Professional Documents
Culture Documents
مجلة الوكالة القضائية للمملكة العدد الثالث
مجلة الوكالة القضائية للمملكة العدد الثالث
لقد عملت الوكالة القضائية للمملكة ،في إطار تنزيلها ملخططهاا استااتاتي،ي ،ع اص إرادار
مجلة علمية تعنى بنشر املعلومة القانونياة والقضاائية اا اللالة بمجااش اااهاالها سم ت اة
قانونية أنيطت بها مهمة الدفاع عن الدولة وإداراتها العمومية ،وحماية املاش العام.
ومواسبا ا ااة للاقا ا ااات الا ا اادائر با ا ااقا املههما ا ااقا واملمارتا ا ااقا فا ا ااي امل ا ا اااش القا ا ااانو وال ا ا اااعلقا
ا ا العاادد للقضااايا العقارمااة ماان اسقهلاااديقا ،ارتااك الوكالااة القضااائية للمملكااة ت لااي
أجااإ إااران الاقااات وتبااادش ا ران حااوش ا خ القضااايا بم هلااخ أنواعهااا وررااد م هلااخ ا ن مااة
العقارمة ال اري بها العمإ في بالدنا.
ومما س اك فيه ،أا العقار يقوم بدور حيوي فاي تققياا الهامياة امل اهدامة ،حيام تعهماد
عليااه ال ياتااا العموميااة للدولااة فااي م هل اخ امل اااس اسقهلااادية واسجهماعيااة ،والااك ماان
خالش توفقت الوعان العقااري الاال م جنجاا املشاارألس ا تاتاية ،واستاهجابة ل اجياا املاواطاقا
املهاوعااة ومهطلبااا ت اايقت املرافااا العموميااة ،فضااال عاان دورخ ا تاماافي فااي دع ا است ا مار فااي
م هلخ امل اس ،والك وفا ما أعلن عاه راحب ال اللة امللك مقمد ال ادس نلرخ هللا ،في
الرتالة ال امية التي وجهها إلص املشارسقا في املااظرة الوطاية املاعقدة بالصخقتا يوم 8و9
1
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
دجاباات 2015حااوشا سال ياتااة العقارمااة للدولااة ودور ااا فااي الهاميااة اسقهلااادية واسجهماعيااةس
حيم أسد فيها ع ص أ مية العقار باعهبارخ ا
س عامإ إنهاج اتاتاتي،ي ،ورافعاة أتاتاية للهامياة امل اهدامة بم هلاخ أاعاد اا ،ومان اا ،
فالعقار و الوعان الرئيسفي لهق قز استا مار املااها املادر للادخإ واملاوفر ل ارل الشااإ،
وسنطا ااالا املشا ااارألس است ا ا مارمة فا ااي م هلا ااخ امل ا اااس اللا ااااعية وال الحيا ااة وال ا ااياحية
والخدماتية وغقت اس.
انههى الاطا امللك ال ام .
وت عاايال للرتااالة امللكيااة ال ااامية ،دعااا املشاااركوا فااي الهوراايا التااي أراادرو ا فااي خهااام
أاااش خ املااظرة الوطاية ،إلص تعزمز ا من العقاري ،وتي قت ولوج املواطاقا لل كن الالئاا،
م ساادين ع ااص أا ا ماان العقاااري يااروم تقلااقا امللكيااة العقارمااة والرفااس ماان قيم هااا اسقهلااادية
واسئهمانية ،وع ص ضرورة إرتان آليا جديدة تمكن من تعبئة ا راضفي الال مة جحداث مشارألس
ال هيئة ال ضرمة ،ومااطا ا مية استاتاتيجية ،وإرتان آليا تكومن رريد عقاري احهيااط ،
يمكاان ماان مواجهااة مهطلبااا الهوتااس العمرا ا ،عااالوة ع ااص إرتااان آليااا ترم ا إلااص الااهقك فااي
ال وا العقارمة.
وتولي و ارة اسقهلااد واملالياة وإراالإل اجدارة أ مياة خاراة للقضاايا العقارماة ،مان خاالش
تعيها إلص ت مقا الرريد العقاري العموم وتعبئهه في تبيإ تققيا امللل ة العامة عبات إنجاا
املشااارألس استا مارمة املاادرة للاادخإ .والااك فااي إطااار تا يا ال ياتااة العقارمااة للدولااة التااي تااروم
امل اف ة ع ص ا مالك العقارمة وتقلينها في تبيإ ت مينها وتي قت تداولها وانهقالها ،سما تهاد
ا خ ال ياتااة إلااص ضاابة وتلا ية ا خ ا مااالك بمااا يك ااإ اتااهقرار املعااامال العقارمااة وحمايااة
حقوا املالك.
2
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
و ماان أجااإ تققيااا ا خ الاايااا وا اادا نلاات املااادة 8مكاارر ماان قااانوا املاليااة رق ا
70.19لل اة املالية 12020ع ص ما ي ي ا
س س يمك اان ل م اار بالل اار أو م اان يق ااوم مقام ااه ،ف ااي إط ااار اسعهم ااادا امل هوح ااة باملقزاني ااة
العامااة وزمقزانيااا ال ماعااا الاتابيااة ومجموعاتهااا ،أا يلااازم بااكي ن قااة أو إراادار ا ماار
ب ا ي ا ا جنجااا مشااارألس ات ا مارمة ع ااص العقااارا أو ال قااوا العينيااة باسعهاادان املااادي
ودوا ات ا ي ان امل ااطرة القانوني ااة لن اازع امللكي ااة ج ااإ املا ع ااة العام ااة وز اااسحهالش امل ق اات
الل ااادر ب ا يا ا خ ال هق اات الش اارمخ رقا ا 1.81.254به ااارم 11م اان رج ااب 06(1402م ااايو
.)1982س
وأملاا سبقت في أا يمكان تطبياا ا ا املقه افى القاانو مان تعزماز ال قاة وتققياا اسئهمااا
العقاري ،بما يضمن تش يس است مار ،في م هلخ امل اس اسقهلادية واسجهماعية.
العدد ال الم من مجلة الوكالة القضاائية وعليه ،س ي عاا إس أا نرحب ب كرة ت لي
س مقالااة ،فااي إا اران الاقااات حااوش ا خ القضااايا فااي للمملك اة للقضااايا العقارمااة ،والتااي ت ااا
بالدنا ،راجقا من هللا تبقانه وتعالص الهوفيا وال داد.
والسالم
ظهير شريف رقم 1.19.125صادر في 16من ربيع اآلخر 13( 1441دسمبر )2019بتنفيذ قانون المالية رقم 70.19للسنة المالية 1
( .2020الجريدة الرسمية عدد 6838مكرر وتاريخ 14دسمبر 2014ن الصفحة).11086 :
3
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
4
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
5
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اللجنة العلمية
الستاذ محمد أشركي ،رئيس امل لس الدتهوري تابقا؛ الستاذ عبد اإلله فونتير ،املدير العام لل شرألس والدراتا القانونية با مانة العامة لل كومة
تابقا ؛ النقيب الستاذ عمر ودرا ،رئيس جمعية يئا امل امقا باملارب؛ الستاذ محمد الصقلي الحسيني ،الرئيس ا وش مل كمة استهئاا اسدارمة
بالرزاط؛ الستاذ محمد أمين بن عبد هللا ،أتهاا جامعي وعضو امل لس ا ع ص لل لطة القضائية.
هيئة التحرير
ذ .عبد الرحيم أزغودي ذة .ليلي قدوري
ذ .يونس الزرق الحسوني ذ .بوسلهام شمعة
ذ .محمد الشلي
عنوان املراسلة
شارع الحاج أحمد الشرقاوي ،الحي االداري ،أكدال ،الرباط ،اململكة املغربية
الهاتف(212) 5 37 68 93 09 :
الفاكس(212) 5 37 68 96 43 :
البريد اإللكتروني
RevueAJR@ajr.finances.gov.ma
االيداع القانوني
رقم اإليداع القانوني2018PE0039 :
ردمد2605-7107 :
6
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
7
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
جملة
الوكالة القضائية للمملكة
8
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
9
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
من إعدإد إ ألس تاذ محمد قرصي ،إلوكيل إلقضايئ للمملكة ____________________________________ 15
_____________________________________ 33
من إعدإد إ ألس تاذ محيد إلربيعي ،إحملافظ إلعام عىل إ ألمالك إلعقارية _______________________________ 33
_________ 45
من إعدإد إ ألس تاذ هشام بلخري ،إملفتش إلعام للواكةل إلوطنية للمحافظة إلعقارية وإملسح إلعقاري وإخلرإئطية _______________ 45
___________________________________ 74
من إعدإد إ ألس تاذ حسن فتوخ ،مستشار مبحمكة إلنقض ،رئيس قسم إلتوثيق وإدلرإسات وإلبحث إلعلمي _______________ 74
______________ 101
من إعدإد إ ألس تاذ محمد إلقدوري ،حمام هبيئة إلرابط ____________________________________ 101
__________________________________________ 149
من إعدإد إ ألس تاذ عبد إلرحمي إزغودي ،رئيس مصلحة إلقضااي إملدنية للشامل ابلواكةل إلقضائية للمملكة ________________ 149
______________________________ 169
من إعدإد إ ألس تاذ أأانس منري،أأس تاذ زإئر بلكية إحلقوق ابلرابط _______________________________ 169
_______________ 186
من إعدإد الاس تاذ عبد إجمليد بمنونة ،رئيس مصلحة إلقضااي إملدنية للجنوب ابلواكةل إلقضائية للمملكة ________________ 186
________________________________________ 228
من إعدإد إ ألس تاذ محمد كرإدة ،انظر أأوقاف إلصويرة ____________________________________ 228
_______________________________ 242
من إعدإد الاس تاذ بوسلهام إلشمعة ،رئيس مصلحة منازعات إملسؤولية إلدإرية ابلوسط وإجلنوب ابلواكةل إلقضائية للمملكة _______ 242
_______________________________________ 267
من إعدإد إ ألس تاذ إلعقاوي سعيد ،رئيس مصلحة منازعات إملسؤولية إلدإرية ابلشامل ابلواكةل إلقضائية للمملكة ____________ 267
__________________ 305
من إعدإد إ ألس تاذ فؤإد إلكراكدي ،إطار ابلواكةل إلقضائية للمملكة _______________________________ 305
____________________________________ 324
من إعدإد إ ألس تاذ رش يد زاين ،إطار ابلواكةل إلقضائية للمملكة ________________________________ 324
__________________________________ 354
من إعدإد إ ألس تاذ عبد هللا إوهبا ،إطار ابلواكةل إلقضائية للمملكة _______________________________ 354
____________________________________ 375
من إعدإد إ ألس تاذ محمد انيج شعيب ،مستشار مبحمكة إلنقض ________________________________ 375
___________________________________________________ 380
من إعدإد إ ألس تاذ طه حسني بنخرإبة ،إطار ابلواكةل إلقضائية للمملكة _____________________________ 380
10
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
____________________________________________ 390
من إعدإد إ ألس تاذ محمد انيج شعيب ،مستشار مبحمكة إلنقض ________________________________ 390
___________________________________________ 397
من إعدإد إ ألس تاذ محمد انيج شعيب ،مستشار مبحمكة إلنقض ________________________________ 397
405 .1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 4/63وإملؤرخ يف 17يناير 2013إلصادر يف إمللف الادإري عدد _____ 2012/1/4/2506
408 .2إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 1/1271وإملؤرخ يف 26دجنرب 2013إلصادر يف إمللف الادإري عدد ___ 2013/1/3/3393
411 .3إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 1/1971وإملؤرخ يف 17ش تنرب 2015إلصادر يف إمللف الادإري عدد ___ 2015/1/4/3181
415 .4إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 1/1914وإملؤرخ يف 10ش تنرب 2015إلصادر يف إمللف الادإري عدد ___ 2015/1/4/3240
418 .5إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 1972وإملؤرخ يف 17ش تنرب 2015إلصادر يف إمللف الادإري عدد ____ 2015/1/4/3241
422 .1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 4/730وإملؤرخ يف 25نونرب 2018إلصادر يف إمللف إملدين عدد ______ 2018/4/1/321
426 .2إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 4/423وإملؤرخ يف 03يوليو 2018إلصادر يف إمللف إملدين عدد _____ 2016/1/1/6910
430 .3إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 4/20وإملؤرخ يف 10يناير 2017إلصادر يف إمللف إملدين عدد ______ 2015/1/1/1198
435 .4إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 1/712وإملؤرخ يف 24أأكتوبر 2017إلصادر يف إمللف إملدين عدد ____ 2015/1/1/4319
440 .5إلقرإر إلصادر عن حممكة الاس تئناف ابلقنيطرة عدد 52وإملؤرخ يف 24فربإير 2015إلصادر يف إمللف إملدين عدد 2012/1403/314
.1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 479إملؤرخ يف 15نونرب 2016وإلصادر يف إمللف عدد 446 _________ 2015/1/1/4457
.1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 80وإملؤرخ يف 05فربإير 2019إلصادر يف إمللف إلرشعي عدد 449 ______ 2017/1/2/361
.2إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 120وإملؤرخ يف 19فربإير 2019إلصادر يف إمللف إلرشعي عدد 452 ______ 2018/1/2/747
.1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 229وإملؤرخ يف 10أأبريل 2018إلصادر يف إمللف إلرشعي عدد 456 ______ 2016/1/2/859
.1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 394وإملؤرخ يف 24أأبريل 2014إلصادر يف إمللف الادإري عدد 460 _____ 2012/2/4/1669
.1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 3/899وإملؤرخ يف 04أأكتوبر 2018إلصادر يف إمللف الادإري عدد 464 ___ 2017/3/4/2287
.1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 78وإملؤرخ يف 03فربإير 2015إلصادر يف إمللف إملدين عدد 468 ______ 2014/8/1/5341
.2إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 8/396وإملؤرخ يف 11يوليو 2017إلصادر يف إمللف إملدين عدد 472 _____ 2016/8/1/1558
.3إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 17وإملؤرخ يف 06يناير 2015إلصادر يف إمللف إملدين عدد 477 _______ 2014/8/1/2223
.4إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 3/702وإملؤرخ يف 29نونرب 2016إلصادر يف إمللف إملدين عدد 481 ______ 2016/3/1/836
.5إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 34وإملؤرخ يف 20يناير 2015إلصادر يف إمللف إملدين عدد 485 _______ 2014/1/1/3761
.6إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض رمق 170بغرفتهيا إملدنية (إلقسم إ ألول) وإلتجارية (إلقسم إلثاين) وإملؤرخ يف 20مارس 2013وإلصادر يف
إمللف عدد 488 _____________________________________________2012/1/1/2820
.7إلقرإر إلصادر عن حممكة الاس تئناف مبرإكش رمق 4980وإملؤرخ يف 25أأكتوبر 2018وإلصادر يف إمللف عدد 493 _ 2017/1402/5789
11
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
.1إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد 1/655وإملؤرخ يف 21يونيو 2018إلصادر يف إمللف الادإري عدد 498 ____ 2017/1/4/3978
12
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
13
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
14
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إن االلمام بكافة جوانب هذا الموضوع تستدعي بداية التطرق إلى مفهوم األمن
القانوني ،والذي يتجلى في ضرورة أن يضمن النظام القانوني للمواطن فهما وثقة في
القانون ،وبالتالي فإن المواطن يكون أمام أمن قانوني عندما تتوفر لديه القدرة الكافية على
تحديد ما هو مباح وما هو ممنوع بالقانون المطبق .ولتحقيق هذه الغاية يجب أن تكون
القواعد القانونية واضحة ومفهومة ال يشوبها فراغ تشريعي أو غموض أو إبهام أو إجمال،
وأال تخضع في الزمان لتغيرات متكررة تحقيقا لألمن القضائي والثقة المشروعة للمتقاضي.
وتتجلى جل اإلكراهات التي تحول دون تحقيق األمن القانوني في تضخم التشريع وضعف
جودة القاعدة القانونية وتعقيدها وغموضها وعدم دقة صياغتها.
ولن يتحقق األمن القانوني ما لم يتم تجاوز بعض السلبيات التي تعوق ازدهار
االستثمار والتي تقتضي إزالتها تسريع السير اإلداري ومحاربة بطئه ورتابته وتخفيف مساطره
والتنسيق بين مراكز القرار وإعادة الثقة في جودة النصوص القانونية وسالمة تطبيقها.
ويتجسد األمن القانوني في عدة صور ،منها عدم رجعية القوانين التي تعتبر مبدأ
دستوريا والتي ال يجوز الحياد عنها إال استثناء ولفائدة المصلحة العليا القصوى ،وضرورة
احترام الحقوق المكتسبة لألفراد التي استمدوها بطريق مشروع من القوانين القائمة ،وإلزام
الدولة في التشريعات التي تصدرها بعدم مفاجأة أو مباغتة األفراد بنصوص قانونية جديدة،
حفاظا على توقعاتهم المشروعة وثقتهم المشروعة في القوانين القائمة.
15
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ومن جهة أخرى لقد أصبح األمن القضائي غاية دستورية بموجب الفصل 117من
الدستور ،تتحقق بالتطبيق العادل للقانون ،إذ ينص الفصل 117المذكور على أنه يتولى
القاضي حماية حقوق األشخاص وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون.
وإذا كان األمن القانوني يتمثل في جودة النظام القانوني الذي يضمن للمواطن فهما
وثقة في القانون ،فإن األمن القضائي هو الحارس لألمن القانوني والحامي لمبادئه وقواعده.
هذا ،وتكمن مظاهر األمن القضائي في إرساء القاعدة القانونية وتحديد مداها وآثارها
مع ثباتها واستقرارها ،وال ضير في أن يتراجع القضاء عن بعض حلوله القضائية متى دعت
إلى ذلك سنة التطور أو تناقض القواعد.
ويعتبر األمن القانوني واألمن القضائي وجهان لعملة واحدة ،وهي األمن العقاري.
فاالجتهاد القضائي هو العلم التطبيقي للقانون أو الحل الذي تتخذه جهة قضائية بشأن
القضية المعروضة ع ليها في حالة عدم وجود النص القانوني الواجب التطبيق أو غموضه
أو عدم كفايته ،كما أن قضاء محكمة النقض ليس فقط مجرد قضاء تطبيقي للقانون ،بل هو
قضاء إنشائي يؤسس للنظريات والمبادئ التي تحكم نشاط األفراد والمؤسسات وتوفق بين
النصوص المعارضة وتعمل على استنباط القاعدة الواجبة التطبيق حين ينعدم النص
التشريعي أو يعتريه فراغ أو غموض وإبهام ،والكل في ظل روح التشريع وغاية المشرع ،ومن
هنا يأتي دور االجتهاد القضائي في خلق القاعدة القانونية ودوره في تحقيق األمن القضائي
عموما واألمن العقاري على وجه الخصوص.
وإذا كان االجتهاد القضائي يكمن في الحل الذي تتخذه جهة قضائية معينة بشأن
القضية المعروضة عليها في حالة عدم وجود النص القانوني الواجب التطبيق أو غموضه
أو عدم كفايته ،فهو يتخذ عدة مظاهر ،فإما أن يكون اجتهاد ترجيح بين اجتهادات مختلفة،
أو اجتهاد إنشاء وخلق قاعدة بديلة أو اجتهاد تفسير وتأويل .وهنا يتجلى دور االجتهاد
16
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القضائي في تحقيق االمن العقاري .وهو ما سنتطرق إليه بالتفصيل من خالل المحاور
الثالث التالية:
أوال :دور محكمة النقض في تحقيق األمن العقاري؛
ثانيا :االجتهاد القضائي وحماية الملكية العقارية من الغصب؛
ثالثا :المقتضيات القانونية التي من شأنها المساس باألمن العقاري.
لقد ساهمت محكمة النقض في توضيح القاعدة القانونية والعمل على استقرارها وتيسير
فهمها للمخاطب بأحكامها ،بما يحقق األمن العقاري ويساعد على االستثمار واالزدهار
االقتصادي ،خصوصا وأن مجال العقارات المحفظة هو المجال األساسي لالستثمار لما
يوفره من ضمان الرهن الرسمي .فنظام التحفيظ العقاري يقوم على أساس أن البيانات الثابتة
في السجل العقاري ،تعتبر عنوان الحقيقة ،وقد أناط المشرع بالمحافظ على األمالك العقارية
وقاضي التحفيظ كل في حدود اختصاصه ،مهمة تصفية مسطرة التحفيظ ،لغاية -إنشاء
الرسم العقاري الذي يعتبر شهادة ميالد نظام قانوني جديد للعقار ،ينقله من مرحلة ما قبل
التحفيظ إلى نظام التحفيظ العقاري ،وبإنشاء الرسم العقاري تضفى على هذا الرسم الصفة
النهائية ،ويعتبر نقطة االنطالق الوحيدة في ثبوت الحقوق العينية ،كما ينص على ذلك
الفصل 62من قانون التحفيظ العقاري ،وتترتب هذه الصفة النهائية اعتبا ار للدقة التي تمارس
بها مسطرة التحفيظ وما يصاحبها من عالنية وإشهار وتشخيص علمي للعقار وحدوده
وأوصافه وفق معطيات هندسية مدققة.
ويندرج في هذا االطار ،قضاء محكمة النقض من باب االجتهاد الترجيحي ،قرارها
الصادر بجميع الغرف تحت عدد 4939بتاريخ 2010/11/29بالملف المدني عدد
04/35/1092والذي وازنت من خالله بين ضررين ،ضرر الطالب في حالة هدم جزء من
17
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بنائها وضرر المطلوبة في حالة تخليها بدون إرادتها عن جزء من ملكها مقابل تعويض
وتغليب الضرر األخف عن الضرر األكبر .كما انتهت في قرارها عدد 1107الصادر
بشأن التقييدات على الرسم العقاري لفائدة الغير المقيد بحسن نية في حالة ثبوت زورية العقد
المؤسس عليه التقييد ،إلى حماية مالك الرسم العقاري عوض حسن النية ،حيث تبنت قاعدة
مفادها أن" :ث بوت زورية العقد تجعله منعدما وغير منتج ألي أثر وإن كان مسجال بالرسم
العقاري ،حتى لو كان المشتري حسن النية".1
غير أن االجتهاد القضائي الجماعي لغرفتين بمحكمة النقض ،ذهب في اتجاه مغاير
في إطار الترجيح بين مصلحة مالك العقار والمسجل بالرسم العقاري وبين المقيد بحسن نية
في حالة ثبوت زورية العقد الذي على أساسه تم التقييد بالرسم العقاري ،وانتهى إلى القول
بترجيح المسجل بحسن نية تغليبا للمصلحة العامة التي تتمثل في حجية تنصيصات الرسوم
العقارية ،إعماال لمقتضيات الفصل 66من ظهير التحفيظ العقاري والفصل 3من ظهير 2
يونيو .1915
وقد جاء في قرار محكمة النقض الصادر بغرفتين ،وهو يرجح حقوق الغير المسجل
بحسن نية ما يلي" :فإنه ال يمكن باي حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير
المسجل عن حسن نية".2
وهو نفس االتجاه الذي تبناه المشرع المغربي بالمادة 2من مدونة الحقوق العينية الفقرة
2من القانون ،08/39حينما نص على أنه" :ما يقع من بطالن أو تغيير أو تشطيب في
الرسم العقاري ،ال يمكن التمسك به في مواجهة المقيد بحسن نية ،إال إذا كان صاحب الحق
قد تضرر بسبب تدليس أو تزوير او استعماله ،شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل
أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تقييده أو التشطيب عليه".
1
قرار صادر بتاريخ 2008/03/26بالملف المدني عدد 2006/25/1638
2
قرار عدد 170بتاريخ 2013/03/20بالملف عدد 2012/1/1/2820
18
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والمالحظ ان المشرع تبنى آخر مسجل بحسن نية في الرسم العقاري دون فتح المجال
للتحقق من طبيعة هذا الحق الذي آل إليه والوسائل المعتمدة في اكتسابه ،ذلك أنه قد يكون
آخر مسجل حسن النية ،غير أن الحق الذي آل إليه كان عن طريق التدليس والتزوير ،وقد
يكون هنالك تواطؤ بين ذوي النيات السيئة خصوصا أمام استفحال ظاهرة السطو على
العقارات بواسطة تكتالت تعمل جاهدة على استغالل الثغرات القانونية ،علما أنه ال يمكن
الكشف واستجالء النيات الحسنة دون البحث عن طبيعة الحق وكيفية انتقاله.
ومن هنا يثار التساؤل عما إذا كان أجل أربع سنوات يضفي حماية قانونية ويحقق
األمن العقاري؟ وهل هذا المقتضى القانوني من شانه أن يكفل الحماية القانونية للفئات
المشمولة بالرعاية القانونية والمغاربة المقيمين بالخارج.
ومن هنا يجب إعادة النظر في مضامين مدونة الحقوق العينية بما يكفل حماية
صاحب الحق المسجل بالرسم العقاري وترتيب الجزاء عن التدليس والتزوير في إطار
الموازنة بين األمرين مع تحديد أجل تقييد الدعوى داخل اجل معقول ابتداء من تاريخ العلم
بالتنفيذ وليس من تاريخ التسجيل في إطار موازنة تامة بين صاحب الحق المسجل بالرسم
العقاري والمكتسب للحق بحسن نية.
ومن مظاهر االجتهاد القضائي على مستوى محكمة النقض ،أنه عالوة على كونه
اجتهاد ترجيح ،فهو أيضا اجتهاد تفسير وتأويل ،ومن ذلك ما قضت به محكمة النقض في
قرارها عدد 309بتاريخ 2014/06/03بالملف عدد 2013/11/5299بشأن المادة 278
من مدونة الحقوق العينية التي تنص على أنه "ال تصح الهبة ممن أحاط الدين بماله" حيث
انتهت محكمة النقض في تفسيرها إلى القول بأن مقتضيات هذه المادة إنما تقررت لفائدة
الدائنين الذين لهم وحدهم الصفة لطلب إبطال الهبة إذا أحاط الدين بمال الواهب ،وأنه أمام
موافقة الدائن المرتهن المقيد الوحيد كدائن على الرسم العقاري موضوع الهبة ،فإنه ليس هناك
مجال للمحافظ على األمالك العقارية للتمسك بمقتضيات الفصل 287أعاله.
19
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويعتبر أيضا اجتهاد محكمة النقض اجتهاد إنشاء وخلق للقاعدة القانونية البديلة،
ويتجلى ذلك بشكل واضح في من هجية قاضي محكمة النقض حينما يعمل على استبدال علة
بعلة أخرى ويتصدى لموضوع الدعوى متى توافرت شروطه ،ومن هذا القبيل ،ما قضت به
محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 2012/11/27تحت عدد 815بالملف
،2011/1/2/577حيث جاء فيه " :إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض ،أن القرار
المطعون فيه حين انتهى صحيحا في نتيجته المعلن عنها في منطوقه ،فإنه ال يبطله قصوره
في اإلفصاح عن سنده القانوني ،وقد أبرز السيد الوكيل القضائي أن لمحكمة النقض أن
تستكمل ما قصر القرار في بيانه ،كما لها أن تسبغ التكييف القانوني الصحيح على الوقائع
المعروضة عليها ما دامت ال تعتمد في ذلك إال على ما كان معروضا على محكمة
الموضوع ،مما يسوغ لمحكمة النقض تعويض العلة المنتقدة بالعلة الصحيحة والتي أسبغتها
على الوقائع التي كانت معروضة على قضاء الموضوع".
ومن ق اررات محكمة النقض التي أرست قاعدة الصفة النهائية للرسم العقاري نذكر
القرار عدد 2212بالملف المدني عدد 95/1/2164بتاريخ 1998/4/1الذي أوضح أنه:
"ال يمكن التشطيب على رسم عقاري وإعادة مسطرة التحفيظ ألن رسم الملك الناتج عن
التحفيظ ،له صفة نهائية" ،وهو نفس االتجاه الذي أكدته الغرفة اإلدارية بقرارها عدد 420
بتاريخ 2002/04/11بالملف اإلداري عدد 99/4/29الذي جاء فيه" :إن ق اررات التحفيظ
كما استقر عليه اجتهاد الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى تعتبر ق اررات ال رجعة فيها ،ومن
هذا المنطلق ،فإنه ال تقبل أي طعن سواء امام القضاء اإلداري أو أمام جهة القضاء
العادي ،وإن المحكمة اإلدارية أخطأت عندما أخضعت قرار التحفيظ باعتباره صادر عن
سلطة إدارية في شخص المحافظ لمراقبة القضاء اإلداري ،والحالة أن القرار المذكور ال
يخضع ألي رقابة وأن عملية التحفيظ التي تنطوي على تطهير العقار المذكور تعتبر نهائية
ال رجعة فيها.
20
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وهو نفس االتجاه الذي أكدته الغرفة اإلدارية حيث جاء في احد قرارتها" :وإن كان
المحافظ سلطة إدارية وما يصدر عنه من ق اررات يمكن الطعن فيها بطريق اإللغاء للشطط
في استعمال السلطة ،فإن المقرر الصادر بتحفيظ العقار يعتبر مقر ار نهائيا بمفهوم الفصل
62من ظهير التحفيظ العقاري وال يخضع للمراقبة عن طريق الشطط في استعمال
1
السلطة".
وبخصوص اآلثار القانونية لقاعدة الصفة النهائية للرسم العقاري المستخرج عن طريق
التجزئة ،جاء في قرار محكمة النقض عدد 285ما يلي" :2إن الرسم العقاري المستخرج عن
طريق التجزئة ال يتمتع بالصفة النهائية المنصوص عليها بالفصلين 2و 62من ظهير
رمضان ،1933بل يخضع لمقتضيات الفصلين 69و 91من نفس الظهير كسائر
التقييدات الالحقة بالرسم العقاري ،وأكدت محكمة النقض في قرار آخر" :3أن الملك الذي له
الصفة النهائية وال يقبل الطعن ويطهر العقار من جميع الحقوق السالفة غير المسجلة به
طبقا للفصلين 2و 62من ظهير ،1913/08/12إنما هو للرسم الذي ينشأ ويترتب عن
مسطرة التحفيظ المحمية باإلشهار العمومية وآجال التعرض إلى أن ينشأ رسم عقاري حولها،
أما الرسم العقاري المستخرج عن طريق التجزئة كما في نازلة الحال ،فال يتمتع بالحصانة
المنصوص عليها بالفصلين 2و 62المشار إليهما أعاله واللذين يضفيان الصفة النهائية
على رسم التملك ،بل يكون قابال للتغيير وخاضعا لمقتضيات الفصلين 69و 91من ظهير
.1331
وبخصوص اإلشكال المتعلق بإنشاء رسم عقاري على رسم عقاري آخر ،انتهى اجتهاد
محكمة النقض إلى القول" :إن إنشاء رسمين عقاريين لنفس القطعة األرضية يوجب
1
قرار عدد 100بالملف اإلداري عدد 2002/4/1460بتاريخ 02/10/10
2
قرار صادر بتاريخ 2002/01/02بالملف المدني عدد 2001/1/1/590
3
قرار عدد 5292بتاريخ 2010/12/06
21
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
التشطيب عل الرسم الثاني ، "1وقد تأكد هذا المنحى في قرار آخر جاء فيه" : 2إن مجرد
إقامة رسم عقاري يتعلق بعقار سبق تحفيظه بمقتضى رسم عقاري ال يعدو أن يكون مجرد
خطأ مادي من المحافظة العقارية ،مما يخول للمحافظ إصالح هذا الخطأ تلقائيا عمال
بأحكام الفصل 29من القرار الوزيري المؤرخ في .1915/06/03
غير أنه استثناء من ذلك ،اعتبرت محكمة النقض في احد قرارها أنه" :استثناء المحافظ
تلقائيا مبان من ملكية أرض بعد تحفيظها وتسجيلها باسم الغير ،ال يدخل ضمن صالحياته
التي خوله إياها الفصلين 29و 30من القرار الوزيري الصادر بتاريخ 3يونيو 1915
المتعلق بتصحيح المخالفات واإلغفاالت التي يشاهدها على الرسوم العقارية ،ألن ذلك يمس
بالتحفيظ الذي يعتبر نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية الكائنة على العقار وقت
تحفيظه".3
ويعتبر اجتهاد محكمة النقض أن الصفة النهائية للرسم العقاري قاصرة على الحقوق
العينية دون الشخصية ،حيث جاء في قرارها عدد " :464لكن حيث يتجلى من القرار
المطعون فيه ووثائق الملف ،أن ما يتمسك به المطلوبون إلثبات شرعية تواجدهم بالعقار
المدعى فيه المحفظ ،هو عقد كراء ،وهو يتعلق بحق شخصي ال تنسحب عليه قاعدة
التطهير المتمسك بها".4
ومن المجمع عليه فقها وقانونا وقضاء أنه يترتب على الصفة النهائية للرسم العقاري
آثارا ،أولها تطهير العقار ،وثانيها حق المتضرر في المطالبة بالتعويض وثالثها حضر
التقادم ورابعها حماية الرسم العقاري من الغصب .فقاعدة التطهير تعني أن إقامة الرسم
العقاري يطهر الملك من جميع الحقوق السابقة والتي لم يعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ،
1
قرار عدد 896بتاريخ 2010/02/24بالملف المدني عدد 08/1/1/1176
2
قرار عدد 1205بتاريخ 2010/03/16بالملف المدني عدد 2009/1/1/2214
3
قرار عدد 5247الصادر بتاريخ 1999/11/17في الملف المدني عدد .96/1/1103
4
قرارعدد 464الصادر بتاريخ 2003/02/18بالملف المدني عدد .2007/1/1/753
22
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وهو ما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد 61والذي جاء فيه" :يترتب على التحفيظ إقامة
رسم الملكية وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة بالكناش العقاري ،وهو
يكشف نقطة االنطالقة الوحيدة للحقوق العينية الكائنة على العقار وقت تحفيظه دون ما
عداها من الحقوق غير المسجلة".1
هذا ،وتستثنى من قاعدة التطهير األمالك العامة واألمالك الحبسية والحقوق المالية
والمنجمية والملك الغابوي واألراضي الجماعية.
وقد أوضحت محكمة النقض ما المقصود بقاعدة التطهير بقولها" :إن المقصود من
قاعدة التطهير المنصوص عليها بظهير ،1993/08/12تحفيظ وإنشاء رسم عقاري ،حتى
يطهر العقار المحفظ من كل الحقوق السابقة على التحفيظ التي لم تقع اإلشارة إليها في
الرسم العقاري".2
1
قرار عدد 61بتاريخ 2006/01/04بالملف المدني عدد .2004/1/1/44229
2
قرار عدد 3/10في الملف المدني عدد 2007/3/1/305بتاريخ 2007/09/17
3
قرار صادر بتاريخ 29يناير 1992بالملف المدني عدد 87/2075
23
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كما قضت بأن الحقوق التي يمكن أن يشطب عليها بمقتضى عقد أو حكم يثبت
انقضاؤها أو عدم صحتها ،هي التي يتم إشهارها بالرسم العقاري ،بعد أن يكون العقار قد
حفظ وخصص له رسم عقاري ،وأن إقامة الرسم العقاري للملك يطهره من كافة الحقوق
السابقة عليه وغير المضمنة بالرسم العقاري الذي تكون له صفة نهائية ال تقبل الطعن،
ويشكل نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية وقت تحفيظه دونما عداها من الحقوق غير
المسجلة ،وأنه ال يمكن إقامة أي دعوى بسبب حق وقع اإلضرار به من جراء التحفيظ إال
بإقامة دعوى شخصية من طرف المتضرر ضد طالب التحفيظ وإثبات وقوع التدليس في
خالل مسطرة التحفيظ.1
أما الخلف الخاص بطالب التحفيظ ،فقد انتهى قضاء محكمة النقض في ق ارره الصادر
بتاريخ 29دجنبر 1999إلى" :ان مكتري العقار من نفس طالب التحفيظ الذي تحول
مطلبه إلى رسم عقاري يعتبر خلفا خاص ال يواجه كالخلف العام بقاعدة التطهير".
وجاء في قرار اخر لمحكمة النقض" :إن الطالب بصفته مشتريا (أي خلف خاص) من
نفس طالب التحفيظ المطلوب الذي تحول مطلبه للتحفيظ إلى رسم عقاري ،ال يواجه كالخلف
العام (الورثة) بمقتضيات الفصل 62من ظهير التحفيظ العقاري".2
وأكدت محكمة النقض هذا التوجه في قرار اخر بقولها " :إن قاعدة التطهير قاصرة
على الحقوق واالتفاقات المحتج بها من طرف الغير ال على الخلف الخاص الذي اشترى
العقار من طالب التحفيظ".3
وأوضحت في قرار آخر األسباب التي جعلتها تستثني الخلف الخاص الذي اشترى
العقار من طالب التحفيظ الذي أصبح مالك للرسم العقاري والذي لم ترد هذا الرسم إال تثبيتا
1
قرار عدد 1401بتاريخ 1987/10/17ملف رقم 99219
2
قرار عدد 5925بتاريخ 1999/12/29في الملف عدد 94/1151
3
قرار عدد 4149بتاريخ 2012/09/25في الملف المدني 2011/7/1/3487
24
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وتدعيما لملكيته ،ويبقى ملزما بتنفيذ التزاماته التي أنشأها على هذا العقار ومن حق خلفه
الخاص أن يطالبه بتنفيذها رضاء أو قضاء ،ومن هذه االلتزامات نقل ملكية المبيع وتسجيل
العقد بالرسم العقاري والحصول على حكم قابل للتسجيل يقوم مقام العقد.
واستقر قضاء محكمة النقض على هذا التوجه وأكدته بموجب ق ارراها عدد 374والذي
جاء فيه " :1إن قاعدة التطهير ال يحتج بها على الخلف الخاص الذي اشترى العقار من
طالب التحفيظ الذي أصبح مالكا للرسم العقاري والذي لم يزده هذا الرسم إال تدعيما وتثبيتا
لملكيته ،فال يسوغ له الحد من تصرفاته واتفاقاته التي أبرمها بشأنه.
وأخي ار وليس ِ
آخ ار ،فقد قضت محكمة النقض" :أنه لكي يحمي طالب الشفعة حقه في
عقار في طور التحفيظ من اآلثار المترتبة على التطهير ،يتعين عليه القيام باإليداع المشار
إليه في الفصل 84من ظهير التحفيظ العقاري" ،2وإن اتخاذ المحافظ ق ار ار بتحفيظ العقار
موضوع التعرض وقبل البت فيه من طرف المحكمة ال يشكل سببا للحكم بعدم صحة
التعرض استنادا لقاعدة التطهير.3
يلعب االجتهاد القضائي دو ار مهما في حماية الرسم العقاري من الغصب ،بما أن
حصانة الرسم العقاري وحقوق التنصيصات الواردة به ،والتي تشكل عنوانا للحقيقة وقرينة
مطلقة في إثبات ملكيته من حفظ العقار باسمه ،يرتب الحماية القضائية للمالك ويخوله طلب
استرداده العقار من أي غاصب له ولو من خالل المسطرة االستعجالية أمام القضاء
االستعجالي.
1
قرار عدد 374بتاريخ 2014/06/24في الملف عدد 13/7/1/2969
2
قرار عدد 4074بتاريخ 2002/12/9في الملف عدد 09/4/1/1070
3
قرار عدد 3671بتاريخ 2011/9/6في الملف 08/11/3000
25
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وهكذا قضت محكمة النقض" : 1إن قاضي األمور المستعجلة يختص بطرد من يحتل
عقا ار محفظا دون أن يكون مسجال برسم عقاري ولو استظهر بعقد أو أي وثيقة أخرى .كما
أكدت في قرار آخر" :من حق المالك الذي ثبت ملكه برسم عقاري أن يرفع أمره إلى قاضي
المستعجالت ليجعل حدا لكل تعد أو مس بحقه ،وأن ذلك تدبير مؤقت ومستعجل تحتمه
الميزة الخاصة بالرسم العقاري الذي يلزم الجميع بمضمونه".2
وأكدت محكمة النقض في قرار آخر" :3ان الفصل 62من قانون التحفيظ العقاري
المستدل به من طرف الطاعن ،ينص على أن رسم الملكية له صفة نهائية وال تقبل الطعن،
وهو يكشف نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتكاليف العقارية الكائنة على العقار
المحفظ ...ولما كانت األرض موضوع النزاع تتوفر على رسم عقاري في اسم المطلوب ،فإن
المحكمة اعتبرت عن صواب أن هذا األخير محق في اللجوء إلى قاضي المستعجالت لجعل
حد لكل تعد عليه".
ولعل من أهم الظواهر تهديدا ألمن العقاري نجد االعتداء المادي على الملكية العقارية،
فقد أفرد الدستور حماية خاصة لحق الملكية بموجب الفصل 35منه والذي جاء فيه:
"يضمن القانون حق الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون ،إذا اقتضت
ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد ،وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت
ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون" ،كما أن الفصل األول من القانون رقم 81/7
المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة واالحتالل المؤقت ينص على أن" :نزع ملكية
العقارات كال أو بعضا ال يجوز الحكم به إال إذا أعلنت المنفعة العامة ،وال يمكن إجراؤه إال
طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة االستثناءات المدخلة عليه كال أو بعضا
بموجب تشريعات خاصة".
1
قرار عدد 688بتاريخ 1978/1/8في الملف عدد 66942
2
قرار عدد 110بتاريخ 1971/4/21
3
قرار عدد 2834بتاريخ 2007/9/12في الملف عدد .06/3/1/3093
26
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
غير أن اإلدارة تعمد في بعض األحيان إلى وضع يدها على العقارات المملوكة للغير
دون اتباع مسطرة نزع الملكية أو استكمال إجراءاتها أو استئذان القضاء في الحيازة المؤقتة
للعقار بدعوى الطابع االستعجالي للمنفعة العامة ،مما يشكل اعتداءا ماديا في حقها يخول
للمتضررين رفع الدعاوى أمام القضاء اإلداري للمطالبة بالتعويض أو رفع االعتداء المادي
أو إيقافه.
وقد استقر القضاء اإلداري على اعتبار ذلك السلوك بمثابة اعتداء مادي أو غصب،
وهذا ما أكدته محكمة النقض في عدة ق اررات نذكر من بينها القرار عدد 1032والذي جاء
فيه" :ان مجرد صدور مرسوم نزع الملكية وقبل استكمال باقي إجراءات اإلذن بالحيازة ونقل
الملكية يجعل رفع اإلدارة يدها على العقار اعتداء ماديا".1
وجاء في قرار آخر لنفس المحكمة أن شروع اإلدارة في سلوك مسطرة نزع الملكية
ووضع يدها على العقار ال ينفي عنها حالة االعتداء المادي" :إن مجرد الشروع دون إتمام
اإلجراءات المسطرية ال يكفي وحده لنفي االعتداء المادي".2
كما ذهبت محكمة النقض وهي تضفي حماية قضائية على حق الملكية إلى القول بأن
تخصيص عقار للمنفعة العامة في تصميم التهيئة ،ال يعفي اإلدارة من إتباع إجراءات نزع
الملكية واستصدار اإلذن بالحيازة ونقل الملكية وإال اعتبرت في حالة اعتداء مادي ،وجاء في
قرارها" :3لكن حيث إنه ال يكفي إلضفاء المشروعية على وضع اإلدارة يدها على عقار
الغير مجرد كونه مخصصا في إطار تصميم التهيئة كمرفق عمومي ،"...وأكدت نفس
المنحى في قرار آخر 4بقولها ":لكن ...إن اإلشارة في تصميم التهيئة إلى إنشاء مرفق
عمومي وعلى عقار المطلوب ال يعفي اإلدارة في سلوك المساطر القانونية لنزع الملكية
1
تحت عدد 1032/2الصادر بتاريخ 2014/10/30بالملف عدد 2013/2/4/1508
2
قرار عدد 18/2بتاريخ 2014/1/9في الملف 2012/2/4/140
3
قرار صادر بتاريخ 2015/1/22في الملف 2013/2/4/1473
4
قرار عدد 271بتاريخ 2012/5/17بالملف عدد 2011/2/4/779
27
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ألجل المنفعة العامة وذلك باستصدار مرسوم نزع الملكية واستصدار أحكام قضائية باإلذن
بالحيازة وبنقل الملكية داخل األجل القانوني المحدد لذلك ،وأن اإلدارة طالما لم تتقيد بذلك،
يعتبر تصرفها اعتداء ماديا على ملك المطلوب".
وفي إطار الحماية القضائية لحق الملكية ،ورغم أن الفصل 37من قانون التعمير
ينص بما معناه على مساهمة المالك المجاور للطريق العامة الجماعية المراد إحداثها فوق
ملكه في حدود الربع مجانا عمال بقاعدة الغرم بالغنم ،فإن العمل القضائي اإلداري قد دأب
عل ى القول خالف ذلك ،في حالة االعتداء المادي ،معتب ار أنه المجال لتطبيق الفصل 37
من قانون التعمير إال في إطار مسطرة نزع الملكية ،وإن رفع اليد على العقار ولو كان
مخصصا إلحداث طريق جماعية به ،دون سلوك مسطرة نزع الملكية يجعل انذاره في حالة
إعتداء مادي يجب تعويضه عن العقار ككل.
وجاء في حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بفاس" :1إن الفصل 37من قانون التعمير
ال يجد مجال تطبيقه إال في إطار مسطرة نزع الملكية وليس في إطار نظرية االعتداء
المادي".
هذا ،وفي إطار التوازن بين حق المتضرر في الحصول على مقابل أرضه موضوع
االعتداء المادي وحق اإلدارة في أن تنقل إليها ملكية العقار المذكور بعد أداء التعويض
المستحق للمالك ،وبعد األخذ بعين االعتبار أن مطالبة المعتدي على ملك المعني باألمر
بالحكم لفائدته بمقابل رقبة العقار ،يستفاد منه ضمنيا تنازل عن الرقبة مقابل ذلك التعويض،
وأن أداء اإلدارة ل لتعويض المحكوم به على أساس قيمة العقار يجعل اإلدارة في استحالة
مادية لممارسة مسطرة نزع الملكية ،واعتبا ار لمبدأ وجوب حماية المال العام ،أصبح القضاء
يستجيب لمطالب الدولة بنقل ملكية العقار إليها بعد أداء التعويض المحكوم به استنادا إلى
نظرية اإلثراء بدون سبب ،فقد جاء في قرار لمحكمة النقض أنه " :حقا ...ذلك أن المحكمة
1
حكم عدد 2009/732في الملف .2009/12/163
28
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
قضت بتعويض عن فقد المطلوبة ملكية عقارها المعتدى عليه ماديا من طرف الطاعنة دون
الحكم بنقل ملكيته لفائدة هذه األخيرة خالفا ألحكام اإلثراء بال سبب المتمثلة في إثراء
المطلوبة عندما قضى لها بالتعويض المذكور عن احتفاظها بملكية نفس العقار موضوع
الحكم بالتعويض وافتقار الطاعنة لما حرمت من استغالل ملكية نفس العقار ،ما يشكل
افتقا ار مباش ار يقابله إثراء مباشر وتقوم عالقة سببية مباشرة تتمثل في واقعة هي السبب
المباشر لكل منهما ،وهو دفع تعويض عن قيمة عقار لم تنتقل ملكيته على من حكم عليه
بدفعه وهو الطالبة المفتقرة ،فكان بذلك القرار المطعون فيه لما لم يقض بنقل الملكية لهذه
األخيرة والحال ما ذكر ،فاسد التعليل ومعرضا للنقض".1
وفي إطار إقرار التوازن بين الحقوق والواجبات وحماية المراكز القانونية للطرفين معا،
ذهبت محكمة النقض في أحد ق ارراتها إلى القول بما يلي" :حيث صح ما عابه الطاعن على
القرار المطعون فيه بهذا الخصوص ،ذلك أن تعويض المالك عن فقدان رقبة عقاره يقتضي
بالضرورة خروج ملكية هذه الرقبة عن ملكه ونقلها إلى جهة اإلدارة الملزمة بأداء التعويض
المذكور تطبيقا لمبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات وحماية المراكز القانونية للطرفين المنبثقة
عن الوضعية التي تترتب عن وضع اليد على العقار واستعماله كمنشأة عامة مملوكة بقوة
القانون للدولة (الملك الخاص) والمحكمة لما قضت برفض طلب نقل ملكية العقار محل
النزاع لفائدة اإلدارة المعنية مقابل التعويض المحكوم به للمطلوبين في النقض ،لم يجعل ما
قضى به من أساس في هذا الشأن وعرضت ق ارراها للنقض جزئيا".2
1
قرار عدد 2/394بتاريخ 2014/4/24في الملف عدد .2012/2/4/1669
2
قرار صادر بتاريخ 2015/1/22في الملف عدد .2013/2/4/1473
29
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
07/14المعدل لظهير التحفيظ العقاري والذي نص على إمكانية اللجوء إلى رئيس المحكمة
االبتدائية بصفته قاضيا للمستعجالت لألمر بالتشطيب على التقييد االحتياطي إذا كانت
األسباب المستند إليها غير جدية وغير صحيحة ،مما يطرح التساؤل حول نجاعة هذا
اإلجراء وما إذا كان يشكل ضمانة لحماية األمن العقاري ،خاصة وأن القضاء االستعجالي
ال يملك الحق في تقدير حجية الوثائق واألدلة المبررة للتشطيب على التقييد االحتياطي،
لذلك يتعين إعادة صياغة الفصل 86المذكور ،بما يحقق المحافظة على الحقوق العينية
المعنية بالتنفيذ االحتياطي من كل ضياع وتحقق الموازنة بين حقوق األطراف المعنية.
كما أن ما تنص عليه الفقرة 2من المادة الثانية من القانون 08/39المتعلق بمدونة
الحقوق العينية من كون أن ما يقع من إبطال أو تغيير أو تشطيب بالرسم العقاري ال يمكن
التمسك به في مواجهة المقيد بحسن نية ،إال إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس
أو تزوير أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من
تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه ،يطرح أكثر من تساؤل حول من
األجدر بالحماية ،هل هو صاحب الحق المسجل على الرسم العقاري إعماال لحجية التسجيل
بالرسم العقاري كما هي مقررة بفلسفة نظام التحفيظ العقاري أم المقيد بحسن نية والذي قد
يكون آل إليه عن طريق التزوير والتدليس والتواطؤ بين ذوي النيات السيئة؟ ثم هل إن أجل
أربع سنوات يضفي ضمانة قانونية ويحقق األمن العقاري خصوصا بالنسبة لألشخاص
المقيمين بالخارج أو المكفولين بالرعاية القانونية؟ لذلك يجب أن يتدخل المشرع إلعادة
صياغة المادة المذكورة بما يكفل تحقيق التوازن بين صاحب الحق المسجل بالرسم العقاري
والمكتسب للحق بحسن نية ،وانه من األجدر التنصيص على احتساب اجل األربع سنوات
من تاريخ العلم وليس من تاريخ التقييد.
وفي نفس السياق تندرج مقتضيات الفصل 26من القانون رقم ،07/14حيث نصت
على إمكانية تقديم طلب التعرض باسم الغير والتدخل في المسطرة للجهات المحددة بمقتضاه
30
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وخصوصا مؤسسة النيابة العامة بالنسبة للمحجوزين والغائبين والمفقودين ،وتثير هذه
المقتضيات التساؤل عما إذا كان هذا اإلجراء يشمل جميع التعرضات العادية واالستثنائية
وجميع أطوار المسطرة المتعلقة بالتحفيظ العقاري أم ينتهي مفعوله عند مسطرة التحديد.
ويالحظ أيضا أن الفصل 29من نفس القانون ينص على أن قرار المحافظ برفض
التعرض لعدم تقديمه داخل األجل القانوني غير قابل للطعن القضائي ،مما يثير التساؤل
حول توافق هذه المقتضيات مع ما تتضمنه أحكام كل من الفصلين 26و 29من قانون
التحفيظ العقاري ومقتضيات الفصول من 6إلى 10من نفس القانون ،فمن جهة هذا
المقتضى يتعارض مع أحكام الفصل 118من الدستور الذي ينص على أن جميع الق اررات
اإلدارية قابلة للطعن باإللغاء خصوصا وأن المحافظ يعتبر سلطة إدارية وق ارراته تعد من
ضمن الق اررات اإلدارية القابلة للطعن باإللغاء ،خصوصا إذا كان األمر يتعلق برفض
التعرض بالبناء على الخطأ في احتساب األجل الكامل لتقديم التعرض ،مما يثير موضوع
الوسيلة القانونية التي يمكن اللجوء إليها في حالة صدور قرار برفض قبول التعرضات
االستثنائية بالنسبة لقضايا الفئات الواجب حمايتهم المنصوص عليهم بالفصل 26أعاله.
كما يالحظ أيضا أن الفصل 109من قانون التحفيظ العقاري ،ينص على أن األحكام
الصادرة في مادة التحفيظ العقاري ال تقبل الطعن باالستئناف والنقض دون النص على
إمكانية الطعن بإعادة النظر حيادا على قانون المسطرة المدنية الذي نص على أصناف
أخرى من الطعون ،علما بأن الطعن بإعادة النظر كما هو مقرر بقواعد المسطرة المدنية من
خالل الفصول 379و 408و ،403يعتبر وسيلة قانونية ناجعة لتدارك ما يقع من تجاوزات
في سير المسطرة خصوصا في حالة اعتماد وثائق مزورة ومحتكرة لدى الغير.
وإلى األمس القريب كانت مقتضيات المادة 4من قانون الحقوق العينية تستثني الوكالة
من الوثائق الواجب تحريرها بعقد رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك ،علما بأن الواقع
أثبت أن بعض التصرفات القانونية المتعلقة بالعقار المحفظ تبنى على وكاالت مزورة وهو ما
31
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يشكل تهديدا حقيقيا لألمن العقاري ،وبالفعل تم تعديل هذه المقتضيات عبر القانون رقم
69.16والذي قضى بتتميم مضمون المادة 4من مدونة الحقوق العينية عبر إدراج الوكالة
ضمن الوثائق الواجب تحريرها بعقد رسمي من طرف الموثق أو من طرف محام مؤهل
لذلك.1
خاتمة:
يعتبر األمن القانوني واألمن القضائي وجهان لعملة واحدة ،والمتمثلة في األمن
العقاري ،حيث ساهم االجتهاد القضائي ،عبر اجتهاداته التفسيرية والترجيحية واإلنشائية،
بشكل فعال في إرساء الصفة النهائية للرسم العقاري وتحديد مداها وآثارها من أجل ضمان
حقوق المتعاملين في مجال العقارات وتحقيق نوع من االئتمان العقاري ،مما يشجع على
االزدهار االقتصادي واالجتماعي وتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية ببالدنا ،بما يوفره
من ضمانات وإقامة مشاريع تنموية على أسس واضحة ،وأنه على الرغم من الضمانات
القانونية التي أوردتها مدونة الحقوق العينية لضمان األمن العقاري ببالدنا ،فإنه ال زالت
بعض المقتضيات القانونية الواردة بها جديرة بالمراجعة كما سبق بيانه ،حماية لألمن العقاري
والثقة المشروعة في القانون والقضاء.
1
الظهير الشريف رقم 1.17.50بتاريخ 8ذي الحجة 30( 1438أغسطس )2017؛ الجريدة الرسمية عدد 6604بتاريخ 23ذو الحجة 1438
( 14سبتمبر ،)2017ص .5068
32
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إن قيام الدولة وباقي األشخاص المعنوية العمومية الممثلة لها بالمهام المسندة إليها،
السيما فيما يتعلق بالسهر على تحقيق النفع العام لألفراد ،يقتضي بأن تتملك مجموعة من
األمالك العقارية بالشكل الذي يساعدها في تحقيق تلك الغاية ،وهي ما يصطلح عليها
باألمالك العمومية للدولة.
وبالرجوع إلى ظهير فاتح يوليوز 1914المنظم للملك العام للدولة ،نجد أنه لم يعطي
تعريفا للملك العمومي ،وإنما عمل بالمقابل على وضع بعض الضوابط والمعايير التي من
خاللها يمكن تصنيف ملك ما في دائرة األمالك العمومية للدولة ،وهي كالتالي :أن يكون
مملوكا على الشياع بين األفراد ،وأن يتم تخصيصه الستعمال العموم ،ثم أن تكون الغاية
منه تحقيق المنفعة العامة.
وبالنظر لألهمية التي يحظى بها الملك العمومي فقد كان لزاما تمييزه عن غيره ببعض
الخصائص التي تجعله غير خاضع للقواعد والمبادئ العامة التي تحكم األنظمة العقارية
المندرجة في إطار الملك الخاص .ويمكن إجمال هذه الخصائص في أنه غير قابل للتفويت،
وغير قابل للحجز ،وغير قابل لالكتساب بالتقادم.
وإذا كان الملك العمومي محصنا بحكم طبيعته بموجب القوانين المنظمة له ،فهل يمكن
الحديث عن دور حمائي إضافي يمكن أن يقوم به نظام التحفيظ العقاري في تحصين الملك
العمومي؟
33
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مما الشك فيه أن نظام التحفيظ العقاري يوفر حماية إضافية للملك العمومي بالنظر
إلى الضمانات والمزايا التي يتيحها ،فهو يساعد الدولة على ضبط الهياكل العقارية العمومية
وعلى بلورة سياسة عقارية ناجعة وكذا تسهيل اتخاذ القرار على مستوى تدبير وتنظيم العقار
من جهة وتهيئة المجال من جهة ثانية.
في هذا السياق أولت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية
عناية خاصة للعقار العمومي إذ عملت على تصنيفه ضمن الحسابات الكبرى لتمييزه عن
باقي أصناف العقارات ،مع إبرام اتفاقيات ثنائية مع المؤسسات والقطاعات اإلدارية المشرفة
على تدبير األمالك العمومية ،مثل مديرية أمالك الدولة والمندوبية السامية للغابات ومحاربة
التصحر ،علما أن مصالح الوكالة بتعاون مع مصالح و ازرة التجهيز والنقل واللوجستيك
قامت بإعداد مشروع اتفاقية في هذا اإلطار سوف يتم التوقيع عليها خالل أشغال هذا اليوم
الدراسي.
وللحديث عن مساهمة نظام التحفيظ العقاري في حماية الملك العمومي ،ارتأيت تقسيم
مداخلتي إلى نقطتين أساسيتين:
أوال :إخضاع األمالك العمومية للدولة لنظام التحفيظ العقاري.
ثانيا :تحفيظ العقارات في إطار مسطرة نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة.
ألختم في نهاية المداخلة ببعض الخالصات األساسية أو االقتراحات التي أرى أن من
شأنها أن تساهم في تجاوز الصعوبات المطروحة.
34
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يمكن للدولة أن تعمد إلى تحديد أمالكها العمومية في إطار ما يسمى بمسطرة التحديد
اإلداري التي تجد سندها في الفصل 7من ظهير فاتح يوليوز ،1914والتي تتوخى تعيين
حدود الملك العمومي وتوضيح وضعيته القانونية والمادية بغية تحصينه من ادعاءات
األغيار ومن النزاعات التي قد تثار بشأنه.
وتجدر اإلشارة أنه لم يصدر أي نص قانوني يبين كيفية إخضاع األمالك العمومية
المحددة تحديدا إداريا لنظام التحفيظ العقاري ،وذلك خالفا للملك الخاص للدولة الذي صدر
35
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
استثناء من المبدأ العام المتمثل في عدم قابلية الملك العمومي للتفويت ،فإن هذا
األخير يمكن أن يصبح قابال للتفويت في حالة استخراجه من الملك العام وضمه إلى الملك
الخاص للدولة وفق مسطرة خاصة تجد سندها في الفصل 5من ظهير فاتح يوليوز ،1914
بحيث تخضع لألحكام واإلجراءات التالية:
أن يفقد الملك العام صبغة المنفعة العامة؛
أن يتم تقديم طلب في الموضوع إلى الجهة الوصية على الملك العام وذلك من
طرف كل ذي مصلحة ،كما يمكن أن يتم هذا اإلجراء بكيفية تلقائية؛
استصدار مرسوم االستخراج من الملك العام إلى الملك الخاص ونشره بالجريدة
الرسمية؛
يسلم العقار المعني إلى الو ازرة المكلفة بالمالية (مديرية أمالك الدولة) بناء على
محضر قانوني ،بحيث يضمن إثر ذلك بسجل المحتويات الممسوك من قبل
دائرة أمالك الدولة الواقع بنفوذها الترابي العقار المعني؛
بعد إتمام اإلجراءات المذكورة يصبح العقار خاضعا لألحكام المنظمة للملك
الخاص للدولة.
جدير بالذكر أنه إذا انصبت مسطرة االستخراج على عقار محفظ أو في طور التحفيظ
فإنه يمكن طلب إيداع أو تقييد محضر التسليم ومرسوم االستخراج المشار إليهما أعاله
بمطلب التحفيظ أو الرسم العقاري المتعلق بالعقار المعني.
36
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أما إذا تعلق األمر بعقار غير محفظ فيمكن للدولة (الملك الخاص) أن تتقدم بطلب
إدراج مطلب تحفيظ للعقار المذكور بناء على مقتضيات الظهير المؤرخ في 25يوليو
1927المتعلق بسجيل العقارات المخزنية التي وقع اخراجها من حيز األمالك العمومية
تطبيقا للفصل 5من ظهير فاتح يوليوز ،1914ويخضع مطلب التحفيظ المودع في هذا
الشأن لمسطرة خاصة بدون إشهار يكتفي فيها المحافظ بمراجعة التحديد وإعداد التصميم
العقاري ثم اتخاذ قرار التحفيظ في اسم الدولة الملك الخاص.
في المقابل يمكن أن تضم إلى الملك العام بعض القطع األرضية المدرجة في إطار
الملك الخاص للدولة وذلك كلما اقتضت المنفعة العامة ذلك ،ويستوجب هذا اإلجراء
استصدار مرسوم في هذا الشأن بعد سلوك نفس اإلجراءات المشار إليها أعاله المتعلقة
باستخراج الملك العام وضمه إلى الملك الخاص.
وبعد استنفاذ جميع مراحل هذه المسطرة يقيد العقار في اسم الدولة (الملك العام)
ويوضع تحت تصرف اإلدارة أو المؤسسة العمومية المكلفة بتدبير العقار المذكور.
في حالة تملك الدولة لعقار غير محفظ عن طريق االقتناء أو الحيازة أو غيره في
إطار قواعد القانون الخاص ،يمكنها تقديم مطلب لتحفيظ هذا العقار لدى المحافظة العقارية
المختصة بعد اإلدالء بالسندات المدعمة للتملك ،بحيث يخضع هذا المطلب للمسطرة العادية
المنصوص عليها في الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري.
وعند اكتساب الدولة لحق عيني على عقار في طور التحفيظ في إطار قواعد القانون
الخاص ،فإنه يتعين عليها تقديم طلب إيداعه بمطلب التحفيظ المعني مع إرفاقه بالسندات
37
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أما إذا كان الحق العيني لذي آل إلى الدولة يتعلق بعقار محفظ ،فإنها تقوم بطلب
تقييد العقد أو السند الذي تملكت بموجبه الحق المذكور بالرسم العقاري المعني ويرفق هذا
الطلب بكافة بالوثائق المؤيدة له (عقود ،تصاميم طبوغرافية ،رخص إدارية ،)...وذلك وفقا
لمقتضيات الفصل 69من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري.
إن الطبيعة القانونية للملك العام اقتضت أن يكون محصنا بكيفية دائمة من كل ادعاء
أو ترام من طرف الغير ،ويساهم نظام التحفيظ العقاري من جهته في تعزيز وتكريس هذه
الحماية في الحاالت التي يتم فيها تقديم مطالب تحفيظ عقارات لفائدة الغير ،وذلك من خالل
مجموعة من االجراءات ،من أهمها:
-استدعاء الجهة الوصية على الملك العمومي لحضور عمليات التحديد المتعلقة
بمطالب التحفيظ المقدمة من قبل الغير متى تبين من خالل السندات المدعمة لها
أو تصريح طالب التحفيظ المعني أنها مجاورة ألمالك عمومية؛
-مراسلة الجهة الوصية على الملك العمومي من أجل ابداء موافقتها على عمليات
التحديد كلما يتبين من خالل محاضر التحديد والتصاميم العقارية الملحقة بها أنها
مجاورة ألمالك عمومية أو مشتملة على حقوق عينية ذات طبيعة عمومية؛
-التزام المهندس الطبوغرافي أو التقني المساح المكلف بإجراء عمليات التحديد
باحترام المسافات الجاري بها العمل قانونا عند مباشرة عملية غرس األنصاب
بالنسبة للعقارات المجاورة ألمالك عمومية؛
38
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
-في الحالة التي يقع فيها اتخاذ قرار تحفيظ عقار لفائدة الغير ويتبين فيما بعد أن
هذا العقار أو جزءا منه يقع داخل وعاء الملك العام ،فإن قاعدة التطهير هنا ال
يمكن أن تقف أمام استمرار ملكية الدولة للعقار المذكور .ولهذا السبب نجد أن
مسودة تأسيس الرسم العقاري نتيجة التحفيظ تشير إلى أن قرار التحفيظ وبالتالي
مبدأ التطهير ال يسري على األمالك المدرجة في إطار الملك العام للدولة.
ثانيا :تحفيظ العقارات في إطار مسطرة نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة.
تحتاج الدولة من أجل القيام بالمهام المنوطة بها إلى رصيد عقاري كفيل باحتواء
مشاريعها الرامية إلى تحقيق المصلحة العامة (تشييد الطرق ،السدود ،الموانئ ،)...وهو
األمر الذي اقتضى بأن يتم تمكين الدولة من نزع األمالك العقارية لفائدة المنفعة العامة،
وذلك تطبيقا ألحكام القانون رقم 07.81المتعلق بنزع الملكية لفائدة المنفعة العامة
واالحتالل المؤقت.
ومن أجل ضمان الحماية القانونية الالزمة للعقارات التي تتملكها الدولة في إطار
مسطرة نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة ،فإنه يبقى من الضروري إخضاعها لنظام التحفيظ
العقاري ،إما من خالل إيداع مطالب التحفيظ للعقارات غير المحفظة أو عبر إيداع أو تقييد
السندات المتعلقة بنزع الملكية بملفات مطالب التحفيظ والرسوم العقارية المعنية.
إذا تملكت الدولة لعقار غير محفظ في إطار نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة ،سواء
تم ذلك عن طريق اتفاق بالتراضي أو عن طريق حكم قضائي ،فإنها تلجأ إلى إيداع مطلب
تحفيظ العقار المذكور في إطار مسطرة خاصة بدون إشهار طبقا ألحكام الفصل 37من
القانون رقم 07.81المذكور.
39
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
في إطار هذه المسطرة يتم االقتصار على مراجعة التحديد وإعداد التصميم العقاري،
على إثر ذلك يقوم المحافظ بالتحقق من مدى تطابق البيانات الواردة في السندات المدعمة
لمطلب التحفيظ ،مع تلك الواردة في التصميم النهائي للملك المعني من حيث الحدود
والمساحة والمشتمالت ،وإذا ظهر له أن البيانات الذكورة متطابقة أو توجد بينها اختالفات
بسيطة وغير جوهرية فإنه يعمد إلى اتخاذ قرار التحفيظ في إسم الدولة الملك العام.
ومن مظاهر الحماية المقررة للعقارات المطلوب تحفيظها في إطار نزع الملكية لفائدة
المنفعة العامة ،أنه ال يمكن قبول التعرضات في شأنها ألن القول بعكس ذلك يتنافى والغاية
التي يتوخاها المشرع من إقرار المسطرة المذكورة والتي تمكن الدولة من الحصول على
العقارات التي تحتاجها لنجاز مشاريع ذات فائدة عامة ،هذا مع العلم أنه يمكن المعنيين
باألمر ممارسة حق التعرض على التعويض لدى صندوق اإليداع والتدبير.
إذا تعلق مشروع نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة بعقار في طور في التحفيظ ،فإن
الدولة تقوم بداية بإيداع مقرر التخلي بمطلب التحفيظ المعني وفقا للشكليات المحددة في
الفصل 84من ظهير التحفيظ العقاري وكذا الفصل 12من القانون رقم 07-81المتعلق
بنزع الملكية لفائدة المنفعة العامة واالحتالل المؤقت ،ثم بعد ذلك تقوم بإيداع إما محضر
االتفاق بالتراضي أو األحكام القضائية الصادرة في شأن نقل الملكية.
وبعد استنفاذ مسطرة التحفيظ لجميع مراحلها وبعد تأكد المحافظ من توافر الشروط التي
استوجبها المشرع في الفصل 30من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه ،فإنه
يعمد إلى اتخاذ قرار التحفيظ في اسم طالب التحفيظ ،ثم يعمد إلى إجراء تقييد مصاحب
40
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لقرار التحفيظ بموجبه يتم نقل العقار في اسم الدولة ،وذلك بالنسبة للحالة التي يكون فيها
مشروع نزع الملكية يشمل كافة العقار موضوع مطلب التحفيظ ،في المقابل إذا المشروع
المذكور يشمل فقط جزءا من مطلب التحفيظ فإن المحافظ يقوم باتخاذ قرار التحفيظ في سام
طالب التحفيظ ثم يقوم باستخراج رسم عقاري مستقل في اسم الدولة (الجهة المستفيدة من
مشروع نزع الملكية) وذلك بالنسبة للقطعة األرضية موضوع نزع الملكية.
ومن مظاهر الحماية المقررة لألمالك العمومية في هذا اإلطار ،وجبت اإلشارة أن
الرسم العقاري الذي يتم تأسيسه في إطار مشروع نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة يجب أن
يكون خاليا من جميع الحقوق والتحمالت (كالرهون والحجوزات )..والتي يتم التشطيب عليها
تلقائيا بحيث ال يبقى ألصحابها سوى حق المنازعة على مبلغ التعويض المحكوم به ،أما
العقار فيتم تطهيره من جميع الحقوق واالدعاءات المحتملة لفائدة االغيار وذلك طبقا
لمقتضيات الفصل 37من القانون رقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم 07 .81المذكور.
أما فيما يتعلق بمطالب التحفيظ المثقلة بتعرضات ،فإنه يتعين على المحافظ اتباع
اإلجراءات التالية ،كما هي مفصلة بدورية المحافظ العام عدد 288بتاريخ :1983/10/17
-إيداع الحكم القاضي بنقل الملكية وفقا لمقتضيات الفصل 84من ظهير التحفيظ
العقاري؛
-التشطيب ،عند االقتضاء ومن خالل بيان هامشي ،على باقي اإليداعات باستثناء
التعرضات؛
-تجزيء مطلب التحفيظ إلى قسمين:
قسم أول يخص الرسم العقاري الذي تم تأسيسه ،والذي يجب
أن يتضمن فقط مسودة تأسيس الرسم العقاري ،الحكم القاضي
بنزع الملكية ،ثم محضر التحديد والتصميم الطبوغرافي؛
41
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أما إذا تعلق األمر بنزع ملكية عقار محفظ لفائدة المنفعة العامة ،فإن الدولة تقوم
كمرحلة أولى بتقييد مقرر التخلي بالرسوم العقارية المعنية ،ثم بعد استكمال اإلجراءات
القانونية لتنفيذ المشروع تقوم بتقييد االتفاقات بالتراضي المنجزة مع المالك المنزوعة
ملكيتهم ،وفي حالة تعذر االتفاق على قيمة التعويض يتم اللجوء إلى القضاء اإلداري قصد
استصدار حكم بنقل الملكية والذي يكون نهائيا في الشق المتعلق بنقل الملكية وابتدائيا فيما
يتعلق بالتعويض.
ومن ضمن اإلشكاالت الناتجة عن تطبيق القانون رقم 07 .81المذكور ،نالحظ أنه
في كثير من األحيان يتقدم األشخاص المنزوعة ملكياتهم بطلبات مباشرة إلى المحافظين
ع لى األمالك العقارية من أجل التشطيب على مشاريع نزع الملكية المضمنة بالسجالت
42
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
العقارية ،بدعوى مضي أكثر من سنتين عن نشر مقرر التخلي بالجريدة الرسمية دون أن يتم
تفعيل مشروع نزع الملكية من قبل الجهة المعنية ،وذلك باالستناد إلى مقتضيات الفصل 17
من القانون السالف الذكر.
غير أن التوجه العام للمحافظين على األمالك العقارية هو رفض االستجابة لطلبات
التشطيب المذكورة ما لم يتم اإلدالء بما يفيد تراجع الجهة نازعة الملكية عن المشروع المعني
وفق ما هو مشار إليه بالفصل 43من القانون رقم 07 .81المذكور ،وعند االقتضاء بحكم
قضائي نهائي وفقا لمقتضيات الفصل 91من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره
وتتميمه ،على اعتبار أن المحافظين ليس بإمكانهم معرفة ما إذا كانت الجهة نازعة الملكية
قد باشرت باقي اإلجراءات الرامية إلى نزع الملكية من خالل اللجوء إلى المسطرة القضائية
المنصوص عليها في الفصل 18من القانون رقم 07 .81المذكور ،أو من خالل التوصل
إلى اتفاقات رضائية مع األشخاص المنزوعة ملكيتهم وفقا للفصل 42من نفس القانون.
خالصة:
في ختام مداخلتي أضع بين أيديكم بعض االقتراحات التي أرى أنها من الممكن أن
تساهم في إصالح الهياكل العقارية العمومية وتوفير مزيد من الحماية لها ،وذلك قصد النظر
في مدى امكانية ادراجها ضمن التوصيات المنبثقة عن هذا اليوم الدراسي:
وضع مدونة عامة للعقار العمومي لجمع شتات النصوص التشريعية والتنظيمية
المؤطرة له ،مع الحفاظ على خصوصية كل عقار عمومي على حدة؛
مراجعة وتحديث المنظومة التشريعية للعقار العمومي ومالءمتها مع التطورات
االقتصادية واالجتماعية؛
توحيد مقتضيات مسطرة التحديد اإلداري ألمالك الدولة وأمالك الجماعات الساللية
المنظمة بمقتضى ظهيري 1916و 1924وتعميمها على جميع أنواع العقارات
43
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
العمومية تمهيدا لتحفيظها ،مع العمل على تعديل مجموعة من إجراءاتها ،وكذا
التأكيد على إلزام الجهة اإلدارية الوصية على العقار موضوع التحديد اإلداري على
طلب إخضاعه لمقتضيات نظام التحفيظ العقاري خالل مدة معينة ،كأن ال تتجاوز
السنتين من تاريخ إصدار مرسوم المصادقة على التحديد اإلداري؛
الحرص على تدعيم مطالب التحفيظ المتعلقة بالعقارات موضوع نزع الملكية لفائدة
المنفعة العامة بتصاميم طبوغرافية ممسوحة ( (plan levéبدال من تصاميم
موقعية التي تبقى المعلومات المضمنة بها غير ذات فائدة كبيرة في تسوية القضايا
المطروحة؛
حل المنازعات العقارية الناشئة بين إدارات الدولة الوصية على العقار العمومي
عن طريق الوساطة والصلح والتوافق للوصول إلى حلول رضائية بدال من عرض
النزاع على القضاء تفاديا لضياع الكثير من الجهد والوقت والمال.
44
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مقــــدمــــــة
يعتبر التقييد االحتياطي وسيلة قانونية و إجراء احترازي خوله المشرع لكل من يدعي
حقا على عقار محفظ.وقد نص الفصل 85من القانون 14-07المغير و المتمم لظهير
التحفيظ العقاري المؤرخ في 9رمضان 12( 1331غشت ":)1913يمكن لكل من يدعي
حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا لالحتفاظ به مؤقتا" .أي أن المشرع أبرز من
خالل هذا النص الدور الذي يلعبه التقييد االحتياطي في الحفاظ المؤقت على رتبة الحق
المراد تقييده بالسجل العقاري دونما التعريف الدقيق لهذا اإلجراء القانوني.
كما نصت المادة 13من القانون رقم 39-08المتعلق بمدونة الحقوق العينية ما يلي:
" إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني ال
مفعول لها تجاه الغير إال من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا".
و تتجلى وظيفته بعد تضمينه في السجل العقاري إلى إعالم األغيار عن وجود نزاع
بشأن الرسم العقاري المتعلق به ،كما أنه يضمن للمستفيد منه رتبة الحق الموجود و المتنازع
فيه أو الحق المحتمل ،و في المقابل يسقط قرينة حسن نية الغير المقيد بالرسم العقاري بعد
تضمين التقييد االحتياطي به.
45
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
و قد عرفه األستاذ بول دوكرو بأنه " ...بيان يثبت بصفة مؤقتة و مشروطة بالرسم
العقاري معلنا لحق مطالبا به و الذي يكون غير قابل للتقييد بالسجالت العقارية بطريقة
1
قانونية.".....
أما محكمة االستئناف بالسطات فقد عرفت التقييد االحتياطي من خالل قرار لها جاء
فيه:
"وحيث أن التقييد االحتياطي هو إمكانية يخولها القانون لكل من يدعي حقا على عقار
محفظ قصد االحتفاظ المؤقت لهذا الحق وذلك باإلشارة إليه في الرسم العقاري في
انتظار تحويل هذا التقييد إلى تسجيل نهائي أو إلغاؤه ومن تم فهو ذو طبيعة
2
خاصة."...
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصليين 85و 86من القانون 14-07المذكور يتبين أن
المشرع عدد ثالثة حاالت للتقييد االحتياطي (تقييد احتياطي بناء على سند ،تقييد احتياطي
بناء على أمر قضائي و تقييد احتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع).
االستاذ بول دوكرو " القانون العقاري المغربي " ،ص 188طبعة.1977 La porte 1
2
قرار محكمة االستئناف بسطات رقم 010/154بتاريخ .2012/07/01غير منشور.
46
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وسوف نحاول إبراز بعض اإلشكاليات العملية التي يطرحها التقييد االحتياطي من
خالل العمل اليومي للسادة المحافظين على األمالك العقارية وكذا من خالل الممارسة
القضائية ،مقتصرين على الحاالت العامة للتقييد االحتياطي كما جاء ذكرها في الفقرة الثانية
من الفصل 85من القانون 14-07السالف الذكر.
وعليه سيتم تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين نتناول في أولهما الصعوبات المتعلقة
بتضمين التقييد االحتياطي بناء على سند و كذا على أمر قضائي ،على أن نتناول في
ثانيهما الحاالت المتعلقة بالتقييد االحتياطي بناء على مقال الدعوى.
المبحث األول :الصعوبات المتعلقة بتضمين التقييد االحتياطي بناء على سند
وكذا على أمر قضائي
إن القراءة المتأنية للفقرة األولى والثانية من الفصل 86المذكور يبين أن المشرع لم
يعطي تعريفا دقيقا للتقييد االحتياطي بناء على سند كما أنه لم يحدد ويحصر الموانع من
التقييد والتي يتعذر بسببها إجراء التقييد النهائي.
47
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
و قد جاء في أحد ق اررات محكمة االستئناف بمراكش ما يلي " :إن التقييد االحتياطي
الذي يمنحه المحافظ على األمالك العقارية لمدة ال تتعدى 10أيام خاضع لسلطته
1
التقديرية."....
مما أفرز صعوبات متعددة تتعلق أساسا في تقدير الحاالت التي يتعذر فيها على
المحافظ على األمالك العقارية إنجاز تقييد السند على حالته و مدى ارتباط المانع بشكلية
بسيطة يمكن تجاوزها داخل مدة العشرة أيام كعدم المصادقة على صحة توقيع أحد األطراف
بمحرر ثابت التاريخ وقع تحريره وفق ما ينص عليه القانون أو نقصان معلومات تتعلق
بالحالة المدنية ألحد طرفي العقد ...إلخ.
و لقد تدخل السيد المحافظ العام للحسم في هذه النقطة في مذكرته عدد 389بتاريخ
20دجنبر 2011الموجهة للسادة المحافظين على األمالك العقارية و التي وضح فيها
بأنه " :يتم إجراء التقييد االحتياطي بناء على سند إذا كان هذا األخير يتضمن حقا يتعذر
على المحافظ تقييده على حالته و حالت شكلية بسيطة دون إجراء التقييد".
وبالتالي فإنه ال يمكن االستجابة إلى طلب تضمين تقييد احتياطي بناء على سند إال
بالنسبة للحقوق القابلة للتقييد النهائي في حد ذاتها بعد استكمال الشروط التي تنقصها أو
اإلدالء بما كان يتعين أن يرفق بالسند.
من جهة أخرى فإن المحافظ العقاري يستلزم اإلدالء بنظير الرسم العقاري لالستجابة
لطلب تضمين التقييد االحتياطي بناء على سند ألنه عندما يبث في هذا الطلب فهو يراعي
كل الشروط المتطلبة قانونا في هذا الشأن خاصة الفصل 89من نفس الظهير الذي يستلزم
1
قرار محكمة االستئناف بمراكش بتاريخ 23ابريل 1990تحت عدد 971في الملف المدني عدد 89/3510منشور بمجلة المحامي عدد 19
ص .263 :
48
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اإلدالء بنظير الرسم العقاري بالنسبة لكل طلب يتعلق إنشاؤه موافقة المالك المقيد و الحائز
لنظير الرسم العقاري.
و إذا كان الفصل 86في فقرته األولى ال يسمح بقبول أي تقييد آخر خالل مدة عشرة
أيام لحق يقتضي إنشاؤه موافقة األطراف فإن ذلك يعني حتما أن المحافظ على األمالك
العقارية يمكنه قبول خالل هذه المدة باقي طلبات التقييد بالنسبة للحقوق التي ال تقتضي
موافقة األطراف كالحجز التحفظي ،اإلنذار العقاري ،الرهن الجبري أو حتى التقييد
االحتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء و لفائدة
طرف آخر.
إذا كانت العبرة من تضمين تقييد احتياطي بناء على سند هو االحتفاظ المؤقت على
رتبة حق على عقار تعذر على المحافظ تقييده على حالته فإن الرسم العقاري المعني يبقى و
إلى غاية إجراء التقييد النهائي للسند في ملكية مالكه األصلي ،و بالتالي فإنه يجوز تقييد
أمر بحجز تحفظي لفائدة طرف أخر ضمانا لدين يدعيه ،فإذا استطاع المستفيد من التقييد
االحتياطي بناء على سند استكمال اإلجراءات التي على أساسها ثم قبول طلبه فسيتم تقييد
السند بأثر رجعي أي من تاريخ تضمين التقييد االحتياطي بناء على سند لفائدته و يشطب
بصفة تلقائية على الحجز التحفظي ألنه ال يمكن اإلبقاء على حجز مقيد في مواجهة غير
المالك المقيد ،إضافة إلى أن تقييد السند بأثر رجعي يعني حتما التشطيب على جميع
التقييدات الالحقة له.
وفي المقابل إذا لم يتمكن المستفيد من التقييد االحتياطي بناء على سند من استكمال
اإلجراءات داخل األجل القانوني فسيشطب على هذا التقييد االحتياطي بصفة تلقائية من
49
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
طرف المحافظ على األمالك العقارية ،وسيتم اإلبقاء على الحجز التحفظي ألنه قيد بصفة
نظامية وفي مواجهة المالك المقيد الذي لم يتغير.
وبنفس الكيفية سيتم التعامل مع جميع التقييدات التي ضمنت خالل العشرة أيام التي ال
يقتضي إنشاؤها موافقة األطراف وأن التشطيب عليها يتم بصفة تلقائية من طرف المحافظ
على األمالك العقارية دون استلزام أي إجراء قانوني إضافي من أجل القيام بذلك.
إلى جانب ذلك فإن المشرع أقر في الفقرة الثانية من الفصل 86المذكور أعاله على
أنه ال يمكن إجراء أي تقييد احتياطي بناء على سند إذا كانت مقتضيات القانون تمنع تقييده
النهائي ،والمقصود هنا أنه إذا كان العقار موضوع الطلب مثقال بمانع من موانع التقييد
كالحاالت المنصوص عليها في الفصل 87من القانون 14-07المشار إليه مثال فإن
المحافظ غلى األمالك العقارية يمتنع عن االستجابة لطلب تضمين التقييد االحتياطي بناء
على سند ألن هناك مانع قانوني سيحول دون التقييد النهائي.
والواضح أن هذا المقتضى ال يتعلق إال بالتقييد االحتياطي المقدم بناء على سند و
الموجه طلب تقييده إلى المحافظ على األمالك العقارية بما يترتب عنه من منع في حالة
وجود مقتضيات قانونية تنص على ذلك ،و ال يمكن قراءة الفقرة الثانية من هذا الفصل
بمعزل عن الفقرة األولى ألنها جاءت في سياق تنظيم المشرع للتقييد االحتياطي بناء على
سند ،و ال يمكن توسيع أثارها إلى بقية أنواع التقييدات األخرى ،إال أنه تبين من خالل
الممارسة القضائية أن بعض األوامر الصادرة عن بعض السادة رؤساء المحاكم االبتدائية
ترتكز في حيثياتها على الفقرة الثانية من الفصل 86و التي تتعلق كما جاء ذكره سلفا
بالتقييد االحتياطي بناء على سند و الموجه إلى المحافظ العقاري كقاعدة العتبار الطلب
50
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
غير جدي وفقا للفقرة السادسة من نفس الفصل و الذي جاء فيها " :و في جميع الحاالت ال
1
يصدر رئيس المحكمة االبتدائية األمر بالتقييد االحتياطي إال بعد تأكده من جدية الطلب".
أما فيما يتعلق بإمكانية تجديد المدة القانونية للتقييد االحتياطي بمقتضى سند ،فإن
الفصل 86من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بمقتضى القانون 14-07قد
استبعد هذه اإلمكانية حيث نص في فقرته السابعة أنه " :ال يمكن لطالب التقييد االحتياطي
أن يقدم أي طلب جديد بناء على نفس األسباب".
كما أن إمكانية تمديد مدته القانونية كما كان عليه الحال في الفصل 6من ظهير فاتح
يونيو 1915بشأن المقتضيات االنتقالية لتطبيق الظهير األساسي بشأن التحفيظ العقاري
الملغى لم تعد متاحة لكون المقتضيات الجديدة للفصليين 85و 86من القانون المذكور لم
تعطي صراحة هذه اإلمكانية وهذا ما ذهب إليه السيد المحافظ العام في مذكرته السالفة
الذكر والموجهة للسادة المحافظين على األمالك العقارية والتي جاء فيها ما يلي:
" خالفا لمقتضيات الفصل 6من الظهير الشريف المؤرخ في فاتح يونيو 1915الذي
تم نسخه بموجب القانون رقم 14-07المذكور والتي كانت تسمح بإمكانية تمديد
التقييد االحتياطي بناء على سند استنادا إلى مقال دعوى في الموضوع أو أمر بالتقييد
االحتياطي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية فإن مقتضيات الفصل 86ال تنص
على إمكانية تمديد التقييد االحتياطي بناء على سند ".
1
أمر قضائي لرئيس المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء عدد 2014/10/1880جاء فيه " :حيث إن السند الذي يستند عليه الطالب مخالف
لمقتضيات القانون 25/90وبالتالي ال يؤدي إلى التقييد النهائي على الرسم العقاري والقاعدة ال يمكن إجراء أي تقييد احتياطي بناء على سند تمنع
مقتضيات القانون تقييده النهائي مما يكون معه الطلب غير جدي" .منشور بمؤلف الدكتور عمر أزوكار " التقييدات و التشطيبات في الرسم العقاري
في ضوء نوازل القضاء محكمة النقض و محاكم الموضوع" ص .287 :
51
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إال أن بعض الفقه يرى خالف ذلك ويعتبر أن سكوت المشرع عن إمكانية تمديد
مفعول التقييد االحتياطي بمقتضى سند بناء على الفصليين 85و 86المذكورين أعاله ال
يمكن تفسيره بأنه ال يجيز ذلك.1
لقد نظم المشرع هذا النوع من التقييد االحتياطي استنادا إلى الفصليين 85و 86من
القانون المشار إليه سلفا ،حيث جاء في الفصل 85أن التقييد االحتياطي يمكن أن يتخذ
بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها.
كما أن الفقرة الخامسة من الفصل 86أشارت إلى أنه يحدد مفعول التقييد االحتياطي
الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة االبتدائية في ثالثة أشهر ابتداء من تاريخ
صدوره ،ما لم ينجز التقييد النهائي للحق ،وتكون هذه المدة قابلة للتمديد بأمر من رئيس
المحكمة االبتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع ،ويستمر مفعول هذا التمديد إلى حين
صدور حكم نهائي.
األستاذ محمد ابن الحاج السلمي " التقييد االحتياطي في التشريع العقاري " وفق مستجدات القانون رقم ،14-07ص .159 :الطبعة الثانية 1
.2014
52
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
و يصدر رئيس المحكمة االبتدائية األمر بناء على طلب صاحب الحق المفترض وفي
غيبة الخصم .و في حالة رفض الطلب ،فإن األمر القاضي برفض الطلب يكون قابال
لالستئناف داخل أجل خمسة عشر يوما من يوم النطق به و الكل عمال بمقتضيات الفصل
148من قانون المسطرة المدنية .و يتم تذييل األمر بعبارة – نأمر بالرجوع إلينا في حالة
وجود صعوبة – و يتم تضمين هذا األمر القضائي بالرسم العقاري المعني بعد تقديم طلب
في هذا الشأن للمحافظ على األمالك العقارية المختص عمال بمقتضيات الفقرة األخيرة من
الفصل 69من ظهير التحفيظ العقاري و التي جاء فيها " :و يرفق بالطلب كل حكم
مكتسب لقوة الشيء المقضي به أوكل عقد أو وثيقة أدلى بها تدعيما لهذا الطلب " إضافة
إلى أداء الوجيبات المستحقة لدى صندوق المحافظة تبعا لتعريفة محددة بمرسوم.
وغالبا ما ال تثير هذه العملية من صعوبات ،خاصة و أن األمر القضائي يعتمد في
إصداره على شهادة الملكية العقارية التي تحدد و بتدقيق المرجع العقاري للملك موضوع
الطلب ،اسم المالك المقيد و كذا التحمالت العقارية إن وجدت .إال أنه و في بعض الحاالت
قد تثار بعض اإلشكاليات و الصعوبات القانونية تحول دون تضمين األمر الصادر عن
السيد رئيس المحكمة االبتدائية المختص .و نذكر على سبيل المثال :األمر الصادر عن
رئيس المحكمة االبتدائية بالرباط و الرامي إلى إجراء تقييد احتياطي على الرسم العقاري...
الكائن بالرباط لفائدة الجهة صاحبة الطلب و ذلك لضمان حقوقها إلى حين صدور حكم
نهائي في موضوع دعوى القسمة في مواجهة المدعى عليهم.1
إال أن المحافظ على األمالك العقارية بالرباط-حسان تعذر عليه تضمين األمر
القضائي بالتقييد االحتياطي على الرسم العقاري المعني ،حيث أثار في معرض جوابه عن
وجود صعوبة قانونية تتمثل في كون المدعى عليهم ليسوا مالكين على الشياع مع المدعين
1
أمر قضائي صادر عن رئيس محكمة الرباط عدد 2014/1883بتاريخ 12مارس . 2014غير منشور.
53
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وفق ما يستلزمه الفصل 314من القانون 39-08المتعلق بمدونة الحقوق العينية بل أنهم
مالكين لحق هواء جزئي ينظمه مقتضيات الفصل 138من نفس القانون .وأضاف ،و حيث
أن دعوى القسمة تفترض وجود مالكين على الشياع في حق من نفس الطبيعة و نظ ار
لمقتضيات الفصل 74من ظهير 12غشت 1913كما وقع تغييره و تتميمه و تبعا للفقرة
الثانية من منطوق األمر الرئاسي التي تأمر بالرجوع إلى السيد الرئيس في حالة قيام أية
صعوبة في تنفيذ األمر الجاري فإنه يتعذر تضمين التقييد االحتياطي و ذلك لألسباب
المذكورة أعاله.
هذا من جهة و من جهة أخرى فإن العمل اليومي للسادة المحافظين على األمالك
العقارية أظهر كذلك صعوبات أخرى سنحاول إبرازها كما يلي:
54
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
و يرى بعض الفقه إلى ضرورة تعديل الفصلين 85و 86من ظهير التحفيظ العقاري
كما وقع تغييره و تتميمه بالتنصيص على اختصاص رئيس المحكمة المختص أو المرفوع
1
إليه النزاع سلفا.
في حين يرى اتجاه آخر من الفقه أن مقتضيات الفصل 85من ظهير 12غشت
1913بشأن التحفيظ العقاري كما وقع تغييره و تتميمه بمقتضى القانون 14-07يعطي
االختصاص المذكور لرئيس المحكمة االبتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها و المحكمة
المختصة هنا هي المحكمة االبتدائية بال تردد و ال يمكن بأي حال من األحوال أن تكون
هي المحكمة اإلدارية أو المحكمة التجارية و لو في درجة إحداهما االبتدائية.2
ثانيا :إصدار أمر بتقييد احتياطي بناء على مقال دعوى في الموضوع
لقد جاء في الفقرة الخامسة من الفصل 86من القانون 14-07المشار إليه بأنه يحدد
مفعول التقييد االحتياطي الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة االبتدائية في ثالثة
أشهر ابتداء من تاريخ صدوره ،ما لم ينجز التقييد النهائي للحق ،و تكون هذه المدة قابلة
للتمديد بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع ،و يستمر
مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي.
إن القراءة المتأنية لهذه الفقرة تبين أن المشرع أعطى للمستفيد من األمر القضائي
بإجراء التقييد االحتياطي مدة قانونية ال تتجاوز ثالثة أشهر من أجل تسوية و استكمال الحق
العيني المراد تقييده بالسجل العقاري كإجراء احترازي و ذلك قبل اللجوء إلى قضاء الموضوع
و اشترط المشرع في مرحلة ثانية وجوب تقديم دعوى في الموضوع من اجل تمديد المدة
1
عمر أزوكار مرجع سابق ص .269 :
2
محمد ابن الحاج السلمي .مرجع سابق ص.169 :
55
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القانونية و ذلك بأمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية إذا ما تبين للطالب أن مدة الثالثة
أشهر غير كافية الستكمال الشروط المتعلقة بالحق المراد تأسيسه أو تغييره أو إنشاؤه.
معنى ذلك أن طلب استصدار األمر القاضي بإجراء التقييد االحتياطي يكون سابقا
إلدراج دعوى في الموضوع .إال أنه يتبين أنه في بعض الحاالت يتم استصدار أوامر
قضائية (والتي تتعلق بتمديد التقييد االحتياطي المضمن أصال بناء على أمر قضائي)
تأسيسا على مقال دعوى في الموضوع.
"و حيث أن الجهة طالبة اإلجراء سجلت دعوى من أجل قسمة عقار ،لذا تلتمس
األمر بإجراء تقييد احتياطي على الرسوم العقارية المذكورة أعاله و ذلك ضمانا لحقوقها
في مواجهة المطلوب ضدهم ،معززة طلبها بصور من شواهد المحافظة العقارية و رسم
إراثة و نسخة من مقال افتتاحي و نسخة من استدعاء و من مقال إدخال أصحاب
الحقوق العينية....
نوافق على الطلب فنأمر :بإجراء تقييد احتياطي على الرسوم العقارية عدد ....و ذلك
1
ضمانا و حفاظا لحقوق الجهة صاحبة الطلب السيدة" ......
و نرى على أنه في حالة ما إذا أدرج الطالب دعواه بمقال في الموضوع إلى المحكمة
االبتدائية فإنه يتوجب عليه أن يتقدم بطلبه مباشرة إلى المحافظ على األمالك العقارية من
أجل تضمين تقييد احتياطي بناء على مقال و المحدد مدته في شهر واحد ال أن يتوجه إلى
رئيس المحكمة االبتدائية من أجل استصدار أمر بالتقييد االحتياطي .و هذا ما ذهب إليه
أمر قضائي لرئيس المحكمة االبتدائية المدنية بالدار البيضاء حيث جاء فيه:
1
أمر قضائي صادر عن رئيس محكمة الرباط بالنيابة عدد 2014/3547بتاريخ 16ماي .2014غير منشور.
56
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
" حيث إن الطلب يرمي إلى ما هو مسطر أعاله و حيث أنه و من الثابت أن التقييد
االحتياطي إما أن يتم بناء على مقال افتتاحي للدعوى و إما بناء على أمر قضائي
صادر عن رئيس المحكمة .و حيث إنه و ما دام الطالب اختار اللجوء إلى رئيس
المحكمة إليقاع تقييد احتياطي فإن هذا التقييد ال يمكن أن يتم إال بناء على أمر و ال
يمكن وصفه بأنه تقييد احتياطي بناء على مقال حتى و لو أدلى الطالب بنسخة من
المقال االفتتاحي ،إذ كان على الطالب إذا أراد االستفادة من مقتضيات التقييد
االحتياطي بناء على مقال أن يتوجه بطلبه هذا مباشرة إلى المحافظ على األمالك
1
العقارية ،األمر الذي يبقى معه األمر غير مؤسس و يتعين األمر برفضه" .
المبحث الثاني :الصعوبات المتعلقة بالتقييد االحتياطي بناء على نسخة من
مقال الدعوى
لقد أعطى المشرع لكل من يدعي حقا على عقار محفظ إمكانية اللجوء إلى التقييد
االحتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء مباشرة ودون
اللجوء إلى التقييد االحتياطي بناء على أمر وهذا ما نص عليه الفصل 85من القانون -07
14المذكور ،وأضافت مقتضيات الفصل 86منه على أن مدته تنحصر في شهر ويشطب
على هذا التقييد االحتياطي تلقائيا ،بعد انصرام األجل المذكور ،ما لم يدل طالب التقييد بأمر
صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية طبقا ألحكام الفصل 85أعاله.
كما أن المادة 13من القانون 39-08المتعلق بمدونة الحقوق العينية نصت على أن
الدعاوى الرامية إ لى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني ال
مفعول لها تجاه الغير إال من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا.
1
أمر قضائي لرئيس المحكمة االبتدائية المدنية بالدار البيضاء عدد 2010/10/4600بتاريخ 2010/02/16منشور بمؤلف عمر أزوكار ،مرجع
سابق ص .270-269 :
57
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والحالة الوحيدة التي رتب عليها المشرع عدم قبول الدعوى إذا لم تقيد تقييدا احتياطيا
هي دعوى القسمة كما نص على ذلك الفصل 316من مدونة الحقوق العينية وتعلقت
الدعوى بطبيعة الحال بعقار محفظ.
وفي الحاالت األخرى يبقى على عاتق المطالب بحق قابل للتقييد بالسجل العقاري أن
يبادر إلى تضمين تقييد احتياطي بناء على مقال الدعوى موجها طلبه في هذا الشأن إلى
المحافظ على األمالك العقارية المختص ت اربيا مع أداء الوجيبات عن هذه العملية بصندوق
المحافظة العقارية ،والكل تحت طائلة فقدان رتبة الحق المدعى بشأنه وعدم إمكانية مواجهة
التقييدات الالحقة المترتبة على الرسم العقاري المعني.
وبالرجوع إلى الفقرتين الثالثة والرابعة للفصل 86من القانون 14-07المشار إليه
يتبين بأن المشرع أقر التشطيب على التقييد بناء على مقال الدعوى ،ما لم يدل طالب التقييد
بأمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية طبقا ألحكام الفصل 85أعاله ،و لم يستعمل
مصطلح " تمديد" كما هو الشأن بالنسبة للتقييد االحتياطي بناء على أمر قضائي و الذي
تكون مدته قابلة للتمديد بأمر رئاسي شريطة تقديم دعوى في الموضوع.
فقد تبين من خالل الواقع العملي وجود حالتين بالنسبة لألوامر المدلى بها بعد تضمين
التقييد االحتياطي بناء على مقال ،فقد جاء في أمر صادر عن السيد رئيس المحكمة
االبتدائية بالرباط:
".......و حيث سبق للطالب أن أنجز تقييدا احتياطيا مقيد بتاريخ 2015/04/06
على الرسم العقاري بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع....
58
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لذلك نأذن للسيد المحافظ على األمالك العقارية بالرباط ،عطفا على التقييد االحتياطي
المشار إليه أعاله ،بإجراء تقييد احتياطي على العقار ذي الرسم العقاري عدد ...الكائن
بالرباط ،يستمر مفعوله إلى حين صدور حكم نهائي في الدعوى أدناه ".1
يمكن القول أنه و انسجاما مع المقتضيات القانونية المذكورة سلفا فإن إصدار األمر
القضائي داخل أجل الشهر ابتداء من تاريخ تضمين التقييد االحتياطي بناء على مقال
بالسجل العقاري سيؤدي حتما إلى استمرار سريان مفعوله إلى حين صدور حكم نهائي في
الدعوى الجارية إال أن المشرع لم يستعمل مصطلح " التمديد" كما هو الحال بالنسبة لألمر
القضائي المذكور في المثال الثاني.
1
أمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بالرباط عدد 2534بتاريخ 2014 /04/13غير منشور.
2
أمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بالرباط بالنيابة عدد 2014/3459بتاريخ .2014/05/14
59
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إلى جانب ذلك فقد أظهرت الممارسة القضائية فيما يخص بعض الدعاوى خصوصية
فيما يتعلق إما بمآل التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى (حالة تقييد محضر البيع
بالمزاد العلني) أو إلزامية تضمينه من عدمه (حالة دعوى الشفعة) وكدا خصوصية دعوى
القسمة.
الفقرة االولى :مآل التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى بعد تقييد البيع
بالمزاد العلني
لقد نصت الفقرة الثانية للفصل 220من القانون رقم 39-08المتعلق بمدونة الحقوق
العينية بأنه يترتب على تقييد محضر إرساء المزايدة بالرسم العقاري انتقال الملك إلى من رسا
عليه المزاد وتطهيره من جميع االمتيازات والرهون وال يبقى للدائنين حق إال على الثمن.
أي أن المشرع حدد و على سبيل الحصر ما يتم تطهيره من العقار و ذلك في
االمتيازات و الرهون ،و إذا ما كان العقار مثقال بتقييد احتياطي بناء على نسخة من مقال
دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء فإنه ال يتم التشطيب عليه إال بعد صدور أحكام
قضائية نهائية أو بتنازل المستفيد منه ،و ال يمكن التشطيب عليه بمجرد تقييد محضر البيع
بالمزاد العلني بحجة أنه ال يمكن تنزيل التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى منزلة
االمتيازات أو الرهون التي تنظمها مقتضيات أخرى جاء سردها في المادة 10من نفس
القانون و عرفت على كونها حقوق عينية تبعية ال تقوم بذاتها ،و إنما تستند في قيامها على
وجود حق شخصي ،و تكون ضمانا للوفاء به.
" في حين أن التقييد االحتياطي بناء على مقال الدعوى إنما يحفظ لصاحبه الرتبة في
تقييد الحق العيني ابتداء من تاريخ التقييد ،و أنه إذا ما ثبت أن الحكم في الدعوى
60
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المرتبطة به صدر لفائدة المدعي و أصبح نهائيا و حائ از لقوة الشيء المقضي به ،فإنه
يتم تقييد حقوق هذا األخير بصرف النظر عن كل التقييدات الالحقة لتاريخ التقييد
االحتياطي ،و أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه كان مطلوبا منها أن تتأكد مما
قضى به الح كم لفائدة المدعي و فيما إذا أصبح حائ از لقوة الشيء المقضي به و فيما
إذا كان التقييد االحتياطي للطاعن سابقا لتقييد البيع بالمزاد العلني أم ال ،و ذلك
بصرف النظر عن مال ذلك البيع ،و أنها لما لم تفعل ،جاء قرارها فاسد التعليل المنزل
منزلة انعدامه و غير مرتكز على أساس قانوني ،مما عرضه بالتالي للنقض
1
واإلبطال.
1
قرار محكمة النقض عدد 1/522ملف مدني عدد 2014/1/1560بتاريخ .2014/10/28غير منشور.
61
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
نصرح علنيا ابتدائيا و غيابيا للمدعى عليها ،في الموضوع :باالستجابة إليه فنأمر
بالتشطيب على التقييد االحتياطي المقيد على الملك المسمى نيقوسيا ذي الرسم العقاري
عدد ...المسجل بمقتضى مقال بتاريخ 1982/01/01سجل 182عدد 566لفائدة
المدعى عليها شركة(".....أمر استعجالي عدد 2014/368بتاريخ .)2014/03/31
في حين أن الشركة المستفيدة من التقييد االحتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى
كا نت تطالب المدعى عليها بتطهير العقار من مانع من موانع التقييد المتمثل في الحجز
التحفظي حتى تتمكن من تقييد عقد عرفي لمبادلة لفائدتها تهم عقاريين محفظين.
و بعد استنفاذ الدعوى لدرجتي التقاضي و كدا بعد بث محكمة النقض في النازلة ،ثم
االعتراف للشركة المدعية في استحقاقها للعقاريين موضوع التقييد االحتياطي بناء على مقال
دعوى المذكورة مراجعه أعاله.
و لما ثم طلب تقييد الطلبين معا ،األول يتعلق بالتشطيب على التقييد االحتياطي بناء
على مقال دعوى و الكل بناء على أمر ابتدائي استعجالي و لألسباب المذكورة أعاله و كذا،
إيداع طلب تقييد منطوق األحكام القضائية النهائية و المكتسبة لقوة الشيء المقضي به ،و
أمام تعارض الطلبين ،فإن المحافظ على األمالك العقارية بالرباط -حسان أصدر ق ارره
برفض الطلبين معا لوقوعهما تحت طائلة مقتضيات الفصل 76من ظهير التحفيظ العقاري
كما وقع تغييره و تتميمه بمقتضى القانون .14-07
أوال :بناء على طلب األستاذ ....المحامي بهيئة الدار البيضاء نيابة عن موكلته
شركة .....الوارد على هذه المحافظة تحت عدد 1183بتاريخ 27نونبر 2014و المرفق
ب:
62
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
" الحكم على المدعى عليها ....بأن تعمل على رفع الحجز التحفظي المحمل
به هذا الرسم العقاري مع أمر السيد المحافظ على األمالك العقارية بالرباط
بتسجيل عقد المبادلة المؤرخ في ."1981/07/28
63
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
التشطيب على التقييد االحتياطي المقيد بالرسم العقاري عدد ...المسجل بمقتضى
مقال بتاريخ 1982/01/01سجل 182عدد 566لفائدة المدعى عليها شركة....
نظ ار ألن التشطيب على التقييد االحتياطي بناء على مقال إن ثم بناء على
األمر االستعجالي المذكور أعاله سيحول دون تقييد األحكام المشار إليها أعاله
و للتقييد المنجز بكناش 268عدد 37 :بتاريخ 2014/01/24لفائدة الغير
المتملك حاليا لهذا الرسم العقاري عن طريق شرائه له بالمزاد العلني.
اعتبا ار ألن تقييد عقد المبادلة بأثر رجعي يعود لتاريخ التقييد االحتياطي بناء
على المقال االفتتاحي الصادر بشأنه األحكام المدلى بها يتناقض مع األمر
القضائي الصادر بالتشطيب على التقييد االحتياطي.
مما يجعل هذين التقييدين متناقضين وبالتالي يقعان تحت طائلة الفصل 76من ظهير
التحفيظ العقاري المؤرخ في 12غشت 1913كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14-07
مما يتوجب رفضهما معا.
64
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
و ال بد من اإلشارة هنا أنه إضافة إلى أن تقييد البيع بالمزاد العلني ال يطهر العقار إال
من االمتيازات و الرهون كما جاء ذكره سلفا ،فإن المستفيد من هذا البيع الجبري إبان اقتناءه
للعقار موضوع النازلة كان على علم " بمفهوم قانون التحفيظ العقاري" بوجود التقييد
االحتياطي بناء على مقال ،أي أن العين موضوع البيع الجبري متنازع حولها و مع ذلك
بادر إلى اقتناء العقار ،بدليل أن كناش التحمالت يتضمن مراجع التقييد االحتياطي الذي
صدر بشأنه أحكام قضائية نهائية و مكتسية لقوة الشيء المقضي به ،و بالتالي فإن
المستفيد من محضر البيع بالمزاد العلني ال يمكن له االحتجاج أو الدفع بأنه مقتني حسن
النية و االستفادة من مقتضيات الفصلين 66و 67من ظهير التحفيظ العقاري المشار إليه.
الفقرة الثانية :إلزامية تضمين التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى من
عدمه في حالة دعوى الشفعة
لقد عرف المشرع في المادة 292من القانون رقم 39-08المتعلق بمدونة الحقوق
العينية الشفعة بكونها أخد شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة
بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد الالزمة والمصروفات الضرورية النافعة عند
االقتضاء.
و لن نتناول في هذه الفقرة دراسة شروط أو آثار الشفعة ،بل سنقتصر على تبيان
موقف المحافظ على األمالك العقارية عندما يطلب منه تقييد أحكام قضائية نهائية و
القاضية باستشفاع حق أو حقوق مشاعة بالرغم من أن العقار المعني أثقل بتقييد لحق عيني
لفائدة الغير قبل تضمين التقييد االحتياطي بناء على مقال لدعوى الشفعة ( الحالة األولى)
ثم موقف االجتهاد القضائي بخصوص قرار رفض تقييد أحكام قضائية نهائية و مكتسبة لقوة
الشيء المقضي به و القاضية باستشفاع حصص مشاعة بعلة أن العقار مثقل بحجز
65
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تحفظي و أن دعوى الشفعة لم تقيد بالرسم العقاري لضمان تقييد األحكام القضائية النهائية
بأثر رجعي و بالتالي مواجهة التقييد الالحق المتمثل في الحجز التحفظي( الحالة الثانية).
الحالة األولى
و يتعلق األمر بتقييد أحكام قضائية نهائية و مكتسبة لقوة الشيء المقضي به و
القاضية باستشفاع حظوظ مشاعة بالرسم العقاري عدد ...إال أن المحافظ عل األمالك
العقارية بأكدال -الرياض رفض تقييدها بعلة أن الحظوظ المشفوعة مثقلة برهنين لفائدة
الصندوق الوطني للقرض الفالحي ثم تقييدهما على التوالي بتاريخ 1988/09/19و تاريخ
1998/11/13أي قبل تضمين التقييد االحتياطي الذي ثم تضمينه بتاريخ
.1994/04/16معنى ذلك أن تقييد األحكام القضائية النهائية بأثر رجعي سيعود إلى تاريخ
تضمين التقييد االحتياطي و لن يطال بذلك الرهنين المقيدين سابقا لفائدة المؤسسة البنكية.
وبعد الطعن في قرار المحافظ على األمالك العقارية واستنفاد درجتي التقاضي وعرض
القضية على المجلس األعلى ،فإن هذا األخير أقر كقاعدة جاء فيها ما يلي:
" إن رفض المحافظ على األمالك العقارية تسجيل الحكم بالشفعة بالرسم العقاري بعلة
أن الحظوظ المشفوعة مثقلة برهن مقيد لفائدة الغير بتاريخ سابق لتسجيل الشفيع تقييدا
احتياطيا على الرسم العقاري يكون غير مستند على أساس ألن التقييد االحتياطي غير الزم
لحفظ حقوق طالب الشفعة ،إذ أن حقه فيها ينشأ عند إجراء البيع وليس عند التسجيل بالرسم
العقاري ،عالوة على أن المحافظ على األمالك العقارية ملزم بتسجيل الحكم القضائي
1
بالشفعة في الرسم العقاري إذا اكتسب الحكم الصبغة النهائية وأصبح واجب التنفيذ".
1
قرار صادر عن المجلس األعلى عدد 3958في الملف المدني عدد 2008/4/1/3103بتاريخ 28شتنبر 2013منشور "بمجلة ملفات عقارية"
الصادرة عن محكمة النقض .2012العدد.1
66
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الحالة الثانية
فبنازلة أخرى ،ثم فيها طلب تقييد أحكام قضائية نهائية ومكتسبة لقوة الشيء المقضي
به (حكم ابتدائي مؤرخ في 2010/04/07ملف رقم )9/06/254مؤيد بقرار استئنافي رقم
99بتاريخ 2012/09/27مشفوعين بشهادة بعدم النقض والقاضية جميعها باستحقاق
العارضات شفعة ما اشتراه المدعى عليهما والمتمثل في 2/8سهما مشاعا في كافة الملك
موضوع الرسم العقاري عدد ....واإلذن للمحافظ العقاري بالرباط -حسان بتسجيلها بالرسم
العقاري المذكور.
إال أن المحافظ على األمالك العقارية بالرباط -حسان أصدر ق ارره تحت رقم
/106مع 3/03/مؤرخ في 2013/03/04والذي استجاب فيه للطلب جزئيا فيما يخص
تقييد استشفاع الحصة المشاعة وقدرها ،1/8ورفض في المقابل تقييد الحصة المشاعة
الباقية وعلل قرار رفضه هذا بوجود ما اعتبره مانع قانوني يتمثل في الحجز التحفظي المقيد
بتاريخ 2006/12/11الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط .وقد أضاف في ق ارره
أن مقال الدعوى المؤرخ في 2006/11/20والذي على إثره أدرجت الدعوى القضائية
الستشفاع الحقوق المشاعة موضوع الطلب لم يسبق أن ضمن بالرسم العقاري المعني عن
طريق التقييد االحتياطي قصد مواجهة التقييد الالحق والمتمثل في الحجز التحفظي المذكور
أعاله.
ثم الطعن في هذا القرار أمام المحكمة االبتدائية بالرباط والتي قضت في حكمها المؤرخ
في 2013/04/22برفض الطلب معللة حكمها بكون قرار المحافظ القاضي برفض طلب
تقييد استشفاع المدعيات لنصيب المحجوز عليها الشركة العقارية ....مؤسس قانونا وفي
نطاق صالحياته في مراقبة مدى قابلية الحكم للتقييد وال يمس في شيء جوهر الحكم ،بوجود
67
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
حجز تحفظي يحول دون استجابته للطلب المذكور ،وتبعا لذلك فطلب المدعيات الرامي إلى
إلغاء قرار المحافظ ،وتصديا الحكم بتقييد األحكام القضائية المذكورة أعاله والقاضية
باستشفاع الحصة العائدة للشركة العقارية ...بعد التشطيب على الحجز التحفظي من الرسم
العقاري عدد ...غير مبرر وغير مؤسس قانونا في غياب ما يؤكد رفع الحجز التحفظي
المثقلة به الحقوق موضوع الحكم بالشفعة المراد تقييده.
و يتبين من خالل الحالتين المذكورتين أعاله أنه من الرغم من أن الفصلين 85و 86
من القانون 14-07المذكور سابقا جاء شامال و لم يستثن دعوى الشفعة في العقار المحفظ
من إمكانية تضمينها احتياطيا عن طريق مؤسسة التقييد االحتياطي إال أن االجتهاد
القضائي اعتبر و أسس قاعدة مفادها أن التقييد االحتياطي غير ضروري لحفظ حقوق طالب
الشفعة ،و أن الشفعة حلول بمقتضى القانون للشفيع محل المشفوع منه و يتم ذلك حتى دون
اللجوء إلى تسجيل التقييد االحتياطي ،ألن هذا األخير يتم عند ادعاء حق عيني عقاري
على عقار محفظ ،بينما األمر يتعلق بحق الشفعة الذي ينشأ للشركاء عند وقوع البيع ،و له
أن يبطل جميع التصرفات التي أحدثها المشتري األول أو ما قد يقع من تقييدات جبرية
كالحجز التحفظي متى كان القصد منه حرمانه من حق الشفعة.
68
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لقد نصت المادة 316من القانون رقم 39-08المتعلق بمدونة الحقوق العينية أنه ال
تقبل دعوى القسمة إال إذا وجهت ضد جميع الشركاء وثم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت
بعقار محفظ .ومن هذا المنطلق فإن المشرع ألزم كل من أقام دعوى القسمة على عقار
محفظ أن يقيدها تقييدا احتياطيا تحت طائلة عدم القبول.
لقد عبرت مؤسسة المحافظ العام عن رأيها في هذه النقطة في معرض جوابها المؤرخ
في 04يونيو 2014ردا على طلب إبداء رأي موجه للمحافظ على األمالك العقارية بسوق
األربعاء الغرب جاء فيها:
" ...يشرفني أن أنهي إلى علمكم أن مقتضيات المادة 316المذكورة تشير فقط إلى
إلزامية إجراء التقييد االحتياطي لدعوى القسمة دون التنصيص على مقتضيات خاصة
منظمة له ،وعليه فإن التقييد االحتياطي يبقى خاضعا للمقتضيات العامة للتقييد االحتياطي
المنصوص عليه في الفصلين 85و 86من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره
وتتميمه."...
69
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
و مما يزكي هذا االتجاه هو أن المشرع لو كان يريد إعطاء خصوصية ما للتقييد
االحتياطي المتعلق بدعوى القسمة لنص على ذلك صراحة في المادة 316السالفة الذكر،
كما هو الشأن بالنسبة للفصل 25من القانون 7-81المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة
العامة و االحتالل المؤقت الذي أعطي إمكانية لنازع الملكية بالنسبة لعقار محفظ أو حقوق
عينية مترتبة عليه طلب تضمين تقييد احتياطي على الرسم العقاري المعني مستندا في طلبه
على األمر بالحيازة المنصوص عليه في الفصل 24من نفس القانون ،و أضاف و تكملة
لمقتضيات الفصل 86من ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 12غشت 1913فإن
صالحية هذا التقييد االحتياطي تبقى سارية المفعول إلى حين تقييد نقل الملكية من تاريخ
التقييد االحتياطي المذكور.
إال أن هذه النقطة المثيرة للجدل القانوني تم الحسم فيها بتدخل من المشرع وذلك
بتعديل المادة 316من القانون رقم 39.08المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1-11-178بتاريخ 25من ذي الحجة 1432الموافق ل 22
نونبر ،2011وقد صدر هذا التعديل بالجريدة الرسمية عدد 6655المؤرخ في 12مارس
2018والذي أقر أن التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى القسمة يظل مفعوله ساريا إلى
حين صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به.
ومن جهة أخرى فإن الممارسة القضائية أثبتت وجود اتجاهين في قبول دعوى القسمة
من حيث وجود نزاع متعلق بالعقار موضوع القسمة من عدمه.
70
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
االبتدائي و بغض النظر عن باقي األسباب المثارة فإن ما ذكر يكفي للحكم بعدم قبول
الدعوى إلى حين تصفية النزاع الذي أساسه التقييد االحتياطي المشار إليه في شهادة
1
المحافظة ".
وهذا االتجاه أو الموقف يعتبر وجود نزاع حول العقار مانع من القسمة القضائية .أما
االتجاه الثاني فيرى بأنه يمكن البث في دعوى القسمة بالرغم من وجود نزاع حول العقار
المعني .و قد جاء في قرار لمحكمة سطات رقم 154بتاريخ 2012/07/01ما يلي:
" وحيث أن التقييد االحتياطي هو إمكانية يخولها القانون لكل ما يدعي حقا على عقار
محفظ قصد االحتفاظ المؤقت بهذا الحق وذلك باإلشارة إليه في الرسم العقاري في
انتظار تحويل هذا التقييد إلى تسجيل نهائي أو إلغاؤه ومن تم فهو ذو طبيعة خاصة ال
تتعارض مع طلب القسمة وليس مانعا لها بحكم هذه الطبيعة".
خاتـــمـــــــــة
يعتبر التقييد االحتياطي الوسيلة القانونية الوحيدة التي قررها المشرع من أجل المحافظة
على رتبة الحق الموجود والمتنازع فيه أو الحق المحتمل على عقار محفظ ،إال أن المشرع
ترك اإلمكانية والمبادرة لصاحب الحق المطالب به في اللجوء إلى مؤسسة التقييد االحتياطي
دونما إلزامه كما هو الشأن في دعوى القسمة بتضمين تقييد احتياطي تحت طائلة عدم قبول
دعواه.
وقد أظهر الواقع العملي أن حقوق عينية كثيرة أهدرت وتعذر تقييدها بالسجالت
العقارية رغم استنفاد جميع مراحل التقاضي وذلك بسبب عدم تضمين تقييد احتياطي لمواجهة
التقييدات الالحقة.
1
قرار محكمة االستئناف بمراكش رقم 850 :صدر بتاريخ 10/10/21رقم 2010/874منشور بمؤلف عمر أزوكار مرجع سابق ص336 :
71
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وقد تبين كذلك من خالل ما سبق ذكره أن المشرع بالرغم من تغيير المقتضيات
المتعلقة بالتقييد االحتياطي فإن هناك صعوبات وإشكاليات برزت من خالل العمل اليومي
للسادة المحافظين على األمالك العقارية وكذا من خالل الممارسة القضائية مما يدفعنا إلى
إبداء بعض االقتراحات نجملها فيما يلي:
إعادة صياغة الفقرة المتعلقة بالتقييد االحتياطي بناء على أمر من الفصل 85
كما يلي:
"بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية المختص والتي
يقع العقار في دائرة نفوذها".
إتاحة إمكانية تمديد مدة التقييد االحتياطي بناء على سند إما بأمر قضائي او
بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.
إعادة صياغة الفقرة األولى من الفصل 85من القانون 14-07بما يفيد
وجوب طلب التقييد االحتياطي لكل من يدعي حقا على عقار محفظ لالحتفاظ
به مؤقتا.
إضافة بداية احتساب أجل الشهر بالنسبة للتقييد االحتياطي بناء على نسخة
مقال الدعوى في الموضوع في الفقرة الثالثة من الفصل 86من القانون -07
14واعتبار تاريخ تقييده كنقطة االنطالق.
إعادة صياغة الفقرة السابعة من الفصل 86من القانون 14-07وجعل عدم
إمكانية تقديم طلب جديد للتقييد االحتياطي بناء على نفس األسباب مقتصرة
فقط على حالة سبقية البث في الدعوى موضوع التقييد االحتياطي بناء على
أحكام نهائية ومكتسبة لقوة الشيء المقضي به.
72
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبالرغم بأن التقييد االحتياطي يعتبر إعالنا عن وجود نزاع على عقار محفظ مما
سيؤدي إلى تقليص فرص اقتناءه من طرف الغير إال أنه يعتبر وسيلة قانونية لضمان
الحقوق العينية ولالستتباب األمن العقاري.
73
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تمهيـــد
ذلك أن الحق المراد حمايته تشريعيا من طرف القضاء عن طريق سلوك مسطرة
التقييدات المؤقتة ،يجب أن يكون موجودا على األقل بين طرفي العالقة التعاقدية ،حتى
يتمكن صاحبه من مطالبة الملتزم بالعمل على تمكينه من حقه اختيا ار أو جبرا ،وله تقييد
مقال الدعوى في الرسم العقاري ،تحقيقا للغاية التي شرع من أجلها نظام اإلشهار العيني
الذي تبناه القانون العقاري المغربي.
وغني عن البيان أن عدم تحيين الرسم العقاري يؤدي لزوما إلى نتيجة حتمية مفادها
حصول عدم التطابق بين البيانات المدونة به ،وبين الواقع الذي يعرف إبرام تصرفات قانونية
غير مسجلة ،الشيء الذي ينعكس ال محالة بشكل سلبي على واقع الحق المتعلق بالرسم
العقاري المذكور .ولعل تناول موضوع هذا المطلب يقتضي تقسيمه إلى محورين اثنين على
الشكل التالي:
74
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يمكن تقييد الحجز العقاري بنوعيه التحفظي والتنفيذي بالرسم العقاري الستيفاء الدين
المترتب بذمة المدين المالك إما لعقار محفظ ،أو غير محفظ ،أو في طور التحفيظ ،وذلك
بعلة أن سبب إجرائه على العقار المحفظ يتمثل في منع المدين من التصرف في عقاره عن
طريق التفويت ،وأحقية الدائن الحاجز في مواصلة إجراءات البيع بالمزاد العلني ،والحيلولة
دون إجراء أي تقييد جديد من طرف المحافظ العقاري بعد تقييده للحجز العقاري .ومن ثم
فإن الحجز العقاري المقيد بالرسم العقاري ال يمكن أن يكون إال لضمان استيفاء دين في ذمة
المدين ،بدليل أن المشرع خول لمن له مصلحة في الحفاظ مؤقتا على حق عيني برسم
عقاري سلوك مسطرة التقييد االحتياطي وفق الفصلين 85و 86من ظهير التحفيظ العقاري.
وبعبارة أخرى ،فإن الحجز العقاري يمكن إجراؤه على عقار غير محفظ أو في طور التحفيظ
بسبب ليس هو قيام الدين المترتب في ذمة المدين ،وإنما لوجود حق عيني يخشى ضياعه.
ذلك أن هذا االتجاه يمثل موقفا قضائيا لمحكمة النقض الذي أكدته في معرض حيثيات
أحد ق ارراتها كما يلي:
" ...إذا كان الحجز التحفظي للعقار شرع لحماية دين بالنسبة للعقار المحفظ ،فما ذلك
إال لوجود مسطرة خاصة لكفالة حق عيني عقاري هي مسطرة التقييد االحتياطي ،أما العقار
75
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
غير المحفظ ،فليست هناك مسطرة تكفل هذا الحق سوى الحجز التحفظي ولو بسبب ليس
منشؤه الدين ،وذلك لوجود حق عيني يخشى ضياعه.1 "...
ونعتقد أنه ال يمكن ضمان حق عيني عن طريق الحجز العقاري ولو تعلق األمر بعقار
غير محفظ أو في طور التحفيظ ،على اعتبار أن الغاية من إجرائه تتمثل دائما في ضمان
حصول الوفاء بالدين عن طريق حجزه تحفظيا وتحويله إلى حجز تنفيذي لمواصلة إجراءات
البيع بالمزاد العلني ،أو إجراء حجز تنفيذي مباشرة من طرف العون المكلف بإجراءات التنفيذ
قصد عرض العقار المحجوز تنفيذيا للبيع الجبري.
لذلك ،فقد تراجعت محكمة النقض عن االتجاه المشار إليه أعاله مؤكدة من خالله "أن
الحجز التحفظي يقع من أجل ضمان أداء مبلغ مالي طبقا للفصل 452من ق م م ،وليس
للحفاظ على حق عيني عقاري على عقار محفظ الذي يتم بإجراء تقييد احتياطي وفق
مقتضيات الفصلين 85و 86من ظهير التحفيظ العقاري ،وقرر بالتالي نقض القرار
المطعون فيه القاضي برفض طلب رفع الحجز التحفظي على عقار محفظ من أجل الحفاظ
على العقار الذي يدعي طالب الحجز شراءه دون تمكينه من تقييد الشراء".2
1قرار محكمة النقض عدد 8490صادر بتاريخ 21دجنبر 1988في الملف المدني عدد 84/2864مجلة المحاكم المغربية – عدد –60ص
.47
2قرار محكمة النقض عدد 710صادر بتاريخ 10مارس 2004في الملف المدني عدد - 2002 /1/4062منشور بمجلة قضاء محكمة
النقض عدد -65 -64سنة – 2006ص 30الذي جاء في معرض حيثياثه:
" ...حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار ذلك أنه اعتمد في قضائه برفض طلب رفع الحجز التحفظي الواقع على عقارهم موضوع الصك
العقاري عدد على أن "طلب الحجز في النازلة كان من أج ل الحفاظ على العقار المطلوب حجزه حتى ال يقع التصرف فيه من طرف الورثة
تصرفا يضر بطالب الحجز الذي يدعي شراءه دون تمكينه من الحيازة القانونية خاصة وأن هناك دعوى رائجة بين الطرفين حول إتمام البيع".
76
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويالحظ من خالل حيثيات هذا القرار أن قضاء محكمة النقض وضع حدا للجدل
الفقهي الذي كان سائدا حول مسألة إجراء الحجز العقاري كبديل للتقييد االحتياطي في
ضمان الحقوق العينية المضمنة في الرسم العقاري ،ألن هناك بونا واسعا بين الوجود
القانوني للحق الذي يضمنه الحجز العقاري ،وبين الوجود القانوني للحق الذي يحافظ عليه
التقييد االحتياطي ،إذ إن وجود دعوى عينية عقارية ترمي إلى استحقاق العقار موضوع النزاع
جارية بين الورثة والحاجز تفيد قطعا أن الحق المتنازع عليه موجود قانونا ومتعلق برسم
عقاري ،وأن الوسيلة الوحيدة لضمانه والمحافظة عليه من الناحية القانونية هي إجراء تقييد
احتياطي لمقال الدعوى المذكورة بالرسم العقاري ،وليست مسطرة الحجز العقاري التي شرعت
لضمان استيفاء الديون من بيع العقارات المحجوزة بالمزاد العلني.
وقد أكدت محكمة النقض هذا التوجه من خالل أحد ق ارراتها المؤرخ في 07يوليوز
2015معتبرة في حيثياته ما يلي:
"لما كان الحجز التحفظي يؤمر به من أجل ضمان أداء مبلغ مالي متى كان ثابتا أو
ظهر من وثائق الملف ما يثبت جديته ،فإن ثمن بيع العقار الذي تسلمه البائع من المشتري
ال يمكن اعتباره دينا في ذمة البائع يبرر إجراء الحجز التحفظي ما دام أن المشتري لم يثبت
أنه تعذر على البائع نقل ملكية المبيع أو أن هناك دعوى للفسخ واسترداد الثمن".1
في حين أنه بمقتضى الفصل 452من ق.م.م فإن الحجز التحفظي يقع من أجل مبلغ مالي وليس للحفاظ على حق عيني على عقار محفظ
الذي بمقتضى الفصل 85من ظهير 1913 -8 -12بشأن التحفيظ العقاري الذي يخول لكل من يدعي حقا في عقار محفظ أن يطلب
تقييدا احتياطيا قصد االحتفاظ المؤقت بهذا الحق."...
- 1القرار عدد 419الصادر بتاريخ 07يوليوز 2015في الملف المدني عدد 2015/8/1/1215منشور بمجلة محكمة النقض – العدد - 80
سنة .2015ومما جاء في حيثياته:
"لكن ،ردا على السبب ،فإن الحجز التحفظي إنما يؤمر به من أجل ضمان أداء مبلغ مالي متى كان ثابتا أو ظهر من وثائق الملف ما يثبت
جديته ،وأن ثمن بيع العقار الذي تسلمه البائع من المشتري ال يمكن اعتباره دينا في ذمة البائع يبرر إجراء الحجز التحفظي ما دام أن المشتري
لم يثبت أنه تعذر على البائع نقل ملكية المبيع أو أن هناك دعوى للفسخ واسترداد الثمن ،ولذلك فإن القرار حين علل بأن" :الغاية من الحجز
تطبيقا لمقتضيات الفصل 452من قانون المسطرة المدنية هو وضع أموال المدين تحت يد القضاء وغل يده عن التصرف فيها تصرفا يضر
بدائنيه تمهيدا لنزع ملكيتها لمصلحة هؤالء واستيفاء حقوقهم من ثمنها ،وأنه لم يثبت من خالل الوثائق المدلى بها قيام أي دين محقق أو له ما
يرجح جديته وتحققه بذمة ا لمحجوز عليه لفائدة الطرف الحاجز ،وأن االستدالل بعقد بيع قطعة أرضية من قبل الطرف األول للطرف الثاني
77
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كما أن نفس المحكمة تواترت في قضائها على تكريس نفس التوجه أعاله من خالل
قرارها الصادر بتاريخ 05يناير 2016الذي جاء فيه:
لكن ،ردا على الوسيلة ،فإن المحكمة اعتمدت وباألساس -وعن صواب -في قضائها
على أن األمر ال يتعلق في النازلة بدين مترتب في ذمة المطلوبين في النقض تجاه
الطاعنين ،وإنما بإتمام إجراءات البيع موضوع رسم شراء موروثهم عدد 149وذلك حين
عللت قرارها بأن ''الثابت من ظاهر الوثائق أن طلب إيقاع الحجز مؤسس على عقد بيع
والحال أن المستأنف عليهم ال يطالبون بأي دين في مواجهة المستأنفين على نحو يسمح لهم
بإيقاع هذا الحجز وإنما طالبوا بإتمام إجراءات البيع موضوع عقد البيع المحتج به وأنهم في
المراحل المتقدمة لتنفيذه مما يعني أنهم يطالبون بحق عيني قد حدد المشرع طرق حمايته من
خالل األحكام المتعلقة بالتقييد االحتياطي ،وأنه بانعدام الدين ينعدم مبرر إيقاع الحجز'' مما
تبقى معه الوسيلة على غير أساس ".1
إذا كان الحجز العقاري يقع ضمانا لدين في ذمة المدين الذي قد يكون مالكا لحصة
مشاعة 2على الرسم العقاري ،فإن اإلشكال الذي يثار من الناحية العملية يتعلق بمدى
إمكانية تحقق الحماية من عدمها في حالة طلب إجراء قسمة قضائية أو اتفاقية من طرف
أحد المالكين على الشياع رغم كون العقار مثقال بحجز عقاري؟
وأداء ثمنها للبائع ال يبرر االستجابة لطلب إيقاع الحجز لضمان أداء ثمن المبيع" ،فإنه نتيجة لما ذكر يكون القرار معلال والسبب على غير
أساس".
- 1قرار عدد 8/08 :المؤرخ في 2016/01/05 :ملف مدني عدد 2015/8/1/3796 :غير منشور.
- 2ينص الفصل 960من ق ل ع على انه:
" إذا كان الشيء أو الحق ألشخاص متعددين باالشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشياع فإنه تنشأ حالة قانونية تسمى الشياع أو شبه الشركة.
وهي إما اختيارية أو اضط اررية ".
78
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وجوابا عن ذلك ،فإن الغاية من إجراء حجز عقاري على حصة مشاعة في عقار
محفظ تتمثل في بيعها بالمزاد العلني الستيفاء مبلغ الدين من منتوج البيع بعد تقييد المشتري
الراسي عليه بالمزاد العلني بالرسم العقاري .إذ إن البيع الجبري سيطال الحصة المشاعة
وحدها دون باقي الحصص المشاعة األخرى لكونها مملوكة ألشخاص آخرين غير المدين.1
وجدير بالذكر أن المشرع المغربي وإسوة بالقانونين المصري واللبناني منع باقي
الشركاء على الشياع من حق شفعة الحصة المبيعة بالمزاد العلني من يد المشتري الراسي
عليه المزاد بمقتضى المادة 302من مدونة الحقوق العينية التي تنص على ما يلي:
" إذا بيعت الحصة المشاعة في المزاد العلني وفق اإلجراءات المنصوص عليها في
القانون فال يجوز أخذها بالشفعة ".
وترتيبا على ذلك ،فإن إيقاع حجز عقاري من طرف الدائن الحاجز ال يحول قانونا
دون طلب إجراء قسمة عينية قضائية من طرف أحد المالكين على الشياع ،2أو إجراء قسمة
79
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اتفاقية بين جميع المالكين بمن فيهم المدين المحجوز عليه ،على اعتبار أن القسمة العينية
ال تنشىء حقوقا للمالكين على الشياع بشأن حق تملكهم الثابت قبل وقوع القسمة ،وإنما
تكشف فقط عن وضع جديد للتملك باستقالل عن حالة الشياع القائمة بين الشركاء بالرسم
العقاري ،أي يصبح الحق العيني لكل مالك على الشياع مفر از ومستقال عن الرسم العقاري
األصلي عن طريق إنشاء رسوم عقارية فرعية لجميع القطع أو الشقق المفرزة.1
وعليه فإن طلب إجراء قسمة قضائية من طرف المالكين على الشياع بشأن عقار
محفظ مثقل بحجز عقاري ال يخلو من فرضيتين :
الفرضية األولى :أن يكون العقار المثقل بحجز عقاري قابال للقسمة العينية بين جميع
الشركاء ،بحيث إن الحجز الجاري على الحصة المشاعة يدور معها وجودا وعدما .2أي أنها
تبقى مثقلة به في حالة الشياع ،ويتحول معها إلى الرسم العقاري الفرعي عند وقوع القسمة
العينية ،3الشيء الذي تتحقق معه الحماية التشريعية التي قرر من أجلها الحجز العقاري .كل
مجموعة منها لمشتاعين في جهة معينة وأفردت أخرى لمشتاعين آخرين ،تكون قد خالفت مقتضيات المادة 317من مدونة الحقوق العينية،
والقواعد الفقهية المعمول بها في هذا المجال ".
- 1تجدر اإلشارة إلى أن صدور حكم بقسمة عقار محفظ قسمة عينية ال ينتج أي أثر إال من تاريخ تسجيله بالرسم العقاري عمال بمبدأ
األثر اإلنشائي للتسجيل .وعليه ،يمكن القول إنه ولئن كان الحكم بالقسمة ذا طبيعة كاشفة ،فإن وجوب تسجيله بالرسم العقاري لترتيب آثاره
يكتسي طبيعة منشئة الستخراج رسوم فرعية من الرسم العقاري األصلي.
- 2جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي:
" ...لقد صح ما ع ابته الوسيلة على القرار ،ذلك أن القسمة هي تمييز حق مشترك بفصله عن غيره وأن قسمة القرعة يحكم بها ويجبر عليها
من أباها إن انتفع كل واحد منهما بقسمة ولم يحصل ضرر لواحد منهما بذلك القسم ،وأنه ال يجبر عليها من أباها إال إذا تماثل المقسوم
وتجانس وانتفع كل شريك انتفاعا متجانسا النتفاع الشريك اآلخر بحيث ال يكون لبعضهم على بعض زيادة على حظه لدخول كل شريك على
قيمة مقدرة ذرع معلوم وأن مؤدى القاعدة المذكورة أن يكون الجزء المفرز الذي يقع في نصيب الشريك مساويا لحقيقة الجزء الذي كان له في
المال المشاع وخاليا من أي تحمالت أو تفويتات رتبها عليه الغير ،وبالرجوع إلى وثائق الملف يتجلى أن الطالب أثار أمام المحكمة أن الخبير
المعين من المحكمة لم يتأكد من كون المحالت التي أفرزها للطالب في تقريره قد تم تفويتها من طرف المطلوب ضده ووقع حجزها تنفيذيا
تأدية للديون المترتبة بذمته مما كان معه تخصيصها في حصة الطالب مكانيا مجحفا بحقه." ...
-قرار عدد 227صادر بتاريخ 26ماي 2005في الملف المدني عدد 2002-7-3235منشور بمجلة المنازعات العقارية من خالل
قضاء محكمة النقض لسنوات 2005 - 2000في القضايا المدنية والتجارية والجنائية واإلدارية -م س -ص .11
- 3نشير إلى أن العمل اإلداري لدى المحافظات العقارية كان يسمح بإمكانية طلب أحد أطراف الحكم أعاله تقييده جزئيا بالرسم العقاري
استنادا لتوجيهات المحافظ العام الواردة بالدورية عدد 271والمؤرخة في ، 1976/5/12والمذكرة رقم 677المؤرخة في 1980/04/30
وكذا الدورية عدد 306المؤرخة في .1987/11/2
80
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ما هنالك أن الضرر الذي يمكن أن يلحق الدائن الحاجز يتجسد في تقليل الضمان المتوخى
من العقار المحجوز في حالة وقوع قسمة اتفاقية بين الشركاء على الشياع ،نتيجة للتواطؤ
الذي يمكن أن يقع بين باقي الشركاء والمدين المحجوز عليه في جعل القطعة التي ستؤول
إلى هذا األخير ال تفي بتغطية الدين المضمون بحجز عقاري إض ار ار بالدائن الحاجز.
وفي هذا الصدد ،اعتبرت محكمة النقض 1في أحد ق ارراتها أن الطعن كالدعوى شرطه
المصلحة ،وان الحجز التحفظي المدون على عقار محفظ غير مانع من قسمته بين أطرافه
وفق بياناته ،دون حاجة لتوجيه الدعوى بحضور الحاجز طبقا للمادة 320من مدونة
الحقوق العينية باعتباره صاحب حق شخصي وليس عيني.
الفرضية الثانية :أن يكون العقار المثقل بحجز عقاري غير قابل للقسمة العينية بين
جميع الشركاء ،لتعذر ذلك من الناحية القانونية ،أو الواقعية ،2الشيء الذي يضطر معه
غير أنه قد تم التراجع عن هذا التوجه بمقتضى دورية المحافظ العام عدد 356بتاريخ 21شتنبر 2006والمسجلة تحت رقم 4938الذي
جاء فيها ما يلي:
" ...ونظ ار ألن القسمة تفضي إلى خروج المتقاسمين من حالة الشياع واستقالل كل شريك بعقار أو جزء منه مفرز دون بقية شركائه ،في
مقابل تخليه لهم عن حقوقه المشاعة في األمالك التي انفردوا بها من دونه ،وهي بهذا المعنى تتضمن التزامات متقابلة ومترابطة بين
المتقاسمين ،ويتوقف تنفيذ جانب منها على تنفيذ الجانب اآلخر ولذلك فإن التقييد الجزئي للقسمة يخا لف إرادة األطراف أو الغاية من الحكم
الصادر بالقسمة ،مع العلم أن التقييد الهامشي المشار إليه في الدورية عدد 271هو مجرد تنبيه ال يستند على أي أساس ،وال يرقى إلى مرتبة
التقييد المؤسس للحق العيني او الناقل له".
- 1قرار عدد 364صادر بتاريخ 15ماي 2018في الملف المدني عدد 2016/4/1/6250منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض
لسنة 2018جاء فيه:
" إن الطعن كالدعوى شرطه المصلحة وان الحجز التحفظي المدون على عقار محفظ غير مانع من قسمته بين أطرافه وفق بياناته ،والمحكمة
مصدرة القرار المطعون فيه لما اعتبرته كذلك في حق ال طاعنة وقضت بعدم قبول استئنافها الفرعي النتفاء مصلحتها في الطعن بعلة أن الحكم
المستأنف قد صدر بحضورها ولم يقض لفائدتها أو ضدها بشيء رغم أن توجيه الدعوى بحضورها غير الزم قانونا طبقا للمادة 320من
مدونة الحقوق العينية باعتبارها صاحبة حق شخصي وليس عيني ،تكون قد استقامت على حكم القانون ولم تخرق أي مقتضى منه وعللت
قرارها تعليال كافيا ".
- 2جاء في قرار لمحكمة النقض عـدد 4/50 :المؤرخ فـي 2016/01/26 :ملف مدني عـ ــدد 2014/4/1/4380 :غير منشور ما
يلي:
" لكن ،حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ثبت لها من خالل الخبرة المنجزة أن المدعى فيه عبارة عن فيال ،وأنه لذلك غير
قابل للقسمة العينية على الوصف الذي جاء به ،وصارت إلى قسمة التصفية ببيعه بالمزاد انطالقا من الثمن االفتتاحي الذي اقترحه الخبير،
حيث ال يشترط في تقويم العقارات أن يتم بواسطة خبير مساح ،تكون قد التزمت التطبيق السليم للقانون ".
81
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الخبير المعين إلى اقتراح الثمن االفتتاحي لبيعه برمته بالمزاد العلني ،1إذ ذاك سيتم توزيع
منتوج البيع على باقي المالكين على الشياع كل حسب األسهم التي يملكها في العقار المبيع،
ما عدا المدين المحجوز عليه الذي يبقى نصيبه من ثمن البيع مودعا بين يدي رئيس
مصلحة كتابة الضبط لفائدة الدائن الحاجز ،وذلك ضمانا للمبلغ الجاري بشأنه الحجز
العقاري.2
وفي نفس السياق ،فإن محكمة النقض 3اعتبرت أن الرهن ال يمنع من قسمة المال
المشاع ،إذ هو ال يشكل منازعة في أصل الملكية ،وإنما هو حق عيني لضمان استيفاء
الدين من طرف الدائن المرتهن الذي يخول بمقتضى القانون حق تتبع العقار المرهون في
أي يد حائز له .كما يبقى من حق الشريك المطالبة بإجراء قسمة التصفية في العقار المشاع
المرهون وعند إجراء البيع يخصم الدين المرهون من حصة المدين ويوزع الباقي على من
يستحقه من المتقاسمين.
وهكذا نخلص إلى القول إن الحجز العقاري ال يحول دون وقوع قسمة رضائية أو
قضائية ،وال مجال بالتالي للتمسك بالدفع بالبطالن المنصوص عليه ضمن مقتضيات الفقرة
-1جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 434صادر بتاريخ 15شتنبر 2015في الملف المدني عدد 2014/4/1/3677منشور بمجلة
محكمة النقض – العدد – 80سنة 2015ما يلي:
" إن الثمن النهائي في البيوعات بالمزايدة تحدده هذه األخيرة ،والمحكمة لما اعتبرته كذلك وردت طلب الطاعنين إجراء خبرة جديدة وقضت
بتأييد الحكم القاضي بقسمة التصفية مع اعتماد ثمن انطالق البيع المحدد من طرف الخبير تكون قد بنت قرارها على أساس قانوني وعللته
تعليال سليما ".
- 2وقد عرضت نازلة مماثلة على المحكمة االبتدائية بمراكش تتعلق بطلب الحكم بقسمة عقار مملوك على الشياع مثقل بحجز عقاري
تحفظي بشأن حصة أحد الشركاء ،فقضت ببيع المدعى فيه موضوع الرسم العقاري عدد ...انطالقا من الثمن االفتتاحي المحدد من طرف
الخبير وقدره ...درهم وتوزيع منتوج البيع بين الشركاء كل حسب منابه وجعل الصائر على النسبة.
-حكم صادر بتاريخ 11أكتوبر 2007في الملف العقاري عدد 2007/9/57غير منشور.
- 3القرار عدد 525الصادر بتاريخ 27شتنبر 2011في الملف الشرعي عدد 2010/1/2/373منشور بمجلة ملفات عقارية لمحكمة
النقض العدد 7جاء في حيثياته ما يلي:
" حيث صح ما عابه الطالبون على القرار ،ذلك أنه من المقرر أن الرهن كحق عيني ال يعتبر منازعة في أصل الملكية ومن خصائصه أنه
يخول للدائن المرتهن حق تتبع العقار المرهون في أي يد حائز له ،وفي حالة إجراء قسمة التصفية في المرهون المشاع يخصم الدين المرهون
من حصة المدين ويوزع الباقي على من يستحقه من المتقاسمين ،والمحكمة التي قضت بعدم قبول طلب قسمة الرسم العقاري موضوع الدعوى
بعلة أنه مثقل برهون في حين أن الرهن ال يمنع من القسمة حسبما ذكر ،تكون قد جردت قضاءها من األساس ولم تعلله تعليال سليما مما
يعرض قرارها المطعون فيه للنقض ".
82
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
األخيرة من الفصل 453من ق م م من طرف الدائن الحاجز على حصة مشاعة في رسم
عقاري ،وذلك بعد وقوع البيع بالمزاد العلني تنفيذا للحكم القاضي بقسمة التصفية على أساس
الثمن االفتتاحي المقترح من طرف الخبير ،بدليل أن البيع المتحدث عنه تشريعيا في هذا
النص هو التفويت الرضائي الذي يبرمه المدين المحجوز عليه بعوض أو بدون عوض ،رغم
وجود حجز عقاري إض ار ار بالدائن الحاجز ،في حين أن البيع بالمزاد العلني الذي أجري
بشأن العقار المحجوز قد تم جب ار على جميع المالكين على الشياع بمن فيهم المدين
المحجوز عليه وتحت إشراف القضاء ،أي أن نية اإلضرار بالدائن الحاجز منتفية أصال
النعدام عنصر إرادة المدين المحجوز عليه في حصول البيع الجبري الذي وقع تنفيذا لحكم
قضائي.
ومؤيدنا في ذلك ،أن تقييد محضر إرساء المزاد العلني بعد صيرورته نهائيا من قبل
المحافظ ،يطهر العقار من جميع االمتيازات والرهون وال يبقى للدائنين إال الحق على الثمن
عمال بمقتضيات المادة 220من مدونة الحقوق العينية ،أي أن مصلحة الدائن الحاجز في
التمسك بالدفع ببطالن البيع الجبري منعدمة ،طالما أن حقه الشخصي المضمون بتقييد
مؤقت -حجز عقاري -ينتقل إلى الثمن المودع بين يدي رئيس مصلحة كتابة الضبط،
وتكون بالتالي الحماية التشريعية في استيفاء حقه قد تحققت من جراء الحجز العقاري الجاري
بشأن العقار المحجوز دون مباشرته شخصيا إلجراءات البيع بالمزاد العلني أو تحمله
للمصاريف القضائية.
غير أن القسمة الرضائية ال تكون نافذة بين األطراف إال إذا صادق عليها جميع
أصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار عمال بمقتضيات المادة 321من مدونة
الحقوق العينية .بل ويحق للدائنين التدخل في القسمة العينية أو قسمة التصفية للحيلولة دون
وقوع ضرر لهم ،بل لهم أن يعارضوا في إجرائها بدون حضورهم .فإذا وقعت مثل هذه
المعارضة وأجرى الشركاء القسمة بالرغم من ذلك ،كان للدائنين المعارضين الحق في طلب
83
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إبطال القسمة الجارية في غيابهم 1تطبيقا لمقتضيات الفصل 1085من ق.ل.ع ،2وإجراء
تقييد احتياطي لمقال الدعوى المذكورة على جميع الرسوم العقارية الفرعية التي استقل بها كل
متقاسم لضمان استيفاء حقهم من ثمن بيع الحصة المشاعة في العقار األصلي في حالة
صدور حكم نهائي يقضي بإبطال القسمة .3إضافة إلى أن المشرع أجاز بالمقابل للمتقاسمين
أو ألي واحد منهم إيقاف دعوى إبطال القسمة بدفع الدين إلى المدعي أو بإيداع المبلغ الذي
يطالب به عمال بمقتضيات الفصل 1086من ق.ل.ع.
84
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ت تجسد إشكالية الوجود القانوني للحق محل التقييدات المؤقتة من خالل مسألة امتناع
المشتري لحصة مشاعة من تقييد شرائه قصد اإلضرار بالشفيع وحرمانه من ممارسة حقه في
الشفعة ،ومن ثمة فهل لهذا األخير مقاضاة المشتري إلجباره على تقييد شرائه؟ وإلى أي حد
يمكن اعتبار هذا الموقف الصادر عن المشتري تعسفا في استعمال الحق؟
جوابا عن ذلك ،وبصرف النظر عن الخالف الفقهي والقضائي السائد حول هذه
اإلشكالية ،فإن محكمة االستئناف بالرباط سبق لها أن اعتبرت في قرار لها أنه "ال يمكن
للمشتري على الشياع أن يمس بالمبدأ المطلق لتقييد الحقوق باعتراضه على تقييد عقد شرائه
الذي يطلبه منه الشفيع بعلة أن عقد الشراء ال يعتبر هذا األخير طرفا حتى يلزمه بالتقييد،
وأضافت أن المشتري باستعماله حقه في عدم تقييد شراءه إض ار ار بالشفيع بدون أية مصلحة
مشروعة ،يكون قد ارتكب تعسفا يتحمل مسؤوليته بناء على الفصل 94من ق.ل.ع،
وخلصت إلى القول بانه على المحاكم أن تضع حدا لهذا التعسف واألمر بالتقييد تحت طائلة
غرامة تهديدية".1
ويالحظ من خالل مضمون هذا القرار أن الوجود القانوني لحق الشفعة قد كرسه
المشرع المغربي صراحة من خالل المادة 292من مدونة الحقوق العينية ،حيث اعتبره بأنه
الحق الثابت للمالكين على الشياع في استرداد الحصة المبيعة ،وأن ممارسة هذا الحق عن
طريق إعالن الرغبة وعرض الثمن وإيداعه بصندوق المحكمة ،يجعل دعوى الشفعة في
- 1قرار محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ 20يونيو 1946عدد 2850منشور بمجلة ق اررات محكمة االستئناف بالرباط – -1930
-1945 -1944 * 1932تعريب محمد العربي المجبود سنة – 1986ص .573ومما جاء فيه:
" ...وحيث ال يجوز للمسمى ( )..أن يحول دون هذا المبدأ األساسي باعتراضه على التقييد الذي يطلبه المسمى ( ...)..وأنه يجب الحكم أن
المسمى ( )..باستعماله حقه إض ار ار بالمسمى ( )..بدون أية مصلحة مشروعة ،بل بالعكس من ذلك ،مع ما يواكب هذا التصرف من أخطار
بيع ثان من طرف البائع له وذلك بقصد اإلضرار الصريح ،ارتكب "تعسفا" يتحمل مسؤوليته بناء على الفصل 94من ظ.أ.ع ،وأن على
المحاكم أن تضع حدا لهذا التعسف واألمر بالتقييد تحت طائلة الغرامة التهديدية ".
85
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مواجهة المشفوع منه المقيد بالرسم العقاري 1دعوى عينية عقارية عمال بمقتضيات المادة 12
من مدونة الحقوق العينية ،ويحق بالتالي للشفيع تقييد مقال دعوى الشفعة تقييدا احتياطيا
بالرسم العقاري يبقى مفعوله ساريا إلى حين صدور حكم نهائي باستحقاق الشفعة أو عدم
استحقاقها .ومن ثم فإن الشفعة هي مجرد رخصة للتوصل إلى كسب حق الملكية بشروط في
أحوال مخصوصة ،وهذه اإلباحة ال تنتج حقا إال إذا استعملت ،2وحينئذ يمكن القول فال يتولد
حق عيني للشفيع بمجرد البيع ،وإنما يتولد هذا الحق عن طلب الشفيع باألخذ بالشفعة
والقضاء له به.
غير أن الوجود القانوني للحق محل التقييد المؤقت بالرسم العقاري يمكن أن يتعلق استثناء
بحق سابق على تأسيس الرسم العقاري ،حينما يتعلق األمر بقيام طالب التحفيظ بتفويت العقار
أثناء مسطرة التحفيظ ،ولم يبادر المشتري إلى إيداع شرائه بسجل التعرضات وفق الفصل 84
من ظهير التحفيظ العقاري ،من أجل الحفاظ على رتبته أثناء تأسيس الرسم العقاري .إذ إن قرار
التحفيظ في هذه الحالة يصدر بخصوص العقار بأكمله وباسم طالب التحفيظ ويؤسس له رسم
عقاري يدعى بالرسم العقاري األصلي ،3ويليه مباشرة تأسيس رسم عقاري جزئي يستخرج من
- 1جاء في قرار عدد 471صادر بتاريخ 29شتنبر 2015في الملف المدني عدد 2015/4/1/673منشور بمجلة محكمة النقض –
العدد – 08سنة 2015ما يلي:
"من المقرر قانونا أنه ال تؤخذ الحصة المشفوعة إال من يد المشتري المقيد بالرسم العقاري ،ولما كان الطاعن قد أقام دعوى الشفعة ضد من
كان مقيدا بالرسم العقاري وقت تقديمها بغض النظر عما لحق به من تفويتات ،فإن المحكمة عندما ردت طلبه بالنظر إلى تفويت المشفوع منه
للشقص المشفوع بعد إقامة دعوى الشفعة عليه ،تكون قد خرقت القانون وعللت قرارها تعليال فاسدا ".
- 2جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 145الصادر بتاريخ 24فبراير 2015في الملف المدني عدد 2014/3/1/5049منشور بمجلة
قضاء محكمة النقض – عدد – 79سنة 2015ما يلي:
"يتعين على الشفيع أن يثبت شركته على الشياع في المال الذي يطلب شفعته وقت بيع شريكه لحصته فيه وبقائه شريكاً إلى حين تقديمه طلب
الشفعة ،ويمكن إثبات ذلك ولو بشهادة عدلين أو ما يقوم مقامهما أو بوثيقة ميراث تثبت الشياع في المال العقاري باإلرث عن موروثه مع
البائع للمشفوع منه".
- 3جاء في قرار عدد 388صادر بتاريخ 19ماي 2015في الملف المدني عدد 2014/3/1/2169منشور بمجلة قضاء محكمة النقض –
العدد 80ما يلي:
"لما كانت األبنية المشيدة على العقار قد تم تحفيظها في اسم من قام بها ،فإن ملكيتها له كحق سطحية تكون مستقلة عن العقار ذاته كأرض
عارية .والمحكمة لما اعتبرت أن التجديد بالبناء في ملك شائع يطبق فيه حكم الفصل 963من ق.ل.ع ،دون أن تناقش تحفيظ الطالب
للبناءات المحدثة من طرفه على أرض شائعة والذي يضفي على ملكيته لها صبغة قطعية ونهائية باعتباره حق سطحية ،تكون قد عللت قرارها
تعليالً ناقصاً ينزل منزلة انعدامه".
86
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ذلك األصلي أو رسوم عقارية جزئية إن كانت التفويتات تتعلق بعدة قطع تهم تجزئة عقارية ،أو
شقق وطوابق بالعمارة المحدثة على هذا العقار في إطار نظام الملكية المشتركة ،أو قسمة
اتفاقية أبرمت بين الشركاء طالبي التحفيظ إلنهاء حالة الشياع القائمة بينهم.
ذلك ،أن إمكانية القول بوجود هذا االستثناء غير التشريعي الذي أقره قضاء محكمة
النقض في هذا اإلطار يحقق طبعا العدالة المتوخاة من النص القانوني إلضفاء الحماية على
التصرفات المبرمة بين األطراف المتعاقدة ،ويجسد وظيفتها األساسية ودورها في موائمة
النصوص القانونية مع واقع النزاع المعروض عليها ،وتحقيق االنسجام والتكامل بين مختلف
المقتضيات التشريعية ،انطالقا من حرصها على التطبيق السليم للقانون وتوحيد االجتهاد
القضائي بين محاكم المملكة.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الشأن يتعلق بمدى إمكانية طلب تقييد مقال
الدعوى الرامية إلى إتمام إجراءات البيع تقييدا احتياطيا بالرسم العقاري؟ وجوابا عن ذلك،
نميز بين حالتين:
الحالة األولى :إذا وقع تفويت العقار الذي تم تحفيظه وانتقلت ملكيته في الرسم العقاري
إلى الغير ،فإن الدعوى برمتها أصبحت فاقدة لألساس القانوني ألنها وجهت ضد شخص
غير ذي صفة في النزاع وأجنبي عن العقد الرابط بين المشتري والبائع طالب التحفيظ ،وال
يبقى للمشتري سوى الحق في رفع دعوى شخصية بالتعويض شريطة إثبات التدليس
المنصوص عليه في الفصل 64من ظهير التحفيظ العقاري.
الحالة الثانية :إذا ظل العقار المحفظ في اسم طالب التحفيظ الذي باع العقار
للمشتري الذي لم يودع شراءه أثناء مسطرة التحفيظ ،فإنه ليس هناك أي مانع قانوني يحول
دون تقييد مقال الدعوى احتياطيا بالرسم العقاري ،طالما أنه قد فوت العقار للمشتري الذي
يعتبر خلفا خاصا له أثناء سريان مسطرة التحفيظ أو بعد تأسيس الرسم العقاري ،بدليل أن
87
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إجراء اإليداع المنصوص عليه في الفصل 84قد شرع لمصلحة المشتري في حفظ رتبته
ضمن باقي التقييدات األخرى التي يمكن أن ترد على مطلب التحفيظ ،وال يمكن لطالب
التحفيظ أن يستفيد من "النهائية" التي يتمتع بها قرار التحفيظ في مواجهة خلفه الخاص.
الحالة الثالثة :إذا أقر الخلف العام بعد التحفيظ لفائدة الغير بحق أنشأه الموروث لهذا
المَق ِر له.
الغير يعتبر إنشاء لعقد جديد يرتب آثاره لفائدة ُ
وفي هذا السياق ،كرست محكمة النقض 1هذا التوجه في أحد ق ارراتها معتبرة أن
المحكمة لما نظرت إلى العقد المبرم بين موروث الطاعنتين والمطلوب األول والمتعلق ببيع
قطعة أرضية موصوفة به ،واعتبرت أن إقرار الطاعنتين بالعقد المذكور طلبا لترتيب آثاره
بعد تحفيظ العقار في اسم الموروث ،يعتبر إنشاء لعقد جديد ورتبت آثاره لفائدة الم ِ
قر له ُ
وقضت بما جرى به منطوق قرارها ،تكون قد التزمت القاعدة المذكورة أعاله وبنت قضاءها
على أساس سليم وعللته تعليال كافيا.
غير أننا نجد أن للمحافظ العام 2رأيا آخر ورد بمناسبة طلب إبداء وجهة نظره في شأن
الطلبات المقدم ة إلى المحافظين ،والرامية إلى تقييد عقود طالها التطهير بفعل مسطرة
التحفيظ بناء على مقتضيات الفصلين 1و 62من ظهير التحفيظ العقاري ،بعد تصحيحها
برضى األطراف ،أو بواسطة أحكام قضائية نهائية .ذلك ،أنه ميز بين األحكام القضائية،
واتفاق األطراف على الشكل التالي:
-1األحكام القضائية :فهي ال يمكن تقييدها من طرف المحافظ استنادا إلى أن
مقتضيات الفصل 306من قانون االلتزامات والعقود والتي تقضي أن االلتزام يعد باطال بقوة
القانون إذا قرر القانون في حالة خاصة بطالنه ،وما دامت المادة 1من ظهير التحفيظ
- 1القرار عدد 764الصادر بتاريخ 11دجنبر 2018في الملف المدني عدد 2018/4/1/2384منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة
.2018
- 2رسالة المحافظ العام عدد 428بتاريخ فبراير .2004
88
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
العقاري قد نصت صراحة على بطالن الرسوم غير المصرح بها أثناء سريان مسطرة
التحفيظ ،فإن االلتزام الباطل ال ينتج أث ار وال يمكن تصحيحه ولو بواسطة أحكام قضائية.
-2اتفاق األطراف :يمكن لنفس األطراف أن ينشئوا التزاما جديد الحقا لتاريخ اتخاذ
قرار التحفيظ بشأن نفس العقار الذي أصبح محفظا ،وفي هذه الحالة ال يطال االتفاق الجديد
مبدأ التطهير ،ويمكن تقييده من طرف المحافظ طالما أنه مطابق للوضعية الجديدة للعقار
المعني.
وتجدر اإلشارة إلى أن محكمة النقض كرست التوجه القائل بسريان قاعدة التطهير في
مواجهة الجميع بمن فيهم خلف البائع حسبما هو واضح من خالل حيثيات أحد ق ارراتها كما
يلي:
"ال يجوز االحتجاج بحق عيني سابق لم يسجل على الرسم العقاري خالل مرحلة
التحفيظ .والمحكمة قضت بعدم قبول طلب صحة رسم الشراء ،بعلة أن قاعدة تطهير العقار
بتحفيظه قاعدة مطلقة تسري على الجميع بمن فيهم خلف البائع ،يكون قرارها مرتك از على
أساس قانوني ومعلال تعليال سليما ".1
تقتضي المحافظة على الحق عن طريق التقييدات المؤقتة ،أن يكون نشوء الحق
المتعلق بالرسم العقاري كامال وقت إجراء التقييد المؤقت بالرسم العقاري ،أما إذا كان محتمل
الوجود فال مجال إلجراء التقييد المؤقت بشأنه حتى ال يشكل أية عرقلة لوضعية الرسم
- 1القرار عدد 37الصادر بتاريخ 20يناير 2015في الملف المدني عدد 2014/1/1/2812منشور بمجلة النشرة المتخصصة لمحكمة
النقض– عدد – 21سنة .2015
89
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
العقاري .ومن ثم فإن إيقاع حجز تحفظي على عقار محفظ يتم لضمان دين محقق أو له ما
يرجح جديته وتحققه ،وهو األمر الذي أكدته محكمة النقض في أحد ق ارراتها كما يلي:
" ...إن المحكمة حين رفضت طلب المحجوز عليهم برفع الحجز الواقع على عقارهم
معللة ذلك أن شبهة المديونية تحوم بالقضية وأن طالبة الحجز تعتبر نفسها مغبونة وأعطت
أكثر مما أخذت وأن مهمة القانون الحرص على إقامة تكافؤ بين المتعاقدين ،في حين أن
الحجز التح فظي يفترض وجود دين له ما يرجح جديته وتحققه ،بينما الحجز المطلوب رفعه
إنما اتخذ لضمان ما قد تحكم به محكمة الموضوع من تعويض مترتب عن حقوق مازالت
موضع منازعة أمام المحكمة ،مما يفيد أن الدين المراد المحافظة على الوفاء به بالحجز
مازال مجرد ادعاء ولم يقم عليه ما يثبت صحته وحقيقته وبالتالي تكون المحكمة قد خرقت
مقتضيات الفصل 452من ق م م وعرضت قضاءها للنقض".1
غير أن تحقق الدين أو توافر ما يرجح جديته ،يطرح إشكاال قضائيا من حيث المعيار
المعتمد العتبار الدين مطابقا للمواصفات المذكورة .أو بعبارة أوضح ،فهل مجرد تقديم مقال
للدعوى الرامية إلى األداء كاف لطلب إيقاع حجز تحفظي على عقار محفظ ،أم يشترط
إرفاق طلب الحجز المذكور بالوثائق المثبتة للمديونية أو ما يرجح تحققها إلى جانب مقال
األداء؟
تجيبنا في هذا السياق محكمة االستئناف التجارية بمراكش في أحد ق ارراتها كما يلي:
" ...إن ما بنت عليه المستأنفة استئنافها ال يرتكز على أي أساس ذلك أن الحجز لدى الغير
يختلف عن الحجز التحفظي الذي يمكن إيقاعه استنادا على مقال الدعوى أو الفواتير أو
- 1قرار محكمة النقض عدد 337صادر بتاريخ 21يناير 1990في الملف المدني عدد – 89/359منشور بمجلة قضاء محكمة النقض في
المادة المدنية – الجزء الثاني – – 1991 -1983ص .619
90
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
غيرها من الوثائق التي قد تشكل حجة إلثبات الدين ،أما حجز ما للمدين لدى الغير فإن
المشرع قد اشترط من أجل االستجابة إليه أن يكون الدين ثابتا بموجب سند أو اعتراف".1
وقد أكدت نفس المحكمة أعاله في قرار آخر أن المشرع لم يشترط أن يكون الدين محل
الحجز التحفظي ثابتا أي محدد المقدار ،ولكن يكفي أن يكون عنصر شبهة المديونية متواف ار
بدليل أن الحجز التحفظي يصدر على ضوء دين يحدد مبلغه على وجه التقريب طبقا للفصل
452من ق.م.م.2
ويظهر من خالل ذلك ،أن الحجز التحفظي يمكن طلب إيقاعه استنادا على مجرد
تقديم مقال باألداء المرفوع إلى محكمة الموضوع ضد المدين ،ويعتبر هذا األخير حجة كافية
على وجود شبهة المديونية التي يمكن أن تترتب في ذمة المدين ،لكون المنازعة بين الدائن
والمدين أضحت جدية طالما أنها أصبحت معروضة على القضاء.
غير أن هناك رأيا آخر للعمل القضائي ذهب إلى اشتراط إرفاق طلب الحجز التحفظي
بالوثائق المثبتة للمديونية ،إضافة إلى مقال دعوى األداء ،واعتبر أن االقتصار على إرفاق
الطلب بنسخة من مقال األداء ال يكفي وحده إليقاع الحجز التحفظي .وهذا ما ورد في أمر
صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بمراكش صرح بمقتضاه بعدم قبول طلب إجراء حجز
تحفظي على العقار المحفظ للمدين ،بعلة عدم إثبات طالب الحجز العقاري لمديونية
المطلوب الحجز على عقاره ،معتب ار أن المقال الرامي إلى األداء ال ينهض وحده إلثبات
المديونية حتى يمكن االستجابة للطلب أعاله.3
ويستفاد من هذا االتجاه القضائي أنه قد اشترط ثبوت المديونية فقط إليقاع حجز
تحفظي على عقار محفظ ،ولم يلتفت إلى توافر ما يرجح تحقق الدين كما هو الشأن في
- 1قرار عدد 500صادر بتاريخ 3يناير 2001في الملف رقم 2001/714غير منشور.
- 2قرار عدد 904صادر بتاريخ 28مارس 1998في الملف التجاري عدد 98/420غير منشور.
- 3أمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بمراكش بتاريخ 20نونبر 2006في الملف عقود مختلفة رقم 2006/7/8849غير منشور.
91
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
النازلة أعاله ،أو بعبارة أخرى فإن عنصر شبهة مديونية المدين متوافر بشكل قاطع من
خالل مقال دعوى األداء سواء كانت مرفقة بالوثائق المعززة لثبوت الدين من عدمه ،مادامت
محكمة الموضوع هي التي لها الصالحية في إنذار الطرف المدعي باإلدالء بما يفيد
المديونية ،بل إنه يمكن أن يكون المقال مجردا من أية وثيقة عند وضعه بصندوق المحكمة
ثم يبادر المدعي إلى اإلدالء بالوثائق بالجلسة التي سيدرج فيها الملف ،أو عندما يطلب منه
ذلك من طرف المحكمة .هذا إضافة إلى أنه في حالة تمسك المدعى عليه باإلنكار ألي دين
في ذمته يمكن للمدعي طلب توجيه اليمين الحاسمة إلنهاء النزاع قضائيا.1
ونعتقد أن ما ذهب إليه بعض العمل القضائي ليس له ما يسوغه من الناحية القانونية،
لكونه تطاول على اختصاص قضاء الموضوع حينما اشترط ثبوت الدين إليقاع الحجز
التحفظي على العقار المحفظ ،2ال سيما إذا علمنا أن اإلجراء المطلوب هو إجراء تحفظي
فقط وليس غاية في حد ذاته ،3وعلى من تضرر منه سلوك إجراءات رفعه من طرف القضاء
االستعجالي 4لكونه يشكل عرقلة لتصرف الملك في حق ملكية العقار المحجوز ،ومطالبة
- 1جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 1211صادر بتاريخ 6مارس 2012في الملف المدني عدد 2011/2/1/1377منشور بمجلة قضاء
محكمة النقض عدد 76ما يلي:
"اليمين الحاسمة ملك لألطراف ،وال سلطة للمحكمة في استيفائها ،بعد توجيهها ممن طلبها من األطراف ،مادام من وجهها ال يتوفر على الدليل
المطلوب قانونا إلثبات حقوقه .والمحكمة لما قضت بأنه ال مجال لالستجابة لطلب اليمين الحاسمة ،ألنها تنطوي على التعسف في استعمال
الحق ،تكون قد خرقت القانون ألن القواعد المنظمة لليمين الحاسمة ،واستيفائها ال ترتبط بشرط التعسف ".
- 2ومع ذلك ،نجد نفس الجهة القضائية تسمح باالستجابة لطلب إيقاع حجز تحفظي بناء على مجرد شكاية مقدمة إلى النيابة العامة ضد
المشتكى به ،كما هو الشأن بالنسبة لألمر عدد 2016الصادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بمراكش بتاريخ 28أبريل 1992في الملف
عقود مختلفة عدد 92/1961غير منشور.
– 3جاء في أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء ما يلي:
"حيث إن الحجز التحفظي المأمور بتاريخ 29يناير 1999في الملف عدد ( )..قضى بإجراء حجز على جميع منقوالت المدعية لدى سبع
شركات معتمدا حسب ما أ شير إليه على وصوالت وصورة قرار ورسالة إنذار .وحيث إن حجز بضاعة المدعية لدى الغير ومنعها منها يشكل
خط ار على حقوقها أمام اإلدالء بحجة تثبت الدين وعدم لجوء المدعى عليها إلى القضاء للمطالبة بما تدعيه ،مع العلم أن الحجز التحفظي
ليس غاية في حد ذاتها".
-أمر عدد 99/4848بتاريخ 11مارس 1999في الملف عدد 1999/1/259غير منشور.
- 4جاء في قرار عدد 8/20 :مؤرخ في 2016/01/12 :ملف مدني عدد 2015/8/1/4848 :غير منشور ما يلي:
"لكن؛ ردا على الوسائل أعاله مجتمعة لتداخلها ،فإن التعاونية المتضررة من الحجز هي التي رفعت الدعوى ،وأن المحكمة قد تأكد لها أنها
رفعت منها في شخص ممثلها القانوني ،وهو المطلوب قانونا ،إذ بمقتضى الفصل 516من قانون المسطرة المدنية فإن استدعاءات الحضور
توجه لألشخاص االعتبارية في شخص ممثليها القانونيين بصفتهم هذه ،وهو ما يعني أن الدعوى ترفع منها وتوجه ضدها بهذه الصفة ،وأن
92
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الحاجز بالتعويض عن الحجز التعسفي في حالة ثبوت سوء نيته وإيقاعه بطريقة كيدية على
عقار محفظ.
وفي هذا السياق ،قررت محكمة النقض عدم جواز التعسف في إيقاع الحجز التحفظي
على أكثر من عقار مملوك للمدين ضمانا لنفس الدين من خالل أحد ق اررتها كما يلي:
"ال يجوز إجراء حجز تحفظي إال في حدود ما يضمن أداء الدين سبب الحجز،
والمحكمة لما استبعدت ما تمسك به المحجوز عليه بعلة أن الحجز على العقارين معا وفي
نفس الوقت لم يكن به أي تعسف بحقوقه وبالتالي لم يترتب عنه أي ضرر ،فإنها لم تأخذ
يعين االعتبار ما أثبته القرار االستئنافي الذي أيد األمر القاضي برفع الحجز عن العقار
المحجوز لعدم وجود التناسب بين قيمة العقارين والدين سبب الحجز ،فجاء قرارها غير
مرتكز على أساس".1
جدير بالذكر أن التقييد االحتياطي – كتقييد مؤقت –يتوقف إجراؤه على ضمان حق
موجود ومكتمل النشوء ،ألن الغاية التي شرع من أجلها تتمثل في المحافظة مؤقتا على حق
في انتظار استكمال شروطه القانونية ،الشيء الذي يدفعنا إلى إثارة تساؤل يتعلق بمدى
إمكانية تقييد مقال افتتاحي للدعوى تقييدا احتياطيا بالرسم العقاري بالرغم من عدم وجود أي
عقد للبيع بين الطرفين أصال؟
نعتقد أن المشرع لم يورد ضمن مقتضيات القانون العقاري أي مقتضى يمنع من القيام
بهذا اإلجراء طال ما أن المحكمة هي التي سوف تفصل في النزاع على ضوء وثائق الملف
ما عدا ذلك مما أثير بشأن الصفة التمثيلية لمن رفع الدعوى باسم التعاونية ال يشكل نزاعا في الجوهر ينزع االختصاص عن قاضي
المستعجالت للبت في الطلب ألنه ال يتعلق بموضوع الطلب المعروض على قاضي المستعجالت وهو رفع الحجز التحفظي ".
- 1القرار عدد 8الصادر بتاريخ 08يناير 2015في الملف التجاري عدد - 2012/1/3/1268منشور بمجلة قضاء محكمة النقض -العدد
- 79سنة .2015
93
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
من جهة ،وأن التقييد المؤقت يدور وجودا وعدما مع مآل المقال االفتتاحي للدعوى من جهة
أخرى.
وقد اعتبرت محكمة النقض في هذا السياق بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 5يناير
2016أن العبرة في نشوء عقد الهبة تكون بتاريخ اإلشهاد العدلي وليس بتاريخ التحرير،
ورتبت على ذلك أن البيع المنعقد من الواهب لفائدة البائعين لهما يكون قد أنجز بعد خروج
الملك من يده وال يمكن حمل التصرف بالبيع على وقوع االعتصار لعدم وجود إشهاد به.1
غير أنه يمكن للمدعي مباشرة إجراء تقييد احتياطي بناء على مقال للدعوى في غياب
تام لوجود أية رابطة عقدية بين الطرفين بشأن البيع المدعى به ،ثم يبادر الطرف المدعى
عليه أثناء جوابه على مقال الدعوى إلى اإلقرار بقيام عملية البيع ويبدي استعداده أمام
المحكمة بتحرير عقد البيع مع المشتري .فهل يمكن قانونا أن تعتد المحكمة باإلقرار إللزام
المدعى عليه بإتمام إجراءات البيع؟ أم يجب عليها التقيد بشكلية البيع العقاري الواردة ضمن
مقتضيات الفصل 489من ق.ل.ع؟ وهل يمكن التوفيق بين اإلقرار لحماية المتعاقدين فيما
بينهم ،وشكلية البيع لحماية األغيار من أي تواطؤ يمكن أن يقع بين الطرفين؟
- 1قرار لمحكمة النقض عدد 8/11 :المؤرخ في 2016/01/05 :ملف مدني عدد 2015/8/1/1455 :غير منشور .ومما جاء في معرض
حيثياته ما يلي:
"لكن ردا على الوسائل مجتمعة لتداخلها ،فإنه ال مجال للتمسك بمقتضيات الفصل 425من قانون االلتزامات والعقود الذي يتعلق بالعقود
العرفية وليس بالعقود الرسمية .وأن المحكمة لم تكن ملزمة بالجواب على الدفع بعدم رشد الموهوب له وال عن حيازته للشيء الموهوب ،طالما
أنها اعتمدت وب األساس في قضائها على سبقية البت في صحة عقد الهبة وترجيحه على عقد شراء الطاعنين ،وذلك لما تبين لها أن عقد الهبة
الذي اعتمده المطلوب في مطلب التحفيظ سبق أن طعن فيه الطاعنان وقضي برد دعواهما بموجب القرار االستئنافي عدد 246بتاريخ
2006/01/24في الملف 1/04/2422بعلة أن تأخر تحرير العقد لتلكؤ الواهب في أداء رسوم التسجيل ال ينال من صحة عقد الهبة ،إذ
العبرة بتاريخ اإلشهاد وليس بتاريخ التحرير ،وتبعا لذلك يبقى البيع المنعقد من الواهب لفائدة البائعين لهما يكون قد أنجز بعد خروج الملك من
يده وال يمكن حمل التصرف بالبيع ع لى وقوع االعتصار لعدم وجود إشهاد به .وهو القرار الذي ابرم من طرف محكمة النقض بموجب القرار
عدد 230في الملف 2009/1/2/611بتاريخ .2011/5/3ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في تقدير األدلة واستخالص قضائها منها فإنها
حين عللت قرارها بأن'' عقد الهبة يعتبر عقدا صحيحا بناء على قرار محكمة النقض عدد 230والذي لم يكن محط طعن او جدل من
الواهب ،وان إقدام الواهب على بيع نفس الملك الذي سبق أن وهبه لولده المستأنف عليه يكون قد باع ما ال يملك وهذا غير جائز'' ،وهو تعليل
غير منتقد ،األمر الذي يكون معه القرار معلال بما فيه الكفاية ،وما بالوسائل غير جدير باالعتبار ".
94
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وجوابا عن ذلك ،نعتقد أن مقتضيات الفصلين 404و 489من ق.ل.ع والمادة 4من
مدونة الحقوق العينية ال تسعف في القول بإمكانية اعتماد اإلقرار من طرف القضاء إثبات
البيع العقاري ،بدليل أن المشرع تحدث عنه كوسيلة ضمن وسائل اإلثبات العامة لاللتزامات
والبراءة منها ،1في حين نص على وجوب الكتابة كشكلية انعقاد في البيع العقاري ،وال مجال
قانونا إلثباته بغير ذلك ،على اعتبار أن القانون إذا قرر شكال معينا ،لم يسغ إجراء إثبات
االلتزام أو التصرف بشكل آخر يخالفه ،إال في األحوال التي يستثنيها القانون طبقا للفصل
401من ق.ل.ع .ومن ثم فإن إعمال اإلقرار من عدمه في البيع العقاري يستلزم التمييز
بين حالتين من خالل قراءة لموقف العمل القضائي بشأن هذه اإلشكالية.
الحالة األولى :إذا صدر إقرار البائع بمناسبة قضية جنحية وتمت إدانته من أجلها ،فال
يعتد بالحكم الجنحي إلثبات البيع العقاري ضد البائع المقر أمام المحكمة الجنحية ،على
اعتبار أن الدعوى المدنية التابعة التي يمكن أن ينصب فيها المتضرر كطرف مدني ال
تتعلق سوى بالتعويض ليس إال وفق مقتضيات الفصل 10من قانون المسطرة الجنائية.
وقد سبق لمحكمة النقض أن أكدت 2هذا االتجاه في حيثيات أحد ق اررتها معتبرة أن "
قاعدة الجنائي يعقل المدني تقضي بأن توقف المحكمة المدنية عن البت في القضية إلى
حين صدور حكم نهائي في القضية الزجرية ،ولما كان إتمام البيع الواقع على عقار محفظ
يجب أن يجري في محرر ثابت التاريخ طبقا للقانون ،وكان هذا المحرر غير متوفر ،فإنه
على فرض صدور حكم باإلدانة في دعوى زجرية تتعلق بعدم تنفيذ عقد ،فإنه ال يرقى إلى
درجة المحرر الثابت التاريخ المتطلب في قيام البيع ".
وفي نفس السياق ،قررت محكمة النقض في قرار لها بتاريخ 06يناير 2015ما يلي:
- 1راجع :ذ محمد أوزيان " :رسمية العقود من ظهير االلتزامات والعقود إلى مدونة الحقوق العينية " مقال منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض
لسنة .2013
- 2القرار عدد 679الصادر بتاريخ 7فبراير 2012في الملف المدني عدد 2010/7/1/4813منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد .76
95
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
"لكن ،ردا على الوسائل مجتمعة لتداخلها ،فإنه بمقتضى الفصلين 532و 533من
ق.ل.ع فإن البائع يلتزم بضمان االستحقاق الذي يقتضي منه الكف عن كل فعل أو مطالبة
ترمي إلى التشويش على المشتري ،وبالتالي ال يحق له مواجهة المشتري منه بكون عقد البيع
مجرد عن أصل الملك سيما وأن المتعرض استند في تعرضه على عقد شرائه للعقار من
الطاعن والذي لم يلق مطعنا مقبوال ،وإن تطبيق قاعدة الجنحي يوقف المدني رهين بوجود
دعوى جنحية قائمة لها أثر على الفصل في النزاع المدني ،ولذلك فإن القرارحين علل بأن "
طالب التحفيظ قد فوت العقار موضوع مطلب التحفيظ إلى المتعرض وانتقلت ملكيته لهذا
األخير بناقل شرعي ،وبالتالي أصبح المستأنف عليه المالك الوحيد للمدعى فيه ،وأن ما أثاره
المستأنف من كون المتعرض دلس عليه في البيع وأن العقد يتعلق بتنازل وليس بيعا كلها
دفوع مجردة وليس بالملف ما يثبتها أو يعضدها ،وإنما ثبت عكسها ،كما أن ادعاء المستأنف
وجود مساطير جنحية مجرد أقوال ليس عليها برهان صادق وتعين ردها" فإنه نتيجة لما ذكر
كله كان القرار معلال تعليال كافيا ومرتك از على أساس قانوني وغير خارق للمقتضيات
المحتج بها خارقا للقاعدة المذكورة ،والوسائل جميعها بالتالي غير جديرة باالعتبار".1
الحالة الثانية :إذا تعلق إقرار البائع بمناسبة دعوى عقارية معروضة على المحكمة
المدنية ،فهل يصرف النظر عن شكلية الكتابة المنصوص عليها المادة 4من مدونة الحقوق
العينية بالرغم من عدم وجود أي محرر ثابت التاريخ ،ويعتد باإلقرار القضائي الصادر عن
البائع ،أم يجب التقيد بمدى توافر الشكلية من عدمها في النازلة تبعا للفصول أعاله ؟
وجوابا عن ذلك ،نعتقد أنه البد من التقيد بشكلية المادة 4من مدونة الحقوق العينية
إلثبات البيع العقاري بين المتعاقدين للحفاظ على المراكز القانونية لجميع األطراف ،وتفادي
التواطؤ الذي يمكن أن يقع بين طرفي الدعوى لصنع حجة لبعضهما البعض تتمثل في
حصول إقرار صوري من طرف البائع أمام المحكمة المدنية التي تنظر في دعوى إتمام
- 1قرار محكمة النقض عدد 1/6 :المؤرخ في 06-01-2015 :ملف مدني عدد 1-1-2014- 3558 :غير منشور.
96
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إجراءات البيع المعروضة عليها ،وحرمان الدائنين من استيفاء حقوقهم على العقار المبيع،
مع العلم أن األمر ال يقتصر على الكتابة فقط إلثبات البيع العقاري ،بل يجب أن يكون
المحرر ثابت التاريخ 1وفق ما هو منصوص عليه في الفصل 425من ق.ل.ع .2هذا
باالضافة إلى أن المادة 4من مدونة الحقوق العينية رتبت جزاء البطالن على عدم احترام
شكلية الكتابة في البيع العقاري.
كما قررت محكمة النقض في نازلة تتعلق ببيع عقار في طور اإلنجاز ضرورة احترام
الشكلية الواردة في الفصل 618-3من ق ل ع تحت طائلة ترتيب جزاء البطالن من خالل
أحد ق ارراتها الذي جاء فيه:
"لما كان التعاقد موضوع الدعوى تم على شكل وصل خالفا للمقتضيات اآلمرة
المنصوص عليها في الفصل 618-3من ق.ل.ع ،ولم يتم توثيقه من قبل إحدى الجهات
المؤهلة قانونا لذلك ،فإنه يكون باطال بقوة القانون ،وال يترتب عنه سوى حق المشتري في
استرداد ما دفع بغير حق وبدون تعويض عمال بالفصل 306من ق.ل.ع ".3
- 1القرار عدد 5017الصادر بجميع الغرف بتاريخ 6دجنبر 2010في الملف المدني عدد 2006/5/1/2290منشور بمجلة محكمة النقض
– العدد 77حاء فيه:
"ال يكون بيع العقار منج از إال إذا أبرم كتابة وبمحرر ثابت التاريخ ،وإن توصل مالك العقار بمبلغ مالي من مدعي الشراء ال يخول هذا األخير
سوى استرجاع ما سبق له دفعه ،ال إلزام المالك بإتمام البيع قضاء ".
- 2اعتبرت محكمة النقض في قرارها القرار عدد 8/11 :المؤرخ في 2016/01/05 :ملف مدني عدد 2015/8/1/1455 :غير منشور ما
يلي:
"ال مجال للتمسك بمقتضيات الفصل 425من قانون االلتزامات والعقود الذي يتعلق بالعقود العرفية وليس بالعقود الرسمية ".
- 3القرار عدد 69الصادر بتاريخ 01أبريل 2015في الملف التجاري عدد 2014/1/3/933منشور بمجلة النشرة المتخصصة لمحكمة
النقض – ق اررات الغرفة التجارية – العدد – 23سنة .2015
ومما جاء في حيثيات هذا القرار:
"لكن ،حيث إنه وخالفا لما ورد في موضوع الوسيلة فإن مقتضيات الفصل 618-12من ق.ل.ع ال تطبق إال إذا تم تحرير العقد االبتدائي
للعقار في طور االنجاز وفق الشكل والكيفية المقررتين في الفصل 618-3من ق.ل.ع الناصة على أنه " يجب أن يحرر عقد البيع االبتدائي
للعقار في طور االنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول
لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطالن "...والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي عللته بقولها "أنه ما دام التعاقد موضوع
الدعوى تم على شكل وصل خالفا للمقتضيات اآلمرة المنصوص عليها في الفصل 618-3من ق.ل.ع أي أنه لم يحرر = =
= = من قبل إحدى الجهات المؤهلة قانونا لذلك مما يجعله عقدا باطال بقوة القانون واألثر القانوني الوحيد المترتب عنه هو حق المشتري في
استرداد ما دفع بغير حق وبدون تعويض عمال بالفصل 306من ق.ل.ع "....تكون قد طبقت مقتضيات الفصلين 306و 618-3تطبيقا
97
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وخالفا لما أشرنا إليه أعاله ،فإن بعض العمل القضائي سبق له أن اعتمد اإلقرار
القضائي للبائع بشأن دعوى عقارية للحكم عليه بإتمام إجراءات البيع مع المدعي
(المشتري) ،وفي حالة امتناعه عن التنفيذ اعتبار الحكم بمثابة عقد بيع نهائي ،وأمر المحافظ
على األمالك العقارية بتقييده عند صيرورته نهائيا .وقد جاء في حيثيات حكم قضائي 1ما
يلي :
" ...وحيث إن المدعى عليه أقر قضائيا سواء في مذكراته أو في جلسة البحث أنه
تنازل نهائيا عن البقعة األرضية لفائدة المدعي ولم تعد له عالقة بها ،كما أقر أن هذا
األخير هو الذي بناها من ماله الخاص ،وأكد أنه مستعد إلبرام عقد بيع مع المدعي شريطة
أن يتحمل هذا األخير جميع المصاريف التي يتطلبها ذلك وهو ما وافق عليه المدعي
صراحة .وحيث إن إقرار المرء على نفسه أقوى من قيام الحجة عليه.وحيث إن ما عبر عنه
المدعي عليه في طلبه الموجه إلى المؤسسة الجهوية بتاريخ 23نونبر 1998بالتنازل عن
الدفعات المالية لفائدة المدعي ال يمكن أن يفسر إال بتنازله عن البقعة األرضية التي سددت
تلك الدفعات من أجل اقتنائها ...وأن البائع ملزم قانونا بتسليم الشيء المبيع للمشتري وذلك
طبقا للفصل 498من ق.ل.ع ،وهذا التسليم ال يقتصر على نقل الحيازة المادية للمبيع إلى
المشتري 2بل أيضا الحيازة القانونية وهذه األخيرة تقتضي في نازلتنا تحرير عقد بيع مستوف
ألركانه وشروطه وتقييده بالرسم العقاري مادام المبيع عبارة عن عقار محفظ."...
سليما واعتبرت عن صواب أن الطاعن ال يستحق التعويض عن التماطل ما دام أن العقد موضوع الوصل عدد 016المؤرخ في
2007/05/10يعتبر باطال بقوة القانون ،فجاء قرارها معلال تعليال سليما وغير خارق ألي مقتضى والوسيلتان على غير أساس ".
- 1حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمراكش في الملف العقاري رقم 06/9/401بتاريخ 15فبراير -2007غير منشور.
- 2جاء في قرار لمحكمة النقض يتعلق بالتسليم في عقار في طور محفظ تحت عدد 1/7 :المؤرخ في 2016/01/05 :ملف مدني عدد :
2015/1/1/212غير منشور ما يلي:
"حيث صح ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه ذلك انه علل قضاءه بأن (( ما عابه المستأنف الحسين ابو درار على الحكم المستأنف
حين قضى بعدم صحة تعرضه والحال انه اثبت تملك موروثه احمد بن المحفوظ وإشراكه بمقتضى عقد الشراء المؤرخ في عام 1333هجرية
ورسم اراثته ،فان ذلك ال يعفيه من إثبات استحقاقه باألدلة المعتبرة شرعا والمستوفية لشروط الملك من يد ونسبة وطول أمد وغيرها ،وان
محاولة إسقاط رسم الشراء المذكور على جزء من الملك موضوع مطلب المطلوب استنادا إلى شهادة شاهد واحد أو شاهدين بخصوص الحيــازة
==
98
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويالحظ من خالل حيثيات هذا الحكم القضائي أنه اعتمد اإلقرار كوسيلة لإلثبات ولو
تعلق األمر ببيع عقاري ،مخالفا بذلك االستثناء التشريعي الذي كرسه المشرع في هذا
اإلطار ،والمتمثل في وجوب إجراء البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ .بل إنه خالف اتجاه
محكمة النقض بغرفها مجتمعة 1التي دأبت على التمسك بضرورة احترام شكلية الكتابة في
البيع العقاري حسبما أشير إليه أعاله .إذ إن هذا األخير لم يعتد باإلقرار المضمن بحكم
جنحي رغم كونه حجة رسمية وفقا لمقتضيات الفصل 418من ق.ل.ع ،فمن باب أولى
وأحرى أن يقبل به بمناسبة دعوى قضائية بين الطرفين البائع والمشتري كما هو الشأن في
النازلة المذكورة.
وهكذا ،يمكن القول تبعا لهذا االتجاه القضائي ،أن الحـق -ولو لم يكن موجودا أو
مكتمل النشأة -يكون قابال إلجراء تقييد مؤقت بشأنه عن طريق تقييد مقال الدعوى العقارية
تقييدا احتياطيا بالرغم من عدم إرفاقه بأية حجة أو وثيقة تثبت قيام الرابطة التعاقدية بشأن
بيع عقاري وتضمنها لكافة أركان عقد البيع المنصوص عليها قانوني ،وذلك في انتظار
حصول إقرار البائع (المدعى عليه) من خالل مذكرته الجوابية ،الشيء الذي يجعل المحافظ
ملزما باالستجابة لطلب إجراء التقييد المؤقت لمقال الدعوى ،ويكون بالتالي ملزما بتقييد
الحكم الصادر بإتمام إجراءات البيع بناء على اإلقرار بعد صيرورته حائ از لقوة الشيء
= = ووضع اليد ال يثبت له الملك وفق ما سلف)) .في حين أن عقود االشرية المقرونة بالحيازة إنما تعد قرينة على الملك ،األمر الذي كان معه
على المحكمة أن تبحث في طبيعة وشروط الحيازة المتمسك بها من طرف الطاعن مع مقارنة حججه مع حجج طالب التحفيظ إن اقتضى
الحال ولما لم تفعل ذلك كان قرارها ناقص التعليل .األمر الذي يعرضه للنقض واإلبطال ".
- 1قرار عدد 1921الصادر بجميع الغرف بتاريخ 23دجنبر 2010في الملف التجاري عدد 2005/1/3/1073منشور بمجلة محكمة
النقض – العدد 77جاء فيه ما يلي:
"البيع أو الوعد بالبيع المنصب على عقار محفظ يلزم إثباته بحجة كتابية ،إذ أنه طبقا للفصل 489من قانون االلتزامات والعقود إذا كان محل
البيع عقا ار أو حقوقا عقارية ،فإن البيع ال يكون تاما إال بإجرائه كتابة في محرر ثابت التاريخ ،وال يكون للبيع أي أثر في مواجهة الغير إال إذا
سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون.
الوصل الصادر عن الموثق التي يشهد فيه بتوصله بمبلغ مالي من طرف مدعي الشراء ،والذي ال يتضمن أي التزام من البائع ،ال يمكن
اعتباره محر ار ثابت التاريخ تتوفر فيه شروط الفصل 489من قانون االلتزامات والعقود ليعتبر حجة على انعقاد البيع أو الوعد بالبيع.
قبول المالك بيع العقار بثمن معين ،وذلك تحت شرط موافاته بباقي الثمن داخل أجل محدد ،وإال اعتبر القبول كأن لم يكن ،يعتبر إيجابا جديدا
ال يلزمه إال إذا تلقى ممن وجه له موافقته على ما تضمنه إيجابه الجديد أو نفذ من طرفه في حدود ما تضمنه ذلك اإليجاب ،وإال اعتبر
اإليجاب غير مقترن بالقبول ،وبالتالي ال يكون البيع منعقدا وال محل إلتمامه".
99
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المقضي به 1مادام ال يملك الحق في رفض التقييد إال إذا كان يتعارض مع الوضعية
القانونية للرسم العقاري.
وجدير باإلشارة أن محكمة النقض أكدت في هذا الصدد جواز األخذ بإقرار البائع كلما
تعلق األمر بوجود عقد وعد بالبيع ال يتضمن اإلشارة إلى الثمن معتبرة من خالل أحد
ق ارراتها المؤرخ في 12ماي 2015عدم ذكر الثمن في عقد الوعد بالبيع الذي وقع به
تفوي ت البائع لواجبه المشاع في المدعى فيه ،يستلزم األخذ بإق ارره القضائي برمته وال يمكن
تجزئته.2
وفي نازلة أخرى تتعلق بدعوى طرد محتل بدون سند أقامها المالك لألرض ضد من
يتواجد في األبنية المقامة عليها ،اعتبرت محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 26يناير
2016أن اإلقرار ال يعتد به إذا ناقضه صراحة من صدر لصالحه.3
- 1جاء في ق ارر عدد 84الصادر بتاريخ 12فبراير 2015في الملف التجاري عدد 2013/1/3/17منشور بمجلة محكمة النقض – العدد 80
– سنة 2015ما يلي:
"إن حجية األمر المقضي ال تثبت لمنطوق الحكم فقط وإنما لحيثياته أيضا .ومادام أن الشيء المطلوب بمقتضى هذه الدعوى هو نفس الشيء
المطلوب سابقا ،وأن الدعوى مؤسسة على نفس السبب ومرفوعة بين نفس األطراف وموجهة منهم وعليهم بنفس الصفة ،فإن سبقية البت في
الموضوع تكون قائمة وثابتة بمقتضى أحكام وق اررات أصبحت مكتسبة لقوة الشيء المقضي ".
- 2القرار عدد 234الصادر بتاريخ 12ماي 2015في الملف المدني عدد 2014/7/1/1543منشور بمجلة محكمة النقض – العدد – 80
سنة .2015
ونظ ار ألهمية هذا القرار نورد حيثياته كما يلي:
"حيث تبين صحة ما نعاه الطالب على القرار ،ذلك أن المحكمة مصدرته عللته بما جاءت به من أن" :المستأنف عليه أدلى بالحكم عدد 424
الصادر في الملف عدد 10/1401/747بتاريخ ، 2011/5/25وهو يتضمن إقرار المستأنف بيعه واجبه في القطعة األرضية المدعى فيها
حاليا بثمن قدره 200000درهم ،وأنه قبض من المستأنف عليه مبلغ 10000درهم ،...ونظ ار لكون الثمن الذي فوت به المستأنف لواجبه في
المدعى فيه لم يحدد صراحة في عقد الوعد بال بيع فإنه ال مفر من األخذ بهذا اإلقرار برمته وال يمكن تجزئته ،ونتيجة لذلك اعتبار الثمن الذي
وقع به البيع هو ما يصرح به المستأنف في دعواه التي تمخض عنها الحكم المستدل به من المستأنف عليه وهو 200000درهم للقطعة
برمتها وجب فيه للمستأنف مبلغ 100000درهم وقد قبض 10000درهم وبقي في ذمة المستأنف عليه 90000درهم" .والحال أنه بالرجوع
إلى الحكم المستند عليه المذكور ،يتبين أنه تضمن أن الطالب تسلم بمقتضى العقد مبلغ 10000درهم من المدعى عليه (المطلوب) على أن
يكمل باقي ثمن البيع الذي هو 200000درهم ليصبح مالكا للبقعة األرضية .ثم أكد في مذكرته الجوابية المدلى بها مـن طـرف دفاعـه بتاريخ
==
= = 2010/9/2المشار إليها في نفس الحكم أن ثمن البيع هو 210000درهم ،وكون الشريك اآلخر باع بثمن آخر ال يلزمه في شيء .وهي
عبارات تنصرف إلى أن الثمن الذي صرح به الطالب في الحكم المذكور والذي يخص واجبه هو 210000درهم ،وليس كما جاء في القرار
المطعون فيه من أنه 100000درهم ،مما يجعله غير مبني على أساس ومعلال تعليال فاسدا يوازي انعدامه مما يعرضه للنقض".
- 3قرار عدد 3/71 :مؤرخ في 2016/01/26 :ملف مدني عدد 2015/3/1/1894 :غير منشور.
100
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
األصل في الفقه اإلسالمي هو رضائية العقود ،غير أن بعض التصرفات تقتضي إما
بطبيعتها كالرهن ،أو لتعلق حق الغير بها كالعطايا ،من حبس وهبة وصدقة ..؛ أن يقع
حوزها من قبل المعطى له ،ورفع يد المعطي عنها وإحالل يد المعطى له محلها ،وهذا الحوز
شرط نفاذ في كل عطية عند فقهاء المالكية الذين أجمعوا على أنه البد من الحوز في
التبرعات كلها قبل حدوث مانع من موت المتبرع أو فلسه ،وإال بطلت؛ حكمها في ذلك حكم
العقود العينية التي البد فيها من القبض والتسليم تحت طائلة عدم النفاذ والبطالن؛ وهو ،أي
الحوز ،شرط صحة عند اإلئمة الثوري والشافعي وأبي حنيفة.
وقد لخص اإلمام ابن رشد الخالف القائم حول طبيعة شرط القبض وأثر تخلفه بقوله:
إن "العلماء اختلفوا في صحة العقد أم ال ،فاتفق الثوري والشافعي وأبو حنيفة أن من شرط
صحة الهبة القبض ،وأنه إذا لم يقبض لم يلزم الواهب ،وقال مالك :نعقد بالقبول ويجبر على
القبض كالبيع سواء ،فإن تأنى الموهوب له عن طلب القبض حتى أفلس الواهب أو مرض
101
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بطلت الهبة ،وله إذا باع تفصيل :إن علم فتوانى لم يكن له إال الثمن ،وإن قام في الفور كان
له الموهوب؛ فمالك القبض عنده في الهبة من شروط التمام ال من شروط الصحة ،وهو عند
الشافعي وأبي حنيفة من شروط الصحة .وقال أحمد وأبو ثور :تصح الهبة بالعقد ،وليس
القبض من شروطها أصال من شروط التمام وال من شروط الصحة ،وهو قول أهل الظاهر،
وقد روي عن أحمد بن حنبل أن القبض من شروطها في المكيل والموزون "(بداية المجتهد
ونهاية المقتصد ،لإلمام ابن رشد ،شرح وتحقيق وتخريج الدكتور عبد هللا العبادي ،دار
السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،1 995الجزء 4الصحيفة .)2 026
هذا ،وق تناول الفقه المالكي دراسة التبرعات ،من حبس ،وصدقة ،وهبة ،وعمرى،
وغيرها ،بتفصيل محكم ،وظل الفقه المذكور هو المرجع في الفصل في النزاعات التي تنشأ
بشأن التبرعات والعطايا بمختلف أنواعها ،وهو النص الذي ظلت المحاكم المغربية تعتمده في
الفصل في النزاعات التي تثور بشأن النزاعات العقارية ،إلى أن صدر قانون التحفيظ العقاري
الصادر ظهير 12غشت ،1913ثم القانون المطبق على العقارات المحافظة بالمرسوم
الصادر في ،1915/06/02فأصبح القانونان المذكوران هما المطبقان على النزاعات
الناشئة بشأن العقارات ،إلى جانب المشهورة والراجحة والجاري به العمل في الفقه المالكي.
وبعد صدور مدونة األوقاف بالظهير الشريف رقم 236.09.1في 8ربيع األول
)2010/02/23(1432ثم صدور الظهير الشريف رقم الشريف رقم 1.11.178الصادر
في 25حجة 22(1432نوفمبر )2011بتنفيذ بالقانون رقم 08/39بشأن مدونة الحقوق
العينية ،صار النصان المذكوران هما المطبقان كل في مجاله ،على التصرفات التي تنصب
على العقارات ،ومن ضمن ذلك "التبرعات" مع الرجوع إلى الفقه المالكي فيما يرد بشأنه نص
في القانونين سالفي الذكر ،أو اكتنفه نقص أو غموض في القانونين المذكورين.
102
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وهذا البحث المتواضع يتناول إلقاء الضوء على أهم المبادئ بشأن التبرعات في الفقه
المالكي والقانون الوضعي المغربي؛ وعلى مستجدات قانون التحفيظ ومدونة الحقوق العينية
في مجاليهما ،ولئن جعل هللا في العمر بقية وأمدني بعون من عنده ،أعددت بحثا مستقال
بموجز مستجدات مدونة األوقاف.
األصل في الفقه اإلسالمي هو رضائية العقود ،غير أن بعض التصرفات تقتضي إما
بطبيعتها كالرهن ،أو لتعلق حق الغير بها كالعطايا ،من حبس وهبة وصدقة ..؛ أن يقع
حوزها من قبل المعطى له ،وذلك برفع يد المعطي عنها وإحالل يد المعطى له محلها ،وهذا
الحوز شرط نفاذ في كل عطية عند فقهاء المالكية الذين أجمعوا على أنه البد من حصول
الحوز في التبرعات كلها قبل حدوث مانع من موت المتبرع أو إحاطة الدين بماله ،أو فلسه،
وإال بطلت ؛ حكمها في ذلك حكم العقود العينية التي البد فيها من القبض والتسليم تحت
طائلة عدم النفاذ والبطالن؛ وهو ،أي الحوز ،شرط صحة عند اإلئمة الثوري والشافعي وأبي
حنيفة.
وقد لخص اإلمام ابن رشد الخالف القائم حول طبيعة شرط القبض وأثر تخلفه بقوله:
إن "..العلماء اختلفوا في صحة العقد أم ال ،فاتفق الثوري والشافعي وأبو حنيفة أن من شروط
صحة الهبة :القبض ،وأنها إذا لم تُقبض لم تلزم الواهب ،وقال مالك :تنعقد بالقبول ويجبر
على القبض كالبيع سواء ،فإن توانى الموهوب له عن طلب القبض حتى أفلس الواهب أو
مرض بطلت الهبة ،ول ه إذا باع تفصيل :إن علم فتوانى لم يكن له إال الثمن ،وإن قام في
الفور كان له الموهوب؛ فمالك القبض عنده في الهبة من شروط التمام ال من شروط
الصحة ،وهو عند الشافعي وأبي حنيفة من شروط الصحة .وقال أحمد وأبو ثور :تصح الهبة
بالعقد ،وليس القبض من شروطها أصال ،ال من شروط التمام وال من شروط الصحة ،وهو
103
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
قول أهل الظاهر ،وقد روي عن أحمد بن حنبل أن القبض من شروطها في المكيل والموزون
"(بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،لإلمام ابن رشد ،شرح وتحقيق وتخريج الدكتور عبد هللا
العبادي ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة األولى ،1 995الجزء 4الصحيفة
.)2 026
هذا ،وإن نصوص الفقه المالكي واضحة ومتواترة في وجوب توفر وثبوت الحوز لنفاذ
الحبس وما في حكمه من هبة وصدقة؛ ومن هذه النصوص :قول خليل رحمه هللا (في باب
الوقف) ..":وبطل( ..إن) عاد لسكنى مسكنه قبل عام ..أو لم يحزه ..أو لم ي ٍ
خل بين الناسُ
وبين كمسجد قبل فلسه وموته ومرضه ،" ...وقوله رحمه هللا (في باب الهبة) ..":وحيز وإن
بال إذن وأجبر عليه ،وبطلت إن تأخر لدين محيط ،أو وهب لثان"..؛ وقول ابن عاصم رحمه
هللا ،في باب الحبس من تحفته:
قبل حدوث موت أو تفليس. والحوز شرط صحة التحبيس
وقوله رحمه هللا ،في باب الهبة منها أيضا:
وجبره مهما أباه متضح. وللمعينين بالحوز تص ــح
...
معطاه مطلقا لتفريط عرض ومن يصح قبضه وما قبض
إن فاته في ذلك التــالفي. يبطل حقه بال خ ــالف
وقول الزقاق ،رحمه هللا ،في قواعده:
فحوزه حتما به ينكمل. وما بغير عوض ينتقل
وبشرط الحوز صارت العطايا شبيهة بالعقود العينية التي ال تتم إال بالقبض ،كبيع
السلم والرهن .إال أن الفقهاء يعبرون في الرهن بالقبض وفي العطايا غالبا بالحوز؛ ألن
القبض في الرهن ركن فيه ال ي تم إال به ،أما الحوز في العطايا فإنما هو شرط نفاذ ال يلزم
أن يكون فوريا عند اإلشهاد ،بل يمكن أن يقع في أي وقت بعد العقد ،لكن بشرط أن يقع قبل
104
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
حدوث المانع من موت المعطي أو فلسه ،وهو ما استقر عليه القضاء (استئنافية القنيطرة،
ملف رقم 6/90/2 082قرار ،91/06/10مجلة اإلشعاع ،ع 6ص .)83
وهكذا فإن الحوز ،عند فقهاء المالكية ،شرط نفاذ وليس شرط صحة (كما يرى الشافعية
والحنفية) ،فال يبطل التبرع بدونه ،ولكنه ال ينفذ إال بتحققه قبل حصول المانع.
ولهذا فإن في تصنيف عقود التبرع ضمن العقود العينية نظر؛ ألن القبض في هذه
العقود ركن ال يتم العقد إال به ،أما القبض في العطايا فال يتوقف عليه انعقادها ولزومها
للمعطي ،وإنما يتوقف عليه نفاذها في حق ورثته ودائنيه.
ويقتضي الحديث عن شرط الحوز في التبرعات ،في الفقه المالكي ،بيان أساس هذا
الشرط وتأصيله وكيفية الحوز ومن يصح منه ،والكالم على حوز بعض العطايا التي يخضع
حوزها ألحكام خاصة أو تقتضي طبيعتها مثل هذه األحكام.
غير أنه قبل بيان ما ذكر والتطرق إليه ،ينبغي لفت النظر إلى مالحظتين:
المالحظة األولى :هي أن جميع العطايا تفتقر لشرط الحوز ،وما يقرره الفقهاء في باب
الحبس هو نفسه المقرر عندهم في باب الصدقة والهبة واإلرفاق والمنحة واإلعمار واإلخدام
والحباء والرقبى ،كما تؤكده النصوص المنقولة أعاله؛ ال يستثنى من ذلك إال أمران:
. 1النحلة إذا انعقد عليها النكاح (وذلك قول ابن عاصم رحمه هللا ،في "فصل في
مسائل من النكاح" "ونحلة ليس لها افتقار إلى حيازة وذا المختار").
. 2وهبة الثواب (ألنها كالبيع " ،ال تبطل بموت المعطي قبل حوزها " ،كما نص على
ذلك الشيخ النفراوي في شرحه على رسالة أبي زيد القيرواني ( ج 3ص.) 38
105
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المالحظة الثانية :هي أن جميع األحكام التي يقررها الفقه اإلسالمي معللة بعلل عقلية
ومنطقية واضحة ومستندة إلى نصوص من القرآن أو السنة؛ وليست مجرد أحكام تقرر
اعتباطا أو مغاالة ،أو مجرد شكليات كما قد يتوهم البعض ،أو يدعيه البعض اآلخر.
أباحت الشريعة اإلسالمية لإلنسان أن يتصرف في أمالكه بمقابل ،كأ ن يبيعها أو
يقايض عليها؛ أو بغير مقابل كأن يتصدق بها أو يهبها .غير أنه لما كان اإلنسان ال يملك
أن يتصرف في ماله إال مادام حيا ومالكا لهذا المال ،ألنه بموته تنتقل أمالكه لورثته وفق
المقرر في آية الميراث ،مما ينجم عنه أن تصرفه الذي ال ينفذ إال بعد موته يعتبر تصرفا
في مال الغير (الورثة ،أو الدائنين) وغير جائز (إال في إطار الوصية وضمن شروطها)،
وذلك لتعلقه بحق الورثة والدائنين ولتصادمه مع أحكام اإلرث التي تمنع على اإلنسان
التصرف في ماله لما بعد موته إال في حدود الثلث بمقتضى الوصية لغير وارث.
ولما كان كل ما ذكر كما ذكر ،وكان من الممكن أن يحتال البعض على أحكام الفقه
والشريعة فيعطي أمواله لما بعد موته لغير الورثة أو لبعضهم دون البعض ثم يتظاهر بأن
ذلك اكتسى صبغة التنجيز وصرف الشئ المعطى للمعطى له في حياته (أي المعطي) بينما
الواقع خالف ذلك ،ليحرم بعض الورثة من حقوقهم المخولة لهم شرعا؛ فقد اشترط الفقهاء
لصحة العطايا أن تكون جدية ،واحتاطوا لذلك باشتراط أن يتخلى عنها المعطي قيد حياته
وهو في حال صحة ،وقبل أن يحيط الدين بماله أو ُيعًلن إفالسه ،وأن يسلمها لمن أعطاها له
تسليما فعليا حقيقيا ،وذلك حماية لحقوق الدائنين والورثة وهذه الحماية هي علة اشتراط الحوز
في سائر العطايا.
106
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ولضمان تحقق هذا الشرط ،ومنعا للتحايل عليه ،نص الفقهاء على وجوب معاينة
الحوز من قبل عدلين وعدم االكتفاء بذكره ،وذلك بأن يخرج الشهود إلى عين المال المعطى
ويعاينوا رفع يد المعطي عنه وحلول يد المعطى له فيه خلفا لها وينصوا في الوثيقة على ذلك
بمعاينتهم المعطى يخرج الشئ المعطى من يده ويسلمه لمن أعطاه له ،إذ اليكفي النص في
الوثيقة على إقرار المعطي والمعطى له بحصول الحوز دون معاينته.
وعلة ذلك أن الذي يمكن أن ينازع في وقوع الحوز هم إما دائنو المعطي أو ورثته،
وكل هؤالء غير أطراف في عقد الهبة أو الصدقة ،ومن المعلوم المسلم أن اإلقرار ال يسري
في حق غير المقر.
والحوز المشار إليه هو الذي يعبرعنه الفقهاء بالحوز المادي ،وذلك في مقابل الحوز
الحكمي أو المعنوي ،وهو كاف في حق المحجور الذي يصح أن ينوب عنه وليه فيه ولو
كان هو المعطي ،وذلك بأن يحوز له إلى أنيبلغ أو يوجد من يحوز له كاألخ األكبر ،كما
يعلم من شراح قول خليل رحمه هللا :في باب الحبس " اال بحوزه إذا شهد وصرف الغلة ولم
تكن دار سكناه ".
غير أن بعض األحكام القضائية ذهبت إلى أن " الحيازة في التبرعات ال تكون فقط
بمعاينة عدلي اإلشهاد لها ،بل يمك ن إثباتها ببينة أو بأي تصرف يقع على الشيء المتبرع
به "(استئنافية القنيطرة ،قرار 91/06/10ملف ،6/90/2 082منشور بمجلة اإلشعاع ع 6
ص ) 83وهذه القاعدة هي التي درج عليها ناظم العمل المطلق الذي قرر أن معاينة الحوز
ليست شرطا في حد ذاتها وإنما الغرض منها التأكد من رفع يد المعطي وحلول يد المعطى
له محلها ،وذلك قوله ،في " باب الوقف والهبة والعمرى" :
107
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
هذ ،ومن تمام الحوز أن يقع النص في الوثيقة على وقوعه في حال صحة المعطي
وطوعه رفعا لاللتباس ومنعا الدعاء أن ذلك لم يحصل إال في مرض المعطي الذي مات
منه أو بعد أن أحاط الدين بماله؛ وذلك ألن الحوز ال يجدي صاحبه إال إذا تم قبل حصول
المانع ،من موت المعطي أو مرضه أو اتصاله بموته أو إحاطة الدين بماله أو إعالن
إفالسه أو فقدان أهليته ،وقد استقر قضاء المجلس األعلى على تطبيق هذه القاعدة (ومن
ق ارراته بشأنها القرار عدد 762الصادر يوم 89/05/02في الملف العقاري،87/6 6617
غير منشور والقرار الصادر بتاريخ 90/01/29في الملف ،89/118منشور بمجلة
اإلشعاع ،ع 3ص126؛ والقرار عدد 3 204الصادر يوم 91/12/25في الملف 902
90/1ـ غير منشور؛ والقرار عدد 359الصادر بتاريخ ،93/03/22المنشور بمجموعة
ق اررات المجلس األعلى في مادة األحوال الشخصية ،ص.)366
ومن األحكام المتصلة بشرط الحوز أيضا أن العطية ال تنفذ وال تلزم إال إذا طلب
المعطي اإلشهاد عليه بها ،أما مجرد تصريح الشخص بالتحبيس أو بالصدقة أو بالهبة دون
طلب اإل شهاد عليه بذلك فال ينفذ شئ منه؛ ألنه قد يتكلم بذلك أو يكتبه وهو غير عازم
عليه ،وهذه القاعدة هي المشار إليه بقول خليل رحمه هللا " أو وهب إذا أشهد وأعلن" ،وقوله
رحمه هللا ،في باب الحبس " ،اال لمحجوره ،إذا أشهد وصرف الغلة ولم تكن دار سكناه"،
ومن هذه الوجهة يصح القول إن العطية ال تصح إال بإشهاد رسمي من قبل عدلين أو
نحوهما وال يكفي صياغتها في شكل وثيقة عرفية يوقعها المعطي.
هذا ،ومن المناسب هنا لفت النظر إلى أن المعطى له قد يحوزبعض عطيته دون
البعض اآلخر ،وموقف الفقهاء من هذه المسألة بإيجاز :أن حوز الجل يتنزل منزلة حوز
108
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الكل ،وأن حوز النصف يقضي إيفضي إلى نفاذ وصحية العطية في حدود النصف الذي
تمت حيازته ،وأن حوز القليل يفضي إلى عدم اعتبار العطية.
األصل أن المعطى له هو الذي يحوز العطية بنفسه ،غير أنه قد ال يتمكن من ذلك
لعذر واقعي كما إذا كان جنينا أو غائبا أو مريضا طريح الفراش ،أو عذر قانوني كما إذا
كان صغي ار غير مميز ،ففي مثل هذه األحوال يصح الحوز من ولي المعطى له أو وصيه
أو المقدم عليه أو وكيله.
والحوز عمل مادي يصح من الصغير نفسه كما يصح من البالغ المحجور عليه على
القول الراجح ،ومن وكيل الصغير ولو كان له أب ،ألنه قد يوكل غير وليه مخافة أن يفوت
الولي العطية أو ينفقها في مصالح نفسه ،ألن الغرض من الحوز هو إخراج الشئ المعطى
من حيازة المعطي وفصله عن ماله ،وجعله تحت يد المعطى له ،وهذا يتحقق بحوز المعطى
له نفسه كما يتحقق بحوز الولي أو الوصي أو المقدم أو الوكيل ،وقد نص ابن عاصم رحمه
هللا في تحفته على حوز الصغير والمحجور بقوله:
وقد احتاط الفقهاء لحوز الوكيل بأن اشترطوا أن ال تكون فيه مظنة تحايل أو تهمة ،فلم
يعتدوا بحوز الزوج ما وهبه لزوجته نيابة عنها ،وقد تبنى المجلس األعلى هذه القاعدة في
ق ارره عدد 1 410الصادر 91/11/12في الملف ( 88/5 440غير منشور) وقال ،جوابا
عن الدفع بأن قاعدة أن " الزوج للزوجة كالموكل " (الواردة في تحفة ابن عاصم) ،إن محل
هذه القاعدة ما باعه الزوج لزوجته وليس ما وهبه لها ،وأنه ال يمكن قياس الحوز في البيع
على الحوز في الهبة لوجود الفارق.
109
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أوالها :أن له أن يحوز لنفسه ولو كان دون سن الرشد إذا كان مميزا ،سواء كان
المعطي هو والده أو هو الغير.
ثانيها :أن لوليه أن يحوز له ،سواء كان هو المعطي أو كانت العطية من غيره ،مالم
يكن للصغير أخ راشد يصح منه القبض له ،ففي هذه الحال يتعين على األب المعطى أن
يكلف ابنه الراشد ليحوز ألخيه القاصر.
ثالثها :أن األب إذا وكل من يحوز لصغيره امتنع عليه أن يعود للحوز له بنفسه.
رابعها :أن العطية إذا صدرت من األب ألوالده الكبار والصغار معا ،تعين عليه معها
أن يوكل كبيرهم ليقبض لصغيرهم وإال بطلت ،وليس له أن يقبض لصغيره مع وجود كبير،
وذلك قول ابن عاصم:
وليس يخفى أن العلة هنا من منع األب من حيازة ما يهبه لبنه الصغير إن كان
للموهوب له أخ بالغ يقبض له العطية نيابة عنه.
خامسها :أن العطية الصادرة من األب ألوالده الصغار يتعين معها مبادرته إلى توكيل
من يبلغ منهم فور بلوغه ليحوز لصغيرهم ،وإال بطلت.
سادسها :أن هبة ما فيه ثمار مؤبرة أو زرع تبطل في حق الصغار إذا لم يقع النص
على دخول الزرع والثمار في العطية أو الهبة أو الحبس ،ألن بقاء الثمار في ملكية المعطي
وعدم دخولها في العطية يخل بالحوز لكونه يشغل العقار المعطى بشيء عائد للمعطي ،مما
يتنافى مع تمام الحوز ،وهو الحكم المشار إليه بقول ابن عاصم رحمه هللا:
110
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
سابعها :أن حوز األخ الكبير لنفسه وألخيه الصغير جائز والعطية معه صحيحة في
حقهما معا ،وفي هذا يفترق حوز الكبير حصة الصغير عن حوز الكبير حصة الكبير ،كما
سيأتي.
ثامنها :أن حوز األب الجزء الشائع له ولولده الصغير هو حوز صحيح كما سيأتي
أيضا.
تاسعها :أن ماال يعرف بعينه من األموال كالدراهم ال يصح لألب أن يقبضه لولده
الصغير ،بل يتعين أن يسلمه لمن يقبضه له ،وهي القاعدة المشار إليها بقول خليل رحمه هللا
" إال ما يعرف بعينه ولو ختم " وبقول ابن عاصم في باب الصدقة والهبة:
ولبيان دقة تحليالت فقهائنا تنبغي اإلشارة هنا إلى أنه لو كانت الدراهم المتبرع بها دينا
في ذمة شخص غير المعطي ،فإن العطية فيها صحيحة النتقاء علة المنع التي هي تعذر
الحوز ،ألنه هنا تم بكونها عند الغريم وفي ذمته.
ويسري هذا الحكم أيضا فيما إن اشترى األب لولده عقا ار أو غيره بالدراهم المعطاة فإن
ذلك حوز له كما يعلم من شراح التحفة لدى قول ناظمها رحمه هللا ..." :وعن األمين يغني
اشتراء هبه بعد حين".
111
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الرأي الراجح في الفقه اإلسالمي أن حوز العطية نيابة عن الغير دون توكيل منه ال
يصح ،وهو قول أصبغ ،ورواه ابن القاسم ،وعلى هذا إذا كانت العطية لكبيرين وحازها
أحدهما لنفسه ولآلخر بدون توكيل منه ولم يحز اآلخر حتى حصل مانع بموت المعطي أو
إحاطة الدين بماله أو إعالن إفالسه أو بتصرفه في الشيء المعطى ،فإنها تبطل في حق
من لم يقبض ،إال الحبس فإنه يبطل في حقهما معا لعدم قابليته للتجزئة ،وذلك ألن من لم
يحز قد فرط في واجبه في وقت كان له معه أن يباشر الحوز بنفسه أو بواسطة وكيل ،أو
يطلبه على األقل؛ ثم إن العطايا تحتاج إلى قبول من المعطى له ،وترك القبض والتوكيل
عليه ينعدم معه القبول ،وقد سبقت اإلشارة إلى أن التوكيل عن القبض في التبرعات يجب
أن يكون ثابتا واضحا وال يكفي فيه التوكيل الحكمي أو الفرضي كالوكالة الضمنية للزوج عن
زوجته .
والرأي المرجوح أن العطية للرشداء ال تبطل بقبضها من قبل أحدهم عن نفسه وعن
غيره ولو دون توكيل .وأما حيازة من وكل على ذلك فهي صحيحة ،والعطية معها تامة
نافذة.
من المقرر المسلم أن التبرعات تلزم بالقول إال أنها ال تصح إال بالقبض ،ويقتضى
لزومها بالقول أن من حق المعطى له أن يلزم المعطي بتسليمها ويجبره على ذلك بأن يطالبه
به قضاء ،وليس للمعطي أن يدفع دعوى المعطى له باختالل شرط الحوز ،ألن البطالن
المترتب عن فقدان هذا الشرط إنما هو مقرر لمصلحة الورثة والدائنين ال لمصلحة المعطي
نفسه الذي يمكن جبره قضاء على تسليم عطيته ،وذلك قول خليل رحمه هللا "وحيز وإن بال
إذن وأجبر عليه ".
112
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
من المعلوم المسلم فقها أن للمعطى له أن يطلب إزام المعطي بأن يسلم له عطيته.
نعم ،يختلف حكم اإلجبار على التحويز في العطية لمعين عنه في العطية لغير معين،
فالعطية الصادرة لمعين كشخص بذاته يجبر المعطي على تسليمها للمعطى له مطلقا ،أما
العطية لغير معين ،كجهات الخير ،فإن المعطي يومر بتحويزها ولكنه ال يجبر على ذلك
على القول األصح ،وهي القاعدة المشار إليها بقول ابن عاصم رحمه هللا في تحفته:
وقد استقر القضاء على أن من حق المعطي له أن يجبر المعطي قضاء على تمكينه
من عطيته وتسليمهلها ،ألن المعطي تلزمه عطيته بمجرد التلفظ بها ،ويكون من حق
المعطي له أن يطلب جبره قضاء على تسليمها له وتمكينه منها ،وليس للمعطي في هذه
الصورة أن يدفع دعوى المعطى له بانعدام شرط الحوز ،ألن هذه القاعدة إنما تنطبق على
العالقة بين المطي والغير وأما بين المعطي والمعطى له فإن القاعدة أن للمطعى له أن
يطلب إزام لمعطي قضاء لتمكين المعطى له من عطيته.
والعمل القضائي جار على هذا النحو على مستوى محاكم الموضوع ومحكمة النقض
(قرار المجلس األعلى عدد 1753بتاريخ ،2009/05/13ملف مدني-2007/2/1/2762
غير منشور).
هذا فيما يتعلق بحكم الحوز في عالقة المعطي بالمعطى له ،أما فيما يتعلق بأثر
تخلف شرط الحوز في حق الورثة والدائنين فإنه مبطل للعطية قوال واحدا كما هو منصوص
113
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
علي ه بقول خليل "وبطلت إن تأخر لدين محيط " وقول ابن عاصم في باب الصدقة من
تحفته:
وهكذا ،فإن على المعطى له أن يبادر إلى طلب تحويزه عطيته قبل أن يفوتها المعطي
لغيره ببيع أو هبة أخرى أو نحو ذلك ،وقبل أن يقوم بالمعطى مانع من موت أو إحاطة
الدين بماله أو إعالن إفالسه ،فإذا لم يبادر إلى ذلك حتى حصل مانع مما ذكر بطلت
العطية ،صدقة كانت أو هبة أو حبسا أو غير ذلك.
وهكذا فإن المعطى له الذي لم يتوان عن طلب التحويز في مواجهة المعطي ثم قام
المانع بأن مات المعطى أو أفلس ،فإنه ال يتضرر من ذلك ،بل يعتبر كالحائز ،وكذلك
الشأن بالنسبة للقابض العرضي كالمعطى له الذي يطلب من المعطي أن يسلم له الشيء
المعطي من أجل أن يفحصه ويرى ما إن كان سيقبل العطية أو ال ،فسلمها له المعطي
وقبضها منه المعطى له ،ليتأملها ويتروى ليرى هل هي صالحة له فيقبلها أو ال فيردها
114
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القبض لصاحبها ،فمات المعطي قبل أن يجيبه المعطى له ،والعطية بين يديه ،فإن
العرضي المذكور يعد كافيا وبمثابة قبض تام ،والعطية معه نافذة .
إن ما سبقت اإلشارة إليه من اشتراط حصول الحوز في سائر العطيا قبل حدوث
المانع ،إنما هو في العطية التي تقع في صحة المحبس ،أما الحبس أو الصدقة أو الهبة
التي تصدر من صاحبها خالل مرض موته فإنها ال تبطل كلية ،بل تصير وصية ،إن كانت
لغير وارث ،أو كانت لوارث وأجازها بقية الورثة.
وهكذا ،فإنه إذا حبس الشخص عقا ار معينا أو جزءا معلوما من عقار مما يملكه أو
تصدق بذلك أو وهبه ،وكان ذلك في مرض المحبس الذي مات منه ،ولم يحز المحبس أو
المتصدق عليهم أو الموهوب لهم ما ذكر حتى مات المعطي ،فإن هذه العطية ال تبطل
كلية ،وتعتبر كأن لم تكن ،بل إنها تصير وصية ،وتنفذ في حق من صدرت عنه في ثلث
ماله .ويتحول الحبس أو الصدقة أو الهبة هنا إلى وصية.
وهذا التحول هو أصل نظرية تحول التصرف التي ظن البعض أنها من مبتكرات الفقه
األلماني والتي نجد تطبيقا ت لها في الفصل 309من قانون االلتزامات والعقود المغربي،
الصادر في12غشت 1913الذي ينص على أنه " إذا بطل التزام باعتبار ذاته وكان به من
الشروط ما يصح به التزام آخر ،جرت عليه القواعد المقررة لهذا االلتزام اآلخر" ،وفي
الفصل 1035من نفس القانون ،الذي ينص على أنه " ذا تضمن العقد منح أحد الشركاء كل
الربح كانت الشركة باطلة واعتبر العقد متضمنا تبرعا ممن تنازل عن نصيبه في الربح ."...
115
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تلكم كانت نظرة موجزة عن أحكام الحوز في التبرعات كما قررها فقهاء الشريعة ،سيما
أصلوها
المالكية منهم ،ويبدو منها للباحث المنصف والمتأمل أنهم دققوا أبحاثهم تدقيقا و ً
تأصيال ُيرجعها إلى مصدريها األصليين :كتاب هللا ،وسنة رسوله ،صلى هللا عليه وسلم.
ولو أن الباحثين المحدثين نهجوا نهج السلف في امعان البحث والتدقيق والتقصي بعد
اإلحاطة بأحكام اللغة وقواعد األصول ،والتمكن من مادة البحث ،ألمكنهم الوصول إلى
حلول للمشكالت التي تطرحها بعض القضايا المستجدة ،ولما بقوا يتخبطون فيها زمنا طويال،
غير أن هذا لم يقع مع شديد األسف ،فكانت النتيجة أن جدت أمور لم يقرر لها حل واضح
وأصبحت كتب الفقه القديمة عقبات ينفر منها كثير من القراء ويستصعبها غير قليل من
الباحثين ،في حين عز البديل ،فأضحى الميدان خلوا من تحليل منصف ومقنع ،ومن دليل
مقنع ،ومن مرجع شاف.
ومن تمام البحث في شرط الحوز في التبرعات بحث حوز :دار السكنى ،وحوز مابه
ثمار مؤبرة أوزرع ،وحوز الجزء المشاع ،والحوز الجزئي ،وحوز العقار المحفظ؛ وذلك ألن
هذه األمور تخضع من حيث الحوز ألحكام خاصة.
أ ـ فأما دار السكنى :فإن من المقرر فقها مسلما أن حوزها ال يتم إال بإخالئها من
شواغل المعطي وأمتعته وخروجه منها خروجا فعليا وبقاءه خارجها مدة عام على األقل ،فإن
لم يفرغها من أمتعته أو أفرغها ثم عاد إليها قبل عام بطلت الهبة إن كان الموهوب له
محجورا ،وكذا إن كان راشدا على المشهور ،إذ ال يتحقق الحوز المطلوب شرعا إال بما ذكر،
ألن بقاء أمتعة المعطي في الدار المعطاة يعتبر اشغاال منه لها واستعماال لها في مصالح
نفسه ،وبذلك ال يتحقق الحوز على الوجه المطلوب ،وقد استقر قضاء المجلس األعلى على
هذه القاعدة وقرر أنه البد لصحة العطية النصبة على دار السكنى من معاينة إخالء
116
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المعطي لها وعدم عودته إليها داخل عام من يوم اإلخالء (قرار 90/01/29في الملف
،89/118مجلة اإلشعاع ،ع 3ص.)126
ولكن إذا مرض المعطي أو كان فا ار متخفيا فآواه المعطى له ،فإن ذلك ال يعتبر عودا
وال يبطل العطية ،وكذلك األمر إذا عاد ضيفا فآواه المعطى له في الدار المعطاة فمات بها.
ومادامت العلة من اإلخالء من األمتعة هي تحقيق الحوز ،فإنه ال يكون الزما إذا
انصبت العطية على الدار وعلى جميع ما فيها ،مادام المعطى له حاز الدار بما فيها.
ثم إن المعطى إذا عاد لدار سكناه قبل مضي عام ،ولكن المعطى له حازها منه ثانية
حو از صحيحا فإن العطية تصح.
وإذا وقع الخالف في وقت الحوز هل كان قبل الدين أو بعده ،بطل الحبس ،تغليبا
للواجب الذي هو الدين على المندوب الذي هو العطية.
ب ـ وأما حوز ما به ثمار مؤبرة أو زرع :فإنه ال يصح بالنسبة للصغير إال إذا شملت
العطية الزرع والثمار كما سبق ،ألن حوز والدهم الواهب لهم ال يتحقق إذا ظل العقار
مشغوال بثماره أو زرعه ،أما بالنسبة للكبار فالعطية صحيحة ،وال يؤثر عليها انشغال المعطى
بزرع الواهب أو ثمره لما هو مقرر من أن للمعطي أن يهب أرضا ويستثني غلتها مدة معينة،
خالفا لدار السكنى.
وعلة المنع أن حوز الواهب ألوالده الموهوب لهم ما فيه ثمر مؤبر يختلط فيه حوزه لهم
مع حوزه لنفسه ؛ إذ ال يدرى أهو يحوز العقار الموهوب لحساب نفسه باعتباره حامال للثمار
المؤبرة العائدة إليه والتي لم تشملها العطية ،أو أنه يحوزه لصغاره الموهوب لهم ؛ ولهذا فإن
حوز األب لبنيه الصار الموهوب لهم يقع صحيحا إذا شمل العطية الثمار ،وذلك لزوال العلة
المشار إليها؛ كما أن الحوز المذكور يقع صحيحا إذا حل وقت جني الثمار وتم جنيها بالفعل
117
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
قبل حصول المانع من موت المعطي أو فلسه أو إحاطة الدين بماله أو فقد أهليته ،إذ بمجرد
جني الثمار يخلص العقار الموهوب للموهوب لهم ويصح حوزه من قبل والدهم نيابة عنهم
وغنى عن الذكر أن الثمار إذا كانت غير مؤبرة فإنه ال تأثير على عدم ذكرها ألنها تابعة
لألصل وتشملها العطية حينئذ دون حاجة للنص عليها.
ج ـ وأما هبة الجزء الشائع :فالمشهور صحته وجوازه مع بقاء يد المعطي على واجبه
غير المشمول بالعطية ،بشرط أن يتصرف المعطى له الرشيد مع الواهب ليتحقق له الحوز،
وأما الصغير فإن حوز أبيه نيابة عنه كاف إذا لم ينازعه فيه أحد ،وأما مع المنازعة " فال
يقضي لالبن إال بما عين منهما بتوقيف الشهود عليهما أو بوصف يتحصل به تمييزها كما
قاله ابن مالك وابن عتاب".
ولعل من نافلة القول اإلشارة إلى أنه خالفا لحكم موت المعطي قبل حصول الحوز فإن
موت المعطى له ال يؤثر على العطية ،ولوقد كان ذلك قبل الحوز ،ويحل وورثة المعطى له
حينئذ محل موروثهم في قبض العطية ،مالم يكن الواهب قصد عين الوهوب له فحينئذ تبطل
العطية.
د .وأما حوز بعض المعطى دون البعض اآلخر ،أو الحوز الجزئي :فالمنصوص عند
الفقهاء أن ما قارب الشيء يعطي حكمه ،ولهذا فإن حوز أغلب المعطى أو أنفسه وأجله يقوم
مقام حوز الكل؛ وكذلك األمر بالنسبة إلخالء دار السكنى ،فإن اعتمار المعطي جزءا يسي ار
منها ال يضر ،أما اعتمار نصف الدار أو تسليم نصف الموهوب فإن الهبة معه تصح في
النصف الذي وقع حوزه ،دون النصف اآلخر الذي لم يحز؛ وهو ما يشير خليل بقوله في
باب الهبة " ودار سكناه إال أن يسكن أقلها ويكري له األكثر وإن سكن النصف بطل فقط
واألكثر بطل الجميع".
118
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
هذا ،وقد نص الفقهاء على أن عودة المعطى لدار سكناه ال يضر ،إذا كان طريدا أو
مريضا فآواه المعطى له في الدار المعطاة ،كما سلفت إليه اإلشارة آنفا.
وقد أكدت محكمة النقض في أحدث قرار لها أن حيازة العطية المنصبة على الجزء
المعطي ولو شائعا تقع صحيحة ،فإذا وهب مالك دار متألفة من طابقين إحدى طابقيها عل
الغير وسلمه له وحازة المعطى له ،فإن العطية صحيحة نافذة ما دام المعطى له حاز
عطيته ،وقررت – أي محكمة النقض -أن "واقعة بقاء فراغ المنزل المتصدق به من شواغل
المتصدق وأمتعته ومعلوم أن من كذب بنيته أبطل العمل بها .كما أن شرط الحوز المصحح
للتبرعات غير ثابت تبعا لذلك نظ ار لعدم تحديد النصف المتصدق به المحوز ،وتبعا لذلك
ونظ ار لعدم تحديد النصف المتصدق به المحوز ،فإن شرط تمام الحوز المادي في حياة
المتصدق غير ثابت ولم يتم استيعاضه بالحوز القانوني بالتسجيل في الرسم العقاري حيث تم
تسجيل اإلراثة بعد الوفاة لذلك فإن موجبات إبطال الصدقة قائمة " في حين أنه يتجلى من
مستندات الملف ومن رسم الصدقة عدد 302أن المتصدق محمد حركتي تصدق على زوجته
بلعيدوني فاطمة بنت محمد بالنصف من الدار الكائنة بحي المسيرة شارع سمارة رقم106
وجدة ،وأنه با عتبار حوز الصدقة واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة وسائل اإلثبات ومنها إشهاد
البينة المثبتة لها ،وأنه يتجلى من رسم الصدقة المذكور المعتمد من الطاعنة أن شهيديه
توجها صحبة المتصدق عليها إلى الدار المذكورة وحازت الصدقة المذكورة حو از تاما في
الشياع معاينة فارغة من شواغل المتصدق وامتعته كما يجب" األمر الذي يكون معه القرار
المطعون فيه فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه ومعرضا للنقض واإلبطال"( قرار
عدد 1/464صادر بتاريخ 2019/06/18في الملف – 2018/1/1/2599غير منشور).
هـ ـ وأما حوز العقار المحفظ (وما في حكمه مما يقتضي التعاقد بشأنه شكلية
خاصة) :فإنه في مقدمة المشاكل التي مازال الفقه والعمل القضائي لم يجد منها مخرجا ولم
يقف بشأنها موقفا واضحا موحدا ،ما ينجم عن تطبيق قانون التحفيظ العقاري الذي يهم
119
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
البحث الحاضر منه اختالف أحكام القضاء بشأن كيفية حوز التبرعات في إطاره وهل يكتفى
فيه بالقبض المادي لما وقع به التبرع ولو لم يتم نقل الملكية على الرسم العقاري ،أم البد
فيه من التقييد بالمحافظة العقارية ،ولذا وجب عقد فقرة خاصة للحديث عن حيازة العقار
المحفظ في ميدان التبرعات وكيف تتم وبماذا تتم.
واستقراء هذه المسألة يقتضي معالجتها من خالل أربع فرضيات يقع الحديث خاللها
عن :أثر الحوز العملي مع التقييد في الرسم العقاري ،وأثر التقييد على الرسم العقاري دون
حوز عملي ،وأثر الحوز العملي دون التقييد على الرسم العقاري ،وأثر انتقاء الحوز العملي
مع عدم التقييد.
الحالة األولى :حالة ثبوت حوز المعطى له للعطية حو از فعال مع تقييد العطية بالرسم
العقاري؛ ففي هذه الحالة يعتبر شرط الحوز متحققا ،سواء تم التقييد على المحافظة العقارية
والحوز الفعلي في وقت واحد أو تم أحدهما قبل األخر ،ما داما تحققا فعال قبل حدوث
المانع؛ وهذه الفرضية ال تثير أي إشكال ،ألنها أتم صور الحوز وأكملها.
الحالة الثانية :حالة ثبوت تقييد العطية على الرسم العقاري في حياة المعطي وقبل
حدوث مانع ،مع عدم الحوز الفعلي ،بأن ظل العقار المعطى في حوزة المعطي رغم انتقال
ملكيته على الرسم العقاري إلى المعطى له؛ وهذه الحالة تقتضي وضع السؤال اآلتي :هل
يكتفى بالحوز القانوني الحكمي الذي هو التقييد على الرسم العقاري ،أو البد من توفر الحوز
الفعلي الذي هو وضع يد المعطى له أو وكيله اليد على العقار الموهوب؟
اختلفت اآلراء حول الجواب على هذا السؤال ،فمن قائل بأن تقييد العطية على الرسم
العقاري وانتقال ملكيتها إلى المعطى له يعتبر حو از كافيا ،عمال بمقتضيات الفصلين 66
و 67من ظهير التحفيظ العقاري ،وأن عدم بسط المعطى له يده على العقار المعطى بسطا
فعليا ال تأثير له؛ ومن قائل بأن ثمرة الملكية والحوز إنما تكمن في الوضع الفعلي لليد ،وأن
120
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الملكية القانونية الناجمة عن التقييد ال يمكن أن يكون لها إال مفعول اإلشهاد الذي ال يعتد
به الفقهاء وإن ورد في رسم العطية التي ال تتم عندهم إال بمعاينة الحوز ،وأن شرط المعاينة
يتطلب الحوز الفعلي.
ويبدو أن المجلس األعلى انحاز للرأي األول ،ففي معرض الجواب على وسيلة نقض
اتخذت استنادا إلى أن الحوز الفعلي غير متوفر قال " إن القرار المطعون فيه لما اعتبر
شرط صحة الصدقة هو الحوز القانوني وذلك بتسجيل المتصدق به على الرسم العقاري في
حياة المتصدق طبقا ألحكام الفصلين 66و 67من ظهير 13/06/12يكون قد طبق القانون
تطبيقا سليما وجاء معلال تعليال كافيا"( قرار عدد 477بتاريخ ،92/02/05ملف عقاري
88/7 275ـ غير منشور) ،وفي معرض هبة لم تقيد على الرسم العقاري قال " ..إذا كانت
أحكام الفقه المالكي المتعلقة بالتبرعات تشترط لصحتها أن يتم تحويز المتبرع عليه بالشيء
المتبرع به قبل حصول المانع من موت المتبرع أو إفالسه فإن المعتبر هنا بالحيازة هو نقل
الملكية وليس مجرد الظهور المادي على العقار ،وأنه إذا كان التحويز ينقل الملكية بالنسبة
للعقار غير المحفظ فإن هذا اإلجراء ال يكفي بالنسبة للعقار المحفظ حيث يقرر الفصل66
من ظهير التحفيظ أن كل حق عيني يتعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود إال بتسجيله على
الرسم العقاري ،كما يقرر الفصل 67الموالي أن األفعال اإلرادية كالتبرع في النازلة واالتفاقات
التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير ال تنتج أي أثر ولو بين األطراف
إال بتسجيلها على الرسم العقاري ومن تاريخ التسجيل ،وأنه نظ ار لهذا التعارض بين هذه
المقتضيات فإنه يجب إعمال نص الفصل 106من نفس الظهير الذي يقرر تطبيق أحكامه
وحدها في حالة تعارض أحكام الفقه معها ،ولهذا فإنه ما دام أن الواهب قد توفي قبل تسجيل
الهبة على الرسم العقاري فإنه يجب إعمال القاعدة التي يقررها الفصل 67من الظهير والقول
بأن الهبة قد بطلت ،ألن الواهب توفي قبل ان تنتقل ملكية العقار إلى الموهوب له ،وأن هذا
العقار أصبح من عناصر تركة الهالك التي انتقلت إلى الورثة بحكم القانون وال مجال إللزام
121
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الورثة في النازلة أخذا بأحكام الفصل 229من ق ز ع ألن طبيعة الهبة ال تسمح بذلك"..
(قرار عدد 30 204بتاريخ 91/12/25ملف مدني ،90/1 902غير منشور).
أما محاكم الموضوع فما تزال مترددة بين القول بضرورة توفر الحوز المادي الفعلي
والقول بكفاية التقييد على الرسم العقاري.
ففي معرض نزاع حول هبة عقار محفظ ،هو عبارة عن دار كان يسكنها الواهب ،لعدم
ثبوت حوزها من قبل زوجته الموهوب لها حوز فعليا ماديا ،قالت المحكمة االبتدائية بالرباط
" . ..إن الدفع بتسجيل العقدين العرفيين المطالب بإبطالهما على بالصك العقاري وبالتالي
اكتسابهما الحجية المثبة للحيازة القانونية المطلوبة لئن كان يوحي للموهوب لها بمثل توافر
هذه القرينة لصالحها إال أن التسجيل وتلك الحيازة غير منتجين ال في نظر الفقه وال في
تحليالت القانون ،لكون ما يسجل بالصكوك العقارية ال يكتسب الحجية المطلقة ،بل يمكن
الغاؤه اتفاقا أو قضاء كما تنص على ذلك الفصول 66و67و 91من ظهير 13/8/12
بشأن التحفيظ العقاري ،ولكون مسألة قانونية وشرعية الهبة وصحتها مرجوع فيها لقواعد الفقه
التي تشترط ثبوت الحيازة المادية أوال وعلى النحو المفصل آنفا قبل اشتراط التسجيل والحيازة
القانونية الشكلية إذا كان األمر متعلقا بعقار محفظ " ( حكم عدد 387بتاريخ .93/03/30
ملف عدد ،91/1 769/10غير منشور).
وقد أيدت استئنافية الرباط هذا الحكم معللة قرارها بعدم " إثبات الموهوب لها المستأنفة
حيازتها واستئثارها بالدار الموهوب بحجة تامة تعاين هذه الحيازة وكذلك تعاين إفراغ الواهب
لها الدار الموهوبة مدة سنة وإخالءها من أمتعته وشواغله( "..قرار 285بتاريخ 95/1/17
ملف عقاري ،93/4 732غير منشور).
122
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الحالة الثالثة :حالة ثبوت الحوز الفعلي بمعاينة العدلين حول المعطى له محل المعطي
في العقار المعطى ،مع بقاء هذا العقار مقيدا بالمحافظة العقارية في اسم المعطي .وفي
هذه الحال ما يزال الخالف محتدما بين قائل باالكتفاء بالحوز الفعلي ،وبين قائل بضرورة
توفر الحوز القانوني الذي هو التقييد على الرسم العقاري ؛ وهنا نجد نفس الخالف المشار
إليه في الحالة السابقة بين موقف المجلس األعلى ومواقف محاكم الموضوع .
وال يخفى أن عدم التقييد على الرسم العقاري في هذه الحالة قد يكون بسبب المعطي،
كما إذا امتنع من تسليم نظير الرسم العقاري مثال للمعطى له؛ كما قد يكون بسبب المعطى
له كما إذا لم يتقدم لتقييد عطيته لمجرد كسل أو النشغاله بأمور أخرى أو لمرضه أو آلي
سبب آخر؛ كما قد يكون أيضا لسبب عارض أو شكلي ال يرجع ال للمعطي وال للمعطى له،
كما إذا تعلق األمر بوجود غلط شكلي بسيط في بعض أجزاء رسم العطية .فهل يستوي
الجزاء في مثل هذه الفرضيات الثالث؟
ثم إنه ما هو الموقف إذا ثبت أن المعطى له سعى في تقييد عطيته على الرسم
العقاري وجد في ذلك كل الجد ،ولكن حصل مانع قبل تمكنه من إتمام ذلك بأن مات
المعطي مثال أو أ شهر إفالسه؟ هل نطبق القاعدة الفقهية التي تقول بأن الجاد في طلب
الحوز يعتبر كالحائز ،وفق قول خليل رحمه هللا " وصح إن قبض ليتروى أو جد في
الطلب" ،أو نقف عند شكليات نصوص التحفيظ العقاري؟
الحالة الرابعة :حالة عدم ثبوت الحوز الفعلي وعدم وقوع التقييد على الرسم العقاري،
وهذه حالة ال يمكن القول معها بتوفر الحوز؛ بل إن هذا الشرط فيها واضح عدم التحقق.
123
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وألهمية موضوع حوز العقار المحفظ فإني وجدت من الناسب إيراد قائمة بأهم
المصادر المعتمدة في الموضوع ،مرتبة أسماء مؤلفيها أبجديا ،مع ذكر الصفحات التي وقع
تناول الموضوع فيها ،وذلك تسهيال للوصول إلى مضان الموضوع؛ وهللا ولي التوفيق.
وقد جاء كال القانونين المذكورين بمقتضيات جديدة ،شكلية ،وجوهرية ،يكون من
المناسب إبرازها وإلقاء الضور عليها.
فإن من مستجداته ما ور في المواد 1 :و 2و 3و ،4ويتجلى ذلك فيما يلي:
124
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إلغاء الفصول 2:و 3و 4و 5و 28و 33و 36و 46و 49و 53و 56و 57و79
و 80و 92 81و 98و 99من ظهير 12غشت .1913
نسخ وتعويض الفصول 11:و 12و 13و 14و 15و 16و 17و 18و 30و 31و32
و37
و 45و 47و 64و 65مكرر و 70و 71و 73و 82و 83و 86و 87و 95و96
و 100و 108و .109من الظهير المذكور.
تغيير وتتميم الفصول 20 :و 21و 22و 23و 24و 25و 26و 27و 35و 38و40
و 41و 42و 43و 44و 48و 50و 51و 52و 54و 55و 60و 61و 62و 63و65
و 66و 67و 68و 69و 72و 74و 75و 76و 77و 78و 84و 85و 87و 88و89
و 90و 93و 94و 97و 101و 102و 103و 104و 105و.107
سلبت من وكيل الملك حق فتح أجل استثنائي لصالح من يعنيهم األمر للتعرض على
مطالب التحفيظ ،وحصر حق فتح األجل المذكور على مطلب التحفيظ ،على المحافظ على
األمالك العقارية.
125
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
جعلت قرار المحافظ بشأن فتح آجال للتعرض على مطالب التحفيظ نهائي غير قابل
ألي طعن.
ألزمت السلطة المحلية بإنجاز "شهادات إدارية للملكية" للمالكين في المناطق المشمولة
بالتحفيظ اإلجباري ،الذين ال يتوفرون على وثائق ،أو الذين تكون وثائقهم غير كافية.
غيرت شكليات ومدد سريان التقييد االحتياطي ،واشترطت أن يتم تمديده ،إال أنها
عادت وألغت لزومية التمديد في خصوص طلبات القسمة.
.1إن مدونة الحقوق العينية كلها جديدة ،من الناحية الشكلية ،كنص قانوني ،واجب
التطبيق على المنازعات العقارية التي لم يرد بشأنها نص خاص.
.2ومن الناحية الموضوعية ،فإن أهم المقتضيات التي جاءت بها مدونة الحقوق
العينية تبدوا واضحة في النواحي اآلتية:
126
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إمكانية إبطال التقييدات على الرسم العقاري ،ولو في حق المقيد حسن النية ،عندما
يتعلق األمر بتقييد نتج عن :تدليس ،أو زور؛ بشرط تقديم دعوى اإلبطال داخل 4سنوات
(المادة .)2
أوجبت مدونة الحقوق العينية إنجاز التصرفات التي تنصب على العقارات بعقود
رسمية ،يحررها عدول أو موثقون ،أو عقود ثابتة التاريخ يحررها محامون مقبولون لدى
محكمة النقض (المادة .)4
127
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أ) اعتبار التقييد على الرسم العقاري ،في مطلب تحفيظ ،بمثابة حيازة للتبرعات،
ولو لم يحزها المتبرع عليه حيازة فعلية ،ودون توفر معاينة الحوز الفعلي (المادة
.)274
ب) تخويل ناقص األهلية حق قبول الهبة بنفسه ،ولو مع وجود نائب شرعي له ؛
وعد م اشتراط وجود (أو تعيين) نائب لغرض القبول إال بالنسبة لفاقد األهلية
(المادة .)276
ت) تقييد إمكانية اعتصار الهبة بحضور الموهوب له وموافقته ،أو بصدور حكم
بالفسخ (المادة .)286
ث) عدم االعتداد بوفاة الواهب ،كمانع لنفاذ الهبة ،إن تم تقييدها على الرسم العقاري
قبل وفاته ولو لم تقترن بقبول (المادة .)279
128
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
129
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تمهيد عام بشأن تاريخ المنازعات العقارية من حيث النصوص المطبقة عليها:
.1من المعلوم أن النزاعات القائمة حول الحقوق العينية العقارية ظلت تتأرجح بين
إخضاعها لقواعد الفقه المالكي الجاري به العمل في المغرب ،وبين إخضاعها لقانون
االلتزامات والعقود ،وبعض المبادئ القضائية التي قررتها محاكم المملكة ،محط نقاش ،وذلك
منذ صدور قانون االلتزامات والعقود المغربي ،وكان النقاش بشأن ما ذكر يشتد عندما يتعلق
األمر بعقار في طور التحفيظ ،إلى أن وضع حد للجدل المذكور بمقتضى المادة األولى من
القانون 39.08المأمور بتنفيذه بالظهير الشريف رقم 1 .11 .178الصادر في25
حجة 1432الموافق ،2011/11/22المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998الصادرة يوم27
حجة 1432الموافق( 2011/11/24ص ،)5587التي نصت في فقرتها األولى على أن
"تسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية والحقوق العينية ،ما لم تتعارض مع
تشريعات خاصة بالعقار" ونصت في فقرتها على أن "تطبق مقتضيات الظهير الشريف
الصادر في 9رمضان 12( 1331أغسطس )1913بمثابة قانون االلتزامات والعقود في ما
لم يرد به نص في هذا القانون ،فإن لم يوجد نص ،يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به
العمل من الفقه المالكي" .وهكذا وضعت هذه المادة حدا للجدل الذي كان قائما حول
النصوص التي تخضع لها النزاعات المتعلقة بالعقار ،بأن أصبحت النصوص الواجب
اإلعمال بشأن النزاعات المذكورة هي:
130
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ثم المبادئ والقواعد المقررة في الراجح ،والمشهور ،وما جرى به العمل في
مذهب اإلمام مالك ،في الدرجة الربعة.
.2وقد يكون من شأن عبارات المادة األولى سالفة الذكر أن تفضي إلى اختالفات
ونقاشات حول المراد من "التشريعات الخاصة بالعقار" ،وهل يشمل ذلك النصوص الخاصة
الموجودة حاليا أو يقتصر على النصوص التي ستصدر بمناسبة تطبيق مدونة الحقوق
العينية أو بمناسبة أخرى ،أو أن التعبير المذكور يعم القوانين الموجودة والتي ستصدر الحقا،
من جهة؛ وكذا حول التفسيرات التي ستعطى لبعض نصوص قانون االلتزامات والعقود
المستمدة من مبادئ الفقه المالكي؛ وما أكثرها.
ومما يزيد في تعقيد المسألة ،الترجمة غير الدقيقة أو الغامضة واالقتباسات المقتضبة
تارة وغير الدقيقة تارة أخرى من قواعد الفقه المالكي التي اعتمدها واضعو قانون االلتزامات
والعقود.
وهذا األمر أصبح يدعو أكثر من أي وقت مضى ،إلى ضرورة االستعانة بمبادئ الفقه
المالكي في أصولها الصحيحة ،من أجل تكميل وتفسير نصوص مدونة الحقوق العينية،
ونصوص قانون االلتزامات والعقود ،والنصوص األخرى المتصلة بالموضوع.
وهو األمر الذي ينعقد األمل معه على المشتغلين في حقل القانون– من أساتذة،
ومحامين ومحافظين على األمالك العقارية وقضاة – في أن يبذلوا من الجهد والتأمل العميق
ما من شأنه أن يساعد على النهوض بفقه العقار وتطويره بما يالئم مصلحة األفراد
والمجتمع ،في ظل قواعد واضحة ومنصفة ،ويشكل انطالقة صحيحة وسليمة وفعالة في
الطريق الصحيح لفهم وتطبيق وتأويل نصوص مدونة الحقوق العينية ،والنصوص المتصلة
بها وبموضوع العقار.
131
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
.3ومن األسئلة التي يطرحها دخول مدونة الحقوق العينية حيز التنفيذ التساؤل حول
ما إن كانت النصوص التي وضعت لتطبيق قانون ،1915/06/02ومنها على سبيل المثال
القرار الوزيري الصادر في 1915/06/15بشأن تفاصيل تطبيق النظام العقاري ،قائمة ،رغم
أن مدونة الحقوق العينية نسخت ظهير 1915/06/02الذي كان يتضمن التشريع المطبق
على العقارات المحفظة ،أم أن تلك النصوص الخاصة ستبقى نافذة في ظل المدونة
المذكورة.
.4ولعله يكون من المفيد اإلشارة إلى أن مدونة الحقوق العينية تتألف 334مادة موزعة
على ثالثة "أجزاء":
الجزء الثاني :سمي الكتاب األول ،ويضم المواد من 8إلى221؛ وهو مقسم إلى3
أقسام.
القسم األول( :المواد من 14إلى )141وهو مخصص للحقوق العينية العقارية ،وهو
مقسم إلى عشرة أبواب؛ تناول األول منها :أحكام حق الملكية؛ وتناول الثاني االرتفاقات
والتكاليف العقارية؛ والثالث حق االنتفاع؛ والرابع حق العمري؛ والخامس حق االستعمال؛
والسادس حق السطحية؛ والسابع حق الكراء الطويل األمد؛ والثامن حق الحبس؛ والتاسع حق
الزينة؛ والعاشر حق الهواء والتعلية.
القسم الثاني( :المواد من 142إلى )213وهو مخصص للحقوق العينية التبعية وهو
مقسم إلى ثالثة أبواب .تناول األول منها لالمتيازات؛ والثاني للرهن الحيازي؛ والثالث للرهون
الرسمية.
132
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الجزء الثالث :سمي الكتاب الثاني؛ ويتألف من المواد من 222إلى ،334ويتألف من
قسمين:
القسم األول( :المواد من 222إلى )312خصص ألسباب كسب الملكية ،وهو يتألف
من بابين؛ خصص األول إلحياء األراضي الموات والحريم ،وااللتصاق ،والحيازة ،والميراث
والوصية (اللذين أحال بشأنهما على مدونة األسرة)؛ وخصص الباب الثاني :للمغارسة،
والهبة ،والصدقة ،والشفعة.
األمر األول :القسمة ،وقد خصصت لها المواد من 313إلى .332
األمر الثاني :يتضمن مادتين ،هما :المادة 333التي نسخت ظهير 19رجب1333
( )1915/06/02بشأن التشريع المطبق على العقارات المحفظة؛ والمادة 334التي نصت
على أن مدونة الحقوق العينية تدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من تاريخ نشرها بالجريدة
الرسمية (علما بأن مدونة الحقوق العينية صدر األمر بتنفيذها بالظهير الشريف رقم .178
1 .11الصادر في 25حجة )2011/11/22(1432المنشور بالجريدة الرسمية
عدد 5958الصادرة في ،2011/11/24وبذلك يكون منطلق العمل بها هو يوم
.2012/05/24
.5هذا وإن آفاق تطبيق مدونة الحقوق العينية تستدعي مالحظات بشأن عدة مواضع
من مدونة الحقوق العينية.
133
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
.1أول وأهم مالحظة تتعين إثارتها بشأن نصوص مدونة الحقوق العينية بشأن الحيازة
أنها تتأرجح بين األخذ بنظرية ابن رشد ،الراجحة لدى الفقهاء ،القائمة على أن الحيازة
المستوفية للشروط المقررة إنما هي مجرد دليل على الملك وليست سببا فيه ،وبين النظرية
المقابلة ،المرجوحة ،القائلة إن الحيازة المستوفية للشروط المقررة في بابها مكسبة للملك
وناقلة له وليست مجرد دالة عليه.
ويبدوا ذلك جليا من تأمل المادة 3من المدونة المذكورة ،ومواد الفصل الثالث من الباب
األول من القسم األول من الكتا ب الثاني منها المتعلق بأسباب كسبب الملكية ،المخصص
للحيازة ،المشتمل من 25مادة ،وهي المواد من 239إلى المادة ،263الموزعة عبر أربعة
فروع ،خصص الفرع األول منها (المواد من 239إلى )249لألحكام العامة للحيازة ،والثاني
(المواد من 250إلى )259لمدة الحيازة والثالث(المواد من 260إلى )262آلثار الحيازة،
والرابع (المادة )293إثبات الحيازة وحمايتها.
ذلك أن مدونة الحقوق العينية ،باستثناء المدة ،3أدرجت المواد التي خصصتها ألحكام
الحيازة ،ضمن أسباب كسب الملكية ،ومن ذلك يمكن القول إنها أخذت بالنظرية القائلة بأن
الحيازة من أسباب كسب الملكية ،وذلك ما كرسته المادة 3منها من أنه يترتب على الحيازة
المستوفية للشروط القانونية اكتساب الحائز ملكية العقار غير المحفظ أو الحق العيني محل
الحيازة ،وما نصت عليه المادة 239من أن "تقوم الحيازة االستحقاقية على السيطرة الفعلية
على الملك بنية اكتسابه وما نصت عليه 260من أنه "يترتب على الحيازة المستوفية
لشروطها اكتساب الحائز ملكية العقار ،وما أشارت إليه المادة 261من أنه "ال تكتسب
بالحيازة :أمالك الدولة ،"...وما نصت عليه الفقرة 5من المادة 243من أنه "يمكن لفاقد
األهلية أو ناقصها أن يكتسب الحيازة إذا باشرها نائبه الشرعي نيابة عنه ،وما نصت عليه
134
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المادة 250من أنه "إذا حاز شخص أجنبي غير شريك ملكا حيازة مستوفية لشروطها...
فإنه يكتسب بحيازته ملكية العقار" ،وما جاء في المادة 253من االعتداد "بنية تملكه".
والنظرية السابقة ،القائلة بأن الحيازة مكسبة للملك ،هي نظرية مرجوحة ،والنظرية
الراجحة هي نظرية ابن رشد القائمة على أن الحيازة إنما هي دليل على الملك ،وليست سببا
فيه ،أي أنها مظنة الملك وليست سببا فيه ،ولذلك ال يمكن تصنيفها ضمن أسباب كسب أو
انتقال الملكية؛ ومن أدلة ذلك أن فقهاء المالكية يبحثون الحيازة في باب الشهادات
(اإلثبات) أو في باب القضاء ،وليس في باب أسباب اكتساب الملكية أو انتقالها.
على أنه يؤخذ من قول المادة 3من مدونة الحقوق العينية "إلى أن يثبت العكس" ،أنها
اعتنقت النظرية القائلة إن الحيازة مجرد دليل على الملك وليست سببا فيه ،وهو ما تؤيده
الفقرة الثانية من المادة 239من المدونة المذكورة الناصة على أن "ال تقوم ...الحيازة لغير
المغاربة مهما طال أمدها" ،وهو ما يزكيه قول المادة 241من أنه "ال تقوم الحيازة إذا بنيت
على عمل غير مشروع" ،وهو نفس المعنى الذي يؤخذ من المادة 242الناصة على أن "ال
يكلف الحائز ببيان وجه مدخله إال إذا أدلى المدعي بحجة على دعواه" ومن المادة 246
القاضية بأن "ال تقوم الحيازة وال يكون لها أثر إذا ثبت أن أصل مدخل الحائز غير ناقل
للملكية".
ومن هنا يتبين أن مدونة الحقوق العينية أخذت – في آن واحد -بنظريتين متعارضتين
من نظريات الحيازة وعالقتها بسبب التملك ،وهما :نظرية ابن رشد التي تبعها ابن القاسم،
القائمة على أن الحيازة إنما هي دليل على الملك ،وليست سببا فيه ،وهي النظرية الراجحة
لدى جمهرة الفقهاء المالكية؛ وذلك في مقابل النظرية المرجوحة القائلة بأن الحيازة سبب من
جدير بمدونة الحقوق العينية أن تتجنبه وأن تعتنق
ا أسباب كسب الملكية .وهو مسلك كان
بوضوح النظرية السائدة في الفقه القائمة على أن الحيازة إنما هي قرينة على الملك وليست
135
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
سببا فيه ،وأن الحيازة إنما هي ،كما يقول الفقهاء ،بمثابة العفاص والوكاء في اللقطة ،ال تنفع
صاحبها متى ثبت أن سبب دخوله إلى العقار المحوز غير مشروع.
ومن المناسب هنا ،اإلشارة إلى أن الفقهاء المعاصرين الذين اهتموا بموضوع الحيازة
في الفقه المالكي يفضلون األخذ بنظرية ابن رشد ،ويستندون في ذلك إلى مجموعة من
النصوص واآلراء ،منها:
أ .ما ورد في مدونة اإلمام مالك "في الشهادة على الحيازة" مما "يؤيد الرأي القائل بأن
الحيازة وحدها ال تنقل المال المحاز ،ولكنها تدل على الملك ،أو تعتبر قرينة على ملكية
الحائز للمال المحاز ،ولكنها ليست قرينة قاطعة".1
ب .ما ورد في شرح الحطاب لقول خليل ،في باب االستحقاق "وإن حاز أجنبي غير
شريك "..من أن "الحيازة ال تنقل الملك ،عن المحوز عنه إلى الحائز باتفاق ،ولكنها تدل
على الملك ،كإرخاء الستور ،ومعرفة العفاص والوكاء ،وما أشبه ذلك ،فيكون القول معها
قول الحائز ،مع يمينه".2
ج .ما أجمع عليه الفقهاء وحذاق الموثقين من أن الحيازة ال تفيد الملك إال بشرط أن
يدعي الحائز الملك ،بسب ب من أسباب اكتساب أو نقل الملكية ،أو يدعي جهل أصل الملك
ويحلف ،وأما تمسكه بمجرد الحيازة فال ينفعه لرد حجة خصمه.3
.2وثاني مالحظة يمكن مؤاخذتها على مدونة الحقوق العينية أنها أخذت ،في
المادتين 253و 254بقاعدة تلقيف الحيازة بين الخلف الخاص والخلف العام ،مع أن جانبا
مهما من الفقه يفرق في التلفيق بين حيازة السلف وحيازة خلفه العام ،وفيها يضم مدة حياة
1
.مدونة اإلمام مالك ،ج ،13ص 41و.42
2
.شرح الحطاب على خليل ،في باب االستحقاق.
3
.حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ،ج ،4ص ص .207
136
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
السلف إلى مدة حيازة السلف؛ وبين حيازة السلف وحيازة خلفه الخاص ،وفيها ال يقول بضم
مدة حيازة المشتري إلى مدة حيازة البائع؛ وهي قاعدة أخذ بها القانون السوداني صراحة.1
يواخذ على مدونة الحقوق العينية أنها ،أثناء الحديث في المادة 3على أسباب الترجيح
بين األدلة قررت "تقديم البينة السابقة على البينة الالحقة تاريخا" مع أن القاعدة المتفق
عليها فقها المقررة قضاء أن العبرة في الترجيح بالتاريخ إنما هي لطول مدة الحيازة ،وليس
لمجرد أخر تاريخ إحدى الحجتين على تاريخ األخرى.3
وفيما يخص الترابط بين نصوص مدونة الحقوق العينية ونصوص قانون
التحفيظ:
يالحظ بشأن وسائل إثبات الحيازة أن قانون التحفيظ سن وسيلة من وسائل إثبات
الملكية ،غير التي قننتها المادة 263من مدونة الحقوق العينية ،وتمت اإلشارة إليها عرضا
في المادة 3من نفس المدونة ،وذلك من خالل إحداث قانون التحفيظ ،في الفصل ،6 .51
وسيلة إلثبات الملكية ،في مجال التحفيظ الجماعي ،وهي الشهادة التي تنجزها السلطة
المحلية ،وهذه وسيلة إثبات قلما تناولها مؤلف من المؤلفات في مجال الحيازة ،4ويبدو أن
الدافع إلى سنها هو التخفيف على مالك األراضي الخاضعة لنظام التحفيظ الجماعي؛ وال بد
1
.نفس المرجع ،الصحيفة 57وما بعدها.
2
.انظر محمد القدوري ،حيازة العقار كدليل على الملك وسبب فيه ،الطبعة الثانية ،2009الصحيفة 128رقم .8
3
.انظر نفس المرجع ،الصفحة 58و.86
4
.بشأن هذا النوع من وسائل اإلثبات انظر المرجع السابق الصفحة .77
137
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
من القول إن مثل الشهادة المذكورة ال يمكن أن تعدل الشهادة العدلية الصحيحة المستوفية
للشروط المقررة ،عندما يقع التنازع بين الحجج.
يالحظ أنه باإلضافة إلى القوانين التي نصت المدونة صراحة على تطبيقها ،وهي:
قانون االلتزامات والعقود ،الذي أصبح يحتل الدرجة الثانية بعد نصوص المدونة ،في تنظيم
المنازعات العقارية.
علما بأن هنالك مواد تناولها "قانون االلتزامات والعقود" ،ولم تتكلم عنها مدونة الحقوق
العينية ،فأضحى القانون المذكور هو النص المطبق على تلك المنازعات ،في الدرجة األولى
[ومن ضمن ما انفرد قانون االلتزامات والعقود بتنظيمه ،ولم تتناوله مدونة الحقوق العينية:
البيوع (الفصول 478إلى ،)613والمعاوضة (الفصل )619والوكالة (الفصول 879
إلى )943واالشتراك (الفصول 909إلى ،)1083والصلح (الفصل ،)1098والرهن الحيازي
للعقارات (الفصول 1170إلى.])1183
وفيما يخص قواعد الفقه التي يجب تطبيقها عند عدم وجود نص قانوني:
نظ ار ألن مدونة الحقوق العينية أحالت على الراجح والمشهور وما جرى بع العمل ،في
مذهب اإلمام مالك ،فقد بات من الالزم التعريف بالمصطلحات المذكورة ،بإيجاز:
138
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أ .فالراجح :هو ما قوي دليله ،وقيل ما كثر قائله ،وعلى هذا القول األخير يكون
الراجح مرادفا للمشهور؛ لكن المعتمد أن الراجح ما قوي دليله ،1وأن المشهود هو ما كثر
قائله وقيل هو ما قوي دليله ،وقيل هو قول ابن القاسم في المدونة .
ب .و"ما جرى به العمل" :هو ما تقرر العمل به من نصوص الفقه الموسومة
بالضعيفة أو الشاذة ،مما يخالف الراجح أو المشهور ،وذلك :إما لضرورة أو عرف جار أو
نحو ذلك؛ فهو ضرب من االجتهاد المذهبي.2
مع اإلشارة إلى أن "العمل" ينقسم إلى عمل مطلق ،3وهو الذي يعم العمل به أقطار
المغرب (تونس والجزائر والمغرب) ،وعمل خاص ،وهو ما يقتصر على قطر واحد مثل
العمل الفاسي الذي كان يجري به العمل في األندلس والمغرب. 4
ج .وأما المشهور ،وهو – كما سبق – ما كثر قائله ،وإن اختلف المتأخرون في
معناه ،بين قائل :هو ما كثر قائله ،وقائل هو ما قوي دليله ،وقائل إنه قول ابن القاسم في
المدونة.
فعلى القول األول البد أن يزيد نقلته عن ثالثة؛ ويسميه األصوليون بالمستفيض أيضا؛
وذكر ابن فرحون ،في كشف النقاب ،1أن "مسائل المذهب تدل على أن المشهور ما
قوي دليله ،وأن مالكا رحمه هللا كان يراعي من الخالف ما قوي دليله ،ال ما كثر قائله فقد
3
.ومن أهم النصوص بشأن العمل المطلق ،منظومة "العمل المطلق" التي نظمها وشرحها العالمة سيدي محمد بن أبي القاسم الفياللي ،وهي
مطبوعة على الحجر .
4
.من أهم النصوص في العمل الفاسي".1:نظم العمل" لسيدي عبد الرحمن الفاسي ،وهي تتألف 453بيتا ،من أشهر شراحها :شرح سيدي
المهدي الوزاني ،في "تحفة أكياس الناس بشرح عمليات فاس" ،وشرح سيدي محمد بن القاسم السجلماسي المشهور بالرباطي .2 .ونظم "المية
الزقاق" لسيدي علي الفاسي التجيبي ،وهي تتألف من 262بيتا ،وعليها عدة شروح.
139
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أجاز الصالة على جلود السباع إذا ذكيت وأكثرهم على خالفه ،...وأجاز أكل الصيد إذا
أكل منه الكلب ولم يراع في ذلك خالف الجمهور".2
وقد نظم المرحوم سيدي أبو الشتاء بن الحسن الغازي الصنهاجي بشأنها األبيات
التالية:
هذا ،وإن مجال القواعد والمبادئ المقررة في مجال الراجح والمشهور وما جرى به
العمل من فقه اإلمام مالك مجال واسع ،يمكن الرجوع بشأنه على المؤلفات والمصادر
المعتمدة في المذهب ،التي جرى القضاء على اعتمادها واألخذ بها ،ومنها" :الرسالة" ألبي
زيد القيرواني ،و"المعونة" للقاضي عبد الوهاب ،و"فصول األحكام" للباجي ،و"جامع
األمهات" البن الحاجب ،و"عقد الجواهر الثمينة" البن شاس ،و"القوانين الفقهية" البن جزي،
و"المختصر" للشيخ خليل ،و"التحفة" البن عاصم ،و"المية الزقاق" لعلي بن قاسم التجيبي.
وفيما يخص النصوص القانونية الخاصة التي يجب الرجوع إليها ،إلى جانب مدونة
الحقوق العينية ،في مجال المنازعات العقارية ،فإنها متعددة ،ويندرج ضمنها ما يتصل
بموضوع الحيازة في:
1
.كشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب ،دراسة وتحقيق :حمزة أبو فارس ،وعبد السالم الشريف دار الغرب اإلسالمي ،الطبعة األولى
، 1980ص ، 62وص . 88
2
.نفس المرجع ،ص 63 ،62؛ وأصول الفتوى ،ص 474و48
140
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ظهير التحفيظ العقاري الصادر في 12غشت ،1913كما وقع تتميمه وتغييره
بالقانون 11 .84المأمور بتنفيذه بالظهير الشريف رقم 1 .11 .181الصادر
في 25حجة )2011/11/22(1432المنشور بالتزامن مع مدونة الحقوق
العينية.
مدونة األوقاف.
القوانين المتعلقة بأمالك الدولة ،والجماعات.
النصوص المتعلقة بالتعمير ،وباالستثمار الفالحي ،وبنزع الملكية من أجل
المنفعة العامة.
النصوص الخاصة األخرى.
قانون المسطرة المدنية.
أن مدونة الحقوق العينية أخذت بآراء مخالفة لما هو مستقر عليه فقها في عديد من
األمور ،منها :حيازة العطايا ،ومن ذلك ما نصت عليه المادة 106من عدم ضرورة اشتراط
معاينة الحوز في "العمرى" ،والشفعة التي قيدتها بشروط لم تكن مألوفة في مجال العقار غير
المحفظ والذي في طور التحفيظ.
يمكن تقسيم المنازعات العقارية التي تط أر بشأن العقارات تنقسم إلى نوعين :منازعات
ناتجة عن التعرض على مطالب التحفيظ ،تعرض على المحاكم نتيجة إلحالة مطالب
التحفيظ الواردة عليها تعرضات كلية أو جزئية ،يفضي بها من يعنيهم األمر مباشرة ،أو تنجم
عن تداخل مطلبي تحفيظ أو أكثر؛ ومنازعات تهم العقارات غير المحفظة ،أو العقارات
141
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المحفظة ،وتعرض على المحاكم بواسطة مقال افتتاحي يتقدم به من له المصلحة .ولكل نوع
من نوعي المنازعات المذكورة مسطرة خاصة وطرق طعن خاصة:
فأما المناعات العادية التي تفتتح بمقال ،فإنه تخضع لسائر القواعد اإلجرائية
المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية ،سواء أثناء سير الدعوى ،أو بعد انتهائها
بحكم؛ وهكذا يمكن ألطراف النزاع أن يمارسو جميع إجراءات عوارض الدعوى ،من طلب
إدخال الغير ،أو تدخل في الدعوى ،أو طلب مقابل... ،؛ كما يمكن لذوي الشأن أن يمارسوا
ضد األحكام الصادرة في مثل هذه المنازعات جميع طرق الطعن العادية وغير العادية ،متى
توفرت شروطها :من تعرض ،واستئناف ،وتعرض من خارج الخصومة ،وإعادة نظر،
ونقض.
وأما المنازعات التي تثار بشأن قضايا التحفيظ العقاري ،التي تفتتح ملفاتها نتيجة إحالة
مطالب التحفيظ الواردة عليها تعرضات على المحاكم ،فإنها ال تخضع إال لإلجراءات وطرق
الطعن المنصوص عليها في قانون التحفيظ العقاري ،وذلك :أن أطراف الدعوى في المسطرة
في مادة التحفيظ تتحدد بما يرد في مطلب التحفيظ فقط ،أي طالب أو طالب التحفيظ
كمدعى عليه؛ والمتعرص أو المتعرضين ،كمدعين .وال يمكن إضافة أي شخص آخر خالل
جريان المسطرة ،ألن مسطرة التحفيظ ال تعرف ال التدخل في الدعوى وال إدخال الغير .كما
أن األحكام الصادرة في المادة المذكورة ال تقبل الطعن إال باالستئناف والنقض (وال تعرف
باقي طرق الطعن من :تعرض ،وتعرض من خارج الخصومة ،وإعادة النظر).
هذا ،وقد وجد المشرع – لغاية ما -أن ينص في الفصل 109من ظهير التحفيظ،
المعدل ،على أن األحكام الصادرة في مادة التحفيظ ال يقبل الطعن إال باالستئناف والنقض،
وهذا التنصيص يقتضي كلمة في هذا الشأن ،خصوصا فيما يهم ق اررات محكمة النقض
142
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الصادرة في مادة التحفيظ ،وما إن كانت مشمولة بحكم منصوص عليه في المادة 109
سالف الذكر أم ال.
وإثر دخول قانون التحفيظ المعدل حيز التنفيذ ،بمدة وجيزة سارع القسم األول من
الغرفة األولى بمحكمة النقض إلى القول بعدم قبول طلبات إعادة النظر في مادة التحفيظ
العقاري ،وتبعته في ذلك غرف محكمة النقض ،فصارت الق اررات التي تصدر ي مادة
التحفيظ العقاري غير قابلة للطعن بإعادة النظر ،وأصبحت هذه القاعدة هي المتبعة
والمعروفة ،دون خالف بين سائر غرف محكمة النقض.
غير أن هذا االتجاه ال يبدو سليما ،وذلك ألن الطعن بإعادة النظر في ق اررات المجلس
األعلى كان منظما قبل صدور قانون المسطرة المدنية الحالي بالفصل 37من
ظهير 1957/09/27بشأن إنشاء المجلس األعلى ،الذي كان ينص على أن ق اررات
المجلس األعلى قابلة للطعن بالمراجعة (إعادة النظر) ولما صدر قانون المسطرة المدنية
الحالي الصادر بظهير 28شتنبر ،1974نظم في الفصل 379منه طرق الطعن التي يمكن
أن تمارس ضد ق اررات المجلس األعلى ،ونص على أن تلك الق اررات تقبل ،دون تمييز،
الطعن بإعادة النظر في الحاالت المنصوص عليها في الفصل المذكور ،الذي حل محل
الفصل 37من ظهير تأسيس المجلس األعلى ،الذي هو نص خاص في المجال.
ولما كان الفصل 379من قانون المسطرة المدنية سالف الذكر حل محل نص خاص،
فإنه يأخذ حكم النص الخاص (بتنظيم الطعن في ق اررات المجلس األعلى [محكمة النقض])
وبذلك يتعين األخذ به ،وعدم تخصيصه بنص الفصل 109من قانون التحفيظ العقاري.
ولعل من مؤيدات هذا التوجه ،أن الفصل 109المذكور يتكلم عن األحكام ،وهو لفظ
ينصرف إلى أحكام محاكم الموضوع ،كما ينص على أن األحكام التي يتكلم عليها هي
143
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الصادرة في مادة التحفيظ ،ولفظ مادة التحفيظ ينصرف إلى المنازعات القائمة بين
المتعرضين وطالب التحفيظ.
144
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
.6الشيخ محنض بابه بن عبيد اليماني الموريتاني المالكي :ميسر الجليل في شرح
مختصر الشيخ خليل ،الطبعة الثانية ،2016/1438دار الرضوان ،نواكشوط،
موريتانيا.
.7التسولي ( أبو الحسن علي بن عبد السالم )..البهجة في شرح التحفة دار الرشاد
الحديثة طبعة 1 991م .الجزء 2ص 421ـ . 473
.8التوزري (الشيخ عثمان بن المكي ..الزبيدي) توضيح األحكام على تحفة الحكام،
المطبعة التونسية ،الطبعة األولى ،الجزء 4ص 2ـ . 37
.9الكافي ( الشيخ محمد بن يوسف ) ..إحكام األحكام على تحفة الحكام ،دار الكتب
العلمية .طبعة سنة 1 994م .ص 213ـ .224
.10ميارة ( ،محمد بن أحمد ..الفاسي ) اإلتقان واإلحكام في شرح تحفة الحكام ،
الجزء 2ص 135ـ ( 149خال من ذكر مكان وسنة الطبع ) .
.11الوزاني ( أبو عبد هللا سيدي محمد المهدي :)..حاشية على شرح التاودي بن
سودة ،المطبعة الحجرية بفاس ،الجزء الثالث ،ص 136ـ . 217
.1عليش (أبو عبد هللا محمد )..فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب اإلمام مالك،
مع تبصرة ابن فرحون .مطبعة مصطفى محمد بمصر 1 355هـ .الجزء 2ص 197ـ
. 222
.2الوزاني ( أبو عبد هللا سيدي محمد المهدي : )..
.3الونشريسي ( أبو العباس أحمد بن يحيى ) ..المعيار المعرب والجامع المغرب عن
فتاوي أهل إفريقية واألندلس والمغرب .طبعة و ازرة األوقاف المغربية ،ج ( 7وأنظر:
حبس ،صدقة ،هبة ،وقف ..من المجلد 13الخاص بالفهارس ) .
.1ابن عرضون (أبو العباس أحمد بن الحسن الزجلي الشفشاوني) ..الكتاب الالئق
لمعلم الوثائق .المطبعة المهدية بتطوان ،الطبعة األولى1 355هـ ت 1 936م الجزء
،2ص 136ـ . 148
.2الصنهاجي (أبو الشتاء بن الحسن الغازي الحسيني )..التدريب على تحرير الوثائق
العدلية .مطبعة األمنية بالرباط ،الطبعة الثانية ، 1 995الجزء ، 2ص 165ـ
. 202
.3الهواري ( بد السالم بن محمد )..شرح وثائق محمد بن أحمد بن حمدون بناني.
مطبعة الشريف بتونس ،1 949 ،ص . 307 ،279 ، 278
خامسا :كتب أخرى
.1ابن جزي ( أبو القاسم محمد بن أحمد )..القوانين الفقهية ،مطبعة األمنية بالرباط،
الطبعة الثانية ، 1 962ص 270ـ . 274
.2ابن رشد (اإلمام القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد..القرطبي
األندلسي) :بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،شرح الدكتور عبد هللا العبادي ،الطبعة
146
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
األولى 1 995،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة ،مصر ،الجزء .4ص
2 023ـ . 2 036
.3أبو اسحق (إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع )..معين الحكام على القضايا واألحكام
تحقيق الدكتور محمد بن قاسم بن عياد .دارالغرب1 989م .الجزء 2ص1307ـ
.1 438
.4الجزيري (عبد الرحمن . )..الفقه على المذاهب األربعة ،دار الكتب العلمية بيروت
.طبعة جديدة ، 1 990 ،الجزء . 3ص 267ـ . 276
.5الخشني (محمد بن حارث )..أصول الفتيا على مذهب اإلمام مالك .تحقيق الشيخ
محمد المجدوب ،ومحمد أبو األجفان ،والدكتور عثمان بطيخ .الدار العربية
للكتاب ،1 985ص 427ـ . 451
األنصاري )..شرح حدود إبن عرفة .المطبعة .6الرصاع ( أبو عبد هللا محمد
التونسية 1 350 .هـ .ص 418ـ . 428
.7بن شاس :جالل الدين عبد هللا بن نجم ،راسة وتحقيق :الدكتور حميد بن محمد
لحمر ،األستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد هللا الدين :عقد الجواهر الثمينة ،في ،في
فقه عالم المدينة ،رسالة دكتوراه ،الطبعة األولى ،2003/1423 ،دار الغرب
اإلسالمي ،بيروت.
.8شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي :الذخيرة ،تحقيق الدكتور محمد حجي ،الطبعة
األولى ،1994 :دار الغرب اإلسالمي ،بيروت.
.9شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب :أحمد بن علي المنجور ،دراسة وتحقيق:
محمد الشيخ محمد األمين ،دار عبد هللا الشنقيطي ،الطبعة األولى،2003/1423 ،
دار عبد هللا الشنقيطي ،مكة المكرمة ،المملكة العربية السعودية.
147
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
.10ميارة الفاسي ،أبو عبد هللا محمد بن أحمد :لروض المبهج في تكميل المنهج ،في
القواعد والضوابط الفقهية المالكية ،الفقهية المالكية ،دراسة وتحقيق الدكتور :محند أو
إيدير مشنان ،الطبعة األولى ،2011/1432 ،دار ابن حزم ،بيروت لبنان .
سادسا :المؤلفات الحديثة
.1الزحلي( ،الدكتوروهبة الزحلي) .الفقه اإلسالمي وأدلته .دار الفكرللطباعة والتوزيع
والنشر دمشق .الطبعة ـ ،1 985الجزء ،5ص 11ـ ،36والجزء 8ص 151ـ .234
.2جمعة (الدكتور محمد ..عبد هللا) الكواكب الدرية في فقه المالكية .المطبعة األزهرية
للتراث ،الطبعة ، 5سنة،1 990ج 3ص. 349/317
.3وصفي ( الدكتور مصطفى كمال . ) ..الشرح الصغير ،على أقرب المسالك للدردير،
دار المعارف بمصر .الطبعة األولى ،1 974،ج ، 4ص.156/97
.4الصادق بن عبد الرحمن الغرياني :مدونة الفقه المالكي وأدلته ،دار ابنحزم للطباعة
والنشر والتوزيع ،2008/1429 ،بيروت لبنان.
148
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وفي المجال المدني ،سن المشرع المغربي عدة مقتضيات تروم حماية الملك الغابوي
ومنح امتيازات هامة للدولة في مجال تثبيت الوضعية المادية والشرعية للملك الغابوي وذلك
عن طريق سن مسطرة خاصة لتحديد هذه األمالك تحديدا إداريا تنتهي إجراءاتها بصدور
مرسوم يصادق على هذه المسطرة ويترتب عنه تحصين األمالك الخاضعة لهذه المسطرة.
كما منح المشرع للدولة امتيا از هاما في مجال اإلثبات يكمن في القرينة الغابوية التي تضفي
الطابع الغابوي على كل عقار توجد فيه أشجار طبيعية النبت ،مع ما يترتب عن ذلك من
إعفاء الدولة من عبء اإلثبات ونقل هذا العبء إلى مدعي عكس ذلك ،غير أن هذا
االمتياز المخول للدولة في مجال اإلثبات وإضفاء الطابع الغابوي على األمالك من خالل
المظاهر والمعالم الخارجية للعقارات قد يصطدم بوقائع قانونية مشابهة ،كواقعة إحياء
149
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
األراضي الموات التي تنشئ لصاحبها حقوقا هامة على هذه األراضي ،مما يطرح التساؤل
حول أي من الواقعتين يتم ترجيحهما في حالة قيامهما في نفس الوقت ؟
لإلجابة عن هذا التساؤل يجدر بنا أن نقف بداية عند مفهومي القرينة الغابوية وإحياء
األراضي الموات (المبحث األول) قبل أن نتطرق لموضوع الترجيح بينهما (المبحث الثاني).
إذا كانت القرائن تعتبر وسيلة من وسائل اإلثبات المدنية غير المباشرة (المطلب
األول) ،فإن واقعة إحياء األراضي الموات تنشئ حقوقا هامة بل وقد تعتبر وسيلة لكسب
الملكية (المطلب الثاني).
ال يمكن الحديث عن القرينة الغابوية (ثانيا) دون تحديد مفهوم القرائن بصفة عامة
(أوال).
القرائن لغة هي جمع قرينة والقرين ما يدل على الشيء من غير استعمال فيه ،يقال
قرن الشيء بالشيء وصله به واقترن الشيء بغيره اتصل به وصاحبه وتقارن الشيئان تالزما
.1 ويقال اقترانا تالزما و قارنته قرانا صاحبته وهي مأخوذة من المقارنة
وقد عرف المشرع المغربي القرائن في الفصل 449من قانون االلتزامات والعقود بأنها:
" دالئل يستخلص منها القانون أو القاضي وجود وقائع مجهولة ".
1
-ابن منظور ،لسان العرب ،طبعة جديدة محققة ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،الطبعة األولى 1995الجزء الحادي عشر الصفحة
. 139
كما يطلق لفظ القرينة على الزوجة وعلى الزوج القرين وسميت الزوجة بالقرينة ألنها تقارن الزوج أي تصاحبه وتالزمه في حياته ( محمد بن ابي
بكر بن عبد القادر الرازي ،مختار الصحاح ،مطبعة عيسى البابي الحلبي ،القاهرة 1937الصفحة .533
150
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أما بالنسبة للفقه ،فقد عرفها األستاذ ادريس العلوي العبدالوي بأنها ما يستنبطه المشرع
أو القاضي من أمر معلوم للداللة على أمر مجهول ،1وعرفها األستاذ عباس العبودي بأنها
استنباط أمر غير ثابت (مجهول) من أمر ثابت (معلوم) على أساس أنه يغلب في الواقع أن
يتحقق األمر األول إذا تحقق األمر الثاني.2
وقد أخذ الفقه اإلسالمي بالقرائن مستدال على ذلك بأدلة شرعية ،حيث تضمنت قصة
يوسف عليه السالم ،الواردة في القرآن الكريم ،مجموعة من اإلشارات للقرائن والعالمات من
خالل قوله تعالى:
والدليل على كذب إخوة يوسف كان هو سالمة القميص من أثر االفتراس ،فاألمر
المعلوم كان هو سالمة القميص فدل على أن قولهم بكون أخيهم أكله الذئب كذب .4وفي
نفس السورة قوله تعالى:
يص ُه ُقَّد ِمن ُقُبل ِ اهٌد ِم ْن أ ْ ِ " َقال ِهي راود ْت ِني عن َّن ْف ِسي ۚ و َش ِهد َش ِ
َهل َها ِإن َك َ
ان َقم ُ َ َ َ َ َ َ ََ
ين َفص َد َق ْت و ُهو ِمن اْل َك ِاذ ِبين وإِن َكان َق ِميصه ُق َّد ِمن دب ٍر َف َك َذب ْت وهو ِمن َّ ِ ِ
الصادق َ َ َ َُ َ ُُ ُ ُ َ َ َ َ َ َ َ
ظيم " .5صدق هللا العظيم.َى َق ِميصه ُق َّد ِمن دب ٍر َقال ِإَّنه ِمن َكي ِد ُك َّن ۖ ِإ َّن َكيد ُك َّن ع ِ
َفَل َّما َأر ٰ
َ َْ ْ ُُ َ ُ َ ُ
- 1
إدريس العلوي العبدالوي :وسائل اإلثبات في التشريع المدني المغربي ،مطبعة فضالة –الطبعة األولى المحمدية ،السنة ،1977/1397
.
الصفحة 129
-2عباس العبودي ،شرح أحكام قانون اإلثبات المدني ،مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،الطبعة الثالثة ،السنة ، 2011الصفحة .274
3
-سورة يوسف ،اآلية . 18
- 4وفي نفس السورة قال سبحانه و تعالى:
يص ُه ُقَّد ِمن ُد ُب ٍر َف َك َذَب ْت َو ُه َو اهد ِمن أَهلِها ِإن َكان َق ِميصه ُقَّد ِمن ُقب ٍل َفصدَق ْت وهو ِمن اْل َك ِاذِبين وإِن َك ِ " َقال ِهي راود ْتِني عن َّنْف ِسي ۚ و َش ِهد َش ِ
ان َقم ُ
َ َ َ ُ َ َ َ َُ َ ُ ُ َ ْ َْ َ َ َ َ َ َ ََ
َّه ِمن َك ْي ِد ُك َّن ۖ ِإ َّن َك ْي َد ُك َّن َع ِظيم " .4صدق هللا العظيم.
ن ِ
إ
ُُ َ ُالقَ رٍ بد ن َى َق ِميصه ُقَّد ِ
م َ ُ ٰ ر
أَ ا م
َّ ل
َفَ ين ِمن َّ ِ ِ
الصادق َ َ
5
-سورة يوسف اآليات 26و 27و. 28
151
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والقرائن ،ليست من نوع واحد وإنما هناك أصناف من القرائن تختلف أحكامها عن
بعضها البعض.
فهناك القرائن القضائية التي يقصد منها تلك التي يستنبطها القاضي من ظروف
الدعوى ووقائعها ،وهي التي يسميها المشرع المغربي بالقرائن التي لم يقررها القانون .1وتسمى
أيضا بالقرائن الموضوعية وهي استنباط القاضي ألمور مجهولة من أمور معلومة ،وبعبارة
أخرى القرائن القضائية هي التي يستنتجها القاضي باجتهاده وذكائه من موضوع الدعوى
وظروفها.2
وهناك أيضا القرائن القانونية وهي التي يستخلصها المشرع من حاالت يغلب وقوعها
ويحددها بعينها ،وهي التي سماها المشرع المغربي بالقرائن المقررة بمقتضى القانون ،3وهي
على عكس القرينة القضائية ركنها هو نص القانون وحده ،فهو الذي يختار الواقعة الثابتة و
يجري على أساسها عملية االستنباط.
فأساس القرينة القانونية إذن هو نص القانون وال شيء غير ذلك وال يمكن أن تكون
قرينة قانونية بغير نص من القانون ،وإذا وجد النص فقامت القرينة القانونية فإنه ال يمكن أن
تقاس عليها قرينة قانونية أخرى بغير نص صريح اعتمادا على المماثلة أو األولوية ،بل ال
بد من نص خاص أو مجموع النصوص لكل قرينة قانونية ،ولذلك ال يجوز التوسع في
القرينة القانونية وال القياس عليها ألن االستثناء ال يجوز التوسع فيه وال القياس عليه.4
152
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والقرينة القانونية تكون إما قاطعة ال تقبل إثبات العكس وقد تكون نسبية تقبل إثبات
عكسها.
ويستنتج من االطالع على القانون المغربي أنه يعتبر األصل في القرينة القانونية أن
تكون قاطعة واالستثناء أن تكون بسيطة .ولم يكتف المشرع المغربي بتضمين القرائن
القانونية في القواعد العامة (قانون االلتزامات والعقود) ،وإنما نص على ذلك أيضا في
نصوص خاصة لعل أهمها التشريع الغابوي.
" إن األمالك التابعة للملك الغابوي يقع تحديدها طبقا للشروط المنصوص عليها في الظهير
الشريف المشار إليه أعاله الصادر في 26صفر 1334الموافق ل 03يناير . 19162
" (الفقرة الثانية ).....تعتبر غابة مخزنية ألجل تطبيق االفتراض المذكور ،كل قطعة أرضية
توجد فيها مجموعة أشجار طبيعية النبت" .
وبذلك يكون المشرع المغربي قد وضع قرينة قانونية لفائدة الدولة مفادها أن األراضي
المكسوة بأشجار طبيعية النبت تعتبر ملكا غابويا عموميا إلى أن يثبت العكس ،إذ أن العبرة
في إضفاء الصبغة العمومية على الملك ،بوجود أشجار طبيعية النبت في العقار ،فمتى
1
-الجريدة الرسمية عدد 235وتاريخ 1917/10/29الصفحات من 901إلى . 916
2
-الظهير الشريف الصادر في 26صفر 1334الموافق ل 03يناير 1916في تأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد األمالك المخزنية
(الجريدة الرسمية عدد 141وتاريخ 10يناير ، 1916الصفحة .)30
153
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وجدت هذه األشجار وثبتت هذه الواقعة المعلومة قامت واقعة أخرى كانت مجهولة ،تفيد
الطابع الغابوي العمومي للملك.
وعليه ،يفترض أن الدولة هي المالكة لكل األراضي المكسوة بغطاء نباتي عودي طبيعي
والتي ال مالك شرعي لها وذلك بناء على القرينة القانونية الغابوية المقررة لفائدة الدولة ،على
أال يكون هذا العقار محو از من طرف الغير تأسيسا على رسم عقاري ،فالقرينة القانونية تزول
وتفقد قيمتها أمام وجود أدلة قانونية تثبت عكسها.1
بيد أن قرينة الغطاء النباتي هي قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس أمام قضاء
الموضوع الذي يبسط بشأنها سلطة تقديرية تخضع لرقابة محكمة النقض.
وفي هذا الصدد جاء في قرار 2صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2012/6/19ما
يلي:
" ...في حين إن الطاعنة تمسكت بحيازة العقار المدعى فيه وذلك عن طريق تشجيره
ومراقبته بواسطة أعوانها كما تمسكت بمقتضيات ظهير 1917/10/10المتعلق بالمحافظة
على الغابات واستغاللها ،وخاصة الفصل األول منه الذي تعتبر فيه " كل قطعة أرضية
توجد بها مجموعة أشجار طبيعية النبت غابة مخزنية " وبالتالي فإن ما تمسكت به الطاعنة
يعد قرينتان دالتان على الملك ال يجوز دحضهما إال بإثبات العكس بواسطة حجج قوية".
(قرار غير منشور).
Le régime juridique de la forêt . D.E.S en droit public, Université Mohammed V, Faculté : BLAL Mohammed-1
.des Sciences Juridiques, Economiques et Sociales- Rabat , 1995 ,Page 37
2
-القرار عدد 3060الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 2012/6/19في الملف المدني عدد ( ، 2010/1/1/4168غير منشور ).
3
-القرار عدد 981الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 2003/4/02في الملف المدني عدد (،2002/1/1/1960غير منشور).
154
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
" ..لكن ردا على الوسيلة ،فإنه ال يستفاد من مستندات الملف أن الطاعنين نازعوا في أن
أرض النزاع مكسوة بأشجار الصنوبر وأن الذي قام بغرسها هي مصلحة المياه والغابات وإنما
يشككون في عمر هذه األشجار ،مما ال داعي معه إلى تكليف المطلوبة في النقض باإلدالء
ببينة الملك لقيام القرينة القانونية لفائدتها " ( قرار غير منشور ).
" ...لكن ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما ....إنه عمال بأحكام الفصل األول من ظهير
، 10-10-1917فإن كل قطعة أرضية توجد بها أشجار طبيعية النبت تعد غابة مخزنية
وهي قرينة قانونية ال يمكن دحضها إال بحجة أقوى ....وإنه اعتبا ار للطبيعة الغابوية للجزء
المتعرض عليه ،فإنه يبقى ملكا غابويا تابعا ألمالك الدولة الغابوية عمال بمقتضيات ظهير
. "10-10-1917
وتعد القرينة الغابوية من أهم الوسائل المخولة للدولة إلثبات الملك الغابوي والتحقق من
الطابع العمومي للملك ،بل أكثر من ذلك تعتبر سببا لضم األمالك التي تتوفر فيها شروطها
إلى الملك الغابوي ،وبالتالي فهي قد تكون وسيلة لكسب ملكية الدولة لألمالك الغابوية .ومن
أجل التثبت من قيام هذه الواقعة يتعين على المحكمة األمر بإجراء خبرة أو معاينة على
العقار موضوع النزاع للتأك د من قيام العناصر المكونة للقرينة الغابوية ،وفي هذا الصدد جاء
في القرار الصادر بتاريخ 12فبراير عن محكمة النقض 2ما يلي :
" ....في حين أن محضر الوقوف على عين المكان المؤرخ في 2010/6/16يفيد بأن
العقار المطلوب تحفيظه محاط من جميع الجوانب بمساحة غابوية باستثناء جهة الشرق كما
هو مبين بالرسم البياني المرفق ،كما أن تقرير الخبرة التكميلي لهذا المحضر والمنجز من
1
-القرار عدد3992المؤرخ في 2012/9/18والصادر عن محكمة النقض في الملف عدد (، 2010/1/1/3524غير منشور ).
2
-القرار القرار عدد 85الصادر بتاريخ 12فبراير 2013في الملف عدد ، 2012/8/1/1949منشور في مجلة ملفات عقارية الصادرة عن
محكمة النقض العدد 4السنة ، 2014الصفحة . 59
155
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
طرف الخبير ....بتاريخ 2010/6/25يفيد بعد اطالعه على الوثائق المدلى بها من طرف
ممثل المياه والغابات أن القطعة موضوع التحفيظ تقع في عمق الغابة المخزنية وفق ما هو
مبين على التصميم خلفه ،األمر الذي كان يستدعي من المحكمة عند عدم إعمالها لذلك
القيام بجميع التدابير التكميلية للتحقيق ،وبالخصوص إجراء خبرة بواسطة مهندس طبوغرافي
طبق الشروط المحددة في الفصلين 34و 43من ظهير التحفيظ العقاري المطبق في النازلة
للتأكد من كون الجزء المدعى فيه يدخل ضمن المنطقة الغابوية المسماة عين الماء المحدد
بمقتضى التحديد اإلداري المدلى بنسخة منه في الملف ،مما كان معه القرار غير مرتكز
على أساس قانوني وعرضة للنقض واإلبطال".
يستنتج من هذا القرار أن األمر بإجراء خبرة أو معاينة ،ولئن كان اختياريا بالنسبة
للمحكمة كقاعدة ،فإن هذه األخيرة تكون في بعض الحاالت ملزمة التخاذ هذا اإلجراء ،ومن
بينها التثبت من قيام القرينة الغابوية المقررة لفائدة الدولة ،وهذا ما يبرز األهمية التي يوليها
القضاء لهذه المسألة التي تعتبر حاسمة في إضفاء الطابع الغابوي العمومي على الملك.
غير أن قيام القرينة الغابوية قد يصطدم أحيانا مع واقعة أخرى تخول لصاحبها حقوقا
هامة وهي واقعة غحياء األراضي الموات.
يقصد بإحياء األراضي الموات قيام شخص بأعمال تؤدي إلى جعل األرض غير
المملوكة ألحد والتي ال يمكن االنتفاع بها على حالتها ،صالحة لالستغالل ،وهذا يعني أن
األرض التي ال تصلح تسمى أرضا ميتة أو مواتا ،وإحياؤها يكون بجعلها صالحة لالنتفاع
بها.
يستنتج من هذا التعريف أن تطبيق أحكام إحياء األراضي الموات يقتضي توفر شرطين
أساسيين وهما:
156
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
1
"موات األرض ما سلم عن االختصاص بعمارة ولو اندرست إال اإلحياء"
ولم يقصد تعريف كل موات وإنما قصد تعريف موات خاص وهو ما يتعلق به
اإلحياء.2
ويرى المالكية أن من وضع يده على األرض الموات التي ال مالك ألحد عليها وقام
باستصالحها فإنه يصبح مالكا لها ملكية تامة ،3وأن كل من أثبت أنه استولى على شيء
غير مملوك ألحد ،وبقي تحت يده وحيازته مدة تزيد على عشرة أشهر كان خاللها ينسبه
لنفسه ويستعمله في مصالحه ويتصرف فيه تصرف المالك في ملكه من غير أن ينازعه فيه
أحد ،فإنه يصبح مالكا له ،سواء كان ذلك الشيء منقوال أو عقارا ،وهناك حاالت يصبح فيها
اإلنسان مالكا لما يستولي عليه من األشياء المباحة ،حتى ولو لم تمض على استيالئه المدة
المذكورة ،وهي الحالة المعروفة بإحياء الموات.
وبالنسبة لمشروعية إحياء األراضي الموات ،روى اإلمام البخاري في صحيحه عن
عروة عن عائشة رضي هللا عنها أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال:
-مختصر خليل في فقه اإلمام مالك :خليل ابن إسحاق بن موسى المالكي ، :مكتبة عباس عبد السالم بن شقرون :مصر ، 1964الصفحة 1
. 234
2
-حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل ، 7/67:دار الفكر بيروت الطبعة 1398هجرية موافق 1978.
-محمد بن معجوز ،الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة ، 1990الصفحة
304وما يليها .
3
-جواد الهروس ،الحيازة واالستحقاق ،مرجع سابق ،الصفحة . 33
157
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
واستدلوا كذلك بما روي عن سعيد ابن زيد رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه
وسلم قال " :من أحيا أرضا ميتة فهي له ،وليس لعرق ظالم حق ".
أي أن معنى العرق الظالم من قام بالغرس أو التصرف في أرض غيره بدون وجه
حق.3
فهذه األحاديث – وغيرها كثير – دالة على إباحة ومشروعية إحياء األراضي الموات
التي ال مالك لها وال انتفاع ألحد عليها ،ويستند الفقهاء إلى هذه األحاديث لتأكيد أن من حاز
أرضا ميتة ال مالك لها وقام بإحيائها وجعلها صالحة للزراعة وما شابهها فإنه يصبح مالكا
لها .قال اإلمام مالك:
" وإحياؤه – يقصد األراضي الموات – شق العيون وحفر اآلبار وغرس الشجر وبناء البنايات
".4 والحرث ،إذا فعل شيئا من ذلك فقد أحياها
واإلحياء عند الشيخ خليل يكون بتفجير ماء وبإخراجه وببناء وبغرس وبقطع شجر
وبكسر حجرها وتسويتها ال بتحويط ورعي كإل وحفر بئر ماشية.5
1
-رواه اإلمام البخاري في كتاب الحرث والمزارعة ،باب من أحيى أرضا مواتا ،حديث رقم ، 2335فتح الباري ،شرح صحيح البخاري :
الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقالني ، 287/5 :تحقيق الشيخ عبد العزيز بن عبد هللا بن باز ،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .
2
-الموطأ ،كتاب األقضية ،باب من القضاء في عمارة األموات ،الحديث رقم : 26تنوير الحوالك ،شرح موطأ اإلمام مالك :اإلمام جالل
الدين عبد الرحمان السيوطي الشافعي ، 121/2 :المكتبة التجارية الكبرى .
3
-جواد الهروس ،مرجع سابق ،الصفحة 40
-المدونة الكبرى :اإلمام مالك بن أنس األصبحي برواية سحنون بن سعيد التنوخي عن اإلمام عبد الرحمان بن القاسم 377/4 :المطبعة 4
158
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
غير أن األرض المملوكة لشخص ما ،ذاتي أو معنوي ،إذا أهملها صاحبها وتركها
حتى صارت مواتا ،فليس ألحد تملكها عن طريق اإلحياء وهي لمالكها القديم ،مهما طال
الزمن إال أن تملك عن طريق الحيازة بشروطها ،ولذلك فاإلحياء ال ينصب إال على األرض
التي ال مالك لها.
وبناء عليه ،ففي حالة وجود أرض ميتة غير مستعملة ،لكنها تكسوها أشجار وغطاء
نباتي طبيعي النبت ،فما هي األحكام المطبقة؛ تلك الخاصة بالقرينة الغابوية أم ترجح أحكام
إحياء األراضي؟
لقد عرف نظام إحياء األراضي الموات منذ القدم وكان يخضع قبل دخول نظام الحماية
الفرنسية إلى المغرب لقواعد الشريعة اإلسالمية ،قبل أن يتم تنظيمه بمقتضى القوانين الحديثة
(المطلب األول) .وإذا كان األصل في أن اإلحياء ينصب على األرضي المباحة أي غير
مملوكة ألحد ،فإن إحياء األراضي التي تتوفر فيها القرينة الغابوية يثير إشكاال يتعلق بحجة
اإلحياء في مواجهة هذه القرينة (المطلب الثاني).
لقد كان النظام العقاري يخضع قبل فرض نظام الحماية على المغرب لقواعد الشريعة
اإلسالمية ،حيث عرف اإلس الم بعض التنظيمات الخاصة للملكيات العقارية منها نظام
اإلقطاع ونظام اإللجاء ونظام الحمى ،وقسم الفقهاء المتأخرون نظام اإلقطاع إلى عدة أنواع
منها إقطاع تمليك ويكون في األرض الموات لمن يحييها أو يعمرها ،1وبالتالي وضع اليد
عليها قصد تمليكها.
-هذا التقسيم تناوله األستاذ محمد خيري الذي تطرق لمفهوم كل نظام على حدة ؛ فنظام األقطاع كان يمنح للذين يقدمون خدمة لإلسالم أو 1
لسد عوز أو لفقر المقطع إليه ،ولقد اتخذ اإلقطاع في بداية اإلسالم كوسيلة للدفاع عن البالد اإلسالمية .
159
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويعتبر وضع اليد ع لى العقارات والمنقوالت المباحة التي ال مالك لها سببا من أسباب
كسب الملكية في الفقه االسالمي ،ذلك أن من يستولي على األشياء المباحة التي ال ملك
ألحد عليها يصبح مالكا لها ولو لم تمض على استيالئه مدة طويلة ،كما هو األمر في
إحياء األراضي الموات أو ما يعرف باستصالح األراضي ،1غير أن الفقهاء اختلفوا حول
ضرورة الحصول على إذن اإلمام قبل مباشرة عملية اإلحياء ،وفي هذا الصدد ميز المالكية
بين األراضي البعيدة عن العمران التي ال يشترط إلحيائها الحصول على اإلذن وبين
األراضي القريبة التي ال يجوز إحياؤها إال بعد الحصول على إذن من اإلمام.
وبعد فرض الحماية الفرنسية على المغرب ،صدر منشور الصدر األعظم المسمى
ب"الضابط المؤقت لبيع األمالك العقارية" بتاريخ 01نونبر 2 1912ومن بين ما جاء فيه:
" ....ثم يوجد بعض األمالك ال يسوغ ألحد بيعها وشراؤها بوجه من الوجوه إال بعد صدور
اإلذن من قبل المخزن وذلك لما له عليها من حق التملك أو المراقبة ومن جملة ذلك :
......
خامسا :أراضي الفالة والقاحلة وكذلك األرض المهملة التي ال ملك ألحد عليها وبالجملة
جميع األراضي المعروفة عند الشرع باألرض الموات ،فإنها لجانب المخزن وال يمكن
حيازتها وإحياؤها ألحد إال بعد صدور اإلذن الشريف بها له.
"....................
أما نظام اإللجاء فهو اضطرار أو حمل من لم يعد من الرعية قاد ار على حماية ممتلكاته على نقلها باسم بعض ذوي القوة والنفوذ احتماء بهم وف ار ار
من ثقل بعض الضرائب .
في حين يقصد بنظام الحمى تخصيص مساحة من األرض ليكون كلؤها عاما للجميع .
لمزيد من التفصيل حول هذه األنظمة ،يراجع مؤلف األستاذ محمد خيري :العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي مطبعة المعارف
الجديدة – الرباط ،طبعة ، 2018الصفحات من 42إلى . 51
1
-جواد الهروس ،مرجع سابق ،الصفحة .33
2
-نشر بالجريدة الرسمية بالعربية ،العدد األول بتاريخ 01فبراير ، 1913الصفحة .3
160
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويستشف من هذا المقتضى أن المشرع المغربي احتفظ بنفس النظام الذي كان سائدا
في السابق حيث اشترط حصول اإلذن من " المخزن " إلحياء األراضي الموات ،إال أنه لم
يميز بين األراضي البعيدة عن العمران وتلك القريبة منه ،غير أن أهم مقتضى أضافه
"الضابط المؤقت " هو إخضاعه أراضي الموات لسلطة الدولة " المخزن" سواء عن طريق
التملك أو بواسطة المراقبة.
وإذا كانت وقواعد الفقه االسالمي تعتبر اإلحياء سببا من أسباب التملك ،فإن مقتضيات
الضابط المؤقت تنص صراحة على أن اإلحياء ال يؤدي إلى تمليك رقبة األرض وإنما يخول
للمحيي حق االستغالل فقط.
وهذا ما أكدت عليه أيضا مدونة الحقوق العينية 1في المادة 222حيث نصت على
أن:
"األراضي الموات التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة ،وال يجوز وضع اليد عليها إال بإذن
صريح من السلطة المختصة طبقا للقانون ".
ولذلك ال يجوز إحياء األراضي الموات إال بإذن صريح من السلطات المختصة وال
يجوز تملكها.
واشتراط المادة 222من مدونة الحقوق العينية الحصول على إذن صريح من
السلطات المختصة قبل البدء في إحياء األرض ،يطرح التساؤل حول الجهة اإلدارية التي
يخول لها اختصاص منح هذا اإلذن؟
األصل أن األراضي التي ال مالك لها تعود ملكيتها لملك الدولة الخاص ويتم تدبيرها
وتسييرها من طرف مديرية أمالك الدولة التابعة لو ازرة االقتصاد والمالية ،على اعتبار أن هذه
-القانون رقم 39.08المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178بتاريخ 25من ذي الحجة 22 ( 1432 1
161
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المديرية تتولى القيام ،طبقا للمادة 13من المرسوم عدد 2.07.995بشأن اختصاصات
وتنظيم و ازرة االقتصاد والمالية: 1
"بحيازة وتدبير الممتلكات الصادرة في حق أربابها أحكام غيابية أو الموضوعة تحت العقل
أو المصادرة أو المتأتية من التركات الشاغرة أو الهبات والوصايا طبقا للقوانين واألنظمة
الجاري بها العمل" . 2
وبالتالي فإن األراضي التي ال مالك لها تدخل في نطاق التركات الشاغرة وتدبرها هذه
المديرية.
غير أنه يستثنى من ذلك ،األراضي التي يضفى عليها الطابع الغابوي طبقا للتحديد
المضمن في الفصل األول من ظهير 10اكتوبر 1917المتعلق بالمحافظة على الغابات و
واستغاللها.3
1
-مرسوم رقم 2.07.995صادر في 23من شوال 23( 1429اكتوبر )2008بشأن اختصاصات وتنظيم و ازرة االقتصاد والمالية ،منشور
بالجريدة الرسمية عدد 5680بتاريخ 06نونبر ، 2008الصفحة . 4087
2
-يالحظ عدم إدراج حالة أراضي الموات ضمن الئحة األموال التي تقوم مديرية أمالك الدولة بتدبيرها ،غير أن هذه األموال يمكن إدراجها في
هذه الالئحة ما دامت هذه المديرية هي الجهة اإلدارية المختصة في تدبير التركات الشاغرة ن وهي تركات ال مالك لها وبالتالي تؤول إلى الدولة ،
وقياسا على ذلك يمكن إدراج أراضي الموات ضمن العقارات المملوكة للملك الخاص للدولة والمدبرة من طرف مديرية أمالك الدولة التابعة لو ازرة
االقتصاد والمالية ،مع استثناء طبعا األمالك الغابوية ،كما سيتم بيانه.
-3
ينص الفصل األول من ظهير 1917/10/10المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغاللها على ما يلي :
" تكون تابعة للملك الغابوي للدولة ؛
أوال :الغابات المخزنية ؛
ثانيا :األراضي المغطاة بالحلفاء المسماة " منابت الحلفاء " ؛
ثالثا :التالل األرضية والتالل البحرية إلى حد الملك العمومي البحري حسبما بين هذا الحد التشريع الخاص بالملك العمومي للمملكة المغربية؛
رابعا :المنازل الغابوية وملحقاتها والمسالك الغ ابوية واألغراس والمشاتل المحدثة في الغابات المخزنية ومنابت الحلفاء أو التالل وكذا األراضي
المنجزة للملك الغابوي ألجل منشآت كهذه عن طريق الهبة أو الشراء أو المعاوضة العقارية ؛
خامسا :األراضي المخزنية المعاد غرسها باألشجار أو التي ستغرس من جديد واألراضي التي اشتراها الملك الغابوي إلعادة غرسها وكذا ملحقاتها ،
كالمنازل الغابوية والمزارع ".
ويضاف إلى هذا التعداد لعناصر الملك الغابوي ،قيام القرينة الغابوية التي مفادها أنه "تعتبر غابة مخزنية ،كل قطعة أرضية توجد فيها مجموعة
أشجار طبيعية النبت" .
( الجريدة الرسمية عدد 235بتاريخ 29اكتوبر.) 1917
162
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويتبين من االطالع على التعداد الوارد في هذا الفصل ،للعناصر المكونة للملك
الغابوي للدولة ،أنه قد توجد ضمنه األراضي الموات غير المستغلة من أي أحد ،كالتالل
األرضية ومنابت الحلفاء وخاصة األراضي التي تكسوها أشجار طبيعية النبت ،ففي هذه
الحالة ال يعود تدبير أمر هذه األمالك إلى مديرية أمالك الدولة وإنما تقوم بذلك إدارة المياه
والغابات ،1وبالتالي يعود إليها اإلختصاص لمنح رخص استغالل هذه العقارات باعتبارها ملكا
غابويا وليس أرضا مواتا.
غير أن ما يتعين اإلشارة إليه في هذا الصدد ،أنه متى ثبت أن هذه األراضي المتوفرة
فيها العالمات والمعالم المشار إليها في الفصل األول من ظهير 10اكتوبر ،1917فإنها
تخرج من حيز األراضي الموات ،ألن أهم خاصية تتميز بها هذه األخيرة ،أنها مباحة أي
غير مملوكة ألحد ،أما األراضي التابعة للملك الغابوي ،حتى وإن كانت غير مستغلة وتبدو
أنها ميتة ،فهي مملوكة للدولة (الملك الغابوي) ،ويترتب عن ذلك عدم جواز إحياء هذا النوع
من األراضي 2لعدم قابليتها للتفويت والتصرف إال وفق شروط محددة وضوابط قانونية 3منها
االعتراف بحق االنتفاع المقرر للسكان المجاورين للغابات ومنح التراخيص باالحتالل
المؤقت لمدة محددة ومؤقتة ،كما يجوز فصل الملك الغابوي عن النظام الغابوي أو إجراء
معاوضات عقارية بشأنه لفائدة المنفعة العامة.
وعليه ،يتبين مما سبق عدم تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بإحياء أراضي الموات
على األراضي التي تتوفر فيها العالمات ومعالم الملك الغابوي والقرائن الغابوية ،أما إذا ثبت
أن هذه األراضي ال تكتسي طابعا غابويا فيعود أمر تدبيرها وتسييرها لمديرية أمالك الدولة
- 1يتبين من التمعن في المقتضيات القانونية المتعلقة بأراضي الموات في مدونة الحقوق العينية،أن هناك نوعا من التناقض أو لنقل عدم الدقة في
صياغتها ،ذلك أن المادة 222منها تنص على أن األراضي الموات التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة ،وبالتالي يفترض في كل األراضي أنها
مملوكة ،سواء من طرف الدولة أو غيرها ،ولذلك يبدو أن إضافة عبارة " ال مالك لها " ضمن مقتضيات المادة 222زائدة وغير مبررة بل وتنم
عن تناقض صريح ،مما كان يتعين تفادي هذه العبارة واالكتفاء بالنص على أن أراضي الموات تعتبر ملكا للدولة ،وبالتالي ستكون هذه
المقتضيات منسجمة مع الواقع ،علما بأن أحكام إحياء األراضي الموات ال تطبق على األراضي التي لها مالك ولو تخلى عن استغاللها مدة طويلة
حتى اصبحت غير قابلة لالستغالل .
2
-ينطبق نفس الحكم على األمالك العمومية ،كالشواطئ واألنهار والوديان والسبخات ....فهي غير قابلة لإلحياء ولو لم تكن مستغلة.
3
-ينص الفصل 2من ظهير 1917/10/10على أنه :
" ال يمكن بيع الملك المخزني الغابوي وال يتأتى استخراجه من النظام الغابوي إال لفائدة المصلحة العمومية ويقع ذلك بموجب مرسوم "...
163
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
التي تسند إليها مهمة تسليم اإلذن بإحياء هذه األراضي واستغاللها ،ومع ذلك قد يتمسك
البعض بواقعة إحياءه لبقعة أرضية اعتقادا منه بعدم وجود مالك لها ،فكيف يتم التعامل مع
هذا الوضع في ظل قيام القرينة الغابوية؟
المطلب الثاني :الترجيح بين أحكام األراضي الموات وأحكام القرينة الغابوية
إن إحياء األراضي الموات واكتساب حق االستغالل عليها بالمفهوم المفصل أعاله
يصطدم بالقرينة الغابوية المقررة لفائدة الدولة ،الملك الغابوي ،وهو ما أدى إلى إثارة الكثير
من المنازعات حول األراضي التي يتولى األشخاص إحياءها عن طريق تبييضها وإزالة
األشجار الغابوية وشق الطرق وحفر اآلبار أو جلب المياه من مناطق مجاورة لها ثم
استغاللها في البناء والحرث وغرس األشجار المثمرة ،وكل هذه التصرفات واألفعال تكون في
مجملها واقعة إحياء األراضي التي تخول لمحييها حق تملكها حسب الفقه االسالمي وحق
استغاللها حسب القانون الوضعي ،لكن هذه النتيجة تخالف ما ينص عليه التشريع الغابوي
المغربي الذي يعاقب على إحياء األراضي الموات التابعة للملك الغابوي.1
ومعلوم أن األشجار الطبيعية النبت ،تنبت في األراضي غير المستغلة وبالتالي قد
تكون أرضا مواتا ،مما يجعل محيي هذه األراضي يتمسكون بحق الملكية وفقا لقواعد الفقه
المالكي ،غير أن هذا التمسك ال يستند إلى أساس قانوني خاصة بعد صدور مدونة الحقوق
العينية التي نصت على أن كل األراضي التي ال مالك لها تعود ملكيتها للدولة ،وقبل ذلك
أقر ظهير 10اكتوبر 1917للدولة ملكية األراضي المكسوة بأشجار طبيعية النبت ويالتالي
ال مجال للحديث عن إحياء األراضي الغابوية.
1
-ينص الفصل 26من ظهير 10اكتوبر 1917المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغاللها على ما يلي :
" ال يسوغ لألهليين وال للمكلفين بالمحالت العمومية إحياء أرض ما بغابتهم أينما كانت إال بإذن خاص من اإلقامة العامة يعطاهم كتابة بعد صدور
قرار وزيري ومن أذن في إحياء شي ء من األراضي المذكورة فيعاقب حسب الفصل السابع والعشرين مثل من عمد إليها من الناس ".
ويحدد الفصل 27من نفس الظهير العقوبات المقررة لمخالفة إحياء األرض الغابوية دون إذن مسبق في ذعيرة ال تقل عن 2400درهم وال تزيد
على 4800درهم عن كل عشرة آالف متر مربع إحياء.
164
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبناء عليه ،ففي حالة قيام القرينة الغابوية يصبح الملك تابعا للدولة (الملك الغابوي)
1
وال تطبق عليه أحكام وقواعد اإلحياء وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض في إحدى ق ارراتها
التي قضت فيها بأن :
"المحكمة قد ال حظت وجود أشجار طبيعية النبت من قبيل الطلح والسدر ووجود تالل وجبل
بعقار النزاع ذا قمم متوسطة ،واستخلصت من هذه المعاينة وجود القرينة المقررة لفائدة
مصلحة المياه والغابات.....2وأنه ال مجال للتمسك بالحيازة والتصرف ما دام أن سند
الطاعنين يعتمد فقط على استمرار سلفهم الذي يتضمن إحياء األرض الغابوية التي ال يمكن
تملكها ال بالحيازة الطويلة أو التصرف أو اإلحياء "...
ولعل ما يعزز ذلك هو ما سبق التأكيد عليه من أن إحياء األراضي ال ينصب على
األراضي المملوكة وإنما يتعلق باألراضي التي ال مالك لها ،وبما أن القرينة الغابوية تثبت
الطابع العمومي للملك ،وبالتالي تملك الدولة له ،فال مجال للحديث هنا عن إحياء األراضي،
إذ أن القاعدة هي أن األراضي التي تنبت فيها األشجار بشكل طبيعي هي تابعة للدولة ،إلى
أن يثبت العكس ،بل إن الضابط المؤقت لبيع األمالك العقارية الصادر سنة 1912ألحق
صراحة أراضي الموات بالملك التابع للدولة ومنع االنتفاع بها إال بترخيص صريح من
السلطات الحكومية المختصة.
3
وانسجاما مع ذلك ،فقد اعتبر التشريع الغابوي المغربي كل األفعال الدالة على اإلحياء
مكونة لجنح غابوية كجنحة الحرث والزرع والغرس (الفصل 34من ظهير 10اكتوبر)1917
1
-القرار عدد 209الصادر بتاريخ 10يناير 2012في الملف المدني عدد ، 2010/1/1/2014منشور في مجلة ملفات عقارية الصادرة عن
محكمة النقض العدد 5الخاص ب "قضايا التحفيظ العقاري " السنة ، 2015الصفحة .116
2
-المقصود هو لفائدة الدولة ،ألن الملك تابع للدولة ـأما إدارة المياه والغابات فتقوم بتدبيره ليس إال.
-لقد استعمل ظهير 10اكتوبر 1917لفظ "اإلحياء" عند حديثه عن منع استصالح األراضي المكونة لغابات الخواص دون الحصول على 3
ترخيص من إدارة المياه والغابات وهو ما نص عليه في الفصول من 24إلى 30من ظهير ، 1917/10/10غير أن هذا المصطلح ال يدل
على مفهوم اإلحياء اصطالحا لكون هذا األخير يدل على أن األرض موضوع اإلحياء تكون غير مملوكة ألي أحد في حين أن المشرع يتحدث في
هذه الفصول عن الغابات المملوكة للخواص وبالتالي فإن القصد من ذلك هو االستصالح وليس اإلحياء .
165
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وجنحة قطع األشجار الغابوية (الفصل ،)36بل أكثر من ذلك ،فقد منع هذا التشريع
صراحة إحياء األرض الواقعة داخل الغابة ،حيث نصت الفقرة الثانية من الفصل 34من
ظهير 10اكتوبر 1917على ما يلي :
" ...كما يحكم على كل من عزق وأحيى بعض األراضي منها بذعيرة تتراوح من 1000
.
درهم إلى 4800درهم عن كل هكتار وقع عزقه وإحياؤه"
وتطبيقا لهذه المقتضيات القانونية ،تقضي المحاكم المغربية بإدانة األشخاص الذين
يعمدون إلى إحياء األراضي الغابوية ،ونستشهد في هذا الصدد بحالتين تتعلقان بالحرث
وحفر اآلبار ،وهي أفعال تدل على اإلحياء الذي يمنعه المشرع في حالة تعلقه بالملك
الغابوي.
" لما أدانت المحكمة المتهم من أجل إحياء أرض غابوية مخزنية وحرثها بدون رخصة،
وردت دفعه بخصوص تملكه لألرض موضوع النزاع وتطبيق الرسوم المدلى بها عليها وإجراء
خبرة ،تكون قد استندت على مقتضيات الفصل األول من ظهير 1917/10/10الذي
بمقتضاه تعتبر األرض المغطاة بالحلفاء ملك للدولة ،وذلك بعدما ثبت لها من المحضر
المنجز قيام المتهم بقلع جميع الغطاء الغابوي الموجود باألرض والمتمثل في مادة الحلفاء
وحرثها كما تبين ذلك من الرسم البياني المرفق بالمحضر".1
وبالنسبة لجنحة إحياء الملك الغابوي المستخلصة عناصرها من واقعة حفر اآلبار بدون
رخصة فقد قضت محكمة النقض بأن:
1
-القرار عدد 700الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 23ماي 2013في الملف الجنحي عدد ،2012/8/6/60-11159منشور في مجلة
ملفات عقارية الصادرة عن محكمة النقض ،العدد الرابع ،السنة ، 2014الصفحة .264
166
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
" القرار المطعون فيه أيد الحكم االبتدائي فيكون قد تبنى علله وأسبابه ،وأن الحكم االبتدائي
المؤيد استند فيما قضى به من إدانة الطاعن من أجل ما نسب إليه على اعترافه بمحضر
إدارة المياه والغابات بأنه حفر بئ ار دون التوفر على رخصة ،هذا المحضر الذي لم يقدم في
مواجهته أي مطعن ...فجاء القرار المطعون فيه معلال تعليال كافيا ومؤسسا ".1
ومهما يكن من أمر ،ال يمكن طبقا للتشريع المغربي تملك أراضي الموات من طرف
الخواص ،ألن هذا النوع من األراضي إذا ثبت وجوده ،فهو يبقى مملوكا للدولة وال يمكن
التصرف فيه وال استغالله إال بعد الحصول على ترخيص إداري ،وبالتالي يستنتج مما سبق
أن إقرار القرينة الغابوية لفائدة الدولة يبعد أحكام إحياء األراضي الموات على األمالك
الغابوية التي يمنع إحياؤها تحت طائلة عقوبات جنائية ،ويخضع استغالل هذه األراضي تبعا
لذلك ألحكام التشريع الغابوي الذي يشترط الحصول على ترخيص مسبق ،مع التقيد بضوابط
معينة ،لعل أهمها عدم اإلضرار بالمجاالت الغابوية ،مما يؤدي إلى نتيجة مفادها عدم
تطبيق أحكام إحياء األراضي الموات على الملك الغابوي.
وعليه ،يستنتج مما سبق بيانه أعاله أنه ال يوجد في النظام العقاري المغربي ما يعرف
بإحياء األراضي الموات من الناحية الواقعية ،ما دامت هذه األخيرة تطلق على األراضي التي
ال مالك لها ،في حين أن كل العقارات المتواجدة في المغرب مملوكة إما األشخاص الذاتيين
أو األشخاص المعنوية ،عامة أو خاصة ،وما عداها فهو مملوك للدولة .ويترتب عن ذلك أن
إدراج المشرع المغربي ألحكام إحياء األراضي الموات ضمن أسباب كسب الملكية لم يكن
سليما وال دقيقا في غياب هذا النوع من األراضي ،بل وحتى استصالح األراضي وإحياؤها
لجعلها قابلة لالستغالل ال تكسب المستصلح ملكية هذه األراضي بصريح المادة 222من
مدونة الحقوق العينية التي تنص على أن األراضي الموات هي مملوكة للدولة وال يمكن
1
-القرار عدد 720الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 23ماي 2013في الملف الجنحي عدد ،2013/8/6/3632نفس المرجع السابق ،
الصفحة .294
167
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وضع اليد عليها إال بترخيص مسبق من السلطة المختصة ،وأن من أحيا أرضا فله فقط حق
استغاللها طبقا للمادة 223من نفس المدونة ،وبالتالي ال مجال للحديث عن إحياء أراضي
الموات بالمغرب وال اعتبارها سببا لكسب الملكية.
168
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مقدمة:
أوجب المشرع المغربي إشهار جميع الحقوق والتصرفات الواردة على العقارات
المحفظة ،حفاظا على سلسلة انتقال الحقوق و ضمانا لعدم وجود أو إحداث لبس في انتقالها
من جهة وحماية لصاحب الحق المقيد من جهة أخرى 1.حيث عمل على إحاطة عملية
اإلشهار بمجموعة من القواعد تتضمن سلسلة من اإلجراءات بدء من تقديم طلب التقييد
مرو ار بمراقبته و اتخاد قرار بشأنه ،و هذا يعني أنه قبل نفاذ التصرف أو السند إلى السجل
العقاري يخضع إلى جانب الطلب المقدم بشأنه لرقابة قبلية أسندها المشرع للمحافظ على
األمالك العقارية الذي ال يعتبر مجرد عون تنفيذ يتلقى طلبات التقييد فقط وإنما دوره أهم
بكثير ،و لالستدالل على ذلك يكفي أن نشير إلى أن عملية التقييد برمتها تتم بأمر منه
وتحت مسؤولية.
وحث المشرع صاحب الحق على ضرورة إشهاره بالسجل العقاري حتى يتم االحتجاج به
في مواجهة الكافة عن طريق تقديم طلب بداية أمام المحافظ على األمالك العقارية ،قد يبدو
للوهلة األولى أم ار إجباريا يمتنع معه على المستفيد من الحق اللجوء إلى جهة أخرى
(القضاء) لإلذن للمحافظ بإجراء التقييد أو التشطيب .غير أن قراءة مقتضياتالفصل96
محكمة النقض كان لها رأي آخر عندما مكنت طالب التقييد (بمفهومه اإليجابي أو السلبي)
1
p : 167, 1994,Gerest): les sûretés, publicité foncière, PUG- PASCALE (Salvage-
169
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
من الحق في ممارسة الخيار بين اللجوء إلى المحافظ بداية أو القضاء مباشرة انطالقا من
تفسيرها لمقتضيات الفصل 96من ظ ت ع.
وتقديم طلب التقييد أمام المحافظ في الوقت المناسب يجعل صاحب الحق يضمن رتبة
التقييد واالستفادة من األولوية (الحاجز_ الدائن المرتهن _ الشريك على الشياع )...على
اعتبار أن الحق في نظر المشرع يعتبر غير موجود بالنسبة لألطراف أو الغير إال من تاريخ
1
تقييده وابتداء من هذا التاريخ.
لذلك فإن مسألة إيداع طلب التقييد أو التشطيب ألجل ترتيب آثار له بالرسم العقاري
تثير إشكالية الخيار في تقديمه بداية أمام المحافظ أو اللجوء مباشرة للقضاء للمطالبة بذلك
- 1أو ما يطلق عليه باألثر المنشئ للتقييد كأحد المبادئ األساسية التي يقوم عليها نظام الشهر العيني الذي أخذ به المشرع المغربي في
الفصل 66و 67كما أخدت به العديد من التشريعات نذكر منها المشرع الجزائري في المواد 15و 16من األمر 75/74حيث جاء في المادة 15
أنه " كل حق للملكية و كل حق عيني آخر يتعلق بعقار ال وجود له بالنسبة للغير إال من تاريخ يوم إشهارها في مجموعة البطاقات العقارية ،غير
أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفاة أصحاب الحقوق العينية".
أما المادة 16فنصت على ما يلي" إن العقود اإلرادية واالتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تقرير أو تعديل أو انقضاء حق عيني ال يكون لها
أثر بين األطراف إال من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية".
األمر عدد 75/74الصادر بتاريخ 1975/11/12المتضمن إعداد مسح الراضي العام وتأسيس السجل العقاري.
للمزيد من التوسع حول نظام الشهر العيني بالجزائر راجع:
-جديلي نوال :السجل العيني دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والمغربي ،أطروحة لنيل الدكتوراه علوم في القانون الخاص جامعة الجزائر 1كلية
الحقوق.2017 ،
أما المادة 305من مجلة الحقوق العينية التونسية فقد نصت على ما يلي " كل حق عيني ال يتكون إال بترسيمه بالسجل العقاري وابتداء من تاريخ
هذا الترسيم"...
قانون عدد 5لسنة 1965مؤرخ في 12فيفري 1965المتعلق بإصدار مجلة الحقوق العينية ،الرائد الرسمي عدد 10بتاريخ 19و 23فيفري
،1965ص.200 :
وكذلك المشرع للبناني في الفصل 393من القانون المدني الذي نص على مايلي " إن بيع العقار أو الحقوق العينية المترتبة على عقار ال يكون له
مفعول حتى بين المتعاقدين إال من تاريخ تقييده بالسجل العقاري".
ونفس األمر بالنسبة للمشرع القطري في المادة 4من قانون 1964/14المتعلق بنظام التسجيل العقاري التي جاء فيها "يجب تسجيل جميع
التصرفات التي من شأنها إنشاء حق الملكية أو حق عيني عقاري آخر أو نقله أو تغييره أو زواله ،وكذا األحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك.
ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المذكورة ال تنشأ وال تنقل وال تتغير وال تزول ال بين ذوي الشأن وال بالنسبة للغير.
وال يكون للعقود غير المسجلة من األثر سوى االلتزامات الشخصية بين المتعاقدين".
170
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
(المطلب األول) كما يحدث أن تقدم في آن واحد عدت طلبات للتقييد على نفس العقار
فتبرز إشكالية األولوية في إجراء التقييد (المطلب الثاني).
إن اشتراط حصول إشهار الحقوق العينية أصلية أو تبعية وبعض الحقوق الشخصية
عن طريق التقييد ،لم يكن من باب الصدفة وإنما كان ذلك لغاية سامية تتحقق من خاللها
أهم وظيفة للتقييد المتمثلة في حماية الحق ذاته ،الذي يعتبر غير موجود بالنسبة لألطراف
أو الغير إال من يوم تقييده أو ما يعرف باألثر المنشئ للتقييد ،باإلضافة إلى تمتيعه بقوة
ثبوتية 1حتى وإن كانت نسبية لقابليتها لإلقامة الدليل العكسي بإبطاله والتشطيب عليه.
غير أن محكمة النقض استقرت من خالل تفسيرها لمقتضيات الفصل 96على أن اللجوء
للمحافظ لطلب التقييد أو التشطيب بداية ليس إجباريا وإنما يمكن لصاحب الحق ممارسة
الخيار (الفقرة األولى) علما أن رفع الدعوى أمام القضاء لإلذن للمحافظ بذلك دون اتخاذ
اإلجراءات التحفظية قد ينتج عنه ذعائر لفائدة صندوق المحافظة العقارية (الفقرة الثانية).
حث المشرع المغربي كل شخص يرغب في إجراء تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي أو
التشطيب بالرسم العقاري ،أن يقدم للمحافظ على األمالك العقارية طلبا بذلك 2مؤرخا وموقعا
عليه مع تضمينه مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصل 69من ظ.ت.ع،
-1يوجد ارتباط وثيق بين األثر المنشئ للتقييد بالرسم العقاري ومبدأ القوة الثبوتية التي يمكن أن تتمتع بها التقييدات الموالية لتأسيس الرسم العقاري،
بحيث يعد هذا المبدأ األخير نتيجة حتمية لألخذ باألثر المنشئ للتقييد ،ألنه مادامت الحقوق العينية ال توجد وال يتم نقلها إلى الغير أو اإلقرار بها أو
تغييرها أو إسقاطها إال بالتقييد اإليجابي أو السلبي ،فإن بيانات الرسم العقاري التي تتضمن تلك الحقوق تحوز قوة ثبوتية.
DIMA (El Rajab): l’opposabilité des droits contractuels, Etude de droit comparé français et libanais thèse de -
Assas Paris 2 Décembre 2013, p 136 et S.–doctorat en droit privé, Uuniversité Panthéon
حول مبدأ القوة الثبوتية راجع:
François (Brochu) : le système Torrens, revue de droit de MCGILL, vol 47, 2002 p :640-
2
-نفس األمر بالنسبة للمشرع السويسري بمقتضى الفصل 46الذي نص على ما يلي:
" " L’officier du registre n’opère l’inscription au registre foncier que sur réquisition
4659, 2011, OR,1 sur le registre foncier du 23 septembre 2011 .432.Ordonnance 211
171
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
فيعمل المحافظ على التحقق من مشروعيته ومن الوثائق المرفقة به قصد التقييد الذي ال
يخرج ق ارره على فرضيتين ،فإما أن يقيد الحقوق بالرسم العقاري تبعا للوثائق المثبتة لذلك،
وإما أن يرفضه على أن يكون ق ارره هذا معلال ،و الذي يبقى من حيث المبدأ قابال للطعن
1
أمام المحكمة االبتدائية انسجاما مع مقتضيات الفصل 96من ظ.ت.ع.
وقد أثير خالف فقهي وتباين معه موقف القضاء المغربي (ولو بشكل نسبي) حول مقتضيات
الفصل المذكور ،فيما إذا كانت تجيز لصاحب الحق اللجوء مباشرة للقضاء لطلب التقييد
دونما الحاجة إلى مراجعة المحافظ العقاري .بمعنى آخر هل يملك صاحب الحق الخيار بين
اللجوء للمحافظ أو القضاء في شأن طلب التقييد بمفهوميه اإليجابي (نقل الحقوق أو تعديلها
أو اإلقرار بها) والسلبي (اسقاطها)؟
االتجاه األول :2يرى بأنه ال يمكن للقضاء أن ينظر في طلبات التقييد أو التشطيب قبل
أن تحال مسبقا على المحافظ ويتخذ بشأنها ق ار ار بالرفض ،هذا الرأي نجد له ما يعضده
ضمن قرار لمحكمة النقض نق أر فيه " ال يمكن للمحكمة أن تفصل في مسألة التقييد أو
التشطيب قبل أن يتخذ المحافظ موقفا من الطلب الذي يقدم له" 3،و في نفس االتجاه ذهبت
-1ينص الفصل 96على ما يلي " :يجب على المحافظ على األمالك العقارية في جم يع الحاالت التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب
عليه أن يعلل ق ارره ويبلغه للمعني باألمر.
يكون هذا القرار قابال للطعن أمام المحكمة االبتدائية التي تبت فيه مع الحق في االستئناف .وتكون الق اررات االستئنافية قابلة للطعن بالنقض".
أما قبل تعديله بمقتضى قانون 07-14فق كان ينص على ما يلي " في حالة ما إذا رفض المحافظ تحفيظ العقار أو تسجيل حق عيني أو
التشطيب عليه حسب عدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم ،فإن ق ارره يكون قابال للطعن أمام المحكمة اإلقليمية التي تبت فيه مع الحق في
اإلستئناف.
واألحكام اإلستئنافية يمكن الطع ن فيها عن طريق النقض وتبلغ لألطراف حسب نفس الشروط والشكل المقرر بالفصل 47المشار إليه أعاله".
و ينص الفصل 93على مايلي" يجب على الطرف الذي يرغب في التشطيب أن يقدم إلى المحافظ على األمالك العقارية طلبا مؤرخا وموقعا من
طرفه "...
-2أحمد الشحيتي :تقييد األحكا م العقارية في السجالت العقارية ،مداخلة في أشغال الندوة التي نظمتها محكمة االستئناف بالرباط
و.و.و.م.ع.م.ع.خ ونقابة هيئة المحامين بالرباط في موضوع " دور التشريع ونجاعة القضاء في حل النزاعات العقارية ،سلسلة ندوات محكمة
االستئناف بالرباط ،العدد ،3مطبعة األمنية الرباط ،الطبعة األولى ،2011ص .60
-3قرار المجلس األعلى عدد 662صادر بتاريخ ،1978/09/27ملف مدني رقم ،51-984مجلة المحاماة العدد ،12سنة ،1997ص .173
172
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
استئنافية وجدة في قرار لها جاء فيه " حيث دفع المستأنف بخرق المحكمة لمقتضيات
الفصل 96من ظهير 12غشت ،1913والفصل 10من مرسوم 3يونيو ،1915وذلك
باللجوء إلى القضاء الستصدار حكم بتسجيل عقود األشرية والتشطيب على اإلراثة بالرسم
العقاري قبل تقديم طلب بذلك للمستأنف عليه ،واتخاذ قرار إيجابي أو سلبي بشأنه ،وحيث
صح الدفع المثار من لدن السيد المحافظ على األمالك العقارية ،إذ أن المقتضيات المتمسك
بها تلزم الراغب في التقييد أو التشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري بتقديم طلب بذلك إليه
1
لمعرفة موقفه قبل سلوك المسطرة القضائية".
أما االتجاه الثاني :فيرى بإمكانية اللجوء مباشرة إلى القضاء لطلب التقييد أو التشطيب
2
من غير اللجوء مسبقا إلى المحافظ ،مما يعني أن مقتضيات الفصل 96ليست إلزامية.
ومن تم يبقى الخيار لمن له المصلحة بين تقديم طلب التقييد إلى المحافظ و بين اللجوء إلى
المحكمة ،و في هذا اإلطار ذهبت محكمة النقض في قرار لها إلى أنه " لكن لما كان
الفصل 96من ظ.ت.ع لم يرتب أي جزاء على عدم تقديم طلب التسجيل إلى المحافظ قبل
االلتجاء إلى القضاء فإن محكمة االستئناف لما صرحت بأنه ال ضرورة اللتجاء المستأنف
عليهم إلى تقديم طلب إلى السيد المحافظ العقاري من أجل تسجيل حقوقهم طالما أن هناك
-1قرار محكمة االستئناف بوجدة عدد 2581صادر بتاريخ ،2003/09/30ملف عقاري رقم .2/1119أوردته فاطمة الداودي :دور المحافظ
العقاري وتدخل القضاء في قضايا التحفيظ بين التعزيز والمحدودية على ضوء مستجدات القانون رقم ،14.07أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،جامعة محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،سنة -2014
.2015ص .304
وفي قرار آخر لنفس المحكمة صادر تحت عدد 1129بتاريخ 2004-04-10في الملف رقم 1708-2جاء فيه " طلب التشطيب على العقود
المضمنة بالرسم العقاري ينبغي أن يتم تقديمه ابتداء أمام المحافظ ،وعند رفض هذا األخير القيام بذلك يتم الطعن في ق ارره هذا أمام المحكمة
االبتدائية" أورده محمد بفقير :ظهير التحفيظ العقاري الجديد والعمل القضائي المغربي ،سلسلة القانون المغربي و العمل القضائي ،العدد السابع،
مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،طبعة 2014ص .259
-2جياللي بوحبص ،هل يمكن للمتقاضي اللجوء إلى المحكمة دون إمكانية مراجعة المحافظ في القضايا العقارية ،تعليق على قرار المجلس
األعلى ،منشور بمجلة القانون المغربي ،العدد ،6يوليوز ،2004ص 161وما يليها.
-أحمد أجعون ،المحافظ العقاري اختصاصاته ،مسؤوليته ،ووضعيته اإلدارية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج ،55-54
يناير ،2004ص .185
173
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
نزاعا في ماهية العقد ،كان قرارها مصادفا للصواب في هذا الخصوص و لم تخرق الفصل
1
المحتج به".
و في قرار آخر جاء فيه " لكن حيث إن محكمة االستئناف حين عللت قرارها بأن
مقتضيات الفصل 96من ظ.ت.ع خالية من صيغة الوجوب ،و بالتالي يبقى الخيار لمن له
المصلحة بين تقديم طلب التسجيل إلى المحافظ على األمالك العقارية وبين االلتجاء إلى
المحكمة ،وأن المشرع لم يرتب أي أثر قانوني على عدم تقديم طلب تسجيل أي حق من
الحقوق العينية إلى المحافظ على األمالك العقارية قبل اللجوء إلى المحكمة تكون قد طبقت
2
الفصل 96المشار إليه أعاله تطبيقا سليما والوسيلة على غير أساس".
ومن خالل ما ذكر ،يتضح استقرار قضاء محكمة النقض في تأويلها لمقتضيات الفصل
96المشار إليه سابقا ،من حيث كون طالب التقييد غير ملزم بسلوك اإلجراءات أمام
و إن كانت صيغة المحافظ على األمالك العقارية أوال قبل طلب التقييد القضائي لحقوقه.
الوجوب أو اإللزام التي ورد بها الفصل 96تنصرف إلى قرار المحافظ برفض تقييد حق
عيني أو التشطيب عليه بأن يكون معلال ،ويفترض في ذلك أن سبق وقدم أمامه طلب للتقييد
يتضمن كافة البيانات المنصوص عليها في الفصل 69من ظ.ت.ع حتى يتخذ ق ار ار بشأنه،
174
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وال تنصرف إلى طالب التقييد الذي لم يرتب عليه المشرع أي جزاء عند عدم سلوكه لمسطرة
التقييد أمام المحافظ ابتداء.
وما يمكن أن نسجله بهذا الخصوص أن أولوية اللجوء إلى القضاء لطلب تقييد حق
عيني أو تغ ييره أو إسقاطه أو اإلقرار به أو نقله إلى الغير ،قبل اللجوء إلى المحافظ على
1
األمالك العقارية رهين بعدم وجود نزاع حول ماهية السند المراد تقييده بالرسم العقاري،
بحيث يكون من غير المنطقي قبول اللجوء إلى القضاء قبل المحافظ في حالة استجماع
طلب التقييد لكافة الشروط التي يتطلبها ظهير التحفيظ العقاري و القوانين المعمول بها في
هذا المجال ،بل إن طلب التقييد القضائي قد يترتب عنه ذعائر نتيجة التأخر في تقديمها
مباشرة أمام المحافظ على األمالك العقارية ما لم يلجأ المستفيد من الحق موضوع الدعوى
إلى آلية التقييد االحتياطي لحفظ الرتبة وتفادي غرامات التأخير.
إن التوجه للقضاء لإلذن للمحافظ إلجراء التقييد أو التشطيب كمكنة كرستها محكمة
النقض لفائدة صاحب الحق من خالل تفسيرها لمقتضيات الفصل 96من ظهير التحفيظ
العقاري ،قد ينسجم مع الحرية التي تركها المشرع لألطراف المعنية بالتقييد أو التشطيب
1
-بخصوص ذلك قضت محكمة النقض بأن " أسبقية اللجوء إلى المحافظ على األمالك العقارية طبقا لما يقتضيه الفصل 96من ظهير التحفيظ
العقاري والفصل 10من القرار الوزيري المؤرخ في 1915-06-03إنما يكون في حالة ما إذا كان المعني باألمر ال يتوفر على سند تام إلثبات
حقه العيني المراد تسجيله في الرسم العقاري موضوع الحق ،ال حينما يكون سند الحق غير تام ومنازع في صحته" قرار عدد 446صادر بتاريخ
1977-07-22منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة واالقتصاد عدد 4ص .109
أنظر أيضا:
-القرار عدد 662صادر بتاريخ 1978-09-27في الملف المدني عدد 51984منشور بمجلة المحاماة عدد 16ص .173
-القرار عدد 2410صادر بتاريخ 2002-07-09في الملف المدني عدد 01-288منشور بمجلة المناهج القانونية عدد 7و 8ص .185
-القرار عدد 137صادر بتاريخ 2006-03-01في الملف الشرعي عدد 04-375منشور بمجلة القصر عدد 25ص .125
175
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وعدم تقييده بأجل ،في السعي نحو الحفاظ على مراكزهم القانونية 1وضمان نفاذ تصرفاتهم
واالحتجاج بها في مواجهة الكافة.
2
وبالمقابل فرض على المتراخي عن تقديم طلب التقييد أو التشطيب ذعائر تصاعدية
في حالة عدم احترام اآلجال المنصوص عليها في الفصل 65مكرر 3،والمحددة في ثالثة
أشهر تحتسب بالنسبة للمقررات القضائية من تاريخ حيازتها لقوة الشيء المقضي به ،ومن
تاريخ التحرير بالنسبة للعقود الرسمية .أما بخصوص العقود العرفية فيحتسب األجل بالنسبة
لها من تاريخ آخر تصحيح لإلمضاء عليها ،حيث يكون المستفيد من طلب التقييد أو
التشطيب مجب ار في حالة عدم احترام األجل المذكور أعاله على أداء غرامة تساوي خمسة
بالمائة من مبلغ الرسوم المستحقة وذلك عن الشهر األول الذي يلي تاريخ انقضاء الثالثة
-1حسن فتوخ :التقييدات المؤقتة بالرسم العقاري على ضوء العمل القضائي ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،شعبة القانون الخاص ،وحدة
القانون المدني ،جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية ،2008-2007ص.471:
2
dine): La réforme apportée par la loi 14.07 face aux dysfonctionnements du régime de - AISSAM (zine-
. p: 65,l’immatriculation foncière, Imprimerie Najah Al Jadida Casablanca, 1ère édition 2014
-3جاء الفصل 65مكرر على الشكل التالي " يحدد أجل إنجاز التقييد المنصوص عليه في الفصل 65في ثالثة أشهر ويسري هذا األجل
بالنسبة:
-1للمقررات القضائية ابتداء من تاريخ حيازتها لقوة الشيء المقضي به.
-2للعقود الرسمية ابتداء من تاريخ تحريرها.
-3للعقود العرفية ابتداء من تاريخ آخر تصحيح لإلمضاء عليها.
غير أن هذا األجل ال يسري على العقود المشار إليها في البندين 2و 3أعاله:
-إذا كانت موضوع تقييد احتياطي طبقا للفصل .85
-تعلقت باألكرية أو اإلبراء أو الحوالة المنصوص عليها في الفصل 65من هذا القانون.
وإذا لم يطلب التقييد بالرسم العقاري ولم تؤدى رسوم المحافظة العقارية داخل األجل المقرر أعاله ،فإن طالب التقييد يلزم بأداء غرامة تساوي خمسة
بالمائة من مبلغ الرسوم المستحقة ،وذلك عن الشهر األول الذي يلي تاريخ انقضاء األجل المذكور و 0,5في المائة عن كل شهر أو جزء من الشهر
الموالي له.
= يمكن لمدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية ،وفي حالة القوة القاهرة أن يمنح اإلعفاء من الغرامة المنصوص عليها
أعاله ،بعد اإلدالء بأي وثيقة تفيد ذلك".
176
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أشهر و 0,5بالمائة عن كل شهر أو جزء منه 1.ما لم تكن موضوع تقييد احتياطي سبق
تضمينه بالرسم العقاري حيث يستفيد من األثر الرجعي.
غير أن اإلعفاء من غرامة التأخير المقررة عن العقود الرسمية أو العرفية التي مر
عليها أجل ثالثة أشهر من تاريخ تحريرها بالنسبة لألولى ومن تاريخ آخر تصحيح لإلمضاء
في شأن الثانية ،والتي سبق وأن كانت موضوع تقييد احتياطي بناء على مقال افتتاحي
للدعوى ،يرتبط بضرورة اإلدالء بأحكام قضائية حائزة لقوة الشيء المقضي به حسمت النزاع
بشأن الدعوى المقيدة احتياطيا ،و إال ستطبق مقتضيات الفصل 65مكرر بأثر فوري.
تجدر اإلشارة إلى أن تقديم طلب التقييد أو التشطيب يكون واجبا على من تولى تحرير
السند كما هو الحال بالنسبة للموثق استنادا لمقتضيات الفصل 47المنظم لمهنة التوثيق،
الذي يفرض على الموثق تقديم نسخ للمحررات والعقود مشهود عليها من طرفه بمطابقتها
لألصل لدى مصلحة التسجيل الستيفاء الرسوم عن ذلك و إنجاز اإلجراءات الضرورية
للتقييد بالسجالت العقارية .الشيء الذي لم يفعله المشرع بالنسبة للعدول في القانون رقم
16.03المتعلق بخطة العدالة ،حيث ترك فيه الحرية لألطراف أو العدل للقيام بذلك ،وهو ما
يتعارض مع مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية التي تجعل العدل مسؤوال بالتضامن
مع أطراف العقد في حالة عدم أداء الضرائب و الرسوم المثقل بها العقار موضوع العقد
المحرر من طرفه.
وما يمكن أن نسجله في هذا اإلطار أن تراخي الموثق في إخضاع العقد المحرر من
طرفه إلجراءات التقييد بالسجالت العقارية و ما يترتب على ذلك من غرامات قد يثير
مسؤوليته و هو ما نقرأه ضمن قرار لمحكمة النقض جاء فيه " والمحكمة مصدرة القرار
-والمشرع بذلك يكون قد تفادى من خالل التعديل الذي طال ظهير التحفيظ العقاري بموجب قانون 14-07األجل الموحد للتقييد الذي 1
كان محددا في ثمانية عشرة شه ار بالنسبة لكافة السندات ،بعد عدم تحقيقه للغاية المتوخاة منه في حث األطراف على اإلسراع في تقديم طلبات
التقييد والتشطيب أمام المحافظ على األمالك العقارية ،قصد تفادي ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية.
177
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المطعون فيه لما استخلصت أن المطلوبة مسؤولة عن اإلخالل بإيداع عقد القسمة لفائدة
الطالب ،طبقا للفصلين 78من ق.ل.ع و 83من مدونة التسجيل .و مع ذلك أخلت ذمتها
من التعويض المستوجب عن هذا اإلخالل بعلة أن الطالب لم يثبت تاريخ أداء غرامات
التأخير المذكورة ،في حين أن مجرد أداء هذه الغرامات الثابت للمحكمة والتي قضت لفائدته
باستردادها من المطلوبة يجعل الضرر ناشئا عن التأخير في اإليداع للطالب و المستوجب
لتعويضه عنه ،مما تكون معه قد خرقت الفصلين 78من ق.ل.ع والفصل 1من ظهير
1925/05/4المتعلق بالتوثيق العصري وعللت قرارها تعليال فاسدا ينزل منزلة انعدامه و
1
عرضته بالتالي للنقض".
سبقت اإلشارة إلى أن عملية التقييد ال يباشرها المحافظ من تلقاء نفسه ،وإنما بناء على
طلب المعني باألمر أو من ينوب عنه مرفق بالسند المزمع تضمينه بالرسم العقاري ،والذي
بدوره يخضع للمراقبة كل بحسب طبيعته استنادا إلى مقتضيات الفصل 72من ظ.ت.ع.
-1جاء في حيثياته أنه" و الثابت من وقائع الدعوى المعروضة على قضاة الموضوع وأدلتها المقدمة لهم أن المطلوبة بصفتها موثقة حررت عقد
القسمة بين الطالب وشركائه لقطعة أرضية من التجزئة المشتركة بينهم التي بقيت دون بيع ،ولم تودع العقد الذي حررته لدى إدارة التسجيل و كذا
إدارة المحافظة على األمالك العقارية الستخالص الرسم الضريبي عنه ،إلى أن ترتب عن تأخير اإليداع الذعائر المالية القانونية ،فاضطر الطالب
ألدائها لدى المصلحتين المذكورتين بصفته مستفيدا من العقد الواجب عنه الرسمان المذكوران ،هو خطأ ينسب إلى المطلوبة طبقا للفصل 1من
ظهير 1925/05/4المتعلق بالتوثيق العصري ،....كما يوجب في حقها نفس اإللزام المنصوص عليه في المادة 83من مدونة التسجيل
بخصوص التقديم ألداء رسم التسجيل.
قرار محكمة النقض عدد 2163الصادر بتاريخ 2008/06/04في الملف المدني عدد ،2007/3/1/657منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى،
النسخة اإللكترونية عدد ،70ص .69
-للمزيد من المعلومات عن مسؤولية الموثق راجع:
-بري المهدي :اإلطار القانوني لمسؤولية الموثق العصري على ضوء القانون رقم ،32.09رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ماستر
العقار والتنمية ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية ،طنجة ،السنة الجامعية .2015-2014
= -سيدي محمد كمال مشيشي :االلتزامات المهنية للموثق العصري والمسؤوليات الناتجة في حالة اإلخالل بها ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية .2012-2011
-محمد بلغماز :المسؤولية المدنية للموثق العصري في القانون المغربي ،دراسة مقارنة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ماستر قانون
األعمال ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية .2014-2013
178
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وقد يحدث أن تقدم أمام المحافظ على األمالك العقارية عدت طلبات للتقييد في آن
واحد على نفس العقار ،بعضها ال يتناف ى مع البعض اآلخر حيث تضمن بنفس الرتبة كما
يمكن أن تكون إحداها متعارضة مع أخرى .فنتساءل عن مصير هذه الطلبات (الفقرة
األولى) وإن كان تلقي طلبات التقييد أو اإليداع أصبح أكثر دقة في ظل التدبير اإللكتروني
للوثائق المودعة مما سيساعد على حصر ومعالجة القضايا حسب تاريخ ورودها (الفقرة
الثانية).
الفقرة الثانية :مصير طلبات التقييد المقدمة في آن واحد على نفس العقار
لقد أسند المشرع المغربي مهمة إجراء التقييد بالسجالت العقارية إلى جهة إدارية واحدة
يمثلها المحافظ على األمالك العقارية ،والذي بعد إجرائه للمراقبة على الوثائق والسندات
المدعمة لطلب التقييد والتأكد من مدى مطابقتها للقانون ،يتعين عليه الحرص على ضمان
ترتيب األولوية بسجل اإليداع للحقوق المتعلقة بنفس العقار حسب ورودها عليه.
لكن في حالة تقديم طلبين للتقييد على نفس العقار وفي آن واحد ،فما هو الطلب
األولى بالتقييد؟ وكيف يمكن أن نتصور تقديم طلبين للتقييد على عقار واحد وفي نفس
الوقت؟ وهل يملك المحافظ سلطة ترجيح إحدى الطلبات على أخرى ،سواء أكانت نهائية أو
مؤقتة؟
179
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
فالمالحظ أن المشرع ميز بين حالتين لطلبات التقييد المقدمة في آن واحد ،ففي الحالة
األولى والتي تكون فيها طلبات التقييد غير متعارضة مع بعضها البعض ،جاز للمحافظ
تقييدها بنفس الرتبة أي إعطائها رقما تسلسليا واحدا مع اإلشارة في السجل العقاري
اإللكتروني إلى أنها تخضع لمقتضيات الفصل 76السالف الذكر.
وأهمية ذلك تظهر من خالل أن اعتماد أولوية إحدى الطلبات عن األخرى ،سيمكن
المستفيد المقيد أوال من حق ممارسة الشفعة على المقيد الثاني بالنسبة للتصرفات الناقلة
لحقوق مشاعة من ملكية الرسم العقاري .إذ يصبح المستفيد من ذلك شريكا على الشياع في
ملك يحق له معه استشفاع الحصة المشاعة المنقولة والموالية له في رتبة التقييد .كما
ستمكن الدائن المرتهن المقيد في رتبة سابقة (أو نتيجة خطأ في ترتيب األولوية) من استيفاء
دينه باألسبقية عند توزيع منتوج البيع للعقار بالمزاد العلني على باقي الدائنين الموالين له في
1
رتبة التقييد مادامت هذه األخيرة هي المعيار األساس في االستفادة من األولوية.
كما تظهر أهمية تضمين طلبات التقييد المقدمة في آن واحد في نفس الرتبة عند تقديم
طلبات إجراء تقييدات مؤقتة ضامنة لرتبة الحق ،كما هو الحال بالنسبة للتقييدات االحتياطية
التي ال يمكن أن نتصور ظهور حالة التع ارض بينها ،إذ ال يحق للمحافظ إعمال سلطته في
ترتيب األولوية بينها استنادا إلى تاريخ التأشير عليها من طرف صندوق المحكمة أو اعتماد
رقم األوامر القضائية أو تاريخ صدورها في الترتيب .بل ال بد من تقييدها في نفس الرتبة
لتجاوز األثر الرجعي لتاريخ التقييد االحتياطي عند صدور أحكام حائزة لقوة الشيء المقضي
به ،وتمتيع المستفيد منه بأحقيته في ممارسة الشفعة على من قام المحافظ بتقييده في رتبة
موالية له والحائز أيضا على أحكام لها قوة الشيء المقضي به.
-تنص المادة 197من مدونة الحقوق العينية على ما يلي " يستوفي الدائن المرتهن دينه من ثمن الملك حسب رتبة تقييده في الرسم العقاري، 1
وذلك باألولوية على باقي الدائنين المرتهنين التالين له في الرتبة وكذا على الدائنين العاديين".
180
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أما في الحالة الثانية والتي تجسد حالة التعارض 1الحاصلة بين طلبات التقييد مع
بعضها البعض المقدمة في آن واحد ،فإن المحافظ يقرر رفض التقييد بعد تحرير محضر
بذلك يثبت فيه تلك الحالة طبقا للفصل 76من ظ.ت.ع 2.و هذا ما يمكن أن نستخلصه من
حكم المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء التي اعتبرت فيه بأن قرار المحافظ الرافض لطلب تقييد
أحكام قضائية ناقلة للملكية في إطار المنفعة العامة مصحوب برسائل مسلمة من الجهة
النازعة للملكية تفيد التشطيب على مشروع نزع الملكية المقيد بالرسم العقاري ،يظل ق ار ار
مشروعا حيث جاء فيه " ...على أن المالكون بالرسم العقاري تقدموا بطلب التشطيب على
مشروع نزع الملكية موضوع األحكام القضائية بنقل الملكية مصحوب برسائل من المدعية
تقضي بالتشطيب على المشروع .وبالتالي أصبح العارض أمام طلبات متعارضة ومتناقضة
األول يرمي إلى التقييد والثاني إلى التشطيب وبالتالي قام المحافظ بتطبيق مقتضيات الفصل
76من ظهير التحفيظ العقاري ،مما يكون ق ارره ا
قر ار مشروعا يتعين رفض الطلب المقدم
3
بشأنه ".
لكن هل يمكن تصنيف تقديم طلب إجراء تقييد احتياطي ضد المالك المقيد في نفس
الوقت الذي قدم فيه طلب تقييد عقد بيع نهائي على نفس الرسم العقاري ضمن حالة الطلبات
المتعارضة الخاضعة لمقتضيات الفصل 76؟
-1يقصد بالطلبات المتعارضة تلك التي يكون قبول تقييد إحداها مانعا من تقييد أخرى كطلب تقييد إراتثين تتضمن األولى فريقا من الورثة ال
تتضمنهم االراثة الثانية أو تتضمن إحداهما وصية دون األخرى ،أ و كحالة تقديم طلب تقييد صدقة أو هبة وفي نفس الوقت تقديم طلب تقييد إراثة
الهالك.
-محمد ابن الحاج السلمي :التقييد والتشطيب بالسجالت العقارية وفق مستجدات القانون رقم ،14-07دار القلم الرباط ،الطبعة األولى،2015 ،
ص .390
- 2علما أنه أصبح باإلمكان استخراج قرار الرفض من البرنامج االلكتروني الجديد الخاص بتدبير الوثائق المودعة للدراسة أو ما يعرف ب R1
الذي دخل حيز التنفيذ بداية من 22أبريل 2019ليعوض سجل اإليداع الورقي .و هو يختلف كليا عن السجلين المنصوص عليهما بالفصل 24
من المرسوم المحدد إلجراءات التحفيظ العقاري ،حيث يعمل على منح طلبات اإليداع رقم ترتيبي بطريقة تلقائية حسب التاريخ و التوقيت اللذان يتم
فيهما اإليداع ،الشيء الذي يساعد على حصر القضايا حسب تاريخ وتوقيت ورودها بكل دقة.
-3حكم رقم 1756صادر بتاريخ 2011-09-20في الملف رقم ) 2009-4-253غير منشور(.
181
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بخصوص ذلك يرى بعض الفقه 1أنه ال يمكن للمحافظ أن يرجح التقييد االحتياطي عن
التقييد النهائي لعقد البيع ،فهما طلبان متعارضان يتنافى موضوعهما مع وضعية الرسم
العقاري بدليل أن األول يتعلق بتقييد احتياطي يهدف صاحبه من خالله إلى الحفاظ على
حقوقه التي تلقاها المشتري من البائع ،في حين أن الثاني ينصب على نفس العقار ويخص
نفس المفوت و يرمي إلى تسجيل عقد الشراء ،إذ بإمكان المحافظ و الحالة هذه رفض إجراء
2
التقييد للطلبين معا لتعارضهما ال أن يقوم بترجيح التقييد المؤقت عن التقييد النهائي.
في ظل التدبير اإللكتروني لعمليات التحفيظ العقاري الذي أصبح معموال به وفق
الشروط والكيفيات المنصوص عليها في ظل المرسوم رقم 3،2.18.181أصبح باإلمكان
تقديم وتتبع ومعالجة اإلجراءات المتعلقة بالتحفيظ العقاري بما في ذلك إشهار الحقوق العينية
والتحمالت العقارية المنصبة على العقارات المحفظة أو التي هي في طور التحفيظ 4،بشكل
إلكتروني دون الحاجة إلى االنتقال إلحدى المصالح الخارجية التابعة للوكالة الوطنية
للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.
-1حسن فت وخ :التقييد االحتياطي وعالقته بالحجوزات واإلنذارات العقارية ،دراسة عملية مع رصد ألهم اإلشكاالت المثارة عمليا بشأن التقييد
االحتياطي وعالقته بالحجوزات واإلنذارات العقارية من خالل الرتبة بالرسم العقاري على ضوء =أحدث نصوص القانون المغربي والمقارن
واالجتهادات القضائية والفقهية ،دار اآلفاق الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2008 ،ص.203-202 :
-2هذا الموقف له ما يخالفه في أحد األحكام الصادرة عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء قضت فيه بأنه " وحيث أنه ال مجال للتمسك
بمقتضيات الفصل 76من ظهير 2013-8-12لكون األمر في نا زلة الحال ال يتعلق بطلبات تسجيل متعارضة مقدمة في آن واحد ،و إنما بطلب
تسجيل واحد اعتمادا على عقد بيع ناقل لملكية حق عيني تقدمت به المدعية ،وأن طلب التقييد االحتياطي المقدم من طرف الغير و إلن كان
يخص نفس العقار فإنه ال يعتبر طلب تسجيل و ال يحول دون تقييد ع قد البيع علما أن صاحب التقييد االحتياطي بناء على مقال يحتفظ برتبته إلى
حين البت النهائي في دعواه"
حكم رقم 2095صادر بتاريخ 2009/09/15في الملف رقم )09/21/2070غير منشور( .
- 3المرسوم الصادر في ربيع األخير )10-12-2018( 1440بتحديد شروط وكيفيات التدبير اإللكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات
المرتبطة بها ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 6737ربيع األخير )2018-12-24( 1440ص.9743 ،
- 4راجع المادة الثانية من المرسوم السالف الذكر.
182
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وعلى هذا األساس مكن المشرع المهنيين من تقديم طلبات إيداع وتقييد المحررات
يحدث لهذا الغرض وتحت مسؤوليتهم خاص1 بالسجالت العقارية من خالل فضاء
الشخصية ،حيث يتيح لهم الولوج إلى قاعدة البيانات التي تديرها الوكالة الوطنية للمحافظة
العقارية وكذا إرسال المعامالت التي قاموا بتحريرها عبر نماذج إلكترونية محددة سلفا.
هذا االمر سيمكن المحافظ من تلقي طلبات التقييد أو التشطيب بشكل ترتيبي حسب
زمن ورودها عليه (بالساعة والدقيقة) وال دخل له في تقديم إحدى الطلبات عن أخرى مادام
ترتيب هذه األخيرة يتم بشكل إلكتروني ،مما يساعد على حصر تلك الطلبات حسب تاريخ
ورودها بكل دقة ليتحقق المحافظ من مدى مشروعيتها واتخاذ قرار بشأنها.
وعلى ضوء ذلك بقي لنا أن نتساءل عن المقصود بعبارة تقديم طلبات للتقييد في آن
واحد ،هل تقتصر على اللحظة اآلنية من الزمن؟ أم أنها تستغرق المدة الممتدة من وقت
وتاريخ تقديم الطلب إلى غاية أداء رسوم المحافظة العقارية؟ وهل تاريخ تأشير المحافظ على
طلب التقييد كاف في حد ذاته للقول بأسبقية طلب على آخر يعفيه من اللجوء إلى مقتضيات
الفصل 76عند تقديم طلب الحق عليه ومتعارض معه؟
بخصوص ذلك يرى بعض الفقه 2عن صواب ،أنه وحسب معيار اإلقصاء الذي يبدو
أن المشرع قد اعتمده في الفصل 76المذكور ،فإن عبارة " في آن واحد" ال يمكن أن يكون
لها سوى تفسير واحد وهو نفس اللحظة أي نفس الدقيقة على األقل إن لم تكن نفس الثانية.
- 1تنص المادة 31من المرسوم المذكور على أنه " يحدث على المنصة اإللكترونية فضاء خاص بالمهنيين المتدخلين في عمليات التحفيظ
العقاري والمسح العقاري والخرائطية ،قصد تمكينهم من التبادل اإللكتروني للوثائق والمعلومات مع مصالح الوكالة ،واالستفادة من الخدمات التي
توفرها لفائدتهم".
هذا الفضاء أطلق عليه بالنسبة للموثقين (توثيق) يتيح الولوج لكافة الخدمات الرقمية للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية
وكذا تبادل المعامالت العقارية ،وذلك بناء على اتفاقية شراكة ابرمت بين هذه األخيرة والهيئة الوطنية للموثقين.
وإذا كانت المقتضيات المنظمة لبعض المهنيين المتدخلين في عمليات التحفيظ العقاري وخاصة أولئك المكلفين بتحرير العقود من عدول ومحامين
مقبولين للترافع أمام محكمة النقض طبقا لمقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ال تسعفهم في تقديم طلبات للتقييد أو اإليداع مالم يكن
ذلك بشكل صريح من المستفيد من الحق المراد إيداعه أو تقييده.
-2محمد ابن الحاج السلمي :م س ،ص.388 :
183
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
هذا التفسير ولئن كان يصدق على الطلبات غير المتنافية والمقدمة في آن واحد ،فإنه قد ال
ينطبق على طلبات التقييد المتعارضة الواردة على فترات زمنية طوال اليوم أو خالل الفترة
الفاصلة بين التأشير على الطلب وأداء الوجيبات المستحقة عليه لفائدة صندوق المحافظة
العقارية.
و من ثم فالمقصود بعبارة (في آن واحد) هي نفس اللحظة ،و التي ال يجب فهمها من
منطلق الوقت الذي تستغرقه ألداء رسوم التقييد ،و حتى تتضح الرؤية نسوق مثاال على
ذلك ،فلو فرضنا أنه تم تقديم طلب تقييد عقد بيع نهائي على عقار معين وتم التأشير عليه
من قبل المحافظ قصد استخالص الوجيبات المستحقة عن ذلك ،و أودع بصندوق المحافظة
و لم يبادر المستفيد منه إلى األداء ،و خالل هذه الفترة تم تبليغ المحافظ بحجز أو إنذار
عقاري من طرف مفوض قضائي على نفس العقار ،أو تم إيداع رسم إراثة البائع المقيد
بالرسم العقاري ،فإنه ال يحق للمحافظ و الحالة هذه اتخاذ قرار برفض التقييدين معا
لتعارضهما و ألنهما قدما في آن واحد ،و إنما وجب رفض تقييد الحجز أو اإلنذار العقاري
أو اإلراثة و بصفة عامة كل تقييد يتعارض مع التقييد المودع أوال ،ألن الفيصل في ترتيب
التقييد هو الرقم الترتيبي المستخرج من سجل اإليداع اإللكتروني.
وفي هذا اإلطار قضت محكمة النقض " بأن التنافي المشار إليه في الفصل 76أعاله
والمانع من التقييد ال يمكن أن يتحقق إال بورود الطلب على المصلحة في نفس الساعة
والدقيقة ،وأنه يتجلى من جواب المحافظ على الدعوى أن طلب المطلوبات في النقض تقييد
شرائهن كان أسبق زمنيا وهو ما يؤكده وصل اإليداع الحامل للرقم .6فكان لزاما على
المحافظ إيداعه حاال بسجل اإليداع حفاظا على حق األولوية ،و ليس تأخير ذلك بدعوى
184
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
دراسة الملف أو أداء الرسوم ،وأن تأخره أو عدم القيام بذلك بالمرة و ألي سبب كان اليمكن
1
أن يعطل مفعول األسبقية في تقديم الطلب و ال في ترتيب األولوية."...
لذلك فالتدبير اإللكتروني لطلبات التقييد سيؤدي ال محالة إلى ضبط التاريخ والتوقيت
الل ذين يتم فيهما إيداع الوثائق من أجل الدراسة وبالتالي ضمان األولوية وحفظ الرتبة عند
تعدد طلبات التقييد الواردة على نفس العقار .وليس للمحافظ صالحية الترجيح بين هذه
الطلبات المتعارضة التي تبقى من اختصاص القضاء للحسم فيمن له الحق في االستفادة من
األولوية في التقييد إعماال لقواعد العدالة واالنصاف وضمانا الستقرار المعامالت العقارية.
- 1قرار عدد 8-273صادر بتاريخ 2018-05-29في الملف رقم 2017-8-1-2236منشور بموقع محكمتي ،تاريخ الولوج -07-03
2019على الساعة التاسعة ليال.
185
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يهدف هذا الموضوع إلى تسليط الضوء على بعض إالشكاليات التي تتعلق بإثبات
الصبغة العمومية للعقار واآلثار المترتبة بعد هذا االثبات ،وذلك على ضوء قضية عرضت
منذ أواخر الثمانينات على القضاء ولم يبت فيها بأحكام نهائية مكتسبة لقوة الشيء المقضي
به إال في سنة ،2004وال زال هذا النزاع معروضا حاليا على القضاء بخصوص التنفيذ.
ولعل األسباب التي دفعت الى اختيار هذا الموضوع والحالة التطبيقية له ،هو الرغبة
في نشر واقعة عملية تطبيقية أثيرت فيها امام القضاء عدة اشكاليات همت بالخصوص
كيفية اثبات الصبغة العمومية للعقار موضوع النزاع وأنه ملك عام للدولة ،علما ان هذا
العقار تم ضمه الى عقار مجاور في ملك الخواص وتم تأسيس رسم عقاري له وظل صاحبه
يتمسك طيلة مراحل الدعوى بقاعدة التطهير وظلت الدولة بالمقابل متمسكة بالصبغة
العمومية للجزء المحتل من العقار وأن هذه الصبغة العمومية تخوله الحماية وتحصنه من
اآلثار المترتبة عن قاعدة التطهير المخولة للرسم العقاري .ومما شكل صعوبة في إقناع
القضاء في بدايات النزاع بالصبغة العمومية للعقار ،كون القطاع الحكومي الوصي على
الملك العام لم تعمد إلى تحديد هذا العقار تحديدا إداريا إال في مرحلة الحقة.
وفي إطار معالجة هذا الموضوع ،كان البد من إعطاء صورة موجزة عن الملكية
العقارية بصفة عامة في المغرب ثم الملك العام للدولة بصفة خاصة ثم طرق إثبات الصبغة
186
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
العمومية لهذا الملك واآلثار المترتبة عن ذلك اإلثبات وفي األخير صور من الوسائل
الحمائية القانونية والقضائية للملك العام للدولة.
مقدمة عامة أتناول فيها باختصار أنواع الملكية العقارية العائدة للدولة أو الوصية عليها
والجهات اإلدارية المكلفة بتدبيرها ثم األنظمة القانونية في مجال العقار بالمغرب وأخي ار
اآلثار السلبية لتعدد األنظمة العقارية في المغرب.
ثم أخصص المبحث األول للتعريف بالملك العام للدولة وخصائصة واإلطار القانوني
له ،أما المبحث الثاني فأخصصه لطرح اشكالية اثبات الصبغة العمومية للعقار على ضوء
القضية النموذجية المختارة وما ترتب عن ذلك من آثار ثم التحديد اإلداري للملك العام للدولة
كوسيلة حمائية لهذا الملك.
مقدمة عامة
تتميز الملكية العقارية العائدة للدولة بالتنوع من حيث مكوناتها واألجهزة اإلدارية المكلفة
بتدبيرها أو الوصاية عليها ،وكذا من حيث األنظمة القانونية الخاضعة لها.
1
"لم ينهج المشرع المغربي أسلوب التعريف بهذه األنواع من الملك ،وإنما اكتفى بوضع ال تشريعات المتعلقة بتنظيمها وتسييرها وإن لجأ أحيانا إلى
تعدادها "....راجع " إثبات ملك الدولة ،والجماعات الساللية ،والملك الغابوي" مداخلة لألستاذة مليكة بامي في الندوة الوطنية حول األمن العقاري،
مراكش 29و 30ماي .2015منشورة بدفاتر محكمة النقض عدد ، 26ص98.
تنص المادة 261من مدونة الحقوق العينية على أنه" :ال تكتسب بالحيازة ،أمالك الدولة العامة والخاصة واألمالك المحبسة ،أمالك الجماعات 2
الساللية ،أمالك الجماعات المحلية ،العقارات المحفظة ،األمالك األخرى المنصوص عليها صراحة في القانون"
187
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لرئيس الحكومة باقتراح من القطاع المسير وبعد أخذ رأي لجنة طبقا للفصل 5من الظهير
أعاله وذلك في حالة عدم صالحية هذا الملك لتلبية الحاجات العمومية ،3وتسهر على
تدبيره حاليا و ازرة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء ،غير أنه توجد أمالك عامة تختص بها
البلديات والجماعات الترابية .وبغية لتحقيق السرعة في اتخاذ القرار والتدخل ،تم تعيين جهات
إدارية تختص بتدبير بعض القطاعات مثل السكك الحديدية التي أسندت للمكتب الوطني
للسكك الحديدية أو تدبير قطاع الماء المسند لإلدارة المكلفة بالماء والطرق السيارة المفوض
تدبيرها للشركة الوطنية للطرق السيارة وغير ذلك من القطاعات المفوضة كالموانئ
والمطارات...
-أراضي الكيش ،6تنقسم ملكية هذه األراضي إلى ملكية الرقبة العائدة للدولة ،وحق
االنتفاع واالستغالل اللذين خصصا لفائدة القبائل المقيمة عليها .7ومن هذه األراضي من تم
1
الملك العام للدولة هو موضوع هذا البحث وسيم تناوله بتفصيل فيما سيأتي
2ظهير شريف صادر بتاريخ 7شعبان 1332الموافق لفاتح يوليوز ( 1914ج.ر.عدد 62بتاريخ 1914/07/10صفحة )275
3
راجع آمنة مبروك مهالوي ،مدخل لدراسة النظام العقاري المغربي(مقاربة قانونية) مرجع باللغة الفرنسية ،مترجم إلى العربية من طرف عبد هللا
ادومجون وعبد السالم زيزون ،الطبعة األولى ،2018ص.259
( 4ج ر .عدد 235بتاريخ 1917/10/29ص )901.كما وقع تعديله وتتميمه بظهير 1959/4/17الذي نصت مادته الثانية على عدم قابلية
الملك الغابوي للتفويت ،وكذا بظهير .1960/7/21
الفصل األول من ظهير 1917/10/10حدد األمالك التي تدخل في نطاق الملك الغابوي
5
هذه التبعية قابلة للتغيير حسب الهيكلة الحكومية
6
أكد كل من التشريع والقضاء على أن أراضي الجيش من أمالك الدولة الخاصة ،فنص ظهير (1914/7/7ج ر .عدد 90بتاريخ 1914/7/17
ص )579.على عدم قابليتها للتفويت كباقي األمالك المخزنية األخرى .انظر كذلك قرار المجلس األعلى رقم 136الصادر بتاريخ ،1979/5/4
منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 30السنة السابعة أكتوبر 123 ،1982و.126
ذة/البجدايني وذ/االعرج وذ/جيري ،أمالك الدولة (....األنظمة العقارية بالمغرب )2منشورات مجلة الحقوق طبعة ،2015ص57. 7
188
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تسليمها للسكان المقيمين عليها مثل اراضي "جيش الوداية" التي لم تعد بذلك خاضعة لمراقبة
مديرية أمالك الدولة حيث تسري عليها نفس القوانين المنظمة لألراضي الجماعية وبالتالي
أصبحت قابلة للتفويت وخاضعة للتملك بالتقادم ،1وهناك أراضي لم يتم تسليمها بصفة
نهائية للجماعات وتشرف عليها مديرية أمالك الدولة بو ازرة االقتصاد والمالية.2
-ملك الدولة الخاص ،تتولى تدبيره مديرية أمالك الدولة التابعة لو ازرة االقتصاد
والمالية طبقا للمرسوم رقم 2.07.995الصادر في 23من شوال 23( 1429أكتوبر
)2008بشأن اختصاصات وتنظيم و ازرة االقتصاد والمالية ،3ويتكون وعاؤه العقاري من
األراضي الفالحية أو القابلة للفالحة المعتبرة أوقافا عمومية 4واألراضي التي تم استرجاعها
من االستعمار 5واألراضي الفالحية المسترجعة من المعمرين واألجانب بمقتضى ظهير
1
راجع في هذا الصدد ذ /حسن الخشين" ،ملك الدولة الخاص ،تمييزه –نظامه ن-وظائفه" ،منشورات مجلة الحقوق،طبعة ،2015ص 106.وما
يليها.
2
ينص ظهير 1920/7/24المحدد الختصاصات " مديرية المالية" على أن إحصاء وتحديد أراضي الجيش من اختصاص مصلحة األمالك
المخزنية.
3
تنص المادة 13منه على أنه :تتولى مديرية أمالك الدولة القيام بما يلي:
تكوين وتدبير ملك الدولة الخاص غير الملك الغابوي وتصفية وضعيته القانونية؛
اقتناء العقارات بالتراضي أو عن طريق مسطرة نزع الملكية وتخصيصها لفائدة المصالح العمومية؛
الت قاضي أمام المحاكم وفقا ألحكام الظهير الشريف الصادر في 24من رمضان 6( 1333أغسطس )1915بشأن إقامة الدعاوي
القضائية المتعلقة بعقارات الدولة حسبما تم تغييره؛
تفويت المساكن واألراضي التابعة لملك الدولة الخاص؛
بيع المعدات غير الصالحة لالستعمال والحطام البري والبحري وكذا ثمار ومحصالت ملك الدولة الخاص والعام ما عدا ملك الدولة
الغابوي؛
حيازة وتدبير الممتلكات الصادرة في حق أربابها أحكام غيابية أو الموضوعة تحت العقل أو المصادرة أو المتأتية من التركات الشاغرة أو
الهبات والوصايا طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل؛
مراقبة بعض العمليات العقارية طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل؛
إعداد الدراسات ومشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تهم ملك الدولة الخاص؛
تدبير الموارد البشرية التابعة لها والوسائل المادية واالعتمادات المرصودة أو المفوضة لها ،ووضع وتدبير األنظمة المعلوماتية الخاصة
بها ،وذلك بانسجام مع سياسة تدبير الموارد واإلعالميات الموضوعة من طرف الو ازرة( .منشور بالجريدة الرسمية عدد 5680الصادرة
بتاريخ 7ذو القعدة 6 ( 1429نوفمبر .) 2008
4
بمقتضى ظهير 1969/07/25الذي تنقل بموجبه إلى الدولة ملكية األراضي الفالحية أو القابلة للفالحة المعتبرة أوقافا عمومية( ،ج ر عدد
2960مكرر في )1969/7/29
5
ظهير 1963/09/26بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي االستعمار(ج ر عدد 2657في )1963/9/27
189
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
، 11973كما تتملك الدولة الملك الخاص عن طريق االقتناء بالتراضي واالقتناء عن طريق
نزع الملكية للمنفعة العامة أو عن طريق الهبات والتركات الشاغرة والمصادرات سواء المتأتية
من جرائم المخدرات في إطار ظهير 1958/03/27أو المتأتية من المسطرة الغيابية .2
*األوقاف أو األحباس ،تتولى و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية والنظار التابعين لها
تدبير أمالك الوقف والسهر على العمليات الواردة بشأنها ،وتخضع لمدونة األوقاف الصادرة
بموجب ظهير ،32010/02/23وهي ثالث أنواع ،األوقاف العامة ويقصد بها ما وقف
لفائدة ج هة خيرية أو دينية معينة وهي خاضعة لعدة تصرفات أهمها المعاوضة والكراء،4
وتصرف مداخيلها في البر والخير حسب رغبة من أوصى بها .واألوقاف المعقبة وهي ما
وقف لفائدة المعقب عليهم ومن يأتي من بعدهم من نسلهم ،فإذا انقطع المعقب عليهم تحولت
إلى أوقاف عامة وهي غير قابلة للقسمة البتية ونظ ار لعرقلتها للتنمية العمرانية فقد نصت
المادة 109من المدونة على تضييق حاالت جوازها .5واألوقاف المشتركة وهي ما وقف
ابتداء على جهة عامة وعلى شخص بذاته أو عليه وعلى عقبه ،6وتخضع لنفس األحكام
7
المطبقة على األوقاف العامة
*أراضي الجموع أو أراضي الجماعات الساللية ،تملكها الجماعات شياعا بين أفرادها
الذين يسكنون دوا ار واحدا أو عدة دواوير على أساس أنهم ينتسبون إلى جد واحد ،8
ويستغلونها باالتفاق بينهم تحت مراقبة السلطة اإلدارية الوصية على الجماعات الساللية
1
ظهير 1973/03/02المتعلق باسترجاع األراضي الفالحية من المعمرين (ج ر عدد 2657في )1973/03/07
2
ذة /مليكة بامي ،مرجع سابق ،ص( 99.هامش)
3
(ج ر عدد 5847بتاريخ )2010/6/14
ذ /عبد الحكيم زروق ،منازعات الشهادة اإلدارية الخاصة بالعقار غير المحفظ ،منشورات سلسلة الشؤون القانونية والمنازعات مرصد الدراسات 4
190
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والتي هي مديرية الشؤون القروية بو ازرة الداخلية وكذا السلطات اإلقليمية والمحلية .وتخضع
هذه األراضي للقانون رقم 62.17بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات وتدبير أمالكها،
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.115صادر في 7ذي الحجة 9( 1440
اغسطس ( )2019الجريدة الرسمية عدد 6807بتاريخ 26أغسطس ،2019الصفحة ص
.)5887
.1
1
هذه األراضي كانت تخضع لمقتضيات 27/4/1919والذي عرف عدة تعديالت من أبرزها التعديل بمقتضى ظهير 1963/2/6ثم ظهير
،1969/7/25وقد نص الفصل األول من ظهير 1919/4/27على أنه " ال يمكن للقبائل وفصائل القبائل وغيرهم من العشائر األصلية أن
يتصرفوا بحقوق الملكية على األراضي المعدة للحرث أو لرعي المواشي المشتركة بينهم حسب العوائد المألوفة في االستغالل والتصرف ،إال تحت
والية الدولة ،وحسب الشروط المقررة في ظهيرنا الشريف هذا".
2
نصوص أخرى مطبقة على ممتلكات الجماعات الترابية * :ظ 1914/7/1.عن ملك الدولة العام المطبق على عقارات ذات صبغة عامة
مخصصة للجماعات * .ظ 1918/11/30.عن االحتالل المؤقت لملك الدولة العام المتمم بقانون * .1997/01/25ظ 1960/06/25 .المتعلق
بتنمية التجمعات القروية * .القرار الوزيري بتاريخ 1921/12/31المحدد ألسلوب تدبير الملك البلدي* .القانون 78.00الصادر بظهير
2002/11/21المتعلق بالميثاق الجماعي المغير والمتمم بظهير .2009/2/18
3
تم تعديله بظهير فاتح يوليوز .1931
4
راجع آمنة مبروك مهالوي ،مرجع سابق ،ص.305
191
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وحاليا هذا النوع من العقارات هو خاضع للقانون رقم 39.08المتعلق بمدونة الحقوق
العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178الصادر بتاريخ ،3 2011/11/22
وهو يعتبر قانون الموضوع بالنسبة للعقار سواء كان محفظا أو غير محفظ ،وألغي ظهير
1915/06/01الذي كان مطبقا على العقار المحفظ فقط.
* نظام العقارات غير المحفظة ،بصدور مدونة الحقوق العينية المذكورة أعاله،
أصبحت العقارات غير المحفظة خاضعة لها ،4وفي حالة عدم وجود نص ،يرجع إلى قانون
1
ذ /ادريس الفاخوري" ،نظام التحفيظ العقاري بالمغرب" الطبعة األولى ،2000ص 6.وما يليها.
2
جانب من الفقه يجعل هذه األنظمة في ثالث أنواع حسب طبيعة الملك ،هي أمالك محددة تحديدا إداريا ،أمالك محفظة وأمالك غير محفظة.
راجع ذة /مليكة بامي ،مرجع سابق ،ص98.
3
(ج ر .عدد 5998بتاريخ )2011/11/24دخل حيز التنفيذ يوم 2012/05/25
تنص المادة 1من المدونة على ما يلي":تسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية والحقوق العينية ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة 4
بالعقار.
192
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
االلتزامات والعقود ثم إلى الراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل من مذهب اإلمام مالك.1
وقد كانت هذه العقارات من قبل تخضع لقواعد الفقه االسالمي سواء فيما يتعلق بالملكية من
حيث شروطها وطرق اكتسابها وعناصرها والحقوق الواردة عليها وهو ما يعرف بالحقوق
اإل سالمية كحق الزينة مثال أو العقود التي ترد عليها من بيع وإجارة ،....أو فيما يتعلق
بالحيازة وما ينشأ من نزاع بين الجواروكذا فيما يخص تأسيس رسوم الملكية أو ما يسمى
برسوم االستمرار الذي تثبت بشهادة اللفيف ( 12عشرة شاهدا) والشهادة العلمية التي يشهد
العدالن المنتصبان للشهادة من علمهما بما شهد به الشهود االثنى عشر.
* نظام العقارات في طور التحفيظ ،يقصد بالعقار في طور التحفيظ ذلك العقار غير
المحفظ الذي قدم بشأنه مطلب للتحفيظ وهو بالتالي يخضع من الناحية المسطرية واإلجرائية
(منذ تقديم طلب التحفيظ إلى المحافظ العقاري إلى حين تأسيس رسم عقاري للملك مرو ار
بالمرحلة القضائية في حالة وجود تعرضات لم يستطع طالب التحفيظ رفعها) لظهير التحفيظ
العقاري الصادر بتاريخ 1913/08/12المعدل والمتمم بموجب القانون رقم 14.07
الصادر بتنفيذه ظهير 2011/11/22والقانون رقم 57.12الصادر بتنفيذه ظهير
22013/12/30وكذا لقانون المسطرة المدنية فيما أحيل عليه أو في حالة غياب النص
الخاص .أما بخصوص قانون الموضوع المطبق على العقار في طور التحفيظ هو نفسه
القانون المطبق على العقار المحفظ على النحو المبين سابقا.
تباين وظيفي بين القطاعات الو ازرية واإلدارية المشرفة وتقاطع في المهام؛
1
جاء في الفقرة الثانية من المادة 1من المدونة" :تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12( 1331أغسطس )1913
بمثابةقانون االلتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون ،فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه
المالكي".
ظهير شريف رقم 1.13.116بتاريخ 2013/12/30بتنفيذ القانون 57.12مادة فريدة (ج ر .عدد 6224بتاريخ 2014/01/23ص)262. 2
193
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تعدد القوانين المطبقة واختالفها مما ينتج عنه انعدام الفعالية التشريعية لهذه
القوانين؛
قدم بعض القوانين أدى إلى عدم مواكبتها للواقع والتطورات؛
ضعف الرصيد العقاري للدولة وضعف الوعاء االحتياطي الالزم إلنجاز المشاريع
السكنية بسبب عدم جواز تفويت بعض األنواع من العقارات؛
الهدف الرامي إلى تحقيق األمن العقاري الزال غير محقق أمام تعدد القوانين
المطبقة وتشعب اإلجراءات.
اختلف الفقهاء في وضع تعريف واحد ومحدد للملك العام وذلك راجع إلى اختالف
المعايير التي تحكمه .فمنهم من ذهب إلى أن المال العام يشترط فيه شرطان أولهما أن
يكون مملوكا للدولة أو أي شخص اعتباري عام يمثل المؤسسات والهيئات اإلدارية ،وثانيهما
أن يكون هذا المال مخصصا للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى القانون 1.ومنهم من وضع
معيارين بارزين لتمييز الملك العمومي عن غيره من األمالك ،هما :التخصيص الستعمال
الجمهور والتخصيص للمنفعة العامة.
1
راجع ذ/محمد قصري (الوكيل القضائي للمملكة)"،تنفيذ األحكام اإلدارية،الغرامة التهديدية الحجز ،مجلة المعيار،عدد،2003/29ص67
وكذلك ( األنظمة العقارية بالمغرب )2مرجع سابقن ص6.
194
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبما أن الملك العام مخصص للمنفعة العامة ،فهو يخضع لقانون متميز وتحكمه قواعد
قانونية مختلفة عن األحكام القانونية التي تخضع لها أموال الدولة الخاصة واألفراد ،وهي
قواعد القانون المدني .1
في فرنسا :لعب االجهاد القضائي دو ار كبي ار في تعريف الملك العمومي وتحديد
عناصره ،وكان ذلك منطلقا للمواقف التي تبناها الفقهاء وكذلك المشرع
فمجلس الدولة الفرنسي اعتمد في الق اررات التي صدرت عنه تعريفا للملك العمومي
يتسم بالمرونة ،ومن أهم هذه الق اررات نذكر قرار SOCIETE LE BETONالذي تبنى
تعريفا يقوم على عنصرين أساسيين هما تخصيص المال لمرفق عام ثم التهيئة الخاصة لهذا
المال.
في المغرب :هناك اعتماد للمعيارين معا ،معيار التخصيص الفعلي ومعيار التخصيص
القانوني إلضفاء صفة العمومية على ملك من األمالك.
" وحيث إن المقصود فقها وقضاء باألموال العامة سواء كانت للدولة أو الجماعات أو
المؤسسات العمومية ،هي تلك الوسائل المادية التي تستعين بها الجهات اإلدارية على
1
نفس المرجع ( األنظمة العقارية بالمغرب )2ص6.
2
(منشور بمجموعة أحكام محكمة االستئناف بالرباط لسنة ،1958ص)374.
195
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ممارسة نشاطها خدمة للصالح العام ،ويشترط العتبارها أمواال عامة أن تكون مخصصة
للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى القانون من جهة أخرى .والتخصيص بالفعل معناه رصد
المال الستعمال العموم مباشرة ،أما التخصيص بالقانون فهو متى ينص القانون على اعتبار
1
مال معين من األموال العامة".
وقد حدد ظهير فاتح يوليوز 1914مكونات الملك العمومي في الفصل األول منه
كما يلي:
-أوال :شاطىء البحر الذي يمتد الى الحد األقصى من مد البحر عند ارتفاعه مع
منطقة مساحتها 6أمتار تقاس من الحد المذكور؛
1
(منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد 16سنة 2004ص )605.نفس االتجاه سار فيه األمر االستعجالي الصادر عن المحكمة
اإلدارية بوجدة بتاريخ ،2002/01/24منشور بنفس المجلة ص599.
2
(ج.ر.عدد 62بتاريخ 1914/07/10صفحة )275
3
(ج ر .عدد 342بتاريخ )1919/11/17
4
(ج ر.عدد 670بتاريخ )1925/08/25
5
(ج.ر .عدد 4325بتاريخ )1995/9/20
6
هناك نصوص أخرى مطبقة على الملك العام للدولة منها - :ظهير 1918/11/30المتعلق باالحتالل المؤقت للملك العام للدولة وظهير
1927/6/25المتعلق بتحفيظ العقارات التابعة ألمالك الدولة والتي مصدرها التحويل من الملك العام والقرار رقم 368.02بتاريخ 2002/3/5
المتعلق باالحتالل المؤقت للملك العام للدولة.
196
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والمشرع المغربي حين حدد في الفصل األول من ظهير فاتح يوليوز 1914ما يدخل
ضمن األمالك العامة للدولة ،إنما أراد أن يحدد نطاق سريان قواعد الملك العام للدولة،
1
التنظيم األصلي للملك العام بالمغرب يتمثل في الراجح والمشهور وما جرى عليه العمل في الفقه المالكي وهو تنظيم ينحدر إلى عهد النبي
(ص.ع.س) ،ثم منشور 1912/11/1كأول تشريع ميز بين ثالث أنواع من األموال ،الملك العام للدولة والملك الخاص لها والملك الخاص لألفراد،
راجع ذ /عبد السالم بنزروع،
" تكريس القضاء لحماية الملك العام" مداخلة في ندوة ،ص5.
197
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
فجعل هذه القواعد تنطبق وتطبق على كل األمالك التي ال تقبل بطبيعتها االستفراد بالتملك
أو االستغالل أو االستفادة الشخصية.
وتعداد ما يدخل ضمن األمالك العامة للدولة في الفصل المذكور ،جاء على سبيل
المثال ال الحصر ،ألنه ذكر العديد من األمالك التي تدخل في هذا الصنف كشاطىء
البحر ،والخلجان والمراسي ،ومجاري المياه والطرق والممرات ولم يذكر أخرى قد تعتبر
أمالكا عامة إذا تحقق فيها المعايير المطلوبة .وحتى يتفادى المشرع إغفال عنصر من
عناصر الملك العام ،أنهى الفصل األول المذكور من الظهير بصيغة عامة تخضع فيه
الصبغة العمومية لشرط عدم القابلية للملكية الخاصة.
إذن فمعيار تعريف الملك العمومي من منظور المشرع هو استعماله من طرف العموم
وبالتالي فهذا الملك ال يمكنه أن يكون محال للملكية الخاصة.
تتلخص معايير التمييز بين أمالك الدولة العامة والخاصة فيما يلي:
-التخصيص الستعمال الجمهور ،إما بالطبيعة مثل األنهار وإما بإرادة اإلدارة
مثل الطرق .ويمكن إدخال بعض المباني مثل المدارس والجامعات ومباني
اإلدارات .يعاب على هذا المعيار أنه يضيق عن استيعاب بعض األمالك التي
تدخل في نطاق الملك العام.
-عدم القابية للتملك ،أول من نادى بهذا المعيار هو الفقيه الفرنسي ديكروك ثم
تبعه مواطنه برتلمي .ومفاد هذا المعيار أن كل ما يتعذر تملكه ملكية خاصة
هو ملك عام ال يجوز التصرف فيه وال تملكه بالتقادم .ويعاب عليه أن هناك
198
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أموال تعتبر عامة مثل بعض الموانئ والطرق لكن يمكن تملكها من طرف
1
أفراد وشركات.
-التخصيص لخدمة مرفق ،بموجب هذا المعيار يعتبر ضمن الملك العام للدولة
كل شيء خصص لخدمة مرفق عام حتى وإن لم يكن مخصصا الستعمال
الجمهور مباشرة ومن ذلك مثال المباني المخصصة للمرفق العام والكتب
والمكتبات العامة...ويعاب عليه أنه واسع من حيث إضفاء حصانة المال العام
على أشياء غير موضوعة الستعمال العموم.
-الجمع بين المعيارين السابقين وهو ما يطلق عليه بالتخصيص للمنفعة العامة.
وفي هذا اإلطار فإن الدولة قد تقوم بتخصيص المال للمنفعة العامة فتنقله من
الدومين الخاص إلى الدومين العام ويتم ذلك بأحد الطريقين التخصيص الرسمي
أو التخصيص الفعلي:
oالتخصيص الرسمي يتم بإصدار قانون أو قرار ،ومن ذلك مثال قرار نزع
الملكية للمنفعة العامة وفقا للقانون المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة
المؤقت2. واالحتالل
oالتخصيص الفعلي ،ويقصد به أن تلجأ الدولة إلى تهيئ الشيء المملوك
لها ملكية خاصة ليكون صالحا للمنفعة العامة وتخصصه فعال لهذه
المنفعة حتى يصير الواقع شاهدا على أنه أضحى بموجب هذا
التخصيص الفعلي من األمالك العامة ،ومثال ذلك ما يتبقى من
التقطيعات العقارية التي ال تصلح إضافتها للمالك المجاورين فتخصص
كممرات عمومية أو األرض التي تخصص كمقبرة للدفن.3
1
راجع ذ/بنزروع ،نفس المرجع ،ص3.
2
ظهير 1982/5/6والمرسوم الصادر بتطبيقه بتاريخ ( 1983/4/16ج.ر .عدد 3685بتاريخ ) 1983/6/15
3
يشير ذ/بنزروع في مداخلته ،المرجع السابق ،ص 5.إلى أنه"وعلى هذين العنصرين،أعني التخصيص الفغلي والتخصيص الرسمي ،تنبني غالب
النزاعات القضائية بين الدولة والخواص فيما يتعلق بالملك العام .وتطرح بعد إصدار األحكام القضائية بشأن هذه النزاعات مشاكل تتعلق بتنفيذها"
199
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وانطالقا من هذه المعايير فإن الملك العام للدولة يتميز بخصائص تخوله حماية
قانونية وقضائية وهي كونه غير قابل للتفويت إال بعد تحويله من الملك العام إلى الملك
الخاص للدولة وفقا للمادة 5من ظهير فاتح يوليوز 1914أو وضعه رهن االحتالل المؤقت
وفقا للقانون المنظم الحتالل الملك العام مؤقتا ،1كما أنه غير قابل للحجز 2وال يسري عليه
4
التقادم 3وغير قابل لنزع الملكية.
المبحث الثاني :إشكالية إثبات الصبغة العمومية للعقار وآثاره على ضوء
القضية المطبقة كنموذج
1
ظهير 1918/11/30كاستثناء من مبدأ عدم قابلية الملك العام للدولة للتفويت
2
القضاء ميز في ذلك بين ما إذا كانت هذه األمالك مخصصة لسير المرفق العام بحيث ال يقبل الحجز عليها ،أم تعلقت بغير ذلك عندئد جاز
توقيع الحجز عليها من قبيل الحجز على الحسابات الجارية لدى البنوك او لدى بنك المغرب .راجع ذ /بنزروع ،مرجع سابق
3
مستثنى من قاعدة التطهير الناتجة عن تأسيس الرسم العقاري كما سيتم بيانه الحقا .الملك العام للدولة
الملك العام للدولة مستثنى صراحة من نزع الملكية بموجب الفصل 4من قانون 1982/5/6المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة واالحتالل 4
المؤقت
200
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الوقائع
عنــدما ش ــرع الم ــدعو م.ا .ق ــد حيات ــه ف ــي إنج ــاز تجرئ ــة س ــكنية عل ــى عق ــار اس ــتطاع أن
يؤسـس لـه رسـما عقاريـا دون علـم الممثـل القـانوني للملـك العـام ،اعترضـت و ازرة التجهيـز علـى
هذه األشغال ألن الرسم المذكور ضم جزءا من الملك العمومي المجاور يتمثـل فـي جـزء مـن
محطة السكة الحديدية القديمة وبنايات ومرافق تابعة لهذه المحطة.
عندئد بدأ النزاع أمام القضاء بين الشخص المذكور من جـ ـ ــهة و الدولة المغربية في
شخص السيد الوزير األول ووزير التجهيز والمهندس اإلقليمي للتجهيز والوكالة القضائية
للمملكة من جهة أخرى ،إذ تقدم صاحب التجزئة السكنية بدعوى استعجالية بت ـ ـ ـ ـ ــاريــخ
1991/05/02التمس فيها الحكم بعدم تعرض الدولة على األشغال التي يقوم بها فوق
عقاره ،إال أن المحكمة قضت بعدم االختصاص لكون النزاع يكتسي صبغة جدية ،فلجأ إلى
القضاء العادي برفع دعوى ترمي إلى طرد الدولة ومن معها من الجزء المتنازع عليه ،معتب ار
أن تعرض اإلدارة على أشغال الحفر والبناء التي يقوم بها بالجزء المتنازع عليه احتالال لعقاره
الذي أصبح مطه ار من جميع الحقوق و المنازعات بمجرد تأسيس الرسم العقاري في اسمه،
آنذاك اضطرت و ازرة التجهيز إلى اتخاذ كل اإلجراءات اإلدارية والقضائية لحماية الملك
العام السككي حيث شرعت في إنجاز عملية التحديد اإلداري التي تعرض عليها المعني
باألمر ،فتقدمت الدولة بتاريخ 1992/10/24بدعوى ترمي إلى تصحيح الرسم العقاري
وإبطال التعرض المقدم على مسطرة التحديد اإلداري التي كانت قد باشرتها الو ازرة المعنية.
لقد انتهت مسطرة طرد الدولة من العقار بصدور حكم ابتدائي بتاريخ 1992/02/10
استجاب لطلب طرد الدولة تم تأييده بموجب القرار رقم 2615الصادر بتاريخ
،1996/11/11وبتاريخ 1997/01/15تقدمت الوكالة القضائية للمملكة بعريضة طعن
201
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ومنذ ذلك التاريخ عرف النزاع تحوال لصالح اإلدارة ألن كل األحكام التي صدرت الحقا
أقرت أحقية الدولة ( الملك العام ) على العقار المتنازع عليه .
202
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
"حيث إن الجزء المتنازع عليه أبدت الدولة وو ازرة التجهيز جوابها عنه بأنه ملك عمومي
للسكة الحديدية بين العرائش والقصر الكبير بما استدلت عليه من الطابع العمومي لهذا
الملك من خالل محضر المعاينة المؤرخ في 1991/07/16شهد الشهود فيه أن
الملك موضوع الدعوى هو ملك عمومي يتبع لمندوبية و ازرة األشغال العمومية
والمواصالت آنذاك باعتباره ملكا عموميا سككيا كما أن شواهد وقرائن قائمة فيه تدل
على طابعه العمومي من وجود معالم دالة على السكة الحديدية مثل الدور السكنية
الخاصة بموظفيها وقوائم األسمنت وأنصبة تحمل الحروف للسكة الحديدية ومن جهة
أخرى فإن المساحة التي اختص بها الرسم العقاري عدد 36/359وقدرها 9هـ و5س
الخاصة بالجزء الحالي من التعرض إذا أضيفت إليها المساحة المنشأة عليها المدرسة
التعليمية وقدرها 1هـ 62آر 78س موضوع التعارض المتبادل بين مطلب الرسم
العقاري 36/359ومطلب آخر عدد 12399والمساحة الخاصة بالرسم العقاري
عدد 36/689وهي 2هـ 25آر فإن مجموع هذه المساحات الخاصة بكل من المدرسة
التعليمية والرسمين العقاريين المذكورين يصل إلى 12هـ 87آر 83س بينما مساحة
الرسم الخليفي الذي أنشئ كل من الرسمين العقاريين ومساحة المدرسة التعليمية على
أساسه ال تتعدى 11هـٍ 22
آر 68س وبذلك يتضح أن المساحة التي يجب أن تبقى
خالصة للرسم العقاري 36/359هي أقل من المساحة الواردة فيه مما يعني أن
التحفيظ المسجل في هذا الرسم لفائدة ملك المستأنف عليهم تجاوز على ملك الغير
في المساحة وقدرها 1هـ 65آر 15س التي ثبت أنها ملك عمومي نظ ار إلى الطابع
العمومي المستدل عليه بهذا الجزء من خالل المعالم واآلثار الباقية من استغالل
الحديدية فوق هذا الجزء والمرافق التابعة لها وهو ملك لطابعه مرفق السكك
العمومي ال يطاله التحفيظ ويستثني من قاعدة التطهير التي تميز تسجيل األمالك
203
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
في التحفيظ الشيء الذي تعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد برفض
الطلب .
وبعد الطعن بالنقض في هذا القرار من طرف الورثة المتنازع معهم وبعد الجواب
الذي أدلـت به الوكالة القضائية للمملكة بـ ـ ــتاريـ ـ ــخ ،2007/07/20أصدر المجلس األعلى
بتـ ــاري ــخ 2008/12/03ق ارره رقم 4217قضى فيه برفض طلب النقض بعلة أن الوسائل
الواردة في مقال طلب النقض لم تبن على أي سبب من األسباب المذكورة في الفصل 359
من ق.م.م.
مسطرة تصحيح الرسم العقاري ورفع التعرض على عملية التحديد اإلداري:
اضطرت و ازرة التجهيز إلى استكمال إجراءات عملية التحديد اإلداري التي كانت قد
باشرتها في وقت سابق بشأن العقار برمته المتعلق بالملك السككي بمدينة العرائش ،وذلك
لألسباب التالية :
-ألنها وضعت أمام األمر الواقع على إثر تحفيظ جزء من الملك العمومي في
اسم الغير وحصوله على رسم عقاري؛
-ألن هذا الرسم العقاري نفسه تضمن تحفظا هاما يؤكد صراحة أن الحدود
الغربية للملك غير نهائية بسبب وجود أمالك عامة للدولة من هذه الجهة وأن
هذه الحدود ال تصير نهائية وثابتة إال بعد أن تقوم اإلدارة المختصة بتحديد هذه
األمالك؛
-ألنه ثبت لإلدارة بالمعاينة والوقوف على عين المكان أن هذا الرسم العقاري
تجاوز بكثير المساحة التي يجب أن تبقى خالصة له.
204
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ونظ ار لتعرض الطرف اآلخر على هذه العملية ،فقد لجأت الدولة إلى تقديم دعوى
لتصحيح الرسم العقاري ورفع هذا التعرض ،فتح لها أمام المحكمة االبتدائية بالعرائش الملف
عدد .3/92/17
وبعد الخبرات الثالث التي أمرت بها المحكمة ،وبعد المستنتجات المدلى بها عقب كل
خبرة ،صدر حــكم بـــتاريــــخ 1999/01/13يقضي برفض طلب الدولة استنادا إلى
التعليالت الثالثة اآلتية :
-أن مساحة الرسم العقاري 36/359هي 9هـ 5س وليس 11هـ 25آر 5س
كما ادعت و ازرة التجهيز ومعها الوكالة القضائية للمملكة؛
-إن الجزء المتنازع عليه يوجد خارج خط السكة الحديدية وبالتالي ملكا عاما؛
-إنه سبق لمحكمة االستئناف بطنجة أن حسمت في النزاع لصالح الورثة في
الدعوى التي تقدموا بها لطرد الدولة من الجزء المتنازع عليه.
أ) أنها اقتصرت على التصميم المنجز سنة 1944كوثيقة واحدة للقول
بأن العقار ليس ملكا عاما؛
ب) أنها لم تناقش الوثائق التي أدلت بها الوكالة القضائية للمملكة إلثبات
الصبغة العمومية للملك؛
205
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبعد التمكن من ضبط مساحة كل الرسوم العقارية التي استخرجت من الرسم الخليفي
األم عدد 477وتم إجراء عملية حسابية دقيقة أوضحت أن الرسم العقاري 359قد تجاوز
بالفعل المساحة المخصصة له وهو ما اقتنعت به محكمة االستئناف واتخذته ضمن تعليالت
أخرى أقرت الصبغة العمومية للعقار ،تعليال أساسيا لقرارها رقم 04/596الصادر بتاريخ
2004/11/04في الملف عدد 8/01-1144والقاضي بإلغاء الحكم المستأنف وتصديا
الحكم برفض التعرض المقدم من طرف المستأنف عليهم على عملية التحديد اإلداري للملك
العمومي للسكك الحديدية بمدينة العرائش والحكم تبعا لذلك بتصحيح الرسم العقاري وفقا لما
أسفرت عنه عملية التحديد المذكورة وذلك بخصم الجزء الذي شمله من الملك العمومي
المذكور المقدر في 1هـ 65آ ار 15سنتيا ار وتحميل المستأنف عليهم الصائر.
وبعد الطعن بالنقض في هذا القرار من طرف الورثة ،أصدر المجلس األعلى بتـ ــاري ــخ
2008/12/03ق ارره رقم 4218في الملف عدد 2007/1/1/1595قضى فيه برفض
طلب النقض.
206
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبالنظر إلى تعليالت هذا القرار يمكن القول بأن المجلس األعلى (محكمة النقض
حاليا) قد حسم في النقط التالية:
-أن هناك تجاو از لمساحة الرسم العقاري على مساحة الملك العمومي المجاور؛
-الصبغة العمومية للملك المتجاوز عليه موضوع النزاع؛
-عدم جواز تطبيق قاعدة التطهير للملك المحفظ على العقار موضوع النزاع بعد
أن ثبتت صبغته العمومية؛
-النتيجة هي تصحيح الرسم العقاري المذكور وفقا لما أسفرت عنه عملية التحديد
اإلداري للملك العام السككي.
يتعلق العقار موضوع القضية المعروضة كنموذج في هذا البحث ،بمتروك السكك
الحديدية ،بمعنى أنه يعتبر من توابع محطة السكة الحديدية ،وهو بهذا الوصف يعتبر
بطبيعته من األمالك العامة التي ال تقبل التملك أو التفويت ألن المعيارين اللذين قررهما كل
من التشريع والفقه والقضاء إلضفاء الصبغة العمومية على عقار معين ،يتوفران فيه ،وهما
على النحو الذي سلف بيانه ،التخصيص الستعمال الجمهور والتخصيص للمنفعة العامة.
كما أن البند التاسع من الفصل األول من ظهير 1914/07/01بشأن األمالك العمومية،
أدخل في عداد األمالك العمومية السكك الحديدية.
ومن هذا المنطلق كان يبدو أن النزاع محسوم من مرحلته االبتدائية لصالح الدولة الملك
العام ،لكنه استمر لسنوات أمام القضاء ،وكان موقف هذا األخير ابتدائيا واستئنافيا في بداية
النزاع مصطفا إلى جانب صاحب التجزئة السكنية ،معلال هذا الموقف بكون المعني باألمر
207
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يمسك رسما عقاريا يشمل الجزء الذي تدعي الدولة أنه ملك عام وفي مقابل ذلك لم تدل
الدولة بما يثبت الصبغة العمومية للعقار.
إن إثبات الصبغة العمومية للعقار ال تتطلب اإلدالء برسم عقاري باسم الدولة الملك
العام وال باستظهار ملكية متوفرة فيها الشروط ،وإنما يتم بثبوت الطبيعة العمومية للعقار
والتي تشكل قرينة قانونية ال يمكن دحضها إال بحجة أقوى ،كما يتم باإلدالء بالوثائق المثبتة
ان العقار محددا تحديدا إداريا نهائيا بمعنى أن عملية التحديد اإلداري للعقار تكون قد قطعت
جميع أشواطها المنصوص عليها في القانون المنظم للتحديد اإلداري دون أي تعرض ليصدر
1
مرسوم التحديد ويتم نشره ،فيصبح بالتالي ذلك التحديد نهائيا ليتم بعد ذلك المصادقة عليه.
وفي غياب هذا التحديد اإلداري للعقار كما هو الشأن بالنسبة للعقار موضوع القضية
المعروضة كنموذج في هذا البحث ،2فإن اإلدارة سوف تكون مطالبة بإثبات الصبغة
العمومية للعقار بوسائل أخرى علما بأن الطرف الخصم يتوفر على رسم عقاري باسمه.
وحتى في حالة عدم وجود رسم عقاري باسم الغير ،فإن تقديم مطلب التحفيظ من
طرف هذا الغير قبل الشروع في عملية التحديد اإلداري من طرف اإلدارة ،يجعل هذه األخيرة
مضطرة إلى التعرض على مطلب التحفيظ واإلدالء بما يثبت صحة تعرضها باعتبارها
المدعية والملزمة باإلثبات حسب ما استقر عليه الفقه والقضاء .بمعنى أن العقار إذا لم يكن
محددا تحديدا إد اريا وفقا للمسطرة المنصوص عليها قانونا وإذا لم يكن ذي صبغة عمومية
1
ولذلك فإن اإلدارة الوصية على الملك العام مدعوة إلى تحديد امالكها تحديدا إداريا من أجل تحصينها من كل اعتداء ومن أجل كذلك في حالة
وجود هذا االعتداء او أي ادعاء بشأنها من األغيار ،أن تجعل النزاع لصالحها بتواجدها في مركز قوي بالمقارنة مع الخصم.
2
و ازرة التجهيز الوصية على الملك العام لم تعمد إلى تحديد هذا العقار تحديدا إداريا إال في مرحلة الحقة.
208
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بطبيعته ،فإنه في هذه الحالة لن يكون متمتعا بالحماية التي قررها المشرع للملك العام وتكون
الدولة ملزمة بإثبات الصبغة العمومية للعقار بجميع وسائل اإلثبات.
وهكذا ومن أجل إثبات الصبغة العمومية للعقار موضوع النزاع وإقناع القضاء باستثنائه
من قاعدة التطهير المخولة للرسم العقاري الذي يحتج به الطرف اآلخر ،فقد أدلت الدولة
ب وثائق تهم محطة السكة الحديدية قديما بمدينة العرائش من حيث مساحتها ومحتوياتها
ومرافقها وحدودها وتصميمها التحديدي ،كما بحثت في الرسوم الخليفية للمنطقة علما بأن
الرسم العقاري المحتج به تأسس بناء على رسم خليفي ،وأكثر من ذلك حصلت على تذكرة
سفر قديمة انطالقا من محطة العرائش وأخذت صو ار فوتوغرافية لبعض المعالم واآلثار من
قبيل انصاب مكتوب عليها حروف السكة الحديدية واشجار تغرس عادة في جوار محطات
السكة الحديدية والتي ظلت قائمة بالجزء المحتل وهي تدل داللة قاطعة بأن هذا الجزء
المحتل من العقار هو ملك عام سككي.
وبعد استجماع كل هذه المعطيات والوثائق ،تم عرضها على القضاء بالصيغة القانونية
الالزمة واألسلوب الحجاجي المقنع ،فما كان منه في األخير إال أن يعيد األمور إلى نصابها
وينصف الدولة في قضية عمرت سنين طويلة وذلك من خالل الق اررين االستئنافيين
الصادرين بعد النقض واإلحالة المشار إلى مراجعهما وتعليالتهما ومنطوقهما أعاله.
ومن خالل االطالع على ما عللت به المحكمة قضائها سواء في مسطرة رفع التعرض
على عملية التحديد اإلداري وتصحيح الرسم العقاري أو مسطرة طرد الدولة من العقار
موضوع النزاع ،يتبين أن إثبات الصبغة العمومية للعقار موضوع هذا النزاع لم يتحقق
باإلدالء بوثائق التحديد اإلداري الذي كانت و ازرة التجهيز قذ شرعت في إنجازه ولم يكتمل إال
في وقت الحق ،وإنما تحقق أوال بالرجوع إلى الرسم الخليفي األم الذي أنشئ على أساسه
الرسم العقاري المحتج به ،وبإجراء عملية حسابية لمساحة الرسمين ثبت للمحكمة أن الرسم
العقاري المحتج به تجاوز المساحة المخصصة له ليضم إليه جزءا من العقار المجاور من
209
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
جهة السكة الحديدية ،وكان هذا هو التعليل األساس الذي استندت إليه المحكمة ،لكنه لم
يكن المعطى الوحيد الذي جعل المحكمة تقتنع بأحقية الدولة الملك العام على العقار موضوع
النزاع ،بحيث شكلت الطبيعة العمومية للعقار كقرينة قانونية معطى هام ومقنع صاغته
المحكمة بقولها ":حيث إن الجزء المتنازع عليه أبدت الدولة وو ازرة التجهيز جوابها عنه بأنه
ملك عمومي للسكة الحديدية بين العرائش والقصر الكبير بما استدلت عليه من الطابع
العمومي لهذا الملك من خالل محضر المعاينة المؤرخ في 1991/07/16شهد الشهود
فيه أن الملك موضوع الدعوى هو ملك عمومي يتبع لمندوبية وزارة األشغال العمومية
والمواصالت آنذاك باعتباره ملكا عموميا سككيا كما أن شواهد وقرائن قائمة فيه تدل على
طابعه العمومي من وجود معالم دالة على السكة الحديدية مثل الدور السكنية الخاصة
بموظفيها وقوائم األسمنت وأنصبة تحمل الحروف للسكة الحديدية.".....
"....مما يعني أن التحفيظ المسجل في هذا الرسم لفائدة ملك المستأنف عليهم
تجاوز على ملك الغير في المساحة وقدرها 1هـ 65آر 15س التي ثبت أنها ملك
عمومي نظ ار إلى الطابع العمومي المستدل عليه بهذا الجزء من خالل المعالم واآلثار
الباقية من استغالل مرفق السكك الحديدية فوق هذا الجزء والمرافق التابعة لها وهو
ملك لطابعه العمومي ال يطاله التحفيظ ويستثني من قاعدة التطهير التي تميز
تسجيل األمالك في التحفيظ الشيء الذي تعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم
من جديد برفض الطلب( .القرار رقم 04/1186الصادر في الملف عدد
2004/01/2251بتاريخ 2004/11/10عن محكمة االستئناف بطنجة)
وهذا التوجه هو الذي كانت نفس محكمة االستئناف بطنجة وبهيئة أخرى ،قد أقرته
وهي تبت في دعوى تصحيح الرسم العقاري ورفع التعرض على عملية التحديد اإلداري ،إذ
210
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
11ه25آر5س يغطـ ـ ـ ـ ـ ــي تقريبـ ـ ـ ـ ـ ــا نفـ ـ ـ ـ ـ ــس مسـ ـ ـ ـ ـ ــاحة الرسـ ـ ـ ـ ـ ــم الخليفـ ـ ـ ـ ـ ــي التـ ـ ـ ـ ـ ــي تبلـ ـ ـ ـ ـ ــغ
11ه22آر68س وذل ـ ـ ـ ــك رغ ـ ـ ـ ــم أن مطل ـ ـ ـ ــب التحف ـ ـ ـ ــيظ ع ـ ـ ـ ــدد 19/2932المتع ـ ـ ـ ــارض
مـ ـ ــع مطلـ ـ ــب التحفـ ـ ــيظ المنشـ ـ ــأ لجـ ـ ــزء منـ ـ ــه الرسـ ـ ــم العقـ ـ ــاري المـ ـ ــذكور فـ ـ ــي جـ ـ ــزء تـ ـ ــم
تخصيص ـ ــه به ـ ــذا التع ـ ــارض خارج ـ ــا ع ـ ــن الرس ـ ــم العق ـ ــاري المنش ـ ــأ للج ـ ــزء الخ ـ ــالص أو
الخـ ــالي مـ ــن التعـ ــرض إضـ ــافة إلـ ــى الرسـ ــم العقـ ــاري عـ ــدد 36/689فكـ ــل مـ ــن مطلـ ــب
التحفـ ـ ـ ـ ــيظ 19/2932والرسـ ـ ـ ـ ــم العقـ ـ ـ ـ ــاري 36/689اخـ ـ ـ ـ ــتص بمسـ ـ ـ ـ ــاحة مـ ـ ـ ـ ــن نفـ ـ ـ ـ ــي
مسـ ـ ـ ـاحة الرس ـ ـ ــم الخليف ـ ـ ــي ع ـ ـ ــدد 477إال أن مقارن ـ ـ ــة مس ـ ـ ــاحة الرس ـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري ع ـ ـ ــدد
36-359بمسـ ـ ــاحة الرسـ ـ ــم الخليفـ ـ ــي ع ـ ـ ــدد 477تبـ ـ ــين أن مسـ ـ ــاحة الرسـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري
ع ـ ــدد 359تتج ـ ــاوز حت ـ ــى نف ـ ــس مس ـ ــاحة الرس ـ ــم الخليف ـ ــي ولك ـ ــأن ك ـ ــال م ـ ــن المطل ـ ــب
عـ ـ ــدد 19/2932الـ ـ ــذي خـ ـ ــص بجـ ـ ــزء متعـ ـ ــارض مـ ـ ــع مطلـ ـ ــب الرسـ ـ ــم العقـ ـ ــاري عـ ـ ــدد
36-359وك ـ ـ ــذا مس ـ ـ ــاحة الرس ـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري ع ـ ـ ــدد 36/689هم ـ ـ ــا ف ـ ـ ــي حك ـ ـ ــم الع ـ ـ ــدم
بينم ـ ـ ــا الحقيق ـ ـ ــة الواقع ـ ـ ــة أنهم ـ ـ ــا يش ـ ـ ــتمالن عل ـ ـ ــى مس ـ ـ ــاحة حقيقي ـ ـ ــة ب ـ ـ ــدليل التع ـ ـ ــارض
المتب ـ ـ ــادل للمطلب ـ ـ ــين والوج ـ ـ ــود الم ـ ـ ــادي الحقيق ـ ـ ــي للرس ـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري 36/689ولـــــــذلك
يتضــــح جليـــــا أن الرســـــم العقـــــاري عــــدد 36/359تجـــــاوز علـــــى ملـــــك ال يشـــــمله
بواقـــع ومنطـــق األشـــياء هـــذا الملـــك المتجـــاوز عليـــه لثبـــوت أنـــه ملـــك عمـــومي مـــن
خـــالل وجـــود معـــالم وآثـــار ومرافـــق تـــدل داللـــة واقعيـــة علـــى الصـــبغة العموميـــة لـــه
طبقـــــا لمـــــا حـــــدد بـــــه ظهيـــــر 1914/07/01الملـــــك العمـــــومي بإدخـــــال الســـــكك
الحديديـــة فـــي نطـــاق األمـــالك العموميـــة فـــي البنـــد التاســـع مـــن فصـــله األول ولقـــد
اســــتدلت الدولــــة ووزارة التجهيــــز علــــى هــــذا المعطــــى بالبحــــث المنجــــز مــــن قبــــل
اللجنـــة اإلقليميـــة المشـــكلة طبقـــا للفصـــل 3مـــن القـــرار الـــوزيري الخـــاص بتحديـــد
الملــــــك العمــــــومي المنشــــــور ملخــــــص عنــــــه بالجريــــــدة الرســــــمية عــــــدد 41000
بتـــــــاريخ ،1991/05/29اســـــــتمعت اللجنـــــــة إلـــــــى أشـــــــخاص مقيمـــــــين بنفـــــــي
المنطقــــة أكــــدوا أن األرض موضــــوع التحديــــد هــــي مــــن األمــــالك العموميــــة للدولــــة
212
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كانـــت فيمـــا قبـــل مقـــ ار لمحطـــة القطـــار بـــالعرائش ومرافـــق تابعـــة لهـــا ،وتشـــتمل علـــى
دور ســـكنية تابعـــة لشـــركة الســـكك الحديديـــة منتهيـــة إلـــى أن الرســـم العقـــاري عـــدد
36-359شــــمل جــــزءا مــــن الملــــك العمــــومي يقــــدر فــــي حــــوالي 1ه65آر15س
وإضــافة إلــى ذلــك يتبــين مــن خــالل التصــميم المــودع فــي الملــف منجــز مــن طــرف
مكتــــب األبحــــاي والتحقيقــــات الطوبوغرافيــــة موقــــع مــــن طــــرف الســــيد كنــــوني عبــــد
هللا ،وكــــذا التصــــميم الخــــاص بمنطقــــة العــــرائش المــــودع فــــي الملــــف منجــــز مــــن
طــــــرف وزارة األشــــــغال العموميـــــــة أن حــــــدود كــــــل مـــــــن الرســــــم العقــــــاري عـــــــدد
36/359والرســـــم الخليفـــــي عـــــدد 477غيـــــر متطابقـــــة ووجـــــود ممـــــر الســـــكة
الحديديـــة كمـــا تظهـــر الصـــور الفوتوغرافيـــة المســـتدل بهـــا مـــن طـــرف المســـتأنفين
وجــــود آثــــار ومعــــالم دالــــة علــــى مرافــــق كانــــت تتبــــع لهــــذه الســــكة ،وذلــــك يضــــفي
بشــــكل كــــافي علــــى الجــــزء المــــدعى فيــــه صــــبغة الملــــك العمــــومي طبقــــا للفصــــل
األول مــــــن الظهيــــــر المــــــذكور الش ـ ــيء ال ـ ــذي تع ـ ــين مع ـ ــه إلغ ـ ــاء الحك ـ ــم المس ـ ــتأنف
والحكـ ـ ــم مـ ـ ــن جديـ ـ ــد بـ ـ ــرفض التعـ ـ ــرض المقـ ـ ــدم مـ ـ ــن طـ ـ ــرف المسـ ـ ــتأنف علـ ـ ــيهم علـ ـ ــى
عمليـ ــة التحديـ ــد اإلداري المنجـ ـ ـزة مـ ــن ط ـ ــرف اللجنـ ــة اإلقليميـ ــة لعمال ـ ــة إقلـ ــيم العـ ـ ـرائش
طبقـ ـ ــا للفصـ ـ ــل الثالـ ـ ــث الخـ ـ ــاص بتحديـ ـ ــد الملـ ـ ــك العمـ ـ ــومي للسـ ـ ــكك الحديديـ ـ ــة لمدينـ ـ ــة
العـ ـ ـرائش وبتص ـ ــحيح الرس ـ ــم العق ـ ــاري ع ـ ــدد 36-359بخص ـ ــم الج ـ ــزء المتن ـ ــازع علي ـ ــه
المشمول فيه والمحدد في 1ه65آر15س".
وهكذا يتبين من التعليلين الواردين في هذين الق اررين االستئنافيين النهائيين والمكتسبين
لقوة الشيء المقضي به ،أن قناعة القاضي في نازلة الحال تكونت ليس فقط بثبوت
االختالف في مساحة الرسم العقاري والرسم الخليفي ،وبعد تشبت الدولة بحقها في العقار
لكونه جزءا ال يتج أز من الملك العام السككي وبالتالي هو ملك عام غير قابل للملكية
213
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الخاصة والتفويت والحجز وال يسري عليه التقادم وكل الحقوق الناشئة عليه تبقى قائمة لفائدة
الدولة وباسمها حتى ولو تم تحفيظها في اسم الغير.
إن إثبات الصبغة العمومية للعقار تتم فعال باإلدالء بالوثائق التي تمسكها اإلدارة
الوصية على الملك العام وهي ما يتعلق بالتحديد اإلداري للعقار ،هذا التحديد إن وجد فإنه
يوازي مسطرة التحفيظ العقاري خاصة إذا كان نهائيا ومصادقا عليه ،وهو األمر الذي أقره
الفقه وكرسه القضاء المغربي.1
وفي حالة غياب التحديد اإلداري للعقار ،فإن إثبات الصبغة العمومية للعقار تتم بكل
وسائل اإلثبات التي يقررها القانون من قبيل شهادة الشهود والمعاينات وكذلك طبيعة العقار
التي تشكل قرينة قانونية ال تقبل العكس ،هذه الطبيعة قد تثبت بالعين المجردة إذا تعلق
العقار بملك مائي كمجاري المياه والعيون مثال أو بملك بحري وفقا للتحديد الذي نص عليه
القانون ،ويمكن أن تثبت كذلك كما هو الحال في القضية المعروضة كنموذج ،بالصور
الفوتوغرافية والمعاينات وإبراز المعالم الدالة على الطابع العمومي للعقار.
إذا ثبتت الصبغة العمومية للعقار على النحو المبين سالفا ،فإن هذا العقار يصبح
محصنا تحصينا شامال ودائما بنص القانون ووفقا لما أقره الفقه وكرسه القضاء.
فقد نص الفصل الرابع من الظهير الصادر بتاريخ 1914/07/01على أنه" :ال يقبل
التفويت باألمالك العمومية وال تسقط حقوق الملكية فيها بمضي الزمان".
1
نظ ار ألهمية التحديد اإلداري كوسيلة لتأمين الحماية القانونية للملك العام للدولة ،أفردنا له نقطة مستقله في هذا البحث.
214
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبمقتضى هذا النص ،فإن األمالك العامة غير قابلة للملكية الخاصة والتفويت والحجز
وال يسري عليها التقادم وكل الحقوق الناشئة عليها تبقى قائمة لفائدة الدولة وباسمها حتى ولو
تم تحفيظها في اسم الغير.
وقد كرس هذه القاعدة القرار رقم 596المذكور أعاله ،الصادر في مسطرة تصحيح
الرسم العقاري ورفع التعرض على عملية التحديد اإلداري (القضية المعروضة كنموذج) ،إذ
ورد فيه ما يلي:
" وحيث إن الملك العمومي يدخل في عداده السكك الحديدية والمرافق التابعة لها بما
في ذلك المساحات األرضية المخصصة ألداء الخدمات من طرف هذا المرفق طبقا
لظهير 1914/04/01بشأن المالك العمومية وال يقبل الملك العمومي التملك من
غير الدولة التي تجعل عليه وزارة وصية وال التصرف فيه بأي وجه وال االكتساب
بالتقادم".
والمالحظ أن القضاء كلما ثبت لديه أن العقار المتنازع عليه هو ملك عمومي ،فإنه
يقضي بأحقية الدولة الملك العام على هذا العقار.
وهكذا وفي قضية نوردها على سبيل المثال تتعلق بالملك العام البحري لشاطئ
أغروض بأكادير ،أصدرت المحكمة االبتدائية بأكادير حكما بتاريخ 2015/04/14في
الملف عدد 2014/179قضى بعدم صحة التعرض المقدم من طرف المدير الجهوي
للتجهيز لسوس ماسة درعة على مطلب التحفيظ المسجل باسم ...وبعد الطعن باالستئناف
في هذا الحكم بتاريخ 2015/07/23وفتح له الملف عدد 2015/1403/306أصدرت
استئنافية أكادير أمرين تمهيديين ،األول بإجراء خبرة عقارية أنجزت بتاريخ 2017/03/06
بواسطة الخبير ، ...واالمر الثاني بإجراء خبرة مضادة بناء على طلب الوكالة القضائية ،وتم
إنجازها من طرف الخبير ....وبعد إدالء األطراف بمستنتجاتهما على ضوء كل خبرة،
215
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وقد علل هذا القرار ما قضي به بما يلي ":وحيث باالطالع على وثائق الملف وأسباب
االستئناف ودفوع المستأنف عليه وما أسفرت عنه الخبرتين العقاريتين األولية والمضادة ،تأكد
للمحكمة أن مآخد الطاعن على الحكم المستأنف وجيهة ومرتكزة أساس قانوني ،ذلك أن
المحكمة واعتبا ار لما أدلى به الطاعن من وثائق وخاصة تصميم تحديد الملك العام البحري
لشاطئ أغروض عمالة أكادير ادوتنان ،قررت إجراء خبرة عقارية أولية ومضادة للتحقق من
تداخل وعاء المطلب مع الملك العام البحري ،وألن الخبرة األولية المنجزة من طرف الخبير
المحلف ....لم تكن موضوعية في الخالصات التي انتهت إليها لعدم اعتماده على التصميم
التحديدي للملك العام البحري واكتفى باعتماد تصاميم الرسوم العقارية المجاورة ،لذلك
استبعدته ا لمحكمة وألن تقرير الخبرة العقارية المنجز من طرف الخبير الطبوغرافي المحلف
....قد انجز بحضور الطرفين واعتمد في ما انتهى إليه من خالصات على مجموعة من
الوثائق الرسمية وخاصة التصميم المحدد للملك البحري لشاطئ أغروض لعمالة أكادير
ومرسوم التحديد اإلداري للملك العام البحري ونسخة من مرسوم اإلقرار للشبكة الطرقية
......وتصاميم الرسوم العقارية المجاورة كما اعتمد على احداثيات الملك البحري للمنطقة
،........فتأكد له أن جزءا كبي ار من وعاء مطلب التحفيظ عدد 09/34829يوجد داخل
الملك العام البحري..............وتأسيسا على ذلك يتعين إلغاء الحكم المستانف فيما قضى
به "........
216
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبخصوص نفس الملك العام البحري لشاطئ أغروض بأكادير ،كانت الغرفة اإلدارية
بمحكمة النقض قد أكدت الصبغة النهائية للتحديد اإلداري لهذا الملك ،حين رفضت الطلبات
المقدمة من األغيار إللغاء مرسوم التحديد .ونذكر في هذا الصدد القرار رقم 186الصادر
بتاريخ 2009/02/11في الملف عدد 2007/1/4/339والذي جاء فيه ما يلي:
" إن الحقوق المدعى بها من الطاعنين والتي وقع اكتسابها بعد صدور الظهير
المذكور ،ال تصير نهائية إال بعد تعيين حدود األمالك العامة من طرف اإلدارة ،مادام أن
إنشاء صكوك عقارية بعد صدور الظهير المذكور ودون مراعاة االستثناءات التي ينص
عليها والتي تشير إلى أن عقارات الملك العمومي ال تقبل التملك وال التفويت وال تكتسب
ملكيته بالتقادم( الفصل 4من الظهير) ال يكون له أي مفعول تجاه الملك العام ،ألنه يظل
حقا مؤقتا عالوة على أن احتجاج الطاعنين بترخيص البناء الذي حصال عليه ال يقوم دليال
1
على التملك....ويكون طلبهما حليف الرفض"
وهناك أحكام صدرت عن محاكم الدرجة األولى ولم يتم استئنافها من الطرف اآلخر
ألنه متيقن من أن األمر محسوم لفائدة الدولة بعد ثبوت الصبغة العمومية للعقار.
وهكذا فقد أصدرت المحكمة االبتدائية بتزنيت سنة 2017عدة أحكام 2في قضايا
تعلقت بتأسيس رسوم عقارية من قبل المحافظ على األمالك العقارية والرهون بتزنيت للملك
1
وفي قرار آخر رقم 4290صادر عن الغرفة المدنية بمحكمة النقض بتاريخ 2012/10/02في الملف عدد 2012/1/1/691ورد مايلي" :حتى
مع عدم ادالء الطاعنة بالوثائق وعدم اعتمادها على المرسوم المشار إليه أعاله أمام قضاء الموضوع ،فإن تمسكها في سائر مراحل الدعوى بكون
الجزء المدعى فيه من أرض المطلب يدخل ضمن الملك العام البحري................كان يقتضي من المحكمة في إطار إجراءات التحقيق المخولة
لها قانونا أن تبحث في ذلك وتتحقق من مدى وجود ترام على الملك العام البحري من عدمه لما لذلك من تأثير في قضائها ،ولما لم تفعل كان
قرارها ناقص التعليل الموازي النعدامه وغير مرتكز على أساس ما عرضه للنقض واإلبطال"
2
حكم عدد 134بتاريخ 2017/11/28في الملف عدد - 2016/39حكم عدد 135بتاريخ 2017/11/28في الملف عدد - 2016/40
حكم عدد 137بتاريخ 2017/12/27في الملف عدد - 2016/35حكم عدد 141بتاريخ 2017/12/05في الملف عدد - 2016/30حكم
عدد 142بتاريخ 2017/12/05في الملف عدد - 2016/31حكم عدد 143بتاريخ 2017/12/05في الملف عدد - 2016/33حكم عدد
144بتاريخ 2017/12/05في الملف عدد - 2016/34حكم عدد 145بتاريخ 2017/12/05في الملف عدد - 2016/36حكم عدد 146
بتاريخ 2017/12/05في الملف عدد - 2016/37حكم عدد 147بتاريخ 2017/12/05في الملف عدد - 2016/38حكم عدد 149بتاريخ
2017/12/12في الملف عدد - 2016/32حكم عدد 150بتاريخ 2017/12/12في الملف عدد 2016/41
217
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المسمى" افني الدولة" رغم أن القطع األرضية المكونة لهذا الملك تعد جزءا من الملك العام
البحري بسيدي افني المحدد بموجب المرسوم رقم 2.12.384الصادر بتاريخ
.2012/08/22وقد قضت هذه األحكام من حيث الموضوع بالتشطيب على اسم ....من
الرسم العقاري عدد .....وإحالل وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك (الملك العام البحري)
محله .ومن بين التعليالت التي وردت في هذه األحكام:
218
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الخب رة المنجز من طرف الخبير المساح عبد االاله رفاق أن العقار موضوع الرسم
العقاري عدد S/17589يتواجد كليا داخل الملك العام البحري المحدد
بالمرسوم".......
ومما يميز أيضا الملك العام هو أنه ال يخضع لقاعدة التطهير التي خولها المشرع
للرسم العقاري في الفصل 62من ظهير التحفيظ العقاري ،1وهذا االستثناء وإن كان المشرع
لم ينص عليه صراحة 2فإن االجتهاد القضائي كرسه من خالل االحكام والق اررات الكثيرة التي
أصدرها ،ومنها الق اررين االستئنافيين النهائيين الصادرين في القضية المعروضة كنموذج في
هذا البحث ،إذ ورد في القرار رقم 596الصادر في مسطرة تصحيح الرسم العقاري ورفع
التعرض على عملية التحديد اإلداري ( ،القضية المعروضة كنموذج) التعليل اآلتي:
".....وهذه القاعدة تجعل من الملك العمومي غير قابل كذلك للتحفيظ من طرف الغير
بمعنى أن قاعدة التطهير من الحقوق السابقة على التحفيظ التسري في حق األمالك
العامة التي تبقى على طبيعتها تلك ولو جرى تحفيظها للغير ومن ثم فإن للدولة
والجهة الوصية أن تطالب برفع يد هذا الغير عن الملك العمومي وال تواجه برد طلبها
بسبب التحفيظ لعدم سريان آثاره عليه ،ومعنى ذلك أن تحفيظ الملك العمومي يقع
الغيا ويبطل كل أثر له بغض النظر عن حسن أو سوء نية المحفظ له ،وال تسري
فيه قاعدة التعويض عند ثبوت سوء النية والتدليس"
كما ورد في القرار الصادر في دعوى طرد الدولة من العقار موضوع نفس النزاع،
التعليل اآلتي:
"مما يعني أن التحفيظ المسجل في هذا الرسم لفائدة ملك المستأنف عليهم تجاوز على
ملك الغير في المساحة وقدرها 1هـ 65آر 15س التي ثبت أنها ملك عمومي نظ ار إلى
راجع ذ /بوشعيب االدريسي ،التطهير في نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم ،07/14منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية، 1
219
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الطابع العمومي المستدل عليه بهذا الجزء من خالل المعالم واآلثار الباقية من استغالل
مرفق السكك الحديدية فوق هذا الجزء والمرافق التابعة لها وهو ملك لطابعه العمومي
ال يطاله التحفيظ ويستثني من قاعدة التطهير التي تميز تسجيل األمالك في التحفيظ
الشيء الذي تعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد برفض الطلب.
ولعل التوجه الذي سارت فيه محكمة االستئناف بطنجة في القضية المعروضة
كنموذج ،ما هو إال تكريس للتوجه الذي داب عليه القضاء المغربي عموما في وقت سابق
والزال يسير فيه في الوقت الحاضر.1
واالستثناء من قاعدة التطهير التي تميز تسجيل األمالك في التحفيظ ،هو مظهر من
مظاهر الحماية التي أقرها القضاء للملك العام بسبب ما لهذا الملك من مميزات اكتسبها من
كونه مخصصا للمنفعة العامة وأقرها له المشرع.
وفي م قارنة بخصوص االستثناء من قاعدة التطهير المذكورة ،بين الملك العام للدولة
وبين أمالكها العامة األخرى ،نشير إلى القرار رقم 4157الصادر عن محكمة النقض
بتاريخ 2012/9/25في الملف عدد 2012/1048الذي ورد فيه ما يلي:
" ليس هناك أي مقتضى قانوني يستثني األمالك الخاصة للدولة من قاعدة التطهير
المنصوص عليها في الفصل 62من ظهير 1913/8/12المتعلق بالتحفيظ ،وأن
األراضي المسترجعة من المعمرين األجانب بمقتضى ظهير 2مارس 1973تدخل في
عداد الملك الخاص للدولة الذي تسيره و ازرة المالي( مديرية أمالك الدولة) وال تتمتع
بأي نظام امتيازي يخول الدولة المطالبة بحق عيني طواه التحفيظ".2
1
نذكر في هذا الصدد على سبيل المثال :القرار رقم 180الصادر عن المجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا) بتاريخ 2009/02/11في الملف
اإلداري عدد ،2007/4/339والقرار رقم 2145المنشور بمجموع ق اررات محكمة االستئناف ،الجزء الثاني الذي ورد فيه " :الرسم العقاري ال حجية
له في مواجهة الملك العمومي للدولة"؛ وكذلك القرار رقم 14/1186الصادر عن محكمة االستئناف بطنجة بتاريخ 2014/11/10الذي جاء فيه
ما يلي " :الملك العمومي ال يطاله التح فيظ ويستثنى من قاعدة التطهير التي تميز تسجيل األمالك في التحفيظ".
2
قرار منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية عدد 9ص 293.وما يليها .أشار إليه ذ /محمد بفقير ،مرجع سابق ،ص150.
220
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
" غير صحيح أن قاعدة تطهير العقار بالتحفيظ تنطبق على الحاالت العادية دون
الحالة التي يكون فيها جماعة حضرية ،بصفتها شخصا معنويا عاما ،مدعية لحق
عيني على عقار تم تحفيظه من طرف الغير ،إذ ال وجود لنص قانوني يستثني
الجماعات الحضرية من هذه القاعدة".1
يتبين مما سلف ،أن الملك الخاص للدولة والملك الجماعي غير مستثنيين من قاعدة
التطهير التي تميز تسجيل األمالك في التحفيظ النعدام النص القانوني الذي يقر ذلك
االستثناء بخالف ما ورد في ظهير فاتح يوليوز 1914بشأن الملك العام للدولة وكذا في
الفصل 4من ظهير 1919/04/27المنظم ألراضي الجموع 2وكذلك ما ورد في مدونة
األوقاف بخصوص األمالك المحبسة.3
لقد سبقت اإلشارة إلى أن المشرع المغربي سواء في ظهير فاتح يوليوز ( 1914الفصل
الرابع) أو في مدونة الحقوق العينية (المادة ،)261أقر ثالث قواعد حمائية أساسية للملك
العام للدولة وهي عدم قابلية هذا الملك للتفويت وعدم اكتساب ملكيته بالتقادم وعدم جواز
الحجز عليه.
1
قرار منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد 72ص 30.وما يليها .ذكره ذ /محمد بفقير مرجع سابق ص.149
2
ينص الفصل 4على أن " أراضي الجموع ال تمتلك عن طريق التقادم وال تقبل التصرف فيها وال الحجز عليها" .ويشير ذ /بوشعيب االدريسي
(مرجع سابق،ص )63.إلى أن ظهير 1951/3/19سمح بالتصرف في هذه األراضي لكن ظهير 1963/2/6أعاد الوضع لما كان عليه.
3
"رسم الحبس مقدم على الرسم العقاري ،وأن التطهير الناتج عن تحفيظ العقار ال يشمل الحبس" قرار محكمة االستئناف بطنجة رقم 1138في
الملف عدد 88/4/348ورد في كتاب إبراهيم زعيم ماسي ،المرجع العلمي في االجتهاد القضائي اإلداري ،الطبعة األولى سنة ،1999ص832
وكذلك في كتاب ذ /بوشعيب االدريسي ن مرجع سابق ،ص.61
221
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ورغم هذه المقتضيات الحمائية الصريحة للملك العام للدولة ،فال زالت تثار منازعات
كثيرة بخصوصه قد تتعلق بالترامي واالحتالل والبناء غير المرخص وفي هذه الحاالت غالبا
ما تلجا اإلدارة الوصية إلى القرار المناسب حسب الحالة لحماية ملكها .وقد تتعلق المنازعة
أحيانا بالنظام القانوني المطبق على العقار أو المنازعة في حدوده ،عندئذ يرفع النزاع إلى
القضاء للبت فيه.
ولتفادي هذا النوع األخير من المنازعات ،أقر المشرع وسائل أخرى حمائية للملك العام
للدولة.
وإذا كان التحفيظ العقاري يعتبر الوسيلة الفعالة لتأمين االمالك العقارية الخاصة
وتحصينها ،فإن التحديد اإلداري ال يقل أهمية عنه في تحصين األمالك العقارية العائدة
للدولة .وهي مسطرة انفرادية تلجا إليها اإلدارة دون التشاور مع المالكين المجاورين وقد
تنصب على الملك العام للدولة كما تنصب على ملكها الخاص والملك الغابوي وأراضي
الجماعات الساللية وأراضي الجيش .غير أن التحديد اإلداري للملك العام للدولة يتميز بكونه
يغني عن التحديد الذي يسبق التحفيظ ،وفي هذا اإلطار يفرق بعض الفقه بين األمالك
العامة الطبيعية التي يكون فيها التحديد اإلداري كاشفا للحدود مثل األنهار والشواطئ ،وبين
األمالك العامة االصطناعية مثل الساحات والحدائق العمومية واألسواق حيث يكون تحديدها
اإلداري ناشئا للحدود.1
وعكس ما كان عليه األمر سابقا ،فإن الدولة أصبحت تلجأ بشكل كبير إلى تحديد
أمالكها لتحصينها من ترامي الغير ومن أجل توظيفها في التنمية واالستثمار وتحقيق االمن
القانوني والعقاري والحد من المنازعات التي تثقل القضاء .2
1
راجع ذ /محمد بوجيدة ،مسطرة تحديد األمالك العامة الجماعية ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج 38و 39ماي غشت
،2001ص.165
2
صرحت المندوبية السامية للمياه والغابات أنها قطعت أشواطا مهمة في تحديد الملك الغابوي.
222
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والتحديد اإلداري بالنسبة للملك العام للدولة سواء تعلق بالملك البحري أو الطرقي أو
السككي ،فإنه يتم وفق المسطرة المنصوص عليها في الفصل السابع من ظهير فاتح
يوليوز 1914مع مراعاة نصوص أخرى مطبقة حسب نوع الملك ،1وتبتدئ ببحث تمهيدي
في عين المكان لضبط حدود العقارات المعنية ومساحتها ومشتمالتها ،ينتهي بإعداد محضر
التحديد اإلداري يرفق بتصميم ثم يتم إعداد مشروع مرسوم ينشر بالجريدة الرسمية بعد
التأشير عليه من رئيس الحكومة ،وهذا المرسوم يرخص بصفة رسمية عملية التحديد اإلداري
للعقار .ويفتح باب التعرضات على التحديد ،وال يقبل أي تعرض بعد مرور 6أشهر ابتداء
من تاريخ نشر المرسوم بالجريدة الرسمية .وبالنسبة للتعرضات المقدمة داخل األجل
المذكور ،يمكن لإلدارة تسويتها بالتراضي أو عرض النزاع على القضاء.2
وللتحديد اإلداري حجية مطلقة تجاه الحقوق المدعى بها من الغير والتي وقع اكتسابها
بعد صدور ظهير فاتح يوليوز 31914وكذلك تجاه الحقوق التي لم يتم اإلعالن عنها أثناء
مسطرة التحديد ،ألنه في هذه الحالة يكتسب القوة التطهيرية لجميع هذه الحقوق مثله في ذلك
مثل الرسم العقاري.
ويكتسب التحديد اإلداري هذه الحجية من التشريع ومن القضاء ،وهكذا نص الفصل
السابع من ظهير فاتح يوليوز 1914على ما يلي " :تعيين حدود األمالك العمومية إذا
1
مع مراعات ما نص عليه الفصل 5من ظهير 1954الخاص بامالك الجماعات القروية من أن تحديد الملك العمومي القروي يتم إما في إطار
الفصل 7من ظهير 1914/7/1بشأن األمالك العامة للدولة أو وفقا للفصل 2من قانون 1952المتعلق بالتعمير( المعوض بقانون )12.90
ونفس الشيء نص عليه الفصل 11من ظهير 1921المتعلق بأمالك البلديات .راجع في هذا الصدد ذ /محمد بوجيدة ،مرجع سابق ،ص.176
نصوص مطبقة على التحديد اإلداري * :ظ 1916/01/03.بشأن التحديد اإلداري للملك الخاص للدولة بما فيه الملك الغابوي * .ظ.
1922/05/24بشأن التحفيظ العقاري للممتلكات المخزنية المحدد طبقا لظهير * .1916/01/03ظ 1924/02/18 .المتضمن للنظام الخاص
بتحديد أراضي الجماعات الساللية والمحدد للشكليات المتعلقة بتحفيظ قطعة محددة * .ق اررات و ازرية بشأن تمديد التشريعات المتعلقة بالتحديد
اإلداري إلى المنطقة الشمالية الخاضعة سابقا للظهير الخليفي * .بالنسبة ألراضي الجيش ينجز التحديد اإلداري بمقتضى ظهير .1916/01/03
راجع آمنة مبروك مهالوين مرجع سابق ،ص 220و .221
2
راجع " مدخل لدراسة النظام العقاري المغربي -مقاربة قانونية " مرجع سابق ،ص 263و.264
ينص نفس الظهير في الفقرة األولى من الفصل الثاني منه على أنه ":كل ما اكتسب قانونا من حقوق الملكية واالنتفاع واالستعمال باألمالك 3
العمومية ،يبقى محفوظا إذا كان سابقا على نشر هذا الظهير ....،بشرط أن يثبتوا هذه الحقوق أمام الحكومة أو أمام المحاكم التي لها النظر ،وذلك
بعد نشر هذ ا الظهير أو بعد صدور قرار تحديد األمالك كما هو مذكور بالفصل السابع"
223
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اقتضى األمر بقرار وزيري يصدر بعد بحث عمومي بناء على طلب المدير العام لألشغال
العمومية ،وتقبل كل المطالب المستندة على حقوق التملك أو التصرف في خالل 6أشهر
ابتداء من القرار ،...............ومن ادعى بأن تحديد الملك غير صحيح فيقبل مطلبه في
خالل المهلة المذكورة أعاله".1
وبخصــوص الملــك العــام الطرقــي نصــت المــادة 81مــن القــانون رقــم 12.90المتعلــق
بالتعمير على أنه:
" يمك ــن القي ــام ف ــي جمي ــع أرج ــاء المملك ــة بتعي ــين الط ــرق والمس ــالك والممـ ـرات واألزق ــة
المستعملة لتأكيد طابع الملكية العامة التي تكتسيها وبيان حدودها.
ويتم إجراء عمليـة التعيـين المشـار إليهـا أعـاله بقـرار لـرئيس مجلـس الجماعـة بعـد مداولـة
المجل ـ ــس فيم ـ ــا يخ ـ ــص ط ـ ــرق المواصـ ـ ــالت الجماعي ـ ــة وبمرس ـ ــوم فيم ـ ــا يتعل ـ ــق بطـ ـ ــرق
المواصالت البرية األخرى.
وتض ــاف إل ــى القـ ـ اررات والم ارس ــيم المنص ــوص ليه ــا أع ــاله خريط ــة تح ــدد رس ــم الطري ــق
العامة.
وال يمكــن أن تكــون القـ اررات والم ارســيم المشــار إليهــا انفــا محــل مطالبــة بعــد انقضــاء ســنة
من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية".
كمـا نصـت المـادة 40مـن المرسـوم رقـم 2-92-832الصـادر فـي 14أكتـوبر 1993
بتطبيق القانون رقم 12.90المتعلق بالتعمير ،على أنه:
" تصدر المراسيم المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة 81من القـانون االنـف الـذكر
رقم 12-90باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة باألشغال العمومية.
1
ورد الفصل السابع بهذه الترجمة في البحث المنشور بمجلة الغدارة المحلية لصاحبه ذ/محمد بوجيدة ،مرجع سابق ،ص168
224
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويج ــب أن تك ــون الم ارس ــيم والقـ ـ اررات الم ــذكورة المش ــفوعة ب ــالخرائط المتعلق ــة به ــا مح ــل
ملص ــقات بمق ــر الجماع ــات المعني ــة حي ــث يس ــتطيع ك ــل ش ــخص يعني ــه األم ــر االط ــالع
عليها داخل أجل سنة من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية".
ويؤكــد النصــان القانونيــان المــذكوران حجيــة مرســوم إق ـرار الشــبكة الطرقيــة فــي مواجهــة
األغيــار بعــد انصـرام األجــل الممنــوح للتــدخل فــي عمليــة التصــميم الــذي يعتبــر ضــمانة قانونيــة
أقرها المشرع حماية لحقـوق المعنيـين ،وأن انصـرام هـذا األجـل يجعـل الوعـاء العقـاري الصـادر
بشأنه مرسوم إعداد الطرق مطه ار من كل تصرف الحق على فوات أجل التعرض.
وقد كرس العمل القضائي في المغرب حجية التحديد اإلداري من خالل عدة ق اررات
صادرة عن محكمة النقض نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
225
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويبدو أن موقف القضاء في القرار المذكور كان صريحا في كون حجية التحديد
اإلداري تنصرف على الحقوق التي و قع اكتسابها بعد صدور ظهير فاتح يوليوز 1914
والتي انصبت على ملك عام حائز للحماية القانونية من منطلق أنه ملك عام بطبيعته.
وبمفهوم المخالفة فإذا كان هذا الملك غير عام بطبيعته ولجأت الدولة إلى تحديده ألنها
اعتبرته ملكا عاما ،فإن الحقوق الناشئة بعد صدور الظهير يمكن االدعاء بها من قبل الغير
إما عن ط ريق تقديم مطلب تحفيظ إذا كانت عملية التحديد لم تنطلق بعد ،وإما عن طريق
التعرض على هذه العملية.
وقد ورد في قرار صادر عن محكمة النقض ما يلي " :إذا قدم مطلب التحفيظ قبل
انطالق عملية التحديد اإلداري وفق ظهير 1924/02/18طبقت القضية مقتضيات
التعرض وفق ظهير التحفيظ العقاري".1
واشتراط صفة النهائية في التحديد اإلداري والمصادقة عليه لتكون له الحجية تجاه
الغير ،تتم في الحاالت التي ال يكون فيها ملك الدولة ملكا عاما بطبيعته أي الحاالت التي
تخرج عما حدده المشرع صراحة في ظهير فاتح يوليوز 1914واعتبره داخال في نطاق
الملك العام للدولة أو في ظهير 1917/10/10بخصوص الملك الغابوي.
فبالنسبة للملك العمومي البحري مثال ،فقد استقر قضاء محكمة النقض على أن
مقتضيات ظهير فاتح يوليوز 1914تعتبر من النظام العام وأنه عندما يقدم مطلب لتحفيظ
عقار تعرضت عليه الدولة ألنه يدخل في مجال الملك العام البحري ،فإنه وجب على
المحكمة أن تتأكد من هذه الواقعة ولو في غياب ما يؤيد تعرض الدولة ،وذلك نظ ار للوضعية
الطبيعية للملك البحري ( .قرار محكمة النقض رقم 4290بتاريخ 2012/10/02في الملف
عدد .2012/1/1/691
1
قرار رقم 500بتاريخ 2011/05/24في الملف عدد ،2010/1/1/24مجلة ملفات عقارية عدد 2ص ، 136.أشار إليه ذ/عبد السالم
بنزروع ،مرجع سابق ص.11.
226
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
خاتـــمـــة
من خالل القضية المعروضة كنموذج في هذا البحث ومن خالل استعراض مختلف
النصوص القانونية المطبقة على الملك العام للدولة مع االستشهاد ببعض األحكام والق اررات
الصادرة في الموضوع ،يمكن استخالص نتيجة مفادها أن األمر إذا تعلق بملك عام مكتسب
لهذه الصفة من خالل طبيعته بمعنى إذا كان مذكو ار وفق التحديد المنصوص عليه في
ظهير فاتح يوليوز ، 1914فإنه ال يحتاج إلى إثبات لصبغته العمومية من طرف اإلدارة
الوصية وتكون حصانته وحمايته من ترامي الغير مؤكدة وقائمة حتى ولو تأسس له رسم
عقاري .أما إذا كان غير ذلك فإن سلوك مسطرة التحفيظ أو اللجوء إلى التحديد اإلداري هو
السبيل لتحقيق الحماية والحصانة لهذا الملك.
227
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
من آياته سبحانه وتعالى ،ان خلق األرض وقدر االرزاق وثبت النظم .ومن حكمه
أيضا ،ان استخلف االنسان على هذه االرض ،فمنحه العقل ،وأودع فيه الغريزة.
فكان ،ان سعى هذا النوع البشري ،بواسطة ما أودع فيه من دوافع البقاء ،وما وضع
في األرض من أسباب العيش والرخاء؛ الى االستيالء ،على كل ما من شانه ان يضمن
سيرورته ويلبي غريزته في التملك.
واالنسياق وراء هذه الغريزة الفطرية ،والرغبة الملحة في تحقيقها ،أثر ال محال في
سلوك االنسان وتصرفاته ،فأصبح طالبا للعقار ،محبا له ،مستأث ار به ،مدافعا عنه بكل
الوسائل المتاحة.
وضمانا لسر استم اررية االنسان على األرض ،كانت الحاجة ملحة الى وضع نظم
تضبط الغرائز المتنافسة على التملك ،بالضوابط الشرعية والتشريعية الالزمة.
وبالمقابل من ذلك ،وعبر مختلف االحقاب واألزمنة ،هناك ميزة او خصوصية طبعت
بعض الفئات البشرية ،حيث أدركت بعقولها ما اودعه هللا في غرائزها ،وايقنت بمحدودية
عطاء الدنيا وامتداد عطاء االخرة ،فالزموا أنفسهم شيئا من المعروف واالحسان للغير ،فأقروا
االعطاءات من هبة وصدقة ووقف.
228
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والوقف او الحبس ،فكرة انسانية قد تكون جديدة في مفهومها ،لكن بالتأكيد هي قديمة
ف ي مغزاها ،تعارفت عليها أقدم الحضارات واخذت بها معظم الشرائع ،واوغلت في عادات
الناس واعرافهم.
ومفهوم الوقف ،اما يأخذ بالمدلول اللغوي الذي يعني الحبس والمنع ،1او ينصرف الى
المدلول الفقهي الذي يخص الوقف بتعاريف متعددة قاسمها المشترك ،تحبيس األصل
وتسبيل الثمرة ،2او يزاوج بين ما هو فقهي وما هو اقتصادي ،كما هو الشأن بالنسبة لتعريف
الوقف المضمن بالمادة 01من مدونة األوقاف 3والتي اعتبرت الوقف هو كل مال حبس
اصله ...وخصصت منفعته لفائدة جهة بر واحسان عامة او خاصة.
فاعتبار الوقف مال بمعناه العام ،فيه إشارة واضحة الى احاطة هذا المال بنظم تدبيرية
تيسر حسن استغالله واالستفادة منه ،كما جاء في ديباجة مدونة األوقاف ،وبطرق استثمارية
تمكنه من المساهمة في مشاريع التنمية االقتصادية واالجتماعية.
والتنمية المطلوب من الوقف احقاقها يراد بها ذاك السياق الحركي الذي ينقل وضع
الوقف من واقع عادي الى واقع يستجيب بكيفية مستمرة ومرضية للحاجيات الدينية
واالجتماعية .فالتنمية وفق هذا المفهوم ترتد في نهايتها الى كل ما يلبي احتياجات محددة
نابعة من رغبات المحبس ،مع تثمير نفع الوقف ليشمل مشاريع التنمية االقتصادية
واالجتماعية.
وبغية الوصول الى هذا النوع من المزاوجة بين مقاصد الوقف وبين أسس وضوابط
التنمية ،يكون حريا بنا المرور عبر هذين االشكالين ،ويتعلق أولهما بمدى قابلية الوقف
لالنتقال من مرحلة النفع الفردي والنمطي الى مرحلة االحسان المستدام والمتجدد.
229
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والثاني ،كيفية إيجاد التوازن في العالقة الرابطة بين الوقف كغاية وكمقصد وبين التنمية
بأسسها االجتماعية واالقتصادية؟
لذا ،وحتى نتمكن من توضيح فحوى هذه اإلشكاليات ،نمهد بطرح مجموعة من
التساؤالت نستهلها بما يلي:
ثمار الوقف ومنافعه ،هل تصرف وتنصرف للجهة المحددة في لفظ المحبس فقط ،ام
يجب ان تتعداها لتشمل فئات ومستويات ومجاالت سواء كانت ذات بعد اقتصادي ،علمي او
اجتماعي؟
هل يمكن التوفيق بين الوقف كنوع من انواع التبرعات التي تشكل منظومة العمل
الخيري ،وكنموذج لإلحسان المستدام والمتجدد الذي يأخذ بالواقع ويراعي حاجيات االفراد في
المستقبل؟
لئن كانت ثروة الوقف تشكل مخزونا استراتيجيا مهما ،فإلى أي حد يمكن توجيهها
لضمان إسهامها بقدر أكبر في التنمية المستدامة للبالد ،وذلك وفقا لمقتضيات مدونة
األوقاف ولروح الوقف؟
نظام الوقف هل يتسع لقبول مختلف المبادرات التنموية ،هل هناك انفصال ام اتصال
في عالقة الوقف بالتنمية؟
اإلجابة عن هذه األسئلة سيكون من خالل دراسة العالقة بين الوقف والتنمية ،بدءا
بالبحث عن ضوابط التنمية في البنية الذاتية للوقف (أوال) ،مرو ار بطرق معالجة مدونة
األوقاف لعوارض التنمية (ثانيا) ،وصوال الى قدرة امالك الوقف على االسهام في التنمية
المجالية (ثالثا).
230
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إ ن المتأمل في البنية القانونية لنظام الوقف ،يدرك ان هذا النظام يتضمن ضوابط
خاصة ومحددة ،يمكنها ان تشكل صو ار لعالقة االتصال بين الوقف والتنمية ،كما يمكنها أن
تشكل أرضية لكل استراتيجية تبغ ـتـي االرتكاز على األمالك الوقفية لوضع مشاريع تنموية
ناجحة ومستدامة.
لذا وبغية الوقوف عند اإلطار العام لهذه الضوابط ،سنحاول مقاربتها على الشاكلة
التالية:
جل النظم التشريعية ،المنظمة للحقوق الواردة على العقار ،ترسم مجاالت او دوائر،
لحدود استغالل او استعمال او تصرف الفرد في ملكه ،فحق الملكية مثال ،باعتباره أحد
الحقوق العينية األساسية ،يضيق من دائرة االنتفاع به ،ويحصرها في المالك الذي له الحق
وحده في االنفراد واالستئثار بالشيء موضوع الملكية .وعند وفاة المالك ،ينتقل الشيء
المملوك الى الورثة ،وتنقسم بذلك دائرة االنتفاع الى دوائر أخرى بأحجام اقل وبعدد يعادل
عدد الورثة .وعند كل وفاة تنتقل دائرة االنتفاع بالملك من الضيق الى االضيق.
أما النظام الحبسي عامة ،فانه وعلى خالف باقي النظم التشريعية األخرى ،ينقل دائرة
االنتفاع بالملك المحبس من االضيق الى الواسع ثم الى االوسع ،فتتحرر منفعة الملك من
قيود االستئثار الفردي ،لتخرج الى دائرة االنتفاع الجماعي الواسع.
فضابط االنتفاع في األمالك الحبسية يقيد مساحة الملك التي تستقر في دائرة واحدة
غير قابلة للنقصان ،هي بمثابة أرضية ثابتة يمكن ان تنطلق منها وترتد اليها مختلف
البرامج االستثمارية ،كما ان بقاء األمالك الحبسية محافظة على أصولها يعد أحد الضمانات
231
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القوية التي تعطي للمستثمر نوعا من االطمئنان على برنامجه التنموي ،تمكنه من المدد
الكافية إلعمال هذا البرنامج ،وتوفر له الحصانة والحماية قانونية لالزمة لبقاء العين المحبسة
ما امكن على اصلها ،فال تخضع الى التقسيم الناتج عن الوفاة ،وال الى نزع الملكية ألجل
المصلحة العامة االبعد الموافقة القبلية للسلطة الحكومية المكلفة باألوقاف.1
أعطى المشرع للمالك بصفة عامة حرية التصرف في ملكه وفق المتعارف عليه قانونا،
وتمتد هذه الحرية مادام المالك حيا ،او ما لم يقم المانع القانوني او المادي الذي قد يحد من
طريقة انتفاعه بملكه .لكن وفاة المالك يقطع تماما الصلة التي تربط المالك بالرقبة ،وبالموازاة
لذلك يتوقف امتداد هذه الملكية في اسم الملك لينتقل هذا االمتداد الى مالك جدد.
نفس الشيء ينطبق على عقود الكراء ،فامتدادها في حق المكترين نسبيا ،مرهونا
باحترام شروط العقد ،وعدم حصول المانع المادي او القانوني الذي يحد من االنتفاع بالعين
موضوع الكراء ،كما ان الصلة التي تربط المكتري بالعين المكراة لها حدود زمنية يصعب
تجاوزها.
لكن الوقف يرسم امتدادا زمنيا دائما متصال لمنفعته اتجاه المستفيدين منه ،فيستفيد
المسكين والفقير وابن السبيل بصفتهم ،واالبن والدرية والنسل والعقب بمختلف طبقاتهم،
والمسجد والزاوية والمدرسة والمستشفى بأطرهم وطلبتهم.
وهذا االمتداد على هذه السيرورة ،أو هذه االستدامة في تقديم المنفعة ،تعد احدى
األسس التي على منوالها يقاس نجاح التنمية من عدمها ،كما يمكننا هذا الضابط من بناء
استراتيجية موضوعية ومستدامة لمشاريع التنمية المزمع احداثها على األصول الوقفية.
-تنص المادة 59من مدونة األوقاف (( :اليجوز نزع ملكية العقارات الموقوفة وقف عاما من اجل المنفعة العامة ،اال بموافقة صريحة من 1
قبل السلطة الحكومية المكلف ة باالوقاف تحت طائلة البطالن)) .تممت بموجب الظهير الشريف رقم 1.19.46الصادر في 23من جمادى الثانية
1440موافق فاتح مارس .2019
232
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إذا كان ديدن التشريع ،هو إحكام وتنظيم سلوك األفراد والجماعات والمؤسسات في
الدولة ،فإن الحاجة إليه في مجال الوقف ،تقتضي نقله من مجرد عمل توثيقي ،إلى مخطط
تنموي يقوم على أساس مراعاة " معطى " محدد يؤطر العملية التشريعية.
ولئن كان المشرع المغربي ،سبق له وان كرس امتيازات تشريعية هامة؛ لكل من االسرة
مراعاة للمعطى االجتماعي؛ وكذا لبعض األشخاص االعتباريين مراعاة للمعطى االقتصادي.
فانه من غير المعقول استبخال المعطى الديني واالجتماعي ،عن السياسة التشريعية المؤطرة
لألوقاف المغربية.
وإذا كانت األنظمة القانونية الحديثة ،عملت على تفريد األوقاف بمقتضيات قانونية
متميزة؛ فإن استقراء النصوص القانونية المكونة لمنظومتنا التشريعية ،يوحي بوجود عناية
تشريعية بالوقف المغربي ان على مستوى اإلبقاء على رقبته (أ) ،او من خالل تقييد بعض
التصرفات القانونية المنصبة على اصوله(ب).
خاصية تأبيد الوقف ،باإلضافة الى انها تحافظ على األصول الوقفية ،فلها سيرورة
تاريخية تجعل ثمار الوقف متأصلة في الزمن الماضي متجددة في الحاضر ومستمرة في
المستقبل .ومن المظاهر التشريعية لتأبيد الوقف ،نجد تقييد التصرفات الواردة عليه سواء
تعلق االمر بالمعاوضات او الهبات او ما الى ذلك ،حتى يظل الموقوف مرصودا لتمويل
الفعل الخيري قاد ار على المشاركة في التنمية االقتصادية واالجتماعية.1
- 1مصطفى بن حمزة :توظيف الوقف ،األسس الفقهية واإلمكانات التنموية ،منتدى قضايا الوقف الفقهية الرابع ،الرباط 30 ،مارس 01-أبريل
،2009ص.9
233
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
هذا مع اإلشارة الى أن خاصية اإلبقاء على األصل الموقوف ،ليس معناها هو المعنى
الحرفي النحوي أي أن الوقف يبقى على أصله فال يباع وال يعوض حتى ولو لم تجن منه
منفعة ،بل يجب مراعاة القصد من الحبس وتوجيهه واعماله بما يحقق الغاية منه ويحفظ عنه
أصله ورقبته ،وبهذا أخذ علماء فاس .حيث قال صاحب العمل الفاسي:
ومراعاة لهذا النهج الفقهي الحريص على استدامة الوقف وتأبيد أصله ،طرح اشكال
قانوني حول اباحة معاوضة األمالك الوقفية او تقييد الترخيص باإلباحة ،حيث عرف
التشريع المنظم للمعاوضات النقدية او العينية ،تدرجا في التعامل مع هذا االجراء الناقل لحق
الملكية ،بدءا بالسماح بالمعاوضات شريطة الحصول على الموافقة الملكية ،مرو ار بوضع
تأطير قانوني خاص للمعاوضات تم تضمينه بمدونة األوقاف لعام ،12010وصوال الى
إقرار نوع جديد من المعاوضات ورد تحت اسم الشراكة بالتعديل األخير لمدونة األوقاف.2
ومن المسائل األخرى التي لها ارتباط بخاصية تأبيد الوقف ،نجد قضية رجوع الواقف
في وقفه او التحبيس لمدة مؤقتة ،وهنا يطرح االشكال التالي :هل يبقى الوقف في ملكية
الواقف ويبقى بالموازاة مع ذلك حقه قائما اما في توقيفه او الرجوع فيه او اجازته؟ أم أن
الوقف ينتقل إلى الموقوف عليهم وبالتالي يخرج من ملكية الواقف ،وما انعكاس ذلك على
ابعاد التنمية المجالية؟
اآلراء الفقهية في إجابتها عن هذه التساؤالت اتخذت أكثر من موقف ،فمن اعتبر ان
الوقف ماال باقيا على ذمة الواقف قال بجواز أن يقول المحبس وقفت لمدة ي ارها وال يشترط
فيه التأبيد ،3وهذا راي مالك .وهناك من اقر بخروج الموقوف من ملك الواقف إلى ملك
- 1من المادة 63الى المادة 75من مدونة األوقاف ،تممت بموجب الظهير الشريف رقم 1.1946المشار اليه سابقا.
- 2تنص المادة 62المكررة من مدونة األوقاف ... (( :الدارة األوقاف ان تبرم باسم األوقاف العامة عقودا واتفاقيات للشراكة مع القطاع العام او
القطاع الخاص من اجل انجاز مشاريع استثمارية او مشاريع اجتماعية .))...أضيفت بموجب الظهير الشريف 1.19.46المشار اليه سابقا.
- 3أحمد الدردير :الشرح الصغير على أقرب المسالك ،ج ،4ص ،98طبع و ازرة العدل والشؤون اإلسالمية واألوقاف ،اإلمارات العربية المتحدة.
234
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الموقوف عليهم خصوصا إذا توفرت شروط اللزوم ،1وبين من اعتبر ان العين أصبحت ملكا
هلل تعالى بالوقف اي أنه يصير ملكا هلل لمجرد تمكين الناس من أداء العبادة فيه.2
وبخصوص موقف مدونة األوقاف فنعتقد أنها حاولت التوفيق بين كل هذه اآلراء
الفقهية بدالالتها ومقاصدها بما يحافظ على إرادة الواقف من جهة وبما يحقق منفعة الوقف
ويجعله يؤدي دوره التنموي من جهة أخرى ،فنصت على أن الوقف يجوز أن يكون مؤبدا أو
مؤقتا (المادتان 1و )23على أنه يجب أن نفهم من توقيت الوقف "الوقف الذي يكون لمدة
مؤقتة" أن تكون مدة توقيته مدة معقولة تسمح بجني عائداته أو على األقل استرجاع صوائره
إذا ما صرفت صوائر على أصله من أجل الحفاظ عليه وحمايته أو تنميته .كما نصت على
أن األصل في الوقف أنه ال يجوز الرجوع فيه وال تغيير مصرفه أو شروطه بعد انعقاده،
وذلك حتى ال يحيد الوقف عن الغرض الذي خصص فيه ورصد إليه .إال إذا تعلق الوقف
بموقوف عليه سيوجد مستقبال وفوته الواقف قبل وجوده أو إذا اشترط الواقف في عقد الوقف
الرجوع عنه عند افتقاره (المادة 37من مدونة األوقاف).
ان تعمير الوقف لمدد طويلة ،جعلت العديد من التصرفات القانونية ترد على منفعته،
لكن التجربة والمستجدات المستحدثة ،والنوازل المعروضة على الفقه والقضاء ،اثبتت ان
بعض هذه التصرفات تمثل عائقا حقيقيا لتنمية الوقف ،ومساسا برقبته ،ونخص بالذكر:
235
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويعتبر القانون ان الكراء الطويل األمد للعقارات والذي يكون لمدة تفوق عشر سنوات
يرتب للمستأجر حقا عينيا قابال للرهن الرسمي ،وللتفويت ،وللحجز طبقا للشروط المقررة في
الحجز العقاري (المادة /121الفقرة .)1
في حين نبه الفقيه إلى أن طول هذه المدد قد يوحي بان المستفيد من العقار الوقفي
ملكا له فيضيع الحبس بذلك .1يقول إبراهيم بن موسى الحنفي :إن المدة إذا طالت تؤدي إلى
إبطال الوقف ،فإن من رآه يتصرف فيها تصرف المالك على طول الزمن يظنه مالكا.2
فبين احتياط الفقيه ورغبة المستثمر وراي القانون ،صيغت مدونة األوقاف فأبقت على
قاعدة االحتياط للوقف ،وحاولت التوفيق والجمع بين كل األحكام الفقهية والقانونية بما يحقق
مصلحة الوقف ومصلحة المنتفعين به معا .فحددت مدد كراء مناسبة تسمح باستغالل العقار
الوقفي واالستثمار فيه دون أن تصل إلى المدة التي ترتب حقوقا عينية عليه ،فرخصت بكراء
األمالك الوقفية غير الفالحية (المادة )94لمدة ال تزيد عن ثالث سنوات ،وبكراء األمالك
الوقفية الفالحية (المادة )98لمدة ال تزيد عن عشر سنوات .ومن خالل هذه األحكام تكون
المدونة قد حافظت على تحقيق مصلحة الوقف من خالل حماية أصوله وضمان عائداته.
أيضا من التصرفات التي منع إجراؤها على األراضي الوقفية نجد المغارسة:
- 1مصطفى بن حمزة :توظيف الوقف ،األسس الفقهية واإلمكانات التنموية ،منتدى قضايا الوقف الفقهية الرابع ،مرجع سابق ،ص .6
- 2إبراهيم بن موسى الطرابلسي :اإلسعاف في أحكام األوقاف ،ص .69
236
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والمغارسة عقد يعطي بموجبه مالك أرضه آلخر ليغرس فيها على نفقته شج ار مقابل
حصة معلومة من األرض والشجر يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام (المادة
265من مدونة الحقوق العينية) ،وإذا بلغ الشجر هذا الحد اكتسب الغارس حقه العيني
وتصير األرض والشجر ملكا شائعا بين مالك األرض والغارس بحسب الحصة التي وقع
االتفاق عليها في عقد المغارسة (المادة 267من مدونة الحقوق العينية) .وغالبا ما يشترط
الغارس عند نجاح المغارسة نصيبا مهما بحسب العرف قد تصل إلى حد الثلث.
وإذا كان األصل في هذا التصرف الجواز لعدم تضمنه ما يخالف الشرع ،1فإن الفقه
وخاصة المشهور في المذهب المالكي قال بعدم جواز المغارسة في األرض المحبسة ،ألنها
من ناحية البيع الذي يؤدي إلى بيع حظ منها ،2وألن الغارس سيصبح بعد اإلطعام شريكا
للحبس ليس في الغرس فقط وإنما أيضا في األرض ،فتكون المغارسة بمثابة شبه تفويت أو
بيع مقنع ،لذلك يقتضي عدم الجواز ابتداء والفسخ بعد الوقوع .3وعلى نفس الراي نحى
القضاء المغربي الذي منع بدوره المغارسة في الحبس على اعتبار ان هذا األخير ال يجوز
تفويته وال قسمت ه قسمة بتية ألن ذلك يتنافى مع طبيعته التي هي تمليك المنافع وليس تمليك
الثروات .والن المغارسة تعتبر من أنواع التفويتات ،وبالتالي يجري عليها ما يجري على هذه
التفويتات ،وهو عدم نفادها ،أي أنها باطلة النصبابها على شيء محبس .4وهذا المنع كرسته
ايضا مدونة األوقاف بصورة واضحة وصيغة صريحة عندما نصت في مادتها 102على
أنه" :ال يجوز إعطاء أرض الوقف بالمغارسة" .ولعل هذا المنع الغاية منه هو الحفاظ على
الرصيد العقاري الوقفي باعتباره عنص ار أساسيا لكل تنمية اقتصادية واجتماعية.
237
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وللحد من تقلص أصول األوقاف ،وضعف عائداتها ،ارتأت مدونة األوقاف العودة إلى
األصل في الملك المحبس من خالل العمل على تصفية الحقوق العرفية الموصوفة
باإلسالمية ،والمنشأة على األوقاف العامة ،ومنع إنشاء أي حق عرفي من زينة أو جلسة أو
جزاء أو مفتاح أو استئجار أو غبطة أو عرف أو حالوة أو غيرها على أي ملك من أمالك
األوقاف العامة.1
مع اإلشارة الى ان منع هذه التصرفات على األمالك الوقفية ليس معناه التنكر ألهمية
هذه الحقوق العرفية التاريخية والثقافية واالجتماعية واالقتصادية التي لعبته في سبيل الحفاظ
على األوقاف وتنمية مداخيلها ،وإنما ما فرضته الضرورة االجتماعية من توسيع نطاق
الحاجات االجتماعية وتزايد سرعتها وتجددها ،وأيضا ما فرضته التطورات االقتصادية من
االنتقال من اقتصاد السويقة إلى اعتماد آليات اقتصاد السوق الذي لم يستثن األوقاف من
االنخراط فيه كفاعل رئيس في تنميته.
إن التوجيه والتأكيد الملكي في ديباجة المدونة ،كان نحو تزويد الوقف بنظم تدبيرية
تيسر حسن استغالله واالستفادة منه ،وبطرق استثمارية تمكنه من المساهمة في مشاريع
التنمية االقتصادية واالجتماعية.
- 1لقد اتخذت و ازرة األوقـاف ،قبل االستقالل ،في الشمـال المغربي مواقف مشرفة في هـذا الموضوع ،حيث وجـه الوزير أحمد الغنيمـة كتابا يقول
فيه :يعلم من هـذا الكتاب الممضي باسمنـا بصفة رياسـة الو ازرة ،واعتمـاد رتبة الصدارة أنه نظ ار للضرورة الملحة القاضية بتطبيق الظهير الشريف
الصادر بتاريخ 29محرم عـام 1357موافق 31مارس 1938في شأن تصفية األمالك الحبسية مـن شوائب الجلسـة والزينة وغيرهما ...ونظ ار
إلى وجوب تعييـن لجن تقوم بوضع حل لتلك األمـالك ،وإجراء سداد مـع المنتفعين ،فإننــا نأمر بأن تؤسس في كل من مدينة تطوان وشفشاون
والعرائش والقصر الكبير وأصيال لجنة توكل إليهـا هـذه المهمة ،وتؤلف على النسق االتي:
الرئيس :قاضي المدينة .العضو :عالم فقيه ينتخبـه وزير األحباس .العضو :كاتب يعنيه وزير األحباس من إدارته ،ناظـر أحباس تلك المدينة،
عـدالن يعينهمـا القاضي للشهادة على ما يقع إبرامه بين الطرفين...والوقف عليه يجري على مقتضاه ،وال يتعداه لسواه .والسالم .في شعبان عام
1357موافق .1938/10/15لمزيد من التوضيح أنظر محمد بنعبدهللا ،نفس المرجع السابق.
238
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
فالمساهمة في التنمية الترابية ،حسب الفهم المضمن بديباجة مدونة األوقاف ،رهين
بإيجاد مناهج وطرق بديلة لتدبير الوقف (أوال) ،إضافة الى إقرار صيغ استثمارية هادفة
ونوعية (ثانيا).
إ ن تدبير الوقف ،يقتضي إيجاد أفضل السبل لتثمير األموال الوقفية ،حتى ال يظل
الوقف منشغال بما يغطي مصاريف التسيير والصيانة إلى ما يغذي التنمية والعمارة.
صدور مدونة األوقاف وتنظيمها وتأطيرها للوقف ،ال يكفي ان لم يواكبه تغيير في
مناهج العمل والتسيير واإلدارة ،فإدارة االوقاف مثال ،لم تتمكن بعد من التجاوز الكلي للمفهوم
التقليدي للتسيير ،أي انها الزالت تسيير بفعل مستجدات الواقع ،بمعنى ان المسؤول
والموظفين طبيعة عملهم ليس من تدبيرهم او من استشرافهم للوقائع واالحداث ،فالواقع هو
من يدبر اإلدارة اكثر من المسؤول ،فعندما يتم التبليغ مثال عن اعتداء ما ،تتحرك مصلحة
المنازعات ،وعندما يحل شهر أكتوبر تتحرك مصلحة التسيير وفق برنامج قديم لكراء
األراضي وبيع الغلل ،وعندما ترد تعليمات من الو ازرة الوصية الستيفاء الديون او تعميم
التحفيظ تتحرك المصالح المختصة.
لذا وألجل ادماج الوقف في محيطه االجتماعي واالقتصادي ،نرى انه من الالزم االن
على اإلدارة ان تدبر األموال الموقوفة وفق منهجية بأهداف واضحة تقوم على معرفة التوجه
العام بكل إقليم وتحديد بدقة طابعه التجاري او السياحي او المهني او الفالحي ،ثم تضع
ارتباطا بذلك اهدافا مدروسة تأخذ بالتوجه العام لإلقليم ،تراعي خصوصية الوقف ،تجعل
تحسين مستوى االفراد المشمولين بالوقف احدى أولوياتها ،تنقل االحسان من عمل فردي
وموسمي الى عمل ذو طابع مؤسساتي مستمر ومتجدد ،تضع برامج استثمارية تساعد على
239
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
حل اإلشكاالت المطروحة باإلقليم من بطالة ،هشاشة ،تردي الخدمات ،مع االنفتاح ايضا
على الجانب المعرفي والبحث العلمي.
إ ن تقييد الوقف بأهداف وغايات ،لن يجدي النفع المرجو منه ،مالم يتم تنزيل هذه
األهداف على شكل برامج تستند الى الخبرة التي راكمها الوقف عبر التاريخ ،ترصد مؤشرات
تطور الوقف لمدد زمنية سابقة ،تقيس نسبة اسهام الوقف في الحياة االقتصادية واالجتماعية
للمغاربة عبر أحقبه زمنية منصرمة ،ثم االستناد على هذه المرجعية التاريخية لفهم واقع
الحبس ومدى قبوله لنماذج التنمية المعاصرة ،وقدرته على خلق البنى التحتية االرتكازية لكل
من المؤسسات التعليمية ،الصحية ،الدينية وكذا تنمية الموارد البشرية بما يكفل أنسنتها ،ثم
االرتكاز على هذا الواقع للتنبؤ بالمسارات التي يجب توجيه الوقف نحوها مستقبال ،حتى
تكون له صفة االستدامة.
ومن بين البرامج العملية والتنموية التي يمكن ان يراهن عليها الوقف مستقبال ،برنامج
االستثمار التشاركي او التنمية المجالية التشاركية ،التي تقوم على محورين أساسيين:
المحور األول :في الكثير من الحاالت ،بدل ان تشكل األمالك الوقفية وعاء للتنمية
الترابية ،قد تصبح اشكاال حقيقيا وعائقا كبي ار امام التنمية .لذا وحتى نخلص هذه األمالك من
ربقة الكساد االقتصاد ،ونرفع عنها عوارض التنمية المجالية ،يجب حصر االطار المكاني
لهذه األمالك ،وذلك من خالل معرفتها ،تشخيص حاالتها ،تحديد االضرار المادية والبشرية
التي تأثر عليها وتتأثر بها ،واسترشادا بذلك يجب مقاربتها من منظور تشاركي يقوم على
أساس االشراك الفعلي للمنتفعين بها سواء في إصالحها شريطة مالءمة الغاية من اإلصالح
مع التوجه العام لإلقليم ،او في تصحيح طرق االستفادة منها ،وذلك حتى يعطى للمنتفع من
األصول الوقفية نوع من االستم اررية المنتجة والتبقية الهادئة له بهذه األمالك.
240
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المحور الثاني :ويتعلق بمنهجية تقديم األمالك الوقفية بغية االستثمار فيها ،فالجاري
به العمل حاليا ،هو تقديم هذه األمالك وفق مسطرة السمسرة ،وفتح باب المنافسة ،على
أساس ان الراسية عليه السمسرة بعد حصوله على المحل الحبسي المعني ،سينفرد بتحديد
نوع المشروع الذي سيالئم الملك الوقفي ،وبالتالي سيتحمل المتعامل مع األوقاف وحده مسالة
نجاح هذا المشروع من فشله.
لكن مساهمة الوقف في التنمية االقتصادية واالجتماعية ،في خلق تنمية مستدامة
ومجالية ،ال يجب ان نقف بالوقف عند حدود تقديم األصول الوقفية وفق مسطرة السمسرة،
بل يجب ان ينتقل الى مرحلة المصاحبة التقنية واالجتماعية للفئة العريضة المستفيدة من
الوقف ،وذلك من خالل تقديم األصول الوقفية مرفوقة بالبرنامج االستثماري الذي يالئمها من
جهة ويالئم الجماعة الترابية من جهة أخرى ويكون له انعكاس إيجابي جدا على الساكنة من
جهة ثالثة .أي ان يكون هناك استثما ار تشاركيا يقوم على أساس المزاوجة بين المصالح
الخاصة والمصلحة العامة ،بين النفع الفردي والنفع الجماعي .ويأخذ بمبدأ انتقاء المشاريع
على أساس دراسة متكاملة يسهم فيها المواطن العادي من خالل األبحاث الميدانية ،الجماعة
الترابية من حيث االحتياجات األساسية ،دراسة الجدوى من طرف المكاتب التقنية الخاصة،
ثم بعد ذلك يوضع الملك الحبسي مرفقا ببرنامج استثماري محدد ومدروس مسبقا رهن إشارة
جميع الشركاء سواء من القطاع العام او من القطاع الخاص للبدء في تنزيله وتنفيذه ،مع
اإلشارة الى ان دور األوقاف يجب ان يبقى ممتدا ببقاء المشروع التشاركي ،سواء تعلق االمر
بالمصاحبة او التدخل لتصحيح ما يعتري هذا المشروع من صعاب ،او توفير الحماية
القانونية الالزمة لتمديد الحياة االفتراضية للمشروع.
241
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
في إط ار سياسة المغرب االقتصادية والعتبارات سيادية أصدر المشرع نظام قانوني
يؤطر عملية استرجاع الدولة (الملك الخاص) لألراضي التي كانت في ملكية األجانب
واألشخاص المعنويين التي تستغل أو قابلة لالستغالل في المجال الفالحي والواقعة كال أو
بعضا خار الدوائر الحضرية ،وذلك بمقتضى ظهير 2مارس 1973تنقل بموجبه إلى
الدولة ملكية العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو
أشخاص معنويون.1
وبمجرد صدور الظهير المذكور ونشره بالجريدة الرسمية شرعت السلطات الحكومية
المختصة في تطبيقه وتنزيله على أرض الواقع اعتمادا على اآلليات التي سنها المشرع ومنها
على الخصوص إصدار الق اررات الو ازرية المشتركة التي عينت العقارات المخاطبة بأحكام
النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب وتحرير محاضر الحيازة.
غير هذه العملية صاحبتها نزاعات قضائية وغير قضائية مرتبطة أساسا بمدى توفر
العقار المسترجع على شروط استرجاعه الثالثة المتمثلة حسب مقتضيات الفصل األول من
ظهير 2مارس 1973في أن يكون العقار المسترجع مملوك لشخص ذاتي أجنبي أو
شخصي معنوي ،وأن يكون فالحيا أو قابال للفالحة وأن يكون واقعا خارج المدار الحضري
-1ظهير شريف منشور بالجريدة الرسمية عدد 3149الصادرة بتاريخ 7مارس ،1973ص.687 .
242
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كال أو بعضا .ولذلك ،فقد تدخل القضاء اإلداري 1خصوصا على مستوى قسم قضاء
اإللغاء 2لبحث توفر هذه الشروط في إطار بته في المنازعات التي عرضت أمامه ،سيما
منها المتعلقة بالطعون باإللغاء التي وجهت وال تزال ضد الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة
للعقارات التي نعاها النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب وال سيما ظهير 2
مارس ،1973كما شمل تدخل قاضي اإللغاء أيضا البت في الطعون باإللغاء التي وجهت
ضد الق اررات الصادرة عن اللجنة الو ازرية المشتركة المكلفة بالبت في المنازعات الناتجة عن
تطبيق ظهير 2مارس ،1973باإلضافة إلى الطعون باإللغاء ضد الق اررات الصادرة عن
اللجان اإلقليمية وعن و ازرة االقتصاد والمالية (مديرية أمالك الدولة) المتعلقة بتنفيذ مقررات
اللجان المذكورة وممارسة الصالحيات المخولة لها بمقتضى اإلجراءات التنظيمية لعملية
التسوية اإلدارية لهذا النوع من المنازعات.
أما على مستوى القضاء الشامل ،3فإن تدخل القاضي اإلداري يشمل كل حاالت
المطالبة بالتعويض عن استرجاع الدولة للعقارات من األجانب سواء في إطار ظهير 2
-1يجمع أغلب الباحثين في مجال المنازعات اإلدارية أن القضاء اإلداري بمفهومه المعاصر ظهر ألول مرة بفرنسا ومنها انتشر لباقي دول العالم.
أما في المغرب فقد ظهرت أولى بوادر القضاء اإلداري سنة 1913المصادف للسنة التي صدر فيها ظهير االلتزامات والعقود في 12غشت بحيث
تضمنت مقتضيات هذا الظهير ضمن فصوله التنصيص على مسؤولية الدولة والبلديات عن األخطاء المرفقية لموظفيها .
بعد ذلك ظهرت بعض النصوص ذات الصلة بموضوع القضاء اإلداري وخاصة القضاء الشامل منها القوانين المتعلقة بنزع الملكية ألجل منفعة
العامة والقوانين المتع لقة باألشغال العمومية وغيرها ،واستمر األمر كذلك إلى غاية حصول المغرب على االستقالل سنة . 1956
الجدير ذكره ،أن المغرب لم يعرف معنى قضاء اإللغاء في البداية ،إال في نهاية العشرينات حيث أصبح بإمكان األجانب المقيمين بالمغرب اللجوء
إلى دعوى اإللغاء لبحث مشروعية الق اررات اإلدارية أمام مجلس الدولة الفرنسي.
وفي سنة 1957تطور القضاء اإلداري بالمغرب بقسميه قضاء اإللغاء والقضاء الشامل وذلك بمناسبة تأسيس المجلس األعلى (محكمة النقض)،
حيث أحدثت ضمن غرفه ،الغرفة اإلدارية التي كانت تنظر كمحكمة قانون في القضاء الشامل وكمحكمة أول وآخر درجة بالنسبة لإللغاء.
بينما شكلت سنة 1990قفزة نوعية في مجال المنازعات اإلدارية بإحداث محاكم متخصصة في القضاء اإلداري ،تالها إحداث محاكم استئناف
إدارية سنة 2006ويبقى األمل في إحداث مجلس للدولة تتويجا لهرم القضاء اإلداري كما جاء في الخطاب الملكي لسنة . 2002
-2قامت دعوى اإللغاء كدعوى قضائية ألول مرة في فرنسا عام 1872وقبل ذلك لم تكن أكثر من تظلم رئاسي تنظر فيه اإلدارة القاضية وقد ترفع
األمر بشأنه لمجلس الدولة إلبداء الرأي ،وبقي مجلس الدولة هو المختص بالنظر فيها إلى حدود عام 1953حيث أعيد تنظيم القضاء اإلداري
بفرنسا على درجتين.
-للمزيد حول تطور القضاء اإلداري بفرنسا راجع عدنان عمرو ،القضاء اإلداري ،قضاء اإللغاء ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية.2004 ،
-3هذا دون إغفال تدخل مؤسسة رئيس المحكمة في المنازعات المتعلقة باألراضي المسترجعة من األجانب سواء كقاضي المستعجالت أو كقاض
مشرف على التنفيذ.
243
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مارس ، 1973أو في إطار القواعد العامة للمسؤولية اإلدارية خاصة تلك المنبثقة عن عدم
مشروعية الق اررات الو ازرية المشتركة.
وسنقتصر في هذه الدراسة على إبراز مختلف حاالت تدخل قاضي اإللغاء اإلداري في
مجال رقابته على الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة للعقارات المنقولة ملكيتها لفائدة الدولة
(الملك الخاص) في إطار تطبيق نظام االسترجاع وما صاحب هذا التدخل من تطور
لالجتهادات القضائية في شأن اإلشكاليات المثارة.
وهنا تكمن أهمية الموضوع من الناحية العملية ،فإلى جانب أنه يمكننا من اإلحاطة
بنطاق تدخل قضاء اإللغاء اإلداري 1في مجال المنازعات المتعلقة باألراضي المسترجعة من
األجانب ،فإنه سيدفعنا أيضا إلى بحث تطور هذا االجتهاد القضائي بخصوص اإلشكاليات
المثارة سيما ف ي مجال الطعن باإللغاء وطبيعة الق اررات ذات الصلة بتطبيق ظهير 2مارس
،1973هذا إلى جانب الوقوف على الحماية التي قررها قضاء اإللغاء اإلداري لحق الملكية
العقارية.
ولذلك ،سنعمل على مقاربة هذا الموضوع من خالل تقسيمه إلى مبحثين نخصص
األول للوقوف شروط وإجراءات الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك وخصوصياته،
ثم نتطرق لمظاهر الرقابة على عيب مخالفة القانون في القرار الوزاري المشترك وفعاليتها
وذلك في مبحث ثاني.
-1استعملنا عبارة "قضاء اإللغاء اإلداري" في إشارة إلى حصر النقاش والدراسة حول منازعات القضاء اإلداري على مستوى المحاكم اإلدارية
ومحكمتي االستئناف اإلداريتين ومحكمة النقض (الغرفة اإلدارية) واستثناء القضاء العادي على مستوى المحكمة االبتدائية الذي يبقى مختصا
بالنظر في النزاعات المتعلقة بعقود التفويت وبإلغاء ق اررات المحافظ على األمالك العقارية ذات الصلة بموضوع األراضي المسترجعة من األجانب
والمتخذة في إطار أحكام الظهير الشريف المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه.
244
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يعد الطعن ضد الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة للعقارات المسترجعة من األجانب
من أبرز مجاالت تدخل قاضي اإللغاء ،حيث غالبا ما يعمد الشخص المسترجع منه العقار
سواء كان شخصا أجنبيا ذاتيا أو شخصا معنويا أو من المواطنين المغاربة ،أفرادا وجماعات،
له حقوق عينية على العقار الذي خضع لتدبير االسترجاع اللجوء إلى القاضي اإلداري
لمخاصمة مشروعية القرار الوزاري المشترك قصد ضمان أحقيته في تملك العقار المسترجع
خاصة وأن عدد من المنازعات المتعلقة باستحقاق هذا النوع من العقارات مرتبطة بمدى
مشروعية هذا النوع من الق اررات.
والجدير ذكره ،أن آلية تعيين العقارات المسترجعة عن طريق الق اررات الو ازرية المشتركة
كان قد اعتمدها المشرع بداية عند سنه لمقتضيات ظهير 26شتنبر 1963المحدد للشروط
التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي االستعمار ،1وقد نص على اعتماد نفس اآللية بمناسبة
وضعه ألحكام ظهير 2مارس ،1973لذلك فقد أثيرت بمناسبة الطعون باإللغاء ضد
الق اررات الو ازرية المشتركة في بداية تطبيق تدبير االسترجاع وال سيما ظهير 26شتنبر
1963المتعلق بشروط استرجاع الدول ألراضي االستعمار نقاشا فقهيا وقضائيا حول
الطبيعة القانونية للق اررات الو ازرية المشتركة ،وانقسمت الراي بشأنها بين من يعتبرها من
أعمال السيادة 2ومستثناة من مجال الطعن باإللغاء ،وبين من يعتبرها ق اررات إدارية خاضعة
-1ظهير شريف رقم 1.63.289صادر بتاريخ 26شتنبر ،1963منشور بالجريدة الرسمية عدد 2657الصادرة بتاريخ 27شتنبر .1963
-2يعرف الفقه أعمال السيادة المستثناة من مجال الرقابة القضائية" مجموعة التصرفات الصادرة عن اإلدارة بصفتها سلطة حكم ،أو بهدف
سياسي ،أو بناء على نصوص دستورية محضة " ومن الفقه من يوصفها بأعمال السيادة كخير تعبير عن عدم خضوعها المطلق لرقابة القضاء.
راجع :محمد مرغيني خيري " ،في المبادئ العامة للقانون اإلداري ،الجزء الثاني ،الطبعة ،2سنة ،1982ص ،409 .وكذا ميشيل روسي في
مؤلفه " المنازعات اإلدارية بالمغرب" ترجمة محمد هيري والجياللي أمزيد ،ص ،144 .مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط.1995 ،
-وللمزيد من اآلراء الفقهية والتطبيقات القضائية حول نظرية أعمال السيادة أو الحكومة ،يراجع:
-مقال األستاذ محمد قصري " الق اررات اإلدارية التي يجوز الطعن فيها باإللغاء لتجاوز السلطة" منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية،
سلسلة مواضيع الساعة ،العدد .1995 ،1
245
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لهذا الطعن ،غير أن هذا النقاش لم يدم طويال حيث استقرت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض
على أنها ال تعتبر من أعمال السيادة بل هي من الق اررات اإلدارية التي تقبل الطعن
باإللغاء.1
ومن ناحية أخرى ،فإن الموقف القضائي مستقر على أن القرار الوزاري المشترك يعد
ق ار ار فرديا بالنظر إلى أنه يعني أشخاص محددين بصفتهم كمالكين للعقار موضوع
االسترجاع والمحددة أيضا بياناته في القرار الوزاري المشترك كاإلشارة إلى رقم رسمه العقاري
ومساحته والمنطقة المتواجدة فيها ،ولذلك فإن أجل الطعن فيه ،كقاعدة عامة ،ال يبتدئ
سريانه إال من تاريخ تبليغه أو ثبوت العلم اليقيني به ،ومع ذلك فإن المشرع تدخل بشكل
الحق على صدور ظهير 2مارس 1973بمقتضى القانون رقم 242.05الذي نص على
اعتبار النشر بالجريدة الرسمية كمنطلق الحتساب أجل الطعن ضد الق اررات الو ازرية
المشتركة ،وهو ما ترتب عنه بروز عدة منازعات أفرزت عدة اجتهادات قضائية.
وكغيره من الق اررات اإلدارية ،فإن رقابة قاضي اإللغاء على الق اررات الو ازرية المشتركة
تشمل الرقابة على كافة عيوب المشروعية الخمس المنصوص عليها في الفصل 20من
القانون رقم 90.41المحدث للمحاكم اإلدارية ،غير أن الرقابة على عيب مخالفة القانون
المتمثل في ظهير 2مارس 1973شكلت حجز الزاوية الرتباط أغلب المنازعات بمدى توفر
شروط االسترجاع ونقل الملكية.
-محمد أحمد الجيالني " :أعمال السلطة التنفيذية غير القابلة للطعن القضائي في القانون المغربي والمقارن" ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية
والتنمية ،سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ،العدد ،82ط األولى ،2009 ،ص.32 .
-1راجع قرار محكمة النقض ( المجلس األعلى سابقا) عدد 4الصادر بتاريخ 21أكتوبر 1969في الملف عدد ،29190منشور في مجلة
ق اررات المجلس األعلى ،الغرفة اإلدارية سنوات ،1970-1966الطبعة األولى يناير ،1983ص 208 .الذي ورد في حيثياته ما يلي " :فيما
يتعلق بالدفع الرابع المتعلق بكون قرار استرجاع األراضي لفائدة الدولة يعد عمال من أعمال السيادة ،فإن المقرر المطلوب إلغاؤه الذي عين
الوزراء الثالثة بمقتضاه أرض الطاعنة من جملة األمالك المسترجعة من طرف الدولة طبقا لظهير 26شتنبر 1963يعتبر عمال إداريا عاديا ال
يدخل ضمن طائفة أعمال السيادة ."...
-2يتعلق األمر بالظهير الشريف رقم 1.06.14صادر بتاريخ 14فبراير 2006بتنفيذ القانون رقم 42.05القاضي بسن بعض اإلجراءات
المتعلقة بالعقارات الفالحية أو القابلة للفالحة المنقولة ملكيتها إلى الدولة ،عمال بأحكام الظهير الشريف رقم 1.63.289بتاريخ 26شتنبر 1963
والظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.213بتاريخ 2مارس ،1973منشور بالجريدة الرسمية عدد 5400بتاريخ 2مارس ،2006ص.
.2557
246
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبناء عليه ،ونظ ار ألن دراستنا منصبة فقط على منازعات قضاء اإللغاء المرتبطة
بالق اررات المعينة للعقارات المسترجعة من األجانب ولكثرة النزاعات التي أثيرت بشأنه ،فقد
آثرنا التطرق فقط لخصوصية أجل الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك المعين
للعقارات الخاضعة لتدبير االسترجاع وفق ما يلي.
في بداية العمل بنظام استرجاع الدولة لألراضي من األجانب كان الجدل قائما حول
تاريخ سريان أجل الطعن ضد القرار الوزاري المشترك ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية
باعتبار أن المشرع في ظهيري االسترجاع أوجب نشر هذه الق اررات بالجريدة الرسمية ،غير
أن العمل القضائي ومنذ البداية صرح بأن القرار الوزاري المشترك يعدا ق ار ار فرديا ال يبتدئ
أجل الطعن فيه إال من تاريخ التبليغ أو ثبوت العلم اليقيني به ،وألقى على عاتق اإلدارة
عبء إثبات ذلك.
غير أن اإلدارة واجهت عدة صعوبات في تبليغ الق اررات الو ازرية المشتركة بالنظر
لطبيعتها ولكون أغلب المسترجعة منهم العقارات هم أشخاص ذاتيين أجانب وال يتوفرون على
محل إقامة معروف ومعلوم بالمغرب ،كما أن المغاربة الذي اعترف لهم بالصفة في الطعن
ضد القرار الوزاري المشترك لتوفرهم على حقوق عينية على العقارات المسترجعة لم تكن
مقيدة بالرسم العقاري مما حال دون التعرف على مواطنهم وتبليغهم بالق اررات المذكورة.
لذلك ،فإن اإلدارة وبمناسبة الطعون باإللغاء المتعلقة بمخاصمة مشروعية الق اررات
المعينة للعقارات المنقولة ملكيتها إلى الدولة ما فتئت تتمسك بواقعة العلم اليقيني بالق اررات
المذكورة إلثبات فوات أجل الطعن فيها من خالل إثبات العلم بفحواها ومضمونها والجهة
الصادر عنها ،وقد أخذ القضاء اإلداري بمجموعة القرائن والوقائع واعتبرها بمثابة علم يقيني
للطاعنين بالقرار الوزاري المشترك علما تنتفي معه الجهالة ،ومن نماذج ذلك فقد اعتبرت
247
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
محكمة النقض (الغرفة اإلدارية وهي تبت كجهة استئنافية قبل إحداث محاكم االستئناف
اإلدارية) علما يقينيا بالقرار الوزاري المشترك" اإلشارة إلى مضمونه (أي القرار الوزاري
المشترك المطعون فيه) بمناسبة دعاوى ومراسالت إدارية سابقة عن الطعن فيه باإللغاء منها
الطلب المقدم من طرف المستأنفة المؤرخ في 13أكتوبر 1987إلى وزير الفالحة قصد
تمكينها من شهادة تثبت كون العقار غير فالحي ،حيث أشير إلى مسطرة استرجاع العقار
إلى الدولة ،وكذا جواب األمالك المخزنية (مديرية أمالك الدولة) إلى ممثل الشركة المستأنفة
السيد ...والذي توصل بواسطة البريد المضمون مع اإلشعار باالستالم بتاريخ 15مارس
1993وكذا األمر االستعجالي الصادر بتاريخ 15نونبر ،1993والقرار االستئنافي رقم
4946الصادر بتاريخ 13يوليوز ، 1994كل ذلك يثبت أن المستأنفة كانت تعلم بصدور
القرار المطعون فيه بجميع مقوماته علما يقينيا وبعدة سنوات ،وبما أن العلم اليقيني ينزل
منزلة التبليغ ،فإن الطعن المقدم بتاريخ 27نونبر 2002يكون وقع خارج أجل 60يوما
المنصوص عليه في المادة 23من قانون .1" 90.41
كما اعتبر العمل القضائي تقديم الطاعن لطلب في إطار التسوية الودية وبت اللجنة
الثالثية فيه يعد قرينة على العلم اليقيني بالقرار الوزاري المشترك ،وفي هذا اإلطار ورد في
حيثيات حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء أن " الثابت من وثائق الملف أنه
بالرغم من استرجاع الدولة للعقار موضوع القرار ،فإن اللجنة الو ازرية المشتركة المكلفة
بدراسة النزاعات الناجمة عن تطبيق ظهير 2مارس ،1973قد أبدت موقفها على الطلب
الذي كان قد تقدم به كل من السيدين ،...اعتمادا على صورة العقد العرفي المؤرخ في 30
أبريل 1973المصادق على إمضائه في فاتح مارس ،1973ثم تراجعت عن تلك الموافقة
على التسوية خالل اجتماعها بتاريخ 19يناير 1982بعد اطالعها على أصل العقد ،فإن
الطاعنين يكونون عالمين علما يقينيا بالقرار ،وبالتالي يكون طعنهم فيه بدعوى اإللغاء
-1قرار محكمة النقض عدد 107صادر بتاريخ 2007/3/7في الملف رقم ( 2005/3/4/475غ .م).
248
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
للشطط في استعمال السلطة رهين بسلوكه داخل األجل القانوني .وحيث إن تقديمهم للطلب
الحالي بتاريخ 28يونيو 2004يكون واقعا خارج أجل اطعن ،مما يتعين معه التصريح
بعدم قبوله".1
وفي السياق ذاته ،ذهبت المحكمة اإلدارية بوجدة إلى أن طول المدة الفاصلة بين
صدور القرار الوزاري المشترك ونشره بالجريدة الرسمية وتقديم الطعن يعد قرينة على ثبوت
العلم اليقيني بالقرار المذكور الذي يقوم مقام التبليغ ،وانتهت من خالل ذلك القول بأنه "
تطبيقا للقاعدة التي استقر عليها االجتهاد القضائي والقائلة بأن العلم اليقيني يقوم مقام التبليغ
أو النشر ،ويستنتج من أي وثيقة أو واقعة أو قرينة بشكل ينفي الجهالة ،فإن الطعن الذي
تقدم به الطاعنان بعد أكثر من سنة ونصف من علمهما بالقرار المطعون فيه يكون قد قدم
خارج األجل القانوني".2
لكن في مقابل ذلك ،فإن العمل القضائي استبعد عدد من القرائن من مجال إثبات العلم
اليقيني بالقرار الوزاري المشترك لعدم تحقق شروط هذا العلم وال سيما العلم بفحوى القرار
ومضمونه وسببه ،ولذلك فقد اعتبرت محكمة النقض في قرار لها بانتفاء العلم اليقيني بالقرار
الوزاري المشترك بعلة أن " توافر رسائل متبادلة بين اإلدارة والطاعن الذي أخضع عقاره
لمقتضيات ظهير 2مارس 1973ال تحتوي على مراجع القرار الوزاري المشترك ومصدره
وفحواه ،وإن كانت تتضمن ما يفيد اإلخضاع المذكور ،فهي ال تسمح بتوافر العلم اليقيني
التام" ،3كما اعتبرت في قرار آخر بأن "تقديم مطالبة من طرف الطاعن أمام اللجنة الو ازرية
المكلفة بالبت في النزاعات الناشئة عن تطبيق ظهير 2مارس 1973من أجل تسوية
وضعيته وإثبات أحقيته في اقتناء العقارات المسترجعة ألنه اشتراها قبل صدور الظهير
المذكور ،ال يمكن أن يستنتج منه أنه كان عالما علما يقينيا بفحوى القرار الوزاري المشترك
-1المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء ،حكم عدد 663صادر بتاريخ 15دجنبر 2004في الملف رقم 2004/290غ (غ .م).
2
-المحكمة اإلدارية بوجدة ،حكم عدد 181صادر بتاريخ 15دجنبر 2005في الملف رقم 2005/40غ (غ .م).
3
-محكمة النقض ( الغرفة اإلدارية) ،قرار مؤرخ في 3ماي 2001صادر في الملف رقم ( 1/4/589غ .م).
249
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ومصدره" ،1وفي قرار مرتبط بنفس موضوع النزاع اعتبرت محكمة النقض أن " مجرد مكاتبة
الطاعن اإلدارة للتعبير عن دهشته من استمرارها في إخضاع عقاره لنقل ملكيته إلى الدولة
رغم إقدام اإلدارة نفسها ع لى التراجع عن هذا القرار ،ال يشكل علما يقينيا بالقرار ما دامت
هذه األخيرة لم توضح للطاعن أن سبب إخضاع عقاره من جديد لظهير 2مارس 1973
يعود إلى العنصر الخفي المتمثل في اكتشافها أن جزء منه يوجد خارج المدار الحضري
ورسالته التي تتمسك بها اإلدارة إنما هي سعي منه للبحث عن عناصر وأركان القرار الذي
يطعن فيه ما دامت اإلدارة لم تعمل على تبليغه".2
ويستنتج من هذا العمل القضائي ،أن أجل الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك
قبل صدور قانون 42.05لم يحقق االستقرار الذي كانت ترومه الدولة والذي هو مبتغى
المشرع من وراء سنه لقاعدة خضوع الطعن باإللغاء ألجل قانوني ،لذلك فقد اضطر المشرع
للتدخل قصد حل إشكالية تبليغ الق اررات الو ازرية المشتركة وضمان تحصينها وذلك
االستعاضة عن التبليغ بالنشر كوسيلة الحتساب أجل الطعن باإللغاء وفق ضوابط محددة.
فما هو إذن اإلطار العام لهذا القانون ،وإلى أي حد توفق المشرع المغربي في تحقيق
تحصين للق اررات الو ازرية المشتركة؟ ،وما هي عالقة مقتضيات القانون المذكور بالقواعد
العامة؟ ،تلك األسئلة وغيرها ستكون محل إجابة في النقطة الموالية.
بصدور القانون رقم 42.05تخلصت اإلدارة من القيام بإجراءات تبليغ المعنيين باألمر
بالقرار الوزاري المشترك وكذا من عبء إثبات العلم اليقيني بهذه الق اررات ،بحيث وضع
القانون رقم 42.05حدا للطعن باإللغاء في الق اررات الو ازرية المشتركة المتعلقة بتعيين
1
-محكمة النقض ( الغرفة اإلدارية) ،قرار عدد 227مؤرخ في 25فبراير 1999صادر في الملف رقم ( 1/4/589غ .م).
2
-محكمة النقض (الغرفة اإلدارية) ،قرار عدد 112مؤرخ في 23أبريل 1992صادر في الملف رقم ( 90/10209غ .م).
250
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
العقارات المنقولة ملكيتها إلى الدولة في إطار ظهيري االسترجاع ،بحيث حدد أجال لهذا
الطعن وهو 60يوما ،ويسري هذا األجل ابتداء من:
-تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية عدد 5400بتاريخ 2مارس 2006
بالنسبة للق اررات الصادرة قبل هذا التاريخ،
-أما الق اررات الو ازرية المشتركة التي ستصدر الحقا لنشر القانون المذكور ،فإن أجل
60يوما يحسب من تاريخ نشرها.
وقد ابتغى المشرع المغربي من وراء هذا القانون ضمان استقرار األوضاع والمراكز
القانونية من خالل تحصين الق اررات الو ازرية المشتركة من رقابة قاضي اإللغاء واالستفادة
من مزايا هذه الحصانة وإن أمكن خضوع هذه القرارات لفحص الشرعية في حالة فوات أجل
الطعن.1
1
-يجدر الذكر أن إلغاء القرار الوزاري المشترك المعين للعقارات المسترجعة من األجانب يترتب عنه محور آثار هذا القرار وإرجاع الحالة إلى ما
كانت عليه ،بما يعني ذلك أحقية الطاعن في استحقاق العقار المسترجع ،ولذلك فإنه فضال عن مشروعية القرار الوزاري المشترك فإنه أيضا بفوات
أجل الطعن باإللغاء تبقي الدولة في مركز المالك الوحيد للعقار المسترجع.
وفي هذا السياق صرحت محكمة النقض في قرار لها بأنه " يترتب على انقضاء أجل الطعن القضائي اكتساب القرار اإلداري حصانة قانونية ضد
رقابة قاضي اإللغاء ولو كان مخالفا للقانون " .قرار محكمة النقض عدد 892صادر بتاريخ 30نونبر 2005في الملف رقم 2013/1/4/1255
(قضية الحاج محمد بودالل ومن معه ضد الوزير األول ( غ م).
-إلى جانب تنظيمه ألجل الطعن باإللغاء ضد الق اررات الصادرة في إطار تطبيق النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب ،نسخ القانون 2
رقم 42.05أيضا أحكام المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم 718-67بتاريخ فاتح مارس 1968المتعلق بأراضي االستعمار التي كانت على ملك
مغاربة ،والذي ينص على أن ال تطبق مقتضيات الظهير الشريف رقم 1-63-289بتاريخ 26شتنبر 1963بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة
بموجبها أراضي االستعمار ،على العقارات التي كانت بتاريخ نشر هذا الظهير جارية بحكم التحفيظ أو التقييد في السجالت العقارية على ملك
أشخاص ذاتيين مغاربة ،أو كان هؤالء األشخاص يتوفرون على عقود شراء لم يتم تقييدها إال أنها كانت ثابتة التاريخ في فاتح أكتوبر 1963سواء
كانت مشفوعة بالرخصة اإلدارية أم ال ،ونسخ أيضا أحكام الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1-73-300بتاريخ 2يناير 1974المتمم للظهير
الشريف رقم 1-63-288بتاريخ 26شتنبر 1963بشأن مراقبة العمليات العقارية الواجب إنجازها من طرف بعض األشخاص والمتعلقة باألمالك
الفالحية القروية ،والذي ينص على أن ال تطبق مقتضيات هذا الظهير على العقود التي اكتسبت تاريخا ثابتا قبل 27شتنبر ،1963وذلك من أجل
تصفية الحاالت التي تخضع لمقتضياتهما .
251
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يسلك منهجية تعديل وتتميم النصوص القانونية المتعلقة بموضوع األراضي المسترجعة من
األجانب الواردة بظهيري 26شتنبر 1963و 2مارس ،1973وقد تكون غاية المشرع من
وراء ذلك هي التنصيص على استثناءات على القواعد العامة التي تحكم أجل الطعن باإللغاء
الواردة في قانون المسطرة المدنية ( الفصل 360منه) والقانون المحدث بموجبه المحاكم
اإلدارية ( المادة 23منه) ،وذلك عمال بقاعدة الخاص يقيد العام.
كما يالحظ أيضا أن المشرع حدد مدة ذلك األجل باأليام وليس بالشهر وذلك سي ار على
نفس منواله الذي سلكه في القانون المحدث للمحاكم اإلدارية.
أما من حيث المضمون ،فالمالحظ أنه إذا كان احتساب أجل الطعن ابتداء من تاريخ
نشر المقرر اإلداري المعني بالجريدة الرسمية أم ار مقبوال من الناحية القانونية طالما أن كال
من الفقه والقضاء اإلداريين مستقران على أن النشر يعتد به في المجال اإلداري على اعتبار
أنه يحقق نفس غايات التبليغ والعلم اليقيني بالقرار اإلداري ،بحيث إن الطاعن وبمجرد
اطالعه على القرار بالجريدة الرسمية يعلم بمضمونه وفحواه وبالجهة الصادر عنها مما
يسهل عليه مراجعة القضاء لمخاصمة هذا المقرر ،فإن تحديد أجل الطعن باإللغاء ضد
المقرر اإلداري ابتداء من تاريخ نشر نص قانوني بالجريدة الرسمية يعد أم ار استثنائيا قد
تترتب عنه أضرار بالطاعنين ،1بحيث يصعب عليهم العلم بالقرار اإلداري الذي تم تحديد
أجل الطعن فيه ومضمونه رغم اطالعهم على القانون بالجريدة الرسمية ،اللهم إن كان
علمهم قائما قبل صدور القرار اإلداري المذكور فيبادرون إلى الطعن فيه بمجرد علمهم
بصدور القانون رقم .42.05
وعموما ،فقد دأب القضاء اإلداري على التصريح بعدم قبول الطعون الموجهة ضد
الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة للعقارات المسترجعة من طرف الدولة تطبيقا للقانون رقم
-لقد لوحظ من الناحية العملية أن عدد من الطعون باإللغاء لم يتم قبولها من طرف القضاء لتقديمها خارج أجل الطعن المحدد بموجب القانون 1
رقم 42.05سيما وأن األجل المذكور يعد من النظام العام تثيره المحكمة تلقائيا ولو لم تتمسك به اإلدارة.
252
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
42.05المتحدث عنه منذ بدا ية العمل به ،ومن نماذج ذلك نورد ما جاء في حكم للمحكمة
اإلدارية بالدار البيضاء صادر بتاريخ 2007/5/17والذي جاء في حيثياته ما يلي ":وحيث
إنه طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة األولى من القانون رقم ،42.05فإن أجل تقديم
طلبات اإللغاء ضد الق اررات المشار إليها في الفصل 2من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم
213-73-1بتاريخ 1973/3/2المنقولة بموجبه إلى الدولة ملكية العقارات الفالحية أو
القابلة للفالحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب وأشخاص معنويون ،والتي تم نشرها قبل
تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ،يحدد في ستين يوما ابتداء من هذا التاريخ ،وهو
النشر الذي تم بتاريخ 2006/3/2بالجريدة الرسيمة عدد ،5400مما يعني أن جميع
الق اررات المذكورة التي تم نشرها قبل ذلك التاريخ ينتهي أجل الطعن فيها كحد أقصى في
.2006/5/2
وحيث إن الق اررين المطعون فيهما في النازلة صد ار قبل نشر القانون رقم 42.05
بالجريدة الرسمية ،وذلك بتاريخ 1973/7/30بالنسبة للقرار رقم ،73.779وبتاريخ
1973/10/16بالنسبة للقرار رقم ،1036.73وبالتالي فإن الطعن فيهما ينبغي أن يتم قبل
2006/5/2كحد أقصى طبقا للمقتضيات المشار إليها أعاله ،في حين أن الطعن الحالي لم
يقدم إال بتاريخ 2007/4/10حسبما هو ثابت من تأشيرة كتابة الضبط على المقال ،كما أن
التظلم الموجه من طرف الطاعن في موضوع الق اررين بتاريخ ،2006/8/10فضال عن أنه
وجه إلى غير الجهة المصدرة لهما أو السلطة الرئاسية لها ،فإنه جاء خارج أجل ستين يوما
المحدد لتقديم التظلم طبقا لمقتضيات المادة 23من القانون رقم ،41-90مما يجعله غير
منتج في قطع أجل الطعن.
253
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وحيث إنه تبعا لذلك ،يكون الطلب قدم خارج األجل القانوني ويتعين التصريح بعدم
قبوله".1
وقد توالت التطبيقات القضائية الذي صرحت بعدم قبول الطعن باإللغاء ضد القرار
الوزاري المشترك تطبيقا للقانون رقم 42.05على مستوى محاكم أول درجة مؤيدة في ذلك
من طرف محاكم أعلى درجة ،حيث جاء في إحدى ق اررات محكمة النقض أن " لكن ،حيث
إنه لما كان القرار المطلوب نقضه قد علل قضاءه تأسيسا على مقتضيات القانون رقم
42.05الذي حدد أجل تقديم طلبات اإللغاء ضد الق اررات الواردة في الفصل الثاني من
الظهير الشريف رقم 1.73.213الصادر بتاريخ 1973/03/02الذي تنقل بموجبه إلى
الدولة ملكية العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو
أشخاص معنويون في ستين يوما ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ
2006/03/02ويكون أقصى أجل للطعن هو .2006/05/02وحيث إن مقال الطعن
المقدم من طرف الطالبين كان بتاريخ ،2007/01/10فإنه يكون قد جاء معلال بكيفية
قانونية وال وجود للخرق المحتج به".2
غير أن المالحظ أيضا أن القانون رقم 42.05لم يعالج جميع حاالت الطعن باإللغاء
ضد الق اررات الصادرة في إطار تطبيق الدولة لتدبير االسترجاع ،ومن ذلك تلك الحالة
المتعلقة بالطعون باإللغاء التي وجهت ضد الق اررات المذكورة قبل صدور القانون المذكور
وصدرت فيها أحكام بعدم قبول الطعن لتقديمه خارج األجل القانوني إما لثبوت التبليغ أو
العلم اليقيني.
وبعبارة أخرى ،هل يمكن القول بأن المشرع بسنه للقانون رقم 42.05قد سمح لجميع
المعنيين باألمر بالطعن باإللغاء ضد الق اررات المعينة للعقارات المسترجعة من األجانب بما
1
-حكم للمحكمة اإلدارية بالدار البيضاء عدد 1002الصادر بتاريخ 2007/5/17في الملف اإلداري عدد 07/155غ (غ م)
2
-محكمة النقض (الغرفة اإلدارية) ،قرار عدد 23مؤرخ في 2011/01/13صادر في الملف رقم ( 2010/1/4/766غ م).
254
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
فيهم أولئك الذين سبق أن تقدموا بطعون باإللغاء شريطة التقيد بأحكامه؟ أم أن األمر خالف
ذلك وال يشمل سوى الحاالت التي لم يسبق لها أن عرضت على القضاء اإلداري؟
البين أن المشرع لم يستحضر معالجة مثل هذه الحالة ربما إيمانا من واضعي النص
القانوني المذكور بأن األمر تحصيل حاصل باعتبار أن عدم االستقرار الناتج عن الق اررات
اإلدارية المذكورة كان ناتج فقط عن الطعون التي لم ترفع أمام القضاء من طرف من لم
يسبق له تقديم هذا الطعن.
أما العمل القضائي فقد تباينت مواقفه بخصوص هذا اإلشكال قبل أن يستقر على
اجتهاد موحد ،ففي البداية أقر العمل القضائي بأن القانون رقم 42.05لم يفتح أجال جديدا
وأنه يخص فقط األشخاص الذين لم يسبق لهم أن مارسوا الطعن باإللغاء ولجؤا إلى القضاء
مستندا في ذلك إلى مقتضيات القانون المذكور وغاياته المتمثلة في استقرار المراكز
واألوضاع القانونية ،وهو ما عبرت عنه صراحة المحكمة اإلدارية بالرباط حيث جاء في
حكم لها بأن " التمسك بمقتضيات القانون رقم 42.05بسن بعض اإلجراءات المتعلقة
بالعقارات الفالحية أو القابلة للفالحة المنقولة ملكيتها إلى الدولة ،ليس من شأنه فتح آجاال
جديدة للطعن ضمانا الستقرار األوضاع القانونية ،ذلك أن المقتضيات الواردة في الفقرة 2
من المادة األولى من القانون المذكور والتي تنص على أن تقديم طلبات اإللغاء ضد الق اررات
الو ازرية المشتركة يتم داخل أجل 60يوما من تاريخ نشر القانون تخص األشخاص الذين لم
يسبق لهم تقديم أي طعن بشأن هذه الق اررات".1
غير أن هذا التوجه القضائي لم يعمر طويال ،بحيث أن القضاء اإلداري على مستوى
محاكم ثاني درجة ،وبحكم الدور الذي يلعبه في مجال حماية حقوق األفراد والجماعات
وحرياتهم كانت له وجهة نظر أخرى ،بحيث أقر بأن القانون رقم 42.05فتح أجال جديدا
1
-المحكمة اإلدارية بالرباط ،حكم عدد 1219مؤرخ في 4يونيو 2007صادر في الملف رقم 06/123غ.
255
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لتقديم الطعون باإللغاء ضد الق اررات الو ازرية المشتركة ،ومن نماذج هذا االجتهاد القضائي
نذكر القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط الذي جاء فيه ما يلي "حيث إن
القانون رقم 42.05قد تم نشره بالجريدة الرسمية عدد 5400بتاريخ 2مارس 2006والذي
فتح آجاال جديدة للطعن في الق اررات التي سبق نشرها قبل صدور هذا القانون.
وحيث إن الطاعن المستأنف تقدم بمقاله االفتتاحي أمام المحكمة اإلدارية بالرباط
بتاريخ 06أبريل 2006يطعن بمقتضاه في القرار المشترك رقم 1035.73الصادر بتاريخ
1973/10/16القاضي (بنقل) 1وحيازة العقار موضوع الرسم العقاري عدد ...إلى الدولة،
مما يكون معه الطعن المذكور قد قدم داخل األجل القانوني المحدد بمقتضى المادة األولى
من القانون المشار إلى مراجعه أعاله ،ويكون الحكم المستأنف عندما قضى بخالف ذلك
مخالفا للقانون ومعرضا لإللغاء".2
ونفس االجتهاد أكدته محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش في قرار لها جاء فيه " حيث
إنه باستقراء المقتضيات القانونية أعاله وال سيما الفقرة الثانية منها يتبين أن المشرع قد أعطى
لألشخاص المعنيين باألمر إمكانية الطعن في الق اررات الصادرة باسترجاع العقارات الفالحية
أو القابلة للفالحة التي كانوا يملكونها لفائدة الدولة المنشورة قبل 2مارس ،2006أي قبل
صدور القانون 42.05داخل أجل ستين يوما وهو ما يعني أنه فتح لهؤالء أجال جديدا
للطعن في الق اررات المذكورة".3
1
-أشار قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط المذكور عن غير صواب أن القرار المشترك قضى بنقل ملكية العقار المسترجع ،بينما القرار
المذكور وكغيره من الق اررات الو ازرية المشتركة تكتفي بتعيين العقار المسترجع على اعتبار أن نقل الملكية تم بمقتضى القانون أي ظهير 2مارس
1973الذي نص في فصله األول على أنه " تنقل إلى الدولة ابتداء من تاريخ نشر ظهيرنا الشريف هذا ملكية العقارات الفالحية أو القابلة
للفالحة الكائنة كال أو بعضا خارج الدوائر الحضرية والتي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو أشخاص معنويون" ،بما يعني ذلك أن نقل الملكية
تم بموجب الظهير المذكور وليس بمقتضى القرار الوزاري المشترك الذي يقتصر على تعيين هذا العار المنقولة ملكيته بعد التحقق من توفر شروط
استرجاعه.
2
-محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط ،قرار عدد 947مؤرخ في بتاريخ 9يوليوز 2008صادر في الملف رقم ( 5/07/373غ م).
3
-محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش ،قرار عدد 489مؤرخ في 2008/11/12صادر في الملف رقم ( 2008/5/103غ م).
256
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويبدو لنا أن هذا التوجه القضائي الذي تبنته أيضا محكمة النقض (الغرفة اإلدارية) في
عدة ق اررات صادرة عنها ،إن كان يحقق حماية خاصة لألفراد والجماعات بأن فسر نصا
قانونا بما يحمي حقوقهم ،فإنه بالمقابل لم يراع متطلبات المصلحة العامة بحيث -في
تقديرنا -لم يحقق من خالل هذا االجتهاد توازنا بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة،
ذلك أنه من جهة فإنه لم يراع كون المشرع في القانون رقم 42.05لم ينص على فتح أجل
جديد للطعن ال صراحة وال تلميحا وال ضمنيا بل اقتصر فقط على التأكيد على ما هو
معمول به في القواعد العامة من تحديده ألجل الطعن في 60يوما مع جعل هذا األجل
يسري ابتداء من نشر القرار اإلداري أو القانون المذكور بالجريدة الرسمية حسب األحوال،
بينما ال تتضمن مقتضياته أي آجال جديدة في مصلحة الطاعنين الذي سبق أن ولجوا
القضاء حتى يمكن القول بإمكانية تطبيق هذا القانون عليهم.
ومن جهة ثانية ،فإنه من القواعد العامة في مجال التقاضي أن الحق ال يمكن المطالبة
به قضائيا أكثر من مرة واحدة وذلك حفاظا على استقرار المراكز واألوضاع القانونية وتفاديا
لصدور أحكام متناقضة في نفس القضية ودرءا لفتح باب المنازعات إلى ما النهاية ،1وهو
ما ال يتحقق في الحالة موضوع الدراسة بحيث إن هذا االجتهاد القضائي أدى إلى عكس
الغاية المتوخاة من إصدار القانون رقم ،42.05فبدل وضع حد للمنازعات المرتبطة بالطعن
ضد الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة للعقارات المسترجعة من طرف الدولة وتحقيق استقرار
1
-إن هذا المبدأ أكده القضاء اإلداري المغربي في أحكام و ق اررات عدة نذكر منها على سبيل المثال ال الحصر :القرار عدد 874الصادر عن
محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) بتاريخ 2003/11/20في الملف عدد 2002/1/4/2444و الذي جاء في إحدى حيثياته ما يلي:
" وحيث إنه من القواعد المقررة في طرق الطعن أنه ال يجوز ممارسة نفس الطعن مرتين".
كما جاء في الحكم عدد 655المؤرخ في 2004/12/13الصادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء في الملف عدد 2003/1633غ و الذي
جاء فيه :
" وحيث إنه من الراسخ قانونا وقضاء أنه ال يمكن المطالبة بنفس الحق من خالل دعاوى قضائية متعددة رائجة في نفس الوقت أمام جهات
قضائية مختلفة وذلك حفاظا على استقرار المراكز القانونية و تفاديا لصدور أحكام متناقضة".
257
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المراكز واألوضاع القانونية ،فقد تولدت عنه منازعات أخرى تم إحياؤها من جديد نتيجة ما
اعتبر فتحا ألجل جديد.1
ومن اإلشكاليات المرتبطة بأجل الطعن ضد الق اررات اإلدارية موضوع الدراسة تلك
المرتبطة بعالقة القانون رقم 42.05بالقواعد العامة المنظمة ألجل الطعن باإللغاء ضد
الق اررات اإلدارية بوجه عام ،وال سيما المقتضيات القانونية غير الواردة في هذا القانون وعلى
األخص مسطرة التظلم ضد الق اررات المذكورة وما إن كانت تمدد أجل الطعن ضد القرار
الوزاري المشترك أم ال خاصة في ظل عدم التنصيص عليها بالقانون رقم .42.05
اختلفت آراء الباحثين في شأن هذه اإلشكالية بين من اعتبر بأنه ال مانع قانوني من
اعتماد مسطرة التظلم في تمديد آجال الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك المعين
للعقارات المسترجعة من األجانب ،2وبين من اعتبر بأن اإلمكانية تبقى غير متاحة بالنظر
إلى أن األمر يتعلق بقانون خاص واجب اإلعمال ويقيد ما عداه من المقتضيات العامة.3
ومن جانبا ،نرى بأنه ،من الناحية القانونية الصرفة ،يمكن القول بأن مسطرة التظلم
تبقى قائمة على اعتبار أن القانون رقم 42.05اكتفى فقط بسن بعض اإلجراءات المتعلقة
بالعقارات الفالحية أو القابلة للفالحة المنقولة ملكيتها إلى الدولة كما يتضح من عنونته
ومضمونه وهي اإلجراءات المتعلقة بأمد الطعن باإللغاء وسريانه ،بحيث أن هذا القانون
استثنى من القواعد العامة فيما يتعلق بالطعون الموجهة ضد الق اررات المعينة للعقارات
-راجع بهذا الخصوص ،محمد نبيل حرزان " القانون رقم 42.05القاضي بسن بعض اإلجراءات المتعلقة بالعقارات المنقولة ملكيتها إلى الدولة 1
وتوجهات العمل القضائي" ،أشغال اليوم الدراسي حول موضوع اإلشكاليات القانونية التي يثيرها ظهير 2مارس 1973المنقولة بموجبه إلى الدولة
ملكية العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة التي يملكها اشخاص ذاتيون أجانب أو اشخاص معنويون ،نظم بشراكة بين الوكالة القضائية للمملكة
ومديرية أمالك الدولة بتاريخ 17يونيو ،2011منشورات و ازرة االقتصاد والمالية بالرباط ،ص.22 .
2
-أنظر ،عمر األزمي اإلدريسي " آجال الطعن في الق اررات الو ازرية المشتركة المتعلقة باسترجاع العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة المملوكة
لألجانب تطبيقا لظهيري 26سبتمبر 1963و 2مارس ،" 1973المجلة المغربية إلدارة المحلية والتنمية ،سلسلة مواضيع الساعة ،العدد ،70شتنبر
– أكتوبر 2006ص.47 .
-راجع ،نور الدين بريمي " العقارات المسترجعة من األجانب :المنازعات وطرق التدبير" ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة 3
محمد األول ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة ،السنة الجامعية 2018/2017ص .224
258
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المسترجعة من األجانب تاريخ سريان أجل الطعن واحتفظ بأمده طالما أن األمر يتعلق بنفس
المدة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية و القانون المحدث للمحاكم اإلدارية أي
60يوما ،بينما لم يتضمن أي استثناءات أخرى وهو بذلك أبقى على باقي المقتضيات
القانونية العامة ومنها إمكانية تمديد أجل الطعن عن طريق مسطرة التظلم وفقا لما تقضي به
المادة 23من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية ،كما أنه من جانب آخر ال وجود ألي
تعارض بين المقتضى القانوني المنظم لمسطرة التظلم والقانون رقم .42.05
وتجدر اإلشارة إلى أن أجل الطعن في مواجهة الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة
للعقارات المسترجعة من األجانب ابتداء من تاريخ نشرها أو نشر القانون رقم 42.05
بالجريدة الرسمية يسري على جميع الطاعنين المقيمين بالمغرب ،لكن اإلشكال أثير في شأن
الطاعنين المقيمين خارج أرض الوطن ،فهل ينطبق عليهم هذا األجل باعتبار أن األمر
يتعلق بتطبيق نص قانوني يسري في مواجهة الكافة بغض النظر عن مكان إقامتهم؟ ،أم أن
األمر خالف ذلك بحيث إن المشرع يراعي في بعض األحيان اإلقامة بخارج تراب المملكة
كما فعل بالنسبة لتبليغ اإلجراءات القضائية لغير المقيمين بالمغرب حيث مدد األجل بالنسبة
لهم؟.
لقد أجابت محكمة االستئنافية اإلدارية بالرباط عن هذا اإلشكال ،وصرحت بأن هذا
األجل ال يسري على الطاعن الذي ثبت أنه مقيم خارج المغرب مبررة اجتهادها هذا بأن
"الجريدة الرسمية ال يتعدى نطاق نشرها أرض الوطن حتى يتم االستناد إليها لبداية احتساب
أجل الطعن ،فما دام الطاعن يقيم خارج أرض الوطن حسب جواز سفره وليس بالملف ما
يفيد تواجده بالمغرب أثناء سريان األجل المذكور ،فإنه يتعين القول بأن ذلك األجل يبقى
259
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بالنسبة إليه مفتوحا ويتعين بالتالي قبول طلبه ،وأن الحكم المستأنف حينما قضى بعدم قبول
الطلب لتقديمه خارج األجل القانوني جاء مجانبا للصواب وموجبا لإللغاء ".1
ونرى بأن ما انتهت إليه محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط غير مبرر قانونا ،إذ ال
وجود ألي نص قانوني يعطي امتياز لغير المقيمين بالمغرب في االستفادة من مقتضيات
قانونية تسري على الجميع على قدم المساواة عمال بأحكام الدستور ،كما أنه وإن كانت بعض
المقتضيا ت القانوني تعطي امتيا از لألشخاص المقيمين خارج المغرب كما هو الشأن بالنسبة
للتبليغ في قانون المسطرة المدنية ،فإن القياس ال يمكن إعماله في مجال أجل الطعن
باإللغاء باعتبار أن األمر يتعلق بتطبيق قاعدة متصلة بالنظام العام تحدد أجال قانونيا
للطعن ضد القرار اإلداري.
وتجدر اإلشارة في األخير ،أن مقال الطعن باإللغاء ال يكون مقبوال فقط باستجماعه
شروط الصفة والمصلحة وإدراجه داخل األجل القانوني ،بل إن األمر يقتضي توفره على
باقي الشروط الشكلية ومنها على الخصوص اإلدالء بالمقرر المطعون فيه أو بتظلم إن كان
قد تم تقديمه وذلك عمال بمقتضيات المادة 21من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية وتوفره
على باقي البيانات القانونية الوارد ذكرها في الفصل 32من قانون المسطرة المدنية المحال
عليه بموجب المادة 7من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية .كما أن قاضي اإللغاء يتوفر
على كامل الصالحيات لتحقيق الدعوى من األمر بإجراء بحث أو خبرة أو معاينة عند
االقتضاء.
لنتساءل في ختام هذا المبحث عن القواعد التي أقرها قاضي اإللغاء في تعامله مع
عيب مخالفة القرار الوزاري المشترك للقانون؟ وما هي اآلثار المترتبة عن إلغاء هذا النوع من
الق اررات على مستوى حماية حق الملكية العقارية؟ تلك األسئلة ستكون موضوع جواب في
المبحث الموالي.
1
-محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش ،قرار عدد 101مؤرخ في 2009/01/21صادر في الملف رقم ( 5/07/382غ م).
260
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المبحث الثاني :مظاهر الرقابة على عيب مخالفة القانون في القرار الوزاري
المشترك وفعاليتها
يخضع القرار الوزاري المشترك المعين للعقارات المسترجعة من طرف الدولة لرقابة
قاضي اإللغاء من حيث عيوب المشروعية الخمس المنصوص عليها في المادة 20من
القانون المحدث للمحاكم اإلدارية ،ويتعلق األمر بعيوب االختصاص والشكل والسبب
ومخالفة القانون واالنحراف في استعمال السلطة.
وإذا كانت العيوب الشكلية أو الخارجية في القرار الوزاري المشترك والمتمثلة في كل
من االختصاص وا لشكل لم تثر أي إشكاالت تذكر على صعيد العمل القضائي ،فإن باقي
العيوب الموضوعية أو العيوب الداخلية كما يصطلح عليها في الفقه وال سيما عيب مخالفة
القانون شكلت حجز الزاوية في المنازعات التي أثريت بشأن الطعون باإللغاء ،حيث ال يخلو
طعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك من وسيلة مخالفة القانون المتمثل في ظهير 2
مارس 1973وال سيما الفصل األول منه الذي حدد شروط نقل ملكية العقارات المملوكة
لألجانب واألشخاص المعنوية لفائدة الدولة ،والمتمثلة في ثالثة شروط أساسية وهي ،أن
يكون العقار مملوكا لشخص ذاتي أجنبي أو شخص معنوي ،وأن يكون العقار المسترجع
فالحيا أو قابال للفالحة ،وأن يكون واقعا خارج الدوائر الحضرية كال أو بعضا.
وتمثل رقابة قاضي اإللغاء على الق اررات الو ازرية المشتركة القاضية بتعيين العقارات
المنقولة ملكيتها إلى الدولة في إطار تطبيق تدبير استرجاع األراضي من األجانب أهم
ضمانة قانونية لحماية المشروعية من خالل إخضاع أعمال اإلدارة الصادرة تطبيقا للنظام
القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب للقواعد القانونية التي سنها النظام المذكور والعمل
على تحقيق مراميه وأهدافه.
261
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ذلك أنه من مقتضيات مبدأ المشروعية أن يكون القرار اإلداري مطابقا من حيث
الموضوع لمضمون القواعد القانونية ،وقد أشارت المادة 20من القانون المحدث للمحاكم
اإلدارية إلى أنه يعتبر من أسباب الطعن باإللغاء مخالفة القرار اإلداري للقانون.
هذا ،ويذهب الفقه اإلداري إلى أن عيب مخالفة القرار اإلداري للقانون له معنى ضيق
يشمل مخالفة القرار للقانون في فحواه أو مضمونه ،وبمعنى آخر أن يكون األثر القانوني
المترتب على القرار اإلداري غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره سواء أكان مكتوباً
كأن يكون نصا دستوريا أو تشريعياً أو تنظيميا أو غير مكتوب كالعرف والمبادئ العامة
للقانون وهو موضوع بحثنا في هذا المجال.
أما عيب مخالفة القانون بمعناه الواسع فيشمل باقي عيوب القرار اإلداري كافة ،أي
عيوب االختصاص والشكل والسبب وعيب االنحراف في استعمال السلطة.
وتتجسد حاالت مخالفة القرار الوزاري المشترك للقانون في المخالفة المباشرة للقواعد
القانونية ال تي أرساها المشرع في النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب وال سيما
تلك المنصوص عليها في الفصل األول سواء في ظهير 26شتنبر 1963أو ظهير 2
مارس 1973التي حددت الشروط التي بموجبها تسترجع الدولة ملكية العقارات التي نعاها
الظهيرين المذكورين ،وهي أن يكون العقار المعني أرض استعمار أو مملوك لشخص أجنبي
ذاتي أو شخص معنوي وأن يكون العقار فالحيا أو قابال للفالحة وواقعا كال أو بعضا خارج
الدوائر الحضرية.
لذلك ،فمن بين اإلشكاليات التي طرحت أمام قاضي اإللغاء عند بته في الطعون
الموجهة ضد الق اررات الو ازرية المشتركة إشكالية تحصن هذا النوع من الق اررات على إثر
صدور القانون رقم 42.05المومإ إليه أعاله ،حتى بدا بأن هذا النوع من المنازعات سيندثر
بالمرة بسبب الحصانة القانونية للق اررات الو ازرية المشتركة.
262
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
غير أن قاضي اإللغاء لم يقتصر فقط على التسليم بالمقتضيات القانونية المنظمة
السترجاع األراضي من األجانب بحرفيتها ،بل إنه أعطاها تأويال وتفسي ار مستحض ار المبادئ
العامة التي تحكم قضاء اإللغاء ومنها على الخصوص اعتبار القرار الوزاري المشترك الذي
قضى بتعيين عقار ال تتوفر فيه شروط استرجاعه ق ار ار منعدما ،ومن نتائج ذلك عدم
خضوعه ألجل الطعن باإللغاء سواء إعماال للقواعد العامة الواردة بالمادة 23من القانون
المحدث للمحاكم اإلدارية أو عمال بالمقتضيات الخاصة المنصوص عليها في القانون رقم
.42.05
هذا ،ويعرف الفقه القرار اإلداري المعدوم بأنه " القرار المنعدم الصلة بقواعد المشروعية
بحيث يفقده صفته اإلدارية ويحوله إلى مجرد عمل مادي بحت ليس من شأنه أن يرتب أي
أثر قانوني في مواجهة األفراد أو يؤثر في مراكزهم القانوني".1
وتطبيقا لذلك ،فقد اعتبر قاضي اإللغاء الق اررات الو ازرية المشتركة المحددة للعقارات
المسترجعة من طرف الدولة ق اررات معدومة إذا ثبت له عدم توفر شرط ملكية األجنبي
للعقار المسترجع 2وقضى بإلغائها معلال ذلك بكون " شرط الجنسية يعتبر من ضمن أهم
الشروط القانونية التي يجب توفرها في القرار الذي تقرر بمقتضاه تعيين العقارات المعنية
بتدبير االسترجاع من طرف الدولة ،وأنه في حالة عدم توفر هذا الشرط الجوهري فإنه تنتفي
موجبات تطبيق هذا الظهير وبأنه الوسيلة الوحيدة لإلدارة لنقل ملكية العقار المسترجع إليها
هو تطبيق النظام القانوني لنزع الملكية ألجل المنفعة العامة وليس النظام القانوني لألراضي
- 1من اآلثار المترتبة على صدور القرار اإلداري المعدوم أنه يجوز لإلدارة أن تسحبه في أي وقت دون التقيد بمدة الستين يوماً (شهرين) لتحصين
القرار اإلداري ،ويجوز الطعن فيه أمام القضاء اإلداري دون التقيد باألجل المحدد قانونا للطعن ،ومن صوره تعدي سلطة إدارية على اختصاص
سلطة أخرى إدارية كانت أم قضائية أم تشريعية ،والخطأ الجسيم في إصدار القرار اإلداري.
2
-راجع قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد 2869الصادر بتاريخ 20يونيو 2012في الملف رقم ( 5/12/26غ م) ،والمبرم بموجب
قرار محكمة النقض عدد 1037الصادر بتاريخ 13دجنبر 2012في الملف رقم ( 2012/1/4/1753غ م).
وقد توالت بعد ذلك األحكام التي اعتبرت القرار الوزاري المشترك ق ار ار منعدما لنفس العلل ،من ذلك نذكر على سبيل المثال ق اررات محكمة االستئناف
اإلدارية بالرباط عدد 1177المؤرخ في 16مارس 2015الصادر في الملف رقم ( 5/13/566غ م) ،والقرار عدد 120المؤرخ في 10يناير
2017في الملف رقم 2016/7205/594مضموم إليه الملف رقم ( 2016/7205/619غ م).
وحكم المحكمة اإلدارية بالرباط عدد 1674المؤرخ في 2016/04/26الصادر في الملف رقم ( 2016/7110/282غ م).
263
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المسترجعة من األجانب" ،وقد اعتبر قاضي اإللغاء بذلك القرار الوزاري المشترك الذي عين
العقارات المسترجعة من الدولة رغم ثبوت عدم ملكيته لألجنبي بتاريخ سريان مفعول ظهير 2
مارس 1973هو " قرار منعدم السند القانوني بحيث أنه ليست له أي مرجعية قانونية ضمن
ظهير األراضي المسترجعة حتى يمكن القول بأنه جاء مخالفا له ،ألن هذا الظهير جاء
أساسا لمخاطبة األجانب وليس المغاربة ،ومن تم فهذا القرار أصبح منقطع الصلة بقواعد
المشروعية التي تجد أساسها في القانون بمختلف درجاته وتصنيفاته ،وانتقل معه تصرف
اإلدارة من عمل قانوني مجسد للقانون المستند إليه في صورة قرار إداري ،إلى مجرد عمل
مادي هو أقرب منه إلى فعل االعتداء المادي على حق الملكية والذي هو من الحقوق
المكفولة لألفراد التي ال يمكن التطاول عليها بأي وجه من الوجوه ،ولو كان واضع اليد عليها
هو شخص معنوي عام ،متى ثبت أنه استعمل إطا ار قانونيا معينا من أجل إيجاد التبرير
القانوني لتصرف ما ،والحال أنه منقطع ومعدوم الصلة بهذا القانون ،بل إنه ال ينطبق عليه
أصال ،وبالتالي أصبح على درجة من الجسامة التي تنزله إلى مرتبة الق اررات المعدومة ."...
هذا ،ومن نتائج اعتبار القرار الوزاري المشترك ق ار ار معدوما ليس فقط الحكم بإلغائه،
بل عدم خضوعه ألجل الطعن باإللغاء عمال بما استقر عليه الفقه وتواتر على ذلك االجتهاد
القضائي وهو ما يخول لقاضي اإللغاء حق الرقابة حتى على الق اررات التي تحصنت بفعل
فوات أجل الطعن سواء المنصوص عليه في القانون رقم 42.05أو المادة 23من القانون
المحدث للمحاكم اإلدارية ،وفي هذا صرحت محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط في قرار لها
بأنه "اعتبا ار لكون القرار الوزاري المشترك محل الطعن هو قرار منعدم ومقطوع الصلة
بالمشروعية إلى درجة أصبح معه مندرجا ضمن إطار الق اررات المعدومة ... ،فإن ذلك يعني
264
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أن الطعن المقدم ضد هذا القرار يبقى محموال على تقديمه داخل اآلجال القانونية ،وبالتالي
مقبول شكال".1
إال أن محكمة النقض تراجعت عن التوجه القضائي أعاله في ق اررات الحقة معللة
موقفها هذا بكون " المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما أيدت الحكم المستأنف فيما
انتهى إليه من إلغاء القرار الوزاري المشترك دون مراعاة أن الطعن قدم خارج األجل المحدد
في قانون ،42.05وبالتالي غير مقبول" ،2وخلصت بذلك إلى نقض القرار المطعون فيه
الذي اعتبر القرار الوزاري المشترك ق ار ار معدوما ورتبت على ذلك تأييد الحكم المستأنف الذي
قضى بقبول الطعن الموجه ضده شكال وبإلغائه موضوعا.
خالصة:
من خالل ما تقدم ،يتبين أن منازعات قضاء اإللغاء المرتبطة باألراضي المسترجعة
من األجانب تتميز بخصوصية عن باقي المنازعات اإلدارية ،سواء من حيث اإلجراءات
سيما فيما يتعلق بالصفة أو من حيث الموضوع في شأن القواعد التي كرسها قاضي اإللغاء
1
-راجع على سبيل المثال قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد 1177المؤرخ في 16مارس 2015الصادر في الملف رقم 5/13/566
(غ م).
2
-محكمة النقض (الغرفة اإلدارية) ،قرار عدد 1/655مؤرخ في 2018/06/21صادر في الملف اإلداري رقم ( 2017/1/4/3978غ م)،
(الوكيل الق ضائي للمملكة ضد ورثة الهالكة نيلي بندراعو).ومما جاء في حيثيات هذا القرار " أن محكمة االستئناف اإلدارية اعتبرت القرار الوزاري
المشترك المعين للعقار المسترجع من الدولة ق ار ار معدوما الفتقاد شرط الجنسية في عملية االسترجاع ورتبت على ذلك كونه غير خاضع ألجل
بمقتضيات المادة األولى من قانون 42.05التي جعلت الق اررات الطعن باإللغاء "في حين أثار الطالبون أمامها بكون المحكمة لم تتقيد
الوزارية المشتركة الصادرة في إطار ظهيري 1963/09/26و 1973/03/2ق اررات ذات صبغة تنظيمية وذلك بإخضاعها ألجل الطعن باإللغاء
لوضع حد إلثارة نزاعات جديدة تهم العقارات المسترجعة من طرف الدولة وتحديد أجل نهائي للطعن باإللغاء في الق اررات التي صدرت قبل نشر
القانون المذكور ،خاصة وأن اإلدارة قد تمسكت بكون مورثة المطلوبين هي من األشخاص المشمولين باالتفاقية المبرمة بين المملكتين
اإلسبانية والمغربية المؤرخة في 1979/11/08بشأن تعويض مالكي العقارات المشمولة بظهير االسترجاع التي دخلت حيز التنفيذ بالتوقيع
عليها وحصل بموجبها المالك السابقون الحاملون للجنسية اإلسبانية المسترجعة منهم أراضيهم من طرف الدولة على تعويضات ،والمحكمة
مصدرة القرار المطعون فيه لما ايدت الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من إلغاء القرار الوزاري المشترك دون مراعاة أن الطعن قدم خارج األجل
المحدد في قانون ،42.05وبالتالي غير مقبول لم تجعل لما قضت به أساس من القانون وعللت قرارها تعليال فاسدا يوازي انعدامه ،مما
عرضته للنقض".
راجع ،في نفس االتجاه ،قرار محكمة النقض (الغرفة اإلدارية) عدد 1/568المؤرخ في 2017/04/13صادر في الملف اإلداري رقم
،2015/1/4/2814غ م (الوكيل القضائي للمملكة ضد ورثة الهالكة صول بندراعو).
265
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
في مجال حماية حق الملكية العقارية من أي تجاوز أو تفسير ال يتالئم والمبادئ التي تحمي
حق الملكية.
ويبدو لنا أن القضاء اإلداري على مستوى قضاء اإللغاء تعامل بهذا المنطق مع
اإلشكاليات التي أثريت في شأن تطبيق النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب
بحيث لم تخلو أحكامه من اجتهادا قضائية تتمثل في تفسير النصوص المنظمة على غير
العادة يتجلى ذلك واضحا من خالله توسيعه من مفهوم المصلحة وجعلها تشمل األجانب
والمغاربة على سواء وفي اعتباره القانون رقم 42.05فتح أجال جديدا للطاعنين الراغبين في
مخاصمة المقررات الو ازرية المشتركة ،وكذا في اعتباره هذا النوع من الق اررات من نوع
الق اررات اإلدارية المعدومة التي ال تتحصن بفوات أجل الطعن إذا لم تحترم شروط االسترجاع
كما هي مقررة قانونا ،باإلضافة إلى عدم سريان أجل الطعن باإللغاء المنصوص عليه في
القانون رقم 42.05في مواجهة األشخاص المقيمين خارج تراب المملكة.
ورغم أن محكمة النقض غيرت من بعض هذه التوجهات القضائية ،فإن ذلك لم يحد
من الدور الفعال لقاضي اإللغاء في مجال حماية حق الملكية العقارية المرتبطة باألراضي
المسترجعة من األجانب من خالل الرقابة على مشروعية الق اررات الو ازرية المشتركة الصادرة
في هذا اإلطار وكذا الق اررات ذات الصلة بالتسوية اإلدارية للنازعات المنبثقة عن تطبيق
ظهير 2مارس .1973
266
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مقدمة
يعتبر حق الملكية من اهم الحقوق التي حظيت بحماية قانونية ،إذ تكفل الدستور وكذا
التشريعات الوضعية والسماوية بحمايته.
كما أكد الفصل األول من القانون رقم 7-81الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
254-81-1الصادر بتاريخ 6ماي 1982المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة
وباالحتالل المؤقت على أن نزع ملكية العقارات كال أو بعضا ال يجوز الحكم به إال إذا
أعلنت المنفعة العامة ،وال يمكن إجراؤه إال طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة
االستثناءات المدخلة عليه كال أو بعضا بموجب تشريعات خاصة.
وبالنظر إلى حالة اإلستعجال في تنفيذ المشاريع وبطء مسطرة نزع الملكية ،فقد تعمد
اإلدارة في بعض الحاالت إلى وضع يدها على عقارات مملوكة للغير دون اتباع مسطرة نزع
الملكية للمنفعة العامة ،مما يؤدي إلى رفع المتضررين من هذا اإلجراء لدعاوى امام المحاكم
للمطالبة بالتعويض عن هذا التصرف أو برفعه أو إيقافه.
267
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ولقد استقر القضاء اإلداري رغم اختالف الفقه على اعتبار هذا السلوك بمثابة اعتداء
مادي على حق الملكية.
وتجدر اإلشارة إلى أن البعض من الفقه وبعض التوجهات القضائية ميزت بين
االعتداء المادي وبين الغصب أو االستيالء.
ومهما يكن من اختالف في اآلراء والتصورات فإن االعتداء المادي الوارد على حق من
حقوق الملكية يستند إلى غصب غير مشروع للحق المذكور دون التقيد بالمسطرة القانونية
التي جعلها المشرع ضمانة لحماية حق الملكية وكافة الحقوق العينية المتعلقة بالعقار.
يأخذ مفهوم االعتداء المادي على الملكية العقارية والحقوق العينية المرتبطة بها عدة
صور كرسها العمل القضائي بشكل يؤكد على أنه يوسع من مفهوم االعتداء المادي ومن
أهم تلك الصور ما يلي:
268
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
نقصد بذلك الحيازة الفعلية والمباشرة للعقار قصد استغالله إلنشاء مرفق عام دون
سلوك للمسطرة القانونية المنصوص عليها في القانون ، 81/7وهي الحالة التي ال تطرح
أي نقاش أو جدال بشأنها ما دام أن مظاهر انتفاء المشروعية في مسلك اإلدارة ال يمكن
تبريره أو الدفاع عنه ،غير أن القضاء قد تجاوز هذه الحالة إلى حاالت أخرى تكون اإلدارة
قد شرعت في سلوك إجراءات نزع الملكية إال أنها لم تستكملها أو أنها حازت العقار بسند
تجهل عيوبه وصرح القضاء بإلغائه أو بطالنه.
قد يتبادر إلى الذهن بأن الشروع في مسطرة نزع الملكية ،سواء من خالل االقتناء
بالتراضي أو عن طريق مسطرة نزع الملكية ،من شأنه أن ينفي عن التصرف صفة االعتداء
المادي ،غير أن القضاء يعتبر أن اإلدارة تكون في وضعية اعتداء مادي بمجرد وضع يدها
على العقار دون أن تستكمل مسطرة نزع الملكية ألجل المنفعة العامة إلى منتهاها ،وال يشفع
لها كونها قد شرعت في سلوك المسطرة اإلدارية لنزع ملكية العقار ما لم تقم باستصدار أمر
قضائي بحيازته وتقديم طلب من أجل الحكم بنقل ملكيته لها.
وقد أكدت محكمة النقض هذه المسألة في العديد من ق ارراتها ،و من بينها ما يلي:
"لكن حيث أن مجرد صدور مرسوم نزع الملكية و قبل استكمال باقي
إجراءات اإلذن بالحيازة و نقل الملكية يجعل وضع اإلدارة يدها على العقار
269
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اعتداء ماديا ،والمحكمة لما ردت الدفع المثار بهذا الخصوص بما جاءت به
من ان "الثابت من وثائق الملف أن اإلدارة المستأنفة قد وضعت يدها على
العقار المتنازع بشأنه دون وقوع اتفاق بالمراضاة مع مالكه و دون سلوك
مسطرة نزع الملكية ألجل المنفعة العامة األمر الذي يعد غصبا و اعتداء
ماديا على العقار المذكور ،وأن احتجاج اإلدارة بشروعها في المسطرة
اإلدارية لنزع الملكية ال يمكن بأي حال من األحوال أن ينزع عن تصرفها
هذا صبغة الغصب و ال يصحح ما قامت به من عمل غير مشروع"...
تكون قد بنت تعليلها المنتقد على أسس سليمة مادام أن المشرع قد نظم
مسطرة نزع الملكية و لم يقصرها على المسطرة اإلدارية منها وإنما كذلك
على وجوب التعاقد مع المالك بالمراضاة إن أمكن و إال الحصول على
الحيازة و نقل الملكية عن طريق المسطرة القضائية و هو الشيء غير
المتحقق في النازلة و من ثم الفرع من الوسيلة غير جدير باالعتبار".
"لكن حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه قد ردت وخالفا لما
ورد في النعي الدفع بانتفاء واقعة االعتداء المادي المتمسك به على أساس
شروع الطاعنة في سلوك المسطرة المنصوص عليها في قانون نزع الملكية
بقولها (إن تمسك المستأنفة سلوك مسطرة نزع الملكية ال يوجد ما يفيده
فضال عن أن مجرد الشروع دون إتمام اإلجراءات المسطرية ال يكفي وحده
لنفي االعتداء) و هو تعليل مطابق لواقع الملف الذي بالرجوع إليه يلفى أن
الطالبة لم تثبت أنها سلكت مسطرة نزع الملكية وفق ما هو منصوص عليها
في قانون 81/7قبل أن تضع يدها على العقار محل النزاع ،فضال عن أن
270
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويتساوى في هذا الموقف اتخاد اإلدارة لمرسوم يقضي باإلعالن على المنفعة العامة أو
شروعها في المسطرة اإلدارية التي تعقب صدور المرسوم كأن تكون قد اجتمعت لجنة التقويم
وحددت الثمن الذي يشكل التعويض االحتياطي المقترح ،أو كذلك الحالة التي يكون
العقار فيها خاضعا لتصميم التهيئة باعتباره أيضا كما من اإلجراءات القانونية المفضية إلى
اإلعالن عن المنفعة العامة ،و الذي عالجه المشرع في المواد من 18إلى 31من القانون
1
من أمثلة ذلك القرار الصادر عن محكمة االستئناف االدارية بمراكش تحت رقم 597وتاريخ 2012/6/7في الملف عدد 2011/6/299و
الذي جاء في حيثياته ما يلي:
" ...بالنسبة لواقعة االعتداء المادي فإنها قائمة ما دام لم يتم سلوك مسطرة نزع الملكية ،و أما محضر اللجنة المحرر بتاريخ 1999/2/13المحتج
به الذي تعلق بحضور اللجنة ألشغال عملية المسح الطبوغرافي و تسجيل عد م تعرض المدعي على المشروع ال يمكن بتاتا اعتباره موافقة و إذنا و
تخليا منه عن جزء من عقاره دون تعويض أو مقابل".
-القرار رقم 832الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ 25فبراير 2015موضوع الملف عدد 2014/7206/990الذي ضم له
الملف رقم 2014/7206/1031
-القرار عدد 3382الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ 2014/07/15في الملف عدد .6/11/629
-القرار عدد 2335الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ 20ماي 2014في الملف عدد .6/12/210
-القرار عدد 904الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ 2012/03/06في الملف عدد ،6/08/375
-القرار عدد 1562الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ 2011/05/19في الملف عدد .6/11/21
271
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
رقم 12/90المتعلق بالتعمير ،واكتفى في المادة 28منه بالتأكيد على أن الموافقة على
تصميم التهيئة يعتبر بمثابة إعالن عن المنفعة العامة التي تستوجب القيام بالعمليات الالزمة
إلنجاز التجهيزات المنصوص عليها في البنود 3و 4و 5و 6و 12من المادة . 19
وأضاف أن اآلثار المترتبة على إعالن المنفعة العامة تنتهي عند انقضاء أجل 10
سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضـ ــي بالموافق ـ ــة على تصميم التهيئة في الجريدة
الرسمية ،وعندما يستعيد مالك األراضي التصرف في أراضيهم فور انتهاء اآلثار المترتبة
على إعالن المنفعة العامة يجب أن يكون استعمال تلك األراضي مطابقا للغرض
المخصصة له المنطقة التي تقع فيها.
ويسود االعتقاد على أن المرسوم القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة ينهض سندا
كافيا لحيازة العقار المشمول بتخصيص عمومي والشروع في البناء والتشييد ،والحال أن
المادة 29من القانون 12/90المتعلق بالتعمير توجب التقيد باألحكام المنصوص عليها
في القانون رقم 7.81المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة واالحتالل المؤقت الصادر بتنفيذه
الظهير الشريف رقم 1.81.254بتاريخ 11من رجب 6( 1402ماي .)1982
والمالحظ كذلك أن المادة 28من نفس القانون 12/90المتعلق بالتعمير وإن كانت قد
استعملت عبارة "فور" التي تحمل داللة على اآلنية وعلى أن استرداد الملك يتم بقوة القانون
وفور انتهاء األجل القانوني لتصميم التهيئة ،إال أن األمر لم يستتبعه استعراض لمسطرة
تؤطر كيفيات االسترداد ،مما يثير مجموعة من اإلشكاليات.
272
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
"لكن حيث إنه ال يكفي إلضفاء المشروعية على وضع اإلدارة يدها
على عقار الغير مجرد كونه مخصصا في إطار تصميم التهيئة كمرفق
عمومي و كونها شرعت في سلوك المسطرة اإلدارية لنزع ملكيته باستصدار
أمر قضائي بحيازته وتقديم طلب من أجل الحكم بنقل ملكيته لها ،وأن كل
تصرف من اإلدارة خارج هذا اإلطار يشكل اعتداء ماديا يخول مالك العقار
الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عنه والمحكمة مصدرة
القرار المطعون فيه لما ثبت لديها وضع اإلدارة يدها على عقار المطلوبين
في النقض قبل استصدار أمر بحيازته و رتبت على ذلك اعتبار اإلدارة في
وضعية االعتداء المادي تكون قد سايرت مجمل ما ذكر وعللت قرارها بهذا
الخصوص تعليال سليما".
1
ومن أمثلة ذلك ،القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط تحت عدد 2122وتاريخ 2014/05/08في الملف رقم 6/12/452
والذي جاء في حيثياته ما يلي:
"وحيث من جهة ثانية ،فلئن كانت اإلدارة متمسكة بأن العقار مشمول بتصميم التهيئة الذي يعتبر بمثابة إعالن للمنفعة العامة ،فإن ذلك اإلعالن ال
يخولها ولوج العقار وإحداث البناية العمومية قبل استصدار اإلذن في الحيازة أو قبل االتفاق بالتراضي ،والحال أن البناية العمومية قد تم إحداثها
دون أن تدلى اإلدارة لحد الساعة بما يفيد استصدار اإلذن في الحيازة ،فتكون بالتالي في وضعية اعتداء مادي لعدم استكمال اإلجراءات المتطلبة
قانونا قبل اإلقدام على إحداث أبنية في عقارات الخواص ،مما يجعل الفرع المرتبط بانتفاء االعتداء المادي مردودا".
وكذا القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية تحت عدد 34وتاريخ 13يناير 2011في الملف رقم 1-2010-6-231والذي جاء في
حيثياته ما يلي:
"حيث بالنسبة للوسيلتين األولى و الثانية يعيب المستأنفون على الحكم خرقه لمقتضيات الفصول 4و 13و 19و 20و 28و 29من القانون
رقم 90-12المتعلق بالتعمير ذلك أن تصميم التهيئة لمدينة كلميم والذي يعتبر بمثابة إعالن للمنفعة العامة وفق المادتين 28و 29ينص على
إنشاء مدرسة في العقار المذكور مما ينتفي معه عنصر المفاجأة و الترامي المزعوم.
لكن حيث إن اإلشارة في تصميم التهيئة إلى إنشاء مرفق عمومي على عقار المستأنف عليه ال يعفي اإلدارة من سلوك المساطر القانونية في نزع
الملكية ألجل المنفعة العامة و ذلك باستصدار مرسوم بنزع الملكية و استصدار أحكام قضائية باإلذن بالحيازة و بنقل الملكية داخل األجل القانوني
المحدد لذلك .و أن اإلدارة طالما لم تتقيد بذلك يعتبر تصرفها اعتداء ماديا على ملك المستأنف عليه و تبقى بالتالي وسيلتا االستئناف غير مبنيتين
على أساس".
273
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
من ضمن صور االعتداء المادي المباشرة نجد تلك التي تطال حقا عينيا على عقار
وإن كان في ملكية اإلدارة .
ذلك أن اإلدارة قد تكون مالكة لرقبة عقار مثقل بحق عيني عقاري مثل حق الزينة،
غير أن هذا ال يعفيها من اللجوء إلى مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة بالنسبة للحقوق
المملوكة للغير في حالة رغبتها الحصول على العقار وإال كانت في وضعية اعتداء مادي.
وق د سبق لمحكمة النقض أن سارت في هذا االتجاه في قرارها عدد 2_544المؤرخ في 29
ماي 2014ملف إداري عدد 2013-2-4-108والذي جاء من حيثياته ما يلي:
"لكن حيث إنه لما ثبت للمحكمة من أوراق وشهادة المحافظ على
األمالك العقارية أن العقار الذي شيدت فوقه المؤسسة التعليمية وإن كانت
الدولة تملك رقبته إال أنه مثقل بحق عيني عقاري متمثل في حق الزينة
لفائدة المطلوبين في النقض و اعتبرت لذلك تصرف الدولة في جزء من هذا
العقار فيه مساس بحق الزينة المقرر لفائدة المطلوبين ورتبت على ذلك أن
هذا التصرف يشكل اعتداء ماديا على حق عيني لهم لعدم سلوك الدولة
لمسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة باعتبار أن حق الزينة يخول مالكيه حق
التصرف في العقار وتبقى ملكية الرقبة لمالكها دون أن يكون له حق
التصرف في العقار باالستعمال أو االنتفاع فإنها تكون قد طبقت نظرية
االعتداء المادي تطبيقا سليما و الوسيلة غير مرتكزة على أساس".
274
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ج -حالة تزامن تقديم المضرور لدعوى االعتداء المادي مع ثبوت تقديم
اإلدارة لدعوى نزع الملكية
إذا كان توصيف مسلك اإلدارة باالعتداء المادي رهين بثبوت عدم تقيدها بمسطرة نزع
الملكية ،فإن القضاء قد اعتبر أن تأخر اإلدارة في سلوك مسطرة نزع الملكية ومبادرة
المتضرر إلى مباشرة دعوى االعتداء المادي يبرر االستمرار في النظر في الدعوى األخيرة
ومساءلة اإلدارة في إطار نظرية االعتداء المادي وليس في إطار دعوى نزع الملكية .
ولقد اختلف القضاء في تحديد موقفه من كال الدعويين بحيث أجاز في بعض األحكام
ضمهما إل ى بعضهما لما تطلب اإلدارة ذلك وإصدار حكم واحد بالنسبة إليهما ،أما بعض
األحكام فقد رفضت طلب الضم واعتبرت أن اإلدارة تظل معتدية على العقار لما حازته
خالفا للضوابط القانونية وإن كانت بعد ذلك قد سلكت مسطرة نزع الملكية.
ويطرح هذا الموقف إشكاالت عدة سواء على مستوى صدور حكمين مختلفين في حال
استمرار النظر في الدعويين معا يهمان نفس العقار ،واحد يكيف تواجد اإلدارة على العقار
بكونه اعتداء ماديا ويحدد التعويض في إطار المبادئ العامة واآلخر يعتبر اإلدارة نازعة
لملكية العقار ويحدد التعويض على أساس أحكام القانون 81-7سيما الفصل 20منه.
كما أن حكم نزع الملكية يعتبر نهائيا في شقه القاضي بنقل الملكية ،أما الحكم الصادر
في إطار اإلعتداء المادي فيكون ابتدائيا وبالتالي فهل تؤثر حجية الحكم األول الذي أقر
نقل ملكية العقار إلى الدولة واصبحت هي مالكة العقار على دعوى اإلعتداء المادي في
المرحلة االستئنافية ،فضال عن آثار الحكمين المذكورين من حيث تنفيذهما بمعنى أي منهما
يكون واجب التنفيذ وهل يعقل أن يطالب المحكوم لفائدته بتنفيذهما معا ،وما موقف قاضي
التنفيذ عند تقديم هذا الطلب.
275
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أما في حال ضم الدعويين وشمولهما بحكم واحد فهنا يطرح إشكال آخر يتعلق بكيفية
تعامل القاضي مع مطالب الدعويين معا سيما فيما يتعلق بتحديد التعويض الذي تختلف
عناصره من دعوى إلى أخرى أو بالحكم بنقل الملكية .
تتمظهر هذه الصورة حينما تكون االدارة قد تملكت عقار في اطار القانون وبناء على
سند طعن فيه وصرح القضاء ببطالنه كما هو الشأن على سبيل المثال في الغاء ق اررات
تعيين العقارات المسترجعة في اطار تطبيق ظهير 1973/03/2
ومن خالل استقراء بعض األحكام الصادرة في هذا المجال يتأكد أن القضاء اإلداري
يقضي بتعويض المدعي في إطار التعويض عن الضرر جراء التصريح بعدم مشروعية
قرار إداري وليس في إطار التعويض عن حيازة العقار في إطار المبادئ العامة ،في حين
أنه يبدو من األولى معاملة اإلدارة بوصفها حائزة حسن النية وتطبيق أحكام هذه الحيازة عند
النظر في طلب التعويض ،فشروط الحيازة بحسن نية متوفرة في مثل هذه النوازل إذ أن
اإلدارة تكون قد تملكت العقار استنادا إلى سند كانت تعتقد بصحته وتجهل عيوبه .
وقد يقول قائل أن اإلدارة من المفترض فيها أن تعلم مدى توفر شروط االسترجاع من
عدمه وأنها من ثم ال تصنف على أنها كانت تجهل عيوب السند الذي تملكت به العقار ،إال
أن األصل هو حسن النية وأن اإلدارة حين تعيينها للعقار ضمن العقارات المسترجعة كانت
وال شك تعتبره متوف ار على شروط االسترجاع ،وإن مخالفة القضاء لتوجه اإلدارة والقول
بعدم مشروعية قرارها باعتبارها قد أساءت تطبيق القانون أو أخطأت التقدير ال يخرجها عن
مصاف الحائز حسن النية .
276
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ومن المعلوم أن المشرع قد وضع أحكاما خاصة بالحائز حسن النية فبعد أن عرفه في
الفقرة األخيرة من الفصل 103من ق.ل.ع على أنه هو من يحوز الشيء بمقتضى حجة
يجهل عيوبها نص على أن الحائز حسن النية يتملك الثمار وال يلزم إال برد الشيء و رد ما
جناه من الثمار بعد رفع دعوى اإلفراغ أو االسترداد ،وهي نفس المقتضيات التي نصت
عليها مدونة الحقوق العينية في اطار المادة 237التي جاء فيها ما يلي:
"إذا قام أحد بإحداث أغراس أو بناءات أو منشآت عن سوء نية و بدون علم
مالك العقار ،فلهذا األخير الحق إما في االحتفاظ بها مع أداء قيمة المواد
وإما إلزام محدثها بإزالتها على نفقته مع إرجاع حالة األرض إلى ما كانت
عليه قبل إحداث األغراس أو البناء أو المنشآت.
و استنادا إلى ذلك فإن اإلقرار بحسن النية في الحيازة يجعل من غير المقبول إلزام
الحائز حسن النية بتعويض المالك عن حرمانه من االستغالل خالل فترة الحيازة .
كما أن القضاء وتأسيسا على ما أقره الفقه اإلسالمي بالنسبة ألحكام الحائز حسن النية
قد اع تبر أن ثبوت إنجاز بناء على العقار المراد استرداده يجعل من غير الجائز إلزام
الحائز حسن النية برد العقار ويكون المالك مستحقا لقيمته فقط متى تبث أن قيمة البناء
تفوق قيمة العقار.1
و يتضح أن أحكام الحائز حسن النية تخول للحائز الحق في االحتفاظ بالعقار إن هو
أقام بناء تكون قيمته أكثر من قيمة العقار ،كما تخوله الحق في المطالبة بتعويض عن
1
-القرار الصادر عن المجلس األعلى محكمة النقض حاليا -تحت عدد 933في الملف المدني عدد 05/4127
277
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
قيمة األبنية أو ما زاد في قيمة الملك إذا أراد المالك استرجاع عقاره و في المقابل ال تلزمه
سوى برد الثمار التي تم جنيها بعد إقامة دعوى اإلفراغ .
اال ان القراءة في األحكام الصادرة عن القضاء االداري تنحو نحو اعتبار حيازة االدارة
للعقار اعتداء ماديا يبرر مساءلة االدارة في اداء التعويض عن الرقبة عند استحالة
االسترداد وتعويض عن الحرمان من االستغالل طيلة مدة الحيازة.
لكن من المعلوم أن القاضي ال يساير األطراف في طبيعة تكييفهم للدعوى وإنما يكيف
الوقائع المعروضة عليه وفق التكييف القانوني السليم لها .
وحيث إن كان تواجد اإلدارة على العقار يستند إلى مدخل قانوني فإن هذه الوضعية
وطبيعة تواجد اإلدارة على العقار يخالف كليا مفهوم االعتداء المادي الذي عرفه بعض الفقه
على أنه " :قرار صادر عن السلطة اإلدارية بلغ خرقه للمشروعية درجة من الجسامة لم
يعد معه ممكنا عزوه إلى أية صالحية من الصالحيات المخولة لإلدارة ". 1
وحيث استنادا إلى هذا المفهوم فأنه متى ثبت أن هناك بادرة من بوادر المشروعية أو
بداية مسطرة اختفى وجه التعدي.2
كما عرفه القضاء بكونه كل عمل يستعصي إدخاله ضمن ممارسة السلطة العامة
يتمثل في نشاط مادي تنفيذي عديم الصلة بأي نص قانوني تشريعي أو تنظيمي.3
وحيث بناء على ذلك فإن بعض التوجهات القضائية قضت برفض الطلب على اعتبار
أن اإلدارة ليست معتدية على حق الملكية وأنها تتواجد على العقار بوصفها مالكة له ،مما
تكون معه دعوى االعتداء المادي مفتقدة ألساسها القانوني.
1
-مؤلف المنازعات اإلدارية بالمغرب لصاحبه األستاذ ميشيل روسي ص 99ومايليها .
-مؤلف القانون اإلداري المغربي لألستاذ ميشيل روسي ومن معه ص . 420 2
3
الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالدارالبيضاء تحت عدد 1806وتاريخ 2009/11/04في الملف عدد 2008/13/138
278
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لقد اعتبر القضاء في عدة أحكام أن حاالت االعتداء المادي ال تقتصر على فعل
مادي غير مشروع بل يستوعب هذا المفهوم حاالت ال تبادر فيها اإلدارة إلى حيازة العقار،
بل يعتبر احجامها عن تسليم مالك العقار رفع اليد أو إحجامها عن تفعيل آثار تصميم
التهيئة رغم مرور المدة المحددة قانونا طبقا للمادة 28من القانون 90-12المتعلق
بالتعمير يشكل بدوره اعتداء ماديا إن كان قوامه فعال سلبيا أي امتناعا عن الفعل وليس
قياما بالفعل.
إنهاء هذا التخصيص(أي تخصيص وفقا لتصميم لقد رتب القضاء عن ذلك
التهيئة)بل حتى إقرار مسؤولية اإلدارة عن عدم تفعيله على اعتبار أن يد مالك العقار ظلت
مغلولة عن استعمال العقار طيلة مدة التخصيص ،وذلك رغم أن النص القانوني ينص على
انتهاء آثار تصميم التهيئة بمرور 10سنوات مما يعني أن األمر ال يحتاج إلى استصدار
حكم قضائي إلنهاء التخصيص المذكور كما ال يمكن اعتبار اإلدارة التي لم تستغل العقار
في الوجه الذي خصص له معتدية عليه ،إال أنه ومع ذلك نجد أحكاما قضائية قضت
باعتبار اإلدارة معتدية على العقار وأصدرت حكما يقضي عليها برفع حالة االعتداء المادي
تحت عدد 7233بتاريخ كما هو الشأن ألمر صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط
2014/10/22في الملف عدد 2014/7101/7272الذي جاء فيه ما يلي :
279
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
التعمير ودون أن تبادر الو ازرة المذكورة إلى سلوك المسطرة القانونية لنزع
الملكية من أجل المنفعة العامة ،فإنه بمجرد حلول التاريخ المذكور تكون قد
أضحت في حكم المعتدي ماديا على العقار المملوك للطالبة لعدم استناد
إصرارها على االستمرار في وضع يدها على ذلك العقار إلى أي مقتضى
قانوني أو تنظيمي ولمساس هذا التصرف بحق الملكية المضمون بمقتضى
الدستور ،لذلك ارتأينا األمر استعجاليا برفع هذا االعتداء المادي استجابة
للطلب سيما وأن عنصر االستعجال متوفر في نازلة الحال"
و في المقابل نحت بعض األحكام إلى توجه مغاير ،وفي هذا السياق جاء في
حيثيات قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2004/02/16في الملف اإلداري رقم
2004/5/2/91ما يلي:
"فإن الفصل 13من القانون القديم لم يكن يتضمن ما يدل بأي شكل
على أن تصميم التهيئة المصادق عليه تكون له آثار دائمة بدوامه وبالذات
فيما يخص المواقع المخصصة للمصالح العمومية كالمدارس فكان الحكم
المستأنف على صواب عندما اعتبر أن التخصيص المتمسك به انتهى
بانقضاء أجل عشر سنوات واعتمد على ما ورد في رسالة رئيس بلدية
معروف المؤرخة في 1999/11/9الموجهة إلى عامل عمالة الحي
الحسني عين الشق من أن مشروع التجزئة المزمع إنشاؤه ال يتعارض مع
الغرض المخصصة له المنطقة في تصميم التهيئة الخاص بالجماعة
المذكورة وكان ما أثير بدون أساس".
280
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
رغم تعدد صور منازعات االعتداء المادي فإن له قواسم مشتركة أهمها تشدد القضاء
في مساءلة اإلدارة بالنظر إلى طبيعة دعوى االعتداء المادي ولكون حق الملكية مضمون
دستوريا والمساس به يفترض أن ال يكون إال بالقانون.
ويعتبر القضاء اإلداري المغربي هو الجهة القضائية التي تنظر في الدعاوى المترتبة
عن االعتداء المادي سواء تعويضا أو إنهاء أو إيقافا ،وذلك خالفا لما هو عليه الشأن في
القضاء الفرنسي.
ودون ال دخول في جدال االختصاص الذي يمكن القول أنها مسألة أضحت محسومة
في الوقت الحالي بالنظر لتواتر االجتهادات التي حسمت منذ زمن غير يسير في
اختصاص القضاء اإلداري في دعاوى االعتداء المادي فإن توزيع االختصاص ما بين
القضاء االستعجالي وقضاء الموضوع ما يزال يثير بعض النقاش ،كما أن هناك إشكاالت
أخرى مرتبطة بمبادرة اإلدارة إلى سلوك مسطرة نزع الملكية في شقها القضائي موازاة مع
تقديم المتضرر لدعوى التعويض عن االعتداء المادي ،وكذلك اإلشكاالت المرتبطة بتعامل
،فضال عن اإلشكاالت التي صاحبت تطور وجهة نظر القضاء القضاء مع االدارة
اإلداري في مجال الحكم بنقل الملكية لإلدارة من عدمه وهو التطور الذي يعد من مظاهر
تفاعل القاضي اإلداري مع محيطه وتصديه بنجاعة لإلشكاالت العملية في إطار اجتهاد
يتسع مجال ابداعه إلى أن يرقى في العديد من األحيان إلى خلق القاعدة في حال سكوت
المشرع.
وعليه يمكن مقاربة هذا المبحث من خالل ثالث مطالب يخصص األول لمناقشة
مجال تدخل كل من قاضي المستعجالت اإلداري وقاضي الموضوع في منازعات االعتداء
281
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المادي ،أما المطلب الثاني فسنتناول فيه عناصر تحديد التعويض عن األضرار المترتبة
عن االعتداء المادي ثم يخصص المطلب الثالث لتناول تطور موقف القضاء اإلداري من
الحكم برقبة العقار الذي التزمت اإلدارة بأداء ثمنه .
يالحظ أن القضاء اإلداري يملك حق األمر برفع االعتداء المادي وذلك بطرد اإلدارة من
العقار المعتدى عليه وبإفراغه وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه .كما يملك حق األمر بإيقاف
األشغال التي تقوم بها اإلدارة على العقار.
282
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وحيث إنه من جهة أخرى ،فإذا كان االختصاص قبل إحداث المحاكم اإلدارية
منعقدا للمحاكم االبتدائية كدرجة أولى ولمحاكم االستئناف كدرجة ثانية للنظر في
دعاوى التعويض عن األضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون
العام وكانت هذه المحاكم تنظر في دعاوى التعويض عن االعتداء المادي في
هذا اإلطار ،وتقضي تبعا لذلك إذا طلب منها برفع حالة االعتداء المادي وإرجاع
الحالة إلى ما كانت عليه كطلب تابع أو بأمر استعجالي وقتي من قاضي
المستعجالت أو بحكم قطعي بناء على طلب منفرد بذلك فإن المشرع عندما نقل
اختصاص النظر في دعاوي التعويض عن األضرار التي تسببها أعمال
ونشاطات أشخاص القانون العام ،ومنها دعاوى التعويض عن االعتداء المادي
على المحاكم اإلدارية ونقل اختصاص قاضي المستعجالت الوقتية المرتبط من
رئيس المحكمة االبتدائية إلى رئيس المحكمة اإلدارية يكون بذلك قد نقل على
المحاكم وإلى رئيسها اختصاص النظر في الطلبات التبعية ،وأصبح اختصاصها
بالتتبع إذا طلب منها ذلك النظر في رفع االعتداء المادي الممارس من طرف
اإلدارة".
ويتوخى القضاء االستعجالي اإلداري من اختصاصه لألمر بإيقاف األشغال إذا كانت في
بدايتها أو إذا كانت لإلدارة بصدد التحضير والتهيئ لها فقط ،تحقيق أهداف منها:
283
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
-الحد من استمرار األشغال التي قد يؤدي إلى إحداث تغييرات على العقار موضوع
االعتداء يصعب تداركها وإزالتها في إطار تصحيح المراكز القانونية التي يقتضيها إنهاء حالة
االعتداء.
-حماية المال العام وذلك ألن من شأن إيقاف األشغال الحيلولة دون قطعها أشواطا كبيرة
في وضعية غير شرعية كما أن من شأن كذلك تجنيب اإلدارة مصاريف التعويضات التي تترتب
عن تمام تلك األشغال.
ومن القواعد التي قررها القضاء االستعجالي اإلداري بشأن طلبات إيقاف األشغال:
إن طلب إيقاف األشغال التي تقوم بها اإلدارة يتعلق بإجراء وقتي استعجالي بهدف حماية
حق الطالب إلى حين صدور حكم نهائي في الموضوع أو حل النزاع بطريقة رضائية.
إن أشغال البناء التي تقوم بها اإلدارة على عقار الطالب بدون سند شرعي والتي الزالت
في بدايتها تستوجب األمر بإيقافها.
ال يمكن إزالة األشغال التي لها ارتباط بالمنفعة العامة والتي ستؤدي إزالتها إلى أضرار
بهذه المنفعة تفوق الضرر الناتج للمعتدى عليه.
ال يمكن إيقاف أشغال انتهى إنجازها أو قطعت شوطا كبي ار ينفي عنها حالة االستعجال.
ذلك أن الحكم برفع اليد عن عقار وذلك بطرد المحتل وبهدم البنايات مع إرجاع الحالة إلى ما
كانت عليه .يتنافى ومبدأ حماية المال العام والمحافظة عليه من التلف كما أنه يصعب األمر
بهدم المرفق العام أصبح من الصعب األمر بهدم ما تم بناؤه عليه من طرف اإلدارة ويرجع هذا
القيد إلى قاعدة فقهية شهيرة تفيد أنه ال يمكن هدم األشغال العامة حتى ولو كان قد تم بناؤه
بطريقة الخطأ» L’ouvrage public mal planté ne se détruit pas « .
284
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لذا فقد دأب القضاء االستعجالي بدوره على رفض طلبات االعتداء المادي وإيقاف األشغال
في مثل نفس الحاالت ،ويترتب على ذلك في المقابل أنه إذا ما ثبت أن األشغال ال زالت في
بدايتها أو في المرحلة ا لتحضيرية لها لم يترتب عنها بعد إنشاء أية منشاة ،فإن إيقاف األشغال
ورفع االعتداء أمر محمود لما في ذلك من حماية للمال العام وحماية العقار من إحداث تغييرات
جدرية تغير معالمه ويصعب تداركها.
وفي المقابل يظل قضاء الموضوع مختصا بالنظر في دعوى التعويض عن االعتداء
المادي أو رفعه إذا كان األمر ممكنا في حال عدم ثبوت إنشاء المرفق العام.
إذا كان األصل في التعويض عن الضرر هو رفع الضرر وذلك بإرجاع الحالة إلى ما
كانت عليه قبل ارتكاب الفعل الضار ،فإن تواجد اإلدارة على عقار على وجه االعتداء قد ال
يسمح بطردها من العقار إذا كان قد سبق لها إنشاء مرفق عام فوقه بناء على نظرية
الموازنة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة التي تقتضي حماية المال العام وبالتالي
تعذر هدم المنشأة العامة بما في ذلك من ضياع للمال العام.
وبناء عليه أجاز القضاء اإلداري إمكانية التعويض عن واقعة االعتداء المادي في
إطار نظريات متعددة كنظرية النقل الجبري للملكية ونظرية ضمان حماية المال العام وإن
تبث أن المنشأة العامة قد أنجزت دون احترام المساطر.
ولقد اعتبر القضاء اإلداري أن التعويض عن الضرر يجب أن يكون شامال لكافة
األضرار في إطار مقتضى الفصل 98من ق ل ع بحيث يشمل التعويض عن فقدان رقبة
العقار إذا تبث استحالة رفع االعتداء وكذا التعويض عن الحرمان من استغالله.
285
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ولقد عرف القضاء اإلداري في هذا المجال تطو ار سواء من حيث عناصر تقييم الضرر
عن فقدان الرقبة أو عناصر تقييم التعويض عن الحرمان من االستغالل.
إذا كان تاريخ تحديد التعويض عن نزع الملكية محدد قانونا في إطار الفصل 20من
القانون رقم 81-7المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة ،فإن تحديد تاريخ تقدير
التعويض في إطار نظرية االعتداء المادي غير محدد ،وقد تضاربت اآلراء بهذا الشأن بين
من يجعله هو تاريخ حيازة العقار أو تاريخ إقامة الدعوى أو تاريخ إجراء الخبرة .مع العلم أن
اختالف هذه التواريخ له انعكاس على قيمة التعويض.
وقد سار بعض العمل القضائي على جعل تاريخ بداية تحديد التعويض هو تاريخ حيازة
العقار حتى ال يكون هناك تراخ من المدعي في إقامة الدعوى بغية الرفع من قيمة
التعويض ،استنادا للمبدأ القائل بأنه ال يجوز للدائن أن يحدد مقدار دينه ،وهذا ما تبنته
بعض المحاكم في العديد من ق ارراتها.1
1
وكمثال على ذلك القرار الصادر عن محكمة االستئناف االدارية بمراكش رقم 351الصادر بتاريخ 2014/04/02موضوع الملف رقم
2013/1914/1467والذي جاء فيه ما يلي:
"وحيث من جهة أخرى فقد صح ما تمسك به المستأنف ذلك أن التعويض عن الرقبة يستحق بتاريخ اقامة المنشأة العامة على العقار موضوع النزاع
وليس بتاريخ رفع الدعوى".
ونفس الشيء بالنسبة لقرار محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش عدد 595الصادر بتاريخ 2012/6/7في الملف رقم 2011/6/189والذي جاء
فيه ما يلي:
"حيث إن التعويض عن الرقبة إنما يستحق بتاريخ إنشاء المنشأة العامة ال بتاريخ رفع الدعوى إذ ال يمكن للمتضرر أن يستفيد من تراخيه في رفع
دعوى التعويض عن االعتداء المادي بخصوص ارتفاع قيمة العقار ومن تم فما دام الثابت من وثائق الملف أن تشييد ثكنة المخزن المتنقل كان
خالل سنة 1985على مساحة 330متر مربع فإن تحديد التعويض المذكور يجب أن يكون باعتبار هذا التاريخ وهو ما لم يلتزم به الحكم
المستأنف عندما اعتبر التعويض المحدد بمقتضى الخبرة بتاريخ رفع الدعوى مما يستوجب تعديله".
286
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
غير ان محكمة النقض أخذت في أحد ق ارراتها بمبدأ "االجل المعقول" في تحديد قيمة
التعويض ،ذلك أنه بالرغم من االعتماد في تقدير التعويض عن االعتداء المادي على قواعد
المسؤولية المدنية التي من نتائجها أن الضرر يقدر إما بتاريخ الفعل الضار أو تاريخ إقامة
الدعوى بحسب مصلحة المضرور ،فإن إعمال هذه القاعدة مشروط بإقامة دعوى المطالبة
بالتعويض داخل أجل معقول.
"حيث استندت المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه في ما انتهت إليه من تعديل
الحكم المستأنف و ذلك بخفض مبلغ التعويض إلى 2700درهم إلى ما جاءت به
من أن (محكمة الدرجة األولى كان عليها تحديد التعويض انطالقا من تاريخ وقوع
االعتداء المادي -1980/1979-باعتباره تاريخ حيازة اإلدارة الفعلية للعقار
المدعى بشأنه) ،في حين أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن اإلدارة حينما
تقوم باالعتداء ماديا على ملك الغير تفتقد أساس المشروعية و من تم ال تطبق
عليها قواعد المسؤولية اإلدارية بل تصبح مسؤولة في إطار قواعد المسؤولية المدنية
و التي من نتائجها أن الضرر يقدر بتاريخ الفعل الضار أو إقامة الدعوى بحسب
مصلحة المضرور ،غير أن إعمال القاعدة المذكورة مشروط بإقامة دعوى
المطالبة بالتعويض داخل أجل معقول يتم تقديره أخذا بعين االعتبار للظروف
المالبسة لحدوث فعل االعتداء المادي ولألسباب التي حالت دون تقديم المضرور
لدعواه بعد حصول الفعل الضار ،و المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما قضت
بتحديد مبلغ التعويض بتاريخ وضع اليد دون مراعاة ما إذا كانت الدعوى قد أقيمت
داخل أجل معقول من عدمه لترتب على ذلك اآلثار القانونية المناسبة و منها تاريخ
احتساب التعويض ،يكون قرارها فاسد التعليل عرضة للنقض".
287
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وقد سار بعض العمل القضائي إلى اشتراط ضرورة توفر عنصرين للحكم بالتعويض
عن الحرمان من استغالل العقار الذي وضعت يدها عليه ،وذلك كاآلتي:
من خصوصيات دعاوى االعتداء المادي أنها تمنح صاحب العقار تعويضين أحدهما
تعويض عن فقدان رقبة العقار واآلخر تعويضا عن الحرمان من استغالله.
وقد كان التوجه القضائي في البداية يمنح تعويضا عن الحرمان من استغالل العقار من
تاريخ حيازته إلى تاريخ إجراء الخبرة ،لكن الوكالة القضائية للمملكة استطاعت أن تكرس
توجها قضائيا يقيد االستفادة من هذا التعويض بعدم إنشاء المرفق العام ،وإذا تم إنشاء مرفق
عام على العقار لم يستحق صاحبه أي تعويض عن الحرمان من االستغالل ،إذ صدرت
أحكام عن مختلف محاكم المملكة تقر أن التعويض عن الحرمان من االستغالل ال يستحق
1
قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 07/09/19تحت عدد 2925في الملف عدد 05/1421منشور بالتقرير السنوي للمجلس األعلى
لسنة 2007ص .146
288
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بعد السنة السابقة عن إنشاء المرفق ،1مكرسة التوجه الذي سارت عليه محكمة النقض منذ
عقد من الزمن ،حيث جاء في قرارها الصادر بتاريخ 2004/07/28تحت عدد 446في
الملفين عدد 2001/1/4/1748و 2001/1/4/1053ما يلي:
"لكن حيث إنه تبين من الخبرة المأمور بها أن تاريخ االحتالل يرجع
إلى سنة 1974أن البناء قد تم الشروع فيه خالل السنة الموالية أي سنة
،1975وأن المحكمة اإلدارية عندما قضت للمستأنفين بالتعويض عن فقد
الرقبة دون التعويض عن الحرمان من االستغالل يكون قضاؤها مؤسسا ما
دامت عملية البناء قد تم الشروع فيها مباشرة عقب االحتالل .وأن المطالبة
بالتعويض عن الحرمان من االستغالل ال يكون لها محل إال إذا كانت الفترة
الفاصلة بين تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق العام قد تجاوزت أكثر
من سنة فكان ما قضى به الحكم المستأنف مؤسسا وواجب التأييد".
1
وكمثال على ذلك القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش تحت عدد 1098بتاريخ 2014/10/1في الملف عدد
2014/7206/971جاء فيه ما يلي:
"وحيث إنه من جهة ثانية فان التعويض عن الحرمان من االستغالل حسبما استقر عليه االجتهاد القضائي في المادة االدارية ال يشمل سوى الفترة
الممتدة ما بين تاريخ وضع اليد و تاريخ إحداث المرفق و ال يحكم به إال إذا أثبت صاحب الشأن نوع االستغالل الذي حرم منه و مدته و هو أمر
غير ثابت في نازلة الحال مما تكون معه المحكمة قد جانبت الصواب لما قضت بالتعويض المذكور ،كما أن الفوائد القانونية تفرض فقط لتغطية
الضرر الناتج عن التأخير".
وكذلك القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش تحت عدد 1102الصادر بتاريخ 2013/10/24في الملف عدد
2013/1914/478والذي جاء فيه ما يلي:
"وحيث إنه من جهة ثالثة فان تمسك الطرف المستأنف بأح قيته في المطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل يبقى عديم األساس القانوني و
الواقعي كما الحظ ذلك الحكم المستأنف عن صواب على اعتبار أن التعويض المذكور حسبما استقر عليه االجتهاد القضائي في المادة االدارية ال
يمنح إال عن الفترة الممتدة ما بين تاريخ وضع اليد و تاريخ إحداث المرفق ،و ال يمنح إال إذا أثبت صاحب الشأن نوع االستغالل الذي حرم منه
ومدته و أنه ال دليل بالملف على ذلك مما يكون معه السبب المعتمد بمقتضى هذه الوسيلة أيضا غير قائم على أساس و يبقى تبعا لذلك الحكم
المستأنف فيما آل إليه صائبا وواجب التأييد.
289
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لقد ذهب القضاء في العديد من األحكام إلى تقييد الحق في التعويض عن الحرمان من
االس تغالل بإثبات وجود استغالل سابق عن حيازة اإلدارة للعقار ،ذلك أن االدعاء بالحرمان
من االستغالل والمطالبة بالتعويض عن ذلك تفترض أن يكون العقار مستغال حينما تضع
اإلدارة يدها عليه ،ويقع عبء إثبات االستغالل على عاتق المطالب به ،وكون استغالله
للعقار كان مد ار للدخ ل قبل واقعة وضع اإلدارة يدها على العقار .و هذا ما جاء في العديد
من الق اررات الصادرة عن محاكم االستئناف اإلدارية ،ومن أمثلة ذلك:
"وحيث إنه وفيما يخص سبب االستئناف الفرعي الوحيد المثار من
طرف و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية والمتصل بمبلغ التعويض عن
290
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الحرمان من االستغالل ،فإن هذه المحكمة ورعيا منها للمبادئ التي تواتر
عليها االجتهاد القضائي للغرفة االدارية بمحكمة النقض من خالل عدد من
الق اررات الصادرة عنها من ضمنها القرار عدد 886الصادر بتاريخ
2004/12/22في الملف االداري عدد 03/730و القرار عدد 602
الصادر بتاريخ 2006/10/11في الملف رقم ،2005/3/4/3047
والقرار عدد 453الصادر بتاريخ ،2006/7/5و التي أكدت من خاللها
أنه يشترط للمطالبة بأي تعويض عن هذا الحرمان من االستغالل باإلضافة
إلى بيان الفترة التي تتحقق فيها إثبات نوعية و طبيعة االستغالل الذي حرم
منه المعني باألمر ،و في ظل عدم بيان المستأنفة فرعيا لهذه الفترة والتي
تمتد من تاريخ وضع اليد إلى تاريخ إحداث المنشأة ،فضال عن عدم إثباتها
لنوعية االستغالل الذي كان مخصصا له عقارها بموجب وثائق التعمير
الت ي كانت سارية المفعول والذي حرمت منه فعال ،فإن ذلك يعني إن طلبها
الرامي إلى الحكم بهذا التعويض يبقى غير قائم على أساس والمحكمة
اإلدارية بوجدة عندما قضت برفض الطلب في هذا الشق منه فإنها تكون قد
نحت منحا صحيحا و ليس فيها ما يبرر إلغائه لهذا السبب".
291
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اإلشارة إلى وقوع اختيار اللجنة التي انتدبت لذلك الغرض على عقار
المستأنف بعد االطالع على كافة المواقع المخصصة بمقتضى تصميم
التهيئة إلقامة مدارس و ال يمكن بأي حال أن يثبت تحقق واقعة وضع
اإلدارة يدها على العقار و منع المستأنف من التصرف فيه.
و حيث إنه باإلضافة إلى ما ذكر فإنه بالنظر إلى طبيعة التعويض
عن الحرمان من استغالل العقارات التي تتعرض لالعتداء المادي فهو إنما
يكون مستحقا في حالة إثبات مالكيها تخصيصها في نشاط معين مدر
للمداخيل قبل تحقق واقعة وضع اإلدارة يدها عليها ومنعهم من التصرف
فيها و أنه لما عجز المستأنف عن إثبات تحقق ذلك الشرط في المرحلة
االبتدائية فإن طلبه يكون غير مرتكز على أساس سليم".
د -موقف العمل القضائي اإلداري من تمسك اإلدارة الحائزة للعقار دون
ضوابط قانونية بمقتضيات المادة 37من قانون التعمير
" ...يكون مالك كل بقعة أرضية تصير أو تبقى مجاورة للطريق العامة
الجماعية المقرر إحداثها ملزما بالمساهمة مجانا في إنجازها إلى غاية مبلغ
يساوي قيمة جزء من أرضه يعادل مستطيال يكون عرضه 10أمتار وطوله
مساويا لطول واجهة األرض الواقعة على الطريق المراد إحداثها على أن ال
تتعدى هذه المساهمة قيمة ربع البقعة األرضية ".
و إذا كان هذا الفصل ينطبق على الحالة التي تسلك فيها اإلدارة مسطرة نزع الملكية ،فإن
التساؤل يطرح في حال ما إن كانت اإلدارة قد أنجزت طريقا دون اتباع مسطرة نزع الملكية،
292
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أي أنها كانت في وضعية اعتداء مادي ،فهل يمكنها التمسك بإعمال هذا الفصل عند تقدير
التعويض.
يذهب موقف اإلدارة إلى أن عدم تطبيق مقتضيات الفصل 37المذكور أعاله ،معناه إعفاء
صاحب العقار من التزام قانوني ملقى على عاتقه برغم وجود سببه وهو مجاورته للطريق
العمومية ،ومعلوم أن التحمالت القانونية ال يجوز أن يعفى منها أحد إال بنص قانوني.
فضال عن أنها اعتبرت أن هذا الطرح ينسجم مع مفهوم التعويض في إطار االعتداء
المادي أي في إطار مفهوم المسؤولية التقصيرية مادام أن التعويض ال يرصد إال لجبر الضرر
الحال والمحقق دون سواه ،ومادام أن هناك تحمل للشخص المجاور للطريق العمومية بالمساهمة
في إنشاء هذه الطريق في حدود قيمة الربع من عقاره ،فإن مبادرة اإلدارة إلى إنشاء هذا الطريق
حتى إن اعتبر فعال موجبا للمسؤولية المرفقية باعتباره اعتداء ماديا ،فإن التعويض عنه يجب أن
يحصر في حدود النفع الفائت والخسارة الالحقة.
لكن العمل القضائي لم يساير هذا التوجه إذ دأب على رفض هذا الطلب وتقدير التعويض
عن قيمة العقار دون استحضار مبدأ المساهمة المجانية ،وفي هذا الصدد يمكن اإلحالة على
الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بفاس تحت عدد 2009/732في الملف اإلداري عدد
2009/12/163بتاريخ 2009/07/08والذي اعتبرت المحكمة فيه أن الفصل 37من
قانون التعمير ال يجد مجال تطبيقه إال في إطار مسطرة نزع الملكية وليس في إطار نظرية
االعتداء المادي.
293
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المطلب الثالث :تطور العمل القضائي في مجال إقرار ملكية اإلدارة لرقبة
العقار المعتدى عليها نظير إلزامها بأداء ثمنه
كان توجه القضاء اإلداري في البداية يرفض إقرار إمكانية نقل الملكية مقابل التعويض
المحكوم به ،مستندا في ذلك على عدم جواز إضفاء المشروعية على عمل غير مشروع
ويعتبر أن اإلدارة مطالبة عند رغبتها في تسوية وضعية العقار الذي أدت ثمنه أن تسلك
مسطرة نزع الملكية.1
وما فتئت اإلدارة تدافع عن ضرورة نقل ملكية العقارات التي تكون موضوع تعويض في
إطار اإلعتداء المادي لإلدارة مرتكزة في ذلك على مبر ار موضوعية وقانونية وتنسجم مع
روح القانون ويمكن إجمالها في اإلعتبارات التالية :
االعتبار األول :نقل ملكية العقار لإلدارة يجد سنده في إلزامها بأداء قيمة
هذا العقار لفائدة مالكيه السابقين
حيث من المعلوم أن انتقال الملكية له حاالت وأوصاف متعددة فقد يتم بالتراضي مرة
وقد يتم بحكم القانون مرة أخرى وقد يتم بحكم القضاء.
وحيث إن كان انتقال ملكية العقار إلى اإلدارة قد يتم بتراضي األطراف ،فإنه قد يتم
في إطار قانون نزع الملكية ألجل المنفعة العامة ويمكن أيضا أن يتم عن طريق القضاء،
فالقضاء حينما يحسم في المراكز القانونية فإنه يحكم باإللزام كما يحكم بالحق ،وإن إلزام
1
وكمثال على ذلك:
-القرار عدد 4752الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ 03دجنبر 2012في الملف عدد 6/12/314المضموم إليه الملف
عدد .6/12/736
-القرار عدد 1672الصادر بتاريخ 2011/05/26في الملف رقم 6/11/137عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط.
-الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ 2013/05/06تحت عدد 1627في الملف رقم .06/13/1527
-الحكم رقم 373الصادر عن المحكمة االدارية بالرباط بتاريخ 2012/02/01موضوع الملف رقم .2010/12/358
-الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ 2008/9/23تحت عدد 1357في الملف رقم 06/476ش ت.
294
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اإلدارة بأداء ثمن العقار يترتب عنه بداهة استحقاقها لرقبته ،وإن ذلك مرده قواعد العدالة
واإلنصاف ومنطق األشياء قبل أن يكون مبدأ قانونيا أو حكما قضائيا .
فمعلوم أن القانون وسيلة لتحقيق العدالة واإلنصاف وأن القاضي هو الموكول له
إيصال هذه العدالة إلى مستحقيها.
وحيث من ثم فإن كان انتقال الملكية قد يكون بوسائل متعددة فإن القاسم المشترك بين
هذه الوسائل هو تحقيق العدالة واإلنصاف فملكية الشيء تثبت لمن أدى مقابله وملكية
العقار تثبت لمن أدى قيمته .
وحيث ال يع قل ال منطقا وال شرعا أن يلزم القضاء اإلدارة بأداء قيمة العقار لمالكه
السابق ثم ال يعترف لها في المقابل باستحقاقها لهذا العقار.
إن العقار ليس سوى ماال من األموال ومن ثم فال يمكن أن يجتمع العقار وقيمته بين
يدي شخص واحد ،فإما أن يظل هو صاحب العقار وإما أن يحصل عن مقابله ويتنازل
عن ملكيته لمن أدى هذا المقابل ،تلك هي مبادئ واضحة ال غبار عليها ألنها مستمدة
من القواعد األساسية للعدالة واإلنصاف .
االعتبار الثاني :مطالبة المعتدى على ملكه بالحكم لفائدته بتعويض عن
رقبة العقار معناه تنازله ضمنيا عن هذه الرقبة مقابل الحصول على ثمنها
حيث إن المعتدى على ملكه عندما يطالب بتعويض عن رقبة العقار بزعم أن حيازة
اإلدارة له وإنشائها لمرفق عمومي عليه افقده لملكيته.
295
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لما طالب بذلك أمام القضاء ،ومن تم فإنه ارتضى في المقابل أن يتنازل لإلدارة عن ملكية
العقار إذ ال يمكن أن يستبقي االثنين معا .
وحيث من تم فاإلدارة هنا ال تسعى إال إلى تسوية وضعية عقار ألزمت بأداء ثمنه
وتنازل مالكه عن رقبته بمعنى أن الحكم القضائي لن يكون سوى كاشف عن هذه الوضعية
ومرتب لألثر القانوني الواجب عن حصول المالك السابق للعقار على ثمنه .
االعتبار الثالث :التصريح بفقدان المالك لملكية العقار وعدم التسليم بانتقال
ملكية العقار إلى اإلدارة يفضي إلى خلق وضعية غير قانونية
إنه مما ال جدال فيه أننا في دعوى اإلعتداء المادي نكون أمام حكم قضائي نهائي
يقضي بفقدان المالك السابق لملكية عقاره .
ومن تم فإن فقدان الملكية بحكم قضائي نهائي معناه أن العقار موضوع النزاع لم يعد
في اسم مالكه األصلي وأن ما هو مضمن في الرسم العقاري يخالف حكما قضائيا نهائيا
يتوجب تحيين وضعية العقار على أساسه.
كما أن عدم اإلقرار لإلدارة بكونها أضحت هي المالكة معناه أن العقار موضوع النزاع
قد أضحى دون مالك وأن وضعيته معلقة وهو ما ال يعقل أو يستساغ.
و إذا استحضرنا هذا المعطى وعلمنا أن اإلدارة ملزمة بأداء قيمة العقار فإن اإلقرار لها
بملكية رقبته ليس سوى تحصيل حاصل.
فمعلوم أن االلتزام ال يكون محدودا فقط بما تضمنه سنده ،ولكن يكون أيضا بما تمليه
طبيعة األمور ،كما أن الحق يقابله الواجب وأن استحقاق قيمة العقار يلقي بالتزام مفاده
انتقال ملكية هذا العقار إلى الملتزم بأداء قيمته .
296
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
االعتبار الرابع :ثبوت إلزام اإلدارة بأداء قيمة العقار يجعلها في استحالة
قانونية لممارسة مسطرة نزع الملكية
من المعلوم أن لمسطرة نزع الملكية مرحلتين :مرحلة قضائية وأخرى إدارية ،وأنهما
مترابطتان فال قبول لإلجراءات القضائية إال عند سالمة اإلجراءات اإلدارية ،ومن ثم فإن
كانت مسطرة نزع الملكية تقتضي أن يتم تعيين العقار المنزوعة ملكيته وتحديد التعويض
المقترح له وإيداع هذا التعويض حتى تقبل دعوى نقل الملكية وطلب اإلذن بالحيازة ،فإن
سبقية الحكم بالتعويض يحول دون سلوك هذه اإلجراءات ،فاإلدارة ال يمكن أن ترصد
تعويضا مرتين عن نفس العقار ،ثم إن تقديم دعوى نقل الملكية يخول للمالك أن يناقش
التعويض ويعترض عليه ويستأنف الحكم ويمارس الحق في الطعن بالنقض ،بمعنى أن هذا
التعويض ال يكون محسوما في قيمته إال بصدور حكم نهائي ،فكيف إذا كان المالك قد
حصل على التعويض سلفا وتوصل بقيمة العقار مسبقا ؟
و من تم فإن كنا نحتكم إلى القانون فإن إجراءات القانون 81-7وشروط تقديم دعوى
نقل الملكية وطلب اإلذن بالحيازة ال يمكن أن تطبق في نازلة الحال .
و فضال عن ذلك فإن القاضي يمنع عليه أن ينظر في نزاع سبق الحسم فيه ،ومن تم
فكيف لقاضي نزع الملكية أن ينظر في التعويض وهو قد سبق الحسم فيه ،ثم إن سلطة
قاضي نزع الملكية في تقدير التعويض تحكمها أحكام الفصل 20من القانون رقم 81/7
وهي غير العناصر التي تعتمد في حصر التعويض في إطار دعوى االعتداء المادي .
إضافة إلى ذلك فإنه ال يمكن القول أن قاضي نزع الملكية سيكتفي بالنظر في طلب
نقل الملكية دون النظر في قيمة التعويض ألن ذلك ال سند له وال يمكن أن يمنع قاضي نزع
الملكية من بسط سلطته على النازلة والحسم في أساس الدعوى وفقا لألحكام القانونية التي
تحكمه استنادا إلى مقتضيات الفصل الثالث من ق .م .م.
297
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبالنظر إلى ما سبق يتضح أن دعوى نزع الملكية دعوى خاصة لها شروطها وأحكامها
وأنه ال يمكن التعديل في هذه األحكام وال في هذه الشروط وإال كان األمر افتئاتا على
المشرع واجتهادا في غير باب االجتهاد وتجاو از لحدود سلطات القاضي الذي سيعطل نصا
في حين أنه يملك في المقابل حال آخر ليس فيه أي تعطيل لنص قانوني.
إن أول مهمة يضطلع بها القاضي هو الحسم في المراكز القانونية بحيث ال تظل هذه
األخيرة معلقة تفضي إلى منازعات أخرى أو تؤدي إلى عدم استقرار األوضاع القانونية .
و من ثم فإن اإلقرار بأحقية المالك السابق في الحصول على تعويض عن رقبة العقار
مقابل فقدانه لملكيته يقتضي الحسم في الوضعية القانونية للعقار وتحديد المالك الحقيقي له.
وحيث من ثم فال يمكن للحكم القضائي أن يساهم في خلق وضعية ال تعكس الواقع بأن
يلزم اإلدارة بأداء قيمة العقار وال يعترف لها بملكيته ،إن معنى ذلك هو مزاحمة مركزين
قانونيين للمالك السابق ،المركز األول حصوله على ثمن العقار والمركز الثاني استبقاؤه
لملكيته أو معناه عدم حسم في الوضعية القانونية للعقار من خالل القول بفقدان المالك
السابق لملكية العقار واعتبار ذلك هو المبرر الستحقاقه لثمنه ولكن دون االعتراف في
المقابل لإلدارة بأنها أضحت هي المالك الجديد بسبب أداءها للثمن .
ثم إنه ال يمكن منطقا الجمع بين األضداد ،فإما أن تقر المحكمة بفقدان الملكية وما
يقتضيه ذلك من انتقالها إلى الغير ،أو تقر ببقائها مع ما يستتبع ذلك من رفض االستجابة
لطلب الحصول على ثمن العقار.
298
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ونافلة القول التذكير إلى إن القاضي وهو يقضي بإلزام اإلدارة بأداء الثمن يكون قد رتب
بداهة الحق لها في الحصول على مقابل هذا الثمن ،أي على ملكية العقار فتلك هي النقطة
المفصلية ،إذ أن سبب انتقال الملكية ليست هي الواقعة المادية الغير المشروعة ولكن هو
الحكم القضائي الملزم بأداء التعويض .
االعتبار السادس :تعارض المنطق القائل بعدم جواز نقل الملكية خارج
إطار القانون رقم 7/81مع مبدأ وجوب حماية المال العام
إن القاضي اإلداري كان سباقا لوضع مبادئ وقواعد تكفل حماية المال العام ،بحيث
كانت هذه الغاية سببا في إنشاء مجموعة من المبادئ القارة في القضاء اإلداري ،كمبدأ عدم
جواز إفراغ اإلدارة من العقار إذا ثبت إنشاؤها لمرفق عمومي عليه ومبدأ عدم جواز هدم
المرفق العمومي استنادا إلى نظرية التصاق المال العام بالمال الخاص ،وغيرها من المبادئ
التي يضيف المقام عن سردها والتي ال يختلف عليها اثنان .
و عدم إقرار ملكية اإلدارة للعقار الذي أدت ثمنه من المال العام معناه ببساطة التسليم
بأن تغرم اإلدارة دون أن تغنم أي أن يتم صرف مال عام دون الحصول على مقابله .
هذا فضال عن أن بقاء وضعية العقار على ما هو عليه ،قد يخلق وضعية سوف
يصعب إصالحها فيما بعد ،إذ أن الشخص المسجل على العقار كمالك له قد يقدم على
تفويته إلى الغير والذي يمكن له أن يسجل اسمه كمالك جديد وهنا وتواجه اإلدارة عندها
بوضعية جديدة قد تترتب عنها منازعات أخرى وإهدار للمال العام.
و بالنظر إلى ذلك فإن عدم تسجيل الدولة كمالكة للعقار بعد أن ألزمت بأداء ثمنه هو
مفسدة ال تحقق مصلحة مادام أن المالك السابق قد روعيت مصلحته واستوفى حقه وأن
اإلدارة ظلت في مركز قانوني معلق ووضعية لم يحسم في شأنها الحكم .
299
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
هذا وقد استقر القضاء على نقل الملكية لفائدة الدولة وعرف هذا الموقف مرحلتين
يمكن تلخيصهما كما يلي :
أصبح القضاء يستجيب لطلب الدولة بنقل ملكية العقار إليها بعد أداء التعويض وذلك
استنادا على مجموعة من النظريات ،كاآلتي:
أ -نظرية اإلثراء بدون سبب ،حيث سارت مجموعة من الق اررات في اتجاه تبرير الحكم
بنقل ملكية الرقبة لإلدارة على اساس نظرية الغثراء بال سبب المنصوص عليها في قانون
االلتزامات والعقود.
وكمثال على ذلك قرار محكمة النقض عدد 2/394المؤرخ في 24أبريل 2014في
الملف عدد 2012/2/4/1669الذي جاء فيه ما يلي:
"حقا حيث صح جزئيا ما عابه به الطالب القرار المطعون فيه ،ذلك أن
المحكمة قضت بتعويض عن فقد المطلوبة ملكية عقارها المعتدى عليه
ماديا من طرف الطاعنة دون الحكم بنقل ملكيته لفائدة هذه األخيرة خالفا
ألحكام اإلثراء بال سبب المتمثلة في إثراء المطلوبة عندما قضى لها
بالتعويض المذكور من احتفاظها بملكية نفس العقار موضوع الحكم
بالتعويض ،واقتصار الطاعنة لما صرحت من انتقال ملكية نفس العقار
إليها (وافتقار الطاعنة لما حرمت من انتقال ملكية نفس العقار إليها) ،مما
شكل افتقا ار مباش ار يقابله إثراء مباشر وتقوم عالقة سببية مباشرة تتمثل في
واقعة هي السبب المباشر لكل منهما وهو دفع تعويض عن قيمة عقار لم
تنتقل ملكيته على من حكم عليه بدفعه وهو الطالبة المفتقرة ،فكان بذلك
300
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القرار المطعون فيه لما لم يقض بنقل الملكية لهذه األخيرة والحال ما ذكر
فاسد التعليل ومعرضا للنقض".
القرار عدد 186الصادر عن المجلس األعلى سابقا بتاريخ 8فبراير 2001في الملف
اإلداري عدد 98/1/5/178الذي جاء فيه ما يلي:
وفي نفس السياق القرار الصادر عن محكمة النقض تحت عدد 2-717وتاريخ -26
6-2014في الملف اإلداري عدد .2012-2-4-135
301
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ب -دور القضاء في تكريس نظرية التوازن بين الحقوق والواجبات وحماية
للمراكز القانونية للطرفين
وكمثال على هذا التوجه قرار محكمة النقض عدد 2/48الصادر بتاريخ
2015/1/22في الملف عدد 2013/2/4/1473والذي جاء فيه:
من المعلوم ان القاضي تحكمه مقتضيات الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية
وبالتالي فان القاضي ال يحكم اال بما طلب منه.
واستنادا الى هذا المبدأ فقد عمد القضاء اإلداري إلى عدم االستجابة لبعض مقاالت
االستئناف في ما يتعلق بطلب نقل الملكية عند الحكم بالتعويض في إطار االعتداء المادي
بالنظر إلى أن هذا الطلب لم يكن موضوع طلب مضاد في المرحلة االبتدائية.
302
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
و يظهر أن محكمة النقض قد تراجعت عن قرارها حيث جاء في حيثيات ق اررها عدد
3/02وتاريخ 08يناير 2015في الملف اإلداري عدد ،2013/2/4/369ما يلي:
303
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وخالصة القول أنه إذا كان القضاء اإلداري قد استطاع فرض حمايته للملكية العقارية
من خالل تجسيد مبدأ دستورية هذا الحق ،فإن ذلك وحده ال يكفي ألن الضمانة الدستورية
لحق الملكية تقتضي تدخل المشرع أيضا من خالل فرض احترام حق الملكية العقارية ،وذلك
من خالل فرض قيود على لجوء اإلدارة إلى غصب العقار خارج الضوابط القانونية وبالمقابل
إدخال تعديالت على القانون رقم 7/81المتعلق بنزع الملكية وتيسير إجراءاته والتقليص من
اآلجالت المضمنة به.
304
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مقدمة
شكل مطلب تحيين اإلطار القانوني المنظم ألراضي الجماعات الساللية عن طريق
سن منظومة تشريعية متكاملة ،مطلبا أجمع عليه الباحثون والفاعلون السياسيون
واالقتصاديون وهيئات المجتمع المدني ،وحاجة ملحة اقتضتها التغيرات البنيوية على
الصعيدين االجتماعي واالقتصادي ،وأملته المستجدات الدستورية والقانونية ،التي بلورها
االجتهاد القضائي في قراراته وأحكامه ،حتى أضحت مقتضيات الظهير الشريف الصادر في
26رجب 27( 1337أبريل )1919بشأن تنظيم الوصاية اإلدارية على الجماعات وضبط
تدبير شؤون األمالك الجماعية وتفويتها ،متجاوزة وتطبق في بيئة مختلفة تماما عن تلك التي
شكلت أسباب نزوله.
وبعد مخاض عسير ،وبعد مرور ما يناهز قرن على صدور ظهير 11919ونصف
قرن على آخر وأهم تعديل له سنة ،1963تمت المصادقة على مشاريع القوانين التي أعدتها
الحكومة ،ونشرها بالجريدة الرسمية ،ويتعلق األمر ب :
1
ظهير 27المؤرخ في 26رجب 1337الموافق ل 27أبريل ( 1919جريدة رسمية عدد 329بتاريخ 18غشت 1919الموافق ل 20ذي القعدة
،1337ص )410المغير بموجب الظهير الشريف رقم 1.62.179الصادر في 12رمضان 1382الموافق ل 6فبراير ( 1963ج ر عدد
2626بتاريخ 27رمضان 1382الموافق ل 22فبراير ، 1963ص .)365
القانون رقم 62.17بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات وتدبير أمالكها ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.115صادر في 7ذي 2
الحجة 9 ( 1440اغسطس )2019ج ر عدد 6807بتاريخ 24ذو الحجة 26( 1440أغسطس )2019ص .5887
305
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تعكس هذه القوانين ترجمة إلرادة الحكومة في معالجة موضوع شائك ،طالما باءت كل
المحاوالت السابقة لتنظيمه بالفشل وبقيت حبيسة الرفوف ،3واتسمت بمقاربة شمولية استهدفت
كل الجوانب المرتبطة بأراضي الجموع (الوصاية ،التحديد اإلداري ،األراضي الواقعة في دائرة
الري )،بحيث خصص لكل منها قانون خاص ،كما أن ما تضمنته في طياتها من مقتضيات
جديدة ال يمكن إال أن تكون خطوة أساسية في تجاوز الجمود والفراغ الذي يعتري القانون
المنسوخ ،وآلية تروم حل عدد من اإلشكاالت التي أفرزتها تطبيقاته العملية.
وإذا كانت اإلحاطة بهذه القوانين وتقييمها بشكل مؤسس وعلمي ،تقتضي قراءتها قراءة
نقدية كوحدة متكاملة ومنظومة ال تتجزأ ،فإن هذا األمر يحتاج إلى دراسة معمقة ال يتسع لها
هذا المقال ،مما ارتأينا معه أن نحصره في قراءة ألهم مستجدات القانون رقم ،62.17التي
تضمنت مقتضيات جديدة ،ال سيما فيما يتعلق بتوسيع دائرة ذوي الحقوق ،والمسطرة اإلدارية
للطعن ضد ق اررات الهيئات المضمنة بهذا القانون (المجالس النيابية ومجالس الوصاية
االقليمية) أو المسطرة القضائية للطعن في ق اررات مجلس الوصاية المركزي.
لذا ،سيكون هذا المقال متقاطعا ،بل وامتدادا في العديد من جوانبه مع جاء في مقالنا
السابق "الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد القضائي"،4
القانون رقم 63.17المتعلق بالتحديد اإلداري للجماعات الساللية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.116صادر في 7ذي الحجة 1
9( 1440أغسطس )2019ج ر عدد 6807بتاريخ 24ذو الحجة 26( 1440أغسطس )2019ص .5893
القانون رقم 63.17المتعلق بالتحديد اإلداري للجماعات الساللية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.117صادر في 7ذي الحجة 2
9 ( 1440أغسطس )2019ج ر عدد 6807بتاريخ 24ذو الحجة 26( 1440أغسطس )2019ص .5895
3
لالطالع على مقترحات تعديل ظهير 1919/04/17خالل سنوات 2013 ،2012و 2014ومواقف األحزاب المغربية ،ال سيما حزب التجمع
الوطني لألحرار ،حزب االستقالل ،حزب العدالة والتنمية ،حزب الحركة الشعبية وحزب األصالة والمعاصرة ،االطالع على :حياة البجدايني :نظام
أراضي الجموع بين المتطلبات القانونية ورهانات التنمية ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس وجدة ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،السنة الجامعية ،2016-2015ص 153إلى .170
5
أنظر فؤاد الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" مجلة الوكالة القضائية للمملكة ،العدد
األول ،ماي ،2018ص .174
306
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
سنقف من خالله على مدى توافق المستجدات المضمنة بهذا القانون مع أحكام الدستور،1
وبعض القوانين ،2ومع ما استقر عليه االجتهاد القضائي.
ينقسم القانون رقم 62.17من حيث الشكل إلى سبعة أبواب ،ما له عالقة مباشرة
بموضوعنا هذا ،هو الباب الثالث المعنون بأحكام خاصة بأمالك الجماعات الساللية،
وتحديدا المادتين 6و 16منه اللتين أقرتا تمتع أعضاء الجماعات الساللية ،ذكو ار وإناثا
باالنتفاع بأمالك الجماعة التي ينتمون إليها ،واحتفظتا باالختصاص لجماعة النواب في
توزيع حق االنتفاع -كما هو معمول به في الظهير المنسوخ -وفق الشروط والكيفيات التي
ستحدد بنص تنظيمي ،3وكذ ا الباب الخامس المتعلق بالوصاية اإلدارية على الجماعات
الساللية ،الذي يضم خمسة مواد ،إن كانت محدودة من حيث العدد ومقتضبة من حيث
المضمون ،إال أنها تحمل مستجدات ذات طبيعة مؤسساتية ومسطرية ،تتمثل في إحداث
مجالس الوصاية االقليمية ،كجهة تبت في الطعون المقدمة ضد ق اررات المجالس النيابية،
وتصدر بدورها ق اررات تستأنف أمام مجلس الوصاية المركزي ،لتبقى لهذا األخير الكلمة
الفصل في إصدار ق اررات إدارية نهائية ،باعتباره أعلى هيئة تنظر في النزاعات المتعلقة
بمقررات االنتفاع.
وبالنظر إلى طبيعة هذه المستجدات ،التي منها ما احتوى إق ار ار لمبدأ المساواة بين
الذكور والنساء في االستفادة من حق االنتفاع ،ومنها ما ينطوي على إحداث هيئات جديدة
سيعهد لها بالنظر في مقررات المجالس النيابية ،مع ما سيترتب عن ذلك من آثار على
6
تحديدا المادة 118من دستور 2011التي تنص على أن "كل قرار اتخذ في المجال اإلداري سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام
الهيئة القضائية اإلدارية المختصة".
ال سيما القانون رقم 03-01بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل ق ارراتها اإلدارية ،الصادر بتنفيذه 7
الظهير الشريف رقم 1-02-202المؤرخ في 12من جمادى األولى 23( 1423يوليو ،)2002جريدة رسمية عدد 5029بتاريخ 3جمادى
اآلخرة 12( 1423غشت )2002ص .2282
8
خالفا لما هو مضمن بالفصل الرابع من ظهير 17أبريل 1919المعدل بموجب ظهير 6فبراير 1963المنسوخ الذي كان يخول النواب توزيع
حق االنتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء الجماعة حسب األعراف وتعليمات مجلس الوصاية ،مما كان يحرم النساء من االستفادة ،ألن األعراف في
الغالبية العظمى من المناطق ،كانت تقضي بتوزيع الحق في االنتفاع بين الذكور دون النساء.
307
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مسطرة الطعن اإلدارية ،1فإن تقسيمنا سيكون من خالل استعراض المقتضيات المتعلقة
بإقرار مبدأ المساواة بين الذكور واإلناث في االستفادة من حق االنتفاع (المبحث األول) ،قبل
االنتقال إلى بسط الهيئات المكلفة إما ابتداء أو باعتبارها جهة طعن ،بالبت في توزيع حق
االنتقاع والفصل في النزاعات المرتبطة به ،مع بيان انعكاس ذلك على اإلجراءات المسطرية
المتعلقة بالطعن في ق اررات تلك الهيئات (المبحث الثاني).
المبحث األول :إقرار مبدأ المساواة بين الذكور واإلناي في االستفادة من
حق االنتفاع
تظل أول مالحظة يقف عليها المتصفح للقانون عدد ،62.17هي غياب مقتضيات
الفصل الرابع من ظهير 17أبريل 1919المنسوخ ،التي كانت تعطي الصفة لجمعية
المندوبين السالليين في توزيع االنتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء الجماعة حسب األعراف
وتعليمات الوصاية ،لتعوض بمقتضيات المادتين 6و 16اللتين أقرتا صراحة بحق االنتفاع
للذكور واإلناث على حد سواء .إال أن السؤال الذي يطرح هو :هل هذا التنصيص من شأنه
أن ينهي كل النزاعات واإلشكاالت المرتبطة بتوزيع حق االنتفاع ،المثارة في ظل القانون
المنسوخ ،أم أن هذا القانون بدوره يحمل في طياته بذور النزاع وإشكاالت التطبيق؟
وهو ما سنحاول الجواب عنه من خالل فقرتين ،نخصص األولى لبيان المبادئ
الدستورية والتوجه القضائي الذين شكال مرجعا إلقرار أحقية النساء في االستفادة من حق
االنتفاع أسوة بالذكور ،فيما نعمد في الثانية إلى استعراض اإلشكاالت القانونية والعملية التي
سيطرحها تفعيل هذا النص بالنظر إلى مقتضيات التفعيل المضمنة به.
9
فإحداث مجالس الوصاية االقليمية كجهة مختصة للطعن في مقررات المجالس النيابية ،واعتبار ق ارراتها غير نهائية ،بل تستأنف بدورها أمام
مجلس الوصاية المركزي ،هو إحداث لدرجة جديدة من مسطرة الطعن اإلداري ،سيؤدي إلى تمديد زمن الفصل في المنازعات قبل استصدار قرار
نهائي ،عكس ما هو عليه الوضع حاليا.
308
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لقد تعمدنا أن نصف هذا المستجد باإلقرار ،ولم نعتبره منشئا للحق لالعتبارات التالية:
علما بأن ما يتمسك البعض من كون األمر ال يتعلق بحق رقبة حتى تنتقل ملكيته إلى كل الورثة ،بل بحق انتفاع فحسب ،هو مبرر واه ومردود، 1
ألن كل ما يغني الذمة المالية للمورث ينتقل وجوبا إلى خلفه العام ذكو ار وإناثا ،ثم إذا كان الحق في االنتفاع ال يمكن أن تسري عليه قواعد اإلرث
مادام ليس بملكية رقبة ،فلماذا تشترط المادة 10من ظهير 1919/04/19انتقال هذا الحق وجوبا إلى أحد الورثة .
ظلت المجالس النيابية تصدر مقررات متباينة ،تارة تعطي الحق لالنتفاع للذكور والنساء ،وتارة أخرى للذكور فقط دون النساء ،دون أي مقابل أو 2
بجعلهم ملزمين بأداء تعويض لفائدة النساء الورثة ،بل أن مجلس الوصاية بدوره يصدر ق اررات تؤيد تلك الق اررات النيابية على اختالف توجهاتها.
أنظر بهذا الخصوص فؤاد الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ،ص 191و.192
309
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
-:3أن االجتهاد القضائي لمحكمة النقض كأعلى جهة قضائية ،استقر على أحقية
النساء في االستفادة من حق االنتفاع ،استنادا إلى غياب أي مقتضى يخول حرمانهن ،1وقد
سارت محاكم الموضوع على نفس النهج ،لتصرح في عدد من ق ارراتها وأحكامها بأن حق
النساء في االستفادة ،تقرره قواعد الشريعة االسالمية الغراء التي تعتبر الدين الرسمي للدولة،
والمبادئ الدستورية التي تساوي بين الذكور والنساء في الحقوق والواجبات ،وكذا المعاهدات
واالتفاقيات الدولية التي تعنى بحقوق اإلنسان في بعدها الكوني.2
وإذا كان إقرار حق النساء في االنتفاع بأراضي الجموع في صلب القانون موضوع
القراءة الحالي ة ،يعد ترجمة لما استقر عليه العمل القضائي ،باعتباره الجهة المؤهلة ليس
بتطبيق وتفسير وتأويل القاعدة القانونية فحسب ،بل مصد ار من مصادر إنشائها وخلقها أو
حتى تعطيلها متى كانت غير دستورية ،3ويكرس مبادئ العدالة بين أفراد الجماعة الساللية
دون تمييز بسبب الجنس ،إال أن شروط اإلعمال المضمنة بالقانون ستطرح ال محالة
إشكاالت قانونية وعملية.
1
القرار عدد 1/41الصادر بتاريخ 2016/01/14في الملف عدد 2013/1/3/1696الذي جاء فيه" :ومن جهة أخرى ،فإن المحكمة مصدرة
القرار المطعون فيه بالنقض لما استندت إلى صيغة العموم التي وردت بالفصل 10من ظهير 1919/04/19المتعلق بتنظيم الوصاية على
أراضي الجموع ،الذي أورد أنه عند وفاة الشخص يتم تخويل حق المنفعة إلى أحد الورثة بدون أي تمييز بين الذكور واإلناث ،وأن الفصل 6من
الضابط المتعلق بتقسيم األراضي الجماعية المؤرخة في 1997/11/03استعمل بدوره عبارة األوالد ،التي ال تبين أي تمييز ،ولما استنتجت من ذلك
انتساب اإلناث للجماعة ولهم من الحقوق ما ألفرادها ورتبت عن ذلك استفادة من اإلرث ومنافعه للذكور واإلناث ،تكون قد عللت قضاءها تعليال
كافيا وما بالوسيلة على غير أساس" (غير منشور).
2
أنظر على سبيل المثال :الحكم عدد 4680الصادر بتاريخ 2015/11/05عن المحكمة اإلدارية بالرباط في الملف عدد 2015/7110/207
،المؤيد بموجب قرار محكمة االستئناف اإلدارية عدد 5437الصادر بتاريخ 2018/12/04في الملف عدد 2017/7205/380والحكم عدد
21الصادر بتاريخ 2016/01/13عن نفس المحكمة في الملف عدد ،2015/7110/654المؤيد بموجب قرار محكمة االستئناف اإلدارية عدد
1370الصادر بتاريخ 2017/03/21في الملف عدد ( 2016/7205/534غير منشورين).
3
إذ أن الفصل 12من ظهير 19أبريل 1919الذي يعفي ق اررات مجلس الوصاية من التعليل ويجعلها محصنة من الطعن ،وإن كان نصا خاصا
لم يعدل أو يلغى ،فإن القضاء المغربي بأعلى درجاته متمثلة في محكمة النقض ،وبعد صدور دستور 2011عطل هذا النص واعتبره ملغى ضمنيا
مادامت المادة 118نصت على أن كل قرار إداري أو تنظيمي يقبل الطعن أمام الجهات القضائية اإلدارية المختصة.
للوقوف على ا إلشكاالت القانونية المترتبة عن قبول الطعن باإللغاء ضد ق اررات مجلس الوصاية ،وتعطيل النص القانوني الذي يجعلها محصنة من
ذلك ،راجع :فؤاد الكركادي " :الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ،ص 186إلى .189
310
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اتحدت المادتان 16و 216من القانون رقم 67.12في إقرار حق أعضاء الجماعات
الساللية ،ذكو ار وإناثا في االنتفاع بأمالك الجماعة التي ينتمون إليها ،وأناطتا االختصاص
في توزيع حق االنتفاع لجماعة النواب وفق ما كان معموال به في ظهير ،1919إال أن
كلتيهما علقتا هذا األمر على صدور نص تنظيمي يحدد الشروط والكيفيات ،مما يعني أنه
بالرغم من دخول القانون حيز التنفيذ بعد نشر بالجريدة الرسمية ،فإن هذه المقتضيات ستبقى
معلقة وغير نافذة حتى صدور النص التنظيمي ،وهو ما تؤكده المادة 37من القانون التي
تنص على أنه "يدخل هذا القانون حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية .غير
أن األحكام التي تقت ضي نصوصا تطبيقية تدخل حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشر تلك
النصوص بالجريدة الرسمية؛
."..... -
إن ربط تحديد كيفيات توزيع الحق في االنتفاع بإصدار نص تنظيمي ،هو إجراء مهم
سيمكن من مراعاة خصوصية كل منطقة ،بل وخصوصية كل عقار محل حق االنتفاع،
تنص المادة 6من المشروع على ما يلي ":يتمتع أعضاء الجماعات الساللية ،ذكو ار وإناثا باالنتفاع بأمالك الجماعة التي ينتمون إليها ،وفق 1
التوزيع الذي تقوم به جماعة النواب المشار إليها في المادة 9من هذا القانون ،وال يخول لهم هذا االنتفاع إال االستغالل الشخصي والمباشر
لألمالك المذكورة".
2
تنص المادة 16من المشروع في فقرتها األولى على أنه " :يتم توزيع االنتفاع بأراضي الجماعات الساللية ،من طرف جماعة النواب ،بين أعضاء
الجماعة ،ذكو ار وإناثا ،وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي"
311
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وسيأخذ بعين االعتبار نية الدولة في تمليك عدد من العقارات الساللية لذوي الحقوق،
وبالتالي فإن العقارات موضوع مشروع التمليك ،يمكن أن تقسم رقبتها بين ذوي الحقوق
األصليين حسب الحصة التي ينتفع بها كل واحد ،أو حسب قواعد اإلرث اإلسالمي في حالة
اإلرث .أما العقارات غير المشمولة بمشروع التمليك في الوقت الراهن ،فإنها إذا ما كانت
ذات مساحة معتبرة تسمح بالتقسيم دون أن يؤدي ذلك إلى اإلخالل باالستغالل أو عرقلته،
فإنها يمكن أن تقسم على ذوي الحقوق من الورثة كحصص عينية لالستفادة ،وفي حالة
العكس ،يمكن اللجوء إلى تعويض مالي جزافي لباقي الورثة متى تعذر واقعا وعمال تمكينهم
من الحق في االنتفاع .1
وإذا ما تم اإلسراع بإصدار النص التنظيمي ،فلن يطرح أي إشكال في إعمال المادتين
المذكورتين ،لكن في حالة العكس ،وهو أمر ال يمكن استبعاده على أي حال ،2فإن المجالس
النيابية ستظل تتولى البت في توزيع حق االنتفاع و النزاعات المرتبطة به وفق القانون
المنسوخ ،ووفق م ا دأبت عليه من توجه غالب يرتكز على العادات واألعراف لحرمان النساء
من الحق في االستفادة ،وهو ما سيستنسخ نفس النزاعات القائمة ،وسيجبر المتضررين على
مباشرة مسطرة الطعن اإلداري أمام مجلس الوصاية ،وإن اقتضى الحال ،مسطرة الطعن
القضائي ضد ق اررات هذا األخير أمام المحاكم اإلدارية مع ما يكلف ذلك من مال وجهد
ووقت.
لذا ،فإنه من األهمية بمكان أن تعمل الجهة الوصية على إعداد النص التنظيمي
وإصداره في أقرب اآلجال ،حتى تكون الجهات المؤهلة للنظر في توزيع حق االنتفاع ،ملزمة
بتطبيق المقتضيات الجديدة.
1
من أجل الوقوف على بعض االشكاالت العملية المترتبة عن تفعيل حق النساء السالليات في االستفادة من حق االنتفاع ،راجع بهذا :فؤاد
الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ،ص 193إلى .195
2
مادامت حتى القوانين التنظيمية التي يتوقف على صدورها نفاذ عدد من النصوص الدستورية ،لم تصدر رغم مرور ما يناهز 9سنوات على
إصدار دستور ،2011وكمثال على ذلك :القانون التنظيمي لإلضراب (الفصل 29من الدستور) ،والقانون التنظيمي المتعلق بمسطرة المساءلة
الجنائية ألعضاء الحكومة (الفصل 94من الدستور) ،القانون التنظيمي للدفع بعدم دستورية قانون (الفصل 133من الدستور).
312
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تتمظهر أهم مستجدات القانون 62.17في تضمينه أحكاما خاصة تتعلق بأعضاء
الجماعات الساللية ،من حيث مسطرة االختيار وإنهاء المهام ،خالفا لما هو عليه الحال في
الظهير المنسوخ ،حيث كانت هذه الشروط مضمنة في دليل صادر عن سلطة الوصاية ليس
له أي تصنيف داخل تراتبية التشريع ،مما يجرده من قوة اإللزام التي تتمتع بها القاعدة
القانونية ،كما تم النص على استحداث هيئة جديدة تسمى مجلس الوصاية االقليمي،1
باإلضافة إلى إحداث مجلس الوصاية المركزي الذي سيحل محل مجلس الوصاية الحالي .
وتتعدد المهام الموكولة إلى كل هيئة من الهيئات المذكورة ،لكن الذي يهمنا في هذا
المقام هو ما يتعلق بتوزيع الحق في االنتفاع ومسطرة المنازعة فيه ،ويمكن في هذا اإلطار
التمييز بين آثار تنسحب على المسطرة اإلدارية (المطلب األول) ،وأخرى على المسطرة
القضائية (المطلب الثاني).
يمكن التمييز فيما يتعلق بالمسطرة اإلدارية لتوزيع الحق في االنتفاع ،والنظر في
الخالفات الناجمة عنه ،بين ثالثة هيئات إدارية:
تعتبر المجالس النيابية وفق مقتضيات المادتين 6و 16من مشروع القانون ،62.17
صاحبة االختصاص في توزيع الحق في االنتفاع ،أي دون تغيير عما هو معمول به في
تنص المادة 33من القانون على أنه" :يحدث على صعيد كل عمالة أو إقليم " مجلس الوصاية االقليمي" يترأسه عامل العمالة أو االقليم أو من 1
يمثله ،ويتألف من ممثلي اإلدارة على الصعيد االقليمي وممثلين عن الجماعات الساللية التابعة للعمالة أو االقليم"
313
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ظل القانون المنسوخ ،إال أن هناك مستجدات مهمة ،تتمثل وفق ما تم ذكره أعاله ،في تقنين
مسطرة اختيار النائب وإنهاء مهامه في صلب القانون ،لتغدو بذلك شروطا قانونية ملزمة
للجميع ،تحت طائلة اعتبار االختيار أو العزل غير قانوني ومعرضا لإللغاء ،كما أنه وفي
تناغم مع باقي مقتضياته التي أقرت حقوق النساء في االستفادة من حق االنتفاع ،وفي تنزيل
لمقتضيات الدستور التي تكفل المساواة بين الذكور واإلناث في ممارسة الحقوق السياسية
والمدنية إلى جانب الحقوق االقتصادية واالجتماعية ،1نصت مادته التاسعة على أن هذه
المهمة يمكن أن يتوالها الذكور واإلناث.2
غير أنه وبالنظر إلى ما هو راسخ في الممارسة العملية ،من إقصاء للمرأة من
االستفادة وبالتبعية من حق التمثيل ،3فإن إقرار هذا الحق في قانون لن يؤدي بشكل آلي إلى
انعكاسات ملموسة على تشكيلة هذه المجالس من حيث تفعيل مقاربة النوع ،مما يقتضي أن
يؤخذ مبدأ وجوب تمثيلية المرأة عند إعداد النص التنظيمي المنصوص عليه في المادة 9من
القانون ،على أن يصدر هذا النص بدوره في أقرب اآلجال ،ألنه في حالة الخالف ستبقى
المجالس النيابية الحالية المتألفة في أغلبها من الذكور دون اإلناث ،هي التي تتولى البت
والتقرير إلى حين صدور النص التنظيمي ،وفقا لمقتضيات المادة 37التي سبق سردها
أعاله.
ولعل ا لسؤال الذي يطرح بداهة هو :إلى أي حد تعتبر هذه المجالس مؤهلة لممارسة
المهام الموكولة إليها؟
1
تنص الفقرة الثانية من المادة 6من الدستور على أنه ":تعمل السلطة العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية
المواطنين والمواطنات ،والمساواة بينهم ،ومن مشاركتهم في الحياة السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية".
2
مع العلم أنه ال يوجد ال في ظهير 1919/04/19وال في دليل النائب المعد من طرف و ازرة الداخلية ،ما يمنع المرأة من هذا الحق ،إال أن الواقع
العملي أبان عن أن جميع الجماعات الساللية التي تقصي النساء من حق االنتفاع ،تتوفر على نواب ذكور فقط ،وهو أمر بديهي وتحصيل حاصل
،إ ذ كيف لعقلية ذكورية تمنع المرأة من االستفادة فقط لكونها أنثى (تمييز على أساس الجنس) أن تقبل بها كعضو في الهيئة المكلفة بتوزيع هذه
الحقوق.
3
مع وجود بعض االستثناءات كما هو الحال بالنسبة الجماعة الساللية المهدية (القنيطرة) التي نصبت بها خمس نائبات ساللية منذ مارس
.2014
314
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وهو سؤال لن نتردد كثي ار في الجواب عنه ،إذا ما قمنا ببسط لكيفية تركيبها والشروط
المطلوبة في اختيار أو تعيين أعضائها ،1مع تقييم للنتائج المترتبة عن عقود من عملها،
وب استحضار المنازعات الالمتناهية في مقرراتها؛ فبمراجعة الشروط المتعلقة باختيار النائب
الجماعي في القانون الحالي ،ال نجد هناك أي شروط خاصة ،اللهم ما جاءت به المادة 9
من وجوب انتمائه إلى الجماعة الساللية التي يمثلها ،وكذا المادة 14التي عددت حاالت
إنهاء مهامه ،والتي من بينها الحكم عليه ،بموجب حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به،
بعقوبة سالبة للحرية بسبب جريمة مخلة بالشرف ،واإلصابة بعجز بدني أو عقلي يحول دون
قيامه بمهامه.
ومادام شرطي المروءة وحسن السيرة والسلوك ،والكفاءة البدنية والعقلية ،يعتبران من
موجبات إنهاء مهام النائب ،فإنهما من باب أولى وبالتبعية من الشروط التي يترتب على
انتفائها المنع من اكتساب صفة نائب ،وهما في نظرنا ،إن كانا يحصنان المجالس النيابية
من األعضاء غير المؤهلين أخالقيا أو صحيا للقيام بمهام النائب ،التي تكتسي أهمية بالغة،
مادامت ترتبط بتدبير أمور الجماعات الساللية وأفرادها من ذوي الحقوق ،إال أن عدم اشتراط
أي مؤهالت تعليمية ،كأن يكون النائب على األقل حاصال على مستوى تعليمي معين،
يجعله قاد ار على القراءة والكتابة ،ينضاف إلى ذلك عدم إخضاعهم ألي تكوين أو تأطير ،قد
أدى إلى إغراق هذه المجالس في حالة عديدة بنواب أميين ال يفقهون ما ضمن بالق اررات التي
يوقعون عليها ،فباألحرى المساهمة في صياغتها ،والسهر على توزيع الحق في االنتفاع،
باستحضار قواعد العدالة واإلنصاف ،وبتطبيق سليم للدستور والقانون.
وقد كان لهذا الوضع -الذي تم تكريسه لألسف في القانون الحالي ،-عواقب سلبية
تمثلت في تشكيل مجالس ال تتوفر على المؤهالت المطلوبة التي تتوافق مع طبيعة المهام
المسندة إليها ،مما انعكس على كيفية تدبير استغالل األراضي الساللية ،وتسبب في تفاقم
فطبقا للمادة 10من القانون رقم 62.17يتم اختيار النواب ،بناء على انتخاب أو باتفاق بين أعضاء الجماعة الساللية ،وفي حالة تعذر 1
315
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المشاكل والنزاعات المرتبطة بها ،وال أدل على ذلك من كثرة الطعون المباشرة ضد هذه
المقررات أمام مجلس الوصاية.
ولعل وعي المشرع بهذا النقص الذي يعتري هذه المجالس ،والذي ينعكس على
مقرراتها ،وما يستتبع ذلك من طعون إدارية هائلة الكم أمام مجلس الوصاية ،هو الذي دفعه
إلى استحداث هيئة " مجلس الوصاية اإلقليمي" كجهة تبت في الطعن ضد تلك المقررات،
وتصدر بدورها ق اررات غير نهائية تستأنف أمام مجلس الوصاية المركزي .فهل من شأن هذا
المستجد أن يساهم في حل اإلشكاالت المرتبطة بتوزيع الحق في االنتقاع؟
هذا ما سنحاول مقاربته من خالل استعراض تشكيلة هذه الهيئة ودورها ،وكذا عالقتها
مع المجالس النيابية من جهة ،ومجلس الوصاية المركزي من جهة أخرى.
حددت المادة 33من القانون رقم 17.62تركيبة هذا المجلس ،الذي يتألف من عامل
العمالة أو اإلقليم أو من يمثله ،ومن ممثلي اإلدارة على الصعيد اإلقليمي ،وممثلين عن
الجماعات الساللية التابعة للعمالة أو اإلقليم ،1وأناطت به اختصاص النظر في االستئناف
المقدم ضد مقررات المجالس النيابية التي تدخل في دائرة نفوذه الترابي ،وذلك داخل أجل 15
يوما بالنسبة للمقررات المتعلقة بإقصاء أحد أعضاء الجماعة الساللية من االنتفاع لمدة سنة
أو بصفة نهائية بسبب ارتكابه ألحد األفعال المنصوص عليها في المادة ،7عمال
بمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 8من القانون ،أو داخل أجل شهر بالنسبة للمقررات
المتعلقة بتوزيع االنتفاع ،طبقا للفقرة الثانية من المادة 16من القانون.
واستنادا إلى المقتضيات المنظمة لهذا المجلس ،والتي همت تركيبته واختصاصاته،
فإنه ليس هناك أية قواعد معيارية أو أحكام متميزة ،من شأنها خلق انطباع بفعاليته ونجاعته
1
يحدد عدد أعضاء المجلس وكيفية تعيينهم ومدة انتدابهم وكذا كيفية اشتغال المجلس بموجب نص تنظيمي ،طبقا للفقرة األخيرة من المادة 33من
القانون.
316
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
في حل الخالفات التي سترفع أمامه ،بل كل ما في األمر أن االختصاصات التي يقوم بها
مجلس الوصاية فيما يتعلق بالبت في الطعون الموجهة ضد مقررات المجالس النيابية،
ستنتقل إلى هذه المجالس لتباشرها على صعيد العمالة أو اإلقليم؛ فاألمر إذن ال يعدو أن
يكون مقتضى منشئا لجهة استئنافية إدارية جديدة ،يلزم المتنازع بسلوكها قبل رفع القضية
إلى مجلس الوصاية المركزي ،مما سيؤدي إلى تمطيط درجات الطعن اإلداري.
وغير خاف أن ق اررات مجلس الوصاية بتركيبته الحالية برئاسة وزير الداخلية أو من
يمثله ،وبالتجربة المهمة التي راكمها على مدار عقود ،لم يستطع الحد من المنازعات ضد
مقررات المجالس النيابية؛ إذ أن الغالبية العظمى من ق ارراته يطعن فيها أمام المحاكم
اإلدارية ،وبالتالي فإن هذا الوضع مرشح لالستمرار وبشكل أكبر مع مقررات مجالس
الوصاية االقليمية.
يتعلق األمر بتغيير في تسمية مجلس الوصاية الحالي ،وذلك بإضافة "المركزي" تميي از
له عن مجالس الوصاية االقليمية ،وقد حددت تركيبته ومهامه بموجب المادة 32من
القانون.
وما يالحظ هو هيمنة اإلدارة على تركيبته كما هو عليه األمر في القانون المنسوخ ،مع
مقتضى جديد يتعلق بوجود ممثلين عن الجماعات الساللية .1أما فيما يتعلق بالمهام ،فتم
االحتفاظ له بسلطة الرقابة والتصديق على العمليات المتعلقة بالجماعات الساللية ،مع نوع
من التفصيل في سردها ،كما أنيطت به مهمة البت في النزاعات القائمة بين جماعات ساللية
نصت المادة 32من القانون على أن مجلس الوصاية االقليمي ،يترأسه وزير الداخلية أو من يمثله ،ويتألف من ممثلين عن اإلدارة وعن 1
الجماعات الساللية ،و سيتم تحديد عدد أعضاء المجل س وكيفية تعيينهم ومدة انتدابهم وكذا كيفية اشتغال المجلس بموجب نص تنظيمي ،وفقا للفقرة
األخيرة من هذه المادة.
أما بموجب الفصل الثالث من ظهير 1919/04/17وفق ما تم تعديله والمنسوخ ،فيتألف من وزير الداخلية أو نائبة كرئيس ومن وزير الفالحة
والغابات أو نائبه ومديري الشؤون السياسية واإلدارية بو ازرة الداخلية (مديرية الشؤون القروية حاليا )أو نائبيهما وعضوين اثنين يعينهما وزير
الداخلية.
317
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تابعة ألكثر من إقليم .وفيما يتعلق باختصاصه بالبت في المقررات المتعلقة بتوزيع الحق في
االنتفاع ،فإنه عرف نوعا من التغيير بحيث أصبح جهة استئنافية للنظر في الطعون المقدمة
ضد ق اررات مجلس الوصاية اإلقليمي ،والتي تصدر بمناسبة البت في الطعون المقدمة ضد
ق اررات المجالس النيابية الواقعة في دائرة نفوذها الترابي.
وإذا كانت مدى قابلية ق اررات مجلس الوصاية للطعن باإللغاء في ظل قانون 1919
المنسوخ ،وبالنظر إلى الفقرة الثانية من الفصل 12منه التي نصت على أنها تكون "غير
مدع مة بأسباب وغير قابلة للطعن" ،قد طرحت جدال فقهيا وتباينا في التوجهات القضائية ما
قبل دستور12011وما بعده ،2فإن هذا األمر لم يعد له محل لسببين:
أ -:إن االتجاه القضائي استقر وفق ما تم بسطه أعاله ،على اعتبارها ق اررات إدارية
تقبل الطعن باإللغاء.
ب -:إن المقتضى المذكور الذي يجعل ق اررات مجلس الوصاية معفية من التعليل
وغير قابلة للطعن ،لم يعد له وجود في القانون الحالي.
وقد يتساءل البعض :لماذا تضمن القانون الحالي مقتضيات صريحة تخول الطعن في
ق اررات المجالس النيابية أمام مجالس الوصاية اإلقليمية ،3والطعن باالستئناف ضد مقررات
هذه األخيرة أمام مجلس الوصاية المركزي ،4وسكت عن ق اررات مجلس الوصاية ،بل إنه
1
استقر التوجه القضائي لمحكمة النقض قبل صدور دستور ، 2011على أن ق اررات مجلس الوصاية محصنة وغير قابلة ألي طعن ،وأنه ال رقابة
للقضاء علي ها إال في حالة تجاوز االختصاص أو عيب الشكل أو عدم سلوك اإلجراءات القانونية عند اإلصدار ،مما كان يجعل منها رقابة محدودة
ذات طابع شكلي ال تتعداه إلى المضمون ،وكان يجعل تلك الق اررات شبه قضائية نهائية.
راجع بهذا الخصوص :فؤاد الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ،ص 178إلى
.180
2
تغير التوجه القضائي لمحكمة النقض ،ليستقر على اعتبار ق اررات مجلس الوصاية ذات طبيعة إدارية تقبل الطعن للتجاوز في استعمال السلطة،
ومن تمة ،فإنها حتى تكون في منأى عن اإللغاء ،فإنها يجب أن تكون غير مشوبة بأي من العيوب المحددة في المادة 20من قانون 41-90
المحدثة بموجبه المحاكم اإلدارية.
راجع بهذا الخصوص :فؤاد الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ،ص 181إلى
.186
الفقرة الثالثة من المادة 16من القانون والبند الثالث من الفقرة 2من المادة .33 3
4
البند الرابع من الفقرة الثانية من المادة .32
318
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إن اإلشارة إلى مسطرة الطعن اإلداري ضد مقررات المجالس النيابية والمجالس
االقليمية للوصاية ،اقتضته خصوصية هذه المسطرة ،التي تجد سندها في القانون نفسه
وليس في إطار القواعد العامة ،وبالتالي فإن نية المشرع انصرفت إلى جعل تك المقررات
ذات طبيعة غير نهائية ،وال يمكن أن تكون محل طعن باإللغاء مباشرة أمام القضاء ،بل
أمام الجهة التي حددها ،فكان لزاما عليه بيان المسطرة والجهة المختصة؛
إن ق اررات مجلس الوصاية المركزي بتركيبة لجنته التي يغلب على تشكيلها الطابع
اإلداري ،وب آثارها التي تمس المراكز القانونية للمنتفعين ،وفي غياب أي مقتضى يحصنها،
هي ق اررات إدارية بطبيعتها ،و تبعا لذلك فهي تقبل الطعن بصفتها هاته وال تحتاج إلى إقرار
في نصوص خاصة ،والذي في حالة وجوده لن يكون إال حشوا وإضافة ال مبرر لها.
وعليه ،فإن ق اررات مجلس الوصاية المركزي يجب أن تكون مستوفية لشروط صحة
القرار اإلداري ،وأن ال تكون مشوبة بأي من العيوب الموجبة لإللغاء ،وأن تنضبط
لمقتضيات القانون رقم 03.01المتعلق بتعليل الق اررات اإلدارية.2
وباستحضار التعليل كأهم شرط لصحة القرار اإلداري ،فإنه يكتسي نوعا من
الخصوصية في ق اررات مجلس الوصاية ،إذ أن محكمة النقض اعتبرت مجرد اإلشارة إلى
تقرير السلطة المحلية واإلحالة عليه ،يجعل التعليل قائما ،3قبل أن تتراجع عن ذلك في قرار
1
عبارة من قبيل "البت في االستئنافات المقدمة ضد مقررات مجالس الوصاية االقليمية ،بموجب ق اررات معللة".
قانون رقم 03-01بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل ق ارراتها اإلدارية ،الصادر بتنفيذه الظهير 2
الشريف رقم 1-02-202المؤرخ في 12من جمادى األولى 23( 1423يوليو ( )2002جريدة رسمية رقم 5029بتاريخ 12غشت 2002ص
.)2282
3
القرار عدد 219وتاريخ 2011/12/22الصادر عن محكمة النقض في الملف اإلداري رقم 2010/1/4/1418الذي جاء فيه ما يلي" :لكن
حيث بصرف النظر عن كون الفصل 12من ظهير 1919/4/27يعفي من تعليل ق اررات مجلس الوصاية فإن تعليل اإلدارة لق ارراتها اإلدارية
319
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الحق ،وتعتبر أن اإلحالة ال تشكل تعليال بالمعنى الوارد في القانون رقم ،01.03وأنه ال بد
من تضمين ما ورد في تقرير السلطة المحلية في صلب القرار .،1بيد أنه باالطالع على ما
يضمن بق اررات مجلس الوصاية ،نجد تكرار نفس العبارة التالية" :اعتمادا على تقرير السلطة
المحلية واستئناف الطرف المعني والحجج المدلى بها من قبل الطرفين" ،مما يجعل من هذا
التعليل ذا طابع شكلي محض ،فيكفي أن تتمظهر في صلب القرار المعطيات والوقائع
المضمنة بتقرير السلطة المحلية ،ليعتبر شرط التعليل محققا ،دون الخوض في مضمونه
والتحقق من ارتكازه على أساس ،ليطرح السؤال بحدة عما إذا كان هذا األمر سيبقى على
حاله ،أم سيتغير بعد إحداث مجلس الوصاية المركزي حيز التنفيذ؟
مما ال شك فيه ،أن تطور االجتهاد القضائي بخصوص مدى قابلية ق اررات مجلس
الوصاية للطعن باإللغاء ،واستق ارره على اعتباره ق ار ار إداريا قابال للطعن ،سيشهد تغي ار على
السلبية بما هو إفصاح عن األسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها يكون متحققا كلما كان ما هو وارد فيها من علل واضح وكاف لتمكين
المخاطب بها من معرفتها إذا رغب بالطعن في تلك الق اررات والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ردت ما تمسك به الطاعن من عدم تعليل
القرار بما جاءت به من أنه ( بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أنه ألغى قرار الجماعة النيابية بعلة اطالعه على تقرير السلطة المحلية (
اإلقليمية ) المنجز بتاريخ 07/3/7وكذا دراسته للحجج المدلى بها من لدن األطراف المتنازعة في هذه القضية مما يكون معه قد جاء معلال وفق ما
ينص عليه القانون )03-01تكون قد راعت مجمل ما ذكر بإبرازها بأن استناد القرار اإلداري لما ذكر يشكل تعليال ألنه يحيل على تقرير السلطة
اإلقليمية الذي لم ينف الطاعن االطالع عليه وكذا إلى وثائق الطرفين المدلى بها لمجلس الوصاية والتي من المفترض اطالعه عليها بدليل مناقشته
لمضمونها مما يجعل القرار معلال بما فيه الكفاية والوسيلة على غير أساس"
1القرار عدد 1/650الصادر بتاريخ 2015/04/16في الملف اإلداري رقم 2013/1/4/112الذي جاء فيه " :أن التعليل كشرط شكلي في
القرار اإلداري يكون من التعرف على االعتبارات الواقعية والقانونية التي كانت وراء إصداره ،فهو يشكل ضمانة لألمن القانوني وحماية لحقوق األفراد
وحرياتهم ،وله خاصية قبلية تختلف عن اإلفصاح الالحق عن أسباب القرار اإلداري ،وبالتالي فمتى استلزمه القانون فإنه يعتبر ضمانة شكلية ال
يقوم مقامها التعليل باإلحالة ،و أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه عندما اعتبرت كون قرار مجلس الوصاية المبني على تقرير السلطة
االقليمية وعلى طلب االستئناف المقدم أمامه ،يكون باإلحالة عليهما ،قد أبرز األسباب الداعية إلى إصداره ،لتخلص أن تلك اإلحالة تشكل تعليال
بالمعنى المشار إليه في القانون رقم 01.03بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قرارتها اإلدارية،
فإنها تكون قد خرقت القانون المذكور سواء في مادته األولى التي تلزم اإلدارة باإلفصاح كتابة في صلب ق ارراتها عن األسباب القانونية أو
الواقعية الداعية إلى اتخاذها ،أو في مادته الثانية في فقرتها –د -التي تجعل ضمن الق اررات الخاض عة للتعليل القرارات القاضية بسحب أو إلغاء
قرار منشئ لحقوق والتي يدخل في زمرتها القرار اإلداري المطعون فيه"
320
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مستوى حدود الرقابة القضائية ،بعد المصادقة على القانون عدد 62.17ودخوله حيز
التنفيذ ،فالطابع اإلداري المحض الذي لم تعد تشبه شائبة ،بخالف الوضع الذي كان مع
وجود الفقرة الثانية من الفصل 12من ظهير ،1919ستؤدي إلى االنتقال من وجوب توفر
التعليل وتمظهره داخل صلب القرار شكال ،إلى مساءلة فحوى التعليل ومضمونه ،وبالتالي
فإن ق اررات مجلس الوصاية المركزي لن تكون في منأى عن اإللغاء لمجرد أنها تضمنت في
صلبها تعليال يستنسخ ما ضمن بتقرير السلطة المحلية ،بل ال بد أن تتوافر في هذا التعليل
نفس الشروط المتطلبة في باقي الق اررات اإلدارية ،والمتمثلة في:
أن يكون التعليل المكتوب والوارد في صلبه مبر ار للوقائع المادية والقانونية المفضية
إلى إصداره؛
أن يكون التعليل كامال وكافيا ،فالتعليل الناقص ينزل منزلة االنعدام؛
كما أن التحقق من مدى توفر شروط التعليل ،وال سيما أسسه الواقعية ،سيعزز إعمال
وسائل التحقيق ،2التي دأبت محاكم الموضوع على األمر بها -منذ أن تم الحسم قضائيا في
قابلية ق اررات مجلس الوصاية للطعن باإللغاء ،-لتؤسس أحكامها وق ارراتها على ما تكون لها
من قناعات بعد البحث والتحري ،وليس باالقتصار على ما هو وارد في تقارير السلطة
المحلية وما يقدمه األطراف من حجج.
للتوسع في هذه الشروط ،االطالع على :تعليل الق اررات اإلدارية ضمانة للحقوق والحريات ورقابة قضائية فعالة -دراسة الفقهية ، -تقرير النشاط 1
321
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
خاتمة
يظل القانون رقم 62.17بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات وتدبير أمالكها،
بغض النظر عن المالحظات والمؤاخذات التي يمكن إثارتها عليه ،تعبي ار عن إرادة سياسية
جادة ،وبلورة لمجهودات الحكومة وفي مقدمتها السلطة الوصية ،الهادفة إلى تحيين المنظومة
التشريعية المتعلقة بأراضي الجموع ،بما يتوافق مع المتغيرات المتعاقبة على كافة األصعدة.
وبالنظر إلى الفارق الزمني الشاسع بين القانون المنسوخ والقانون الحالي ،وآخذا بعين
االعتبار الحمولة ذات األبعاد المختلفة لهذا القانون ،واآلمال المعقودة عليه لتجاوز عدد من
العراقيل التي تقف حجرة عثرة أمام حسن تدبير هذه األراضي وجعلها أداة للتنمية ،فإنه في
اعتقادنا ،كان من األجدى لو تم إعمال بعض اآلليات التي من شأنها تعزيز نجاعة هذا
القانون في كليته أو في الجزء المتعلق بهيئات البت في مقررات االنتفاع ،والتي من بينها:
لو تم إعمال المقتضيات المتعلقة بدراسة األثر الواجب إرفاقها ببعض مشاريع
القوانين ،1وتحديدا المادة الثانية التي تعطي لقرار رئيس الحكومة الحق في إصدار
قرار بإنجاز دراسة األثر بشأن كل مشروع قانون ،سواء قبل الشروع في إعداده أو
بعد ذلك ،إما بمبادرة منه أو من األمين العام للحكومة أو السلطة الحكومية
صاحبة المشروع ،والمادة الرابعة التي تحدد مضامين الدراسة ،بدءا من تحديد
األهداف المتوخاة بكيفية مفصلة ودقيقة ،ومرو ار بتحليل النصوص القانونية الجاري
بها العمل ذات الصلة بالمشروع ،ووصوال إلى اإلشارة إلى االتفاقيات الدولية ذات
الصلة ،مع التأكيد على وجوب تقييم االنعكاسات االقتصادية واالجتماعية والبيئية
والمؤسساتية واإلدارية المتوقعة.....إلخ؛
1
المقتضيات المضمنة بمرسوم رقم 2.17.585بشأن دراسة األثر الواجب إرفاقها بمشاريع بعض القوانين ،الصادر في 4ربيع األول 1439
( 23نونبر ، )2017جريدة رسمية عدد 6626بتاريخ 11ربيع األول 30( 1439نوفمبر )2017ص .6815
322
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لو تم تفادي إعادة استنساخ نفس الجهات اإلدارية بنفس التركيبة والمهام ،حتى ال
يتم حصاد نفس النتائج ،فالمقتضيات الجديدة ذات الطابع المؤسساتي والمسطري
وفق ما تمت مناقشته ،لن تشكل حلوال جذرية ألسباب سلف ذكرها.
وفي هذا الصدد لماذا لم يتم التفكير جديا في كيفية تطعيم مجالس البت في
الطعون اإلدارية ،خاصة مجالس الوصاية االقليمية ومجلس الوصاية المركزي،
بأعضاء لهم تكوين قانوني وحقوقي؟ ولماذا لم يتم التفكير في بلورة تشكيلة تحاكي
اللجان المحلية لتقدير الضريبة واللجنة الوطنية للنظر في الطعون الجبائية ،التي
يوجد ضمن تركيبتها قاض؟ وهو ما كان سينعكس ال محالة على ق ارراتها ال من
حيث الشكل أو المضمون ،وسيضفي عليها مزيدا من الموضوعية؛
لو تم اشتراط إخضاع نواب الجماعات الساللية لتكوين يؤهلهم لممارسة المهام
المسندة إليهم ،ويحدد لهم اإلجراءات والمسطرة التي يجب اتباعها للبت في
النزاعات المرتبطة باالستفادة من حق االنتفاع وكيفية توزيعه بين ذوي الحقوق،
على أن يتم ذلك بشكل مستمر كلما كانت هناك مستجدات.
323
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مقدمة
إن المتتبع للنظام العقاري ببالدنا يالحظ أن هذا النظام يمتاز بالتنوع ،إذ هناك أنماط
عديدة من الملكية العقارية أو ما يصطلح عليه باألنظمة العقارية فهناك أراضي الجماعات
الساللية ،أراضي األوقاف ،األمالك العامة ،األمالك الخاصة للدولة ،األمالك
الغابوية...إلخ.
والذي يهمنا من األنظمة السابقة في هذه الدراسة الملك الخاص للدولة الذي يخضع
من حيث تدبيره لمديرية أمالك الدولة ،والملك الغابوي الذي تشرف عليه المندوبية السامية
للمياه والغابات ومحاربة التصحر.
واألكيد أن تعبئة هذا الصنف من األنظمة العقارية وجعله في خدمة التنمية يقتضي
سن آليات ومساطر قصد ضبطه وتحصينه ،لذلك تم وضع مجموعة من اآلليات لتحقيق
هذه الغاية منها على وجه الخصوص نظام التطهير القانوني والذي من خالله تلجأ االدارة
الوصية إما الى نظام التحفيظ العقاري في إطار المسطرة العادية للتحفيظ ،وإما الى مسطرة
التحديد االداري طبقا لظهير 3يناير 11916والمعدل بمقتضى ظهير 14شتنبر ،21949
و بعده ظهير 24ماي 1922والمتعلق بتحفيظ العقارات التي تم تحديدها إداريا،3وكثي ار ما
-1وهو الظهير المتعلق بتأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد األمالك المخزنية بتاريخ 3يناير 1916والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 141السنة
الرابعة ص .28
-2ظهير 3يناير 1916المعدل بظهير 14شتنبر 1949المنشور بالجريدة الرسمية عدد 1926بتاريخ 23شتنبر 1949ص .1787
-3ظهير 24ماي 1922يتعلق بتقييد العقارات المخزنية التي جرى تحديدها على الطريقة المبينة بالظهير الشريف المؤرخ بثالث يناير 1916
منشور بالجريدة الرسمية عدد 479السنة الثامنة ص .797
324
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تلجأ اإلدارة لمسطرة التحديد اإلداري 1نظ ار لبساطتها و سرعتها – مبدئيا – في تأسيس رسم
عقاري لإلدارة المعنية وكذا لقلة تكلفتها ،و يبقى الدافع األساسي من وراء اللجوء لهذه
المسطرة هو نقل عبء اإلثبات من الجهة طالبة التحديد اإلداري إلى المتعرض على هذه
المسطرة.2
وما دام أن العقارات التي تشكل محال لهذا التحديد هي العقارات التي تتضمن فقط
شبهة ملك لفائدة مديرية أمالك الدولة أو المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر
حسب الفصل األول من ظهير 3يناير ،1916فهذا يعني أن اإلدارة طالبة التحديد قد تجد
نفسها أمام تعرضات يتقدم بها أصحابها مع مراعاتهم في ذلك للضوابط والخصوصيات التي
تحكم تقديم مثل هذه التعرضات في إطار هذا الظهير (ظهير 3يناير ،)1916وتقديم هذه
التعرضات يفرض على المتعرض مجموعة من االلتزامات تتسم ببعض الخصوصيات تثير
عمليا بعض االشكاالت.
فما هي إذن هذه الخصوصيات؟ وما هي أهم المشاكل التي يطرحها هذا الظهير عمليا
خاصة على مستوى التعرض؟ وبعبارة أخرى الى أي حد ال زالت مقتضيات هذا الظهير
صالحة للتطبيق حاليا خصوصا في ظل التغييرات التشريعية التي تعرفها بالدنا؟
هذه أسئلة من ضمن أخرى سأحاول االجابة عنها من خالل المبحثين التاليين:
-1وأشير إلى أنه ليست هذه األمالك وحدها التي تخضع لمسطرة التحديد اإلداري ،بل أن أمالكا أخرى تخضع لهذه المسطرة ،كما هو الشأن
بالنسبة ألراضي الجماعات الساللية الخاضعة في تنظيمها من حيث التحديد اإلداري لظهير 18فبراير 1924وهو الظهير الذي تشبه مقتضياته
إلى حد كبير -باستثناء بعض الخصوصيات -مقتضيات ظهير 3يناير .1916
-2حسن الخشين ،ملك الدولة الخاص المقاربة القانونية والمالية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،فاس سنة .2002 -2001ص .193
-محمد الصباب ،التحديدات اإلدارية ،دروس في تدبير ملك الدولة الخاص -التدريب الخاص بإدماج أطر مديرية األمالك المخزنية -فوج 1997
ص .293
325
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المبحث األول :خصوصيات التعرض على مسطرة التحديد اإلداري خالل مرحلته
اإلدارية.
أشير بداية إلى أن مسطرة التحديد اإلداري تستهل بإجراء بحث ميداني للتأكد من
طبيعة العقار المراد تحديده ،وكذا حقوق الدولة واألغيار عليه ،ثم بعد ذلك تقديم طلب
يصدر بعده مرسوم بالموافقة على إجراء عمليات التحديد اإلداري ،ومنذ صدور هذا المرسوم
وإلى حين صدور مرسوم المصادقة على أعمال التحديد اإلداري ،فإنه ال يجوز التصرف أو
تقديم مطلب للتحفيظ يهم العقار موضوع مرسوم التحديد اإلداري ،هذا ويجب اإلعالم بكل
من طلب اإلدارة المعنية والمرسوم إلى العموم شه ار على األقل قبل التاريخ المحدد لبدء
العملية ،ويشكل خروج لجنة التحديد لعين المكان ومباشرتها ألعمال التحديد اإلداري فرصة
أمام كل شخص يدعي حقا على العقار محل التحديد تمكنه من التدخل قصد المطالبة بها،
وإذا لم يتمكن لسبب ما التعرض لدى لجنة التحديد اإلداري ،تبقى له فرصة أخرى لتقديم
تعرضه تبدأ من يوم نشر تقرير لجنة التحديد في الجريدة الرسمية وتستمر ثالثة أشهر
بإنتهائها ال يقبل أي تعرض (المطلب الثاني).
على أن تقديم هذه التعرضات على النحو السابق ال يعني أن المتعرض نفذ كل
االلتزامات المفروضة عليه ،بل ال بد من إتباع ذلك بإجراءات أخرى كتقديم مطلب تأكيدي
تحت طائل إلغاء تعرضه إلى جانب أدائه للرسوم المستحقة (المطلب األول).
326
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
سبقت اإلشارة إلى أن كل من يدعي حقا على العقار الذي تجرى بشأنه مسطرة التحديد
اإلداري له فرصتان من أجل التعرض فإما أن يتقدم بتعرضه لدى لجنة التحديد اإلداري ،وإما
أن يتقدم بهذا التعرض لدى اإلدارة المعنية معز از ذلك ببيان لسبب التعرض والحجج المستند
عليها (الفقرة األولى).
والتعرض السابق ال يعتبر إال إذا بادر المتعرض داخل أجل محدد إلى طلب تقييده
(الفقرة الثانية) مع أدائه للرسوم المستحقة (الفقرة الثالثة).
في اليوم والوقت المحددين إلجراء عملية التحديد تنتقل اللجنة إلى عين المكان
بحضور كل من له عالقة بالعقار وحينها يتم قبول التعرضات إن وجدت من قبل هذه
اللجنة ،وحسب الفصل الخامس من ظهير 3يناير 1916فإن كل من تعرض للجنة في
عين المكان أجل قدره ثالثة أشهر ابتداء من يوم نشر التقرير في الجريدة الرسمية ليعلم
بقضيته الموظف المكلف بحكومة المراقبة المحلية ببيانه لسبب تعرضه والحجج المستند
عليها ،وإذا أطلعه على ذلك مشافهة فيجب على الحاكم أن يثبته في تقرير يلحقه بتقرير
التحديد وبالقائمة المبين فيها جميع التعرضات لدى اللجنة.
ومن لم يتمكن من تقديم تعرضه على النحو السابق له إمكانية تقديمه داخل أجل يبدأ
من تاريخ نشر إعالن إيداع نسخة محضر التحديد والتصميم المرفق به لدى السلطة المحلية،
ويستمر لمدة ثالثة أشهر وسواء كان هذا األخير يتعلق بإدعاء حق على هذا العقار أم جزءا
منه أم تعديال في حدوده ،وذلك لدى السلطة المحلية لموقع العقار والتي تعمل على تدوينه
بمحضر ملحق.
327
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويرى البعض 1أن المتعرض الذي يقدم تعرضه لدى السلطة المحلية عليه أن يعزز
2
تعرضه بالحجج والمستندات التي يعتمد عليها في تعرضه ،في حين ينتقد البعض اآلخر
هذا القول على أساس أن السلطة المحلية ليست لها الصفة في تلقي الحجج من صاحبها
والحكم على قيمتها وترجيحها بحجج أخرى ألن ذلك من اختصاص السلطة القضائية وحدها
كما أن المشرع قد أوجب على المتعرض تأكيد تعرضه بتقديم مطلب تحفيظ تأكيدي وتقديم
هذا المطلب يقتضي تقديم جميع الرسوم والوثائق حسب الفصل 14من ظهير التحفيظ
العقاري ،وبالتالي فإن أخذ ممثل السلطة المحلية لتلك الرسوم من شأنه سلب حق المتعرض
في تأكيد تعرضه أثناء إيداعه لمطلب التحفيظ.
والرأي فيما أعتقد أن صياغة الفصل الخامس 3من ظهير 3يناير 1916والذي جاء
فيه ...":ويجعل لمن تعرض للجنة في عين المحل أجل قدره ثالثة أشهر ابتداء من يوم نشر
التقرير في الجريدة الرسمية ليعلم الموظف المكلف بحكومة المراقبة المحلية بكتاب يبين له
فيه سبب تعرضه والحجج المستند عليها المتعرض."...
فصيغة " بكتاب يبين له فيه سبب تعرضه والحجج المستند عليها المتعرض" ليست هي
صيغة إيداع الحجج والمستندات والتي تبقى واضحة في تقديم هذه المستندات ،وبالتالي قد
يفهم من هذه الصيغة أن المتعرض أثناء تعرضه لدى السلطة المحلية يكتفي فقط بإبراز هذه
الوثائق حتى إذا اطمأنت الجهة المقدم لها التعرض 4بأن األمر ال يتعلق بتعرض كيدي،
أمكن للمتعرض حينها أخذ هذه الوثائق حتى يتسنى له تقديمها أثناء إيداعه لمطلب التحفيظ
-1أحمد الداودي ،ارتباط نظام التحفيظ باألنظمة العقارية مساهمة في أعمال الندوة التي نظمت تحت عنوان سياسة التحفيظ العقاري في المغرب
بكلية الحقوق بمراكش سنة ،2008ص .253
-محمد الصباب،م س ،ص .296
-عبد الوهاب رافع ،أراضي الجموع -التنظيم والوصاية -سلسلة المكتبة القانونية المعاصرة ،دون ذكر الطبعة ،سنة 1999ص.61
-2المصطفى فخري ،األراضي الجماعية الواقع واآلفاق ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة البحث والتكوين في
القانون المدني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض ،مراكش سنة ، 2003-2002ص.58
-3وهذا الفصل شبيه إلى حد ما بالفصل الخامس من الظهير المتعلق بتحديد األراضي الجماعية.
-4وال يفهم من هذا إعطاء الصالحية لهذه الجهة للبحث في هذه الوثائق واتخاذ قرار بشأنها بل أن األمر يقف عند حد التأكد من أن المتعرض له
فعال مستندات ووثائق تؤكد تعرضه ليس إال.
328
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
التأكيدي خاصة وأن المشرع على سبيل المقارنة في ظهير التحفيظ العقاري لما أراد أن يكون
التعرض مصحوبا بالمستندات نص على ذلك صراحة إذ جاء في الفصل 25من ظهير
التحفيظ العقاري في فقرته الثالثة" :يجب على المتعرضين أن يودعوا السندات والوثائق
المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم "...
وهذا التعرض إما أن تتم تسويته وديا ،وإما أن يحال الملف على المحكمة المختصة
للبت فيه إذا لم يتم التوصل لمثل هذه التسوية ،هذا مع العلم أن تقديم المتعرض لتعرضه ال
يعني أن األمر يقف عند هذا الحد بل ال بد من إتباع ذلك بتقديم مطلب تحفيظ تأكيدي
للتعرض الذي قدمه وهذا ما سأبحثه في الفقرة الموالية.
سبق أن أشرت إلى أن المتعرض ال يكفيه تقديم تعرضه داخل اآلجال المعينة ،بل البد
أن يتبع ذلك بتقديم مطلب تأكيدي لتعرضه (أوال) وتقديم هذا المطلب لدى المحافظة العقارية
يجعل هذه األخيرة تتعامل معه وفقا لطبيعته الخاصة (ثانيا).
ينص الفصل السادس من ظهير 3يناير 1916على أن" :التعرض الواقع بمقتضى
الفصل الخامس ال يعتبر إال بشرط أن يقدم صاحبه مطلب تقييد العقار في الثالثة أشهر
الموالية لألجل المضروب للمتعرض وهذا المطلب يبحث فيه أينما كان محل العقار ،لكن
فيما يمس أعمال تحديده فقط وإذا امتنع فإن تعرضه يلغى."...
إذن يستفاد من خالل هذا الفصل على أن المتعرض وإلبراز جديته في التعرض البد
أن يؤكده بتقديم مطلب للتحفيظ ،وإال فإن تعرضه سيكون مصيره هو اإللغاء.
329
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لكن من الذي يقع عليه التزام تقديم هذا المطلب ،هل فقط المتعرض الذي سبق له
التعرض على التحديد اإلداري أو أن ذلك يمكن حتى بالنسبة لمن لم يتعرض على ذلك؟
يرى البعض 1أن تقديم المطلب التأكيدي على التعرض ال يسمح به إال بالنسبة
لألشخاص الذين صرحوا بتعرضهم داخل األجل المحدد والعلة في ذلك هو طبيعة اآلجال
المحددة في ظهير 3يناير. 1916
إضافة إلى ما سبق يمكن القول أن مقتضيات الفصل السادس والتي تقضي بتقديم هذا
المطلب التأكيدي ،جاءت معطوفة على مقتضيات الفصل الخامس والمتعلقة بالتعرض ،إذ
أن صياغة الفصل السادس جاءت كالتالي" :إن التعرض الواقع بمقتضى الفصل الخامس ال
يعتبر إال بشرط أن يقدم صاحبه مطلب تقييد العقار في الثالثة أشهر الموالية لألجل
المضروب للتعرض "...وهو ما يعني أن تقديم المطلب التأكيدي مرتبط بتقديم التعرض
والعكس صحيح إذ أن التعرض ال يعتبر كذلك إال بتقديم هذا المطلب.
ويرى بعض المهتمين 2أن تقديم المتعرض لمطلب التحفيظ التأكيدي ينبغي أن يكون
مسبوقا بشهادة تسلمها له السلطات المحلية تثبت أنه قد قام بالتعرض على مسطرة التحديد
اإلداري داخل األجل القانوني ،و يقترح البعض تسهيال لمأمورية طالب التحفيظ التأكيدي أن
ال يطلب منه اإلدالء بهذه الشهادة وتكليف المحافظ بدال عنه بطلبها عن طريق التسلسل
اإلداري.
وهكذا فإن عدم تقديم المتعرض لهذا المطلب التأكيدي داخل األجل القانوني ،من شأنه
أن يؤدي إلى سقوط حقوق هذا المتعرض مع مراعاة االستثناء الذي أورده الفصل السادس
1
-المصطفى فخري ،م س ،ص .60
-2محمد الصباب ،م س ،ص .296
-العربي مياد ،التحديد اإلداري ألمالك الدولة الخاصة ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية ،عدد ،27سنة 1999ص .71
-أحمد الداودي ،م س ،ص .253
330
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والمتعلق بحالة االعتراف له من قبل اإلدارة بما يدعيه وذلك بواسطة تعديل لتقرير اللجنة مع
تغيير لحدود العقار وفقا لذلك.1
والسؤال الذي يبقى عالقا هو :ما طبيعة هذا المطلب التأكيدي للتعرض؟ أو ما كيفية
تعامل المحافظات العقارية معه؟ هذا ما سأبحثه في النقطة الموالية.
السؤال الذي ينبغي اإلجابة عنه في إطار هذه النقطة يتعلق بتحديد طبيعة هذا المطلب
التأكيدي وبما إذا كان األمر يتعلق بمطلب تحفيظ بكل ما تحمله الكلمة من معنى أو أن
األمر ال يعدو أن يكون تعرضا على التحديد اإلداري؟
ذهب البعض 2إلى أن األمر ال يتعلق بتعرض عاد وإال فما الدافع الذي جعل المشرع
يؤكد على ضرورة إيداع هذا المطلب والذي سماه المشرع ب "مطلب التحفيظ" في الفصل
السادس من ظهير 3يناير 1916تحت طائل إلغاء التعرض المقدم ،لذلك ينبغي التعامل
معه على أساس أن األمر يتعلق بمطلب تحفيظ.
في حين ذهب جانب آخر 3إلى أن إيداع مطلب التحفيظ بهذا الشكل ال يعدو أن يكون
تأكيدا للتعرض المقدم على التحديد وال يضيف شيئا إلى المركز القانوني لطالب التحفيظ
حيث يظل متعرضا أي مدعيا وعليه يقع عبء إثبات ما يدعيه في مواجهة المدعى عليه.
وإذا كان لي من رأي في الموضوع ،فلن يكون إال مؤيدا للتوجه الثاني ،صحيح أن
المشرع نص على تقديم هذا المطلب وسماه بمطلب تحفيظ العقار ،وصحيح كذلك وفي ظل
331
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
غياب تنظيم خاص يهم كيفية التعامل مع هذا المطلب فإن األمر يقتضي الرجوع إلى
مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري وتطبيقها عليه لكن األمر يقف عند هذا الحد إذ أن تطبيق
مقت ضيات هذا الظهير على هذا المطلب ال يصل إلى الحد الذي من شأنه أن يفرغ
مقتضيات ظهير 3يناير 1916من محتواه وخاصة ما يتعلق بالفلسفة التي يقوم عليها هذا
الظهير والمتمثلة في قلب عبء اإلثبات.
كما انه لو اعتبرنا أن مطلب التحفيظ التأكيدي هو مطلب تحفيظ بكل ما تحمله الكلمة
من معنى ،فما هو الوضع القانوني للجهة طالبة التحديد اإلداري؟ علما أن طالب التحفيظ
التأكيدي كان قد سبق أن تقدم بتعرضه والذي أتبعه فيما بعد بهذا المطلب التأكيدي.
كما أن دراسة طبيعة هذا المطلب ومقتضيات هذا الظهير بشكل عام تقتضي بحثه في
سياقه التاريخي أي الفترة التي تم فيها سن هذا الظهير 1وهي فترة االستعمار الفرنسي
لبالدنا ،وبالتالي ال يتصور بهذه السهولة اعتبار هذا المطلب التأكيدي مطلبا عاديا وليس
تعرضا وبالتالي إفراغ مكتسبات ظهير 3يناير 1916من محتواه.
وعليه فهذا المطلب ال يعدو أن يكون تعرضا ذا طبيعة خاصة أوجب المشرع تقديمه
الختبار نوايا وجدية المتعرض على مسطرة التحديد اإلداري ،وما يؤكد ذلك أن المشرع ربط
صحة التعرض بتقديم هذا المطلب وبالتالي فهو امتداد للتعرض ،هذا طبعا تجاه الجهة طالبة
التحديد اإلداري.
وفي إطار الحديث عن هذا المطلب التأكيدي دائما يرى البعض 2أن تقديم هذا المطلب
يجعلنا أمام حالة من حاالت التحفيظ اإلجباري ،وهو ما يشكل خروجا عن المبدأ العام
والمتمثل في اختيارية التحفيظ ،وذلك حسب الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري.
-1خالد مداوي ،تطور نظام التحفيظ العقاري بمنطقة شمال المغرب ،مطبعة امبريال ،الرباط ( دون ذكر الطبعة) سنة ،1997هامش صفحة .78
-عبد العلي دقوقي،م س ،ص .71
-2محمد خيري ،قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ،مطبوعات المعارف الجديدة ،الطبعة الخامسة الرباط سنة ،2009ص .123
332
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
هذا ومادام أن مقتضيات ظهير 3يناير 1916لم تتطرق إلجراءات خاصة تطبق
بالنسبة لهذه المطالب ،فإنها تبقى خاضعة لقواعد المسطرة العادية للتحفيظ العقاري من
إشهار وغيره...1
ورغم أن إيداع هذا المطلب يتم حسب القواعد المعمول بها في ظهير التحفيظ العقاري
فإنه مع ذلك يبقى محافظا على طابعه الخاص كمطلب تأكيدي للتعرض على مسطرة
التحديد اإلداري ويتضح ذلك جليا من خالل خالصة هذا المطلب والتي تنشر في الجريدة
الرسمية متضمنة لجملة تفيد 2بأن "هذا المطلب تم إيداعه كتأكيد للتعرض على تحديد العقار
المسمى،"...وتقديم المتعرض لمطلبه التأكيدي على هذا النحو يقتضي منه أداء الرسوم
المستحقة عنه كما سنرى في الفقرة الموالية.
إن تقديم المتعرض لتعرضه وكذا المطلب التأكيدي للتعرض داخل اآلجال المحددة في
ظهير 3يناير 1916ال يعني أنه قد نفذ كل ما عليه من التزامات بل يبقى على عاتقه
التزام آخر وهو أداء الرسوم المستحقة.
وأداء هذه الرسوم يطرح إشكاال جوهريا ناتجا عن تكييف طبيعة المطلب التأكيدي وهو:
على أي أساس تؤدى هذه الرسوم؟ هل باعتبار المطلب التأكيدي تعرضا أو مطلبا للتحفيظ؟
وبعبارة أخرى :هل على مقدم طلب التحفيظ التأكيدي أداء جميع الرسوم المترتبة على إيداع
مطلب التحفيظ العادي؟ أو أنه ال يؤدي سوى الرسوم الفضائية باعتبار أن المطلب التأكيدي
هو تعرض ليس إال؟
-1دورية صادرة عن السيد المحافظ العام في شأن التعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المقدمة ضد مساطر التحديد اإلداري عدد
381بتاريخ 8دجنبر. 2010
2
- Circulaire N° 54 du 4 Février 1930, relativ e aux règles à suivre: 1°) pour le dépôt des réquisitions
d’immatriculations destinées à valider les oppositions à délimitation des biens domaniaux ou des biens
collectifs de tribus-22) pour la publication de ces réquisitions au bulletin officiel du protectorat.
333
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
هذا االختالف كان موجودا على صعيد المحافظات العقارية في ظل اكتفاء الفصل
السادس من ظهير 3يناير 1916باإلشارة إلى أن "طلب تقييد العقار يكون باسم المتعرض
وعلى نفقته".
والمالحظ على هذا المقطع من الفصل السادس أنه ربط طلب التقييد باسم المتعرض
وعلى نفقته ،وهو غير مقبول شكال ،ألنه من باب أولى أن يتم ربط طلب التقييد بطالب
التحفيظ التأكيدي وليس المتعرض 1ألن المشرع هنا يتحدث عن طلب التقييد وليس التعرض.
وحسما للخالف السابق اإلشارة إليه صدرت مذكرة من السيد المحافظ العام 2جاء فيها
ما يلي ..." :وتوحيدا للعمل اإلداري بينكم يشرفني أن ألفت انتباهكم إلى أن المشرع لم ينص
على مقتضيات خاصة متعلقة برسوم المحافظة على األمالك العقارية المستحقة على طلبات
إيداع مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المصرح بها ضد مساطر التحديد اإلداري
ألراضي الدولة والجماعات الساللية.
وتأكيدا للطابع العادي للمطالب المذكورة نصت الفقرة األخيرة من الفصل السادس من
كل من ظهير 3يناير 1916المنظم لتحديد الملك الخاص للدولة وظهير 18فبراير
1924المنظم لتحديد األراضي الجماعية على أن "مطلب التحفيظ يودع في اسم وعلى نفقة
المتعرض".
وعليه فإن طلبات إيداع تلك المطالب تظل خاضعة للقواعد العامة ألداء الرسوم
المتعلقة بإيداع مطالب التحفيظ المنصوص عليها في الفقرة "أ" من الباب األول من
334
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
والمالحظ أن هذه المذكرة أحالت على الفقرة "أ" من الباب األول ،وهذه الفقرة تتعلق
بتسجيل مطلب التحفيظ اإلختياري ولم تحل على الفقرة "ج" المتعلقة بإيداع مطالب التحفيظ
في حالة التحفيظ اإلجباري. 3
ولذلك أضم ندائي لبعض الباحثين 4من أجل إقرار مجانية التحفيظ بالنسبة لألشخاص
الذين يودعون مطالب التحفيظ التأكيدية لتعرضاتهم على التحديدات اإلدارية ألن اإلجبارية
واإللزامية ينبغي أن تالزمهما المجانية خاصة وأنه يعمل بها في بعض المساطر ، 5كما هو
-1مرسوم رقم 2-97-358يتعلق بتحديد تعريفة رسوم التحفيظ العقاري المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4495بتاريخ 3يونيو .1997
-2جاء في الباب األول في فقرته "أ" والمتعلقة بتسجيل مطلب التحفيظ االختياري أن هذه الرسوم هي حسب األحوال كالتالي:
450درهم -1رسم اإلشهار
-2رسم بحسب القيمة:
50.000درهم إلى غاية * % 1.5
50.000درهم إذا تجاوزت القيمة *% 2
-3رسم بحسب المساحة:
45درهم * العقارات الحضرية (عن كل آر)
45درهم * العقارات القروية ( عن كل هكتار)
-3والفرق بين هاتين الفقرتين هو أن الفقرة "ج" مخفضة بنسبة النصف تقريبا عن الفقرة "ب" وهي على النحو التالي:
225درهم -1رسم اإلشهار
-2رسم بحسب القيمة :
50,000درهم * % 0,75إلى غاية
50,000درهم * %1عما تجاوز
-3رسم بحسب المساحة:
23درهم * العقارات الحضرية عن كل آر
23درهم * العقارات القروية عن كل هكتار
-4المصطفى فخري ،م .س ،ص 77
-5أنظر الفقرة "د" من المرسوم المتعلق بتعريفة رسوم التحفيظ العقاري المشار إليه سابقا.
335
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الشأن بالنسبة لمطالب تحفيظ العقارات التي تقع داخل قطاعات ضم األ ارضي بعضها إلى
بعض ومناطق التحفيظ الجماعي.1
لما وضع المشرع ظهير 3يناير 1916كان على علم بأن مسطرة التحديد اإلداري قد
تتخللها تعرضات تقدم من قبل األغيار يطالبون من خاللها بحقوق لهم على العقارات التي
تجري بشأنها مسطرة التحديد اإلداري.
لذلك قام المشرع بتحديد آجال لتمكين هؤالء من تقديم تعرضاتهم لدى الجهات المعنية،
ولم يقف عند هذا الحد بل حدد أجال آخر بعد انقضاء األجل السابق ،وذلك لتمكين من قدم
تعرضه إلى تقديم طلب تحفيظ الحق الذي يطالب به ورتب عن عدم احترام هذه اآلجال
المزدوجة آثار هامة (الفقرة األولى).
وإذا كانت مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري تسمح استثناء بإمكانية التعرض خارج
اآلجال المحددة ،فما مدى إمكانية تبني مثل هذا االستثناء في ظهير 3يناير ( 1916الفقرة
الثانية).
لقد جاء في الفصل الرابع من ظهير 3يناير 1916في صيغته المحينة على أنه
"يعلن للعموم تاريخ العمليات بشهر قبل إجرائها بواسطة الجرائد واإلعالنات تعبي ار باللغتين
العربية والفرنسية"...
-1للتوسع أكثر بخصوص هذه المساطر أنظر حليمة قليش ،المساطر الجماعية ودورها في تعميم نظام التحفيظ العقاري ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد األول وجدة
سنة 2007 ،2006ص .63
336
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كما نص الفصل الخامس من نفس الظهير على أنه " ...يجعل لمن تعرض للجنة في
عين المحل أجل قدره ثالثة أشهر ابتداء من يوم نشر التقرير في الجريدة الرسمية ليعلم
بقضيته...
ثم بعد مضي ثالثة أشهر من يوم التنبيه في الجريدة الرسمية على وضع التقرير ،فإنه
ال يقبل تعرض وال غيره من كل دعوى ،ويومئذ يصير التحديد نهائيا"...
وأضاف الفصل السادس على أن " التعرض الواقع بمقتضى الفصل الخامس ال يعتبر
إال بشرط أن يقدم صاحبه مطلب تقييد العقار في الثالثة أشهر الموالية لألجل المضروب
للمتعرض ...وإذا امتنع فإن تعرضه يلغى لكن يبقى له ما عسى أن تعترف له به اإلدارة من
الحقوق"...
وهكذا حدد المشرع أجل قبول التعرضات ضد مسطرة التحديد اإلداري في ثالثة أشهر
تبدأ من تاريخ نشر التقرير في الجريدة الرسمية ،ورتب على مرور أجل الثالثة أشهر من يوم
التنبيه في الجريدة الرسمية على وضع التقرير عدم قبول التعرضات وصيرورة التحديد نهائيا.
وتطبيقا لهذا المقتضى قرر المجلس األعلى 1بأن...." :الوضعية القانونية للعقار تعتبر
محددة بصفة نهائية بمقتضى مسطرة التحديد اإلداري إذا لم يقدم بشأنه أي تعرض في
الشكل وداخل األجل المنصوص عليه في ظهير 3يناير "...1916
كما جاء في قرار آخر للمجلس األعلى 2ما يلي" :لكنه حيث إن المحكمة عللت قرارها
بما سبقت اإلشارة إليه في تبرير القرار على أن هناك قرار وزيري صدر ...يقضي بتحديد
األمالك الغابوية للدولة وبناء عليه تم تحديد غابة الدولة بآيت وريرة وبذلك تكون قد بسطت
يدها على تلك األرض وأصبحت لها الحيازة الشرعية والقانونية وأن المستأنف لم يتعرض
-1قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 1995/10/13عدد 5185في الملف المدني رقم ( 90 /1290غير منشور).
-2قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 1995/06/10رقم 3277في الملف رقم 80/ 1803منشور بكتاب قضاء المجلس األعلى في
التحفيظ خالل أربعين سنة لعبد العزيز توفيق الطبعة األولى سنة ،1999ص .286
337
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
على هذا التحديد في األجل القانوني طبقا لظهير 3يناير 1916وأن ما يدعيه الطاعن ال
ينهض حجة ألن التحديد اإلداري وقع سنة 1963واللفيفية لم تحرر إال سنة 1970وأنها
تفيد أنه يتصرف منذ سنة "...1955
وأخي ار جاء في قرار لمحكمة االستئناف بطنجة ...." 1وحيث إن المتعرض [الملك
الخاص للدولة] يستند في تعرضه الناشئ عن تالقي مطلبه عدد -مع المطلب عدد -
المقدم من طرف -إال أن الملك المراد تحفيظه من طرف -وقع تحديده اإلداري بتاريخ -
وصودق عليه بمقتضى القرار المؤرخ في 1936 /10/29وتم نشره بالجريدة الرسمية،
وبذلك أصبح هذا الملك يكتسي الصفة النهائية في تملكه له لعدم تقديم أي تعرض عليه في
الشكل واألجل المنصوص عليهما في ظهير 3يناير 1916ذلك أن التحديد اإلداري بعد
فوات أجل التعرض يصبح له الصفة النهائية والقطعية في ملكية الدولة له".
وهكذا يالحظ من خالل الفصل الخامس أن المشرع رتب على عدم تقديم التعرض
داخل األجل اعتبار التحديد اإلداري نهائيا ،غير أنه بالرغم مما سبق ولو بتقديم المتعرض
تعرضه داخل اآلجال القانونية ،فإن المشرع ومن خالل الفصل السادس علق صحة هذا
التعرض على تأكيده بمطلب تحفيظ تأكيدي داخل أجل ثالثة أشهر تبدأ من تاريخ انتهاء
أجل قبول التعرضات ،اللهم إذا اعترفت له اإلدارة بما يدعيه.
وهكذا يالحظ أن هذه اآلجال المحددة في ظهير 3يناير 1916هي آجال معينة
مسبقا ،لذلك كان القضاء يقضي بسقوط حق المتعرضين الذين لم يودعوا مطلبا لتحفيظ
القطع المتعرض عليها خالل األشهر الثالثة الموالية النصرام أجل التعرض ،وذلك بعلة أن
األجل المزدوج (ثالثة أشهر للتعرض وثالثة أشهر لتقديم مطلب التحفيظ) ،هو أجل معين
-1قرار صادر عن محكمة االستئناف بطنجة بتاريخ 2004 /09 /30عدد 8 /98450ملف رقم ( 8 / 04 /520غير منشور).
338
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مسبقا لذلك كان القضاء يعتبر هذه اآلجال من النظـام العـام ،الشيء الذي يجعــل بانصرامها
تنصرم معها حقوق من له حق ولم يعرف به داخل هذه اآلجال.1
وأشير إلى أنه انسجاما مع ما سبق صدرت دورية 2عن السيد المحافظ العام تحث
المحافظين على األمالك العقارية على عدم األخذ بعين االعتبار فيما يخص تسليم الشهادة
المنصوص عليها في الفصل الثاني من ظهير 24ماي -1922والمتعلقة بتقييد العقارات
المخزنية التي جرى تحديدها إداريا -التعرضات التي لم تدعم بمطالب تحفيظ تأكيدية.
لهذا كله ينادي البعض 3بضرورة إعادة النظر في اآلجال المحددة للتعرض ،وإيداع
مطلب التحفيظ التأكيدي وذلك بتمديد هذه اآلجال ،وفي انتظار تحقيق ذلك يبقى األمل
بالنسبة للمتعرض الذي فاته أجل التعرض لسبب من األسباب في تقديم تعرضه خارج األجل
إن كان في ظهير 3يناير 1916ما يسمح له بذلك كما سنرى في الفقرة الموالية.
ومثل هذا االحتمال األخير عني المشرع بتنظيمه في إطار ظهير التحفيظ العقاري
وأوجد استثناء على قاعدة وجوب تقديم التعرضات داخل األجل ،حيث مكن من لم يستطع
339
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تقديم تعرضه داخل األجل من تقديم تعرضه خارج ذلك األجل وفق ضوابط معينة ،وإذا كان
األمر كذلك وفقا لظهير التحفيظ العقاري ،فهل هناك من إمكانية مشابهة في ظهير 3يناير
1916؟
بداية أشير إلى أن مقتضيات ظهير 3يناير 1916ليس فيها أي مقتضى صريح
يجيز قبول التعرضات المقدمة خارج اآلجال ،بل على العكس من ذلك المستفاد من هذه
المقتضيات أنه ال يمكن قبول مثل هذه التعرضات ،وهذا راجع باألساس لطبيعة اآلجال
المنصوص عليها في هذا الظهير كما سبقت اإلشارة لذلك ،خاصة وأن الفصل الخامس من
هذا الظهير نص على عدم قبول أي تعرض بعد مضي ثالثة أشهر من يوم التنبيه في
الجريدة الرسمية على وضع التقرير.
وإذا كان االمر كذلك فهل هذا يعني غياب أي أمل لمن يدعي حقا له على العقار
محل التحديد اإلداري إال أنه لم يتمكن من التعرض لسبب ما داخل األجل المحدد؟
الجواب ع لى هذا السؤال يدفعني إلى طرح سؤال آخر فرعي هو كالتالي :فكما هو
معلوم فإن كل من تعرض داخل األجل ألزمه المشرع ولصحة تعرضه بتقديم مطلب تأكيدي
وهذا ما أشير إليه سابقا ،كما أن تقديم هذا المطلب التأكيدي يبقى خاضعا إلجراءات مسطرة
التحفيظ 1المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري ،ومن ثمة أتساءل هل يجوز قبول
تعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المقدمة داخل األجل؟
جوابا على هذا السؤال وبعد ما كان هناك خالف على صعيد المحافظات العقارية
بخصوص إمكانية قبول هذه التعرضات من عدمه ،صدرت دورية 2عن السيد المحافظ العام
أقرت إمكانية قبول مثل هذه التعرضات متى استجابت للمقتضيات القانونية المنصوص
340
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
عليها في ظهير التحفيظ العقاري ،وعلى أساس أن تتم في مواجهة طالب التحفيظ وليس في
مواجهة الجهة طالبة التحديد اإلداري.
وبعبارة أخرى فإن المتعرض على مطلب التحفيظ التأكيدي ظاهريا ال يتعرض على
عملية التحديد اإلداري ،ولكن بطريقة غير مباشرة فإنه يتعرض عليها لكن في نطاق ضيق
ال يخرج عما طلب في مطلب التحفيظ التأكيدي ،كما أن هذا التعرض ال يستفيد منه
ال متعرض إال إذا بت القضاء لصالح طالب التحفيظ التأكيدي ،بمعنى أن مآل هذا التعرض
يبقى معلقا على شرط هو حسم القضاء لصالح طالب التحفيظ التأكيدي ضد الجهة طالبة
التحديد اإلداري.
ورغم كل ما قيل يبقى من األجدر أن يتم التنصيص صراحة على إمكانية تقديم تعرض
خارج األجل على غرار ما هو عليه األمر في ظهير التحفيظ العقاري خاصة الفصل 29
حتى يكون أصحاب الحقوق على علم مسبق بوجود هذه اإلمكانية ال أن تبقى حقوقهم معلقة
على إجراءات قد يعرفونها وقد ال يعرفون.
وعموما فإن مسطرة التحديد اإلداري إما أن تأخذ مسارها بشكل عادي وتنتهي بصدور
مرسوم المصادقة على أعمال التحديد اإلداري في حال عدم وجود تعرضات ،وإما أن تتخللها
تعرضات قدمت داخل األجل وأيدت بمطلب تأكيدي وسواء عرف هذا المطلب التأكيدي
-1هذه اإلمكانية تطرح إشكاال يتعلق بمدى جواز الفصل بين المتعرضين من عدمه وهو ما سأتناوله فيما سيأتي
341
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بدوره تعرضات أم ال ،فإن الفصل في كل ذلك يتم من طرف القضاء وهو ما سأتناوله في
المبحث الموالي.
إن مسطرة التحديد اإلداري ال تخرج عن إحدى االحتمالين :فإما أن تأخذ مسارها بشكل
عادي كما هو الشأن في حالة غياب التعرضات :إما لعدم وجودها فعال ،وإما لعدم تقديمها
داخل اآلجال أو وفقا للشكليات المنصوص عليها في الظهير محل الدراسة فهنا األمر ينتهي
بإصدار مرسوم المصادقة على أعمال التحديد اإلداري (المطلب الثاني).
أما ثاني االحتمالين فيتمثل في وجود تعرضات قدمت داخل اآلجال وباحترام الشكليات
المنصوص عليها في ظهير 3يناير ،1916هنا يتم االنتقال من المرحلة اإلدارية إلى
المرحلة القضائية لعملية التحديد اإلداري وذلك من خالل عرض الملف على أنظار القضاء
للفصل فيه (المطلب األول).
تجدر االشارة بداية إلى أن الجهة المختصة للبت في هذه التعرضات هي المحكمة
االبتدائية التابع لها موقع العقار المتنازع فيه ،فهي التي تفصل في النزاع المعروض عليها
مع مراعاتها لمجموعة من المبادئ األساسية التي تحكم البت في التعرضات بشكل عام ،إلى
جانب بعض الخصوصيات التي تعرفها مسطرة التحديد اإلداري والتي يتعين على المحكمة
أن تتعامل معها وفقا لما تقتضيه (الفقرة األولى).
وإذا كان المستقر عليه أن المتعرض في قضايا التحفيظ العقاري هو المدعي وطالب
التحفيظ هو المدعى عليه وأن على المتعرض اإلثبات ،فإنه بالنسبة لمسطرة التحديد اإلداري
هناك خصوصية يتعين بحثها (الفقرة الثانية).
342
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
االكيد أن تقديم المتعرض لتعرضه وفقا لما هو مطلوب يجعل من إحالة النزاع على
أنظار القضاء أمر ضروري للفصل فيه بين أطرافه ،وهنا ال بد للمحكمة المعروض عليها
النزاع أن تحترم بعض الضوابط والتي منها ما هو مستقر عليه على مستوى قضايا التحفيظ
العقاري بشكل عام ومنها ما تقتضيه خصوصيات هذه المسطرة.
وهكذا فبإمكان كل من يدعي حقا على العقار الذي تجري بشأنه مسطرة التحديد
اإلداري ،أن يتعرض داخل األجل وتعرضه هذا يبقى دون أثر ما لم يتبعه بتقديم مطلب
للتحفيظ تأكيدا لتعرضه،وهذا المطلب قابال لتلقي تعرضات ضده كذلك وبالتالي كيف يتم
البت في هذه التعرضات المزدوجة ( تعرض على مسطرة التحديد اإلداري مدعم بمطلب
تحفيظ تأكيدي وتعرض على هذا المطلب التأكيدي) ؟ ثم هل بإمكان المحكمة البت في
تعرض ضد آخر؟
بداية أشير إلى أنه من المستقر عليه على مستوى االجتهاد القضائي هو أن المحكمة
تبت فقط بين المتعرض وطالب التحفيظ دون أن تتعدى ذلك للنظر في موضوع حقوق
متعرض ضد آخر.
وتطبيقا لذلك قضى المجلس األعلى 1بأن "الطعن المقدم من متعرض ضد متعرض
آخر غير مقبول ،ألن محكمة التحفيظ تبت في الحقوق المدعى بها من طرف المتعرض
ضد طالب التحفيظ وال تبت بين المتعرضين".
-1قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 12أكتوبر 1999تحت عدد 4577في الملف المدني عدد 94 /3786منشور بكتاب قضاء
المجلس األعلى في التحفيظ العقاري من سنة 1991إلى 2002لعبد العزيز توفيق ص .43
343
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كما جاء قي قرار آخر 1أن" :كل تعرض على مطب التحفيظ يشكل دعوى مستقلة من
طرف صاحبه عن باقي التعرضات األخرى المسجلة على نفس المطلب تجاه طالب التحفيظ
"...
لذلك نادى البعض 3النظر لجوهر المشكل والسماح للقضاء البت في النزاع في شموليته
بين المتعرض وطالب التحفيظ وبين المتعرضين أيضا.
-1قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 1998 /1 / 14عدد 6124في الملف المدني 98/01/ 405منشور بمجلة اإلشعاع عدد 23نونبر
2001ص .141
2
-عادل العشابي ،مدى فعالية المرحلة القضائية لمسطرة التحفيظ العقاري في تحقيق العدالة وتشجيع االستثمار ،مجلة األمالك ،العدد األول سنة
2006ص .173
-عبد العلي دقوقي ،المسطرة القضائية للتحفيظ العقاري بين القانون الحالي ومشروع قانون التحفيظ العقاري 14 -07مجلة األمالك عدد مزدوج 3
، 5 -4ص .183
-4الدورية عدد 381مشار إليها سابقا.
344
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إذا قضت المحكمة بعدم صحة تعرض طالب التحفيظ ضد مسطرة التحديد
اإلداري هنا ينتهي نظر المحكمة عند هذا الحد وال تلتفت إلى باقي التعرضات
لكونها موجهة ضد طالب التحفيظ دون غيره.
أما في حالة الحكم بصحة تعرض طالب التحفيظ التأكيدي ضد التحديد
اإلداري هنا تنظر المحكمة بعد ذلك في التعرضات الموجهة ضده بوصفه
طالب تحفيظ طبقا لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري.
من المعلوم أن أطراف الدعوى في إطار قضايا التحفيظ العقاري يتحددون أمام
المحافظ العقاري ،أما المحكمة فيقتصر دورها على البت في وجود الحق المدعى به من قبل
المتعرضين وطبيعته ومشتمالته ونطاقه ...حسب الفصل 37من ظهير التحفيظ العقاري.
وتطبيقا لذلك جاء في قرار للمجلس األعلى " :1لكن ردا على الوسيلة أعاله فإن
الطاعنة لم تبين اإلجراء المسطري الذي تم خرقه من جهة ومن جهة أخرى فإن أطراف
النزاع في مسطرة التحفيظ تحدد أمام المحافظ في طالب التحفيظ والمتعرضين والمحكمة ال
تبت إال في وجود الحق المدعى به ومحتواه ومداه وفقا لما ينص عليه الفصالن 37و 45
من ظهير التحفيظ العقاري الواجب التطبيق ألنه قانون الشكل والموضوع".
ومن المتعارف عليه أيضا أن طالب التحفيظ وفقا لظهير التحفيظ العقاري يأخذ مركز
المد عى عليه والمتعرض مركز المدعي وأن طالب التحفيظ غير ملزم باإلدالء بحججه حتى
يدعم المتعرض دعواه بالحجج.
-1قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2008/06/18عدد 2336في الملف المدني عدد 2006 1 -1 –2228منشور بمجلة سلسلة
االجتهاد القضائي العدد الثاني ،ماي 2011ص .320
345
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كما جاء عن استئنافية وجدة 2أن" :محكمة التحفيظ غير ملزمة بدراسة ومناقشة حجج
طالب التحفيظ إال إذا أدلت الجهة المتعرضة بحجج تضاهيها من حيث اإلثبات للحق
موضوع التعرض".
غير أنه استثناء مما سبق ورغم أن المتعرض على عملية التحديد قدم مطلبا تأكيديا
للتعرض ،فإن هذا المطلب ال يضيف شيئا لمركزه القانوني ،حيث يظل متعرضا أي مدعيا
وبالتالي يقع عليه عبء إثبات ما يدعيه في مواجهة المدعى عليها -الجهة طالبة التحديد
اإلداري.-
وتطبيقا لذلك صدر عن المجلس األعلى 3القرار التالي ... " :في حين أن النزاع في
النازلة يتعلق أساسا بتعرض المطلوب على مسطرة التحديد اإلداري لعقار النزاع المقام من
طرف الطاعنة مما يجعلها في مركز المدعى عليه وأن تقديم مطلب التحفيظ من طرف
المطلوب في النقض إنما هو شرط لقبول تعرضه على التحديد المشار إليه طبقا للفصل 6
من ظهير 1924/02/18وبالتالي فهو المدعي الذي يقع عليه إثبات تعرضه األمر الذي
يعتبر معه القرار بتعليله أعاله قد قلب عبء اإلثبات فجاء بذلك عديم األساس القانوني مما
عرضه بالتالي للنقض واإلبطال".
-1قرار صادر عن للمجلس األعلى بتاريخ 2008/09/03عدد 2959في الملف المدني عدد 2006/ 1/1/ 4597منشور بالتقرير السنوي
للمجلس األعلى لسنة 1999ص .70
-2قرار صادر عن محكمة االستئناف بوجدة بتاريخ 2008/07/06رقم 272في الملف العقاري رقم 06 .264غير منشور.
-3قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2008/09/03عدد 2959في الملف المدني عدد 2006/1/1/ 4597منشور بسلسلة االجتهاد
القضائي العدد الثاني سنة 2011ص .281
346
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المالحظ على هذا القرار أنه جعل الجهة طالبة التحديد اإلداري في وضعية طالب
التحفيظ وخولها بالتالي مركز المدعى عليه ،بعبارة أخرى كأن المشرع من خالل هذا القرار
قد سوى بين مسطرة التحديد اإلداري ومسطرة التحفيظ العقاري على األقل على مستوى
مراكز األطراف ،وتبرير المجلس األعلى لذلك هو أن الطلب التأكيدي للتعرض ما هو إال
شرط لقبول هذا التعرض وبالتالي ال يغير من مركز المتعرض في شيء إذ يبقى بصفته هذه
ملزما باإلثبات.
يبقى هذا التوجه الذي ذهب إليه المجلس األعلى متماشيا مع الغاية التي يهدف إليها
هذا الظهير محل الدراسة والمتمثلة في نقل عبء اإلثبات على المتعرض ،السيما إذا علمنا
أن لجوء الجهة طالبة التحديد اإلداري لهذه المسطرة يكون عند إحساسها بأن موقعها سيكون
ضعيفا أمام المحكمة المختصة لعدم توفرها على سندات وحجج كافية إلثبات الملكية ،1وهو
ما يستفاد ضمنيا من الفصل األول من ظهير 3يناير 1916لما نص على أن مسطرة
التحديد اإلداري تهم العقارات التي تكون فيها شبهة ملك للمخزن ،فضال عن كون هذا
المطلب التأكيدي ما هو إال تعرض كما سبقت االشارة لذلك وبالتالي يفرض على المتعرض
االلتزامات المترتبة عن حمل هذه الصفة السيما وجوب االثبات .
هذه الخصوصية دفعت البعض 2إلى المناداة بإعادة النظر فيها خاصة إذا كان
المتعرض ح ائزا ،ألن المتعرض هنا ملزم بتقديم مطلب تحفيظ وإدالئه بالحجج المؤيدة له،
وهو ما ال يتأتى له دائما بالرغم من كونه حائ از للعقار ويتصرف فيه حسب المدة والشروط
المعتبرة شرعا ،وبالتالي يجب تطبيق قواعد الفقه اإلسالمي التي تفترض الملكية لصالح من
بيده الحيازة ،وأن من ينازع الحائز في ذلك يكون مدعيا لغير األصل والعرف ويقع عليه
بالتالي عبء اإلثبات.
-1محمود شوراق ،تدبير أمالك الجماعات الحضرية والقروية في ضوء الميثاق الجماعي الجديد (دون ذكر المطبعة) الطبعة األولى سنة 2007
ص .30
-2محمد مومن ،م.س .ص .108
347
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وهذا التوجه األخير أكده المجلس األعلى 1في قرار صادر عنه في إطار قضايا
التحفيظ العقاري بشكل عام لما قضى بأن " ...مبدأ اعتبار المتعرض في وضعية المدعي
ال يطبق عندما يكون هذا األخير هو الحائز لعقار النزاع ...إذ ال يمكن أن يطلب شخص
شيئا وهو في يده"...
كما جاء في قرار آخر" :2عندما يكون المتعرض هو الحائز للعقار فإن الحيازة
والتعرض قرينة على التملك فكان على المحكمة عندئذ أن تناقش حجج طالب التحفيظ
والمبدأ في منازعات التحفيظ القاضي بعدم مناقشة حجج طالب التحفيظ إال بعد إدالء
المتعرض بحجة مستوفية للشروط المقبولة في التحفيظ ال يكون إال في الحالة التي يكون
فيها طالب التحفيظ هو الحائز للعقار المطلوب تحفيظه".
وعموما إذا تمكن المتعرض من اإلدالء بحججه لتدعيم تعرضه وهي الحجج التي
أحيانا يشترط فيها المجلس األعلى أن تكون " قوية" أو أن تكون "مقبولة شرعا" أو أن تكون
" صحيحة" قبل أن يشترط أن تكون "تامة سالمة من القوادح" ،3تم االنتقال حينها لتقييم حجج
الجهة طالبة التحديد اإلداري.
وهنا ينبغي التمييز خاصة بالنسبة لألمالك الغابوية ،بين نوعين من األراضي الغابوية:
النوع األول يتعلق بالغابات المكسوة بنباتات عودية أو خشبية من أصل طبيعي أو منابت
الحلفاء فهنا يفترض على أنها في ملكية المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر
استناد لنص قانوني.
-1قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2007/10/31عدد 3572ملف مدني عدد 2006/1/1/4489منشور بمجلة القضاء المدني العدد
األول سنة 2010ص .109
-2قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 05/03/09عدد 666في الملف المدني عدد 05 / 2231أورده محمد بفقير ،القانون العقاري والعمل
القضائي المغربي ،منشورات دراسات قضائية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة الثانية سنة 2010ص .55
-3لتفاصيل أكثر ،أنظر عادل العشابي ،م.س .ص .160
348
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وتطبيقا لذلك جاء في قرار للمجلس األعلى 1ما يلي" :في حين أن الطاعنة تمسكت
بالقرينة القانونية حسب الفصل األول من ظهير 1917/10/10وأن عدم تحديد الملك
الغابوي طبقا لمقتضيات ظهير 3يناير 1916ال يعني بالضرورة عدم اعتباره ملكا غابويا
األمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه غير مرتكز على أساس قانوني مما عرضه
للنقض واإلبطال ".
وإن كان النقاش الذي يثار بخصوص هذه النقطة هو مدى كفاية هذه القرينة لوحدها
في إضفاء الطابع الغابوي على عقار ما لمجرد أنه عقار مكسو بنباتات أو أشجار طبيعية
النبت أم البد أن يكون ذلك مقترنا بالحيازة ،ويثار ذلك على وجه الخصوص عندما ال تكون
اإلدارة المشرفة على هذا الملك حائزة لهذا العقار.
أما النوع الثاني من األراضي فهي تلك األراضي العارية أو التي وقع تشجيرها وهي ال
تستفيد من قرينة الملكية ،وبالتالي متى أثبت المتعرض تملكه لها بوسيلة مقبولة شرعا كان
على الجهة طالبة التحديد اإلداري إثبات ملكيتها لها بالحجج المقبولة.
وتطبيقا لذلك جاء عن المجلس األعلى 2ما يلي ..." :إن القرار المطعون فيه حين
علل بأن" تعرض مصلحة المياه والغابات يجعلها في موضع المدعي مدعوة إلى اإلدالء
بحججها وأن محضر الوقوف بعين المكان يثبت أن األرض بيضاء وال توجد فيها أشجار
غابوية " يكون بذلك مرتك از على أساس قانوني والوسيلة بالتالي غير جديرة باالعتبار".
وهكذا إذا بتت المحكمة المعروض عليها النزاع لصالح الجهة طالبة التحديد اإلداري
فإن النتيجة الطبيعية لذلك هي صدور مرسوم يقضي بالمصادقة على أعمال التحديد اإلداري
كما سنرى في المطلب الموالي.
-1قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2003/01/30عدد 380في الملف المدني عدد 2006/1/1/639منشور بمجلة قضاء المجلس
األعلى العدد 70سنة 2009ص .24
-2قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2008/6/4عدد 2095في الملف المدني عدد 2006/1/1/4323منشور بمجلة قضاء المجلس
األعلى العدد 71سنة 2009ص .91
349
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بعد انتهاء إجراءات التحديد اإلداري وكذا بت المحكمة في التعرضات المقدمة ضد
العقارات التي تجرى بشأنها هذه مسطرة ،فإن االجراء الموالي لذلك إذا ما تم الحكم لصالح
اإلدارة طالبة التحديد اإلداري ،هو استصدار مرسوم يقضي بالمصادقة على أعمال التحديد،
غير أن إصدار هذا المرسوم يبقى متوقفا على االطالع على شهادة يسلمها المحافظ على
األمالك العقارية تفيد :1
"أوال :أنه لم يقع سابقا تقييد قطعة أرض ما داخلة في المنطقة المبينة في القرار
الوزيري أعاله.
ثانيا :أنه لم يودع مطلب ألجل التقييد حسب الشروط وفي اآلجال المبينة بالفصل
السادس من القرار الوزيري المذكور أعاله ،يقصد به المعاوضة لتحديد المنطقة المبينة
بالقرار الوزيري المشار إليه".
هذا ومن المعلوم أن عملية التحديد اإلداري لما تستكمل مراحلها تعطي للعقارات
المحددة وضعا قانونيا وقوة معينة ،لكن السؤال الذي يطرح هو من أين تستمد هذه القوة هل
تلقائيا من مجرد فوات أجل التعرضات من دون تسجيل تعرض ما؟ أو أن هذه القوة رهينة
بصدور مرسوم المصادقة على أعمال التحديد اإلداري؟
جاء في قرار للمجلس األعلى 2أن" :التحديد اإلداري المنصوص عليه في ظهير3
يناير 1916يعطي للدولة ملكية العقارات على وضع التقرير وأنه ال يقبل أي تعرض وال
غيره من كل دعوى ويصبح التحديد نهائيا وأن المصادقة الالحقة ما هي إال إجراء شكلي ال
تأثير له على نهائية التحديد ".
350
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المالحظ على هذين االجتهادين أنهما يذهبان في نفس االتجاه فالقرار األول يعتبر أن
المصادقة ما هي إال إجراء شكلي -عديم التأثير على نهائية التحديد -والقرار الثاني ربط
الصفة النهائية بفوات أجل التعرض.
لكن بالمقابل من هذا االتجاه هناك آخر يربط الصفة النهائية للتحديد بإصدار مرسوم
المصادقة على أعمال التحديد اإلداري.
وهكذا جاء في قرار للمجلس األعلى" 2وفيما يخص السبب الثاني فإنه طبقا لمقتضيات
الفقرة األخيرة من الفصل الخامس من ظهير تأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد أمالك
الدولة فإنه بعد المصادقة النهائية على التحديد اإلداري فإنه ال يقبل أي تعرض وال غيره من
كل دعوى تتعلق بالعقار الذي تمت المصادقة على تحديده ولذلك فالقرار المطعون فيه لما
اعتمد التحديد اإلداري المصادق عليه فهو لم يخرق القانون وكان ما بالوسيلة بسببيها غير
مرتكز على أساس ".
وإذا كان لي من رأي بخصوص هذه النقطة فلن يكون إال مؤيدا للتوجه الثاني ،صحيح
أن المشرع اعتبر في آخر الفصل الخامس من ظهير 3يناير 1916أنه ..." :بعد مضي
ثالثة أشهر من يوم التنبيه في الجريدة الرسمية على وضع التقرير فإنه ال يقبل تعرض وال
غيره من كل دعوى ومن يومئذ يصير التحديد نهائيا،"...لكن المشرع لم يقف عند هذا الحد
-1قرار صادر عن محكمة االستئناف بطنجة بتاريخ 04/09/30رقم 8 – 04- 520في الملف ( 8/98/450غير منشور).
-2قرار للمجلس األعلى بتاريخ 4أبريل 2000في الملف المدني عدد 98/1/149منشور بكتاب قضاء المجلس األعلى في التحفيظ العقاري من
سنة 1991إلى 2002لعبد العزيز توفيق ،ص .59
351
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بل أضاف " ...طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل السادس والسابع والثامن "
والفصل األخير-الثامن -هو الذي يهمنا أكثر وهو ينص على أن ":المصادقة على أعمال
هذا التحديد تكون بقرار وزيري ينشر في الجريدة الرسمية يعين فيه مساحة العقار المحدود
وحالته الشرعية ."...
إذن يالحظ من خالل الفصل الخامس أنه ربط الصفة النهائية للتحديد باحترام الشروط
المنصوص عليها في الفصول الموالية للفصل الخامس ومنها على الخصوص الفصل الذي
يقضي بالمصادقة على أعمال التحديد اإلداري ،وبالتالي فإن إصدار هذا المرسوم هو إجراء
ضروري ال شكلي يتعين احترامه وهو يندرج ضمن باقي مراحل عملية التحديد اإلداري التي
البد من سلوكها.
الخاتمة
من خالل ما سبق أخلص إلى القول بأن التعرض على مسطرة التحديد االداري يعرف
مجموعة من الخصوصيات سواء من حيث االلتزامات التي يفرضها على المتعرض أم من
حيث آجال تقديمه وكيفية البت فيه ...
هذه الخصوصيات فرضتها طبيعة مسطرة التحديد االداري ذاتها والتي تبقى مسطرة
خاصة من مساطر التحصين في حاجة إلعادة النظر في إطارها التشريعي لقدمه – علما أنه
تم إعداد مشروع قانون رقم 63/17يتعلق بالتحديد اإلداري ألراضي الجماعات الساللية -
وما أفرزه تطبيقه من اشكاالت تصعب من أمر تحصين هذا الرصيد العقاري للدولة وبالتالي
اعاقة تعبئته في خدمة التنمية.
وفي انتظار ذلك من المهم االشارة بالنسبة للعقارات التي تمت المصادقة على تحديدها
االداري إلى ضرورة اخضاعها لمسطرة التحفيظ العقاري السيما في إطار المسطرة الخاصة
المنصوص عليها في ظهير 24ماي 1922والمتعلق بتحفيظ العقارات التي تم تحديدها
352
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إداريا نظ ار لبساطتها ،وألن من شأن اللجوء للمسطرة العادية للتحفيظ كذلك أن يفتح باب
التعرضات من جديد وهو ما ال يخدم مصالح االدارة ،مع وجوب تغليب دائما المسطرة
الرضائية في تسوية مثل هذه التعرضات.
353
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تقديم
عالج المشرع المغربي قواعد التنفيذ على العقار المرهون بطريقة تنم عن اهتمامه بتأكيد
حقوق الدائن المرتهن مع عنايته أيضا بحقوق المدين ال ارهن ،ويظل حق الدائن في التنفيذ
على المال المرهون في حالة سكون خالل الفترة السلمية للرهن ،أي منذ نشأة الحق وحتى
حلول أجل الدين.
ويالحظ عمليا أنه غالبا ما تلجأ المؤسسات المالية إلى سلوك الوسائل والطرق الحبية
لحمل المدين على الوفاء بدينه بدل الدخول في مساطر قضائية معقدة ومكلفة قد تستمر
لسنوات طويلة.
غير أنه من الناحية العملية يالحظ أن الدائن المرتهن للعقار يواجه بعض اإلكراهات
والصعوبات في حالة وصول أجل الوفاء بالدين موضوع الرهن وتوقف المدين عن األداء،
الشيء الذي يجعله مضط ار إلى سلوك مساطر الحجز والتنفيذ على العقار ،ليطرح معه
التساؤل حول الحماية القانونية التي وفرها المشرع المغربي للدائنين المرتهنين القتضاء
ديونهم؟ وكيف تتم عملية التنفيذ على العقار المرهون؟ وماهي اإلكراهات والعراقيل التي
تواجه الدائن المرتهن عند سريان إجراءات التنفيذ على العقار المرهون؟
ولمعالجة هذا الموضوع سنتوقف خالل هذه الدراسة في البداية على مرحلة وضع
العقار تحت يد القضاء كأهم مظهر للحماية (المبحث األول) على أساس أن نتطرق في
الشق الثاني لإلشكاالت التنفيذ على العقار المرهون وحماية الدائن المرتهن (المبحث الثاني).
354
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المبحث األول :حماية الدائن المرتهن من خالل وضع العقار المرهون تحت
يد القضاء
إذا كانت القاعدة أن جميع أموال المدين ضمان عام لدائنيه ويحق لهم مباشرة التنفيذ
على أية أموال يختارونها ليتم بيعها الستيفاء الديون المترتبة في ذمتهم ،وإعطاء الدائنين
حقوقهم كاملة إن كانت حصيلة البيع كافية لذلك ،إال أن تطبيق هذه القاعدة على عموميتها
يمكن أن ينتج عنه آثار سلبية تلحق أضرار جسيمة بالمدين والدائن على السواء.
ولتجنب ذلك نص المشرع على ان التنفيذ يتم أوال على األموال المنقولة للشخص
المدين ،وفي حالة عدم وجودها أو عدم كفايتها بوشر التنفيذ العقار تطبيقا للمقتضيات الواردة
في الفصل 445من ق.م.م.
هذا إذا لم يكن للدائن ضمانا عينيا على العقار ،يتم التنفيذ مباشرة على العقار
المشتمل على هذا الضمان وقبل القيام بعملية التنفيذ على العقار المرهون يتعين على الدائن
المرتهن توجيه إنذار عقاري للمدين الراهن ،معتمدا في ذلك على شهادة خاصة بالرهن التي
تسلم من طرف المحافظ العقاري (المطلب األول) ،وبعد مرور األجل المحدد لذاك يمكن
للدائن أن يستوفي دينه عن طريق اإلنذار العقاري (المطلب الثاني).
تعد مسطرة تحقيق الرهن الرسمي مسطرة تنفيذية خاصة ،وضعها المشرع لفائدة الدائن
الحاصل على شهادة تقييد خاصة مسلمة من طرف المحافظ على المالك العقارية ،فما
المقص ـ ــود بالشهادة الخاصة بالرهن؟ وما هي اإلشكاالت العملية التي قد تطرحها هذه
الشهادة؟
355
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تكمن أهمية الشهادة الخاصة بالرهن في أنها تعتبر الوثيقة األساسية التي تعتمد عليها
مسطرة تحقيق الرهن الرسمي ،وتغني الطرف الدائن عن اللجوء للقضاء الستصدار حكم
بأداء الدين ،ألنه يكون ثابتا بمقتضى عقد الرهن المسجل و الشهادة الخاصة تجسد هذا
الدين ،وال يبقى أمام المدين للتخلص من آثار هذه الشهادة إال إثبات حصول األداء أو
القيام به فورا ،ومن ثم فإن الشهادة الخاصة بالرهن هي التي تقوم مقام هذا الحكم ،وبناء
عليها يفتح ملف اإلنذار العقاري كمرحلة أولى وملف الحجز التنفيذي العقاري كمرحلة ثانية،
و التي تنتهي بنزع ملكية العقار و بيعه بالمزاد العلني.1
ويمكن القول أن شهادة التقييد الخاصة هذه عبارة عن سند قابل للتنفيذ وتفي الدائن من
سلوك المسطرة العادية للحجز ،وقد أفرد لها المشرع المغربي مقتضيات الفصل 58من
القانون 14.07المتعلق بالتحفيظ العقاري و الذي ينص على ما يلي " :للمالك دون غيره
الحق في أخذ نسخة صحيحة تامة من رسم الملك ومن الخريطة المضافة إليه ،وتحمل هذه
النسخة اسم المالك ويشهد المحافظ بصحته بإمضائه ووضع طابع المحافظة عليه ،أما باقي
المعنيين باألمر فليس لهم الحق في تسلم شهادة خاصة."...
وعند تمعننا في مقتضيات هذا الفصل ،يالحظ انه أحكام الفقرة األولى جاءت واضحة
بخصوص كون المالك المسجل هو الذي له الحق في أخذ نسخة من هذا الرسم ،غير ان
الفقرة الثانية منه جاءت جد مقتضبة بل وغامضة ولم تحدد مدلول باقي المعنيين وال معنى
الشهادة الخاصة؟
ويزداد األمر غموضا عند قراءتنا لمقتضيات الفصل 59من القانون 14.07المعدل
لقانون التحفيظ العقاري والذي ينص على ما يلي:
محمد سالم :تحقيق الرهن الرسمي في القانون المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2002ص .32 1
356
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
" إذا كان شخصان فأكثر يملكون عقا ار مشاعا فغن نسخة واحدة فقط تسلم لمن
كان منهم مكلفا بإدارة هذا العقار من قبل شركائه أو لمن جعلوه قيما لهذه
الغاية ،أما باقي الشركاء فال يمكنهم أن يطالبو إال بشهادة خاصة ".
في هذا اإلطار يرى البعض ،1أن المقصود بالشهادة الخاصة في الفصل 59من
القانون السالف الذكر هي مجرد شهادة عادية تحمل إسم ومساحة العقار ورقمه والمالكين
المسجلين به ،وهي الشهادة التي يمكن لكل من يرغب فيها أن يتسلمها بقصد اإلطالع على
الرسم العقاري ويتقدم بطلب للمحافظ ليؤدي عنه رسما قانونيا ،في حين أن المقصود
بالشهادة الخاصة في الفصل 58من نفس الظهير غير ذلك ،وإنما المقصود بها هنا هي
الشهادة التي تسلم للدائن وحده.
و الواقع أن مؤسسات االئتمان (الطرف المقرض) ال تبدأ فعال ومبدئيا في تسليم المدين
(الطرف المقترض) مبلغ القرض إال بعد توفرها على الشهادة الخاصة للتقييد الرهني
الممنوحة لها من طرف المحافظ على الملكية العقارية و الرهون ،2لذلك يشترط عادة أن
يكون العقار محفظا ،غير أنه ومن أجل تعميم التحفيظ وكذا تشجيع منح القروض العقارية
وتطويرها إلنجاز المشاريع المقامة فوق عقارات في طور التحفيظ ،فقد خول المشرع المغربي
لمؤسستين عموميتين إمكانية االستفادة من الشهادة الخاصة بالتنفيذ ولم تعلق األمر بعقار
غير محفظ ،ويتعلق االمر هنا بمؤسسة القرض العقاري والسياحي وذلك بموجب الفصل 10
من المرسوم الصادر بتاريخ 1986/12/17المتعلق بالقرض العقاري و السياحي ،وكذا
1
محمد سالم ،الرجع السابق ،ص .32
2
محمد بن الحاج السلمي :سياسة التحفيظ العقاري بالمغرب بين اإلشهار العقاري والتحفيظ االجتماعي واالقتصادي ،ص .250
357
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مؤسسة القرض الفالحي استنادا إلى الفصل 22من ظهير 1961/12/4المنظم لهذه
المؤسسة.
تحتوي الشهادة الخاصة بالرهن على أهمية بالغة باعتبارها سندا تنفيذيا يقوم مقام الحكم
القضائي ،غير أن قد أنها تتعرض أحيانا إلى التلف والضياع ،وهنا يطرح التساؤل عما إذا
كان من حق الدائن المرتهن الحصول على شهادة أخرى؟
فمن خالل النص السابق يتضح أنه ال مانع من أن يتقدم الدائن المرتهن إلى المحافظة
العقارية بتصريح يشتمل على المعلومات التي تتعلق بموضوع التلف أو الضياع وظروفهما
وكل ما يثبت حقوقه وصفته وما على العقارات من رهون أو تكاليف .وإذا تحقق المحافظ من
صدق ما ورد في التصريح وصحة البيانات التي يتضمنها ،يسلم للمعني باألمر نسخة أخرى
1
مع نشر إعالن في الجريدة الرسمية 15يوما قبل التسليم.
غير أن البعض يرى أن تسليم نسخة ثانية من الشهادة الخاصة ينبغي أن يتقدم في
إطار المادة 435من ق م م المتعلق بتسليم النسخة التنفيذية الثانية لألحكام و الق اررات
القضائية وعن طريق استصدار أمر استعجالي .2
1
الرأفة وتاب :رصد بعض اإلشكاالت العملية المرتبطة بشهادة التقييد الخاصة ،مجلة المحاكم المغربية ،عدد 3أكتوبر ،2007ص .183
2
مجمد سالم :المرجع السابق ص .38
وينص الفصل 435على أن " تسلم نسخة تنفيذية واحدة ،ويجوز لمن فقدها أن يحصل على نسخة تنفيذية ثانية بمقتضى قرار يصدره قاضى
المستعجالت بعد استدعاء جميع ذوي المصلحة".
358
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وتجنبا للصعوبات التي يمكن أن تواجهها مؤسسة القرض في حالة ضياع الشهادة
الخاصة بالرهن من يدها عند تنفيذ اإلجراءات القضائية السترداد ديونها ،صدرت مذكرة عن
المحافظ العام تحث المحافظين العقاريين على عدم تسليم الشهادة إال بعد أن تطلبها
1
المؤسسة المذكورة و االكتفاء بتسليم شهادة عادية تثبت تقييد الرهن .
لمباشرة إجراءات التنفيذ على العقار يجب سلوك واتباع مجموعة من الشكليات
والمساطر ،ومن هذه الشكليات وضع العقار المرهون بيد القضاء ،ويتحقق ذلك بتوجيه إنذار
عقاري للمدين وإشعاره باألداء (فقرة أولى) ،وبعد ذلك يتم الحجز على العقار والشروع في
نزع ملكيته (الفقرة الثانية).
الفقرة األولى :توجيه انذار عقاري كإجراء ضروري قبل التنفيذ على العقار
اختلف الفقه المغربي في تحديد الصيغة القانونية إلنذار العقاري ،ليطرح تساؤل فيما
إذا كان هذا اإلنذار يعد بمثابة إجراء تنفيذي يرتب آثار الحجز التنفيذي العقاري؟ أم أنه
مجرد عمل تحضيري إلجراءات التنفيذ؟
ففي هذا اإلطار يرى بعض الفقه أن اإلنذار العقاري ما هو إال مجرد تنبيه بنزع
الملكية ،وأن إجراءات الحجز العقاري تبقى بدون أثر ،وأن الطعن في اإلنذار العقاري ال
2
يؤدي تلقائيا إلى إيقاف إجراءات بيع العقار المحجوز.
1
مذكرة صادرة عن المحافظ العام عدد 4660بتاريخ 1999/11/24في شأن الشهادة العقارية الخاصة المسلمة للمؤسسة القرض العقاري
والفندقي.
2
الحسن الكاسم :تحقيق الرهون ،مقال منشور بالندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي ،مكتبة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط ،يناير
،2004ص .336
359
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويبدو من وجهة نظرنا أن اإلنذار العقاري ال يتحول مباشرة إلى حج ـ ـ ـ ـ ــز تنفيذي حتى
ولو رتب بعض آثاره ،ومن ثم يظل مجرد مقدمة أو عمل تمهيدي إلجراءات التنفيذ ،سيما إذا
استحضرنا كون المشرع المغربي نظم الحجز كإجراء مستقل في قانون المسطرة المدنية ،غير
أننا نستثني في هذا اإلطار الحاالت التي يوجد فيها نص خاص.
أما المشرع الفرنسي فإنه قبل تعديل الفصل 674من قانون المسطرة المدنية الفرنسي
بمقتضى القانون الصادر بتاريخ ،1938/06/17كان على الدائن الذي وجه إنذا ار إلى
المدين باألداء انتظار مدة 30يوما لتحرير محضر الحجز ،وهو ما يعني أن اإلنذار كان
مجرد تنبيه باألداء و ال يعتبر حجزا ،أما بعد التعديل المذكور ،فإن كل من اإلنذار والحجز
أصبحا يشكالن عمال واحدا ،واإلنذار العقاري يعتبر اإلجراء األول الذي بواسطته تنطلق
وتتحرك مسطرة الرهن الرسمي .2
وعموما يشترط في اإلنذار العقاري تضمينه مجموعة من البيانات ،حدد بعضها في
قانون التحفيظ العقاري ،وأخرى درج العمل القضائي والفقه على المطالبة بها في اإلنذار
العقاري ويمكن إجمالها فيما يلي:
تحديد العقارات المرهونة في حالة تعددها مع تحديد ما إذا كانت تتواجد في
دائرة واحدة أم في دوائر مختلفة؛
بيان هوية كل من الدائن والمدين والحائز والكفيل في حالة وجودهما؛
1
أشرف إدوارد :تعليمات الشهر العقاري ،المكتب الفني لإلصدارات القانونية ،مطابع المجموعة المتحدة ،مصر طبعة ،1999ص .136
2 ème
Michel veron-Benait nicord : les procédures de distribution-2 édition – Dalloz-paris-1995-p 165.
360
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يحق للدائن المستفيذ من الضمانة الرهنية في حلة رفض المدين الوفاء بالدين المترتب
عليه رضاءا أن يجبره قضاء فيبدأ بالتنفيذ مباشرة على العقار محل الضمان.
وفي هذا اإلطار وضع المشرع قواعد وإجراءات خاصة ومبسطة لفائدة بعض مؤسسات
القرض واالئتمان حيث خول لهذه الفئة من الدائنين صالحية التنفيذ على الضمان العيني.
ومسطرة الحجز التنفيذي هو بمثابة إجراء يتم بمقتضاه وضع عقار المدين تحت يد
القضاء بهدف بيعه بالمزاد العلني القتضاء حق الحاجز من ثمنه ،وفي هذا الصدد ينتقل
عون التنفيذ إلى العقار محل التنفيذ ويقوم بتحرير محضر الحجز وفق البيانات المتطلبة
فيعمل على تسجيله وإشهاره.
وقد تباين الموقف الفقهي بشأن الطبيعة القانونية للحجز ،حيث اعتقد رأي أول على
أن الحجز على مال يؤدي الى اعتبار مالك هذا المال عديم األهلية بالنسبة لماله ،فيفقد
القدرة على التصرف فيه أو إدارته ويحل القضاء محله في اإلدارة والتصرف ،وتجدر اإلشارة
أنه بالرغم من ان الحجز ال يخرج العقار م ن ملك المحجوز عليه ،فإن ذلك ال يعني أن
1
-عبد العالي العضراوي :الكشوفات الحسابية البنكية وشروط صحتها في إثبات المديونية ،شركة بابل للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة
الثانية ، 2002 ،ص .8
361
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المنفذ عليه يحتفظ بجميع الصالحيات التي يخولها له حق الملكية ،بل إن الحجز يحد جزئيا
1
من هذه الصالحيات.
ويعتبر وضع العقار بيد القض ــاء كأول خطوة يبدأ بها الحجـ ــز التنفيذي ،وتنطلق
إجراءات الحجز التنفيذي على العقار بتحرير محضـ ــر الحجز ويتعين تضمينه لمجموعة من
البيانات منها على الخصوص:
اسم الطرف المدين مع اإلشارة إلى حضوره أو غيابه أثناء عملية الحجز؛
تعيين وتحديد العقار موضوع الحجز بكل دقة؛
اسم وتوقيع عون التنفيذ محرر محضر الحجز.
والجدير بالذكر في هذا الصدد أنه من أهم اإلشكاالت العملية التي يمكن أن تثار أثناء
تحرير محضر الحجز العقاري ،هي إشكالية التنفيذ على عقار يستغل به أصل تجاري
مملوك للمدين ،ليطرح معه تساؤل بخصوص مصير هذا األصل التجاري؟
وحول هذه المسألة انقسم الفقه والقضاء إلى اتجاهين ،اتجاه يرى ان األصل التجاري
المستغل في العقار المرهون والمملوك للمدين يعتبر بمثابة عقار بالتخصيص يلحقه التتبع
بالمزاد العلني ،والقول بخالف ذلك قد يؤدي إلى إفراغ الرهن الرسمي العقاري من أية فائدة
ويلحق أضرار جسيمة بالدائن المرتهن (المؤسسة البنكية) والسوق االئتمانية بصفة عامة.
واالتجاه الث اني يذهب إلى القول بضرورة إيقاف إجراءات بيع العقار المحجوز إلى حين
استصدار حكم قضائي بيع األصل التجاري طبقا للمسطرة الخاصة بذلك .2
-يونس الزهري :الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي ،الجزء الثاني ،المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات – مراكش ،ص .17 1
2
-محمد سالم :الرمرجع السابق :ص .42
362
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الفرع الثاني :إشكالية التنفيذ على العقار المرهون وحماية الدائن المرتهن
إن ممارسة تحقيق الرهن الرسمي ليست كما قد يتبادر إلى الذهن من البساطة والسرعة
التي توخاها المشرع بأن جعل تلك المسطرة تنفيذية في أصلها ،بل إنه في أكثر من األحيان
تثار بشأنها مجموعة من المشاكل العملية.
وحرصا من المشرع على المحافظة على مصالح كل األطراف المعنية خول لهم
إمكانية الطعن في إجراءات التنفيذ على العقار المرهون إذا لم يتم احترام القواعد الموضوعية
واإلجرائية.
يحق لكل من تضرر من إجراءات الحجز العقاري اللجوء إلى دعوى بطالن هذه
اإلجراءات لرفع الضرر الالحق به وحماية حقوقه ،ويأتي المدين وكفيله والدائن المرتهن في
مقدمة األشخاص الذين يرفعون هذه الدعوى ،إلى جانب حائز العقار وكل من له حق
شخصي أو عيني عليه ،ويحق للغير كذلك الطعن في هذه اإلجراءات إذا كانت لهم مصلحة
في ذلك.
إن أسباب الطعن في إجراءات التنفيذ على العقار عديدة ومتعددة فإما أن تكون مبنية
على إخالالت شكلية في اإلجراءات أو مبنية على أسباب جوهرية تنازع في أحقية الدائن
المرتهن في اللجوء إلى الحجز وترمي إلى التصريح بإبطال اإلجراءات بصفة نهائية.
ومن أوجه الطعن في إجراءات التنفيذ تلك الحالة التي يتم فيها الطعن في إجراءات
التبليغ كأن يدعي المدين بأنه لم يتوصل باإلنذار العقاري ،كما يجسد ذلك قرار محكمة
363
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
" حقا لقد صح ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه ،ذلك أنه يتضح من شهادة
التسليم تبليغ اإلنذار العقاري ومحضر الحجز التنفيذي العقاري أن وقع تبليغها إلى
زوجة الطالب -وهي مستخدمة بالبنك المغربي للتجارة والصناعة بمقر عملها،
ولذلك فالمحكمة لما اعتمدت التبليغ الواقع لزوجة الطالب بمقر عملها وهو غير
موطن الطالب الحقيقي ،يثبت عليه قضاءها تكون قد خرقت الفصل 38من ق.م.").
قد تم توجيهه كما يمكن أن يستند الطعن في اإلنذار العقاري على كون هذا األخير
للكفيل الشخصي بدل الكفيل العيني ،كما جاء في حكم المحكمة التجارية بالرباط عدد
1420بتاريخ ،2 1999/12/21إذ جاء في حكمها ما يلي:
" يكون باطال اإلنذار العقاري الموجه للكفيل الشخصي عوض الكفيل العقاري".
ويمكن أن يؤسس طلب بطالن اإلنذار العقاري كذلك على بطالن عقد الرهن وذلك
لتخلف ركن من أركانه ،وفي هذه الحالة يتعين على الطاعن في اإلنذار لهذه العلة أن يطلب
التشطيب على الرهن الرسمي لتبرئة ذمته من الدين تطبيقا لما جاء في مقتضيات الفصل 3
من القانون ،.... 14.07وهو ما نحت فيه محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء في
قرارها عدد 2003/2804الصادر بتاريخ .32003 /09/23
ومن الطعون كذلك التي يمكن أن يوجهها الطرف المدين ضد إجراءات التنفيذ على
العقار ،طعنه في اإلجراءات المسطرية في الحالة التي يجمع فيها الدائن بين مسطرة تحقيق
1
قرار محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) عدد 2965بتاريخ 1997/05/15في الملف المدني عدد ،95/1/2851مجلة الملف العدد األول،
يونيو ،2003ص .109
2
حكم صادر عن تجارية طنجة رقم 316بتاريخ ،2004-04-20ملف عدد .03/11/778
3
قرار عدد 2003/2804صادر بتاريخ 2003/9/23في الملف عدد .14/2003/899
364
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الرهن الرسمي والمسطرة العادية للمطالبة بالدين في إطار القواعد العامة ،مما يطرح تساؤل
جوهري حول مدى أحقية الدائن المرتهن في اللجوء إلى المطالبة بضمانات إضافية من
أجل نفس الدين الذي قدم الرهن ضمانا له؟
وجوابا على هذا التساؤل انقسم الفقه و القضاء إلى اتجاهين ،حيث ذهب البعض إلى
تخويل كل الدائنيين حق إيقاع هذا الحجز دون استثناء أولئك المضمونة ديونهم برهن رسمي
على أساس أن للدائن ضمان عام على أموال مدينه سيما أن قيمة الضمانات العينية قد
1
تنقص بمرور الوقت.
واتجاه آخر يرى أن هذا األمر يخالف مبدأ تخصيص الرهن ،على اعتبار أن الدائن لما
قبل العقار المرهون يكون قد اعتبر مسبقا أن قيمته عند البيع تغطي الديون وتوابعها ،كما أن
المدين عندما أقدم على رهن ذلك العقار اطمأن على حرية تصرفاته في قيمة العقارات التي
يملكها.
وذهب البعض إلى القول أن الدائن المرتهن ال يجوز له إيقاع الحجز على أموال مدينه
إال في حالة عدم كفاية ثمن األموال المرهونة ،أو في الحالة التي يتم فيها إنقاص قيمة
الضمان العيني المقدم ،ذلك أنه إذا كانت أموال المدين تشكل ضمانا عاما لدائنه و بالتالي
يجوز لهم التنفيذ على ما شاؤا منها.
غير أن هذه القاعدة تعطل وال يعمل بها في الحالة التي تخصص عقارات لضمان دين
الدائن ،ذلك ان الدائن الذي قبل هذا الضمان الخاص قدر كفايته ألداء دينه ،وعلى هذا
األساس ال يحق له أن يطالب بأية ضمانات إضافية إال عند إثباته عدم كفايتها بسبب خطئه
في تقدير قيمتها أو بعوامل خارجية ،ومن ثم يتعين عليه أن يسلك بداية مسطرة تحقيق
1
يونس الزهري :بعض اإلشكاالت العملية المتعلقة بتحقيق الرهن الرسمي ،مجلة المحاكم المغربية ،العدد ، 2005 ، 98ص .56
365
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الرهن ،وعند عدم كفاية بيع ثمن المرهون يكون للدائن حق سلوك باقي المساطر التنفيذية
1
على أموال المدين باعتبارها ضمانا عاما.
وفي هذا اإلطار يالحظ عمليا تشدد المحاكم في منح الدائن المرتهن إمكانية المطالبة
بحجز تحفظي في حالة وجود رهن رسمي ،وال تسمح بها إال في الحاالت التي تكون فيها
قيمة العقار قد انخفضت بشكل كبير ،ونشير في هذا الصدد لما سارت نحوه محكمة
االستئناف التجارية بمراكش في إحدى ق اررتها و التي جاء فيها ما يلي " :مادام ثبت في
مستندات الملف أن المستأنف يتوفر على ضمانات عينية مقررة لضمان أداء الدين
المطلوب فإن مطالبته بإيقاع الحجز على العقار المشار إليه أعاله بدعوى عدم كفاية
الضمان الممنوحة ،تكون عديمة األساس ألنه من المفروض أن ذلك كاف لتامين أداء
الديون بمجرد قبوله من قبل المستأنف عليه ،وبالتالي فإن عبء إثبات عدم كفايته يقع
على كاهله".2
من البديهي القول بأن الهدف الذي يسعى إليه كل من يطعن في إجراءات التنفيذ
العقاري هو ترتيب األثر الواقف لإلجراءات إلى حين البث في دعوى الطعن.
ويكون ذلك مشروعا متى كانت الدعوى مؤسسة على وقائع جدية ووجيهة ،غير أن
هذه الفرضية قد ال تتحقق خاصة عندما يتعلق األمر بدعاية كيدية يقيمها من ينوي اإلضرار
بمصالح الدائن المرتهن.
1
يونس الزهري :بعض اإلشكاالت العملية لمسطرة تحقيق الرهن ،المرجع السابق ،ص .57
قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد 84بتاريخ 1999-3-9منشور بمجلة القضاء والقانون عدد -35يونيو .1999 2
366
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ويالحظ من خالل قراءتنا لمقتضيات الفصل 483من ق.م.م 1أن تقديم دعوى مجردة
عن الحجج و المستندات أو حتى إرفاقها بوثائق غير مفيدة فإنها ال تكفي لترتيب األثر
الواقف لمسطرة التنفيذ بالضرورة ما دامت المحكمة في مثل هذه الحالة ستأمر في حكم
عارض بمواصلة التنفيذ ويكون حكمها مشموال بالتنفيذ المعجل بنص القانون.
وقد شكل تطبيق هذا الفصل محل جدل فقهي بين من يرى أن إقامة دعوى الطعن
بالبطالن ال يترتب عنها الوقف التلقائي إلجراءات التنفيذ ،ذلك ان الطرح السالف منح فرصة
لذوي النيات السيئة إلى عرقلة إجراءات التنفيذ غايتهم في ذلك اإلضرار بالدائن المرتهن ،لذا
فإن األثر الواقف لإلجراءات ال يعمل به مهما كانت قيمة الوثائق المدلى بها امام المحكمة،
ويتوجب على الطرف المتضرر تقديم طلب مستقل أمام القضاء للحصول على إيقاف
التنفيذ.2
في حين يرى جانب آخر من الفقه أن إقامة دعوى الطعن في اإلنذار وطلب بطالن
اإلجراءات يوقف التنفيذ تلقائيا ،ويجب على عون التنفيذ التوقف على متابعة اإلجراءات
بمجرد اإلدالء بنسخة من مال الدعوى ،لكنه يتعين على المحكمة وبصفة تلقائية تقييم
الحجج المعززة للمقال وأن تصدر حكما اوليا بمواصلة التنفيذ إذا رأت عدم جدية الطلب.3
ومن ناحية الممارسة العملية فإن التوجه القضائي بدوره عرف نوعا من التضارب بين
من يرى أن الطعن يوقف وبصفة تلقائية إجراءات التنفيذ ،ويتعين على عون التنفيذ أن
ينص الفصل 483من ق م م على ما يلي " :يجب على طالب االستحقاق لوقف اإلجراءات أن يقدم دعواه أمام المحكمة المختصة ويودع دون 1
تأخير وثائقه ،ويستدعى المحجوز عليه والدائن الحاجز إلى أقرب جلسة ممكنة إلبداء اعتراضهما وإذا اعتبرت المحكمة أنه ال موجب لوقف إجراءات
الحجز العقاري كان حكمها مشموال بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض أو استئناف".
2
عبد اإلاله أبو عباد هللا ،تعليق حول إيقاف إجراءات التنفيذ العقاري ،مجلة المحاكم المغربية ،عدد ،1988 ،53ص .75
3
محمد أكرم :التنفيذ الجبري المتعلق باألصل التجاري واإلنذار العقاري.
367
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يتوقف عن مسايرة اإلجراءات بمجرد اإلدالء له بنسخة من مقال الدعوى ومن غير حاجة
1
اللجوء إلى قاض المستعجالت.
غير أنه في االتجاه المخالف ،فإن بعض المحاكم تعمل على التفرقة بين البطالن
المؤسس على إخالالت شكلية في إجراءات الحجز العقاري ،وفي تلك التي تؤسس على
المنازعة في المديونية أو في مقدار الدين أو في السند التنفيذي ،حيث نجد أن بعض
المحاكم رتبت األثر الواقف لإلجراءات للنوع األول دون الثاني على أساس أن المنازعة في
2
الدين ال يعتبر طعنا في اإلجراءات .
كما هو معلوم فلصحة مسطرة الحجز يتعين أن ينصب على مال مملوك للمنفذ عليه،
فال يجوز حجز أموال الغير القتضاء دين ثابت في ذمة المدين ،وذلك اعتبا ار لمبدأ استقالل
الذمم من جهة ولنسبية آثار السندات التنفيذية من جهة ثانية ،أي انه ال يمكن المساس
بحقوق األغيار ،وهذه المسألة تنبه إليها المشرع المغربي فتبنى حال وسطا من شأنه تحقيق
الموازنة بين حقوق الغير الحاجز فأعطى لمدعي ملكية العقار إمكانية اإلعتراض على
إجراءات الحجز ،والوسيلة اإلجرائية التي تمكنه من ذلك هي رفع دعوى اإلستحقاق الفرعية
(الفقرة األولى) والتي لها تأثير على إجراءات التنفيذ (الفقرة الثانية) .
1
أمر استعجالي صادر عن المحكمة اإلبتدائية بالدار البيضاء عدد 5448/473بتاريخ ،1986/10/14ملف استعجالي عدد ، 86/4099
منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد – 1988 – 53ص .71
2
حكم صادر عن المحكمة اإلبتدائية بمراكش في الملف عدد 98/347صادر بتاريخ ،1992/03/06منشور بمجلة الحدث القانونية عدد ، 15
ص .15
368
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
عرف بعض الفقه المغربي دعوى االستحقاق الفرعية على أنها "الدعوى التي يرفعها
مدعي ملكية العقار الذي شرع في نزع ملكيته أثناء التنفيذ طالبا الحكم له بملكيته للعقار أو
إجرءات التنفيذ".1
بطالن ا
في حين عرفها البعض اآلخر على أنها الدعوى التي يرفعها من يدعي ملكية العقار
المحجوز قبل بيعه ،ويكون هدفها تخليص العقار موضوع إجراءات التنفيذ من الحجز الموقع
عليه.2
واعتبرها بعض الفقهاء المصريين بأنها دعوى موضوعية يرفعها مستحق العقار
المحجوز طالبا الحكم له بملكية العقار أو الحق العيني عليه بصفة عامة وبطالن إجراءات
التنفيذ في مواجهة كل من المدين و الحائز و الدائن مباشرة اإلجراءات وأول الدائنين
المقيدين .3
وتوصف هذه الدعوى بأنها فرعية على اعتبار انها متفرعة عن التنفيذ ،وهي شبيهة
بدعوى استحقاق المنقول المنصوص عليها في الفصل 468من ق م م ،وقد وضعها
المشرع لمصلحة من حجز ملكه ،عقا ار كان أو منقوال بدون رضاه ،ودون أن يكون مدينا أو
ضامنا للمدين ،ومتضامنا معه في الدين الذي وقع الحجز تأدية له ،وهو ما يميزها عن
دعوى االستحقاق األصلية أو العادية التي يرفعها الغير الستحقاق العقار قبل ممارسة
إجراءات التنفيذ.
عبد السالم بناني وحسن الفكهاني :التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي في ضوء الفقه والقضاء ،الجزء الثاني ،الدار العربية للموسوعات 1
القاهرة ،باالشتراك مع دار الثقافة – الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،1983ص .430
2
محمد أكرم :التنفيذ الجبري المتعلق باألصل التجاري واإلنذار العقاري ،مرجع سابق ص .80-79
3
أحمد أبو الوفاء :إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية ،منشأة المعرف اإلسكندرية ،1987 ،ص .83
369
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وإذا كانت دعوى االستحقاق الفرعية في أصلها دعوى استحقاق عادية على أنها تتخلل
إجراءات التنفيذ العقاري وترمي إلى بطالنها ،فهي صورة خاصة لدعوى االستحقاق ال تثار
إال فـ ــي مجال التنفيذ على العقار ،عكس دعوى االستحقاق العادية التي ال تدخل في
منازعات التنفيذ وال تمارس أثناء التنفيذ العقاري ويكون موضوعها طلب استحقاق العقار فقط
دون طلب بطالن إجراءات التنفيذ.
الفقرة الثانية :أثر دعوى االستحقاق الفرعية على وقف إجراءات التنفيذ
إن الصيغة التي جاءت بها مقتضيات الفصل 468من ق م م ،1جعلت الفقه و
القضاء ينقسمان بالنسبة ألثر دعوى االستحقاق إلى قسمين :
يرى هذا االتجاه أن مجرد تقديم مقال افتتاحي للدعوى استحقاق فرعية ،يترتب عليه
وبصورة تلقائية وفورية وقف مسطرة البيع الجبري بالنسبة للعقارات المدعى فيها باالستحقاق،
ومن غير حاجة الستصدار حكم أو أمر قضائي بالوقف ،حيث يتعين على عون التنفيذ
الكف والتوقف على مواصلة إجراءات التنفيذ بمجرد اإلدالء له بنسخة من مقال الدعوى ،وال
2
سلطة له في تقييم جدية المقال أو الحجج المعتمـ ـ ـ ـ ــدة.
وفي هذا اإلطار نجد بعض المحاكم تسير في اتجاه عدم اشتراط اللجوء إلى رئيس
المحكمة لوقف إجراءات التنفيذ عند وجود لدعوى استحقاق فرعية ،حيث ترى أن إجراءات
التنفيذ تتوقف تلقائيا دون طلب االلتجاء إلى رئيس المحكمة الستصدار أمر التوقيف مادامت
المستندات المعززة للطلب باالستحقاق صحيحة إلى أن يثبت العكس.
ينص الفصل 468من ق م م على ما يلي" :ر إذا ادعى األغيار ملكية المنقوالت المحجوزة فإن العون المكلف بالتنفيذ يوقف بعد الحجز البيع 1
إذا كان طلب اإلخراج مرفقا بحجج كافية ويبت الرئيس في كل نزاع يقع حول ذلك."...
محمد الكشبور :القسمة القضائية في القانون المغربي ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،1996ص .275 2
370
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
على خالف االتجاه السابق ،يعتبر هذا االتجاه أن وقف إجراءات التنفيذ بقوة القانون ال
يترتب فقط على مجرد تقديم دعوى االستحقاق الفرعية استنادا إلى صيغة الفصل 482من
ق م م الذي يقضي بأن دعوى االستحقاق يترتب عليها وقف مسطرة التنفيذ ،أي ان الوقف
ال يكون تلقائيا وإنما يشترط أن تكون مصحوبة بوثائق يظهر انها مبنية على أساس صحيح
وحاسمة ،وأن الجهة المخول إليها تق دير هذه الوثائق هي الجهة المنصوص عليها في
الفصل 483من ق.م.م.
غير أن هذا االتجاه ،انقسم الرأي فيه كذلك عن الجهة المختصة للبث في طلب وقف
إجراءات التنفيذ بين من يرى أن البث في طلبات وقف إجراءات التنفيذ موكول للسيد رئيس
المحكمة بصفته الجهة المختصة للبت في األوامر المبنية على طلب كما تنص على ذلك
مقتضيات الفصل 148من ق م م ،وبين من يرى أن االختصاص في هذا االمر يرجع إلى
قاضي المستعجالت ،وعلى كل من لحقه الضرر من إجراءات التنفيذ أن يعرض ذلك في
صورة صعوبة التنفيذ على قاضي المستعجالت ،ويطلب منه معاينة الوثائق و تقدير مدى
1
جديتها.
وهذا هو توجه قضاء محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) في قرارها الصادر بتاريخ
2004/02/7تحت عدد 959والتي اعتبرت فيه على انه " :ال يوجد ما يمنع المنفذ عليه
من اللجوء إلى القضاء االستعجالي لوقف إجراءات الحجز كلما توفر عنصر اإلستعجال
2
إلى حين بث محكمة الموضوع في دعوى بطالن إجراءات الحجز ".
محمد بولمان :الصعوبات الوقتية المثارة في إطار الفصل 436من قانون المسطرة المدنية ،مجلة المحاكم المغربية عدد ،75ص .39 1
2
قرار محكمة النقض عدد 959صادر بتاريخ ،2004/2/7في الملف عدد 2003/123منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ،62يناير
،2005ص .159
371
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وأمام هذا النقاش بشأن تأثير دعوى االستحقاق على وقف إجراءات التنفيذ نعتقد أنه آن
األوان على المشرع المغربي إعادة النظر في تنظيم دعوى االستحقاق الفرعية ،من أجل قطع
الخالف الذي نتج عن عدم دقة النصوص القانونية التي تنظمها ،وأنه يجب عليه أن ينص
صراحة على أن دعوى االستحقاق الفرعية ال توقف إجراءات التنفيذ إال إذا قضت المحكمة
بذلك ،مع تبيان الشروط التي يجب إرفاقها بطلب وقف اإلجراءات ،وذلك لكون ترك األمر
على ما هو عليه قد يؤدي إلى إحجام مؤسسات االئتمان عن منح القروض لما يهدد مسطرة
تحقيق الرهون من الخطر مما قد يؤثر على االئتمان العقاري بصفة عامة.
وصفوة القول فقد حاولنا من خالل هذه الدراسة التوقف على أهم مظاهر الحماية
الممنوحة للدائن المرتهن عند التنفيذ على العقار مع رصد ألهم الصعوبات التي قد تؤثر في
فعالية عقد الرهن الرسمي ،حيث يواجه الدائن المرتهن أثناء تحقيق ضماناته بمجموعة من
الطعون و المنازعات والتي تكون في مجلها تهدف إلى المماطلة في األداء ،هذا فضال على
ما قد يثيره الغير من استحقاقه لملكية العقار محـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل التنفيذ ،وتوقفنا كذلك على مسألة في
غاية األهمية تكمن في كون النصوص القانونية المؤطرة للمجال لم تعد تساير متطلبات
التنمية االجتماعية واالقتصادية وما تستلزمه من سرعة وبساطة في اإلجراءات والمساطر،
الشيء الذي يعني أن مسألة إعادة النظر فيها أضحت ضرورية لتشجيع التمويالت العقارية.
372
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
373
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
374
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القرار موضوع التعليق يعيد إلى الواجهة تعامل محكمة النقض مع قاعدة "حجية
التقييدات بالسجل العقاري بالنسبة للغير المقيد عن حسن النية " .والذي من خالله نحت هذه
المحكمة منحى آخر غير المنحى الذي سارت عليه (المجلس األعلى سابقا) في ق اررين
سابقين لها كما سيتم التعرض له في موضعه.
فإذا كانت القيمة اإلثباتية لقيود السجل العقاري الناشئة عن تحفيظ العقار قيمة
مطلقة ،وهي قرينة قانونية قاطعة ال تقبل الطعن ،وذلك بصريح الفصل الثاني من ظهير 9
رمضان 12( 1331غشت )1913الذي رتب على رسم التمليك الذي ينظمه المحافظ
بطالن ما عداه من الرسوم وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة
بالكناش العقاري ،وكذا الفصل 62من نفس القانون الذي اعتبر رسم التمليك النقطة الوحيدة
للحقوق العينية والتكاليف العقارية الكائنة على العقار وقت تحفيظه " دون ما عداها من
الحقوق غير المسجلة" وبذلك أعفى المشرع المتعامل مع الطرف الذي أقيم الرسم العقاري
في اسمه على ضوء مسطرة التحفيظ من البحث في ماضي العقار قبل تحفيظه وجعله في
مأمن من أية مطالبة من أي كان بحق عينيي يخص المرحلة السابقة لتحفيظ العقار .فإن
األمر مختلف بالنسبة للتقييدات الالحقة الطارئة على الحقوق المحفظة ،فقد أعطاها المشرع
1
قرار منشور في هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة الصفحة .324
375
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
قوة إثباتية تتراوح بين النسبية والمطلقة حسب كل حالة ،وهو ما يقتضي في البداية التمييز
بين حجية التسجيل بين األطراف وحجية التسجيل بالنسبة للغير ،فحجية التسجيل بين
األطراف نسبية أي ليست حجة قاطعة ،ألنها تستند إلى قرينة قانونية قوامها صحة
التصرف الذي بني عليه التسجيل 1فمتى كان محل طعن وقرر القضاء إبطاله كان ذلك
موجبا للتشطيب عليه ووضع حد آلثاره ،مع التنبيه هنا إلى أن صاحب المصلحة مدعو
إلجراء تقييد احتياطي ليحفظ رتبته ويقطع الطريق على أي تصرف في العقار من طرف
خصمه لفائدة الغير حتى ال يدخل في حسابات الحالة الثانية التي سيأتي ذكرها .أما حجية
التسجيل في مواجهة الغير المتمتع بحق عيني مسجل ،فتختلف بين ما إذا كان هذا الغير قد
قيد عن حسن نية أم عن سوء نية .فالغير حسن النية كما عرفه بعض الفقه" 2هو الذي
يجهل العيوب أو الشوائب التي تعيب أو تشوب سند أو رسم من كان قد تلقى الحق منه يوم
تلقي هذا الحق وتسجيله في اسمه في الرسم العقاري" أما الغير سيء النية فهو من كان يعلم
بهذه الشوائب وقت حصول تسجيله بالرسم العقاري .فالتقييد بالنسبة للغير حسن نية يكتسي
قوة ثبوتية مطلقة ويعتبر التقييد بالسجل العقاري الذي استند إليه صحيحا مع ما يستتبعه من
عدم تأثر حقه بما يمكن أن يطال ذلك التقييد من بطالن أو إبطال أو تغيير وذلك عمال
بمقتضيات الفصل 66من ظهير.1913/08/12
د مامون الكزبري ،التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي ـ الجزء األول ،الطبعة الثانية .1987ص .165 1
376
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أسست عليه أحد التقييدات ،إذ ذهب اتجاه إلى القول :إلى أنه ببطالن العقد لزوريته تبطل
التقييدات التي ارتكزت عليه ،وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) في
ق اررين سابقين لها :األول تحت رقم 1107بتاريخ 2008/03/26فـي المــلف المـدنـي عــدد
1)1( 2006/2/1/1638معللة قضاءها بأن "ثبوت زورية العقد تجعله منعدما وغير منتج
ألي أثر وإن كان مسجال بالرسم العقاري حتى ولو كان المشتري حسن النية "..والثاني رقم
2854بتاريخ 2008/07/23في الملف المدني عدد 22006/1/1/1696الذي جاء في
تعليالته أن " ما بني على التزوير ال يترتب عليه أي أثر سواء بالنسبة للمتعاقدين أو
لخلفائهما "..وهو تعليل وإن أرجعه البعض على أنه بني على قاعدة ما بني على باطل فهو
باطل فيمكن أيض ا إرجاعه إلى قاعدة تسلسل التقييدات ،أي أن بطالن التقييد المبني على
العقد الذي ثبتت زوريته ،يستتبعه بطالن التقييدات الالحقة لسقوط حلقة في هاته السلسلة
تربط الحق بمالكه األصلي من خالل المالكين المتعاقبين ،وهي القاعدة التي تجد سندها في
الفصل 28من القرار الوزيري الصادر في 20رجب )1915/06/30( 1333بشأن
تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري الذي جاء فيه "..في حالة ما إذا كان الحق العيني
عقاري أو تكليف عقاري موضوع عدة انتقاالت أو اتفاقات متتابعة فال يمكن تسجيل آخر
انتقال أو اتفاق قبل تسجيل االتفاقات السابقة ".وبمفهوم المخالفة ال يمكن تسجيل أي
انتقال بسقوط االنتقال الذي بني عليه ،ليكون على األقل ما أعطي من تبرير لهذا االتجاه
مستمدا من داخل منظومة قانون التحفيظ العقاري ،لكن هذا المنحى في جميع األحوال لم
يصل إلى حد التواتر لوجود ق اررات قضائية أخرى تبنت حرفية نص الفصلين ( 66فقرة )2
من ظهيـر 1913/08/12و 3من ظهير 2يونيو 1915وذلك على غرار القرار موضوع
التعليق الذي اعتبر أن مقتضيات الفصلين المذكورين جاءت صريحة وواضحة في أن الغير
المقيد عن حسن نية ال يمكن أن يواجه بما يقع من إبطال الحق لتسجيله و ال يمكن أن
377
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
يلحق به أي ضرر ،ألنه استند إلى ما هو مضمن بمندرجات الرسم العقاري وأن المصداقية
المعطاة لمؤسسة السجل العقاري تقتضي أن ال يفاجأ بوقائع وتصرفات خارج هذه
المندرجات ،وانه ليس هناك ما يستثني حالة
البطالن بسبب ثبوت التزوير في عقد وقع تقييده وأنه يبقى من حق الغير األجنبي عن
العقد المزور والمقيد عن حسن نية ،التمسك بمقتضيات الفصل 66من ظهير التحفيظ
العقاري والفصل 3من ظهير 2يونيو .1915ليظل دور المحكمة محصو ار في البحث في
حسن أو سوء نية الغير المقيد لترتيب آثار تقييده بالرسم العقاري .وهو اتجاه ينتصر
لمصداقية مؤسسة السجل العقاري.
هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع في مستجدات القانون العقاري في ضوء القانون رقم
( 08-39مدونة الحقوق العينية) ،حاول عالج اإلشكالية بسلوكه طريقا وسطا بين حماية
المالك الحقيقي الذي يمكن أن يكون ضحية تزوير أو تدليس وبين إعطاء نوع من االستقرار
لمؤسسة السجل العقاري حين أعطى اإلمكانية في المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية
رقم " 39-08لصاحب الحق الذي تضرر بسبب تدليس أو زور شريطة أن يرفع الدعوى
للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو
التشطيب عليه ".مع مالحظة أن هذا المقتضى ورد في مدونة الحقوق العينية بينما بقي
الفصل 66من ظهير التحفيظ العقاري ـ كما عدل وتمم بالقانون رقم 14-07ـ على إطالقه
في عدم إمكان التمسك بأسباب اإلبطال في مواجهة الغير حسن النية ،مع أن المنطق كان
يقتضي أن ذات التعديل يشمل أيضا الفصل 66باعتباره هو األصل ويخص حجية
التقييدات .وفي جميع األحوال فإن الحسم تشريعيا في إمكانية التمسك ببطالن التسجيل
للزور أو التدليس من طرف صاحب المصلحة داخل أجل أربع سنوات تحتسب من تاريخ
التقييد المطلوب إبطاله ،كفى القضاء عناء الخوض في مدى هذه اإلمكانية من عدمها
ليستند القاضي إلى النص في تقرير ذلك البطالن ،ولكن لنا أن نتساءل هل المشرع بتدخله
378
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
هذا لم يزعزع مصداقية مؤسسة السجل العقاري من خالل فترة األربع سنوات التي ال يكون
فيه المتعامل مع هذه المؤسسة بمنآى عن أية مفاجأة تنال من حجية التسجيل الذي ارتكز
عليه و التي بإمكانها أن تعصف بحقه ا لعيني في العقار ،وماذا عن المستثمر الذي اقتنى
العقار إلقامة مشاريعه ،فهل عليه أن ينتظر مرور أجل أربع سنوات لوضع حجر األساس
ألن تسجيل لمشتراه معلق على شرط فاسخ وهو عدم ظهور متضرر خالل هذه المدة التي
أعطى القانون فيها للمتضرر إمكان التمسك بإبطال التقييد للزور أو التدليس بغض النظر
عن حسن نية الغير المقيد لحقه العيني على العقار من عدمه ،وماذا عن الموثق الذي
يتولى تحرير العقد ،أال تقيده هذه المقتضيات ليحتفظ بالثمن إلى حين انتهاء أجل األربع
سنوات على غرار االحتفاظ بالثمن في البيع الرضائي لألصل التجاري إلى حين انتهاء أجل
التعرض المنصوص عليه في المادة 84من مدونة التجارة تحسبا لكل منازعة مستقبلية
مردها ما قد يحدث من طارئ خالل ذلك األجل الذي فتحه المشرع أمام كل ذي مصلحة
لتغيير مجريات األمور .يبقى كل ذلك وغيره تساؤالت مشروعة في ظل معادلة صعبة تسعى
للجمع بين إعطاء مؤسسة سجل عقاري حصانة ومناعة مطلقة حفاظا على استقرار
المعامالت وبين حماية المالك ـ الذي كان مقيدا في هذا السجل ومحتميا هو اآلخر به ـ من
ممارسات غير مشروعة تروم إخراجه منه دون موجب حق.
379
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تقديم
في إطار تعليقي على هـذا القـرار االسـتئنافي ،لسـت فـي حاجـة الـى الحـديث عـن ﺍلحجﺰ
ﺍلتحفظي كمـؤسسة قانونيـة ،التـي نظمتهـا جـل التشـريعات الحديثـة ،بمـن فيهـا المشـرع المغربــي
ضمن الفرع األول من الباب الرابع من قانون المسطرة المدنيـة (ق م م) ،المنـدرج تحـت القسـم
التاســع المتعلــق بطــرق التنفيــذ ،وذلــك تحديــدا مــن خــالل ﺍلفصــول 452ﺇلى 458مــن ق م م
وأيضا من خالل الفصل 91وما يليه من مدونة التحفيظ العقارية الـواردة ضـمن البـاب الثالـث
المتعلــق بالتشــطيب ،س ـواء مــن حيــث تحديــد كيفية ﻭشــروط ﺇجﺮﺍئه وآثــاره وشــروط إنهائــه ،إال
بالق ــدر ال ــذي يس ــمح بتفص ــيل المق ــال ح ــول ارتب ــاط ه ــذه المؤسس ــة بض ــبط ﺃمـ ـوال ش ــركة ذات
اء الجن ــائي ،ﻭمن ــع ﺍلتصﺮﻑ
مس ــؤولية مح ــدودة ،ﺍلمنقول ــة ﺍلماﺩية ﻭﺍلعقاﺭية م ــن ط ــرف ﺍلقض ﺀ
فيها في اطار المحافظة عليها كإجراء ﺍحتﺮﺍﺯي ،تمليه طبيعة المتابعة ضد مسيريها.
هذا وتتلخص وقائع هذه القضية موضوع هذا القرار باختصار ،في الدعوى التي تقـدمت
به ــا شــــركتي ....وهم ــا ش ــركتان ذات المس ــؤولية المح ــدودة ،عرض ــتا م ــن خالل ــه أن العق ــار
المكــون ألصــلها التجــاري ،أضــحى فــي إســم شــركة ....منــذ ســنة ،2010وأن هــذه االخي ـرة
الحظ ــت أن إح ــدى أجهـ ـزة الدول ــة س ــجلت حجـ ـ از تحفظي ــا بت ــاريخ 2012/01/13عل ــى ه ــذا
العقار ،ملتمسة التشطيب على هذا الحجز ،بعلة أن المسـير السـابق إلحـدى المـدعيتين الـذي
1
قرار منشور في هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة ،الصفحة .330
380
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كــان متابعــا فــي إطــار قضــية جنائيــة ،والــذي علــى أساســه تــم ايق ـاع الحجــز المــذكور ،لــم تعــد
تربطه بالشركة الجديدة أية عالقة ،فضال على استقالل أموال المالكة للعقـار كشـخص معنـوي
على أموال مسـيرها كشـخص طبيعـي معتبـرة فـي هـذا اإلطـار أن الحجـز المجـرى منصـبا علـى
ملك الغير يستوجب التشطيب عليه.
وإذا كانت محكمة الدرجة األولى من خالل حكمها الصـادر بتـاريخ 2017/07/18قـد
حاول ــت أن تن ــاقش القض ــية م ــن جانبه ــا الش ــكلي دون الخ ــوض ف ــي موض ــوع الطل ــب ،حينم ــا
اعتبرت من جهة أن المدعية األولى لم تدل بنظامها األساسي حتـى يتسـنى لقاضـي الموضـوع
بســط رقابتــه علــى هويــة المســير ومــدة التســيير وعلــى األمـوال المكونــة لرســمال الشــركة لترتيــب
أثر عدم القبول ،من منطلق ان ادعاء كون العقار محل الحجز من مكونـات األصـل التجـاري
للشركة السالفة الذكر وكون المحجوز عليه بمقتضى المسطرة الجنحية مسير سابق لهـا مفتقـ ار
لإلثبات؛ ثم من جهـة أخـرى حينمـا اعتبـرت أن الحجـز المطلـوب التشـطيب عليـه قـد تـم بنـاء
على أمر قاضي التحقيق بمراكش في اطار انابـة قضـائية دوليـة مـن قاضـي التحقيـق بمحكمـة
االس ــتئناف ب ــاكس اون برف ــونس وأن التش ــطيب علي ــه م ــن من ــدرجات الرس ــم العق ــاري يقتض ــي
االدالء بمآل المسطرة الجنحية علـى نحـو قطعـي متمسـكة فـي هـذا االطـار بمقتضـيات الفصـل
91م ــن ق ــانون التحف ــيظ العق ــاري لترتي ــب نف ــس األث ــر وه ــو ع ــدم قب ــول الطل ــب ،ف ــإن محكم ــة
االستئناف بمراكش وبموجب قرارها الصادر بتـاريخ 2018/10/25وان كانـت قـد رتبـت نفـس
نتيجة الحكم االبتدائي بتصريحها بتأييد الحكم المستأنف ،فإنها ناقشت القضـية فـي شـكلها أوال
ثــم فــي صــلبها ثانيــا بمقتضــى تعليــل ال يتج ـ أز عــن بعضــه الــبعض ،حينمــا اعتبــرت أن العقــار
موضــوع الحجــز التحفظــي والمطلــوب التشــطيب عليــه هــو فــي اســم المســتأنفة األولــى ...وان
كــل حــق عينــي متعلــق بعقــار محفــظ غيــر موجــود بالنســبة للغيــر اال بتقييــده وابتــداء مــن يــوم
التقييــد فــي الرســم العقــاري لــتخلص الــى كــون ادعــاء المســتأنفة الثانيــة شــركة ...علــى العقــار
المذكور ال أثر له ما دام لم يقيد بالرسم العقاري المذكور ،معتبرة في هـذا االطـار أن المسـمى
381
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
...كــان مســي ار للمســتأنف األولــى وهــي المســؤولة بســبب أعمالــه اإلداريــة التــي نــتج عنهــا تقييــد
الحجــز التحفظــي علــى عقارهــا ،وهــي النقطــة المفصــلية التــي أتاحــت لمحكمــة الدرجــة األولــى
البحث عـن علـة وسـبب موضـوعي وحقيقـي إليقـاع الحجـز المـذكور ،ثـم عـادت مـرة أخـرى فـي
صــلب تعليلهــا الــى مناقشــة القضــية مــن الجانــب الشــكلي ،حينمــا اعتبــرت ان المســتأنف الثانيــة
وان كانت هي المالكة لألصل التجاري ال يمكن لها التمسك بكل عقد يتعلق بأصل تجـاري أو
بأحد عناصره في مواجهة الطرف الحاجز الذي أوقع حج از تحفظيـا علـى ذلـك األصـل أو أحـد
عناصـره ممــا يتعلــق بموضــوع هــذا العقــد وذلــك تأسيســا علــى المــادة 454مــن ق م م لــتخلص
فـ ــي األخيـ ــر انسـ ــجاما مـ ــع األثـ ــر الـ ــذي رتبتـ ــه علـ ــى الطعـ ــن باالسـ ــتئناف المقـ ــدم مـ ــن طـ ــرف
المستأنفين معا إلى أن الحجز التحفظي هـو إجـ ارء احتـرازي مؤقـت يمنـع المـدين مـن االضـرار
بالدائن وأن التشطيب عليه من الرسم العقاري يقتضي تحقق الغرض الذي أنشا من أجله.
382
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
التشطيب عليه متباين ،لكنها لم تفعل ،مع استحضار أن العمل القضائي واضح ومستقر في
هذا الباب.1
كمــا كــان فــي إمكانهــا أيضــا التمســك فــي معــرض تعليلهــا لمــا قضــت بــه ،بانعــدام الصــفة
علــى اعتبــار أن شــركة ....نصــبت نفســها كصــاحبة حــق وصــفة ف ـي طلــب التشــطيب علــى
الحجــز التحفظــي ،الواقــع علــى العقــار موضــوع الرســم العقــاري المــذكور مــن منطلــق خــاطئ
ومغلوط ،وهـو أن هـذا العقـار المكـون لألصـل التجـاري ،أصـبح فـي اسـمها منـذ سـنة ،2010
متحججــة فــي هــذا االطــار بمــا أســمته بعقــد تفويــت حصــص المســاهمة أبرمتــه مــع شــركة ،...
والحــال أن تحججهــا بوجــود عقــد التفويــت الســالف الــذكر الواقــع علــى العقــار المحفــظ موضــوع
الطلــب ،لــيس لــه أدنــى أثــر فــي مواجهــة الغيــر ،مــا دام لــم يــتم تســجيله وتقييــده بالرســم العقــاري
بالمحافظة العقارية حين إجراء الحجز محل الدعوى الحالية ،بدليل مـا نـص عليـه الفصـل 66
من مدونة التحفيظ العقاري ،والذي ورد فيه ما يلي:
"كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال بتقييده ،وابتداء
من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على األمالك العقارية".
"إن األفعال اإلرادية واالتفاقات التعاقدية ،الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى
الغير أو اإلقرار به أو تغييره أو إسقاطه ،ال تنتج أي أثر ولو بين األطراف إال من تاريخ
التقييد بالرسم العقاري ،دون اإلضرار بما لألطراف من حقوق في مواجهة بعضهم البعض
وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم".
1
يمكن أن نستشهد في هذا االطار بالقرار عدد 2993الصادر عن المجــلس األعلى (محكمة النقض حاليا) بتاريخ 2006/10/11في الملف
المدني رقم 2005/3/1/3665والذي اعتبر أن توجيه الدعوى بمقال واحد من شخصين ال يجمعهما سند مشترك يشكل مخالفة لمقتضيات الفصل
14من قانون المسطرة المدنية ،وكذا القرار عدد 8/175الصادر بتاريخ 2014/04/22عن ذات الجهة القضائية في الملف المدني رقم
2013/18/2973وحكم حديث صادر عن المحكمة االدارية بالرباط تحت عدد 2891بتاريخ 2016/08/03في الملف اإلداري رقم
.2016/7101/2976
383
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وفي هذا االطار كانت ستتمسـك بـدليل فـي غايـة األهميـة ،وهـو أن العقـار المـذكور كـان
وقت تاريخ ايقاع الحجز التحفظي الذي هو ،2012/01/13في إسم "شركة "...وليس فـي
اسم "شركة ،"...كما تشهد على ذلك رسالة المحافظ على االمالك العقارية بمراكش الموجهـة
الــى الضــابطة القضــائية بواليــة االمــن بم ـراكش –وذلــك فــي اطــار المتابعــة القضــائية الجنائيــة
التي طالت مسير الشركة األولى ،وكذا شهادة الملكية العقارية المؤرخة في .2012/08/07
كما كان بإمكانها ،أن تالحظ أن الطلب غير مرتكز على أسـ ـ ــاس واقعي أو قـانوني منـذ
الوهل ــة األولـ ـى ،ب ــدليل أن ش ــركة "شــــركة "...أدل ــت ت ــدعيما لطلبه ــا ال ــذي ت ــروم م ــن خالل ــه
التشــطيب علــى الحجــز التحفظــي الواقــع علــى العقــار موضــوع الن ـزاع ،بمــا أســمته بعقــد تفويــت
جميـ ــع حصـ ــص المسـ ــاهمة أبرمتـ ــه مـ ــع شــــركة ،...منعيـ ــة عليهـ ــا أن إقـ ــدامها علـ ــى إج ـ ـراء
التصــرف المــذكور مــع شــركة ....عــن طريــق إبـ ارم عقــد تفويــت جميــع حصــص المســاهمة بمــا
فيها العقار موضوع النزاع ،والحال أن الحجز التحفظي كان قائما ومنتجـا لكافـة آثـاره القانونيـة
بمفهوم الفصلين 66و 67من مدونة التحفيظ العقاري السالفي الذكر ،األمر الـذي يجعـل هـذا
التصرف هو والعدم سواء ،استنادا إلـى مقتضـيات الفصـل 453مـن ق م م ،التـي ترتـب علـى
الحجز التحفظي وضع يـد القضـاء علـى العقـارات والمنقـوالت موضـوع الحجـز ومنـع المحجـوز
عليه من التصرف فيها بأي نـوع مـن أنـواع التصـرف تحـت طائلـة الـبطالن ،وكـذا المـادة 454
مــن نفــس القــانون التــي نصــت علــى أنــه" :ال يمكــن التمســك بكــل عقــد يتعلــق بأصــل تجــاري أو
بأحد عناصره في مواجهة الدائن الذي أوقع حجـ از تحفظيـا علـى ذلـك االصـل أو أحـد عناصـره
مما يتعلق بموضوع العقد المشار اليه" ،وهو المنحى األخير الذي سـلكته عـن صـواب محكمـة
الدرجــة الثانيــة ،دون أن تلتفــت الــى وســيلة االســتئناف المتعلقــة بعــدم ارتكــاز الحكــم االبتــدائي
علــى اســاس قــانوني ســليم وانعــدام التعليــل ،والتــي نعــى مــن خاللــه الطرفــان أن شـــركة ""...
أصــبحت هــي المالكــة الوحيــدة لجميــع عناصــر االصــل التجــاري لشــركة ...منــذ ســنة ،2010
اي قبــل اج ـراء اي تحقيــق او توجيــه اي اتهــام المســمى ،...الــذي كــان حســب زعمهــا ،مجــرد
384
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مســير للشــركة ولــيس مالكــا لهــا وال مسـاهما وال شـريكا فيهــا ،متحججــة فــي هــذا االطــار بأحكــام
المادة 63من القانون رقم 5.96المتعلق بالشركات ذات المسؤولية المحدودة ،للقول بأنـه ال
يمكن مساءلة الشركة عن أخطاء مسيرها ومعتبرة في هذا اإلطار أنهـا تعتبـر مـن األغيـار فـي
ملف الحجز التحفظي الواقع على عقارها ،من منطلق أن هذا العقار المكون لألصل التجـاري
أصــبح فــي ملكهــا منــذ الســنة المــذكورة أعــاله ،اســتنادا الــى مــا أســمته بعقــد تفويــت حصــص
المســاهمة أبرمتــه مــع شــركة ...؛ والحــال أنــه وخالفــا لمــا تــتحجج بــه هــذه الشــركة مــن أنهــا
ص ــاحبة ح ــق وص ــفة ف ــي طل ــب التش ــطيب عل ــى الحج ــز التحفظ ــي الم ــذكور ال يرتك ــز عل ــى
أساس ،ألن تحججهـا بوجـود عقـد التفويـت السـالف الـذكر الواقـع علـى العقـار المحفـظ موضـوع
الطلب ،ليس له أدنى أثر في مواجهة الغير بمن فيهم الطـرف الحـاجز ،مـا دام لـم يـتم تسـجيل
هذا العقد وتقييده بالرسم العقاري بالمحافظة العقاريـة قبـل إجـراء الحجـز التحفظـي علـى العقـار
موضوع هذا الرسم ،بدليل مـا نـص عليـه الفصـل 66السـالف الـذكر ،مـع استحضـار أن إقـدام
طالب ــة رف ــع الحج ــز عل ــى إجـ ـراء التص ــرف الم ــذكور م ــع شـــركة .....ع ــن طري ــق إبـ ـرام عق ــد
التفويــت وبيــع جميــع حصــص المســاهمة بمــا فيهــا العقــار موضــوع الن ـزاع فــي ظــل وجــود قيــد
الحجــز التحفظــي علــى هــذا العقــار يجعــل هــذا التصــرف بــاطال وعــديم االثــر ،مــا دام أن واقــع
الحــال يثبــت بمــا ال مجــال فيــه للريــب أن الــدافع الــى هــذا التصــرف كــان هــو االضـرار بحقــوق
الغير ليس إال.
والكــل مــع مالحظــة أنــه ال يوجــد فــي ثنايــا الــنص المحــتج بــه مــا يــوحي بــذلك س ـواء مــن
قبيل المنطوق او المفهوم بانه ال يمكن مساءلة الشركة عن أخطاء مسيرها ،بـدليل مـا ورد فـي
المادة 63من القانون رقم 5.96السالف الذكر الذي نص بالحرف على ما يلي:
"في إطار العالقات بين الشركاء ،تحدد ساعات المسيرين طبقا للنظام األساسي ،وعند
سكوته يمكن ألي شريك أن يقوم بأي عمل تسيير فيه مصلحة الشركة.
385
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بل إن المسير يسـأل عـن األخطـاء المرتكبـة فـي التسـيير ،بصـريح مـا نصـت عليـه الفقـرة
األولى من المادة 67من نفس القانون حيث ورد فيه ما يلي:
"يسأل المسيرون فرادى أو متضامنين ،حسب األحوال ،تجاه الشركة أو تجاه األغيار
عن مخالفتهم لألحكام القانونية المطبقة على الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو
عن خرق أحكام النظام األساسي أو عن األخطاء المرتكبة في التسيير.
إذا ساهم عدة مسيرين في نفس األفعال ،فإن المحكمة تحدد النسبة التي يتحملها كل
واحد منهم في التعويض عن الضرر.
فضال عن دعوى المطالبة بتعويض الضرر الشخصي ،يمكن للشركاء فرادى أو
جماعة أن يمارسوا دعوى الشركة في المسؤولية ضد المسيرين .ويجوز للمدعين متابعة
386
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المطالبة بالتعويض عن الضرر الكامل الالحق بالشركة التي يمنح لها التعويض عند
االقتضاء.
ألجل ذلك ،يجوز للشركاء الممثلين لربع رأس المال ،أن يكلفوا لمصلحتهم المشتركة
وعلى نفقتهم ،واحدا أو بعضا منهم بتمثيلهم لدعم دعوى الشركة الموجهة ضد المسيرين
سواء من حيث المطالبة أو من حيث الدفاع وال يكون النسحاب شريك أو عدة شركاء
خالل الدعوى ،إما لكونهم فقدوا صفة شركاء أو ألنهم تخلوا بمحض إرادتهم ،أي أثر
على سير الدعوى المذكورة.
عند إقامة دعوى الشركة الشروط المنصوص عليها في هذه المادة ،ال يمكن للمحكمة
أن تبت فيها إال إذا تم إدخال الشركة في الدعوى بشكل صحيح في شخص ممثليها
القانونيين.
يعتبر كأن لم يكن ،كل شرط وارد في النظام األساسي يكون هدفه إخضاع ممارسة
دعوى الشركة إلى رأي مسبق أو ترخيص من الجمعية العامة أو يتضمن تنازال مسبقا
عن ممارسة هاته الدعوى.
ال يمكن أن يترتب على أي قرار للجمعية العامة للشركاء سقوط دعوى المسؤولية ضد
المسيرين لخطإ ارتكبوه أثناء ممارسة مهامهم".
والكــل أيضــا مــع استحضــار ،أن عمليــة الحجــز التــي تمــت بنــاء علــى قـرار الســيد قاضــي
التحقي ــق بمـ ـراكش ،ق ــد ج ــرت عل ــى جمي ــع أمـ ـوال ش ــركة " "...كله ــا ،دون تميي ــز ب ــين مس ــيرها
وشـركائها أو أصــولها وفروعهـا ،والمتورطــة فـي إجـراء عمليـات مشــبوهة ،وهـو مــا تؤكـده وثــائق
القضية الموجودة بالملف.
والخالصة هي أن محكمة الدرجة الثانية وهي تنظر فـي الطعـن باالسـتئناف المقـدم ضـد
الحكم المسـتأنف ظلـت وفيـة ألسـباب االسـتئناف المثـارة أمامهـا والسـيما السـبب المتعلـق بخـرق
مقتضيات الفصل 454من ق م م ،من منطلق أن الحجز التحفظي له طـابع وقتـي وال يمكـن
387
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أن يســتمر فــي غيــاب أي اثبــات علــى وجــود متابعــة أو أي اتهــام أو حكــم فــي مواجهــة شــركة
،...حينمــا اعتبــرت بموجــب قرارهــا أن العقــار موضــوع الحجــز التحفظــي والمطلــوب التشــطيب
عليـه هـو فـي اسـم المســتأنفة األولـى ...وان كـل حـق عينـي متعلــق بعقـار محفـظ غيـر موجــود
بالنسبة للغيـر اال بتقييـده وابتـداء مـن يـوم التقييـد فـي الرسـم العقـاري وهـي النقطـة الشـكلية التـي
خولـت لهــا اســتخالص األثــر القــانوني فــي منطــوق قرارهــا لــتخلص إلــى كــون ادعــاء المســتأنفة
الثانية شركة ....على العقار المذكور ال أثر له ما دام لم يقيد بالرسم العقـاري المـذكور ،قبـل
أن تقحــم بعــد ذلــك نقطــة مفصــلية فــي الموضــوع وهــو أن المســمى ...كــان مســي ار للمســتأنف
األولــى وهــي المســؤولة بســبب أعمالــه اإلداريــة التــي نــتج عنهــا تقييــد الحجــز التحفظــي علــى
عقارهــا ،وكأنهــا تعتبــر أن الحجــز التحفظــي الجــاري علــى العقــار موضــوع الن ـزاع ،يجــد اساســه
القــانوني بنــاء علــى ق ـرار قاضــي التحقيــق لــدى محكمــة االســتئناف بم ـراكش فــي إطــار االنابــة
القضــائية مــن القضــاء الفرنســي فــي إطــار المتابعــة الجنائيــة الجاريــة ضــد شــركة ....ومســيرها
بس ــبب اتهامهم ــا ب ــإجراء مع ــامالت مش ــبوهة يعاق ــب عليه ــا الق ــانون الجن ــائي الفرنس ــي ،وه ــي
المتابعة التي أسفرت عن اجراء التحقيـق االعـدادي باالسـتماع الـى بعـض الشـهود فـي القضـية
ومــا صــاحب ذلــك مــن اجـراءات تحفظيــة وحجــوزات علــى امـوال وأصــول الشــركة المتابعــة مــع
مسيرها على ذمة التحقيق في انتظار ما ستسفر عليه هذه المتابعة القضائية.
وكــان بإمكانهــا أن تصــرح بــذلك فــي اطــار صــياغة تعليلهــا لمــا ذهبــت اليــه فــي قرارهــا
المذكور دونما حاجة الى ان تعود مرة أخرى في صلب هذا التعليـل الـى مناقشـة القضـية مـن
الجانب الشـكلي ،حينمـا اعتبـرت ان المسـتأنف الثانيـة وان كانـت هـي المالكـة لألصـل التجـاري
ال يمكــن لهــا التمســك بكــل عقــد يتعلــق بأصــل تجــاري أو بأحــد عناص ـره فــي مواجهــة الطــرف
الحاجز الذي أوقع حج از تحفظيا على ذلـك األصـل أو أحـد عناصـره ممـا يتعلـق بموضـوع هـذا
العقد وذلك تأسيسا على المادة 454مـن ق م م وتمهـد لـذلك فـي مسـتهل تعليلهـا انسـجاما مـع
األثــر الــذي رتبتــه علــى الطعــن باالســتئناف المقــدم أمامهــا إلــى أن الحجــز التحفظــي هــو فعــال
388
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إجراء احترازي مؤقت يمنع المدين من االضرار بالدائن وأن التشطيب عليه من الرسم العقاري
يقتضــي تحقــق الغــرض الــذي أنشــا مــن أجلــه وتؤســس لب ارعــة االســتهالل بمقتضــيات الفصــل
453مــن ق م م ،التــي علــى ضــوئها يترتــب علــى الحجــز التحفظــي وضــع يــد القضــاء علــى
العقــارات والمنق ـوالت موضــوع الحجــز ومنــع المحجــوز عليــه مــن التصــرف فيهــا بــأي نــوع مــن
أن ـواع التصــرف تحــت طائلــة الــبطالن ،للقــول فــي األخيــر بــأن إج ـراء الحجــز التحفظــي علــى
العقــار موضــوع الن ـزاع مطابقــا للقــانون وقائمــا لحــد الســاعة الرتباطــه الوثيــق بالــدعوى الجنائيــة
المقامة من طرف القضاء الفرنسي ،في انتظار ما ستسفر عنه المتابعة القضائية الجاريـة فـي
حق شركة ...ومسيرها.
389
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ال جدال في أن العقار الخاضع لمسطرة التحفيظ العقاري قابل للتداول ،وألن ينتقل من
شخص إلى آخر بجميع أنواع التفويت كانت بعوض أو بغير عوض ،إال أن شبح قاعدة
التطهير سيظل يتهدد صاحب الحق المفوت حتى في مواجهة طالب التحفيظ نفسه الذي
انتقل له منه الحق إليه ـ ـ كال ،أوجزءا في حالة تعدد طالبي التحفيظ ـ ـ إن لم يبادر إلى إشهار
ذلك الحق خالل جريان مسطرة التحفيظ وقبل تأسيس الرسم العقاري في اسم الطرف طالب
التحفيظ المفوت ،وهو اإلشهار الذي يتم إما عن طريق ممارسة مسطرة التعرض كدعوى
استحقاقية في مواجهة طالب التحفيظ الذي ال يسلم بحق المتعرض ،أما في حالة تسليم
المفوت بالحق المفوت ،فللمفوت إليه الخيار بين سلوك مسطرة الخالصة اإلصالحية عمال
بالفصل 83من ظهير التحفيظ العقاري لتواصل مسطرة التحفيظ في اسمه ،أو سلوك مسطرة
اإليداع المنصوص عليها في الفصل 84بعده من نفس القانون.
فالمودع في إطار الفصل 84المذكور ـ وهو الذي يهم موضوع التعليق ـ ـ يروم
حفظ رتبته في التقييد لحظة تأسيس الرسم العقاري ،وهــو غير التقييد االحتياطي الذي مجاله
العقار المحفظ طبقا للفصل 85من نفس القانون الذي جاء فيه بأنه " يمكن لمن يدعي حقا
في عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا قصد االحتفاظ المؤقت بهذا الحق" ،والمودع ال
يكتسب صفة طالب التحفيظ وإن كان خلفا خاصا لهذا األخير ،كما ال يكتسب صفة
1
قرار منشور في هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة ،الصفحة .302
390
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
متعرض ،ويبقى بالتا لي طرفا أجنبيا عن نزاع التحفيظ القائم بين طالب التحفيظ والمتعرض،
وتدخله في الدعوى إذا ما اكتسى طابعا هجوميا بأن قام هو اآلخر يطالب بحقه المستقل
يكون غير مقبول ،أما إذا اكتسى طابعا دفاعيا بأن كان انضماميا فقط لتدعيم مزاعم من
فوت له الحق فيكون مقبوال ،وفي جميع األحوال يظل المودع طرفا أجنبيا عن نزاع التحفيظ
وال صفة له في تقديم الطعن في األحكام الصادرة بين طالب التحفيظ والمتعرض .وهو ما
سار عليه عمل محكمة النقض ( المجلس األعلى سابقا) نذكر من ذلك مثال القرار رقم
الذي جاء فيه 1392بتاريخ 2005/05/11في الملف المدني عدد 2003/1/1/936
بأن "الطاعن ليس طالبا للتحفيظ وال متعرضا وإنما اقتصر على إيداع عقد شرائه من طالبة
التحفيظ بالمحافظة العقارية في نطاق الفصل 84من ظهير التحفيظ العقاري الذي ينص
على أنه إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع لإلشهار أمكن لصاحبه من أجل
ترتيبه في التسجيل والتمسك بالحق المذكور في مواجهة الغير أن يودع بالمحافظة العقارية
الوثائق الالزمة لتسجيل وتقييد هذا اإليداع ،ويسجل هذا الحق بالرتبة التي عينت له بالتقييد
السابق وذلك في يوم التحفيظ ، ".وأنه باعتبار المركز القانوني الذي أعطاه المشرع في ظل
قانون التحفيظ العقاري قبل تغييره وتعديله بمقتضى القانون 14/07فإنه لم يكن للمحكمة
أيضا أن تنظر في مدى صحة التعرض في مواجهة اإليداع أو العكس ،ألن اختصاصها
طبقا للفصل 37من ظهير التحفيظ العقاري قاصر على البت في صحة التعرض من عدمه
في مواجهة مطلب التحفيظ ،أي محصو ار في النزاع القائم بين المتعرض وطالب التحفيظ ال
غير.
لكن ما هي وضعية المودع في ظل مستجدات قانون التحفيظ على ضوء قانون
14/07وما مدى تأثير التعرض على اإليداع على مسطرة التحفيظ؟
بعد أن نص الفصل 24من ظهير التحفيظ العقاري على أنه " يمكن لكل شخص
يدعي حقا ع لى عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ.
في حالة المنازعة في وجود حق الملكية أو في مداه ،وفي حالة االدعاء باستحقاق حق عيني
391
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع إنشاؤه ".جاء في الفقرة األخيرة منه ليضيف جديدا
حين نص على " حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن عنه طبقا للفصل 84من هذا
القانون "،أي منازعة المودع فيما قام به من إيداع ،وهي إضافة جاءت لتحل إشكاليات عديدة
منها مثال إشكالية اإليداعات الالحقة لإليداع األول إذا ما تعلقت بنفس الحق ،حيث كانت
القاعدة على مستوى المحافظة العقارية هي أن " إيداع على إيداع ال يجوز " في حالة
التنافي ،وإن كان اإليداع عمليا ال يعطي أولوية لصاحب اإليداع األسبق على غرار التقييد
االحتياطي في العقار المحفظ ،ألن العقار في طور التحفيظ يخضع ألحكام الفقه اإلسالمي
والتي ترجح العقد األقدم تاريخا وترتب األثر االنتقالي للحق من صاحبه إلى المودع على
التصرف األسبق وإن جاء إيداعه في تاريخ الحق ،كما أن المقتضيات الجديدة أصبحت
تخول الشريك في الشياع ممارسة حق الشفعة في مواجهة المشتري المودع رأسا بدل انتظار
انتهاء مسطرة التحفيظ ،وذلك بالتعرض على ما قام به من إيداع لشرائه الستشفاع الشقص
المبيع ،هذا وتجدر اإلشارة إلى أن التعرض على اإليداع يختلف عن التعرض على مطلب
التحفيظ ال من حيث أطرافه وال من حيث موضوعه ،فالتعرض على مطلب التحفيظ له
مسطرته الخاصة حيث يعتبر طالب التحفيظ طرفا مدعى عليه ،وال تكون المحكمة ملزمة
بمناقشة حججه ،إال إذا دعم المتعرض تعرضه بحجة معتبرة أو كان حائزا ،أما دعوى
التعرض على اإليداع فهي دعوى استحقاقية عادية للمطالبة بالحق المودع تنظرها المحكمة
االبتدائية دون إخضاعها للنظام المعمول به للبت في نزاعات التحفيظ في دعوى المتعرض
في مواجهة طالب التحفيظ.
لكن ماهو تأثير التعرض على اإليداع على مسطرة التحفيظ العقاري وما يستبعها
من إقامة الرسم العقاري في اسم طالب التحفيظ؟
ال ريب أنه إذا كان حق المودع منصبا على كامل العقار موضوع مطلب التحفيظ،
فإنه ال يمكن تحويل الرسم العقاري في اسم المودع ولو انتهت المسطرة واتضح للمحافظ
ع لى األمالك العقارية صحة وسالمة حجج طالب التحفيظ ،إال بعد البت في التعرض على
392
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اإليداع بحكم نهائي بات ،أما إذا كان العقد المودع يشمل جزءا فقط من العقار موضوع
مطلب التحفيظ ،فإن النزاع يبقى قاص ار على الجزء موضوع اإليداع وما تم من تعرض عليه
وال يؤثر على االستمرار في مسطرة التحفيظ وإقامة رسم عقاري في اسم طالب التحفيظ
بالنسبة للجزء المتبقى ،ألنه مادام الحق موضوع اإليداع ليس محل نزاع من طرف طالب
التحفيظ فإنه أيا كانت نتيجة التعرض على اإليداع فهي ال تؤثر على المركز القانوني لطالب
التحفيظ بالنسبة للجزء المتبقى غير المشمول بالعقد المودع ،وقد كان لمحكمة النقض فرصة
مناقشة ومعالجة إشكاال من هذا القبيل بمناسبة الطعن في قرار المحافظ على األمالك
العقارية الذي رفض بموجبه اتخاذ المتعين بشأن مطلب تحفيظ أحيل عليه بعد انتهاء
المسطرة القضائية وصدور حكم نهائي يقضي بعدم صحة التعرض المقام على مطلب
التحفيظ مؤسسا ق ارره المذكور على مقتضيات الفصل 30من ظهير التحفيظ العقاري ،والذي
يظهر أنه لم يأخذ فيه بعين االعتبار أن طالب التحفيظ يروم إقامة رسم عقاري في شق
مطلب التحفيظ الذي ال عالقة له بالحق المودع المتعرض عليه ،وذلك بمقتضى قرارها رقم
بتاريخ 2016/11/01في الملف عدد 2015/8/1/7163الذي جاء في تعليله بأن
''التعرض المشار إليه في الفصل 30من ظهير 1913-08-12المتعلق بالتحفيظ العقاري
والذي يمنع المحافظ من اتخاذ قرار بالتحفيظ إال بعد استنفاذ جميع طرق الطعن بشأنه يهم
فقط الحالتين األولى والثانية من الفصل 24من نفس القانون واللتان تتعلقان بحالة المنازعة
في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار ،وبحالة
االدعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه ،ألنهما وحدهما
تمسان حقوق الملكية التي يدعيها طالب التحفيظ ،أما حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن
عنه طبقا للفصل 84من هذا القانون ،فال تأثير لها على هذا الحق وتهم فقط العالقة بين
المودع والمتعرض على اإليداع ،وألن ما قد يصدر بشأنها من ق اررات قضائية يمكن تقييده
بالرسم العقاري بعد إنشائه''.
393
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبرجوعنا إلى القرار موضوع التعليق نجد أنه عالج وضعية المودع في ظل قانون
التحفيظ العقاري قبل تعديله بموجب القانون 14-07الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ
2011/11/24فاعتبر أن اإليداع في إطار الفصل 84من نفس القانون إنما يكون من
أجل ترتيب الحق والتمسك به إذا ما انتهت المسطرة لصالح طالب التحفيظ ،وبالتالي ال
يعطي المودع صفة طرف في نزاع التحفيظ وال يخول له حق التدخل فيه ليطالب بحق له في
عقار المطلب بوصفه خلفا لطالب التحفيظ .ولذلك فإن محكمة الموضوع عندما قبلت تدخل
المودع في الدعوى ،وتعاملت مع طعنه باالستئناف كطرف أصيل فيها كان قرارها خارقا
لمقتضيات الفصول 37و 83و 84من ظهير التحفيظ العقاري مما عرضه بالتالي للنقض
واإلبطال.
لكن أية حماية ستكون للمودع سيما وأن الواقع العملي أثبت تراخي طالب التحفيظ في
مواصلة المسطرة وتتبع أطوارها بعد تفويته العقار للمودع وباألحرى ورثته من بعده بعدما
أصبح العقار خارج متروكه ،فالمقتضيات الجديدة لم تعالج االيداع بالشكل المنتظر ،بل وأنها
ولدت معطلة إذا ما اعتبرنا أن أجل التعرض هو شهرين فقط يبتدئ من يوم نشر اإلعالن
عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية كما جاء في مستهل الفصل 24من ظهير التحفيظ
العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ،14/07بل وأنه حتى مع قبول التعرض بعد
األجل المذكور بصفة استثنائية من طرف المحافظ على األمالك العقارية عمال بالفصل 29
من نفس القانون بعده ،فإن هذه اإلمكانية ال تصبح متاحة له بعد إحالته للملف على
المحكمة حيث يصبح باب التعرض موصدا بصفة تهائية ،والحال أن إمكانية اإليداع تبدأ مع
فتح مطلب التحفيظ وال تنتهي إال بإنشاء الرسم العقاري ،ولعل خير مثال على ذلك هو
وضعية الشريك على الشياع في عقار في طور التحفيظ ومدى إمكانية ممارسته لحق الشفعة
الستشفاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت إليه بموجب عقد بيع تم إبداعه الحقا
على انصرام أجل الشهرين من تاريخ النشر حيث يظل تحت رحمة المحافظ لقبول تعرضه
في إطار األجل االستثنائي بل وأكثر من ذلك فإنه إذا ما حصل وأن أحيل ملف المطلب
394
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
على القضاء فإن صالحية المحافظ في قبول التعرض تكون قد انتهت ،وسد معها بالتالي
باب التعرض بصفة نهائية ،ويبقى التساؤل ـ والحالة ما ذكر حول كيفية تفعيل مقتضيات
المادة 305من مدونة الحقوق العينية التي نصت على أنه" إذا كان العقار في طور التحفيظ
فال يعتد بطلب الشفعة إال إذا ضمن الشفيع تعرضه بمطلب التحفيظ المتعلق به" ليكون
الجواب هو أن الشريك ال شفعة له في البيوعات المنصبة على عقار في طور التحفيظ
المودعة بعد إحالة ملف مطلب التحفيظ على المحكمة للنظر في التعرضات المقامة ضده.
وهي نتيجة تغني عن كل تعليق إن لم نقل أنها تجعلنا أمام وضع شاد ،وبالتالي ألم يكن
حريا أن تكون بداية سريان أجل التعرض على اإليداع ابتداء من تاريخ اإليداع المتعرض
عليه وليس من تاريخ النشر تمشيا مع قاعدة أن سريان األجل بالنسبة للحقوق ال يكون إال
من يوم اكتسابها ،هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن وضعية المودع كخلف خاص لطالب
التحفيظ تجرنا إلى إثارة وضعية الورثة كخلف عام لطالب التحفيظ وكيف تعامل معها العمل
القضائي ،ذلك أنه في بداية األمر كانت محاكم الموضوع في حالة وفاة طالب التحفيظ تأمر
بإرجاع الملف إلى المحافظ ليجعل المطلب موافقا لحالته الراهنة ،لتواصل بعدها النظر في
القضية ،ثم بعدها تم التخلي عن هذا التوجه فاعتبر أال موجب لهذا اإلرجاع وإنما يتعين
البت في الملف على الحالة ،معلال ذلك بأنه "إذا أحيل الملف من طرف المحافظ على
المحكمة وجب عليها أن تستمر في اإلجراءات لتصدر حكمها بصحة التعرض أو عدم
صحته ،وال يجوز لها أن تأمر بإرجاع الملف إلى المحافظ للقيام باإلجراءات الالزمة لتدخل
ورثة الهالك ،إذ في إمكان هؤالء ،بعد البت في التعرض،أن يقدموا أمام المحافظ مطلبا
بتصحيح الحالة الناشئة عن وفاة طالب التحفيظ ( قرار المجلس األعلى رقم 545ملف
مدني 50843بتاريخ 1976/09/29مجلة المحاماة عدد 19ص )157ثم عاد المجلس
األعلى ليعتبر أن األهلية من شروط صحة الدعوى ،وأن الطعن كالدعوى ال يكون من ميت
أو عليه ،وأصبح لورثة الهالك سواء كان طالب تحفيظ أو متعرض إمكانية مواصلة الدعوى
والظهور فيها طرفا رئيسيا بل وأن الطعن يجب أن يمارس من طرفهم هم ويكون غير مقبول
395
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إذا أقيم باسم موروثهم المتوفى ،وإذا كان العمل القضائي قد عالج وضعية الخلف العام
وتخطى جدار القاعدة التي تحصر طرفي النزاع فيمن ظه ار كطرفين رئيسيين خالل المرحلة
اإلدارية أمام المحافظ وهما طالب التحفيظ والمتعرض ،فإن التساؤل يبقى مطروحا لما ال
يستفيد الخلف الخاص من وضعية مشابهة سيما وأن النظر في النزاع ال يخرج عن إطار
الفصل 37من ظهير التحفيظ العقاري الذي هو البت في وجود الحق المدعى فيه من قبل
الطرف المتعرض وطبيعته ومشتمالته ونطاقه ،وأن الصفة والمصلحة إنما تصبحان في
الواقع لمن انتقل إليه الحق ،تلك بإيجاز بعض النقط التي تثيرها وضعية المودع في ظل
النص القانوني وعلى ضوء تفسير العمل القضائي لهذا النص.
396
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القرار موضوع التعليق أثار نقطة جوهرية تخص موضوع اإلرث في الشق المتعلق
بمانع من موانع اإلرث الذي هو القتل ،وهو موضوع له أهميته لتعلقه بالنظام العام باعتبار
أن اإلرث فرض من فرائض هللا تعالى ،وجعله وصية من وصاياه إلى عباده وأمانة في
أعناقهم ،قال تعالى في سورة النساء " يوصيكم هللا في أوالدكم ..إلى قوله عز وجل ...وصية
من هللا ،وهللا عليم حليم ،تلك حدود هللا ،ومن يطع هللا ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها
األنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ،ومن يعص هللا ورسوله ويتعدى حدوده ندخله نا ار
خالدا فيها وله عذاب مهين'' .2وروي عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن '' من قطع
ميراثا فرضه هللا قطع هللا ميراثه من الجنة'' ،3وارتباطا بالنقطة القانونية التي أثارها القرار
موضوع التعليق سنقف عند أحد موانع اإلرث الذي هو القتل العمد ،مع اإلشارة إلى أن موانع
اإلرث اختزلها الفقهاء في كلمة (عش لك رزق) حسب التفصيل التالي :ع :عدم االستهالل،
وش :الشك ،ول :اللعان ،وك :الكفر ،ور :الرق ،وز :الزنا ،وق :القتل ،وجاء في
السماللية:
1
قرار منشور في هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة ،الصفحة .280
2
اآليات 11و 12و 13من سورة النساء.
3
سنن سعيد بن منصور .96/1
397
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إنه ال خالف في أن القتل العمد مانع من اإلرث في المال والدية ،للحديث الشريف ''ال
يرث القاتل'' ،1وإن علة منع القاتل ظلما وعدوانا من اإلرث هي أن استعجاله الميراث بغير
وجهه ،فاستعجل الشيء قبل أوانه بحسب المظنة وظاهر حاله فجوزي وعوقب بحرمانه أي
عومل بنقيض قصده ،أما القتل الخطأ فليس مانعا من اإلرث وهو ما كرسه المشرع المغربي
في مدونة األسرة في المادة 333حين نص على أن ''من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة
لم يرث من ماله وال ديته ،وال يحجب وارثا ،ومن قتل موروثه خطأ ورث من المال دون الدية
وحجب ''ومصدره قول خليل'' وال قاتل عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة كمخطئ من الدية''
لكن الخالف يثار عندما تدق التفرقة بين ما هو قتل عمد وما هو قتل خطأ حيث
تختلف اآلثار المترتبة عن هذا التمييز بين تمكين الوارث من حقه في اإلرث وبين حرمانه
منه ،والتي تكون نتيجتها خطيرة بالنظر إلى أن األمر يتعلق بحق هللا وما أوصى به في
أحكام الميراث ،والنقطة التي أثيرت في نازلة الحال تتعلق بجرم اقترفه الوارث ( وهو االبن)
في حق موروثه (الذي هو والده) أدانته من أجله المحكمة الجنائية بعد أن كيفت فعلته على
أنها ضرب وجرح أفضى إلى موت الموروث دون نية إحداثه وعاقبته من أجل ذلك بعشر
سنوات سجنا نافذا ،فقام بعد استنفاذ العقوبة السجنية يطالب بنصيبه إرثا في عقار من
متروك والده الذي قتله بحجر رماه به على إثر شنآن بينهما متمسكا بكون قتله له لم يكن
مقصودا وأنه كان خطأ مستشهدا بالقرار الجنائي الذي أدانه بالضرب والجرح المفضيين إلى
الموت دون نية إحداثه.
موت الموروث دون نية إحداثه ومدى تأثيره على حق مرتكبه في اإلرث ،نجد أن
المالكية كانوا متشددين في التسبيب تشددهم في مسألة الدماء ،ذلك أن'' مفرق الخالف بين
اإلمام مالك رحمه هللا وجمهور الفقهاء أن مالكا ينظر إلى نتيجة االعتداء بغض النظر عن
كون المعتدي قصد النتيجة أم لم يقصدها ،فمن اعتدى بالضرب ،وانتهى الضرب بالموت فقد
1
الدارقطني 237/4
398
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اعتبر عامدا للقتل باعتبار العدوان بالضرب ،وأن القصاص حيث كان القتل من غير نظر
آللته'' ، 1وأن هذا النوع من القتل يدخل في'' القتل المشبوه أو الغامض الذي ال يعرف وجهه
هل كان خط أ أو عمدا؟ وهل كان بحق أو تأوال أوعدوانا ،وحكمه أنه محمول على العدوان
يمنع من اإلرث حتى يثبت ببينة خالفه من خطأ أو قتل بحق فيعمل بذلك ،فإذا قتل وارث
موروثه وادعى أنه قتله خطأ ،أو دفاعا عن نفس أو عرض فإنه ال يصدق في ذلك ويحمل
على أنه قتله عمدا عدوانا ،ألن األصل في أفعال الناس القصد والعمد ،ال الخطأ ،واألصل
عصمة الدم حتى يثبت ما يبيحه" ،2وقد جاء في كتاب فتاوى األزهر عن دار اإلفتاء
المصرية :أن الضرب المفضي إلى الموت مثل القتل المباشر في الميراث ،وكان السؤال
حول رجل ضرب زوجته بمجمع يده على ظهرها وجنبها حتى أثر الضرب على أحشائها
فمرضت نحو شهر مرضا لم يمنعها من الخروج من منزلها لقضاء مصالحها إلى أن ماتت ،
فهل هذا الفعل يعد قتال عمدا أو شبه عمد مانعا لميراث الفاعل وهو الزوج ،وكان الجواب:
متى تحقق أن موتها بسبب هذا الضرب ولم يكن بحق كان ذلك مانعا من إرثه ،ألنه حينئذ
يكون قاتال ،ومجرد خروجها ال يكفي في انتفاء نسبة الموت للضرب واعتباره أث ار له ،3فالعبرة
إذن هي بحدوث العدوان وهو ما ذهب إليه القرار موضوع التعليق مستشهدا بما ورد في
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير '' وال يرث قاتل لموروثه عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة تد أر
عنه القصاص كرمي الوالد ولده بحجر فمات منه ،فالضمير في أتى للقاتل ال بقيد العدوان،
إذ ال عدوان مع الشبهة وقد يقال جعله عدوانا من حيث التعمد'' ،وفي نفس السياق جاء بأن
'' قاتل العمد عدوانا ال يرث من المقتول شيئا ال من المال وال من الدية وإن عفى عنه وإن
أتى بشبهة تد أر عنه القتل كرمي الوالد ولده بحديدة 4''..وكلها جاءت في شرح قول خليل
1
الجريمة والعقوب ة في الفقه اإلسالمي ـ العقوبةـ لإلمام محمد أبوزهرة طبعة دار الفكر العربي ،ص .522
2
اللباب في شرح تحفة الطالب لألستاذ محمد التاويل ص 30و.31
3
فتاوي األزهر ،دار اإلفتاء المصرية ،ورد في الدليل العملي لفقه اإلرث وتوزيع التركات ،ص ،66سلسلة الدالئل العلمية 3الطبعة الثانية -1432
.2011
4
حاشية ابن الخياط للشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن عمر الزكاري الفاسي على شرح الخرشي لفرائض مختصر العالمة خليل ص ،181دار
الكتاب العلمية بيروت.
399
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
''وال قاتل عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة '' ،وعليه فإنه إذا كانت ظروف ومالبسات الجرم
تد أر عن القاتل القصاص ،فإن القتل المشبوه يبقى مانعا من اإلرث ،ألنه كما أشار بعض
الفقه "ال يجوز أن يست حق اإلنسان لنفسه على نفسه شيئا وال يجوز أن يجني جناية يستحق
بها ماال ،ألن الجناية إن لم تلزمه شيئا فال أقل من أن ال تفيده استجالب مال'' ،1والتساؤل
الذي قد يطرح نفسه في النازلة هو أنه إذا كانت قناعة القاضي الجنائي قد انتهت إلى أن
نية القتل لم تكن متوفرة ل دى الجاني ألم يكن ذلك ليقيد القاضي المدني بخصوص الوقائع
الثابتة للقاضي الجنائي عمال بالفصل 418من قانون االلتزامات والعقود الذي يعتبر
األحكام حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ حجة على الوقائع التي تثبتها؟ ويكون الجواب أنه
ال تعارض بين الحكم الجنائي وما ذهب إليه القاضي المدني ألن األول انطلق من قاعدة
مفادها أن الشك يفسر لمصلحة المتهم وكان بديهيا في ظل تكييف الفعل الجرمي أن يعطيه
القاضي الجنائي الوصف األخف الذي هو القتل دون نية إحداثه ،وأنه حتى بالنسبة للحدود
في المجال الشرعي تد أر بالشبهات ( الحد ال يثبت بدليل فيه شبهة) ،أما القاضي المدني وهو
يبحث في مدى تأثير القتل بشبهة على حق القاتل في الميراث فقد ساير التوجه الفقهي
المفصل أعاله في أن العبرة بحصول العدوان وما ترتب عنه من نتيجة القتل ،و أن ما
أعطته محكمة النقض من تفسير لنص المادة 333من مدونة األسرة يصب في ذلك االتجاه
انطالقا من القتل العمد ولو بشبهة.
تلك بإيجاز النقطة التي أثارها القرار موضوع التعليق ،آمل أن أكون قد وفقت في
إيصال المراد ،وهللا ولي التوفيق.
1
إيضاح األسرار المصونة في الجواهر المكنونة في صدف الفرائض المسنونة ،للشيخ أحمد بن سليمان الجزولي الرسموكي ص ،15توزيع دار
المعرفة الدار البيضاء.
400
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
401
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
402
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
403
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تعمل الوكالة القضائية للمملكة باعتبارها فاعال مؤسسيا مرجعيا في الميدان القانوني
والقضائي على إغناء النقاش أمام جميع محاكم المملكة ،والمساهمة في تطوير االجتهاد
القضائي ،وتتمظهر هذه اإلسهامات أساسا في التوجهات الجديدة التي تبناها القضاء
بخصوص نقط قانونية معينة.
ويخصص هذا المحور من المجلة إلبراز بعض أوجه تطور العمل واالجتهاد
القضائيين في مجال اختصاص ونشاط المؤسسة .وفي هذا اإلطار نورد بعض القواعد
القانونية التي إستقر عليها االجتهاد والعمل القضائيين في منازعات مختلفة ،وعلى سبيل
المثال نذكر:
404
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
التشطيب على دفتر التحمالت الواردة في عقد البيع بين المدعي (المستأنف) وإدارة
األمالك المخزنية نزاع إداري خاضع لمراقبة القضاء اإلداري وليس القضاء العادي.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2012/11/12من طرف المستأنف المذكور أعاله،
بواسطة نائبيه األستاذين علي شاربة ورشيد العمراني ،الرامي إلى استئناف الحكم المستقل
المتعلق باالختصاص النوعي رقم 654الصادر عن المحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ
2012/9/27في الملف عدد.6/12/78 :
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على المادة 13من القانون رقم 90-41المتعلق بإحداث محاكم إدارية.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في .2012/12/6
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ .2012/12/27
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة المستشار المقرر السيدة سلوى الفاسي الفهري تقريرها في هذه الجلسة
واالستماع إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي.
وبعد المداولة طبقا للقانون:
في االختصاص النوعي:
405
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الملكية واحتياطيا جدا التصريح بالتشطيب على شرط المنع لكونه يحرمه من المال للبناء
....وبعد جواب الدولة الملك الخاص بكون التشطيب ال يدخل ضمن االختصاصات
المخولة للمحاكم اإلدارية بمقتضى المادة الثامنة من قانون ،90-41وبعد تبادل الردود
صدر الحكم بانعدام االختصاص النوعي للمحكمة اإلدارية ،استأنفه المدعي متمسكا
بالتصريح باختصاص المحكمة اإلدارية للبت في الطلب.
لكن حيث إن النزاع في موضوعه يتعلق بالتشطيب على دفتر التحمالت الواردة في
عقد البيع بين المدعي (المستأنف) وإدارة األمالك المخزنية فهو عقد من العقود غير المألوفة
با عتبار أنه مقيد بدفتر التحمالت كما هو ثابت من الوثائق الصادرة من مصلحة المحافظة
على األمالك العقارية بوجدة فهو نزاع إداري خاضع لمراقبة القضاء اإلداري وليس القضاء
العادي ،مما يكون معه الحكم المستأنف قد جاء مجانبا للصواب ويتعين إلغاؤه والتصريح
باختصاص القضاء اإلداري للبت في الطلب.
لــهذه األسبــاب
قضت محكمة النقص بإلغاء الحكم المستأنف والتصريح باختصاص القضاء اإلداري
وإرجاع الملف إلى المحكمة اإلدارية التي أصدرته لمواصلة النظر فيه.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلس ات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الجلسة
للغرفة اإلدارية (القسم األول ) السيد أحمد دينية ،والمستشارين السادة :سلوى الفاسي الفهري
مقررة ،عبد الحميد سبيال ،عبد المجيد بابا أعلي ،سعاد المديني ،وبمحضر المحامي العام
السيد سابق الشرقاوي ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفسية الحراق.
كاتبة الضبط المستشار المقرر رئيس الغرفة
407
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
قرار المحافظ برفض تنفيذ أحكام قضائية نهائية قضت برفض التعرضات على مطالب
التحفيظ ،هو قرار إداري ،يختص القضاء اإلداري للبت في الطلب المتعلق به.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2013/10/24من طرف المستأنف المذكور أعاله،
بواسطة نائبه األستاذ عابد اموحى ،الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق
باالختصاص النوعي رقم 400الصادر عن المحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ 2013/07/04
في الملف عدد.5/03/26 :
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على المادة 13من القانون رقم 90-41المتعلق بإحداث محاكم إدارية.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في .2013/11/28
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العالنية المنعقدة بتاريخ
.2013/12/26
وبناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة المستشار المقرر السيد عبد الحميد سبيال تقريره في هذه الجلسة واالستماع
إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي.
وبعد المداولة طبقا للقانون:
في االختصاص النوعي:
حيث استأنف المحافظ على األمالك العقارية بالناظور الحكم عدد 400البات في
االختصاص النوعي الصادر عن المحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ ،2013/07/04في
408
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الملف عدد ،5/13/26ذلك أنه يؤخذ من وثائق الملف وفحوى الحكم المستأنف ،أن
المستأنف عليه تقدم بمقال أمام نفس المحكمة بتاريخ 2013/2/27عرض فيه أنه تقدم
بمطلب التحفيظ رقم 11/16032لتحفيظ العقار المسمى أمل موضوع عقد الشراء المؤرخ
في ، 1997/10/24وأنه بعد اللجوء إلى القضاء فيما يخص البت في التعرضات المقدمة
في الموضوع والحكم بعدم صحتها وصيرورة األحكام التي بتت فيها نهائية أحيل الملف على
المحافظ خالل شهر مارس 2010لمواصلة إجراءات التحفيظ وتسليم نظير الرسم العقاري
له ،تنفيذا لمقتضيات األحكام القضائية المذكورة ،إال أن المحافظ أشعره بأن المساحة الحقيقية
للمك هي هكتار واحدا و 82آ ار و 34سنتيارا ،وأن الوثائق المبررة للمساحة الزائدة غير
مقبولة وألنه في حالة عدم تسوية الوضعية سيعمل خالل ثالثة أشهر على إلغاء مطلب
التحفيظ ،وهو القرار المطعون فيه باإللغاء ،أجاب المحافظ ملتمسا عدم قبول الطلب لكون
اإلنذار الموجه إلى المستأنف عليه هو مجردا إجراء تمهيدي ،واحتياطيا التصريح بعدم
االختصاص النوعي للقضاء اإلداري.
لكن حيث أنه و كما أشار إلى ذلك الحكم المستأنف و عن صواب ،فإنه مادامت
القضية قد فصل فيها من طرف القضاء العادي بعدم صحة جميع التعرضات التي قدمت،
فإن رفض المحافظ االمتثال لتنفيذ أحكام قضائية نهائية يكون القضاء اإلداري هو المختص
نوعيا بالبت في الطلب ،نظ ار لكون القرار الصادر عن المحافظ هو قرار إداري و الحكم
المستأنف لما قضى باختصاص المحكمة اإلدارية يكون واجب التأييد.
لـــهذه األسبــاب
قضت محكمة النقص بتأييد الحكم المستأنف وإرجاع الملف إلى المحكمة التي أصدرته
لمواصلة النظر فيه.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
اإلدارية (القسم األول) السيدة عائشة بن الراضي والمستشارين السادة :عبد الحميد سبيال
409
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مقررا ،أحمد دينية ،عبد المجيد بابا اعلى ،عبد العتاق فكير وبمحضر المحامي العام السيد
سابق الشرقاوي ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق.
كاتبة الضبط المستشار المقرر رئيس الغرفة
410
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
إن الدولة الملك الخاص وإن كانت تعتبر من أشخاص القانون العام ،فإن عقود الكراء
التي تبرمها مع الخواص بشأن أمالكها تعتبر عقودا مدنية تخضع النزاعات المتعلقة
بإبرامها وتنفيذها وفسخها لمقتضيات القانون الخاص ،مادام ال تظهر فيها جهة اإلدارة
بمظهر السلطة العامة ،كما إنها ال تتصل بتسيير مرفق عام.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2015/07/21من طرف المستأنف المذكور أعاله،
الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق باختصاص النوعي رقم 98الصادر عن
المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ 2014/12/30في الملف عدد :
.2014/7112/448
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على المادة 13من القانون رقم 90-41المتعلق بإحداث محاكم إدارية.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في .2015/09/17
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ .2015/09/17
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة المستشار المقرر السيد عبد العتاق فكير تقريره في هذه الجلسة واالستماع
إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي.
وبعد المداولة طبقا للقانون :
حيث ي ستفاد من أوراق الملف ،ومن ضمنها الحكم المستأنف المشار إلى مراجعه أعاله
أن الشركة المدعية – المستأنف عليها – تقدمت بتاريخ 2014/09/29بمقال أمام المحكمة
411
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
اإلدارية بالدار البيضاء ،عرضت فيه أنه بتاريخ 2009/12/08رسى عليها المزاد العلني
لكراء العقار ذي الرسم العقاري عدد 14.757س رقم ،1278المسمى "ساسيما الكريفات
بني اعمير" بعمالة إقليم الفقيه بن صالح ،وأنها أدت بتاريخ 2009/12/17مبلغ
167.000.00درهم ،إضافة إلى مبلغ 16.700.00درهم ،الذي يشكل % 10من ثمن
رسو المزاد المدفوع للمحاسب حسب التصريح باألداء رقم ،107910وأنها قامت بالمصادقة
على العقد وتسجيله أمام السلطة المختصة بتاريخ ،2010/02/16والذي ينص على مدته
بخصوص السنة الفالحية ،2010-2009أي من 2009/10/01إلى ،2010/09/30
بتاريخ 2010/02/18توجه ممثلها رفقة مندوب دائرة أمالك الدولة ببني مالل من أجل
استيالم الضيعة ،إال أنه فوجئ باحتالل جميع المباني المقامة فوق العقار المذكور من طرف
المسمين ،.........فضال عن قيامهما بجني غلة الزيتون واستغالل األخشاب ،رغم كون
الموظف المكلف التابع لدائرة الدولة صرح بأن الضيعة فارغة ،وقد وجهت المدعية عدة
تظلمات بهذا الشأن لكن بدون جدوى ،كما صرح الشخصان المحتالن أنهما كان يشتغالن
مع المكتري السابق للضيعة ،وظال بها بعد إفراغه ،مضيفة أنها تقدمت بدعوى استعجالية
أمام رئيس المحكمة االبتدائية بالفقيه بن صالح إلفراغ المحتلين إال أن طلبها تم رده ،وأنها لم
تتسلم العين المكراة ولم تستغلها بسبب ذلك االحتالل ،وقد توصلت برسالة تنذرها بإفراغ
الضيعة بتاريخ 2010/09/30ورغم مطالبتها بتجديد العقد فوجئت بكراء الضيعة للغير،
والتمست الحكم أساسا على المدعى عليهما بأدائهما لفائدتها تعويضا إجماليا عما لحقها من
أضرار وقدره 1.000.000.00درهم مع الفوائد القانونية وشمول الحكم بالنفاذ المعجل،
واحتياطيا األمر تمهيديا بإجراء خبرة في الميدان الفالحي لتحديد كافة الخسائر الالحقة بها،
وحفظ الحق في اإلدالء بمطالبها النهائية بعد إجراء الخبرة أجاب مدير مديرية أمالك الدولة
بالدفع أساسا بعدم اختصاص المحكمة اإلدارية نوعيا بالبت في الطلب لكون األمر يتعلق
بعقد كراء مدني تختص بالبت فيه المحاكم العادية ،واحتياطيا التمس الحكم برفض الطلب،
412
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبعد استنفاذ اإلجراءات ،أصدرت المحكمة اإلدارية حكما قضى باختصاصها نوعيا بالبت
في الطلب مع إرجاع الملف إلى القاضي المقرر الستكمال اإلجراءات وهو الحكم المستأنف.
في أسباب االستئناف :
حيث تعيب الطاعنة الحكم المستأنف بسوء التعليل الموازي النعدامه ،ذلك أنه استند
على كون دفتر الكلف والشروط المنظمة لكراء األمالك المخزنية الفالحية عن طريق سمسرة
عمومية وافتتاح الكراء بالمزاد العلني للعقارات التابعة لألمالك الدولة يتضمن شروطا غير
مألوفة في العقود العادية ،والحال أن الدفتر المذكور هو عبارة عن سرد لبنود عقد الكراء
المنظم للعالقة الكرائية بين الطرفين والتي تحكمها قواعد القانون الخاص ،مما يجعل العقد
يندرج ضمن العقود العادية ،اذ ال يتسم بسمات العقد اإلداري ،وال يتصل بتسيير مرفق عام
بل بكراء مال مملوك للدولة ملكا خاصا تتصرف فيه على نحو ما يتصرف األفراد في
أموالهم ،وطبقا للقانون المدني ،وأن اللجوء إلى السمسرة العمومية ال يعدو أن يكون مجرد
إجراء يفرضه القانون المنظم لتسيير األمالك الخاصة وكراء العقارات الفالحية ،أن موضوع
الطلب حسب المقال االفتتاحي ،هو أداء تعويض إجمالي عن األضرار والخسائر الناتجة
عن عدم التمكن من استغالل العقار المكترى ،مما ال يمكن تصنيفه ضمن االختصاصات
المسندة للمحاكم اإلدارية بمقتضى الفصل 8من القانون رقم 41-90المحدث لها ،فيكون
الحكم عرضة لإللغاء.
حي ث صح ما عابت به الطاعنة الحكم المستأنف ،ذلك أن الدولة الملك الخاص وإن
كان تعتبر من أشخاص القانون العام ،فإن عقود الكراء التي تبرمها مع الخواص بشأن
أمالكها تعتبر عقودا مدنية تخضع النزاعات المتعلقة بإبرامها وتنفيذها وفسخها لمقتضيات
القانون الخاص ،إذ ال تظهر فيها جهة اإلدارة بمظهر السلطة العامة ،كما إنها ال تتصل
بتسيير مرفق عام ،وال تعدو مسطرة كرائها المحددة بمقتضى دفتر الكلف والشروط عن
طريق السمسرة العمومية مجرد إجراءات تنظيمية بفرضها القانون ،وليس من شأنها تغيير
413
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
طبيعة عقد الكراء وإضفاء طابع العقد اإلداري عليه ،فيكون الحكم المستأنف بما نحاه مجانبا
للصواب وواجب اإللغاء.
لــهذه األسبــاب
قضت محكمة النقص بإلغاء الحكم المستأنف والتصريح باختصاص القضاء العادي
وإحالة الملف على المحكمة االبتدائية بالفقيه بن صالح.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
اإلدارية (القسم األول) السيد محمد منقار بنيس ،والمستشارين السادة :عبد العتاق فكير
مقررا ،أحمد دينية ،المصطفى الدحاني نادية للوسي ،وبمحضر المحامي العام السيد سابق
الشرقاوي ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفسية الحراق.
كاتبة الضبط المستشار المقرر رئيس الغرفة
414
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إن المعيار في تحديد االختصاص ليس بالنظر إلى المستفيد من االتفاق الواقع مع اإلدارة
وإنما يكون االتفاق المذكور يجسد نشاط وعمل اإلدارة في تحقيق منفعة عامة ،مما يكون
معه النزاع يندرج ضمن االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2015/03/12من طرف المستأنفين المذكورين أعاله
بواسطة نائبهما األستاذ أحمد جعفر ،الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق
باالختصاص النوعي رقم 391الصادر عن المحكمة االبتدائية بتمارة بتاريخ
2014/10/29في الملف عدد .2012/1402/257 :
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على المادة 13من القانون رقم 41-90المتعلق بإحداث محاكم إدارية.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في.2015/09/07
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ .2015/09/10
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة المستشار المقرر السيد المصطفى الدحاني تقريره في هذه الجلسة واالستماع
إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي.
وبعد المداولة طبقا للقانون :
حيث يستفاد من وثائق الملف ومن الحكم المستأنف الصادر عن المحكمة االبتدائية
بتمارة بتاريخ 2014/10/29في الملف رقم 2012/1402/257عدد 391أن ........
تقدما بمقال أمام نفس المحكمة بتاريخ 2012/06/28يعرضان فيه أنهما يعتبران من أحفاد
المتوفى ......كانا مستقرين بأرض المحصاة تحت عدد 11المتواجدة بجماعة مرس الخير
415
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ذات الرسم العقاري عدد .R/23664مساحتها أربع هكتارات وخمسة وخمسون آر وسبعة
وستون سنتيار الشيء الذي يجعلهما يستفيدان من عملية إعادة إسكان قبيلة كيش األوداية،
وبتاريخ 2009/01/13عقدت اللجنة المحلية المكلفة بعملية إعادة إسكان ذوي الحقوق من
قبيلة كيش االوداية اجتماعا معهما برئاسة قائد قيادة مرس الخير بحضور كل من ممثل
عمالة الصخيرات تمارة ومجموعة الضحى حيث استقر على توقيع بروتوكول اتفاق
بالتعويض عن السكن ،حيث تم تخصيص القطعة األرضية رقم 33من مشروع النور
بتامسنا الحاملة للرسم العقار عدد 71678/38مناصفة بينهما باإلضافة إلى مبلغ مالي
100.000.00درهم ،إال أنه لحد اآلن لم تنفذ الجهات المدعى عليها ما التزمت به على
الرغم من إفراغهما من األرض المذكورة ،ملتمسين الحكم على المدعى عليهم متضامنين
بتمكينهما من القطعة رقم 33مع إبرام عقد تفويت معهم يثبت ملكيتهما للقطعة مناصفة
بينهما تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 10.000.00درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ
وبأدائهم لهما المبلغ الذي التزموا بأدائه مع الفوائد القانونية ابتداء من تاريخ تحرير محضر
التعويض عن السكن الذي هو 2009/01/13والنفاذ المعجل والصائر ،وبعد الجواب وتمام
اإلجراءات قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا للبت في الطلب وهو الحكم المستأنف :
في أسباب االستئناف :
حيث يعيب المستأنفان الحكم المستأنف بانعدام األساس القانوني ،ذلك أن المحكمة
االبتدائية بتمارة لما قضت بعدم اختصاصها لم تعتبر أن المستفيد من البقعة والملزم بتنفيذ
بروطوكول االتفاق هي شركة الضحى ،وهي شركة خاصة وإن تم توقيع االتفاق أمام
السلطات المحلية كأطراف القانون العام الذي ال يفقده طبيعته المدينة ،إضافة إلى أن تنفيذ
العقود ال يدخل ضمن االختصاصات المخولة للمحاكم اإلدارية طبقا للمادة 8من قانون
المحاكم اإلدارية متمسكة في ذلك بحكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط تتعلق بنفس
النازلة قضت فيه بعدم اختصاصها لكون االتفاق يعتبر عقدا خاصا ألن تنفيذه يرجع لشركة
خاصة.
416
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لكن حيث إن المعيار في تحديد االختصاص ليس بالنظر إلى المستفيد من االتفاق
الواقع بين اإلدارة والمستأنفين وإنما يكون االتفاق المذكور يجسد نشاط وعمل وزير الداخلية
في تحقيق منفعة عامة وذلك بإعادة إسكان ذوي الحقوق في أرض جماعية في نطاق سلطة
الوصاية ،ومن تم فإن النزاع يندرج ضمن االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية ،ويكون
الحكم المستأنف واجب التأييد.
لهــذه األسبــاب
قضت محكمة النقص بتأييد الحكم المستأنف وإحالة الملف على المحكمة اإلدارية
بالرباط للبت فيه طبقا للقانون.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
اإلدارية (القسم األول) السيد محمد منقار بنيس ،والمستشارين السادة :المصطفى الدحاني
مقر ار ،أحمد دينية ،عبد العتاق فكير ،عبد الرحمن مزوز .وبمحضر المحامي العام السيد
سابق الشرقاوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق.
كاتبة الضبط المستشار المقرر الرئيس
417
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
النزاع المتعلق بإلغاء مطلب تحفيظ يصنف ضمن نوع الدعاوي المنظمة بمقتضى الفصل
64من ظهير 1913/08/12المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره وتعديله ،وبالتالي
يكون القضاء العادي هو المختص نوعيا بالبت فيه.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2015/08/06من طرف المستأنف المذكور أعاله،
الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق باختصاص النوعي رقم 24الصادر عن
المحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ 2015/01/15في الملف عدد .2014/7112/191 :
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على المادة 13من القانون رقم 90-41المتعلق بإحداث محاكم إدارية.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في .2015/09/07
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العالنية المنعقدة بتاريخ
.2015/09/17
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة المستشار المقرر السيد عبد العتاق فكير تقريره في هذه الجلسة واالستماع
إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي.
وبعد المداولة طبقا للقانون :
حيث يؤخذ من أوراق الملف ،ومن ضمنها الحكم المستأنف المشار إلى مراجعه أعاله
أن المدعين – المستأنف عليهم – تقدموا بتاريخ 2014/10/15بمقال أمام المحكمة
اإلدارية بوجدة عرضوا فيه أنه بمقتضى المرسوم رقم 2-77-789بتاريخ 1978/03/23
418
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تقرر نزع ملكية القطعة األرضية رقم ،655البالغة مساحتها 2هكتار 59آر 10سنتيار،
التي كان يملكها الهالك ،........الكائن بالمنطقة المسماة سيدي علي بن أحمد ببلدية
سلون ،وأنه بتاريخ 18غشت 1993نشر بالجريدة الرسمية عدد 4216المرسوم رقم
364-93-2الصادر بتاريخ 19يوليوز ،1993قضى بالتخلي عن نزع الملكية لبعض
القطع األرضية ،ومن بينها القطعة األرضية رقم ،655مضيفين بأن شهادة صادرة عن
مدير مركب الصلب والحديد تؤكد تخلي المركب عنها تنفيذا لمرسوم التخلي ،وأن القطعة
األرضية المذكورة أصبحت في ملكية ورثة ،.......وبموجب عقدين عدليين األول موضوع
مذكرة الحفظ رقم 11صحيفة 96بتاريخ ،1994/10/17والثاني موضوع مذكرة الحفظ رقم
12صحيفة 67بتاريخ ،1996/04/28باع الورثة واجبهم فيها للمدعين ،وبحكم أن
القطعة األرضية المذكورة أصبحت موضوع مطلب التحفيظ عدد 11/14805فقد أحيل
ملفها على القضاء وتم البت في التعرضات عليه ،وأهمها تعرض المدعين الذي حكم
بصحته في حدود مساحة القطعة األرضية ،إال أنه بعد أن حاز الحكم قوة الشيء المقضى
به ،فوجئوا بإلغاء المحافظ على األمالك العقارية بالناظور لمطلب التحفيظ المذكور بعلة أنه
يوجد بكامله داخل المطلب عدد ،11/11746الذي أصبح رسما عقاريا تحت عدد
، 11/23601في ملكية شركة العمران ،وبما أن عمل المحافظ يعتبر خطأ مصلحيا ،لكونه
قام بإلغاء مطلب التحفيظ والملف مازال معروضا على المحكمة للبت في التعرضات ،وبما
أنهم تضرروا من ذلك ،فقد التمسوا القول بمسؤولية الوكالة الوطنية للمحافظة على األمالك
العقارية بالناظور ،والحكم بالتالي على المدعى عليهم متضامنين بأدائهم تعويضا مؤقتا قدره
عشرة اآلالف درهم ،مع األمر تمهيديا بإجراء خبرة لتحديد التعويض النهائي عن فقدان
عقارهم ،وحفظ حقهم في التعقيب على الخبرة وتقديم المطالب النهائية ،أجابت مديرية أمالك
الدولة بالدفع بعدم اختصاص المحكمة اإلدارية نوعيا بالبت في الطلب ،واحتياطيا بإخراجها
من الدعوى ،وموضوعيا برفض الطلب ،كما التمست شركة العمران الحكم برفض الطلب،
419
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبعد استنفاذ اإلجراءات ،أصدرت المحكمة اإلدارية حكما قضى باختصاصها نوعيا بالبت
في الطلب مع إحالة الملف على القاضي المقرر لمواصلة اإلجراءات ،وهو الحكم المستأنف.
في أسباب االستئناف :
حيث تعيب الطاعنة الحكم المطعون فيه بخرق القانون ،ذلك أن المادة الثامنة من
القانون رقم 41-90المحدثة بموجب المحاكم اإلدارية أوردت اختصاص المحاكم األخيرة
على سبيل الحصر ،ولم يرد ضمنها النظر في النزاعات الناشئة عن تحفيظ العقارات وطلبات
التعويض عن ذلك ،وهو ما أكدته نفس المحكمة مصدرة الحكم المستأنف في أحكام صادرة
عنها ،كما أنه تم خرق مقتضيات الفصل 64من ظهير التحفيظ العقاري كما غير و تمم ،و
التي تبين كون دعوى التعويض عن حق عيني عقاري وقع اإلضرار به جراء التحفيظ ال
تدخل ضمن المسؤولية اإلدارية ،و إنما ضمن المسؤولية المدنية التي يختص بها القضاء
العادي مع شرط إثبات التدليس ،مما يجعل الحكم المستأنف عرضة للتدليس.
حيث صح ما عابت به الطاعنة الحكم المستأنف ،ذلك أن النزاع ال صلة له بنزع
الملكية ،بل يتعلق بإلغاء مطلب تحفيظ بدعوى كون العقار موضوعه يتواجد بكامله داخل
مطلب آخر تم تحفيظه وأصبح له رسم عقاري خاص ،مما يفيد كون المسؤولية المثارة ترتكز
على تحفيظ عقار المستأنف عليهم في اسم أغيار رغم سبق استصدارهم ألحكام قضائية
بشأنه ،مما يصنفها ضمن نوع الدعاوي المنظمة بمقتضى الفصل 64من ظهير
1913/08/12المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره وتعديله ،وبالتالي يكون القضاء
العادي هو المختص نوعيا بالبت فيها ،والحكم المستأنف بما نحاه يكون غير مصادف
للصواب وواجب اإللغاء.
لــهذه األسبــاب
قضت محكمة النقص بإلغاء الحكم المستأنف والتصريح باختصاص القضاء العادي
واإلحالة على ابتدائية الناظور.
420
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
اإلدارية (القسم األول) السيد محمد منقار بنيس ،والمستشارين السادة :عبد العتاق فكير
مقررا ،أحمد دينية ،المصطفى الدحاني نادية للوسي وبمحضر المحامي العام السيد سابق
الشرقاوي ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفسية الحراق.
كاتبة الضبط المستشار المقرر رئيس الغرفة
421
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
بناء على مقال الطعن بالنقض المودع بتاريخ 2017 - 11 - 24من طرف الطالبة
المذكورة أعاله بواسطة نائبها األستاذ .........بهيئة تطوان والمقبول للترافع أمام محكمة
النقض والرامي إلى نقض القرار عدد 118الصادر بتاريخ 2016 - 4 - 17في الملف
عدد 2016 - 1401 - 193عن محكمة االستئناف بتطوان .وبناء على المذكرة المدلى
بها بتاريخ 2018 - 3 - 12من طرف الطاعنة.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ 2018 - 5 - 18من طرف المطلوبين
بواسطة نائبهم األستاذ .........المحامي بهيئة تطوان والمقبول للترافع أمام محكمة النقض
والرامية إلى عدم قبول الطلب.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ 2018 - 10 - 30من طرف
المطلوب األول ........بواسطة نائبته .......المحامية بهيئة الرباط والمقبولة للترافع أمام
محكمة النقض والرامية إلى رفض الطلب.
422
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بحجة تتوفر فيها شروط الملك وأن الحــكم المدلى به ال يتعلق بالمدعي فيه ،وبعد انتهاء
األجوبة والردود أصدرت المحكمة االبتدائية بتاريخ 2016 - 3 - 9في الملف عد 100
15 -حكما تحت عدد 16 - 130قضي " باستحقاق المدعين للقطعة األرضية موضوع
رسم الحيازة عدد 82المنجز بتاريخ 1995-11-28بالزام المدعى عليهم بالكف عن
التشويش" ،واستأنفته الطاعنة وبعد استنفاذ كل دفع أو دفاع ،أصدرت محكمة االستئناف
ق ار ار قضى بتأييد الحكم المستأنف ،وهو القرار المطعون فيه بمقال تضمن أربع وسائل أجاب
عنه المطلوبون والتمسوا عدم قبول الطلب.
في شأن الوسيلة األولى:
حيث تعيب الطاعنة القرار بخرق مقتضيات الفصل األول من قانون المسطرة المدنية
ذلك أنها دفعت في كافة مراحل التقاضي بأن صفتها في االدعاء غير ثابتة لعدم إدالء
المطلوبين بوثيقة رسمية تثبت منازعتها لهم في المدعى فيه أو وضع يدها عليه لكونها
شخص معنوي تكون جميع تصرفاتها بناء على ق اررات حتى تتمكن هي وتقنييها من تحديد
مكان النزاع وبيان ما إذا كان داخل التحديد اإلداري أم خارجه و تحدد موقعها من ذلك ،كما
دفعت بأن القرار الجنحي المستدل به من طرف المطلوبين ال يتعلق بالمدعى فيه الذي
يختلف عما هو بالقرار الجنحي من حيث المساحة ،ولذلك فإن صفتها كمدعى عليها غير
ثابتة مما جعلها لم تحدد موقفها من النزاع ويوجب نقض القرار .
حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار؛ ذلك أن عدم توافق الخصمين حول المدعى
فيه يقتضي إجراء تحقيق بعين المكان ،والطاعنة دفعت بمقتضي مقالها االستئنافي بأن
القرار الجنحي المستدل به من طرف المطلوبين ال يتعلق بالقطعة المطلوب استحقاقها ،وال
تعلم ما إذا كان المدعي فيه خارج التحديد اإلداري أم داخله ،وطالبت بإجراء تحقيق.
والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ردت طلبها بعلة "أن الدفع بأن القطعة األرضية
موضوع القرار االستئنافي عدد 612بتاريخ 2011 - 5 - 2في الملف عدد -715
2010-2601المسماة " أما عبد هللا " ال تتعلق بالقطعة األرضية موضوع نازلة الحال
424
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وأنها تحمل نفس االسم إال أن حدودهما تختلف ،ال يرقى إلى درجة االعتبار ،ألن الطرف
المستأنف لم يعزز دفعه بما يؤكده" ،و قضت وفق ما جرى به منطوق قرارها ،ودون الوقوف
على عين المدعى فيه صحبة خبير مساح وتطبيق حجج الطرفين عليه والبحث في صبغته
الجماعية ،وذلك بمالحظة غطائه النباتي وباقي العناصر التي يمكن اعتمادها في تحديد
الطبيعة القانونية لألرض ولتبني حكمها على ما انتهى إليه تحقيقها ،تكون قد عللت قرارها
تعليال ناقصا وهو بمثابة انعدامه مما يعرضه للنقض.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة القضية على نفس
المحكمة.
لهذه األسباب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضية وطرفيها على نفس
المحكمة للبت فيها طبقا للقانون وبهينة أخرى وعلى المطلوبين المصاريف.
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجالت المحكمة المصدرة له ،إثر الحكم المطعون فيه
او بطرته.
وبهذا صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط .وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
السيد حسن منصف رئيسا ،والمستشارين السادة :مصطفي نعيم مقررا ،ونادية الكاعم
والمصطفى النوري وعبد السالم بنزروع أعضاء ،وبمحضر المحامي العام السيد نور الدين
الشطبي ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة ابتسام الزواغي.
425
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ليس هناك ما يمنع قانونا انتداب محكمة أخرى أقل درجة للقيام باألبحاي والمعينة،
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2016/9/15من طرف الطالبين أعاله بواسطة نائبهم
والرامي الى نقض القرار الصادر عن محكمة االستئناف بأكادير بتاريخ 2016/6/21في
الملف عدد .1403/2013/159
وبناء على األمر بتبليغ نسخة من مقال الطعن للمطلوبين وعدم جوابهم.
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على االعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 2018/07/03
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم
وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد محمد أسراج ،واالستماع الى
مالحظات المحامي العام السيد محمد فاكر.
وبعد المداولة طبقا للقانون:
حيث يستفاد من مستندات الملف أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية
بكلميم بتاريخ 2001/6/4تحت عدد ،56/1099طلب ،.........تحفيظ الملك المسمى
"ملك ورثة اورغي" ،المحددة مساحته في 5هكتارات و 25آ ار و 20سنتيا ار بصفتهم مالكين
426
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
له حسب عقد شراء والدهم العدلي عدد 193صحيفة 123المؤرخ في 1982/8/30من
البائع له المسمى ،....وإراثة والدهم عدد 746وتاريخ .2001/5/22
فسجل على المطلب المذكور تعرضان أحدهما بتاريخ (25/11/2005كناش 5عدد
)167صادر عن إدارة المياه والغابات ،مطالبة بكافة الملك المذكور باعتباره ملكا غابويا.
وبعد إحالة ملف المطلب المذكور على المحكمة االبتدائية بكلميم ،أصدرت بتاريخ
2011/2/24حكمها عدد 20في الملف عدد 07/83قضت فيه بعدم صحة التعرض
المذكور فاستأنفته المتعرضة ،وأيدته محكمة االستئناف المذكورة بمقتضى قرارها عدد 109
الصادر بتاريخ 2012/3/13في الملف عدد 2011/72الذي نقضته محكمة النقض
بطلب من المندوبية السامية للمياه والغابات والدولة المغربية بمقتضى قرارها عدد 8/109
الصادر بتاريخ 2013/2/26في الملف عدد ،2012/8/1/3808وأحالت القضية على
نفس المحكمة للبت فيه من جديد طبقا للقانون بعلة" :عدم اب ارزه من أين أستقي الطابع
اإليكولوجي لمحل النزاع الذي وصفه بأنه غابة اركان ،سيما وأن المحكمة لم تستجب
لملتمس الطاعنتين الرامي إلى إجراء معاينة على محل النزاع" .
وبعد اإلحالة وإجراء محكمة االستئناف المذكورة معاينة على محل النزاع عن طريق
انتداب رئيس المحكمة االبتدائية بكلميم أو من يقوم مقامه للقيام بها ،قضت بإلغاء الحكم
المستأنف وتصديا الحكم بصحة التعرض المذكور ،وهو القرار المطعون فيه بالنقض حاليا
من الطاعنين أعاله في الوسيلة الوحيدة عدم الجواب عن دفوعهم الموازي النعدام التعليل
وعدم االرتكاز على أساس قانوني :ذلك أنه كان على محكمة اإلحالة القيام بنفسها بالمعاينة
ال انتداب المحكمة االبتدائية بكلميم التي أصدرت الحكم االبتدائي للقيم بها حسب ما استقر
عليه العمل القضائي ،كما أن الطاعنين أدلوا بما يثبت أن المدعى فيه ليس ملكا غابويا ،وأن
تواجد إدارة المياه والغابات على األرض المجاورة بعقار النزاع إنما كان عن طريق المقايضة
بينها وبين المؤسسة الجهوية للبناء والتعمير "العمران" عن طريق االقتناء بمقايضة عقار
بعقار آخر ،وليس لكونه ملكا غابويا ،إال أن المحكمة لم تناقش ذلك ولم تجب عنه ،فضال
427
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
على أن العمل القضائي استقر على أن تواجد نباتات طبيعية النبت مجرد قرينة و ال يكفي
وحده إلضفاء صبغة الملك الغابوي على العقار في المدعى فيه من شأنه استبعاد القرينة
المنصوص عليها في ظهير .1917
لكن ردا على الوسيلة أعاله ،فإنه ليس ثمة ما يمنع قانونا انتداب محكمة أخرى أقل
درجة للقيام باألبحاث والمعينة ،طالما أن القاضي المنتدب لم يسبق له إبداء رأيه في نفس
النزاع ،وأن ثبوت وجود نباتات طبيعية النبت في العقار المدعي فيه قرينة على صبغته
الغابوية طالما لم يثبت ما يخالف ذلك بحجة أقوى ،ولذلك فإن المحكمة ،ولما لها من سلطة
في تقييم األدلة وإجراءات البحث التي قامت بها واستخالص قضائها منها ،فإنها حين عللت
قرارها بأن (( :األشجار المتواجدة بالعقار موضوع النزاع هي أشجار طبيعية النبت وتمتد
إلى األمالك المجاورة ،وأنه بمقتضى الفصل األول من ظهير 1917/10/10المتعلق
بالمحافظة على المياه والغابات ،فإن كل قطعة أرضية توجد بها أشجار طبيعية النبت
يفترض فيها أن تكون تابعة ألمالك الدولة الغابوية ،سواء وقع تحديد الملك الغابوي أم ال ،لم
يثبت عكس ذلك ،وأن المستأنف عليهم لم يدلوا بما يثبت كون النباتات المتواجدة بالعقار
موضوع النزاع هي نباتات غير طبيعية النبت،أو أنه تم غرسها من طرفهم ،وأن تمسكهم
بكون النباتات المذكورة متباعدة وغير كثيفة ال ينفي عن العقار الصبغة الغابوية ،مادامت
النباتات المتواجدة به طبيعية النبت ،وأن عقد الشراء المتمسك به من طرف المستأنف عليهم
وحيازتهم للعقار موضوع المطلب ال يمكنهما بأي حال من األحوال أن يكونا سببين في
اكتساب ملكي ته ،ألن أمالك الدولة ال تكتسب ملكيتها بالحيازة و لو طالت هذه الحيازة ،
فضال على أن رسم الشراء المذكور غير مستند على أصل التملك ويبقى حجة غير عاملة
في النزاع الحالي" .فإنه نتيجة لما ذكر يكون القرار المطعون فيه مرتك از على أساس قانوني
ومعلال وغير خارق للمقتضيات المستدل بها والوسيلة بالتالي غير جديرة باالعتبار.
لهذه األسباب
قضت المحكمة برفض الطلب وتحميل أصحابه الصائر.
428
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات
العادية بمحكمة النقض بالرباط .وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة:
محمد بلعياشي رئيس الغرفة ،رئيسا؛
والمستشارين :محمد أسراج :عضوا مقررا ،ومحمد ناجي شعيب ،ومحمد بوزيان،
ومحمد شافي: ،أعضاء .
وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة بشرى
راجي.
429
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
-اختالف األطراف حول مدى انطباق حججها على المدعى فيه يستوجب إجراء تحقيق
بالوقوف على عين المكان؛
-ب الرغم من أن األمر بإجراء خبرة أو تحقيق ،يتوقف على السلطة التقديرية للمحكمة،
فإن األمر بهذا اإلجراء يكون إلزاميا أحيانا.
بناء على مقال النقض المودع بتاريخ 2015/01/22من طرف الطالبين المذكورين
حوله بواسطة نائبهما األستاذ ........المحامي بهيئة تطوان ،والمقبول للترافع أمام محكمة
النقض ،والرامي إلى نقض القرار رقم 07/77الصادر بتاريخ 2007/05/22في الملف
عدد 00 / 1515عن محكمة االستئناف بتطوان؛
وبناء على مستندات الملف؛
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر ب تاريخ2016/11/21؛
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 2017/01/10؛
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم؛
وبعد تالوة التقرير من طرف المستشارة المقررة السيدة نادية الكاعم واالستماع إلى
مالحظات المحامي العام السيد نور الدين الشطبي الرامية إلى رفض الطلب.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
حيث يؤخذ من وثائق الملف ،ومن القرار المطعون فيه ،أن الطاعنين تقدما بتاريخ
1992/11/05لدى المحكمة االبتدائية بنفس المدينة بمقال افتتاحي عرضا فيه أنهما
يملكان شراء من أبناء ..........قطعتين أرضيتين تقعان بمدشر بوخالد فرقة الواد قبيلة
بني حزمار قيادة بن قريش بتطوان المسميتين "أغالل" و "بوحجر" الموصوفتين بالمقال ،وأن
430
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المطلوبة مصلحة المياه والغابات عمدت إلى تحرير محضر في مواجهتهما بالتعشيب داخل
غابة الدولة ،والتمسا الحكم باستحقاقهما للقطعتين المذكورتين ،وأرفقا المقال برسم شرائهما
عدد 255مع رسم تصحيح مساحته عدد 1004وبرسم ملكية البائعين لهما عدد 594
وبرسم ملكية آلل جماعة أبي خالد الحزمريون مؤرخة عام 1282هجرية ،مع استفسار
شهودها و بأخرى مستفسرة مؤرخة في منتصف صفر الخير عام .1314وأجاب المطلوبون
بأن األرض موضوع الدعوى جزء من الملك الغابوي المسمى غابة بوخالد ذو الرسم الخليفي
رقم .1359وأرفق الجواب بالرسم المذكور مع ترجمته وبتصميم طبوغرافي وبمحضر تسليم
مؤقت رقم 38مع ترجمته وبتقرير جنحة الترامي على ملك الغير .وبعد أن أمرت المحكمة
بإجراء خبرة أنجزها الخبير بنعبود محمد سعيد والذي خلص في تقريره إلى أن القطعتين محل
النزاع تشكالن قطعة واحدة وال تنتميان للملك الغابوي وال يحدهما ملك الدولة وأن الرسم
الخليفي والتصميم المدلى به ال يفيدان شيئا .وبعد انتهاء األجوبة والردود أصدرت المحكمة
االبتدائية حكما بتاريخ 1995/04/10في الملف عدد 7/92/537قضى« :باستحقاق
المدعيين للقطعتين األرضيتين بوحجار وأغالل الكائنتين بدوار بوخالد قبيلة بني حزمار
قيادة بن قريش إقليم تطوان» ،واستأنفه المطلوبون مجددين دفوعاتهم .وأرفق مقالهم
بنسختين لحكمين جنحيين وصمم الطاعنان على طلبهما ،فقضت محكمة االستئناف بقرارها
الصادر بتاريخ 1996/10/10في الملف عدد « : 95/1201بإلغاء الحكم المستأنف
والحكم من جديد برفض الدعوى" ،نقضته محكمة النقض بطلب من الطاعنين بقرارها عدد
2452الصادر بتاريخ 2000/06/07في الملف عدد 97/4/1/2178بعلة « :أنه
يتجلى من القرار المطعون فيه أنه أشار في تعليله لما قضى به إلى ما ورد في الفرع من
الوسيلة إذ جاء فيه أن رسم شراء المستأنف عليهما يذكر أنهما اشتريا مرجعين وهذا ال
يعدو أن تكون مساحتهما أقل من هكتار واحد ،مما يدل على أنهما استغال فرصة
تواجدهما بعين المكان اعتمادا على رسم شرائهما ليستوليا على أرض شاسعة هي ملك
للدولة ،مما يجعله مشوبا بعيب التناقض في التعليل الموازي النعدامه » ،وبعد اإلحالة،
431
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
أمرت المحكمة بخبرة أنجزها الخبير حمو الهبري والذي انتهى في تقريره إلى أن شراء
الطاعنين يقع داخل الرسم الخليفي أوأنه يتعلق بقطعتين متجاورتين ويفصلهما خندق
ويشتمالن على مجموعة من األشجار المغروسة وثالثة آبار ومسكنين وبيت للحارس ،وأن
أرض بوحجر محدودة من جهة الشرق بأرض .......وتحدها حاليا من جهة الغرب أرض
الطاعن ........وبعد أن أمرت المحكمة بإجراء بحث في النازلة صرح خالله الشاهدان
الحاضران أن الملك المدعى فيه ملك للطاعنين اشترياه من أصحاب الملكية المتصرفين في
أرض النزاع أبا عن جد ،وأنها تحد بأمالك الخواص .وبعد استنفاد أوجه الدفع والدفاع قضت
محكمة االستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والحكم تصديا برفض الدعوى» ،وهو القرار
المطعون فيه بالنقض بمقال تضمن وسيلة وحيدة ولم يجب المطلوبون.
في شان الوسيلة الوحيدة:
حيث يعيب الطاعنان القرار بخرق مقتضيات الفصل 45من ظهير 1913/8/12
وبالتناقض في التعليل وبانعدامه وانعدام األساس القانوني ،ذلك أن المحكمة مصدرته لم تشر
إلى تالوة المستشار المقرر أو عدمه ،مما يؤكد عدم تالوته ويشكل خرقا لقاعدة إجرائية آمرة
منصوص عليها في الفصل المذكور ،ولم يصادف القرار الصواب فيما قضى به لما اعتبر
الرسم المدلى به من طرفهما متعلقا بهما والحال أنه مثبت للتصرف والحيازة الهادئة والعلنية
لعدد من األسر والعائالت الموجودة بمدشر بوخالد لألراضي الواقعة تحت يدهم أنجزوه بعد
أن تعرض مدشرهم للحريق في عهد الحماية تسبب في إتالف رسومهم وملكياتهم .والقرار
أيضا لم يصادف ا لصواب لما اعتبر الرسم الخليفي حجة لها قوتها الثبوتية والحال أنه بعد
ظهير 1977/9/19لم يعد سوى رسم ملكية عادية تخضع لقواعد الترجيح ،وهذه يعتمد فيها
على األقدمية في تاريخ التملك وحججهما أقدم تاريخا لتوفرها على وجه مدخل تزيد مدته عن
قرن وربع من الزمان ،وأن محضر التسليم حجة صادرة من طرف واحد هي الدولة ،وتتعلق
باألراضي الغابوية الواقعة بأعلى الجبل ،وهي غير أرضهما الفالحية الثابتة الحيازة فيها
بشروطها لمالكها قبل تاريخ تحرير الرسم الخليفي ،وأن الحيازة لم يسبق أن كانت بيد
432
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المطلوبة ،خالفا لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ،إذ انهما أثبتا التصرف بجميع أنواعه
والحيازة لجميع عائالت المدشر لألراضي التي يملكونها أبا عن جد ،وذلك بالرسم المؤرخ
عام 1282هجرية ،إال أن المحكمة اعتبرت البائعين لهما لم يحصلوا على الملكية إال سنة
،1972والحال أن ادعاء الملكية يقع على المطلوبة وأن المحكمة رغم استبعادها لوثائقهما
فقد اعترفت بها بأن اعتبرتهما قد استغال رسم تملكهما للتوسع في الملك على حساب أرض
الدولة ،وهو ما يعد تناقضا في التعليل ،وأنها لما استبعدت تقرير الخبرة كان عليها إجراء
خبرة مضادة أو الوقوف على عين المكان ،ثم إنه كان عليها اعتبار نفس التعليل في قضية
مماثلة تم اإلدالء بحكم صدر فيها استشهد من خالله طالبو االستحقاق ألرض تقع بمدشر
ابوخالد قبيلة بني حزمار بملكية ترجع لسنة 1992وبمدخل ملكهم يرجع لسنة 1261
هجرية وأثبتت الخبرة في كال القضيتين أن األرض فالحية وتحد بالخواص ،وأكد الشهود
ال مستمع إليهم أنهما حائزين ومالكين للمدعى فيه ،منذ أمد بعيد وأن األمر ال يتعلق بأرض
غابوية ،مما يتعين معه لذلك نقض القرار.
حيث صح ما عابه الطاعنان على القرار ،ذلك أن اختالف األطراف حول مدى
انطباق حججهما على المدعى فيه يستوجب إجراء تحقيق بالوقوف على عين المكان ،ولما
كان ذلك وكانت الخبرة المنجزة ابتدائيا قد أثبتت بأن القطعتين األرضيتين محل النزاع ال
تنتميان للملك الغابوي ،وال يحدهما ملك الدولة ،وأن الخبرة المنجزة في مرحلة االستئناف
أثبتت أنهما تقعان داخل ملك المطلوبة ،وأن كل واحد من الطرفين يدعي أن حجته هي
األولى باالنطباق ،فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما عدا نظرها على الفصل في
النقطة محل الخالف بإجراء تحقيق بالوقوف على عين المكان ولو صحبة خبير مساح
لتحديد حدود المدعى فيه وتطبيق حجة الطاعنين وحجة المطلوبة مع بيان طبيعة المدعى
فيه ومعاينة ما به من أغ ارس وأشجار ومدى عالقته بالملك الغابوي لتبني حكمها على ما
انتهى إليه تحقيقها ،تكون قد عللت قرارها ناقصا وهو بمثابة انعدامه مما يتعين نقضه .
433
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
حيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس
المحكمة.
لهذه األسباب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه ،وإحالة القضية وطرفيها على نفس
المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون ،وعلى المطلوبين المصاريف.
كما قررت إثبات قرارها بسجالت المحكمة المصدرة له ،إثر الحكم المطعون فيه أو
بطرته.
وبهذا صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط .وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
السيد حسن منصف رئيسا ،والمستشارين السادة :نادية الكاعم مقررة ،وعبد الواحد جمالي
اإلدريسي ومصطفي نعيم والمصطفى النوري أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد نور
الدين الشطبي وبمساعدة كاتبة النبيط السيدة ابتسام الزواغي.
434
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
-متى ثبت الملك للدولة ،فإن ما يدلي به الطرف اآلخر من حجج عديمة األثر؛
-يكفي إلثبات الملك الغابوي ،ثبوت القرينة القانونية الغابوية؛
-تغيير معالم الملك بإزالة الغطاء النباتي ال يؤثر على القرينة الغابوية.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2015/06/04من طرف الطالبات أعاله بواسطة
نائبهن المذكور والرامي إلى نقض القرار رقم 213الصادر عن محكمة االستئناف بطنجة
بتاريخ 2014/06/26في الملف عدد.1401/2011/153
وبناء على األمر بتبليغ نسخة من مقال الطعن للمطلوب ضدهم وعدم الجواب.
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في.2017/09/18
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 2017/10/24
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد محمد شافي ،واالستماع إلى
مالحظات المحامي العام السيد محمد فاكر.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف ،أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية
بتطوان بتاريخ 1979/06/04تحت عدد / 1256ت طلب ...الكاللي نيابة عن بناته
....تحفيظ العقار المسمى "سعيدة "2الكائن بقيادة الفنيدق جماعة انجرة فرقة الغابة إقليم
تطوان بالمحل المدعو " الحومة" المحددة مساحته في هكتارين و 25آ ار بصفتهن مالكات له
على الشياع سوية بينهن حسب الملكية المضمنة بعدد 581المؤرخة في 1978/10/11
435
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
االستئناف قرارها بإلغاء الحكم المستأنف وبعد التصدي الحكم من جديد بصحة تعرض الدولة
المغربية ومن معها على مطلب التحفيظ عدد 19/1256وذلك في خصوص الجزء من
جهته الشرقية .وهو القرار المطعون فيه بالنقض من الطاعنات حاليا في الوسيلة الفريدة
بعدم ارتكاز القرار على أساس قانوني وانعدام التعليل ،ذلك أن المحكمة عللت قرارها بأنه
أثناء وقوفها بعين المكان وولوجها للجزء المكسو بالنباتات وجدت آثا ار لحريق سابق طال
ذلك الجزء من خالل جذور وأشجار وأعواد متفحمة مما يوحى بأن الجزء المتنازع حوله كان
مشج ار ومن ثمة فإنه متى ثبت أن المدعى فيه تكسوه أشجار طبيعية النبت فإن ذلك هو ما
يجعل القرينة المقررة لفائدة الدولة حسبما تقتضيه الفقرة األخيرة من الفصل 1مكررة مثبوتة
وأنه متى ثبت الملك للدولة فإن ما يدلي به الطرف اآلخر من حجج يبقى عديم األثر
القانوني" .مع أن المحكمة ال تحكم إال بناء على يقين قطعي ال احتمالي كما أن هناك
تناقضا صارخ بين الوقائع الموثقة بالبحث والنتائج المستنبطة من قاضي الموضوع .إذ أن
المقدمات كما هي مدونة بالحكم تفيد أن القطعة موضوع النزاع بها نبت طبيعي ينمو على
كل أرض لم تستغل وهو نفس النبت الموجود بالمناطق اآلهلة بالسكان والعقارات المحفظة
المجاورة ألرض النزاع وخاصة العقار موضوع الرسم العقاري عدد 19/3294وعاينت بعض
االشجار المحروقة في أقصى الشمال الشرقي وفي المقابل فإن المحكمة لم تقف إال على
آثار لحريق سابق طال الجزء من خالل أشجار وأعواد متفحمة ،وأن الملك الغابوي تتحقق
حمايته من خالل التحديد االداري والتحفيظ العقاري وأنه الشيء يميزه عن األشخاص
العاديين نظ ار لتشابه نظام الملك الخاص للدولة مع نظام ملك الخواص وبذلك تكون
المحكمة قد غلبت قرينة بسيطة على حجة الملك وأهملت قواعد الترجيح بين الحجج فالقرار
المطعون فيه يقر بأن رسم شراء الطاعنات أسس على رسم ملكية أقرت فيه الدولة أن المبيع
ال يدخل ضمن أمالكها وال األمالك الحبسية وال الساللية ،وأن حدوده في جميع الجهات
أمالك خاصة ،وان النبت الطبيعي الذي يتواجد بها هو نفسه المتواجد بالرسوم العقارية التي
تحيط بالمدعى فيه ويقر أن رسوم الملك المدلى بها من قبلهن أقدم تاريخا من مشروع
437
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
التحديد االداري وهذا يعد كافيا للتصريح بعدم صحة تعرض الدولة هذا فضال عن أن رسم
الشراء والتملك المدلى به من الطاعنات محدد تحديدا نافيا للجهالة بخالف بينة المطلوبين
في النقض التي جاءت مجملة ومبنية على الظن ،كما أن ممثل المياه والغابات صرح
للمحكمة بأنه هو الحارس حاليا وليس سابقا من تاريخ تملك الطاعنات وهو خصم ال يجوز
األخذ بتصريحاته كما أن شروط الحيازة كما هو منصوص عليها في الفصل 240من
مدونة الحقوق العينية غير متوافرة بدليل أن إدارة المياه والغابا لمثبت الحراسة واالدارة
للمدعى فيه بمقبول ولم تثبت أن الناس ينسبون المدعى فيه لها وال مالك له وأنه لم ينازعها
فيه أحد.
لكن ،ردا على الوسيلة أعاله فإنه خالفا لما تنعاه الطاعنات على القرار المطعون فيه
فإن المحكمة تقيدت بالنقطة القانونية التي بتت فيها محكمة النقض بمقتضى قرارها أعاله ،
وأنها غير ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي أقوالهم التي ال تأثير لها على قضائها وأنه
بما لها من سلطة في تقييم األدلة المعروضة عليها وكذا نتيجة األبحاث التي تقوم بها فإنها
حين عللت قضاءها "بأن المحكمة عند وقوفها على عين المكان وولوجها للجزء المكسو
بالنباتات وجدت آثا ار لحريق سابق طال ذلك الجزء من خالل وجود أشجار وأعواد متفحمة
وقد تم توثيق ذلك بالصور ،مما يوحي أن الجزء المتنازع حوله كان مشجرا.
ومن ثمة فإنه متى ثبت أن المدعى فيه تكسوه أشجار طبيعية النبت فإن ذلك هو ما
يجعل القرينة المقررة لفائدة الدولة حسبما تقتضيه الفقرة األخيرة من الفصل األول مكرر "ج"
ثابتة ،وأنه متى ثبت الملك للدولة فإن ما يدلي به الطرف اآلخر من حجج عديمة األثر
القانوني .وأنه بالرجوع الى رسم الملكية المؤسس عليه رسم شراء طالبات التحفيظ تبين
للمحكمة أنه حرر بعد ثبوت كون العقار موضوع الملكية ليس بملك للدولة و ال للجماعة و
ال لألحباس ،وأن العقار موضوع رسم الملكية يحد من جميع جهاته بالخواص والطريق ،غير
غابوي حسبما تظهره الصور ،وأنه إذا كان رسم الشراء ورسم الملكية المؤسس عليه أقدم
تاريخا من تاريخ مشروع التحديد االداري فإن ذلك ال أثر له على الملك الغابوي الذي يكفي
438
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
في إثباته ثبوت القرينة القانونية على غابوية العقار من خالل الغطاء النباتي الطبيعي الذي
يكسوه وأنه بناء على كل ما ذكر تبين للمحكمة أن جزءا من مطلب التحفيظ يدخل جزئيا من
جهته الشرقية والذي حدده الخبير بواسطة آلة " "G.P.Sفإنه نتيجة لما ذكر كله يكون قرارها
معلال كافيا ومرتك از على أساس والوسيلة أعاله غير جديرة باالعتبار.
لهذه األسباب
قضت المحكمة برفض الطلب وبتحميل صاحباته الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات
العادية بمحكمة النقض بالرباط .وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة :محمد بلعياشي.
رئيسا .والمستشارين :محمد شافي .مقررا .ومحمد ناجي شعيب ،ومحد أسراج ،ومحمد
بوزيان .أعضاء .وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر .وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة
بشرى راجي.
439
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
ملك الدولة (العام والخاص) غير قابل للتملك بالحيازة مهما طال أمدها ،وأن موجب
المنازعة في التشجير ال يعد دليال للملك؛
الحيازة والطبيعة النباتية المشتمالت المدعى فيه قرينتان على الملك الغابوي؛
ال موجب إلجراء تحقيق جديد مادامت المعطيات الواقعية متوافرة في الملف.
بناء على مقال االستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق
المدرجة بالملف.
وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي وقعت تالوته في الجلسة.
وبناء على األمر باالستدعاء والمبلغ قانونا الى الطرفين.
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 134وما يليه والفصل 328وما يليه والفصل 429من
قانون المسطرة المدنية .والفصول 32وما يليه من ظهير التحفيظ العقاري والفقه المعمول به
وظهير عاشر أكتوبر 1917المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغاللها؛
وبناء على مستنتجات النيابة العامة الرامية إلى تطبيق القانون؛
وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي وقعت تالوته في الجلسة؛
وبعد االستماع الى مستنتجات النيابة العامة والمداولة طبق القانون؛
وبناء على المقال االستئنافي المقدم من طرف الطاعنين بهذا القرار بواسطة وكيلهم
لدى ابتدائية تطوان بتاريخ 1996 - 07 - 17الرامي الى استئناف الحكم الصادر عن
نفس المحكمة بتاريخ 1996/05/20بالملف العقاري عدد 10/1992/23القاضي فيما
قضى به بعدم صحة تعرض المندوبية السامية للمياه او الغابات والدولة المغربية على
440
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مطلب التحفيظ عدد 6476ط /ت وتحميلها الصائر وإرجاع هذا المطلب ووثائقه الى
المحافظة العقارية بتطوان إلتمام اإلجراءات بعد صيرورة هذا القرار باتا.
وبناء على وثائق الملف والحكم المستأنف أن السيد .........تقدم بمطلب تحفيظ عدد
6476ط /ت لدى المحافظة العقارية بطنجة سابقا (حاليا بتطوان) بتاريخ - 05 - 06
1970رمي الى تحفيظ القطعة األرضية الفالحية المسماة السابقة الرفادة بحي الداليا
وبمناسبة المطلب أطلق عليها " تيزى الكنز " 2الكائنة بجماعة تغرامت دائرة جبالة أحواز
تطوان تحد شماال بوغاز جبل طارق ،شرقا الملك موضوع مطلب التحفيظ عدد 6475ط
المتابعة مسطرته في نفس طالب التحفيظ ........وشركة المغرب للسياحة وجنوبا هذه
الشركة األخيرة وغربا الملك الجماعي الدالية .وصرح بالمطلب بأن مساحة هذه القطعة
خمسة هكتارات ،بينما أفاد التحديد المنجز يوم 1970 -06-03المنشور محضره بالجريدة
الرسمية عدد 3064بتاريخ 1971 -7 – 21بأن مساحة هذا الملك موضوع المطلب
المذكور عشرون هكتا ار و 13ا ار ( 20هـ 13ار).
وعضد هذا المطلب بملكية مؤرخة في 1969/08/02مضمنة تحت عدد 592
صحيفة 472كناش األمالك رقم 04في 1969/08/04توثيق تطوان باسم ..........ي
تتصرف في القطعة موضوعها لمدة عشر سنوات باستثناء األبنية العائدة للغير ،وشراء
طالب التحفيظ من هذه المالكة مؤرخ في 1969/09/06مضمن تحت عدد 616صحيفة
492كناش األمالك رقم 04في .1969/09/27
ودونت على هذا المطلب ثالث تعرضات مقبولة من ضمنها التعرض الكلى المدون
بتاريخ 1971 /03/15كناش 04عدد 146والذي تحول الى تعرض جزئي مدون بتاريخ
1984/12/20كناش 04عدد 41وبتاريخ 1990 .11 - 21كناش 06عدد 258
مضمنه حصر التعرض في قطعتين األولى مساحتها ست هكتارات وتسعة عشر ا ار وسنتيار
واحد ( 6هـ 19ار 01س ) المحدودة بالعالمات باء ..... - 4وباء 4مشار اليها
بالخريطة العقارية للتحديد التكميلي المنجز يوم 1981/09/15بالمعلم( /1والثانية مساحتها
441
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
سبع هكتارات وتسعة وثمانون سنتيا ار وثالث سنتيارات ( 7هـ 89ار 03س) تحد
بالعالمات وفق محضر التحديد المؤرخ في 1981/09/15باء .... - 25وباء 25مشار
اليها بالخريطة العقارية للتحديد التكميلي المذكور المؤرخ في 1981/09/15بالمعلم .2
وبعد اإلحالة للمطلب المذكور على ابتدائية تطوان ،وإجراء معاينة على محل النزاع
قضت وفق حكمها المذكور .فاستأنفته الطاعنة بهذا القرار لدى استئناف تطوان التي قضت
بعد إجراء بحث وخبرة على موضوع النزاع بواسطة الخبيرين محمد سعيد وبناصر التاغي
وبعد ضم الملفات الستة عدد 1274و 1275و 1354و 1355و 1492الكل لسنة 1996
و 557 / 1997بتأييد الحكم المستأنف وفق القرار عدد 1312الصادر بتاريخ
2000/11/16بالملفات الستة المضمومة .فطعنت في ذلك الدولة المغربية لدى محكمة
النقض ،التي قضت بنقضه وفق قرارها عدد 819الصادر بتاريخ 2002 - 03 - 06
بالملف عدد 2001/1/1/414لعلة عدم استدعاء الطاعنة .وبعد اإلحالة على نفس
المحكمة قضت هذه األخيرة وفق القرار الصادر في 2002 - 9 - 12بالملف عدد
2002/695بالتأييد .فطعنت فيه الدولة المغربية بالنقض لدى محكمة النقض التي قضت
وفق قرارها عدد 497الصادر في 2004/02/18بالملف عدد - 1 - 1 - 4182
2002بنقضه لعلة ضم ملفات غير متعلقة بحكم واحد وعدم البت في االستئناف المتعلق
بالحكم االبتدائي الصادر في الملف عدد 1992/23وأحال القضية على محكمة االستئناف
بطنجة التي قضت بعد فصل الملفات عدد 1996/1274و 1996/1355و 1997/577
موضوع استئناف الحكم االبتدائي الصادر بالملف عدد 1992/23المتعلق بالمطرب عدد
6476ط عن الملفات االستئنافية عدد 1996/1354و 1996/1492و 1996/1275
موضوع استئناف الحكم االبتدائي الصادر بتاريخ 1996 - 5 - 20في الملف عدد
10/1992/24المتعلقة بمطلب التحفيظ عدد 6475ط للبث في مطلب على حدة .
قضت بعد تخصيصها للمطلب المذكور الملف عدد 49/2007/08وفق قرارها رقم
253الصادر بتاريخ 2009/03/05بالملف االخير بتأييد الحكم المستأنف.
442
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
فتم الطعن فيه بالنقض من لدن الطاعنين بهذا القرار لدى محكمة النقض التي قضت
وفق القرار عدد 3060الصادر بتاريخ 2012 - 6 - 19بالملف المدني عدد - 4168
2010 - 1 - 1بنقض القرار االستئنافي المذكور لعلة أن حيازة الطاعنة للمدعى فيه عن
طريق تشجيره ومراقبتها له بواسطة تابعيها وقيام أعشاب وأشجار طبيعية به تعدان قرينتان
دالتان على الملك الغابوي ال يجوز دحضهما إال بإثبات العكس بواسطة حجج قوية .وأن
المعاينة والخبرة اكدتا هذا الواقع وليس بهما ما يفيد انطباق حجج طالب التحفيظ على عقار
المطلب انطباقا تاما .بل إن هذه الخبرة تفيد أن مساحة المطلب تفوق المساحة المدونة بهذا
الحجج ،وأعد الخبيران المذكوران خريطة بيانية اوضحا فيها األجزاء غير المشمولة بأشرية
طالب التحفيظ األمر الذي كان معه القرار المطعون فيه فاسد التعليل .وتم إحالة الملف
المذكور على هذه المحكمة.
وبناء على مستنتجات المستأنفين بواسطة وكيلهم بأن قرار النقض رسم النقط القانونية
للفصل في النزاع ملتمسين الحكم وفق مقالهم االستئنافي.
وبناء على مستنتجات المستأنف عليه بعدة مذكرات مغزاها بأن تواجد النباتات الطبيعية
بالمدعي فيه ال يكفي لوصف المدعى فيه بالملك الغابوي ،وأن مراقبة وإشراف الطاعنة على
المدعي فيه ال يكسبه لباس الملك الغابوي ،باعتبار أن ذلك من صميم عملها وفق الفصل
24من ظهير . 1917/10/10وأن حججه منطبقة على المدعى فيه وفق محضر المعاينة
والخبرة السابقتين .وأن األشجار المتواجدة بالمدعى فيه من صنع الطاعنة وغريمتها وإرادتها،
ومن ثم ينتفي عن هذا العمل وصف النبات الطبيعي .وأن المتعرضة فاقدة الدليل إلثبات
تعرضها ،ملتمسا أساسا تأييد الحكم المستأنف واحتياطيا إجراء تحقيق قضائي بمعاينة أو
خبرة للتأكد من قرائن الملك الغابوي على المدعى فيه .وبناء على ردود األطراف التي ال
يخرج مضمنها عما سبق إثارته.
وبناء على حجز الملف للمداولة بجلسة 1014/11/25بعد إعالم وكالء أطراف النزاع
واعتبار القضية جاهزة.
443
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
444
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وأن ال موجب إلجراء تحقيق جديد مادامت المعطيات الواقعية متوافرة في الملف.
وحيث أن مؤيدات المستأنف عليه غير مجدية مما يتعين ردها .وحيث أن أوجه االستئناف
ومؤيداتها مرتكزة على أساس مما يبرر مسايرتها .وحيث أن خاسر الطعن يتحمل صائره.
لهذه األسباب
إن محكمة االستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا انتهائيا:
في الشكل :بقبول االستئناف.
في الموضوع :بإلغاء الحكم المستأنف جزئيا وبعد التصدي الحكم بصحة تعرض ممثل
الدولة للمياه والغابات المدون بتاريخ 1984 - 12 - 20كناش 04عدد 41وبتاريخ 21
1992 - 11 -كناش 06عدد 258على مطلب التحفيظ عدد 6476ط /ت وتحميل
المستأنف عليه الصائر ،وإرجاع هذا المطلب ووثائقه الى المحافظة العقارية بتطوان إلتمام
اإلجراءات بعد صيرورة هذا القرار باتا.
445
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الضرب والجرح المفضي إلى موت الموروي دون نية إحداثه مانع من اإلري ــ نعم؛
إن المعتبر في القتل المانع من اإلري ،نية االعتداء لدى القاتل ،ولو لم يكن يقصد
إزهاق روح الموروي ،طبقا للفقه المالكي وللمادة 333من مدونة االسرة من أن
"من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يري من ماله.
وبعد المداولة طبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية
بقرية با محمد بتاريخ 1990/04/06تحت عدد ، 37/486طلب ه م بن أحمد ومن
معه تحفيظ الملك المسمى "الحارة" الكائن بإقليم تاونات ،دائرة قرية با محمد ،جماعة بني
سنوس ،والمحددة مساحته في 54هكتا ار و 24آ ار و 15سنتيا ار بصفتهم مالكين حسب 22
رسما عدليا مؤرخين على التوالي في 6 ،1960/03/22 ،1965/04/27ربيع األول
19 ،1377صفر 15 ،1377محرم 15 ،1375شعبان ،1970/12/23 ،1367
6 ،1956/11/19صفر 17 ،1970/12/29 ،1376ربيع األول 11 ،1369ربيع
الثاني 18 ،1974/04/09 ،1377شوال 19 ،1360ربيع الثاني 18 ،1361ذو القعدة
12 ،1355شوال 16 ،1965/09/23 ،1343جمادى األولى 13 ،1383ذو الحجة
،1365و .1990/01/16فسجلت على المطلب المذكور ثالثة تعرضات أحدها التعرض
المضمن بتاريخ ( 1991/02/15كناش 2عدد )379والصادر عن ه ع بن أحمد مطالبا
بحقوق مشاعة في الملك المذكور قدرها 7أجزاء من اصل 16جزءا انجرت له إرثا حسب
اإلراثة المؤرخة في 1990/03/27والرسم العدلي المؤرخ في .1990/12/24
446
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة االبتدائية بفاس ،أصدرت حكمها رقم 51
بتاريخ 2006/02/09في الملف عدد 2004/134بعدم صحة التعرض المذكور .فاستأنفه
المتعرض المذكور وأيدته محكمة االستئناف بفاس بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض
من الطاعن أعاله بوسيلتين اثنتين.
حيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة األولى بعدم االرتكاز على أساس قانوني ذلك
أنه أسس قضاءه على كون قتله لوالده ثابت بموجب القرار الجنائي القاضي عليه بعشر
المفضيين إلى الموت ،والحال أن القرار سنوات سجنا نافذا من أجل الضرب والجرح
الجنائي قضى في منطوقه بمؤاخذته من أجل جناية الضرب والجرح العمديين المفضيين إلى
الموت دون نية قتله بمعنى أن عنصر العمد والذي يعتبر شرطا للمنع من اإلرث عمال
بالفصل 333من مدونة األسرة ولما سار عليه فقهاء المالكية غير متوفر في قتله لوالده إذ
لم تكن له نية إحداثه ،وأن القرار بذلك لم يكن معلال تعليال قانونيا.
ويعيبه في الوسيلة الثانية بخرق القانون ذلك أنه استند فيما قضى به على مقتضيات
الفصل 333من مدونة األسرة والحال أن الفصل المذكور نص صراحة على أن "من قتل
موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يرث من ماله وال يحجب وارثا من قتل موروثه خطأ ورث
من المال دون الدية وحجب" ،وأنه أوضح للمحكمة بأنه لم يقتل والده عمدا مستشهدا بالقرار
الجنائي الذي أدانه من أجل الضرب والجرح المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه
لكن ،ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما ،فإن المعتبر في القتل المانع من اإلرث ،نية
االعتداء لدى القاتل ،ولو لم يكن يقصد إزهاق روح الموروث ،وذلك لما سار عليه المالكية
إلى أن من تعمد الفعل المؤذي الذي يفضي الى موت الضحية يعد قاتال ولو كانت اآللة
التي استعملها ال تقتل عادة ولكنها قتلت لضعف في المضرور ،إذ العبرة عندهم بتحقق
النتيجة والعدوان في األمر الذي أدى إليه ،فقد جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير
''وال يرث قاتل لموروثه عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة تد أر عنه القصاص كرمي الوالد ولده
بحجر فمات منه ،فالضمير في أتى للقاتل ال بقيد العدوان ،إذ ال عدوان مع الشبهة وقد يقال
447
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
جعله عدوانا من حيث التعمد'' ،وهو ما أكدته المادة 333من مدونة األسرة حين نصت بأن
"من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يرث من ماله" ،وأنه يكفي المحكمة بما لها من
سلطة تقديرية ،أن تعتمد القرار الجنائي القاضي بإدانة الطاعن من أجل جناية الضرب
والجرح العمديين لتتحقق لها نية االعتداء لدى الطاعن الذي نتجت عنه وفاة موروثه المانعة
من اإل رث ،ولذلك فإنها حين عللت قضاءها بأن "قتل المستأنف لوالده ثابت بموجب القرار
الجنائي الصادر عن غرفة الجنايات رقم 351بتاريخ 1982/10/14في الملف الجنائي رقم
82/19والقاضي عليه بعشر سنوات سجنا نافذا من أجل الضرب والجرح العمديين
المفضيين إلى موت والده ،وعليه فإن فعله هذا يدخل ضمن القتل العمد ،ومن ثم فإن
المستأنف ال يرث في والده أي شيء من متخلفه وإن أتى بشبهة حسب المنصوص عليه في
المادة 333من مدونة األسرة '' .فإنه نتيجة لما ذكر كله كان القرار مرتك از على أساس
قانوني وغير خارق للمقتضيات المحتج بها ،والوسيلتان معا بالتالي غير جديرتين باالعتبار.
لهـذه األسبـاب
قضت المحكمة برفض الطلب وتحميل صاحبه الصائر.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات
العادية بمحكمة النقض بالرباط .وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة :محمد بلعياشي ـ
مقرر .ومحمد طاهري جوطي ،ومحمد بوزيان،
ا رئيسا .والمستشارين :محمد ناجي شعيب ـ
ومحمد شافي ـ أعضاء .وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر .وبمساعدة كاتبة
الضبط السيدة بشرى راجي.
448
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
تنشأ العطية الصحيحة بالنسبة للعقار المحفظ وتكون نافذة متى تحققت فيها إحدى
الحيازتين الفعلية أو القانونية قبل حصول المانع.
بناء على عريضة النقض المودوعة بتاريخ 27دجنبر 2016من طرف الطالبين
المذكورين حوله بواسطة نائبهم األستاذ مومن تميم والرامية إلى نقض القرار رقم 187
الصادر بتاريخ 2016/06/23في الملف عدد 15/1402/34عن محكمة االستئناف
بالجديدة.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ 2017/06/16من طرف المطلوب في
النقض بواسطة نائبه األستاذ سعيد الهسوسي والرامية الى رفض الطلب.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في .2019/01/15
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العالنية المنعقدة بتاريخ
.2019/02/05
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد المصطفى بوسالمة واالستماع
إلى مالحظات المحامي العام الرامية إلى رفض الطلب.
449
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المدة الفاصلة بين تاريخ إنجاز الصدقة وتاريخ وفاة المتصدقة ،ثم إن المحكمة اعتمدت
تصريحات الشهود الفضفاضة واستبعدت البينة العدلية ،والتمسوا نقض القرار.
لكن حيث إن العطية تنشأ صحيحة وتكون نافذة متى تحققت فيها إحدى الحيازتين
الفعلية أو القانونية قبل حصول المانع .والمحكمة لما قضت برفض طلب التشطيب على
رسم الصدقة ،وعللت ا لرد عن الدفع بعدم الحيازة بما ثبت لها من وثائق الملف ومن نتيجة
البحث الذي أجرته واستمعت خالله للشهود بأن المطلوب هو من كان يحوز ويتصرف في
المتصدق به بعد الصدقة وقبل حصول المانع بوفاة المتصدقة في ،2011/08/24فإنها
بذلك أسست لقرارها ولم تخرق قواعد اإلثبات .ويبقى ما بالنعي غير مؤسس ويتعين رده
ورفض الطلب.
لهــذه األسبــاب
قضت محكمة النقص برفض الطلب وعلى الطالبين المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي في بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد
بنزهة رئيسا ،والسادة المستشارين :المصطفى بوسالمة مقر ار وعمر لمين وعبد الغني العيدر
وعبد العزيز وحشي أعضاء .وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي وبمساعدة
كاتبة الضبط السيدة فاطمة أوبهوش.
كاتبة الضبط المستشار المقرر الرئيس
451
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
-إن الخرق المسطري المعتبر كسبب للنقض بمقتضى الفصل 359من قانون المسطرة
المدنية ،هو الذي يترتب عنه ضرر للطرف المعني؛
-الدفع بالتقادم ألول مرة أمام محكمة النقض غير مقبول؛
-صدقة العقار غير المحفظ ال تصح إال بحوزه الفعلي من قبل المتصدق عليه في حياة
المتصدق وصحته وكمال أهليته وعدم إحاطة الدين بماله.
452
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المرحوم ....الذي كان يملك قيد حياته البقعة الفالحية الكائنة بمزارع العراية دائرة سيدي
بنور ،مساحتها 28خداما ،يحدها قبلة ورثة ،......شماال ورثة ،....يمينا ،.....ولما
رغب في الحصول على نصيبه فيها ،فوجئ بأنها شكلت موضوع رسم صدقة عدلي مضمن
بعدد 178صحيفة 95عقده بشـأنها المرحوم المذكور لفائدة الطالبين " "....و " "...بتاريخ
،1999/01/27وبما أن المتصدق كان خالل الفترة الفاصلة بين تاريخ التصدق وتاريخ
وفاته مريضا مرضا أدى إلى وفاته حسبما باإلشهاد عدد 158صحيفة 119وتاريخ
،2002/07/08واعتبا ار لكونه استمر حائ از للمدعي فيه إلى أن مرض فأسند ذلك البنه
....بموجب توكيل منه له ،وأن المتصدق عليهما لم يحو از عقار النزاع حيازة فعلية قيد حياة
المتصدق ،وبما أن عقود التبرع ومنها ال صدقة يشترط لصحتها الحوز بمعاينة العدلين قبل
حصول المانع ،أي وفاة المتصدق ،وهو الشرط الغائب في النازلة ،فقد التمس الحكم ببطالن
رسم الصدقة المشار إلى مراجعه أعاله مع ما يترتب عن ذلك قانونا ،وأرفق المقال برسم
التعريف بالصدقة المطعون فيها وبنسخة لرسم إراثة المرحوم ،....وبعدما لم يجب دفاع
المدعى عليه رغم اإلمهال ،قضى الحكم االبتدائي عدد 236وتاريخ 2016/04/07في
الملف رقم 15/684بإبطال الصدقة موضوع البقعة الفالحية المنوه إليها أعاله موقعا
ومساحة وحدودا وسندا ،فاستأنفه المدعى عليهما وأيدته محكمة االستئناف بمقتضى قرارها
ذي المراجع أعاله المطعون فيه بالنقض بعريضة من ثالث وسائل ،أجاب عنها المطلوب
بواسطة دفاعه بالمذكرة المنوه إليها أعاله ،ملتمسا رفض الطلب.
حيث يعيب الطاعنان القرار في الوسيلتين األولى والثانية بخرق قاعدة مسطرية أضر
بحقوقهما وخرق قاعدة جوهرية تتعلق بالتقادم ،ذلك أن محكمة االستئناف قضت من جهة
أولى بإجراء بحث للتأكد من حيازتهما للعقار المتصدق به عليه ،فأجراه المستشار المقرر
بمكتبة يوم 2017/06/15دون االنتقال إلى حيث المدعى فيه والبحث في عين المكان ،ثم
لم يحرر تقريره في القضية على ضوء التحقيق الذي أجراه ،فخالف بذلك الفصول ،334
335و 342من ق.م.م ،وأنها من جهة ثانية ورغم كون المسطرة التي سلكها المطلوب قد
453
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
طالها التقادم عمال بالفصلين 380و 387من ق.ل.ع ،ما دام لم يقم دعواه إلبطال رسم
الصدقة الذي يعود ليوم 1999/01/27إال بتاريخ ،2015/12/21فقد أيدت الحكم
االبتدائي الذي استجاب لطلبه ،مما يكون معه قرارها قد خرق المقتضيات القانونية المذكورة،
ملتمسين لذلك نقضه.
لكن ،حيث إن الخرق المسطري المعتبر كسبب للنقض بمقتضى الفصل 359من
قانون المسطرة المدنية ،هو الذي يترتب عنه ضرر للطرف المعني ،والطاعن لم يبين
الضرر الذي لحقه من عدم تحرير التقرير ،كما لم يتمسك بالتقادم أمام قضاء الموضوع وإنما
أثاره ألول مرة أمام محكمة النقض ،مما يبقى معه ما أثير غير جدير باالعتبار.
وحيث عاب الطالبان القرار في الوسيلة الثالثة لخرق قاعدة قانونية ،إذ ذهب إلى أن
محضر الوكالة يفيد عدم حيازتهما للعقار موضوع الصدقة ،والحال أن الوكيل كان يتصرف
في أمالك المتصدق ،والعقار المتصدق به خرج من يد األخير ووكيله منذ 1999/01/27
حسب إشهاد عدلي التلقي ،والبينة الشرعية المضمنة بكناش المختلفة رقم 04بتوثيق الجديدة
تحت عدد 158صحيفة 119بتاريخ 2003/07/08واألحكام الجنحية الموجودة بالملف
وبيعهما عقار النزاع وتسليمه لمشتريه منهما ،تدل كلها على حيازة الطاعنين للمدعى فيه
إشهادا ومعاينة ،ومحكمة االستئناف لما صرفت النظر عما ذكر لم تؤسس لما قضت به،
لذلك التمسا نقض قرارها.
لكن ،لما كانت صدقة العقار غير المحفظ كما في النازلة ،ال تصح إال بحوزه الفعلي
من قبل المتصدق عليه في حياة المتصدق وصحته وكمال أهليته وعدم إحاطة الدين بماله،
كما البن عاصم عند قوله :صدقة تجوز إال مع مرض موت وبالدين المحيط تعترض وكان
الحوز المعتبر في التبرع ينصرف إلى وضع اليد على العقار المتبرع به أو االنتفاع به أو
التصرف فيه قبل حدوث المانع ،ولما لم يعاين عدال التلقي حوز الطالبين للمدعى فيه كما
يجب ،وإنما شهدا بأن المتصدق بسط لهما يد حوزه والتصرف فيه منذ تاريخ الصدقة ،وهي
عبارة ال تفيد الحوز وال تقتضيه ،ولم يثبت هذا الحوز من البحث الذي أجراه المستشار
454
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المقرر ،فإن لركون الطاعنين إلى الحكمين الزجريين اللذين استدال بهما ال يفيد في شيء
لكون المطلوب ليس طرفا فيهما ،كما ال معول على البينة المشار إليها في الوسيلة أعاله،
شهودها إنما شهدوا بأن المرحوم ....كان مريضا مدة ست سنوات قبل وفاته ،وأن الذي كان
يتصرف في عقاراته وغيرها بيعا وشراء واستغالال هو ابنه الطالب األول ....من جهة
ثانية ،وهو ما لم يقل به هذا الطاعن نفسه على اعتبار أنه لم يحز أمالك والد المتصدق
بموجب عقد الوكالة الموجود بالملف إال من تاريخ إبرامه يوم ،1999/09/30وحوز الوكيل
في جميع األحوال حوز عرضي يفيد منه األصيل وليس الوكيل ،ما دام حوز تسيير وإدارة
ليس إال ،أما ما جاء في الوسيلة من بيعهما العقار موضوع الصدقة فال أثر يدل عليه
بالملف ،علما أنه ال يكون له تأثير إال إذا حصل قبل حدوث المانع ،مما يبقى معه الحوز
الفعلي الذي هو شرط صحة التبرع و نفاذه مختال في النازلة ،ومحكمة االستئناف لما قضت
بتأييد الحكم االبتدائي الذي أبطل رسم الصدقة المطعون فيه لعدم ثبوت حوز الطاعنين
لمحله ،قد أقامت قضاءها على أساس سليم ،وما بالوسائل على غير أساس.
لهــذه األسبــاب
قضت محكمة النقص برفض الطلب وعلى الطالبين المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
السيد ابراهيم بحماني ،والسادة المستشارين :عبد العزيز وحشي مقر ار ومحمد عصبة وعمر
لمين وعبد الغني العيدر أعضاء ،وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي
وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة أوبهوش.
455
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
بناء على عريضة النقض المودعة بتاريخ 01غشت 2016من طرف الطالب
المذكور حوله بواسطة نائبه األستاذ محمد وزيد والرامية إلى نقض القرار رقم 3980الصادر
بتاريخ 2016/05/24في الملف عدد 2015/1404/586عن محكمة االستئناف بالدار
البيضاء.
و بناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ 2017/01/24من طرف المطلوب
في النقض بواسطة نائبه األستاذ محمد محراش و الرامية اساسا إلى التصريح بعدم قبول
الطعن شكال و احتياطيا في الموضوع رفض الطلب.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في .2018/03/06
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ .2018/04/10
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
456
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد المصطفى بوسالمة واالستماع
إلى مالحظات المحامي العام السيد محمد الفالحي الرامية إلى نقض القرار المطعون فيه.
وبعد المداولة طبقا للقانون :
حيث يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه رقم 3980الصادر عن محكمة
االستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 24مايو 2016في الملف عدد ،2015/1404/586أن
المدعي ...قدم مقاال إلى المحكمة االبتدائية بنسليمان بتاريخ 15أبريل ،2011عرض فيه
أن المدعى عليه الثاني ...تصدق على المدعى عليه األول ...بواجبه على الشياع في
األرض الفالحية المسماة "المقيس" الكائنة بأوالد زيان والمفصلة حدودها بالمقال ،وأن عقد
الصدقة أخفى في باطنه بيعا لحرمانه من الشفعة ليس إال باعتباره مالكا على الشياع في
األرض موضوع الصدقة ،والتمس التصريح بصورية رسم الصدقة عدد 63كناش األمالك
84توثيق بن سليمان بتاريخ 2010/05/05واعتباره بيعا ،والحكم باستحقاقه لشفعة الواجب
المذكور ،واإلشهاد له باستعداده أداء الثمن ،بعد أداء المشفوع منه اليمين على أن ظاهر
الثمن كباطنه .وأجاب ...بأن الصورية غير ثابتة في العقد ،والتمس :أساسا عدم قبول
الطلب شكال ،واحتياطيا وفضه ،وإجراء بحث وحفظ الحق في التعقيب .فأجرت المحكمة
بحثا ،ثم أصدرت حكمها بتاريخ 22دجنبر 2014صرحت فيه بصورية رسم الصدقة ذي
المراجع أعاله وباستحقاق المدعي شفعة الواجب المبيع ،واإلشهاد على استعداد المدعي
ألداء ثمن الشراء والمصاريف للمشفوع منه بعد أدائه اليمين القانونية على أن ظاهر الثمن
كباطنه وإفراغ المدعى عليه هو ومن يقوم مقامه من الحصة موضوع الشفعة وبرفض باقي
الطلبات .فاستأنفه المدعى عليه ،...ثم تقدم بجلسة 2015/09/22بطلب إضافي رام إلى
ا لحكم له في حالة عدم االستجابة لمقاله االستئنافي بالتحسينات التي أدخلها على العقار
(بناء دار من طابقين وحفر بئر وتشييد خزان للماء وتسييج العقار) .وأجرت المحكمة بحثا،
ثم أصدرت قرارها بعدم قبول الطلب اإلضافي شكال ،وفي الموضوع بتأييد الحكم االبتدائي،
وهو الق ارر المطعون فيه بالنقض بمقال تضمن سببين ،أجاب عنه المطلوب بمذكرة لألستاذ
457
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
محمد محراش بتاريخ 2017/01/24والتمس :عدم قبول الطعن شكال ،واحتياطيا في
الموضوع برفض الطلب.
من حيث الشكل:
حيث دفع المطلوب " "...في مذكرته الجوابية بتاريخ 2017/01/24بعدم قبول الطعن
بالن قض شكال ألن المقال لم يوجه ضده وباسمه الصحيح وهو الوارد في مقاله االفتتاحي
" "...وإنما باسم " ،"...وذلك تبعا لخطأ مادي تسرب للقرار االستئنافي.
لكن حيث إن باقي أوراق الملف تحمل االسم الصحيح للمطلوب " "...وأن االختالف
في اسم بتقديم حرف أو تأخيره مجرد خطا مادي قابل لإلصالح .وبذلك فان الدفع المثار
غير مؤثر ويتعين رده.
ويعيب الطاعن القرار في السبب الثاني بنقصان التعليل ،ذلك أن المحكمة مصدرته
انطلقت من فرضية وجود حالة الشياع بين طرفي الدعوى والحال أن لكل منهما قطعة أرض
مفرزة يستغلها على انفراد مختلفة الحدود والمساحة بالتبعية عدم أحقية الشفعة ألن الشفعة ال
تكون إال في المال المشارك ،كما أن الطاعن أدلى بعدة أحكام جنحية انتهائية تقضي بإدانة
المطلوب في النقض من أجل تحويل الحدود ،مما يدل داللة قاطعة على أن البقعتين
مفرزتان ،وهو المثار في مذكرة المستأنف بعد البحث ولم يناقشه القرار والتمس نقضه.
حيث صح ما ورد بالنعي ،ذلك أن الدعوى تروم إبطال صدقة على أساس أنها تخفي
بيعا واستحقاق الشفعة موضوعها ،وأنه بذلك يجب أوال التحقق من قيام حالة الشياع في
العقار موضوع الشفعة واستمرارها .والمحكمة لما قضت بصورية عقد الصدقة وبالشفعة دون
أن تتحقق من قيام حالة الشياع واستمرارها ،خاصة وأن محضر البحث المؤرخ في
2016/02/29تضمن إقرار المطلوب بأن الطاعن غرس وبنى األرض موضوع النزاع،
فإنها أقامت قضاءها على تعليل ناقص ولم تركزه على أساس ،مما يعرضه للنقض.
458
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لهــذه األسبــاب
قضت محكمة النقص بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضية وطرفيها على نفس
المحكمة للبث فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وعلى المطلوب المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد
بنزهة رئيسا ،والسادة المستشارين :المصطفى بوسالمة مقر ار ومحمد عصبة وعمر لمين
وعبد الغني العيدر أعضاء .وبمحضر المحامي العام السيد محمد الفالحي وبمساعدة كاتبة
الضبط السيدة فاطمة أوبهوش.
كاتبة الضبط المستشار المقرر الرئيس
459
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
-ال تكون حاالت البطالن واالختالالت المسطرية مقبولة إال إذا كانت مصالح الطرف قد
تضررت فعال ،طبقا لمقتضيات الفصل 39من قانون المسطرة المدنية؛
-التعويض عن فقد ملكية العقار المعتدى عليه ماديا يقابله الحكم بنقل الملكية طبقا
ألحكام اإلثراء بال سبب.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2012/07/19من طرف الطالب المذكور أعاله ،الرامي
إلى نقض القرار رقم 1200الصادر بتاريخ 2010/06/21في الملف رقم 6/10/244عن
محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط.
460
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
461
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
لكن حيث إن المحكمة غير ملزمة بتتبع األطراف في كل المناحى التي يثيرونها إذا
كانت غير مؤثرة في النزاع وبخصوص خرق المقتضيات المشار إليها فبغض النظر عن أن
القرار المطعون فيه أشار إلى وقوع التبليغ واإلعالم بتعيين القضية بالجلسة وتخلف األطراف
عن الحضور رغم التوصل فان مقتضيات الفصل 39من قانون المسطرة المدنية أشارت إلى
أن حاالت البطالن واإلخالالت المسطرية ال تكون مقبولة إال إذا كانت مصالح الطرف قد
تضررت فعال ،وأن الطالب لم يدل بما يثبت أن مصالحه قد تضررت مما تكون معه الوسيلة
غير مقبولة.
في الوسيلة المتخذة من عدم ارتكاز القرار المطعون فيه على أساس:
حيث يعيب الطاعن القرار الطعين أن قضاة الدرجة الثانية استندوا على سلطتهم
التقديرية وعلى تقرير الخبرة التي ال تصلح أساسا لالستئناس بها اعتمادا على أنها غير
حضورية ومخالفة لمقتضيات الفصل 63من قانون المسطرة المدنية ألن الخبير لم يتقيد
بأجل الخمسة أيام المنصوص عليها وكونها غير موضوعية ألنها مجردة من معايير اقتراح
التعويض عن ملكية الرقبة.
لكن حيث أنه بخصوص الخبرة المنجزة في الموضوع فإن محكمة االستئناف انتهت
الى أنها جاءت مطابقة لمقتضيات الفصل 63من قانون المسطرة المدنية وأن الطالب قد
استدعى لحضور إجراءات انجاز الخبرة وعن مبلغ التعويض فإن الثابت من تنصيصات
الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في رفع التعويض المحكوم بع على الخبرة المنجزة وعلى كون
القطعة األرضية تتميز بخصوصيات باعتبارها توجد داخل مدينة الناظور وبإبرازها لهذه
العناصر فال رقابة عليها في ذلك من طرف محكمة النقض.
في الوسيلة المتخذة من فساد التعليل الموازي النعدامه:
حيث يعيب الطالب على القرار فساد التعليل ،ذلك أن استبعاد الحكم للوسيلة المرتبطة
بنقل ملكية الرقبة جاء تعليلها في هذا الشأن بدون سند ألن نقل الملكية يجد سنده في إلزامها
بأداء قيمة هذا العقار لفائدة مالكه القديم وأن تقديم طلب بالتعويض عن الرقبة معناه التنازل
462
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
ضمنيا عن هذه الرقبة مقابل الحصول على الثمن ،وخالف ذلك يؤدي إلى وضعية غير
قانونية في حين أن الق اررات القضائية ال تخلق إال األوضاع القانونية ،فضال على أن نظرية
النزع الجبري للملكية يقتضي ترتيب جميع آثارها ومن ضمنها نقل ملكية العقار إلى اإلدارة.
حقا حيث صح جزئيا ما عابه به الطالب القرار المطعون فيه ،ذلك أن المحكمة قضت
بتعويض عن فقد المطلوبة ملكية عقارها المعتدى عليه ماديا من طرف الطاعنة دون الحكم
بنقل ملكيته لفائدة ه ذه األخيرة خالفا ألحكام اإلثراء بال سبب المتمثلة في إثراء المطلوبة
عندما قضى لها بالتعويض المذكور مع احتفاظها بملكية نفس العقار موضوع الحكم
بالتعويض ،واقتصار الطاعنة لما صرحت من انتقال ملكية نفس العقار إليها ،مما شكل
افتقا ار مباش ار يقابله إثراء مباشر وتقوم عالقة سببية مباشرة تتمثل في واقعة واحدة هي السبب
المباشر لكل منهما وهو دفع تعويض عن قيمة عقار لم تنتقل ملكيته على من حكم عليه
بدفعه وهو الطالبة المفتقرة ،فكان بذلك القرار المطعون فيه لما لم يقض بنقل الملكية لهذه
األخيرة ،والحال ما ذكر فاسد التعليل ومعرضا للنقض.
لهــذه األسبــاب
قضت محكمة النقص بنقض القرار المطعون فيه جزئيا فيما قضى به من رفض طلب
نقل الملكية وبرفض الطلب فيما عدا ذلك وبإحالة الملف على نفس المحكمة للبت فيه طبقا
للقانون وتحميل الطرفين الصائر مناصفة.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
اإلدارية (القسم الثاني ) السيد محمد منقار بنيس ،والمستشارين السادة :سعاد المديني مقررة
وسعد غزيول برادة وسلوى الفاسي الفهري ومحمد بوغالب أعضاء وبمحضر المحامي العام
السيد حسن تابت ،وبمساعدة كاتب الضبط السيد منير العفاط.
كاتبة الضبط المستشار المقرر رئيس الغرفة
463
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
إن النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة يعتبر بمثابة إعالن للمنفعة
العامة إلنجاز التجهيزات المنصوص عليها في قانون التعمير ،مما يستوجب تطبيق
األحكام المنصوص عليها في القانون رقم 7/81المتعلق بنزع الملكية للمنفعة
العامة واالحتالل المؤقت؛
عدم تفعيل مقتضيات قانون نزع الملكية يعتبر اعتداء ماديا على ملك الغير،
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2017/04/03من طرف الطالبة المذكورة أعاله
بواسطة نائبها األستاذ ادريس بلمحجوب الرامي إلى نقض القرار عدد 142الصادر عن
عدد الملف في 2017/01/12 بتاريخ بالرباط اإلدارية االستئناف محكمة
2016/7206/996والحكم التمهيدي عدد 872الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ
2016/01/18في الملف عدد.2015/7112/243 :
وبناء على مذكرات الجواب المدلى بها:
- 1بتاريخ 2018/01/03من طرف المطلوبة في النقض الجماعة الحضرية للدار
البيضاء بواسطة نائيها االستاذ نجيب الحسين الرامية إلى رفض الطلب.
- 2بتاريخ 2018/01/04من طرف والي جهة الدار البيضاء سطات وعامل عمالة
مقاطعات موالي رشيد بواسطة نائبهما األستاذ المصطفى صابيق الرامية إلى رفض الطلب.
- 3بتاريخ 2018/01/09من طرف المطلوبة في النقض الوكالة الحضرية بالدار
البيضاء بواسطة نائبها األستاذ العلوي المامون عبد العالي الرامية الى رفض الطلب.
464
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
في الوسيلتين األولى والثالثة المعتمدتين في الطعن :حيث تعيب الطالبة القرار
المطعون فيه بخرق قاعدة مسطرية أضر بأحد األطراف ،وفساد التعليل المنزل منزلة
انعدامه ،وعدم االرتكاز على أساس؛ ذلك أن المحكمة ملزمة بحدود الطلبات وبتطبيق
القانون وأن الطالبة تمسكت بوجود اعتداء مادي لعدم سلوك المسطرة القانونية إذ أن انتهاء
مفعول تصميم التهيئة الصادر بتاريخ 17مارس 1989قد انقضى بمرور األجل القانوني،
وأن محكمة االستئناف غيرت موضوع الطلب ولم تعتد بوجود اعتداء مادي ،علما أن الحيازة
انتقلت لإلدارة المختصة حسب تقرير الخبرة ،وأن نشر تصميم التهيئة بالجريدة الرسمية ال
يعطي لإلدارة حق حيازة العقار ،إال بعد االتفاق بالتراضي مع المالكين أو سلوك مسطرة نزع
الملكية ،تطبيقا لمقتضيات قانون التعمير .والمحكمة بعدم مراعاة ما ذكر عرضت قرارها
للنقض لعدم االرتكاز على اساس سليم.
حيث صح ما عابت به الطالبة القرار المطعون فيه؛ ذلك أن الثابت من المقال
االفتتاحي أنها طالبت بالتعويض عن االعتداء المادي الواقع على العقار ذي الرسم العقاري
عدد / 45510س من طرف الجماعة الحضرية للدار البيضاء بعلة عدم تفعيل مقتضيات
المرسوم عدد 2 - 59 - 165الصادر بتاريخ 17مارس ،1989وأنه بمقتضى المادتين
29 - 28من القانون رقم ،12/90المتعلق بالتعمير ،فإن النص القاضي بالموافقة على
تصميم التهيئة يعتبر بمثابة إعالن لمنفعة العامة إلنجاز التجهيزات المنصوص عليها في
البنود 6 - 5 - 4 - 3من القانون المذكور ،مما يستوجب تطبيق األحكام المنصوص
عليها في القانون رقم 7/81المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة واالحتالل المؤقت الصادر
بتاريخ 6ماي ، 1982وذلك فيما يتعلق باإلجراءات التي يخضع لها واألثار المترتبة عليه،
وكان على المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التأكد من احترام االدارة للمقتضيات
المذكورة ،علما أن عدم تفعيل مقتضيات قانون نزع الملكية أعاله يجعلها في وضعية
المعتدي ماديا على ملك الغير يستوجب التعويض عنه وفقا للمبادئ العامة للمسؤولية بعلة
مخالفة القانون ،وأن استصدار مرسوم آخر يقضي بالمصادقة على تصميم جديد للتهيئة
466
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بغض النظر عن المدة الفاصلة بين المرسومين ليس من شأنه أن يصحح وضعيتها ويرفع
عنها صفة المعتدي على أمالك الغي ر ،والمحكمة بعدم مراعاة ما ذكر لم تجعل لقرارها أي
أساس قانوني مما يعرضه للنقض .
لهذه األسباب
وبصرف النظر عن باقي الوسائل،
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه وبإحالة القضية على نفس
المحكمة للبت فيها من جديد طبقا للقانون وعلى المطلوبين الصائر.
وبه صدر القرار ،وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد المصطفى
لوب رئيس الغرفة اإلدارية (القسم الثالث) والسادة المستشارين :عبد الغني يفوت مقررا،
ومحمد الناصري وحميد ولد البالد ومحمد المنور وبمحضر المحامي العام السيد محمد
الجعفري وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة يامنة بنكميل.
467
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
طرفــا الن ـزاع فــي قضــايا التحفــيظ العقــاري همــا طالــب التحفــيظ والمتعــرض ،وأن مــن
انتقلت إليه ملكية العقار بإحدى التصرفات الناقلـة للملكيـة مـن قبـل طالـب التحفـيظ،
ال يعتبــر طرفــا فــي مســطرة التحفــيظ إال إذا أنشــأ مطلبــا إصــالحيا حــل بموجبــه محــل
طالب التحفيظ؛
المودع الذي يكتفي بإيـداع السـند الـذي بموجبـه انتقلـت إليـه ملكيـة العقـار ال يعتبـر
طرفا في مسطرة التحفيظ ،وإنما يحل محل سلفه بالمآل الذي انتهى إليه النزاع؛
القـرار المطعــون فيــه لمــا قبــل اســتئناف الطــاعنين رغــم أنهمــا مجــرد مــودعين يكــون
غير مرتكز على أساس مما عرضه للنقض واإلبطال.
468
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
68/2791طلب نفس طالب التحفيظ تحفيظ الملك المسمى "كالمس" الواقع بنفس موقع
المطلب األول ،والمحددة مساحته في هكتار واحد و 53آ ار و 45سنتيا ار بصفته مالكا له
حسب الشهادة اإلدارية بالملك المسلمة من قيادة البرادية دائرة الفقيه بن صالح ،وبتاريخ
( 2010/01/29كناش 05عدد )1128تم إيداع عقد بيع توثيقي مؤرخ في 27و31
غشت 2010بموجبه فوت طالب التحفيظ كافة العقار محل المطلب لفائدة المعطي (ل)
وفاطمة (ل) سوية بينهما .وبمقتضى مطلب تحفيظ ثالث قيد بنفس المحافظة العقارية وبنفس
التاريخ تحت عدد 68/2792طلب نفس طالب التحفيظ تحفيظ الملك المسمى "كالمس"
الواقع بنفس الموقع ،والمحددة مساحته في 35آ ار و 71سنتيا ار بصفته مالكا له حسب
الشهادة اإلدارية بالملك المسلمة من قيادة البرادية دائرة الفقيه بن صالح ،وبتاريخ
( 2010/01/29كناش 05عدد )1128تم إيداع عقد بيع توثيقي مؤرخ في 27و31
غشت 2010بموجبه فوت طالب التحفيظ كافة العقار محل المطلب لفائدة المعطي (ل)
سوية بينهما .وبمقتضى مطلب تحفيظ رابع قيد بنفس المحافظة العقارية وبنفس التاريخ تحت
عدد 68/2793طلب نفس طالب التحفيظ تحفيظ الملك المسمى "بوجرتول" الواقع بنفس
الموقع ،والمحددة مساحته في هكتار واحد و 13آ ار و 93سنتيا ار بصفته مالكا له حسب
الشهادة اإلدارية بالملك المسلمة من قيادة البرادية دائرة الفقيه بن صالح .وبتاريخ
( 2011/02/03كناش 05عدد )1151تم إيداع عقد صدقة توثيقي مؤرخ في
2009/09/15بموجبه تصدق طالب التحفيظ على السعدية (م) بكافة العقار محل
المطلب .وبتاريخ ( 2010/01/06كناش 5عدد )1110سجل المحافظ على األمالك
العقارية على المطلب المذكورة أعاله التعرض الجزئي الصادر عن بوزكري (ع) والمؤكد
بتاريخ ( 2011/02/02كناش 06عدد )1325مطالبا بحقوق مشاعة من عقارات
المطالب األربعة تقدر بثالثة أسهام من أصل سبعة حسب شهادة التعرض (الوثيقة رقم )3
ومن أصل 6حسب الوثيقة الخاصة بنص التعرضات وإيداع الوثائق (الوثيقة رقم )4لتملكه
لها بالحكم الصادر عن محكمة السدد بالفقيه بن صالح بتاريخ 1972/05/23تحت عدد
469
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
168في القضية عدد 1970/590القاضي باستحقاق المدعيين بوزكري (ع) وأخته فاطمة
تجاه المدعى عليه المولودي بن عبد السالم لواجبهما إرثا في المدعى فيه الثابت لموروثهم
وعلى المدعى عليه بتمكين المدعيين من واجبهما إرثا في المدعى فيه انفرادا في أرض البور
وشيعا في أرض السقي ان منع القانون تجزئتها ،ومحضر تنفيذ الحكم المذكور المؤرخ في
،1987/06/09وملكية والده عدد 159صحيفة 128المؤرخة في 1972/06/02التي
تشهد له بالملك والتصرف في ست قطع أرضية مدة عشر سنوات إلى أن توفي هذه مدة من
عشرين سنة وخلفها لورثته ومن بينهم طالب التحفيظ والمتعرض ،وثالثة إشهادات عرفية
األول مصادق فيه على التوقيع بتاريخ ،2009/12/23والثاني مصادق فيه على التوقيع
بتاريخ ،2009/12/24والثالث مصادق فيه على التوقيع بتاريخ 2009/12/29بموجبهم
تراجع الحسين (ك) وعبد الرحمان (ز) والعربي (ك) ولطفي (ب) وأحمد (هـ) عن أخيه محمد
(هـ) وبوزكي (ن) وبوعزة (ر) ولطفي (ب) عن شهادتهم في الشهادة اإلدارية بالملك المدلى
بها من طالب التحفيظ .وبعد إحالة ملفات المطالب على المحكمة االبتدائية بالفقيه بن صالح
وإجرائها بحثا بالمكتب تم خبرة بواسطة الخبير حسن (ع) ،أصدرت حكمها عدد 432بتاريخ
2013/06/20في الملفات المضمومة ذوات األرقام 2011/17/16/15/14بصحة
التعرضات المقيدة بالكناش 05عدد 1011والمؤكدة بتاريخ 2011/02/02بالكناش 06
عدد 1325المقدمة من طرف المتعرض بوزكري (ع) ضد مطالب التحفيظ 68/2970
و 68/2791و 68/2792و ،68/2793فاستأنفه المودعان المعطي (ل) وفاطمة (ل)،
فأيدته محكمة االستئناف المذكورة بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعاله من المستأنفين
في السبب الفريد بنقصان التعليل الموازي النعدامه ،ذلك أن المعترض يعتبر هو المدعي
وعليه يقع عبء اإلثبات ،وأن المحكمة ال تناقش حجة طالب التحفيظ حتى يدلي المتعرض
بما يعزز تعرضه ،وأن المتعرض لم يدل بما يفيد أن العقار من متخلف والده.
في الوسيلة المثارة تلقائيا من طرف محكمة النقض لتعلقها بالنظام العام.
470
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
حيث إنه بمقتضى الفصل األول من قانون المسطرة المدنية ال يصح التقاضي إال ممن
له الصفة إلثبات حقوقه.
و حيث إن طرفي النزاع في قضايا التحفيظ العقاري هما طالب التحفيظ والمتعرض،
وأن من انتقلت إليه ملكية العقار بإحدى التصرفات الناقلة للملكية من قبل طالب التحفيظ ،ال
يعتبر طرفا في مسطرة التحفيظ إال إذا أنشأ مطلبا إصالحيا حل بموجبه محل طالب
التحفيظ ،أما المودع الذي يكتفي بإيداع السند الذي بموجبه انتقلت إليه ملكية العقار فإنه ال
يعتبر طرفا في مسطرة التحفيظ ،وإنما يحل محل سلفه بالمآل الذي انتهى إليه النزاع ،وأن
القرار المطعون فيه لما قبل استئناف الطاعنين رغم أنهما مجرد مودعين يكون غير مرتكز
على أساس مما عرضه للنقض واإلبطال.
لــهذه األسبــاب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه.
المحامي العام. المقرر الرئيس
471
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
امتناع المحافظ عن تنفيذ شراء عقار قابل لالسترجاع من طرف الدولة طبقا لظهير 2
مارس 1973يضم:
-عدم صدور قرار وزيري مشترك بتعيين العقار المدعى فيه كعقار مسترجع ال يمنع
المحافظ من رفض التقييد؛
-الحيازة والتصرف ليسا مانعين من نقل الملكية للدولة إذا ما توفرت شروط االسترجاع.
نق ــض القـ ـرار ع ــدد 3068-3067الص ــادر ع ــن محكم ــة االس ــتئناف بال ــدار البيض ــاء
بتاريخ 2013-07-15في الملف رقم .2012-1-1-1282
وبناء على مـذكرة الجـواب المـدلى بهـا مـن المحـافظ علـى األمـالك العقاريـة بـابن سـليمان
بتاريخ 2016-06-09والرامية الى رفض الطلب.
وبنــاء علــى مــذكرة الج ـواب المــدلى بهــا مــن الدولــة (الملــك الخــاص) والراميــة الــى رفــض
الطلب.
وبنــاء علــى الق ـرار الصــادر عــن الغرفــة المدنيــة القســم الثــامن بتــاريخ 2017-01-31
بإحالة القضية على غرفتين.
وبن ـ ــاء علـ ـ ــى ق ـ ـ ـرار السـ ـ ــيد ال ـ ـ ـرئيس األول عـ ـ ــدد 2017-27بتـ ـ ــاريخ 2017-03-20
القاض ــي ب ــأن تض ــاف الغرف ــة االداري ــة (القس ــم األول) ال ــى الغرف ــة (القس ــم الث ــامن) للب ــث ف ــي
القضية .
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف .
وبناء على األمر بالتخلي الصادر بتاريخ 2016-11-28وتبليغه.
472
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنيـة المنعقـدة بتـاريخ 2017-01-10
وتأخيرها لعدة جلسات آخرها جلسة .2017-07-11
وبنــاء علــى المنــاداة علــى الطــرفين ومــن ينــوب عنهمــا وحضــور االســتاذ محمــد القــدوري
نائبا عن طالب النقض وتخلف المطلوبين األول والثاني رغم توصلهما.
وبعــد تــالوة المستشــار المقــرر الســيد جمــال السنوس ـي لتقري ـره واالســتماع إلــى مالحظــات
االســتاذ محمــد القــدوري وإلــى مالحظــات المحــامي العامــة الســيد ســابق الشــرقاوي الراميــة الــى
رفض الطلب.
وبعد المداولة طبقا للقانون:
حيــث يس ــتفاد م ــن مس ــتندات المل ــف ،أن ــه بت ــاريخ 2010/07/07تق ــدم ...بمق ــال أم ــام
المحكمــة االبتدائيــة بــابن ســليمان تج ـاه .....ومــن معــه (أربعــة أشــخاص) وبحضــور المحــافظ
علــى األمــالك العقاريــة والرهــون بــابن ســليمان ،عــرض فيــه أن المــدعى علــيهم فوتـوا لــه الملــك
المحفــظ المســمى "اولــدا "5ذي الرســم العقــاري عــدد ، D 12409حســب عقــد البيــع العرفــي
المؤرخ في ،1959/01/07وأنه لم يعمل على إدراج شـرائه بالرسـم المـذكور لـرفض المحـافظ
ذلــك ب ــدعوى عــدم االدالء بالمل ــك العــائلي ،وأن ــه بعــث م ــؤخ ار بطلــب ف ــي الموضــوع للمح ــافظ
بت ــاريخ 2010/06/09بق ــي ب ــدون جـ ـواب ،طالب ــا ل ــذلك الحك ــم علي ــه بتس ــجيل العق ــد بالرس ــم
العقاري المذكور تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 50درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ.
وبعــد ج ـواب المحــافظ مــع طلــب إدخــال الدولــة (الملــك الخــاص) ،أن المــدعي ســبق وأن
تق ــدم ب ــنفس ال ــدعوى فص ــدر فيه ــا الحك ــم رق ــم 166بت ــاريخ 2009/12/07ف ــي المل ــف رق ــم
09-175وف ــق طلب ــه ،فتعرض ــت علي ــه الدول ــة المل ــك الخ ــاص تع ــرض الغي ــر الخ ــارج ع ــن
الخصــومة فــي الملــف رقــم 3-10-115باعتبــار أن العقــار آل إليهــا بقــوة القــانون بمقتضــى
ظهير ،1973-03-02إدالء المدعي بالقرار االستئنافي عدد 1873الصـادر بتـاريخ -26
2011-05فـ ــي الملـ ــف رقـ ــم 10-1-2110القاضـ ــي باإلشـ ــهاد علـ ــى تنازلـ ــه عـ ــن الـ ــدعوى
المــذكورة فــي 5-2010-9بتســجيل المحــافظ عقــد البيــع المــذكور بعلــة أن العقــار تــم تفويتــه
473
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
للمدعي ،وأنه تلقاه من مالكيـه المسـجلين بالرسـم العقـاري قبـل صـدور ظهيـر 1973الـذي ال
ينــتج آثــاره إال مــن تــاريخ نفــاده ،فاســتأنفه للمحــافظ ،والدولــة المــك الخــاص ،وألغتــه محكمــة
االستئناف وقضت برفض الطلب بمقتضى قرارهـا المطعـون فيـه بـالنقض أعـاله مـن المسـتأنف
عليه بوسيلتين.
حيث يعيـب الطـاعن القـرار فـي الوسـيلة االولـى بخـرق القـانون ،ذلـك أن الشـراء أبـرم يـوم
1959-01-07وحــاز المشــتري مشــتراه مــن يــوم المصــادقة علــى العقــد ،وأودع بالمحافظــة
يوم 1959-03-19وتضمن التماس أطرافه من المحافظ تقييـده بالرسـم العقـاري ،فكـان مـن
ح ــق الطال ــب أن يطل ــب تقيي ــده بالرس ــم العق ــاري طبق ــا للفص ــلين 230م ــن ق ــانون االلت ازم ــات
والعقــود و 67مــن ظهيــر التحفــيظ العقــاري ،وأن القــانون ال يطبــق بــأثر رجعــي وإنمــا يســري
علــى األحــداث والوقــائع التــي تحصــل بعــد دخولــه حيــز التنفيــذ ،ممــا يجعــل قــول الق ـرار بــأن
الشـ ـراء خاض ــع لظهي ــر 1973-03-02منطوي ــا عل ــى خ ــرق لقاع ــدة ع ــدم رجعي ــة القـ ـوانين
المنصوص عليها في الدستور.
ويعيبه في الوسيلة الثانية بنقصان وفساد التعليل المنزل منزلة انعدامه ،ذلـك أن العقـار
بحــوزة الطالــب منــذ 1959-01-07ومــازال مقيــدا فــي اســم مالكيــه البــائعين ،وأن مقــال هــذه
الدعوى قيد عليـه تقييـد احتيـاطي بتـاريخ ،2010-08-10و ال أثـر ألي قـرار وزاري مشـترك
صــادر فــي نطــاق ظهيــر ،1973-03-02وأن مــا جــاء فــي تعليــل الق ـرار مــن أنــه "تبــين أن
العقـ ــار مـ ــازال فـ ــي اسـ ــم البـ ــائعين وأنـ ــه خاضـ ــع لظهيـ ــر 1973-03-02بشـ ــأن نقـ ــل ملكيـ ــة
األراضي الواقعة كليا أو جزئيـا خـارج المـدار الحضـري المملوكـة لألجانـب إلـى الملـك الخـاص
للدولــة ،فإنــه طبقــا للفصــل 66مــن ظهيــر التحفــيظ العقــاري فــإن كــل حــق عينــي متعلــق بعقــار
محفــظ يعتبــر غيــر موجــود بالنســبة للغيــر إال بتســجيله علــى الرســم العقــاري و ال يمكــن بحــال
التمسك بإبطال هذا التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة ،وأنـه طالمـا أن عقـد الشـراء
المح ـتج بــه غيــر مســجل بشــهادة الملكيــة وغيــر مشــار بهــا إلــى أي تقييــد احتيــاطي فــإن الملــك
الخاص للدولة باعتباره غير حسن النية ال يحتج في مواجهته بعقد الشراء ينطـوي علـى فسـاد
474
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
فــي التعليــل مــن عــدة أوجــه ،فــأوال ،ال وجــود ألي ق ـرار وزاري مشــترك يهــم العقــار موضــوع
النازلة حتى يمكن القول أن دعوى استحقاق العقار المذكور يجب أن تمارس عبـر الطعـن فـي
القرار الوزاري المذكور ،ثانيا ،فإن القول بأن كل حـق عينـي متعلـق بعقـار محفـظ يعتبـر غيـر
موجود بالنسبة للغير إال بالتسجيل ،ال يعني أن المشـتري ال يحـق لـه طلـب تقييـد شـرائه ونقـل
ملكيـة العقـار المبيـع إليـه ،وثالثـا فـإن مبـدأ حمايـة الشـخص المسـجل عـن حسـن نيـة إنمـا يعنـي
الشخص المقيد على الرسم العقاري كمالك ،والحال أن الدولـة الملـك الخـاص ليسـت مقيـدة ال
كمالكة و ال كصاحبة حق أو تقييد ،وأن المسجلين الوحيدين على الرسم العقاري هـم البـائعون
وهؤالء قد كلبوا تقييد العقد بالرسم العقاري ،كمـا أن الدولـة الملـك الخـاص لـم تكـن ال مدعيـة و
ال مدعى عليهـا خـالل المرحلـة االبتدائيـة وإنمـا تـم إدخالهـا بطلـب مـن المحـافظ ولـم تتقـدم بـأي
طلـب ممـا يجعـل اعتـداد القـرار المطعـون فيـه باسـتئنافها منطويـا علــى فسـاد فـي التعليـل وعــديم
األساس ،وأنه حت على فرض وجود مغربي حائز لمشتراه كما استقر على ذلك قضـاء الغرفـة
االدارية بمحكمة النقض.
لكـن ،ردا علـى الوسـيلتين أعـاله مجتمعتـين لتــداخلهما ،فـإن األمـر فـي النازلـة إنمـا يتعلــق
بــالطعن فــي القـرار الضــمني للمحــافظ علــى األمــالك العقاريــة الــذي رفــض بمقتضــاه تقييــد عقــد
الش ـراء بالرســم العقــاري ،وأنــه طبقــا للفصــلين 72و 74مــن ظهيــر التحفــيظ العقــاري ،يجــب
علــى المحــافظ المــذكور أن يتحقــق تحــت مســؤوليته أوال مــن صــحة الوثــائق المــدلى بهــا تأييــدا
للطلــب شــكال وجــوه ار ،وثانيــا أن التقييــد موضــوع الطلــب ال يتعــارض مــع البيانــات المضــمنة
بالرسم العقاري ومقتضيات هذا القانون ،وثالثا أن الوثائق المدلى بها تجيـز التقييـد ،وأنـه لمـا
تبين للمحافظ أن العقار موضوع الطلب ال زال حينها ،وحسب مندرجات الرسم العقاري علـى
مل ــك أجان ــب وق ــابال لالس ــترجاع م ــن قب ــل الدول ــة بمقتض ــى ظهي ــر 02م ــارس ، 1973ف ــإن
امتناعــه عــن التقييــد كــان مبــر ار ،وأنــه ال مجــال للتمســك فــي النازلــة بمبــدأ عــدم رجعيــة القــانون
مــادام العقــار ،فــي تــاريخ تقــديم الطلــب ،كــان ال زال مقيــدا باســم األجانــب وقــابال ألن يخضــع
للظهيــر المشــار إليــه أعــاله ،وأن عــدم صــدور قـرار وزيــري مشــترك بتعيــين العقــار المــدعى فيــه
475
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
كعقار مسترجع ال يمنع المحافظ رفض طلب التقييد إذا تبين لـه أنـه ذلـك يتعـارض مـع بيانـات
الرسم التي تفيد أنـه علـى ملـك أجانـب ،وأن ظهيـر 02مـارس 1973بمقتضـى فصـله األول
ينقل ملكية العقارات الفالحية المملوكة لهؤالء الى الدولة من تاريخ نشره ،وأن هذا النقل غيـر
مقيــد بــإجراء تقييــد احتيــاطي علــى الرســم العقــاري لحفــظ الرتبــة ،كمــا أنــه ال مجــال للتمســك
بالحيازة والتصرف ألنهما ليسا مانعين من نقل الملكية للدولة إذا ما توفرت شـروط االسـترجاع
األخرى ،ولذلك فـإن القـرار المطعـون فيـه حـين علـل قضـاءه بأنـه "أشـير فـي الشـهادة العقاريـة
أن العقار ال زال في اسم البائعين وبأنه خاضع لظهير 1973-03-02المتعلـق بنقـل ملكيـة
األراضي الواقعة كليا أو جزئيا خارج المدار الحضري والمملوكة ألشـخاص أجانـب إلـى الملـك
الخاص للدولـة" فإنـه نتيجـة لكـل مـا ذكـر يكـون القـرار غيـر خـارق للقـانون ومعلـال تعلـيال كافيـا
وس ــليما وب ــاقي تعليالت ــه المنتق ــدة تعتب ــر ازئ ــدة يس ــتقيم القـ ـرار ب ــدونها والوس ــيلتان بالت ــالي غيـ ـر
جديرتين باالعتبار.
لهذه األسباب
قض ــت محكم ــة ال ــنقض بغرفتيه ــا المدني ــة واالداري ــة بــــرفض الطلــــب وبتحمي ــل الط ــاعن
المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنيـة المنعقـدة بالتـاريخ المـذكور أعـاله بقاعـة الجلسـات
العاديــة بمحكمــة الــنقض بالربــاط .وكانــت الهيئــة الحاكمــة متركبــة مــن الســادة :م ـوالي العربــي
العلوي اليوسفي رئـيس الغرفـة المدنيـة (القسـم الثـامن) رئيسـا للجلسـة .والسـيد عبـد المجيـد بابـا
علي رئيسا .والمستشارين :جمال السنوسي مقررا .وأحمـد دحمـان ومصـطفى زروقـي والمعطـي
الجبـ ــوجي وأحمـ ــد دينيـ ــة وعبـ ــد العتـ ــاق فكيـ ــر والمصـ ــطفى الـ ــدحاني وناديـ ــة اللوسـ ــي أعضــــاء
وبمحض ــر المحـــامي العـــام الس ــيد س ــابق الش ــرقاوي وبمس ــاعدة كاتب ــة الض ــبط الس ــيدة أس ــماء
القوش.
476
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
وضع المتعرض يده على العقار وحده غير كاف للقول بصحة التعرض إذا أدلى
طالب التحفيظ بملكية مشتملة على شروط الشهادة بالملك؛
بينة الملك مقدمة على بينة الحوز وهي أخص من الحوز وأقوى منه.
باسم جاللة الملك وطبقا للقانون
في الدفع بعدم القبول:
حيث دفع المطلوبون في النقض بعدم قبول الطلب شكال بعلة عدم تضمين العريضة
العمالة التابع لها عنوان األطراف.
لكن ،ردا على الدفع المذكور ،فإن عنوان الطرفين مبين بعريضة النقض ،وأن عدم
تحديد العمالة التابع لها العنوان ال تأثير له ،األمر الذي يتعين معه رد الدفع المذكور.
وفي الموضوع:
حيث يستفاد من مستندات الملف ،أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية
بالجديدة بتاريخ 2008/08/01تحت عدد 08/96064طلب .......تحفيظ الملك
المسمى "ملك الدويش" الواقع بإقليم الجديدة دائرة أزمور جماعة المهارزة دوار الهيالمة
والمحددة مساحته في هكتار واحد و 50آرا ،بصفتهم مالكين له بالنسب المشار إليها في
المطلب حسب الملكية المضمن أصلها بعدد 178بتاريخ 05جمادى األولى 1370
(المؤرخة في يناير )1951وثالث إراثات مؤرخة على التوالي في نونبر 1950و 3أكتوبر
1992و 30يونيو .2005وبتاريخ ( 2009/06/03كناش 53عدد )538تعرض على
المطلب المذكور .......مطالبا بكافة الملك لتملكه له برسم االستغالل عدد 278بتاريخ
.2009/04/18وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة االبتدائية بالجديدة ،أصدرت
477
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بموجب المذكرة بعد قرار اإلحالة المدلى بها بجلسة 2013/09/26ولم تجب عنها المحكمة
وال أشارت إليها حتى.
ويعيبونه في السبب الثالث بانعدام األساس القانوني ،ذلك أنه بموجب المذكرة المدلى
بها بجلسة 2013/12/19أثار الطاعنون كون الملكية المؤرخة في يناير 1951التي
يعتمدها طالبو التحفيظ ساقطة على درجة االعتبار لما لها من إجمال في بيان مدة الحيازة
واقتصار شهودها على القول بأنها مدة تزيد على أمد الحيازة المعتبرة شرعا مما يعد عيبا في
الرسم ،على اعتبار أن مدة الحيازة ليست واحدة في الفقه اإلسالمي الواجب التطبيق فقد
تكون عشرة أشهر وقد تمتد إلى أزيد من ذلك حسب األحوال ،ووفقا للتفصيالت الواردة في
كتب الفقه ،وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تجب عما أثاره الطاعنون بهذا
الشأن.
ويعيبونه في الوسيلة الرابعة بانعدام التعليل ،ذلك أن الطاعنين تمسكوا في معرض
دفوعهم أن التصرف والحيازة بيدهم لمدة تزيد على 43سنة وأن الحيازة تكسب الملكية ولو
لم تكن مستندة على أي رسم بعد 10سنوات إال أن المحكمة لم تجب عن هذه الوسائل
المثارة.
لكن ،ردا على الوسائل أعاله مجتمعة لتداخلها ،فمن جهة أولى ،فإن الطاعنين لم يبينوا
طبيعة اإلجراء المسطري المطلوب اتخاذه من طرف المحكمة وجانب الدفوع التي أثاروها بعد
ق رار اإلحالة ولم تلتفت إليها .ومن جهة ثانية ،فإنه ال مجال للتمسك بالترجيح بالحيازة ما دام
أن القرار المطعون فيه اعتمد وباألساس في قضائه على كون موجب االستغالل عدد 278
وملحقة عدد 66المدلى بهما من طرف الطاعن ساقطين على درجة االعتبار لكونهما غير
مستجمعين لشروط الملك ،وبالتالي فإن مجرد وضع اليد وحده غير كاف للقول بصحة
التعرض ال سيما وأنه يتجلى على مستندات الملف أن طالب التحفيظ أدلى بملكية مؤرخة في
يناير 1951مشتملة على شروط الشهادة بالملك ،وتشهد له أيضا ،وبخالف ما جاء في
الوسيلة ،بالحوز والتصرف مدة مديدة تزيد على أمد الحيازة المعتبرة شرعا وهي عشر سنين
479
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
سلفت عن تاريخ موته .وبذلك فهي مقدمة على بينة الحوز لقول الشيخ خليل "وملك على
حوز" ألن بينة الملك أخص من الحوز وأقوى منه ،وثبوت األعم ال يستلزم ثبوت األخص
والعكس صحيح ،ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في تقدير األدلة واستخالص قضائها منها
فإنها حين عللت قضائها بأن " :موجب االستغالل وملحقه المدلى بهما من طرف المتعرض
لتعزيز تعرضه إنما يشهدان للمتعرض بممارسة النشاط الفالحي بكل أنواعه وبتصرفه في
البقعة المذكورة وبحيازته لها بدون منازع وال معارض منذ سنة 1971حسب الموجب ومنذ
سنة 1970حسب ملحقه عدد 66و ال يتضمنان نسبة مقيمهما ملكية هذه البقعة إليه كما
أن شهود الموجب وملحقه لم يشهدوا بأن الناس ينسبون إليه ملكية هذه البقعة الفالحية،
وبالتالي يكون الموجب وملحقه المستدل بهما من طرف المتعرض غير شاملين لشروط
الشهادة بالملك" ،فإنه نتيجة لذلك يكون القرار معلال تعليال كافيا وغير خارق للمقتضيات
المحتج بها وما بالوسائل غير جدير باالعتبار.
لهذه األسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب
المحامي العام المقرر الرئيس
480
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
قاضي المستعجالت ينعقد له االختصاص للبت في طلب طرد محتل بدون سند؛
لقاضي المستعجالت صالحية تلمس ظاهر المستندات من أجل ابراز عنصري االستعجال
وعدم المساس بالجوهر.
بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ 2015/12/22من طرف الطالب المذكور حوله
بواسطة نائبه األستاذ عبد الواحد المريني والرامية إلى نقض قرار محكمة االستئناف بالرباط
الصادر بتاريخ 2015/9/28في الملف عدد.2015/1101/169
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 2016/9/23من طرف المطلوب ضدها
النقض بواسطة الوكيل القضائي للمملكة والرامية إلى رفض الطلب.
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في.2016/10/24
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة تباريخ.2016/11/29
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد مصطفى بركاشة واالستماع إلى
مالحظات المحامي العام السيد سعيد زياد.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
في شأن الوسيلتين األولى والثانية مجتمعتين
حيث يؤخذ من محتويات الملف والقرار المطعون فيه الصادر عن محكمة االستئناف
عدد: المدني الملف في 2015/9/28 وتاريخ 264 عدد: تحت بالرباط
481
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
2015/1101/169أن الدولة المغربية والمندوبية السامية للمياه والغابات ادعتا أمام قاضي
المستعجالت بالمحكمة االبتدائية بسال أن المدعى عليه عمد إلى احتالل جزء من الملك
الغابوي المسمى فرينينا موضوع الرسم العقاري عدد / 7614 :ر دون موجب قانوني،
طالبتين الحكم بإفراغه منه هو ومن يقوم مقامه أو بإذنه ،وأجــاب المــدعى عليه بأنه ليس
محتال ألي جزء من العقار الغابوي ،وإنما هو عامل في ضيعة فالحية تدعى "فرينينة " ذات
الرسم العقاري عدد / 7614 :ر منذ أكثر من 35سنة ،وكان أبوه يعمل في الضيعة
المذكورة وولد هو هناك ،وظل يعمل بها وحفر بها بئ ار وغرس أشجا ار في الضيعة الفالحية
التي كانت ملكا للحاج ،........ولما توفي هذا األخير عادت لورثته الذين فوت بعضهم
نصيبه للمشترين الذين فوتوه بدورهم ......الذي فوت جميع الملك للطرف المدعي ،وإنه
طيلة عمله لم يتلق أية تعويضات ،وأن البقعة ليست بها أشجار غابوية ،والتمس أساسا
الحكم برفض الطلب واحتياطيا التصريح بعدم االختصاص .وبعد تمام اإلجراءات أصدر
قاضي المستعجالت أم ار بعدم االختصاص ،وهو الحكم الذي كان محل استئناف من طرف
المدعيتين مثيرتين في أسباب االستئناف بأن األمر المستأنف جانب الصواب وال يرتكز على
أساس ألن المستأنف عليه ال تربطه بهما أية عالقة ،وأن العقار موضوع الدعوى ملك
غابوي جزء منه محتل من طرق المستأنف عليه ،وأن قاضي المستعجالت مختص بطرد كل
محتل بدون حق لعقار محفظ ،وأن المدعي عليه يعترف باحتالله الملك الغابوي ،والتمستا
الحكم بإلغاء األمر المستأنف والحكم وفق الطلب ،وبعد الجواب الرامي إلى التأييد وانتهاء
الردود قضت محكمة االستئناف بإلغاء األمر المستأنف والحكم بإفراغ المستأنف عليه من
المدعي فيه ،وهو القرار المطلوب نقضه .
وحيث يعيب الطاعن على القرار سوء التعليل الموازي النعدامه وخرق القانون وعدم
االرتكاز على أساس قانوني سليم ،ذلك أن البت في القضية عن طريق القضاء االستعجالي
قد يكون من شأنه المساس بحقوق أحد األطراف ما دامت هناك منازعة جدية في الجوهر
والمتمثلة في أن الطاعن وللحفاظ على حقوقه بصدد تقديم دعوى أمام قضاء الموضوع
482
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
تنصب على استحقاق جزء من العقار المدعي فيه ،ومن تم فالحق العيني المطالب به من
طرف الطاعن والمنصب على العقار المذكور يبقى قائما ما دام الطاعن مخوال قانونا سلوك
المساطر المؤدية له والمتمثلة في دعوى االستحقاق وما ينتج عنها من تقييدات احتياطية
على الرسم العقاري ،وأن تعليل القرار المطعون فيه لذلك يعد تعليال غير سليم ،كما أن
المحكمة خرقت الفصل 67من القانون 07/14الذي يشير في فقرته الثانية إلى إمكانية
إقامة نفس األطراف لدعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم ،وهو ما سيسلكه الطاعن
في مواجهة أحد البائعين للمطلوبين وهو ، .......كما أن وجود الطاعن وأسرته بالعقار
موضوع الدعوى هو وجود قانوني يتمثل في أن أحد البائعين المالكين على الشياع للمطلوبين
سبق أن أبرم اتفاقا مع الطاعن ووالده ومع غيرهما يتعلق بنقل ملكية جزء من العقار المدعي
فيه نظير حق العمل واستصالح ومغارسة األرض وهو ما كان يعرف في القبيلة ( بلد
البالد) وذلك في إطار الحقوق العينية اإلسالمية منذ أزيد من خمسة وثالثين سنة ،مما يكون
معه مستحقا لجزء من العقار ،وذلك وفقا للمادة 265من مدونة الحقوق العينية ،وأن
الطاعن ووالده وآخرين كانوا يعتمرون العقار نظير االتفاق الذي جمعهم مع أحد المالكين
السابقين وأنه نتيجة ذلك قاموا بتشييد دور للسكن واصطبالت وغرس أشجار بموافقة المالك
المذكور وبترخيص السلطات المختصة ،مما يكون معه القرار المطعون فيه غير مرتكز على
أساس ومعلال تعليال سيئا ومعرضا تبعا لذلك النقض.
لكن حيث إن للمحكمة وهي تبت في القضية بصفة استعجالية أن تتلمس وجه قضائها
من ظاهر المستندات المدلى بها في الدعوى من أجل تبرير قضائها وخاصة إبراز عنصري
االستعجال وعدم المساس بالجوهر عمال بمقتضيات الفصلين 149و 152من قانون
المسطرة المدنية ،ويدخل في اختصاص قاضي المستعجالت طلب طرد محتل لعقار محفظ
بدون سند بالنظر إلى توفر كل من هذين العنصرين بسبب حرمان المدعيتين من ملكهما
وانعدام وجود سند معتبر للطاعن في وضع يده ويخشى معه المساس بالجوهر ،والمحكمة
مصدرة القرار المطعون فيه لما استخلصت في قضائها أن الطاعن محتل بدون سند للعقار
483
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المحفظ العائد للمطلوبتين ،وأن ما يدعيه من حقوق على المدعي فيه غير مسجل بالرسم
العقاري فقضت وفق الطلب ،تكون قد عللت قرارها تعليال كافيا ،وركزت قضاءها على أساس
ولم تخرق أي مقتضى قانوني ،وما أثير من عقد الطالب النية على المنازعة باالستحقاق
ووجود عقد اتفاق بين والده واحد المالكين السابقين بشان المغارسة ،لم يسبق له إثارته أمام
قضاة االستعجال وإثارته ألول مرة أمام هذه المحكمة غير مقبولة ،وما بباقي الوسيلتين على
غير اساس .
لهذه األسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطالب المصاريف.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات
العادية بمحكمة النقض بالرباط .وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد محمد
بن يعيش رئيسا والمستشارين السادة :مصطفى بركاشة مقر ار -أمينة زياد -الحسين أبو
الوفاء -محمد صواليح أعضاء ،بحضور المحامي العام السيد سعيد زياد وبمساعدة كاتبة
الضبط السيدة فاتحة أيت عمي حدو.
484
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
عدم جواز إيقاع حجز تحفظي على عقار ليس في ملكية المدين –نعم؛
األمر برفع الحجز التحفظي اعتمادا على الحكم القاضي باستحقاق الغير للعقار
المحجوز-نعم.
باسم جاللة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف ،أن (ودادية المربوحة) بواسطة نائبها ....قدمت
مقاال استعجاليا وآخر إصالحيا إلى رئيس المحكمة االبتدائية ببني مالل تجاه كل من .....
(ف) و( .....م) ،و( ....آ) ،عرضت فيهما أنها اشترت البقعة األرضية الكائنة بالحي
الصناعي ببني مالل "الملك المدعو المربوحة" ،المراد استخراجها من مطلب التحفيظ عدد
/8382ب مساحتها 45آ ار و 96سنتيارا ،القطعة رقم 1وأنها باشرت إجراءات تثبيت هذه
القطعة بالمحافظة العقارية إلى أن فوجئت بوجود حجوز تحفظية استصدرها المدعى عليهم
المذكورين بناء على ديون لهم ضد ( ....ح) وهو البائع للمدعية القطعة المشار إليها ،األمر
الذي اضطرت معه المشترية إلى استصدار الحكم عدد 112بتاريخ 2005/12/05في
الملف رقم 2005/25الذي قضى باستحقاقها العقار موضوع النزاع عدد 124صحيفة
126سجل األمالك رقم 59والمستخرج من مطلب التحفيظ المذكور أعاله .وأن الحجوز
التي استصدرها المدعى عليهم ان صبت على عقار ليس في ملكية مدينهم ( .....ح) ،طالبة
لذلك الحكم برفع هذه الحجوز المسجلة على مطلب التحفيظ المذكور بإيداع جزء 26عدد
12وإليداع جزء 29عدد 1395وإيداع جزء 32عدد 186وفقا للفصل 208من ظهير
التحفيظ العقاري .وبعد جواب المدعى عليها األولى أنها استصدرت األمر بالحجز التحفظي
لضمان تأدية مبلغ 70.000درهم تجاه المالك ( ....ح) ،وأنها ال تربطها أي عالقة
485
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بالمدعية ،وتدفع بمقتضيات الفصل 453من قانون المسطرة المدنية ،وأن المدعية سبق لها
أن تقدمت بمجموعة من الدعاوي في نفس الموضوع آلت إلى عدم القبول .وبعد جواب
ا لمدعى عليها الثانية بالدفع بعدم االختصاص النوعي ،وأن حجزها التحفظي وقع قبل التعاقد
بين المدعية والمالك ( ....ح) ،وبعد جواب المدعى عليه الثالث بأن حجزه التحفظي
المطلوب رفعه وقع أيضا قبل تعاقد المدعية مع المالك المحجوز عليه ،وبعدما ذكر كله
أصدر رئيس المحكمة المذكورة أمر عدد 76بتاريخ 2006/06/29في الملف االستعجالي
رقم 06/45برفض الطلب استأنفته المدعية ،وقضت محكمة االستئناف المذكورة بإلغائه
وحكمت برفع الحجز التحفظي المقيد على الملك موضوع مطلب التحفيظ المشار إليه أعاله
بموجب األمر عدد 224المؤرخ في 2002/03/07األمر عدد 971المؤرخ في
،2002/10/11وذلك بمقتضى قرارها رقم 1308بتاريخ 2006/11/23في الملف عدد
4/06/1074والذي طعنت فيه ودادية مربوحة بواسطة نائبها .......ونقضته محكمة
النقض بعلة أن الطاعنة طلبت رفع الحجوز التحفظية التي استصدرها المدعى عليهم الثالثة
( ....ف) و( .....م) و( ....آ) ،إال أن القرار المذكور لم يبت في طلب رفع الحجز
الصادر عن المدعى عليها .....ال سلبا وال إيجابا .وبعد اإلحالة ،قضت محكمة االستئناف
المذكورة ،بإلغاء األمر المستأنف وتصديا الحكم بما يلي :برفع جميع الحجوزات التحفظية
الواقعة على العقار موضوع مطلب التحفيظ عدد /8382ب بموجب األوامر التالية :األول
تحت عدد 02/224وتاريخ 02/03/07والثاني تحت عدد 02/971وتاريخ 02/10/11
والثالث تحت عدد 98/563وتاريخ ،98/07/29وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه
بالنقض حاليا أعاله من الطاعنة في السبب الفريد بنقصان التعليل الموازي النعدامه ،ذلك
أنه اعتبر أن الحجز الذي استصدرته العارضة لم يبق له أي أهمية مادام أن الطرف
المطلوب ضده النقض ،قد استصدر ق ار ار أصبح نهائيا ،وبالتالي فإن الحجوزات التي تقدم
بها األطراف لم يبق لها أهمية ،وأن المستأنفة –ودادية المربوحة -قد استصدرت حكما
ابتدائيا قضى باستحقاقها العقار المتنازع بشأنه ،وتم تأييده استئنافيا ،وقد حاز هذا القرار قوة
486
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الشيء المقضي به ،لم تكن طرفا أمام محكمة االستئناف ،ومن غير اإلنصاف أن يحكم
برفع حجزها المرقم تحت عدد 98/563بتاريخ 98/07/29ألنه لم يكن محل قرار اإلحالة
الصادر عن محكمة النقض ،وأنه بناء على مقتضيات المادة 369من قانون المسطرة
المدنية ،فإنه إذا بت المجلس األعلى في نقطة يتعين على محكمة االستئناف أن تتقيد بقرار
المجلس األعلى في هذه النقطة ،إال أن القرار المطعون فيه لم يتقيد بالنقطة التي اعتمدتها
محكمة النقض وتجاوز النقط المسطرة له من قبل محكمة النقض ليبت برفع حجز العارضة
المشار إليه أعاله ،والذي لم يكن محل نقاش.
لكن ،ردا على السبب أعاله ،فإن الطاعنة ال صفة وال مصلحة لها فيما أثارته من كون
المحكمة لم تتقيد بقرار محكمة النقض حينما قضت برفع الحجزين التحفظيين اللذين
اس تصدرتهما ( ....م) و( ......آ) ،بل إن المحكمة تقيدت بقرار النقض واإلحالة حين
أوردت في تعليل قرارها بأنه " :من الثابت من أوراق الملف وخصوصا مقال االدعاء ،أن
المستأنفة طالبت باإلضافة الى باقي طلباتها برفع الحجز التحفظي الصادر على المدعى
عليها الثالثة لطيفة (ف) ،استنادا على كونها استصدرت حكما نهائيا تحت عدد 112وتاريخ
05/02/05في الملف عدد 5/25قضى باستحقاقها للعقار موضوع رسم الشراء المضمن
بعدد ،124صحيفة 126سجل األمالك رقم ،59وأنه يستفاد مما ذكر ،أن الطرف
المستأنف عليه باشر مسطرة الحجز التحفظي على عقار ليس في ملكية المدين األمر الذي
ال يستقيم قانونا ،مما يتعين معه التصريح برفع الحجز التحفظي المذكور" ،فإنه نتيجة لما
ذكر كله يكون القرار المطعون فيه ،معلال تعليال كافيا وغير خارق للقانون ،وبالتالي
فالسبب أعاله على غير أساس.
لهذه األسباب
قضت المحكمة برفض الطلب.
الرئيس :السيد محمد بلعياشي –المقرر :السيد محمد طاهري جوطي-المحامي العام:
السيد محمد فاكر.
487
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
إن التقييدات في الرسوم العقارية لفائدة الغير حسن النية قرينة على صحتها وال يمكن
التمسك بإبطال التسجيل في مواجهته.
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2012/06/04من طرف الطالب أعاله بواسطة
نائبه األستاذ جالل محمد أمهمول والرامي إلى نقض القرار رقم 2008-2007الصادر عن
محكمة االستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 2012/04/23في الملفين المضمومين عدد
1572و.2011/1/1/1573
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 2012/09/18من المطلوبين ورثة
طوماس روني بواسطة نائبهم المذكور والرامية أساسا إلى عدم قبول الطلب لعدم تضمين
مقال الن قض ملخص وقائع القضية واحتياطيا إلى رفضه ،ثم مذكرة تعقيب محامي الطاعن
أعاله بتاريخ .2012/10/08
وبناء على القرار عدد 66وتاريخ 2012/10/13الصادر عن السيد الرئيس األول
لدى محكمة النقض بإحالة ملف القضية للبت فيه على غرفتين بإضافة الغرفة التجارية
(القسم الثاني) إلى الغرفة المدنية (القسم األول) المعروضة عليها القضية.
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر بتاريخ .2013 /02/19
وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ
..2013/03/20
وبناء على المناداة على األطراف ومن ينوب عنهم وحضور مؤازريهم المذكورين أعاله.
488
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
وبعد تالوة المستشار المقرر السيد محمد ناجي شعيب لتقريره ،وتقديم مدافعي الطرفين
الحاضرين لمالحظتهم الشفوية ،وبعد االستماع إلى مالحظات المحامي العام السيد محمد
فاكر.
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الدفع بعدم القبول.
حيث دفع المطلوبان في النقض ورثة توماس روني بكون الطاعن لم يضمن موجز
الوقائع في مقال طلب بالنقض.
لكن خالفا لما ورد في الدفع فإن طلب النقض تضمن موجز وقائع القضية بالقدر
الكافي ،األمر الذي يكون معه الدفع خالف الواقع.
وفي الموضوع.
حيث يستفاد من مستندات الملف ،أن .....قدما بتاريخ 2009/06/03مقاال إلى
المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء عرضا فيه ،أن موروثهما ...اشترى بتاريخ
1948/10/18العقار ذا الرسم العقاري عدد /31697س ،وهو عبارة عن أرض عارية
مساحتها حوالي 9022م م تقع بمدينة الدار البيضاء ،وتم تقييد العقد بنفس الرسم العقاري
وحاز نظيره ،إال أنه بتاريخ 1993/12/15عمد المدعو ...إلى إنشاء عقد بيع لنفس
العقار مدعيا أن موروثهم فوته له بمبلغ 108.264درهما ،وقد أدين من أجل النصب
والتزوير بسنتين حبسا نافذا وغرامة قدرها ألفا درهم ،وقد فوت هذا األخير بتاريخ
1994/01/20نفس العقار المذكور لكل من ....بثمن قدره 1.120.000درهم ،وفي
غياب نظير الرسم العقاري أقام هؤالء دعوى في مواجهة البائع لهما وكذا موروثهما من أجل
تمكينهم من ذلك النظير واإلذن للمحافظ من أجل تقييد عقدي البيع األول والثاني مع اعتبار
الحكم قائما محل الوثائق الناقصة في حالة االمتناع ،فقضت المحكمة االبتدائية وفق الطلب
بتاريخ 95/2/6في الملف ،94/156وبعد الطعن فيه باالستئناف ألغته محكمة االستئناف
وقضت برفض الطلب ،وقد كان هذا القرار محل طعن بإعادة النظر من طرف ،...فتم
489
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
....باعتبار حسن نيته بصراحة الفقرة الثانية من الفصل 66المذكور في أنه " ال يمكن في
أي حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة" إال أن المحكمة
مصدرة القرار عوض أن تطبق هذه المقتضيات التي وضعها المشرع لمعالجة حاالت مماثلة
لوضعيته حفاظا على مصداقية نظام التحفيظ العقاري واستقرار المعامالت خرقت روح
الفصل 66المذكور وطبقت مقولة عامة "ما بني على باطل فهو باطل" ،وفي الفرع الثاني
من نفس الوسيلة بخرق الفصل 3من ظهير 2يونيو 1915المتعلق بالتشريع المطبق على
العقارات المحفظة الذي جاء تأكيدا للمقتضى السابق حين نص على أن "ما يقع من إبطال
أو تغيير الحق ال يمكن التمسك به في مواجهة الغير المسجل عن حسن نية كما ال يمكن
أن يلحق به أي ضرر ".وفيما أثاره في الوسيلة الثانية مما ظل على امتداد مذكراته المدلى
بها أمام قضاء الموضوع يلتمسه من تطبيق هذه المقتضيات مطالبا بضرورة التمييز بين
حالة حسن النية وسوئها قبل مواجهته بآثار بطالن تقييد ...بسبب ما اعترى عقده من
موجبات البطالن.
حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ،ذلك أنه علل قضاءه بأن "العقد الذي باع
بموجبه المستأنف عليه ...العقار موضوع النزاع هو عقد ثبتت زوريته بحكم جنحي حاز قوة
الشيء المقضي به حسب الثابت من أوراق الملف وبالتالي فهو عقد باطل ،وبما أنه كذلك
فإن عقد شراء المستأنفين ...يكون باطال بالتبعية وكذلك الشأن بالنسبة لعقد شراء المستأنف
...وذلك عمال بقاعدة ما بني على الباطل باطل وال مجال والحالة هاته لالستدالل بحسن
النية" .فـي حـين أنه بموجب الفصل 66في فقرته الثانية من ظهير 12غشت 1913
المتعلق بالتحفيظ العقاري والفصل 3من ظهير 2يونيو 1915المطبق على العقارات
المحفظة ،فانه ال يمكن في أي حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير المسجل عن
حسن نية ،وأن ما يقع من إبطال ال يمكن أن يواجه به وال يمكن أن يلحق به أي ضرر،
وهذه المقتضيات القانونية تؤسس لمبدأ القوة الثبوتية للتقييدات ،ونصت وبدون أي تحفظ
كيفما كان نوعه ،على أن التقييدات في الرسوم العقارية ،لفائدة الغير حسن النية ،قرينة على
491
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
صحتها .وبالتالي فليس هناك ما يستثني حالة البطالن بسبب ثبوت التزوير في عقد وقع
تقييده ،ويبقى للغير المقيد عن حسن نية حق التمسك بهذه المقتضيات ،ولذلك فان القرار
المطعون فيه حين علل قضاءه على النحو المذكور أعاله ،ودون أن يبحث في حسن أو
سوء نية الطاعن باعتباره غي ار بالنسبة للعقد الذي ثبتت زوريته بحكم جنحي نهائي ،يكون
خارقا للفصل 66من ظهير 1913/08/12والفصل 3من ظهير 2يونيو 1915مما
عرضه للنقض واإلبطال.
وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس
المحكمة.
لهذه األسباب
وبصرف النظر عن البحث في بقية الوسائل المستدل بها على النقض.
قضت المحكمة بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعاله ،فيما قضى به
من التشطيب على عقد الطاعن المؤرخ في ،1999/01/26ومن إفراغه من العقار المدعى
فيه ذي الرسم العقاري عدد /31697س ،وبإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من
جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون ،وبتحميل المطلوبين الصائر.
كما قررت إثبات قرارها هذا بسجالت المحكمة المصدرة له إثر القرار المطعون فيه أو
بطرته.
وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات
العادية بمحكمة النقض بالرباط .وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة :محمد بلعياشي
رئيس الغرفة المد نية (القسم األول) ـ رئيسا .وعبد الرحمان مزور رئيس الغرفة التجارية
مقرر .وزهرة المشرفي ،ومحمد
ا (القسم الثاني) والمستشارين :محمد ناجي شعيب ـ عضوا
أسراج ،ومليكة بامي ،ومليكة بنديان ،ولطيفة رضا ،وحليمة بنمالك ،وخديجة الباين ،ـ
أعضاء .وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر .وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة بشرى
راجي.
492
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
إن الحجز التحفظي هو اجراء احترازي مؤقت يمنع المدين من اإلضرار بالدائن وأن
التشطيب عليه من الرسم العقاري يقتضي تحقق الغرض الذي أنشئ من أجله.
بناء على مقال االستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق
المدرجة بالملف.
وتطبيقا لمقتضيات الفصل 134وما يليه والفصل 328والفصل 429من قانون
المسطرة المدنية.
في الشكل :حيث بمقتضى مقال مؤدى عنه بتاريخ 17/10/26استأنفت األستاذة
دمين نيابة عن موكلتيها أعاله الحكم رقم 1244الصادر عن المحكمة االبتدائية بمراكش
بتاريخ 17/7/18في الملف عدد 17/1402/91والقاضي بعدم قبول الدعوى مع تحميل
رافعها الصائر.
وحيث أنه ال يوجد بالملف ما يفيد تبليغ الحكم المطعون فيه ،واعتبا ار لتوفر االستئناف
على الشروط القانونية يجب قبوله.
وفي الموضوع :حيث يستفاد من وثائق الملف والحكم المستأنف أن الشركتين
المستأنفتان تقدمتا بمقال افتتاحي مؤدى عنه بتاريخ 16/5/11تعرض فيه األولى بأنها
تملك الصك العقاري عدد 04/43616المسمى "فوزية" الكائن بمقاطعة النخيل مساحته 01
هكتار 01آر و 50سنتيار وان األصل التجاري المؤسس عليه في اسم الشركة الثانية وأنها
الحظت أنه تم تسجيل حجز تحفظي بتاريخ 12/1/13لفائدة اإلدارة العامة لألمن الوطني
بناء على وجود مسطرة جنائية في مواجهة المسير السابق لشركة ...المسمى .....والذي
لم تعد تربطه بالشركة مالكة العقار أية رابطة منذ تاريخ التوقيع على عقد بيع جميع حصص
493
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الشركة وبالتالي فإن الحجز المذكور تم تسجيله على ملك الغير ألن المتابع في المسطرة
المذكورة ليس مالكا وال شريكا في الصك العقاري المحجوز عليه والتمست الحكم بالتشطيب
على الحجز التحفظي المسجل بالصك العقاري عدد 04/43616المقيد بتاريخ 12/1/13
سجل 60عدد 918وأجاب المدعى عليه الوكيل القضائي للمملكة بأن الدعوى مخالفة
للمادة 14من ق م م ذلك أن الشركتين المدعيتين ال يجمعها سند مشترك حتى يتسنى لهما
تقديم مقال واحد وأن ادعاء الشركة الثانية بكون العقار المكون لالصل التجاري عدد
17687أصبح في اسمها منذ سنة 2010ال اثر له مادام لم يتم تسجيل عقد التفويت
بالرسم العقاري والذي كان وقت تاريخ ايقاع الحجز التحفظي الذي هو 12/1/13في اسم
الشركة األولى وليس باسم الشركة الثانية وبذلك تكون صفة هذه األخيرة أي شركة ....
منتفية في الدعوى فضال على أنه يترتب على الحجز التحفظي وضع يد القضاء على
العقارات والمنقوالت موضوع الحجز ومنع المحجوز عليه من التصرف فيها بأي نوع من
أنواع التصرف تحت طائلة البطالن كما تنص على ذلك المادة 453من ق م م والتمست
رفض الطلب وبعد تعقيب المدعيتين وتمام اإلجراءات أصدرت المحكمة الحكم المذكور
أعاله ،فاستأنفته المدعيتان معيبتين عليه بواسطة دفاعهما عدم ارتكازه على اساس قانوني
سليم وانعدام التعليل ،ذلك خالفا لقول المحكمة فإنه قد تم اإلدالء بالقانون األساسي وبنسخة
من السجل التجاري والذي يستفاد منهما أن العارضة تعتبر شركة ذات المسؤولية المحدودة
بشريك واحد وأن مسيرها الوحيد هو السيد ،...وأنها تدلي بنسخة من القانون األساسي
المتعلق بها وكذا بنسخة من محضر تحيين قانونها األساسي الذي تم في 11/7/20والذي
يستفاد منه أن شركة ( ...المستأنفة الثانية) هي المالكة الوحيدة لجميع عناصر األصل
التجاري لشركة ( ...المستأنفة األولى) حسب الثابت من تأشيرة المحكمة التجارية على عقد
تفويت الحصص كما أنه قد سبق لها أن أدلت بإيقاف تم إجراءه بتاريخ 10/5/21على يد
موثق يفيد بأنه بهذا التاريخ تقدم السيد ....باستقالته من منصبه كمسير لها باعتبارها مالكة
للعقار الواقع عليه الحجز وأنه كان مجرد مسير وليس مالكا أو مساهما وال شريكا فيها وأنه
494
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
بناء على الجمع العام للشركة تم عزله وأصبحت المستأنفة الثانية هي المسيرة قبل أي إجراء
أو تحقيق أو توجيه أي اتهام للسيد ...المسير السابق لها وهو مصدر الحجز التحفظي وأنه
ال يمكن مساءلتها عن أخطاء مسيرها وأن المستأنفة الثانية تعتبر غي ار في الحجز الواقع
على عقارها وأن أساس تقييد هذا الحجز التحفظي منعدم إذ تم بناء على اتهامات للمسير
السابق لها وبما أن الحجز هو إجراء وقتي فإن الحجز الواقع على عقارها قد تجاوزت مدته
4سنوات وسجل على ملكها والحال أن الشخص الموجه له االتهام ليس بمالك وأن المستأنفة
الثانية أصبحت هي المالكة الوحيدة لجميع العناصر المادية والمعنوية منذ سنة 2010أي
قبل ايقاع الحجز في 12/1/13كما عابتا على الحكم خرق الفصل 454من ق م م ذلك
أن المحكمة جعلت عبء إثبات زوال الحجز أو استم ارره أو تحويله لحجز آخر على عاتقها
في حين أن طالب الحجز هو الملزم بإثبات وجود متابعة أو حكم مع العلم أن الحجز وقع
بناء على توجيه اتهام فقط وأن عدم إثبات الدولة المغربية وجود متابعة أو أي اتهام أو حكم
في مواجهتها يعد من قبل التراخي مما يجعل هذا الحجز يفقد خاصيته الوقتية والتحفظية
والتمست الغاء الحكم المستأنف والحكم برفع والتشطيب على الحجز المسجل بالصك العقاري
عدد 04/43616وأجاب المستأنف عليه الوكيل القضائي مؤكدا دفعه السابق بخرق المادة
14من ق م م وأن المقال االستئنافي خرق المادة 142من ق م م طالما أن المستأنفتين ال
يمكنهما تقديم مقال واحد مشترك ولم يتبينا فيه نوعهما باعتباره أنهما شركتان وأن المستأنفة
الثانية ال صفة لها وليست بصاحبة حق إذ أن العقار الواقع عليه الحجز التحفظي في اسم
المستأنفة األولى وأنه خالفا لما زعمته المستأنفة األولى فإن المسير يسأل عن األخطاء
المرتكبة في التسيير بصريح المادة 67من القانون المتعلق بالشركات ذات المسؤولية
المحدودة وأن الحجز قد وقع على األموال الشركة دون تمييز بين مسيرها وشركائها أو
اصولها وفروعها وكان بناء على قرار السيد قاضي التحقيق في إطار اإلنابة القضائية في
إطار المتابعة الجنائية الجارية ضد المستأنفة األولى ومسيرها بسبب اتهامها بإجراء معامالت
495
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
مشبوهة وأن إجراء الحجز التحفظي جاء طبقا للقانون وغير خارق للمادة 454من ق م م
والتمس عدم قبول االستئناف شكال وفي الموضوع تأييد الحكم المستأنف.
وعقبت المستأنفتان بواسطة نائبتهما بأن وثائق الملف يثبت أن مسير المستأنفة األولى
هو السيد ، ...وأن المسير السابق المتابع في المسطرة الجنائية يعتبر من األغيار وال عالقة
له بها وقت إيقاع الحجز بعد أن قدم استقالته وأن الحجز غير مبرر قانونا وأكدت المقال
االستئنافي وبعد إدراج القضية في آخر جلسة بتاريخ 18/10/11فحضرت األستاذة دمين
وأسندت النظر وتخلف باقي المستأنف عليهم رغم التوصل وألفي بمستنتجات النيابة العامة
الرامية الى تطبيق القانون ،فقررت المحكمة حجز الملف للمداولة والنطق بالحكم فيه بجلسة
.2018/10/25
وبعد المداولة طبقا للقانون
التعليل
حيث خالفا لما عابته المستأنفتان على الحكم المطعون فيه فإن العقار موضوع الرسم
العقاري عدد 04/43616الذي وقع عليه الحجز التحفظي والمطلوب التشطيب عليه هو
في اسم المستأنفة األولى شركة ...وأن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير
موجود بالنسبة للغير اال بتقييده وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري ،وبالتالي فإن ما
تدعيه المستأنفة الثانية شركة ...على العقار المذكور ال أثر له مادام لم يتم تقييده بالرسم
العقاري المذكور.
وحي ــث أن الس ــيد ......ك ــان مس ــي ار للمس ــتأنفة األول ــى وه ــي المس ــؤولة بس ــبب اعمال ــه
اإلدارية التي نتج عنها تقييد الحجز التحفظي على عقارها.
وحيث ان المستأنفة الثانية وان كانت هي المالكة لألصل التجاري ال يمكن لها التمسك
بكل عقد يتعلق بأصل تجاري أو بأحد عناصره في مواجهة الدائن الذي أوقع حج از تحفظيا
496
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
على ذلك األصل أو على أحد عناصره مما يتعلق بموضوع هذا العقد طبقا لمقتضيات المادة
من 454من ق م م .
وحيث أن الحجز التحفظي هو إجراء احترازي مؤقـت يمنـع المـدين مـن االضـرار بالـدائن
وأن التشطيب عليه من الرسم العقاري يقتضـي تحقـق الغـرض الـذي أنشـئ مـن أجلـه ،وبالتـالي
فإن ما قضى به الحكم المستأنف قد جاء في محله ويجب تأييده.
لهذه األسباب
إن محكمة االستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا وغيابيا في حق المستأنف عليهم
باستثناء الوكيل القضائي وانتهائيا.
في الشكل :بقبول االستئناف.
في الموضوع :بتأييد الحكم المستأنف وإبقاء الصائر على الطرف المستأنف.
بهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعـاله بالقاعـة العاديـة للجلسـات بمقـر محكمـة
االستئناف بمراكش دون أن تتغير الهيئة الحاكمة أثناء الجلسات.
497
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
القاعدة:
إن القانون رقم 05.42جعل الق اررات الوزارية المشتركة الصادرة في إطار ظهيري
بناء على المقال المرفوع بتاريخ 2017/05/12من طرف الطالبين المذكورين أعاله
الرامي إلى نقض القرار عدد 120الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط تاريخ
2017/01/10في الملف رقم 2016/7205/594 :المضموم إليه الملف رقم
.2016/7205/619
وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 2017/11/29من طرف المطلوبين في
النقض بواسطة نائبهم األستاذ الحسين زعرض الرامية إلى رفض الطلب.
وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف .وبناء على قانون المسطرة المدنية
المؤرخ في 28شتنبر .1974
وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في.2018/06/07
ب المنعقدة العلنية الجلسة في القضية بتعيين اإلعالم على وبناء
تاريخ.2018/06/21
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
وبعد تالوة المستشار المقرر السيد المصطفى الدجاني تقريره في هذه الجلسة واالستماع
إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي.
498
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
499
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المشار إليها في الفصل 4من الظهير الشريف رقم 1.63.289بتاريخ 26سبتمبر 1963
بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي االستعمار ،وكذا الفصل 2من الظهير
الشريف بمثابة قانون رقم 1.73.213بتاريخ 02مارس 1973المنقولة بموجبه إلى الدولة
ملكية العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أو أشخاص معنويون
في 60يوما ابتداء من تاريخ نشر هذه الق اررات في الجريدة الرسمية ،غير أن أجل تقديم
طلبات اإللغاء ضد الق اررات المشار إليها في الفقرة األولى أعاله التي تم نشرها قبل تاريخ
نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية يحدد في 60يوما ابتداء من هذا التاريخ " ،فإنه لما
كان الثابت من خالل ما سبق بسطه أعاله كون القرار الوزاري المشترك محل الطعن هو
قرار منعدم ومقطوع الصلة بالمشروعية إلى درجة أصبح معه مندرجا ضمن إطار الق اررات
المعدومة . . .واعتبا ار لما استقر عليه الفقه واالجتهاد القضائي اإلداري من أن مثل هذا
الصنف من الق اررات بما فيها الق اررات المنقطعة الصلة بقواعد المشروعية النعدام صلتها بأي
إطار قانوني ال تتقيد أصال بأي أجل من أجل الطعن باإللغاء ،سواء منها تلك المنصوص
عليها في المادة 23من قانون 41 - 90المحدث لمحاكم إدارية ،وكذا المادة األولى من
قانون ، 05.42فإن ذلك يعني أن الطعن المقدم ضد هذا القرار يبقى محموال على تقديمه
داخل اآلجال القانونية " . . .في حين أثار الطالبون أمامها بكون المحكمة لم تتقيد
بمقتضيات المادة األولى من قانون رقم 05.42التي جعلت الق اررات الو ازرية المشتركة
الصادرة في إطار ظهيري 1963/09/26و 1973/03/02ق اررات ذات صبغة تنظيمية
وذلك بإخضاعها ألجل الطعن باإللغاء لوضع حد إلثارة نزاعات جديدة تهم العقارات
المسترجعة من طرف الدولة وتحديد أجل نهائي للطعن باإللغاء في الق اررات التي صدرت
قبل نشر القانون المذكور ،خاصة وأن اإلدارة قد تمسكت بكون مورثة المطلوبين هي من
األشخاص المشمولين باالتفاقية المبرمة بين المملكتين اإلسبانية المغربية المؤرخة في
1979/11/08بشأن تعويض مالكي العقارات المشمولة بظهير االسترجاع التي دخلت حيز
التنفيذ بالتوقيع عليها وحصل بموجبها المالكون السابقون الحاملون الجنسية االسبانية
501
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
المسترجعة منهم أراضيهم من طرف الدولة على تعويضات ،والمحكمة مصدرة القرار
المطعون فيه لما أيدت الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من إلغاء القرار الوزاري المشترك
دون مراعاة أن الطعن قدم خارج األجل المحدد في قانون 05.42وبالتالي يبقى غير مقبول
ولم تجعل لما قضت به أساسا من القانون ،وعللت قرارها تعليال فاسدا يوازي انعدامه ،مما
عرضته للنقض .
وحيث إن محكمة النقض ترى بعد نقض القرار المحال عليها أنه لم يبق هناك ما
يستوجب الحكم ،لذلك قررت النقض بدون إحالة ،طبقا للفصل 369من قانون المسطرة
المدنية.
لهذه األسباب
قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه بدون إحالة وتحميل المطلوبين في
النقض الصائر.
وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة
الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط ،وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة
اإلدارية (القسم األول) السيد عبد المجيد بابا اعلي والمستشارين السادة :المصطفى الدحاني
مقررا ،احمد دينية ،نادية للوسي ،فائزة بلعسري ،وبمحضر المحامي العام السيد سابق
الشرقاوي ،وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة حفصة ساجد.
502
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
503
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
504
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
نظ ار لتخصيص هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة لموضوع المنازعات
العقارية ،ولكي تعم الفائدة وتسهيال على الدارسين والممارسين لمعرفة النصوص القانونية
المنظمة لهذا المجال ،سيتم تقديم جرد بالنصوص القانونية المتعلقة بالعقار مع مراجعها
ومراجع نشرها بالجريدة الرسمية.
القوانين:
الظهير الشريف في شأن األمالك العامة صادر بتاريخ فاتح يوليو ،1914
(الجريدة الرسمية عدد 62بتاريخ 10يوليو ، 1914الصفحة )675؛
505
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
506
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
507
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
508
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
الرسائل الملكية:
الق اررات:
509
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
510
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
511
العدد الثالث مجلة الوكالة القضائية للمملكة
-إذا كان البحث باللغة الفرنسية أو االنجليزية يستخدم الخط "Times New
"Romanحجم 14بالنسبة لمتن البحث وفيما يخص الهوامش فتكون بالخط
" "Roman Times Newالحجم 10؛
-يعتمد الباحث نظام "شيكاغو" في التهميش ويشار إلى المراجع في أسفل كل صفحة.
512