Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 96

‫مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوهاب‬

‫(دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‬

‫البحث اجلامعي‬

‫مقدم الستيفاء شروط االختبار النهائي للحصول على درجة سرجاان (‪)S1‬‬
‫يف قسم اللغة العربية وأدهبا كلية العلوم اإلنسانية‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‬

‫إعداد‪:‬‬
‫أهنار السلطان‬
‫رقم القيد‪33131113 :‬‬

‫قسم اللغة العربية وأدهبا‬


‫كلية العلوم اإلنسانية‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‬
‫‪5102‬‬

‫‌أ‬
‫مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوهاب‬

‫(دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‬

‫البحث اجلامعي‬

‫مقدم الستيفاء شروط االختبار النهائي للحصول على درجة سرجاان (‪)S1‬‬
‫يف قسم اللغة العربية وأدهبا كلية العلوم اإلنسانية‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‬

‫إعداد‪:‬‬
‫أهنار السلطان‬
‫رقم القيد‪33131113 :‬‬

‫ادلشرف‪:‬‬
‫الشيخ احلاج مرزوقي مستمر املاجستري‬
‫رقم التوظيف‪396619111111113111 :‬‬

‫قسم اللغة العربية وأدهبا‬


‫كلية العلوم اإلنسانية‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‬
‫‪5102‬‬

‫‌ب‬
‫مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوهاب‬

‫(دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‬

‫البحث اجلامعي‬

‫إعداد‪:‬‬
‫أهنار السلطان‬
‫رقم القيد‪33131113 :‬‬

‫ادلشرف‪:‬‬
‫الشيخ احلاج مرزوقي مستمر املاجستري‬
‫رقم التوظيف‪396619111111113111 :‬‬

‫قسم اللغة العربية وأدهبا‬


‫كلية العلوم اإلنسانية‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‬
‫‪5102‬‬

‫‌ج‬
‫االستهالل‬

‫"أحب الصاحلُت ولست منهم‪ ،‬لعلي أن أانل هبم الشفاعة‪".‬‬


‫(اإلمام الشافعي)‬

‫‌د‬
‫اإلهداء‬

‫أهدي هذا البحث اجلامعي إىل‪:‬‬


‫والدي احملبوبُت أمحد مهاجر ونور جنّة‬
‫أخي الكبَت احسن شريف وأخيت الصغَتة قرة عني احملبوبُت‬
‫ميال وجيااينيت كزوجيت‬
‫مجيع األساتيذ واألستاذات لقسم اللغة العربية وأدهبا اليت قد بذلت علومهم‪ ،‬فلهم أحسن‬
‫اجلزاء من هللا‪.‬‬
‫وزمالئي األحباء يف قسم اللغة العربية وأدهبا الذي يساعدونٍت يف كل شيء حىت ال أستطيع‬
‫أن أذكر واحدا فواحد‪.‬‬

‫‌ه‬
‫كلمة الشكر والتقدير‬

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬


‫إن احلدمد هل محدمد ونستعين ونستغفر ونعوذ اب هل من شرور أنفسنا ومن سيئات‬
‫أعدمالنا من يهد هللا فال مضل ل ومن يضلل فال هادي ل ‪ ،‬أشهد أن ال إل إال هللا وحد ال‬
‫شريك ل وأشهد أن دمحما عبد ورسول ‪ .‬اللهم صل وسلم على سيدان ورسولنا دمحم صلى هللا‬
‫علي وسلم وعلى آل وأصحاب ومن تبعهم إبحسان إىل يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪.‬‬
‫قدم الباحث هذا لبحث اجلامعي حتت العنوان مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملدمد‬
‫بن عبد الوهاب (دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‪.‬‬

‫استنادا إىل ذلك‪ ،‬ال نناء وال جزاء أجدر لتقدمي شكري وحتييت حتية هنيئة من عدمي‬
‫قليب إىل كل من قد ساهم شارك هذا البحث اجلامعي وكل من ساعدين ببذل سعي يف إهناء‬
‫كتابة هذا البحث اجلامعي‪ ،‬خاصة إىل‪:‬‬
‫‪ .3‬الربوفيسور الدكتور موجيا راهارجو كرئيس جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية‬
‫احلكومية ماالنج‪.‬‬
‫‪ .1‬الدكتورة إستعادة‪ ،‬ادلاجستَت كعدميدة كلية العلوم اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ .1‬الدكتور دمحم فيصل‪ ،‬ادلاجستَت كرئيس قسم اللغة العربية وأدهبا‪.‬‬
‫‪ .4‬الشيخ احلاج مرزوقي مستدمر‪ ،‬ادلاجستَت الذي كان إبشرف اختم هذا البحث‬
‫اجلامعي‪.‬‬

‫جزاكم هللا أحسن اجلزاء وكتب لكم أضعاف احلسنات يف الدارين‪ ،‬آمُت‪ .‬وأرجو أن‬
‫يكون هذا البحث اجلامعي يعم يل خاصة وجلدميع القراء األعزاء عامة‪ .‬فإن وجد في األخطاء‬
‫أرجو لكم اإلصالح وأطلب العفو من كل عفوة‪.‬‬

‫‌و‬
‫ديسامبري ‪5102‬م‬ ‫ماالنج‪،‬‬
‫الباحث‬

‫أهنار السلطان‬
‫رقم القيد‪00101150 :‬‬

‫‌ز‬
‫وزارة الشؤون الدينية‬
‫كلية العلوم اإلنسانية‬
‫قسم اللغة العربية وأدهبا‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية مباالنج‬

‫تقرير املشرف‬

‫إن هذا البحث اجلامعي الذي قدم ‪:‬‬


‫‪ :‬أهنار السلطان‬ ‫االسم‬
‫‪00101150 :‬‬ ‫رقم القيد‬
‫‪ :‬مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوهاب‬ ‫العنوان‬

‫(دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‬

‫قد نظران وأدخلنا في بعض التعديالت واإلصالحات الالزمة ليكون على الشكل ادلطلوب‬
‫الستيفاء شروط االختبار النهائي واحلصول على درجة سرجاان (‪ )S1‬لكلية العلوم اإلنسانية‬
‫يف قسم اللغة العربية وأدهبا للعام الدراسي ‪ 1136-1135‬م‪.‬‬

‫ديسامبري ‪ 5102‬م‬ ‫حتريرا مباالنج‪،‬‬


‫املشرف‬

‫الشيخ احلاج مرزوقي مستمر املاجستري‬


‫رقم التوظيف‪003310555111110111 :‬‬

‫‌ح‬
‫وزارة الشؤون الدينية‬
‫كلية العلوم اإلنسانية‬
‫قسم اللغة العربية وأدهبا‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية مباالنج‬

‫تقرير جلنة املناقشة عن البحث اجلامعي‬

‫لقد دتت مناقشة هذا البحث اجلامعي الذي قدم ‪:‬‬


‫‪ :‬أهنار السلطان‬ ‫االسم‬
‫‪00101150 :‬‬ ‫رقم القيد‬
‫‪ :‬مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوهاب‬ ‫العنوان‬
‫(دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‬
‫وقررت اللجنة جناح واستحقاق درجة سرجاان (‪ )S1‬يف قسم اللغة العربية وأدهبا لكلية العلوم‬
‫اإلنسانية جبامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‪.‬‬

‫حتريرا مباالنج‪ ،‬ديسامبري ‪ 5102‬م‬


‫)‬ ‫(‬ ‫‪ .3‬الدكتور ويلداان ورغاديناات ادلاجستَت‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ .1‬الدكتور عون احلكيم ادلاجستَت‬
‫)‬ ‫(‬ ‫‪ .1‬الشيخ احلاج مرزوقي مستدمر ادلاجستَت‬
‫املعرف‬
‫عميد كلية العلوم اإلنسانية‬

‫الدكتورة استعادة‪ ،‬املاجستري‬


‫رقم التوظيف‪003411010005115115 :‬‬

‫‌ط‬
‫وزارة الشؤون الدينية‬
‫كلية العلوم اإلنسانية‬
‫قسم اللغة العربية وأدهبا‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية مباالنج‬

‫تقرير عميدة كلية العلوم اإلنسانية‬

‫تسلدمت عدميدة كلية العلوم اإلنسانية جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‬
‫البحث اجلامعي الذي كتب الباحث‪:‬‬
‫‪ :‬أهنار السلطان‬ ‫االسم‬
‫‪00101150 :‬‬ ‫رقم القيد‬
‫‪ :‬مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوهاب‬ ‫العنوان‬

‫(دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‬


‫الستيفاء شروط االختبار النهائي واحلصول على درجة سرجاان (‪ (S1‬لكلية العلوم اإلنسانية‬
‫يف قسم اللغة العربية وأدهبا‪.‬‬

‫ديسامبري ‪5102‬م‬ ‫تقريرا مباالنج‪،‬‬


‫عميدة كلية العلوم اإلنسانية‬

‫الدكتورة إستعادة‪ ،‬املاجستري‬


‫رقم التوظيف‪003411010005115115 :‬‬

‫‌ي‬
‫وزارة الشؤون الدينية‬
‫كلية العلوم اإلنسانية‬
‫قسم اللغة العربية وأدهبا‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية مباالنج‬

‫تقرير رئيس قسم اللغة العربية وأدهبا‬

‫تسلم رئيس قسم اللغة العربية وأدهبا جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‬
‫البحث اجلامعي الذي كتب الباحث‪:‬‬
‫‪ :‬أهنار السلطان‬ ‫االسم‬
‫‪00101150 :‬‬ ‫رقم القيد‬
‫‪ :‬مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوهاب‬ ‫العنوان‬

‫(دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‬


‫الستيفاء شروط االختبار النهائي واحلصول على درجة سرجاان (‪ )S1‬لكلية العلوم اإلنسانية‬
‫يف قسم اللغة العربية وأدهبا‪.‬‬

‫ديسامبري ‪5102‬م‬ ‫تقريرا مباالنج‪،‬‬


‫رئيس قسم اللغة العربية وأدهبا‬

‫دمحم فيصل‪ ،‬املاجستري‬


‫رقم التوظيف‪004100105111050111 :‬‬

‫‌ك‬
‫وزارة الشؤون الدينية‬
‫كلية العلوم اإلنسانية‬
‫قسم اللغة العربية وأدهبا‬
‫جامعة موالان مالك إبراهيم اإلسالمية احلكومية مباالنج‬

‫تقرير الباحث‬

‫أفيدكم علدما أبنٍت الطالب‪:‬‬


‫‪ :‬أهنار السلطان‬ ‫االسم‬
‫‪00101150 :‬‬ ‫رقم القيد‬
‫‪ :‬مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوهاب‬ ‫العنوان‬

‫(دراسة حتليلية أتويلية هرمينيتيكية لنصر محيد أبو زيد )‬

‫حضر وكتب بنفسي وما زاد من إبداع غَتي أو أتليف األخر‪ .‬وإذا ادعى أحد يف ادلستقبل‬
‫أن من أتليف وتبيُت أن فعال من حبثي فأان أحتدمل ادلسؤولية على ذلك ولن تكون ادلسؤولية‬
‫على ادلشرفة أو مسؤول قسم اللغة العربية وأدهبا كلية العلوم اإلنسانية جامعة موالان مالك‬
‫إبراهيم اإلسالمية احلكومية ماالنج‪.‬‬

‫ديسامبري ‪ 5102‬م‬ ‫حتريرا مباالنج‪،‬‬


‫الباحث‬

‫أهنار السلطان‬
‫رقم القيد‪00101150 :‬‬

‫‌ل‬
‫امللخص‬
‫أهنار السلطان‪ .33131113 ،‬مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملدمد بن عبد الوهاب دراسة حتليلية‬
‫أتويلية " ‪ " Hermeneutika‬لنصر محيد أبو زيد‪ .‬البحث اجلامعي‪ .‬قسم اللغة العربية وأدهبا‪.‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية‪ .‬جامعة موالان مالك إبراهيم ماالنج‪ .‬ادلشرف‪ :‬مرزوقي مستدمر ادلاجستَت‪.‬‬

‫الكلدمات الرئيسية‪ :‬التأويلية‪ ،‬كتاب التوحيد حملدمد بن عبد الوهاب‪.‬‬

‫إلجياد ادلعٌت األفضل يف النصوص اللغوية إما النصوص الدينية (القرآن) أو إما النصوص التارخيية‬
‫ينبغي للدمفسر أن ال يهدمل مستوايت السياق الذي قد وجدت مع نزول النصوص (القرآن)‪ .‬إذا أمهلها‬
‫ادلفسر فستكون القراءة (التفسَت) غَت منتجة وستكون هي القراءة اإلمحيازية‪ .‬هذ هي اخللفيات اليت‬
‫جتذب الباحث للبحث عن مستوايت السياق يف اآلايت عن الشفاعة‪.‬‬

‫واألسئلة من هذا البحث هي ما خلفيات أتليف هذا كتاب التوحيد ح هللا على العابد حملدمد‬
‫بن عبد الوهاب؟ وما مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوهاب؟ وما ادلغزى من هذا ادلفهوم عن‬
‫الشفاعة؟ منتلك األسئلة فهدف هذا البحث دلعرفة خلفيات أتليف كتاب التوحيد حملدمد بن عبد الوهاب‬
‫مفهوم الشفاعة عند ومغزى من هذا ادلفهوم‪.‬‬

‫استخدم الباحث ادلنهج الكيفي يف هذا البحث‪ ،‬وهو النتهج ادلستخدم لفهم الظواهر اليت‬
‫حدنت يف ادلوضوع ادلعُت مثل السلوك واإلدراك والتشجيع والفعلة بعدملية يف شكل األلفاظ أو اللغة‪.‬‬
‫وكيفية حتليل هي ابلبحث عن الناحية التارخيية من هذا الكتاب وحتليل مجيع مستوايت السياق ادلهدملة‬
‫وإجياد مغزاها‪ .‬واستخدم هذا البحث النظرية التأويلية لنصر محيد أيب زيد‪ .‬كانت تقنية القراءة اليت قدمها‬
‫نصر محيد يف نظريت تشتدمل على الشيئُت ادلتعلقُت الصالحُت مثل حركة رقاص الساعة‪ .‬هذ حركة‬
‫رقاص الساعة تشتدمل على حركيت التداول يعٍت حركة تبدأ من احلقيقة أو ادلغزى لكشف معٌت النص (يف‬
‫ادلاضي)‪ .‬مث بٌت ذلك ادلعٌت ادلغزى مث عاد إىل النقظة األوىل‪ .‬ادلرحلة األوىل من هذ حركة رقاص الساعة‬
‫هي مرحلة فهم النص القرآين والسياق االجتدماعي التارخيي من آايت ‪ .‬وادلرحلة الثانية هي مرحلة التعدميم‪.‬‬

‫ونتيجة هذا البحث تتكون على نالث نقاط‪ ،‬النقطة األوىل أن السياسة والسلطة وعقيدة‬
‫ختليص التوحيد من ادلذهب الوهايب هي خلفيات أتليف هذا الكتاب‪ ،‬والنقطة الثانية أن الشفاعة هي‬
‫السؤال يف التجاوز عن الذنوب واجلرائم بينهم والنقطة الثالثة من نتيجة هذا البحث هي ولو أمهل دمحم بن‬
‫عبد الوهاب السياق السردي وهو ال ينفي أن النيب دمحم سيشفع أمت يوم القيامة (إبذن هللا)‪.‬‬

‫‌م‬
Abstract
Anharus Sulthon, 11310021. The concept of Syafa'at In the Book of Monotheism
Muhammad ibn Abd al-Wahhab Authorship Studies Analysis Interpretation
Hermeneutics Nasr Hamid Abu Zaid. Essay. Department of Arabic Language and
Literature. Faculty of Humanities. Maulana Malik Ibrahim State Islamic University of
Malang.
Supervisor: Drs. KH. Marzuki Mustamar M.Ag

Keywords: Hermeneutics, The Book of Monotheism Muhammad ibn Abd al-Wahhab

To find the optimal meaning contained in the texts of language, be it a


religious text (the Koran), as well as historical texts in general, the interpreter is
required to not ignore the levels existing context along with the revelation of the text
(al-Qur 'an). If the levels of this context is ignored, then reading (interpretation) will
not be a productive reading, but will only be a tendentious readings. This is the
background of the study conducted by researchers concerned with the levels that exist
in the context of the verses of intercession.
Formulation of the problem in this study is what the background of the writing
of the book of monotheism authored by Muhammad ibn Abd al-Wahhab, what the
concept of intercession by Muhammad ibn Abd al-Wahhab and what the significance
of the concept of this intercession. While the purpose of this study was to determine
the background of the writing of the book of monotheism bouquet of Muhammad ibn
Abd al-Wahhab, the concept of intercession by Muhammad ibn Abd al-Wahhab and
their significance.
Researchers using qualitative methods, which is a method used to understand
the phenomena that occur on a particular object such as behavior, cognition,
motivation, and action through the process descriptions in the form of words or
language. While data analysis technique is to look for the historical side of the book of
this monotheism, analyzing the various levels of context is ignored, and the search for
significance. In this study using hermeneutic theory initiated by Nasr Hamid Abu
Zaid. Reading mechanism offered by the Nasr Hamid in this theory includes two
interrelated and integrity, like a pendulum motion. This pendulum movement includes
two forms of circular movement, the movement which starts from reality / significance
to reveal the meaning of the text / past. Then it re-establish the significance of
meaning, and then back to the starting point. The first phase of this pendulum
movement is a stage of textual understanding of the Koran and the socio-historical
context of the verses. The second stage, is the stage of generalization.
Results from this study consisted of three points, the first is that politics, power
and dogma of the purification monotheism of Wahhabism as the background of
writing the book of monotheism, the second point is that intercession is the problem in
dealing with the sins and crimes, and The third point of this research is that even
though Muhammad ibn Abd al-Wahhab ignore the context of the narrative, but he

‫‌ن‬
does not deny that the Prophet Muhammad will be able to intercede (with the
permission of Allah) to the community Hereafter later.

‫‌س‬
Abstrak
Anharus Sulthon, 11310021. Konsep Syafa’at Dalam Kitab Tauhid Karangan
Muhammad bin Abdul Wahhab Kajian Analisis Interpretasi Hermeneutika Nasr
Hamid Abu Zaid. Skripsi. Jurusan Bahasa dan Sastra Arab. Fakultas Humaniora.
Universitas Islam Negeri Maulana Malik Ibrahim Malang.
Pembimbing: Drs. KH. Marzuki Mustamar M.Ag

Kata Kunci: Hermeneutika, Kitab Tauhid Muhammad bin Abdul Wahhab

Untuk menemukan makna optimal yang terdapat dalam teks-teks kebahasaan,


baik itu teks keagamaan (al-Qur’an, maupun teks historis pada umumnya, penafsir
dituntut untuk tidak mengabaikan level-level konteks yang ada bersamaan dengan
diturunkannya teks (al-Qur’an). Jika level-level konteks ini diabaikan, maka
pembacaan (penafsiran) tidak akan menjadi pembacaan yang produktif (muntijah),
melainkan hanya akan menjadi pembacaan tendensius. Hal inilah yang menjadi latar
belakang dari penelitian yang dilakukan oleh peneliti berkaitan dengan level-level
konteks yang ada dalam ayat-ayat syafaat.
Rumusan masalah dalam penelitian ini adalah apa latar belakang penulisan
kitab tauhid haqullahi ‘alal abid yang dikarang oleh Muhammad bin abdul wahhab,
apa konsep syafaat menurut Muhammad bin Abdul Wahhab dan apa signifikansi dari
konsep syafaat ini. Sedangkan tujuan dari penelitian ini adalah untuk mengetahui latar
belakang penulisan kitab tauhid karangan Muhammad bin Abdul Wahhab, konsep
syafaat menurut Muhammad bin Abdul Wahhab serta siginifikansinya.
Peneliti menggunakan metode Kualitatif, yaitu suatu metode yang digunakan
untuk memahami fenomena yang terjadi terhadap objek tertentu seperti prilaku,
kognisi, motivasi, dan aksi melaui proses deskripsi dalam bentuk kata atau bahasa.
Sedangkan teknik analisis datanya adalah dengan mencari sisi historis dari kitab tauhid
ini, menganalisis berbagai level konteks yang diabaikan, dan juga mencari
signifikansinya. Dalam penelitian ini menggunakan teori hermeneutika yang digagas
oleh Nasr Hamid Abu Zaid. Mekanisme pembacaan yang ditawarkan oleh Nasr Hamid
dalam teorinya ini meliputi dua hal yang saling berkaitan dan berintegritas, seperti
gerakan pendulum. Gerakan pendulum ini meliputi dua bentuk gerakan sirkular, yaitu
gerakan yang dimulai dari realitas/signifikansi untuk menyingkap makna teks/masa
silam. Kemudian makna itu kembali membangun signifikansi, dan selanjutnya
kembali ke titik awal. Tahap pertama dari gerakan pendulum ini adalah tahapan
pemahaman tekstual al-Qur’an dan konteks sosio-historis ayat-ayatnya. Tahapan
kedua, adalah tahapan generalisasi.
Hasil dari penelitian ini terdiri dari tiga poin, yang pertama adalah bahwa
politik, kekuasaan dan juga dogma dari pemurnian tauhid dari aliran Wahhabi sebagai
latar belakang penulisan kitab tauhid ini, poin kedua adalah bahwa syafaat adalah
mengenai persoalan dalam mengatasi dosa-dosa dan kejahatan, dan poin ketiga dari
hasil penelitian ini adalah meskipun Muhammad bin Abdul Wahhab mengabaikan
konteks naratif, namun ia tidak menafikan bahwa Nabi Muhammad akan dapat
memberikan syafaat (atas izin Allah) kepada ummat diakhirat kelak

‫‌ع‬
‫حمتوايت البحث‬

‫صفحة الغالف‬
‫ورقة فارغة‬
‫صفحة العنوان‬

‫د‬ ‫االستهالل ‪...............................................................‬‬


‫ه‬ ‫اإلهداء ‪..................................................................‬‬
‫و‬ ‫كلدمة شكر والتقدير ‪......................................................‬‬
‫ح‬ ‫تقرير ادلشرف ‪............................................................‬‬
‫ط‬ ‫تقرير جلنة ادلناقشة عن البحث اجلامعي ‪......................................‬‬
‫ي‬ ‫تقرير عدميد كلية العلوم اإلنسانية‪............................................‬‬
‫ك‬ ‫تقرير رئيس قسم اللغة العربية وأدهبا ‪.........................................‬‬
‫ل‬ ‫تقرير الباحث ‪............................................................‬‬
‫م‬ ‫ملخص البحث ‪..........................................................‬‬
‫ف‬ ‫حمتوايت البحث ‪..........................................................‬‬

‫‪0‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬املقدمة ‪...................................................‬‬


‫‪3‬‬ ‫أ‪‌ -‬خلفية البحث ‪.................................................‬‬
‫‪6‬‬ ‫ب‪‌ -‬أسئلة البحث ‪.................................................‬‬
‫‪6‬‬ ‫ج‪‌ -‬أهدف البحث ‪................................................‬‬
‫‪6‬‬ ‫د‪‌ -‬فوائد البحث‪..................................................‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪ .3‬الفائدة النظرية ‪...........................................‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪ .1‬الفائدة التطبيقية ‪.........................................‬‬

‫‌ف‬
‫‪7‬‬ ‫ه‪‌ -‬الدراسات السابقة ‪.............................................‬‬
‫‪8‬‬ ‫و‪‌ -‬مناهج البحث ‪................................................‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪ .3‬نوع البحث ‪.............................................‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪ .1‬مصادر البياانت ‪.........................................‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪ .1‬طريقة مجع البياانت ‪......................................‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪ .1‬طريقة حتليل البياانت ‪.....................................‬‬

‫‪01‬‬ ‫الفصل الثاين‪ :‬اإلطار النظري ‪.............................................‬‬


‫‪31‬‬ ‫أ‪‌ -‬تعريف النظرية التأويلية ‪.........................................‬‬
‫‪35‬‬ ‫ب‪‌ -‬ميدان النظرية التأويلية ‪..........................................‬‬
‫‪37‬‬ ‫‪ .3‬نشأة النظرية التأويلية ‪.....................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫ج‪‌ -‬النظرية التأويلية لنصر محيد أبو زيد ‪..............................‬‬
‫‪11‬‬ ‫‪ .3‬مقاربة علم اللغة على النصوص الدينية ‪.....................‬‬
‫‪16‬‬ ‫‪ .1‬النصوص وادلشكلة السياقية ‪...............................‬‬
‫‪17‬‬ ‫د‪‌ -‬القراءة ادلنتجة ‪.................................................‬‬
‫‪41‬‬ ‫ه‪‌ -‬منهج القراءة السياقية ‪..........................................‬‬
‫‪11‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬عرض البياانت وحتليلها ‪........................‬‬
‫‪41‬‬ ‫أ‪‌ -‬حملة عن موضوع البحث ‪........................................‬‬
‫‪45‬‬ ‫ب‪‌ -‬حتليل البياانت ‪................................................‬‬

‫‪30‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬االختتام ‪...................................................‬‬


‫‪69‬‬ ‫أ‪‌ -‬اخلالصة ‪......................................................‬‬
‫‪73‬‬ ‫ب‪‌ -‬االقًتاحات ‪...................................................‬‬

‫‌ص‬
‫‪45‬‬ ‫قائمة املراجع ‪............................................................‬‬
‫‪41‬‬ ‫استشار املشرف ‪.........................................................‬‬

‫‌ق‬
‫امللخص‬
‫أهنار السلطان‪ .11013311 ،‬مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوىاب دراسة حتليلية‬
‫أتويلية " ‪ " Hermeneutika‬لنصر محيد أبو زيد‪ .‬البحث اجلامعي‪ .‬قسم اللغة العربية وأدهبا‪.‬كلية العلوم‬
‫اإلنسانية‪ .‬جامعة موالان مالك إبراىيم ماالنج‪ .‬ادلشرف‪ :‬مرزوقي مستمر ادلاجستًن‪.‬‬

‫الكلمات الرئيسية‪ :‬التأويلية‪ ،‬كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوىاب‪.‬‬

‫إلجياد ادلعىن األفضل يف النصوص اللغوية إما النصوص الدينية (القرآن) أو إما النصوص التارخيية‬
‫ينبغي للمفسر أن ال يهمل مستوايت السياق الذي قد وجدت مع نزول النصوص (القرآن)‪ .‬إذا أمهلها‬
‫ادلفسر فستكون القراءة (التفسًن) غًن منتجة وستكون ىي القراءة اإلحنيازية‪ .‬ىذه ىي اخللفيات اليت‬
‫جتذب الباحث للبحث عن مستوايت السياق يف اآلايت عن الشفاعة‪.‬‬

‫واألسئلة من ىذا البحث ىي ما خلفيات أتليف ىذا كتاب التوحيد حق هللا على العابد حملمد‬
‫بن عبد الوىاب؟ وما مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب؟ وما ادلغزى من ىذا ادلفهوم عن‬
‫الشفاعة؟ منتلك األسئلة فهدف ىذا البحث دلعرفة خلفيات أتليف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوىاب‬
‫مفهوم الشفاعة عنده ومغزى من ىذا ادلفهوم‪.‬‬

‫استخدم الباحث ادلنهج الكيفي يف ىذا البحث‪ ،‬وىو النتهج ادلستخدم لفهم الظواىر اليت‬
‫حدثت يف ادلوضوع ادلعٌن مثل السلوك واإلدراك والتشجيع والفعلة بعملية يف شكل األلفاظ أو اللغة‪.‬‬
‫وكيفية حتليلو ىي ابلبحث عن الناحية التارخيية من ىذا الكتاب وحتليل مجيع مستوايت السياق ادلهملة‬
‫وإجياد مغزاىا‪ .‬واستخدم ىذا البحث النظرية التأويلية لنصر محيد أيب زيد‪ .‬كانت تقنية القراءة اليت قدمها‬
‫نصر محيد يف نظريتو تشتمل على الشيئٌن ادلتعلقٌن الصالحٌن مثل حركة رقاص الساعة‪ .‬ىذه حركة‬
‫رقاص الساعة تشتمل على حركيت التداول يعين حركة تبدأ من احلقيقة أو ادلغزى لكشف معىن النص (يف‬
‫ادلاضي)‪ .‬مث بىن ذلك ادلعىن ادلغزى مث عاد إىل النقظة األوىل‪ .‬ادلرحلة األوىل من ىذه حركة رقاص الساعة‬
‫ىي مرحلة فهم النص القرآين والسياق االجتماعي التارخيي من آايتو‪ .‬وادلرحلة الثانية ىي مرحلة التعميم‪.‬‬

‫ونتيجة ىذا البحث تتكون على ثالث نقاط‪ ،‬النقطة األوىل أن السياسة والسلطة وعقيدة‬
‫ختليص التوحيد من ادلذىب الوىايب ىي خلفيات أتليف ىذا الكتاب‪ ،‬والنقطة الثانية أن الشفاعة ىي‬
‫السؤال يف التجاوز عن الذنوب واجلرائم بينهم والنقطة الثالثة من نتيجة ىذا البحث ىي ولو أمهل دمحم بن‬
‫عبد الوىاب السياق السردي وىو ال ينفي أن النيب دمحم سيشفع أمتو يوم القيامة (إبذن هللا)‪.‬‬
Abstrak
Anharus Sulthon, 11310021. Konsep Syafa’at Dalam Kitab Tauhid Karangan
Muhammad bin Abdul Wahhab Kajian Analisis Interpretasi Hermeneutika Nasr
Hamid Abu Zaid. Skripsi. Jurusan Bahasa dan Sastra Arab. Fakultas Humaniora.
Universitas Islam Negeri Maulana Malik Ibrahim Malang.
Pembimbing: Drs. KH. Marzuki Mustamar M.Ag

Kata Kunci: Hermeneutika, Kitab Tauhid Muhammad bin Abdul Wahhab

Untuk menemukan makna optimal yang terdapat dalam teks-teks kebahasaan,


baik itu teks keagamaan (al-Qur’an, maupun teks historis pada umumnya, penafsir
dituntut untuk tidak mengabaikan level-level konteks yang ada bersamaan dengan
diturunkannya teks (al-Qur’an). Jika level-level konteks ini diabaikan, maka
pembacaan (penafsiran) tidak akan menjadi pembacaan yang produktif (muntijah),
melainkan hanya akan menjadi pembacaan tendensius. Hal inilah yang menjadi latar
belakang dari penelitian yang dilakukan oleh peneliti berkaitan dengan level-level
konteks yang ada dalam ayat-ayat syafaat.
Rumusan masalah dalam penelitian ini adalah apa latar belakang penulisan
kitab tauhid haqullahi ‘alal abid yang dikarang oleh Muhammad bin abdul wahhab,
apa konsep syafaat menurut Muhammad bin Abdul Wahhab dan apa signifikansi dari
konsep syafaat ini. Sedangkan tujuan dari penelitian ini adalah untuk mengetahui latar
belakang penulisan kitab tauhid karangan Muhammad bin Abdul Wahhab, konsep
syafaat menurut Muhammad bin Abdul Wahhab serta siginifikansinya.
Peneliti menggunakan metode Kualitatif, yaitu suatu metode yang digunakan
untuk memahami fenomena yang terjadi terhadap objek tertentu seperti prilaku,
kognisi, motivasi, dan aksi melaui proses deskripsi dalam bentuk kata atau bahasa.
Sedangkan teknik analisis datanya adalah dengan mencari sisi historis dari kitab tauhid
ini, menganalisis berbagai level konteks yang diabaikan, dan juga mencari
signifikansinya. Dalam penelitian ini menggunakan teori hermeneutika yang digagas
oleh Nasr Hamid Abu Zaid. Mekanisme pembacaan yang ditawarkan oleh Nasr Hamid
dalam teorinya ini meliputi dua hal yang saling berkaitan dan berintegritas, seperti
gerakan pendulum. Gerakan pendulum ini meliputi dua bentuk gerakan sirkular, yaitu
gerakan yang dimulai dari realitas/signifikansi untuk menyingkap makna teks/masa
silam. Kemudian makna itu kembali membangun signifikansi, dan selanjutnya
kembali ke titik awal. Tahap pertama dari gerakan pendulum ini adalah tahapan
pemahaman tekstual al-Qur’an dan konteks sosio-historis ayat-ayatnya. Tahapan
kedua, adalah tahapan generalisasi.
Hasil dari penelitian ini terdiri dari tiga poin, yang pertama adalah bahwa
politik, kekuasaan dan juga dogma dari pemurnian tauhid dari aliran Wahhabi sebagai
latar belakang penulisan kitab tauhid ini, poin kedua adalah bahwa syafaat adalah
mengenai persoalan dalam mengatasi dosa-dosa dan kejahatan, dan poin ketiga dari
hasil penelitian ini adalah meskipun Muhammad bin Abdul Wahhab mengabaikan
konteks naratif, namun ia tidak menafikan bahwa Nabi Muhammad akan dapat
memberikan syafaat (atas izin Allah) kepada ummat diakhirat kelak.
Abstract
Anharus Sulthon, 11310021. The concept of Syafa'at In the Book of Monotheism
Muhammad ibn Abd al-Wahhab Authorship Studies Analysis Interpretation
Hermeneutics Nasr Hamid Abu Zaid. Essay. Department of Arabic Language and
Literature. Faculty of Humanities. Maulana Malik Ibrahim State Islamic University of
Malang.
Supervisor: Drs. KH. Marzuki Mustamar M.Ag

Keywords: Hermeneutics, The Book of Monotheism Muhammad ibn Abd al-Wahhab

To find the optimal meaning contained in the texts of language, be it a


religious text (the Koran), as well as historical texts in general, the interpreter is
required to not ignore the levels existing context along with the revelation of the text
(al-Qur 'an). If the levels of this context is ignored, then reading (interpretation) will
not be a productive reading, but will only be a tendentious readings. This is the
background of the study conducted by researchers concerned with the levels that exist
in the context of the verses of intercession.
Formulation of the problem in this study is what the background of the writing
of the book of monotheism authored by Muhammad ibn Abd al-Wahhab, what the
concept of intercession by Muhammad ibn Abd al-Wahhab and what the significance
of the concept of this intercession. While the purpose of this study was to determine
the background of the writing of the book of monotheism bouquet of Muhammad ibn
Abd al-Wahhab, the concept of intercession by Muhammad ibn Abd al-Wahhab and
their significance.
Researchers using qualitative methods, which is a method used to understand
the phenomena that occur on a particular object such as behavior, cognition,
motivation, and action through the process descriptions in the form of words or
language. While data analysis technique is to look for the historical side of the book of
this monotheism, analyzing the various levels of context is ignored, and the search for
significance. In this study using hermeneutic theory initiated by Nasr Hamid Abu
Zaid. Reading mechanism offered by the Nasr Hamid in this theory includes two
interrelated and integrity, like a pendulum motion. This pendulum movement includes
two forms of circular movement, the movement which starts from reality / significance
to reveal the meaning of the text / past. Then it re-establish the significance of
meaning, and then back to the starting point. The first phase of this pendulum
movement is a stage of textual understanding of the Koran and the socio-historical
context of the verses. The second stage, is the stage of generalization.
Results from this study consisted of three points, the first is that politics, power
and dogma of the purification monotheism of Wahhabism as the background of
writing the book of monotheism, the second point is that intercession is the problem in
dealing with the sins and crimes, and The third point of this research is that even
though Muhammad ibn Abd al-Wahhab ignore the context of the narrative, but he
does not deny that the Prophet Muhammad will be able to intercede (with the
permission of Allah) to the community Hereafter later.
‫الباب األول‬
‫املقدمة‬
‫أ‪ .‬خلفية البحث‬
‫الوىايب ىو ادلذىب الذي نسب إىل دمحم ابن عبد الوىاب ابن سليمان‬
‫النجدي‪1.‬ىذا ادلذىب ىو ادلذىب اجلديل ألن كثَت من تعاليمو متعارض بتعاليم اإلسالم‬
‫وذمو رلتمع ادلسلُت يف العامل‪ .‬ولو كان دمحم بن عبد الوىاب ىو من شيعة ادلذىب‬
‫احلنبلي (أكرب مذىب هنجو سكان صلد يف ذلك العصر) ولكن يف احلقيقة كان فعل دمحم‬
‫بن عبد الوىاب بعيد عما علمو اإلمام أمحد بن حنبل‪،‬بلكان ىذا ادلذىب يعارض كل‬
‫ادلذاىب (يف العامل ‪ 7‬مذاىب مشهورة وىي مذىب اإلمام جعفر بن الصديق الذي‬
‫ذىب إليو أىل البيت ومذىب اإلمام أيب حنيفة النعمان ومذب اإلمام الشافعي ومذىب‬
‫اإلمام مالك بن أنس ومذىب اإلمام أمحد بن حنبل ومذىب الشيعة اإلمامية ومذىب‬
‫داود الزىَتي) وحيث على أن يتبع الناس ويقلد إىل مفاىيمو (من العلماء الذي عظمها‬
‫الوىايب يف التقليد ىي ابن عبد الوىاب وابن ابز وابن عثيمُت واأللباين وبن فوزا)‪ 2‬وزعم‬
‫ىذا ادلذىب أبن يف فهم القرآن والسنة وجب على ادلسلمُت أن يعتمدوا على فهم‬
‫‪3‬‬
‫السلف ويتبعوا ادلذىب السلف‪.‬‬
‫واتريخ نشأة ىذا ادلذىب ال ينفصل عن ادلسالة السياسية الشديدة‪ .‬كان دمحم بن‬
‫سعود أمَت الدرعية (شرق صلد) يريد أن يسيطر على السعودية اليت ىي جزء من والية‬
‫العثماين يف ذلك العصر‪ .‬فبمساعدة اإلصلايز والفرنسى (اللتُت حيارابن ابلًتكي العثماين)‬
‫يف ادلعاىدة اخلفية تسمى بـ‪ Sykes-Picot‬قسم اجلزيرة العربية إىل أجزاء معينة‪ 4.‬فبهذه‬
‫ادلساعدة‪ ،‬كان دمحم بن سعود حيارب جنود الًتكي اليت كانت يف والية السعودية والعوض‬

‫‪1‬‬
‫‪Syaikh Idahram, Sejarah Berdarah Sekte Salafi Wahabi,Yogyakarta: Lkis, 2011,‬‬
‫‪halaman: 30‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Syaikh Idahram, Mereka Memalsukan Kitab-Kitab Karya Ulama Klasik, Yogyakarta:‬‬
‫‪Lkis, 2011, halaman: 35‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid.,32‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Kaka Alvian Nasution, Konspirasi Yahudi, Jogjakarta: Saufa, 2014, halaman: 35‬‬

‫‪1‬‬
‫من ذلك ىو احلصول على والية العودية‪ ،‬ودمحم بن عبد الوىاب (ىو من العلماء اليت ذلا‬
‫مساندة اتمة من دمحم بن سعود) نشر مذىبو يعٍت الوىايب وعلمو بكل السهولة‪.‬‬
‫ولو كانت ىناك ادلسالة السياسية الشديدة منذ نشأة الوىايب حىت اآلن‪ ،‬لكنو‬
‫يدوم حىت اآلن‪ .‬مفاىيم الوىايب وحركتو ىو ما استخدمتها حكومة ادلملكة السعودية‪.‬‬
‫لذا حاولتاحلكومة وادلسؤسسة يف ادلملكةالسعودية أن تنشر ىذا ادلذىب الوىايب بوسيلة‬
‫إعطاء ادلنحة وادلساعدة إىل اذليئات وادلنظمات ومجعية ادلسلمُت يف كل بالد العامل‪.‬‬
‫وكذلك إبعطاء القرآن الكرمي والكتب وادلراجع اإلسالمية خاصة الكتب اليت ألفها الشيخ‬
‫‪5‬‬
‫دمحم بن عبد الوىاب وابن تيمية وتكون ادلصدر األساسي للوىايب والسلفي‪.‬‬
‫الوىايب ىو ادلذىب الذي يسؤكد ويعرب تعبَتا صرحيا على تصفية التوحيد‪ .‬كما‬
‫أكدىا زين العابدين بن مشس الدين (الذي أيد ىذا ادلذىب) على أن الدعوة السلفية‬
‫تسؤكد على تصفية اإلسالم بوسيلة منهج التصفية والًتبية الذي ال يهتم حبرية العقل‬
‫لالجتهاد يف زايدة الشريعة اإلسالمية أو نقصها إال يف ادلسألة الفرعية‪ 6.‬واألسس اليت‬
‫بناىا الوىايب ىي تزكية النفس والتصفية والًتبية والتجديد واإلصالح واألمر ابدلعروف‬
‫والنهي عن ادلنكر واجلهاد‪ .‬ويف وجو أتكيد التوحيد كان ىذا ادلذىب يعارض معارضة‬
‫شديد إىل ما عدىا بدعة ضاللة مثل االستغاثة والتواصل أبولياء هللا بل كان ينهى عن‬
‫التواصل بوسيلة الرسول‪ .‬وىذا كما شرحو زين العابدين يف كتابو أن مسألة التواصل‬
‫ادلمنوع الذي من ىو من عمل البدعة ىو التواصل ابلشرف وادلقام واحلقوق وذات النيب‬
‫دمحم ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬كما يقول الشخص‪ :‬إين أسألك بوسيلة نبيك أو مبقام نبيك أو حبقوق نبيكأو‬
‫بشرافة أوليائك أو بشرافة الصاحلُت وغَتىا‪ ،‬ذلك ىو من نوع البدعة والشرك وال جيوز‬
‫‪7‬‬
‫أن يفعلها االمسلم على النيب ومن غَته من الصاحلُت‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪Op.Cit 20‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Zainal Abidin bin Syamsudin, Membedah Akar Fitnah Wahabi Reformasi, Klarifikasi‬‬
‫‪Bukan Konspirasi, Pustaka Imam Bonjol, 2013, halaman: 11‬‬
‫‪7‬‬
‫‪Ibid,. Halaman: 295‬‬

‫‪2‬‬
‫وعرض محيد الغار عن التعاليم اخلاص حملد بن عبد الوىاب‪ .‬دارت تلك التعاليم‬
‫على تعريف التوحيد الذي يسؤسس على الثالثة‪ ،‬وىي‪ :‬توحيد الربوبية (شهادة أن ال إلو‬
‫إال هللا الذي لو الصفة الربوبية وادللوكية والذي خلق الدنيا والذي حييي ودييت) وتوحيد‬
‫األمساء والصفات (تصديق األمساء والصفات اليت قد ذكرت يف القرآن فحسب وال جيوز‬
‫أن تُستخدم ىذه األمساء لغَت هللا) وتوحيد العبادة‪ .‬والنوع األخَت من التوحيد ىو أىم‬
‫نوع عند رأي دمحم بن عبد الوىاب‪ 8.‬كما قد أكده زين العابدين قبلو فقال محيد الغار أن‬
‫ادلذىب الوىايب يعارض معارضة شديدا العمل مثل التواصل بوسيلة النيب أو الصاحلُت‬
‫واالستغاثة والرجاء على الشفاعة (من األنبياء واألولياء والشعداء وغَتىا) والتربك وزايرة‬
‫‪9‬‬
‫القبور‪ .‬كل من ذلك العمل يسؤدي إىل سلالفة توحيد العبادة وتسؤدي أيضا إىل الشرك‪.‬‬
‫كان ادلسلمُت الذين ىم من أىل السنة واجلماعة يتفقون على أن الشفاعة ىي‬
‫من كرامة هللا اليت أعطاىا هللا إىل النيب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص لنصر أشلو يف يوم القيامة وعند العذاب‪.‬‬
‫لذا استبق ادلسلمون يف الصلوات على النيب والتواصل وزايرة قرب النيب رجاء على أن ينالوا‬
‫شفاعتو يوم القيامة‪ .‬ىذا خيتلف آبراء الوىايب يف كتاب الدرر السنية (رلموعة اآلراء من‬
‫علماء الوىايب) اليت تسؤكد على أن دمحم بن عبد الوىاب دينع الصلوات على النيب صلى هللا‬
‫عليو وسلم‪ .‬كان دمحم بن عبد الوىاب متأدلا إذا مسع الناس يصلون على النيب‪ .‬وكان‬
‫‪10‬‬
‫طالبو يتبعونو يعٍت يف تكفَت ادلسلمُت الذين يصلون على النيب ويذكرونو‪.‬‬
‫ىناك كثَت من الفتاوى اليت أخرجها ادلذىب الوىايب وعارضها العلماء من سائر‬
‫العامل‪ .‬وادلثال من تلك الفتاوى ىو الفتوى أن زايرة مقام رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص حرام‪ 11،‬والتواصل‬
‫بكرامة رسول هللا والرجاء على شفاعتو بدعة ضاللة‪ 12.‬وقد انتشر األخبار ادلتململة‬

‫‪8‬‬
‫‪Hamid Algar, Wahhabisme Sebuah Tinjauan Kritis, Jakarta, Democracy Project, 2011,‬‬
‫‪halaman: 46‬‬
‫‪9‬‬
‫‪Ibid,. Halaman: 47‬‬
‫‪10‬‬
‫‪Syaikh Idahram, Ulama Sejagad Menggugat Salafi Wahabi, Yogyakarta: Pustaka‬‬
‫‪Pesantren, 2011, halaman: 100‬‬
‫‪11‬‬
‫نفس المرجع‪.191 ،‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Syaikh Idahram, Mereka Memalsukan Kitab-Kitab Karya Ulama Klasik, Yogyakarta:‬‬
‫‪Lkis, 2011, halaman: 256‬‬

‫‪3‬‬
‫للمسلمُت يعٍت األخبار عن إخراج اخلطة أن ادلملكة السعودية أي الوىايب سيشرد مقربة‬
‫الرسول ملسو هيلع هللا ىلص‪ .‬والباحث لو اىتمام كبَتهبذه الظاىرة ادلتململة وسيبحث عن الكتاب الذي‬
‫ألفو دمحم بن عبد الوىاب (مسؤسس ادلذىب الوىايب)‪.‬‬
‫ىذا خيتلف مبعظم سكان اإلندونيسيا الذي حيًتم ويعظم رسول هللا وحبيب هللا‬
‫أحب سللوق عند هللا‪ .‬والدليل على ذلك ىو كثرة رللس الصلوات والتعليم والربزصلي‬
‫والربدة الذي فيها محد الناس خلق الرسول واتريخ حياتو ادلمتاز‪ .‬فمن ىذه اجملالس‬
‫سوف حيصل على شفاعة رسول هللا‪ .‬وىذا ما يفرق بُت ادلذىب الوىايب ومعظم سكان‬
‫اإلندونيسيا‪.‬‬
‫ويف البحث عن مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب اختار الباحث الدراسة‬
‫عن التأويلية لنصر محيد أبو زيد‪ .‬وادلشكلة األساسية اليت تدرسها النظرية التأويلية ىي‬
‫مشكلة تفسَت النصوص عامة‪ ،‬إما النصوص التارخيية أو إما النصوص الدينية‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫ادلشكلة اليت سنحلها ىي ادلشكلة الكثَتة ادلركبة اليت حدثت حول طباع أساس النص‬
‫وعالقتو ابلًتاث يف انحية وعالقتو ابدلسؤلف يف انحية أخرى‪ 13.‬اختيار منهج التحليل‬
‫اللغوي يف فهم النص ويف زلاولة الوصول إىل مفهوم النص ليس شيء مصادف بسبب‬
‫التحَت يف اختيار تنوع ادلناىج ادلوجودة‪ .‬فمن ادلضبوط أن يقال أن ىذا ادلنهج ىو أحسن‬
‫‪14‬‬
‫منهج يف استخدامو ألنو مناسب ابدلوضوع ومادة البحث‪.‬‬
‫من أنواع القراءة اليت درأىا ادلفسرين ىي القراءة ادلغردة‪ 15.‬القرءة ادلغردة ىي قراءة‬
‫وجيةة أو مذىب ادلفسر‪ .‬تفسَت القرآن كوسيلة مقتضيات إي يديولُ ي‬
‫وجيةة‬ ‫النص مناسبا إبي يديولُ ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(القراءة ادلغردة) ادلعينة ىي الظواىر اليت تشجع الباحث ليدرس درسا عميقا عن كيف‬
‫ودلاذا حدث ىذا‪ .‬ما كتب يف القرآن الكرمي ىو دلقتضيات مجيع ادلسلمُت ليس ليحلل‬
‫فرقة واحدا فحسب‪ .‬ىذا يسؤثر إىل األوجو الداخلية للمسلمُت حىت تسبب إىل التفرق‬
‫‪13‬‬
‫‪Nashr Hamid Abu Zaid, Hermeneutika Inklusif, Jakarta: ICIP, 2004, halaman: 3‬‬
‫‪14‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Tekstualitas al-Qur’an Kritik Terhadap Ulumul Qur’an,‬‬
‫‪Yogyakarta: Lkis, 1993, halaman: 21‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Kurdi dkk, Hermeneutika Al-Qur’an dan Hadits, Yogyakarta: Elsaq Press, 2010,‬‬
‫‪halaman: 127‬‬

‫‪4‬‬
‫والتعارض الذي ال ينتهي حىت اآلن (مثل الصراع يف شرق األوسط‪ ،‬سٍت‪-‬شيعة‪،‬‬
‫والصراع اآلخر يسببو االختالف بُت ادلذاىب والعقائد اإلسالمية)‪ ،‬ومن سوى ذلك‪،‬‬
‫كان األوجو اخلارجية من ىذه الظواىر ىي ميسوم اإلسالم من اخلارج‪.‬‬
‫الدراسة عن ادلذىب الوىايب ىي دراسة رائعة جذابة وجديدة يف البحث العلمي‬
‫كلية العلوم اإلنسانية‪ .‬ادلذىب الوىايب الذي يعده معظم ادلسلمُت ادلذىب اجلدايل قد‬
‫شجع الباحث يف حبث ىذا ادلوضوع للبحث اجلامعي‪ .‬كثَت من علماء اإلندونيسيا قد‬
‫صرخوا أن ادلذىب الوىايب ىو ادلذىب ادلنحرف‪ .‬وال سيما أن النظرية ادلستخدمة يف ىذا‬
‫البحث ىي النظرية التأويلية لنصر محيد‪ ،‬شخص جدايل بنظريتو اجلدالية‪ .‬والبحث عن‬
‫ىذه النظرية ىي شيء جديد يف كليتنا‪ ،‬ىذه النظرية اجلدالية فقط تعلمها طالب اللغة‬
‫العربية وأدهبا حصة واحدة مع أن ىذه النظرية ىي من فروع علم اللغة النظري‪ .‬فمن‬
‫اآلسف قلة احلصة عن ىذه النظرية بسبب تلك الندبة السلبية‪.‬‬
‫وابختيار ىذه النظرية التأويلية لنصر محيد أبو زيد والدراسة عن ابب الشفاعة يف‬
‫كتاب الوىايب‪ ،‬رجى الباحث أن تنفرج ادلعرفة عن النظرية التأويلية اليت قليل من طالب‬
‫اللغة واألدب يدرس عنها‪ .‬ومن سوى ذلك‪ ،‬اختار الباحث ابب الشفاعة يف الكتاب‬
‫الذي ألفو دمحم بن عبد الوىاب ليساىم يف تصرف خلفيات فكرة دمحم بن عبد الوىاب‬
‫وكذلك يف مفهوم الشفاعة يف ذلك الكتاب‪ .‬فضال عن ىذا‪ ،‬يرجى من ىذا البحث أن‬
‫نعرف تضمُت مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب‪.‬‬
‫والباحث كطالب قسم اللغة العربية وأدهبا يرجو أن يكون ىذا البحث مذاكرة‬
‫إلجراء البحث اجلاىز‪ .‬وادلراد بو ىو أن من تنوع الدرس الذي تعلمو الطالب يف قسم‬
‫اللغة العربية وأدهبا‪ ،‬اندر منهم (بل ال يوجد) من يدرس عن ىذه النظرية التأويلية‪ .‬كان‬
‫معظم الطالب يرغب يف البحث عن النظرية العامة اليت درسها الطالب من قبلو مثل‬
‫نظرية أصول النحو والبالغة واألنثوية والتداولية وغَتىا من النظرية اللغوية‪ .‬يرجى ىذا‬
‫البحث أن يعطي "لون جديد" يف خزانة البحث لطالب قسم اللغة العربية وأدهبا‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ب‪.‬أسئلة البحث‬
‫ومن اخللفيات السابقة‪ ،‬ىذه ىي أسئلة ىذا البحث‪:‬‬
‫‪ .1‬ما خلفيات فكرة دمحم بن عبد الوىاب عن مفهوم الشفاعة؟‬
‫‪ .2‬ما مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب؟‬
‫‪ .3‬ما مفهوم الشفاعة يف السياق احلايل (ادلغزى)؟‬

‫ج‪ .‬أهداف البحث‬


‫‪ .1‬دلعرفة خلفيات فكرة دمحم بن عبد الوىاب عن مفهوم الشفاعة‪.‬‬
‫‪ .2‬دلعرفة مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب‪.‬‬
‫‪ .3‬دلعرفة التأثَت من مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب على رلتمع ادلسلمُت‬
‫عامة‪.‬‬

‫د‪ .‬فوائد البحث‬


‫‪ .1‬الفوائد النظرية‬
‫اعتمادا على ادلوضوع الذي درسو الباحث‪ ،‬كان الباحث يرجو أن نفيد من ىذا‬
‫البحث كما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬دلعرفة نظرية أتويلية "‪ "Hermeneutika‬نصر محيد أبو زيد معرفة عميقة‪.‬‬
‫‪ )2‬للكشف عن مفهوم ادلعٌت وادلغزى يف نظرية أتويلية "‪ "Hermeneutika‬نصر‬
‫محيد أبو زيد كشفا عميقا‪.‬‬
‫‪ )3‬للفهم على مفهوم الشفاعة فهما دقيقا‪.‬‬
‫‪ )4‬دلعرفة خلفيات فكرة مسؤسس ادلذىب الوىايب دمحم بن عبد الوىاب‪.‬‬
‫‪ )5‬دلعرفة مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ )6‬دلعرفة التأثَت من مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب على رلتمع‬
‫ادلسلمُت‪.‬‬

‫‪ .2‬الفوائد التطبيقية‬
‫‪ )1‬فمن ىذا البحث رجى الباحث على أن يكوانلطالب يف قسم اللغة العربية‬
‫وأدهبا يعرفون ويفهمون النظرية التأويلية اليت ىي من أجزاء علم اللغة‬
‫النظري‪ ،‬وأن يدرس ىذه النظرية يف البحث الالحق‪.‬‬
‫‪ )2‬لزايدة الفهم على مفهوم الشفاعة فهما شامال‪.‬‬

‫ه‪ .‬الدراسة السابقة‬


‫ىناك كثَت من البحث الذي يدرس عن النظرية التأويلية‪ ،‬مثل ما وجدان يف‬
‫البحث اجلامعي لطالب قسم علم النفس جامعة موالان مالك إبراىيم اإلسالمية احلكومية‬
‫ماالنج سنة ‪ ،2009‬لعبد هللا‪ .‬يف حبثو الذي كان موضوعو "التحليل التأويلي يف نص‬
‫خطبة سوكارنو ‪ 17‬أغسطس سنة ‪ 1950-1945‬منظور سيكولوجي اقتناعي"‬
‫استخدم عبد هللا النظرية التأويلية العامة اليت تسؤكد على سيكولوجي اقتناعي‪.‬‬
‫والبحث اآلخر الذي استخدم النظرية التأويلية األخرى وجدانه يف البحث‬
‫اجلامعي الذي كتبو دمحم ىَتي أزىاري طالب قسم الًتمجة كلية األدب واإلنسانية كاكعة‬
‫شريف ىداية هللا اإلسالمية احلكومية جاكارات سنة ‪ .2010‬يف حبثو حتت ادلوضوع‬
‫"اضليازاجلنس يف الًتمجة‪ :‬دراسة أتويلية على ترمجة تفسَت األزىار"‪ ،‬كان دمحم ىَتي يسؤكد‬
‫كثَتا على النظرية التأويلية عامة‪.‬‬
‫إلجياد الدراسة السابقة اليت درست عن كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوىاب‬
‫ىذا ليس عملية سهلة وخاصة الدراسة اليت استخدمت النظرية التأويلية لنصر محيد أبو‬
‫زيد كاإلطار النظري‪ .‬فبسبب قصر الباحث يف إجياد الدراسة السابقة‪ ،‬كتب الباحث‬
‫الدراسة اليت استخدمت النظرية التأويلية لنصر محيد أبو زيد فحسب‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وقد وجد الباث الدراسة عن النظرية التأويلية لنصر محيد أبو زيد يف البحث‬
‫اجلامعي الذي كتبو ىندري فوراب واسيسو طالب قسم الًتبية اإلسالمية كلية علوم الًتبية‬
‫والتعليم جامعة سوانن كاليجاكا اإلسالمية احلكومية يوكياكارات سنة ‪ .2013‬يف ذلك‬
‫البحث اجلامعي درس ىندري عن مفهوم الًتبية اإلسالمية يف قانون ‪Sisdiknas‬النمرة ‪20‬‬
‫سنة ‪ 2003‬ابستخدام التحليل التأويلي لنصر محيد أبو زيد‪ .‬استخدم ىندري أيضا‬
‫حتليل ادلعٌت وادلغزى يف النظرية التأويلية لنصر محيد أبو زيد إلجياد أمهية قانون ‪Sisdiknas‬‬

‫النمرة ‪ 20‬سنة ‪.2003‬‬

‫و‪ .‬مناهج البحث‬


‫‪ .1‬نوع البحث‬
‫وىذا البحث عن كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوىاب من حيث نوعو ىو من‬
‫البحث ادلكتيب‪ .‬وىذا ىو البحث الذي يركز إىل الكتب ادلطبوعات كاألدوات وادلراجع‬
‫يف البحث‪ .‬وادلنهج الذي استخدمو الباحث يف ىذا البحث ىو ادلنهج الكيفي‬
‫ابستخدام النظرية التأويلية لنصر محيد أبو زيد اليت تًتكز يف النصوص الدينية‪ .‬وعند دافيد‬
‫ويليامس ‪(David Williams‬يف موليونج ‪ ،)1988 Moleong‬البحث الكيفي ىو عملية‬
‫مجع البياانت يف اجملال العلمي ابستخدام ادلنهج الطبيعي الذي نفذىا الشخص أو‬
‫‪16‬‬
‫الباحث بطريقة طبيعية‪.‬‬
‫‪ .2‬مصادر البياانت‬
‫وادلراد مبصادر البياانت ىو ادلكان الذي كانت البياانت ُحتصل منو يف عملية‬
‫البحث العلمي‪ .‬ومصادر البينات اليت استخدمها الباحث ىي كما يلي‪:‬‬
‫ىناك مصدري البياانت يف ىذا البحث ومها ادلصدر األساسي وادلصدر الثانوي‪.‬‬
‫ادلصدر األساسي ىو ادلصدر الذي يتعلق تعلقا مباشرا مبوضوع البحث وىو ال يدل على‬

‫‪16‬‬
‫‪Lexy J. Moleong, Metode Penelitian Kualitatif Edisi revisi, Bandung: PT Remaja‬‬
‫‪Rosdakarya, 2014, halaman: 5‬‬

‫‪8‬‬
‫أن البياانت تسؤيد البحث أو تضعفو‪ .‬وأما ادلصدر الثانوي ىو البياانت اليت تسؤيد بياانت‬
‫البحث وتكمل البياانت األساسية‪ .‬والبياانت األساسية يف ىذا البحث ىو كتاب‬
‫التوحيد حملمد بن عبد الوىاب والبياانت الثانوية ادلستخدمة ىي الكتب ادلتنوعة خاصة‬
‫الكتب الذي يدرس عن ادلذىب الوىايب والكتب عن الدراسة التأويلية الذي نشرىا نصر‬
‫محيد أبو زيد وكذلك الشبكة الدولية اليت تساعد وتقوي يف كتابة ىذا البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ .3‬طريقة مجع البياانت‬
‫استخدم الباحث الطريقة الواثئقية يف مجع بياانت ىذا البحث‪ .‬والواثئق ىي كل‬
‫األشياء ادلكتوبة او األفالم أو ادلالحظات ادلاضية‪ .‬قد شرح رانَت ‪:1997(Ranier‬‬
‫‪ )104‬مصطلح "الواثئق" يف ثالثة تعريفات‪ :‬أوال يف ادلعٌت الواسع‪ ،‬وىو يشتمل على‬
‫كل ادلصادر ادلكتوبة أو ادلنطوقة‪ .‬اثنيا يف ادلعٌت الضيق‪ ،‬وىو يشتمل على كل ادلصادر‬
‫ادلكتوبة فحسب‪ .‬واثلثا يف ادلعٌت ادلعُت‪ ،‬وىو يشتمل على الرسالة الرمسية والواثئق الوطنية‬
‫‪17‬‬
‫مثل ادلعاىدة والقوانُت واذلبة وغَتىا‪.‬‬
‫ويف ىذا‪ ،‬استخدم الباحث ادلنهج الواثئقي كادلنهج ادلضبوط يف ىذا البحث ألن‬
‫البياانت يف ىذا البحث تتكون على الكتب‪.‬‬
‫يف مجع بياانت ىذا البحث‪ ،‬قد حاول الباحث أن جيمع الواثئق أو ادلراجع‬
‫ادلتعلقة ابلبحث يعٍت كتاابلتوحيد حملمد بن عبد الوىاب والكتب اليت تساعد وتقوي ىذا‬
‫البحث اجلامعي‪.‬‬
‫‪ .4‬طريقة حتليل البياانت‬
‫التحليل الكيفي ىو احملاولة اليت جرت بطريقة العمل ابلبياانت وتنظيمها وتفريقها‬
‫إىل الوحدات مث حبثها وإجياد النمط وكذلك إجياد شيء مهم وشيء زلتاج درسو مث تعيُت‬
‫‪18‬‬
‫ما استطعنا أن نتحدثها إىل اآلخر‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪Imam Gunawan, Metode Penelitian Kualitatif, Teori dan Praktik, Jakarta: PT Bumi‬‬
‫‪Askara, 2013, halaman: 176‬‬
‫‪18‬‬
‫‪Lexy J. Moleong, Metode Penelitian Kualitatif Edisi revisi, Bandung: PT Remaja‬‬
‫‪Rosdakarya, 2014, halaman: 248‬‬

‫‪9‬‬
‫قد عرض ميلس ‪ Miles‬وىوبرمان ‪ )1992( Huberman‬ثالث طبقات اليت‬
‫وجب علينا أن نقوم هبا يف حتليل بياانت البحث الكيفي‪ ،‬وىي‪ :‬أوال تقليل البياانت‪،‬‬
‫واثنيا عرض البياانت‪ ،‬واثلثا اخلالصة واإلثبات‪.‬‬
‫وكذلك عرض سفراديل ‪ )1980( Spradley‬أن شكل حتليل البياانت يف البحث‬
‫الكيفي ىو‪:‬‬
‫‪ )1‬التحليل اجملايل‪ ،‬وىو زلاولة الباحث للحصول على الصورة العامة عن‬
‫البياانت يف إجابة تركيز البحث‪ .‬وكيفيتو ىة بقراءة النصوص عامة شاملة‬
‫للحصول على كل اجملال ادلوجودة يف تلك البياانت‪ .‬يف ىذا اخلطوة‪ ،‬سوف‬
‫يدرس الباحث عن ابب الشفاعة يف كتاب التوحيد الذي ىو تركيز ىذا‬
‫البحث‪.‬‬
‫‪ )2‬التحليل التصنيفي‪ ،‬وىو أن يكون الباحث يفهم رلاال معينا مناسبا بًتكيز‬
‫البحث‪ .‬يف ىذا اخلطوة سوف حياول الباحث أن يفهم ابب الشفاعة‬
‫كمجال معُت يف ىذا البحث‪.‬‬
‫‪ )3‬التحليل التعويضي‪ ،‬وىو أن يكون الباحث حياول ليميز بُت العناصر يف‬
‫اجملال ادلصول‪ .‬مث يصنف الباحث العناصر ادلتميزة إىل التصنيف ادلناسب‪.‬‬
‫‪ )4‬حتليل ادلوضوع الثقايف‪ ،‬وىو التحليل ابلفهم على الظواىر اخلاصة من التحليل‬
‫السابق‪ .‬واعتمادا على سائر التحليل‪ ،‬سوف يقوم الباحث إبعادة النظر يف‬
‫‪19‬‬
‫شكل الوصف والرواية واجلدال‪.‬‬
‫‪ )5‬تقنية القراءة التأويلية‬
‫وىي تصور مثل احلركة ادلستمرة وادلتعلقة بُت ثنائي البعد يعٍت األصل والغاية أو‬
‫بُت الداللة وادلغزى‪ ،‬مثل حركة رقاص الساعة اليت ال يتجو إىل جهة فحسب‪ .‬ىذه حركة‬
‫رقاص الساعة تشتمل على حركيت التداول يعٍت حركة تبدأ من احلقيقة أو ادلغزى لكشف‬

‫‪19‬‬
‫‪Imam Gunawan, Metode Penelitian Kualitatif, Teori dan Praktik, Jakarta: PT Bumi‬‬
‫‪Askara, 2013, halaman: 213‬‬

‫‪11‬‬
‫معٌت النص (يف ادلاضي)‪ .‬مث بٌت ذلك ادلعٌت ادلغزى مث عاد إىل النقظة األوىل‪ .‬ادلرحلة‬
‫األوىل من ىذه حركة رقاص الساعة ىي مرحلة فهم النص القرآين والسياق االجتماعي‬
‫التارخيي من آايتو‪ .‬وادلرحلة الثانية ىي مرحلة التعميم‪.‬‬
‫حركة رقاص الساعة تتكون على حركتُت‪ :‬احلركة األوىل‪ ،‬من الزمن احلايل إىل زمن‬
‫نزول القرآن‪ ،‬وىي تتكون على خطوتُت‪:‬‬
‫‪ -1‬مرحلة فهم النص القرآين والسياق االجتماعي التارخيي من آايتو‪.‬‬
‫يف ىذه ادلرحلة‪ ،‬يفهم ادلعٌت ابلدراسة الوضعية أو ادلشكلة التارخيية يعٍت أن أقوال‬
‫القرآن ىي اإلجابة‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬فهم القرآن إمجاال من غَت فهمو يف التعاليم اخلاصة‬
‫اليت ىي اإلجابة إىل الوضع اخلاص‪.‬‬
‫أشارت ىذه اخلطوة إىل وجود الدراسة عن الوضع الكربوي‪ ،‬قبل إجراء الدراسات‬
‫ادلفصلة يف وضع احلياة كلها يف العرب حُت رليئ اإلسالم خاصة يف الوالية حول مكة‪،‬‬
‫فيو الوضع يف حدود اجملتمع والدين والعادة وادلسؤسسة‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة التعميم‬
‫يف ىذه ادلرحلة الثانية ىناك زلاولة التعميم يف األجوبة ادلفصلة مث عرضها كاألقوال‬
‫اليت ذلا األىداف األخالقي االجتماعي من اآلايت ادلفصلة يف السياق االجتماعي‬
‫التارخيي والنسبة األصولية‪ .‬ويف ىذه ادلرحلة اىتم الباحث كثَتا جبهة تعليم القرآن إمجاال‬
‫حىت يكون ادلعٌت مفهوما واحلكم معروضا واذلدف متماسكا بعضهم بعضا‪.‬‬
‫احلركة الثانية‪ ،‬من زمن نزول القرآن إىل الزمن احلايل‪ .‬ىذه يعٍت أن احلركة األوىل‬
‫حدثت على األشياء ادلفصلة يف القرآن إىل تنظيم مبادئ األحكام والقيمة واألىداف‪.‬‬
‫ىذه احلركة تعمل من الرأي العام إىل الرأي النوعي وجيب أن حتقق يف الزمن احلايل‪ .‬بعبارة‬
‫أخرى‪ ،‬جيب أن تنشأ التعاليم العامة يف السياق االجتماعي التارخيي ادللموس يف الكمن‬
‫احلايل‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫رأى نصر محيد أن دون حركة رقاص الساعة مثل ىذه‪ ،‬سيكون التهديد بُت‬
‫ادلعٌت وادلغزى وستكون الفراءة تتباعد عن ادلعلومة ادلرادة وستقع يف التلوين‪ .‬بعبارة أخرى‪،‬‬
‫سوف تتغَت الفراءة من القراءة ادلرادة إىل القراءة ادلنحازة‪ .‬واجلدير ابلذكر ىنا أن ادلغزى‬
‫الذي يصور النقطة األوىل يف القراءة ىو ادلغزى الفرضي الذي ديكن تغيَته ورده وقبولو‬
‫مناسب بنتيجة قراءة ادلعٌت‪ .‬أما إذا كان ادلغزى اثبتا زلددا يف ادلاضي بطريقة قطعية‬
‫جامدة‪ ،‬فهذا سيحبط القراءة ادلنتجة‪ ،‬يعٍت القراءة ادلستمرة اليت ينشأ منها ادلغزى‬
‫الفرضي‪ .‬والصورة من تلك احلركة كما يلي‪:‬‬

‫احلقيقة‬

‫ادلغزى‬ ‫النص‬ ‫ادلعٌت األصل‬


‫التنظيم‬ ‫التعميم‬
‫اذلدف‬ ‫السياق التارخيي‬

‫‪12‬‬
‫الباب الثاين‬

‫اإلطار النظري‬

‫أ‪ .‬تعريف النظرية التأويلية‬

‫استخدـ الباحث النظرية التأويلية لنصر محيد أيب زيد يف ربليل مفهوـ الشفاعة يف‬
‫كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوىاب‪ .‬كانت ىذه النظرية ىي من فروع العلوـ اإلنسانية‬
‫الٍب درست عن الدراسة التفسّبية أو التأويلية واستطالع ادلعُب إلجياد ادلعُب األحسن‪.‬‬
‫فسر‬
‫كانت كلمة التأويلية "‪ "hermeneutik‬من اللغة اليواننية "‪ " hermeneuein‬الٍب معناىا ّ‬
‫أو ّأوؿ‪ .‬لذا‪ ،‬كانت يف شكل االسم "‪ " hermeneia‬معناىا تفسّب أو أتويل‪ .‬ىذا‬
‫لوجي امسو ىّبميس ‪ ،Hermes‬وىو وفد لو وظيفة‬ ‫ادلصطلح اليوانين رجع إىل وجيو ادليوو ّ‬
‫ليبلغ رسالة يوبيَب ‪ Jupiter‬إىل الناس‪ .‬كانت صورة ىّبميس ‪ Hermes‬ىي الشخص الذي‬
‫لو رجل ابجلناح واشتهر ابسم ‪ Mercurius‬يف اللغة الالتينية‪ .‬وظيفة ىّبميس ‪ Hermes‬ىي‬
‫لَبمجة الرسالة من آذلة يف جبألوليمبوس إىل اللغة الٍب فهمها الناس‪ .‬لذلك كانت وظيفية‬
‫ىّبميس ‪ Hermes‬مهمة جدا ألف إذا كاف ىناؾ اخلطأ يف ترمجة رسالة اآلذلة فعقيبتو‬
‫مهلكة جلميع الناس‪ .‬فوجب على ىّبميس أف يقدر يف أتويل الرسالة وترمجها إىل اللغة‬
‫ادلستخدمة‪ .‬منذ ىذا العصر صار ىّبميس ‪Hermes‬وفد متهم ابلبعوث ادلعينة‪ .‬وصلاح تلك‬
‫ٔ‬
‫البعوث وخذذلا يتعلق بكيفية تبليغ الرسالة‪.‬‬

‫أوؿ غّبىارد إيبلينج ‪ Gerhard Ebeling‬عن الَبمجة الٍب ترمجها ىّبميس ‪.Hermes‬‬
‫كانت تلك العملية عند رأي إيبلينج ‪ Ebeling‬ربتوي على ثالثة معاين أتويلي أساسي‪.‬‬
‫األوؿ‪ ،‬كشف معُب الشيء يف الذىن بوسيلة األلفاظ (التعبّب والتخاطب)‪ .‬والواين‪ ،‬شرح‬

‫‪1‬‬
‫‪E. Sumaryono, Hermeneutika Sebuah Metode Filsafat, Yogyakarta: Penerbit Kansius,‬‬
‫‪1993, Halaman: 23‬‬

‫‪35‬‬
‫الشيء الغامض ابلشرح ادلعقوؿ (التأويل والتفسّب) حٌب يكوف معناه واضحا مفهوما‪.‬‬
‫ٕ‬
‫والوالث‪ ،‬ترمجة اللغة األجنبية (الَبمجة) إىل اللغة الٍب أتقن عليها مستمع‪.‬‬

‫كانت ثالث تعريفات من النظرية التأويلية إما يف اللغة اليواننية أو اإلصلليزية قد‬
‫استخلصت يف تعريف "التفسّب" (التأويل والتفاىم)‪ .‬ىذا ألف كل شيء حيتاج إىل‬
‫الكشف شفهيا والشرح ادلعقوؿ وترمجة اللغة‪ .‬وكلها من عملية "اإلفهاـ" أو بعبارة أخرى‬
‫ٖ‬
‫"التفسّب" (ابدلّب ‪.)ٔٗ-ٖٔ :ٜٜٔٙ Palmer‬‬

‫يف كوّب من الكتب عن النظرية التأويلية احلديوة‪ ،‬كانت عملية كشف الفكرة‬
‫ابأللفاظ والشرح ادلعقوؿ وترمجة اللغة ىي أقرب بتعريف ‪ exegesis‬ابدلقارنة مع‬
‫‪ .hermeneutika‬ىذا ألف ‪ exegesis‬يتعلق ابإلفهاـ على الشيء ابدلقارنة مع التحدث عن‬
‫النظرية التفسّبية الذي يكوف عادة يف النظرية التأويلية‪ .‬إذا كاف ‪ exegesis‬ىو ادلالحظة‬
‫الواقعية على النصوص فالنظرية التأويلية تتعلق كوّبا ابلنظاـ وادلناىج والنظرايت الٍب ذلا‬
‫وظيفة إلرشاد ادلفسر يف عملية ‪( exegesis‬ابدلّب ‪.)ٖٗ :ٜٜٔٙ Palmer‬‬

‫اعتمادا على كوّب من ادلقاالت الٍب نشأت يف الفلسفة ادلعاصرة كاف تعريف‬
‫النظرية التأويلية يف العموـ ىو رلاؿ تتعلق بػ "النظرية التفسّبية"‪ .‬كاف مصطلح النظرية ىنا‬
‫ليس دبعُب ‪ Kuntslehre‬فقط‪ ،‬و‪ Kuntslehre‬ىو مصطلح استخدمو ‪ Schleiermacher‬ليدؿ‬
‫على الشرح ادلنهجي عن النظاـ الٍب أرشدت يف تفسّب النصوص‪ .‬بل ىذه النظرية رجع‬
‫أيضا إىل الفلسفة يف تعريفها األوسع ألف فيها ربتوي على وظيفة ربليل الظواىر‬
‫األساسية يف عملية التفسّب وفهم الناس‪ .‬إذا كاف األوؿ أكور تقنيا ومعياراي فاألخّب وضع‬
‫النظرية التأويلية فلسفيا بل عدىا فلسفة نفسها‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Ilham B. Saenong, Hermeneutika Pembebasan Metodologi Tafsir Al-Qur’an menurut‬‬
‫‪Hassan Hanafi, Bandung: Teraju, 2002, Halaman: 24‬‬
‫ٖ‬
‫نفس ادلرجع‪.ٕٗ ،‬‬

‫‪36‬‬
‫إذا كانت النظرية التأويلية فهمها الناس يف التعريف ادلنهجي فهي ربتوي على‬
‫ادلقاالت النظرية عن حالة اإلمكانية "‪ " the conditions of possibility‬يف التفسّب‪ ،‬وىي‬
‫تتعلق ابألشياء احملتاجة وادلناىج عن كيفية ذبنب ادلفاىيم ادلخطئة يف النصوص‪ .‬لذا‪،‬‬
‫النظرية التأويلية يف ىذا التعريف ىو الظن على وجود احلقيقة يف النصوص ولكشف ىذه‬
‫احلقيقة احتاج ادلفسر إىل منهج التفسّب الوايف‪.‬‬

‫وبْب ذلك‪ ،‬النظرية التأويلية يف تعريف الفلسفة ليس ذلا عالقة ابألشياء الٍب‬
‫تتعلق حبقيقة التفسّب وكيفية احلصوؿ على تلك احلقيقة‪ .‬وىي سلتصة يف التحدث عن‬
‫حقيقة التفسّب‪ :‬كيف كانت احلقيقة تظهر كاحلقيقة؟ أو على أي أساس كاف التفسّب‬
‫يعد صحيحا؟‪ .‬وىنا ركزت النظرية التأويلية على كيف عملية فهم الناس وكيف تقدـ‬
‫وتصحح وذباب نتيجة تلك الفهم‪ .‬صرح غادامر ‪ Gadamer‬يف لغة صريح أف النظرية‬
‫التأويلية ذلا وظيفة لَبد "مجيع طريقة الناس يف فهم الدنيا وكل أشكاؿ تعبّب ذلك الفهم"‪.‬‬

‫‪Peri‬‬ ‫والنظرية التأويلية عند راي القدماء سوؼ تذكران إىل ما كتبو أرسطو يف‬
‫‪ Hermeneias‬و‪ . De Interpretatione‬وىو أف الكلمات الٍب نطقناىا ىي رموز من خربة‬
‫ذىننا والكلمات الٍب كتبناىا ىي رموز من الكلمات الٍب نطقناىا‪ .‬كما أف الناس ال‬
‫ديلك ذبانس لغة الكتابة مع اآلخر‪ ،‬فكذلك ىو ال ديلك ذبانس لغة النطق مع اآلخر‪.‬‬
‫ولكن كانت خربة ذىنو الٍب يرمزىا مباشرة ىي سواسية لكميع الناس كما أف خربة خيالنا‬
‫تصور األشياء (‪.)De Interpretatione, I.16a.5‬‬

‫ب‪.‬ميدان النظرية التأويلية‬

‫نظرا إىل نشأة النظرية التأويلية‪ ،‬كانت ىذا النظرية ذلا التعريف األساسي وىو علم‬
‫يدرس عن التأويل –أو زلدد‪ -‬ادلبادئ يف أتويل النصوص‪ .‬وىي كالعلوـ التأويلية كانت‬
‫ىي عملية ذلا ثالثة أوجو يتعلق بعضهم بعضا‪ ،‬وىي‪:‬‬

‫ٔ‪ .‬سيمة (‪ )sign‬والرسالة (‪ )message‬والنص‬

‫‪37‬‬
‫ٕ‪ .‬واسط أو مفسر‬
‫ٖ‪ .‬اإلرساؿ إىل السامع‪.‬‬

‫يف تلك العملية‪ ،‬ىناؾ ادلخاصمة بْب الفكرة ادلوجهة إىل ادلوضوع و فكرة ادلفسر‬
‫نفسو‪ .‬وجب على ادلفسر أف يعرؼ الرسالة وميوؿ النص مث وجب عليو أف حيصل على‬
‫مضموف النص حٌب النص الذي يف أولو "غريب" يكوف "أان" دلفسر نفسو‪ .‬لذا‪ ،‬كاف‬
‫الفهم العميق ينشأ إذا أُسس على ادلعرفة الصحيحة‪ .‬وادلعُب ال ديكن أف نعرفو دوف إعادة‬
‫ٗ‬
‫النظر‪.‬‬

‫وكما قد نشأ يف العصر احلديث‪ ،‬كاف رلاؿ علم التأويلية زلدد إىل ستة أشكاؿ‬
‫سلتلفة‪ .‬من أوؿ نشأتو‪ ،‬كاف رلاؿ علم التأويلية يرجع إىل علم التفسّب خاصة مبادئ‬
‫التفسّب القددية‪ .‬ولكن رلاؿ علم التأويلية قد فُسر (سلتصبالتاريخ) كما يلي‪:‬‬

‫ٔ‪ .‬النظرية التفسّبية "‪"Bible‬‬


‫ٕ‪ .‬منهجية فقو اللغة عامة‬
‫ٖ‪ .‬علم فهم اللغة‬
‫ٗ‪ .‬أساس منهج العلوـ اإلنسانية‬
‫٘‪ .‬ظاىرة الوجود وفهم الوجود‬
‫‪ .ٙ‬نظاـ التأويل إما ‪ recollectif‬أو ‪ iconoclastic‬الٍب استخدمها الناس للحصوؿ على‬
‫٘‬
‫ادلعُب خلف األسطورة الرموز‪.‬‬

‫وكل من ىذه التعريفات ىو طبقات اترخيية الٍب تدؿ على "احلادث" أو ادلقاربة‬
‫ادلهمة يف مشكلة التأويل‪ .‬ومسيت ىذه التعريفات أيضا دبقاربة الكتاب ادلقدس وفقو اللغة‬
‫والعلوـ والفهم والوجودي والوقايف‪ .‬قدـ كل من ىذه التعريفات وجهة النظر من حيث‬

‫‪4‬‬
‫‪Edi Mulyono, Belajar Hermeneutika, Jogjakarta: IRCiSoD, 2012, halaman: 19‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Richard E. Palmer , Hermeneutika Teori Baru Mengenai Interpretasi, Yogyakarta:‬‬
‫‪Pustaka Pelajar, 2003, halaman: 38‬‬

‫‪38‬‬
‫نُظرت التأويلية‪ ،‬أظهر اآلراء ادلختلفة ولكن رحص شعرية عمل التأويل خاصة أتويل‬
‫النص‪ .‬وكاف مضموف التأويلية قد ماؿ إىل إعادة التشكيل بوسيلة تغّب وجهة النظر‪.‬‬

‫نشأة اتريخ التأويلية كمجاؿ مستقل ربتوي على مركزين ادلتضادين‪ .‬األوؿ‪ ،‬نظرية‬
‫الفهم يف التعريف العاـ‪ .‬والواين‪ ،‬ما حيتوي عليو أتويل النص اللغوي وادلشكلة التأويلية‪.‬‬
‫وىذين ادلركزين ال جيب أف يكوف تبطيل النفس ولكنهما ما زاال تدافعاف يف التفريق الوايف‬
‫إلكماؿ ادلركز اآلخر‪.‬‬

‫ج‪ .‬نشأة النظرية التأويلية‬

‫والتأويلية كمنهج التفسّب‪ ،‬يف اترخيها‪ ،‬قد ظهرت قبل التأزيلية يف تعريف فلسفة‬
‫الفهم‪ .‬ولو كانت تبدأ أف تنتشر منذ القرف السابع عشر‪ ،‬التأويلية كادلنهج نستطيع أف‬
‫نطارد نشأتو منذ فَبة النظاـ األبوي‪ ،‬أو يف عصر فلسفة ستويك (‪ )Stoik‬الذي يطور‬
‫تفسّب القصة الرمزية على األسطورية‪ ،‬أو يف تقليد األدب يف عصر اليوانف القدًن‪ .‬ولكن‬
‫شكل التأويلية قبل القرف السابع عشر مل حيدد على مصطلح التأويلية ومل يعكس بشكل‬
‫الفلسفة‪ .‬كانت التأويلية يف ذلك العصر تشبو كوّبا ابلفن مقارنة مع ادلنهج يف تعريف‬
‫‪ٙ‬‬
‫الفلسفة ادلعاصرة‪.‬‬

‫وظهر مصطلح التأويلية زلتما أوؿ مرة يف زلاولة ‪ J.C Dannhauer‬يعِب‬


‫‪ Hermeneutica Sacra Sive Methodus Exponendarums Sacrarum Litterrarum‬يف سنة‬
‫ٗ٘‪ .ٔٙ‬ولكن اختلف بتعريف ورلاؿ الدراسة احلديوة عن التأويلية‪ ،‬وذلك الكتاب زلدد‬
‫يف احملادثة عن منهج تفسّب الكتاب ادلقدس (‪ .)Bibel‬مث يف عصر سكليماجّب‬

‫‪6‬‬
‫‪Ilham B. Saenong, Hermeneutika Pembebasan Metodologi Tafsir Al-Qur’an menurut‬‬
‫‪Hassan Hanafi, Bandung: Teraju, 2002, Halaman: 26‬‬

‫‪31‬‬
‫(‪ )Schleiermacher‬خاصة لويلهيم ديلتطي (‪ ،)Wilhelm Dilthey‬عكست التأويلية كمنهج‬
‫‪ٚ‬‬
‫التفسّب فلسفيا‪.‬‬

‫قصد ‪ Schleiermacher‬أف تكوف التأويلية زلاولة لرفع فقو اللغة وكل رلاؿ التفسّب‬
‫اآلخر إىل درجة ‪ ،Kuntlsehre‬يعِب رلموعة ادلنهج غّب احملدد إىل عملية التفسّب ادلتحيزة‬
‫حبمل ىذا اجملاؿ إىل صيغة مبادئ التفسّب العاـ‪ .‬مث طور ‪ Dilthey‬رلاؿ التأويلية تطويرا‬
‫عميقا أبف جيعلها أساس ادلنهج للعلوـ اإلنسانية (‪ .)Geisteswissenchaften‬وىو سبك‬
‫منهج الفهم (‪ )verstehen‬الذي يعْب يف العلم االجتماعي والوقايف سلتلف دبنهج الشرح‬
‫(‪ )erkleren‬الذي يعْب عادة يف العلم الطبيعي‪ .‬وعند رأي ‪ Schleiermacher‬كانت الظواىر‬
‫االجتماعية ىي مكافئة ومتعددة األبعاد حٌب تكوف "تفهم" وال "تشرح"‪ .‬ألف األخّب‬
‫فقط يناسب دلعرفة وتالعب الظواىر الطبيعية ادلكافئة‪.‬‬

‫ويف التطور اجلديد بعد ‪ ،Dilthey‬وجدت ادلناوبة ادلهمة يف التأويلية وظيفتها ىي‬
‫دلنهج الفهم والبحث عن احلقيقة الٍب تقدـ طريقة عملية نظرية ادلعرفة إىل ميوؿ جديدة‬
‫كالفلسفة ابلتأكيد على أوجو علم الوجود يف الفهم‪ .‬ومن ىنا‪ ،‬كانت التأويلية تتناوؿ‬
‫كوّب يف عكس الظواىر األساسية ادلوجودة يف عملية التفسّب‪ .‬وظهرت ادليوؿ اجلديدة‬
‫كما قد ظهر يف آداب ‪Martin Heidegger‬و‪ ، Hans-Georg Gadamer‬ابلتأكيد على أف‬
‫التأويلية ال تتعلق ابدلنهج الذي يعد يف تعْب صحيح التفسّب أو خطئو فحسب‪ .‬ولكن‬
‫ينبغي للتأويلية أف تعكس ما وراء ادلنهج وقصر كل مزاعم صدؽ فهم الناس‪.‬‬

‫ذكر ابوؿ ريكويوور (‪ )Paul Ricoeur‬التطور النظري يف التأويلية واستخلصو إىل‬


‫ميلْب‪ .‬األوؿ‪ ،‬حركة اإلقليمة (‪ )deregionalisasi‬أو التطرؼ (‪ )radikalisasi‬من التأويلية‬
‫ادلعينة –يعِب ادلناىج ادلستخدمة يف اجملالت ادلختلفة كما حدث قبل عصر‬
‫‪ -Schleiermacher‬إىل التأويلية العامة ويعكس فلسفيا كمعرفة الفهم‪ .‬مث ىناؾ ادلناوبة من‬

‫‪ ٚ‬نفس ادلرجع‪.ٕٚ ،‬‬

‫‪31‬‬
‫وجود التأويلية كادلعرفة ادلنعكسة يف ادلناىج العامة للحصوؿ على صدؽ التفسّب إىل‬
‫التأويلية الٍب تشدد يف علم الوجود عند عصر ‪ Heidegger‬و‪ Gadamer‬الٍب ذلا وظيفة‬
‫منعكسة إىل كل ظواىر أساسية يف عملية التفسّب‪.‬‬

‫ولكن كما قد سجلو إدلاف كراسنو (‪ )Ellman Crasnow‬أف ادلناوبة اجلديدة إىل‬
‫جهة علم الوجود ىي ادلناوبة الزمنية ألف التأويلية احلديوة تنشأ إىل اجملاؿ الذي يشتمل‬
‫على كل نظارايت التفسّب‪ .‬وكانت التأويلية قد حوت على رجعة حبث مناىج التفسّب‬
‫ادلوضوعي عند رأي إ‪.‬د‪ .‬ىّبسجو‪ ،‬ج‪.‬ر (‪ )E.D. Hirsch, Jr.‬عن صحة التأويل (‪Validity‬‬

‫‪ )in Interpretation‬ادلوجودة يف النصوص األدبية‪ ،‬وعند رأي إدييليو بيٍب (‪)Emilio Betti‬‬
‫عن التأويلية القانونية (‪ .)legal hermeneutics‬إذا كاف األوؿ يوجو البحث يف ذبريب‬
‫اإلمكاف للحصوؿ على "ادلعُب" ادلوضوعي (‪ )meaning‬الذي خيتلف بػ "ادلغزى"‬
‫(‪ )significance‬لنا اآلف‪ ،‬فاألخّب حياوؿ أف يسبك أساس التأويل الذي مسي بػ " ‪the‬‬

‫‪ "canon of the autonomy of object‬لَبشيد التفسّب كيال ينحط إىل ىيمنة شخصية ادلفسر‪.‬‬

‫ويف جانب آخر‪ ،‬انلت التأويلية نقدا شديدا من خارج رلاؿ التفسّب‪ .‬ظهرت‬
‫ادلكادلة اجلديدة عن النقد العقائدي أو عالقة العقائد ابلتفسّب بعد أف يطرأ اجلداؿ احلار‬
‫بْب التأويلية الفلسفية الٍب وكلها غادامر (‪ )Gadamer‬ومذىب "النقد العقائدي" الذي‬
‫وكلو جورغن ىابرماس (‪ .)Jurgen Habermas‬يف ذلك اجلداؿ احلار كاف غادامر وىابرماس‬
‫كالمها حياوالف أف يتجنبا عن إمكانية احلصوؿ على صدؽ التفسّب يف التعريف‬
‫ادلوضوعي‪ ،‬ومها جهزا الشرح عن إمكانية احلصوؿ على ادلعُب الوجودي من النص‬
‫ادلفسر‪ .‬ولكنهما يتناقضاف يف مصدر ذلك ادلعُب الوجودي‪ ،‬كاف غادامر يَبكز كوّبا يف‬
‫أتىيل التقليد وأما ىابرماس فيَبكز يف نقد التقليد‪.‬‬

‫ويف أواخرىذا القرف‪ ،‬وجدت التأويلية أمهيتها وربدي منهجها بعد أف تسود‬
‫ادلرحلة ما بعد احلداثة (‪ )postmodernism‬كما يف عكس التأولية لرجيارد رايت ( ‪Richard‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ )Roty‬وجاقويس دريدا (‪ .)Jacques Derrida‬كاف رايت الذي ولد من التقليد التداويل موال‬
‫يريد أف يبطل كل ادلعمرة الفكرية الٍب تبحث عن مبادئ العلوـ وتضع خليفة ادلقالة‬
‫(‪ )metadiscourse‬فحسب‪ .‬زعم رايت اذلمم كذلك كإبستمولوجيا ادلهمل وعرض التأويلية‬
‫كادلهرب‪ .‬وكاف دريدا بفلسفة تفكيكيتو حياوؿ أف ينقد "وضع اإلرادة الصحيحة يف‬
‫عملية الفهم كما افَبضتها التأويلية (فلسفيا)‪ .‬أىذا ال يكتم اإلفَباض الغييب؟"‪ .‬إهنما يف‬
‫احلقيقة يتطوراف النقد ادلتشبو بشأف ىابرماس عن النقد العقائدي‪ ،‬ولكن بلغة سلتلفة‪،‬‬
‫يعِب النقد اإلبستمولوجيا وَم َاوَرائِ ّي‪.‬‬

‫جاء ابوؿ ريكويوور أخّبا كالوجيو واجملدد يف تقليد التأويلية الفلسفية‪ .‬حاوؿ‬
‫ريكويوور أف يركز ادلشكالت التأويلية إىل نوع واحد من التحليل‪ ،‬كالظواىرية ذليدغر‬
‫وغادامر والنقد العقائدي ذلابرماس ونظرية الصحة ذلّبسجو ج‪.‬ر‪ .‬والتأويلية القانونية لبيٍب‬
‫والتداولية لرايت والتفكيكية لدريدا‪ .‬ويف ىذا‪ ،‬كاف ريكويوور يعكس كل ادلشكالت‬
‫األساسية يف التأويلية بكل ادلقاربة من الظواىرية والنظرية اللغوية وعلم الرمز ونظرايت‬
‫اخلطاب والتحليل النفسي‪.‬‬

‫أراد ريكويوور هبذه احملاولة أف حيصل على أنتولوجي الفهمي يف شرح ظواىر‬
‫الصدؽ ومنهج التفسّب الصحيح‪ .‬حاوؿ ريكويوور أف يؤكد موقف التأويلية الفلسفية‬
‫ليس ابالستدالؿ األنتولوجي ولكن ابلشرح اإلبستمولوجي الذي عده كوّب من العلماء‬
‫أنو شرح طويل معقد كما فكره ذليدغر وغادامر‪.‬‬

‫د‪ .‬النظرية التأويلية لنصر محيد أيب زيد‬


‫‪ .1‬مقاربة علم اللغة على النصوص الدينية‬

‫مقاربة اللغة ىي ادلقاربة ىي ادلقاربة الذي استخدمها ادلفسر عادة يف تفسّب‬


‫النصوص القرآنية‪ .‬ودؿ التاريخ على أف علماء التفسّب قد ظهر منذ عصر الصحابة يعِب‬
‫ابن عباس‪ ،‬حٌب ظهرت كتب التفسّب ادلشهورة الٍب كتبت يف العصر احلديث‪ .‬واستخدـ‬

‫‪42‬‬
‫ادلسلموف الغربيوف أيضا ىذه ادلقاربة‪ .‬ىذه ادلقاربة يف عميلية التحليل ىي إنتاج تطور‬
‫ثقافة ادلسلمْب وىي نيابة القيمة الدينية اإلسالمية الٍب ىي من النوع اللغوي‪.‬‬

‫ويف فهم القرآف ودراستو‪ ،‬حيتاج إىل التحليل ادلناسب بنوعو وىو ادلقاربة اللغوية‪.‬‬
‫كاف التفسّب الذي ىو من نوع فقو اللغة‪ ،‬منو ىو النوع اللغوي‪ ،‬الذي وضع القرآف‬
‫كالكتاب اللغوي‪ .‬والعلوـ اللغوية منها فقو اللغة وعلم األصوات وعلم الرمز وعلم‬
‫األسلوب وعلم البالغة وغّبىا ىي من العوامل ادلعاونة يف فهم ادلعُب‪ .‬وألف اللغة ىي‬
‫األفكار وادلعُب ىو مضموهنا فتكوف احلقيقة اخلارجية مرجع معناىا‪ .‬اللغة ىي الغرفة من‬
‫"ادلوجود" ليس الَبكيب الفارغ‪.‬‬

‫ولو كانت مقاربة اللغة ىي من أدوات التحليل إهنا ال ربصل على ذبانس الفهم‬
‫ونوع الدراسة تِْل َقائِيّا‪ .‬ألف ىناؾ العوامل الغالبة األخرى ادلؤثرة إىل األثر يف رلاؿ التفسّب‬
‫وىي طبيعة األفكار (‪ )sate of mind‬وما قبل الظن (‪ )pre-assumption‬الٍب ربيط‬
‫ابلدارس‪ .‬واالختالؼ الذي يسبب إىل تنوع التفسّب رجع إىل طبيعة األفكار احمليطة‬
‫ابدلفسر وادلنهج ادلستخدـ‪.‬‬

‫ويف تصنيف تنوع تفسّب القرآف‪ ،‬رأى العلماء انحية ادلقاربة األخرى خارج اللغة‬
‫وىي طبيعة األفكار وما قبل الظن للمفسر نفسو‪ ،‬أو الناحية السيكولوجيّة من التأويل‬
‫‪ psychological side of interpretation‬كما ذكرىا ريشارد إ‪ .‬ابدلّب ( ‪Richard E.‬‬

‫‪ )Palmer‬يف تقليد أتويليتو‪ ،‬إال التفسّب التارخيي والفقهي اللغوي‪ .‬صنف العلماء تنوع‬
‫التأويل إىل‪ :‬التأويل الفقهي اللغوي (‪ )filological interpretation‬والتأويل القانوين (‪legal‬‬

‫‪ )interpretation‬والتأويل التارخيي (‪ )historical interpretation‬والتأويل الالىوايت‬


‫(‪ )theological interpretation‬والتأويل الفلسفي (‪)philosophical interpretation‬‬
‫والتأويل الصويف (‪ )mistical interpretation‬والتأويل العلمي (‪)scientific exegesis‬‬

‫‪43‬‬
‫والتأويل االجتماعي السياسي (‪ )socio-political interpretation‬والتأويل اجلمايل‬
‫(‪ .)aesthetical interpretation‬وكل من ىذا النوع لو ادلزااي والنقصاف‪.‬‬

‫مع تطور العلوـ يف رلاؿ اللغة كاف علم اللغة احلديوة ذلا دور مهم يف تطور مقاربة‬
‫الدراسة القرآنية‪ .‬قد حاوؿ ادلفكروف ادلسلموف أف يطوروا تلك النظرايت يف الدراسة‬
‫القرآنية‪.‬ويف ىذا‪ ،‬مع أف ادلوضوع الكبّب ادلطورة ما زاؿ يف رلاؿ علم اللغة كما قد طوره‬
‫‪ٛ‬‬
‫فريديناندديسوسّب‪ ،‬لكن ىناؾ االختالؼ يف تطبيقو على الدراسة القرآنية‪.‬‬

‫وادلشكلة األساسية الٍب درست يف التأويلية ىي مشكلة تفسّب النص عامة إما‬
‫النص التارخيي أو الديِب‪ .‬لذا‪ ،‬ما حيتاج إىل احلل ىو ادلشكالت الكوّبة ادلركبة الٍب‬
‫وجدت يف طباع النص األساسي وعالقتو ابلَباث يف انحية وابدلؤلف يف انحية‬
‫أخرى‪.‬وأىم من تلك ادلشكالت ىو أف التأويلية تركز يف عالقة ادلفسر والنص‪ .‬ىذا‬
‫الَبكّب على عالقة ادلفسر والنص ىو نقطة األصل وادلسألة اجلدية لفلسفة التأويلية‪ .‬عند‬
‫نصر محيد‪ ،‬كانت التأويلية ىي الناحية ادلتهاونة يف كل الدراسة األدبية منذ عصر‬
‫أفالطوف حٌب العصر احلديث‪ .‬ومصطلح التأويلية ىو مصطلح قدًن الذي استخدـ أوؿ‬
‫مرة يف رلاؿ الدراسة الالىواتية ليدؿ على القواعد وادلعايّب الٍب وجب على ادلفسر أف‬
‫يتبعها لفهم النص الديِب‪ .‬وهبذا التعريف‪ ،‬اختلفت التأويلية ابلتفسّب الذي دؿ على‬
‫مصطلح ‪ ،exegesis‬مع االقَباض أف التفسّب يدؿ على التفسّب نفسو بكل تفصيلو‬
‫والتأولية ترجع إىل نظرية التفسّب‪ .‬وادلصطلح القدًن الذي دؿ على ىذا التعريف استخدـ‬
‫يف سنة ٗ٘‪ ٔٙ‬حٌب اآلف خاصة يف البيئة الربوتستانتية‪.‬‬

‫وسع ىذه التعريف إىل كل التطبيق ادلعصر وانتقل من رلاؿ اللهوات إىل رلاؿ‬
‫أوسع حيتوي على رلاؿ العلوـ اإلنسانية يف العموـ‪ ،‬مول علم التاريخ وعلم االجتماع‬
‫وعلم اإلنساف وعلم اجلماليةونقد األدب واألدب الشعيب‪ .‬إذا كاف ساحق تعريف‬

‫‪8‬‬
‫‪Hilman Latief, Nasr Hamid Abu Zaid Kritik Teks Keagamaan, Jogjakarta: Elsaq, 2003,‬‬
‫‪halaman: 3‬‬

‫‪44‬‬
‫ادلصطلح وكل تطبيقو –كما يف ىذه الدراسة‪ -‬متعبا للكشف كامال وتفصيال فيجب‬
‫علينا أف نقتنع برؤوس أقالـ تطور ىذا العلم‪ ،‬يعِب ابلَبكيز على أىدافو ادلتعلقة بتفسّب‬
‫‪9‬‬
‫النص األديب‪.‬‬

‫اقتبس نصر محيد منط التحليل التنظيمي يف زلاولتو لتطوير النظرية التأويلية الٍب‬
‫تكشف عن حقيقة ادلفسر والتفسر والنص بوسيلة علم الرمز الذي ىو من "عائلة" علم‬
‫اللغة التنطيمية‪ .‬رأى نصر أف التأويلية ليست فكرة بسيطة وزلددة يف التعامل مع‬
‫النصوص اللغوية‪ ،‬بل تستخدـ أكور وأوسع يف القرآف من انحية لغوية ربتوي على‬
‫األحداث والوقائع والظواىر كلها‪ ،‬ومعناىا أف مفهوـ ىذا التعامل وقع يف السياؽ الرمزي‬
‫متكامال‪.‬‬

‫أتويل النصوص الدينية (القرآف واألحاديث) ىو إحدى التقنية ادلهمة يف اخلطاب‬


‫الديِب لتقدًن مفاىيمها وآرائها‪ .‬والتأويل احلقيقي الذي حصل على معُب النص متطلب‬
‫إىل كشف ادلعُب بتحليل كل مستوى السياؽ‪ .‬قد يهمل اخلطاب الديِب عادة بعض‬
‫مستوايت السياؽ أو كلها بصيانة مطاردة ادلعُب ادلعْب قبلو‪ .‬ىذا اإلمهاؿ يسببو عدـ‬
‫إدراؾ مبادئ صناعة النصوص اللغوية يف انحية‪ ،‬والظن على أف النص الديِب ىو النص‬
‫الفريد وادلختلف ابلنصوص اللغوية األخرى يف انحية أخرى‪ .‬دبعزؿ عن سبب ىذه‬
‫اإلمهاؿ ىل ىو يرجع إىل ىذه األسباب أو أسباب أخرى‪ ،‬فاحلازـ ىو أف االجتهاد‬
‫دلعرفة ظواىر سبب إمهاؿ السياؽ يف خطاب التفسّب الديِب ىو احلطوة األساسية لبناء‬
‫الوعي الطبيعي على النصوص الدينية ومبادئ تشكيل معناىا‪ .‬ىذا ىو أمر مهم ضروري‬
‫وجب علينا أف هنتم بو لينجي وعي اجملتمع من اعتزاؿ ديناميكي التاريخ وصفد ادلنصرـ‪،‬‬
‫ألف ادلنصرـ قد مضى ولو كاف رائعا عظيما‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Hermeneutika Inklusif Mengatasi Problematika Bacaan,‬‬
‫‪Yogyakarta: ICIP, 2004, halaman: 4‬‬

‫‪45‬‬
‫لذا اىتمت ىذه الدراسة بػ‪ :‬األوؿ‪ ،‬معرفة ظواىر إمهاؿ السياؽ يف اخلطاب‬
‫الديِب‪ ،‬والواين‪ ،‬كشف آاثر ىذه الظواىر يف مدى األفكار واالجتماع‪ .‬فتنقسم ىذه‬
‫الدراسة إىل ثالثة أجزاء‪ .‬اجلزء األوؿ يشرح عن أوجو التشابو بْب النصوص الدينية‬
‫والنصوص األخرى من انحية صناعتها وتركيبها وإنتاج معناىا‪ .‬ولكن التشابو ىنا ليس‬
‫تشاهبا شلاثال ألف النصوص الدينية ذلا اخلصائص وادلعارض الفريدة ال سيما النصوص‬
‫الدينية اإلسالمية‪ .‬واجلزء الواين يكتشف ادلناىج ادلستخدمة يف النص الديِب حٌب تكوف‬
‫مشكلة السياؽ مهملة يف بعض ربليل التفسّب‪ .‬واحملاولة دلعرفتها ميسورة ابلَبكيز على‬
‫موضوعْب األساسْب يف النص الديِب‪ ،‬ومها (ٔ) التأويل العلمي على النص الديِب‪ ،‬كاف‬
‫النص يكشف أف السياؽ الوقايف فيو مهمل‪ ،‬و(ٖ) ادلوضوع عن احلاكيمية الذي‬
‫يكشف أف السياؽ التاريخ مهمل –سياؽ أسباب النزوؿ‪ -‬وكذلك سياؽ الرواية اللغوية‬
‫من النص ادلفسر مهمل أيضا‪ .‬واجلزء الوالث يعرض اآلاثر يف مستو األفكار واالجتماع‬
‫والسياسة نتيجة من إمهاؿ السياقات يف النص الديِب‪ .‬ال شك أف النص الديِب لو التأثّب‬
‫يف تشكيل تركيب الوعي‪ ،‬ليس يف اجملتمع العواـ فحسب بل ‪-‬ىذا خطّب – يف وسط‬
‫ادلفكرين والوجيو يف رلاؿ الَببية والتعليم‪ .‬لذا ال ديكن أف نتباحث مشكلة إمهاؿ السياؽ‬
‫دوف تقدًن اآلاثر السلبية منو‪.‬‬

‫على كل حاؿ ال ديكن االنفصاؿ بْب النص األديب والوقافة‪ .‬كاف ىذا ادلصدر‬
‫اإلذلي ال يهمل حقيقة وجوده كالنص اللغوي بكل تضمينو اللغوي‪ ،‬النص يتعلق ابدلكاف‬
‫والزمن يف التعريف التارخيي واالجتماعي‪ .‬ليس النص يقع خارج نوع اللغة ولو شيء قبل‬
‫الوجود عليو وىو مطلق الرب حٌب ال يتعلق بنا بتة وال منلك الوسيلة ادلنهجية لدراستو‪.‬‬
‫ليس كذلك‪ ،‬بل ألف يعد بعكسو‪ ،‬فال نستطيع أف ضلصل على اخلطاب العلمية عليو‪،‬‬
‫‪10‬‬
‫وكل احملادثة عن قوؿ هللا الٍب وقعت خارج تركيب اللغة سحملنا إىل التحيل واحلرافة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Teks Otoritas Kebenaran, Yogyakarta: Lkis, 1995, halaman: 113‬‬

‫‪46‬‬
‫علم األشعار وعلوـ اللغة عند رأي عبد القاىر ليس من علوـ ادلتمم يف فهم‬
‫القرآف لكنو العلوـ الٍب ال شك فيو وال ديكنا أف هنملو يف فهمو‪ .‬وىذا الذي يفرؽ بْب‬
‫عبد القاىر والعلماء القدماء اآلخرين الذين ينظم العلم على ترتيب احلوادث فحسب‪.‬‬
‫حينما يعطي التعريف للقرآف كاف عبد القاىر الذي مذىبو أشعرية يؤكد أف القرآف ىو‬
‫الكالـ‪ ،‬ووجوده كوجود كالـ آخر الذي حصلت عليها مبادئ عامة يف صناعة الكالـ‪.‬‬
‫ويف اللغة ادلعاصرة –الذي كاف نصر محيد يرى أف عبد القاىر الينكره يف حياتو‪ -‬القرآف‬
‫ىو النص اللغوي الذي يتساوى ابلنصوص األخرى‪ ،‬الذي ال ديكن فهمو وربليلو وكشف‬
‫نظامو الداخلي إال بعرض تلك ادلبادئ العامة تعِب مبادئ صناعة النص يف لغو ما ويف‬
‫تركيب ثقافتها‪.‬‬

‫أكد عبد القاىر ليس عن إجياد ادلبادئ وصناعة النص بل إمكانية العالقة ابلدين‬
‫والعقيدة‪ .‬ألهنا تتسَب على الضالؿ ادلتعلق ابلتنزيل‪ ،‬حٌب تكوف ادلعرفة عن تلك ادلبادئ‬
‫تستطيع أف تصحح األخطأ ادلتعلقة ابلتأويل‪ .‬واستخداـ مصطلح التنزيل والتأويل لعبد‬
‫القاىر يدؿ على انحيتْب مهمتْب من نواحي النص الديِب‪ ،‬يف ىذا السياؽ كاف يدؿ‬
‫على الوعي أف مشكلة اختالؼ العقيدة حوؿ فهم النصوص الدينية يف العموـ ترجع إىل‬
‫عدـ الوعي عن ادلبادئ العامة يف صناعة النص‪ .‬وما يدؿ على وعي عبد القاىر ىو‬
‫قولو‪ ،‬كما أنو يتسَب على الغلو واإلمساؾ ابدلعروؼ حينما جصل عليو‪ .‬وبعبارة أخرى‬
‫كاف عبد القاىر يرى أف ادلعرفة حوؿ تلك ادلبادئ ستجتنب الباحث عن الوقوع يف‬
‫إنتاج العقيدة وتسهلو يف احلصوؿ على اخلطاب العلمي حوؿ النصوص الدينية‪.‬‬

‫وإذا كاف عبد القاىر يف كشف مبادئ صناعة النص يقف يف ادلبدأ النحوي‬
‫فحسب فهذا ال خيفض قيمة إجرائو يف السياؽ التارخيي يف أي تعريف وال خيفض أمهيتو‬
‫ادلتعلقة دبشكلة اخلطاب الديِب يف تفسّب العقيدة إىل النصوص الديِب‪ .‬وال تنس أف‬
‫ادلبادئ النحوية الٍب سبد عليها عبد القاىر ليست مبادئ تقييمية الٍب تتحدد يف الصحيح‬
‫واخلطأ‪ ،‬لكنها مبادئ تنظم الكالـ وصناعة اإلمكانية غّب زلددة لكل الكالـ‪ .‬أو بعبارة‬

‫‪47‬‬
‫عبد القاىر وقف يف حد اجلملة فحسب‪ .‬وينبغي لنا أف ال نذمها بل جيب لنا أف ندخل‬
‫يف طبقة النص ونتجاوز عبد القاىر يف ادلعُب وأخذ شهيق وأمهية إجرائو وتعلقو دبشكلتنا‬
‫‪11‬‬
‫اآلف‪.‬‬

‫تعريف النص القرآين يف التعريف اللغةي حيتوي على رلموعة األحرؼ واجلمل‬
‫والفقرات وعالمة ترقيمها‪ .‬وعند ىذا التعريف كاف القرآف ال ينفصل عن بنية الوقافة كما‬
‫كاف منظورا عن مسة اللغة ادلستخدمة‪ .‬وكانت عالقة النص والسياؽ ىي شيء جديل‪،‬‬
‫النص حيصل على السياؽ وادلعُب ظهر من احتكاكهما‪ .‬والعالقة بْب اللغة والوقافة يف‬
‫حد السياؽ اللغوي عند دمحم أركوف تسمى ابلدائرات اللغوية (‪ )logosphere‬وىي حلية‬
‫اللغة مكاف الناس لّبتب ويعيد النظر ويزف ويبلغ ادلعُب مناسبا بتارخيو‪ .‬ىناؾ شيئاف‬
‫أساسياف يف عملية صناعة النص‪ ،‬ومها التنزيل والتأويل‪ .‬واستهدؼ نصر محيد ىذه‬
‫‪12‬‬
‫ادلباحوة بتحليل مستوايت السياؽ الٍب ىي مهمة يف الدراسة القرآنية واللغوية‪.‬‬

‫‪ .2‬النصوص واملشكلة السياقية‬

‫مصطلح السياؽ لغة لو معُب ادلفرد لكنو يعطي العالمات ادلتنوعة من انحية‬
‫دراسة النص‪ .‬لذا حاوؿ نصر محيد بيعطي الَبكيز واحلد ابستهداؼ ادلطالعة إىل‬
‫النصوص الوقافية أو النصوص يف تعريف علم الرمز‪ .‬يعِب ادلباحوة احملددة يف مستوايت‬
‫السياؽ ادلتعلقة بعضهم على بعض مول السياؽ الوقايف االجتماعي والسياؽ التخاطيب أو‬
‫السياؽ اخلارجي والسياؽ الداخلي والسياؽ اللغوي وسياؽ القراءات أو يسمى أيضا‬
‫‪13‬‬
‫ابلسياؽ التحليلي‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪Ibid,. Halaman: 117‬‬
‫‪12‬‬
‫‪Hilman Latief, Nasr Hamid Abu Zaid Kritik Teks Keagamaan, Yogyakarta: Elsaq, 2003,‬‬
‫‪Halaman: 102‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Hilman Latief, Nasr Hamid Abu Zaid Kritik Teks Keagamaan, Yogyakarta: Elsaq, 2003,‬‬
‫‪Halaman: 103‬‬

‫‪48‬‬
‫ٗٔ‬
‫ٔ) السياؽ الوقايف االجتماعي‬

‫نظرا إىل أننا موجو إىل مشكلة السياؽ إما يف سياؽ صناعة النص أو إنتاج معناه‬
‫–يف مستوايت التنزيل والتأويل مصطلح عبد القاىر‪ -‬فذلك سيهتم بعض مستوايت‬
‫السياؽ ادلهمة فقط‪ .‬كما قد أكد ىنا أف االىتماـ دبستوايت السياؽ العاماة –ادلستوايت‬
‫ادلتعلقة اباللنص اللغوي‪ -‬ال يهمل خصائص تنوع النصوص ألف كل نوع النص –مول‬
‫النص األديب جبمعيع الفروع األدبية (النور والشعر وادلسرحية وغّبىا)‪ -‬لو مستوايت‬
‫السياؽ بطبقة الصعوبة وادلشكلة العالية‪ .‬نفنحدد ىنا يف بعض مستوايت السياؽ العاـ‬
‫يف النص اللغوي ألف اعتباران ىنا متعلق ابلنص الديِب وتعيْب مستوايت السياؽ فيو‬
‫مهملة يف كل تفسّبه‪.‬‬

‫واألوجو الوقافية تظن على األوجو االجتماعية ألف األخّب يكوف على األوؿ‪ ،‬ولو‬
‫كاف األوؿ لو قدر االستقالؿ العْب والسياؽ وادلبادئ واالستقالؿ منو‪ .‬وادلراد ابلسياؽ‬
‫الوقايف من النصوص اللغوية ىو كل الشيء الذي ىو اإلطار اإلبستمولوجيا حلدوث‬
‫االتصاؿ اللغوي‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬إذا كانت اللغة ىي رلموعة النظاـ التقليدي االجتماعي‬
‫فهذه ادلبادئ تقدر لتقوـ بوظيفتو ابالعتماد على حطة ثقافية أوسع من التعريف ادلذكور‬
‫قبلو‪ .‬لذلك اليكفي للمتكلم –وادلستمع‪ -‬أف يعرؼ الرموز اللغوية يف صلاح عملية‬
‫االتصاؿ‪ .‬ووجب عليهما أف يكوان يف حطة خربة احلياة ادلتساوية ادلنعكسة على حطة‬
‫التفاىم واالتصاؿ بينهما‪ .‬ىذه احلطة اإلبستمولوجية ىي الوقافة بكل عادهتا وتقليدىا‪.‬‬
‫ذلك ما يتجسد يف اللغة بكل مبادئو الٍب ال ديكن أف يكتشفها علم االجتماع اكتشافا‬
‫كامال‪.‬‬

‫ال نتكلم ىنا عن مفهوـ الذىِب الذي ىو وسيط بْب الداؿ ومدلولوه‪ .‬ألف‬
‫النظرية اللغوية لفريديناندديسوسّب تتحرى اللغة كالرموز‪ .‬ولو كانت اآلراء وادلفاىيم من‬

‫‪36‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬النّص السطة احلقيقة (بّبوت‪ :‬ادلركز الوقايف العريب‪ٜٙ ،)ٜٜٔ٘ ،‬‬

‫‪41‬‬
‫أجزاء النظاـ الوقايف لكن اللغة ترمزىا رمزاي ابلتقنيات ادلعينة الٍب تقدر على تغييب ادلعُب‪،‬‬
‫يعِب ادلعُب يف طبقة التكوين‪ .‬ىذا الذي حصل على حطة مصدرىا –وتفسّبىا‪ -‬يف كل‬
‫نظاـ احلياة الوقافية‪ .‬وإذا كاف االتصاؿ يف اللغة غّب موجود يف طبقة اجلملة إال ابشَباؾ‬
‫الوقافة بْب ادلرسل وادلرسل إليو فمعُب النص ال ديكن اكتشافو إال ابلسياؽ الوقايف‪.‬‬

‫وىذا الوجو الوقايف ينقسم إىل الناحية اإلبستمولوجية والناحية العقائدية‪ .‬كاف‬
‫األوؿ مالصق مع مستوى االتفاؽ العاـ يعِب مستوى التوبت يف فَبة اترخيية معينة‪ .‬وليس‬
‫من ادلهم ىل ىذا التوبت ىو من النوع العلمي التجرييب أو ما يتعلق ابدلسافة والزمن‪ .‬ألف‬
‫مباحوتها ىنا ىي عن احلقائق الوقافية النسبية وديكن تغّبىا بتغّب وعي اجملتمع‪.‬‬

‫واإلبستمولوجية يف التعريف الوقايف ىي حالة اجملتمع عامة منفصلة عن اختالؼ‬


‫الفرقة بسبب اختالؼ أحواذلم االجتماعية‪ .‬والعقائدية ىي وعي الفرقة الٍب تغامر‬
‫مقتضياهتا يف معارضة مقتضيات الفرؽ األخرى يف اجملتمع‪ .‬إذا صدؽ ىذا االختالؼ –‬
‫التنفيذي إىل احلد ادلعْب‪ -‬فيقاؿ أف الناحية اإلبستمولوجية تنعكس االشَباؾ يف عملية‬
‫االتصاؿ ادلتضمن يف كل االتصاؿ اللغوي‪ ،‬وادلراد بو ىو أف ىذه الناحية سبكن حدوث‬
‫االتصاؿ وإنتاج ادلعُب‪ .‬كاف ادلعُب ىو قناة االتصاؿ الداليل وما تقدـ على وجود الطرؼ‬
‫الذي يتصل بو‪.‬‬

‫وىذا االختالؼ بْب نظاـ اللغة ونظاـ النص يعْب الرسالة‪ .‬ظهر ىذا االختالؼ‬
‫من عقيدة ادلرسل‪ .‬ومن ادلرسل إليو ينعكس ما يسمى حبطة تفسّب الرسالة‪ ،‬ونظاـ النص‬
‫–معُب ىذا النظاـ‪ -‬ينعكس ما يسمى بَبكيز التقييم ألف عقيدة ادلرسل إليو ىنا متورطة‬
‫يف التقييم والتحكيم‪ .‬وصورة ىذا طراز االتصاؿ كما يلي‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫نظاـ النص‬
‫ادلرسل‬ ‫ادلرسل إليو‬

‫عقيدة ادلرسل‬ ‫عقيدة ادلرسل إليو‬


‫والسؤاؿ ىنا ىو‪ :‬ىل ديكن فهم النص الديِب خاصة القرآف خارج السياؽ الوقايف‬
‫وادلعرفة من وعي العرب يف القرف السابع؟ واللغة الٍب ىي وسيلة الرسالة يف النص الديِب‬
‫ىي إجابة ىذا السؤاؿ‪ .‬وىذا ما دمنا عرفنا أف اللغة ليست آنية فارغة أو وسيلة االتصاؿ‬
‫احليادي فحسب‪ .‬ولكن كل النص لو لغتو اخلاصة أو وسيلتو الوانوية يف نظاـ اللغة‬
‫العامة‪ .‬فبوسيلة ىذه اللغة الوانوية كانت النصوص الدينية تلقي العقيدة اجلديدة‪ ،‬العقيدة‬
‫ادلستخدمة يف النص الديِب إلعادة النظر يف وعي قارئو‪ .‬ولو كانت ىذه عقيدة جديدة‬
‫لكنها غّب جديدة بتاات‪ .‬ألف النص يف النهاية قد ماؿ إىل العقيدة الٍب ذلا مصادرىا أو‬
‫ماؿ إىل إعطاء الرجاء لتطور الوقافة‪.‬‬
‫٘ٔ‬
‫ٕ) السياؽ اخلارجي‬

‫إذا انعكس السياؽ الوقايف تنوع عالقة النص ايحلقائق اخلارجية فالسياؽ اخلارجي‬
‫من النص تتقاطع كوّبا بو يف كوّب من النقط‪ .‬وما يفرؽ بْب ىذين ادلستويْب من السياؽ‬
‫ىو أف األخّب ينعكس السياؽ بْب األشخاص كما ظهر يف تركيب النص بكل مستوايتو‪.‬‬
‫وىذا السياؽ بْب األشخاص يستخلص كل مستوى العالقة بْب ادلرسل وادلرسل إليو‪،‬‬
‫يعِب العالقة الٍب تعْب حطة التفسّب يف انحية أخرى‪ .‬إذا أخذان تصنيف جاكوبسوف عن‬
‫خصائص النص اعتمادا على تركيز التأكيد يف طراز االتصاؿ الٍب تقدمو فنستطيع أف‬
‫نقوؿ أف تعيْب خصائص النص معتمد على السياؽ اخلارجيي أو السياؽ بْب‬

‫‪15‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬النّص السطة احلقيقة (بّبوت‪ :‬ادلركز الوقايف العريب‪ٔٓٔ ،)ٜٜٔ٘ ،‬‬

‫‪41‬‬
‫األشخاص‪ .‬حينما كاف ادلتكلم ىو تركيز التأكيد فالنص سيهمل دور السامع إمهاال كيربا‬
‫والرسالة مقاربة من "أان" إىل "أان" حٌب تصّب الرسالة أقرب إىل "ادلذكرات" اعتمادا على‬
‫الطراز البسيط الذي قدمو يويت لوسباف (‪.)Yuti Lotman‬‬

‫وابلعكس إذا كاف التأكيد ىو يف حهة ادلرسل إليو فالنص يكوف ادلفاىيم‬
‫والشرحات‪ ،‬وىو من نوع النص التعليمي بكل اختالؼ ادلستوايت‪ .‬وإذا كاف الَبكيز يف‬
‫الوسيط‪ ،‬فالنص ىو من نوع النص األديب‪ .‬وجيب علينا أف نعترب أف ىذا التصنيف ىو‬
‫التصنيف العاـ الذي أبرز عنصرا من العناصر األخرى‪ ،‬وأف ىذه العناصر توجد يف كل‬
‫نوع النصوص ولو كاف وجودىا شاحبا يف حد معْب ابدلقارنة مع العنصر ادلربز‪.‬‬

‫يف النص القرآين كاف السياؽ بْب األشخاص (أىم السياؽ يف مستوايت السياؽ‬
‫اخلارجي) ىو أبرز السياؽ فيو‪ ،‬الذي جيعل تركيز اخلطاب فيو فوقي‪-‬ربٍب‪ .‬اعتمادا على‬
‫ىذا فالنص التعليمي ىو نوع الص األساسي‪ .‬وأكده تركيز التأكيد الذي عادة يف ادلرسل‬
‫إليو ولو كاف ال يسد حضور ادلتكلم الغالب على وجود جهة األوؿ يف كوّب من األحواؿ‪.‬‬

‫إذا قد أكد النص الديِب طباعو الفريد كالرسالة فهذا الطباع يستخلص انحيتْب‬
‫ادلذكورتْب قبلو‪ ،‬يعن الناحية التعليمية والتأكيد على ادلرسل إليو‪ .‬ودرأ حٌب اآلف عن‬
‫ربدث طباع وخصائص النص الديِب خطرا للسقوط إىل شأف "االعَباض الكامل" الذي‬
‫قدمو النص الدين يف كوّب من األحياف‪.‬‬

‫لكن السياؽ اخلارجي –السياؽ بْب األشخاص‪ -‬يف النص األديب ال يعْب يف‬
‫انحيتْب السابقتْب فقط‪ ،‬الذي كاف النص القرآين متشابو ابلنصوص األخرى بسبب‬
‫ىاتْب الناحيتْب‪ .‬والنص القرآين لو السياؽ اخلارجيي الذي أكور مشكال من اتريخ تكوينو‬
‫يف انحية‪ ،‬ومن ربوؿ الطباع يف انحية أخرى‪ .‬والسياؽ اخلارجي اخلاص يف النص الديِب‬
‫اإلسالمي نستطيع أف نسميو بتصويره على نفسو كسياؽ التنزيل‪ ،‬حٌب نذكره بسياؽ‬
‫التنزيل‪ .‬كما علمنا أف القرآف ىو النص ادلقسوـ‪ ،‬وادلراد بو ىو أنو مكوف يف فَبة أكور من‬

‫‪52‬‬
‫عشرين عاما‪ .‬وكوّب من أجزائو تعلق السياؽ الذي يف النص الديِب يسمى أبابب النزوؿ‪.‬‬
‫ويف انحية أخرى كاف النص يشتمل على طبقة اخلطاب ادلتنوعة‪ ،‬ولغتو الوانوية متنوعة‬
‫أعضا نتيجة من ربوؿ األحواؿ الذي حدث يف جهة ادلرسل إليو يف فَبة أكور من عشرين‬
‫عاما‪.‬‬

‫ومستوايت السياؽ اخلارجي غّب زلدودة حبقائق أسباب النزوؿ ادلكي ادلداين‬
‫فحسب‪ .‬بل أكور من ذلك كانت ىذه ادلستوايت يف النص القرآين ربتوي على‬
‫ادلستوايت ادلركبة‪ .‬وعلى سبيل ادلواؿ ىناؾ ادلرسل إليو األوؿ وىو دمحم‪ ،‬والسياؽ فيو متنوع‬
‫مول إعطاء اذلدوء والعزـ واحلزـ وىناؾ أيضا سياؽ الذـ والتأنيب والوعيد‪.‬‬

‫ٖ) السياؽ الداخلي‬

‫والسياؽ الداخلي يف القرآف لو خصوصيتو ادلنعكسة يف حقيقة وجود القرآف الذي‬


‫ىو ليس النص الوحيد وادلتجانس‪ ،‬نظرا إىل تركيبو ادلختلف بَبتيب تنزيلو‪ .‬ال نريد ىنا أف‬
‫ندخل يف ادلبحث عن السؤاؿ أىذا حكم هللا الذي كلم النص القرآين أو ىذا ىو اجتهاد‬
‫اجليل األوؿ الذي استلم النص تدرجييا‪ .‬ال ندخلو ألنو من ادلشكلة الظاىرية وتعريفو حيّب‬
‫وعي الناس يف سياؽ دراستنا ىذه الٍب رباوؿ أف تكوف دراسة علمية‪ .‬دبعزؿ عن السؤاؿ‬
‫أىذا حكم هللا أو اجتهاد ادلسلمْب‪ ،‬فتكوف الدراسة عن تعريف سياؽ ترتيب احلواديث‬
‫شيئا مهما‪ .‬قد عاجل علماء القرآف أحد أوجو ىذه الدراسة يف رلاؿ العلم ادلسمى بعلم‬
‫ادلناسبة بْب اآلايت والسور‪ .‬لكنهم عرضوا العالقات العقلية وادلنطيقية واللغوية فقط‪ ،‬أما‬
‫العالقات مول ىذا قبلها كنتيجة االجتهاد ادلعروضة لتأكيد حكمة هللا يف ىذا الَبتيب‪.‬‬

‫يعد تعدد النص يف نظتم النص القرآين نتيجة السياؽ الوقايف احلاصلة على‬
‫النص‪ .‬ألنو ينعكس عناصر التشابو بْب النص القرآين والنص الوقايف عامة والنص‬
‫الشعري خاصة‪ .‬لكن ىذا التشابو حيتوي على عناصر االختالؼ من حيث عدده ومدتو‬
‫الٍب قضاىا النص ليحصل على ادلكونة األخّبة‪ .‬ىذا يعِب أف القرآف يتعارض على نفسو‬

‫‪53‬‬
‫سياقيا‪ .‬ألف السياؽ اخلارجي ال يناسب ابلسياؽ الداخلي‪ ،‬ووجب على النص الشعر أف‬
‫يتحد بْب سياقيو يعِب السياؽ عند أتليفو والسياؽ الداخلي‪ .‬ونستطيع أف نزيد الناحية‬
‫األخرى وىي دور النص القرآين بَبكيبو يف تعيْب تركيب النص العريب عامة‪ .‬وادلراد ىو‬
‫األمناط ادلتقاطعة وادلتنوعة واالنتقاؿ من موضوع إىل موضوع آخر مول يف منط النص‬
‫العريب خاصة النور‪ .‬وىذه ادلشكلة ربتاج إىل البحوث والدراسة إلجياد العوامل ادلسببة إىل‬
‫ىذا الَبكيب وأمهيتو يف الوقافة العربية‪ .‬وال سيما النصوص احلديوة إما الشعر أو النور‬
‫رباوؿ لتجنب كل أمناط الَبكيب مول ىذا الَبكيب لصناعة الشيء العريب األصلي يف‬
‫كتابة النص‪.‬‬

‫والطبقة الوانية من السياؽ الداخلي ىو السياؽ اخلطايب‪ .‬مول اختالؼ سياؽ‬


‫احلكاية وسياؽ األمر والنهي‪ .‬وسياؽ احلكاية متنوع‪ ،‬ىذه السياؽ ينشئ السياؽ‬
‫ادلشتملة يف السياؽ اآلخر حٌب يكوف سياؽ احلكاية يف تركيب النص متنوع‪ .‬وىناؾ‬
‫أيضا اختالؼ بْب سياؽ التشجيع والتخويف بسياؽ الوعد والوعيد‪ ،‬وبْب كل ىذه‬
‫السياقات بسياؽ اجملادلة وادلناظرة أو سياؽ التهديد والتنيبو‪ .‬وكلها نستطيع أف نزيدىا‬
‫ابلسياؽ الوصفي يعِب الوصف عن احلقائق الطبيعية‪ ،‬وسياؽ العقيدة والتشريع الذي‬
‫حدده علماء أصوؿ الفقو إىل حالؿ وادلباح واحلراـ وادلكروه وادلندوب وغّبىا‪.‬‬

‫ظهر كل من ىذه مستوايت السياؽ يف تركيب اللغة اخلاصة يف نظاـ اللغة العامة‬
‫من النص‪ .‬ىذا يعِب أف تنوع النص يف السياؽ الداخلي ىو من سوى تنوع السياؽ‬
‫الديِب وىو أيضا ديكن على تنوع اللغة الوانوية من النص‪ .‬لذا حبث عبد القاىر عن‬
‫أسباب إعجاز وامتياز النص على النصوص األخرى خارج نوع البالغة (رلاز واالستعارة‬
‫والتمويل والتشيبو والكناية عامة)‪ .‬وحدد العلماء القدماء أسباب اإلعجاز يف حطتو‪.‬‬
‫وربديد اإلعجاز يف نوع البالغة ألف العرض خيرب عن الشيء اجملهوؿ يف ادلاضي أو‬
‫ادلستقبل وسيسبب إىل ربديد اإلعجاز يف أجزاء النص‪ ،‬يعِب زلدد يف النص اجلُْزئِ ّي‪ .‬إذا‬

‫‪54‬‬
‫كاف النظم عند عبد القاىر ىو مبدأ يشرح عن اإلعجاز فذلك ألف التفاسّب القددية‬
‫فقط تسبب إىل‪:‬‬
‫"وضع اإلعجاز يف اآلايت ادلعينة يف بعض السور الطويلة ادلعينة‪ ،‬ال سيما اجلملة ال‬
‫ديكن أف وقع عليها اإلعجاز فالنظم يبدلو وانطبق عليو"‬

‫فرؽ عبد القاىر ىنا بْب مجالة القوؿ الٍب رجعت إىل الكلمات فحسب ومجالة‬
‫القوؿ الٍب رجعت إىل النظم يف انحية‪ ،‬ويفرؽ بينهما جبمالة القوؿ الٍب فيها وجهْب‬
‫الكلمات والنظم يف انحية أخرى‪:‬‬
‫"واخلالصة ىي ىناؾ القوؿ الذي مجالتو من الكلمات ليست من النظم‪ ،‬والقوؿ الذي‬
‫مجالتو من النظم ليست من الكلمات‪ ،‬والقوؿ الذي مجالتو من الكلمات والنظم‪ .‬والصعوبة يف‬
‫القوؿ الوالث ىي أف فيو ستجد الغلطة ادلانعة أف تكسف النظم حٌب تَبكو وتنظر إىل األلفاظ‪.‬‬
‫وتظن أف مجالتو من األلفاظ وخاصة لأللفاظ‪.‬ىذا ما أردت حينما أقوؿ إليك‪ :‬أف بْب اجملاز‬
‫شيء ال أستطيع شرحو إال بعد معلرفة النظم وفهم حقيقتو‪".‬‬

‫ىذا ىو اختالؼ بْب أمناط واألسلوب اخلطايب‪ .‬ال ديكن يف طبقة األسلوبية أف‬
‫يتشبو بْب آايت األحكاـ والنص القانوين وما يتكلب إىل استخداـ اللغة الدقيقة حٌب ال‬
‫حيتوي على إمكانية ادلعُب ابلنص اإلحيائي الشعري اخليايل‪ .‬ومواؿ تعدد اللغة –الذي‬
‫يدؿ على تعدد مستوايت السياؽ الداخلي‪ -‬ىو آية القرآف‪:‬‬

‫(ادلائدة‪)٘:ٖ ،‬‬

‫لغتها تعريفية‪ ،‬والعطف فيها مكرر‪ ،‬واالستوناء فيها لو عمل لتحديد ادلعُب‪ .‬لكن‬
‫النص يف سورة النجم معظمو ىو النص اإلحيائي‪-‬التضميِب خاصة إذا ضلاوؿ أف ربدد‬
‫مرجع ضمائره يف اآلية‪:‬‬

‫(النجم‪)ٛ-ٖ٘:ٔ ،‬‬

‫‪55‬‬
‫وقف عبد القاىر يف ثالث مستوايت سابقة‪ ،‬ومستوايت تعدد اللغة قد جاوزت‬
‫على تلك الوالثة‪ .‬ألهنا تزيد مناسبا بزايدة تعدد مستوى السياؽ الداخلي يف مجيع النص‬
‫يف انحية‪ ،‬ومناسبا ابدلستوايت اجلزئية من سياؽ كل النص يف انحية أخرى‪ .‬والتعدد‬
‫األخّب حيملنا إىل السياؽ اللغوي أو مستوايت السياؽ اللغوي‪.‬‬

‫ٗ) السياؽ اللغوي‬

‫بتوسع من‬
‫تعدد مرحلة من السياؽ اللغوي يباشر أف نستهل على ادلعُب النحوية ّ‬
‫إف ما ذكر عبد القاىر اجلرجاين‪ .‬يف ربليل سياؽ النظم وتبيْب أكور اجملاؿ‪ ،‬يوقف عبد‬
‫(أيخر ما وجبتقدديو)‪،‬‬
‫القاىر يف مرحلة اجلملة –تقدًن (يق ّدـ ما وجبتأخّبه)‪ ،‬والتأخّب ّ‬
‫ويكمل من مرحلة‬ ‫واحلذؼ واإلضمار ومرحلة يف عالقة بْب مجلة –فصل ووصل‪ّ -‬‬
‫التحوؿ يف ادلعُب حيدث بوسيلة الكناية واالستعارة واجملاز عامة‪ .‬مرة اثنية ليؤّكد أف عبد‬
‫القاىر يرّكز حبوو عن "القاعدة العامة" أاتح ليميّز بْب اجلملة على اجلملة األخرى وبناء‬
‫على القواعد التالية‪ ،‬و يف ىذا احلدود يصبح صلة ليبحث عن أكور رلاؿ يف اإلعجاز‬
‫ادلفسروف والعلماء القرآف عن الظاىرة ادلهمة أف يتصل أبكور مرحلة‬ ‫عرؼ ّ‬ ‫القرآف‪ّ .‬‬
‫السياؽ اللغوي و على ىذا يكوف اللغويوف ابىتماـ سلصوص‪ .‬ولنضرب موال أ ّهنم اعَباؼ‬
‫حيوؿ كلمة األمر إىل كلمة ربديد‬ ‫تصرؼ بناء ادلعُب اللغوي ىب أ ّف ىناؾ ّ‬ ‫ليحتاج ّ‬
‫ورب ّدد‪ .‬يفهم اللغويوف عن ىذا التصريف من رلاؿ اجملاز‪.‬‬
‫ومستوايت التحليل اللغوي ال يقف يف عناصر اجلملة ليس حب ّد من تصريف‬
‫ادلعُب من الصريف وأسلوب‪ّ ،‬إال أكور من ذلك‪ ،‬ويتصل يف تعبّب ادلعُب الذى "ادلسكوت‬
‫عنو" يف ىيكل اخلطاب‪ .‬وادلقصود عن ىذا مصطلح ليس ادلسكوت عنو من انحية فقو‬
‫يعُب عند الفقهاء دبعُب داللة الفهوأو داللة خطاب‪ ،‬بل ابدلقصود أف فوؽ عميق مرحلة‬
‫الذي يكشف من سياؽ العالقة التناص معْب أـ نفي على حد سواء ادلعُب يظهر‬
‫مستقل من ادلعُب الصريح يف سياؽ اللغوي‪ .‬ولنضرب موال على ذلك‪ ،‬كما يف السورة‬
‫اجلن ابالنظر سياؽ اللغوي‪ ،‬ومن انخية معُب الظاىر يظهر أف ىذه السورة تبحث عن‬

‫‪56‬‬
‫اجلن كاإلحدى الظاىرة الذي موجوده ال يبقى‪ ،‬بل موجود يف النص وصف من انحية‬
‫ادلعريف والوقايف قد حبث يف أابف اجلزء من ىذا الفصل‪ .‬وعلى ذلك ادلعُب ظهرا أ ّف النص‬
‫يناسب بعلم الوقايف بوسيلة ادلعُب احلريف أو ادلعُب النطقي‪ّ .‬أما من انحية ادلسكوت عنو‪-‬‬
‫يظهر من اإلنسانية احلن ينقسم اجلا ّف إىل ادلؤمن والكافر‪ ،‬ألهنم يستمع القرآف (النظر‪،‬‬
‫يغّب النص يف حالة التقسيم)‪ ،‬يوبت النص اختالفا عن علم الوقايف‪ .‬وبتحليل‬ ‫كيف ّ‬
‫سياؽ اللغوي من انحية ضمائر‪ ،‬يكشف ادلستوى اآلخر قد خف‪ ،‬و إف كاف يهتم‬
‫ابىتماـ جيد اثبت قيود على حق اجلن ليستمع األخبار من السماء‪ ،‬بتحديد شعاع احلر‬
‫الذي يشرؼ على اجلن‪ ،‬ومن ىذا ربليل سياؽ اللغوي ينتج أ ّف يضيع النص موجود اجلن‬
‫بوسيلة ادلعُب ادلسكوت‪.‬‬
‫وابلتايل‪ ،‬ينمو سياؽ اللغوي ابدلعُب ادللفوظ‪ ،‬ألف بناء على ىذه ادلالحظة‪ ،‬فإف‬
‫اللغة بعض من توسيع تركيب‪ ،‬يعُب من بناء الوقايف‪ ،‬وهبذه الَباكب ال مطابق وظيفة‬
‫التواصلية –كَبكيب ادلعُب‪ّ -‬إال بوسيلة الَبكيب ادلوسيع‪ .‬ومن ىنا ال ديكم أف ضل ّدد ادلعُب‬
‫على الكالـ بنطق‪ ،‬كما نعرؼ أف الداللة الفهو ال ديكن ربديدا‪ ،‬بل جيب أف يوسع حٌب‬
‫شك أف ربليل عن مستوايت سياؽ‬ ‫يشتمل يف رلاؿ قد سكت يف تركيب اخلطاب‪ .‬زال ّ‬
‫متنوع‬
‫اللغوي يف تركيب النصوص الدينية بداخل ادلستوى ادلسكوت –وبرغم ىذا مستوى ّ‬
‫أىم يف‬
‫يناسب دبتنوع مستوى القارئ –وسبكن أف نفهم النص فوؽ عميق وعلمية‪ .‬ومن ّ‬
‫نقرب على حدود خلق إدراؾ علمية على معُب‬ ‫ىذا احلاؿ يعُب تعميق ىذا عميق ّ‬
‫النصوص الدينية و نساعد عندان نشرح حدنفية مغرضة من بعض تفسّب اخلطاببية‬
‫الدينية‪.‬‬

‫٘) سياؽ القراءات‬

‫يف التحليل األخّب الذي حيمل نصر محيد أ ّف سياؽ يتصل دبستوايت السياؽ‬
‫يهتم القراءة‬
‫خلفا‪ ،‬وألجل أف يتضع ذلك ال بد لنا من أف حيذؼ من كل السياؽ‪ ،‬وال ّ‬
‫يفصلو فيبْب منوذج قراءة نفية مغرضة‪ .‬ىب أف ىناؾ إف كاف‬
‫مستوايت السياؽ أو ّ‬

‫‪57‬‬
‫السياؽ القراءة يشكل من أحد مستوى معُب النص‪ ،‬ففي ىذا مستوى ال تصوير وظيفتو‬
‫إال يف تركيب السياؽ ابجلملة‪ ،‬كما يف حدود تركيب قدًن‪ .‬يعَبؼ يف ىذا ادلستوى ق ّدـ‬
‫القراءة ابلنظاـ التفاعل يف النص عند مستوي اإلبستمولوجيا و مستوى اإليديولوجيا‪.‬‬
‫مستوى اإلبستمولوجيا الذي سبق ذكره أنو يق ّدـ مرجعية التفسّب ويشكل يف نظاـ علم‬
‫اللغة‪ ،‬على حْب يق ّدـ اإليديولوجيا مرجعية التقيم وتشكل يف تركيب النص‪.‬‬
‫فك الشفرة (‪ )decoding‬وال يسند السياؽ اخلارجية‬ ‫األساسي عملية القراءة يعُب ّ‬
‫الوانوية النص‪ ،‬ألف ال يدرؾ ترميز النص (‪ )encoding‬إال بطريقة القراءة دبفرده‪ .‬وىذا‬
‫ادلبحث عن القارؤ اؿ ادلتخيل يف تركيب النص دبفرده ربصل شرعية‪ ،‬وىذا يعُب أف‬
‫األنشطة القراءة توجد يف تركيب النص كالظاىرة‪ .‬بناء على ىذا القارئ كادلتكلم أو‬
‫يستمرمها إف كاف يرسل الرسالة دببدؿ من ادلرسل إىل مستقبل االرسالة‬ ‫ّ‬ ‫ادلرسل الذي‬
‫ابلطريقة اخلفية‪ ،‬بل ىذه الطريقة من الطريقة األوىل ليعمل صوت النص‪ .‬ىذه الطريقة‬
‫متعلقة ابلقارئ األوؿ‪-‬ادلرسل‪ -‬ألف القارئ اخلارجي يصف يف القارئ األوؿ على سبيل‬
‫اإلحاطة‪.‬‬
‫وكذلك شأف يف سياؽ القارئ األوؿ عن تركيب النص بشكل عاـ‪ ،‬فإف موجودا‬
‫القارئ ادلتخيل يظهر دبظهر ظهر يف النص يدؿ على حقيقة قارئ أبساسي‪ .‬ومن الرئيس‬
‫النصوص ىي انص الدينية كما رأينا قبل اعة‪ ،‬أف ىذه النصوص سبلك الصفة الَببية‬
‫والتوجية‪ .‬ومن انحية ىنا‪ ،‬النصوص الدينية جيعل الرسائل يوجو التداخل ادلخاطب يف‬
‫ربديد طريقة من أحد انحية‪ ،‬ومن انحية اآلخر جيب أف يعمل ادلرسل ادلعْب ليفهم‬
‫الرسالة‪ ،‬بل جبانب ذلك ىذه النصوص يطلب من صغة األمر كالطاعة واخلضوع‪.‬‬
‫ويهدى القرآف على الناس ادلفكروف والفامهوف والعادلوف وادلؤمنوف ال بد على فهم من‬
‫حاؿ إىل حاؿ ليحضر القارئ يف النص بال عائق‪.‬‬
‫وأخّبا ضلن ندرؾ قطعيا أف سياؽ القراءة يعُب بعض من تركيب السياؽ ويق ّدـ‬
‫من تركيب النص‪ ،‬بل القراءة الذي يشكل تركيب النص تقدًن من إحدى مستوى‬

‫‪58‬‬
‫القراءة‪ .‬مستوايت القراءة متنوعة‪ ،‬أوال كوّب القراءة‪ ،‬اثنيا أكور مستوايت القراءة دبتنوعة‬
‫خلفية فكري زإيديولوجية من القارئْب‪ .‬إف من ادلمكن القوؿ ىنا أب ّف متنوعة زبويلة‬
‫يعْب‬
‫وقيمة‪ .‬كل ادلستوايت ادلتنوعة حٌب مرّكب‪ ،‬ألف أكور قسم ودور التارخيي الذي ّ‬
‫معرعة القراءة يف كل الدور‪ .‬ويزيد درجة أو رلموعة ودقيقة ألف مب ّدؿ دور الوقافة إىل‬
‫دور األخرى وألف ترجم من اللغة ادلصدر بَبمجة إىل اللغة اذلدؼ‪.‬‬
‫ويف اترخيي اإلجتماعي اإلسالمي‪ ،‬ديلك سياؽ القراءة من الناحية األخرى‪ ،‬كما‬
‫إف كاف يبحث عن إختالؼ السياسية واإلجتماعية والعلمية يسند على حكيمية النص‬
‫على دواـ‪ ،‬كما عند بُب أمية يرفع ادلصحف على الصيف الطرؼ‪ ،‬تبُب الواقعة بنية‬
‫الفكري –وبعالمة‪ -‬من ادلبدأ ربكيم على حكيمية النص‪ .‬ويف ىذا الزماف احلديث –‬
‫حينما ادلودود والسيد قطب حٌب يوجد اخلطاب زلركة الشباب اإلسالمية يف أضلاء العامل‬
‫اإلسالمية –أطلق على حكيمية‪ .‬والتعبّب عن ىذه األساسية تب ّدؿ من رلاؿ علم ادلعُب‬
‫–يعُب يرفع ادلصحف على الصيف‪ -‬حٌب يف اللغة العامة كما يقوؿ اخلوارج‪ ،‬دبعُب فرقة‬
‫ال يوافق األساسية ربكيم قد موافق فرقتْب أبساس ‪ :‬ال حكم ّإال لللّو‪ ،‬وأفزع من ىذا‬
‫احلدث إف كاف حليفة يرفض اخلوارج ويظهر األساس مشروعية تعدد القراءة‪ .‬يف ذلك‬
‫احلدود يقوؿ‪ :‬أف القرآف ما بْب دفٍب ادلصحف الينتق وإمنا يتكلم بو الرجاؿ‪ ،‬وإف كاف‬
‫ال يستطيع أف يتكلم (دبعُب ال حيصل ادلعُب) والرجاؿ (دبعُب القارئوف) وعلى ىذا كاف‬
‫متكلم‪ ،‬وىذا مصطلح دبعُب القارءة أو بعبارة أخرى موجوع يف مستوى سياؽ القارءة‬
‫ىذه عبارة مضموف فيو يعُب من تركيب السياؽ حيصل معُب النص وليس من السياؽ‬
‫اخلارجي إضايف فقط‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ .3‬القراءة املنتجة‬

‫ال بد على نصر محيد ليفرؽ بْب الداللة وادلغزى ليعمل التأويل النص عند نصر‬
‫‪ٔٚ‬‬
‫يدؿ على‬
‫محيد وكلهما ال يستطيع أف منفصل‪ .‬أل ّف يفصل ادلغزي من الداللة كما ّ‬

‫‪38‬نصر حامد أبو زيد‪ ،‬نقد خطاب الديِب (القاىرة‪ :‬سينا للناشر‪ٔٗٗ )ٜٜٔٗ ،‬‬

‫‪51‬‬
‫مغزى أببعاد ادلعُب‪ .‬ومن ادلمكن التعبّب عن ىذه العبارة أبف ادلغزى أو على وجو التحديد‬
‫يدؿ على غرض وىدؼ من خطوة القراءة فهذا اذلدؼ‬ ‫ىي من إحدى سعي ليبلغو وىو ّ‬
‫حيصل بوسيلة مكشوؼ معُب‪ ،‬وعلى الرغم من انحية اآلخر ىذا ىدؼ يعطى دور ليبُب‬
‫بعض خطواتو‪ .‬وإف كاف تعبّب معُب إال حيدث ابلتفسّب‪ ،‬فخطوتْب التفسّب مها من ادلعُب‬
‫ويعرب ادلعُب تفسّب‬
‫دؿ قبلو‪ّ .‬‬ ‫وادلغزى‪ ،‬وىو يناسب دبعنيْب من اصطالحي التأويل كما ّ‬
‫يفسر ىدفا وغرضا من عملية القراءة‪ .‬اثنيا ىذا‬‫لّبجع إىل مصدر‪ ،‬وبينما حٌب يف ادلغزى ّ‬
‫ادلعُب جيمع يف مستويْب يعُب يف االصطالح واللغة‪ ،‬بوسيلة معُب من الصرؼ والتأفيل‪،‬‬
‫يدؿ على حدوث من حاؿ إىل حاؿ‪ .‬حٌب يظهر معُب من‬ ‫يف ذلك مصطلح‪ .‬وىذا بناء ّ‬
‫تشديد يف حرؼ العْب من الفعل الوالثي‪ .‬وىذا يعُب أ ّف أتويل من حركة ذىااب وإاياب بْب‬
‫خطوتْب ومها مصدرا و ىدفا أو بْب معُب ومغزى كحركة الرقاص‪ .‬وىذه احلركة من‬
‫جهتْب وال من جهة فقط ألف يبدؿ حركة من الواقع أو ادلغزى ليعرب ادلعُب النص يف‬
‫األوؿ‪ .‬إف كاف ال يوجد حركة‬ ‫ادلاضى‪ ،‬مث ذلك ادلعُب يعيد ليوبت ادلغزى ويب ّدؿ نقطة ّ‬
‫سيتبعد من أفق التفسّب ويف الفكرية‬
‫الرقاص بْب ادلغزى ابدلعُب فينظرمها بفراؽ‪ ،‬والقراءة ّ‬
‫فقط‪ ،‬وبكلمة أخرى القراءة سيزيح من القراءة الرمسية‪ ،‬وبرغم ىذه القراءة يربط على‬
‫القراءة النزعة‪ .‬ويالحظ ىنا أ ّف ادلغزى كنقطة األوؿ يف القراءة النظرية يف مرحلة األوىل‬
‫ويستطيع أف يب ّدؿ ويرت ّد أويصحح مناسبة ابدلعُب حيصل القراءة‪ .‬ادلغزى الصحيح قد قرر‬
‫قبلو دبؤّكد وجامد ما ىو عائق للقراءة ادلنتجة‪ ،‬يعُب قراءة الذي يتبعو بعملية‪ ،‬كما ذكران‬
‫فيما سبق أ ّف ّأوؿ مكشوؼ ومن ىنا يظهر مغزي النظرية يف مرحلة األوىل‪ .‬وجبانب ذلك‬
‫ليعرب الداللة ال بد علينا بطريقة التفسّبة‪ ،‬وخالصة األمر أ ّف القراءة ادلنتجة يبدأ من‬
‫ربليل معُب اللغة ليحصل ادلعُب احلريف‪ ،‬وبعد يرجع إىل ادلعُب ادلصدر مث يربط على معُب‬
‫‪ٔٛ‬‬
‫بسياؽ اإلجتماعي‪-‬الوقايف ليحصل ادلغزى‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Kritik Wacana Agama, Yogyakarta:Lkis, 1994, hlaman: 122‬‬
‫‪18‬‬
‫‪Kurdi dkk, Hermeneutika Al-Qur’an dan Hadis, Yogyakarta: Elsaq, 2010, halaman: 129‬‬

‫‪51‬‬
‫عند الصويف يفرؽ يف مرحلتْب‪ ،‬يعُب من انحية ظاىر ومن انحية ابطن يف التأويل‬
‫النص‪ ،‬وىو مفيد ليبْب إرتباط ادلعُب على ادلغزى‪ ،‬وبشرط ننفى على إرتباط قيمة‬
‫الصحيح واخلطأ وىو ينظر يف ارتباط الَباث الصويف‪ .‬ودلب ّدلو يقوؿ نصر محيد عن ارتباط‬
‫التفاعل اللهجة كأساس إرتباط ادلغزي وادلعُب‪ .‬ويظهر يف ارتباط ىذه منوذج يظهر من‬
‫درجة ادلعُب ادلعرب ّإال السياؽ يف احلاؿ وادلوقف ابجلملة الذي ينتج بو ادلعُب‪ .‬يف أثنا‬
‫ذلك‪ ،‬من انحية ابطن يظهر ادلغزى ادلدفوف يف ادلعُب‪ ،‬والنصوص كالداللة العامة وىي‬
‫من رلموع الداللة ومن أمهّها تشّب الدالالت الوتّب يف خارج النص‪ .‬بل ومن بعض‬
‫الدالالت يستطيع أف ينفد من الطرؼ احملدود إىل أطراؼ اإلستقبايل ويبحث عن الزماف‬
‫ادلستقباؿ‪ .‬ولذلك مقبوؿ ليعمل القراءة ادلنتج على الدالالت بصفة الوتّب‪ .‬حقيقة عملية‬
‫القراءة ال يصل مع الدالالت يف النص‪ ،‬ومن أبعض النص تفاصلت من بعض اآلخر‪،‬‬
‫ّإال ليبدأ ربليل تركيب‪ .‬وجاء ىذا الدور شلكن ليفصل بْب نوعْب الداللة‪ ،‬ومن أحد نوع‬
‫كأساس ادلعُب ومن نوع اآلخر كأساس ادلغزى‪ ،‬اجلزء األخّب من األوؿ اجلزء ىو كوّب‬
‫الدور ليجعل ادلعُب كأساس‪ .‬وبعد أف يتبع على الدور القراءة البنائي التفسّب الذي ينظر‬
‫أنو ادلعُب من احدى مرحلة معُب النص‪ ،‬يعُب من مرحلة الظاىر وىو تشّب مرحلة ابلنص‬
‫الداخلي وال ابلنص اخلارجي‪ ،‬فوؽ دخل من ىذه مرحلة يعُب من جزء الباطن أو‬
‫‪ٜٔ‬‬
‫ادلغزى‪.‬‬
‫اللهجة ادلعُب وادلغزى أو الظاىر والباطن يف ديرحلة النص وخيص يف النصوص‬
‫ويفرؽ بْب ىذا نوعْب‪.‬‬‫ليبْب ّ‬
‫مهمة‪ .‬يستطيع القراءة ادلنتج التفسّب ّ‬‫العظيمة من حقيقة ّ‬
‫القراءة اللحظة والموقيع يعمل ليفتح ادلغزى من صياغ مناسب بال شعوريتنا ويف وقت‬
‫ضلس على معُب التارخيى دبركز يف رلاؿ ادلعرفية ورلاؿ الفكرية‪ .‬يقبل علماء القرآف‬
‫سواء ّ‬
‫القراءات بطريقة الصويف على القرآف وخيتلط يف القراءة ادلباح‪ ،‬أما ىم يدفعوف القراءة‬
‫بطريقة الشيعة ويضعو يف القراءة العيوبة‪ .‬يقوؿ نصر محيد أف ىذا التفريق جيوزمن انحية‬

‫‪19‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Kritik Wacana Agama, Yogyakarta:Lkis, 1994, hlaman: 124‬‬

‫‪51‬‬
‫تبْب بعض النصوص رلموع‬ ‫معرفة ادلغزى‪ ،‬وبرغم نستطيع أف نضع يف ىيكل ادلعرفة‪ّ ،‬‬
‫نعم الفكرة ليشتمل النصوص غّب‬
‫خيص يف النصوص الدينية‪ ،‬وبشرط ّ‬
‫ادلستوى ادلعُب ّ‬
‫الدينية يف إحدى انحية ومن انحية اآلخر يعُب أضل رلموع على ارتباط اللهجة بْب‬
‫ٕٓ‬
‫ادلسوايت ادلعُب‪.‬‬
‫ٕٔ‬
‫‪ .4‬منهج القراءة السياقية‬

‫اليسم‬
‫ّ‬ ‫حيتوي ادلنهج احلديث على منهج القراءة السياقية‪ ،‬ولكن ىذا ادلنهج‬
‫التطور من ادلناىج أصوؿ‬
‫ابدلنهج احلديث ودبقصود أ ّف يف احدى الناحية ىذا ادلنهج ّ‬
‫الفقو يف زمن القدًن‪ ،‬ومن انحية اآلخر ىو يستمر من مساعدوف هنضة اإلسالـ –‬
‫خصوصا على دمحم عبده والشيخ أمْب اخللي‪ .‬يعمل األصوليوف نظاـ العلوـ القرآف‬
‫(خصوصا يف علم أصباب النزوؿ وعلم انسخ ومنسوخ) حٌب يف رلاؿ النظاـ علم اللغة‬
‫كاألساس الريئس لتفسّب‪ ،‬لينجح ويعمل إستنباط حكما من النص‪ .‬وىذه ادلواد فوؽ‬
‫مهمة من وسيلة القراءة السياؽ‪ .‬إف كاف األصوليوف ابىتماـ يف رلاؿ أسباب النزوؿ‬ ‫ّ‬
‫ليفهم ادلعُب‪ ،‬فالقراءة السياؽ ينظر ادلسئلة من اجملاؿ األوسع‪ ،‬وىو من كل السياؽ‬
‫التارخيي يف قرف السابع ماسيحي يف وقت منزؿ الوحي‪ ،‬ألف ابلسياؽ يستطيع أف يوبت‬
‫ادلفسر‪ ،‬كمول يف رلاؿ احلكم والشريعة‪ ،‬بْب الوحي األصالة والعرؼ والتقليد الدينية‬ ‫ّ‬
‫أواإلجتماعى قبل جييئ اإلسالـ‪ .‬يقبل اإلسالـ يف شريعتو من جزء األخّب كعرفا وتقليد‬
‫يتطور يف شريعة اإلسالـ كمول احلج وبعض العرؼ ادلهم للمسلمْب‬ ‫الدينية بكامل مث ّ‬
‫ليتطور يف شريعة العبادة‪ ،‬وحق ادلرأة‪ ،‬والغزوة‪.‬‬
‫ّ‬
‫يقوؿ األصوليوف أ ّف أسباب النزوؿ ليست من احلكمية الوقتية وال زلدود كسباب‬
‫يفرؽ‬
‫بل يضع القاعدة عن العربة بعموـ اللفظ ال خبصوص السباب‪ ،‬ومن الناحية األوؿ ّ‬
‫يفسر ادلغزي‬
‫القراءة السياؽ بْب ادلعُب التارخيي مقبوؿ من السياؽ‪ ،‬ويف الناحية اآلخر ّ‬
‫‪20‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Kritik Wacana Agama, Yogyakarta:Lkis, 1994, hlaman: 125‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Dekonstruksi Gender: Kritik Wacana Perempuan Dalam Islam,‬‬
‫‪Yogyakarta: Samha, 2003, halaman: 180‬‬

‫‪62‬‬
‫أىم من ىذا إختالؼ إف كاف يظهر ادلغزى‬ ‫دبدلوؿ ادلعُب يف سياؽ اإلجتماعي التارخيي‪.‬و ّ‬
‫من ذلك ادلعُب دبواصل عميق‪ ،‬كعالقة سباب ونتنيجة‪ ،‬وادلغزى ليس من عبارة النفس‬
‫ادلفسر‪ ،‬وال من ضياع ادلعُب أوسقوطو‪.‬‬
‫ومن جانب كل السياؽ اإلجتماعي التارخيي يف وقت قبل منزؿ الوحي‪ ،‬يوجد‬
‫ليهتم ابىتماـ يف منهج السياؽ‪ .‬ويتضح ذلك مستوى‬ ‫بعص مستوى السياؽ اآلخر ّ‬
‫السياؽ على النحو التاىل‪:‬‬
‫أ‪ -‬سياؽ الَبتيب النزوؿ‬
‫وفيما يلى توضيح أ ّف سياؽ الَبتيب الَبويل ىو من سياؽ سلتلف بَبتيب السورة‬
‫مفسروف على القرآف مناسبة ابلَبتيب‬ ‫يفسر ّ‬ ‫واآلية يف مصحف القرآف‪ .‬ويف تعبّب آخر ّ‬
‫تطورت يف سياؽ ادلرتب النزوؿ يف وقت عشرين‬ ‫اآلخّب ىو منهج يهمل ألفاظ القرآف قد ّ‬
‫سنة؛ ال يظهر لفظ القرآف ادلعُب بنتساو يف مكاف اآلخر‪ .‬وىذه ادلسئلة ليس ليصغر‬
‫يهتم من انحية مؤثر النفسية‪-‬البديعية القرآف؛ ألف ىو من مستوى‬ ‫ترتيب التالوة‪ ،‬بل ّ‬
‫يعرب ادلعُب والعالمة‪،‬‬
‫ليعمل النص العاـ‪ .‬حينما يقرأ القرآف بَبتيب النزوؿ يستطيع أف ّ‬
‫يهتم إثِب‬
‫يعرب القراءة النص ادلغزى واألاثر‪ .‬يف حْب منهج القراءة السياؽ ىو منهج ّ‬ ‫فلذؾ ّ‬
‫يعرب تطوير ادلعُب يف تركيب النص‪ ،‬كمول‬ ‫السياؽ قبلو؛ ألف القراءة التارخيي يستطيع أف ّ‬
‫يعرب أثر ادلعنوية بكامل من تركيب‬
‫يف مجلة من ادلكة إىل ادلدينة‪ ،‬بل ىو ال يستطيع أف ّ‬
‫يهتم‬
‫ادلفسر لتعبّب أثر ادلعُب بكامل بال ّ‬‫جيرب ّ‬ ‫جامد من القرآف‪ ،‬وأما القراءة التتبوعية ّ‬
‫مسئلة عن التطور ادلعنوي‪ ،‬ومن اإلحلائية يف ىذا ادلنهج احلديث يعُب جيمع بْب رلاؿ‬
‫التارخيي والتتبوعية يف عملية التفسّب‪.‬‬
‫ب‪ -‬سياؽ الصدر‬
‫وىذا السياؽ فوؽ وسيع يشتمل من األمر أو النفي‪ ،‬كتبليغ يف قصة أو صورة‬
‫احلالة الزمن ادلاضى أو سياؽ ادلعرضة على الناس يهْب القرآف ودمحم‪ ،‬من مشركْب ادل ّكة أو‬
‫ليفرؽ بينما مظهر‬‫يهتم ليوبت الباحث ّ‬‫ادلهم أف سياؽ القصصى ّ‬ ‫من أىل الكتاب‪ .‬ومن ّ‬

‫‪63‬‬
‫يف تشريع أبساسية واجلوىرية (وىي يشتمل مستوى من الفصل ال يبحث يف ىذا ادلادة)‬
‫ويظهر أبسلوب اللغة ادلسجلة والوصف أو التحديد والوعيد والعربة وادلوعظة وغّبىا‪.‬‬
‫ج‪ -‬مستوى الَبتيب اللغوي‬
‫مفسروف‬
‫يف ىذا مستوى ىي شلستوى فوؽ مرّكب من الَبكيب النحو قد يبحث ّ‬
‫ما قبلها؛ ألنّو حيتاج ربليل جزءا‪ ،‬كما يف الفصل والوصل بْب تركيب الصريف وجزءا من‬
‫تقدًن وأتخّب وإضمر وإظهار والذكر واحلذؼ والتكرار وغّبىا‪ .‬يعمل عبد القاىر‬
‫اجلرجاىن كال العناصر يف كتابو ابدلوضوع دالئل اجلزء لتحليل مفهوـ النظم‪ ،‬وبعد أف‬
‫يبحث نصر محيد بتحليل ىذا ادلفهوـ يف علم األسلوب يف الدراسة مستقل‪ .‬مث بعد من‬
‫ىذه ادلستوى‪ ،‬مستوى ربليل النحو البالغي ال يقف يف علم البالغة القددية‪ ،‬بل ينتفع‬
‫ليعرب ادلستوايت‬
‫كل أقساـ لتحليل الكتاب وربليل النص يف عملية حديوية‪ .‬ىذا العمل ّ‬
‫فوؽ عميق ومرتب يف خطاب اإلالىية‪ .‬أما متفصل بنص التأسيسي الواىن يعُب سنة‬
‫النىب‪ ،‬جيب أف جيمع بْب نقد ادلًب ونقد السند وىو من منهج إماـ أبو حنيفة وإماـ‬
‫الشافعي بعمل كل مناىج نقد النص يف علم اللغة وأسلوب حديث‪ ،‬ومن ادلهم أ ّف وجواب‬
‫ليفتح االجتهاد لتفريق بْب قوؿ الرسوؿ يف مهفوـ السنة ابصطالح لتقليد كرسوؿ ونيب‬
‫ٕٕ‬
‫وأقواؿ مقبولة أو أقواؿ شلنوعة يف حياة الناس العامة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Dekonstruksi Gender: Kritik Wacana Perempuan Dalam Islam,‬‬
‫‪Yogyakarta: Samha, 2003, halaman: 183‬‬

‫‪64‬‬
‫الباب الثالث‬

‫عرض البياانت وحتليلها‬

‫أ‪ .‬حملة عن موضوع البحث‬


‫كاف ادلوضوع الذي اختاره الباحث يف ىذا البحث ىو كتاب التوحيد حق هللا‬
‫على العابد حملمد بن عبد الوىاب مؤسس ادلذىب الوىايب‪ .‬ىذا الكتاب ػلتوي على‬
‫ٕ‪ ٜٔ‬صفحة ويتكلم عن التعاليم التوحيدية والعقائدية حملمد بن عبد الوىاب ونشره دار‬
‫الكتب العلمية بيَتوت‪ .‬ومواضيع ىذا الكتاب ىي ادلباحثة عن ادلسائل التوحيدية‬
‫والعقائدية مثل ابب التوحيد والذنوب وابب حقائق التوحيد اليت ذبعل أف يدخل‬
‫اإلنساف اجلنة دوف احلساب وابب اخلوؼ على الشرؾ وابب حقيقة الشهادة أف ال إلو‬
‫إال هللا وابب تفسَت التوحيد عن الشهادة وابب الشرؾ الذي يسبب إىل ادلصيبة وابب‬
‫االستعانة من دوف هللا وابب الشفاعة وابب األشياء اليت ذبعل بُت آدـ مشركا وابب‬
‫‪1‬‬
‫السحر وغَتىا من ادلسائل التوحيدية والعقائدية‪.‬‬
‫والباحث يف اختيار ىذا الكتاب كموضوع البحث يعتمد على احلجة الواضحة‪،‬‬
‫كاف الصراع يف الشرؽ األوسط ىو الصراع الذي مسعناىا كل وقت‪ .‬ىناؾ عوامل كثَتة‬
‫تدفع إىل وقوع ذلك الصراع مثل العوامل السياسية والثروة الطبيعية (خاصة النفط‪ ،‬كما‬
‫عرفنا أف الببلد يف الشرؽ األوسط ىي أكرب منتج النفط يف العامل) واالقتصادية واختبلفة‬
‫االجتماعية واحتكار السلطة حىت العوامل الدينية‪ .‬وىذه العوامل األخَتة ىي اليت تكوف‬
‫مباالة الباحث يف اختيار ىذا ادلوضوع‪ .‬وادلباحثة عن الدين ىي شيء حساس ألف كل‬
‫ادلذاىب أو اجلماعات أواألفرد يف اجملتمع كلهم يزعموف أف دينهم ىو أحسن دين‪ .‬وىذا‬
‫ال يكوف مشكلة إذا كانوا يعرفوف ويتسازلوف على أدايف اآلخر‪ ،‬والذي يسبب إىل‬
‫ادلشكلة ىو حينما أحلقوا ىذا الزعم ابألفعاؿ ادلضرة على اآلخر وحىت تقاتل الناس‬

‫ٔدمحم بن عبد الوىاب‪ ،‬كتاب التوحيد حق هللا على العبيد‪( ،‬بَتوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ٔٚ٘ ،)ٕٕٓٔ ،‬‬

‫‪34‬‬
‫بسبب ىذا االختبلؼ‪ .‬وىذه ادلشكلة ستكوف خطَتة إذا نتكلم يف مستوى أصغر مثل‬
‫الدين اإلسبلـ‪ .‬حقيقة أف اإلسبلـ دين يعلم عن الرمحة والتسامح على كل االختبلؼ‬
‫وصلة الرحم واألخوة حىت دبن تدين ابألدايف األخرى‪ ،‬ولكن ليس كل ادلسلمُت يعرفوف‬
‫ويعملوهنا‪ .‬ىناؾ احتبلفات كثَتة بُت ادلسلمُت مثل اختبلؼ ادلذاىب والعقائد‪ .‬على‬
‫سبيل ادلثاؿ اختبلؼ الذاىب األربعة يعٍت الشافعي واحلنبلي وادلالكي واحلنفي‪ .‬أو‬
‫ادلذاىب األخرى مثل أىل السنة واجلماعة وادلعتزلة واخلوارج والشيعة وغَتىا‪.‬‬
‫كما قد ذكره الباحث فيما سبق أف االختبلؼ ال ؽلكن أف يكوف مشكلة إذا‬
‫كاف الناس يتسامح ويرحم بعضهم على بعض‪ .‬إذا فعل الناس كذلك فسيكوف‬
‫االختبلؼ رمحة من هللا‪ ،‬ويكوف أيضا لوان جديدا وحالة جديدة‪ ،‬ويكوف االختبلؼ‬
‫مشجع ادلسلمُت لبناء احلضارة ومبسطا أساسيا لتوحيد ادلسلمُت‪ ،‬ويكوف اإلسبلـ رمحة‬
‫للعادلُت‪ .‬ولكن من الساخر أف ىذا االختبلؼ يسبب إىل افًتاؽ األمة ويلوـ بعضها على‬
‫بعض ويزعم على الصدؽ احلقيقي ويسبب أيضا إىل انقبلب الوالايت وحىت تقاتل‬
‫بعضهم على بعض‪.‬‬
‫وإغلاد أصوؿ ادلشكبلت من افًتاؽ األمة يكوف وييفة لنا كادلسلمُت‪ .‬ويف ىذا‬
‫اختار الباحث تعاليم دمحم بن عبد الوىاب عن العقيدة والتوحيد‪ .‬كما ذكر قبلو أف تعاليم‬
‫دمحم بن عبد الوىاب تؤكد يف زبليص التوحيد‪ .‬يعٍت أف ىذه التعاليم ترفض رفضا شديدا‬
‫دبا تظن أنو يفسد اإلؽلاف ابهلل مثل التهليل واالستغاثة وادلدح على النيب وحىت (ما يتعلق‬
‫دبوضوع البحث) رجاء الشفاعة من رسوؿ هللا يوـ القيامة‪ .‬وال يكفي ىنا‪ ،‬بعد أف يرفضو‬
‫كاف فعلو الذي حصل على نقد العلماء وادلسلمُت يف العامل ىو زبطيط تدمَت مقاـ النيب‬
‫ص‪.‬ـ بسبب أف ال يدعو ادلسلموف أماـ قرب النيب ألف ىذا من عمل الشرؾ ويؤدي إىل‬
‫فساد اإلماف‪ .‬وال يوافق الباحث يف ىذه تعاليم الوىايب وأفعالو‪ .‬لذا اختار موضوعا عن‬
‫ابب الشفاعة يف ىذا الكتاب‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وللبحث والدراسة عن ىذا ابب الشفاعة‪ ،‬اختار الباحث النظرية التأويلية لنصر‬
‫محيد أيب زيد‪ .‬كما قد ذكرىا الباحث يف الفصل قبلو‪ ،‬مباالة ىذه النظرية ىي أف كل‬
‫نوع القراءات (النص الديٍت أو التارؼلي) غلب علينا أف صلتنب القراءة اإلضليازة‪ .‬يعٍت أف‬
‫كل اخللفيات والعقائد وادليوؿ أو ادلشروعية من القراءة غلب عدمو بتاات‪ .‬وإلغلاد ادلعٌت‬
‫األفضل ػلب على ادلفسر أف يكوف مستقبل‪.‬‬
‫ب‪.‬حتليل البياانت‬
‫قبل أف يعرض الباحث عن ربليل البياانت على ىذا الكتاب سيبُت الباحث عن‬
‫ادلنهج والنظرية التأويلية‪ .‬ليس تفسَت النص الديٍت عملية سهلة‪ ،‬غلب على ادلفسر أف‬
‫يعرؼ أوال عن ادلنهج الذي يستطيع أف غلد ادلعٌت األفضل شامبل كما أراد بو هللا من‬
‫القرآف‪ .‬ويف إغلاد ذلك ادلعٌت األفضل غلب على ادلفسر أف يعرؼ خطواتو (كما وجد يف‬
‫علوـ القرآف) مثل أسباب النزوؿ ومفهوـ ادلكي وادلداين وانسخ منسوخ وسياؽ عندما‬
‫نزؿ القرآف‪ .‬وقدمت التأويلية منهجا ونظرية إلغلاد ادلعٌت األفضل من القراءة‪ .‬وليست‬
‫ىذه القراءة زلدد يف انحية اترخية‪-‬زمنيا فحسب بل قدمت التأويلية منهج القراءة الذي‬
‫يهتم ابدلستوين من السياؽ يف صيغة متكاملة‪-‬استداللية وال يهمل على االختبلفات بُت‬
‫‪2‬‬
‫ىذين ادلستوين‪.‬‬
‫حينما تفاعل الشخص ابلنصوص وحاوؿ أف يفسرىا فوجب عليو أف يبدأ‬
‫ابلناحيتُت وال يكفي ابستخداـ أحدعلا‪ ،‬خاصة يف النصوص التقليدية‪ .‬الناحية األوىل‬
‫ىي الناحية التارؼلية يف ادلعٌت الرمزي اليت هتدؼ إىل وضع النصوص يف سياقها يف زلاولة‬
‫إغلاد ادلعٌت األصلي‪ ،‬مث الدخوؿ على السياؽ التارؼلي والسياؽ اللغوي اخلاص من ىذه‬
‫النصوص‪ .‬والناحية الثانية ىي الساؽ االجتماعي الثقايف الذي يف ذلك العصر ىو يدفع‬
‫‪3‬‬
‫وجود التفسَت على النص‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪Nasr Hamid Abu Zaid, Dekonstruksi Gender: Kritik Wacana Perempuan dalam Islam,‬‬
‫‪Yogyakarta: Samha, 2003, halaman: 181‬‬
‫ٖنصر حامد أبو زيد‪ ،‬نقد خطاب الديٍت (القاىرة‪ :‬سينا للناشر‪ٜٔٔ )ٜٜٔٗ ،‬‬

‫‪34‬‬
‫وال ؽلكن أف يوجد النص مستقبل‪ ،‬ىناؾ الًتكيب الذي يصنع النص‪ .‬وىذا‬
‫الًتكيب ىو دايلِكْتيكي بُت الواقيعية (االجتماعية أو الثقافية أو الدينية) وأَي ِديولُ ِ‬
‫وجيَّة‬ ‫ْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ََ‬
‫ْتيكي ال ينفصل عن احملاولة لتفسَت‬ ‫ك‬ ‫ادلؤلف الذي يتغَت إىل النص‪ .‬وىذا ال َدايلِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ْتيكي بُت الوقيعية من التاريخ والثقافة‬ ‫ك‬ ‫النصوص‪ .‬ويف ىذه الدراسة ىناؾ ال َدايلِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫وجيَّة دمحم بن عبد الوىاب الذي يتغَت‬ ‫واالجتماعية وحضارة العرب يف القرف ‪ ٔٚ‬ـ بَي ِديولُ ِ‬
‫ْ ُ‬
‫إىل النص (كتاب التوحيد)‪ .‬وكذلك آايت القرآف اليت استخدمها دمحم بن عبد الوىاب‬
‫يف كتابو‪ ،‬كانت آايت الشفاعة (اليت ىي تركيز ىذا البحث) ما نزذلا هللا دوف األسباب‬
‫أو الظواىر اليت تكوف خلفياهتا‪ .‬والظواىر االجتماعية واحلضارية والدينية والثقافية تكوف‬
‫خلفيات ال ؽلكن انفصاذلا من نزوؿ ىذا آايت الشفاعة‪ .‬ولفهم النصوص جيدا غلب‬
‫على ادلفسر أف يعرؼ مستوايت السياؽ ادلوجودة بوجود النصوص‪ .‬اذا انفصل ذلك‬
‫فستكوف القراءة قراءة ال تبٌت على أساس متكامل‪-‬استداليل بل تكوف قراءة إضليازة‬
‫ىناؾ عبلقة سببية بُت تركيب وجود النصوص ابلواقيعية اليت تكوف خلفياهتا‪ .‬ىذا‬
‫يعٍت أف وجود النص (كتاب التوحيد) حملمد بن عبد الوىاب ىو شكل زلسوس من‬
‫عبلقة سببية بُت ال َد َايلِكْتيكيّات اليت قد ذكرت قبلو‪ .‬كاف النص ىو صيغة من أثر الواقية‬
‫حولو‪ ،‬مع أف وجود النص يكوف أثرا تسبب إىل بناء احلضارة أو اطلسفها‪.‬‬
‫لذا تيقن الباحث على أعلية الدراسة الشاملة اليت تدرس عن كيفية وجود النص‬
‫حىت لو األثر للوقيعية حولو‪ .‬وىذا البحث ال يهتم دبعاين الكلمات من تركيب لغتها‬
‫فحسب (ألف إذا كذلك سيدخل ىذا إىل رلاؿ علم اللغة النظري مثل علم الداللة‬
‫والنحو والصرؼ والببلغة وغَتىا) بل ىذا البحث يهتم بكيفية النص (كتاب التوحيد‬
‫ْتيكي الذي بنىاه‪.‬‬ ‫ِ‬
‫حملمد بن عبد الوىاب) يبٌت على تركيب ال َد َايلك ّ‬
‫وىذا البحث ال يتعلق ابلتعليل بُت الصحيح واخلطأ بتاات‪ .‬ألف التعليل بينهما‬
‫سيزيد جرؼ االختبلؼ بُت ادلسلمُت‪ .‬تركيز ىذا البحث ىو كيفية إغلاد ادلعٌت‬

‫‪35‬‬
‫"ادلستًت"‪ ،‬ادلعٌت األفضل شلا كتبو دمحم بن عبد الوىاب‪ .‬لذا صنف الباحث ٖ تصنيفات‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫ٔ‪ .‬خلفيات كتابة مفهوـ الشفاعة يف كتاب التوحيد حق هللا على العابد‪.‬‬
‫كما قد عرضو نصر محيد أف ادلفسر وجب علىو أف يتجنب عن القراءة اإلضليازة‬
‫حينما تفاعل ابلنصوص‪ .‬ويف ىذا ين الباحث أف ىناؾ عناصر اإلضليازة من دمحم بن‬
‫عبد الوىاب يف أتليف ىذا الكتاب‪ .‬ودلعرفة أىداؼ دمحم بن عبد الوىاب سيحلل‬
‫الباحث ما يكوف ىدؼ أتليف ىذا الكتاب‪ .‬ولذلك‪ ،‬التحليل األوؿ الذي سيقوـ بو‬
‫الباحث ىو ما يتعلق بنشأة ادلذىب الوىايب وادلواضيع السياسية اليت أحاطت هبا‪.‬‬
‫كانت ادلملكة السعودية األوىل أسسها دمحم بن سعود دبساعدة دمحم بن عبد‬
‫الوىاب مؤسس ادلذىب الوىايب سنة ٗٗ‪ ٔٚ‬ـ‪ .‬كبلعلا دمحم بن سعود ودمحم بن عبد‬
‫الوىاب صرخا ادلشاركة ابسم ادلملكة العربية السعودية وال ادلملكة اإلسبلمية احملمدية‪.‬‬
‫ويف القراءة الشاملة عن الوىايب واتريخ ادلملكة العربية السعودية‪ ،‬كانت نشأة‬
‫"ادلملكة السعودية األوىل" ضلتاج أف نقرأىا يف إطار السياسة الطبيعية للعثماين يف عصره‪،‬‬
‫ألف نشأة ىذه احلركة منذ بدايتها قد عارضت على اإل ْمِرباطُوِريَّة العثمانية وقبضت بعض‬
‫الوالايت العثمانية يف العربية‪.‬‬
‫وذكر عامة أف يف أواخر القرف ‪( ٔٚ‬حينما نشأت ادلملكة السعودية األوىل)‬
‫كانت ادلشاركة بُت دمحم بن سعود ودمحم بن عبد الوىاب أكثر يف القياـ ابحلمبلت بُت‬
‫القبيلة‪ .‬محبلت الوىايب على احلجاز وادلكاف ادلقدس اإلسبلمي اآلخر من خبلؼ أف‬
‫يفعلها ذلك ادلشاركاف تتعلق أيضا بنائب دمحم بن سعود يف أوؿ القرف ‪ .ٔٛ‬ولكن تعد أف‬
‫ىذه ادلملكة السعودية األوىل تنتهي سنة ‪ ٔٛٔٛ‬بسبب أف يهجمها إبراىيم ابشا ولد‬
‫حاكم الًتكي العثماين يف مصر‪ ،‬زلمود علي ابشا‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪Sejarah Bangsa-Bangsa‬‬ ‫كاف ألبَتت حوراين ‪ Albert Hourani‬يف كتابو "‬
‫‪ "Muslim‬يذكر أف يف القرف الوسطى كاف العامل اإلسبلمي وكلو ثبلثة مبلؾ عظيمة‪:‬‬
‫العثماين والسفوي وادلغويل‪-‬اذلندي‪ .‬وذكر كارين أمسًتونغ ‪ Karen Armstrong‬أيضا‬
‫شيئا متساواي يعٍت "ىناؾ ثبلث شلالك إسبلمية جديدة اليت نشأت يف القرف ‪ ٔٙ‬وىي‬
‫العثماين يف آسيا الصغرى وأانضوؿ والعراؽ والسورية وأفريقيا الشمايل‪ ،‬والسفوية يف‬
‫إيراف‪ ،‬وادلغويل يف اذلند‪ .‬وكل من ىذه الثبلثة –عند كارين‪ -‬لو الوجو ادلختلف من انحية‬
‫روحانية إسبلمية‪ .‬أوال‪ ،‬ادلغويل الذي وكل على َع ْقبلنِيَّة‪-‬فلسفِت‪-‬خبلصية‪-‬تسامح‪،‬‬
‫واشتهر بعده ابسم الفلسفة‪ .‬اثنيا‪ ،‬الشيخ السفوي الذي يف قبلو ىو الدين األقلي يكوف‬
‫دين بلدىم‪ .‬واثلثا‪ ،‬العثماين الذي ىو سللص بئلسبلـ السٍت‪.‬‬
‫من ىذه السلطات الثبلثة‪ ،‬كاف الًتكي العثماين ىو الذي تعلق كثَتا كسياؽ‬
‫السياسة الطبيعية يف مشاركة مؤسس الوىايب دبحمد سعود‪ ،‬ألف العثماين سلط على‬
‫الوالايت من ادلصر وشفَت العرب مثل احلجاز (مكة وادلدينة) الذي ىو قريب برايض‬
‫وصلد ابدلقارنة مع ادلغويل والفرسي‪ .‬ويف ادلوسوعة ادلوضوعية عن العامل اإلسبلمي ذكر أف‬
‫نطاؽ الوالايت حينما نشأ حىت ازدىر العثماين ىي كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬الببلد البَػ ْل َق ِاينّ (الببلد احلديث أو القدًن‪ ،‬يوغوسبلفيا وألبانيا وبلغاراي‬
‫ومعظم والايت الرومانية)‬
‫ب‪ .‬أانضوؿ (الًتكي يف العصر احلديث)‬
‫ت‪ .‬معظم والوالايت العربية (ابلببلد احلديثة‪ ،‬السورية واللبناف واألردوف‬
‫واإلسرائيل والعراؽ والكويت وبعض الوالايت السعودية مثل مصر وليبيا‬
‫وتونس واجلزائر)‬
‫ث‪ .‬عدد سكاهنا حواىل ٕ٘ مبليُت يف ذلك العصر‪ ،‬ذلك عدد قصَت‬
‫للوالايت الواسعة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫نظرا إىل نطاؽ والايت اإل ْمِرباطُوِريَّة العثمانية‪ ،‬عرفنا أف عصر ازدىار العثماين ىو‬
‫حينما قاده سلماف القانوين‪ .‬وعصر سقوطو يهر يف قيادة ادللك بعده‪ ،‬بعد وفاة سليماف‬
‫القانوين كاف العثماين يعتصم حفظ واليتو الواسعة من ىجوـ األعداء‪.‬‬
‫يف ادلباحثة األخرى‪ ،‬كاف سليماف يصنع إطار ادلرجع لوضع أساس معاىدة‬
‫وروبية ودلسابقة مع‬ ‫التحالف ابلفرنسى الذي أعطى الفسحة التصاؿ ابلثقافة األُ ُ‬
‫ىارسبورغ القوي وفينيسيا الضعيف‪ ،‬يف وقت يكوف نقطة التحوؿ لوجوب توقيع معاىدة‬
‫كارلويتس ‪ Carlowitz‬اليت ذبرب على توقيف احلرب ولوكاف مضموهنا واضح على خسراف‬
‫الًتكي العثماين‪ .‬وال غلو إذا كانت ىذه احلوادث تؤدي إىل اضلطاط أحد ْإمِرباطُوِريَّة‬
‫إسبلمية‪.‬‬
‫ورأى كارين أمسًتونغ ‪ Karen Armstrong‬أف ملك اإل ْمِرباطُوِريَّة اإلسبلمية قد‬
‫تساقط يف إجراء التغيَت إىل احلماسة ادلتطورة سريعا‪ ،‬وعقيبتو أف يضعف ويضر على ملك‬
‫اإل ْمِرباطُوِريَّة اإلسبلمية‪ .‬ومع ذلك أف ىذا اضلطاط اإل ْمِرباطُوِريَّة اإلسبلمية ىو نتيجة محلة‬
‫تغَت تطرؼ وراثة الغريب الثوري ونتيجة انتقاؿ محاسة اإل ْمِرباطُوِريَّة اإلسبلمية نفسها‪.‬‬
‫ومن الناحية الداخلية‪ ،‬األزمة اليت أصابت اإل ْمِرباطُوِريَّة العثمانية نتيجة من غَت‬
‫مستقر السياسة يف بلده‪ ،‬كالدين خبارج الببلد وذبديد العساكر والتكنولوجيا وانقبلب‬
‫السلطة داخل احلكومة تكوف أوؿ األسباب يف اضلطاط العثماين‪ .‬ولكن من خارج ىذ‪،‬‬
‫يف وقت نفسو كاف ىناؾ القوات اجلديدة لؤلوروبية تنهض وتفوؽ على الًتكي العثماين‬
‫بسبب الثورة الصناعية والثورة الفرنسية‪.‬‬
‫وادلشكبلت الداخلية اليت تنتفض (كما ذكر قبلو) قد زادت إبرادة الوالة يف‬
‫والايت العثماين (خاصة يف البلقاين الذي فيو كاف وليو نصراين) الستقبلؿ واليتهم مث‬
‫تبعو الوالة يف الوالايت الشرقية مثل مصر‪ .‬واحلالة االقتصادية اليت أصابت األزمة وكذلك‬
‫إرادة الوالة الستقبلؿ واليتهم تسبب إىل ضعف العثماين وفقد ثقتو للتثبت ولتوسيع‬

‫‪34‬‬
‫واليتو كما قبلو‪ .‬وىذه احلالة تكوف مطولة إذا تعلق ابحلالة السياسة الطبيعية اخلارجية اليت‬
‫تتسم بظهور قوات األوروبية بعد الثورة الصناعية والثورة الفرنسية‪.‬‬
‫السياسة الطبيعية بعد معاىدة كارلويتس ‪ Carlowitz‬ىي أخَت فبلح اإل ْمِرباطُوِريَّة‬
‫العثمانية‪ .‬ليس فيها العسكر العثماين القوي والبعبع‪ .‬وعكسو‪ ،‬أف هنضة األوروبية يف‬
‫نفس الوقت هتدد نزاىة الوالايت العثمانية‪ .‬من أحد الببلد األوروبية الذي عزـ على أف‬
‫يتسلط على الًتكي ىو روسيا‪ .‬وأما النمسا فأراد أف يتسلط على البلقاين وػلاوؿ على أف‬
‫يكوف روسيا ال يشدد يف متضرر الًتكي‪.‬‬
‫كانت هنضة األوروبية يف انحية واضلطاط العثماين يف انحية أخرى قد دفعت‬
‫على روسيا أف ينهض وػلاوؿ على ىيمنة شاطئ البحر األسود وغلمعو بواليتو‪ .‬البحر‬
‫األسود يف ذلك العصر ىو من والايت روسيا لكن السلطة السياية تدؿ على أف الذي‬
‫أجراه ىو الًتكي العثماين‪ ،‬يعٍت قوـ خاف ترتر القرـ الذي لو الصراع بروسيا‪ .‬ويف سنة‬
‫‪ ٔٚٗٗ-ٔٚٙٛ‬ـ‪ ،‬وقع احلرب الذي انتهى دبعاىدة الصلح ابهنزاـ العثماين‪ .‬وآاثر ىذه‬
‫ادلعاىدة ىي استقبلؿ القرـ واحتبلؿ روسيا يف البحر األسود يف أمن وىدوء‪ ،‬ومن ىذه‬
‫اآلاثر أيضا ىي أف يوافق الًتكي على روسيا ليحمي ويبٍت كنيسة ْأرتُوُد ْكس‪ ،‬ورأى روسيا‬
‫أف ىذه ىي احلقوؽ ادلالكية لو حلماية كنيسة ْأرتُوُد ْكس يوانين يف أرض العثماين‪.‬‬
‫ويف جانب آخر‪ ،‬ىناؾ محلة فعلها انبليوف بوانبرت يف مصر سنة ‪ ٜٔٚٛ‬ـ يف‬
‫زلاولتو لتضعيف االصلليزي يف الشرؽ‪ .‬حدثت ىذه احلملة بسبب وجود التزاحم‬
‫االستعماري والتجاري بُت الفرنسى واالصلليزي‪ .‬وجفلت ىذه احلملة على العثماين الذي‬
‫قد شارؾ ابلفرنسى قبلو‪ .‬ولو انتهت ىذه احلملة ابستسبلـ الفرنسى على االصلليزي لكن‬
‫ىذه احلملة تسبب إىل العواصف يف الشرؽ األوسط‪.‬‬
‫يف عصر سليم الثالث‪ ،‬تورطت اإل ْمِرباطُوِريَّة العثمانية يف الصراع مع فرقة‬
‫اجلُنُػ ْود الْ ُم َشاة‪ ،‬من سوى أف يعفو عن االنتفاضة اليت هتدؼ إىل احلصوؿ‬ ‫حانيساري‪ْ ،‬‬
‫على استقبلؿ والايت صربيا يف يد كارا جورج ‪ .Kara George‬ولو كاف روسيا يساعد‬

‫‪45‬‬
‫صربيا لكن العثماين قدر على أف يقضي على ىذه احلركة سنة ٖٔ‪ .ٔٛ‬وبعد ثبلث‬
‫سنوات‪ ،‬حدثت االنتفاضة ربت قيادة ميلوس أوبرينوفيك ‪ Milos Obrenovic‬وحصلت‬
‫على الصلح يف قبوؿ استقبلؿ صربيا بُت بيلغرادي ‪ Belgrade‬ونيص ‪ ،Nish‬ولكن‬
‫العثماين لو احلقوؽ الحتبلؿ ادلدف الكبَتة ونيل الضرائب السنوية‪ .‬ومن ىنا يهرت حركة‬
‫البلقاين النتفاضة‪.‬‬
‫وحينما ال تقف الصراع‪ ،‬كانت األوروبية رباوؿ أف ذبد الطريقة لتضعيف العثماين‬
‫(ولو كانت األوروبية ال تقوـ بنفسها) وقد وجدت طريقة وىي ابستخداـ ادلسلمُت‬
‫نفسهم لتمزيق قوة العثمانية‪ .‬وكذلك يف سياؽ السياسة الطبيعية‪ ،‬وكانت نشأة العربية‬
‫السعودية يف صلد قد صارت ربداي جديدا وزادت على مشكلة استقرار العثماين‪.‬‬
‫ولو كانت والايت العثماين واسعة جدا لكن الوالايت يف شبو اجلزيرة ال تدخل‬
‫يف والايت العثماين ألف ىناؾ الصخراء الواسعة‪ .‬وقع صلد يف والية العربية الوسطى وىو‬
‫وقع يف الوالية ادلوحشة ومل يوجد ىناؾ منبع النفط والصخراء فيو واسعة‪ .‬كاف ادلالك من‬
‫خارج صلد ال يهتم بو بسبب وسعة واليتو ويتكوف على الصخراء احلارة فحسب‪ ،‬وحدث‬
‫ىناؾ كثَت من قطع الطريق‪ .‬ونتيجة ذلك ىي خالية ىذه األرض وسكن فيها األمراء‬
‫الصغَتة‪.‬‬
‫وهبذا ادلوقف اجلغرايف‪ ،‬صار صلد والية منعزلة شلا يف خارجو‪ ،‬ال ملك وال قائد‬
‫الذي يهتم بتسلطو‪ ،‬وىذا يكوف بركة ألىل السعود (الذي يكوف مالك ادلملكة السعودية‬
‫فيما بعده) ودمحم بن عبد الوىاب (مئسس الوىايب)‪ .‬صلد الذي ىو والية موحشة تتكوف‬
‫على الصخراء ىو أساس مهمة دلؤسسيو ألف من تلك الوالية ادلنعزلة نشأت ما نعرؼ‬
‫ابسم ادلملكة العربية السعودية‪ ،‬بلد بًتودوالرس الذي ملئ ابلنفط‪.‬‬
‫يف تسجيل ألبَتت حوراين ‪ ،Albertn Hourani‬كاف يف الوالية الصغَتة ادلنعزلة صلد‬
‫يف أوؿ القرف ‪ ٔٚ‬ولد الوىايب ومشاركو ابدلملكة السعودية‪ .‬وقاؿ حوراين "يف ذلك‬
‫العصر كاف ىذا البلد اجلديد يركز يف مقتضيات اجملتمع ادلداين الضعيف يف واحات‬

‫‪45‬‬
‫مواجهة الوالايت البَ َد ِويّة‪ ،‬ويف نفس الوقت كاف ىذا البلد يرفض على عزـ العثماىن كويل‬
‫اإلسبلـ احلقيقي‪".‬‬
‫وذكر روبرت السي ‪ Robert Lacey‬أيضا أف يف سنة ٗٗ‪ ٔٚ‬اشًتكت القوة‬
‫الوثيقة بُت السعود ودمحم بن عبد الوىاب‪ .‬وعلا حاوال أف ينتشرا منع ادلوسيقي والتدخُت‬
‫خلطوة التجديد‪ ،‬ألهنما عدا أف ىذا يفسد زبشع الشخص يف العبادة‪ .‬ولكن ادلذىب‬
‫الوىايب ال يقتنع يف إجراء اجلديد فحسب بل وسع تعاليمهم وىجم على الرايض وغلب‬
‫على الشفَت الغريب من البحر الفرسي‪.‬‬
‫وذكرت إيرا ـ‪ .‬الفيدوس ‪ Ira M. Lapidus‬عن ىذا ادلوضوع وىو "صارت العربية‬
‫الوسطى مركزا للمملكة العربية السعودية وللوىايب‪ .‬يف سنة ٘ٗ‪ ٔٚ‬ـ كاف دمحم بن سعود‬
‫قائد احلكومة يف القبيلة الصغَتة يف العرب يتصل بناشر ادلذىب الوىايب دمحم بن عبد‬
‫الوىاب (ٖٓ‪ ٔٚٚٛ-ٔٚ‬ـ) الذي تعلم يف مكة ودمشق وبصرة وقاـ ابدلبادئ‬
‫اإلصبلحية"‪.‬‬
‫وابشًتاؾ دمحم بن سعود بدعوة الوىايب‪ ،‬صار الوىايب عقيدة تعرب عن القبيلة‬
‫ادلوجودة (يف وسط اضلطاط العثماين)‪ .‬كاف دمحم بن سعود ومن بعده دبساعدة دمحم بن‬
‫عبد الوىاب ػلارب على القبائل األخرى يف حولو مث إدخاؿ تلك القبائل يف نسخة‬
‫اإلسبلـ ادلعياري كما محلو‪ .‬وكما فعلو إماـ ادلذىب الوىايب كاف دمحم بن سعود ومن بعده‬
‫يصَتوف قادة الديٍت والسياسي يف عامل العربية الوسطى‪ .‬ويف سنة ٖ‪ ٔٚٚ‬ـ كانو ػلتلوف‬
‫على الرايض وغلعلونو العاصمة مث يف سنة ٖٓ‪ ٔٛ‬ـ كانوا يسيطروف على مكة‪.‬‬
‫وشرح بدري يتيم يف أطروحتو عن عملية حركة الوىايب حىت يسلط على احلجاز‬
‫شرحا واضحا‪ .‬ابعتماد على عدو مراجع‪ ،‬ذكر بدري يتيم أف ادلملكة السعودية حبماسة‬
‫احلركة الوىابية قد وصل إىل اخلارج‪ .‬بعد غلبة على األمويةسنة ‪ ٜٔٚٗ‬ورايض سنة‬
‫ٖ‪ ٔٚٚ‬كانت ادلملكة السعودية بتأييد الوىايب هتجم وتغلب على العربية البدوية حىت‬
‫اخلليج الفرسي‪ .‬وجرت ىذه غلبات السعود على ما حولو مدة سنوات‪ ،‬ويف عدة‬

‫‪45‬‬
‫السنوات تسلطت السعودية على معظم الوالايت يف اجلزيرة العربية مثل عماف واليمن‬
‫والعسَت والسورية البدوية وخليج العرب حىت البحر األمحر واحلساء وقسيم وكرببلء سنة‬
‫ٔٓ‪ ٔٛ‬ـ (وقيل أهنا سنة ‪ ٔٚٙٙ‬ـ) مث واصل من بعده على ىذه احلركة‪.‬‬
‫وىذه ادلشاركة بُت الوىايب وقائد الدرعية يف القرف ‪ ٔٚ‬تعد مشاركة انجحة‪ .‬من‬
‫انحية سياسية‪ ،‬كما ذكرتو إيرا ـ‪ .‬الفيدوس فيما سبق‪ ،‬أهنم ىجموا واحتلوا على والايت‬
‫قبائل إخرى‪ .‬وسجلت موسوعة أكسفورد أف ادلشاركة بُت الوىايب والسعودي تنجح يف‬
‫احتبلؿ الرايض سنة ٖٖ‪ ٔٚ‬من حيث أف الرايض يف ذلك العصر ما زاؿ مدينة األسواف‬
‫الصغَتة‪.‬‬
‫اعتمادا على ما سجل يف ادلوسوعة اإلسبلمية أف مؤسس ادلملكة السعودية عاش‬
‫فيما بُت ٖ٘‪ ٔٚٙٙ-ٔٚ‬ـ‪ ،‬وىو تويف يف ‪ ٔٚٙٙ‬حينما بلغ ٖٔ من عمره‪ ،‬وىذا دبعٌت‬
‫أف مؤسس ىذه ادلملكة السعودية قد تويف عند االحتبلؿ على الرايض‪ .‬فطبعا أف دمحم بن‬
‫سعود ليس من احتل على الرايض بل ذريتو (بتأييد دمحم بن عبد الوىاب) الذي واصل‬
‫خربات ىذه ادلملكة السعودية‪ .‬وبعد احتبلؿ الرايض ركز مؤسس الوىايب دمحم بن عبد‬
‫الوىاب يف نشر التعاليم الوىابية ابلتعليم والتعبد حىت وفاتو‪ ،‬اليت سجل موسوعة‬
‫أكسفورد أهنا سنة ٖ‪.ٜٔٚ‬‬
‫وبكثرة العوامل الغالبة اليت تشارؾ نشأة ادلذىب الوىايب‪ ،‬وبتجمع دمحم بن عبد‬
‫الوىاب ودمحم بن سعود‪ ،‬فطبعا أف ىذا التجمع بُت ادلذىب الديٍت والسياسي شللوء‬
‫ابإلضلياز‪ .‬ومن مفهوـ الشفاعة الذي كتبو دمحم بن عبد الوىاب استخلص الباحث أف‬
‫شعار تلخيص التوحيد للمذىب الوىايب مستخدـ لآللة يف زلاولة ىذين الشخصُت‬
‫لتوسيع الوالايت والدعوة‪.‬‬
‫وقد سجل التاريخ أف الوىايب وادلملكة السعودية يناصر بعضهم على بعض‪ .‬ىذا‬
‫يعٍت أف ادلشاركة بُت ادلنظمة السياسية وادلنظمة الدينية (الوىايب) تكوف وسيلة عظيمة‬
‫إلزعاج الوالايت السعودية (تشتمل على الوالايت العثمانية) اليت ىي يف حالة ضعيفة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫كاف ادلملكة العثمانية ذلا والايت واسعة حىت تكوف احلكومة ال هتتم كثَتا ابلصراع يف‬
‫الوالايت الصغَتة‪ .‬يف القرف ‪( ٔٚ‬أوائل القرف ‪ )ٔٛ‬هنض األورواب وكاف الفرنسى‬
‫واإلنكليز حىت أمريكا ػلاوؿ أف يقوـ ابالنتهاؾ إىل والايت اللشرؽ األوسط‪ .‬والغزوة من‬
‫كل اجلهات تسبب إىل انكسار الًتكيز من العثماين‪.‬‬
‫نظرا إىل ىبلؾ العثماين شارؾ دمحم بن سعود ودمحم بن عبد الوىاب يف ادلفارقة من‬
‫والية العثماين‪ .‬ال سيما أف الوالية العربة يف ذلك العصر رباوؿ أف تؤمم العرب‪ .‬وادلملكة‬
‫العثمانية اليت سلطها من غَت العرب تسبب إىل وجود اخلبلؼ‪ ،‬ىذا الذي يشجع إىل‬
‫أتميم العرب‪ .‬ىذا يعٍت أف العرب ػلاوؿ أف يقيم واليتو مناسبا بقومو‪.‬‬
‫ويف احلالة السياسية‪ ،‬كاف دمحم بن سعود يقوـ ابدلفاوضة مع مشاركو للتجريد من‬
‫سلطة ادلملكة العثمانية‪ .‬ودبساعدة مشاركو وشاركو السياسية إلقامة واليتو نفسو‪ .‬ويف‬
‫احلالة الدينية‪ ،‬كاف دمحم بن عبد الوىاب دبذىبو الوىايب ػلاوؿ أف يدعو إىل مذىبو بشعار‬
‫تلخيص التوحيد‪.‬‬
‫رؤية دمحم بن عبد الوىاب ومأموريتو يف دعوتو بشعار تلخيص التوحيد انجعة‬
‫جلذب قلوب العرب‪ .‬ىذا منظور يف سريع نشأة ىذا ادلذىب حىت يستطيع على التجريد‬
‫من سلطة ادلملكة العثمانية (دبساعدة ادلشارؾ)‪ .‬واحملاولة لتأميم العرب أيضا ذلا دور مهم‬
‫يف صلاح دمحم بن عبد الوىاب ودمحم بن سعود للتجريد من سلطة ادلملكة العثمانية‪.‬‬
‫وشكل السلطة "‪ " logo sentris‬واألمراء الذين من غَت العرب والوالايت الواسعة تكوف‬
‫العوامل يف زلاولة أتميم العرب‪ .‬واستخدـ دمحم بن عبد الوىاب ىذه األحواؿ للدعوة‬
‫بشعار تلخيص التوحيد‪ .‬رأى دمحم بن عبد الوىاب أف األمَت العثماين الذي يرغب يف‬
‫الثقافة احمللية ىو شيء خطأ‪ .‬وبشعار تلخيص التوحيد دعا دمحم بن عبد الوىاب إىل‬
‫ادلذىب الوىايب جلذب قلوب العرب وللبحث عن التأييد إلقامة البلد ادلستقل من‬
‫السلطة العثمانية‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ٕ‪ .‬مفهوـ الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب‬
‫أ‪ .‬مفهوـ الشفاعة‬
‫يف الكتاب الذي ألفو كاف دمحم بن عبد الوىاب يفسر ٘ آايت القرآف ادلتعلقة‬
‫ابلشفاعة‪ ،‬يعٍت آية ٔ٘ من سورة األنعاـ وآية ٗٗ من سورة الزمر وآية ٕ٘٘ من سورة‬
‫البقرة وآية ‪ ٕٙ‬من سورة النجم وآية ٕٕ من سورة سبأ‪ .‬ومن تفسريو شرح دمحم بن عبد‬
‫الوىاب عن بعض ادلسائل‪ ،‬وىو‪:‬‬
‫األوؿ‪:‬‬
‫كانت الشفاعة ىي السؤاؿ يف التجاوز عن الذنوب واجلرائم بينهم‪ .‬وقيل شفع‬
‫يشفع شفاعة فهو شافع وشفيع‪ ،‬وادلشفع –بكسر الفاء ادلشددة‪ -‬الذي يقبل الشفاعة‪،‬‬
‫وادلشفع –بفتح الفاء ادلشددة‪ -‬الذي تقبل شفاعتو‪ .‬قاؿ العبلمة ابن القيم‪ :‬إف الشفاعة‬
‫ستة أنواع‪ :‬األوؿ‪ ،‬الشفاعة الكربى اليت يتأخر عنها أولو العزـ من الرسل عليهم السبلـ‬
‫حىت تننهي إليو ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فيقوؿ أان ذلا‪ ،‬وذلك حُت هترع اخلبلئق إىل األنبياء ليشفعوا ذلم إىل‬
‫رهبم حىت يرػلهم من مقامهم يف ادلوقف‪ .‬وىذه شفاعة ؼلتص هبا رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو وسلم ال يشاركو فيها أحد‪ .‬الثاين‪ ،‬شفاعتو ألىل اجلنة يف دخوذلا‪ .‬وقد ذكرىا أبو‬
‫ىريرة يف حديثو الطويل ادلتفق عليو‪ .‬الثالث شفاعتو لقوـ من العصاة من أمتو قد‬
‫استوجبوا النار‪ ،‬فيشفع ذلم أف ال يدخلوهنا‪ .‬والرابع شفاعتو يف العصاة من أىل التوحيد‬
‫الذين يدخلوف النار بذنوهبم‪ ،‬واألحاديث فيها متواترة عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬وقد أمجع عليها‬
‫الصحابة وأىل السنة قاطبة ويدعو من أنكرىا‪ .‬واخلامس شفاعتو لقوـ من أىل اجلنة يف‬
‫زايدة ثواهبم ورفع درجاهتم‪ ،‬وىذا شلا مل ينازع فيو أحد‪ .‬والسادس شفاعتو يف بعض الكفار‬
‫من أىل النار حىت ؼلفف عذاهبم وىذه خاصة بيب طالب وحده‪.‬‬
‫والثاين‪:‬‬
‫يعٍت عن الشفاعة ادلنفية‪ .‬قاؿ احلافظ بن كثَت‪ :‬ىذا كقولو‪َ { :‬م ْن ذَا الَّ ِذي يَ ْش َف ُع‬
‫اعةُ إَِّال َم ْن أ َِذ َف لَوُ َّ‬
‫الر ْمحَ ُن‬ ‫ِعْن َدهُ إَِّال إبِِ ْذنِِو } [البقرة‪ ]ٕ٘٘ :‬وقولو { يَػ ْوَمئِذ َال تَػْنػ َف ُع َّ‬
‫الش َف َ‬

‫‪44‬‬
‫َوَر ِض َي لَوُ قَػ ْوًال } [طو‪ ]ٜٔٓ :‬فإذا كاف يف حق ادلبلئكة ادلقربُت فكيف ترجوف أيها‬
‫اجلاىلوف شفاعة ىذه األنداد عند هللا‪ .‬وىو سبحانو مل يشرع عبادهتا وال أذف فيها بل قد‬
‫هنى عنها على ألسنة مجيع رسلو وأنزؿ ابلنيب عنها يف مجيع كتبو‪.‬‬
‫قاؿ العبلمة ابن القيم يف الكبلـ على ىذه اآلية وما قبلها شلا ذكر ىنا‪" :‬قد قطع‬
‫هللا األسباب اليت تعلق هبا ادلشركوف مجيعا‪ .‬فادلشرؾ إظلا يتخذ معبوده دلا ػلصل لو من‬
‫النفع‪ ،‬والنفع ال يكوف إال شلن فيو خصلة من ىذه األربع‪ :‬وادللك والشركة واإلعانة‬
‫والظهور والشفاعة‪ .‬فإف مل يكن مالكا كاف شريكا للمالك فإف مل يكن شريكا لو كاف لو‬
‫معينا ويهَتا فإف مل يكن معينا ويهَتا كاف شفيعا عنده‪ .‬فنفي سبحانو ادلراتب األربع‬
‫نفيا مرتبا منتقبل من األعلىإىل األدىن‪ ،‬فنفي ادللك والشركة فيو‪ ،‬وادلظاىرة والشفاعة اليت‬
‫يطلبها ادلشرؾ‪ ،‬وأثبت شفاعة ال نصيب فيها للمشًتؾ وىي الشفاعة إبذنو سبحانو‪.‬‬
‫فكفى هبذه اآلية نورا وبرىاان وذبريدا للتوحيد وقطعا ألصوؿ الشرؾ وموارده دلن عقلها‪.‬‬
‫والقرآف العظيم شللوء من أمثاذلا ونظائرىا ولكن أكثر الناس ال يشعروف‪.‬‬
‫فالشفاعة اليت نفاىا القرآف ما كاف فيها شرؾ وذلذ أثبت الشفاعة إبذنو يف مواضع‬
‫وقد بُت النيب ملسو هيلع هللا ىلص أهنا ال تكوف إال ألىل التوحيد واإلخبلص‪.‬‬
‫والثالث‪:‬‬
‫يعٍت عن شفاعة رسوؿ هللا‪ .‬وىو ال يبدأ ابلشفاعة بل يسجد فإذا أذف لو شفع‪.‬‬
‫قاؿ أبو العباس‪:‬نفى هللا عما سواه كل ما يتعلق بو ادلشركوف فنفى أف يكوف لغَته ملك‬
‫أو قسط منو أو يكوف عوان هلل ومل يبق إال الشفاعة‪ ،‬فبُت أهنا ال تنفع إال دلن أذف لو‬
‫ِ‬
‫ضى} [األنبياء‪ ]ٕٛ :‬فهذه الشفاعة اليت‬ ‫الرب‪ .‬كما قاؿ‪َ { :‬وَال يَ ْش َفعُو َف إَِّال ل َم ِن ْارتَ َ‬
‫يظنها ادلشركوف ىي منتفية يوـ القيامة كما نفاىا القرآف‪ ،‬وأخرب النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو أييت‬
‫فيسجد لربو وػلمده‪ ،‬ال يبدأ ابلشفاعة أوال‪ ،‬مث يقاؿ لو‪ :‬ارفع رأسك وقل يسمع‪ ،‬وسل‬
‫تعط‪ ،‬واشفع تشفع‪ .‬وقاؿ أبة ىريرة لو ملسو هيلع هللا ىلص‪ :‬من أسعد الناس بشفاعتك؟ قاؿ‪ :‬من قاؿ‬
‫ال إلو إال هللا خالصا من قلبو‪ .‬فتلك الشفاعة ألىل اإلخبلص إبذف هللا وال تكوف دلن‬

‫‪45‬‬
‫أشرؾ ابهلل‪ .‬وحقيقتو أف هللا سبحانو ىو الذي يتفضل على أىل اإلخبلص فيغفر ذلم‬
‫بواسطة دعاء من أذف لو أف يشفع‪ ،‬ليكرمو ويناؿ ادلقاـ احملمود‪.‬‬
‫ويف البحث عن آايت الشفاعة اليت استخدمها دمحم بن عبد الوىاب يف كتابو‪،‬‬
‫حاوؿ الباحث أف يقارف بُت فكرة دمحم بن عبد الوىاب وابن تيمية‪ .‬ابن تيمية ىو من‬
‫العلماء العظماء من دمشق‪ ،‬وىو معلم دمحم بن عبد الوىاب‪ .‬وحصل دمحم بن عبد‬
‫الوىاب على اإلػلاء من ابن تيمية لنشر ادلذىب الذي موضوعو تلخيص التوحيد‪.‬‬
‫ابن تيمية ىو من العلماء العظماء الذي يؤكد على أعلية حرص اإلؽلاف كي ال‬
‫يفسد ابلبدعة والشرؾ‪ .‬ونستطيع أف صلدىا يف كتبو مثل الفرقاف بُت أولياء الرمحن وأولياء‬
‫الشيطاف وأحكاـ عصاة ادلؤمنُت والعبودية وغَتىا‪ .‬وال شك أف ابن تيمية ؽلنع زايرة‬
‫القبور رجاء حلصوؿ الربكة من تلك القبور‪ .‬كما قالو‪ ،‬أف من تبع الشرؾ والبدعة –من‬
‫عظم القبور وطلب شيئا إىل من فيها أو دعا بوسيلتها أو تيقن أف الدعاء حوذلا‬
‫مستجاب‪ -‬أقرب بحواؿ الشيطاف‪ .‬مث ذبادؿ ابعتماد على كتاب الصحيحُت أف النيب‬
‫ٗ‬
‫ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ‪" :‬لعن هللا اليهود والنّصارى ّازبذوا قبور أنبيائهم مساجد‪".‬‬
‫ولو كذلك‪ ،‬كاف ابن تيمية ال ينفي ما يتعلق ابلشفاعة‪ .‬ىذا منظور من الكتاب‬
‫الذي ألفو أنو نقل احلديث الذي رواه السيدة عائشة اهنع هللا يضر‪" :‬ما من ميت يصلّى عليو ّأمة‬
‫٘‬
‫من ادلسلمُت يبلغوف مائة كلّهم يشفعوف لو ّإال ش ّفعوا فيو"‬

‫ب‪ .‬مستوايت السياؽ‬


‫كما قد قالو نصر محيد أف التفسَت احلقيق ىو الذي ػلصل على معٌت النص‬
‫ويتطلب إىل التبيُت والتحليل على كل مستوايت السياؽ حلفظ على مطاردة ادلعٌت الذي‬

‫‪4‬‬
‫‪Syaikhul Islam Ibnu Taimiyah, Wali Allah Ataukah Wali Syaithan?, Riyadh, Darul‬‬
‫‪Fadhilah, 1999, Halaman: 318‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Ibnu Taimiyah, Fadhilah dan Rahasia Ibadah, Jakarta, Namuda Dinamika Kreasindo,‬‬
‫‪2007, halaman: 217‬‬

‫‪44‬‬
‫قد تعُت قبلو‪ .‬اذا سيحلل الباحث عن بعض مستوايت السياؽ (كما ذكر يف الفصل‬
‫الثاين) الذي قد أعللو دمحم بن عبد الوىاب يف تفسَت اآلايت عن الشفاعة‪.‬‬
‫وأسباب نزوؿ سورة األنعاـ آايت ٖٖ‪ ٘ٔ-‬كما احملرر يف أسباب نزوؿ القرآف‬
‫من خبلؿ الكتب التسعة (ٔ‪ :)ٕٖ٘ /‬أخرج الًتمذي عن علي بن أيب طالب ‪َ -‬ر ِض َي‬
‫اّللُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ -‬إان ال نكذبك ولكن نكذب‬ ‫صلَّى َّ‬ ‫اّللُ َعْنوُ ‪ -‬أف أاب جهل قاؿ للنيب ‪َ -‬‬ ‫َّ‬
‫اّللِ َْغل َح ُدو َف)‪.‬‬
‫ت َّ‬‫ك ولَ ِك َّن الظَّالِ ِمُت ِِباي ِ‬ ‫ِ‬ ‫دبا جئت بو فأنزؿ َّ ِ‬
‫َ َ‬ ‫اّلل‪( :‬فَإنػ َُّه ْم َال يُ َك ّذبُونَ َ َ‬
‫وتفسَت سورة األنعاـ آية ٔ٘ عند تفسَت اجلبللُت ىو‪:‬‬
‫َّ ِ‬ ‫{وأَنْ ِذر} خ ِو ْ ِِ‬
‫س َذلُْم‬ ‫ين َؼلَافُو َف أَ ْف ُْػل َش ُروا َإىل َرّهب ْم لَْي َ‬ ‫َي الْ ُق ْرآف {الذ َ‬ ‫ؼ {بو} أ ْ‬ ‫َ ْ َّ‬
‫رى ْم { َوَال َش ِفيع} يَ ْش َفع َذلُْم َومجُْلَة النَّػ ْفي َحاؿ ِم ْن‬ ‫صُ‬ ‫يل} يَػْن ُ‬ ‫ِ‬
‫َي َغ َْته { َو ّ‬ ‫م ْن ُدونو} أ ْ‬
‫ِ‬
‫اصو َف {لَ َعلَّ ُه ْم يَػتَّػ ُقو َف} َّ‬
‫اّلل‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اخلَْوؼ َوالْ ُمَراد هب ْم الْ ُم ْؤمنُو َف الْ َع ُ‬ ‫ض ِمَت ُْػل َش ُروا َوِى َي َزلَ ّل ْ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اعات‪ .‬تفسَت اجلبللُت (ص‪)ٜٔٙ :‬‬ ‫إبِِقْ َبلع ِه ْم َع َّما ُى ْم فيو َو َع َمل الطَّ َ‬
‫وتفسَت سورة البقرة أية ٕ٘٘ ىو‪:‬‬
‫احلَ ّي} الدَّائِم ِابلْبَػ َق ِاء‬ ‫{إال ُى َو ْ‬ ‫َي َال َم ْعبُود ِحبَ ّق ِيف الْو ُجود َّ‬
‫ُ‬ ‫{اّلل َال إلَو} أ ْ‬ ‫َّ‬
‫{وَال نَػ ْوـ لَوُ َما ِيف‬ ‫ِ‬
‫{ال َأتْ ُخذهُ سنَة} نػُ َعاس َ‬ ‫{الْ َقيُّوـ} الْ ُمبَالِغ ِيف الْ ِقيَاـ بِتَ ْدبِ َِت َخ ْلقو َ‬
‫ِ‬
‫َحد {يَ ْش َفع‬ ‫َي َال أ َ‬ ‫{م ْن ذَا الَّذي} أ ْ‬ ‫يدا َ‬ ‫الس َم َاوات َوَما ِيف ْاأل َْرض} ُم ْل ًكا َو َخ ْل ًقا َو َعبِ ً‬ ‫َّ‬
‫َي ِم ْن أ َْمر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫فهم} أ ْ‬ ‫{وَما َخ ْل ْ‬ ‫اخلَْلق َ‬ ‫َي ْ‬ ‫يهم} أ ْ‬ ‫عْنده َّإال إب ْذنو} لَوُ ف َيها {يَػ ْعلَم َما بَػ ُْت أَيْد ْ‬
‫{إال ِدبَا‬‫وماتو َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬
‫َي َال يَػ ْعلَ ُمو َف َشْيػئًا م ْن َم ْعلُ َ‬‫{وَال ُػليطُو َف ب َش ْيء م ْن ع ْلمو} أ ْ‬ ‫الدنْػيَا َو ْاآلخَرة َ‬
‫َحا َط‬ ‫السماوات و ْاألَرض} قِ‬ ‫الرسل {و ِسع ُكرِ‬ ‫َخبَا ِ‬ ‫مهم بِِو ِمْنػ َها ِ‬ ‫شاء} أَ ْف يػعلِ‬
‫يل أ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫و‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ََ‬
‫السْبع ِيف‬ ‫الس َم َاوات َّ‬ ‫يث َما َّ‬ ‫ِع ْلمو هبِِما وقِيل الْ ُكرِسي نػَ ْفسو م ْشتَ ِمل علَي ِهما لِعظَمتِ ِو ِحل ِد ِ‬
‫َْ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ْ ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت يف ترس {وال يؤوده} يثقلو {حفظهما} أي‬ ‫الْ ُك ْرس ّي َّإال َك َد َراىم َسْبػ َعة أُلْقيَ ْ‬
‫{وُى َو الْ َعلِ ّي} فَػ ْوؽ َخ ْلقو ِابلْ َق ْه ِر {الْ َع ِظيم} الكبَت‪ .‬تفسَت اجلبللُت‬ ‫السماوات َو ْاأل َْرض َ‬
‫(ص‪)٘ٙ :‬‬
‫وتفسَت سورة النجم آية ‪ ٕٙ‬ىو‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫مهم ِعْند َّ‬
‫اّلل‬ ‫َي َوَكثَت م ْن الْ َم َبلئ َكة {يف السماوات} َوَما أَ ْكَر ْ‬
‫ِ‬ ‫{وَكم ِمن ملَك} أ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ ْ َ‬
‫اّلل} َذلُْم فِ َيها {لِ َم ْن يَ َشاء} ِم ْن ِعبَاده‬ ‫تهم َشْيػئًا َّإال ِم ْن بَػ ْعد أَ ْف َأيْ َذف َّ‬ ‫اع ْ‬ ‫{َال تُػ ْغ ٍِت َش َف َ‬
‫وجد ِمْنػ ُه ْم َّإال بَػ ْعد‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ضى َوَم ْعلُوـ أَنػ ََّها َال تُ َ‬ ‫ضى} َعْنوُ ل َق ْولو َوَال يَ ْش َفعُو َف َّإال ل َم ِن ْارتَ َ‬ ‫{ َويَػ ْر َ‬
‫اإل ْذف فِ َيها َم ْن ذَا الَّ ِذي يَ ْش َفع ِعْنده إال إبذنو‪ .‬تفسَت اجلبللُت (ص‪.)ٕٚٓ :‬‬ ‫ِْ‬
‫وأسباب نزوؿ سورة الزمر آية ‪ :ٗ٘-ٖٜ‬قوؿ هللا تعاىل‪:‬‬
‫ين ِم ْن‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫اْشأَزَّت قُػلُ َّ ِ‬ ‫َوإِ َذا ذُكَِر َّ‬
‫ين َال يػُ ْؤمنُو َف ابْآلخَرة َوإ َذا ذُكَر الذ َ‬ ‫وب الذ َ‬ ‫ُ‬ ‫اّللُ َو ْح َدهُ َْ ْ‬
‫ُدونِِو إِذَا ُى ْم يَ ْستَػْب ِش ُرو َف‪.‬‬
‫النيب صلّى هللا عليو وسلّم سورةُ‬ ‫قاؿ رلاىد وغَته أف ىذه اآلية نزلت يف قراءة ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َوالْعَُّزى ‪[ ...‬النجم‪]ٜٔ :‬‬ ‫البل َ‬ ‫ضر من ال ُكفَّا ِر‪ ،‬وقرأ أَفَػَرأَيْػتُ ُم َّ‬ ‫النَّجم عْن َد ال َك ْعبَة ِدبَ ْح َ‬
‫أمسَ ِاع الكفا ِر (تلك الغَ ِرانَِقةَ العلى) َعلَى َما َمَّر يف ُسورةِ‬ ‫اآلية‪ ،‬وألقى الشيطا ُف يَػ ْع ٍِت يف ْ‬
‫َ‬
‫ت كِ ْرباً وأَنػَ َفةً وَكَر ِاىيَةً ونػَ ُفوراً‪ .‬تفسَت‬ ‫ضْ‬ ‫وس ُه ْم‪ :‬معناه‪ :‬تَػ َقبَّ َ‬
‫َّت نػُ ُف ُ‬‫استَػْب َش ُروا‪ ،‬واْشأَز ْ‬ ‫احلَج‪ ،‬فَ ْ‬
‫الثعاليب = اجلواىر احلساف يف تفسَت القرآف (٘‪.)ٜ٘ /‬‬
‫كأف دمحم بن عبد الوىاب نقل ىذه اآلية دوف التبحر على ترتيب الوحي من هللا‪.‬‬
‫قبل فهم سورة الزمر آية ٗٗ‪ ،‬قد شرح يف اآلية ٖٗ‪{ :‬أ َْـ} بَ ْل { َّازبَ ُذوا ِم ْن ُدوف َّ‬
‫اّلل}‬
‫اّلل بَِز ْع ِم ِه ْم {قُ ْل} ذلم {أ} يشفعوف {ولو كانوا ال‬ ‫َصنَاـ ِآذلَة { ُش َف َعاء} ِعْند َّ‬ ‫َي ْاأل ْ‬ ‫أْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؽللكوف شيئا} ِم ْن َّ‬
‫ك‪ .‬تفسَت‬ ‫اعة َو َغ َْتَىا { َوَال يَػ ْعقلُو َف} أَنَّ ُك ْم تَػ ْعبُ ُدونَػ ُه ْم َوَال َغ َْت َذل َ‬‫الش َف َ‬
‫اجلبللُت (ص‪.)ٕٙٔ :‬‬
‫ومن ىذا الشرح نستخلص أف قبل نزوؿ آية ٗٗ من سورة الزمر اليت شرحت أف‬
‫الشفاعة هلل مجيعا ىناؾ اآلية ٖٗ اليت شرحت عما فعلو القريشي بتعبد األصناـ ورجاء‬
‫األعانة من تلك األصناـ‪ .‬تيقن القريشي أف تلك األصناـ ىي اليت ستعينهم من والويل‬
‫وضرر‪ .‬وين أف تلك األصناـ ىي اليت ستعينهم بعد موهتم‪ .‬فنزلت اآلية ٗٗ من سورة‬
‫ص ابلشفاعة فبل يشفع أحد (وال األصناـ اليت عبدىا‬ ‫الزمر اليت شرحت أف هللا سلُْتَ ّ‬
‫القريشي) إال إبذنو‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫وتفسَت سورة سبأ آية ٕٕ يف تفسَت اجلبللُت‪:‬‬
‫وى ْم ِآذلَة { ِم ْن ُدوف‬ ‫َي َز َع ْمتُ ُم ُ‬
‫ين َز َع ْمتُ ْم} أ ْ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ َّ‬
‫{قُ ْل} َاي ُزلَ َّمد ل ُكفَّار َمكة {اُْدعُ َوا الذ َ‬
‫َي َغ َْته لِيَػْنػ َفعُوُك ْم بَِز ْع ِم ُك ْم قَ َاؿ تَػ َع َاىل فِي ِه ْم {َال ؽلَْلِ ُكو َف ِمثْػ َقاؿ} َوْزف {ذَ َّرة} ِم ْن‬
‫اّلل} أ ْ‬
‫َّ‬
‫َخ َْت أو شر {يف السماوات َوَال ِيف ْاأل َْرض َوَما َذلُْم فِي ِه َما ِم ْن ِش ْرؾ} َش ِرَكة { َوَما لَوُ}‬
‫تَػ َع َاىل { ِمْنػ ُه ْم} ِم ْن ْاآل ِذلَة { ِم ْن يَ ِهَت} ُمعُِت‪ .‬تفسَت اجلبللُت (ص‪)٘ٙٙ :‬‬
‫إذا ضلللها ربليبل عميقا أف بعد نزوؿ ىذه اآلية نزلت اآلية ادلتعلقة هبا يف السياؽ‬
‫السردي‪ .‬كما شرح يف تفسَت اجلبللُت عن تفسَت سورة سبأ آية ٖٕ‪{ :‬وال تنفع الشفاعة‬
‫تهم تَ ْش َفع ِعْنده { َّإال لِ َم ْن أ َِذ َف} بفتح اذلمزة وضمها‬ ‫عنده} تعاىل ردا لقوذلم َّ ِ‬
‫إف آذلَ ْ‬
‫{لو} فيها {ح َّىت إ َذا فُػ ِز ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ف َعْنػ َها الْ َف ْزع‬‫وهبم} َك َش َ‬‫ع} ابلْبنَاء ل ْل َفاع ِل َوالْ َم ْفعُوؿ { َع ْن قُػلُ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫استِْب َش ًارا { َما َذا قَ َاؿ َربّ ُك ْم} فِ َيها {قَالُوا} الْ َق ْوؿ‬ ‫ِ‬
‫ضهم لبَػ ْعض ْ‬
‫ِ ِِ‬
‫ابِْإل ْذف ف َيها {قَالُوا} قَ َاؿ بػَ ْع ْ‬
‫َي قَ ْد أ َِذ َف فِ َيها { َوُى َو الْ َعلِ ّي} فَػ ْوؽ َخ ْلقو ِابلْ َق ْه ِر {الْ َكبَِت} العظيم‪ .‬تفسَت‬ ‫احلَ ّق} أ ْ‬
‫{ْ‬
‫اجلبللُت (ص‪)٘ٙٚ :‬‬
‫وشرح السياؽ السردي يف ىذه اآلية أف اآلية ٕٕ من سورة الزمر أكدت على أف‬
‫ما خلقت السموات واألرض وما فيهما إال بقوة هللا وقدرتو وال بقوة األصناـ اليت عدىا‬
‫الكافروف أف ذلا القدرةإلعانتهم من الويل والضرر‪ .‬فاستخلص الباحث أف ىذه اآلية ال‬
‫ترتبط ارتباطا مهما دبفهوـ الشفاعة يف كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوىاب‪ .‬ويف آية‬
‫بعدىا يعٍت اآلية ٖٕ شرح أف هللا قد أذف دلخلوقو (النيب دمحم) ليشفع يوـ القيامة وال‬
‫استحاؿ فيو أف يشفع النيب يوـ القيامة‪َ .‬وُى َو الْ َعلِ ُّي الْ َكبَِتُ‪ ...‬اآلية (سبأ‪)ٕٖ:‬‬
‫وبعض مستوايت السياؽ اليت أعللها دمحم بن عبد الوىاب ىو‪:‬‬
‫ٔ) السياؽ السردي‬
‫كما شرحو نصر محيد أف ىذا السياؽ واسع وػلتوي على ما يعد ابألمر والنهي‬
‫كما ورد يف سورة سبأ آية ٕٕ‪ .ٕٖ-‬ويهرت أعلية االىتماـ هبذا السياؽ السردي يف‬

‫‪55‬‬
‫تثبيت الدارس يف تفريق ما جاء بوسيلة التشريع أساسيا ومضمونيا وما جاء بوسيلة‬
‫أسلوب اجملادلة والوصف والتهديد والوعيد والعبارة وادلوعظة وغَتىا‪.‬‬
‫وكما أعللو دمحم بن عبد الوىاب يف مستوى السياؽ السردي يف سورة سبأ آية‬
‫ٕٕ‪ ،‬أعلل دمحم بن عبد الوىاب أيضا مستوى السياؽ السردي يف سورة الزمر آية ٗٗ‬
‫ألف قبل نزوؿ آية ٗٗ من سورة الزمر نزلت اآلية ٖٗ اليت تكوف شرحا لنزوؿ اآلية‬
‫بعدىا‪ .‬وسياؽ أية ٗٗ عن الشفاعة هلل مجيعا ىو التأكيد والنفي على ادلزاعم على أف‬
‫األصناـ ىي اليت ستعينهم يوـ القيامة‪ .‬بنزوؿ ىذه اآلية وضح أف ال إلو إال هللا وال حوؿ‬
‫وال قوة إال ابهلل‪ ،‬وهللا الذي قدر أف يعُت ويشفع سللوقو‪.‬‬
‫ٕ) السياؽ الثقايف‬
‫ينبغي لنا أف نعرؼ أف الدين الذي ائتمنو اجملتمع قبل رليء اإلسبلـ ابلقرآف‬
‫الذي محلو الرسوؿ ىو الشرؾ‪ ،‬تعبد األصناـ‪ .‬ذلم التقليد وادلوكب يف تعبد األصناـ‬
‫(الذي مارسو أمر بن ذلي)‪ ،‬ويف ذلك العصر ينوا أف ما فعلوه ىو من بدعة حسنة‪ .‬ومن‬
‫مواكب تعبد األصناـ اليت فعلوىا ىي‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬السكوت الطويل أماـ األصناـ مث ذكر امسها واستعانة عند مواجهة‬
‫الصعوبة والدعاء إليها ألف تستجيب دعاءه وين أف تلك األصناـ‬
‫ستشفعو عند هللا وستحقق ما أراده‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬احلج والطواؼ حوؿ األصناـ والتضرع عندىا والسجود ذلا‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬التقرب هبا بكل شكل التعبد‪.‬‬
‫استخلص الباحث أف يف ىذا األمر إعلاؿ السياؽ الثقايف للمجتمع العريب‬
‫(الثقافة واحلضارة والتقليد اليت قد وجد قبل رليء اإلسبلـ) فعلو دمحمبن عبد الوىاب يف‬
‫دراستو على اآلايت عن الشفاعة يف القرآف‪ .‬إذا كانت للمجتمع ثقافة وعادة وتقليد‬
‫(تعبد األصناـ وتعظيمها) فكاف تغيَت ىذه الثقافة والعادة ليست أمرا سهبل‪ .‬إذا كنا‬
‫نفهم فهما مرتبا على سورة الزمر آية ٗٗ فسنجد اخللفيات عن نزوؿ ىذه اآلية تعلقا‬

‫‪55‬‬
‫ابحلقائق الثقافية من اجملتمع العريب‪ .‬حقيقة أف ىذه اآلية تنبو على العرب عن ينهم أف‬
‫األصناـ ستعينهم‪ .‬نبو هللا ذلم أف هللا ىو األحد الذي يعينهم ويشفعهم‪.‬‬
‫هبذا التحليل رأى الباحث أف دمحم بن عبد الوىاب يستعجل يف تثبيت مفهوـ‬
‫الشفاعة يف كتاب التوحيد الذي ألفو‪ .‬وكاف الباحث غلد اآلايت األخرى ادلتعلقة‬
‫دبوضوع الشفاعة مثل يف سورة النساء آية ٗ‪ ٙ‬وسورة النساء آية ٘‪ ٛ‬وسورة سبأ آية‬
‫ٖٕ‪.‬‬
‫وقد شرح نصر محيد أف يف فهم معٌت النصوص غلب أف يفهم كل ادلعاين من‬
‫تلك النصوص‪ .‬وىذا متساوي حينما أردان أف نفهم مفهوـ الشفاعة كامبل شامبل فيجب‬
‫علينا أف صلد اآلايت ادلتعلقة دبفهوـ الشفاعة مث نصنفها‪ .‬لذا سيحلل الباحث اآلايت‬
‫األخرى اليت أعللها دمحم بن عبد الوىاب يف زلاولتو لتثبيت أساس التوحيد ادلتعلق دبفهوـ‬
‫الشفاعة‪.‬‬
‫َّه ْم إِ ْذ يَلَ ُموا أَنْػ ُف َس ُه ْم َجاءُ َ‬ ‫وما أَرس ْلنَا ِمن رسوؿ إَِّال لِيطَاع إبِِ ْذ ِف َِّ‬
‫وؾ‬ ‫اّلل َولَ ْو أَنػ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ ْ َ ْ َ ُ‬
‫يما‪( .‬النساء‪)ٙٗ:‬‬ ‫ِ‬
‫اّللَ تَػ َّو ًااب َرح ً‬
‫وؿ لََو َج ُدوا َّ‬
‫الر ُس ُ‬
‫استَػ ْغ َفَر َذلُُم َّ‬
‫اّللَ َو ْ‬
‫استَػ ْغ َف ُروا َّ‬
‫فَ ْ‬
‫وتفسَته كما يف تفسَت اجلبللُت‪:‬‬
‫يما َأيْ ُمر بِِو َوَْػل ُكم {إبِِ ْذ ِف َّ‬
‫اّلل} ِب َْم ِرهِ َال‬ ‫{وما أَرس ْلنا ِمن رسوؿ َّإال لِيطَ ِ‬
‫اع} ف َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ََ ْ َ َ ْ َ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫{جاءُوؾ}‬ ‫سهم} بتَ َحا ُكم ِه ْم َإىل الطَّاغُوت َ‬ ‫َّه ْم إ ْذ يَلَ ُموا أَنْػ ُف ْ‬ ‫{ولَ ْو أَنػ ُ‬
‫صى َوُؼلَالَف َ‬ ‫ليُػ ْع َ‬
‫يما لِ َشأْنِِو‬ ‫ِ‬
‫اخلطَاب تَػ ْفخ ً‬
‫الرسوؿ} فِ ِيو الْتِ َفات عن ِْ‬
‫َْ‬ ‫استَػ ْغ َفَر َذلُْم َّ ُ‬
‫اّلل َو ْ‬‫استَػ ْغ َف ُروا َّ‬
‫ُت {فَ ْ‬
‫ِ‬
‫َاتئبِ َ‬
‫يما} هبم‪ .‬تفسَت اجلبللُت (ص‪)ٕٔٔ :‬‬ ‫اّلل تَػ َّوااب} علَي ِهم ِ‬
‫{رح ً‬‫{لََو َج ُدوا َّ ً َ ْ ْ َ‬
‫وقد شرح يف تلك اآلية أف حينما استغفر الرسوؿ إىل هللا عن ذنوب قومهم‬
‫فغفرىم هللا إبذنو وقدرتو‪ .‬إذا نرتبط ىذا دبفهوـ الشفاعة‪ ،‬أف النيب دمحم ال ؽلكن أف يسمح‬
‫أمتو يف دخوؿ النار‪ .‬كما عرفنا أف مبلئكة إزرائيل لقي ابلنيب لفعل واجبتو‪ ،‬كاف ما خطر‬
‫يف ذىنو ىو أمتو‪ .‬أحب النيب أمتهحبا شديدا حىت ال يريد أف تقع أمتو يف الضبلؿ حىت‬

‫‪55‬‬
‫دخوؿ النار‪ .‬ومن ادلمكن أف يف يوـ القيامة سيكوف النيب معينا ألمتو كما قيل يف‬
‫احلديث الذي رواه مسلم‪:‬‬

‫حدثٍت يونس بن عبد األعلى أخربان عبد هللا بن وىب قاؿ أخربين مالك بن‬
‫أنس عن ابن شهاب عن أيب سلمة بن عبد الرمحن عن أيب ىريرة‪ ،‬أف رسوؿ هللا صلى هللا‬
‫عليو وسلم قاؿ لكل نيب دعوة يدعوىا فأريد أف أختبئ دعويت شفاعة ألميت يوـ القيامة‪.‬‬
‫زبريج احلديث لئلماـ ادلسلم (ربفة الشرؼ‪ ،‬النمرة ٕٓ٘٘ٔ)‪.‬‬
‫وحدثٍت زىَتة بن حرب وعبد هللا محيد قاؿ زىَتة حدثنا يعقوب بن إبراىيم‬
‫حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمة أخربين أبو سلمة بن عبد الرمحن أ ّف أاب ىريرة قاؿ‪:‬‬
‫نيب دعوة وأردت إف شاء هللا أف أختبئ دعويت‬ ‫قاؿ رسوؿ هللا صلّى هللا عليو وسلم‪ :‬لكل ّ‬
‫شفاعة ألميت يوـ القيامة‪.‬‬

‫ٖ‪ .‬ادلغزى عن مفهوـ الشفاعة يف السياؽ احلايل‬


‫وبعد الشرح عن خلفيات أتليف النصوص اليت ألفها دمحم بن عبد الوىاب يف‬
‫النقطة األوىل وضح أف ىناؾ االرتباط بُت نشأة ادلذىب الوىايب اليت نصرىا مؤسس‬
‫ادلملكة السعوية ابلنصوص اليت ألفها دمحم بن عبد الوىاب فيما بعده‪ ،‬ووضح أيضا وجود‬
‫ادليوؿ يف أتليف ىذه النصوص يعٍت لتجذيب االىتماـ بدعوة دمحم بن عبد الوىاب‬
‫والرغبة فيو‪ .‬مث ذكر يف النقطة الثانية عن معٌت مفهوـ الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب‪،‬‬
‫ورأى الباحث فيو بعض اإلعلاؿ الذي فعلو دمحم بن عبد الوىاب يف زلاولتو يف تفسَت‬
‫اآلايت عن الشفاعة وتعريف مفهوـ الشفاعة يف القرآف‪ .‬ويف ىذه النقطة الثالثة سيعرض‬
‫الباحث عن ادلغزى من مفهوـ الشفاعة يف السياؽ احلايل‪.‬‬
‫ومن إحدى شليزات القراءات اليت فعلها نصر محيد ابلنصوص القرآنية ىي‬
‫أشكاؿ القراءات اليت أقرب إىل النقد ابدلقارنة مع القياـ بتطبيق منهج التفسَت نفسو‪،‬‬

‫‪54‬‬
‫الذي كاف جزءه ىو جزءا مهما من اخلطاب الديٍت أو الشكل األخَت من النصوص‪ ،‬ولو‬
‫كاف يف طبقة ادلنهج فحسب‪.‬‬
‫لذا رأى نصر محيد أف الدراسة العلمية ال يكفي فيو التحليل والتفسَت فقط‪ ،‬بل‬
‫ربتاج إىل األسئلة عن "األسرار" وراء خطاب التفسَت ادلعُت‪ .‬ىذا ىو ما فعلو نصر محيد‬
‫على خطاب التفسَت من ادلعتزلة والتصوؼ الذي قدمو ابن عريب وكذلك اإلماـ الشافعي‬
‫بفقهو‪ .‬ويف فعل ىذا كاف نصر محيد ال ػلدد على نوع التفسَت يف تعرؼ اخلطاب الديٍت‬
‫القدًن فقط بل فعل شيئا متساواي أيضا يف خطاب التفسَت ساحلديث كما فعلو على‬
‫مفهوـ اليسار اإلسبلمي حلسن حنفي أو مفهوـ "جازمية النصوص" لسيد القطيب‪.‬‬
‫وشكل القراءات الذي فعلو بتقدًن األسئلة النقدية ىو زلاولة إليهار ادلضمر يف‬
‫تركيب اخلطاب للكشف والتفكيك‪ .‬وىذا ألف الذي حفظ مسة األمم ونضارة التقليد‬
‫العقبلين ىو النقد‪ .‬كاف النقد يقدر على أف ينسخ السحابة من التاريخ واحلقائق ويلمة‬
‫التقليد العقبلين‪ .‬واحلماية دبعٌت حفظ التقليد الفكري يف رلاؿ القرآف ىي التجميد الذي‬
‫يسبب إىل العفن وادلوت‪ .‬وأما النقد سيجذب الديناميكية والنضارة وذبديد أجياؿ ىذه‬
‫األمم‪ .‬ىذا دبعٌت أف ادلراد ابلقراءة ادلنفرجة وادلنتجة ىي القراءة والدراسة والتحليل على‬
‫اخلطاب الديٍت الىت تتقدـ عناصر النقد فيها إما على اخلطاب القرآين أو اخلطاب‬
‫التفسَتي أو اخلطاب ادلوجود يف النصوص الثانوية األخرى‪.‬‬
‫وبعد إجراء التحليل يف النقطة األوىل والثانية ادلعتمد على الفهم النصي عن‬
‫مفهوـ الشفاعة حملمد بن عبد الوىاب وسياقو االجتماعي والتارؼلي‪ ،‬فسيحلل الباحث‬
‫يف ىذه النقطة الثالثة ابالعتماد على اثنُت‪ ،‬األوؿ ىو مرحلة التعميم والثاين ىو مرحلة‬
‫إغلاد ادلغزى من األفكار العامة فيما قبلو إىل األفكار النوعية ادلستخدمة واحملققة يف الزمن‬
‫احلايل‪.‬‬
‫ٔ) مرحلة التعميم‬

‫‪53‬‬
‫بعد إجراء الدراسة على الناحية التارؼلية اليت ال تركز على انحية مؤلفة النص‬
‫(كتاب التوحيد حملمد بن عبد الوىاب) فقط بل على انحية اترؼلية من اآلايت عن‬
‫االعة اليت استخدمها دمحم بن عبد الوىاب يف كتابو أيضا حىت الناحية التارؼلية والثقافية‬
‫من اجملتمع العريب قبل رليء اإلسبلـ‪ .‬ويف ىذا اجلزء سيقوـ الباحث دبرحلة التعميم على‬
‫األجوبة النوعية وسيعربىا بشكل العبارات اليت ذلا األىداؼ األخبلقية االجتماعية العامة‬
‫اليت تكرر من اآلايت عن الشفاعة يف خلفيات اجتماعية اترؼلية والنسبة القانونية‪ .‬طوؿ‬
‫ىذه العملية كاف االىتماـ الشاملة ابلقرآف ىو شيء مهم حىت يفهم كل معاين القرأف‬
‫ويعرب كل األحكاـ ويكوف كل األىداؼ مرتبطا ابآلخر‪.‬‬
‫كما وجد يف سورة الزمر آية ٖٗ‪ ٗٗ-‬وسورة السبأ آية ٕٕ‪ ٕٖ-‬أف اشفاعة‬
‫اليت أريد يف تلك اآلايت ىي نفي اعتقاد العرب على كل النصر من األواثف اليت‬
‫عبدوىا‪ .‬وكاف هللا يقدر على أف أيذف سللوقو يف إعطاء الشفاعة (مثل ادلبلئكات‬
‫واألنبياء ومن شرفو وأذنو بو)‬
‫ٕ) مرحلة إغلاد ادلغزى‬
‫رأى نصر محيد أف رسالة اإلسبلـ ليس ذلا اآلاثر إذا كاف أوؿ من استلمها ال‬
‫يفهمها‪ .‬غلب عليو أف يفهم تلك الرسالة يف سياقها االجتماعي الثقايف ابلفهم واخلربة‬
‫ادلناسبة بتغَت رلتمعو‪ .‬كاف أوؿ ادلسلم وما بعده ال يعد أهنم خاسبوف ومطلقوف‪ .‬والصيغة‬
‫اللغوية اليت اختصت على مسة ِديْػنَ ِامْي ِكيَّة النصوص القرآنية أجازت على عملية السمة من‬
‫غَت حدود‪.‬‬
‫ويف ىذه العملية‪ ،‬كاف ادلعٌت السياؽ من االجتماعية الثقافية ال غلوز أف يهمل‬
‫وال يبسط ألف ىذا ادلعٌت مهم لسمة الرسالة اجلديدة يف النص‪ .‬وبوجود أىداؼ ادلعٌت‬
‫سيسهل التحوؿ من "ادلعٌت" إىل "ادلغزى" يف السياؽ االجتماعي الثقايف احلايل‪ .‬ىذا‬
‫غلعل ادلفسر يقدر على أف يفرؽ بُت العناصر التارخية والزمنية ادلسببة إىل عدـ تناسب‬
‫ادلعٌت يف السياؽ احلايل‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫إذا نطبق ىذا يف تفسَت دمحم بن عبد الوىاب يف سورة الزمر آية ٗٗ (وقد أعلل‬
‫السياؽ السردي يف آية قبلو) فظهر وجود اإلعلاؿ والنفي يف ادلعٌت السياقي من‬
‫االجتماعية الثقافية‪ .‬وكاف دمحم بن عبد الوىاب ال يفرؽ بُت العناصر التارؼلية والزمنية‬
‫ادلوجودة يف ىذه اآلية‪ .‬ىذه اإلعلاالت تسبب إىل شيء مهلك حينما قاؿ دمحم بن عبد‬
‫الوىاب التقرير أو اإلعبلف ادلتعلق هبذه اآلية كما فعلها يف مفهوـ الشفاعة يف ىذا‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫كما عرضو محيد ألغار ‪ Hamid Algar‬يف كتابو‪ ،‬أف التعاليم ادلخصوص من دمحم‬
‫بن عبد الوىاب تركز يف تعريف التوحيد الذي حقيقة يتكوف على الثبلثة‪ :‬توحيد الربوبية‬
‫(شهادة أف هللا ىو األحد الذي لو صفة الرب وادلالك واخلالق واحمليي وادلميت) وتوحيد‬
‫األمساء والصفات (تصديق األمساء والصفات اليت ذكرت يف القرآف دوف احملاولة‬
‫لتفسَتىا‪ ،‬والنهي الستخداـ تلك األمساء إىل كل من إال هللا) وتوحيد العبادة (كل‬
‫العبادة هلل)‪.‬‬
‫والشكل األخَت من التوحيد ىو ادلهم عند رأي دمحم بن عبد الوىاب إما يف سلطط‬
‫مذىبو اجلامد أو إما يف تقييمها الذي ماؿ إىل احتقار ادلسلمُت طوؿ القروف الطويلة‪.‬‬
‫ويف رفض إمجاع العلماء القدماء‪ ،‬زعم أف الشكل األوؿ من التوحيد ىو الشهادة اللفظية‬
‫ليست ذلا القيمة لنفسها وال يساوي للوصوؿ إىل صفة ادلسلم‪ .‬ألنو رأى أف ادلشركُت‬
‫العربيُت فيما قبل اإلسبلـ قد ائتمن بو‪ .‬وىو أيضا ال يعرض االىتماـ الكبَت إلسهاب‬
‫الشكل الثاين من التوحيد‪ ،‬من سوى تكرار الصيغ من ابن تيمية الذي ذـ الصفات‬
‫اإلنسانية على غَت اإلنساف‪ .‬والشكل الثالث من التفسَت عند دمحم بن عبد الوىاب ىو‬
‫الذي يكوف زلددا شديدا بُت اإلسبلـ والكفر وبُت التوحيد والشرؾ‪ .‬ومن استداللو ىو‬
‫أف مبدأ توحيد العبادة قد أوحاه هللا إىل النيب قبل الواجبات العبودية مثل الصبلة والزكاة‬
‫والصياـ واحلج اليت ؽلكن أف يًتجم ىذا ادلبدأ إىل التطبيق وألف لو القيمة اليت تفوؽ على‬
‫تلك الواجبات العبودية‪ .‬كما كاف توحيد الربوبية ال يكفي أف يكوف الشخص مسلما‬

‫‪55‬‬
‫بفعل واجباتو الدينية إذا كاف يعصي مبدأ توحيد العبادة كما عرفو الوىايب‪ .‬حدث ىذا‬
‫العصياف إذا كانت العبادة تورط الطرؼ اآلخر سوى العابد نفسو وربو‪ .‬وعلى سبيل‬
‫ادلثاؿ وجود الدعاء الذي ذكر فيو اسم النيب أو من أشرفو هللا رجاء لقبوؿ ىذا الدعاء‬
‫ابستخداـ العبارة "حبرمة‪ ...‬استعانة واستغاثة"‪ ،‬واستعانة يف األمور الدنيوية أو الدينية‬
‫ابلعبارة اليت أشارت إىل الرجاء على الشخص‪ ،‬ال على الرب‪ ،‬ولو يعد ىذا الشخص أنو‬
‫وسيل إلعانة هللا (توسل)‪ ،‬متعلق ابلشخص‪ ،‬ولو أشرفو هللا‪ ،‬كوسيلة لتقرب ابهلل‪ ،‬نسبة‬
‫احلياة على من تويف بذكرىم يف الدعاء‪ ،‬ولو كاف ليس ادلعبود‪ ،‬الرجاء أو اإلرادة‪ ،‬شفاعة‬
‫النيب والويل والشهيد وغَتىا شلن أشرفو هللا‪ ،‬التربؾ‪ ،‬وزايرة القبور‪ ،‬كل من ىذه األمور‬
‫‪6‬‬
‫تؤدي إىل عصياف توحيد العبادة وذبعل فاعلم مشركا‪.‬‬
‫ويف ىذا مفهوـ الشفاعة‪ ،‬صلد كثَتا من القراءة اإلضليازة يف كتاب التوحيد حملمد‬
‫بن عبد الوىاب‪ .‬نستطيع أف ضلللو من عدـ إحلاؽ كل اآلايت ادلتعلقة ابلشرح عن‬
‫الشفاعة‪ .‬اآلايت اليت استخدمها دمحم بن عبد الوىاب ىي اآلايت ادلناسبة بفكرة عقيدتو‬
‫يعٍت توحيد العبادة‪.‬‬
‫ومن سوى ذلك‪ ،‬أعلل دمحم بن عبد الوىاب بعض مستوايت السياؽ‪ .‬إعلاؿ‬
‫مستوايت السياؽ يف زلاولة تفسَت النصوص (خاصة النص الديٍت والقرآين) ىو شيء‬
‫مهلك‪ .‬ألف إذا فعل ىذا فصارت القراءة غَت منتجة‪ ،‬وإذا أعلل ىذا السياؽ فصارت‬
‫قراءة النصوص الدينية ال زبتلف بقراءات النصوص اللغوية األخرى‪.‬‬
‫ويف السياؽ احلايل كانت الشفاعة ىي الرجاء‪ .‬ال أحد يعرؼ عن األخَتة‪ .‬لكن‬
‫هللا صوره تصويرا وضيحا أف ادللك واجلنة والنار واخلَت والشر كلها قد قدره هللا‪ .‬ولو‬
‫كذلك فمن ادلمكن أف (ضلن اإلنساف الضعيف) نرجو على "اإلعانة" من أحباء هللا‪.‬‬
‫وأحباء هللا الذين أشرفهم هللا قد أذهنم هللا أف يشفع سللوقو يف األخَتة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪Hamid Algar, Wahhabise Sebuah Tinjauan Kritis, Democracy Project. halaman 48‬‬

‫‪54‬‬
‫لذا رأى الباحث االرتباطة السببية عن ىذا األمر‪ .‬وجد يف إندونسيا كثَت من‬
‫رلالس الذكر والصلوات اليت ذلا مجاعة كثَتة‪ .‬ىدؼ ىذا رلالس الذكر والصلوات‬
‫إلشراؼ من أشرفو ولرجاء الشفاعة منو يف يوـ القيامة‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الباب الرابع‬

‫اخلالصة واملقرتحات‬

‫أ‪ .‬اخلالصة‬

‫بعد التحليل الذي فعلو الباحث يف الفصل قبلو (الفصل الثالث)‪ ،‬فالنتيجة من ىذا‬
‫البحث اجلامعي ىي كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬خلفيات مفهوم الشفاعة يف كتاب التوحيد حق هللا على العابد حملمد بن عبد‬
‫الوىاب ىي السياسة والسلطة (ويف ىذا احلال ىو ىي اليت تتعلق بدعوتو عن‬
‫تعليم ختليص التوحيد)‪ .‬وىذا كما رأينا يف كتابو الذي ال يقتبس فيو مجيع اآلايت‬
‫ادلتعلقة ابلشفاعة يف القرآن الكرمي‪ .‬وكان يقتبس اآلايت عن الشفاعة اليت تتعلق‬
‫بقدرة هللا وتوحيده فحسب يف كتابو وال يقتبس اآلايت األخرى اليت ال تطابق‬
‫بعقيدة ختليص التوحيد‪.‬‬
‫‪ .2‬كان مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب منو‪:‬‬
‫أ‪ .‬الشفاعة ىي السؤال يف التجاوز عن الذنوب واجلرائم بينهم‪.‬‬
‫ب‪ .‬وعن خصائص الشفاعة ادلنفية‪ ،‬قال احلافظ بن كثًن‪ :‬ىذا كقولو‪َ { :‬من َذا‬
‫الَّ ِذي يَش َفع ِعن َده إَِّال ِبِِذنِِو } [البقرة‪ ]255 :‬وقولو { يَوَمئِذ َال تَن َفع‬
‫اعة إَِّال َمن أ َِذ َن لَو َّ‬
‫الرْحَن َوَر ِض َي لَو قَوًال } [طو‪ ]101 :‬فإذا كان يف‬ ‫الش َف َ‬
‫َّ‬
‫حق ادلالئكة ادلقربٌن فكيف ترجون أيها اجلاىلون شفاعة ىذه األنداد عند‬
‫هللا‪ .‬وىو سبحانو مل يشرع عبادهتا وال أذن فيها بل قد هنى عنها على ألسنة‬
‫مجيع رسلو وأنزل ابلنيب عنها يف مجيع كتبو‪.‬‬
‫ت‪ .‬وعن شفاعة رسول هللا‪ .‬وىو ال يبدأ ابلشفاعة بل يسجد فإذا أذن لو شفع‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫ث‪ .‬ويف حماولتو يف تفسًن القرآن الكرمي عن مفهوم الشفاعة‪ ،‬كان دمحم بن عبد‬
‫الوىاب يهمل بعض مستوايت السياق‪ ،‬وىو‪:‬‬
‫‪ .1‬السياق السردي‬
‫كان دمحم بن عبد الوىاب يقتبس اآلايت عن قدرة هللا وتوحيده فقط‪ ،‬كما‬
‫يف سورة األنعام آية ‪ 51‬وسورة الزمر آية ‪ 44‬وسورة البقرة آية ‪ 255‬وسورة‬
‫النجم آية ‪ 26‬وسورة سبأ آية ‪ .22‬وىو ال يقتبس اآلايت األخرى ادلتعلقة‬
‫مبفهوم الشفاعة مثل سورة الزمر آية ‪ 43‬وسورة سبأ آية ‪ 23‬وسورة النساء‬
‫آية ‪ 64‬و ‪.55‬‬
‫‪ .2‬السياق الثقايف‬
‫فهم الباحث أن نزول اآلايت اليت استخدمها يف كتابو ىي اآلايت ادلتعلقة‬
‫ابلسياق الثقايف‪ .‬كانت ثقافة العرب يف ذلك العصر ىي تعبد األصنام الذي‬
‫يسبب إىل سياق نزول ىذه اآلايت عن الشفاعة‪ .‬ولكن أمهل دمحم بن عبد‬
‫الوىاب ىذا السياق واستخدمو كاإلحنياز من عقيدة ختليص التوحيد لو‪.‬‬
‫‪ .3‬وادلغزى من اآلايت اليت تتعلق مبفهوم الشفاعة ىو أن هللا ىو األحد الذي شفع‬
‫مطلقا‪ .‬وىذا يعين أن ليس للمشركٌن معبود (األصنام) يساعدىم يف اآلخرة‪ .‬ولكن‬
‫كتب يف سورة البقرة آية ‪ 255‬أن هللا أذن للمخلوق الذي شرف هللا دراجتو عنده‬
‫ليشفع (مثل األنبياء والرسل وادلالئكة واألولياء)‪.‬‬
‫ووضح أن مفهوم الشفاعة عند دمحم بن عبد الوىاب ماإلىل عقيدة ختليص التوحيد‬
‫لو‪ .‬ولو كذلك‪ ،‬استخلص الباحث أن دمحم بن عبد الوىاب ال ينفي أن النيب دمحم‬
‫سيشفع أمتو يوم القيامة (ِبذن هللا)‪ .‬وتعلقا ابدلواضيع ادلعاصرة عمن تبع ادلذىب‬
‫الوىايب الذي يعارض ادلسلمٌن معارضة شديدة لطلب الشفاعة إىل النيب دمحم صلى‬

‫‪07‬‬
‫هللا عليو وسلم حىت حياول أن يشرد مقام النيب ملسو هيلع هللا ىلص‪ ،‬فهذ احلال ال يتعلق ابلبحث‬
‫أو مبفهوم الشفاعة حملمد بن عبد الوىاب نفسو‪.‬‬
‫ب‪.‬املقرتحات‬

‫إلجياد ادلعىن األفضل يف النصوص اللغوية إما النصوص الدينية (القرآن) أو إما‬
‫النصوص التارخيية ينبغي للمفسر أن ال يهمل مستوايت السياق‪ .‬ويف ىذا البحث حلل‬
‫الباحث عن السياق السردي والثقايف فحسب‪ .‬فًنجى للباحثٌن اللحقٌن الذين سيبحثون‬
‫عن ادلنهج والنظرية التأويلية (اليت يف ىذا ىي التأويلية لنصر ْحيد) أن حيللوا عن مستوايت‬
‫السياق األخرى مثل مستوى السياق الداخلي واخلارجي واللغوي ومستوى سياق القراءة‪.‬‬

‫‪07‬‬
‫ثبت املرجع‬
،‫ دار الكتب العلمية‬،‫ بريوت‬،‫ كتاب التوحيد حق هللا على العبيد‬،‫دمحم بن عبد الوهاب‬
2102
0991 ،‫ املركز الثقايف العريب‬:‫ بريوت‬،‫ النّص السطة احلقيقة‬،‫نصر حامد أبو زيد‬
0991 ،‫ سينا للناشر‬:‫ القاهرة‬،‫ نقد خطاب الديين‬،‫نصر حامد أبو زيد‬

Abidin bin Syamsudin, Zainal. Membedah Akar Fitnah Wahabi. Pustaka Imam
Bonjol, 2013.

Abu Zaid. Nashr Hamid. Hermeneutika Inklusif. Jakarta: ICIP, 2004


---------. 1995. Teks Otoritas Kebenaran. Yogyakarta, LkiS
---------. 1993. Tekstualitas Al-Qur’an Kritik terhadap Ulumul Qur’an.
Yogyakarta: LkiS

---------. 1994. Kritik Wacana Agama, Yogyakarta:Lkis

---------. Dekonstruksi Gender: Kritik Wacana Perempuan Dalam Islam.


Yogyakarta: Samha, 2003

Algar, Hamid. Wahhabisme Sebuah Tinjauan Kritis. Jakarta: Democracy Project,


2011.

Gunawan, Imam. Metode Penelitian Kualitatif: Teori dan Praktik. Jakarta: PT


Bumi Askara, 2013

Idahram, Syaikh. Mereka Memalsukan Kitab-Kitab Karya Ulama Klasik.


Yogyakarta: Lkis, 2011

Idahram, Syaikh. Sejarah Berdarah Sekte Salafi Wahabi. Yogyakarta: Lkis, 2011

Idahram, Syaikh. Ulama Sejagad Menggugat Salafi Wahabi. Yogyakarta: Pustaka


Pesantren, 2011

Kurdi, dkk., Hermeneutika al-Qur’an dan Hadis. Yogyakarta: eLSAQ Press, 2010

27
Latief. Hilman. Nasr Hamid Abu Zaid Kritik Teks Keagamaan, Jogjakarta: Elsaq,
2003

Moleong, L J. Metode penelitian kualitatif. Bandung: PT Remaja Rosdakarya,


2014

Mulyono. Edi. Belajar Hermeneutika. Jogjakarta: IRCiSoD, 2012

Nasution. Kaka Alvian. Konspirasi Yahudi. Jogjakarta: Saufa, 2014

Palmer , Richard E. Hermeneutika Teori Baru Mengenai Interpretasi, Yogyakarta:


Pustaka Pelajar, 2003

Sumaryono. E. Hermeneutika Sebuah Metode Filsafat. Yogyakarta: Penerbit


Kansius, 1993

Saenong. Ilham B. Hermeneutika Pembebasan Metodologi Tafsir Al-Qur’an


menurut Hassan Hanafi. Bandung: Teraju, 2002

Taimiyah. Ibnu. Wali Allah Ataukah Wali Syaithan. Riyadh. Darul Fadhilah,
1999

--------. 2007. Rahasia dan Fadhilah Ibadah. Jakarta, Namuda Dinamika Kreasindo

27

You might also like