اسم الكتاب ( :العلمانية الدينية ) ( RELIGION SECULARITYاملقدمة)
املؤلف :ناصر غوباد زاده املراجع :ديديك هريانطو املدرس :د .محمد يونس مسروحين الخلفية والهدف ه ذا الكت اب ألف ه ناص ر غوبادزاده للحص ول على درجة ال دكتوراه في جامع ة س يدني ع ام ،2012والسبب في اختي اره ه ذا املوضوع أم ور؛ األول :وجود دينامي II Iات السياس II Iة وال II Iدين؛ بحيث شهدت إيران تغيرات كبيرة في العالقة بين الدين والدولة ،من العلمنة السلطوية في ظل النظام البهلوي إلى األسلمة السلطوية بعد الثورة .والثIIاني :الخطIIاب السياسي-الIIديني؛ بحيث تم التعبير عن هذا الخطاب في إي ران كرد فعل على الدولة اإلسالمية ويحمل أيضا ندوبا من ت اريخ إي ران من العلمن ة االستبدادية .والث IIالث :اإلص IIالح ال IIديني الش IIيعي؛ بحيث تس عى ه ذه الحركة إلى اتب اع نهج علم اني ديمق راطي متم يز عن الدولة اإلس المية التقليدي ة ،مم ا يش ير إلى طريق ثالث محتمل بين األصولية والعلمانية االستبدادية. والهدف من كتابة هذا الكتIاب هو تقديم تح ٍد الهوتي ملفهوم الدولة اإلسالمية .وطرح مفهوم "العلمانية الدينية" ،الذي يعني محاولة للمواءمة بين املبادئ اإلسالمية واملبادئ الديمقراطية العلماني ة الش املة .والس عي في طمس الح دود بين ال ديني والعلم اني وتح دي ثنائي ة ال ديني والعلم اني ،من خالل تس ليط الض وء على أهمي ة وإمكاني ة املواءم ة بين املب ادئ اإلس المية والديمقراطية العلمانية الشاملة .كمIIا يهIIدف إلى نقIIد الدولة اإلسIIالمية؛ بإظهار كيف أعطت الدولة اإلسالمية في إي ران األولوية لالعتب ارات السياس ية على حساب التعاليم الديني ة بشكل منهجي ،مما أدى بشكل غير مباشر إلى خطاب إصالحي يتحدى أسس الدولة اإلسالمية نفسها. ًال وتشجيع مراجعة السياسة اإلسالمية؛ بقديم رؤية ملراجعة أكثر شمو وديمقراطية للسياسة اإلس المية ،وال تي ت دعم إقام ة دولة ديمقراطي ة علماني ة دون إك راه دي ني من املواط نين أو مؤسسات الدولة. بناية الكتاب كت اب العلماني ة الديني ة :تح دي نظ ري للدولة اإلس المية يق ع في س تة فص ول باإلض افة إلى املقدم ة والخاتم ة .تتفحص الفص ول الس تة من الكت اب الحجج السياس ية الفلس فية لإلص الحيين ال دينيين ض د املطالب ات الديني ة للدولة الديني ة اإلس المية ،وتص ور مس اعيهم للتعبير عن نموذج جديد للعلمانية. يتناول الفصل األول "مسألة السيادة اإللهية مقابل السيادة الشعبية ،ويطرح تحديات لفكرة أن سلطة الدولة في العالم املعاصر قد تكون مستمدة من املوارد اإللهية. ويتناول الفصل الثاني عملية نشوء الدولة الفقهية التي يشير إليها غوبادزاده بشكل متناقض على أنه ا زرع العلماني ة .وهو ي درس إدخ ال الخمي ني ملف اهيم "والي ة الفقي ه املطلق ة" و"الفق ه املنفعي" في الس نوات األولى للدولة اإلس المية من أج ل ت برير وشرعنة الق رارات السياس ية ال تي يتخ ذها رجال ال دين الح اكمون وال تي لن تكون ديني ة .إن اخ تراع الخمي ني له ذه املف اهيم كطريق ة للحكم في الدولة اإلس المية للتغلب على التن اقض بين التعاليم الدينية وواق ع الحكم أدى إلى تشكيل الدولة الفقهية. ويناقش الفصل الثالث كيف أدت النتائج العملية لتشكيل الدولة الفقهية إلى ظهور خطاب العلماني ة الديني ة في إي ران .كم ا يستكش ف ه ذا الفص ل ال دوافع الديني ة للعلم اء في تح دي الدولة اإلسالمية وبحث هؤالء العلماء عن "بديل للفقه النفعي الذي من شأنه أن يعفي الدين من مسؤولية الحكومة". ويستكشف الفصل الرابع البناء السياسي لرجال الدين. وفي الفصل الخامس مناقشة املعارضة الدينية ضد رجال الدين في الدولة اإلسالمية في إي ران وتصوير كيفية مساهمة الحجج املناهضة لرجال الدين داخل صفوف رجال الدين في خطاب العلمانية الدينية. وفي الفص ل األخ ير اكتش اف تناقض ات ومفارقات الهيمن ة الديني ة ال تي تظهرها حجج علم اء الدين الذين ساهموا في خطاب العلمانية الدينية. منهج املؤلف س ار املؤلف في مقدم ة ه ذا الكت اب على منهج املقاربة التاريخي ة والسياس ية ،حيث ربط القضية بالتاريخ والسياسة ،كما سار على املنهج التحليلية. النتيجة ش هد غوبادزاده ب أن من ذ النص ف الث اني من الق رن العش رين ،كان الس عي إلى إقام ة دولة ًا إس المية بمثاب ة طم وح مش ترك بين أغلب اإلس الميين ،وفك روا جميع في إنش اء دول إس المية باعتبارها سمة مميزة لهوياتهم .وال سيما بعد أن تم تأسيس الجمهورية اإلسالمية اإليرانية عام ؛ ،1979ولكن بع د خيب ة أملهم بسبب إخفاق ات الدولة اإلس المية ،لم ت دم ه ذه الحماس ة ًال طوي .ولم تعد تعتبر نظاما سياسيا مرغوبا فيه .فضال عن تصويرها بالشيطنة في الغرب ،بل أصبح خيارا غير مرغوب فيه ومحظورا في العالم اإلسالم ،بدليل قلة السعي إلى إقامتها .وعلى ال رغم من ذل ك ،ف إن اإلس الميين املتط رفين م ا زال وا يتطلع ون إلى بنائه ا .وعلى ال رغم من هامشيتها ،إال أن هذه الجماعات تظل صاخبة في مطالبها وفي أساليبها النضالية ،تحافظ على حماس تها إلقامته ا .وتتجلى تهميش ه ذه املجموعات بأن ه في الحقيق ة ال توجد دولة في الع الم ًف اإلسالمي -وال أي من الحركات اإلسالمية الرئيسية -تقدم لهم دعًم ا ملموًس ا أو اعترا ا رسمًي ا. وإن الواقع املعاش للدولة اإلسالمية في إ ي ران له أهمية رمزية وعملية ،ويرجع ذلك أساًس ا إلى حقيقة أن اإلسالميين الشيعة اإليرانيين كانوا األوائل في العصر الح ديث الذين استولوا على السلطة السياسية وأقاموا دولة إسالمية .وعلى الرغم من السياسة الرسمية للدولة اإلسالمية املتمثل ة في تص دير الث ورات اإلس المية ،ف إن نظ ام الحكم السياسي وال ديني الخ اص به ا ظ ل ًا محص ور في الح دود اإليراني ة .واألهم من ذل ك ،أن الش رعية التأسيس ية للدولة اإلس المية ال ت زال مح ل ن زاع ،والحقيق ة هي أن الجمهوري ة اإلس المية مليئ ة بالتناقض ات االجتماعي ة والسياس ية واالقتص ادية والعقائدي ة ومن ه ذه الص عوبة ظه ر خط اب سياسي دي ني متن افس يدحض األسس الدينية للدولة اإلسالمية. فهذا الكتاب يبحث في هذا الخطاب املضاد من خالل تطوير مصطلح "العلمانية الدينية" الذي يب دو متناقًض ا لتس ليط الض وء على التناقض ات املتأص لة في نم وذج الدولة اإلس المية .ويع ني بهذا املصطلح رؤية تحرير الدين من الدولة. وبع د م رور أك ثر من ثالث ة عق ود على قي ام الدولة اإلس المية في إي ران ،ف إن فك رة الدولة اإلسالمية تظل محل ن زاع .وقد تجلت هذه املنافسة بشكل صارخ في األزمة السياسية التي ان دلعت في ع ام .2009تح ولت االحتجاج ات واس عة النط اق ال تي تتح دى نت ائج االنتخاب ات الرئاسية بشكل كبير إلى حركة احتجاجية تتحدى شرعية الدولة اإلسالمية. وتتجلى الش رعية الهش ة للدولة اإلس المية أ يًض ا في الس ياق املجتمعي .يطمح رجال ال دين الحاكمون إلى أسلمة كافة جوانب الحياة اإليرانية؛ لكن هذا ال ينبع من تطلعات وأنماط حياة جي ل الشباب وبالنظر إلى أن الجي ل األص غر س نا تلقى تعليم ه من خالل نظ ام تعليم إسالمي، فإن هذا أمر مثير للد هشة إلى حد ما .كما أن األجيال السابقة ،التي ثارت ضد دولة الشاه العلمانية االستبدادية ،تحافظ على التزام مشكوك فيه باإلسالم السياسي. وفي إي ران ،كانت فك رة الدولة اإلس المية موضع معارضة منهجي ة من قب ل علم اء ال دين اإلص الحيين .ي دعو أب و الفض ل املس لمين إلى إع ادة تق ييم فهمهم لل دين في ض وء التح ديات الجديدة والظروف املتغيرة ويشارك علماء الدين اإليرانيون في مثل هذا الجهد .وذلك بعد أن خاب أملهم من التجاوزات االستبدادية للدولة اإلسالمية ،قام هؤالء العلماء ،الذين ساهموا في البداي ة في إض فاء الط ابع املؤسسي على الدولة اإلس المية في الثمانيني ات ،بإع ادة ص ياغة ًال مفه وم اإلس الم السياسي .بحج ة أن الدولة اإلس المية تض ر بال دين ،يق ترحون تص وًر ا ب دي للعالق ات بين الدولة وال دين من منظ ور إس المي .يش مل علم اء ال دين اإلص الحيون املثقفين الدينيين ورجال الدين اإلصالحيين الذين يؤمنون باهلل والتشيع ويظهرون احتراًم ا ال جدال فيه للمب ادئ الديني ة .ومن دون استثناء ،يشكل ال دين جوهر أعم الهم العلمي ة .إن اله دف النه ائي لعلم اء اإلص الح ال ديني ه و اق تراح فهم لل دين يتواف ق م ع األع راف املعاص رة .وفي املج ال السياسي ،يجادلون بأن األفكار السياسية الحديثة مثل الديمقراطية وحقوق اإلنسان والحرية والعلمانية متوافقة مع اإلسالم. ومن خالل تس ليط الض وء على الطبق ات الباطني ة من املعتق د ال ديني ،ي رى علم اء اإلص الح الديني أن تدخل الدولة في الدين يعطل ويلوث اإليمان باهلل وتقاليد الشيعة .الدين باعتباره مجموعة من املبادئ امليتافيزيقية املطلقة التي و هبها هلل ،ال ينبغي أن يخضع لالستجواب من قبل البشر .ومن ثم فإن تدخل الدولة يعد مهزلة. أثارت العلمانية االستبدادية للنظام البهلوي ثورة في عام 1979أدت إلى إنشاء دولة إسالمية. واليوم ،تواجه الدولة اإلسالمية تحدًي ا يتمثل في خطاب يسعى إلى تحرير التجر بة الدينية من تدخل الدولة .ومن أجل توصيف هذا الخطاب ،قام املؤلف بوضع تصور ملصطلح "العلمانية الدينية" ،ويعني به السعي اإلسالمي لتحرير الدين من الدولة. صعود العلمانية الدينية العلماني ة الديني ة ج زء من مش روع أوسع لإلص الح ال ديني في إي ران ،تتح دى ش رعية الدولة اإلس المية وتلفت االنتب اه إلى الت أثير الض ار على كل من ال دين والدولة في توحي دهما .يع ترض خط اب العلماني ة الديني ة على تس ييس اإلس الم والعلماني ة االستبدادية ،و ه و النم وذج السياسي الذي ميز تاريخ إيران والعالم اإلسالمي ما بعد االستعمار .في حين أن التوجه الرئيسي للعلماني ة ه و تحرير الدولة واالقتص اد من ال دين ،ف إن العلماني ة الديني ة متج ذرة في االهتمام ات الديني ة -على وجه الخص وص ،تحرير ال دين من الدولة .والي وم في إي ران ،أص بح علم اء ال دين ،وليس السياس يين أو املنظ رين السياس يين ،هم املؤيدون الرئيس يون للعلماني ة الدينية. إن هذا الخطاب يقوم على عنصرين متقابلين: أوال ،التنبي IIه إلى مس IIاوئ الدولة اإلس IIالمية في ال IIدين .وفي حين أُع لن أن تط بيق الش ريعة ه و الهدف األساسي للدولة اإلسالمية ،فقد أثبتت تجربة إي ران أن الدولة اإلسالمية تحول الدين إلى أداة سياس ية لت برير سياس ة الدولة .و ه ذا م ا تم تص وره بوضوح في مفه وم الخمي ني لفق ه ًا املص لحة (الفق ه الن افع) .ووفق له ذا املفه وم الفقهي ،يج وز للدولة اإلس المية التغاضي عن املبادئ اإلسالمية ،العبادية وغير العبادية ،إذا قضت بذلك .تدعو العلمانية الدينية الدولة إلى التخلي عن ادعاءاته ا الديني ة الراسخة من أج ل تنمي ة الت دين الحقيقي ،حيث يكون اإليم ان واملمارسات الدينية متحررين من اإلك راه من قبل املواطنين أو مؤسسات الدولة .لقد تم بناء الدولة اإلس المية على اف تراض أن ال دين ق ادر على تق ديم حل ول ملعض الت الحكم في العص ر الح ديث .ومن خالل إظهار التن اقض بين املطالب ات الديني ة للدولة واملب ادئ اإلس المية ،ته دف العلماني ة الديني ة إلى حماي ة ال دين .وتع ارض العلماني ة الديني ة ه ذا الفهم الش امل لإلس الم، وال ذي أدى إلى ظه ور توقع ات غ ير واقعي ة لل دين .وال يمكن ب أي ح ال من األح وال أن يكون ًا الحكم خالي من األخط اء البش رية والفش ل؛ ولذلك ف إن إس ناد سياس ات الدولة إلى ال دين ي ؤدي ببس اطة إلى تحويل املس ؤولية عن فش ل الحكم من الحكومة إلى ال دين .إن أنص ار العلماني ة الديني ة ،ال ذين يزعم ون أن اإلس الم يفتق ر إلى مب ادئ توجيهي ة مح ددة للحكم في العص ر الح ديث ،يم يزون هللا واآلخ رة باعتبارهم ا الرسالتين األساسيتين لل دين .العلماني ة الديني ة تح رر ال دين من املس ؤولية االجتماعي ة والسياس ية ح تى يتمكن من اس تعادة مص داقيته .وفي الواق ع ،ف إن العلماني ة الديني ة تح دد ح دود ال دين في الحي اة االجتماعي ة والسياس ية وحدود نف وذ الدولة في املج ال ال ديني .ليس ال دين غ ير ق ادر على تق ديم مخط ط للممارسات االجتماعية والسياسية فحسب ،بل إن الدولة أيًض ا ليست مؤهلة لتكون مسؤولة عن الدين. ًا ثاني ، IيرتكIIز خطIIاب العلمانيIIة الدينيIIة على الحجIIة القائلIIة بIIأن اإلسIIالم متوافIIق مIIع الدولة الديمقراطي IIة العلماني IIة .وألن توفير الت برير ال ديني لنظ ام سياسي علم اني ه و اله دف األساسي له ذا الخط اب ،فإن ه يعتم د بش كل كب ير على اآلي ات القرآني ة والت اريخ اإلس المي ،حيث تكون قض ية العلماني ة ض منية .عالوة على ذل ك ،ف إن مب دأ الس يادة الش عبية يح رم الدولة من أي ادع اء بالحص ول على أس اس مق دس وشرعية من خالل الرمزية الديني ة .ومن خالل إش كالية الس يادة اإللهي ة ،ال تي هي مح ور الدولة اإلس المية ،تج ادل العلماني ة الديني ة بض رورة تب ني الس يادة الش عبية من أج ل التق اط ال روح الحقيقي ة لل دين :العدال ة .وأن اله دف النه ائي للعلمانية الدينية هو تعزيز الدولة العلمانية الديمقراطية كبديل للدولة اإلسالمية. العلماني ة الديني ة تطمس الح دود بين "ال ديني" و"العلم اني" ،وتدمج املص طلحين في مص طلح واحد .في األدبيات السائدة املتعلقة بالعلمانية ،والتي يتم مناقشتها عموًم ا من وجهات النظر ًة ّف اليهودي ة املس يحية الغربي ةُ ،ي ع ر العلم اني ع اد على أن ه يتن اقض م ع كونك مت ديًن ا ،وفي تن اقض حاد م ع ه ذا ،كم ا يظه ر الت اريخ اإلس المي ،ف إن الح دود بين ال ديني والعلم اني ليست ًا واضحة وال مفهومة بش كل صحيح من خالل املص طلحات الثنائي ة .وقد يق دم ه ذا تفس ير لص عوبة ترجم ة مص طلح "علم اني" إلى اللغ ات األص لية في الع الم اإلس المي .وتمش يا م ع ه ذا التقلي د ،يع ترف خط اب العلماني ة الديني ة ب التمييز بين ال دين واملعرفة الديني ة .تش ير كلم ة "الديني" في هذا الخطاب إلى املعرفة ،وليس بالضرورة إلى الدين نفسه. ف إن الح ديث عن العلماني ة الديني ة يع ني اإلش ارة إلى العملي ة ال تي من خالله ا يط ور البش ر املعرفة الدينية في سياق أرضي .العلمانية الدينية ال تعني عيش األبدية بشكل نقي على األرض: إنه ا عملي ة تفس ير ،وتص الح م ع ظ اهرة معق دة .ومع ذل ك ،ف إن تج ارب الجه ود العلماني ة في الس ياق اإلس المي اختلفت عن تل ك املوجودة في العدي د من البل دان الغربي ة .و بش كل ع ام، كانت العالقة بين العلم والدين والرغبة في الدنيوية في الغرب جزًء ا رئيس ًي ا من العلمنة .ولكن بم ا أن ه ذه األبع اد للعلماني ة متأص لة بالفع ل في التع اليم اإلس المية ،فليس ت هن اك حاج ة ملعارضتها .وعلى نح و مماث ل ،تتح دى العلماني ة الديني ة االنقس ام بين ال ديني والعلم اني؛ في الس ياق اإلس المي ،أن تكون مت ديًن ا يع ني أن تكون علمانًي ا ،وأن تكون علمانًي ا يع ني أن تكون متديًن ا .ولهذا السبب ،ال يتضمن خطاب العلمانية الدينية أي جدل حول لغز العلم والدين .و ب دال من أن تكون العلماني ة الديني ة مش روعا فلس فيا ش امال ،فهي خط اب سياسي دي ني يركز على حرمان ما يسمى بالدولة اإلسالمية من أي ادعاءات متعالية. عدم شعبية الدولة اإلسالمية إن اإلسالموية الجديدة التي يتبناها حزب العدالة والتنمية تشكل استجابة للعلمانية الكمالية الحازمة .وبينما تعمل حكومة حزب العدالة والتنمية ضمن هيكل سياسي علماني ،فإنها تسعى إلى التوفي ق بين الت دين والسياس ة العلماني ة .وعلى ال رغم من أن تجاربه ا كانت مختلف ة ،ف إن البل دان ذات األغلبي ة املس لمة في جن وب ش رق آس يا ،مث ل إندونيس يا وماليزيا ،اخت ارت أيًض ا لصالح العلمانية .نموذج “الدولة شبه العلمانية”. أن فك رة الدولة اإلس المية لم تط رح أب ًد ا من قب ل األح زاب اإلس المية الرئيس ية كخي ار .على سبيل املث ال ،رغم االنقس امات العدي دة بين جماع ة اإلخ وان املس لمين والق وى العلماني ة في مصر ،فإن هذه االنقسامات ال تشمل املساومة السياسية حول فكرة الدولة اإلسالمية .وعلى وجه الخص وص ،أص بح خط اب العلماني ة الديني ة موضوًع ا ذا أهمي ة متزاي دة في أعق اب االنتفاضات العربي ة ،ألنه ال يشكك في العلمانية ال تي تهيمن عليه ا الدولة فحسب ،بل أ يًض ا األس لمة ال تي تهيمن عليه ا الدولة .إن الوضع السياسي املتقلب في الش رق األوسط وشمال أفريقيا الذي نشأ في أعقاب االنتفاضات العربية يعزز االفتراض بأن الخطاب العلماني الديني ال يقتصر على إ يران الشيعية. وأظهر استطالع لل رأي أجرته مؤسسة غالوب عقب سقوط الرئيس املصري حسني مبارك من الس لطة أن أق ل من واح د في املائ ة من املص ريين يفض لون دولة ديني ة إس المية على النم ط اإليراني .كما أعلن راشد الغنوشي ،زعيم حزب النهضة ،في أول مقابلة له بعد عودته من املنفى إلى تونس ،بأته لم تكن الدولة اإلسالمية خيارا لبالده. إيران :سلسلة من ردود الفعل العنيفة في بداي ة تأس يس الدولة اإليراني ة ،كان م دعوما من قب ل العلم اء والسياس يين ،وتأس س على القومي ة ،لكن م ا فعل ه رضا بهل وي كان على العكس من ذل ك أن ه في الواق ع أدار حكومة ذات نموذج علماني استبدادي ،حتى وفقا ألرمسترونغ تجاوز علمانية أتاتورك .منذ ذلك الحين بدأ رجال ال دين في االشتباك م ع الحكومة ،ح تى في س بعينيات الق رن العش رين كانت هن اك ث ورة بدأها آية هللا الخميني أسفرت عن دولة إيران اإلسالمية .ومع ذلك ،مع مرور الوقت ،تحولت الدولة اإلس المية ،ال تي كان من املتوقع أن تغ ير القي ادة االستبدادية لنظ ام بهل وي ،إلى نظ ام إس المي استبدادي ألنه ا اس تخدمت الدولة ك أداة لألس لمة ،تمام ا كم ا اس تخدم نظ ام بهلوي وأطفال ه الدولة ك أداة للعلمن ة .وبع د ثالث ة عق ود من ط رح ب رامج األس لمة ،ال ت زال ش رعية توحي د ال دين والدولة هش ة .لق د ق امت مجموعة من علم اء ال دين بتح دي األس اس ال ديني ًال للدولة اإلسالمية بشكل فعال ،لكنها لم تتبنى موقفا عدائيا تجاه اإلسالم السياسي .و بد من ذلك ،فإنهم يدافعون عن نهج علماني ديمقراطي تجاه العالقات بين الدولة والدين على أساس التع اليم اإلس المية ،و ه و الخط اب ال ذي ي وفر لهم موقف وسطي بين العلمن ة من أعلى إلى أس فل واألس لمة من أعلى إلى أس فل .وهذا على نظرية الث الوث الهيغي ل ،ف إن األول ه و األطروحة والثاني النقيض والثالث التركيب أو التوليف. سقوط النظرية في جزء كبير من القرن العشرين ،كان من املفترض أن تكون العلمنة هي املصير الحتمي للعالم الح ديث .وقد زعم علم اء االجتم اع الب ارزون ،بم ا في ذل ك هربرت سبنس ر ،وكارل م اركس، وماكس فيبر ،وإميل دوركهايم ،أن الدين سيختفي في النهاية من الحياة العامة .ولكن بحلول ستينيات وسبعينيات الق رن العش رين ،لم يتم التحق ق من صحة ه ذا االف تراض من خالل الدراس ات التجريبي ة .ب ل اع ترف بي تر ب يرجر علًن ا ب أن علم االجتم اع كان مخطًئ ا ،ويق ول :من املؤكد أن معظم العالم اليوم ليس علمانًي ا ،إنه متدين للغاية .وبسبب النتائج الجديدة ،ذهب بعض العلم اء إلى ح د الض غط من أج ل مح و مص طلح “العلمن ة” من املعجم السوسيولوجي. ومع ذلك ،لم يستجب الباحثون بشكل إيجابي لهذا االقتراح ،وحتى أنصار التخلي استمروا في استخدام املصطلح. الخالصة املؤلف في هذه املقدمة أراد أن يعطي تمهيدا ألطروحته حول العلمانية الدينية ،وذلك ببرهنة أهمية هذه القضية معتمدا على تاريخ قيام الدولة اإلسالمية في إيران وما وقع فيها.