Professional Documents
Culture Documents
التربية عند الصوفية+++25
التربية عند الصوفية+++25
التربية عند الصوفية+++25
الكتاب ()5
تقريظ فضيلة الشيخ أحمد التجاني إبراىيم نياس ككتبو الشيخ أٛتد التجاين إبراىيم نياس
الخليفة العاـ لشيخ اإلسالـ إبراىيم نياس (حفظو اهلل كرعاه). تقريظ فضيلة الشيخ عبد الوىاب زبير الغماوي (أداـ اهلل حياتو).
اٟتمد هلل كحده ،كبعد: مؤسس زاوية صفوة اإلسالـ ،مدير مركزىا ،وخطيب مسجدىا
بكل ما تعنيو كتضمنو كلمة "التقريظ" من معٌت كثناء كمدح كإطراء أسود تبارؾ ربنا رب اٞتبلؿ *** يقدـ من يشاء على اٞتًبلؿ
للعادل اٞتليل الشيخ الصوُب عبد الواحد مرتضى بعد مطالعيت لتآليفو اآلتية
أٝتاؤىا :األنبياء كاألكلياء ُب ميزاف الًتبية ،لقائي مع الشيخ أٛتد الغزارل، أليس اهلل ٮتلق من يوارل *** لتمتاز ا٠تصائص من جباؿ
ا٠تبلفة ،الًتبية عند الصوفية ،مفاىيم الصوفية ،فوجدهتا ْتق كّتدارة
فإين ال أرل نفسي أآرل *** سول من يقتفي أثر العياؿ
تستحق التنوية كتبا جديرة بالنشر إعبلء لكلمة اهلل كنشرا للعلم كالثقافة
ٌ
اإلسبلمية السمحة "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل وال أأرجو أف أكوف رفيق آؿ *** أفاض عليو قل موذل ا١توارل
حرج" صدؽ رسوؿ اهلل.
فقد حاف التفكر يا رجارل *** ١تا يبديو ينبوع الغزالي
النَت ا١تطابق
كأسأؿ اهلل سبحانو كتعاذل أف يبارؾ ٣تهوداتو اٞتبارة كفكره ٌ كدل ال؟ كىو سحباف ا١تقاؿ *** مطيتو عدت عدك الغزاؿ
١تنهج الكتاب كالسنة كالسلف الصاحل ،كما أسألو سبحانو بأيامنا ا١تباركة
ىذه أف يضع قبولو كتوفيقو ُب ىذه الكتب كغَتىا ،لتعم كفيها النفع، فألف كاحد يكفي الغزارل *** من اآلالؼ أعبلـ الوصاؿ
آمُت.
كقت النضاؿ
مقامهم ى
فحساف بن ثابت ُب رجاؿ *** يقوـ ى
ٍب أىديو إذل حامل لواء الًتبية الصوفية ،القطب ا١تكتوـ ،كالسر ا١تعلوـ، تصوؼ البسا ثوب اٞتماؿ *** لو صرب ٚتيل كالببلؿ
ٌ
أيب العباس أٛتد التجاين (رضي اهلل تعاذل عنو).
ينسق ما تشتٌت للغزارل
كدل يأؿ جهودا للكماؿ *** ٌ
تيسر بواسطتو
ٍب إذل صاحب فيضتو الشيخ اٟتاج إبراىيم نياس الذم ٌ فحلٌى ما بو يمنً ىح الغزارل *** كتحلية النهار من الليارل
عمت األكابر
كبفضلو الًتبية الصوفية كدخوؿ حضرة ا١تعرفة ،حىت ٌ
كاألصاغر أمثارل ُب السلوؾ التجاين (رضي اهلل عن صاحب الفيضة تف ٌقو قبل ذلك كا٢تبلؿ *** ١تعرفة اٟتراـ من اٟتبلؿ
كخلفائو)
ك٧تل ا١ترتضى حسن الفعاؿ *** لعبد كاحد خَت النجاؿ
كنرجو من كل قارئ ٢تذا الكتاب أف يقرأ سورة الفاٖتة ( ،)2كسورة
أطاؿ بقاءه ذخرا آلرل *** إلو العرش دكما بالنواؿ
اإلخبلص ( ،)22كصبلة الفاتح ( ،)21ىدية كاصلة كرٛتة نازلة إذل
أركاحهم ٚتيعا. أقاـ بو مكارـ للغزارل *** إذل األزكاج ٍب بٍت الغزارل
مدل األياـ صلوا كالليارل *** على ا١تختار أعداد الرماؿ اإلىداء:
كتبو عبد الوىاب زبَت الغماكم أىدم ىذا الكتاب أكال إذل ركح فضيلة الشيخ آدـ عبد اهلل اإللورم
الذم فتق العقدة عن لساننا ،كأزاؿ عنو العجمة ،بأف سعدنا بالتعلٌم
يوـ الثبلثاء 23من رجب 2548ق
العريب منو ،حىت اقتدرنا على اإلخبار عما ُب الضمَت من ا١تعارؼ
ا١توافق 3127 – 5 – 2:ـ. الربانية بالعربية السمحاء.
ٍب أىديو إذل فضيلة الشيخ أٛتد الغزارل الغماكم (الشيخ الكبَت) الذم
أستمد بواسطتو ىذه ا١تعارؼ الربانية كلها ،كىو الذم منعٍت َّأكىؿ كىلة
ظ كفَت من العلوـ الشرعية، من الًتبية الصوفية إال بعد اٟتصوؿ على ح ٌ
كذلك حوارل ست كثبلثُت سنة مضت ،كأكصاين بالتعلٌم قبل الًتبية
الصوفية ،كلو بقدر ا١ترحلة اإلعدادية ،فامتثلت بأمره كالتحقت با١تركز
الرئيس أغيغى بواسطتو.
أجل ،كإف من مشيئة اهلل تعاذل أف جعل التصوؼ عرشو الذم استول
عليو ،كجعل الًتبية الركحية الصوفية لؤلكلياء العارفُت عينا يشاىدكف ُّا
ٚتالو ،كيبصركف ُّا كمالو تعاذل .كىكذا جعل اهلل الًتبية الصوفية
شجرة ربانية تثمر اٟتياة األبدية ،فمن اقتطف منها ٙترة فقد ذاؽ اٟتياة
َحيَػ ْيػنَاهُ
األبدية اليت ال موت بعدىا ،قاؿ تعاذل :أ ََوَمن َكا َف َم ْيتًا فَأ ْ
س ِ ُّ ِ ورا يَ ْم ِشي بِ ِو فِي الن ِ
َّاس َك َمن َّمثَػلُوُ في الظلُ َمات لَْي َ َو َج َعلْنَا لَوُ نُ ً المقدمة:
ِ ِ ِج ِّم ْنػ َها ۚ َك ََٰذلِ َ
بِ َخار ٍ
ين َما َكانُوا يَػ ْع َملُوف ( األنعاـ ك ُزيِّ َن ل ْل َكاف ِر َ
....)122 اٟتمد هلل الذم تيدرؾ كحدانيتو بوحدتو ،كالصبلة كالسبلـ على عُت
توحيده ،سيد الوجود كعلم الشهود موالنا ٤تمد (صلى اهلل عليو
أك نقوؿ إنو جعل اهلل ىذه الًتبية كأسا عرفانية يشرب منها العارفوف،
ا١توحدين ،أما بعد:
كسلم) ،كعلى آلو احملققُت ،كأصحابو ٌ
كاف مزاجها كافورا ،عينا يشرب ُّا عباد اهلل يفجركهنا تفجَتا.
فإنٍت عند ما بلغت ُب إعداد ىذا الكتاب باب "الوالدة الثانية" كاف
يوحد البشرية،
ىذا ،كإذا كاف جسم اإلنساف (الصورة احملمدية) ىو ما ٌ
٬تيش ُب صدرم كيتحقق ُب قليب أف أىدم ثوابو إذل ركح فضيلة
يوحد صفوؼ ا١تسلمُت ُب دينهم كعباداهتم ،فالًتبية الركحية
كالقرآف ٌ
توحد العا١تُت بعضها ببعض آخر ،كىي (الًتبية) إنًتنت الشيخ آدـ عبد اهلل اإللورم الذم فتق العقدة عن لساننا ،كأزاؿ عنو
ىي اليت ٌ
العارفُت لبلتصاؿ بكل جزء من أجزاء العادل ،علويٌا كاف أك سفليٌا.
العجمة ،بأف سعدنا بالتعلٌم العريب منو ،حىت اقتدرنا على اإلخبار عما العارؼ اإلشارات كالتلميحات لتوضيح ما كرد عليو من ا١تعارؼ ،كليس
ُب الضمَت من ا١تعارؼ الربانية بالعربية السمحاء. للعارؼ ُب عدـ النطق بو أك الكتابة عنو عيب كال نقصاف ،لكن ال
يستفيد منو غَته من األقاصي ،ألف القرآف نفسو تلميحات كأمثاؿ
يق الوالدةي األكذل (العلوـ الشرعية) إذل الوالدة الثانية
ككثَتا ما ي٘ت ٌهد الطر ى ض ِربُػ َها
اؿ نَ ْ ربانية ضرُّا الرسوؿ ١تا كرد عليو ،لقولو تعاذلَ :وتِل َ
ْك ْاْل َْمثَ ُ
(الًتبية الصوفية) ،كرٔتا تيسر النجاح فيها ،فلوال الشيخ آدـ عبد اهلل لِلن ِ
َّاس لَ َعلَّ ُه ْم يَػتَػ َف َّك ُرو َف (اٟتشر .)32
اإللورم لدامت ىذه ا١تعارؼ الربانية مسجونة ُب ألواح الصدكر،
ك٥تبوءة ُب الضمَت ،ال تربز إذل حيز الوجود ،خصوصا كتب نفحات فإذا كاف ُب كل ذلك لنا فضل ،فالفضل كلو يرجع إذل فضيلة الشيخ
الغزارل. آدـ عبد اهلل اإللورم ،كلذلك أىديت إليو أكال ىذا الكتاب ا١تتواضع.
كٖتققت خبلؿ ذلك أف األكثر من العارفُت فازكا ُّذه ا١تعارؼ الربانية رحم اهلل فضيلة الشيخ آدـ عبد اهلل اإللورم رٛتة كاسعة تدًن عليو
كدل يستطيعوا أف يعربكا عنها بالكتابة ليستفيد منهم غَتىم ،ألهنم دل رضواف اهلل تعاذل عنو ُب كل آف كحاؿ ،كأداـ اهلل حياة ا١تدير اٟتاضر
يتوافر لديهم ا١تعلومات العلمية اليت منح اهلل ُّا علينا ،بواسطة فضيلة للمركز األـ؛ فضيلة الشيخ حبيب اهلل آدـ عبد اهلل اإللورم ،كأيٌده
الشيخ آدـ عبد اهلل اإللورم ،ذلك ألف ا١تنفعة اليت ٬تنيها الدىر من بنصره حىت يستمر أماـ فأماـ ُب اإلشراؼ على شؤكف ىحىرًمنا العلمي
أغزر من أف يٮتبىػىر عنها باللساف فقط ،كما قيل (ا١تركز األـ)ٍ ،ب كاف اهلل ُب حاجة ا١تركزيُت ُب ربوع العادل شرقا كغربا،
أخلد ك ي
ت ي العلوـ إذا يكتبى ٍ
ُب األثر :ما يكتب ٌقر كما يحفظ ٌفر ،غَت أنو ليس كل ما يرد على ٭تِت ا١تركز ،٭تِت مديره ،ك٭تِت ا١تركزيوف.
العارؼ من جواىر العلوـ الربانية ينطق بو أك يكتب عنو ،كإ٪تا يستخدـ
دكف العلماء ،كيرقصوف ألشعارىم رقصة فاحشة ،كيبيحوف فيها كلزيادة اإليضاح على جوىرية الًتبية الصوفية ُب السلوؾ أتى ىذا
التخالط بُت النساء كالرجاؿ ،كيفشوف من أجسامهم ما أمرىم الشارع الكتاب ا١تتواضع لعل ا١تريد ا١تتصوؼ القارئ ٬تد فيو ما يهيٌج شوقو عن
اٟتكيم بغطها ،كيثبتوف أشياء ال أساس ٢تا ،مثل استباحة حقوؽ الًتبية ٖتريكا .نسأؿ اهلل العظيم أف يوفٌقنا ٞتوىر السلوؾ الصوُب الذم
الرجاؿ للنساء ،حىت رأينا اليوـ الذين يبيحوف اللواط بُت جنس كاحد. كرل التوفيق.
ىو الًتبية الصوفية الصحيحة ،إنو ٌ
فهل ٝتعتم يا أكرل األلباب بأكرب من ىذا ا٠تسراف الذم أصيب بو
ا١تركءة؟؟؟
كقاؿ الشاعر:
مررت على المروءة وىي تبكي #فقلت لها وما تبكي الفتاة؟
ككذلك انبسط بينهم إضاعة األمانات كادعاء ما ليس فيهم ،كقد قاؿ
الرسوؿ الكرًن (صلى اهلل عليو كسلم) :إذا ضيّعت اْلمانة فانتظر
تمهيد الكتاب:
الساعة ،قالوا :كيف إضاعتها يا رسوؿ اهلل؟ قاؿ :إذا أسند اْلمر
إلى غير أىلو. قاؿ اهلل تعاذل :والعصر ،إف اإلنساف لفي خسر ،إال الذين آمنوا،
وعملوا الصالحات ،وتواصوا بالحق ،وتواصوا بالصبر (العصر).
يرل القارئ أف اهلل ُب ىذه السورة ذكر أمارات الساعة اليت منها الخسراف من ناحية السياسة والدولة:
يعم
العصر ،كىذا العصر ليس كجزء اليوـ الذم ٨تن فيو ،كذكر أنو ٌ أما ناحية السياسة كالدكلة ،فكل آؿ قطر يشكوف سوء أعماؿ
الكوف ا٠تسراف ،حيث يصاب كل شيئ بالتغيَت كبالنقصاف كالزيادة
رؤسائهم الذين سلٌطهم اهلل عليهم ،كيسموهنم جبٌارين لفساد
على أصلو من ٚتيع نواحي اٟتياة ،من خلق كدين ،كإنسانية كقانوف،
مساعيهم ،حىت أنشد بعضهم:
كدكرل كاجتماعي ،كقد ابتدأ ظهور ىذه األمارات من بداية القرف
ٌ
العشرين حىت اليوـ. إلى اهلل نشكو أننا بمنازؿ #تح ّكم في آسادىن كالب
ويحفظن فروجهن ،وال يبدين زينتهن إال ما ظهر منها( ..النساء الخسراف من ناحية الدين:
.)42-41
يهمنا أكثر من غَته ُب ىذا الصدد فهو ناحية الدين
أما الذم ٌ
كمنو بعض ا١تسلمُت الذين كانوا ال ٭تضركف ا١تساجد إال إذا أقيم ٢تم عرفناه
كالتدين .كلقد ثبت ثبوت اٞتبل على األرض أف ا٠تسراف – كما ٌ
فيها ٣تلس اٟتفبلت كالدعاء لقضاء اٟتوائج ،كال يصوموف رمضاف ُب سابقا – أصاب األدياف السماكية ،ال سيما اإلسبلـ.
الدين ،لكنهم يكفوف عن شهوتى الفم كالفرج إذا كاف طلبا لقضاء
فمن ا٠تسراف الذم أصيب بو اإلسبلـ منذ بداية القرف العشرين كجود
حاجة ما ،كال يزكركف ا١تساجد للصلوات ا١تكتوبة ،لكنهم ال يتأخركف
يتسموف بأىل السنة ،يرٚتوف غَتىم بأحجر التبديع حىتدعاة جددٌ ،
عن حضور أمكنة الدعاء اليت يسموهنا "الصبلة" كل يوـ األحد ُب
إذل حد التكفَتٖ ،تت ادعاء إحياء السنة كإماتة البدعة ،كيسبٌوف
األسبوع ،أك غَته من أياـ األسبوع.
األكلياء العارفُت الكراـ حىت كانوا ال يركف كليٌا إال من ٘تسك بعقيدهتم،
حرفوا اٞتواىر الدينية عن مواضعها ،مثل الذين كمنها أف بعضهم ٌ عض على عُت ما عضوا عليو من كال يسنيًّا متٌبعا للرسوؿ إال إذا ٌ
٭تجوف للتفاخر كالرياء كالتجارة ،فهذا من أكجو ٖتريف الكلمة عن الغلو،
السنن ،كال مسلما كامبل إال من كاف على مذىبهم الذم فيو ٌ
ض ِه ْم ِميثَاقَػ ُه ْم مواضعها اليت أمرنا اهلل باالجتناب عنو بقولو :فَبِما نَػ ْق ِ
َ كقاؿ تعاذل :وال تزكوا أنفسكم ،ىو أعلم بمن اتقى (النجم
اض ِع ِو ۚ اسيةً ۚ يح ِّرفُو َف الْ َكلِم َعن مو ِ ِ اب ال تَػ ْغلُوا فِي ....)43كقاؿ ُب موضع آخر :قُ ْل يَا أىل الْكِتَ ِ
َ ْ ََ َّاى ْم َو َج َعلْنَا قُػلُوبَػ ُه ْم قَ َ ُ َ لَ َعن ُ
اؿ تَطَّلِ ُع َعلَ َٰى َخائِنَ ٍة ِم ْنػ ُه ْم إَِّال
سوا َحظًّا ِم َّما ذُِّك ُروا بِ ِو ۚ َوَال تَػ َز َُونَ ُ ضلُّوا ِم ْن قَػ ْب ُل َوأَ َ
ضلُّوا ِدينِ ُكم غَيػر الْح ِّق وال تػتَّبِعوا أَىو ٍ
اء قَػ ْوـ قَ ْد َ
ْ َْ َ َ َ ُ َْ َ
ضلُّوا َع ْن َس َو ِاء َّ
السبِيل (ا١تائدة .)77 َكثِ ًيرا َو َ
ككانوا يع ٌدكف كل من ليس على مذىبهم من ا١تسلمُت ُب حساب كقد قاؿ تعاذل :وكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ،وجئنا بك على
األعداء األشداء على اإلسبلـ كالنصارل كاليهود ،كيرل أكلئك الدعاة ىؤالء شهيدا .يومئذ يود الذين كفروا وعصووا الرسوؿ لو تسوى
اٞتدد أف أصحاب "ال إلو إال اهلل" الصوفيُت الذين يصلوف كما بهم اْلرض وال يكتموف اهلل حديثا (النساء)
يصلوف ،كيصوموف كما يصوموف ،ك٭تجوف كذلك ،ىم ا١تشركوف ُب
أخ يذ بعض ا١تسلمُت بقشور الدين كرفض لبٌو،
كمن ا٠تسراف ا١تذكور ٍ
زعمهم ،كيركف أنو ٬تب طردىم من اإلسبلـ ،كقد قاؿ تعاذل :وال
قصر السراكيل كاٞتوالف ُب
فضلوا ىاستخفوا بالعُت ،كعظموا الفضوؿٌ ،
تطرد الذين يدعوف ربهم .....واصبر نفسك مع الذين يدعوف
البلداف ا١تختلفة للرجاؿ على توصية اآلؿ األقربُت ،مع أف أمر اإلسبلـ
ربهم بالغداة والعشي يريدوف وجهو( ....الكهف)
ْتقيقتو متعلق بالقلب ،ال باٞتسم ،لقولو (صلى اهلل عليو كسلم) عن
كأسوأ من كل ذلك أهنم ركزكا ٚتيع دعواهتم على إسقاط كل ما ٬تعل أيب ىريرة (رضي اهلل عنو) :إف اهلل ال ينظر إلى صوركم وأموالكم،
ا١تسلم يرل الرسوؿ ٤تمدا رجبل عظيما أك خلقا ٥تتلفا عن ٚتيع ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم (ركاه مسلم عن عمرك الناقد ،عن
ا٠تبلئق اختبلفا عظيما ،كآثركا أف يقللوا من قدره (صلى اهلل علييو كثَت بن ىشاـ.
كسلم) ُب أعُت الناس ،بل يتمسكوف بكل نص يصور الرسوؿ
لبس ا٠تمار كاٞتلباب كاٞتوارب اليدكية كالرجلية للنساء على
فضلوا ى
ك ٌ
كاإلنساف العادم ،كإف ربك ٢تم لبا١ترصاد ،كإنو ُّم ٠تبَت.
أقره القرآف ،كىو عُت سًت العورة ،قاؿ تعاذل :قل
حد سًت العورة الذم ٌ
للمؤمنين يغضوا من أبصارىم ،ويحفظوا فروجهم ،ذلك أزكى لهم،
إف اهلل خبير بما يصنعوف .وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارىن،
أما ا٠تسراف األكرب للتصوؼ ُب ىذا األكاف اٟتاضر ىو استخفاؼ ين.ِِ اص َف ْح ۚ إِ َّف اللَّوَ يُ ِح ُّ
ب ال ُْم ْحسن َ قَلِ ًيال ِم ْنػ ُه ْم ۚ فَا ْع ُ
ف َع ْنػ ُه ْم َو ْ
ا١تريدين ا١تعاصرين كا١تتشيخُت القاصرين بشأف الًتبية الصوفية الركحية، (ا١تائدة .)13
حىت زعموىا مرحلة يسَتة ال يعتربكف ٢تا أكثر اعتبار ،فبل ييرل فيهم
كمنها أف ىناؾ أزكاجا مثبل حيث ترل الزكج يتديٌن باإلسبلـ ،كالزكجة
أثر الًتبية الصوفية الركحية ،إذ ليست ىي ُب بضاعتهم قط ،كال يوجد
تتديٌن بالنصرانية ،كيوجد ىذا ُب كثَت من األغنياء كالفقراء كالرؤساء
٢تم فرؽ بينهم كبُت من ال يتصوفوف ،كىم مع ذلك يدعوف االنتظاـ
ا١تسلمُت ُب ا١تناصب العالية ُب الدكلة كالسياسة ،كىم ال يركف ُب ذلك
الكامل ُب التصوؼ ،مع أنو ال يعثر على الكماؿ ُب السلوؾ من ال
من بأس ،كينجبوف أكالدا يكوف أمامهم االختيار بُت أدياف كالديهم،
تربية لو.
فهذا كال ريب من ا٠تسراف ا١تشار إليو ُب السورة من ناحية الدين
كمنو أف بعضهم ٬تعلوف الًتبية اَّازية اليت أتى ُّا الفبلسفة كعلماء كالتديٌن.
الرسوـ ُب منزلة الًتبية الصوفية ،كذلك ألهنم قد فاهتم عُت الًتبية
الصوفية كدل يعلموا أف بُت الًتبية ا٠تلقية الشرعية كبُت الًتبية الصوفية
الخسراف من ناحية التصوؼ:
بونا شاسعا.
كمن أمثاؿ ذلك ا٠تسراف ما أصيب بو التصوؼ ُب اإلسبلـ ،كىو
ىوة ىذا ا٠تسراف الذم أدركوا فئلنقاذ آالؼ ا١تريدين كا١تتشيخُت من ٌ
أقساـ:
أنفسهم فيها ،أخذت برأس قلمي لكتابة ىذا ا١تزبور ،لينتهوا من
استخفافهم بشأف الًتبية ،كليعلموا أف جوىرية الًتبية الصوفية ال تنوب األكؿ :أصيب التصوؼ با٠تسراف من عند ا١تتصوفُت القاصرين بالنسبة
لرفعهم بعض األشياء ُب السلوؾ من منزلة االستحباب كالسنة إذل منزلة
فرض العُت ،مثل إحياء حفلة ا١تولد النبوم ،كا٢تدية كا٠تدمة كالزيارة، بو ،إف علينا جمعو وقرآنو ،فإذا قرأناه فاتبع قرآنو ،ثم إف علينا
كىلم جرا ،غَت أف ا١تولد النبوم قد يوجبو الصوفيوف اٟتقيقيوف علىٌ بيانو (القيامة .)27كقاؿ ُب موضع :وال تعجل بالقرآف من قبل أف
أنفسهم من شدة ٤تبتهم هلل كللرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم) ،أما يقضى إليك وحيو ،وقل رب زدني علما (طو).
األكثر من ا١تتصوفُت ا١تعاصرين فإهنم ٭تيوف حفلة ا١تولد النبوم ٞتلب
عُت التصوؼ ىو طلب األسرار كاألدعيةكمنو أف بعضهم جعلوا ى
األمواؿ كٟتطاـ الدنيا ،يشاىد ىذا من حضر حفبلت ا١تولد من
كالدكائر ،فينتقلوف من شيخ إذل شيخ ،كمن بلد إذل بلد ،طالبُت ما
العصرية.
زعموه عُت التصوؼ ،كالتصوؼ اٟتقيقي بعينو بريئ من كل ذلك براءة
الثاين :أصيب التصوؼ با٠تسراف بالنسبة الستخفاؼ ا١تنتسبُت إليو الذئب من دـ ابن يعقوب.
بشأف ما يهدؼ إليو التصوؼ بعينو ،بل بشأف ما يدكر عليو التصوؼ
ككذلك جعلوا ا٠تلوة عُت تصوفهم ،حىت كانوا يعلنوف الدخوؿ ُب
ُب حلو كترحالو ،مثل البيعة على يد ا١ترشد الواصل كاتباعوٍ ،ب الًتبية
ا٠تلوة كا٠تركج منها على التلفزيوف كاإلذاعات ،كال ييرل فيهم بعد ذلك
الصوفية اليت ٨تن بصددىا ُب ىذا الكتاب.
أثر الوالية اٟتقيقية ،ألف ا٠تلوة ال شأف ٢تا بالتصوؼ اٟتقيقي ،كإ٪تا ىي
كإضافة إذل ذلك كجود بعض ا١تريدين القاصرين بادعائهم الكاذب آلة االعتزاؿ عن الناس لفراغ القلب.
يقولوف بعد كصوؿ الًتبية البلصحيحة إف كل شيئ ىو اهلل ،بغَت ىدل
كمنو أف بعض الشيوخ ٬تيزكف ١تريديهم الذين دل ينفطموا من رضاع
كال كتاب منَت ،أك كانوا بعد كصوؿ الًتبية الصحيحة ال يتقدموف لبياف
التصوؼ ،كيكتبوف ٢تم اإلجازات ُب السلوؾ من غَت ما عمل صوُب
ما رأكا كعلموا ُب تربيتهم ،كالقرآف يقوؿ :وال تحرؾ بو لسانك لتعجل
يؤىلهم لذلك ا١تقاـ ،فبل يكاد يرل مريد إال كىو عندىم شيخ كبَت.
ٌ
األكذل :ىي االنتباه من نوـ الغفلة كالتيقظ ،فهذه ىي اليت ٕتر ا١تريد إذل
كامل عصره لَتشده إذل اهلل.
كأما مقاصد السلوؾ فهي الًتبية كالًتقية بالدخوؿ إذل حضرة ا١تعرفة كما
قاؿ الشيخ إبراىيم ُب "الكربيت األٛتر" ُب الفصل األكؿ ُب سلوؾ
الطريقة التجانية :وما قبل ىذا النظر ىو في نوـ الغفلة (يعٍت مبادئ
السلوؾ للمرحلة األكذل) ،وما بعد ىذا النظر إال كماؿ اليقظة ،وما الدخوؿ في التصوؼ:
بعد كماؿ اليقظة إال الفرار من النفس وىواىا والدنيا والشيطاف.
إف الدخوؿ ُب التصوؼ قسماف:
كالفرار إذل اهلل ىو الفرار إذل كامل العصر كما ُب القرآف ":ففروا إلى
اهلل إني لكم منو نذير مبين ". األكؿ :الدخوؿ بالسلوؾ ُب التصوؼ ،كىو ٔتثابة الباب الرئيسي
للدخوؿ ُب البلد ،قاؿ تعاذل:يا قوـ ادخلوا اْلرض المقدسة التي
كتب اهلل لكم (ا١تائدة .)23 – 20كُب الفتح قاؿ تعاذل :لََق ْد
الش َج َرةِ فَػ َعلِ َم َما فِي ين إِ ْذ يُػبَايِعُونَ َ ِِ ِ
ت َّك تَ ْح َ َرض َي اللَّوُ َع ِن ال ُْم ْؤمن َ
الس ِكينَةَ َعلَْي ِه ْم َوأَثَابَػ ُه ْم فَػ ْت ًحا قَ ِريبًا ( .)81كقاؿ ُب
قُػلُوبِ ِه ْم فَأَنْػ َز َؿ َّ
فالرجل األكؿ ُب اآلية ىو ا١تتصوؼ العلمي أك ا١تنكر ،كالرجل الثاين وسلم) يسمعٍ ،.......ب جدد الرسوؿ ألصحابو إٯتاهنم ٚتاعةن حُت
ىو ا١تريد الذم انقاد للعارؼ ،كالرجل الثالث ىو ا١ترشد العارؼ نفسو. قاؿ :ىل فينا غريب؟ قالوا :ال .فا١تنتظم ُب التصوؼ إ نذا يدخل ُب
كاعتقاد ىؤالء ا١تتصوفُت النظريُت أف علومهم الشرعية ىك ىفٍتػ يه ٍم شيخا اإلسبلـ اَّدد ،كىو حقيقية اإلسبلـ ،أل مقامة اإلحساف ،قاؿ تعاذل:
كمرشدا ،كص ٌح ىذا االعتقاد منهم ،لكنو ال يكفي ُب حقيقة السلوؾ. ك إِنَّ َما يُػبَايِعُو َف اللَّوَ يَ ُد اللَّ ِو فَػ ْو َؽ أَيْ ِدي ِه ْم فَ َم ْن
ين يُػبَايِعُونَ َ َّ ِ
إِ َّف الذ َ
اى َد َعلَْيوُ اللَّوَث َعلَى نَػ ْف ِس ِو َوَم ْن أ َْوفَى بِ َما َع َ ث فَِإنَّ َما يَػ ْن ُك ُنَ َك َ
ِ ِ
يما (سورة الفتح .)10 َج ًرا َعظ ً سيُػ ْؤتِيو أ ْ فَ َ
كىذا الدخوؿ ُب اإلسبلـ اَّدد ىو البيعة كالتلقُت عند الصوفية ،يبايع
مرشده على انضمامو إذل سلك القوـ ،كأنو قد كعده
السالك ى
ي ا١تريد
يد أذكار الطريقة لتعقيد
ا١ترشد ا١تر ى
حسن ا١تتابعة لو ُب كل حاؿ ،فيلقن ي
صحة كعد ا١تتابعة ،تلقينا مبلئما للوضع ا١تعتاد عليو عند القوـ ،كلو
قبل من ا١تداكمُت على أمثاؿ تلك األذكار ،كىي ال إلو
كاف ا١تريد من ي
الدخوؿ الثاني إال اهلل ،كالصبلة على النيب ،كاالستغفار.
كالبيعة ميثاؽ كعهود يأخذىا ا١ترشد من ا١تريد على االتباع ،كدليلها قولو يص ّعد في السماء ،كذلك يجعل اهلل
صدره ضيّقا حرجا كأنما ّ
تعاذل على لساف النيب موسى للخضر :قاؿ لو موسى ىل أتبعك على الرجس على الذين ال يؤمنوف (األنعاـ .)125
أف تعلمن مما عملت شدا؟ (الكهف .)66
كأما القاصركف كأىل التصوؼ العلمي الذين اعًتفوا بوجود التصوؼ
كالتلقُت ىذا قد يكوف مشافهة مثل ما تقدـ ،كقد يكوف ركحيا مثل ما لكنهم دل ينقادكا لرجل عارؼ ،كدل يبايعوا مرشدا ،كدل يل ٌقنهم مرشد ُب
كاف لؤلنبياء كاألكلياء ،قاؿ تعاذل :فتل ّقى آدـ من ربو كلمات فتاب سلك التصوؼ ،فاغًتكا ٔتجرد االستطاعة على مطالعة الكتب
عليو ،إنو ىو التواب الرحيم (البقرة) ،أك مشافهة كما كاف للصحابة الصوفية ،كحسبوا أنفسهم من ا١تتصوفُت التصوؼ العملي ،حىت ٕتد
كاألكلياء الكمل ،كيكوف من الرسوؿ أك شيخ الطريقة أك الورل الكامل. بعضهم يدافع عن التصوؼ بنصيبو منو (النظرم) ،فهم ليسوا بالصوفية
ىاـ ُب التصوؼ اٟتقيقي.
اٟتقيقيُت ألف البيعة كالتلقُت ركن ٌ
لعامة
كالدخوؿ األكؿ ىبة خصوصية من اهلل ١تن يشاء ،ألنو ليس ٌ
الناس ،فبل يسلم كال ينقاد للصوُب من دل يرد اهلل بو خَتا ُب اٟتياة قاؿ تعاذل :ضرب اهلل مثال رجال فيو شركاء متشاكسوف ،ورجال
الدنيا كُب اآلخرة ،فمهما أتى العارؼ الصوُب من األدلة على كجوبية سلما لرجل ،ىل يستوياف مثال ،الحمد هلل بل أكثرىم ال يعلموف
االنتظاـ ُب السلوؾ الصوُب فبل يفهم ىو كال ينقاد لو ،قاؿ تعاذل :فمن (الزمر .)29
يرد اهلل أف يهديو يشرح صدره لإلسالـ ،ومن يرد أف يضلّو يجعل
الطريقة فأخذة ال ٕتاين ،عسى اهلل أف يرٛتو ،إف يرًز ىؽ ٤تبة سيدنا كالدخوؿ الثاين ىو الدخوؿ اٟتقيقي ُب بيت الوالية ،كىو الًتبية
الشيخ أٛتد التجاين (رضي اهلل تعاذل عنو). الصوفية الصحيحة ،يبايع ا١تريد شيخو عليها بيعة جديدة ،كيلقنو
الشيخ أذكارىا ا٠تاصة ٣تيزا كآذنا لو ُب الشركع فيها ،كإذا كصل ا١تريد
اإليماف المجدد:
إذل ا١تراد ُب تربيتو الركحية فقد دخل ُب حضرة الوالية دخوال حقيقيا.
قاؿ الرسوؿ :جددوا إيمانكم بال إلو إال اهلل .....فبل بد من ٕتديد
ىذا ،كللرجاؿ الصوفية كلهم االتفاؽ على كجوبية الًتبية ُب السلوؾ
اإلٯتاف لكل من لقي سره كاتصل بو اتصاال حقا ،كىذا التجديد اثناف:
الصوُب ،ألف أ٫تية كل طرؽ صوفية كجوىريتها ُب الًتبية الركحية ،كُّا
األكؿ :التجديد الذم ٭تصل للمريد يوـ لقائو ٔترشده ،كىو إٯتانو اَّدد
امتاز مذىب الصوفية عن ٚتيع ا١تذاىب األخرل ،ككل طريقة صوفية دل
ا١تنبعث من التيقظ كاالنتباه كالتدبر عن من ىو اهلل حيث يتجاكز إٯتانو
يوجد ُب بضاعتها ىذه الًتبية القلبية فليست ىي ٔتتصلة بالرسوؿ
٣ترد اإلٯتاف باهلل ،إذل إمكانية معرفتو تعاذل كرؤيتو.
ى اتصاال حقيقيا ،بل ٣تازيا خلقيا عبوديا ،كىي منقطعة أبًت بالنسبة
الثاينٕ :تديد اإلٯتاف الذم ٭تصل للمريد يوـ اتصالو بسره بوصوؿ تربيتو سر كل
الستمداد ا١تعارؼ كاٟتقائق ،لكوف الًتبية الركحية الصوفية َّ
الركحية ،كذلك ىو اإلٯتاف الكامل الذم يثبت لو ُب قلبو كجوده كجوىرىا.
ى طريقة صوفية
كمعرفتو كرؤيتو تعاذل.
كىذا الدخوؿ الثاين الذم ىو كصوؿ الًتبية للدخوؿ ُب حضرة الوالية،
انضم إذل
مثل الدخوؿ األكؿ ،ىبةه إ٢تية خصوصية ،ألنو ليس كل من ٌ
ى
سلك القوـ يفوز بو .كمن دل يفز ُّذا الدخوؿ فهو سالك غَت كاَّذكب غَت السالك ىو الصوُب ببل علم الشريعة ،كىو األبًت.
٣تذكب ،كعليو يقوؿ الشيخ إبراىيم نياس الكو٠تي ُب كتابو الكربيت
كالسالك اَّذكب ىو الصوُب الواصل الذم ٚتع بُت الشريعة كالًتبية
األٛتر :اعلم أف أىل الطريقة على أربعة أقساـ؛ سالك غير
فقط على منهج الصوفية القدماء كىم أصحاب القطبانية ُب التصوؼ،
مجذوب غلب سلوكو على جذبو ،وىو ظاىري رسمي ،ومجذوب كلذلك قاؿ الشيخ أنو ىو الواصل يكوف من العارفُت ،إف كجد من
غير سالك غلب جذبو على سلوكو ،فهو أبتر ،وسالك مجذوب يأخذ بيده .فيبدك من ذلك للقارئ أف الًتبية ليست بعُت ا١تعرفة ،كإ٪تا
أدى سلوكو إلى مقاـ الجذب فهو واصل يكوف من العارفين ،إف ىي باُّا فحسب.
وجد من يأخذ بيده ،ومجذوب سالك تقارف جذبو مع سلوكو ،وىو
كاَّذكب السالك ىو الذم كانت الًتبية بداية سلوكو ،كىم التجانيوف
غالب أصحاب الختم التجاني ،وىم اْلكابر .وبقي صنف خامس
الذين يبتدئوف ُب التصوؼ بالًتبية الصوفية ،كلذلك قاؿ الشيخ إبراىيم
ال ناقة لهم في الطريقة وال جمل ،وىم من ال سلوؾ لهم وال
ُب موضع آخر :نهاية القوـ بدايتنا.
جذب ،نعوذ باهلل....
كالرجل ا٠تامس ىو الذم دل يعنت بالطريقة ،ال ناقة لو ُب الطريقة كال
قلت :فالسالك غَت اَّذكب ىو ا١تتصوؼ العلمي ،ال شيئ لو ُب
ٚتل ،كىو من ال سلوؾ لو كال جذب ،نعوذ باهلل ،فهو كإف أخذ
السلوؾ كال عبلقة لو بو.
اْلستاذ الشرعي والعارؼ المرشد: كالقرآف الكرًن ىو شيخو اَّازم ،قاؿ تعاذلَ :واتَّبِ ْع َما يُ َ
وح َٰى إِلَْي َ
ك
ين (يونس .)109كُب َّى ي ْح ُكم اللَّوُ ۚ و ُىو َخ ْيػر ال ِ ِ و ِْ
إف ا١تعلٍّمُت ثبلثة :األستاذ الشرعي أك الفٍت ،كالشيخ اَّازم ،كالشيخ ْحاكم َ َ َ ُ َ اصب ْر َحت َٰ َ َ َ
اٟتقيقي. ك إِ َّف اللَّوَ َكا َف بِ َماك ِم ْن َربِّ َ األحزاب قاؿَ :واتَّبِ ْع َما يُ َ
وحى إِلَْي َ
تَػ ْع َملُو َف َخبِ ًيرا (األحزاب .)2
فاألستاذ الشرعي أك الفٍت ىو ا١تعلم الذم يعلم الطبلب الشريعة أك
فنوف العلوـ ُب ا١تدرسة كاٞتامعة ،كالشيخ اَّازم ىو علم الشريعة (أل كاهلل سبحانو كتعاذل شيخو كمرشده اٟتقيقي ،لقولو (صلى اهلل عليو
الكتاب كالسنة) ،باالتباع كالرجوع إليهما ُب كل أمر ذم باؿ. ك أ َْو َح ْيػنَاأدبني ربي ،وأحسن تأديبي ،كلقولو تعاذلَ :وَك ََٰذلِ َ كسلم)ّ :
يما ُف َوَٰلَ ِكن اب َوَال ِْ
اإل َ
ِ
نت تَ ْد ِري َما الْكتَ ُ
وحا ِّم ْن أ َْم ِرنَا ۚ َما ُك َ إِلَْي َ
ك ُر ً
الموت والقيامة عند الصوفية: كالرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم) أيضا ىو شيخهم اٟتقيقي بدليل ما
إف ا١توت ثبلثة :عاـ كخاص كأخص. علي عند ما ذىب إذل الرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم)
ركم عن سيدنا ٌ
بعد ما أشارىم إذل ٕتديد اإلٯتاف ،كقاؿ :دلني على أقرب الطرؽ إلى
أما العاـ فهو الذم يذكقو كل خلق من إنس كجن ،كحيوانات
كٚتادات ،لقولو تعاذل :لكل أمة أجل ،فإذا جاء أجلهم ال اهلل عز وجل وأسهلها على العباد ،وأفضلها عند اهلل تعالى ،فقاؿ
يستأخروف ساعة وال يستقدموف (األعراؼ .)45 علي عليك بمداومة ذكر اهلل
رسوؿ اهلل (صلى اهلل عليو كسلم) :يا ّ
فاإلنس كاٞتن كاٟتيوانات يذكقوف ا١توت بنزع األركاح منهم. عز وجل ،سرا وجهرا ،فقاؿ علي رضي اهلل عنو :كل الناس ذاكروف
يا رسوؿ اهلل ،وإنما أريد أف تخصني بشيئ ،فقاؿ الرسوؿ (صلى اهلل
كاٞتمادات تذكؽ ا١توت با٢تبلؾ ،قاؿ تعاذل :إذا السماء انفطرت،
علي ،أفضل ما قلت أنا والنبيوف من قبلي :ال
عليو كسلم) :مو يا ّ
وإذا الكواكب انتثرت ،وإذا البحار سجرت (االنفطار .)4 – 2
كورت ،وإذا النجوـ انكدرت ،وإذا الجباؿ إلو إال اهلل ،ولو أف السموات السبع ،واْلرضين السبع ،في كفة وال
كقاؿ :إذا الشمس ّ
سيّرت ،وإذا العشار عطّلت ،وإذا الوحوش حشرت (التكوير – 2 إلو إال اهلل في كفة ،لرجحت ال إلو إال اهلل.....
.)6
ىكذا كجب على كل مريد صادؽ ىؤالء ا١تعلموف الثبلثة ،كقد ٬تمع
كأما ا١توت ا٠تاص فهو ٥تتص بكل ذم ركح دكف غَته من ا٠تلق ،قاؿ اهلل لبعض ا١تريدين أستاذه الشرعي كأستاذه اٟتقيقي ُب رجل كاحد.
تعاذل :قل إف الموت الذي تفروف منو ،فإنو مالقيكم ،ثم تردوف إلى
كىا ٨تن ننصح ىؤالء ا١تتصوفُت النظريُت أف يضيفوا القسم العملي إذل كقاؿ تعاذل ُب موضع آخر :يسألونك عن اْلىلة ،قل ىي مواقيت
النظرم ،كيدخلوا ُب السلوؾ كافة بالبيعة كالتلقُت على يد مرشد للناس والحج ،وليس البر بأف تأتوا البيوت من ظهورىا ،ولكن البر
عارؼ ،كى ال يكونوا كنصف الطبيب الذم ي ٌدعي ا١تهارة ُب التطبيب من اتقى ،وأتوا البيوت من أبوابها ،واتقوا اهلل ،لعلكم تفلحوف
لكنو يتلف األبداف كيهلك األنفس ،قاؿ تعاذل :يا أيها الذين آمنوا (البقرة .)189
ادخلوا في السلم كافة ،وال تتبعوا خطوات الشيطاف( .... ،البقرة
فلو أف ىؤالء ا١تتصوفُت التصوؼ العلمي صربكا كانقادكا لعارؼ كامل
.)208فقولو ادخلوا في السلم أل الدخوؿ ُب اإلسبلـ اَّدد
بالبيعة على يديو كى يفوزكا بالًتبية الركحية الصحيحة لفازكا بتلك
باالنقياد لورل عارؼ يدلٌكم على اهلل ،وال تتبعوا خطوات الشيطاف
الًتبية الركحية اليت ىي األىلٌة كما أشار إليها اآلية السابقة ،كا١تواقيت
أل التكرب كاألىواء النفسانية كما قاؿ الشيطاف متكربا على آدـ :قاؿ ُب اآلية ىي معرفة أزماف ٕتليات اهلل ،كاٟتج ىو الزيارة إذل تلك
أنا خير منو ،خلقتني من نار ،وخلقتو من طين .....كذلك يرل التجليات ،ىذه من ناحية.
بعض ا١تتصوفُت النظريُت أهنم أعلم من الورل العارؼ ،فيغلب عليهم
يخفي ٢تم ٖتت علومهم
ٍب من ناحية أخرل إهنم لو صربكا لفازكا ٔتا أ ٍ
ىذا التكربٍ .ب قاؿ الشيطاف ُب موضع آخر :قاؿ أنا أكبر منو....
الشرعية من اٟتقائق العرفانية ،طبقا لقولو تعاذل :فال تعلم نفس ما
كذلك يرل أىل التصوؼ العلمي أهنم أكرب من العارؼ شهرة كٚتاعة،
قرة أعين ،جزاء بما كانوا يعملوف (السجدة .)17
أخفي لهم من ّ
كماال كجاىا ،فييػ ٍع ًمي ًهم ذلك عن االنقياد لو.
قاؿ شاعر:
كأما ا١توت األخص فهو موت ا١تريدين السالكُت بالغفلة عن اهلل ،لقولو
تعاذل :لقد كنت في غفلة من ىذا ،فكشفنا عنك غطاءؾ فبصرؾ
اليوـ حديد (ؽ .)33كقاؿ الرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم) :الناس
نياـ ،وإذا ماتوا انتبهوا.
إف للعارفُت مفهوما خاصا ُب سلوكهم الصوُب عن ا١توت كالقيامة ،بناء جنات :جنات القلوب أك حياة القلوب
على قولو (صلى اهلل عليو كسلم) :من مات فقد قامت قيامتو ،كىذا
عيوف :اٟتقائق كا١تعارؼ كاألسرار الربانية
ا١توت عندىم ىو ا١توت اٟتقيقي الذم يورثهم اٟتياة األبدية اليت ال
يذكقوف بعدىا موتا إال ا١توتة األكذل ،لقولو تعاذل :إف المتقين في مقاـ سندس :يرتدكف رداء اٟتقائق كا١تعارؼ كاألسرار
أمين ،في جنات وعيوف ،يلبسوف من سندس وإستبرؽ متقابلين، إستبرؽ :يتؤلأل كيتظاىر ُب أجسامهم ككجوىهم أنوار ا١تعارؼ الربانية،
كذلك وزوجناىم بحور عين ،يدعوف فيها بكل فاكهة آمنين ،ال كقاؿ تعاذل :سيماىم في وجوىهم من أثر السجود( ....الفتح)
يذوقوف فيها الموت إال الموتة اْلولى ،ووقاىم عذاب الجحيم،
متقابلين :جالسُت ُب دائرة األكلياء
فضال من ربك ،ذلك ىو الفوز العظيم (الدخاف )68 – 62
حور عين :ا١تريدكف ألف فيهم األنوار
ف ػ ػ ػ ػ المتقوف ُب اآلية :ىم الصوفيوف الذين أكرثهم اهلل حقيقة التقول ُب
السلوؾ ،حىت كصلوا إذل درجة ا١تعرفة اإل٢تية ،لقولو ُب موضع آخر: يدعوف بكل فاكهة آمنين :يستمدكف فيها بكل معرفة موقنُت ُّا
اتقوا اهلل حق تقاتو .....واتقوا اهلل ويعلمكم اهلل .....كركم ُب ا٠ترب وال يذوقوف فيها الموت :ال يدركهم فيها أم موت
ا١تشهور عن النيب (صلى اهلل عليو كسلم) أنو قاؿ :إنما سمي المتقوف
إال الموتة اْلولى :سول ا١توت الذم ذاقوه قبل كصو٢تم إذل ذلك
متقين لتركهم ما ال بأس بو حذرا عما بو بأس.
ا١تقاـ
المقاـ اْلمين ُب اآلية :مقاـ ا١تعرفة ،كىو البلد األمُت ُب القرآف
يتركوا أف يقولوا آمنا ،وىم ال يفتنوف؟ ولقد فتنّا الذين من قبلهم، الموتة اْلولى للمريدين قبل الوصوؿ:
وليعلمن اهلل الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين (العنكبوت .)2
ك٢تذه ا١توتة درجات عند العارفُت ،كىي تقع على حسب أحواؿ
ك١تا ماتوا ىذه ا١توتات كفازكا با١تعرفة اليت يطلبوف ،قاؿ تعاذل ُب شأهنم: ٯتر على درجات ا١توت ىذه قبل
السالك ُب سلوكو ،فما من مريد دل ٌ
أف يناؿ الكماؿ ُب الوالية ،كىي أريعة أنواع:
َحيَاءٌ ِع ْن َد َربِّ ِه ْم وَال تَحسب َّن الَّ ِذين قُتِلُوا فِي سبِ ِ ِ
يل اللَّو أ َْم َواتًا بَ ْل أ ْ َ َ َ ْ ََ
يُػ ْرَزقُو َف (آؿ عمراف ....)569:أل ٯت ٌدىم اهلل با١تعارؼ من لدنو - 1الموت اْلبيض :كىو كاجب ُب السلوؾ إذل اهلل ،أال كىو اٞتوع،
كبا١تعاين اٞتديدة ُب كل شيئ. فبل بد للسالك منو ،كلو كاف موسعا عليو ُب الرزؽ .كىو أبيض ألنو
ي ٌنور الباطن كيبيٌض كجو القلب ،كإذا دل يشبع ا١تريد السالك بل ال يزاؿ
ٍب إنو بعد ٘تاـ ىذه ا١توتات كمراقبة العهود السابقة تقع الوالية اٟتق
جوعاف فقد مات ا١توت األبيض ،كحينئذ ٖتيا فطنتو ،ألف البطنة ٘تيت
اليت ال مطمع لغَتىم فيها ،كال يبلغ غَتىم مستواىا ،ألهنم ينظركف بنور
الفطنة.
اهلل ،كيتكلموف بلساف اهلل ،كيبطشوف بيد اهلل ،كٯتشوف برجل اهلل ،إف
يسألوا اهلل يعطهم ،كإف شغلهم ذكره عن السؤاؿ فلن ينساىم فيما - 3الموت اْلخضر :ىو شدة الفقر ،فبل بد لكل سالك منو قبل
عنده ،كلينصرهنم على من عاداىم ،كىم عيوف اهلل ُب األرض. الوصوؿ كلو كاف غنيا .كىو أيضا لبس ا١ترقع ا٠تلق ا١تلقاة اليت ال قيمة
٢تا ،كإذا اقتنع من لبس اٞتميل كاقتصر على ما يسًت عورتو قدر ما
كىكذا يسَت ا١تريد السالك سَته حىت يبلغ درجة القطب ،ك٬تعلو اهلل
يقيم ُّا الصبلة الشرعية ،بل أصبح خامبل ٜتوال ربانيا عن زخارؼ
ك يَ ْخلُ ُق َما
إف شاء من األبداؿ أك األكتاد ،أك ٬تعلو فردا جامعاَ ،وَربُّ َ
اٟتياة الدنيا كمبلىيها كرفاىياهتا ،فقد مات ا١توت األخضر الخضرار
عيشو بالقناعة كنضرة كجهو بنصرة اٞتماؿ الذاٌب .كىذا ا١توت أيضا كىذا ىو ا١توت األكرب للمريدين السالكُت ،اٞتامع ٞتميع ا١توتات
الزـ ضركرم للسالك الصوُب. ا١تذكورة.
-4الموت اْلسود :كىو شدة الببلء كاإلذاية عند الناس .كىو كُّذه ا١توتات يدخل السالك إذل حضرة الوالية دخوال تاما ،ك٢تذه
احتماؿ األذل من ا٠تلق ،ألنو إذا دل ٬تد حرجا ُب نفسو من أذاىم، ا١توتات آيات جامعة.
كال تتأدل نفسو ،بل تلت ٌذ بو لكونو يراه من ٤تبوبو ،فقد مات ا١توت ص ِم َن ْاْل َْم َو ِاؿ َو ْاْلَنْػ ُف ِ
وع َونَػ ْق ٍ شي ٍء ِمن ال َ ِ ِ
س ْج ِ
ْخ ْوؼ َوال ُ َولَنَْبػلَُونَّ ُك ْم ب َ ْ َ
األسود ،كىو فناء ُب اهلل لشهوده األذل معو برؤية األفعاؿ ُب فعل ش ِر َّ ِ والثَّمر ِ
ين ()555 الصاب ِر َ ات َوبَ ِّ َ ََ
٤تبوبو ،بل برؤية نفسو كنفسهم فانُت ُب ٤تبوب ،كحينئذ ٭تيا بوجود
صيبةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّ ِو وإِنَّا إِلَْي ِو ر ِ
ِ َّ ِ
اٟتق من إمداد حضرة الود ا١تطلق .كقاؿ تعاذل :وجعلنا بعضكم لبعض اجعُو َف ()556 َ َ ين إِ َذا أ َ
َصابَػ ْتػ ُه ْم ُم َ الذ َ
فتنة أتصبروف ،وكاف ربك بصيرا (الفرقاف). ات ِم ْن َربِّ ِه ْم َوَر ْح َمةٌ َوأُولَئِ َ
ك ُى ُم ال ُْم ْهتَ ُدو َف ك َعلَْي ِه ْم َ
صلَ َو ٌ أُولَئِ َ
(البقرة)557:
-5الموت اْلحمر :ىو ٥تالفة ا١تريد للنفس ُب ىواىا كجهلها عن اهلل
كعن األشياء ،لقولو (صلى اهلل عليو كسلم) رجعنا من الجهاد كبياف ىذه اآليات ىو أف ىؤالء السالكُت يفتنهم اهلل بكل ما ذكر ُب
اْلصغر وعليكم بالجهاد اْلكبر ،قالوا يا رسوؿ اهلل ،وما الجهاد القرآف من جوع كنقص ُب األمواؿ كاألنفس كالثمرات ،ال ألهنم كانوا
اْلكبر؟ قاؿ مخالفة النفس وجهادىا. فقراء أك كانوا مسيئُت حىت أصاُّم تلك ا١توتات ،لكن ألهنم يسلكوف
سبيل اهلل ١تعرفتو ،كرضوا بكل كاحدة من تلك ا١توتات إذ ىي ٢تم
امتحانات ربانية ،كتتمرينات إ٢تية ،لقولو تعاذل :أأحسب الناس أف
الثاين :الذين رأكا جواز معرفتو كرؤيتو ،لكن معرفتو تكوف ُب الدينا ْخيَػ َرةُ ُس ْب َحا َف اللَّ ِو َوتَػ َعالَى َع َّما يُ ْش ِرُكو َف
شاء وي ْختَار ما َكا َف لَهم ال ِ
ُُ يَ َ ُ َ َ ُ َ
بالعقل ،كرؤيتو تعاذل تكوف ُب اآلخرة ،لقولو تعاذل :وجوه يومئذ ناضرة (القصص)68:
إلى ربها ناظرة (القيامة ،)23 – 22أال ،كىم الفبلسفة ا١تسلموف يصل ا١تريد بعد ىذه ا١توتات إذل حضرة ا١تعرفة ،كىذه ا١تعارؼ ىي
كعلماء التوحيد. الصلوات كالرٛتة من اهلل على العارفُت ،طبقا ١تا قاؿ ُب آخر اآلية
ات ِم ْن َربِّ ِه ْم َوَر ْح َمةٌ َوأُولَئِ َ
ك ُى ُم السابقة :أُولَئِ َ
ك َعلَْي ِه ْم َ
صلَ َو ٌ
كا١تعرفة عندىم ىي أف ىذه األشباح كا١توجودات داللة عقلية على
ال ُْم ْهتَ ُدو َف (البقرة.)557:
وج ود أكجده ،كال
موجود ببل م ً
ي
و كجود
ٯتكن يكجوده تعاذل ،حيث ال ي
يكوف األثر إال كلو مؤثر ،كذلك أيضا يعٍت شيئا من االستسبلـ
التربية والقيامة عند الصوفية:
كاإلٯتاف .كىم يعملوف باآليات القرآنية اليت تدعو إذل النظر ُب آيات
الكوف ،مثل قولو تعاذل :أفال ينظروف إلى اإلبل كيف خلقت ،وإلى إف م ٌدة كوف ا١تريد ُب كل كاحد من تلك ا١توتات ىي كونو ُب القرب،
كال يستطيع أف ٮترج نفسو من القرب إال بأمر اهلل ،لقولو تعاذل :يوـ ال
الجباؿ كيف نصبت ،وإلى السماء كيف رفعت ،وإلى اْلرض كيف
تملك نفس لنفس شيئا ،واْلمر يومئذ هلل ....كقاؿ الرسوؿ (صلى
سطحت( .....الغاشية )20 – 17كما أشبو ذلك.
اهلل عليو كسلم) :ما منكم من أحد إال سيكلمو ربو ،ليس بينو وبينو
الثالث :الذين اعتقدكا كأيقنوا أنو ٯتكن معرفتو كرؤيتو معا ُب الدنيا ترجماف ،فينظر اْليمن منو فال يرى إال ما ق ّدـ ،وينظر اْلشأـ فال
كاآلخرة ،كىم الصوفيوف ،كا١تعرفة عندىم ٗتتلف ٘تاما عن ا١تعرفة
يرى إال ما ق ّدـ ،وينظر بين يديو فال يرى إال النار تلقاء وجهو، قبورىم ،ككصوؿ الًتبية الصحيحة ىو البعث اٟتقيقي بعد ا١توت ،كما
فاتقوا النار ولو بشق تمرة. قاؿ الرسوؿ ُب اٟتديث السابق الذكر :من مات فقد قامت قيامتو.
ٍب تكوف قيامتو كبعثتو بوصولو إذل اهلل ُب تربيتو الركحية الصحيحة لقولو رؤية اهلل ومعرفتو:
(صلى اهلل عليو كسلم) :من مات فقد قامت قيامتو .كىذا موافق ١تا
اختلف علماء األمة ُب جواز القوؿ أف رؤية اهلل ٦تكنة ،ألف كلمىت
ُب اعتقاد علماء الشريعة أنو بعد البعثة يقف اإلنساف أماـ اهلل ،ذلك
الرؤية كا١تعرفة معلومتاف ُب اإلسبلـ ،أما ٖتقيقهما فمجهوؿ ،كفيو
ألف ا١تريد إذا كصل فإنو يقوـ أماـ اهلل كيعرفو معرفة حقيقية.
االختبلؼ ،كعلى ذلك انقسم العلماء إذل ثبلثة أصناؼ:
ٍب إف ا١تريد السالك إذا صار عارفا ٯتوت موتة أخرل ،كىي أكرب
التاـ،
ا١توتات للعارفُت ،كىي عدـ االلتفات عن اهلل ،كسلب اإلرادة ٌ األكؿ :الذين اعتقدكا أف اهلل ال ٯتكن معرفتو كال رؤيتو البتة ،كإ٪تا البلزـ
كنفي ا١تشيئة كا١تطالب ،لقولو تعاذل :ما زاغ البصر وما طغى. علينا ُ -ب اعتقادىم -االستسبلـ لو كاإلٯتاف بوجوده تعاذل .كبنوا
كقاؿ أىل الفقو :إف التائب العائد إذل ذنبو كالكلب العائد إذل قيئو. عقيدهتم ىذه على قولو تعاذل ُب القرآف :ال تدركو اْلبصار ،وىو
قلت :كىكذا ا١تريد الواصل إذا التفت إذل ٤تبة الدنيا أك الغَت بعد يدرؾ اْلبصار ،وىو اللطيف الخبير (األنعاـ .)103كعلى قولو
كصوؿ تربيتو ،فهو كالكلب العائد إذل قيئو. تعاذل :ليس كمثلو شيئ في اْلرض وال في السماء ،وىو السميع
يظهر للقارئ جليا من كل ما سبق أف الًتبية الصوفية الصحيحة ىي العليم (الشورل .)11
ا١توت اٟتقيقي عند العارفُت ،كا١تدة ا١تستغرقة قبل كصوؿ الًتبية ىي
يػيىرل ،كينصحو أف يؤمن ثانيا بإمكانية رؤيتو تعاذل ،ألف اإلٯتاف اإلشارية اليت اعتقدىا أصحاب الصنف الثاين ،فإهنم عرفوه حقيقة كرأكه
بإمكانيتها مق ٌدـ على الرؤية ،كإال فالتوىم يكوف دائما حجابا يسده رؤية صادقة بقلوُّم ،ال تشبيهية كال ٘تثيلية.
عنها حىت قياـ الساعة.
كلتسليط األضواء على تلك األقساـ الثبلثة أماـ القراء نقوؿ :إف بعض
إثبات رؤية اهلل عند الصوفية: حرموا القوؿ ُب معرفة اهلل ،فضبل عن رؤيتو تعاذل ،ككل من قاؿ
العلماء ٌ
ٔتعرفتو كرؤيتو عندىم فقد رجم الغيب ،ألف اهلل تعاذل – ُب ظنوهنم –
يؤخذ من كل ما سبق من البياف أنو ٯتكن كل إمكاف رؤيتو تعاذل
ُب اٟتجاب ،كأنو حجبو عن الناس حاجب يس ٌد عن معرفتو كرؤيتو
بالًتبية الركحية الصوفية الصحيحة ،فينبغي للمريد إذا شرع ُب الًتبية
تعاذل ،كأف ىتك ذلك اٟتاجب عنو حراـ ُب الدين ،كاألمر ٓتبلؼ ما
الركحية أف ٬تتنب من مطالعة كتب العقيدة ١تا فيها من عبارات تناقض
زعموا.
إٯتانو بإمكانية رؤيتو تعاذل ،مثل قو٢تم :ال فوؽ ،كال ٖتت ،كال ٯتُت كال
مشاؿ ،كال يقاؿ لو كيف ،كال كم ،كال أين ......كما أشبو ذلك من فاٟتقيقة أنو ليس ىناؾ حجاب ٭تجب اهلل عن الرؤية كا١تعرفة ،لكن
كتب العقائد التوحيدية ،ألف ذلك يبعده عن رؤيتو تعاذل باٟتقيقة. اإلنساف ىو الذم يتوىم ُب نفسو كجود حجاب يسده عنو تعاذل،
كذلك لعدـ القدرة على رؤيتو تعاذل من يوـ كالدتو ،فأصبح يظن أف
ككذلك ينبغي لو عند تربيتو الركحية أف ٬تانب التفكر كالتدبر ُب معاين
ىذه ا١توجودات ىي اليت ٖتجب اهلل ،كأف اهلل ُب كراء ىذه ا١توجودات،
كثَت من آيات القرآف كاألحاديث النبوية على كجو ظاىر معنا٫تا ،مثل
كظن اإلنساف أنو ال يقدر على اإلحاطة با١توجودات ،بل ال يقدر على
ٌ
رؤية هنايتها ،فأىن ٯتكن لو رؤية ما بعدىا ،كىو اهلل .فكأف اهلل عندىم قلت :كمثل اإلنساف ُب ذلك كاألعمى الذم ال يرل ىذه األشباح
موجود ُب منتهى السموات ،أك ُب منتهى األرضُت ،أك ُب منتهى ا١تياه، ا١توجودة ،فإف عدـ رؤيتو لؤلشباح ال ينفي كجودىا كثبوهتا ١تن يرل،
بل ُب خفايا شيئ ما ،أك ُب غيب يشبو ببلط ا١تلك الذم ال ٮترج فهذه األشباح ظاىرة جدا .ىكذا كاف األمر ُب من ال يرل ظهوره
منو ،فصارت ىؤالء األشباح ُب نظرىم ىيئة كثيفة حجبت اهلل تعاذل تعاذل بالقلب ،فذلك األعمى كال ريب .قاؿ تعاذل :فإنها ال تعمى
عن الرؤية. اْلبصار ،ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (اٟتج .)46
ٖتل للمريد األىلية لبيت الوالية ،كلذلك قاؿ تعاذل للنيب ٤تمد
كبالًتبية ٌ قولو تعاذل :ال تدركو اْلبصار ،وىو يدرؾ اْلبصار ....كقولو :ما من
(صلى اهلل عليو كسلم) بعد كصولو :ال أقسم بهذا البلد ،وأنت حلٌّ نجوى ثالثة إال ىو رابعهم ،وال خمسة إال ىو سادسهم (اَّادلة
بهذا البلد ( ....سورة البلد) كالبلد ُب اآلية بلد معرفة اٟتقائق الربانية، .....)7كما على شاكلتها من اآليات ،حىت ال ٭تسب اإلنساف أف اهلل
تامة ُّا للمرء من دكف
كبالًتبية يدرم ا١تريد حقيقة األشياء ،فبل معرفة ٌ ىيئة ،كأف ىذه األشياح كلها ىيئة أخرل.
الًتبية الركحية اليت يدعو إليها التصوؼ،
أما اآليات القرآنية اليت تثبت رؤيتو تعاذل فمنها قولو :لقد كنت في
كمثل كل من ليس لو الًتبية الصوفية،كمثل الطفل الذم لو األعضاء غفلة من ىذا ،فكشفنا عنك غطاءؾ فبصرؾ اليوـ حديد( .....ؽ
التاـ ُّا إال بالبلوغ ،ككذلك كل عادل
كاملة ،لكنو ليس لو اإلدراؾ ٌ .)22فالغطاء ُب اآلية ىو اٟتجاب أك الوىم ا١تذكور ،كلذلك أضافو
شرعي بعلومو ،ككل عابد ّتميع عباداتو ،ككل ر واء ُب مرئياتو ،ككل يتوىم
تعاذل إذل نفس ا١تخاطب ُب اآلية ،ألف اإلنساف نفسو ىو الذم ٌ
متصوؼ ُب تصوفو ،ككل فيلسوؼ ُب مباحثو ،ككل داع ُب مواعظو، كجود حجاب معو تعاذل ،كليس عنده تعاذل ما ٭تجبو عن ا٠تلق قط،
ليس لو ىذه الًتبية ،ال يدرؾ كل كاحد منهم حقائق نصيبو إال بالًتبية علوا كبَتا.
تعاذل عن ذلك ٌ
الصوفية الصحيحة.
كمن ٚتلة تلك اآليات أيضا قولو تعاذل :أومن كاف ميتا فأحييناه،
وجعلنا لو نورا يمشي بو في الناس .... ،فا١تيت ىو من أماتت قلبىو
ىذا ،كلكل من رأل ربو تعاذل تأثَت تلك الرؤية ،فهل تلك الرؤية كرؤية أفال تبصروف (الصافات).
األشياء ا١تادية ىذه؟ فليست رؤيتو تعاذل عند الصوفية كرؤية ىذه يبدك من كل ما سبق من البياف أف الًتبية الركحية الصوفية أمر تطبيقي
األشياء بالعُت ،كإ٪تا ىي رؤية معنوية تقع ُب القلب ،كىي أقول من ركحي.
رأم العُت ،كأسرع منو ُب إحضار األشياء كاحدة كاحدة أك دفعة
التربية وأىميّتها:
كاحدة ،ألف رأم العُت قصَت حيث ال يرل ا١ترء شيئا إذا غمض عينيو،
لكن رؤية القلب لشيئ ما ال تنقطع كلو غمض العارؼ عينيو ،فرؤية درؾ معناىا إال بالًتبية الركحية،
إف مصطلحات التصوؼ اٟتقيقي ال يي ى
اهلل تعاذل رؤية بصَتةو ال رؤية بص ور ،فبل ينفي ذك بصر رؤيتو تعاذل عن إدراكا يتجاكز ظاىر معناىا ،مثل اٞتمع كالتفريق ،كالتقييد كاإلطبلؽ،
ذم بصَتة لعدـ رؤيتو إياه ببصره ،كلذلك قاؿ تعاذل :ثم جعلنا لو نورا كاٟتلوؿ كاالٖتاد ،كاألزؿ كاألبد ،كا١توت كاٟتياة ،كالتجريد.
كٯتكن القوؿ إ نذا أف األنبياء بدأكا بالًتبية أكالٍ ،ب باالستمداد من تلك فإذا كانت العبادات كالعلوـ الشرعية كاٞتسد الذم لو األعضاء،
الًتبية ،كاالستمداد ىو النبوة كالرسالة ،كىذا داللة على أف الًتبية ىي التاـ ،ألف الًتبية ركح لذلك
فبالًتبية ٭تصل لتلك األعضاء اإلدراؾ ٌ
ا١تركز ١تعرفة حقائق ا١تراتب كا١تقامات كلًتي مق ًن الكينونة فيها. اٞتسم،
أنواع التربية: كإذا كانت الوالية بلدا فالًتبية الركحية كسيارة ربانية أسرع تبلغ ا١تريد
إف الًتبية ثبلثة أقساـ :العامة كا٠تاصة كخاصة ا٠تاصة. إذل ذلك البلد ،كالسائق للسيارة ىو تفكَت ا١تريد ،كالنفط فيها ىو
األذكار ،كجهازىا قلب ا١تريد ،ك٣تريها احملبة كالتشوؽ إذل اهلل ،كمقصد
أما الًتبية العامة فهي الًتبية اٞتسمانية ،من تغذية ا١ترء ككسائو،
كتنظيف جسمو كتنميتو ،كتثقيف عقلو كتنشيطو ،كتعليمو ما يقيم بو السفر ىو اٟتضرتاف األلوىية كالربوبية ،كيسرع سَت ا١تريد الركحي كلما
معيشتو من كسب ،كما يكوف بو إنسانا مثقفا من بعض علوـ دنيوية ازداد ُب التفكَت كاحملبة كالتشوؽ ُب مقصده ا١تذكور ،ككلما ٭تسن
جرا .ككذلك آداب الفطرة ،كل ىذا كذاؾ تربية عامة ،من حيث كىلم ٌ جهاز سيارتو (أل القلب) بأف يص ٌد غَت اهلل من الدخوؿ فيو ،كبأف ال
أف أجناس اإلنساف كاٟتيوانات متشاركوف فيها. يلتفت إذل غَته تعاذل من ا٢تموـ الدنيوية يزداد نورا كمعرفة ،لقوؿ النيب
كأما ا٠تاصة فهي الًتبية العقلية ،علمية أك دينية ،أك خلقية ،بالتخلي (صلى اهلل عليو كسلم) :وإف في الجسد مضغة ،إذا صلحت صلح
عن الرذائل من األخبلؽ ،كالتحلي بالفضائل منها ،أل تطهَت اإلنساف الجسد كلو ،وإذا فسدت فسد الجسد كلو ،وإذا فسدت فسد
من األمراض القلبية اليت تفسد أعماؿ ا٠تَتات ،كما قاؿ الرسوؿ الجسد كلو ،أال وىي القلب.
كلذلك كلو اتفق الصوفية العارفوف على أف الًتبية الركحية ُب التصوؼ كقاؿ الشيخ التجاين :من يعرفني يعرفني وحدي ،أل من يعرفو تعاذل
كاجبة ضركرية ،كجعلوىا بابا أكال أساسيا ال بد منو للدخوؿ اٟتقيقي ُب يعرفو كحده حيث ال يرل معو إال ىو ،كالعُت للمعرفة ىي الًتبية
التصوؼ. الركحية الصوفية.
كمنشأ ىذه الًتبية ىو من عند اهلل تعاذل لتكوف الًتبية ٔتثابة العُت التربية والنبوة:
ا١تعنوية للعارؼ لَتل اهللى تعاذل ُّا ،كقاؿ تعاذل :أومن كاف ميتا
النبوة كمقامتها من يوـ كالدهتم ،لكنهم دل
فاألنبياء كلهم نالوا مرتبة ٌ
فأحييناه ،وجعلنا لو نورا يمشي بو في الناس ،كمن مثلو في
يتيقنوا ُّا إال بعد ما حصلوا على نور الًتبية بعد أربعُت عاما تارة أك
الظلمات ليس بخارج منها .....،كقاؿ ُب موضع :لقد كنت في
دكف ذلك ،فلم ي ٌدعوا النبوة قبل ذلك األكاف لعدـ تي ٌقنهم ُّا ،فالبعثة
غفلة من ىذا ،فكشفنا عنك غطاءؾ ،فبصرؾ اليوـ حديد .كقاؿ ُب رافقت كصوؿ الًتبية الركحية ،كلو كانت ترببية بعضهم الركحية جليٌة
اٟتديث القدسي :كنت كنزا مخفيّا فأحببت أف أعرؼ فخلقت مذكورة ُب القرآف ،كتربية بعضهم غَت جليٌة كال مذكورة.
خلقا ،فبي عرفوني .فقولو فبي عرفوني أل أنا ا١تعركؼ من الًتبية،
كالبعثة ىي اإلخبار عما تيقن النيب ُب كصوؿ تربيتو الركحية ،ككل بياف
كأنا العُت للمعرفة.
األنبياء (أل النبوة كالرسالة) من البعثة ىو ترقياهتم من استمداد تربيتهم
الركحية ،ألنو ال يستم ٌد نيب كال رسوؿ من اهلل إال بعد معرفتو تعاذل،
كأما تربية خاصة ا٠تاصة فهي معرفة النفس ،ككشف اٟتجاب كالغطاء الخل
(صلى اهلل عليو كسلم) :الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد ّ
عن عُت القلب ،إذ النفس ىي منبع اٞتهاالت كالرعونات ،كإذا عرؼ العسل ،كقاؿ ُب موضع :والمهاجر من ىجر السوء والمجاىد من
العبد نفسو فقد صادؼ نور العرفاف ،لقولو تعاذل :وفي أنفسكم أفال جاىد ىواه ....المسلم أخو المسلم اليظلمو وال يكذبو .......
تبصروف ،كيعرؼ حقائق األشياء كلها ،لقولو تعاذل :أومن كاف ميتا فطهر ،والرجز فاىجر ،فال تمنن تستكثر
كقاؿ القرآف :وثيابك ّ
فأحييناه ،وجعلنا لو نورا يمشي بو في الناس ....كىذا النوع من (ا١تدثٌر).
ت فِي غَ ْفلَ ٍة الًتبية ىو حقيقة الًتبية عند الصوفية .قاؿ تعاذل ":لََق ْد ُك ْن َ كىي أيضا تدريب النفس على العبادات ا١تفركضة ،كالنوافل ا٠تَتية،
ص ُر َؾ الْيَػ ْوَـ َح ِدي ٌد (ؽَ )33:وا ْعبُ ْد ش ْفنا ع ْن َ ِ ِ
اء َؾ فَػبَ َ
ك غطَ َ م ْن َى َذا فَ َك َ َ َ النيب
ك حتَّى يأْتِي َ ِ كالتبلكة ،كصياـ التطوع ،كتبلكة األذكار كاألكراد ،كالصبلة على ٌ
ح اللَّوُ َ
ص ْد َرهُ ين (الحجر )99:أَفَ َم ْن َش َر َ ك الْيَق ُ َربَّ َ َ َ َ (صلى اهلل عليو كسلم) ،كما أشبو ذلك ،من طلب العلوـ الشرعية،
اسيَ ِة قُػلُوبُػ ُه ْم ِم ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِو
لِ ِْإلس َالِـ فَػهو َعلَى نُوٍر ِمن ربِِّو فَػويل لِ ْل َق ِ
ْ َ َْ ٌ َُ ْ كاٞتهاد ُب سبيل اهلل بالنفس كا١تاؿ ،قاؿ الرسوؿ (صلى اهلل عليو
ض َال ٍؿ ُمبِي ٍن (الزمر.)22: ك فِي َ أُولَئِ َ ْلتمم مكارـ اْلخالؽ.
كسلم) :بعثت ّ
التربية عند اإلماـ الغزالي: كمثاؿ ذلك عند النيب ٤تمد (صلى اهلل عليو كسلم) ىو ما كرد ُب
قاؿ اإلماـ الغزارل ُب كتابو ا١تنقذ من الضبلؿ :إف التربية تقديم ت
ت لَ ُه ْمَ ،ولَ ْو ُك ْن َ توصية اهلل لو ُب قولو تعاذل :فَبِ َما َر ْح َم ٍة ِم َن اللَّ ِو لِْن َ
المجاىدة ،ومحو الصفات المذمومة ،وقطع العالئق كلها، استَػ ْغ ِف ْر لَ ُه ْم
ف َع ْنػ ُه ْم َو ْك فَا ْع ُ ْب َالنْػ َفضُّوا ِم ْن َح ْولِ َ فَظًّا غَلِي َ
ظ الْ َقل ِ
واإلقباؿ على اهلل بكنو الهمة ،ومهما حصل ذلك كاف اهلل المتولي
ك َحتَّى
-21كتؤلألت فيو حقائق األمور اإل٢تية قاؿ تعاذلَ :وا ْعبُ ْد َربَّ َ لقلب عبده ،والمتكفل لو بتنويره بأنوار العلم ،وإذا تولى اهلل أمر
ين (الحجر)99 : يأْتِي َ ِ القلب فاضت عليو الرحمة ،وأشرؽ النور في القلب ،وانشرح
ك الْيَق ََُ
الصدر ،وانكشف لو سر ملكوت السموات ،وانقشع عن حجاب
كباٞتملة ،فالًتبية اٟتقيقية ا١توصوفة ىي الوالدة الثانية اليت إذا فاتت
الغرة بلطف الرحمة ،وتألْلت حقائق اْلمور اإللهية.
عبدا فلن يدخل ُب ملكوت السموات ،طبقا ١تا حكي عن النيب عيسى
عليو السبلـ أنو قاؿ :لن يلج ملكوت السموات من لم يولد مرتين.
كىذه الًتبية الثالثة ا١تذكورة ىي حقيقة الًتبية الصحيحة اليت ىي مدخل تحليل ما قالو اإلماـ أبو حامد الغزالي بنصوص قرآنية وسنية
الوالية اٟتق طبقا لقولو تعاذل :ىنالك الوالية هلل الحق ىو خير ثوابا -2تقدًن اَّاىدة :يعٍت ٣تاىدة نفس ا٢تول بقتل رعوناهتا ،كتركيضها
وخير عقبا (الكهف). َّ ِ
ين آ ََمنُواعلى األكراد كاألذكار ا١تعلومة بدليل قولو تعاذل :يَا أَيُّػ َها الذ َ
ارةُ َعلَْيػ َها َم َالئِ َكةٌ ِ ِ
كيفية التربية عند القدماء: َّاس َوالْح َج َ ود َىا الن ُ ارا َوقُ ُ س ُك ْم َوأَ ْىلي ُك ْم نَ ً قُوا أَنْػ ُف َ
صو َف اللَّوَ َما أ ََم َرُى ْم َويَػ ْف َعلُو َف َما يُػ ْؤَم ُرو َف ِغ َال ٌ ِ
ظ ش َدا ٌد َال يَػ ْع ُ
كأما كيفية الًتبية الركحية عند الرجاؿ الصوفية ففيها االختبلؼ بينهم، (التحريم )6:والذين جاىدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإف اهلل لمع
ا١توضوع ٍُت ٢تا ،كمع ىذه االختبلفات
ى خصوصا ُب األسلوب كالزمن ارةٍ تُػ ْن ِجي ُك ْم ِ
َدل ُك ْم َعلَى ت َج َ
المحسنين ....يا أيها الذين آمنوا َىل أ ُ ُّ
ْ
فيما بينهم فإف ىدفهم ُب الًتبية كاحد؛ كىو معرفة اهلل تعاذل. اى ُدو َف فِي َسبِ ِ
يل يم ( )51تُػ ْؤِمنُو َف بِاللَّ ِو ورسولِ ِو وتُج ِ ِم ْن َع َذ ٍ
اب أَلِ ٍ
ََ ُ َ َ
اللَّ ِو بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَنْػ ُف ِس ُك ْم َذلِ ُك ْم َخ ْيػ ٌر لَ ُك ْم إِ ْف ُك ْنتُ ْم تَػ ْعلَ ُمو َف
(الصف )55:كقاؿ (صلى اهلل عليو كسلم) :رجعنا من الجهاد - 6كإذا توذل اهلل أمر القلب فاضت عليو الرٛتة :فَػ َو َج َدا َع ْب ًدا
اْلصغر وعليكم بالجهاد اْلكبر ،قالوا كما ىو؟ قاؿ :جهاد النفس، ادنَا َآتَػ ْيػنَاهُ َر ْح َمةً ِم ْن ِع ْن ِدنَا َو َعلَّ ْمنَاهُ ِم ْن لَ ُدنَّا ِعل ًْما
ِمن ِعب ِ
ْ َ
فاَّاىد من جاىد ىول نفسو ،كىي أعدل أعدائو. (الكهف.)65:
٤ -3تو الصفات ا١تذمومة :قاؿ تعاذل :والرجز فاىجر ،كقاؿ الرسوؿ ص ْد َر َؾ
ك َ -8كأشرؽ النور ُب القلب كانشرح الصدر :أَلَ ْم نَ ْش َر ْح لَ َ
كا١تهاجر من ىجر ما حرـ اهلل. ص ْد َرهُ لِ ِْإل ْس َالِـ فَػ ُه َو َعلَى نُوٍر ِم ْن َربِِّو ح اللَّوُ َ (الشرح )5:أَفَ َم ْن َش َر َ
ين آ ََمنُوا َال تُػ ْل ِه ُك ْم أ َْم َوالُ ُك ْم َوَال َّ ِ ك فِي َ
ض َال ٍؿ ُمبِي ٍن اسيَ ِة قُػلُوبُػ ُه ْم ِم ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِو أُولَئِ َ
فَػويل لِ ْل َق ِ
َْ ٌ
-4قطع العبلئق كلها :يا أَيُّػ َها الذ َ
(الزمر ،)22:كقولو :ما كنت تدري ما الكتاب وال اإليماف ،ولكن
ْخ ِ
اس ُرو َف ك ُى ُم ال َ ك فَأُولَئِ َأ َْوَال ُد ُك ْم َع ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِوَ ،وَم ْن يَػ ْف َع ْل َذلِ َ
(المنافقوف)9 جعلناه نورا نهدي بو من نشاء من عبادنا ،وإنك لتهدي إلى صراط
مستقيم( .....الشورل .)63
- 4كاإلقباؿ بكنو ا٢تمة على اهلل تعاذل :واذكر اسم ربك وتبتل
ِ ِ -9كانكشف لو سر ا١تلكوت :قاؿ تعاذلَ ":وَك َذلِ َ
إليو تبتيال ......كقولو تعاذل :واصبر نفسك مع الذين ك نُ ِري إبْػ َراى َ
يم
ِِ ِ ات و ْاْلَر ِ ِ
وت َّ ِ
يدعوف ربهم بالغداة والعشي يريدوف وجهو( ....الكهف) ين (األنعاـ)86 ض َوليَ ُكو َف م َن الْ ُموقن َالس َم َاو َ ْ َملَ ُك َ
- 5مهما ٭تصل ذلك كاف اهلل ىو ا١تتورل لقلب عبده كا١تتكفل -:كانقشع عن كجو القلب حجاب الغرة بلطف الرٛتة ،قاؿ تعاذل:
ش ْفنا ع ْن َ ِ ِ
لو بتنويره بأنوار العلم ، :كقولو :اتقوا اهلل ويعلمكم اهلل..... ص ُر َؾ الْيَػ ْوَـ
اء َؾ فَػبَ َ
ك غطَ َ ت فِي غَ ْفلَ ٍة م ْن َى َذا فَ َك َ َ َ
لََق ْد ُك ْن َ
َح ِدي ٌد ( ؽ.)22:
يعرؼ ذلك منك إال أقرب الناس إليك في خدمتك ،ممن يجهل ٍب إهنم اتفقوا ُب أشياء لوصوؿ الًتبية الصحيحة؛ كىي التفكَت كمبلزمة
ما أنت عليو ،وال يعرؼ ما تقصده. الذكر ا١تعتاد عليو تلك الطريقة ،كالعبادة الشرعية ،كاالعتزاؿ عن الناس
كأمور الدنيا جسدا كقلبا.
وإنما يمنع من ذلك لتشوؽ نفسو إلى النفوس المتشوقة لخروجو:
بماذا يخرج؟ وىي علة كبيرة ،ونحن نحب تقريب الفتح على أما زمن الًتبية ،فمنهم من رأل كجوبيتها ُب مق ٌدـ سَت ا١تريد الركحي،
الشخص ،وىذا يبعده ،فإنو ال سبيل إلى الفتح وفي النفس أثر. كمنهم من آثر أف تكوف الًتبية ُب مؤخر سَته .أما األكثر من الصوفية
فهذه صورة الخلوة المطلقة. القدماء؛ (الصوفيُت قبل ٣تيئ ا٠تتم التجاين بطريقتو التجانية) ،فهم
الذين رأكا أف الًتبية آخر ا١تطاؼ كهنايتو لكل سالك ُب التصوؼ ،كرأكا
وجرى فيها أشياء نبّهنا عليها مما يحتاج إليها في الخلوات كلها:
أف الًتبية مرحلة هنائية كغاية عليا ليس بعدىا مرحلة كال غاية .ككانوا
العامة والخاصة ،فال تحتاج إلى تكراره في خلوة مقيدة.
التاـ إذل اهلل
يصلوف إذل اٟتضرة بكثرة العبادات كالنوافل ا٠تَتية ،كالتبتل ٌ
أنواع الخلوة عند ابن عربي: كخلو القلوب باإلعراض عن الدنيا ،كبالبيعة على يد
كعلو ا٢تمة إليوٌ ،
ٌ
خلوة الهدىد :تدخل الخلوة ،كما أرسم لك ،وتستعمل في غذائك مرشد كامل ،كبالرياضات ا١تأذكف ٢تم ُّا من شيوخهم ،كليس ٢تم هتيٌأ
قلوب الهدىد تسحقها وتسفها س ّفا ،فإنك ترى عجائب ،ويكوف كال استعداد للًتبية سول شوقهم إذل االتصاؿ باٟتضرة كالوصوؿ إذل
ذكرؾ :ال إلو إال ىو رب العرش العظيم (النمل )26 اهلل ،فكانوا يستمركف على أعما٢تم السلوكية ،من تبلكة الذكر ك٣تاىدة
النفس كإعماؿ ا٠تاطر بالتفكَت ،حىت يأٌب اهلل بفتح أك أمر من عنده، وأما صورتك فيها ابتداء ،فهو أف تغتسل وتنظّف ثيابك ،وال بد من
كىو الوصوؿ إذل حضرة األٝتاء كالصفات. النية بالتقرب إلى المتوجو إليو" :ال إلو إال ىو العزيز الحكيم".
وال سبيل لكثرة الحركة فيها ،وال تزد على الفرائض والركعتين
كيفية التربية عند ابن عربي (وىو من القدماء): والرواتب ،والقعود على طهارة ،واستقباؿ القبلة دائما ،وإذا أردت
الحاجة فليكن موضع خالئك بعيدا :قريبا من خلوتك ،وتحفظ
قاؿ ابن عريب ُب كتاب تنبيهات على علو اٟتقيقة احملمدية ص :39
عند خروجك من الهواء الغريب ،فإنو يؤثر فيك تفريقا زمانا طويال.
فأما صفة البيت المخصوص بهذه الخلوة ،فينبغي أف يكوف بكل
خلوة إف أمكن ،فهو :أف يكوف ارتفاعو قدر قامتك ،وطولو قدر وليكن ماؤؾ ال يتغير عليك ،وإذا خرجت لحاجة س ّد عينيك
سجودؾ ،وعرضو قدر جلستك ،وال يكن فيو ثقب وال قوة أصال، وأذنيك ،وليكن غذاؤؾ معك في بيتك مع ّدا ،وخلف باب بيتك
وال يدخل عليك ضوء رأسا ،ويكوف بعيدا من أصوات الناس، محفوظا.
ويكوف بابو قصيرا ،وثيقا في غلقو ،وليكن في داره معمورة فيها ومن شروط ىذه الخلوة – بل كل خلوة – إف قدرت – أف ال
ناس ،وإف تمكن أف يبيت أحد بقرب باب الخلوة ،فهو أحسن. يعرؼ أحد أنك في خلوة أصال ،وإف كاف ال بد أف يعرؼ ،فال
واعلم أف صورة الخلوة ما ذكرتو لك ،ثم أنو تختلف الحاالت فيها ووقفت على أسماء ،وأنا بالمسجد اْلقصى ،فعرفتها خوطبت بها،
على اإلنساف بحسب أذكاره ،فإف الذكر مع االستعداد ،ىو وىي في الخلوة عجيبة ،وىي ىذه:
الداعي إلى الفتح ،ولكن بما يناسب الذكر الذي يكوف عليو
عنت وجود الروحانيات العلى ،للسبحات العظمى ،التي فتق بها
صاحب الخلوة.
الرتق ،يا علي يا قيوـ ،يا من أوجد اآلباء العلويات متحركة،
وقد أدخلت مريدا لنا بذكر سهل بن عبد اهلل ،الذي أعطاه خالو، واْلمهات السفليات ساكنة ،بالصفة التي ىي عين الموصوؼ .يا
علي" ففتح لو بو في
إلي ،اهلل شاىد ّ
وىو" :اهلل معي ،اهلل ناظر ّ من أدار القمرين حوؿ مراكز تداويرىما ،وأدار الدورة الكبرى
أربعة أياـ .وأما أنا ففتح لي بو في ربع ليلة .وأدخلت شخصا بيتو للسكوف والفضل المبتغى ،المنطوؽ بو على ألسنة الروحانيات
على "سبحاف اهلل العظيم وبحمده" فرفع من ليلة. عز ،يا مقدوس يا
العلى ،يا من نظر إلى من نظر إليو ،يا معز اْل ّ
أحد ،لك العز اْلفخر ،والملك اْلكرـ ،والملكوت اْلفخم ،أثر
ودخل بعض الشيوخ بذكر" :ال إلو إال اهلل وحده ال شريك لو ،لو
جاللك :الهيبة في القلوب ،وأنت المحساف ،تنقل اْلطوار
حي ال يموت ،بيده الخير،
الملك ولو الحمد ،يحيي ويميت ،وىو ّ
واْلدوار ،وتعلم ما سكن في الليل والنهار ،يا عظيم ال أعظم ،يا
وىو على كل شيئ قدير" .ولزمو مدة ،ففتح لو في التوحيد
كبير ال أكبر ،أنت المقصود بكل ىمة ،والمسؤوؿ بكل لساف"
والتوكل ،فكاف واحد عصره فيهما.
العلم اٟتقيقي اللدين ُب السلوؾ التصوُب ،ألنو دل يدر ل ٌذة الذكر، كاستعما٢تا ،كىذا عُت العبلقة بُت ا١تتصوفُت القدماء كعلماء األكفاؽ
ككذلك اٟتضرات كا١تقامات كا١تراتب ا١توجودة ُب السلوؾ ،فبل يعرؼ كاألسرار.
كال يفهم األدىن منها بدقة ،ال سيما أقصاىا ،كال يتيقن بكينونتو ُب
ب -أنو ال يتفرغ للًتبية من القدماء إال أىل النهايات ،كلذلك كانوا
مقامة أك مرتبة ،إال بالًتبية الركحية.
ال يعطوهنا إال ١تن بلغ األربعُت أك دكهنا من العمر أك من السلوؾ،
التربية السلبية وأنواعها: ألهنم رأكىا هناية السَت كآخرة ا١تطاؼ ُب التصوؼ.
كحرفوىا عن كجهها
إف بعض التجانيُت استخ ٌفوا بالًتبية الصوفية ٌ لعل ىذه ا١تشقة العظيمة اليت يعانيها ا١تريد ُب الًتبية على
ج – أنو ٌ
صحتها بتعجيل الفتح كالوصوؿ كسرعة االنتقاؿ من
اٞتوىرم ،كضيعوا ٌ األسلوب القدًن ،كشرط بلوغ األربعُت من العمر أك من السلوؾ ،كألف
مرتبة ا١تريد إذل مرتبة ا١تقدـ ،ككثَت من ا١تريدين اليوـ دل ينتهوا منها القدماء رأكا الًتبية هناية السَت الصوُب ،ىذا كلو ىو الذم جعل الًتبية
بالوصوؿ التاـ حىت يستكملوىا من تلقاء أنفسهم ،كبعضهم تضمحل ُب بعض الطرؽ الصوفية ضائعةن من بضاعتهم ،غَت
ٌ الصوفية
باستماعهم إذل أقواؿ العارفُت كبياهنم ُب ٣تالسهم أك ُب زكاياىم أك التجانية حىت اليوـ.
حفبلت ا١تولد ،فيعتمد قاصرك التصوؼ على مثل ىذه األقواؿ من
اٟتقائق ،كيستكملوف ُّا تربيتهم ،كيدعوف مرتبة الًتبية الصوفية اٟتقيقية
كيفية التربية عند التجانيين:
العرفانية ،كالبعض منهم دل يًتبوا قط على يد مرشد عارؼ ،كبعض
الًتبية أك الفتح عند القدماء ٗتتلف ٘تاما عن أسلوب الطريقة التجانية، مبادئ اْلمر على سنن الطرؽ القديمة في السلوؾ والتربية ،يحتاج
ألهنا تكوف عندىم ُب اٞتلوة ال ُب ا٠تلوة ،كتكوف بأذكار ٥تصوصة كال تاما ،وكاف سيدنا رضي اهلل عنو سالكا في
فيها إلى الخلوة احتياجا ّ
بأم ذكر شاء ا١تريد ،كتكوف لكل من لو البلوغ الشرعي ال ١تن بلغ ذلك على منهج القدماء حتى أذف لو النبي (صلى اهلل عليو كسلم)
األربعُت فقط ،كتكوف للذكر كاألنثى كالكبَت كالصغَت على السواء ،قاؿ في التربية المطلقة بالهمة النافذة والسر الباىر الذي ال يحتاج معو
الشيخ إبراىيم عبد اهلل الكو٠تي (رضي اهلل عنو): تحمل مشقة ،كرامةً من اهلل لو ،ولخصوصية طريقو المحمدية،
إلى ّ
سري عاقرا *** فأصغر أتباعي أنيل فناء فصار بعد ذلك يربي كل من أتاه لألخذ عنو بنظرة واحدة ،ولقد
وأشكر ربي ليس ّ
أجاد صاحب الالمية في قولو:
كُب موضع قاؿ:
بال خلوة ربّى وربوا بخلوة #فشتاف ما بين اليزيدين منهال
وأشكر ربا ألهم العبد رشده *** فأصغر أتباعي بريئ من الشرؾ
قلت :أما الًتبية ُب الطريقة التجانية ،فهي بداية األعماؿ السلوكية،
ىذا ،ككانت ىذه الطريقة التجانية الغراء على أسلوب القدماء ُب
ألهنا مركز اٟتركات كاحملاكالت الصوفية على اٟتصوؿ على اٞتوىر ُب
ا١تبدإ ،كلذلك قاؿ الشيخ أٛتد سكَتج ُب كتابو "كشف اٟتجاب
التصوؼ اٟتقيقي ،كحو٢تا تدكر ٤تاكالت ا١تريد العرفانية من الًتقيات
عمن تبلقى مع الشيخ التجاين من األصحاب ص :388 – 387
كالتزكيات كالتفكَتات ،كإذا فاتت ا١تريد ىذه الًتبية فليس لو ٣تاؿ إذل
واعلم أف ىذه الطريقة التجانية ذات المواىب العرفانية كانت في
الرؤيا ا١تنامية كرأل نفسو كسط اٞتماعات الكثَتة ،أك رأل عا١تا من الشيوخ يعجلوف الًتبية ١تريديهم من غَت مداكمة اللوازـ الضركرية ُب
العلماء أك نورا المعا ،أك رأل نفسو ُب األفق بدكف فائدة ما ،يقوؿ لو الطريقة بل ال يكاد مريد ٬تيد قراءة جوىرة الكماؿ حىت يلقنو شيخو
ىا ىا ىا قد يلغت مقاما عاليا حىت يشيٌخو الشيخ بسبب ىذه الرؤيا، أذكار الًتبية بعد شهر أك بضع أياـ من تلقُت الدخوؿ ُب الطريقة،
أفبل ترل أيها القارئ العزيز جهالة الشيخ كغباكة ا١تريد؟ ألف الرؤيا ال كبعض الشيوخ إذا لقن مريده أذكار الًتبية يأمره أف يراجعو كيقوؿ لو ما
عربة ُّا كثَتا عند القوـ ُب الًتبية الصوفية ،ألف ا١تدار عندىم أمر خطر ببالو ،فإذا جاءه ا١تريد طفق يسألو عن أفراد األشياء بأف يشَت
كجداين ركحاين. مثبل :إذل زجاجة سائبل ما ىذه؟ فإف أجابو ا١تريد أهنا زجاجة ،فإنو
يقوؿ ١تريده دل تبصر قط ،أك دل تعرؼ اٟتقيقة كيأمره بالذىاب ،كإذا
فاعلم أيها ا١تريد الصادؽ أف الًتبية الصوفية اٟتقيقية اليت ٨توـ حو٢تا
كاف الغد أك بعض األياـ كزاره ا١تريد ،يبدأ الشيخ ُب سؤاؿ ا١تريد على
أصعب كأشق من كل ما سبق ،كىي أيضا أيسر كأسهل من كل ما
األسلوب ا١تتقدـ مشَتا إذل شيئ آخر حىت يضطر ا١تريد إذل أف ٬تيب ب ػ
فاألىم من كبل األمرين التفويض إذل اهلل ،فما على الشيخ
ٌ ذكرنا،
"اهلل" فيجيبو بو ،أك يشَت الشيخ إذل شيئ آخر ما ىذا؟ فيجيبو ب ػ
ا١ترشد سول التلقُت ،كعلى ا١تريد ما عدا نية معرفة اهلل كمرافقة األذكار
"اهلل" ،فعند ذلك يقوؿ الشيخ صواب ما قلت اآلف ،كقد كصلت.
مع التفكَت ،كلكن الوصوؿ مفوض أمره إذل اهلل ،كعليو يقوؿ القرآف:
يوـ ال تملك نفس لنفس شيئا ،واْلمر يومئذ هلل. كبعض شيوخ يعطي مريده أذكار الًتبية ك٭تدد لو األياـ ُب عملها ،فإذا
كملت األياـ ،كزاره ا١تريد أف قد كملت األياـ احملدكدة يقوؿ لو قد
أ٘تمت تربيتك كبقي عليك اآلف أعماؿ الًتقية ،فيعطيو ذلك أيضا فما ظنك يا صاح العزيز ٔتثل ىذا ا١تريد أفبل ترل أنو ٬تيب شيخو أف
بتعديد أياـ ٥تصوصة ،فإذا جاءه ا١تريد يقوؿ لو الشيخ قد انتهيت من اهلل ىو كل شيئ ،ككل شيئ ىو اهلل ،فإف أصاب ا١تريد ُب أحد األياـ
أعماؿ الًتقية ،ىكذا يلقنو أنواع األذكار للصعود إذل ا١تقامات ُب الثبلثة يصافحو كيقوؿ لو قد كصلتٍ ،ب يقوؿ مفتخرا :إف الًتبية
التصوؼ مثل ا٠تليفة كالشيخ. الصوفية عندنا ميسرة ببل تعب كال مشقة ،ألهنا ال تتجاكز ثبلثة أياـ،
كىذا إفك ٌبُت كضبلؿ مبُت.
كالبعض منهم يسلٌم إذل ا١تريد من أكؿ يوـ لقائهما نسخةن فيها أذكار
الًتبية كأسرار الفاٖتة كصبلة الفاتح كجوىرة الكماؿ كسر الزيارة كأٝتاء كأضراب ما سبق من أساليب الًتبية السلبية عند التجانيُت اٟتقيقيُت،
اٟتواضر ا٠تمسٍ ،ب يأمره بقراءة اٞتميع ،كبقراءتو للجميع لقد بلغ كبعضهم أيضا بعد ما لقن ا١تريد تلقُت الدخوؿ بٌت أعماؿ سلوؾ ذلك
ا١تقامات كلها. ا١تريد على إعطائو أنواع األذكار كاألدعية كٔتداكمة ىذا ا١تريد على ما
يعطيو شيخو من أذكار كأدعية كدكائر من الدكائر ،كل ذلك عنده تربية
كبعض الشيوخ يعطوف ا١تريد الًتبية بأف يدعوه ُب الغرفة منفردا كيكلمو
كترقية كتزكية .كبعد انتهاء ذكر أك دعاء أك دائرة يقوؿ الشيخ ١تريده قد
بأمور الًتبية كمفاىيمها ٍب يأمر ا١تريد باإلصغاء إليو با٢تمة كأنو يلقى
بلغت مقاـ كذا ،أك قد كنت ُب مرتبة كذا ككذا.
إليو احملاضرة حوؿ معرفة اهلل ،كبعد ىذا الكبلـ ُب اليوـ األكؿ يسأؿ
يد فانظر ماذا ترل فيما كلمتك بو عمن ىو اهلل؟ ىكذا يفعل ُب
ا١تر ى كبعضهم أيضا بعد ما بايعو ا١تريد كأعطاه التلقُت ُب دخوؿ الطريقة
اليوـ الثاين كالثالث إف دل ٬تد اٞتواب كيتمادل ا١تريد ُب أعماؿ سلوكو ،فإذا كاف مثل ىذا ا١تريد موىوب
إلى ربك منتهاىا :عند اهلل تعاذل العلم عن كقت الوصوؿ كاعلم أيها األخ الكرًن القارئ ثبوت ىذه القوؿ اٞتد أف كصوؿ الًتبية
إنما أنت منذر من يخشاىا :إ٪تا عليك يا شيخ أف تلقن ا١تريد أذكار عم النيب ٤تمد (صلى اهلل عليو كسلم) عند
يكوف ٔتشيئة اهلل ،فانظر إذل ٌ
كتبُت لو اآلداب ا١تتعلقة بالًتبية كبالسلوؾ
الًتبية ٌ ما كاف ُب غمرات ا١توت ،كأراد (صلى اهلل عليو كسلم) أف يقوؿ عمو
كلمة اإلخبلص ا١تشرفة ،فلم يستطع أف يقو٢تا على رغم خفتها على
كأنهم يوـ يرونها لم يلبثوا إال عشية أو ضحاىا :كأف ا١تريدين إذا
كصلوا ُب تربيتهم يكوف األمر ٢تم كأهنم دل ٯتكثوا عليها أمدا طويبل .أك اللساف كمع عظمة النيب كجبللتو ككرامتو لدل اهلل ،ذلك ألف اهلل
إهنم يوـ كصوؿ الًتبية ال يركف ُب األشياء إال كاحدا ،العشية باطنها أك سبحانو كتعاذل دل يعط عمو (صلى اهلل عليو كسلم) االستطاعة أك
ضحاىا ظاىرىا ،كذلك معٌت ال إلو إال اهلل ٤تمد رسوؿ اهلل. النصيب على أف يقو٢تا للحصوؿ على مرتبة اإلسبلـ ،فما ظنك ٔترتبة
أجل ،كلقد أكضح الشيخ اٟتاج إبراىيم كيفية الًتبية ُب الطريقة التجانية اإلحساف أل مرتبة معرفة اهلل باٟتقيقة ،كلذلك يقاؿ ُب ا١تثل :كل
كٖتديد زمنها ُب كتابو جواىر الرسائل ص ُ ،24ب رسالة كتبها إذل ميسر بتيسَت اهلل ،بل كل ميسر ١تا خلق لو.
ىب حُت قاؿ :أما ما ذكرت من وصوؿ المريدين فالحمد
مريده ىم َّن أ َّ
مقرا :إف مثل ىذه الًتبية السلبية اليت مررت
كأخَتا ُب ىذا الباب أقوؿ ٌ
هلل بازدياد اإليماف في اْلمة ،وأما حاؿ اآلخرين وما سألت عنو من
عليها أيها القارئ ال تعطي صاحبها ذكقا كال كشفا حىت يستطيع أف
كيفية التربية ،اعلم أرشدنا اهلل وإياكم أف التربية في طريقتنا – بهمة
الشيخ الختم التجاني رضي اهلل عنو الذي يقوؿ من يعرفني يعرفني يفهم حقيقة التصوؼ كجوىريتو.
وحدي – فليس على المقدـ المأذوف لو بالتلقين سوى مجرد
ىل يمكن تحديد مدة وصوؿ التربية أـ ال؟: وآخر لكشف الحقائق ،وآخر ما يتعدى بو الخياؿ ،والمثاؿ ،وكل
لو مقاـ معلوـ ،وحد مرسوـ ،تقتضيو جبلّتو.
دل يكن ىناؾ طريقة صوفية صحيحة ٖت ٌدد للمريد مدة الوصوؿ ،إما
يوما أك يومُت ،أسبوعا أك أشهرا ،أك سنُت .كإ٪تا كاف القدماء من قلت :كليس ُب الطريقة التجانية التحديد لوصوؿ ا١تريد ُب تربيتو ،كليس
الطرؽ الصوفية يعتزلوف الناس با٠تلوة ،كيهجركف الدنيا كزخارفها، للمرشد سول أف يل ٌقن ا١تريد أذكار الًتبيةٍ ،ب يفوض أمره إذل اهلل
كيستمركف على أذكارىم ،منتظرين كصوؿ تربيتهم. تعاذل ،منتظرا لو الفتح ،ألف الًتبية الركحية تقابل القيامة ،كال ٖتديد
قاؿ ابن عريب (كىو من القدماء) ُب كتابو تنبيهات على علوٌ اٟتقيقة لوقت ٣تيئ القيامة ،لقولو تعاذل :ويسألونك عن الساعة أياف مرساىا،
احملمدية ص :33وما ح ّد من ح ّد الخلوات بالزماف إال على فيم أنت من ذكراىا ،إلى ربك منتهاىا ،إنما أنت منذر من
حسب ما وجد ،فأخباره عن وجد صحيح ،وىو مخطئ في طرد يخشاىا ،كأنهم يوـ يرونها لم يلبثوا إال عشية أو ضحاىا (النازعات
.)46 – 42
الح ّد الزماني ،فإف اْلمزجة تختلف ،وفراغ قلوب العباد من الكوف
ليس على مرتبة واحدة ،وإنما ىو على قدر الباعث والطبع فقولو :ويسألونك عن الساعة :أل يسألك ا١تريدكف يا شيخ عن الًتبية
المساعد.
أياف مرساىا :أل مىت الوصوؿ فيها
فقد يفتح لواحد في يومين ما يفتح آلخر في شهرين ،وآلخر في
فيم أنت من ذكراىا :فيم أنت تي ٌقننا بالوصوؿ فيها ٌ
كتؤمننا عليها ،أك
سنتين ،وال يفتح آلخر أبدا .وقد يؤىل واحد لإللقاء والتنزيل،
ليس لك العلم عن زمن الوصوؿ فيها
ففي فنائي فنا فنػائي ....وفي فنائي وجدت أنت التلقين وتبليغ ما أُمر بتبليغو من الشروط واآلداب .والمريد ليس
عليو إال حفظ الواجبات الدينية المعلومة ضرورة ومالزمة للورد،
في محو اسمي ورسم جسمي #سألت عني فقلت أنت
واعتقاد أف الورد الالزـ أعظم اْلسرار التجانية ،والنفر فيو ،ويلزـ
أنت حياتي وسر قلبي ....فحيثما كنت كنت بعد ذلك ما أمكنو من اْلوراد غير الالزمة ،بحسب ما أذف لو ،وال
أنت يريد بهذا إال وجو اهلل الكريم ،ال دنيا وال آخرة ،وال مقاما من
فمن بالع ػفو يا إلهي .........فلست أرجو سواؾ أنت
َّ ويفوض .وإذا داـ على
الظن ّ
المقامات ،ويشهد المنّة ،ويحسن ّ
ىذا من غير غرض فليحمد اهلل دائما.
كىذا القلب عند ما انقشع عنو الغفلة كالغشاكة ،كصار فارغا كفؤاد أـ
موسى ،يصَت ٝتعا حقيقيا يسمع بو صاحبو من ا١تلكوت ،كبصرا وقبيح في المريد وقادح في العبودية وعار كبير ورذيلة من رذائل
حقيقيا يبصر بو ملكوت السموات كاألرض ،كلسانا حقيقيا يتكلم بو النفس كونو يعبد اهلل ويذكره وينتظر بسبب ذلك الفتح اليوـ أو
كبلما نورانيا ،ال لغو فيو كال تأثيم ،إال قيبل سبلما سبلما ،كلذلك قاؿ غدا ،أو في اْلسبوع أو في الشهر ،أو في العاـ ،فإف اهلل ال
بعضهم: يستحق عليو أحد شيئا ،وىو يستحق العبادة بذاتو ،فمن استبطأ
الفتح فليتب إلى اهلل ،وليعلم أنو إف داـ على عملو مدة عمر الدنيا
حقيقا شاىد ما خفى حقيقا شاىد ما خفى
وفتح عليو لحظة واحدة أدرؾ فيها ما يعلّمو أف الحضرة تساوي
وإف القلب إذا صفى حقيقا شاىد ما خفى
َّ ِ
ذلك وفوؽ ،وإف لم يفتح عليو أصال ،كفاه االشتغاؿ باهلل حتى ين آ ََمنُوالو اإلدراؾ الكامل ُب رؤية اهلل كمعرفتو ،قاؿ تعاذل :يَا أَيُّػ َها الذ َ
ِِ ِ ِ ِِ ِ ِ ِ
يموت ،فليس على المريدين إال حمد اهلل على كل حاؿ (انتهى). اتَّػ ُقوا اللَّوَ َوآَمنُوا ب َر ُسولو يُػ ْؤت ُك ْم ك ْفلَْي ِن م ْن َر ْح َمتو َويَ ْج َع ْل لَ ُك ْم نُ ً
ورا
يم (الحديد .....)28:أَفَ َم ْن شو َف بِ ِو ويػ ْغ ِفر لَ ُكم واللَّو غَ ُف ِ
ور َرح ٌ ََ ْ ْ َ ُ ٌ تَ ْم ُ
َشرح اللَّوُ ص ْدرهُ لِ ِْإلس َالِـ فَػهو َعلَى نُوٍر ِمن ربِِّو فَػويل لِ ْل َق ِ
اسيَ ِة ْ َ َْ ٌ َُ َ َ ْ ََ
ض َال ٍؿ ُمبِي ٍن (الزمر )22:أَفَ َال ك فِي َ قُػلُوبُػ ُه ْم ِم ْن ِذ ْك ِر اللَّ ِو أُولَئِ َ
وب أَقْػ َفالُ َها (محمد.)24: يَػتَ َدبَّػرو َف الْ ُق ْرَآ َف أ َْـ َعلَى قُػلُ ٍ
ُ
محل التربية الصوفية الصحيحة في المريد: علي كرـ اهلل كجهو( ،كقيل اٟتبلج):
كلذلك قاؿ اإلماـ سيدنا ٌ
ك٤تلها كما قلنا سابقا ىو القلب بدليل قولو تعاذل :واعلموا أف اهلل أنت رأيت ربّي بعين قلبي ....فقلت ال شك أنت
يحوؿ بين المرء وقلبو وأنو إليو تحشروف .كإليو أشار النيب (صلى اهلل
أنت فليس لألين منك أين .....وليس أين بحيث
عليو كسلم) عند ما سئل أين اهلل ُب األرض؟ فقاؿ :اهلل في قلب
العبد المؤمن ،كُب اٟتديث القدسي :ما وسعني أرضي ،وال سمائي، أنت أنت الذي حزت كل أين .....بنحو ال أين ثم
ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن.
وليس للوىم فيك وىم .......فيعلم الوىم كيف أنت
كىذا القلب ىو العُت اليت ترل اهللى ،كىو الذم يرل اهللى بو األكلياءي رؤية
أحطت علما بكل شيئ .....فكل شيئ أراه أنت
ال يراه أحد بغَته ،ال بالعقل كال باٟتواس ا٠تمس الظاىرة .كالقلب ىذا
كاف العقل آلة التفكَت لعلماء الظواىر ،كلذلك قاؿ تعاذل ُب شأف كىو ٣تمع األكلياء أك بيتهم الذم ٬تتمعوف فيو ،كيتصل فيو بعضهم
القرآف أَفَ َال يَػتَ َدبَّػرو َف الْ ُق ْرَآ َف أ َْـ َعلَى قُػلُ ٍ
وب أَقْػ َفالُ َها (محمد.)24: م ُب األرض أك ُب السماء سر ٌ
ُ مادم أك ٌ
ببعض ،كليس ىناؾ بيت ٌ
٬تتمعوف فيو ،كما كاف ألكلياء الشيطاف أىل الظلمة السرية كالوثنيُت
كىذا القلب ىو ٤تل عقد النكاح الرباين كالسرياف النوراين بُت ا١ترشد
٦تا يتو٫تو قصارل الناس.
كا١تريد ،كفيو يكوف اٞتماع النوراين كاٟتمل النوراين للنسل النوراين لوالدة
أكالد األنوار كاألركاح اليت تسمى بالوالدة الثانية ،اليت من دل يكن لو كىو البيت كالبلد األمُت ،كاألكلياء العارفوف أحبلَّؤه لقولو تعاذلَ :ال
منها نصيب فلن يلج ملكوت السموات ،كلن يكوف لو أدىن ذكؽ ت ِحلٌّ بِ َه َذا الْبَػلَ ِد (َ )2وَوالِ ٍد َوَما َولَ َد
ْس ُم بِ َه َذا الْبَػلَ ِد (َ )5وأَنْ َ
أُق ِ
عرفاف منها ،مهما بلغ من العلوـ الظواىر كالعبادات ا١تتوفرة ا١تتواترة. (البلد)3:
كىو أيضا مدرسة الصوفيُت كمكتبتهم الشاملة اليت يتعلموف فيها ،كىو كىو ٥تزف األسرار كاألنوار كا١تعارؼ للصوفيُت كمكتبتهم الشاملة ٞتميع
لوحهم الذم يكتبوف عليو ،ككتاُّم الذم يقرؤكف منو ،كىو مسجدىم احتياجاهتم اليت إذا كانوا فيها ال ٭تتاجوف إذل كتاب ألىل الظواىر ُب
الذم فيو يصلوف صبلهتم الدائمة ،كيذكركف فيو ذكرىم الدائم ،كىو ٚتيع الفنوف ،كال إذل مذىب أحد من أىل ا١تذاىب االجتهادية قبل أف
٭تجوف إليو كيدخلونو آمنُت .وىذا م ٌكتهم أل بلدىم األمُت الذم ٌ يتكلموا ٔتا أرادكا ،أك ٭تكموا على ما شاءكا ،كال إذل تفسَت مفسر ،كال
ين آ ََمنُوا َوتَط َْمئِ ُّن َّ ِ
البلد اْلمين ....ومن دخلو كاف آمنا ....الذ َ إذل حكاية أىل اٟتكايات ،كال إذل ركاية أىل الركايات ،ألهنم يرككف
ِ ِ ِ ِ ِ
وب (الرعد)28: قُػلُوبُػ ُه ْم بِذ ْك ِر اللَّو أ ََال بِذ ْك ِر اللَّو تَط َْمئ ُّن الْ ُقلُ ُ منو (صلى اهلل عليو كسلم) با١تكا١تة معو ُب ىذا اَّمع ،كلوصو٢تم إذل
ىذه ا١ترتبة يقاؿ :العارؼ ال يقيّد بمذىب ،كبوصو٢تم إذل ىذه ا١ترتبة
سنوات ،كالثانية كذلك ،كالثالثة كذلك ،كالدليل قولو تعاذل على لساف كللقلب عندىم ألقاب كصفات :ىو الربزخ اٟتقيقي بُت أىل الظواىر
النيب شعيب ١توسى (عليهما السبلـ) :إني أريد أف أنكحك إحدى كالبواطن ،ىو الدرة البيضاء ،كىو الباب إذل العوادل الغيبية ،كىو
السماء اٟتقيقي عندىم ،كىو البلد األمُت كما سبق ذلك ،كٝتاؤىم
ابنتي ىتين على أف تأجرني ثماني حجج ،فإف أتممت عشرا فمن
اٟتقيقية اليت مشسها قلب ٤تمد ،كأقمارىا قلوب العارفُت ،كأ٧تمها
عندؾ ،إني ال أريد أف أش ّق عليك ،قاؿ ستجدني إف شاء اهلل من
قلوب ا١تريدين ،كىو جربيل عندىم ُب استمداد ا١تعارؼ الربانية.
الصابرين( .....األنبياء) .كىذه ا١تدة (عشر سنوات) للدرجة األكذل
كىو نصيب كل إنساف إال من غفل عنو ،كىو بيت اهلل الذم ال
اليت ىي الًتبية فقط بالنسبة للنيب موسى عند شعيب.
يدخلو أم مريد إال بواسطة مرشد كامل يطلق لو سراحو كزمامو لقولو
كقد يقطع ا١تريد ىذا السَت حىت الكماؿ فيما بُت ثبلث سنوات، ضرب اللَّوُ مثَ ًال رج ًال فِ ِيو ُشرَكاء متَ َ ِ
سو َف َوَر ُج ًال َسلَ ًما شاك ُ َ ُُ َ َُ تعاذلَ َ َ :
كيكوف لكل كاحدة من الدرجات الثبلث سنة سنة .كقد يقطعو ا١تريد ْح ْم ُد لِلَّ ِو بَ ْل أَ ْكثَػ ُرُى ْم َال يَػ ْعلَ ُمو َف ِ ِ
ل َر ُج ٍل َى ْل يَ ْستَ ِويَاف َمثَ ًال ال َ
فيما بُت ثبلثُت شهرا كما ُب اآلية ،كقد يقطعو فيما بُت أربعُت ليلة أك (الزمر)29:
ثبلثُت يوما ،لقولو تعاذل :وواعدنا موسى ثالثين ليلة ،وأتممناىا يفر إذل من يدخلو ذلك البيت
فإذا كاف للمريد التيقظ من نوـ غفلتو ٌ
فتم ميقات ربو أربعين ليلة ،وقاؿ موسى ْلخيو ىاروف
بعشرّ ، الذم ىو كامل العصر ،كمدخلو الًتبية الصوفية الصحيحة اليت تكوف
اخلفني في قومي وأصلح ،وال تتبع سبيل المفسدين (األعراؼ باإلذف الصحيح من صاحبو ،كليس كما يظن أصحاب التصوؼ
العلمي الذين يزعموف أهنم ٔتجرد اطبلعهم على كتب التصوؼ قد
صاركا من الصوفيُت العارفُت حىت ترل بعض إخواننا الذين ٗترجوا من والدي ،وأف أعمل صالحا ترضاه ،وأصلح لي في
ّ علي ،وعلى
ّ
ا١تدارس العربية على ا١تستول الثانوم أك اٞتامعي ،كٗتصصوا ُب علم ذريّتي ،إني تبت إليك وإني من المسلمين (األحقاؼ .)26
التصوؼ أك دل يتخصصوا ،يدعوف أنفسهم صوفيُت من غَت تربية
فقولو الوالدين :ا٠تالق كالوالد ،أك الوالد الركحي كالوالد النسلي
صحيحة صوفية.
حملتو أمو كرىا :أل مقامة اإلسبلـ
كلقد قاؿ الغزارل ُب مثل ىؤالء ا١تدعُت ما ليس فيهم حيث قاؿ :إف ووضعتو كرىا :أل مقامة اإلٯتاف التارل ١تقامة اإلسبلـ
تصوؼ لفظي مادي كشجرة بال ثمر ،ككل مريد
ٌ التصوؼ بال تربية
وحملو وفصالو :مقامة اإلحساف ،كىو السلوؾ الصوُب أل اإلسبلـ
دل يزد على أخذ اإلذف كالتلقُت شيئا فهم ُب منزلة الوالية ا٠تاصة.
اَّدَّد
وصوؿ التربية تارة:
ثالثوف شهرا :الدرجات الثبلث :الًتبية كالًتقية كا١تعرفة،
كقد يكوف كصوؿ الًتبية ٤تدكد ا١ت ٌدة بإشارات قرآنية كأحاديث نبوية،
حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة :أل صار كامبل ُب الوالية
طبقا لقولو تعاذل :ووصينا اإلنساف بوالديو إحسانا ،حملتو أمو كرىا،
كا١تعرفة.
ووضعتو كرىا ،وحملو وفصالو ثالثوف شهرا ،حتى إذا بلغ أشده
يدرم القارئ ٦تا سبق أف اهلل تعاذل يشَت بقولو ثالثوف شهرا إذل م ٌدة
وبلغ أربعين سنة ،قاؿ رب أوزعني أف أشكر نعمتك التي أنعمت
كصوؿ ا١تريد إذل بلوغو الكامل ،فقد يقطع ا١تريد سَته الركحي إذل
الكماؿ فيما بُت ثبلثُت سنة ،تستغرؽ الدرجة األكذل (الًتبية) عشر
آخر :يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، ،)253كقاؿ الرسوؿ :من أخلص هلل قلبو أربعين يوما ،ينزؿ في
فادخلي في عبادي ،وادخلي جنتي( ....سورة الفجر) قلبو النور (أك كما قاؿ)
كمنهم من يلبث على سَته الركحي ثبلث ٕتليات مثل نيب اهلل يونس، كُب شأف ما بُت الليارل قاؿ تعاذل :والفجر ،ولياؿ عشر ،والشفع
........في ظلمات ثالث (الزمر .)7 والوتر.....
فقولو :والفجر أل كماؿ البلوغ ُب الوالية ،أك الوصوؿ التاـ الصادؽ
مالحظة:
ولياؿ عشر :من يوـ البيعة كالتلقُت إذل كصوؿ الًتبية
التصوؼ من القاصرين اٟتد البالغ ُب تعجيل الًتبية
ي أما اليوـ فلقد شهد
والشفع :ليارل ترقياتو
من ا١تريدين الذين يتعجلوف ُب كصوؿ الًتبية الصوفية ،كيستبطئوف
الفتح على اهلل ،كباتوا ال يفوضوف أمر الوصوؿ ُب تربيتهم إذل اهلل. والوتر :ليل كمالو ُب ا١تعرفة ،كىو حضرة الوتر ألف فيها يصَت ا١تريد
كا١تراد كاحدا ،كلذلك يقوؿ الصوفية أهنا حضرة كحدة الوجود كاالٖتاد
كأما اليوـ فقد كاف بعض الشيوخ أنفسهم ىم الذين يقولوف ١تريديهم:
لقد استحق أف يأتيك الفتح ُب تربيتك ،يا غبلـ ،كيقولوف إف كصوؿ بُت الرب كالعبد ،كمن ٖتقق ًكتٍ ًريػَّتىو تعاذل فقد ٖتقق معيَّتو بربو .كقاؿ
الًتبية عندنا ٭تصل للمريد فيما بُت يومُت أك ثبلثة أياـ ،كمنهم من وتر ويحب الوتر.
الرسوؿ :إف اهلل ٌ
يقولوف :إنك يا فىت إذا أ٘تمت عدد كذا ككذا من األذكار يأتك الفتح، أك بُت ثبلثة أسابيع ،أك بُت بضع لياؿ ،أك ثبلثة أياـ ،أك بُت ثبلث
ٟتظات ،إف أمرنا إال كلمح للبصر أو ىو أقرب ،كىذا شاذٌ الوقوع.
ككل ىذه ا١تدات ليس بيد ا١تريد اختيارىا ،كال بيد ا١ترشد ،كإ٪تا ىي قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أف نبدؿ أمثالكم
ٔتشيئة اهلل تعاذل ،فإف منهم من فاؽ كل ما ذكرناه ،كال أدىن من ثبلث وننشئكم فيما ال تعلموف (الواقعة).
ٟتظات. كىكذا إذا أحسن إسبلمو حىت الوفاة ،يتجلى ُب مرتبة اإلٯتاف الكامل،
أما عند ا١تعتقدين بتجليات األركاح للكماؿ فإهنم قاال إف اإلنساف كيأٌب الدنيا ُب عصره الثالث مؤمنا كامبل ،لقولو تعاذل :قالت اْلعراب
يلبث ثبلثة عصور قبل أف يلقى نور التصوؼ كا١تعرفة ،يعمر العصر ولما يدخل اإليماف في
آمنّا ،قل لم تؤمنوا ،ولكن قولوا أسلمناّ ،
األكؿ ُب الكفر ،كالثاين ُب اإلسبلـ ،كالثالث ُب اإلٯتاف قبل أف يبلقي قلوبكم ،وإف تطيعوا اهلل ورسولو ،ال يلتكم من أعمالكم شيئا ،إف
بنور ا١تعرفة ُب التصوؼ. اهلل غفور رحيم (اٟتجرات )25
فكل كافر اتصف ْتسن ا١تعاملة بالناس مع كونو كافرا ،فإنو إف مات ٍب إنو إف استقاـ إٯتانو باهلل يأٌب ُب العصر الرابع ٤تسنا ،ك٭تصل بينو
يتجلى ُب مرتبة اإلسبلـ ،كيأٌب ُب عصره الثاين مسلما حقيقيا ،جزاء كبُت التصوؼ اللقاء ،فينتظم فيو ،كيكوف من الصوفيُت ا١تفلحُت ،لقولو
إحسانو عند اَّيئ األكؿ ،لقولو تعاذل :فمن يرد اهلل أف يهديو يشرح تعاذل :بلى من أسلم وجهو هلل وىو محسن ،فلو أجره عند ربو ،وال
صدره لإلسالـ (األنعاـ ،)236كقاؿ ُب موضع آخر :أفمن شرح خوؼ عليهم وال ىم يحزنوف (البقرة ٍ ،)223ب يرجع من التصوؼ
اهلل صدره لإلسالـ ،فهو على نور من ربو ،فويل للقاسية قلةبهم من إذل ربو رجوعا حقيقيا ،قاؿ القرآف :وكيف تكفروف باهلل وكنتم أمواتا
ذكر اهلل ،أولئك في ضالؿ مبين (الزمر ،)33كلقولو تعاذل :نحن فأحياكم ،ثم يميتكم ،ثم يحييكم ،ثم إليو ترجعوف .كقاؿ ُب موضع
ثم يخرجكم طفال :كاصبل إذل معرفة األٝتاء كالصفات أل ا١توجودات السر ا١تطلوب ُب الًتبية للمريد،
كال شك .كذلك ما جعلهم يفشوف ٌ
دفعة كاحدة ،كىذا ما يسمى بالنزلة األكذل كنزكؿ القرآف للنيب (صلى فيحسب ا١تريد أنو قد كصل كصوال حقيقيا.
اهلل عليو كسلم) ٚتلة كاحدة. كىذا عُت ما سبٌب االستخفاؼ بشأف الًتبية من أمثاؿ أكلئك
لتبلغوا أشدكم :لتًتقوا بتفكَتكم ُب ا١توجودات طبقة بعد طبقة حىت ا١تريدين ،ألهنم بنياف ،ليس لو أساس مستقيم ،شيٌد على رماد يعصف
تدخلوا حضرة ا١تعارؼ ،كينزؿ على قلوبكم الفيوضات كاألنوار من غَت بو الريح.
انقطاع ،كىذا مبلغ الرجاؿ الكمل العارفُت. مراتب العلوـ الذوقية للسالكين ثالث:
ومنكم من يتوفى :منكم من نوفقو لوصوؿ الًتبية اليت ىي بلوغ فا١ترتبة األكذل تبدأ من يوـ بيعة ا١تريد للشيخ كتلقينو ،ألف ٚتيع ما يفعلو
السلوؾ أل أكؿ البلوغ ا١تريد من اللوازـ الصباحية كا١تسائية ،كالوظيفة اليومية ،كا٢تيللة األسبوعية
ومنكم من يرد إلى أرذؿ العمرٔ :تعٌت منكم من يرتد إذل دبره من بعد اٞتمعية ،كأذكاره ا٠تصوصية ،كخدمتو كزيارتو كىديتو ،كل ىذا كذاؾ
الدخوؿ ُب السلوؾ ،كلو قد ترىب ،كيكوف مثل الذم أخلد إذل األرض مرتبة الدخوؿ ُب السلوؾ ،كىو كا١تقدمة أك التمهيد ُب الكتاب ،أك
علم الفصاحة ُب الببلغة ،أك الطهارة ُب الصبلة ،أك كاالستعاذة
منسلخا عن آياتنا فيصَت كمن ال معرفة لو البتة.
كالبسملة عند التبلكة.
لكيال يعلم بعد علم شيئا ٔ :تعٌت ٯتحى عنو سر التلقُت ،فيصَت كمن
كالثانية تبدأ من بيعة جديدة بتلقُت أذكار الًتبية إذل الوصوؿ فيها.
ال تلقُت لو ،أعاذنا اهلل من ذلك.
كالثالثة ىي مرتبة ا١تعرفة كىي استمداد ا١تعارؼ من نور الًتبية. حد البلوغ عند الصوفيُت ىو كصوؿ الًتبية الصحيحة ،ألف ذلك كماؿ
كلكل مرتبة من ا١تراتب الصوفية علوـ لدنية كمعارؼ ربانية ،يستم ٌد دخولو ُب اٟتضرة ،كبلوغو ُب السَت ،كبلوغو مرتبة النكاح الصوُب ،كبلغ
أصحاُّا من مشرب مرتبة حضرهتم ،كفيها التفاكت بينهم ُب الدرجة مرتبة اإلمامة ُب الزاكية كاإلمامة ُب الصبلة عند أىل الشريعة.
ْتسب علو درجة ا١ترتبة لكل كاحد منهم ،كال ينكر على أصحاب أك نقوؿ بعبارة أخرل إف كصوؿ الًتبية ىذه اليت ىي باب ا١تعرفة أك
ىذه ا١تراتب ُب علومهم كمعارفهم أحد من علماء الظواىر ،مهما بلغ مدخل حضرة ا١تعارؼٔ ،تنزلة كجود ا١تٍت للبالغ الذم بلغ مرحلة النكاح
كرسخت قدمو ُب العلوـ كالفنوف ،كال يستطيع على أف ينافسهم ،بل
لكل من يريد إ٧تاب األكالد ،أك نقوؿ إف بلوغ ا١تريد الواصل بالًتبية
يسلم ٢تم اٞتدؿ ،ألهنا علوـ ذكقية ،فبل ٭تدث ُّا إال من ذاقها ،كال
الصحيحة كبلوغ الطفل الذم بلغ الكبلـ بفصاحة اللساف ،أك بلغ
يفهمها إال أىل مذىبهم ،كال لغَتىم فيها إدراؾ ا١تقصود إال باإلشارة،
ألف لذهتا كلذة اَّامعة اليت ال يستقيم كصفها لغَت البالغ ،كما قاؿ النظر ْتدة بصره ،أك السمع برىف أذنو ،أك البطش بيده أك ا١تشي
حد البلوغ عند الصوفيين: مربتة كركد ا١تعارؼ كا٢تاتف ،طبقا لقولو تعاذل ":ثم يخرجكم طفال
لتبلغوا أشدكم ،ومنكم من يتوفى ،ومنكم من يرد إلى أرذؿ العمر،
كيال يعلم من بعد علم شيئا " (غافر .)78
متعلقة القلب حيث قاؿ القرآف الكرًن :يوـ ال ينفع ماؿ وال بنوف ،إال كُب آية أخرل قاؿ تعاذل :ثم لتكونوا شيوخا......
من أتى اهلل بقلب سليم (الشعراء .)88 الذنب الحقيقي عند الصوفية:
كىذه الًتبية الصوفية ىي التوبة النصوح اليت هتدـ الذنوب اٟتقيقية
كمطهر لغَته ،فبل
كصاحب ىذه الطهارة اٟتقيقية طاىر ُب نفسوٌ ،
ا١تولودة مع كل إنساف ،كتذيبها عن ا١تريد ،كما ىي الذنوب اٟتقيقية.؟
يفعل كال يقوؿ كال يتناكؿ إال طيبا ،لقولو (صلى اهلل عليو كسلم) :إف
الذنوب اٟتقيقية ىي ا١تفهومة من قولو (صلى اهلل عليو كسلم) :وجودؾ
اهلل تعالى طيب ،وال يقبل إال طيبا.
في الدنيا ذنب ال يقاسيو ذنب أم عدـ معرفتك باهلل كاٞتهل باهلل
فليس ىناؾ ٧تس ٯتنع الصوُب العارؼ باهلل من كصوؿ ذكره إذل اهلل ،أك
ىذا عُت اإلشراؾ باهلل تعاذل ،كقاؿ القرآف ":إف اهلل ال يغفر أف يشرؾ
ٯتنع صبلتو من كصو٢تا إذل الرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم) ،لدليل قولو
بو ويغفر ما دوف ذلك لمن يشاء .......إخل.
تعاذل :إليو يصعد الكلم الطيب ،والعمل الصالح يرفعو (فاطر .)10
كما دكف اإلشراؾ باهلل عند الصوفية ٔتنزلة اللمم اليت ىي ا١تغفورة عند
ككذلك قولو تعاذل ُب اٟتديث القدسي :من ذكرني في نفسو أذكره
بشر الرسوؿ (صلى اهلل
اهلل كما ُب ىذه اآلية ،كىذه اللمم ىي اليت ٌ
في نفسي ،ومن ذكرني في مإل أذكره في مإل خير من مإله.....
عليو كسلم) صحابتو بغفراهنا ،حيث قاؿ ٢تم بعد ما ل ٌقنهم ذكر ال إلو
فإذا نظرنا إذل ىذا اٟتديث القدسي ٧تد أنو سبحانو كتعاذل دل ٯتيز كدل إال اهلل ٚتاعة ،فقالوهٍ ،ب قاؿ :قوموا فأنتم مغفوروف أل خارجوف من
ٮتصص ُب اٟتديث مكانا دكف مكاف آخر.
ٌ ١تمكم قبل ىذا اليوـ ،كالكبَتة الواحدة عند الصوفية ىي اٞتهل عن
معرفة اهلل ،كيكوف رفعها بالًتبية الصوفية الصحيحة ،قاؿ عنها القرآف: من اٞتسد ،فما زاؿ صاحب ىذه الطهارة متنجسا باالعتبار إذل بقاء
"الذين يجتنبوف كبائر االثم والفواحش إال اللمم (النجم)" .فكل من بعض تلك النجاسات ُب جسده ،كىذه ٔتنزلة الطهارة اٞتسمية ،أك
ترىب الًتبية الصوفية الصحيحة ،كاهندمت عنده تلك الكبَتة ،فبل تضره يطهر غَته ،كاٟتقيقية كا١تاء
ٔتنزلة ا١تاء الطاىر عند الفقهاء الذم ال ٍّ
اللمم. ا١تطهر لغَته.
الطهور ٍّ
الطهارة الصوفية: أما الطهارة اٟتقيقية فهي الطهارة الصوفية ،كىي التطهَت بأٝتاء اهلل
تعاذلٍ ،ب بتزكية النفسٍ ،ب ٔتعرفة اهلل بالًتبية الصوفية الصحيحة ،أل
إف الطهارة قسمتاف؛ ٣تازية كحقيقية
التوبة النصوح .كىذه الطهارة ٔتنزلة الطهور الذم قاؿ عنو الرسوؿ
فاَّازية ىي ألىل الرسوـ كالظواىر من العلماء ،كاٟتقيقية للصوفيُت
(صلى اهلل عليو كسلم) :الطهور شطر اإليماف .يعٍت بذلك (صلى اهلل
أىل البواطن.
يطهر اإلٯتاف كيكملو ،ألف اإلٯتاف اَّرد
عليو كسلم) أف ىذا الطهور ٌ
كأما اَّازية فهي طهارة ٤تدكدة غَت قالعة للنجاسة من مصدرىا، بدكف معرفة اهلل ال يسلم صاحبو من ا١تشاكل الدينية ،ىذه من كجو.
فالغائط كالبوؿ كاٞتنابة مثبل بعد ما استنجى ا١تسلم من البوؿ كالغائط،
كمن كجو آخر ،فإف الطهارة األكذل اَّازية اٞتسمية لىظاىرة حيث
أك اغتسل من اٞتنابة با١تاء ،فكل كاحد من ىذه النجاسات باقية ُب
تعلٌقت بأعضاء اٞتسد ،كلكن الطهارة الثانية اٟتقيقية لىباطنة لكوهنا
مصبٍّها ك٥ترجها ،كلذا كانت ىذه الطهارة ٣تازية لعدـ قلعها للنجاسة
كاعتقادىم ىذا اختلف ٘تاما عن اعتقاد الصوفيُت ُب تأثَت النجاسة، صرح لنا الرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم) أنو ال ٯتنع شيئ
ككذلك ٌ
كلكن الصوفية دل يعارضوا أىل الرسوـ ُب اعتقاداهتم تلك ،بل ىم كصوؿ صبلتنا عليو إال إليو (صلى اهلل عليو كسلم) ،كال ٯتنعو (صلى
مقلدكف بأىل الظواىر ُب عبادات الشريعة كأمورىا ُب حا٢تم الظاىرة، اهلل عليو كسلم) من حضوره ُب أم مكاف ذكر كصلي عليو فيو ،بقولو
كيأمركف أتباعهم ا١تبتدئُت ُب طريقتهم ٔتتابعة الشريعة ،كلكثَت منهم (صلى اهلل عليو كسلم) :ما من مجلس ذكرت فيو إال كنت حاضرا
مؤلفات جيدة ُب بياف أمور الشريعة اليت بيٌنوا فيها ىذه الطهارة على علي ....كقولو أيضا
ذلك المجلس ،فزيّنوا مجالسكم بكثرة الصالة ّ
منهج أىل الظواىر الشرعية. عن أكس بن أكس (رضي اهلل عنو) قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل (صلى اهلل عليو
أما اعتقادىم فهو بعيد شاسع عن اعتقاد غَتىم من أىل الرسوـ ُب كسلم) :إف من أفضل أيامكم يوـ الجمعة ،فأكثروا علي فيو من
تأثَت النجاسة ،فإهنم يركف أف كل شيئ ُب األصل حسن كحبلؿ ،ككل علي ،قالوا :يا رسوؿ اهلل وكيف
الصالة ،فإف صالتكم معروضة ّ
ذرة من ا١توجودات سر األلوىية ،آلية قرآنية قالت :الذين يذكروف اهلل تعرض عليك صالتنا وقد أرمت؟ (قاؿ يقوؿ بليت) قاؿ :إف اهلل
قياما وقعودا ،وعلى جنوبهم ،ويتفكروف في خلق السموات تعالى حرـ على اْلرض أجساد اْلنبياء .ركاه أبو داكد بإسناد
واْلرض ،ربنا ما خلقت ىذا باطال ،سبحانك فقنا عذاب النار (آؿ صحيح.
إف ىناؾ اختبلفا بُت عقيدة أىل الرسوـ كالصوفية ُب تأثَت النجاسة. كاعتقدكا أنو ال ٬توز دخوؿ بيت ا٠تبلء أك مكاف النجاسة بشيئ من
فأىل الرسوـ اعتقدكا تأثَت النجاسة ُب بدف العبد ا١تصلي كثوبو كمكانو آالت العبادة كالسبحة ،أك بشيئ فيو اسم اهلل تعاذل ،اعتقادا أف ذلك
للصبلة مثبل ،كُّذه قد بطلت صبلتو أك ٘تنعها من كصو٢تا إذل اهلل. يصَت تلك اآلالت ٧تسة.
ٌ
كثبت ُب اعتقادىم أيضا أف ا١تسلم الصائم إذا أكل أك شرب حراما، أم شيئ ٧تس إذا اتٌصل ّتسم ا١تسلم فقد
كمن اعتقاداهتم أيضا أف ٌ
أك فعل حراما كقت صومو ،فقد بطل صومو ،ألف ذلك اٟتراـ ٧تس. أثٌرت تلك النجاسة ُب جسده ،أك أكلو أك استعملو لنفسو فقد صار
ككذلك ُب الزكاة ،فمن ٚتع األمواؿ أك األرزاؽ من أكجو اٟتراـ ،أك جسمو ٧تسا ،كا١تيت كا٠تنزير كالكلب مثبل ،أك ا٠تمر ،ككل ما عمل
ظىلى ىم الناس ٍب أخرج الزكاة ،فلن تكوف زكاتو مقبولة لدنس مصدرىا. ُب تلك اٟتالة من أعماؿ العبادة قد صار باطبل ١تبلمستو بالشيئ
النجس.
ككذلك اٟتج ،فمن حج عندىم ٔتاؿ حراـ ،فليس حجو مربكرا ،كال
سعيو مشكورا ،حىت قاؿ بعضهم ُب ىذا الصدد: ككل من دخل ُب أمكنة النجاسة كالكنيسة كمبيع ا٠تمور أك معبد غَت
ا١تسلمُت ،فقد أثٌرت ٧تاسة تلك األمكنة ُب ذاتو ،كىو ٤تتاج إذل
حجت العير
ومن يحج بماؿ أصلو دنس #فلم يحج ولكن ّ
التطهَت .كاعتقدكا أيضا أف األقواؿ الفاحشة من العبد ا١تسلم كاف
يتضرر منو اهلل تعاذل ،ألهنا تسبب النقصاف ُب ألوىيتو.
المالئكة :األنوار الربانية كا١تعارؼ اإل٢تية فانظر أيها القارئ إذل قولو تعاذل ما خلقت ىذا باطال ،يعٍت ليس
ىناؾ عنده تعاذل ٧تس كال باطل كال شر ،بل كل شيئ عنده حق ،إذنا،
البيت :القلب
فكيف يتضرر ٔتا خلق؟ أك ينالو ضر ٦تا ذرأ كبرأ ،ال كألف كبل .كىذا
الكلب :الدنيا ك٫تومها
موافق لقوؿ األصوليُت ُب الفقو كالتشريع الذين قالوا بأف األشياء كلها
كالتماثيل قسماف :ا١تعنوية كا١تادية ُب األصل حبلؿ كحسن ،كإ٪تا دخل عليها اٟتراـ.
أما صورة التماثيل المعنوية فهي ا١تطالب الدنيوية اليت غلبت على ك١تاذا كاف ىذا القوؿ موافقا العتقاد الصوفية؟ ذلك ألف مذىبهم
قلب اإلنساف كأغفلو عن ربو، الصوُب يذىب ُّم إذل أصل كل شيئ ،ككل من كصل إذل أصل أك
أدرؾ األشياء من أصو٢تا ،فبل يرل باطبل كال حراما ،إال حقا حبلليا،
وأما التماثيل المادية فصور مصوغة من حديد أك حجر أك شجر
حق
ب ،فبل ٮترج منو تعاذل إال ٌّ
حق كطيٍّ ه
ألف اهلل سبحانو كتعاذل ٌّ
تضر قلب العابد أك ا١تصلي كما
ا١تاديٌة ال ٌ
لعبادهتا ،ذلك ألف التماثيل ٌ
ب ،لقوؿ الرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم) :إف اهلل تعالى طيب،
كطيٍّ ه
سبق ،فضبل من أف تضر عباداتو ،اللهم إال الذين اٗتذكا التماثيل
وال يقبل إال طيبا .يعٍت بذلك (صلى اهلل عليو كسلم) كل ما فيو سر
ا١تاديٌة فا١تعٌت
أصناما يعبدكهنا ،فإف كاف ا١تراد من اٟتديث ىو التماثيل ٌ
اهلل فهو طيب ،ككل من أدرؾ سر اهلل ُب شيئ ما فذلك الشيئ عنده
٥تتصة للوثنيُت ،ألف البعض
ئي مقصور على عبدة األصناـ ،إذ ىي ٌ
جز ٌ
طاىر ،ككل ذرة من ذرات ا١توجودات فيها سر اهلل ،كما قاؿ الشاعر:
وفي كل شيئ لو آية #تدؿ على أنو واحد كتربيتهم ىذه عندىم ىي حقيقة الوضوء الذم قاؿ عنو الرسوؿ (صلى
اهلل عليو كسلم) بقولو :الوضوء على الوضوء نور على نور .كقاؿ
ككثَتا ما ٧تد الصوفيُت العارفُت أهنم ال يركف ُب أم شيئ باطبل كال
تعاذل :ىو الذي أنزؿ السكينة في قلوب المؤمنين( ....الفتح )4
فسادا ١تعرفتهم حقائق األشياء كأصو٢تا ،اللهم إال إذا ىم ُب حالة
أل الوضوء األكؿ الذم ىو الطهارة اَّازية نور ،كالوضوء الثاين ا١تسمى
الشريعة ُب كقت ما ،فالسبيل الوحيد الذم يعربكف عليو للحصوؿ على
بالًتبية الصوفية اليت ىي الطهارة اٟتقيقية نور كذلك ،كمدار ىذا البياف
الطهارة اٟتقيقية ىو تربيتهم الصوفية ،فإهنم ع ٌدكا ٚتيع الطهارات
ىو أف من اجتمع فيو الطهارتاف؛ الشرعية كالصوفية فهو كامل مكمل
كالعبادات الشرعية طهارة ٣تردة جوفاء ،كتي ٌقنوا أف تربيتهم ا١تذكورة
كمطهر من النجاسة .كبعبارة أخرل نقوؿ :إف
ُب الطهارة ،كطاىر ٌ
طهور حقيقي ال يؤثر فيو أم ٧تس كال يضر ،بل كال ٮتالطو أم باطل
العبادات كلها نور ،كالًتبية الركحية الصوفية نور ،أك نقوؿ إف اإلٯتاف
أك فساد.
نور كالًتبية نور ،كسيعثر القارئ إف شاء اهلل على البياف الواسع حوؿ
إ نذا ،فبًتبيتهم ينقلب كل شيئ طهورا ،كيركف أنفسهم طاىرين مطهرين،
ىذه الطهارة الصوفية ُب كتابنا صبلة العارفُت ،كىو ٖتت الطبع.
كْتسب ترقيتهم على تربيتهم ا١تتقدمة الذكر يزدادكف طهورا فوؽ طهور،
ص َور التماثيل:
ُ
كنورا على نور ،قاؿ تعاذل :أومن كاف ميتا فأحييناه ،وجعلنا لو نورا
يمشي بو في الناس..... قاؿ (صلى اهلل عليو كسلم) :ال يدخل المالئكة بيتا فيو كلب أو
صورة تماثيل ،فإف ا١تفهوـ الصوُب من اٟتديث ىو كما يلي :
األكؿ :النكاح العاـ كىو النكاح الشرعي الذم ينعقد بُت الذكر ٬تملوف ُّا بيوهتم
من الناس ال ينوكف بالتماثيل عبادهتا ،رٔتا ٌ
كاألنثى ٓتطبة العلماء على مشهد من الناس ،بعد إيفاء شركطو كمبلبسهم ،كيستعملوهنا للتزيُت فقط.
احملل ،ككجود
الشرعية اليت ىي الصيغة (لفظ القبوؿ كاإل٬تاب) من ٌ كلعل قصور فهم بعض علماء الرسوـ ُب ىذا اٟتديث ىو الذم جعلهم
الورل ،كالصداؽ ،كشاىدا العدؿ .كىو عاـ بُت البشر.
ٯتنعوف عن التصوير الفوتوغراُب البتة ،كبعضهم يقولوف إنو ال ٕتوز رؤية
الثاين :النكاح ا٠تاص كىو النكاح ُب السلوؾ ا١تنعقد بُت ا١تريد كمرشده الصورة للمصلي ُب صبلتو ،كُب ٚتيع ا١تعابد كا١تساجد ،حىت قالوا إنو
من يوـ انتظامو ُب السلوؾ بالبيعة كالتلقُت .كىذا النكاح ىو ا١تشار إليو أبيح للمصلي أف يقلٌب كجو تلك الصورة على اٞتدار ،كى ال ينظر
ُب قولو (صلى اهلل عليو كسلم) :من تزوج فقد أحرز نصف دينو، يضر صبلة ا١تصلٌي ،كال يفسد
إليها ُب صبلتو ،مع أف ىذا كلو ال ٌ
فعليو بالنصف الثاني .....كمعٌت ىذا أف ا١تريد إذا حظي ُّذا النكاح، حجو كصيامو ،ما داـ ىو دل يعتقد للصورة العبادةى .فإف كاف ما قالوا
ٌ
كدل ينقطع عن مرشده مع استيفاء شركطو من حسن متابعتو لو ك٤تبتو، ىو اٟتق فلم أر حىت اليوـ بلدا سبق السعودية ُب التصوير ،كىو مهبط
فقد أحرز نصف ما يوصلو إذل مرامو من دخوؿ اٟتضرة العرفانية ،كلو الوحي.
دل يضف إذل ذلك شيئا من األعماؿ السلوكية ،لكنو يلزمو التقدـ ُب أما صورة التماثيل اٟتقيقية ا١تعنوية كما بيٌػنٌاىا فإهنا تضر ٚتيع عبادات
سَته ،كلذلك قاؿ (صلى اهلل عليو كسلم) :فعليو بالنصف الثاني، كل من كاف ُب قلبو ىذه التماثيل ،حيث ال يصلي إال كىو عاشق إذل
كذلك بالًتبية كالًتقية. الدنيا كزخارفها ،كال يصوـ إال ُّا ،كىلم جرا ،ككجود ىذه التماثيل
اٟتقيقية ُب القلب ٯتنع صاحبها من تناكؿ األنوار الربانية اليت يرجى قاؿ الرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم) :النكاح سنتي ،ومن رغب عن
نزك٢تا على العابد ُب عباداتو. سنتي ،فليس مني .كىا ٨تن نتساءؿ أم نكاح ىذا؟ أىو النكاح
األخبلؽ كاألكصاؼ ا١تذمومة مثل الكذب ،كالغيبة، كمن صور التماثيل الشرعي ا١تعركؼ لدل الناس؟ أـ غَته؟ فلو كاف ا١تراد ُب ىذا اٟتديث
ي
كالفجور ،كغَت ذلك ،فإف كلها ٘تيت نور اإلٯتاف ُب القلب ،كتنفي عن ىو النكاح ا١تعركؼ ١تا ع ٌده الفقهاء ُب باب اإلباحة ،كأنو ال كاجب
صاحبها اإلٯتاف كالتقول ،حىت ال يكوف لو حبلكة ٚتيع عباداتو. ألم غرض كما كاف ُب بعض ا١تذاىب
ضركرم ،ك١تا أجازكا تركو ٌ
الفقهية ،بل ٞتعلوه كاجبا ضركريا على كل مسلم .كإف صدقوا فيما قالوا
ٍب إف كل مسلم أك عادل شرعي ليس لو ُب ىذه األشباح الظاىرة معرفة
فذلك منهم خطأ ُب اجتهادىم ،ألف ذلك يعارض ذلك اٟتديث
دقيقة غَت ما يرل ،بل ال يرل األسرار اإل٢تية ُب كل ما يرل ،كليس لو
النبوم ا١تذكور.
اعتقاد ُب األشياء إال كما ىي ،فإنو ىو ا١تشار إليو ُب اٟتديث أف ُب
قلبو صورة ٘تاثيل ،كإنو ال يذكؽ من معرفة اهلل طعما كال ذكقا ،ألف فالنكاح اٟتقيقي ا١تراد ُب اٟتديث ىو كاجب ضركرم على كل من
االعتقاد أف رؤية ىذه األشياء كما ىي من دكف معرفة ما ىي حقيقتو، يكوف من الرسوؿ ،إذ ىو كاجب من كاجبات كمالية الدين ،كمن تركها
اعتقادا جازما ،فهو اإلٯتاف اَّرد كعُت اإلشراؾ باهلل عند الصوفية. ىامة من كاجباتو الدينية.
فقد ترؾ كاجبة ٌ
كالصدقات الصوفية الواجبة ُب النكاح اليت يؤتيها ا١تريد شيخو ىي كىذا النكاح خاص ألنو ٥تتص باإلنساف فقط دكف ا١توجودات الباقية،
االنقياد كاحملبة كالسمع كالطاعة كا٠تدمة كا٢تدية ،لقولو تعاذل :وآتوا من جن كشجر ،كمشس كقمر ،كْتر كهنر .كمن رغب عنو من بٍت البشر
النساء صدقاتهن نحلة ،فإف طبن لكم عن شيئ منو نفسا فكلوه فهو من ا١تشار إليهم ُب اٟتديث أنو ليس من الرسوؿ.
ىنيئا مريئا (النساء .)4 الثالث :النكاح ا٠تاص من ا٠تاص ،كىو ا١تنعقد بُت ا١تريد كسره يوـ
كأما قولو فإف طبن لكم عن شيئ منو نفسا ،فذلك يعٍت أف الشيخ كصوؿ الًتبية ،كما تقدـ بيانو ُب موضعو .كىذا النكاح يكوف عقده
أحيانا يبيح للمريد رفض بعض حركات أراد ا١تريد بو خدمتو ،أك يبيح بوصوؿ الًتبية ،أل باتصاؿ ا١تريد بسره ُب عادل األركاح ،فيصَتاف
للمريد االشًتاؾ معو ُب حضرتو اٟتسية ُب شيئ ما ،مثل أف يساعد عركسُت ٤تبوبُت .ككصوؿ الًتبية ُب ىذا الصدد نصف دينو الثاين
الشيخ ا١تريد أك آلو ُب اإلنفاؽ لصفر يد ا١تريد ،فذلك ال يعد للمريد ا١تشار إليو ُب اٟتديث السابق الذكر ،كذلك بالنسبة ١تا بقي أمامو من
ذنبا لقولو تعاذل :فكلوه ىنيئا مريئا. الًتقيات اليت ٯتر عليها قبل أف يبلغ الرجولية الكاملة ُب اٟتضرة.
ٍب إف ا١تريد بعد كصوؿ تربيتو الركحية يتجلى لو نساء معنوية أربع ،كىي
حضرة شيخو ،كحضرة الفرد اٞتامع ،كحضرة ا٠تتم التجاين ،كحضرة
المعاملة الزوجية بين المريد والمرشد:
اٟتقيقة احملمدية ،كُب ذلك يقوؿ تعاذل للمريدين الواصلُت :وإف خفتم يبدك للقارئ من كل ما سبق من البياف بطبلف الذين ي ٌدعوف االتصاؿ
أال تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ،مثنى التاـ ا١تباشر إذل حضرة ا٠تتم التجاين ،أك حضرة اٟتقيقة احملمدية أك
وثالث ورباع ،فإف خفتم أال تعدلوا فواحدة ،أو ما ملكت أيمانكم، اٟتضرة األلوىية بدكف الًتبية الصوفية الصحيحة ،أك ي ٌدعوف مقامة
ذلك أدنى أال تعولوا (النساء .)3 القطبية أك الفردية ،فذلك ادعاء كاذب ال عربة لنا ُّا ،كإف كاف ٢تم
أم اتصاؿ بإحدل تلك اٟتضرات فذلك اتصاؿ ٣تازم ،ال غَت.
كمعٌت اآلية ىو أنو ييباح للمريد الواصل أف يزيد على ما ينكح من بُت
النساء ا١تعنوية ا١تذكورة ،فإف شاء فليكتف ْتضرة مرشده العارؼ باهلل
كحضرة الفرد اٞتامع ،كلذلك بدأت اآلية ٔتثٌت ،كإف شاء فليزد معهما
حضرة ا٠تتم التجاين ،كإف شاء فليزد معهم حضرة اٟتقيقة احملمدية.
من الصوفيُت يفوز بالنكاح الثالث الذم ىو الغاية القصول ،ككل من ضل
كقاؿ القرآف ُب موضع آخر :الرجاؿ قواموف على النساء بما ف ّ
فاز بالنكاح الثالث ا١تذكور فهو الصوُب اٟتقيقي الذم يأٌب باٞتديد من اهلل بعضهم على بعض ،وبما أنفقوا من أموالهم ،فالصالحات
عادل األركاح التصالو بو .كاإلتياف باٞتديد ىو ا١تعرفة اليت تزداد ما قانتات حافظات للغيب بما حفظ اهلل ،والتي تخافوف نشوزىن
سنح ا١تريد لسره اَّاؿ لذلك ،أل إذا دل يضيٌق على سره بعدـ التفكَت. فعظوىن واىجروىن في المضاجع واضربوىن ،فإف أطعنكم فال
باب أنواع النكاح والطالؽ في السلوؾ: تبغوا عليهن سبيال ،إف اهلل كاف عليّا كبيرا (النساء .)34
ا١تعارؼ من حضرتو بالتعاليم الصوفية ،كنور الشيخ ىو منيٌو النوراين كالثاين من جانب ا١تريدين ىو حفظ قلوُّم من دخوؿ حب شيخ آخر
الذم بو يتم اإل٧تاب ُب عادل األركاح. فيها ،كأما من جانب العارفُت فهو منع ا١تريدين غَت ا١تستحقُت
ْتضرهتم النورانية من الدخوؿ فيها ،من مريدم مشايخ آخرين ،كلذلك
كالبعل ُب النكاح الثالث خاص ا٠تاص ىو سر ا١تريد الذم يتبعو
ترل بعض العارفُت يسألوف ا١تريد اٞتديد الذم أتاىم أف من ىو
الواصل بقلبو كتفكَتاتو حىت ال يفتح باب قلبو لغَت السر ،كىو ا١تراد
شيخك ،يا فبلف؟ كتارة يأمركنو بأخذ اإلذف على ذلك من مرشده قبل
عندىم بعدـ خطور ما سول اهلل ُب القلب ،لقولو تعاذل ُب آخر
ينضم ُب سلك مريديهم ،كسيأٌب البياف ُب ىذا الكتاب إف شاء اهلل
أف ٌ
األحزاب ....... :والحافظين فروجهم والحافظات ،كما يلزـ ا١ترأة
كينضم إذل شيخ آخر.
ٌ على كيف ينتقل ا١تريد من شيخو
اَّازية توقَت ك٤تبة زكجها بأف ال ٕتعل كد غَته ٮتطر ُب قلبها عند
حضوره كغيابو. ىذا ،كلكل كاحد من ىذه األقساـ الثبلثة نتيجتو من إ٧تاب األكالد،
فنتيجة النكاح العاـ منها ىي الولد اٟتسي ا١تعركؼ ،كا٠تاص نتيجتو
فاٟتافظوف ُب اآلية ا١تذكورة ىم ا١ترشدكف ،كا١تريدكف ىم اٟتافظات.
العبادة الكاملة كاإلٯتاف الكامل بإمكانية معرفة اهلل كرؤيتو ،ك٤تبة اهلل
كحفظ الفرج ىو حفظ القلب من خطور ما سول اهلل كرسولو فيو،
كرسولو .كأما النكاح الثالث األخص فنتيجتو ا١تعرفة باهلل .كلذلك ٯتكن
كذلك أكال.
القوؿ أنو ليس كل صوُب بعارؼ ،كلكن كل عارؼ صوُب ،بناء على
البياف السابق من أقساـ النكاح ،ألنو ليس كل من فاز بالنكاح الثاين
– 3إذا كاف العقد بالبيعة ُب احمليض ،كذلك بأف يبايع ا١تريد مرشدا اإلرشاد .فإذا ما دل يكن للمريد حسن ا١تتابعة للشيخ ،كدل يكن بينهما
حالةى إبدائو الكرامات ،كىذا نكاح مكركه ُب السلوؾ ،ألف ا١تريد إذا دل احملبة ،فقد انقطع العهد بينهما.
يود أف يبايع ،أك تعجل ُب أخذ الورد ٦تن يبدم
يسرح الطرؼ ُب من ٌ ىذا ،كقد ينقطع ا١تريد أحيانا عن الشيخ بطبلقو ،كدل يكن منقطعا عن
الكرامات ،بالشهرة أك كثرة اٞتماعة كاألمواؿ ،فذلك ٭تدث الطبلؽ
الطريقة ،لقوؿ الشيخ أٛتد التجاين (رضي اهلل عنو) :يقطع المري َد عن
بينهما إذا تب ٌُت لو فيما بعد أف الشيخ غَت كاؼ لئلرشاد ُب السلوؾ،
ثالث :أخذ الورد على ورده التجاني ،ترؾ الورد
الطريقة التجانية ٌ
أك أنو بريئ من السلوؾ ،أل دل يعلم عن السلوؾ شيئا ،قاؿ تعاذل:
تعمدا وتهاونا ،وزيارة اْلولياء .فإذا دل يفعل ا١تريد أحد ىذه
التجاني ّ
ويسألونك عن المحيض ،قل ىو أذى ،فاعتزلوا النساء في
األشياء فهو غَت منقطع عن التجانية ،كما زاؿ مريدا للشيخ أٛتد
المحيض حتى يطهرف .....البقرة)
التجاين ،إذ ىو شيخ ا١تريدين اٟتقيقي ،كالشيوخ ا١ترشدكف كلهم ٌنواب
– 4إذا كاف العقد ُب نكاح ا١تتعة كالع ٌدة ،كىو أف يبايع ا١تريد شيخا عنو (رضي اهلل عنو).
مد نة ٍب يغادره إذل شيخ آخر كينتظم ُب مريديو ،كتكوف معاشرتو بو إذل
كأما ا١تريد الذم حصل بينو كبُت مرشده الطبلؽ ،فعليو أف يطلب
أجل مسمى ،أك أف يقبل شيخ مريدا غَت مريده ١تدة ،إما ٠تصاـ كاف
شيخا آخر ،يستنَت بضوء حضرتو حىت كماؿ سَته الصوُب .كٯتكن
الصحة،
بُت ذلك ا١تريد كشيخو اٟتقيقي ،فليس ُب مثل ذلك السلوؾ ٌ الطبلؽ ا١تباشر بُت الشيخ كا١تريد إذا دل يًتب ذلك ا١تريد على يد ذلك
ك٭تصل فيو الطبلؽ بينهما ،إذا انتبو أحد٫تا أك كبل٫تا.
الشيخ ،ألف الًتبية ىي السر ُب عقد النكاح الصوُب ،كما تق ٌدـ بياف
ذلك.
الطالؽ السني: ٍب باف للمريد حالة ىذا ا١ترشد ،فإنو ٭تصل بينهما الطبلؽ،
كعلى ا١تريد أف يطلب شيخا يرشده لليت ىي أقوـ ،قاؿ تعاذل:
أما طبلؽ السنة فهو مباح ،كىو أف يطلق ا١تريد أك الشيخ اآلخر بعد
ىل يستوي الذين يعلموف ،والذين ال يعلموف ،إنما يتذكر
ثبلثة قركء ،أل بعد ثبلث إصبلحات.
أولو اْللباب( ....الزمر .)9
الطالؽ البدعي:
النكاح على غرر في الصداؽ:
كال ٬توز للمريد أك الشيخ أف يطلق أحد٫تا اآلخر طبلؽ الثبلث ُب
– 2إذا كاف العقد بينهما على غرر ُب صداؽ بأف يبايع ا١تريد بيعة
٭تل لو أف يطلق فور ما كقع بينهما ا١تخاصمة،
كلمة كاحدة ،بل ال ٌ
صوفية ،كدل يرد أف ينقاد لشيخو كيتواضع لو ٓتدمتو كحسن متابعتو
كإ٪تا ينبغي لو أف ٭تاكؿ على اإلصبلح فيما بينهما أكال ،كقاؿ القرآف:
ك٤تبتو ،فإف الشيخ ُب ىذه اٟتالة يطلٌقو ،ألف ا١تريد إذا امتنع عن ىذه
فابعثوا حكما من أىلو وحكما من أىلها.
األشياء ينقص ُب قلب شيخو قدر بيعتو لوٍ ،ب يطلٌقو الشيخ ُب قلبو.
كاألسباب اليت يتولد منها الطبلؽ بُت ا١تريد كا١ترشد ىي كما تلي: قاؿ تعاذل :قل إف كنتم تحبوف اهلل فاتبعوني ،يحببكم اهلل ،ويغفر
النكاح على غرر في العقد: لكم ذنوبكم ،واهلل غفور رحيم .كقاؿ الرسوؿ :ال يؤمن أحدكم حتى
أكوف أحب الناس إليو من مالو .....أو حتى يكوف ىواه تبعا لما
– 1إذا كاف العقد بينهما على غرر ُب العقد بأف ال يكوف
أحب إليو من والده وولده
جئت بو ....كُب ركاية :حتى أكوف ّ
ا١ترشد من أىل اإلذف للتلقُت ،أك دل يًتب تربية صوفية ،أك
والناس أجمعين.
ليس من الصوفيُت البتة ،كإ٪تا ي ٌدعي التصوؼ كيتشيخ للمريد،
إف كماؿ اإلنسانية ال يكوف إال بأف يولد مرتُت ،فالوالدة األكذل ىي – 5إذا كاف العقد ٔتقابلة البضع بالبضع ،كىو نكاح الشغار ُب
الوالدة الظاىرة اليت ُّا أتى اإلنساف إذل عادل الشهادة ىذا ،من األبوين الفقو ،كىو ُب السلوؾ ثبلثة أقساـ:
النسليُت ،لقولو تعاذل :فلينظر اإلنساف مم خلق ،خلق من ماء دافق، الشيخ ينبغي للشيخ أف يكرمو
ى األكؿ :أف يرل ا١تريد أنو كلما يكرـ
يخرج من بين الصلب والترائب (الطارؽ .) 7- 5 كذلك ،أك كلما ٮتدمو ٬تب أف ٮتدمو الشيخ مثل ذلك ،حىت يتظاىر
لكليهما طلب حق ذلك ،فهذا ٭تدث الطبلؽ ،ال ٤تالة.
كإف ىذا ا١تولود الوالدة األكذل مع ٚتيع ما فاز بو من اٟتظوظ الدنيوية،
الشيخ ُب إرشاده لو
ى الثاين :أف يرل ا١تريد أنو أعلم من الشيخ ،كيعارض
من رزؽ كماؿ ،كعلم كصيت ،فإنو رجل ناقص بُت منزلتُت اثنتُت؛
تارة ،كُب بياف السلوؾ من حقيقة كترقية ،حىت ال يعتقد ا١تريد حق
الشقاكة كالسعادة ،ألف الوالدة األكذل كحدىا إذا خلت لصاحبها من
ا١تشيخة ١ترشده ،كال يراه الشيخ مستقيما عنده كأحد مريديو ،ألف حق
التدين كالعبادة كمعرفة اهلل ،فإف ذلك شقاكة ،ال ريب. الشيخ عند ا١تريد مثل حق التابع للمتبوع .فهذا يوجب الطبلؽ مباشرة.
كأما إذا اقًتنت كالدة اإلنساف األكذل باإلسبلـ كاإلٯتاف كاألخبلؽ الثالث :أف يكوف للمريد مواىب إ٢تية بواسطة شيخو ُب السلوؾ ،حىت
الكرٯتة من دكف ا١تعرفة ،فبل تزاؿ سعادتو ناقصة إذ غلبت على نفسو رأل الشيخ كتي ٌقن بتمكن فهمو ُب السلوؾ ،كال ٭تتاج إذل كثرة ا١تراقبة
الغفلة كا٢تموـ الدنياكية. إذ قد صار كامبل إلرشاد غَته من ا١تريدين ،رٔتا يعيٌنو الشيخ إلجابة
األسئلة عن السلوؾ ،أك ١تراقبة غَته ُب السلوؾ ،فإف ذلك ٭تدث
بينهما الطبلؽ ،كالطبلؽ ىنا ىو أف يعطيو الشيخ إجازة اإلطبلؽ.
كينبغي ١تثل ىذا ا١تريد أف ٭تًتـ حق شيخو عليو حيثما كاف ،ألنو ال
٭تتاج إذل الزيارة الدائمة إذل الشيخ.
– 7ك٬توز للشيخ أف يشَت مريده إذل مق ٌدـ ٖتتو إف شاء ،ألخذ
من ىذا يرل القارئ اغًتار بعض القاصرين من ا١تريدين الذين دل الورد منو أك ١تراقبة تربيتو ،إذ لؤلب إنكاح ابنتو البكر بغَت إذهنا
يتجاكز سَتىم الصوُب أكثر من تربية كقليل ترقية ،في ٌدعوف اإلطبلؽ كإف بلغت ،كإف شاء شاكرىا ،كما جعلٍت – أنا الكاتب -
بأهنم قد بلغوا الكماؿ ُب السلوؾ الصوُب. الشيخ أٛتد الغزارل ككيبل لبعض ا١تريدين للتلقُت كبعضهم
للمراقبة على تربيتهم.
كىكذا يرل القارئ قصور بعض الشيوخ القاصرين الذين يعطوف
ا١تريدين إجازة اإلطبلؽ ،كا١تريدكف مفتقركف إذل مراقبات كثَتة من تلقاء - 8كإذا ارت ٌد أحد٫تا عن الطريقة كالسلوؾ تنفسخ البيعة بينهما
حضرة الشيخ .قاؿ تعاذل :في قلوبهم مرض فزادىم اهلل مرضا ،ولهم بالطبلؽ ،كقد ال يقع بينهما الطبلؽ النتظار التوبة من ا١ترت ٌد.
عذاب أليم بما كانوا يكسبوف (البقرة).
– 9كيكره ُب السلوؾ أف ٮتطف شيخ مريدا سبق لو البيعة اٟتقيقية
–6نكاح ما قد نكح اآلباء ،كىو أف ٮتتطف مق ٌد هـ مريد عند شيخ آخر ،فيعطيو اإلجازات الصوفية من غَت ما علم عن سلوكو
شيخو الذم قد ًبٌ لو البيعة اٟتقيقية لدل الشيخ ،أك أف ُب التصوؼ ،فهذا ٔتثابة خطبة أحد على خطبة أخيو.
يصرؼ ا١تق ٌدـ كجو ا١تريد عن الشيخ إذل نفسو ، ،كىذا مكركه
ٌ باب الوالدة الثانية:
ُب السلوؾ ،كى ال ٭تدث ذلك االضطراب لذلك ا١تريد ،كلكى
ال يسبب للمقدـ سوء العاقبة.
فتلقى آدـ من ربو كلمات فتاب عليو ،إنو ىو التواب الرحيم كىذه الوالدة الثانية أزلية من اهلل تعاذل ،ألنو لؤللوىية إشارة إليها كما
(البقرة) كذلك كالدتو الثانية. قاؿ ُب اٟتديث القدسي :كنت كنزا مخفيا لم أعرؼ ،فأحببت أف
أعرؼ فخلقت خلقا ،فبي عرفوني.
كُب شأف النيب نوح (عليو السبلـ) ،فإف كالدتو الثانية حصلت لو بينما
كاف ىو ُب الفلك على ماء الطوفاف حُت قاؿ :بسم اهلل مجراىا كيوجد مثل ذلك للحضرة الربوبية احملمدية كاألنبياء كالرسل ٍب األكلياء
ومرساىا ،إف ربي لغفور رحيم (ىود )41 فكل منهم ناؿ ىذه الوالدة الثانية.
العارفُت ،م
ب
يم َر ِّ كُب نيب اهلل إبراىيم (عليو السبلـ) حُت قاؿ :وإِ ْذ قَ َ ِ ِ فوجوده تعاذل األزرل القدًن حُت ال خلق يعرفو ،كال شيئ معو غَته ،بل
اؿ إبْػ َراى ُ َ
اؿ بَػلَ َٰى َوَٰلَ ِكن
اؿ أ ََولَ ْم تُػ ْؤِمن ۚ قَ َ أَ ِرنِي َكيْ َ
ف تُ ْحيِي ال َْم ْوتَ َٰى ۚ قَ َ ىو كحده الذم عرؼ نفسو ُب مقابلة الوالدة األكذل .ك١تا أراد لنفسو
اج َع ْل
ك ثُ َّم ْ ص ْرُى َّن إِلَْي َ لِّيَط َْمئِ َّن قَػ ْلبِي ۚ قَ َ
اؿ فَ ُخ ْذ أ َْربَػ َعةً ِّم َن الطَّْي ِر فَ ُ التجلي ُب الظهور ،قاؿ :فأحببت أف أعرؼ ،فخلقت خلقا ،فبي
َف اللَّوَ
ك َس ْعيًا ۚ َوا ْعلَ ْم أ َّ َعلَ َٰى ُك ِّل َجبَ ٍل ِّم ْنػ ُه َّن ُج ْزًءا ثُ َّم ا ْدعُ ُه َّن يَأْتِينَ َ عرفوني .كذلك ُب مقابلة الوالدة الثانية.
ِ
يم (البقرة ٍ ،)260ب قاؿ تعاذل بعد كصولو إذل الوالدة الثانية: َع ِز ٌيز َحك ٌ أما الوالدة األكذل ٟتضرة الربوبية فتلك يوـ أخرجو اهلل قطعةن نورانية من
ض َولِيَ ُكو َف ِم َن السماو ِ
ات َو ْاْل َْر ِ وت َّ َ َ
ِ ِ
ك نُ ِري إبْػ َراى َ
يم َملَ ُك َ َوَك ََٰذلِ َ ذاتو تعاذل ،فأصبحت ىذه القطعة النورانية تعبد رُّا سنُت ال ٭تصى ٢تا
ين (األنعاـ .)75 ِِ
ال ُْموقن َ عدد ،كال يع ٌد ٢تا مددٍ ،ب أرادت أف تناؿ الوالدة الثانية لتكوف كاملة
ُب التجلي ،فأخرجت ا١توجودات من ذاتيتها (أل اٟتضرة الربوبية)، ومن الثالث باقي المالئكة ،ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء:
كىذا اإلخراج النوراين ىو الوالدة الثانية للحضرة الربوبية (أل اٟتقيقة فخلق من اْلوؿ السماوات ،ومن الثاني اْلرضين ،ومن الثالث
احملمدية) .ككيفية ىذه الوالدة الثانية للحضرة الربوبية كبياهنا موجوداف الجنة والنار ،ثم قسم الرابع أربعة أجزاء ،فخلق من اْلوؿ نور
ُب اٟتديث ا١تركم عن جابر عن أكؿ ا٠تلق. أبصار المؤمنين ،ومن الثاني نور قلوبهم وىى المعرفة باهلل ،ومن
ركاه عبد الرزاؽ بسنده عن جابر بن عبد اهلل بلفظ قاؿ قلت يا رسوؿ الثالث نور إنسهم وىو التوحيد ال إلو إال اهلل محمد رسوؿ اهلل
اهلل :بأيب أنت كأمي أخربين عن أكؿ شيئ خلقو اهلل ،قاؿ رسوؿ اهلل :يا (.اٟتديث ،كما ُب ا١تواىب).
جابر :إف اهلل تعالى خلق قبل اْلشياء نور نبيك من نوره ،فجعل ٍب إف كل نيب من األنبياء ،أك كل رسوؿ من الرسل ،ناؿ ىذه الوالدة
ذلك النور يدور بال ُقدرة حيث شاء اهلل ،ولم يكن في ذلك الوقت الثانية بعد ما ثبتت كالدتو األكذل اليت ُّا أتى من أبويو إذل عادل
لوح وال قلم وال جنة وال نار وال ملك وال سماء وال أرض وال الشهادة .كتبدأ الوالدة الثانية لؤلنبياء كالرسل بنور ا٢تداية كاإلٯتاف حىت
ِّي وال إنسي ،فلما أراد اهلل أف يخلق الخلق ِ
شمس وال قمر وال جن ٌ يرد عليو الوحي داللة على كصوؿ تربيتو إذل الوالدة الثانية.
قسم ذلك النور أربعة أجزاء :فخلق من الجزء اْلوؿ القلم ،ومن
كمثاؿ ذلك ُب شأف النيب آدـ (عليو السبلـ) ،فإنو بعد ما عصا اهلل
الثاني اللوح ،ومن الثالث العرش ،ثم قسم الجزء الرابع أربعة بأكل الشجرة استغفر ربو طالبا بو رؤيتو تعاذل ،ألف اهلل دل يغب عنو
أجزاء ،فخلق من الجزء اْلوؿ َح َملَة العرش ،ومن الثاني الكرسي، قبل أكل الشجرة ،كذلك طلبو لوالدتو الثانية ،كقاؿ تعاذل بعد حُت:
الثالثة :الذين يعمركف الدنيا كاملُت ،كىم العارفوف الذين فازكا بالوالدة كُب النيب موسى (عليو السبلـ) عند ما ذىب إذل النيب شعيب كرجوعو
اىا نُ ِ
الثانية اٟتقيقية قبل أف يدركهم ا١توت ُب اٟتياة الدنيا ،كبالوالدة الثانية ودي يَا إذل بلده حىت جاءه الندء الرباين ،قاؿ تعاذل :فَػلَ َّما أَتَ َ
يصَت اإلنساف كامبل لدل اهلل ،كالكاملوف ىم أىل اهلل. س طًُوىَ .وأَنَا ك بِال َْو ِاد ال ُْم َق َّد ِك إِنَّ َ وسى .إِنِّي أَنَا َربُّ َ
ك فَا ْخلَ ْع نَػ ْعلَْي َ ُم َ
وحى .إِنَّنِي أَنَا اللَّوُ َال إِلَوَ إَِّال أَنَا فَا ْعبُ ْدنِي ك فَ ِ ِ
قاؿ الشيخ إبراىيم الكو٠تي (رضي اهلل عنو) ١تصداؽ ىذه اٟتقيقة: استَم ْع ل َما يُ َ ا ْختَػ ْرتُ َ ْ
والناس في ذلك على ثالثة أقساـ: الص َالةَ لِ ِذ ْك ِري (طو .)14 – 11 َوأَقِ ِم َّ
- 8اْلعمى وىو المحجوب الذي ال يرى الحق الظاىر الذي كللنيب ٤تمد مثاؿ ذلك ُب ذىابو إذل الغار متفكرا ُب خلق السموات
كاألرض ،إذل أف جاءه الوحي.
ليس عليو حجاب
– 2ضعيف البصيرة الذي ال يرى إال ذاتا ليس لها صفة وال اسم كلنا بياف كاؼ ُب كالدات األنبياء الثانية ُب كتابنا األنبياء كاألكلياء ُب
ٍب إف الكمل من األكلياء العارفُت أقركا ثبوت ىذه الوالدة الثانية بدليل
– 3قوي البصيرة الذي يرى الحق والخلق ،يشاىد وجودا في
ما سبق ُب شأف األنبياء كالرسل ،كأقركا أنو ال بد من الوالدة الثانية
عدـ في آف ،فنقيضاف ال يفترقاف ،وحقيقة ىذا الوجود تمثاؿ
لكل من يتمٌت الكماؿ اإل٢تي.
كىذه الوالدة الثانية قسماف؛ ٣تازية كحقيقية ،أما الوالدة الثانية اَّازية ىذا ،كإف الناس ُب الدنيا من ناحية الوالدة الثانية اٟتقيقية ثبلثة
فإهنا تكوف ألىل الدنيا من األغنياء كالشرفاء كعلماء الرسوـ ُب الدنيا، أصناؼ:
كىي كل ما تعلٌم اإلنساف من الدنيا ،أك اكتسبها منها ،أك فاز ُّا
األكؿ :الذين يكونوف ُب الدنيا ببل شيئ ،ليس ٢تم دين يرضى اهلل بو
نتيجة اجتهاده ُب ٖتصيلها ،حىت صار مشهورا كمعركفا بذلك الشيئ،
من األدياف السماكية ،بلو االىتماـ بأ٫تية الوالدة الثانية اٟتقيقية ،كىم
فذلك كالدتو الثانية اَّازية الدنياكية
الكفار كا١تشركوف (أىل الدنيا) .فهم مهما ٚتعوا من الدنيا كما فيها
كُب شأف العلماء كالقاصرين من الصوفية ،يوجد منهم من يعتقد أف رجاؿ ال يعبأ اهلل ُّم سبحانو كتعاذل ،ألهنم دل يهتدكا سبيبل ،كىم
جوىر التصوؼ،
الكرامات ،كاستجابة الدعاء ،كإقباؿ الناس إليو ،ى عي ٍم هي ،قاؿ القرآف :ومن يبتغ غير اإلسالـ دينا فلن يقبل منو ،وىو
ك٭تسب أف ذلك ىو عُت الوالدة الثانية كالسعادة الكاملة ٞتهلو عن في اآلخرة من الخاسرين (الشورل).
معرفة الوالدة الثانية اٟتقيقية.
الثاين :الذين يعيشوف ُب الدنيا ناقصُت ،كىم الذين آمنوا باهلل كيتدينوف
أما الوالدة الثانية اٟتقيقية فإهنا تبدأ من كماؿ العبادة كاإلٯتاف الٌ ىذيٍن بأحد األدياف السماكية فقط ،مسلمُت كانوا أك نصارل أك غَتىم،
يد غفلتو عن اهلل كإزالتو ،ك٬تعبلنو يشعر بوجود اهلل كإمكانية ييرياف ا١تر ى علماءىم الشرعيُت كأساقفتهم الرىبانيُت ،كدل يفوزكا بالوالدة الثانية
معرفتو ،فيكوف لو االنتباه كالتي ٌقظ بالسؤاؿ عمن ىو اهلل باٟتقيقة، اٟتقيقية ُب عادل األركاح اليت ىي الغاية من التديٌن.
فيشرع ُب طلب من يرشده إذل معرفتو تعاذل.
اٟتامل الطبيب على حا٢تا للفحص كالعيادة ،كعلى ىذه اٟتالة يكوف فقط ،لكن إف القوة هلل جميعا .فثبت بتماثيلو آثار احتجب بها
ا١تريد ما شاء اهلل حىت الوصوؿ. سبحانو.
كأما إذا كصل ا١تريد فقد أيٍ٧تب ُب عادل األركاح ،كدخل ُب حضرة كحدة كيفية الوالدة الثانية الحقيقية عند العارفين:
الوجود (حضرة األٝتاء كالصفات) .فيوـ الوصوؿ ىو يوـ الوالدة الثانية
تبدأ مراحل الوالدة الثانية عند العارفُت بُت ا١ترشد كا١تريد من يوـ اتصاؿ
للمريد ،يكلد ىناؾ طفبل نورا نيا ،كمعٌت ذلك أف ا١تريد يرل رؤية صادقة
ا١تريد بشيخو الواصل بالبيعة كالتلقُت على يديو ،فا١تريد ٔتثابة ا١ترأة
تاما بسره الذم ال يزاؿ ُب عادل األركاح منذ فراقهما،
كيتصل اتصاال ٌ اٟتسيُت ،غَت
اآلنسة كالشيخ ٔتنزلة الرجل يوـ اللقاء األكؿ بُت الزكجُت ٌ
فاالتصاؿ بالسر ىو ا١تسمى عند الصوفية بالوصوؿ .قاؿ النيب عيسى
أف ىذا اللقاء لقاء الركحُت ال يبارل ّتسديهما.
بن مرًن (عليو كعلى نبينا الصبلة كالسبلـ) :من لم يولد مرتين فلن
أما البيعة كالتلقُت صيغة القبوؿ كاإل٬تاب بُت ا١تريد كالشيخ ،كىو بداية
يلج ملكوت السمواتٔ .تعٌت لن يلقى سره ُب عادل األركاح.
ك إِنَّ َما يُػبَايِعُو َف اللَّوَ يَ ُدين يُػبَايِعُونَ َ َّ ِ
النكاح بينهما .قاؿ تعاذل :إِ َّف الذ َ
ىذا ،كإذا القى ا١تريد بسره فإنو يعيش ُب عادل الشهادة ،كُب عادل
ث َعلَ َٰى نَػ ْف ِس ِو ۚ َوَم ْن ث فَِإنَّ َما يَن ُك ُاللَّ ِو فَػ ْو َؽ أَيْ ِدي ِه ْم ۚ فَ َمن نَّ َك َ
بعد موتةن ،كيعيش مع سره حياة
األركاح الغييب ُب آف كاحد ،كال يذكؽ ي ِ ِ
يما (الفتح .)10كقاؿ: َج ًرا َعظ ً سيُػ ْؤتِيو أ ْ َّ أ َْوفَ َٰى بِ َما َع َ
اى َد َعلَْيوُ اللوَ فَ َ
حقيقية أبدية ،كلو كاف جسمو يلحق بو الفناء كالبًبل ُب عادل الشهادة،
لقولو تعاذل :ضرب اهلل مثال كلمة طيبة كشجرة طيبة ،أصلها ثابت،
سو َف َوَر ُجال َسلَ ًما لَِر ُج ٍل َى ْل ضرب اللَّوُ مثَال رجال فِ ِيو ُشرَكاء متَ َ ِ
شاك ُ َ ُُ َ َُ ََ َ ٍب إف ا١تريد بعد حُت يبايع الشيخ بيعة جديدة ألنو قد كجد من
ْح ْم ُد لِلَّ ِو بَ ْل أَ ْكثَػ ُرُى ْم ال يَػ ْعلَ ُمو َف (الزمر .)29 ِ
يَ ْستَ ِويَاف َمثَال ال َ بواسطتو يكوف مولودا ُب عادل األركاح ،كعند تلك البيعة يأذف لو
الشيخ ُب أذكار الًتبية ،كيل ٌقنو إياىا ،كذلك يكوف ُب مقابلة اٞتماع
ٍب يأذف الشيخ للمريد ُب الشركع ُب أذكار الطريقة ،فاإلذف ىو ٔتثابة
بينهما الذم ينتج اٟتملٍ ،ب يراقب الشيخ حالو ُب ٛتلو الصوُب
عقد النكاح بينهما ،كأما معاملتو بالشيخ فتكوف على حسب ما أمر بو
النوراين حينا بعد حُت.
النساء ُب الشريعة ٨تو بعولتهن ،من تواضع كاستئذاف ،ك٤تبة كتودد،
كخدمة كىلم جرا. كالًتبية ىذه هتيٌئ ا١تريد للوصوؿ ُب اٟتضرة بوالدتو الثانية فيها ،كما
ىيٌأه اٟتمل اٟتسي للدخوؿ ُب ىذا العادل عند كالدتو األكذل بشرا
ليس ىناؾ تصوؼ حقيقي يستهُت بشأف طلب ا١ترشد الواصل الذم
سويا.
يقوـ مقاـ الزكج البلزـ البتداء التنسل الركحي ،فوجوب طلب ا١ترشد
ُب التصوؼ للوالدة الثانية كوجوب كجود الزكجُت اٟتسيُت إل٧تاب ككما كانت ا١ترأة ُب الدنيا أهنا ىي اليت تشرؼ أكال على اٟتمل ،كذلك
فأم تصوؼ خبل عن كجود مرشد كاصل فذلك تصوؼ
الولد اٟتسيٌ . ا١تريد ىو الذم يشرؼ على ٛتلو ا١تعنوم بتبلكة أذكاره على الوجو
علمي ال يرجى عقبو الوالدة الثانية ،ال سيما أكالدا ركحانيُت ،قاؿ النيب الشيخ ،كبتفكَته حوؿ األشياء .فباألذكار كالتفكَت
ي الذم كصفها لو
ٌ
مكاثر بكم اْلمم
(صلى اهلل عليو كسلم) :تناكحوا وتناسلوا ،فإني ٌ يتحرؾ ٛتلو النوراين شيئا فشيئا من شعوره بنور ربو كشوقو ،كما يتحرؾ
يوـ القيامة. الشيخ على حالو كما تطلع ا١ترأة
ى يد
اٞتنُت ُب بطن ا١ترأة ،كييطلع ا١تر ي
الذي يبصر بو ،ويده التي يبطش بها ،ورجلو التي يمشي وفرعها في السماء (إبراىيم) .كلذلك يقاؿ إف الرجاؿ الكمل يعيشوف
بها........،اخل ُب عالػ ىػمُت اثنُت؛ عادل الدنيا كعادل اآلخرة .كيقاؿ ٢تم :نصفهم بشر
كنصفهم ملك ،كقاؿ تعاذل :ما ىذا بشرا ،إف ىذا إال ملك كريم
كقاؿ الشيخ إبراىيم عبد اهلل الكو٠تي (رضي اهلل عنو) :فحينئذ يأتيو
(يوسف) .كقاؿ البوصَتم:
صريح الحق فال يرى وجودا إال اهلل ،وال يرى نفسو وال سواه ،وال
يرى فناءه بل ال يرى إال ىو اهلل احد ،ويرى أف ال كوف وال أثر وال ال تنكر الوحي من رؤياه إف لو #قلبا إذا نامت العيناف لم ينم
فعل وال اسم وال صفة ،فهو اكمل حجاب عن وجود موجود سوى كقاؿ غَته:
وجود الحق ،وفي ىذا المقاـ يقوؿ أنا اهلل ال إلو إال أنا وحدي ،بل
قلوب اْلولياء لها عيوف #يرى ما ال يراه المبصرونا
ال إلو إال اهلل ،وىذا من غير حلوؿ وال اتحاد ،وال شيئ من صفات
الحوادث .فهذا المقاـ أدنى مراتب الفتح في طريقتنا اْلحمدية وأرواح تطير بغير ريش #إلى ملكوت رب العالمينا
التجانية المحمدية اإلبراىمية الحنفية ،وليس ىو المعرفة لكنو باب فالغاية من الًتبية الصوفية إ نذا ىي اتصاؿ ا١تريد بسره األزرل ،كىو
المعرفة ،ال باب للمعرفة إال الفتح ،وال باب للقاء اهلل إال ىو. الوالدة الثانية ،كاالتصاؿ بالسر ىذا ىو الذم يسأؿ عنو العارؼ
(الكربيت األٛتر ،الفصل الثاين ُب جذب ىذه الطريقة ،ص .)426 يد بقولو :ىل عرفت نفسك؟ ىل تربٌيت؟ أل ىل اتصلت
الصوُب ا١تر ى
بسرؾ؟
ٌ
ىذا ،كلكل شيئ سر ُب عادل الغيب ،كاألسرار ٣تموعة ُب دائرة كاحدة من عرؼ نفسو فقد عرؼ ربو ....أل من عرؼ نفسو فقد عرؼ
بأجساـ خفيفة نورانية ،ال ٗتتلف ،كلكن القرآف يطلب من كل إنساف األشياء بواسطة أسرارىا.
أف يتصل بسره ٣تاىدا ىواه ُب ٖتقيق ذلك ،قاؿ القرآف :كال لما
كيف يدرؾ العارؼ اْلشياء:
يقض ما أمره( .....عبس ،)23يا أيها اإلنساف إنك كادح إلى
اعلم أيها القارئ العزيز – ىدانا اهلل كإياؾ – أف العارؼ يدرم كل
ربك كدحا فمالقيو (االنشقاؽ .....)6ويقطعوف ما أمر اهلل بو أف
شيئ ،بالنسبة ألسرار ا١توجودات كحقائقها ،ال بالنسبة ألجسامها ،فما
يوصل (البقرة).
سرىا
من عارؼ تكوف معرفتو ٣ترد رؤيتو ٢تذه الظواىر إال بإدراؾ ٌ
كالسر توأـ ا١تريد ،يدركو عند كالدتو الثانية أنو ثانيو ،كىو ربو كسيده، كحقيقتها ١تعرفتو سر نفسو ،ألف أسرار الكائنات كحقائقها كاحدة ُب
بل ىو جزءه النوراين ،خرج منو إذل عادل الشهادة ،كىو ا١تدرسة احملمدية أصليتها كأزليتها ،أل األسرار ُب عادل األركاح صورة كاحدة ،لقولو
اليت منها يتعلٌم ،كىو الوارد الرباين كاألستاذ األكرب الذم ٭تضر لو
تعاذل :ونفس وما سواىا (سورة الشمس).
جديدا من حقائق العلوـ كا١تعارؼ كأسرار الكوف ،بل يأتيو ٔتا ال عُت
كيدرؾ علوـ األكلُت كاآلخرين بسره حيث ال يرل بعد اتصالو بالسر إال
ط ،حىت يتيقن ا١تريد
رأت ،كال أذف ٝتعت ،كال خطر على قلب بشر ق ٌ
بو ،كال يسمع إال بو ،كال يتكلم إال بو ،كال يبطش إال بو ،قاؿ تعاذل ُب
حقائق األشياء كلها ،فقد ذيكر ُب عوالي اللئالي البن أيب ٚتهور
اٟتديث القدسي :وإذا أحببتو كنت سمعو الذي يسمع بو ،وبصره
األحسائي رٛتو اهلل 102/4 :أنو قاؿ الرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم):
آياتنا في اآلفاؽ وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنو الحق ،أولم يكف كعلى مثل ىذا اٟتاؿ حاؿ الواصل قاؿ ابن عريب ُب كتابو تنبيهات
بربك أنو على كل شيئ شهيد (فصلت) .كركم ُب عوالي اللئالي على علوٌ اٟتقيقة احملمدية ص :29فإنك سألت أيها الولي العارؼ
البن أيب ٚتهور األحسائي رٛتو اهلل 102/4 :أنو قاؿ الرسوؿ (صلى – عرفك اهلل تعالى ما ال نهاية لو من المعارؼ – أف أقيّد لك
اهلل عليو كسلم) :من عرؼ نفسو فقد عرؼ ربو ....أل من عرؼ صورة االستعداد الجامع الكلي الذي ال يتقيد باسم معيّن ،وال
نفسو فقد عرؼ األشياء بواسطة أسرارىا. بحضرة مخصوصة ،وال بتجل مخصوص يوقف عنده ،وال يتعدى
كاالتصاؿ الدائم بالسر بعد الوالدة الثانية لبلستمداد يكوف بالتفكَت لتلقي ما يناسب ىذا االستعداد الكلي من اْلسماء المؤثرة وغير
الدائم ا٠تالص عن ٫توـ الدنيا ،كيبتعد عن ا١تريد سره كلما ازداد ىو ُب المؤثرة ،والحضرات المقيدة وغير المقيدة ،والتجليات العامة
ا٢تموـ الدنيوية ،كىكذا يكوف االتصاؿ بعد الوالدة اٞتديدة الثانية أيضا والخاصة ،والتنزالت اإللهية ،واالستنزاالت الروحانية ،واالطالع
بإفراغ القلب عن أمور الدنيا ،ألف قلب ا١تريد ىو لسانو الذم يتكلم بو على الكائنات الغيبية ،في الحركات الدورية ،وتوالج العوالم،
مع سره ،كٝتعو الذم يسمع بو من السر ،كىذا الكبلـ من السر إذل ومشاىدة كل عالم في مقامو المعلوـ ،وشخصيات تجلي ىذه
ا١تريد الواصل يسمى معرفة .إ نذا ،فبل سبيل إذل ا١تعرفة الصوفية اٟتقيقية العلوـ في مراتبهم ،وصور المعارج والمدارج ،وبالنسب الرابط بين
إال بالًتبية الصحيحة. العوالم ،والتأثيرات السفلية من الحركات العلوية والبرزخية،
والػتأثيرات العلوية من الحركات السفلية ،وخلق المالئكة
والروحانيات العلى ،من اْلنفاس اآلدمية ،والحركات البشرية ،وتولد والمحاؿ عدـ محض ،فلم يبق إال الوجوب ،ومطالعة السرياف
ُ
اْلرواح من اْلجساد ،واْلجساد من اْلرواح ،ومشاىدة العالم اإللهي الذي ينفي حكم القدر ،وىو توحيد الوجود ،ونفي االختراع
المهيم والمسخر والمدبر ،والتحوؿ والتبدؿ في الصور على والخلق والتدبير ،وجحود اْلسماء المؤثرة ،إلى أمثاؿ ىذا الكشف
اختالفاتها ،واالستكشاؼ على توسع الذات اإللهية ،لتنوع ىذه التاـ ،واْلمر الذي كاف بو النظاـ ،مما يرى وال يقاؿ.
الصور العرفانية الموقوفة على الجحد واإلقرار ،وتنوع المشارب،
قلت :أجل ،كٯتكن للعارؼ – إذا شاء – أف يتكلم عن كل شيئ ،أك
ونسبة الحق من العالم ،والعالم من الحق ،ومن أين يتعلق العلم أف يستنطق كيستم ٌد ا١تعاين من كل شيئ ،التصالو بعُت سره ،كذلك
القديم اإللهي بالعالم ،والعالم معدوـ. السر ىو الذم ٮتاطبو عن أسرار ا١توجودات الباقيةٍ ،ب يعرب عنها
واسترساؿ العالم الواحد على ما ال يتناىى من العلوـ من غير العارؼ بلغة قومو تعبَتا ربانيا ،كىو ا١تعرفة أك اٟتقيقة.
تصور ،العلم التصويري ،والمعلومات المقصورة ،والمعلومات التي
ّ كلذلك يستطيع العارؼ أف يعرب بدقة عن األشياء مثل األرض كما
ال تتصور ،والوقوؼ على مقاـ إحالة شهود العقل ،ومشاىدة عليها ،كالسماء كما فيها ،ليس لو صعود حسي من ٣تلسو ،كال
المرتبة التي تفني اإلمكاف. يستخدـ أداة حسيٌة ،بل ٔتجرد اتصالو بأسرار ىذه األشياء ،كاألسرار
أكرب جوىرا من ىذه ا٢تيئات ا١ترئية .ككذلك ٯتكن للعارؼ أف يعرب عن
اهلل كرسولو ألنو ىو السر الكلي ُب ا١توجودات ،قاؿ تعاذل :سنريهم
ْخ ُذهُ ِسنَةٌ َوالَ نَػ ْوٌـ لَّوُ َما فِي اللّوُ الَ إِلَػوَ إِالَّ ُى َو ال َ
ْح ُّي الْ َقيُّ ُ
وـ الَ تَأ ُ ك٣تمع ىذه األسرار ىو ا١تسمى عند الصوفيُت العارفُت بدائرة األكلياء،
ض َمن ذَا الَّ ِذي يَ ْش َف ُع ِع ْن َدهُ إِالَّ بِِإ ْذنِِو يَػ ْعلَ ُم ات َوَما فِي اْل َْر ِ السماو ِ
َّ َ َ ككل من كصل بالًتبية الركحية فقد دخل ُب دائرهتم دخوؿ الطفل ُب
ش ْي ٍء ِّم ْن ِعل ِْم ِو إِالَّ بِ َما َشاء َما بَػ ْي َن أَيْ ِدي ِه ْم َوَما َخ ْل َف ُه ْم َوالَ يُ ِحيطُو َف بِ َ عادل األشباح.
ودهُ ِح ْفظُ ُه َما َو ُى َو ال َْعلِ ُّي ض َوالَ يَػ ُؤ ُات َواْل َْر َ السماو ِ ِ
َوس َع ُك ْرسيُّوُ َّ َ َ
ِ
ٯتر عليها حىت يدركو البلوغ
كبالًتقيات ينشأ ا١تريد ُب عادل األركاحٌ ،
يم (البقرة )255 ِ
ال َْعظ ُ التامة .قاؿ الشيخ
التاـ كا١تعرفة ٌ
الكامل ُب اٟتضرة باٟتصوؿ على النور ٌ
ْخبِ ُير ار ۚ َو ُى َو اللَّ ِط ُ
يف ال َ صَ ار َو ُى َو يُ ْد ِر ُؾ ْاْلَبْ َ
صُ َّال تُ ْد ِرُكوُ ْاْلَبْ َ إبراىيم عبد اهلل الكو٠تي (رضي اهلل تعاذل عنو) :فبهذا يسير العارؼ،
(اْلنعاـ )823 والسير ىو الترقي في معارؼ المعارؼ ،ال يزاؿ العارؼ باهلل في
كل نفس يزداد علما وذوقا وحاال ومحبّة ،وفناء وتعطشا ،واحتراقا
اؿ
ك قَ َ ب أَ ِرنِي أَنظُْر إِلَْي َ
اؿ َر ِّ وسى لِ ِمي َقاتِنَا َوَكلَّ َموُ َربُّوُ قَ َ
اء ُم َ َولَ َّما َج َ
وشوقا إلى اهلل تعالى ،إلى أبد اآلباد .يترقى بذلك في الكشف عن
ِ ِ
ؼ تَػ َرانِيس ْو َ ْجبَ ِل فَِإ ِف ْ
استَػ َق َّر َم َكانَوُ فَ َ لَ ْن تَػ َراني َولَك ِن انظُْر إِلَى ال َ
ِ أسماء اهلل تعالى وصفاتو وفهم كالمو تعالى وكالـ نبيّو (صلى اهلل
ص ِع ًقا فَػلَ َّما أَفَا َؽ قَ َ
اؿ وسى َ ْجبَ ِل َج َعلَوُ َد ًّكا َو َخ َّر ُم َ فَػلَ َّما تَ َجلَّى َربُّوُ لل َ
فهم حاؿ وذوؽ كلما ردد الفكرة يتجدد لو ذلك حتى
عليو وسلم) َ
ِِ ت إِلَْي َ
ين (اْلعراؼ )843 ك َوأَنَا أ ََّو ُؿ ال ُْم ْؤمن َ ك تُػ ْب ُُس ْب َحانَ َ
تتجلى لو عظمة اهلل وكبرياؤه ،وىما آخر ما يوجد من حجب
الصفات ،فليس وراءىما إال الذات العلية المقدسة العالية عن
الكيف والعين (الكربيت األٛتر ،اٞتزء الثالث ُب السلوؾ ُب جذب ُك ُّل َش ْي ٍء َىالِ ٌ
ك إِال َو ْج َهوُ (القصص )11
ُب الطريقة ص .)448 صيبةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّ ِو وإِنَّا إِلَْي ِو ر ِ
ِ َّ ِ
اجعُو َف (البقرةَ َ ين إِذَا أ َ
َصابَػ ْتػ ُه ْم ُم َ الذ َ
أدلة الوالدة الثانية كتابا وسنة: )856
اطل ۚ إِ َّف الْب ِ
ِ ض أ ََال إِلَى اللَّ ِو
ات َوَما فِي ْاْل َْر ِ
السماو ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ
اط َل َكا َف َزُىوقًا (اإلسراءَ ْح ُّق َوَزَى َق الْبَ ُ
اء ال َ
َوقُ ْل َج َ ص َراط اللَّو الذي لَوُ َما في َّ َ َ
)18 ور (الشورى )53 ِ
تَص ُير ْاْل ُُم ُ
اط ِل فَػيَ ْد َمغُوُ فَِإ َذا ُى َو َز ِاى ٌق ۚ َولَ ُك ُم ال َْويْ ُل
ؼ بِالْح ِّق َعلَى الْب ِ
َ
ِ
بَ ْل نَػ ْقذ ُ َ ْح ُّق ِ ِ ِ ِ ِ
َسنُ ِري ِه ْم آيَاتنَا في اآلفَاؽ َوفي أَنْػ ُفس ِه ْم َحتَّى يَػتَبَػيَّ َن لَ ُه ْم أَنَّوُ ال َ
ض ۚ َوَم ْن ِعن َدهُ َال السماو ِ
ات َو ْاْل َْر ِ ِ
م َّما تَص ُفو َف (َ )81ولَوُ َمن في َّ َ َ
ِ ِ ك أَنَّوُ َعلَى ُك ِّل َش ْي ٍء َش ِهي ٌد (فصلت )53 أَولَم ي ْك ِ
ف بَِربِّ َ َ َْ
سبِّ ُحو َف اللَّْي َل ِ يستَ ْكبِرو َف َعن ِعب َ ِِ
ادتو َوَال يَ ْستَ ْحس ُرو َف ( )81يُ َ ْ َ َْ ُ ٍ ِ ِ ِ ِ ِ
ُى َو ْاْل ََّو ُؿ َو ْاآلخ ُر َوالظَّاى ُر َوالْبَاط ُن ۚ َو ُى َو ب ُك ِّل َش ْيء َعل ٌ
يم
ض ُىم ي ِ ِ
نش ُرو َف ار َال يَػ ْفتُػ ُرو َف ( )22أَِـ اتَّ َخ ُذوا آل َهةً ِّم َن ْاْل َْر ِ ْ َُّه َ
َوالنػ َ (الحديد )3
(اْلنبياء )28 – 81
ِ ِ ِ ُّ
فَأَيْػنَ َما تُػ َولوا فَػثَ َّم َو ْجوُ اللَّو إِ َّف اللَّوَ َواس ٌع َعل ٌ
يم (البقرة )885
َف ما ي ْدعُو َف ِمن ُدونِِو ىو الْب ِ ََٰذلِ َ
ك بِأ َّ
َف اللَّوَ
اط ُل َوأ ََُّ َ َف اللَّوَ ُى َو ال َ
ْح ُّق َوأ َّ َ َ
ُى َو ال َْعلِ ُّي الْ َكبِ ُير (الحج )62
ككذلك ليوـ االثنُت عندىم فضل عظيم ٤تبة لرسوؿ اهلل كاقتداء بو رعرعتو ىي تصدره كتفاخره بأنو قد ترىب .صوتو ىو إخباره بًتبيتو
(صلى اهلل عليو كسلم) لتعظيمو ىذا اليوـ لصيامو فيو شكرا هلل سبحانو ْح ُّق َوَال بالتعجيل ،كلقد قاؿ تعاذل ُب ذلك فَػتَػ َعالَى اللَّوُ ال َْملِ ُ
ك ال َ
كمن ىنا تدرؾ أيها القارئ أف يوـ التقائك مع ربك يوـ ٚتعتك كيوـ كأما ليلة القدر فهي يوـ دخولو إذل حضرة ا١تعرفة أل يوـ تتنزؿ عليو
اثنينك ،كلو كافق يوـ األربعاء ُب الًتتيب الوضعي ،أك كافق أم يوـ من ا١تعارؼ ،كتكوف ىذه الليلة القدرية بعد يومى اٞتمعة كاالثنُت ،ألنو
األياـ الباقية ُب األسبوع ،كلنا ما شاء اهلل كتاب " أصل األياـ ليس يوـ كصوؿ الًتبية بيوـ الدخوؿ إذل حضرة ا١تعارؼ ،لذلك يقاؿ
كالشهور" ُب بياف حقائق األياـ كالشهور ،كالكتاب ٖتت الطبع. إف كصوؿ الًتبية ليس با١تعرفة كلكنو باب ا١تعرفة.
كانطبلقا من ىذه البينات ،يكوف يوـ اٞتمعة كاالثنُت للمريد يوـ كصولو كُب شأف ليلة القدر اليت ذكرنا قاؿ القوـ :ما من والية إال وعقدت
َّاس لِيَػ ْوٍـ ك َج ِام ُع الن ِ ُب الًتبية الصحيحة الصوفية .قاؿ القرآفَ :ربَّػنَا إِنَّ َ في الليل ،إذا فاليوـ الذم عقدت فيو كالية ا١تريد فهو لو ليلة القدر
اد (آؿ عمراف )9:كقاؿ ُب آخر ف ال ِْم َيع َ ب فِ ِيو إِ َّف اللَّوَ َال يُ ْخلِ َُال َريْ َ ُب أم يوـ أك ساعة من ساعات النهار أك الليل حصل ذلك.
وح َٰىۚ إِلَ َّى أَنَّ َمآ إِ َٰلَ ُه ُك ْم إِ َٰلَوٌ الكهف :قُ ْل إِنَّ َمآ أَنَاۚ بَ َ
ش ٌر ِّمثْػلُ ُك ْم يُ َ ك١تا قلنا أف تلك الليلة قد تكوف ُب أم يوـ أك أية ساعة كما تقدـ،
صلِ ًحا َوَال يُ ْش ِر ْؾ َٰح ٌد ۚ فَمن َكا َف يػرجواْ لَِق ِ وِ
آء َربِّوۦ فَػ ْليَػ ْع َم ْل َع َم ًال ََٰ
َ َْ ُ َ َ فالليل ىنا ليس با١تعٌت ا١تتعارؼ لدل الناس ،إذا فما معٌت الليل أك
َح ًدۚا .فالعمل الصاحل ُب اآلية ىو الًتبية الصوفية بِ ِعب َ ِ ِ
ادة َربِّوۦ أ َ َ الليلة؟ فهي شدة ظهور أنوار اهلل كقرب ا١تريد لتلك األنوار يكوف
الصحيحة ،كمعٌت قولو وال يشرؾ بعبادة ربو أحدا ىو أف ال يرل ما كالليل ١تا قيل :وفي شدة الظهور الخفاء أل الليل ،كىذه األنوار
سول اهلل. تظهر لو على قدر نصيبو منها ٚتلة كاحدة كإنزاؿ القرآف ٚتلة كاحدة
إذل بيت العزة ُب السماء الدنيا ،أل بيت العزة حضرة ربو كالسماء
الدنيا قلبؤ ،تعٌت تلك األنوار دل تكن نازلة ُب قلبو بل كانت بُت عقلو
ليلة القدر عند القوـ:
كىكذا يكوف تفكَته دائما ُب كل حاؿ من كل شيئ حىت تراه يقظانا كىي اليت صَتتو كاَّنوف من خوفو كفراره ،كقولو ٠تد٬تة :دثريٍت
ُب اٟتضرة الربانية يتفكر ُب كل شيئ حىت ُب ٣تامعة زكجتو كُب العثور زمليٍت ،كىذا إنزاؿ القرآف ٚتلة كاحدة ُب بيت عزة ٝتائو الدنياٍ ،ب نزؿ
إذا ٯتشي ،كُب اٟتيوانات ،دؽ ذلك الشيئ أك جل ،كيدرؾ حقيقة كل عليو جربيل مرة ثانية بنزكؿ القرآف منجما ُب ثبلث كعشرين سنة ،كىذا
شيئ كسرىا ،كقاؿ القرآف ُب حالتهم كمرتبتهم حيث يتكلموف بلساف َّج ِم إِ َذا َى َوى ()5
مثاؿ لنزكؿ أنوار ا١تعارؼ ُب قلبو ،قاؿ القرآفَ :والن ْ
عرفاهنم :إِ َّف اللَّوَ َال يَ ْستَ ْحيِي أَ ْف يَ ْ ض َّل ص ِ
احبُ ُك ْم َوَما غَ َوى (َ )2وَما يَػ ْن ِط ُق َع ِن ال َْه َوى ( )3إِ ْف ُى َو
وضةً فَ َما فَػ ْوقَػ َها ب َمثَ ًال َما بَػعُ َ ض ِر َ َما َ َ
ْح ُّق ِم ْن َربِّ ِه ْم أل كل ما رأكا ىو ين آ ََمنُوا فَػيَػ ْعلَ ُمو َف أَنَّوُ ال َ
َّ ِ
فَأ ََّما الذ َ وحى (النجم ،)4:كىذا ٔتنزلة النزلة الثانية للعارؼ بنور إَِّال َو ْح ٌي يُ َ
اد اللَّوُ بِ َه َذا َمثَ ًال
ين َك َف ُروا فَػيَػ ُقولُو َف َماذَا أ ََر َ َّ ِ
حقيقة رُّمَ ،وأ ََّما الذ َ الًتقية.
ِِ ِ ِِ ِ ِِ ِ ِ ِِ ِ
ين ( يُض ُّل بو َكث ًيرا َويَػ ْهدي بو َكث ًيرا َوَما يُض ُّل بو إَِّال الْ َفاسق َ أحواؿ النزلة اْلولى والثانية للواصلين:
البقرة .)26:كالقرآف يصفهم أك ٮترب عنهم أك يصدقهم ُب ىذه اٟتالة
كذلك للعارؼ النزلة األكذل بظهور شدة أنوار ربو بقدر نصيبو منها ُب
ودا َو َعلَى ُجنُوبِ ِه ْم ين يَ ْذ ُك ُرو َف اللَّوَ قِيَ ًاما َوقُػعُ ً َّ ِ
بقولو تعاذل :الذ َ
ت ى َذا ب ِ السماو ِ ِ حضرة ا١تعرفة ٍب تليها النزلة الثانية ،كٗتتلف أحواؿ العارفُت ُب ا١تسافة
اط ًال ض َربَّػنَا َما َخلَ ْق َ َ َ ات َو ْاْل َْر ِ َويَػتَػ َف َّك ُرو َف في َخل ِْق َّ َ َ
سبحانَ َ ِ بُت النزلتُت ،منهم من تكوف نزلتو األخرل ُب اليوـ التارل ،كمنهم من
اب النَّا ِر (آؿ عمراف .)595:كىذا إدامة تفكَتىم ك فَقنَا َع َذ َ ُْ َ
تكوف بعد أسبوع أك شهر أك سنة أك سنوات،
ُب كل شيئ كمراقبتهم ُب كل حاؿ ،كىم يقولوف بلساف عرفاهنم إثر
كل نتيجة تفكَتىم :ما خلقت ىذا باطال سبحانك فقنا عذاب أحواؿ النزلة اْلولى ثالث:
النار أل ال باطل ُب خلق كل شيئ ،وما خلقنا ذلك إال بالحق ،كال
األكذل مبدأ ا١تعرفة ،يكوف كشفهم تارة مصيبا ك٥تطئا تارة أخرل ،أل كىذا ما حصل للنيب (صلى اهلل عليو كسلم) حُت يقوؿ ُب فراره إذل
جليا أك شبهيا ،رٛتانيا أك شيطانيا ،ألنو ُب تلك اٟتالة دل يسلم من خد٬تة دثريٍت كزمليٍت حىت يقوؿ القرآف ُب حقو :ما ضل صاحبكم
ك ِمنْ ر ُس ٍ ِ ِ
وؿ تدخل الشيطاف فيو بإ٢تاماتو .كقاؿَ :وَما أ َْر َسلْنَا منْ قَػ ْبل َ َ وما غوى (النجم)
س ُخ اللَّوُ َما يُػل ِْقي ِ ِ ِِ َوَال نَبِ ٍّي إَِّال إِ َذا تَ َمنَّى أَلْ َقى َّ
الش ْيطَا ُف في أ ُْمنيَّتو فَػيَػ ْن َ كلذلك يطلب من ا١تريد ُب ىذه اٟتالة لزكـ شيخو ككونو معو ،إما قلبا
ِ ِ ِِ ِ
يم( .اٟتج .)63 يم َحك ٌ الش ْيطَا ُف ثُ َّم يُ ْحك ُم اللَّوُ آَيَاتو َواللَّوُ َعل ٌ
َّ
كجسما ،كإما قلبا فقط إذا كانا متباعدل ا١تبيت حىت تسكن ىذه
كحالتهم الثانية تراىم يريدكف دائما التكلم ٔتا رأكا ألهنم يستغربوف اٟتاؿ ،كما فعلت خد٬تة لزكجها (صلى اهلل عليو كسلم).
كيتعجبوف ٦تا كوشف ٢تم كٯتنعهم الشيخ أف ال ينطقوا ٔتا رأكا ُب
حالة النزلة الثانية:
تربيتهم ألحد كيصابرىم ألهنم ُب حالة اٟتقيقة ،ال تكتبوا كال تنطقوا:
كبل٫تا حراـ عليهم لسوء عاقبتهما ،ألف اللساف إذا تكلم ُب أكؿ كىلة كىي تبدأ من حُت سكوف حالة ا١تريد ٦تا رأل ُب النزلة األكذل (الًتبية)
النزكؿ يكوف قلب الواصل مغلقا ،فلسانو قد يتكلم ٔتا رأل بصره ال ٔتا بإرشاد مرشده ،كتنزؿ ُب قلبو أنوار ا١تعارؼ منجمة ،كما كاف ينزؿ
نزؿ ُب قلبو ك١تا ينزؿ أنوار ا١تعرفة أل تكوف ُب برزخ ،فيكوف التكلم القرآف على النيب (صلى اهلل عليو كسلم) بالتدريج.
حجابا للنزكؿ ُب قلبو ألف ا١تعرفة كانت بُت ا١ترء كقلبو. ىكذا تنزؿ أنوار ا١تعارؼ على العارؼ بالتدريج يوما بعد يوـ أك أسبوع
كحالتهم الثالثة أنو إذا ٕتلت عليو تلك األنوار يكوف كاَّنوف ألنو يرل أك شهر كقد تنزؿ يسَتا كل يوـ على قدر إدامة التفكَت ،كقد تنقطع
تلك األنوار ُب الكوف ُب ٚتيع التفاتو فبل يكوف لو استقرار كال سكوف. أياما أك سنوات على حسب الغفلة للعارؼ.
مقامي اإلسبلـ كاإلٯتاف ،لذلك قاؿ لصحابتو :سلوا اهلل لي الوسيلة باطل ُب صاحب اٟتاؿ من كل شيئ ألهنم فنوا عن حراـ كل شيئ
يعٍت تيسَت الوصوؿ إذل حضرة الوالية كا١تعرفة. ك٧تاستو كبشريتو ،كحكموا ٢تا حكم الصلح كالطيب ،سبحانك ربنا
ماديٌة ٣تردة
فقنا عذاب النار أل فقنا عن رؤية ىذه األشباح موجود نة ٌ
كرأل الرسوؿ (صلى اهلل عليو كسلم) أنو ال بد من أف يكوف ٢تذه
من دكنك.
الرسالة قواعد كرسل كخلفاء ،كما ُب كتابنا (األنبياء ك األكلياء ُب
ميزاف الًتبة) .كأهنا ال تتم إال بعد قركف كالرسالة اإلسبلمية كاإلٯتانية ىكذا يسَت العارؼ ُب سلوكو حىت تكوف لو قدـ راسخة ُب ا١تعارؼ
كصفتو احملمدية البشرية ال توسعها ،لذلك يسأؿ الوسيلة أل ٕتلٌيا كيبلغ مبلغ ا١تعراج.
جديدا ُب جسم جديد ٭تمل لواء تلك الرسالة كيبلغها ،كما ىي
توقُّف ورود المعرفة عن العارؼ:
الوسيلة؟ أال كىي اٟتضرة ا٠تا٘تية كحقيقة العطاء ا١تذكور ،كصاحبها
أٛتد التجاين الذم لقبو القطب ا١تكتوـ ،كلكونو مكتوما كاف مفعوال قد توقٌف أك تأخر ا١تعرفة عن العارؼ أياما أك حينا ما لسبب ما كقع
مقدرا ُب اآلية ،فبل يعلم شأف ا٠تا٘تي سول الرسوؿ كربو. شبيو ذلك للرسوؿ حُت انقطع عنو الوحي أياما ،كلو دل يكن تطرإ
لعلو مقامو بل كإ٪تا ىو لتعليم
الغفلة عليو (صلى اهلل عليو كسلم) ٌ
كىذا البياف بريئ من عصبية الطريقة ،ألف مقاـ اٟتضرة ا٠تا٘تية مقاـ
األكلياء كلوضع شركط التصوؼ كقواعدىا.
ينتظر ُب العادل ٣تيئو كما ينتظر خاًب األنبياء كا١ترسلُت ،ككقت ٣تيئو
ىو الذل أشار إليو الرسوؿ ألصحابو حيث قاؿ :ستفنى الدنيا بعد فخاؼ الرسوؿ على نفسو سوء العاقبة كظنو عذابا من اهلل كشقاكة فنزؿ
ألف سنة من وفاتي ،فسأؿ أبو بكر زيادة قرف ،قاؿ نعم ،ثم سأؿ ُّحى (َ )5واللَّْي ِل إِذَا َس َجى القرآف يصدؽ خبلؼ ذلك بقولوَ :والض َ
ك ِم َن ْاْلُولَى ك وما قَػلَى ( )3ولَ ْْل ِ
َخ َرةُ َخ ْيػ ٌر لَ َ َ ك َربُّ َ َ َ
َّع َ
(َ )2ما َود َ
ذلك إال بواسطة حضرة شيخو ،ككاف ىو بنفسو ٖتت حضرة الشيخ عمر زيادة قرف ،فقاؿ نعم ،ثم سأؿ عثماف زيادة قرف فقاؿ نعم،
من حُت سكوف حالتو بإرشاد مرشده ٦تا رأل من النزلة األكذل (الًتبية). ثم سأؿ علي زيادة قرف فلم يجب الرسوؿ.
كلذلك ترل بعض العارفُت يتوسلوف بشيوخهم كلو كانوا أعلى كأكرب كأف الرسوؿ يقوؿ تفٌت الدنيا بعد ألف كثبلٙتائة سنة من كفاٌب،
من أكلئك الشيوخ ،كصاحب الفيضة مثبل ،فإنو مع علو مقامو كمرتبتو كْتساب "مولد ا٠تتم" ينتج ألفا كمائة كٜتسُت الذم يوافق زمن فناء
اليت ال مطمع ألحد ُب نيلها ٦تن تقدمو سول ا٠تا٘تي ،كاف ٯتدح الدنيا اليت قاؿ عنها الرسوؿ أهنا تكوف بعد ألف سنة مع زيادة أيب بكر
الشيخ سكَتج كالشيخ أٛتد العببلكم كالشيخ علي التماسيٍت كأباه كنصف من زيادة عمر ،كبقي نصف زيادة عمر كزيادة مائة عثماف.
الشيخ عبد اهلل ،كيتوسل ُّم.
كىذا حاؿ ا١تريد الصادؽ كالعارؼ الواصل ،كلنا ُب ىذا بياف أطوؿ
مولد الختم مشير #لكماالت التجاني
كأكَب ،كلكن سكتنا دفعا للتطويل كخوفا لعداكة الذين كقعوا ُب ىذه
اٟتالة كيظنوف أين فتحت باب ا١تنافسة ،كإف أردنا إال اإلصبلح ما ضمو معنى بليغ #قالو أىل المعاني
استطعنا ،بل ما أردنا إال بياف حقيقة السلوؾ ،كاهلل على ما نقوؿ شهيد ك١تا جاء ا٠تا٘تي أكصي أتباعو بقولو ٢تم أنو سيأٌب صاحب الفيضة أل
ككفى بو شهيدا. عم الًتبية الركحية الصوفية على
خليفة رسالة الًتبية كا١تعارؼ الذم ت ٌ
يديو ٚتيع اآلفاؽ .ككاف بُت ا٠تا٘تي كظهور خليفتو الذم يقوؿ عنو ىو
مائة كٜتسوف عاما .كقد بينا ىذا ُب الكتاب (فناء الدنيا ٔتجيئ الشيخ
مشارب المريد:
التجاين) خاصة حوؿ فناء الدنيا اليت يشَت إليها النيب (صلى اهلل عليو كلذلك قاؿ تعاذل :ليغفر لك اهلل ما تقدـ من ذنبك وما تأخر (سورة
كسلم) ألصحابو مع زيادات صحابتو. الفتح).
كُّذه البينات تدرؾ أيها القارئ أف ا١تفعوؿ الثاين ا١تقدر ُب سورة
الضحى ىو ا٠تا٘تي كدؿ عليو زمن ٣تيئو حساب مولد ا٠تتم كحديث
الرسوؿ عن فناء الدنيا كمعٌت فناء الدنيا ىنا يعٍت تفٌت صفات
ا١توجودات كلها كيبقى صاحبها بقولو تعاذل :كل من عليها فاف أسباب توقّف ورود المعرفة:
ويبقى وجو ربك ذو الجالؿ واإلكراـ (الرٛتن) ....كل شيئ ىالك –2االلتفات إذل األمور الدنياكية
إال وجهو .....سنريهم آياتنا في اآلفاؽ وفي أنفسهم حتى يتبين
– 3ترؾ التفكَت ُب ا١تراقبة
لهم أنو الحق أولم يكف بربك أنو على كل شيئ شهيد (فصلت).
كغَتىا كثَت من اآليات القرآنية. – 4ترؾ الذكر
كُب سورة الضحى ىذه ضماف عظيم لكل كرل بلغ ىذه ا١ترتبة من اهلل قسمة اهلل في المعارؼ بين الواصلين:
سبحانو كتعاذل أنو ال ينقطع عنو كال يقبله لبلوغو مرتبة كماؿ السعادة كقد ٭تصل للمريد من عادل األنوار كا١تعارؼ مرة كاحدة أكثر ٦تا نزؿ
األبدية اليت ال شقاكة بعدىا ،كىذا الضماف ألىل الوالية خاصة ا٠تاصة ُب قلب شيخو سنة كبالعكس ،كمع ذلك فإنو دل يصل إليو شيئ من
للمريد الواصل مشاربو الصوفية ١تياه العرفاف ،كمصادره اليت منها يأتيو
خاتمة الكتاب: كل ما ينالو ُب الدين كالدنيا ٦تا يتمناه ىو .كىي ثبلثة:
لقد تناكؿ ىذا الكتاب – كاٟتمد هلل – البياف الكاُب حوؿ ماىية األكؿ :ا١تشرب العاـ كىو الكتاب كالسنة إذا أراد أف ٮتاطب عامة
الًتبية الركحية الصوفية كجوىريتها عند أرباُّا الصوفيُت العارفُت، الناس.
ككشف الكتاب عن كجهها الربقع القاين حيث افتتح الكتاب ُب متنو
تأخر ا١تنتسبُت اٞتدد إذل التصوؼ؛ تأ مخهر الثاين :ا١تشرب ا٠تاص ،كىو حضرة شيخو الكفيلة لكل ما يأملو ُب
بالتمهيد الذم أكضح للقارئ ٌ
ناتج من استهانتهم بشأف الًتبية الصوفية اليت ىي عُت السلوؾ حياتو ،كاآللة كالستمداد ا١تعارؼ منو ىي ٤تبة الشيخ ا٠تالصة الراسخة
الصوُب. ُب قلبو رسوخ األنامل ُب اليد.
كبُت الكتاب كيفية الدخوؿ كاالنتظاـ ُب التصوؼ كمراحلو مع األمثلة
ٌ الثالث :ا١تشرب األخص اٟتضرة ا٠تا٘تية كالربوبية
ا١تقنعة اليت ال غموض ُب مطابقيتها با١توضوع ،بعد ما أكضح معٌت
السلوؾ لغة كاصطبلحا ،كذكر أف الًتبية الصوفية ىي عُت ٘تاـ الدخوؿ كالفرؽ بُت ا١تشرب الثاين كا١تشرب الثالث ىو أف ا١تريد يشرب من
كضح كيفية
ُب عُت التصوؼ اليت ىي حضرة ا١تعرفة كالوالية ،كما ٌ حضرة شيخو ُب مبدإ سَته الصوُب بأف يأتيو ألمور دينو كدنياه بسؤالو
الًتبية الصوفية عند الرجاؿ العارفُت توضيحا كافيا مقنعا ،توضيحا ما أشكل عليو ،كيستأذنو ُب بعض شئونو ،قاؿ تعاذل :إنما المؤمنوف
حاكؿ على بياف ما اختلف فيها الصوفية من أمورىا ،مثل زمن الشركع الذين آمنوا باهلل ورسولو ،وإذا كانوا معو على أمر جامع لم يذىبوا
حتى يستأذنوه ،إف الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنوف باهلل بإرساؿ نيب.إذل أف ختم الرسالة بإرساؿ خاًب األنبياء كإماـ ا١ترسلُت
ورسولو ،فإذا استأذنوؾ لبعض شأنهم فاذف لمن شئت منهم، سيدنا (٤تمد) صلى اهلل عليو كسلم فصار يبعث بالًتبية العارفُت أكذل
واستغفر لهم اهلل ،إف اهلل غفور رحيم (النور .)62 كرل كامل مرشد،فالفًتة
اإلذف ا٠تاص ،فكلما كقعت فًتة رفعها يبعث ٌ
مرب،
نيب ،كفًتة إسبلـ ببعث شيخ ٌفًتتاف :فًتة كفر ترفع بإرساؿ ٌ
كإليو يشَت حديث[ :علماء ّأمتي كأنبياء بني إسرائيل]كحديث[ :إٌ ٌف
قاؿ خاتمة المحققين في القرف الرابع بعد اْللف والجامع لما
لما توفى
كل ٌأمة ٣ت ٌددا]إخل اٟتديث كيركل [أ ّف اْلرض ّ
اهلل يبعث ُب ٌ
افترؽ من علوـ القوـ بأسرىا من ّأوؿ ىذه اْلمة إلى آخرىا الشيخ
رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم بكت فقالت :إلهي وسيدي بقيت
إبراىيم انياس (رضي اهلل تعالى عنو):
نبي إلى يوـ القيامة ،فأوحى اهلل تعالى
ال يمشي على ظهري ّ
كإذا عرفت ما تقدـ عرفت يقينا كجوب طلب شيخ الًتبية كما يلزمك إليها:سأجعل على ظهرؾ من ىذه اْلمة من قلوبهم على قلوب
من اآلداب معو بعضو تق ٌدـ بنقل كبلـ ا١تشائخ األجبلء كال تقل ذىب اْلنبياء عليهم الصالة والسالـ ال أخليك منهم إلى يوـ القيامة ]
الرجاؿ الكمل،فقد تق ٌدـ أ ٌف انقطاع مدد النيب ال يقولو مؤمن كاألكلياء إخل اٟتديث .جعلنا اهلل من أكابرىم كأجلٌهم مقاما ٕتاه صفوة خلقو
كرثة األنبياء ،فالًتبية من اهلل إذل خلقو ال تنقطع أبد اآلباد فكاف ُب صلى اهلل عليو كسلم( .كاشف اْللباس عن فيضة الختم أبي
الصدر األكؿ يرسل األنبياء بالًتبية كاإلرشاد،كلٌما كقعت فًتة رفعها العبّاس).
فيها كا١تدة اليت يستغرؽ فيها ا١تريد ا١تًتىب ،بل توضيح اَّرب ا١تتي ٌقن
الذم ٘تكن ُب ا١توضوع .كبعد ذلك ذكر الكتاب مرتبة الدخوؿ ُب عُت
التصوؼ ،كل ىذه مقًتف مؤيٌد باالستشهادات من اآليات القرآنية
كاألحاديث النبوية.
قصيدة: ٍب ذكر الكتاب أنواع الًتبية الثبلثة ،كذكر كذلك أف كصوؿ الًتبية
الشيخ أحمد التجاني حامل لواء التربية الصوفية: الصوفية الصحيحة ىو ح ٌد البلوغ الركحي عند الرجاؿ الصوفية ،كأف
٤تل ىذه الًتبية الصوفية ُب ا١تريد ىو القلب ،مؤيٌدا كل ىذا باآليات
ىنالك قوـ ليس يشقى جليسهم #منابرىم نور ففي اهلل ما قسا
القرآنية كاألحاديث الشريفة البلٌب تنص على ذلك ،بل مؤيدا باألمثلة
أكلئك صوفيوف فاسلك سبيلهم #إذل اهلل موالىم فبل تتقاعسا ا١توافقة لكل كاحد من ىذه ا١توضوعات اليت تناك٢تا بالتوضيح.
تصوفنا ىذا صفاء مشاىدة #ىٟت ٌّي خلود كل من فيو قد رسا كذكر الكتاب أيضا أنواع الطهارة ُب الدين ،كع ٌقب القوؿ ُب ذلك أف
كخَت شيوخ الدىر صدقا كمطلقا #فذاؾ التجاين ٨تو مواله فارسا يتطهر ُّا ا١تريد
ىذه الًتبية الصوفية الصحيحة ىي عُت الطهارة اليت ٌ
من كل ١تم حىت أكرب دنس ،أال كىو اإلشراؾ باهلل ،كأيٌد بيانو ُب ذلك
بو ختم ا١توذل الوالية من أزؿ #كلو كاف مكتوما بسر قد اكتسا
بتحليل اٟتديث النبوم الذم أساء الدعاة اٞتدد فهمو ،خصوصا ُب
جوامع نور الذات بل سره كذا #ك٣تلي ألركاح ُّا متقدسا صورة التماثيل.
ٍب أثبت الكتاب القوؿ أف كماؿ اإلنسانية ال يكوف إال بالوالدة مرتُت كجعل الكتاب آخر مطافو معٌت ا١توت كأنواعو الثبلث ،كمراحل ا١توت
بفتح باب الوالدة الثانية ،كذكر أف أصلها من اهلل كرسولو ،كأتبع ذلك اٟتقيقي عند العارفُت ،كل ىذا كذاؾ باالستشهادات من القرآف
بكيفية الوالدة الثانية كمقدماهتا ،كقارف بُت الولد اٟتسي كالولد الركحي. كاألحاديث كأقواؿ األكلياء العارفُت.
كبعد ذلك ،فتح الكتاب باب النكاح الصوُب ،كبيٌنو بأقسامو الثبلث، نسأؿ اهلل أف ينفع ُّذا الكتاب كبأخواتو من سلسبلت نفحات الغزارل
كأثبت أف كصوؿ الًتبية الصوفية الصحيحة ىو ٘تاـ عقد النكاح الصوُب ا١تريدين الصوفيُت كٚتيع ا١تسلمُت ُب ربوع العادل على حد سواء ،إنو
بُت ا١تريد كمرشده ،كما ذكر ما يلزـ كل طرؼ منهما ،كأنو ال ٘تاـ ألم كرل ذلك كالقادر عليو.
نكاح صوُب إال ُّا ،كختم قولو ُب ذلك بباب أنواع الطبلؽ كأسبابو ُب
كصلى اهلل على اٟتبيب ا١تصطفى ٤تمد كعلى آلو كصحابتو أٚتعُت.
السلوؾ ببياف موافق كاؼ مؤيد باألدلٌة القرآنية كالنبوية.
كالسبلـ.
ٍب تناكؿ الكتاب بياف ا١تفهوـ الصوُب ا٠تاص حوؿ يوـ االثنُت كيوـ
كبُت للمريد السالك
اٞتمعة كليلة القدر اليت ىي خَت من ألف شهرٌ ،
مشاربو اليت كضعت لو ،كأكضح رؤية اهلل كمعرفتو بإيراد آراء أصناؼ
العلماء ُب إمكانية رؤية اهلل كمعرفتو ،كأثبت أخَتا أف رؤيتو تعاذل
كمعرفتو بالقلب ٦تكنتاف ليستا ببعيد عن ا١تعقوؿ.
كخريج جامعة إلورف ،كالية كوارا. كبرزخنا ا١تختوـ قطبا مكتٌما #ألرحاـ ىذا الكوف كاف مهندسا
نهايتهم بدايتنا نحن التجانيين: كثاين اثنُت بغار كحضرة #كصاحب صرؼ اٟتق لن يتناعسا
هناية قوـ ُب ا١تعارؼ فاٝتعوا #بدايتنا ال فخر ،للقوؿ موقع كخَت طريق القوـ حقا طريقو #بدكف نزاع عند من يتنافسا
حقيقتنا ُب اهلل ال ُب ٚتاعة #كال ُب نقود صاح ترجو كتطمع كغايتنا ُب ذم الطريقة أٛتد ٤ #تمد طو سيد كاف ملمسا
نقاية نفس ا١ترء من قسوة ،أال #لغايتنا العلياُّ ،ا القلب ييرفع للخليفة اإلماـ عبد الرشيد عبد القادر
أنيستنا ا١توذل صباحا عشية #كليس بنا يشقى جليس كمولع (كالقصيدة قطعة من سينية اٟتقائق األربع ُب كتاب الغزاليات)
ليائلنا سهر كذكر هنارنا #لنيل ا١تٌت كالكوف ُب الليل يهجع القطب التجاني .....السر اْلكبر:
ترانا أخي ىونا على األرض ماشيا #كُب يدنا سيف الفنا كىو يسطع أال إ٪تا القطب التجاين ١تسجد #كمشرب كل العارفُت كمقصد
جنُت لنا رجل شجاع إذا اعًتت #من ا٠تصم حرب بل لو العضب يقطع حول كل شيئ باحملبة ال افًتا #كـ ىٍبَّ يبدك أنو ىو سيد
إشارتنا للناس فعبل كقولة ١ #ترشدة بل للسعادة منبع طرا مرب كمرشد
٤تى الشيخ بالعرفاف كل عيوبنا #فأتباعو ٌ
نكشف عن كل النفوس غطاءىا #كتشهد آيات من اهلل ٗتضع فج كييعبد
درل حسنو كل ا٠تبلئق كافة #كيأتوف من كل ٌ
أتى الكوف بالعرفاف من بعد ديننا #كساعده موذل الورل ذاؾ أٛتد سقى كل قلب رشده بعد قسوة #ككانوا رجاال ذكرىم يتمجد
لئن كاف للرٛتن إبن أمعشرم #لكاف التجاين كىو ُب النور أبعد رأل يقظة ىادم الورل كإ٢تنا #مقامتو بُت ا١تناصب تيفرد
تراه مشاال ٍب غربا كمشرقا #جنوبا ،أال فالشيخ – قومي – ١تنجد رمى رشده ٨تو الربية كافة #يركح كيغدك فيهمو ذا ليهتدكا
بعد ٭تمد
سر أـ الكتب من ي
مكمل #طول ٌ
تصوفو لفظا كمعٌت ٌ عم العوادل – قومنا #كال يزدرم رجل مصاب مفقد
أال فيضو َّ
جفاه لئاـ البيض كالسود ال مرا #كال يرحوف الفيض ىم يتمرد لربزخنا األعلى كلست أرل لو #مقارنة علما كعزا يقلٌد
أال ذا أبو العباس عُت كالية #فمنو الورل ييعطى مناىم كييسعد إذا كنت ترجو قائدا ٍب منقذا ٘ #تسك بو فالشيخ سر كمرشد
يوحد
يٯت ٌد ٚتيع ا٠تلق إنسا كجنة ٔ #تعرفة الرٛتن دكما ٌ بو أكمل الرٛتن دين ٤تمد #كمن سره ندرم الذم ٨تن نعبد
أبرزخ كل ا٠تلق من بعد أٛتد #فكنت الذم يهول الورل أنت موعد رضى اهلل عن خَت الربية أٛتد #أال إ٪تا القطب التجاين ١تسجد
لقد قاؿ :من يهول مسَتة كردنا #عليو بػ ػ ػ ػ " قاؿ اهلل ....قاؿ ٤تمد" بقلم عبد اٟتميد جامع اإللورم؛
سرل سره ُب كل شيئ كال أرل #نظَت التجاين ُب التصوؼ عسجد خريج مركز اٟتق ،شومولو الغوس،
– 4لقائي مع الشيخ أٛتد الغزارل يعاليل فيض اٟتق من نور أٛتد #لنا خاصة نشفي الصدا فيو نشرع
– 5مفاىيم الصوفية ُب التوحيد الربويب ينبئ عنا الدىر كالدىر خالد #مواقفنا كالفضل ُب األفق يلمع
– 6ا٠تبلفة يقينا على اٞترداء عرفاف ربنا #كلسنا ٩تاؼ الغَت فاهلل ٩تشع
– 7الًتبية عند الصوفية ٧تلي لنفس ا١ترء عرفاف رُّا #كيبدك ٢تا األسرار كاٟتق يصدع
- 8إبداع الطريقة كاٞتمع بُت الطريقتُت أراؾ أخي ٘تسي كتصبح حائرا #على الشك كالكفراف أىن تيشفَّع
– 9أسباب التخبط ُب التصوؼ ١تعرفة ا١تختار أكرب شغلنا #ففقنا ُّا األغيار كالغَت يتبع
– :مفاىيم الصوفية ُب توحيد األٝتاء كالصفات غزالينا قطب كُب النور عسجد #كُب الزىد فرد للمعارؼ ٣تمع
- 21صبلة العارفُت (ٖتت الطبع) زيارتنا هلل دكما نقيمها #إذل الكعبة البيضاء كالقلب مقطع
- 3البلد األمُت (ٖتت الطبع) إذا شئت أف تلقى إ٢تك يقظة #أخي فأتنا كاهنض تراه كتسمع
– 4رسالة البلغَتية (ٖتت الطبع) لنا ُب الوغى فهد يصيد عداتنا #بو ال نبارل أٯتا كاف يطلع
– 5بُت ا٠تا٘تُت (ٖتت الطبع) يقدمو األخيار عند عركجهم #إذل ملكوت اهلل باإلذف يهرع
مؤلفات الكاتب:
ا١تراجع:
- 2سَتة حياة الشيخ أٛتد الغزارل
– 2الكتاب كالسنة
– 3الشيخ أٛتد الغزارل من عظمة الرسوؿ
– 3الكربيت األٛتر للشيخ إبراىيم
مراتب العلوـ الذكقية للسالكُت ثبلث –24اٟتقيقة احملمدية ُب أسرار صبلة الفاتح (ٖتت الطبع)
حد البلوغ عند الصوفيُت – 25األنبياء كاألكلياء ُب ميزاف الًتبية (ٖتت الطبع)
الذنب اٟتقيقي عند الصوفية – 26مفاىيم الصوفية ُب مسألة الوحدة كاٟتلوؿ كاالٖتاد (ٖتت
الطبع).
الطهارة الصوفية
مشارب ا١تريد
خا٘تة الكتاب
قصيدة
ا١تراجع