َّمة أىقػ ىٍر ى‬ ‫الر يج يل إلىى َّ‬ ‫َّ‬
‫معنى كالمو فيو احتماالف‪ :‬األكؿ‪ :‬أف ابن كالب كأصحابو كالحارث‬
‫المحاسبي سنيوف داخلوف في دائرة أىل السنة‪ ،‬كليسوا من أىل السنة الخلص‪،‬‬
‫كلكنهم أقرب لسلف أىل السنة الخلص من الجهمية كالمعتزلة كنحوىم‪.‬‬
‫كالثاني‪ :‬أنهم مبتدعة خارجوف من دائرة أىل السنة‪ ،‬كىم أقرب لسلف أىل‬
‫السنة من الجهمية كالمعتزلة كنحوىم‪ .‬ككالمو ػ في الفصل التالي عن األشاعرة‬
‫كالصوفية ػ يدؿ على أف المراد االحتماؿ األكؿ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كىذا االحتماؿ ليس فيو إشكاؿ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو‬
‫ككالـ بعض المتأخرين من أئمة الدعوة‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ لو يتعلق بهذا الفصل‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة يتعلق بهذا الفصل‪ .‬كأما‬
‫المتأخركف فبعضهم يصرح بأف الكالبية كالمحاسبية مبتدعة‪.‬‬

‫(‪( )263‬جمموع الفتاوى‪.)133/3:‬‬


‫َُٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬كىذا التصريح فيو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬األصل أنهم من أىل السنة؛ ألنهم‬
‫منتسبوف لهم‪ ،‬فما الضابط الذم أخرجهم من دائرة أىل السنة؟‬
‫فصل‪ :‬ىل األشاعرة كالصوفية مبتدعة؟‬
‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ًً‬ ‫ًمن َّ ً ً ً‬ ‫اع ًة‬ ‫السن ًَّة‬
‫الص ىحابىة ىجميع ًه ٍم ىكالتَّابع ى‬
‫ين‬ ‫ى‬ ‫ٍج ىم ى‬
‫ىكال ى‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪" :‬أ ٍىى يل ُّ‬
‫ك‬ ‫ى‬ ‫الٍ يف ىق ىه ًاء ىك ُّ‬
‫الصوفًيَّ ًة؛ ًمثٍ ًل مالً و‬ ‫كجم ً‬
‫اىي ًر‬ ‫ىىى‬ ‫يث‬ ‫السن ًَّة كأ ٍىى ًل الٍح ًد ً‬
‫ى‬
‫ً ً‬
‫ىكأىئ َّمة أ ٍىى ًل ُّ ى‬
‫اعي كح َّم ً‬
‫اد‬ ‫ً‬ ‫ىكالثػ ٍَّوًر ّْ‬
‫م ىك ٍاأل ٍىكىز ى ى‬
‫ىح ىمد بٍ ًن ىح ٍنبى ول ىكغىٍي ًرًى ٍم ىكيم ىح ّْق ًقي أ ٍىى ًل الٍ ىك ىالًـ"(ِْٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫ب ًن ىزي ود ك َّ ً ً‬
‫الشافع ّْي ىكأ ٍ‬ ‫ٍ ٍ ى‬
‫مراده بمحققي أىل الكالـ األشاعرة‪ ،‬كعليو فهذا نص صريح من شيخ‬
‫اإلسالـ على أف األشاعرة كالصوفية من أىل السنة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كىذا الكالـ ال إشكاؿ فيو‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫أئمة الدعوة‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫لم أقف على نص صريح للشيخ محمد بن عبد الوىاب يتعلق بهذا‬
‫الفصل‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطين (تُِِٖق)‪" :‬عرفت خطأ‬
‫من جعل األشعرية من أىل السنة‪ ،‬كما ذكره السفاريني في بعض كالمو"(ِٓٔ)‪.‬‬

‫(‪( )264‬جمموع الفتاوى‪.)472-471/3:‬‬


‫ُُٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق)‪:‬‬


‫"كقد غلط أكثر الفرؽ الثالث كالسبعين في مسمى التوحيد؛ ككل فرقة لها‬
‫توحيد تعتقد أنو ىو الصواب‪ ،‬حتى األشاعرة القائلين بأف معنى اإللو‪ :‬الغني عما‬
‫سواه‪ ،‬المفتقر إليو ما عداه‪ ،‬يقولوف إنهم أىل السنة‪ ،‬كىيهات ىيهات"(ِٔٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كأما األشاعرة فتعتقد ىم أىل السنة‪ ،‬كليسوا كذلك"(ِٕٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ حمد بن عتيق (تَُُّىػ)‪" :‬كليحذر طالب الحق من كتب‬
‫أىل البدع‪ ،‬كاألشاعرة‪ ،‬كالمعتزلة‪ ،‬كنحوىم"(ِٖٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد‬
‫بن عبد الوىاب (تُّٕٔق)‪" :‬كال نقوؿ بقوؿ األشاعرة كال غيرىم من أىل‬
‫البدع"(ِٗٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬المشهور عن المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد‬
‫الوىاب أف األشاعرة من أىل البدع‪ ،‬كأما المتأخركف منهم فقد اختلفوا؛‬
‫فبعضهم يقوؿ‪ :‬ىم من أىل السنة‪ ،‬كبعضهم يقوؿ‪ :‬ىم من أىل البدع‪ ،‬كالقوؿ‬
‫بأنهم من أىل البدع فيو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬األصل أنهم من أىل السنة؛ ألنهم‬
‫منتسبوف لهم‪ ،‬فما الضابط الذم أخرجهم من دائرة أىل السنة؟‬

‫(‪( )265‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)364/1:‬‬


‫(‪( )266‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)239/11:‬‬
‫(‪( )267‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)354/11:‬‬
‫(‪( )268‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)357/3:‬‬
‫(‪( )269‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)572/1:‬‬
‫ُِٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب الوالء كالبراء‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫اء ًم ٍن‬ ‫َّخ ًذ الٍم ٍؤًمنو ىف الٍ ىكافً ًر ً‬
‫ين أ ٍىكليى ى‬ ‫ى‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ عن قولو تعالى‪ ( :‬ىال يىػت ً ي ي‬
‫س ًم ىن اللَّ ًو فًي ىش ٍي وء إًَّال أى ٍف تىػتَّػ يقوا ًم ٍنػ يه ٍم تيػ ىقا نة‬ ‫ين ىكىم ٍن يىػ ٍف ىع ٍل ىذلً ى‬
‫ك فىػلىٍي ى‬
‫ً ًً‬
‫يدكف ال يٍم ٍؤمن ى‬
‫ص يير) [آلعمراف‪" :]ِٖ:‬كقد اتفق المفسركف‬ ‫كيح ّْذريكم اللَّوي نىػ ٍفسوي كإًلىى اللَّ ًو الٍم ً‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ىي ى ي ي‬
‫على أنها نزلت بسبب أف بعض المسلمين أراد إظهار مودة الكفار فنهوا عن‬
‫ذلك"(َِٕ)‪.‬‬
‫(ال تى ًج يد قىػ ٍونما ييػ ٍؤًمنيو ىف بًاللَّ ًو ىكالٍيىػ ٍوًـ ٍاآل ًخ ًر ييػ ىوادُّك ىف‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىك ىى ىذا ىك ىق ٍولً ًو تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫اء يى ٍم أ ٍىك أىبٍػنىاءى يى ٍم أ ٍىك إ ٍخ ىوانىػ يه ٍم أ ٍىك ىع ًش ىيرتىػ يه ٍم‬ ‫اد اللَّوى ىكىر يسولىوي ىكلى ٍو ىكانيوا آبى ى‬ ‫ىم ٍن ىح َّ‬
‫كح ًم ٍنوي) [المجادلة‪ ،]ِِ:‬فىأى ٍخبىػ ىر‬ ‫يما ىف ىكأىيَّ ىد يى ٍم بً ير و‬ ‫ب فًي قيػليوبً ًه يم ًٍ‬
‫اإل ى‬ ‫ك ىكتى ى‬ ‫أيكلىئً ى‬
‫ادتىوي‬ ‫اف ييػنىافًي يم ىو َّ‬ ‫اإليم ً‬
‫س ًٍ ى‬ ‫ً ً ً َّ‬ ‫اد الٍمحاد ًَّ ً‬ ‫ً ً‬
‫أىنَّك ىال تىج يد يم ٍؤمننا ييػ ىو ُّ ي ى ى‬
‫ّْين للو ىكىر يسولو؛ فىإف نىػ ٍف ى‬
‫اإليما يف انٍػتىػ ىفى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ض ُّدهي ىك يى ىو يم ىو ىاالةي‬ ‫ّْديٍ ًن ٍاآل ىخ ىر‪ ،‬فىًإ ىذا يكج ىد ًٍ ى‬ ‫ىح يد الض َّ‬ ‫ىك ىما يىػ ٍنفي أ ى‬
‫ىف قىػلٍبىوي‬ ‫ك ىدلً نيال ىعلىى أ َّ‬ ‫أى ٍع ىد ًاء اللَّ ًو‪ ،‬فىًإ ىذا ىكا ىف َّ‬
‫الر يج يل ييػ ىوالًي أى ٍع ىداءى اللَّ ًو بًىق ٍلبً ًو ىكا ىف ىذلً ى‬
‫ب‪ .‬ىكًمثٍػليوي قىػ ٍولو تىػ ىعالىى فًي ٍاآليىًة ٍاألي ٍخ ىرل‪( :‬تىػ ىرل ىكثً نيرا‬ ‫ً‬
‫يما يف ال ىٍواج ي‬ ‫لىٍيس فً ًيو ًٍ‬
‫اإل ى‬ ‫ى‬
‫ط اللَّوي ىعلىٍي ًه ٍم‬ ‫س يه ٍم أى ٍف ىس ًخ ى‬ ‫س ىما قى َّد ىم ٍ‬ ‫ً‬ ‫َّ َّ ً‬ ‫ً‬
‫ت لى يه ٍم أىنٍػ يف ي‬ ‫ين ىك ىف يركا لىب ٍئ ى‬‫م ٍنػ يه ٍم يىػتىػ ىول ٍو ىف الذ ى‬
‫اب يى ٍم ىخالً يدك ىف ‪ .‬ىكلى ٍو ىكانيوا ييػ ٍؤًمنيو ىف بًاللَّ ًو ىكالنَّبً ّْي ىكىما أينٍ ًز ىؿ إلىٍي ًو ىما‬ ‫ىكفًي ال ىٍع ىذ ً‬
‫كىم أىكلًياء كلى ًك َّن ىكثًيرا ًم ٍنػهم فى ً‬
‫اس يقو ىف) [المائدة‪ ،]ُٖ-َٖ:‬فى ىذ ىك ىر يج ٍملى نة‬ ‫ن يٍ‬ ‫اتَّ ىخ يذ ي ٍ ٍ ى ى ى‬
‫ؼ لىو الَّتًي تىػ ٍقتى ً‬ ‫ً‬ ‫ط يك ًج ىد ال ىٍم ٍش يرك ي‬ ‫ضي أىنَّوي إذىا يك ًج ىد َّ‬ ‫ىشر ًطيَّةن تىػ ٍقتى ً‬
‫ضي ىم ىع‬ ‫ط بً ىح ٍر ٍ‬ ‫الش ٍر ي‬ ‫ٍ‬

‫(‪( )273‬منهاج السنة النبوية‪.)422/6:‬‬


‫ُّٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫(كلى ٍو ىكانيوا ييػ ٍؤًمنيو ىف بًاللَّ ًو ىكالنَّبً ّْي ىكىما أينٍ ًز ىؿ إلىٍي ًو ىما‬
‫اؿ‪ :‬ى‬
‫الشر ًط انٍتً ىفاء الٍم ٍشر ً‬
‫كط فىػ ىق ى‬ ‫ى ى ي‬ ‫َّ ٍ‬
‫ضادُّهي‬ ‫ور يىػ ٍن ًفي اتّْ ىخاذى يى ٍم أ ٍىكلًيىاءى ىكيي ى‬ ‫يما ىف ال ىٍم ٍذ يك ى‬ ‫ىف ًٍ‬
‫اإل ى‬ ‫اء) فى ىد َّؿ ىعلىى أ َّ‬ ‫ً‬
‫اتَّ ىخ يذ ي‬
‫كى ٍم أ ٍىكليى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ك ىعلىى أ َّ‬
‫ىف ىم ًن اتَّ ىخ ىذ يى ٍم‬ ‫ٍب‪ ،‬ىك ىد َّؿ ذىلً ى‬ ‫اء فًي الٍ ىقل ً‬ ‫يما يف ىكاتّْ ىخاذي يى ٍم أ ٍىكليى ى‬ ‫ىكىال يى ٍجتى ًم يع ًٍ‬
‫اإل ى‬
‫ً‬ ‫اج ً‬ ‫ً‬
‫اف بًاىللَّ ًو ىكالنَّبً ّْي ىكىما أينٍ ًز ىؿ إلىٍي ًو‪ .‬ىكمثٍػليوي‬ ‫اإليم ً‬
‫ب م ىن ًٍ ى‬
‫ً‬
‫يما ىف ال ىٍو ى‬ ‫اء ىما فىػ ىع ىل ًٍ‬
‫اإل ى‬ ‫أ ٍىكليى ى‬
‫ض ىكىم ٍن‬ ‫ض يه ٍم أ ٍىكلًيىاءي بىػ ٍع و‬ ‫ارل أ ٍىكلًيىاءى بىػ ٍع ي‬ ‫َّص ى‬
‫ود ىكالن ى‬ ‫َّخ يذكا الٍيىػ يه ى‬ ‫(ال تىػت ً‬‫قىػ ٍولو تىػ ىعالىى‪ :‬ى‬
‫ٍك ٍاآلي ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ات أ َّ‬
‫ىف‬ ‫يىػتىػ ىولَّ يه ٍم م ٍن يك ٍم فىًإنَّوي م ٍنػ يه ٍم) [المائدة‪ ،]ُٓ:‬فىًإنَّوي أى ٍخبىػ ىر في تل ى ى‬
‫ىف يمتىػ ىولّْيىػ يه ٍم يى ىو ًم ٍنػ يه ٍم"(ُِٕ)‪.‬‬
‫يمتىػ ىولّْيىػ يه ٍم ىال يى يكو يف يم ٍؤًمننا‪ ،‬ىكأى ٍخبىػ ىر يىنىا أ َّ‬
‫كقاؿ عن قوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم (من تشبو بقوـ فهو منهم)‪:‬‬
‫ظاىره‬ ‫"كىذا الحديث أقل أحوالو أنو يقتضي تحريم التشبو بهم‪ ،‬كإف كاف‬
‫ًم ٍنػ يه ٍم)‬ ‫ً‬
‫(كىم ٍن يىػتىػ ىولَّ يه ٍم م ٍن يك ٍم فىًإنَّوي‬
‫يقتضي كفر المتشبو بهم كما في قولو‪ :‬ى‬
‫[المائدة‪.)ِِٕ("]ُٓ:‬‬
‫كقاؿ عن المسلمين الذين قفزكا إلى معسكر التتار عندما ىجموا على‬
‫أرض اإلسالـ في بالد الشاـ كغيرىا‪ " :‬ىكيك ُّل ىم ٍن قىػ ىف ىز إلىٍي ًه ٍم ًم ٍن أ ىيم ىر ًاء ال ىٍع ٍس ىك ًر‬
‫الردَّةً ىع ٍن ىش ىرائً ًع ًٍ‬
‫اإل ٍس ىالًـ بًىق ٍد ًر ىما ٍارتى َّد‬ ‫ىكغىٍيػ ير ٍاأل ىيم ىر ًاء فى يح ٍك يموي يح ٍك يم يه ٍم ىكفًي ًه ٍم ًم ىن ّْ‬
‫ّْين ػ ىم ىع‬ ‫ف قى ٍد س َّموا مانً ًعي َّ ً‬
‫الزىكاة يم ٍرتىد ى‬ ‫ى ٍ ى‬ ‫اإل ٍس ىالًـ‪ .‬ىكإًذىا ىكا ىف َّ‬
‫السلى ي‬ ‫ىع ٍنوي ًم ٍن ىش ىرائً ًع ًٍ‬
‫ف بً ىم ٍن‬ ‫ًً‬ ‫صلُّو ىف ىكلى ٍم يى يكونيوا ييػ ىقاتًليو ىف ىج ىم ى‬ ‫ً‬
‫ين ػ فى ىك ٍي ى‬ ‫اعةى ال يٍم ٍسلم ى‬ ‫ومو ىف ىكيي ى‬‫صي‬ ‫ىك ٍون ًه ٍم يى ي‬
‫ين"(ِّٕ)‪.‬‬ ‫صار مع أى ٍع ىد ًاء اللَّ ًو كرسولًًو قىاتًنال لًل ً ً‬
‫ٍم ٍسلم ى‬ ‫ي‬ ‫ىى ي‬ ‫ى ى ىى‬
‫(‪( )271‬جمموع الفتاوى‪.)18-17/7:‬‬
‫(‪( )272‬اقتضاء الصراط‪.)83/1:‬‬
‫(‪( )273‬جمموع الفتاوى‪.)531-533/28:‬‬
‫ُْٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫اؿ ًم ٍن ىكثًي ور ًم ىن التَّتىا ًر؛ فىًإ َّف‬ ‫ىح َّق بًال ًٍقتى ً‬
‫كقاؿ‪" :‬فى ىم ٍن قىػ ىف ىز ىع ٍنػ يه ٍم إلىى التَّتىا ًر ىكا ىف أ ى‬
‫السنَّةي بًأ َّ‬ ‫ً ً‬ ‫التَّتى ً‬
‫ىف عي يقوبىةى ال يٍم ٍرتى ّْد أى ٍعظى يم‬ ‫ت ُّ‬ ‫ار في ًه ٍم ال يٍم ٍك ىرهي ىكغىٍيػ ير ال يٍم ٍك ىره‪ ،‬ىكقىد ٍ‬
‫استىػ ىق َّر ٍ‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ّْدةو"(ِْٕ)‪.‬‬ ‫ىصلً ّْي م ٍن يك يجوهو يمتىػ ىعد ى‬ ‫م ٍن عي يقوبىًة الٍ ىكافً ًر ٍاأل ٍ‬
‫ص بً ًو‬ ‫ادتيػهم لًرًح ًم أىك ح و‬ ‫ص يل لً َّ‬
‫اجة فىػتى يكو يف ذىنٍػبنا يىػ ٍنػ يق ي‬ ‫لر يج ًل يم ىو َّ ي ٍ ى ٍ ى ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىكقى ٍد تى ٍح ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫اط ً‬ ‫إيمانيو كىال ي يكو يف بً ًو ىكافًرا ىكما حصل ًمن ح ً‬
‫ب ال يٍم ٍش ًرك ى‬
‫ين‬ ‫ب بٍ ًن أىبي بلتعة لى َّما ىكاتى ى‬ ‫ن ى ى ىى ٍ ى‬ ‫ى يى ى‬
‫َّ ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫آمنيوا ىال‬ ‫ين ى‬ ‫صلَّى اللَّوي ىعلىٍيو ىك ىسلَّ ىم ىكأىنٍػ ىز ىؿ اللَّوي فيو (يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬ ‫ض أى ٍخبىا ًر النَّبً ّْي ى‬
‫بًبىػ ٍع ً‬
‫اء تيػ ٍل يقو ىف إلىٍي ًه ٍم بًال ىٍم ىودَّةً) [الممتحنة‪.)ِٕٓ("]ُ:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تىػتَّخ يذكا ىع يد ّْكم ىك ىع يد َّكيك ٍم أ ٍىكليى ى‬
‫كقاؿ‪" :‬قىػ ٍولوي ًأل ٍىى ًل بى ٍد ور ىكنى ٍح ًو ًى ٍم‪( :‬ا ٍع ىمليوا ىما ًش ٍئتي ٍم فىػ ىق ٍد غى ىف ٍرت لى يك ٍم) إ ٍف يح ًم ىل‬
‫الصغىائً ًر أ ٍىك ىعلىى ال ىٍم ٍغ ًف ىرةً ىم ىع التػ ٍَّوبىًة لى ٍم يى يك ٍن فىػ ٍر هؽ بىػ ٍيػنىػ يه ٍم ىكبىػ ٍي ىن غىٍي ًرًى ٍم؛ فى ىك ىما‬
‫ىعلىى َّ‬
‫ىف الٍ يك ٍف ىر ىال ييػ ٍغ ىف ير َّإال بًالتػ ٍَّوبىًة ىال‬‫يث ىعلىى الٍ يك ٍف ًر لً ىما قى ٍد عيلً ىم أ َّ‬ ‫وز حمل الٍح ًد ً‬
‫ىال يى يج ي ى ٍ ي ى‬
‫اب الٍ ىكبىائً ًر"(ِٕٔ)‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫اجتًنى ً‬ ‫ً‬ ‫وز ىح ٍمليوي ىعلىى يم ىج َّرًد َّ‬
‫الصغىائً ًر ال يٍم ىك َّف ىرة بً ٍ‬ ‫يى يج ي‬
‫ظاىر كالمو‪ :‬مظاىرة الكفار على المسلمين قسماف‪ :‬كفر كفسق‪،‬‬
‫كالمظاىرة بالقتاؿ كفر‪ ،‬كالمظاىرة كفعل حاطب رضي اهلل عنو فسق‪.‬‬
‫قلت‪ :‬في ىذا الظاىر من كالمو إشكاالف‪ ،‬اإلشكاؿ األكؿ‪ :‬ما ضابط‬
‫التفصيل؟ أم ما ضابط مظاىرة الكفر كمظاىرة الفسق؟ اإلشكاؿ الثاني‪ :‬ىل‬
‫أحد من الفقهاء األكائل سبقو إلى جعل المظاىرة بالقتاؿ من مظاىرة الكفر من‬
‫غير تفصيل؟‬

‫(‪( )274‬جمموع الفتاوى‪.)534/28:‬‬


‫(‪( )275‬جمموع الفتاوى‪.)523-522/7:‬‬
‫(‪( )276‬جمموع الفتاوى‪.)493/7:‬‬
‫ُٓٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب في سياقو لنواقض اإلسالـ‪" :‬الثامن‪ :‬مظاىرة‬
‫(كىمن يىػتىػ ىولَّ يهم ّْمن يك ٍم‬
‫المشركين كمعاكنتهم على المسلمين‪ ،‬كالدليل قولو تعالى‪ :‬ى‬
‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ين) [المائدة‪ .)ِٕٕ("]ُٓ:‬انتهى‪.‬‬ ‫فىًإنَّوي م ٍنػ يه ٍم إً َّف اللَّوى الى يىػ ٍهدم الٍ ىق ٍوىـ الظَّالم ى‬
‫ظاىر كالمو أف مظاىرة المشركين كمعاكنتهم على المسلمين كفر من غير‬
‫تفصيل‪ ،‬كظاىر كالمو يشمل كل ما يدخل في معنى المظاىرة كالمعاكنة‪ ،‬كالدعوة‬
‫لهم كمناصحتهم كالتجسس لهم كمدىم بالطعاـ كالسالح كالماؿ كالقتاؿ معهم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬في ىذا الظاىر من كالمو إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬ىل أحد من الفقهاء األكائل‬
‫سبقو إلى القوؿ بأف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر من غير تفصيل؟ كىل‬
‫ىذا القوؿ مخالف لما ثبت في السنة؛ ألف فعل حاطب رضي اهلل عنو يدخل‬
‫كفرا؟‬
‫في معنى المظاىرة‪ ،‬كليس ن‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ سليماف بن عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِّّق)‪:‬‬
‫"إف كانت المواالة مع مساكنتهم في ديارىم‪ ،‬كالخركج معهم في قتالهم‪ ،‬كنحو‬
‫ذلك‪ ،‬فإنو يحكم على صاحبها بالكفر"(ِٖٕ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق)‪:‬‬
‫"كأما إف خرج معهم لقتاؿ المسلمين طوعان كاختياران أك أعانهم ببدنو كمالو فال‬
‫شك أف حكمو حكمهم في الكفر"(ِٕٗ)‪.‬‬

‫(‪( )277‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)362-361/2:‬‬


‫(‪( )278‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)159/8:‬‬
‫(‪( )279‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)457/8:‬‬
‫ُٔٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد‬


‫الوىاب (تُِّٗق)‪" :‬كتعزيرىم كتوقيرىم كذلك تحتو أنواع أيضان‪ ،‬أعظمها‪:‬‬
‫رفع شأنهم‪ ،‬كنصرتهم على أىل اإلسالـ كمبانيو‪ ،‬كتصويب ما ىم عليو؛ فهذا‬
‫كجنسو من المكفرات"(َِٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪":‬فكيف بمن أعانهم أك جرىم على بالد أىل اإلسالـ‪ ،‬أك أثنى عليهم‬
‫أك فضلهم بالعدؿ على أىل اإلسالـ‪ ،‬كاختار ديارىم كمساكنتهم ككاليتهم‪،‬‬
‫كأحب ظهورىم؟! فإف ىذا ردة صريحة باالتفاؽ"(ُِٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد‬
‫بن عبد الوىاب (تَُّْق)‪" :‬كمن جرىم كأعانهم على المسلمين بأم‬
‫إعانة فهي ردة صريحة"(ِِٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ بعضهم‪" :‬مما يوجب الجهاد لمن اتصف بو مظاىرة المشركين‪،‬‬
‫كإعانتهم على المسلمين‪ ،‬بيد أك بلساف أك بقلب أك بماؿ‪ ،‬فهذا كفر مخرج‬
‫من اإلسالـ‪ ،‬فمن أعاف المشركين على المسلمين كأمد المشركين من مالو بما‬
‫اختيارا منو فقد كفر"(ِّٖ)‪.‬‬
‫ن‬ ‫يستعينوف بو على حرب المسلمين‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن حميد (ت‪َُِْ:‬ق) نقالن عن علماء الدعوة‬
‫السلفية‪" :‬كأما التولي فهو إكرامهم‪ ،‬كالثناء عليهم‪ ،‬كالنصرة كالمعاكنة لهم على‬

‫(‪( )283‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)363/8:‬‬


‫(‪( )281‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)326/8:‬‬
‫(‪( )282‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)429/13:‬‬
‫(‪( )283‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)292/9:‬‬
‫ُٕٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫ظاىرا؛ فهذا ردة من فاعلو‪ ،‬يجب‬


‫المسلمين‪ ،‬كالمعاشرة‪ ،‬كعدـ البراءة منهم ن‬
‫أف تجرل عليو أحكاـ المرتدين‪ ،‬كما يدؿ على ذلك الكتاب كالسنة‪ ،‬كإجماع‬
‫األمة المقتدل بهم"(ِْٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد العزيز بن باز (ت‪َُِْ:‬ق)‪" :‬كقد أجمع علماء اإلسالـ‬
‫على أف من ظاىر الكفار على المسلمين كساعدىم عليهم بأم نوع من‬
‫المساعدة فهو كافر مثلهم"(ِٖٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ال يوجد خالؼ بين المتقدمين من أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد‬
‫بن عبد الوىاب على القوؿ بأف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر من غير‬
‫تفصيل‪ ،‬كلم أجد أح ندا منهم يستثني فعل حاطب رضي اهلل عنو من الكفر‪ ،‬إال‬
‫الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب‬
‫(تُِّٗق)‪ ،‬حيث قاؿ‪" :‬كأنزؿ اهلل في ذلك صدر سورة الممتحنة‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ ً‬
‫اء) [الممتحنة‪ ]ُ:‬اآليات‪،‬‬‫آمنيوا ال تىػتَّخ يذكا ىع يد ّْكم ىك ىع يد َّكيك ٍم أ ٍىكليى ى‬ ‫(يىا أىيُّػ ىها الذ ى‬
‫ين ى‬
‫فدخل حاطب في المخاطبة باسم اإليماف ككصفو بو‪ ،‬كتناكلو النهي بعمومو‪،‬‬
‫كلو خصوص السبب الداؿ على إرادتو‪ ،‬مع أف في اآلية الكريمة ما يشعر أف‬
‫فعل حاطب نوع مواالة‪ ،‬كأنو أبلغ إليهم بالمودة‪ ،‬كأف فاعل ذلك قد ضل سواء‬
‫السبيل‪ ،‬لكن قولو‪ :‬صدقكم‪ ،‬خلوا سبيلو" ظاىر في أنو ال يكفر بذلك؛ إذ كاف‬
‫مؤمننا باهلل كرسولو‪ ،‬غير شاؾ‪ ،‬كال مرتاب‪ ،‬كإنما فعل ذلك لغرض دنيوم‪ .‬كلو‬

‫(‪( )284‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)479/15:‬‬


‫(‪( )285‬جمموع فتاوى ابن باز‪.)269/1:‬‬
‫ُٖٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كفر لما قاؿ‪" :‬خلوا سبيلو"‪ .‬كال يقاؿ‪ :‬قولو صلى اهلل عليو كسلم‪" :‬ما يدريك‬
‫لعل اهلل اطلع على أىل بدر‪ ،‬فقاؿ اعملوا ما شئتم‪ ،‬فقد غفرت لكم"‪ :‬ىو‬
‫المانع من تكفيره؛ ألنا نقوؿ‪ :‬لو كفر لما بقي من حسناتو ما يمنع من لحاؽ‬
‫(ِٖٔ)‬
‫انتهى‪ ،‬كخالصة كالمو‪ :‬فعل‬ ‫الكفر كأحكامو؛ فإف الكفر يهدـ ما قبلو"‬
‫حاطب يدخل في المواالة التي ىي كفر‪ ،‬لكن بينت السنة أنو مستثنى من‬
‫الكفر‪ .‬كالقوؿ بأف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر من غير تفصيل موافق‬
‫لقوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كسبق ذكر اإلشكاؿ في ىذا القوؿ‪.‬‬
‫كالقوؿ بأف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر باستثناء فعل حاطب فيو‬
‫إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬ىل أحد من الفقهاء األكائل ذكر أف مظاىرة الكفار على‬
‫المسلمين كفر باستثناء فعل حاطب؟ كإذا كاف فعل حاطب مستثنى من الكفر؛‬
‫كفرا إف كانت لغرض‬‫ألف غرضو دنيوم أال يقتضي ىذا أف المظاىرة ليست ن‬
‫دنيوم‪ ،‬ال أف فعل حاطب خاصة ىو المستثنى من الكفر؟ كأما المتأخركف من‬
‫أئمة الدعوة فاألكثركف على أف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر من غير‬
‫يفصل فيجعل المظاىرة على قسمين مظاىرة دينية كىي كفر‬
‫تفصيل‪ ،‬كمنهم من َّ‬
‫كمظاىرة دنيوية كىي فسق‪ ،‬كىذا ال إشكاؿ فيو؛ النضباطو‪ ،‬كقوؿ األكثرين‬
‫موافق لقوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪ ،‬كسبق ذكر اإلشكاؿ في ىذا‬
‫القوؿ‪.‬‬

‫(‪( )286‬جمموع فتاوى ابن باز‪.)473/1:‬‬


‫ُٗٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب قياـ كبقاء الدكلة اإلسالمية‬

‫فصل‪ :‬ما حكم إقرار الحاكم المتغلب؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫ىف اللَّو تىػعالىى أىكجب ٍاألىمر بًالٍمعر ً‬
‫َّه ىي ىع ًن‬ ‫كؼ ىكالنػ ٍ‬ ‫ٍ ى ى ٍى ى ٍي‬ ‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ " :‬ىكًأل َّ ى ى‬
‫ٍجه ً‬ ‫ً‬ ‫ارةو‪ .‬ىكىك ىذلً ى‬ ‫ً ً‬ ‫ال يٍم ٍن ىك ًر‪ ،‬ىكىال يىتً ُّم ذىلً ى‬
‫اد‬ ‫ك ىسائًير ىما أ ٍىك ىجبىوي م ىن ال ً ى‬ ‫ك َّإال ب يق َّوة ىكإً ىم ى‬
‫كد ىال تىتً ُّم َّإال‬ ‫ً‬
‫وـ كإًقىام ًة الٍح يد ً‬ ‫كالٍع ٍد ًؿ كإًقىام ًة الٍح ّْج كالٍجم ًع ك ٍاألى ٍعي ً‬
‫ص ًر ال ىٍمظٍلي ى ى ي‬ ‫اد ىكنى ٍ‬ ‫ى ى ى ى ى ى يى ى ى‬
‫ارةً" ‪.‬‬ ‫بًالٍ يق َّوةً ىك ًٍ‬
‫(ِٕٖ)‬
‫اإل ىم ى‬
‫كقاؿ‪" :‬كإف كاف بعض أىل الكالـ يقولوف إف اإلمامة تنعقد ببيعة أربعة كما‬
‫قاؿ بعضهم تنعقد ببيعة اثنين كقاؿ بعضهم تنعقد ببيعة كاحد فليست ىذه‬
‫أقواؿ أئمة السنة‪ ،‬بل اإلمامة عندىم تثبت بموافقة أىل الشوكة عليها‪ ،‬كال‬
‫إماما حتى يوافقو أىل الشوكة عليها الذين يحصل بطاعتهم لو‬‫يصير الرجل ن‬
‫مقصود اإلمامة؛ فإف المقصود من اإلمامة إنما يحصل بالقدرة كالسلطاف‪ ،‬فإذا‬
‫(ِٖٖ)‬
‫‪ .‬كقاؿ‪" :‬كلو قدر أف‬ ‫إماما"‬
‫بويع بيعة حصلت بها القدرة كالسلطاف صار ن‬
‫إماما بذلك‪،‬‬
‫عمر كطائفة معو بايعوه كامتنع سائر الصحابة عن البيعة لم يصر ن‬
‫(ِٖٗ)‬
‫إماما بمبايعة جمهور الصحابة الذين ىم أىل القدرة كالشوكة" ‪.‬‬
‫كإنما صار ن‬
‫إماما بموافقة كاحد أك اثنين أك أربعة كليسوا ىم‬
‫كقاؿ‪" :‬فمن قاؿ إنو يصير ن‬
‫(‪( )287‬جمموع الفتاوى‪.)393/28:‬‬
‫(‪( )288‬منهاج السنة النبوية‪.)527-526/1:‬‬
‫(‪( )289‬منهاج السنة النبوية‪.)533/1:‬‬
‫َُٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫(َِٗ)‬
‫‪.‬‬ ‫ذكم القدرة كالشوكة فقد غلط"‬
‫السنَّةي أى ٍف ي يكو ىف لًلٍمسلً ًمين إم ً‬
‫ض أ َّ‬
‫ىف‬ ‫اـ ىكاح هد ىكالٍبىاقيو ىف نيػ َّوابيوي‪ ،‬فىًإذىا في ًر ى‬ ‫يٍ ى ىه‬ ‫ى‬ ‫كقاؿ‪ " :‬ىك ُّ‬
‫ين أ ٍىك غىٍي ًر ىذلً ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ت عن ىذلً ى ً ً ً ً‬
‫ك‬ ‫ك ل ىم ٍعصيىة م ٍن بىػ ٍعض ىها ىك ىع ٍج وز م ىن الٍبىاق ى‬ ‫ٍاأل َّيمةى ىخ ىر ىج ٍ ى ٍ‬
‫كد ىكيى ٍستىػ ٍوفً ىي‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ً ً و‬
‫ٍح يد ى‬‫يم ال ي‬ ‫ب ىعلىى يك ّْل ىإماـ أى ٍف ييق ى‬ ‫فى ىكا ىف لى ىها ع َّدةي أىئ َّمة لى ىكا ىف يىج ي‬
‫ىح ىك ًام ًه ٍم ىما ييػنىػ َّف يذ ًم ٍن‬ ‫ً‬
‫إف أ ٍىى ىل الٍبىػ ٍغ ًي ييػنىػ َّف يذ م ٍن أ ٍ‬ ‫اؿ الٍعيلى ىماءي َّ‬ ‫ٍح يقو ىؽ؛ ىكلً ىه ىذا قى ى‬‫ال ي‬
‫ىح ىك ًاـ أ ٍىى ًل ال ىٍع ٍد ًؿ" ‪.‬‬
‫(ُِٗ)‬
‫أٍ‬
‫اجب ً‬ ‫ً‬ ‫ىف ًكىاليةى أىم ًر الن ً ً‬ ‫ً‬
‫ات الدّْي ًن‪ ،‬بى ٍل ىال‬ ‫َّاس م ٍن أى ٍعظى ًم ىك ى‬ ‫ؼ أ َّ ى ٍ‬ ‫ب أى ٍف ييػ ٍع ىر ى‬‫كقاؿ‪" :‬يىج ي‬
‫صلى ىحتيػ يه ٍم َّإال بً ًاال ٍجتً ىم ًاع‬‫آد ىـ ىال تىتً ُّم ىم ٍ‬ ‫لدنٍػيىا َّإال بً ىها؛ فىًإ َّف بىنًي ى‬ ‫اـ لًلدّْي ًن ىكىال لً ُّ‬
‫قيى ى‬
‫ً‬
‫(ِِٗ)‬
‫س" ‪.‬‬ ‫ض‪ ،‬ىكىال بي َّد لى يه ٍم ًع ٍن ىد ًاال ٍجتً ىم ًاع ًم ٍن ىرأٍ و‬‫ض ًه ٍم إلىى بىػ ٍع و‬ ‫لًحاج ًة بػ ٍع ً‬
‫ى ى ى‬
‫كقاؿ‪" :‬كقد اتفقت الصحابة على قتالهم‪ ،‬كال خالؼ بين علماء السنة أنهم‬
‫يقاتلوف مع أئمة العدؿ مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اهلل عنو‪،‬‬
‫لكن ىل يقاتلوف مع أئمة الجور فنقل عن مالك أنهم ال يقاتلوف‪ ،‬ككذلك قاؿ‬
‫فيمن نقض العهد من أىل الذمة ال يقاتلوف مع أئمة الجور‪ ،‬كنقل عنو أنو قاؿ‬
‫ذلك في الكفار‪ ،‬كىذا منقوؿ عن مالك كبعض أصحابو‪ ،‬كنقل عنو خالؼ‬
‫ذلك‪ ،‬كىو قوؿ الجمهور‪ ،‬كأكثر أصحابو خالفوه في ذلك‪ ،‬كىو مذىب أبي‬
‫فاجرا إذا كاف‬
‫حنيفة كالشافعي كأحمد‪ ،‬كقالوا‪ :‬يغزل مع كل أمير ِّبرا كاف أك ن‬

‫(‪( )293‬منهاج السنة النبوية‪.)531/1:‬‬


‫(‪( )291‬جمموع الفتاوى‪.)175/34:‬‬
‫(‪( )292‬جمموع الفتاوى‪.)393/28:‬‬
‫ُُٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫جائزا؛ فإذا قاتل الكفار أك المرتدين أك ناقضي العهد أك‬


‫الغزك الذم يفعلو ن‬
‫مشركعا قوتل معو‪ ،‬كإف قاتل قتاالن غير جائز لم يقاتل معو‪،‬‬
‫ن‬ ‫الخوارج قتاالن‬
‫(ِّٗ)‬
‫‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫فيعاكف على البر كالتقول كال يعاكف على اإلثم كالعدكاف"‬
‫معنى كالمو‪ :‬األمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر كاجب‪ ،‬كمن األمر‬
‫بالمعركؼ كالنهي عن المنكر ما ال يتحقق إال بالحاكم‪ ،‬كعليو فتنصيب الحاكم‬
‫كاجب‪ .‬ككيفية تنصيب الحاكم ىي‪ :‬مبايعة أىل الحل كالعقد لو‪ ،‬كال يشترط‬
‫اجتماعهم لصحة المبايعة‪ ،‬كال يشترط عدد معين منهم‪ ،‬كلكن يشترط قياـ‬
‫الشوكة‪ ،‬كىم كثرة األتباع‪ ،‬كعليو فلو أف بعض أىل الحل كالعقد بايعوا المؤىل‬
‫للحكم كترتب على البيعة شوكة صحت البيعة‪ .‬كال يجوز تنصيب أكثر من‬
‫حاكم‪ ،‬مهما اتسعت بالد المسلمين‪ ،‬بل السنة أم الشريعة الواجبة أف يكوف‬
‫الحاكم كاح ندا‪ ،‬كالحكاـ على المناطق األخرل نوابنا لو‪ ،‬كإذا حصل ما ال يجوز‬
‫من تعدد الحكاـ فيجب على كل حاكم أف يقوـ بوظيفة الحاكم‪ .‬ككظيفة‬
‫الحاكم‪ :‬مراعاة المصالح الدينية كالمصالح الدنيوية‪ ،‬كالحكمة من كظيفتو‬
‫اجتماع الكلمة؛ ألف مراعاة المصالح قابلة لالجتهاد‪ ،‬فبتنصيب الحاكم تجتمع‬
‫الكلمة على تنفيذ اجتهاده‪ ،‬كعليو فيجب على الناس طاعة الحاكم في اجتهاده‬
‫المتعلق بالحكم‪ .‬كمن طاعة الحاكم القتاؿ الشرعي معو‪ ،‬كقتاؿ الكفار سواء‬
‫كانوا حربيين أك مرتدين أك أىل ذمة نقضوا العهد‪ ،‬أك قتاؿ المسلمين‬
‫المستحقين للقتاؿ سواء كانوا بغاة أك قطاع طريق أك طائفة ممتنعة عن شعيرة‬

‫(‪( )293‬منهاج السنة النبوية‪.)71-73/6:‬‬


‫ُِٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫من شعائر اإلسالـ؛ فإذا كاف الحاكم عادالن فال خالؼ في القتاؿ معو‪ ،‬كإذا‬
‫جائرا فالمشهور عن اإلماـ مالك أنو ال ييقاتل معو‪ ،‬كىذا مخالف لما عليو‬
‫كاف ن‬
‫جماىير علماء السلف‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬يجب إقرار الحاكم المتغلب ضركرة‪.‬‬
‫كجو ذلك من كالمو‪ :‬تعدد الحكاـ ال يكوف إال بالتغلب؛ ألف الحاكم‬
‫حراما‪،‬‬
‫الشرعي كاحد‪ ،‬كغيره من الحكاـ متغلبوف على الحكم كمرتكبوف ن‬
‫ككجوب إقرارىم على الحكم إنما يكوف ضركرة لمنع مفسدة أعظم من مفسدة‬
‫التعدد‪ ،‬كعليو فوجوب إقرارىم يتضمن كجوب إقرار الحاكم المتغلب‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا الكالـ ال إشكاؿ فيو‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ‬
‫بعض طلبة العلم المتأخرين المنتمين للدعوة السلفية‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬األئمة مجمعوف من كل مذىب على‬
‫أف من تغلب على بلد أك بلداف لو حكم اإلماـ في جميع األشياء‪ ،‬كلوال ىذا ما‬
‫استقامت الدنيا؛ ألف الناس من زماف طويل قبل اإلماـ أحمد إلى يومنا ىذا ما‬
‫اجتمعوا على إماـ كاحد‪ ،‬كال يعرفوف أح ندا من العلماء ذكر أف شيئنا من‬
‫(ِْٗ)‬
‫األحكاـ ال يصح إال باإلماـ األعظم" ‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كأرل كجوب السمع كالطاعة ألئمة المسلمين برىم كفاجرىم‪ ،‬ما لم‬
‫يأمركا بمعصية اهلل"(ِٓٗ)‪.‬‬

‫(‪( )294‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)5/9:‬‬


‫(‪( )295‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)33/1:‬‬
‫ُّٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫معنى كالمو‪ :‬إذا حصل ما ال يجوز من تعدد الحكاـ بالتغلب فيجب على‬
‫كل حاكم أف يقوـ بوظيفة الحاكم‪ ،‬كيجب على الناس طاعة الحاكم في‬
‫اجتهاده المتعلق بالحكم‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬يجب إقرار الحاكم المتغلب ضركرة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا بمعنى كالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو فال إشكاؿ فيو‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫ال خالؼ بين أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب ال من‬
‫المتقدمين كال من المتأخرين على كجوب إقرار الحاكم المتغلب ضركرة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ىذا بمعنى كالـ شيخ اإلسالـ‪ ،‬كعليو فال إشكاؿ فيو‪ ،‬كإنما‬
‫اإلشكاؿ أف بعض طلبة العلم المتأخرين المنتمين للدعوة السلفية تبنى القوؿ‬
‫بعدـ جواز إقرار الحاكم المتغلب‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ما حكم الخركج على الحاكم؟‬


‫فرع‪ :‬قوؿ شيخ اإلسالـ‪:‬‬
‫قاؿ شيخ اإلسالـ‪ً " :‬م ىن ال ًٍعل ًٍم ىكال ىٍع ٍد ًؿ ال ىٍمأ يٍموًر بً ًو َّ‬
‫الص ٍبػ ير ىعلىى ظيل ًٍم ٍاألىئً َّم ًة‬
‫اع ًة" ‪.‬‬
‫(ِٔٗ)‬ ‫وؿ أ ٍىى ًل ُّ ً‬ ‫يص ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ٍج ىم ى‬‫السنَّة ىكال ى‬ ‫ىك ىج ٍوًرى ٍم ىك ىما يى ىو م ٍن أ ي‬
‫كقاؿ‪" :‬مجرد كجود البغي من إماـ أك طائفة ال يوجب قتالهم‪ ،‬بل ال‬
‫(ِٕٗ)‬
‫يبيحو" ‪.‬‬

‫(‪( )296‬جمموع الفتاوى‪.)179/28:‬‬


‫(‪( )297‬االستقامة‪.)32/1:‬‬
‫ُْٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ‪" :‬ألف الفساد في القتاؿ كالفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم‬


‫(ِٖٗ)‬
‫بدكف قتاؿ كال فتنة؛ فال يدفع أعظم الفسادين بالتزاـ أدناىما" ‪.‬‬
‫الر ًعيَّ ًة َّ‬
‫الص ٍبػ ير ىعلىى ىج ٍوًر ٍاألىئً َّم ًة ىكظيل ًٍم ًه ٍم إ ىذا لى ٍم يى يك ٍن فًي‬ ‫ب ىعلىى َّ‬ ‫ً‬
‫كقاؿ‪" :‬يىج ي‬
‫(ِٗٗ)‬
‫اج ىحةه" ‪.‬‬ ‫الص ٍب ًر م ٍفس ىدةه ر ً‬ ‫ً‬
‫تىػ ٍرؾ َّ ى ى ى‬
‫كقاؿ‪" :‬كإذا قاؿ القائل‪ :‬إف عليِّا كالحسين إنما تركا القتاؿ في آخر األمر‬
‫للعجز؛ ألنو لم يكن لهما أنصار‪ ،‬فكاف في المقاتلة قتل النفوس بال حصوؿ‬
‫المصلحة المطلوبة‪ .‬قيل لو‪ :‬كىذا بعينو ىو الحكمة التي راعاىا الشارع صلى‬
‫(ََّ)‬
‫اهلل عليو كسلم في النهي عن الخركج على األمراء" ‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫معنى كالمو‪ :‬يجب الصبر على ظلم األئمة‪ ،‬كال يجوز الخركج عليهم‬
‫يجوز الخركج عليهم مجرد الظلم أم قليل الظلم‪،‬‬
‫لظلمهم‪ ،‬كالظلم الذم ال ّْ‬
‫كعلة المنع من الخركج عليهم ما يترتب عليو من المفسدة الراجحة‪ ،‬ككذلك ال‬
‫يجوز الخركج عند العجز لقلة األنصار؛ لعدـ حصوؿ المصلحة المطلوبة‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬ال يجوز الخركج على الحاكم الظالم قليل الظلم‪ ،‬أك كثير‬
‫الظلم مع العجز لقلة األنصار‪.‬‬
‫كمفهوـ كالمو‪ :‬أنو إذا حدث من الحاكم ظلم كثير كالخارجوف عندىم قدرة‬
‫لكثرة األنصار فيجوز الخركج عليو لحصوؿ المصلحة المطلوبة التي ىي زكاؿ‬
‫الظلم الكثير‪.‬‬

‫(‪( )298‬منهاج السنة النبوية‪.)391/3:‬‬


‫(‪( )299‬جمموع الفتاوى‪.)183/28:‬‬
‫(‪( )333‬منهاج السنة النبوية‪.)536/4:‬‬
‫ُٓٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬ال إشكاؿ في ىذا الكالـ‪ ،‬كإنما ذكرتو للتفريق بين كالمو ككالـ أئمة‬
‫الدعوة‪.‬‬
‫فرع‪ :‬قوؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كمن كلي الخالفة كاجتمع عليو الناس‬
‫كرضوا بو كغلبهم بسيفو حتى صار خليفة كجبت طاعتو‪ ،‬كحرـ الخركج عليو"(َُّ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عن أىل الجاىلية‪" :‬مخالفة كلي األمر عندىم كعدـ االنقياد‬
‫لو فضيلة‪ ،‬كالسمع كالطاعة ذؿ كمهانة‪ ،‬فخالفهم رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬
‫كسلم كأمر بالصبر على جور الوالة‪ ،‬كأمر بالسمع كالطاعة لهم‪ ،‬كالنصيحة‪،‬‬
‫كغلظ في ذلك‪ ،‬كأبدل فيو كأعاد"(َِّ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬ال يجوز الخركج على الحاكم الظالم‪.‬‬
‫يجوز الخركج عليو مجرد‬
‫كفي كالمو احتماالف‪ :‬األكؿ‪ :‬الظلم الذم ال ّْ‬
‫يجوز الخركج عليو مطلق الظلم أم‬
‫الظلم أم قليلو‪ .‬كالثاني‪ :‬الظلم الذم ال ّْ‬
‫قليلو ككثيره‪.‬‬
‫كفي االحتماؿ الثاني إشكاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬ىل ىو مراد النبي صلى اهلل عليو كسلم‬
‫كمراد السلف؟ كىل الحكمة من ذلك مراعاة مصلحة الناس أك مصلحة‬
‫الحاكم؛ ألف الظلم قد يكوف كثي نرا يصل لعامة الناس في دينهم كدمائهم‬
‫كأموالهم كنسائهم؟‬

‫(‪( )331‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)33/1:‬‬


‫(‪( )332‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)33/1:‬‬
‫ُٔٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فرع‪ :‬قوؿ أئمة الدعوة بعد الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪:‬‬


‫لم أقف على كالـ للمتقدمين من أئمة الدعوة يتعلق بهذا الفصل‪ ،‬إال للشيخ‬
‫عبد اهلل بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب‬
‫(تَُّْق)‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد اللطيف‪" :‬كقولو‪( :‬أف ال ننازع األمر أىلو) دليل‬
‫بواحا‪ ،‬كىو الظاىر الذم قد باح‬
‫كفرا ن‬
‫على المنع من قتاؿ األئمة‪ ،‬إال أف يركا ن‬
‫بو صاحبو‪ ،‬فطاعة كلي األمر كترؾ منازعتو طريقة أىل السنة كالجماعة‪ ،‬كىذا‬
‫ىو فصل النٌزاع بين أىل السنة كبين الخوارج كالرافضة"(َّّ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫خالصة كالمو‪ :‬ال يجوز الخركج على الحاكم الظالم‪.‬‬
‫كفي كالمو االحتماالف المذكوراف في كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كأما المتأخركف من أئمة الدعوة فال يكاد يوجد خالؼ بينهم على أف‬
‫يجوز الخركج على الحاكم مطلق الظلم‪ ،‬كعليو ففيو نفس‬‫الظلم الذم ال ّْ‬
‫اإلشكاؿ المذكور في أحد االحتمالين من كالـ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪.‬‬

‫(‪( )333‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)92/9:‬‬


‫ُٕٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫تتمة تتعلق بالدعوة السلفية في نجد‬

‫كفيها ثالثة أبواب‪:‬‬


‫األكؿ‪ :‬باب تكفير كقتاؿ المخالفين‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬باب تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬باب االتهامات الموجهة للدعوة السلفية في نجد‪.‬‬

‫ُٖٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب تكفير كقتاؿ المخالفين‬


‫تعرض الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو في حياتو لالعتداء‪ ،‬كسبب‬
‫االعتداء عليهم قيامهم بالدعوة‪ ،‬كنوع االعتداء عليهم تكفيرىم كاستباحة‬
‫دمائهم كأموالهم‪ ،‬كنتيجة لذلك حدث من الشيخ كأتباعو النوع األكؿ من‬
‫القتاؿ‪ ،‬كىو‪ :‬قتاؿ المعتدين‪ .‬ثم مع ظهور الدعوة في حياتو كبعد موتو حدث‬
‫منهم نوعاف آخراف من القتاؿ؛ أحدىما‪ :‬قتاؿ أىل الشرؾ بعد إقامة الحجة‬
‫عليهم‪ ،‬كقتاؿ الطائفة الممتنعة عن شعيرة من شعائر اإلسالـ‪ .‬كاآلخر‪ :‬قتاؿ‬
‫المظاىرين ألىل الشرؾ كالطائفة الممتنعة‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كأما القتاؿ فلم نقاتل أحدان إلى اليوـ‬
‫إال دكف النفس كالحرمة‪ ،‬كىم الذين أتونا في ديارنا كال أبقوا ممكنان‪ ،‬كلكن قد‬
‫نقاتل بعضهم على سبيل المقابلة (كجزاء سيئة سيئة مثلها)‪ .‬ككذلك من جاىر‬
‫بسب دين الرسوؿ بعد ما عرفو"(َّْ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬فهذا ىو الذم أكجب االختالؼ بيننا كبين الناس حتى آؿ بهم‬
‫األمر إلى أف كفركنا كقاتلونا كاستحلوا دماءنا كأموالنا حتى نصرنا اهلل عليهم‪،‬‬
‫كظفرنا بهم"(َّٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬األدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرؾ باهلل أك صار مع‬
‫المشركين على الموحدين كلو لم يشرؾ أكثر من أف تحصر‪ ،‬من كالـ اهلل‬
‫ككالـ رسولو ككالـ أىل العلم كلهم"(َّٔ)‪.‬‬
‫(‪( )334‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)98/1:‬‬
‫(‪( )335‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)88-87/1:‬‬
‫(‪( )336‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)9-8/13:‬‬
‫ُٗٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كقاؿ‪" :‬كىو الذم ندعو الناس إليو كنقاتلهم عليو بعد ما نقيم عليهم الحجة‬
‫من كتاب اهلل كسنة رسولو كإجماع السلف الصالح من األئمة ممتثلين لقولو‬
‫ّْين يكلُّوي لًلَّ ًو)‬ ‫ً‬
‫وى ٍم ىحتَّى ال تى يكو ىف ف ٍتػنىةه ىكيى يكو ىف الد ي‬ ‫(كقىاتًلي ي‬
‫سبحانو كتعالى‪ :‬ى‬
‫[األنفاؿ‪ ،]ّٗ:‬فمن لم يجب الدعوة بالحجة كالبياف قاتلناه بالسيف كالسناف‪،‬‬
‫اب ىكال ًٍم ىيزا ىف‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كما قاؿ تعالى‪( :‬لىىق ٍد أ ٍىر ىسلٍنىا ير يسلىنىا بًالٍبىػيّْػنىات ىكأىنٍػ ىزلٍنىا ىم ىع يه يم الٍكتى ى‬
‫لًيػ يقوـ النَّاس بًال ًٍقس ًط كأىنٍػزلٍنا الٍح ًدي ىد فً ًيو بأٍس ىش ًدي هد كمنافًع لًلن ً ً‬
‫َّاس ىكليىػ ٍعلى ىم اللَّوي‬ ‫ى ىى ي‬ ‫ى ه‬ ‫ٍ ى ىى ى‬ ‫ي‬ ‫ى ى‬
‫م ىع ًز هيز) [الحديد‪ .]ِٓ:‬كندعو الناس إلى‬ ‫ب إً َّف اللَّوى قى ًو ّّ‬‫ص يرهي ىكير يسلىوي بًالٍغىٍي ً‬
‫ىم ٍن يىػ ٍن ي‬
‫إقاـ الصالة في الجماعات على الوجو المشركع‪ ،‬كإيتاء الزكاة‪ ،‬كصياـ شهر‬
‫رمضاف‪ ،‬كحج بيت اهلل الحراـ‪ ،‬كنأمر بالمعركؼ كننهى عن المنكر‪ ،‬كما قاؿ‬
‫الزىكا ىة كأىمركا بًالٍمعر ً‬ ‫َّاى ٍم فًي األ ٍىر ً‬ ‫َّ ً‬
‫كؼ‬ ‫الصال ىة ىكآتىػ يوا َّ ى ى ي ى ٍ ي‬ ‫ض أىقى ياموا َّ‬ ‫ين إً ٍف ىم َّكن ي‬‫تعالى‪( :‬الذ ى‬
‫ىكنىػ ىه ٍوا ىع ًن ال يٍم ٍن ىك ًر ىكلًلَّ ًو ىعاقًبىةي األ ييموًر) [الحج‪.)َّٕ("]ُْ:‬‬
‫كقاؿ‪" :‬نقاتل عباد األكثاف كما قاتلهم صلى اهلل عليو كسلم‪ ،‬كنقاتلهم على‬
‫ترؾ الصالة كعلى منع الزكاة كما قاتل مانعها صديق ىذه األمة أبو بكر‬
‫الصديق رضي اهلل عنو"(َّٖ)‪.‬‬
‫كقاؿ ػ بعد أف ذكر أربعة أشياء كىي‪ :‬بياف التوحيد‪ ،‬كبياف الشرؾ‪ ،‬كتكفير‬
‫من ترؾ التوحيد كفعل الشرؾ بعد إقامة الحجة عليو‪ ،‬كقتالهم ػ‪" :‬فلما اشتهر‬
‫عني ىؤالء األربع صدقني من يدعي أنو من العلماء في جميع البلداف في‬
‫التوحيد كفي نفي الشرؾ‪ ،‬كردكا علي التكفير كالقتاؿ"(َّٗ)‪.‬‬
‫(‪( )337‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)88-87/1:‬‬
‫(‪( )338‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪ )83-82/1:‬و(‪.)74/13‬‬
‫(‪( )339‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)113/13:‬‬
‫َُٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كجهارا أف‬
‫ن‬ ‫سرا‬
‫كقاؿ "إذا كانوا أكثر من عشرين سنة يقركف ليالن كنهاران ِّ‬
‫التوحيد الذم أظهر ىذا الرجل ىو دين اهلل كرسولو‪ ،‬لكن الناس ال يطيعوننا‪،‬‬
‫كأف الذم أنكره ىو الشرؾ‪ ،‬كىو صادؽ في إنكاره‪ ،‬كلكن لو يسلم من‬
‫التكفير كالقتاؿ‪ ،‬كاف على الحق؛ ىذا كالمهم على رؤكس األشهاد‪ ،‬ثم مع ىذا‬
‫يعادكف التوحيد كمن ماؿ إليو‪ ،‬العداكة التي تعرؼ‪ ،‬كلو لم يكفر كيقاتل‪،‬‬
‫كينصركف الشرؾ نصر الذم تعرؼ‪ ،‬مع إقرارىم بأنو شرؾ"(َُّ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كلكنهم يجادلونكم اليوـ بشبهة كاحدة‪ ،‬فأصغوا لجوابها‪ ،‬كذلك‬
‫أنهم يقولوف‪ :‬كل ىذا حق‪ ،‬نشهد أنو دين اهلل كرسولو‪ ،‬إال التكفير‪ ،‬كالقتاؿ؛‬
‫كالعجب ممن يخفى عليو جواب ىذا! إذا أقركا أف ىذا دين اهلل كرسولو‪ ،‬كيف‬
‫ال يكفر من أنكره‪ ،‬كقتل من أمر بو كحبسهم؟!"(ُُّ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب (تُِِْق)‪" :‬كال نكفر‬
‫إال من بلغتو دعوتنا للحق‪ ،‬ككضحت لو المحجة‪ ،‬كقامت عليو الحجة‪ ،‬كأصر‬
‫مستكبرا معان ندا‪ ،‬كغالب من نقاتلهم اليوـ‪ ،‬يصركف على ذلك اإلشراؾ‪،‬‬
‫ن‬
‫كيمتنعوف من فعل الواجبات‪ ،‬كيتظاىركف بأفعاؿ الكبائر كالمحرمات؛ كغير‬
‫الغالب إنما نقاتلو لمناصرتو من ىذه حالو‪ ،‬كرضاه بو‪ ،‬كلتكثير سواد من ذكر‪،‬‬
‫كالتأليب معو‪ ،‬فلو حينئذ حكمو في قتالو"(ُِّ)‪.‬‬
‫كقاؿ أبناء الشيخ محمد بن عبد الوىاب‪" :‬كأما من بلغتو دعوتنا إلى توحيد‬

‫(‪( )313‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)115/13:‬‬


‫(‪( )311‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)8/13:‬‬
‫(‪( )312‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)234/1:‬‬
‫ُُٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫اهلل كالعمل بفرائض اهلل كأبى أف يدخل في ذلك كأقاـ على الشرؾ باهلل كترؾ‬
‫فرائض اإلسالـ فهذا نكفره كنقاتلو‪ ،‬كنشن عليو الغارة‪ ،‬بل بداره؛ ككل من‬
‫قاتلناه فقد بلغتو دعوتنا‪ ،‬بل الذم نتحقق كنعتقده أف أىل اليمن كتهامة‬
‫كالحرمين كالشاـ كالعراؽ قد بلغتهم دعوتنا‪ ،‬كتحققوا أنا نأمر بإخالص العبادة‬
‫هلل‪ ،‬كننكر ما عليو أكثر الناس‪ ،‬من اإلشراؾ باهلل من دعاء غير اهلل‪ ،‬كاالستغاثة‬
‫بهم عند الشدائد‪ ،‬كسؤالهم قضاء الحاجات‪ ،‬كإغاثة اللهفات؛ كأنا نأمر بإقاـ‬
‫الصالة‪ ،‬كإيتاء الزكاة‪ ،‬كسائر أمور اإلسالـ؛ كننهى عن الفحشاء كالمنكرات‪،‬‬
‫كسائر األمور المبتدعات؛ كمثل ىؤالء ال تجب دعوتهم قبل القتاؿ‪ ،‬فإف النبي‬
‫صلى اهلل عليو كسلم أغار على بني المصطلق كىم غاركف‪ ،‬كغزا أىل مكة بال‬
‫إنذار كال دعوة"(ُّّ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن محمد بن عبد الوىاب ػ حاكينا ما جرل عندما‬
‫أرادكا غزك مكة مع األمير سعود سنة (ُُِٖق) كطلب أشراؼ مكة‬
‫كعلماؤىا ككافة العامة األماف ثم دخلوىا من غير قتاؿ ػ‪" :‬كلما تمت عمرتنا‬
‫جمعنا الناس ضحوة األحد‪ ،‬كعرض األمير ػ رحمو اهلل ػ على العلماء ما نطلب‬
‫من الناس كنقاتلهم عليو‪ ،‬كىو إخالص التوحيد هلل تعالى كحده‪ .‬كعرفهم أنو لم‬
‫يكن بيننا كبينهم خالؼ لو كقع إال في أمرين‪ :‬أحدىما‪ :‬إخالص التوحيد هلل‬
‫تعالى‪ ،‬كمعرفة أنواع العبادة‪ ،‬كأف الدعاء من جملتها‪ ،‬كتحقيق معنى الشرؾ‪،‬‬
‫الذم قاتل الناس عليو نبينا محمد صلى اهلل عليو كسلم‪ .‬كاستمر دعاؤه برىة‬

‫(‪( )313‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)235/9:‬‬


‫ُِٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫من الزماف بعد النبوة إلى ذلك التوحيد كترؾ اإلشراؾ قبل أف تفرض عليو أركاف‬
‫اإلسالـ األربعة‪ .‬كالثاني‪ :‬األمر بالمعركؼ كالنهي عن المنكر‪ ،‬الذم لم يبق‬
‫عندىم إال اسمو‪ ،‬كانمحى أثره كرسمو‪ .‬فوافقونا على استحساف ما نحن عليو‬
‫جملةن كتفصيالن‪ ،‬كبايعوا األمير على الكتاب كالسنة‪ ،‬كقبل منهم‪ ،‬كعفا عنهم‬
‫كافة"(ُّْ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬تكفيرىم كقتالهم للمخالفين فيو إشكاالت‪ :‬األكؿ‪ :‬تكفيرىم كقتالهم‬
‫ألىل الشرؾ‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ما ضابط الشرؾ؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا‬
‫اإلشكاؿ في فصل‪ :‬ىل دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؟ الثاني‪ :‬تكفيرىم‬
‫كقتالهم بعد إقامة الحجة عليهم‪ ،‬كجو اإلشكاؿ‪ :‬ىل إقامة الحجة تكوف‬
‫بمجرد البلوغ؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في فصل‪ :‬ىل الجهل عذر‬
‫مانع من التكفير؟ الثالث‪ :‬تكفيرىم كقتالهم للمظاىرين ألىل الشرؾ‪ ،‬كجو‬
‫اإلشكاؿ‪ :‬ىل المظاىرة كفر بال تفصيل؟ كتقدـ الكالـ عن ىذا اإلشكاؿ في‬
‫باب الوالء كالبراء‪.‬‬

‫(‪( )314‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)223/1:‬‬


‫ُّٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية‬


‫نجد كغيرىا من جزيرة العرب داخلة ضمن الخالفة العثمانية اسميِّا‪ ،‬لكن‬
‫ليس لها نفوذ مباشر عليها‪ ،‬فالحكاـ الفعليوف للحجاز ىم األشراؼ‬
‫الهاشميوف‪ ،‬كلهم إشراؼ جزئي على بعض أنحاء الجزيرة‪ .‬كنجد من ضمن‬
‫األنحاء الخالية من أم إشراؼ عليها‪ ،‬فهي عبارة عن إمارات مستقلة‪ ،‬يكثر‬
‫بينهم المشاجرات كالحركب‪ ،‬كمن ضمن ىذه اإلمارات إمارة الدرعية‪.‬‬
‫كتعاكف إماـ الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأمير الدرعية اإلماـ‬
‫محمد بن سعود على نشر الدعوة أدل إلى توسع اإلمارة‪ً ،‬‬
‫كمن ثى َّم إقامة الدكلة‬
‫السعودية األكلى‪.‬‬
‫توفي اإلماـ محمد بن سعود‪ ،‬ثم تولى اإلمارة بعده ابنو اإلماـ عبد العزيز بن‬
‫محمد بن سعود‪ ،‬كتوسعت الدكلة في عهده‪ ،‬ثم اغتيل حيث قتلو رافضي كىو‬
‫يصلي‪ .‬ثم تولى اإلمارة بعده ابنو اإلماـ سعود بن عبد العزيز بن محمد بن‬
‫سعود‪ ،‬كتوسعت الدكلة في عهده حتى شملت نج ندا كلها‪ ،‬كتوفي الشيخ محمد‬
‫بن عبد الوىاب في عهده‪ ،‬ثم توسعت الدكلة فشملت الحجاز‪ ،‬كىذا التوسع‬
‫أدل إلى انتشار الدعوة في أنحاء المعمورة‪ .‬ثم تولى اإلمارة بعده ابنو اإلماـ‬
‫عبد اهلل بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود‪ .‬كبتعاكف من بريطانيا‬
‫كبتنفيذ من الخالفة العثمانية كمحمد علي باشا حاكم مصر تم إرساؿ جنود‬
‫تركية كمصرية إلى الدرعية كخربوىا كقضوا على الدكلة السعودية األكلى‪.‬‬
‫ثم بعد سنوات قليلة قامت الدكلة السعودية الثانية على يد اإلماـ تركي بن‬

‫ُْٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫عبد اهلل بن محمد بن سعود‪ ،‬كشملت نج ندا دكف الحجاز‪ ،‬كعاد االىتماـ بنشر‬
‫الدعوة‪ ،‬ثم تولى اإلمارة بعد مقتلو ابنو اإلماـ فيصل بن تركي‪ ،‬ثم تولى اإلمارة‬
‫بعد كفاتو ابنو األكبر عبد اهلل بن فيصل‪ ،‬ثم نافسو أخوه سعود بن فيصل على‬
‫اإلمارة‪ ،‬كضعفت إمارتهم نتيجة االختالؼ‪ ،‬ثم آلت اإلمارة إلى محمد بن‬
‫رشيد بالغدر‪ ،‬كىكذا انتهت الدكلة السعودية الثانية‪.‬‬
‫كلما خشي اإلماـ عبد الرحمن بن فيصل بن تركي على نفسو من الغدر‬
‫خرج بأىلو من الرياض كاستقر في الكويت‪ ،‬ثم توفي محمد بن رشيد كتولى‬
‫اإلمارة بعده ابن أخيو عبد العزيز بن متعب بن رشيد‪ .‬ثم بعد سنوات قامت‬
‫الدكلة السعودية الثالثة على يد اإلماـ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن‬
‫تركي حيث قدـ من الكويت كقضى على إمارة ابن رشيد‪ ،‬كشملت دكلتو نج ندا‬
‫كبيرا‪.‬‬
‫اىتماما ن‬
‫ن‬ ‫كالحجاز‪ ،‬كاىتمت بنشر الدعوة‬
‫كمنهج الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو األكائل يقتضي اعتقاد‬
‫أنفسهم أنهم ىم أىل الدعوة اإلسالمية دكف غيرىم كأف دكلتهم ىي الدكلة‬
‫اإلسالمية دكف غيرىا من الدكؿ‪.‬‬
‫قاؿ الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب (تُِٖٓق)‪:‬‬
‫"فأىل نجد اليوـ أىل الدعوة اإلسالمية‪ ،‬كمن أخذ عنهم"(ُّٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫كمنهج الشيخ محمد بن عبد الوىاب يقتضي تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية‪،‬‬
‫كلكنو لم ينص على ذلك؛ ألنو لم تحصل المصادمة معهم لعدـ نفوذىم على نجد‪.‬‬

‫(‪( )315‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)354/11:‬‬


‫ُٕٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كبعد موت الشيخ محمد بن عبد الوىاب توسع نفوذ الدكلة السعودية‪،‬‬
‫كحصلت المصادمة مع الخالفة العثمانية‪ ،‬فاستوجب ذلك النص من أتباعو‬
‫على تكفيرىم كقتالهم‪.‬‬
‫قاؿ اإلماـ سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود في رده على رسالة‬
‫سليماف باشا كالي بغداد التابع للخالفة العثمانية سنة (ُِِٓق)‪":‬كإنما نقاتل‬
‫كنكفر من أشرؾ باهلل"(ُّٔ)‪.‬‬
‫كقاؿ‪" :‬كأما إف دمتم على حالكم ىذه‪ ،‬كلم تتوبوا من الشرؾ‪ ،‬الذم أنتم‬
‫عليو‪ ،‬كتلتزموا دين اهلل الذم بعث اهلل بو رسولو‪ ،‬كتتركوا الشرؾ كالبدع‬
‫كالمحدثات‪ ،‬لم نزؿ نقاتلكم‪ ،‬حتى تراجعوا دين اهلل القويم‪ ،‬كتسلكوا صراطو‬
‫وى ٍم ىحتَّى ال تى يكو ىف فً ٍتػنىةه‬ ‫(كقىاتًلي ي‬
‫المستقيم‪ ،‬كما أمرنا اهلل بذلك‪ ،‬حيث يقوؿ‪ :‬ى‬
‫ً‬ ‫ًً‬
‫ث‬‫ين ىح ٍي ي‬ ‫ّْين يكلُّوي للَّو) [األنفاؿ‪ ،]ّٗ:‬كقاؿ تعالى‪( :‬فىاقٍػتيػليوا ال يٍم ٍش ًرك ى‬ ‫ىكيى يكو ىف الد ي‬
‫ص ود فىًإ ٍف تىابيوا ىكأىقى ياموا‬ ‫كى ٍم ىكاقػٍعي يدكا لى يه ٍم يك َّل ىم ٍر ى‬
‫ص ير ي‬
‫اح ي‬
‫كى ٍم ىك ٍ‬
‫وى ٍم ىك يخ يذ ي‬
‫ىك ىج ٍدتي يم ي‬
‫الزىكاةى فى ىخلُّوا ىسبًيلى يه ٍم) [التوبة‪.)ُّٕ("]ٓ:‬‬ ‫الصالةى ىكآتىػ يوا َّ‬
‫َّ‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوىاب‬
‫(تُِّٗق) في رسالة لو إلى الشيخ حمد بن عتيق بشأف استعانة اإلماـ عبد‬
‫اهلل بن فيصل بالعثمانيين ضد أخيو سعود بن فيصل في حوادث سنة ُِٖٗق‬
‫تقريبنا‪" :‬كعبد اهلل لو كالية كبيعة شرعية في الجملة‪ ،‬ثم بدا لي بعد ذلك أنو‬
‫كاتب الدكلة الكافرة كاستنصرىا كاستجلبها على ديار المسلمين"(ُّٖ)‪.‬‬
‫(‪( )316‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)311/1:‬‬
‫(‪( )317‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)313-312/1:‬‬
‫(‪( )318‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)391/8:‬‬
‫ُٕٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫قلت‪ :‬يعني بالدكلة الكافرة الخالفة العثمانية‪.‬‬


‫كقاؿ‪" :‬كقتاؿ الدكلة كاألتراؾ كاإلفرنج كسائر الكفار من أعظم الذخائر‬
‫المنجية من النار"(ُّٗ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ عبد اهلل بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد‬
‫بن عبد الوىاب (تَُّْق)‪" :‬من لم يعرؼ كفر الدكلة كلم يفرؽ بينهم‬
‫كبين البغاة من المسلمين لم يعرؼ معنى ال إلو إال اهلل؛ فإف اعتقد مع ذلك أف‬
‫الدكلة مسلموف فهو أشد كأعظم‪ ،‬كىذا ىو الشك في كفر من كفر باهلل كأشرؾ‬
‫بو‪ ،‬كمن جرىم كأعانهم على المسلمين بأم إعانة فهي ردة صريحة"(َِّ)‪.‬‬
‫كقاؿ بعضهم‪" :‬فمن لم يكفر المشركين من الدكلة التركية كعباد القبور‬
‫كأىل مكة كغيرىم ممن عبد الصالحين كعدؿ عن توحيد اهلل إلى الشرؾ كب ٌدؿ‬
‫سنٌة رسولو صلى اهلل عليو كسلم بالبدع فهو كافر مثلهم"(ُِّ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد‬
‫بن عبد الوىاب (تُّٕٔق) عن إقامة الدكلة السعودية األكلى كسقوطها‪:‬‬
‫"فدخل كافة أىل نجد كالجزيرة من البادية كالحاضرة تحت كاليتهم‪ ،‬كالتزموا‬
‫ما دعوا إليو‪ ،‬كدانوا بو‪ .‬كلم يوجد في نجد من البادية كالحاضرة من لم يدخل‬
‫في ىذا الدين‪ ،‬كلم يلتزـ شرائعو؛ بل شملتهم الدعوة اإلسالمية‪ ،‬كالتزموا‬
‫أحكاـ اإلسالـ‪ ،‬ككاجباتو‪ .‬كأقاموا على ذلك مدة سنين‪ ،‬في أمن كعافية‪ ،‬كعز‬

‫(‪( )319‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)23/9:‬‬


‫(‪( )323‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)429/13:‬‬
‫(‪( )321‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)291/9:‬‬
‫ُٕٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كتمكين‪ ،‬كبنودىم تخفق شرقنا كغربنا‪ ،‬جنوبنا كشماالن‪ ،‬حتى دىمهم ما دىمهم‪،‬‬
‫من الحوادث العظاـ‪ ،‬التي أزعجت القلوب‪ ،‬كزلزلتهم من األكطاف‪ ،‬عقوبة‬
‫قدرية‪ ،‬سببها ارتكاب الذنوب كالمعاصي؛ ألف من عصى اهلل كىو يعرفو سلط‬
‫اهلل عليو من ال يعرفو‪ .‬كالفتنة التي حلت بهم ىي فتنة العساكر التركية‬
‫كالمصرية‪ ،‬فانتثر نظاـ اإلسالـ‪ ،‬كشتت أنصاره كأعوانو‪ ،‬كارتحلت الدكلة‬
‫اإلسالمية"(ِِّ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية فرع عن تكفير كقتاؿ المخالفين‪،‬‬
‫كعلى ىذا فاإلشكاالت في تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية ىي نفسها‬
‫اإلشكاالت المذكورة في تكفير كقتاؿ المخالفين‪.‬‬

‫(‪( )322‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)451-453/13:‬‬


‫ُٖٕ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب االتهامات الموجهة للدعوة السلفية في نجد‬

‫فصل‪ :‬ىل الدعوة السلفية في نجد دعوة كىابية؟‬


‫الداعية الجاد إلى اإلصالح يجد معاناة في بداية دعوتو؛ ألف األصل في‬
‫الناس ال يقبلوف خالؼ ما نشؤا عليو‪ ،‬كأسهل كسيلة لمحاربتو االفتراء عليو‬
‫كعلى دعوتو‪ ،‬كمما يساعد على ذلك قلة التثبت من غيره من المصلحين مما‬
‫يدفعهم ىذا إلى محاربتو بدؿ التعاكف معو‪ .‬زيادة على أف الدعوات اإلصالحية‬
‫قد تهدد مصالح شخصية‪ ،‬كىذا يدفع أصحاب المصالح إلى ابتكار‬
‫االفتراءات أك استثمارىا كاستقطاب من يجاريهم من المنتسبين للعلم كاستغالؿ‬
‫عواطف العواـ لمحاربة تلك الدعوات‪.‬‬
‫كالذم يستقرئ رسائل الشيخ محمد بن عبد الوىاب يشعر بحجم معاناة‬
‫الشيخ من االفتراءات‪:‬‬
‫كمن ذلك‪ :‬رسالتو ألىل القصيم يقوؿ الشيخ‪" :‬بلغني أف رسالة سليماف بن‬
‫سحيم قد كصلت إليكم‪ ،‬كأنو قبلها كصدقها بعض المنتمين للعلم في جهتكم‪،‬‬
‫أمورا لم أقلها‪ ،‬كلم يأت أكثرىا على بالي"(ِّّ)‪.‬‬
‫كاهلل يعلم أف الرجل افترل علي ن‬
‫كمن ذلك‪ :‬رسالتو البن عيد في ثرمداء‪ ،‬يقوؿ الشيخ‪" :‬فلما أظهرت‬
‫تصديق الرسوؿ فيما جاء بو سبوني غاية المسبة‪ ،‬كزعموا أني أكفر أىل‬
‫اإلسالـ كأستحل أموالهم"(ِّْ)‪.‬‬

‫(‪( )323‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)33/1:‬‬


‫(‪( )324‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)114/13:‬‬
‫ُٕٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كمن ذلك‪ :‬رسالتو للسويدم‪ ،‬يقوؿ الشيخ‪" :‬كلبسوا على العواـ أف ىذا‬
‫خالؼ ما عليو أكثر الناس‪ ،‬ككبرت الفتنة‪ ،‬كأجلبوا علينا بخيل الشيطاف‬
‫كرجلو"(ِّٓ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫كأعظم افتراء على الشيخ تسمية دعوتو بالدعوة الوىابية‪.‬‬
‫كالوىابية‪ :‬فرقة ضالة سميت بذلك نسبة لمؤسسها عبد الوىاب بن عبد‬
‫الرحمن بن رستم (ت نحو َُٗ ق)‪ ،‬كىي متفرعة عن الرستمية المتفرعة عن‬
‫اإلباضية المتفرعة عن الخوارج(ِّٔ)‪.‬‬
‫كتميز مؤسس ىذه الفرقة بإحداث تغيرات كبرل في الدين‪ ،‬كمن ذلك إلغاء‬
‫الحج‪ ،‬كحصل بينو كبين معارضيو حركب سفكت فيها كثير من الدماء‪ .‬كمكاف‬
‫ىذه الفرقة مدينة تاىرت بالشماؿ األفريقي‪ ،‬كأفتى علماء األندلس كشماؿ‬
‫إفريقيا في ذـ الوىابية كالتحذير منها‪.‬‬
‫كأعداء الدعوة السلفية سموىا بالدعوة الوىابية‪ ،‬كنشركا فتاكل علماء‬
‫إيهاما للناس بأف الدعوة‬
‫األندلس كشماؿ إفريقيا في ذـ الوىابية كالتحذير منها ن‬
‫السلفية ىي المقصودة بذـ ىؤالء العلماء كتحذيرىم‪ ،‬ككصلت ىذه التسمية‬
‫إلى أنحاء المعمورة‪ ،‬كصار مجرد التسمية كافينا لتنفير الناس عن الدعوة‬
‫بناء على ىذه التسمية‬
‫السلفية‪ .‬ككثير من علماء المسلمين يذموف ىذه الدعوة ن‬

‫(‪( )325‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)451-453/13:‬‬


‫(‪( ) 326‬الفرق اإلسالمية يف مشال إفريقيا) تأليف الفرنسي ألفرد بل‪ ،‬وترمجة عبد الرمحن بدوي‪ .‬و(تاريخ‬
‫مشال أفريقيا) تأليف الفرنسي شاريل أندري‪ ،‬وترمجة حممد مزايل‪ .‬و(املغرب الكبري‪ :‬العصر العباسي)‬
‫تأليف السيد عبد العزيز سامل‪.‬‬
‫َُٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كالفتاكل المصحابة لها‪ .‬ككانت ىذه التسمية من المسوغات التهاـ أئمة‬


‫الدعوة بأنهم خوارج‪ ،‬كأنهم سفاكوف للدماء‪ ،‬كأنهم غيركا الدين‪ ،‬كأنهم أتوا‬
‫بمذىب خامس‪.‬‬
‫كمنهم من أكد ىذا االتهاـ باالستدالؿ بقوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم‪:‬‬
‫س الٍ يك ٍف ًر نى ٍح ىو ال ىٍم ٍش ًر ًؽ) أخرجو البخارم كمسلم من حديث أبي ىريرة‪،‬‬ ‫(رأٍ ي‬‫ى‬
‫كبقوؿ النبي صلى اهلل عليو كسلم‪( :‬اللَّ يه َّم بىا ًر ٍؾ لىنىا فًي ىشأ ًٍمنىا اللَّ يه َّم بىا ًر ٍؾ لىنىا فًي‬
‫الزىال ًز يؿ ىكال ًٍفتى ين ىكبً ىها يىطٍلي يع‬
‫اؾ َّ‬
‫(ىنى ى‬
‫اؿ‪ :‬ي‬ ‫وؿ اللَّ ًو ىكفًي نى ٍج ًدنىا‪ ،‬قى ى‬
‫يى ىمنًنىا) قىاليوا‪ :‬يىا ىر يس ى‬
‫اف) أخرجو البخارم من حديث ابن عمر‪ ،‬فقالوا‪ :‬الحديث األكؿ‬ ‫الش ٍيطى ً‬
‫قىػ ٍر يف َّ‬
‫خص نجد‪ ،‬كنجد شرؽ المدينة‪ ،‬كالمراد‬ ‫َّ‬ ‫عم المشرؽ كالحديث الثاني‬ ‫َّ‬
‫بالحديث عندىم‪ :‬الشيخ محمد عبد الوىاب كأتباعو‪ ،‬ففسركا الحديثين‬
‫بخالؼ تفسير المتقدمين من الشراح‪.‬‬
‫كمنهم من يؤكد ىذا االتهاـ بأف من عالمات الخوارج تحليق رؤكسهم‪ ،‬كأف‬
‫الشيخ يأمر أتباعو بحلق رؤكسهم‪ ،‬كىذه من االفتراءات على الشيخ‪.‬‬
‫كقد غلبت التسمية بالدعوة الوىابية على الدعوة السلفية حتى صار بعض‬
‫المنتمين للدعوة يتقبل التسمي بها مع عدـ تقبل مضمونها من االفتراءات‪.‬‬
‫كثمت افتراءات كثيرة على الشيخ‪ ،‬سواء في حياتو أك بعد موتو‪ ،‬كىي‬
‫متفاكتة في انتشارىا بين الناس‪ ،‬كمنها‪ :‬اتهامو بأنو يدعي النبوة‪ ،‬كبأنو ال ييظ ًهر‬
‫ذلك حتى ال ينفر الناس عنو‪ ،‬كدليلهم على ىذه التهمة لساف حالو حيث دعا‬
‫إلى خالؼ ما عليو الناس‪ .‬كمنها‪ :‬اتهامو بأنو يتنقص النبي صلى اهلل عليو‬

‫ُُٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كسلم‪ ،‬كدليلهم على ىذه التهمة عبارات مختلفة تقتضي التنقص منسوبة لو‪،‬‬
‫ككلها مفتريات عليو‪ .‬كمنها‪ :‬اتهامو بأنو مجسم‪ ،‬كمرادىم أنو يمثل اهلل تعالى‬
‫بالمخلوقين‪ ،‬كدليلهم على ىذه التهمة إثباتو لصفات اهلل تعالى الواردة في‬
‫الكتاب كالسنة كصفة االستواء على العرش‪ ،‬فمجرد اإلثبات عندىم تجسيم‪،‬‬
‫زيادة على إثبات صفات لم ترد في الكتاب كالسنة تقتضي التجسيم منسوبة‬
‫لو‪ ،‬ككلها مفتريات عليو‪ .‬كمنها‪ :‬اتهامو بأنو يتنقص األكلياء‪ ،‬كدليلهم على ىذه‬
‫التهمة أنو يمنع من دعائهم كالتقرب إليهم‪ ،‬فمجرد المنع من دعائهم عندىم‬
‫تنقص‪ ،‬زيادة على عبارات مختلفة تقتضي التنقص منسوبة لو‪ ،‬مثل إنكار‬
‫كرامات األكلياء‪ ،‬ككلها مفتريات عليو‪ .‬كالشيخ كأتباعو قد ردكا على ىذه‬
‫االفتراءات كغيرىا‪ .‬كنتج عن الصراع بين الدعوة السلفية في نجد كالمخالفين‬
‫لهم تأليف كتب كثيرة من المخالفين كتأليف كتب كثيرة من المدافعين‪.‬‬

‫فصل‪ :‬ىل الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو يي ّْ‬


‫كفركف بالعموـ؟‬
‫كفر بالعموـ‪ ،‬كاشتهرت ىذه‬ ‫ايتُّهم الشيخ محمد بن عبد الوىاب بأنو يي ّْ‬
‫مرارا‪ ،‬كمن ذلك قولو‪" :‬كأما القوؿ إنا نكفر‬
‫التهمة‪ ،‬كنفاىا الشيخ عن نفسو ن‬
‫بالعموـ فذلك من بهتاف األعداء الذين يصدكف بو عن ىذا الدين‪ ،‬كنقوؿ‪:‬‬
‫سبحانك ىذا بهتاف عظيم"(ِّٕ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫كايتُّهم أتباع الشيخ بعده بهذه التهمة ن‬
‫أيضا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬الشيخ ينفي عن نفسو ىذه التهمة قبل ظهور الدعوة؛ ألنو يرل أف‬

‫(‪( )327‬الدرر السنية يف األجوبة النجدية‪.)133/1:‬‬


‫ُِٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫غالب المسلمين كقعوا في الشرؾ كلكن ال يحكم عليهم بأنهم مشركوف كفار‬
‫لجهلهم‪ ،‬كأما بعد ظهور الدعوة فإنو يكفر بالعموـ صراحة بحجة ظهور‬
‫الدعوة‪ ،‬كىكذا أتباعو ينفوف ىذه التهمة عن الشيخ قبل ظهور الدعوة‪ ،‬كال‬
‫ينفونها عن أنفسهم؛ ألنهم يكفركف بالعموـ صراحة بحجة ظهور الدعوة‪ .‬كتقدـ‬
‫الكالـ عن ىذا في فصل‪ :‬ىل من أشرؾ في العبادة كافر؟‬

‫فصل‪ :‬ىل الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو خوارج؟‬


‫قاؿ ابن عابدين (تُِِٓق)‪" :‬قولو‪( :‬كيكفركف أصحاب نبينا)‪ :‬علمت‬
‫أف ىذا غير شرط في مسمى الخوارج‪ ،‬بل ىو بياف لمن خرجوا على سيدنا‬
‫علي رضي اهلل تعالى عنو‪ ،‬كإال فيكفي فيهم اعتقادىم كفر من خرجوا عليو‪ ،‬كما‬
‫كقع في زماننا في أتباع عبد الوىاب الذين خرجوا من نجد كتغلبوا على‬
‫الحرمين ككانوا ينتحلوف مذىب الحنابلة‪ ،‬لكنهم اعتقدكا أنهم ىم المسلموف‬
‫كأف من خالف اعتقادىم مشركوف‪ ،‬كاستباحوا بذلك قتل أىل السنة كقتل‬
‫علمائهم‪ ،‬حتى كسر اهلل تعالى شوكتهم كخرب بالدىم كظفر بهم عساكر‬
‫المسلمين عاـ ثالث كثالثين كمائتين كألف"(ِّٖ)‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬تنظيم القاعدة في زماننا كالدكلة اإلسالمية في العراؽ كالشاـ‬
‫المتفرعة عنها لهم ىشبىوه كبير بالشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو األكائل من‬
‫كفرا‬
‫حيث التكفير كالقتاؿ‪ ،‬ككجو الشبو‪ :‬أكالن‪ :‬كلهم اعتقدكا في بعض ما ليس ن‬
‫كفرا‪ ،‬كمن ذلك‪ :‬أف الشيخ كأتباعو اعتقدكا أف دعاء األموات كفر باإلطالؽ‪،‬‬
‫ن‬
‫(‪( )328‬حاشية رد احملتار‪.)449/4:‬‬
‫ُّٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كاعتقدكا أف مظاىرة الكفار على المسلمين كفر باإلطالؽ‪ ،‬كتنظيم القاعدة‬


‫اعتقدكا أف كضع القوانين المخالفة لما أنزؿ اهلل كفر باإلطالؽ‪ ،‬كاعتقدكا أف‬
‫مظاىرة الكفار على المسلمين كفر باإلطالؽ‪ .‬ثانينا‪ :‬كلهم نزلوا ىذا الكفر على‬
‫األعياف‪ ،‬كقاتلوىم على أنهم كفار؛ ألف الحجة بلغتهم كلو لم يفهموىا‪،‬‬
‫فالشيخ كأتباعو اعتقدكا أف دعاة األموات كالمظاىرين كفار‪ ،‬كمنهم‪ :‬الخالفة‬
‫بناء على ىذا االعتقاد‪ ،‬كتنظيم القاعدة اعتقدكا‬
‫العثمانية كجنودىم‪ ،‬كقاتلوىم ن‬
‫أف كاضعي القوانين كالمظاىرين كفار‪ ،‬كمنهم‪ :‬حكاـ المسلمين كجنودىم‪،‬‬
‫كقاتلوىم بناءن على ىذا االعتقاد‪ .‬ثالثنا‪ :‬كلهم أقاموا دكلة نتيجة لتكفيرىم‬
‫كقتالهم‪ ،‬كاعتقدكا أف دكلتهم ىي الدكلة اإلسالمية دكف غيرىا من الدكؿ‪.‬‬
‫كمحل اإلشكاؿ‪ :‬مع كجود الشبو الكبير بين تنظيم القاعدة كالدكلة اإلسالمية‬
‫في العراؽ كالشاـ كبين الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو األكائل من حيث‬
‫التكفير كالقتاؿ فإف المشهور عن كثير من السلفيين المعاصرين الجزـ بنفي‬
‫اسم الخوارج عن الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو األكائل كالجزـ بإثبات‬
‫اسم الخوارج لتنظيم القاعدة كالدكلة اإلسالمية في العراؽ كالشاـ‪ ،‬فهل يستقيم‬
‫ىذا الجزـ في النفي كاإلثبات؟‬

‫ُْٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫الخاتمة‬

‫ينحصر خالؼ المخالفين للدعوة السلفية ػ المتمثلة في تجديد شيخ‬


‫اإلسالـ كالشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو ػ في ثالثة أصوؿ‪:‬‬
‫األصل األكؿ‪ :‬ىل سلف أىل السنة ىم الفرقة التي على الحق أـ ال؟‬
‫كيدخل في ىذا الخالؼ صورتاف‪ :‬األكلى‪ :‬ىل توجد فرقة كاحدة على‬
‫الحق أـ ال؟ كالثانية‪ :‬ىل أىل السنة ىم الفرقة التي على الحق أـ ال؟‬
‫فاعتقاد السلفيين كجود فرقة كاحدة على الحق كىم أىل السنة‪،‬‬
‫عموما في‬
‫ن‬ ‫كالمخالفوف لدعوتهم في ىذا األصل ىم مخالفوف للمسلمين‬
‫عموما في الصورة الثانية‪.‬‬
‫الصورة األكلى‪ ،‬كمخالفوف ألىل السنة ن‬
‫األصل الثاني‪ :‬ىل اًتّْباع السلف ىو الحق أـ ال؟‬
‫فاعتقاد السلفيين أف اًتّْباع السلف ىو الحق‪ ،‬كالمخالفوف لدعوتهم في ىذا‬
‫األصل ىم مخالفوف ألكائل أئمة الدعوة السلفية كالشافعي كأحمد‪.‬‬
‫األصل الثالث‪ :‬ىل نسبة أقوالهم للسلف كألكائل أئمة الدعوة السلفية‬
‫صحيحة أـ ال؟‬
‫فالسلفيوف يزعموف أف نسبة ىذه األقواؿ صحيحة‪ ،‬كالمخالفوف لدعوتهم‬
‫في ىذا األصل يركف أنها أقواؿ لشيخ اإلسالـ ابن تيمية لم يسبق إليها‪ ،‬أك‬
‫أقواؿ للشيخ محمد بن عبد الوىاب لم يسبق إليها‪ ،‬أك أقواؿ ألتباع الشيخ‬
‫محمد بن عبد الوىاب لم يسبقوا إليها‪ ،‬فإف يسبًقوا في بعض األقواؿ فهي‬
‫أقواؿ شاذة مهجورة‪.‬‬
‫ُٖٓ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫كعلى ىذا فالخالؼ في األصل األكؿ كفي األصل الثاني خارج عن موضع‬
‫خاصا بالدعوة السلفية المتمثلة في تجديد شيخ‬
‫البحث؛ ألنو ليس خالفنا ِّ‬
‫اإلسالـ كالشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو‪ ،‬كالخالؼ في األصل الثالث‬
‫ىو موضع البحث؛ ألنو خالؼ خاص بهذه الدعوة السلفية‪.‬‬
‫كعالج ىذا الخالؼ ىو حصر أىم مسائل الخالؼ‪ ،‬كتحريرىا تحري نرا‬
‫جماعيِّا‪ ،‬من غير نظرة عدائية‪ ،‬كيكوف ىدؼ التحرير معرفة أقواؿ السلف‬
‫كأكائل أئمة الدعوة السلفية في ىذه المسائل‪ ،‬فإذا كانت أقواؿ شيخ اإلسالـ‬
‫كالشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو تتفق مع أقواؿ السلف كأكائل أئمة‬
‫الدعوة السلفية فهي حق‪ ،‬كإذا كانت ال تتفق فالحق أقواؿ السلف كأكائل أئمة‬
‫الدعوة السلفية‪.‬‬
‫كينحصر خالؼ السلفيين فيما بينهم في األصل الثالث؛ ألف كل طرؼ‬
‫يزعم أف قولو ىو الموافق لقوؿ السلف كأكائل أئمة الدعوة السلفية‪ ،‬كعلى ىذا‬
‫تحريرا جماعيِّا‪ ،‬من غير‬
‫ن‬ ‫فالعالج ىو حصر أىم مسائل الخالؼ‪ ،‬كتحريرىا‬
‫نظرة عدائية‪ ،‬كيكوف ىدؼ التحرير معرفة أقواؿ السلف كأكائل أئمة الدعوة‬
‫السلفية في ىذه المسائل‪ ،‬كاألقواؿ الحق ىي التي تتفق مع أقواؿ السلف‬
‫كأكائل أئمة الدعوة السلفية‪.‬‬
‫ً‬
‫كمن ثى َّم إذا تبين القوؿ الحق في ىذه المسائل يتم االجتماع عليو‪.‬‬
‫كاهلل أعلم‪.‬‬
‫كصلى اهلل كسلم على نبينا محمد كعلى آلو كصحبو أجمعين‪.‬‬

‫ُٖٔ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫المحتويات‬

‫مقدمة ‪ّ ...........................................................................‬‬
‫محاكر الكتاب‪ْ ...................................................................‬‬
‫تمهيد يتضمن التعريف بالدعوة السلفية ‪ٓ ...........................................‬‬
‫نشأة الدعوة السلفية ‪ٔ ...........................................................‬‬
‫حقيقة الدعوة السلفية ‪ٕ .........................................................‬‬
‫تجديد الدعوة السلفية ‪ٖ .........................................................‬‬
‫انتشار الدعوة السلفية ‪ٗ .........................................................‬‬
‫ثناء العلماء على المجدد األكؿ للدعوة السلفية ‪َُ ...............................‬‬
‫ثناء العلماء على المجدد الثاني للدعوة السلفية ‪ُِ ...............................‬‬
‫اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية ‪ُّ .......................................‬‬
‫آثار اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية ‪ُٓ ...................................‬‬
‫مدخل يتضمن التعريف بمبادئ الدعوة السلفية ‪ُٕ ..................................‬‬
‫الدين الحق ‪ُٖ .................................................................‬‬
‫الفرقة التي على الحق‪ُٗ ........................................................‬‬
‫مصادر الحق ‪ِِ ................................................................‬‬
‫المنهج الحق ‪ِّ ................................................................‬‬
‫أبواب تتضمن أىم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية ‪ِٔ .......................‬‬
‫تنبيهات ‪ِٖ .......................................................................‬‬
‫ُٕٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب أسماء الدين ‪َّ ............................................................‬‬


‫فصل‪ :‬ما معنى (اإليماف قوؿ كعمل)؟ ‪َّ ......................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل عمل الجوارح أصل أـ كماؿ؟ ‪ِّ ...................................‬‬
‫باب أسماء الذنوب ‪ّٔ ..........................................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الجهل بمدلوؿ الشهادتين كفر؟ ‪ّٔ .................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل ترؾ جنس العمل كفر؟ ‪ّٖ ..........................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل ترؾ األركاف األربعة كفر؟ ‪ُْ ........................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل اإلعراض عن الدين كفر؟ ‪ْٕ ........................................‬‬
‫باب التوحيد كالشرؾ ‪ّٓ ........................................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل المشركوف موحدكف في الربوبية؟ ‪ّٓ .................................‬‬
‫فصل‪ :‬ما تعريف العبادة؟‪ٓٓ ...................................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل دعاء األموات شرؾ باإلطالؽ؟ ‪ٖٓ ..................................‬‬
‫باب الحكم بغير ما أنزؿ اهلل ‪ٔٓ .................................................‬‬
‫باب السنة كالبدعة ‪َٕ ..........................................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل البدعة في الدين تنقسم إلى حسنة كسيئة؟‪َٕ ........................‬‬
‫فصل‪ :‬ما ضابط البدعة الفعلية؟ ‪ٕٓ ............................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل االحتفاؿ بالمولد بدعة حسنة أـ بدعة سيئة؟ ‪ٕٖ .....................‬‬
‫باب حكم الخركج عن المذاىب األربعة كالتمذىب ‪ُٖ ............................‬‬
‫فصل‪ :‬ما حكم الخركج عن المذاىب األربعة؟ ‪ُٖ ..............................‬‬

‫ُٖٖ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫فصل‪ :‬ما حكم التمذىب؟ ‪ٖٔ .................................................‬‬


‫باب الحكم على األشخاص في الدنيا ‪ُٗ ........................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الجهل عذر مانع من التكفير؟ ‪ُٗ ...................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الفالسفة كالباطنية كفار؟ ‪َُُ ......................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل أىل البدع كفار؟ ‪َُٔ ..............................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الجهمية كالقدرية كالمرجئة كالمعتزلة كفار؟ ‪ُُُ .....................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الخوارج كالركافض كفار؟ ‪ُُٕ ......................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل من أشرؾ في العبادة كافر؟ ‪َُّ ....................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الطائفة الممتنعة كفار؟ ‪ُّٖ ........................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل من لم يكفر الكافر أك شك في كفره كافر؟ ‪ُُْ .....................‬‬
‫باب ضوابط التبديع ‪ُْٔ .......................................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل العلماء يي َّ‬
‫بدعوف على أخطائهم؟ ‪ُْٔ ................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الكالبية كالمحاسبية مبتدعة؟ ‪َُٓ ..................................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل األشاعرة كالصوفية مبتدعة؟ ‪ُُٓ ...................................‬‬
‫باب الوالء كالبراء ‪ُّٓ .........................................................‬‬
‫باب قياـ كبقاء الدكلة اإلسالمية ‪َُٔ ............................................‬‬
‫فصل‪ :‬ما حكم إقرار الحاكم المتغلب؟ ‪َُٔ ...................................‬‬
‫فصل‪ :‬ما حكم الخركج على الحاكم؟ ‪ُْٔ ....................................‬‬
‫تتمة تتعلق بالدعوة السلفية في نجد ‪ُٖٔ ..........................................‬‬

‫ُٖٗ‬
‫أهم اإلشكاالت العلمية في الدعوة السلفية‬

‫باب تكفير كقتاؿ المخالفين‪ُٔٗ ................................................‬‬


‫باب تكفير كقتاؿ الخالفة العثمانية ‪ُْٕ .........................................‬‬
‫باب االتهامات الموجهة للدعوة السلفية في نجد ‪ُٕٗ ............................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الدعوة السلفية في نجد دعوة كىابية؟ ‪ُٕٗ .........................‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو يي ّْ‬
‫كفركف بالعموـ؟ ‪ُِٖ .........‬‬
‫فصل‪ :‬ىل الشيخ محمد بن عبد الوىاب كأتباعو خوارج؟ ‪ُِٖ ..................‬‬
‫الخاتمة ‪ُٖٓ .....................................................................‬‬

‫َُٗ‬

You might also like