Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 59

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة أهل البيت (ع)‬

‫حقــــوق االنــــــسـان‬

‫المرحلة األولى‬

‫‪1‬‬
‫تقديم‬

‫((‪))1‬‬

‫تبن ي اإلسالم بصورة جادة وموضوعية جميع حقوق اإلنسان ‪ ،‬ورصد له أروع األحكام التي تنتظم‬
‫بها حياته ‪ ،‬وتنسجم مع جميع قومياته ولغاته ومذاهبه‪ ،‬فليس في تشريعاته ما يشذ عن سنن الطبيعة‬
‫ويخالف مناهج الكون‪.‬‬

‫إن اإلنسان هو الكائن األعظم في هذا الوجود الذي فضله هللا تعالى على كثير من الكائنات الحية‪،‬‬
‫وهو خليفته في أرضه‪ ،‬وقد بعث هللا تعالی له النبيين هداة ومرشدين لتهذيب أخالقه‪ ،‬واستقامة‬
‫سلوكه‪ ،‬وإبعاده عن المنعطف ات والطرق الملتوية التي تلقيه في مستوی سحيق ماله من قرار‪.‬‬

‫((‪))2‬‬

‫نظر اإلسالم بعمق وشمول إلى اإلنسان‪ ،‬ووقف على جميع أبعاد حياته االجتماعية والسياسية‬
‫واالقتصادية ‪ ،‬فوضع له المناهج السليمة التي توفر له حقوقه التي ال غنى له عنها ‪ ،‬ومن أهمها أن‬
‫تسود العدالة االجتماعية بأوسع معانيها في األرض بحيث ال يبقى أي ظل للبؤس والحرمان ‪،‬‬
‫ويعيش اإلنسان حياة وادعة آمنة مطمئنة ‪ ،‬يعمها الرخاء واألمن االستقرار والسالم‬

‫إن حقوق اإلنسان التي أعلنها اإلسالم هي التي توفر للمجتمع الحياة الكريمة في ظل نظام آمن‬
‫مستقر‪ ،‬ال طغيان فيه وال ظلم وال استبداد‪ ،‬وال تسلط للحاكم على المحكومين‪ ،‬فالسيادة للقانون‬
‫الذي شرعه اإلسالم‪ ،‬وتسري نظمه على الحاكم والمحكوم على حد سواء‪ ،‬فال ميزة ألحد على أحد‬
‫إال بالتقوى التي هي المقياس في التفاوت بين الناس‪ ،‬ونعني بها نكران الذات وعمل الخير وصنع‬
‫المعروف‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫((‪))3‬‬

‫ولم تقتصر رحمة اإلسالم وسعة رأفته ولطفه على اإلنسان ‪ ،‬وإنما شملت الحيوان ‪ ،‬بل كافة‬
‫الكائنات الحية كالشجر ‪ ،‬أما الحيوان من الدواب كالخيل والبغال والحمير فقد ألزم بإطعامها‬
‫وسقيها و مراعاتها وعدم إجهادها وإرهاقها بكثرة الحمل الذي ال تطيقه ‪ ،‬وأما بالنسبة إلى الكالب‬
‫َّللا لَكُ ْم فِّي َها َخي ٌْر ۖ فَا ْذكُ ُروا‬ ‫والهررة فقد أمر بإطعامها ‪ .‬قال تعالى (( َو ْالبُ ْدنَ َج َع ْلنَاهَا لَكُم ِّمن َ‬
‫ش َعائِّ ِّر ه ِّ‬
‫ط ِّع ُموا ْالقَانِّ َع َو ْال ُم ْعت هَر ۚ َكذَلِّكَ َ‬
‫س هخ ْرنَاهَا لَكُ ْم‬ ‫ت ُجنُوبُ َها فَكُلُوا ِّم ْن َها َوأ َ ْ‬
‫اف ۖ فَإِّذَا َو َجبَ ْ‬ ‫علَ ْي َها َ‬
‫ص َو ه‬ ‫اس َْم ه ِّ‬
‫َّللا َ‬
‫(‪)1‬‬
‫لَعَلهكُ ْم ت َ ْشكُ ُرونَ ))‬

‫وبالنسبة إلى صيد البر إذا كان للنزهة فقد جعل السفر إلى " صيده سفر معصية بتم المسافر فيه‬
‫صالته كسائر السفر إلى المعصية ‪ ،‬وقد حرم اإلسالم على حجاج بيت هللا الحرام الصيد ‪ ،‬ورتب‬
‫عليه الكفارة ‪ ،‬وقد أراد هللا تعالى من ذلك أن يعم األمن حتى للحيوانات ‪ ،‬فإن الحج مدرسة للقيم‬
‫والمثل العليا‪.‬‬

‫ويقول الرواة ‪ :‬إن اإلمام أمير المؤمنين (عليه السالم) اجتاز في ليلة شهادته على وزَ في بيته‪،‬‬
‫فأمر (عليه السالم) سيدة النساء زينب سالم هللا عليها بإطعام او اطالق سراحها هذه صوورة‬
‫موجزة لرأفة اإلسالم العظيم بالحيونات‬

‫و اما بالنسبة الى موقف اإلسالم من الشجر‪ ،‬فقد نهى عن قطعها‪.‬‬

‫___________________‬
‫الحج‪.26:22‬‬
‫(‪)1‬‬

‫‪3‬‬
‫((‪))4‬‬

‫من أجل كرامة اإلنسان في اإلسالم فقد ضحى أئمة المسلمين ‪ ،‬وكنوز الحكمة وسدنة علم‬

‫النبي(صلى هللا عليه واله وسلم) بأرواحهم ‪ ،‬فقد استهان الطغاة من حكام عصورهم بحقوق الناس‬

‫‪ ،‬فاتخذوا مال هللا تعالی دوالً وعباده خوالً ‪ ،‬وتالعبوا بمقدرات األمة ‪ ،‬واستهاتوا بقيمها ‪ ،‬واخذوا‬

‫السلطة مغنما ً لهم وألتباعهم وعمالئهم ‪ ،‬فكان أول ثاثر عليهم أبو الشهداء اإلمام الحسين(عليه‬

‫السالم) فقد رفع علم الثورة على يزيد بن معاوية الذي اقترف جميع ما حرم هللا تعالى ‪ ،‬وساس‬

‫المسلمين سياسة نكراء لم يألفوها فقد عم جوره‪ ،‬واستبداده جميع مناطق العالم اإلسالمي ‪ ،‬وكانت‬

‫سياسته امتدادة لسياسة أبيه معاوية الذي أغرق البالد بالمحن والخطوب ‪ ،‬فأباد أعالم اإلسالم‬

‫كحجر بن عدي ‪ ،‬وعمرو بن الحمق الخزاعي ‪ ،‬و ‪ ،‬وغيرهما من المؤمنين ‪ ،‬وفي طليعتهم سيد‬

‫شباب أهل الجنة اإلمام الحسن(عليه السالم) الذي اغتاله بالسم‪.‬‬

‫و على أي حال ‪ ،‬فقد رفع أبو األحرار راية الثورة على فرعون زمانه من أجل إحقاق الحق ‪،‬‬

‫وإنكار المنكر ‪ ،‬واستهان بالموت في سبيل هللا تعالى ‪ ،‬وقال كلمته الخالدة‪:‬‬

‫((ال أرى الموت إال سعادة‪ ،‬والحياة مع الظالمين إال َب َرماً)) ‪ ،‬من أجل القيم الكريمة والمثل العليا‬

‫ثار اإلمام أبو عبدهللا(عليه السالم) ثورته الكبرى التي أوضح هللا تعالى بها الكتاب وجعلها عبرة‬

‫الولي االلباب ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫االنسان في النظرة اإلسالمية للعالم‬
‫لالنسان قصة عجيبة في النظرة االسالمية للعالم ‪ ،‬لم يکن انسان االسالم حيوانا مستقيم القامة له‬
‫أضافر عريضة ويمشي علی قدمين و يتكلم فقط ان هذا الموجود ‪ -‬فی نظر القرآن ‪ -‬أعمق واكثر‬
‫غموضا من أن يمكن تعريفه بهذه الكلمات‪.‬‬
‫فقد مدح القرأن اإلنسان واثني عليه كثيرا ‪ ،‬وذمه ووبخه أيضا فأسمى المدائح وأسوأ المذام هي‬
‫ماقالها القرآن بحق اإلنسان فصنله على السماء واالرض و ألمالئكة ‪ ،‬ووضعه عن مستوى األنعام‬
‫‪ .‬فاالنسان ‪ -‬في نظر القرآن موجود له القدرة على تسخير عالمه واستخدام المالئكة لنفسه ويمكن‬
‫أن ينزل إلى أسفل سافلين))‬
‫وهذا هو االنسان الذي عليه أن يقرر مصيره النهائي ‪ .‬ونبدأ حديتا عن مدح االنسان ‪ .‬في القرآن‬
‫تحت عنوان قيم االنسان‬
‫قيم االنسان‬
‫ض َخ ِّليفَةً * قَالُوا‬ ‫((و ِّإ ْذ قَا َل َربُّكَ ِّل ْل َم َالئِّ َك ِّة ِّإنِّي َجا ِّع ٌل فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬‫‪)1‬اإلنسان خليفة هللا في األرض َ‬
‫س لَكَ * قَا َل ِّإ ِّني أ َ ْعلَ ُم َما َال‬ ‫أَتَجْ َع ُل ِّفي َها َمن ُي ْف ِّس ُد ِّفي َها َو َي ْس ِّفكُ ال ِّد َما َء َونَحْ ُن نُ َ‬
‫س ِّب ُح ِّب َح ْمدِّكَ َونُقَ ِّد ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ت َ ْعلَ ُمونَ ))‬
‫ت ِّليَ ْبلُ َوكُ ْم فِّي َما آت َاكُ ْم ۗ‬ ‫ض َد َر َجا ٍ‬ ‫ضكُ ْم فَ ْوقَ بَ ْع ٍ‬ ‫ض َو َرفَ َع بَ ْع َ‬ ‫ف ْاأل َ ْر ِّ‬‫((وه َُو الهذِّي َج َعلَكُ ْم خ ََالئِّ َ‬ ‫َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ور هر ِّحي ٌم))‬ ‫ب َو ِّإنههُ لَغَفُ ٌ‬ ‫ْ‬
‫س ِّري ُع ال ِّعقَا ِّ‬ ‫ِّإ هن َربهكَ َ‬
‫عله َم آ َد َم ْاأل َ ْس َما َء كُله َها ث ُ هم‬ ‫‪)2‬ان ظرفة االنسان العلمية هي أكبر ظرفة يمكن أن تكون لمخلوق (( َو َ‬
‫(‪)3‬‬
‫صا ِّدقِّينَ ))‬ ‫علَى ْال َم َالئِّ َك ِّة فَقَا َل أَنبِّئُونِّي بِّأ َ ْس َماءِّ َهؤ َُالءِّ إِّن كُنت ُ ْم َ‬ ‫ض ُه ْم َ‬ ‫ع َر َ‬
‫َ‬
‫‪)3‬القطرة تعرف هللا ‪ ،‬يعي ربه في أعماق وجدانه ‪ ،‬وان كل الشكوى والجحود أمراض‬
‫ور ِّه ْم ذُ ِّريهت َ ُه ْم َوأ َ ْش َه َدهُ ْم‬ ‫((و ِّإ ْذ أ َ َخذَ َربُّكَ ِّمن َب ِّني آ َد َم ِّمن ظُ ُه ِّ‬ ‫وانحرافات من جبلة اإلنسان االولی َ‬
‫(‪)4‬‬
‫غافِّلِّينَ ))‬ ‫ع ْن َهذَا َ‬ ‫ش ِّه ْدنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَ ْو َم ْال ِّقيَا َم ِّة إِّنها كُنها َ‬ ‫علَى أَنفُ ِّس ِّه ْم أَلَسْتُ بِّ َربِّكُ ْم ۖ قَالُوا بَلَى ۛ َ‬ ‫َ‬
‫َّللا ۚ ذَلِّكَ الدِّي ُن‬‫ق ه ِّ‬ ‫علَ ْي َها ۚ َال ت َ ْبدِّي َل ِّلخ َْل ِّ‬
‫اس َ‬ ‫ط َر النه َ‬ ‫َّللا الهتِّي فَ َ‬
‫ط َرتَ ه ِّ‬ ‫ِّين َحنِّيفًا ۚ فِّ ْ‬
‫((فَأَقِّ ْم َوجْ َهكَ ِّللد ِّ‬
‫(‪)5‬‬
‫اس َال َي ْعلَ ُمونَ ))‬ ‫ْالقَ ِّي ُم َولَ ِّك هن أ َ ْكث َ َر النه ِّ‬

‫‪_1‬سورة البقرة_االية ‪30‬‬


‫‪_2‬سورة االنعام_االية ‪165‬‬
‫‪ _3‬سورة البقرة_ االية ‪33_31‬‬
‫‪_4‬سورة األعراف_االية‪122‬‬
‫‪_5‬سورة الروم_اآلية‪30‬‬

‫‪5‬‬
‫‪)4‬ان في جبلة االنسان عنصر ملكوتي الهي باإلضافة الى العناصر المادية الموجودة في كل‬
‫الجماد و النبات والحيوان ‪ ،‬فاالنسان مركب من الطبيعة ومما وراء الطبيعة من المادة والمعنى‬
‫ين ۝ ث ُ هم َجعَ َل نَ ْسلَهُ‬ ‫ان ِّم ْن ِّط ٍ‬ ‫س ِّ‬ ‫ش ْيءٍ َخلَقَهُ َوبَ َدأ َ خ َْلقَ اإل ْن َ‬ ‫سنَ كُ هل َ‬ ‫من الجسم والروح (الهذِّي أَحْ َ‬
‫ار َواأل ْفئِّ َدة َ‬ ‫ص َ‬ ‫س ْم َع َواأل ْب َ‬ ‫وح ِّه َو َج َع َل لَكُ ُم ال ه‬
‫س هواهُ َونَفَ َخ فِّي ِّه ِّم ْن ُر ِّ‬ ‫ين ۝ ث ُ هم َ‬ ‫ِّم ْن سُاللَ ٍة ِّم ْن َماءٍ َم ِّه ٍ‬
‫قَ ِّليال َما ت َ ْشكُ ُرونَ )‬
‫‪)5‬ان خلقة االنسان مدروسة‪ ،‬ولم تكن صدفة واالنسان موجود مصطفى ومنتخب ((ثم اجتباه‬
‫ربه فتاب عليه و هدى))‬
‫‪)6‬و له شخصية حرة مستقبلة و هو امين هللا و له رسالة وعليه مسوؤلية‪ ،‬طلب منه أن يعمر‬
‫األرض بعملهُ و ابداعه و ان يختار احد الطريقين السعادة او الشقاء‪.‬‬
‫ض َو ْال ِّجبَا ِّل فَأَبَيْنَ أَن يَحْ ِّم ْلنَ َها َوأ َ ْشفَ ْقنَ ِّم ْن َها‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫اوا ِّ‬
‫س َم َ‬ ‫علَى ال ه‬ ‫ضنَا ْاأل َ َمانَةَ َ‬ ‫ع َر ْ‬ ‫(( ِّإنها َ‬
‫(‪)3‬‬
‫ظلُو ًما َج ُهولً))‬ ‫سا ُن ۖ ِّإنههُ َكانَ َ‬ ‫َو َح َملَ َها ْ ِّ‬
‫اإلن َ‬
‫صيرا ً * ِّإنها َه َد ْينَاهُ ال ه‬
‫س ِّبي َل ِّإ هما‬ ‫شاج نَ ْبت َ ِّلي ِّه فَ َج َع ْلناهُ َ‬
‫س ِّميعا ً َب ِّ‬ ‫طفَ ٍة أ َ ْم ٍ‬ ‫اإل ْنسانَ ِّم ْن نُ ْ‬ ‫(( ِّإنها َخلَ ْقنَا ْ ِّ‬
‫(‪)4‬‬
‫شَا ِّك ًرا َوإِّ هما َكفُ ً‬
‫ورا))‬
‫‪)7‬يتمتع االنسان بكرامة ذاتية وشرف ذاتي فقد فضله هللا على كثير من خلقه ثم يتفهم واقعه‬
‫ويشعر به عندما يتفهم هذه الكرامة ويشعر بها ويعتبر نفسه اسمى من الدناءات والرذائل‬
‫ت‬
‫الطيِّبَا ِّ‬‫والشهوات والقيود‪َ (( :‬ولَقَ ْد ك هَر ْمنَا بَنِّي آ َد َم َو َح َم ْلنَاهُ ْم فِّي ْالبَ ِّر َو ْالبَحْ ِّر َو َرزَ ْقنَاهُم ِّمنَ ه‬
‫ً (‪)5‬‬
‫ضيل))‬ ‫ير ِّم هم ْن َخلَ ْقنَا ت َ ْف ِّ‬ ‫علَى َكثِّ ٍ‬ ‫َوفَض ْهلنَاهُ ْم َ‬
‫س هواهَا ۝‬ ‫((ونَ ْف ٍس َو َما َ‬ ‫‪)8‬يتمتع بضمير أخالقي يدرك القبيح و الجميل يحكم االلهام الفطري َ‬
‫(‪)6‬‬
‫ورهَا َوت َ ْق َواهَا))‬ ‫فَأ َ ْل َه َم َها فُ ُج َ‬
‫‪)9‬ال يهدأ اال بذكر هللا وال نهاية لطلباته وال يشبع من كل شيء يحصل عليه اال ان يتصل بذات‬
‫ح ِّإلَى َر ِّبكَ‬ ‫سا ُن ِّإنهكَ كَا ِّد ٌ‬ ‫وب))(‪(( )7‬يَا أَيُّ َها ِّ‬
‫اإل ْن َ‬ ‫َّللا ت َْط َمئِّ ُّن ْالقُلُ ُ‬ ‫هللا األبدية الالمحدودة((أ َ َال ِّب ِّذ ْك ِّر ه ِّ‬
‫(‪)8‬‬
‫َك ْد ًحا فَ ُمال ِّقي ِّه))‬
‫(‪)9‬‬
‫ض َج ِّميعًا))‬ ‫‪)10‬خلقت نعم األرض من اجل االنسان‪(( :‬ه َُو الهذِّي َخلَقَ لَكُم هما فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬

‫‪_1‬سورة النجدة_االيات‪9،8،7‬‬
‫‪_2‬طه _االية‪122‬‬
‫‪_3‬سورة األحزاب_االية‪72‬‬
‫‪_4‬سورة الدهر_االيتان‪3،2‬‬
‫‪_5‬سورة االسراء_االية‪70‬‬
‫‪_6‬سورة الشمس_االيتان ‪8،7‬‬
‫‪_7‬سورة الرعد _االية‪28‬‬
‫‪_8‬سورة االنشقاق_ االية‪6‬‬
‫‪_9‬سورة البقرة _ االية ‪29‬‬

‫‪6‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ت َو َما فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ض َج ِّمي ًعا))‬ ‫اوا ِّ‬ ‫س هخ َر لَكُم هما فِّي ال ه‬
‫س َم َ‬ ‫(( َو َ‬

‫نس ِّإ هال‬ ‫‪)11‬خلق هللا ليعبده ويطيعه ‪ ،‬اذا فواجبه اطاعة أمر هللا (( َو َما َخلَ ْقتُ ْال ِّج هن َو ْ ِّ‬
‫اإل َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ُون))‬
‫ِّليَ ْعبُد ِّ‬
‫‪)12‬انه ال يجد نفسة اال بعباده هللا وذكره هللا ‪ ،‬وإذا نسى ربه نسى نفسة وال يعرف من هو و‬
‫ساهُ ْم أَنفُ َ‬
‫س ُه ْم ۚ‬ ‫لماذا؟ وماذا يجب أن يعمل والى اين يذهب ؟ (( َو َال تَكُونُوا كَالهذِّينَ نَسُوا ه َ‬
‫َّللا فَأَن َ‬
‫(‪)3‬‬
‫أُولَئِّكَ هُ ُم ْالفَا ِّسقُونَ ))‬
‫‪ )13‬وعندما يرحل عن هذا العالم ‪ ،‬و يندلع عنه ستار البدن الذي هو حجاب الروح يتضح له‬
‫(‪)4‬‬
‫ص ُركَ ْال َي ْو َم َحدِّي ٌد))‬ ‫عنكَ ِّغ َ‬
‫طا َءكَ فَ َب َ‬ ‫ش ْفنَا َ‬
‫كثير من الحقايق التي تكون اليوم عليه خفية ‪(( :‬فَ َك َ‬
‫‪)14‬لم يعمل للقضايا المادية فحسب ‪ ،‬ولم تكن حاجات الحياة المادية دافعه الوحيد ‪ ،‬فهو يتحرك‬
‫ويتحمس للغايات السامية أحيانا ‪ ،‬وربما ال يتطلب من حركته وسعيه شيئا سوى رضا هللا‪َ ((:‬يا‬
‫(‪)5‬‬
‫ضيهةً فَا ْد ُخ ِّلي فِّي ِّعبَادِّي َوا ْد ُخ ِّلي َجنهتِّي))‬
‫اضيَةً َم ْر ِّ‬ ‫س ْال ُم ْ‬
‫ط َمئِّنهةُ ْ‬
‫ار ِّج ِّعي ِّإلَى َر ِّب ِّك َر ِّ‬ ‫أَيهت ُ َها النه ْف ُ‬
‫ط ِّيبَةً فِّي‬
‫ساكِّنَ َ‬ ‫ت تَجْ ِّري ِّمن تَحْ تِّ َها ْاأل َ ْن َه ُ‬
‫ار خَا ِّلدِّينَ فِّي َها َو َم َ‬ ‫ت َجنها ٍ‬ ‫َّللا ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ َو ْال ُمؤْ ِّمنَا ِّ‬
‫ع َد ه ُ‬ ‫(( َو َ‬
‫(‪)6‬‬
‫َّللا أ َ ْكبَ ُر ۚ ذَلِّكَ ه َُو ْالفَ ْو ُز ْال َع ِّظي ُم))‬
‫عد ٍْن ۚ َو ِّرض َْوا ٌن مِّنَ ه ِّ‬ ‫ت َ‬ ‫َجنها ِّ‬
‫وبناء على ما قيل ‪ ،‬فاإلنسان في نظر القرآن موجود مصطفى من قبل هللا ‪ ،‬وخليفته في األرض ‪،‬‬
‫نصفه ملكوتى و نصفه مادى ‪ ،‬له فطرة معرفة هللا ‪ ،‬حر ‪ ،‬مستقل ‪ ،‬آمين هللا ‪ ،‬و مسؤول عن نفسه‬
‫و العالم ‪ ،‬مسيطر على الطبيعة و االرض و السماء ‪ ،‬كلهم بالخير و الشر‪ ،‬يبدأ وجوده من‬
‫الضعف و العجز ويسير نحو القوة و الكمال و يسمو وال يهدأ إال في حضيرة القدس اإللهي و‬
‫بذكره ‪ ،‬و ظرفيته العلمية و العل مية غير محدودة ‪ ،‬يتمتع بشرف و كرامة ذاتيه ‪ ،‬ال صبغة ماديه‬
‫لدوافعه أحيانا ‪ ،‬له حق التصرف المشروع بالنعم التي وهبها هللا له ولكن عليه واجبا أمام هللا ‪.‬‬
‫(‪)1‬سورة الجاثية_ االية ‪29‬‬
‫(‪ )2‬سورة الذاريات_االية ‪56‬‬
‫(‪)3‬سورة الحشر_االية‪18‬‬
‫(‪)4‬سورة ق _ االية ‪22‬‬
‫(‪ )5‬سورة الفجر_ االية ‪28‬‬
‫(‪)6‬سورة التوبة_االية ‪72‬‬

‫‪7‬‬
‫حقوق االنسان‬

‫تمثل مادة (حقوق االنسان) جزءا مهما من (مادة التربية الدولية) ‪ ،‬اضافة الى طبيعتها القانونية‬
‫ومضمونها السياسي ‪ ،‬والتي تم االهتمام بها بضرورة مكثفة من قبل (اليونسكو) منذ عام (‪)١٩٤٦‬‬
‫حتى تمكنها من (عقد اجتماع دولي للخبراء) عام ‪ ١٩٩١‬في استراليا ‪ ،‬أدى الى انشاء (شبكة‬
‫اليونسكو الدولية لبحوث الكتب المدرسية) ‪ ،‬ومثلت (الخطوط التوجيهية لتطوير منهج وكتاب‬
‫مدرسي للتربية الدولية )‪.‬‬
‫ويتعين من خالل تحديد المكونات المعرفية للتربية الدولية ‪ ،‬البد وأن يتم نقل قيم ‪ :‬إنسانية وثقافية‬
‫وأخالقية ‪ ،‬تستند الى‪ :‬حقوق اإلنسان والى مثل السالم ومواقف التسامح نحو الخصوصية الثقافية‬
‫المختلفة ‪ ،‬والى القيم التي تعزز الديمقراطية الحقة كما ان التربية الدولية هي‪ :‬جزء من التربية من‬
‫أجل المستقبل وينبغي اعتبار اصطالحات ( التربية الدولية) و (التعاون) و (االسالم ) كل ال يتجزأ‬
‫قوامه العالقات الودية بين الشعوب والدول ذات النظم االجتماعية والسياسية المختلفة ‪ ،‬ومبدأ‬
‫احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية ‪.‬‬
‫وقد اعتمد مؤتمر اليونسكو لعام ‪ ١٩٩٤‬تحديث توصية من أجل السالم وحقوق اإلنسان‬
‫والديموقراطية ‪ .‬ومنذ عام ‪ ، ١٩٧٤‬أكدت اليونسكو على أن توجه مؤسسات التربية والتعليم نحو‬
‫إزالة الظروف التي تؤدي الى استمرار او استفحال المشكالت الكبرى التي تهدد بقاء البشر‬
‫ورفاهيته ‪ ،‬مثل عدم المساواة ‪ ،‬والظلم ‪ ،‬والعالقات الدولية القائمة على استعمال القوة ‪ ،‬كذالك نحو‬
‫أتخاذ تدابير التعاون الدولي تكون كفيلة بحل تلك المشكالت ‪.‬‬
‫وفي عام ‪ ٢٠٠٣‬تم إدخال مادة حقوق اإلنسان ضمن المناهج الجامعية ‪.‬‬
‫وبالتالي يأتي جهدنا هذا ليقدم خدمة أولية ألبنائنا الطلبة في هذا المجال ‪ ،‬آملين تطويره مستقبال ‪،‬‬
‫ومن هللا التوفيق ‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫ماهية حقوق اإلنسان‬
‫اوال ‪ :‬التعريف بحقوق اإلنسان‬
‫ج‪ /‬ليس هناك اتفاق على تسميه واحدة لهذا الموضوع ‪ ،‬بل استعملت عدة مصطلحات للداللة عليه‬
‫‪ ،‬فمن الكتاب من يستعمل مصطلح (الحقوق األساسية الفرد) او (الحريات الفردية األساسية) ‪،‬‬
‫ومنهم من يستعمل مصطلح (الحريات العامة) ‪ ،‬أما األغلبية فتستعمل مصطلح (حقوق اإلنسان) ‪.‬‬
‫وقد استعمل قانون إدارة الدولة العراقي للمرحلة االنتقالية الصادر في ‪/8 :‬آذار‪ ، 2004/‬مصطلح‬
‫(الحقوق األساسية ) في الباب الثاني ‪ :‬المواد ‪ ، ) 23 - 10( :‬بينما استعمل دستور جمهورية‬
‫العراق الدائم لعام ‪ 2005‬مصط لح( الحقوق و الحريات ) كما وردت في الباب الثاني الذي اشتمل‬
‫على فصلين ‪ ،‬اختص االول منها بالحقوق والذي يم تقسيمه إلى( الحقوق المدنية و السياسية ) في‬
‫المواد‪ ، ) 21-14( :‬والى (الحقوق االقتصادية واالجتماعية و الثقافية) في المواد‪،/) 34 -22( :‬‬
‫بينما اختص الفصل الثاني بالحريات في المواد ‪ ، )44 - 35( :‬ومن الدساتير ما ذكر مصطلح‬
‫(الحريات و الحقوق و الواجبات العامة) ‪ ،‬كالدستور المصري الصادر عام ‪. 1971‬‬
‫وتميل إلى استعمل مصطلح(حقوق االنسان) ‪ ،‬ألنه المصطلح الشائع و واسع االستعمال و المعتمد‬
‫من قبل منظمة األمم المتحدة و منظوم تها ‪ ،‬خصوصا في الرابع االخير من القرن الماضي ‪ ،‬كما‬
‫أن( الحريات هي حقوق اإلنسان ‪ ،‬اي حقوقه في ان يكون حرا من القيود التي يراد فرضها عليه‬
‫الن الحقوق نفسها ليست إال حريات معترفا بها و محلية بوسيلة ما ) ‪.‬‬
‫وبالتالي ‪ ،‬يمكن القول بأن الحرية هي األصل وما الحق إال وسيلة لممارسة الحرية ‪ ،‬فهو وسيلة‬
‫للحرية وأداة لديمومتها ‪ ،‬وأن كان كال المفهومين يستعمل استعماال متبادال ‪ ،‬اي ان كل عبارة‬
‫تستعمل محل األخرى دون ان يكون هناك فرق قانوني جوهري بينهما ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وفي ضوء ذلك ‪ ،‬نص مثال الدستور اإليطالي الصادر عام ‪ 1947‬في المادة (‪ )21‬منه على أن‪:‬‬
‫للجميع حق التعبير للحرية عن آرائهم بالقول و بالكتابة وبجميع وسائل االذاعة االخرى ‪،......‬‬
‫وكذلك نص الدستور السوداني االنتقالي الصادر عام ‪ 1985‬في المادة (‪ )19‬منه على ان ‪ :‬لجميع‬
‫االشخاص الحق في حرية التعبير و النشر و الصحافة في حدود القانون ‪ ،‬كما تطرق االعالن‬
‫العالمي لحقوق االنسان الصادر عام ‪ 1948‬الى الحق في حرية التفكير و الضمير و الدين و ذات‬
‫النهج نجده في العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬و بالحقوق المدنية‬
‫و السياسية الصادرين عام ‪. 1966‬‬
‫و يبقى السؤال المطروح امامنا ‪ :‬ما المقصود بحقوق االنسان ؟‬
‫يمكن القول بان حقوق االنسان ‪ :‬هي قدرة اإلنسان على اختيار تصرفاته بنفسه و ممارسة نشاطاته‬
‫المختلفة دون عائق ‪ ،‬مع مراعاة القيود المفروضة لمصلحة المجتمع ‪ ،‬ويتبين من هذا أن اإلنسان‬
‫هو محور الحقوق جميعا ‪ ،‬وأن هذه الحقوق ترتبط وجودا و عدما بوجوده و عدمه ‪.‬‬
‫ومن المعروف أن بعض حقوق اإلنسان وصفت منذ القدم بأنها حقوق طبيعية ارتباطها الوثيق‬
‫بطبيعة اإلنسان ‪ ،‬وأنها منبتقة من صميم ذاته ‪ ،‬ومن ثم فهي غير قابله التصرف ‪ ،‬وليست منحة‬
‫من سلطة معينة ‪ ،‬أنما هي حقوق اسياسية من حقوق البشر الطبيعية التي فطر اإلنسان عليها منذ‬
‫خلقه ‪ ،‬ومنذ أن ميزه هللا بالعقل و القدرة على سائل مخلوقاته ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من االهمية التي يحتلها هذا الوصف حتى الوقت الحاضر ‪ ،‬فما ينبغي تأكيده هو أن‬
‫حقوق اإلنسان أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بدور الدولة من حيث هي الوسيلة الفعالة و األداة‬
‫السليمة المنظمة لهذه الحقوق ‪.‬‬
‫وعليه ‪ ،‬فتقول بطبيعة الحقوق ‪ ،‬و بكونها مطلقة وغير قابلة للتصرف ‪ ،‬ال يمكن التسليم به ‪ ،‬وذلك‬
‫أن حقوق اإلنسان نسبية و ترتبط ارتباطا وثيقا بإمكانيات الفرد المادية والفكرية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وجملة ظروف لها دورها المؤثر في ممارسة االستعان لحقوقه ‪ ،‬والمتجسدة في الظروف‬
‫االجتماعية العامة ‪ ،‬والظروف الطبيعية الخارجية ‪.‬‬
‫ومن وجهه نظرنا نلخص الي القول بأن ‪ :‬حقوق اإلنسان هي ‪ :‬مجموعة شاملة من المباديء‬
‫األخالقية التي ينبغي ان تحكم عمل الناس والمؤسسات والحكومات على المستويين الداخلي‬
‫والخارجي ‪.‬‬
‫تمثل من و جهه نظر اسالمية باحكام القران الكريم واحاديث الرسول العظيم محمد بن عبد هللا‬
‫(ص) وسيرته الكريمة ‪ ،‬وأقوال ال بيته االطهار وسيرتهم الجهادية اإلستشهادية الرامية الى احقاق‬
‫الحقوق وانجز الواجبات بما يؤدي الى تحقيق الكمال اإلنساني لالنسان ‪ ،‬على مستوى الفرد‬
‫والمجتمع ‪.‬‬
‫بينما تمثل من وجهه نظرغربية في ‪-:‬‬
‫‪ .1‬االعالن العالمي لحقوق االنسان ‪.‬‬
‫‪ .2‬الميثاق الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية‪.‬‬
‫‪ .3‬الميثاق الدولي بشان الحقوق االقتصادية واالجتماعية ‪.‬‬
‫تتميز هذه الحقوق‬
‫‪( .1‬التعميم)‪ :‬كالحق في الحياة ‪ ،‬والمساواة ‪ ،‬والحرية ‪ ،‬باعتبارها تشمل جميع الناس بسبب‬
‫كونهم بشر ‪.‬‬
‫‪( .2‬رفض مبدأ التمييز ) ‪ ،‬سواء اكان على اساس العنصر او الجنس وغيرها ‪.‬‬
‫‪ .3‬وتؤكد على (حماية حقوق االقليات ) وفقا الحكام القانون الدولي ومقتضيات العدالة‪.‬‬
‫‪ .4‬وتطرح مسألة (حقوق الالجئين) على المستويين الوطني والدولي ‪ ،‬بصورة ايجابية ‪.‬‬
‫‪ .5‬وتقر (بالمسؤوليات الشخصية) في تمكين االخرين من التمتع بالحقوق ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫جذور حقوق االنسان وتطورها التاريخي‬
‫ان دراسة التطور التاريخي لحقوق االنسان ‪ ،‬يعد أمرا ضروريا لبيان وضع حقوق األفراد‬
‫وحرياتهم في مختلف المجتمعات االنسانية ‪ ،‬و ذلك ان من المسلم بع أن حقوق اإلنسان تختلف‬
‫باختالف الزمان و المكان و تتأثر بمختلف التيارات الفكرية السائدة في المجتمع‪.‬‬
‫وعليه فان البحث في التطور التاريخي لحقوق اإلنسان يستلزم تناول المواضيع اآلتية‪:‬‬
‫‪ )1‬حقوق اإلنسان في العصور القديمة‪.‬‬
‫‪ )2‬حقوق اإلنسان في الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ )3‬حقوق اإلنسان في العصر الحديث‪.‬‬

‫‪ -1‬حقوق اإلنسان في العصور القديمة‪:‬‬


‫إن جذور حقوق اإلنسان فكرا و ممارسة قد نمت و تطورت عبر العصور المختلفة ‪ ،‬من خالل‬
‫الحضارات العظيمة التي أقامتها مختلف شعور األرض وال شك في ان جميع تلك الحضارات قد‬
‫تأثرت او اشتقت قيمها األخالقي ة و التربوية و العلمية و الفلسفية من اقدمها حضارة وادي الرافدين‬
‫العظيمة التي احتوت على عشرات ألواح الطين التي تؤكد على انها حضارة أخالقية استندت الى‬
‫احترام حقوق االنسان ‪ ،‬يعتز ملوكها يأ نهم حراس عدل و حق و إن الضعيف لم يكن يناله ضيم في‬
‫عهدهم و انهم لم يتركوا للقوي فرصة يغشم بها الضعيف و يسلبه حقه ‪ ،‬فعلى سبيل المثال تباهى‬
‫الملك (أوروكاجينا) بأنه حرر مواطنيه من كل انواع الظلم و اعاد لهم العدل و الحرية ‪ .‬و قد‬
‫أحتفل بولده (شوكلي) بوصفه ملك للمساواة‪.‬‬
‫وفي القانون (أور نمو ‪ )2043-2061‬ق‪.‬م ‪ ،‬نصت المواد على تعويض قانوني عن التحاق‬
‫الضرر بجسد الغير‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وقانون باياللما ‪ : Bilalma‬القانون االول الذي تمت صياغته (بستين مادة قانونية في حوالي سنه‬
‫‪ 1920‬ق‪.‬م تناولت ‪ :‬حق األمومة و التروض و الوديعة اليجار و البيع ‪ ،‬كما انه مثل غيره من‬
‫قوانين الحقوق البدائية قد خصص حيزا للعقوب ات ‪ ،‬و القانون الثاني فقد وضيعه (لبيت عشتار‬
‫‪ ) Lipit-ashtar‬وهو يعبر عن المؤسسات السامية ‪ ،‬و كثيرا ما تغنى الملك (لبيت عشتار)‬
‫بمحاسنة قائال‪:‬‬
‫وطدت العدل في بالد سومر وأكد ‪ ،‬كنت عانيا على الكبراء ورحيما بالوضعاء ‪ ،‬واقمت للحق‬
‫وأعطيت الحرية للناس ‪.‬‬
‫مشرع في التاريخ بسبب‬
‫َ‬ ‫ويعتبر اإلمبراطورية حمورابي (‪ )1728-1686‬ق‪.‬م اعظم واهم‬
‫الشريعة التي خلفها لنا المكونة من (‪ 282‬مادة) قانونية ‪.‬‬
‫ولقد كان الدين في حضارة وادي الرافدين تأثيرا كبيرا على جميع المؤسسات ‪ ،‬وقد ولدت فكرتهم‬
‫عن الحق من الديانات القديمة ‪ ،‬وكانت العالقات بين الناس وقضايا الملكية واالصول تنظم وفق‬
‫مبادئ تلك الديانات وعلى ضوء حاجاتها حيث كان للدين والقانون والسلطة متداخلة وصارت شيئا‬
‫واحدا يضم ثالثة مظاهر مختلفة ‪ ،‬مع بقاء الدين بمثابة السيد المكلف في الحياة الخاصة والحياة‬
‫السياسية معا ‪ ،‬وبذلك فان القانون يكون جزءا من الدين ‪ ،‬وعلى هذا الساس تكون مسائل واجبات‬
‫وحقوق االنسان في جوهرها االساس دينيا ً ‪.‬‬
‫ومن خالل ما تقدم ‪ ،‬يتبين ان الحضارة العراقية ‪ ،‬كانت اول من تعامل مع قضايا حقوق االنسان ‪،‬‬
‫بمستوى اخالقي راقي ‪.‬‬
‫وصار من المسلم به ان العصور القديمة كانت تجهل فكرة خضوع الحاكم لقواعد قانونية تقيد‬
‫سلطانه ‪ ،‬فقد كان الحاكم في نظر االفراد في اغلب االحيان بمثابة اإلله ‪ ،‬وكان الخضوع لحكمه‬
‫من قبيل الخضوع ألحكام الدين وااللتزام بتعاليمه من قبل الحكام والمحكومين على حد سواء وهو‬
‫ما حصل في الحضارة العراقية القديمة ‪.‬‬
‫اما اذا كان سلطان الحاكم مطلقا ال يناقشه فيه احد ‪ ،‬تكون النتيجة الحتمية المترتبة على هذا‬
‫الوضع هي حرمان االفراد من كل حق في مواجهة حكامهم ‪ ،‬وهو ما حصل على سبيل المثال ‪،‬‬
‫في الحضارة اليونانية‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫حيث كان المجتمع مقسما الى طبقتين ‪ ،‬االولى ‪ :‬طبقة االحرار (المواطنون) ‪ ،‬والثانية ‪ :‬طبقة‬
‫األرقاء ‪ ،‬حيث اعترف لبعض افراد طبقة األحرار بالحق في االسيام في تسيير شؤون الدولة ‪ ،‬في‬
‫حين نجد ان طبقة االرقام ظلت محرومة من أية حقوق تذكر سواء كانت حقوقا سياسية ‪ ،‬مثل ابداء‬
‫الرأي ‪ ،‬والمشاركة في التشريح واالنتخابات ‪ ،‬وتولي المناصب العامة ‪ ،‬ام حقوقا اجتماعية ‪،‬‬
‫وحق العالج وحق التعليم ‪ ،‬وحقوق اقتصادية مثل حق العمل ( الن الحق في اختيار العمل‬
‫مرفوض بالنسبة لألرقاء ) ‪ .‬وكذلك نجد الوضع نفسه في الحضارة الرومانية ‪ ،‬ولكن على نحو‬
‫اثقل وطأة مما كان في الدول التي سبقتها في أوربا ‪ ،‬بسبب التقسيم الطبقي والتأصيالت التاريخية‬
‫في هذه الحضارة لنظام الرق والعبودية ومن ثم لتجارة الرقيق على الصعيدين الداخلي والخارجي‬
‫وما مثله في امتهان كرامة اإلنسان وانتهاك صارخ لحقوقه المختلفة ‪ ،‬هذا فضال عما جاء قي‬
‫قانون الشعوب الذي يطبق شعوب االقاليم التي تحتلها روما وعدم تطبيق القانون الروماني عليها‬
‫والذي اقتصر تطبيقه على طبقة المواطنين االشراف‪.‬‬
‫ان انتهاكات حقوق اإلنسان لم تتغير بالرغم من ظهور المسيحية واستبشار الناس بها خيرا (‬
‫وخاصة األرقام والطبقات المحرومة) لما جاءت بع من مبدا مساواة األفراد جميعا ‪ ،‬التي كان‬
‫يقصد بها أن تكون أمام هللا فقط اي في الحياة األخرى ‪ ،‬عالوة على أن المسيحية أصبحت الدين‬
‫الرسمي للدولة ‪ ،‬ومن ثم كان يعاقب من يدين بغير دين للدولة بقسوة بالغة ‪.‬‬
‫و من هنا بدأت سيطرة الكنيسة المطلقة على السلطتين الدينية و الدنيوية ‪ ،‬و احتلت بذلك مركزا‬
‫سياسيا و فكريا مهيمنا على االفراد ‪ ،‬فعددت بذلك القيود المفروضة على حريات االفراد ‪ ،‬فقد حق‬
‫الفرد في المشاركة في الحكم ‪ ،‬اذا كان البابا يعد الحاكم األول و األوحد و الممثل للسلطة اإللهية‬
‫المطلقة ‪ ،‬و هذا عالوة على العالقات التبعية القائمة بين اإلقطاعيين ورقيق األرض ‪ ،‬و كذلك‬
‫قيدت الحريات السياسية التي تستهدف توجيه الحكم و اإلشراف عليه ‪ ،‬وهذا ما يفسر عدم وجود‬
‫حرية تأليف الجمعيات و الهيئات التي يمكن ان توجه النقد لحكم الكنيسة‬

‫‪14‬‬
‫واستمرت بذلك سيطرة الكنيسة طوال القرون الوسطى التي كانت تتجاهل فكرة الحرية والمساواة‬
‫‪ ،‬حيث كانت سيطرة التبعية مهيملة ونظام الطبقات سائدا‪.‬‬
‫و بطبيعة الحال ‪ ،‬يمكن القول بأن الفترات التي مرت بها البشرية في تلك العصور لم تخل من‬
‫األصوات المنددة بالظلم و االستبداد ‪ ،‬و قد بدأت بوادر الثورة ضد هذه األوضاع في القرن الرابع‬
‫عشر ‪ ،‬فظهرت بذلك ح ركة تحرير األرقام و التمرد على االستبداد و عدم المساواة ‪ ،‬وفي نهاية‬
‫القرن الخامس عشر بدأ عصر النهضة في أوربا وفيه انتمت افكار الحرية و ظهرت الدعوات الى‬
‫تقييد سلطان الملوك ‪ ،‬و إخضاعهم لقواعد تعلو عليهم ‪ ،‬اذا كان لظهور حركات اإلصالح األثر‬
‫الكبير في بلوزة افكار الحريات الفردية ‪ ،‬و بيان االساس الفاسد للحكم المطلق ‪.‬‬
‫ان تل ك الحركات جاءت ردا حاسما على تردي أوضاع الكنيسة والنحطاطها وفشلها في تحرير‬
‫االفراد من القيود المفروضة عليهم‪ ،‬وفي نهاية القرن السابع عشر ومطلع القرن الثامن عشر بدأت‬
‫الحركات التحررية بالظهور منددة بالظلم واالستبداد ومستلهمة اراء الفالسفة السياسيين في تلك‬
‫الفترة‪ ،‬الذين كانت مؤلفاتهم تشكل منهال خصبا لتلك الحركات سواء في أوربا او في الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪.‬‬
‫تعتبر حقوق االنسان من أهم القضايا العالية ‪ ،‬و من اكثرها حساسية في المجتمع الدولي ‪ ،‬و كان‬
‫من اهتمامه البالغ بها أن أقام محكمة دولية في الهاي لمحاكمة مجرمي الحرب ‪ ،‬و المنتهكين‬
‫لحقوق االنسان ‪ ،‬و يحاكم فيها ذوو المراتب العالية ‪ ،‬كرؤساء الجمهوريات ‪ ،‬و الوزراء ‪ ،‬و قادة‬
‫الفرق ‪ ،‬وضباط الجيش ‪ ،‬وغيرهم من ذوي المراتب العالية من الذين استهانوا بأرواح الناس و‬
‫كرامتهم ‪ ،‬وهو مشروع حسن و جميل جدا ً يقابل بالشكر ‪ ،‬وقد دل على مدى النضوج االجتماعي‬
‫عند القائمين بذلك ‪ ،‬و قد رحبت به و أقرته بعض الدول ‪ ،‬و أمتنعت من االعتراف به و دول‬
‫أخرى التي ال يعنيها كرامة اإلنسان و حقه في الحياة ‪،‬‬

‫وعلى اي حال‪ ،‬فقبل ان نعرض للوثيقة الدولية لحقوق اإلنسان نذكر بعض البحوث التي ترتبط‬
‫بالموضوع‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الوضع في أوربا‬

‫حفل تاريخ أوربا قبل عصر النهضة العلمية بالمآسي والخطوب السود‪ ،‬فقد كانت الحياة العامة‬
‫يسودها الظلم والجور والغبن االجتماعي‪ ،‬وكان طابع الحكم فيها استبداليا ال ظل فيه للعدل واألمن‬
‫واالستقرار‪ ،‬فالجهاز الحاكم كان القوة الضاربة لإلرادة الشعب والمحتكرة لجميع السلطات‬
‫التشريعية والتنفيذية‪ ،‬وكلمة القانون بيد الحاكم‪ .‬يقول لويس الرابع عشر‪:‬‬

‫«الدولة أنا»‬
‫إن الدولة بجميع اجهزتها ماثلة في شخصيته‪ ،‬وليس للرعية على أي إرادة او اختيار‪ ،‬فبيده إعالن‬
‫الحرب وسوق الجحافل البشرية إلى المجازر‪ ،‬وعلى الشعب الطاعة والخضوع‪.‬‬
‫وعبر ريتشارد ملك بريطانيا المخلوع عن استهتاره بحقوق شعبه قائال ً‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫«القانون في فمي‪ ،‬وكثيرا ً ما يكون سرا ً كامتا ً في صدري»‬
‫القانون في فمه وصدره‪ ،‬وليس الي أحد ان يقف أمام رغباته وميوله النفسية‪ ،‬وأن كانت شريرة‬
‫ومهلكة للعباد‪.‬‬
‫لقد نظر الحاكمون في أوربا في تلك العصور الى رعاياهم انهم حول وعبيد لهم يتصرفون‬
‫بأرواحهم وأموالهم حيثما شاءوا‪ ،‬وأنهم غير مسؤولين عما يقترفونه في حقهم من صنوف اإلهانة‬
‫والتنكيل‪ ،‬فقد أعلن(غليوم) األلماني في خطابه سنه ‪1897‬م ما نصه‪:‬‬

‫____________________‬
‫(‪)1‬الدستور البريطاني‪/‬ايرون الكسندر‪،39:‬ترجمة‪:‬محمد بدران‬

‫‪16‬‬
‫((ان غليوم االول قد أقام كنزا واسع النطاق يجب علينا حفظه مقدسا‪ ،‬هذا الكنز هو الملك المستمد‬
‫من معونة هللا تعالى‪ ،‬الملك القائم على المسؤولية العظمى أمام الخالق دون سواه‪ ،‬تلك المسؤولية‬
‫(‪)1‬‬
‫التي ال يمكن الي وزير او مجلس نواب أن يوفعها عن عاتق ولي األمر))‬
‫وحكى هذا الخطاب االستبداد بحق الرعية‪ ،‬وأنها ال قيمة لها عندهم‪ ،‬ومن الطبيعي أن هذا الحكم‬
‫الفردي قد أدى إلى خنق الحريات‪ ،‬واضطهاد ليس الشعب‪.‬‬
‫ويقول المعنيون بهذه البحوث‪ :‬ان فرنسا كانت من أعظم دول أوربا في المحنة والشقاء‪ ،‬فقد عدمت‬
‫فيها بالكلية الحرية السياسية والمساواة االجتماعية‪ ،‬ولم يعد فيها الي نظام عادل‪ ،‬خصوصا في‬
‫الضرائب المالية التي كانت تسير وفق رغبات الحاكمين‪ ،‬وقد اختصت باالمتيازات بعض‬
‫الطبقات‪ ،‬وحرمت منها األكثرية الساحقة‪ ،‬أما التي ظفرت باالمتيازات فهي‪:‬‬
‫‪-1‬النبالء‪.‬‬
‫‪-2‬أرباب الكنيسة‪.‬‬
‫‪-3‬المشرعون‪.‬‬
‫‪-4‬نقابات طوائف العمال‪.‬‬
‫وقد أوجدت هذه االمتيازات انتشار الكراهية والحقد على الحكومة ‪ ،‬وقد عمدت الحكومة إلى‬
‫حرمان ابناء الفقراء من المناصب الرفيعة في الدولة كقيادة‬

‫____________________‬
‫(‪)1‬النظام السياسي في اإلسالم‪160:‬‬

‫‪17‬‬
‫الجيش والقضاء والكنيسة وغيرها(‪.)1‬‬
‫كما عمدت إلى زج المطالبين بالعدالة في السجون ‪ ،‬وقد ساد الجوار في جميع أنحاء أوربا ‪،‬‬
‫خصوصا في فرنسا بالذات‪.‬‬

‫الثورة الفرنسية‬
‫وتفجرت االوضاع السائدة في فرنسا بالثورة العامرة على الحكم القائم ‪ ،‬فقد ثار الشعب الفرنسي‬
‫في يوم ‪ 17‬يونيو سنة ‪ 1789‬م مطالبا بإلغاء الضرائب التي فرضتها الحكومة الملكية ‪ ،‬وعمت‬
‫المظاهرات الساخطة على الدولة جميع انحاء البالد ‪ ،‬وهي تهتف بسقوط الحكم القائم ‪ ،‬وقد قابلتها‬
‫السلطة بالنار ‪ ،‬فقد صوبت مدافعها على الثوار ‪ ،‬إال أنها لم تنجح ‪ ،‬فقد صمم الشعب الفرنسي على‬
‫إسقاط حكومته ‪ ،‬وبعد صراع رهيب استطاع الشعب إسقاط الحكم ‪ ،‬وقد ارتكبت في تلك األحداث‬
‫من الجرائم ماال يوصف لفضاعتها ‪ ،‬كالقتل والنهب وحرق المحالت التجارية ‪ ،‬وقد ألفت فيها‬
‫مئات الكتاب ‪ ،‬وقد نقلت االحداث الجسام في تلك الثورة التي هي من غرائب الثورات التي‬
‫شاهدها العالم(‪.)2‬‬

‫إعالن حقوق اإلنسان‬


‫تمخضت تلك المجازر البشرية التي وقعت في أثناء الثورة الفرنسية عن إعالن حقوق اإلنسان ‪،‬‬
‫فقد قررت الجمعية الوطنية في ‪ 26‬آب سنة ‪ 1789‬م تلك الحقوق ‪ ،‬ورأت أن ما ينزل بالمجتمع‬
‫اإلنساني من كوارث والخطوب يرجع إلى سبب‬

‫___________________‬
‫(‪ )1‬تاريخ أوربا في العصر الحديث ‪ /‬هـ‪ .‬أ ‪ .‬ل فشر‪6,5:‬‬

‫(‪ )2‬النظام السياسي في األسالم‪195-194:‬‬

‫‪18‬‬
‫واحد‪ ،‬وهو جهل الحاكمين والمسؤولين بهذه الحقوق او تجاهلها‪ ،‬وأصدرت الجمعية بيانا علما‬
‫للشعب يتكون أساسا لمطالبة‪ ،‬وقد اشترك في وضعه جمهرة كبيرة من خيرة علماء فرنسا‬
‫ومشرعي قوانينها‪.‬‬
‫ومن المؤكد أن اإلسالم قد سبق فرنسا في تأسيس حقوق اإلنسان‪ ،‬فقد نظر إليه بعمق وشمول ودقة‬
‫وحكمة‪ ،‬فوضع لمناهج حياته الفردية واالجتماعية أسمى الحقوق‪ ،‬وأكثرها أصالة وابداعا لم‬
‫يجاريه في سمو تشريعاته اي مشرع مهما اوتي من فضل وعلم‪.‬‬
‫اما اهم نصوص الوثيقة الدولية لحقوق االنسان‪ .‬التي اعلنتها هيئة االمم المتحدة فهي‪:‬‬
‫‪ -1‬يولد الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق ‪ ،‬مزودين بالعقل والضمير‪ ،‬وعليهم أن‬
‫يعاملوا بعضهم بعضا يروح األخوة‪.‬‬
‫‪-2‬لكمل انسان ان يتمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذه الوثيقة‪ ،‬وذلك بدون ايي تتميز‬
‫وخاصة ما كان بسبب الجنس‪ ،‬واللون‪ ،‬والذكورة او االنوثة‪ ،‬واللغة‪ ،‬والدين‪ ،‬والرأي‬
‫السياسي‪ ،‬أو أي رأي خالفة‪ ،‬أو األصل الوطني‪ ،‬الذي نزح عنه الفرد‪ ،‬أو األصل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وحالة الغنى والفقر‪ ،‬والمركز العائلي او اللي مركز خالفه‪.‬‬
‫‪ -3‬تمتد الحقوق الواردة في هذه الوثيقة إلى جميع سكان األراضي الواقعة تحت الوصاية ‪،‬‬
‫واألراضي غير الممتعة بالحكم الذاتي ‪ ،‬وذلك على قدم المساواة مع سكان البالد ذات‬
‫السيادة‪.‬‬
‫‪-4‬لكل فرد الحق في الحياة وفي الحرية ‪ ،‬وفي ان يعيش أمنا مطمئنا ً‬
‫‪-5‬ال يجوز ان يعيش انسان في الرق أو االستبعاد‪ ،‬والرق النخاسة في كافة صورهما‬
‫محظوران‪.‬‬
‫‪-6‬ال يجوز أن يعذب أنسان‪ ،‬أو أن توقع عليه عقوبات قاسية غير أنسانية أو مزرية بالكرامة‪.‬‬
‫‪-7‬لكل إنسان الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية‪.‬‬
‫‪-8‬الجميع متساوون أمام القانون‪ ،‬ولكل فرد دون أي تمييز وعلى قدم المساواة‪ ،‬الحق في أن‬
‫يحتمي به وللجميع الحق في الحماية ضد كل تمييز يعتبر خروجا على هذه الوثيقة وضد‬
‫كل تحريض على هذا التمييز‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪-9‬لكل انسان الحق في االلتجاء الفعلي الى القضاء‪ ،‬الوطني المختص بالنظر في كل اعتداء‬
‫على الحقوق االساسية المعترف له‪ ،‬بها في الدستور والقوانين‪.‬‬
‫‪-10‬ال يجوز القبض على احد أو حبسه أو نفيه بإجراء تحكمي‪.‬‬
‫‪ -11‬ال يجوز أن يتعرض أحد لتدخل تحكمي في حياته الخاصة أو في اسرته أو منزله أو‬
‫مراسالته‪ ،‬وال أن يتعدى على شرفه وسمعته‪ ،‬لكل إنسان الحق في حماية القانون ضد مثل‬
‫هذا التدخل وذلك االعتداء‪.‬‬
‫‪-12‬لكل فرد الحق في التنقل بحرية‪ ،‬وفي اختيار مسكنه داخل الدولة‪ ،‬لكل إنسان الحق في أن‬
‫يغادر أي بلد بما في ذلك بلده‪ ،‬وأن يعود إليه‪.‬‬
‫‪-13‬لكل إنسان الحق بإزاء االضطهاد في أن يبحث عن ملجأ‪ ،‬وأن يستفيد من وجود هذا الملجأ‬
‫في بالد أخرى‪.‬‬
‫‪ -14‬لكل فرد الحق في الملكية ‪ ،‬سواء بصفة فردية أو جماعية ال يجوز حرمان أحد عن‬
‫ممتلكاته بإجراء تحكمي‪.‬‬
‫‪-15‬لكل إنسان الحق في حرية التفكير واالعتقاد والديانة ‪.‬‬
‫‪-16‬لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير بما يتضمنه ذلك الحق في أال يزعج بسبب‬
‫آرائه‪.‬‬
‫‪-17‬لكل إنسان الحق في ان يساهم في أدارة شؤون بالده العامة؛ وذلك سواء بصفة مباشرة أو‬
‫بواسطة ممثلين منتخبين انتخابا حرا‪.‬‬
‫‪ -18‬لكل شخص الحق في تولي الوظائف العامة في بلده على أساس المساواة‪.‬‬
‫‪-19‬إرادة الشعب هي مصدر السلطات العامة ‪.‬‬
‫‪ -20‬لكل انسان الحق في الضمان االجتماعي أن يحصل على الحقوق االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية الالزمة لكرامة االنسان وتنمية شخصيته تنمية طليقة‪ ،‬وذلك بفضل المجهود‬
‫القومي والتعاون الدولي‪.‬‬
‫‪-21‬لكل شخص الحق في العمل والحرية في اختياره بشروط عادلة مجزية كما أن له الحق في‬
‫الحماية من البطالة‪.‬‬
‫‪-22‬للجميع الحق دون تمييز في الحصول على أجر متسا ٍو عن عمل من متسا ٍو ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪-23‬لكل من يعمل له الحق في أجر عادل مجز يضمن له وألسرته حياة تتفق مع الكرامة‬
‫البشرية‪ ،‬ويكمل عند الضرورة هذا األجر بأية وسيلة من وسائل الحماية الجماعية‪.‬‬
‫‪-24‬لكل فرد الحق في مستوى من الحياة يضمن له وألسرته الصحة والرخاء‪ ،‬وبخاصة فيما‬
‫يتعلق بالمأكل والملبس والمسكن والخدمات الصحية والخدمات االجتماعية الضرورية كما‬
‫أن له الحق في حالة البطالة والعجز عن العمل الزمان والشيخوخة‪ ،‬وفي الحاالت االخرى‬
‫التي يفقد فيها وسائل كسب قوته نتيجة ظروف ال دخل إلرادته فيها‪.‬‬
‫‪ -25‬لكل إنسان الحق في التعلم ‪،‬ويجب أن يكون التعلم مجانا والتعليم األولي إجباري‪.‬‬
‫‪ -26‬يجب أن يهدف التعليم الى تنمية شخصية البشرية ‪ ،‬وتقوية احترام حقوق األنسان وحرياته‬
‫األساسية ‪،‬ومن الواجب أن يناصر الفهم المتبادل ‪ ،‬والتسامح والصداقة بين كافة األمم‬
‫وكافة الجماعات ‪ ،‬كما يعمل على تعزيز مجهودات األمم المتحدة للمحافظة على السالم ‪.‬‬
‫‪ -27‬على الفرد واجبات نحو الهيئة االجتماعية التي من الممكن أن تنمو فيها وحدها شخصيته‬
‫نموا حرا كامال‪.‬‬
‫‪-28‬ال يخضع الفرد عن مزاولة حقوقه والتمتع بحرياته اال للقيود التي ينص عليها القانون‬
‫لضمان االعتراف بحقوق الغير وحرياتهم واحترامها ‪ ،‬ثم لحماية مقتضيات األخالق الدقيقة‬
‫والنظام العام والرفاهية العامة في مجتمع ديموقراطي‪ ،‬ثم ال يمكن بأية حال مزاولة هذه‬
‫الحقوق والحريات على نحو يتعارض مع أهداف ومبادئ األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ -29‬ال يجوز أن يقر أي نص من نصوص هذه الوثيقة على أن يتضمن بالنسبة ألية دولة أو أية‬
‫هيئة أو أي فرد الحق في أن يزاول أي نشاط‪ ،‬أو ان يقوم بأي عمل يرمي الى تحطيم‬
‫الحقوق والحريات الواردة فيها (‪.)١‬‬

‫(‪ )١‬تاريخ اعالن حقوق االنسان لليراقية ‪/‬تعريب د‪ .‬محمد مندرو‪ ،‬منشورات الجامعة العربية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫معظم هذه الحقوق قد تبناها اإلسالم منذ فجر نوره وطبقها على الصعيد االجتماعي للمسلمين‪،‬‬
‫خصوصا في أيام حكومة األمام أمير المؤمنين (عليه السالم) رائد العدالة االجتماعية ومؤسس‬
‫حقوق األنسان‪.‬‬
‫وقد تخلفت معظم دول الغرب عن تطبيق هذه الوثيقة على شعوبها ‪،‬فقد عمدت الى التحجير على‬
‫بعض األشخاص الذين ال يرتضون سياستهم ومنعتهم من السفر الى الخارج ‪ ،‬وثم تأشير جوازات‬
‫سفرهم بالمنع ‪ ،‬كما فرضت االقامة الجبرية على قوم في بيوتهم ال يغادرونها ‪.‬‬
‫أما أساليب القمع فإنها ال توصف لقسوتها وفظاعتها في دوائر األمن والمخابرات والشرطة‪ ،‬فقد‬
‫عمدت الى اخذ االعترافات من المتهمين بأبشع أنواع التعذيب‪ ،‬وبذلك فقد ألغيت من وثيقة إعالن‬
‫حقوق اإلنسان المواد التالية‪:‬‬
‫المادة ‪ ((: ٦‬ال يجوز أن يعذب إنسان أو أن توقع عليه عقوبات غير إنسانية أو مزرية بالكرامة))‪.‬‬
‫المادة ‪ ((: ١٠‬ال يجوز القبض على أحد ‪ ،‬أو حبسه ‪ ،‬أو نفيه بإجراء تحكمي في حياته الخاصة ‪،‬أو‬
‫منزله أو لسرته ‪ ،‬أو مراسالته‪ ،‬وال أن يتعدى على شرفه وسمعته))‪.‬‬

‫فقد الغيت هذه البنود من الميثاق ‪،‬ولم يعد لها أي على واقع الحياة عندهم ‪.‬‬

‫التمايز العنصري‬
‫أكدت وثيقة حقوق االنسان على الغاء التمايز العنصري بين ابناء البشر‪ ،‬وأنهم جميعا متساوون في‬
‫الحقوق والحريات بدون أي تمييز بينهم‪،‬‬

‫‪22‬‬
‫وقد جاء ذلك في البند االول والثاني من الوثيقة‪ ،‬وهذا نصها‪:‬‬
‫المادة األولى ‪:‬يولد الناس احرار متساوون في الكرامة والحقوق ‪...‬الخ‪.‬‬
‫المادة الثانية ‪:‬لكل إنسان يتمتع بكافة الحقوق الواردة في هذه الوثيقة‪ ،‬وذلك بدون أي تمييز وخاصة‬
‫ما كان بسبب الجنس واللون ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫ولم يعد لهاتين المادتين أي وجود في الحياة العامة في أوربا‪ ،‬فقد عمد األوربيون الى التمايز‬
‫العنصري وتطبيقه على واقع حياتهم بصورة مكشوفة‪ ،‬فاألمريكان البيض بمعزل تام عن‬
‫االمريكان السود‪ ،‬فكنائس كل منهما بمعزل عن االخر‪ ،‬وكذلك مقابرهم وفنادقهم وقطاراتهم‬
‫ومدارسهم ومحالت سكنهم منفصلة بعضها عن البعض‪ ،‬وكان األطباء يجرون تجربة لدواء أو‬
‫عملية جراحية على السود للنظر في نجاحها‪ ،‬ولكن االمريكان في عام ‪١٩٥٤‬م عمدت الى الغاء‬
‫هذه الفوارق تحت ضغط عالمي‪.‬‬
‫وكان من استهانة البيض بالسود أذا ركب أسود حافلة تخص البيض قدم للمحاكمة‪ ،‬ولو كانت امرأة‬
‫عجوز سوداء جالسة في الحافلة وجاء شاب أبيض فأنه يتحتم عليها ان تقوم من مكانها وتجلسه‬
‫فيه‪ ،‬وأدلى الرئيس األمريكي كندي بتصريح أعرب فيه عن ضياع حقوق األنسان بالنسبة الى‬
‫السود‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫((ان األرقام تشير الى ان الطفل األسود حين يولد اليوم في بالدنا له نصف حظ الطفل األبيض من‬
‫فرصه إنهاء مرحلة الدراسة الثانوية وله ثلث حظ األبيض بشأن فرص حصوله على عمل مناسب‬
‫(‪)١‬‬
‫له))‪.‬‬
‫لقد انتهكت حقوق االنسان ال في أمريكا فقط‪ ،‬وأنما في معظم دول الغرب الذين ينادون بحقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫(‪ )1‬العدالة االجتماعية في اإلسالم ‪٣٥:‬و ‪.٣٦‬‬

‫‪23‬‬
‫عدم التساوي في االجور‬
‫وكان من مظاهر التمييز العنصري عدم مساواة الزنوج للبيض في اجور العمل الواحد‪ ،‬ففي ناميبيا‬
‫يبلغ معدل دخل البيض من عملهم (‪ )٢٠٠٠‬جنيه‪ ،‬وأما السود فيبلغ دخل عملهم الذي هو نفس‬
‫عمل البيض (‪ )٩٠‬جنياً‪ ،‬ويعيش االنسان األبيض في رفاهية العيش بذخا ً ورخا ًء‪ ،‬ويعيش اإلنسان‬
‫األسود في ضنك وقهر من حياته البائسة (‪.)١‬‬

‫اختيار المسكن‬
‫ومن بوادر التمايز العنصري الذي انتهكت فيه كرامة اإلنسان عدم الحرية في اختيار المسكن الذي‬
‫يرغب اإلنسان األسود فيه ‪ ،‬فليس له من سبيل أن يختار السكنى في مناطق البيض (‪ ، )٢‬وهو‬
‫منافٍ للمادة (‪ ) ١٢‬من ميثاق هيئة االمم المتحدة الذي نص على حرية الشخص في اختيار السكن‬
‫الذي يرغب به‪ ،‬فأين حقوق اإلنسان ؟‬

‫‪24‬‬
‫حقوق االنسان في رحاب اإلسالم‬

‫‪25‬‬
‫اما حقوق االنسان فإنها من صميم رسالة االسالم فقد تجسدت فيما قنته له من الحقوق جميع القيم‬
‫األصلية والمثل العليا وهي أسمى وأفضل وأكمل من الحقوق التي شرعتها هيئه االمم المتحدة ألنها‬
‫احاطت بجميع ابعاد حياته االجتماعية والسياسية واالقتصادية فوضعت لها أسمى المناهج واكثرها‬
‫عمقا ً وشموالً ولم تبق اي شريحة من حياة االنسان النفسية وغيرها اال عالجها االسالم ورصد لها‬
‫من أنظمته اخالقه ما يعده ويجعله بمنجى من االزمات والمشاكل والمشاكل التي تشق بها الحياة‪.‬‬
‫ونحن نعرض الى الحقوق االنسان على ضوء ما أثر في كتاب هللا العظيم من اآليات البينات التي‬
‫اشادت بكرامة االنسان وانه المخلوقات وأعظمها شأنا عند هللا تعالى خالق الكون وواهب الحياة‬
‫وكذلك نذكر كوكبة من االخبار التي اسست حقوق االنسان‪.‬‬
‫وقد ادلى بها سيد الكائنات الرسول االعظم (صلى هللا عليه واله وسلم) باعث الروح والعلم في‬
‫االجيال وكذلك ادلى بها وصيه وباب مدينة علمه االمام امير المؤمنين (عليه السالم) فقد وضع‬
‫اصولها بسيرته وسلوكه في حب االنسان وانقاذه من متاهات الحياة وقد سار على خطة ابناؤه‬
‫االئمه العظام دعاة العدل االجتماعي في دنيا االسالم فأشادوا بكرامة االنسان وحقه في الحياة وهذه‬
‫نماذج من تلك النصوص‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫كرامة االنسان‬

‫المادة االولى من حقوق االنسان هي اإلشادة بسمو مكانته وعظيم شأنه عند هللا تعالى وهذه بعض‬
‫االبيات‪:‬‬
‫ت‬ ‫(ولَقَ ْد ك هَر ْمنَا بَنِّي آ َد َم َو َح َم ْلنَاهُ ْم فِّي ْالبَ ِّر َو ْالبَحْ ِّر َو َرزَ ْقنَاهُم ِّمنَ ه‬
‫الطيِّبَا ِّ‬ ‫‪_1‬قال هللا تعالى ‪َ :‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫ض ً‬
‫يال)‬ ‫ير ِّم هم ْن َخلَ ْقنَا ت َ ْف ِّ‬ ‫َوفَض ْهلنَاهُ ْم َ‬
‫علَى َكثِّ ٍ‬
‫ان هللا تعالى خلق االنسان فأحسن خلقه‬
‫ص َو َركُ ْم‬ ‫ص هو َركُ ْم فَأَحْ َ‬
‫سنَ ُ‬ ‫س َما َء بِّنَا ًء َو َ‬
‫ارا َوال ه‬ ‫ض قَ َر ً‬ ‫َّللا الهذِّي َجعَ َل لَكُ ُم ْاأل َ ْر َ‬ ‫‪ _2‬قال هللا تعالى (( ه ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫َّللا َربُّ ْال َعا َل ِّمينَ ))‬
‫اركَ ه ُ‬‫َّللا َربُّكُ ْم ۖ فَت َ َب َ‬
‫ت ۚ ذَ ِّلكُ ُم ه ُ‬ ‫َو َرزَ قَكُم ِّمنَ ه‬
‫الط ِّي َبا ِّ‬
‫(‪)3‬‬
‫سانَ ِّفي أَحْ َ‬
‫س ِّن ت َ ْق ِّو ٍيم))‬ ‫‪ _3‬قال تعالى ((لَقَ ْد َخلَ ْقنَا اإل ْن َ‬
‫ان هللا تعالى ميز االنسان وفضله على كثير من مخلوقاته بما منحه من العقل الذي لواله لم يكن‬
‫شيئا ً مذكوراً‪.‬‬

‫(‪)1‬االسراء ‪70:17‬‬

‫(‪ )2‬غافر ‪64:40‬‬

‫(‪)3‬التين ‪4:95‬‬

‫‪27‬‬
‫كما ميز هللا تعالى االنسان بالعقل الذي يقود الى شاطئ االمن والسالم فاذا اطاعه وخالف هواه‬
‫جلب له الرحمة عند المسير واالرساء كما يقول المعري حكيم الشعراء‬
‫ان االنسان قد استخدم بعقله سائر الموجودات لصالحه فنفذ الى اعماق البحار واستخرج ذخائرها‬
‫وسيطر على ما فيها من المعادن والجواهر كما طار في الجو وذلل الصعوبات التي تقف امام‬
‫طموحاته فاخترق الغالف الجوي لألرض واخذ يصور ابعادها وطبقاتها وجبالها وبحارها ليكتشف‬
‫ما يحدث فيها من الزالزل والبراكين كما استخدم السفن الفضائية يفتش عن كوكب صالح للحياة‬
‫ليتخذه مسكنا ً ومقرا ً له بعد ان اكتشف بعض الكواكب التي ال تصلح للحياة‬
‫هذا هو االنسان الذي ميزه هللا تعالى بالعقل وجعله حجه عليه ليسير بهداه ويخلع عن نفسه‬
‫(‪)1‬‬
‫النزاعات الشريرة من االن انية والغرور والطيش والكبرياء والظلم واالعتداء‬
‫ض َخ ِّليفَ ًة قَالُوا أَتَجْ َع ُل ِّفي َها َمن ُي ْف ِّس ُد‬ ‫(و ِّإ ْذ قَا َل َربُّكَ ِّل ْل َم َال ِّئ َك ِّة ِّإ ِّني َجا ِّع ٌل ِّفي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫‪ _4‬قال هللا تعالى ( َ‬
‫عله َم آ َد َم ْاأل َ ْس َما َء‬ ‫س لَكَ قَا َل ِّإنِّي أ َ ْعلَ ُم َما َال ت َ ْعلَ ُمونَ َ‬
‫*و َ‬ ‫س ِّب ُح ِّب َح ْمدِّكَ َونُقَ ِّد ُ‬ ‫فِّي َها َو َي ْس ِّفكُ ال ِّد َما َء َونَحْ ُن نُ َ‬
‫صا ِّدقِّينَ *قَالُوا سُ ْب َحانَكَ َال ِّع ْل َم‬
‫علَى ْال َم َالئِّ َك ِّة فَقَا َل أَن ِّبئُونِّي ِّبأ َ ْس َماءِّ َهؤ َُالءِّ ِّإن كُنت ُ ْم َ‬
‫ض ُه ْم َ‬
‫ع َر َ‬ ‫كُله َها ث ُ هم َ‬
‫عله ْمتَنَا ۖ ِّإ هنكَ أَنتَ ْال َع ِّلي ُم ْال َح ِّكي ُم*))‬
‫َلنَا ِّإ هال َما َ‬

‫‪28‬‬
‫االنسان الذي وجد او سيوجد انما هو خليفة هللا تعالى في ارضه بمعنى انه مسؤول امام هللا تعالى‬
‫عن العمل الذي يسمو به في هذه الحياة وهو عمل الخير واقامة الحق ونسف الباطل وقد خاطب هللا‬
‫اس ِّب ْال َح ِّ‬
‫ق‬ ‫ض فَاحْ كُم بَيْنَ النه ِّ‬ ‫تعالى عبده ورسوله داود فقال له‪(( :‬يَا َد ُاوو ُد ِّإنها َج َع ْلنَاكَ َخ ِّليفَةً فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫َّللا لَ ُه ْم َ‬
‫ع َذابٌ َ‬
‫ش ِّدي ٌد بِّ َما نَسُوا يَ ْو َم‬ ‫سبِّي ِّل ه ِّ‬
‫عن َ‬ ‫ضلُّونَ َ‬ ‫َّللا ۚ ِّإ هن الهذِّينَ يَ ِّ‬
‫سبِّي ِّل ه ِّ‬ ‫ُضلهكَ َ‬
‫عن َ‬ ‫َو َال تَتهبِّ ِّع ْال َه َوى فَي ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫ب))‬ ‫ْال ِّح َ‬
‫سا ِّ‬
‫لقد اختار هللا تعالى داود فجعله خليفة في االرض ليقيم الحق والعدل ويتبع سبل الرشاد ليأمن‬
‫المظلومون من العباد ويعيشون حياة امنه مستقرة ال ظلم فيها وال اعتداء‪.‬‬
‫ان االنسان تحمل المسؤولية الكبرى وهي اقامة العدل الخالص في االرض وهو المعبر عنه‬
‫باألمانة التي لم تستطع السماوات واالرض والجبال من حملها ولكن االنسان حملها فكان ظلوما ً‬
‫جهوالً ألنه لم ِّ‬
‫يف بأداء امانته‪.‬‬
‫ومن المؤكد ان الذين حملوا االجتماعي في االرض وقد عانوا في سبيلها اشق ألوان المحن‬
‫واالضطهاد من فراعنة عصورهم الذين عاثوا في االرض فسادا ً فأشاعوا الفساد والجور واستهانوا‬
‫بكرامة االنسان وحقة في الحياة امنا ً مطمئنا‪.‬‬
‫هذا هو البند االول من حقوق االنسان في االسالم ولك يشرع مثله في اي دين او مذهب اجتماعي‪.‬‬

‫(‪)1‬سورة ص ‪26:38‬‬

‫‪29‬‬
‫حرمة سفك الدماء‬
‫المادة الثانية من حقوق االنسان التي شرعها االسالم حرمة سفك الدماء بغير حق فقد جعله من‬
‫افحش الجرائم الموبقات وتوعد القاتل بالخلود في نار جهنم ولتستمع الى التحذير منه في الكتاب‬
‫والسنه ‪.‬‬
‫في رحاب القران الكريم‬
‫هذه بعض اآليات التي توعد هللا فيها القاتل بالعذاب االليم‬
‫سا ٍد فِّي‬ ‫سا بِّغَي ِّْر نَ ْف ٍس أ َ ْو فَ َ‬
‫علَى بَنِّي إِّس َْرائِّي َل أَنههُ َمن قَت َ َل نَ ْف ً‬
‫((م ْن أَجْ ِّل ذَلِّكَ َكت َ ْبنَا َ‬
‫‪ _1‬قال هللا تعالى ِّ‬
‫اس َج ِّميعًا ۚ َولَقَ ْد َجا َءتْ ُه ْم ُرسُلُنَا بِّ ْالبَيِّنَا ِّ‬
‫ت‬ ‫اس َج ِّميعًا َو َم ْن أَحْ يَاهَا فَ َكأَنه َما أَحْ يَا النه َ‬‫ض فَ َكأَنه َما قَت َ َل النه َ‬
‫ْاأل َ ْر ِّ‬
‫(‪)1‬‬
‫يرا ِّم ْن ُهم َب ْع َد ذَلِّكَ ِّفي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ض لَ ُمس ِّْرفُونَ ))‬ ‫ث ُ هم ِّإ هن َك ِّث ً‬

‫ارتأيتم كيف عبر القران الكريم عن قتل النفس بأنه قتل للناس جميعا ً وهل هناك جريمة أفحش من‬
‫الناس‬
‫علَ ْي ِّه َولَ َعنَهُ‬
‫َّللا َ‬
‫ب هُ‬ ‫((و َمن يَ ْقت ُ ْل ُمؤْ ِّمنًا ُّمت َ َع ِّمدًا فَ َجزَ ا ُؤهُ َج َهنه ُم خَا ِّلدًا فِّي َها َوغ ِّ‬
‫َض َ‬ ‫‪ _2‬قال هللا تعالى ‪َ :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫عذَابًا َ‬
‫ع ِّظي ًما))‬ ‫َوأ َ َ‬
‫ع هد لَهُ َ‬

‫(‪ )1‬المائدة ‪22:5‬‬


‫(‪ )2‬النساء ‪93:4‬‬

‫‪30‬‬
‫‪..............................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫ان من اشد الناس عذابا يوم القيامة هو الخلود في نار جهنم الذي ال انقضاء له‪.‬‬
‫َّللا ِّإ هال ِّب ْال َح ِّ‬
‫ق َو َال َي ْز ُنونَ َو َمن َي ْف َعلْ‬ ‫س الهتِّي َح هر َم ه ُ‬ ‫‪ -٣‬قال تعالى ‪َ ( :‬وا هلذِّينَ َال َي ْدعُونَ َم َع ه ِّ‬
‫َّللا ِّإلَ ًها آخ ََر َو َال َي ْقتُلُونَ النه ْف َ‬
‫خلُ ْد فِّيه مهانًا)(‪)1‬‬
‫ِّ ُ َ‬ ‫ف لَهُ ْال َعذَابُ يَ ْو َم ْال ِّقيَا َم ِّة َويَ ْ‬
‫ع ْ‬ ‫ذَلِّكَ يَ ْلقَ أَثَا ًما ۝ يُ َ‬
‫ضا َ‬
‫قارن تعالى جريمة القتل بجريمة الشرك والزنا وهن جميعا يضاعف عليهن العذاب والخلود في نار جهنم ‪.‬‬
‫في ظالل السنة النبوية الشريفة‬
‫وشددت االخبار التي اثرت عن النبي (ص) في التحذير من اقتراف جريمة القتل وهذه بعضها‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫قال رسول هللا (ص) ( ال يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما)‬ ‫‪.1‬‬
‫ان اقتراف جريمة القتل تخرج االنسان المسلم عن دينه وتزجه في ظلمات الكفر وااللحاد‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وعنه (ص) (( لزوال الدنيا اهون على هللا من قتل رجل مسلم ))‬ ‫‪.2‬‬
‫وعنه (ص) (( كل ذنب عسى هللا ان يغفره اال الرجل يموت كافرا ))‬ ‫‪.3‬‬

‫الفرقان ‪ ٦٨ : ٢٥‬و ‪. ٦٩‬‬ ‫‪.1‬‬


‫مستدرك الوسائل ‪.٤٦٠/١٨ :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫سنن النسائي ‪ ٨٢/٧ :‬سنن الترمذي ‪ .٤٢٦/٢:‬السسن الكبرى ‪ .٢٢/٨ :‬كنز العمال‪ . ٢٢/١٥ :‬بحار االنوار‪101/٧٥:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب االسالم‪……………………………….………………………………....‬‬

‫‪31‬‬
‫(‪)1‬‬
‫او الرجل يقتل مؤمنا متعمدا‬
‫‪ .4‬وعنه (ص) ((والذي بعثني بالحق لو ان اهل السماء واالرض شركوا في دم امرئ مسلم‬
‫(‪)2‬‬
‫الكبهم هللا تعالى على مناخرهم في النار))‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ .5‬وعنه (ص) ((ابى هللا ان يجعل لقاتل المؤمن توبة))‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ .6‬وعنه (ص) ((اكبر الكبائر االشراك باهلل وقتل النفس وعقوق الوالدين وشهادة الزور))‬
‫وكثير من امثال هذه االحاديث اثرت عن النبي ص في التحذير من اقتراف هذه الجريمة النكراء‬
‫وقال وصية وباب مدينة علمه االمام امير المؤمنين (عليه السالم) في عهده لمالك االشتر‬
‫((وإياك والدماء وسفكها بغير حلها !‪ ..‬فإنه ليس شيء أدعى لنقمة ‪ ،‬وال أعظم لتبعة ‪ ،‬وال أحرى‬
‫لزوال نعمة ‪ ،‬وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير الحق ‪ ،‬وهللا مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا‬
‫(‪)5‬‬
‫من الدماء ‪ ،‬يوم القيامة))‬
‫ان سفك الدماء بغير حق تدمير للحياة واشاعة للفساد في االرض فلذا‬

‫سنن ابي داود‪ . 307 /٢‬السنن الكبرى ‪. 21/٨‬مسند احمد بن حنبل ‪ . 99 /٤ :‬سنن النسائي ‪ .81/7:‬كنز العمال ‪20/١٥ :‬‬ ‫‪.1‬‬
‫نبل االوطار ‪.44/7 :‬‬
‫فروع الكافي ‪.272/٧ :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫كنز العمال ‪ ، 19/١٥‬الرقم ‪.٣٩٨٨٢‬‬ ‫‪.3‬‬
‫سنن النسائي ‪ . 63/8:‬صحيح البخاري ‪ . 26/٨ :‬السسن الكبرى ‪ ٢٠/٨ :‬كنز العمال‪.443/٣ :‬‬ ‫‪.4‬‬
‫نهج البالغة‪.٤٤٣ :‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪..............................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫‪32‬‬
‫شدد االسالم في حرمته‬
‫القصاص صيانة للنفوس‬
‫ان القصاص وازهاق نفس القاتل من اهم الوسائل في حسم القتل العمدي‪ ،‬فان القاتل اذا عرف انه‬
‫يقتص منه ‪ ،‬فانه يمتنع عن اقتراف الجريمة ‪ ،‬وقد حكى القرآن ذلك ‪،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫اص فِّي ْالقَتْلَى ۖ ْال ُح ُّر ِّب ْال ُح ِّر َو ْال َع ْب ُد ِّب ْال َع ْب ِّد َو ْاألُنثَى ِّب ْاألُنثَى ۚ فَ َم ْن‬ ‫ص ُ‬ ‫علَ ْيكُ ُم ْال ِّق َ‬
‫ب َ‬ ‫(( يَا أَيُّ َها الهذِّينَ آ َمنُوا كُتِّ َ‬
‫يف ِّمن هر ِّبكُ ْم َو َرحْ َمةٌ ۗ فَ َم ِّن‬ ‫ان ۗ ذَلِّكَ ت َْخ ِّف ٌ‬ ‫س ٍ‬ ‫وف َوأ َ َدا ٌء ِّإلَ ْي ِّه ِّبإِّحْ َ‬ ‫ش ْي ٌء فَ ِّات َباعٌ ِّب ْال َم ْع ُر ِّ‬
‫ي لَهُ ِّم ْن أ َ ِّخي ِّه َ‬ ‫ع ِّف َ‬
‫ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ب لَعَلهكُ ْم تَتهقُونَ ))‬ ‫اص َحيَاة ٌ يَا أُو ِّلي ْاأل َ ْلبَا ِّ‬ ‫ص ِّ‬ ‫عذَابٌ أ َ ِّلي ٌم َولَكُ ْم فِّي ْال ِّق َ‬ ‫ا ْعت َ َدى بَ ْع َد ذَلِّكَ فَلَهُ َ‬
‫وفي المثل الجاهلي "القتل انفى للقتل"‬

‫االحاديث الشريفة‬
‫قال رسول هللا (ص) "الدواوين ثالثة ‪:‬فديوان ال يغفر هللا منه شيئا ‪ ،‬وديوان ال يعبأ هللا به شيئا ‪،‬‬
‫وديوان ال يترك هللا منه شيئا‪.‬‬
‫فأما الديوان الذي ال يغفر هللا منه شيئا فاالشراك باهلل ‪.‬‬
‫واما الديوان الذي ال يعبأ هللا به شيئا فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه ؛ من صوم يوم وتركه او‬
‫صالة تركها ؛ فإن هللا يغفر ذلك إن شاء ويتجاوز ‪.‬‬
‫وأما الديوان الذي ال يترك هللا منه شيئا فمظالم العباد بينهم القصاص ‪.‬‬

‫‪ -1‬البقرة ‪ ١٧٨:2‬و ‪١٧٩‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب اإلسالم‪....................................................................‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ال محالة ‪،‬‬
‫‪33‬‬
‫وقال امير المؤمنين (عليه السالم) "فرض هللا االيمان تطهيرا من الشرك‪ ،‬والصالة تنزيها عن الكبر‪،‬‬
‫والزكاة تسبيبا للرزق‪ ،‬والصيام ابتالء إلخالص الخلق‪ ،‬والحج تقوية للدين‪ ،‬والجهاد عزا لالسالم‪،‬‬
‫واالمر بالمعروف مصلحة للعوام‪ ،‬والنهى عن المنكر ردعا للسفهاء‪ ،‬وصلة الرحم منماة للعدد‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫والقصاص حقنا للدماء‪ ،‬وإقامة الحدود إعظاما للمحارم…"‬
‫القصاص يحسم القتل وينفي الجريمة‬
‫" وليس في العالم كله ‪ ،‬قديمة وحديثه عقوبة تفضل عقوبة القصاص فهي اعدل العقوبات لالمن‬
‫والنظام ؛ الن المجرم حينما يعلم انه سيجزى بمثل فعله ال يرتكب الجريمة غالبا والذي يدفع المجرم‬
‫بصفة عامة للقتل والجرح هو تنازع البقاء وحب التغلب واالستعالء فإذا علم المجرم انه ال يبقى بعد‬
‫فريسته ابقى على نفسه بإبقائه على فريسته ‪ ،‬واذا علم انه اذا تغلب على المجني عليه فهو متغلب‬
‫عليه غدا لم يستطع الى التغلب عليه عن طريق الجريمة ‪ ،‬وأمامنا على ذلك االمثلة العملية نراها‬
‫كل يوم فالرجل العصبي المزاج السريع الى الشر نراه اهدأ مايكون وابعد عن الشر وطلب الشجار‬
‫اذا رأى ‪.‬‬

‫مسند احمد بن حنبل ‪ . 240/٦ :‬المستدرك على الصحيحين ‪ .575/٤ :‬كنز العمال ‪223/٤ :‬الرقم ‪ ١٠٣١١‬اصول الكافي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪، 602 /٢ :‬الحديث ‪١٢‬‬
‫نهج البالغة ‪٥١٢ :‬‬ ‫‪.2‬‬

‫‪..................................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫‪34‬‬
‫خصمه اقوى منه او اقدر ‪ ،‬وانه سيرد االعتداء بمثله والرجل المسلح قد ال يثنيه شئ من االعتداء‬
‫يتراجع اذا رأى خصمه مسلحا مثله ويستطيع ان يرد على االعتداء بمثله والمصارع والمالكم ال‬
‫يتحدى ايهما شخصا يعلم انه اكثر منه قوة او مرانا او جلدا ولكنه يتحدى بسهولة من يظنه اقل منه‬
‫قوة واضعف جلدا تلك طبيعة البشر لذا وضعت الشريعة على اساسها عقوبة القصاص فكان دافعا‬
‫(‪)1‬‬
‫نفسيا مضادا يصرف عن الجريمة وذلك ما يتفق تمام االتفاق مع علم النفس الحديث "‬
‫وقال قتادة‪:‬‬
‫"جعل هللا حياة ونكاال الهل السفه والجهل من الناس وكم من رجل قد هم داهية لوال مخافة القصاص‬
‫لوقع بها ولكن هللا تعالى حجز بالقصاص بعضهم عن بعض وما امر هللا تعالى بأمر قط اال وهو‬
‫س الح في الدنيا واالخرة وال نهى هللا تعالى عن امر قط اال فساد في الدنيا والدين وهللا تعالى اعلم‬
‫(‪)2‬‬
‫بالذي يصلح خلقه "‬

‫" واما النافذ البصير العارف بمصالح االمم ‪ ،‬الذي يزن االمور العامة بميزان المصلحة العامة ال‬
‫بميزان الوجدان الشخصي ‪.‬‬

‫التشريع الجنائي االسالمي ‪ 464/١ :‬و‪.٤٦٥‬‬ ‫‪.1‬‬


‫تفسير الطبري ‪114/٢ :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫حقوق االنسان في رحاب االسالم‪....................................................................‬‬

‫‪35‬‬
‫الخاص بنفسه او ببلده فانه يرى القصاص كما في شريعتة االسالم – بالعدل والمساواة هو االصل‬
‫الذي يربي االمم والشعوب والقبائل كلها وان تركه بالمرة يغري االشقاء بالجرأة على سفك الدماء‬
‫وا ن من الحبس واالشغال الشاقة اذا امكن ان يكون مانعا من االقدام بالقتل في البالد التي غلب على‬
‫اهلها التراحم او االنغماس في النعيم كبعض بالد اوربا فانه ال يكون كذلك في كل البالد وكل الشعوب‬
‫بل ان من الناس في هذه البالد وغيرها من يحبب اليه الجرائم او يسهلها عليه كون عقوبة السجن‬
‫(‪)1‬‬
‫الذي يراه خيرا من بيته"‬

‫يقول بعض المحققين ‪:‬‬


‫" ان من سخف القول ‪ ،‬واوهن االراء ما ذهب اليه بعضهم من ان عقوبة االعدام تتعارض مع‬
‫الحرية الشخصية الن حياة االنسان ملك لإلنسان ال يشاركه فيها غيره فكيف يجيز القانون او المجتمع‬
‫ان يعتدي على هذا الملك الخاص"(‪.)2‬‬
‫ان الحفاظ على حياة االنسان وسالمته وصيانة دمه انما هي بالقصاص من المجرم المعتدي على‬
‫ارواح الناس وسفك دمائهم‪.‬‬
‫ان جريمة القتل يجب ان تقابل بأقسى العقوبات واشدها صرامة وهي االعدام الذي ان طبق فانه‬
‫يحسم الجريمة ويقضي عليها‪.‬‬

‫تفسير المنار ‪124/٢ :‬‬ ‫‪.1‬‬


‫القصاص في االسالم ‪١٠٠:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب االسالم‪.......................................................................‬‬

‫إقصاء الظلم‬
‫‪36‬‬
‫المادة الرابعة من حقوق االنسان التي شرعها االسالم إقصاء الظلم وتدميره من المجتمع ليعيش‬
‫اإلنسان في أمان وطمأنينة واستقرار ‪.‬‬

‫ان من اهم االهداف االصيلة التي ينشدها االسالم ازالة شبح الظلم وإقصائه عن الحياة ونعرض الى‬
‫ما ورد في التحذير منه في الكتاب والسنة ‪ .‬وفيما يلي ذلك‪:‬‬
‫في رحاب القرآن الكريم‬
‫ان معظم سور القرآن حلف ت بذم الظلم واللعنة على الظالمين وأن هللا تعالى لهم بالمرصاد البد ان‬
‫ينتقم منهم وهذه بعض االيات‪:‬‬

‫الظا ِّل ُمونَ ِّإ هن َما ُي َؤ ِّخ ُر ُه ْم ِّل َي ْو ٍم ت َ ْشخ ُ‬


‫َص ِّفي ِّه‬ ‫ع هما َي ْع َم ُل ه‬ ‫َّللا غَا ِّف ًال َ‬ ‫قال عز وجل ‪َ (( :‬و َال تَحْ َ‬
‫س َب هن ه َ‬ ‫‪.1‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ط ْرفُ ُه ْم َوأ َ ْفئِّ َدت ُ ُه ْم ه ََوا ٌء((‬
‫ار * ُم ْه ِّطعِّينَ ُم ْقنِّ ِّعي ُر ُءو ِّس ِّه ْم َال يَ ْرت َ ُّد إِّلَ ْي ِّه ْم َ‬
‫ص ُ‬‫ْاأل َ ْب َ‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ .2‬وقال تعالى ‪ (( :‬وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ))‬
‫إن هللا تعالى ال يترك الظالمين وشأنهم بل البد أن ينتقم منهم‬

‫‪ -1‬إبراهيم ‪٤٢ : ١٤‬و‪٤٣‬‬


‫‪ -2‬الشعراء ‪٢٢٢ : ٢٦‬‬
‫‪...........................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫حرمة الركون للظالمين‬

‫‪37‬‬
‫حرم القرآن الكريم الركون للظالمين والتعاون معهم بأي عمل أيجابي‬
‫قال تعالى ‪ (( :‬وال تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون هللا من اولياء ثم ال‬
‫(‪)1‬‬
‫تنصرون ))‬
‫(‪)2‬‬
‫قال النبي (ص) " من اعان ظالما ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه ذمة هللا ورسوله"‬ ‫‪.1‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وعنه (ص) " الظلمة وأعوانهم في النار"‬ ‫‪.2‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وعنه (ص) " من اعان ظالما سلطه هللا عليه "‬ ‫‪.3‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وعنه (ص) " اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة "‬ ‫‪.4‬‬
‫وعنه (ص) " أربعة يبغضهم هللا تعالى ‪ :‬البياع الحالف ‪ ،‬والفقير المختال ‪ ،‬والشيخ الزاني‬ ‫‪.5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ ،‬واالمام الجائر‬

‫هود ‪١١‬‬ ‫‪.1‬‬


‫المستدرك على الصحيحين‪ .100/٤ :‬كنز العمال‪.499/٣ :‬الدر المنشور‪256/2:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫الفردوس‪ .407/2:‬كنز العمال‪٤٩٨/٣ :‬‬ ‫‪.3‬‬
‫كنز العمال ‪ 500/٣ :‬بحار االنوار ‪172/٩٢ :‬‬ ‫‪.4‬‬
‫وسائل الشيعة ‪. 238/١١ :‬اصول الكافي‪ . 232/٢ :‬مسند احمد بن حنبل‪.92/٢:‬السنن الكبرى ‪134/١٠ :‬‬ ‫‪.5‬‬
‫سنن النسائي‪.86/٥:‬كنز العمال‪.68/16:‬غوالي اللئالي ‪. 263/١ :‬مستدرك الوسائل ‪273/13‬‬ ‫‪.6‬‬
‫حقوق االنسان في رحاب االسالم‪................................. ......................................‬‬

‫(‪)1‬‬
‫‪ -6‬وعنه (ص) "اشتد غضب هللا على من ظلم من ال يجد ناصرا غير هللا"‬

‫تدمير ديار الظالمين‬


‫‪38‬‬
‫قضى هللا تعالى تدمير ديار الظالمين وتبديد شملهم وانزال اقصى العقوبة بهم حتى ال يبق أي اثر‬
‫منهم‪.‬‬
‫ظلَ ُموا ۗ إِنَّ فِي َٰذَ ِلكَ ََليَةً ِلقَ ْو ٍم يَ ْعل ُم ))‬
‫َ ونَ (‪)2‬‬ ‫قال تعالى‪(( :‬فَتِ ْلكَ بُيُوت ُ ُه ْم َخا ِويَةً بِ َما َ‬

‫ص َّب ٍۢ ٍار‬ ‫ق ۚ ِإنَّ ِفى َٰذَ ِلكَ َل َءا َٰ َي ٍۢ ٍ‬


‫ت ِلك ُِل َ‬ ‫َٰ‬ ‫س ُه ْم فَ َج َع ْل َٰنَ ُه ْم أَحَاد َ‬
‫ِيث َو َم َّز ْقنَ ُه ْم كُ َّل ُم َم َّز ٍ‬ ‫ظلَ ُم ٓواْ أَنفُ َ‬
‫وقال تعالى ‪َ (( :‬و َ‬
‫ٍۢ (‪)3‬‬
‫ُور))‬
‫شك ٍ‬‫َ‬

‫(‪)4‬‬
‫ص ْيحَةُ فَأ َ ْ‬
‫صبَ ُحوا فى ِديَ ِر ِه ْم َجثِ ِمنَ َكأَن لَّ ْم يَ ْغنَ ْوا فِيهَآ))‬ ‫وقال تعالى‪َ (( :‬وأ َ َخذَ الَّ ِذينَ َ‬
‫ظلَ ُموا ال َّ‬

‫االعتبار بمصير الظالمين‬


‫ان هللا تعالى حكم بتدمير الظالمين وخراب ديارهم وفل عروش دولهم ودعا الى االعتبار والتأمل‬
‫بمصيرهم األسود ‪،‬‬
‫قال تعالى‪َ (( :‬ولَقَ ْد أ َ ْهلَ ْكنَا ا ْلقُ ُرونَ ِمن قَ ْب ِلكُ ْم لَ َّما َ‬
‫ظلَ ُموا ۙ َوجَا َءتْ ُه ْم ُرسُلُ ُهم ِبا ْلبَ ِينَا ِ‬
‫ت َو َما كَانُوا ِليُ ْؤ ِمنُوا ۚ‬
‫َك َٰذَ ِلكَ نَجْ ِزي ا ْلقَ ْو َم ا ْل ُمجْ ِر ِمينَ ثم جعالنكم خالئف في‪...‬‬

‫وسائل الشيعة ‪ .341 /11:‬كنز العمال‪ 500/3 :‬مجمع الزوائد‪260/4 :‬‬ ‫‪-1‬‬
‫النمل ‪52:27‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سبأ ‪19:34‬‬ ‫‪-3‬‬
‫هود ‪67: 11‬و‪68‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪...........................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫(‪)1‬‬
‫األرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ((‬

‫ْف فَعَ ْلنَا بِ ِه ْم َوض ََر ْبنَا لَكُ ُم‬ ‫ظلَ ُموا أَنفُ َ‬
‫س ُه ْم َوتَبَيَّنَ لَكُ ْم َكي َ‬ ‫سا ِك ِن الَّ ِذينَ َ‬
‫سكَنت ُ ْم فِي َم َ‬
‫وقال تعالى ‪َ (( :‬و َ‬
‫(‪)2‬‬
‫ْاأل َ ْمثَا َل))‬

‫‪39‬‬
‫ان هللا تعالى حكم بتدمير الظالمين وهلك هم وسوء منقلبهم ‪ ،‬ودعا العباد الى االعتبار بما يجري عليهم‬
‫من االنقالب وسوء المصير وسوء الذكر وقد شاهدنا دوال تحطمت ولم تغن عنها قالعها وجيوشها‬
‫لما تفجرت سياسته م بالظلم والجور واالستبداد فكان سوء مصيرهم عبرة الولى االلباب‪.‬‬

‫االحاديث الشريفة‬

‫وتواترت االخبار عن النبي (ص) و أوصيائ ه في ذم الظلم والتحذير منه‪ ،‬وهذه كوكبة من االخبار‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -1‬قال النبي (ص) "اياكم والظلم ‪ ،‬فإن الظلم ظلمات يوم القيامة"‬
‫‪ -2‬قال االمام امير المؤمنين (عليه السالم) "وهللا الن أبيت على على حسك السعدان مسهدا ً او‬
‫اجر في االغالل مصفدا ً ‪ ،‬احب إلى من ان القى هللا ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد‬
‫‪ ،‬وغاصبا ً لشئ من الحطام ‪ ،‬وكيف اظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها ‪ ،‬ويطول في‬
‫(‪)4‬‬
‫الثرى حلولها"؟!‬

‫يونس ‪10:13‬و‪14‬‬ ‫‪-1‬‬


‫إبراهيم ‪14:45‬‬ ‫‪-2‬‬
‫النظام السياسي في اإلسالم‪100 :‬‬ ‫‪-3‬‬
‫نهج البالغة ‪364 :‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حقوق االنسان في رحاب االسالم‪.......................................................................‬‬

‫انت يا امام المتقين وسيد الموحدين نشرت العدل واضات الدنيا بحكمك فقد تجسدت فيك مثل األنبياء‬
‫ولقيت هللا عزوجل وليس الي احد من العباد عليك حق وقد رحلت عن الدنيا وانت اول مظلوم في‬
‫اإلسالم فقد غصب حقك ‪ ،‬وانتهكت كرامتك ‪ ،‬ولقيت هللا تعالى وانت مخضب بدم الشهادة ‪.‬‬
‫في مراكز العبادة‬

‫‪40‬‬
‫‪ -3‬قال االمام زين العابدين وسيد الساجدين لولده اإلمام أبي جعفر (عليه السالم)‬
‫حينما حضرته الوفاة ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫" يا بني ‪ ،‬اياك وظلم من ال يجد عليك ناصرا ً إال هللا "‬
‫ان افحش الظلم ‪ ،‬ظلم الضعيف الذي ليس له ركن شديد يأوي اليه ليدفع عنه االعتداء‬
‫‪ -4‬قال االمام محمد الباقر (عليه السالم) ‪" :‬الظلم ثالثة ‪ :‬ظلم ال يغفره هللا تعالى‪ ،‬وظلم يغفره‬
‫هللا ‪ ،‬وظلم ال يدعه هللا تعالى "‬
‫فأما الظلم الذي ال يغفره هللا عز وجل فالشرك ‪.‬‬
‫وأما الظلم الذي يغفره هللا عزوجل فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين هللا عزوجل‬
‫(‪)2‬‬
‫وأما الظلم الذي ال يدعه فالمداينة بين العباد"‬
‫‪ -5‬وقال االمام الصادق (عليه السالم) ‪ " :‬العامل بالظلم ‪ ،‬والمعين له ‪ ،‬والراضي به "‬

‫‪ -1‬مستدرك سفينة البحار ‪ .29/7:‬وسائل الشيعة ‪18:16 :‬‬


‫‪ -2‬جامع السعادات‪226 /2 :‬‬

‫‪...........................................................................‬االسالم من حقوق االنسان‬

‫(‪)1‬‬
‫شركاء ثالثتهم"‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -٦‬وعنه (ص) ‪" :‬اتقوا الظلم ‪ ،‬فأن دعوة المظلوم تصعد الى السماء "‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -٧‬وعنه (ص) ‪ " :‬ما من مظلمة أشد من مظلمة ال يجد صاحبها عليها عونا اال هللا تعالى "‬
‫الى غير ذلك من االخبار التي حفلت بها مصادر الحديث وهي تحذر المسلمين اشد الحذر‬
‫‪41‬‬
‫الحاكم الظالم‬
‫إن الحاكم الظالم يميت العدل ويحيي الباطل وينشر الجور والفساد في االرض وقد تظافرت االخبار‬
‫في ذمه ولزوم مقاومته وحرمة التعاون معه وقد بسطنا الكالم في البحث عنه في كتابنا ‪ ( :‬النظام‬
‫السياسي في االسالم ) ‪.‬‬
‫‪ .1‬قال النبي (ص) ‪ ":‬انما هلك الذين من قبلكم انهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا‬
‫(‪)4‬‬
‫سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد"‬
‫‪ .2‬وعنه (ص) ‪ " :‬من حكم بين اثنين تحاكما اليه فلم يقض بينهما بالحق فعليه لعنة هللا "(‪.)5‬‬

‫اصول الكافي‪.333/2 :‬‬ ‫‪.1‬‬


‫اصول الكافي‪509/٢ :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫اصول الكافي‪33١/٢ :‬‬ ‫‪.3‬‬
‫كنز العمال‪304/٥ :‬صحيح البخاري ‪ . 150/٤ :‬صحيح مسلم ‪ .114/٥ :‬سنن النسائي‪75 /٨ :‬‬ ‫‪.4‬‬
‫كنز العمال‪.18/٧ :‬‬ ‫‪.5‬‬
‫حقوق االنسان في رحاب االسالم ‪......................................................................‬‬

‫(‪)1‬‬
‫وعنه (ص) " اشد الناس عذابا يوم القيامة امام جائر"‬ ‫‪.3‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وعنه (ص) " هللا مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى هللا عنه ولزمه الشيطان"‬ ‫‪.4‬‬
‫وعنه (ص) " ما من عبد يظل م رجال مظلمة في الدنيا ال يقصه من نفسه اال قصه هللا تعالى‬ ‫‪.5‬‬
‫(‪)3‬‬
‫منه يوم القيامة "‬
‫(‪)4‬‬
‫وعنه (ص) " أفضل الجهاد من اصبح ولم يهم بظلم أحد"‬ ‫‪.6‬‬

‫‪42‬‬
‫حلية االولياء ‪ . 114/١٠ :‬المعجم االوسط ‪. 166/٢ :‬كنز العمال‪ .15/6:‬مجمع الزوائد ‪197/٥ :‬‬ ‫‪.1‬‬
‫سنن الترمذي‪ 395/٢ :‬السنن الكبرى ‪. 88/١٠ :‬كنز العمال ‪92/٦ :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫شعب االيمان ‪ .55/٦ :‬كنز العمال ‪.502/3:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫الفردوس ‪ .357/١ :‬كنز العمال‪ . 307 /٤ :‬المحاسن ‪ .292/١ :‬بحار االنوار ‪314/٧٥ :‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪............................................................................‬االسالم من حقوق االنسان‬

‫إقامة العدل‬
‫المادة الخامسة التي أقامها اإلسالم لحقوق اإلنسان ‪ ،‬و جعلها الركيزة األولى في بناء المجتمع‬
‫اإلسالمي وهي العدل ‪ ،‬الذي هو ظل هللا تعالى في األرض ‪ ،‬و به تنتظم الحياة ‪ ،‬وتصان الحقوق ‪،‬‬
‫وتحفظ األرواح ‪ ،‬وقد عرض القرآن كثيرة الذكره ‪ ،‬وكذلك السنة ‪ ،‬وفيما يلي ذلك ‪:‬‬

‫العدل في القرآن‬
‫‪43‬‬
‫أما العدل في القرآن فقد أمر هللا تعالی به في مجاالت متعددة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ - ١‬العدل في الحكم‬
‫ألزم القرآن الكريم الوالة والحكام بالعدل فيما يحكمون به ‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬
‫إن هللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن هللا نعما‬
‫يعظكم به إن هللا كان سميع بصيرة ) (‪)1‬‬
‫وقال تعالى ‪ ( :‬يا داؤد إنا جعلناك خليفة في األرض فاحكم بين الناس بالحق وال تتبع الهوى فيضلك‬
‫عن سبيل هللا إن الذين يضلون عن سبيل هللا‬

‫‪ .1‬النساء ‪٤:58‬‬

‫‪44‬‬
‫حقوق االنسان في رحاب االسالم‪........................................................................‬‬

‫(‪)1‬‬
‫لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب))‬
‫‪ - ٢‬أداء الشهادة‬
‫ألزم القرآن الكريم بالعدل في أداء الشهادة ‪ ،‬وإن كانت على األقرباء ‪ .‬قال هللا عز وجل ‪ { :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء هلل ولو على أنفسكم أو الوالدين واألقربين إن يكن غنيا أو‬
‫فقيرا فاهلل أولى بهما فال تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن اللة كان بما تعملون‬
‫(‪)2‬‬
‫خبيرا )‬
‫أمر هللا تعالى بهذه اآلية بالعدل وااللتزام بالصدق في أداء الشهادة ولو كانت على النفس بأن يقر‬
‫لخصمه بالحق الذي عليه ‪ ،‬فيكون إقراره له شهادة منه على نفسه ‪ ،‬وكذلك يجب أداء الشهادة ولو‬
‫على الوالدين واألقربين ‪ ،‬وليس للمسلم أن يحابي في أدائها الغني لغناه ‪ ،‬أو يتغاضى عن المسكين‬
‫المسكنته ‪.‬‬
‫(‪) ٢‬‬
‫قال النبي (ص)‪" :‬من شهد شهادة يستباح بها مال امرئ مسلم أو يسفك بها دم فقد أوجب النار"‬
‫(‪)4‬‬
‫وعنه (ص) ‪ ":‬اكرموا الشهود فأن هللا يستخرج بهم الحقوق ويدفع بهم الظلم"‬

‫سورة ص ‪٣٨:26‬‬ ‫‪.1‬‬


‫النساء ‪٤:135‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المعجم الكبير ‪ .172 /١١ :‬كنز العمال ‪ .14/7:‬مجمع الزوائد ‪200/4:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫كنز العمال ‪، 12/٧ :‬الرقم ‪ .١٧٧٣٣‬الرواشح السماوية ‪٢٠١‬‬ ‫‪.4‬‬

‫‪45‬‬
‫‪..............................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫قال شهاب الزهري ‪ :‬وكان سلف المسلمين على ذلك حتى دخل الناس فيما بعدهم ‪ ،‬وظهرت منهم‬
‫(‪)١‬‬
‫أمور حملت الوالة على اتهامهم فتركت شهادة من يتهم‬
‫إن اإلسالم أقام مجتمع نظيف ترفرف عليه العدالة ‪ ،‬وتسوده المحبة واأللفة ‪.‬‬

‫‪ -٣‬العدل في القول‬
‫من ضروب العدالة في االسالم العدالة في الكالم والقول ‪.‬‬
‫ْط ۖ‬‫س ُن َحتهى يَ ْبلُ َغ أَشُ هدهُ ۖ َوأ َ ْوفُوا ْال َك ْي َل َو ْال ِّميزَ انَ بِّ ْال ِّقس ِّ‬ ‫قال تعالى‪َ (( :‬و َال ت َ ْق َربُوا َما َل ْاليَتِّ ِّيم إِّ هال بِّالهتِّي ه َ‬
‫ِّي أَحْ َ‬
‫صاكُم بِّ ِّه لَ َعلهكُ ْم‬‫َّللا أ َ ْوفُوا ۚ ذَ ِّلكُ ْم َو ه‬‫سا ِّإ هال ُو ْس َع َها ۖ َو ِّإذَا قُ ْلت ُ ْم فَا ْع ِّدلُوا َولَ ْو َكانَ ذَا قُ ْربَى ۖ َوبِّ َع ْه ِّد ه ِّ‬
‫ف نَ ْف ً‬‫َال نُك َِّل ُ‬
‫(‪)2‬‬
‫تَذَ هك ُرونَ ((‬
‫(‪)3‬‬
‫قال النبي (ص) ‪ " :‬ان هللا عند لسان كل قائل ‪ ،‬فليتق هللا عبد ‪ ،‬ولينظر مايقوله"‬
‫(‪)4‬‬
‫وعنه (ص) ‪ " :‬إن هللا ال يقبل عمل عبد حتى يرضى قوله "‬

‫ألزم هللا تعالى العباد بالعدالة في القول ‪ ،‬وإن كان على ذوي القربي ‪ ،‬وإنما خمن ذلك بالقول ألن‬
‫من التزم بذلك يكون من أهم المحفزات إليه في ميدان العمل‬

‫مجمع البيان ‪124/٣:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫األنعام ‪٦:152‬‬ ‫‪-2‬‬
‫كنز العمال ‪ . 549 /٣‬بحار االنوار ‪ .277/٧١ :‬وسائل الشيعة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الدر المنثور ‪٢٧٤/٢ :‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حقوق االنسان في رحاب االسالم ‪.......................................................................‬‬
‫‪46‬‬
‫إقامة العدل‬
‫حث القرآن الكريم المسلمين على إقامة العدل ؛ الن فيه حياتهم ‪.‬‬
‫علَى أ َ هال‬ ‫لِل شُ َه َدا َء بِّ ْال ِّقس ِّ‬
‫ْط ۖ َو َال يَجْ ِّر َمنهكُ ْم َ‬
‫شنَآ ُن قَ ْو ٍم َ‬ ‫قال تعالى‪(( :‬يَا أَيُّ َها الهذِّينَ آ َمنُوا كُونُوا قَ هو ِّامينَ ِّ ه ِّ‬
‫ير ِّب َما ت َ ْع َملُونَ )) (‪)1‬‬ ‫َّللا ۚ ِّإ هن ه َ‬
‫َّللا َخ ِّب ٌ‬ ‫ت َ ْع ِّدلُوا ۚ ا ْع ِّدلُوا ه َُو أ َ ْق َر ُ‬
‫ب ِّللت ه ْق َوى ۖ َواتهقُوا ه َ‬

‫إن اإلسالم يأمر بإقامة العدل مع المسلمين وغيرهم ‪ ،‬سواء أكانوا أصدقاء للمسلمين أم أعداء لهم ؛‬
‫ألنه أقرب للتقوى ‪ ،‬فإن هللا تعالى إنما بعث عبده ورسوله إلقامة العدل بين الناس ‪ ،‬وقد خاطبه تعالى‬
‫بهذه اآلية‪:‬‬
‫ب ۖ َوأ ُ ِّم ْرتُ‬ ‫((فَ ِّلذَلِّكَ فَا ْدعُ ۖ َوا ْست َ ِّق ْم َك َما أ ُ ِّم ْرتَ ۖ َو َال تَتهبِّ ْع أ َ ْه َوا َءهُ ْم ۖ َوقُ ْل آ َمنتُ بِّ َما أَنزَ َل ه ُ‬
‫َّللا ِّمن ِّكت َا ٍ‬
‫َّللا َربُّنَا َو َربُّكُ ْم ۖ لَنَا أ َ ْع َمالُنَا َولَكُ ْم أ َ ْع َمالُكُ ْم ۖ َال ُح هجةَ بَ ْينَنَا َوبَ ْينَكُ ُم ۖ ه ُ‬
‫َّللا يَجْ َم ُع بَ ْينَنَا ۖ َو ِّإلَ ْي ِّه‬ ‫ِّأل َ ْع ِّد َل بَ ْينَكُ ُم ۖ ه ُ‬
‫ير(((‪)2‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ْال َم ِّ‬
‫عرض القرآن الكريم في كثير من اآليات إلى العدل واعتبره ضرورة ملحة اإلقامة مجتمع إسالمي‬
‫متكامل ومتوازن في سلوكه ‪.‬‬
‫العدل في السنة‬
‫تواترت األخبار الواردة عن النبي (ص) واألئمة الطاهرين (عليهم السالم) في الحث على العدل‬
‫ومساندة المحاكم العادل ‪ ،‬وهذه نماذج منها ‪:‬‬

‫‪_1‬المائدة ‪8:5‬‬

‫‪_2‬الشورى ‪15:42‬‬

‫‪.................................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫‪47‬‬
‫‪ -1‬قال رسول هللا (ص) ‪ « :‬عذل ساعة خير من عبادة سبعين سنة ‪ ،‬قيام ليلها ‪ ،‬وصيام نهارها‬
‫(‪. )1‬‬
‫‪ -2‬وعنه (ص) ‪ « :‬لينحر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فينهيه فانه له نضرة وإن‬
‫كان مظلومأ فينصره ( ‪. ) ٢‬‬
‫‪ -3‬وعنه (ص) ‪ « :‬لتمألن االرض ظلما وعدوانا ثم ليخرج رجل من أهل بيتي حتى يمألها‬
‫قسطا وعدال " كما ملئت ظلما وعدوانا ( ‪. ) ٣‬‬
‫‪ -4‬قال اإلمام أمير المؤمنين (عليه السالم) ‪ « :‬عليكم بتقوى هللا تعالى وبالعدل على الصديق‬
‫(‪)٤‬‬
‫والعدو‬
‫(‪)٥‬‬
‫‪ -5‬قال اإلمام الصادق (عليه السالم) ‪ « :‬اتقوا هللا واعدلوا فإنكم تعيبون على قوم ال يعدلون‬
‫‪.‬‬
‫(‪.)6‬‬
‫‪ -6‬وعنه (ص) ‪ « :‬ما أوسع العدل وإن قل )‬
‫(‪.)7‬‬
‫‪ -7‬وعنه (ص) ‪ « :‬العدل أحلى من الماء يصيبه الضمآن )‬

‫جامع السعادات‪219 /٢ :‬‬ ‫‪.1‬‬


‫صحيح مسلم ‪ . 19/٨‬سنن الدارمي ‪. 311 /٢ :‬مسند احمد بن حنبل‪ . 99/3:‬كنز العمال ‪414 /٣ :‬‬ ‫‪.2‬‬
‫حلية االولياء ‪ . 101/3:‬مسند احمد بن حنبل ‪ . 28/٣ :‬المعجم الكبير ‪ . 32/١٩ :‬كنز العمال ‪266/١٤:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫النظام السياسي في االسالم ‪.٦٧ :‬‬ ‫‪.4‬‬
‫و(‪ )6‬اصول الكافي ‪154/٢ :‬‬ ‫‪.5‬‬
‫اصول الكافي ‪146 /٢ :‬‬ ‫‪.6‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب االسالم ‪.......................................................................‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -8‬وعنه (ص) " ثالثة يحتاج اليها الناس طرا ً ‪ :‬االمن والعدل والخصب "‬
‫(‪)1‬‬

‫وكثير من أمثال هذه االحاديث عرضت الى ضرورة العدل واهميته ‪ ،‬وحث االئمة الطاهرين (عليهم‬
‫السالم) على إقامته ‪.‬‬

‫الحاكم العادل‬
‫تظافرت االخبار في الثناء على االمام العادل ‪ ،‬وان به صالح االمة وهذه شذرات منها‪:‬‬
‫‪ -1‬قال رسول هللا (ص) " لعمل االمام العادل في رعيته يوما واحدا افضل من عبادة العابد في‬
‫(‪)2‬‬
‫اهله مائة عام او خمسين عاما"‬
‫ان سعادة االمة وتطور حياتها ليست بالعبادة ‪ ،‬وانما بالوالة والحكام المصلحين الذين يؤثرون مصلحة‬
‫وطنهم وامتهم على كل شيء ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -2‬وعنه (ص) " ان احب الناس الى هللا تعالى يوم القيامة امام عادل واشدهم عذابا اما جائر"‬
‫‪ -3‬وعنه (ص) " من ابتلى بالقضاء بين المسلمين فال يرفع صوته على احد الخصمين اال يرفع‬
‫(‪)4‬‬
‫على االخر "‬
‫‪ -4‬وعنه (ص) " اذا حكمتم فاعدلوا ‪ ،‬واذا قلتم فأحسنوا ‪ ،‬فان هللا محسن"‬

‫بحار االنوار‪75:234 :‬‬ ‫‪-1‬‬


‫األموال ‪/‬ابوعبيد ‪6 :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫صحيح الترمذي ‪ . 394/2 :‬مسند احمد بن حنبل ‪ . 23/3 :‬روضة الواعظين‪.466:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫السنن الكبرى‪ . 135/10 :‬كنز العمال ‪102/6:‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪.................................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫(‪)1‬‬
‫يحب المحسنين"‬

‫‪49‬‬
‫‪ -5‬وعنه (ص) " ما من قاض من قضاة المسلمين اال ومعه ملكان يسددانه الى الحق ما لم يرد‬
‫(‪)2‬‬
‫غيره فان أراد غيره وجار متعمدا تبرأ منه الملكان ووكاله الى نفسه"‬
‫‪ -6‬قال االمام موسى بن جعفر (عليه السالم) " ان صالحكم من صالح سلطانكم وان السلطان‬
‫(‪)3‬‬
‫العادل بمنزلة الوالد الرحيم فاحبوه له ما تحبون واكرهوا له ما تكرهون النفسكم"‬
‫ان اإلسالم قد تبنى العدل ‪ ،‬وركز عليه جملة من القواعد العامة التي يرجع اليها الفقهاء في استنباطهم‬
‫لألحكام الشرعية كقاعدة نفي العسر والحرج ‪ ،‬وقاعدة نفي الضرر ‪.‬‬

‫وعلى أي حال فانا ال نحسب ان هناك دينا سماويا او مذهبا اجتماعيا قد اعتنى بالعدل كما اعتنى به‬
‫اإلسالم في جميع انظمته االقتصادية والسياسية ‪.‬‬

‫‪ -1‬المعجم الكبير ‪ . 40/6:‬كنز العمال‪ . 392/5 :‬مجمع الزوائد ‪.196/5 :‬‬


‫‪ -2‬المعجم الكير ‪ . 240/18 :‬كنز العمال ‪ . 94/6:‬مجمع الزوائد ‪194/4 :‬‬
‫‪ -3‬حياة االمام موسى بن جعفر (عليه السالم)‪225 /1 :‬‬
‫‪.................................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫المساواة‬

‫‪50‬‬
‫المساواة هي المادة السابعة التي شرعها اإلسالم لحقوق اإلنسان ‪ ،‬وهي ذات أهمية‬
‫بالغة في تشريعه ‪ ،‬وال بد لنا من وقفة قصيرة أمام هذه المادة التي لم يسبق لها نظير في‬
‫تشريع األديان السماويه والمذاهب االجتماعية ‪.‬‬
‫إن اإلسالم أعلن المساواة العادلة ما بين األجناس ‪ ،‬فال فضل األبيض على أسود ‪ ،‬وال‬
‫لعربي على عجمي ‪ ،‬وال لحاكم على محكوم ‪ ،‬فالناس أمام تشريعاته كأسنان المشط ‪ ،‬ال‬
‫فضل لبعضهم على بعض إال بالتقوى وعمل الخير ونفع الناس ‪ .‬وقد اعترف بذلك‬
‫جمهرة من غير المسلمين كان منهم ‪:‬‬
‫‪ -١‬األستاذ جيب ‪ ،‬حيث قال ‪:‬‬
‫إن اإلسالم هو الدين الوحيد الذي ما زال في قدرته أن ينجح نجاحا باهرا في تأليف‬
‫العناصر واألجناس البشرية المتنافرة في جبهة واحدة أساسها المساواة ‪ ،‬وإذا وضعت‬
‫منازعات الشرق والغرب موضع الدرس فال بد من االلتجاء إلى اإلسالم )(‪. )1‬‬

‫‪_1‬النظام السياسي في اإلسالم ‪.١٧٩ - ١٧٨ :‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب االسالم ‪.......................................................................‬‬


‫‪ -۲‬جواهر الل نهرو‬
‫قال الزعيم الهندي جواهر الل نهرو ‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫" إن نظرية االخوة اإلسالمية والمساواة التي كان المسلمون يؤمنون بها ويعيشون فيها أثرت في أن‬
‫عميقة ‪ ،‬وكان أكثر خضوعا لهذا التأثير البؤساء الذين حرم عليهم المجتمع الهندي المساواة‬
‫(‪)1‬‬
‫والتمتع بالحقوق اإلنسانية ‪:‬‬
‫‪ .‬إن اإلسالم أوجد نوعا من الروابط المقدسة بين البشر تقضي على جميع الفوارق الجنسية وتوحد‬
‫ما بين بني اإلنسان ‪.‬‬

‫‪ -٣‬توماس كارليلي‬
‫قال الفيلسوف االنجليزي توماس كارليلي ‪:‬‬
‫(‪)٣‬‬
‫" إن في اإلسالم خلة شريفة من أشرف الخالل وأحبها وهي المساواة بين الناس "‬
‫إن المساواة التي تبناها اإلسالم توحد وال تفرق ‪ ،‬وتجمع وال تشت ‪ .‬إنها األمل الباسم لجميع‬
‫الشعوب المضطهدة التي تعاني المرمان ‪ ،‬وعدم الحصول على حقوقها المشروعة ‪.‬‬
‫ما هي المساواة ؟‬
‫ليس المقصود من المساواة التي أعلنها اإلسالم هي المساواة في اللون والشكل ‪ ،‬فإنها غير‬
‫ملحوظة مطلقا في نظر اإلسالم ‪ ،‬فإن الناس خلقهم هللا غير متساوين في اللون والشكل والعقل‬
‫والذكاء والميول والطبائع ‪ ،‬ويستحيل أن يتساوون في هذه الجهات ‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬و ( ‪ ) ٢‬النظام السياسي في اإلسالم ‪179 :‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب االسالم ‪.......................................................................‬‬

‫المساواة االجتماعية‬
‫وتعني بها المساواة بين أبناء البشر ‪ ،‬من دون فرق بين األبيض واألسود والعربي واألعجمي ‪،‬‬
‫وهكذا بقية األجناس التفاضل بينهم إال بالتقوى‬
‫‪52‬‬
‫قال تعالى ‪ ( :‬يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل تعارفوا إن أكرمكم‬
‫(‪)1‬‬
‫عند هللا أتقاكم إن هللا عليم خبير)‬

‫روی اين عباس أن السبب في نزول هذه اآلية أن أحد الوالي خطب امرأة من بني بياضة ‪ ،‬فأشار‬
‫النبي (ص) على أهلها أن يزوجوه ‪ ،‬فقالوا له ‪:‬‬

‫" يا رسول هللا ‪ ،‬أنزوج بناتنا من موالينا ؟ "‬

‫فنزلت اآلية الكريمة التي حطمت الحواجز بين المسلمين ‪ ،‬فالمسلمون أسرة واحدة ال فضل ألحد‬
‫على أحد إال بالتقوى ‪ ،‬وسار على هذا الخط الرسالي أئمة أهل البيت (عليهم السالم)‪ ،‬فقد أعتق‬
‫اإلمام زين العابدين وسيد الساجدين (عليه السالم)جارية له ‪،‬‬

‫‪ -1‬العمل وحقوق العامل في اإلسالم ‪٢١٠ :‬‬


‫‪.................................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫و بعد العتق تزوج بها ‪ ،‬فانتهز ذلك عبد الملك فيعت له رسالة يستنكر في ذلك ‪ ،‬ويعيب عليه ‪ ،‬وقد‬
‫جاء فيها ‪:‬‬
‫" أما بعد ‪ ..‬فقد بلغتي تز ويجك موالتك ‪ ،‬وقد علمت أنه كان في أكفانك من قريش من تجد به في‬
‫الصهر وتستنجيه من الولد ‪ ،‬فاللنفسك نظرت ‪ ،‬وال على ولدك أبقيت ‪" ...‬‬
‫ولم ا انتهت الرسالة إلى اإلمام وقرأها رأی روح الجاهلية في سطورها فرد عليه ‪:‬‬
‫‪53‬‬
‫" أما بعد ‪ ..‬فقد بلغتني كتابك تعنفني بتزويجي موالتي ‪ ،‬وتزعم أنه كان في نساء قريش من أمجد‬
‫به في الصهر ‪ ،‬وأستنجبه في الولد ‪ ،‬وإنه ليس فوق رسول هللا(ص) مرتقى في مجد ‪ ،‬وال‬
‫مستزاد في گرم ‪ ،‬وإنما كانت ملك يميني ‪ ،‬خرجت منى بأمر أراده هللا تعالى التمست في ثوابة ‪،‬‬
‫ثم ارتجعتها على سنته ‪ ،‬ومن كان زكيا في دينه فليس يخل به شيء من أمره ‪ ،‬وقد رفع هللا تعالى‬
‫باإلسالم الخسيسة وأتم به النقيصة ‪ ،‬وأذهب اللوم فال لوم على امري مسلم ‪ ،‬إنما اللوم لؤم‬
‫(‪)1‬‬
‫الجاهلية )‬
‫ولم يع ولم يفقه المنطق اإلسالمي الذي هدم الحواجز بين المسلمين ‪ ،‬فأي نقص على اإلمام إن‬
‫تزوج بأمة مسلمة بعد ما أعتقها ‪ ،‬فإنه لم يخالف بذلك كتاب هللا تعالى وال سنة نبيه ‪ ،‬فالمسلم كفء‬
‫المسلمة في شريعة اإلسالم ‪ ،‬وقد زوج رسول هللا ﷺ ابنة عمته زينب ‪ ،‬وأمها بنت عبد المطلب ‪،‬‬
‫من غالمه وملوكه وعتيقه زيد بن حارثة ‪ ،‬وقد قضى بذلك على التعالي في األنساب الذي كان‬

‫‪ -1‬حياة اإلمام موسی بن جعفر (عليه السالم) ‪ ١/١٢ :‬و ‪.14‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب االسالم ‪.......................................................................‬‬

‫سائدة في األعراف االهلية ‪.‬‬


‫إن اإلسالم شن الرب بال هوادة على النخوة الجاهلية التي كانت تتفاخر باألباء واألنساب ‪.‬‬
‫قال النبي (ص) ‪ « :‬كلكم بنو آدم ‪ ،‬وآدم من تراب ‪ ،‬ولينتهين قوم يفخرون بابائهم ‪ ،‬أو ليكون‬
‫(‪)1‬‬
‫أهون على هللا تعالى من الجعالن ‪" ...‬‬

‫‪54‬‬
‫وقال (ص) ‪" :‬أيها الناس ‪ ،‬إن هللا تعالى قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتعاظمها بابائها ‪،‬فالناس‬
‫رجالن ‪ :‬رجل بر تقي كريم على هللا تعالى ‪ ،‬ورجل فاجر شقي هين على هللا تعالی ) (‪. )2‬‬
‫أقام اإلسالم قواعد المساواة وأصولها على أساس الفطرة اإلنسانية ‪ ،‬فلم يميز قومأ على آخرين إال‬
‫بالتقوى والعمل الصالح ‪ .‬قال اإلمام زين العابدين (عليه السالم) ‪:‬‬
‫إن هللا تعالى خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبش يا ‪ ،‬وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيدا‬
‫(‪)3‬‬
‫قرشيا‬
‫خاطب النبي (ص) أسرته قائال ‪" :‬يا بني هاشم ‪ ،‬ال يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم‬
‫(‪)4‬‬
‫تقولون ‪ :‬نحن ذرية محمد"‬
‫إن التفاخر باآلباء واألنساب كان سائدة في المجتمع الجاهلي فحطمه اإلسالم ‪.‬‬

‫تفسير ابن كثير ‪ ، 4/٢٣٢ :‬سورة الحجرات ‪ .‬السنن الكبرى ‪ /‬النسائي ‪ . ١٠/٢٣٢ :‬الجامع الصغير ‪ . ٢/٢٨٨ :‬کنز‬ ‫‪-1‬‬
‫العمال ‪ .۵ ٢/٢٧ :‬مجمع الزوائد ‪. ٨/٨٩١ :‬‬
‫فتح الباري ‪ . ٩/٣٨٢ :‬تفسير القرطبي ‪ . ١٩/٣۶١ :‬تفسير ابن کثير ‪٤/٢٣٣ :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الصحيفة السجادية ‪ .١٧٧ :‬مناقب آل أبي طالب ‪ . ٣/٢٩١ :‬بحار األنوار ‪41/٨٢ :‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أحكام القرآن ‪ . ١/١٠٢ :‬بحار األنوار ‪.14 ١٧٧ :‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪.................................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫‪1‬قال النبي (ص) لبعض أصحابه‪:‬‬


‫"انظر ‪ ،‬فائك لست بخير من أحد وال أفضل من أسود ‪ .‬إال أن هللا تفضله بتقوى هللا تعالی "‬
‫كان عبدالرحمن بن عوف في مجلس النبي (ص) فقال لشخص ‪ ،‬يابن السوداء فغضب النبي (ص)‬
‫ورد عليه قائال ‪:‬‬

‫‪55‬‬
‫(‪)١‬‬
‫ليس إلبن البيضاء على ابن السوداء سلطان إال بالحق‬
‫إن التفاخر باآلباء سالح الضعفاء الذين ال يملكون موهبة و نزعة شريفة ‪ ،‬فإن التفاخر والتفاوت‬
‫إنما هو باألعمال الصالحة ‪ ،‬وبالخدمات الجليلة التي يقدمها اإلنسان لوطنه وأمته ‪ ،‬ال يجد اآلباء‬
‫واألجداد ‪ ،‬وال بالثراء العريض الذي ال يستفيد منه الن اس ‪ .‬وهذا عرض لبعض أنواع المساواة‬
‫االجتماعية ‪:‬‬
‫‪ -١‬المساواة أمام القانون‬
‫من بنود المساواة التي تبناها اإلسالم هي مساواة جميع الناس أمام القانون ‪ ،‬بال فرق بين الرئيس‬
‫والمرؤوس ‪ ،‬والقوي والضعيف ‪ ،‬وقد حذر النبي (ص) من عدم تطبيق ذلك ‪ ،‬فقد سئل أن يعفو‬
‫عن سارقة لشرف أسرتها ‪ ،‬فغضب وقال (ص)‪:‬‬
‫انما هلك من كان قبلكم ألنهم كانوا إذا أذنب الضعيف فيهم عاقبوه ‪ ،‬وإذا أذنب الشريف فيهم‬
‫(‪)2‬‬
‫تركوه ‪ ،‬وهللا لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها "‬

‫‪ -1‬النظام السياسي في اإلسالم ‪. ٢٢۵ :‬‬


‫‪ -2‬الخراج ‪ /‬أبو يوسف ‪.50 :‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب االسالم ‪.......................................................................‬‬

‫وفي اال يام األخيرة من حياته كان مريضا ‪ ،‬فاعتلى المنبر وخطب المسلمين قائال‪:‬‬
‫" أيها الناس ‪ ،‬أال فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد ‪ ،‬مني ومن كنت أخذت منه ماال‬
‫فهذا مالي فليأخذ منه ‪ ،‬ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد مني ‪ ...‬وال يقولن قائل ‪:‬‬
‫أخاف الشحناء من قبل رسول هللا ‪ ،‬أال وإن الشحناء ليست من شأني وال من خلقي ‪ ،‬وإن أحبكم‬
‫(‪)١‬‬
‫إلى من اخذ حقا كان له علي ‪ ،‬أو حللني فلقيت هللا عز وجل وليس ألحد عندي مظلمة ‪...‬‬
‫ثم نزل عن المنبر وصلى صالة الظهر ‪ ،‬ثم رجع إلى المنبر وأعاد مقالته ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫لقد أعلن النبي المساواة العادلة بين الناس ‪ ،‬وطبقها على نفسه الشريفة وهو في الساعات األخيرة‬
‫من حياته ‪.‬‬
‫وهذا وصيه وباب مدينة علمه اإلمام أمير المؤمنين (عليه السالم) في أيام خالفته خاصم يهوديا‬
‫وجد عنده درعه ‪ ،‬فرفع اإلمام أمره إلى القاضي فحكم لصالح اليهودي ‪ ،‬فما تأثر وإنما عمد إلى‬
‫ذلك ليرى الناس أهمية القضاء وحرمته ‪ ،‬وإنه ال فرق بين الملك وغيره ‪ ،‬والرئيس والمرؤوس‬
‫في المثول أمام القضاء ‪ ،‬و ترافع سالم هللا عليه مع يهودي في أيام عمر بن الخطاب ‪ ،‬فقال له‬
‫عمر ‪:‬‬
‫" قم يا أبا الحسن وقف مع خصمك "‪.‬‬
‫فغضب اإلمام ‪ ،‬وبعد انتهاء المرافعة قال له عمر ‪:‬‬
‫"يا أبا الحسن لعله ساءك امري ان تقف مع خصمك اليهودي ؟"‬
‫قال االمام علي (ع) ‪:‬‬
‫" كال وانما ساءني انك كنيتني ولم تساو بيني وبين خصمي ‪ ،‬والمسلم واليهودي امام الحق سواء"‬

‫‪ -1‬موسوعة اإلمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السالم) ‪ . 82/2 .‬الكامل االبن األثير ‪.194/2 :‬‬

‫‪.................................................................................‬االسالم وحقوق االنسان‬

‫‪ - ۲‬المساواة الرائعة في القضاء‬

‫ألزم اإلسالم بالمساواة العادلة بين الخصمين في مجلس القضاء ‪ ،‬فال يجوز تقديم أحدهما على‬
‫اآلخر ‪ ،‬ومن الصور الرائعة ما ذكره الفقهاء‬

‫‪57‬‬
‫‪ -1‬التسوية بين الخصمين في السالم ‪ ،‬فليس للقاضي أن يخص أحدهما بالسالم ويعرض عن‬
‫اآلخر ‪ ،‬وإن كان عدوا له ‪ ،‬كما إذا سلما يجب عليه أن يرد عليهما السالم بالسواء ‪ ،‬كما يجب عليه‬
‫أن يساوي بينهما في جميع صنوف التكريم‪.‬‬
‫‪ - ٢‬المساواة بينهما بالكالم ‪ ،‬فليس له أن ينطلق في كالمه مع أحدهما ويسكت عن اآلخر ‪.‬‬
‫‪ -٣‬المساواة في األذن بينها في الدخول عليه ‪.‬‬
‫‪ -٤‬التسوية بينها في التكريم ‪ ،‬فليس له أن يقدم أحدهما على اآلخر في ذلك ‪.‬‬

‫‪ -5‬التسوية بينها في المجلس ‪ ،‬فال يجوز له أن يرفع أحدهما في المجلس على صاحبه ‪ ،‬بل‬
‫يساوي بينها ‪.‬‬

‫‪ -6‬التسوية بين الخصمين في طالقة الوجه ‪.‬‬


‫‪ - ٧‬االستماع لكالمها ‪ ،‬فليس له أن يسمع كالم أحدهما وحجته وال يسمع کالم اآلخر‪.‬‬

‫حقوق االنسان في رحاب االسالم ‪.......................................................................‬‬

‫‪ -8‬أن يستعمل اإلنصاف ‪ ،‬والعدل بين الخصمين‪.‬‬

‫ويستحب للقاضي أن يساوي بين السمين حتى في الميل القلبي(‪. )1‬‬

‫إن هذه المساواة التي أعلنها اإلسالم في القضاء ليس لها مثيل في األديان السماوية وال في‬
‫المذاهب االجتماعية ‪ ،‬وهي تحقق العدل و تنشر الكرامة بين الناس ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ - ٣‬المساواة في الضرائب –‬

‫إن الضرائب المالية التي فرضها األسالم يتساوى فيها جميع المسلمين ‪ ،‬فال يعفى منها شخص‬
‫مهما كانت مكانته ومنزلته ‪ ،‬فالزكاة والمس ‪-‬مثال يجبان على كل مسلم إذا كان خاضعا لها ‪ ،‬كما‬
‫أن الجزية تحجب على جميع الكتابيين المقيمين في بالد اإلسالم ‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن من أهم‬
‫األسباب في الثورة الفرنسية أن الضرائب المالية ال تؤخذ من الطبقة العليا وتؤخذ من غيرهم ‪.‬‬

‫‪ - 4‬المساواة في التوظيف‬

‫من بنود المساواة اإلسالمية المساواة بين المواطنين في الوظائف ومناصب الدولة ‪ ،‬وليس من‬
‫اإلسالم في شيء أن يختص بها قوم ويحرم منها آخرون ‪ ،‬فجميع من تتوفر فيه القابليات و‬
‫الشرائط فإنه يستحق أن يكون موظفا من دون فرق بين القريب والبعيد ‪ ..‬هذه بعض مواد المساواة‬
‫في اإلسالم‪.‬‬

‫‪59‬‬

You might also like