كشف الذات في التربية الإسلامية

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 116

‫جامعة اليرموك‬

‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‬

‫قسم الدراسات اإلسالمية‬

‫كشف الذات يف الرتبية اإلسالمية‬


‫(دراسة تأصيلية)‬

‫‪Self-Disclosure in Islamic Education‬‬


‫)‪(A Fundamental Study‬‬

‫إعداد الطالبة‬
‫آالء زيد فواز العقيلي‬

‫الرقم اجلامعي‪2016351006 :‬‬

‫إشراف‬

‫الدكتوره هيفاء فياض فوارس‬

‫حقل التخصص‪ :‬التربية اإلسالمية‬


‫الفصل الدراسي الثاني‬
‫‪ 1440‬هــ ‪2019 -‬م‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
www.manaraa.com
‫أ‬

www.manaraa.com
‫اإلهــــــــداء‬

‫إىل من أضائت يل دربي بشموع العطاء واحلنان ‪ ...‬وأحتوتني حببها ودفئها‪...‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‬
‫إليك أمــــي أهدي هــــذه الرسالة‬
‫ُ‬
‫إىل نرباس اخلري ‪ .....‬وقدوتي يف احلياة ‪ ......‬إليك أبــــي احلبيب أهدي‬

‫هذه الرسالة‬

‫إىل من أعطوني وقتهم ألمت عملي‪ .....‬وكانوا معي بقلوبهم وعاطفتهم ‪....‬‬
‫ُ‬
‫زوجي العزيز وأبنائي األحباء‪ ....‬أمحد‪ ..‬جواد ‪ ..‬حممد ‪ ..‬وحال إليكم أهدي‬

‫هــذه الرسالة‬

‫الباحثة‬

‫ب‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫شكــــر وتقديــــــر‬

‫الحمدهلل حمدا طيبا مباركا بأن أتم نعمته علي في إتمام هذا العمل ويس ر لي ما كنت أخاف‬

‫تعسيره وبعد‪:‬‬

‫أتقدم بفائق ش كري وتقديري وامتناني إلى التي كان لها الفض ل الكبير في إنجاز هذا العمل‪،‬‬

‫الدكتورة الفاض لة هيفا فياس فوار ‪ ،‬من خالل ما قدمت لي من نص ائح وآ ار وتوجيهات‪ ،‬أثرت‬

‫هذه الرسالة وساعدت في تبيان معالمها‪ ،‬ولدعمها المعنوي والنفسي طيلة فترة انجازها‪.‬‬

‫كما أتقدم بجزيل الش كر والتقدير لذس اتذة أعض ا لجنة المناقش ة‪ ،‬لتفض لهم بقبول مناقش ة‬

‫قي قس م الدراس ات‬ ‫الرس الة‪ .‬وأتقدم بجزيل الش كر والتقدير لكلية الش ريعة وأعض ا هيئة التدري‬

‫اإلس المية‪ .‬وأتقدم بجميل ش كري وامتناني لزميلتي خولة بن خنيوش وش روق القض اة‬

‫لدعمهما لي معنويا إلتمام هذا العمل‪.‬‬

‫وكل الش كر للعاملين في مكتبة الحس ين بن طالل لتعاونهم في المس اعدة على إنجاز هذا‬

‫العمل‪ .‬وجميل الشكر لكل من ساهم في إتمام هذا العمل وساعد على إخراجه‪.‬‬

‫الباحثة‬

‫ج‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫قائمة المحتويات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬


‫_‬
‫قرار لجنة المناقشة ‪ ...............................................‬أ ‪Error! Bookmark not‬‬
‫‪defined.‬اإله دا ‪ .........................................................................‬ب‬
‫شك ر وتقدي ر ‪ ...............................................................................‬ج‬
‫قائمة المحتويات‪ ..............................................................................‬د‬
‫قائمة الرسوم التوضيحية ‪ ......................................................................‬و‬
‫الملخص‪ .....................................................................................‬ز‬
‫المقدمة ‪1 ......................................................................................‬‬
‫مشكلة الدراسة وأسئلتها‪2 ...................................................................... :‬‬
‫أهداف الدراسة‪2 .............................................................................. :‬‬
‫أهمية الدراسة‪3 ............................................................................... :‬‬
‫حدود الدراسة‪3 ................................................................................:‬‬
‫منهجية الدراسة‪4 ..............................................................................:‬‬
‫مصطلحات الدراسة‪4 ..........................................................................:‬‬
‫الدراسات السابقة ‪5 .............................................................................‬‬

‫الفصل األول‪10 ...............................................................................‬‬


‫كشف الذات في ضوء التربية اإلسالمية ‪10 ....................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم كشف الذات ‪10 .........................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف كشف الذات ‪11 .......................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب كشف الذات وفوائده وعيوبه‪23 .........................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العوامل المميزة لكشف الذات ‪27 ...............................................‬‬
‫‪27 ................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬العوامل المميزة لكشف الذات في علم النف‬
‫المطلب الثاني‪ :‬العوامل المميزة لكشف الذات في ضو التربية اإلسالمية ‪30 ....................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التوجيهات األخالقية لكشف الذات ‪37 .........................................‬‬

‫الفصــل الثانـــي ‪43 ............................................................................‬‬


‫النبوية المطهرة ‪43 ................................‬‬
‫ّ‬ ‫نماذج كشف الذات في القرآن الكريم والس ّنة‬
‫المبحث األول‪ :‬نمـاذج كشـف الذات فـي القـرآن الكريـم ‪43 ......................................‬‬

‫د‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات ‪44 ...............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية ‪51 ..............‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات في السنة النبوية المطهرة ‪59 ..............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات ‪59 ...............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية ‪65 ..............‬‬

‫الفصل الثالث ‪74 ..............................................................................‬‬


‫نماذج كشف الذات في التراث اإلسالمي والدراسات التربوية المعاصرة‪74 ........................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬نماذج كشف الذات في التراث اإلسالمي‪75 .....................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات ‪75 ...............‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية ‪81 ..............‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات في الدراسات التربوية المعاصرة ‪88 .........................‬‬
‫الخاتمة ‪94 ....................................................................................‬‬
‫التوصي ات‪96 .................................................................................‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع ‪97 ....................................................................‬‬
‫ات‪104.......................................................................‬‬ ‫فهر اآلي‬
‫ث ‪105......................................................................‬‬ ‫فهر األح ادي‬
‫‪106................................................................................Abstract‬‬

‫ه‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫قائمة الرسوم التوضيحية‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫رسم توضيحي (‪ :)1‬عالقة كشف الذات بالمصطلحات ذات الصلة ‪19 .............‬‬

‫رسم توضيحي (‪ :)2‬تعريف كشف الذات ‪22 ......................................‬‬

‫رسم توضيحي (‪ :)3‬مرتكزات كشف الذات في ضو التربية اإلسالمية ‪36 ..........‬‬

‫رسم توضيحي (‪ :)4‬نماذج كشف الذات في القرآن الكريم ‪58 .....................‬‬

‫رسم توضيحي (‪ :)5‬نماذج كشف الذات في السنة النبوية المطهرة ‪72 ..............‬‬

‫رسم توضيحي (‪ :)6‬نماذج كشف الذات في التراث اإلسالم ي ‪87 ..................‬‬

‫و‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الملخص‬

‫العقيلي‪ ،‬آالء زيد‪ ،‬كشــف الذات في التربية اإلســالمية دراســة تأصــيلية‪ ،‬رســالة مارســتير‪ ،‬رامعة‬
‫اليرموك‪2019 ،‬م‪ ،‬إشراف‪ :‬د‪ .‬هيفاء فوارس‪.‬‬

‫هدفت الدراس ة إلى تأص يل موض وع كش ف الذات في التربية اإلس المية‪ ،‬ولتحقيق هذا الهدف‬

‫س لكت الباحثة المنهج الوص في التحليلي والمنهج األص ولي‪ ،‬وتم تقس يم الرس الة إلى ثالثة فص ول‬

‫جا ت كاآلتي‪ :‬الفص ل األول‪ :‬كش ف الذات في ض و التربية اإلس المية‪ ،‬الفص ل الثاني‪ :‬نماذج‬

‫كشف الذات في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‪ ،‬الفصل الثالث‪ :‬نماذج كشف الذات في التراث‬

‫اإلسالمي والدراسات التربوية المعاصرة‪.‬‬

‫وقد خلص ت الدراس ة إلى مجموعة من النتائج كان من أبرزها‪ ،‬أن كش ف الذات في ض و‬

‫التربية اإلسالمية‪" :‬عملية اإلفصاح (تصريحا أو تعريضا) بمعلومات شخصية أو غير شخصية أو‬

‫التعبير عن األفكار والمعتقدات‪ ،‬بحيث ال يلحق الض رر بنفس ه أو باآلخرين‪ ،‬وبش كل يتيح لآلخرين‬

‫فهم ش خص يته‪ ،‬ويحقق له الس عاده في الدنيا واآلخرة‪ .‬وأنه قد وردت عناص ر كش ف الذات في القرآن‬

‫الكريم والسنة النبوية المطهرة والتراث التربوي اإلسالمي والفكر التربوي المعاصر المتمثلة ب ‪:‬‬

‫‪ .1‬الكاشف والمتلقي‪.‬‬

‫‪ .2‬الكشف باإلفصاح‪ ،‬إما عن اآل ار والمعتقدات‪ ،‬أو عن المعلومات الشخصية‪.‬‬

‫‪ .3‬العوامل المميزة لكشف الذات في التربية اإلسالمية المتمثلة بالصدق واألمانة والحكمة والتعاون‪.‬‬

‫‪ .4‬الكشف الفردي‪ ،‬أو الكشف الجماعي‪.‬‬

‫‪ .5‬الكشف في العالقات األسرية أو الكشف في العالقات العامة‪.‬‬

‫ز‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫هذا ومن أهم ما توص ي به الدراس ة الحالية‪ :‬عقد مؤتمرات علمية تعنى بموض وع كش ف الذات من‬

‫منظور تربوي إسالمي‪.‬‬

‫الكلمات المفتاحية‪ :‬كشف الذات‪ ،‬التربية اإلسالمية‪ ،‬دراسة تأصيلية‪.‬‬

‫ح‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المقدمة‬

‫الحمد هلل رب العالمين حمدا كما ينبغي لجالل وجهه وعظيم س لطانه‪ ،‬وأفض ل الص الة وأتم‬

‫التسليم على المبعوث رحمة للعالمين‪ ،‬نبينا محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫وبعد‪:‬‬

‫الحديث ميدانا من ميادين العلوم التي ش هدت إهتماما وتطو ار في عص رنا‬ ‫يعد علم النف‬

‫الحديث‪ ،‬فنجد أن هناك كما هائال من األبحاث والمؤلفات الحديثة في مجال علم النف ؛ ال س يما‬

‫في "تفسير السلوك اإلنساني‪ ،‬في المواقف الحياتية المختلفة‪ ،‬والدوافع الكامنة‬ ‫وأنه يهتم بشكل رئي‬

‫و ار هذا الس لوك"(‪ .)1‬وهذا الميدان الواس ع ينقس م إلى عدة ميادين أكثر تخص ص ية مثل‪ :‬علم النف‬

‫السياسي وغيرها‪ .‬وكل من هذه‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وعلم النف‬ ‫التربوي‪ ،‬وعلم النف‬ ‫التطوري‪ ،‬وعلم النف‬

‫االجتماعي؛ فهو يعنى‬ ‫الميادين يهتم بجزئية معينة من جزئيات علم النف (‪ ،)2‬أما ميدان علم النف‬

‫بدراس ة س لوك الفرد ض من الجماعة التي ينتمي إليها‪ ،‬كما يهتم بتفاعل الجماعات مع بعض ها‪،‬‬

‫ويدر تأثير الفرد في الجماعة‪ ،‬وتأثير الجماعة في الفرد(‪.)3‬‬

‫االجتماع‪ ،‬هو موض وع كش ف الذات لما‬ ‫ومن أبرز الموض وعات التي يعتني بها علما نف‬

‫له من أهمية بالغة وأثر عميق على العالقات االجتماعية‪ ،‬فهو يعد ركن أساسي في تفاعل الفرد مع‬

‫اآلخرين اجتماعيا‪ ،‬ويساعده على إقامة عالقات متوازنة داخل المجتمع الذي يعيش فيه‪.‬‬

‫ومن الممكن أن يكون هناك جوانب س لبية لكش ف الذات إذا ما تم اس تخدامه بش كل غير‬

‫ص حيح‪ ،‬مثل أن نكش ف ذواتنا ألش خاص قد يس تغلون معلوماتنا الش خص ية في إيذائنا‪ ،‬وهنا يأتي‬

‫دور التربية اإلس المية التي تعتني بكل ما يتعلق بحياة اإلنس ان‪ ،‬فهي تمثل اإلطار المرجعي لكل‬

‫(‪ )1‬الزغول‪ ،‬عماد‪ ،‬الهنداوي‪ ،‬علي‪ ،‬مدخل إلى علم النف ‪ ،‬العين‪ ،‬دار الكتاب الجامعي‪ ،‬ط‪2014 ،8‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )2‬الزغول والهنداوي‪ ،‬مدخل إلى علم النف ‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫االجتماعي‪ ،‬ترجمة سلوى المال‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪1993 ،2‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬ ‫(‪ )3‬المبرت‪ ،‬وليم‪ ،‬علم النف‬
‫‪1‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫أمور الحياة‪ ،‬وتعد نظاما تزكويا واص الحيا متكامال‪ ،‬يحدد لنا الطريق الص حيح الذي يجب علينا أن‬

‫ننتهجه من أجل تحقيق الس عادة في الدنيا‪ ،‬والفوز برض ا اهلل س بحانه وتعالى في اآلخرة‪ ،‬ومن‬

‫الطبيعي أن تعتني التربية اإلس المية بموض وع مهم في حياة اإلنس ان ويؤثر عليها بش كل أو بآخر‬

‫مثل موضوع كشف الذات‪.‬‬

‫ومن هنا تأتي هذه الدراس ة لتقف عل موض وع كش ف الذات‪ ،‬لتقوم بتأص يله والكش ف عن‬

‫دالالته في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‪ ،‬ونصوص التراث اإلسالمي‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة وأسئلتها‪:‬‬

‫تتمثل مشكلة الدراسة في ندرة الدراسات اإلسالمية التأصيلية في كشف الذات على الرغم من‬

‫كثرة الدراس ات النفس ية المتعلقة (‪ )1‬به‪ ،‬وانطالقا من أهمية دراس ة الموض وع ض من مرجعية إس المية‬

‫متكاملة‪ ،‬جا ت هذه الدراسة لإلجابة عن األسئلة اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬ما مفهوم كشف الذات في ضو التربية اإلسالمية؟‬

‫‪ .2‬ما العوامل المميزة لكشف الذات في ضو التربية اإلسالمية؟‬

‫‪ .3‬ما نماذج كشف الذات في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؟‬

‫‪ .4‬ما نماذج كشف الذات في التراث اإلسالمي والدراسات التربوية المعاصرة؟‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫تتمثل أهداف الدراسة في‪:‬‬


‫‪ .1‬بيان مفهوم كشف الذات في ضو التربية اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ .2‬إستنتاج العوامل المميزة لكشف الذات في ضو التربية اإلسالمية‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجعت الباحثة ‪ 40‬رس الة جامعية في مكتبة الحس ين بن طالل متعلقة بموض وع كش ف الذات‪ ،‬مثل دراس ة العمري‬
‫(‪2013‬م)‪ ،‬والعديد من الرسائل الجامعية المنشورة على محركات البحث مثل رسالة القرشي (‪2015‬م)‪ ،‬جامعة أم القرى‪،‬‬
‫والعديد من األبحاث المنش رورة على محركات البحث مثل دراس ة الجاجان (‪2016‬م)‪ ،‬جامعة دمش ق‪ ،‬جميعها لم تتناول‬
‫الجانب التأصيلي اإلسالمي لموضوع كشف الذات‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .3‬بيان نماذج كشف الذات في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‪.‬‬
‫‪ .4‬بيان نماذج كشف الذات في التراث اإلسالميالدراسات التربوية المعاصرة‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬

‫تعددت الدراس ات النفس ية التي تناولت موض وع كش ف الذات‪ ،‬وبينت كيفية تأثيره على‬

‫ش خص ية اإلنس ان وعلى حياته‪ ،‬وبالرغم من ذلك كان هناك ندرة في الدراس ات اإلس المية لهذا‬

‫الموض وع‪ ،‬فجا ت هذه الدراس ة لتؤص ل لهذا الموض وع النفس ي المهم في حياة اإلنس ان‪ ،‬وترفده‬

‫بمعايير مس تقاة من نهج القرآن الكريم‪ ،‬والس نة النبوية المطهرة‪ ،‬والتراث اإلس المي‪ ،‬والفكر التربوي‬

‫المعاصر‪ ،‬وعليه تتمثل أهمية هذه الدراسة بالنقاط اآلتية‪:‬‬

‫لكشف الذات تأسيسا إ سالميا؛ سدا‬ ‫‪ .1‬تضيف هذه الدراسة للحقل المعرفي‪ ،‬دراسة تأصيلية تؤس‬

‫للثغرة الموجودة في هذا الجانب‪.‬‬

‫اإلس المي‪ ،‬وذلك من خالل إمدادهم‬ ‫‪ .2‬يتأمل من هذه الدراس ة أن تفيد الباحثين في علم النف‬

‫الحديث‪ ،‬من خالل البحث في القرآن الكريم‬ ‫بأفكار تس اعدهم في دراس ة موض وعات علم النف‬

‫والس نة النبوية الش ريفة ونص وص التراث اإلس المي‪ ،‬وايجاد نظرة متكاملة بين الحديث واألص يل‬

‫من هذه الموضوعات‪.‬‬

‫‪ .3‬تزويد القائمين على إعداد المناهج الجامعية‪ ،‬بالتص ور اإلس المي لكش ف الذات من أجل‬

‫تضمينها في المناهج التعليمية‪ ،‬ألحكام العالقة بين األستاذ والطالب‪.‬‬

‫حدود الدراسة‪:‬‬

‫تقتص ر حدود الدراس ة على عرس نماذج مختارة من مواض ع كش ف الذات في القرآن الكريم‬

‫والس نة النبوية المطهرة‪ ،‬ومواقف عملية مختارة لكش ف الذات في التراث التربوي اإلس المي والفكر‬

‫التربوي المعاصر‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫منهرية الدراسة‪:‬‬

‫اتبعت الباحثة في هذه الدراس ة المنهج الوص في التحليلي والمنهج األص ولي من خالل‬

‫الخطوات اآلتية‪:‬‬

‫والدراس ات النفس ية‪ ،‬واإلس تعانة بها لفهم موض وع‬ ‫‪ .1‬الرجوع إلى المؤلفات المعاص رة في علم النف‬

‫كشف الذات‪.‬‬

‫‪ .2‬جمع النصوص الدالة على كشف الذات من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‪.‬‬

‫‪ .3‬الرجوع إلى كتب التفسير وشروح الحديث لفهم هذه النصوص‪.‬‬

‫‪ .4‬الرجوع إلى كتب التراث اإلس المي والدراس ات التربوية المعاص رة‪ ،‬وانتقا بعس النص وص ذات‬

‫العالقة بالموضوع‪.‬‬

‫‪ .5‬تحليل نصوص التراث اإلسالمي واإلستفادة من مضامينها في موضوع كشف الذات‪.‬‬

‫مصطلحات الدراسة‪:‬‬

‫‪ .1‬التربية اإلســـــــــالمية‪" :‬هي منظومة المفاهيم النظرية والتطبيقات العملية‪ ،‬المبنية على أص ول‬

‫اإلس الم‪ ،‬في تعليم وتزكية واص الح األمة المس لمة أفرادا وجماعات‪ ،‬بش كل مس تمر ومتكامل‪،‬‬

‫وبكل الوسائل المشروعة‪ ،‬بقصد تحقيق العبودية هلل تعالى في الدنيا‪ ،‬والفوز برضوانه تعالى في‬

‫اآلخرة"(‪.)1‬‬

‫‪ .2‬كشــف الذات‪ :‬هو عملية يقوم اإلنس ان من خاللها باإلفص اح عن معلومات ش خص ية‪ ،‬او غير‬

‫ش خص ية‪ ،‬أو التعبير عن آ ار ه ومعتقداته أمام اآلخرين ممن يثق بهم‪ ،‬بش كل يتيح لهم فهم‬

‫شخصيتة‪ ،‬ويوطد العالقات االجتماعية بينهم‪.‬‬

‫(‪ )1‬خطاطبة‪ ،‬عدنان‪ ،‬األصل العقدي للتربية اإلسالمية وتطبيقاته التربوية‪ ،‬عمان‪ ،‬المكتبة الوطنية‪ ،‬د‪ .‬ط‪2017 ،‬م‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪4‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .3‬كشــف الذات في ضــوء التربية اإلســالمية‪" :‬عملية اإلفص اح (تص ريحا أو تعريض ا) بمعلومات‬

‫شخصية أو غير شخصية أو التعبير عن األفكار والمعتقدات‪ ،‬بحيث ال يلحق الضرر بنفسه أو‬

‫باآلخرين‪ ،‬وبشكل يتيح لآلخرين فهم شخصيته‪ ،‬ويحقق له السعاده في الدارين الدنيا واآلخرة"‪.‬‬

‫‪ .4‬التأصيل اإلسالمي‪" :‬بنا العلوم التربوية على نهج اإلسالم"(‪.)1‬‬

‫الدراسات السابقة‬

‫بعد اطالع الباحثة على الدراس ات ذات العالقة بموض وع كش ف الذات‪ ،‬وقفت الباحثة على‬

‫مجموعة من الدراسات ذات العالقة بالدراسة الحالية بشكل كلي أو جزئي تمثلت في‪:‬‬

‫‪ .1‬دراسة الحمد (‪2015‬م)(‪:)2‬‬

‫هدفت هذه الدراس ة إلى بيان أس اليب التعبير عن الذات والرأي وض وابطها‪ ،‬من خالل المنهج‬

‫اإلستقرائي‪ ،‬والمنهج اإلستنباطي‪ ،‬وخلصت الدراسة إلى مجموعه من النتائج كان من أهمها‪:‬‬

‫‪ .1‬أن أس اليب التعبير عن الذات والرأي تقس م إلى خمس ة أقس ام رئيس ية هي‪ :‬التعبير الش فوي‪،‬‬

‫التعبير الكتابي‪ ،‬التعبير الجسدي‪ ،‬التعبير بالصمت‪ ،‬والتعبير بالعمل‪.‬‬

‫‪ .2‬أن ممارس ة حق التعبير مقيد بض وابط كفيلة بحس ن اس تخدامه‪ ،‬وحفظ حقوق اآلخرين‪ ،‬ومنع‬

‫إلحاق الضرر بالفرد والمجتمع على سوا ‪ ،‬واإلخالل بالنظام العام‪ ،‬ومن أهم هذه الضوابط‪:‬‬

‫أن ال يخالف القواعد الكلية للش ريعة اإلس المية‪ ،‬أو األحكام التكليفية للش رع‪ ،‬وأن ال يترتب‬

‫على التعبير مفسدة أكبر من المصلحة المقصودة‪.‬‬

‫(‪ )1‬يالجن‪ ،‬مقداد‪ ،‬أساسيات التأصيل اإلسالمي للعلوم والمعارف والفنون‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار عالم الكتاب‪ ،‬ط‪2014 ،2‬م‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫(‪ )2‬الحمد‪ ،‬منى‪ ،‬أس اليب التعبير عن الذات والرأي وض وابطهما‪ ،‬دراس ة تربوية في ض و الس نة النبوية‪ ،‬مجلة جامعة القد‬
‫والثالثون‪2015 ،‬م‪.‬‬ ‫المفتوحة لذبحاث والدراسات‪ ،‬العدد الخام‬
‫‪5‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫هذا وتش ترك الدراس ة الحالية مع الدراس ة الس ابقة‪ ،‬في تناول موض وع التعبير عن الذات كجز من‬

‫مبدأ كش ف الذات‪ ،‬وتش ترك في تأص يله من الس نة النبوية‪ ،‬في حين تنفرد الدراس ة الحالية بتناول‬

‫الموضوع بجميع جزئياته‪ ،‬وتأصيله من القرآن الكريم والتراث اإلسالمي والفكر التربوي المعاصر‪.‬‬

‫‪ .2‬دراسة القرشي (‪2015‬م)(‪:)1‬‬

‫هدفت هذه الدراس ة إلى التعرف على ترتيب كش ف الذات وأبعاده المختلفه لدى األم‪ ،‬األب‪،‬‬

‫واألص دقا ‪ ،‬والمرش د الطالبي‪ ،‬والتعرف على أثر التركيبة األس رية (ترتيب الطالب في األس رة‪،‬‬

‫ومستوى الدخل اإلقتصادي‪ ،‬ومستوى تعليم األب واألم‪ ،‬والمعاملة الوالدية)‪ ،‬في مستوى كشف الذات‬

‫لدى طالب المرحلة الثانوية بمدينة الطائف‪ ،‬وذلك من خالل المنهج الوص في‪ ،‬وقد خلص ت الدراس ة‬

‫إلى نتائج كان من أهمها‪:‬‬

‫‪ .1‬أن الص ديق احتل المرتبة األولى في كش ف الذات الكلي وفي أبعاد االتجاهات واآل ار‬

‫واألذواق والميول والدراسة والشخصية‪.‬‬

‫‪ .2‬وجود فروق ذات داللة إحص ائية في كش ف الذات الكلي لكل من األص دقا واألم واألب‬

‫والمرشد‪ ،‬تعزى لمتغيرات مستوى الدخل الشهري لذسرة ولصالح من جا وا من أسر مستوى‬

‫دخلها الش هري أعلى من (‪ )5001‬لاير‪ ،‬مقارنة مع من كان مس توى دخل أس رهم الش هري‬

‫أقل من ذلك‪ ،‬ولمتغير مس توى تعليم األب‪ ،‬لص الح من كان مس توى تعليم آبائهم معهد‬

‫فأعلى‪ ،‬مقارنة مع من كان مستوى تعليم آبائهم ثانوي فما دون‪.‬‬

‫هذا وتشترك الدراسة الحالية مع الدراسة السابقة في تناول موضوع كشف الذات من الجانب النظري‪،‬‬

‫في حين تنفرد الدراسة الحالية في تناول الموضوع من الجانب التأصيلي‪.‬‬

‫(‪ )1‬القرش ي‪ ،‬س لطان‪ ،‬كش ف الذات في ض و التركيبة األس رية لدى طالب المرحلة الثانوية بمدينة الطائف‪ ،‬رس الة ماجس تير‪،‬‬
‫كلية التربية‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬السعودية‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .3‬دراسة األسدي (‪2011‬م)(‪:)1‬‬

‫هدفت هذه الدراس ة إلى الكش ف عن أنماط التنش ئة الوالدية‪ ،‬وعالقتها بكش ف الذات والدافعية‬

‫للتعلم لدى الطلبة العرب في المرحلة الثانوية‪ ،‬في منطقة الجليل األعلى في ضو بعس المتغيرات‪،‬‬

‫وذلك من خالل المنهج الوصفي‪ ،‬وخلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج كان من أهمها‪:‬‬

‫‪ .1‬أن النمط الديموقراطي ونمط التقبل هما النمطان الس ائدان لدى الطلبه في المرحلة الثانوية‪،‬‬

‫حيث جا ا في المرتبة األولى‪ ،‬وجا نمط النبذ في المرتبة األخيرة‪.‬‬

‫‪ .2‬أن مس توى كش ف الذات في كل من مجال االتجاهات واآل ار ‪ ،‬واألذواق والميول‪ ،‬والدراس ة‬

‫والشخصية وكشف الذات ككل‪ ،‬كانت أعلى للصديق أو الصديقة‪ ،‬مقابل كشفها لكل من الوالد‬

‫والوالدة‪.‬‬

‫‪ .3‬أن مس توى الدافعية للتعلم كان بدرجة مرتفعة‪ ،‬وجا المجال الخلقي في المرتبة األولى وبدرجة‬

‫مرتفعة‪ ،‬بينما جا المجال المعرفي في الدرجة األخيرة وبدرجة متوسطة‪.‬‬

‫هذا وتشترك الدراسة الحالية مع الدراسة السابقة‪ ،‬في أنها تناولت جانب عالقة اآلبا باألبنا ودورها‬

‫في كشف الذات‪ ،‬في حين تنفرد الدراسة الحالية في تناول العالقات الزوجية‪ ،‬وتتميز بالجانب‬

‫التأصيلي لمبدأ كشف الذات‪.‬‬

‫‪ .4‬دراسة العمري (‪2009‬م)(‪:)2‬‬

‫هدفت هذه الدراس ة إلى معرفة العالقة بين كش ف الذات‪ ،‬والتوافق الزواجي لدى عينة من‬

‫معلمي تربية إربد األولى‪ ،‬في ض و بعس المتغيرات (الجن ‪ ،‬وعدد أفراد األس رة‪ ،‬وطول مدة‬

‫الزواج)‪ ،‬وذلك من خالل المنهج الوصفي‪ ،‬وقد خلصت الدراسة إلى نتائج كان من أهمها‪:‬‬

‫(‪ )1‬أس دي‪ ،‬نهار‪ ،‬أنماط التنش ئة الوالدية وعالقاتها بكش ف الذات والدافعية للتعلم لدى الطلبة العرب في المرحلة الثانوية في‬
‫منطقة الجليل األعلى في ضو بعس المتغيرات‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2011 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬العمري‪ ،‬وص ال‪ ،‬العالقة بين كش ف الذات والتوافق الزواجي لدى عينة من معلمي ومعلمات تربية إربد األولى‪ ،‬رس الة‬
‫ماجستير‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2009 ،‬م‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .1‬جا كش ف الذات لدى عينة الدراس ة بدرجة متوس طة‪ ،‬حيث جا بعد (االتجاهات واآل ار )‬

‫في المرتبة األولى‪ ،‬وتاله في المرتبة الثانية بعد (العمل)‪ ،‬ثم بعد (األذواق والميول)‪ ،‬ثم بعد‬

‫(الحالة الجسمية)‪ ،‬ثم بعد (الوضع المالي)‪ ،‬وأخي ار بعد (الشخصية)‪.‬‬

‫‪ .2‬وجود فروق ظاهرية في متوس طات تقديرات المعلمين على األداة ككل‪ ،‬والمتعلقة بكش ف‬

‫الذات وحسب متغير (الجن ‪ ،‬وعدد أفراد األسرة‪ ،‬وطول فترة الزواج)‪.‬‬

‫هذا وتشترك الدراسة الحالية مع الدراسة السابقة في تناول موضوع كشف الذات من وجهة نظر علم‬

‫النف ‪ ،‬في حين تنفرد الدراسة الحالية في الناحية التأصيلية للموضوع‪.‬‬

‫دراسة بني يونس (‪2007‬م)(‪:)1‬‬

‫هدفت هذه الدراس ة إلى س ير العالقة بين اتجاه األس اليب التربوية التي تتبعها األس رة في‬

‫على س لوكهم في‬ ‫تع امله ا مع أبن ائه ا‪ ،‬وم ا يتكون ل دى هؤال األبن ا من مفهوم ل ذواتهم‪ ،‬ينعك‬

‫مختلف مس توياته‪ ،‬وعلى طبيعة تفاعلهم مع التحديات الحياتية س وا أكانت مع الذات أم مع الغير‪،‬‬

‫وذلك من خالل المنهج األص ولي والمنهج الوص في التحليلي‪ ،‬وقد خلص ت الدراس ة إلى نتائج كان‬

‫من أهمها‪:‬‬

‫سلبي)‪.‬‬ ‫‪ .1‬تأثر مفهوم الذات بشقيه؛ بنوعية األسلوب التربوي الذي يغلب على األسرة (إيجابي‬

‫‪ .2‬تأثير هذه األس اليب بش كل واض ح في توكيد الذات‪ ،‬وقد كانت فاعلية تأثير األس اليب التربوية كل‬

‫منها بمفرده واض حة على توكيد الذات‪ ،‬حيث تبين اختالف أس لوب توكيد الذات باختالف‬

‫تبعية)‪.‬‬ ‫اتهام) وأسلوب (حرية‬ ‫األسلوب (لوم‬

‫هذا وتش ترك الدراس ة الحالية مع الدراس ة الس ابقة في كون موض وع كش ف الذات يقع كجزئية من‬

‫موضوع توكيد الذات‪ ،‬في حين تنفرد الدراسة الحالية في تأصيل موضوع كشف الذات في التربية‬

‫اإلسالمية‪.‬‬

‫(‪ )1‬بني يون ‪ ،‬أس ما عبد المطلب‪ ،‬تنمية مفهوم الذات وتوكيدها وتأثير األس رة المس لمة فيها‪ ،‬رس الة دكتوراة غير منش ورة‪،‬‬
‫جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫‪8‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الفصل األول‬

‫كشف الذات في ضوء التربية اإلسالمية‬

‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬مفهوم كشف الذات‬


‫­ المطلب األول‪ :‬تعريف كشف الذات‬
‫­ المطلب الثاني‪ :‬أسباب كشف الذات وفوائده وعيوبه‬

‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬مرتكزات كشف الذات‬


‫­ المطلب األول‪ :‬مرتكزات كشف الذات في علم النف‬
‫­ المطلب الثاني‪ :‬مرتكزات كشف الذات في ضو التربية اإلسالمية‬

‫‪9‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الفصل األول‬

‫كشف الذات في ضوء التربية اإلسالمية‬

‫يمثل هذا الفص ل مدخال مهما لدراس ة موض وع‪" :‬كش ف الذات في ض و التربية اإلس المية"‪،‬‬

‫فمن الطبيعي أنه كلما أزدادت أهمية ش ي ما؛ اقتض ت الحكمة زيادة اإللمام به‪ .‬وفي ض و ذلك‬

‫يمكن القول بأن اإللمام بموض وع كش ف الذات وفوائده وعيوبه وطبيعة مرتكزاته في ض و التربية‬

‫اإلس الم ية‪ ،‬لن يكون بالقدر الكافي‪ ،‬وال يمكن س بر أغواره دون الولوج من هذا المدخل‪ ،‬الذي‬

‫يتعرس إلبراز مفهوم كشف الذات وفوائده وعيوبه وطبيعة مرتكزاته بالتدرج على النحو اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم كشف الذات‬

‫الحديث‪ ،‬التي ش هدت اهتماما واس عا في مجال‬ ‫كش ف الذات من موض وعات علم النف‬

‫البحث العلمي‪ ،‬فكانت أوائل المحاوالت في دراس ة هذا الموض وع عام ‪1957‬م على يد العالم س دني‬

‫جوارارد(‪ ،)1‬ثم توالت الدراس ات حول الموض وع وتعددت التعريفات واختلفت وجهات النظر العلمية‪،‬‬

‫في طريقة دراس ته والمتغيرات التي تؤثر وتتأثر به‪ ،‬وهو من الموض وعات العلمية الش ائكة‪ ،‬قليلة‬

‫االهتمام من قبل الباحثين التربويين في األقطار اإلس المية‪ ،‬لها جذور عميقة في التاريخ‪ ،‬إال أنها‬

‫في الوقت الحالي أص بحت موض وع العص ر‪ ،‬وذلك نتيجة ازدياد عملية التواص ل االجتماعي‪ ،‬فعدم‬

‫اس تخدامها يؤدي إلى فص ل اإلنس ان عن مجتمعه بص فة عامة‪ ،‬وفي المجتمعات العربية بص فة‬

‫اإلجتماع‪،‬‬ ‫خاصة‪ .‬وهذا ما جعل الكثير من المختصين في مجال العالقات التي يبحثها علما نف‬

‫يواجهون الكثير من الص عوبات والتحديات في وض ع تعريف دقيق لمص طلح كش ف الذات‪ ،‬لكون‬

‫(‪ )1‬جرادات‪ ،‬عبد الكريم محمد‪ ،‬كش ف الذات لدى طلبة جامعة اليرموك وعالقته ببعس المتغيرات‪ ،‬رس الة ماجس تير‪ ،‬جامعة‬
‫اليرموك‪ ،‬إربد‪1995 ،‬م‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫‪10‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫هذه األخيرة تتداخل مع مصطلحات شبيهة لها‪ ،‬وعدم التمايز والتفرقة بينها وبين مصطلحات أخرى‪،‬‬

‫فكل هذه العوامل كانت سبب في عدم وضوح المصطلح بشكل دقيق‪.‬‬

‫وألن هذه الدراس ة تهتم بدراس ة كش ف الذات دراس ة تأص يلية‪ ،‬كان حري بها توض يح مفهوم‬

‫كش ف الذات في التربية اإلس المية‪ ،‬وتوض يح المص طلحات ذات العالقة بكش ف الذات‪ .‬وهذا ما‬

‫يحاول المبحث الحالي توضيحه‪ ،‬على النحو اآلتي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف كشف الذات‬

‫أوالا‪ :‬كشف الذات في اللغة‪:‬‬

‫(أكشف) فالن ضحك حتى بدت درادره‪،‬‬ ‫الكشف في اللغة من المادة اللغوية "(كشف)‪ ،‬ويعرف ب‬

‫(كاش فه) باألمر؛ أفض ى به إليه‪( ،‬إنكش ف) الش ي ظهر‪( ،‬تكاش ف) القوم أبدى كل ما في نفس ه‬

‫لصاحبه"(‪ ،)1‬وهو"رفعك الشي عما يواريه ويغطيه‪ ،‬وكشف األمر يك ِشفه كشفا أظهره"(‪.)2‬‬

‫في ضو التعريفات لمفردة (الكشف) في المعاجم اللغوية العربية‪ ،‬يتضح‪( :‬أن الكشف إظهار‬

‫الشي ‪ ،‬وتبادل البوح بين الشخص وصاحبه‪ ،‬ورفع الغطا عن الشي ليراه اآلخرين)‪.‬‬

‫أما الذات فمش تقة من مادة ذو‪" :‬قيل ذات الش ي نفس ه وعينه وهو ال يخلو عن العرس‪،‬‬

‫والفرق بين الذات والش خص؛ أن الذات أعم من الش خص ألن الذات تطلق على الجس م وغيره‪،‬‬

‫والشخص ال يطلق إال على الجسم"(‪ .)3‬أي أن الذات تدل على اإلنسان ككل نفسه وجسده‪.‬‬

‫(‪ )1‬مصطفى‪ ،‬إبراهيم وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬تحقيق مجمع اللغة العربية‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.798‬‬
‫(‪ )2‬إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.300‬‬
‫(‪ )3‬الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيق إبراهيم األبراري‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1405 ،1‬ه‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.143‬‬
‫‪11‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫وعليه فإن المعنى اللغوي لكش ف الذات في اللغه‪ :‬هي بوح اإلنس ان أو إظهاره ألمور عن‬

‫نفسه لآلخرين‪.‬‬

‫ثاني ا‪ :‬كشف الذات في اإلصطالح‪:‬‬

‫ص اا العلما مجموعة من التعريفات لكش ف الذات بما يتناس ب مع دراس اتهم‪ ،‬فكل عالم‬

‫وض ع تعريف لكش ف الذات من منظوره الخاص تبعا لدراس ته واألهداف التي يريد تحقيقها من‬

‫خاللها‪.‬‬

‫وس تحاول الباحثة عرس بعس من هذه التعريفات ونقدها‪ ،‬مع محاولة الوص ول إلى تعريف‬

‫يناسب ويحقق أهداف هذه الدراسة وذلك كاآلتي‪:‬‬

‫يعد تعريف جوارارد أول تعريف لكش ف الذات‪ ،‬حيث عرفه على أنه‪" :‬عملية جعل الذات‬

‫معروفة لذش خاص اآلخرين عن طريق البوح بمعلومات ش خص ية"(‪ .)1‬ويالحظ أن تعريف جوارارد‪،‬‬

‫يتصف بشي من العمومية ويحتاج إلى مزيد من الضبط‪ ،‬فهو حصر عملية كشف الذات باعتبارها‬

‫عملية بوح بمعلومات شخصية لآلخرين‪ ،‬بغس النظر عن نوع المعلومات وأهميتها‪.‬‬

‫أما كوزبي فقد عرف كش ف الذات على أنه‪" :‬كل س لوك تش ارك به اآلخرين هو كش ف‬

‫للذات"(‪ .)2‬ويتض ح تعميم كوزبي في تعريف كش ف الذات على كافة الس لوكات التي يتش ارك بها‬

‫اإلنس ان مع اآلخرين بغس النظر عن هذه الس لوكات‪ ،‬والتعريف يحتاج إلى المزيد من التوض يح‬

‫والضبط‪ ،‬ألنه يوسع نطاق دائرة كشف الذات‪.‬‬

‫(‪ )1‬جرادات‪ ،‬كشف الذات لدى طلبة جامعة اليرموك وعالقته ببعس المتغيرات‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫(‪ )2‬القرشي‪ ،‬كشف الذات في ضو التركيبه األسرية لدى طالب المرحلة الثانوية بمدينة الطائف‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪12‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫وآخرون بأنه‪" :‬أية معلومات حول الذات يقوم الش خص بإيص الها بش كل‬ ‫كما عرفه هاري‬

‫ش فهي لش خص آخر")‪ .(1‬وهذا التعريف يركز على ش كل االتص ال الذي تتم به عملية كش ف الذات‬

‫أكثر من توضيح ماهية هذه العملية‪.‬‬

‫وترى الزعبي أن المقص ود بكش ف الذات‪" :‬البوح الطوعي بمعلومات ش خص ية وس رية وهامة‬

‫حول مواض يع معينة وألش خاص محددين"(‪ .)2‬ويظهر في هذا التعريف نوع من التحديد والض بط في‬

‫الصياغة‪ ،‬من حيث نوع المعلومات المراد البوح بها وتحديد األشخاص المراد البوح لهم‪.‬‬

‫ومن تعريفات كش ف الذات أيض ا‪ ،‬تعريف ش يند وناكا ازوا‪" :‬كش ف الذات عبارة عن عملية‬

‫كشف المعلومات الشخصية حول ذات الفرد لشخص آخر"(‪ .)3‬وا ستخدام مفردة "الكشف" في تعريف‬

‫المص طلح؛ يعد مثلب على هذا التعريف‪ ،‬ألنه ال يمكن أس تخدام مفردة موجودة في المص طلح‬

‫لتعريف المصطلح‪.‬‬

‫ويرى كفافي أن كشف الذات هو‪" :‬أن يفصح الفرد عن مشاعره وأفكاره إلى شخص آخر تبعا‬

‫لقرب هذا الش خص"(‪ .)4‬وهذا التعريف حدد نوع المعلومات المراد اإلفص اح عنها بأنها مش اعر‬

‫وأفكار‪ ،‬وأن درجة اإلفصاح تختلف من شخص آلخر‪.‬‬

‫بعد اس تعراس هذه التعريفات‪ ،‬يتض ح أن معظم تعريفات كش ف الذات‪ ،‬تتفق على أن عملية‬

‫كشف الذات هي عملية بوح بمعلومات سرية وشخصية‪ ،‬بغس النظر عن أهمية هذه المعلومات أو‬

‫(‪ )1‬العمري‪ ،‬العالقة بين كشف الذات والتوافق لدى عينة من معلمي ومعلمات تربية إربد األولى‪ ،‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )2‬الزعبي‪ ،‬ندا محمد‪ ،‬العوامل الخمس ة الكبرى للش خص ية وعالقتها بالذكا اإلنفعالي ومركز الض بط وكش ف الذات لدى‬
‫الىعينة من طلبة كلية التربية بجامعة اليرموك في ضو بعس المتغيرات‪ ،‬أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة اليرموك‪،‬‬
‫كلية التربية‪ ،‬إربد‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫(‪ )3‬أبو نمر‪ ،‬منى ص الح‪ ،‬أنماط التعلق وعالقتها بكش ف الذات لدى الطلبه المراهقين في منطقة الجليل األعلى‪ ،‬رس الة‬
‫ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬إربد‪2011 ،‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )4‬العمري‪ ،‬خالد علي‪ ،‬كش ف الذات وعالقته بالش عور بالوحدة لدى طلبة جامعة اليرموك في ض و متغير الجن ‪ ،‬أطروحة‬
‫دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬إربد‪2013 ،‬م‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫‪13‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫نوعها أو درجة خص وص يتها‪ ،‬وهذا ما يجب ض بطه في هذه التعريفات‪ ،‬واإلختالف البس يط بين‬

‫التعريفات يرجع إلى اختالف المتغيرات المراد قياسها من خالل هذه الدراسات‪ ،‬فعند صياغة تعريف‬

‫لكشف الذات يجب مراعاة هذا الجانب‪.‬‬

‫وترى الباحثة بعد تحليل تعريفات كش ف الذات أن المقص ود بكش ف الذات‪ :‬هو عملية يقوم‬

‫اإلنس ان من خاللها باإلفص اح عن معلومات ش خص ية‪ ،‬أو غير ش خص ية‪ ،‬أو التعبير عن آ ار ه‬

‫ومعتقداته أمام اآلخرين ممن يثق بهم‪ ،‬بش كل يتيح لهم فهم ش خص يتة‪ ،‬ويوطد العالقات االجتماعية‬

‫بينهم‪ .‬ويتميز هذا التعريف بعدة مميزات‪:‬‬

‫‪ .1‬حدد نوع المعلمومات المراد اإلفص اح عنها بكونها ش خص يه أو غير ش خص ية‪ ،‬أو آ ار‬
‫ومعتقدات‪.‬‬
‫‪ .2‬حدد األشخاص الذين تتم عملية اإلفصاح لهم بعامل الثقه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المصطلحات ذات العالقة بكشف الذات‬

‫هناك العديد من المص طلحات في الدراس ات النفس ية الحديثة التي لها عالقة بمص طلح كش ف‬

‫ال ذات‪ ،‬منه ا م ا يكون جز من كش ف ال ذات‪ ،‬ومنه ا م ا يتعلق ب ه ويت داخ ل مع ه في بعس‬

‫التفص يالت‪ ،‬ومنها ما يعتقد القارئ بأنه يعبر عن كش ف الذات ولكن بص ياغة أخرى‪ ،‬وفي الواقع‬

‫يكون مختلف كل اإلختالف عن مص طلح كش ف الذات‪ ،‬ومن هنا ارتأت الباحثة أنه البد من‬

‫توض يح هذه المص طلحات‪ ،‬وتميزها عن كش ف الذات‪ ،‬وتحليل العالقة بينها وبين مص طلح كش ف‬

‫الذات‪ ،‬حتى تتضح حدود كشف الذات وتتبلور صورته‪ ،‬ومن هذه المصطلحات ما يلي‪:‬‬

‫أوالا‪ :‬توكيد الذات‪:‬‬

‫‪14‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫التوكيد لغة‪ :‬من مادة أكد "وقد أ َّكدت الش ي وو َّكدته"(‪ ،)1‬وجا في المعجم الوس يط أن التأكيد‬

‫من مادة أكد‪" :‬أي الش ي أكدا وثقه وأحكمه وقرره فهو أكيد‪ ،‬إيكادا وثقة وأحكمه"(‪ .)2‬ومنه‪ ،‬فإن‬

‫الباحثة ترى أن التوكيد في اللغة يدور حول معنى‪ :‬تأكيد الشي واحكامه‪.‬‬

‫وتوكيد الذات في اإلصطالح‪ :‬هو "تعبير الفرد عن المعارضة بالبغس واإلستيا واإلمتعاس‬

‫بحقوق اآلخرين"(‪،)3‬‬ ‫تجاه شخص آخر‪ ،‬أو موقف ما من مواقف العالقات االجتماعية‪ ،‬دون المسا‬

‫ويعتبر توكيد الذات سبب من أسباب كشف الذات(‪.)4‬‬

‫ومن مجمل ما تقدم‪ ،‬فإن الباحثة ترى أن توكيد الذات هو‪ ،‬أن يبدي الفرد ا آر ه المعارض ة‬

‫لآلخرين دون إيذا مشاعرهم‪ ،‬أو االعتدا على حقوقهم‪.‬‬

‫ثانيـــ ا‪ :‬التعبير عن الذات‪:‬‬

‫وع بارة وعبَّرها‪ :‬ف َّس رها وأخبر ِ‬


‫بآخ ِر ما‬ ‫الرؤيا عب ار ِ‬
‫التعبير في اللغة‪ :‬من مادة عبر‪" ،‬عبر ُّ‬

‫يؤول إليه أمرها"(‪ ،)5‬و"عبر عما في نفس ه وعن فالن أعرب وبين بالكالم وبه األمر اش تد عليه‬

‫وبفالن ش ق عليه وأهلكه‪ ،‬والرؤيا فس رها وفالنا أبكاه‪ ،‬ويقال عبر عينه أبكاها"(‪ .)6‬إن التعبير لغة‬

‫يدل على التفس ير واإلعراب عما في النف ‪ .‬والتعبير عن الذات في اإلص طالح‪ :‬هو "إفص اح‬

‫اإلنس ان عما في ق ارره من أفكار ومش اعر عن مختلف نواحي حياته‪ ،‬التي تميزه عن غيره بأحد‬

‫(‪ )1‬الجوهري‪ ،‬أبو نصر إسماعيل إبن حماد‪ ،‬الصحاح في اللغة‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ن‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )2‬مصطفى‪ ،‬وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )3‬العجله‪ ،‬محمد س امي‪ ،‬المس ئولية االجتماعية وعالقتها بالص راع النفس ي وتوكيد الذات لدى أرامل ش هدا حرب الفرقان في‬
‫محافظة غزة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية غزة‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬غزة‪2012 ،‬م‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )4‬القرشي‪ ،‬سلطان‪ ،‬كشف الذات في ضو التركيبه األسرية لدى طالب المرحلة الثانوية بمدينة الطائف‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫المحيط‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ن‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.558‬‬ ‫(‪ )5‬الفيروز أبادي‪ ،‬محمد بن يعقوب‪ ،‬القامو‬
‫(‪ )6‬مصطفى‪ ،‬وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.580‬‬
‫‪15‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫أس اليب التعبير"(‪ ،)1‬والتعبير عن الذات هو ش كل من أش كال كش ف الذات‪ .‬وتعرف الباحثة التعبير‬

‫عن الذات بأنه‪ :‬إظهار الشخص لمشاعره وأفكاره‪ ،‬بمختلف وسائل التعبير‪.‬‬

‫ثالثـــا‪ :‬اإلفصاح عن الذات‪:‬‬

‫اإلفصاح في اللغة‪ :‬من "أفصح الصبح بدا ضوؤه وظهر‪ ،‬ويقال أفصح األمر وضح والنهار‪،‬‬

‫خال من الغيم وعن مراده بينه ولخص ه"(‪ ،)2‬وهو من فص ح‪" ،‬رجل فص يح وكالم فص يح‪ ،‬أي بلي ‪.‬‬

‫ولسان فصيح‪ ،‬أي طلق‪ .‬ويقال‪ُّ :‬‬


‫كل ناطق فصيح"(‪ ،)3‬فهو يعني اإليضاح‪.‬‬

‫واإلفص اح عن الذات في اإلص طالح‪ :‬هو مص طلح مرادف تماما لمص طلح كش ف الذات‪،‬‬

‫واالختالف ناتج عن ترجمة المص طلح من اللغة اإلنجليزية‪ ،‬فهناك مجموعة من الباحثين أس تخدموا‬

‫مص طلح اإلفص اح عن الذات في دراس اتهم‪ ،‬مثل دراس ة علي (‪2016‬م)"(‪ ،)4‬حيث وجدت الباحثة‬

‫تعريفات كش ف الذات مثل تعريف جواررد تحت مس مى اإلفص اح عن الذات‪ ،‬مما يبين أنه مجرد‬

‫اختالف في ترجمة المصطلح من اللغة اإلنجليزية إلى اللغة العربية‪.‬‬

‫رابعــــ ا‪ :‬تقدير الذات‪:‬‬

‫التقدير في اللغة‪ :‬من مادة قدر‪" ،‬وقدر الش ي ِ ‪ :‬مبلغه‪ .‬وقدر اهلل وقدره بمعنى"(‪ .)5‬وجا في‬

‫المعجم الوسيط أنه‪" :‬قدر عليه قدارة‪ :‬تمكن منه‪ ،‬والشي قد ار بين مقداره ويقال قدر فالنا عظمه"‪.‬‬

‫وترى الباحثة أن التقدير لغة‪ :‬إعطا الشي قيمته والتعظيم بالمكانه‪.‬‬

‫(‪ )1‬الحمد‪ ،‬أساليب التعبير عن الذات والرأي وضوابطهما‪ ،‬دراسة تربوية في ضو السنة النبوية‪ ،‬ص‪.209‬‬
‫(‪ )2‬مصطفى‪ ،‬وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.690‬‬
‫(‪ )3‬الجوهري‪ ،‬الصحاح في اللغة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.45‬‬
‫(‪ (4‬العلي‪ ،‬اإلفصاح عن الذات وعالقته بمهارات التواصل االجتماعي في جامعة بابل‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة بابل‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫‪2016‬م‪.‬‬
‫(‪ )5‬الجوهري‪ ،‬الصحاح في اللغة‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.64‬‬
‫‪16‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫والتقدير في اإلص طالح‪ :‬هو "عملية وجدانية من خاللها يس تطيع الفرد أن يقيم الص ورة التي‬

‫ينظر فيها إلى نفس ه‪ ،‬بأهميته وجدارته‪ ،‬وش عوره بالكفا ة في المواقف االجتماعية"(‪ ،)1‬فعملية تقدير‬

‫الذات هي عملية ش خص ية يقوم بها الش خص مع نفس ه‪ ،‬وتتعلق بتقيمه لنفس ه بالس ل ِب أو اإليجاب‪،‬‬

‫أما كش ف الذات فهو‪ :‬عملية تفاعلية تتم بين ش خص ين‪ ،‬الكاش ف والمتلقي للمعلومات‪ .‬ومما تقدم‬

‫بيانه‪ ،‬ترى الباحثة أن تقدير الذات هو‪ :‬المعبر الحقيقي لتحقيق الذات‪ ،‬فيتطلب منا لتحقيق الذات‬

‫التقدير اإليجابي للذات‪.‬‬

‫خامســــ ا‪ :‬هوية الذات‪:‬‬

‫الهوية في اللغة‪ :‬من مادة هوى‪" ،‬فالن في الس ير مض ى وأس رع ويده للش ي امتدت وارتفعت‪،‬‬

‫والرجل هوة ص عد وارتفع‪ ،‬وهوي فالن فالنا هوى أحبه‪ ،‬فهو هو وهي هوية"(‪ ،)2‬و"الهوى محبة اإلنس ان‬

‫الشي وغلبته على قلبه"(‪ .)3‬وترى الباحثة أن الهوية في اللغة‪ :‬تدل على هوى اإلنسان وما يحب‪.‬‬

‫الفرد بالتآلف‬ ‫وهوية الذات في اإلص طالح‪ :‬هي "حالة نفس ية داخلية تتض من إحس ا‬

‫بالتماس ك‬ ‫الفرد بارتباط ماض يه وحاض ره ومس تقبله‪ ،‬وأخي ار اإلحس ا‬ ‫واالس تم اررية‪ ،‬ممثال بإحس ا‬

‫االجتم اعي‪ ،‬ممثال ب االرتب اط ب المث ل االجتم اعي ة‪ ،‬والش عور ب ال دعم االجتم اعي الن اتج عن ه ذا‬

‫اإلرتباط"(‪ ،)4‬ومن خالل التعريف‪ ،‬يتبين أن هوية الذات هي أحد األش يا التي يحاول الش خص‬

‫الكش ف عنها من خالل عملية كش ف الذات‪ ،‬فهو قد يس عى إلى كش ف هويته لآلخرين حتى يش عر‬

‫(‪ )1‬ش عبان‪ ،‬عبد ربه‪ ،‬الخجل وعالقته بتقدير الذات ومس توى الطموح لدى المعاقين بص ريا‪ ،‬رس الة ماجس تير‪ ،‬الجامعة‬
‫اإلسالمية ‪-‬غزة‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬غزة‪2010 ،‬م‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫(‪ )2‬مصطفى‪ ،‬وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.1001‬‬
‫(‪ )3‬إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،15‬ص‪.371‬‬
‫(‪ )4‬ص يام‪ ،‬طارق محمد‪ ،‬هوية الذات والتوافق النفس ي لدى الس جنا متعاطي المخدرات وأبنائهم في قطاع غزة‪ ،‬رس الة‬
‫ماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪-‬غزه‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬غزة‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪17‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫بالرض ا والقبول االجتماعي‪ .‬ومما تقدم‪ ،‬ترى الباحثة أن المقص ود بهوية الذات‪ :‬بنا داخلي يتض من‬

‫الفرد بنفسه ووحدة تآلفه‪ ،‬مما يشكل سلسلة مترابطة بين ماضيه وحاضره ومستقبله‪.‬‬ ‫إحسا‬

‫وهنا يتضح أن مصطلح هوية الذات ذو عالقة بعيدة بمصطلح كشف الذات‪.‬‬

‫سادســــا‪ :‬فاعلية الذات‪:‬‬

‫الفاعلية في اللغة‪ :‬من مادة فعل "الش ي فعال وفعاال عمله‪ ،‬والفاعلية وص ل وص ف في كل‬

‫ما هو فاعل"(‪ ،)1‬هي القدره على العمل‪.‬‬

‫والفاعلية في اإلص طالح‪ :‬هي "ثقة الفرد الكائنة في قدراته‪ ،‬من خالل المواقف الجديدة أو‬

‫المواقف ذات المطالب الكثيرة وغير المألوفه‪ ،‬واعتقاد الفرد بقواه الشخصية‪ ،‬مع التركيز على الكفا ة‬

‫في تفسير السلوك دون المصادر أو األسباب األخرى للتفاؤل"(‪.)2‬‬

‫ويتض ح أن فاعلية الذات‪ ،‬هي عملية ش خص ية يس تطيع الش خص من خاللها تحديد قدرتة‬

‫على القيام بالمهام واألعمال‪ ،‬ومقدار الجهد الذي يحتاج إليه‪ ،‬وقد يحتاج الش خص عندما تكون‬

‫فعاليته الذاتيه عالية‪ ،‬ويقوم ببذل مجهود كبير وايجابي بالقيام باألعمال وانجازها‪ ،‬إلى كش ف ذاته‬

‫من أجل الش عور بالرض ا عن نفس ه والش عور بالقبول االجتماعي له‪ .‬ومص طلح الفاعلية ذو عالقة‬

‫بعيدة بمصطلح كشف الذات‪.‬‬

‫وبعد عرس المصطلحات ذات العالقة بمصطلح كشف الذات‪ ،‬يتضح أن هناك مصطلحات‬

‫ت عد مرادفة له مثل اإلفص اح عن الذات‪ ،‬ومص طلحات تش كل جز منه مثل توكيد الذات‪،‬‬

‫ومص طلحات تمثل ش كل من أش كاله‪ ،‬مثل التعبير عن الذات‪ ،‬ومص طلحات بعيده عنه مثل هوية‬

‫الذات وفاعلية الذات‪.‬‬

‫(‪ (1‬مصطفى‪ ،‬وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ص‪.695‬‬


‫(‪ )2‬طومان‪ ،‬وفا محمد‪ ،‬فاعلية الذات وعالقتها بأض طراب المس لك لدى الطلبة الملتحقين بمراكز التدريب المهني في‬
‫محافظات غزة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪-‬غزة‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬غزة‪2015 ،‬م‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪18‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫رسم توضيحي (‪ :)1‬عالقة كشف الذات بالمصطلحات ذات الصلة‬

‫كشـف الـذات‬

‫مصطلحات تربطها عالقة‬ ‫مصطلحات مرادفة‬ ‫مصطلحات من أجزاء‬ ‫مصطلحات من أشكال‬


‫بعيدة بكشف الذات‬
‫لكشف الذات‬ ‫كشف الذات‬ ‫كشف الذات‬

‫هوية الذات‬ ‫اإلفصاح عن الذات‬ ‫توكيد الذات‬ ‫التعبير عن الذات‬


‫فاعلية الذات‬

‫‪19‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫رابعا‪ :‬كشف الذات في التربية اإلسالمية‪:‬‬

‫في ض و العرس الس ابق؛ يتبين أن البيئة التي خرج منها مص طلح كش ف الذات هي البيئة‬

‫الغربية‪ ،‬وعليه فإن التعريفات لكش ف الذات تتناس ب مع البيئة والثقافة الغربية‪ ،‬وحتى الدراس ات‬

‫النفس ية العربية التي تناولت موض وع كش ف الذات‪ ،‬لم تأت بجديد حول الموض وع‪ ،‬ألن معظمها‬

‫ترجمات حرفية من األبحاث والكتب الغربية لكشف الذات‪ ،‬والشي الجديد يكمن في الدراسة الميدانية‬

‫التي كانت تميز هذه الدراس ات‪ ،‬حيث أنها تعاملت مع مجتمعات عربية‪ ،‬كما اختلفت عن ها في‬

‫المتغيرات المراد دراستها‪.‬‬

‫وبعد العرس الس ابق تحاول الباحثة ص ياغة تعريف لكش ف الذات من وجهة نظر تربوية‬

‫إس المية‪ ،‬بحيث يناس ب معطيات التربية اإلس المية‪ ،‬وينص ب حول تحقيق أهداف التربية اإلس المية‬

‫يتمثل فيما يآتي‪:‬‬

‫كش ف الذات في ض و التربية اإلس المية‪" :‬عملية اإلفص اح (تص ريحا أو تعريض ا) بمعلومات‬

‫ش خص ية أو غير ش خص ية أو التعبير عن األفكار والمعتقدات‪ ،‬بحيث ال يلحق الض رر بنفس ه أو‬

‫باآلخرين‪ ،‬وبشكل يتيح لآلخرين فهم شخصيته‪ ،‬ويحقق له السعاده في الدارين الدنيا واآلخرة"‪.‬‬

‫فكش ف الذات عملية تفاعلية اجتماعية‪ ،‬قد تكون من فرد إلى جماعة أو من جماعة إلى فرد‬

‫ض ِه‪،‬‬
‫الحق عن مح ِ‬
‫ُّ‬ ‫أو حوار بين مجموعة‪ ،‬واإلفص اح أما أن يكون باللس ان ومنه التص ريح "ص َّرح‬

‫أي انكش ف‪ ،‬وص رح الش ي وص َّرحه وأص رحه إِذا بيَّنه وأظهره‪ .‬ويقال ص َّرح فالن ما في نف ِس ه‬

‫تص ريحا‪ ،‬إِذا أبداه والتص ريح خالف التعريس"(‪ .)1‬ويقص د به التص ريح اللفظي‪ ،‬أي يجب على‬

‫الشخص الذي يريد الكشف عن ذاته أن يصرح لفظيا للطرف اآلخر‪.‬‬

‫(‪ )1‬إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.509‬‬


‫‪20‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫والش ورى‪" :‬اس تخراج الرأي بمراجعة البعس إلى البعس"(‪ ،)1‬بمعنى أن الش ورى تس اعد في‬

‫الكشف عن الذات من خالل إبدا اآل ار الشخصيه‪ ،‬وابراز المعتقدات لدى الشخص الكاشف‪ ،‬وهي‬

‫من األساليب التي استخدمت منذ عهد الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫والتعريس يعني‪" :‬التوسع في الداللة؛ بحيث يصبح للكالم ظاهر وباطن"(‪ ،)2‬بمعنى أن يكون‬

‫المعنى الظاهر للكالم مخالف للمعنى المقص ود منه‪ .‬أو أن يكون اإلفص اح بلغة الجس د مثل‪:‬‬

‫إيمائات اليد أو إيمائات الوجه أو العينين‪ ،‬وفهم الش خص ية يتحقق من خالل فهم ما يجول في‬

‫خاطره‪ ،‬ومعرفة ميوله الش خص ية أو الض غوطات النفس ية التي يمر بها‪ ،‬والمعلومات التي يفص ح‬

‫عنها؛ إما أن تكون ش خص ية أو غير ش خص ية‪ .‬وكل هذا يتم ض من حدود أهداف التربية اإلس المية‬

‫التي تسعى لعدم إلحاق الضرر به أو باآلخرين‪ ،‬كما تسعى لتحقيق السعادة في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫(‪ )1‬صالح‪ ،‬فيروز عثمان‪ ،‬الشورى في اإلسالم‪ ،‬مقالة مننشورة‪ ،‬مجلة الدراسات الدعوية‪ ،‬العدد‪2009 ،17‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫(‪ )2‬الخولي‪ ،‬إبراهيم محمد‪ ،‬التعريس في القرآن الكريم‪ ،‬دار البصائر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2004 ،1‬م‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫‪21‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫رسم توضيحي (‪ :)2‬تعريف كشف الذات‬

‫كشـف الـذات‬

‫فهم الشخصية من‬ ‫معلومـــات‬ ‫اإلفصــــاح‬ ‫عملية تفاعلية‬


‫خالل‬ ‫اجتماعية‬

‫الممممممميمممول‬ ‫الضممم وط‬ ‫ما‬ ‫آراء أو‬ ‫غير‬ ‫شخصية‬ ‫غمممميممممر‬ ‫لفظــي‬ ‫ممممممممممن‬ ‫ممممممممممن‬ ‫ممممممممممن‬ ‫ممممممن‬
‫الشخصية‬ ‫النفسممممية‬ ‫يجول‬ ‫معتقدات‬ ‫شخصية‬ ‫أو شبه‬ ‫لفظــي‬ ‫جماعة‬ ‫جماعة‬ ‫فممممممممرد‬ ‫فممممرد‬
‫التي يمر‬ ‫في‬ ‫شخصية‬ ‫إلممممممممم‬ ‫إلممممممممم‬ ‫إلممممممممم‬ ‫ألممممم‬
‫بها‬ ‫الخاطر‬ ‫جماعة‬ ‫فرد‬ ‫جماعة‬ ‫فرد‬

‫لمممممم مممممة‬ ‫شورى‬ ‫تلميح‬ ‫تصريح‬


‫الجسد‬

‫‪22‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب كشف الذات وفوائده وعيوبه‬

‫كش ف الذات كغيره من الموض وعات العلمية له أس بابه‪ ،‬كما يمكن القول أنه س الح ذو حدين‬

‫له جوانب إيجابية تس مى (فوائد)‪ ،‬وله جوانب س لبية تس مى (العيوب)‪ ،‬لذلك يجب على الش خص‬

‫الكاش ف أن يكون مدركا لهذه الس لبيات واإليجابيات‪ ،‬حتى يتفادى حدوث أي مش اكل بس بب عملية‬

‫كشف الذات‪ ،‬وتعرس الباحثة في هذا المطلب أسباب كشف الذات‪ ،‬وفوائده وعيوبه‪.‬‬

‫أوالا‪ :‬أسباب كشف الذات‬

‫كل ش ي يقوم به اإلنس ان تكمن ورأه غايات أو أس باب‪ ،‬ومن المهم معرفة الس بب الكامن و ار‬

‫كش ف الذات؛ فالبرغم من اختالف درجة كش ف الذات من ش خص آلخر واختالف المعلومات التي‬

‫يتم مشاركتها حول الذات‪ ،‬إال أن أسباب كشف الذات قد تتشابه ومنها اآلتي(‪:)1‬‬

‫اإلنفعالي‪ :‬ويقص د به أنه يتم الكش ف عن بعس المعلومات الش خص ية بغية التخلص‬ ‫‪ .1‬التنفي‬
‫منها‪ ،‬ليشعر الكاشف بعد ذلك باالرتياح‪.‬‬

‫‪ .2‬توض يح الذات‪ :‬ويقص د به التحدث عن المش اعر أو اآل ار أو المعتقدات الش خص ية أمام‬
‫أشخاص آخرين بغية إعادة النظر فيها‪ ،‬وقد يكون هؤال األشخاص من األصدقا أو العائلة أو‬
‫المعالج النفسي‪.‬‬

‫‪ .3‬تأييد الذات‪ :‬ويقص د به قيام الفرد بالكش ف عن ذاته بغية الحص ول على موافقة المجتمع له‪ ،‬أو‬
‫من أجل تأييد لسلوكاته أو ترسيخ أحد معتقداته‪.‬‬

‫‪ .4‬التبادلية‪ :‬عندما يقوم طرف بكشف الذات؛ فإن هذا يشجع الطرف اآلخر للقيام بكشف الذات‪.‬‬

‫‪ .5‬الحف اظ على العالق ات وتقويته ا وتطويره ا‪ :‬عن د القي ام ب الكش ف عن المعلوم ات في العالق ة‬
‫بطريقة نزيهة وصحيحة‪ ،‬يؤدي ذلك إلى تطور العالقة والمحافظة عليها وزيادة قوتها‪.‬‬

‫(‪ )1‬العمري‪ ،‬كش ف الذات وعالقته بالش عور بالوحدة لدى طلبة جامعة اليرموك في ض و متغير الجن ‪ ،‬ص‪( .6‬النقاط من‬
‫‪.)6-1‬‬
‫‪23‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .6‬تكوين اإلنطباع‪ :‬يختار الش خص الكاش ف البوح بمعلومات ش خص ية أو إبدا آ ار ومعتقدات‬
‫للطرف اآلخر‪ ،‬أحيانا بهدف تكوين انطباع إيجابي ليظهر بصورة جيدة أمام اآلخر‪.‬‬

‫ويمكن أن يكون تكوين عالقات جديدة هو أحد أس باب كش ف الذات؛ فيمكن كش ف الذات‬

‫للطرف اآلخر بغية تكوين عالقة جديدة معه‪ ،‬وذلك من أجل االنخراط بالمجتمع‪ ،‬والحص ول على‬

‫القبول االجتماعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬فوائد كشف الذات‪:‬‬

‫يوجد مجموعة من الفوائد لكش ف الذات في الدراس ات النفس ية‪ ،‬ويمكن القول أن كش ف الذات‬

‫يكتسب أهميته من خالل هذه الفوائد التي يقدمه‪ ،‬وهي كاآلتي(‪:)1‬‬

‫‪ .1‬تحسين العالقات الشخصية‪ :‬وذلك من خالل الدور الذي يلعبه كشف الذات في مجال العالقات‬
‫الش خص ية‪ ،‬بحيث يش عر الش خص الكاش ف والش خص المتلقي بنوع من األلفة والتقارب‪ ،‬كما‬
‫يجب التنويه إلى أن كش ف الذات يعمل باتجاهين‪ ،‬بحيث تص بح عملية كش ف الذات عملية‬
‫متبادلة بين الطرفين‪ ،‬كما أنه يوطد العالقات الشخصية بين الطرفين‪.‬‬

‫كشف الذات اإليجابي على الصحة النفسية بشكل إيجابي‪ ،‬فهو يدعم‬ ‫‪ .2‬الصحة النفسية‪ :‬وينعك‬
‫الصحة النفسية‪ ،‬وذلك ألن القدرة على تكوين العالقات الشخصية والحفاظ عليها؛ واحد من أهم‬
‫مظاهر الص حة النفس ية‪ ،‬حيث يس تحيل اإلس تمرار في عالقة ش خص ية بدون درجة من كش ف‬
‫الذات‪ ،‬كما وأنه قد تتولد ض غوط على الفرد‪ ،‬تؤدي إلى أن يكون س لوكه أقل فاعلية‪ ،‬أو إلى‬
‫الشعور بعدم االرتياح نتيجة إخفا بعس المشاعر أو المعلومات عن اآلخرين‪.‬‬

‫‪ .3‬فهم الذات‪ :‬وذلك أن كش ف الذات من خالل مش اركة اآلخرين المش اعر واألفكار وبش كل‬
‫مناس ب‪ ،‬يؤدي إلى معرفة الكثير عن النف ‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن عملية فهم الذات تتم من‬
‫خالل خطوتين‪:‬‬

‫(‪ )1‬الصبيحين‪ ،‬علي موسى‪ ،‬العوامل المؤثرة في كشف الذات لدى طلبة المرحلة الثانوية في محافظة المفرق‪ ،‬رسالة ماجستير‬
‫غير منشورة‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬كلية التربية‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‪( .8‬النقاط من ‪.)3-1‬‬
‫‪24‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫أ‪ -‬التبص ر‪ :‬حيث يلعب كش ف الذات دو ار مهما في عملية التبص ر الذاتي‪ ،‬حيث يقلل الحديث‬
‫المسموع من عملية التشويش الناتجة من تقلب المشاعر واألفكار في عقل الفرد‪.‬‬

‫ب‪ -‬رفع الغرابة‪ :‬ألن كش ف الذات عملية تبادلية؛ فكلما كش فت معلومات أكثر؛ تلقيت معلومات‬
‫أكثر‪ ،‬وهن ا ي أتي دور التغ ذي ة الراجع ة من اآلخرين‪ ،‬حي ث يمكن أن تقود إلى زي ادة الوعي‬
‫بالذات وبالتالي فهم الذات بشكل أكبر‪.‬‬

‫نواحيه‬ ‫واقع اإلنسان‪ ،‬ويم‬ ‫وترى الباحثة أن فوائد كشف الذات تنبثق أيضا من كونه يالم‬

‫ومداركه الش خص ية‪ ،‬فعلى س بيل المثال تظهر أهمية كش ف الذات من خالل مش اركة األفكار‬

‫والمعتقدات مع اآلخرين‪ ،‬مما يؤدي إلى تفعيل لغة الحوار‪ ،‬وتقوية المدارك الفكرية لذفراد‪.‬‬

‫ويمكن طرح مثال آخر على مس توى األس رة‪ ،‬فتعد مش اركة األبنا لمش اعرهم وأفكارهم‬

‫ومعتقداتهم مع أبائهم‪ ،‬وس يلة فعالة في عملية التواص ل األس ري الذي يس اعد في تربية اآلبا‬

‫ألبنائهم‪ ،‬والتعرف على مخاوفهم وطرق تفكيرهم‪ ،‬ومحاولة إيجاد طرق تربوية تناس بهم وتناس ب‬

‫شخصياتهم‪.‬‬

‫ارك ة الطلب ة ألفك ارهم‬ ‫كم ا يمكن طرح مث ال آخر على مس توى العملي ة التعليمي ة؛ فمش‬

‫ومعتقداتهم للمعلمين في الجوانب العلمية‪ ،‬تؤدي إلى فهم المعلمين لش خص يات طلبتهم‪ ،‬وتس اعدهم‬

‫الفعالة والتي تناس ب الطلبة وطرق تفكيرهم‪ ،‬كما تعد مش اركة‬ ‫في اس تخدام أس اليب وطرق التدري‬

‫المعلمين أفكارهم ومعتقداتهم العلمية للطلبة‪ ،‬طريقة ناجحة لتوس يع مداركهم العلمية وتس اعدهم‬

‫لإلرتقا بمس تويات تفكيرهم وتطويرها‪ .‬ومع ذلك تبقى هذه األمثلة عن أهمية كش ف الذات نس بية‪،‬‬

‫من خالل دراسات ميدانية من أجل التحقق من صحتها‪.‬‬ ‫أي أنها تحتاج إلى قيا‬

‫ثالثا‪ :‬عيوب كشف الذات‪:‬‬

‫أغفلت بعس الدراس ات النفس ية لكش ف الذات العيوب التي تنطوي عليها عملية كش ف الذات‬
‫والجوانب السلبيه لها ومنها‪:‬‬
‫‪25‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .1‬أن الكش ف عن معلومات ش خص ية أمام أش خاص غير موثوق بهم أو للغربا ‪ ،‬قد يؤدي إلى‬
‫استخدام هذه المعلومات بشكل سلبي‪ ،‬مما يسبب للكاشف األذى والمشاكل‪.‬‬

‫‪ .2‬أن كشف الذات بشكل مبال فيه‪ ،‬يلغي ذاتية الكاشف ويؤثر على خصوصيته الشخصية‪.‬‬

‫‪ .3‬يؤدي كشف الذات بغير موقعه إلى عدم قبول الكاشف من قبل اآلخرين‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العوامل المميزة لكشف الذات‬

‫من المعروف أن لكل موض وع علمي مرتكزات ينطلق منها وتكون بمثابة القاعدة المرجعية‬

‫مجموعة من المرتكزات التي تميز‬ ‫له‪ ،‬وكذلك كش ف الذات؛ فقد وض ع الباحثون وعلما النف‬

‫كش ف الذات عن غيره من وس ائل االتص ال وتمثل قاعده مرجعية له‪ ،‬كما وتعددت تس مية الباحثين‬

‫لهذه المرتكزات؛ فمنهم من عنونها تحت عنوان مميزات كش ف الذات(‪ ،)1‬ومنهم من س ماها عوامل‬

‫تميز كش ف الذات عن غيره من وس ائل االتص ال(‪ ،)2‬وفي غيابها يتحول إلى نوع آخر من أنواع‬

‫االتصال‪.‬‬

‫وس تعرس الباحثة في المبحث الحالي هذه المرتكزات‪ ،‬وتحاول وض ع مرتكزات لكش ف الذات‬

‫من وجهة نظر تربوية إسالمية‪ ،‬وذلك من خالل المطلبين اآلتيين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬العوامل المميزة لكشف الذات في علم النفس‬

‫اتفق معظم الباحثين على وجود ثمانية مرتكزات لكش ف الذات تمثل أس اس ا فيه‪ ،‬وهي‬

‫كاآلتي(‪:)3‬‬

‫‪ .1‬الص دق‪ :‬يجب أن يكون الش خص ص ادقا في إعطا المعلومات عن نفس ه‪ ،‬كي يتحقق كش ف‬

‫الذات‪ .‬ويمكن القول أن الصدق هنا نسبي‪ ،‬ألنه يخضع إلى نسبية االختبارات النفسية‪.‬‬

‫‪ .2‬العمق‪ :‬يعتمد كشف الذات على عمق المعلومات التي يقدمها اإلنسان عن نفسه لآلخرين‪ ،‬ويعد‬

‫العمق من المرتكزات النسبية‪ ،‬فما يكون ودي وشخصي لفرد قد اليكون كذلك لشخص آخر‪.‬‬

‫(‪ )1‬العمري‪ ،‬كشف الذات وعالقته بالشعور بالوحدة لدى طلبة جامعة اليرموك في ضو متغير الجن ‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )2‬جرادات‪ ،‬كشف الذات لدى طلبة جامعة اليرموك وعالقته ببعس المتغيرات‪ ،‬ص‪.2‬‬
‫(‪ )3‬القرشي‪ ،‬كشف الذات في ضو التركيبه األسرية لدى طالب المرحلة الثانوية بمدينة الطائف‪ ،‬ص‪.14-11‬‬
‫‪27‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫وهنا يجب التنويه إلى أنه يجب اختيار المعلومات التي يتم تقديمها‪ ،‬بحيث ال تس تخدم بش كل‬

‫سلبي ضد الفرد الكاشف‪ ،‬حتى يتحقق كشف ذات إيجابي‪.‬‬

‫‪ .3‬توفر المعلومات‪ :‬يرى العلما والباحثين أن المعلومات التي تعتبر كش فا للذات يتم الحص ول‬

‫عليها من الفرد نفسه‪ ،‬ويصعب الحصول عليها من مصدر آخر‪ .‬وذلك ألن كشف الذات عملية‬

‫شخصية تعتمد على بوح الشخص نفسه بمعلومات خاصة إلى الشخص المتلقي لهذه المعلومات‬

‫بشكل مباشر‪.‬‬

‫‪ .4‬س ياق المش اركة‪ :‬يعتمد كش ف الذات على المش اركة في المعلومات من أجل نش ر األلفة وخلق‬

‫جو من المحبة والخص وص ية‪ .‬ألن عملية كش ف الذات عملية تبادلية تعتمد على مش اركة‬

‫المعلومات‪ ،‬فمن الص عب أن تس تمر مش اركة المعلومات من طرف واحد‪ ،‬فكل من الطرفين‬

‫يجب أن يشارك في تبادل المعلومات من أجل تحقيق هذه األلفة والمحبة‪.‬‬

‫‪ .5‬كش ف الذات بين ثنائي تربطه عالقة قريبة‪ :‬مع أنه يمكن أن يتم البوح بمجموعات ص غيرة‪ ،‬إال‬

‫أن أغلب أش كال البوح تكون بين ثنائي تربطهم عالقة ما‪ ،‬وهذا ال ينفي أننا نتحدث عن أنفس نا‬

‫أمام الغربا ‪ .‬ويمكن القول أن الش خص الكاش ف يفض ل البوح ألش خاص مقربين‪ ،‬وذلك ليض من‬

‫الحص ول على الطمأنينة على معلوماته الش خص ية ومش اعره‪ ،‬وهذا ال ينفي أنه يمكن البوح‬

‫ببعس األفكار والمعتقدات أمام الغربا ‪ ،‬والمختلف هو نسبة خصوصية هذه المعلومات‪.‬‬

‫‪ .6‬كش ف الذات عملية متبادلة‪ :‬يعد التبادل أمر جوهري من أجل اس تمرار عملية البوح‪ ،‬بمعنى أن‬

‫المتحدث األول عندما يتحدث ويفص ح عما في داخله؛ يحب أن يبادله الطرف اآلخر الحديث‬

‫والمش اعر‪ .‬والتبادلية تؤدي إلى تطور العالقات الش خص ية‪ ،‬والخروج منها من إطار الجمود‪،‬‬

‫وتحقق األلفة والمحبة كما سلف ذكره‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫عملية جامدة‪ ،‬بل حية ومتطورة‪ ،‬لذلك فإن أكثر‬ ‫‪ .7‬كش ف الذات يطوره الوقت‪ :‬ألن البوح لي‬

‫أنواع البوح انتش ا ار؛ ذلك الذي تطوره العالقات طويلة األمد‪ ،‬بمعنى أنه كلما زادت مدة العالقة‪،‬‬

‫تطور كش ف الذات‪ .‬وهنا يمكن القول إن العالقة بين كش ف الذات والزمن هي عالقة إيجابية‪،‬‬

‫فكلما زاد الزمن (الوقت)‪ ،‬تطور كش ف الذات‪ ،‬وذلك يتبع لتطور العالقات الش خص ية بمرور‬

‫الزمن‪.‬‬

‫‪ .8‬الثقة‪ :‬تعد الثقة من أهم مرتكزات كش ف الذات ألنها توفر جو آمن للبوح‪ ،‬وذلك ألن المس تمع‬

‫س يكون ش خص جيد لن يتقاس م المعلومات مع اش خاص آخرين‪ ،‬ولن يص دمك بردة فعله بعد أن‬

‫على االختيار الص حيح لذش خاص‬ ‫تنتهي من كش ف أس رارك‪ .‬وهذه الثقة تعتمد في األس ا‬

‫الذين يمكن كش ف الذات لهم‪ ،‬فال يجب على الش خص الكاش ف أن يض ع ثقته في أش خاص ال‬

‫اعر والمعلوم ات‬ ‫يعرفهم أو ال تربط ه عالق ة وثيق ة بهم‪ ،‬على األق ل من ن احي ة البوح ب المش‬

‫شخصية الكاشف‪ ،‬ويعد إفشائها للغربا أمر يضر به‪.‬‬ ‫الشخصية التي تم‬

‫بعد عرس مرتكزات كش ف الذات في علم النف ‪ ،‬يتبين أن هذه المرتكزات نس بية تتغير من‬

‫ش خص إلى آخر‪ ،‬على س بيل المثال مرتكز كش ف الذات يطوره الوقت‪ ،‬نس بي من حيث المده التي‬

‫هذه المدة على كش ف الذات؛ فالبعس يحتاج الكثير من الوقت‬ ‫تتطور فيها عالقة األفراد‪ ،‬وتنعك‬

‫حتى يطور عالقته بالطرف اآلخر‪ ،‬بينما يحتاج أحدهم مدة أقصر‪.‬‬

‫ومرتكز الصدق أيضا نسبي‪ ،‬فما يعتبره الكاشف صدقا قد ال يعتبره الشخص اآلخر‪ ،‬ألنه ال‬

‫يوجد ضوابط للصدق في علم النف ‪.‬‬

‫ومرتكز العمق أيض ا مرتكز نس بي‪ ،‬فما يعتبره ش خص بأنه يمثل معلومات ودية وش خص ية‬

‫كل طرف من‬ ‫عميقة‪ ،‬قد اليعتبره الطرف اآلخر كذلك‪ ،‬فعمق المعلومات يختلف باختالف مقايي‬

‫األطراف‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫كم ا نالحظ أن جميع مرتكزات كش ف ال ذات في علم النف ‪ ،‬ركزت على ج ان ب واح د من‬

‫جوانب كشف الذات وهو‪ :‬اإلفصاح عن المعلومات الشخصية أو شبه الشخصية‪ ،‬وتناست أن هناك‬

‫جانب آخر متمثل بالتعبير عن اآل ار والمعتقدات‪ ،‬التي تبرز ش خص ية اإلنس ان وتكش ف عن‬

‫السليم‪.‬‬ ‫جوهرها‪ ،‬لذلك يجب مراعاة هذه النقطة ألن البنا السليم يعتمد على األسا‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العوامل المميزة لكشف الذات في ضوء التربية اإلسالمية‬

‫حاولت الباحثة في هذه الجزئية وض ع مرتكزات لكش ف الذات لتكون قواعد أس اس ية له‪ ،‬بما‬

‫يتناسب مع الشريعة اإلسالمية والمجتمعات اإلسالمية والتربية اإلسالمية‪ ،‬وحاولت الجمع بين شقي‬

‫كش ف الذات األول المتعلق بالبوح‪ ،‬والثاني المتعلق بإبدا اآل ار والمعتقدات‪ ،‬وركزت على طرفي‬

‫التفاعل في عملية كش ف الذات‪ -‬الكاش ف والمتلقي‪ ،-‬فعملية كش ف الذات عملية تفاعلية تبادلية‬

‫تعتمد على كال الطرفين‪ ،‬وألن التربية اإلس الم ية تربية متوازنة ومتكاملة؛ كان البد من وض ع‬

‫وقواعد قوية تش كل بنا قوي‬ ‫مرتكزات لكش ف الذات‪ ،‬تتص ف بالتوازن والتكامل من أجل بنا أس‬

‫يستفيد منه الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫العامل األول‪ :‬الصدق‬

‫‪ .1‬المقصود بالعامل‪:‬‬

‫أ‪ .‬الصــــدق لغ اة‪ :‬من مادة (ص دق) وص دق فالن في الحديث ص دقا أخبر بالواقع‪ ،‬وفي القتال‬

‫الكذب‪.‬‬ ‫ونحوه أقبل عليه"(‪ ،)1‬وهو"الصِّدق نقيس الكذب"(‪ ،)2‬ومما تقدم يتبين أن الصدق عك‬

‫(‪ )1‬مصطفى‪ ،‬وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.510‬‬


‫(‪ )2‬إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،10‬ص‪.193‬‬
‫‪30‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ب‪ .‬الصدق إصطالحا‪ :‬يعرف الص دق في اإلص طالح بأنه‪ :‬التوافق بين القول والفعل واإلعتقاد‪،‬‬

‫أو موافقة األمر لمقتضى أوامر الشرع"(‪.)1‬‬

‫للعامل‪:‬‬ ‫‪ .2‬التأسي‬

‫َّ ِ‬
‫هناك العديد من النصوص القرآنية التي تحدثت عن الصدق ومنها اآلتي‪ :‬قال تعالى‪َ ‬والذي َجاءَ‬
‫َّق بِِه أُولَئِ َ‬
‫ك ُهم املتَّ ُقو َن‪ ‬سورة الزمر‪ ،‬اآلية‪.33 :‬‬
‫ُ‬ ‫صد َ‬‫َ‬ ‫الص ْد ِق َو‬
‫بِ ِّ‬
‫ُ‬
‫وفي تفس ير الس عدي لآلية يقول‪" :‬الص ادق المص دق وثوابه‪ ،‬فقال‪ ِ :‬والَِّذي جا بِ ِّ‬
‫الص د ِ‬
‫ق‬

‫دق فيم ا ق ال ه عن خبر الل ه‬ ‫في قول ه وعمل ه‪ ،‬ف دخ ل في ذل ك األنبي ا ومن ق ام مق امهم‪ ،‬ممن ص‬

‫وأحكامه‪ ،‬وفيما فعله من خص ال الص دق‪ ِ .‬وص َّدق بِ ِه أي‪ :‬بالص دق ألنه قد يجي اإلنس ان‬

‫بالص دق‪ ،‬ولكن قد ال يص دق به‪ ،‬بس بب اس تكباره‪ ،‬أو احتقاره لمن قاله وأتى به‪ ،‬فال بد في المدح‬

‫من الص دق والتص ديق‪ ،‬فص دقه يدل على علمه وعدله‪ ،‬وتص ديقه يدل على تواض عه وعدم‬

‫اس تكباره"(‪ .)2‬أي يجب على اإلنس ان أن يكون ص ادقا فيما يبوح به لآلخرين حتى يعد هذا البوح‬

‫كش فا للذات‪ ،‬أما إذا اختلط بش ي من الكذب خرج عن كونه كش فا للذات‪ ،‬وهنا تتس ع دائرة الص دق‬

‫بحيث لم تقتصر على قول الصدق؛ بل إضافة له التصديق به‪.‬‬

‫وينطوي مرتكز الص دق على جميع أش كال اإلفص اح الممثلة بالتص ريح والتعريس والش ورى‬

‫وابدا اآل ار والمعتقدات‪ ،‬فجميعها يجب أن تكون صادقة حتى تعتبر كشفا للذات‪.‬‬

‫العامل الثاني‪ :‬األمانة‬

‫‪ .1‬التعريف بالعامل‪:‬‬

‫(‪ )1‬العمري‪ ،‬محمد بن زهير‪ ،‬الصدق في التربية اإلسالمية‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة ام القرى‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪1420 ،‬ه ‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )2‬السعدي‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬تفسير السعدي‪ ،‬مؤسسة الرسالة ط‪2000 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.724‬‬
‫‪31‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫أ‪ .‬األمانة لغة‪ :‬من مادة “(أمن)‪ ،‬أمنا وأمانا وأمانة‪ ،‬األمانة الوفا والوديعة‪ ،‬واألمنة واألمنة من‬

‫يؤمن بكل ما يس مع ويطمئن إلى كل أحد"(‪" ،)1‬واأل مانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة‬

‫والثِّ ِ‬
‫قة واألمان"(‪ ،)2‬ومنه فإن األمانة تعني الوفا والثقة‪.‬‬

‫ب‪ .‬األمانة في اإلصطالح‪ :‬وتعني "كل حق لزمك أداؤه وحفظه"(‪.)3‬‬

‫للعامل‪:‬‬ ‫‪ .2‬التأسي‬

‫ين ُه ْم‬ ‫َّ ِ‬


‫هناك العديد من النص وص القرآنية التي تتحدث عن األمانة منها اآلتي‪ :‬قال تعالى‪َ  :‬والذ َ‬
‫َراعُو َن ‪ ‬سورة المؤمنون‪ ،‬اآلية‪.8 :‬‬ ‫ِِل ََمانَاِتِِ ْم َو َع ْه ِد ِه ْم‬

‫وفي تفسير الشعراوي‪ ،‬نجد أن المقصود باألمانة" واألمانة‪ :‬كل ما استؤ ِمنت عليه‪ ،‬وأول شي‬

‫اس تؤ ِمنت عليه عهد اإليمان باهلل الذي أخذه اهلل عليك‪ ،‬وما دمت قد آمنت باإلله؛ فعليك أن تنفِّذ‬

‫أوامره‪ .‬إذن‪ :‬هناك أمانة للحق وأمانة للخلق‪ ،‬أما العهد‪ :‬فكل ما يتعهد به اإلنس ان في غير معص ية‬

‫ويلزمه الوفا بما عاهد به‪ ،‬ألنك حين تعاهد إنس انا على ش ي ‪ ،‬فقد ربطت حركته وقيدتها في دائرة‬

‫إنفاذ هذا العهد"(‪.)4‬‬

‫ابقة أن األمانة نوعان‪ ،‬أمانة للحق جل وعلى‪ ،‬وأمانة‬ ‫ويتبين للباحثة من خالل اآلية الس‬

‫للخلق‪ ،‬وما يهمنا في عملية كشف الذات هي أمانة الخلق‪ ،‬وهذا يعني أن على الشخص المتلقي أن‬

‫يكون أمينا على أ سرار الشخص الكاشف‪ ،‬حتى يتمم عملية الكشف بجو آمن‪ ،‬وتتطور العالقة التي‬

‫(‪ )1‬مصطفى‪ ،‬وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.28‬‬


‫(‪ )2‬إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )3‬المناوي‪ ،‬زين الدين محمد‪ ،‬فيس القدير شرح الجامع الصغير‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1994 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.288‬‬
‫(‪ )4‬الشعراوي‪ ،‬محمد متولي‪ ،‬تفسير الشعراوي‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.6122‬‬
‫‪32‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫تؤدي إلى تطور كش ف الذات‪ ،‬ألن الش عور باألمان على المعلومات الش خص ية عند الطرف اآلخر‬

‫يطور عملية كشف الذات‪.‬‬

‫العامل الثالث‪ :‬الحكمة‬

‫‪ .1‬المقصود بالعامل‪:‬‬

‫أ‪ .‬الحكمة لغة‪ :‬من مادة (حكم)‪" ،‬الحكم‪ :‬مص در قولك حكم بينهم يحكم أي قض ى‪ .‬والحكم‬

‫الحكمة من العلم‪ .‬والحكيم‪ :‬العالم‪ ،‬وص احب الحكمة‪ .‬والحكيم‪ِ :‬‬


‫المتقن لذمور"(‪.)1‬‬ ‫أيض ا‪ِ :‬‬

‫ومنه الحكمة من العلم وأتقان األش يا ‪" .‬الحا والكاف والميم أص ل واحد‪ ،‬وهو المنع‪ .‬وأول‬

‫ذل ك الحكم‪ ،‬وهو المنع من الظُّلم‪ .‬وس ِّمي ت حكم ة ال داب ة ألنه ا تمنعه ا يق ال حكم ت ال داب ة‬

‫وأحكمتها‪ .‬و ِ‬
‫الحكمة هذا قياسها‪ ،‬ألنها تمنع من الجهل"(‪ ،)2‬ومنه الحكمة ضد الجهل ومنعه‪.‬‬

‫ب‪ .‬الحكمة في اإلص طالح‪ :‬يوجد العديد من التعريفات للحكمة في الص طالح منها‪" :‬الحكمة اس م‬

‫ألحكام وض ع الش ي في موض عه"(‪ .)3‬وتعرف بأنها‪" :‬معرفة الحق والعمل به واإلص ابة في‬

‫القول والعمل‪ ،‬والحكمة حكمتان‪ :‬علمية وعملية فالعلمية‪ :‬اإلطالع على بواطن األش يا ومعرفة‬

‫ارتباط األسباب بمسبباتها خلقا وأم ار وقد ار وشرعا‪ ،‬والعلمي‪ :‬هي وضع الشي في موضعه"(‪.)4‬‬

‫فالحكمة تعني العلم ووضع األشيا في مواضعها‬

‫للعامل‪:‬‬ ‫‪ .2‬التأسي‬

‫(‪ )1‬الجوهري‪ ،‬الصحاح في اللغة‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.141‬‬


‫اللغة‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار الفكر‪1979 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.91‬‬ ‫(‪ )2‬إبن فار ‪ ،‬أبو الحسين‪ ،‬معجم مقايي‬
‫(‪ )3‬الهروي‪ ،‬عبد اهلل األنصاري‪ ،‬منازل السائرين‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1988 ،‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.78‬‬
‫(‪ )4‬إبن قيم الجوزية‪ ،‬محمد‪ ،‬مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد واياك نستعين‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب العربي‪1973 ،‬م‪ ،‬ج‪،2‬‬
‫ص‪.478‬‬
‫‪33‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫هناك العديد من النص وص القرآنية الدالة على الحكمة منها اآلتي‪ :‬قال تعالى‪ْ  :‬ادعُ إِ ََل‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ك بِاكِم ِ ِ ِ‬
‫ل َّ َع ْن‬ ‫ك ُه َو أ َْعمَ ُم َِمَ ْن َ‬ ‫ْة َواملَْوعةَ اكَ َس ةَ َو َجاد ُُْ ْم بِالَِّ ه َ أ ْ‬
‫َس َس ُن إِ َّن َربَّ َ‬ ‫َ‬ ‫َس يِِ ِ َربِّ َ‬
‫ين‪ ،‬سورة النحل‪ ،‬اآلية‪.125 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫َسيِمه َوُه َو أ َْعمَ ُم باملُْهتَد َ‬
‫وفي تفس ير ظالل القرآن‪ ،‬نجد أن المقص ود بالحكمة‪" :‬الدعوة بالحكمة‪ ،‬والنظر في أحوال‬

‫المخاطبين وظروفهم‪ ،‬والقدر الذي يبينه لهم في كل مرة‪ ،‬حتى ال يثقل عليهم وال يش ق بالتكاليف‬

‫ب‬ ‫له ا‪ ،‬والطريق ة التي يخ اطبهم به ا‪ ،‬والتنويع في ه ذه الطريق ة حس‬ ‫قب ل اس تع داد النفو‬

‫مقتضياتها"(‪.)1‬‬

‫وهنا يجب على الشخص الكاشف لذاته أن يمتلك الحكمة‪ ،‬بحيث يقدر المعلومات التي يمكن‬

‫الكش ف عنها‪ ،‬فال يس تطيع اإلنس ان كش ف حقائق قد تض عف عالقاته مع اآلخر أو تس تخدم ض د‬

‫مص لحته‪ ،‬كما س لف ذكره عن الجانب الس لبي لكش ف الذات‪ ،‬وأن تكون لديه حكمة اختيار‬

‫األشخاص المراد الكشف أمامهم‪ ،‬ويكون المتلقي لهذه المعلومات محل ثقة‪.‬‬

‫العامل الرابع‪ :‬التعاون‬

‫‪ .1‬المقصود بالعامل‪:‬‬

‫أ‪ .‬التعاون لغة‪ :‬من مادة (عون)‪ ،‬أعانه على الش ي س اعده عاونه معاونة وعوانا أعانه‪،‬‬

‫تعاون القوم عاون بعض هم بعض ا‪ ،‬اس تعان فالن فالنا وبه طلب منه العون‪ ،‬العون المعين من كل‬

‫شي (للمفرد وغيره مذك ار أو مؤنثا)(‪.)2‬‬

‫فالتعاون يعني المساعدة بين النا ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سيد قطب‪ ،‬أبراهيم‪ ،‬تفسير في ظالل القرآن‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.2202‬‬
‫(‪ )2‬مصطفى‪ ،‬إبراهيم وآخرون‪ ،‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.638‬‬
‫‪34‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ب‪ .‬التعاون في اإلص طالح‪ :‬يوجد العديد من التعريفات للتعاون في اإلص طالح منها‪:‬‬

‫"اش تراك مجموعة من األفراد فيما بينهم وتآزرهم إلتقان عمل ما"(‪ ،)1‬ويعرف بأنه‪" :‬مس اعدة اآلخرين‬

‫في اتمام حاجاتهم وايثار مص لحة اآلخرين على المص لحة الش خص ية"(‪ .)2‬وعليه فالتعاون يعني‬

‫التآزر والمساعدة بين شخصين أو أكثر ابتغا تحقيق مصلحة معينة أو قضا حاجة‪.‬‬

‫للعامل‪:‬‬ ‫‪ .2‬التأسي‬

‫وص القرآنية الدالة على التعاون منها اآلتي‪ :‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬وتَ ََع َاونُوا‬ ‫هناك العديد من النص‬

‫﴾ س ورة المائدة‪ ،‬اآلية‪ .2 :‬وفي تفس ير اآلية‪:‬‬ ‫َعمَى الِْ ِِّب َوالتَّ ْق َو ٰى َوََل تَ ََع َاونُوا َعمَى اِْْل ِْْث َوالَْعُ ْد َو ِان‬

‫"هو أمر لكل جماعة أن تتعاون على الخير‪ ،‬وهذه مناسبة ألقول لكل جماعة‪ :‬تعاونوا معا بشرط أال‬

‫تجعلوا لجمعياتكم نشاطا ينسب إلى غير دينكم"(‪.)3‬‬

‫هنا يجب على الش خص الكاش ف والمتلقي أن يتعاونا من أجل تحقيق المص لحة اإليجابية‬

‫التي يقتضيها الكشف‪ ،‬فبالتعاون تكون نتيجة كشف الذات نتيجة إيجابية‪.‬‬

‫(‪ )3‬موقع انترنت‪ ،/https://weziwezi.com ،‬تمت مشاهدته ‪ ،5/5‬الساعة ‪.8:55‬‬


‫(‪ )1‬موقع انترنت‪ ،https://weziwezi.com ،‬تمت مشاهدته ‪ ،5/5‬الساعة ‪8،57‬‬
‫(‪ )2‬الشعراوي‪ ،‬تفسير الشعراوي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.2009‬‬
‫‪35‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫رسم توضيحي (‪ :)3‬العوامل المؤثرة بكشف الذات في ضوء التربية اإلسالمية‬

‫العوامل المؤثر في كشف الـذات في ضوء التربية‬


‫اإلسالمية‬

‫عوامل تتعلق بالمتلقي‬ ‫عوامل تتعلق بالكاشف‬

‫التعاون‬ ‫األمانـــــة‬ ‫الحكمــــة‬ ‫الصــــدق‬

‫‪36‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التوريهات األخالقية لكشف الذات‬

‫يتعلق هذا المطلب ببعس التوجيهات األخالقية للكاشف والطرف اآلخر على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬عدم التكبر‪:‬‬

‫وعرفه الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم بأنه‪( :‬ال ِكبر بطر الح ِّ‬
‫ق وغمط النا )(‪ ،)1‬فالكبر خلق‬

‫مذموم في اإلس الم ويجب عدم التحلي به‪ ،‬وتوجد العديد من النص وص في القرآن الكريم والس نة‬

‫النبوية المطهرة التي تذم هذا الخلق منها اآلتي‪:‬‬

‫ض بِغَ ِْْي ْ‬
‫اكَ ِِّّ‬ ‫ين يَتَ َميَّ ُرو َن ِِف اِْل َْر ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َص ِر ُ‬
‫﴾ سورة األعراف‪،‬‬ ‫ف َع ْن آيَاِتَ الذ َ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬سأ ْ‬ ‫‪.1‬‬

‫اآلية‪.146 :‬‬

‫وجا في تفس ير هذه اآلية‪" :‬س أص ِرف عن آياتِي”‪ ،‬أي‪ :‬عن االعتبار في اآليات األفقية‬

‫والنفس ية‪ ،‬والفهم آليات الكتاب ِالَِّذين يتكبَّرون ِفي األر ِ‬


‫س بِغي ِر الح ِّ‬
‫ق أي‪ :‬يتكبرون على عباد الله‬

‫وعلى الحق‪ ،‬وعلى من جا به‪ ،‬فمن كان بهذه الص فة‪ ،‬حرمه الله خي ار كثي ار وخذله‪ ،‬ولم يفقه من‬

‫آيات الله ما ينتفع به‪ ،‬بل ربما انقلبت عليه الحقائق‪ ،‬واستحسن القبيح"(‪.)2‬‬

‫‪ .2‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪( :‬عبِد اللَّ ِه ب ِن مسعود ع ِن َّ‬


‫النبِ ِّى ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬قال ال‬

‫يدخل الجَّنة من كان ِفى قلبِ ِه ِمثقال ذ َّرة ِمن ِكبر)(‪ ،)3‬وجا في تفس ير هذا الحديث‪" :‬هذا‬

‫النا ‪ ،‬واحتِ قارهم‪،‬‬


‫النه ِي عن ال ِكب ِر المعروف وهو ِاالرتِ فاع على َّ‬
‫ال حِد يث ورد ِفي ِس ياق َّ‬

‫ودفع الح ِّ‬


‫ق"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬باب تحريم الكبر وبيانه‪ ،‬ح‪ ،275‬ج‪ ،1‬ص‪.65‬‬
‫(‪ )2‬السعدي‪ ،‬تفسير السعدي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.302‬‬
‫(‪ )3‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬باب تحريم الكبر وبيانه‪ ،‬ح ‪ ،274‬ج‪ ،1‬ص‪.65‬‬
‫(‪ )4‬النووي‪ ،‬أبو زكريا‪ ،‬الديباج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار احيا التراث العربي‪ ،‬ط‪1392 ،2‬ه‪ ،‬ج‪،1‬‬
‫ص‪.194‬‬
‫‪37‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫والمقص ود هنا أن على الكاش ف أن ال يقص د من عملية كش ف التكبر على اآلخرين‪ ،‬فعليه أن ال‬

‫يتحلى بهذا الخلق المذموم سوا في عملية الكشف أو في حياته‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلخالص‪:‬‬

‫عرفه العز بن عبد الس الم‪" :‬اإلخالص أن يفعل المكلف الطاعة خالص ة هلل وحده‪ ،‬ال يريد‬

‫وال توقي ار‪ ،‬وال جل ب نفع ديني‪ ،‬وال دفع ض رر دنيوي"(‪ ،)1‬ويقول الهروي‪:‬‬ ‫به ا تعظيم ا من الن ا‬

‫"اإلخالص تصفية العمل من كل شوب"(‪.)2‬‬

‫أي أن المقصود باإلخالص‪ :‬أن يقصد العبد بأعماله القلبية وباعمال الجوارح وجه اهلل تعالى‪.‬‬

‫وتوج د الع دي د من النص وص في القرآن الكريم والس ن ة النبوي ة المطهرة التي تتح دث عن خلق‬

‫اإلخالص منها اآلتي‪:‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫﴾ سورة البينة‪ ،‬اآلية‪.5 :‬‬ ‫ِّين‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬وَما أُم ُروا إََِّل لَِ َْعيُ ُدوا المَّهَ ُمُْمص َ‬
‫ني لَهُ الد َ‬ ‫‪.1‬‬

‫وجا في تفس ير اآلية‪" :‬أن الدين في أص له واحد‪ ،‬وقواعده بس يطة واض حة‪ ،‬ال تدعو إلى التفرق‬

‫واالختالف في ذاتها وطبيعتها البس يطة اليس يرة"‪« :‬وما أ ِمروا إِ َّال لِيعبدوا اللَّه مخلِ ِ‬
‫ص ين له ِّ‬
‫الدين‬

‫الزكاة‪ ،‬وذلِك ِدين القيِّم ِة"(‪.)3‬‬


‫حنفا ‪ ،‬وي ِقيموا الصَّالة ويؤتوا َّ‬

‫بن مالك عن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم قال‪ :‬نظر اهلل عبدا س مع مقالتي‬ ‫‪ .2‬و"عن أن‬

‫هذه فحملها فرب حامل الفقه فيه غير فقيه ورب حامل الفقه إلى من هو أفقه منه‪ ،‬ثالث ال‬

‫األشقر‪ ،‬عمر سليمان‪ ،‬مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين‪ ،‬الكويت‪ ،‬مكتبة الفالح‪ ،‬ط‪1981 ،1‬م‪ ،‬ص‪.358‬‬ ‫( ‪)1‬‬
‫(‪ )2‬القحطاني‪ ،‬س عيد بن علي‪ ،‬نور اإلخالص وظلمات إرادة الدنيا بعمل اآلخرة في ض و الكتاب والس نة‪ ،‬الرياس‪ ،‬مطبعة‬
‫السفير‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )3‬قطب‪ ،‬في ظالل القرآن‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.3948‬‬
‫‪38‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫يغل عليهن ص در مس لم‪ :‬إخالص العمل هلل عز وجل‪ ،‬ومناص حة أولي األمر‪ ،‬ولزوم‬

‫جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم"(‪.)1‬‬

‫وفي تفس ير الحديث‪" :‬قوله إخالص العمل هلل معنى اإلخالص‪ :‬أن يقص د بالعمل وجهه‬

‫ورضاه فقط دون غرس آخر دنيوي أو اخرون؛ كنعم الجنة ولذاتها أو ال يكون له غرس دنيوي من‬

‫س معة ورياء‪ ،‬فاألول اخالص الخاص ة والثاني اخالص العامة‪ ،‬وقال الفض يل بن عياس العمل‬

‫لغير اهلل ش رك وترك العمل لغير اهلل ريا ‪ ،‬واإلخالص أن يخلص ك اهلل منهما والنص يحة وهي إرادة‬

‫الخير للمسلمين أي كافتهم ولزوم جماعتهم أي موافقة المسلمين في االعتقاد"(‪.)2‬‬

‫وهنا يجب على المتلقي أن يكون مخلصا للكاشف في حفظه ألس ارره من جهة وعلى الكاشف‬

‫أن يخلص في عملية كشف الذات فال يقصد بها ريا النا ‪.‬‬

‫‪ .3‬عدم العرب‪:‬‬

‫بالتميز واالفتخار بالنف ‪ ،‬والفرح بأحوالها وبما يص در عنها‬ ‫يعرف العجب‪ :‬بأنه اإلحس ا‬

‫من أقوال أو أفعال‪ ،‬محمودة أو مذمومة(‪.)3‬‬

‫وتعظيمها واالفتخار بكل مايص در عنها‪ ،‬وهذا الخلق خلق‬ ‫فالعجب هو اإلعجاب بالنف‬

‫مذموم في اإلسالم‪ ،‬ويوجد العديد من النصوص في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة التي تحذر‬

‫من هذا الخلق وتذمه ومنها‪:‬‬

‫(‪ )1‬إبن حنبل‪ ،‬أحمد‪ ،‬مس ند احمد بن حنبل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مؤس س ة قرطبة‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ح‪ ،13374‬ج‪ ،3‬ص‪ ،225‬ص حيح لغيره وهذا‬
‫إسناد حسن‪.‬‬
‫(‪ )2‬إبن ماجه‪ ،‬وآخرون‪ ،‬شرح سنن إبن ماجة‪ ،‬كراتشي‪ ،‬قديي كتب خانة‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.21‬‬
‫(‪ )3‬نوح‪ ،‬محمد‪ ،‬آفات على الطريق‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الوفا للطباعة والتوزيع والنشر‪ ،‬ط‪2012 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.77‬‬
‫‪39‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫اتَّ َق ٰى﴾ سورة النجم‪ ،‬اآلية‪ .32 :‬أي‪:‬‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬فَ ََل تَُزُّكوا أَن ُف َس ُم ْم ُه َو أ َْعمَ ُم َِمَ ِن‬ ‫‪.1‬‬

‫بطهارتها على وجه التمدح"(‪.)1‬‬ ‫"تخبرون النا‬

‫‪ .2‬ع ِن اب ِن عبَّا ‪ ،‬قال‪ :‬قال رس ول ِ‬


‫اهلل ص لَّى اللَّه علي ِه وس لَّم‪ :‬المهلِكات ثالث‪ :‬إِعجاب المرِ‬

‫بِنف ِس ِه‪ ،‬وش ح مطاع‪ ،‬وهوى متَّبِع (‪ .)2‬وجا في تفس ير هذا الحديث أن "إعجاب المر بنفسه‬

‫وتمقتهم وال تمقت‬ ‫وازد ار غيره‪ ،‬وكان يقال‪ :‬من العجب أن ترى لنفس ك الفض ل على النا‬

‫نفسك"(‪.)3‬‬

‫واإلفتخار‬ ‫وبنا على ماسبق يجب على الكاشف أن يقصد من عملية الكشف العجب بالنف‬

‫بها وتعظيمها‪.‬‬

‫‪ .4‬كتمان السر‪:‬‬

‫والمقص ود بكتمان الس ر‪ :‬عدم البوح به لآلخرين والمحافظة عليه‪ ،‬ألنه أمانة أودعها ص احبها‬

‫عند من أفض ى له بس ره‪ ،‬وهناك العديدي من النص وص في القرآن الكريم والس نة النبوية المطهرة‬

‫التي تؤكد على أهمية كتمان السر ومنها‪:‬‬

‫﴾ سورة النسا ‪ ،‬اآلية‪.58 :‬‬ ‫ات إِ َ َٰل أ َْهمِ َها‬


‫قال تعالى‪ ﴿ :‬إِ َّن المَّه يأْمرُكم أَن تُؤُّدوا ْاِلَمانَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُُ ْ َ‬ ‫‪.1‬‬

‫"ومعنى األمانة هو‪ :‬ما يكون لغيرك عندك من حقوق وأنت أمين عليها"‪.‬‬

‫(‪ )1‬السعدي‪ ،‬تفسير السعدي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.281‬‬


‫(‪ )2‬البزار‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬مسند البزار‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬ط‪1889 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،8‬ص‪.295‬‬
‫(‪ )3‬إبن بطال‪ ،‬علي بن خلف‪ ،‬شرح صحيح البخاري البن بطال‪ ،‬تحقيق ياسر إبراهيم‪ ،‬الرياس‪ ،‬مكتبة الرشد‪ ،‬ط‪2003 ،2‬م‪،‬‬
‫ج‪ ،0‬ص‪.239‬‬
‫‪40‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪( .2‬عن جابِ ِر ب ِن عبِد اللَّ ِه قال قال رسول اللَّ ِه ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ " -‬إِذا ح َّدث َّ‬
‫الرجل‬

‫بِالحِد ِ‬
‫يث ث َّم التفت ف ِهى أمانة"(‪ .)1‬وجا في تفسير الحديث "السر أمانة وحفظه واجب‪،‬‬

‫وذلك من أخالق المؤمنين"(‪.)2‬‬

‫وعل يه فكتمان الس ر أمانة يجب أن تؤدى‪ ،‬فيجب على المتلقي للمعلومات من الش خص‬

‫الكاشف أن يكون أمينا عليه وأن يكتم السر وال يفشيه‪.‬‬

‫‪ .5‬النصيحة‬

‫ويقص د بالنص يحة‪" :‬كلمة يعبَّر بها عن جملة‪ ،‬هي إرادة الخير للمنص وح له"(‪ ،)3‬فعنما تقدم‬

‫النصيحة يتوجب أن تكون تحمل الخير واإل صالح للشخص المنصوح‪ ،‬ويوجد العديد من النصوص‬

‫في القرآن الكريم التي تدل عل النصيحة وتبين مكانتها ومنها‪:‬‬


‫اْل ِْي ويأْمرو َن بِالْةَعر ِ‬
‫وف َويَْة َه ْو َن َع ِن الْ ُةة َم ِر‬ ‫ِ‬
‫َ ُْ‬ ‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬ولْتَ ُمن ِّمة ُم ْم أ َُّم ٌ يَ ْدعُو َن إ ََل َْْ َ َ ُ ُ‬ ‫‪.1‬‬

‫﴾ سورة آل عمران‪ ،‬اآلية‪.104 :‬‬ ‫ك ُه ُم الْ ُة ْفمِ ُحو َن‬


‫َوأُوٰلَئِ َ‬
‫"دليل على أن األمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب‪ ،‬وقوله‪ :‬منكم‪ :‬دليل على أنه فرس‬

‫كف اي ة ألن من للتبعيس‪ ،‬وقي ل‪ :‬إنه ا لبي ان الجن ‪ ،‬وأن المعنى‪ :‬كونوا أم ة‪ .‬وتغيير المنكر يكون‬

‫باليد وباللسان وبالقلب‪ ،‬على حسب األحوال"(‪:)4‬‬

‫ومما تقدم عرض ه نجد أن النص يحة مهمة جدا في االس الم فهي جز من األمر بالمعروف‬

‫والنهي عن المنكر وهي من الدين‪ ،‬وبنا على ذلك يتوجب على الش خص المتلقي من الكاش ف أن‬

‫يقدم النصيحة للكاشف وأن يرشده للخير‪.‬‬

‫ويمكن تصنيف هذه األخالقيات الى اخالق تخص الكاشف وهي‪ :‬عدم الكبر وعدم العجب‪ ،‬والى‬

‫أخالق تخص الطرف اآلخر(المتلقي) وهي‪ :‬اإلخالص وكتمان السر والنصيحة‪.‬‬

‫(‪ )1‬أبو داود‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬باب في نقل الحديث‪ ،‬ح‪ ،4870‬ج‪ ،4‬ص‪.418‬‬
‫(‪ )2‬إبن بطال‪ ،‬شرح صحيح البخاري البن بطال‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.63‬‬
‫(‪ )3‬الخطابي‪ ،‬أبو سليمان‪ ،‬معالم السنن‪ ،‬حلب‪ ،‬المطبعة العلمية‪ ،‬ط‪ ،1932 ،1‬ج‪ ،4‬ص‪.125‬‬
‫(‪ )4‬الغرناطي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ ،‬د‪ .‬ن‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.195.‬‬
‫‪41‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫نماذج كشف الذات في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‬

‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬نماذج كشف الذات في القرآن الكريم‬


‫­ المطلب األول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات‬

‫­ المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية‬

‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات في السنة النبوية المطهرة‬

‫­ المطلب األول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات‬

‫­ المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية‬

‫‪42‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الفصــل الثانـــي‬

‫النبوية المطهرة‬
‫ّ‬ ‫نماذج كشف الذات في القرآن الكريم والس ّنة‬

‫الحديث‪ ،‬واكتمال التص ور حول مفهومه‬ ‫بعد دراس ة كش ف الذات من وجهة نظر علم النف‬

‫ومرتكزاته في ض و التربية اإلس المية‪ ،‬يأتي هذا الفص ل لتأص يل موض وع كش ف الذات من خالل‬

‫اس تق ار نص وص القرآن الكريم واألحاديث النبوية المطهرة وفهمها‪ ،‬والربط بين كش ف الذات في علم‬

‫الحديث وبين ما تحتويه هذه النصوص‪ ،‬من خالل المنهجية اآلتية‪:‬‬ ‫النف‬

‫‪ .1‬جمع النصوص التي تحتوي على دالالت كشف الذات‪.‬‬

‫‪ .2‬تحليل هذه النصوص وفهمها‪.‬‬

‫‪ .3‬استنتاج دالالت كشف الذات ومرتكزاتها من هذه النصوص‪.‬‬

‫‪ .4‬تصنيف العالقات االجتماعية التي تنطوي عليهاهذه النصوص‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬نمـاذج كشـف الذات فـي القـرآن الكريـم‬

‫اإلنس انية‪ ،‬وقد وجه‬ ‫يؤكد القرآن الكريم على العديد من الحقائق العلمية التي تتعلق بالنف‬

‫الخطاب القرآني لإلنس ان ليتفكر في نفس ه وفي أس رار مكنونها وتكوينها‪ ،‬ومما ال ش ك فيه أن اهلل‬

‫اإلنس انية بش كل كامل‪ ،‬فهو يعلم ما لم يس تطيع علما النف‬ ‫س بحانه وتعالى هو العليم بهذه النف‬

‫أاكتش افه عبر العص ور‪ ،‬وقد وض ع لإلنس ان مفاتيح هذا العلم في القرآن الكريم‪ ،‬فالتفكر والتدبر‬

‫بش كل علمي‬ ‫اإلنس انية؛ يكش ف لنا أس رار وخبايا هذه النف‬ ‫بآيات القرآن الكريم المتعلقة بالنف‬

‫متكامل‪ ،‬ومن هنا ترى الباحثة ضرورة تأصيل موضوع كشف الذات‪ ،‬وذلك من خالل استق ار آيات‬

‫القرآن الكريم وفهمها‪ ،‬بحيث يتم وضع صورة قرآنية لكشف الذات‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المطلب األول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآلراء والمعتقدات‬

‫إن كش ف الذات يتم إما باإلفص اح عن معلومات ش خص ية أو ش به ش خص ية‪ ،‬أو يكون‬

‫باإلفص اح عن اآل ار والمعتقدات‪ ،‬وتعرس الباحثة في هذا المطلب‪ ،‬مجموعة من نماذج كش ف‬

‫الذات في القرآن الكريم التي تتعلق باإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات الشخصية‪.‬‬

‫أوالا‪ :‬حوار سيدنا نوح (عليه السالم) مع إبنه‬

‫ِ‬
‫ين‪ ‬قَ َال‬ ‫ب َم ََعةَا َوَل تَ ُم ْن َم َع ال َماف ِر َ‬‫َن ْارَك ْ‬‫وح ابْ ةَهُ َوَكا َن ِِف َم َْع ِزٍل يَا بُ ََّ‬
‫قال اهلل تعالى‪َ  :‬ونَ َادى نُ ٌ‬
‫اص َم الَِ ْوَا ِم ْن أ َْم ِر اِِ إَِل َم ْن َرِس َم َو َس َال بَِْ ةَ ُه َةا‬ ‫ص ة َِن ِمن امل ِاء قَ َال َل ع ِ‬ ‫س َ ِوي إِ ََل جي ٍ ي َع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ََ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ني‪ ‬سورة ه ود‪ ،‬اآليتان‪.43-42 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املَْو ُج فَ َما َن م َن املُْغَرق َ‬
‫يقول إبن كثير في تفس ير هذه اآلية‪" :‬هذا هو اإلبن الرابع‪ ،‬وكان كاف ار‪ ،‬دعاه أبوه عند ركوب‬
‫الس فينة أن يؤمن ويركب معهم وال يغرق مثل ما يغرق الكافرون‪ ،‬لكنه اعتقد بجهله أن الطوفان ال‬
‫جبل لنجاه ذلك من الغرق"(‪.)1‬‬ ‫الجبال‪ ،‬وأنه لو تعلق في أر‬ ‫يبل إلى رؤو‬
‫س عى س يدنا نوح عليه الس الم لهداية إبنه الكافر آلخر لحظة‪ ،‬وتبين تمس ك اإلبن برأيه‬

‫ومعتقداته البالية‪ ،‬التي تجاهل بسسبها قدرة اهلل عز وجل وغلبه كفره وطغيانه حتى اللحظة األخيرة‪.‬‬

‫ويتضح من خالل اآليات السابقة ومن تفسيرها‪ ،‬أن كشف الذات كان من قبل إبن سيدنا نوح‬

‫عليه الس الم ألبيه س يدنا نوح عليه الس الم‪ ،‬حيث أفص ح عن اعتقاده بأن الطوفان لن يبل أر‬

‫الجبل الذي احتمى به‪ ،‬وهذا االعتقاد نابع عن عقيدته الكافرة باهلل عز وجل وبقدرته سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫كما تض من كش ف ذات من قبل س يدنا نوح عليه الس الم إلبنه‪ ،‬حيث أفص ح عن رأيه ورغبته‬

‫بانض مام إبنه إليه والتراجع عن كفره‪ ،‬وهذه الرغبة نابعة من يقين س يدنا نوح عليه الس الم واعتقاده‬

‫الجازم بأنه ال نجاة للكافرين من عذاب اهلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬إبن كثير‪ ،‬أبو الفدا إس ماعيل‪ ،‬تفس ير القرآن العظيم‪ ،‬تحقيق س امي س المة‪ ،‬د‪.‬م‪ ،‬دار طيبة للنش ر والتوزيع‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪1999‬م‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.323‬‬
‫‪44‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫يوض ح الحوار أن كش ف الذات هنا‪ ،‬عبارة عن عملية تفاعلية حدثت بين طرفين‪ :‬الش خص‬

‫الكاش ف س يدنا نوح‪ ،‬والمتلقي إبن س يدنا نوح‪ ،‬ثم بادله الكش ف فأص بح الش خص الكاش ف إبن س يدنا‬

‫نوح عليه السالم‪ ،‬والشخص المتلقي سيدنا نوح عليه السالم‪ ،‬وتم اإلفصاح بالتصريح القولي‪ ،‬فسيدنا‬

‫نوح أفص ح عن رغبته بانض مام إبنه له وتركه الكافرين‪ ،‬وابن س يدنا نوح أفص ح عن اعتقاده بالنجاه‬

‫من الطوفان‪ ،‬وعبر هذا اإلفصاح عما يجول في خواطرهم من معتقدات‪ ،‬كما تتضح مرتكزات كشف‬

‫الذات في هذا الحوار‪ ،‬حيث ص دق س يدنا نوح مع إبنه واعطاه رأيه بكل حكمة وأمانة‪ ،‬ولكنه لم‬

‫يتعاون‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا بأنه أسري‪ ،‬ألنه دار بين اإلبن واألب‪.‬‬

‫ثانيـا‪ :‬حـوار سيدنـا إبراهيـم (عليه السالم) مع أبيـه‬

‫قال اهلل تعالى‪ :‬إِ ْذ قَ َال ِِلَبِ ِِه يا أَب ِ ِ‬


‫ك َشِْئاا ‪ ‬يَا‬ ‫ت ِلَ تَ َْعيُ ُد َما ََل يَ ْس َة ُع َوََل يُْي ِص ُر َوََل يُ ْغ َِن َعْة َ‬ ‫َ َ‬
‫ت ََل تَ َْعيُ ِد‬‫ك فَاتَّيَِع َِن أَه ِد َك ِص را اا س ِويا ‪ ‬يا أَب ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أَبَت إِ ِِّّن قَ ْد َجاءَِِّن م َن الَْع ْم ِم َما َِلْ يَأْت َ ْ ْ‬
‫ِ‬

‫اِ ِم َن َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الر ْصَ ِن‬ ‫ك َع َذ ٌ‬ ‫اف أَ ْن َيََ َّس َ‬ ‫َخ ُ‬‫الش ََِْا َن َكا َن ل َّمر ْصَ ِن َعص ِا ‪ ‬يَا أَبَت إِ ِِّّن أ َ‬ ‫الش ََِْا َن إِ َّن َّ‬
‫َّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَتَ ُمو َن لِ َّ‬
‫ِم لَئِ ْن َِلْ تَ ْةتَ ِه َِل َْر َُُة َ‬
‫َّك َو ْاه ُُ ْرِِّن‬ ‫ت َع ْن آَُِ يَا إبْ َراه ُ‬ ‫ب أَنْ َ‬
‫ِ‬
‫مش ََِْان َولِا ‪ ‬قَ َال أ ََراغ ٌ‬
‫َممِِا‪ ‬سورة مريم‪ ،‬اآليات‪.46-42 :‬‬
‫ويفس ر القرطبي هذه اآليات قائال‪(" :‬إِذ قال ِألبِ ِ‬
‫يه) وهو آزر؛ ألي ش ي تعبد األص نام‪ ،‬وقد‬

‫جا ني من اليقين والمعرفة باهلل وما يكون بعد الموت‪ ،‬وأن من ع بد غير اهلل عذب إلى ما أدعوك‬

‫إليه‪ .‬واني أرش دك إلى دين مس تقيم فيه النجاة‪( .‬يا أب ِت ال تعبِد َّ‬
‫الش يطان)‪ :‬أي ال تطعه فيما يأمرك‬

‫فيمس ك‬
‫ُّ‬ ‫به من الكفر‪ ،‬ومن أطاع ش يئا في معص ية فقد عبده‪ ،‬إني أخاف أن تموت على كفرك‬

‫اغب أنت عن آلِهتِي يا إِبر ِ‬


‫اهيم)‪ :‬أي‬ ‫طان ولِيا)‪ :‬أي قرينا في النار‪( .‬قال أر ِ‬ ‫العذاب‪( .‬فتكون لِ َّ‬
‫لش ي ِ‬

‫أترغب عنها إلى غيرها‪( .‬لئِن لم تن ت ِه ألرجمَّنك) يعني بالحجارة‪( .‬واهجرنِي ملِ يا)‪ ،‬قال إبن عبا ‪:‬‬

‫أي اعتزلني سالم العرس ال يصيبنك مني معرة‪ ،‬ملِيا‪ ،‬ده ار طويال"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬القرطبي‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬تفس ير القرطبي ‪ ،‬تحقيق أحمد طفيش‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتب المص رية‪ ،‬ط‪1964 ،2‬م‪ ،‬ج‪،11‬‬
‫ص‪.111‬‬
‫‪45‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫يتض ح س عي س يدنا إبراهيم ومحاولته بإقناع أبيه باإليمان باهلل تعالى وترك عبادة األص نام‪،‬‬

‫وبيان عواقب كفره وعباد ته لذص نام‪ ،‬إال أن ظالم ال باطل أعمى نور الحق في عينيه وتبع ل أريه‬

‫واعتقاداته‪.‬‬

‫ويتض ح من اآلية وتفس يرها‪ :‬أن كش ف الذات كان من قبل س يدنا إبراهيم عليه الس الم ألبيه‪،‬‬

‫حيث أفص ح عن رأيه واعتقادة الجازم ببطالن عبادة والده‪ ،‬وأنها اتباع للش يطان ولن تعود عليه إال‬

‫بالعذاب الش ديد‪ ،‬ثم بادله والده بالكش ف حيث أفص ح لس يدنا إبراهيم عليه الس الم عن أريه بما يدعوه‬

‫إليه س يدنا إبراهيم بالرفس وعدم التعاون‪ ،‬وذلك بس ب عقيدته الكافرة‪ ،‬وأفص ح له عن عواقب عدم‬

‫أنتهائه عما يدعوه إليه‪.‬‬

‫يوض ح الحوار أن كش ف الذات عملية تفاعلية حدثت بين طرفين؛ الش خص الكاش ف هو‬

‫سيدنا إبراهيم عليه السالم والمتلقي هو أبو سيدنا إبراهيم‪ ،‬ثم بادله أبوه الكشف فأصبح هو الكاشف‬

‫والمتلقي س يدنا إبراهيم‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي‪ ،‬فس يدنا إبراهيم أفص ح عن رأيه واعتقاده‬

‫بعبادة أبيه‪ ،‬وأفص ح والده عن رأيه بما دعاه له س يدنا إبراهيم‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عما يجول في‬

‫دواخلهم من معتقدات‪ ،‬كما تتض ح مرتكزات كش ف الذات هنا حيث ص دق س يدنا إبراهيم في دعوته‬

‫ألبيه واعطاه أريه بكل حكمة وأمانة‪ ،‬ولكن والده لم يتعاون‪ ،‬ويص نف كش ف الذات هنا‪ ،‬بأنه أس ري‬

‫ألنه دار بين األب وابنه‪.‬‬

‫ثالثــا‪ :‬حـوار سيدنـا لــوط (عليه السالم) مع قومـه‬

‫ات قَ َال يَا قَ ْوِا َه ُؤََل ِء‬


‫الس ِِّئ ِ‬
‫قال اهلل تعالى‪َ  :‬و َجاءَهُ قَ ْوُمهُ يُ ْهَرعُو َن إِلَِْ ِه َوِم ْن قَ ْي ُ َكانُوا يَ َْع َةمُو َن َّ َ‬
‫َ ِمْة ُم ْم َر ُج ٌ َرِش ِ ٌد ‪ ‬قَالُوا لََق ْد‬ ‫ِ‬ ‫ب ةَ ِاِت ه َّن أَ ْهر لَ ُمم فَاتَّ ُقوا المَّه وََل ُُتْز ِ‬
‫ل ِْف أَلَِْ َ‬ ‫ون ِِف َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫َ ُ َُ ْ‬
‫ِ‬
‫يد‪ ‬سورة هود‪ ،‬اآليتان‪.79-78 :‬‬ ‫ك ِم ْن َس ٍِّّ َوإِن َ‬
‫َّك لَتَ َْعمَ ُم َما نُِر ُ‬ ‫ت َما لَةَا ِِف بَةَاتِ َ‬
‫َعم ْة َ‬

‫‪46‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫وفي تفس ير البغوي لهذه اآلية‪ }" :‬أي جا وا يس رعون إليه و ِمن قبل أي‪ :‬من قبل مجيئهم‬

‫الس يِّئ ِ‬
‫ات كانوا يأتون الرجال في أدبارهم‪ ِ .‬قال لهم لوط حين قص دوا‬ ‫إلى لوط‪ ِ ،‬كانوا يعملون َّ‬

‫أض يافه وظنوا أنهم غلمان‪ ِ ،‬يا قوِم هؤال ِ بناتِي ه َّن أطهر لكم يعني‪ :‬بالتزويج‪ ِ ،‬هؤال ِ بناتِي‬

‫أراد‪ :‬نسا هم‪ ،‬وأضاف إلى نفسه ألن كل نبي أبو أمته‪ .‬ال تسو وني وال تفضحوني في أضيافي‪ِ .‬‬

‫ِمنكم رجل رِش يد ص الح س ديد‪ .‬ما لنا فيهن من حاجة وش هوة‪ ِ .‬وِاَّنك لتعلم ما ن ِريد من‬ ‫ألي‬

‫إتيان الرجال"(‪.)1‬‬

‫يتضح عدم تعاون بل إصرار قوم سيدنا لوط على ارتكاب الفاحشة رغم دعوة سيدنا لوط لهم‬

‫لتركها والرجوع عن كفرهم ومعص يتهم‪ ،‬إال أنهم تمس كوا برأيهم‪ ،‬ولم يكتفوا بإتيان المعاص ي بل‬

‫جاهروا بها‪ ،‬مع أن سيدنا لوط عرس عليهم أن يزوجهم بناته‪ ،‬إال أن معصيتهم وغرائزهم الحيوانية‪،‬‬

‫جعلتهم يتركون ما أحله اهلل لهم والذي يلبي الغريزة الطبيعية للبشر‪ ،‬ويقدمون عل الفاحشة‪.‬‬

‫أما كش ف الذات في هذه اآلية؛ فهو من النوع الجماعي‪ ،‬وكما س لف ذكره س ابقا؛ فإن كش ف‬

‫الذات يمكن أن يكون في جماعات‪ ،‬فقد تم من قبل قوم سيدنا لوط عليه السالم إلى سيدنا لوط عليه‬

‫السالم‪ ،‬حيث أفصحوا عن أريهم بضيف سيدنا لوط‪ ،‬وأفصحوا عن أريهم بالزواج ببناته عليه السالم‬

‫وبادلهم سيدنا لوط الكشف فاعطاهم رأيه في أن يتزوجوا بناته بدل من ارتكابهم الفاحشه‪.‬‬

‫يوض ح الحوار أن كش ف الذات هنا عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش فون هم قوم س يدنا لوط‪،‬‬

‫والمتلقي وهو س يدنا لوط عليه الس الم‪ ،‬ثم بادلهم س يدنا لوط الكش ف فأص بح هو الكاش ف والمتلقون‬

‫هم قومه‪ ،‬وتم اإلفصاح بالتصريح القولي‪ ،‬فقومه أفصحوا عن آراهم بضيف سيدنا لوط عليه السالم‬

‫والزواج ببناته‪ ،‬وس يدنا لوط أفص ح عن رأيه بتزويجهم بناته وتطهيرهم من الفاحش ة‪ ،‬وعبر اإلفص اح‬

‫(‪ )1‬البغوي‪ ،‬أبو محمد الحس ين‪ ،‬معالم التنزيل‪ ،‬تحقيق س ليمان الحرش‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار طيبة للنش ر والتوزيع‪ ،‬ط‪1997 ،4‬م‪ ،‬ج‪،4‬‬
‫ص‪.192‬‬
‫‪47‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫عما يجول في خواطرهم من معتقدات كما عبر عن ما يش عر به قومه وميولهم المنحرفة‪ ،‬وتتض ح‬

‫مرتكزات كش ف الذات هنا حيث ص دق س يدنا لوط مع قومه‪ ،‬ونقل لهم أريه بكل حكمة وأمانة‪،‬‬

‫ولكنهم لم يتعاونوا معه‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا بأنه ضمن العالقات العامة‪.‬‬

‫رابعــ ا‪ :‬حـوار أخـوة سيدنـا يوسـف (عليه السالم)‬

‫ل ََل ٍل ُميِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ني‬ ‫ص يَ ٌ إِ َّن أَبَانَا لَف َ‬ ‫ب إِ ََل أَبِِةَا مةَّا َوَُْ ُن عُ ْ‬
‫َس ُّ‬
‫َخوهُ أ َ‬
‫َ َوأ ُ‬‫وس ُ‬
‫قال اهلل تعالى‪ :‬قَالُوا لَُِ ُ‬
‫ني ‪‬‬ ‫‪ ‬اقْ تُمُوا يوس َ أَ ِو ا ْرسوه أَرل ا َمْ لَ ُمم وجه أَبِِ ُمم وتَ ُمونُوا ِمن ب َع ِدهِ قَوما ِِ‬
‫ص اك َ‬ ‫ْ َْ ْا َ‬ ‫َُ ُ ْ ا ُ ْ َُْ ْ َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ِِ‬ ‫اْل ِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫السَِّ َارةِ إِ ْن ُكْةتُ ْم فَاعم َ‬
‫ني‪‬‬ ‫ض َّ‬‫ب يَ ْمتَقَْهُ بَ َْع ُ‬ ‫َ َوأَلْ ُقوهُ ِِف َغَِابَت ُْ‬ ‫وس َ‬
‫قَ َال قَائ ٌ مْة ُه ْم ََل تَ ْقتُمُوا يُ ُ‬
‫سورة يوسف‪ ،‬اآليات‪.10-8 :‬‬

‫وفي تفسير السعدي لآلية يقول‪ } " :‬إِذ قالوا فيما بينهم‪ ِ :‬ليوسف وأخوه أي‪ :‬شقيقه‪ ،‬واال‬

‫ب إِلى أبِينا ِمَّنا ونحن عص بة أي‪ :‬جماعة‪ ،‬فكيف يفض لهما علينا بالمحبة‬
‫فكلهم إخوة‪ ِ .‬أح ُّ‬

‫والش فقة‪ ِ ،‬إِ َّن أبانا ل ِفي ض الل مبِين أي‪ :‬لفي خطأ بيِّن‪ ،‬حيث فض لهما علينا من غير موجب‬

‫نراه‪ ،‬وال أمر نش اهده‪ ِ.‬اقتلوا يوس ف أ ِو اطرحوه أرض ا أي‪ :‬غيبوه عن أبيه في أرس بعيدة ال‬

‫يتمكن من رؤيته فيها"‪ " .‬فإنكم إذا فعلتم أحد هذين األمرين ِ ي خل لكم وجه أبِيكم أي‪ :‬يتفرا لكم‪،‬‬

‫ويقبل عليكم بالش فقة والمحبة ِ وتكونوا ِمن بعِد ِه أي‪ :‬من بعد هذا الص نيع ِ قوما ص الِ ِحين أي‪:‬‬

‫تتوبون إلى اهلل‪ ،‬وتس تغفرون من بعد ذنبكم‪ ِ .‬قال قائِل من إخوة يوس ف الذين أرادوا قتله أو‬

‫تبعيده‪ ِ :‬ال تقتلوا يوسف فإن قتله أعظم إثما وأشنع‪ ،‬والمقصود يحصل بتبعيده عن أبيه من غير‬

‫قتل‪ ،‬ولكن توص لوا إلى تبعيده بأن تلقوه ِ ِفي غياب ِت الج ِّ‬
‫ب وتتوعدوه على أنه ال يخبر بش أنكم‪،‬‬

‫بل على أنه عبد مملوك‪ ،‬ألجل أن ِ يلت ِقطه بعس َّ‬
‫الس يَّارِة الذين يريدون مكانا بعيدا‪ ،‬فيحتفظون‬

‫فيه"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬السعدي‪ ،‬تفسير السعدي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.394‬‬


‫‪48‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ويتبين غيرة أخوة س يدنا يوس ف عليه الس الم منه وحس دهم له على محبة أبيه‪ ،‬وس عيهم‬

‫إلبعاده عن أبيه بأي وس يلة‪ ،‬وتبين تش اورهم فيما بينهم إليجاد الطريقة األنس ب إلبعاد س يدنا يوس ف‬

‫عليه الس الم عن أبيه‪ ،‬وكل واحد منهم يبدي أريه حتى اس تقروا على إلقائه في غيابة الجب‪ ،‬ليص بح‬

‫عبدا عند من يجده من أصحاب القوافل‪.‬‬

‫وكش ف الذات في هذه اآلية يدور بش كل متبادل بين إخوة س يدنا يوس ف عليه الس الم‪ ،‬فكل‬

‫منهم يفصح أريه في المسألة‪ ،‬وهو من كشف الذات الجماعي‪ .‬ويوضح الحوار أن كشف الذات هنا‬

‫عملية تفاعلية بين مجموعة من األطراف‪ ،‬الكاش فون هم أخوة س يدنا يوس ف عليه الس الم‪ ،‬والمتلقون‬

‫هم أيض ا‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن آ ارئهم في كيفية التخلص من س يدنا يوس ف عليه‬

‫الس الم‪ ،‬وعبر اإلفص اح عما يجول في خواطرهم من مش اعر الكره وعن ميولهم‪ ،‬ويتض ح وجود‬

‫تكز الص دق والتعاون على االثم فهم فعلوا ما قالوا‪ ،‬ويص نف كش ف الذات هنا بأنه أس ري فقد تم‬
‫مر ا‬

‫بين األخوة‪.‬‬

‫خامسـ ا‪ :‬حـوار قــارون مع قومـه‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫وس ى فَيَ غَى َعمَِْ ِه ْم َوآتَ ِْ ةَاهُ م َن الْ ُمةُوِف َما إِ َّن َم َفاِتَهُ‬ ‫ِ‬
‫قال اهلل تعالى‪ :‬إ َّن قَ ُارو َن َكا َن م ْن قَ ْوا ُم َ‬
‫ِ‬ ‫لَتَ ةُوء بِالَْعص ي ِ أُوِِل الْ ُق َّوةِ إِ ْذ قَ َال لَه قَومه ََل تَ ْفرح إِ َّن المَّه ََل ُُِي ُّ ِ‬
‫اك‬
‫ِةا آتَ َ‬ ‫ني ‪َ ‬وابْتَ ِغ ف َ‬ ‫ب الْ َف ِرس َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُُْ َ ْ‬ ‫ُ ُْ َ‬
‫ك َوََل تَ ْي ِغ الْ َف َس َاد ِِف‬ ‫َس َس َن المَّهُ إِلَِْ َ‬ ‫ك ِمن الدُّنِْا وأ ِ‬ ‫المَّه الدَّار ْاْل ِخرةَ وََل تَ ْة ِ‬
‫َسس ْن َك َةا أ ْ‬ ‫َ نَص ِيَ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ‬
‫ين ‪ ‬قَ َال إََِّّنَا أُوتِِتُهُ َعمَى ِع ْم ٍم ِعْة ِدي أ ََوَِلْ يَ َْعمَ ْم أ َّ‬
‫َن المَّهَ قَ ْد‬ ‫ِ ِ‬
‫ب الْ ُة ْفس د َ‬ ‫ض إِ َّن المَّهَ ََل ُُِي ُّ‬
‫ْاِل َْر ِ‬
‫َش ُّد ِمْةهُ قُ َّواة َوأَ ْكَ ُر َُْ اَعا َوََل يُ ْس أ َُل َع ْن ذُنُوِِ ُم الْ ُة ُْ ِرُمو َن‪‬‬ ‫ك ِمن قَيمِ ِه ِمن الْ ُقر ِ‬
‫ون َم ْن ُه َو أ َ‬ ‫أ َْهمَ َ ْ ْ َ ُ‬
‫سورة القصص‪ ،‬اآليات‪.78-76 :‬‬
‫العلو‪ ِ ،‬وآتيناه ِمن الكن ِ‬
‫وز ما إِ َّن‬ ‫بالكبر و ِ‬
‫ِ‬ ‫وفي تفس ير البغوي لهذه اآليات يقول‪" :‬بغى عليهم‬

‫مفاتِحه ‪ ،‬هي جمع مفتاح وهو الذي يفتح به الباب‪ ،‬وقيل‪ :‬مفاتحه‪ :‬خزائنه‪ ِ،‬لتنو بِالعص ب ِة أولِي‬

‫الق َّوِة أي‪ :‬لتث ِقلهم‪ ،‬وتميل بهم إذا حملوها لثقلها‪ ِ ،‬ال تفرح ال تبطر وال تأشر وال تمرح‪ ِ ،‬إِ َّن اللَّه‬

‫‪49‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ِ‬
‫األش رين البطرين الذين ال يش كرون اهلل على ما أعطاهم‪ .‬اطلب فيما أعطاك‬ ‫ال ي ِحب‪ ،‬الف ِرِحين‬

‫اهلل من األموال والنعمة والجنة‪ ،‬وهو أن تقوم بش كر اهلل فيما أنعم عليك وتنفقه في رض ا اهلل تعالى‪،‬‬

‫ال تترك أن تعم ل في ال دني ا لآلخرة حتى تنجو من الع ذاب‪ ِ ،‬إَِّنم ا أوتِيت ه على ِعلم ِعن ِدي أي‪:‬‬

‫على فض ل وخير علمه اهلل عندي فرآني أهال لذلك‪ ،‬ففض لني بهذا المال عليكم كما فض لني‬

‫بغيره"(‪.)1‬‬

‫إن قارون من قوم موس ى كان يتكبر عليهم ويعلو ويبغي‪ ،‬لث ار ه الفاحش وكثرة كنوزه وأمواله‪،‬‬

‫وكان يتبطر ويمرح وال يش كر اهلل على ما أعطاه‪ ،‬فنص حه قومه أن يش كر اهلل على نعمته عليه‪،‬‬

‫ويعمل في دنياه من أجل آخرته‪ ،‬فما كان منه إال أن زاد باس تكباره‪ ،‬ويخبرهم بأن اهلل أعطاه هذه‬

‫الكنوز العظيمه؛ أعطاها اهلل له لعلم وخير عنده‪ ،‬وميزه به عليهم‪.‬‬

‫وكش ف الذات من قبل قوم قارون لقارون‪ ،‬حيث بينوا له أريهم واعتقادهم بما يتوجب عليه من‬

‫ترك التبطر على النعم ة والتع الي والتكبر‪ ،‬وأن علي ه ش كر اهلل والعم ل في ال دني ا من أج ل الفوز‬

‫باآلخرة‪ ،‬ثم بادلهم الكش ف بمعتقداته الكافره وجبروته الذي أعمى بص يرته عن الحق‪ ،‬والظلم‬

‫والكبريا الذي أنساه شكر اهلل على نعمه‪.‬‬

‫ويوضح الحوار أن كشف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاشفون هم قوم قارون والمتلقي‬

‫هو قارون‪ ،‬ثم بادلهم الكش ف فأص بح الكاش ف هو قارون‪ ،‬والمتلقون هم قومه‪ ،‬وتم اإلفص اح‬

‫بالتصريح القولي‪ ،‬فقومه بينوا رأيهم في تعاليه وتكبره وفساده وأعطوه أريهم فيما يجب عليه أن يعمله‬

‫في الدنيا من أجل الفوز باألخرة‪ ،‬ثم بادلهم وأفص ح عن اعتقاده بأن اهلل فض له على قومه‪ ،‬بس بب‬

‫العلم والخير الذي عنده‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عما يجول في خواطرهم من معتقدات‪ ،‬وتتض ح‬

‫(‪ )1‬البغوي‪ ،‬معالم التنزيل‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.221-220‬‬


‫‪50‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫مرتكزات كش ف الذات هنا‪ ،‬حيث ص دق قوم قارون معه برأيهم وقدموه له بكل حكمة وأمانة‪ ،‬لكنه‬

‫رفس رآيهم ولم يتعاون معهم‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية‬

‫إن اإلفص اح عن المعلومات الش خص ية هو الجانب الثاني لكش ف الذات كما يبينه تعريف‬

‫كش ف الذات‪ ،‬تعرس الباحثة في هذا المطلب مجموعة من نماذج كش ف الذات في القرآن الكريم‪،‬‬

‫التي تتعلق باإلفص اح عن المعلومات الش خص ية‪ ،‬وتحاول أن توض ح تفاص يل كش ف الذات في هذه‬

‫النماذج‪ ،‬مع تصنيف هذه النماذج في دوائر العالقات االجتماعية التي تنتمي إليها‪.‬‬

‫أوالا‪ :‬سيدنا موسى (عليه السالم) مع الررل الصالح‬

‫ني ‪‬‬ ‫ت استَأْ ِجره إِ َّن خِ ر م ِن استَأْجرت الْ َق ِو ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت إِ ْس َد ُ‬


‫ي ْاِلَم ُ‬ ‫اُهَا يَا أَبَ ْ ْ ُ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫قال اهلل تعالى‪ :‬قَالَ ْ‬
‫ِ‬ ‫يد أَ ْن أُنْ ِم َح َ‬
‫ني َعمَى أَ ْن تَأْ ُجَرِِّن ََثَ ِاِّنَ س َُ ٍج فَِإ ْن أَْتَ ْة َ‬
‫ت َع ْش ارا‬ ‫ك إِ ْس َدى ابْةَ ََّ َهاتَ ْ ِ‬ ‫قَ َال إِ ِِّّن أُ ِر ُ‬
‫ني‪ ‬س ورة القص ص‪،‬‬ ‫ك س تَ ُِ ُدِِّن إِ ْن َش اء المَّه ِمن َّ ِِ‬ ‫فَ ِة ْن ِعْة ِد َك َوَما أُ ِر ُ‬
‫يد أَ ْن أ ُ‬
‫الص اك َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َش َِّّ َعمَِْ َ َ‬
‫اآليتان‪.27-26 :‬‬

‫يقول س يد قطب في تفس ير هذه اآليات‪" :‬رأت من قوته ما يهابه الرعا فيفس حون له الطريق‬

‫ويس قي لهما‪- ،‬وهو غريب‪ .-‬والغريب ض عيف مهما اش تد‪ .‬ورأت من أمانته ما يجعله عف اللس ان‬

‫والنظر حين توجهت لدعوته‪ .‬فهي تشير على أبيها باستئجاره ليكفيها وأختها مؤونة العمل واالحتكاك‬

‫والتبذل‪ .‬وهو قوي على العمل‪ ،‬أمين على المال‪ .‬فاألمين على العرس هكذا أمين على ما س واه‪.‬‬

‫وهكذا في بس اطة وص راحة عرس الرجل إحدى ابنتيه من غير تحديد ‪-‬ولعله كان يش عر كما‬

‫أس لفنا‪ -‬أنها محددة‪ ،‬وهي التي وقع التجاوب والثقة بين قلبها وقلب الفتى‪ .‬عرض ها في غير تحرج‬

‫وال إلتوا "(‪ .)1‬ويبين التفس ير رغبة إحدى ابنتي الرجل الص الح في اس تئجار س يدنا موس ى عليه‬

‫(‪ )1‬سيد قطب‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬في ظالل القرآن‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،5‬ص‪.2688-2687‬‬

‫‪51‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الس الم‪ ،‬لما رأته‪ ،‬ويبين ص راحة الرجل الص الح في طلبه من س يدنا موس ى عليه الس الم بالزواج‬

‫بإحدى ابنتيه‪.‬‬

‫إن كش ف الذات كان من قبل الرجل الص الح لس يدنا موس ى عليه الس الم‪ ،‬حيث أفص ح عن‬

‫معلومات ش خص ية تخص ه وتخص ابنتيه؛ فص رح له بأنه يريد تزويجه إلحدى ابنتيه‪ .‬يتض ح أن‬

‫كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو الرجل الص الح‪ ،‬والمتلقي س يدنا موس ى عليه‬

‫الس الم‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن معلومات ش خص ية تخص ه تتعلق برغبته بتزويج إحدى‬

‫إبنتيه لس يدنا موس ى عليه الس الم‪ ،‬وعبر اإلفص اح عن رغبته الش خص ية‪ ،‬وتتض ح مرتكزات كش ف‬

‫الذات هنا‪ ،‬حيث ص دق الرجل الص الح مع س يدنا موس ى في رغبته وقدمها له بكل حكمة‪ ،‬وتعاون‬

‫معه‪ ،‬وتقبلها سيدنا موسى منه بكل أمانة‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫ثانيـ ا‪ :‬إمـرأة العزيـز ونسـاء المدينـة‬

‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ص َم َولَئ ْن َِلْ يَ ْف ََع ْ‬ ‫ت فَ َذل ُم َّن الَّذي لُ ْةتُة ََِّن فِه َولََق ْد َر َاوْدتُهُ َع ْن نَ ْفس ه فَ ْ‬
‫اس تَ َْع َ‬ ‫قال اهلل تعالى‪ :‬قَالَ ْ‬
‫ما آمره لَِسُةَ َّن ولَِ ُموناا ِمن َّ ِ‬
‫ين‪ ‬سورة يوسف‪ ،‬اآلية‪.32 :‬‬ ‫الصاغ ِر َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُُ ُ ْ َ َ َ‬
‫يقول السعدي في تفسير هذه اآلية‪" :‬لما تقرر عنده َّن جمال سيدنا يوسف الظاهر‪ ،‬وأع َّ‬
‫جبهن‬

‫منهن من العذر إلمرأة العزيز‪ ،‬ش ي كثير ‪ -‬أرادت أن تر َّ‬


‫يهن جماله الباطن بالعفة‬ ‫َّ‬ ‫غاية‪ ،‬وظهر‬

‫التامة‪ ،‬فقالت معلنة لذلك ومبينة لحبه الش ديد غير مبالية‪ ،‬وألن اللوم انقطع عنها من النس وة‪ ِ :‬ولقد‬

‫راودته عن نف ِس ِه فاس تعص م أي‪ :‬امتنع وهي مقيمة على مراودته‪ ،‬لم تزدها مرور األوقات إال قلقا‬

‫تهن‪ ِ :‬ولئِن لم يفعل ما آمره ليسجن َّن وليكونا ِمن‬


‫ومحبة وشوقا لوصاله وتوقا‪ ،‬ولهذا قالت له بحضر َّ‬

‫الص ِ‬
‫َّاغ ِرين لتلجئه بهذا الوعيد إلى حصول مقصودها منه"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬السعدي‪ ،‬تفسير السعدي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.397‬‬


‫‪52‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ويبين تفس ير هذه اآلية‪ ،‬إص رار إمرأة العزيز على حبها وش غفها لس يدنا يوس ف عليه الس الم‪،‬‬

‫وسعيها لتحقيق مرادها منه عن طريق التهديد‪ ،‬وهي تعلن ذلك لنسوة المدينة بعد أن جعلت لها عذ ار‬

‫َّ‬
‫أيديهن من ش دة جمال س يدنا يوس ف عليه الس الم‪ .‬ويتض ح من تفس ير اآلية‬ ‫َّ‬
‫قطعن‬ ‫عندهن‪ ،‬عندما‬

‫أن كش ف الذات كان من قبل إمرأة العزيز لنس ا المدينة‪ ،‬حيث أفص حت عن حبها وش غفها لس يدنا‬

‫يوسف وسعيها لتحقيق مرادها منه‪.‬‬

‫يتضح هنا أن كشف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاشفة هي زوجة العزيز‪ ،‬والمتلقيات‬

‫َّ‬
‫هن نس ا المدينة‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن معلومات ش خص ية تخص ها‪ ،‬تتعلق بحبها‬

‫لس يدنا يوس ف ورغبتها في تحقيق مرادها منه‪ ،‬وعبر اإلفص اح عن مش اعرها وميولها غير الس وية‪،‬‬

‫ويتض ح مرتكز الص دق هنا‪ ،‬حيث ص دقت امرأة العزيز في بيان رغبتها بس يدنا يوس ف أمام نس ا‬

‫المدينة‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫ثالثــا‪ :‬بشـرى زورـة سيدنـا إبراهيــم (عليه السالم)‬

‫وِ ‪‬‬ ‫اق َوِم ْن َوَر ِاء إِ ْس َح َ‬


‫اق يَ َْع ُق َ‬ ‫اها بِِإ ْس َح َ‬
‫ت فَيَ َّش ْرنَ َ‬
‫قال اهلل تعالى‪ :‬وامرأَتُه قَائِة ٌ فَ ِ‬
‫ض ح َم ْ‬
‫َ َْ ُ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِب‪ ‬س ورة هود‪ ،‬اآليتان‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ت يَا َويْمَ ََت أَأَلِ ُد َوأَنَا َع ُُ ٌ‬
‫وف َوَه َذا بَ َْعم َش ِْ انا إ َّن َه َذا لَ َش ْ ءٌ َعُ ٌ‬ ‫قَالَ ْ‬
‫‪.72-71‬‬
‫وجا في تفس ير مجاهد‪" :‬ويقال‪ :‬كان إبراهيم عليه الس الم إذا أراد أن يكرم أض يافه أقام س ارة‬

‫تخدمهم‪ ،‬فذلك قوله‪" :‬وام أرته قائِمة"‪ ،‬أي قائمة في خدمتهم‪ .‬ويقال‪" :‬قائِمة" لروع إبراهيم‪" ،‬فض ِحكت"‬

‫لقولهم‪" :‬ال تخف" س رو ار باألمن‪ ،‬فبش رت بولد يكون نبيا ويلد نبيا‪ ،‬فكان هذا بش ارة لها بأن ترى ولد‬

‫ا إذا ط أر عليهن م ا يعج ب من ه‪ ،‬وعجب ت من والدته ا‪( ،‬وأن ا‬ ‫ول ده ا‪ ،‬كلم ة تخف على أفواه النس‬

‫‪53‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ع ِجيب) أي الذي بش رتموني به لش ي‬ ‫عجوز)" أي ش يخة‪ ،‬أي طعنت في الس ن‪( ،‬إِ َّن هذا لش ي‬

‫عجيب"(‪.)1‬‬

‫ويتبين من تفس ير اآليات تعجب زوجة س يدنا إبراهيم عليه الس الم من والدتها لس يدنا إس حاق‪،‬‬

‫بالرغم من طعونها في السن‪ ،‬هي وسيدنا إبراهيم عليه السالم‪ .‬ويتضح من تفسير اآليات أن ك شف‬

‫الذات كان من قبل زوجة س يدنا إبراهيم عليه الس الم‪ ،‬حيث أفص حت عن كبر س نها وس ن س يدنا‬

‫إبراهيم عليه السالم‪.‬‬

‫يتض ح هنا أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش فة زوجة س يدنا إبراهيم عليه‬

‫الس الم‪ ،‬والمتلقون س يدنا إبراهيم عليه الس الم وض يفه‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن معلومات‬

‫ش خص يه تخص ها تتعلق بكبرها وزوجها‪ ،‬وعبر اإلفص اح عن تعجبها من االنجاب في هذا الس ن‪،‬‬

‫ويتضح مرتكز الصدق هنا‪ ،‬حيث صدقت زوجة سيدنا ابراهيم في بيان ماهي علية من الكبر بالسن‬

‫هي وس يدنا إبراهيم‪ ،‬ويص نف كش ف الذات هنا بأنه أس ري بين الزوجة والزوج وعالقات عامة مع‬

‫الضيف‪.‬‬

‫رابعــا‪ :‬التلميح في خطبـة النسـاء‬

‫ِّس ِاء أَْو أَ ْكةَ ْةتُ ْم ِِف‬ ‫ِِ ِ ِ ِ‬


‫ل تُ ْم ب ه م ْن خَْيَ الة َ‬ ‫ِة ا َعَّر ْ‬ ‫ِ‬
‫اح َعمَِْ ُم ْم ف َ‬‫ق ال اهلل تع الى‪َ  :‬وََل ُجةَ َ‬
‫وه َّن ِس را إََِّل أَ ْن تَ ُقولُوا قَ ْواَل َم َْع ُروفاا َوََل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَنْ ُفس ُم ْم َعم َم المَّهُ أَنَّ ُم ْم َس تَ ْذ ُك ُرونَ ُه َّن َولَم ْن ََل تُ َواع ُد ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫المهَ يَ َْعمَ ُم َما ِِف أَنْ ُفس ُم ْم َف ْ‬
‫اس َذ ُروهُ‬ ‫َن َّ‬‫َجَمهُ َو ْاعمَ ُةوا أ َّ‬
‫اِ أ َ‬
‫اح َس ََّت يَْي مُ َغ الْمَت ُ‬ ‫ِّم ِ‬‫تَ َْع ِزُموا عُ ْق َد َة الة َ‬
‫َن المَّه َغ ُف ِ‬
‫ِم‪ ‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية‪.235 :‬‬ ‫ور َسم ٌ‬ ‫َو ْاعمَ ُةوا أ َّ َ ٌ‬
‫يقول إبن كثير في تفسير هذه اآلية‪" :‬أن تعرضوا ِ‬
‫بخطبة النسا في عدتهن من وفاة أزواجهن‬

‫من غير تص ريح‪ ِ .‬أو أكننتم ِفي أنف ِس كم أي‪ :‬أض مرتم في أنفس كم خطبتهن‪ ِ ،‬علِم اللَّه أَّنكم‬

‫(‪ )1‬القرطبي‪ ،‬تفسير القرطبي‪ ،‬ج‪ ،9‬ص‪.70‬‬


‫‪54‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫اعدوه َّن ِس ار‪ :‬يعني‬
‫ستذكرونه َّن أي‪ :‬في أنفسكم‪ ،‬فرفع الحرج عنكم في ذلك‪ ،‬ثم قال‪ ِ :‬ول ِكن ال تو ِ‬

‫الزن ا‪ ِ .‬إِال أن تقولوا قوال معروف ا ؟ ق ال‪ :‬يقول لوليه ا‪ :‬ال تس بِقني به ا‪ ،‬يعني‪ :‬ال تزوجه ا حتى‬

‫تعلمني‪ ،‬وال تعقدوا العقد بالنكاح حتى تنقضي العدة"(‪.)1‬‬

‫ويتبين من تفس ير اآلية أنه يجوز للمس لم أن يلمح ِ‬


‫بخطبة المرأة المس لمة المتوفى عنها زوجها‬

‫خالل فترة العدة‪ ،‬من غير تص ريح ِ‬


‫بالخطبة‪ ،‬كأن يقول لوليها ال تس بقني بها إلى أحد‪ ،‬وأنه اليجوز‬

‫عقد الزواج إال بعد انقضا فترة العدة كاملة‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية تتم بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو من يريد ِ‬


‫الخطبة‪،‬‬

‫والمتلقي ولي المرأة المراد ِخطبتها‪ ،‬ويتم باإلفص اح بالتلميح القولي عن معلومات ش خص ية تخص ه‬

‫تتعلق برغبته بالزواج‪ ،‬ويعبر هذا اإلفص اح عن مش اعره وميوله‪ ،‬وهنا يجب أن توظف مرتكزات‬

‫كش ف الذات في التلميح بخطبة النس ا فعلى الملمح أن يكون ص ادقا في تلميحه‪ ،‬وأن يختار من‬

‫يلمح له بحكمة وعلى الطرف اآلخر أن يكون أمينا‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫خامسـ ا‪ :‬صاحـب الرنتيـن‬

‫احبِ ِه وهو يح ِاوره أنا أكثر ِمنك ماال وأع ُّز نف ار‪ ‬س ورة‬
‫قال اهلل تعالى‪ :‬وكان له ثمر فقال لِص ِ‬

‫الكهف‪ ،‬اآلية‪.34 :‬‬

‫يقول الس عدي في تفس ير هذه اآلية‪" :‬أي‪ :‬فقال ص احب الجنتين لص احبه المؤمن‪ ،‬وهما‬

‫يتح اوران‪ ،‬أي‪ :‬يتراجع ان بينهم ا في بعس المج اري ات المعت ادة‪ ،‬مفتخ ار علي ه‪ ِ :‬أن ا أكثر ِمن ك م اال‬

‫وأع ُّز نف ار فخر بكثرة ماله‪ ،‬وعزة أنص اره من عبيد وخدم وأقارب‪ ،‬وهذا جهل منه‪ ،‬واال فأي إفتخار‬

‫فيه فض يلة نفس ية‪ ،‬وال ص فة معنوية‪ ،‬وانما هو بمنزله فخر الص بي باألماني‪،‬‬ ‫بأمر خارجي؛ لي‬

‫التي ال حقائق تحتها‪ ،‬ثم لم يك ِ‬


‫فه هذا اإلفتخار على ص احبه‪ ،‬حتى حكم‪ ،‬بجهله وظلمه"(‪ .)2‬ويفتخر‬

‫(‪ )1‬إبن كثير‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.640‬‬


‫(‪ )2‬السعدي‪ ،‬تفسير السعدي‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.477‬‬
‫‪55‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫صاحب الجنتين بما لديه من الحرث والزرع والثمار والمال‪ ،‬ويتباه بكثرة أقاربه وخدمه أمام صاحبه‪.‬‬

‫وكش ف الذات هنا من قبل ص احب الجنتين إلى ص احبه‪ ،‬إذ يخبره بمعلومات خاص ة حول ما يملك‬

‫من الحرث والنفر‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو ص احب الجنتين‪ ،‬والمتلقي‬

‫هو ص احبه‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن معلومات ش خص ية تخص ة تتعلق بما يملك من‬

‫المال والمقربين‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عما يجول بخاطره من مش اعر الكبريا ‪ ،‬ويتض ح مرتكز‬

‫الصدق هنا‪ ،‬حيث صدق صاحب الجنتين في بيان ما لديه من األموال والحرث والمقربين‪ ،‬ويصنف‬

‫كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫يتض ح مما س بق ومن خالل ما تم عرض ه من نماذج لكش ف الذات في القرآن الكريم‪ ،‬أن‬

‫جميع هذه النماذج توفرت فيها معظم ش روط كش ف الذات‪ ،‬ففي جميع األمثلة؛ كان هناك دائما‬

‫كاش ف ومتلقي‪ ،‬ويكون الكش ف باإلفص اح الش فهي للقول تلميحا أو تص ريحا‪ ،‬إما عن المعتقدات‬

‫واآل ار ‪ ،‬أو عن المعلومات الش خص ية التي تتيح لآلخر فهم ش خص ية الكاش ف‪ ،‬كما ض مت معظم‬

‫هذه النماذج مرتكزات كش ف الذات في التربية االس المية المتمثلة بالص دق واألمانة والحكمة‪،‬‬

‫والتعاون‪ ،‬كما كان هناك كش ف ذات فردي‪ .‬وكش ف ذات جماعي‪ ،‬وكش ف ذات متبادل على النحو‬

‫اآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬من ش خص إلى ش خص آخر‪ :‬ونجد هذا النوع من كش ف الذات في نموذج حوار س يدنا نوح‬

‫عليه الس الم مع إبنه‪ ،‬ونموذج س يدنا موس ى عليه الس الم مع الرجل الص الح‪ ،‬ونموذج حوار‬

‫سيدنا إبراهيم عليه السالم مع أبيه‪ ،‬وفي نموذج التلميح بخطبة النسا ‪.‬‬

‫‪ .2‬من ش خص إلى مجموعة‪ :‬ونجد هذا النوع من كش ف الذات في نموذج إمرأة العزيز مع نس ا‬

‫المدينة‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .3‬من مجموعة إلى ش خص‪ :‬ونجد هذا النوع من كش ف الذات في نموذج حوار س يدنا لوط عليه‬

‫السالم مع قومه‪.‬‬

‫‪ .4‬متبادل في مجموعة‪ :‬ونجد هذا النوع من كشف الذات في نموذج سيدنا يوسف عليه السالم مع‬

‫إخوته‪.‬‬

‫كما تنوعت طرق اإلفصاح (كشف الذات) في هذه اآليات كاآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬اإلفص اح بجزئيه التص ريح والش ورى‪ :‬وقد ظهر هذا في المس توى في نموذج س ينا نوح عليه‬

‫الس الم مع إبنه‪ ،‬ونموذج س ينا إبراهيم عليه الس الم مع أبيه‪ ،‬ونموذج س يدنا يوس ف عليه الس الم‬

‫مع إخوته‪ ،‬ونموذج س ينا موس ى عليه الس الم والرجل الص الح‪ ،‬ونموذج زوجة العزيز ونس ا‬

‫المدينة‪ ،‬ونموذج سيدنا لوط عليه السالم مع قومه‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلفصاح من خالل التلميح أي التعريس‪ :‬ظهر ذلك في نموذج التلميح ِ‬


‫بخطبة النسا ‪.‬‬

‫كما تنوعت دوائر العالقات االجتماعية في هذه النماذج فمنها‪:‬‬

‫‪ .1‬ما كان يص نف ض من العالقات األس رية‪ ،‬مثل نموذج س يدنا نوح عليه الس الم مع إبنه‪ ،‬ونموذج‬

‫سيدنا إبراهيم عليه السالم مع أبيه‪ ،‬ونموذج سيدنا يوسف عليه السالم مع إخوته‪.‬‬

‫‪ .2‬ومنها ما يص نف في دوائر العالقات العامة س وا مع أش خاص معروفين أو غربا ‪ ،‬مثل نموذج‬

‫إم أرة العزيز ونس ا المدينة‪ ،‬ونموذج س يدنا لوط عليه الس الم مع قومه‪ ،‬ونموذج س يدنا موس ى‬

‫عليه السالم مع الرجل الصالح‪ ،‬ونموذج بشرى زوجة سيدنا إبراهيم عليه السالم ونموذج التلميح‬

‫ِ‬
‫بخطبة النسا ‪.‬‬

‫‪57‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫رسم توضيحي (‪ :)4‬نماذج كشف الذات في القرآن الكريم‬

‫نماذج كشف الذات في القرآن الكريم‬

‫نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن‬ ‫نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن‬
‫معلومات شخصية‬ ‫اآلراء والمعتقدات‬

‫عالقات‬ ‫مرتكزات‬ ‫عملية تفاعلية‬ ‫عالقات‬ ‫مرتكزات‬ ‫عملية تفاعلية‬

‫عامة‬ ‫أسرية‬ ‫التعاون‬ ‫األمانة‬ ‫الحكمة‬ ‫الصدق‬ ‫عامة‬ ‫أسرية‬ ‫التعاون‬ ‫األمانة‬ ‫الحكمة‬ ‫الصدق‬

‫ممممممممممممن‬ ‫من فرد‬ ‫ممممممممممن‬ ‫ج ما عة‬ ‫ممممممممممممن‬ ‫من فرد‬ ‫من فرد‬
‫ج ما عة‬ ‫إلممممممممممم‬ ‫فممممممممرد‬ ‫ممممممممممممم‬ ‫ج ما عة‬ ‫إلممممممممممم‬ ‫أل فرد‬
‫إل فرد‬ ‫جماعة‬ ‫ألممممممممم‬ ‫بعضها‬ ‫إل فرد‬ ‫جماعة‬
‫البعض‬
‫فرد‬

‫بشـممرى‬ ‫إمـمممممرأة‬ ‫سممممميدنا‬ ‫حـممممموار‬ ‫حـممممموار‬ ‫حـممممموار‬ ‫حمممممموار‬


‫زوجـمممة‬ ‫العزيـممز‬ ‫موسممم‬ ‫أخـممممموة‬ ‫سيدنـمممما‬ ‫قــارون‬ ‫سممممميدنا‬
‫سيدنـمممما‬ ‫ونسـمماء‬ ‫(عليممممه‬ ‫سيدنـمممما‬ ‫لـمممـممموط‬ ‫ممممممممممممم‬ ‫نممممممممموح‬
‫إبراهيم‬ ‫المدينـة‬ ‫السالم)‬ ‫يوسـف‬ ‫(عليممممه‬ ‫قومـه‬ ‫(عليممممه‬
‫(عليممممه‬ ‫ممممممممممممم‬ ‫(عليممممه‬ ‫السالم)‬ ‫السالم)‬
‫السالم)‬ ‫ا لرجممممل‬ ‫السالم)‬ ‫ممممممممممممم‬ ‫م ابنه‬
‫الصالح‬ ‫قومـه‬

‫‪58‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات في السنة النبوية المطهرة‬

‫واقع المس لمين‪،‬‬ ‫تعد الس نة النبوية المص در الثاني للتش ريع بعد القرآن الكريم‪ ،‬كم أنها تالم‬

‫فهي تعالج الواقع االجتماعي والنفسي والديني واالقتصادي والعلمي للمسلمين‪.‬‬

‫وما يحاول هذا المبحث سبره والتعمق به‪ ،‬هو الواقع النفسي للسنة النبوية المطهرة‪ ،‬وستحاول‬

‫الباحثة في هذا المبحث اس تق ار مجموعة من األحاديث النبوية ومن مواقف الرس ول ص لى اهلل عليه‬

‫وسلم مع الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬كمحاولة لتأصيل كشف الذات في السنة النبوية المطهرة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآلراء والمعتقدات‬

‫تعرس الباحثة في هذا المطلب مجموعة من نماذج كش ف الذات في الس نة النبوية المطهرة‪،‬‬

‫التي تتعلق باإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات الشخصية‪.‬‬

‫أوالا‪ :‬حديث النخل‬

‫عن رِافع بن خِديج قال‪ :‬قِدم نبِ ُّى اللَّ ِه ‪-‬ص لى اهلل عليه وس لم‪ -‬المِدينة وهم يأبرون َّ‬
‫النخل‬

‫النخل فقال‪« :‬ما تص نعون»‪ .‬قالوا كَّنا نص نعه قال‪« :‬لعلَّكم لو لم تفعلوا كان خي ار»‪.‬‬
‫يقولون يلقِّحون َّ‬

‫فتركوه فنفضت أو فنقصت ‪ -‬قال‪ -‬فذكروا ذلِك له فقال‪ « :‬إَِّنما أنا بشر إِذا أمرتكم بِشى ِمن ِدينِكم‬
‫(‪)1‬‬
‫فخذوا بِ ِه وِاذا أمرتكم بِشى ِمن أرى فِإَّنما أنا بشر»‬

‫الدنيا ومعايِش ها ال على التَّش ِريع‪ .‬فأ َّما ما قاله بِاجتِه ِاد ِه ص لَّى اللَّه‬
‫"( ِمن أري) أي ِفي أمر ُّ‬

‫النوع‪ ،‬بل ِمن َّ‬


‫النوع المذكور‬ ‫النخل ِمن هذا َّ‬
‫إِبار َّ‬ ‫علي ِه وس لَّم ‪ ،‬ورآه ش رعا ي ِجب العمل بِ ِه‪ ،‬ولي‬

‫قبله"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬مس لم‪ ،‬أبو الحس ين‪ ،‬ص حيح مس لم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬باب وجوب امتتثال ما قال ش رعا دون ما دون ما ذكره ‪-‬‬
‫ى‪ ،‬حديث ‪ ،6276‬ج‪ ،7‬ص‪.95‬‬ ‫الر ِ‬ ‫الدنيا على سبِ ِ‬
‫يل َّأ‬ ‫ش ُّ‬‫صلى اهلل عليه وسلم‪ِ -‬من معايِ ِ‬
‫‪ ،‬ج‪،8‬‬ ‫(‪ )2‬النووي‪ ،‬أبو زكريا‪ ،‬المنهاج ش رح ص حيح مس لم بن الحجاج‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحيا التراث العربي‪ ،‬ط‪1392 ،2‬ه‬
‫ص‪.85‬‬
‫‪59‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫عندما رأى الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم أهل المدينة يلقحون النخل‪ ،‬أعطاهم رأيه بعدم فعل‬

‫ذلك‪ ،‬وبعدما أخذوا برأيه تأثرت الثمار‪ ،‬فذهبوا للرس ول ص لى اهلل عليه وس لم وأخبروه بما حدث‪،‬‬

‫أجابهم بأنه اعطاهم رأيه في أمر من أمور الدنيا‪ ،‬وهو بش ر يخط ويص يب‪ ،‬وأنه ما يجب أن‬

‫يأخذو عنه هو ما جا في أمور دينهم‪ .‬وكش ف الذات من قبل الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬ألهل‬

‫المدينه الذين يلقحون النخل‪ ،‬فأعطاهم رأيه بعدم تلقيحه‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو س يدنا محمد ص لى اهلل عليه‬

‫وس لم‪ ،‬والمتلقون هم أهل المدينة الذين يلقحون النخل‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن رأيه‬

‫ص لى اهلل عليه وس لم في تلقيح النخل‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عما يجول في خاطره من آ ار ‪ ،‬وتتض ح‬

‫مرتكزات كش ف الذات هنا‪ ،‬فقد ص دق الرس ول معهم في بيان أنه بش ر مثلهم يص يب ويخط ‪ ،‬وأن‬

‫عليهم أن يأخذوا عنه ما يخص دينهم وقدم لهم هذا الطرح بأمانة وحكمة‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا‬

‫في العالقات العامة‪.‬‬

‫ثانيــ ا‪ :‬حديـث أبـا ذر (رضي اهلل عنه)‬

‫"عن أبِى ذٍّر قال‪ :‬قلت يا رس ول اللَّ ِه أال تس تع ِملنِى قال‪ :‬فض رب بِيِد ِه على من ِكبِى ث َّم قال‪ :‬يا‬

‫أبا ذٍّر إَِّنك ض ِعيف وِاَّنها أمانة‪ ،‬وِاَّنها يوم ال ِقيام ِة ِخزى وندامة‪ ،‬إِالَّ من أخذها بِحقِّها وأ َّدى َّالِذى‬

‫علي ِه ِفيها"(‪" .)1‬هذا الحديث أص ل عظيم في اجتناب الواليات‪ ،‬ال س يما إن كان فيه ض عف عن‬

‫القيام بوظائفها"(‪.)2‬‬

‫يبين الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم في الحديث أن الوالية أمانه‪ ،‬وعدم القيام بأمورها على‬

‫أكم ل وج ه‪ ،‬فع ل يع اق ب علي ه الوالي يوم القي ام ة وين دم على م ا فع ل فيه ا‪ ،‬كم ا يبين أن ه من أراد‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬باب كراهة اإلمارة بغير ضرورة‪ ،‬ح‪ ،4823‬ج‪ ،6‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )2‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ ،‬شرح الديباج على مسلم‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪.443‬‬
‫‪60‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الواليه يجب أن يكون قويا‪ ،‬يس تطيع القيام بوظائفها كما يجب‪ ،‬في محل تكليف وليس ت محل‬

‫تشريف‪ ،‬وأن على اإلنسان الضعيف أال يطلب الوالية وال يسعى إليها‪ ،‬حتى وأن عرضت عليه‪.‬‬

‫وكش ف الذات هنا تم باتجاهين‪ ،‬االتجاه األول أعطا الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم رأيه‬

‫بالوالية‪ ،‬وبأنها محل تكليف وليس ت محل تش ريف‪ .‬واالتجاه الثاني كش ف الرس ول ص لى اهلل عليه‬

‫وسلم ألبي ذر جانب من جوانب شخصيته وهي الضعف‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو س يدنا محمد ص لى اهلل عليه‬

‫وس لم‪ ،‬والمتلقي هو الص حابي أبو ذر رض ي اهلل عنه‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن رأي‬

‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم بالواليه‪ ،‬وعن رأيه في توضيح شخصية أبو ذر رضي اهلل عنه‪ ،‬وعبر‬

‫هذا اإلفص اح عما يجول في خاطر الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم من آ ار ترتبط بخبرته ومعرفته‬

‫بأبي ذر لم تكن من فراا‪ ،‬وتتضح مرتكزات كشف الذات هنا‪ ،‬حيث أعطى الرسول صلى اهلل عليه‬

‫وس لم رأيه ألبي ذر بص دق وحكمة وأمانة‪ ،‬وتعاون ابو ذر بتقبله راي النبي ص لى اهلل عليه وس لم‪،‬‬

‫ويصنف كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫ثالثــ ا‪ :‬مشاورة الرسول (‪ )‬ألصحابـه في غـزوة بـدر‬

‫أ َّن رسول اللَّ ِه ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬شاور ِحين بلغه إِقبال أبِى سفيان قال‪ :‬فتكلَّم‬ ‫عن أن‬

‫أبو بكر فأعرس عنه‪ ،‬ث َّم تكلَّم عمر فأعرس عنه‪ ،‬فقام س عد بن عبادة فقال‪ :‬إِيَّانا ت ِريد يا رس ول‬

‫اللَّ ِه والَِّذى نف ِس ى بِيِد ِه لو أمرتنا أن ن ِخيض ها البحر ألخض ناها ولو أمرتنا أن نض ِرب أكبادها إِلى‬

‫برِك ال ِغم ِاد لفعلنا (‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬باب غزوة بدر‪ ،‬حديث ‪ ،4712‬ج‪ ،5‬ص‪.170‬‬
‫‪61‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫"قال العلما ‪ :‬إَِّنما قص د ص لَّى اللَّه علي ِه وس لَّم ِاختِبار األنص ار؛ ِألَّنه لم يكن بايعهم على أن‬

‫ال وط لب ال عدو‪ ،‬وِاَّن ما بايعهم على أن يمنعوه ِم َّمن يق ِ‬


‫ص ده‪ ،‬فل َّما عرس الخروج‬ ‫يخرجوا م عه لِل ِق ت ِ‬

‫امة ِفي هِذ ِه‬


‫ير أبِي س فيان أراد أن يعلم أَّنهم يو ِافقون على ذلِك‪ ،‬فأجابوه أحس ن جواب بِالموافق ِة التَّ َّ‬
‫لِ ِع ِ‬

‫يه ِاستِشارة األصحاب وأهل َّأ‬


‫الري وال ِخبرة"(‪.)1‬‬ ‫الم َّرة وغيرها‪ .‬وِف ِ‬

‫اس تش ار الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم أص حابه في الخروج للقا كفار قريش خارج المدينة‪،‬‬

‫والغرس من هذه االس تش ارة؛ هو معرفة رأي األنص ار في الخروج معه‪ ،‬فما كان إال أن أجابه س عد‬

‫بن عبادة بالنيابة عنهم بأنهم معه في المدينة المنورة وخارجها‪ .‬كشف الذات وقع من الصحابي سعد‬

‫الشورى‪،‬‬ ‫بن عبادة رضي اهلل عنه إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والصحابة الموجودين في مجل‬

‫حيث بين للرس ول ص لى اهلل عليه وس لم رأيه في الخروج معه خارج المدينه في غزوة بدر للقا‬

‫الكفار‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف الص حابي س عد بن عبادة رض ي‬

‫اهلل‪ ،‬والمتلقون س يدنا محمد ص لى اهلل عليه وس لم والص حابه رض وان اهلل عليهم‪ ،‬وتم اإلفص اح‬

‫بالتصريح القولي عن رأيه في الخروج مع الرسول صلى اهلل عليه وسلم خارج المدينة المنورة‪ ،‬وعبر‬

‫هذا اإلفصاح عن رغبته ورأيه‪ ،‬وتتضح مرتكزات كشف الذات هنا‪ ،‬حيث صدق الصحابي سعد بن‬

‫عبادة في أعطا أريه للرسول صلى اهلل عليه وسلم وقدمه بحكمة وأمانة‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا‬

‫في العالقات العامة‪.‬‬

‫الحبـاب بن المنـذر‬
‫رابعــ ا‪ :‬مشـورة ّ‬

‫عندما تحرك رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم بجيش ه ليس بق المش ركين إلى ما بدر‪ ،‬ليحول‬

‫بينهم وبين االس تيال عليه‪ ،‬فنزل عش ا أدنى ما من مياه بدر‪ ،‬وهنا قام الحباب بن المنذر كخبير‬

‫(‪ )1‬النووي‪ ،‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬ج‪ ،6‬ص‪.234‬‬


‫‪62‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫لنا أن نتقدمه وال نتأخر‬ ‫عس كري وقال‪ :‬يا رس ول اهلل‪ ،‬أرأيت هذا المنزل‪ ،‬أمنزال أنزلكه اهلل‪ ،‬لي‬

‫عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال‪ :‬بل هو الرأي والحرب والمكيدة‪ .‬قال‪ :‬يا رس ول اهلل‪ ،‬إن‬

‫حتى نأتى أدنى ما من القوم‪ - ،‬فننزله ونغور أي نخرب ما و ار ه‬ ‫بمنزل‪ ،‬فانهس بالنا‬ ‫هذا لي‬

‫من القلب‪ ،‬ثم نبني عليه حوض ا‪ ،‬فنمذه ما ‪ ،‬ثم نقاتل القوم‪ ،‬فنش رب وال يش ربون‪ ،‬فقال رس ول اهلل‬

‫ص لى اهلل عليه وس لم‪ :‬لقد أش رت بالرأي‪ .‬فنهس رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم بالجيش حتى أتى‬

‫أقرب ما من العدو‪ ،‬فنزل عليه شطر الليل‪ ،‬ثم صنعوا الحياس وغوروا ما عداها من القلب (‪.)1‬‬

‫وص ل الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم بجيش ه إلى مياه بدر‪ ،‬واس تقرار الجيش في مكانه‪ ،‬بعد‬

‫أن علِم الحباب بن المنذر رضي اهلل عنه من الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬بأن مكان الجيش لي‬

‫بأمر من اهلل س بحانه وتعالى‪ ،‬بل هو من تدابير الحرب والمكيدة العس كرية‪ ،‬فأش ار على الرس ول‬

‫ص لى اهلل عليه وس لم بتغيير مكان الجيش‪ ،‬بحيث تص بح مياه بدر خلفهم ويبنوا عليها حوض ا‬

‫فيشرب المسلمون ويمتنع الكفار من شرب الما ‪.‬‬

‫كش ف الذات كان من قبل الحباب بن المنذر رض ي اهلل عنه إلى الرس ول ص لى اهلل عليه‬

‫وسلم‪ ،‬حيث أفصح عن رأيه في مكان وقوف الجيش‪ ،‬ووضع خطه ليمنع الكفار من شرب الما ‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات هنا عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو الص حابي الحباب بن‬

‫المنذر رض ي اهلل عنه‪ ،‬والمتلقي س يدنا محمد ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي‬

‫عن أريه في موقع جيش المس لمين‪ ،‬وعبر اإلفص اح عن رأيه وميوله العس كريه‪ ،‬وتتض ح مرتكزات‬

‫كش ف الذات هنا‪ ،‬فقد أعطى الحباب بن المنذر رأيه في مكان الجيش بكل ص دق وحكمة‪ ،‬ويص نف‬

‫كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫المباركافوري‪ ،‬صفي الرحمن‪ ،‬الرحيق المختوم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الهالل‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.171‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪63‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫خامسـا‪ :‬مشـورة سلمـان الفارسـي‬

‫"تجمع حول المدينة جيش عرمرم يبل عدده عش رة آالف مقاتل‪ ،‬جيش ربما يزيد عدده على‬

‫جميع من في المدينة من النس ا والص بيان والش باب والش يو ‪ ،‬ولو بلغت هذه األحزاب المحزبة‬

‫والجنود المجندة إلى أس وار المدينة بغتة؛ لكانت أعظم خط ار على كيان المس لمين مما يقا ‪ ،‬وربما‬

‫تبل إلى اس تئص ال الش أفة وابادة الخض ار ‪ ،‬ولكن قيادة المدينة كانت قيادة متيقظة‪ ،‬لم تزل واض عة‬

‫الظروف‪ ،‬وتقدر ما يتمخس عن مجراها‪ ،‬فلم تكد تتحرك‬ ‫أناملها على العروق النابض ة‪ ،‬تتجس‬

‫هذه الجيوش عن مواض عها؛ حتى نقلت اس تخبارات المدينة إلى قيادتها فيها بهذا الزحف الخطير‪،‬‬

‫اس تش اري أعلى‪ ،‬تناول فيه موض وع خطة‬ ‫وس ارع رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم إلى عقد مجل‬

‫الدفاع عن كيان المدينة‪ ،‬وبعد مناقش ات جرت بين القادة وأهل الش ورى‪ ،‬اتفقوا على قرار قدمه‬

‫الصحابي النبيل سلمان الفارسي رضي اهلل عنه‪ .‬قال سلمان‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إنا كنا بأرس فار إذا‬

‫حوصرنا خندقنا علينا‪ .‬وكانت خطة حكيمة لم تكن تعرفها العرب قبل ذلك"(‪.)1‬‬

‫بعد أن جا الخبر إلى الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم بتجمع جيوش األحزاب لخروجها إلى‬

‫لوض ع خطة دفاع عن المدينة‪ ،‬فأش ار‬ ‫المدينة المنورة‪ ،‬أقام الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم مجل‬

‫عليه س لمان الفارس ي بحفر خندق يمنع الكفار من دخول المدينة المنورة‪ ،‬وكانت الخطة جديدة لم‬

‫تعرفها العرب من قبل‪ ،‬ألنها كانت تستخدم في بالد الفر ‪ ،‬وقاموا بحفره وملئه بالما ‪.‬‬

‫وقع كش ف الذات من الص حابي س لمان الفارس ي للرس ول ص لى اهلل عليه وس لم ومجل‬

‫الشورى‪ ،‬حيث أفصح عن رأيه بحفر الخندق لحماية المدينة من جيوش الكفار‪.‬‬

‫يتضح أن كشف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاشف الصحابي سلمان الفارسي رضي‬

‫اهلل عنه والمتلقون‪ ،‬س يدنا محمد ص لى اهلل عليه وس لم والص حابة رض وان اهلل عليهم‪ ،‬وتم اإلفص اح‬

‫(‪ )1‬المباركافوري‪ ،‬الرحيق المختوم‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.274‬‬


‫‪64‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ب التص ريح القولي عن رأي ه في حفر خن دق لحم اي ة الم دين ة المنورة من جيوش الكف ار‪ ،‬وعبر ه ذا‬

‫اإلفصاح عن رأيه وميوله العسكرية‪ ،‬وتتضح مرتكزات كشف الذات هنا‪ ،‬حيث قدم الصحابي سلمان‬

‫الفارسي رأيه بحفر الخندق بحكمة وصدق‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية‬

‫تعرس الباحثة في هذا المطلب مجموعة من نماذج كش ف الذات في الس نة النبوية المطهرة‪،‬‬

‫التي تتعلق باإلفص اح عن معلومات ش خص ية‪ ،‬وتحاول توض يح تفاص يل كش ف الذات فيها مع‬

‫تصنيفها ضمن دوائر العالقات االجتماعية‪.‬‬

‫أوالا‪ :‬القـول بفضـل سيدتنـا عائشة (رضي اهلل عنها)‬

‫عن عمرو بن العاص‪" :‬أن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم اس تعمله على جيش ذات‬

‫أحب إليك؟ قال‪ :‬عائشة‪ ،‬قلت من الرجال؟ قال‪:‬‬ ‫السالسل‪ ،‬قال‪ :‬فأتيته فقلت يا رسول اهلل أي النا‬

‫أبوها)"(‪ .)1‬حديث صحيح‪.‬‬

‫الس ال ِس ِل)‪ِ ،‬قيل س ِّمي المكان بِذلِك ِألَّنه كان بِ ِه رمل‬ ‫شذ ِ‬
‫ات َّ‬ ‫"أي جعله ع ِ‬
‫امال (على جي ِ‬

‫الس ه ِل‪.‬‬ ‫الض ِّم‪ ،‬وقال‪ :‬هو بِمعنى ال َّس لس ِ‬


‫ال‪ ،‬أي َّ‬ ‫الس لس ل ِة‪ ،‬وض بطها إبن األثِ ِ‬
‫ير بِ َّ‬ ‫بعض ه على بعس ك َّ‬

‫النبِ ُّي صلَّى اللَّه علي ِه وسلَّم على الجي ِ‬


‫ش‪،‬‬ ‫ب إِليك)‪ ،‬وأَّنه وقع ِفي نف ِ عمرو ل َّما أ َّمره َّ‬
‫النا ِ أح َّ‬
‫ي َّ‬‫(أ ُّ‬

‫ي‬
‫ال)‪ ،‬أي‪ :‬أ ُّ‬ ‫وِفي ِهم أبو بكر وعمر أَّنه مق َّدم ِعنده ِفي المن ِزل ِة علي ِهم‪ ،‬فس أله ِلذِلك‪( ،‬قلت ِمن ِّ‬
‫الرج ِ‬

‫ال قال‪" :‬أبوها"(‪.)2‬‬ ‫ب إِليك ِمن ِّ‬


‫الرج ِ‬ ‫النا ِ أح ُّ‬
‫َّ‬

‫(‪ )1‬الترمذي‪ ،‬محمد بن عيس ى‪ ،‬س نن الترمذي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحيا التراث العربي‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬باب فض ل عائش ة رض ي اهلل عنها‪،‬‬
‫حديث ‪ ،3885‬ج‪ ،5‬ص‪.706‬‬
‫(‪ )2‬المباركافوري‪ ،‬محمد عبد الرحمن‪ ،‬تحفة األحواذي بش رح جامع الترمذي‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنش ر والتوزيع‪ ،‬د‪ .‬ت‪،‬‬
‫ج‪ ،9‬ص‪.328‬‬
‫‪65‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ظن الص حابي الجليل عمرو بن العاص رض ي اهلل عنه‪ ،‬أن الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم‬

‫قدمه وفض له في المنزلة عن س يدنا أبي بكر رض ي اهلل وس يدنا عمر رض ي اهلل عنه‪ ،‬عندما أمره‬

‫إليه‪ ،‬فأجابه بأنها س يدتنا‬ ‫على الجيش وهم فيه‪ ،‬فس أل النبي ص لى اهلل عليه وس لم عن أحب النا‬

‫عائش ة أم المؤمنين رض ي اهلل عنها‪ ،‬فس أله ومن الرجال ظنا منه أنه س يكون هو‪ ،‬فأجابه الرس ول‬

‫صلى اهلل عليه وسلم بأنه أبوها‪ ،‬أي سيدنا أبو بكر رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫كش ف الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم عن حبه لس يدتنا عائش ة رض ي اهلل عنها‪ ،‬وحبه لس يدنا‬

‫أبي بكر رضي اهلل عنه‪ ،‬وهي معلومات شخصية تخصه صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف س يدنا محمد ص لى اهلل عليه‬

‫وس لم‪ ،‬والمتلقي الص حابي عمر بن العاص رض ي اهلل عنه‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن‬

‫معلومات ش خص ية تخص ه ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬تتعلق بحبه لس يدتنا عائش ة رض ي اهلل عنها وأبيها‬

‫سيدنا أبي بكر‪ ،‬وعبر اإلفصاح عن مشاعره صلى اهلل عليه وسلم وميوله‪ ،‬وتتضح مرتكزات كشف‬

‫الذات هنا حيث عبر الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم عن فض ل س يدتنا عائش ة رض ي اهلل عنها بكل‬

‫ص دق وحكمة وأمانة‪ ،‬وتعاون وتقبل الص حابي الجليل عمر بن العاص رض ي اهلل عنه ‪،‬ويص نف‬

‫كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫حنيـن‬
‫ثانيـ ا‪ :‬رأي األ نصـار بفـيء ّ‬

‫اص م قال‪ :‬ل َّما أفا اللَّه على رس ولِ ِه ص لى اهلل عليه وس لم يوم‬ ‫"عن عبِد ِ‬
‫اهلل ب ِن زيِد ب ِن ع ِ‬

‫النا ِ ِفي المؤلَّف ِة قلوبهم ولم يع ِط األنص ار ش يئا‪ ،‬فكأَّنهم وجدوا إِذ لم ي ِ‬
‫ص بهم ما‬ ‫حنين‪ ،‬قس م ِفي َّ‬

‫فخطبهم فقال‪ :‬يا معش ر األنص ِار ألم أ ِجدكم ض الَّال فهداكم اللَّه بِي‪ ،‬وكنتم متفِّرِقين‬ ‫أص اب َّ‬
‫النا‬

‫فألَّفكم اللَّه بِي‪ ،‬وعالة فأغناكم اللَّه بِي‪ ،‬كلَّما قال ش يئا قالوا اللَّه ورس وله أم ُّن‪ ،‬قال‪ :‬ما يمنعكم أن‬

‫ت ِجيبوا رسول ِ‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬كلَّما قال شيئا قالوا اللَّه ورسوله أم ُّن‪ ،‬قال‪ :‬لو ِشئتم قلتم‬

‫‪66‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫النبِ ِّي ص لى اهلل عليه وس لم إِلى‬ ‫الش ِاة والب ِع ِ‬
‫ير وتذهبون بِ َّ‬ ‫بِ َّ‬ ‫ِجئتنا كذا وكذا أترض ون أن يذهب َّ‬
‫النا‬

‫و ِاديا و ِش عبا لس لكت و ِادي األنص ِار‬ ‫ِرحالِكم‪ ،‬لوال ال ِهجرة لكنت امر ا ِمن األنص ِار‪ ،‬ولو س لك َّ‬
‫النا‬

‫ِدثار إَِّنكم ستلقون بعِدي أثرة فاصبِروا حتَّى تلقونِي على الحو ِ‬
‫س"(‪.)1‬‬ ‫و ِشعبها األنصار ِشعار و َّ‬
‫النا‬

‫"قوله لما أفا اهلل على رس وله؛ أي لما أعطاه غنائم الذين قاتلهم يوم حنين‪ ،‬وأص ل الفي‬

‫الرجوع ومنه س مى الظل بعد الزوال فيئا‪ ،‬ألنه يرجع من جانب إلى جانب‪ ،‬ومنه س ميت أموال‬

‫ح ديثو العه د‬ ‫ل للمؤمنين‪ ،‬والمراد ب المؤلف ة قلوبهم هن ا؛ ن ا‬ ‫الكف ار فيئ ا‪ ،‬ألنه ا ك ان ت في األص‬

‫من الحزن والثاني من‬ ‫باإلس الم‪ ،‬أعطاهم تأليفا لقلوبهم كأنهم وجدوا إذ لم يص بهم ما أص اب النا‬

‫الغض ب‪ ،‬قوله ض الال جمع ض ال‪ ،‬والمراد هنا ض اللة الش رك وبالهداية اإليمان‪ ،‬قوله وعالة جمع‬

‫العائل وهو الفقير‪ ،‬قوله كلما قال ش يئا أي كلما قال رس ول اهلل من ذلك ش يئا قالوا ‪-‬أي األنص ار‪-‬‬

‫قوله اهلل ورسوله أمن من المن‪ ،‬فقالوا ماذا نجيبك يا رسول اهلل؛ هلل ولرسوله المن والفضل"(‪.)2‬‬

‫بين األنص ار غض بهم وحزنهم عندما وزع رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم غنائم حنين على‬

‫المؤلفة قلوبهم ولم يعطهم منها‪ ،‬وبعد أن علم الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم جمعهم‪ ،‬وخطب فيهم‬

‫وبين لهم أنه جا هم ض الال فهداهم باإليمان‪ ،‬وفق ار فاغناهم اهلل به‪ ،‬وألنه مغنم هو وجوده ص لى‬

‫اهلل عليه وسلم بينهم‪ ،‬وبين لهم مكانتهم في نفسه‪.‬‬

‫كشف الذات هنا من قبل األنصار‪ ،‬حيث أفصحوا عن غضبهم وحزنهم‪ ،‬لعدم حصولهم على‬

‫شي من الغنائم للرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وهي معلومات شخصية تخصهم‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش فون هم األنص ار‪ ،‬والمتلقي هو‬

‫س يدنا محمد ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتلميح القولي والجس دي مثل ظهور تعابير‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشعب‪ ،‬ط‪1987 ،1‬م‪ ،‬حديث ‪ ،4330‬ج‪ ،5‬ص‪.200‬‬
‫(‪ )2‬الحنفي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحيا التراث العربي‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،26‬ص‪.207‬‬
‫‪67‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الغض ب والحزن على وجوههم‪ ،‬عن معلومات ش خص ية تخص هم تتعلق بحزنهم وغض بهم‪ ،‬ألنهم لم‬

‫يحص لوا على ش ي من أموال الفي ‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عن مش اعرهم والض غوطات النفس ية التي‬

‫تجول في داخلهم‪ ،‬ويصنف كشف الذات هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫ثالثــ ا‪ :‬اإل تكـاء في حرـر عائشـة (رضي اهلل عنها)‬

‫عن منص ور إبن ص ِفيَّة أ َّن أ َّمه ح َّدثته أ َّن عائِش ة ح َّدثتها أ َّن َّ‬
‫النبِ َّي ص لى اهلل عليه وس لم كان‬

‫يتَّ ِك ِفي حج ِري وأنا حائِس ث َّم يق أر القرآن (‪.)1‬‬

‫"فعلى هذا؛ فالمراد باإلتكا وض ع رأس ه في حجرها‪ ،‬قال بن دقيق العيد في هذا الفعل إش ارة‬

‫إلى أن الحائس ال تق أر القرآن‪ ،‬ألن ق ار تها لو كانت جائزة لما توهم امتناع الق ار ة في حجرها حتى‬

‫احتيج إلى التنص يص عليها‪ ،‬وفيه جواز مالمس ة الحائس وأن ذاتها وثيابها على الطهارة ما لم‬

‫يلحق ش يئا منها نجاس ة‪ ،‬وهذا مبني على منع الق ار ة في المواض ع المس تقذرة‪ ،‬وفيه جواز الق ار ة‬

‫بقرب محل النجاس ة"(‪ .)2‬إن الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم كان يتك في حجر س يدتنا عاش ة رض ي‬

‫اهلل عنها وهي حائس ويق أر القرآن‪ ،‬وهذا ما بينته سيدتنا عاشة رضي اهلل عنها في الحديث‪.‬‬

‫كش ف الذات هنا من قبل س يدتنا عاش ة رض ى اهلل عنها إلى س يدتنا ص فية رض ي اهلل عنها‪،‬‬

‫حيث أفصحت لها عن معلومات شخصية تخصها وتخص الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫يتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش فة س يدتنا عائش ة رض ي اهلل عنها‪،‬‬

‫والمتلقية س يدتنا ص فية رض ي اهلل عنها‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن معلومات ش خص ية‬

‫تخص ها رض ي اهلل عنها‪ ،‬وعبر اإلفص اح عن أحداث حص لت مع س يدتنا عاش ة رض ي اهلل عنها‪،‬‬

‫ويتضح وجود مرتكز الصدق واالمانة في نقل سيدتنا عائشة لما جرى بينها وبين الرسول صلى اهلل‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬حديث ‪ ،297‬ج‪ ،1‬ص‪.82‬‬


‫(‪ )2‬العسقالني‪ ،‬إبن حجر‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪1379 ،‬ه ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.402‬‬
‫‪68‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫عليه وس لم‪ ،‬ويص نف كش ف الذات هنا‪ ،‬بأنه أس ري ألنه دار بين زوجتي رس ول اهلل ص لى اهلل عليه‬

‫وسلم‪.‬‬

‫رابعــ ا‪ :‬أكل الضـب‬

‫ول اللَّ ِه ‪-‬ص لى اهلل عليه وس لم‪-‬‬


‫قال‪ :‬دخلت أنا وخ ِالد بن الوِل ِيد مع رس ِ‬ ‫عن عبِد اللَّ ِه ب ِن عبَّا‬

‫ب محنوذ‪ ،‬فأهوى ِإلي ِه رس ول اللَّ ِه ‪-‬ص لى اهلل عليه وس لم‪ -‬بِيِد ِه فقال‪ :‬بعس‬
‫بيت ميمونة فأتِى بِض ٍّ‬

‫النسوِة الالَّتِى ِفى بي ِت ميمونة أخبِروا رسول اللَّ ِه ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬بِما ي ِريد أن يأكل‪ .‬فرفع رسول‬
‫ِّ‬

‫اللَّ ِه ‪-‬ص لى اهلل عليه وس لم‪ -‬يده فقلت أحرام هو يا رس ول اللَّ ِه‪ ،‬قال‪ « :‬ال ول ِكَّنه لم يكن بِأر ِ‬
‫س قو ِمى‬

‫فأ ِجدنِى أعافه »‪ .‬قال خ ِالد فاجتررته فأكلته ورسول اللَّ ِه ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬ينظر (‪.)1‬‬

‫"أنه ص لى اهلل عليه وس لم رفع يده منه فقيل أحرام هو يا رس ول اهلل قال‪ :‬ال ولكنه لم يكن‬

‫بأرس قومى فأجدنى أعافه‪ ،‬فأكلوه بحضرته وهو ينظر صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قال أهل اللغة‪ :‬معنى‬

‫بمكروه"(‪ .)2‬قدم للرس ول ص لى اهلل‬ ‫أعافه؛ أكرهه تقذ ار‪ ،‬وأجمع المس لمون على أن الض ب حالل لي‬

‫عليه وس لم ض ب مش وي‪ ،‬فرفع يده عنه‪ ،‬أي لم يأكل منه فيس أله الحاض رون أحرام هو‪ ،‬فأجاب بأنه‬

‫لم يعتد أن يأكله فقومه لم يأكلوه‪ ،‬أي أنه تقذر منه‪.‬‬

‫وكش ف الذات هنا من الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬حيث بين ألص حابه أنه يتقذر من أكل‬

‫لحم الض ب‪ .‬ويتض ح أن كش ف الذات هنا عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو س يدنا محمد‬

‫رضي اهلل عنهما والصحابي خالد بن‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والمتلقيان الصحابي عبد اهلل بن عبا‬

‫الوليد رضى اهلل عنه‪ ،‬وتم اإلفصاح بالتصريح بالقول عن معلومات شخصيه تخصه صلى اهلل عليه‬

‫وس لم‪ ،‬تتعلق بأنه ال يحب أكل لحم الض ب‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عما يجول بخاطره من كراهة أكل‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬باب إباحة الضب‪ ،‬حديث ‪ ،5146‬ج‪ ،6‬ص‪.67‬‬
‫(‪ )2‬النووي‪ ،‬المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.97‬‬
‫‪69‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الض ب‪ ،‬ويتض ح مرتكز الص دق في قول الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم بعوفه ألكل لحم الض ب‪،‬‬

‫ويصنف الكشف هنا في العالقات العامة‪.‬‬

‫يتبين من عرس نماذج كش ف الذات في الس نة النبوية المطهره‪ ،‬أن جميعها توفرت فيها‬

‫شروط كشف الذات‪ ،‬ففي كل هذه النماذج كان هناك كاشف ومتلقي‪ ،‬ويكمن الكشف إما باإلف صاح‬

‫الش فهي تص ريحا أو تلميحا‪ ،‬واما عن المعتقدات أو اآل ار أو عن المعلومات الش خص ية‪ ،‬التي تتيح‬

‫لآلخرين فهم ش خص ية الكاش ف‪ ،‬وتض منت معظم هذه النماذج لمرتكزات كش ف الذات في التربية‬

‫اإلس المية المتمثلة بالص دق واألمانة والحكمة‪ ،‬وكان هناك كش ف ذات فردي وكش ف ذات جماعي‪،‬‬

‫يدل على أنه عملية اجتماعية تفاعلية على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬من شخص إلى شخص آخر‪ :‬كما في حديث أبو ذر‪ ،‬ومشورة الحباب بن المنذر‪ ،‬وحديث‬

‫فضل سيدتنا عائشة رضي اهلل عنها‪ ،‬وحديث سيدتنا عائشة‪.‬‬

‫‪ .2‬من شخص إلى مجموعة‪ :‬حديث النخلة‪ ،‬ومشاورة الرسول رصلى اهلل عليه وسلم ألصحابه في‬

‫غزوة بدر‪ ،‬مشورة سلمان الفارسي‪.‬‬

‫‪ .3‬من مجموعة إلى شخص‪ :‬موقف الرسول صلى اهلل عليه وسلم مع األنصار‪.‬‬

‫وكان اإلفصاح كاآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬اإلفص اح بالتص ريح القولي‪ :‬حديث النخلة‪ ،‬حديث أبو ذر‪ ،‬مش اورة الرس ول ألص حابه في غزوة‬

‫بدر‪ ،‬حديث فض ل س يدتنا عائش ة رض ي اهلل عنها‪ ،‬وحديث س يدتنا عائش ة‪ ،‬ومش ورة الحباب بن‬

‫المنذر‪ ،‬ومشورة سلمان الفارسي‪.‬‬

‫‪ .2‬اإلفصاح بالتلميح‪ :‬موقف الرسول صلى اهلل عليه وسلم مع األنصار‪.‬‬

‫كما تنوعت دوائر العالقات االجتماعية في هذه النماذج كاآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬ما كان يصنف ضمن العالقات األسرية‪ :‬حديث سيدتنا عائشة رضي اهلل عنها‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .2‬ما كان يص نف ض من العالقات العامة‪ :‬حديث النخلة‪ ،‬حديث أبو ذر‪ ،‬مش اورة الرس ول ص لى‬

‫اهلل عليه وس لم ألص حابه في غزوة بدر‪ ،‬مش ورة الحباب بن المنذر‪ ،‬مش ورة س لمان الفارس ي‪،‬‬

‫حديث فضل سيدتنا عائشة رضي اهلل عنها‪ ،‬وموقف الرسول صلى اهلل عليه وسلم مع األنصار‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫رسم توضيحي (‪ :)5‬نماذج كشف الذات في السنة النبوية المطهرة‬

‫نماذج كشف الذات في السنة النبوية المطهرة‬

‫نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن‬ ‫نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن‬
‫معلومات شخصية‬ ‫اآلراء والمعتقدات‬

‫عالقات‬ ‫مرتكزات‬ ‫عملية تفاعلية‬ ‫عالقات‬ ‫مرتكزات‬ ‫عملية تفاعلية‬

‫عامة‬ ‫أسرية‬ ‫التعاون‬ ‫األمانة‬ ‫الحكمة‬ ‫الصدق‬ ‫عامة‬ ‫أسرية‬ ‫التعاون‬ ‫األمانة‬ ‫الحكمة‬ ‫الصدق‬

‫ممممممممممممن‬ ‫من فرد‬ ‫ممممممممممن‬ ‫ممممممممممممن‬ ‫من فرد‬ ‫من فرد‬


‫ج ما عة‬ ‫إلممممممممممم‬ ‫فممممممممرد‬ ‫ج ما عة‬ ‫إلممممممممممم‬ ‫أل فرد‬
‫إل فرد‬ ‫جماعة‬ ‫ألممممممممم‬ ‫إل فرد‬ ‫جماعة‬
‫فرد‬

‫رأي‬ ‫أكمممممممممممل‬ ‫القـممممممممول‬ ‫مشمممماورة‬ ‫حمممديممم‬ ‫حديـممممممم‬


‫األنصـمممار‬ ‫الضب‬ ‫بفضـمممممممل‬ ‫الرسممممول‬ ‫النخل‬ ‫أبـممممممو ذر‬
‫بفـمممممممميء‬ ‫سيدتنـمممممما‬ ‫( ‪)‬‬ ‫(رضممممممي‬
‫حن ّيـن‬ ‫عائشمممممممة‬ ‫ألصحاـممه‬ ‫هللا عنه)‬
‫(رضمممممممممي‬ ‫فممممممممممممممممي‬
‫هللا عنها)‬
‫غـممممممممزوة‬
‫بـدر‬

‫‪72‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫نماذج كشف الذات في التراث اإلسالمي والدراسات التربوية المعاصرة‬

‫‪ ‬المبحث االول‪ :‬نماذج كشف الذات في التراث اإلسالمي‬

‫­ المطلب االول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات‬

‫­ المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية‬

‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات في الدراسات التربوية المعاصرة‬

‫‪73‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الفصل الثالث‬

‫نماذج كشف الذات في التراث اإلسالمي والدراسات التربوية المعاصرة‬

‫إن التراث اإلس المي ملي بالمؤلفات التي تحاكي الواقع المعاص ر‪ ،‬فمعظم هذه المؤلفات‬

‫عالجت قض ايا اجتماعية وتربوية ونفس ية في ص ميم الحياة اإلنس انية‪ ،‬لذلك من المهم دراس تة‬

‫وتمحيص ه وفهمه واالس تفادة منه‪ ،‬وال يمكن إغفال الدور المهم الذي يلعبه الفكر التربوي المعاص ر‪،‬‬

‫لقاعدة تربوية متكاملة‪ ،‬تعالج القض ايا المس تجدة والمعاص رة في علم التربية وعلم‬ ‫حيث يؤس‬

‫النف ‪.‬‬

‫وعليه تعرس الباحثة مجموعة من نماذج كش ف الذات في التراث اإلس المي والفكر التربوي‬

‫المعاص ر‪ ،‬من خالل اس تق ار نص وص التراث اإلس المي والفكر التربوي المعاص ر وفهمها‪ ،‬والربط‬

‫من خالل المنهجية اآلتية‬ ‫بينها وبين كشف الذات في علم النف‬

‫‪ .1‬جمع المواقف التراثية والمعاصرة وتحليلها‪.‬‬

‫‪ .2‬استنتاج دالالت كشف الذات في هذه النماذج‪.‬‬

‫‪ .3‬استنتاج مرتكزات في هذه النماذج‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المبحث األول‪ :‬نماذج كشف الذات في التراث اإلسالمي‬

‫انطالقا من أهمية التراث اإلس المي‪ ،‬وفي محاولة لربط الحاض ر بالماض ي‪ ،‬واالس تفادة من‬

‫الفكر اإلس المي العريق‪ ،‬ترى الباحثة ض رورة تأص يل كش ف الذات في التراث اإلس المي‪ ،‬من خالل‬

‫الواقع الحالي وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫التعمق فيه واختالج ما تنطوي عليه من أمور تم‬

‫المطلب األ ول‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن اآلراء والمعتقدات‬

‫تعرس الباحثة في هذا المطلب مجموعة من نماذج كش ف الذات في التراث اإلس المي‪،‬‬

‫المتعلقة باإلفصاح عن اآل ار والمعتقدات كاآلتي‪:‬‬

‫أوالا‪ :‬مبايعة أبو بكر الصديق (رضي اهلل عنه)‬

‫عن أبي س عد الخدري (رض ي اهلل عنه) قال‪ :‬قبِس رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم واجتمع‬

‫في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر‪ ،‬فقام خطبا األنصار؛ فجعل الرجل منهم يقول‪:‬‬ ‫النا‬

‫يا معش ر المهاجرين إن رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم كان إذا اس تعمل رجال منكم قرن معه رجال‬

‫منا‪ ،‬فنرى أن يلي هذا األمر رجالن منا ومنكم‪ ،‬فتتابعت خطبا األنص ار على ذلك‪ .‬فقام زيد بن‬

‫ثابت فقال‪ :‬أتعلمون أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان من المهاجرين‪ ،‬وخليفته من المهاجرين‪،‬‬

‫ونحن كنا أنصار رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؛ فنحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره‪ ،‬ثم أخذ بيد‬

‫أبي بكر فقال‪ :‬هذا صاحبكم فبايعه عمر‪ ،‬ثم بايعه المهاجرين واألنصار(‪.)1‬‬

‫في دار س عد بن عبادة‪ ،‬وأخذوا‬ ‫بعد وفاة الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬اجتمع النا‬

‫يتشاورون لمن تكون الخالفة من بعد الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فهاهم خطبا األنصار يعطون‬

‫رأيهم بتأمير واحد من المهاجرين وواحد من األنصار‪ ،‬كما كان يفعل الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫وبعدها أعطى الصحابي زيد بن ثابث رضي اهلل عنه رأيه بتولية أحد المهاجرين‪ ،‬ألن الرسول صلى‬

‫(‪ (1‬السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬تاريخ الخلفا ‪ ،‬مصر‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬ط‪1952 ،1‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.63‬‬
‫‪75‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫اهلل عليه وس لم كان من المهاجرين‪ ،‬ثم بايع س يدنا أبا بكر رض ي اهلل عنه‪ ،‬فبايعه المهاجرون وبايعه‬

‫األنصار‪.‬‬

‫كشف الذات وقع من قبل خطبا األنصار بإعطا رأيهم بمن يتولى الخالفة بعد وفاة الرسول‬

‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومن قبل الصحابي زيد بن ثابت بإعطا أريه بمن يتولى الخالفة بعد الرسول‬

‫صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فكل أدلى بدلوه أمام المجتمعين من المهاجرين واألنصار‪.‬‬

‫يوضح الحوار أن كشف الذات هنا عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاشفون هم خطبا األنصار‬

‫والص حابي زيد بن ثابت رض ي اهلل عنه‪ ،‬والمتلقون هم المجتمعون في دار س عد بن عبادة‪ ،‬وتم‬

‫اإلفص اح بالتص ريح القولي عن آرائهم فيمن يتولى الخالفة بعد الرس ول ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬وعبر‬

‫هذا اإلفص اح عما يجول في خاطرهم من آ ار ‪ ،‬وتتض ح مرتكزات كش ف الذات هنا‪ ،‬حيث أعطى‬

‫الصحابة آرائهم بكل صدق وأمانة وتعاون‪ ،‬وبايعوا أبا بكر بكل حكمة‪.‬‬

‫ثانيـ ا‪ :‬تدويـن الديـوان‬

‫عن جبير بن الحويرث رض ي اهلل عنه‪ ،‬أن عمر بن الخطاب رض ي اهلل عنه اس تش ار‬

‫المس لمين في تدوين الديوان فقال له علي‪ :‬تقس م كل س نة ما اجتمع إليك من مال‪ ،‬وال تمس ك منه‬

‫وان لم يحص وا حتى يعرف من أخذ منهم وممن لم‬ ‫ش يئا‪ .‬وقال عثمان‪ :‬أرى ماال كثي ار يس ع النا‬

‫األمر‪ ،‬فقال له الوليد بن هشام بن المغيرة‪ :‬يا أمير المؤمنين قد جئت الشام‬ ‫يأخذ‪ ،‬خشيت أن يلتب‬

‫فرأي ت ملوكه ا ق د دونوا ديوان ا‪ ،‬وجن دوا جنودا ف دونوا ديوان ا‪ ،‬ف أخ ذ بقول ه ف دع ا عقي ل بن أبي ط الب‬

‫على منازلهم‪ ،‬فكتبوا‬ ‫ومخرمة إبن نوفل وجبير بن مطعم‪ ،‬وكانوا من أنس اب قريش فقال‪ :‬اكتبوا النا‬

‫فبدأو ببني هاش م ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه‪ ،‬ثم عمر وقومه على الخالفة‪ ،‬فلما نظر فيه عمر قال‪:‬‬

‫إبدأو بقرابة النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬األقرب فاألقرب حتى تضعوا عمر حيث وضعه اهلل(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬السيوطي‪ ،‬تاريخ الخلفا ‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.124‬‬


‫‪76‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫اس تش ار س يدنا عمر بن الخطاب رض ي اهلل عنه المس لمين في تدوين الديوان‪ ،‬وهو‪" :‬الدفتر‬

‫الذي يكتب به أس ما الجيش وأهل العطا "(‪ ،)1‬من أجل تقس يم األموال‪ ،‬فأش ار عليه س يدنا علي‬

‫رضي اهلل عنه أن يقسم كل سنة جميع األموال التي يجمعها دون أن يبقي منها شي ‪ ،‬وأشار سيدنا‬

‫عثمان بن عفان رض ي اهلل عنه بأن يتم إحص ا من أخذ من المال ومن لم يأخذ ألن المال كثير‪،‬‬

‫األمر عليه‪ ،‬وأش ار عليه الوليد بن هش ام بن المغيرة بأن يدون ويجند الجنود‪ ،‬كما‬ ‫حتى ال يلتب‬

‫كان يفعل ملوك الشام في ذلك الوقت‪ ،‬فأخذ سيدنا عمر بن الخطاب ب أريه؛ فطلب من من عقيل بن‬

‫أبي طالب ومخزمة بن نوفل وجبير بن مطعم‪ ،‬بأن يكتبوا فبدأو ببني هاش م ثم بأبي بكر رض ي اهلل‬

‫عنه وقومه‪ ،‬ثم بعمر بن الخطاب رض ي اهلل عنه وقومه‪ ،‬فلما اطلع عليه س يدنا عمر بن الخطاب‬

‫بقربة النبي ص لى اهلل عليه وس لم األقرب فاألقرب‪ ،‬وأن يض عوا‬


‫رض ي اهلل عنه‪ ،‬أمرهم بان يبدأو ا‬

‫سيدنا عمر حيث وضعه اهلل؛ أي في مكانه من القرابة للرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫وقع كش ف الذات من قبل الص حابه علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان والوليد بن الهش ام‬

‫بن المغيرة رض وان اهلل عليهم‪ ،‬بإبدا آرائهم في مس ألة تدوين الديوان أمام س يدنا عمر بن الخطاب‬

‫رضي اهلل عنه‪.‬‬

‫يوض ح الحوار أن كش ف الذات هنا عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش فون وهم علي بن أبي‬

‫طالب وعثمان بن عفان والوليد بن الهش ام بن المغيرة رض وان اهلل عليهم‪ ،‬والمتلقي وهو س يدنا عمر‬

‫بن الخطاب رضي اهلل عنه‪ ،‬وتم اإلفصاح بالتصريح القولي عن آرائهم بمسألة تدوين الديوان‪ ،‬وعبر‬

‫هذا اإلفص اح عما يجول في خاطرهم من آ ار ‪ ،‬وتتض ح مرتكزات كش ف الذات هنا‪ ،‬حيث أعطى‬

‫الص حابة آرائهم بكل ص دق وأمانة وحكمة في المس ألة‪ ،‬وتعاون الجميع وتقبلوا األخذ برأي الوليد بن‬

‫هشام‪.‬‬

‫إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.1643‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫‪77‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ثالثـــا‪ :‬رأي عثمان في التمتع بالعمرة‬

‫عن عبيد اهلل بن الزبير قال‪ :‬أنا واهلل مع عثمان بن عفان بالجحفة؛ إذ قال عثمان وذكر له‬

‫التمتع بالعمرة إلى الحج‪ ،‬أتموا الحج وأخلص وه في ش هر الحج‪ ،‬فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا‬

‫هذا البيت زورتين كان أفض ل‪ ،‬فإن اهلل قد أوس ع في الخير‪ ،‬فقال له علي‪ :‬عمدت إلى س نة رس ول‬

‫اهلل ص لى اهلل عليه وس لم ورخص ة رخص اهلل للعباد بها في كتابه تض يق عليهم فيها‪ ،‬وتنهى عنها‬

‫وكانت لذي الحاجة ولنائي الدار‪ ،‬ثم أهل علي بعمرة وحج معا؛ فأقبل عثمان بن عفان رض ي اهلل‬

‫فقال‪ :‬أنهيت عنها؟ إني لم أنه عنها‪ ،‬إنما كان رأيا أش رت به‪ ،‬فمن ش ا أخذه ومن‬ ‫عنه على النا‬

‫شا تركه"(‪.)1‬‬

‫بملزم لذمة األخذ به؛ بل من ش ا أخذ به ومن ش ا‬ ‫فهذا "عثمان يخبر عن رأيه أنه لي‬

‫تركه بخالف س نة رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم‪ ،‬فإنه ال يس ع أحدا تركها لقول أحد كائنا من‬

‫كان"(‪.)2‬‬

‫أدلى س يدنا عثمان بن عفان رأيه في التمتع بالعمرة بعد الحج‪ ،‬وقال بأن يتم إتمام الحج في‬

‫الحرم‪ ،‬لكن س يدنا علي بن أبي طالب لم‬


‫أش هر الحج‪ ،‬وأن تؤجل العمرة إلى زيارة ثانية لبيت اهلل ا‬

‫يعجبه ذلك‪ ،‬وأجابه بأنها من س نة رس ول اهلل ص لى اهلل عليه وس لم وفي القرآن الكريم‪ ،‬فكيف ينهى‬

‫عما أحله اهلل لهم مراعاة لظروفهم‪ ،‬مثل مش قة الس فر وبعد المس افة‪ ،‬فأجابه س يدنا عثمان بن‬ ‫النا‬

‫عفان رض ي اهلل عنه بأنه لم ينهى أحدا عنها‪ ،‬بل هو قد أعطى رأيه فمن ش ا اتبعه ومن ش ا لم‬

‫كسن ِة الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫يعمل به؛ فهو لي‬

‫(‪ )1‬إبن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي مكرم‪ ،‬إعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬تحقيق طه س عد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الجيل‪1973 ،‬م‪،‬‬
‫ج‪ ،1‬ص‪.58‬‬
‫(‪ )2‬إبن قيم الجوزية‪ ،‬إعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.58‬‬
‫‪78‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫وكش ف الذات هنا وقع من قبل س يدنا عثمان بن عفان‪ ،‬حيث أفص ح عن رأيه بالتمتع بالعمرة‬

‫بعد الحج‪ .‬ويتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو س يدنا عثمان بن عفان‬

‫رضي اهلل عنه‪ ،‬والمتلقون هم سيدنا علي بن أبي طالب وعبيد اهلل بن الزبير رضوان اهلل عليهم ومن‬

‫كان معهم ممن س يأدون مناس ك الحج‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن رأي س يدنا عثمان بن‬

‫وآر ‪،‬‬
‫اح عما يجول في خاطره من أفكار ا‬ ‫عفان في التمتع بالعمرة بعد الحج‪ ،‬وعبر هذا اإلفص‬

‫وتتضح هنا مرتكز الصدق‪ ،‬حيث عبر سيدنا عثمان عن رأيه بكل صدق وأمانة‪.‬‬

‫رابعــ ا‪ :‬ال يصلي بكم غيـره‬

‫وقال الحس ن‪ :‬كان يحيى بن اليمان يص لِّي بقومه‪ ،‬فتعص ب عليه قوم منهم‪ .‬فقالوا‪ :‬ال تص ِّل‬

‫بنا‪ ،‬ال نرض اك‪ ،‬إن تقدمت نحَّيناك‪ :‬فجا بالس يف فس ل منه أربع أص ابع ثم وض عه في ا ِ‬
‫لمحراب‪،‬‬

‫وقال‪ :‬ال يدنو منى أحذ إال مذت الس يف منه؛ فقالوا‪ :‬بيننا وبينك ش ريك؛ فقدموه إلى ش ريك فقالوا‪:‬‬

‫إن هذا كان يص لِّي بنا وك ِرهناه؛ فقال لهم ش ريك‪ :‬من هو؟ قالوا‪ :‬يحيى بن اليمان؛ فقال‪ :‬يا أعدا‬

‫اهلل‪ ،‬وهل بالكوفة أحد يشبه يحيى؛ ال يصلِّي بكم غيره(‪.)1‬‬

‫كان يحيى بن اليمان يؤم بقومه بالص اله‪ ،‬فكرهت جماعة منهم أن يؤم بهم‪ ،‬وطلبوا منه أن‬

‫ال يص لي بهم‪ ،‬لكنه رفس‪ ،‬وس ل من س يفه أربع أص ابع وطلب منهم عدم اإلقتراب منه واال قاتلهم‬

‫بالس يف‪ ،‬فردوا عليه بأنهم يريدون أن يحكموا بينهم وبينه ش ريك‪ ،‬فذهبوا إلى ش ريك وقالوا له أنهم‬

‫يكرهون أن يص لي بهم‪ ،‬فس ألهم من هو فأخبروه بأنه يحيى بن اليمان‪ ،‬فقال لهم يا أ عدا اهلل‬

‫مس تنك ار منهم ما بدر منهم‪ ،‬وقال‪ :‬أنه ال يوجد في الكوفة أحد أفض ل منه ليص لي بهم‪ ،‬وقال ال‬

‫يصلي بكم غيره‪.‬‬

‫(‪ )1‬األندلسي‪ ،‬أحمد إبن عبد ربه‪ ،‬العقد الفريد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬ج‪ ،2‬ص‪.99‬‬
‫‪79‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫كش ف الذات هنا من قبل جماعة من قوم يحيى بن اليمان‪ ،‬حيث أفص جوا عن أريهم في‬

‫أمامته لهم في الص الة‪ .‬ويوض ح الحوار أن كش ف الذات هنا عملية تفاعلية‪ ،‬بين طرفين الكاش فون‬

‫وهم جماعة من قوم يحيى بن اليمان‪ ،‬والمتلقي هو يحيى بن اليمان‪ ،‬وتم اإلفصاح بالتصريح القولي‬

‫عن رأيهم في إمامته فيهم بالص الة‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عما يجول في خاطرهم من مش اعر الكره‬

‫لهذا االمر‪.‬‬

‫خامسـا‪ :‬حلقة رامع الفسطاط‬

‫محمد من الغد بجامع عمرو في الفس طاط وحلق عليه العلما ؛ منهم المزني ص احب‬ ‫"وجل‬

‫وكان كثير االزدحام‪ ،‬قيل للمزني‪ :‬كيف‬ ‫اإلمام الش افعي رض ي اهلل عنهما‪ ،‬فلما انفس المجل‬

‫رأيت؟ قال‪ :‬واهلل ما رأيت أعلم منه‪ ،‬وال أحد ذهنا على حداثة ِ‬
‫سنه"(‪.)1‬‬

‫حوله‬ ‫بجامع الفس طاط وجل‬ ‫عندما وص ل اإلمام محمد بن س حنون إلى مص ر‪ ،‬جل‬

‫مجموعة من العلما في حلقة علمية‪ ،‬ومنهم المزني ص احب اإلمام الش افعي‪ ،‬وبعد أن انتهى‬

‫وخرج النا ‪ ،‬س أل المزني عن رأيه باإلمام محمد بن س حنون فأجاب بأنه لم يرى من هو‬ ‫المجل‬

‫أعلم منه‪ ،‬وأنه حاد الذكا برغم من صغر سنه‪.‬‬

‫كش ف الذات هنا من قبل المزني‪ ،‬حيث أفص ح عن رأيه بمحمد بن س حنون بعد ما اس تمع له‬

‫في حلقة المس جد‪ .‬وكش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو المزني والمتلقي من س ألوه‬

‫رأيه في إبن س حنون‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن رأيه في محمد بن س حنون‪ ،‬وعبر هذا‬

‫اإلفص اح عما يجول في خاطره حول علم وش خص ية إبن س حنون‪ ،‬ويتض ح مرتكز الص دق هنا‪ ،‬فقد‬

‫أعطى المزني رأيه بابن سحنون بكل صدق وأمانة‪.‬‬

‫(‪ )1‬إبن سحنون‪ ،‬محمد‪ ،‬آداب المعلمين‪ ،‬تحقيق حسن عبد الوهاب‪ ،‬تون ‪ ،‬د‪ .‬ن‪1972 ،‬م‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪80‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن معلومات شخصية‬

‫يعرس هذا المطلب مجموعة من نماذج كش ف الذات في التراث اإلس المي التي تتعلق‬

‫باإلفصاح عن معلومات شخصية‪ ،‬مع بيان تفاصيل كشف الذات فيها كاآلتي‪:‬‬

‫أوالا‪ :‬اإلقبال على العلم بعد اإل نشغال عنه‬

‫"فقد حدثني الش يخ أبو حكيم رحمه اهلل قال‪ :‬كنت في ص بوتي متش اغال بالبطالة غير ملتفت‬

‫إلى العلم‪ ،‬فأحض رني أبي أبو عبد اهلل رحمه اهلل تعالى وقال لي‪ :‬يا بني لس ت أبقى لك أبدا؛ فخذ‬

‫عش رين دينا ار‪ ،‬وافتح لك دكان خباز وتكس ب‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما هذا الكالم‪ ،‬كيف تقول لي هذا وانا إبن‬

‫قاضي القضا عبد الدامغاني‪ ،‬قال‪ :‬فما أراك تطلب العلم‪ ،‬فقلت أذكر لي الدر الساعة‪ ،‬فذكر لي‬

‫فأقبلت على التشاغل بالعلم‪ ،‬فعند ذلك أقبلت على اإلشتغال بالعلم واجتهدت ففتح اهلل"(‪.)1‬‬

‫يقول الش يخ أبو حكيم إلبن الجوزي‪ :‬أنه كان في ص باه ال يعمل ش ي ‪ ،‬وكان منش غال عن‬

‫العلم بالبطالة‪ ،‬فقال له والده أنه لن يدوم له وأعطاه عش رين دينا ار‪ ،‬واقترح عليه أن يفتح بها مخب از‬

‫لكي يكس ب المال‪ ،‬فقال له أبو الحكيم كيف تقول لي مثل هذا الكالم وأنا إبن قاض ي القض ا ‪،‬‬

‫فأجابه بأني ال أراك تطلب العلم‪ ،‬ومن بعدها أقبل على العلم والتعلم‪ ،‬وكان من المجتهدين وفتح اهلل‬

‫عليه‪.‬‬

‫وكش ف الذات وقع من قبل أبو حكيم وأفص ح عن معلومات ش خص ية تتعلق بانش غاله عن‬

‫العلم بالبطالة‪ .‬ويتض ح أن كش ف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو أبو حكيم والمتلقي‬

‫هو الجوزي‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي عن معلومات ش خص ية تتعلق بأنش غاله عن العلم‬

‫ونص يحة والده له بالعمل‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عما يجول في خاطره من ذكريات‪ ،‬وتتض ح هنا‬

‫(‪ )1‬إبن الجوزي‪ ،‬عبد الرحمن بن علي‪ ،‬لفتة الكبد الى نصيحة الولد‪ ،‬تحقيق أاشرف عبد الرحيم‪ ،‬مصر‪ ،‬مكتبة اإلمام‬
‫البخاري‪ ،‬ط‪1412 ،1‬ه ‪ ،‬ص‪.47‬‬
‫‪81‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫مرتكزات كش ف الذات‪ ،‬حيث ص دق أبو حكيم في نقلة لمعلومات عنه في فترة ص باه وانش غاله عن‬

‫العلم‪ ،‬كما أنه تصرف بحكمة ونقلها بصدق وأمانة‪.‬‬

‫ثانيــا‪ :‬وصيـة والــدة إلبنهــا‬

‫"عن يحيى بن بس طام حدثنى عثمان بن س ودة الطفاوى قال‪ ،‬وكانت أمه من العابدات‪ ،‬وكان‬

‫يقال لها راهبة قال‪ :‬لما احتض رت رفعت رأس ها إلى الس ما فقالت‪ :‬يا ذخرى وذخيرتى ومن عليه‬

‫اعتمادى في حياتى وبعد موتى‪ ،‬ال تخذلنى عند الموت‪ ،‬وال توحش نى في قبرى‪ .‬قال‪ :‬فماتت فكنت‬

‫آتيها في كل جمعة فأدعو لها وأستغفر لها وألهل القبور"(‪.)1‬‬

‫أوص ت راهبة إبنها عثمان بن س ودة الطفاوي عندما كانت تحتض ر‪ ،‬بأن ال يخذلها بعد‬

‫موتها‪ ،‬بمعنى أن يستمر بالدعا واإلستغفار لها‪ ،‬وأن ي ستمر بزيارة قبرها‪ ،‬فما كان منه إال أن عمل‬

‫بوصية والدته له‪ ،‬فكان يزور قبرها كل يوم جمعة‪ ،‬ويدعوا لها ويستغفر لها وألهل القبور‪.‬‬

‫وكش ف الذات من قبل عثمان بن س ودة‪ ،‬حيث أفص ح عن معلومات ش خص ية تتعلق يوص ية‬

‫والدته له‪ ،‬وكيف عمل بها‪ .‬ويتضح أن كشف الذات عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاشف هو عثمان‬

‫بن س ودة الطفاوي‪ ،‬والمتلقي هو يحيى بن بس طام‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتص ريح القولي بمعلومات‬

‫ش خص ية تتعلق بوص ية والدته‪ ،‬وهي أن يقوم بزيارة قبرها بعد موتها والدعا واإلس تغفار لها‪ ،‬وكيف‬

‫عمل هو بها‪ ،‬وعبر هذا اإلفص اح عما يجول بخاطره من ذكريات‪ ،‬وتتض ح مرتكزات كش ف الذات‬

‫هنا‪ ،‬فقد أفصح عثمان بن سودة بكل صدق عما دار بينه وبين أمه وطبق وصيتها بكل أمانة‪.‬‬

‫(‪ )1‬إبن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬الروح في الكالم على أرواح األموات واألحيا ‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪1975‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.7‬‬
‫‪82‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ثالثــــــا‪ :‬رخـــاء إبـن الروزي‬

‫"فغاية األمر أنني أش رع في التقلل من الدنيا‪ ،‬وقد ربيت في نعيمها‪ ،‬وغذيت بلبانها‪ ،‬ولطف‬

‫مزاجي فوق لطف وضعه بالعادة"(‪.)1‬‬

‫يقول إبن الجوزي‪ :‬بأنه يحاول أن يقلل من التمتع بالدنيا مع أنه تنعم بها كثي ار في ص غره‪،‬‬

‫فش به الدنيا بأمه‪ ،‬وانه تربى في نعيمها وغذي من لبنها‪ ،‬لش دة رخا حياته‪ ،‬وكان لطيف المزاج‬

‫بشكل غير معتاد‪.‬‬

‫كش ف الذات من قبل إبن الجوزي‪ ،‬حيث أفص ح عن معلومات ش خص ية تخص حياته وهو‬

‫ص غير‪ .‬وكش ف الذات هنا عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو اإلمام إبن الجوزي والمتلقون هم‬

‫من س معوا منه هذا القول أو وص ل إليهم عبر كتب التراث‪ ،‬وتم اإلفص اح بالتلميح القولي عن‬

‫معلومات ش خص ية تتعلق بترف حياته الذي كان يعيش فيه‪ ،‬وأنه س عى للتقليل منه‪ ،‬وعبر اإلفص اح‬

‫عما يجول في خاطره من ذكريات حول حياته الس ابقة‪ ،‬ويص نف كش ف الذات ض من العالقات‬

‫العامة‪.‬‬

‫رابعــــا‪ :‬تعلـق الشافعــي باألدب‬

‫"قيل للش افعي رض ي اهلل عنه‪ :‬كيف ش هوتك لذدب فقال‪ :‬أس مع منه بالحرف مما لم أس معه؛‬

‫‪-‬فتود أعضائي أن لها أ سماعا فتتنعم ب‪ -‬قيل‪ :‬وكيف طلبك له؟ فقال‪ :‬طلب المرأة المضلة ولدها‬

‫لها غيره"(‪.)2‬‬ ‫ولي‬

‫(‪ )1‬إبن الجوزي‪ ،‬عبد الرحمن بن علي‪ ،‬ص يد الخاطر في التخلي من األمراس النفس ية والتحلي باآلداب الش رعية واألخالق‬
‫المرضية‪ ،‬تحقيق حسن السويدان‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار القلم‪ ،‬ط‪2012 ،3‬م‪ ،‬ص‪.52‬‬
‫(‪ )2‬إبن جماعة‪ ،‬بدر الدين محمد‪ ،‬تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم‪ ،‬تحقيق محمد العجمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار البشائر‬
‫اإلسالمية‪2009 ،‬م‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫‪83‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫س ئِل اإلمام الش افعي رض ي اهلل عنه عن طلبه لتعلم األدب وش هوته إليه‪ ،‬فأجاب بأنه عندما‬

‫يس تمع إلى ض رب جديد من ض روب األدب‪ ،‬يود لو أن كل أعض ا ه لها مس امع (أي تس تطيع أن‬

‫تس مع) لكي تتنعم به‪ ،‬وعندما س ئِل عن كيفية طلبه له‪ ،‬أجاب‪ :‬بأنه يطلب األدب كما تطلب المرأة‬

‫لها غيره‪ ،‬وهذا يدل على شدة حبه واهتمامه وشوقه لتعلم‬ ‫ولدها الذي ضلت عنه وضاع منها ولي‬

‫األدب‪ ،‬ويدل على مكانة األدب بين سائر العلوم‪.‬‬

‫كشف الذات هنا من قبل اإلمام الشافعي رضي اهلل عنه‪ ،‬حيث أف صح بمعلومات تتعلق بحبه‬

‫لتعلم األدب وكيفية طلبه له‪ .‬وكش ف الذات هنا عملية تفاعلية بين طرفين‪ ،‬الكاش ف هو اإلمام‬

‫الش افعي رض ي اهلل عنه‪ ،‬والمتلقي من س أله عن كيفية طلبه لذدب وش هوته إليه‪ ،‬وتم اإلفص اح‬

‫بالتص ريح القولي عن معلومات ش خص ية تخص ش هوته لذدب وطريقة طلبه له‪ ،‬وعبر اإلفص اح‬

‫اعر تخص حبه لطلب األدب ومعلومات تتعلق بطريقة طلبه له‪،‬‬ ‫عما يجول في خاطره من مش‬

‫وتتضح مرتكزات كشف الذات هنا‪ ،‬فقد عبر الشافعي عن حبه لذدب بكل صدق وحكمة وأمانة‪.‬‬

‫خامســ ا‪ :‬حوار عباس الشرعبي مع الفقيه أبو بكر الحربي‬

‫بن الحسن بن بشر الشرعبي قال‪ :‬أخبرني الفقيه أبو بكر الحربي قال‪ :‬كنت ممن‬ ‫"عن عبا‬

‫يق أر على الش يخ اإلمام محمد بن عبدويه بجزيرة كمران وقد كف بص ره؛ فجئت مرة من بلدي أزوره‬

‫فدخلت المهجم فوجدت بها طبيبا‪ ،‬فأخبرته بحال الفقيه وس ألته الس ير معي إليه ليعمل بمداواته‬

‫وبذلت له على ذلك دينا ار فأجابني"(‪.)1‬‬

‫الش رعبي أن الفقيه أبو بكر الحربي أخبره بأنه كان يأخذ العلم من الش يخ اإلمام‬ ‫يروي عبا‬

‫محمد بن عبدويه‪ ،‬وقد كان كفيف البص ر‪ ،‬فجا مرة لزيارته‪ ،‬وعندما وص ل إلى المهجم؛ وجد فيها‬

‫(‪ )1‬الكندي‪ ،‬بها الدين محمد‪ ،‬الس لوك في طبقات العلما والملوك‪ ،‬تحقيق محمد بن علي الحوالي‪ ،‬ص نعا ‪ ،‬مكتبة اإلرش اد‪،‬‬
‫‪1995‬م‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.280‬‬
‫‪84‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫طبيبا فش رح له حالة الفقيه‪ ،‬وطلب منه أن يص طحبه إلى الفقيه ليقوم بمداواته‪ ،‬وعرس عليه دينا ار‬

‫فوافق الطبيب على طلبه‪.‬‬

‫كش ف الذات من قبل الفقيه أبو بكر الحربي‪ ،‬حيث أفص ح عن معلومات خاص ة تتعلق بمن‬

‫يعلمه ويق أر عليه‪ ،‬وفي محاولته لمعالجة ش يخه‪ .‬وكش ف الذات هنا عملية تفاعلية بين طرفين‪،‬‬

‫بن حسن الشرعبي‪ ،‬وتم اإلفصاح بالتصريح‬ ‫الكاشف هو الفقيه أبو بكر الحربي والمتلقي هو عبا‬

‫القولي عن معلومات خاص ة تتعلق بالش يخ الذي يق أر عليه وبمحاولته في عالجه من الكفف الذي‬

‫أص ابه‪ ،‬وعبر اإلفص اح عما يجول في خاطره من معلومات‪ ،‬وتتض ح مرتكزات كش ف الذات هنا‪،‬‬

‫حيث نقل الفقيه أبو بكر هذه المعلومات بكل ص دق وأمانة‪ ،‬كما أنه تص رف بحكمة تجاه معالجة‬

‫معلمه‪.‬‬

‫يتض ح مما س بق عرض ه من نماذج لكش ف الذات في التراث اإلس المي‪ ،‬أن جميع هذه‬

‫النماذج توفرت فيها معظم ش روط كش ف الذات‪ ،‬ففي جميع األمثلة يوجد كاش ف ومتلقي‪ ،‬ويكون‬

‫الكش ف باإلفص اح القولي تلميحا أو تص ريحا‪ ،‬إما عن اآل ار والمعتقدات أو عن المعلومات‬

‫الش خص ية التي تتيح لآلخرين فهم ش خص ية الكاش ف وتض منت معظم النماذج على مرتكزات كش ف‬

‫الذات في التربية اإلسالمية المتمثلة بالصدق واألمانة والحكمة وتعاون‪.‬‬

‫كما كان هناك كشف فردي وكشف جماعي على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬من ش خص إلى آخر‪ :‬ويوجد هذا النوع من كش ف الذات في نموذج الش يخ أبو حكيم‪ ،‬ونموذج‬

‫وصية راهبة إلى إبنها‪ ،‬ونموذج الفقيه أبو بكر الحربي وشيخه‪.‬‬

‫‪ .2‬من ش خص إلى مجموعة‪ :‬ويوجد هذا النوع من كش ف الذات في نوذج التمتع بالعمرة‪ ،‬نموذج‬

‫حلقة جامع الفسطاط‪ ،‬نموذج رخا حياة إبن الجوزي‪ ،‬ونموذج شهوة الشافعي لذدب‪.‬‬

‫‪85‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .3‬متبادل في مجموعة‪ :‬ويوجد هذا النوع من كشف الذات في نموذج مبايعة أبو بكر‪.‬‬

‫‪ .4‬من مجموعة إلى ش خص‪ :‬ويوجد هذا النوع من كش ف الذات في نموذج تدوين الديوان ونموذج‬

‫ال يصلي بكم غيره‪.‬‬

‫كما تنوعت طرق اإلفصاح في هذه األمثلة كاآلتي‪:‬‬

‫كان اإلفص اح في جميع األمثلة بالتص ريح القولي ما عدا نموذج رخا إبن الجوزي‪ ،‬فقد كان‬

‫بالتلميح القولي‪ .‬ووقعت جميع النماذج ضمن دوائر العالقات العامة‪.‬‬

‫‪86‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫رسم توضيحي (‪ :)6‬نماذج كشف الذات في التراث اإلسالمــي‬

‫نماذج كشف الذات في الترا اإلسالمــي‬

‫نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن‬ ‫نماذج كشف الذات من خالل اإلفصاح عن‬
‫معلومات شخصية‬ ‫اآلراء والمعتقدات‬

‫مرتكزات‬ ‫عملية تفاعلية‬ ‫مرتكزات‬ ‫عملية تفاعلية‬

‫التعاون‬ ‫األمانة‬ ‫الحكمة‬ ‫الصدق‬ ‫التعاون‬ ‫األمانة‬ ‫الحكمة‬ ‫الصدق‬

‫من فرد‬ ‫من فرد‬ ‫مجمو عة‬ ‫ممممممممممممممن‬ ‫مممن فممرد‬


‫إلممممممممممم‬ ‫أل فرد‬ ‫ممممممممممممممممم‬ ‫جممماعممة‬ ‫إلممممممممممممممم‬
‫جماعة‬ ‫بعضمممممممها‬ ‫إل فرد‬ ‫جماعة‬
‫البعض‬

‫رخـممـممـمماء‬ ‫اإلنش ـال‬ ‫مبممممايعممممة‬ ‫تممممدوين‬ ‫الممتمممممتمم‬


‫إبـمممممممممممممن‬ ‫عـمممممممممممممن‬ ‫أبممو بممكممر‬ ‫الديوان‬ ‫بالعمرة‬
‫الجوزي‬ ‫العلـممممممممممم‬ ‫الصممممديق‬
‫واإلقبـممال‬ ‫(رضممممممي‬
‫عليـه‬ ‫هللا عنه)‬

‫‪87‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نماذج كشف الذات في الدراسات التربوية المعاصرة‬

‫تعالج الدراس ات التربوية المعاص رة العديد من القض ايا التربوية التي تهم الفرد واألس رة‬

‫والمجتمع‪ ،‬وتطرح مس ائل تربوية مس تجدة ومعاص رة‪ ،‬تحاكي الواقع وتض ع المش كالت واألوض اع‬

‫األسرية واالجتماعية‪ ،‬محل للنقاش والتوضيح مع محاوالت إيجاد الحلول التربوية المناسبة لها‪ ،‬وكل‬

‫هذا في محاولة لإلرتقا بالمجتمعات واألفراد‪ ،‬ومن هنا رأت الباحثة ض رورة دراس ة كش ف الذات في‬

‫ض و الدراس ات التربوية المعاص رة‪ ،‬حيث س تعرس الباحثة في هذا المبحث نتائج الدراس ات التربوية‬

‫المعاصرة التي تتعلق بموصوع كشف الذات‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ونتائجها كاآلتي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬دراسة األسدي (‪)2011‬‬

‫ائ دان ل دى الطلب ة العرب في المرحل ة‬ ‫‪ .1‬أ ن النمط ال ديموقراطي ونمط التقب ل هم ا النمط ان الس‬

‫الث انوي ة في منطق ة الجلي ل األعلى‪ ،‬وج ا ا في المرتب ة األولى‪ ،‬بينم ا ج ا نمط النب ذ في المرتبة‬

‫االخيرة‪.‬‬

‫‪ .2‬أن مس توى كش ف الذات لدى الطلبة العرب في المرحلة الثانوية كان الى الص ديق ‪/‬الص ديقة في‬

‫كل من مجال االتجاهات واآل ار ‪ ،‬األذواق والميول‪ ،‬الدراس ة‪ ،‬الش خص ية‪ ،‬وكش ف الذات الكلي‬

‫أعلى منه لدى الوالد والوالده‪ ،‬وجا مس توى كش ف الذات للوالدة في الوض ع المالي والحالة‬

‫الجس مية أعلى منه لدى كل من الوالد والص ديق‪/‬الص ديقة‪ ،‬كما أن مس توى كش ف الذات للوالد‬

‫في جميع المجاالت‪ ،‬والكلي كان متدنيا مقارنة بمس توى كش ف الذات لدى كل من الوالدة‬

‫والضديق‪/‬الصديقة‪ ،‬بإستثنا الوضع المالي فقد كان أعلى لدى الوالد مقابل الصديق‪/‬الصديقة‪.‬‬

‫(‪ )1‬األس دي‪ ،‬نهار يوس ف‪ ،‬أنماط التنش ئة الوالدية وعالقتها بكش ف الذات والدافعية للتعلم لدى الطلبة العرب في المرحلة‬
‫الثانوية في منطقة الجليل االعلى في ض و بعس المتغيرات‪ ،‬رس الة ماجس تير‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬األردن‪،‬‬
‫‪2011‬م‪.‬‬
‫‪88‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .3‬أن مس توى الدافعية للتعلم لدى الطلبة العرب في المرحلة الثانوية كان بدرجة مرتفعة‪ ،‬وجا‬

‫المج ال الخلقي في المرتب ة األولى وب درج ة مرتفع ة‪ ،‬بينم ا ج ا المج ال المعرفي في المرتب ة‬

‫االخيرة وبدرجة متوسطة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ونتائجها كاآلتي‪:‬‬ ‫ثانيا‪ :‬دراسة العمري (‪)2009‬‬

‫‪ .1‬أن مس توى كش ف الذات بين األزواج لدى عينة من معلمي ومعلمات تربية إربد االولى كان‬

‫بمستوى متوسط وهذه النتيجة خالفة دراسة جردات‪.‬‬

‫‪ .2‬وجود فروق ذات داللة إحص ائية عند مس توى الداللة اإلحص ائية (‪ )a=0.05‬في متوس طات‬

‫تقديرات المعلمين على االداة ككل والمتعلقة بكس ف الذات تعزى لمتغير (عدد أفراد األس رة)‬

‫ولصالح ذوي عدد أفراد األسرة (‪7_3‬أفراد‪ ،‬و‪ 8‬أفراد فأكثر)‪.‬‬

‫‪ .3‬أن مس توى التوافق الزواجي لدى عينة معلمي مديرية اربد األولى‪ ،‬كان بمس توى عالي‪ ،‬حيث‬

‫تف اوت ت درج ة التق دير بين درج ة تق دير متوس ط ة الى درج ة تق دير ع الي ة‪ ،‬حي ث ج ا مج ال‬

‫(النفس ي‪ ،‬الع اطفي‪ ،‬والفكري‪ ،‬واالجتم اعي) ب درج ة تق دير ع الي ة‪ ،‬أم ا مج الي (األس ري‪،‬‬

‫واالقتصادي) فقد جا ا بدرجة تقدير متوسطة‪.‬‬

‫‪ .4‬أ ن العالق ة بين كش ف ال ذات والتوافق الزواجي ل دى معلمي م ديري ة تربي ة ارب د األولى ك ان ت‬

‫ايجابية والتي تدل عل أنه كلما زاد كشف الذات زاد التوافق الزواجي بينهما‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫ونتائجها ماآلتي‪:‬‬ ‫ثالثا‪ :‬دراسة العمري (‪)2013‬‬

‫‪ .1‬أن كشف الذات لكل من األب واألم والصديق كان في حده األدنى لجميع أفراد عينة الدراسة‪.‬‬

‫‪ .2‬أن كش ف الذات لدى أفراد عينة الدراس ة يختلف أحيانا باختالف الموض وع أو الش خص‪ ،‬فقد‬

‫يكش ف الطالب نفس ه في موض وع الدراس ة مثال وال يقوم بذلك في مجال الش خص ية واألمور‬

‫(‪ )1‬العمري‪ ،‬العالقة بين كشف الذات والتوافق الزواجي لدى عينة من معلمي ومعلمات تربية أربد االولى‪.‬‬
‫(‪ )2‬العمري‪ ،‬كشف الذات وعالقته اللشعور بالوحدة لدى عينة من طلبة جامعة اليرموك‪.‬‬
‫‪89‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫المادية أو قد يكش ف ذاته في مجال األذواق والميول‪ ،‬ولكنه يمتنع عن اإلفص اح عن آ ار ه‬

‫واتجاهاته‪ ،‬وكذلك االمر بالنس بة للش خص المس تهدف في كس ف الذات فقد يكش ف الطالب ذاته‬

‫ألبيه وال يقوم بذلك ألمه أو صديقه‪.‬‬

‫‪ .3‬أن مس توى الش عور بالوحدة لدى جميع أفراد عينة الدراس ة كان بدرجة متوس طة‪ ،‬وذلك بالنظر‬

‫الشعور بالوحدة والتي بلغت (‪ )2.05‬وتبعا‬ ‫إلى مجموع المتوسطات الحسابية ألفراد على مقيا‬

‫للمعايير المتبعة في الدراسة‪.‬‬

‫‪ .4‬أن مس توى األعراس االكتئابية لدى طلبة جامعة اليرموك كان متوس طا‪ ،‬فقد كان مجموع‬

‫المتوسطات الحسابية لذعراس االكتئابية لدى الطلبة (‪.)1.21‬‬

‫‪ .5‬وجود عالقة س لبية دالة إحص ائيا بين كش ف الذات لذب وكش ف الذات لذم وكش ف الذات‬

‫للص ديق والش عور بالوحدة‪ ،‬بمعنى كلما كان هناك كش ف ذات أكبر قلت أو انحس رت مش كلة‬

‫الشعور بالوحدة وذلك لدى جميع أفراد عينة الدراسة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ونتائجها كاآلتي‪:‬‬ ‫رابعا‪ :‬دراسة الزعبي (‪)2009‬‬

‫‪ .1‬أن العامل الش خص ي الس ائد لدى أفراد عينة الدراس ة في ض و جنس هم وتخص ص هم ومعدلهم‬

‫التراكمي‪ ،‬هو عامل (المقبولية)‪.‬‬

‫كامال‬ ‫‪ .2‬أن مس توى الذكا األنفعالي لدى أفراد عينة الدراس ة هو مس توى مرتفع‪ ،‬على المقيا‬

‫ة‪ ،‬حي ث ج ا بع د التع اطف في المرتب ة األولى‪ ،‬يلي ه بع د المعرف ة‬ ‫وعلى جميع أبع اده الخمس‬

‫اإلنفعالية‪ ،‬في حين بعد تنظيم اإلنفعاالت في المرتبة األخيرة‪ ،‬وذلك حس ب متغيرات الدراس ة‬

‫(الجن ‪ ،‬والتخص ص‪ ،‬والمعدل التراكمي)‪ ،‬بإس تثنا ذوي تخص ص اإلرش اد النفس ي حيث جا‬

‫تنظيم اإلنفعاالت بدرجة متوسطة‪.‬‬

‫(‪ )1‬الزعبي‪ ،‬العوامل الخمس ة الكبرى للش خص ية وعالقتها بالذكا األنفعالي ومركز الض بط وكش ف الذات لدى عينة من طلبة‬
‫كلية التربية في جامعة اليرموك في ضو بعص المتغيرات‪.‬‬
‫‪90‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .3‬أن أفراد عينة الدراس ة من ذوي مركز الض بط الخارجي وذلك حس ب جميع المتغيرات (الجن ‪،‬‬

‫والتخص ص‪ ،‬والمعدل التراكمي)‪ ،‬حيث بلغت نس بتهم (‪ ،)%88.9‬وهذه الفئة من األفراد الذين‬

‫هم من ذوي مركز الض بط الخارجي‪ ،‬يعزون أس باب نجاحهم وفش لهم إلى عوامل خارجية‪،‬‬

‫كالحظ‪ ،‬أو الص دفة‪ ،‬أو لقوى خارجية ال يس تطيعون فهمها أو الس يطرة عليها‪ ،‬كون مركز‬

‫من ذوي مركز الض بط الداخلي الذين يس تمدون‬ ‫تعزيزهم على س لوكهم خارجيا‪ ،‬على العك‬

‫تعزيزاتهم من قوى داخلية معتمدين على قدراتهم الشخصية في تحقيق النجاح‪.‬‬

‫‪ .4‬أن أفراد عينة الدراس ة يكش فون أنفس هم ألص دقائهم بش كل أكثر‪ ،‬حيث جا ذلك في المرتبة‬

‫األولى‪ ،‬ومن ثم ألمهاتهم ومن ثم آلبائهم‪.‬‬

‫‪ .5‬وجود عالقة إيجابية ودالة إحصائيا بين العامل الشخصي (االنبساط‪ ،‬يقظة الضمير‪ ،‬المقبولية‪،‬‬

‫اإلنفت اح على الخبرة)‪ ،‬وك ل بع د من أبع اد ال ذك ا اإلنفع الي وال ذك ا اإلنفع الي كك ل‪ ،‬حي ث بل‬

‫الذكا االنفعالي ككل‪ ،‬وأدناه (‪)0.016‬‬ ‫أعاله (‪ )0.06‬بين عامل اإلنفتاح على الخبرة ومقيا‬

‫بين عامل المقبولية وادارة االنفعاالت‪ ،‬ووجود عالقة سلبية ودالة إحصائيا بين العامل الشخصي‬

‫العصابية وكل بعد من أبعاد الذكا اإلنفعالي ما عدا بعد التعاطف والذكا اإلنفعالي ككل‪.‬‬

‫‪ .6‬أظهرت النتائج وجود وجود عالقة س لبية ودالة إحص ائيا‪ ،‬بين العامل الش خص ي العص ابية‪ ،‬وكل‬

‫كش ف الذات للوالدة‪ ،‬وكش ف الذات للوالدة ككل‪ ،‬ووجود عالقة إيجابية‬ ‫بعد من أبعاد مقيا‬

‫ودالة إحص ائيا بين العامل الش خص ي العص ابية وكش ف االتجاهات واآل ار ألقرب ص ديق‪،‬‬

‫والحالة الجسمية ألقرب صديق‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ونتائجها كاآلتي‪:‬‬ ‫خامسا‪ :‬دراسة الصبيحين (‪)2001‬‬

‫(‪ )1‬الصبيحين‪ ،‬العوامل المؤثرة في كشف الذات لدى طلبة المرحلة الثانوية في محافظة المفرق‪.‬‬
‫‪91‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫‪ .1‬أن مس توى كش ف الذات الكلي كان متوس طا لكل من الص ديق واألم‪ ،‬ومتدني لكل من األب‬

‫هذا انخفاس مس توى كش ف الذات لدى طلبة المرحلة الثانوية‪ ،‬ويمكن‬ ‫والمرش د التربوي‪ ،‬ويعك‬

‫أن يعزى ذلك إلى نمط التربية األس رية والثقافة الس ائدة في المجتمع والتي ال تش جع على كش ف‬

‫الذات لآلخرين‪.‬‬

‫ائي ة مم ا يش ير إلى وجود تجمعين من‬ ‫‪ .2‬أن هن اك مع املي ارتب اط ق انونيين ذوي دالل ة إحص‬

‫من المتغي ارت المس تقلة والكش ف لذم في مجال‬ ‫المتغيرات المس تقلة والتابعة‪ ،‬حيث كان الجن‬

‫األذواق والميول‪ ،‬وفي مجال الدراسة من المتغيرات التابعة هذا يعني أن الذكور أقل ميال للكشف‬

‫عن ذواتهم ألمهاتهم في مجالي األذواق والميول‪ ،‬والدراسة‪.‬‬

‫‪ .3‬أن هناك معامل ارتباط قانوني واحد يشكل تجمعا من المتغيرات الشارحة والتابعة‪ ،‬يفسر الكشف‬

‫كمتغير ش ارح والكش ف في مجال االتجاهات‪ ،‬واآل ار ‪ ،‬والمالية‪،‬‬ ‫للص ديق‪ ،‬يتكون من الجن‬

‫وأقل كشف لذواتهم في مجالي االذواق والدراسة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ونتائجها كاآلتي‪:‬‬ ‫سادسا‪ :‬دراسة فريحات (‪)2018‬‬

‫‪ .1‬وجود فروق دالة إحص ائيا في كش ف الذات الكلي لذم تعزى للجن ‪ ،‬ولص الح اإلناث‪ ،‬في‬

‫خمسة أبعاد‪ :‬بعد الحالة الجسمية يليه بعد األذواق والميول‪ ،‬ثم الدراسة ثم الشخصية وأخي ار بعد‬

‫الوضع المالي‪ ،‬بينما لم تظهر فروق ذات داللة إحصائية في كشف الذات الكلي لذب‪.‬‬

‫‪ .2‬وجود فروق دالة إحصائيا في الضغط النفسي تعزى للجن ‪ ،‬وذلك لصالح اإلناث‪.‬‬

‫‪ .3‬عدم وجود عالقة ذات داللة إحص ائية بين كش ف الذات الكلي لكل من األب واألم والص ديق‬

‫والغريب‪ ،‬وبين الض غط النفس ي لدى عينة من طلبة جامعة اليرموك وكذلك األمر على أبعاد‬

‫كش ف الذات للص ديق والغريب‪ ،‬ووجود عالقة س لبية دالة إحص ائيا بين درجات اإلناث والعينة‬

‫(‪ )1‬فريحات‪ ،‬منار خلف حس ن‪ ،‬العالقة بين كش ف الذات والض غط النفس ي لدى عينة من طلبة جامعة اليرموك‪ ،‬رس الة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬األردن‪2018 ،‬م‪.‬‬
‫‪92‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الكلية على بعدي‪ :‬االتجاهات واآل ار ‪ ،‬والش خص ية على كش ف الذات لذب وبين درجاتهم على‬

‫الض غط النفس ي‪ ،‬ووجود عالقة س لبية دالة إحص ائيا بين درجات اإلناث على بعد‬ ‫مقيا‬

‫الضغط النفسي‪.‬‬ ‫االتجاهات واآل ار بالنسبة لكشف الذات لذم وبين درجاتهن على مقيا‬

‫بعد عرس نتائج لبعس الدراس ات التربوية المعاص رة المتعلقة بكش ف الذات‪ ،‬نجد أن هناك‬

‫الواقع‬ ‫اهتمام من قبل الباحثين في طرح موضوع كشف الذات ودراسته دراسة علمية ميدانية‪ ،‬تالم‬

‫وتسلط الضو عل مشكالته المتعلقة بكشف الذات‪.‬‬

‫كما يالحظ أن كش ف الذات يتاثر ويؤثر في المتغيرات التي تمت دراس ته في ض وئها‪ ،‬وهذا‬

‫اإلهتمام والتأثير يدفع لدراسة كشف الذات دراسة تطبيقية من وجهة نظر إسالمية‪.‬‬

‫‪93‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫الخاتمة‬

‫أوالا‪ :‬نتائج الدراسة‬

‫توصلت الدراسة الحالية إلى النتائج اآلتية‪:‬‬

‫‪ .1‬المقص ود بكش ف الذات في ض و التربية اإلس المية‪" :‬عملية اإلفص اح (تص ريحا أو تعريض ا)‬

‫بمعلومات ش خص ية أو غير ش خص ية أو التعبير عن األفكار والمعتقدات‪ ،‬بحيث ال يلحق‬

‫الضرر بنفسه أو باآلخرين‪ ،‬وبشكل يتيح لآلخرين فهم شخصيته‪ ،‬ويحقق له السعاده في الدارين‬

‫الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫في تسمية مرتكزات كشف الذات‪ ،‬وبعد تدبر النصوص الشرعية‬ ‫‪ .2‬اختلف الباحثون في علم النف‬

‫المتعلقة بهذه المرتك ازت‪ ،‬كان من أهم مرتكزات كشف الذات في ضو التربية اإلسالمية‪:‬‬

‫أ‪ .‬الص دق‪ :‬وينطوي مرتكز الص دق على جميع أش كال اإلفص اح الممثلة بالتص ريح والتعريس‬

‫والشورى وابدا اآل ار والمعتقدات‪ ،‬فجميعها يجب أن تكون صادقة حتى تعتبر كشفا للذات‪.‬‬

‫ب‪ .‬األمانة‪ :‬أن على الشخص المتلقي أن يكون أمينا على أسرار الشخص الكاشف‪ ،‬حتى يتمم‬

‫عملية الكشف بجو آمن‪ ،‬وتتطور العالقة التي تؤدي إلى تطور كشف الذات‪.‬‬

‫ج‪ .‬الحكمة‪ :‬يجب على الش خص الكاش ف لذاته أن يمتلك الحكمة‪ ،‬بحيث يقدر المعلومات التي‬

‫يمكن الكش ف عنها‪ ،‬فاالص ل أن ال يكش ف اإلنس ان عن حقائق قد تض عف عالقاته مع‬

‫اآلخر أو تس تخدم ض د مص لحته‪ ،‬وأن تكون لديه حكمة اختيار األش خاص المراد الكش ف‬

‫أمامهم‪ ،‬ويكون المتلقي لهذه المعلومات محل ثقة‪.‬‬

‫‪ .3‬وردت عناص ر كش ف الذات في نص وص القرآن الكريم والس نة النبوية المطهرة‪ ،‬حيث تض منت‬

‫على كاش ف ومتلقي‪ ،‬وكان الكش ف باإلفص اح‪ ،‬إما عن اآل ار والمعتقدات‪ ،‬أو عن المعلومات‬

‫الش خص ية التي تتيح لآلخرين فهم ش خص ية الكاش ف‪ ،‬كما تض منت على مرتكزات كش ف الذات‬

‫في التربية اإلس المية المتمثلة بالص دق واألمانة والحكمة‪ ،‬وكان هناك كش ف فردي‪ ،‬وكش ف‬

‫جماعي‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬

‫‪94‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫أ‪ .‬بينت نص وص من القرآن الكريم نماذج كش ف الذات المتعلقة باإلفص اح عن االرآ‬

‫والمعتقدات‪ ،‬كما في نموذج حوار سيدنا نوح مع إبنه‪.‬‬

‫ب‪ .‬بينت نص وص من القرآن الكريم نماذج كش ف الذات المتعلقة باإلفص اح عن المعلومات‬

‫الشخصية‪ ،‬كما في نموذج سيدنا موسى مع الرجل الصالح‪.‬‬

‫ج‪ .‬بينت نص وص من الس نة النبوية المطهرة نماذج كش ف الذات المتعلقة باإلفص اح عن اآل ار‬

‫والمعتقدات‪ ،‬كما في نموذج حديث أبو ذر‪.‬‬

‫د‪ .‬بينت نص وص من الس نة النبوية نماذج كش ف الذات المتعلقة باإلفص اح عن المعلومات‬

‫الشخصية‪ ،‬كما في نموذج القول بفضل سيدتنا عائشة‪.‬‬

‫‪ .4‬وردت عناص ر كش ف الذات في مواقف التراث اإلس المي‪ ،‬حيث تض منت على كاش ف ومتلقي‪،‬‬

‫وكان الكش ف باإلفص اح‪ ،‬إما عن اآل ار والمعتقدات‪ ،‬أو عن المعلومات الش خص ية التي تتيح‬

‫لآلخرين فهم شخصية الكاشف‪ ،‬كما تضمنت على مرتكزات كشف الذات في التربية اإلسالمية‬

‫المتمثلة بالصدق واألمانة والحكمة‪ ،‬وكان هناك كشف فردي‪ ،‬وكشف جماعي وذلك من خالل‪:‬‬

‫اح عن اآل ار‬ ‫أ‪ .‬بي نت مواقف التراث اإلس المي نماذج كش ف الذات المتعلقة باإلفص‬

‫والمعتقدات‪ ،‬كما في نموذج تدوين الديوان‪.‬‬

‫ب‪ .‬بينت مواقف التراث اإلس المي نماذج كش ف الذات المتعلقة باإلفص اح عن معلومات‬

‫شخصية‪ ،‬كما في نموذج اإلقبال على العلم بعد اإلنشغال عنه‪.‬‬

‫‪ .5‬يوجد العديد من الدراس ات التربوية المعاص رة التي درس ة موض وع كش ف الذات في ض و‬

‫مجموعة من المتغيرات‪ ،‬وعبرت نتائج هذه الدراس ات عن إيجابيات أو س لبيات تخص عملية‬

‫كشف الذات‪.‬‬

‫‪95‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫التوصيـــات‬

‫‪ .1‬عقد مؤتمرات علمية تعنى بموضوع كشف الذات من منظور تربوي إسالمي‪.‬‬

‫‪ .2‬إعداد دراس ات علمية متخص ص ة تس بر غور القرآن الكريم والس نة النبوية المطهرة بش كل أكثر‬

‫عمقا‪ ،‬للكشف عن منظومة متكاملة لجميع عناصر كشف الذات في اإلسالم‪.‬‬

‫‪ .3‬القيام بدراس ات ميدانية تكش ف عن درجة توفر مرتكزات كش ف الذات من منظور التربية‬

‫اإلسالمية في العالقات األسرية والعالقات االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .4‬عقد دورات علمية تبين أهمية كشف الذات في تنمية العالقة بين اآلبا واألبنا ‪.‬‬

‫‪ .5‬إعداد محاض رات تثقيفية‪ ،‬هدفها توعية الطالب بمخاطر كش ف الذات بطريقة خاطئة وس لبية‬

‫لآلخرين‪.‬‬

‫‪96‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫قائمة المصادر والمرارع‬

‫األش قر‪ ،‬عمر س ليمان‪ ،‬مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين‪ ،‬الكويت‪ ،‬مكتبة الفالح‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1981‬م‪.‬‬

‫أس دي‪ ،‬نهار‪ ،‬أنماط التنشــــئة الوالدية وعالقتها بكشــــف الذات والدافعية للتعلم لدى الطلبة العرب‬

‫في المرحلة الثانوية في منطقة الرليل األعلى في ضوء بعض المتغيرات‪ ،‬رس الة ماجس تير‪،‬‬

‫كلية التربية‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2011 ،‬م‪.‬‬

‫األندلسي‪ ،‬أحمد إبن عبد ربه‪ ،‬العقد الفريد‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ، ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشعب‪ ،‬ط‪1987 ،1‬م‪.‬‬

‫البزار‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬مسند البزار‪ ،‬المدينة المنورة‪ ،‬مكتبة العلوم والحكم‪ ،‬ط‪1889 ،1‬م‪.‬‬

‫إبن بطال‪ ،‬علي بن خلف‪ ،‬شرح صحيح البخاري البن بطال‪ ،‬تحقيق ياس ر إبراهيم‪ ،‬الرياس‪ ،‬مكتبة‬

‫الرشد‪ ،‬ط‪2003 ،2‬م‪.‬‬

‫البغوي‪ ،‬أبو محمد الحسين‪ ،‬معالم التنزيل‪ ،‬تحقيق سليمان الحرش‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪،‬‬

‫ط‪1997 ،4‬م‪.‬‬

‫الترمذي‪ ،‬محمد بن عيسى‪ ،‬سنن الترمذي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحيا التراث العربي‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫الجاجان‪ ،‬ياسر‪ ،‬كشف الذات وعالقته بقوة الشخصية لدى عينة من طلبة التعليم المفتوح في جامعة‬

‫دمشق‪ ،‬مرلة رامعة البعث‪ ،‬مجلد ‪ ،35‬عدد ‪2016 ،58‬م‪.‬‬

‫‪97‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫جرادات‪ ،‬عبد الكريم‪ ،‬كشــــــف الذات لدى طلبة رامعة اليرموك وعالقته ببعض المتغيرات‪ ،‬رس الة‬

‫ماجستير‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪1995 ،‬م‪.‬‬

‫الجرج اني‪ ،‬علي بن محم د‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيق ابراهيم األبراري‪ ،‬دار الكت اب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1‬‬

‫‪1405‬ه‪.‬‬

‫إبن جم اع ة‪ ،‬ب در ال دين محم د‪ ،‬تذكرة الســــــــــامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم‪ ،‬تحقيق محم د‬

‫العجمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار البشائر اإلسالمية‪2009 ،‬م‪.‬‬

‫إبن الجوزي‪ ،‬عبد الرحمن بن علي‪ ،‬صـــــــــيد الخاطر في التخلي من األمراض النفســـــــــية والتحلي‬

‫باآلداب الشرعية واألخالق المرضية‪ ،‬تحقيق حسن السويدان‪ ،‬دمشق‪ ،‬دار القلم‪ ،‬ط‪2012 ،3‬م‪.‬‬

‫إبن الجوزي‪ ،‬عبد الرحمن بن علي‪ ،‬لفتة الكبد إلى نصـــــــــيحة الولد‪ ،‬تحقيق أش رف عبد الرحيم‪،‬‬

‫مصر‪ ،‬مكتبة اإلمام البخاري‪ ،‬ط‪1412 ،1‬ه ‪.‬‬

‫الجوهري‪ ،‬أبو نصر إسماعيل إبن حماد‪ ،‬الصحاح في اللغة‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ن‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫إبن حنبل‪ ،‬أحمد‪ ،‬مسند احمد بن حنبل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫الحمد‪ ،‬منى‪ ،‬أس اليب التعبير عن الذات والرأي وظوابطهما دراس ة تربوية في ض و الس نة النبوية‪،‬‬

‫مرلة رامعة القدس المفتوحه لألبحاث والدراسات‪ ،‬العدد ‪2015 ،35‬م‪.‬‬

‫الحنفي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحيا التراث العربي‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫الخطابي‪ ،‬أبو سليمان‪ ،‬معالم السنن‪ ،‬حلب‪ ،‬المطبعة العلمية‪ ،‬ط‪1932 ،1‬م‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫خطاطبة‪ ،‬عدنان‪ ،‬األصــــل العقدي للتربية اإلســــالمية وتطبيقاته التربوية‪ ،‬عمان‪ ،‬المكتبة الوطنية‪،‬‬

‫د‪ .‬ط‪2017 ،‬م‪.‬‬

‫الخولي‪ ،‬إبراهيم محمد‪ ،‬التعريض في القرآن الكريم‪ ،‬دار البصائر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪2004 ،1‬م‪.‬‬

‫أبو داود‪ ،‬سنن أبي داود‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫الزعبي‪ ،‬ندا محمد‪ ،‬العوامل الخمسة الكبرى للشخصية وعالقتها بالذكاء األنفعالي ومركز الضبط‬

‫وك شف الذات لدى عينة من طلبة كلية التربية برامعة اليرموك في ضوء بعض المتغيرات‪،‬‬

‫أطروحة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬إربد‪2009 ،‬م‪.‬‬

‫الزغول‪ ،‬عم اد‪ ،‬الهن داوي‪ ،‬وعلي‪ ،‬مـــدخـــل إلى علم النفس‪ ،‬العين‪ ،‬دار الكت اب الج امعي‪ ،‬ط‪،8‬‬

‫‪2014‬م‪.‬‬

‫إبن سحنون‪ ،‬محمد‪ ،‬آداب المعلمين‪ ،‬تحقيق حسن عبد الوهاب‪ ،‬تون ‪ ،‬د‪ .‬ن‪1972 ،‬م‪.‬‬

‫السعدي‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬تفسير السعدي‪ ،‬مؤسسة الرسالة ط‪2000 ،1‬م‪.‬‬

‫سيد قطب‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬تفسير في ظالل القرآن‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ ،‬شرح الديباج على مسلم‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫السيوطي‪ ،‬عبد الرحمن بن أبي بكر‪ ،‬تاريخ الخلفاء‪ ،‬مصر‪ ،‬مطبعة السعادة‪ ،‬ط‪1952 ،1‬م‪.‬‬

‫ش عبان‪ ،‬عبد ربه‪ ،‬الخرل وعالقته بتقدير الذات ومســــتوى الطموح لدى المعاقين بصــــريا‪ ،‬رس الة‬

‫ماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية ‪ -‬غزة‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬غزة‪2010 ،‬م‪.‬‬

‫الشعراوي‪ ،‬محمد متولي‪ ،‬تفسير الشعراوي‪ ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ط‪.‬‬
‫‪99‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫ص الح‪ ،‬فيروز عثمان‪ ،‬الش ورى في اإلس الم‪ ،‬مقالة مننش ورة‪ ،‬مرلة الدراســـات الدعوية‪ ،‬العدد‪،17‬‬

‫‪2009‬م‪.‬‬

‫الص بيحين‪ ،‬علي‪ ،‬العوامل المؤثرة في كشـــــــــف الذات لدى طلبة المرحلة الثانوية في محافظة‬

‫المفرق‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2001 ،‬م‪.‬‬

‫ص يام‪ ،‬طارق محمد‪ ،‬هوية الذات والتوافق النفســـي لدى الســـرناء متعاطي المخدرات وأبنائهم في‬

‫قطاع غزة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية‪-‬غزه‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬غزة‪2015 ،‬م‪.‬‬

‫طومان‪ ،‬وفا محمد‪ ،‬فاعلية الذات وعالقتها بأضــــــــطراب المســــــــلك لدى الطلبة الملتحقين بمراكز‬

‫التدريب المهني في محافظات غزة‪ ،‬رس الة ماجس تير‪ ،‬الجامعة اإلس المية‪-‬غزة‪ ،‬كلية التربية‪،‬‬

‫غزة‪2015 ،‬م‪.‬‬

‫العجله‪ ،‬محمد س امي‪ ،‬المســئولية االرتماعية وعالقتها بالص ـراع النفســي وتوكيد الذات لدى أرامل‬

‫شـــــهداء حرب الفرقان في محافظة غزة‪ ،‬رس الة ماجس تير‪ ،‬الجامعة اإلس المية غزة‪ ،‬كلية‬

‫التربية‪ ،‬غزة‪2012 ،‬م‪.‬‬

‫العسقالني‪ ،‬إبن حجر‪ ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار المعرفة‪1379 ،‬ه ‪.‬‬

‫العمري‪ ،‬خالد‪ ،‬كشــــف الذات وعالقته بالشــــعور بالوحدة واألعراض اإلكتئابية لدى عينة من طلبة‬

‫رامعة اليرموك‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2013 ،‬م‪.‬‬

‫العمري‪ ،‬محمد بن زهير‪ ،‬الصــدق في التربية اإلســالمية‪ ،‬رس الة ماجس تير غير منش ورة‪ ،‬جامعة أم‬

‫القرى‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬مكة المكرمة‪1420 ،‬ه ‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫العمري‪ ،‬وص ال‪ ،‬العالقة بين كشف الذات والتوافق الزواري لدى عينة من معلمي ومعلمات تربية‬

‫إربد األولى‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2009 ،‬م‪.‬‬

‫العلي‪ ،‬اإلفصـــــــــاح عن الذات وعالقته بمهارات التواصـــــــــل االرتماعي في رامعة بابل‪ ،‬رس الة‬

‫ماجستير‪ ،‬جامعة بابل‪ ،‬العراق‪2016 ،‬م‪.‬‬

‫الغرناطي‪ ،‬محمد بن أحمد‪ ،‬التسهيل لعلوم التنزيل‪ ،‬د‪.‬ن‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫إبن فار ‪ ،‬أبو الحسين‪ ،‬معرم مقاييس اللغة‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار الفكر‪1979 ،‬م‪.‬‬

‫فريحات‪ ،‬منار خلف حسن‪ ،‬العالقة بين كشف الذات والضغط النفسي لدى عينة من طلبة رامعة‬

‫اليرموك‪ ،‬رسالة مارستير‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬األردن‪2018 ،‬م‪.‬‬

‫الفيروز أبادي‪ ،‬محمد بن يعقوب‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬د‪ .‬ن‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫القحطاني‪ ،‬س عيد بن علي‪ ،‬نور اإلخالص وظلمات إرادة الدنيا بعمل اآلخرة في ضـــــــــوء الكتاب‬

‫والسنة‪ ،‬الرياس‪ ،‬مطبعة السفير‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫القرش ي‪ ،‬س لطان‪ ،‬كشـــف الذات في ضـــوء التركيبة األســـرية لدى طالب المرحلة الثانوية بمدينة‬

‫الطائف‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪2015 ،‬م‪.‬‬

‫القرطبي‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬تفســــير القرطبي‪ ،‬تحقيق أحمد طفيش‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الكتب المص رية‪ ،‬ط‪،2‬‬

‫‪1964‬م‪.‬‬

‫إبن قيم الجوزية‪ ،‬محمد‪ ،‬مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد واياك نستعين‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتاب‬

‫العربي‪1973 ،‬م‪.‬‬

‫‪101‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫إبن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬الروح في الكالم على أرواح األموات واألحياء‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار‬

‫الكتب العلمية‪1975 ،‬م‪.‬‬

‫إبن قيم الجوزية‪ ،‬محمد بن أبي مكرم‪ ،‬إعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬تحقيق طه سعد‪ ،‬بيروت‪،‬‬

‫دار الجيل‪1973 ،‬م‪.‬‬

‫إبن كثير‪ ،‬أبو الفدا إسماعيل‪ ،‬تفسير القرآن العظيم‪ ،‬تحقيق سامي سالمة‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار طيبة للنشر‬

‫والتوزيع‪ ،‬ط‪1999 ،2‬م‪.‬‬

‫الكندي‪ ،‬بها الدين محمد‪ ،‬الســـــــــلوك في طبقات العلماء والملوك‪ ،‬تحقيق محمد بن علي الحوالي‪،‬‬

‫صنعا ‪ ،‬مكتبة اإلرشاد‪1995 ،‬م‪.‬‬

‫المبرت‪ ،‬وليم‪ ،‬علم النفس االرتماعي‪ ،‬ترجمة سلوى المال‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪1993 ،2‬م‪.‬‬

‫إبن ماجه‪ ،‬وآخرون‪ ،‬شرح سنن إبن مارة‪ ،‬كراتشي‪ ،‬قديي كتب خانة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫المباركافوري‪ ،‬صفي الرحمن‪ ،‬الرحيق المختوم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الهالل‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫المباركافوري‪ ،‬محمد عبد الرحمن‪ ،‬تحفة األحواذي بشـــرح رامع الترمذي‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار الفكر للطباعة‬

‫والنشر والتوزيع‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫مسلم‪ ،‬أبو الحسين‪ ،‬صحيح مسلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫مصطفى‪ ،‬إبراهيم وآخرون‪ ،‬المعرم الوسيط‪ ،‬تحقيق مجمع اللغة العربية‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬د‪.‬ط‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫المناوي‪ ،‬زين الدين محمد‪ ،‬فيض القدير شـــــــــرح الرامع الصـــــــــغير‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬

‫‪1994‬م‪.‬‬
‫‪102‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫إبن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،1‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫أبو نمر‪ ،‬منى‪ ،‬أنماط التعلق وعالقتها بكشـــــــــف الذات لدى الطلبة المراهقين في الرليل األعلى‪،‬‬

‫رسالة ماجستير‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2011 ،‬م‪.‬‬

‫نوح‪ ،‬محمد‪ ،‬آفات على الطريق‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الوفا للطباعة والتوزيع والنشر‪ ،‬ط‪2012 ،1‬م‪.‬‬

‫النووي‪ ،‬أبو زكريا‪ ،‬المنهاج شــــرح صــــحيح مســــلم بن الحراج‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحيا التراث العربي‪،‬‬

‫ط‪1392 ،2‬ه ‪.‬‬

‫الهروي‪ ،‬عبد اهلل األنصاري‪ ،‬منازل السائرين‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1988 ،‬م‪.‬‬

‫يالجن‪ ،‬مقداد‪ ،‬أســـاســـيات التأصـــيل اإلســـالمي للعلوم والمعارف والفنون‪ ،‬د‪ .‬م‪ ،‬دار عالم الكتاب‪،‬‬

‫ط‪2014 ،2‬م‪.‬‬

‫بني يون ‪ ،‬أسما عبد المطلب‪ ،‬تنمية مفهوم الذات وتوكيدها وتأثير األسرة المسلمة فيها‪ ،‬رسالة‬

‫دكتوراة غير منشورة‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪2007 ،‬م‪.‬‬

‫المواقع اإللكترونية‪:‬‬

‫‪https://weziwezi.com/‬‬

‫‪103‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫فهرس اآليــــــــــــــــــــــــــــــات‬

‫رقم الصفحة‬ ‫إسم السورة‬ ‫اآليـــــــة‬ ‫ت‬

‫‪31‬‬ ‫الزمر‬ ‫ك ُه ُم املتَّ ُقو َن‬ ‫َّق بِِه أُولَئِ َ‬ ‫صد َ‬ ‫َ‬ ‫الص ْد ِق َو‬ ‫َوالَّ ِذي َجاءَ بِ ِّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ُ‬
‫‪32‬‬ ‫المؤمنون‬ ‫ين ُه ْم ِِل ََمانَاِتِِ ْم َو َع ْه ِد ِه ْم َراعُو َن‬ ‫َّ ِ‬
‫َوالذ َ‬ ‫‪.2‬‬

‫‪34‬‬ ‫النحل‬ ‫ك بِاكِمْة ِ واملو ِعةَِ‬ ‫ْادعُ إِ ََل َسيِِ ِ َربِّ َ‬ ‫‪.3‬‬
‫َ َ َْ‬
‫‪35‬‬ ‫المائدة‬ ‫َوتَ ََع َاونُوا َعمَى الِْ ِِّب َوالتَّ ْق َو ٰى‬ ‫‪.4‬‬

‫ض‬‫ين يَتَ َميَّ ُرو َن ِِف اِْلَْر ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َص ِر ُ‬


‫‪37‬‬ ‫األعراف‬ ‫ف َع ْن آيَاِتَ الذ َ‬ ‫َسأ ْ‬ ‫‪.5‬‬

‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫‪38‬‬ ‫البينة‬ ‫ِّين‬
‫ني لَهُ الد َ‬ ‫َوَما أُم ُروا إََِّل لَِ َْعيُ ُدوا المَّهَ ُمُْمص َ‬ ‫‪.6‬‬

‫‪40‬‬ ‫النجم‬ ‫فَ ََل تَُزُّكوا أَن ُف َس ُم ْم ُه َو أ َْعمَ ُم َِمَ ِن اتَّ َق ٰى‬ ‫‪.7‬‬

‫‪40‬‬ ‫النسا‬ ‫ات إِ َ َٰل أ َْهمِ َها‬ ‫إِ َّن المَّه يأْمرُكم أَن تُؤُّدوا ْاِلَمانَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ ُُ ْ َ‬ ‫‪.8‬‬
‫اْل ِْي ويأْمرو َن بِالْةَعر ِ‬
‫وف‬ ‫ِ‬
‫‪41‬‬ ‫آل عمران‬ ‫َ ُْ‬ ‫َولْتَ ُمن ِّمة ُم ْم أ َُّم ٌ يَ ْدعُو َن إ ََل َْْ َ َ ُ ُ‬ ‫‪.9‬‬

‫‪44‬‬ ‫ه ود‬ ‫وح ابْةَهُ َوَكا َن ِِف َم َْع ِزٍل‬ ‫َونَ َادى نُ ٌ‬ ‫‪.10‬‬

‫ت ِِل تََعي ُد ما ََل يسةع وََل ي ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫‪45‬‬ ‫مريم‬ ‫ص ُر‬ ‫إِ ْذ قَ َال ِلَبِِه يَا أَبَ َ ْ ُ َ َ ْ َ ُ َ ُْ‬ ‫‪.11‬‬

‫‪46‬‬ ‫ه ود‬ ‫َو َجاءَهُ قَ ْوُمهُ يُ ْهَرعُو َن إِلَِْ ِه َوِم ْن قَ ْي ُ َكانُوا يَ َْع َةمُو َن‬ ‫‪.12‬‬

‫‪48‬‬ ‫يوسف‬ ‫ب إِ ََل أَبِِةَا ِمةَّا‬ ‫َس ُّ‬‫َخوهُ أ َ‬ ‫َ َوأ ُ‬ ‫وس ُ‬


‫قَالُوا لَُِ ُ‬ ‫‪.13‬‬

‫وسى فَيَ غَى َعمَِْ ِه ْم‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫‪49‬‬ ‫القصص‬ ‫إ َّن قَ ُارو َن َكا َن م ْن قَ ْوا ُم َ‬ ‫‪.14‬‬

‫ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت إِ ْس َد ُ‬
‫‪51‬‬ ‫القصص‬ ‫استَأْج ْرهُ‬ ‫اُهَا يَا أَبَ ْ‬ ‫قَالَ ْ‬ ‫‪.15‬‬

‫‪52‬‬ ‫يوسف‬ ‫ت فَ َذلِ ُم َّن الَّ ِذي لُ ْةتُة ََِّن فِ ِِه‬ ‫قَالَ ْ‬ ‫‪.16‬‬

‫اها بِِإ ْس َح َ‬
‫اق‬ ‫وامرأَتُه قَائِة ٌ فَ ِ‬
‫‪53‬‬ ‫ه ود‬ ‫ت فَيَش َّْرنَ َ‬ ‫ضح َم ْ‬ ‫َ َْ ُ َ َ‬ ‫‪.17‬‬

‫لتُ ْم بِِه‬ ‫ِ‬


‫‪54‬‬ ‫البقرة‬ ‫ِةا َعَّر ْ‬ ‫اح َعمَِْ ُم ْم ف َ‬ ‫َوََل ُجةَ َ‬ ‫‪.18‬‬

‫وَكا َن لَه ََثَر فَ َق َال لِ ِ ِ‬


‫‪55‬‬ ‫الكهف‬ ‫صاسيِه َوُه َو ُُيَا ِوُرهُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ٌ‬ ‫‪.19‬‬

‫‪104‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
‫فهرس األحــاديــــــــــــــــــث‬

‫رقم الصفحة‬ ‫الحـديـــــــــــــــــــــــــــــث‬ ‫ت‬

‫‪37‬‬ ‫ال يدخل الجَّنة من كان ِفى قلبِ ِه ِمثقال ذ َّرة ِمن ِكبر‬ ‫‪.1‬‬

‫‪38‬‬ ‫نظر اهلل عبدا سمع مقالتي هذه فحملها‬ ‫‪.2‬‬

‫‪40‬‬ ‫المهلِكات ثالث‪ :‬إِعجاب المرِ بِنف ِس ِه‬ ‫‪.3‬‬

‫‪41‬‬ ‫الرجل بِالحِد ِ‬


‫يث ث َّم التفت ف ِهى أمانة‬ ‫إِذا ح َّدث َّ‬ ‫‪.4‬‬

‫‪59‬‬ ‫َّللا ‪-‬صلى َّللا عليه وسلم‪ْ -‬ال َمدِي َن َة َو ُه ْم َيأْ ُبر َ‬
‫ُون ال هن ْخ َل‬ ‫َق ِد َم َن ِبىُّ ه ِ‬ ‫‪.5‬‬

‫‪60‬‬ ‫ب ِب َي ِد ِه‬ ‫َّللا أَالَ َتسْ َتعْ ِملُنِى َقا َل‪َ :‬ف َ‬
‫ض َر َ‬ ‫ت َيا َرسُو َل ه ِ‬ ‫قُ ْل ُ‬ ‫‪.6‬‬

‫ِين َبلَ َغ ُه إِ ْق َبا ُل أَ ِبى‬


‫َّللا ‪-‬صلى َّللا عليه وسلم‪َ -‬ش َاو َر ح َ‬ ‫س أَنه َرسُو َل ه ِ‬ ‫َعنْ أَ َن ٍ‬
‫‪61‬‬ ‫‪.7‬‬
‫ان‬ ‫ُس ْف َي َ‬
‫عندما تحرك رسول َّللا صلى َّللا عليه وسلم بجيشه ليسبق المشركين إلى‬
‫‪62‬‬ ‫‪.8‬‬
‫ماء بدر‬
‫‪64‬‬ ‫تجمع حول المدينة جيش َع َرمْ َرم يبلغ عدده عشرة آالف مقاتل‬ ‫‪.9‬‬

‫‪65‬‬ ‫‪ .10‬أن رسول َّللا صلى َّللا عليه وسلم استعمله على جيش ذات السالسل‬

‫‪66‬‬ ‫‪ .11‬لَمها أَ َفا َء ه‬


‫َّللا ُ َعلَى َرسُو ِل ِه صلى َّللا عليه وسلم َي ْو َم حُ َني ٍ‬
‫ْن‬

‫‪68‬‬ ‫‪ .12‬أَنه ال هن ِبيه صلى َّللا عليه وسلم َك َ‬


‫ان َي هت ِك ُئ فِي َحجْ ِري‬

‫‪69‬‬
‫َّللا ‪-‬صلى َّللا عليه وسلم‪َ -‬بي َ‬
‫ْت‬ ‫ت أَ َنا َو َخالِ ُد بْنُ ْال َولِي ِد َم َع َرس ِ‬
‫ُول ه ِ‬ ‫‪ :‬دَ َخ ْل ُ‬
‫‪.13‬‬
‫ِى ِبضَب‬ ‫ُ‬
‫َم ْيمُو َن َة َفأت َ‬

‫‪105‬‬

‫‪www.manaraa.com‬‬
Abstract
Al-Oqaili, Alaa Zaid, Self-Disclosure in Islamic Education (A Fundamental
Study), Master Thesis, Yarmouk University, 2019, Supervised by: Dr. Haifa
Fawars.

The study aimed at rooting the subject of self-disclosure in Islamic


education. To achieve this goal, the researcher took the analytical descriptive
approach and the fundamentalist approach.

The study concluded with a series of results, the most prominent of


which is that self-disclosure in the light of Islamic education: "the process of
disclosure (authorization or dissent) of personal or impersonal information
or expression of ideas and beliefs, so as not to harm himself or others, His
personality, and achieve happiness in the world and the Hereafter, and that
it has received self-disclosure in the Holy Quran and the Sunnah and the
Islamic educational heritage and contemporary educational thought, which
is:

1. Detector and receiver.


2. Disclosure of disclosure, either on opinions or beliefs, or on personal
information.
3. The foundations of self-disclosure in Islamic education represented by
honesty and wisdom.
4. Individual detection, or group detection.
5. Disclosure in family relations or disclosure in public relations.

This is one of the most important recommendations of the current study:


holding scientific conferences dealing with the subject of self-disclosure
from an Islamic educational perspective.
Keywords: Self- disclosure, Islamic education, Fundamental Study.

106

www.manaraa.com

You might also like