Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫ليقضي هو بشأننا‪ ،‬هذا لكوننا نؤمن به إلًهً ا آًبًا‬

‫ومتجّسًدً ا ألجل‬
‫ّ‬ ‫ضابط الك ّّل‪ ،‬وابًنًا وحيًدً ا مولوًدً ا منه‬
‫خالصنا‪ ،‬وروًحً ا قدًسً ا منبثًقً ا منه وناطًقً ا فينا ومحيًيًا‬
‫لنا‪ .‬إّنّه انطالقنا املستم ّّر نحو ينبوع حياتنا‪ ،‬لنشرب‬ ‫العدد ‪25‬‬ ‫ ‬
‫األحد ‪ 23‬حزيران ‪2024‬‬
‫منه فيستنير ذهننا مبعرفته ويّتّسع قلبنا حمل ّّبته‪،‬‬
‫ولنرتوي منه فال نعطش إاّلا إليه وليس إلى سواه‪ .‬إّنّه‬ ‫أحد العنصرة‬
‫إمياننا بأب ّّوة الله لنا واملك ّّونة لذهننا وطريقة عيشنا‬
‫وغاية حياتنا‪.‬‬ ‫كلمة الراعي‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫رابًعً ا‪ ،‬ذبيحة التسبيح التي نسكبها عبادًةً لله‬
‫ومتجيًدً ا له وبشارًةً ألترابنا وخدمًةً لقريبنا‪ ،‬ألّنّ عط ّّية‬ ‫عط ّّية الله‪:‬‬
‫الروح القدس تغّلّف الوجود وترعاه وتقوده إلى الكمال‪.‬‬ ‫البوصلة والوجهة واحمل ِِّرك والغاية‬
‫ا‬
‫كاماًل‬ ‫فرُح يسوع‬‫هذا كّلّه يقع ضمن مسرى أن يكون ُ‬
‫في املؤمنني به‪ ،‬منذ شاء في سفر التكوين أن ُُيرفرف‬ ‫فاجأ يسوع سامعيه بهذه العط ّّية‪ََ « :‬من آمن‬
‫الروح على املياه‪ .‬وما إشارة يسوع إلى جريان أنهار‬ ‫حّي» (يوحّنّا ‪.)38 :7‬‬ ‫بي‪ ...‬جتري من بطنه أنهار ماء ّ‬
‫النعمة إاّلا وجًهً ا من وجوه وفر هذه العط ّّية وفيضها‬ ‫جنّسده في حياتنا؟‬ ‫ّ‬ ‫فماذا قصد بهذا اإلعالن وكيف‬
‫في العالم‪ .‬إّنّه نهر اإلميان الد ّّفاق‪ ،‬والتوبة الفاعلة‪،‬‬ ‫فلنستعرْض بعض عناصر الدرب في عيشنا هذه‬ ‫ْ‬
‫األبوّي‪ ،‬واحمل ّّبة الباذلة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واالنطالق املستم ّّر إلى البيت‬ ‫العط ّّية‪:‬‬
‫األمر الذي هو ماثل في حياة املؤمن التائب وحياة‬ ‫أ ّّواًل‪ ،‬عط ّّية اإلميان بيسوع‪ ،‬وتأتي من الكرازة‬‫ا‬
‫اجلماعة اجملاهدة على ح ّّد سواء‪.‬‬ ‫بالكلمة وقبولها وعيشها‪ .‬هي عط ّّية من الله لإلنسان‪،‬‬
‫ّ‬
‫يتعّطل‬ ‫فماذا ميكن أن يشوب حياتنا حّتّى‬ ‫بدافع صالح الله ومح ّّبته لإلنسان ومشيئته التي‬
‫فينا جريان أنهار النعمة احلاصل في الكنيسة‪ ،‬في‬ ‫تتجّلّى في حتقيق خالصه وكماله وفرحه‪.‬‬
‫بشارتها وخدمتها وشهادتها من أجل خالص العالم؟‬ ‫ثانًيًا‪ ،‬عمل التوبة فينا بقبولنا كلمة الله في‬
‫هذا يوضحه لنا كيف تل ّّقف احلاضرون كالم يسوع‬ ‫حياتنا‪ .‬وهذا يعني العمل بوصاياه لتك ّّون فينا اإلنسان‬
‫وكيف ّمتّ تفسيره‪:‬‬ ‫اجلديد فال يعمل بعد بناموس اخلطيئة بل بالنعمة‪.‬‬
‫أ ّّو ااًل‪ ،‬انكفاؤنا عن معرفة الله احلقيق ّّية‪ ،‬وجهلنا‬ ‫إّنّه جهادنا املستم ّّر والدائم ما دمنا في هذه البشرة‪،‬‬
‫وقّلّة إمياننا به وضعفه‪ .‬هذا ناجت عن كوننا ال نعرف‬ ‫وجنّسدها‬‫ّ‬ ‫حّتّى تسود فينا مح ّّبة الله بالقول والفعل‪،‬‬
‫ذواتنا حّقّ املعرفة‪ ،‬وال نعرف عط ّّية الله بحّقّ ‪ ،‬فال‬ ‫في ابتغاء معرفة مشيئته وعيشنا لها‪ .‬هذا يقتضي‬
‫اجلوهرّي وال نطلبه وال نقرع الباب‬ ‫ّ‬ ‫نسأل عن اخلبز‬ ‫مّنّا يقظة في التربية والتنشئة‪ ،‬وسهًرً ا على النفس‬
‫للحصول عليه‪.‬‬ ‫ولومها ومحاسبتها‪ ،‬كما يقتضي حرًصً ا مّنّا على‬
‫ثانًيًا‪ ،‬استسالمنا للتشويش والتضليل املما ََرس‬ ‫استثمار الوزنات في سبيل الله والقريب‪ ،‬واستداللنا‬
‫بحّقّ الله وتدبيره وخالصه دون استجالء احلقيقة‬ ‫على «الصيارفة» الروح ّّيني الذين بإمكانهم أن يرشدونا‬
‫والسعي في طلبها‪ ،‬أو ارمتاؤنا في أحضان شهوتنا‬ ‫الستثمارها بأفضل طريقة فال نطمرها أبًدً ا‪.‬‬
‫وخطيئتنا دون البحث عن عالج أو دواء أو خالص‪.‬‬ ‫ثالًثًا‪ ،‬االنطالق املستم ّّر نحو الله‪ ،‬وإيداعنا إ ّّياه‬
‫ثالًثًا‪ ،‬تنصيب ذواتنا قضاة على الله واإلميان‬ ‫حياتنا‪ ،‬بأفراحها وأتراحها‪ ،‬بنجاحاتها وإخفاقاتها‪،‬‬
‫به واملؤمنني به‪ ،‬عبر إطالق أحكام اإلدانة بحّقّ ك ّّل‬ ‫برذائلها وفضائلها‪ ،‬مق ّّدمني له الوزنات التي ُُأعطيناها‬

‫‪1‬‬
‫اإلجنيل‪ :‬يوحّنّا ‪ ٥٢-٣٧ :٧‬و‪١٢ :٨‬‬ ‫يختّص به‪ ،‬فنضعه في قفص املشت ََبه به أو‬ ‫ّ‬ ‫ما أو ََمن‬
‫ـــــــــــــــــــ‬ ‫اخملطئ أو الـ ُُمدان في تدبيره‪.‬‬
‫اآلِخر العظيم من العيد كان يسوع‬ ‫في اليوم ِ‬ ‫أ ّّما جواب يسوع على ما سبقت اإلشارة إليه‬
‫إلَّي ويشرب‪.‬‬ ‫ِ‬
‫فليأِت ّ‬ ‫قائاًل‪ :‬إن عطش أحد‬ ‫واقًفً ا فصاح ا‬ ‫فكان إعالنه أمامنا وتأكيده لنا‪« :‬أنا هو نور العالم‪ََ .‬من‬
‫من آمن بي فكما قال الكتاب ستجري من بطنه أنهار‬ ‫يتب ْْعني فال ميشي في الظلمة بل يكون له نور احلياة»‬
‫(إمّنا قال هذا عن الروح الذي كان املؤمنون‬ ‫حّي م‬ ‫ماء ّ‬ ‫(يوحّنّا ‪ .)12 :8‬بهذا أعطانا البوصلة والوجهة‬
‫به ُُمزمعني أن يقبلوه إذ لم يكن الروح القدس بعد‬ ‫ا‬
‫ومثااًل ورفيق درب‬ ‫واحمل ِِّرك‪ ،‬ال بل أعطانا ذاته راعًيًا‬
‫ألّنّ يسوع لم يكن بعد قد ُُم ّّجد)‪ .‬فكثيرون من اجلمع‬ ‫مع ما يعنيه ذلك من استنهاض للنفس دائم وتربيتها‬
‫النبّي‪ .‬وقال‬ ‫ّ‬ ‫لـ ّّما سمعوا كالمه قالوا‪ :‬هذا باحلقيقة هو‬ ‫وإرشادها ومرافقتها وتقديسها‪.‬‬
‫ّ‬
‫آخرون‪ :‬هذا هو املسيح‪ .‬وآخرون قالوا‪ :‬ألعّل املسيح‬ ‫رّب أن نشكرك بفهم على عط ّّيتك‬ ‫أال ِ‬
‫أعِطنا يا ّ‬
‫من اجلليل يأتي؟ ألم ي ُُقل الكتاب إّنّه من نسل داود من‬ ‫لنا في عيد العنصرة‪ ،‬فنس ّّبح تدبيرك ونخدمه بإخالص‪،‬‬
‫بيت حلم القرية حيث كان داود يأتي املسيح؟ فحدث‬ ‫فال يبقى أحد مّنّا ومن أترابنا دون خير عط ّّيتك هذه‬
‫شقاق بني اجلمع من أجله‪ .‬وكان قوم منهم يريدون أن‬ ‫واحلياة الكامنة فيك‪.‬‬
‫اُخل ّّدام إلى‬ ‫مُيم سكوه ولكن لم ُُي ِلِق أحد عليه يًدً ا‪ .‬فجاء ُ‬ ‫‪ +‬سلوان‬
‫رؤساء الكهنة والف ّّريس ّّيني‪ ،‬فقال هؤالء لهم‪ :‬ل ََم لم تأتوا‬ ‫متروبوليت جبيل والبترون وما يليهم‬
‫قّط إنساٌنٌ هكذا مثل هذا‬ ‫به؟ فأجاب اخل ّّدام‪ :‬لم يتكّلّم ّ‬ ‫(جبل لبنان)‬
‫ّ‬
‫اإلنسان‪ .‬فأجابهم الف ّّريس ّّيون‪ :‬ألعّلكم أنتم أيًضً ا قد‬
‫ضللتم؟ هل أحد من الرؤساء أو من الف ّّريس ّّيني آمن‬ ‫الرسالة‪ :‬أعمال الرسل ‪١١-١ :٢‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫به؟ أ ّّما هؤالء اجلمع الذين ال يعرفون الناموس فهم‬ ‫لـ ّّما ح ّّل يوم اخلمسني كان الرسل كّلّهم‬
‫نيقودُميس الذي كان قد جاء إليه‬ ‫ُ‬ ‫ملعونون‪ .‬فقال لهم‬ ‫مًعً ا في مكان واحد‪ .‬فحدث بغتة صوت من السماء‬
‫ّ‬
‫لياًل وهو واحد منهم‪ :‬ألعّل ناموسنا يدين إنساًنًا إن‬ ‫ا‬ ‫كصوت ريح شديدة تعسف‪ ،‬ومأل ك ّّل البيت الذي‬
‫لم يسمع منه أ ّّو ااًل و ََيعلم ما فعل؟ أجابوا وقالوا له‪:‬‬ ‫كانوا جالسني فيه‪ .‬وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأّنّها‬
‫ألعّلّك أنت أيًضً ا من اجلليل؟ إبحث وانظر إّنّه لم ََي ُُق ْْم‬ ‫من نار فاستق ّّرت على ك ّّل واحد منهم‪ .‬فامتألوا كّلّهم‬
‫قائاًل‪ :‬أنا هو‬ ‫نبّي من اجلليل‪ .‬ث ّّم كّلّمهم أيًضً ا يسوع ا‬ ‫ّ‬ ‫من الروح القدس وطفقوا يتكّلّمون بلغات أخرى كما‬
‫نور العالم‪ .‬من يتبعني فال ميشي في الظالم بل يكون‬ ‫أعطاهم الروح أن ينطقوا‪ .‬وكان في أورشليم رجال‬
‫له نور احلياة‪.‬‬ ‫يهود أتقياء من كل ُُأ ّّمة حتت السماء‪ .‬فل ّّما صار هذا‬
‫الطاعة‬ ‫الصوت اجتمع اجلمهور فتح ّّيروا ألّنّ ك ّّل واحد كان‬
‫بقلم املطران جورج خضر‬ ‫وتعّجبوا‬
‫ّ‬ ‫يسمعهم ينطقون بلغته‪ .‬فدهشوا جميعهم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫قائلني بعضهم لبعض‪ :‬أليس هؤالء املتكّلّمون كّلهم‬
‫ّ‬
‫املسَّلَم به في الكتب املق ّّدسة أّنّ الطاعة لله ألّنّه‬ ‫جليل ّّيني؟ فكيف نسمع ك ّّل مّنّا لغته التي ُُولد فيها؟ نحن‬
‫املؤمن أي الذي يؤمنك من ش ّّرك وتأمنه لصالحه‪ .‬أن‬ ‫الفرت ّّيني واملاد ّّيني والعيالم ّّيني وس ّّكان ما بني النهرين‬
‫تتم ّّرد عليه ناجت من عبادتك لنفسك‪ .‬الطاعة هي إًذً ا‬ ‫نُطس وآسية وفريجية ومبفيلية‬ ‫واليهود ّّية وكبادوكية و ُُب ُ‬
‫اإلميان به وبقدرته ومح ّّبته‪ .‬أنا ال تعجبني الدعوة إلى‬ ‫ومصر ونواحي ليبية عند القيروان‪ ،‬والرومان ّّيني‬
‫الثقة بالنفس اللتباسها‪ .‬املؤمن ال يّتّكل على ذاته مطلًقً ا‬ ‫املستوطنني واليهود والدخالء والكريت ّّيني والعرب‬
‫لكّنّه يّتّكل على إميانه أي على معرفته أّنّ الل ََه ساكٌنٌ فيه‬ ‫نسمعهم ينطقون بألسنتنا بعظائم الله‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ما س ّّميُتُه طاعة كان في احلقيقة مح ّّبة‪ .‬ملا قال‬ ‫اإللهّي‬
‫ّ‬ ‫تصّحح فكرك بالفكر‬ ‫ّ‬ ‫أنَت‬
‫ومي ّّده بق ّّوة من فوق‪َ .‬‬
‫امِش معه ميَلَني»‬‫مياًل ِ‬ ‫سّخرك ا‬‫الناصرّي‪ََ « :‬من ّ‬
‫ّ‬ ‫يسوع‬ ‫محّصًنًا بالعصمة‪ .‬وما من عصمة طالعة من‬ ‫ّ‬ ‫لسَت‬
‫إذ َ‬
‫(متى ‪ ،)5 :41‬أراد أن تضع نفسك في تص ّّرف اآلخر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫البشرة‪ ،‬املتقّلبة والضعيفة‪ ،‬الهّشة‪ .‬أنا في املسيح ّّية‬ ‫ّ‬
‫فقد اعتبر هذا أّنّه في حاجة إلى أن متشي معه في‬ ‫أنتمي إلى املذهب القائل إّنّ ليس من إنسان مصون‬
‫الطريق ر ّّبـما ألّنّه ال يعرفها أو ألّنّه كان في حاجة إلى‬ ‫إلهّي قبل أن يتكّلّم‪ .‬وهذا املذهب يقول إّنّ مجمع‬ ‫بوعد ّ‬
‫إنس‪ .‬وإذا ل ّّبيَتَه تكون في حالة طاعة لله‪ .‬هكذا إًذً ا قال‬ ‫األساقفة ال نطلق عليه وشاح العصمة قبل كالمه على‬
‫حتّس أّنّ اآلخر‬‫بولس‪« :‬أطيعوا بعضكم بعًضً ا»‪ .‬فألّنّك ّ‬ ‫اإللهّي‪ ،‬ولكن إذا الحظنا أّنّه وافق اإلميان الذي‬ ‫ّ‬ ‫الشأن‬
‫في حاجة إليك سلًفً ا تشعر أّنّه ال يريد استعبادك أو‬ ‫« ُُدفع م ّّرة للق ّّديسني» نعلن حقيقًةً انكشفت‪ .‬ما من وليد‬
‫استغاللك وأّنّه فقير إليك‪ .‬اجع ْْل‪ ،‬إذ ذاك‪ ،‬نفسك حًّق�ّ ا‬ ‫امرأة يتر ّّبع في احلقيقة ترّبًّعً ا‪ .‬لذلك جاء في التراث‬
‫فقيًرً ا إليه‪ .‬في إطار هذه القولة نفهم ك ّّل ما قاله الرسول‬ ‫عندنا أّنّ اجملمع يؤ ّّيد اجملمع السابق ليزداد اقتناًعً ا‬
‫عن الزواج‪ .‬فإذا قال‪« :‬أ ّّيها الرجال أح ّّبوا نساءكم كما‬ ‫اإللهّي ََمن اجتمع‬
‫ّ‬ ‫باألخير‪ .‬نحن نرجو أن يلهم الروح‬
‫أحّب املسيح الكنيسة»‪ ،‬وبعدها قال‪« :‬أ ّّيتها النساء‬ ‫ّ‬ ‫أنَت دائًمً ا في حالة جهاد‪.‬‬ ‫رجاء‪ .‬في أمور احلقيقة َ‬
‫اخضعَن لرجالكَّنَ »‪ ،‬فال نلحظ فرًقً ا بني ِ‬
‫«أِح ّّبوا» وبني‬ ‫َ‬ ‫أعلنَت إميانك مبا قيل ففي هذا تعترف أّنّ مصدر‬ ‫َ‬ ‫وإذا‬
‫احلّب ينقذ والطاعة تنقذ‪ ،‬بسبب من أّنّ‬‫ّ‬ ‫«اخضعَّنَ »‪ ،‬ألّنّ‬ ‫املسيّحيون في اجملمع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الرّب‪ .‬لذلك إذا تكّلم‬
‫إميانك هو ّ‬
‫الطاعة املتبادلة كانت القاعدة‪ ،‬على ضوء هذا التبادل‬ ‫املسكونّي األ ّّول يقولون‬
‫ّ‬ ‫املسكونّي الثاني على اجملمع‬
‫ّ‬
‫ُتُفهم العالقة‪ .‬وإذا كانت الزوجة محبوبة حّتّى املوت كما‬ ‫فيه اجتمع اآلباء الق ّّديسون مبعنى أّنّ قداستهم هي‬
‫أراد بولس‪ ،‬فهل يعتريها خوف ّّمما ُُس ّّمي اخلضوع؟‬ ‫التي ضمنت صواب فكرهم‪.‬‬
‫أجل يتس ّّرب االستبداد إلى الطبائع البشر ّّية‪.‬‬ ‫هذا كّلّه يعني أّنّك في العقل وفي التقوى مطيع‬
‫إزاء ذلك يقول بولس أيًضً ا‪« :‬أ ّّيها اإلخوة‪ ،‬إن انس ََبَقَ‬ ‫أطعَت بشًرً ا فلتو ّّفر الدالالت على أّنّهم هم‬ ‫َ‬ ‫لله‪ ،‬وإذا‬
‫إنسان ف ُُأ ِِخذ في زّلّة ما فأصِلِحوا أنتم الروحان ّّيني مثل‬ ‫خاضعون لر ّّبهم‪ .‬بطرس الرسول في هذا واضح أّنّ‬
‫ملُح‬
‫هذا بروح الوداعة» (غالطية ‪ .)6 :1‬الروحان ّّيون ُ‬ ‫الل ََه أولى من البشر بالطاعة (أعمال الرسل ‪.)5 :29‬‬
‫األرض ويواجهون أصحاب املقامات حسب قول الياس‬ ‫عندما تقول عامة الناس إّنّ الطاعة للوال ََدين واجبة‬
‫«حّي هو الله الذي أنا واقف أمامه» (‪1‬ملوك‬ ‫النبّي‪ّ :‬‬‫ّ‬ ‫ماذا يعنون؟ األوالد يحسبون أّنّ ذويهم يعرفون صالح‬
‫‪.)18 :15‬‬ ‫أوالدهم وأّنّهم ال يقهرونهم‪ .‬غير أّنّ الكتاب املق ّّدس ال‬
‫ليس في دنيا احلياة الروح ّّية من انقالب‪.‬‬ ‫يقول بهذا‪ .‬إّنّه يقول‪« :‬أكر ْْم أباك وأمك»‪.‬‬
‫الله وحده قادر على أن يكسر الطغاة‪ .‬وأنت تصّلّي‬ ‫الواضح في املسيح ّّية وجود مشيئة إله ّّية‬
‫لذهابهم‪ .‬الصاحلون والصاحلات يكرهون اجلور‪.‬‬ ‫اُألولى وحدها مطلقة وأّنّها وحدها‬ ‫ومشيئة بشر ّّية وأّنّ ُ‬
‫إّنّ شهادتهم تسحق الظاملني باحلّقّ ‪ .‬لذلك تظهر في‬ ‫املرجع‪ .‬وإذا قال املسيح وقلنا بعده إّنّه ذو مشيئَتَني‬
‫الكنيسة والعالم حركات جت ّّدد تأتي بوجوه حسنة هي‬ ‫بحسب قوله ألبيه «ال مشيئتي بل مشيئتك» فلكي نحسم‬
‫إطالالت الله على دنياه‪.‬‬ ‫أّنّ املشيئة اإلله ّّية في املسيح هي التي طلبها املسيح‬
‫امله ّّم أن تطيع الله والناس الذين هم له‪،‬‬ ‫س ّّيدة على بشر ّّيته‪ .‬والوحدة فيه بني اإلرادَتَني ال تت ّّم‬
‫الرّب يسودك مباشرة‬ ‫ّ‬ ‫واإلصالح يأتي بهذه الروح‪.‬‬ ‫بسؤدد اإلله ّّية على الناسوت ّّية ولكن بدوام انسجامهما‪.‬‬
‫أو يسودك بأح ّّبائه‪ ،‬وأح ّّباؤه ال يحكمونك إاّلا بعد أن‬ ‫لذلك قال عن عالقته بأبيه‪« :‬أنا أفعل دائًمً ا ما يرضيه»‪.‬‬
‫ط ّّوعوا أنفسهم له‪ .‬تراهم مبقامهم سادة وهم بنقاوتهم‬ ‫هذا ال يلغي ذات ّّية أ ّّية إرادة فيه ولكن يجمعهما كون‬
‫يكونون مطيعني لك‪.‬‬ ‫الس ّّيد ط ّّوع إرادته البشر ّّية بحر ّّيته لله‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫فهم العنصرة من خالل الليتورجيا‬ ‫األرثوذكسّي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫من تعليمنا‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫اننا ُُمع ّّيدون حلضور الروح‬
‫في صالة ََس ََحر العيد‪ ،‬ترانيم كثيرة تشرح‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حدث العنصرة ومكانة الروح القدس وعمله في‬ ‫التلميذ‪ :‬كيف نع ّّيد حلضور الروح؟‬
‫الكنيسة‪ ،‬وهي تساعدنا إلى الولوج إلى هذا الس ّّر في‬ ‫املرشد‪ :‬إّنّنا مع ّّيدون لليوم اخلمسني وحلضور الروح‬
‫حياتنا‪ .‬فلنتأ ّّمل ببعضها‪:‬‬ ‫وإلمتام الوعد السابق ومتام الرجاء‪ .‬هذا أول ما ترتله‬
‫‪ -‬اليوم األمم كافة في مدينة داود (أي‬ ‫الكنيسة يوم العنصرة (في صالة املساء)‪ .‬فحضور‬
‫أورشليم) عاينوا املعجزات ملا انحدر الروح القدس‬ ‫الروح هو متام الرجاء والغاية األخيرة ِمِ ن ّ‬
‫جتّسد ابن‬
‫بألسنة نارية كما نطق لوقا (اإلجنيلي لوقا كاتب سفر‬ ‫الله‪.‬‬
‫أعمال الرسل) الالهج بالله ألنه قال‪ :‬في اجتماع‬
‫هفيٌف كهبوب رياح عاصفة ومأل‬ ‫ٌ‬ ‫تالميذ املسيح صار‬ ‫التلميذ‪ :‬أين نرى حلول الروح في العهد القدمي؟‬
‫ّ‬
‫املنز ََل الذي كانوا فيه جالسني‪ .‬وابتدأوا كّلهم ينطقون‬ ‫احتّج‬
‫ّ‬ ‫املرشد‪ :‬في العهد القدمي‪ ،‬في سفر العدد‪ ،‬ملا‬
‫بألفاظ غريبة واعتقادات غريبة وتعاليم غريبة للثالوث‬ ‫يشوع بن نون لدى موسى على حلول الروح على‬
‫املقَّدَ س (أعمال الرسل ‪.)4-1 :2‬‬ ‫هلداد وموداد الّلّ ََذين غابا عن اجتماع السبعني شيًخً ا‬
‫في خيمة الشهادة‪ ،‬وطلب إليه أن مينعهما عن أن‬
‫‪ -‬إّنّ الروح القدس كان دائًمً ا وهو كائن ويكون‬ ‫«ليَت ك ّّل شعب الله‬
‫يثبتا في احملّلّة‪ ،‬أجاب موسى‪َ :‬‬
‫ألن ليس له ابتداء وال له بالكل ّّية انتهاء‪ .‬لكَّنَه لم يز ْْل‬ ‫الرّب عليهم» (سفر العدد ‪:11‬‬ ‫ّ‬ ‫أنبياء بإحالل روح‬
‫منتظًمً ا مع اآلب واالبن ومعدوًدً ا حياة ومحيًيًا‪ ،‬نوًرً ا‬ ‫النبّي‪ ،‬يقول‬ ‫‪ 17-16‬و‪ .)25-24‬وفي نبوءة يوئيل‬
‫ّ‬
‫ومانًحً ا للضياء‪ ،‬صاًحلً ا بالطبع وللصالح ينبوًعً ا‪ ،‬الذي‬ ‫فيُض روحي على كّلّ‬ ‫الرّب‪« :‬ويكون بعد هذا‪ ،‬أّنّي ُُأ ُ‬‫ّ‬
‫به ُُي ْْع ََر ُُف اآلب ومُيمَّجَ د االبن و ُُيفه ْْم من الكل أن قوة‬ ‫بشر» (‪ .)1 :3‬هذا ما نتلوه في قراءات صالة مساء‬
‫واحدة ورتبة واحدة وسجدة واحدة للثالوث املقدس‪.‬‬ ‫العيد أيًضً ا‪.‬‬
‫حٌّي‬
‫‪ -‬إّنّ الروح القدس نور وحياة وينبوع ٌ‬ ‫التلميذ‪ :‬ما هو قصد الله؟‬
‫عقلّي‪،‬‬
‫ّ‬ ‫يٌم‬
‫صالٌح مستق ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫فهٍم‪،‬‬
‫عقلٌّي‪ .‬روح حكمة‪ ،‬روح ٍ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬ ‫املرشد‪ :‬هو قصد الله منذ خلق الكون‪« :‬في البدء‬
‫رئاٌسُّ ُ ُُمط ِِّهر للهفوات‪ ،‬إله ومؤِّلٌهٌ‪ ،‬نار من نار ٍٍ بارزة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫مقِّسم للمواهب‪ ،‬الذي به األنبياء كافًةً‬ ‫ٌ‬ ‫خلق الله السموات واألرض‪ ،‬وكانت األرض خاوية‬
‫فاعٌل‪ِ ،‬‬ ‫ُُمتكلم‬
‫خالية وعلى وجه الغمر ظالم وروح الله يرفرف‬
‫و ُُرسل الله مع الشهداء تكَّلَموا‪ ،‬سمعة مستغربة‪ ،‬رؤي ٌٌة‬
‫على وجه املياه» (سفر التكوين ‪ .)2-1 :1‬وكأّنّ‬
‫غريبة‪ ،‬نا ٌٌر مقسومة لتوزيع املواهب‪.‬‬
‫الله منذ البدء يحتضن العالم ببركة روحه هذه‬
‫السماوّي»‪ ،‬وهي الصالة‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬ثم «أ ّّيها امللك‬ ‫ويشتاق أن يسكب روحه عليه‪ ،‬أن يح ّّل فينا‪ .‬ولكن‬
‫للروح القدس التي نبتدئ بها ك ّّل صالة وخدمة‪« :‬أ ّّيها‬ ‫اجتاَهني‪.‬‬
‫َ‬ ‫الشوق‪ ،‬حّتّى يكتمل‪ ،‬ينبغي أن يكون ذا‬
‫امللك السماوي املعّزّي‪ ،‬روح احلّقّ ‪ ،‬احلاضر في كل‬ ‫فنحن أيًضً ا نشتاق‪ ،‬ينبغي أن نشتاق وال تستقيم‬
‫مكان واملالئ الكل‪ ،‬كنز الصاحلات ورازق احلياة هلَّمَ‬ ‫حياتنا إاّلا بالشوق إلى الله‪ .‬وك ّّل حياتنا مبن ّّية على‬
‫واسكن فينا وط ّّهرنا من ك ّّل دنس وخّلّص أ ّّيها الصالح‬ ‫الشوق‪ .‬لهذا السبب نبدأ صلواتنا كّلّها بالتضرع‬
‫اإللهّي‪ ،‬بعد‬
‫ّ‬ ‫نفوسنا»‪ .‬وال ننسى أّنّه‪ ،‬في نهاية الق ّّداس‬ ‫الرّب‬
‫ّ‬ ‫فلنطلْب إًذً ا إلى‬
‫ْ‬ ‫امللّح‪« :‬هلَّمَ واسكْنْ فينا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫املناولة‪ ،‬نهتف للروح القدس‪« :‬قد نظرنا النور احلقيقي‬ ‫أهاًل القتبال روحه القدوس‬ ‫ا‬ ‫يسوع أن نصير‬
‫السماوّي ووجدنا اإلميان احلّقّ »‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وأخذنا الروح‬ ‫باستحقاق على الدوام ونبقيه فينا‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like