Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 15

‫ٌسم هللا الرحمن الرحٌم‬

‫دولة فلسطٌن‬
‫وزارة االولاف والشإون الدٌنٌة‬
‫كلٌة العلوم االسالمٌة‬
‫لسم التموٌل والمصارف االسالمٌة‬

‫اعداد الطالب ‪ :‬احمد ماجد دمحم ابو عالن ‪.‬‬


‫الرلم الجامعً ‪22110010 :‬‬
‫عنوان التمرٌر ‪ :‬حوكمة الزكاة‬
‫اشراف ‪ :‬د‪ .‬دمحم الفمٌه ‪.‬‬
‫الممدمة ‪:‬‬

‫إن للزكاة أهمٌة كبٌرة ومماصد عظٌمة فً المجتمع اإلسالمً لصدها الشارع فً‬
‫تشرٌعها‪ .‬وتعد الزكاة من اللبنات األساسٌة للنظام المالً اإلسالمً‪ ،‬وکذلن هً‬
‫المورد الرئٌسً لسد حاجات المحتاجٌن وتحمٌك التكافل االجتماعً وعالج‬
‫المشكالت االلتصادٌة الكبٌرة‪ ،‬ومع أن التطبٌمات المعاصرة للزكاة تختلف هٌاكلها‬
‫التنظٌمٌة إال أن أهدافها تبمً مشتركة‪ ،‬والتً تتمحور حول بلوغ األهداف‬
‫االلتصادٌة واالجتماعٌة للزكاة‪.‬‬

‫و لما ظهر مفهوم حوكمة المإسسات المالٌة منذ عدة عمود‪ ،‬وتطورت أسالٌب‬
‫الرلابة والشفافٌة فً كل ما ٌخص المعامالت المالٌة‪ ،‬وسارعت الكثٌر من الدول‬
‫اإلسالمٌة والشركات المالٌة لوضع إطار الحوكمة الخاص بها ولإلفصاح عن ذلن‬
‫إلى أصحاب المصلحة وغٌرهم من الجهات الرلابٌة‪ ،‬رأٌت أن أنتاول دراسة‬
‫حوكمة نظام الزكاة لوضع إطار ٌعزز الشفافٌة؛ للحد من سوء إدارة الزكاة وما‬
‫ٌلحمه من تبعات وعوالب تدمر األمة اجتماعٌا والتصادٌا‪.‬‬

‫لهذا أصبح البحث عن آلٌات وطرق جدٌدة امر ضروري لتفعٌل أدائها‪ ،‬ولعل إدراج‬
‫آلٌات الحوكمة بمإسسات الزكاة من شؤنه أن ٌساهم فً تحمٌك كفاءة اإلدارة وٌعزز‬
‫الثمة بٌن هذه المإسسات والمواطنٌن المتعاملٌن معها‪.‬‬
‫المبحث االول ‪ :‬مفهوم الحوكمة ومعاٌٌرها فً ضوء مماصد الشرٌعة‬

‫المطلب االول ‪ :‬مفهوم الحوكمة لغة ‪.‬‬

‫الحوكمة على وزن فوعلة‪ ،‬وٌعتبر لفظ مستحدثا فً اللغة العربٌة‪ ،‬وهو ما ٌطلك‬
‫علٌه النحت فً اللغة‪ ،‬وهو لفظ مستمد من الحكومة‪ ،‬والحكومة تعنً االنضباط‬
‫والسٌطرة والحكم‪ ،‬فلفظ الحوكمة ٌتضمن عدة معان ‪ ،‬منها‪:‬‬

‫الحكمة ‪ :‬العلم بحمائك األشٌاء‪ ،‬ووضع الشًء فً موضع وهً ما تمتضٌه‬


‫ٔ_ ِ‬
‫من التوجٌه واالرشاد ‪.‬‬
‫ٕ _ االحتكام ‪ :‬طلبا للعدالة خاصة عند انحراف سلطة اإلدارة وتالعبها بمصالح‬
‫المساهمٌن ‪.‬‬

‫فالحوكمة هً الوسٌلة التً تمكن المجتمع من التؤكٌد من حسن إدارة مإسسات‬


‫الدولة والهٌئات االلتصادٌة ومنظمات األعمال‪ ،‬بطرٌمة تحمً أموال جمٌع أفراد‬
‫ذلن المجتمع‪ ،‬أو هً تدعٌم مرالبة نشاط المإسسة ومتابعة مستوى أداء المائمٌن‬
‫علٌها ‪.‬‬
‫المطلب الثانً ‪ :‬مفهوم حوكمة الزكاة ‪.‬‬

‫حوكمة الزكاة ‪ :‬عملٌة ٌتم من خاللها وضع وتنفٌذ مجموعة من النظم أو الهٌاكل‬
‫التً تحدد العاللات وأسالٌب اتخاذ المرارات وممارسة السلطات بٌن الوحدات‬
‫المعنٌة بجمع أموال الزكاة والمدٌرٌن لها‪ ،‬وغٌرهم من المزكٌن والمستحمٌن‬
‫وأصحاب المصلحة‪ ،‬وفما لمواعد ولوانٌن ومعاٌٌر واضحة ومحددة و َمعنٌَّة‬
‫باألنشطة الخاصة بالزكاة ‪.‬‬

‫والغاٌة الرئٌسٌة من حوكمة حساب وصرف الزكاة ‪ :‬هً أن تكون جمٌع المعلومات‬
‫المتعلمة بالزكاة دلٌمة وكافٌة ومتاحة فً الولت المناسب؛ ألجل السماح لمختلف‬
‫أصحاب المصلحة بالتخاذ المرارات المناسبة من أجل تحمٌك األهداف المحددة‪.‬‬

‫كما أنه ال بد للمإسسات المالٌة اإلسالمٌة من ابتاع سٌاسة اإلفصاح والشفافٌة‬


‫بحٌث تكون هذه السٌاسة حاضرة فً كل ما ٌتعلك بحساب وصرف الزكاة‪ ،‬وأن‬
‫تشتمل سٌاسة اإلفصاح والشفافٌة على المبادئ األخاللٌة‪ ،‬وأن ٌتم اإلفصاح‬
‫ألصحاب المصلحة بشكل منتظم‪ ،‬وأن ٌتم تحري الصدق والعدل فً نشر كل ما‬
‫ٌتعلك باحتساب وصرف الزكاة‪ .‬كما أن اتباع المبادئ السلٌمة للحوكمة ٌإدي إلى‬
‫توفٌر االحتٌاطات الالزمة ضد الفساد اإلداري‪ ،‬وٌسهم فً تشجٌع وترسٌخ الشفافٌة‬
‫فً الحٌاة االلتصادٌة‪.‬‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬معاٌٌر حوكمة الزكاة فً ضوء مماصد الشرٌعة ‪.‬‬

‫حرصت العدٌد من المإسسات على دراسة مفهوم الحوكمة وتحلٌله ووضع معاٌٌر‬
‫محددة لتطبٌمه‪ ،‬من هذه المإسسات‪ :‬منظمة التعاون االلتصادي والتنمٌة‪ ،‬وبنن‬
‫التسوٌات الدولٌة ومإسسة التموٌل الدولٌة التابعة للبنن الدولً‪ .‬وبعد النظر فً هذه‬
‫المعاٌٌر هنان أهم المعاٌٌر التً اتفموا علٌها والتً ٌمكن توظٌفها فً حوكمة‬
‫الزكاة‪ ،‬فالحوكمة تعتمد على مدى لوة تطبٌك المإسسات المختصة بالزكاة مفاهٌم‬
‫الحوكمة المائمة على ‪:‬‬

‫ٔ_ وجود أساس إلطار فعال للحوكمة‪.‬‬


‫ٕ_ سٌادة المانون على الجمٌع‪.‬‬
‫ٖ_ المدرة على المساءلة لكل المإسسات الخاصة والعامة فً الدولة‪.‬‬
‫ٗ_ الشفافٌة‪ -‬المشاركة – اآللٌات‪.‬‬
‫٘_ النظم الضامنة الكفٌلة إللامة هذه المبادئ وفك خصائص كل بلد‪ ،‬وطبٌعة النظم‬
‫الحاكمة فً ٌالجهات المطبك علٌها أصول الحوكمة‪ ،‬وصوال بالمجتمع إلى تحمٌك‬
‫العدالة وتساوي الفرص والشفافٌة والمصدالٌة‪.‬‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬مرجعٌة الحوكمة فً الشرٌعة اإلسالمٌة‪.‬‬

‫لم ٌضع اإلسالم نظاما محددا لشكل الحوكمة وال لتنظٌم سلطانها وال اختٌار أهل‬
‫الحل والعمد فٌها‪ ،‬وإنما اكتفى بالنص على الدعائم الثابتة التً ٌنبغً أن تعتمد علٌها‬
‫نظم كل حكومة عادلة وال تختلف فٌها أمة عن أمة؛ كل العدل والشورى والمساواة‬
‫واألمانة وغٌرهان أما عدا هذه األسس من النظم التفصٌلٌة فمد سكت عنها لٌتسع‬
‫ألولً األمر أن ٌضعوا نظمهم وٌ َكونوا مجالسهم وٌشكلوا حكومتهم بما ٌالئم حالهم‬
‫وٌتفك مع مصالحهم غٌر متجاوزٌن هذه الحدود‪ ،‬وتجد أصول الحوكمة ومرجعٌتها‬
‫فً كثٌر من نصوص المرآن والسنة وأفعال الصحابة‪.‬‬

‫ٔ_ أصول الحكومة فً المرآن الكرٌم ‪ :‬اشتمل المرآن الكرٌم على كثٌر من اآلٌات‬
‫َّللا ٌَؤ ْ ُم ُر ُك ْم أَن‬
‫التً تخض على المٌام باألمانة والمحافظة علٌها‪ ،‬لال هللا تعالى ‪ِ ﴿ :‬إ َّن َّ َ‬
‫ت إِلَ ٰى أ َ ْه ِل َها… ﴾ ‪ ،‬وكذلک ورد فً المرآن من اآلٌات التً تحض على‬
‫ت ُ َإدُّوا ْاأل َ َمانَا ِ‬
‫األمر بالمعروف والنهً عن المنكر كموله تعالى‪َ ﴿ :‬و ْلتَ ُكن ِ ّمن ُك ْم أ ُ َّمةٌ ٌَ ْدعُونَ ِإلَى‬

‫ْال َخٌ ِْر َو ٌَؤ ْ ُم ُرونَ ِب ْال َم ْع ُر ِ‬


‫وف َو ٌَ ْن َه ْونَ َع ِن ْال ُمن َك ِر … ﴾ ‪ ،‬وكذلن اآلٌات اآلمرة‬
‫بمراعاة مصلحة الرعٌة وتتبع شإونها كما فً لوله تعالى‪َ ﴿ :‬وتَفَمَّ َد َّ‬
‫الطٌ َْر فَمَا َل َما ِل َ‬
‫ً‬
‫َال أ َ َرى ْال ُه ْد ُه َد أ َ ْم َكانَ ِمنَ ْالغَائِبٌِنَ ﴾ ‪.‬‬
‫ٕ _ أصول الحوكمة فً السنة النبوٌة ‪ :‬ظهر فً السنة مدى التزام الرسول صلى‬
‫هللا علٌه وسلم االمتثال بالتشرٌع المرآنً فً إدارة أموال الزكاة‪ ،‬بموله للرجل الذي‬
‫سؤله أن ٌعطٌه من مال الزكاة فمال‪ « :‬إن هللا لم ٌرض بحكم نبً وال غٌره فً‬
‫الصدلات‪ ،‬حتى حكم هو فٌها‪ ،‬فجزأها ثمانٌة أجزاء‪ ،‬فإن كنت من تلن األجزاء‬
‫أعطٌتن » ‪ ،‬فبٌن له النبً أن األمر لٌس بٌدٌه‪ ،‬فتبٌن من هذا النص أن هنان‬
‫التزاما نبوٌا ً بالنص الشرعً‪.‬‬

‫لال ابن تٌمٌة‪“ :‬فؤما استخراجها وحفظها فال بد فٌه من لوة وأمانة فٌولی علٌها شاد‬
‫لوی ٌستخرجها بموته وکاتب أمٌن ٌحفظها بخبرته وأمانته ‪ ،‬أٌضا من أعظم ما‬
‫اتسمت به وإدارة الزكاة فً العهد النبوي وثائك الزكاة التً كات على عهد النبً‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فمد كان النبً ٌبعث بالكتب إلى عماله وفٌها لرائض الصدلة وشروطها؛ حتى‬
‫ال تجحد الحموق أو تضٌع‪ ،‬وكانت هذه الوثائك تعد مرجعا لمن بعده من المسإولٌن‬
‫عن الزكاة وأهل العلم‬

‫كما اشتمل المرآن والسنة الراشدة على كثٌر من المواعد واألحكام الدالة على أن‬
‫األداء الوظٌفً على الوجه األكمل مرتبط بؤداء األمانات الشرعٌة على الوجه‬
‫المؤمور به شرعا‪ ،‬وأن أي إخالل من أي مسإول ٌجب المحاسبة علٌه‪ ،‬وٌعد إخالال‬
‫بواجب األمانة ٌوجب المإاخذة به فً الدنٌا واآلخرة‪ ،‬فٌجب عند تطبٌك نظام‬
‫الحوكمة فً الزكاة وتفعٌل إطارها أن نتمثل بهذه المواعد‪ ،‬ونجعلها لوانٌن ربانٌة‬
‫تهدي األمم إلى ما فٌه الخٌر والصالح ‪.‬‬
‫ٖ _ أصول الحوكمة فً أفعال الصحابة ‪ :‬امتألت الكتب بكثٌر من الشواهد الدالة‬
‫على التربٌة اإلٌمانٌة فً أفعال الصحابة التً تعد مظهرا من مظاهر الحوكمة‬
‫ولٌست تربٌة إٌمانٌة فمط بل كانت سلوكا علمٌا ووالعا تربوٌا‪ ،‬ترلبهم عٌن هللا‬
‫وعٌن األمة من حولهم فلم ٌسعفوا بالرعٌة ولم ٌمهروها‪ ،‬بل اسهروا لٌلهم وألاموا‬
‫نهارهم فً خدمتهم نصرة لدٌنهم الذي تعبدهم هللا به‪ ،‬وإلامة الخالفة التً وكلهم هللا‬
‫بها فً ارلى صورها فجعلوا منظومة الحكم الراشد جزءا من هذه العبادة ‪.‬‬

‫فؤبوبكر الصدٌك عند تولٌه مسإولٌة الخالفة خطب فً الناس فمال‪ ” :‬أٌها الناس‬
‫فإنً لد ولٌت علٌكم ولست بخٌركم‪ ،‬فإن احسنت فؤعٌنونً وإن أسؤت فمومونً‬
‫الصدق أمانة‪ ،‬والكذب خٌانة‪ ،‬والضعٌف فٌكم لوي عندي حتى أرٌح علٌه حمه إن‬
‫شاء هللا‪ ،‬والموي فٌكم ضعٌف حتى آخذ الحك منه إن شاء هللا‪ ،‬ال ٌدع لوم الجهاد فً‬
‫سبٌل هللا إال ضربهم هللا بالذل‪ ،‬وال تشٌع الفاحشة فً لوم لط إال عمهم هللا بالبالء‬
‫أطٌعونً ما أطعت هللا ورسوله‪ ،‬فإذا عصٌت هللا ورسوله فال طاعة لً علٌكم” ‪.‬‬

‫وكان ٌباشر الرلابة المالٌة واإلدارٌة بنفسه‪ ،‬ومن ذلن ما لاله لمعاذ بن جبل لما كان‬
‫والٌا على الٌمن‪ ” :‬رفع حسابن” فمال معاذ‪ ”:‬أحسابان؛ حساب من هللا وحساب‬
‫منكم؟ وهللا ال آلً لكم عمال أبدا” ‪ ،‬كما أرسى أبوبكر فً خالفته أسلوب الردع‬
‫وإنفاذ أوامر الشرع فً الزكاة ومحاربة مانعً الزكاة ؛ لٌمتدي به من بعده فً أنه‬
‫البد من وجود لوة تحمً الحك وتردع الباطل على مستند راسخ من المرآن والسنة‪.‬‬
‫المبحث الثانً ‪ :‬توظٌف أسالٌب الحوكمة وضوابطها فً تحمٌك مماصد الشرعٌة ‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬كٌفٌة توظٌف أسالٌب الحوكمة فً تحمٌك مماصد الزكاة الشرعٌة ‪.‬‬

‫لكً تحمك دور الزكاة االجتماعً وااللتصادي فً المجتمعات اإلسالمٌة‪ ،‬فإنه‬


‫ٌتطلب وجود نظام لعملٌة جمع الزكاة وتوزٌعها‪ ،‬وٌتمثل هذا النظام فً مجموعة‬
‫الموانٌن والتشرٌعات التً تنظم وتموم بهذه العملٌة‪ ،‬ولمد شهد نظام الزكاة تطورا‬
‫كبٌرا منذ ظهور اإلسالم وتشرٌع الزكاة فرٌضة‪ ،‬حٌث وجدت بداٌات أولٌة لما‬
‫ٌعرف بدٌوان الزكاة فً عهد النبً – ملسو هيلع هللا ىلص ‪-‬؛ فكانت األموال تمسم أوال بؤول‪ ،‬وكلف‬
‫الرسول من ٌكتب أموال الزكاة‪ ،‬كما عٌن أمراء على األلالٌم وكان من ضمن‬
‫مهامهم جمع الزكاة‪ ،‬وكان ٌحاسب العمال بنفسه‪.‬‬

‫وهكذا كان الحال فً عهد أبً بكر‪ ،‬والذي ظهرت فً عهده نواة بٌت المال مع‬
‫توسع الدولة اإلسالمٌة وزٌادة مواردها‪ ،‬وفً عهد عمر بن الخطاب تطورت‬
‫الزكاة تطورا ملحوظا مما استوجب وجود نظام لحصراإلٌرادات وضبط‬
‫المصروفات‪ ،‬فتم استخدام أسالٌب إدارٌة جدٌدة كالفصل بٌن السلطة المضائٌة‬
‫والتنفٌذٌة‪ ،‬وإنشاء دٌوان العطاء والجند وغٌرها ‪،‬واستمرت عملٌة جمع وتوزٌع‬
‫الزكاة عبر الزمان مع وجود اختالف فً درجة التطبٌك العملً لها‪ ،‬ثم ضعف‬
‫تطبٌمها فً العصور المتؤخرة حتى كادت تصبح فً بعض البلدان اإلسالمٌة‬
‫الفرٌضة الغائبة ‪.‬‬
‫المطلب الثانً ‪ :‬ضوابط أسالٌب الحوكمة لتحمٌك مماصد الزكاة ‪.‬‬

‫ٔ _ انضباط أعضاء الجهاز اإلداري المائم على تحصٌل وتوزٌع الزكاة ‪ :‬بحٌث‬
‫ٌكون كل المائمٌن على إدارة مإسسات الزكاة متبعٌن السلون األخاللً والمناسب‬
‫فً كافة أعمالهم‪ ،‬وأن ٌكونوا على علم كبٌر بمستحمً الزكاة‪ ،‬وعلٌهم التؤكد من‬
‫استحمالهم وتحدٌد ممدار كفاٌتهم وترتٌبهم حسب حاجة كل منهم ووضع لواعد لذلن‬
‫ثم المٌام بتوزٌع الزكاة بطرٌمة تحفظ فٌها كرامة الفمراء والمحتاجٌن‪ ،‬ولذا شرط‬
‫العلماء فً العامل على الزكاة‪ :‬اإلسالم‪ ،‬البلوغ‪ ،‬العمل‪ ،‬األمانة والكفاٌة للعمل ‪.‬‬

‫ٕ _ سٌادة أحكام الشرٌعة على أطراف الزكاة (السعادة وأرباب األموال وأهلها) ‪:‬‬
‫فال ٌؤخذ السعادة أكثر مما وجب على أرباب األموال‪ ،‬وال ٌمنع رب المال ما وجب‬
‫علٌه‪ ،‬وال تمتد ٌد أحد من غٌر أصنافها علٌها إلٌها‪ ،‬فمد لال النبً ملسو هيلع هللا ىلص‪ ” :‬فمن سؤلها‬
‫من المسلمٌن على وجهها فلٌعطها ومن سؤل فولها ال ٌعطها” ‪.‬‬

‫ومن ضمن سٌادة أحكام الشرٌعة على أطراف الزكاة‪ ،‬وجوب فهم أحكام الزكاة‬
‫ولوانٌنها من لبل العاملٌن علٌها‪ ،‬فمانون الشرٌعة فً الزكاة ثابت وواضح ال‬
‫ٌتغٌر كما ٌجب على من ٌولٌهم إعطاإهم دورات دٌنٌة وتثمٌفٌة لتموي اإلٌمان فٌهم‬
‫فٌطبموا أحكام الزكاة على الجمٌع دون استثناء وال محاباة ‪ ،‬فمد حرض النبً صلى‬
‫هللا علٌه وسلم على غرس رلابة هللا فً نفوس كافة األطراف المعنٌٌن بالزكاة‪ ،‬بدءا ً‬

‫بعماله والمتصدلٌن والمزكٌن‪ ،‬فمال ملسو هيلع هللا ىلص‪ ” :‬العامل على الصدلة بالحك كالغازي فً‬
‫سبٌل هللا” ‪.‬‬
‫ٔ _ الشفافٌة ‪ :‬مفهوم الشفافٌة فً األصل ٌعنً وضوح التشرٌعات وسهولة فهمها‬
‫واستمرارها وانسجامها مع بعضها‪ ،‬وموضوعٌتها ووضوح لغتها ومرونتها‬
‫وتطورها وفما للتغٌرات االلتصادٌة واالجتماعٌة واإلدارٌة وبما ٌتناسب مع العصر‬
‫وتبسٌط اإلجراءات ونشر المعلومات واإلفصاح عنها وسهولة الوصول إلٌها بحٌث‬
‫تكون متاحة للجمٌع‪ ،‬وهً من منظور الشرع تعدل الوضوح والصفاء والنماء ‪.‬‬

‫ٕ _ المساءلة ‪ :‬وتعتبر المساءلة من أهم معاٌٌر الحوكمة‪ ،‬والتً ال تحمك الممصود‬


‫منها وفك مماصد الشرٌعة إال فً إطار الرلابة المحكمة والعادلة التً ال تستثنً وال‬
‫تحابً أحدا ‪ ،‬كما ثبت عن النبً ملسو هيلع هللا ىلص محاسبة عمال الصدلات‪ ،‬روی البخاري‪”:‬‬
‫أن النبً استعمل رجل من األزد ٌمال له ابن اللتبٌة جعله عامال على الصدلة وعلم‬
‫أنه أهدي له هدٌة فحذره واشتد تحذٌره من هذا” ‪ ،‬ولال‪ ” :‬هال جلس فً بٌت‬
‫أبٌه فٌنظر أٌهدي له أم ال؟ والذي نفسً بٌده ال ٌؤخذ أحد منكم شٌئا إال جاء ٌوم‬
‫المٌامة ٌحمله على رلبته” ‪ ،‬بل ولام النبً صلی هللا علٌه وسلم وخطب فً‬
‫الناس مستنكرا تلن الفعلة‪ ،‬وهذا الحدٌث فٌه ملمح من مالمح المحاسبة والشفافٌة‪،‬‬
‫كما أنه نموذج أولً فً تطبٌك مبادئ الحوكمة‪ ،‬التً ترمً فً األساس إلى منع‬
‫الفساد وحفظ الحموق الخاصة بصدلات المسلمٌن‪ ،‬كما أن عرضه األمر على‬
‫جماعة المسلمٌن فً خطبته كان لٌعالجه على نطاق أوسع وٌستؤصل المشكلة من‬
‫جذورها‪ ،‬ولٌرسً نموذج رائدا فً المحاسبة والمكاشفة والشفافٌة واإلفصاح‬
‫ألصحاب المصلحة ‪.‬‬
‫ٖ _ االستماللٌة‪ :‬واستماللٌة أداء أنشطة مإسسة الزكاة من العناصر المهمة لحوكمة‬
‫الزكاة‪ ،‬فال تتعرض المإسسات إلىؤي ضغوط داخلٌة أو خارجٌة تجعلها تتحرف‬
‫عن أداء وظائفها‪ ،‬فٌجب أال تخشى أي دوائر – مهما كانت درجة سلطتها أو‬
‫نفوذها فً المجتمع – حتى تتمكن من بلوغ أهدافها المسطرة ضمن استراتٌجٌاتها‬
‫ً ٌتمتع باالستماللٌة المالٌة واإلدارٌة‪ ،‬وإن كانت خاضعة‬
‫س ٌْ ّ‬
‫ألن الزكاة نظام مإ َّ‬
‫إلشراف الدولة ورلابتها‪ ،‬وهو ما ٌستدل علٌه من خالل مصرف العاملٌن علٌها‬
‫عماله إلى المناطك المختلفة لتحصٌل الزكاة وصرفها‪.‬‬
‫وإرسال النبً ملسو هيلع هللا ىلص ُ‬

‫ٗ _ العدالة فً توزٌع أمول الزكاة على الفمراء والمحتاجٌن ‪ :‬و هً أن تموم‬


‫مإسسات الزكاة بتوزٌع حصٌلة الزكاة على مستحمٌها حسب درجة الحاجة‪ ،‬والعدالة‬
‫المنشودة فً اإلسالم هً إحماق الحك على جمٌع األصعدة سواء كانت اجتماعٌة أو‬
‫التصادٌة أو مالٌة ‪.‬‬

‫٘ _ المسإولٌة االجتماعٌة لمإسسة الزكاة ‪ :‬ألن تماسن المجتمعات ٌتولف على‬


‫سٌادة المسإولٌة االجتماعٌة التً تحمك التكافل والتآزر بٌن جمٌع أطراف المجتمع‬
‫وال ٌحدث ذلن إال إذا كانت مإسسات الزكاة متجذرة فً المجتمع وتستمد لوتها‬
‫وثمتها من محٌطها المجتمعً الذي توجد فٌه ‪.‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫النتائج والتوصٌات ‪:‬‬

‫ٔ _ إن الشرٌعة اإلسالمٌة وضعت لمصالح العباد فً الدارٌن‪ ،‬وإنها خالٌة من‬


‫العبث بعٌدة عن التحكم‪ ،‬لائمة على التعلٌل وربط األحكام بؤسباب وأوصاف‬
‫تدور كلها حول مصالح الخلك عاجال أو آجال‪.‬‬

‫ٕ _ إن لكل شرٌعة مبادئها الكبرى ومماصدها العلٌا التً أرادت تحمٌمها من خالل‬
‫انتهاج شرعها‪ ،‬وكانت هذه المماصد فً الموجه لألحكام ككل‪ ،‬واألحكام الجزئٌة‬
‫الموصلة إلى تحمٌك هذه الكلٌات ‪.‬‬

‫سر نموه وتطوره وإعجازه‪ ،‬وبمدر‬


‫ٖ _ ان للفمه اإلسالمً بناء ممصدٌا هو ُّ‬
‫استٌعاب الفمهاء آللٌات ومناهج االستنباط بمدر ما ٌنمو وٌتطور الفمه اإلسالمً‪.‬‬

‫ٗ _ معرفة المماصد وأثرها‪ ،‬وبٌان دورها فً المضاٌا المعاصرة للزكاة منها‬


‫حوكمة الزكاة ‪.‬‬

‫٘ _ أهمٌة حوكمة الزكاة‪ ،‬فٌجب وضع إطار أو هٌكل ٌحكم منظومة الزكاة‪ ،‬وفما‬
‫لمواعد ولوانٌن ومعاٌٌر واضحة ومحددة ومعنٌة باألنشطة الخاصة بالزكاة‪.‬‬
‫المصادر والمراجع ‪:‬‬

‫ٔ _ اإلجماع‪ .‬دمحم بن إبراهٌم بن المنذر النٌسابوري‪ .‬ت‪ :‬د‪ .‬فإاد عبد المنعم أحمد‪.‬‬
‫دار المسلم للنشر والتوزٌع‪ .‬الطبعة األولى ٕ٘ٗٔ هـ‪ ٕٓٓٗ .‬م‪.‬‬
‫ٕ _ اإلدارة فً اإلسالم‪ .‬أحمد إبراهٌم أبوسن‪ .‬مكتبة وهبة‪ .‬الماهرة‪ .‬الطبعة األولى‬
‫ٗ‪ٔ89‬م‪.‬‬
‫ٖ _ إدراج ألٌات الحوكمة ضمن استراتٌجٌة تفعٌل أداء مإسسات الزكاة‪ .‬عبد هللا‬
‫بن منصور‪ .‬مجلة الحكمة للدراسات االلتصادٌة‪ .‬عٕٔ‪ٕٓٔ9 .‬م‪.‬‬
‫ٗ _ أهمٌة تطبٌك مبادئ الحوكمة فً التنظٌمات المإسساتٌة للزكاة‪ .‬المإتمر‬
‫العالمً التاسع لاللتصاد والتموٌل اإلسالمً بإسطنبول تركٌا‪ .‬منصور عبد هللا‪.‬‬
‫ٕٕٔٓم‪.‬‬
‫٘ _ تارٌخ األمم والملون‪ .‬عبد السالم التنوجً‪ .‬جمعٌة الدعوة اإلسالمٌة العالمٌة‪.‬‬
‫طرابلس‪ٔ88ٗ .‬م‪.‬‬
‫‪ _ ٙ‬تهذٌب اللغة‪ .‬دمحم بن أحمد بن األزهري الهروي أبو منصور (المتوفى‪:‬‬
‫ٓ‪ٖ7‬هـ)‪ .‬ت‪ :‬دمحم عوض مرعب‪ .‬دار إحٌاء التراث العربً‪ .‬بٌروت‪ .‬الطبعة األولى‬
‫ٕٔٓٓم‪.‬‬
‫‪ _ 7‬جباٌة الزكاة بٌن مماصد الشرٌعة والحوكمة الرشٌدة‪ ،‬بناء وتوظٌف‪ .‬سلٌمان‬
‫دمحم نجران‪ .‬مجلة التجدٌد‪ /‬م ٕٕ‪ ،‬ع ٖٗ‪ٕٓٔ9 .‬م‪.‬‬
‫‪ _ 9‬سنن أبً داود‪.‬سلٌمان بن األشعث بن إسحاق بن بشٌر بن شداد بن عمرو‬
‫س ِجسْتانً (المتوفى‪ٕ7٘ :‬هـ)‪ .‬ت‪ :‬دمحم محًٌ الدٌن عبد الحمٌد‪ .‬المكتبة‬
‫األزدي ال ِ ّ‬
‫العصرٌة‪ ،‬صٌدا‪ .‬بٌروت‪.‬‬

You might also like