Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 7

‫عندما قال هللا تعالى (إني جاعل في األرض خليفة) لم يقصد بهذا آدم عليه السالم وال نوح

او إبراهيم بل وال محمد صلى هللا عليه‬


‫وسلم اعني ان هللا لم يقصد الخليفة القائد كقائد المسلمين‪ ،‬وإنما قصد الخليفة المسلم المؤمن برب العالمين‪ .‬النائب عن هللا في ارضه‪،‬‬
‫وهذا المنصب او هذه المنزلة التي جعلها هللا لإلنسان منزلة ذو مرتبة عالية ومقام رفيع لم تنله حتى المالئكة‪ .‬ولعل هذا هو ماحمل‬
‫إبليس على عدم السجود آلدم والعصيان لربه‪.‬أي انه لم يسجد آلدم لشخصه أو ذاته وإنما للمهمة والغاية التي خلق ألجلها اوالً ثم‬
‫اصل الخلقة التي خلق منها ثانيا ً وهو الطين (بحث حول موضوع االفضل من بين الطين والنار)‬

‫وكأنه يعني بقوله انا خيراً منه أي انا احق بالخالفة منه لألفضلية في اصل الخلقة التي يزعمها بقوله انا خيرا منه خلقتني من نار‬
‫وخلقته من طين‪ .‬وهذا ال يعني ان إبليس جهل هذا العصيان وغوى بل بالعكس فهو عصى بعلم‪ ،‬فهو علم بالحكمة من خلق آدم كما‬
‫علمها المالئكة وكما اخبرهم هللا جميعا ً بقوله (إني جاعل في األرض خليفة) ولهذا لم يسجد آلدم الن هللا اراد له الخالفة وليس‬
‫لمجرد انه من طين‪ ،‬ولعل امر إبليس يقابل حال المالئكة حين قالوا (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك‬
‫ونقدس لك) أي اننا نطيعك والنعصي امرك وننزهك من كل عيب و نقص فنحن احق بهذا منه لتحقيق الغاية في األرض والصالح‬
‫فإن هذا الخلق قد يفسد فيها كما افسد الخلق األول الذي سبقه في األرض‪(.‬قال إني اعلم ماال تعلمون)‪ ،‬وهنا يالحظ ادب المالئكة مع‬
‫هللا تعالى و حيائهم منه فلم يقولوا نحن خيرا منه كما قال إبليس‪ ،‬بل قالوا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك‪ ،‬وهذا يعني انهم يقولون كما‬
‫نحن عبادك الصالحون في السماء فنحن يارب قد نكون عبادك الصالحون في األرض الذين يخلفونك فيها حق خالفتك وهذا األمر‬
‫ليس تمرد على هللا‪ ،‬ال ابداً فهو كعرض انفسهم على هللا سبحانه لإلختيار وترك األمر بعد ذلك هلل الذي يعلم مايخفون وما يعلنون‪.‬‬
‫ولهذا إستجابوا هلل واطاعوه عندما قال لهم إني اعلم ماال تعلمون‪ ،‬وهنا ادب آخر مع هللا من قبل المالئكة فلم يجادلوا بعد ذلك ابداً‪.‬‬
‫وألن االمر كذلك(سجد المالئكة كلهم اجمعون)‪.‬‬

‫اما إبليس فكان في حال آخر‪.‬‬


‫لقد رفض السجود آلدم وعصى بهذا امر ربه حامالً رفض االمر على فضل الخلقة‪ ،‬وهذا كما ذكرت سابقا ً ليس أصل الخلقة ماحمله‬
‫على العصيان وإنما عظمة الغاية التي خلق إلجلها آدم عليه السالم‪ ،‬وإنما كان اصل الخلقة بمثابة رفض تكريم وتعظيم‪ ،‬اي رفض‬
‫لألمر من منطلق تكريم خلق هللا اي إبليس‪ ،‬وتعظيم للغاية التي ارادها هللا‪ ،‬بأني خير منه بأصل الخلقة التي كرمتني بها لذا انا احق‬
‫بالخالفة منه‪ ،‬فالغاية العظيمة تناسب خلقك العظيم او األخير‪ .‬وألن هذا كان حاله وألنه لم يتأدب معى هللا بتعظيم خلقه الذي خلقه‬
‫بيده ونفخ فيه من روحه وألنه اراد الخالفة طمعا ً في العظمة ال الطاعة كما اراد المالئكة قال(ماكنت ألسجد لبشر خلقتني من نار‬
‫وخلقته من طين)وألنه بهذا رفض السجود فهذا يعني انه عصى امر هللا تعالى ولذا طرده هللا من رحمته واصبح من حينها رجي َم‪ .‬قال‬
‫تعالى (قال فخرج منهافإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين)‪ .‬وألن عدم السجود لم يبلغه غايته بل جعله رجيم وملعونا إلى يوم‬
‫الدين‪،‬اراد إال ان يوقع آدم وذريته فيما وقع فيه بسببه وحمل ذلك الحسد والغرور والعداءفي صميمه إلى يوم الدين‪ .‬ليحقق غايته‬
‫التي دعاء هللا ان يُنظره لتحقيقها مقابل مالم يبلغه برفض السجود فقال(ارأيتك هذا الذي كرمت على ألن أخرتني إلى يوم القيامة‬
‫ألحتنكن ذريته إال قليال) فااستجاب هللا دعاءه بأن جعله من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم‪ ،‬بل وتوعده ومن إتبعه من ذرية آدم‬
‫اجمعين بالعذاب األليم‪.‬‬

‫توعد من إتبعه معه بسبب رفض سجوده من منطلق ماسبق الحديث عنه بأنه اراد مااراد هللا آلدم وذريته من غاية فعصى لذلك‪ ،‬ثم‬
‫عادى هذا المخلوق و اراد إال ان يحقق غاية انا خيراً منه بإغوائه وتظليله عن الحق حتى يكون له تبعا ً ويتخذه وليا من دون هللا‪.‬‬
‫وهو هنا يكون حقق غايته تلك بأن كان على اإلنسان بمثابة سلطان مطاع‪ ،‬وحقق الغاية التي اراد ان يوقع فيها بني آدم فيما وقع هو‬
‫فيه برفض السجود ألبيهم وحقق بهذا وعده لربه حين قال (إن اخرتني إلى يوم القيامة ألحتنكن ذريته إالقليال) وقال (ألغوينهم‬
‫اجمعين‪ ).‬وقال (فبما اغويتني ألقعدن لهم صراطك المستقيم) وألن الخلود والحياة الدائمة من صفات المعبود سبحانه إال ان إبليس‬
‫طلب ذلك من ربه وقال(ربي فأنظرني إلى يوم يبعثون) ليس إلى يوم القيامة إنما إلى يوم البعث يوم الحساب بحيث يكون بهذا حيا ً‬
‫اليموت‪ ،‬ولكن ألن هذا صفة اإلله الواحد األحد قال له سبحانه( فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) الشاهد هنا ان طلب‬
‫إبليس الخلود من هللا تعالى كان بمثابة او يعتبر إدعاء اإللوهيه لنفسه مع هللا‪ ،‬هذه األلوهيه التي تتمثل في عبادة إبن آدم له على اساس‬
‫اإلستجابة لإلضالل والعصيان القائم على اإلغواء والوسواس من الجنة والناس‪ .‬ولذا قال هللا تعالى له(إذهب فمن تبعك منهم فإن‬
‫جهنم جزاؤكم جزاء موفورا) وقال (ألمألن جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين) وقال ايضا(ف اخرج منها مذءوما مدحورا لمن‬
‫تبعك منهم ألمألن جهنم منكم اجمعين) وهنا يصف هللا إبليس انه مدحورا أي مهزوم شر هزيمة الكن هذا اليعني انه لن يغوي احداً‬
‫ولن يضلهم اجمعين ال ابداً‪ ،‬إنما هو مذءوما مدحورا امام رب العالمين وعباده المخلصين لذا قال له منذ الوهلة األولى (ألغوينهم‬
‫اجمعين إال عبادك منهم المخلصين) ولهذا قال هللا تعالى في نهاية اآلية تلك(لمن تبعك منهم المألن جهنم منكم اجميعن)‪.‬‬

‫الشاهد من هذا أن العداء لم يكن آلدم عليه السالم شخصيا فلوا انه كان كذلك‪ ،‬لكان إغواءه آلدم كافيا ً ومغنيا عن ذريته‪ ،‬ولكان آدم‬
‫بهذا من الخاسرين من عدة جوانب ‪:‬‬
‫الجانب األول ان آدم كان قد عصى ربه فغوى ونال بهذا ماناله إبليس وإنتهت القصة تماما ً‬
‫او إنتهت قصة آدم وإبليس إلى هنا وسلمت ذريته من ذلك العداء كون األمر لشخص آدم فقط‪ .‬ولكن األمر ليس كذلك‬

‫لقد أراد ان يحتنكن ذريته إال قليال واراد ان يغويهم اجمعين‪ ،‬ألن العداء ليس ألصل الخلقة وإنما لعظمة الغاية وقدر اإلنسان‪ ،‬وهذا‬
‫يؤكد ماذكرته عن أمر إبليس من لعنه هللا‪.‬‬

‫ومن هنا اقول أن كل إنسان خليفة‪ ،‬وليس الخالفة آلدم وإنما كالً منا آدم وكل واحداً منا معني بقوله تعالى (إني جاعل في األرض‬
‫خليفة) وهذا هو سر المفرد في اآلية(خليفة)‪ ..‬هذا اول األمر وأجله‪.‬‬

‫ثانيا ً ان خالفة هللا في ارضه تتمثل في عبادته سبحانه قال تعالى (وماخلقت الجن واإلنس إال ليعبدون) وعبادته تتمثل في طاعته‬
‫وطاعته تتمثل في كل ماامرنا ونهانى به سبحانه‪.‬‬

‫وألنها كذلك كان إبليس وجنده لنا بالمرصاد‪.‬‬

‫ومنه فإنما الحياة إنسان ودين وان الدنيا بكل مافيها لتدين بهذه‬
‫الحقيقة المطلقة وهذا الحق المبين‪ ،‬فما خلق هللا األرض والسماوات ومابينهما من أحياء واموات من جما ٍد ونبات وحيوان‪ ،‬وإنس وال‬
‫جان لغاية الفناء بعد الهناء وال للهالك بعد عمر إنقضى بين ذكر وإنثى‪ ،‬فإن هذا لشيء إدّا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق‬
‫األرض وتخر الجبال هدا‪ ،‬فما خلقنا هللا عبثا وهو الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى‬

‫اعطى كل شيء خلقه نظام الخلق ومقومات الحياة فجعله في احسن تقويم وجعل لكل شيء خلقه قدرا فقدّره تقديرا‪ ،‬وجعل قدر كل‬
‫إنسان ال يقوم إال على اساس الدين ‪ ،‬وجعل الدين ال يقوم إال على هذا القدر ليتحقق به غاية الوجود ومعنى الخلق‪.‬‬

‫هذه حكمة هللا الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى‬

‫و هذا تفسير قوله تعالى آلدم وذريته عندما عصى ربه فغوى (إهبطا منها جميعا ً فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداى فال يضل وال‬
‫يشقى)‬

‫يخبر هللا آدم وحوى وذريتهما أن اهبطا إلى األرض وإتبعوا هدى واقيموا عليه حياتكم كلها لتحققا هذه الغاية وذلك المعنى‪ ،‬وإتباعكم‬
‫هذا ضمان لكم من الضالل والشقاء‪ ،‬فال يضل وال يشقى‪.‬اي ال يضل منكم احدا وال يشقى ‪ ،‬وسر المفرد الذي تحمله اآلية (فال يضل‬
‫واليشقى)‪،‬هو معنى المفرد في قوله خليفة في اآلية( إني جاعل في األرض خليفة) بحيث كل واحد من بني آدم خليفة‪.‬‬

‫( ومعنى الخالفة من كل إنسان إنما هو قائم على ذلك القدر الذي خلق به وان هذا القدر ال يكون قدرا إال بهدى هللا‪ ،‬معطي الخلق‬
‫ومقدّر القدر‪ ،‬هللا الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى ‪،‬والحكمة من ذلك ان يتم من خالله ومن خالله فقط تحقيق معنى الخلق وغاية‬
‫الوجود‪ ).‬وإال فالعكس تماما ً سيكون‪.‬‬

‫حتى ان الجمع في قوله إهبطا منها جميعا المقصود به آدم وحوى وذريتهما جميعا وهذا يؤكد مااقوله بان كال منا خليفة وان كال منا‬
‫معني بقوله (إني جاعل في األرض خليفة) وقوله(إهبطا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هدى فال يضل وال يشقى)‬

‫والضالل يعني الضياع او فقدان الطريق‪ ،‬كمن يقول أضل فالن طريقه او ضل فالن طريقه‪،‬وفقدان الطريق يعني جهل الوجه بحيث‬
‫ال يعرف اإلنسان طريقه وال منطقة الوصول لغايته‪ ،‬فيضلهما جميعا‪.‬وهذا الضالل غالبا ً يكون في الظالم عند فقدان النور فيضل‬
‫اإلنسان طريقه ويجهل غايته ويضل يتخبط كاألعمى‪ ،‬اعمى البصر والبصيرة‪.‬‬

‫هذا ألنه فقد مصباحه ونوره الذي يضيء له طريقه بل حياته كلها ويهديه سواء السبيل‪ ،‬ولهذا عبر هللا عنه بالهدى‪ ،‬اي يهدي صاحبه‬
‫فال يضل ابدا‪.‬‬

‫واإلعراض عن هذا الهدى والذكر سببا ً في فقدان اإلنسان لنفسه وجهله للمعنى من حياته والغاية من خلقه‪ ،‬فيضل يتسكع باحثا ً عنها‬
‫في الظلمات طول حياته‪ ،‬ولذلك يعيش حياة ضنكا‬
‫ً‬
‫معيشة ضنكا) وهنا مالحظة لقوله(معيشة) اي انها ليست حياة ألنه اليوجد‬ ‫ولهذا يقول هللا تعالى (ومن اعرض عن ذكري فإن له‬
‫هناك للحياة معنى بال هدى منه ونور سبحانه ‪ .‬الشاهد انه يقول في اآلية التي تليها (ونحشره يوم القيامة اعمى‪ ،‬قال ربي لما‬
‫حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك اتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)‬
‫حشره هللا اعمى وقد كان بصيرا ألنه فقد بصيرته في الحياة فمااغنى عنه بصره لمعرفة الصراط المستقيم‪.‬هذا ألن عمى العينين ال‬
‫يعمى البصيرة وإنما عمى البصيره يُعمي العينين البصيرة‪ .‬وهذا العمى ألنه نسى او اعرض عن آيات ربه وهداه ف ضل وشقى‪.‬‬

‫مااعنيه هنا هو ان الضالل في اآلية يعني العمى في الدنيا بذلك المعنى السابق وألنه كذلك ترتب عليه العمى في اآلخرة كونه جهل‬
‫وجهته والمنطقة المطلوب الوصول إليها‪ .‬وهذا العمى في اآلخرة هو الشقاء الحقيقي والمذكور في اآلية (فال يضل وال يشقى)‬
‫وهذا تفسير قوله تعالى (ومن كان في هذه اعمى فهو في اآلخرة اعمى واضل سبيال)‬

‫وفي المقابل فان هدى هللا تعالى المطلوب إتباعه هو ضياء اإلنسان في حياته ونوره في اآلخرة حين يلقاء ربه (يوم ترى المؤمنين‬
‫والمؤمنات يسعى نورهم بين ايديهم وبايمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم‪،‬يوم‬
‫يقول المنافقين والمنافقات إنظرونا نقتبس من نوركم قيل إرجعوا ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور باطنه فيه الرحمة‬
‫وضاهره من قبله العذاب‪ ،‬ينادونهم الم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم وتربصتم وارتبتم حتى غرتكم األماني وغركم باهلل‬
‫الغرور)‬

‫المعنى مما سبق انما الحياة إنسان ودين وان ال قيام للحياة إال بهما معاً‪ ،‬بل ماخلق اإلنسان وماخلقت السماوات واإلرض ومابينهما‬
‫إال لهذه الغاية العظيمة ومنه ترتب على هذا الهدى والضالل الفوز والخسران في الدنيا واآلخرة‪ .‬وألنها كذلك كان إعراض اإلنسان‬
‫عن هدى ربه يعني الضالل عن حكمة الخلق وغاية الوجود فهو بفعله هذا يكذب بالدين وكل ماجاء به األنبياء جميعا ً‬
‫والمرسلين‪،‬ويتهم هللا بأنه خلقه عبثا بل وخلق السماوات واألرض ومابينهما عبثا‪ ،‬وهذا إتهام هللا بالباطل‪ ،‬بهتانا ً عليه وزورا‪.‬‬

‫فاهلل تعالى يقول‬


‫(وماخلقنا السماوات واألرض ومابينهما العبين‪ ،‬ماخلقناهما إال بالحق والكن اكثرهم اليعلمون)‬

‫و يقول سبحانه وتعالى‬


‫(افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم إلينا الترجعون‪ ،‬فتعالى هللا الملك الحق الإله إال هو رب العرش الكريم)‬
‫هللا سبحانه تعالى نزه ذاته الجلية من هذا اإلدعاء ثم نسب االؤلوهية له وحده وقال ال إله إال هو رب العرش الكريم‪،‬هذا إلنه وحده‬
‫من خلق العرش الكريم‪ ،‬ووحده من خلق السماوات واألرض ومابينهما وخلقكم‪ ،‬افحسبتم أنما خلقناكم عبثا ام على هللا تفترون‪ ،‬ام‬
‫لكم إل ٍه غير هللا انتم به مؤمنون وله عابدون‪ ،‬فتعالى هللا الملك الحق وويل لكم مماتصفون (ومن يدع مع هللا إلها آخر البرهان له به‬
‫فإنما حسابه عند ربه إنه اليفلح الكافرون)‪.‬‬

‫( حتى إذا جاء احدهم الموت قال ربي أرجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت كال إنها كلمة هو قائلها ومن وراءهم برزخ إلى يوم‬
‫يبعثون‪ ،‬فإذا نفخ في الصور فال انساب بينهم يومئذ وال يتساءلون‪ ،‬فمن ثقلة موازينه فؤالئك هم المفلحون ومن خفة موازينه فؤالئك‬
‫الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون) ياهلل خالدون‬
‫تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون‬
‫يسألهم ربهم (الم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون‪ ،‬قالوا ربنا غلبة علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين) اي انهم ليسوا كافرين بل‬
‫ضالين عن الحق المبين وما حملهم على ذلك هو جهلهم بحقيقة الدين وفهمهم القاصر والبسيط والباطل للمعنى من خلقهم‪ ،‬فظنوا ان‬
‫امرهم قد احصي وان كالً منهم قد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة قبل ان يخلقوا فضلوا بإتباع ضالل المضلين ولم يعملوا‬
‫وقالوا يومها ربنا غلبتنا علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين‪ ،‬ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون‬
‫قال إخسوا فيها وال تكلمون‪ ،‬إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا ءامنا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الراحمين‪ ،‬فإتخذتموهم سخريا‬
‫حتى انسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا انهم هم الفائزون)‬

‫افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم إلينا الترجعون‪ ،‬فتعالى هللا الملك الحق الإله إال هو رب العرش الكريم‬
‫ومن يدع مع هللا إلها آخر البرهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه اليفلح الكافرون‪ ،‬وقل ربي إغفر وارحم وانت خير الراحمين )‪.‬‬
‫إدعاء العبث من الخلق ك إدعاء الولد هلل من قبل اهل الكتاب وكمن يقول إن هللا ثاني إثنين او ثالث ثالثة‪ .‬ولعل هذا سر نفي الشريك‬
‫معه سبحانه في العديد من اآليات التي تتحدث عن إنساب الولد له من قبل اهل الكتاب بحيث يوضح انهم اوالً اتخذو الشيطان شريكا‬
‫ثم إدعوا الولد له سبحانه من بعد ذلك‪ ،‬كل هذا ليخبرنا ان ال إله غيره وال شريك معه في ملكه‬
‫قال تعالى (قل الحمد هلل الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له َولي من الذل وكبره تكبيرا) وان السر من الشرك‬
‫باهلل من قبل بني إسرائل ثم إدعاء الولد له سبحانه لم يكن سوى من قبل حب الدنيا وزينتها التي زينها لهم الشيطان وافشلهم بهذا في‬
‫اإلمتحان الذي خلقوا له والذي اقتضته حكمت هللا سبحانه‬
‫ولذا يتحدث هللا عن هذا األمر تماما بقوله تعالى‪:‬‬
‫وينذر الذين قالوا إتخذ هللا ولدا‪ ،‬مالهم به من علم وال آبائهم كبرت كلمة تخرج من افواههم إن يقولون إال كذبا‪ ،‬فلعلك باخع نفسك‬
‫على آثارهم إن لم يؤمنون بهذا الحديث اسفا‪،‬‬
‫(إنا جعلنا ماعلى األرض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عمال)‬
‫بل إن ما وصف هللا به إبليس عند طرده من رحمته و إحقاق العذاب له بقوله (إخرج منها مذموما مدحورا لمن تبعك منهم ألمألن‬
‫جهنم منكم اجمعين) وصف به كذلك الذين ارادوا الحياة الدنيا من اآلخرة في قوله تعالى (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء‬
‫لم نريد ثم جعلنا له جهنم يصالها مذموما مدحورا) والتشابه الدقيق هنا إنما يؤكد انه لشرك حق باهلل سبحانه بحيث ال يدع مجاالَ لشك‬
‫وهذا معنى قوله تعالى (لمن تبعك منهم المألن جهنم منكم اجمعين) وإنما كان إدعاء الولد ك إتخاذ أصنام تعبد من دونه‪ ،‬وألنه يئس‬
‫من ان تعبد اصنام الحجارة في جزيرة العرب كما قال الرسول صلى هللا عليه وسلم كان الشرك به بهذه الصورة كافيا ً ونائبا عن‬
‫إدعاء ولداً او صنما وكان هذا هو الشرك الذي حذرنا منه بعد ذلك بقوله تعالى (التجعل معى هللا إله آخر فتقعد مذموما مخذوال)‬
‫وهو ذاته الذي نفاه هللا في كثير من اآليات التي يذكر فيها إدعاء الولد له سبحانه من قبل اهل الكتاب‪ ،‬وكما قلت انما إدعاء الولد و‬
‫عبادة األصنام اتت بعد عبادة الشيطان باإلستجابة له وإتباع إغواءه وإنما كان ماعملوه سوى ترجمان لما حملوه من إتباع وإستجابة‬
‫حتى إتخذوه وليا ووقع منهم ذلك اإلدعاء‪ .‬وألن الشرك ب هللا جزاءه الخلود من النار وان غيره قد اليخلد صاحبه فيها ألن هللا ال‬
‫يغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء قال هللا تعالى (حتى إذا جاء احدهم الموت قال ربي ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما‬
‫تركت كال إنها كلمة هو قائلها ومن وراءهم برزخ إلى يوم يبعثون‪ ،‬فإذا نفخ في الصور فال انساب بينهم يومئذ وال يتساءلون‪ ،‬فمن‬
‫ثقلة موازينه فؤالئك هم المفلحون ومن خفة موازينه فؤالئك الذين خسروا انفسهم في جهنم خالدون) ياهلل خالدون‬
‫تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون‬
‫يسألهم ربهم (الم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون‪ ،‬قالوا ربنا غلبة علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين) ها هو الضالل يتجلى هنا‬
‫ايضا ً لينذر من كان حيا ً بانهم في اآلخرة لخاسرين‪.‬‬
‫والسبب فيما حملهم على الشرك والبقاء فيه و إصراراهم عليه هو انهم لم يستجيبوا لدعوة المؤمنين لهم في الدنيا وكانوا منهم‬
‫يضحكون ومن دعوتهم يسخرون ولذا قال هللا لهم حين قالوا ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ضالمون‬
‫(قال إخسوا فيها وال تكلمون‪ ،‬إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا ءامنا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الراحمين‪ ،‬فإتخذتموهم‬
‫سخريا حتى انسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا انهم هم الفائزون) وانما حملهم لهذه السخرية وهذا‬
‫الضحك والهراء الذي ترتب عليه ذلك الخسران والخلود هو انهم حسبوا انما خلقناهم عبثا وانهم الينا ال يرجعون فتعالى هللا مما قالوا‬
‫علوا كبيرا‪.‬‬

‫ولذا يقول هللا تعالى في فاتحة الكتاب (اهدنا الصراط المستقيم‪ ،‬صراط الذين انعمت عليهم‪ ،‬غير المغضوب عليهم‪ ،‬وال الضالين)آمين‬
‫يارب وال الضالين‪،‬هذا العطف في اآلية دليل على ان الضالين اي المنحرفين عن صراط هللا لهم صراط آخر غير المستقيم ذلك هو‬
‫صراط الذين غضب هللا عليهم من اهل الكتاب صراط إبليس الرجيم‪،‬‬
‫الذي ضل اهل الكتاب عن الحق اضلنا كذلك لذات الغاية المتمثله في قوله تعالى‬
‫(كالذين من قبلكم كانوا اشد منكم قوة واكثر امواال واوالدا‪ ،‬فستمتعوا بخالقهم فستمتعتم بخالقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخالقهم‬
‫وخضتم كالذى خاضوا اؤلئك حبطت اعمالهم في الدنيا واآلخرة واؤالئك هم الخاسرون)‬
‫وبالتالي نكون سلكنا صراطا ً واحدا نحن وهم جميعا صراط إبليس العين‪(،‬صراط الجحيم) وهذا هو سر العطف في اآلية‪(.‬غير‬
‫المغضوب عليهم وال الضالين)‬
‫ويوم القيامة يقول هللا لمالئكته‬
‫إحشروا الذين ضلموا وازواجهم وماكانو يعبدون‪ ،‬من دون هللا فهدوهم إلى صراط الجحيم‪ ،‬وقفوهم إنهم مسئولون‪ ،‬مالكم‬
‫التناصرون‪ ،‬بل هم اليوم مستسلمون‪ ،‬واقبل بعضهم على بعض يتسائلون‪ ،‬قالو إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين(اي انكم اضللتونا من‬
‫منطلق الدين)‪ ،‬قالوا بل لم تكونوا مؤمنين (يارب ياهلل‪ ،‬هذا الحوار بين مؤمنين ضالين وغيرهم من شياطين اإلنس والجن المغوين ال‬
‫بين الكافرين بعضهم بعض من اإلنس والجن) وماكان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوم طاغين‪ ،‬فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون(اي‬
‫حق علينا وعد ربنا بالعذاب حين قال (المألن جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين) ‪ ،‬فأغويناكم إنا كنا غاوين‪ ،‬فإنهم يومئذ في‬
‫العذاب مشتركون‪ ،‬إنا كذلك نفعل بالمجرمين‪،‬‬

‫والسبب من هذا كله انهم لم يستجيبوا لإليمان باهلل وحده وكانوا يستكبرون من الداعين لهم بترك ماكانوا يعبدون من دون هللا قال‬
‫تعالى‬
‫(إنهم كانوا إذا قيل لهم الإله إال هللا يستكبرون) والمعنين بهذا الحديث من حق عليهم قول ربنا إنهم لذائقون‪.‬إبليس ومن تبعه من‬
‫الغاوين اجمعين‪.‬‬

‫كل ماسبق مما ذكرت االدله الكثيرة عنه‪ ،‬تاكيدا لما ندعوا إليه المؤمنين وما نحب لهم اإليمان به و إتباعه لعلنا وهم به ننجوا من‬
‫العذاب اإلليم‪.‬‬

‫وعندما اوجب هللا قراءة الفاتحة لنا في كل ركعة من كل صالة فرض كانت او نافلة‪ ،‬إنما لنحقق بها معنى العبادة وصدق العمل‬
‫بمقتضاها ‪ ،‬المتمثله في قوله‪ ،‬إ(ياك نعبد وإياك نستعين) اي نستعين على امور الدنيا والدين بعبادتك وحدك في كالهما ولمقام‬
‫الفاتحة بهذا المعنى كان منزلتها تقوم مقام القرآن الكريم كله بمعنى انها اساس األمر وقاعدته إذا آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم‬
‫مالك يوم الدين وعبدناه واستعنا به فهذا يعني آمن بالقرآن العظيم وعبدناه بكل ماجاء فيه من اوامر ونواهي واتبعنا كل مايدعوا إليه‬
‫صغيراً األمر كان او كبيرا‪ ،‬ومن ثم تحقيق بهذا معنى الخالفة الحقيقي في األرض المتمثل في قوله (وماخلقت الجن واإلنس إال‬
‫ليعبدون) والنها كذلك نرجوه بها و ندعوه ان يهدينا الصراط المستقيم صراط الجنة الذي انعم به على األنبياء والصالحين‪ ،‬ال‬
‫صراط المغضوب عليهم من الكافرين وال الضالين عن صراطهم من المسلمين‪.‬‬

‫وكان دعاءه بأن ال يهدينا صراط من غضب عليهم وال الضالين مفسراً لمصداق قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى‬
‫حتى تتبع ملتهم قل ان هدى هللا هو الهدى ولئن إتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من هللا من ولي وال نصير) ‪.‬والمالحظ‬
‫هنا من قوله تعالى (إن هدى هللا هو الهدى) يؤكد على ان الهدى الذي الترضى اليهود والنصارى إال بتركه هو ذاته الهدى الذي‬
‫قصدنا بإلتزامه تجنبا إلضالل و إغواء إبليس بقوله (فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هدى فال يضل وال يشقى)‬

‫و كل هذا يندرج تحت غاية الشيطان تلك الذي عبر عنها بقوله(ألغوينهم اجمعين) ولقد إتبعه المكذبين باالنبياء والمرسلين والمكذبين‬
‫بالرسول صلى هللا عليه وسلم من اهل الكتاب واتخذوه وليا وصاروا عباده الصالحون وجنده المؤمنون العاملون حتى اوقعنا في‬
‫مااراد‬

‫والحكمة من إنساب هللا األلوهية له سبحانه وتنزيه ذاته من ذلك اإلدعاء بعد ان قال (فتعالى هللا الملك الحق)اراد ان يُعْ لِمْنا ان العبثية‬
‫ليست غاية خلقه وإنما هي غاية الشيطان وحده ولعل هذا سر قوله تعالى في اآلية التي تلي تلك‬
‫( ومن يدع مع هللا إله اخر ال برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه اليفلح الكافرون)‬

‫وهذا اإلدعاء يكمن ويتمثل في إتباع الشيطان وجنوده الذين يقولون إنما هي حياتنا الدنيا نموت ونحيا ومايهلكنا إلى الدهر‬
‫وهو السر وراء قوله ياخذون عرض هذا االدناء ويقولون سيغفر لنا وقوله عن اهل التوراة انهم حملوا التوراة ثم لم يحملوها اي‬
‫علموا ولم يعملوا بما علموا‬

‫(ونداءه لقلوب للمؤمنين بان اليكونوا كؤالئك المكذبين بقوله ( الم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر هللا ومانزل من الحق‬
‫واليكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم األمد فقست قلوبهم وكثي ٌر منهم فاسقون) )‬

‫وقوله(مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسوارى بئس مثال القوم الذي كذبوا بئايات هللا وهللا اليهدي القوم‬
‫الظالمين)‬

‫هذا كله من اخذ األدنا وعدم العمل ب العلم وطول األمد وووإلخ‪ ،‬كان دليالً على إتباعهم لشيطان الذي تمثل في عبادتهم له ألجل‬
‫الدنيا قبل دعوة الرسول لهم وبعد مدة زمنية من وفاة نبيهم او رسولهم حتى حملتهم هذه العبادة على تكذيب الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم ومعاداته وعداوته والحقد عليه وعلى دعوته والغاية التي دعى العالمين إليها‪.‬وألنهم يعلمون انه نبي ال كذب وانه الرسول‬
‫الخاتم الذي يعرفونه كما يعرفون ابناءهم كونه مذكورا عندهم في التوراة واألنجيل لم ّ‬
‫يكذبوه بما وعدهم به من عذاب هللا وعقابه‪.‬‬
‫وألن الذي حملهم على التكذيب ليس انه نبي وإنما ألنه نبي عربي وألنهم كانوا ينتظرون بعثته منهم هم ال من العرب ألنهم يرون‬
‫العرب ادنى منهم منزلة و قدرا وانهم خيراً منهم‪ ،‬والنهم قصدو ببعثته منهم العظمة والقوة والسيادة والغلبة على العرب‪ ،‬تماما ً ك‬
‫قول إبليس عن آدم انا خيرا منه وكما هو الغرض من وراء هذا القول تماما َ من تعالى و تجبر ال عبادة و خالفة ‪ .‬وألنهم وقعوا بهذا‬
‫في الكفر باهلل وعصيانه بعدم تنفيد اوامره ب إتباع الرسول مع علمهم به وألن هذا ترتب عليه العقاب األليم في اآلخرة الذي علموه‬
‫وصدقوه على لسان الرسول الصادق كما ذكرت اعاله وكما هو مذكور في القرآن المبين والن هذا ماوقع فيه ابوهم إبليس تماما ً ال‬
‫فرق‪ .‬فإن كل هذا يؤكد ان إبليس من اغواهم اوالً لتحقيق غايته حتى اوقعهم فيما وقع فيه من الشرك والكفر باهلل وحتى عبدوه حق‬
‫عبادته وقدروه حق قدره‪ ،‬وكل هذا التشابه إنما هو دليل على ذلك‪ ،‬ثم حملهم ثانيا بعد ذلك لتحقيق غايته كما يحب في ارضهم ومن‬
‫ثم في ارض غيرهم من المسلمين ليكمل مهمته ويحقق ألوهيته التي ارادها من قوله (ربي انظرني إلى يوم يبعثون) فسخر لهذا‬
‫جهوده وجهود جنوده الكافرين‪ ،‬ليوقعنا فيما وقعوا فيه جميعاً‪ ،‬ومنه تكون له ولجنوده الغلبة والمنعة والقوة في األرض ولعل هذا‬
‫مايعدهم ويمنيهم به ويكون لنا نحن التبعية والضعف والذل لعصياننا هلل الذي به فقدنا عزتنا وسيادتنا و خالفتنا ألرضه والتي وعدنا‬
‫إيها في الدنيا ويوم القيامة يكفرون بشرككم والينبئك مثل خبير‪ ،‬وتسود وجهونا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ويقال لنا اكفرتم بعد‬
‫إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون‪.‬‬
‫(يوم تسود وجوه وتبيض وجوه فاما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)‬

‫ورغم انا كذلك الزلنا نظن في حياتنا هذه اننا محسنون وعباد صالحون‪ ،‬ولكن لعلنا المعنيين بقوله (قل هل ننبئكم باألخسرين‬
‫اعماال‪ ،‬الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا)‬

‫وهذا االمر كله إنما هو تفسير معنى اآلية الكريمة (وال ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم إلخ) ولعل تنبيه هللا لنا بقوله‬
‫(وإن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من هللا من لي وال نصير) ك تنبيه لنا بقوله (إن الشيطان لكم عدوا فتخذوه عدوا)‬
‫‪ ،‬وقوله (التتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوا مبين) وهذا يؤكد ماندعوا إليه بما اليدع مجاالً لشكٍ او ريب لدى اصحاب العقول‬
‫السليمة اولي األلباب‪.‬‬

‫ولهذا يقول هللا تعالى مستنكرا او مستفهما ً مافعلناه ومبينا لضاللنا عن الحق وسببه والنتيجة المؤدي إليها بقوله‬

‫(كيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات هللا وفيكم رسوله‪ ،‬ومن يعتصم باهلل ورسوله فقد هدي إلى صراط مستقيم) واإلعتصام باهلل‬
‫ورسوله يتثمل في التمسك بالقرآن والسنة‪ ،‬بهدى هللا ونوره الذي انزله على خاتم رسله وأنبياءه صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫وهذا مايؤكد قول هللا تعالى آلدم اول الخلق واول إنسان نزل إلى األرض (إهبطوا منها جميعا ً فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هدى‬
‫فال يضل وال يشقى) اي اليضل في الدنيا وال يشقى في اآلخرة‪ .‬وان مانحن عليه هو نتيجة اننا لم نعتصم باهلل ورسوله ولم نتبع‬
‫الهدى وصرنا غثاء ال خلفاء‪ ،‬وضللنا الصراط المستقيم وقلنا ماقال األولين واآلخرين من الكافرين المشركين المكذبين إنما الحياة‬
‫إنسان وطين وان الرب شيطان رجيم‪.‬‬

‫قال تعالى‬
‫(وإذا قلنا للمآلئكة إسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس كان من الجن ففسق عن امر ربه افتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوا‬
‫بئس الضالمين بدال‪ ،‬ماأشهدتهم خلق السماوات واألرض وال خلق انفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا‪ ،‬ويوم يقول نادوا شركاء‬
‫الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا)‬

‫(وقال الشيطان لما قضي األمر إن هللا وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وماكان لي عليكم من سلطان إال ان دعوتكم فاستجبتم لي‬
‫اشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب اليم)‬
‫ِ‬ ‫فال تلوموني ولوموا انفسكم ماانا بمصرخكم وماانتم بمصرخي إني كفرت بما‬

‫ختاما ال اقول لكم إال ماقاله هللا تعالى في كتابه الكريم‬

‫يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر هللا ومانزل من الحق وال يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم األمد فقست‬
‫( الم ِ‬
‫قلوبهم وكثي ٌر منهم فاسقون)‬
‫بقلم‪/‬شعيب العدلي‬

You might also like