Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 516

‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫عدد خاص بالقضايا العقارية‬


‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫صاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره هللا‬


‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لقد عملت الوكالة القضائية للمملكة‪ ،‬في إطار تنزيلها ملخططهاا استااتاتي‪،‬ي‪ ،‬ع اص إرادار‬
‫مجلة علمية تعنى بنشر املعلومة القانونياة والقضاائية اا اللالة بمجااش اااهاالها سم ت اة‬
‫قانونية أنيطت بها مهمة الدفاع عن الدولة وإداراتها العمومية‪ ،‬وحماية املاش العام‪.‬‬

‫ومواسبا ا ااة للاقا ا ااات الا ا اادائر با ا ااقا املههما ا ااقا واملمارتا ا ااقا فا ا ااي امل ا ا اااش القا ا ااانو وال ا ا اااعلقا‬
‫ا ا العاادد للقضااايا العقارمااة ماان‬ ‫اسقهلاااديقا‪ ،‬ارتااك الوكالااة القضااائية للمملكااة ت لااي‬
‫أجااإ إااران الاقااات وتبااادش ا ران حااوش ا خ القضااايا بم هلااخ أنواعهااا وررااد م هلااخ ا ن مااة‬
‫العقارمة ال اري بها العمإ في بالدنا‪.‬‬

‫ومما س اك فيه‪ ،‬أا العقار يقوم بدور حيوي فاي تققياا الهامياة امل اهدامة‪ ،‬حيام تعهماد‬
‫عليااه ال ياتااا العموميااة للدولااة فااي م هل اخ امل اااس اسقهلااادية واسجهماعيااة‪ ،‬والااك ماان‬
‫خالش توفقت الوعان العقااري الاال م جنجاا املشاارألس ا تاتاية‪ ،‬واستاهجابة ل اجياا املاواطاقا‬
‫املهاوعااة ومهطلبااا ت اايقت املرافااا العموميااة‪ ،‬فضااال عاان دورخ ا تاماافي فااي دع ا است ا مار فااي‬
‫م هلخ امل اس ‪ ،‬والك وفا ما أعلن عاه راحب ال اللة امللك مقمد ال ادس نلرخ هللا‪ ،‬في‬
‫الرتالة ال امية التي وجهها إلص املشارسقا في املااظرة الوطاية املاعقدة بالصخقتا يوم ‪ 8‬و‪9‬‬

‫‪1‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫دجاباات ‪ 2015‬حااوشا سال ياتااة العقارمااة للدولااة ودور ااا فااي الهاميااة اسقهلااادية واسجهماعيااةس‬
‫حيم أسد فيها ع ص أ مية العقار باعهبارخ ا‬

‫س عامإ إنهاج اتاتاتي‪،‬ي‪ ،‬ورافعاة أتاتاية للهامياة امل اهدامة بم هلاخ أاعاد اا‪ ،‬ومان اا ‪،‬‬
‫فالعقار و الوعان الرئيسفي لهق قز استا مار املااها املادر للادخإ واملاوفر ل ارل الشااإ‪،‬‬
‫وسنطا ااالا املشا ااارألس است ا ا مارمة فا ااي م هلا ااخ امل ا اااس اللا ااااعية وال الحيا ااة وال ا ااياحية‬
‫والخدماتية وغقت اس‪.‬‬
‫انههى الاطا امللك ال ام ‪.‬‬

‫وت عاايال للرتااالة امللكيااة ال ااامية‪ ،‬دعااا املشاااركوا فااي الهوراايا التااي أراادرو ا فااي خهااام‬
‫أاااش خ املااظرة الوطاية‪ ،‬إلص تعزمز ا من العقاري‪ ،‬وتي قت ولوج املواطاقا لل كن الالئاا‪،‬‬
‫م ساادين ع ااص أا ا ماان العقاااري يااروم تقلااقا امللكيااة العقارمااة والرفااس ماان قيم هااا اسقهلااادية‬
‫واسئهمانية‪ ،‬وع ص ضرورة إرتان آليا جديدة تمكن من تعبئة ا راضفي الال مة جحداث مشارألس‬
‫ال هيئة ال ضرمة‪ ،‬ومااطا ا مية استاتاتيجية‪ ،‬وإرتان آليا تكومن رريد عقاري احهيااط ‪،‬‬
‫يمكاان ماان مواجهااة مهطلبااا الهوتااس العمرا ا ‪ ،‬عااالوة ع ااص إرتااان آليااا ترم ا إلااص الااهقك فااي‬
‫ال وا العقارمة‪.‬‬

‫وتولي و ارة اسقهلااد واملالياة وإراالإل اجدارة أ مياة خاراة للقضاايا العقارماة‪ ،‬مان خاالش‬
‫تعيها إلص ت مقا الرريد العقاري العموم وتعبئهه في تبيإ تققيا امللل ة العامة عبات إنجاا‬
‫املشااارألس استا مارمة املاادرة للاادخإ‪ .‬والااك فااي إطااار تا يا ال ياتااة العقارمااة للدولااة التااي تااروم‬
‫امل اف ة ع ص ا مالك العقارمة وتقلينها في تبيإ ت مينها وتي قت تداولها وانهقالها‪ ،‬سما تهاد‬
‫ا خ ال ياتااة إلااص ضاابة وتلا ية ا خ ا مااالك بمااا يك ااإ اتااهقرار املعااامال العقارمااة وحمايااة‬
‫حقوا املالك‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫و ماان أجااإ تققيااا ا خ الاايااا وا اادا نلاات املااادة ‪ 8‬مكاارر ماان قااانوا املاليااة رق ا‬
‫‪ 70.19‬لل اة املالية ‪ 12020‬ع ص ما ي ي ا‬

‫س س يمك اان ل م اار بالل اار أو م اان يق ااوم مقام ااه‪ ،‬ف ااي إط ااار اسعهم ااادا امل هوح ااة باملقزاني ااة‬
‫العامااة وزمقزانيااا ال ماعااا الاتابيااة ومجموعاتهااا‪ ،‬أا يلااازم بااكي ن قااة أو إراادار ا ماار‬
‫ب ا ي ا ا جنجااا مشااارألس ات ا مارمة ع ااص العقااارا أو ال قااوا العينيااة باسعهاادان املااادي‬
‫ودوا ات ا ي ان امل ااطرة القانوني ااة لن اازع امللكي ااة ج ااإ املا ع ااة العام ااة وز اااسحهالش امل ق اات‬
‫الل ااادر ب ا يا ا خ ال هق اات الش اارمخ رقا ا ‪ 1.81.254‬به ااارم ‪ 11‬م اان رج ااب ‪ 06(1402‬م ااايو‬
‫‪.)1982‬س‬

‫وأملاا سبقت في أا يمكان تطبياا ا ا املقه افى القاانو مان تعزماز ال قاة وتققياا اسئهمااا‬
‫العقاري‪ ،‬بما يضمن تش يس است مار‪ ،‬في م هلخ امل اس اسقهلادية واسجهماعية‪.‬‬

‫العدد ال الم من مجلة الوكالة القضاائية‬ ‫وعليه‪ ،‬س ي عاا إس أا نرحب ب كرة ت لي‬
‫س مقالااة‪ ،‬فااي إا اران الاقااات حااوش ا خ القضااايا فااي‬ ‫للمملك اة للقضااايا العقارمااة‪ ،‬والتااي ت ااا‬
‫بالدنا‪ ،‬راجقا من هللا تبقانه وتعالص الهوفيا وال داد‪.‬‬

‫والسالم‬

‫ظهير شريف رقم ‪ 1.19.125‬صادر في ‪ 16‬من ربيع اآلخر ‪ 13( 1441‬دسمبر ‪ )2019‬بتنفيذ قانون المالية رقم ‪ 70.19‬للسنة المالية‬ ‫‪1‬‬

‫‪( .2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6838‬مكرر وتاريخ ‪ 14‬دسمبر ‪ 2014‬ن الصفحة‪).11086 :‬‬

‫‪3‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪4‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪5‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬


‫إدارة املجلة‬
‫املديراملسؤول‬
‫محمد قصري‬
‫الوكيل القضائي للمملكة‬

‫اللجنة العلمية‬

‫الستاذ محمد أشركي‪ ،‬رئيس امل لس الدتهوري تابقا؛ الستاذ عبد اإلله فونتير‪ ،‬املدير العام لل شرألس والدراتا القانونية با مانة العامة لل كومة‬
‫تابقا ؛ النقيب الستاذ عمر ودرا‪ ،‬رئيس جمعية يئا امل امقا باملارب؛ الستاذ محمد الصقلي الحسيني‪ ،‬الرئيس ا وش مل كمة استهئاا اسدارمة‬
‫بالرزاط؛ الستاذ محمد أمين بن عبد هللا‪ ،‬أتهاا جامعي وعضو امل لس ا ع ص لل لطة القضائية‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬
‫ذ‪ .‬عبد الرحيم أزغودي‬ ‫ذة‪ .‬ليلي قدوري‬
‫ذ‪ .‬يونس الزرق الحسوني‬ ‫ذ‪ .‬بوسلهام شمعة‬
‫ذ‪ .‬محمد الشلي‬

‫عنوان املراسلة‬
‫شارع الحاج أحمد الشرقاوي‪ ،‬الحي االداري‪ ،‬أكدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬اململكة املغربية‬
‫الهاتف‪(212) 5 37 68 93 09 :‬‬
‫الفاكس‪(212) 5 37 68 96 43 :‬‬

‫البريد اإللكتروني‬
‫‪RevueAJR@ajr.finances.gov.ma‬‬

‫االيداع القانوني‬
‫رقم اإليداع القانوني‪2018PE0039 :‬‬
‫ردمد‪2605-7107 :‬‬

‫‪6‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪7‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫جملة‬
‫الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪8‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪9‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعدإد إ ألس تاذ محمد قرصي‪ ،‬إلوكيل إلقضايئ للمملكة ____________________________________ ‪15‬‬
‫_____________________________________ ‪33‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ محيد إلربيعي‪ ،‬إحملافظ إلعام عىل إ ألمالك إلعقارية _______________________________ ‪33‬‬
‫_________ ‪45‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ هشام بلخري‪ ،‬إملفتش إلعام للواكةل إلوطنية للمحافظة إلعقارية وإملسح إلعقاري وإخلرإئطية _______________ ‪45‬‬
‫___________________________________ ‪74‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ حسن فتوخ‪ ،‬مستشار مبحمكة إلنقض‪ ،‬رئيس قسم إلتوثيق وإدلرإسات وإلبحث إلعلمي _______________ ‪74‬‬
‫______________ ‪101‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ محمد إلقدوري‪ ،‬حمام هبيئة إلرابط ____________________________________ ‪101‬‬
‫__________________________________________ ‪149‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ عبد إلرحمي إزغودي‪ ،‬رئيس مصلحة إلقضااي إملدنية للشامل ابلواكةل إلقضائية للمملكة ________________ ‪149‬‬
‫______________________________ ‪169‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ أأانس منري‪،‬أأس تاذ زإئر بلكية إحلقوق ابلرابط _______________________________ ‪169‬‬
‫_______________ ‪186‬‬
‫من إعدإد الاس تاذ عبد إجمليد بمنونة‪ ،‬رئيس مصلحة إلقضااي إملدنية للجنوب ابلواكةل إلقضائية للمملكة ________________ ‪186‬‬
‫________________________________________ ‪228‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ محمد كرإدة‪ ،‬انظر أأوقاف إلصويرة ____________________________________ ‪228‬‬
‫_______________________________ ‪242‬‬
‫من إعدإد الاس تاذ بوسلهام إلشمعة‪ ،‬رئيس مصلحة منازعات إملسؤولية إلدإرية ابلوسط وإجلنوب ابلواكةل إلقضائية للمملكة _______ ‪242‬‬
‫_______________________________________ ‪267‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ إلعقاوي سعيد‪ ،‬رئيس مصلحة منازعات إملسؤولية إلدإرية ابلشامل ابلواكةل إلقضائية للمملكة ____________ ‪267‬‬
‫__________________ ‪305‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ فؤإد إلكراكدي‪ ،‬إطار ابلواكةل إلقضائية للمملكة _______________________________ ‪305‬‬
‫____________________________________ ‪324‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ رش يد زاين‪ ،‬إطار ابلواكةل إلقضائية للمملكة ________________________________ ‪324‬‬
‫__________________________________ ‪354‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ عبد هللا إوهبا‪ ،‬إطار ابلواكةل إلقضائية للمملكة _______________________________ ‪354‬‬

‫____________________________________ ‪375‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ محمد انيج شعيب‪ ،‬مستشار مبحمكة إلنقض ________________________________ ‪375‬‬

‫___________________________________________________ ‪380‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ طه حسني بنخرإبة‪ ،‬إطار ابلواكةل إلقضائية للمملكة _____________________________ ‪380‬‬

‫‪10‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫____________________________________________ ‪390‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ محمد انيج شعيب‪ ،‬مستشار مبحمكة إلنقض ________________________________ ‪390‬‬

‫___________________________________________ ‪397‬‬
‫من إعدإد إ ألس تاذ محمد انيج شعيب‪ ،‬مستشار مبحمكة إلنقض ________________________________ ‪397‬‬

‫‪405‬‬ ‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 4/63‬وإملؤرخ يف ‪ 17‬يناير ‪ 2013‬إلصادر يف إمللف الادإري عدد ‪_____ 2012/1/4/2506‬‬
‫‪408‬‬ ‫‪ .2‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 1/1271‬وإملؤرخ يف ‪ 26‬دجنرب ‪ 2013‬إلصادر يف إمللف الادإري عدد ‪___ 2013/1/3/3393‬‬
‫‪411‬‬ ‫‪ .3‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 1/1971‬وإملؤرخ يف ‪ 17‬ش تنرب ‪ 2015‬إلصادر يف إمللف الادإري عدد ‪___ 2015/1/4/3181‬‬
‫‪415‬‬ ‫‪ .4‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 1/1914‬وإملؤرخ يف ‪ 10‬ش تنرب ‪ 2015‬إلصادر يف إمللف الادإري عدد ‪___ 2015/1/4/3240‬‬
‫‪418‬‬ ‫‪ .5‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 1972‬وإملؤرخ يف ‪ 17‬ش تنرب ‪ 2015‬إلصادر يف إمللف الادإري عدد ‪____ 2015/1/4/3241‬‬

‫‪422‬‬ ‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 4/730‬وإملؤرخ يف ‪ 25‬نونرب ‪ 2018‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪______ 2018/4/1/321‬‬
‫‪426‬‬ ‫‪ .2‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 4/423‬وإملؤرخ يف ‪ 03‬يوليو ‪ 2018‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪_____ 2016/1/1/6910‬‬
‫‪430‬‬ ‫‪ .3‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 4/20‬وإملؤرخ يف ‪ 10‬يناير ‪ 2017‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪______ 2015/1/1/1198‬‬
‫‪435‬‬ ‫‪ .4‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 1/712‬وإملؤرخ يف ‪ 24‬أأكتوبر ‪ 2017‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪____ 2015/1/1/4319‬‬
‫‪440‬‬ ‫‪ .5‬إلقرإر إلصادر عن حممكة الاس تئناف ابلقنيطرة عدد ‪ 52‬وإملؤرخ يف ‪ 24‬فربإير ‪ 2015‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪2012/1403/314‬‬

‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 479‬إملؤرخ يف ‪ 15‬نونرب ‪ 2016‬وإلصادر يف إمللف عدد ‪446 _________ 2015/1/1/4457‬‬

‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 80‬وإملؤرخ يف ‪ 05‬فربإير ‪ 2019‬إلصادر يف إمللف إلرشعي عدد ‪449 ______ 2017/1/2/361‬‬
‫‪ .2‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 120‬وإملؤرخ يف ‪ 19‬فربإير ‪ 2019‬إلصادر يف إمللف إلرشعي عدد ‪452 ______ 2018/1/2/747‬‬

‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 229‬وإملؤرخ يف ‪ 10‬أأبريل ‪ 2018‬إلصادر يف إمللف إلرشعي عدد ‪456 ______ 2016/1/2/859‬‬

‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 394‬وإملؤرخ يف ‪ 24‬أأبريل ‪ 2014‬إلصادر يف إمللف الادإري عدد ‪460 _____ 2012/2/4/1669‬‬

‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 3/899‬وإملؤرخ يف ‪ 04‬أأكتوبر ‪ 2018‬إلصادر يف إمللف الادإري عدد ‪464 ___ 2017/3/4/2287‬‬

‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 78‬وإملؤرخ يف ‪ 03‬فربإير ‪ 2015‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪468 ______ 2014/8/1/5341‬‬
‫‪ .2‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 8/396‬وإملؤرخ يف ‪ 11‬يوليو ‪ 2017‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪472 _____ 2016/8/1/1558‬‬
‫‪ .3‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 17‬وإملؤرخ يف ‪ 06‬يناير ‪ 2015‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪477 _______ 2014/8/1/2223‬‬
‫‪ .4‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 3/702‬وإملؤرخ يف ‪ 29‬نونرب ‪ 2016‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪481 ______ 2016/3/1/836‬‬
‫‪ .5‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 34‬وإملؤرخ يف ‪ 20‬يناير ‪ 2015‬إلصادر يف إمللف إملدين عدد ‪485 _______ 2014/1/1/3761‬‬
‫‪ .6‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض رمق ‪ 170‬بغرفتهيا إملدنية (إلقسم إ ألول) وإلتجارية (إلقسم إلثاين) وإملؤرخ يف ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬وإلصادر يف‬
‫إمللف عدد ‪488 _____________________________________________2012/1/1/2820‬‬
‫‪ .7‬إلقرإر إلصادر عن حممكة الاس تئناف مبرإكش رمق ‪ 4980‬وإملؤرخ يف ‪ 25‬أأكتوبر ‪ 2018‬وإلصادر يف إمللف عدد ‪493 _ 2017/1402/5789‬‬

‫‪11‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬إلقرإر إلصادر عن حممكة إلنقض عدد ‪ 1/655‬وإملؤرخ يف ‪ 21‬يونيو ‪ 2018‬إلصادر يف إمللف الادإري عدد ‪498 ____ 2017/1/4/3978‬‬

‫فهرس ابلنصوص إلقانونية إملتعلقة ابلأنظمة إلعقارية يف إملغرب _________________________________ ‪505‬‬

‫‪12‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪13‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪14‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ محمد قصري‪،‬‬


‫الوكيل القضائي للمملكة‬
‫مقدمة‬

‫إن االلمام بكافة جوانب هذا الموضوع تستدعي بداية التطرق إلى مفهوم األمن‬
‫القانوني‪ ،‬والذي يتجلى في ضرورة أن يضمن النظام القانوني للمواطن فهما وثقة في‬
‫القانون‪ ،‬وبالتالي فإن المواطن يكون أمام أمن قانوني عندما تتوفر لديه القدرة الكافية على‬
‫تحديد ما هو مباح وما هو ممنوع بالقانون المطبق‪ .‬ولتحقيق هذه الغاية يجب أن تكون‬
‫القواعد القانونية واضحة ومفهومة ال يشوبها فراغ تشريعي أو غموض أو إبهام أو إجمال‪،‬‬
‫وأال تخضع في الزمان لتغيرات متكررة تحقيقا لألمن القضائي والثقة المشروعة للمتقاضي‪.‬‬
‫وتتجلى جل اإلكراهات التي تحول دون تحقيق األمن القانوني في تضخم التشريع وضعف‬
‫جودة القاعدة القانونية وتعقيدها وغموضها وعدم دقة صياغتها‪.‬‬

‫ولن يتحقق األمن القانوني ما لم يتم تجاوز بعض السلبيات التي تعوق ازدهار‬
‫االستثمار والتي تقتضي إزالتها تسريع السير اإلداري ومحاربة بطئه ورتابته وتخفيف مساطره‬
‫والتنسيق بين مراكز القرار وإعادة الثقة في جودة النصوص القانونية وسالمة تطبيقها‪.‬‬

‫ويتجسد األمن القانوني في عدة صور‪ ،‬منها عدم رجعية القوانين التي تعتبر مبدأ‬
‫دستوريا والتي ال يجوز الحياد عنها إال استثناء ولفائدة المصلحة العليا القصوى‪ ،‬وضرورة‬
‫احترام الحقوق المكتسبة لألفراد التي استمدوها بطريق مشروع من القوانين القائمة‪ ،‬وإلزام‬
‫الدولة في التشريعات التي تصدرها بعدم مفاجأة أو مباغتة األفراد بنصوص قانونية جديدة‪،‬‬
‫حفاظا على توقعاتهم المشروعة وثقتهم المشروعة في القوانين القائمة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ومن جهة أخرى لقد أصبح األمن القضائي غاية دستورية بموجب الفصل ‪ 117‬من‬
‫الدستور‪ ،‬تتحقق بالتطبيق العادل للقانون‪ ،‬إذ ينص الفصل ‪ 117‬المذكور على أنه يتولى‬
‫القاضي حماية حقوق األشخاص وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون‪.‬‬

‫وإذا كان األمن القانوني يتمثل في جودة النظام القانوني الذي يضمن للمواطن فهما‬
‫وثقة في القانون‪ ،‬فإن األمن القضائي هو الحارس لألمن القانوني والحامي لمبادئه وقواعده‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وتكمن مظاهر األمن القضائي في إرساء القاعدة القانونية وتحديد مداها وآثارها‬
‫مع ثباتها واستقرارها‪ ،‬وال ضير في أن يتراجع القضاء عن بعض حلوله القضائية متى دعت‬
‫إلى ذلك سنة التطور أو تناقض القواعد‪.‬‬

‫ويعتبر األمن القانوني واألمن القضائي وجهان لعملة واحدة‪ ،‬وهي األمن العقاري‪.‬‬
‫فاالجتهاد القضائي هو العلم التطبيقي للقانون أو الحل الذي تتخذه جهة قضائية بشأن‬
‫القضية المعروضة ع ليها في حالة عدم وجود النص القانوني الواجب التطبيق أو غموضه‬
‫أو عدم كفايته‪ ،‬كما أن قضاء محكمة النقض ليس فقط مجرد قضاء تطبيقي للقانون‪ ،‬بل هو‬
‫قضاء إنشائي يؤسس للنظريات والمبادئ التي تحكم نشاط األفراد والمؤسسات وتوفق بين‬
‫النصوص المعارضة وتعمل على استنباط القاعدة الواجبة التطبيق حين ينعدم النص‬
‫التشريعي أو يعتريه فراغ أو غموض وإبهام‪ ،‬والكل في ظل روح التشريع وغاية المشرع‪ ،‬ومن‬
‫هنا يأتي دور االجتهاد القضائي في خلق القاعدة القانونية ودوره في تحقيق األمن القضائي‬
‫عموما واألمن العقاري على وجه الخصوص‪.‬‬

‫وإذا كان االجتهاد القضائي يكمن في الحل الذي تتخذه جهة قضائية معينة بشأن‬
‫القضية المعروضة عليها في حالة عدم وجود النص القانوني الواجب التطبيق أو غموضه‬
‫أو عدم كفايته‪ ،‬فهو يتخذ عدة مظاهر‪ ،‬فإما أن يكون اجتهاد ترجيح بين اجتهادات مختلفة‪،‬‬
‫أو اجتهاد إنشاء وخلق قاعدة بديلة أو اجتهاد تفسير وتأويل‪ .‬وهنا يتجلى دور االجتهاد‬

‫‪16‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫القضائي في تحقيق االمن العقاري‪ .‬وهو ما سنتطرق إليه بالتفصيل من خالل المحاور‬
‫الثالث التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬دور محكمة النقض في تحقيق األمن العقاري؛‬
‫ثانيا‪ :‬االجتهاد القضائي وحماية الملكية العقارية من الغصب؛‬
‫ثالثا‪ :‬المقتضيات القانونية التي من شأنها المساس باألمن العقاري‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دور محكمة النقض في تحقيق األمن العقاري‬

‫لقد ساهمت محكمة النقض في توضيح القاعدة القانونية والعمل على استقرارها وتيسير‬
‫فهمها للمخاطب بأحكامها‪ ،‬بما يحقق األمن العقاري ويساعد على االستثمار واالزدهار‬
‫االقتصادي‪ ،‬خصوصا وأن مجال العقارات المحفظة هو المجال األساسي لالستثمار لما‬
‫يوفره من ضمان الرهن الرسمي‪ .‬فنظام التحفيظ العقاري يقوم على أساس أن البيانات الثابتة‬
‫في السجل العقاري‪ ،‬تعتبر عنوان الحقيقة‪ ،‬وقد أناط المشرع بالمحافظ على األمالك العقارية‬
‫وقاضي التحفيظ كل في حدود اختصاصه‪ ،‬مهمة تصفية مسطرة التحفيظ‪ ،‬لغاية‪ -‬إنشاء‬
‫الرسم العقاري الذي يعتبر شهادة ميالد نظام قانوني جديد للعقار‪ ،‬ينقله من مرحلة ما قبل‬
‫التحفيظ إلى نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬وبإنشاء الرسم العقاري تضفى على هذا الرسم الصفة‬
‫النهائية‪ ،‬ويعتبر نقطة االنطالق الوحيدة في ثبوت الحقوق العينية‪ ،‬كما ينص على ذلك‬
‫الفصل ‪ 62‬من قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬وتترتب هذه الصفة النهائية اعتبا ار للدقة التي تمارس‬
‫بها مسطرة التحفيظ وما يصاحبها من عالنية وإشهار وتشخيص علمي للعقار وحدوده‬
‫وأوصافه وفق معطيات هندسية مدققة‪.‬‬

‫ويندرج في هذا االطار‪ ،‬قضاء محكمة النقض من باب االجتهاد الترجيحي‪ ،‬قرارها‬
‫الصادر بجميع الغرف تحت عدد ‪ 4939‬بتاريخ ‪ 2010/11/29‬بالملف المدني عدد‬
‫‪ 04/35/1092‬والذي وازنت من خالله بين ضررين‪ ،‬ضرر الطالب في حالة هدم جزء من‬

‫‪17‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بنائها وضرر المطلوبة في حالة تخليها بدون إرادتها عن جزء من ملكها مقابل تعويض‬
‫وتغليب الضرر األخف عن الضرر األكبر‪ .‬كما انتهت في قرارها عدد ‪ 1107‬الصادر‬
‫بشأن التقييدات على الرسم العقاري لفائدة الغير المقيد بحسن نية في حالة ثبوت زورية العقد‬
‫المؤسس عليه التقييد‪ ،‬إلى حماية مالك الرسم العقاري عوض حسن النية‪ ،‬حيث تبنت قاعدة‬
‫مفادها أن‪" :‬ث بوت زورية العقد تجعله منعدما وغير منتج ألي أثر وإن كان مسجال بالرسم‬
‫العقاري‪ ،‬حتى لو كان المشتري حسن النية"‪.1‬‬

‫غير أن االجتهاد القضائي الجماعي لغرفتين بمحكمة النقض‪ ،‬ذهب في اتجاه مغاير‬
‫في إطار الترجيح بين مصلحة مالك العقار والمسجل بالرسم العقاري وبين المقيد بحسن نية‬
‫في حالة ثبوت زورية العقد الذي على أساسه تم التقييد بالرسم العقاري‪ ،‬وانتهى إلى القول‬
‫بترجيح المسجل بحسن نية تغليبا للمصلحة العامة التي تتمثل في حجية تنصيصات الرسوم‬
‫العقارية‪ ،‬إعماال لمقتضيات الفصل ‪ 66‬من ظهير التحفيظ العقاري والفصل ‪ 3‬من ظهير ‪2‬‬
‫يونيو ‪.1915‬‬

‫وقد جاء في قرار محكمة النقض الصادر بغرفتين‪ ،‬وهو يرجح حقوق الغير المسجل‬
‫بحسن نية ما يلي‪" :‬فإنه ال يمكن باي حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير‬
‫المسجل عن حسن نية"‪.2‬‬

‫وهو نفس االتجاه الذي تبناه المشرع المغربي بالمادة ‪ 2‬من مدونة الحقوق العينية الفقرة‬
‫‪ 2‬من القانون ‪ ،08/39‬حينما نص على أنه‪" :‬ما يقع من بطالن أو تغيير أو تشطيب في‬
‫الرسم العقاري‪ ،‬ال يمكن التمسك به في مواجهة المقيد بحسن نية‪ ،‬إال إذا كان صاحب الحق‬
‫قد تضرر بسبب تدليس أو تزوير او استعماله‪ ،‬شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل‬
‫أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تقييده أو التشطيب عليه"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار صادر بتاريخ ‪ 2008/03/26‬بالملف المدني عدد ‪2006/25/1638‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار عدد ‪ 170‬بتاريخ ‪ 2013/03/20‬بالملف عدد ‪2012/1/1/2820‬‬

‫‪18‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والمالحظ ان المشرع تبنى آخر مسجل بحسن نية في الرسم العقاري دون فتح المجال‬
‫للتحقق من طبيعة هذا الحق الذي آل إليه والوسائل المعتمدة في اكتسابه‪ ،‬ذلك أنه قد يكون‬
‫آخر مسجل حسن النية‪ ،‬غير أن الحق الذي آل إليه كان عن طريق التدليس والتزوير‪ ،‬وقد‬
‫يكون هنالك تواطؤ بين ذوي النيات السيئة خصوصا أمام استفحال ظاهرة السطو على‬
‫العقارات بواسطة تكتالت تعمل جاهدة على استغالل الثغرات القانونية‪ ،‬علما أنه ال يمكن‬
‫الكشف واستجالء النيات الحسنة دون البحث عن طبيعة الحق وكيفية انتقاله‪.‬‬

‫ومن هنا يثار التساؤل عما إذا كان أجل أربع سنوات يضفي حماية قانونية ويحقق‬
‫األمن العقاري؟ وهل هذا المقتضى القانوني من شانه أن يكفل الحماية القانونية للفئات‬
‫المشمولة بالرعاية القانونية والمغاربة المقيمين بالخارج‪.‬‬

‫ومن هنا يجب إعادة النظر في مضامين مدونة الحقوق العينية بما يكفل حماية‬
‫صاحب الحق المسجل بالرسم العقاري وترتيب الجزاء عن التدليس والتزوير في إطار‬
‫الموازنة بين األمرين مع تحديد أجل تقييد الدعوى داخل اجل معقول ابتداء من تاريخ العلم‬
‫بالتنفيذ وليس من تاريخ التسجيل في إطار موازنة تامة بين صاحب الحق المسجل بالرسم‬
‫العقاري والمكتسب للحق بحسن نية‪.‬‬

‫ومن مظاهر االجتهاد القضائي على مستوى محكمة النقض‪ ،‬أنه عالوة على كونه‬
‫اجتهاد ترجيح‪ ،‬فهو أيضا اجتهاد تفسير وتأويل‪ ،‬ومن ذلك ما قضت به محكمة النقض في‬
‫قرارها عدد ‪ 309‬بتاريخ ‪ 2014/06/03‬بالملف عدد ‪ 2013/11/5299‬بشأن المادة ‪278‬‬
‫من مدونة الحقوق العينية التي تنص على أنه "ال تصح الهبة ممن أحاط الدين بماله" حيث‬
‫انتهت محكمة النقض في تفسيرها إلى القول بأن مقتضيات هذه المادة إنما تقررت لفائدة‬
‫الدائنين الذين لهم وحدهم الصفة لطلب إبطال الهبة إذا أحاط الدين بمال الواهب‪ ،‬وأنه أمام‬
‫موافقة الدائن المرتهن المقيد الوحيد كدائن على الرسم العقاري موضوع الهبة‪ ،‬فإنه ليس هناك‬
‫مجال للمحافظ على األمالك العقارية للتمسك بمقتضيات الفصل ‪ 287‬أعاله‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويعتبر أيضا اجتهاد محكمة النقض اجتهاد إنشاء وخلق للقاعدة القانونية البديلة‪،‬‬
‫ويتجلى ذلك بشكل واضح في من هجية قاضي محكمة النقض حينما يعمل على استبدال علة‬
‫بعلة أخرى ويتصدى لموضوع الدعوى متى توافرت شروطه‪ ،‬ومن هذا القبيل‪ ،‬ما قضت به‬
‫محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 2012/11/27‬تحت عدد ‪ 815‬بالملف‬
‫‪ ،2011/1/2/577‬حيث جاء فيه ‪" :‬إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض‪ ،‬أن القرار‬
‫المطعون فيه حين انتهى صحيحا في نتيجته المعلن عنها في منطوقه‪ ،‬فإنه ال يبطله قصوره‬
‫في اإلفصاح عن سنده القانوني‪ ،‬وقد أبرز السيد الوكيل القضائي أن لمحكمة النقض أن‬
‫تستكمل ما قصر القرار في بيانه‪ ،‬كما لها أن تسبغ التكييف القانوني الصحيح على الوقائع‬
‫المعروضة عليها ما دامت ال تعتمد في ذلك إال على ما كان معروضا على محكمة‬
‫الموضوع‪ ،‬مما يسوغ لمحكمة النقض تعويض العلة المنتقدة بالعلة الصحيحة والتي أسبغتها‬
‫على الوقائع التي كانت معروضة على قضاء الموضوع"‪.‬‬

‫ومن ق اررات محكمة النقض التي أرست قاعدة الصفة النهائية للرسم العقاري نذكر‬
‫القرار عدد ‪ 2212‬بالملف المدني عدد ‪ 95/1/2164‬بتاريخ ‪ 1998/4/1‬الذي أوضح أنه‪:‬‬
‫"ال يمكن التشطيب على رسم عقاري وإعادة مسطرة التحفيظ ألن رسم الملك الناتج عن‬
‫التحفيظ‪ ،‬له صفة نهائية"‪ ،‬وهو نفس االتجاه الذي أكدته الغرفة اإلدارية بقرارها عدد ‪420‬‬
‫بتاريخ ‪ 2002/04/11‬بالملف اإلداري عدد ‪ 99/4/29‬الذي جاء فيه‪" :‬إن ق اررات التحفيظ‬
‫كما استقر عليه اجتهاد الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى تعتبر ق اررات ال رجعة فيها‪ ،‬ومن‬
‫هذا المنطلق‪ ،‬فإنه ال تقبل أي طعن سواء امام القضاء اإلداري أو أمام جهة القضاء‬
‫العادي‪ ،‬وإن المحكمة اإلدارية أخطأت عندما أخضعت قرار التحفيظ باعتباره صادر عن‬
‫سلطة إدارية في شخص المحافظ لمراقبة القضاء اإلداري‪ ،‬والحالة أن القرار المذكور ال‬
‫يخضع ألي رقابة وأن عملية التحفيظ التي تنطوي على تطهير العقار المذكور تعتبر نهائية‬
‫ال رجعة فيها‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وهو نفس االتجاه الذي أكدته الغرفة اإلدارية حيث جاء في احد قرارتها‪" :‬وإن كان‬
‫المحافظ سلطة إدارية وما يصدر عنه من ق اررات يمكن الطعن فيها بطريق اإللغاء للشطط‬
‫في استعمال السلطة‪ ،‬فإن المقرر الصادر بتحفيظ العقار يعتبر مقر ار نهائيا بمفهوم الفصل‬
‫‪ 62‬من ظهير التحفيظ العقاري وال يخضع للمراقبة عن طريق الشطط في استعمال‬
‫‪1‬‬
‫السلطة"‪.‬‬

‫وبخصوص اآلثار القانونية لقاعدة الصفة النهائية للرسم العقاري المستخرج عن طريق‬
‫التجزئة‪ ،‬جاء في قرار محكمة النقض عدد ‪ 285‬ما يلي‪" :2‬إن الرسم العقاري المستخرج عن‬
‫طريق التجزئة ال يتمتع بالصفة النهائية المنصوص عليها بالفصلين ‪ 2‬و‪ 62‬من ظهير‬
‫رمضان ‪ ،1933‬بل يخضع لمقتضيات الفصلين ‪ 69‬و‪ 91‬من نفس الظهير كسائر‬
‫التقييدات الالحقة بالرسم العقاري‪ ،‬وأكدت محكمة النقض في قرار آخر‪" :3‬أن الملك الذي له‬
‫الصفة النهائية وال يقبل الطعن ويطهر العقار من جميع الحقوق السالفة غير المسجلة به‬
‫طبقا للفصلين ‪ 2‬و‪ 62‬من ظهير ‪ ،1913/08/12‬إنما هو للرسم الذي ينشأ ويترتب عن‬
‫مسطرة التحفيظ المحمية باإلشهار العمومية وآجال التعرض إلى أن ينشأ رسم عقاري حولها‪،‬‬
‫أما الرسم العقاري المستخرج عن طريق التجزئة كما في نازلة الحال‪ ،‬فال يتمتع بالحصانة‬
‫المنصوص عليها بالفصلين ‪ 2‬و‪ 62‬المشار إليهما أعاله واللذين يضفيان الصفة النهائية‬
‫على رسم التملك‪ ،‬بل يكون قابال للتغيير وخاضعا لمقتضيات الفصلين ‪ 69‬و ‪ 91‬من ظهير‬
‫‪.1331‬‬

‫وبخصوص اإلشكال المتعلق بإنشاء رسم عقاري على رسم عقاري آخر‪ ،‬انتهى اجتهاد‬
‫محكمة النقض إلى القول‪" :‬إن إنشاء رسمين عقاريين لنفس القطعة األرضية يوجب‬

‫‪1‬‬
‫قرار عدد ‪ 100‬بالملف اإلداري عدد ‪ 2002/4/1460‬بتاريخ ‪02/10/10‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار صادر بتاريخ ‪ 2002/01/02‬بالملف المدني عدد ‪2001/1/1/590‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار عدد ‪ 5292‬بتاريخ ‪2010/12/06‬‬

‫‪21‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫التشطيب عل الرسم الثاني‪ ، "1‬وقد تأكد هذا المنحى في قرار آخر جاء فيه‪" : 2‬إن مجرد‬
‫إقامة رسم عقاري يتعلق بعقار سبق تحفيظه بمقتضى رسم عقاري ال يعدو أن يكون مجرد‬
‫خطأ مادي من المحافظة العقارية‪ ،‬مما يخول للمحافظ إصالح هذا الخطأ تلقائيا عمال‬
‫بأحكام الفصل ‪ 29‬من القرار الوزيري المؤرخ في ‪.1915/06/03‬‬

‫غير أنه استثناء من ذلك‪ ،‬اعتبرت محكمة النقض في احد قرارها أنه‪" :‬استثناء المحافظ‬
‫تلقائيا مبان من ملكية أرض بعد تحفيظها وتسجيلها باسم الغير‪ ،‬ال يدخل ضمن صالحياته‬
‫التي خوله إياها الفصلين ‪ 29‬و‪ 30‬من القرار الوزيري الصادر بتاريخ ‪ 3‬يونيو ‪1915‬‬
‫المتعلق بتصحيح المخالفات واإلغفاالت التي يشاهدها على الرسوم العقارية‪ ،‬ألن ذلك يمس‬
‫بالتحفيظ الذي يعتبر نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية الكائنة على العقار وقت‬
‫تحفيظه"‪.3‬‬

‫ويعتبر اجتهاد محكمة النقض أن الصفة النهائية للرسم العقاري قاصرة على الحقوق‬
‫العينية دون الشخصية‪ ،‬حيث جاء في قرارها عدد ‪" :464‬لكن حيث يتجلى من القرار‬
‫المطعون فيه ووثائق الملف‪ ،‬أن ما يتمسك به المطلوبون إلثبات شرعية تواجدهم بالعقار‬
‫المدعى فيه المحفظ‪ ،‬هو عقد كراء‪ ،‬وهو يتعلق بحق شخصي ال تنسحب عليه قاعدة‬
‫التطهير المتمسك بها"‪.4‬‬

‫ومن المجمع عليه فقها وقانونا وقضاء أنه يترتب على الصفة النهائية للرسم العقاري‬
‫آثارا‪ ،‬أولها تطهير العقار‪ ،‬وثانيها حق المتضرر في المطالبة بالتعويض وثالثها حضر‬
‫التقادم ورابعها حماية الرسم العقاري من الغصب‪ .‬فقاعدة التطهير تعني أن إقامة الرسم‬
‫العقاري يطهر الملك من جميع الحقوق السابقة والتي لم يعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار عدد ‪ 896‬بتاريخ ‪ 2010/02/24‬بالملف المدني عدد ‪08/1/1/1176‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار عدد ‪ 1205‬بتاريخ ‪ 2010/03/16‬بالملف المدني عدد ‪2009/1/1/2214‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار عدد ‪ 5247‬الصادر بتاريخ ‪ 1999/11/17‬في الملف المدني عدد ‪.96/1/1103‬‬
‫‪4‬‬
‫قرارعدد ‪ 464‬الصادر بتاريخ ‪ 2003/02/18‬بالملف المدني عدد ‪.2007/1/1/753‬‬

‫‪22‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وهو ما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد ‪ 61‬والذي جاء فيه‪" :‬يترتب على التحفيظ إقامة‬
‫رسم الملكية وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة بالكناش العقاري‪ ،‬وهو‬
‫يكشف نقطة االنطالقة الوحيدة للحقوق العينية الكائنة على العقار وقت تحفيظه دون ما‬
‫عداها من الحقوق غير المسجلة"‪.1‬‬

‫هذا‪ ،‬وتستثنى من قاعدة التطهير األمالك العامة واألمالك الحبسية والحقوق المالية‬
‫والمنجمية والملك الغابوي واألراضي الجماعية‪.‬‬

‫وقد أوضحت محكمة النقض ما المقصود بقاعدة التطهير بقولها‪" :‬إن المقصود من‬
‫قاعدة التطهير المنصوص عليها بظهير ‪ ،1993/08/12‬تحفيظ وإنشاء رسم عقاري‪ ،‬حتى‬
‫يطهر العقار المحفظ من كل الحقوق السابقة على التحفيظ التي لم تقع اإلشارة إليها في‬
‫الرسم العقاري"‪.2‬‬

‫وحول المطالبة بالتعويض عن األضرار الناتجة عن إنشاء الرسم العقاري‪ ،‬اعتبرت‬


‫محكمة النقض أن قاعدة التطهير من النظام العام وأنها ال تخول إال من باب االستثناء‪،‬‬
‫المطالبة بالتعويض في حالة قيام تدليس بمسطرة التحفيظ‪ ،‬وجاء في تعليل احد قرارتها‪" :‬لكن‬
‫حيث إن المقتضيات المنصوص عليها في الفصلين ‪ 2‬و‪ 62‬من ظهير التحفيظ العقاري‬
‫الذي بنى عليه المجلس قضاءه‪ ،‬وكذا المنصوص عليها في الفصل ‪ 64‬الذي يمنع إقامة أي‬
‫دعوى بحق عيني تطهر فيه العقار بالتحفيظ‪ ،‬وال يبقى للمتضرر إال أن يطالب بالتعويض‪،‬‬
‫يتضمن قواعد آمرة متصلة بالنظام العام يجب أن تثيرها المحكمة تلقائيا كلما ثبت لها أن‬
‫الحق المدعى به قد تطهر منه العقار"‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار عدد ‪ 61‬بتاريخ ‪ 2006/01/04‬بالملف المدني عدد ‪.2004/1/1/44229‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار عدد ‪ 3/10‬في الملف المدني عدد ‪ 2007/3/1/305‬بتاريخ ‪2007/09/17‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار صادر بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪ 1992‬بالملف المدني عدد ‪87/2075‬‬

‫‪23‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫كما قضت بأن الحقوق التي يمكن أن يشطب عليها بمقتضى عقد أو حكم يثبت‬
‫انقضاؤها أو عدم صحتها‪ ،‬هي التي يتم إشهارها بالرسم العقاري‪ ،‬بعد أن يكون العقار قد‬
‫حفظ وخصص له رسم عقاري‪ ،‬وأن إقامة الرسم العقاري للملك يطهره من كافة الحقوق‬
‫السابقة عليه وغير المضمنة بالرسم العقاري الذي تكون له صفة نهائية ال تقبل الطعن‪،‬‬
‫ويشكل نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية وقت تحفيظه دونما عداها من الحقوق غير‬
‫المسجلة‪ ،‬وأنه ال يمكن إقامة أي دعوى بسبب حق وقع اإلضرار به من جراء التحفيظ إال‬
‫بإقامة دعوى شخصية من طرف المتضرر ضد طالب التحفيظ وإثبات وقوع التدليس في‬
‫خالل مسطرة التحفيظ‪.1‬‬

‫أما الخلف الخاص بطالب التحفيظ‪ ،‬فقد انتهى قضاء محكمة النقض في ق ارره الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ 1999‬إلى‪" :‬ان مكتري العقار من نفس طالب التحفيظ الذي تحول‬
‫مطلبه إلى رسم عقاري يعتبر خلفا خاص ال يواجه كالخلف العام بقاعدة التطهير"‪.‬‬

‫وجاء في قرار اخر لمحكمة النقض‪" :‬إن الطالب بصفته مشتريا (أي خلف خاص) من‬
‫نفس طالب التحفيظ المطلوب الذي تحول مطلبه للتحفيظ إلى رسم عقاري‪ ،‬ال يواجه كالخلف‬
‫العام (الورثة) بمقتضيات الفصل ‪ 62‬من ظهير التحفيظ العقاري"‪.2‬‬

‫وأكدت محكمة النقض هذا التوجه في قرار اخر بقولها ‪" :‬إن قاعدة التطهير قاصرة‬
‫على الحقوق واالتفاقات المحتج بها من طرف الغير ال على الخلف الخاص الذي اشترى‬
‫العقار من طالب التحفيظ"‪.3‬‬

‫وأوضحت في قرار آخر األسباب التي جعلتها تستثني الخلف الخاص الذي اشترى‬
‫العقار من طالب التحفيظ الذي أصبح مالك للرسم العقاري والذي لم ترد هذا الرسم إال تثبيتا‬

‫‪1‬‬
‫قرار عدد ‪ 1401‬بتاريخ ‪ 1987/10/17‬ملف رقم ‪99219‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار عدد ‪ 5925‬بتاريخ ‪ 1999/12/29‬في الملف عدد ‪94/1151‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار عدد ‪ 4149‬بتاريخ ‪ 2012/09/25‬في الملف المدني ‪2011/7/1/3487‬‬

‫‪24‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وتدعيما لملكيته‪ ،‬ويبقى ملزما بتنفيذ التزاماته التي أنشأها على هذا العقار ومن حق خلفه‬
‫الخاص أن يطالبه بتنفيذها رضاء أو قضاء‪ ،‬ومن هذه االلتزامات نقل ملكية المبيع وتسجيل‬
‫العقد بالرسم العقاري والحصول على حكم قابل للتسجيل يقوم مقام العقد‪.‬‬

‫واستقر قضاء محكمة النقض على هذا التوجه وأكدته بموجب ق ارراها عدد ‪ 374‬والذي‬
‫جاء فيه ‪" :1‬إن قاعدة التطهير ال يحتج بها على الخلف الخاص الذي اشترى العقار من‬
‫طالب التحفيظ الذي أصبح مالكا للرسم العقاري والذي لم يزده هذا الرسم إال تدعيما وتثبيتا‬
‫لملكيته‪ ،‬فال يسوغ له الحد من تصرفاته واتفاقاته التي أبرمها بشأنه‪.‬‬

‫وأخي ار وليس ِ‬
‫آخ ار‪ ،‬فقد قضت محكمة النقض‪" :‬أنه لكي يحمي طالب الشفعة حقه في‬
‫عقار في طور التحفيظ من اآلثار المترتبة على التطهير‪ ،‬يتعين عليه القيام باإليداع المشار‬
‫إليه في الفصل ‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري"‪ ،2‬وإن اتخاذ المحافظ ق ار ار بتحفيظ العقار‬
‫موضوع التعرض وقبل البت فيه من طرف المحكمة ال يشكل سببا للحكم بعدم صحة‬
‫التعرض استنادا لقاعدة التطهير‪.3‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور االجتهاد القضائي في حماية الملكية العقارية من الغصب‬

‫يلعب االجتهاد القضائي دو ار مهما في حماية الرسم العقاري من الغصب‪ ،‬بما أن‬
‫حصانة الرسم العقاري وحقوق التنصيصات الواردة به‪ ،‬والتي تشكل عنوانا للحقيقة وقرينة‬
‫مطلقة في إثبات ملكيته من حفظ العقار باسمه‪ ،‬يرتب الحماية القضائية للمالك ويخوله طلب‬
‫استرداده العقار من أي غاصب له ولو من خالل المسطرة االستعجالية أمام القضاء‬
‫االستعجالي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار عدد ‪ 374‬بتاريخ ‪ 2014/06/24‬في الملف عدد ‪13/7/1/2969‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار عدد ‪ 4074‬بتاريخ ‪ 2002/12/9‬في الملف عدد ‪09/4/1/1070‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار عدد ‪ 3671‬بتاريخ ‪ 2011/9/6‬في الملف ‪08/11/3000‬‬

‫‪25‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وهكذا قضت محكمة النقض‪" : 1‬إن قاضي األمور المستعجلة يختص بطرد من يحتل‬
‫عقا ار محفظا دون أن يكون مسجال برسم عقاري ولو استظهر بعقد أو أي وثيقة أخرى‪ .‬كما‬
‫أكدت في قرار آخر‪" :‬من حق المالك الذي ثبت ملكه برسم عقاري أن يرفع أمره إلى قاضي‬
‫المستعجالت ليجعل حدا لكل تعد أو مس بحقه‪ ،‬وأن ذلك تدبير مؤقت ومستعجل تحتمه‬
‫الميزة الخاصة بالرسم العقاري الذي يلزم الجميع بمضمونه"‪.2‬‬

‫وأكدت محكمة النقض في قرار آخر‪" :3‬ان الفصل ‪ 62‬من قانون التحفيظ العقاري‬
‫المستدل به من طرف الطاعن‪ ،‬ينص على أن رسم الملكية له صفة نهائية وال تقبل الطعن‪،‬‬
‫وهو يكشف نقطة االنطالق الوحيدة للحقوق العينية والتكاليف العقارية الكائنة على العقار‬
‫المحفظ‪ ...‬ولما كانت األرض موضوع النزاع تتوفر على رسم عقاري في اسم المطلوب‪ ،‬فإن‬
‫المحكمة اعتبرت عن صواب أن هذا األخير محق في اللجوء إلى قاضي المستعجالت لجعل‬
‫حد لكل تعد عليه"‪.‬‬

‫ولعل من أهم الظواهر تهديدا ألمن العقاري نجد االعتداء المادي على الملكية العقارية‪،‬‬
‫فقد أفرد الدستور حماية خاصة لحق الملكية بموجب الفصل ‪ 35‬منه والذي جاء فيه‪:‬‬
‫"يضمن القانون حق الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون‪ ،‬إذا اقتضت‬
‫ذلك متطلبات التنمية االقتصادية واالجتماعية للبالد‪ ،‬وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت‬
‫ووفق اإلجراءات التي ينص عليها القانون"‪ ،‬كما أن الفصل األول من القانون رقم ‪81/7‬‬
‫المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة واالحتالل المؤقت ينص على أن‪" :‬نزع ملكية‬
‫العقارات كال أو بعضا ال يجوز الحكم به إال إذا أعلنت المنفعة العامة‪ ،‬وال يمكن إجراؤه إال‬
‫طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة االستثناءات المدخلة عليه كال أو بعضا‬
‫بموجب تشريعات خاصة"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار عدد ‪ 688‬بتاريخ ‪ 1978/1/8‬في الملف عدد ‪66942‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار عدد ‪ 110‬بتاريخ ‪1971/4/21‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار عدد ‪ 2834‬بتاريخ ‪ 2007/9/12‬في الملف عدد ‪.06/3/1/3093‬‬

‫‪26‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غير أن اإلدارة تعمد في بعض األحيان إلى وضع يدها على العقارات المملوكة للغير‬
‫دون اتباع مسطرة نزع الملكية أو استكمال إجراءاتها أو استئذان القضاء في الحيازة المؤقتة‬
‫للعقار بدعوى الطابع االستعجالي للمنفعة العامة‪ ،‬مما يشكل اعتداءا ماديا في حقها يخول‬
‫للمتضررين رفع الدعاوى أمام القضاء اإلداري للمطالبة بالتعويض أو رفع االعتداء المادي‬
‫أو إيقافه‪.‬‬

‫وقد استقر القضاء اإلداري على اعتبار ذلك السلوك بمثابة اعتداء مادي أو غصب‪،‬‬
‫وهذا ما أكدته محكمة النقض في عدة ق اررات نذكر من بينها القرار عدد ‪ 1032‬والذي جاء‬
‫فيه‪" :‬ان مجرد صدور مرسوم نزع الملكية وقبل استكمال باقي إجراءات اإلذن بالحيازة ونقل‬
‫الملكية يجعل رفع اإلدارة يدها على العقار اعتداء ماديا"‪.1‬‬

‫وجاء في قرار آخر لنفس المحكمة أن شروع اإلدارة في سلوك مسطرة نزع الملكية‬
‫ووضع يدها على العقار ال ينفي عنها حالة االعتداء المادي‪" :‬إن مجرد الشروع دون إتمام‬
‫اإلجراءات المسطرية ال يكفي وحده لنفي االعتداء المادي"‪.2‬‬

‫كما ذهبت محكمة النقض وهي تضفي حماية قضائية على حق الملكية إلى القول بأن‬
‫تخصيص عقار للمنفعة العامة في تصميم التهيئة‪ ،‬ال يعفي اإلدارة من إتباع إجراءات نزع‬
‫الملكية واستصدار اإلذن بالحيازة ونقل الملكية وإال اعتبرت في حالة اعتداء مادي‪ ،‬وجاء في‬
‫قرارها‪" :3‬لكن حيث إنه ال يكفي إلضفاء المشروعية على وضع اإلدارة يدها على عقار‬
‫الغير مجرد كونه مخصصا في إطار تصميم التهيئة كمرفق عمومي‪ ،"...‬وأكدت نفس‬
‫المنحى في قرار آخر‪ 4‬بقولها ‪ ":‬لكن‪ ...‬إن اإلشارة في تصميم التهيئة إلى إنشاء مرفق‬
‫عمومي وعلى عقار المطلوب ال يعفي اإلدارة في سلوك المساطر القانونية لنزع الملكية‬

‫‪1‬‬
‫تحت عدد ‪ 1032/2‬الصادر بتاريخ ‪ 2014/10/30‬بالملف عدد ‪2013/2/4/1508‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار عدد ‪ 18/2‬بتاريخ ‪ 2014/1/9‬في الملف ‪2012/2/4/140‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار صادر بتاريخ ‪ 2015/1/22‬في الملف ‪2013/2/4/1473‬‬
‫‪4‬‬
‫قرار عدد ‪ 271‬بتاريخ ‪ 2012/5/17‬بالملف عدد ‪2011/2/4/779‬‬

‫‪27‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ألجل المنفعة العامة وذلك باستصدار مرسوم نزع الملكية واستصدار أحكام قضائية باإلذن‬
‫بالحيازة وبنقل الملكية داخل األجل القانوني المحدد لذلك‪ ،‬وأن اإلدارة طالما لم تتقيد بذلك‪،‬‬
‫يعتبر تصرفها اعتداء ماديا على ملك المطلوب"‪.‬‬

‫وفي إطار الحماية القضائية لحق الملكية‪ ،‬ورغم أن الفصل ‪ 37‬من قانون التعمير‬
‫ينص بما معناه على مساهمة المالك المجاور للطريق العامة الجماعية المراد إحداثها فوق‬
‫ملكه في حدود الربع مجانا عمال بقاعدة الغرم بالغنم‪ ،‬فإن العمل القضائي اإلداري قد دأب‬
‫عل ى القول خالف ذلك‪ ،‬في حالة االعتداء المادي‪ ،‬معتب ار أنه المجال لتطبيق الفصل ‪37‬‬
‫من قانون التعمير إال في إطار مسطرة نزع الملكية‪ ،‬وإن رفع اليد على العقار ولو كان‬
‫مخصصا إلحداث طريق جماعية به‪ ،‬دون سلوك مسطرة نزع الملكية يجعل انذاره في حالة‬
‫إعتداء مادي يجب تعويضه عن العقار ككل‪.‬‬

‫وجاء في حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بفاس‪" :1‬إن الفصل ‪ 37‬من قانون التعمير‬
‫ال يجد مجال تطبيقه إال في إطار مسطرة نزع الملكية وليس في إطار نظرية االعتداء‬
‫المادي"‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وفي إطار التوازن بين حق المتضرر في الحصول على مقابل أرضه موضوع‬
‫االعتداء المادي وحق اإلدارة في أن تنقل إليها ملكية العقار المذكور بعد أداء التعويض‬
‫المستحق للمالك‪ ،‬وبعد األخذ بعين االعتبار أن مطالبة المعتدي على ملك المعني باألمر‬
‫بالحكم لفائدته بمقابل رقبة العقار‪ ،‬يستفاد منه ضمنيا تنازل عن الرقبة مقابل ذلك التعويض‪،‬‬
‫وأن أداء اإلدارة ل لتعويض المحكوم به على أساس قيمة العقار يجعل اإلدارة في استحالة‬
‫مادية لممارسة مسطرة نزع الملكية‪ ،‬واعتبا ار لمبدأ وجوب حماية المال العام‪ ،‬أصبح القضاء‬
‫يستجيب لمطالب الدولة بنقل ملكية العقار إليها بعد أداء التعويض المحكوم به استنادا إلى‬
‫نظرية اإلثراء بدون سبب‪ ،‬فقد جاء في قرار لمحكمة النقض أنه ‪" :‬حقا‪ ...‬ذلك أن المحكمة‬

‫‪1‬‬
‫حكم عدد ‪ 2009/732‬في الملف ‪.2009/12/163‬‬

‫‪28‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫قضت بتعويض عن فقد المطلوبة ملكية عقارها المعتدى عليه ماديا من طرف الطاعنة دون‬
‫الحكم بنقل ملكيته لفائدة هذه األخيرة خالفا ألحكام اإلثراء بال سبب المتمثلة في إثراء‬
‫المطلوبة عندما قضى لها بالتعويض المذكور عن احتفاظها بملكية نفس العقار موضوع‬
‫الحكم بالتعويض وافتقار الطاعنة لما حرمت من استغالل ملكية نفس العقار‪ ،‬ما يشكل‬
‫افتقا ار مباش ار يقابله إثراء مباشر وتقوم عالقة سببية مباشرة تتمثل في واقعة هي السبب‬
‫المباشر لكل منهما‪ ،‬وهو دفع تعويض عن قيمة عقار لم تنتقل ملكيته على من حكم عليه‬
‫بدفعه وهو الطالبة المفتقرة‪ ،‬فكان بذلك القرار المطعون فيه لما لم يقض بنقل الملكية لهذه‬
‫األخيرة والحال ما ذكر‪ ،‬فاسد التعليل ومعرضا للنقض"‪.1‬‬

‫وفي إطار إقرار التوازن بين الحقوق والواجبات وحماية المراكز القانونية للطرفين معا‪،‬‬
‫ذهبت محكمة النقض في أحد ق ارراتها إلى القول بما يلي‪" :‬حيث صح ما عابه الطاعن على‬
‫القرار المطعون فيه بهذا الخصوص‪ ،‬ذلك أن تعويض المالك عن فقدان رقبة عقاره يقتضي‬
‫بالضرورة خروج ملكية هذه الرقبة عن ملكه ونقلها إلى جهة اإلدارة الملزمة بأداء التعويض‬
‫المذكور تطبيقا لمبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات وحماية المراكز القانونية للطرفين المنبثقة‬
‫عن الوضعية التي تترتب عن وضع اليد على العقار واستعماله كمنشأة عامة مملوكة بقوة‬
‫القانون للدولة (الملك الخاص) والمحكمة لما قضت برفض طلب نقل ملكية العقار محل‬
‫النزاع لفائدة اإلدارة المعنية مقابل التعويض المحكوم به للمطلوبين في النقض‪ ،‬لم يجعل ما‬
‫قضى به من أساس في هذا الشأن وعرضت ق ارراها للنقض جزئيا"‪.2‬‬

‫ثالثا‪ :‬المقتضيات القانونية التي من شأنها المساس باألمن العقاري‬

‫يتضمن النظام القانوني بالمغرب مجموعة من المقتضيات التي من شأنها أن تمس‬


‫باألمن العقاري‪ ،‬نذكر منها على سبيل المثال ما يتضمنه الفصل ‪ 86‬من القانون رقم‬

‫‪1‬‬
‫قرار عدد ‪ 2/394‬بتاريخ ‪ 2014/4/24‬في الملف عدد ‪.2012/2/4/1669‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار صادر بتاريخ ‪ 2015/1/22‬في الملف عدد ‪.2013/2/4/1473‬‬

‫‪29‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ 07/14‬المعدل لظهير التحفيظ العقاري والذي نص على إمكانية اللجوء إلى رئيس المحكمة‬
‫االبتدائية بصفته قاضيا للمستعجالت لألمر بالتشطيب على التقييد االحتياطي إذا كانت‬
‫األسباب المستند إليها غير جدية وغير صحيحة‪ ،‬مما يطرح التساؤل حول نجاعة هذا‬
‫اإلجراء وما إذا كان يشكل ضمانة لحماية األمن العقاري‪ ،‬خاصة وأن القضاء االستعجالي‬
‫ال يملك الحق في تقدير حجية الوثائق واألدلة المبررة للتشطيب على التقييد االحتياطي‪،‬‬
‫لذلك يتعين إعادة صياغة الفصل ‪ 86‬المذكور‪ ،‬بما يحقق المحافظة على الحقوق العينية‬
‫المعنية بالتنفيذ االحتياطي من كل ضياع وتحقق الموازنة بين حقوق األطراف المعنية‪.‬‬

‫كما أن ما تنص عليه الفقرة ‪ 2‬من المادة الثانية من القانون ‪ 08/39‬المتعلق بمدونة‬
‫الحقوق العينية من كون أن ما يقع من إبطال أو تغيير أو تشطيب بالرسم العقاري ال يمكن‬
‫التمسك به في مواجهة المقيد بحسن نية‪ ،‬إال إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس‬
‫أو تزوير أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من‬
‫تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه‪ ،‬يطرح أكثر من تساؤل حول من‬
‫األجدر بالحماية‪ ،‬هل هو صاحب الحق المسجل على الرسم العقاري إعماال لحجية التسجيل‬
‫بالرسم العقاري كما هي مقررة بفلسفة نظام التحفيظ العقاري أم المقيد بحسن نية والذي قد‬
‫يكون آل إليه عن طريق التزوير والتدليس والتواطؤ بين ذوي النيات السيئة؟ ثم هل إن أجل‬
‫أربع سنوات يضفي ضمانة قانونية ويحقق األمن العقاري خصوصا بالنسبة لألشخاص‬
‫المقيمين بالخارج أو المكفولين بالرعاية القانونية؟ لذلك يجب أن يتدخل المشرع إلعادة‬
‫صياغة المادة المذكورة بما يكفل تحقيق التوازن بين صاحب الحق المسجل بالرسم العقاري‬
‫والمكتسب للحق بحسن نية‪ ،‬وانه من األجدر التنصيص على احتساب اجل األربع سنوات‬
‫من تاريخ العلم وليس من تاريخ التقييد‪.‬‬

‫وفي نفس السياق تندرج مقتضيات الفصل ‪ 26‬من القانون رقم ‪ ،07/14‬حيث نصت‬
‫على إمكانية تقديم طلب التعرض باسم الغير والتدخل في المسطرة للجهات المحددة بمقتضاه‬

‫‪30‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وخصوصا مؤسسة النيابة العامة بالنسبة للمحجوزين والغائبين والمفقودين‪ ،‬وتثير هذه‬
‫المقتضيات التساؤل عما إذا كان هذا اإلجراء يشمل جميع التعرضات العادية واالستثنائية‬
‫وجميع أطوار المسطرة المتعلقة بالتحفيظ العقاري أم ينتهي مفعوله عند مسطرة التحديد‪.‬‬

‫ويالحظ أيضا أن الفصل ‪ 29‬من نفس القانون ينص على أن قرار المحافظ برفض‬
‫التعرض لعدم تقديمه داخل األجل القانوني غير قابل للطعن القضائي‪ ،‬مما يثير التساؤل‬
‫حول توافق هذه المقتضيات مع ما تتضمنه أحكام كل من الفصلين ‪ 26‬و‪ 29‬من قانون‬
‫التحفيظ العقاري ومقتضيات الفصول من ‪ 6‬إلى ‪ 10‬من نفس القانون‪ ،‬فمن جهة هذا‬
‫المقتضى يتعارض مع أحكام الفصل ‪ 118‬من الدستور الذي ينص على أن جميع الق اررات‬
‫اإلدارية قابلة للطعن باإللغاء خصوصا وأن المحافظ يعتبر سلطة إدارية وق ارراته تعد من‬
‫ضمن الق اررات اإلدارية القابلة للطعن باإللغاء‪ ،‬خصوصا إذا كان األمر يتعلق برفض‬
‫التعرض بالبناء على الخطأ في احتساب األجل الكامل لتقديم التعرض‪ ،‬مما يثير موضوع‬
‫الوسيلة القانونية التي يمكن اللجوء إليها في حالة صدور قرار برفض قبول التعرضات‬
‫االستثنائية بالنسبة لقضايا الفئات الواجب حمايتهم المنصوص عليهم بالفصل ‪ 26‬أعاله‪.‬‬
‫كما يالحظ أيضا أن الفصل ‪ 109‬من قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬ينص على أن األحكام‬
‫الصادرة في مادة التحفيظ العقاري ال تقبل الطعن باالستئناف والنقض دون النص على‬
‫إمكانية الطعن بإعادة النظر حيادا على قانون المسطرة المدنية الذي نص على أصناف‬
‫أخرى من الطعون‪ ،‬علما بأن الطعن بإعادة النظر كما هو مقرر بقواعد المسطرة المدنية من‬
‫خالل الفصول ‪ 379‬و‪ 408‬و‪ ،403‬يعتبر وسيلة قانونية ناجعة لتدارك ما يقع من تجاوزات‬
‫في سير المسطرة خصوصا في حالة اعتماد وثائق مزورة ومحتكرة لدى الغير‪.‬‬

‫وإلى األمس القريب كانت مقتضيات المادة ‪ 4‬من قانون الحقوق العينية تستثني الوكالة‬
‫من الوثائق الواجب تحريرها بعقد رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك‪ ،‬علما بأن الواقع‬
‫أثبت أن بعض التصرفات القانونية المتعلقة بالعقار المحفظ تبنى على وكاالت مزورة وهو ما‬

‫‪31‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫يشكل تهديدا حقيقيا لألمن العقاري‪ ،‬وبالفعل تم تعديل هذه المقتضيات عبر القانون رقم‬
‫‪ 69.16‬والذي قضى بتتميم مضمون المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية عبر إدراج الوكالة‬
‫ضمن الوثائق الواجب تحريرها بعقد رسمي من طرف الموثق أو من طرف محام مؤهل‬
‫لذلك‪.1‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫يعتبر األمن القانوني واألمن القضائي وجهان لعملة واحدة‪ ،‬والمتمثلة في األمن‬
‫العقاري‪ ،‬حيث ساهم االجتهاد القضائي‪ ،‬عبر اجتهاداته التفسيرية والترجيحية واإلنشائية‪،‬‬
‫بشكل فعال في إرساء الصفة النهائية للرسم العقاري وتحديد مداها وآثارها من أجل ضمان‬
‫حقوق المتعاملين في مجال العقارات وتحقيق نوع من االئتمان العقاري‪ ،‬مما يشجع على‬
‫االزدهار االقتصادي واالجتماعي وتحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية ببالدنا‪ ،‬بما يوفره‬
‫من ضمانات وإقامة مشاريع تنموية على أسس واضحة‪ ،‬وأنه على الرغم من الضمانات‬
‫القانونية التي أوردتها مدونة الحقوق العينية لضمان األمن العقاري ببالدنا‪ ،‬فإنه ال زالت‬
‫بعض المقتضيات القانونية الواردة بها جديرة بالمراجعة كما سبق بيانه‪ ،‬حماية لألمن العقاري‬
‫والثقة المشروعة في القانون والقضاء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.17.50‬بتاريخ ‪ 8‬ذي الحجة ‪ 30( 1438‬أغسطس ‪)2017‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 6604‬بتاريخ ‪ 23‬ذو الحجة ‪1438‬‬
‫(‪ 14‬سبتمبر ‪ ،)2017‬ص ‪.5068‬‬

‫‪32‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ حميد الربيعي‪،‬‬


‫المحافظ العام على األمالك العقارية‬
‫تمهيد‬

‫إن قيام الدولة وباقي األشخاص المعنوية العمومية الممثلة لها بالمهام المسندة إليها‪،‬‬
‫السيما فيما يتعلق بالسهر على تحقيق النفع العام لألفراد‪ ،‬يقتضي بأن تتملك مجموعة من‬
‫األمالك العقارية بالشكل الذي يساعدها في تحقيق تلك الغاية‪ ،‬وهي ما يصطلح عليها‬
‫باألمالك العمومية للدولة‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬المنظم للملك العام للدولة‪ ،‬نجد أنه لم يعطي‬
‫تعريفا للملك العمومي‪ ،‬وإنما عمل بالمقابل على وضع بعض الضوابط والمعايير التي من‬
‫خاللها يمكن تصنيف ملك ما في دائرة األمالك العمومية للدولة‪ ،‬وهي كالتالي‪ :‬أن يكون‬
‫مملوكا على الشياع بين األفراد‪ ،‬وأن يتم تخصيصه الستعمال العموم‪ ،‬ثم أن تكون الغاية‬
‫منه تحقيق المنفعة العامة‪.‬‬

‫وبالنظر لألهمية التي يحظى بها الملك العمومي فقد كان لزاما تمييزه عن غيره ببعض‬
‫الخصائص التي تجعله غير خاضع للقواعد والمبادئ العامة التي تحكم األنظمة العقارية‬
‫المندرجة في إطار الملك الخاص‪ .‬ويمكن إجمال هذه الخصائص في أنه غير قابل للتفويت‪،‬‬
‫وغير قابل للحجز‪ ،‬وغير قابل لالكتساب بالتقادم‪.‬‬

‫وإذا كان الملك العمومي محصنا بحكم طبيعته بموجب القوانين المنظمة له‪ ،‬فهل يمكن‬
‫الحديث عن دور حمائي إضافي يمكن أن يقوم به نظام التحفيظ العقاري في تحصين الملك‬
‫العمومي؟‬

‫‪33‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مما الشك فيه أن نظام التحفيظ العقاري يوفر حماية إضافية للملك العمومي بالنظر‬
‫إلى الضمانات والمزايا التي يتيحها‪ ،‬فهو يساعد الدولة على ضبط الهياكل العقارية العمومية‬
‫وعلى بلورة سياسة عقارية ناجعة وكذا تسهيل اتخاذ القرار على مستوى تدبير وتنظيم العقار‬
‫من جهة وتهيئة المجال من جهة ثانية‪.‬‬

‫في هذا السياق أولت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية‬
‫عناية خاصة للعقار العمومي إذ عملت على تصنيفه ضمن الحسابات الكبرى لتمييزه عن‬
‫باقي أصناف العقارات‪ ،‬مع إبرام اتفاقيات ثنائية مع المؤسسات والقطاعات اإلدارية المشرفة‬
‫على تدبير األمالك العمومية‪ ،‬مثل مديرية أمالك الدولة والمندوبية السامية للغابات ومحاربة‬
‫التصحر‪ ،‬علما أن مصالح الوكالة بتعاون مع مصالح و ازرة التجهيز والنقل واللوجستيك‬
‫قامت بإعداد مشروع اتفاقية في هذا اإلطار سوف يتم التوقيع عليها خالل أشغال هذا اليوم‬
‫الدراسي‪.‬‬

‫وللحديث عن مساهمة نظام التحفيظ العقاري في حماية الملك العمومي‪ ،‬ارتأيت تقسيم‬
‫مداخلتي إلى نقطتين أساسيتين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إخضاع األمالك العمومية للدولة لنظام التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تحفيظ العقارات في إطار مسطرة نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة‪.‬‬

‫ألختم في نهاية المداخلة ببعض الخالصات األساسية أو االقتراحات التي أرى أن من‬
‫شأنها أن تساهم في تجاوز الصعوبات المطروحة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إخضاع األمالك العمومية للدولة لنظام التحفيظ العقاري‬


‫‪ -1‬تحفيظ األمالك العمومية المحددة إداريا ومسطرة استخراجها وضمها‬
‫إلى الملك الخاص‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أ) غياب إطار قانوني في شأن مسطرة تحفيظ األمالك العمومية‬


‫المحددة إداريا‪.‬‬

‫يمكن للدولة أن تعمد إلى تحديد أمالكها العمومية في إطار ما يسمى بمسطرة التحديد‬
‫اإلداري التي تجد سندها في الفصل ‪ 7‬من ظهير فاتح يوليوز ‪ ،1914‬والتي تتوخى تعيين‬
‫حدود الملك العمومي وتوضيح وضعيته القانونية والمادية بغية تحصينه من ادعاءات‬
‫األغيار ومن النزاعات التي قد تثار بشأنه‪.‬‬

‫وتخضع عملية التحديد اإلداري للملك العام لإلجراءات التالية‪:‬‬


‫‪ ‬إجراء بحث عمومي بناء على طلب الجهة الوصية على الملك العام والمتمثلة‬
‫في و ازرة التجهيز حاليا (نص الظهير يشير إلى مدير األشغال العمومية)؛‬
‫‪ ‬استصدار مرسوم في الموضوع (قرار وزيري حسب نص الظهير) بناء على‬
‫طلب اإلدارة المعنية يحدد األمالك التي ستخضع لعملية التحديد وكذا تاريخ‬
‫الشروع في هذه العملية؛‬
‫‪ ‬خالل مدة ‪ 6‬أشهر من نشر القرار الوزيري‪ ،‬تقبل جميع الطلبات الرامية إلى‬
‫التعرض على عملية التحديد؛‬
‫‪ ‬في الحالة التي يثبت فيها المتعرضون أنهم اكتسبوا حقوقهم قبل نشر ظهير‬
‫فاتح يوليوز ‪ ،1914‬فإن الدولة تلجأ إلى االعتراف بالحقوق المطالب بها‪ ،‬كما‬
‫يمكن لها أيضا االعتراف ببعض الحقوق األخرى المضمنة في شكل تعرض‬
‫قانوني خالل أجل ‪ 6‬أشهر من نشر القرار الوزيري المتعلق بالتحديد‪ ،‬أما باقي‬
‫الحقوق التي لم تعترف بها الدولة فيتم البت فيها عن طريق القضاء‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أنه لم يصدر أي نص قانوني يبين كيفية إخضاع األمالك العمومية‬
‫المحددة تحديدا إداريا لنظام التحفيظ العقاري‪ ،‬وذلك خالفا للملك الخاص للدولة الذي صدر‬

‫‪35‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بشأنه الظهير المؤرخ في ‪ ،1922/05/24‬وأمالك الجماعات الساللية المنظمة بموجب‬


‫ظهير‪.1924/02/18‬‬

‫ب) استخراج الملك العمومي وضمه إلى الملك الخاص‬

‫استثناء من المبدأ العام المتمثل في عدم قابلية الملك العمومي للتفويت‪ ،‬فإن هذا‬
‫األخير يمكن أن يصبح قابال للتفويت في حالة استخراجه من الملك العام وضمه إلى الملك‬
‫الخاص للدولة وفق مسطرة خاصة تجد سندها في الفصل ‪ 5‬من ظهير فاتح يوليوز ‪،1914‬‬
‫بحيث تخضع لألحكام واإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬أن يفقد الملك العام صبغة المنفعة العامة؛‬
‫‪ ‬أن يتم تقديم طلب في الموضوع إلى الجهة الوصية على الملك العام وذلك من‬
‫طرف كل ذي مصلحة‪ ،‬كما يمكن أن يتم هذا اإلجراء بكيفية تلقائية؛‬
‫‪ ‬استصدار مرسوم االستخراج من الملك العام إلى الملك الخاص ونشره بالجريدة‬
‫الرسمية؛‬
‫‪ ‬يسلم العقار المعني إلى الو ازرة المكلفة بالمالية (مديرية أمالك الدولة) بناء على‬
‫محضر قانوني‪ ،‬بحيث يضمن إثر ذلك بسجل المحتويات الممسوك من قبل‬
‫دائرة أمالك الدولة الواقع بنفوذها الترابي العقار المعني؛‬
‫‪ ‬بعد إتمام اإلجراءات المذكورة يصبح العقار خاضعا لألحكام المنظمة للملك‬
‫الخاص للدولة‪.‬‬

‫جدير بالذكر أنه إذا انصبت مسطرة االستخراج على عقار محفظ أو في طور التحفيظ‬
‫فإنه يمكن طلب إيداع أو تقييد محضر التسليم ومرسوم االستخراج المشار إليهما أعاله‬
‫بمطلب التحفيظ أو الرسم العقاري المتعلق بالعقار المعني‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أما إذا تعلق األمر بعقار غير محفظ فيمكن للدولة (الملك الخاص) أن تتقدم بطلب‬
‫إدراج مطلب تحفيظ للعقار المذكور بناء على مقتضيات الظهير المؤرخ في ‪ 25‬يوليو‬
‫‪ 1927‬المتعلق بسجيل العقارات المخزنية التي وقع اخراجها من حيز األمالك العمومية‬
‫تطبيقا للفصل ‪ 5‬من ظهير فاتح يوليوز ‪ ،1914‬ويخضع مطلب التحفيظ المودع في هذا‬
‫الشأن لمسطرة خاصة بدون إشهار يكتفي فيها المحافظ بمراجعة التحديد وإعداد التصميم‬
‫العقاري ثم اتخاذ قرار التحفيظ في اسم الدولة الملك الخاص‪.‬‬

‫في المقابل يمكن أن تضم إلى الملك العام بعض القطع األرضية المدرجة في إطار‬
‫الملك الخاص للدولة وذلك كلما اقتضت المنفعة العامة ذلك‪ ،‬ويستوجب هذا اإلجراء‬
‫استصدار مرسوم في هذا الشأن بعد سلوك نفس اإلجراءات المشار إليها أعاله المتعلقة‬
‫باستخراج الملك العام وضمه إلى الملك الخاص‪.‬‬

‫وبعد استنفاذ جميع مراحل هذه المسطرة يقيد العقار في اسم الدولة (الملك العام)‬
‫ويوضع تحت تصرف اإلدارة أو المؤسسة العمومية المكلفة بتدبير العقار المذكور‪.‬‬

‫‪ -2‬حماية األمالك العامة للدولة في إطار المسطرة العادية للتحفيظ‬


‫العقاري‪.‬‬
‫أ) حماية الملك العمومي عبر إخضاعه لنظام التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫في حالة تملك الدولة لعقار غير محفظ عن طريق االقتناء أو الحيازة أو غيره في‬
‫إطار قواعد القانون الخاص‪ ،‬يمكنها تقديم مطلب لتحفيظ هذا العقار لدى المحافظة العقارية‬
‫المختصة بعد اإلدالء بالسندات المدعمة للتملك‪ ،‬بحيث يخضع هذا المطلب للمسطرة العادية‬
‫المنصوص عليها في الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري‪.‬‬

‫وعند اكتساب الدولة لحق عيني على عقار في طور التحفيظ في إطار قواعد القانون‬
‫الخاص‪ ،‬فإنه يتعين عليها تقديم طلب إيداعه بمطلب التحفيظ المعني مع إرفاقه بالسندات‬

‫‪37‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المدعمة له (عقود – تصاميم طبوغرافية – رخص إدارية‪ ،)...‬وذلك وفقا لمقتضيات‬


‫الفصلين ‪ 83‬أو ‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه‪.‬‬

‫أما إذا كان الحق العيني لذي آل إلى الدولة يتعلق بعقار محفظ‪ ،‬فإنها تقوم بطلب‬
‫تقييد العقد أو السند الذي تملكت بموجبه الحق المذكور بالرسم العقاري المعني ويرفق هذا‬
‫الطلب بكافة بالوثائق المؤيدة له (عقود‪ ،‬تصاميم طبوغرافية‪ ،‬رخص إدارية‪ ،)...‬وذلك وفقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 69‬من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري‪.‬‬

‫ب) حماية الملك العمومي في إطار مسطرة التحفيظ الجارية في اسم‬


‫الغير‪.‬‬

‫إن الطبيعة القانونية للملك العام اقتضت أن يكون محصنا بكيفية دائمة من كل ادعاء‬
‫أو ترام من طرف الغير‪ ،‬ويساهم نظام التحفيظ العقاري من جهته في تعزيز وتكريس هذه‬
‫الحماية في الحاالت التي يتم فيها تقديم مطالب تحفيظ عقارات لفائدة الغير‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫مجموعة من االجراءات‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬استدعاء الجهة الوصية على الملك العمومي لحضور عمليات التحديد المتعلقة‬
‫بمطالب التحفيظ المقدمة من قبل الغير متى تبين من خالل السندات المدعمة لها‬
‫أو تصريح طالب التحفيظ المعني أنها مجاورة ألمالك عمومية؛‬
‫‪ -‬مراسلة الجهة الوصية على الملك العمومي من أجل ابداء موافقتها على عمليات‬
‫التحديد كلما يتبين من خالل محاضر التحديد والتصاميم العقارية الملحقة بها أنها‬
‫مجاورة ألمالك عمومية أو مشتملة على حقوق عينية ذات طبيعة عمومية؛‬
‫‪ -‬التزام المهندس الطبوغرافي أو التقني المساح المكلف بإجراء عمليات التحديد‬
‫باحترام المسافات الجاري بها العمل قانونا عند مباشرة عملية غرس األنصاب‬
‫بالنسبة للعقارات المجاورة ألمالك عمومية؛‬

‫‪38‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ -‬في الحالة التي يقع فيها اتخاذ قرار تحفيظ عقار لفائدة الغير ويتبين فيما بعد أن‬
‫هذا العقار أو جزءا منه يقع داخل وعاء الملك العام‪ ،‬فإن قاعدة التطهير هنا ال‬
‫يمكن أن تقف أمام استمرار ملكية الدولة للعقار المذكور‪ .‬ولهذا السبب نجد أن‬
‫مسودة تأسيس الرسم العقاري نتيجة التحفيظ تشير إلى أن قرار التحفيظ وبالتالي‬
‫مبدأ التطهير ال يسري على األمالك المدرجة في إطار الملك العام للدولة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحفيظ العقارات في إطار مسطرة نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة‪.‬‬

‫تحتاج الدولة من أجل القيام بالمهام المنوطة بها إلى رصيد عقاري كفيل باحتواء‬
‫مشاريعها الرامية إلى تحقيق المصلحة العامة (تشييد الطرق‪ ،‬السدود‪ ،‬الموانئ‪ ،)...‬وهو‬
‫األمر الذي اقتضى بأن يتم تمكين الدولة من نزع األمالك العقارية لفائدة المنفعة العامة‪،‬‬
‫وذلك تطبيقا ألحكام القانون رقم ‪ 07.81‬المتعلق بنزع الملكية لفائدة المنفعة العامة‬
‫واالحتالل المؤقت‪.‬‬

‫ومن أجل ضمان الحماية القانونية الالزمة للعقارات التي تتملكها الدولة في إطار‬
‫مسطرة نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة‪ ،‬فإنه يبقى من الضروري إخضاعها لنظام التحفيظ‬
‫العقاري‪ ،‬إما من خالل إيداع مطالب التحفيظ للعقارات غير المحفظة أو عبر إيداع أو تقييد‬
‫السندات المتعلقة بنزع الملكية بملفات مطالب التحفيظ والرسوم العقارية المعنية‪.‬‬

‫‪ -1‬إيداع مطالب التحفيظ للعقارات غير المحفظة‪.‬‬

‫إذا تملكت الدولة لعقار غير محفظ في إطار نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة‪ ،‬سواء‬
‫تم ذلك عن طريق اتفاق بالتراضي أو عن طريق حكم قضائي‪ ،‬فإنها تلجأ إلى إيداع مطلب‬
‫تحفيظ العقار المذكور في إطار مسطرة خاصة بدون إشهار طبقا ألحكام الفصل ‪ 37‬من‬
‫القانون رقم ‪ 07.81‬المذكور‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫في إطار هذه المسطرة يتم االقتصار على مراجعة التحديد وإعداد التصميم العقاري‪،‬‬
‫على إثر ذلك يقوم المحافظ بالتحقق من مدى تطابق البيانات الواردة في السندات المدعمة‬
‫لمطلب التحفيظ‪ ،‬مع تلك الواردة في التصميم النهائي للملك المعني من حيث الحدود‬
‫والمساحة والمشتمالت‪ ،‬وإذا ظهر له أن البيانات الذكورة متطابقة أو توجد بينها اختالفات‬
‫بسيطة وغير جوهرية فإنه يعمد إلى اتخاذ قرار التحفيظ في إسم الدولة الملك العام‪.‬‬

‫ومن مظاهر الحماية المقررة للعقارات المطلوب تحفيظها في إطار نزع الملكية لفائدة‬
‫المنفعة العامة‪ ،‬أنه ال يمكن قبول التعرضات في شأنها ألن القول بعكس ذلك يتنافى والغاية‬
‫التي يتوخاها المشرع من إقرار المسطرة المذكورة والتي تمكن الدولة من الحصول على‬
‫العقارات التي تحتاجها لنجاز مشاريع ذات فائدة عامة‪ ،‬هذا مع العلم أنه يمكن المعنيين‬
‫باألمر ممارسة حق التعرض على التعويض لدى صندوق اإليداع والتدبير‪.‬‬

‫‪ -2‬إيداع وتقييد السندات المتعلقة بنزع الملكية لفائدة المنفعة العامة‬


‫بملفات مطالب التحفيظ والرسوم العقارية المعنية‪.‬‬
‫أ) مشاريع نزع الملكية المتعلقة بالعقارات في طور التحفيظ‪.‬‬

‫إذا تعلق مشروع نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة بعقار في طور في التحفيظ‪ ،‬فإن‬
‫الدولة تقوم بداية بإيداع مقرر التخلي بمطلب التحفيظ المعني وفقا للشكليات المحددة في‬
‫الفصل ‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري وكذا الفصل ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 07-81‬المتعلق‬
‫بنزع الملكية لفائدة المنفعة العامة واالحتالل المؤقت‪ ،‬ثم بعد ذلك تقوم بإيداع إما محضر‬
‫االتفاق بالتراضي أو األحكام القضائية الصادرة في شأن نقل الملكية‪.‬‬

‫وبعد استنفاذ مسطرة التحفيظ لجميع مراحلها وبعد تأكد المحافظ من توافر الشروط التي‬
‫استوجبها المشرع في الفصل ‪ 30‬من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه‪ ،‬فإنه‬
‫يعمد إلى اتخاذ قرار التحفيظ في اسم طالب التحفيظ‪ ،‬ثم يعمد إلى إجراء تقييد مصاحب‬

‫‪40‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لقرار التحفيظ بموجبه يتم نقل العقار في اسم الدولة‪ ،‬وذلك بالنسبة للحالة التي يكون فيها‬
‫مشروع نزع الملكية يشمل كافة العقار موضوع مطلب التحفيظ‪ ،‬في المقابل إذا المشروع‬
‫المذكور يشمل فقط جزءا من مطلب التحفيظ فإن المحافظ يقوم باتخاذ قرار التحفيظ في سام‬
‫طالب التحفيظ ثم يقوم باستخراج رسم عقاري مستقل في اسم الدولة (الجهة المستفيدة من‬
‫مشروع نزع الملكية) وذلك بالنسبة للقطعة األرضية موضوع نزع الملكية‪.‬‬

‫ومن مظاهر الحماية المقررة لألمالك العمومية في هذا اإلطار‪ ،‬وجبت اإلشارة أن‬
‫الرسم العقاري الذي يتم تأسيسه في إطار مشروع نزع الملكية لفائدة المنفعة العامة يجب أن‬
‫يكون خاليا من جميع الحقوق والتحمالت (كالرهون والحجوزات‪ )..‬والتي يتم التشطيب عليها‬
‫تلقائيا بحيث ال يبقى ألصحابها سوى حق المنازعة على مبلغ التعويض المحكوم به‪ ،‬أما‬
‫العقار فيتم تطهيره من جميع الحقوق واالدعاءات المحتملة لفائدة االغيار وذلك طبقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 37‬من القانون رقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم ‪ 07 .81‬المذكور‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بمطالب التحفيظ المثقلة بتعرضات‪ ،‬فإنه يتعين على المحافظ اتباع‬
‫اإلجراءات التالية‪ ،‬كما هي مفصلة بدورية المحافظ العام عدد ‪ 288‬بتاريخ ‪:1983/10/17‬‬
‫‪ -‬إيداع الحكم القاضي بنقل الملكية وفقا لمقتضيات الفصل ‪ 84‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري؛‬
‫‪ -‬التشطيب‪ ،‬عند االقتضاء ومن خالل بيان هامشي‪ ،‬على باقي اإليداعات باستثناء‬
‫التعرضات؛‬
‫‪ -‬تجزيء مطلب التحفيظ إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ ‬قسم أول يخص الرسم العقاري الذي تم تأسيسه‪ ،‬والذي يجب‬
‫أن يتضمن فقط مسودة تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬الحكم القاضي‬
‫بنزع الملكية‪ ،‬ثم محضر التحديد والتصميم الطبوغرافي؛‬

‫‪41‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬قسم ثان يتضمن كافة الوثائق المتعلقة بمطلب التحفيظ الذي‬


‫تم اتخاذ قرار التحفيظ بشأنه‪ ،‬والذي يتعين إحالته على‬
‫المحكمة من أجل البت في التعرضات المودعة به‪.‬‬
‫‪ -‬بعد صدور أحكام قضائية نهائية وإرجاع الملف من المحكمة يتولى المحافظ‬
‫إشعار الجهة نازعة الملكية بالموضوع‪ ،‬مع إجراء تقييد هامشي بهذا الخصوص‪.‬‬

‫ب) مشاريع نزع الملكية المتعلقة بالعقارات المحفظة‪.‬‬

‫أما إذا تعلق األمر بنزع ملكية عقار محفظ لفائدة المنفعة العامة‪ ،‬فإن الدولة تقوم‬
‫كمرحلة أولى بتقييد مقرر التخلي بالرسوم العقارية المعنية‪ ،‬ثم بعد استكمال اإلجراءات‬
‫القانونية لتنفيذ المشروع تقوم بتقييد االتفاقات بالتراضي المنجزة مع المالك المنزوعة‬
‫ملكيتهم‪ ،‬وفي حالة تعذر االتفاق على قيمة التعويض يتم اللجوء إلى القضاء اإلداري قصد‬
‫استصدار حكم بنقل الملكية والذي يكون نهائيا في الشق المتعلق بنقل الملكية وابتدائيا فيما‬
‫يتعلق بالتعويض‪.‬‬

‫ويترتب عن التقييد بالرسوم العقارية لالتفاقات بالتراضي أو األحكام بنقل الملكية‬


‫تطهير العقارات المعنية من جميع الحقوق والمنازعات المتعلقة بها باستثناء ما تعلق منها‬
‫بالتعويض‪ ،‬علما أنه إذ ا تعلق األمر بنزع ملكية عقار بشكل جزئي‪ ،‬فإن األمر يقتضي‬
‫استخراج رسم عقاري مستقل في اسم الدولة (الملك العام) مما يستدعي اعداد ملف تقني من‬
‫طرف مهندس طبوغرافي مختص طبق للمادة ‪ 17‬من المرسوم المؤرخ في ‪2014/07/14‬‬
‫في شأن اجراءات التحفيظ العقاري‪ .‬أما إذا كان نزع الملكية يشمل كافة العقار فإن المحافظ‬
‫يقوم في هذه الحالة بنقل ملكية هذا العقار إلى الدولة (الملك العام)‪.‬‬

‫ومن ضمن اإلشكاالت الناتجة عن تطبيق القانون رقم ‪ 07 .81‬المذكور‪ ،‬نالحظ أنه‬
‫في كثير من األحيان يتقدم األشخاص المنزوعة ملكياتهم بطلبات مباشرة إلى المحافظين‬
‫ع لى األمالك العقارية من أجل التشطيب على مشاريع نزع الملكية المضمنة بالسجالت‬
‫‪42‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫العقارية‪ ،‬بدعوى مضي أكثر من سنتين عن نشر مقرر التخلي بالجريدة الرسمية دون أن يتم‬
‫تفعيل مشروع نزع الملكية من قبل الجهة المعنية‪ ،‬وذلك باالستناد إلى مقتضيات الفصل ‪17‬‬
‫من القانون السالف الذكر‪.‬‬

‫غير أن التوجه العام للمحافظين على األمالك العقارية هو رفض االستجابة لطلبات‬
‫التشطيب المذكورة ما لم يتم اإلدالء بما يفيد تراجع الجهة نازعة الملكية عن المشروع المعني‬
‫وفق ما هو مشار إليه بالفصل ‪ 43‬من القانون رقم ‪ 07 .81‬المذكور‪ ،‬وعند االقتضاء بحكم‬
‫قضائي نهائي وفقا لمقتضيات الفصل ‪ 91‬من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره‬
‫وتتميمه‪ ،‬على اعتبار أن المحافظين ليس بإمكانهم معرفة ما إذا كانت الجهة نازعة الملكية‬
‫قد باشرت باقي اإلجراءات الرامية إلى نزع الملكية من خالل اللجوء إلى المسطرة القضائية‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 07 .81‬المذكور‪ ،‬أو من خالل التوصل‬
‫إلى اتفاقات رضائية مع األشخاص المنزوعة ملكيتهم وفقا للفصل ‪ 42‬من نفس القانون‪.‬‬

‫خالصة‪:‬‬

‫في ختام مداخلتي أضع بين أيديكم بعض االقتراحات التي أرى أنها من الممكن أن‬
‫تساهم في إصالح الهياكل العقارية العمومية وتوفير مزيد من الحماية لها‪ ،‬وذلك قصد النظر‬
‫في مدى امكانية ادراجها ضمن التوصيات المنبثقة عن هذا اليوم الدراسي‪:‬‬
‫‪ ‬وضع مدونة عامة للعقار العمومي لجمع شتات النصوص التشريعية والتنظيمية‬
‫المؤطرة له‪ ،‬مع الحفاظ على خصوصية كل عقار عمومي على حدة؛‬
‫‪ ‬مراجعة وتحديث المنظومة التشريعية للعقار العمومي ومالءمتها مع التطورات‬
‫االقتصادية واالجتماعية؛‬
‫‪ ‬توحيد مقتضيات مسطرة التحديد اإلداري ألمالك الدولة وأمالك الجماعات الساللية‬
‫المنظمة بمقتضى ظهيري ‪ 1916‬و‪ 1924‬وتعميمها على جميع أنواع العقارات‬

‫‪43‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫العمومية تمهيدا لتحفيظها‪ ،‬مع العمل على تعديل مجموعة من إجراءاتها‪ ،‬وكذا‬
‫التأكيد على إلزام الجهة اإلدارية الوصية على العقار موضوع التحديد اإلداري على‬
‫طلب إخضاعه لمقتضيات نظام التحفيظ العقاري خالل مدة معينة‪ ،‬كأن ال تتجاوز‬
‫السنتين من تاريخ إصدار مرسوم المصادقة على التحديد اإلداري؛‬
‫‪ ‬الحرص على تدعيم مطالب التحفيظ المتعلقة بالعقارات موضوع نزع الملكية لفائدة‬
‫المنفعة العامة بتصاميم طبوغرافية ممسوحة (‪ (plan levé‬بدال من تصاميم‬
‫موقعية التي تبقى المعلومات المضمنة بها غير ذات فائدة كبيرة في تسوية القضايا‬
‫المطروحة؛‬
‫‪ ‬حل المنازعات العقارية الناشئة بين إدارات الدولة الوصية على العقار العمومي‬
‫عن طريق الوساطة والصلح والتوافق للوصول إلى حلول رضائية بدال من عرض‬
‫النزاع على القضاء تفاديا لضياع الكثير من الجهد والوقت والمال‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ هشام بلخير‪،‬‬


‫المفتش العام للوكالة الوطنية للمحافظة‬
‫العقارية والمسح العقاري والخرائطية‬

‫مقــــدمــــــة‬

‫يعتبر التقييد االحتياطي وسيلة قانونية و إجراء احترازي خوله المشرع لكل من يدعي‬
‫حقا على عقار محفظ‪.‬وقد نص الفصل ‪ 85‬من القانون ‪ 14-07‬المغير و المتمم لظهير‬
‫التحفيظ العقاري المؤرخ في ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬غشت ‪":)1913‬يمكن لكل من يدعي‬
‫حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا لالحتفاظ به مؤقتا"‪ .‬أي أن المشرع أبرز من‬
‫خالل هذا النص الدور الذي يلعبه التقييد االحتياطي في الحفاظ المؤقت على رتبة الحق‬
‫المراد تقييده بالسجل العقاري دونما التعريف الدقيق لهذا اإلجراء القانوني‪.‬‬

‫كما نصت المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 39-08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية ما يلي‪:‬‬
‫" إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني ال‬
‫مفعول لها تجاه الغير إال من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا"‪.‬‬

‫و تتجلى وظيفته بعد تضمينه في السجل العقاري إلى إعالم األغيار عن وجود نزاع‬
‫بشأن الرسم العقاري المتعلق به‪ ،‬كما أنه يضمن للمستفيد منه رتبة الحق الموجود و المتنازع‬
‫فيه أو الحق المحتمل‪ ،‬و في المقابل يسقط قرينة حسن نية الغير المقيد بالرسم العقاري بعد‬
‫تضمين التقييد االحتياطي به‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫و قد عرفه األستاذ بول دوكرو بأنه " ‪ ...‬بيان يثبت بصفة مؤقتة و مشروطة بالرسم‬
‫العقاري معلنا لحق مطالبا به و الذي يكون غير قابل للتقييد بالسجالت العقارية بطريقة‬
‫‪1‬‬
‫قانونية‪.".....‬‬

‫أما محكمة االستئناف بالسطات فقد عرفت التقييد االحتياطي من خالل قرار لها جاء‬
‫فيه‪:‬‬

‫"وحيث أن التقييد االحتياطي هو إمكانية يخولها القانون لكل من يدعي حقا على عقار‬
‫محفظ قصد االحتفاظ المؤقت لهذا الحق وذلك باإلشارة إليه في الرسم العقاري في‬
‫انتظار تحويل هذا التقييد إلى تسجيل نهائي أو إلغاؤه ومن تم فهو ذو طبيعة‬
‫‪2‬‬
‫خاصة‪."...‬‬

‫وبالرجوع إلى مقتضيات الفصليين ‪ 85‬و ‪ 86‬من القانون ‪ 14-07‬المذكور يتبين أن‬
‫المشرع عدد ثالثة حاالت للتقييد االحتياطي (تقييد احتياطي بناء على سند‪ ،‬تقييد احتياطي‬
‫بناء على أمر قضائي و تقييد احتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع)‪.‬‬

‫وبجانب هذه األنواع من التقييدات االحتياطية والتي يمكن تسميتها بالتقييدات‬


‫االحتياطية الكالسيكية توجد تقييدات احتياطية منظمة بعدة نصوص قانونية خاصة تجد‬
‫أساسها في الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 85‬من القانون ‪14-07‬المشار إليه أعاله و التي جاء‬
‫فيها‪ ":‬تبقى التقييدات االحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة خاضعة ألحكام هذه‬
‫النصوص"‪.‬‬

‫االستاذ بول دوكرو " القانون العقاري المغربي "‪ ،‬ص ‪ 188‬طبعة‪.1977 La porte‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بسطات رقم ‪ 010/154‬بتاريخ ‪ .2012/07/01‬غير منشور‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وسوف نحاول إبراز بعض اإلشكاليات العملية التي يطرحها التقييد االحتياطي من‬
‫خالل العمل اليومي للسادة المحافظين على األمالك العقارية وكذا من خالل الممارسة‬
‫القضائية‪ ،‬مقتصرين على الحاالت العامة للتقييد االحتياطي كما جاء ذكرها في الفقرة الثانية‬
‫من الفصل ‪ 85‬من القانون‪ 14-07‬السالف الذكر‪.‬‬

‫وعليه سيتم تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين نتناول في أولهما الصعوبات المتعلقة‬
‫بتضمين التقييد االحتياطي بناء على سند و كذا على أمر قضائي‪ ،‬على أن نتناول في‬
‫ثانيهما الحاالت المتعلقة بالتقييد االحتياطي بناء على مقال الدعوى‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الصعوبات المتعلقة بتضمين التقييد االحتياطي بناء على سند‬
‫وكذا على أمر قضائي‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الصعوبات المتعلقة بتضمين التقييد االحتياطي بناء على‬


‫سند‪.‬‬

‫يستفاد من الفصلين ‪ 85‬و‪ 86‬من القانون ‪ 14-07‬المذكور أعاله أن التقييد‬


‫االحتياطي بناء على سند يوجه طلب تضمينه بالسجل العقاري مباشرة للمحافظ العقاري كلما‬
‫تعلق األمر بطلب تقييد حق تعذر تقييده على حالته لعدم توفر بعض الشروط الشكلية‬
‫البسيطة وتحدد مدته في عشرة أيام وال يمكن خالل هذه المدة قبول أي تقييد أخر لحق‬
‫يقتضي إنشاؤه موافقة األطراف‪ ،‬كما أنه ال يمكن إجراء أي تقييد احتياطي بناء على سند إذا‬
‫كانت مقتضيات القانون تمنع تقييده النهائي‪.‬‬

‫إن القراءة المتأنية للفقرة األولى والثانية من الفصل ‪ 86‬المذكور يبين أن المشرع لم‬
‫يعطي تعريفا دقيقا للتقييد االحتياطي بناء على سند كما أنه لم يحدد ويحصر الموانع من‬
‫التقييد والتي يتعذر بسببها إجراء التقييد النهائي‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫و قد جاء في أحد ق اررات محكمة االستئناف بمراكش ما يلي ‪" :‬إن التقييد االحتياطي‬
‫الذي يمنحه المحافظ على األمالك العقارية لمدة ال تتعدى ‪ 10‬أيام خاضع لسلطته‬
‫‪1‬‬
‫التقديرية‪."....‬‬

‫مما أفرز صعوبات متعددة تتعلق أساسا في تقدير الحاالت التي يتعذر فيها على‬
‫المحافظ على األمالك العقارية إنجاز تقييد السند على حالته و مدى ارتباط المانع بشكلية‬
‫بسيطة يمكن تجاوزها داخل مدة العشرة أيام كعدم المصادقة على صحة توقيع أحد األطراف‬
‫بمحرر ثابت التاريخ وقع تحريره وفق ما ينص عليه القانون أو نقصان معلومات تتعلق‬
‫بالحالة المدنية ألحد طرفي العقد ‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫و لقد تدخل السيد المحافظ العام للحسم في هذه النقطة في مذكرته عدد ‪ 389‬بتاريخ‬
‫‪ 20‬دجنبر ‪ 2011‬الموجهة للسادة المحافظين على األمالك العقارية و التي وضح فيها‬
‫بأنه‪ " :‬يتم إجراء التقييد االحتياطي بناء على سند إذا كان هذا األخير يتضمن حقا يتعذر‬
‫على المحافظ تقييده على حالته و حالت شكلية بسيطة دون إجراء التقييد"‪.‬‬

‫وبالتالي فإنه ال يمكن االستجابة إلى طلب تضمين تقييد احتياطي بناء على سند إال‬
‫بالنسبة للحقوق القابلة للتقييد النهائي في حد ذاتها بعد استكمال الشروط التي تنقصها أو‬
‫اإلدالء بما كان يتعين أن يرفق بالسند‪.‬‬

‫من جهة أخرى فإن المحافظ العقاري يستلزم اإلدالء بنظير الرسم العقاري لالستجابة‬
‫لطلب تضمين التقييد االحتياطي بناء على سند ألنه عندما يبث في هذا الطلب فهو يراعي‬
‫كل الشروط المتطلبة قانونا في هذا الشأن خاصة الفصل ‪ 89‬من نفس الظهير الذي يستلزم‬

‫‪1‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بمراكش بتاريخ ‪ 23‬ابريل ‪ 1990‬تحت عدد ‪ 971‬في الملف المدني عدد ‪ 89/3510‬منشور بمجلة المحامي عدد ‪19‬‬
‫ص ‪.263 :‬‬

‫‪48‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اإلدالء بنظير الرسم العقاري بالنسبة لكل طلب يتعلق إنشاؤه موافقة المالك المقيد و الحائز‬
‫لنظير الرسم العقاري‪.‬‬

‫و إذا كان الفصل ‪ 86‬في فقرته األولى ال يسمح بقبول أي تقييد آخر خالل مدة عشرة‬
‫أيام لحق يقتضي إنشاؤه موافقة األطراف فإن ذلك يعني حتما أن المحافظ على األمالك‬
‫العقارية يمكنه قبول خالل هذه المدة باقي طلبات التقييد بالنسبة للحقوق التي ال تقتضي‬
‫موافقة األطراف كالحجز التحفظي ‪ ،‬اإلنذار العقاري‪ ،‬الرهن الجبري أو حتى التقييد‬
‫االحتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء و لفائدة‬
‫طرف آخر‪.‬‬

‫إال أن السؤال المطروح هو كيفية التعامل مع التقييد الجديد الذي ضمن‬


‫بالسجل العقاري خالل مدة العشرة أيام والذي لم يقتض إنشاؤه موافقة األطراف‪.‬‬

‫إذا كانت العبرة من تضمين تقييد احتياطي بناء على سند هو االحتفاظ المؤقت على‬
‫رتبة حق على عقار تعذر على المحافظ تقييده على حالته فإن الرسم العقاري المعني يبقى و‬
‫إلى غاية إجراء التقييد النهائي للسند في ملكية مالكه األصلي‪ ،‬و بالتالي فإنه يجوز تقييد‬
‫أمر بحجز تحفظي لفائدة طرف أخر ضمانا لدين يدعيه ‪،‬فإذا استطاع المستفيد من التقييد‬
‫االحتياطي بناء على سند استكمال اإلجراءات التي على أساسها ثم قبول طلبه فسيتم تقييد‬
‫السند بأثر رجعي أي من تاريخ تضمين التقييد االحتياطي بناء على سند لفائدته و يشطب‬
‫بصفة تلقائية على الحجز التحفظي ألنه ال يمكن اإلبقاء على حجز مقيد في مواجهة غير‬
‫المالك المقيد‪ ،‬إضافة إلى أن تقييد السند بأثر رجعي يعني حتما التشطيب على جميع‬
‫التقييدات الالحقة له‪.‬‬

‫وفي المقابل إذا لم يتمكن المستفيد من التقييد االحتياطي بناء على سند من استكمال‬
‫اإلجراءات داخل األجل القانوني فسيشطب على هذا التقييد االحتياطي بصفة تلقائية من‬

‫‪49‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫طرف المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬وسيتم اإلبقاء على الحجز التحفظي ألنه قيد بصفة‬
‫نظامية وفي مواجهة المالك المقيد الذي لم يتغير‪.‬‬

‫وبنفس الكيفية سيتم التعامل مع جميع التقييدات التي ضمنت خالل العشرة أيام التي ال‬
‫يقتضي إنشاؤها موافقة األطراف وأن التشطيب عليها يتم بصفة تلقائية من طرف المحافظ‬
‫على األمالك العقارية دون استلزام أي إجراء قانوني إضافي من أجل القيام بذلك‪.‬‬

‫إلى جانب ذلك فإن المشرع أقر في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 86‬المذكور أعاله على‬
‫أنه ال يمكن إجراء أي تقييد احتياطي بناء على سند إذا كانت مقتضيات القانون تمنع تقييده‬
‫النهائي‪ ،‬والمقصود هنا أنه إذا كان العقار موضوع الطلب مثقال بمانع من موانع التقييد‬
‫كالحاالت المنصوص عليها في الفصل ‪ 87‬من القانون ‪ 14-07‬المشار إليه مثال فإن‬
‫المحافظ غلى األمالك العقارية يمتنع عن االستجابة لطلب تضمين التقييد االحتياطي بناء‬
‫على سند ألن هناك مانع قانوني سيحول دون التقييد النهائي‪.‬‬

‫والواضح أن هذا المقتضى ال يتعلق إال بالتقييد االحتياطي المقدم بناء على سند و‬
‫الموجه طلب تقييده إلى المحافظ على األمالك العقارية بما يترتب عنه من منع في حالة‬
‫وجود مقتضيات قانونية تنص على ذلك‪ ،‬و ال يمكن قراءة الفقرة الثانية من هذا الفصل‬
‫بمعزل عن الفقرة األولى ألنها جاءت في سياق تنظيم المشرع للتقييد االحتياطي بناء على‬
‫سند ‪ ،‬و ال يمكن توسيع أثارها إلى بقية أنواع التقييدات األخرى‪ ،‬إال أنه تبين من خالل‬
‫الممارسة القضائية أن بعض األوامر الصادرة عن بعض السادة رؤساء المحاكم االبتدائية‬
‫ترتكز في حيثياتها على الفقرة الثانية من الفصل ‪ 86‬و التي تتعلق كما جاء ذكره سلفا‬
‫بالتقييد االحتياطي بناء على سند و الموجه إلى المحافظ العقاري كقاعدة العتبار الطلب‬

‫‪50‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غير جدي وفقا للفقرة السادسة من نفس الفصل و الذي جاء فيها ‪ " :‬و في جميع الحاالت ال‬
‫‪1‬‬
‫يصدر رئيس المحكمة االبتدائية األمر بالتقييد االحتياطي إال بعد تأكده من جدية الطلب‪".‬‬

‫أما فيما يتعلق بإمكانية تجديد المدة القانونية للتقييد االحتياطي بمقتضى سند‪ ،‬فإن‬
‫الفصل ‪ 86‬من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بمقتضى القانون ‪ 14-07‬قد‬
‫استبعد هذه اإلمكانية حيث نص في فقرته السابعة أنه‪ " :‬ال يمكن لطالب التقييد االحتياطي‬
‫أن يقدم أي طلب جديد بناء على نفس األسباب"‪.‬‬

‫كما أن إمكانية تمديد مدته القانونية كما كان عليه الحال في الفصل ‪ 6‬من ظهير فاتح‬
‫يونيو ‪ 1915‬بشأن المقتضيات االنتقالية لتطبيق الظهير األساسي بشأن التحفيظ العقاري‬
‫الملغى لم تعد متاحة لكون المقتضيات الجديدة للفصليين ‪ 85‬و‪ 86‬من القانون المذكور لم‬
‫تعطي صراحة هذه اإلمكانية وهذا ما ذهب إليه السيد المحافظ العام في مذكرته السالفة‬
‫الذكر والموجهة للسادة المحافظين على األمالك العقارية والتي جاء فيها ما يلي‪:‬‬

‫" خالفا لمقتضيات الفصل ‪ 6‬من الظهير الشريف المؤرخ في فاتح يونيو ‪ 1915‬الذي‬
‫تم نسخه بموجب القانون رقم ‪ 14-07‬المذكور والتي كانت تسمح بإمكانية تمديد‬
‫التقييد االحتياطي بناء على سند استنادا إلى مقال دعوى في الموضوع أو أمر بالتقييد‬
‫االحتياطي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية فإن مقتضيات الفصل ‪ 86‬ال تنص‬
‫على إمكانية تمديد التقييد االحتياطي بناء على سند "‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أمر قضائي لرئيس المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء عدد ‪ 2014/10/1880‬جاء فيه‪ " :‬حيث إن السند الذي يستند عليه الطالب مخالف‬
‫لمقتضيات القانون ‪ 25/90‬وبالتالي ال يؤدي إلى التقييد النهائي على الرسم العقاري والقاعدة ال يمكن إجراء أي تقييد احتياطي بناء على سند تمنع‬
‫مقتضيات القانون تقييده النهائي مما يكون معه الطلب غير جدي"‪ .‬منشور بمؤلف الدكتور عمر أزوكار " التقييدات و التشطيبات في الرسم العقاري‬
‫في ضوء نوازل القضاء محكمة النقض و محاكم الموضوع" ص ‪.287 :‬‬

‫‪51‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إال أن بعض الفقه يرى خالف ذلك ويعتبر أن سكوت المشرع عن إمكانية تمديد‬
‫مفعول التقييد االحتياطي بمقتضى سند بناء على الفصليين ‪ 85‬و‪ 86‬المذكورين أعاله ال‬
‫يمكن تفسيره بأنه ال يجيز ذلك‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬بعض الصعوبات المتعلقة بتضمين التقييد االحتياطي بناء‬


‫على أمر قضائي‬

‫لقد نظم المشرع هذا النوع من التقييد االحتياطي استنادا إلى الفصليين ‪ 85‬و ‪ 86‬من‬
‫القانون المشار إليه سلفا‪ ،‬حيث جاء في الفصل ‪ 85‬أن التقييد االحتياطي يمكن أن يتخذ‬
‫بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها‪.‬‬

‫كما أن الفقرة الخامسة من الفصل ‪ 86‬أشارت إلى أنه يحدد مفعول التقييد االحتياطي‬
‫الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة االبتدائية في ثالثة أشهر ابتداء من تاريخ‬
‫صدوره‪ ،‬ما لم ينجز التقييد النهائي للحق‪ ،‬وتكون هذه المدة قابلة للتمديد بأمر من رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع‪ ،‬ويستمر مفعول هذا التمديد إلى حين‬
‫صدور حكم نهائي‪.‬‬

‫فيتبين من مقتضيات الفصليين المذكورين أن رئيس المحكمة االبتدائية وحده‪ ،‬دون‬


‫غيره من قضاة المحكمة صاحب االختصاص في إصدار األمر بالتقييد االحتياطي و ال‬
‫يفعل ذلك بوصفه قاضيا لألمور المستعجلة‪ ،‬بل لكونه منح هذا االختصاص بمقتضى نص‬
‫خاص‪.‬‬

‫األستاذ محمد ابن الحاج السلمي " التقييد االحتياطي في التشريع العقاري " وفق مستجدات القانون رقم ‪ ،14-07‬ص ‪ .159 :‬الطبعة الثانية‬ ‫‪1‬‬

‫‪.2014‬‬

‫‪52‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫و يصدر رئيس المحكمة االبتدائية األمر بناء على طلب صاحب الحق المفترض وفي‬
‫غيبة الخصم‪ .‬و في حالة رفض الطلب‪ ،‬فإن األمر القاضي برفض الطلب يكون قابال‬
‫لالستئناف داخل أجل خمسة عشر يوما من يوم النطق به و الكل عمال بمقتضيات الفصل‬
‫‪ 148‬من قانون المسطرة المدنية‪ .‬و يتم تذييل األمر بعبارة – نأمر بالرجوع إلينا في حالة‬
‫وجود صعوبة – و يتم تضمين هذا األمر القضائي بالرسم العقاري المعني بعد تقديم طلب‬
‫في هذا الشأن للمحافظ على األمالك العقارية المختص عمال بمقتضيات الفقرة األخيرة من‬
‫الفصل ‪ 69‬من ظهير التحفيظ العقاري و التي جاء فيها ‪ " :‬و يرفق بالطلب كل حكم‬
‫مكتسب لقوة الشيء المقضي به أوكل عقد أو وثيقة أدلى بها تدعيما لهذا الطلب " إضافة‬
‫إلى أداء الوجيبات المستحقة لدى صندوق المحافظة تبعا لتعريفة محددة بمرسوم‪.‬‬

‫وغالبا ما ال تثير هذه العملية من صعوبات‪ ،‬خاصة و أن األمر القضائي يعتمد في‬
‫إصداره على شهادة الملكية العقارية التي تحدد و بتدقيق المرجع العقاري للملك موضوع‬
‫الطلب‪ ،‬اسم المالك المقيد و كذا التحمالت العقارية إن وجدت‪ .‬إال أنه و في بعض الحاالت‬
‫قد تثار بعض اإلشكاليات و الصعوبات القانونية تحول دون تضمين األمر الصادر عن‬
‫السيد رئيس المحكمة االبتدائية المختص‪ .‬و نذكر على سبيل المثال‪ :‬األمر الصادر عن‬
‫رئيس المحكمة االبتدائية بالرباط و الرامي إلى إجراء تقييد احتياطي على الرسم العقاري‪...‬‬
‫الكائن بالرباط لفائدة الجهة صاحبة الطلب و ذلك لضمان حقوقها إلى حين صدور حكم‬
‫نهائي في موضوع دعوى القسمة في مواجهة المدعى عليهم‪.1‬‬

‫إال أن المحافظ على األمالك العقارية بالرباط‪-‬حسان تعذر عليه تضمين األمر‬
‫القضائي بالتقييد االحتياطي على الرسم العقاري المعني ‪ ،‬حيث أثار في معرض جوابه عن‬
‫وجود صعوبة قانونية تتمثل في كون المدعى عليهم ليسوا مالكين على الشياع مع المدعين‬

‫‪1‬‬
‫أمر قضائي صادر عن رئيس محكمة الرباط عدد ‪ 2014/1883‬بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪. 2014‬غير منشور‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وفق ما يستلزمه الفصل ‪ 314‬من القانون ‪ 39-08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية بل أنهم‬
‫مالكين لحق هواء جزئي ينظمه مقتضيات الفصل ‪ 138‬من نفس القانون‪ .‬وأضاف‪ ،‬و حيث‬
‫أن دعوى القسمة تفترض وجود مالكين على الشياع في حق من نفس الطبيعة و نظ ار‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 74‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬كما وقع تغييره و تتميمه و تبعا للفقرة‬
‫الثانية من منطوق األمر الرئاسي التي تأمر بالرجوع إلى السيد الرئيس في حالة قيام أية‬
‫صعوبة في تنفيذ األمر الجاري فإنه يتعذر تضمين التقييد االحتياطي و ذلك لألسباب‬
‫المذكورة أعاله‪.‬‬

‫هذا من جهة و من جهة أخرى فإن العمل اليومي للسادة المحافظين على األمالك‬
‫العقارية أظهر كذلك صعوبات أخرى سنحاول إبرازها كما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إشكالية االختصاص النوعي لألمر بالتقييد االحتياطي‪:‬‬

‫من المعلوم أن جميع المنازعات العقارية تبقى من اختصاص المحكمة االبتدائية‬


‫العادية سواء تعلق األ مر في البث في التعرضات الواقعة على مطالب التحفيظ أو مختلف‬
‫المنازعات التي تتعلق بالتقييدات الواردة على الرسوم العقارية و بصفة عامة جميع الدعاوى‬
‫الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني‪ .‬و على هذا‬
‫األساس فإن المشرع ذهب إلى اختصاص رئيس المحكمة االبتدائية على اعتبار أن محكمته‬
‫صاحبة االختصاص األصيل للنظر في المادة العقارية‪ .‬و معنى ذلك أن رئيس المحكمة‬
‫االبتدائية سيكون هو المختص حصريا في إصدار األمر القاضي بإجراء التقييد االحتياطي‬
‫بالرغم مثال من كون النزاع معروض موضوعا على المحكمة التجارية كحالة طلب بطالن‬
‫التصرفات العقارية الهادفة إلى تشطيب أو تغيير أو تأسيس حق عيني على عقار محفظ و‬
‫المنجزة بعد الحكم بفتح التصفية القضائية‪ ،‬خاصة و أن اختصاص الرئيس بصفته الوالئية‬
‫أو االستعجالية رهين باختصاص محكمته موضوعا‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫و يرى بعض الفقه إلى ضرورة تعديل الفصلين ‪ 85‬و ‪ 86‬من ظهير التحفيظ العقاري‬
‫كما وقع تغييره و تتميمه بالتنصيص على اختصاص رئيس المحكمة المختص أو المرفوع‬
‫‪1‬‬
‫إليه النزاع سلفا‪.‬‬

‫في حين يرى اتجاه آخر من الفقه أن مقتضيات الفصل ‪ 85‬من ظهير ‪ 12‬غشت‬
‫‪ 1913‬بشأن التحفيظ العقاري كما وقع تغييره و تتميمه بمقتضى القانون ‪ 14-07‬يعطي‬
‫االختصاص المذكور لرئيس المحكمة االبتدائية التي يقع العقار في دائرة نفوذها و المحكمة‬
‫المختصة هنا هي المحكمة االبتدائية بال تردد و ال يمكن بأي حال من األحوال أن تكون‬
‫هي المحكمة اإلدارية أو المحكمة التجارية و لو في درجة إحداهما االبتدائية‪.2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إصدار أمر بتقييد احتياطي بناء على مقال دعوى في الموضوع‬

‫لقد جاء في الفقرة الخامسة من الفصل ‪ 86‬من القانون ‪ 14-07‬المشار إليه بأنه يحدد‬
‫مفعول التقييد االحتياطي الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة االبتدائية في ثالثة‬
‫أشهر ابتداء من تاريخ صدوره‪ ،‬ما لم ينجز التقييد النهائي للحق‪ ،‬و تكون هذه المدة قابلة‬
‫للتمديد بأمر من رئيس المحكمة االبتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع‪ ،‬و يستمر‬
‫مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي‪.‬‬

‫إن القراءة المتأنية لهذه الفقرة تبين أن المشرع أعطى للمستفيد من األمر القضائي‬
‫بإجراء التقييد االحتياطي مدة قانونية ال تتجاوز ثالثة أشهر من أجل تسوية و استكمال الحق‬
‫العيني المراد تقييده بالسجل العقاري كإجراء احترازي و ذلك قبل اللجوء إلى قضاء الموضوع‬
‫و اشترط المشرع في مرحلة ثانية وجوب تقديم دعوى في الموضوع من اجل تمديد المدة‬

‫‪1‬‬
‫عمر أزوكار مرجع سابق ص ‪.269 :‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد ابن الحاج السلمي‪ .‬مرجع سابق ص‪.169 :‬‬

‫‪55‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫القانونية و ذلك بأمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية إذا ما تبين للطالب أن مدة الثالثة‬
‫أشهر غير كافية الستكمال الشروط المتعلقة بالحق المراد تأسيسه أو تغييره أو إنشاؤه‪.‬‬

‫معنى ذلك أن طلب استصدار األمر القاضي بإجراء التقييد االحتياطي يكون سابقا‬
‫إلدراج دعوى في الموضوع‪ .‬إال أنه يتبين أنه في بعض الحاالت يتم استصدار أوامر‬
‫قضائية (والتي تتعلق بتمديد التقييد االحتياطي المضمن أصال بناء على أمر قضائي)‬
‫تأسيسا على مقال دعوى في الموضوع‪.‬‬

‫و قد جاء في أمر صادر عن السيد رئيس المحكمة االبتدائية بالرباط بالنيابة و‬


‫القاضي بإجراء تقييد احتياطي‪:‬‬

‫"و حيث أن الجهة طالبة اإلجراء سجلت دعوى من أجل قسمة عقار ‪ ،‬لذا تلتمس‬
‫األمر بإجراء تقييد احتياطي على الرسوم العقارية المذكورة أعاله و ذلك ضمانا لحقوقها‬
‫في مواجهة المطلوب ضدهم‪ ،‬معززة طلبها بصور من شواهد المحافظة العقارية و رسم‬
‫إراثة و نسخة من مقال افتتاحي و نسخة من استدعاء و من مقال إدخال أصحاب‬
‫الحقوق العينية‪....‬‬

‫نوافق على الطلب فنأمر ‪ :‬بإجراء تقييد احتياطي على الرسوم العقارية عدد‪ ....‬و ذلك‬
‫‪1‬‬
‫ضمانا و حفاظا لحقوق الجهة صاحبة الطلب السيدة‪" ......‬‬

‫و نرى على أنه في حالة ما إذا أدرج الطالب دعواه بمقال في الموضوع إلى المحكمة‬
‫االبتدائية فإنه يتوجب عليه أن يتقدم بطلبه مباشرة إلى المحافظ على األمالك العقارية من‬
‫أجل تضمين تقييد احتياطي بناء على مقال و المحدد مدته في شهر واحد ال أن يتوجه إلى‬
‫رئيس المحكمة االبتدائية من أجل استصدار أمر بالتقييد االحتياطي‪ .‬و هذا ما ذهب إليه‬
‫أمر قضائي لرئيس المحكمة االبتدائية المدنية بالدار البيضاء حيث جاء فيه‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫أمر قضائي صادر عن رئيس محكمة الرباط بالنيابة عدد ‪ 2014/3547‬بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪ .2014‬غير منشور‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫" حيث إن الطلب يرمي إلى ما هو مسطر أعاله و حيث أنه و من الثابت أن التقييد‬
‫االحتياطي إما أن يتم بناء على مقال افتتاحي للدعوى و إما بناء على أمر قضائي‬
‫صادر عن رئيس المحكمة‪ .‬و حيث إنه و ما دام الطالب اختار اللجوء إلى رئيس‬
‫المحكمة إليقاع تقييد احتياطي فإن هذا التقييد ال يمكن أن يتم إال بناء على أمر و ال‬
‫يمكن وصفه بأنه تقييد احتياطي بناء على مقال حتى و لو أدلى الطالب بنسخة من‬
‫المقال االفتتاحي‪ ،‬إذ كان على الطالب إذا أراد االستفادة من مقتضيات التقييد‬
‫االحتياطي بناء على مقال أن يتوجه بطلبه هذا مباشرة إلى المحافظ على األمالك‬
‫‪1‬‬
‫العقارية‪ ،‬األمر الذي يبقى معه األمر غير مؤسس و يتعين األمر برفضه‪" .‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الصعوبات المتعلقة بالتقييد االحتياطي بناء على نسخة من‬
‫مقال الدعوى‬

‫لقد أعطى المشرع لكل من يدعي حقا على عقار محفظ إمكانية اللجوء إلى التقييد‬
‫االحتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء مباشرة ودون‬
‫اللجوء إلى التقييد االحتياطي بناء على أمر وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 85‬من القانون ‪-07‬‬
‫‪ 14‬المذكور‪ ،‬وأضافت مقتضيات الفصل ‪ 86‬منه على أن مدته تنحصر في شهر ويشطب‬
‫على هذا التقييد االحتياطي تلقائيا‪ ،‬بعد انصرام األجل المذكور‪ ،‬ما لم يدل طالب التقييد بأمر‬
‫صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية طبقا ألحكام الفصل ‪ 85‬أعاله‪.‬‬

‫كما أن المادة ‪ 13‬من القانون ‪39-08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية نصت على أن‬
‫الدعاوى الرامية إ لى استحقاق عقار محفظ أو إسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني ال‬
‫مفعول لها تجاه الغير إال من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أمر قضائي لرئيس المحكمة االبتدائية المدنية بالدار البيضاء عدد ‪ 2010/10/4600‬بتاريخ ‪ 2010/02/16‬منشور بمؤلف عمر أزوكار‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ص ‪.270-269 :‬‬

‫‪57‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والحالة الوحيدة التي رتب عليها المشرع عدم قبول الدعوى إذا لم تقيد تقييدا احتياطيا‬
‫هي دعوى القسمة كما نص على ذلك الفصل ‪ 316‬من مدونة الحقوق العينية وتعلقت‬
‫الدعوى بطبيعة الحال بعقار محفظ‪.‬‬

‫وفي الحاالت األخرى يبقى على عاتق المطالب بحق قابل للتقييد بالسجل العقاري أن‬
‫يبادر إلى تضمين تقييد احتياطي بناء على مقال الدعوى موجها طلبه في هذا الشأن إلى‬
‫المحافظ على األمالك العقارية المختص ت اربيا مع أداء الوجيبات عن هذه العملية بصندوق‬
‫المحافظة العقارية‪ ،‬والكل تحت طائلة فقدان رتبة الحق المدعى بشأنه وعدم إمكانية مواجهة‬
‫التقييدات الالحقة المترتبة على الرسم العقاري المعني‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى الفقرتين الثالثة والرابعة للفصل ‪ 86‬من القانون ‪ 14-07‬المشار إليه‬
‫يتبين بأن المشرع أقر التشطيب على التقييد بناء على مقال الدعوى‪ ،‬ما لم يدل طالب التقييد‬
‫بأمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية طبقا ألحكام الفصل ‪ 85‬أعاله‪ ،‬و لم يستعمل‬
‫مصطلح " تمديد" كما هو الشأن بالنسبة للتقييد االحتياطي بناء على أمر قضائي و الذي‬
‫تكون مدته قابلة للتمديد بأمر رئاسي شريطة تقديم دعوى في الموضوع‪.‬‬

‫فقد تبين من خالل الواقع العملي وجود حالتين بالنسبة لألوامر المدلى بها بعد تضمين‬
‫التقييد االحتياطي بناء على مقال‪ ،‬فقد جاء في أمر صادر عن السيد رئيس المحكمة‬
‫االبتدائية بالرباط‪:‬‬
‫"‪.......‬و حيث سبق للطالب أن أنجز تقييدا احتياطيا مقيد بتاريخ ‪2015/04/06‬‬
‫على الرسم العقاري بناء على نسخة من مقال دعوى في الموضوع‪....‬‬

‫‪58‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لذلك نأذن للسيد المحافظ على األمالك العقارية بالرباط‪ ،‬عطفا على التقييد االحتياطي‬
‫المشار إليه أعاله‪ ،‬بإجراء تقييد احتياطي على العقار ذي الرسم العقاري عدد ‪...‬الكائن‬
‫بالرباط‪ ،‬يستمر مفعوله إلى حين صدور حكم نهائي في الدعوى أدناه "‪.1‬‬

‫و جاء في أمر أخر صادر عن نفس المحكمة و عن رئيسها بالنيابة‪:‬‬


‫" ‪....‬و رغبة منهم في إتمام إجراءات البيع تقدموا بدعوى في الموضوع ‪ ،‬و بناء عليه‬
‫تقدموا بطلب لدى المحافظ على األمالك العقارية بالرباط من أجل إجراء تقييد احتياطي‬
‫ثم تسجيله بتاريخ ‪ 2014/05/06‬تحت عدد ‪ 1863‬سجل ‪ ،268‬لذا يلتمسون األمر‬
‫بتمديد التقييد االحتياطي المسجل على الرسم العقاري المذكور أعاله و ذلك إلى حين‬
‫صدور حكم في الدعوى الرائجة أمام هذه المحكمة في الملف العقاري رقم‬
‫‪ 2014/1402/157‬معززين طلبهم بنسخة من عقد شراء و من مقال افتتاحي و‬
‫صورة من شهادة الملكية‪ ...‬لهذه األسباب نوافق على الطلب فنأمر‪:‬‬
‫السيد المحافظ على األمالك العقارية بالرباط ‪ -‬حسان بتمديد مفعول التقييد االحتياطي‬
‫الذي ثم تسجيله على الرسم العقاري عدد‪ ....‬المقيد بتاريخ ‪ 2014/05/06‬تحت عدد‬
‫‪2‬‬
‫‪ 1863‬سجل ‪ 268‬بناء على مقال افتتاحي للدعوى عدد ‪."2014/1402/157‬‬

‫يمكن القول أنه و انسجاما مع المقتضيات القانونية المذكورة سلفا فإن إصدار األمر‬
‫القضائي داخل أجل الشهر ابتداء من تاريخ تضمين التقييد االحتياطي بناء على مقال‬
‫بالسجل العقاري سيؤدي حتما إلى استمرار سريان مفعوله إلى حين صدور حكم نهائي في‬
‫الدعوى الجارية إال أن المشرع لم يستعمل مصطلح " التمديد" كما هو الحال بالنسبة لألمر‬
‫القضائي المذكور في المثال الثاني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بالرباط عدد ‪ 2534‬بتاريخ ‪ 2014 /04/13‬غير منشور‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بالرباط بالنيابة عدد ‪ 2014/3459‬بتاريخ ‪.2014/05/14‬‬

‫‪59‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إلى جانب ذلك فقد أظهرت الممارسة القضائية فيما يخص بعض الدعاوى خصوصية‬
‫فيما يتعلق إما بمآل التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى (حالة تقييد محضر البيع‬
‫بالمزاد العلني) أو إلزامية تضمينه من عدمه (حالة دعوى الشفعة) وكدا خصوصية دعوى‬
‫القسمة‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬مآل التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى بعد تقييد البيع‬
‫بالمزاد العلني‬

‫لقد نصت الفقرة الثانية للفصل ‪ 220‬من القانون رقم ‪ 39-08‬المتعلق بمدونة الحقوق‬
‫العينية بأنه يترتب على تقييد محضر إرساء المزايدة بالرسم العقاري انتقال الملك إلى من رسا‬
‫عليه المزاد وتطهيره من جميع االمتيازات والرهون وال يبقى للدائنين حق إال على الثمن‪.‬‬

‫أي أن المشرع حدد و على سبيل الحصر ما يتم تطهيره من العقار و ذلك في‬
‫االمتيازات و الرهون‪ ،‬و إذا ما كان العقار مثقال بتقييد احتياطي بناء على نسخة من مقال‬
‫دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء فإنه ال يتم التشطيب عليه إال بعد صدور أحكام‬
‫قضائية نهائية أو بتنازل المستفيد منه‪ ،‬و ال يمكن التشطيب عليه بمجرد تقييد محضر البيع‬
‫بالمزاد العلني بحجة أنه ال يمكن تنزيل التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى منزلة‬
‫االمتيازات أو الرهون التي تنظمها مقتضيات أخرى جاء سردها في المادة ‪ 10‬من نفس‬
‫القانون و عرفت على كونها حقوق عينية تبعية ال تقوم بذاتها ‪ ،‬و إنما تستند في قيامها على‬
‫وجود حق شخصي‪ ،‬و تكون ضمانا للوفاء به‪.‬‬

‫و هذا ما ذهب إليه قرار محكمة النقض حيث جاء فيه‪:‬‬

‫" في حين أن التقييد االحتياطي بناء على مقال الدعوى إنما يحفظ لصاحبه الرتبة في‬
‫تقييد الحق العيني ابتداء من تاريخ التقييد‪ ،‬و أنه إذا ما ثبت أن الحكم في الدعوى‬

‫‪60‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المرتبطة به صدر لفائدة المدعي و أصبح نهائيا و حائ از لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬فإنه‬
‫يتم تقييد حقوق هذا األخير بصرف النظر عن كل التقييدات الالحقة لتاريخ التقييد‬
‫االحتياطي‪ ،‬و أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه كان مطلوبا منها أن تتأكد مما‬
‫قضى به الح كم لفائدة المدعي و فيما إذا أصبح حائ از لقوة الشيء المقضي به و فيما‬
‫إذا كان التقييد االحتياطي للطاعن سابقا لتقييد البيع بالمزاد العلني أم ال‪ ،‬و ذلك‬
‫بصرف النظر عن مال ذلك البيع‪ ،‬و أنها لما لم تفعل‪ ،‬جاء قرارها فاسد التعليل المنزل‬
‫منزلة انعدامه و غير مرتكز على أساس قانوني‪ ،‬مما عرضه بالتالي للنقض‬
‫‪1‬‬
‫واإلبطال‪.‬‬

‫و قد تبين من خالل الممارسة العملية أن بعض األوامر القضائية الصادرة في إطار‬


‫الفقرة األخيرة للفصل ‪ 86‬من القانون المشار إليه تعتبر أن تقييد محضر البيع بالمزاد العلني‬
‫يطهر العقار حتى من التقييد االحتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى و بالتالي تأمر‬
‫بالتشطيب عليه من الرسم العقاري المعني و قد جاء في أمر صادر عن السيد رئيس‬
‫المحكمة االبتدائية بالرباط بالنيابة ما يلي‪:‬‬
‫" وحيث أنه باالطالع على ظاهر الوثائق و سيما محضر رسو المزاد العلني المؤرخ‬
‫في ‪ 2013/07/01‬أن العقار موضوع التقييد االحتياطي المراد التشطيب عليه قد آلت‬
‫ملكيته إلى المدعين و تمت تسجيل شرائهم لدى المحافظة العقارية كما تفيد شهادة‬
‫الملكية‪.‬‬
‫و حيث أنه استنادا إلى منطوق المادة ‪ 220‬من مدونة الحقوق العينية فإن تقييد‬
‫محضر إرساء المزايدة بالرسم العقاري يطهر العقار من جميع االمتيازات و الرهون‪.‬‬
‫و حيث أن الطلب قدم بعد تأسيسه و بيان األسباب الواقعية و القانونية التي تجعل منه‬
‫مطلبا وجيها و جديا يبرر االستجابة له‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 1/522‬ملف مدني عدد ‪ 2014/1/1560‬بتاريخ ‪ .2014/10/28‬غير منشور‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫نصرح علنيا ابتدائيا و غيابيا للمدعى عليها‪ ،‬في الموضوع‪ :‬باالستجابة إليه فنأمر‬
‫بالتشطيب على التقييد االحتياطي المقيد على الملك المسمى نيقوسيا ذي الرسم العقاري‬
‫عدد ‪ ...‬المسجل بمقتضى مقال بتاريخ ‪ 1982/01/01‬سجل ‪ 182‬عدد ‪ 566‬لفائدة‬
‫المدعى عليها شركة‪(".....‬أمر استعجالي عدد ‪ 2014/368‬بتاريخ ‪.)2014/03/31‬‬

‫في حين أن الشركة المستفيدة من التقييد االحتياطي بناء على نسخة من مقال دعوى‬
‫كا نت تطالب المدعى عليها بتطهير العقار من مانع من موانع التقييد المتمثل في الحجز‬
‫التحفظي حتى تتمكن من تقييد عقد عرفي لمبادلة لفائدتها تهم عقاريين محفظين‪.‬‬

‫و بعد استنفاذ الدعوى لدرجتي التقاضي و كدا بعد بث محكمة النقض في النازلة‪ ،‬ثم‬
‫االعتراف للشركة المدعية في استحقاقها للعقاريين موضوع التقييد االحتياطي بناء على مقال‬
‫دعوى المذكورة مراجعه أعاله‪.‬‬

‫و لما ثم طلب تقييد الطلبين معا‪ ،‬األول يتعلق بالتشطيب على التقييد االحتياطي بناء‬
‫على مقال دعوى و الكل بناء على أمر ابتدائي استعجالي و لألسباب المذكورة أعاله و كذا‪،‬‬
‫إيداع طلب تقييد منطوق األحكام القضائية النهائية و المكتسبة لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬و‬
‫أمام تعارض الطلبين‪ ،‬فإن المحافظ على األمالك العقارية بالرباط‪ -‬حسان أصدر ق ارره‬
‫برفض الطلبين معا لوقوعهما تحت طائلة مقتضيات الفصل ‪ 76‬من ظهير التحفيظ العقاري‬
‫كما وقع تغييره و تتميمه بمقتضى القانون ‪.14-07‬‬

‫و جاء في قرار المحافظ ما يلي‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬بناء على طلب األستاذ‪ ....‬المحامي بهيئة الدار البيضاء نيابة عن موكلته‬
‫شركة ‪ .....‬الوارد على هذه المحافظة تحت عدد ‪ 1183‬بتاريخ ‪ 27‬نونبر ‪ 2014‬و المرفق‬
‫ب‪:‬‬

‫‪62‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬الحكم رقم ‪ 1792 :‬الصادر عن المحكمة االبتدائية بالقنيطرة بتاريخ ‪1984/06/05‬‬


‫في الملف رقم‪827 :‬‬
‫‪ ‬القرار الصادر عن الغرفة العقارية بمحكمة االستئناف بالقنيطرة بتاريخ‬
‫‪ 1997/03/18‬في الملف رقم ‪.6-93-3125 :‬‬
‫‪ ‬القرار رقم ‪ 3676‬الصادرعن الغرفة المدنية بمحكمة االستئناف بالقنيطرة بتاريخ‬
‫‪ 1997/12/09‬في الملف رقم ‪.97-722 :‬‬
‫‪ ‬القرار عدد ‪ 236‬الصادر عن الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى بتاريخ‬
‫‪ 2000/02/17‬في الملف عدد ‪.98/1/5/480‬‬
‫‪ ‬القرار عدد ‪ 242‬الصادر عن الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى بتاريخ‬
‫‪ 2000/02/17‬في الملف عدد ‪.98/1/5/643‬‬
‫‪ ‬القرار عدد ‪ 197‬الصادر عن الغرفة المدنية للمجلس األعلى بتاريخ ‪2005/01/19‬‬
‫في الملف المدني عدد ‪.2001/1/1/829‬‬
‫‪ ‬عقد المبادلة العرفي المصادق على توقيعاته بالقنيطرة بتاريخ ‪ 1981/07/28‬الكل‬
‫مضمنه التقييد بالرسم العقاري ‪ ...‬لعقد المبادلة العرفي المؤرخ في ‪1981/07/28‬‬
‫بأثر رجعي يعود إلى تاريخ التقييد االحتياطي بناء على المقال االفتتاحي للدعوى‬
‫المقيد بكناش ‪ 182 :‬عدد ‪ 566‬بتاريخ ‪ 1982/02/01‬الصادر بشأنه األحكام‬
‫المدلى بها المتضمنة في منطوقها‪:‬‬

‫" الحكم على المدعى عليها ‪ ....‬بأن تعمل على رفع الحجز التحفظي المحمل‬
‫به هذا الرسم العقاري مع أمر السيد المحافظ على األمالك العقارية بالرباط‬
‫بتسجيل عقد المبادلة المؤرخ في ‪."1981/07/28‬‬

‫‪63‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ثانيا‪ :‬بناء على األمر االستعجالي عدد ‪ 2014/368‬الصادر عن السيد رئيس‬


‫المحكمة االبتدائية بالرباط بالنيابة بتاريخ ‪ 2014/03/31‬في الملف االستعجالي رقم‬
‫‪ 14/1101/427‬مضمونه‪:‬‬

‫التشطيب على التقييد االحتياطي المقيد بالرسم العقاري عدد ‪ ...‬المسجل بمقتضى‬
‫مقال بتاريخ ‪ 1982/01/01‬سجل ‪ 182‬عدد ‪ 566‬لفائدة المدعى عليها شركة‪....‬‬

‫‪ ‬نظ ار ألن التشطيب على التقييد االحتياطي بناء على مقال إن ثم بناء على‬
‫األمر االستعجالي المذكور أعاله سيحول دون تقييد األحكام المشار إليها أعاله‬
‫و للتقييد المنجز بكناش ‪ 268‬عدد ‪ 37 :‬بتاريخ ‪ 2014/01/24‬لفائدة الغير‬
‫المتملك حاليا لهذا الرسم العقاري عن طريق شرائه له بالمزاد العلني‪.‬‬
‫‪ ‬اعتبا ار ألن تقييد عقد المبادلة بأثر رجعي يعود لتاريخ التقييد االحتياطي بناء‬
‫على المقال االفتتاحي الصادر بشأنه األحكام المدلى بها يتناقض مع األمر‬
‫القضائي الصادر بالتشطيب على التقييد االحتياطي‪.‬‬

‫مما يجعل هذين التقييدين متناقضين وبالتالي يقعان تحت طائلة الفصل ‪ 76‬من ظهير‬
‫التحفيظ العقاري المؤرخ في ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪14-07‬‬
‫مما يتوجب رفضهما معا‪.‬‬

‫ولو أن المستفيد من منطوق األمر االستعجالي القاضي بالتشطيب على التقييد‬


‫االحتياطي بناء على مقال دعوى تقدم بطلبه قبل الطلب الثاني وأدى عنه الوجيبات لدى‬
‫صندوق المحافظة العقارية ألصبح المستفيد من البيع بالمزاد العلني هو المالك الوحيد للعقار‬
‫وتعذر بالتالي على المحافظ على األمالك العقارية االستجابة لتقييد منطوق األحكام‬
‫القضائية النهائية محدثا بذلك ضر ار يستوجب تعويضه لفائدة صاحب الطلب الثاني‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫و ال بد من اإلشارة هنا أنه إضافة إلى أن تقييد البيع بالمزاد العلني ال يطهر العقار إال‬
‫من االمتيازات و الرهون كما جاء ذكره سلفا‪ ،‬فإن المستفيد من هذا البيع الجبري إبان اقتناءه‬
‫للعقار موضوع النازلة كان على علم " بمفهوم قانون التحفيظ العقاري" بوجود التقييد‬
‫االحتياطي بناء على مقال‪ ،‬أي أن العين موضوع البيع الجبري متنازع حولها و مع ذلك‬
‫بادر إلى اقتناء العقار‪ ،‬بدليل أن كناش التحمالت يتضمن مراجع التقييد االحتياطي الذي‬
‫صدر بشأنه أحكام قضائية نهائية و مكتسية لقوة الشيء المقضي به ‪ ،‬و بالتالي فإن‬
‫المستفيد من محضر البيع بالمزاد العلني ال يمكن له االحتجاج أو الدفع بأنه مقتني حسن‬
‫النية و االستفادة من مقتضيات الفصلين ‪ 66‬و ‪ 67‬من ظهير التحفيظ العقاري المشار إليه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إلزامية تضمين التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى من‬
‫عدمه في حالة دعوى الشفعة‬

‫لقد عرف المشرع في المادة ‪ 292‬من القانون رقم ‪ 39-08‬المتعلق بمدونة الحقوق‬
‫العينية الشفعة بكونها أخد شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة‬
‫بثمنها بعد أداء الثمن ومصروفات العقد الالزمة والمصروفات الضرورية النافعة عند‬
‫االقتضاء‪.‬‬

‫و لن نتناول في هذه الفقرة دراسة شروط أو آثار الشفعة‪ ،‬بل سنقتصر على تبيان‬
‫موقف المحافظ على األمالك العقارية عندما يطلب منه تقييد أحكام قضائية نهائية و‬
‫القاضية باستشفاع حق أو حقوق مشاعة بالرغم من أن العقار المعني أثقل بتقييد لحق عيني‬
‫لفائدة الغير قبل تضمين التقييد االحتياطي بناء على مقال لدعوى الشفعة ( الحالة األولى)‬
‫ثم موقف االجتهاد القضائي بخصوص قرار رفض تقييد أحكام قضائية نهائية و مكتسبة لقوة‬
‫الشيء المقضي به و القاضية باستشفاع حصص مشاعة بعلة أن العقار مثقل بحجز‬

‫‪65‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تحفظي و أن دعوى الشفعة لم تقيد بالرسم العقاري لضمان تقييد األحكام القضائية النهائية‬
‫بأثر رجعي و بالتالي مواجهة التقييد الالحق المتمثل في الحجز التحفظي( الحالة الثانية)‪.‬‬

‫الحالة األولى‬

‫و يتعلق األمر بتقييد أحكام قضائية نهائية و مكتسبة لقوة الشيء المقضي به و‬
‫القاضية باستشفاع حظوظ مشاعة بالرسم العقاري عدد ‪ ...‬إال أن المحافظ عل األمالك‬
‫العقارية بأكدال ‪ -‬الرياض رفض تقييدها بعلة أن الحظوظ المشفوعة مثقلة برهنين لفائدة‬
‫الصندوق الوطني للقرض الفالحي ثم تقييدهما على التوالي بتاريخ ‪ 1988/09/19‬و تاريخ‬
‫‪ 1998/11/13‬أي قبل تضمين التقييد االحتياطي الذي ثم تضمينه بتاريخ‬
‫‪.1994/04/16‬معنى ذلك أن تقييد األحكام القضائية النهائية بأثر رجعي سيعود إلى تاريخ‬
‫تضمين التقييد االحتياطي و لن يطال بذلك الرهنين المقيدين سابقا لفائدة المؤسسة البنكية‪.‬‬

‫وبعد الطعن في قرار المحافظ على األمالك العقارية واستنفاد درجتي التقاضي وعرض‬
‫القضية على المجلس األعلى‪ ،‬فإن هذا األخير أقر كقاعدة جاء فيها ما يلي‪:‬‬

‫" إن رفض المحافظ على األمالك العقارية تسجيل الحكم بالشفعة بالرسم العقاري بعلة‬
‫أن الحظوظ المشفوعة مثقلة برهن مقيد لفائدة الغير بتاريخ سابق لتسجيل الشفيع تقييدا‬
‫احتياطيا على الرسم العقاري يكون غير مستند على أساس ألن التقييد االحتياطي غير الزم‬
‫لحفظ حقوق طالب الشفعة‪ ،‬إذ أن حقه فيها ينشأ عند إجراء البيع وليس عند التسجيل بالرسم‬
‫العقاري‪ ،‬عالوة على أن المحافظ على األمالك العقارية ملزم بتسجيل الحكم القضائي‬
‫‪1‬‬
‫بالشفعة في الرسم العقاري إذا اكتسب الحكم الصبغة النهائية وأصبح واجب التنفيذ"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار صادر عن المجلس األعلى عدد ‪ 3958‬في الملف المدني عدد ‪ 2008/4/1/3103‬بتاريخ ‪ 28‬شتنبر ‪ 2013‬منشور "بمجلة ملفات عقارية"‬
‫الصادرة عن محكمة النقض ‪.2012‬العدد‪.1‬‬

‫‪66‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الحالة الثانية‬

‫فبنازلة أخرى‪ ،‬ثم فيها طلب تقييد أحكام قضائية نهائية ومكتسبة لقوة الشيء المقضي‬
‫به (حكم ابتدائي مؤرخ في ‪ 2010/04/07‬ملف رقم ‪ )9/06/254‬مؤيد بقرار استئنافي رقم‬
‫‪ 99‬بتاريخ ‪ 2012/09/27‬مشفوعين بشهادة بعدم النقض والقاضية جميعها باستحقاق‬
‫العارضات شفعة ما اشتراه المدعى عليهما والمتمثل في ‪ 2/8‬سهما مشاعا في كافة الملك‬
‫موضوع الرسم العقاري عدد ‪ ....‬واإلذن للمحافظ العقاري بالرباط ‪ -‬حسان بتسجيلها بالرسم‬
‫العقاري المذكور‪.‬‬

‫إال أن المحافظ على األمالك العقارية بالرباط ‪ -‬حسان أصدر ق ارره تحت رقم‬
‫‪/106‬مع‪ 3/03/‬مؤرخ في ‪ 2013/03/04‬والذي استجاب فيه للطلب جزئيا فيما يخص‬
‫تقييد استشفاع الحصة المشاعة وقدرها ‪ ،1/8‬ورفض في المقابل تقييد الحصة المشاعة‬
‫الباقية وعلل قرار رفضه هذا بوجود ما اعتبره مانع قانوني يتمثل في الحجز التحفظي المقيد‬
‫بتاريخ ‪ 2006/12/11‬الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط‪ .‬وقد أضاف في ق ارره‬
‫أن مقال الدعوى المؤرخ في ‪ 2006/11/20‬والذي على إثره أدرجت الدعوى القضائية‬
‫الستشفاع الحقوق المشاعة موضوع الطلب لم يسبق أن ضمن بالرسم العقاري المعني عن‬
‫طريق التقييد االحتياطي قصد مواجهة التقييد الالحق والمتمثل في الحجز التحفظي المذكور‬
‫أعاله‪.‬‬

‫ثم الطعن في هذا القرار أمام المحكمة االبتدائية بالرباط والتي قضت في حكمها المؤرخ‬
‫في ‪ 2013/04/22‬برفض الطلب معللة حكمها بكون قرار المحافظ القاضي برفض طلب‬
‫تقييد استشفاع المدعيات لنصيب المحجوز عليها الشركة العقارية‪ ....‬مؤسس قانونا وفي‬
‫نطاق صالحياته في مراقبة مدى قابلية الحكم للتقييد وال يمس في شيء جوهر الحكم‪ ،‬بوجود‬

‫‪67‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫حجز تحفظي يحول دون استجابته للطلب المذكور‪ ،‬وتبعا لذلك فطلب المدعيات الرامي إلى‬
‫إلغاء قرار المحافظ‪ ،‬وتصديا الحكم بتقييد األحكام القضائية المذكورة أعاله والقاضية‬
‫باستشفاع الحصة العائدة للشركة العقارية ‪ ...‬بعد التشطيب على الحجز التحفظي من الرسم‬
‫العقاري عدد ‪ ...‬غير مبرر وغير مؤسس قانونا في غياب ما يؤكد رفع الحجز التحفظي‬
‫المثقلة به الحقوق موضوع الحكم بالشفعة المراد تقييده‪.‬‬

‫إال أن محكمة االستئناف بالرباط اعتبرت في قرارها عدد ‪ 121‬بتاريخ ‪2013/08/01‬‬


‫أن قواعد الشهر العقاري تقتضي أن من أنجز حج از تحفظيا على هذا العقار أضحى مهددا‬
‫بالزوال و أنه على بينة من تأرجح حق المشفوع من يده المحجوز عليه‪ .‬و قضت في‬
‫الموضوع ب إلغاء الحكم المستأنف و تصديا الحكم بإلزام المحافظ على األمالك العقارية‬
‫بالرباط ‪ -‬حسان بتقييد الحكم القاضي باستشفاع الحصة العائدة للشركة العقارية‪....‬بعد‬
‫التشطيب على التقييد المتمثل في الحجز التحفظي بالرسم العقاري عدد‪...‬‬

‫و يتبين من خالل الحالتين المذكورتين أعاله أنه من الرغم من أن الفصلين ‪ 85‬و ‪86‬‬
‫من القانون ‪ 14-07‬المذكور سابقا جاء شامال و لم يستثن دعوى الشفعة في العقار المحفظ‬
‫من إمكانية تضمينها احتياطيا عن طريق مؤسسة التقييد االحتياطي إال أن االجتهاد‬
‫القضائي اعتبر و أسس قاعدة مفادها أن التقييد االحتياطي غير ضروري لحفظ حقوق طالب‬
‫الشفعة‪ ،‬و أن الشفعة حلول بمقتضى القانون للشفيع محل المشفوع منه و يتم ذلك حتى دون‬
‫اللجوء إلى تسجيل التقييد االحتياطي ‪ ،‬ألن هذا األخير يتم عند ادعاء حق عيني عقاري‬
‫على عقار محفظ‪ ،‬بينما األمر يتعلق بحق الشفعة الذي ينشأ للشركاء عند وقوع البيع‪ ،‬و له‬
‫أن يبطل جميع التصرفات التي أحدثها المشتري األول أو ما قد يقع من تقييدات جبرية‬
‫كالحجز التحفظي متى كان القصد منه حرمانه من حق الشفعة‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬خصوصية التقييد االحتياطي بناء على مقال في دعوى‬


‫القسمة‬

‫لقد نصت المادة ‪ 316‬من القانون رقم ‪ 39-08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية أنه ال‬
‫تقبل دعوى القسمة إال إذا وجهت ضد جميع الشركاء وثم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت‬
‫بعقار محفظ‪ .‬ومن هذا المنطلق فإن المشرع ألزم كل من أقام دعوى القسمة على عقار‬
‫محفظ أن يقيدها تقييدا احتياطيا تحت طائلة عدم القبول‪.‬‬

‫إال أن السؤال المطروح هو مدى خضوع التقييدات المعنية للمقتضيات العامة‬


‫المنصوص عليها في الفصلين ‪ 85‬و‪ 86‬من ظهير التحفيظ العقاري أم أن مفعول تلك‬
‫التقييدات االحتياطية يستمر إلى نهاية الدعوى وصدور أحكام نهائية مكتسبة لقوة الشيء‬
‫المقضي به باعتباره حالة خاصة نص عليها المشرع بموجب المادة ‪ 316‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية المذكورة أعاله‪.‬‬

‫لقد عبرت مؤسسة المحافظ العام عن رأيها في هذه النقطة في معرض جوابها المؤرخ‬
‫في ‪ 04‬يونيو ‪ 2014‬ردا على طلب إبداء رأي موجه للمحافظ على األمالك العقارية بسوق‬
‫األربعاء الغرب جاء فيها‪:‬‬

‫" ‪ ...‬يشرفني أن أنهي إلى علمكم أن مقتضيات المادة ‪ 316‬المذكورة تشير فقط إلى‬
‫إلزامية إجراء التقييد االحتياطي لدعوى القسمة دون التنصيص على مقتضيات خاصة‬
‫منظمة له‪ ،‬وعليه فإن التقييد االحتياطي يبقى خاضعا للمقتضيات العامة للتقييد االحتياطي‬
‫المنصوص عليه في الفصلين ‪ 85‬و‪ 86‬من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغييره‬
‫وتتميمه‪."...‬‬

‫‪69‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫و مما يزكي هذا االتجاه هو أن المشرع لو كان يريد إعطاء خصوصية ما للتقييد‬
‫االحتياطي المتعلق بدعوى القسمة لنص على ذلك صراحة في المادة ‪ 316‬السالفة الذكر‪،‬‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للفصل ‪ 25‬من القانون ‪ 7-81‬المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة‬
‫العامة و االحتالل المؤقت الذي أعطي إمكانية لنازع الملكية بالنسبة لعقار محفظ أو حقوق‬
‫عينية مترتبة عليه طلب تضمين تقييد احتياطي على الرسم العقاري المعني مستندا في طلبه‬
‫على األمر بالحيازة المنصوص عليه في الفصل ‪ 24‬من نفس القانون‪ ،‬و أضاف و تكملة‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 86‬من ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬فإن‬
‫صالحية هذا التقييد االحتياطي تبقى سارية المفعول إلى حين تقييد نقل الملكية من تاريخ‬
‫التقييد االحتياطي المذكور‪.‬‬

‫إال أن هذه النقطة المثيرة للجدل القانوني تم الحسم فيها بتدخل من المشرع وذلك‬
‫بتعديل المادة ‪ 316‬من القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1-11-178‬بتاريخ ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 1432‬الموافق ل ‪22‬‬
‫نونبر‪ ،2011‬وقد صدر هذا التعديل بالجريدة الرسمية عدد‪ 6655‬المؤرخ في ‪ 12‬مارس‬
‫‪ 2018‬والذي أقر أن التقييد االحتياطي بناء على مقال دعوى القسمة يظل مفعوله ساريا إلى‬
‫حين صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى فإن الممارسة القضائية أثبتت وجود اتجاهين في قبول دعوى القسمة‬
‫من حيث وجود نزاع متعلق بالعقار موضوع القسمة من عدمه‪.‬‬

‫فقد جاء في قرار لمحكمة االستئناف بمراكش ما يلي‪:‬‬


‫" و حيث إن هذا يفيد و يؤكد أن موضوع الدعوى كانت فيه منازعة جدية و بما أن‬
‫الحكم االبتدائي غابت عنه هذا المعطى و قضى بما هو موضوع هذا االستئناف فإنه‬
‫قضى بما يخالف القانون إذ أنه ال قسمة في متنازع فيه مما يستوجب إلغاء الحكم‬

‫‪70‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫االبتدائي و بغض النظر عن باقي األسباب المثارة فإن ما ذكر يكفي للحكم بعدم قبول‬
‫الدعوى إلى حين تصفية النزاع الذي أساسه التقييد االحتياطي المشار إليه في شهادة‬
‫‪1‬‬
‫المحافظة "‪.‬‬

‫وهذا االتجاه أو الموقف يعتبر وجود نزاع حول العقار مانع من القسمة القضائية‪ .‬أما‬
‫االتجاه الثاني فيرى بأنه يمكن البث في دعوى القسمة بالرغم من وجود نزاع حول العقار‬
‫المعني‪ .‬و قد جاء في قرار لمحكمة سطات رقم ‪ 154‬بتاريخ ‪ 2012/07/01‬ما يلي‪:‬‬

‫" وحيث أن التقييد االحتياطي هو إمكانية يخولها القانون لكل ما يدعي حقا على عقار‬
‫محفظ قصد االحتفاظ المؤقت بهذا الحق وذلك باإلشارة إليه في الرسم العقاري في‬
‫انتظار تحويل هذا التقييد إلى تسجيل نهائي أو إلغاؤه ومن تم فهو ذو طبيعة خاصة ال‬
‫تتعارض مع طلب القسمة وليس مانعا لها بحكم هذه الطبيعة"‪.‬‬

‫خاتـــمـــــــــة‬

‫يعتبر التقييد االحتياطي الوسيلة القانونية الوحيدة التي قررها المشرع من أجل المحافظة‬
‫على رتبة الحق الموجود والمتنازع فيه أو الحق المحتمل على عقار محفظ‪ ،‬إال أن المشرع‬
‫ترك اإلمكانية والمبادرة لصاحب الحق المطالب به في اللجوء إلى مؤسسة التقييد االحتياطي‬
‫دونما إلزامه كما هو الشأن في دعوى القسمة بتضمين تقييد احتياطي تحت طائلة عدم قبول‬
‫دعواه‪.‬‬

‫وقد أظهر الواقع العملي أن حقوق عينية كثيرة أهدرت وتعذر تقييدها بالسجالت‬
‫العقارية رغم استنفاد جميع مراحل التقاضي وذلك بسبب عدم تضمين تقييد احتياطي لمواجهة‬
‫التقييدات الالحقة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار محكمة االستئناف بمراكش رقم‪ 850 :‬صدر بتاريخ ‪ 10/10/21‬رقم ‪ 2010/874‬منشور بمؤلف عمر أزوكار مرجع سابق ص‪336 :‬‬

‫‪71‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وقد تبين كذلك من خالل ما سبق ذكره أن المشرع بالرغم من تغيير المقتضيات‬
‫المتعلقة بالتقييد االحتياطي فإن هناك صعوبات وإشكاليات برزت من خالل العمل اليومي‬
‫للسادة المحافظين على األمالك العقارية وكذا من خالل الممارسة القضائية مما يدفعنا إلى‬
‫إبداء بعض االقتراحات نجملها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬إعادة صياغة الفقرة المتعلقة بالتقييد االحتياطي بناء على أمر من الفصل ‪85‬‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫"بناء على أمر قضائي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية المختص والتي‬
‫يقع العقار في دائرة نفوذها‪".‬‬
‫‪ ‬إتاحة إمكانية تمديد مدة التقييد االحتياطي بناء على سند إما بأمر قضائي او‬
‫بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء‪.‬‬
‫‪ ‬إعادة صياغة الفقرة األولى من الفصل ‪ 85‬من القانون ‪ 14-07‬بما يفيد‬
‫وجوب طلب التقييد االحتياطي لكل من يدعي حقا على عقار محفظ لالحتفاظ‬
‫به مؤقتا‪.‬‬
‫‪ ‬إضافة بداية احتساب أجل الشهر بالنسبة للتقييد االحتياطي بناء على نسخة‬
‫مقال الدعوى في الموضوع في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 86‬من القانون ‪-07‬‬
‫‪ 14‬واعتبار تاريخ تقييده كنقطة االنطالق‪.‬‬
‫‪ ‬إعادة صياغة الفقرة السابعة من الفصل ‪ 86‬من القانون ‪ 14-07‬وجعل عدم‬
‫إمكانية تقديم طلب جديد للتقييد االحتياطي بناء على نفس األسباب مقتصرة‬
‫فقط على حالة سبقية البث في الدعوى موضوع التقييد االحتياطي بناء على‬
‫أحكام نهائية ومكتسبة لقوة الشيء المقضي به‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبالرغم بأن التقييد االحتياطي يعتبر إعالنا عن وجود نزاع على عقار محفظ مما‬
‫سيؤدي إلى تقليص فرص اقتناءه من طرف الغير إال أنه يعتبر وسيلة قانونية لضمان‬
‫الحقوق العينية ولالستتباب األمن العقاري‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ حسن فتوخ‪،‬‬


‫مستشار بمحكمة النقض‬
‫رئيس قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي‬

‫تمهيـــد‬

‫يشترط إلجراء التقييدات المؤقتة من طرف من له المصلحة في ضمان مركز قانوني‬


‫معين‪ ،‬أن يكون الحق المراد المحافظة عليه متعلقا بعقار محفظ‪ ،‬حتى يتأتى له إشهاره عن‬
‫طريق تقييد بالرسم العقاري الخاص به‪ ،‬واالستفادة بالتالي من الحماية القانونية التي تترتب‬
‫على هذا اإلجراء في مواجهة الكافة‪.‬‬

‫ذلك أن الحق المراد حمايته تشريعيا من طرف القضاء عن طريق سلوك مسطرة‬
‫التقييدات المؤقتة‪ ،‬يجب أن يكون موجودا على األقل بين طرفي العالقة التعاقدية‪ ،‬حتى‬
‫يتمكن صاحبه من مطالبة الملتزم بالعمل على تمكينه من حقه اختيا ار أو جبرا‪ ،‬وله تقييد‬
‫مقال الدعوى في الرسم العقاري‪ ،‬تحقيقا للغاية التي شرع من أجلها نظام اإلشهار العيني‬
‫الذي تبناه القانون العقاري المغربي‪.‬‬

‫وغني عن البيان أن عدم تحيين الرسم العقاري يؤدي لزوما إلى نتيجة حتمية مفادها‬
‫حصول عدم التطابق بين البيانات المدونة به‪ ،‬وبين الواقع الذي يعرف إبرام تصرفات قانونية‬
‫غير مسجلة‪ ،‬الشيء الذي ينعكس ال محالة بشكل سلبي على واقع الحق المتعلق بالرسم‬
‫العقاري المذكور‪ .‬ولعل تناول موضوع هذا المطلب يقتضي تقسيمه إلى محورين اثنين على‬
‫الشكل التالي‪:‬‬

‫المحور األول‪ :‬الوجود القانوني للحق محل التقييدات المؤقتة‬

‫‪74‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المحور الثاني‪ :‬اكتمال الحق وقت إجراء التقييدات المؤقتة‬

‫المحور األول‪ :‬الوجود القانوني للحق محل التقييدات المؤقتة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الوجود القانوني للحجز العقاري وأثره على القسمة‬

‫أوال‪ :‬الحجز العقاري ضمان لحق شخصي‬

‫يمكن تقييد الحجز العقاري بنوعيه التحفظي والتنفيذي بالرسم العقاري الستيفاء الدين‬
‫المترتب بذمة المدين المالك إما لعقار محفظ‪ ،‬أو غير محفظ‪ ،‬أو في طور التحفيظ‪ ،‬وذلك‬
‫بعلة أن سبب إجرائه على العقار المحفظ يتمثل في منع المدين من التصرف في عقاره عن‬
‫طريق التفويت‪ ،‬وأحقية الدائن الحاجز في مواصلة إجراءات البيع بالمزاد العلني‪ ،‬والحيلولة‬
‫دون إجراء أي تقييد جديد من طرف المحافظ العقاري بعد تقييده للحجز العقاري‪ .‬ومن ثم‬
‫فإن الحجز العقاري المقيد بالرسم العقاري ال يمكن أن يكون إال لضمان استيفاء دين في ذمة‬
‫المدين‪ ،‬بدليل أن المشرع خول لمن له مصلحة في الحفاظ مؤقتا على حق عيني برسم‬
‫عقاري سلوك مسطرة التقييد االحتياطي وفق الفصلين ‪ 85‬و‪ 86‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن الحجز العقاري يمكن إجراؤه على عقار غير محفظ أو في طور التحفيظ‬
‫بسبب ليس هو قيام الدين المترتب في ذمة المدين‪ ،‬وإنما لوجود حق عيني يخشى ضياعه‪.‬‬

‫ذلك أن هذا االتجاه يمثل موقفا قضائيا لمحكمة النقض الذي أكدته في معرض حيثيات‬
‫أحد ق ارراتها كما يلي‪:‬‬

‫"‪ ...‬إذا كان الحجز التحفظي للعقار شرع لحماية دين بالنسبة للعقار المحفظ‪ ،‬فما ذلك‬
‫إال لوجود مسطرة خاصة لكفالة حق عيني عقاري هي مسطرة التقييد االحتياطي‪ ،‬أما العقار‬

‫‪75‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غير المحفظ‪ ،‬فليست هناك مسطرة تكفل هذا الحق سوى الحجز التحفظي ولو بسبب ليس‬
‫منشؤه الدين‪ ،‬وذلك لوجود حق عيني يخشى ضياعه‪.1 "...‬‬

‫ونعتقد أنه ال يمكن ضمان حق عيني عن طريق الحجز العقاري ولو تعلق األمر بعقار‬
‫غير محفظ أو في طور التحفيظ‪ ،‬على اعتبار أن الغاية من إجرائه تتمثل دائما في ضمان‬
‫حصول الوفاء بالدين عن طريق حجزه تحفظيا وتحويله إلى حجز تنفيذي لمواصلة إجراءات‬
‫البيع بالمزاد العلني‪ ،‬أو إجراء حجز تنفيذي مباشرة من طرف العون المكلف بإجراءات التنفيذ‬
‫قصد عرض العقار المحجوز تنفيذيا للبيع الجبري‪.‬‬

‫وسندنا التشريعي في ذلك هو مقتضيات الفصل ‪ 452‬من ق م م التي تحدثت صراحة‬


‫عن صالحية رئيس المحكمة االبتدائية في تحديد مبلغ الدين على وجه التقريب الذي رخص‬
‫الحجز بسببه‪ .‬ومن ثم فإن االتجاه القائل بغير ذلك من شأنه تحميل النص التشريعي أكثر‬
‫مما يحتمل في مبناه ومعناه‪ ،‬ويكون بالتالي فاقدا للمسوغ القانوني‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فقد تراجعت محكمة النقض عن االتجاه المشار إليه أعاله مؤكدة من خالله "أن‬
‫الحجز التحفظي يقع من أجل ضمان أداء مبلغ مالي طبقا للفصل ‪ 452‬من ق م م‪ ،‬وليس‬
‫للحفاظ على حق عيني عقاري على عقار محفظ الذي يتم بإجراء تقييد احتياطي وفق‬
‫مقتضيات الفصلين ‪ 85‬و‪ 86‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬وقرر بالتالي نقض القرار‬
‫المطعون فيه القاضي برفض طلب رفع الحجز التحفظي على عقار محفظ من أجل الحفاظ‬
‫على العقار الذي يدعي طالب الحجز شراءه دون تمكينه من تقييد الشراء"‪.2‬‬

‫‪ 1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 8490‬صادر بتاريخ ‪ 21‬دجنبر ‪ 1988‬في الملف المدني عدد ‪ 84/2864‬مجلة المحاكم المغربية – عدد ‪ –60‬ص‬
‫‪.47‬‬
‫‪ 2‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 710‬صادر بتاريخ ‪ 10‬مارس ‪ 2004‬في الملف المدني عدد ‪ - 2002 /1/4062‬منشور بمجلة قضاء محكمة‬
‫النقض عدد ‪ -65 -64‬سنة ‪ – 2006‬ص ‪ 30‬الذي جاء في معرض حيثياثه‪:‬‬
‫"‪ ...‬حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار ذلك أنه اعتمد في قضائه برفض طلب رفع الحجز التحفظي الواقع على عقارهم موضوع الصك‬
‫العقاري عدد على أن "طلب الحجز في النازلة كان من أج ل الحفاظ على العقار المطلوب حجزه حتى ال يقع التصرف فيه من طرف الورثة‬
‫تصرفا يضر بطالب الحجز الذي يدعي شراءه دون تمكينه من الحيازة القانونية خاصة وأن هناك دعوى رائجة بين الطرفين حول إتمام البيع"‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويالحظ من خالل حيثيات هذا القرار أن قضاء محكمة النقض وضع حدا للجدل‬
‫الفقهي الذي كان سائدا حول مسألة إجراء الحجز العقاري كبديل للتقييد االحتياطي في‬
‫ضمان الحقوق العينية المضمنة في الرسم العقاري‪ ،‬ألن هناك بونا واسعا بين الوجود‬
‫القانوني للحق الذي يضمنه الحجز العقاري‪ ،‬وبين الوجود القانوني للحق الذي يحافظ عليه‬
‫التقييد االحتياطي‪ ،‬إذ إن وجود دعوى عينية عقارية ترمي إلى استحقاق العقار موضوع النزاع‬
‫جارية بين الورثة والحاجز تفيد قطعا أن الحق المتنازع عليه موجود قانونا ومتعلق برسم‬
‫عقاري‪ ،‬وأن الوسيلة الوحيدة لضمانه والمحافظة عليه من الناحية القانونية هي إجراء تقييد‬
‫احتياطي لمقال الدعوى المذكورة بالرسم العقاري‪ ،‬وليست مسطرة الحجز العقاري التي شرعت‬
‫لضمان استيفاء الديون من بيع العقارات المحجوزة بالمزاد العلني‪.‬‬

‫وقد أكدت محكمة النقض هذا التوجه من خالل أحد ق ارراتها المؤرخ في ‪ 07‬يوليوز‬
‫‪ 2015‬معتبرة في حيثياته ما يلي‪:‬‬

‫"لما كان الحجز التحفظي يؤمر به من أجل ضمان أداء مبلغ مالي متى كان ثابتا أو‬
‫ظهر من وثائق الملف ما يثبت جديته‪ ،‬فإن ثمن بيع العقار الذي تسلمه البائع من المشتري‬
‫ال يمكن اعتباره دينا في ذمة البائع يبرر إجراء الحجز التحفظي ما دام أن المشتري لم يثبت‬
‫أنه تعذر على البائع نقل ملكية المبيع أو أن هناك دعوى للفسخ واسترداد الثمن"‪.1‬‬

‫في حين أنه بمقتضى الفصل ‪ 452‬من ق‪.‬م‪.‬م فإن الحجز التحفظي يقع من أجل مبلغ مالي وليس للحفاظ على حق عيني على عقار محفظ‬
‫الذي بمقتضى الفصل ‪ 85‬من ظهير ‪ 1913 -8 -12‬بشأن التحفيظ العقاري الذي يخول لكل من يدعي حقا في عقار محفظ أن يطلب‬
‫تقييدا احتياطيا قصد االحتفاظ المؤقت بهذا الحق‪."...‬‬
‫‪ - 1‬القرار عدد ‪ 419‬الصادر بتاريخ ‪ 07‬يوليوز ‪ 2015‬في الملف المدني عدد ‪ 2015/8/1/1215‬منشور بمجلة محكمة النقض – العدد ‪- 80‬‬
‫سنة ‪ .2015‬ومما جاء في حيثياته‪:‬‬
‫"لكن‪ ،‬ردا على السبب‪ ،‬فإن الحجز التحفظي إنما يؤمر به من أجل ضمان أداء مبلغ مالي متى كان ثابتا أو ظهر من وثائق الملف ما يثبت‬
‫جديته‪ ،‬وأن ثمن بيع العقار الذي تسلمه البائع من المشتري ال يمكن اعتباره دينا في ذمة البائع يبرر إجراء الحجز التحفظي ما دام أن المشتري‬
‫لم يثبت أنه تعذر على البائع نقل ملكية المبيع أو أن هناك دعوى للفسخ واسترداد الثمن‪ ،‬ولذلك فإن القرار حين علل بأن‪" :‬الغاية من الحجز‬
‫تطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 452‬من قانون المسطرة المدنية هو وضع أموال المدين تحت يد القضاء وغل يده عن التصرف فيها تصرفا يضر‬
‫بدائنيه تمهيدا لنزع ملكيتها لمصلحة هؤالء واستيفاء حقوقهم من ثمنها‪ ،‬وأنه لم يثبت من خالل الوثائق المدلى بها قيام أي دين محقق أو له ما‬
‫يرجح جديته وتحققه بذمة ا لمحجوز عليه لفائدة الطرف الحاجز‪ ،‬وأن االستدالل بعقد بيع قطعة أرضية من قبل الطرف األول للطرف الثاني‬

‫‪77‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫كما أن نفس المحكمة تواترت في قضائها على تكريس نفس التوجه أعاله من خالل‬
‫قرارها الصادر بتاريخ ‪ 05‬يناير ‪ 2016‬الذي جاء فيه‪:‬‬

‫لكن‪ ،‬ردا على الوسيلة‪ ،‬فإن المحكمة اعتمدت وباألساس ‪ -‬وعن صواب ‪ -‬في قضائها‬
‫على أن األمر ال يتعلق في النازلة بدين مترتب في ذمة المطلوبين في النقض تجاه‬
‫الطاعنين‪ ،‬وإنما بإتمام إجراءات البيع موضوع رسم شراء موروثهم عدد ‪ 149‬وذلك حين‬
‫عللت قرارها بأن ''الثابت من ظاهر الوثائق أن طلب إيقاع الحجز مؤسس على عقد بيع‬
‫والحال أن المستأنف عليهم ال يطالبون بأي دين في مواجهة المستأنفين على نحو يسمح لهم‬
‫بإيقاع هذا الحجز وإنما طالبوا بإتمام إجراءات البيع موضوع عقد البيع المحتج به وأنهم في‬
‫المراحل المتقدمة لتنفيذه مما يعني أنهم يطالبون بحق عيني قد حدد المشرع طرق حمايته من‬
‫خالل األحكام المتعلقة بالتقييد االحتياطي‪ ،‬وأنه بانعدام الدين ينعدم مبرر إيقاع الحجز'' مما‬
‫تبقى معه الوسيلة على غير أساس "‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬إشكالية قسمة العقارات المحفظة المثقلة بحجز عقاري‬

‫إذا كان الحجز العقاري يقع ضمانا لدين في ذمة المدين الذي قد يكون مالكا لحصة‬
‫مشاعة‪ 2‬على الرسم العقاري‪ ،‬فإن اإلشكال الذي يثار من الناحية العملية يتعلق بمدى‬
‫إمكانية تحقق الحماية من عدمها في حالة طلب إجراء قسمة قضائية أو اتفاقية من طرف‬
‫أحد المالكين على الشياع رغم كون العقار مثقال بحجز عقاري؟‬

‫وأداء ثمنها للبائع ال يبرر االستجابة لطلب إيقاع الحجز لضمان أداء ثمن المبيع"‪ ،‬فإنه نتيجة لما ذكر يكون القرار معلال والسبب على غير‬
‫أساس"‪.‬‬
‫‪ - 1‬قرار عدد‪ 8/08 :‬المؤرخ في‪ 2016/01/05 :‬ملف مدني عدد‪ 2015/8/1/3796 :‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 2‬ينص الفصل ‪ 960‬من ق ل ع على انه‪:‬‬
‫" إذا كان الشيء أو الحق ألشخاص متعددين باالشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشياع فإنه تنشأ حالة قانونية تسمى الشياع أو شبه الشركة‪.‬‬
‫وهي إما اختيارية أو اضط اررية "‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وجوابا عن ذلك‪ ،‬فإن الغاية من إجراء حجز عقاري على حصة مشاعة في عقار‬
‫محفظ تتمثل في بيعها بالمزاد العلني الستيفاء مبلغ الدين من منتوج البيع بعد تقييد المشتري‬
‫الراسي عليه بالمزاد العلني بالرسم العقاري‪ .‬إذ إن البيع الجبري سيطال الحصة المشاعة‬
‫وحدها دون باقي الحصص المشاعة األخرى لكونها مملوكة ألشخاص آخرين غير المدين‪.1‬‬

‫وجدير بالذكر أن المشرع المغربي وإسوة بالقانونين المصري واللبناني منع باقي‬
‫الشركاء على الشياع من حق شفعة الحصة المبيعة بالمزاد العلني من يد المشتري الراسي‬
‫عليه المزاد بمقتضى المادة ‪ 302‬من مدونة الحقوق العينية التي تنص على ما يلي‪:‬‬

‫" إذا بيعت الحصة المشاعة في المزاد العلني وفق اإلجراءات المنصوص عليها في‬
‫القانون فال يجوز أخذها بالشفعة "‪.‬‬

‫وترتيبا على ذلك‪ ،‬فإن إيقاع حجز عقاري من طرف الدائن الحاجز ال يحول قانونا‬
‫دون طلب إجراء قسمة عينية قضائية من طرف أحد المالكين على الشياع‪ ،2‬أو إجراء قسمة‬

‫‪ - 1‬جاء في حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمراكش ما يلي‪:‬‬


‫" حيث ترمي الدعوى إلى إتمام إجراءات البيع وأمر المحافظ العقاري بتسجيل البيع بالمزاد العلني الواقع من طرف كتابة الضبط بتاريخ ‪28‬‬
‫مارس ‪ 2001‬بشأن المنزل موضوع النزاع‪ .‬وحيث اتضح للمحكمة من خالل الرجوع إلى محضر المزاد أن المدعيتين اشترتا الدار موضوع‬
‫الدعوى التي كانت موضوع حجز عقاري‪.‬‬
‫وحيث إنه باإلطالع على الشهادة العقارية المستخرجة من الصك العقاري عدد ‪ 20856‬م يتضح أن موروثة المدعى عليهم (‪ )...‬ال تملك في‬
‫العقار موضوع البيع سوى حقوقا مشاعة قدرها ‪ 34‬من أصل ‪.60‬‬
‫وحيث إن العقد العرفي المؤرخ في ‪ 10‬يوليوز ‪ 1984‬والتي تدعي المدعيتان أن المسماة (‪ )...‬المالكة على الشياع في الصك العقاري‬
‫المذكور باعت نصيبها على الشياع للمسماة (‪ )...‬هذا العقد ليس تاما وإنما علق طرفاه إتمامه على دفع بقية الثمن وتوقيع العقد النهائي وهو‬
‫األمر الذي لم يثبت للمحكمة‪ .‬وحيث إن ورثة الهالكة (‪ )...‬ملزمين بوصفهم خلفا عاما للهالكة المذكورة بإتمام إجراءات البيع التي تمت بالمزاد‬
‫العلني وذلك بتسجيل إراثة الهالكة بالصك العقاري لتتمكن المدعيتان من تسجيل حقوقهما بالصك المذكور‪.‬‬
‫وحيث يتعين التصريح أن البيع بالمزاد العلني الذي اشترت المدعيتان بمقتضاه الدار موضوع الدعوى لم ينصب سوى على جزء شائع قدره ‪34‬‬
‫على ‪ 60‬باعتبار ما للغير من حقوق على العقار المذكور‪.‬‬
‫وحيث ينبغي ألجل ما ذكر التزام المدعى عليهم (‪ )...‬بإتمام إجراءات البيع بخصوص الصك العقاري المذكور وفقا لما ذكر أعاله"‪.‬‬
‫‪ -‬حكم عدد ‪ 7469‬صادر بتاريخ ‪ 3‬يوليوز ‪ 1995‬في الملف رقم ‪ 94/3090‬غير منشور ‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاء في قرار لمحكمة النقض عدد ‪ 346‬صادر بتاريخ ‪ 23‬يونيو ‪ 2015‬في الملف المدني عدد ‪ 2014/4/1/2172‬منشور بمجلة‬
‫محكمة النقض – العدد ‪ – 80‬سنة ‪ 2015‬ما يلي‪:‬‬
‫" من المقرر فقها أن شرط قسمة القرعة تماثل المقسوم ومتى تعددت العقارات أفرد كل نوع وال تجمع إال إذا تساوت قيمة ورغبة وتقاربت‪.‬‬
‫والمحكمة لما صادقت على الخبرة مع إعمال القرعة عند التنفيذ رغم ما أثاره الطاعن من كونها جمعت بين عقارات مختلفة في القسمة وأفردت‬

‫‪79‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اتفاقية بين جميع المالكين بمن فيهم المدين المحجوز عليه‪ ،‬على اعتبار أن القسمة العينية‬
‫ال تنشىء حقوقا للمالكين على الشياع بشأن حق تملكهم الثابت قبل وقوع القسمة‪ ،‬وإنما‬
‫تكشف فقط عن وضع جديد للتملك باستقالل عن حالة الشياع القائمة بين الشركاء بالرسم‬
‫العقاري‪ ،‬أي يصبح الحق العيني لكل مالك على الشياع مفر از ومستقال عن الرسم العقاري‬
‫األصلي عن طريق إنشاء رسوم عقارية فرعية لجميع القطع أو الشقق المفرزة‪.1‬‬

‫وعليه فإن طلب إجراء قسمة قضائية من طرف المالكين على الشياع بشأن عقار‬
‫محفظ مثقل بحجز عقاري ال يخلو من فرضيتين ‪:‬‬

‫الفرضية األولى ‪ :‬أن يكون العقار المثقل بحجز عقاري قابال للقسمة العينية بين جميع‬
‫الشركاء‪ ،‬بحيث إن الحجز الجاري على الحصة المشاعة يدور معها وجودا وعدما‪ .2‬أي أنها‬
‫تبقى مثقلة به في حالة الشياع‪ ،‬ويتحول معها إلى الرسم العقاري الفرعي عند وقوع القسمة‬
‫العينية‪ ،3‬الشيء الذي تتحقق معه الحماية التشريعية التي قرر من أجلها الحجز العقاري‪ .‬كل‬

‫مجموعة منها لمشتاعين في جهة معينة وأفردت أخرى لمشتاعين آخرين‪ ،‬تكون قد خالفت مقتضيات المادة ‪ 317‬من مدونة الحقوق العينية‪،‬‬
‫والقواعد الفقهية المعمول بها في هذا المجال "‪.‬‬
‫‪ - 1‬تجدر اإلشارة إلى أن صدور حكم بقسمة عقار محفظ قسمة عينية ال ينتج أي أثر إال من تاريخ تسجيله بالرسم العقاري عمال بمبدأ‬
‫األثر اإلنشائي للتسجيل‪ .‬وعليه‪ ،‬يمكن القول إنه ولئن كان الحكم بالقسمة ذا طبيعة كاشفة‪ ،‬فإن وجوب تسجيله بالرسم العقاري لترتيب آثاره‬
‫يكتسي طبيعة منشئة الستخراج رسوم فرعية من الرسم العقاري األصلي‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي‪:‬‬
‫" ‪ ...‬لقد صح ما ع ابته الوسيلة على القرار‪ ،‬ذلك أن القسمة هي تمييز حق مشترك بفصله عن غيره وأن قسمة القرعة يحكم بها ويجبر عليها‬
‫من أباها إن انتفع كل واحد منهما بقسمة ولم يحصل ضرر لواحد منهما بذلك القسم‪ ،‬وأنه ال يجبر عليها من أباها إال إذا تماثل المقسوم‬
‫وتجانس وانتفع كل شريك انتفاعا متجانسا النتفاع الشريك اآلخر بحيث ال يكون لبعضهم على بعض زيادة على حظه لدخول كل شريك على‬
‫قيمة مقدرة ذرع معلوم وأن مؤدى القاعدة المذكورة أن يكون الجزء المفرز الذي يقع في نصيب الشريك مساويا لحقيقة الجزء الذي كان له في‬
‫المال المشاع وخاليا من أي تحمالت أو تفويتات رتبها عليه الغير‪ ،‬وبالرجوع إلى وثائق الملف يتجلى أن الطالب أثار أمام المحكمة أن الخبير‬
‫المعين من المحكمة لم يتأكد من كون المحالت التي أفرزها للطالب في تقريره قد تم تفويتها من طرف المطلوب ضده ووقع حجزها تنفيذيا‬
‫تأدية للديون المترتبة بذمته مما كان معه تخصيصها في حصة الطالب مكانيا مجحفا بحقه‪." ...‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 227‬صادر بتاريخ ‪ 26‬ماي ‪ 2005‬في الملف المدني عدد ‪ 2002-7-3235‬منشور بمجلة المنازعات العقارية من خالل‬
‫قضاء محكمة النقض لسنوات ‪ 2005 - 2000‬في القضايا المدنية والتجارية والجنائية واإلدارية ‪ -‬م س ‪ -‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 3‬نشير إلى أن العمل اإلداري لدى المحافظات العقارية كان يسمح بإمكانية طلب أحد أطراف الحكم أعاله تقييده جزئيا بالرسم العقاري‬
‫استنادا لتوجيهات المحافظ العام الواردة بالدورية عدد ‪ 271‬والمؤرخة في ‪ ، 1976/5/12‬والمذكرة رقم ‪ 677‬المؤرخة في ‪1980/04/30‬‬
‫وكذا الدورية عدد ‪ 306‬المؤرخة في ‪.1987/11/2‬‬

‫‪80‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ما هنالك أن الضرر الذي يمكن أن يلحق الدائن الحاجز يتجسد في تقليل الضمان المتوخى‬
‫من العقار المحجوز في حالة وقوع قسمة اتفاقية بين الشركاء على الشياع‪ ،‬نتيجة للتواطؤ‬
‫الذي يمكن أن يقع بين باقي الشركاء والمدين المحجوز عليه في جعل القطعة التي ستؤول‬
‫إلى هذا األخير ال تفي بتغطية الدين المضمون بحجز عقاري إض ار ار بالدائن الحاجز‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬اعتبرت محكمة النقض‪ 1‬في أحد ق ارراتها أن الطعن كالدعوى شرطه‬
‫المصلحة‪ ،‬وان الحجز التحفظي المدون على عقار محفظ غير مانع من قسمته بين أطرافه‬
‫وفق بياناته‪ ،‬دون حاجة لتوجيه الدعوى بحضور الحاجز طبقا للمادة ‪ 320‬من مدونة‬
‫الحقوق العينية باعتباره صاحب حق شخصي وليس عيني‪.‬‬

‫الفرضية الثانية ‪ :‬أن يكون العقار المثقل بحجز عقاري غير قابل للقسمة العينية بين‬
‫جميع الشركاء‪ ،‬لتعذر ذلك من الناحية القانونية‪ ،‬أو الواقعية‪ ،2‬الشيء الذي يضطر معه‬

‫غير أنه قد تم التراجع عن هذا التوجه بمقتضى دورية المحافظ العام عدد ‪ 356‬بتاريخ ‪ 21‬شتنبر ‪ 2006‬والمسجلة تحت رقم ‪ 4938‬الذي‬
‫جاء فيها ما يلي‪:‬‬
‫" ‪ ...‬ونظ ار ألن القسمة تفضي إلى خروج المتقاسمين من حالة الشياع واستقالل كل شريك بعقار أو جزء منه مفرز دون بقية شركائه‪ ،‬في‬
‫مقابل تخليه لهم عن حقوقه المشاعة في األمالك التي انفردوا بها من دونه‪ ،‬وهي بهذا المعنى تتضمن التزامات متقابلة ومترابطة بين‬
‫المتقاسمين‪ ،‬ويتوقف تنفيذ جانب منها على تنفيذ الجانب اآلخر ولذلك فإن التقييد الجزئي للقسمة يخا لف إرادة األطراف أو الغاية من الحكم‬
‫الصادر بالقسمة‪ ،‬مع العلم أن التقييد الهامشي المشار إليه في الدورية عدد ‪ 271‬هو مجرد تنبيه ال يستند على أي أساس‪ ،‬وال يرقى إلى مرتبة‬
‫التقييد المؤسس للحق العيني او الناقل له"‪.‬‬
‫‪ - 1‬قرار عدد ‪ 364‬صادر بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪ 2018‬في الملف المدني عدد ‪ 2016/4/1/6250‬منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض‬
‫لسنة ‪ 2018‬جاء فيه‪:‬‬
‫" إن الطعن كالدعوى شرطه المصلحة وان الحجز التحفظي المدون على عقار محفظ غير مانع من قسمته بين أطرافه وفق بياناته‪ ،‬والمحكمة‬
‫مصدرة القرار المطعون فيه لما اعتبرته كذلك في حق ال طاعنة وقضت بعدم قبول استئنافها الفرعي النتفاء مصلحتها في الطعن بعلة أن الحكم‬
‫المستأنف قد صدر بحضورها ولم يقض لفائدتها أو ضدها بشيء رغم أن توجيه الدعوى بحضورها غير الزم قانونا طبقا للمادة ‪ 320‬من‬
‫مدونة الحقوق العينية باعتبارها صاحبة حق شخصي وليس عيني‪ ،‬تكون قد استقامت على حكم القانون ولم تخرق أي مقتضى منه وعللت‬
‫قرارها تعليال كافيا "‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاء في قرار لمحكمة النقض عـدد ‪ 4/50 :‬المؤرخ فـي ‪ 2016/01/26 :‬ملف مدني عـ ــدد ‪ 2014/4/1/4380 :‬غير منشور ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫" لكن‪ ،‬حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ثبت لها من خالل الخبرة المنجزة أن المدعى فيه عبارة عن فيال‪ ،‬وأنه لذلك غير‬
‫قابل للقسمة العينية على الوصف الذي جاء به‪ ،‬وصارت إلى قسمة التصفية ببيعه بالمزاد انطالقا من الثمن االفتتاحي الذي اقترحه الخبير‪،‬‬
‫حيث ال يشترط في تقويم العقارات أن يتم بواسطة خبير مساح‪ ،‬تكون قد التزمت التطبيق السليم للقانون "‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الخبير المعين إلى اقتراح الثمن االفتتاحي لبيعه برمته بالمزاد العلني‪ ،1‬إذ ذاك سيتم توزيع‬
‫منتوج البيع على باقي المالكين على الشياع كل حسب األسهم التي يملكها في العقار المبيع‪،‬‬
‫ما عدا المدين المحجوز عليه الذي يبقى نصيبه من ثمن البيع مودعا بين يدي رئيس‬
‫مصلحة كتابة الضبط لفائدة الدائن الحاجز‪ ،‬وذلك ضمانا للمبلغ الجاري بشأنه الحجز‬
‫العقاري‪.2‬‬

‫وفي نفس السياق‪ ،‬فإن محكمة النقض‪ 3‬اعتبرت أن الرهن ال يمنع من قسمة المال‬
‫المشاع‪ ،‬إذ هو ال يشكل منازعة في أصل الملكية‪ ،‬وإنما هو حق عيني لضمان استيفاء‬
‫الدين من طرف الدائن المرتهن الذي يخول بمقتضى القانون حق تتبع العقار المرهون في‬
‫أي يد حائز له‪ .‬كما يبقى من حق الشريك المطالبة بإجراء قسمة التصفية في العقار المشاع‬
‫المرهون وعند إجراء البيع يخصم الدين المرهون من حصة المدين ويوزع الباقي على من‬
‫يستحقه من المتقاسمين‪.‬‬

‫وهكذا نخلص إلى القول إن الحجز العقاري ال يحول دون وقوع قسمة رضائية أو‬
‫قضائية‪ ،‬وال مجال بالتالي للتمسك بالدفع بالبطالن المنصوص عليه ضمن مقتضيات الفقرة‬

‫‪ -1‬جاء في قرار لمحكمة النقض عدد ‪ 434‬صادر بتاريخ ‪ 15‬شتنبر ‪ 2015‬في الملف المدني عدد ‪ 2014/4/1/3677‬منشور بمجلة‬
‫محكمة النقض – العدد ‪ – 80‬سنة ‪ 2015‬ما يلي‪:‬‬
‫" إن الثمن النهائي في البيوعات بالمزايدة تحدده هذه األخيرة‪ ،‬والمحكمة لما اعتبرته كذلك وردت طلب الطاعنين إجراء خبرة جديدة وقضت‬
‫بتأييد الحكم القاضي بقسمة التصفية مع اعتماد ثمن انطالق البيع المحدد من طرف الخبير تكون قد بنت قرارها على أساس قانوني وعللته‬
‫تعليال سليما "‪.‬‬
‫‪ - 2‬وقد عرضت نازلة مماثلة على المحكمة االبتدائية بمراكش تتعلق بطلب الحكم بقسمة عقار مملوك على الشياع مثقل بحجز عقاري‬
‫تحفظي بشأن حصة أحد الشركاء‪ ،‬فقضت ببيع المدعى فيه موضوع الرسم العقاري عدد ‪ ...‬انطالقا من الثمن االفتتاحي المحدد من طرف‬
‫الخبير وقدره ‪ ...‬درهم وتوزيع منتوج البيع بين الشركاء كل حسب منابه وجعل الصائر على النسبة‪.‬‬
‫‪ -‬حكم صادر بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪ 2007‬في الملف العقاري عدد ‪ 2007/9/57‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 3‬القرار عدد ‪ 525‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬شتنبر ‪ 2011‬في الملف الشرعي عدد ‪ 2010/1/2/373‬منشور بمجلة ملفات عقارية لمحكمة‬
‫النقض العدد ‪ 7‬جاء في حيثياته ما يلي‪:‬‬
‫" حيث صح ما عابه الطالبون على القرار‪ ،‬ذلك أنه من المقرر أن الرهن كحق عيني ال يعتبر منازعة في أصل الملكية ومن خصائصه أنه‬
‫يخول للدائن المرتهن حق تتبع العقار المرهون في أي يد حائز له‪ ،‬وفي حالة إجراء قسمة التصفية في المرهون المشاع يخصم الدين المرهون‬
‫من حصة المدين ويوزع الباقي على من يستحقه من المتقاسمين‪ ،‬والمحكمة التي قضت بعدم قبول طلب قسمة الرسم العقاري موضوع الدعوى‬
‫بعلة أنه مثقل برهون في حين أن الرهن ال يمنع من القسمة حسبما ذكر‪ ،‬تكون قد جردت قضاءها من األساس ولم تعلله تعليال سليما مما‬
‫يعرض قرارها المطعون فيه للنقض "‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫األخيرة من الفصل ‪ 453‬من ق م م من طرف الدائن الحاجز على حصة مشاعة في رسم‬
‫عقاري‪ ،‬وذلك بعد وقوع البيع بالمزاد العلني تنفيذا للحكم القاضي بقسمة التصفية على أساس‬
‫الثمن االفتتاحي المقترح من طرف الخبير‪ ،‬بدليل أن البيع المتحدث عنه تشريعيا في هذا‬
‫النص هو التفويت الرضائي الذي يبرمه المدين المحجوز عليه بعوض أو بدون عوض‪ ،‬رغم‬
‫وجود حجز عقاري إض ار ار بالدائن الحاجز‪ ،‬في حين أن البيع بالمزاد العلني الذي أجري‬
‫بشأن العقار المحجوز قد تم جب ار على جميع المالكين على الشياع بمن فيهم المدين‬
‫المحجوز عليه وتحت إشراف القضاء‪ ،‬أي أن نية اإلضرار بالدائن الحاجز منتفية أصال‬
‫النعدام عنصر إرادة المدين المحجوز عليه في حصول البيع الجبري الذي وقع تنفيذا لحكم‬
‫قضائي‪.‬‬

‫ومؤيدنا في ذلك‪ ،‬أن تقييد محضر إرساء المزاد العلني بعد صيرورته نهائيا من قبل‬
‫المحافظ‪ ،‬يطهر العقار من جميع االمتيازات والرهون وال يبقى للدائنين إال الحق على الثمن‬
‫عمال بمقتضيات المادة ‪ 220‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬أي أن مصلحة الدائن الحاجز في‬
‫التمسك بالدفع ببطالن البيع الجبري منعدمة‪ ،‬طالما أن حقه الشخصي المضمون بتقييد‬
‫مؤقت‪ -‬حجز عقاري ‪ -‬ينتقل إلى الثمن المودع بين يدي رئيس مصلحة كتابة الضبط‪،‬‬
‫وتكون بالتالي الحماية التشريعية في استيفاء حقه قد تحققت من جراء الحجز العقاري الجاري‬
‫بشأن العقار المحجوز دون مباشرته شخصيا إلجراءات البيع بالمزاد العلني أو تحمله‬
‫للمصاريف القضائية‪.‬‬

‫غير أن القسمة الرضائية ال تكون نافذة بين األطراف إال إذا صادق عليها جميع‬
‫أصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار عمال بمقتضيات المادة ‪ 321‬من مدونة‬
‫الحقوق العينية‪ .‬بل ويحق للدائنين التدخل في القسمة العينية أو قسمة التصفية للحيلولة دون‬
‫وقوع ضرر لهم‪ ،‬بل لهم أن يعارضوا في إجرائها بدون حضورهم‪ .‬فإذا وقعت مثل هذه‬
‫المعارضة وأجرى الشركاء القسمة بالرغم من ذلك‪ ،‬كان للدائنين المعارضين الحق في طلب‬

‫‪83‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إبطال القسمة الجارية في غيابهم‪ 1‬تطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 1085‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،2‬وإجراء‬
‫تقييد احتياطي لمقال الدعوى المذكورة على جميع الرسوم العقارية الفرعية التي استقل بها كل‬
‫متقاسم لضمان استيفاء حقهم من ثمن بيع الحصة المشاعة في العقار األصلي في حالة‬
‫صدور حكم نهائي يقضي بإبطال القسمة‪ .3‬إضافة إلى أن المشرع أجاز بالمقابل للمتقاسمين‬
‫أو ألي واحد منهم إيقاف دعوى إبطال القسمة بدفع الدين إلى المدعي أو بإيداع المبلغ الذي‬
‫يطالب به عمال بمقتضيات الفصل ‪ 1086‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫‪ - 1‬جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي‪:‬‬


‫" … حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك أنه اعتمد في قضائه على أن " القسمة ال تستلزم اإلدالء برفع اليد عن الحجوز والرهون إذ‬
‫أن حقوق الدائنين تبقى مسجلة بالرسم العقاري وتنتقل إلى األنصبة التي آلت إلى المدينين وأن الحكم المستأنف لم يأمر بالتشطيب على‬
‫اإلنذارات والحجوز المتخذة ضد حقوق المدينين وإنما أمر بنقلها إلى الحقوق التي آلت إليهم "‪ .‬في حين أن الطاعن ليس طرفا في دعوى‬
‫القسمة ولم يكن ممثال في عقد الصلح المبرم بين الشركاء بشأن القسمة الرضائية التي صادق عليها الحكم الصادر في تلك الدعوى تحت عدد‬
‫‪ 5760‬بتاريخ ‪ 1998/6/32‬مع أنه صاحب حجز تحفظي على حقوق بعض الشركاء في عقار النزاع موضوع الرسم العقاري عدد ‪3592‬‬
‫س‪ .‬وأن أموال المدين ضمان عام لدائنيه طبقا للفصل ‪ 1241‬من قانون االلتزامات والعقود وأنه بمقتضى الفصل ‪ 453‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية يمنع على المدين التصرف في العقارات المحجوزة تحفظيا تصرفا يضر بدائنيه وأن القرار المطعون فيه عندما اعتمد القسمة المذكورة‬
‫وقضى بنقل الحجز التحفظي إلى األنصبة التي آلت إلى المدينين دون أن يبين ما إذا كانت القسمة قد ألحقت ضر ار بالطاعن أم ال فهو لم‬
‫يجعل لما قضى به أساسا وكان معلال تعليال ناقصا يوازي انعدامه مما عرضه للنقض واالبطال‪."...‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 3519‬بتاريخ ‪ 2005/12/28‬ملف مدني عدد ‪ 2003/1/1/582‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد ‪ – 67‬سنة‬
‫‪ – 2007‬ص ‪.38‬‬
‫‪ - 2‬جدير بالذكر أن محكمة النقض ميزت بين دعوى القسمة التي ال تتقادم‪ ،‬وبين دعوى إبطال القسمة التي تتقادم طبقا للقواعد العامة‬
‫حسبما ورد في حيثيات أحد ق ارراتها كما يلي‪:‬‬
‫" إن المحكمة لما استبعدت الدفع بالتقادم بعلة أن دعوى القسمة ال تتقادم استنادا إلى الفصل ‪ 781‬من ق‪.‬ل‪.‬ع في حين أن موضوع الدعوى‬
‫ليس طلب القسمة‪ ،‬وإنما هو طلب إبطال محضر مقاسمة وهي خاضعة للتقادم طبقا للقواعد العامة‪ ،‬فإنها تكون قد عللت قرارها تعليال فاسدا "‪.‬‬
‫_ القرار عدد ‪ 42‬الصادر بتاريخ ‪ 03‬فبراير ‪ 2015‬في الملف الشرعي عدد ‪ – 2014/1/2/301‬منشور بمجلة النشرة المتخصصة – العدد‬
‫‪ – 22‬سنة ‪.2015‬‬
‫‪ - 3‬جاء في قرار لمحكمة النقض الق ـرار عـدد ‪ 4/13 :‬المؤرخ فـي ‪ 2016/01/12 :‬ملف مدني عـ ــدد ‪ 2014/4/1/3932 :‬غير‬
‫منشور ما يلي‪:‬‬
‫" لكن‪ ،‬حيث إن شرط صحة القسمة االتفاقية أن تكون برضا جميع األطراف‪ ،‬والبين من عقد القسمة العرفي والمطلوب إبطاله أنه أنجز من‬
‫طرف ورثة (‪ )...‬دون بيان لباقي األط ارف المشتاعة وال توكيل من ابرم العقد باسمهم‪ ،‬والحال أن صفتهم كمشتاعين ثابتة بنفس العقد‪،‬‬
‫والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما أيدت الحكم االبتدائي القاضي بإبطال عقد القسمة الرضائي لعدم انجازه من جميع المشتاعين‪ ،‬تكون‬
‫قد استقامت على حكم القانون‪ ،‬فكان ما بالوسيلة على غير أساس "‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الوجود القانوني لحق الشفيع‬

‫ت تجسد إشكالية الوجود القانوني للحق محل التقييدات المؤقتة من خالل مسألة امتناع‬
‫المشتري لحصة مشاعة من تقييد شرائه قصد اإلضرار بالشفيع وحرمانه من ممارسة حقه في‬
‫الشفعة‪ ،‬ومن ثمة فهل لهذا األخير مقاضاة المشتري إلجباره على تقييد شرائه؟ وإلى أي حد‬
‫يمكن اعتبار هذا الموقف الصادر عن المشتري تعسفا في استعمال الحق؟‬

‫جوابا عن ذلك‪ ،‬وبصرف النظر عن الخالف الفقهي والقضائي السائد حول هذه‬
‫اإلشكالية‪ ،‬فإن محكمة االستئناف بالرباط سبق لها أن اعتبرت في قرار لها أنه "ال يمكن‬
‫للمشتري على الشياع أن يمس بالمبدأ المطلق لتقييد الحقوق باعتراضه على تقييد عقد شرائه‬
‫الذي يطلبه منه الشفيع بعلة أن عقد الشراء ال يعتبر هذا األخير طرفا حتى يلزمه بالتقييد‪،‬‬
‫وأضافت أن المشتري باستعماله حقه في عدم تقييد شراءه إض ار ار بالشفيع بدون أية مصلحة‬
‫مشروعة‪ ،‬يكون قد ارتكب تعسفا يتحمل مسؤوليته بناء على الفصل ‪ 94‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪،‬‬
‫وخلصت إلى القول بانه على المحاكم أن تضع حدا لهذا التعسف واألمر بالتقييد تحت طائلة‬
‫غرامة تهديدية"‪.1‬‬

‫ويالحظ من خالل مضمون هذا القرار أن الوجود القانوني لحق الشفعة قد كرسه‬
‫المشرع المغربي صراحة من خالل المادة ‪ 292‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬حيث اعتبره بأنه‬
‫الحق الثابت للمالكين على الشياع في استرداد الحصة المبيعة‪ ،‬وأن ممارسة هذا الحق عن‬
‫طريق إعالن الرغبة وعرض الثمن وإيداعه بصندوق المحكمة‪ ،‬يجعل دعوى الشفعة في‬

‫‪ - 1‬قرار محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 1946‬عدد ‪ 2850‬منشور بمجلة ق اررات محكمة االستئناف بالرباط – ‪-1930‬‬
‫‪ -1945 -1944 * 1932‬تعريب محمد العربي المجبود سنة ‪ – 1986‬ص‪ .573‬ومما جاء فيه‪:‬‬
‫"‪ ...‬وحيث ال يجوز للمسمى (‪ )..‬أن يحول دون هذا المبدأ األساسي باعتراضه على التقييد الذي يطلبه المسمى (‪ ...)..‬وأنه يجب الحكم أن‬
‫المسمى (‪ )..‬باستعماله حقه إض ار ار بالمسمى (‪ )..‬بدون أية مصلحة مشروعة‪ ،‬بل بالعكس من ذلك‪ ،‬مع ما يواكب هذا التصرف من أخطار‬
‫بيع ثان من طرف البائع له وذلك بقصد اإلضرار الصريح‪ ،‬ارتكب "تعسفا" يتحمل مسؤوليته بناء على الفصل ‪ 94‬من ظ‪.‬أ‪.‬ع‪ ،‬وأن على‬
‫المحاكم أن تضع حدا لهذا التعسف واألمر بالتقييد تحت طائلة الغرامة التهديدية "‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مواجهة المشفوع منه المقيد بالرسم العقاري‪ 1‬دعوى عينية عقارية عمال بمقتضيات المادة ‪12‬‬
‫من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬ويحق بالتالي للشفيع تقييد مقال دعوى الشفعة تقييدا احتياطيا‬
‫بالرسم العقاري يبقى مفعوله ساريا إلى حين صدور حكم نهائي باستحقاق الشفعة أو عدم‬
‫استحقاقها‪ .‬ومن ثم فإن الشفعة هي مجرد رخصة للتوصل إلى كسب حق الملكية بشروط في‬
‫أحوال مخصوصة‪ ،‬وهذه اإلباحة ال تنتج حقا إال إذا استعملت‪ ،2‬وحينئذ يمكن القول فال يتولد‬
‫حق عيني للشفيع بمجرد البيع‪ ،‬وإنما يتولد هذا الحق عن طلب الشفيع باألخذ بالشفعة‬
‫والقضاء له به‪.‬‬

‫غير أن الوجود القانوني للحق محل التقييد المؤقت بالرسم العقاري يمكن أن يتعلق استثناء‬
‫بحق سابق على تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬حينما يتعلق األمر بقيام طالب التحفيظ بتفويت العقار‬
‫أثناء مسطرة التحفيظ‪ ،‬ولم يبادر المشتري إلى إيداع شرائه بسجل التعرضات وفق الفصل ‪84‬‬
‫من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬من أجل الحفاظ على رتبته أثناء تأسيس الرسم العقاري‪ .‬إذ إن قرار‬
‫التحفيظ في هذه الحالة يصدر بخصوص العقار بأكمله وباسم طالب التحفيظ ويؤسس له رسم‬
‫عقاري يدعى بالرسم العقاري األصلي‪ ،3‬ويليه مباشرة تأسيس رسم عقاري جزئي يستخرج من‬

‫‪ - 1‬جاء في قرار عدد ‪ 471‬صادر بتاريخ ‪ 29‬شتنبر ‪ 2015‬في الملف المدني عدد ‪ 2015/4/1/673‬منشور بمجلة محكمة النقض –‬
‫العدد ‪ – 08‬سنة ‪ 2015‬ما يلي‪:‬‬
‫"من المقرر قانونا أنه ال تؤخذ الحصة المشفوعة إال من يد المشتري المقيد بالرسم العقاري‪ ،‬ولما كان الطاعن قد أقام دعوى الشفعة ضد من‬
‫كان مقيدا بالرسم العقاري وقت تقديمها بغض النظر عما لحق به من تفويتات‪ ،‬فإن المحكمة عندما ردت طلبه بالنظر إلى تفويت المشفوع منه‬
‫للشقص المشفوع بعد إقامة دعوى الشفعة عليه‪ ،‬تكون قد خرقت القانون وعللت قرارها تعليال فاسدا "‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاء في قرار لمحكمة النقض عدد ‪ 145‬الصادر بتاريخ ‪ 24‬فبراير ‪ 2015‬في الملف المدني عدد ‪ 2014/3/1/5049‬منشور بمجلة‬
‫قضاء محكمة النقض – عدد ‪ – 79‬سنة ‪ 2015‬ما يلي‪:‬‬
‫"يتعين على الشفيع أن يثبت شركته على الشياع في المال الذي يطلب شفعته وقت بيع شريكه لحصته فيه وبقائه شريكاً إلى حين تقديمه طلب‬
‫الشفعة‪ ،‬ويمكن إثبات ذلك ولو بشهادة عدلين أو ما يقوم مقامهما أو بوثيقة ميراث تثبت الشياع في المال العقاري باإلرث عن موروثه مع‬
‫البائع للمشفوع منه"‪.‬‬
‫‪ - 3‬جاء في قرار عدد ‪ 388‬صادر بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪ 2015‬في الملف المدني عدد ‪ 2014/3/1/2169‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض –‬
‫العدد ‪ 80‬ما يلي‪:‬‬
‫"لما كانت األبنية المشيدة على العقار قد تم تحفيظها في اسم من قام بها‪ ،‬فإن ملكيتها له كحق سطحية تكون مستقلة عن العقار ذاته كأرض‬
‫عارية‪ .‬والمحكمة لما اعتبرت أن التجديد بالبناء في ملك شائع يطبق فيه حكم الفصل ‪ 963‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬دون أن تناقش تحفيظ الطالب‬
‫للبناءات المحدثة من طرفه على أرض شائعة والذي يضفي على ملكيته لها صبغة قطعية ونهائية باعتباره حق سطحية‪ ،‬تكون قد عللت قرارها‬
‫تعليالً ناقصاً ينزل منزلة انعدامه"‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ذلك األصلي أو رسوم عقارية جزئية إن كانت التفويتات تتعلق بعدة قطع تهم تجزئة عقارية‪ ،‬أو‬
‫شقق وطوابق بالعمارة المحدثة على هذا العقار في إطار نظام الملكية المشتركة‪ ،‬أو قسمة‬
‫اتفاقية أبرمت بين الشركاء طالبي التحفيظ إلنهاء حالة الشياع القائمة بينهم‪.‬‬

‫ذلك‪ ،‬أن إمكانية القول بوجود هذا االستثناء غير التشريعي الذي أقره قضاء محكمة‬
‫النقض في هذا اإلطار يحقق طبعا العدالة المتوخاة من النص القانوني إلضفاء الحماية على‬
‫التصرفات المبرمة بين األطراف المتعاقدة‪ ،‬ويجسد وظيفتها األساسية ودورها في موائمة‬
‫النصوص القانونية مع واقع النزاع المعروض عليها‪ ،‬وتحقيق االنسجام والتكامل بين مختلف‬
‫المقتضيات التشريعية‪ ،‬انطالقا من حرصها على التطبيق السليم للقانون وتوحيد االجتهاد‬
‫القضائي بين محاكم المملكة‪.‬‬

‫لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الشأن يتعلق بمدى إمكانية طلب تقييد مقال‬
‫الدعوى الرامية إلى إتمام إجراءات البيع تقييدا احتياطيا بالرسم العقاري؟ وجوابا عن ذلك‪،‬‬
‫نميز بين حالتين‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬إذا وقع تفويت العقار الذي تم تحفيظه وانتقلت ملكيته في الرسم العقاري‬
‫إلى الغير‪ ،‬فإن الدعوى برمتها أصبحت فاقدة لألساس القانوني ألنها وجهت ضد شخص‬
‫غير ذي صفة في النزاع وأجنبي عن العقد الرابط بين المشتري والبائع طالب التحفيظ‪ ،‬وال‬
‫يبقى للمشتري سوى الحق في رفع دعوى شخصية بالتعويض شريطة إثبات التدليس‬
‫المنصوص عليه في الفصل ‪ 64‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬إذا ظل العقار المحفظ في اسم طالب التحفيظ الذي باع العقار‬
‫للمشتري الذي لم يودع شراءه أثناء مسطرة التحفيظ‪ ،‬فإنه ليس هناك أي مانع قانوني يحول‬
‫دون تقييد مقال الدعوى احتياطيا بالرسم العقاري‪ ،‬طالما أنه قد فوت العقار للمشتري الذي‬
‫يعتبر خلفا خاصا له أثناء سريان مسطرة التحفيظ أو بعد تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬بدليل أن‬

‫‪87‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إجراء اإليداع المنصوص عليه في الفصل ‪ 84‬قد شرع لمصلحة المشتري في حفظ رتبته‬
‫ضمن باقي التقييدات األخرى التي يمكن أن ترد على مطلب التحفيظ‪ ،‬وال يمكن لطالب‬
‫التحفيظ أن يستفيد من "النهائية" التي يتمتع بها قرار التحفيظ في مواجهة خلفه الخاص‪.‬‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬إذا أقر الخلف العام بعد التحفيظ لفائدة الغير بحق أنشأه الموروث لهذا‬
‫المَق ِر له‪.‬‬
‫الغير يعتبر إنشاء لعقد جديد يرتب آثاره لفائدة ُ‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬كرست محكمة النقض‪ 1‬هذا التوجه في أحد ق ارراتها معتبرة أن‬
‫المحكمة لما نظرت إلى العقد المبرم بين موروث الطاعنتين والمطلوب األول والمتعلق ببيع‬
‫قطعة أرضية موصوفة به‪ ،‬واعتبرت أن إقرار الطاعنتين بالعقد المذكور طلبا لترتيب آثاره‬
‫بعد تحفيظ العقار في اسم الموروث‪ ،‬يعتبر إنشاء لعقد جديد ورتبت آثاره لفائدة الم ِ‬
‫قر له‬ ‫ُ‬
‫وقضت بما جرى به منطوق قرارها‪ ،‬تكون قد التزمت القاعدة المذكورة أعاله وبنت قضاءها‬
‫على أساس سليم وعللته تعليال كافيا‪.‬‬

‫غير أننا نجد أن للمحافظ العام‪ 2‬رأيا آخر ورد بمناسبة طلب إبداء وجهة نظره في شأن‬
‫الطلبات المقدم ة إلى المحافظين‪ ،‬والرامية إلى تقييد عقود طالها التطهير بفعل مسطرة‬
‫التحفيظ بناء على مقتضيات الفصلين ‪ 1‬و‪ 62‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬بعد تصحيحها‬
‫برضى األطراف‪ ،‬أو بواسطة أحكام قضائية نهائية‪ .‬ذلك‪ ،‬أنه ميز بين األحكام القضائية‪،‬‬
‫واتفاق األطراف على الشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -1‬األحكام القضائية‪ :‬فهي ال يمكن تقييدها من طرف المحافظ استنادا إلى أن‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 306‬من قانون االلتزامات والعقود والتي تقضي أن االلتزام يعد باطال بقوة‬
‫القانون إذا قرر القانون في حالة خاصة بطالنه‪ ،‬وما دامت المادة ‪ 1‬من ظهير التحفيظ‬

‫‪ - 1‬القرار عدد ‪ 764‬الصادر بتاريخ ‪ 11‬دجنبر ‪ 2018‬في الملف المدني عدد ‪ 2018/4/1/2384‬منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة‬
‫‪.2018‬‬
‫‪ - 2‬رسالة المحافظ العام عدد ‪ 428‬بتاريخ فبراير ‪.2004‬‬

‫‪88‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫العقاري قد نصت صراحة على بطالن الرسوم غير المصرح بها أثناء سريان مسطرة‬
‫التحفيظ‪ ،‬فإن االلتزام الباطل ال ينتج أث ار وال يمكن تصحيحه ولو بواسطة أحكام قضائية‪.‬‬

‫‪ -2‬اتفاق األطراف‪ :‬يمكن لنفس األطراف أن ينشئوا التزاما جديد الحقا لتاريخ اتخاذ‬
‫قرار التحفيظ بشأن نفس العقار الذي أصبح محفظا‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يطال االتفاق الجديد‬
‫مبدأ التطهير‪ ،‬ويمكن تقييده من طرف المحافظ طالما أنه مطابق للوضعية الجديدة للعقار‬
‫المعني‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن محكمة النقض كرست التوجه القائل بسريان قاعدة التطهير في‬
‫مواجهة الجميع بمن فيهم خلف البائع حسبما هو واضح من خالل حيثيات أحد ق ارراتها كما‬
‫يلي‪:‬‬

‫"ال يجوز االحتجاج بحق عيني سابق لم يسجل على الرسم العقاري خالل مرحلة‬
‫التحفيظ‪ .‬والمحكمة قضت بعدم قبول طلب صحة رسم الشراء‪ ،‬بعلة أن قاعدة تطهير العقار‬
‫بتحفيظه قاعدة مطلقة تسري على الجميع بمن فيهم خلف البائع‪ ،‬يكون قرارها مرتك از على‬
‫أساس قانوني ومعلال تعليال سليما "‪.1‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬اكتمال الحق وقت إجراء التقييدات المؤقتة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط اكتمال الحق الشخصي‬

‫تقتضي المحافظة على الحق عن طريق التقييدات المؤقتة‪ ،‬أن يكون نشوء الحق‬
‫المتعلق بالرسم العقاري كامال وقت إجراء التقييد المؤقت بالرسم العقاري‪ ،‬أما إذا كان محتمل‬
‫الوجود فال مجال إلجراء التقييد المؤقت بشأنه حتى ال يشكل أية عرقلة لوضعية الرسم‬

‫‪ - 1‬القرار عدد ‪ 37‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬يناير ‪ 2015‬في الملف المدني عدد ‪ 2014/1/1/2812‬منشور بمجلة النشرة المتخصصة لمحكمة‬
‫النقض– عدد ‪ – 21‬سنة ‪.2015‬‬

‫‪89‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫العقاري‪ .‬ومن ثم فإن إيقاع حجز تحفظي على عقار محفظ يتم لضمان دين محقق أو له ما‬
‫يرجح جديته وتحققه‪ ،‬وهو األمر الذي أكدته محكمة النقض في أحد ق ارراتها كما يلي‪:‬‬

‫"‪ ...‬إن المحكمة حين رفضت طلب المحجوز عليهم برفع الحجز الواقع على عقارهم‬
‫معللة ذلك أن شبهة المديونية تحوم بالقضية وأن طالبة الحجز تعتبر نفسها مغبونة وأعطت‬
‫أكثر مما أخذت وأن مهمة القانون الحرص على إقامة تكافؤ بين المتعاقدين‪ ،‬في حين أن‬
‫الحجز التح فظي يفترض وجود دين له ما يرجح جديته وتحققه‪ ،‬بينما الحجز المطلوب رفعه‬
‫إنما اتخذ لضمان ما قد تحكم به محكمة الموضوع من تعويض مترتب عن حقوق مازالت‬
‫موضع منازعة أمام المحكمة‪ ،‬مما يفيد أن الدين المراد المحافظة على الوفاء به بالحجز‬
‫مازال مجرد ادعاء ولم يقم عليه ما يثبت صحته وحقيقته وبالتالي تكون المحكمة قد خرقت‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 452‬من ق م م وعرضت قضاءها للنقض"‪.1‬‬

‫غير أن تحقق الدين أو توافر ما يرجح جديته‪ ،‬يطرح إشكاال قضائيا من حيث المعيار‬
‫المعتمد العتبار الدين مطابقا للمواصفات المذكورة‪ .‬أو بعبارة أوضح‪ ،‬فهل مجرد تقديم مقال‬
‫للدعوى الرامية إلى األداء كاف لطلب إيقاع حجز تحفظي على عقار محفظ‪ ،‬أم يشترط‬
‫إرفاق طلب الحجز المذكور بالوثائق المثبتة للمديونية أو ما يرجح تحققها إلى جانب مقال‬
‫األداء؟‬

‫تجيبنا في هذا السياق محكمة االستئناف التجارية بمراكش في أحد ق ارراتها كما يلي‪:‬‬
‫"‪ ...‬إن ما بنت عليه المستأنفة استئنافها ال يرتكز على أي أساس ذلك أن الحجز لدى الغير‬
‫يختلف عن الحجز التحفظي الذي يمكن إيقاعه استنادا على مقال الدعوى أو الفواتير أو‬

‫‪ - 1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 337‬صادر بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪ 1990‬في الملف المدني عدد ‪ – 89/359‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض في‬
‫المادة المدنية – الجزء الثاني – ‪ – 1991 -1983‬ص ‪.619‬‬

‫‪90‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غيرها من الوثائق التي قد تشكل حجة إلثبات الدين‪ ،‬أما حجز ما للمدين لدى الغير فإن‬
‫المشرع قد اشترط من أجل االستجابة إليه أن يكون الدين ثابتا بموجب سند أو اعتراف"‪.1‬‬

‫وقد أكدت نفس المحكمة أعاله في قرار آخر أن المشرع لم يشترط أن يكون الدين محل‬
‫الحجز التحفظي ثابتا أي محدد المقدار‪ ،‬ولكن يكفي أن يكون عنصر شبهة المديونية متواف ار‬
‫بدليل أن الحجز التحفظي يصدر على ضوء دين يحدد مبلغه على وجه التقريب طبقا للفصل‬
‫‪ 452‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.2‬‬

‫ويظهر من خالل ذلك‪ ،‬أن الحجز التحفظي يمكن طلب إيقاعه استنادا على مجرد‬
‫تقديم مقال باألداء المرفوع إلى محكمة الموضوع ضد المدين‪ ،‬ويعتبر هذا األخير حجة كافية‬
‫على وجود شبهة المديونية التي يمكن أن تترتب في ذمة المدين‪ ،‬لكون المنازعة بين الدائن‬
‫والمدين أضحت جدية طالما أنها أصبحت معروضة على القضاء‪.‬‬

‫غير أن هناك رأيا آخر للعمل القضائي ذهب إلى اشتراط إرفاق طلب الحجز التحفظي‬
‫بالوثائق المثبتة للمديونية‪ ،‬إضافة إلى مقال دعوى األداء‪ ،‬واعتبر أن االقتصار على إرفاق‬
‫الطلب بنسخة من مقال األداء ال يكفي وحده إليقاع الحجز التحفظي‪ .‬وهذا ما ورد في أمر‬
‫صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بمراكش صرح بمقتضاه بعدم قبول طلب إجراء حجز‬
‫تحفظي على العقار المحفظ للمدين‪ ،‬بعلة عدم إثبات طالب الحجز العقاري لمديونية‬
‫المطلوب الحجز على عقاره‪ ،‬معتب ار أن المقال الرامي إلى األداء ال ينهض وحده إلثبات‬
‫المديونية حتى يمكن االستجابة للطلب أعاله‪.3‬‬

‫ويستفاد من هذا االتجاه القضائي أنه قد اشترط ثبوت المديونية فقط إليقاع حجز‬
‫تحفظي على عقار محفظ‪ ،‬ولم يلتفت إلى توافر ما يرجح تحقق الدين كما هو الشأن في‬

‫‪ - 1‬قرار عدد ‪ 500‬صادر بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 2001‬في الملف رقم ‪ 2001/714‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 2‬قرار عدد ‪ 904‬صادر بتاريخ ‪ 28‬مارس ‪ 1998‬في الملف التجاري عدد ‪ 98/420‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 3‬أمر صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بمراكش بتاريخ ‪ 20‬نونبر ‪ 2006‬في الملف عقود مختلفة رقم ‪ 2006/7/8849‬غير منشور‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫النازلة أعاله‪ ،‬أو بعبارة أخرى فإن عنصر شبهة مديونية المدين متوافر بشكل قاطع من‬
‫خالل مقال دعوى األداء سواء كانت مرفقة بالوثائق المعززة لثبوت الدين من عدمه‪ ،‬مادامت‬
‫محكمة الموضوع هي التي لها الصالحية في إنذار الطرف المدعي باإلدالء بما يفيد‬
‫المديونية‪ ،‬بل إنه يمكن أن يكون المقال مجردا من أية وثيقة عند وضعه بصندوق المحكمة‬
‫ثم يبادر المدعي إلى اإلدالء بالوثائق بالجلسة التي سيدرج فيها الملف‪ ،‬أو عندما يطلب منه‬
‫ذلك من طرف المحكمة‪ .‬هذا إضافة إلى أنه في حالة تمسك المدعى عليه باإلنكار ألي دين‬
‫في ذمته يمكن للمدعي طلب توجيه اليمين الحاسمة إلنهاء النزاع قضائيا‪.1‬‬

‫ونعتقد أن ما ذهب إليه بعض العمل القضائي ليس له ما يسوغه من الناحية القانونية‪،‬‬
‫لكونه تطاول على اختصاص قضاء الموضوع حينما اشترط ثبوت الدين إليقاع الحجز‬
‫التحفظي على العقار المحفظ‪ ،2‬ال سيما إذا علمنا أن اإلجراء المطلوب هو إجراء تحفظي‬
‫فقط وليس غاية في حد ذاته‪ ،3‬وعلى من تضرر منه سلوك إجراءات رفعه من طرف القضاء‬
‫االستعجالي‪ 4‬لكونه يشكل عرقلة لتصرف الملك في حق ملكية العقار المحجوز‪ ،‬ومطالبة‬

‫‪ - 1‬جاء في قرار لمحكمة النقض عدد ‪ 1211‬صادر بتاريخ ‪ 6‬مارس ‪ 2012‬في الملف المدني عدد ‪ 2011/2/1/1377‬منشور بمجلة قضاء‬
‫محكمة النقض عدد ‪ 76‬ما يلي‪:‬‬
‫"اليمين الحاسمة ملك لألطراف‪ ،‬وال سلطة للمحكمة في استيفائها‪ ،‬بعد توجيهها ممن طلبها من األطراف‪ ،‬مادام من وجهها ال يتوفر على الدليل‬
‫المطلوب قانونا إلثبات حقوقه‪ .‬والمحكمة لما قضت بأنه ال مجال لالستجابة لطلب اليمين الحاسمة‪ ،‬ألنها تنطوي على التعسف في استعمال‬
‫الحق‪ ،‬تكون قد خرقت القانون ألن القواعد المنظمة لليمين الحاسمة‪ ،‬واستيفائها ال ترتبط بشرط التعسف "‪.‬‬
‫‪ - 2‬ومع ذلك‪ ،‬نجد نفس الجهة القضائية تسمح باالستجابة لطلب إيقاع حجز تحفظي بناء على مجرد شكاية مقدمة إلى النيابة العامة ضد‬
‫المشتكى به‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لألمر عدد ‪ 2016‬الصادر عن رئيس المحكمة االبتدائية بمراكش بتاريخ ‪ 28‬أبريل ‪ 1992‬في الملف‬
‫عقود مختلفة عدد ‪ 92/1961‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ – 3‬جاء في أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء ما يلي‪:‬‬
‫"حيث إن الحجز التحفظي المأمور بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪ 1999‬في الملف عدد (‪ )..‬قضى بإجراء حجز على جميع منقوالت المدعية لدى سبع‬
‫شركات معتمدا حسب ما أ شير إليه على وصوالت وصورة قرار ورسالة إنذار‪ .‬وحيث إن حجز بضاعة المدعية لدى الغير ومنعها منها يشكل‬
‫خط ار على حقوقها أمام اإلدالء بحجة تثبت الدين وعدم لجوء المدعى عليها إلى القضاء للمطالبة بما تدعيه‪ ،‬مع العلم أن الحجز التحفظي‬
‫ليس غاية في حد ذاتها"‪.‬‬
‫‪ -‬أمر عدد ‪ 99/4848‬بتاريخ ‪ 11‬مارس ‪ 1999‬في الملف عدد ‪ 1999/1/259‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 4‬جاء في قرار عدد‪ 8/20 :‬مؤرخ في‪ 2016/01/12 :‬ملف مدني عدد ‪ 2015/8/1/4848 :‬غير منشور ما يلي‪:‬‬
‫"لكن؛ ردا على الوسائل أعاله مجتمعة لتداخلها‪ ،‬فإن التعاونية المتضررة من الحجز هي التي رفعت الدعوى‪ ،‬وأن المحكمة قد تأكد لها أنها‬
‫رفعت منها في شخص ممثلها القانوني‪ ،‬وهو المطلوب قانونا‪ ،‬إذ بمقتضى الفصل ‪ 516‬من قانون المسطرة المدنية فإن استدعاءات الحضور‬
‫توجه لألشخاص االعتبارية في شخص ممثليها القانونيين بصفتهم هذه‪ ،‬وهو ما يعني أن الدعوى ترفع منها وتوجه ضدها بهذه الصفة‪ ،‬وأن‬

‫‪92‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الحاجز بالتعويض عن الحجز التعسفي في حالة ثبوت سوء نيته وإيقاعه بطريقة كيدية على‬
‫عقار محفظ‪.‬‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬قررت محكمة النقض عدم جواز التعسف في إيقاع الحجز التحفظي‬
‫على أكثر من عقار مملوك للمدين ضمانا لنفس الدين من خالل أحد ق اررتها كما يلي‪:‬‬

‫"ال يجوز إجراء حجز تحفظي إال في حدود ما يضمن أداء الدين سبب الحجز‪،‬‬
‫والمحكمة لما استبعدت ما تمسك به المحجوز عليه بعلة أن الحجز على العقارين معا وفي‬
‫نفس الوقت لم يكن به أي تعسف بحقوقه وبالتالي لم يترتب عنه أي ضرر‪ ،‬فإنها لم تأخذ‬
‫يعين االعتبار ما أثبته القرار االستئنافي الذي أيد األمر القاضي برفع الحجز عن العقار‬
‫المحجوز لعدم وجود التناسب بين قيمة العقارين والدين سبب الحجز‪ ،‬فجاء قرارها غير‬
‫مرتكز على أساس"‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط اكتمال الحق العيني‬

‫جدير بالذكر أن التقييد االحتياطي – كتقييد مؤقت –يتوقف إجراؤه على ضمان حق‬
‫موجود ومكتمل النشوء‪ ،‬ألن الغاية التي شرع من أجلها تتمثل في المحافظة مؤقتا على حق‬
‫في انتظار استكمال شروطه القانونية‪ ،‬الشيء الذي يدفعنا إلى إثارة تساؤل يتعلق بمدى‬
‫إمكانية تقييد مقال افتتاحي للدعوى تقييدا احتياطيا بالرسم العقاري بالرغم من عدم وجود أي‬
‫عقد للبيع بين الطرفين أصال؟‬

‫نعتقد أن المشرع لم يورد ضمن مقتضيات القانون العقاري أي مقتضى يمنع من القيام‬
‫بهذا اإلجراء طال ما أن المحكمة هي التي سوف تفصل في النزاع على ضوء وثائق الملف‬

‫ما عدا ذلك مما أثير بشأن الصفة التمثيلية لمن رفع الدعوى باسم التعاونية ال يشكل نزاعا في الجوهر ينزع االختصاص عن قاضي‬
‫المستعجالت للبت في الطلب ألنه ال يتعلق بموضوع الطلب المعروض على قاضي المستعجالت وهو رفع الحجز التحفظي "‪.‬‬
‫‪ - 1‬القرار عدد ‪ 8‬الصادر بتاريخ ‪ 08‬يناير ‪ 2015‬في الملف التجاري عدد ‪ - 2012/1/3/1268‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض ‪ -‬العدد‬
‫‪ - 79‬سنة ‪.2015‬‬

‫‪93‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من جهة‪ ،‬وأن التقييد المؤقت يدور وجودا وعدما مع مآل المقال االفتتاحي للدعوى من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫وقد اعتبرت محكمة النقض في هذا السياق بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ ‪ 5‬يناير‬
‫‪ 2016‬أن العبرة في نشوء عقد الهبة تكون بتاريخ اإلشهاد العدلي وليس بتاريخ التحرير‪،‬‬
‫ورتبت على ذلك أن البيع المنعقد من الواهب لفائدة البائعين لهما يكون قد أنجز بعد خروج‬
‫الملك من يده وال يمكن حمل التصرف بالبيع على وقوع االعتصار لعدم وجود إشهاد به‪.1‬‬

‫غير أنه يمكن للمدعي مباشرة إجراء تقييد احتياطي بناء على مقال للدعوى في غياب‬
‫تام لوجود أية رابطة عقدية بين الطرفين بشأن البيع المدعى به‪ ،‬ثم يبادر الطرف المدعى‬
‫عليه أثناء جوابه على مقال الدعوى إلى اإلقرار بقيام عملية البيع ويبدي استعداده أمام‬
‫المحكمة بتحرير عقد البيع مع المشتري‪ .‬فهل يمكن قانونا أن تعتد المحكمة باإلقرار إللزام‬
‫المدعى عليه بإتمام إجراءات البيع؟ أم يجب عليها التقيد بشكلية البيع العقاري الواردة ضمن‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 489‬من ق‪.‬ل‪.‬ع؟ وهل يمكن التوفيق بين اإلقرار لحماية المتعاقدين فيما‬
‫بينهم‪ ،‬وشكلية البيع لحماية األغيار من أي تواطؤ يمكن أن يقع بين الطرفين؟‬

‫‪ - 1‬قرار لمحكمة النقض عدد‪ 8/11 :‬المؤرخ في‪ 2016/01/05 :‬ملف مدني عدد ‪ 2015/8/1/1455 :‬غير منشور‪ .‬ومما جاء في معرض‬
‫حيثياته ما يلي‪:‬‬
‫"لكن ردا على الوسائل مجتمعة لتداخلها‪ ،‬فإنه ال مجال للتمسك بمقتضيات الفصل ‪ 425‬من قانون االلتزامات والعقود الذي يتعلق بالعقود‬
‫العرفية وليس بالعقود الرسمية‪ .‬وأن المحكمة لم تكن ملزمة بالجواب على الدفع بعدم رشد الموهوب له وال عن حيازته للشيء الموهوب‪ ،‬طالما‬
‫أنها اعتمدت وب األساس في قضائها على سبقية البت في صحة عقد الهبة وترجيحه على عقد شراء الطاعنين‪ ،‬وذلك لما تبين لها أن عقد الهبة‬
‫الذي اعتمده المطلوب في مطلب التحفيظ سبق أن طعن فيه الطاعنان وقضي برد دعواهما بموجب القرار االستئنافي عدد ‪ 246‬بتاريخ‬
‫‪ 2006/01/24‬في الملف ‪ 1/04/2422‬بعلة أن تأخر تحرير العقد لتلكؤ الواهب في أداء رسوم التسجيل ال ينال من صحة عقد الهبة‪ ،‬إذ‬
‫العبرة بتاريخ اإلشهاد وليس بتاريخ التحرير‪ ،‬وتبعا لذلك يبقى البيع المنعقد من الواهب لفائدة البائعين لهما يكون قد أنجز بعد خروج الملك من‬
‫يده وال يمكن حمل التصرف بالبيع ع لى وقوع االعتصار لعدم وجود إشهاد به‪ .‬وهو القرار الذي ابرم من طرف محكمة النقض بموجب القرار‬
‫عدد ‪ 230‬في الملف ‪ 2009/1/2/611‬بتاريخ ‪ .2011/5/3‬ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في تقدير األدلة واستخالص قضائها منها فإنها‬
‫حين عللت قرارها بأن'' عقد الهبة يعتبر عقدا صحيحا بناء على قرار محكمة النقض عدد ‪ 230‬والذي لم يكن محط طعن او جدل من‬
‫الواهب‪ ،‬وان إقدام الواهب على بيع نفس الملك الذي سبق أن وهبه لولده المستأنف عليه يكون قد باع ما ال يملك وهذا غير جائز''‪ ،‬وهو تعليل‬
‫غير منتقد‪ ،‬األمر الذي يكون معه القرار معلال بما فيه الكفاية‪ ،‬وما بالوسائل غير جدير باالعتبار "‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وجوابا عن ذلك‪ ،‬نعتقد أن مقتضيات الفصلين ‪ 404‬و‪ 489‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والمادة ‪ 4‬من‬
‫مدونة الحقوق العينية ال تسعف في القول بإمكانية اعتماد اإلقرار من طرف القضاء إثبات‬
‫البيع العقاري‪ ،‬بدليل أن المشرع تحدث عنه كوسيلة ضمن وسائل اإلثبات العامة لاللتزامات‬
‫والبراءة منها‪ ،1‬في حين نص على وجوب الكتابة كشكلية انعقاد في البيع العقاري‪ ،‬وال مجال‬
‫قانونا إلثباته بغير ذلك‪ ،‬على اعتبار أن القانون إذا قرر شكال معينا‪ ،‬لم يسغ إجراء إثبات‬
‫االلتزام أو التصرف بشكل آخر يخالفه‪ ،‬إال في األحوال التي يستثنيها القانون طبقا للفصل‬
‫‪ 401‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬ومن ثم فإن إعمال اإلقرار من عدمه في البيع العقاري يستلزم التمييز‬
‫بين حالتين من خالل قراءة لموقف العمل القضائي بشأن هذه اإلشكالية‪.‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬إذا صدر إقرار البائع بمناسبة قضية جنحية وتمت إدانته من أجلها‪ ،‬فال‬
‫يعتد بالحكم الجنحي إلثبات البيع العقاري ضد البائع المقر أمام المحكمة الجنحية‪ ،‬على‬
‫اعتبار أن الدعوى المدنية التابعة التي يمكن أن ينصب فيها المتضرر كطرف مدني ال‬
‫تتعلق سوى بالتعويض ليس إال وفق مقتضيات الفصل ‪ 10‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫وقد سبق لمحكمة النقض أن أكدت‪ 2‬هذا االتجاه في حيثيات أحد ق اررتها معتبرة أن "‬
‫قاعدة الجنائي يعقل المدني تقضي بأن توقف المحكمة المدنية عن البت في القضية إلى‬
‫حين صدور حكم نهائي في القضية الزجرية‪ ،‬ولما كان إتمام البيع الواقع على عقار محفظ‬
‫يجب أن يجري في محرر ثابت التاريخ طبقا للقانون‪ ،‬وكان هذا المحرر غير متوفر‪ ،‬فإنه‬
‫على فرض صدور حكم باإلدانة في دعوى زجرية تتعلق بعدم تنفيذ عقد‪ ،‬فإنه ال يرقى إلى‬
‫درجة المحرر الثابت التاريخ المتطلب في قيام البيع "‪.‬‬

‫وفي نفس السياق‪ ،‬قررت محكمة النقض في قرار لها بتاريخ ‪ 06‬يناير ‪ 2015‬ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 1‬راجع‪ :‬ذ محمد أوزيان ‪" :‬رسمية العقود من ظهير االلتزامات والعقود إلى مدونة الحقوق العينية " مقال منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض‬
‫لسنة ‪.2013‬‬
‫‪ - 2‬القرار عدد ‪ 679‬الصادر بتاريخ ‪ 7‬فبراير ‪ 2012‬في الملف المدني عدد ‪ 2010/7/1/4813‬منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد ‪.76‬‬

‫‪95‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫"لكن‪ ،‬ردا على الوسائل مجتمعة لتداخلها‪ ،‬فإنه بمقتضى الفصلين ‪ 532‬و‪ 533‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع فإن البائع يلتزم بضمان االستحقاق الذي يقتضي منه الكف عن كل فعل أو مطالبة‬
‫ترمي إلى التشويش على المشتري‪ ،‬وبالتالي ال يحق له مواجهة المشتري منه بكون عقد البيع‬
‫مجرد عن أصل الملك سيما وأن المتعرض استند في تعرضه على عقد شرائه للعقار من‬
‫الطاعن والذي لم يلق مطعنا مقبوال‪ ،‬وإن تطبيق قاعدة الجنحي يوقف المدني رهين بوجود‬
‫دعوى جنحية قائمة لها أثر على الفصل في النزاع المدني‪ ،‬ولذلك فإن القرارحين علل بأن "‬
‫طالب التحفيظ قد فوت العقار موضوع مطلب التحفيظ إلى المتعرض وانتقلت ملكيته لهذا‬
‫األخير بناقل شرعي‪ ،‬وبالتالي أصبح المستأنف عليه المالك الوحيد للمدعى فيه‪ ،‬وأن ما أثاره‬
‫المستأنف من كون المتعرض دلس عليه في البيع وأن العقد يتعلق بتنازل وليس بيعا كلها‬
‫دفوع مجردة وليس بالملف ما يثبتها أو يعضدها‪ ،‬وإنما ثبت عكسها‪ ،‬كما أن ادعاء المستأنف‬
‫وجود مساطير جنحية مجرد أقوال ليس عليها برهان صادق وتعين ردها" فإنه نتيجة لما ذكر‬
‫كله كان القرار معلال تعليال كافيا ومرتك از على أساس قانوني وغير خارق للمقتضيات‬
‫المحتج بها خارقا للقاعدة المذكورة‪ ،‬والوسائل جميعها بالتالي غير جديرة باالعتبار"‪.1‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬إذا تعلق إقرار البائع بمناسبة دعوى عقارية معروضة على المحكمة‬
‫المدنية‪ ،‬فهل يصرف النظر عن شكلية الكتابة المنصوص عليها المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية بالرغم من عدم وجود أي محرر ثابت التاريخ‪ ،‬ويعتد باإلقرار القضائي الصادر عن‬
‫البائع‪ ،‬أم يجب التقيد بمدى توافر الشكلية من عدمها في النازلة تبعا للفصول أعاله ؟‬

‫وجوابا عن ذلك‪ ،‬نعتقد أنه البد من التقيد بشكلية المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية‬
‫إلثبات البيع العقاري بين المتعاقدين للحفاظ على المراكز القانونية لجميع األطراف‪ ،‬وتفادي‬
‫التواطؤ الذي يمكن أن يقع بين طرفي الدعوى لصنع حجة لبعضهما البعض تتمثل في‬
‫حصول إقرار صوري من طرف البائع أمام المحكمة المدنية التي تنظر في دعوى إتمام‬

‫‪ - 1‬قرار محكمة النقض عدد‪ 1/6 :‬المؤرخ في‪ 06-01-2015 :‬ملف مدني عدد ‪ 1-1-2014- 3558 :‬غير منشور‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إجراءات البيع المعروضة عليها‪ ،‬وحرمان الدائنين من استيفاء حقوقهم على العقار المبيع‪،‬‬
‫مع العلم أن األمر ال يقتصر على الكتابة فقط إلثبات البيع العقاري‪ ،‬بل يجب أن يكون‬
‫المحرر ثابت التاريخ‪ 1‬وفق ما هو منصوص عليه في الفصل ‪ 425‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .2‬هذا‬
‫باالضافة إلى أن المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية رتبت جزاء البطالن على عدم احترام‬
‫شكلية الكتابة في البيع العقاري‪.‬‬

‫كما قررت محكمة النقض في نازلة تتعلق ببيع عقار في طور اإلنجاز ضرورة احترام‬
‫الشكلية الواردة في الفصل ‪ 618-3‬من ق ل ع تحت طائلة ترتيب جزاء البطالن من خالل‬
‫أحد ق ارراتها الذي جاء فيه‪:‬‬

‫"لما كان التعاقد موضوع الدعوى تم على شكل وصل خالفا للمقتضيات اآلمرة‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 618-3‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬ولم يتم توثيقه من قبل إحدى الجهات‬
‫المؤهلة قانونا لذلك‪ ،‬فإنه يكون باطال بقوة القانون‪ ،‬وال يترتب عنه سوى حق المشتري في‬
‫استرداد ما دفع بغير حق وبدون تعويض عمال بالفصل ‪ 306‬من ق‪.‬ل‪.‬ع "‪.3‬‬

‫‪ - 1‬القرار عدد ‪ 5017‬الصادر بجميع الغرف بتاريخ ‪ 6‬دجنبر ‪ 2010‬في الملف المدني عدد ‪ 2006/5/1/2290‬منشور بمجلة محكمة النقض‬
‫– العدد ‪ 77‬حاء فيه‪:‬‬
‫"ال يكون بيع العقار منج از إال إذا أبرم كتابة وبمحرر ثابت التاريخ‪ ،‬وإن توصل مالك العقار بمبلغ مالي من مدعي الشراء ال يخول هذا األخير‬
‫سوى استرجاع ما سبق له دفعه‪ ،‬ال إلزام المالك بإتمام البيع قضاء "‪.‬‬
‫‪ - 2‬اعتبرت محكمة النقض في قرارها القرار عدد‪ 8/11 :‬المؤرخ في‪ 2016/01/05 :‬ملف مدني عدد ‪ 2015/8/1/1455 :‬غير منشور ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫"ال مجال للتمسك بمقتضيات الفصل ‪ 425‬من قانون االلتزامات والعقود الذي يتعلق بالعقود العرفية وليس بالعقود الرسمية "‪.‬‬
‫‪ - 3‬القرار عدد ‪ 69‬الصادر بتاريخ ‪ 01‬أبريل ‪ 2015‬في الملف التجاري عدد ‪ 2014/1/3/933‬منشور بمجلة النشرة المتخصصة لمحكمة‬
‫النقض – ق اررات الغرفة التجارية – العدد ‪ – 23‬سنة ‪.2015‬‬
‫ومما جاء في حيثيات هذا القرار‪:‬‬
‫"لكن‪ ،‬حيث إنه وخالفا لما ورد في موضوع الوسيلة فإن مقتضيات الفصل ‪ 618-12‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ال تطبق إال إذا تم تحرير العقد االبتدائي‬
‫للعقار في طور االنجاز وفق الشكل والكيفية المقررتين في الفصل ‪ 618-3‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الناصة على أنه " يجب أن يحرر عقد البيع االبتدائي‬
‫للعقار في طور االنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول‬
‫لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطالن‪ "...‬والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي عللته بقولها "أنه ما دام التعاقد موضوع‬
‫الدعوى تم على شكل وصل خالفا للمقتضيات اآلمرة المنصوص عليها في الفصل ‪ 618-3‬من ق‪.‬ل‪.‬ع أي أنه لم يحرر = =‬
‫= = من قبل إحدى الجهات المؤهلة قانونا لذلك مما يجعله عقدا باطال بقوة القانون واألثر القانوني الوحيد المترتب عنه هو حق المشتري في‬
‫استرداد ما دفع بغير حق وبدون تعويض عمال بالفصل ‪ 306‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ "....‬تكون قد طبقت مقتضيات الفصلين ‪ 306‬و‪ 618-3‬تطبيقا‬

‫‪97‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وخالفا لما أشرنا إليه أعاله‪ ،‬فإن بعض العمل القضائي سبق له أن اعتمد اإلقرار‬
‫القضائي للبائع بشأن دعوى عقارية للحكم عليه بإتمام إجراءات البيع مع المدعي‬
‫(المشتري)‪ ،‬وفي حالة امتناعه عن التنفيذ اعتبار الحكم بمثابة عقد بيع نهائي‪ ،‬وأمر المحافظ‬
‫على األمالك العقارية بتقييده عند صيرورته نهائيا‪ .‬وقد جاء في حيثيات حكم قضائي‪ 1‬ما‬
‫يلي ‪:‬‬

‫"‪ ...‬وحيث إن المدعى عليه أقر قضائيا سواء في مذكراته أو في جلسة البحث أنه‬
‫تنازل نهائيا عن البقعة األرضية لفائدة المدعي ولم تعد له عالقة بها‪ ،‬كما أقر أن هذا‬
‫األخير هو الذي بناها من ماله الخاص‪ ،‬وأكد أنه مستعد إلبرام عقد بيع مع المدعي شريطة‬
‫أن يتحمل هذا األخير جميع المصاريف التي يتطلبها ذلك وهو ما وافق عليه المدعي‬
‫صراحة‪ .‬وحيث إن إقرار المرء على نفسه أقوى من قيام الحجة عليه‪.‬وحيث إن ما عبر عنه‬
‫المدعي عليه في طلبه الموجه إلى المؤسسة الجهوية بتاريخ ‪ 23‬نونبر ‪ 1998‬بالتنازل عن‬
‫الدفعات المالية لفائدة المدعي ال يمكن أن يفسر إال بتنازله عن البقعة األرضية التي سددت‬
‫تلك الدفعات من أجل اقتنائها‪ ...‬وأن البائع ملزم قانونا بتسليم الشيء المبيع للمشتري وذلك‬
‫طبقا للفصل ‪ 498‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬وهذا التسليم ال يقتصر على نقل الحيازة المادية للمبيع إلى‬
‫المشتري‪ 2‬بل أيضا الحيازة القانونية وهذه األخيرة تقتضي في نازلتنا تحرير عقد بيع مستوف‬
‫ألركانه وشروطه وتقييده بالرسم العقاري مادام المبيع عبارة عن عقار محفظ‪."...‬‬

‫سليما واعتبرت عن صواب أن الطاعن ال يستحق التعويض عن التماطل ما دام أن العقد موضوع الوصل عدد ‪ 016‬المؤرخ في‬
‫‪ 2007/05/10‬يعتبر باطال بقوة القانون‪ ،‬فجاء قرارها معلال تعليال سليما وغير خارق ألي مقتضى والوسيلتان على غير أساس "‪.‬‬
‫‪ - 1‬حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بمراكش في الملف العقاري رقم ‪ 06/9/401‬بتاريخ ‪ 15‬فبراير ‪ -2007‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ - 2‬جاء في قرار لمحكمة النقض يتعلق بالتسليم في عقار في طور محفظ تحت عدد‪ 1/7 :‬المؤرخ في‪ 2016/01/05 :‬ملف مدني عدد ‪:‬‬
‫‪ 2015/1/1/212‬غير منشور ما يلي‪:‬‬
‫"حيث صح ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه ذلك انه علل قضاءه بأن (( ما عابه المستأنف الحسين ابو درار على الحكم المستأنف‬
‫حين قضى بعدم صحة تعرضه والحال انه اثبت تملك موروثه احمد بن المحفوظ وإشراكه بمقتضى عقد الشراء المؤرخ في عام ‪ 1333‬هجرية‬
‫ورسم اراثته‪ ،‬فان ذلك ال يعفيه من إثبات استحقاقه باألدلة المعتبرة شرعا والمستوفية لشروط الملك من يد ونسبة وطول أمد وغيرها‪ ،‬وان‬
‫محاولة إسقاط رسم الشراء المذكور على جزء من الملك موضوع مطلب المطلوب استنادا إلى شهادة شاهد واحد أو شاهدين بخصوص الحيــازة‬
‫==‬

‫‪98‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويالحظ من خالل حيثيات هذا الحكم القضائي أنه اعتمد اإلقرار كوسيلة لإلثبات ولو‬
‫تعلق األمر ببيع عقاري‪ ،‬مخالفا بذلك االستثناء التشريعي الذي كرسه المشرع في هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬والمتمثل في وجوب إجراء البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ‪ .‬بل إنه خالف اتجاه‬
‫محكمة النقض بغرفها مجتمعة‪ 1‬التي دأبت على التمسك بضرورة احترام شكلية الكتابة في‬
‫البيع العقاري حسبما أشير إليه أعاله‪ .‬إذ إن هذا األخير لم يعتد باإلقرار المضمن بحكم‬
‫جنحي رغم كونه حجة رسمية وفقا لمقتضيات الفصل ‪ 418‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬فمن باب أولى‬
‫وأحرى أن يقبل به بمناسبة دعوى قضائية بين الطرفين البائع والمشتري كما هو الشأن في‬
‫النازلة المذكورة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬يمكن القول تبعا لهذا االتجاه القضائي‪ ،‬أن الحـق ‪ -‬ولو لم يكن موجودا أو‬
‫مكتمل النشأة ‪ -‬يكون قابال إلجراء تقييد مؤقت بشأنه عن طريق تقييد مقال الدعوى العقارية‬
‫تقييدا احتياطيا بالرغم من عدم إرفاقه بأية حجة أو وثيقة تثبت قيام الرابطة التعاقدية بشأن‬
‫بيع عقاري وتضمنها لكافة أركان عقد البيع المنصوص عليها قانوني‪ ،‬وذلك في انتظار‬
‫حصول إقرار البائع (المدعى عليه) من خالل مذكرته الجوابية‪ ،‬الشيء الذي يجعل المحافظ‬
‫ملزما باالستجابة لطلب إجراء التقييد المؤقت لمقال الدعوى‪ ،‬ويكون بالتالي ملزما بتقييد‬
‫الحكم الصادر بإتمام إجراءات البيع بناء على اإلقرار بعد صيرورته حائ از لقوة الشيء‬

‫= = ووضع اليد ال يثبت له الملك وفق ما سلف))‪ .‬في حين أن عقود االشرية المقرونة بالحيازة إنما تعد قرينة على الملك‪ ،‬األمر الذي كان معه‬
‫على المحكمة أن تبحث في طبيعة وشروط الحيازة المتمسك بها من طرف الطاعن مع مقارنة حججه مع حجج طالب التحفيظ إن اقتضى‬
‫الحال ولما لم تفعل ذلك كان قرارها ناقص التعليل‪ .‬األمر الذي يعرضه للنقض واإلبطال "‪.‬‬
‫‪ - 1‬قرار عدد ‪ 1921‬الصادر بجميع الغرف بتاريخ ‪ 23‬دجنبر ‪ 2010‬في الملف التجاري عدد‪ 2005/1/3/1073‬منشور بمجلة محكمة‬
‫النقض – العدد ‪ 77‬جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫"البيع أو الوعد بالبيع المنصب على عقار محفظ يلزم إثباته بحجة كتابية‪ ،‬إذ أنه طبقا للفصل ‪ 489‬من قانون االلتزامات والعقود إذا كان محل‬
‫البيع عقا ار أو حقوقا عقارية‪ ،‬فإن البيع ال يكون تاما إال بإجرائه كتابة في محرر ثابت التاريخ‪ ،‬وال يكون للبيع أي أثر في مواجهة الغير إال إذا‬
‫سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون‪.‬‬
‫الوصل الصادر عن الموثق التي يشهد فيه بتوصله بمبلغ مالي من طرف مدعي الشراء‪ ،‬والذي ال يتضمن أي التزام من البائع‪ ،‬ال يمكن‬
‫اعتباره محر ار ثابت التاريخ تتوفر فيه شروط الفصل ‪ 489‬من قانون االلتزامات والعقود ليعتبر حجة على انعقاد البيع أو الوعد بالبيع‪.‬‬
‫قبول المالك بيع العقار بثمن معين‪ ،‬وذلك تحت شرط موافاته بباقي الثمن داخل أجل محدد‪ ،‬وإال اعتبر القبول كأن لم يكن‪ ،‬يعتبر إيجابا جديدا‬
‫ال يلزمه إال إذا تلقى ممن وجه له موافقته على ما تضمنه إيجابه الجديد أو نفذ من طرفه في حدود ما تضمنه ذلك اإليجاب‪ ،‬وإال اعتبر‬
‫اإليجاب غير مقترن بالقبول‪ ،‬وبالتالي ال يكون البيع منعقدا وال محل إلتمامه"‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المقضي به‪ 1‬مادام ال يملك الحق في رفض التقييد إال إذا كان يتعارض مع الوضعية‬
‫القانونية للرسم العقاري‪.‬‬

‫وجدير باإلشارة أن محكمة النقض أكدت في هذا الصدد جواز األخذ بإقرار البائع كلما‬
‫تعلق األمر بوجود عقد وعد بالبيع ال يتضمن اإلشارة إلى الثمن معتبرة من خالل أحد‬
‫ق ارراتها المؤرخ في ‪ 12‬ماي ‪ 2015‬عدم ذكر الثمن في عقد الوعد بالبيع الذي وقع به‬
‫تفوي ت البائع لواجبه المشاع في المدعى فيه‪ ،‬يستلزم األخذ بإق ارره القضائي برمته وال يمكن‬
‫تجزئته‪.2‬‬

‫وفي نازلة أخرى تتعلق بدعوى طرد محتل بدون سند أقامها المالك لألرض ضد من‬
‫يتواجد في األبنية المقامة عليها‪ ،‬اعتبرت محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 26‬يناير‬
‫‪ 2016‬أن اإلقرار ال يعتد به إذا ناقضه صراحة من صدر لصالحه‪.3‬‬

‫‪ - 1‬جاء في ق ارر عدد ‪ 84‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪ 2015‬في الملف التجاري عدد ‪ 2013/1/3/17‬منشور بمجلة محكمة النقض – العدد ‪80‬‬
‫– سنة ‪ 2015‬ما يلي‪:‬‬
‫"إن حجية األمر المقضي ال تثبت لمنطوق الحكم فقط وإنما لحيثياته أيضا‪ .‬ومادام أن الشيء المطلوب بمقتضى هذه الدعوى هو نفس الشيء‬
‫المطلوب سابقا‪ ،‬وأن الدعوى مؤسسة على نفس السبب ومرفوعة بين نفس األطراف وموجهة منهم وعليهم بنفس الصفة‪ ،‬فإن سبقية البت في‬
‫الموضوع تكون قائمة وثابتة بمقتضى أحكام وق اررات أصبحت مكتسبة لقوة الشيء المقضي "‪.‬‬
‫‪ - 2‬القرار عدد ‪ 234‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪ 2015‬في الملف المدني عدد ‪ 2014/7/1/1543‬منشور بمجلة محكمة النقض – العدد ‪– 80‬‬
‫سنة ‪.2015‬‬
‫ونظ ار ألهمية هذا القرار نورد حيثياته كما يلي‪:‬‬
‫"حيث تبين صحة ما نعاه الطالب على القرار‪ ،‬ذلك أن المحكمة مصدرته عللته بما جاءت به من أن‪" :‬المستأنف عليه أدلى بالحكم عدد ‪424‬‬
‫الصادر في الملف عدد ‪ 10/1401/747‬بتاريخ ‪ ، 2011/5/25‬وهو يتضمن إقرار المستأنف بيعه واجبه في القطعة األرضية المدعى فيها‬
‫حاليا بثمن قدره ‪ 200000‬درهم‪ ،‬وأنه قبض من المستأنف عليه مبلغ ‪ 10000‬درهم‪ ،...‬ونظ ار لكون الثمن الذي فوت به المستأنف لواجبه في‬
‫المدعى فيه لم يحدد صراحة في عقد الوعد بال بيع فإنه ال مفر من األخذ بهذا اإلقرار برمته وال يمكن تجزئته‪ ،‬ونتيجة لذلك اعتبار الثمن الذي‬
‫وقع به البيع هو ما يصرح به المستأنف في دعواه التي تمخض عنها الحكم المستدل به من المستأنف عليه وهو ‪ 200000‬درهم للقطعة‬
‫برمتها وجب فيه للمستأنف مبلغ ‪ 100000‬درهم وقد قبض ‪ 10000‬درهم وبقي في ذمة المستأنف عليه ‪ 90000‬درهم"‪ .‬والحال أنه بالرجوع‬
‫إلى الحكم المستند عليه المذكور‪ ،‬يتبين أنه تضمن أن الطالب تسلم بمقتضى العقد مبلغ ‪ 10000‬درهم من المدعى عليه (المطلوب) على أن‬
‫يكمل باقي ثمن البيع الذي هو ‪ 200000‬درهم ليصبح مالكا للبقعة األرضية‪ .‬ثم أكد في مذكرته الجوابية المدلى بها مـن طـرف دفاعـه بتاريخ‬
‫==‬
‫= = ‪ 2010/9/2‬المشار إليها في نفس الحكم أن ثمن البيع هو ‪ 210000‬درهم‪ ،‬وكون الشريك اآلخر باع بثمن آخر ال يلزمه في شيء‪ .‬وهي‬
‫عبارات تنصرف إلى أن الثمن الذي صرح به الطالب في الحكم المذكور والذي يخص واجبه هو ‪ 210000‬درهم‪ ،‬وليس كما جاء في القرار‬
‫المطعون فيه من أنه ‪ 100000‬درهم‪ ،‬مما يجعله غير مبني على أساس ومعلال تعليال فاسدا يوازي انعدامه مما يعرضه للنقض"‪.‬‬
‫‪ - 3‬قرار عدد‪ 3/71 :‬مؤرخ في‪ 2016/01/26 :‬ملف مدني عدد‪ 2015/3/1/1894 :‬غير منشور‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ محمد القدوري‪،‬‬


‫محام بهيئة الرباط‬
‫تمهيد‪:‬‬

‫األصل في الفقه اإلسالمي هو رضائية العقود‪ ،‬غير أن بعض التصرفات تقتضي إما‬
‫بطبيعتها كالرهن‪ ،‬أو لتعلق حق الغير بها كالعطايا‪ ،‬من حبس وهبة وصدقة ‪..‬؛ أن يقع‬
‫حوزها من قبل المعطى له‪ ،‬ورفع يد المعطي عنها وإحالل يد المعطى له محلها‪ ،‬وهذا الحوز‬
‫شرط نفاذ في كل عطية عند فقهاء المالكية الذين أجمعوا على أنه البد من الحوز في‬
‫التبرعات كلها قبل حدوث مانع من موت المتبرع أو فلسه‪ ،‬وإال بطلت؛ حكمها في ذلك حكم‬
‫العقود العينية التي البد فيها من القبض والتسليم تحت طائلة عدم النفاذ والبطالن؛ وهو‪ ،‬أي‬
‫الحوز‪ ،‬شرط صحة عند اإلئمة الثوري والشافعي وأبي حنيفة‪.‬‬

‫وقد لخص اإلمام ابن رشد الخالف القائم حول طبيعة شرط القبض وأثر تخلفه بقوله‪:‬‬
‫إن "العلماء اختلفوا في صحة العقد أم ال‪ ،‬فاتفق الثوري والشافعي وأبو حنيفة أن من شرط‬
‫صحة الهبة القبض‪ ،‬وأنه إذا لم يقبض لم يلزم الواهب‪ ،‬وقال مالك‪ :‬نعقد بالقبول ويجبر على‬
‫القبض كالبيع سواء‪ ،‬فإن تأنى الموهوب له عن طلب القبض حتى أفلس الواهب أو مرض‬

‫وقد جاء في معرض حيثياته ما يلي‪:‬‬


‫"حيث صح ما عابه الطاعن على القرار‪ ،‬ذلك انه بمقتضى الفصل ‪ 418‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فإن األحكام يمكنها حتى قبل‬
‫صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها‪ ،‬ولما كان البين من أوراق الملف المعروضة على قضاة الموضوع أن الطاعن‬
‫سبق له أن تقدم بدعوى يطالب فيها المطلوب بأداء واجبات الكراء عن استغالل نفس المدعى فيه وأن المطلوب المذكور نفى وجود تلك‬
‫العالقة وتمسك بكون اعتماره المدعى فيه ناتج عن مساهمته في بناء الطابق العلوي‪ ،‬مما يعتبر معه الحكم المتضمن لهذه الوقائع حجة يتعين‬
‫أخذها في االعتبار وتقييمها عند نظر دعوى االحتالل بدون سند فضال عن أنه بمقتضى الفصل ‪ 415‬من قانون االلتزامات والعقود في فقرته‬
‫الثانية فاإلقرار ال يعتد به إذا ناقضه صراحة من صدر لصالحه‪ ،‬فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه‪ ،‬لما عللت قرارها بان الدعوى‬
‫سابقة ألوانها لكون الحكم القاضي بعدم قبول الطلب بخصوص دعوى المطالبة بواجبات الكراء لم يتم الحسم فيه بقرار نهائي تكون قد أساءت‬
‫التعليل وعرضت قرارها للنقض"‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بطلت الهبة‪ ،‬وله إذا باع تفصيل‪ :‬إن علم فتوانى لم يكن له إال الثمن‪ ،‬وإن قام في الفور كان‬
‫له الموهوب؛ فمالك القبض عنده في الهبة من شروط التمام ال من شروط الصحة‪ ،‬وهو عند‬
‫الشافعي وأبي حنيفة من شروط الصحة‪ .‬وقال أحمد وأبو ثور‪ :‬تصح الهبة بالعقد‪ ،‬وليس‬
‫القبض من شروطها أصال من شروط التمام وال من شروط الصحة‪ ،‬وهو قول أهل الظاهر‪،‬‬
‫وقد روي عن أحمد بن حنبل أن القبض من شروطها في المكيل والموزون "(بداية المجتهد‬
‫ونهاية المقتصد‪ ،‬لإلمام ابن رشد‪ ،‬شرح وتحقيق وتخريج الدكتور عبد هللا العبادي‪ ،‬دار‬
‫السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1 995‬الجزء ‪ 4‬الصحيفة ‪.)2 026‬‬

‫هذا‪ ،‬وق تناول الفقه المالكي دراسة التبرعات‪ ،‬من حبس‪ ،‬وصدقة‪ ،‬وهبة‪ ،‬وعمرى‪،‬‬
‫وغيرها‪ ،‬بتفصيل محكم‪ ،‬وظل الفقه المذكور هو المرجع في الفصل في النزاعات التي تنشأ‬
‫بشأن التبرعات والعطايا بمختلف أنواعها‪ ،‬وهو النص الذي ظلت المحاكم المغربية تعتمده في‬
‫الفصل في النزاعات التي تثور بشأن النزاعات العقارية‪ ،‬إلى أن صدر قانون التحفيظ العقاري‬
‫الصادر ظهير ‪ 12‬غشت‪ ،1913‬ثم القانون المطبق على العقارات المحافظة بالمرسوم‬
‫الصادر في ‪ ،1915/06/02‬فأصبح القانونان المذكوران هما المطبقان على النزاعات‬
‫الناشئة بشأن العقارات‪ ،‬إلى جانب المشهورة والراجحة والجاري به العمل في الفقه المالكي‪.‬‬

‫وبعد صدور مدونة األوقاف بالظهير الشريف رقم ‪ 236.09.1‬في ‪ 8‬ربيع األول‬
‫‪ )2010/02/23(1432‬ثم صدور الظهير الشريف رقم الشريف رقم‪ 1.11.178‬الصادر‬
‫في‪ 25‬حجة ‪ 22(1432‬نوفمبر‪ )2011‬بتنفيذ بالقانون رقم‪ 08/39‬بشأن مدونة الحقوق‬
‫العينية‪ ،‬صار النصان المذكوران هما المطبقان كل في مجاله‪ ،‬على التصرفات التي تنصب‬
‫على العقارات‪ ،‬ومن ضمن ذلك "التبرعات" مع الرجوع إلى الفقه المالكي فيما يرد بشأنه نص‬
‫في القانونين سالفي الذكر‪ ،‬أو اكتنفه نقص أو غموض في القانونين المذكورين‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وهذا البحث المتواضع يتناول إلقاء الضوء على أهم المبادئ بشأن التبرعات في الفقه‬
‫المالكي والقانون الوضعي المغربي؛ وعلى مستجدات قانون التحفيظ ومدونة الحقوق العينية‬
‫في مجاليهما‪ ،‬ولئن جعل هللا في العمر بقية وأمدني بعون من عنده‪ ،‬أعددت بحثا مستقال‬
‫بموجز مستجدات مدونة األوقاف‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬شرط الحوز في التبرعات‪ ،‬في الفقه المالكي‪:‬‬

‫األصل في الفقه اإلسالمي هو رضائية العقود‪ ،‬غير أن بعض التصرفات تقتضي إما‬
‫بطبيعتها كالرهن‪ ،‬أو لتعلق حق الغير بها كالعطايا‪ ،‬من حبس وهبة وصدقة ‪..‬؛ أن يقع‬
‫حوزها من قبل المعطى له‪ ،‬وذلك برفع يد المعطي عنها وإحالل يد المعطى له محلها‪ ،‬وهذا‬
‫الحوز شرط نفاذ في كل عطية عند فقهاء المالكية الذين أجمعوا على أنه البد من حصول‬
‫الحوز في التبرعات كلها قبل حدوث مانع من موت المتبرع أو إحاطة الدين بماله‪ ،‬أو فلسه‪،‬‬
‫وإال بطلت ؛ حكمها في ذلك حكم العقود العينية التي البد فيها من القبض والتسليم تحت‬
‫طائلة عدم النفاذ والبطالن؛ وهو ‪ ،‬أي الحوز‪ ،‬شرط صحة عند اإلئمة الثوري والشافعي وأبي‬
‫حنيفة‪.‬‬

‫وقد لخص اإلمام ابن رشد الخالف القائم حول طبيعة شرط القبض وأثر تخلفه بقوله‪:‬‬
‫إن "‪..‬العلماء اختلفوا في صحة العقد أم ال‪ ،‬فاتفق الثوري والشافعي وأبو حنيفة أن من شروط‬
‫صحة الهبة‪ :‬القبض‪ ،‬وأنها إذا لم تُقبض لم تلزم الواهب‪ ،‬وقال مالك‪ :‬تنعقد بالقبول ويجبر‬
‫على القبض كالبيع سواء‪ ،‬فإن توانى الموهوب له عن طلب القبض حتى أفلس الواهب أو‬
‫مرض بطلت الهبة‪ ،‬ول ه إذا باع تفصيل‪ :‬إن علم فتوانى لم يكن له إال الثمن‪ ،‬وإن قام في‬
‫الفور كان له الموهوب؛ فمالك القبض عنده في الهبة من شروط التمام ال من شروط‬
‫الصحة‪ ،‬وهو عند الشافعي وأبي حنيفة من شروط الصحة‪ .‬وقال أحمد وأبو ثور‪ :‬تصح الهبة‬
‫بالعقد‪ ،‬وليس القبض من شروطها أصال‪ ،‬ال من شروط التمام وال من شروط الصحة‪ ،‬وهو‬

‫‪103‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫قول أهل الظاهر‪ ،‬وقد روي عن أحمد بن حنبل أن القبض من شروطها في المكيل والموزون‬
‫"(بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬لإلمام ابن رشد‪ ،‬شرح وتحقيق وتخريج الدكتور عبد هللا‬
‫العبادي‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1 995‬الجزء ‪ 4‬الصحيفة‬
‫‪.)2 026‬‬

‫هذا‪ ،‬وإن نصوص الفقه المالكي واضحة ومتواترة في وجوب توفر وثبوت الحوز لنفاذ‬
‫الحبس وما في حكمه من هبة وصدقة؛ ومن هذه النصوص‪ :‬قول خليل رحمه هللا (في باب‬
‫الوقف)‪ ..":‬وبطل‪( ..‬إن) عاد لسكنى مسكنه قبل عام‪ ..‬أو لم يحزه ‪ ..‬أو لم ي ٍ‬
‫خل بين الناس‬‫ُ‬
‫وبين كمسجد قبل فلسه وموته ومرضه‪ ،" ...‬وقوله رحمه هللا (في باب الهبة)‪ ..":‬وحيز وإن‬
‫بال إذن وأجبر عليه‪ ،‬وبطلت إن تأخر لدين محيط‪ ،‬أو وهب لثان‪"..‬؛ وقول ابن عاصم رحمه‬
‫هللا‪ ،‬في باب الحبس من تحفته‪:‬‬
‫قبل حدوث موت أو تفليس‪.‬‬ ‫والحوز شرط صحة التحبيس‬
‫وقوله رحمه هللا‪ ،‬في باب الهبة منها أيضا‪:‬‬
‫وجبره مهما أباه متضح‪.‬‬ ‫وللمعينين بالحوز تص ــح‬
‫‪...‬‬
‫معطاه مطلقا لتفريط عرض‬ ‫ومن يصح قبضه وما قبض‬
‫إن فاته في ذلك التــالفي‪.‬‬ ‫يبطل حقه بال خ ــالف‬
‫وقول الزقاق‪ ،‬رحمه هللا‪ ،‬في قواعده‪:‬‬
‫فحوزه حتما به ينكمل‪.‬‬ ‫وما بغير عوض ينتقل‬

‫وبشرط الحوز صارت العطايا شبيهة بالعقود العينية التي ال تتم إال بالقبض‪ ،‬كبيع‬
‫السلم والرهن‪ .‬إال أن الفقهاء يعبرون في الرهن بالقبض وفي العطايا غالبا بالحوز؛ ألن‬
‫القبض في الرهن ركن فيه ال ي تم إال به‪ ،‬أما الحوز في العطايا فإنما هو شرط نفاذ ال يلزم‬
‫أن يكون فوريا عند اإلشهاد‪ ،‬بل يمكن أن يقع في أي وقت بعد العقد‪ ،‬لكن بشرط أن يقع قبل‬

‫‪104‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫حدوث المانع من موت المعطي أو فلسه‪ ،‬وهو ما استقر عليه القضاء (استئنافية القنيطرة‪،‬‬
‫ملف رقم‪ 6/90/2 082‬قرار‪ ،91/06/10‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬ع ‪ 6‬ص ‪.)83‬‬

‫وهكذا فإن الحوز‪ ،‬عند فقهاء المالكية‪ ،‬شرط نفاذ وليس شرط صحة (كما يرى الشافعية‬
‫والحنفية)‪ ،‬فال يبطل التبرع بدونه‪ ،‬ولكنه ال ينفذ إال بتحققه قبل حصول المانع‪.‬‬

‫ولهذا فإن في تصنيف عقود التبرع ضمن العقود العينية نظر؛ ألن القبض في هذه‬
‫العقود ركن ال يتم العقد إال به‪ ،‬أما القبض في العطايا فال يتوقف عليه انعقادها ولزومها‬
‫للمعطي‪ ،‬وإنما يتوقف عليه نفاذها في حق ورثته ودائنيه‪.‬‬

‫ويقتضي الحديث عن شرط الحوز في التبرعات‪ ،‬في الفقه المالكي‪ ،‬بيان أساس هذا‬
‫الشرط وتأصيله وكيفية الحوز ومن يصح منه‪ ،‬والكالم على حوز بعض العطايا التي يخضع‬
‫حوزها ألحكام خاصة أو تقتضي طبيعتها مثل هذه األحكام‪.‬‬

‫غير أنه قبل بيان ما ذكر والتطرق إليه‪ ،‬ينبغي لفت النظر إلى مالحظتين‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪ :‬هي أن جميع العطايا تفتقر لشرط الحوز‪ ،‬وما يقرره الفقهاء في باب‬
‫الحبس هو نفسه المقرر عندهم في باب الصدقة والهبة واإلرفاق والمنحة واإلعمار واإلخدام‬
‫والحباء والرقبى‪ ،‬كما تؤكده النصوص المنقولة أعاله؛ ال يستثنى من ذلك إال أمران‪:‬‬

‫‪. 1‬النحلة إذا انعقد عليها النكاح (وذلك قول ابن عاصم رحمه هللا‪ ،‬في "فصل في‬
‫مسائل من النكاح" "ونحلة ليس لها افتقار إلى حيازة وذا المختار")‪.‬‬

‫‪ . 2‬وهبة الثواب (ألنها كالبيع‪ " ،‬ال تبطل بموت المعطي قبل حوزها "‪ ،‬كما نص على‬
‫ذلك الشيخ النفراوي في شرحه على رسالة أبي زيد القيرواني ( ج ‪ 3‬ص‪.) 38‬‬

‫‪105‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المالحظة الثانية‪ :‬هي أن جميع األحكام التي يقررها الفقه اإلسالمي معللة بعلل عقلية‬
‫ومنطقية واضحة ومستندة إلى نصوص من القرآن أو السنة؛ وليست مجرد أحكام تقرر‬
‫اعتباطا أو مغاالة‪ ،‬أو مجرد شكليات كما قد يتوهم البعض‪ ،‬أو يدعيه البعض اآلخر‪.‬‬

‫علة اشتراط الحوز في التبرعات‪:‬‬

‫أباحت الشريعة اإلسالمية لإلنسان أن يتصرف في أمالكه بمقابل‪ ،‬كأ ن يبيعها أو‬
‫يقايض عليها؛ أو بغير مقابل كأن يتصدق بها أو يهبها‪ .‬غير أنه لما كان اإلنسان ال يملك‬
‫أن يتصرف في ماله إال مادام حيا ومالكا لهذا المال‪ ،‬ألنه بموته تنتقل أمالكه لورثته وفق‬
‫المقرر في آية الميراث‪ ،‬مما ينجم عنه أن تصرفه الذي ال ينفذ إال بعد موته يعتبر تصرفا‬
‫في مال الغير (الورثة‪ ،‬أو الدائنين) وغير جائز (إال في إطار الوصية وضمن شروطها)‪،‬‬
‫وذلك لتعلقه بحق الورثة والدائنين ولتصادمه مع أحكام اإلرث التي تمنع على اإلنسان‬
‫التصرف في ماله لما بعد موته إال في حدود الثلث بمقتضى الوصية لغير وارث‪.‬‬

‫ولما كان كل ما ذكر كما ذكر‪ ،‬وكان من الممكن أن يحتال البعض على أحكام الفقه‬
‫والشريعة فيعطي أمواله لما بعد موته لغير الورثة أو لبعضهم دون البعض ثم يتظاهر بأن‬
‫ذلك اكتسى صبغة التنجيز وصرف الشئ المعطى للمعطى له في حياته (أي المعطي) بينما‬
‫الواقع خالف ذلك‪ ،‬ليحرم بعض الورثة من حقوقهم المخولة لهم شرعا؛ فقد اشترط الفقهاء‬
‫لصحة العطايا أن تكون جدية‪ ،‬واحتاطوا لذلك باشتراط أن يتخلى عنها المعطي قيد حياته‬
‫وهو في حال صحة‪ ،‬وقبل أن يحيط الدين بماله أو ُيعًلن إفالسه‪ ،‬وأن يسلمها لمن أعطاها له‬
‫تسليما فعليا حقيقيا‪ ،‬وذلك حماية لحقوق الدائنين والورثة وهذه الحماية هي علة اشتراط الحوز‬
‫في سائر العطايا‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫شرط معاينة الحوز‪:‬‬

‫ولضمان تحقق هذا الشرط‪ ،‬ومنعا للتحايل عليه‪ ،‬نص الفقهاء على وجوب معاينة‬
‫الحوز من قبل عدلين وعدم االكتفاء بذكره‪ ،‬وذلك بأن يخرج الشهود إلى عين المال المعطى‬
‫ويعاينوا رفع يد المعطي عنه وحلول يد المعطى له فيه خلفا لها وينصوا في الوثيقة على ذلك‬
‫بمعاينتهم المعطى يخرج الشئ المعطى من يده ويسلمه لمن أعطاه له‪ ،‬إذ اليكفي النص في‬
‫الوثيقة على إقرار المعطي والمعطى له بحصول الحوز دون معاينته‪.‬‬

‫وعلة ذلك أن الذي يمكن أن ينازع في وقوع الحوز هم إما دائنو المعطي أو ورثته‪،‬‬
‫وكل هؤالء غير أطراف في عقد الهبة أو الصدقة‪ ،‬ومن المعلوم المسلم أن اإلقرار ال يسري‬
‫في حق غير المقر‪.‬‬

‫والحوز المشار إليه هو الذي يعبرعنه الفقهاء بالحوز المادي‪ ،‬وذلك في مقابل الحوز‬
‫الحكمي أو المعنوي‪ ،‬وهو كاف في حق المحجور الذي يصح أن ينوب عنه وليه فيه ولو‬
‫كان هو المعطي‪ ،‬وذلك بأن يحوز له إلى أنيبلغ أو يوجد من يحوز له كاألخ األكبر‪ ،‬كما‬
‫يعلم من شراح قول خليل رحمه هللا‪ :‬في باب الحبس " اال بحوزه إذا شهد وصرف الغلة ولم‬
‫تكن دار سكناه "‪.‬‬

‫غير أن بعض األحكام القضائية ذهبت إلى أن " الحيازة في التبرعات ال تكون فقط‬
‫بمعاينة عدلي اإلشهاد لها‪ ،‬بل يمك ن إثباتها ببينة أو بأي تصرف يقع على الشيء المتبرع‬
‫به "(استئنافية القنيطرة‪ ،‬قرار‪ 91/06/10‬ملف‪ ،6/90/2 082‬منشور بمجلة اإلشعاع ع ‪6‬‬
‫ص ‪ ) 83‬وهذه القاعدة هي التي درج عليها ناظم العمل المطلق الذي قرر أن معاينة الحوز‬
‫ليست شرطا في حد ذاتها وإنما الغرض منها التأكد من رفع يد المعطي وحلول يد المعطى‬
‫له محلها‪ ،‬وذلك قوله ‪ ،‬في " باب الوقف والهبة والعمرى" ‪:‬‬

‫‪107‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫عقد ك ار ونحوه في الوقف‪.‬‬ ‫وعن معاينة حوز يكفي‬

‫هذ‪ ،‬ومن تمام الحوز أن يقع النص في الوثيقة على وقوعه في حال صحة المعطي‬
‫وطوعه رفعا لاللتباس ومنعا الدعاء أن ذلك لم يحصل إال في مرض المعطي الذي مات‬
‫منه أو بعد أن أحاط الدين بماله؛ وذلك ألن الحوز ال يجدي صاحبه إال إذا تم قبل حصول‬
‫المانع‪ ،‬من موت المعطي أو مرضه أو اتصاله بموته أو إحاطة الدين بماله أو إعالن‬
‫إفالسه أو فقدان أهليته‪ ،‬وقد استقر قضاء المجلس األعلى على تطبيق هذه القاعدة (ومن‬
‫ق ارراته بشأنها القرار عدد‪ 762‬الصادر يوم‪ 89/05/02‬في الملف العقاري‪،87/6 6617‬‬
‫غير منشور والقرار الصادر بتاريخ‪ 90/01/29‬في الملف‪ ،89/118‬منشور بمجلة‬
‫اإلشعاع‪ ،‬ع ‪ 3‬ص‪126‬؛ والقرار عدد‪ 3 204‬الصادر يوم ‪ 91/12/25‬في الملف ‪902‬‬
‫‪90/1‬ـ غير منشور؛ والقرار عدد‪ 359‬الصادر بتاريخ‪ ،93/03/22‬المنشور بمجموعة‬
‫ق اررات المجلس األعلى في مادة األحوال الشخصية‪ ،‬ص‪.)366‬‬

‫ومن األحكام المتصلة بشرط الحوز أيضا أن العطية ال تنفذ وال تلزم إال إذا طلب‬
‫المعطي اإلشهاد عليه بها‪ ،‬أما مجرد تصريح الشخص بالتحبيس أو بالصدقة أو بالهبة دون‬
‫طلب اإل شهاد عليه بذلك فال ينفذ شئ منه؛ ألنه قد يتكلم بذلك أو يكتبه وهو غير عازم‬
‫عليه‪ ،‬وهذه القاعدة هي المشار إليه بقول خليل رحمه هللا " أو وهب إذا أشهد وأعلن"‪ ،‬وقوله‬
‫رحمه هللا‪ ،‬في باب الحبس‪ " ،‬اال لمحجوره‪ ،‬إذا أشهد وصرف الغلة ولم تكن دار سكناه"‪،‬‬
‫ومن هذه الوجهة يصح القول إن العطية ال تصح إال بإشهاد رسمي من قبل عدلين أو‬
‫نحوهما وال يكفي صياغتها في شكل وثيقة عرفية يوقعها المعطي‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ومن المناسب هنا لفت النظر إلى أن المعطى له قد يحوزبعض عطيته دون‬
‫البعض اآلخر‪ ،‬وموقف الفقهاء من هذه المسألة بإيجاز‪ :‬أن حوز الجل يتنزل منزلة حوز‬

‫‪108‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الكل‪ ،‬وأن حوز النصف يقضي إيفضي إلى نفاذ وصحية العطية في حدود النصف الذي‬
‫تمت حيازته‪ ،‬وأن حوز القليل يفضي إلى عدم اعتبار العطية‪.‬‬

‫من يباشر الحوز‪:‬‬

‫األصل أن المعطى له هو الذي يحوز العطية بنفسه‪ ،‬غير أنه قد ال يتمكن من ذلك‬
‫لعذر واقعي كما إذا كان جنينا أو غائبا أو مريضا طريح الفراش‪ ،‬أو عذر قانوني كما إذا‬
‫كان صغي ار غير مميز‪ ،‬ففي مثل هذه األحوال يصح الحوز من ولي المعطى له أو وصيه‬
‫أو المقدم عليه أو وكيله‪.‬‬

‫والحوز عمل مادي يصح من الصغير نفسه كما يصح من البالغ المحجور عليه على‬
‫القول الراجح‪ ،‬ومن وكيل الصغير ولو كان له أب‪ ،‬ألنه قد يوكل غير وليه مخافة أن يفوت‬
‫الولي العطية أو ينفقها في مصالح نفسه‪ ،‬ألن الغرض من الحوز هو إخراج الشئ المعطى‬
‫من حيازة المعطي وفصله عن ماله‪ ،‬وجعله تحت يد المعطى له‪ ،‬وهذا يتحقق بحوز المعطى‬
‫له نفسه كما يتحقق بحوز الولي أو الوصي أو المقدم أو الوكيل‪ ،‬وقد نص ابن عاصم رحمه‬
‫هللا في تحفته على حوز الصغير والمحجور بقوله‪:‬‬

‫لنفسه وبالغ محجور"‪.‬‬ ‫" ونافذ ما حازه الصغير‬

‫وقد احتاط الفقهاء لحوز الوكيل بأن اشترطوا أن ال تكون فيه مظنة تحايل أو تهمة‪ ،‬فلم‬
‫يعتدوا بحوز الزوج ما وهبه لزوجته نيابة عنها‪ ،‬وقد تبنى المجلس األعلى هذه القاعدة في‬
‫ق ارره عدد‪ 1 410‬الصادر ‪ 91/11/12‬في الملف ‪( 88/5 440‬غير منشور) وقال‪ ،‬جوابا‬
‫عن الدفع بأن قاعدة أن " الزوج للزوجة كالموكل " (الواردة في تحفة ابن عاصم)‪ ،‬إن محل‬
‫هذه القاعدة ما باعه الزوج لزوجته وليس ما وهبه لها‪ ،‬وأنه ال يمكن قياس الحوز في البيع‬
‫على الحوز في الهبة لوجود الفارق‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫هذا‪ ،‬وإن حوز الصغير يستدعي مالحظات‪:‬‬

‫أوالها‪ :‬أن له أن يحوز لنفسه ولو كان دون سن الرشد إذا كان مميزا‪ ،‬سواء كان‬
‫المعطي هو والده أو هو الغير‪.‬‬

‫ثانيها‪ :‬أن لوليه أن يحوز له‪ ،‬سواء كان هو المعطي أو كانت العطية من غيره‪ ،‬مالم‬
‫يكن للصغير أخ راشد يصح منه القبض له‪ ،‬ففي هذه الحال يتعين على األب المعطى أن‬
‫يكلف ابنه الراشد ليحوز ألخيه القاصر‪.‬‬

‫ثالثها‪ :‬أن األب إذا وكل من يحوز لصغيره امتنع عليه أن يعود للحوز له بنفسه‪.‬‬

‫رابعها‪ :‬أن العطية إذا صدرت من األب ألوالده الكبار والصغار معا‪ ،‬تعين عليه معها‬
‫أن يوكل كبيرهم ليقبض لصغيرهم وإال بطلت‪ ،‬وليس له أن يقبض لصغيره مع وجود كبير‪،‬‬
‫وذلك قول ابن عاصم‪:‬‬

‫كبيره والحبس إرث إن وقع‬ ‫واألب ال يقبض للصغير مع‬

‫وليس يخفى أن العلة هنا من منع األب من حيازة ما يهبه لبنه الصغير إن كان‬
‫للموهوب له أخ بالغ يقبض له العطية نيابة عنه‪.‬‬

‫خامسها ‪ :‬أن العطية الصادرة من األب ألوالده الصغار يتعين معها مبادرته إلى توكيل‬
‫من يبلغ منهم فور بلوغه ليحوز لصغيرهم‪ ،‬وإال بطلت‪.‬‬

‫سادسها‪ :‬أن هبة ما فيه ثمار مؤبرة أو زرع تبطل في حق الصغار إذا لم يقع النص‬
‫على دخول الزرع والثمار في العطية أو الهبة أو الحبس‪ ،‬ألن بقاء الثمار في ملكية المعطي‬
‫وعدم دخولها في العطية يخل بالحوز لكونه يشغل العقار المعطى بشيء عائد للمعطي‪ ،‬مما‬
‫يتنافى مع تمام الحوز‪ ،‬وهو الحكم المشار إليه بقول ابن عاصم رحمه هللا‪:‬‬

‫‪110‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والزرع حيث الحبس للصغار‪.‬‬ ‫ويجب النص على الثمار‬

‫سابعها‪ :‬أن حوز األخ الكبير لنفسه وألخيه الصغير جائز والعطية معه صحيحة في‬
‫حقهما معا‪ ،‬وفي هذا يفترق حوز الكبير حصة الصغير عن حوز الكبير حصة الكبير‪ ،‬كما‬
‫سيأتي‪.‬‬

‫ثامنها‪ :‬أن حوز األب الجزء الشائع له ولولده الصغير هو حوز صحيح كما سيأتي‬
‫أيضا‪.‬‬

‫تاسعها‪ :‬أن ماال يعرف بعينه من األموال كالدراهم ال يصح لألب أن يقبضه لولده‬
‫الصغير‪ ،‬بل يتعين أن يسلمه لمن يقبضه له‪ ،‬وهي القاعدة المشار إليها بقول خليل رحمه هللا‬
‫" إال ما يعرف بعينه ولو ختم " وبقول ابن عاصم في باب الصدقة والهبة‪:‬‬

‫ولده الصغير شرعا وجبا‬


‫َ‬ ‫ولألب القبض لما قد وهبا‬
‫فشرطه الخروج من يديـه‬ ‫إال الذي يهب من نقديـه‬
‫إلى أمين‪...‬‬

‫ولبيان دقة تحليالت فقهائنا تنبغي اإلشارة هنا إلى أنه لو كانت الدراهم المتبرع بها دينا‬
‫في ذمة شخص غير المعطي‪ ،‬فإن العطية فيها صحيحة النتقاء علة المنع التي هي تعذر‬
‫الحوز‪ ،‬ألنه هنا تم بكونها عند الغريم وفي ذمته‪.‬‬

‫ويسري هذا الحكم أيضا فيما إن اشترى األب لولده عقا ار أو غيره بالدراهم المعطاة فإن‬
‫ذلك حوز له كما يعلم من شراح التحفة لدى قول ناظمها رحمه هللا‪ ..." :‬وعن األمين يغني‬
‫اشتراء هبه بعد حين"‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الحوز نيابة عن الغير‪:‬‬

‫الرأي الراجح في الفقه اإلسالمي أن حوز العطية نيابة عن الغير دون توكيل منه ال‬
‫يصح‪ ،‬وهو قول أصبغ‪ ،‬ورواه ابن القاسم‪ ،‬وعلى هذا إذا كانت العطية لكبيرين وحازها‬
‫أحدهما لنفسه ولآلخر بدون توكيل منه ولم يحز اآلخر حتى حصل مانع بموت المعطي أو‬
‫إحاطة الدين بماله أو إعالن إفالسه أو بتصرفه في الشيء المعطى‪ ،‬فإنها تبطل في حق‬
‫من لم يقبض‪ ،‬إال الحبس فإنه يبطل في حقهما معا لعدم قابليته للتجزئة‪ ،‬وذلك ألن من لم‬
‫يحز قد فرط في واجبه في وقت كان له معه أن يباشر الحوز بنفسه أو بواسطة وكيل‪ ،‬أو‬
‫يطلبه على األقل؛ ثم إن العطايا تحتاج إلى قبول من المعطى له‪ ،‬وترك القبض والتوكيل‬
‫عليه ينعدم معه القبول‪ ،‬وقد سبقت اإلشارة إلى أن التوكيل عن القبض في التبرعات يجب‬
‫أن يكون ثابتا واضحا وال يكفي فيه التوكيل الحكمي أو الفرضي كالوكالة الضمنية للزوج عن‬
‫زوجته ‪.‬‬

‫والرأي المرجوح أن العطية للرشداء ال تبطل بقبضها من قبل أحدهم عن نفسه وعن‬
‫غيره ولو دون توكيل‪ .‬وأما حيازة من وكل على ذلك فهي صحيحة‪ ،‬والعطية معها تامة‬
‫نافذة‪.‬‬

‫جزاء عدم توفر شرط الحوز‪:‬‬

‫من المقرر المسلم أن التبرعات تلزم بالقول إال أنها ال تصح إال بالقبض‪ ،‬ويقتضى‬
‫لزومها بالقول أن من حق المعطى له أن يلزم المعطي بتسليمها ويجبره على ذلك بأن يطالبه‬
‫به قضاء‪ ،‬وليس للمعطي أن يدفع دعوى المعطى له باختالل شرط الحوز‪ ،‬ألن البطالن‬
‫المترتب عن فقدان هذا الشرط إنما هو مقرر لمصلحة الورثة والدائنين ال لمصلحة المعطي‬
‫نفسه الذي يمكن جبره قضاء على تسليم عطيته‪ ،‬وذلك قول خليل رحمه هللا "وحيز وإن بال‬
‫إذن وأجبر عليه "‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫جبر المعطي على تمكين المعطى له منها‪:‬‬

‫من المعلوم المسلم فقها أن للمعطى له أن يطلب إزام المعطي بأن يسلم له عطيته‪.‬‬

‫نعم‪ ،‬يختلف حكم اإلجبار على التحويز في العطية لمعين عنه في العطية لغير معين‪،‬‬
‫فالعطية الصادرة لمعين كشخص بذاته يجبر المعطي على تسليمها للمعطى له مطلقا‪ ،‬أما‬
‫العطية لغير معين‪ ،‬كجهات الخير‪ ،‬فإن المعطي يومر بتحويزها ولكنه ال يجبر على ذلك‬
‫على القول األصح‪ ،‬وهي القاعدة المشار إليها بقول ابن عاصم رحمه هللا في تحفته‪:‬‬

‫وجبره مهما أباه متض ــح‬ ‫وللمعنيين بالحوز تصح‬


‫بالحوز‪ ،‬والخلف أتى ‪:‬هل يجبر‪.‬‬ ‫وفي سوى المعنيين يومر‬

‫وقد استقر القضاء على أن من حق المعطي له أن يجبر المعطي قضاء على تمكينه‬
‫من عطيته وتسليمهلها‪ ،‬ألن المعطي تلزمه عطيته بمجرد التلفظ بها‪ ،‬ويكون من حق‬
‫المعطي له أن يطلب جبره قضاء على تسليمها له وتمكينه منها‪ ،‬وليس للمعطي في هذه‬
‫الصورة أن يدفع دعوى المعطى له بانعدام شرط الحوز‪ ،‬ألن هذه القاعدة إنما تنطبق على‬
‫العالقة بين المطي والغير وأما بين المعطي والمعطى له فإن القاعدة أن للمطعى له أن‬
‫يطلب إزام لمعطي قضاء لتمكين المعطى له من عطيته‪.‬‬

‫والعمل القضائي جار على هذا النحو على مستوى محاكم الموضوع ومحكمة النقض‬
‫(قرار المجلس األعلى عدد‪ 1753‬بتاريخ ‪ ،2009/05/13‬ملف مدني‪-2007/2/1/2762‬‬
‫غير منشور)‪.‬‬

‫هذا فيما يتعلق بحكم الحوز في عالقة المعطي بالمعطى له‪ ،‬أما فيما يتعلق بأثر‬
‫تخلف شرط الحوز في حق الورثة والدائنين فإنه مبطل للعطية قوال واحدا كما هو منصوص‬

‫‪113‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫علي ه بقول خليل "وبطلت إن تأخر لدين محيط " وقول ابن عاصم في باب الصدقة من‬
‫تحفته‪:‬‬

‫معطاه مطلقا لتفريط ع ــرض‬ ‫ومن يصح قبضه وما قب ــض‬


‫إن فاته في ذلك التالفـ ــي‪.‬‬ ‫يبطل حقه بال خـ ـ ــالف‬
‫وقوله رحمه هللا في باب الحبس‪:‬‬
‫قبل حدوث موت أو تفليـس‪.‬‬ ‫والحوز شرط حصة التحبيس‬

‫وهكذا‪ ،‬فإن على المعطى له أن يبادر إلى طلب تحويزه عطيته قبل أن يفوتها المعطي‬
‫لغيره ببيع أو هبة أخرى أو نحو ذلك‪ ،‬وقبل أن يقوم بالمعطى مانع من موت أو إحاطة‬
‫الدين بماله أو إعالن إفالسه‪ ،‬فإذا لم يبادر إلى ذلك حتى حصل مانع مما ذكر بطلت‬
‫العطية‪ ،‬صدقة كانت أو هبة أو حبسا أو غير ذلك‪.‬‬

‫وجد في ذلك وحرص عليه‪ ،‬كما إن رفع‬


‫غير أنه متى قام المعطى له بطلب عطيته‪ً ،‬‬
‫ضد المعطي دعوى لطلب الحكم عليه بالتحويز‪ ،‬فإن ذلك يعتبر بمثابة الحوز التام‪ ،‬ويقضى‬
‫له باستحقاق عطيته ولو مات المعطى أو أفلس أو أحاط الدين بماله بعد مطالبته رسميا‬
‫بتسليم العطية‪ ،‬أو بعد رفع الدعوى عليه من أجل ما ذكر‪ ،‬قبل تنفيذ الحكم الصادر في‬
‫النازلة والتمكن من الحوز فعال‪ ،‬أو قبل الفصل في الطلب‪ ،‬وذلك قول خليل رحمه هللا‪:‬‬
‫"وصح إن قبض ليتروى أو جد في الطلب أو تزكية شاهد"‪.‬‬

‫وهكذا فإن المعطى له الذي لم يتوان عن طلب التحويز في مواجهة المعطي ثم قام‬
‫المانع بأن مات المعطى أو أفلس‪ ،‬فإنه ال يتضرر من ذلك‪ ،‬بل يعتبر كالحائز‪ ،‬وكذلك‬
‫الشأن بالنسبة للقابض العرضي كالمعطى له الذي يطلب من المعطي أن يسلم له الشيء‬
‫المعطي من أجل أن يفحصه ويرى ما إن كان سيقبل العطية أو ال‪ ،‬فسلمها له المعطي‬
‫وقبضها منه المعطى له‪ ،‬ليتأملها ويتروى ليرى هل هي صالحة له فيقبلها أو ال فيردها‬

‫‪114‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫القبض‬ ‫لصاحبها‪ ،‬فمات المعطي قبل أن يجيبه المعطى له‪ ،‬والعطية بين يديه‪ ،‬فإن‬
‫العرضي المذكور يعد كافيا وبمثابة قبض تام‪ ،‬والعطية معه نافذة ‪.‬‬

‫سبق فقهاء الشريعة إلى تقنين نظرية تحول التصرف‪:‬‬

‫إن ما سبقت اإلشارة إليه من اشتراط حصول الحوز في سائر العطيا قبل حدوث‬
‫المانع‪ ،‬إنما هو في العطية التي تقع في صحة المحبس‪ ،‬أما الحبس أو الصدقة أو الهبة‬
‫التي تصدر من صاحبها خالل مرض موته فإنها ال تبطل كلية‪ ،‬بل تصير وصية‪ ،‬إن كانت‬
‫لغير وارث‪ ،‬أو كانت لوارث وأجازها بقية الورثة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬فإنه إذا حبس الشخص عقا ار معينا أو جزءا معلوما من عقار مما يملكه أو‬
‫تصدق بذلك أو وهبه‪ ،‬وكان ذلك في مرض المحبس الذي مات منه‪ ،‬ولم يحز المحبس أو‬
‫المتصدق عليهم أو الموهوب لهم ما ذكر حتى مات المعطي‪ ،‬فإن هذه العطية ال تبطل‬
‫كلية‪ ،‬وتعتبر كأن لم تكن‪ ،‬بل إنها تصير وصية‪ ،‬وتنفذ في حق من صدرت عنه في ثلث‬
‫ماله‪ .‬ويتحول الحبس أو الصدقة أو الهبة هنا إلى وصية‪.‬‬

‫وهذا التحول هو أصل نظرية تحول التصرف التي ظن البعض أنها من مبتكرات الفقه‬
‫األلماني والتي نجد تطبيقا ت لها في الفصل‪ 309‬من قانون االلتزامات والعقود المغربي‪،‬‬
‫الصادر في‪12‬غشت ‪ 1913‬الذي ينص على أنه " إذا بطل التزام باعتبار ذاته وكان به من‬
‫الشروط ما يصح به التزام آخر‪ ،‬جرت عليه القواعد المقررة لهذا االلتزام اآلخر"‪ ،‬وفي‬
‫الفصل‪ 1035‬من نفس القانون‪ ،‬الذي ينص على أنه " ذا تضمن العقد منح أحد الشركاء كل‬
‫الربح كانت الشركة باطلة واعتبر العقد متضمنا تبرعا ممن تنازل عن نصيبه في الربح ‪."...‬‬

‫‪115‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تلكم كانت نظرة موجزة عن أحكام الحوز في التبرعات كما قررها فقهاء الشريعة‪ ،‬سيما‬
‫أصلوها‬
‫المالكية منهم‪ ،‬ويبدو منها للباحث المنصف والمتأمل أنهم دققوا أبحاثهم تدقيقا و ً‬
‫تأصيال ُيرجعها إلى مصدريها األصليين‪ :‬كتاب هللا‪ ،‬وسنة رسوله‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬

‫ولو أن الباحثين المحدثين نهجوا نهج السلف في امعان البحث والتدقيق والتقصي بعد‬
‫اإلحاطة بأحكام اللغة وقواعد األصول‪ ،‬والتمكن من مادة البحث‪ ،‬ألمكنهم الوصول إلى‬
‫حلول للمشكالت التي تطرحها بعض القضايا المستجدة‪ ،‬ولما بقوا يتخبطون فيها زمنا طويال‪،‬‬
‫غير أن هذا لم يقع مع شديد األسف‪ ،‬فكانت النتيجة أن جدت أمور لم يقرر لها حل واضح‬
‫وأصبحت كتب الفقه القديمة عقبات ينفر منها كثير من القراء ويستصعبها غير قليل من‬
‫الباحثين‪ ،‬في حين عز البديل‪ ،‬فأضحى الميدان خلوا من تحليل منصف ومقنع‪ ،‬ومن دليل‬
‫مقنع‪ ،‬ومن مرجع شاف‪.‬‬

‫ومن تمام البحث في شرط الحوز في التبرعات بحث حوز‪ :‬دار السكنى‪ ،‬وحوز مابه‬
‫ثمار مؤبرة أوزرع‪ ،‬وحوز الجزء المشاع‪ ،‬والحوز الجزئي‪ ،‬وحوز العقار المحفظ؛ وذلك ألن‬
‫هذه األمور تخضع من حيث الحوز ألحكام خاصة‪.‬‬

‫أ ـ فأما دار السكنى‪ :‬فإن من المقرر فقها مسلما أن حوزها ال يتم إال بإخالئها من‬
‫شواغل المعطي وأمتعته وخروجه منها خروجا فعليا وبقاءه خارجها مدة عام على األقل‪ ،‬فإن‬
‫لم يفرغها من أمتعته أو أفرغها ثم عاد إليها قبل عام بطلت الهبة إن كان الموهوب له‬
‫محجورا‪ ،‬وكذا إن كان راشدا على المشهور‪ ،‬إذ ال يتحقق الحوز المطلوب شرعا إال بما ذكر‪،‬‬
‫ألن بقاء أمتعة المعطي في الدار المعطاة يعتبر اشغاال منه لها واستعماال لها في مصالح‬
‫نفسه‪ ،‬وبذلك ال يتحقق الحوز على الوجه المطلوب‪ ،‬وقد استقر قضاء المجلس األعلى على‬
‫هذه القاعدة وقرر أنه البد لصحة العطية النصبة على دار السكنى من معاينة إخالء‬

‫‪116‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المعطي لها وعدم عودته إليها داخل عام من يوم اإلخالء (قرار‪ 90/01/29‬في الملف‬
‫‪ ،89/118‬مجلة اإلشعاع‪ ،‬ع ‪ 3‬ص‪.)126‬‬

‫ولكن إذا مرض المعطي أو كان فا ار متخفيا فآواه المعطى له‪ ،‬فإن ذلك ال يعتبر عودا‬
‫وال يبطل العطية‪ ،‬وكذلك األمر إذا عاد ضيفا فآواه المعطى له في الدار المعطاة فمات بها‪.‬‬

‫ومادامت العلة من اإلخالء من األمتعة هي تحقيق الحوز‪ ،‬فإنه ال يكون الزما إذا‬
‫انصبت العطية على الدار وعلى جميع ما فيها‪ ،‬مادام المعطى له حاز الدار بما فيها‪.‬‬

‫ثم إن المعطى إذا عاد لدار سكناه قبل مضي عام‪ ،‬ولكن المعطى له حازها منه ثانية‬
‫حو از صحيحا فإن العطية تصح‪.‬‬

‫وإذا وقع الخالف في وقت الحوز هل كان قبل الدين أو بعده‪ ،‬بطل الحبس‪ ،‬تغليبا‬
‫للواجب الذي هو الدين على المندوب الذي هو العطية‪.‬‬

‫ب ـ وأما حوز ما به ثمار مؤبرة أو زرع‪ :‬فإنه ال يصح بالنسبة للصغير إال إذا شملت‬
‫العطية الزرع والثمار كما سبق‪ ،‬ألن حوز والدهم الواهب لهم ال يتحقق إذا ظل العقار‬
‫مشغوال بثماره أو زرعه‪ ،‬أما بالنسبة للكبار فالعطية صحيحة‪ ،‬وال يؤثر عليها انشغال المعطى‬
‫بزرع الواهب أو ثمره لما هو مقرر من أن للمعطي أن يهب أرضا ويستثني غلتها مدة معينة‪،‬‬
‫خالفا لدار السكنى‪.‬‬

‫وعلة المنع أن حوز الواهب ألوالده الموهوب لهم ما فيه ثمر مؤبر يختلط فيه حوزه لهم‬
‫مع حوزه لنفسه ؛ إذ ال يدرى أهو يحوز العقار الموهوب لحساب نفسه باعتباره حامال للثمار‬
‫المؤبرة العائدة إليه والتي لم تشملها العطية‪ ،‬أو أنه يحوزه لصغاره الموهوب لهم ؛ ولهذا فإن‬
‫حوز األب لبنيه الصار الموهوب لهم يقع صحيحا إذا شمل العطية الثمار‪ ،‬وذلك لزوال العلة‬
‫المشار إليها؛ كما أن الحوز المذكور يقع صحيحا إذا حل وقت جني الثمار وتم جنيها بالفعل‬

‫‪117‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫قبل حصول المانع من موت المعطي أو فلسه أو إحاطة الدين بماله أو فقد أهليته‪ ،‬إذ بمجرد‬
‫جني الثمار يخلص العقار الموهوب للموهوب لهم ويصح حوزه من قبل والدهم نيابة عنهم‬
‫وغنى عن الذكر أن الثمار إذا كانت غير مؤبرة فإنه ال تأثير على عدم ذكرها ألنها تابعة‬
‫لألصل وتشملها العطية حينئذ دون حاجة للنص عليها‪.‬‬

‫ج ـ وأما هبة الجزء الشائع‪ :‬فالمشهور صحته وجوازه مع بقاء يد المعطي على واجبه‬
‫غير المشمول بالعطية‪ ،‬بشرط أن يتصرف المعطى له الرشيد مع الواهب ليتحقق له الحوز‪،‬‬
‫وأما الصغير فإن حوز أبيه نيابة عنه كاف إذا لم ينازعه فيه أحد‪ ،‬وأما مع المنازعة " فال‬
‫يقضي لالبن إال بما عين منهما بتوقيف الشهود عليهما أو بوصف يتحصل به تمييزها كما‬
‫قاله ابن مالك وابن عتاب"‪.‬‬

‫ولعل من نافلة القول اإلشارة إلى أنه خالفا لحكم موت المعطي قبل حصول الحوز فإن‬
‫موت المعطى له ال يؤثر على العطية‪ ،‬ولوقد كان ذلك قبل الحوز‪ ،‬ويحل وورثة المعطى له‬
‫حينئذ محل موروثهم في قبض العطية‪ ،‬مالم يكن الواهب قصد عين الوهوب له فحينئذ تبطل‬
‫العطية‪.‬‬

‫د‪ .‬وأما حوز بعض المعطى دون البعض اآلخر‪ ،‬أو الحوز الجزئي‪ :‬فالمنصوص عند‬
‫الفقهاء أن ما قارب الشيء يعطي حكمه‪ ،‬ولهذا فإن حوز أغلب المعطى أو أنفسه وأجله يقوم‬
‫مقام حوز الكل؛ وكذلك األمر بالنسبة إلخالء دار السكنى‪ ،‬فإن اعتمار المعطي جزءا يسي ار‬
‫منها ال يضر ‪ ،‬أما اعتمار نصف الدار أو تسليم نصف الموهوب فإن الهبة معه تصح في‬
‫النصف الذي وقع حوزه‪ ،‬دون النصف اآلخر الذي لم يحز؛ وهو ما يشير خليل بقوله في‬
‫باب الهبة " ودار سكناه إال أن يسكن أقلها ويكري له األكثر وإن سكن النصف بطل فقط‬
‫واألكثر بطل الجميع"‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫هذا‪ ،‬وقد نص الفقهاء على أن عودة المعطى لدار سكناه ال يضر‪ ،‬إذا كان طريدا أو‬
‫مريضا فآواه المعطى له في الدار المعطاة‪ ،‬كما سلفت إليه اإلشارة آنفا‪.‬‬

‫وقد أكدت محكمة النقض في أحدث قرار لها أن حيازة العطية المنصبة على الجزء‬
‫المعطي ولو شائعا تقع صحيحة‪ ،‬فإذا وهب مالك دار متألفة من طابقين إحدى طابقيها عل‬
‫الغير وسلمه له وحازة المعطى له‪ ،‬فإن العطية صحيحة نافذة ما دام المعطى له حاز‬
‫عطيته‪ ،‬وقررت – أي محكمة النقض‪ -‬أن "واقعة بقاء فراغ المنزل المتصدق به من شواغل‬
‫المتصدق وأمتعته ومعلوم أن من كذب بنيته أبطل العمل بها‪ .‬كما أن شرط الحوز المصحح‬
‫للتبرعات غير ثابت تبعا لذلك نظ ار لعدم تحديد النصف المتصدق به المحوز‪ ،‬وتبعا لذلك‬
‫ونظ ار لعدم تحديد النصف المتصدق به المحوز‪ ،‬فإن شرط تمام الحوز المادي في حياة‬
‫المتصدق غير ثابت ولم يتم استيعاضه بالحوز القانوني بالتسجيل في الرسم العقاري حيث تم‬
‫تسجيل اإلراثة بعد الوفاة لذلك فإن موجبات إبطال الصدقة قائمة " في حين أنه يتجلى من‬
‫مستندات الملف ومن رسم الصدقة عدد‪ 302‬أن المتصدق محمد حركتي تصدق على زوجته‬
‫بلعيدوني فاطمة بنت محمد بالنصف من الدار الكائنة بحي المسيرة شارع سمارة رقم‪106‬‬
‫وجدة‪ ،‬وأنه با عتبار حوز الصدقة واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة وسائل اإلثبات ومنها إشهاد‬
‫البينة المثبتة لها‪ ،‬وأنه يتجلى من رسم الصدقة المذكور المعتمد من الطاعنة أن شهيديه‬
‫توجها صحبة المتصدق عليها إلى الدار المذكورة وحازت الصدقة المذكورة حو از تاما في‬
‫الشياع معاينة فارغة من شواغل المتصدق وامتعته كما يجب" األمر الذي يكون معه القرار‬
‫المطعون فيه فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه ومعرضا للنقض واإلبطال"( قرار‬
‫عدد‪ 1/464‬صادر بتاريخ ‪ 2019/06/18‬في الملف ‪ – 2018/1/1/2599‬غير منشور)‪.‬‬

‫هـ ـ وأما حوز العقار المحفظ (وما في حكمه مما يقتضي التعاقد بشأنه شكلية‬
‫خاصة)‪ :‬فإنه في مقدمة المشاكل التي مازال الفقه والعمل القضائي لم يجد منها مخرجا ولم‬
‫يقف بشأنها موقفا واضحا موحدا‪ ،‬ما ينجم عن تطبيق قانون التحفيظ العقاري الذي يهم‬

‫‪119‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫البحث الحاضر منه اختالف أحكام القضاء بشأن كيفية حوز التبرعات في إطاره وهل يكتفى‬
‫فيه بالقبض المادي لما وقع به التبرع ولو لم يتم نقل الملكية على الرسم العقاري‪ ،‬أم البد‬
‫فيه من التقييد بالمحافظة العقارية‪ ،‬ولذا وجب عقد فقرة خاصة للحديث عن حيازة العقار‬
‫المحفظ في ميدان التبرعات وكيف تتم وبماذا تتم‪.‬‬

‫واستقراء هذه المسألة يقتضي معالجتها من خالل أربع فرضيات يقع الحديث خاللها‬
‫عن‪ :‬أثر الحوز العملي مع التقييد في الرسم العقاري‪ ،‬وأثر التقييد على الرسم العقاري دون‬
‫حوز عملي‪ ،‬وأثر الحوز العملي دون التقييد على الرسم العقاري‪ ،‬وأثر انتقاء الحوز العملي‬
‫مع عدم التقييد‪.‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬حالة ثبوت حوز المعطى له للعطية حو از فعال مع تقييد العطية بالرسم‬
‫العقاري؛ ففي هذه الحالة يعتبر شرط الحوز متحققا‪ ،‬سواء تم التقييد على المحافظة العقارية‬
‫والحوز الفعلي في وقت واحد أو تم أحدهما قبل األخر‪ ،‬ما داما تحققا فعال قبل حدوث‬
‫المانع؛ وهذه الفرضية ال تثير أي إشكال‪ ،‬ألنها أتم صور الحوز وأكملها‪.‬‬

‫الحالة الثانية‪ :‬حالة ثبوت تقييد العطية على الرسم العقاري في حياة المعطي وقبل‬
‫حدوث مانع‪ ،‬مع عدم الحوز الفعلي‪ ،‬بأن ظل العقار المعطى في حوزة المعطي رغم انتقال‬
‫ملكيته على الرسم العقاري إلى المعطى له؛ وهذه الحالة تقتضي وضع السؤال اآلتي‪ :‬هل‬
‫يكتفى بالحوز القانوني الحكمي الذي هو التقييد على الرسم العقاري‪ ،‬أو البد من توفر الحوز‬
‫الفعلي الذي هو وضع يد المعطى له أو وكيله اليد على العقار الموهوب؟‬

‫اختلفت اآلراء حول الجواب على هذا السؤال‪ ،‬فمن قائل بأن تقييد العطية على الرسم‬
‫العقاري وانتقال ملكيتها إلى المعطى له يعتبر حو از كافيا‪ ،‬عمال بمقتضيات الفصلين ‪66‬‬
‫و‪ 67‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬وأن عدم بسط المعطى له يده على العقار المعطى بسطا‬
‫فعليا ال تأثير له؛ ومن قائل بأن ثمرة الملكية والحوز إنما تكمن في الوضع الفعلي لليد‪ ،‬وأن‬

‫‪120‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الملكية القانونية الناجمة عن التقييد ال يمكن أن يكون لها إال مفعول اإلشهاد الذي ال يعتد‬
‫به الفقهاء وإن ورد في رسم العطية التي ال تتم عندهم إال بمعاينة الحوز‪ ،‬وأن شرط المعاينة‬
‫يتطلب الحوز الفعلي‪.‬‬

‫ويبدو أن المجلس األعلى انحاز للرأي األول‪ ،‬ففي معرض الجواب على وسيلة نقض‬
‫اتخذت استنادا إلى أن الحوز الفعلي غير متوفر قال " إن القرار المطعون فيه لما اعتبر‬
‫شرط صحة الصدقة هو الحوز القانوني وذلك بتسجيل المتصدق به على الرسم العقاري في‬
‫حياة المتصدق طبقا ألحكام الفصلين ‪ 66‬و‪ 67‬من ظهير‪ 13/06/12‬يكون قد طبق القانون‬
‫تطبيقا سليما وجاء معلال تعليال كافيا"( قرار عدد ‪ 477‬بتاريخ ‪ ،92/02/05‬ملف عقاري‬
‫‪ 88/7 275‬ـ غير منشور)‪ ،‬وفي معرض هبة لم تقيد على الرسم العقاري قال " ‪..‬إذا كانت‬
‫أحكام الفقه المالكي المتعلقة بالتبرعات تشترط لصحتها أن يتم تحويز المتبرع عليه بالشيء‬
‫المتبرع به قبل حصول المانع من موت المتبرع أو إفالسه فإن المعتبر هنا بالحيازة هو نقل‬
‫الملكية وليس مجرد الظهور المادي على العقار ‪ ،‬وأنه إذا كان التحويز ينقل الملكية بالنسبة‬
‫للعقار غير المحفظ فإن هذا اإلجراء ال يكفي بالنسبة للعقار المحفظ حيث يقرر الفصل‪66‬‬
‫من ظهير التحفيظ أن كل حق عيني يتعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود إال بتسجيله على‬
‫الرسم العقاري‪ ،‬كما يقرر الفصل‪ 67‬الموالي أن األفعال اإلرادية كالتبرع في النازلة واالتفاقات‬
‫التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير ال تنتج أي أثر ولو بين األطراف‬
‫إال بتسجيلها على الرسم العقاري ومن تاريخ التسجيل‪ ،‬وأنه نظ ار لهذا التعارض بين هذه‬
‫المقتضيات فإنه يجب إعمال نص الفصل‪ 106‬من نفس الظهير الذي يقرر تطبيق أحكامه‬
‫وحدها في حالة تعارض أحكام الفقه معها‪ ،‬ولهذا فإنه ما دام أن الواهب قد توفي قبل تسجيل‬
‫الهبة على الرسم العقاري فإنه يجب إعمال القاعدة التي يقررها الفصل‪ 67‬من الظهير والقول‬
‫بأن الهبة قد بطلت‪ ،‬ألن الواهب توفي قبل ان تنتقل ملكية العقار إلى الموهوب له‪ ،‬وأن هذا‬
‫العقار أصبح من عناصر تركة الهالك التي انتقلت إلى الورثة بحكم القانون وال مجال إللزام‬

‫‪121‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الورثة في النازلة أخذا بأحكام الفصل‪ 229‬من ق ز ع ألن طبيعة الهبة ال تسمح بذلك‪"..‬‬
‫(قرار عدد ‪ 30 204‬بتاريخ ‪ 91/12/25‬ملف مدني ‪ ،90/1 902‬غير منشور)‪.‬‬

‫أما محاكم الموضوع فما تزال مترددة بين القول بضرورة توفر الحوز المادي الفعلي‬
‫والقول بكفاية التقييد على الرسم العقاري‪.‬‬

‫ففي معرض نزاع حول هبة عقار محفظ‪ ،‬هو عبارة عن دار كان يسكنها الواهب‪ ،‬لعدم‬
‫ثبوت حوزها من قبل زوجته الموهوب لها حوز فعليا ماديا‪ ،‬قالت المحكمة االبتدائية بالرباط‬
‫"‪ . ..‬إن الدفع بتسجيل العقدين العرفيين المطالب بإبطالهما على بالصك العقاري وبالتالي‬
‫اكتسابهما الحجية المثبة للحيازة القانونية المطلوبة لئن كان يوحي للموهوب لها بمثل توافر‬
‫هذه القرينة لصالحها إال أن التسجيل وتلك الحيازة غير منتجين ال في نظر الفقه وال في‬
‫تحليالت القانون‪ ،‬لكون ما يسجل بالصكوك العقارية ال يكتسب الحجية المطلقة‪ ،‬بل يمكن‬
‫الغاؤه اتفاقا أو قضاء كما تنص على ذلك الفصول ‪66‬و‪67‬و‪ 91‬من ظهير ‪13/8/12‬‬
‫بشأن التحفيظ العقاري‪ ،‬ولكون مسألة قانونية وشرعية الهبة وصحتها مرجوع فيها لقواعد الفقه‬
‫التي تشترط ثبوت الحيازة المادية أوال وعلى النحو المفصل آنفا قبل اشتراط التسجيل والحيازة‬
‫القانونية الشكلية إذا كان األمر متعلقا بعقار محفظ " ( حكم عدد ‪ 387‬بتاريخ ‪.93/03/30‬‬
‫ملف عدد ‪ ،91/1 769/10‬غير منشور)‪.‬‬

‫وقد أيدت استئنافية الرباط هذا الحكم معللة قرارها بعدم " إثبات الموهوب لها المستأنفة‬
‫حيازتها واستئثارها بالدار الموهوب بحجة تامة تعاين هذه الحيازة وكذلك تعاين إفراغ الواهب‬
‫لها الدار الموهوبة مدة سنة وإخالءها من أمتعته وشواغله‪( "..‬قرار‪ 285‬بتاريخ ‪95/1/17‬‬
‫ملف عقاري ‪ ،93/4 732‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الحالة الثالثة‪ :‬حالة ثبوت الحوز الفعلي بمعاينة العدلين حول المعطى له محل المعطي‬
‫في العقار المعطى‪ ،‬مع بقاء هذا العقار مقيدا بالمحافظة العقارية في اسم المعطي ‪ .‬وفي‬
‫هذه الحال ما يزال الخالف محتدما بين قائل باالكتفاء بالحوز الفعلي ‪ ،‬وبين قائل بضرورة‬
‫توفر الحوز القانوني الذي هو التقييد على الرسم العقاري ؛ وهنا نجد نفس الخالف المشار‬
‫إليه في الحالة السابقة بين موقف المجلس األعلى ومواقف محاكم الموضوع ‪.‬‬

‫وال يخفى أن عدم التقييد على الرسم العقاري في هذه الحالة قد يكون بسبب المعطي‪،‬‬
‫كما إذا امتنع من تسليم نظير الرسم العقاري مثال للمعطى له؛ كما قد يكون بسبب المعطى‬
‫له كما إذا لم يتقدم لتقييد عطيته لمجرد كسل أو النشغاله بأمور أخرى أو لمرضه أو آلي‬
‫سبب آخر؛ كما قد يكون أيضا لسبب عارض أو شكلي ال يرجع ال للمعطي وال للمعطى له‪،‬‬
‫كما إذا تعلق األمر بوجود غلط شكلي بسيط في بعض أجزاء رسم العطية‪ .‬فهل يستوي‬
‫الجزاء في مثل هذه الفرضيات الثالث؟‬

‫ثم إنه ما هو الموقف إذا ثبت أن المعطى له سعى في تقييد عطيته على الرسم‬
‫العقاري وجد في ذلك كل الجد‪ ،‬ولكن حصل مانع قبل تمكنه من إتمام ذلك بأن مات‬
‫المعطي مثال أو أ شهر إفالسه؟ هل نطبق القاعدة الفقهية التي تقول بأن الجاد في طلب‬
‫الحوز يعتبر كالحائز‪ ،‬وفق قول خليل رحمه هللا " وصح إن قبض ليتروى أو جد في‬
‫الطلب"‪ ،‬أو نقف عند شكليات نصوص التحفيظ العقاري؟‬

‫الحالة الرابعة‪ :‬حالة عدم ثبوت الحوز الفعلي وعدم وقوع التقييد على الرسم العقاري‪،‬‬
‫وهذه حالة ال يمكن القول معها بتوفر الحوز؛ بل إن هذا الشرط فيها واضح عدم التحقق‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وألهمية موضوع حوز العقار المحفظ فإني وجدت من الناسب إيراد قائمة بأهم‬
‫المصادر المعتمدة في الموضوع‪ ،‬مرتبة أسماء مؤلفيها أبجديا‪ ،‬مع ذكر الصفحات التي وقع‬
‫تناول الموضوع فيها‪ ،‬وذلك تسهيال للوصول إلى مضان الموضوع؛ وهللا ولي التوفيق‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مستجدات قانون التحفيظ ومدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫بتاريخ ‪ 2011/11/24‬نشر بالجريدة الرسمية عدد‪ 5998‬ظهيران شريفان‪ ،‬بتنفيذ‬


‫قانونيين هامين‪:‬‬

‫أحدهما‪ :‬هو الظهير الشريف رقم‪ 177.11.1‬المؤرخ ‪ 25‬حجة ‪1432‬‬


‫(‪ )2011/11/22‬بتنفيذ القانون رقم‪ 14.07‬بشأن تغيير وتتميم ظهير‪ 9‬رمضان‪1331‬‬
‫(‪ )1913/08/12‬بشأن التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫حجة‬ ‫في‪25‬‬ ‫الصادر‬ ‫رقم‪178.11.1‬‬ ‫الشريف‬ ‫الظهير‬ ‫هو‬ ‫والثاني‪:‬‬


‫‪ )2011/11/22(1432‬بتنفيذ القانون ‪ 08 .39‬بشأن مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫وقد جاء كال القانونين المذكورين بمقتضيات جديدة‪ ،‬شكلية‪ ،‬وجوهرية‪ ،‬يكون من‬
‫المناسب إبرازها وإلقاء الضور عليها‪.‬‬

‫‪ .I‬ففيما يخص أهم مستجدات القانون ‪ 07/14‬بشأن تتميم وتغيير قانون‬


‫التحفيظ العقاري‪:‬‬

‫فإن من مستجداته ما ور في المواد‪ 1 :‬و‪ 2‬و‪ 3‬و‪ ،4‬ويتجلى ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫إعطاء الفصل األول من ظهير التحفيظ (المعدل) معنى جديدا للتحفيظ‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إلغاء الفصول‪ 2:‬و‪ 3‬و‪ 4‬و‪ 5‬و‪ 28‬و‪ 33‬و‪ 36‬و‪ 46‬و‪ 49‬و‪ 53‬و‪ 56‬و‪ 57‬و‪79‬‬
‫و‪ 80‬و‪ 92 81‬و‪ 98‬و‪ 99‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪.1913‬‬

‫نسخ وتعويض الفصول‪ 11:‬و‪ 12‬و‪ 13‬و‪ 14‬و‪ 15‬و‪ 16‬و‪ 17‬و‪ 18‬و‪ 30‬و‪ 31‬و‪32‬‬
‫و‪37‬‬

‫و‪ 45‬و‪ 47‬و‪ 64‬و‪ 65‬مكرر و‪ 70‬و‪ 71‬و‪ 73‬و‪ 82‬و‪ 83‬و‪ 86‬و‪ 87‬و‪ 95‬و‪96‬‬
‫و‪ 100‬و‪ 108‬و‪ .109‬من الظهير المذكور‪.‬‬

‫تغيير وتتميم الفصول‪ 20 :‬و‪ 21‬و‪ 22‬و‪ 23‬و‪ 24‬و‪ 25‬و‪ 26‬و‪ 27‬و‪ 35‬و‪ 38‬و‪40‬‬
‫و‪ 41‬و‪ 42‬و‪ 43‬و‪ 44‬و‪ 48‬و‪ 50‬و‪ 51‬و‪ 52‬و‪ 54‬و‪ 55‬و‪ 60‬و‪ 61‬و‪ 62‬و‪ 63‬و‪65‬‬
‫و‪ 66‬و‪ 67‬و‪ 68‬و‪ 69‬و‪ 72‬و‪ 74‬و‪ 75‬و‪ 76‬و‪ 77‬و‪ 78‬و‪ 84‬و‪ 85‬و‪ 87‬و‪ 88‬و‪89‬‬
‫و‪ 90‬و‪ 93‬و‪ 94‬و‪ 97‬و‪ 101‬و‪ 102‬و‪ 103‬و‪ 104‬و‪ 105‬و‪.107‬‬

‫إضافة الفصول‪ 37 :‬مكرر و‪ 1-51‬و‪ 2-51‬و‪ 3-51‬و‪ 4-51‬و‪ 5-51‬و‪6-51‬‬


‫و‪ 7-51‬و‪ 8-51‬و‪ 9-51‬و‪ 10-51‬و‪ 10-51‬و‪ 11-51‬و‪ 12-51‬و‪ 13-51‬و‪-51‬‬
‫‪ 14‬و‪ 15-51‬و‪ 16-51‬و‪ 17-51‬و‪ 18-51‬و‪ 19-51‬و‪ 52‬مكرر و‪ 86‬مكرر و‪105‬‬
‫مكرر و‪.110‬‬

‫وأهم ما يالحظ بشأن التغييرات واإلضافات واإللغاءات المذكورة أنها‪:‬‬

‫سلبت من وكيل الملك حق فتح أجل استثنائي لصالح من يعنيهم األمر للتعرض على‬
‫مطالب التحفيظ‪ ،‬وحصر حق فتح األجل المذكور على مطلب التحفيظ‪ ،‬على المحافظ على‬
‫األمالك العقارية‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫جعلت قرار المحافظ بشأن فتح آجال للتعرض على مطالب التحفيظ نهائي غير قابل‬
‫ألي طعن‪.‬‬

‫ألزمت السلطة المحلية بإنجاز "شهادات إدارية للملكية" للمالكين في المناطق المشمولة‬
‫بالتحفيظ اإلجباري‪ ،‬الذين ال يتوفرون على وثائق‪ ،‬أو الذين تكون وثائقهم غير كافية‪.‬‬

‫غيرت شكليات ومدد سريان التقييد االحتياطي‪ ،‬واشترطت أن يتم تمديده‪ ،‬إال أنها‬
‫عادت وألغت لزومية التمديد في خصوص طلبات القسمة‪.‬‬

‫أخضعت الطعون في األحكام الصادرة في مادة التحفيظ لآلجال المحددة في قانون‬


‫المسطرة المدنية‪ .‬ونصت (في الفصل‪ )109‬على أن األحكام الصادرة في مادة التحفيظ ال‬
‫تقبل الطعن إال باالستئناف و النقض‪ ،‬وال تقبل الطعون األخرى ومنها الطعن بإعادة النظر‪،‬‬
‫وهذا تكريس لقاعدة كانت معروفة وجاريا بها العمل في شأن أحكام محاكم الموضوع‪ ،‬مع‬
‫تعميم العبارة مما جعل عمل محكمة النقض يستقر على تطبيق نفس القاعدة على ق ارراتها‪.‬‬

‫‪ .II‬وفيما يخص أهم مستجدات القانون‪ 087/39‬بشأن مدونة الحقوق‬


‫العينية‪:‬‬

‫‪ .1‬إن مدونة الحقوق العينية كلها جديدة‪ ،‬من الناحية الشكلية‪ ،‬كنص قانوني‪ ،‬واجب‬
‫التطبيق على المنازعات العقارية التي لم يرد بشأنها نص خاص‪.‬‬

‫‪ .2‬ومن الناحية الموضوعية‪ ،‬فإن أهم المقتضيات التي جاءت بها مدونة الحقوق‬
‫العينية تبدوا واضحة في النواحي اآلتية‪:‬‬

‫‪126‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فيما يخص النصوص المطبقة على المنازعات العقارية‪:‬‬

‫أخضعت مدونة الحقوق العينية المنازعات العقارية‪:‬‬

‫أ) لنصوصها (أي نصوص مدونة الحقوق العينية) بالدرجة األولى؛‬


‫ب) ثم للتشريعات الخاصة‪ ،‬األخرى‪ ،‬في الدرجة الثانية‪ ،‬إن لم يوجد نص ينطبق‬
‫على النازلة؛‬
‫ت) ثم نصوص قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬في الدرجة الثالثة؛‬
‫ث) ثم المبادئ والقواعد المقررة في الراجح‪ ،‬والمشهور‪ ،‬وما جرى به العمل في‬
‫مذهب اإلمام مالك‪ ،‬في الدرجة الربعة‪.‬‬

‫في مجال القوة اإلثباتية للتقييدات‪:‬‬

‫إمكانية إبطال التقييدات على الرسم العقاري‪ ،‬ولو في حق المقيد حسن النية‪ ،‬عندما‬
‫يتعلق األمر بتقييد نتج عن‪ :‬تدليس‪ ،‬أو زور؛ بشرط تقديم دعوى اإلبطال داخل‪ 4‬سنوات‬
‫(المادة ‪.)2‬‬

‫وفي مجال شكليات التصرفات الواردة على العقار‪:‬‬

‫أوجبت مدونة الحقوق العينية إنجاز التصرفات التي تنصب على العقارات بعقود‬
‫رسمية‪ ،‬يحررها عدول أو موثقون‪ ،‬أو عقود ثابتة التاريخ يحررها محامون مقبولون لدى‬
‫محكمة النقض (المادة ‪.)4‬‬

‫‪127‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وفي مجال التبرعات‪:‬‬

‫أ) اعتبار التقييد على الرسم العقاري‪ ،‬في مطلب تحفيظ‪ ،‬بمثابة حيازة للتبرعات‪،‬‬
‫ولو لم يحزها المتبرع عليه حيازة فعلية‪ ،‬ودون توفر معاينة الحوز الفعلي (المادة‬
‫‪.)274‬‬
‫ب) تخويل ناقص األهلية حق قبول الهبة بنفسه‪ ،‬ولو مع وجود نائب شرعي له ؛‬
‫وعد م اشتراط وجود (أو تعيين) نائب لغرض القبول إال بالنسبة لفاقد األهلية‬
‫(المادة ‪.)276‬‬
‫ت) تقييد إمكانية اعتصار الهبة بحضور الموهوب له وموافقته‪ ،‬أو بصدور حكم‬
‫بالفسخ (المادة ‪.)286‬‬
‫ث) عدم االعتداد بوفاة الواهب‪ ،‬كمانع لنفاذ الهبة‪ ،‬إن تم تقييدها على الرسم العقاري‬
‫قبل وفاته ولو لم تقترن بقبول (المادة ‪.)279‬‬

‫في مجال الشفعة‪:‬‬

‫أ‪ .‬تحديد آجال الشفعة في‪:‬‬


‫‪ 30 ‬يوما من تاريخ التوصل بإنذار من المشتري بعد تقييد شرائه على الرسم‬
‫العقاري‪ ،‬أو إيداع شرائه بمطلب التحفيظ (المادة ‪.)1/304‬‬
‫‪ ‬سنة واحدة من يوم التقييد على الرسم العقاري إن لم يوجه المشتري إنذا ار (المادة‬
‫‪.)2/304‬‬
‫‪ ‬أربع سنوات من تاريخ العقد‪ ،‬في كل األحوال‪ ،‬إن لم يتحقق العلم (المادة‬
‫‪.)3/304‬‬
‫ب‪ .‬إخضاع الشفعة لشرط عرض وإيداع الثمن سواء كان العقار موضع طلبها محفظا‪ ،‬أو‬
‫في طور التحفيظ‪ ،‬أو غير محفظ (المادة ‪.)306‬‬

‫‪128‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ت‪ .‬منع الشفعة في البيع بالمزاد العلني‪.‬‬


‫ث‪ .‬إخضاع الشفعة في العقار غير المحفظ والذي في طور التحفيظ لنفس القيود‬
‫والشروط المقررة بشأن العقار المحفظ‪ ،‬بما في ذلك وجوب عرض وإيداع الثمن‬
‫والمصاريف (المادة ‪.)306‬‬
‫ج‪ .‬تقييد طلب شفعة العقار الذي هو في طور التحفيظ بتقييد تعرض على مطلب‬
‫التحفيظ (المادة ‪.)305‬‬
‫ح‪ .‬منع واألغاء الشفعة في البيع بالمزاد العلني‪.‬‬
‫خ‪ .‬إخضاع الشفعة في العقار غير المحفظ والذي في طور التحفيظ لنفس القيود‬
‫والشروط المقررة بشأن العقار المحفظ‪ ،‬بما في ذلك وجوب عرض وإيداع الثمن‬
‫والمصاريف (المادة ‪.)306‬‬
‫د‪ .‬تقييد طلب شفعة العقار الذي هو في طور التحفيظ بتقييد تعرض على مطلب‬
‫التحفيظ (المادة ‪.)305‬‬
‫ذ‪ .‬بطالن التصرفات التي يجريها المشتري على الحصة المشفوعة‪ ،‬إن تعلق األمر‬
‫بعقار غير محفظ (المادة ‪.)310‬‬

‫في مجال القسمة‪:‬‬

‫أ‪ .‬اشتراط توجيه دعوى القسمة ضد سائر الشركاء (المادة ‪.)316‬‬


‫ب‪ .‬اشتراط تقييد دعوى القسمة تقييدا احتياطيا على الرسم العقاري (المادة ‪.)316‬‬
‫ت‪ .‬اشتراط توجيه دعوى القسمة ضد كل أصحاب الحقوق العينية (المادة ‪.)317‬‬

‫في مجال إحياء الموات‪ ،‬والحيازة‪:‬‬

‫أ‪ .‬إخضاع "إحياء األرض الموات" إلذن السلطة‪.‬‬


‫ب‪ .‬جعل الحيازة مكسبة للملك تارة‪ ،‬واعتبارها مجرد قرينة عليه تارة أخرى‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .III‬وفيما يخص تفصيل بعض المالحظات بشأن مدونة الحقوق العينية‪:‬‬

‫تمهيد عام بشأن تاريخ المنازعات العقارية من حيث النصوص المطبقة عليها‪:‬‬

‫‪ .1‬من المعلوم أن النزاعات القائمة حول الحقوق العينية العقارية ظلت تتأرجح بين‬
‫إخضاعها لقواعد الفقه المالكي الجاري به العمل في المغرب‪ ،‬وبين إخضاعها لقانون‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬وبعض المبادئ القضائية التي قررتها محاكم المملكة‪ ،‬محط نقاش‪ ،‬وذلك‬
‫منذ صدور قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬وكان النقاش بشأن ما ذكر يشتد عندما يتعلق‬
‫األمر بعقار في طور التحفيظ‪ ،‬إلى أن وضع حد للجدل المذكور بمقتضى المادة األولى من‬
‫القانون‪ 39.08‬المأمور بتنفيذه بالظهير الشريف رقم ‪ 1 .11 .178‬الصادر في‪25‬‬
‫حجة‪ 1432‬الموافق‪ ،2011/11/22‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 5998‬الصادرة يوم‪27‬‬
‫حجة ‪ 1432‬الموافق‪( 2011/11/24‬ص‪ ،)5587‬التي نصت في فقرتها األولى على أن‬
‫"تسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية والحقوق العينية‪ ،‬ما لم تتعارض مع‬
‫تشريعات خاصة بالعقار" ونصت في فقرتها على أن "تطبق مقتضيات الظهير الشريف‬
‫الصادر في‪ 9‬رمضان‪ 12( 1331‬أغسطس‪ )1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود في ما‬
‫لم يرد به نص في هذا القانون‪ ،‬فإن لم يوجد نص‪ ،‬يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به‬
‫العمل من الفقه المالكي"‪ .‬وهكذا وضعت هذه المادة حدا للجدل الذي كان قائما حول‬
‫النصوص التي تخضع لها النزاعات المتعلقة بالعقار‪ ،‬بأن أصبحت النصوص الواجب‬
‫اإلعمال بشأن النزاعات المذكورة هي‪:‬‬

‫‪ ‬نصوص مدونة الحقوق العينية‪ ،‬بالدرجة األولى؛‬


‫‪ ‬ثم التشريعات الخاصة‪ ،‬األخرى‪ ،‬في الدرجة الثانية؛‬
‫‪ ‬ثم نصوص قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬في الدرجة الثالثة؛‬

‫‪130‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬ثم المبادئ والقواعد المقررة في الراجح‪ ،‬والمشهور‪ ،‬وما جرى به العمل في‬
‫مذهب اإلمام مالك‪ ،‬في الدرجة الربعة‪.‬‬

‫‪ .2‬وقد يكون من شأن عبارات المادة األولى سالفة الذكر أن تفضي إلى اختالفات‬
‫ونقاشات حول المراد من "التشريعات الخاصة بالعقار"‪ ،‬وهل يشمل ذلك النصوص الخاصة‬
‫الموجودة حاليا أو يقتصر على النصوص التي ستصدر بمناسبة تطبيق مدونة الحقوق‬
‫العينية أو بمناسبة أخرى‪ ،‬أو أن التعبير المذكور يعم القوانين الموجودة والتي ستصدر الحقا‪،‬‬
‫من جهة؛ وكذا حول التفسيرات التي ستعطى لبعض نصوص قانون االلتزامات والعقود‬
‫المستمدة من مبادئ الفقه المالكي؛ وما أكثرها‪.‬‬

‫ومما يزيد في تعقيد المسألة‪ ،‬الترجمة غير الدقيقة أو الغامضة واالقتباسات المقتضبة‬
‫تارة وغير الدقيقة تارة أخرى من قواعد الفقه المالكي التي اعتمدها واضعو قانون االلتزامات‬
‫والعقود‪.‬‬

‫وهذا األمر أصبح يدعو أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬إلى ضرورة االستعانة بمبادئ الفقه‬
‫المالكي في أصولها الصحيحة‪ ،‬من أجل تكميل وتفسير نصوص مدونة الحقوق العينية‪،‬‬
‫ونصوص قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬والنصوص األخرى المتصلة بالموضوع‪.‬‬

‫وهو األمر الذي ينعقد األمل معه على المشتغلين في حقل القانون– من أساتذة‪،‬‬
‫ومحامين ومحافظين على األمالك العقارية وقضاة – في أن يبذلوا من الجهد والتأمل العميق‬
‫ما من شأنه أن يساعد على النهوض بفقه العقار وتطويره بما يالئم مصلحة األفراد‬
‫والمجتمع‪ ،‬في ظل قواعد واضحة ومنصفة‪ ،‬ويشكل انطالقة صحيحة وسليمة وفعالة في‬
‫الطريق الصحيح لفهم وتطبيق وتأويل نصوص مدونة الحقوق العينية‪ ،‬والنصوص المتصلة‬
‫بها وبموضوع العقار‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .3‬ومن األسئلة التي يطرحها دخول مدونة الحقوق العينية حيز التنفيذ التساؤل حول‬
‫ما إن كانت النصوص التي وضعت لتطبيق قانون‪ ،1915/06/02‬ومنها على سبيل المثال‬
‫القرار الوزيري الصادر في‪ 1915/06/15‬بشأن تفاصيل تطبيق النظام العقاري‪ ،‬قائمة‪ ،‬رغم‬
‫أن مدونة الحقوق العينية نسخت ظهير ‪ 1915/06/02‬الذي كان يتضمن التشريع المطبق‬
‫على العقارات المحفظة‪ ،‬أم أن تلك النصوص الخاصة ستبقى نافذة في ظل المدونة‬
‫المذكورة‪.‬‬

‫‪ .4‬ولعله يكون من المفيد اإلشارة إلى أن مدونة الحقوق العينية تتألف‪ 334‬مادة موزعة‬
‫على ثالثة "أجزاء"‪:‬‬

‫الجزء األول‪ :‬سمي فصل تمهيدي‪ ،‬ويتضمن المواد من ‪ 1‬إلى ‪.7‬‬

‫الجزء الثاني‪ :‬سمي الكتاب األول‪ ،‬ويضم المواد من‪ 8‬إلى‪221‬؛ وهو مقسم إلى‪3‬‬
‫أقسام‪.‬‬

‫القسم األول‪( :‬المواد من ‪ 14‬إلى ‪ )141‬وهو مخصص للحقوق العينية العقارية‪ ،‬وهو‬
‫مقسم إلى عشرة أبواب؛ تناول األول منها‪ :‬أحكام حق الملكية؛ وتناول الثاني االرتفاقات‬
‫والتكاليف العقارية؛ والثالث حق االنتفاع؛ والرابع حق العمري؛ والخامس حق االستعمال؛‬
‫والسادس حق السطحية؛ والسابع حق الكراء الطويل األمد؛ والثامن حق الحبس؛ والتاسع حق‬
‫الزينة؛ والعاشر حق الهواء والتعلية‪.‬‬

‫القسم الثاني‪( :‬المواد من‪ 142‬إلى‪ )213‬وهو مخصص للحقوق العينية التبعية وهو‬
‫مقسم إلى ثالثة أبواب‪ .‬تناول األول منها لالمتيازات؛ والثاني للرهن الحيازي؛ والثالث للرهون‬
‫الرسمية‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والقسم الثالث‪( :‬المواد من ‪ 214‬إلى ‪ )221‬وهو مخصص للحجز والبيع الجبري‬


‫للعقارات‪.‬‬

‫الجزء الثالث‪ :‬سمي الكتاب الثاني؛ ويتألف من المواد من ‪ 222‬إلى ‪ ،334‬ويتألف من‬
‫قسمين‪:‬‬

‫القسم األول‪( :‬المواد من‪ 222‬إلى ‪ )312‬خصص ألسباب كسب الملكية‪ ،‬وهو يتألف‬
‫من بابين؛ خصص األول إلحياء األراضي الموات والحريم‪ ،‬وااللتصاق‪ ،‬والحيازة‪ ،‬والميراث‬
‫والوصية (اللذين أحال بشأنهما على مدونة األسرة)؛ وخصص الباب الثاني‪ :‬للمغارسة‪،‬‬
‫والهبة‪ ،‬والصدقة‪ ،‬والشفعة‪.‬‬

‫القسم الثاني‪( :‬المواد من ‪ 313‬إلى ‪ )334‬وهو يبحث أمرين‪:‬‬

‫األمر األول‪ :‬القسمة‪ ،‬وقد خصصت لها المواد من‪ 313‬إلى ‪.332‬‬

‫األمر الثاني‪ :‬يتضمن مادتين‪ ،‬هما‪ :‬المادة ‪ 333‬التي نسخت ظهير‪ 19‬رجب‪1333‬‬
‫(‪ )1915/06/02‬بشأن التشريع المطبق على العقارات المحفظة؛ والمادة ‪ 334‬التي نصت‬
‫على أن مدونة الحقوق العينية تدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من تاريخ نشرها بالجريدة‬
‫الرسمية (علما بأن مدونة الحقوق العينية صدر األمر بتنفيذها بالظهير الشريف رقم ‪.178‬‬
‫‪ 1 .11‬الصادر في‪ 25‬حجة ‪ )2011/11/22(1432‬المنشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد‪ 5958‬الصادرة في‪ ،2011/11/24‬وبذلك يكون منطلق العمل بها هو يوم‬
‫‪.2012/05/24‬‬

‫‪ .5‬هذا وإن آفاق تطبيق مدونة الحقوق العينية تستدعي مالحظات بشأن عدة مواضع‬
‫من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فيما يخص تنظيم الحيازة‪:‬‬

‫‪ .1‬أول وأهم مالحظة تتعين إثارتها بشأن نصوص مدونة الحقوق العينية بشأن الحيازة‬
‫أنها تتأرجح بين األخذ بنظرية ابن رشد‪ ،‬الراجحة لدى الفقهاء‪ ،‬القائمة على أن الحيازة‬
‫المستوفية للشروط المقررة إنما هي مجرد دليل على الملك وليست سببا فيه‪ ،‬وبين النظرية‬
‫المقابلة‪ ،‬المرجوحة‪ ،‬القائلة إن الحيازة المستوفية للشروط المقررة في بابها مكسبة للملك‬
‫وناقلة له وليست مجرد دالة عليه‪.‬‬

‫ويبدوا ذلك جليا من تأمل المادة‪ 3‬من المدونة المذكورة‪ ،‬ومواد الفصل الثالث من الباب‬
‫األول من القسم األول من الكتا ب الثاني منها المتعلق بأسباب كسبب الملكية‪ ،‬المخصص‬
‫للحيازة‪ ،‬المشتمل من‪ 25‬مادة‪ ،‬وهي المواد من‪ 239‬إلى المادة‪ ،263‬الموزعة عبر أربعة‬
‫فروع‪ ،‬خصص الفرع األول منها (المواد من‪ 239‬إلى‪ )249‬لألحكام العامة للحيازة‪ ،‬والثاني‬
‫(المواد من‪ 250‬إلى‪ )259‬لمدة الحيازة والثالث(المواد من‪ 260‬إلى‪ )262‬آلثار الحيازة‪،‬‬
‫والرابع (المادة‪ )293‬إثبات الحيازة وحمايتها‪.‬‬

‫ذلك أن مدونة الحقوق العينية‪ ،‬باستثناء المدة ‪ ،3‬أدرجت المواد التي خصصتها ألحكام‬
‫الحيازة‪ ،‬ضمن أسباب كسب الملكية‪ ،‬ومن ذلك يمكن القول إنها أخذت بالنظرية القائلة بأن‬
‫الحيازة من أسباب كسب الملكية‪ ،‬وذلك ما كرسته المادة‪ 3‬منها من أنه يترتب على الحيازة‬
‫المستوفية للشروط القانونية اكتساب الحائز ملكية العقار غير المحفظ أو الحق العيني محل‬
‫الحيازة‪ ،‬وما نصت عليه المادة ‪ 239‬من أن "تقوم الحيازة االستحقاقية على السيطرة الفعلية‬
‫على الملك بنية اكتسابه وما نصت عليه‪ 260‬من أنه "يترتب على الحيازة المستوفية‬
‫لشروطها اكتساب الحائز ملكية العقار‪ ،‬وما أشارت إليه المادة‪ 261‬من أنه "ال تكتسب‬
‫بالحيازة‪ :‬أمالك الدولة‪ ،"...‬وما نصت عليه الفقرة‪ 5‬من المادة ‪ 243‬من أنه "يمكن لفاقد‬
‫األهلية أو ناقصها أن يكتسب الحيازة إذا باشرها نائبه الشرعي نيابة عنه‪ ،‬وما نصت عليه‬

‫‪134‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المادة ‪ 250‬من أنه "إذا حاز شخص أجنبي غير شريك ملكا حيازة مستوفية لشروطها‪...‬‬
‫فإنه يكتسب بحيازته ملكية العقار"‪ ،‬وما جاء في المادة‪ 253‬من االعتداد "بنية تملكه"‪.‬‬

‫والنظرية السابقة‪ ،‬القائلة بأن الحيازة مكسبة للملك‪ ،‬هي نظرية مرجوحة‪ ،‬والنظرية‬
‫الراجحة هي نظرية ابن رشد القائمة على أن الحيازة إنما هي دليل على الملك‪ ،‬وليست سببا‬
‫فيه‪ ،‬أي أنها مظنة الملك وليست سببا فيه‪ ،‬ولذلك ال يمكن تصنيفها ضمن أسباب كسب أو‬
‫انتقال الملكية؛ ومن أدلة ذلك أن فقهاء المالكية يبحثون الحيازة في باب الشهادات‬
‫(اإلثبات) أو في باب القضاء‪ ،‬وليس في باب أسباب اكتساب الملكية أو انتقالها‪.‬‬

‫على أنه يؤخذ من قول المادة ‪ 3‬من مدونة الحقوق العينية "إلى أن يثبت العكس"‪ ،‬أنها‬
‫اعتنقت النظرية القائلة إن الحيازة مجرد دليل على الملك وليست سببا فيه‪ ،‬وهو ما تؤيده‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 239‬من المدونة المذكورة الناصة على أن "ال تقوم ‪ ...‬الحيازة لغير‬
‫المغاربة مهما طال أمدها"‪ ،‬وهو ما يزكيه قول المادة‪ 241‬من أنه "ال تقوم الحيازة إذا بنيت‬
‫على عمل غير مشروع"‪ ،‬وهو نفس المعنى الذي يؤخذ من المادة ‪ 242‬الناصة على أن "ال‬
‫يكلف الحائز ببيان وجه مدخله إال إذا أدلى المدعي بحجة على دعواه" ومن المادة ‪246‬‬
‫القاضية بأن "ال تقوم الحيازة وال يكون لها أثر إذا ثبت أن أصل مدخل الحائز غير ناقل‬
‫للملكية"‪.‬‬

‫ومن هنا يتبين أن مدونة الحقوق العينية أخذت – في آن واحد‪ -‬بنظريتين متعارضتين‬
‫من نظريات الحيازة وعالقتها بسبب التملك‪ ،‬وهما‪ :‬نظرية ابن رشد التي تبعها ابن القاسم‪،‬‬
‫القائمة على أن الحيازة إنما هي دليل على الملك‪ ،‬وليست سببا فيه‪ ،‬وهي النظرية الراجحة‬
‫لدى جمهرة الفقهاء المالكية؛ وذلك في مقابل النظرية المرجوحة القائلة بأن الحيازة سبب من‬
‫جدير بمدونة الحقوق العينية أن تتجنبه وأن تعتنق‬
‫ا‬ ‫أسباب كسب الملكية‪ .‬وهو مسلك كان‬
‫بوضوح النظرية السائدة في الفقه القائمة على أن الحيازة إنما هي قرينة على الملك وليست‬

‫‪135‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫سببا فيه‪ ،‬وأن الحيازة إنما هي‪ ،‬كما يقول الفقهاء‪ ،‬بمثابة العفاص والوكاء في اللقطة‪ ،‬ال تنفع‬
‫صاحبها متى ثبت أن سبب دخوله إلى العقار المحوز غير مشروع‪.‬‬

‫ومن المناسب هنا‪ ،‬اإلشارة إلى أن الفقهاء المعاصرين الذين اهتموا بموضوع الحيازة‬
‫في الفقه المالكي يفضلون األخذ بنظرية ابن رشد‪ ،‬ويستندون في ذلك إلى مجموعة من‬
‫النصوص واآلراء‪ ،‬منها‪:‬‬

‫أ‪ .‬ما ورد في مدونة اإلمام مالك "في الشهادة على الحيازة" مما "يؤيد الرأي القائل بأن‬
‫الحيازة وحدها ال تنقل المال المحاز‪ ،‬ولكنها تدل على الملك‪ ،‬أو تعتبر قرينة على ملكية‬
‫الحائز للمال المحاز‪ ،‬ولكنها ليست قرينة قاطعة"‪.1‬‬

‫ب‪ .‬ما ورد في شرح الحطاب لقول خليل‪ ،‬في باب االستحقاق "وإن حاز أجنبي غير‬
‫شريك‪ "..‬من أن "الحيازة ال تنقل الملك‪ ،‬عن المحوز عنه إلى الحائز باتفاق‪ ،‬ولكنها تدل‬
‫على الملك‪ ،‬كإرخاء الستور‪ ،‬ومعرفة العفاص والوكاء‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬فيكون القول معها‬
‫قول الحائز‪ ،‬مع يمينه"‪.2‬‬

‫ج‪ .‬ما أجمع عليه الفقهاء وحذاق الموثقين من أن الحيازة ال تفيد الملك إال بشرط أن‬
‫يدعي الحائز الملك‪ ،‬بسب ب من أسباب اكتساب أو نقل الملكية‪ ،‬أو يدعي جهل أصل الملك‬
‫ويحلف‪ ،‬وأما تمسكه بمجرد الحيازة فال ينفعه لرد حجة خصمه‪.3‬‬

‫‪ .2‬وثاني مالحظة يمكن مؤاخذتها على مدونة الحقوق العينية أنها أخذت‪ ،‬في‬
‫المادتين‪ 253‬و‪ 254‬بقاعدة تلقيف الحيازة بين الخلف الخاص والخلف العام‪ ،‬مع أن جانبا‬
‫مهما من الفقه يفرق في التلفيق بين حيازة السلف وحيازة خلفه العام‪ ،‬وفيها يضم مدة حياة‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬مدونة اإلمام مالك‪ ،‬ج ‪ ،13‬ص ‪ 41‬و‪.42‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬شرح الحطاب على خليل‪ ،‬في باب االستحقاق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ .‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ص ‪.207‬‬

‫‪136‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫السلف إلى مدة حيازة السلف؛ وبين حيازة السلف وحيازة خلفه الخاص‪ ،‬وفيها ال يقول بضم‬
‫مدة حيازة المشتري إلى مدة حيازة البائع؛ وهي قاعدة أخذ بها القانون السوداني صراحة‪.1‬‬

‫‪ .3‬وثاني مالحظة أن من حسنات مدونة الحقوق العينية أنها تعرضت لحيازة‬


‫األشخاص المعنوية‪ ،‬في الفقرة الثالثة من المادة ‪ ،43‬وهو موضوع قل من تكلم عنه ممن‬
‫كتب في مجال الحيازة‪ ،2‬وهذه من حسنات المدونة المذكورة ‪.‬‬

‫وفيما يخص الترجيح بين الحجج‪:‬‬

‫يواخذ على مدونة الحقوق العينية أنها‪ ،‬أثناء الحديث في المادة‪ 3‬على أسباب الترجيح‬
‫بين األدلة قررت "تقديم البينة السابقة على البينة الالحقة تاريخا" مع أن القاعدة المتفق‬
‫عليها فقها المقررة قضاء أن العبرة في الترجيح بالتاريخ إنما هي لطول مدة الحيازة‪ ،‬وليس‬
‫لمجرد أخر تاريخ إحدى الحجتين على تاريخ األخرى‪.3‬‬

‫وفيما يخص الترابط بين نصوص مدونة الحقوق العينية ونصوص قانون‬
‫التحفيظ‪:‬‬

‫يالحظ بشأن وسائل إثبات الحيازة أن قانون التحفيظ سن وسيلة من وسائل إثبات‬
‫الملكية‪ ،‬غير التي قننتها المادة ‪ 263‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬وتمت اإلشارة إليها عرضا‬
‫في المادة ‪ 3‬من نفس المدونة‪ ،‬وذلك من خالل إحداث قانون التحفيظ‪ ،‬في الفصل ‪،6 .51‬‬
‫وسيلة إلثبات الملكية ‪ ،‬في مجال التحفيظ الجماعي ‪ ،‬وهي الشهادة التي تنجزها السلطة‬
‫المحلية‪ ،‬وهذه وسيلة إثبات قلما تناولها مؤلف من المؤلفات في مجال الحيازة‪ ،4‬ويبدو أن‬
‫الدافع إلى سنها هو التخفيف على مالك األراضي الخاضعة لنظام التحفيظ الجماعي؛ وال بد‬
‫‪1‬‬
‫‪ .‬نفس المرجع‪ ،‬الصحيفة ‪ 57‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬انظر محمد القدوري‪ ،‬حيازة العقار كدليل على الملك وسبب فيه‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2009‬الصحيفة ‪ 128‬رقم ‪.8‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ .‬انظر نفس المرجع‪ ،‬الصفحة ‪ 58‬و‪.86‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ .‬بشأن هذا النوع من وسائل اإلثبات انظر المرجع السابق الصفحة ‪.77‬‬

‫‪137‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من القول إن مثل الشهادة المذكورة ال يمكن أن تعدل الشهادة العدلية الصحيحة المستوفية‬
‫للشروط المقررة‪ ،‬عندما يقع التنازع بين الحجج‪.‬‬

‫وفيما يخص النصوص الواجبة التطبيق بالموازاة مع مدونة الحقوق‬


‫العينية‪:‬‬

‫يالحظ أنه باإلضافة إلى القوانين التي نصت المدونة صراحة على تطبيقها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الذي أصبح يحتل الدرجة الثانية بعد نصوص المدونة‪ ،‬في تنظيم‬
‫المنازعات العقارية‪.‬‬

‫علما بأن هنالك مواد تناولها "قانون االلتزامات والعقود"‪ ،‬ولم تتكلم عنها مدونة الحقوق‬
‫العينية‪ ،‬فأضحى القانون المذكور هو النص المطبق على تلك المنازعات‪ ،‬في الدرجة األولى‬
‫[ومن ضمن ما انفرد قانون االلتزامات والعقود بتنظيمه‪ ،‬ولم تتناوله مدونة الحقوق العينية‪:‬‬
‫البيوع (الفصول ‪ 478‬إلى‪ ،)613‬والمعاوضة (الفصل ‪ )619‬والوكالة (الفصول ‪879‬‬
‫إلى‪ )943‬واالشتراك (الفصول ‪ 909‬إلى‪ ،)1083‬والصلح (الفصل ‪ ،)1098‬والرهن الحيازي‬
‫للعقارات (الفصول ‪ 1170‬إلى‪.])1183‬‬

‫وفيما يخص قواعد الفقه التي يجب تطبيقها عند عدم وجود نص قانوني‪:‬‬

‫نظ ار ألن مدونة الحقوق العينية أحالت على الراجح والمشهور وما جرى بع العمل‪ ،‬في‬
‫مذهب اإلمام مالك‪ ،‬فقد بات من الالزم التعريف بالمصطلحات المذكورة‪ ،‬بإيجاز‪:‬‬

‫‪138‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أ‪ .‬فالراجح‪ :‬هو ما قوي دليله‪ ،‬وقيل ما كثر قائله‪ ،‬وعلى هذا القول األخير يكون‬
‫الراجح مرادفا للمشهور؛ لكن المعتمد أن الراجح ما قوي دليله‪ ،1‬وأن المشهود هو ما كثر‬
‫قائله وقيل هو ما قوي دليله‪ ،‬وقيل هو قول ابن القاسم في المدونة ‪.‬‬

‫ب‪ .‬و"ما جرى به العمل"‪ :‬هو ما تقرر العمل به من نصوص الفقه الموسومة‬
‫بالضعيفة أو الشاذة‪ ،‬مما يخالف الراجح أو المشهور‪ ،‬وذلك‪ :‬إما لضرورة أو عرف جار أو‬
‫نحو ذلك؛ فهو ضرب من االجتهاد المذهبي‪.2‬‬

‫مع اإلشارة إلى أن "العمل" ينقسم إلى عمل مطلق‪ ،3‬وهو الذي يعم العمل به أقطار‬
‫المغرب (تونس والجزائر والمغرب)‪ ،‬وعمل خاص‪ ،‬وهو ما يقتصر على قطر واحد مثل‬
‫العمل الفاسي الذي كان يجري به العمل في األندلس والمغرب‪. 4‬‬

‫ج‪ .‬وأما المشهور‪ ،‬وهو – كما سبق – ما كثر قائله‪ ،‬وإن اختلف المتأخرون في‬
‫معناه‪ ،‬بين قائل‪ :‬هو ما كثر قائله‪ ،‬وقائل هو ما قوي دليله‪ ،‬وقائل إنه قول ابن القاسم في‬
‫المدونة‪.‬‬

‫فعلى القول األول البد أن يزيد نقلته عن ثالثة؛ ويسميه األصوليون بالمستفيض أيضا؛‬

‫وذكر ابن فرحون‪ ،‬في كشف النقاب‪ ،1‬أن "مسائل المذهب تدل على أن المشهور ما‬
‫قوي دليله‪ ،‬وأن مالكا رحمه هللا كان يراعي من الخالف ما قوي دليله‪ ،‬ال ما كثر قائله فقد‬

‫‪ .8‬محمد القدوري‪ ،‬معجم المصطلحات الفقهية‬


‫‪ .9‬نفس المرجع؛ وانظر ‪ :‬الحجوي‪ ،‬الفكر السامي‪ ،‬ج ‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ .‬ومن أهم النصوص بشأن العمل المطلق‪ ،‬منظومة "العمل المطلق" التي نظمها وشرحها العالمة سيدي محمد بن أبي القاسم الفياللي‪ ،‬وهي‬
‫مطبوعة على الحجر ‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ .‬من أهم النصوص في العمل الفاسي‪".1:‬نظم العمل" لسيدي عبد الرحمن الفاسي‪ ،‬وهي تتألف ‪ 453‬بيتا‪ ،‬من أشهر شراحها‪ :‬شرح سيدي‬
‫المهدي الوزاني‪ ،‬في "تحفة أكياس الناس بشرح عمليات فاس"‪ ،‬وشرح سيدي محمد بن القاسم السجلماسي المشهور بالرباطي ‪ .2 .‬ونظم "المية‬
‫الزقاق" لسيدي علي الفاسي التجيبي‪ ،‬وهي تتألف من ‪ 262‬بيتا‪ ،‬وعليها عدة شروح‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أجاز الصالة على جلود السباع إذا ذكيت وأكثرهم على خالفه ‪ ،...‬وأجاز أكل الصيد إذا‬
‫أكل منه الكلب ولم يراع في ذلك خالف الجمهور"‪.2‬‬

‫وقد نظم المرحوم سيدي أبو الشتاء بن الحسن الغازي الصنهاجي بشأنها األبيات‬
‫التالية‪:‬‬

‫عندهم يسم ـ ــى‬


‫ُ‬ ‫فراجح‬ ‫إن يكن الدليل قد تقــوى‬
‫يسمى بمشهور لديهم فانتبـه‬ ‫والقول إن كثر من يقول به‬
‫قضاة االقتداء رعيا للحك ــم‬ ‫عملنا هو الذي به حكــم‬
‫يقدم الراجح وهو المرتضــى‬ ‫مشهورهم لراجح تعارضـا‬
‫على سواه مطلقا بال م ـ ـرا‪.‬‬ ‫وقدم العمل حيث ما جرى‬

‫هذا‪ ،‬وإن مجال القواعد والمبادئ المقررة في مجال الراجح والمشهور وما جرى به‬
‫العمل من فقه اإلمام مالك مجال واسع‪ ،‬يمكن الرجوع بشأنه على المؤلفات والمصادر‬
‫المعتمدة في المذهب‪ ،‬التي جرى القضاء على اعتمادها واألخذ بها‪ ،‬ومنها‪" :‬الرسالة" ألبي‬
‫زيد القيرواني‪ ،‬و"المعونة" للقاضي عبد الوهاب‪ ،‬و"فصول األحكام" للباجي‪ ،‬و"جامع‬
‫األمهات" البن الحاجب‪ ،‬و"عقد الجواهر الثمينة" البن شاس‪ ،‬و"القوانين الفقهية" البن جزي‪،‬‬
‫و"المختصر" للشيخ خليل‪ ،‬و"التحفة" البن عاصم‪ ،‬و"المية الزقاق" لعلي بن قاسم التجيبي‪.‬‬

‫وفيما يخص النصوص القانونية الخاصة التي يجب الرجوع إليها‪ ،‬إلى جانب مدونة‬
‫الحقوق العينية‪ ،‬في مجال المنازعات العقارية‪ ،‬فإنها متعددة‪ ،‬ويندرج ضمنها ما يتصل‬
‫بموضوع الحيازة في‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬كشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬حمزة أبو فارس ‪ ،‬وعبد السالم الشريف دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ، 1980‬ص ‪ ، 62‬وص ‪. 88‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ .‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪63 ،62‬؛ وأصول الفتوى‪ ،‬ص ‪ 474‬و‪48‬‬

‫‪140‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬ظهير التحفيظ العقاري الصادر في‪ 12‬غشت‪ ،1913‬كما وقع تتميمه وتغييره‬
‫بالقانون ‪ 11 .84‬المأمور بتنفيذه بالظهير الشريف رقم‪ 1 .11 .181‬الصادر‬
‫في‪ 25‬حجة‪ )2011/11/22(1432‬المنشور بالتزامن مع مدونة الحقوق‬
‫العينية‪.‬‬
‫‪ ‬مدونة األوقاف‪.‬‬
‫‪ ‬القوانين المتعلقة بأمالك الدولة‪ ،‬والجماعات‪.‬‬
‫‪ ‬النصوص المتعلقة بالتعمير‪ ،‬وباالستثمار الفالحي‪ ،‬وبنزع الملكية من أجل‬
‫المنفعة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬النصوص الخاصة األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬قانون المسطرة المدنية‪.‬‬

‫وفيما يخص باقي األبواب‪ ،‬يالحظ‪:‬‬

‫أن مدونة الحقوق العينية أخذت بآراء مخالفة لما هو مستقر عليه فقها في عديد من‬
‫األمور‪ ،‬منها‪ :‬حيازة العطايا‪ ،‬ومن ذلك ما نصت عليه المادة‪ 106‬من عدم ضرورة اشتراط‬
‫معاينة الحوز في "العمرى"‪ ،‬والشفعة التي قيدتها بشروط لم تكن مألوفة في مجال العقار غير‬
‫المحفظ والذي في طور التحفيظ‪.‬‬

‫وفيما يخص المسطرة المتبعة في بعض المنازعات العقارية‪:‬‬

‫يمكن تقسيم المنازعات العقارية التي تط أر بشأن العقارات تنقسم إلى نوعين‪ :‬منازعات‬
‫ناتجة عن التعرض على مطالب التحفيظ‪ ،‬تعرض على المحاكم نتيجة إلحالة مطالب‬
‫التحفيظ الواردة عليها تعرضات كلية أو جزئية‪ ،‬يفضي بها من يعنيهم األمر مباشرة‪ ،‬أو تنجم‬
‫عن تداخل مطلبي تحفيظ أو أكثر؛ ومنازعات تهم العقارات غير المحفظة‪ ،‬أو العقارات‬

‫‪141‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المحفظة‪ ،‬وتعرض على المحاكم بواسطة مقال افتتاحي يتقدم به من له المصلحة‪ .‬ولكل نوع‬
‫من نوعي المنازعات المذكورة مسطرة خاصة وطرق طعن خاصة‪:‬‬

‫فأما المناعات العادية التي تفتتح بمقال‪ ،‬فإنه تخضع لسائر القواعد اإلجرائية‬
‫المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬سواء أثناء سير الدعوى‪ ،‬أو بعد انتهائها‬
‫بحكم؛ وهكذا يمكن ألطراف النزاع أن يمارسو جميع إجراءات عوارض الدعوى‪ ،‬من طلب‬
‫إدخال الغير‪ ،‬أو تدخل في الدعوى‪ ،‬أو طلب مقابل‪... ،‬؛ كما يمكن لذوي الشأن أن يمارسوا‬
‫ضد األحكام الصادرة في مثل هذه المنازعات جميع طرق الطعن العادية وغير العادية‪ ،‬متى‬
‫توفرت شروطها‪ :‬من تعرض‪ ،‬واستئناف‪ ،‬وتعرض من خارج الخصومة‪ ،‬وإعادة نظر‪،‬‬
‫ونقض‪.‬‬

‫وأما المنازعات التي تثار بشأن قضايا التحفيظ العقاري‪ ،‬التي تفتتح ملفاتها نتيجة إحالة‬
‫مطالب التحفيظ الواردة عليها تعرضات على المحاكم‪ ،‬فإنها ال تخضع إال لإلجراءات وطرق‬
‫الطعن المنصوص عليها في قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬وذلك‪ :‬أن أطراف الدعوى في المسطرة‬
‫في مادة التحفيظ تتحدد بما يرد في مطلب التحفيظ فقط‪ ،‬أي طالب أو طالب التحفيظ‬
‫كمدعى عليه؛ والمتعرص أو المتعرضين‪ ،‬كمدعين‪ .‬وال يمكن إضافة أي شخص آخر خالل‬
‫جريان المسطرة‪ ،‬ألن مسطرة التحفيظ ال تعرف ال التدخل في الدعوى وال إدخال الغير‪ .‬كما‬
‫أن األحكام الصادرة في المادة المذكورة ال تقبل الطعن إال باالستئناف والنقض (وال تعرف‬
‫باقي طرق الطعن من‪ :‬تعرض‪ ،‬وتعرض من خارج الخصومة‪ ،‬وإعادة النظر)‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وقد وجد المشرع – لغاية ما ‪ -‬أن ينص في الفصل ‪ 109‬من ظهير التحفيظ‪،‬‬
‫المعدل‪ ،‬على أن األحكام الصادرة في مادة التحفيظ ال يقبل الطعن إال باالستئناف والنقض‪،‬‬
‫وهذا التنصيص يقتضي كلمة في هذا الشأن‪ ،‬خصوصا فيما يهم ق اررات محكمة النقض‬

‫‪142‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الصادرة في مادة التحفيظ‪ ،‬وما إن كانت مشمولة بحكم منصوص عليه في المادة ‪109‬‬
‫سالف الذكر أم ال‪.‬‬

‫وإثر دخول قانون التحفيظ المعدل حيز التنفيذ‪ ،‬بمدة وجيزة سارع القسم األول من‬
‫الغرفة األولى بمحكمة النقض إلى القول بعدم قبول طلبات إعادة النظر في مادة التحفيظ‬
‫العقاري‪ ،‬وتبعته في ذلك غرف محكمة النقض‪ ،‬فصارت الق اررات التي تصدر ي مادة‬
‫التحفيظ العقاري غير قابلة للطعن بإعادة النظر‪ ،‬وأصبحت هذه القاعدة هي المتبعة‬
‫والمعروفة‪ ،‬دون خالف بين سائر غرف محكمة النقض‪.‬‬

‫غير أن هذا االتجاه ال يبدو سليما‪ ،‬وذلك ألن الطعن بإعادة النظر في ق اررات المجلس‬
‫األعلى كان منظما قبل صدور قانون المسطرة المدنية الحالي بالفصل‪ 37‬من‬
‫ظهير‪ 1957/09/27‬بشأن إنشاء المجلس األعلى‪ ،‬الذي كان ينص على أن ق اررات‬
‫المجلس األعلى قابلة للطعن بالمراجعة (إعادة النظر) ولما صدر قانون المسطرة المدنية‬
‫الحالي الصادر بظهير‪ 28‬شتنبر‪ ،1974‬نظم في الفصل‪ 379‬منه طرق الطعن التي يمكن‬
‫أن تمارس ضد ق اررات المجلس األعلى‪ ،‬ونص على أن تلك الق اررات تقبل‪ ،‬دون تمييز‪،‬‬
‫الطعن بإعادة النظر في الحاالت المنصوص عليها في الفصل المذكور‪ ،‬الذي حل محل‬
‫الفصل ‪ 37‬من ظهير تأسيس المجلس األعلى‪ ،‬الذي هو نص خاص في المجال‪.‬‬

‫ولما كان الفصل ‪ 379‬من قانون المسطرة المدنية سالف الذكر حل محل نص خاص‪،‬‬
‫فإنه يأخذ حكم النص الخاص (بتنظيم الطعن في ق اررات المجلس األعلى [محكمة النقض])‬
‫وبذلك يتعين األخذ به‪ ،‬وعدم تخصيصه بنص الفصل ‪ 109‬من قانون التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫ولعل من مؤيدات هذا التوجه‪ ،‬أن الفصل ‪ 109‬المذكور يتكلم عن األحكام‪ ،‬وهو لفظ‬
‫ينصرف إلى أحكام محاكم الموضوع‪ ،‬كما ينص على أن األحكام التي يتكلم عليها هي‬

‫‪143‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الصادرة في مادة التحفيظ‪ ،‬ولفظ مادة التحفيظ ينصرف إلى المنازعات القائمة بين‬
‫المتعرضين وطالب التحفيظ‪.‬‬

‫كما أن من مؤيدات التوجه المذكور مبدأ عدم التضييق في الحقوق المخول‬


‫للمتقاضين‪ ،‬مما نص عليه قانون المسطرة المدنية من إعطاء الحق ألطراف الدعوى في‬
‫الطعن بالنقض في كل الق اررات التي لم يستثنها قانون المسطرة المدنية من إمكانية الطعن‬
‫فيها بالنقض (كما فعل بالنسبة لألحكام غير النهائية‪ ،‬واألحكام الصادرة في الدعاوى المتعلقة‬
‫بالمطالبة بالواجبات الكرائية)‪.‬‬

‫أهم المصادر والمراجع‪:‬‬


‫المؤلفات الفقهية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬شراح مختصر خليل‬
‫‪ .1‬اآلبي (صالح عبد السميع األزهري) جواهر اإلكليل شرح مختصر خليل دار المعرفة‪،‬‬
‫دون ذكر سنة الطبع‪ .‬الجزء ‪ 2‬ص ‪.216 -205‬‬
‫‪ .2‬الخرشي (أبوعبد هللا محمد‪ )..‬شرح مختصر خليل‪ ،‬مع حاشية العدوي (النسخة‬
‫المخمسة)‪ .‬المطبعة الخيرية بمصر‪ ،‬الطبعة األولى ‪1 308‬هـ‪ .‬الجزء ‪ 5‬ص ‪78‬ـ‬
‫‪ ،109‬المطبعة األميرية بمصر‪ ،‬دون ذكر سنة الطبع‪ ،‬الجزء ‪ 2‬ص ‪ 216‬ـ ‪.278‬‬
‫‪ .3‬الرهوني (سيدي محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف‪ )..‬حاشية على شرح الزرقاني‪.‬‬
‫المطبعة األميرية بمصر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1 306‬الجزء‪ 7‬ص ‪ 139‬ـ ‪.144‬‬
‫‪ .4‬الزرقاني (عبد الباقي‪ .)..‬شرح مختصر خليل مع حاشية البناني‪ ،‬المطبعة األميرية‬
‫ببوالق‪ ،‬الطبعة‪ 2‬سنة ‪1 303‬هـ؛ الجزء‪ 7‬ص‪ 74‬ـ ‪.109‬‬
‫‪ .5‬الشيخ أحمد بن أحمد المختار الجكني الشنقيطي‪ :‬مواهب الجليل من أدلة خليل‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ ،2004‬المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .6‬الشيخ محنض بابه بن عبيد اليماني الموريتاني المالكي‪ :‬ميسر الجليل في شرح‬
‫مختصر الشيخ خليل‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2016/1438‬دار الرضوان‪ ،‬نواكشوط‪،‬‬
‫موريتانيا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شراح التحفة‬

‫‪ .7‬التسولي ( أبو الحسن علي بن عبد السالم ‪ )..‬البهجة في شرح التحفة دار الرشاد‬
‫الحديثة طبعة ‪ 1 991‬م ‪ .‬الجزء ‪ 2‬ص ‪ 421‬ـ ‪. 473‬‬
‫‪ .8‬التوزري (الشيخ عثمان بن المكي‪ ..‬الزبيدي) توضيح األحكام على تحفة الحكام‪،‬‬
‫المطبعة التونسية ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬الجزء ‪ 4‬ص ‪ 2‬ـ ‪. 37‬‬
‫‪ .9‬الكافي ( الشيخ محمد بن يوسف‪ ) ..‬إحكام األحكام على تحفة الحكام‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪ .‬طبعة سنة ‪ 1 994‬م ‪ .‬ص ‪ 213‬ـ ‪.224‬‬
‫‪ .10‬ميارة‪ ( ،‬محمد بن أحمد ‪ ..‬الفاسي ) اإلتقان واإلحكام في شرح تحفة الحكام ‪،‬‬
‫الجزء ‪ 2‬ص ‪ 135‬ـ ‪ ( 149‬خال من ذكر مكان وسنة الطبع ) ‪.‬‬
‫‪ .11‬الوزاني ( أبو عبد هللا سيدي محمد المهدي ‪ :)..‬حاشية على شرح التاودي بن‬
‫سودة‪ ،‬المطبعة الحجرية بفاس‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‪ 136‬ـ ‪. 217‬‬

‫ثالثا ‪ :‬كتب النوازل‬

‫‪ .1‬عليش (أبو عبد هللا محمد ‪ )..‬فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب اإلمام مالك‪،‬‬
‫مع تبصرة ابن فرحون‪ .‬مطبعة مصطفى محمد بمصر‪ 1 355‬هـ ‪ .‬الجزء ‪ 2‬ص‪ 197‬ـ‬
‫‪. 222‬‬
‫‪ .2‬الوزاني ( أبو عبد هللا سيدي محمد المهدي ‪: )..‬‬

‫أ ‪ .‬المعيار الجديد الجامع المعرب عن فتاوي علماء المغرب‪ ،‬المطبعة‬


‫الحجرية بفاس‪ .‬ج ‪ 8‬ص ‪ 192‬ـ ‪ . 416‬والجزء ‪ 9‬ص ‪ 3‬ـ ‪. 23‬‬
‫‪145‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ب ‪ .‬المنح السامية في النوازل الفقهية‪ ،‬المعروف بالنوازل الصغرى‪،‬‬


‫طبعة و ازرة األوقاف المغربية‪ .‬مطبعة فضالة ‪1 992‬م ج ‪ 4‬ص ‪ 104‬ـ‬
‫‪280‬‬

‫‪ .3‬الونشريسي ( أبو العباس أحمد بن يحيى‪ ) ..‬المعيار المعرب والجامع المغرب عن‬
‫فتاوي أهل إفريقية واألندلس والمغرب ‪ .‬طبعة و ازرة األوقاف المغربية‪ ،‬ج ‪ ( 7‬وأنظر‪:‬‬
‫حبس‪ ،‬صدقة‪ ،‬هبة‪ ،‬وقف ‪ ..‬من المجلد ‪ 13‬الخاص بالفهارس ) ‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬كتب الوثائق‬

‫‪ .1‬ابن عرضون (أبو العباس أحمد بن الحسن الزجلي الشفشاوني‪) ..‬الكتاب الالئق‬
‫لمعلم الوثائق ‪.‬المطبعة المهدية بتطوان‪ ،‬الطبعة األولى‪1 355‬هـ ت‪ 1 936‬م الجزء‬
‫‪ ،2‬ص ‪ 136‬ـ ‪. 148‬‬
‫‪ .2‬الصنهاجي (أبو الشتاء بن الحسن الغازي الحسيني‪ )..‬التدريب على تحرير الوثائق‬
‫العدلية‪ .‬مطبعة األمنية بالرباط ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ، 1 995‬الجزء ‪ ، 2‬ص ‪ 165‬ـ‬
‫‪. 202‬‬
‫‪ .3‬الهواري ( بد السالم بن محمد ‪ )..‬شرح وثائق محمد بن أحمد بن حمدون بناني‪.‬‬
‫مطبعة الشريف بتونس‪ ،1 949 ،‬ص ‪. 307 ،279 ، 278‬‬
‫خامسا ‪ :‬كتب أخرى‬

‫‪ .1‬ابن جزي ( أبو القاسم محمد بن أحمد ‪ )..‬القوانين الفقهية‪ ،‬مطبعة األمنية بالرباط‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ ، 1 962‬ص ‪ 270‬ـ ‪. 274‬‬
‫‪ .2‬ابن رشد (اإلمام القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد‪..‬القرطبي‬
‫األندلسي) ‪ :‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬شرح الدكتور عبد هللا العبادي‪ ،‬الطبعة‬

‫‪146‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫األولى ‪ 1 995،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة‪ ،‬مصر‪ ،‬الجزء‪ .4‬ص‬
‫‪ 2 023‬ـ ‪. 2 036‬‬
‫‪ .3‬أبو اسحق (إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع‪ )..‬معين الحكام على القضايا واألحكام‬
‫تحقيق الدكتور محمد بن قاسم بن عياد ‪ .‬دارالغرب‪1 989‬م‪ .‬الجزء ‪ 2‬ص‪1307‬ـ‬
‫‪.1 438‬‬
‫‪ .4‬الجزيري (عبد الرحمن‪ . )..‬الفقه على المذاهب األربعة‪ ،‬دار الكتب العلمية بيروت‬
‫‪.‬طبعة جديدة ‪ ، 1 990 ،‬الجزء ‪ . 3‬ص ‪ 267‬ـ ‪. 276‬‬
‫‪ .5‬الخشني (محمد بن حارث‪ )..‬أصول الفتيا على مذهب اإلمام مالك‪ .‬تحقيق الشيخ‬
‫محمد المجدوب‪ ،‬ومحمد أبو األجفان‪ ،‬والدكتور عثمان بطيخ‪ .‬الدار العربية‬
‫للكتاب‪ ،1 985‬ص ‪ 427‬ـ ‪. 451‬‬
‫األنصاري ‪ )..‬شرح حدود إبن عرفة‪ .‬المطبعة‬ ‫‪ .6‬الرصاع ( أبو عبد هللا محمد‬
‫التونسية‪ 1 350 .‬هـ ‪ .‬ص ‪ 418‬ـ ‪. 428‬‬
‫‪ .7‬بن شاس‪ :‬جالل الدين عبد هللا بن نجم‪ ،‬راسة وتحقيق‪ :‬الدكتور حميد بن محمد‬
‫لحمر‪ ،‬األستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد هللا الدين‪ :‬عقد الجواهر الثمينة‪ ،‬في‪ ،‬في‬
‫فقه عالم المدينة‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2003/1423 ،‬دار الغرب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .8‬شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي‪ :‬الذخيرة ‪ ،‬تحقيق الدكتور محمد حجي‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،1994 :‬دار الغرب اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .9‬شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب‪ :‬أحمد بن علي المنجور‪ ،‬دراسة وتحقيق‪:‬‬
‫محمد الشيخ محمد األمين‪ ،‬دار عبد هللا الشنقيطي‪ ،‬الطبعة األولى‪،2003/1423 ،‬‬
‫دار عبد هللا الشنقيطي‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .10‬ميارة الفاسي‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن أحمد‪ :‬لروض المبهج في تكميل المنهج‪ ،‬في‬
‫القواعد والضوابط الفقهية المالكية ‪ ،‬الفقهية المالكية‪ ،‬دراسة وتحقيق الدكتور‪ :‬محند أو‬
‫إيدير مشنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2011/1432 ،‬دار ابن حزم ‪ ،‬بيروت لبنان ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬المؤلفات الحديثة‬
‫‪ .1‬الزحلي‪( ،‬الدكتوروهبة الزحلي) ‪.‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ .‬دار الفكرللطباعة والتوزيع‬
‫والنشر دمشق ‪.‬الطبعة ـ ‪ ،1 985‬الجزء‪ ،5‬ص‪ 11‬ـ‪ ،36‬والجزء‪ 8‬ص‪ 151‬ـ ‪.234‬‬
‫‪ .2‬جمعة (الدكتور محمد‪ ..‬عبد هللا) الكواكب الدرية في فقه المالكية‪ .‬المطبعة األزهرية‬
‫للتراث‪ ،‬الطبعة‪ ، 5‬سنة‪،1 990‬ج‪ 3‬ص‪. 349/317‬‬
‫‪ .3‬وصفي ( الدكتور مصطفى كمال ‪. ) ..‬الشرح الصغير‪ ،‬على أقرب المسالك للدردير‪،‬‬
‫دار المعارف بمصر ‪ .‬الطبعة األولى‪ ،1 974،‬ج‪ ، 4‬ص‪.156/97‬‬
‫‪ .4‬الصادق بن عبد الرحمن الغرياني‪ :‬مدونة الفقه المالكي وأدلته‪ ،‬دار ابنحزم للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،2008/1429 ،‬بيروت لبنان‪.‬‬

‫سابعا‪ :‬النصوص القانونية‬

‫‪ .1‬مدونة الحقوق العينية (المغربية) القانون رقم ‪ 2008/39‬المأمور بتنفيذه بالظهير‬


‫الشريف رقم‪1.11.178:‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬حجة ‪ )2001/11/22(1432‬المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬الصادرة بتاريخ ‪ 27‬ذو الحجة ‪24( 1432‬‬
‫نوفمبر‪.)2011‬‬
‫‪ .2‬مدونة األوقاف‪ :‬الظهير الشريف‪ 09.236.‬الصادر في‪ 8‬ربيع األول‪431‬‬
‫(‪ )2010/2/23‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد‪ 5847‬بتاريخ فاتح رجب‪14( 431‬‬
‫يونيو ‪ ،)2010‬ص ‪.3154‬‬
‫‪ .3‬قانون التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ عبد الرحيم ازغودي‪،‬‬


‫رئيس مصلحة القضايا المدنية للشمال‬
‫بالوكالة القضائية للمملكة‬
‫تقديم‬
‫لقد أولى المشرع المغربي اهتماما خاصا بالملك الغابوي وأحاطه بنظام حمائي جعله‬
‫يحتل مكانة متميزة ضمن األنظمة العقارية السائدة في البالد‪ ،‬وتتجلى أهم مظاهر الحماية‬
‫في إعمال مبادئ الملك العام‪ ،‬كمبدأ عدم القابلية للتفويت ومبدأ الترخيص اإلداري كشرط‬
‫مسبق لالستغالل‪ ،‬كما سن المشرع مقتضيات قانونية زجرية في مواجهة المخالفين للتشريع‬
‫الغابوي ومنح ألعوان إدارة المياه والغابات صالحيات واسعة في ميدان معاينة هذه‬
‫المخالفات وتحرير المحاضر بشأنها ‪ ،‬إضافة إلى منح هذه اإلدارة صالحيات هامة في‬
‫مجال تحريك وممارسة الدعوى العمومية المتعلقة بالمخالفات الغابوية‪.‬‬

‫وفي المجال المدني‪ ،‬سن المشرع المغربي عدة مقتضيات تروم حماية الملك الغابوي‬
‫ومنح امتيازات هامة للدولة في مجال تثبيت الوضعية المادية والشرعية للملك الغابوي وذلك‬
‫عن طريق سن مسطرة خاصة لتحديد هذه األمالك تحديدا إداريا تنتهي إجراءاتها بصدور‬
‫مرسوم يصادق على هذه المسطرة ويترتب عنه تحصين األمالك الخاضعة لهذه المسطرة‪.‬‬
‫كما منح المشرع للدولة امتيا از هاما في مجال اإلثبات يكمن في القرينة الغابوية التي تضفي‬
‫الطابع الغابوي على كل عقار توجد فيه أشجار طبيعية النبت‪ ،‬مع ما يترتب عن ذلك من‬
‫إعفاء الدولة من عبء اإلثبات ونقل هذا العبء إلى مدعي عكس ذلك‪ ،‬غير أن هذا‬
‫االمتياز المخول للدولة في مجال اإلثبات وإضفاء الطابع الغابوي على األمالك من خالل‬
‫المظاهر والمعالم الخارجية للعقارات قد يصطدم بوقائع قانونية مشابهة‪ ،‬كواقعة إحياء‬

‫‪149‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫األراضي الموات التي تنشئ لصاحبها حقوقا هامة على هذه األراضي‪ ،‬مما يطرح التساؤل‬
‫حول أي من الواقعتين يتم ترجيحهما في حالة قيامهما في نفس الوقت ؟‬

‫لإلجابة عن هذا التساؤل يجدر بنا أن نقف بداية عند مفهومي القرينة الغابوية وإحياء‬
‫األراضي الموات (المبحث األول) قبل أن نتطرق لموضوع الترجيح بينهما (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهومي القرينة الغابوية وإحياء األراضي الموات‬

‫إذا كانت القرائن تعتبر وسيلة من وسائل اإلثبات المدنية غير المباشرة (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬فإن واقعة إحياء األراضي الموات تنشئ حقوقا هامة بل وقد تعتبر وسيلة لكسب‬
‫الملكية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم القرينة الغابوية‬

‫ال يمكن الحديث عن القرينة الغابوية (ثانيا) دون تحديد مفهوم القرائن بصفة عامة‬
‫(أوال)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬القرائن كوسيلة من وسائل اإلثبات المدني‬

‫القرائن لغة هي جمع قرينة والقرين ما يدل على الشيء من غير استعمال فيه‪ ،‬يقال‬
‫قرن الشيء بالشيء وصله به واقترن الشيء بغيره اتصل به وصاحبه وتقارن الشيئان تالزما‬
‫‪.1‬‬ ‫ويقال اقترانا تالزما و قارنته قرانا صاحبته وهي مأخوذة من المقارنة‬

‫وقد عرف المشرع المغربي القرائن في الفصل ‪ 449‬من قانون االلتزامات والعقود بأنها‪:‬‬

‫" دالئل يستخلص منها القانون أو القاضي وجود وقائع مجهولة "‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬طبعة جديدة محققة ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1995‬الجزء الحادي عشر الصفحة‬
‫‪. 139‬‬
‫كما يطلق لفظ القرينة على الزوجة وعلى الزوج القرين وسميت الزوجة بالقرينة ألنها تقارن الزوج أي تصاحبه وتالزمه في حياته ( محمد بن ابي‬
‫بكر بن عبد القادر الرازي ‪ ،‬مختار الصحاح ‪ ،‬مطبعة عيسى البابي الحلبي ‪ ،‬القاهرة ‪ 1937‬الصفحة ‪.533‬‬

‫‪150‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أما بالنسبة للفقه‪ ،‬فقد عرفها األستاذ ادريس العلوي العبدالوي بأنها ما يستنبطه المشرع‬
‫أو القاضي من أمر معلوم للداللة على أمر مجهول‪ ،1‬وعرفها األستاذ عباس العبودي بأنها‬
‫استنباط أمر غير ثابت (مجهول) من أمر ثابت (معلوم) على أساس أنه يغلب في الواقع أن‬
‫يتحقق األمر األول إذا تحقق األمر الثاني‪.2‬‬

‫وقد أخذ الفقه اإلسالمي بالقرائن مستدال على ذلك بأدلة شرعية‪ ،‬حيث تضمنت قصة‬
‫يوسف عليه السالم‪ ،‬الواردة في القرآن الكريم‪ ،‬مجموعة من اإلشارات للقرائن والعالمات من‬
‫خالل قوله تعالى‪:‬‬

‫َّللا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬


‫يل ۖ َو َّ ُ‬
‫َمًار ۖ َف َص ْبٌر َجم ٌ‬
‫ال َب ْل َس َّوَل ْت َل ُك ْم أَن ُف ُس ُك ْم أ ْ‬
‫اءوا َعَل ٰى َقميصه ب َدم َكذب ۚ َق َ‬
‫" َو َج ُ‬
‫اْلمس َتعان عَل ٰى ما َت ِ‬
‫ص ُفو َن "‪ .3‬صدق هللا العظيم‪.‬‬
‫ُْ َ ُ َ َ‬

‫والدليل على كذب إخوة يوسف كان هو سالمة القميص من أثر االفتراس‪ ،‬فاألمر‬
‫المعلوم كان هو سالمة القميص فدل على أن قولهم بكون أخيهم أكله الذئب كذب‪ .4‬وفي‬
‫نفس السورة قوله تعالى‪:‬‬

‫يص ُه ُقَّد ِمن ُقُبل‬ ‫ِ‬ ‫اهٌد ِم ْن أ ْ ِ‬ ‫" َقال ِهي راود ْت ِني عن َّن ْف ِسي ۚ و َش ِهد َش ِ‬
‫َهل َها ِإن َك َ‬
‫ان َقم ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫ين‬ ‫َفص َد َق ْت و ُهو ِمن اْل َك ِاذ ِبين وإِن َكان َق ِميصه ُق َّد ِمن دب ٍر َف َك َذب ْت وهو ِمن َّ ِ ِ‬
‫الصادق َ‬ ‫َ َ َُ َ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ظيم " ‪ .5‬صدق هللا العظيم‪.‬‬‫َى َق ِميصه ُق َّد ِمن دب ٍر َقال ِإَّنه ِمن َكي ِد ُك َّن ۖ ِإ َّن َكيد ُك َّن ع ِ‬
‫َفَل َّما َأر ٰ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ َ ُ‬ ‫َ ُ‬

‫‪- 1‬‬
‫إدريس العلوي العبدالوي ‪ :‬وسائل اإلثبات في التشريع المدني المغربي ‪ ،‬مطبعة فضالة –الطبعة األولى المحمدية‪ ،‬السنة ‪،1977/1397‬‬
‫‪.‬‬
‫الصفحة ‪129‬‬
‫‪ -2‬عباس العبودي ‪ ،‬شرح أحكام قانون اإلثبات المدني ‪ ،‬مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬السنة ‪ ، 2011‬الصفحة ‪.274‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬سورة يوسف ‪ ،‬اآلية ‪. 18‬‬
‫‪ - 4‬وفي نفس السورة قال سبحانه و تعالى‪:‬‬
‫يص ُه ُقَّد ِمن ُد ُب ٍر َف َك َذَب ْت َو ُه َو‬ ‫اهد ِمن أَهلِها ِإن َكان َق ِميصه ُقَّد ِمن ُقب ٍل َفصدَق ْت وهو ِمن اْل َك ِاذِبين وإِن َك ِ‬ ‫" َقال ِهي راود ْتِني عن َّنْف ِسي ۚ و َش ِهد َش ِ‬
‫ان َقم ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ َ َ َُ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ََ‬
‫َّه ِمن َك ْي ِد ُك َّن ۖ ِإ َّن َك ْي َد ُك َّن َع ِظيم " ‪ .4‬صدق هللا العظيم‪.‬‬
‫ن‬ ‫ِ‬
‫إ‬
‫ُُ َ ُ‬‫ال‬‫ق‬‫َ‬ ‫ر‬‫ٍ‬ ‫ب‬‫د‬ ‫ن‬ ‫َى َق ِميصه ُقَّد ِ‬
‫م‬ ‫َ ُ‬ ‫ٰ‬ ‫ر‬
‫أ‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ل‬
‫َ‬‫ف‬‫َ‬ ‫ين‬ ‫ِمن َّ ِ ِ‬
‫الصادق َ‬ ‫َ‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬سورة يوسف اآليات ‪ 26‬و ‪ 27‬و‪. 28‬‬

‫‪151‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والقرائن‪ ،‬ليست من نوع واحد وإنما هناك أصناف من القرائن تختلف أحكامها عن‬
‫بعضها البعض‪.‬‬

‫فهناك القرائن القضائية التي يقصد منها تلك التي يستنبطها القاضي من ظروف‬
‫الدعوى ووقائعها‪ ،‬وهي التي يسميها المشرع المغربي بالقرائن التي لم يقررها القانون‪ .1‬وتسمى‬
‫أيضا بالقرائن الموضوعية وهي استنباط القاضي ألمور مجهولة من أمور معلومة‪ ،‬وبعبارة‬
‫أخرى القرائن القضائية هي التي يستنتجها القاضي باجتهاده وذكائه من موضوع الدعوى‬
‫وظروفها‪.2‬‬

‫وهناك أيضا القرائن القانونية وهي التي يستخلصها المشرع من حاالت يغلب وقوعها‬
‫ويحددها بعينها‪ ،‬وهي التي سماها المشرع المغربي بالقرائن المقررة بمقتضى القانون‪ ،3‬وهي‬
‫على عكس القرينة القضائية ركنها هو نص القانون وحده ‪ ،‬فهو الذي يختار الواقعة الثابتة و‬
‫يجري على أساسها عملية االستنباط‪.‬‬

‫فأساس القرينة القانونية إذن هو نص القانون وال شيء غير ذلك وال يمكن أن تكون‬
‫قرينة قانونية بغير نص من القانون‪ ،‬وإذا وجد النص فقامت القرينة القانونية فإنه ال يمكن أن‬
‫تقاس عليها قرينة قانونية أخرى بغير نص صريح اعتمادا على المماثلة أو األولوية‪ ،‬بل ال‬
‫بد من نص خاص أو مجموع النصوص لكل قرينة قانونية‪ ،‬ولذلك ال يجوز التوسع في‬
‫القرينة القانونية وال القياس عليها ألن االستثناء ال يجوز التوسع فيه وال القياس عليه‪.4‬‬

‫‪ - 1‬ينص الفصل ‪ 454‬من قانون االلتزامات والعقود على أن ‪:‬‬


‫" القرائن التي لم يقررها القانون موكولة لحكمة القاضي وليس للقاضي أن يقبل إال القرائن القوية الخالية من اللبس أو القرائن المتعددة التي حصل‬
‫التوافق بينها وإثبات العكس سائغ ويمكن حصوله بكافة الطرق "‪.‬‬
‫‪ -2‬عبد الكريم شهبون ‪ :‬الشافي في شرح قانون االلتزامات والعقود ‪ ،‬الكتاب األول ‪ ،‬االلتزامات بوجه عام ‪ ،‬الجزء الثالث ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة –‬
‫الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1999‬الصفحة ‪. 475‬‬
‫‪ - 3‬الفصل ‪ 450‬من قانون االلتزامات والعقود وما بعدها ‪.‬‬
‫‪ -4‬محمد يحي مطر‪ ،‬اإلثبات في المواد المدنية والتجارية ‪ ،‬الدار الجامعية ‪ ،‬بيروت ‪ 1987 ،‬الصفحة ‪. 179‬‬

‫‪152‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والقرينة القانونية تكون إما قاطعة ال تقبل إثبات العكس وقد تكون نسبية تقبل إثبات‬
‫عكسها‪.‬‬

‫ويستنتج من االطالع على القانون المغربي أنه يعتبر األصل في القرينة القانونية أن‬
‫تكون قاطعة واالستثناء أن تكون بسيطة‪ .‬ولم يكتف المشرع المغربي بتضمين القرائن‬
‫القانونية في القواعد العامة (قانون االلتزامات والعقود) ‪ ،‬وإنما نص على ذلك أيضا في‬
‫نصوص خاصة لعل أهمها التشريع الغابوي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القرينة في التشريع الغابوي‬

‫تنص الفقرة (ب) من الفصل األول من ظهير ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1917‬المتعلق بالمحافظة‬


‫على الغابات واستغاللها‪ 1‬على ما يلي ‪:‬‬

‫" إن األمالك التابعة للملك الغابوي يقع تحديدها طبقا للشروط المنصوص عليها في الظهير‬
‫الشريف المشار إليه أعاله الصادر في ‪ 26‬صفر ‪ 1334‬الموافق ل‪ 03‬يناير ‪. 19162‬‬

‫وتعتبر هذه األمالك مخزنية ما دامت لم تباشر عملية التحديد"‪.‬‬

‫" (الفقرة الثانية )‪.....‬تعتبر غابة مخزنية ألجل تطبيق االفتراض المذكور‪ ،‬كل قطعة أرضية‬
‫توجد فيها مجموعة أشجار طبيعية النبت" ‪.‬‬

‫وبذلك يكون المشرع المغربي قد وضع قرينة قانونية لفائدة الدولة مفادها أن األراضي‬
‫المكسوة بأشجار طبيعية النبت تعتبر ملكا غابويا عموميا إلى أن يثبت العكس‪ ،‬إذ أن العبرة‬
‫في إضفاء الصبغة العمومية على الملك‪ ،‬بوجود أشجار طبيعية النبت في العقار‪ ،‬فمتى‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 235‬وتاريخ ‪ 1917/10/29‬الصفحات من ‪ 901‬إلى ‪. 916‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 26‬صفر ‪ 1334‬الموافق ل‪ 03‬يناير ‪ 1916‬في تأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد األمالك المخزنية‬
‫(الجريدة الرسمية عدد ‪ 141‬وتاريخ ‪ 10‬يناير ‪ ، 1916‬الصفحة ‪.)30‬‬

‫‪153‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وجدت هذه األشجار وثبتت هذه الواقعة المعلومة قامت واقعة أخرى كانت مجهولة‪ ،‬تفيد‬
‫الطابع الغابوي العمومي للملك‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يفترض أن الدولة هي المالكة لكل األراضي المكسوة بغطاء نباتي عودي طبيعي‬
‫والتي ال مالك شرعي لها وذلك بناء على القرينة القانونية الغابوية المقررة لفائدة الدولة‪ ،‬على‬
‫أال يكون هذا العقار محو از من طرف الغير تأسيسا على رسم عقاري‪ ،‬فالقرينة القانونية تزول‬
‫وتفقد قيمتها أمام وجود أدلة قانونية تثبت عكسها‪.1‬‬

‫بيد أن قرينة الغطاء النباتي هي قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس أمام قضاء‬
‫الموضوع الذي يبسط بشأنها سلطة تقديرية تخضع لرقابة محكمة النقض‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد جاء في قرار‪ 2‬صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2012/6/19‬ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫" ‪...‬في حين إن الطاعنة تمسكت بحيازة العقار المدعى فيه وذلك عن طريق تشجيره‬
‫ومراقبته بواسطة أعوانها كما تمسكت بمقتضيات ظهير ‪ 1917/10/10‬المتعلق بالمحافظة‬
‫على الغابات واستغاللها‪ ،‬وخاصة الفصل األول منه الذي تعتبر فيه " كل قطعة أرضية‬
‫توجد بها مجموعة أشجار طبيعية النبت غابة مخزنية " وبالتالي فإن ما تمسكت به الطاعنة‬
‫يعد قرينتان دالتان على الملك ال يجوز دحضهما إال بإثبات العكس بواسطة حجج قوية"‪.‬‬
‫(قرار غير منشور)‪.‬‬

‫وجاء في قرار آخر‪ 3‬ما يلي ‪:‬‬

‫‪Le régime juridique de la forêt . D.E.S en droit public, Université Mohammed V, Faculté : BLAL Mohammed-1‬‬
‫‪.des Sciences Juridiques, Economiques et Sociales- Rabat , 1995 ,Page 37‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 3060‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2012/6/19‬في الملف المدني عدد ‪( ، 2010/1/1/4168‬غير منشور )‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 981‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2003/4/02‬في الملف المدني عدد ‪(،2002/1/1/1960‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫" ‪..‬لكن ردا على الوسيلة ‪ ،‬فإنه ال يستفاد من مستندات الملف أن الطاعنين نازعوا في أن‬
‫أرض النزاع مكسوة بأشجار الصنوبر وأن الذي قام بغرسها هي مصلحة المياه والغابات وإنما‬
‫يشككون في عمر هذه األشجار ‪ ،‬مما ال داعي معه إلى تكليف المطلوبة في النقض باإلدالء‬
‫ببينة الملك لقيام القرينة القانونية لفائدتها " ( قرار غير منشور )‪.‬‬

‫وفي القرار المؤرخ في ‪ 20121/9/18‬قضت محكمة النقض بما يلي ‪:‬‬

‫"‪ ...‬لكن ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما ‪ ....‬إنه عمال بأحكام الفصل األول من ظهير‬
‫‪ ، 10-10-1917‬فإن كل قطعة أرضية توجد بها أشجار طبيعية النبت تعد غابة مخزنية‬
‫وهي قرينة قانونية ال يمكن دحضها إال بحجة أقوى ‪....‬وإنه اعتبا ار للطبيعة الغابوية للجزء‬
‫المتعرض عليه ‪ ،‬فإنه يبقى ملكا غابويا تابعا ألمالك الدولة الغابوية عمال بمقتضيات ظهير‬
‫‪. "10-10-1917‬‬

‫وتعد القرينة الغابوية من أهم الوسائل المخولة للدولة إلثبات الملك الغابوي والتحقق من‬
‫الطابع العمومي للملك‪ ،‬بل أكثر من ذلك تعتبر سببا لضم األمالك التي تتوفر فيها شروطها‬
‫إلى الملك الغابوي‪ ،‬وبالتالي فهي قد تكون وسيلة لكسب ملكية الدولة لألمالك الغابوية‪ .‬ومن‬
‫أجل التثبت من قيام هذه الواقعة يتعين على المحكمة األمر بإجراء خبرة أو معاينة على‬
‫العقار موضوع النزاع للتأك د من قيام العناصر المكونة للقرينة الغابوية ‪ ،‬وفي هذا الصدد جاء‬
‫في القرار الصادر بتاريخ ‪ 12‬فبراير عن محكمة النقض‪ 2‬ما يلي ‪:‬‬

‫" ‪....‬في حين أن محضر الوقوف على عين المكان المؤرخ في ‪ 2010/6/16‬يفيد بأن‬
‫العقار المطلوب تحفيظه محاط من جميع الجوانب بمساحة غابوية باستثناء جهة الشرق كما‬
‫هو مبين بالرسم البياني المرفق ‪ ،‬كما أن تقرير الخبرة التكميلي لهذا المحضر والمنجز من‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬القرار عدد‪3992‬المؤرخ في ‪ 2012/9/18‬والصادر عن محكمة النقض في الملف عدد ‪(، 2010/1/1/3524‬غير منشور )‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬القرار القرار عدد‪ 85‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪ 2013‬في الملف عدد ‪ ، 2012/8/1/1949‬منشور في مجلة ملفات عقارية الصادرة عن‬
‫محكمة النقض العدد ‪ 4‬السنة ‪ ، 2014‬الصفحة ‪. 59‬‬

‫‪155‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫طرف الخبير ‪ ....‬بتاريخ ‪ 2010/6/25‬يفيد بعد اطالعه على الوثائق المدلى بها من طرف‬
‫ممثل المياه والغابات أن القطعة موضوع التحفيظ تقع في عمق الغابة المخزنية وفق ما هو‬
‫مبين على التصميم خلفه ‪ ،‬األمر الذي كان يستدعي من المحكمة عند عدم إعمالها لذلك‬
‫القيام بجميع التدابير التكميلية للتحقيق ‪ ،‬وبالخصوص إجراء خبرة بواسطة مهندس طبوغرافي‬
‫طبق الشروط المحددة في الفصلين ‪ 34‬و ‪ 43‬من ظهير التحفيظ العقاري المطبق في النازلة‬
‫للتأكد من كون الجزء المدعى فيه يدخل ضمن المنطقة الغابوية المسماة عين الماء المحدد‬
‫بمقتضى التحديد اإلداري المدلى بنسخة منه في الملف‪ ،‬مما كان معه القرار غير مرتكز‬
‫على أساس قانوني وعرضة للنقض واإلبطال"‪.‬‬

‫يستنتج من هذا القرار أن األمر بإجراء خبرة أو معاينة‪ ،‬ولئن كان اختياريا بالنسبة‬
‫للمحكمة كقاعدة‪ ،‬فإن هذه األخيرة تكون في بعض الحاالت ملزمة التخاذ هذا اإلجراء‪ ،‬ومن‬
‫بينها التثبت من قيام القرينة الغابوية المقررة لفائدة الدولة‪ ،‬وهذا ما يبرز األهمية التي يوليها‬
‫القضاء لهذه المسألة التي تعتبر حاسمة في إضفاء الطابع الغابوي العمومي على الملك‪.‬‬

‫غير أن قيام القرينة الغابوية قد يصطدم أحيانا مع واقعة أخرى تخول لصاحبها حقوقا‬
‫هامة وهي واقعة غحياء األراضي الموات‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مفهوم إحياء األراضي الموات‬

‫يقصد بإحياء األراضي الموات قيام شخص بأعمال تؤدي إلى جعل األرض غير‬
‫المملوكة ألحد والتي ال يمكن االنتفاع بها على حالتها‪ ،‬صالحة لالستغالل‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫األرض التي ال تصلح تسمى أرضا ميتة أو مواتا‪ ،‬وإحياؤها يكون بجعلها صالحة لالنتفاع‬
‫بها‪.‬‬

‫يستنتج من هذا التعريف أن تطبيق أحكام إحياء األراضي الموات يقتضي توفر شرطين‬
‫أساسيين وهما‪:‬‬

‫‪156‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ -1‬أن تكون األرض مباحة أي غير مملوكة ألحد؛‬


‫‪ -2‬أن تكون غير صالحة لالستعمال واالستغالل على حالتها؛‬

‫وقد عرف الشيخ خليل في مختصره الموات بقوله‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫"موات األرض ما سلم عن االختصاص بعمارة ولو اندرست إال اإلحياء"‬

‫ولم يقصد تعريف كل موات وإنما قصد تعريف موات خاص وهو ما يتعلق به‬
‫اإلحياء‪.2‬‬

‫ويرى المالكية أن من وضع يده على األرض الموات التي ال مالك ألحد عليها وقام‬
‫باستصالحها فإنه يصبح مالكا لها ملكية تامة‪ ،3‬وأن كل من أثبت أنه استولى على شيء‬
‫غير مملوك ألحد‪ ،‬وبقي تحت يده وحيازته مدة تزيد على عشرة أشهر كان خاللها ينسبه‬
‫لنفسه ويستعمله في مصالحه ويتصرف فيه تصرف المالك في ملكه من غير أن ينازعه فيه‬
‫أحد‪ ،‬فإنه يصبح مالكا له‪ ،‬سواء كان ذلك الشيء منقوال أو عقارا‪ ،‬وهناك حاالت يصبح فيها‬
‫اإلنسان مالكا لما يستولي عليه من األشياء المباحة‪ ،‬حتى ولو لم تمض على استيالئه المدة‬
‫المذكورة‪ ،‬وهي الحالة المعروفة بإحياء الموات‪.‬‬

‫وبالنسبة لمشروعية إحياء األراضي الموات‪ ،‬روى اإلمام البخاري في صحيحه عن‬
‫عروة عن عائشة رضي هللا عنها أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬

‫" من أعمر أرضا ليست ألحد فهو أحق "‪.‬‬

‫‪ -‬مختصر خليل في فقه اإلمام مالك ‪ :‬خليل ابن إسحاق بن موسى المالكي ‪ ، :‬مكتبة عباس عبد السالم بن شقرون ‪ :‬مصر ‪، 1964‬الصفحة‬ ‫‪1‬‬

‫‪. 234‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل ‪ ، 7/67:‬دار الفكر بيروت الطبعة ‪1398‬هجرية موافق ‪1978.‬‬
‫‪ -‬محمد بن معجوز ‪ ،‬الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة ‪ ، 1990‬الصفحة‬
‫‪ 304‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬جواد الهروس ‪ ،‬الحيازة واالستحقاق ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الصفحة ‪. 33‬‬

‫‪157‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫قال عروة ‪ :‬وقضى به عمر رضي هللا عنه في خالفته ‪.1‬‬

‫واستدلوا كذلك بما روي عن سعيد ابن زيد رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم قال‪ " :‬من أحيا أرضا ميتة فهي له‪ ،‬وليس لعرق ظالم حق "‪.‬‬

‫قال اإلمام مالك‪:‬‬

‫" والعرق الظالم كل ما احتفر أو أخذ أو غرس بغير حق" ‪.2‬‬

‫أي أن معنى العرق الظالم من قام بالغرس أو التصرف في أرض غيره بدون وجه‬
‫حق‪.3‬‬

‫فهذه األحاديث – وغيرها كثير – دالة على إباحة ومشروعية إحياء األراضي الموات‬
‫التي ال مالك لها وال انتفاع ألحد عليها‪ ،‬ويستند الفقهاء إلى هذه األحاديث لتأكيد أن من حاز‬
‫أرضا ميتة ال مالك لها وقام بإحيائها وجعلها صالحة للزراعة وما شابهها فإنه يصبح مالكا‬
‫لها‪ .‬قال اإلمام مالك‪:‬‬

‫" وإحياؤه – يقصد األراضي الموات – شق العيون وحفر اآلبار وغرس الشجر وبناء البنايات‬
‫"‪.4‬‬ ‫والحرث ‪ ،‬إذا فعل شيئا من ذلك فقد أحياها‬

‫واإلحياء عند الشيخ خليل يكون بتفجير ماء وبإخراجه وببناء وبغرس وبقطع شجر‬
‫وبكسر حجرها وتسويتها ال بتحويط ورعي كإل وحفر بئر ماشية‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬رواه اإلمام البخاري في كتاب الحرث والمزارعة ‪ ،‬باب من أحيى أرضا مواتا ‪ ،‬حديث رقم ‪ ، 2335‬فتح الباري ‪ ،‬شرح صحيح البخاري ‪:‬‬
‫الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقالني ‪ ، 287/5 :‬تحقيق الشيخ عبد العزيز بن عبد هللا بن باز ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬الموطأ ‪ ،‬كتاب األقضية ‪ ،‬باب من القضاء في عمارة األموات ‪ ،‬الحديث رقم ‪ : 26‬تنوير الحوالك ‪ ،‬شرح موطأ اإلمام مالك ‪ :‬اإلمام جالل‬
‫الدين عبد الرحمان السيوطي الشافعي ‪ ، 121/2 :‬المكتبة التجارية الكبرى ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬جواد الهروس ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الصفحة ‪40‬‬
‫‪ -‬المدونة الكبرى ‪ :‬اإلمام مالك بن أنس األصبحي برواية سحنون بن سعيد التنوخي عن اإلمام عبد الرحمان بن القاسم ‪ 377/4 :‬المطبعة‬ ‫‪4‬‬

‫الخيرية بمصر ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 1324‬هجرية ‪.‬‬


‫‪5‬‬
‫‪ -‬مختصر خليل ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬الصفحة ‪. 234‬‬

‫‪158‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غير أن األرض المملوكة لشخص ما‪ ،‬ذاتي أو معنوي‪ ،‬إذا أهملها صاحبها وتركها‬
‫حتى صارت مواتا‪ ،‬فليس ألحد تملكها عن طريق اإلحياء وهي لمالكها القديم‪ ،‬مهما طال‬
‫الزمن إال أن تملك عن طريق الحيازة بشروطها‪ ،‬ولذلك فاإلحياء ال ينصب إال على األرض‬
‫التي ال مالك لها‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬ففي حالة وجود أرض ميتة غير مستعملة‪ ،‬لكنها تكسوها أشجار وغطاء‬
‫نباتي طبيعي النبت‪ ،‬فما هي األحكام المطبقة؛ تلك الخاصة بالقرينة الغابوية أم ترجح أحكام‬
‫إحياء األراضي؟‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أحكام األراضي الموات وحجتها أمام القرينة الغابوية‬

‫لقد عرف نظام إحياء األراضي الموات منذ القدم وكان يخضع قبل دخول نظام الحماية‬
‫الفرنسية إلى المغرب لقواعد الشريعة اإلسالمية‪ ،‬قبل أن يتم تنظيمه بمقتضى القوانين الحديثة‬
‫(المطلب األول)‪ .‬وإذا كان األصل في أن اإلحياء ينصب على األرضي المباحة أي غير‬
‫مملوكة ألحد‪ ،‬فإن إحياء األراضي التي تتوفر فيها القرينة الغابوية يثير إشكاال يتعلق بحجة‬
‫اإلحياء في مواجهة هذه القرينة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أحكام األراضي الموات في التشريع المغربي‬

‫لقد كان النظام العقاري يخضع قبل فرض نظام الحماية على المغرب لقواعد الشريعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬حيث عرف اإلس الم بعض التنظيمات الخاصة للملكيات العقارية منها نظام‬
‫اإلقطاع ونظام اإللجاء ونظام الحمى‪ ،‬وقسم الفقهاء المتأخرون نظام اإلقطاع إلى عدة أنواع‬
‫منها إقطاع تمليك ويكون في األرض الموات لمن يحييها أو يعمرها‪ ،1‬وبالتالي وضع اليد‬
‫عليها قصد تمليكها‪.‬‬

‫‪ -‬هذا التقسيم تناوله األستاذ محمد خيري الذي تطرق لمفهوم كل نظام على حدة ؛ فنظام األقطاع كان يمنح للذين يقدمون خدمة لإلسالم أو‬ ‫‪1‬‬

‫لسد عوز أو لفقر المقطع إليه ‪ ،‬ولقد اتخذ اإلقطاع في بداية اإلسالم كوسيلة للدفاع عن البالد اإلسالمية ‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويعتبر وضع اليد ع لى العقارات والمنقوالت المباحة التي ال مالك لها سببا من أسباب‬
‫كسب الملكية في الفقه االسالمي‪ ،‬ذلك أن من يستولي على األشياء المباحة التي ال ملك‬
‫ألحد عليها يصبح مالكا لها ولو لم تمض على استيالئه مدة طويلة‪ ،‬كما هو األمر في‬
‫إحياء األراضي الموات أو ما يعرف باستصالح األراضي‪ ،1‬غير أن الفقهاء اختلفوا حول‬
‫ضرورة الحصول على إذن اإلمام قبل مباشرة عملية اإلحياء‪ ،‬وفي هذا الصدد ميز المالكية‬
‫بين األراضي البعيدة عن العمران التي ال يشترط إلحيائها الحصول على اإلذن وبين‬
‫األراضي القريبة التي ال يجوز إحياؤها إال بعد الحصول على إذن من اإلمام‪.‬‬

‫وبعد فرض الحماية الفرنسية على المغرب‪ ،‬صدر منشور الصدر األعظم المسمى‬
‫ب"الضابط المؤقت لبيع األمالك العقارية" بتاريخ ‪ 01‬نونبر ‪ 2 1912‬ومن بين ما جاء فيه‪:‬‬

‫"‪ ....‬ثم يوجد بعض األمالك ال يسوغ ألحد بيعها وشراؤها بوجه من الوجوه إال بعد صدور‬
‫اإلذن من قبل المخزن وذلك لما له عليها من حق التملك أو المراقبة ومن جملة ذلك ‪:‬‬

‫‪......‬‬

‫خامسا ‪ :‬أراضي الفالة والقاحلة وكذلك األرض المهملة التي ال ملك ألحد عليها وبالجملة‬
‫جميع األراضي المعروفة عند الشرع باألرض الموات ‪ ،‬فإنها لجانب المخزن وال يمكن‬
‫حيازتها وإحياؤها ألحد إال بعد صدور اإلذن الشريف بها له‪.‬‬

‫‪"....................‬‬

‫أما نظام اإللجاء فهو اضطرار أو حمل من لم يعد من الرعية قاد ار على حماية ممتلكاته على نقلها باسم بعض ذوي القوة والنفوذ احتماء بهم وف ار ار‬
‫من ثقل بعض الضرائب ‪.‬‬
‫في حين يقصد بنظام الحمى تخصيص مساحة من األرض ليكون كلؤها عاما للجميع ‪.‬‬
‫لمزيد من التفصيل حول هذه األنظمة ‪ ،‬يراجع مؤلف األستاذ محمد خيري ‪ :‬العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي مطبعة المعارف‬
‫الجديدة – الرباط ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2018‬الصفحات من ‪ 42‬إلى ‪. 51‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬جواد الهروس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.33‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نشر بالجريدة الرسمية بالعربية‪ ،‬العدد األول بتاريخ ‪ 01‬فبراير ‪ ، 1913‬الصفحة ‪.3‬‬

‫‪160‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويستشف من هذا المقتضى أن المشرع المغربي احتفظ بنفس النظام الذي كان سائدا‬
‫في السابق حيث اشترط حصول اإلذن من " المخزن " إلحياء األراضي الموات‪ ،‬إال أنه لم‬
‫يميز بين األراضي البعيدة عن العمران وتلك القريبة منه‪ ،‬غير أن أهم مقتضى أضافه‬
‫"الضابط المؤقت " هو إخضاعه أراضي الموات لسلطة الدولة " المخزن" سواء عن طريق‬
‫التملك أو بواسطة المراقبة‪.‬‬

‫وإذا كانت وقواعد الفقه االسالمي تعتبر اإلحياء سببا من أسباب التملك‪ ،‬فإن مقتضيات‬
‫الضابط المؤقت تنص صراحة على أن اإلحياء ال يؤدي إلى تمليك رقبة األرض وإنما يخول‬
‫للمحيي حق االستغالل فقط‪.‬‬

‫وهذا ما أكدت عليه أيضا مدونة الحقوق العينية‪ 1‬في المادة ‪ 222‬حيث نصت على‬
‫أن‪:‬‬

‫"األراضي الموات التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة‪ ،‬وال يجوز وضع اليد عليها إال بإذن‬
‫صريح من السلطة المختصة طبقا للقانون "‪.‬‬

‫ولذلك ال يجوز إحياء األراضي الموات إال بإذن صريح من السلطات المختصة وال‬
‫يجوز تملكها‪.‬‬

‫واشتراط المادة ‪ 222‬من مدونة الحقوق العينية الحصول على إذن صريح من‬
‫السلطات المختصة قبل البدء في إحياء األرض‪ ،‬يطرح التساؤل حول الجهة اإلدارية التي‬
‫يخول لها اختصاص منح هذا اإلذن؟‬

‫األصل أن األراضي التي ال مالك لها تعود ملكيتها لملك الدولة الخاص ويتم تدبيرها‬
‫وتسييرها من طرف مديرية أمالك الدولة التابعة لو ازرة االقتصاد والمالية‪ ،‬على اعتبار أن هذه‬

‫‪ -‬القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.178‬بتاريخ ‪ 25‬من ذي الحجة ‪22 ( 1432‬‬ ‫‪1‬‬

‫نونبر ‪ ، )2011‬منشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪. 2011‬‬

‫‪161‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المديرية تتولى القيام‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 13‬من المرسوم عدد ‪ 2.07.995‬بشأن اختصاصات‬
‫وتنظيم و ازرة االقتصاد والمالية‪: 1‬‬

‫"بحيازة وتدبير الممتلكات الصادرة في حق أربابها أحكام غيابية أو الموضوعة تحت العقل‬
‫أو المصادرة أو المتأتية من التركات الشاغرة أو الهبات والوصايا طبقا للقوانين واألنظمة‬
‫الجاري بها العمل" ‪. 2‬‬

‫وبالتالي فإن األراضي التي ال مالك لها تدخل في نطاق التركات الشاغرة وتدبرها هذه‬
‫المديرية‪.‬‬

‫غير أنه يستثنى من ذلك‪ ،‬األراضي التي يضفى عليها الطابع الغابوي طبقا للتحديد‬
‫المضمن في الفصل األول من ظهير ‪ 10‬اكتوبر ‪ 1917‬المتعلق بالمحافظة على الغابات و‬
‫واستغاللها‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مرسوم رقم ‪ 2.07.995‬صادر في ‪ 23‬من شوال ‪ 23( 1429‬اكتوبر ‪ )2008‬بشأن اختصاصات وتنظيم و ازرة االقتصاد والمالية ‪ ،‬منشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5680‬بتاريخ ‪ 06‬نونبر ‪، 2008‬الصفحة ‪. 4087‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬يالحظ عدم إدراج حالة أراضي الموات ضمن الئحة األموال التي تقوم مديرية أمالك الدولة بتدبيرها ‪ ،‬غير أن هذه األموال يمكن إدراجها في‬
‫هذه الالئحة ما دامت هذه المديرية هي الجهة اإلدارية المختصة في تدبير التركات الشاغرة ن وهي تركات ال مالك لها وبالتالي تؤول إلى الدولة ‪،‬‬
‫وقياسا على ذلك يمكن إدراج أراضي الموات ضمن العقارات المملوكة للملك الخاص للدولة والمدبرة من طرف مديرية أمالك الدولة التابعة لو ازرة‬
‫االقتصاد والمالية ‪ ،‬مع استثناء طبعا األمالك الغابوية ‪ ،‬كما سيتم بيانه‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫ينص الفصل األول من ظهير ‪ 1917/10/10‬المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغاللها على ما يلي ‪:‬‬
‫" تكون تابعة للملك الغابوي للدولة ؛‬
‫أوال ‪ :‬الغابات المخزنية ؛‬
‫ثانيا ‪ :‬األراضي المغطاة بالحلفاء المسماة " منابت الحلفاء " ؛‬
‫ثالثا ‪ :‬التالل األرضية والتالل البحرية إلى حد الملك العمومي البحري حسبما بين هذا الحد التشريع الخاص بالملك العمومي للمملكة المغربية؛‬
‫رابعا ‪:‬المنازل الغابوية وملحقاتها والمسالك الغ ابوية واألغراس والمشاتل المحدثة في الغابات المخزنية ومنابت الحلفاء أو التالل وكذا األراضي‬
‫المنجزة للملك الغابوي ألجل منشآت كهذه عن طريق الهبة أو الشراء أو المعاوضة العقارية ؛‬
‫خامسا ‪ :‬األراضي المخزنية المعاد غرسها باألشجار أو التي ستغرس من جديد واألراضي التي اشتراها الملك الغابوي إلعادة غرسها وكذا ملحقاتها ‪،‬‬
‫كالمنازل الغابوية والمزارع ‪".‬‬
‫ويضاف إلى هذا التعداد لعناصر الملك الغابوي ‪ ،‬قيام القرينة الغابوية التي مفادها أنه "تعتبر غابة مخزنية ‪ ،‬كل قطعة أرضية توجد فيها مجموعة‬
‫أشجار طبيعية النبت" ‪.‬‬
‫( الجريدة الرسمية عدد ‪ 235‬بتاريخ ‪ 29‬اكتوبر‪.) 1917‬‬

‫‪162‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويتبين من االطالع على التعداد الوارد في هذا الفصل‪ ،‬للعناصر المكونة للملك‬
‫الغابوي للدولة‪ ،‬أنه قد توجد ضمنه األراضي الموات غير المستغلة من أي أحد‪ ،‬كالتالل‬
‫األرضية ومنابت الحلفاء وخاصة األراضي التي تكسوها أشجار طبيعية النبت‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحالة ال يعود تدبير أمر هذه األمالك إلى مديرية أمالك الدولة وإنما تقوم بذلك إدارة المياه‬
‫والغابات‪ ،1‬وبالتالي يعود إليها اإلختصاص لمنح رخص استغالل هذه العقارات باعتبارها ملكا‬
‫غابويا وليس أرضا مواتا‪.‬‬
‫غير أن ما يتعين اإلشارة إليه في هذا الصدد‪ ،‬أنه متى ثبت أن هذه األراضي المتوفرة‬
‫فيها العالمات والمعالم المشار إليها في الفصل األول من ظهير ‪ 10‬اكتوبر‪ ،1917‬فإنها‬
‫تخرج من حيز األراضي الموات‪ ،‬ألن أهم خاصية تتميز بها هذه األخيرة‪ ،‬أنها مباحة أي‬
‫غير مملوكة ألحد‪ ،‬أما األراضي التابعة للملك الغابوي‪ ،‬حتى وإن كانت غير مستغلة وتبدو‬
‫أنها ميتة‪ ،‬فهي مملوكة للدولة (الملك الغابوي)‪ ،‬ويترتب عن ذلك عدم جواز إحياء هذا النوع‬
‫من األراضي‪ 2‬لعدم قابليتها للتفويت والتصرف إال وفق شروط محددة وضوابط قانونية‪ 3‬منها‬
‫االعتراف بحق االنتفاع المقرر للسكان المجاورين للغابات ومنح التراخيص باالحتالل‬
‫المؤقت لمدة محددة ومؤقتة‪ ،‬كما يجوز فصل الملك الغابوي عن النظام الغابوي أو إجراء‬
‫معاوضات عقارية بشأنه لفائدة المنفعة العامة‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يتبين مما سبق عدم تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بإحياء أراضي الموات‬
‫على األراضي التي تتوفر فيها العالمات ومعالم الملك الغابوي والقرائن الغابوية‪ ،‬أما إذا ثبت‬
‫أن هذه األراضي ال تكتسي طابعا غابويا فيعود أمر تدبيرها وتسييرها لمديرية أمالك الدولة‬

‫‪ - 1‬يتبين من التمعن في المقتضيات القانونية المتعلقة بأراضي الموات في مدونة الحقوق العينية‪،‬أن هناك نوعا من التناقض أو لنقل عدم الدقة في‬
‫صياغتها ‪ ،‬ذلك أن المادة ‪ 222‬منها تنص على أن األراضي الموات التي ال مالك لها تكون ملكا للدولة ‪ ،‬وبالتالي يفترض في كل األراضي أنها‬
‫مملوكة ‪ ،‬سواء من طرف الدولة أو غيرها ‪ ،‬ولذلك يبدو أن إضافة عبارة " ال مالك لها " ضمن مقتضيات المادة ‪ 222‬زائدة وغير مبررة بل وتنم‬
‫عن تناقض صريح ‪ ،‬مما كان يتعين تفادي هذه العبارة واالكتفاء بالنص على أن أراضي الموات تعتبر ملكا للدولة ‪ ،‬وبالتالي ستكون هذه‬
‫المقتضيات منسجمة مع الواقع ‪ ،‬علما بأن أحكام إحياء األراضي الموات ال تطبق على األراضي التي لها مالك ولو تخلى عن استغاللها مدة طويلة‬
‫حتى اصبحت غير قابلة لالستغالل ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬ينطبق نفس الحكم على األمالك العمومية ‪ ،‬كالشواطئ واألنهار والوديان والسبخات ‪....‬فهي غير قابلة لإلحياء ولو لم تكن مستغلة‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 2‬من ظهير ‪ 1917/10/10‬على أنه ‪:‬‬
‫" ال يمكن بيع الملك المخزني الغابوي وال يتأتى استخراجه من النظام الغابوي إال لفائدة المصلحة العمومية ويقع ذلك بموجب مرسوم ‪"...‬‬

‫‪163‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫التي تسند إليها مهمة تسليم اإلذن بإحياء هذه األراضي واستغاللها‪ ،‬ومع ذلك قد يتمسك‬
‫البعض بواقعة إحياءه لبقعة أرضية اعتقادا منه بعدم وجود مالك لها‪ ،‬فكيف يتم التعامل مع‬
‫هذا الوضع في ظل قيام القرينة الغابوية؟‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الترجيح بين أحكام األراضي الموات وأحكام القرينة الغابوية‬

‫إن إحياء األراضي الموات واكتساب حق االستغالل عليها بالمفهوم المفصل أعاله‬
‫يصطدم بالقرينة الغابوية المقررة لفائدة الدولة‪ ،‬الملك الغابوي‪ ،‬وهو ما أدى إلى إثارة الكثير‬
‫من المنازعات حول األراضي التي يتولى األشخاص إحياءها عن طريق تبييضها وإزالة‬
‫األشجار الغابوية وشق الطرق وحفر اآلبار أو جلب المياه من مناطق مجاورة لها ثم‬
‫استغاللها في البناء والحرث وغرس األشجار المثمرة‪ ،‬وكل هذه التصرفات واألفعال تكون في‬
‫مجملها واقعة إحياء األراضي التي تخول لمحييها حق تملكها حسب الفقه االسالمي وحق‬
‫استغاللها حسب القانون الوضعي‪ ،‬لكن هذه النتيجة تخالف ما ينص عليه التشريع الغابوي‬
‫المغربي الذي يعاقب على إحياء األراضي الموات التابعة للملك الغابوي‪.1‬‬

‫ومعلوم أن األشجار الطبيعية النبت‪ ،‬تنبت في األراضي غير المستغلة وبالتالي قد‬
‫تكون أرضا مواتا‪ ،‬مما يجعل محيي هذه األراضي يتمسكون بحق الملكية وفقا لقواعد الفقه‬
‫المالكي‪ ،‬غير أن هذا التمسك ال يستند إلى أساس قانوني خاصة بعد صدور مدونة الحقوق‬
‫العينية التي نصت على أن كل األراضي التي ال مالك لها تعود ملكيتها للدولة‪ ،‬وقبل ذلك‬
‫أقر ظهير ‪ 10‬اكتوبر ‪ 1917‬للدولة ملكية األراضي المكسوة بأشجار طبيعية النبت ويالتالي‬
‫ال مجال للحديث عن إحياء األراضي الغابوية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 26‬من ظهير ‪ 10‬اكتوبر ‪ 1917‬المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغاللها على ما يلي ‪:‬‬
‫" ال يسوغ لألهليين وال للمكلفين بالمحالت العمومية إحياء أرض ما بغابتهم أينما كانت إال بإذن خاص من اإلقامة العامة يعطاهم كتابة بعد صدور‬
‫قرار وزيري ومن أذن في إحياء شي ء من األراضي المذكورة فيعاقب حسب الفصل السابع والعشرين مثل من عمد إليها من الناس "‪.‬‬
‫ويحدد الفصل ‪ 27‬من نفس الظهير العقوبات المقررة لمخالفة إحياء األرض الغابوية دون إذن مسبق في ذعيرة ال تقل عن ‪ 2400‬درهم وال تزيد‬
‫على ‪ 4800‬درهم عن كل عشرة آالف متر مربع إحياء‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبناء عليه‪ ،‬ففي حالة قيام القرينة الغابوية يصبح الملك تابعا للدولة (الملك الغابوي)‬
‫‪1‬‬
‫وال تطبق عليه أحكام وقواعد اإلحياء وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض في إحدى ق ارراتها‬
‫التي قضت فيها بأن ‪:‬‬

‫"المحكمة قد ال حظت وجود أشجار طبيعية النبت من قبيل الطلح والسدر ووجود تالل وجبل‬
‫بعقار النزاع ذا قمم متوسطة ‪ ،‬واستخلصت من هذه المعاينة وجود القرينة المقررة لفائدة‬
‫مصلحة المياه والغابات‪.....2‬وأنه ال مجال للتمسك بالحيازة والتصرف ما دام أن سند‬
‫الطاعنين يعتمد فقط على استمرار سلفهم الذي يتضمن إحياء األرض الغابوية التي ال يمكن‬
‫تملكها ال بالحيازة الطويلة أو التصرف أو اإلحياء ‪"...‬‬

‫ولعل ما يعزز ذلك هو ما سبق التأكيد عليه من أن إحياء األراضي ال ينصب على‬
‫األراضي المملوكة وإنما يتعلق باألراضي التي ال مالك لها‪ ،‬وبما أن القرينة الغابوية تثبت‬
‫الطابع العمومي للملك‪ ،‬وبالتالي تملك الدولة له‪ ،‬فال مجال للحديث هنا عن إحياء األراضي‪،‬‬
‫إذ أن القاعدة هي أن األراضي التي تنبت فيها األشجار بشكل طبيعي هي تابعة للدولة‪ ،‬إلى‬
‫أن يثبت العكس‪ ،‬بل إن الضابط المؤقت لبيع األمالك العقارية الصادر سنة ‪ 1912‬ألحق‬
‫صراحة أراضي الموات بالملك التابع للدولة ومنع االنتفاع بها إال بترخيص صريح من‬
‫السلطات الحكومية المختصة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وانسجاما مع ذلك‪ ،‬فقد اعتبر التشريع الغابوي المغربي كل األفعال الدالة على اإلحياء‬
‫مكونة لجنح غابوية كجنحة الحرث والزرع والغرس (الفصل ‪ 34‬من ظهير ‪10‬اكتوبر‪)1917‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 209‬الصادر بتاريخ ‪ 10‬يناير ‪ 2012‬في الملف المدني عدد ‪ ، 2010/1/1/2014‬منشور في مجلة ملفات عقارية الصادرة عن‬
‫محكمة النقض العدد‪ 5‬الخاص ب "قضايا التحفيظ العقاري " السنة ‪ ، 2015‬الصفحة ‪.116‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المقصود هو لفائدة الدولة‪ ،‬ألن الملك تابع للدولة ـأما إدارة المياه والغابات فتقوم بتدبيره ليس إال‪.‬‬
‫‪ -‬لقد استعمل ظهير ‪ 10‬اكتوبر ‪ 1917‬لفظ "اإلحياء" عند حديثه عن منع استصالح األراضي المكونة لغابات الخواص دون الحصول على‬ ‫‪3‬‬

‫ترخيص من إدارة المياه والغابات وهو ما نص عليه في الفصول من ‪ 24‬إلى ‪ 30‬من ظهير ‪ ، 1917/10/10‬غير أن هذا المصطلح ال يدل‬
‫على مفهوم اإلحياء اصطالحا لكون هذا األخير يدل على أن األرض موضوع اإلحياء تكون غير مملوكة ألي أحد في حين أن المشرع يتحدث في‬
‫هذه الفصول عن الغابات المملوكة للخواص وبالتالي فإن القصد من ذلك هو االستصالح وليس اإلحياء ‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وجنحة قطع األشجار الغابوية (الفصل ‪ ،)36‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬فقد منع هذا التشريع‬
‫صراحة إحياء األرض الواقعة داخل الغابة‪ ،‬حيث نصت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 34‬من‬
‫ظهير ‪10‬اكتوبر‪ 1917‬على ما يلي ‪:‬‬

‫" ‪ ...‬كما يحكم على كل من عزق وأحيى بعض األراضي منها بذعيرة تتراوح من ‪1000‬‬
‫‪.‬‬
‫درهم إلى ‪ 4800‬درهم عن كل هكتار وقع عزقه وإحياؤه"‬

‫وتطبيقا لهذه المقتضيات القانونية‪ ،‬تقضي المحاكم المغربية بإدانة األشخاص الذين‬
‫يعمدون إلى إحياء األراضي الغابوية‪ ،‬ونستشهد في هذا الصدد بحالتين تتعلقان بالحرث‬
‫وحفر اآلبار‪ ،‬وهي أفعال تدل على اإلحياء الذي يمنعه المشرع في حالة تعلقه بالملك‬
‫الغابوي‪.‬‬

‫وهكذا قضت محكمة النقض بأنه‪:‬‬

‫" لما أدانت المحكمة المتهم من أجل إحياء أرض غابوية مخزنية وحرثها بدون رخصة‪،‬‬
‫وردت دفعه بخصوص تملكه لألرض موضوع النزاع وتطبيق الرسوم المدلى بها عليها وإجراء‬
‫خبرة‪ ،‬تكون قد استندت على مقتضيات الفصل األول من ظهير ‪ 1917/10/10‬الذي‬
‫بمقتضاه تعتبر األرض المغطاة بالحلفاء ملك للدولة ‪ ،‬وذلك بعدما ثبت لها من المحضر‬
‫المنجز قيام المتهم بقلع جميع الغطاء الغابوي الموجود باألرض والمتمثل في مادة الحلفاء‬
‫وحرثها كما تبين ذلك من الرسم البياني المرفق بالمحضر"‪.1‬‬

‫وبالنسبة لجنحة إحياء الملك الغابوي المستخلصة عناصرها من واقعة حفر اآلبار بدون‬
‫رخصة فقد قضت محكمة النقض بأن‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 700‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 23‬ماي ‪ 2013‬في الملف الجنحي عدد ‪ ،2012/8/6/60-11159‬منشور في مجلة‬
‫ملفات عقارية الصادرة عن محكمة النقض ‪ ،‬العدد الرابع ‪ ،‬السنة ‪ ، 2014‬الصفحة ‪.264‬‬

‫‪166‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫" القرار المطعون فيه أيد الحكم االبتدائي فيكون قد تبنى علله وأسبابه ‪ ،‬وأن الحكم االبتدائي‬
‫المؤيد استند فيما قضى به من إدانة الطاعن من أجل ما نسب إليه على اعترافه بمحضر‬
‫إدارة المياه والغابات بأنه حفر بئ ار دون التوفر على رخصة‪ ،‬هذا المحضر الذي لم يقدم في‬
‫مواجهته أي مطعن ‪ ...‬فجاء القرار المطعون فيه معلال تعليال كافيا ومؤسسا "‪.1‬‬

‫ومهما يكن من أمر‪ ،‬ال يمكن طبقا للتشريع المغربي تملك أراضي الموات من طرف‬
‫الخواص‪ ،‬ألن هذا النوع من األراضي إذا ثبت وجوده‪ ،‬فهو يبقى مملوكا للدولة وال يمكن‬
‫التصرف فيه وال استغالله إال بعد الحصول على ترخيص إداري‪ ،‬وبالتالي يستنتج مما سبق‬
‫أن إقرار القرينة الغابوية لفائدة الدولة يبعد أحكام إحياء األراضي الموات على األمالك‬
‫الغابوية التي يمنع إحياؤها تحت طائلة عقوبات جنائية‪ ،‬ويخضع استغالل هذه األراضي تبعا‬
‫لذلك ألحكام التشريع الغابوي الذي يشترط الحصول على ترخيص مسبق‪ ،‬مع التقيد بضوابط‬
‫معينة‪ ،‬لعل أهمها عدم اإلضرار بالمجاالت الغابوية‪ ،‬مما يؤدي إلى نتيجة مفادها عدم‬
‫تطبيق أحكام إحياء األراضي الموات على الملك الغابوي‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬يستنتج مما سبق بيانه أعاله أنه ال يوجد في النظام العقاري المغربي ما يعرف‬
‫بإحياء األراضي الموات من الناحية الواقعية‪ ،‬ما دامت هذه األخيرة تطلق على األراضي التي‬
‫ال مالك لها‪ ،‬في حين أن كل العقارات المتواجدة في المغرب مملوكة إما األشخاص الذاتيين‬
‫أو األشخاص المعنوية‪ ،‬عامة أو خاصة‪ ،‬وما عداها فهو مملوك للدولة‪ .‬ويترتب عن ذلك أن‬
‫إدراج المشرع المغربي ألحكام إحياء األراضي الموات ضمن أسباب كسب الملكية لم يكن‬
‫سليما وال دقيقا في غياب هذا النوع من األراضي‪ ،‬بل وحتى استصالح األراضي وإحياؤها‬
‫لجعلها قابلة لالستغالل ال تكسب المستصلح ملكية هذه األراضي بصريح المادة ‪ 222‬من‬
‫مدونة الحقوق العينية التي تنص على أن األراضي الموات هي مملوكة للدولة وال يمكن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 720‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 23‬ماي ‪ 2013‬في الملف الجنحي عدد ‪ ،2013/8/6/3632‬نفس المرجع السابق ‪،‬‬
‫الصفحة ‪.294‬‬

‫‪167‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وضع اليد عليها إال بترخيص مسبق من السلطة المختصة‪ ،‬وأن من أحيا أرضا فله فقط حق‬
‫استغاللها طبقا للمادة ‪ 223‬من نفس المدونة‪ ،‬وبالتالي ال مجال للحديث عن إحياء أراضي‬
‫الموات بالمغرب وال اعتبارها سببا لكسب الملكية‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ أناس منير‪،‬‬


‫دكتور في الحقوق‬
‫أستاذ زائر بكلية الحقوق بالرباط‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫أوجب المشرع المغربي إشهار جميع الحقوق والتصرفات الواردة على العقارات‬
‫المحفظة‪ ،‬حفاظا على سلسلة انتقال الحقوق و ضمانا لعدم وجود أو إحداث لبس في انتقالها‬
‫من جهة وحماية لصاحب الحق المقيد من جهة أخرى‪ 1.‬حيث عمل على إحاطة عملية‬
‫اإلشهار بمجموعة من القواعد تتضمن سلسلة من اإلجراءات بدء من تقديم طلب التقييد‬
‫مرو ار بمراقبته و اتخاد قرار بشأنه‪ ،‬و هذا يعني أنه قبل نفاذ التصرف أو السند إلى السجل‬
‫العقاري يخضع إلى جانب الطلب المقدم بشأنه لرقابة قبلية أسندها المشرع للمحافظ على‬
‫األمالك العقارية الذي ال يعتبر مجرد عون تنفيذ يتلقى طلبات التقييد فقط وإنما دوره أهم‬
‫بكثير‪ ،‬و لالستدالل على ذلك يكفي أن نشير إلى أن عملية التقييد برمتها تتم بأمر منه‬
‫وتحت مسؤولية‪.‬‬

‫وحث المشرع صاحب الحق على ضرورة إشهاره بالسجل العقاري حتى يتم االحتجاج به‬
‫في مواجهة الكافة عن طريق تقديم طلب بداية أمام المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬قد يبدو‬
‫للوهلة األولى أم ار إجباريا يمتنع معه على المستفيد من الحق اللجوء إلى جهة أخرى‬
‫(القضاء) لإلذن للمحافظ بإجراء التقييد أو التشطيب‪ .‬غير أن قراءة مقتضياتالفصل‪96‬‬
‫محكمة النقض كان لها رأي آخر عندما مكنت طالب التقييد (بمفهومه اإليجابي أو السلبي)‬

‫‪1‬‬
‫‪p : 167, 1994,Gerest): les sûretés, publicité foncière, PUG- PASCALE (Salvage-‬‬

‫‪169‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من الحق في ممارسة الخيار بين اللجوء إلى المحافظ بداية أو القضاء مباشرة انطالقا من‬
‫تفسيرها لمقتضيات الفصل ‪ 96‬من ظ ت ع‪.‬‬

‫وتقديم طلب التقييد أمام المحافظ في الوقت المناسب يجعل صاحب الحق يضمن رتبة‬
‫التقييد واالستفادة من األولوية (الحاجز_ الدائن المرتهن _ الشريك على الشياع ‪ )...‬على‬
‫اعتبار أن الحق في نظر المشرع يعتبر غير موجود بالنسبة لألطراف أو الغير إال من تاريخ‬
‫‪1‬‬
‫تقييده وابتداء من هذا التاريخ‪.‬‬

‫لذلك فإن مسألة إيداع طلب التقييد أو التشطيب ألجل ترتيب آثار له بالرسم العقاري‬
‫تثير إشكالية الخيار في تقديمه بداية أمام المحافظ أو اللجوء مباشرة للقضاء للمطالبة بذلك‬

‫‪ - 1‬أو ما يطلق عليه باألثر المنشئ للتقييد كأحد المبادئ األساسية التي يقوم عليها نظام الشهر العيني الذي أخذ به المشرع المغربي في‬
‫الفصل‪ 66‬و ‪ 67‬كما أخدت به العديد من التشريعات نذكر منها المشرع الجزائري في المواد ‪ 15‬و ‪ 16‬من األمر ‪ 75/74‬حيث جاء في المادة ‪15‬‬
‫أنه " كل حق للملكية و كل حق عيني آخر يتعلق بعقار ال وجود له بالنسبة للغير إال من تاريخ يوم إشهارها في مجموعة البطاقات العقارية‪ ،‬غير‬
‫أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفاة أصحاب الحقوق العينية"‪.‬‬
‫أما المادة ‪ 16‬فنصت على ما يلي" إن العقود اإلرادية واالتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تقرير أو تعديل أو انقضاء حق عيني ال يكون لها‬
‫أثر بين األطراف إال من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية"‪.‬‬
‫األمر عدد ‪ 75/74‬الصادر بتاريخ ‪ 1975/11/12‬المتضمن إعداد مسح الراضي العام وتأسيس السجل العقاري‪.‬‬
‫للمزيد من التوسع حول نظام الشهر العيني بالجزائر راجع‪:‬‬
‫‪ -‬جديلي نوال‪ :‬السجل العيني دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والمغربي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه علوم في القانون الخاص جامعة الجزائر ‪ 1‬كلية‬
‫الحقوق‪.2017 ،‬‬
‫أما المادة ‪ 305‬من مجلة الحقوق العينية التونسية فقد نصت على ما يلي " كل حق عيني ال يتكون إال بترسيمه بالسجل العقاري وابتداء من تاريخ‬
‫هذا الترسيم‪"...‬‬
‫قانون عدد ‪ 5‬لسنة ‪ 1965‬مؤرخ في ‪ 12‬فيفري ‪ 1965‬المتعلق بإصدار مجلة الحقوق العينية‪ ،‬الرائد الرسمي عدد ‪ 10‬بتاريخ ‪ 19‬و ‪ 23‬فيفري‬
‫‪ ،1965‬ص‪.200 :‬‬
‫وكذلك المشرع للبناني في الفصل ‪ 393‬من القانون المدني الذي نص على مايلي " إن بيع العقار أو الحقوق العينية المترتبة على عقار ال يكون له‬
‫مفعول حتى بين المتعاقدين إال من تاريخ تقييده بالسجل العقاري"‪.‬‬
‫ونفس األمر بالنسبة للمشرع القطري في المادة ‪ 4‬من قانون ‪ 1964/14‬المتعلق بنظام التسجيل العقاري التي جاء فيها "يجب تسجيل جميع‬
‫التصرفات التي من شأنها إنشاء حق الملكية أو حق عيني عقاري آخر أو نقله أو تغييره أو زواله‪ ،‬وكذا األحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك‪.‬‬
‫ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المذكورة ال تنشأ وال تنقل وال تتغير وال تزول ال بين ذوي الشأن وال بالنسبة للغير‪.‬‬
‫وال يكون للعقود غير المسجلة من األثر سوى االلتزامات الشخصية بين المتعاقدين"‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫(المطلب األول) كما يحدث أن تقدم في آن واحد عدت طلبات للتقييد على نفس العقار‬
‫فتبرز إشكالية األولوية في إجراء التقييد (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ضرورة تقديم طلب التقييد‬

‫إن اشتراط حصول إشهار الحقوق العينية أصلية أو تبعية وبعض الحقوق الشخصية‬
‫عن طريق التقييد‪ ،‬لم يكن من باب الصدفة وإنما كان ذلك لغاية سامية تتحقق من خاللها‬
‫أهم وظيفة للتقييد المتمثلة في حماية الحق ذاته‪ ،‬الذي يعتبر غير موجود بالنسبة لألطراف‬
‫أو الغير إال من يوم تقييده أو ما يعرف باألثر المنشئ للتقييد‪ ،‬باإلضافة إلى تمتيعه بقوة‬
‫ثبوتية‪ 1‬حتى وإن كانت نسبية لقابليتها لإلقامة الدليل العكسي بإبطاله والتشطيب عليه‪.‬‬
‫غير أن محكمة النقض استقرت من خالل تفسيرها لمقتضيات الفصل ‪ 96‬على أن اللجوء‬
‫للمحافظ لطلب التقييد أو التشطيب بداية ليس إجباريا وإنما يمكن لصاحب الحق ممارسة‬
‫الخيار (الفقرة األولى) علما أن رفع الدعوى أمام القضاء لإلذن للمحافظ بذلك دون اتخاذ‬
‫اإلجراءات التحفظية قد ينتج عنه ذعائر لفائدة صندوق المحافظة العقارية (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬إمكانية ممارسة حق الخيار في تقديم طلب التقييد‬

‫حث المشرع المغربي كل شخص يرغب في إجراء تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي أو‬
‫التشطيب بالرسم العقاري‪ ،‬أن يقدم للمحافظ على األمالك العقارية طلبا بذلك‪ 2‬مؤرخا وموقعا‬
‫عليه مع تضمينه مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصل ‪ 69‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪،‬‬

‫‪ -1‬يوجد ارتباط وثيق بين األثر المنشئ للتقييد بالرسم العقاري ومبدأ القوة الثبوتية التي يمكن أن تتمتع بها التقييدات الموالية لتأسيس الرسم العقاري‪،‬‬
‫بحيث يعد هذا المبدأ األخير نتيجة حتمية لألخذ باألثر المنشئ للتقييد‪ ،‬ألنه مادامت الحقوق العينية ال توجد وال يتم نقلها إلى الغير أو اإلقرار بها أو‬
‫تغييرها أو إسقاطها إال بالتقييد اإليجابي أو السلبي‪ ،‬فإن بيانات الرسم العقاري التي تتضمن تلك الحقوق تحوز قوة ثبوتية‪.‬‬
‫‪DIMA (El Rajab): l’opposabilité des droits contractuels, Etude de droit comparé français et libanais thèse de -‬‬
‫‪Assas Paris 2 Décembre 2013, p 136 et S.–doctorat en droit privé, Uuniversité Panthéon‬‬
‫حول مبدأ القوة الثبوتية راجع‪:‬‬
‫‪François (Brochu) : le système Torrens, revue de droit de MCGILL, vol 47, 2002 p :640-‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬نفس األمر بالنسبة للمشرع السويسري بمقتضى الفصل ‪ 46‬الذي نص على ما يلي‪:‬‬
‫" ‪" L’officier du registre n’opère l’inscription au registre foncier que sur réquisition‬‬
‫‪4659, 2011, OR,1 sur le registre foncier du 23 septembre 2011 .432.Ordonnance 211‬‬

‫‪171‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فيعمل المحافظ على التحقق من مشروعيته ومن الوثائق المرفقة به قصد التقييد الذي ال‬
‫يخرج ق ارره على فرضيتين‪ ،‬فإما أن يقيد الحقوق بالرسم العقاري تبعا للوثائق المثبتة لذلك‪،‬‬
‫وإما أن يرفضه على أن يكون ق ارره هذا معلال‪ ،‬و الذي يبقى من حيث المبدأ قابال للطعن‬
‫‪1‬‬
‫أمام المحكمة االبتدائية انسجاما مع مقتضيات الفصل ‪ 96‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪.‬‬

‫وقد أثير خالف فقهي وتباين معه موقف القضاء المغربي (ولو بشكل نسبي) حول مقتضيات‬
‫الفصل المذكور‪ ،‬فيما إذا كانت تجيز لصاحب الحق اللجوء مباشرة للقضاء لطلب التقييد‬
‫دونما الحاجة إلى مراجعة المحافظ العقاري‪ .‬بمعنى آخر هل يملك صاحب الحق الخيار بين‬
‫اللجوء للمحافظ أو القضاء في شأن طلب التقييد بمفهوميه اإليجابي (نقل الحقوق أو تعديلها‬
‫أو اإلقرار بها) والسلبي (اسقاطها)؟‬

‫يتجاذب هذا التساؤل اتجاهين‪:‬‬

‫االتجاه األول‪ :2‬يرى بأنه ال يمكن للقضاء أن ينظر في طلبات التقييد أو التشطيب قبل‬
‫أن تحال مسبقا على المحافظ ويتخذ بشأنها ق ار ار بالرفض‪ ،‬هذا الرأي نجد له ما يعضده‬
‫ضمن قرار لمحكمة النقض نق أر فيه " ال يمكن للمحكمة أن تفصل في مسألة التقييد أو‬
‫التشطيب قبل أن يتخذ المحافظ موقفا من الطلب الذي يقدم له"‪ 3،‬و في نفس االتجاه ذهبت‬

‫‪ -1‬ينص الفصل ‪ 96‬على ما يلي‪ " :‬يجب على المحافظ على األمالك العقارية في جم يع الحاالت التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب‬
‫عليه أن يعلل ق ارره ويبلغه للمعني باألمر‪.‬‬
‫يكون هذا القرار قابال للطعن أمام المحكمة االبتدائية التي تبت فيه مع الحق في االستئناف‪ .‬وتكون الق اررات االستئنافية قابلة للطعن بالنقض"‪.‬‬
‫أما قبل تعديله بمقتضى قانون ‪ 07-14‬فق كان ينص على ما يلي " في حالة ما إذا رفض المحافظ تحفيظ العقار أو تسجيل حق عيني أو‬
‫التشطيب عليه حسب عدم صحة الطلب أو عدم كفاية الرسوم‪ ،‬فإن ق ارره يكون قابال للطعن أمام المحكمة اإلقليمية التي تبت فيه مع الحق في‬
‫اإلستئناف‪.‬‬
‫واألحكام اإلستئنافية يمكن الطع ن فيها عن طريق النقض وتبلغ لألطراف حسب نفس الشروط والشكل المقرر بالفصل ‪ 47‬المشار إليه أعاله"‪.‬‬
‫و ينص الفصل ‪ 93‬على مايلي" يجب على الطرف الذي يرغب في التشطيب أن يقدم إلى المحافظ على األمالك العقارية طلبا مؤرخا وموقعا من‬
‫طرفه ‪"...‬‬
‫‪ -2‬أحمد الشحيتي‪ :‬تقييد األحكا م العقارية في السجالت العقارية‪ ،‬مداخلة في أشغال الندوة التي نظمتها محكمة االستئناف بالرباط‬
‫و‪.‬و‪.‬و‪.‬م‪.‬ع‪.‬م‪.‬ع‪.‬خ ونقابة هيئة المحامين بالرباط في موضوع " دور التشريع ونجاعة القضاء في حل النزاعات العقارية‪ ،‬سلسلة ندوات محكمة‬
‫االستئناف بالرباط‪ ،‬العدد ‪ ،3‬مطبعة األمنية الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2011‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -3‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 662‬صادر بتاريخ ‪ ،1978/09/27‬ملف مدني رقم ‪ ،51-984‬مجلة المحاماة العدد ‪ ،12‬سنة ‪ ،1997‬ص ‪.173‬‬

‫‪172‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫استئنافية وجدة في قرار لها جاء فيه " حيث دفع المستأنف بخرق المحكمة لمقتضيات‬
‫الفصل ‪ 96‬من ظهير ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬والفصل ‪ 10‬من مرسوم ‪ 3‬يونيو ‪ ،1915‬وذلك‬
‫باللجوء إلى القضاء الستصدار حكم بتسجيل عقود األشرية والتشطيب على اإلراثة بالرسم‬
‫العقاري قبل تقديم طلب بذلك للمستأنف عليه‪ ،‬واتخاذ قرار إيجابي أو سلبي بشأنه‪ ،‬وحيث‬
‫صح الدفع المثار من لدن السيد المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬إذ أن المقتضيات المتمسك‬
‫بها تلزم الراغب في التقييد أو التشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري بتقديم طلب بذلك إليه‬
‫‪1‬‬
‫لمعرفة موقفه قبل سلوك المسطرة القضائية"‪.‬‬

‫أما االتجاه الثاني‪ :‬فيرى بإمكانية اللجوء مباشرة إلى القضاء لطلب التقييد أو التشطيب‬
‫‪2‬‬
‫من غير اللجوء مسبقا إلى المحافظ‪ ،‬مما يعني أن مقتضيات الفصل ‪ 96‬ليست إلزامية‪.‬‬
‫ومن تم يبقى الخيار لمن له المصلحة بين تقديم طلب التقييد إلى المحافظ و بين اللجوء إلى‬
‫المحكمة‪ ،‬و في هذا اإلطار ذهبت محكمة النقض في قرار لها إلى أنه " لكن لما كان‬
‫الفصل ‪ 96‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع لم يرتب أي جزاء على عدم تقديم طلب التسجيل إلى المحافظ قبل‬
‫االلتجاء إلى القضاء فإن محكمة االستئناف لما صرحت بأنه ال ضرورة اللتجاء المستأنف‬
‫عليهم إلى تقديم طلب إلى السيد المحافظ العقاري من أجل تسجيل حقوقهم طالما أن هناك‬

‫‪ -1‬قرار محكمة االستئناف بوجدة عدد ‪ 2581‬صادر بتاريخ ‪ ،2003/09/30‬ملف عقاري رقم ‪ .2/1119‬أوردته فاطمة الداودي‪ :‬دور المحافظ‬
‫العقاري وتدخل القضاء في قضايا التحفيظ بين التعزيز والمحدودية على ضوء مستجدات القانون رقم ‪ ،14.07‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬سنة ‪-2014‬‬
‫‪ .2015‬ص ‪.304‬‬
‫وفي قرار آخر لنفس المحكمة صادر تحت عدد ‪ 1129‬بتاريخ ‪ 2004-04-10‬في الملف رقم ‪ 1708-2‬جاء فيه " طلب التشطيب على العقود‬
‫المضمنة بالرسم العقاري ينبغي أن يتم تقديمه ابتداء أمام المحافظ‪ ،‬وعند رفض هذا األخير القيام بذلك يتم الطعن في ق ارره هذا أمام المحكمة‬
‫االبتدائية" أورده محمد بفقير‪ :‬ظهير التحفيظ العقاري الجديد والعمل القضائي المغربي‪ ،‬سلسلة القانون المغربي و العمل القضائي‪ ،‬العدد السابع‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪ 2014‬ص ‪.259‬‬
‫‪ -2‬جياللي بوحبص‪ ،‬هل يمكن للمتقاضي اللجوء إلى المحكمة دون إمكانية مراجعة المحافظ في القضايا العقارية‪ ،‬تعليق على قرار المجلس‬
‫األعلى‪ ،‬منشور بمجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪ ،6‬يوليوز ‪ ،2004‬ص ‪ 161‬وما يليها‪.‬‬
‫‪-‬أحمد أجعون‪ ،‬المحافظ العقاري اختصاصاته‪ ،‬مسؤوليته‪ ،‬ووضعيته اإلدارية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪،55-54‬‬
‫يناير ‪ ،2004‬ص ‪.185‬‬

‫‪173‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫نزاعا في ماهية العقد‪ ،‬كان قرارها مصادفا للصواب في هذا الخصوص و لم تخرق الفصل‬
‫‪1‬‬
‫المحتج به"‪.‬‬

‫و في قرار آخر جاء فيه " لكن حيث إن محكمة االستئناف حين عللت قرارها بأن‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 96‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع خالية من صيغة الوجوب‪ ،‬و بالتالي يبقى الخيار لمن له‬
‫المصلحة بين تقديم طلب التسجيل إلى المحافظ على األمالك العقارية وبين االلتجاء إلى‬
‫المحكمة‪ ،‬وأن المشرع لم يرتب أي أثر قانوني على عدم تقديم طلب تسجيل أي حق من‬
‫الحقوق العينية إلى المحافظ على األمالك العقارية قبل اللجوء إلى المحكمة تكون قد طبقت‬
‫‪2‬‬
‫الفصل ‪ 96‬المشار إليه أعاله تطبيقا سليما والوسيلة على غير أساس"‪.‬‬

‫ومن خالل ما ذكر‪ ،‬يتضح استقرار قضاء محكمة النقض في تأويلها لمقتضيات الفصل‬
‫‪ 96‬المشار إليه سابقا‪ ،‬من حيث كون طالب التقييد غير ملزم بسلوك اإلجراءات أمام‬
‫و إن كانت صيغة‬ ‫المحافظ على األمالك العقارية أوال قبل طلب التقييد القضائي لحقوقه‪.‬‬
‫الوجوب أو اإللزام التي ورد بها الفصل ‪ 96‬تنصرف إلى قرار المحافظ برفض تقييد حق‬
‫عيني أو التشطيب عليه بأن يكون معلال‪ ،‬ويفترض في ذلك أن سبق وقدم أمامه طلب للتقييد‬
‫يتضمن كافة البيانات المنصوص عليها في الفصل ‪ 69‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع حتى يتخذ ق ار ار بشأنه‪،‬‬

‫‪ -1‬قرار رقم ‪ 2065‬مؤرخ في ‪ ،2003-07-03‬ملف مدني عدد ‪ ،99-2-3-1038‬منشور بموقع‪:‬‬


‫‪ Jurisprudence Maroc.Com‬تاريخ الولوج ‪ 2015-10-14‬على الساعة ‪.17h20‬‬
‫و في قرار آخر جاء فيه "‪ ...‬اللجوء إلى المحافظ في الحالتين المنصوص عليهما في الفصل ‪ 96‬من ظهير التحفيظ العقاري قبل رفع الدعوى إلى‬
‫المحكمة يعتبر أم ار اختياريا ال يترتب على عدم اتباعه أي بطالن" قرار عدد ‪ 169‬صادر بتاريخ ‪ 1976-06-11‬في الملف المدني عدد ‪40838‬‬
‫منشور بمجلة القضاء و القانون عدد ‪ 127‬ص ‪.80‬‬
‫‪ -2‬و قد جاء في حيثيات هذا القرار"‪ ...‬حيث يعيب الطاعنون على القرار في الوسيلة األولى خرق الفصل ‪ 96‬من قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬ذلك أن‬
‫المطلوب في النقض لم يلتجأ إلى المحافظ على األمالك العقارية ألجل تقييد عقد البيع بالرسم العقاري قبل اللجوء إلى المحكمة كما يستلزم ذلك‬
‫الفصل ‪ 96‬المشار إليه‪ ،‬ومحكمة االستئناف حين قضت بقبول دعواه تكون قد خرقت الفصل المحتج به كما خالفت اتجاه المجلس األعلى في هذا‬
‫الصدد‪ ،‬فجاء قرارها معرضا للنقض"‪ .‬قرار عدد ‪ 4601‬صادر بتاريخ ‪ 2009/12/16‬في الملف المدني عدد ‪ ،2008/5/1/1981‬أورده محمد‬
‫أوغريس‪ :‬قضاء محكمة النقض في البيوع العقارية‪ ،‬سلسلة دراسات القانونية‪ ،‬الطبعة األولى‪[ ،‬دون ذكر السنة]‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫وجاء في قرار آخر تحت عدد ‪ 186‬مؤرخ في ‪ 2006-1-18‬ملف مدني عدد ‪ 2003-1-1-4025‬أنه " حيث صح ما عابته الطاعنة عن‬
‫القرار‪ ،‬ذلك أنه اقتصر في تعليل ما قضى به على أنه " ال يوجد بالملف ما يدل على كون المستأنفة قد سلكت مسطرة اللجوء إلى المحافظ بتقديمها‬
‫إليه طلب تسجيل شرائها فرفضه‪ ،‬في حين أن اللجوء إلى المحافظ في الحالتين المنصوص عليهما في الفصل ‪ 96‬من ظهير ‪1913-08-12‬‬
‫بشأن التحفيظ العقاري ال يترتب عن عدم سلوكه عدم القبول األمر الذي يكون معه القرار معلال تعليال ناقصا يوازي انعدامه مما عرضه للنقض‬
‫واإلبطال (غير منشور)‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وال تنصرف إلى طالب التقييد الذي لم يرتب عليه المشرع أي جزاء عند عدم سلوكه لمسطرة‬
‫التقييد أمام المحافظ ابتداء‪.‬‬

‫وما يمكن أن نسجله بهذا الخصوص أن أولوية اللجوء إلى القضاء لطلب تقييد حق‬
‫عيني أو تغ ييره أو إسقاطه أو اإلقرار به أو نقله إلى الغير‪ ،‬قبل اللجوء إلى المحافظ على‬
‫‪1‬‬
‫األمالك العقارية رهين بعدم وجود نزاع حول ماهية السند المراد تقييده بالرسم العقاري‪،‬‬
‫بحيث يكون من غير المنطقي قبول اللجوء إلى القضاء قبل المحافظ في حالة استجماع‬
‫طلب التقييد لكافة الشروط التي يتطلبها ظهير التحفيظ العقاري و القوانين المعمول بها في‬
‫هذا المجال‪ ،‬بل إن طلب التقييد القضائي قد يترتب عنه ذعائر نتيجة التأخر في تقديمها‬
‫مباشرة أمام المحافظ على األمالك العقارية ما لم يلجأ المستفيد من الحق موضوع الدعوى‬
‫إلى آلية التقييد االحتياطي لحفظ الرتبة وتفادي غرامات التأخير‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التراخي في تقديم طلب التقييد‬

‫إن التوجه للقضاء لإلذن للمحافظ إلجراء التقييد أو التشطيب كمكنة كرستها محكمة‬
‫النقض لفائدة صاحب الحق من خالل تفسيرها لمقتضيات الفصل ‪ 96‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري‪ ،‬قد ينسجم مع الحرية التي تركها المشرع لألطراف المعنية بالتقييد أو التشطيب‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬بخصوص ذلك قضت محكمة النقض بأن " أسبقية اللجوء إلى المحافظ على األمالك العقارية طبقا لما يقتضيه الفصل ‪ 96‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري والفصل ‪ 10‬من القرار الوزيري المؤرخ في ‪ 1915-06-03‬إنما يكون في حالة ما إذا كان المعني باألمر ال يتوفر على سند تام إلثبات‬
‫حقه العيني المراد تسجيله في الرسم العقاري موضوع الحق‪ ،‬ال حينما يكون سند الحق غير تام ومنازع في صحته" قرار عدد ‪ 446‬صادر بتاريخ‬
‫‪ 1977-07-22‬منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة واالقتصاد عدد ‪ 4‬ص ‪.109‬‬
‫أنظر أيضا‪:‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 662‬صادر بتاريخ ‪ 1978-09-27‬في الملف المدني عدد ‪ 51984‬منشور بمجلة المحاماة عدد ‪ 16‬ص ‪.173‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 2410‬صادر بتاريخ ‪ 2002-07-09‬في الملف المدني عدد ‪ 01-288‬منشور بمجلة المناهج القانونية عدد ‪ 7‬و ‪ 8‬ص ‪.185‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ 137‬صادر بتاريخ ‪ 2006-03-01‬في الملف الشرعي عدد ‪ 04-375‬منشور بمجلة القصر عدد ‪ 25‬ص ‪.125‬‬

‫‪175‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وعدم تقييده بأجل‪ ،‬في السعي نحو الحفاظ على مراكزهم القانونية‪ 1‬وضمان نفاذ تصرفاتهم‬
‫واالحتجاج بها في مواجهة الكافة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وبالمقابل فرض على المتراخي عن تقديم طلب التقييد أو التشطيب ذعائر تصاعدية‬
‫في حالة عدم احترام اآلجال المنصوص عليها في الفصل ‪ 65‬مكرر‪ 3،‬والمحددة في ثالثة‬
‫أشهر تحتسب بالنسبة للمقررات القضائية من تاريخ حيازتها لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬ومن‬
‫تاريخ التحرير بالنسبة للعقود الرسمية‪ .‬أما بخصوص العقود العرفية فيحتسب األجل بالنسبة‬
‫لها من تاريخ آخر تصحيح لإلمضاء عليها‪ ،‬حيث يكون المستفيد من طلب التقييد أو‬
‫التشطيب مجب ار في حالة عدم احترام األجل المذكور أعاله على أداء غرامة تساوي خمسة‬
‫بالمائة من مبلغ الرسوم المستحقة وذلك عن الشهر األول الذي يلي تاريخ انقضاء الثالثة‬

‫‪ -1‬حسن فتوخ‪ :‬التقييدات المؤقتة بالرسم العقاري على ضوء العمل القضائي‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬وحدة‬
‫القانون المدني‪ ،‬جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008-2007‬ص‪.471:‬‬
‫‪2‬‬
‫‪dine): La réforme apportée par la loi 14.07 face aux dysfonctionnements du régime de - AISSAM (zine-‬‬
‫‪. p: 65,l’immatriculation foncière, Imprimerie Najah Al Jadida Casablanca, 1ère édition 2014‬‬
‫‪ -3‬جاء الفصل ‪ 65‬مكرر على الشكل التالي " يحدد أجل إنجاز التقييد المنصوص عليه في الفصل ‪ 65‬في ثالثة أشهر ويسري هذا األجل‬
‫بالنسبة‪:‬‬
‫‪ -1‬للمقررات القضائية ابتداء من تاريخ حيازتها لقوة الشيء المقضي به‪.‬‬
‫‪ -2‬للعقود الرسمية ابتداء من تاريخ تحريرها‪.‬‬
‫‪ -3‬للعقود العرفية ابتداء من تاريخ آخر تصحيح لإلمضاء عليها‪.‬‬
‫غير أن هذا األجل ال يسري على العقود المشار إليها في البندين ‪ 2‬و ‪ 3‬أعاله‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كانت موضوع تقييد احتياطي طبقا للفصل ‪.85‬‬
‫‪ -‬تعلقت باألكرية أو اإلبراء أو الحوالة المنصوص عليها في الفصل ‪ 65‬من هذا القانون‪.‬‬
‫وإذا لم يطلب التقييد بالرسم العقاري ولم تؤدى رسوم المحافظة العقارية داخل األجل المقرر أعاله‪ ،‬فإن طالب التقييد يلزم بأداء غرامة تساوي خمسة‬
‫بالمائة من مبلغ الرسوم المستحقة‪ ،‬وذلك عن الشهر األول الذي يلي تاريخ انقضاء األجل المذكور و‪ 0,5‬في المائة عن كل شهر أو جزء من الشهر‬
‫الموالي له‪.‬‬
‫= يمكن لمدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية‪ ،‬وفي حالة القوة القاهرة أن يمنح اإلعفاء من الغرامة المنصوص عليها‬
‫أعاله‪ ،‬بعد اإلدالء بأي وثيقة تفيد ذلك"‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أشهر و ‪ 0,5‬بالمائة عن كل شهر أو جزء منه‪ 1.‬ما لم تكن موضوع تقييد احتياطي سبق‬
‫تضمينه بالرسم العقاري حيث يستفيد من األثر الرجعي‪.‬‬

‫غير أن اإلعفاء من غرامة التأخير المقررة عن العقود الرسمية أو العرفية التي مر‬
‫عليها أجل ثالثة أشهر من تاريخ تحريرها بالنسبة لألولى ومن تاريخ آخر تصحيح لإلمضاء‬
‫في شأن الثانية‪ ،‬والتي سبق وأن كانت موضوع تقييد احتياطي بناء على مقال افتتاحي‬
‫للدعوى‪ ،‬يرتبط بضرورة اإلدالء بأحكام قضائية حائزة لقوة الشيء المقضي به حسمت النزاع‬
‫بشأن الدعوى المقيدة احتياطيا‪ ،‬و إال ستطبق مقتضيات الفصل ‪ 65‬مكرر بأثر فوري‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن تقديم طلب التقييد أو التشطيب يكون واجبا على من تولى تحرير‬
‫السند كما هو الحال بالنسبة للموثق استنادا لمقتضيات الفصل ‪ 47‬المنظم لمهنة التوثيق‪،‬‬
‫الذي يفرض على الموثق تقديم نسخ للمحررات والعقود مشهود عليها من طرفه بمطابقتها‬
‫لألصل لدى مصلحة التسجيل الستيفاء الرسوم عن ذلك و إنجاز اإلجراءات الضرورية‬
‫للتقييد بالسجالت العقارية‪ .‬الشيء الذي لم يفعله المشرع بالنسبة للعدول في القانون رقم‬
‫‪ 16.03‬المتعلق بخطة العدالة‪ ،‬حيث ترك فيه الحرية لألطراف أو العدل للقيام بذلك‪ ،‬وهو ما‬
‫يتعارض مع مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية التي تجعل العدل مسؤوال بالتضامن‬
‫مع أطراف العقد في حالة عدم أداء الضرائب و الرسوم المثقل بها العقار موضوع العقد‬
‫المحرر من طرفه‪.‬‬

‫وما يمكن أن نسجله في هذا اإلطار أن تراخي الموثق في إخضاع العقد المحرر من‬
‫طرفه إلجراءات التقييد بالسجالت العقارية و ما يترتب على ذلك من غرامات قد يثير‬
‫مسؤوليته و هو ما نقرأه ضمن قرار لمحكمة النقض جاء فيه " والمحكمة مصدرة القرار‬

‫‪ -‬والمشرع بذلك يكون قد تفادى من خالل التعديل الذي طال ظهير التحفيظ العقاري بموجب قانون ‪ 14-07‬األجل الموحد للتقييد الذي‬ ‫‪1‬‬

‫كان محددا في ثمانية عشرة شه ار بالنسبة لكافة السندات‪ ،‬بعد عدم تحقيقه للغاية المتوخاة منه في حث األطراف على اإلسراع في تقديم طلبات‬
‫التقييد والتشطيب أمام المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬قصد تفادي ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطعون فيه لما استخلصت أن المطلوبة مسؤولة عن اإلخالل بإيداع عقد القسمة لفائدة‬
‫الطالب‪ ،‬طبقا للفصلين ‪ 78‬من ق‪.‬ل‪.‬ع و‪ 83‬من مدونة التسجيل‪ .‬و مع ذلك أخلت ذمتها‬
‫من التعويض المستوجب عن هذا اإلخالل بعلة أن الطالب لم يثبت تاريخ أداء غرامات‬
‫التأخير المذكورة‪ ،‬في حين أن مجرد أداء هذه الغرامات الثابت للمحكمة والتي قضت لفائدته‬
‫باستردادها من المطلوبة يجعل الضرر ناشئا عن التأخير في اإليداع للطالب و المستوجب‬
‫لتعويضه عنه‪ ،‬مما تكون معه قد خرقت الفصلين ‪ 78‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والفصل ‪ 1‬من ظهير‬
‫‪ 1925/05/4‬المتعلق بالتوثيق العصري وعللت قرارها تعليال فاسدا ينزل منزلة انعدامه و‬
‫‪1‬‬
‫عرضته بالتالي للنقض"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ضمان األولوية في التقييد‬

‫سبقت اإلشارة إلى أن عملية التقييد ال يباشرها المحافظ من تلقاء نفسه‪ ،‬وإنما بناء على‬
‫طلب المعني باألمر أو من ينوب عنه مرفق بالسند المزمع تضمينه بالرسم العقاري‪ ،‬والذي‬
‫بدوره يخضع للمراقبة كل بحسب طبيعته استنادا إلى مقتضيات الفصل ‪ 72‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪.‬‬

‫‪ -1‬جاء في حيثياته أنه" و الثابت من وقائع الدعوى المعروضة على قضاة الموضوع وأدلتها المقدمة لهم أن المطلوبة بصفتها موثقة حررت عقد‬
‫القسمة بين الطالب وشركائه لقطعة أرضية من التجزئة المشتركة بينهم التي بقيت دون بيع‪ ،‬ولم تودع العقد الذي حررته لدى إدارة التسجيل و كذا‬
‫إدارة المحافظة على األمالك العقارية الستخالص الرسم الضريبي عنه‪ ،‬إلى أن ترتب عن تأخير اإليداع الذعائر المالية القانونية‪ ،‬فاضطر الطالب‬
‫ألدائها لدى المصلحتين المذكورتين بصفته مستفيدا من العقد الواجب عنه الرسمان المذكوران‪ ،‬هو خطأ ينسب إلى المطلوبة طبقا للفصل ‪ 1‬من‬
‫ظهير ‪ 1925/05/4‬المتعلق بالتوثيق العصري‪ ،....‬كما يوجب في حقها نفس اإللزام المنصوص عليه في المادة ‪ 83‬من مدونة التسجيل‬
‫بخصوص التقديم ألداء رسم التسجيل‪.‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 2163‬الصادر بتاريخ ‪ 2008/06/04‬في الملف المدني عدد ‪ ،2007/3/1/657‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى‪،‬‬
‫النسخة اإللكترونية عدد ‪ ،70‬ص ‪.69‬‬
‫‪ -‬للمزيد من المعلومات عن مسؤولية الموثق راجع‪:‬‬
‫‪ -‬بري المهدي‪ :‬اإلطار القانوني لمسؤولية الموثق العصري على ضوء القانون رقم ‪ ،32.09‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ماستر‬
‫العقار والتنمية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية‪ ،‬طنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2015-2014‬‬
‫=‪ -‬سيدي محمد كمال مشيشي‪ :‬االلتزامات المهنية للموثق العصري والمسؤوليات الناتجة في حالة اإلخالل بها‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2012-2011‬‬
‫‪ -‬محمد بلغماز‪ :‬المسؤولية المدنية للموثق العصري في القانون المغربي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ماستر قانون‬
‫األعمال‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014-2013‬‬

‫‪178‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وقد يحدث أن تقدم أمام المحافظ على األمالك العقارية عدت طلبات للتقييد في آن‬
‫واحد على نفس العقار‪ ،‬بعضها ال يتناف ى مع البعض اآلخر حيث تضمن بنفس الرتبة كما‬
‫يمكن أن تكون إحداها متعارضة مع أخرى‪ .‬فنتساءل عن مصير هذه الطلبات (الفقرة‬
‫األولى) وإن كان تلقي طلبات التقييد أو اإليداع أصبح أكثر دقة في ظل التدبير اإللكتروني‬
‫للوثائق المودعة مما سيساعد على حصر ومعالجة القضايا حسب تاريخ ورودها (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مصير طلبات التقييد المقدمة في آن واحد على نفس العقار‬

‫لقد أسند المشرع المغربي مهمة إجراء التقييد بالسجالت العقارية إلى جهة إدارية واحدة‬
‫يمثلها المحافظ على األمالك العقارية‪ ،‬والذي بعد إجرائه للمراقبة على الوثائق والسندات‬
‫المدعمة لطلب التقييد والتأكد من مدى مطابقتها للقانون‪ ،‬يتعين عليه الحرص على ضمان‬
‫ترتيب األولوية بسجل اإليداع للحقوق المتعلقة بنفس العقار حسب ورودها عليه‪.‬‬

‫لكن في حالة تقديم طلبين للتقييد على نفس العقار وفي آن واحد‪ ،‬فما هو الطلب‬
‫األولى بالتقييد؟ وكيف يمكن أن نتصور تقديم طلبين للتقييد على عقار واحد وفي نفس‬
‫الوقت؟ وهل يملك المحافظ سلطة ترجيح إحدى الطلبات على أخرى‪ ،‬سواء أكانت نهائية أو‬
‫مؤقتة؟‬

‫لإلجابة عن الشق األول من التساؤل ال بد وأن نستحضر مقتضيات الفصل ‪ 76‬من‬


‫ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ ،‬كما تم تعديله وتتميمه بموجب القانون ‪ 14-07‬حيث جاء في فقرته الثانية ما يلي‬
‫" إذا قدمت في آن واحد عدة طلبات متعلقة بنفس العقار‪ ،‬فإنه ينص على ذلك بسجل‬
‫اإليداع‪ ،‬وتقيد الحقوق في نفس الرتبة‪ ،‬فإن تنافى بعضها مع البعض رفض المحافظ على‬
‫األمالك العقارية التقييد"‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فالمالحظ أن المشرع ميز بين حالتين لطلبات التقييد المقدمة في آن واحد‪ ،‬ففي الحالة‬
‫األولى والتي تكون فيها طلبات التقييد غير متعارضة مع بعضها البعض‪ ،‬جاز للمحافظ‬
‫تقييدها بنفس الرتبة أي إعطائها رقما تسلسليا واحدا مع اإلشارة في السجل العقاري‬
‫اإللكتروني إلى أنها تخضع لمقتضيات الفصل ‪ 76‬السالف الذكر‪.‬‬

‫وأهمية ذلك تظهر من خالل أن اعتماد أولوية إحدى الطلبات عن األخرى‪ ،‬سيمكن‬
‫المستفيد المقيد أوال من حق ممارسة الشفعة على المقيد الثاني بالنسبة للتصرفات الناقلة‬
‫لحقوق مشاعة من ملكية الرسم العقاري‪ .‬إذ يصبح المستفيد من ذلك شريكا على الشياع في‬
‫ملك يحق له معه استشفاع الحصة المشاعة المنقولة والموالية له في رتبة التقييد‪ .‬كما‬
‫ستمكن الدائن المرتهن المقيد في رتبة سابقة (أو نتيجة خطأ في ترتيب األولوية) من استيفاء‬
‫دينه باألسبقية عند توزيع منتوج البيع للعقار بالمزاد العلني على باقي الدائنين الموالين له في‬
‫‪1‬‬
‫رتبة التقييد مادامت هذه األخيرة هي المعيار األساس في االستفادة من األولوية‪.‬‬

‫كما تظهر أهمية تضمين طلبات التقييد المقدمة في آن واحد في نفس الرتبة عند تقديم‬
‫طلبات إجراء تقييدات مؤقتة ضامنة لرتبة الحق‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للتقييدات االحتياطية‬
‫التي ال يمكن أن نتصور ظهور حالة التع ارض بينها‪ ،‬إذ ال يحق للمحافظ إعمال سلطته في‬
‫ترتيب األولوية بينها استنادا إلى تاريخ التأشير عليها من طرف صندوق المحكمة أو اعتماد‬
‫رقم األوامر القضائية أو تاريخ صدورها في الترتيب‪ .‬بل ال بد من تقييدها في نفس الرتبة‬
‫لتجاوز األثر الرجعي لتاريخ التقييد االحتياطي عند صدور أحكام حائزة لقوة الشيء المقضي‬
‫به‪ ،‬وتمتيع المستفيد منه بأحقيته في ممارسة الشفعة على من قام المحافظ بتقييده في رتبة‬
‫موالية له والحائز أيضا على أحكام لها قوة الشيء المقضي به‪.‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 197‬من مدونة الحقوق العينية على ما يلي " يستوفي الدائن المرتهن دينه من ثمن الملك حسب رتبة تقييده في الرسم العقاري‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫وذلك باألولوية على باقي الدائنين المرتهنين التالين له في الرتبة وكذا على الدائنين العاديين"‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أما في الحالة الثانية والتي تجسد حالة التعارض‪ 1‬الحاصلة بين طلبات التقييد مع‬
‫بعضها البعض المقدمة في آن واحد‪ ،‬فإن المحافظ يقرر رفض التقييد بعد تحرير محضر‬
‫بذلك يثبت فيه تلك الحالة طبقا للفصل ‪ 76‬من ظ‪.‬ت‪.‬ع‪ 2.‬و هذا ما يمكن أن نستخلصه من‬
‫حكم المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء التي اعتبرت فيه بأن قرار المحافظ الرافض لطلب تقييد‬
‫أحكام قضائية ناقلة للملكية في إطار المنفعة العامة مصحوب برسائل مسلمة من الجهة‬
‫النازعة للملكية تفيد التشطيب على مشروع نزع الملكية المقيد بالرسم العقاري‪ ،‬يظل ق ار ار‬
‫مشروعا حيث جاء فيه "‪ ...‬على أن المالكون بالرسم العقاري تقدموا بطلب التشطيب على‬
‫مشروع نزع الملكية موضوع األحكام القضائية بنقل الملكية مصحوب برسائل من المدعية‬
‫تقضي بالتشطيب على المشروع‪ .‬وبالتالي أصبح العارض أمام طلبات متعارضة ومتناقضة‬
‫األول يرمي إلى التقييد والثاني إلى التشطيب وبالتالي قام المحافظ بتطبيق مقتضيات الفصل‬
‫‪ 76‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬مما يكون ق ارره ا‬
‫قر ار مشروعا يتعين رفض الطلب المقدم‬
‫‪3‬‬
‫بشأنه "‪.‬‬

‫لكن هل يمكن تصنيف تقديم طلب إجراء تقييد احتياطي ضد المالك المقيد في نفس‬
‫الوقت الذي قدم فيه طلب تقييد عقد بيع نهائي على نفس الرسم العقاري ضمن حالة الطلبات‬
‫المتعارضة الخاضعة لمقتضيات الفصل ‪76‬؟‬

‫‪ -1‬يقصد بالطلبات المتعارضة تلك التي يكون قبول تقييد إحداها مانعا من تقييد أخرى كطلب تقييد إراتثين تتضمن األولى فريقا من الورثة ال‬
‫تتضمنهم االراثة الثانية أو تتضمن إحداهما وصية دون األخرى‪ ،‬أ و كحالة تقديم طلب تقييد صدقة أو هبة وفي نفس الوقت تقديم طلب تقييد إراثة‬
‫الهالك‪.‬‬
‫‪ -‬محمد ابن الحاج السلمي‪ :‬التقييد والتشطيب بالسجالت العقارية وفق مستجدات القانون رقم ‪ ،14-07‬دار القلم الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪،2015 ،‬‬
‫ص ‪.390‬‬
‫‪ - 2‬علما أنه أصبح باإلمكان استخراج قرار الرفض من البرنامج االلكتروني الجديد الخاص بتدبير الوثائق المودعة للدراسة أو ما يعرف ب ‪R1‬‬
‫الذي دخل حيز التنفيذ بداية من ‪ 22‬أبريل ‪ 2019‬ليعوض سجل اإليداع الورقي‪ .‬و هو يختلف كليا عن السجلين المنصوص عليهما بالفصل ‪24‬‬
‫من المرسوم المحدد إلجراءات التحفيظ العقاري‪ ،‬حيث يعمل على منح طلبات اإليداع رقم ترتيبي بطريقة تلقائية حسب التاريخ و التوقيت اللذان يتم‬
‫فيهما اإليداع‪ ،‬الشيء الذي يساعد على حصر القضايا حسب تاريخ وتوقيت ورودها بكل دقة‪.‬‬
‫‪ -3‬حكم رقم ‪ 1756‬صادر بتاريخ ‪ 2011-09-20‬في الملف رقم ‪) 2009-4-253‬غير منشور(‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بخصوص ذلك يرى بعض الفقه‪ 1‬أنه ال يمكن للمحافظ أن يرجح التقييد االحتياطي عن‬
‫التقييد النهائي لعقد البيع‪ ،‬فهما طلبان متعارضان يتنافى موضوعهما مع وضعية الرسم‬
‫العقاري بدليل أن األول يتعلق بتقييد احتياطي يهدف صاحبه من خالله إلى الحفاظ على‬
‫حقوقه التي تلقاها المشتري من البائع‪ ،‬في حين أن الثاني ينصب على نفس العقار ويخص‬
‫نفس المفوت و يرمي إلى تسجيل عقد الشراء‪ ،‬إذ بإمكان المحافظ و الحالة هذه رفض إجراء‬
‫‪2‬‬
‫التقييد للطلبين معا لتعارضهما ال أن يقوم بترجيح التقييد المؤقت عن التقييد النهائي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مساهمة التدبير اإللكتروني في ضمان األولوية لطلبات‬


‫التقييد‬

‫في ظل التدبير اإللكتروني لعمليات التحفيظ العقاري الذي أصبح معموال به وفق‬
‫الشروط والكيفيات المنصوص عليها في ظل المرسوم رقم ‪ 3،2.18.181‬أصبح باإلمكان‬
‫تقديم وتتبع ومعالجة اإلجراءات المتعلقة بالتحفيظ العقاري بما في ذلك إشهار الحقوق العينية‬
‫والتحمالت العقارية المنصبة على العقارات المحفظة أو التي هي في طور التحفيظ‪ 4،‬بشكل‬
‫إلكتروني دون الحاجة إلى االنتقال إلحدى المصالح الخارجية التابعة للوكالة الوطنية‬
‫للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية‪.‬‬

‫‪ -1‬حسن فت وخ‪ :‬التقييد االحتياطي وعالقته بالحجوزات واإلنذارات العقارية‪ ،‬دراسة عملية مع رصد ألهم اإلشكاالت المثارة عمليا بشأن التقييد‬
‫االحتياطي وعالقته بالحجوزات واإلنذارات العقارية من خالل الرتبة بالرسم العقاري على ضوء =أحدث نصوص القانون المغربي والمقارن‬
‫واالجتهادات القضائية والفقهية‪ ،‬دار اآلفاق الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2008 ،‬ص‪.203-202 :‬‬
‫‪ -2‬هذا الموقف له ما يخالفه في أحد األحكام الصادرة عن المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء قضت فيه بأنه " وحيث أنه ال مجال للتمسك‬
‫بمقتضيات الفصل ‪ 76‬من ظهير ‪ 2013-8-12‬لكون األمر في نا زلة الحال ال يتعلق بطلبات تسجيل متعارضة مقدمة في آن واحد‪ ،‬و إنما بطلب‬
‫تسجيل واحد اعتمادا على عقد بيع ناقل لملكية حق عيني تقدمت به المدعية‪ ،‬وأن طلب التقييد االحتياطي المقدم من طرف الغير و إلن كان‬
‫يخص نفس العقار فإنه ال يعتبر طلب تسجيل و ال يحول دون تقييد ع قد البيع علما أن صاحب التقييد االحتياطي بناء على مقال يحتفظ برتبته إلى‬
‫حين البت النهائي في دعواه"‬
‫حكم رقم ‪ 2095‬صادر بتاريخ ‪ 2009/09/15‬في الملف رقم ‪ )09/21/2070‬غير منشور( ‪.‬‬
‫‪ - 3‬المرسوم الصادر في ربيع األخير ‪ )10-12-2018( 1440‬بتحديد شروط وكيفيات التدبير اإللكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات‬
‫المرتبطة بها‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6737‬ربيع األخير‪ )2018-12-24( 1440‬ص‪.9743 ،‬‬
‫‪ - 4‬راجع المادة الثانية من المرسوم السالف الذكر‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وعلى هذا األساس مكن المشرع المهنيين من تقديم طلبات إيداع وتقييد المحررات‬
‫يحدث لهذا الغرض وتحت مسؤوليتهم‬ ‫خاص‪1‬‬ ‫بالسجالت العقارية من خالل فضاء‬
‫الشخصية‪ ،‬حيث يتيح لهم الولوج إلى قاعدة البيانات التي تديرها الوكالة الوطنية للمحافظة‬
‫العقارية وكذا إرسال المعامالت التي قاموا بتحريرها عبر نماذج إلكترونية محددة سلفا‪.‬‬

‫هذا االمر سيمكن المحافظ من تلقي طلبات التقييد أو التشطيب بشكل ترتيبي حسب‬
‫زمن ورودها عليه (بالساعة والدقيقة) وال دخل له في تقديم إحدى الطلبات عن أخرى مادام‬
‫ترتيب هذه األخيرة يتم بشكل إلكتروني‪ ،‬مما يساعد على حصر تلك الطلبات حسب تاريخ‬
‫ورودها بكل دقة ليتحقق المحافظ من مدى مشروعيتها واتخاذ قرار بشأنها‪.‬‬

‫وعلى ضوء ذلك بقي لنا أن نتساءل عن المقصود بعبارة تقديم طلبات للتقييد في آن‬
‫واحد‪ ،‬هل تقتصر على اللحظة اآلنية من الزمن؟ أم أنها تستغرق المدة الممتدة من وقت‬
‫وتاريخ تقديم الطلب إلى غاية أداء رسوم المحافظة العقارية؟ وهل تاريخ تأشير المحافظ على‬
‫طلب التقييد كاف في حد ذاته للقول بأسبقية طلب على آخر يعفيه من اللجوء إلى مقتضيات‬
‫الفصل ‪ 76‬عند تقديم طلب الحق عليه ومتعارض معه؟‬

‫بخصوص ذلك يرى بعض الفقه‪ 2‬عن صواب‪ ،‬أنه وحسب معيار اإلقصاء الذي يبدو‬
‫أن المشرع قد اعتمده في الفصل ‪ 76‬المذكور‪ ،‬فإن عبارة " في آن واحد" ال يمكن أن يكون‬
‫لها سوى تفسير واحد وهو نفس اللحظة أي نفس الدقيقة على األقل إن لم تكن نفس الثانية‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنص المادة ‪ 31‬من المرسوم المذكور على أنه " يحدث على المنصة اإللكترونية فضاء خاص بالمهنيين المتدخلين في عمليات التحفيظ‬
‫العقاري والمسح العقاري والخرائطية‪ ،‬قصد تمكينهم من التبادل اإللكتروني للوثائق والمعلومات مع مصالح الوكالة‪ ،‬واالستفادة من الخدمات التي‬
‫توفرها لفائدتهم"‪.‬‬
‫هذا الفضاء أطلق عليه بالنسبة للموثقين (توثيق) يتيح الولوج لكافة الخدمات الرقمية للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية‬
‫وكذا تبادل المعامالت العقارية‪ ،‬وذلك بناء على اتفاقية شراكة ابرمت بين هذه األخيرة والهيئة الوطنية للموثقين‪.‬‬
‫وإذا كانت المقتضيات المنظمة لبعض المهنيين المتدخلين في عمليات التحفيظ العقاري وخاصة أولئك المكلفين بتحرير العقود من عدول ومحامين‬
‫مقبولين للترافع أمام محكمة النقض طبقا لمقتضيات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ال تسعفهم في تقديم طلبات للتقييد أو اإليداع مالم يكن‬
‫ذلك بشكل صريح من المستفيد من الحق المراد إيداعه أو تقييده‪.‬‬
‫‪ -2‬محمد ابن الحاج السلمي‪ :‬م س‪ ،‬ص‪.388 :‬‬

‫‪183‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫هذا التفسير ولئن كان يصدق على الطلبات غير المتنافية والمقدمة في آن واحد‪ ،‬فإنه قد ال‬
‫ينطبق على طلبات التقييد المتعارضة الواردة على فترات زمنية طوال اليوم أو خالل الفترة‬
‫الفاصلة بين التأشير على الطلب وأداء الوجيبات المستحقة عليه لفائدة صندوق المحافظة‬
‫العقارية‪.‬‬

‫و من ثم فالمقصود بعبارة (في آن واحد) هي نفس اللحظة‪ ،‬و التي ال يجب فهمها من‬
‫منطلق الوقت الذي تستغرقه ألداء رسوم التقييد‪ ،‬و حتى تتضح الرؤية نسوق مثاال على‬
‫ذلك‪ ،‬فلو فرضنا أنه تم تقديم طلب تقييد عقد بيع نهائي على عقار معين وتم التأشير عليه‬
‫من قبل المحافظ قصد استخالص الوجيبات المستحقة عن ذلك‪ ،‬و أودع بصندوق المحافظة‬
‫و لم يبادر المستفيد منه إلى األداء‪ ،‬و خالل هذه الفترة تم تبليغ المحافظ بحجز أو إنذار‬
‫عقاري من طرف مفوض قضائي على نفس العقار‪ ،‬أو تم إيداع رسم إراثة البائع المقيد‬
‫بالرسم العقاري‪ ،‬فإنه ال يحق للمحافظ و الحالة هذه اتخاذ قرار برفض التقييدين معا‬
‫لتعارضهما و ألنهما قدما في آن واحد‪ ،‬و إنما وجب رفض تقييد الحجز أو اإلنذار العقاري‬
‫أو اإلراثة و بصفة عامة كل تقييد يتعارض مع التقييد المودع أوال‪ ،‬ألن الفيصل في ترتيب‬
‫التقييد هو الرقم الترتيبي المستخرج من سجل اإليداع اإللكتروني‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار قضت محكمة النقض " بأن التنافي المشار إليه في الفصل ‪ 76‬أعاله‬
‫والمانع من التقييد ال يمكن أن يتحقق إال بورود الطلب على المصلحة في نفس الساعة‬
‫والدقيقة‪ ،‬وأنه يتجلى من جواب المحافظ على الدعوى أن طلب المطلوبات في النقض تقييد‬
‫شرائهن كان أسبق زمنيا وهو ما يؤكده وصل اإليداع الحامل للرقم ‪ .6‬فكان لزاما على‬
‫المحافظ إيداعه حاال بسجل اإليداع حفاظا على حق األولوية‪ ،‬و ليس تأخير ذلك بدعوى‬

‫‪184‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫دراسة الملف أو أداء الرسوم‪ ،‬وأن تأخره أو عدم القيام بذلك بالمرة و ألي سبب كان اليمكن‬
‫‪1‬‬
‫أن يعطل مفعول األسبقية في تقديم الطلب و ال في ترتيب األولوية‪."...‬‬

‫لذلك فالتدبير اإللكتروني لطلبات التقييد سيؤدي ال محالة إلى ضبط التاريخ والتوقيت‬
‫الل ذين يتم فيهما إيداع الوثائق من أجل الدراسة وبالتالي ضمان األولوية وحفظ الرتبة عند‬
‫تعدد طلبات التقييد الواردة على نفس العقار‪ .‬وليس للمحافظ صالحية الترجيح بين هذه‬
‫الطلبات المتعارضة التي تبقى من اختصاص القضاء للحسم فيمن له الحق في االستفادة من‬
‫األولوية في التقييد إعماال لقواعد العدالة واالنصاف وضمانا الستقرار المعامالت العقارية‪.‬‬

‫‪ - 1‬قرار عدد ‪ 8-273‬صادر بتاريخ ‪ 2018-05-29‬في الملف رقم ‪ 2017-8-1-2236‬منشور بموقع محكمتي‪ ،‬تاريخ الولوج ‪-07-03‬‬
‫‪ 2019‬على الساعة التاسعة ليال‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد االستاذ عبد المجيد بنمونة‪،‬‬


‫رئيس مصلحة القضايا المدنية للجنوب‬
‫بالوكالة القضائية للمملكة‬
‫تمهيد‬

‫يهدف هذا الموضوع إلى تسليط الضوء على بعض إالشكاليات التي تتعلق بإثبات‬
‫الصبغة العمومية للعقار واآلثار المترتبة بعد هذا االثبات‪ ،‬وذلك على ضوء قضية عرضت‬
‫منذ أواخر الثمانينات على القضاء ولم يبت فيها بأحكام نهائية مكتسبة لقوة الشيء المقضي‬
‫به إال في سنة ‪ ،2004‬وال زال هذا النزاع معروضا حاليا على القضاء بخصوص التنفيذ‪.‬‬

‫ولعل األسباب التي دفعت الى اختيار هذا الموضوع والحالة التطبيقية له‪ ،‬هو الرغبة‬
‫في نشر واقعة عملية تطبيقية أثيرت فيها امام القضاء عدة اشكاليات همت بالخصوص‬
‫كيفية اثبات الصبغة العمومية للعقار موضوع النزاع وأنه ملك عام للدولة‪ ،‬علما ان هذا‬
‫العقار تم ضمه الى عقار مجاور في ملك الخواص وتم تأسيس رسم عقاري له وظل صاحبه‬
‫يتمسك طيلة مراحل الدعوى بقاعدة التطهير وظلت الدولة بالمقابل متمسكة بالصبغة‬
‫العمومية للجزء المحتل من العقار وأن هذه الصبغة العمومية تخوله الحماية وتحصنه من‬
‫اآلثار المترتبة عن قاعدة التطهير المخولة للرسم العقاري‪ .‬ومما شكل صعوبة في إقناع‬
‫القضاء في بدايات النزاع بالصبغة العمومية للعقار‪ ،‬كون القطاع الحكومي الوصي على‬
‫الملك العام لم تعمد إلى تحديد هذا العقار تحديدا إداريا إال في مرحلة الحقة‪.‬‬

‫وفي إطار معالجة هذا الموضوع‪ ،‬كان البد من إعطاء صورة موجزة عن الملكية‬
‫العقارية بصفة عامة في المغرب ثم الملك العام للدولة بصفة خاصة ثم طرق إثبات الصبغة‬

‫‪186‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫العمومية لهذا الملك واآلثار المترتبة عن ذلك اإلثبات وفي األخير صور من الوسائل‬
‫الحمائية القانونية والقضائية للملك العام للدولة‪.‬‬

‫ولذلك ارتأيت أن أتناول هذا الموضوع وفق المنهجية التالية‪:‬‬

‫مقدمة عامة أتناول فيها باختصار أنواع الملكية العقارية العائدة للدولة أو الوصية عليها‬
‫والجهات اإلدارية المكلفة بتدبيرها ثم األنظمة القانونية في مجال العقار بالمغرب وأخي ار‬
‫اآلثار السلبية لتعدد األنظمة العقارية في المغرب‪.‬‬

‫ثم أخصص المبحث األول للتعريف بالملك العام للدولة وخصائصة واإلطار القانوني‬
‫له‪ ،‬أما المبحث الثاني فأخصصه لطرح اشكالية اثبات الصبغة العمومية للعقار على ضوء‬
‫القضية النموذجية المختارة وما ترتب عن ذلك من آثار ثم التحديد اإلداري للملك العام للدولة‬
‫كوسيلة حمائية لهذا الملك‪.‬‬

‫مقدمة عامة‬

‫تتميز الملكية العقارية العائدة للدولة بالتنوع من حيث مكوناتها واألجهزة اإلدارية المكلفة‬
‫بتدبيرها أو الوصاية عليها‪ ،‬وكذا من حيث األنظمة القانونية الخاضعة لها‪.‬‬

‫‪ -1‬أنواع الملكية العقارية العائدة للدولة أو الوصية عليها والجهات‬


‫‪2 1‬‬
‫اإلدارية المكلفة بتدبيرها‪- :‬‬

‫*الملك العام للدولة ‪ ،1‬يخضع لظهير‪ ،22014/07/01‬والمبدأ هو عدم قابليته‬


‫للتفويت وغير خاضع للتقادم واالستثناء هو تحويله إلى ملك خاص للدولة بموجب مرسوم‬

‫‪1‬‬
‫"لم ينهج المشرع المغربي أسلوب التعريف بهذه األنواع من الملك‪ ،‬وإنما اكتفى بوضع ال تشريعات المتعلقة بتنظيمها وتسييرها وإن لجأ أحيانا إلى‬
‫تعدادها‪ "....‬راجع " إثبات ملك الدولة‪ ،‬والجماعات الساللية‪ ،‬والملك الغابوي" مداخلة لألستاذة مليكة بامي في الندوة الوطنية حول األمن العقاري‪،‬‬
‫مراكش ‪29‬و‪ 30‬ماي ‪.2015‬منشورة بدفاتر محكمة النقض عدد ‪ ، 26‬ص‪98.‬‬
‫تنص المادة ‪ 261‬من مدونة الحقوق العينية على أنه‪" :‬ال تكتسب بالحيازة ‪ ،‬أمالك الدولة العامة والخاصة واألمالك المحبسة‪ ،‬أمالك الجماعات‬ ‫‪2‬‬

‫الساللية‪ ،‬أمالك الجماعات المحلية‪ ،‬العقارات المحفظة‪ ،‬األمالك األخرى المنصوص عليها صراحة في القانون"‬

‫‪187‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لرئيس الحكومة باقتراح من القطاع المسير وبعد أخذ رأي لجنة طبقا للفصل ‪ 5‬من الظهير‬
‫أعاله وذلك في حالة عدم صالحية هذا الملك لتلبية الحاجات العمومية ‪ ،3‬وتسهر على‬
‫تدبيره حاليا و ازرة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء‪ ،‬غير أنه توجد أمالك عامة تختص بها‬
‫البلديات والجماعات الترابية‪ .‬وبغية لتحقيق السرعة في اتخاذ القرار والتدخل‪ ،‬تم تعيين جهات‬
‫إدارية تختص بتدبير بعض القطاعات مثل السكك الحديدية التي أسندت للمكتب الوطني‬
‫للسكك الحديدية أو تدبير قطاع الماء المسند لإلدارة المكلفة بالماء والطرق السيارة المفوض‬
‫تدبيرها للشركة الوطنية للطرق السيارة وغير ذلك من القطاعات المفوضة كالموانئ‬
‫والمطارات‪...‬‬

‫*األمالك الخاصة للدولة‪ ،‬تشمل ثالث أنواع هي‪:‬‬

‫‪ -‬الملك الغابوي‪ ،‬يخضع لظهير ‪ 1917/10/10‬بشأن المحافظة على الغابات‬


‫واستغاللها‪ ، 4‬وتشرف على تدبيره حاليا المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر‬
‫تحت إشراف و ازرة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات‪.5‬‬

‫‪ -‬أراضي الكيش‪ ،6‬تنقسم ملكية هذه األراضي إلى ملكية الرقبة العائدة للدولة‪ ،‬وحق‬
‫االنتفاع واالستغالل اللذين خصصا لفائدة القبائل المقيمة عليها ‪ .7‬ومن هذه األراضي من تم‬

‫‪1‬‬
‫الملك العام للدولة هو موضوع هذا البحث وسيم تناوله بتفصيل فيما سيأتي‬
‫‪2‬ظهير شريف صادر بتاريخ ‪ 7‬شعبان ‪ 1332‬الموافق لفاتح يوليوز ‪( 1914‬ج‪.‬ر‪.‬عدد ‪ 62‬بتاريخ ‪ 1914/07/10‬صفحة ‪)275‬‬
‫‪3‬‬
‫راجع آمنة مبروك مهالوي ‪ ،‬مدخل لدراسة النظام العقاري المغربي(مقاربة قانونية) مرجع باللغة الفرنسية‪ ،‬مترجم إلى العربية من طرف عبد هللا‬
‫ادومجون وعبد السالم زيزون‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2018‬ص‪.259‬‬
‫‪( 4‬ج ر‪ .‬عدد ‪ 235‬بتاريخ ‪ 1917/10/29‬ص‪ )901.‬كما وقع تعديله وتتميمه بظهير ‪ 1959/4/17‬الذي نصت مادته الثانية على عدم قابلية‬
‫الملك الغابوي للتفويت‪ ،‬وكذا بظهير ‪.1960/7/21‬‬
‫الفصل األول من ظهير ‪ 1917/10/10‬حدد األمالك التي تدخل في نطاق الملك الغابوي‬

‫‪5‬‬
‫هذه التبعية قابلة للتغيير حسب الهيكلة الحكومية‬
‫‪6‬‬
‫أكد كل من التشريع والقضاء على أن أراضي الجيش من أمالك الدولة الخاصة ‪،‬فنص ظهير ‪(1914/7/7‬ج ر‪ .‬عدد ‪ 90‬بتاريخ ‪1914/7/17‬‬
‫ص‪ )579.‬على عدم قابليتها للتفويت كباقي األمالك المخزنية األخرى‪ .‬انظر كذلك قرار المجلس األعلى رقم ‪ 136‬الصادر بتاريخ ‪،1979/5/4‬‬
‫منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 30‬السنة السابعة أكتوبر ‪123 ،1982‬و‪.126‬‬
‫ذة‪/‬البجدايني وذ‪/‬االعرج وذ‪/‬جيري‪ ،‬أمالك الدولة‪ (....‬األنظمة العقارية بالمغرب ‪ )2‬منشورات مجلة الحقوق طبعة ‪ ،2015‬ص‪57.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪188‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تسليمها للسكان المقيمين عليها مثل اراضي "جيش الوداية" التي لم تعد بذلك خاضعة لمراقبة‬
‫مديرية أمالك الدولة حيث تسري عليها نفس القوانين المنظمة لألراضي الجماعية وبالتالي‬
‫أصبحت قابلة للتفويت وخاضعة للتملك بالتقادم ‪ ،1‬وهناك أراضي لم يتم تسليمها بصفة‬
‫نهائية للجماعات وتشرف عليها مديرية أمالك الدولة بو ازرة االقتصاد والمالية‪.2‬‬

‫‪ -‬ملك الدولة الخاص‪ ،‬تتولى تدبيره مديرية أمالك الدولة التابعة لو ازرة االقتصاد‬
‫والمالية طبقا للمرسوم رقم ‪ 2.07.995‬الصادر في ‪ 23‬من شوال ‪ 23( 1429‬أكتوبر‬
‫‪ )2008‬بشأن اختصاصات وتنظيم و ازرة االقتصاد والمالية ‪ ،3‬ويتكون وعاؤه العقاري من‬
‫األراضي الفالحية أو القابلة للفالحة المعتبرة أوقافا عمومية ‪4‬واألراضي التي تم استرجاعها‬
‫من االستعمار‪ 5‬واألراضي الفالحية المسترجعة من المعمرين واألجانب بمقتضى ظهير‬

‫‪1‬‬
‫راجع في هذا الصدد ذ‪ /‬حسن الخشين‪" ،‬ملك الدولة الخاص‪ ،‬تمييزه –نظامه ن‪-‬وظائفه"‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق‪،‬طبعة ‪ ،2015‬ص‪ 106.‬وما‬
‫يليها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ينص ظهير ‪ 1920/7/24‬المحدد الختصاصات " مديرية المالية" على أن إحصاء وتحديد أراضي الجيش من اختصاص مصلحة األمالك‬
‫المخزنية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫تنص المادة ‪ 13‬منه على أنه‪ :‬تتولى مديرية أمالك الدولة القيام بما يلي‪:‬‬
‫تكوين وتدبير ملك الدولة الخاص غير الملك الغابوي وتصفية وضعيته القانونية؛‬ ‫‪‬‬
‫اقتناء العقارات بالتراضي أو عن طريق مسطرة نزع الملكية وتخصيصها لفائدة المصالح العمومية؛‬ ‫‪‬‬
‫الت قاضي أمام المحاكم وفقا ألحكام الظهير الشريف الصادر في ‪ 24‬من رمضان ‪ 6( 1333‬أغسطس ‪ )1915‬بشأن إقامة الدعاوي‬ ‫‪‬‬
‫القضائية المتعلقة بعقارات الدولة حسبما تم تغييره؛‬
‫تفويت المساكن واألراضي التابعة لملك الدولة الخاص؛‬ ‫‪‬‬
‫بيع المعدات غير الصالحة لالستعمال والحطام البري والبحري وكذا ثمار ومحصالت ملك الدولة الخاص والعام ما عدا ملك الدولة‬ ‫‪‬‬
‫الغابوي؛‬
‫حيازة وتدبير الممتلكات الصادرة في حق أربابها أحكام غيابية أو الموضوعة تحت العقل أو المصادرة أو المتأتية من التركات الشاغرة أو‬ ‫‪‬‬
‫الهبات والوصايا طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل؛‬
‫مراقبة بعض العمليات العقارية طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل؛‬ ‫‪‬‬
‫إعداد الدراسات ومشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تهم ملك الدولة الخاص؛‬ ‫‪‬‬
‫تدبير الموارد البشرية التابعة لها والوسائل المادية واالعتمادات المرصودة أو المفوضة لها‪ ،‬ووضع وتدبير األنظمة المعلوماتية الخاصة‬ ‫‪‬‬
‫بها‪ ،‬وذلك بانسجام مع سياسة تدبير الموارد واإلعالميات الموضوعة من طرف الو ازرة‪( .‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5680‬الصادرة‬
‫بتاريخ‪ 7‬ذو القعدة ‪ 6 ( 1429‬نوفمبر ‪.) 2008‬‬
‫‪4‬‬
‫بمقتضى ظهير ‪ 1969/07/25‬الذي تنقل بموجبه إلى الدولة ملكية األراضي الفالحية أو القابلة للفالحة المعتبرة أوقافا عمومية‪( ،‬ج ر عدد‬
‫‪ 2960‬مكرر في ‪)1969/7/29‬‬
‫‪5‬‬
‫ظهير ‪ 1963/09/26‬بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي االستعمار(ج ر عدد ‪ 2657‬في ‪)1963/9/27‬‬

‫‪189‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ، 11973‬كما تتملك الدولة الملك الخاص عن طريق االقتناء بالتراضي واالقتناء عن طريق‬
‫نزع الملكية للمنفعة العامة أو عن طريق الهبات والتركات الشاغرة والمصادرات سواء المتأتية‬
‫من جرائم المخدرات في إطار ظهير ‪ 1958/03/27‬أو المتأتية من المسطرة الغيابية ‪.2‬‬

‫*األوقاف أو األحباس‪ ،‬تتولى و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية والنظار التابعين لها‬
‫تدبير أمالك الوقف والسهر على العمليات الواردة بشأنها‪ ،‬وتخضع لمدونة األوقاف الصادرة‬
‫بموجب ظهير ‪ ،32010/02/23‬وهي ثالث أنواع‪ ،‬األوقاف العامة ويقصد بها ما وقف‬
‫لفائدة ج هة خيرية أو دينية معينة وهي خاضعة لعدة تصرفات أهمها المعاوضة والكراء‪،4‬‬
‫وتصرف مداخيلها في البر والخير حسب رغبة من أوصى بها‪ .‬واألوقاف المعقبة وهي ما‬
‫وقف لفائدة المعقب عليهم ومن يأتي من بعدهم من نسلهم‪ ،‬فإذا انقطع المعقب عليهم تحولت‬
‫إلى أوقاف عامة وهي غير قابلة للقسمة البتية ونظ ار لعرقلتها للتنمية العمرانية فقد نصت‬
‫المادة ‪ 109‬من المدونة على تضييق حاالت جوازها‪ .5‬واألوقاف المشتركة وهي ما وقف‬
‫ابتداء على جهة عامة وعلى شخص بذاته أو عليه وعلى عقبه‪ ،6‬وتخضع لنفس األحكام‬
‫‪7‬‬
‫المطبقة على األوقاف العامة‬

‫*أراضي الجموع أو أراضي الجماعات الساللية‪ ،‬تملكها الجماعات شياعا بين أفرادها‬
‫الذين يسكنون دوا ار واحدا أو عدة دواوير على أساس أنهم ينتسبون إلى جد واحد ‪،8‬‬
‫ويستغلونها باالتفاق بينهم تحت مراقبة السلطة اإلدارية الوصية على الجماعات الساللية‬

‫‪1‬‬
‫ظهير ‪ 1973/03/02‬المتعلق باسترجاع األراضي الفالحية من المعمرين (ج ر عدد ‪ 2657‬في ‪)1973/03/07‬‬
‫‪2‬‬
‫ذة‪ /‬مليكة بامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪( 99.‬هامش)‬
‫‪3‬‬
‫(ج ر عدد ‪ 5847‬بتاريخ ‪)2010/6/14‬‬
‫ذ‪ /‬عبد الحكيم زروق‪ ،‬منازعات الشهادة اإلدارية الخاصة بالعقار غير المحفظ‪ ،‬منشورات سلسلة الشؤون القانونية والمنازعات مرصد الدراسات‬ ‫‪4‬‬

‫واألبحاث‪ ،‬طبعة ‪ ،2016‬ص‪ 79.‬وما يليها‪.‬‬


‫لالطالع على أنواع االحباس واألنظمة القانونية المرتبطة به يمكن الرجوع إلى ‪-‬مداخالت ندوة األمالك الحبسية‪ ،‬بكلية الحقوق بمراكش ‪10‬و‪11‬‬ ‫‪5‬‬

‫فبراير ‪ 2006‬وكذلك ذ‪ /‬بوشعيب الناصري‪ ،‬استثمار العقارات الحبسية‪.‬‬


‫‪6‬‬
‫المادة ‪ 108‬من مدونة األوقاف‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫المواد ‪129‬و‪130‬و‪ 131‬من مدونة األوقاف‬
‫‪8‬‬
‫ذ‪/‬عبد العزيز توفيق‪ ،‬التشريع العقاري والضمانات‪ ،‬الطبعة االولى‪،2012‬ص‪11.‬‬

‫‪190‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والتي هي مديرية الشؤون القروية بو ازرة الداخلية وكذا السلطات اإلقليمية والمحلية‪ .‬وتخضع‬
‫هذه األراضي للقانون رقم ‪ 62.17‬بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات وتدبير أمالكها‪،‬‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.115‬صادر في ‪ 7‬ذي الحجة ‪9( 1440‬‬
‫اغسطس ‪( )2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6807‬بتاريخ ‪ 26‬أغسطس ‪ ،2019‬الصفحة ص‬
‫‪.)5887‬‬

‫‪.1‬‬

‫*األمالك الجماعية‪ ،2‬تخضع لظهير ‪ 1921/10/19‬المتعلق بأمالك البلديات‪،3‬‬


‫ولظهير ‪ 1954/6/28‬المتعلق بأمالك الجماعات القروية وهي الجارية في ملك الجماعات‬
‫المحلية الحضرية والقروية أو ما سميت حديثا بالجماعات الترابية‪ ،‬وهي إما أمالك جماعية‬
‫عامة مخصصة ال ستعمال العموم وهي غير قابلة للتفويت أو الحجز أو التقادم ‪ ،‬أو أمالك‬
‫جماعية خاصة يمكن التصرف فيها ‪ .4‬وهذه األمالك تشرف على تدبيرها الجماعات‬
‫المذكورة تحت وصاية و ازرة الداخلية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫هذه األراضي كانت تخضع لمقتضيات ‪ 27/4/1919‬والذي عرف عدة تعديالت من أبرزها التعديل بمقتضى ظهير ‪ 1963/2/6‬ثم ظهير‬
‫‪ ،1969/7/25‬وقد نص الفصل األول من ظهير ‪ 1919/4/27‬على أنه " ال يمكن للقبائل وفصائل القبائل وغيرهم من العشائر األصلية أن‬
‫يتصرفوا بحقوق الملكية على األراضي المعدة للحرث أو لرعي المواشي المشتركة بينهم حسب العوائد المألوفة في االستغالل والتصرف‪ ،‬إال تحت‬
‫والية الدولة‪ ،‬وحسب الشروط المقررة في ظهيرنا الشريف هذا"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫نصوص أخرى مطبقة على ممتلكات الجماعات الترابية‪ * :‬ظ‪ 1914/7/1.‬عن ملك الدولة العام المطبق على عقارات ذات صبغة عامة‬
‫مخصصة للجماعات‪ * .‬ظ‪ 1918/11/30.‬عن االحتالل المؤقت لملك الدولة العام المتمم بقانون ‪* .1997/01/25‬ظ‪ 1960/06/25 .‬المتعلق‬
‫بتنمية التجمعات القروية‪ * .‬القرار الوزيري بتاريخ ‪ 1921/12/31‬المحدد ألسلوب تدبير الملك البلدي‪* .‬القانون ‪ 78.00‬الصادر بظهير‬
‫‪ 2002/11/21‬المتعلق بالميثاق الجماعي المغير والمتمم بظهير ‪.2009/2/18‬‬
‫‪3‬‬
‫تم تعديله بظهير فاتح يوليوز ‪.1931‬‬
‫‪4‬‬
‫راجع آمنة مبروك مهالوي ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.305‬‬

‫‪191‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ -2‬األنظمة القانونية في مجال العقار بالمغرب‪:‬‬

‫لما كان التحفيظ العقاري في المغرب ا‬


‫أمر اختياريا من حيث المبدأ مع مراعاة بعض‬
‫االستثناءات ‪ ،1‬فإن الواقع أفرز وجود عقارات محفظة وأخرى غير محفظة وثالثة في طور‬
‫التحفيظ ‪ ،2‬وتختلف هذه األنظمة العقارية من حيث القوانين المطبقة عليها‪.‬‬

‫نظام العقارات المحفظة‪ ،‬كان يخضع لظهير ‪ 19‬رجب ‪)1915/06/01(1333‬‬ ‫*‬


‫المطبق على العقار المحفظ والحقوق العينية العقارية المتصلة به والمتفرعة عنه كالبيع‬
‫والرهن والشفعة وعلى الحقوق المتفرعة عن الملكية كحق االنتفاع وحق السطحية وحق‬
‫االرتفاق‪...‬وفي حالة عدم وجود نص يطبق‪ ،‬كان يحيل على قواعد الفقه اإلسالمي مثل ما‬
‫ورد في الفصل ‪ 8‬الفقرة ‪ 10‬على أن الحقوق العرفية اإلسالمية كالجزاء واالستيجار‪...‬تعتبر‬
‫عقارات حسب المقصود بها‪.‬‬

‫وحاليا هذا النوع من العقارات هو خاضع للقانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق‬
‫العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.178‬الصادر بتاريخ ‪،3 2011/11/22‬‬
‫وهو يعتبر قانون الموضوع بالنسبة للعقار سواء كان محفظا أو غير محفظ ‪ ،‬وألغي ظهير‬
‫‪ 1915/06/01‬الذي كان مطبقا على العقار المحفظ فقط‪.‬‬

‫* نظام العقارات غير المحفظة‪ ،‬بصدور مدونة الحقوق العينية المذكورة أعاله‪،‬‬
‫أصبحت العقارات غير المحفظة خاضعة لها ‪ ،4‬وفي حالة عدم وجود نص‪ ،‬يرجع إلى قانون‬

‫‪1‬‬
‫ذ‪ /‬ادريس الفاخوري‪" ،‬نظام التحفيظ العقاري بالمغرب" الطبعة األولى‪ ،2000‬ص‪ 6.‬وما يليها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫جانب من الفقه يجعل هذه األنظمة في ثالث أنواع حسب طبيعة الملك‪ ،‬هي أمالك محددة تحديدا إداريا‪ ،‬أمالك محفظة وأمالك غير محفظة‪.‬‬
‫راجع ذة‪ /‬مليكة بامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪98.‬‬
‫‪3‬‬
‫(ج ر‪ .‬عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ )2011/11/24‬دخل حيز التنفيذ يوم ‪2012/05/25‬‬
‫تنص المادة ‪ 1‬من المدونة على ما يلي‪":‬تسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية والحقوق العينية ما لم تتعارض مع تشريعات خاصة‬ ‫‪4‬‬

‫بالعقار‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫االلتزامات والعقود ثم إلى الراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل من مذهب اإلمام مالك‪.1‬‬
‫وقد كانت هذه العقارات من قبل تخضع لقواعد الفقه االسالمي سواء فيما يتعلق بالملكية من‬
‫حيث شروطها وطرق اكتسابها وعناصرها والحقوق الواردة عليها وهو ما يعرف بالحقوق‬
‫اإل سالمية كحق الزينة مثال أو العقود التي ترد عليها من بيع وإجارة‪ ،....‬أو فيما يتعلق‬
‫بالحيازة وما ينشأ من نزاع بين الجواروكذا فيما يخص تأسيس رسوم الملكية أو ما يسمى‬
‫برسوم االستمرار الذي تثبت بشهادة اللفيف (‪ 12‬عشرة شاهدا) والشهادة العلمية التي يشهد‬
‫العدالن المنتصبان للشهادة من علمهما بما شهد به الشهود االثنى عشر‪.‬‬

‫* نظام العقارات في طور التحفيظ‪ ،‬يقصد بالعقار في طور التحفيظ ذلك العقار غير‬
‫المحفظ الذي قدم بشأنه مطلب للتحفيظ وهو بالتالي يخضع من الناحية المسطرية واإلجرائية‬
‫(منذ تقديم طلب التحفيظ إلى المحافظ العقاري إلى حين تأسيس رسم عقاري للملك مرو ار‬
‫بالمرحلة القضائية في حالة وجود تعرضات لم يستطع طالب التحفيظ رفعها) لظهير التحفيظ‬
‫العقاري الصادر بتاريخ ‪ 1913/08/12‬المعدل والمتمم بموجب القانون رقم ‪14.07‬‬
‫الصادر بتنفيذه ظهير ‪ 2011/11/22‬والقانون رقم ‪ 57.12‬الصادر بتنفيذه ظهير‬
‫‪ 22013/12/30‬وكذا لقانون المسطرة المدنية فيما أحيل عليه أو في حالة غياب النص‬
‫الخاص‪ .‬أما بخصوص قانون الموضوع المطبق على العقار في طور التحفيظ هو نفسه‬
‫القانون المطبق على العقار المحفظ على النحو المبين سابقا‪.‬‬

‫اآلثار السلبية لتعدد األنظمة العقارية في المغرب‪:‬‬

‫‪ ‬تباين وظيفي بين القطاعات الو ازرية واإلدارية المشرفة وتقاطع في المهام؛‬

‫‪1‬‬
‫جاء في الفقرة الثانية من المادة ‪ 1‬من المدونة‪" :‬تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪)1913‬‬
‫بمثابةقانون االلتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون‪ ،‬فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه‬
‫المالكي"‪.‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.13.116‬بتاريخ ‪ 2013/12/30‬بتنفيذ القانون ‪ 57.12‬مادة فريدة (ج ر‪ .‬عدد ‪ 6224‬بتاريخ ‪ 2014/01/23‬ص‪)262.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪193‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬تعدد القوانين المطبقة واختالفها مما ينتج عنه انعدام الفعالية التشريعية لهذه‬
‫القوانين؛‬
‫‪ ‬قدم بعض القوانين أدى إلى عدم مواكبتها للواقع والتطورات؛‬
‫‪ ‬ضعف الرصيد العقاري للدولة وضعف الوعاء االحتياطي الالزم إلنجاز المشاريع‬
‫السكنية بسبب عدم جواز تفويت بعض األنواع من العقارات؛‬
‫‪ ‬الهدف الرامي إلى تحقيق األمن العقاري الزال غير محقق أمام تعدد القوانين‬
‫المطبقة وتشعب اإلجراءات‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الملك العام للدولة‪ -‬تعريفه‪ ،‬خصائصه وإطاره القانوني‪:‬‬

‫المطلب ‪ :1‬تعريف الملك العام‬

‫‪ -‬من منظور الفقه‪:‬‬

‫اختلف الفقهاء في وضع تعريف واحد ومحدد للملك العام وذلك راجع إلى اختالف‬
‫المعايير التي تحكمه‪ .‬فمنهم من ذهب إلى أن المال العام يشترط فيه شرطان أولهما أن‬
‫يكون مملوكا للدولة أو أي شخص اعتباري عام يمثل المؤسسات والهيئات اإلدارية‪ ،‬وثانيهما‬
‫أن يكون هذا المال مخصصا للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى القانون‪ 1.‬ومنهم من وضع‬
‫معيارين بارزين لتمييز الملك العمومي عن غيره من األمالك‪ ،‬هما‪ :‬التخصيص الستعمال‬
‫الجمهور والتخصيص للمنفعة العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫راجع ذ‪/‬محمد قصري (الوكيل القضائي للمملكة)‪"،‬تنفيذ األحكام اإلدارية‪،‬الغرامة التهديدية الحجز‪ ،‬مجلة المعيار‪،‬عدد‪،2003/29‬ص‪67‬‬
‫وكذلك ( األنظمة العقارية بالمغرب ‪ )2‬مرجع سابقن ص‪6.‬‬

‫‪194‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبما أن الملك العام مخصص للمنفعة العامة‪ ،‬فهو يخضع لقانون متميز وتحكمه قواعد‬
‫قانونية مختلفة عن األحكام القانونية التي تخضع لها أموال الدولة الخاصة واألفراد ‪ ،‬وهي‬
‫قواعد القانون المدني ‪.1‬‬

‫‪ -‬من منظور القضاء‪:‬‬

‫في فرنسا ‪ :‬لعب االجهاد القضائي دو ار كبي ار في تعريف الملك العمومي وتحديد‬
‫عناصره ‪ ،‬وكان ذلك منطلقا للمواقف التي تبناها الفقهاء وكذلك المشرع‬

‫فمجلس الدولة الفرنسي اعتمد في الق اررات التي صدرت عنه تعريفا للملك العمومي‬
‫يتسم بالمرونة ‪ ،‬ومن أهم هذه الق اررات نذكر قرار ‪ SOCIETE LE BETON‬الذي تبنى‬
‫تعريفا يقوم على عنصرين أساسيين هما تخصيص المال لمرفق عام ثم التهيئة الخاصة لهذا‬
‫المال‪.‬‬

‫وفي قرار صادر عن محمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪ 1957/10/28‬جاء فيه"إن‬


‫األمالك العامة للسكك الحديدية ال تشمل فقط السكك الحديدية ولكنها تشمل جميع األمالك‬
‫المعدة للمرفق العمومي الخاص بالسكك الحديدية‪.....‬وترتبط طبيعة الملكية العامة‬
‫‪2‬‬
‫بالتخصيص الخاص المعد للعموم أو باإلعداد الخاص باستغالل مرفق عمومي"‬

‫في المغرب‪ :‬هناك اعتماد للمعيارين معا‪ ،‬معيار التخصيص الفعلي ومعيار التخصيص‬
‫القانوني إلضفاء صفة العمومية على ملك من األمالك‪.‬‬

‫حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بفاس بتاريخ ‪ 2002/12/10‬ورد فيه‪:‬‬

‫" وحيث إن المقصود فقها وقضاء باألموال العامة سواء كانت للدولة أو الجماعات أو‬
‫المؤسسات العمومية‪ ،‬هي تلك الوسائل المادية التي تستعين بها الجهات اإلدارية على‬

‫‪1‬‬
‫نفس المرجع ( األنظمة العقارية بالمغرب ‪ )2‬ص‪6.‬‬
‫‪2‬‬
‫(منشور بمجموعة أحكام محكمة االستئناف بالرباط لسنة ‪ ،1958‬ص‪)374.‬‬

‫‪195‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ممارسة نشاطها خدمة للصالح العام‪ ،‬ويشترط العتبارها أمواال عامة أن تكون مخصصة‬
‫للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى القانون من جهة أخرى‪ .‬والتخصيص بالفعل معناه رصد‬
‫المال الستعمال العموم مباشرة‪ ،‬أما التخصيص بالقانون فهو متى ينص القانون على اعتبار‬
‫‪1‬‬
‫مال معين من األموال العامة"‪.‬‬

‫المطلب ‪ :2‬اإلطار القانوني للملك العام وتعريفه من منظور التشريع‪:‬‬

‫اإلطار التشريعي المنظم للملك العام للدولة‪ ،‬عدل‬ ‫‪2‬‬


‫يعتبر ظهير فاتح يوليوز ‪1914‬‬
‫ثم تاله ظهيرفاتح غشت ‪ 1925‬الخاص باألمالك العمومية‬ ‫‪3‬‬
‫بظهير ‪1919/11/08‬‬
‫الذي تم إلغاؤه وتعويضه بظهير ‪ 51995/8/16‬الصادر بتنفيذه القانون رقم‬ ‫‪4‬‬
‫المائية‬
‫‪6‬‬
‫‪ 10.95‬الخاص بالماء‪.‬‬

‫وقد حدد ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬مكونات الملك العمومي في الفصل األول منه‬
‫كما يلي‪:‬‬

‫" تدخل في عداد األمالك العمومية األمالك اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬أوال‪ :‬شاطىء البحر الذي يمتد الى الحد األقصى من مد البحر عند ارتفاعه مع‬
‫منطقة مساحتها ‪ 6‬أمتار تقاس من الحد المذكور؛‬

‫‪1‬‬
‫(منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية عدد ‪ 16‬سنة ‪ 2004‬ص‪ )605.‬نفس االتجاه سار فيه األمر االستعجالي الصادر عن المحكمة‬
‫اإلدارية بوجدة بتاريخ ‪ ،2002/01/24‬منشور بنفس المجلة ص‪599.‬‬

‫‪2‬‬
‫(ج‪.‬ر‪.‬عدد ‪ 62‬بتاريخ ‪ 1914/07/10‬صفحة ‪)275‬‬
‫‪3‬‬
‫(ج ر‪ .‬عدد ‪ 342‬بتاريخ ‪)1919/11/17‬‬
‫‪4‬‬
‫(ج ر‪.‬عدد ‪ 670‬بتاريخ ‪)1925/08/25‬‬
‫‪5‬‬
‫(ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 4325‬بتاريخ ‪)1995/9/20‬‬
‫‪6‬‬
‫هناك نصوص أخرى مطبقة على الملك العام للدولة منها‪ - :‬ظهير ‪ 1918/11/30‬المتعلق باالحتالل المؤقت للملك العام للدولة وظهير‬
‫‪ 1927/6/25‬المتعلق بتحفيظ العقارات التابعة ألمالك الدولة والتي مصدرها التحويل من الملك العام والقرار رقم ‪ 368.02‬بتاريخ ‪2002/3/5‬‬
‫المتعلق باالحتالل المؤقت للملك العام للدولة‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ -‬ثانيا‪ :‬األخلجة والمراسي واألموات وملحقاتها؛‬


‫‪ -‬ثالثا‪ :‬المنابات والفنارات والعالمات التي توضع لإلنذار بالخطر وكافة األعمال‬
‫المعدة لإلضاءة واإلنذار بالمخاطر في الشواطىء وملحقاتها؛‬
‫‪ -‬رابعا‪ :‬مجاري المياه مهما كان نوعها من منابعها؛‬
‫‪ -‬خامسا‪ :‬اآلبار المعروفة باألرتوازية والتي يفجر منها الماء وأيضا اآلبار والموارد‬
‫العمومية؛‬
‫‪ -‬سادسا‪ :‬البحيرات الكبيرة والصغيرة والمستنقعات والسباخ؛‬
‫‪ -‬سابعا‪ :‬الترع التي تسير فيها المراكب والتي تستعمل للري أو التي تجفف وتعتبر‬
‫أشغاال عمومية؛‬
‫‪ -‬ثامنا‪ :‬الحواجز السدود والقنوات وأشغال التقنية وغيرها مما يحدث بصفة أشغال‬
‫عمومية وذلك لوقاية األراضي من طغيان المياه أو حاجيات المدن أن الستخدام قوة الماء؛‬
‫‪ -‬تاسعا‪ :‬الطرق واألزقة والسبل والسكك الحديدية والجسور‪ .‬وعلى العموم طرق‬
‫المواصالت أيا كان نوعها التي يستخدمها العموم؛‬
‫‪ -‬عاشرا‪ :‬األسالك التلغرافية والتلفونية واألبنية الحديدية المعدة للتلغراف الالسلكي؛‬
‫‪ -‬حادي عشر‪ :‬كل االستحكامات والتحصينات المتعلقة بالمواقع الحربية والمراكز‬
‫العسكرية وتوابعها وعلى العموم كل االراضي واألعمال التي ال يمكن لألفراد أن يتملكوها‬
‫‪1‬‬
‫ألنها مشاعة "‪.‬‬

‫والمشرع المغربي حين حدد في الفصل األول من ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬ما يدخل‬
‫ضمن األمالك العامة للدولة‪ ،‬إنما أراد أن يحدد نطاق سريان قواعد الملك العام للدولة‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫التنظيم األصلي للملك العام بالمغرب يتمثل في الراجح والمشهور وما جرى عليه العمل في الفقه المالكي وهو تنظيم ينحدر إلى عهد النبي‬
‫(ص‪.‬ع‪.‬س)‪ ،‬ثم منشور ‪ 1912/11/1‬كأول تشريع ميز بين ثالث أنواع من األموال‪ ،‬الملك العام للدولة والملك الخاص لها والملك الخاص لألفراد‪،‬‬
‫راجع ذ‪ /‬عبد السالم بنزروع‪،‬‬
‫" تكريس القضاء لحماية الملك العام" مداخلة في ندوة ‪ ،‬ص‪5.‬‬

‫‪197‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فجعل هذه القواعد تنطبق وتطبق على كل األمالك التي ال تقبل بطبيعتها االستفراد بالتملك‬
‫أو االستغالل أو االستفادة الشخصية‪.‬‬

‫وتعداد ما يدخل ضمن األمالك العامة للدولة في الفصل المذكور‪ ،‬جاء على سبيل‬
‫المثال ال الحصر‪ ،‬ألنه ذكر العديد من األمالك التي تدخل في هذا الصنف كشاطىء‬
‫البحر‪ ،‬والخلجان والمراسي‪ ،‬ومجاري المياه والطرق والممرات ولم يذكر أخرى قد تعتبر‬
‫أمالكا عامة إذا تحقق فيها المعايير المطلوبة‪ .‬وحتى يتفادى المشرع إغفال عنصر من‬
‫عناصر الملك العام‪ ،‬أنهى الفصل األول المذكور من الظهير بصيغة عامة تخضع فيه‬
‫الصبغة العمومية لشرط عدم القابلية للملكية الخاصة‪.‬‬

‫إذن فمعيار تعريف الملك العمومي من منظور المشرع هو استعماله من طرف العموم‬
‫وبالتالي فهذا الملك ال يمكنه أن يكون محال للملكية الخاصة‪.‬‬

‫المطلب ‪ :3‬معايير التمييز بين أمالك الدولة العامة والخاصة‬

‫تتلخص معايير التمييز بين أمالك الدولة العامة والخاصة فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬التخصيص الستعمال الجمهور‪ ،‬إما بالطبيعة مثل األنهار وإما بإرادة اإلدارة‬
‫مثل الطرق‪ .‬ويمكن إدخال بعض المباني مثل المدارس والجامعات ومباني‬
‫اإلدارات‪ .‬يعاب على هذا المعيار أنه يضيق عن استيعاب بعض األمالك التي‬
‫تدخل في نطاق الملك العام‪.‬‬
‫‪ -‬عدم القابية للتملك‪ ،‬أول من نادى بهذا المعيار هو الفقيه الفرنسي ديكروك ثم‬
‫تبعه مواطنه برتلمي‪ .‬ومفاد هذا المعيار أن كل ما يتعذر تملكه ملكية خاصة‬
‫هو ملك عام ال يجوز التصرف فيه وال تملكه بالتقادم‪ .‬ويعاب عليه أن هناك‬

‫‪198‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أموال تعتبر عامة مثل بعض الموانئ والطرق لكن يمكن تملكها من طرف‬
‫‪1‬‬
‫أفراد وشركات‪.‬‬
‫‪ -‬التخصيص لخدمة مرفق‪ ،‬بموجب هذا المعيار يعتبر ضمن الملك العام للدولة‬
‫كل شيء خصص لخدمة مرفق عام حتى وإن لم يكن مخصصا الستعمال‬
‫الجمهور مباشرة ومن ذلك مثال المباني المخصصة للمرفق العام والكتب‬
‫والمكتبات العامة‪...‬ويعاب عليه أنه واسع من حيث إضفاء حصانة المال العام‬
‫على أشياء غير موضوعة الستعمال العموم‪.‬‬
‫‪ -‬الجمع بين المعيارين السابقين وهو ما يطلق عليه بالتخصيص للمنفعة العامة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار فإن الدولة قد تقوم بتخصيص المال للمنفعة العامة فتنقله من‬
‫الدومين الخاص إلى الدومين العام ويتم ذلك بأحد الطريقين التخصيص الرسمي‬
‫أو التخصيص الفعلي‪:‬‬
‫‪ o‬التخصيص الرسمي يتم بإصدار قانون أو قرار‪ ،‬ومن ذلك مثال قرار نزع‬
‫الملكية للمنفعة العامة وفقا للقانون المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة‬
‫المؤقت‪2.‬‬ ‫واالحتالل‬
‫‪ o‬التخصيص الفعلي‪ ،‬ويقصد به أن تلجأ الدولة إلى تهيئ الشيء المملوك‬
‫لها ملكية خاصة ليكون صالحا للمنفعة العامة وتخصصه فعال لهذه‬
‫المنفعة حتى يصير الواقع شاهدا على أنه أضحى بموجب هذا‬
‫التخصيص الفعلي من األمالك العامة‪ ،‬ومثال ذلك ما يتبقى من‬
‫التقطيعات العقارية التي ال تصلح إضافتها للمالك المجاورين فتخصص‬
‫كممرات عمومية أو األرض التي تخصص كمقبرة للدفن‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫راجع ذ‪/‬بنزروع‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪3.‬‬
‫‪2‬‬
‫ظهير ‪ 1982/5/6‬والمرسوم الصادر بتطبيقه بتاريخ ‪ ( 1983/4/16‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد‪ 3685‬بتاريخ ‪) 1983/6/15‬‬
‫‪3‬‬
‫يشير ذ‪/‬بنزروع في مداخلته‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ 5.‬إلى أنه"وعلى هذين العنصرين‪،‬أعني التخصيص الفغلي والتخصيص الرسمي‪ ،‬تنبني غالب‬
‫النزاعات القضائية بين الدولة والخواص فيما يتعلق بالملك العام‪ .‬وتطرح بعد إصدار األحكام القضائية بشأن هذه النزاعات مشاكل تتعلق بتنفيذها"‬

‫‪199‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وانطالقا من هذه المعايير فإن الملك العام للدولة يتميز بخصائص تخوله حماية‬
‫قانونية وقضائية وهي كونه غير قابل للتفويت إال بعد تحويله من الملك العام إلى الملك‬
‫الخاص للدولة وفقا للمادة ‪ 5‬من ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬أو وضعه رهن االحتالل المؤقت‬
‫وفقا للقانون المنظم الحتالل الملك العام مؤقتا ‪ ،1‬كما أنه غير قابل للحجز‪ 2‬وال يسري عليه‬
‫‪4‬‬
‫التقادم ‪ 3‬وغير قابل لنزع الملكية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إشكالية إثبات الصبغة العمومية للعقار وآثاره على ضوء‬
‫القضية المطبقة كنموذج‬

‫المطلب‪ :1‬وقائع القضية (النموذج) ومساطرها القضائية واألحكام النهائية‬


‫الصادرة فيها‬

‫أهم النقط القانونية التي طرحت للنقاش في هذه القضية‪:‬‬


‫‪ -‬كون المدعي يستند على رسم عقاري في اسمه لكن الملك العام مستثنى من قاعدة‬
‫التطهير التي يمنحها الرسم العقاري؛‬
‫‪ -‬إثبا ت صفة الملك العمومي بعد أن تمسك المعني باألمر بأن الجزء المتنازع عليه‬
‫يوجد خارج خط السكك الحديدية؛‬
‫‪ -‬المبادئ العامة للتقاضي بحسن نية‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق الدعوى‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ظهير ‪ 1918/11/30‬كاستثناء من مبدأ عدم قابلية الملك العام للدولة للتفويت‬
‫‪2‬‬
‫القضاء ميز في ذلك بين ما إذا كانت هذه األمالك مخصصة لسير المرفق العام بحيث ال يقبل الحجز عليها‪ ،‬أم تعلقت بغير ذلك عندئد جاز‬
‫توقيع الحجز عليها من قبيل الحجز على الحسابات الجارية لدى البنوك او لدى بنك المغرب‪ .‬راجع ذ‪ /‬بنزروع‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪3‬‬
‫مستثنى من قاعدة التطهير الناتجة عن تأسيس الرسم العقاري كما سيتم بيانه الحقا‪ .‬الملك العام للدولة‬
‫الملك العام للدولة مستثنى صراحة من نزع الملكية بموجب الفصل ‪ 4‬من قانون ‪ 1982/5/6‬المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة واالحتالل‬ ‫‪4‬‬

‫المؤقت‬

‫‪200‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الوقائع‬

‫عنــدما ش ــرع الم ــدعو م‪.‬ا‪ .‬ق ــد حيات ــه ف ــي إنج ــاز تجرئ ــة س ــكنية عل ــى عق ــار اس ــتطاع أن‬
‫يؤسـس لـه رسـما عقاريـا دون علـم الممثـل القـانوني للملـك العـام‪ ،‬اعترضـت و ازرة التجهيـز علـى‬
‫هذه األشغال ألن الرسم المذكور ضم جزءا من الملك العمومي المجاور يتمثـل فـي جـزء مـن‬
‫محطة السكة الحديدية القديمة وبنايات ومرافق تابعة لهذه المحطة‪.‬‬

‫عندئد بدأ النزاع أمام القضاء بين الشخص المذكور من جـ ـ ــهة و الدولة المغربية في‬
‫شخص السيد الوزير األول ووزير التجهيز والمهندس اإلقليمي للتجهيز والوكالة القضائية‬
‫للمملكة من جهة أخرى‪ ،‬إذ تقدم صاحب التجزئة السكنية بدعوى استعجالية بت ـ ـ ـ ـ ــاريــخ‬
‫‪ 1991/05/02‬التمس فيها الحكم بعدم تعرض الدولة على األشغال التي يقوم بها فوق‬
‫عقاره‪ ،‬إال أن المحكمة قضت بعدم االختصاص لكون النزاع يكتسي صبغة جدية‪ ،‬فلجأ إلى‬
‫القضاء العادي برفع دعوى ترمي إلى طرد الدولة ومن معها من الجزء المتنازع عليه‪ ،‬معتب ار‬
‫أن تعرض اإلدارة على أشغال الحفر والبناء التي يقوم بها بالجزء المتنازع عليه احتالال لعقاره‬
‫الذي أصبح مطه ار من جميع الحقوق و المنازعات بمجرد تأسيس الرسم العقاري في اسمه‪،‬‬
‫آنذاك اضطرت و ازرة التجهيز إلى اتخاذ كل اإلجراءات اإلدارية والقضائية لحماية الملك‬
‫العام السككي حيث شرعت في إنجاز عملية التحديد اإلداري التي تعرض عليها المعني‬
‫باألمر‪ ،‬فتقدمت الدولة بتاريخ ‪ 1992/10/24‬بدعوى ترمي إلى تصحيح الرسم العقاري‬
‫وإبطال التعرض المقدم على مسطرة التحديد اإلداري التي كانت قد باشرتها الو ازرة المعنية‪.‬‬

‫مسطرة طرد الدولة من العقار المتنازع عليه‪:‬‬

‫لقد انتهت مسطرة طرد الدولة من العقار بصدور حكم ابتدائي بتاريخ ‪1992/02/10‬‬
‫استجاب لطلب طرد الدولة تم تأييده بموجب القرار رقم ‪ 2615‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ ،1996/11/11‬وبتاريخ ‪ 1997/01/15‬تقدمت الوكالة القضائية للمملكة بعريضة طعن‬

‫‪201‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بالنقض انتهت بصدور القرار عدد ‪ 1028‬بتاريخ ‪ 2001/03/15‬قضى بالنقض واإلحالة‬


‫قرره بأن الوكيل القضائي للمملكة وهو‬
‫على نفس المحكمة االستئنافية بطنجة معلال ا‬
‫المستأنف للحكم االبتدائي المؤيد بمقتضى القرار المطعون فيه ‪ ،‬لم يتم استدعائه بصفة‬
‫قانونية لحضور إجراءات الخبرة ‪.‬‬

‫ومنذ ذلك التاريخ عرف النزاع تحوال لصالح اإلدارة ألن كل األحكام التي صدرت الحقا‬
‫أقرت أحقية الدولة ( الملك العام ) على العقار المتنازع عليه ‪.‬‬

‫وبتاريخ ‪ 2001/10/25‬أدلت الوكالة القضائية بمستنتجاتها أمام محكمة اإلحالة‬


‫ضمنتها مايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬عدم ارتكاز الحكم المستأنف على أي أساس وخرقه للقانون؛‬


‫‪ -2‬عدم تحديد وتوضيح حدود الملك العمومي من طرف المدعي؛‬
‫‪ -3‬ثبوت تجاوز الرسم العقاري ‪ 36/359‬للمساحة المخصصة له؛‬
‫‪ -4‬نسبية آثار قاعدة تطهير العقارات المحفظة تجاه الملك العام للدولة؛‬
‫‪ -5‬قفز المحكمة على الصبغة العامة للملك المتنازع فيه؛‬
‫‪ -6‬عدم اعتبار شهادة الشهود المضمنة في محضر معاينة وتحديد الملك‬
‫العمومي؛‬
‫‪ -7‬عدم أخذ المحكمة بعين االعتبار المعالم واألنصبة القائمة فوق الجزء المتنازع‬
‫عليه والتي تثبت الصبغة العمومية لهذا الجزء؛‬
‫‪ -8‬عدم مناقشة المحكمة للوثائق المثبتة للملك العمومي‪.‬‬

‫وبتاريخ ‪ 2004/11/10‬أصدرت محكمة االستئناف بطنجة قرارها رقم ‪04/1186‬‬


‫في الملف عدد ‪ 2004/01/2251‬يقضي بإلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد برفض‬
‫الطلب الرامي إلى طرد الدولة من العقار المتنازع عليه وجاء في تعليالته ما يلي‪:‬‬

‫‪202‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫"حيث إن الجزء المتنازع عليه أبدت الدولة وو ازرة التجهيز جوابها عنه بأنه ملك عمومي‬
‫للسكة الحديدية بين العرائش والقصر الكبير بما استدلت عليه من الطابع العمومي لهذا‬
‫الملك من خالل محضر المعاينة المؤرخ في ‪ 1991/07/16‬شهد الشهود فيه أن‬
‫الملك موضوع الدعوى هو ملك عمومي يتبع لمندوبية و ازرة األشغال العمومية‬
‫والمواصالت آنذاك باعتباره ملكا عموميا سككيا كما أن شواهد وقرائن قائمة فيه تدل‬
‫على طابعه العمومي من وجود معالم دالة على السكة الحديدية مثل الدور السكنية‬
‫الخاصة بموظفيها وقوائم األسمنت وأنصبة تحمل الحروف للسكة الحديدية ومن جهة‬
‫أخرى فإن المساحة التي اختص بها الرسم العقاري عدد ‪ 36/359‬وقدرها ‪9‬هـ و‪5‬س‬
‫الخاصة بالجزء الحالي من التعرض إذا أضيفت إليها المساحة المنشأة عليها المدرسة‬
‫التعليمية وقدرها ‪ 1‬هـ ‪62‬آر‪ 78‬س موضوع التعارض المتبادل بين مطلب الرسم‬
‫العقاري ‪ 36/359‬ومطلب آخر عدد ‪ 12399‬والمساحة الخاصة بالرسم العقاري‬
‫عدد‪ 36/689‬وهي ‪ 2‬هـ ‪25‬آر فإن مجموع هذه المساحات الخاصة بكل من المدرسة‬
‫التعليمية والرسمين العقاريين المذكورين يصل إلى ‪ 12‬هـ ‪87‬آر‪ 83‬س بينما مساحة‬
‫الرسم الخليفي الذي أنشئ كل من الرسمين العقاريين ومساحة المدرسة التعليمية على‬
‫أساسه ال تتعدى ‪ 11‬هـ‪ٍ 22‬‬
‫آر‪ 68‬س وبذلك يتضح أن المساحة التي يجب أن تبقى‬
‫خالصة للرسم العقاري ‪ 36/359‬هي أقل من المساحة الواردة فيه مما يعني أن‬
‫التحفيظ المسجل في هذا الرسم لفائدة ملك المستأنف عليهم تجاوز على ملك الغير‬
‫في المساحة وقدرها ‪1‬هـ ‪65‬آر‪ 15‬س التي ثبت أنها ملك عمومي نظ ار إلى الطابع‬
‫العمومي المستدل عليه بهذا الجزء من خالل المعالم واآلثار الباقية من استغالل‬
‫الحديدية فوق هذا الجزء والمرافق التابعة لها وهو ملك لطابعه‬ ‫مرفق السكك‬
‫العمومي ال يطاله التحفيظ ويستثني من قاعدة التطهير التي تميز تسجيل األمالك‬

‫‪203‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫في التحفيظ الشيء الذي تعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد برفض‬
‫الطلب ‪.‬‬

‫وبعد الطعن بالنقض في هذا القرار من طرف الورثة المتنازع معهم وبعد الجواب‬
‫الذي أدلـت به الوكالة القضائية للمملكة بـ ـ ــتاريـ ـ ــخ ‪ ،2007/07/20‬أصدر المجلس األعلى‬
‫بتـ ــاري ــخ ‪ 2008/12/03‬ق ارره رقم ‪ 4217‬قضى فيه برفض طلب النقض بعلة أن الوسائل‬
‫الواردة في مقال طلب النقض لم تبن على أي سبب من األسباب المذكورة في الفصل ‪359‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫مسطرة تصحيح الرسم العقاري ورفع التعرض على عملية التحديد اإلداري‪:‬‬

‫اضطرت و ازرة التجهيز إلى استكمال إجراءات عملية التحديد اإلداري التي كانت قد‬
‫باشرتها في وقت سابق بشأن العقار برمته المتعلق بالملك السككي بمدينة العرائش‪ ،‬وذلك‬
‫لألسباب التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬ألنها وضعت أمام األمر الواقع على إثر تحفيظ جزء من الملك العمومي في‬
‫اسم الغير وحصوله على رسم عقاري؛‬
‫‪ -‬ألن هذا الرسم العقاري نفسه تضمن تحفظا هاما يؤكد صراحة أن الحدود‬
‫الغربية للملك غير نهائية بسبب وجود أمالك عامة للدولة من هذه الجهة وأن‬
‫هذه الحدود ال تصير نهائية وثابتة إال بعد أن تقوم اإلدارة المختصة بتحديد هذه‬
‫األمالك؛‬
‫‪ -‬ألنه ثبت لإلدارة بالمعاينة والوقوف على عين المكان أن هذا الرسم العقاري‬
‫تجاوز بكثير المساحة التي يجب أن تبقى خالصة له‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ونظ ار لتعرض الطرف اآلخر على هذه العملية‪ ،‬فقد لجأت الدولة إلى تقديم دعوى‬
‫لتصحيح الرسم العقاري ورفع هذا التعرض‪ ،‬فتح لها أمام المحكمة االبتدائية بالعرائش الملف‬
‫عدد ‪.3/92/17‬‬

‫وبعد الخبرات الثالث التي أمرت بها المحكمة‪ ،‬وبعد المستنتجات المدلى بها عقب كل‬
‫خبرة‪ ،‬صدر حــكم بـــتاريــــخ ‪ 1999/01/13‬يقضي برفض طلب الدولة استنادا إلى‬
‫التعليالت الثالثة اآلتية ‪:‬‬

‫‪ -‬أن مساحة الرسم العقاري ‪ 36/359‬هي ‪ 9‬هـ ‪ 5‬س وليس ‪ 11‬هـ ‪25‬آر‪ 5‬س‬
‫كما ادعت و ازرة التجهيز ومعها الوكالة القضائية للمملكة؛‬
‫‪ -‬إن الجزء المتنازع عليه يوجد خارج خط السكة الحديدية وبالتالي ملكا عاما؛‬
‫‪ -‬إنه سبق لمحكمة االستئناف بطنجة أن حسمت في النزاع لصالح الورثة في‬
‫الدعوى التي تقدموا بها لطرد الدولة من الجزء المتنازع عليه‪.‬‬

‫تقدمت الوكالة القضائية للمملكة بتاريخ ‪ 2001/03/13‬بمقال استئنافي اعتمادا على‬


‫األسباب اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬الخطأ في التعليل فيما يتعلق بمساحة الرسم العقاري؛‬


‫‪ -2‬تحريف الوقائع فيما يتعلق باعتبار الجزء المتنازع عليه يوجد خارج خط السكك‬
‫الحديدية؛‬
‫وضمن هذا السبب عابت الوكالة القضائية على المحكمة ما يلي‪:‬‬

‫أ) أنها اقتصرت على التصميم المنجز سنة ‪ 1944‬كوثيقة واحدة للقول‬
‫بأن العقار ليس ملكا عاما؛‬
‫ب) أنها لم تناقش الوثائق التي أدلت بها الوكالة القضائية للمملكة إلثبات‬
‫الصبغة العمومية للملك؛‬

‫‪205‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ت) أنها لم تهتم بشهادة الشهود المضمنة في محضر معاينة وتحديد‬


‫الملك العمومي؛‬
‫ث) أنها لم تأخذ باالعتبار المعالم واألنصبة القائمة في عين المكان والتي‬
‫تثبت الصبغة العمومية للملك؛‬
‫‪ -3‬عدم مراعاة مقتضيات الفصل ‪ 334‬م م ألن المحكمة لم تقم بالوقوف على‬
‫عين المكان رغم أن الخبرات التي أنجزت في القضية لم تأت بجازم‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم جواز االستناد على قرار استئنافي صادر في مسطرة ال عالقة لها‬
‫بالتحديد اإلداري وغير جائز لحجية الشيء المقضي به‪.‬‬
‫‪ -5‬الخطأ في التعليل فيما يتعلق بمساحة الرسم العقاري المحتج به‪.‬‬

‫وبعد التمكن من ضبط مساحة كل الرسوم العقارية التي استخرجت من الرسم الخليفي‬
‫األم عدد ‪ 477‬وتم إجراء عملية حسابية دقيقة أوضحت أن الرسم العقاري ‪ 359‬قد تجاوز‬
‫بالفعل المساحة المخصصة له وهو ما اقتنعت به محكمة االستئناف واتخذته ضمن تعليالت‬
‫أخرى أقرت الصبغة العمومية للعقار‪ ،‬تعليال أساسيا لقرارها رقم ‪ 04/596‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2004/11/04‬في الملف عدد ‪ 8/01-1144‬والقاضي بإلغاء الحكم المستأنف وتصديا‬
‫الحكم برفض التعرض المقدم من طرف المستأنف عليهم على عملية التحديد اإلداري للملك‬
‫العمومي للسكك الحديدية بمدينة العرائش والحكم تبعا لذلك بتصحيح الرسم العقاري وفقا لما‬
‫أسفرت عنه عملية التحديد المذكورة وذلك بخصم الجزء الذي شمله من الملك العمومي‬
‫المذكور المقدر في ‪ 1‬هـ ‪ 65‬آ ار ‪ 15‬سنتيا ار وتحميل المستأنف عليهم الصائر‪.‬‬

‫وبعد الطعن بالنقض في هذا القرار من طرف الورثة‪ ،‬أصدر المجلس األعلى بتـ ــاري ــخ‬
‫‪ 2008/12/03‬ق ارره رقم ‪ 4218‬في الملف عدد‪ 2007/1/1/1595‬قضى فيه برفض‬
‫طلب النقض‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبالنظر إلى تعليالت هذا القرار يمكن القول بأن المجلس األعلى (محكمة النقض‬
‫حاليا) قد حسم في النقط التالية‪:‬‬

‫‪ -‬أن هناك تجاو از لمساحة الرسم العقاري على مساحة الملك العمومي المجاور؛‬
‫‪ -‬الصبغة العمومية للملك المتجاوز عليه موضوع النزاع؛‬
‫‪ -‬عدم جواز تطبيق قاعدة التطهير للملك المحفظ على العقار موضوع النزاع بعد‬
‫أن ثبتت صبغته العمومية؛‬
‫‪ -‬النتيجة هي تصحيح الرسم العقاري المذكور وفقا لما أسفرت عنه عملية التحديد‬
‫اإلداري للملك العام السككي‪.‬‬

‫المطلب ‪ :2‬ثبوت الصبغة العمومية للعقار موضوع النزاع تجعله مستثنى‬


‫من قاعدة التطهير المخولة للرسم العقاري‬

‫يتعلق العقار موضوع القضية المعروضة كنموذج في هذا البحث‪ ،‬بمتروك السكك‬
‫الحديدية‪ ،‬بمعنى أنه يعتبر من توابع محطة السكة الحديدية‪ ،‬وهو بهذا الوصف يعتبر‬
‫بطبيعته من األمالك العامة التي ال تقبل التملك أو التفويت ألن المعيارين اللذين قررهما كل‬
‫من التشريع والفقه والقضاء إلضفاء الصبغة العمومية على عقار معين‪ ،‬يتوفران فيه‪ ،‬وهما‬
‫على النحو الذي سلف بيانه‪ ،‬التخصيص الستعمال الجمهور والتخصيص للمنفعة العامة‪.‬‬
‫كما أن البند التاسع من الفصل األول من ظهير ‪ 1914/07/01‬بشأن األمالك العمومية‪،‬‬
‫أدخل في عداد األمالك العمومية السكك الحديدية‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق كان يبدو أن النزاع محسوم من مرحلته االبتدائية لصالح الدولة الملك‬
‫العام‪ ،‬لكنه استمر لسنوات أمام القضاء‪ ،‬وكان موقف هذا األخير ابتدائيا واستئنافيا في بداية‬
‫النزاع مصطفا إلى جانب صاحب التجزئة السكنية‪ ،‬معلال هذا الموقف بكون المعني باألمر‬

‫‪207‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫يمسك رسما عقاريا يشمل الجزء الذي تدعي الدولة أنه ملك عام وفي مقابل ذلك لم تدل‬
‫الدولة بما يثبت الصبغة العمومية للعقار‪.‬‬

‫الفقرة ‪ :1‬طرق إثبات الصبغة العمومية للعقار على ضوء القضية‬


‫المعروضة‬

‫إن إثبات الصبغة العمومية للعقار ال تتطلب اإلدالء برسم عقاري باسم الدولة الملك‬
‫العام وال باستظهار ملكية متوفرة فيها الشروط‪ ،‬وإنما يتم بثبوت الطبيعة العمومية للعقار‬
‫والتي تشكل قرينة قانونية ال يمكن دحضها إال بحجة أقوى‪ ،‬كما يتم باإلدالء بالوثائق المثبتة‬
‫ان العقار محددا تحديدا إداريا نهائيا بمعنى أن عملية التحديد اإلداري للعقار تكون قد قطعت‬
‫جميع أشواطها المنصوص عليها في القانون المنظم للتحديد اإلداري دون أي تعرض ليصدر‬
‫‪1‬‬
‫مرسوم التحديد ويتم نشره‪ ،‬فيصبح بالتالي ذلك التحديد نهائيا ليتم بعد ذلك المصادقة عليه‪.‬‬

‫وفي غياب هذا التحديد اإلداري للعقار كما هو الشأن بالنسبة للعقار موضوع القضية‬
‫المعروضة كنموذج في هذا البحث‪ ،2‬فإن اإلدارة سوف تكون مطالبة بإثبات الصبغة‬
‫العمومية للعقار بوسائل أخرى علما بأن الطرف الخصم يتوفر على رسم عقاري باسمه‪.‬‬

‫وحتى في حالة عدم وجود رسم عقاري باسم الغير‪ ،‬فإن تقديم مطلب التحفيظ من‬
‫طرف هذا الغير قبل الشروع في عملية التحديد اإلداري من طرف اإلدارة‪ ،‬يجعل هذه األخيرة‬
‫مضطرة إلى التعرض على مطلب التحفيظ واإلدالء بما يثبت صحة تعرضها باعتبارها‬
‫المدعية والملزمة باإلثبات حسب ما استقر عليه الفقه والقضاء‪ .‬بمعنى أن العقار إذا لم يكن‬
‫محددا تحديدا إد اريا وفقا للمسطرة المنصوص عليها قانونا وإذا لم يكن ذي صبغة عمومية‬

‫‪1‬‬
‫ولذلك فإن اإلدارة الوصية على الملك العام مدعوة إلى تحديد امالكها تحديدا إداريا من أجل تحصينها من كل اعتداء ومن أجل كذلك في حالة‬
‫وجود هذا االعتداء او أي ادعاء بشأنها من األغيار‪ ،‬أن تجعل النزاع لصالحها بتواجدها في مركز قوي بالمقارنة مع الخصم‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫و ازرة التجهيز الوصية على الملك العام لم تعمد إلى تحديد هذا العقار تحديدا إداريا إال في مرحلة الحقة‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بطبيعته‪ ،‬فإنه في هذه الحالة لن يكون متمتعا بالحماية التي قررها المشرع للملك العام وتكون‬
‫الدولة ملزمة بإثبات الصبغة العمومية للعقار بجميع وسائل اإلثبات‪.‬‬

‫وهكذا ومن أجل إثبات الصبغة العمومية للعقار موضوع النزاع وإقناع القضاء باستثنائه‬
‫من قاعدة التطهير المخولة للرسم العقاري الذي يحتج به الطرف اآلخر‪ ،‬فقد أدلت الدولة‬
‫ب وثائق تهم محطة السكة الحديدية قديما بمدينة العرائش من حيث مساحتها ومحتوياتها‬
‫ومرافقها وحدودها وتصميمها التحديدي‪ ،‬كما بحثت في الرسوم الخليفية للمنطقة علما بأن‬
‫الرسم العقاري المحتج به تأسس بناء على رسم خليفي‪ ،‬وأكثر من ذلك حصلت على تذكرة‬
‫سفر قديمة انطالقا من محطة العرائش وأخذت صو ار فوتوغرافية لبعض المعالم واآلثار من‬
‫قبيل انصاب مكتوب عليها حروف السكة الحديدية واشجار تغرس عادة في جوار محطات‬
‫السكة الحديدية والتي ظلت قائمة بالجزء المحتل وهي تدل داللة قاطعة بأن هذا الجزء‬
‫المحتل من العقار هو ملك عام سككي‪.‬‬

‫وبعد استجماع كل هذه المعطيات والوثائق‪ ،‬تم عرضها على القضاء بالصيغة القانونية‬
‫الالزمة واألسلوب الحجاجي المقنع‪ ،‬فما كان منه في األخير إال أن يعيد األمور إلى نصابها‬
‫وينصف الدولة في قضية عمرت سنين طويلة وذلك من خالل الق اررين االستئنافيين‬
‫الصادرين بعد النقض واإلحالة المشار إلى مراجعهما وتعليالتهما ومنطوقهما أعاله‪.‬‬

‫ومن خالل االطالع على ما عللت به المحكمة قضائها سواء في مسطرة رفع التعرض‬
‫على عملية التحديد اإلداري وتصحيح الرسم العقاري أو مسطرة طرد الدولة من العقار‬
‫موضوع النزاع‪ ،‬يتبين أن إثبات الصبغة العمومية للعقار موضوع هذا النزاع لم يتحقق‬
‫باإلدالء بوثائق التحديد اإلداري الذي كانت و ازرة التجهيز قذ شرعت في إنجازه ولم يكتمل إال‬
‫في وقت الحق‪ ،‬وإنما تحقق أوال بالرجوع إلى الرسم الخليفي األم الذي أنشئ على أساسه‬
‫الرسم العقاري المحتج به‪ ،‬وبإجراء عملية حسابية لمساحة الرسمين ثبت للمحكمة أن الرسم‬
‫العقاري المحتج به تجاوز المساحة المخصصة له ليضم إليه جزءا من العقار المجاور من‬
‫‪209‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫جهة السكة الحديدية‪ ،‬وكان هذا هو التعليل األساس الذي استندت إليه المحكمة‪ ،‬لكنه لم‬
‫يكن المعطى الوحيد الذي جعل المحكمة تقتنع بأحقية الدولة الملك العام على العقار موضوع‬
‫النزاع‪ ،‬بحيث شكلت الطبيعة العمومية للعقار كقرينة قانونية معطى هام ومقنع صاغته‬
‫المحكمة بقولها‪ ":‬حيث إن الجزء المتنازع عليه أبدت الدولة وو ازرة التجهيز جوابها عنه بأنه‬
‫ملك عمومي للسكة الحديدية بين العرائش والقصر الكبير بما استدلت عليه من الطابع‬
‫العمومي لهذا الملك من خالل محضر المعاينة المؤرخ في ‪ 1991/07/16‬شهد الشهود‬
‫فيه أن الملك موضوع الدعوى هو ملك عمومي يتبع لمندوبية وزارة األشغال العمومية‬
‫والمواصالت آنذاك باعتباره ملكا عموميا سككيا كما أن شواهد وقرائن قائمة فيه تدل على‬
‫طابعه العمومي من وجود معالم دالة على السكة الحديدية مثل الدور السكنية الخاصة‬
‫بموظفيها وقوائم األسمنت وأنصبة تحمل الحروف للسكة الحديدية‪.".....‬‬

‫لتصل إلى النتيجة المصاغة بما يلي‪:‬‬

‫"‪....‬مما يعني أن التحفيظ المسجل في هذا الرسم لفائدة ملك المستأنف عليهم‬
‫تجاوز على ملك الغير في المساحة وقدرها ‪1‬هـ ‪65‬آر‪ 15‬س التي ثبت أنها ملك‬
‫عمومي نظ ار إلى الطابع العمومي المستدل عليه بهذا الجزء من خالل المعالم واآلثار‬
‫الباقية من استغالل مرفق السكك الحديدية فوق هذا الجزء والمرافق التابعة لها وهو‬
‫ملك لطابعه العمومي ال يطاله التحفيظ ويستثني من قاعدة التطهير التي تميز‬
‫تسجيل األمالك في التحفيظ الشيء الذي تعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم‬
‫من جديد برفض الطلب‪( .‬القرار رقم ‪ 04/1186‬الصادر في الملف عدد‬
‫‪ 2004/01/2251‬بتاريخ ‪ 2004/11/10‬عن محكمة االستئناف بطنجة)‬

‫وهذا التوجه هو الذي كانت نفس محكمة االستئناف بطنجة وبهيئة أخرى‪ ،‬قد أقرته‬
‫وهي تبت في دعوى تصحيح الرسم العقاري ورفع التعرض على عملية التحديد اإلداري‪ ،‬إذ‬

‫‪210‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ورد في قرارها رقم ‪ 04/596‬الصادر بتاريخ ‪ 2004/11/04‬في الملف عدد ‪8/01-1144‬‬


‫بخصوص التدليل على الطابع العمومي للعقار موضوع النزاع‪ ،‬التعليل اآلتي‪:‬‬
‫" وب ـ ـ ــالنظر إل ـ ـ ــى أن الرس ـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري ع ـ ـ ــدد ‪ 36-359‬لم ـ ـ ــوروث المس ـ ـ ــتأنف عل ـ ـ ــيهم‬
‫تأسـ ــس اسـ ــتنادا إلـ ــى الرسـ ــم الخليفـ ــي عـ ــدد ‪ 477‬الـ ــذي شـ ــمل مسـ ــاحة تقـ ــدر فـ ــي ‪11‬‬
‫ه ‪22‬آر‪ 28‬س وورد علـ ـ ــى هـ ـ ــذه المسـ ـ ــاحة لـ ـ ــنفس الـ ـ ــرقم الخليفـ ـ ــي مطلـ ـ ــب التحفـ ـ ــيظ‬
‫ع ـ ـ ــدد ‪ 19/2932‬بمس ـ ـ ــاحة تق ـ ـ ــدر ‪1‬ه ‪ 62‬آر‪78‬س كم ـ ـ ــا ت ـ ـ ــم إنش ـ ـ ــاء رس ـ ـ ــم عق ـ ـ ــاري‬
‫علـ ـ ــى نفـ ـ ــس الرسـ ـ ــم الخليفـ ـ ــي وهـ ـ ــو الرسـ ـ ــم عـ ـ ــدد ‪ 36/689‬بمسـ ـ ــاحة تقـ ـ ــدر فـ ـ ــي ‪ 2‬ه‬
‫‪25‬آر‪ ،‬أي أن مجمـ ـ ــوع المسـ ـ ــاحتين للمطلـ ـ ــب والرسـ ـ ــم العقـ ـ ــاري المـ ـ ــذكورين يقـ ـ ــدر فـ ـ ــي‬
‫‪3‬ه‪87‬آر‪78‬س‪ ،‬وذلـ ـ ـ ـ ــك يعنـ ـ ـ ـ ــي أن نفـ ـ ـ ـ ــس الرسـ ـ ـ ـ ــم الخليف ـ ـ ـ ـ ـي وردت عليـ ـ ـ ـ ــه مطالـ ـ ـ ـ ــب‬
‫ثالثـ ــة‪ ،‬مطلـ ــب مـ ــوروث المسـ ــتأنف علـ ــيهم عـ ــدد ‪ 12399‬المنشـ ــأ لـ ــه الرسـ ــم العقـ ــاري‬
‫ع ـ ـ ــدد ‪ 359‬والمطل ـ ـ ــب ع ـ ـ ــدد ‪ 19/2932‬ومطل ـ ـ ــب الرس ـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري ع ـ ـ ــدد ‪36/689‬‬
‫وبالت ـ ــالي يج ـ ــب لقي ـ ــام ع ـ ــدم تع ـ ــارض ب ـ ــين المطال ـ ــب الثالث ـ ــة أن يخ ـ ــتص ك ـ ــل مطل ـ ــب‬
‫بالمسـ ــاحة ال ـ ـواردة فيـ ــه مـ ــن نفـ ــس المسـ ــاحة التـ ــي يشـ ــتمل عليهـ ــا الرسـ ــم الخليفـ ــي عـ ــدد‬
‫‪ 477‬أي أن الرس ـ ــم العق ـ ــاري ع ـ ــدد ‪ 36-359‬لم ـ ــوروث المس ـ ــتأنف عل ـ ــيهم تبق ـ ــى ل ـ ــه‬
‫المسـ ـ ــاحة التـ ـ ــي تفضـ ـ ــل عـ ـ ــن مسـ ـ ــاحة الرسـ ـ ــم العقـ ـ ــاري ‪ ،36/689‬ومسـ ـ ــاحة مطلـ ـ ــب‬
‫التحفـ ــيظ ‪ 19/2932‬وهـ ــو المطلـ ــب الـ ــذي تـ ــم نـ ــزع ملكيـ ــة جـ ــزء منـ ــه إلنشـ ــاء مدرسـ ــة‬
‫م ـ ـ ــن ط ـ ـ ــرف و ازرة التربي ـ ـ ــة الوطني ـ ـ ــة‪ ،‬وذل ـ ـ ــك اس ـ ـ ــتنادا إل ـ ـ ــى أن ه ـ ـ ــذا المطل ـ ـ ــب لكون ـ ـ ــه‬
‫تعـ ــارض مـ ــع المطلـ ــب المنشـ ــأ لـ ــه الرسـ ــم العقـ ــاري عـ ــدد ‪ 36-359‬وجـ ــزئ لـ ــذلك هـ ــذا‬
‫المطل ـ ـ ـ ــب حس ـ ـ ـ ــب جـ ـ ـ ـ ـواب المح ـ ـ ـ ــافظ إل ـ ـ ـ ــى قطع ـ ـ ـ ــة األرض المس ـ ـ ـ ــماة ارض ـ ـ ـ ــية تبل ـ ـ ـ ــغ‬
‫مس ـ ـ ـ ــاحتها ‪ 11‬ه‪25‬آر‪5‬س‪ ،‬وه ـ ـ ـ ــي الت ـ ـ ـ ــي أنش ـ ـ ـ ــئ له ـ ـ ـ ــا الرس ـ ـ ـ ــم العق ـ ـ ـ ــاري الم ـ ـ ـ ــذكور‬
‫وقطعـ ــة أرض تحـ ــت التسـ ــمية القديمـ ــة هـ ــي موضـ ــوع التعـ ــرض المتبـ ــادل مـ ــع المطلـ ــب‬
‫رقـ ــم ‪ 19/2932‬المنتـ ــزع جـ ــزء منـ ــه إلقامـ ــة مدرسـ ــة‪ ،‬بمعنـ ــى أن الرسـ ــم العقـ ــاري عـ ــدد‬
‫‪ 36-359‬لمـ ـ ـ ــوروث المسـ ـ ـ ــتأنف علـ ـ ـ ــيهم الـ ـ ـ ــذي يشـ ـ ـ ــتمل علـ ـ ـ ــى مسـ ـ ـ ــاحة تقـ ـ ـ ــدر فـ ـ ـ ــي‬
‫‪211‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪11‬ه‪25‬آر‪5‬س يغطـ ـ ـ ـ ـ ــي تقريبـ ـ ـ ـ ـ ــا نفـ ـ ـ ـ ـ ــس مسـ ـ ـ ـ ـ ــاحة الرسـ ـ ـ ـ ـ ــم الخليفـ ـ ـ ـ ـ ــي التـ ـ ـ ـ ـ ــي تبلـ ـ ـ ـ ـ ــغ‬
‫‪11‬ه‪22‬آر‪68‬س وذل ـ ـ ـ ــك رغ ـ ـ ـ ــم أن مطل ـ ـ ـ ــب التحف ـ ـ ـ ــيظ ع ـ ـ ـ ــدد ‪ 19/2932‬المتع ـ ـ ـ ــارض‬
‫مـ ـ ــع مطلـ ـ ــب التحفـ ـ ــيظ المنشـ ـ ــأ لجـ ـ ــزء منـ ـ ــه الرسـ ـ ــم العقـ ـ ــاري المـ ـ ــذكور فـ ـ ــي جـ ـ ــزء تـ ـ ــم‬
‫تخصيص ـ ــه به ـ ــذا التع ـ ــارض خارج ـ ــا ع ـ ــن الرس ـ ــم العق ـ ــاري المنش ـ ــأ للج ـ ــزء الخ ـ ــالص أو‬
‫الخـ ــالي مـ ــن التعـ ــرض إضـ ــافة إلـ ــى الرسـ ــم العقـ ــاري عـ ــدد ‪ 36/689‬فكـ ــل مـ ــن مطلـ ــب‬
‫التحفـ ـ ـ ـ ــيظ ‪ 19/2932‬والرسـ ـ ـ ـ ــم العقـ ـ ـ ـ ــاري ‪ 36/689‬اخـ ـ ـ ـ ــتص بمسـ ـ ـ ـ ــاحة مـ ـ ـ ـ ــن نفـ ـ ـ ـ ــي‬
‫مسـ ـ ـ ـاحة الرس ـ ـ ــم الخليف ـ ـ ــي ع ـ ـ ــدد ‪ 477‬إال أن مقارن ـ ـ ــة مس ـ ـ ــاحة الرس ـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري ع ـ ـ ــدد‬
‫‪ 36-359‬بمسـ ـ ــاحة الرسـ ـ ــم الخليفـ ـ ــي ع ـ ـ ــدد ‪ 477‬تبـ ـ ــين أن مسـ ـ ــاحة الرسـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري‬
‫ع ـ ــدد ‪ 359‬تتج ـ ــاوز حت ـ ــى نف ـ ــس مس ـ ــاحة الرس ـ ــم الخليف ـ ــي ولك ـ ــأن ك ـ ــال م ـ ــن المطل ـ ــب‬
‫عـ ـ ــدد ‪ 19/2932‬الـ ـ ــذي خـ ـ ــص بجـ ـ ــزء متعـ ـ ــارض مـ ـ ــع مطلـ ـ ــب الرسـ ـ ــم العقـ ـ ــاري عـ ـ ــدد‬
‫‪ 36-359‬وك ـ ـ ــذا مس ـ ـ ــاحة الرس ـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري ع ـ ـ ــدد ‪ 36/689‬هم ـ ـ ــا ف ـ ـ ــي حك ـ ـ ــم الع ـ ـ ــدم‬
‫بينم ـ ـ ــا الحقيق ـ ـ ــة الواقع ـ ـ ــة أنهم ـ ـ ــا يش ـ ـ ــتمالن عل ـ ـ ــى مس ـ ـ ــاحة حقيقي ـ ـ ــة ب ـ ـ ــدليل التع ـ ـ ــارض‬
‫المتب ـ ـ ــادل للمطلب ـ ـ ــين والوج ـ ـ ــود الم ـ ـ ــادي الحقيق ـ ـ ــي للرس ـ ـ ــم العق ـ ـ ــاري ‪ 36/689‬ولـــــــذلك‬
‫يتضــــح جليـــــا أن الرســـــم العقـــــاري عــــدد ‪ 36/359‬تجـــــاوز علـــــى ملـــــك ال يشـــــمله‬
‫بواقـــع ومنطـــق األشـــياء هـــذا الملـــك المتجـــاوز عليـــه لثبـــوت أنـــه ملـــك عمـــومي مـــن‬
‫خـــالل وجـــود معـــالم وآثـــار ومرافـــق تـــدل داللـــة واقعيـــة علـــى الصـــبغة العموميـــة لـــه‬
‫طبقـــــا لمـــــا حـــــدد بـــــه ظهيـــــر ‪ 1914/07/01‬الملـــــك العمـــــومي بإدخـــــال الســـــكك‬
‫الحديديـــة فـــي نطـــاق األمـــالك العموميـــة فـــي البنـــد التاســـع مـــن فصـــله األول ولقـــد‬
‫اســــتدلت الدولــــة ووزارة التجهيــــز علــــى هــــذا المعطــــى بالبحــــث المنجــــز مــــن قبــــل‬
‫اللجنـــة اإلقليميـــة المشـــكلة طبقـــا للفصـــل ‪ 3‬مـــن القـــرار الـــوزيري الخـــاص بتحديـــد‬
‫الملــــــك العمــــــومي المنشــــــور ملخــــــص عنــــــه بالجريــــــدة الرســــــمية عــــــدد ‪41000‬‬
‫بتـــــــاريخ ‪ ،1991/05/29‬اســـــــتمعت اللجنـــــــة إلـــــــى أشـــــــخاص مقيمـــــــين بنفـــــــي‬
‫المنطقــــة أكــــدوا أن األرض موضــــوع التحديــــد هــــي مــــن األمــــالك العموميــــة للدولــــة‬
‫‪212‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫كانـــت فيمـــا قبـــل مقـــ ار لمحطـــة القطـــار بـــالعرائش ومرافـــق تابعـــة لهـــا‪ ،‬وتشـــتمل علـــى‬
‫دور ســـكنية تابعـــة لشـــركة الســـكك الحديديـــة منتهيـــة إلـــى أن الرســـم العقـــاري عـــدد‬
‫‪ 36-359‬شــــمل جــــزءا مــــن الملــــك العمــــومي يقــــدر فــــي حــــوالي ‪1‬ه‪65‬آر‪15‬س‬
‫وإضــافة إلــى ذلــك يتبــين مــن خــالل التصــميم المــودع فــي الملــف منجــز مــن طــرف‬
‫مكتــــب األبحــــاي والتحقيقــــات الطوبوغرافيــــة موقــــع مــــن طــــرف الســــيد كنــــوني عبــــد‬
‫هللا‪ ،‬وكــــذا التصــــميم الخــــاص بمنطقــــة العــــرائش المــــودع فــــي الملــــف منجــــز مــــن‬
‫طــــــرف وزارة األشــــــغال العموميـــــــة أن حــــــدود كــــــل مـــــــن الرســــــم العقــــــاري عـــــــدد‬
‫‪ 36/359‬والرســـــم الخليفـــــي عـــــدد ‪ 477‬غيـــــر متطابقـــــة ووجـــــود ممـــــر الســـــكة‬
‫الحديديـــة كمـــا تظهـــر الصـــور الفوتوغرافيـــة المســـتدل بهـــا مـــن طـــرف المســـتأنفين‬
‫وجــــود آثــــار ومعــــالم دالــــة علــــى مرافــــق كانــــت تتبــــع لهــــذه الســــكة‪ ،‬وذلــــك يضــــفي‬
‫بشــــكل كــــافي علــــى الجــــزء المــــدعى فيــــه صــــبغة الملــــك العمــــومي طبقــــا للفصــــل‬
‫األول مــــــن الظهيــــــر المــــــذكور الش ـ ــيء ال ـ ــذي تع ـ ــين مع ـ ــه إلغ ـ ــاء الحك ـ ــم المس ـ ــتأنف‬
‫والحكـ ـ ــم مـ ـ ــن جديـ ـ ــد بـ ـ ــرفض التعـ ـ ــرض المقـ ـ ــدم مـ ـ ــن طـ ـ ــرف المسـ ـ ــتأنف علـ ـ ــيهم علـ ـ ــى‬
‫عمليـ ــة التحديـ ــد اإلداري المنجـ ـ ـزة مـ ــن ط ـ ــرف اللجنـ ــة اإلقليميـ ــة لعمال ـ ــة إقلـ ــيم العـ ـ ـرائش‬
‫طبقـ ـ ــا للفصـ ـ ــل الثالـ ـ ــث الخـ ـ ــاص بتحديـ ـ ــد الملـ ـ ــك العمـ ـ ــومي للسـ ـ ــكك الحديديـ ـ ــة لمدينـ ـ ــة‬
‫العـ ـ ـرائش وبتص ـ ــحيح الرس ـ ــم العق ـ ــاري ع ـ ــدد ‪ 36-359‬بخص ـ ــم الج ـ ــزء المتن ـ ــازع علي ـ ــه‬
‫المشمول فيه والمحدد في ‪1‬ه‪65‬آر‪15‬س"‪.‬‬

‫وهكذا يتبين من التعليلين الواردين في هذين الق اررين االستئنافيين النهائيين والمكتسبين‬
‫لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬أن قناعة القاضي في نازلة الحال تكونت ليس فقط بثبوت‬
‫االختالف في مساحة الرسم العقاري والرسم الخليفي‪ ،‬وبعد تشبت الدولة بحقها في العقار‬
‫لكونه جزءا ال يتج أز من الملك العام السككي وبالتالي هو ملك عام غير قابل للملكية‬

‫‪213‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الخاصة والتفويت والحجز وال يسري عليه التقادم وكل الحقوق الناشئة عليه تبقى قائمة لفائدة‬
‫الدولة وباسمها حتى ولو تم تحفيظها في اسم الغير‪.‬‬

‫إن إثبات الصبغة العمومية للعقار تتم فعال باإلدالء بالوثائق التي تمسكها اإلدارة‬
‫الوصية على الملك العام وهي ما يتعلق بالتحديد اإلداري للعقار‪ ،‬هذا التحديد إن وجد فإنه‬
‫يوازي مسطرة التحفيظ العقاري خاصة إذا كان نهائيا ومصادقا عليه‪ ،‬وهو األمر الذي أقره‬
‫الفقه وكرسه القضاء المغربي‪.1‬‬

‫وفي حالة غياب التحديد اإلداري للعقار‪ ،‬فإن إثبات الصبغة العمومية للعقار تتم بكل‬
‫وسائل اإلثبات التي يقررها القانون من قبيل شهادة الشهود والمعاينات وكذلك طبيعة العقار‬
‫التي تشكل قرينة قانونية ال تقبل العكس‪ ،‬هذه الطبيعة قد تثبت بالعين المجردة إذا تعلق‬
‫العقار بملك مائي كمجاري المياه والعيون مثال أو بملك بحري وفقا للتحديد الذي نص عليه‬
‫القانون‪ ،‬ويمكن أن تثبت كذلك كما هو الحال في القضية المعروضة كنموذج‪ ،‬بالصور‬
‫الفوتوغرافية والمعاينات وإبراز المعالم الدالة على الطابع العمومي للعقار‪.‬‬

‫الفقرة ‪ :2‬حصانة الملك العام واستثنائه من قاعدة التطهير المخولة للرسم‬


‫العقاري‪:‬‬

‫إذا ثبتت الصبغة العمومية للعقار على النحو المبين سالفا‪ ،‬فإن هذا العقار يصبح‬
‫محصنا تحصينا شامال ودائما بنص القانون ووفقا لما أقره الفقه وكرسه القضاء‪.‬‬

‫فقد نص الفصل الرابع من الظهير الصادر بتاريخ ‪ 1914/07/01‬على أنه‪" :‬ال يقبل‬
‫التفويت باألمالك العمومية وال تسقط حقوق الملكية فيها بمضي الزمان"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫نظ ار ألهمية التحديد اإلداري كوسيلة لتأمين الحماية القانونية للملك العام للدولة‪ ،‬أفردنا له نقطة مستقله في هذا البحث‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبمقتضى هذا النص‪ ،‬فإن األمالك العامة غير قابلة للملكية الخاصة والتفويت والحجز‬
‫وال يسري عليها التقادم وكل الحقوق الناشئة عليها تبقى قائمة لفائدة الدولة وباسمها حتى ولو‬
‫تم تحفيظها في اسم الغير‪.‬‬

‫وقد كرس هذه القاعدة القرار رقم ‪ 596‬المذكور أعاله‪ ،‬الصادر في مسطرة تصحيح‬
‫الرسم العقاري ورفع التعرض على عملية التحديد اإلداري (القضية المعروضة كنموذج)‪ ،‬إذ‬
‫ورد فيه ما يلي‪:‬‬

‫" وحيث إن الملك العمومي يدخل في عداده السكك الحديدية والمرافق التابعة لها بما‬
‫في ذلك المساحات األرضية المخصصة ألداء الخدمات من طرف هذا المرفق طبقا‬
‫لظهير ‪ 1914/04/01‬بشأن المالك العمومية وال يقبل الملك العمومي التملك من‬
‫غير الدولة التي تجعل عليه وزارة وصية وال التصرف فيه بأي وجه وال االكتساب‬
‫بالتقادم"‪.‬‬

‫والمالحظ أن القضاء كلما ثبت لديه أن العقار المتنازع عليه هو ملك عمومي‪ ،‬فإنه‬
‫يقضي بأحقية الدولة الملك العام على هذا العقار‪.‬‬

‫وهكذا وفي قضية نوردها على سبيل المثال تتعلق بالملك العام البحري لشاطئ‬
‫أغروض بأكادير‪ ،‬أصدرت المحكمة االبتدائية بأكادير حكما بتاريخ ‪ 2015/04/14‬في‬
‫الملف عدد ‪ 2014/179‬قضى بعدم صحة التعرض المقدم من طرف المدير الجهوي‬
‫للتجهيز لسوس ماسة درعة على مطلب التحفيظ المسجل باسم ‪ ...‬وبعد الطعن باالستئناف‬
‫في هذا الحكم بتاريخ ‪ 2015/07/23‬وفتح له الملف عدد ‪ 2015/1403/306‬أصدرت‬
‫استئنافية أكادير أمرين تمهيديين‪ ،‬األول بإجراء خبرة عقارية أنجزت بتاريخ ‪2017/03/06‬‬
‫بواسطة الخبير ‪ ، ...‬واالمر الثاني بإجراء خبرة مضادة بناء على طلب الوكالة القضائية‪ ،‬وتم‬
‫إنجازها من طرف الخبير ‪ ....‬وبعد إدالء األطراف بمستنتجاتهما على ضوء كل خبرة‪،‬‬

‫‪215‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫صدر القرار رقم ‪ 221‬بتاريخ ‪ 2018/03/20‬قضى "بإلغاء الحكم المستأنف والتصدي‬


‫والحكم بصحة تعرض المستأنف( الدولة الملك العام) في مواجهة مطلب التحفيظ عدد‬
‫‪ 09/34829‬في حدود مساحة محدد في ‪ 53‬مت ار مربعا وفقا للتصميم المرفق بتقرير الخبرة‬
‫المنجزة من طرف الخبير ‪ ...‬وتحميل المست انف عليه الصائر‪ ،‬وبإحالة الملف على السيد‬
‫المحافظ العقاري بأكادير التخاذ ما يلزم قانونا بعد صيرورة القرار باتا"‪.‬‬

‫وقد علل هذا القرار ما قضي به بما يلي‪ ":‬وحيث باالطالع على وثائق الملف وأسباب‬
‫االستئناف ودفوع المستأنف عليه وما أسفرت عنه الخبرتين العقاريتين األولية والمضادة‪ ،‬تأكد‬
‫للمحكمة أن مآخد الطاعن على الحكم المستأنف وجيهة ومرتكزة أساس قانوني‪ ،‬ذلك أن‬
‫المحكمة واعتبا ار لما أدلى به الطاعن من وثائق وخاصة تصميم تحديد الملك العام البحري‬

‫لشاطئ أغروض عمالة أكادير ادوتنان‪ ،‬قررت إجراء خبرة عقارية أولية ومضادة للتحقق من‬
‫تداخل وعاء المطلب مع الملك العام البحري‪ ،‬وألن الخبرة األولية المنجزة من طرف الخبير‬
‫المحلف ‪ ....‬لم تكن موضوعية في الخالصات التي انتهت إليها لعدم اعتماده على التصميم‬
‫التحديدي للملك العام البحري واكتفى باعتماد تصاميم الرسوم العقارية المجاورة‪ ،‬لذلك‬
‫استبعدته ا لمحكمة وألن تقرير الخبرة العقارية المنجز من طرف الخبير الطبوغرافي المحلف‬
‫‪ ....‬قد انجز بحضور الطرفين واعتمد في ما انتهى إليه من خالصات على مجموعة من‬
‫الوثائق الرسمية وخاصة التصميم المحدد للملك البحري لشاطئ أغروض لعمالة أكادير‬
‫ومرسوم التحديد اإلداري للملك العام البحري ونسخة من مرسوم اإلقرار للشبكة الطرقية‬
‫‪......‬وتصاميم الرسوم العقارية المجاورة كما اعتمد على احداثيات الملك البحري للمنطقة‬
‫‪ ،........‬فتأكد له أن جزءا كبي ار من وعاء مطلب التحفيظ عدد ‪ 09/34829‬يوجد داخل‬
‫الملك العام البحري‪..............‬وتأسيسا على ذلك يتعين إلغاء الحكم المستانف فيما قضى‬
‫به ‪"........‬‬

‫‪216‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبخصوص نفس الملك العام البحري لشاطئ أغروض بأكادير‪ ،‬كانت الغرفة اإلدارية‬
‫بمحكمة النقض قد أكدت الصبغة النهائية للتحديد اإلداري لهذا الملك‪ ،‬حين رفضت الطلبات‬
‫المقدمة من األغيار إللغاء مرسوم التحديد‪ .‬ونذكر في هذا الصدد القرار رقم ‪ 186‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 2009/02/11‬في الملف عدد ‪ 2007/1/4/339‬والذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫" إن الحقوق المدعى بها من الطاعنين والتي وقع اكتسابها بعد صدور الظهير‬
‫المذكور‪ ،‬ال تصير نهائية إال بعد تعيين حدود األمالك العامة من طرف اإلدارة‪ ،‬مادام أن‬
‫إنشاء صكوك عقارية بعد صدور الظهير المذكور ودون مراعاة االستثناءات التي ينص‬
‫عليها والتي تشير إلى أن عقارات الملك العمومي ال تقبل التملك وال التفويت وال تكتسب‬
‫ملكيته بالتقادم( الفصل ‪ 4‬من الظهير) ال يكون له أي مفعول تجاه الملك العام‪ ،‬ألنه يظل‬
‫حقا مؤقتا عالوة على أن احتجاج الطاعنين بترخيص البناء الذي حصال عليه ال يقوم دليال‬
‫‪1‬‬
‫على التملك‪....‬ويكون طلبهما حليف الرفض"‬

‫وهناك أحكام صدرت عن محاكم الدرجة األولى ولم يتم استئنافها من الطرف اآلخر‬
‫ألنه متيقن من أن األمر محسوم لفائدة الدولة بعد ثبوت الصبغة العمومية للعقار‪.‬‬

‫وهكذا فقد أصدرت المحكمة االبتدائية بتزنيت سنة ‪ 2017‬عدة أحكام‪ 2‬في قضايا‬
‫تعلقت بتأسيس رسوم عقارية من قبل المحافظ على األمالك العقارية والرهون بتزنيت للملك‬

‫‪1‬‬
‫وفي قرار آخر رقم ‪ 4290‬صادر عن الغرفة المدنية بمحكمة النقض بتاريخ ‪ 2012/10/02‬في الملف عدد ‪ 2012/1/1/691‬ورد مايلي‪" :‬حتى‬
‫مع عدم ادالء الطاعنة بالوثائق وعدم اعتمادها على المرسوم المشار إليه أعاله أمام قضاء الموضوع‪ ،‬فإن تمسكها في سائر مراحل الدعوى بكون‬
‫الجزء المدعى فيه من أرض المطلب يدخل ضمن الملك العام البحري‪................‬كان يقتضي من المحكمة في إطار إجراءات التحقيق المخولة‬
‫لها قانونا أن تبحث في ذلك وتتحقق من مدى وجود ترام على الملك العام البحري من عدمه لما لذلك من تأثير في قضائها‪ ،‬ولما لم تفعل كان‬
‫قرارها ناقص التعليل الموازي النعدامه وغير مرتكز على أساس ما عرضه للنقض واإلبطال"‬
‫‪2‬‬
‫حكم عدد ‪ 134‬بتاريخ ‪ 2017/11/28‬في الملف عدد ‪ - 2016/39‬حكم عدد ‪ 135‬بتاريخ ‪ 2017/11/28‬في الملف عدد ‪- 2016/40‬‬
‫حكم عدد ‪ 137‬بتاريخ ‪ 2017/12/27‬في الملف عدد ‪ - 2016/35‬حكم عدد ‪ 141‬بتاريخ ‪ 2017/12/05‬في الملف عدد ‪ - 2016/30‬حكم‬
‫عدد ‪ 142‬بتاريخ ‪ 2017/12/05‬في الملف عدد ‪ - 2016/31‬حكم عدد ‪ 143‬بتاريخ ‪ 2017/12/05‬في الملف عدد ‪ - 2016/33‬حكم عدد‬
‫‪ 144‬بتاريخ ‪ 2017/12/05‬في الملف عدد ‪ - 2016/34‬حكم عدد ‪ 145‬بتاريخ ‪ 2017/12/05‬في الملف عدد ‪ - 2016/36‬حكم عدد ‪146‬‬
‫بتاريخ ‪ 2017/12/05‬في الملف عدد ‪ - 2016/37‬حكم عدد ‪ 147‬بتاريخ ‪ 2017/12/05‬في الملف عدد ‪ - 2016/38‬حكم عدد ‪ 149‬بتاريخ‬
‫‪ 2017/12/12‬في الملف عدد ‪ - 2016/32‬حكم عدد ‪ 150‬بتاريخ ‪ 2017/12/12‬في الملف عدد ‪2016/41‬‬

‫‪217‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المسمى" افني الدولة" رغم أن القطع األرضية المكونة لهذا الملك تعد جزءا من الملك العام‬
‫البحري بسيدي افني المحدد بموجب المرسوم رقم ‪ 2.12.384‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ .2012/08/22‬وقد قضت هذه األحكام من حيث الموضوع بالتشطيب على اسم‪ ....‬من‬
‫الرسم العقاري عدد ‪ .....‬وإحالل وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك (الملك العام البحري)‬
‫محله‪ .‬ومن بين التعليالت التي وردت في هذه األحكام‪:‬‬

‫"حيث إن الظهير المتعلق بأمالك الدولة العامة الصادر بتاريخ ‪ 1914/07/01‬المعدل‬


‫بظهير ‪ 1919/11/08‬وبظهير ‪ 1925/08/01‬المتعلق باألمالك العمومية المائية‪،‬‬
‫خص األمالك المعدودة فيه على سبيل المثال بمميزات حقوقية‪ ،‬واعتبر في ديباجته‬
‫وفي فصله الثاني أن تلك األمالك غير قابلة للملكية الخاصة والتفويت والحجز وال‬
‫يسري عليها التقادم‪ ،‬ولم يتثن سوى حقوق الملكية واالستعمال واالنتفاع المكتتبة عليها‬
‫قبل تاريخ صدوره‪ ،‬ورغم ذلك فقد أجاز استمالكها عن طريق نزع ملكيتها بعد إثبات‬
‫وجودها أمام اإلدارة المختصة أو أمام القضاء‪ ،‬أما الحقوق الناشئة بعد صدوره فال يعتد‬
‫بها وال تعارض بها اإلدارة‪ ،‬بل تبقى قائمة لفائدتها وباسمها‪ ،‬حتى ولو تم تحفيظها في‬
‫اسم الغير‪ ،‬والي ذلك فإن رسم الملكية ليس محصنا من الطعن فيه من قبل اإلدارة‪،‬‬
‫ألن الملك العام يقع خارج وفوق التحفيظ العقاري للملكية الخاصة‪ ،‬وقد كرس العمل‬
‫القضائي هذه القاعدة في عدة أحكام وق اررات منها قرار محكمة االستئناف بالرباط‬
‫بتاريخ ‪ 1923/01/23‬و قرار محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 1927/04/12‬وقرار‬
‫محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 1942/11/24‬وقرار محكمة االستئناف بالدار‬
‫البيضاء بتاريخ ‪ 1937/06/14‬وقرار محكمة النقض بتاريخ ‪،)2009/02/11‬‬
‫اعتبرت تلك الق اررات تحفيظ الحقوق أو تسجيلها في الرسوم العقارية ليست لها في‬
‫الحقيقة قوة إنشائية وال يمكن إثباتها بمجرد أنها مسجلة على تلك الكيفية‪ ،‬بل ال بد أن‬
‫تعترف بها اإلدارة في إطار المسطرة اإلدارية لتحديد الملك العام‪ ،‬وقد ثبت من تقرير‬

‫‪218‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الخب رة المنجز من طرف الخبير المساح عبد االاله رفاق أن العقار موضوع الرسم‬
‫العقاري عدد ‪ S/17589‬يتواجد كليا داخل الملك العام البحري المحدد‬
‫بالمرسوم‪".......‬‬

‫ومما يميز أيضا الملك العام هو أنه ال يخضع لقاعدة التطهير التي خولها المشرع‬
‫للرسم العقاري في الفصل ‪ 62‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،1‬وهذا االستثناء وإن كان المشرع‬
‫لم ينص عليه صراحة‪ 2‬فإن االجتهاد القضائي كرسه من خالل االحكام والق اررات الكثيرة التي‬
‫أصدرها‪ ،‬ومنها الق اررين االستئنافيين النهائيين الصادرين في القضية المعروضة كنموذج في‬
‫هذا البحث‪ ،‬إذ ورد في القرار رقم ‪ 596‬الصادر في مسطرة تصحيح الرسم العقاري ورفع‬
‫التعرض على عملية التحديد اإلداري‪ ( ،‬القضية المعروضة كنموذج) التعليل اآلتي‪:‬‬
‫"‪.....‬وهذه القاعدة تجعل من الملك العمومي غير قابل كذلك للتحفيظ من طرف الغير‬
‫بمعنى أن قاعدة التطهير من الحقوق السابقة على التحفيظ التسري في حق األمالك‬
‫العامة التي تبقى على طبيعتها تلك ولو جرى تحفيظها للغير ومن ثم فإن للدولة‬
‫والجهة الوصية أن تطالب برفع يد هذا الغير عن الملك العمومي وال تواجه برد طلبها‬
‫بسبب التحفيظ لعدم سريان آثاره عليه‪ ،‬ومعنى ذلك أن تحفيظ الملك العمومي يقع‬
‫الغيا ويبطل كل أثر له بغض النظر عن حسن أو سوء نية المحفظ له‪ ،‬وال تسري‬
‫فيه قاعدة التعويض عند ثبوت سوء النية والتدليس"‬

‫كما ورد في القرار الصادر في دعوى طرد الدولة من العقار موضوع نفس النزاع‪،‬‬
‫التعليل اآلتي‪:‬‬
‫"مما يعني أن التحفيظ المسجل في هذا الرسم لفائدة ملك المستأنف عليهم تجاوز على‬
‫ملك الغير في المساحة وقدرها ‪1‬هـ ‪65‬آر‪ 15‬س التي ثبت أنها ملك عمومي نظ ار إلى‬

‫راجع ذ‪ /‬بوشعيب االدريسي‪ ،‬التطهير في نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم ‪ ،07/14‬منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية واإلدارية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫سلسلة البحوث الجامعية العدد‪ ،2‬سنة ‪،2014‬ص‪ 55.‬وما يليها‪.‬‬


‫‪2‬‬
‫اكتفى المشرع بذكر خصائص الملك العام من حيث عدم قابليته للتفويت والتقادمن الفصل ‪ 4‬من الظهير‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الطابع العمومي المستدل عليه بهذا الجزء من خالل المعالم واآلثار الباقية من استغالل‬
‫مرفق السكك الحديدية فوق هذا الجزء والمرافق التابعة لها وهو ملك لطابعه العمومي‬
‫ال يطاله التحفيظ ويستثني من قاعدة التطهير التي تميز تسجيل األمالك في التحفيظ‬
‫الشيء الذي تعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد برفض الطلب‪.‬‬

‫ولعل التوجه الذي سارت فيه محكمة االستئناف بطنجة في القضية المعروضة‬
‫كنموذج ‪ ،‬ما هو إال تكريس للتوجه الذي داب عليه القضاء المغربي عموما في وقت سابق‬
‫والزال يسير فيه في الوقت الحاضر‪.1‬‬

‫واالستثناء من قاعدة التطهير التي تميز تسجيل األمالك في التحفيظ‪ ،‬هو مظهر من‬
‫مظاهر الحماية التي أقرها القضاء للملك العام بسبب ما لهذا الملك من مميزات اكتسبها من‬
‫كونه مخصصا للمنفعة العامة وأقرها له المشرع‪.‬‬

‫وفي م قارنة بخصوص االستثناء من قاعدة التطهير المذكورة‪ ،‬بين الملك العام للدولة‬
‫وبين أمالكها العامة األخرى‪ ،‬نشير إلى القرار رقم ‪ 4157‬الصادر عن محكمة النقض‬
‫بتاريخ ‪ 2012/9/25‬في الملف عدد ‪ 2012/1048‬الذي ورد فيه ما يلي‪:‬‬

‫" ليس هناك أي مقتضى قانوني يستثني األمالك الخاصة للدولة من قاعدة التطهير‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 62‬من ظهير ‪ 1913/8/12‬المتعلق بالتحفيظ‪ ،‬وأن‬
‫األراضي المسترجعة من المعمرين األجانب بمقتضى ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬تدخل في‬
‫عداد الملك الخاص للدولة الذي تسيره و ازرة المالي( مديرية أمالك الدولة) وال تتمتع‬
‫بأي نظام امتيازي يخول الدولة المطالبة بحق عيني طواه التحفيظ"‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫نذكر في هذا الصدد على سبيل المثال‪ :‬القرار رقم ‪180‬الصادر عن المجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا) بتاريخ ‪ 2009/02/11‬في الملف‬
‫اإلداري عدد ‪ ،2007/4/339‬والقرار رقم ‪ 2145‬المنشور بمجموع ق اررات محكمة االستئناف‪ ،‬الجزء الثاني الذي ورد فيه‪ " :‬الرسم العقاري ال حجية‬
‫له في مواجهة الملك العمومي للدولة"؛ وكذلك القرار رقم ‪ 14/1186‬الصادر عن محكمة االستئناف بطنجة بتاريخ ‪ 2014/11/10‬الذي جاء فيه‬
‫ما يلي‪ " :‬الملك العمومي ال يطاله التح فيظ ويستثنى من قاعدة التطهير التي تميز تسجيل األمالك في التحفيظ"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫قرار منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية عدد ‪ 9‬ص‪ 293.‬وما يليها‪ .‬أشار إليه ذ‪ /‬محمد بفقير ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪150.‬‬

‫‪220‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وكذلك القرار رقم ‪ 3743‬الصادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2009/10/21‬في‬


‫الملف عدد ‪ 2007/1119‬الذي ورد فيه ما يلي‪:‬‬

‫" غير صحيح أن قاعدة تطهير العقار بالتحفيظ تنطبق على الحاالت العادية دون‬
‫الحالة التي يكون فيها جماعة حضرية‪ ،‬بصفتها شخصا معنويا عاما‪ ،‬مدعية لحق‬
‫عيني على عقار تم تحفيظه من طرف الغير‪ ،‬إذ ال وجود لنص قانوني يستثني‬
‫الجماعات الحضرية من هذه القاعدة"‪.1‬‬

‫يتبين مما سلف‪ ،‬أن الملك الخاص للدولة والملك الجماعي غير مستثنيين من قاعدة‬
‫التطهير التي تميز تسجيل األمالك في التحفيظ النعدام النص القانوني الذي يقر ذلك‬
‫االستثناء بخالف ما ورد في ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬بشأن الملك العام للدولة وكذا في‬
‫الفصل ‪ 4‬من ظهير ‪ 1919/04/27‬المنظم ألراضي الجموع‪ 2‬وكذلك ما ورد في مدونة‬
‫األوقاف بخصوص األمالك المحبسة‪.3‬‬

‫الفقرة ‪ :3‬التحديد اإلداري حماية قانونية وقضائية للملك العام للدولة‪:‬‬

‫لقد سبقت اإلشارة إلى أن المشرع المغربي سواء في ظهير فاتح يوليوز ‪( 1914‬الفصل‬
‫الرابع) أو في مدونة الحقوق العينية (المادة ‪ ،)261‬أقر ثالث قواعد حمائية أساسية للملك‬
‫العام للدولة وهي عدم قابلية هذا الملك للتفويت وعدم اكتساب ملكيته بالتقادم وعدم جواز‬
‫الحجز عليه‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 72‬ص‪ 30.‬وما يليها‪ .‬ذكره ذ‪ /‬محمد بفقير مرجع سابق ص‪.149‬‬
‫‪2‬‬
‫ينص الفصل ‪ 4‬على أن " أراضي الجموع ال تمتلك عن طريق التقادم وال تقبل التصرف فيها وال الحجز عليها"‪ .‬ويشير ذ‪ /‬بوشعيب االدريسي‬
‫(مرجع سابق‪،‬ص‪ )63.‬إلى أن ظهير ‪ 1951/3/19‬سمح بالتصرف في هذه األراضي لكن ظهير ‪ 1963/2/6‬أعاد الوضع لما كان عليه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫"رسم الحبس مقدم على الرسم العقاري‪ ،‬وأن التطهير الناتج عن تحفيظ العقار ال يشمل الحبس" قرار محكمة االستئناف بطنجة رقم ‪ 1138‬في‬
‫الملف عدد ‪ 88/4/348‬ورد في كتاب إبراهيم زعيم ماسي ‪ ،‬المرجع العلمي في االجتهاد القضائي اإلداري‪ ،‬الطبعة األولى سنة ‪ ،1999‬ص‪832‬‬
‫وكذلك في كتاب ذ‪ /‬بوشعيب االدريسي ن مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61‬‬

‫‪221‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ورغم هذه المقتضيات الحمائية الصريحة للملك العام للدولة‪ ،‬فال زالت تثار منازعات‬
‫كثيرة بخصوصه قد تتعلق بالترامي واالحتالل والبناء غير المرخص وفي هذه الحاالت غالبا‬
‫ما تلجا اإلدارة الوصية إلى القرار المناسب حسب الحالة لحماية ملكها‪ .‬وقد تتعلق المنازعة‬
‫أحيانا بالنظام القانوني المطبق على العقار أو المنازعة في حدوده‪ ،‬عندئذ يرفع النزاع إلى‬
‫القضاء للبت فيه‪.‬‬

‫ولتفادي هذا النوع األخير من المنازعات‪ ،‬أقر المشرع وسائل أخرى حمائية للملك العام‬
‫للدولة‪.‬‬

‫وإذا كان التحفيظ العقاري يعتبر الوسيلة الفعالة لتأمين االمالك العقارية الخاصة‬
‫وتحصينها‪ ،‬فإن التحديد اإلداري ال يقل أهمية عنه في تحصين األمالك العقارية العائدة‬
‫للدولة‪ .‬وهي مسطرة انفرادية تلجا إليها اإلدارة دون التشاور مع المالكين المجاورين وقد‬
‫تنصب على الملك العام للدولة كما تنصب على ملكها الخاص والملك الغابوي وأراضي‬
‫الجماعات الساللية وأراضي الجيش‪ .‬غير أن التحديد اإلداري للملك العام للدولة يتميز بكونه‬
‫يغني عن التحديد الذي يسبق التحفيظ‪ ،‬وفي هذا اإلطار يفرق بعض الفقه بين األمالك‬
‫العامة الطبيعية التي يكون فيها التحديد اإلداري كاشفا للحدود مثل األنهار والشواطئ‪ ،‬وبين‬
‫األمالك العامة االصطناعية مثل الساحات والحدائق العمومية واألسواق حيث يكون تحديدها‬
‫اإلداري ناشئا للحدود‪.1‬‬

‫وعكس ما كان عليه األمر سابقا‪ ،‬فإن الدولة أصبحت تلجأ بشكل كبير إلى تحديد‬
‫أمالكها لتحصينها من ترامي الغير ومن أجل توظيفها في التنمية واالستثمار وتحقيق االمن‬
‫القانوني والعقاري والحد من المنازعات التي تثقل القضاء ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫راجع ذ‪ /‬محمد بوجيدة‪ ،‬مسطرة تحديد األمالك العامة الجماعية‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪38‬و‪ 39‬ماي غشت‬
‫‪ ،2001‬ص‪.165‬‬
‫‪2‬‬
‫صرحت المندوبية السامية للمياه والغابات أنها قطعت أشواطا مهمة في تحديد الملك الغابوي‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والتحديد اإلداري بالنسبة للملك العام للدولة سواء تعلق بالملك البحري أو الطرقي أو‬
‫السككي‪ ،‬فإنه يتم وفق المسطرة المنصوص عليها في الفصل السابع من ظهير فاتح‬
‫يوليوز‪ 1914‬مع مراعاة نصوص أخرى مطبقة حسب نوع الملك‪ ،1‬وتبتدئ ببحث تمهيدي‬
‫في عين المكان لضبط حدود العقارات المعنية ومساحتها ومشتمالتها‪ ،‬ينتهي بإعداد محضر‬
‫التحديد اإلداري يرفق بتصميم ثم يتم إعداد مشروع مرسوم ينشر بالجريدة الرسمية بعد‬
‫التأشير عليه من رئيس الحكومة‪ ،‬وهذا المرسوم يرخص بصفة رسمية عملية التحديد اإلداري‬
‫للعقار‪ .‬ويفتح باب التعرضات على التحديد‪ ،‬وال يقبل أي تعرض بعد مرور ‪ 6‬أشهر ابتداء‬
‫من تاريخ نشر المرسوم بالجريدة الرسمية‪ .‬وبالنسبة للتعرضات المقدمة داخل األجل‬
‫المذكور‪ ،‬يمكن لإلدارة تسويتها بالتراضي أو عرض النزاع على القضاء‪.2‬‬

‫وللتحديد اإلداري حجية مطلقة تجاه الحقوق المدعى بها من الغير والتي وقع اكتسابها‬
‫بعد صدور ظهير فاتح يوليوز‪ 31914‬وكذلك تجاه الحقوق التي لم يتم اإلعالن عنها أثناء‬
‫مسطرة التحديد‪ ،‬ألنه في هذه الحالة يكتسب القوة التطهيرية لجميع هذه الحقوق مثله في ذلك‬
‫مثل الرسم العقاري‪.‬‬

‫ويكتسب التحديد اإلداري هذه الحجية من التشريع ومن القضاء‪ ،‬وهكذا نص الفصل‬
‫السابع من ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬على ما يلي‪ " :‬تعيين حدود األمالك العمومية إذا‬

‫‪1‬‬
‫مع مراعات ما نص عليه الفصل ‪ 5‬من ظهير ‪ 1954‬الخاص بامالك الجماعات القروية من أن تحديد الملك العمومي القروي يتم إما في إطار‬
‫الفصل ‪ 7‬من ظهير ‪ 1914/7/1‬بشأن األمالك العامة للدولة أو وفقا للفصل ‪ 2‬من قانون ‪ 1952‬المتعلق بالتعمير( المعوض بقانون ‪)12.90‬‬
‫ونفس الشيء نص عليه الفصل ‪ 11‬من ظهير ‪ 1921‬المتعلق بأمالك البلديات‪ .‬راجع في هذا الصدد ذ‪ /‬محمد بوجيدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.176‬‬
‫نصوص مطبقة على التحديد اإلداري‪ * :‬ظ‪ 1916/01/03.‬بشأن التحديد اإلداري للملك الخاص للدولة بما فيه الملك الغابوي‪ * .‬ظ‪.‬‬
‫‪ 1922/05/24‬بشأن التحفيظ العقاري للممتلكات المخزنية المحدد طبقا لظهير ‪ * .1916/01/03‬ظ‪ 1924/02/18 .‬المتضمن للنظام الخاص‬
‫بتحديد أراضي الجماعات الساللية والمحدد للشكليات المتعلقة بتحفيظ قطعة محددة‪ * .‬ق اررات و ازرية بشأن تمديد التشريعات المتعلقة بالتحديد‬
‫اإلداري إلى المنطقة الشمالية الخاضعة سابقا للظهير الخليفي‪ * .‬بالنسبة ألراضي الجيش ينجز التحديد اإلداري بمقتضى ظهير ‪.1916/01/03‬‬
‫راجع آمنة مبروك مهالوين مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 220‬و ‪.221‬‬
‫‪2‬‬
‫راجع " مدخل لدراسة النظام العقاري المغربي‪ -‬مقاربة قانونية " مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 263‬و‪.264‬‬
‫ينص نفس الظهير في الفقرة األولى من الفصل الثاني منه على أنه‪ ":‬كل ما اكتسب قانونا من حقوق الملكية واالنتفاع واالستعمال باألمالك‬ ‫‪3‬‬

‫العمومية‪ ،‬يبقى محفوظا إذا كان سابقا على نشر هذا الظهير‪ ....،‬بشرط أن يثبتوا هذه الحقوق أمام الحكومة أو أمام المحاكم التي لها النظر‪ ،‬وذلك‬
‫بعد نشر هذ ا الظهير أو بعد صدور قرار تحديد األمالك كما هو مذكور بالفصل السابع"‬

‫‪223‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اقتضى األمر بقرار وزيري يصدر بعد بحث عمومي بناء على طلب المدير العام لألشغال‬
‫العمومية‪ ،‬وتقبل كل المطالب المستندة على حقوق التملك أو التصرف في خالل ‪ 6‬أشهر‬
‫ابتداء من القرار‪ ،...............‬ومن ادعى بأن تحديد الملك غير صحيح فيقبل مطلبه في‬
‫خالل المهلة المذكورة أعاله"‪.1‬‬

‫وبخصــوص الملــك العــام الطرقــي نصــت المــادة ‪ 81‬مــن القــانون رقــم ‪ 12.90‬المتعلــق‬
‫بالتعمير على أنه‪:‬‬

‫" يمك ــن القي ــام ف ــي جمي ــع أرج ــاء المملك ــة بتعي ــين الط ــرق والمس ــالك والممـ ـرات واألزق ــة‬
‫المستعملة لتأكيد طابع الملكية العامة التي تكتسيها وبيان حدودها‪.‬‬
‫ويتم إجراء عمليـة التعيـين المشـار إليهـا أعـاله بقـرار لـرئيس مجلـس الجماعـة بعـد مداولـة‬
‫المجل ـ ــس فيم ـ ــا يخ ـ ــص ط ـ ــرق المواصـ ـ ــالت الجماعي ـ ــة وبمرس ـ ــوم فيم ـ ــا يتعل ـ ــق بطـ ـ ــرق‬
‫المواصالت البرية األخرى‪.‬‬
‫وتض ــاف إل ــى القـ ـ اررات والم ارس ــيم المنص ــوص ليه ــا أع ــاله خريط ــة تح ــدد رس ــم الطري ــق‬
‫العامة‪.‬‬
‫وال يمكــن أن تكــون القـ اررات والم ارســيم المشــار إليهــا انفــا محــل مطالبــة بعــد انقضــاء ســنة‬
‫من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية"‪.‬‬

‫كمـا نصـت المـادة ‪ 40‬مـن المرسـوم رقـم ‪ 2-92-832‬الصـادر فـي ‪ 14‬أكتـوبر ‪1993‬‬
‫بتطبيق القانون رقم ‪ 12.90‬المتعلق بالتعمير‪ ،‬على أنه‪:‬‬
‫" تصدر المراسيم المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة ‪ 81‬من القـانون االنـف الـذكر‬
‫رقم ‪ 12-90‬باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة باألشغال العمومية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ورد الفصل السابع بهذه الترجمة في البحث المنشور بمجلة الغدارة المحلية لصاحبه ذ‪/‬محمد بوجيدة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪168‬‬

‫‪224‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويج ــب أن تك ــون الم ارس ــيم والقـ ـ اررات الم ــذكورة المش ــفوعة ب ــالخرائط المتعلق ــة به ــا مح ــل‬
‫ملص ــقات بمق ــر الجماع ــات المعني ــة حي ــث يس ــتطيع ك ــل ش ــخص يعني ــه األم ــر االط ــالع‬
‫عليها داخل أجل سنة من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية"‪.‬‬

‫ويؤكــد النصــان القانونيــان المــذكوران حجيــة مرســوم إق ـرار الشــبكة الطرقيــة فــي مواجهــة‬
‫األغيــار بعــد انصـرام األجــل الممنــوح للتــدخل فــي عمليــة التصــميم الــذي يعتبــر ضــمانة قانونيــة‬
‫أقرها المشرع حماية لحقـوق المعنيـين‪ ،‬وأن انصـرام هـذا األجـل يجعـل الوعـاء العقـاري الصـادر‬
‫بشأنه مرسوم إعداد الطرق مطه ار من كل تصرف الحق على فوات أجل التعرض‪.‬‬

‫وقد كرس العمل القضائي في المغرب حجية التحديد اإلداري من خالل عدة ق اررات‬
‫صادرة عن محكمة النقض نذكر منها على سبيل المثال ما يلي‪:‬‬

‫*القرار عدد ‪ 186‬الصادر عن الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض في الملف عدد‬


‫‪ 2007/1/4/339‬بتاريخ ‪ ،2009/02/11‬الذي أكد على الصبغة النهائية للتحديد‬
‫اإلداري للملك العام البحري لشاطئ أغروض بأكادير بعد رفض طلب إلغاء مرسوم‬
‫التحديد اإلداري‪ ،‬إذ جاء في القرار " أن الحقوق المدعى بها من الطاعنين و التي و‬
‫قع اكتسابها بعد صدور الظهير المذكور‪ ،‬ال تصير نهائية إال بعد تعيين حدود األمالك‬
‫العامة من طرف اإلدارة‪ ،‬مادام أن إنشاء صكوك عقارية بعد صدور الظهير المذكور‬
‫و دون مراعاة االستثناءات التي ينص عليها و التي تشير إلى أن عقارات الملك‬
‫العمومي ال تقبل التملك و ال التفويت و ال تكتسب ملكيته بالتقادم (الفصل ‪ 4‬من‬
‫الظهير) ال يكون له أي مفعول تجاه الملك العام‪ ،‬ألنه يظل حقا مؤقتا عالوة على أن‬
‫احتجاج الطاعنين بترخيص البناء الذي حصال عليه ال يقوم على دليل التملك ‪ ....‬و‬
‫يكون طلبهما حليف الرفض"‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويبدو أن موقف القضاء في القرار المذكور كان صريحا في كون حجية التحديد‬
‫اإلداري تنصرف على الحقوق التي و قع اكتسابها بعد صدور ظهير فاتح يوليوز ‪1914‬‬
‫والتي انصبت على ملك عام حائز للحماية القانونية من منطلق أنه ملك عام بطبيعته‪.‬‬
‫وبمفهوم المخالفة فإذا كان هذا الملك غير عام بطبيعته ولجأت الدولة إلى تحديده ألنها‬
‫اعتبرته ملكا عاما‪ ،‬فإن الحقوق الناشئة بعد صدور الظهير يمكن االدعاء بها من قبل الغير‬
‫إما عن ط ريق تقديم مطلب تحفيظ إذا كانت عملية التحديد لم تنطلق بعد‪ ،‬وإما عن طريق‬
‫التعرض على هذه العملية‪.‬‬

‫وقد ورد في قرار صادر عن محكمة النقض ما يلي‪ " :‬إذا قدم مطلب التحفيظ قبل‬
‫انطالق عملية التحديد اإلداري وفق ظهير ‪ 1924/02/18‬طبقت القضية مقتضيات‬
‫التعرض وفق ظهير التحفيظ العقاري"‪.1‬‬

‫واشتراط صفة النهائية في التحديد اإلداري والمصادقة عليه لتكون له الحجية تجاه‬
‫الغير‪ ،‬تتم في الحاالت التي ال يكون فيها ملك الدولة ملكا عاما بطبيعته أي الحاالت التي‬
‫تخرج عما حدده المشرع صراحة في ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬واعتبره داخال في نطاق‬
‫الملك العام للدولة أو في ظهير ‪ 1917/10/10‬بخصوص الملك الغابوي‪.‬‬

‫فبالنسبة للملك العمومي البحري مثال‪ ،‬فقد استقر قضاء محكمة النقض على أن‬
‫مقتضيات ظهير فاتح يوليوز ‪ 1914‬تعتبر من النظام العام وأنه عندما يقدم مطلب لتحفيظ‬
‫عقار تعرضت عليه الدولة ألنه يدخل في مجال الملك العام البحري‪ ،‬فإنه وجب على‬
‫المحكمة أن تتأكد من هذه الواقعة ولو في غياب ما يؤيد تعرض الدولة‪ ،‬وذلك نظ ار للوضعية‬
‫الطبيعية للملك البحري‪ ( .‬قرار محكمة النقض رقم ‪ 4290‬بتاريخ ‪ 2012/10/02‬في الملف‬
‫عدد ‪.2012/1/1/691‬‬

‫‪1‬‬
‫قرار رقم ‪ 500‬بتاريخ ‪ 2011/05/24‬في الملف عدد ‪ ،2010/1/1/24‬مجلة ملفات عقارية عدد ‪ 2‬ص‪ ، 136.‬أشار إليه ذ‪/‬عبد السالم‬
‫بنزروع‪ ،‬مرجع سابق ص‪.11.‬‬

‫‪226‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫خاتـــمـــة‬

‫من خالل القضية المعروضة كنموذج في هذا البحث ومن خالل استعراض مختلف‬
‫النصوص القانونية المطبقة على الملك العام للدولة مع االستشهاد ببعض األحكام والق اررات‬
‫الصادرة في الموضوع‪ ،‬يمكن استخالص نتيجة مفادها أن األمر إذا تعلق بملك عام مكتسب‬
‫لهذه الصفة من خالل طبيعته بمعنى إذا كان مذكو ار وفق التحديد المنصوص عليه في‬
‫ظهير فاتح يوليوز ‪ ، 1914‬فإنه ال يحتاج إلى إثبات لصبغته العمومية من طرف اإلدارة‬
‫الوصية وتكون حصانته وحمايته من ترامي الغير مؤكدة وقائمة حتى ولو تأسس له رسم‬
‫عقاري‪ .‬أما إذا كان غير ذلك فإن سلوك مسطرة التحفيظ أو اللجوء إلى التحديد اإلداري هو‬
‫السبيل لتحقيق الحماية والحصانة لهذا الملك‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ محمد كرادة‪،‬‬


‫ناظر أوقاف الصويرة‬
‫تقديم‬

‫من آياته سبحانه وتعالى‪ ،‬ان خلق األرض وقدر االرزاق وثبت النظم‪ .‬ومن حكمه‬
‫أيضا‪ ،‬ان استخلف االنسان على هذه االرض‪ ،‬فمنحه العقل‪ ،‬وأودع فيه الغريزة‪.‬‬

‫فكان‪ ،‬ان سعى هذا النوع البشري‪ ،‬بواسطة ما أودع فيه من دوافع البقاء‪ ،‬وما وضع‬
‫في األرض من أسباب العيش والرخاء؛ الى االستيالء‪ ،‬على كل ما من شانه ان يضمن‬
‫سيرورته ويلبي غريزته في التملك‪.‬‬

‫واالنسياق وراء هذه الغريزة الفطرية‪ ،‬والرغبة الملحة في تحقيقها‪ ،‬أثر ال محال في‬
‫سلوك االنسان وتصرفاته‪ ،‬فأصبح طالبا للعقار‪ ،‬محبا له‪ ،‬مستأث ار به‪ ،‬مدافعا عنه بكل‬
‫الوسائل المتاحة‪.‬‬

‫وضمانا لسر استم اررية االنسان على األرض‪ ،‬كانت الحاجة ملحة الى وضع نظم‬
‫تضبط الغرائز المتنافسة على التملك‪ ،‬بالضوابط الشرعية والتشريعية الالزمة‪.‬‬

‫وبالمقابل من ذلك‪ ،‬وعبر مختلف االحقاب واألزمنة‪ ،‬هناك ميزة او خصوصية طبعت‬
‫بعض الفئات البشرية‪ ،‬حيث أدركت بعقولها ما اودعه هللا في غرائزها‪ ،‬وايقنت بمحدودية‬
‫عطاء الدنيا وامتداد عطاء االخرة‪ ،‬فالزموا أنفسهم شيئا من المعروف واالحسان للغير‪ ،‬فأقروا‬
‫االعطاءات من هبة وصدقة ووقف‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والوقف او الحبس‪ ،‬فكرة انسانية قد تكون جديدة في مفهومها‪ ،‬لكن بالتأكيد هي قديمة‬
‫ف ي مغزاها‪ ،‬تعارفت عليها أقدم الحضارات واخذت بها معظم الشرائع‪ ،‬واوغلت في عادات‬
‫الناس واعرافهم‪.‬‬

‫ومفهوم الوقف‪ ،‬اما يأخذ بالمدلول اللغوي الذي يعني الحبس والمنع‪ ،1‬او ينصرف الى‬
‫المدلول الفقهي الذي يخص الوقف بتعاريف متعددة قاسمها المشترك‪ ،‬تحبيس األصل‬
‫وتسبيل الثمرة‪ ،2‬او يزاوج بين ما هو فقهي وما هو اقتصادي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لتعريف‬
‫الوقف المضمن بالمادة ‪ 01‬من مدونة األوقاف‪ 3‬والتي اعتبرت الوقف هو كل مال حبس‬
‫اصله ‪ ...‬وخصصت منفعته لفائدة جهة بر واحسان عامة او خاصة‪.‬‬

‫فاعتبار الوقف مال بمعناه العام‪ ،‬فيه إشارة واضحة الى احاطة هذا المال بنظم تدبيرية‬
‫تيسر حسن استغالله واالستفادة منه‪ ،‬كما جاء في ديباجة مدونة األوقاف‪ ،‬وبطرق استثمارية‬
‫تمكنه من المساهمة في مشاريع التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫والتنمية المطلوب من الوقف احقاقها يراد بها ذاك السياق الحركي الذي ينقل وضع‬
‫الوقف من واقع عادي الى واقع يستجيب بكيفية مستمرة ومرضية للحاجيات الدينية‬
‫واالجتماعية‪ .‬فالتنمية وفق هذا المفهوم ترتد في نهايتها الى كل ما يلبي احتياجات محددة‬
‫نابعة من رغبات المحبس‪ ،‬مع تثمير نفع الوقف ليشمل مشاريع التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬

‫وبغية الوصول الى هذا النوع من المزاوجة بين مقاصد الوقف وبين أسس وضوابط‬
‫التنمية‪ ،‬يكون حريا بنا المرور عبر هذين االشكالين‪ ،‬ويتعلق أولهما بمدى قابلية الوقف‬
‫لالنتقال من مرحلة النفع الفردي والنمطي الى مرحلة االحسان المستدام والمتجدد‪.‬‬

‫‪ - 1‬تخريج الدالالت السمعية‪ ،‬للخزاعي التلمساني ص‪568 :‬‬


‫‪ - 2‬يراجع القانون المدني‪ ،‬مامون الكزبري‪ ،‬ص ‪ ،658‬وكذا كتاب احكام األوقاف لمصطفى الزرقاء الجزء األول‪ ،‬نبذة رقم ‪ ،29‬ص ‪.25‬‬
‫‪ - 3‬الظهير الشريف رقم‪ 1.09.236‬صادر في ‪ 08‬ربيع األول موافق ‪ 23‬فبراير ‪ 2010‬يتعلق بمدونة األوقاف كما وقع تغييره وتتميمه‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والثاني‪ ،‬كيفية إيجاد التوازن في العالقة الرابطة بين الوقف كغاية وكمقصد وبين التنمية‬
‫بأسسها االجتماعية واالقتصادية؟‬

‫لذا‪ ،‬وحتى نتمكن من توضيح فحوى هذه اإلشكاليات‪ ،‬نمهد بطرح مجموعة من‬
‫التساؤالت نستهلها بما يلي‪:‬‬

‫ثمار الوقف ومنافعه‪ ،‬هل تصرف وتنصرف للجهة المحددة في لفظ المحبس فقط‪ ،‬ام‬
‫يجب ان تتعداها لتشمل فئات ومستويات ومجاالت سواء كانت ذات بعد اقتصادي‪ ،‬علمي او‬
‫اجتماعي؟‬

‫هل يمكن التوفيق بين الوقف كنوع من انواع التبرعات التي تشكل منظومة العمل‬
‫الخيري‪ ،‬وكنموذج لإلحسان المستدام والمتجدد الذي يأخذ بالواقع ويراعي حاجيات االفراد في‬
‫المستقبل؟‬

‫لئن كانت ثروة الوقف تشكل مخزونا استراتيجيا مهما‪ ،‬فإلى أي حد يمكن توجيهها‬
‫لضمان إسهامها بقدر أكبر في التنمية المستدامة للبالد‪ ،‬وذلك وفقا لمقتضيات مدونة‬
‫األوقاف ولروح الوقف؟‬

‫نظام الوقف هل يتسع لقبول مختلف المبادرات التنموية‪ ،‬هل هناك انفصال ام اتصال‬
‫في عالقة الوقف بالتنمية؟‬

‫اإلجابة عن هذه األسئلة سيكون من خالل دراسة العالقة بين الوقف والتنمية‪ ،‬بدءا‬
‫بالبحث عن ضوابط التنمية في البنية الذاتية للوقف (أوال)‪ ،‬مرو ار بطرق معالجة مدونة‬
‫األوقاف لعوارض التنمية (ثانيا)‪ ،‬وصوال الى قدرة امالك الوقف على االسهام في التنمية‬
‫المجالية (ثالثا)‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أوال‪ :‬اكتناز نظام الوقف لضوابط التنمية في بنيته القانونية‬

‫إ ن المتأمل في البنية القانونية لنظام الوقف‪ ،‬يدرك ان هذا النظام يتضمن ضوابط‬
‫خاصة ومحددة‪ ،‬يمكنها ان تشكل صو ار لعالقة االتصال بين الوقف والتنمية‪ ،‬كما يمكنها أن‬
‫تشكل أرضية لكل استراتيجية تبغ ـتـي االرتكاز على األمالك الوقفية لوضع مشاريع تنموية‬
‫ناجحة ومستدامة‪.‬‬

‫لذا وبغية الوقوف عند اإلطار العام لهذه الضوابط‪ ،‬سنحاول مقاربتها على الشاكلة‬
‫التالية‪:‬‬

‫أ – ضابط االنتفاع بالوقف أحد الضمانات األساسية للتنمية‬

‫جل النظم التشريعية‪ ،‬المنظمة للحقوق الواردة على العقار‪ ،‬ترسم مجاالت او دوائر‪،‬‬
‫لحدود استغالل او استعمال او تصرف الفرد في ملكه‪ ،‬فحق الملكية مثال‪ ،‬باعتباره أحد‬
‫الحقوق العينية األساسية‪ ،‬يضيق من دائرة االنتفاع به‪ ،‬ويحصرها في المالك الذي له الحق‬
‫وحده في االنفراد واالستئثار بالشيء موضوع الملكية‪ .‬وعند وفاة المالك‪ ،‬ينتقل الشيء‬
‫المملوك الى الورثة‪ ،‬وتنقسم بذلك دائرة االنتفاع الى دوائر أخرى بأحجام اقل وبعدد يعادل‬
‫عدد الورثة‪ .‬وعند كل وفاة تنتقل دائرة االنتفاع بالملك من الضيق الى االضيق‪.‬‬

‫أما النظام الحبسي عامة‪ ،‬فانه وعلى خالف باقي النظم التشريعية األخرى‪ ،‬ينقل دائرة‬
‫االنتفاع بالملك المحبس من االضيق الى الواسع ثم الى االوسع‪ ،‬فتتحرر منفعة الملك من‬
‫قيود االستئثار الفردي‪ ،‬لتخرج الى دائرة االنتفاع الجماعي الواسع‪.‬‬

‫فضابط االنتفاع في األمالك الحبسية يقيد مساحة الملك التي تستقر في دائرة واحدة‬
‫غير قابلة للنقصان‪ ،‬هي بمثابة أرضية ثابتة يمكن ان تنطلق منها وترتد اليها مختلف‬
‫البرامج االستثمارية‪ ،‬كما ان بقاء األمالك الحبسية محافظة على أصولها يعد أحد الضمانات‬

‫‪231‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫القوية التي تعطي للمستثمر نوعا من االطمئنان على برنامجه التنموي‪ ،‬تمكنه من المدد‬
‫الكافية إلعمال هذا البرنامج‪ ،‬وتوفر له الحصانة والحماية قانونية لالزمة لبقاء العين المحبسة‬
‫ما امكن على اصلها‪ ،‬فال تخضع الى التقسيم الناتج عن الوفاة‪ ،‬وال الى نزع الملكية ألجل‬
‫المصلحة العامة االبعد الموافقة القبلية للسلطة الحكومية المكلفة باألوقاف‪.1‬‬

‫ب – ضابط االمتداد في النظام الوقفي كأساس للتنمية المستدامة‬

‫أعطى المشرع للمالك بصفة عامة حرية التصرف في ملكه وفق المتعارف عليه قانونا‪،‬‬
‫وتمتد هذه الحرية مادام المالك حيا‪ ،‬او ما لم يقم المانع القانوني او المادي الذي قد يحد من‬
‫طريقة انتفاعه بملكه‪ .‬لكن وفاة المالك يقطع تماما الصلة التي تربط المالك بالرقبة‪ ،‬وبالموازاة‬
‫لذلك يتوقف امتداد هذه الملكية في اسم الملك لينتقل هذا االمتداد الى مالك جدد‪.‬‬

‫نفس الشيء ينطبق على عقود الكراء‪ ،‬فامتدادها في حق المكترين نسبيا‪ ،‬مرهونا‬
‫باحترام شروط العقد‪ ،‬وعدم حصول المانع المادي او القانوني الذي يحد من االنتفاع بالعين‬
‫موضوع الكراء‪ ،‬كما ان الصلة التي تربط المكتري بالعين المكراة لها حدود زمنية يصعب‬
‫تجاوزها‪.‬‬

‫لكن الوقف يرسم امتدادا زمنيا دائما متصال لمنفعته اتجاه المستفيدين منه‪ ،‬فيستفيد‬
‫المسكين والفقير وابن السبيل بصفتهم‪ ،‬واالبن والدرية والنسل والعقب بمختلف طبقاتهم‪،‬‬
‫والمسجد والزاوية والمدرسة والمستشفى بأطرهم وطلبتهم‪.‬‬

‫وهذا االمتداد على هذه السيرورة‪ ،‬أو هذه االستدامة في تقديم المنفعة‪ ،‬تعد احدى‬
‫األسس التي على منوالها يقاس نجاح التنمية من عدمها‪ ،‬كما يمكننا هذا الضابط من بناء‬
‫استراتيجية موضوعية ومستدامة لمشاريع التنمية المزمع احداثها على األصول الوقفية‪.‬‬

‫‪ -‬تنص المادة ‪ 59‬من مدونة األوقاف‪ (( :‬اليجوز نزع ملكية العقارات الموقوفة وقف عاما من اجل المنفعة العامة‪ ،‬اال بموافقة صريحة من‬ ‫‪1‬‬
‫قبل السلطة الحكومية المكلف ة باالوقاف تحت طائلة البطالن))‪ .‬تممت بموجب الظهير الشريف رقم‪ 1.19.46‬الصادر في ‪ 23‬من جمادى الثانية‬
‫‪ 1440‬موافق فاتح مارس ‪.2019‬‬

‫‪232‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ثانيا‪ :‬معالجة مدونة األوقاف لبعض عوارض التنمية‬

‫إذا كان ديدن التشريع‪ ،‬هو إحكام وتنظيم سلوك األفراد والجماعات والمؤسسات في‬
‫الدولة‪ ،‬فإن الحاجة إليه في مجال الوقف‪ ،‬تقتضي نقله من مجرد عمل توثيقي‪ ،‬إلى مخطط‬
‫تنموي يقوم على أساس مراعاة " معطى " محدد يؤطر العملية التشريعية‪.‬‬

‫ولئن كان المشرع المغربي‪ ،‬سبق له وان كرس امتيازات تشريعية هامة؛ لكل من االسرة‬
‫مراعاة للمعطى االجتماعي؛ وكذا لبعض األشخاص االعتباريين مراعاة للمعطى االقتصادي‪.‬‬
‫فانه من غير المعقول استبخال المعطى الديني واالجتماعي‪ ،‬عن السياسة التشريعية المؤطرة‬
‫لألوقاف المغربية‪.‬‬

‫وإذا كانت األنظمة القانونية الحديثة‪ ،‬عملت على تفريد األوقاف بمقتضيات قانونية‬
‫متميزة؛ فإن استقراء النصوص القانونية المكونة لمنظومتنا التشريعية‪ ،‬يوحي بوجود عناية‬
‫تشريعية بالوقف المغربي ان على مستوى اإلبقاء على رقبته (أ)‪ ،‬او من خالل تقييد بعض‬
‫التصرفات القانونية المنصبة على اصوله(ب)‪.‬‬

‫أ –تأبيد األمالك الوقفية احدى خصائص االمتياز التشريعي للنظام الوقفي‪.‬‬

‫خاصية تأبيد الوقف‪ ،‬باإلضافة الى انها تحافظ على األصول الوقفية‪ ،‬فلها سيرورة‬
‫تاريخية تجعل ثمار الوقف متأصلة في الزمن الماضي متجددة في الحاضر ومستمرة في‬
‫المستقبل‪ .‬ومن المظاهر التشريعية لتأبيد الوقف‪ ،‬نجد تقييد التصرفات الواردة عليه سواء‬
‫تعلق االمر بالمعاوضات او الهبات او ما الى ذلك‪ ،‬حتى يظل الموقوف مرصودا لتمويل‬
‫الفعل الخيري قاد ار على المشاركة في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.1‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى بن حمزة‪ :‬توظيف الوقف‪ ،‬األسس الفقهية واإلمكانات التنموية‪ ،‬منتدى قضايا الوقف الفقهية الرابع‪ ،‬الرباط‪ 30 ،‬مارس‪ 01-‬أبريل‬
‫‪ ،2009‬ص‪.9‬‬

‫‪233‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫هذا مع اإلشارة الى أن خاصية اإلبقاء على األصل الموقوف‪ ،‬ليس معناها هو المعنى‬
‫الحرفي النحوي أي أن الوقف يبقى على أصله فال يباع وال يعوض حتى ولو لم تجن منه‬
‫منفعة‪ ،‬بل يجب مراعاة القصد من الحبس وتوجيهه واعماله بما يحقق الغاية منه ويحفظ عنه‬
‫أصله ورقبته‪ ،‬وبهذا أخذ علماء فاس‪ .‬حيث قال صاحب العمل الفاسي‪:‬‬

‫وروعي المقصود في األحباس********* ال اللفظ في عمل أهل فاس‪.‬‬

‫ومراعاة لهذا النهج الفقهي الحريص على استدامة الوقف وتأبيد أصله‪ ،‬طرح اشكال‬
‫قانوني حول اباحة معاوضة األمالك الوقفية او تقييد الترخيص باإلباحة‪ ،‬حيث عرف‬
‫التشريع المنظم للمعاوضات النقدية او العينية‪ ،‬تدرجا في التعامل مع هذا االجراء الناقل لحق‬
‫الملكية‪ ،‬بدءا بالسماح بالمعاوضات شريطة الحصول على الموافقة الملكية‪ ،‬مرو ار بوضع‬
‫تأطير قانوني خاص للمعاوضات تم تضمينه بمدونة األوقاف لعام ‪ ،12010‬وصوال الى‬
‫إقرار نوع جديد من المعاوضات ورد تحت اسم الشراكة بالتعديل األخير لمدونة األوقاف‪.2‬‬

‫ومن المسائل األخرى التي لها ارتباط بخاصية تأبيد الوقف‪ ،‬نجد قضية رجوع الواقف‬
‫في وقفه او التحبيس لمدة مؤقتة‪ ،‬وهنا يطرح االشكال التالي‪ :‬هل يبقى الوقف في ملكية‬
‫الواقف ويبقى بالموازاة مع ذلك حقه قائما اما في توقيفه او الرجوع فيه او اجازته؟ أم أن‬
‫الوقف ينتقل إلى الموقوف عليهم وبالتالي يخرج من ملكية الواقف‪ ،‬وما انعكاس ذلك على‬
‫ابعاد التنمية المجالية؟‬

‫اآلراء الفقهية في إجابتها عن هذه التساؤالت اتخذت أكثر من موقف‪ ،‬فمن اعتبر ان‬
‫الوقف ماال باقيا على ذمة الواقف قال بجواز أن يقول المحبس وقفت لمدة ي ارها وال يشترط‬
‫فيه التأبيد‪ ،3‬وهذا راي مالك‪ .‬وهناك من اقر بخروج الموقوف من ملك الواقف إلى ملك‬

‫‪ - 1‬من المادة ‪ 63‬الى المادة ‪ 75‬من مدونة األوقاف‪ ،‬تممت بموجب الظهير الشريف رقم ‪ 1.1946‬المشار اليه سابقا‪.‬‬
‫‪ - 2‬تنص المادة ‪ 62‬المكررة من مدونة األوقاف‪ ... (( :‬الدارة األوقاف ان تبرم باسم األوقاف العامة عقودا واتفاقيات للشراكة مع القطاع العام او‬
‫القطاع الخاص من اجل انجاز مشاريع استثمارية او مشاريع اجتماعية ‪ .))...‬أضيفت بموجب الظهير الشريف ‪ 1.19.46‬المشار اليه سابقا‪.‬‬
‫‪ - 3‬أحمد الدردير‪ :‬الشرح الصغير على أقرب المسالك‪ ،‬ج‪ ،4‬ص‪ ،98‬طبع و ازرة العدل والشؤون اإلسالمية واألوقاف‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الموقوف عليهم خصوصا إذا توفرت شروط اللزوم‪ ،1‬وبين من اعتبر ان العين أصبحت ملكا‬
‫هلل تعالى بالوقف اي أنه يصير ملكا هلل لمجرد تمكين الناس من أداء العبادة فيه‪.2‬‬

‫وبخصوص موقف مدونة األوقاف فنعتقد أنها حاولت التوفيق بين كل هذه اآلراء‬
‫الفقهية بدالالتها ومقاصدها بما يحافظ على إرادة الواقف من جهة وبما يحقق منفعة الوقف‬
‫ويجعله يؤدي دوره التنموي من جهة أخرى‪ ،‬فنصت على أن الوقف يجوز أن يكون مؤبدا أو‬
‫مؤقتا (المادتان ‪ 1‬و‪ )23‬على أنه يجب أن نفهم من توقيت الوقف "الوقف الذي يكون لمدة‬
‫مؤقتة" أن تكون مدة توقيته مدة معقولة تسمح بجني عائداته أو على األقل استرجاع صوائره‬
‫إذا ما صرفت صوائر على أصله من أجل الحفاظ عليه وحمايته أو تنميته‪ .‬كما نصت على‬
‫أن األصل في الوقف أنه ال يجوز الرجوع فيه وال تغيير مصرفه أو شروطه بعد انعقاده‪،‬‬
‫وذلك حتى ال يحيد الوقف عن الغرض الذي خصص فيه ورصد إليه‪ .‬إال إذا تعلق الوقف‬
‫بموقوف عليه سيوجد مستقبال وفوته الواقف قبل وجوده أو إذا اشترط الواقف في عقد الوقف‬
‫الرجوع عنه عند افتقاره (المادة ‪ 37‬من مدونة األوقاف)‪.‬‬

‫ب – تقييد بعض التصرفات القانونية الواردة على األصول الوقفية‬

‫ان تعمير الوقف لمدد طويلة‪ ،‬جعلت العديد من التصرفات القانونية ترد على منفعته‪،‬‬
‫لكن التجربة والمستجدات المستحدثة‪ ،‬والنوازل المعروضة على الفقه والقضاء‪ ،‬اثبتت ان‬
‫بعض هذه التصرفات تمثل عائقا حقيقيا لتنمية الوقف‪ ،‬ومساسا برقبته‪ ،‬ونخص بالذكر‪:‬‬

‫‪ - 1‬ابن عابدين‪ :‬رد المحتار على الدر المختار ج‪ ،6‬ص ‪.227‬‬


‫‪ - 2‬راجع المغني البن قدامة والمبسوط للسرخسي في باب الوقف‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ –1‬منع طول مدة كراء األمالك الحبسية‬


‫تنصرف رغبة المستتثمر‪ ،‬الى المراهنة على تأجير العقار الحبسي لمدة كافية‪ ،‬حتى‬
‫يستطيع الموازنة بين األموال التي صرفها على اعمار وتهياة وإصالح الحبس والفائدة او‬
‫المنفعة المجنية من وراء الوقف‪.‬‬

‫ويعتبر القانون ان الكراء الطويل األمد للعقارات والذي يكون لمدة تفوق عشر سنوات‬
‫يرتب للمستأجر حقا عينيا قابال للرهن الرسمي‪ ،‬وللتفويت‪ ،‬وللحجز طبقا للشروط المقررة في‬
‫الحجز العقاري (المادة ‪ /121‬الفقرة ‪.)1‬‬

‫في حين نبه الفقيه إلى أن طول هذه المدد قد يوحي بان المستفيد من العقار الوقفي‬
‫ملكا له فيضيع الحبس بذلك‪ .1‬يقول إبراهيم بن موسى الحنفي‪ :‬إن المدة إذا طالت تؤدي إلى‬
‫إبطال الوقف‪ ،‬فإن من رآه يتصرف فيها تصرف المالك على طول الزمن يظنه مالكا‪.2‬‬

‫فبين احتياط الفقيه ورغبة المستثمر وراي القانون‪ ،‬صيغت مدونة األوقاف فأبقت على‬
‫قاعدة االحتياط للوقف‪ ،‬وحاولت التوفيق والجمع بين كل األحكام الفقهية والقانونية بما يحقق‬
‫مصلحة الوقف ومصلحة المنتفعين به معا‪ .‬فحددت مدد كراء مناسبة تسمح باستغالل العقار‬
‫الوقفي واالستثمار فيه دون أن تصل إلى المدة التي ترتب حقوقا عينية عليه‪ ،‬فرخصت بكراء‬
‫األمالك الوقفية غير الفالحية (المادة ‪ )94‬لمدة ال تزيد عن ثالث سنوات‪ ،‬وبكراء األمالك‬
‫الوقفية الفالحية (المادة ‪ )98‬لمدة ال تزيد عن عشر سنوات‪ .‬ومن خالل هذه األحكام تكون‬
‫المدونة قد حافظت على تحقيق مصلحة الوقف من خالل حماية أصوله وضمان عائداته‪.‬‬

‫‪ – 2‬منع المغارسة ومختلف الحقوق العرفية اإلسالمية‪.‬‬

‫أيضا من التصرفات التي منع إجراؤها على األراضي الوقفية نجد المغارسة‪:‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى بن حمزة‪ :‬توظيف الوقف‪ ،‬األسس الفقهية واإلمكانات التنموية‪ ،‬منتدى قضايا الوقف الفقهية الرابع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ - 2‬إبراهيم بن موسى الطرابلسي‪ :‬اإلسعاف في أحكام األوقاف‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪236‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والمغارسة عقد يعطي بموجبه مالك أرضه آلخر ليغرس فيها على نفقته شج ار مقابل‬
‫حصة معلومة من األرض والشجر يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام (المادة‬
‫‪ 265‬من مدونة الحقوق العينية)‪ ،‬وإذا بلغ الشجر هذا الحد اكتسب الغارس حقه العيني‬
‫وتصير األرض والشجر ملكا شائعا بين مالك األرض والغارس بحسب الحصة التي وقع‬
‫االتفاق عليها في عقد المغارسة (المادة ‪ 267‬من مدونة الحقوق العينية)‪ .‬وغالبا ما يشترط‬
‫الغارس عند نجاح المغارسة نصيبا مهما بحسب العرف قد تصل إلى حد الثلث‪.‬‬

‫وإذا كان األصل في هذا التصرف الجواز لعدم تضمنه ما يخالف الشرع‪ ،1‬فإن الفقه‬
‫وخاصة المشهور في المذهب المالكي قال بعدم جواز المغارسة في األرض المحبسة‪ ،‬ألنها‬
‫من ناحية البيع الذي يؤدي إلى بيع حظ منها‪ ،2‬وألن الغارس سيصبح بعد اإلطعام شريكا‬
‫للحبس ليس في الغرس فقط وإنما أيضا في األرض‪ ،‬فتكون المغارسة بمثابة شبه تفويت أو‬
‫بيع مقنع‪ ،‬لذلك يقتضي عدم الجواز ابتداء والفسخ بعد الوقوع‪ .3‬وعلى نفس الراي نحى‬
‫القضاء المغربي الذي منع بدوره المغارسة في الحبس على اعتبار ان هذا األخير ال يجوز‬
‫تفويته وال قسمت ه قسمة بتية ألن ذلك يتنافى مع طبيعته التي هي تمليك المنافع وليس تمليك‬
‫الثروات‪ .‬والن المغارسة تعتبر من أنواع التفويتات‪ ،‬وبالتالي يجري عليها ما يجري على هذه‬
‫التفويتات‪ ،‬وهو عدم نفادها‪ ،‬أي أنها باطلة النصبابها على شيء محبس‪ .4‬وهذا المنع كرسته‬
‫ايضا مدونة األوقاف بصورة واضحة وصيغة صريحة عندما نصت في مادتها ‪ 102‬على‬
‫أنه‪" :‬ال يجوز إعطاء أرض الوقف بالمغارسة"‪ .‬ولعل هذا المنع الغاية منه هو الحفاظ على‬
‫الرصيد العقاري الوقفي باعتباره عنص ار أساسيا لكل تنمية اقتصادية واجتماعية‪.‬‬

‫‪ - 1‬أبي عبد هللا السجلماسي‪ :‬شرح العمل الفاسي‪ ،‬ص ‪.80‬‬


‫‪ - 2‬راجع ابن جزي‪ :‬القوانين الفقهية‪ ،‬دار الرشاد الحديثة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2003 ،‬ص ‪ .304‬ثم أيضا المهدي الوزاني‪ ،‬النوازل الجديدة الكبرى‪،‬‬
‫تحقيق وتصحيح عمر بن عباد‪ ،‬منشورات و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬الرباط‪ ،2008 ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ - 3‬راجع أحكام المغارسة في المادة ‪ 265‬وما بعدها من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪ - 4‬قرار محكمة االستئناف بفاس‪ ،‬عدد ‪ ،226‬بتاريخ ‪ ،2008/05/70‬ملف عقاري عدد ‪ .8/07/244‬منشور بمجلة القضاء المدني‪ ،‬العدد‬
‫الثاني‪ ،‬صيف‪ /‬خريف ‪ ،2010‬ص ‪.123‬‬

‫‪237‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وللحد من تقلص أصول األوقاف‪ ،‬وضعف عائداتها‪ ،‬ارتأت مدونة األوقاف العودة إلى‬
‫األصل في الملك المحبس من خالل العمل على تصفية الحقوق العرفية الموصوفة‬
‫باإلسالمية‪ ،‬والمنشأة على األوقاف العامة‪ ،‬ومنع إنشاء أي حق عرفي من زينة أو جلسة أو‬
‫جزاء أو مفتاح أو استئجار أو غبطة أو عرف أو حالوة أو غيرها على أي ملك من أمالك‬
‫األوقاف العامة‪.1‬‬

‫مع اإلشارة الى ان منع هذه التصرفات على األمالك الوقفية ليس معناه التنكر ألهمية‬
‫هذه الحقوق العرفية التاريخية والثقافية واالجتماعية واالقتصادية التي لعبته في سبيل الحفاظ‬
‫على األوقاف وتنمية مداخيلها‪ ،‬وإنما ما فرضته الضرورة االجتماعية من توسيع نطاق‬
‫الحاجات االجتماعية وتزايد سرعتها وتجددها‪ ،‬وأيضا ما فرضته التطورات االقتصادية من‬
‫االنتقال من اقتصاد السويقة إلى اعتماد آليات اقتصاد السوق الذي لم يستثن األوقاف من‬
‫االنخراط فيه كفاعل رئيس في تنميته‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬حدود مساهمة الوقف في التنمية المجالية‬

‫إن التوجيه والتأكيد الملكي في ديباجة المدونة‪ ،‬كان نحو تزويد الوقف بنظم تدبيرية‬
‫تيسر حسن استغالله واالستفادة منه‪ ،‬وبطرق استثمارية تمكنه من المساهمة في مشاريع‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ - 1‬لقد اتخذت و ازرة األوقـاف‪ ،‬قبل االستقالل‪ ،‬في الشمـال المغربي مواقف مشرفة في هـذا الموضوع‪ ،‬حيث وجـه الوزير أحمد الغنيمـة كتابا يقول‬
‫فيه‪ :‬يعلم من هـذا الكتاب الممضي باسمنـا بصفة رياسـة الو ازرة‪ ،‬واعتمـاد رتبة الصدارة أنه نظ ار للضرورة الملحة القاضية بتطبيق الظهير الشريف‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 29‬محرم عـام ‪ 1357‬موافق ‪ 31‬مارس ‪ 1938‬في شأن تصفية األمالك الحبسية مـن شوائب الجلسـة والزينة وغيرهما‪ ...‬ونظ ار‬
‫إلى وجوب تعييـن لجن تقوم بوضع حل لتلك األمـالك‪ ،‬وإجراء سداد مـع المنتفعين‪ ،‬فإننــا نأمر بأن تؤسس في كل من مدينة تطوان وشفشاون‬
‫والعرائش والقصر الكبير وأصيال لجنة توكل إليهـا هـذه المهمة‪ ،‬وتؤلف على النسق االتي‪:‬‬
‫الرئيس‪ :‬قاضي المدينة‪ .‬العضو‪ :‬عالم فقيه ينتخبـه وزير األحباس‪ .‬العضو‪ :‬كاتب يعنيه وزير األحباس من إدارته‪ ،‬ناظـر أحباس تلك المدينة‪،‬‬
‫عـدالن يعينهمـا القاضي للشهادة على ما يقع إبرامه بين الطرفين‪...‬والوقف عليه يجري على مقتضاه‪ ،‬وال يتعداه لسواه‪ .‬والسالم‪ .‬في شعبان عام‬
‫‪ 1357‬موافق ‪ .1938/10/15‬لمزيد من التوضيح أنظر محمد بنعبدهللا‪ ،‬نفس المرجع السابق‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فالمساهمة في التنمية الترابية‪ ،‬حسب الفهم المضمن بديباجة مدونة األوقاف‪ ،‬رهين‬
‫بإيجاد مناهج وطرق بديلة لتدبير الوقف (أوال)‪ ،‬إضافة الى إقرار صيغ استثمارية هادفة‬
‫ونوعية (ثانيا)‪.‬‬

‫أ‪-‬بعض األساليب البديلة لتدبير واستثمار الوقف‬

‫إ ن تدبير الوقف‪ ،‬يقتضي إيجاد أفضل السبل لتثمير األموال الوقفية‪ ،‬حتى ال يظل‬
‫الوقف منشغال بما يغطي مصاريف التسيير والصيانة إلى ما يغذي التنمية والعمارة‪.‬‬

‫‪ – 1‬التدبير وفق األهداف‪:‬‬

‫صدور مدونة األوقاف وتنظيمها وتأطيرها للوقف‪ ،‬ال يكفي ان لم يواكبه تغيير في‬
‫مناهج العمل والتسيير واإلدارة‪ ،‬فإدارة االوقاف مثال‪ ،‬لم تتمكن بعد من التجاوز الكلي للمفهوم‬
‫التقليدي للتسيير‪ ،‬أي انها الزالت تسيير بفعل مستجدات الواقع‪ ،‬بمعنى ان المسؤول‬
‫والموظفين طبيعة عملهم ليس من تدبيرهم او من استشرافهم للوقائع واالحداث‪ ،‬فالواقع هو‬
‫من يدبر اإلدارة اكثر من المسؤول‪ ،‬فعندما يتم التبليغ مثال عن اعتداء ما‪ ،‬تتحرك مصلحة‬
‫المنازعات‪ ،‬وعندما يحل شهر أكتوبر تتحرك مصلحة التسيير وفق برنامج قديم لكراء‬
‫األراضي وبيع الغلل‪ ،‬وعندما ترد تعليمات من الو ازرة الوصية الستيفاء الديون او تعميم‬
‫التحفيظ تتحرك المصالح المختصة‪.‬‬

‫لذا وألجل ادماج الوقف في محيطه االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬نرى انه من الالزم االن‬
‫على اإلدارة ان تدبر األموال الموقوفة وفق منهجية بأهداف واضحة تقوم على معرفة التوجه‬
‫العام بكل إقليم وتحديد بدقة طابعه التجاري او السياحي او المهني او الفالحي‪ ،‬ثم تضع‬
‫ارتباطا بذلك اهدافا مدروسة تأخذ بالتوجه العام لإلقليم‪ ،‬تراعي خصوصية الوقف‪ ،‬تجعل‬
‫تحسين مستوى االفراد المشمولين بالوقف احدى أولوياتها‪ ،‬تنقل االحسان من عمل فردي‬
‫وموسمي الى عمل ذو طابع مؤسساتي مستمر ومتجدد‪ ،‬تضع برامج استثمارية تساعد على‬

‫‪239‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫حل اإلشكاالت المطروحة باإلقليم من بطالة‪ ،‬هشاشة‪ ،‬تردي الخدمات‪ ،‬مع االنفتاح ايضا‬
‫على الجانب المعرفي والبحث العلمي‪.‬‬

‫‪ – 2‬تنزيل األهداف وفق برامج تنسجم مع واقع الوقف ومحيطه‪:‬‬

‫إ ن تقييد الوقف بأهداف وغايات‪ ،‬لن يجدي النفع المرجو منه‪ ،‬مالم يتم تنزيل هذه‬
‫األهداف على شكل برامج تستند الى الخبرة التي راكمها الوقف عبر التاريخ‪ ،‬ترصد مؤشرات‬
‫تطور الوقف لمدد زمنية سابقة‪ ،‬تقيس نسبة اسهام الوقف في الحياة االقتصادية واالجتماعية‬
‫للمغاربة عبر أحقبه زمنية منصرمة‪ ،‬ثم االستناد على هذه المرجعية التاريخية لفهم واقع‬
‫الحبس ومدى قبوله لنماذج التنمية المعاصرة‪ ،‬وقدرته على خلق البنى التحتية االرتكازية لكل‬
‫من المؤسسات التعليمية‪ ،‬الصحية‪ ،‬الدينية وكذا تنمية الموارد البشرية بما يكفل أنسنتها‪ ،‬ثم‬
‫االرتكاز على هذا الواقع للتنبؤ بالمسارات التي يجب توجيه الوقف نحوها مستقبال‪ ،‬حتى‬
‫تكون له صفة االستدامة‪.‬‬

‫ومن بين البرامج العملية والتنموية التي يمكن ان يراهن عليها الوقف مستقبال‪ ،‬برنامج‬
‫االستثمار التشاركي او التنمية المجالية التشاركية‪ ،‬التي تقوم على محورين أساسيين‪:‬‬

‫المحور األول ‪ :‬في الكثير من الحاالت‪ ،‬بدل ان تشكل األمالك الوقفية وعاء للتنمية‬
‫الترابية‪ ،‬قد تصبح اشكاال حقيقيا وعائقا كبي ار امام التنمية‪ .‬لذا وحتى نخلص هذه األمالك من‬
‫ربقة الكساد االقتصاد‪ ،‬ونرفع عنها عوارض التنمية المجالية‪ ،‬يجب حصر االطار المكاني‬
‫لهذه األمالك‪ ،‬وذلك من خالل معرفتها‪ ،‬تشخيص حاالتها‪ ،‬تحديد االضرار المادية والبشرية‬
‫التي تأثر عليها وتتأثر بها‪ ،‬واسترشادا بذلك يجب مقاربتها من منظور تشاركي يقوم على‬
‫أساس االشراك الفعلي للمنتفعين بها سواء في إصالحها شريطة مالءمة الغاية من اإلصالح‬
‫مع التوجه العام لإلقليم‪ ،‬او في تصحيح طرق االستفادة منها‪ ،‬وذلك حتى يعطى للمنتفع من‬
‫األصول الوقفية نوع من االستم اررية المنتجة والتبقية الهادئة له بهذه األمالك‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المحور الثاني‪ :‬ويتعلق بمنهجية تقديم األمالك الوقفية بغية االستثمار فيها‪ ،‬فالجاري‬
‫به العمل حاليا‪ ،‬هو تقديم هذه األمالك وفق مسطرة السمسرة‪ ،‬وفتح باب المنافسة‪ ،‬على‬
‫أساس ان الراسية عليه السمسرة بعد حصوله على المحل الحبسي المعني‪ ،‬سينفرد بتحديد‬
‫نوع المشروع الذي سيالئم الملك الوقفي‪ ،‬وبالتالي سيتحمل المتعامل مع األوقاف وحده مسالة‬
‫نجاح هذا المشروع من فشله‪.‬‬

‫لكن مساهمة الوقف في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬في خلق تنمية مستدامة‬
‫ومجالية‪ ،‬ال يجب ان نقف بالوقف عند حدود تقديم األصول الوقفية وفق مسطرة السمسرة‪،‬‬
‫بل يجب ان ينتقل الى مرحلة المصاحبة التقنية واالجتماعية للفئة العريضة المستفيدة من‬
‫الوقف‪ ،‬وذلك من خالل تقديم األصول الوقفية مرفوقة بالبرنامج االستثماري الذي يالئمها من‬
‫جهة ويالئم الجماعة الترابية من جهة أخرى ويكون له انعكاس إيجابي جدا على الساكنة من‬
‫جهة ثالثة‪ .‬أي ان يكون هناك استثما ار تشاركيا يقوم على أساس المزاوجة بين المصالح‬
‫الخاصة والمصلحة العامة‪ ،‬بين النفع الفردي والنفع الجماعي‪ .‬ويأخذ بمبدأ انتقاء المشاريع‬
‫على أساس دراسة متكاملة يسهم فيها المواطن العادي من خالل األبحاث الميدانية‪ ،‬الجماعة‬
‫الترابية من حيث االحتياجات األساسية‪ ،‬دراسة الجدوى من طرف المكاتب التقنية الخاصة‪،‬‬
‫ثم بعد ذلك يوضع الملك الحبسي مرفقا ببرنامج استثماري محدد ومدروس مسبقا رهن إشارة‬
‫جميع الشركاء سواء من القطاع العام او من القطاع الخاص للبدء في تنزيله وتنفيذه‪ ،‬مع‬
‫اإلشارة الى ان دور األوقاف يجب ان يبقى ممتدا ببقاء المشروع التشاركي‪ ،‬سواء تعلق االمر‬
‫بالمصاحبة او التدخل لتصحيح ما يعتري هذا المشروع من صعاب‪ ،‬او توفير الحماية‬
‫القانونية الالزمة لتمديد الحياة االفتراضية للمشروع‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد االستاذ بوسلهام الشمعة‪،‬‬


‫رئيس مصلحة منازعات المسؤولية اإلدارية بالوسط والجنوب‬
‫بالوكالة القضائية للمملكة‬
‫مقدمة‬

‫في إط ار سياسة المغرب االقتصادية والعتبارات سيادية أصدر المشرع نظام قانوني‬
‫يؤطر عملية استرجاع الدولة (الملك الخاص) لألراضي التي كانت في ملكية األجانب‬
‫واألشخاص المعنويين التي تستغل أو قابلة لالستغالل في المجال الفالحي والواقعة كال أو‬
‫بعضا خار الدوائر الحضرية‪ ،‬وذلك بمقتضى ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬تنقل بموجبه إلى‬
‫الدولة ملكية العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو‬
‫أشخاص معنويون‪.1‬‬

‫وبمجرد صدور الظهير المذكور ونشره بالجريدة الرسمية شرعت السلطات الحكومية‬
‫المختصة في تطبيقه وتنزيله على أرض الواقع اعتمادا على اآلليات التي سنها المشرع ومنها‬
‫على الخصوص إصدار الق اررات الو ازرية المشتركة التي عينت العقارات المخاطبة بأحكام‬
‫النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب وتحرير محاضر الحيازة‪.‬‬

‫غير هذه العملية صاحبتها نزاعات قضائية وغير قضائية مرتبطة أساسا بمدى توفر‬
‫العقار المسترجع على شروط استرجاعه الثالثة المتمثلة حسب مقتضيات الفصل األول من‬
‫ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬في أن يكون العقار المسترجع مملوك لشخص ذاتي أجنبي أو‬
‫شخصي معنوي‪ ،‬وأن يكون فالحيا أو قابال للفالحة وأن يكون واقعا خارج المدار الحضري‬

‫‪ -1‬ظهير شريف منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3149‬الصادرة بتاريخ ‪ 7‬مارس ‪ ،1973‬ص‪.687 .‬‬

‫‪242‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫كال أو بعضا‪ .‬ولذلك‪ ،‬فقد تدخل القضاء اإلداري‪ 1‬خصوصا على مستوى قسم قضاء‬
‫اإللغاء‪ 2‬لبحث توفر هذه الشروط في إطار بته في المنازعات التي عرضت أمامه‪ ،‬سيما‬
‫منها المتعلقة بالطعون باإللغاء التي وجهت وال تزال ضد الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة‬
‫للعقارات التي نعاها النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب وال سيما ظهير ‪2‬‬
‫مارس ‪ ،1973‬كما شمل تدخل قاضي اإللغاء أيضا البت في الطعون باإللغاء التي وجهت‬
‫ضد الق اررات الصادرة عن اللجنة الو ازرية المشتركة المكلفة بالبت في المنازعات الناتجة عن‬
‫تطبيق ظهير ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬باإلضافة إلى الطعون باإللغاء ضد الق اررات الصادرة عن‬
‫اللجان اإلقليمية وعن و ازرة االقتصاد والمالية (مديرية أمالك الدولة) المتعلقة بتنفيذ مقررات‬
‫اللجان المذكورة وممارسة الصالحيات المخولة لها بمقتضى اإلجراءات التنظيمية لعملية‬
‫التسوية اإلدارية لهذا النوع من المنازعات‪.‬‬

‫أما على مستوى القضاء الشامل‪ ،3‬فإن تدخل القاضي اإلداري يشمل كل حاالت‬
‫المطالبة بالتعويض عن استرجاع الدولة للعقارات من األجانب سواء في إطار ظهير ‪2‬‬

‫‪ -1‬يجمع أغلب الباحثين في مجال المنازعات اإلدارية أن القضاء اإلداري بمفهومه المعاصر ظهر ألول مرة بفرنسا ومنها انتشر لباقي دول العالم‪.‬‬
‫أما في المغرب فقد ظهرت أولى بوادر القضاء اإلداري سنة ‪ 1913‬المصادف للسنة التي صدر فيها ظهير االلتزامات والعقود في ‪ 12‬غشت بحيث‬
‫تضمنت مقتضيات هذا الظهير ضمن فصوله التنصيص على مسؤولية الدولة والبلديات عن األخطاء المرفقية لموظفيها ‪.‬‬
‫بعد ذلك ظهرت بعض النصوص ذات الصلة بموضوع القضاء اإلداري وخاصة القضاء الشامل منها القوانين المتعلقة بنزع الملكية ألجل منفعة‬
‫العامة والقوانين المتع لقة باألشغال العمومية وغيرها‪ ،‬واستمر األمر كذلك إلى غاية حصول المغرب على االستقالل سنة ‪. 1956‬‬
‫الجدير ذكره‪ ،‬أن المغرب لم يعرف معنى قضاء اإللغاء في البداية‪ ،‬إال في نهاية العشرينات حيث أصبح بإمكان األجانب المقيمين بالمغرب اللجوء‬
‫إلى دعوى اإللغاء لبحث مشروعية الق اررات اإلدارية أمام مجلس الدولة الفرنسي‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1957‬تطور القضاء اإلداري بالمغرب بقسميه قضاء اإللغاء والقضاء الشامل وذلك بمناسبة تأسيس المجلس األعلى (محكمة النقض)‪،‬‬
‫حيث أحدثت ضمن غرفه‪ ،‬الغرفة اإلدارية التي كانت تنظر كمحكمة قانون في القضاء الشامل وكمحكمة أول وآخر درجة بالنسبة لإللغاء‪.‬‬
‫بينما شكلت سنة ‪ 1990‬قفزة نوعية في مجال المنازعات اإلدارية بإحداث محاكم متخصصة في القضاء اإلداري‪ ،‬تالها إحداث محاكم استئناف‬
‫إدارية سنة ‪ 2006‬ويبقى األمل في إحداث مجلس للدولة تتويجا لهرم القضاء اإلداري كما جاء في الخطاب الملكي لسنة ‪. 2002‬‬
‫‪ -2‬قامت دعوى اإللغاء كدعوى قضائية ألول مرة في فرنسا عام ‪ 1872‬وقبل ذلك لم تكن أكثر من تظلم رئاسي تنظر فيه اإلدارة القاضية وقد ترفع‬
‫األمر بشأنه لمجلس الدولة إلبداء الرأي‪ ،‬وبقي مجلس الدولة هو المختص بالنظر فيها إلى حدود عام ‪ 1953‬حيث أعيد تنظيم القضاء اإلداري‬
‫بفرنسا على درجتين‪.‬‬
‫‪ -‬للمزيد حول تطور القضاء اإلداري بفرنسا راجع عدنان عمرو‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬قضاء اإللغاء‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.2004 ،‬‬
‫‪ -3‬هذا دون إغفال تدخل مؤسسة رئيس المحكمة في المنازعات المتعلقة باألراضي المسترجعة من األجانب سواء كقاضي المستعجالت أو كقاض‬
‫مشرف على التنفيذ‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مارس ‪ ، 1973‬أو في إطار القواعد العامة للمسؤولية اإلدارية خاصة تلك المنبثقة عن عدم‬
‫مشروعية الق اررات الو ازرية المشتركة‪.‬‬

‫وسنقتصر في هذه الدراسة على إبراز مختلف حاالت تدخل قاضي اإللغاء اإلداري في‬
‫مجال رقابته على الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة للعقارات المنقولة ملكيتها لفائدة الدولة‬
‫(الملك الخاص) في إطار تطبيق نظام االسترجاع وما صاحب هذا التدخل من تطور‬
‫لالجتهادات القضائية في شأن اإلشكاليات المثارة‪.‬‬

‫وهنا تكمن أهمية الموضوع من الناحية العملية‪ ،‬فإلى جانب أنه يمكننا من اإلحاطة‬
‫بنطاق تدخل قضاء اإللغاء اإلداري‪ 1‬في مجال المنازعات المتعلقة باألراضي المسترجعة من‬
‫األجانب‪ ،‬فإنه سيدفعنا أيضا إلى بحث تطور هذا االجتهاد القضائي بخصوص اإلشكاليات‬
‫المثارة سيما ف ي مجال الطعن باإللغاء وطبيعة الق اررات ذات الصلة بتطبيق ظهير ‪ 2‬مارس‬
‫‪ ،1973‬هذا إلى جانب الوقوف على الحماية التي قررها قضاء اإللغاء اإلداري لحق الملكية‬
‫العقارية‪.‬‬

‫ولذلك‪ ،‬سنعمل على مقاربة هذا الموضوع من خالل تقسيمه إلى مبحثين نخصص‬
‫األول للوقوف شروط وإجراءات الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك وخصوصياته‪،‬‬
‫ثم نتطرق لمظاهر الرقابة على عيب مخالفة القانون في القرار الوزاري المشترك وفعاليتها‬
‫وذلك في مبحث ثاني‪.‬‬

‫‪ -1‬استعملنا عبارة "قضاء اإللغاء اإلداري" في إشارة إلى حصر النقاش والدراسة حول منازعات القضاء اإلداري على مستوى المحاكم اإلدارية‬
‫ومحكمتي االستئناف اإلداريتين ومحكمة النقض (الغرفة اإلدارية) واستثناء القضاء العادي على مستوى المحكمة االبتدائية الذي يبقى مختصا‬
‫بالنظر في النزاعات المتعلقة بعقود التفويت وبإلغاء ق اررات المحافظ على األمالك العقارية ذات الصلة بموضوع األراضي المسترجعة من األجانب‬
‫والمتخذة في إطار أحكام الظهير الشريف المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المبحث األول‪ :‬شروط وإجراءات الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك‬


‫وخصوصياته‬

‫يعد الطعن ضد الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة للعقارات المسترجعة من األجانب‬
‫من أبرز مجاالت تدخل قاضي اإللغاء‪ ،‬حيث غالبا ما يعمد الشخص المسترجع منه العقار‬
‫سواء كان شخصا أجنبيا ذاتيا أو شخصا معنويا أو من المواطنين المغاربة‪ ،‬أفرادا وجماعات‪،‬‬
‫له حقوق عينية على العقار الذي خضع لتدبير االسترجاع اللجوء إلى القاضي اإلداري‬
‫لمخاصمة مشروعية القرار الوزاري المشترك قصد ضمان أحقيته في تملك العقار المسترجع‬
‫خاصة وأن عدد من المنازعات المتعلقة باستحقاق هذا النوع من العقارات مرتبطة بمدى‬
‫مشروعية هذا النوع من الق اررات‪.‬‬

‫والجدير ذكره‪ ،‬أن آلية تعيين العقارات المسترجعة عن طريق الق اررات الو ازرية المشتركة‬
‫كان قد اعتمدها المشرع بداية عند سنه لمقتضيات ظهير ‪ 26‬شتنبر ‪ 1963‬المحدد للشروط‬
‫التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي االستعمار‪ ،1‬وقد نص على اعتماد نفس اآللية بمناسبة‬
‫وضعه ألحكام ظهير ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬لذلك فقد أثيرت بمناسبة الطعون باإللغاء ضد‬
‫الق اررات الو ازرية المشتركة في بداية تطبيق تدبير االسترجاع وال سيما ظهير ‪ 26‬شتنبر‬
‫‪ 1963‬المتعلق بشروط استرجاع الدول ألراضي االستعمار نقاشا فقهيا وقضائيا حول‬
‫الطبيعة القانونية للق اررات الو ازرية المشتركة‪ ،‬وانقسمت الراي بشأنها بين من يعتبرها من‬
‫أعمال السيادة‪ 2‬ومستثناة من مجال الطعن باإللغاء‪ ،‬وبين من يعتبرها ق اررات إدارية خاضعة‬

‫‪ -1‬ظهير شريف رقم ‪ 1.63.289‬صادر بتاريخ ‪ 26‬شتنبر ‪ ،1963‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2657‬الصادرة بتاريخ ‪ 27‬شتنبر ‪.1963‬‬
‫‪ -2‬يعرف الفقه أعمال السيادة المستثناة من مجال الرقابة القضائية" مجموعة التصرفات الصادرة عن اإلدارة بصفتها سلطة حكم‪ ،‬أو بهدف‬
‫سياسي‪ ،‬أو بناء على نصوص دستورية محضة " ومن الفقه من يوصفها بأعمال السيادة كخير تعبير عن عدم خضوعها المطلق لرقابة القضاء‪.‬‬
‫راجع‪ :‬محمد مرغيني خيري‪ " ،‬في المبادئ العامة للقانون اإلداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة ‪ ،2‬سنة ‪ ،1982‬ص‪ ،409 .‬وكذا ميشيل روسي في‬
‫مؤلفه " المنازعات اإلدارية بالمغرب" ترجمة محمد هيري والجياللي أمزيد‪ ،‬ص‪ ،144 .‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.1995 ،‬‬
‫‪ -‬وللمزيد من اآلراء الفقهية والتطبيقات القضائية حول نظرية أعمال السيادة أو الحكومة‪ ،‬يراجع‪:‬‬
‫‪ -‬مقال األستاذ محمد قصري " الق اررات اإلدارية التي يجوز الطعن فيها باإللغاء لتجاوز السلطة" منشور بالمجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪،‬‬
‫سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪.1995 ،1‬‬

‫‪245‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لهذا الطعن‪ ،‬غير أن هذا النقاش لم يدم طويال حيث استقرت الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض‬
‫على أنها ال تعتبر من أعمال السيادة بل هي من الق اررات اإلدارية التي تقبل الطعن‬
‫باإللغاء‪.1‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن الموقف القضائي مستقر على أن القرار الوزاري المشترك يعد‬
‫ق ار ار فرديا بالنظر إلى أنه يعني أشخاص محددين بصفتهم كمالكين للعقار موضوع‬
‫االسترجاع والمحددة أيضا بياناته في القرار الوزاري المشترك كاإلشارة إلى رقم رسمه العقاري‬
‫ومساحته والمنطقة المتواجدة فيها‪ ،‬ولذلك فإن أجل الطعن فيه‪ ،‬كقاعدة عامة‪ ،‬ال يبتدئ‬
‫سريانه إال من تاريخ تبليغه أو ثبوت العلم اليقيني به‪ ،‬ومع ذلك فإن المشرع تدخل بشكل‬
‫الحق على صدور ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬بمقتضى القانون رقم ‪ 242.05‬الذي نص على‬
‫اعتبار النشر بالجريدة الرسمية كمنطلق الحتساب أجل الطعن ضد الق اررات الو ازرية‬
‫المشتركة‪ ،‬وهو ما ترتب عنه بروز عدة منازعات أفرزت عدة اجتهادات قضائية‪.‬‬

‫وكغيره من الق اررات اإلدارية‪ ،‬فإن رقابة قاضي اإللغاء على الق اررات الو ازرية المشتركة‬
‫تشمل الرقابة على كافة عيوب المشروعية الخمس المنصوص عليها في الفصل ‪ 20‬من‬
‫القانون رقم ‪ 90.41‬المحدث للمحاكم اإلدارية‪ ،‬غير أن الرقابة على عيب مخالفة القانون‬
‫المتمثل في ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬شكلت حجز الزاوية الرتباط أغلب المنازعات بمدى توفر‬
‫شروط االسترجاع ونقل الملكية‪.‬‬

‫‪ -‬محمد أحمد الجيالني‪ " :‬أعمال السلطة التنفيذية غير القابلة للطعن القضائي في القانون المغربي والمقارن"‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية‬
‫والتنمية‪ ،‬سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية‪ ،‬العدد ‪ ،82‬ط األولى‪ ،2009 ،‬ص‪.32 .‬‬
‫‪ -1‬راجع قرار محكمة النقض ( المجلس األعلى سابقا) عدد ‪ 4‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر ‪ 1969‬في الملف عدد ‪ ،29190‬منشور في مجلة‬
‫ق اررات المجلس األعلى‪ ،‬الغرفة اإلدارية سنوات ‪ ،1970-1966‬الطبعة األولى يناير ‪ ،1983‬ص‪ 208 .‬الذي ورد في حيثياته ما يلي‪ " :‬فيما‬
‫يتعلق بالدفع الرابع المتعلق بكون قرار استرجاع األراضي لفائدة الدولة يعد عمال من أعمال السيادة‪ ،‬فإن المقرر المطلوب إلغاؤه الذي عين‬
‫الوزراء الثالثة بمقتضاه أرض الطاعنة من جملة األمالك المسترجعة من طرف الدولة طبقا لظهير ‪ 26‬شتنبر ‪ 1963‬يعتبر عمال إداريا عاديا ال‬
‫يدخل ضمن طائفة أعمال السيادة ‪."...‬‬
‫‪ -2‬يتعلق األمر بالظهير الشريف رقم ‪ 1.06.14‬صادر بتاريخ ‪ 14‬فبراير ‪ 2006‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 42.05‬القاضي بسن بعض اإلجراءات‬
‫المتعلقة بالعقارات الفالحية أو القابلة للفالحة المنقولة ملكيتها إلى الدولة‪ ،‬عمال بأحكام الظهير الشريف رقم ‪ 1.63.289‬بتاريخ ‪ 26‬شتنبر ‪1963‬‬
‫والظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.73.213‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5400‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ ،2006‬ص‪.‬‬
‫‪.2557‬‬

‫‪246‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبناء عليه‪ ،‬ونظ ار ألن دراستنا منصبة فقط على منازعات قضاء اإللغاء المرتبطة‬
‫بالق اررات المعينة للعقارات المسترجعة من األجانب ولكثرة النزاعات التي أثيرت بشأنه‪ ،‬فقد‬
‫آثرنا التطرق فقط لخصوصية أجل الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك المعين‬
‫للعقارات الخاضعة لتدبير االسترجاع وفق ما يلي‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أجل الطعن قبل صدور القانون رقم ‪42.05‬‬

‫في بداية العمل بنظام استرجاع الدولة لألراضي من األجانب كان الجدل قائما حول‬
‫تاريخ سريان أجل الطعن ضد القرار الوزاري المشترك ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية‬
‫باعتبار أن المشرع في ظهيري االسترجاع أوجب نشر هذه الق اررات بالجريدة الرسمية‪ ،‬غير‬
‫أن العمل القضائي ومنذ البداية صرح بأن القرار الوزاري المشترك يعدا ق ار ار فرديا ال يبتدئ‬
‫أجل الطعن فيه إال من تاريخ التبليغ أو ثبوت العلم اليقيني به‪ ،‬وألقى على عاتق اإلدارة‬
‫عبء إثبات ذلك‪.‬‬

‫غير أن اإلدارة واجهت عدة صعوبات في تبليغ الق اررات الو ازرية المشتركة بالنظر‬
‫لطبيعتها ولكون أغلب المسترجعة منهم العقارات هم أشخاص ذاتيين أجانب وال يتوفرون على‬
‫محل إقامة معروف ومعلوم بالمغرب‪ ،‬كما أن المغاربة الذي اعترف لهم بالصفة في الطعن‬
‫ضد القرار الوزاري المشترك لتوفرهم على حقوق عينية على العقارات المسترجعة لم تكن‬
‫مقيدة بالرسم العقاري مما حال دون التعرف على مواطنهم وتبليغهم بالق اررات المذكورة‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فإن اإلدارة وبمناسبة الطعون باإللغاء المتعلقة بمخاصمة مشروعية الق اررات‬
‫المعينة للعقارات المنقولة ملكيتها إلى الدولة ما فتئت تتمسك بواقعة العلم اليقيني بالق اررات‬
‫المذكورة إلثبات فوات أجل الطعن فيها من خالل إثبات العلم بفحواها ومضمونها والجهة‬
‫الصادر عنها‪ ،‬وقد أخذ القضاء اإلداري بمجموعة القرائن والوقائع واعتبرها بمثابة علم يقيني‬
‫للطاعنين بالقرار الوزاري المشترك علما تنتفي معه الجهالة‪ ،‬ومن نماذج ذلك فقد اعتبرت‬

‫‪247‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫محكمة النقض (الغرفة اإلدارية وهي تبت كجهة استئنافية قبل إحداث محاكم االستئناف‬
‫اإلدارية) علما يقينيا بالقرار الوزاري المشترك" اإلشارة إلى مضمونه (أي القرار الوزاري‬
‫المشترك المطعون فيه) بمناسبة دعاوى ومراسالت إدارية سابقة عن الطعن فيه باإللغاء منها‬
‫الطلب المقدم من طرف المستأنفة المؤرخ في ‪ 13‬أكتوبر ‪ 1987‬إلى وزير الفالحة قصد‬
‫تمكينها من شهادة تثبت كون العقار غير فالحي‪ ،‬حيث أشير إلى مسطرة استرجاع العقار‬
‫إلى الدولة‪ ،‬وكذا جواب األمالك المخزنية (مديرية أمالك الدولة) إلى ممثل الشركة المستأنفة‬
‫السيد ‪ ...‬والذي توصل بواسطة البريد المضمون مع اإلشعار باالستالم بتاريخ ‪ 15‬مارس‬
‫‪ 1993‬وكذا األمر االستعجالي الصادر بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ ،1993‬والقرار االستئنافي رقم‬
‫‪ 4946‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬يوليوز ‪ ، 1994‬كل ذلك يثبت أن المستأنفة كانت تعلم بصدور‬
‫القرار المطعون فيه بجميع مقوماته علما يقينيا وبعدة سنوات‪ ،‬وبما أن العلم اليقيني ينزل‬
‫منزلة التبليغ‪ ،‬فإن الطعن المقدم بتاريخ ‪ 27‬نونبر ‪ 2002‬يكون وقع خارج أجل ‪ 60‬يوما‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪ 23‬من قانون ‪.1" 90.41‬‬

‫كما اعتبر العمل القضائي تقديم الطاعن لطلب في إطار التسوية الودية وبت اللجنة‬
‫الثالثية فيه يعد قرينة على العلم اليقيني بالقرار الوزاري المشترك‪ ،‬وفي هذا اإلطار ورد في‬
‫حيثيات حكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء أن " الثابت من وثائق الملف أنه‬
‫بالرغم من استرجاع الدولة للعقار موضوع القرار‪ ،‬فإن اللجنة الو ازرية المشتركة المكلفة‬
‫بدراسة النزاعات الناجمة عن تطبيق ظهير ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬قد أبدت موقفها على الطلب‬
‫الذي كان قد تقدم به كل من السيدين ‪ ،...‬اعتمادا على صورة العقد العرفي المؤرخ في ‪30‬‬
‫أبريل ‪ 1973‬المصادق على إمضائه في فاتح مارس ‪ ،1973‬ثم تراجعت عن تلك الموافقة‬
‫على التسوية خالل اجتماعها بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ 1982‬بعد اطالعها على أصل العقد‪ ،‬فإن‬
‫الطاعنين يكونون عالمين علما يقينيا بالقرار‪ ،‬وبالتالي يكون طعنهم فيه بدعوى اإللغاء‬

‫‪ -1‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 107‬صادر بتاريخ ‪ 2007/3/7‬في الملف رقم ‪( 2005/3/4/475‬غ‪ .‬م)‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫للشطط في استعمال السلطة رهين بسلوكه داخل األجل القانوني‪ .‬وحيث إن تقديمهم للطلب‬
‫الحالي بتاريخ ‪ 28‬يونيو ‪ 2004‬يكون واقعا خارج أجل اطعن‪ ،‬مما يتعين معه التصريح‬
‫بعدم قبوله"‪.1‬‬

‫وفي السياق ذاته‪ ،‬ذهبت المحكمة اإلدارية بوجدة إلى أن طول المدة الفاصلة بين‬
‫صدور القرار الوزاري المشترك ونشره بالجريدة الرسمية وتقديم الطعن يعد قرينة على ثبوت‬
‫العلم اليقيني بالقرار المذكور الذي يقوم مقام التبليغ‪ ،‬وانتهت من خالل ذلك القول بأنه "‬
‫تطبيقا للقاعدة التي استقر عليها االجتهاد القضائي والقائلة بأن العلم اليقيني يقوم مقام التبليغ‬
‫أو النشر‪ ،‬ويستنتج من أي وثيقة أو واقعة أو قرينة بشكل ينفي الجهالة‪ ،‬فإن الطعن الذي‬
‫تقدم به الطاعنان بعد أكثر من سنة ونصف من علمهما بالقرار المطعون فيه يكون قد قدم‬
‫خارج األجل القانوني"‪.2‬‬

‫لكن في مقابل ذلك‪ ،‬فإن العمل القضائي استبعد عدد من القرائن من مجال إثبات العلم‬
‫اليقيني بالقرار الوزاري المشترك لعدم تحقق شروط هذا العلم وال سيما العلم بفحوى القرار‬
‫ومضمونه وسببه‪ ،‬ولذلك فقد اعتبرت محكمة النقض في قرار لها بانتفاء العلم اليقيني بالقرار‬
‫الوزاري المشترك بعلة أن " توافر رسائل متبادلة بين اإلدارة والطاعن الذي أخضع عقاره‬
‫لمقتضيات ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬ال تحتوي على مراجع القرار الوزاري المشترك ومصدره‬
‫وفحواه‪ ،‬وإن كانت تتضمن ما يفيد اإلخضاع المذكور‪ ،‬فهي ال تسمح بتوافر العلم اليقيني‬
‫التام"‪ ،3‬كما اعتبرت في قرار آخر بأن "تقديم مطالبة من طرف الطاعن أمام اللجنة الو ازرية‬
‫المكلفة بالبت في النزاعات الناشئة عن تطبيق ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬من أجل تسوية‬
‫وضعيته وإثبات أحقيته في اقتناء العقارات المسترجعة ألنه اشتراها قبل صدور الظهير‬
‫المذكور‪ ،‬ال يمكن أن يستنتج منه أنه كان عالما علما يقينيا بفحوى القرار الوزاري المشترك‬

‫‪ -1‬المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪ ،‬حكم عدد ‪ 663‬صادر بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪ 2004‬في الملف رقم ‪ 2004/290‬غ (غ‪ .‬م)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬المحكمة اإلدارية بوجدة‪ ،‬حكم عدد ‪ 181‬صادر بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪ 2005‬في الملف رقم ‪ 2005/40‬غ (غ‪ .‬م)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬محكمة النقض ( الغرفة اإلدارية)‪ ،‬قرار مؤرخ في ‪ 3‬ماي ‪ 2001‬صادر في الملف رقم ‪ ( 1/4/589‬غ‪ .‬م)‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ومصدره"‪ ،1‬وفي قرار مرتبط بنفس موضوع النزاع اعتبرت محكمة النقض أن " مجرد مكاتبة‬
‫الطاعن اإلدارة للتعبير عن دهشته من استمرارها في إخضاع عقاره لنقل ملكيته إلى الدولة‬
‫رغم إقدام اإلدارة نفسها ع لى التراجع عن هذا القرار‪ ،‬ال يشكل علما يقينيا بالقرار ما دامت‬
‫هذه األخيرة لم توضح للطاعن أن سبب إخضاع عقاره من جديد لظهير ‪ 2‬مارس ‪1973‬‬
‫يعود إلى العنصر الخفي المتمثل في اكتشافها أن جزء منه يوجد خارج المدار الحضري‬
‫ورسالته التي تتمسك بها اإلدارة إنما هي سعي منه للبحث عن عناصر وأركان القرار الذي‬
‫يطعن فيه ما دامت اإلدارة لم تعمل على تبليغه"‪.2‬‬

‫ويستنتج من هذا العمل القضائي‪ ،‬أن أجل الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك‬
‫قبل صدور قانون ‪ 42.05‬لم يحقق االستقرار الذي كانت ترومه الدولة والذي هو مبتغى‬
‫المشرع من وراء سنه لقاعدة خضوع الطعن باإللغاء ألجل قانوني‪ ،‬لذلك فقد اضطر المشرع‬
‫للتدخل قصد حل إشكالية تبليغ الق اررات الو ازرية المشتركة وضمان تحصينها وذلك‬
‫االستعاضة عن التبليغ بالنشر كوسيلة الحتساب أجل الطعن باإللغاء وفق ضوابط محددة‪.‬‬

‫فما هو إذن اإلطار العام لهذا القانون‪ ،‬وإلى أي حد توفق المشرع المغربي في تحقيق‬
‫تحصين للق اررات الو ازرية المشتركة؟‪ ،‬وما هي عالقة مقتضيات القانون المذكور بالقواعد‬
‫العامة؟‪ ،‬تلك األسئلة وغيرها ستكون محل إجابة في النقطة الموالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أجل الطعن بعد صدور القانون رقم ‪42.05‬‬

‫بصدور القانون رقم ‪ 42.05‬تخلصت اإلدارة من القيام بإجراءات تبليغ المعنيين باألمر‬
‫بالقرار الوزاري المشترك وكذا من عبء إثبات العلم اليقيني بهذه الق اررات‪ ،‬بحيث وضع‬
‫القانون رقم ‪ 42.05‬حدا للطعن باإللغاء في الق اررات الو ازرية المشتركة المتعلقة بتعيين‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬محكمة النقض ( الغرفة اإلدارية)‪ ،‬قرار عدد ‪ 227‬مؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ 1999‬صادر في الملف رقم ‪ ( 1/4/589‬غ‪ .‬م)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محكمة النقض (الغرفة اإلدارية)‪ ،‬قرار عدد ‪ 112‬مؤرخ في ‪ 23‬أبريل ‪ 1992‬صادر في الملف رقم ‪ ( 90/10209‬غ‪ .‬م)‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫العقارات المنقولة ملكيتها إلى الدولة في إطار ظهيري االسترجاع‪ ،‬بحيث حدد أجال لهذا‬
‫الطعن وهو ‪ 60‬يوما‪ ،‬ويسري هذا األجل ابتداء من‪:‬‬
‫‪ -‬تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5400‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪2006‬‬
‫بالنسبة للق اررات الصادرة قبل هذا التاريخ‪،‬‬
‫‪ -‬أما الق اررات الو ازرية المشتركة التي ستصدر الحقا لنشر القانون المذكور‪ ،‬فإن أجل‬
‫‪ 60‬يوما يحسب من تاريخ نشرها‪.‬‬

‫وقد ابتغى المشرع المغربي من وراء هذا القانون ضمان استقرار األوضاع والمراكز‬
‫القانونية من خالل تحصين الق اررات الو ازرية المشتركة من رقابة قاضي اإللغاء واالستفادة‬
‫من مزايا هذه الحصانة وإن أمكن خضوع هذه القرارات لفحص الشرعية في حالة فوات أجل‬
‫الطعن‪.1‬‬

‫غير أن القانون رقم ‪ 42.05‬يثير مجموعة من المالحظات شكال ومضمونا‪ ،‬في‬


‫الجانب الشكلي‪ ،‬يتضح بأن المشرع سن نصا خاصا لتنظيم أجل الطعن ضد الق اررات مع‬
‫نسخ بعض المقتضيات القانونية ذات الصلة بالنظام القانوني لألراضي المسترجعة‪ ،2‬ولم‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬يجدر الذكر أن إلغاء القرار الوزاري المشترك المعين للعقارات المسترجعة من األجانب يترتب عنه محور آثار هذا القرار وإرجاع الحالة إلى ما‬
‫كانت عليه‪ ،‬بما يعني ذلك أحقية الطاعن في استحقاق العقار المسترجع‪ ،‬ولذلك فإنه فضال عن مشروعية القرار الوزاري المشترك فإنه أيضا بفوات‬
‫أجل الطعن باإللغاء تبقي الدولة في مركز المالك الوحيد للعقار المسترجع‪.‬‬
‫وفي هذا السياق صرحت محكمة النقض في قرار لها بأنه " يترتب على انقضاء أجل الطعن القضائي اكتساب القرار اإلداري حصانة قانونية ضد‬
‫رقابة قاضي اإللغاء ولو كان مخالفا للقانون "‪ .‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 892‬صادر بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2005‬في الملف رقم ‪2013/1/4/1255‬‬
‫(قضية الحاج محمد بودالل ومن معه ضد الوزير األول ( غ م)‪.‬‬
‫‪ -‬إلى جانب تنظيمه ألجل الطعن باإللغاء ضد الق اررات الصادرة في إطار تطبيق النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب‪ ،‬نسخ القانون‬ ‫‪2‬‬

‫رقم ‪ 42.05‬أيضا أحكام المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم ‪ 718-67‬بتاريخ فاتح مارس ‪ 1968‬المتعلق بأراضي االستعمار التي كانت على ملك‬
‫مغاربة‪ ،‬والذي ينص على أن ال تطبق مقتضيات الظهير الشريف رقم ‪ 1-63-289‬بتاريخ ‪ 26‬شتنبر ‪ 1963‬بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة‬
‫بموجبها أراضي االستعمار‪ ،‬على العقارات التي كانت بتاريخ نشر هذا الظهير جارية بحكم التحفيظ أو التقييد في السجالت العقارية على ملك‬
‫أشخاص ذاتيين مغاربة‪ ،‬أو كان هؤالء األشخاص يتوفرون على عقود شراء لم يتم تقييدها إال أنها كانت ثابتة التاريخ في فاتح أكتوبر ‪ 1963‬سواء‬
‫كانت مشفوعة بالرخصة اإلدارية أم ال‪ ،‬ونسخ أيضا أحكام الظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1-73-300‬بتاريخ ‪ 2‬يناير ‪ 1974‬المتمم للظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1-63-288‬بتاريخ ‪ 26‬شتنبر ‪ 1963‬بشأن مراقبة العمليات العقارية الواجب إنجازها من طرف بعض األشخاص والمتعلقة باألمالك‬
‫الفالحية القروية‪ ،‬والذي ينص على أن ال تطبق مقتضيات هذا الظهير على العقود التي اكتسبت تاريخا ثابتا قبل ‪ 27‬شتنبر ‪ ،1963‬وذلك من أجل‬
‫تصفية الحاالت التي تخضع لمقتضياتهما ‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫يسلك منهجية تعديل وتتميم النصوص القانونية المتعلقة بموضوع األراضي المسترجعة من‬
‫األجانب الواردة بظهيري ‪ 26‬شتنبر ‪ 1963‬و ‪ 2‬مارس ‪ ،1973‬وقد تكون غاية المشرع من‬
‫وراء ذلك هي التنصيص على استثناءات على القواعد العامة التي تحكم أجل الطعن باإللغاء‬
‫الواردة في قانون المسطرة المدنية ( الفصل ‪ 360‬منه) والقانون المحدث بموجبه المحاكم‬
‫اإلدارية ( المادة ‪ 23‬منه)‪ ،‬وذلك عمال بقاعدة الخاص يقيد العام‪.‬‬

‫كما يالحظ أيضا أن المشرع حدد مدة ذلك األجل باأليام وليس بالشهر وذلك سي ار على‬
‫نفس منواله الذي سلكه في القانون المحدث للمحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫أما من حيث المضمون‪ ،‬فالمالحظ أنه إذا كان احتساب أجل الطعن ابتداء من تاريخ‬
‫نشر المقرر اإلداري المعني بالجريدة الرسمية أم ار مقبوال من الناحية القانونية طالما أن كال‬
‫من الفقه والقضاء اإلداريين مستقران على أن النشر يعتد به في المجال اإلداري على اعتبار‬
‫أنه يحقق نفس غايات التبليغ والعلم اليقيني بالقرار اإلداري‪ ،‬بحيث إن الطاعن وبمجرد‬
‫اطالعه على القرار بالجريدة الرسمية يعلم بمضمونه وفحواه وبالجهة الصادر عنها مما‬
‫يسهل عليه مراجعة القضاء لمخاصمة هذا المقرر‪ ،‬فإن تحديد أجل الطعن باإللغاء ضد‬
‫المقرر اإلداري ابتداء من تاريخ نشر نص قانوني بالجريدة الرسمية يعد أم ار استثنائيا قد‬
‫تترتب عنه أضرار بالطاعنين‪ ،1‬بحيث يصعب عليهم العلم بالقرار اإلداري الذي تم تحديد‬
‫أجل الطعن فيه ومضمونه رغم اطالعهم على القانون بالجريدة الرسمية‪ ،‬اللهم إن كان‬
‫علمهم قائما قبل صدور القرار اإلداري المذكور فيبادرون إلى الطعن فيه بمجرد علمهم‬
‫بصدور القانون رقم ‪.42.05‬‬

‫وعموما‪ ،‬فقد دأب القضاء اإلداري على التصريح بعدم قبول الطعون الموجهة ضد‬
‫الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة للعقارات المسترجعة من طرف الدولة تطبيقا للقانون رقم‬

‫‪ -‬لقد لوحظ من الناحية العملية أن عدد من الطعون باإللغاء لم يتم قبولها من طرف القضاء لتقديمها خارج أجل الطعن المحدد بموجب القانون‬ ‫‪1‬‬

‫رقم ‪ 42.05‬سيما وأن األجل المذكور يعد من النظام العام تثيره المحكمة تلقائيا ولو لم تتمسك به اإلدارة‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ 42.05‬المتحدث عنه منذ بدا ية العمل به‪ ،‬ومن نماذج ذلك نورد ما جاء في حكم للمحكمة‬
‫اإلدارية بالدار البيضاء صادر بتاريخ ‪ 2007/5/17‬والذي جاء في حيثياته ما يلي‪ ":‬وحيث‬
‫إنه طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة األولى من القانون رقم ‪ ،42.05‬فإن أجل تقديم‬
‫طلبات اإللغاء ضد الق اررات المشار إليها في الفصل ‪ 2‬من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم‬
‫‪ 213-73-1‬بتاريخ ‪ 1973/3/2‬المنقولة بموجبه إلى الدولة ملكية العقارات الفالحية أو‬
‫القابلة للفالحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب وأشخاص معنويون‪ ،‬والتي تم نشرها قبل‬
‫تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية‪ ،‬يحدد في ستين يوما ابتداء من هذا التاريخ‪ ،‬وهو‬
‫النشر الذي تم بتاريخ ‪ 2006/3/2‬بالجريدة الرسيمة عدد ‪ ،5400‬مما يعني أن جميع‬
‫الق اررات المذكورة التي تم نشرها قبل ذلك التاريخ ينتهي أجل الطعن فيها كحد أقصى في‬
‫‪.2006/5/2‬‬

‫وحيث إن الق اررين المطعون فيهما في النازلة صد ار قبل نشر القانون رقم ‪42.05‬‬
‫بالجريدة الرسمية‪ ،‬وذلك بتاريخ ‪ 1973/7/30‬بالنسبة للقرار رقم ‪ ،73.779‬وبتاريخ‬
‫‪ 1973/10/16‬بالنسبة للقرار رقم ‪ ،1036.73‬وبالتالي فإن الطعن فيهما ينبغي أن يتم قبل‬
‫‪ 2006/5/2‬كحد أقصى طبقا للمقتضيات المشار إليها أعاله‪ ،‬في حين أن الطعن الحالي لم‬
‫يقدم إال بتاريخ ‪ 2007/4/10‬حسبما هو ثابت من تأشيرة كتابة الضبط على المقال‪ ،‬كما أن‬
‫التظلم الموجه من طرف الطاعن في موضوع الق اررين بتاريخ ‪ ،2006/8/10‬فضال عن أنه‬
‫وجه إلى غير الجهة المصدرة لهما أو السلطة الرئاسية لها‪ ،‬فإنه جاء خارج أجل ستين يوما‬
‫المحدد لتقديم التظلم طبقا لمقتضيات المادة ‪ 23‬من القانون رقم ‪ ،41-90‬مما يجعله غير‬
‫منتج في قطع أجل الطعن‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وحيث إنه تبعا لذلك‪ ،‬يكون الطلب قدم خارج األجل القانوني ويتعين التصريح بعدم‬
‫قبوله"‪.1‬‬

‫وقد توالت التطبيقات القضائية الذي صرحت بعدم قبول الطعن باإللغاء ضد القرار‬
‫الوزاري المشترك تطبيقا للقانون رقم ‪ 42.05‬على مستوى محاكم أول درجة مؤيدة في ذلك‬
‫من طرف محاكم أعلى درجة‪ ،‬حيث جاء في إحدى ق اررات محكمة النقض أن " لكن‪ ،‬حيث‬
‫إنه لما كان القرار المطلوب نقضه قد علل قضاءه تأسيسا على مقتضيات القانون رقم‬
‫‪ 42.05‬الذي حدد أجل تقديم طلبات اإللغاء ضد الق اررات الواردة في الفصل الثاني من‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.73.213‬الصادر بتاريخ ‪ 1973/03/02‬الذي تنقل بموجبه إلى‬
‫الدولة ملكية العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو‬
‫أشخاص معنويون في ستين يوما ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ‬
‫‪ 2006/03/02‬ويكون أقصى أجل للطعن هو ‪ .2006/05/02‬وحيث إن مقال الطعن‬
‫المقدم من طرف الطالبين كان بتاريخ ‪ ،2007/01/10‬فإنه يكون قد جاء معلال بكيفية‬
‫قانونية وال وجود للخرق المحتج به"‪.2‬‬
‫غير أن المالحظ أيضا أن القانون رقم ‪ 42.05‬لم يعالج جميع حاالت الطعن باإللغاء‬
‫ضد الق اررات الصادرة في إطار تطبيق الدولة لتدبير االسترجاع‪ ،‬ومن ذلك تلك الحالة‬
‫المتعلقة بالطعون باإللغاء التي وجهت ضد الق اررات المذكورة قبل صدور القانون المذكور‬
‫وصدرت فيها أحكام بعدم قبول الطعن لتقديمه خارج األجل القانوني إما لثبوت التبليغ أو‬
‫العلم اليقيني‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى‪ ،‬هل يمكن القول بأن المشرع بسنه للقانون رقم ‪ 42.05‬قد سمح لجميع‬
‫المعنيين باألمر بالطعن باإللغاء ضد الق اررات المعينة للعقارات المسترجعة من األجانب بما‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬حكم للمحكمة اإلدارية بالدار البيضاء عدد ‪ 1002‬الصادر بتاريخ ‪ 2007/5/17‬في الملف اإلداري عدد ‪ 07/155‬غ (غ م)‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محكمة النقض (الغرفة اإلدارية)‪ ،‬قرار عدد ‪ 23‬مؤرخ في ‪ 2011/01/13‬صادر في الملف رقم ‪( 2010/1/4/766‬غ م)‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فيهم أولئك الذين سبق أن تقدموا بطعون باإللغاء شريطة التقيد بأحكامه؟ أم أن األمر خالف‬
‫ذلك وال يشمل سوى الحاالت التي لم يسبق لها أن عرضت على القضاء اإلداري؟‬

‫البين أن المشرع لم يستحضر معالجة مثل هذه الحالة ربما إيمانا من واضعي النص‬
‫القانوني المذكور بأن األمر تحصيل حاصل باعتبار أن عدم االستقرار الناتج عن الق اررات‬
‫اإلدارية المذكورة كان ناتج فقط عن الطعون التي لم ترفع أمام القضاء من طرف من لم‬
‫يسبق له تقديم هذا الطعن‪.‬‬

‫أما العمل القضائي فقد تباينت مواقفه بخصوص هذا اإلشكال قبل أن يستقر على‬
‫اجتهاد موحد‪ ،‬ففي البداية أقر العمل القضائي بأن القانون رقم ‪ 42.05‬لم يفتح أجال جديدا‬
‫وأنه يخص فقط األشخاص الذين لم يسبق لهم أن مارسوا الطعن باإللغاء ولجؤا إلى القضاء‬
‫مستندا في ذلك إلى مقتضيات القانون المذكور وغاياته المتمثلة في استقرار المراكز‬
‫واألوضاع القانونية‪ ،‬وهو ما عبرت عنه صراحة المحكمة اإلدارية بالرباط حيث جاء في‬
‫حكم لها بأن " التمسك بمقتضيات القانون رقم ‪ 42.05‬بسن بعض اإلجراءات المتعلقة‬
‫بالعقارات الفالحية أو القابلة للفالحة المنقولة ملكيتها إلى الدولة‪ ،‬ليس من شأنه فتح آجاال‬
‫جديدة للطعن ضمانا الستقرار األوضاع القانونية‪ ،‬ذلك أن المقتضيات الواردة في الفقرة ‪2‬‬
‫من المادة األولى من القانون المذكور والتي تنص على أن تقديم طلبات اإللغاء ضد الق اررات‬
‫الو ازرية المشتركة يتم داخل أجل ‪ 60‬يوما من تاريخ نشر القانون تخص األشخاص الذين لم‬
‫يسبق لهم تقديم أي طعن بشأن هذه الق اررات"‪.1‬‬

‫غير أن هذا التوجه القضائي لم يعمر طويال‪ ،‬بحيث أن القضاء اإلداري على مستوى‬
‫محاكم ثاني درجة‪ ،‬وبحكم الدور الذي يلعبه في مجال حماية حقوق األفراد والجماعات‬
‫وحرياتهم كانت له وجهة نظر أخرى‪ ،‬بحيث أقر بأن القانون رقم ‪ 42.05‬فتح أجال جديدا‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المحكمة اإلدارية بالرباط‪ ،‬حكم عدد ‪ 1219‬مؤرخ في ‪ 4‬يونيو ‪ 2007‬صادر في الملف رقم ‪ 06/123‬غ‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لتقديم الطعون باإللغاء ضد الق اررات الو ازرية المشتركة‪ ،‬ومن نماذج هذا االجتهاد القضائي‬
‫نذكر القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط الذي جاء فيه ما يلي "حيث إن‬
‫القانون رقم ‪ 42.05‬قد تم نشره بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5400‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ 2006‬والذي‬
‫فتح آجاال جديدة للطعن في الق اررات التي سبق نشرها قبل صدور هذا القانون‪.‬‬

‫وحيث إن الطاعن المستأنف تقدم بمقاله االفتتاحي أمام المحكمة اإلدارية بالرباط‬
‫بتاريخ ‪ 06‬أبريل ‪ 2006‬يطعن بمقتضاه في القرار المشترك رقم ‪ 1035.73‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 1973/10/16‬القاضي (بنقل)‪ 1‬وحيازة العقار موضوع الرسم العقاري عدد ‪ ...‬إلى الدولة‪،‬‬
‫مما يكون معه الطعن المذكور قد قدم داخل األجل القانوني المحدد بمقتضى المادة األولى‬
‫من القانون المشار إلى مراجعه أعاله‪ ،‬ويكون الحكم المستأنف عندما قضى بخالف ذلك‬
‫مخالفا للقانون ومعرضا لإللغاء"‪.2‬‬

‫ونفس االجتهاد أكدته محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش في قرار لها جاء فيه " حيث‬
‫إنه باستقراء المقتضيات القانونية أعاله وال سيما الفقرة الثانية منها يتبين أن المشرع قد أعطى‬
‫لألشخاص المعنيين باألمر إمكانية الطعن في الق اررات الصادرة باسترجاع العقارات الفالحية‬
‫أو القابلة للفالحة التي كانوا يملكونها لفائدة الدولة المنشورة قبل ‪ 2‬مارس ‪ ،2006‬أي قبل‬
‫صدور القانون ‪ 42.05‬داخل أجل ستين يوما وهو ما يعني أنه فتح لهؤالء أجال جديدا‬
‫للطعن في الق اررات المذكورة"‪.3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬أشار قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط المذكور عن غير صواب أن القرار المشترك قضى بنقل ملكية العقار المسترجع‪ ،‬بينما القرار‬
‫المذكور وكغيره من الق اررات الو ازرية المشتركة تكتفي بتعيين العقار المسترجع على اعتبار أن نقل الملكية تم بمقتضى القانون أي ظهير ‪ 2‬مارس‬
‫‪ 1973‬الذي نص في فصله األول على أنه " تنقل إلى الدولة ابتداء من تاريخ نشر ظهيرنا الشريف هذا ملكية العقارات الفالحية أو القابلة‬
‫للفالحة الكائنة كال أو بعضا خارج الدوائر الحضرية والتي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو أشخاص معنويون"‪ ،‬بما يعني ذلك أن نقل الملكية‬
‫تم بموجب الظهير المذكور وليس بمقتضى القرار الوزاري المشترك الذي يقتصر على تعيين هذا العار المنقولة ملكيته بعد التحقق من توفر شروط‬
‫استرجاعه‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪ ،‬قرار عدد ‪ 947‬مؤرخ في بتاريخ ‪ 9‬يوليوز ‪ 2008‬صادر في الملف رقم ‪( 5/07/373‬غ م)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش‪ ،‬قرار عدد ‪ 489‬مؤرخ في ‪ 2008/11/12‬صادر في الملف رقم ‪( 2008/5/103‬غ م)‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويبدو لنا أن هذا التوجه القضائي الذي تبنته أيضا محكمة النقض (الغرفة اإلدارية) في‬
‫عدة ق اررات صادرة عنها‪ ،‬إن كان يحقق حماية خاصة لألفراد والجماعات بأن فسر نصا‬
‫قانونا بما يحمي حقوقهم‪ ،‬فإنه بالمقابل لم يراع متطلبات المصلحة العامة بحيث ‪ -‬في‬
‫تقديرنا‪ -‬لم يحقق من خالل هذا االجتهاد توازنا بين المصالح الخاصة والمصلحة العامة‪،‬‬
‫ذلك أنه من جهة فإنه لم يراع كون المشرع في القانون رقم ‪ 42.05‬لم ينص على فتح أجل‬
‫جديد للطعن ال صراحة وال تلميحا وال ضمنيا بل اقتصر فقط على التأكيد على ما هو‬
‫معمول به في القواعد العامة من تحديده ألجل الطعن في ‪ 60‬يوما مع جعل هذا األجل‬
‫يسري ابتداء من نشر القرار اإلداري أو القانون المذكور بالجريدة الرسمية حسب األحوال‪،‬‬
‫بينما ال تتضمن مقتضياته أي آجال جديدة في مصلحة الطاعنين الذي سبق أن ولجوا‬
‫القضاء حتى يمكن القول بإمكانية تطبيق هذا القانون عليهم‪.‬‬

‫ومن جهة ثانية‪ ،‬فإنه من القواعد العامة في مجال التقاضي أن الحق ال يمكن المطالبة‬
‫به قضائيا أكثر من مرة واحدة وذلك حفاظا على استقرار المراكز واألوضاع القانونية وتفاديا‬
‫لصدور أحكام متناقضة في نفس القضية ودرءا لفتح باب المنازعات إلى ما النهاية‪ ،1‬وهو‬
‫ما ال يتحقق في الحالة موضوع الدراسة بحيث إن هذا االجتهاد القضائي أدى إلى عكس‬
‫الغاية المتوخاة من إصدار القانون رقم ‪ ،42.05‬فبدل وضع حد للمنازعات المرتبطة بالطعن‬
‫ضد الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة للعقارات المسترجعة من طرف الدولة وتحقيق استقرار‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬إن هذا المبدأ أكده القضاء اإلداري المغربي في أحكام و ق اررات عدة نذكر منها على سبيل المثال ال الحصر‪ :‬القرار عدد ‪ 874‬الصادر عن‬
‫محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) بتاريخ ‪ 2003/11/20‬في الملف عدد ‪ 2002/1/4/2444‬و الذي جاء في إحدى حيثياته ما يلي‪:‬‬
‫" وحيث إنه من القواعد المقررة في طرق الطعن أنه ال يجوز ممارسة نفس الطعن مرتين"‪.‬‬
‫كما جاء في الحكم عدد ‪ 655‬المؤرخ في ‪ 2004/12/13‬الصادر عن المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء في الملف عدد ‪ 2003/1633‬غ و الذي‬
‫جاء فيه ‪:‬‬
‫" وحيث إنه من الراسخ قانونا وقضاء أنه ال يمكن المطالبة بنفس الحق من خالل دعاوى قضائية متعددة رائجة في نفس الوقت أمام جهات‬
‫قضائية مختلفة وذلك حفاظا على استقرار المراكز القانونية و تفاديا لصدور أحكام متناقضة"‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المراكز واألوضاع القانونية‪ ،‬فقد تولدت عنه منازعات أخرى تم إحياؤها من جديد نتيجة ما‬
‫اعتبر فتحا ألجل جديد‪.1‬‬

‫ومن اإلشكاليات المرتبطة بأجل الطعن ضد الق اررات اإلدارية موضوع الدراسة تلك‬
‫المرتبطة بعالقة القانون رقم ‪ 42.05‬بالقواعد العامة المنظمة ألجل الطعن باإللغاء ضد‬
‫الق اررات اإلدارية بوجه عام‪ ،‬وال سيما المقتضيات القانونية غير الواردة في هذا القانون وعلى‬
‫األخص مسطرة التظلم ضد الق اررات المذكورة وما إن كانت تمدد أجل الطعن ضد القرار‬
‫الوزاري المشترك أم ال خاصة في ظل عدم التنصيص عليها بالقانون رقم ‪.42.05‬‬

‫اختلفت آراء الباحثين في شأن هذه اإلشكالية بين من اعتبر بأنه ال مانع قانوني من‬
‫اعتماد مسطرة التظلم في تمديد آجال الطعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك المعين‬
‫للعقارات المسترجعة من األجانب‪ ،2‬وبين من اعتبر بأن اإلمكانية تبقى غير متاحة بالنظر‬
‫إلى أن األمر يتعلق بقانون خاص واجب اإلعمال ويقيد ما عداه من المقتضيات العامة‪.3‬‬

‫ومن جانبا‪ ،‬نرى بأنه‪ ،‬من الناحية القانونية الصرفة‪ ،‬يمكن القول بأن مسطرة التظلم‬
‫تبقى قائمة على اعتبار أن القانون رقم ‪ 42.05‬اكتفى فقط بسن بعض اإلجراءات المتعلقة‬
‫بالعقارات الفالحية أو القابلة للفالحة المنقولة ملكيتها إلى الدولة كما يتضح من عنونته‬
‫ومضمونه وهي اإلجراءات المتعلقة بأمد الطعن باإللغاء وسريانه‪ ،‬بحيث أن هذا القانون‬
‫استثنى من القواعد العامة فيما يتعلق بالطعون الموجهة ضد الق اررات المعينة للعقارات‬

‫‪ -‬راجع بهذا الخصوص‪ ،‬محمد نبيل حرزان " القانون رقم ‪ 42.05‬القاضي بسن بعض اإلجراءات المتعلقة بالعقارات المنقولة ملكيتها إلى الدولة‬ ‫‪1‬‬

‫وتوجهات العمل القضائي"‪ ،‬أشغال اليوم الدراسي حول موضوع اإلشكاليات القانونية التي يثيرها ظهير ‪ 2‬مارس ‪ 1973‬المنقولة بموجبه إلى الدولة‬
‫ملكية العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة التي يملكها اشخاص ذاتيون أجانب أو اشخاص معنويون‪ ،‬نظم بشراكة بين الوكالة القضائية للمملكة‬
‫ومديرية أمالك الدولة بتاريخ ‪ 17‬يونيو ‪ ،2011‬منشورات و ازرة االقتصاد والمالية بالرباط‪ ،‬ص‪.22 .‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ ،‬عمر األزمي اإلدريسي " آجال الطعن في الق اررات الو ازرية المشتركة المتعلقة باسترجاع العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة المملوكة‬
‫لألجانب تطبيقا لظهيري ‪ 26‬سبتمبر ‪ 1963‬و‪ 2‬مارس ‪ ،" 1973‬المجلة المغربية إلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،70‬شتنبر‬
‫– أكتوبر ‪ 2006‬ص‪.47 .‬‬
‫‪ -‬راجع‪ ،‬نور الدين بريمي " العقارات المسترجعة من األجانب‪ :‬المنازعات وطرق التدبير"‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬ ‫‪3‬‬

‫محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بوجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2018/2017‬ص ‪.224‬‬

‫‪258‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المسترجعة من األجانب تاريخ سريان أجل الطعن واحتفظ بأمده طالما أن األمر يتعلق بنفس‬
‫المدة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية و القانون المحدث للمحاكم اإلدارية أي‬
‫‪ 60‬يوما‪ ،‬بينما لم يتضمن أي استثناءات أخرى وهو بذلك أبقى على باقي المقتضيات‬
‫القانونية العامة ومنها إمكانية تمديد أجل الطعن عن طريق مسطرة التظلم وفقا لما تقضي به‬
‫المادة ‪ 23‬من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية‪ ،‬كما أنه من جانب آخر ال وجود ألي‬
‫تعارض بين المقتضى القانوني المنظم لمسطرة التظلم والقانون رقم ‪.42.05‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن أجل الطعن في مواجهة الق اررات الو ازرية المشتركة المعينة‬
‫للعقارات المسترجعة من األجانب ابتداء من تاريخ نشرها أو نشر القانون رقم ‪42.05‬‬
‫بالجريدة الرسمية يسري على جميع الطاعنين المقيمين بالمغرب‪ ،‬لكن اإلشكال أثير في شأن‬
‫الطاعنين المقيمين خارج أرض الوطن‪ ،‬فهل ينطبق عليهم هذا األجل باعتبار أن األمر‬
‫يتعلق بتطبيق نص قانوني يسري في مواجهة الكافة بغض النظر عن مكان إقامتهم؟‪ ،‬أم أن‬
‫األمر خالف ذلك بحيث إن المشرع يراعي في بعض األحيان اإلقامة بخارج تراب المملكة‬
‫كما فعل بالنسبة لتبليغ اإلجراءات القضائية لغير المقيمين بالمغرب حيث مدد األجل بالنسبة‬
‫لهم؟‪.‬‬

‫لقد أجابت محكمة االستئنافية اإلدارية بالرباط عن هذا اإلشكال‪ ،‬وصرحت بأن هذا‬
‫األجل ال يسري على الطاعن الذي ثبت أنه مقيم خارج المغرب مبررة اجتهادها هذا بأن‬
‫"الجريدة الرسمية ال يتعدى نطاق نشرها أرض الوطن حتى يتم االستناد إليها لبداية احتساب‬
‫أجل الطعن‪ ،‬فما دام الطاعن يقيم خارج أرض الوطن حسب جواز سفره وليس بالملف ما‬
‫يفيد تواجده بالمغرب أثناء سريان األجل المذكور‪ ،‬فإنه يتعين القول بأن ذلك األجل يبقى‬

‫‪259‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بالنسبة إليه مفتوحا ويتعين بالتالي قبول طلبه‪ ،‬وأن الحكم المستأنف حينما قضى بعدم قبول‬
‫الطلب لتقديمه خارج األجل القانوني جاء مجانبا للصواب وموجبا لإللغاء "‪.1‬‬

‫ونرى بأن ما انتهت إليه محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط غير مبرر قانونا‪ ،‬إذ ال‬
‫وجود ألي نص قانوني يعطي امتياز لغير المقيمين بالمغرب في االستفادة من مقتضيات‬
‫قانونية تسري على الجميع على قدم المساواة عمال بأحكام الدستور‪ ،‬كما أنه وإن كانت بعض‬
‫المقتضيا ت القانوني تعطي امتيا از لألشخاص المقيمين خارج المغرب كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للتبليغ في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬فإن القياس ال يمكن إعماله في مجال أجل الطعن‬
‫باإللغاء باعتبار أن األمر يتعلق بتطبيق قاعدة متصلة بالنظام العام تحدد أجال قانونيا‬
‫للطعن ضد القرار اإلداري‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة في األخير‪ ،‬أن مقال الطعن باإللغاء ال يكون مقبوال فقط باستجماعه‬
‫شروط الصفة والمصلحة وإدراجه داخل األجل القانوني‪ ،‬بل إن األمر يقتضي توفره على‬
‫باقي الشروط الشكلية ومنها على الخصوص اإلدالء بالمقرر المطعون فيه أو بتظلم إن كان‬
‫قد تم تقديمه وذلك عمال بمقتضيات المادة ‪ 21‬من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية وتوفره‬
‫على باقي البيانات القانونية الوارد ذكرها في الفصل ‪ 32‬من قانون المسطرة المدنية المحال‬
‫عليه بموجب المادة ‪ 7‬من القانون المحدث للمحاكم اإلدارية‪ .‬كما أن قاضي اإللغاء يتوفر‬
‫على كامل الصالحيات لتحقيق الدعوى من األمر بإجراء بحث أو خبرة أو معاينة عند‬
‫االقتضاء‪.‬‬

‫لنتساءل في ختام هذا المبحث عن القواعد التي أقرها قاضي اإللغاء في تعامله مع‬
‫عيب مخالفة القرار الوزاري المشترك للقانون؟ وما هي اآلثار المترتبة عن إلغاء هذا النوع من‬
‫الق اررات على مستوى حماية حق الملكية العقارية؟ تلك األسئلة ستكون موضوع جواب في‬
‫المبحث الموالي‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫‪ -‬محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش‪ ،‬قرار عدد ‪ 101‬مؤرخ في ‪ 2009/01/21‬صادر في الملف رقم ‪( 5/07/382‬غ م)‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مظاهر الرقابة على عيب مخالفة القانون في القرار الوزاري‬

‫المشترك وفعاليتها‬

‫يخضع القرار الوزاري المشترك المعين للعقارات المسترجعة من طرف الدولة لرقابة‬
‫قاضي اإللغاء من حيث عيوب المشروعية الخمس المنصوص عليها في المادة ‪ 20‬من‬
‫القانون المحدث للمحاكم اإلدارية‪ ،‬ويتعلق األمر بعيوب االختصاص والشكل والسبب‬
‫ومخالفة القانون واالنحراف في استعمال السلطة‪.‬‬

‫وإذا كانت العيوب الشكلية أو الخارجية في القرار الوزاري المشترك والمتمثلة في كل‬
‫من االختصاص وا لشكل لم تثر أي إشكاالت تذكر على صعيد العمل القضائي‪ ،‬فإن باقي‬
‫العيوب الموضوعية أو العيوب الداخلية كما يصطلح عليها في الفقه وال سيما عيب مخالفة‬
‫القانون شكلت حجز الزاوية في المنازعات التي أثريت بشأن الطعون باإللغاء‪ ،‬حيث ال يخلو‬
‫طعن باإللغاء ضد القرار الوزاري المشترك من وسيلة مخالفة القانون المتمثل في ظهير ‪2‬‬
‫مارس ‪ 1973‬وال سيما الفصل األول منه الذي حدد شروط نقل ملكية العقارات المملوكة‬
‫لألجانب واألشخاص المعنوية لفائدة الدولة‪ ،‬والمتمثلة في ثالثة شروط أساسية وهي‪ ،‬أن‬
‫يكون العقار مملوكا لشخص ذاتي أجنبي أو شخص معنوي‪ ،‬وأن يكون العقار المسترجع‬
‫فالحيا أو قابال للفالحة‪ ،‬وأن يكون واقعا خارج الدوائر الحضرية كال أو بعضا‪.‬‬

‫وتمثل رقابة قاضي اإللغاء على الق اررات الو ازرية المشتركة القاضية بتعيين العقارات‬
‫المنقولة ملكيتها إلى الدولة في إطار تطبيق تدبير استرجاع األراضي من األجانب أهم‬
‫ضمانة قانونية لحماية المشروعية من خالل إخضاع أعمال اإلدارة الصادرة تطبيقا للنظام‬
‫القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب للقواعد القانونية التي سنها النظام المذكور والعمل‬
‫على تحقيق مراميه وأهدافه‪.‬‬

‫‪261‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ذلك أنه من مقتضيات مبدأ المشروعية أن يكون القرار اإلداري مطابقا من حيث‬
‫الموضوع لمضمون القواعد القانونية‪ ،‬وقد أشارت المادة ‪ 20‬من القانون المحدث للمحاكم‬
‫اإلدارية إلى أنه يعتبر من أسباب الطعن باإللغاء مخالفة القرار اإلداري للقانون‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬ويذهب الفقه اإلداري إلى أن عيب مخالفة القرار اإلداري للقانون له معنى ضيق‬
‫يشمل مخالفة القرار للقانون في فحواه أو مضمونه‪ ،‬وبمعنى آخر أن يكون األثر القانوني‬

‫المترتب على القرار اإلداري غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره سواء أكان مكتوباً‬
‫كأن يكون نصا دستوريا أو تشريعياً أو تنظيميا أو غير مكتوب كالعرف والمبادئ العامة‬
‫للقانون وهو موضوع بحثنا في هذا المجال‪.‬‬

‫أما عيب مخالفة القانون بمعناه الواسع فيشمل باقي عيوب القرار اإلداري كافة‪ ،‬أي‬
‫عيوب االختصاص والشكل والسبب وعيب االنحراف في استعمال السلطة‪.‬‬
‫وتتجسد حاالت مخالفة القرار الوزاري المشترك للقانون في المخالفة المباشرة للقواعد‬
‫القانونية ال تي أرساها المشرع في النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب وال سيما‬
‫تلك المنصوص عليها في الفصل األول سواء في ظهير ‪ 26‬شتنبر ‪ 1963‬أو ظهير ‪2‬‬
‫مارس ‪ 1973‬التي حددت الشروط التي بموجبها تسترجع الدولة ملكية العقارات التي نعاها‬
‫الظهيرين المذكورين‪ ،‬وهي أن يكون العقار المعني أرض استعمار أو مملوك لشخص أجنبي‬
‫ذاتي أو شخص معنوي وأن يكون العقار فالحيا أو قابال للفالحة وواقعا كال أو بعضا خارج‬
‫الدوائر الحضرية‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فمن بين اإلشكاليات التي طرحت أمام قاضي اإللغاء عند بته في الطعون‬
‫الموجهة ضد الق اررات الو ازرية المشتركة إشكالية تحصن هذا النوع من الق اررات على إثر‬
‫صدور القانون رقم ‪ 42.05‬المومإ إليه أعاله‪ ،‬حتى بدا بأن هذا النوع من المنازعات سيندثر‬
‫بالمرة بسبب الحصانة القانونية للق اررات الو ازرية المشتركة‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غير أن قاضي اإللغاء لم يقتصر فقط على التسليم بالمقتضيات القانونية المنظمة‬
‫السترجاع األراضي من األجانب بحرفيتها‪ ،‬بل إنه أعطاها تأويال وتفسي ار مستحض ار المبادئ‬
‫العامة التي تحكم قضاء اإللغاء ومنها على الخصوص اعتبار القرار الوزاري المشترك الذي‬
‫قضى بتعيين عقار ال تتوفر فيه شروط استرجاعه ق ار ار منعدما‪ ،‬ومن نتائج ذلك عدم‬
‫خضوعه ألجل الطعن باإللغاء سواء إعماال للقواعد العامة الواردة بالمادة ‪ 23‬من القانون‬
‫المحدث للمحاكم اإلدارية أو عمال بالمقتضيات الخاصة المنصوص عليها في القانون رقم‬
‫‪.42.05‬‬

‫هذا‪ ،‬ويعرف الفقه القرار اإلداري المعدوم بأنه " القرار المنعدم الصلة بقواعد المشروعية‬
‫بحيث يفقده صفته اإلدارية ويحوله إلى مجرد عمل مادي بحت ليس من شأنه أن يرتب أي‬
‫أثر قانوني في مواجهة األفراد أو يؤثر في مراكزهم القانوني"‪.1‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬فقد اعتبر قاضي اإللغاء الق اررات الو ازرية المشتركة المحددة للعقارات‬
‫المسترجعة من طرف الدولة ق اررات معدومة إذا ثبت له عدم توفر شرط ملكية األجنبي‬
‫للعقار المسترجع‪ 2‬وقضى بإلغائها معلال ذلك بكون " شرط الجنسية يعتبر من ضمن أهم‬
‫الشروط القانونية التي يجب توفرها في القرار الذي تقرر بمقتضاه تعيين العقارات المعنية‬
‫بتدبير االسترجاع من طرف الدولة‪ ،‬وأنه في حالة عدم توفر هذا الشرط الجوهري فإنه تنتفي‬
‫موجبات تطبيق هذا الظهير وبأنه الوسيلة الوحيدة لإلدارة لنقل ملكية العقار المسترجع إليها‬
‫هو تطبيق النظام القانوني لنزع الملكية ألجل المنفعة العامة وليس النظام القانوني لألراضي‬

‫‪ - 1‬من اآلثار المترتبة على صدور القرار اإلداري المعدوم أنه يجوز لإلدارة أن تسحبه في أي وقت دون التقيد بمدة الستين يوماً (شهرين) لتحصين‬
‫القرار اإلداري‪ ،‬ويجوز الطعن فيه أمام القضاء اإلداري دون التقيد باألجل المحدد قانونا للطعن‪ ،‬ومن صوره تعدي سلطة إدارية على اختصاص‬
‫سلطة أخرى إدارية كانت أم قضائية أم تشريعية‪ ،‬والخطأ الجسيم في إصدار القرار اإلداري‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬راجع قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد ‪ 2869‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬يونيو ‪ 2012‬في الملف رقم ‪( 5/12/26‬غ م)‪ ،‬والمبرم بموجب‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 1037‬الصادر بتاريخ ‪ 13‬دجنبر ‪ 2012‬في الملف رقم ‪ ( 2012/1/4/1753‬غ م)‪.‬‬
‫وقد توالت بعد ذلك األحكام التي اعتبرت القرار الوزاري المشترك ق ار ار منعدما لنفس العلل‪ ،‬من ذلك نذكر على سبيل المثال ق اررات محكمة االستئناف‬
‫اإلدارية بالرباط عدد ‪ 1177‬المؤرخ في ‪ 16‬مارس ‪ 2015‬الصادر في الملف رقم ‪ ( 5/13/566‬غ م)‪ ،‬والقرار عدد ‪ 120‬المؤرخ في ‪ 10‬يناير‬
‫‪ 2017‬في الملف رقم ‪ 2016/7205/594‬مضموم إليه الملف رقم ‪ ( 2016/7205/619‬غ م)‪.‬‬
‫وحكم المحكمة اإلدارية بالرباط عدد ‪ 1674‬المؤرخ في ‪ 2016/04/26‬الصادر في الملف رقم ‪ ( 2016/7110/282‬غ م)‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المسترجعة من األجانب"‪ ،‬وقد اعتبر قاضي اإللغاء بذلك القرار الوزاري المشترك الذي عين‬
‫العقارات المسترجعة من الدولة رغم ثبوت عدم ملكيته لألجنبي بتاريخ سريان مفعول ظهير ‪2‬‬
‫مارس ‪ 1973‬هو " قرار منعدم السند القانوني بحيث أنه ليست له أي مرجعية قانونية ضمن‬
‫ظهير األراضي المسترجعة حتى يمكن القول بأنه جاء مخالفا له‪ ،‬ألن هذا الظهير جاء‬
‫أساسا لمخاطبة األجانب وليس المغاربة‪ ،‬ومن تم فهذا القرار أصبح منقطع الصلة بقواعد‬
‫المشروعية التي تجد أساسها في القانون بمختلف درجاته وتصنيفاته‪ ،‬وانتقل معه تصرف‬
‫اإلدارة من عمل قانوني مجسد للقانون المستند إليه في صورة قرار إداري‪ ،‬إلى مجرد عمل‬
‫مادي هو أقرب منه إلى فعل االعتداء المادي على حق الملكية والذي هو من الحقوق‬
‫المكفولة لألفراد التي ال يمكن التطاول عليها بأي وجه من الوجوه‪ ،‬ولو كان واضع اليد عليها‬
‫هو شخص معنوي عام‪ ،‬متى ثبت أنه استعمل إطا ار قانونيا معينا من أجل إيجاد التبرير‬
‫القانوني لتصرف ما‪ ،‬والحال أنه منقطع ومعدوم الصلة بهذا القانون‪ ،‬بل إنه ال ينطبق عليه‬
‫أصال‪ ،‬وبالتالي أصبح على درجة من الجسامة التي تنزله إلى مرتبة الق اررات المعدومة ‪."...‬‬

‫هذا‪ ،‬ومن نتائج اعتبار القرار الوزاري المشترك ق ار ار معدوما ليس فقط الحكم بإلغائه‪،‬‬
‫بل عدم خضوعه ألجل الطعن باإللغاء عمال بما استقر عليه الفقه وتواتر على ذلك االجتهاد‬
‫القضائي وهو ما يخول لقاضي اإللغاء حق الرقابة حتى على الق اررات التي تحصنت بفعل‬
‫فوات أجل الطعن سواء المنصوص عليه في القانون رقم ‪ 42.05‬أو المادة ‪ 23‬من القانون‬
‫المحدث للمحاكم اإلدارية ‪ ،‬وفي هذا صرحت محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط في قرار لها‬
‫بأنه "اعتبا ار لكون القرار الوزاري المشترك محل الطعن هو قرار منعدم ومقطوع الصلة‬
‫بالمشروعية إلى درجة أصبح معه مندرجا ضمن إطار الق اررات المعدومة‪ ... ،‬فإن ذلك يعني‬

‫‪264‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أن الطعن المقدم ضد هذا القرار يبقى محموال على تقديمه داخل اآلجال القانونية‪ ،‬وبالتالي‬
‫مقبول شكال"‪.1‬‬

‫إال أن محكمة النقض تراجعت عن التوجه القضائي أعاله في ق اررات الحقة معللة‬
‫موقفها هذا بكون " المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما أيدت الحكم المستأنف فيما‬
‫انتهى إليه من إلغاء القرار الوزاري المشترك دون مراعاة أن الطعن قدم خارج األجل المحدد‬
‫في قانون ‪ ،42.05‬وبالتالي غير مقبول"‪ ،2‬وخلصت بذلك إلى نقض القرار المطعون فيه‬
‫الذي اعتبر القرار الوزاري المشترك ق ار ار معدوما ورتبت على ذلك تأييد الحكم المستأنف الذي‬
‫قضى بقبول الطعن الموجه ضده شكال وبإلغائه موضوعا‪.‬‬

‫خالصة‪:‬‬

‫من خالل ما تقدم‪ ،‬يتبين أن منازعات قضاء اإللغاء المرتبطة باألراضي المسترجعة‬
‫من األجانب تتميز بخصوصية عن باقي المنازعات اإلدارية‪ ،‬سواء من حيث اإلجراءات‬
‫سيما فيما يتعلق بالصفة أو من حيث الموضوع في شأن القواعد التي كرسها قاضي اإللغاء‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬راجع على سبيل المثال قرار محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط عدد ‪ 1177‬المؤرخ في ‪ 16‬مارس ‪ 2015‬الصادر في الملف رقم ‪5/13/566‬‬
‫(غ م)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪ -‬محكمة النقض (الغرفة اإلدارية)‪ ،‬قرار عدد ‪ 1/655‬مؤرخ في ‪ 2018/06/21‬صادر في الملف اإلداري رقم ‪( 2017/1/4/3978‬غ م)‪،‬‬
‫(الوكيل الق ضائي للمملكة ضد ورثة الهالكة نيلي بندراعو)‪.‬ومما جاء في حيثيات هذا القرار " أن محكمة االستئناف اإلدارية اعتبرت القرار الوزاري‬
‫المشترك المعين للعقار المسترجع من الدولة ق ار ار معدوما الفتقاد شرط الجنسية في عملية االسترجاع ورتبت على ذلك كونه غير خاضع ألجل‬
‫بمقتضيات المادة األولى من قانون ‪ 42.05‬التي جعلت الق اررات‬ ‫الطعن باإللغاء "في حين أثار الطالبون أمامها بكون المحكمة لم تتقيد‬
‫الوزارية المشتركة الصادرة في إطار ظهيري ‪ 1963/09/26‬و ‪ 1973/03/2‬ق اررات ذات صبغة تنظيمية وذلك بإخضاعها ألجل الطعن باإللغاء‬
‫لوضع حد إلثارة نزاعات جديدة تهم العقارات المسترجعة من طرف الدولة وتحديد أجل نهائي للطعن باإللغاء في الق اررات التي صدرت قبل نشر‬
‫القانون المذكور‪ ،‬خاصة وأن اإلدارة قد تمسكت بكون مورثة المطلوبين هي من األشخاص المشمولين باالتفاقية المبرمة بين المملكتين‬
‫اإلسبانية والمغربية المؤرخة في ‪ 1979/11/08‬بشأن تعويض مالكي العقارات المشمولة بظهير االسترجاع التي دخلت حيز التنفيذ بالتوقيع‬
‫عليها وحصل بموجبها المالك السابقون الحاملون للجنسية اإلسبانية المسترجعة منهم أراضيهم من طرف الدولة على تعويضات‪ ،‬والمحكمة‬
‫مصدرة القرار المطعون فيه لما ايدت الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من إلغاء القرار الوزاري المشترك دون مراعاة أن الطعن قدم خارج األجل‬
‫المحدد في قانون ‪ ،42.05‬وبالتالي غير مقبول لم تجعل لما قضت به أساس من القانون وعللت قرارها تعليال فاسدا يوازي انعدامه‪ ،‬مما‬
‫عرضته للنقض"‪.‬‬
‫راجع‪ ،‬في نفس االتجاه‪ ،‬قرار محكمة النقض (الغرفة اإلدارية) عدد ‪ 1/568‬المؤرخ في ‪ 2017/04/13‬صادر في الملف اإلداري رقم‬
‫‪ ،2015/1/4/2814‬غ م (الوكيل القضائي للمملكة ضد ورثة الهالكة صول بندراعو)‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫في مجال حماية حق الملكية العقارية من أي تجاوز أو تفسير ال يتالئم والمبادئ التي تحمي‬
‫حق الملكية‪.‬‬

‫ويبدو لنا أن القضاء اإلداري على مستوى قضاء اإللغاء تعامل بهذا المنطق مع‬
‫اإلشكاليات التي أثريت في شأن تطبيق النظام القانوني لألراضي المسترجعة من األجانب‬
‫بحيث لم تخلو أحكامه من اجتهادا قضائية تتمثل في تفسير النصوص المنظمة على غير‬
‫العادة يتجلى ذلك واضحا من خالله توسيعه من مفهوم المصلحة وجعلها تشمل األجانب‬
‫والمغاربة على سواء وفي اعتباره القانون رقم ‪ 42.05‬فتح أجال جديدا للطاعنين الراغبين في‬
‫مخاصمة المقررات الو ازرية المشتركة‪ ،‬وكذا في اعتباره هذا النوع من الق اررات من نوع‬
‫الق اررات اإلدارية المعدومة التي ال تتحصن بفوات أجل الطعن إذا لم تحترم شروط االسترجاع‬
‫كما هي مقررة قانونا‪ ،‬باإلضافة إلى عدم سريان أجل الطعن باإللغاء المنصوص عليه في‬
‫القانون رقم ‪ 42.05‬في مواجهة األشخاص المقيمين خارج تراب المملكة‪.‬‬

‫ورغم أن محكمة النقض غيرت من بعض هذه التوجهات القضائية‪ ،‬فإن ذلك لم يحد‬
‫من الدور الفعال لقاضي اإللغاء في مجال حماية حق الملكية العقارية المرتبطة باألراضي‬
‫المسترجعة من األجانب من خالل الرقابة على مشروعية الق اررات الو ازرية المشتركة الصادرة‬
‫في هذا اإلطار وكذا الق اررات ذات الصلة بالتسوية اإلدارية للنازعات المنبثقة عن تطبيق‬
‫ظهير ‪ 2‬مارس ‪.1973‬‬

‫‪266‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ العقاوي سعيد‪،‬‬


‫رئيس مصلحة منازعات المسؤولية اإلدارية بالشمال‬
‫بالوكالة القضائية للمملكة‬

‫مقدمة‬

‫يعتبر حق الملكية من اهم الحقوق التي حظيت بحماية قانونية‪ ،‬إذ تكفل الدستور وكذا‬
‫التشريعات الوضعية والسماوية بحمايته‪.‬‬

‫وهكذا نجد أن الدستور المغربي في فصله ‪ 35‬على أن القانون يضمن حق الملكية‪،‬‬


‫وأنه يمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون‪ ،‬إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية للبالد‪ ،‬وأكد على أنه ال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت ووفق‬
‫اإلجراءات التي ينص عليها القانون‪.‬‬

‫كما أكد الفصل األول من القانون رقم ‪ 7-81‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 254-81-1‬الصادر بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪ 1982‬المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة‬
‫وباالحتالل المؤقت على أن نزع ملكية العقارات كال أو بعضا ال يجوز الحكم به إال إذا‬
‫أعلنت المنفعة العامة‪ ،‬وال يمكن إجراؤه إال طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة‬
‫االستثناءات المدخلة عليه كال أو بعضا بموجب تشريعات خاصة‪.‬‬

‫وبالنظر إلى حالة اإلستعجال في تنفيذ المشاريع وبطء مسطرة نزع الملكية‪ ،‬فقد تعمد‬
‫اإلدارة في بعض الحاالت إلى وضع يدها على عقارات مملوكة للغير دون اتباع مسطرة نزع‬
‫الملكية للمنفعة العامة‪ ،‬مما يؤدي إلى رفع المتضررين من هذا اإلجراء لدعاوى امام المحاكم‬
‫للمطالبة بالتعويض عن هذا التصرف أو برفعه أو إيقافه‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ولقد استقر القضاء اإلداري رغم اختالف الفقه على اعتبار هذا السلوك بمثابة اعتداء‬
‫مادي على حق الملكية‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن البعض من الفقه وبعض التوجهات القضائية ميزت بين‬
‫االعتداء المادي وبين الغصب أو االستيالء‪.‬‬

‫ومهما يكن من اختالف في اآلراء والتصورات فإن االعتداء المادي الوارد على حق من‬
‫حقوق الملكية يستند إلى غصب غير مشروع للحق المذكور دون التقيد بالمسطرة القانونية‬
‫التي جعلها المشرع ضمانة لحماية حق الملكية وكافة الحقوق العينية المتعلقة بالعقار‪.‬‬

‫ويالحظ أن موضوع االعتداء المادي قد حظي باهتمام واسع من طرف الدارسين‬


‫والمهتمين ‪ ،‬بل إن الخطاب الملكي السامي للمغفور له جاللة الملك الحسن الثاني عند‬
‫إعالنه عن إحداث المحاكم اإلدارية قد أشار بوضوح إلى بعض اإلشكاليات المرتبطة بنزع‬
‫ملكية عقارات المواطنين كما جدد الخطاب الملكي السامي لجاللة الملك محمد السادس‬
‫اإلشارة إلى أهمية هذا الموضوع من خالل خطابه أمام نواب األمة بمناسبة افتتاح السنة‬
‫التشريعية الحالية ‪ ،‬مما يعني أن الموضوع رغم كونه مطروق باستمرار من طرف الدارسين‬
‫والمهتمين إال أنه ال يزال يكتسي راهنية وأهمية ‪ ،‬وهو ما حذا بنا إلى أن نساهم ببعض‬
‫األفكار في مقاربته لتدارس اإلشكاالت العملية التي ال تزال تلح بآثارها على كل مهتم بهذا‬
‫المجال‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬صور وحاالت االعتداء المادي من خالل منظور القضاء‬


‫المغربي‬

‫يأخذ مفهوم االعتداء المادي على الملكية العقارية والحقوق العينية المرتبطة بها عدة‬
‫صور كرسها العمل القضائي بشكل يؤكد على أنه يوسع من مفهوم االعتداء المادي ومن‬
‫أهم تلك الصور ما يلي‪:‬‬

‫‪268‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫صور االعتداء المادي المباشر أو ما يمكن أن يصطلح عليه باإلعتداء‬


‫المادي اإليجابي‬

‫نقصد بذلك الحيازة الفعلية والمباشرة للعقار قصد استغالله إلنشاء مرفق عام دون‬
‫سلوك للمسطرة القانونية المنصوص عليها في القانون ‪ ، 81/7‬وهي الحالة التي ال تطرح‬
‫أي نقاش أو جدال بشأنها ما دام أن مظاهر انتفاء المشروعية في مسلك اإلدارة ال يمكن‬
‫تبريره أو الدفاع عنه ‪ ،‬غير أن القضاء قد تجاوز هذه الحالة إلى حاالت أخرى تكون اإلدارة‬
‫قد شرعت في سلوك إجراءات نزع الملكية إال أنها لم تستكملها أو أنها حازت العقار بسند‬
‫تجهل عيوبه وصرح القضاء بإلغائه أو بطالنه‪.‬‬

‫أ‪ :‬حاالت شروع اإلدارة في مسطرة نزع الملكية دون استكمالها‬

‫قد يتبادر إلى الذهن بأن الشروع في مسطرة نزع الملكية‪ ،‬سواء من خالل االقتناء‬
‫بالتراضي أو عن طريق مسطرة نزع الملكية‪ ،‬من شأنه أن ينفي عن التصرف صفة االعتداء‬
‫المادي‪ ،‬غير أن القضاء يعتبر أن اإلدارة تكون في وضعية اعتداء مادي بمجرد وضع يدها‬
‫على العقار دون أن تستكمل مسطرة نزع الملكية ألجل المنفعة العامة إلى منتهاها‪ ،‬وال يشفع‬
‫لها كونها قد شرعت في سلوك المسطرة اإلدارية لنزع ملكية العقار ما لم تقم باستصدار أمر‬
‫قضائي بحيازته وتقديم طلب من أجل الحكم بنقل ملكيته لها‪.‬‬

‫وقد أكدت محكمة النقض هذه المسألة في العديد من ق ارراتها‪ ،‬و من بينها ما يلي‪:‬‬

‫∎قرار محكمة النقض تحت عدد ‪ 2/1032‬الصادر بتاريخ ‪ 2014/10/30‬في الملف‬


‫عدد ‪ 2013/2/4/1508‬و الذي تضمن ما يلي‪:‬‬

‫"لكن حيث أن مجرد صدور مرسوم نزع الملكية و قبل استكمال باقي‬
‫إجراءات اإلذن بالحيازة و نقل الملكية يجعل وضع اإلدارة يدها على العقار‬

‫‪269‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اعتداء ماديا‪ ،‬والمحكمة لما ردت الدفع المثار بهذا الخصوص بما جاءت به‬
‫من ان "الثابت من وثائق الملف أن اإلدارة المستأنفة قد وضعت يدها على‬
‫العقار المتنازع بشأنه دون وقوع اتفاق بالمراضاة مع مالكه و دون سلوك‬
‫مسطرة نزع الملكية ألجل المنفعة العامة األمر الذي يعد غصبا و اعتداء‬
‫ماديا على العقار المذكور‪ ،‬وأن احتجاج اإلدارة بشروعها في المسطرة‬
‫اإلدارية لنزع الملكية ال يمكن بأي حال من األحوال أن ينزع عن تصرفها‬
‫هذا صبغة الغصب و ال يصحح ما قامت به من عمل غير مشروع‪"...‬‬
‫تكون قد بنت تعليلها المنتقد على أسس سليمة مادام أن المشرع قد نظم‬
‫مسطرة نزع الملكية و لم يقصرها على المسطرة اإلدارية منها وإنما كذلك‬
‫على وجوب التعاقد مع المالك بالمراضاة إن أمكن و إال الحصول على‬
‫الحيازة و نقل الملكية عن طريق المسطرة القضائية و هو الشيء غير‬
‫المتحقق في النازلة و من ثم الفرع من الوسيلة غير جدير باالعتبار"‪.‬‬

‫∎القرار عدد ‪ 2/18‬وتاريخ ‪ 2014/1/9‬في الملف عدد ‪ 2012/2/4/140‬والذي‬


‫جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫"لكن حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه قد ردت وخالفا لما‬
‫ورد في النعي الدفع بانتفاء واقعة االعتداء المادي المتمسك به على أساس‬
‫شروع الطاعنة في سلوك المسطرة المنصوص عليها في قانون نزع الملكية‬
‫بقولها (إن تمسك المستأنفة سلوك مسطرة نزع الملكية ال يوجد ما يفيده‬
‫فضال عن أن مجرد الشروع دون إتمام اإلجراءات المسطرية ال يكفي وحده‬
‫لنفي االعتداء) و هو تعليل مطابق لواقع الملف الذي بالرجوع إليه يلفى أن‬
‫الطالبة لم تثبت أنها سلكت مسطرة نزع الملكية وفق ما هو منصوص عليها‬
‫في قانون ‪ 81/7‬قبل أن تضع يدها على العقار محل النزاع‪ ،‬فضال عن أن‬

‫‪270‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫التعويض عن االعتداء المادي – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض‬


‫– يخضع للقواعد العامة و ال تؤثر فيه العناصر المعتمدة في قانون نزع‬
‫الملكية‪ ،‬والمحكمة لما ذهبت إليه من (ان التعويض الذي حددته المحكمة‬
‫باالستناد إلى العناصر الواردة في الخبرة مناسب وال يتسم بأية مبالغة) جاء‬
‫قرارها مرتك از على أساس قانوني‪ ،‬و ما بالوسيلة على غير أساس إال ما هو‬
‫خالف الواقع فهو غير مقبول"‪.‬‬

‫و كذلك القرار عدد ‪ 1/63‬الصادر بتاريخ ‪ 2014/02/06‬في الملف اإلداري عدد‬


‫‪.2011/1/4/462‬‬

‫وقد سايرت هذا التوجه مجموعة من محاكم االستئناف اإلدارية‪.1‬‬

‫ويتساوى في هذا الموقف اتخاد اإلدارة لمرسوم يقضي باإلعالن على المنفعة العامة أو‬
‫شروعها في المسطرة اإلدارية التي تعقب صدور المرسوم كأن تكون قد اجتمعت لجنة التقويم‬
‫وحددت الثمن الذي يشكل التعويض االحتياطي المقترح ‪ ،‬أو كذلك الحالة التي يكون‬
‫العقار فيها خاضعا لتصميم التهيئة باعتباره أيضا كما من اإلجراءات القانونية المفضية إلى‬
‫اإلعالن عن المنفعة العامة ‪،‬و الذي عالجه المشرع في المواد من ‪ 18‬إلى ‪ 31‬من القانون‬

‫‪1‬‬
‫من أمثلة ذلك القرار الصادر عن محكمة االستئناف االدارية بمراكش تحت رقم ‪ 597‬وتاريخ ‪ 2012/6/7‬في الملف عدد ‪ 2011/6/299‬و‬
‫الذي جاء في حيثياته ما يلي‪:‬‬
‫"‪ ...‬بالنسبة لواقعة االعتداء المادي فإنها قائمة ما دام لم يتم سلوك مسطرة نزع الملكية‪ ،‬و أما محضر اللجنة المحرر بتاريخ ‪ 1999/2/13‬المحتج‬
‫به الذي تعلق بحضور اللجنة ألشغال عملية المسح الطبوغرافي و تسجيل عد م تعرض المدعي على المشروع ال يمكن بتاتا اعتباره موافقة و إذنا و‬
‫تخليا منه عن جزء من عقاره دون تعويض أو مقابل"‪.‬‬
‫‪-‬القرار رقم ‪ 832‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ 2015‬موضوع الملف عدد ‪ 2014/7206/990‬الذي ضم له‬
‫الملف رقم ‪2014/7206/1031‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 3382‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2014/07/15‬في الملف عدد ‪.6/11/629‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 2335‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 20‬ماي ‪ 2014‬في الملف عدد ‪.6/12/210‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 904‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2012/03/06‬في الملف عدد ‪،6/08/375‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 1562‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2011/05/19‬في الملف عدد ‪.6/11/21‬‬

‫‪271‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫رقم ‪ 12/90‬المتعلق بالتعمير‪ ،‬واكتفى في المادة ‪ 28‬منه بالتأكيد على أن الموافقة على‬
‫تصميم التهيئة يعتبر بمثابة إعالن عن المنفعة العامة التي تستوجب القيام بالعمليات الالزمة‬
‫إلنجاز التجهيزات المنصوص عليها في البنود ‪ 3‬و ‪ 4‬و ‪ 5‬و‪ 6‬و‪ 12‬من المادة ‪. 19‬‬

‫وأضاف أن اآلثار المترتبة على إعالن المنفعة العامة تنتهي عند انقضاء أجل ‪10‬‬
‫سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضـ ــي بالموافق ـ ــة على تصميم التهيئة في الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬وعندما يستعيد مالك األراضي التصرف في أراضيهم فور انتهاء اآلثار المترتبة‬
‫على إعالن المنفعة العامة يجب أن يكون استعمال تلك األراضي مطابقا للغرض‬
‫المخصصة له المنطقة التي تقع فيها‪.‬‬

‫ويسود االعتقاد على أن المرسوم القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة ينهض سندا‬
‫كافيا لحيازة العقار المشمول بتخصيص عمومي والشروع في البناء والتشييد‪ ،‬والحال أن‬
‫المادة ‪ 29‬من القانون ‪ 12/90‬المتعلق بالتعمير توجب التقيد باألحكام المنصوص عليها‬
‫في القانون رقم ‪ 7.81‬المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة واالحتالل المؤقت الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.81.254‬بتاريخ ‪ 11‬من رجب ‪ 6( 1402‬ماي ‪.)1982‬‬

‫والمالحظ كذلك أن المادة ‪ 28‬من نفس القانون ‪ 12/90‬المتعلق بالتعمير وإن كانت قد‬
‫استعملت عبارة "فور" التي تحمل داللة على اآلنية وعلى أن استرداد الملك يتم بقوة القانون‬
‫وفور انتهاء األجل القانوني لتصميم التهيئة‪ ،‬إال أن األمر لم يستتبعه استعراض لمسطرة‬
‫تؤطر كيفيات االسترداد‪ ،‬مما يثير مجموعة من اإلشكاليات‪.‬‬

‫ويتبين من خالل مجموعة من األحكام القضائية أن مجرد تخصيص عقار للمنفعة‬


‫العامة في تصميم التهيئة ال يعفي اإلدارة من اتباع إجراءات نزع الملكية واستصدار اإلذن‬
‫في ال حيازة أو االتفاق على نقل الملكية بالتراضي وإال كانت في حالة اعتداء مادي تستوجب‬
‫المساءلة والتعويض‪ ،‬و هذا ما جاء في مجموعة من ق اررات محكمة النقض‪ ،‬و من بينها‪:‬‬

‫‪272‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫القرار عدد ‪ 2/48‬وتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ 2015‬في الملف اإلداري (الثاني) عدد‬


‫‪ 2013/2/4/1473‬و الذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫"لكن حيث إنه ال يكفي إلضفاء المشروعية على وضع اإلدارة يدها‬
‫على عقار الغير مجرد كونه مخصصا في إطار تصميم التهيئة كمرفق‬
‫عمومي و كونها شرعت في سلوك المسطرة اإلدارية لنزع ملكيته باستصدار‬
‫أمر قضائي بحيازته وتقديم طلب من أجل الحكم بنقل ملكيته لها‪ ،‬وأن كل‬
‫تصرف من اإلدارة خارج هذا اإلطار يشكل اعتداء ماديا يخول مالك العقار‬
‫الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عنه والمحكمة مصدرة‬
‫القرار المطعون فيه لما ثبت لديها وضع اإلدارة يدها على عقار المطلوبين‬
‫في النقض قبل استصدار أمر بحيازته و رتبت على ذلك اعتبار اإلدارة في‬
‫وضعية االعتداء المادي تكون قد سايرت مجمل ما ذكر وعللت قرارها بهذا‬
‫الخصوص تعليال سليما"‪.‬‬

‫و هو الشيء الذي تبنته مجموعة من محاكم الموضوع‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ ،‬القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط تحت عدد ‪ 2122‬وتاريخ ‪ 2014/05/08‬في الملف رقم ‪6/12/452‬‬
‫والذي جاء في حيثياته ما يلي‪:‬‬
‫"وحيث من جهة ثانية‪ ،‬فلئن كانت اإلدارة متمسكة بأن العقار مشمول بتصميم التهيئة الذي يعتبر بمثابة إعالن للمنفعة العامة‪ ،‬فإن ذلك اإلعالن ال‬
‫يخولها ولوج العقار وإحداث البناية العمومية قبل استصدار اإلذن في الحيازة أو قبل االتفاق بالتراضي‪ ،‬والحال أن البناية العمومية قد تم إحداثها‬
‫دون أن تدلى اإلدارة لحد الساعة بما يفيد استصدار اإلذن في الحيازة‪ ،‬فتكون بالتالي في وضعية اعتداء مادي لعدم استكمال اإلجراءات المتطلبة‬
‫قانونا قبل اإلقدام على إحداث أبنية في عقارات الخواص‪ ،‬مما يجعل الفرع المرتبط بانتفاء االعتداء المادي مردودا"‪.‬‬
‫وكذا القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية تحت عدد ‪ 34‬وتاريخ ‪ 13‬يناير ‪ 2011‬في الملف رقم ‪ 1-2010-6-231‬والذي جاء في‬
‫حيثياته ما يلي‪:‬‬
‫"حيث بالنسبة للوسيلتين األولى و الثانية يعيب المستأنفون على الحكم خرقه لمقتضيات الفصول ‪ 4‬و ‪ 13‬و ‪ 19‬و ‪ 20‬و ‪ 28‬و ‪ 29‬من القانون‬
‫رقم ‪ 90-12‬المتعلق بالتعمير ذلك أن تصميم التهيئة لمدينة كلميم والذي يعتبر بمثابة إعالن للمنفعة العامة وفق المادتين ‪ 28‬و ‪ 29‬ينص على‬
‫إنشاء مدرسة في العقار المذكور مما ينتفي معه عنصر المفاجأة و الترامي المزعوم‪.‬‬
‫لكن حيث إن اإلشارة في تصميم التهيئة إلى إنشاء مرفق عمومي على عقار المستأنف عليه ال يعفي اإلدارة من سلوك المساطر القانونية في نزع‬
‫الملكية ألجل المنفعة العامة و ذلك باستصدار مرسوم بنزع الملكية و استصدار أحكام قضائية باإلذن بالحيازة و بنقل الملكية داخل األجل القانوني‬
‫المحدد لذلك‪ .‬و أن اإلدارة طالما لم تتقيد بذلك يعتبر تصرفها اعتداء ماديا على ملك المستأنف عليه و تبقى بالتالي وسيلتا االستئناف غير مبنيتين‬
‫على أساس"‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ب ‪-‬حالة اإلعتداء على حق عيني‬

‫من ضمن صور االعتداء المادي المباشرة نجد تلك التي تطال حقا عينيا على عقار‬
‫وإن كان في ملكية اإلدارة ‪.‬‬

‫ذلك أن اإلدارة قد تكون مالكة لرقبة عقار مثقل بحق عيني عقاري مثل حق الزينة‪،‬‬
‫غير أن هذا ال يعفيها من اللجوء إلى مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة بالنسبة للحقوق‬
‫المملوكة للغير في حالة رغبتها الحصول على العقار وإال كانت في وضعية اعتداء مادي‪.‬‬
‫وق د سبق لمحكمة النقض أن سارت في هذا االتجاه في قرارها عدد ‪ 2_544‬المؤرخ في ‪29‬‬
‫ماي ‪ 2014‬ملف إداري عدد ‪ 2013-2-4-108‬والذي جاء من حيثياته ما يلي‪:‬‬

‫"لكن حيث إنه لما ثبت للمحكمة من أوراق وشهادة المحافظ على‬
‫األمالك العقارية أن العقار الذي شيدت فوقه المؤسسة التعليمية وإن كانت‬
‫الدولة تملك رقبته إال أنه مثقل بحق عيني عقاري متمثل في حق الزينة‬
‫لفائدة المطلوبين في النقض و اعتبرت لذلك تصرف الدولة في جزء من هذا‬
‫العقار فيه مساس بحق الزينة المقرر لفائدة المطلوبين ورتبت على ذلك أن‬
‫هذا التصرف يشكل اعتداء ماديا على حق عيني لهم لعدم سلوك الدولة‬
‫لمسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة باعتبار أن حق الزينة يخول مالكيه حق‬
‫التصرف في العقار وتبقى ملكية الرقبة لمالكها دون أن يكون له حق‬
‫التصرف في العقار باالستعمال أو االنتفاع فإنها تكون قد طبقت نظرية‬
‫االعتداء المادي تطبيقا سليما و الوسيلة غير مرتكزة على أساس"‪.‬‬

‫‪274‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ج‪ -‬حالة تزامن تقديم المضرور لدعوى االعتداء المادي مع ثبوت تقديم‬
‫اإلدارة لدعوى نزع الملكية‬

‫إذا كان توصيف مسلك اإلدارة باالعتداء المادي رهين بثبوت عدم تقيدها بمسطرة نزع‬
‫الملكية‪ ،‬فإن القضاء قد اعتبر أن تأخر اإلدارة في سلوك مسطرة نزع الملكية ومبادرة‬
‫المتضرر إلى مباشرة دعوى االعتداء المادي يبرر االستمرار في النظر في الدعوى األخيرة‬
‫ومساءلة اإلدارة في إطار نظرية االعتداء المادي وليس في إطار دعوى نزع الملكية ‪.‬‬

‫ولقد اختلف القضاء في تحديد موقفه من كال الدعويين بحيث أجاز في بعض األحكام‬
‫ضمهما إل ى بعضهما لما تطلب اإلدارة ذلك وإصدار حكم واحد بالنسبة إليهما‪ ،‬أما بعض‬
‫األحكام فقد رفضت طلب الضم واعتبرت أن اإلدارة تظل معتدية على العقار لما حازته‬
‫خالفا للضوابط القانونية وإن كانت بعد ذلك قد سلكت مسطرة نزع الملكية‪.‬‬

‫ويطرح هذا الموقف إشكاالت عدة سواء على مستوى صدور حكمين مختلفين في حال‬
‫استمرار النظر في الدعويين معا يهمان نفس العقار‪ ،‬واحد يكيف تواجد اإلدارة على العقار‬
‫بكونه اعتداء ماديا ويحدد التعويض في إطار المبادئ العامة واآلخر يعتبر اإلدارة نازعة‬
‫لملكية العقار ويحدد التعويض على أساس أحكام القانون ‪ 81-7‬سيما الفصل ‪ 20‬منه‪.‬‬

‫كما أن حكم نزع الملكية يعتبر نهائيا في شقه القاضي بنقل الملكية‪ ،‬أما الحكم الصادر‬
‫في إطار اإلعتداء المادي فيكون ابتدائيا وبالتالي فهل تؤثر حجية الحكم األول الذي أقر‬
‫نقل ملكية العقار إلى الدولة واصبحت هي مالكة العقار على دعوى اإلعتداء المادي في‬
‫المرحلة االستئنافية‪ ،‬فضال عن آثار الحكمين المذكورين من حيث تنفيذهما بمعنى أي منهما‬
‫يكون واجب التنفيذ وهل يعقل أن يطالب المحكوم لفائدته بتنفيذهما معا‪ ،‬وما موقف قاضي‬
‫التنفيذ عند تقديم هذا الطلب‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أما في حال ضم الدعويين وشمولهما بحكم واحد فهنا يطرح إشكال آخر يتعلق بكيفية‬
‫تعامل القاضي مع مطالب الدعويين معا سيما فيما يتعلق بتحديد التعويض الذي تختلف‬
‫عناصره من دعوى إلى أخرى أو بالحكم بنقل الملكية ‪.‬‬

‫د ‪-‬حالة الغاء او بطالن سند االدارة في تملك العقار او حيازته ‪:‬‬

‫تتمظهر هذه الصورة حينما تكون االدارة قد تملكت عقار في اطار القانون وبناء على‬
‫سند طعن فيه وصرح القضاء ببطالنه كما هو الشأن على سبيل المثال في الغاء ق اررات‬
‫تعيين العقارات المسترجعة في اطار تطبيق ظهير ‪1973/03/2‬‬

‫ومن خالل استقراء بعض األحكام الصادرة في هذا المجال يتأكد أن القضاء اإلداري‬
‫يقضي بتعويض المدعي في إطار التعويض عن الضرر جراء التصريح بعدم مشروعية‬
‫قرار إداري وليس في إطار التعويض عن حيازة العقار في إطار المبادئ العامة ‪،‬في حين‬
‫أنه يبدو من األولى معاملة اإلدارة بوصفها حائزة حسن النية وتطبيق أحكام هذه الحيازة عند‬
‫النظر في طلب التعويض ‪ ،‬فشروط الحيازة بحسن نية متوفرة في مثل هذه النوازل إذ أن‬
‫اإلدارة تكون قد تملكت العقار استنادا إلى سند كانت تعتقد بصحته وتجهل عيوبه ‪.‬‬

‫وقد يقول قائل أن اإلدارة من المفترض فيها أن تعلم مدى توفر شروط االسترجاع من‬
‫عدمه وأنها من ثم ال تصنف على أنها كانت تجهل عيوب السند الذي تملكت به العقار ‪،‬إال‬
‫أن األصل هو حسن النية وأن اإلدارة حين تعيينها للعقار ضمن العقارات المسترجعة كانت‬
‫وال شك تعتبره متوف ار على شروط االسترجاع ‪ ،‬وإن مخالفة القضاء لتوجه اإلدارة والقول‬
‫بعدم مشروعية قرارها باعتبارها قد أساءت تطبيق القانون أو أخطأت التقدير ال يخرجها عن‬
‫مصاف الحائز حسن النية ‪.‬‬

‫‪276‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ومن المعلوم أن المشرع قد وضع أحكاما خاصة بالحائز حسن النية فبعد أن عرفه في‬
‫الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 103‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه هو من يحوز الشيء بمقتضى حجة‬
‫يجهل عيوبها نص على أن الحائز حسن النية يتملك الثمار وال يلزم إال برد الشيء و رد ما‬
‫جناه من الثمار بعد رفع دعوى اإلفراغ أو االسترداد‪ ،‬وهي نفس المقتضيات التي نصت‬
‫عليها مدونة الحقوق العينية في اطار المادة ‪ 237‬التي جاء فيها ما يلي‪:‬‬

‫"إذا قام أحد بإحداث أغراس أو بناءات أو منشآت عن سوء نية و بدون علم‬
‫مالك العقار‪ ،‬فلهذا األخير الحق إما في االحتفاظ بها مع أداء قيمة المواد‬
‫وإما إلزام محدثها بإزالتها على نفقته مع إرجاع حالة األرض إلى ما كانت‬
‫عليه قبل إحداث األغراس أو البناء أو المنشآت‪.‬‬

‫أما إذا أحدثت األغراس أو البناءات أو المنشآت من طرف شخص انتزعت‬


‫منه األرض في دعوى استحقاق ولم يحكم عليه برد ثمارها نظ ار لحسن‬
‫نيته"‪.‬‬

‫و استنادا إلى ذلك فإن اإلقرار بحسن النية في الحيازة يجعل من غير المقبول إلزام‬
‫الحائز حسن النية بتعويض المالك عن حرمانه من االستغالل خالل فترة الحيازة ‪.‬‬

‫كما أن القضاء وتأسيسا على ما أقره الفقه اإلسالمي بالنسبة ألحكام الحائز حسن النية‬
‫قد اع تبر أن ثبوت إنجاز بناء على العقار المراد استرداده يجعل من غير الجائز إلزام‬
‫الحائز حسن النية برد العقار ويكون المالك مستحقا لقيمته فقط متى تبث أن قيمة البناء‬
‫تفوق قيمة العقار‪.1‬‬

‫و يتضح أن أحكام الحائز حسن النية تخول للحائز الحق في االحتفاظ بالعقار إن هو‬
‫أقام بناء تكون قيمته أكثر من قيمة العقار ‪ ،‬كما تخوله الحق في المطالبة بتعويض عن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬القرار الصادر عن المجلس األعلى محكمة النقض حاليا ‪ -‬تحت عدد ‪ 933‬في الملف المدني عدد ‪05/4127‬‬

‫‪277‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫قيمة األبنية أو ما زاد في قيمة الملك إذا أراد المالك استرجاع عقاره و في المقابل ال تلزمه‬
‫سوى برد الثمار التي تم جنيها بعد إقامة دعوى اإلفراغ ‪.‬‬

‫اال ان القراءة في األحكام الصادرة عن القضاء االداري تنحو نحو اعتبار حيازة االدارة‬
‫للعقار اعتداء ماديا يبرر مساءلة االدارة في اداء التعويض عن الرقبة عند استحالة‬
‫االسترداد وتعويض عن الحرمان من االستغالل طيلة مدة الحيازة‪.‬‬

‫لكن من المعلوم أن القاضي ال يساير األطراف في طبيعة تكييفهم للدعوى وإنما يكيف‬
‫الوقائع المعروضة عليه وفق التكييف القانوني السليم لها ‪.‬‬

‫وحيث إن كان تواجد اإلدارة على العقار يستند إلى مدخل قانوني فإن هذه الوضعية‬
‫وطبيعة تواجد اإلدارة على العقار يخالف كليا مفهوم االعتداء المادي الذي عرفه بعض الفقه‬
‫على أنه ‪ " :‬قرار صادر عن السلطة اإلدارية بلغ خرقه للمشروعية درجة من الجسامة لم‬
‫يعد معه ممكنا عزوه إلى أية صالحية من الصالحيات المخولة لإلدارة "‪. 1‬‬

‫وحيث استنادا إلى هذا المفهوم فأنه متى ثبت أن هناك بادرة من بوادر المشروعية أو‬
‫بداية مسطرة اختفى وجه التعدي‪.2‬‬

‫كما عرفه القضاء بكونه كل عمل يستعصي إدخاله ضمن ممارسة السلطة العامة‬
‫يتمثل في نشاط مادي تنفيذي عديم الصلة بأي نص قانوني تشريعي أو تنظيمي‪.3‬‬

‫وحيث بناء على ذلك فإن بعض التوجهات القضائية قضت برفض الطلب على اعتبار‬
‫أن اإلدارة ليست معتدية على حق الملكية وأنها تتواجد على العقار بوصفها مالكة له‪ ،‬مما‬
‫تكون معه دعوى االعتداء المادي مفتقدة ألساسها القانوني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬مؤلف المنازعات اإلدارية بالمغرب لصاحبه األستاذ ميشيل روسي ص ‪ 99‬ومايليها ‪.‬‬
‫‪ -‬مؤلف القانون اإلداري المغربي لألستاذ ميشيل روسي ومن معه ص ‪. 420‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪3‬‬
‫الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالدارالبيضاء تحت عدد ‪ 1806‬وتاريخ ‪ 2009/11/04‬في الملف عدد ‪2008/13/138‬‬

‫‪278‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اإلعتداء المادي السلبي‬

‫لقد اعتبر القضاء في عدة أحكام أن حاالت االعتداء المادي ال تقتصر على فعل‬
‫مادي غير مشروع بل يستوعب هذا المفهوم حاالت ال تبادر فيها اإلدارة إلى حيازة العقار‪،‬‬
‫بل يعتبر احجامها عن تسليم مالك العقار رفع اليد أو إحجامها عن تفعيل آثار تصميم‬
‫التهيئة رغم مرور المدة المحددة قانونا طبقا للمادة ‪ 28‬من القانون ‪ 90-12‬المتعلق‬
‫بالتعمير يشكل بدوره اعتداء ماديا إن كان قوامه فعال سلبيا أي امتناعا عن الفعل وليس‬
‫قياما بالفعل‪.‬‬

‫إنهاء هذا التخصيص(أي تخصيص وفقا لتصميم‬ ‫لقد رتب القضاء عن ذلك‬
‫التهيئة)بل حتى إقرار مسؤولية اإلدارة عن عدم تفعيله على اعتبار أن يد مالك العقار ظلت‬
‫مغلولة عن استعمال العقار طيلة مدة التخصيص‪ ،‬وذلك رغم أن النص القانوني ينص على‬
‫انتهاء آثار تصميم التهيئة بمرور ‪ 10‬سنوات مما يعني أن األمر ال يحتاج إلى استصدار‬
‫حكم قضائي إلنهاء التخصيص المذكور كما ال يمكن اعتبار اإلدارة التي لم تستغل العقار‬
‫في الوجه الذي خصص له معتدية عليه ‪ ،‬إال أنه ومع ذلك نجد أحكاما قضائية قضت‬
‫باعتبار اإلدارة معتدية على العقار وأصدرت حكما يقضي عليها برفع حالة االعتداء المادي‬
‫تحت عدد ‪ 7233‬بتاريخ‬ ‫كما هو الشأن ألمر صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط‬
‫‪ 2014/10/22‬في الملف عدد ‪ 2014/7101/7272‬الذي جاء فيه ما يلي ‪:‬‬

‫"وحيث تبين لنا نحن قاضي المستعجالت من خالل ظاهر الوثائق‬


‫والمعطيات المتوفرة أن المطلوب ضدها و ازرة التربية الوطنية التي سبق لها‬
‫أن استفادت من تخصيص هذا العقار لمصلحتها بمقتضى تصميم التهيئة‬
‫المشار إلى مراجعه أعاله والذي انتهى مفعوله حقا منذ ‪2010/01/18‬‬
‫تاريخ انصرام أجل ‪ 10‬سنوات المقرر بمقتضى الفصل ‪ 28‬من قانون‬

‫‪279‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫التعمير ودون أن تبادر الو ازرة المذكورة إلى سلوك المسطرة القانونية لنزع‬
‫الملكية من أجل المنفعة العامة ‪ ،‬فإنه بمجرد حلول التاريخ المذكور تكون قد‬
‫أضحت في حكم المعتدي ماديا على العقار المملوك للطالبة لعدم استناد‬
‫إصرارها على االستمرار في وضع يدها على ذلك العقار إلى أي مقتضى‬
‫قانوني أو تنظيمي ولمساس هذا التصرف بحق الملكية المضمون بمقتضى‬
‫الدستور ‪ ،‬لذلك ارتأينا األمر استعجاليا برفع هذا االعتداء المادي استجابة‬
‫للطلب سيما وأن عنصر االستعجال متوفر في نازلة الحال"‬

‫و في المقابل نحت بعض األحكام إلى توجه مغاير‪ ،‬وفي هذا السياق جاء في‬
‫حيثيات قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2004/02/16‬في الملف اإلداري رقم‬
‫‪ 2004/5/2/91‬ما يلي‪:‬‬

‫"فإن الفصل ‪ 13‬من القانون القديم لم يكن يتضمن ما يدل بأي شكل‬
‫على أن تصميم التهيئة المصادق عليه تكون له آثار دائمة بدوامه وبالذات‬
‫فيما يخص المواقع المخصصة للمصالح العمومية كالمدارس فكان الحكم‬
‫المستأنف على صواب عندما اعتبر أن التخصيص المتمسك به انتهى‬
‫بانقضاء أجل عشر سنوات واعتمد على ما ورد في رسالة رئيس بلدية‬
‫معروف المؤرخة في ‪ 1999/11/9‬الموجهة إلى عامل عمالة الحي‬
‫الحسني عين الشق من أن مشروع التجزئة المزمع إنشاؤه ال يتعارض مع‬
‫الغرض المخصصة له المنطقة في تصميم التهيئة الخاص بالجماعة‬
‫المذكورة وكان ما أثير بدون أساس"‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة عن االعتداء المادي وفق أحدي اجتهادات‬


‫القضاء اإلداري‬

‫رغم تعدد صور منازعات االعتداء المادي فإن له قواسم مشتركة أهمها تشدد القضاء‬
‫في مساءلة اإلدارة بالنظر إلى طبيعة دعوى االعتداء المادي ولكون حق الملكية مضمون‬
‫دستوريا والمساس به يفترض أن ال يكون إال بالقانون‪.‬‬

‫ويعتبر القضاء اإلداري المغربي هو الجهة القضائية التي تنظر في الدعاوى المترتبة‬
‫عن االعتداء المادي سواء تعويضا أو إنهاء أو إيقافا‪ ،‬وذلك خالفا لما هو عليه الشأن في‬
‫القضاء الفرنسي‪.‬‬

‫ودون ال دخول في جدال االختصاص الذي يمكن القول أنها مسألة أضحت محسومة‬
‫في الوقت الحالي بالنظر لتواتر االجتهادات التي حسمت منذ زمن غير يسير في‬
‫اختصاص القضاء اإلداري في دعاوى االعتداء المادي فإن توزيع االختصاص ما بين‬
‫القضاء االستعجالي وقضاء الموضوع ما يزال يثير بعض النقاش ‪ ،‬كما أن هناك إشكاالت‬
‫أخرى مرتبطة بمبادرة اإلدارة إلى سلوك مسطرة نزع الملكية في شقها القضائي موازاة مع‬
‫تقديم المتضرر لدعوى التعويض عن االعتداء المادي ‪ ،‬وكذلك اإلشكاالت المرتبطة بتعامل‬
‫‪ ،‬فضال عن اإلشكاالت التي صاحبت تطور وجهة نظر القضاء‬ ‫القضاء مع االدارة‬
‫اإلداري في مجال الحكم بنقل الملكية لإلدارة من عدمه وهو التطور الذي يعد من مظاهر‬
‫تفاعل القاضي اإلداري مع محيطه وتصديه بنجاعة لإلشكاالت العملية في إطار اجتهاد‬
‫يتسع مجال ابداعه إلى أن يرقى في العديد من األحيان إلى خلق القاعدة في حال سكوت‬
‫المشرع‪.‬‬

‫وعليه يمكن مقاربة هذا المبحث من خالل ثالث مطالب يخصص األول لمناقشة‬
‫مجال تدخل كل من قاضي المستعجالت اإلداري وقاضي الموضوع في منازعات االعتداء‬

‫‪281‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المادي ‪ ،‬أما المطلب الثاني فسنتناول فيه عناصر تحديد التعويض عن األضرار المترتبة‬
‫عن االعتداء المادي ثم يخصص المطلب الثالث لتناول تطور موقف القضاء اإلداري من‬
‫الحكم برقبة العقار الذي التزمت اإلدارة بأداء ثمنه ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ -‬توزيع اختصاص القضاء اإلداري في قضايا رفع االعتداء‬


‫المادي والتعويض عنه بين قضاء الموضوع والقضاء اإلستعجالي‬

‫يالحظ أن القضاء اإلداري يملك حق األمر برفع االعتداء المادي وذلك بطرد اإلدارة من‬
‫العقار المعتدى عليه وبإفراغه وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه‪ .‬كما يملك حق األمر بإيقاف‬
‫األشغال التي تقوم بها اإلدارة على العقار‪.‬‬

‫ويستمد القضاء االستعجالي اإلداري اختصاصه هذا من اختصاص المحكمة اإلدارية‬


‫نفسها كقضاء موضوع في مجال رفع االعتداء المادي والتعويض عنه‪ ،‬ألن قاضي‬
‫المستعجالت اإلداري جزء من المحكمة اإلدارية‪ ،‬ويستمد اختصاصه من اختصاصها‪ ،‬ويعتبر‬
‫قرار الغرفة اإلدارية الصادر بتاريخ ‪ 1996/09/20‬تحت عدد ‪ ،474‬من أول الق اررات التي‬
‫أعطت تأويال واسعا لمقتضيات الفصل ‪ 19‬من قانون إحداث المحاكم اإلدارية المتعلق‬
‫باختصاص رئيس المحكمة اإلدارية أو من ينوب عنه بصفته قاضيا للمستعجالت حيث جاء‬
‫فيه‪:‬‬

‫‪ "...‬والحالة كذلك أن المحاكم اإلدارية إذا كانت مقيدة من حيث االختصاص‬


‫النوعي ينص الفصل ‪ 8‬من قانون ‪ 41-90‬المنشئ لها فإن هذا الفصل عندما‬
‫خولت البت في طلبات التعويض عن األضرار الناتجة عن أعمال اإلدارة المادية‬
‫فإنها تكون من باب أولى وأخرى مؤهلة للبت كذلك في طلبات رفع االعتداء‬
‫المادي‪ ،‬مما يخول المحكمة اإلدارية النظر في شقين متالزمين لدعوى واحدة‬
‫تجمعهما رابطة واحدة وال يمكن فصل أحدهما عن اآلخر‪ ،‬وإال فما هي المحكمة‬

‫‪282‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المتوخاة من إسناد االختصاص بالبت في التعويض عن االعتداء المادي لإلدارة‬


‫إلى المحاكم اإلدارية وإسناد االختصاص فيما يخص رفع االعتداء المادي لإلدارة‬
‫إلى المحاكم العادية في الوقت الذي كان من المفروض قانونا أن يكون‬
‫االختصاص في المجالين معا موكوال لجهة قضائية واحدة‪...‬‬

‫وحيث إنه من جهة أخرى‪ ،‬فإذا كان االختصاص قبل إحداث المحاكم اإلدارية‬
‫منعقدا للمحاكم االبتدائية كدرجة أولى ولمحاكم االستئناف كدرجة ثانية للنظر في‬
‫دعاوى التعويض عن األضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون‬
‫العام وكانت هذه المحاكم تنظر في دعاوى التعويض عن االعتداء المادي في‬
‫هذا اإلطار‪ ،‬وتقضي تبعا لذلك إذا طلب منها برفع حالة االعتداء المادي وإرجاع‬
‫الحالة إلى ما كانت عليه كطلب تابع أو بأمر استعجالي وقتي من قاضي‬
‫المستعجالت أو بحكم قطعي بناء على طلب منفرد بذلك فإن المشرع عندما نقل‬
‫اختصاص النظر في دعاوي التعويض عن األضرار التي تسببها أعمال‬
‫ونشاطات أشخاص القانون العام‪ ،‬ومنها دعاوى التعويض عن االعتداء المادي‬
‫على المحاكم اإلدارية ونقل اختصاص قاضي المستعجالت الوقتية المرتبط من‬
‫رئيس المحكمة االبتدائية إلى رئيس المحكمة اإلدارية يكون بذلك قد نقل على‬
‫المحاكم وإلى رئيسها اختصاص النظر في الطلبات التبعية‪ ،‬وأصبح اختصاصها‬
‫بالتتبع إذا طلب منها ذلك النظر في رفع االعتداء المادي الممارس من طرف‬
‫اإلدارة‪".‬‬

‫ويتوخى القضاء االستعجالي اإلداري من اختصاصه لألمر بإيقاف األشغال إذا كانت في‬
‫بدايتها أو إذا كانت لإلدارة بصدد التحضير والتهيئ لها فقط‪ ،‬تحقيق أهداف منها‪:‬‬

‫‪283‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ -‬الحد من استمرار األشغال التي قد يؤدي إلى إحداث تغييرات على العقار موضوع‬
‫االعتداء يصعب تداركها وإزالتها في إطار تصحيح المراكز القانونية التي يقتضيها إنهاء حالة‬
‫االعتداء‪.‬‬

‫‪-‬حماية المال العام وذلك ألن من شأن إيقاف األشغال الحيلولة دون قطعها أشواطا كبيرة‬
‫في وضعية غير شرعية كما أن من شأن كذلك تجنيب اإلدارة مصاريف التعويضات التي تترتب‬
‫عن تمام تلك األشغال‪.‬‬

‫ومن القواعد التي قررها القضاء االستعجالي اإلداري بشأن طلبات إيقاف األشغال‪:‬‬

‫إن طلب إيقاف األشغال التي تقوم بها اإلدارة يتعلق بإجراء وقتي استعجالي بهدف حماية‬
‫حق الطالب إلى حين صدور حكم نهائي في الموضوع أو حل النزاع بطريقة رضائية‪.‬‬

‫إن أشغال البناء التي تقوم بها اإلدارة على عقار الطالب بدون سند شرعي والتي الزالت‬
‫في بدايتها تستوجب األمر بإيقافها‪.‬‬

‫ال يمكن إزالة األشغال التي لها ارتباط بالمنفعة العامة والتي ستؤدي إزالتها إلى أضرار‬
‫بهذه المنفعة تفوق الضرر الناتج للمعتدى عليه‪.‬‬

‫ال يمكن إيقاف أشغال انتهى إنجازها أو قطعت شوطا كبي ار ينفي عنها حالة االستعجال‪.‬‬
‫ذلك أن الحكم برفع اليد عن عقار وذلك بطرد المحتل وبهدم البنايات مع إرجاع الحالة إلى ما‬
‫كانت عليه‪ .‬يتنافى ومبدأ حماية المال العام والمحافظة عليه من التلف كما أنه يصعب األمر‬
‫بهدم المرفق العام أصبح من الصعب األمر بهدم ما تم بناؤه عليه من طرف اإلدارة ويرجع هذا‬
‫القيد إلى قاعدة فقهية شهيرة تفيد أنه ال يمكن هدم األشغال العامة حتى ولو كان قد تم بناؤه‬
‫بطريقة الخطأ‪» L’ouvrage public mal planté ne se détruit pas « .‬‬

‫‪284‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لذا فقد دأب القضاء االستعجالي بدوره على رفض طلبات االعتداء المادي وإيقاف األشغال‬
‫في مثل نفس الحاالت‪ ،‬ويترتب على ذلك في المقابل أنه إذا ما ثبت أن األشغال ال زالت في‬
‫بدايتها أو في المرحلة ا لتحضيرية لها لم يترتب عنها بعد إنشاء أية منشاة‪ ،‬فإن إيقاف األشغال‬
‫ورفع االعتداء أمر محمود لما في ذلك من حماية للمال العام وحماية العقار من إحداث تغييرات‬
‫جدرية تغير معالمه ويصعب تداركها‪.‬‬

‫وفي المقابل يظل قضاء الموضوع مختصا بالنظر في دعوى التعويض عن االعتداء‬
‫المادي أو رفعه إذا كان األمر ممكنا في حال عدم ثبوت إنشاء المرفق العام‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلشكالية المرتبطة بأسس وعناصر تحديد التعويض‬

‫إذا كان األصل في التعويض عن الضرر هو رفع الضرر وذلك بإرجاع الحالة إلى ما‬
‫كانت عليه قبل ارتكاب الفعل الضار‪ ،‬فإن تواجد اإلدارة على عقار على وجه االعتداء قد ال‬
‫يسمح بطردها من العقار إذا كان قد سبق لها إنشاء مرفق عام فوقه بناء على نظرية‬
‫الموازنة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة التي تقتضي حماية المال العام وبالتالي‬
‫تعذر هدم المنشأة العامة بما في ذلك من ضياع للمال العام‪.‬‬

‫وبناء عليه أجاز القضاء اإلداري إمكانية التعويض عن واقعة االعتداء المادي في‬
‫إطار نظريات متعددة كنظرية النقل الجبري للملكية ونظرية ضمان حماية المال العام وإن‬
‫تبث أن المنشأة العامة قد أنجزت دون احترام المساطر‪.‬‬

‫ولقد اعتبر القضاء اإلداري أن التعويض عن الضرر يجب أن يكون شامال لكافة‬
‫األضرار في إطار مقتضى الفصل ‪ 98‬من ق ل ع بحيث يشمل التعويض عن فقدان رقبة‬
‫العقار إذا تبث استحالة رفع االعتداء وكذا التعويض عن الحرمان من استغالله‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ولقد عرف القضاء اإلداري في هذا المجال تطو ار سواء من حيث عناصر تقييم الضرر‬
‫عن فقدان الرقبة أو عناصر تقييم التعويض عن الحرمان من االستغالل‪.‬‬

‫ويمكن أن نستعرض هذا األمر من خالل مايلي ‪:‬‬

‫‪ -‬تحديد تاريخ تقدير التعويض عن رقبة العقار‪:‬‬

‫إذا كان تاريخ تحديد التعويض عن نزع الملكية محدد قانونا في إطار الفصل ‪ 20‬من‬
‫القانون رقم ‪ 81-7‬المتعلق بنزع الملكية ألجل المنفعة العامة‪ ،‬فإن تحديد تاريخ تقدير‬
‫التعويض في إطار نظرية االعتداء المادي غير محدد‪ ،‬وقد تضاربت اآلراء بهذا الشأن بين‬
‫من يجعله هو تاريخ حيازة العقار أو تاريخ إقامة الدعوى أو تاريخ إجراء الخبرة‪ .‬مع العلم أن‬
‫اختالف هذه التواريخ له انعكاس على قيمة التعويض‪.‬‬

‫وقد سار بعض العمل القضائي على جعل تاريخ بداية تحديد التعويض هو تاريخ حيازة‬
‫العقار حتى ال يكون هناك تراخ من المدعي في إقامة الدعوى بغية الرفع من قيمة‬
‫التعويض‪ ،‬استنادا للمبدأ القائل بأنه ال يجوز للدائن أن يحدد مقدار دينه‪ ،‬وهذا ما تبنته‬
‫بعض المحاكم في العديد من ق ارراتها‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫وكمثال على ذلك القرار الصادر عن محكمة االستئناف االدارية بمراكش رقم ‪ 351‬الصادر بتاريخ ‪ 2014/04/02‬موضوع الملف رقم‬
‫‪ 2013/1914/1467‬والذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫"وحيث من جهة أخرى فقد صح ما تمسك به المستأنف ذلك أن التعويض عن الرقبة يستحق بتاريخ اقامة المنشأة العامة على العقار موضوع النزاع‬
‫وليس بتاريخ رفع الدعوى"‪.‬‬
‫ونفس الشيء بالنسبة لقرار محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش عدد ‪ 595‬الصادر بتاريخ ‪ 2012/6/7‬في الملف رقم ‪ 2011/6/189‬والذي جاء‬
‫فيه ما يلي‪:‬‬
‫"حيث إن التعويض عن الرقبة إنما يستحق بتاريخ إنشاء المنشأة العامة ال بتاريخ رفع الدعوى إذ ال يمكن للمتضرر أن يستفيد من تراخيه في رفع‬
‫دعوى التعويض عن االعتداء المادي بخصوص ارتفاع قيمة العقار ومن تم فما دام الثابت من وثائق الملف أن تشييد ثكنة المخزن المتنقل كان‬
‫خالل سنة ‪ 1985‬على مساحة ‪ 330‬متر مربع فإن تحديد التعويض المذكور يجب أن يكون باعتبار هذا التاريخ وهو ما لم يلتزم به الحكم‬
‫المستأنف عندما اعتبر التعويض المحدد بمقتضى الخبرة بتاريخ رفع الدعوى مما يستوجب تعديله"‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غير ان محكمة النقض أخذت في أحد ق ارراتها بمبدأ "االجل المعقول" في تحديد قيمة‬
‫التعويض‪ ،‬ذلك أنه بالرغم من االعتماد في تقدير التعويض عن االعتداء المادي على قواعد‬
‫المسؤولية المدنية التي من نتائجها أن الضرر يقدر إما بتاريخ الفعل الضار أو تاريخ إقامة‬
‫الدعوى بحسب مصلحة المضرور‪ ،‬فإن إعمال هذه القاعدة مشروط بإقامة دعوى المطالبة‬
‫بالتعويض داخل أجل معقول‪.‬‬

‫و هكذا جاء في قرار محكمة النقض عدد ‪ 2/525‬المؤرخ في ‪ 2015/06/11‬في الملف‬


‫اإلداري (الثاني) تحت عدد ‪ 2014/2/4/2225‬ما يلي‪:‬‬

‫"حيث استندت المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه في ما انتهت إليه من تعديل‬
‫الحكم المستأنف و ذلك بخفض مبلغ التعويض إلى ‪ 2700‬درهم إلى ما جاءت به‬
‫من أن (محكمة الدرجة األولى كان عليها تحديد التعويض انطالقا من تاريخ وقوع‬
‫االعتداء المادي ‪ -1980/1979-‬باعتباره تاريخ حيازة اإلدارة الفعلية للعقار‬
‫المدعى بشأنه)‪ ،‬في حين أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن اإلدارة حينما‬
‫تقوم باالعتداء ماديا على ملك الغير تفتقد أساس المشروعية و من تم ال تطبق‬
‫عليها قواعد المسؤولية اإلدارية بل تصبح مسؤولة في إطار قواعد المسؤولية المدنية‬
‫و التي من نتائجها أن الضرر يقدر بتاريخ الفعل الضار أو إقامة الدعوى بحسب‬
‫مصلحة المضرور‪ ،‬غير أن إعمال القاعدة المذكورة مشروط بإقامة دعوى‬
‫المطالبة بالتعويض داخل أجل معقول يتم تقديره أخذا بعين االعتبار للظروف‬
‫المالبسة لحدوث فعل االعتداء المادي ولألسباب التي حالت دون تقديم المضرور‬
‫لدعواه بعد حصول الفعل الضار‪ ،‬و المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما قضت‬
‫بتحديد مبلغ التعويض بتاريخ وضع اليد دون مراعاة ما إذا كانت الدعوى قد أقيمت‬
‫داخل أجل معقول من عدمه لترتب على ذلك اآلثار القانونية المناسبة و منها تاريخ‬
‫احتساب التعويض ‪ ،‬يكون قرارها فاسد التعليل عرضة للنقض"‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ -3‬المطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل‬

‫يجد التعويض عن الحرمان من االستغالل سنده في الفصل ‪ 98‬من قانون االلتزامات‬


‫والعقود‪ ،‬حيث يستحق المضرور تعويضا عن الضرر الناتج عن الجرائم وأشباه الجرائم يشمل‬
‫الخسارة التي لحقت المدعي فعال‪ ،‬والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى‬
‫إنفاقها إلصالح نتائج الفعل الذي ارتكب إض ار ار به‪ ،‬وكذلك ما حرمه من نفع في دائرة‬
‫الحدود العادية لنتائج هذا الفعل"‪.1‬‬

‫وقد سار بعض العمل القضائي إلى اشتراط ضرورة توفر عنصرين للحكم بالتعويض‬
‫عن الحرمان من استغالل العقار الذي وضعت يدها عليه‪ ،‬وذلك كاآلتي‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬تقييد الحق في التعويض عن الحرمان من االستغالل بعدم‬


‫إنشاء المرفق العام‬

‫من خصوصيات دعاوى االعتداء المادي أنها تمنح صاحب العقار تعويضين أحدهما‬
‫تعويض عن فقدان رقبة العقار واآلخر تعويضا عن الحرمان من استغالله‪.‬‬

‫وقد كان التوجه القضائي في البداية يمنح تعويضا عن الحرمان من استغالل العقار من‬
‫تاريخ حيازته إلى تاريخ إجراء الخبرة‪ ،‬لكن الوكالة القضائية للمملكة استطاعت أن تكرس‬
‫توجها قضائيا يقيد االستفادة من هذا التعويض بعدم إنشاء المرفق العام‪ ،‬وإذا تم إنشاء مرفق‬
‫عام على العقار لم يستحق صاحبه أي تعويض عن الحرمان من االستغالل‪ ،‬إذ صدرت‬
‫أحكام عن مختلف محاكم المملكة تقر أن التعويض عن الحرمان من االستغالل ال يستحق‬

‫‪1‬‬
‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 07/09/19‬تحت عدد ‪ 2925‬في الملف عدد ‪ 05/1421‬منشور بالتقرير السنوي للمجلس األعلى‬
‫لسنة ‪ 2007‬ص ‪.146‬‬

‫‪288‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بعد السنة السابقة عن إنشاء المرفق‪ ،1‬مكرسة التوجه الذي سارت عليه محكمة النقض منذ‬
‫عقد من الزمن‪ ،‬حيث جاء في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 2004/07/28‬تحت عدد ‪ 446‬في‬
‫الملفين عدد ‪ 2001/1/4/1748‬و ‪ 2001/1/4/1053‬ما يلي‪:‬‬

‫"لكن حيث إنه تبين من الخبرة المأمور بها أن تاريخ االحتالل يرجع‬
‫إلى سنة ‪ 1974‬أن البناء قد تم الشروع فيه خالل السنة الموالية أي سنة‬
‫‪ ،1975‬وأن المحكمة اإلدارية عندما قضت للمستأنفين بالتعويض عن فقد‬
‫الرقبة دون التعويض عن الحرمان من االستغالل يكون قضاؤها مؤسسا ما‬
‫دامت عملية البناء قد تم الشروع فيها مباشرة عقب االحتالل‪ .‬وأن المطالبة‬
‫بالتعويض عن الحرمان من االستغالل ال يكون لها محل إال إذا كانت الفترة‬
‫الفاصلة بين تاريخ وضع اليد وتاريخ إنشاء المرفق العام قد تجاوزت أكثر‬
‫من سنة فكان ما قضى به الحكم المستأنف مؤسسا وواجب التأييد"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وكمثال على ذلك القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش تحت عدد ‪ 1098‬بتاريخ ‪ 2014/10/1‬في الملف عدد‬
‫‪ 2014/7206/971‬جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫"وحيث إنه من جهة ثانية فان التعويض عن الحرمان من االستغالل حسبما استقر عليه االجتهاد القضائي في المادة االدارية ال يشمل سوى الفترة‬
‫الممتدة ما بين تاريخ وضع اليد و تاريخ إحداث المرفق و ال يحكم به إال إذا أثبت صاحب الشأن نوع االستغالل الذي حرم منه و مدته و هو أمر‬
‫غير ثابت في نازلة الحال مما تكون معه المحكمة قد جانبت الصواب لما قضت بالتعويض المذكور‪ ،‬كما أن الفوائد القانونية تفرض فقط لتغطية‬
‫الضرر الناتج عن التأخير"‪.‬‬
‫وكذلك القرار الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بمراكش تحت عدد ‪ 1102‬الصادر بتاريخ ‪ 2013/10/24‬في الملف عدد‬
‫‪ 2013/1914/478‬والذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫"وحيث إنه من جهة ثالثة فان تمسك الطرف المستأنف بأح قيته في المطالبة بالتعويض عن الحرمان من االستغالل يبقى عديم األساس القانوني و‬
‫الواقعي كما الحظ ذلك الحكم المستأنف عن صواب على اعتبار أن التعويض المذكور حسبما استقر عليه االجتهاد القضائي في المادة االدارية ال‬
‫يمنح إال عن الفترة الممتدة ما بين تاريخ وضع اليد و تاريخ إحداث المرفق‪ ،‬و ال يمنح إال إذا أثبت صاحب الشأن نوع االستغالل الذي حرم منه‬
‫ومدته و أنه ال دليل بالملف على ذلك مما يكون معه السبب المعتمد بمقتضى هذه الوسيلة أيضا غير قائم على أساس و يبقى تبعا لذلك الحكم‬
‫المستأنف فيما آل إليه صائبا وواجب التأييد‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الشرط الثاني‪ :‬تقييد الحق في التعويض عن الحرمان من االستغالل بإثبات‬


‫وجود استغالل سابق عن حيازة اإلدارة للعقار‬

‫لقد ذهب القضاء في العديد من األحكام إلى تقييد الحق في التعويض عن الحرمان من‬
‫االس تغالل بإثبات وجود استغالل سابق عن حيازة اإلدارة للعقار‪ ،‬ذلك أن االدعاء بالحرمان‬
‫من االستغالل والمطالبة بالتعويض عن ذلك تفترض أن يكون العقار مستغال حينما تضع‬
‫اإلدارة يدها عليه‪ ،‬ويقع عبء إثبات االستغالل على عاتق المطالب به‪ ،‬وكون استغالله‬
‫للعقار كان مد ار للدخ ل قبل واقعة وضع اإلدارة يدها على العقار‪ .‬و هذا ما جاء في العديد‬
‫من الق اررات الصادرة عن محاكم االستئناف اإلدارية‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪:‬‬

‫‪-‬القرار عدد ‪ 3187‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ‬


‫‪ 2012/7/23‬في الملف عدد ‪ 6/11/840‬والذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫"حيث صح ما نعاه المستأنف إذ أن التعويض عن الحرمان من‬


‫االستغالل يقتضي اإلدالء بالحجج التي تثبت أن العقار المعتدى عليه كان‬
‫يستغل وأوجه استغالله ومداخيل استغالله حتى تكون واقعة الحرمان ثابتة‬
‫وهو الشيء غير الحاصل في النازلة ويبقى التعويض عن الحرمان من‬
‫االستغالل غير مؤسس مما يقتضي إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به‬
‫بهذا الخصوص‪.‬‬

‫القرار الصادر عن محكمة االستئناف االدارية بالرباط تحت رقم ‪ 4286‬وتاريخ‬


‫‪ 2013/11/26‬في الملف عدد ‪ 6/11/465‬و الذي جاء في حيثياته ما يلي‪:‬‬

‫"وحيث إنه وفيما يخص سبب االستئناف الفرعي الوحيد المثار من‬
‫طرف و ازرة األوقاف والشؤون اإلسالمية والمتصل بمبلغ التعويض عن‬

‫‪290‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الحرمان من االستغالل‪ ،‬فإن هذه المحكمة ورعيا منها للمبادئ التي تواتر‬
‫عليها االجتهاد القضائي للغرفة االدارية بمحكمة النقض من خالل عدد من‬
‫الق اررات الصادرة عنها من ضمنها القرار عدد ‪ 886‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2004/12/22‬في الملف االداري عدد ‪ 03/730‬و القرار عدد ‪602‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2006/10/11‬في الملف رقم ‪،2005/3/4/3047‬‬
‫والقرار عدد ‪ 453‬الصادر بتاريخ ‪ ،2006/7/5‬و التي أكدت من خاللها‬
‫أنه يشترط للمطالبة بأي تعويض عن هذا الحرمان من االستغالل باإلضافة‬
‫إلى بيان الفترة التي تتحقق فيها إثبات نوعية و طبيعة االستغالل الذي حرم‬
‫منه المعني باألمر‪ ،‬و في ظل عدم بيان المستأنفة فرعيا لهذه الفترة والتي‬
‫تمتد من تاريخ وضع اليد إلى تاريخ إحداث المنشأة‪ ،‬فضال عن عدم إثباتها‬
‫لنوعية االستغالل الذي كان مخصصا له عقارها بموجب وثائق التعمير‬
‫الت ي كانت سارية المفعول والذي حرمت منه فعال‪ ،‬فإن ذلك يعني إن طلبها‬
‫الرامي إلى الحكم بهذا التعويض يبقى غير قائم على أساس والمحكمة‬
‫اإلدارية بوجدة عندما قضت برفض الطلب في هذا الشق منه فإنها تكون قد‬
‫نحت منحا صحيحا و ليس فيها ما يبرر إلغائه لهذا السبب"‪.‬‬

‫‪ -‬القرار الصادر عن محكمة االستئناف االدارية بمراكش تحت رقم ‪ 1068‬وتاريخ‬


‫رقم‬ ‫الملف‬ ‫له‬ ‫ضم‬ ‫‪2014/1914/417‬‬ ‫عدد‬ ‫الملف‬ ‫في‬ ‫‪2014/09/24‬‬
‫‪ 2014/7206/526‬الذي جاء في حيثياته ما يلي‪:‬‬

‫"حيث إنه بالرجوع إلى مذكرة جواب النائب اإلقليمي في المرحلة‬


‫االبتدائية يتضح أنها ال تتضمن أي إقرار قضائي صريح بوضع اإلدارة‬
‫يدها على العقار المدعى فيه سنة ‪ 1993‬وأن محضر اختيار البقعة‬
‫األرضية المخصصة لمشروع المدرسة المرفق بنفس المذكرة اقتصر على‬

‫‪291‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اإلشارة إلى وقوع اختيار اللجنة التي انتدبت لذلك الغرض على عقار‬
‫المستأنف بعد االطالع على كافة المواقع المخصصة بمقتضى تصميم‬
‫التهيئة إلقامة مدارس و ال يمكن بأي حال أن يثبت تحقق واقعة وضع‬
‫اإلدارة يدها على العقار و منع المستأنف من التصرف فيه‪.‬‬

‫و حيث إنه باإلضافة إلى ما ذكر فإنه بالنظر إلى طبيعة التعويض‬
‫عن الحرمان من استغالل العقارات التي تتعرض لالعتداء المادي فهو إنما‬
‫يكون مستحقا في حالة إثبات مالكيها تخصيصها في نشاط معين مدر‬
‫للمداخيل قبل تحقق واقعة وضع اإلدارة يدها عليها ومنعهم من التصرف‬
‫فيها و أنه لما عجز المستأنف عن إثبات تحقق ذلك الشرط في المرحلة‬
‫االبتدائية فإن طلبه يكون غير مرتكز على أساس سليم"‪.‬‬

‫د‪ -‬موقف العمل القضائي اإلداري من تمسك اإلدارة الحائزة للعقار دون‬
‫ضوابط قانونية بمقتضيات المادة ‪ 37‬من قانون التعمير‬

‫ينص الفصل ‪ 37‬من قانون التعمير عـلى ما يلي‪:‬‬

‫" ‪ ...‬يكون مالك كل بقعة أرضية تصير أو تبقى مجاورة للطريق العامة‬
‫الجماعية المقرر إحداثها ملزما بالمساهمة مجانا في إنجازها إلى غاية مبلغ‬
‫يساوي قيمة جزء من أرضه يعادل مستطيال يكون عرضه ‪ 10‬أمتار وطوله‬
‫مساويا لطول واجهة األرض الواقعة على الطريق المراد إحداثها على أن ال‬
‫تتعدى هذه المساهمة قيمة ربع البقعة األرضية "‪.‬‬

‫و إذا كان هذا الفصل ينطبق على الحالة التي تسلك فيها اإلدارة مسطرة نزع الملكية‪ ،‬فإن‬
‫التساؤل يطرح في حال ما إن كانت اإلدارة قد أنجزت طريقا دون اتباع مسطرة نزع الملكية‪،‬‬

‫‪292‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أي أنها كانت في وضعية اعتداء مادي‪ ،‬فهل يمكنها التمسك بإعمال هذا الفصل عند تقدير‬
‫التعويض‪.‬‬

‫يذهب موقف اإلدارة إلى أن عدم تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 37‬المذكور أعاله‪ ،‬معناه إعفاء‬
‫صاحب العقار من التزام قانوني ملقى على عاتقه برغم وجود سببه وهو مجاورته للطريق‬
‫العمومية‪ ،‬ومعلوم أن التحمالت القانونية ال يجوز أن يعفى منها أحد إال بنص قانوني‪.‬‬

‫فضال عن أنها اعتبرت أن هذا الطرح ينسجم مع مفهوم التعويض في إطار االعتداء‬
‫المادي أي في إطار مفهوم المسؤولية التقصيرية مادام أن التعويض ال يرصد إال لجبر الضرر‬
‫الحال والمحقق دون سواه‪ ،‬ومادام أن هناك تحمل للشخص المجاور للطريق العمومية بالمساهمة‬
‫في إنشاء هذه الطريق في حدود قيمة الربع من عقاره‪ ،‬فإن مبادرة اإلدارة إلى إنشاء هذا الطريق‬
‫حتى إن اعتبر فعال موجبا للمسؤولية المرفقية باعتباره اعتداء ماديا‪ ،‬فإن التعويض عنه يجب أن‬
‫يحصر في حدود النفع الفائت والخسارة الالحقة‪.‬‬

‫لكن العمل القضائي لم يساير هذا التوجه إذ دأب على رفض هذا الطلب وتقدير التعويض‬
‫عن قيمة العقار دون استحضار مبدأ المساهمة المجانية‪ ،‬وفي هذا الصدد يمكن اإلحالة على‬
‫الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بفاس تحت عدد ‪ 2009/732‬في الملف اإلداري عدد‬
‫‪ 2009/12/163‬بتاريخ ‪ 2009/07/08‬والذي اعتبرت المحكمة فيه أن الفصل ‪ 37‬من‬
‫قانون التعمير ال يجد مجال تطبيقه إال في إطار مسطرة نزع الملكية وليس في إطار نظرية‬
‫االعتداء المادي‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬تطور العمل القضائي في مجال إقرار ملكية اإلدارة لرقبة‬
‫العقار المعتدى عليها نظير إلزامها بأداء ثمنه‬

‫كان توجه القضاء اإلداري في البداية يرفض إقرار إمكانية نقل الملكية مقابل التعويض‬
‫المحكوم به‪ ،‬مستندا في ذلك على عدم جواز إضفاء المشروعية على عمل غير مشروع‬
‫ويعتبر أن اإلدارة مطالبة عند رغبتها في تسوية وضعية العقار الذي أدت ثمنه أن تسلك‬
‫مسطرة نزع الملكية‪.1‬‬

‫وما فتئت اإلدارة تدافع عن ضرورة نقل ملكية العقارات التي تكون موضوع تعويض في‬
‫إطار اإلعتداء المادي لإلدارة مرتكزة في ذلك على مبر ار موضوعية وقانونية وتنسجم مع‬
‫روح القانون ويمكن إجمالها في اإلعتبارات التالية ‪:‬‬

‫االعتبار األول‪ :‬نقل ملكية العقار لإلدارة يجد سنده في إلزامها بأداء قيمة‬
‫هذا العقار لفائدة مالكيه السابقين‬

‫حيث من المعلوم أن انتقال الملكية له حاالت وأوصاف متعددة فقد يتم بالتراضي مرة‬
‫وقد يتم بحكم القانون مرة أخرى وقد يتم بحكم القضاء‪.‬‬

‫وحيث إن كان انتقال ملكية العقار إلى اإلدارة قد يتم بتراضي األطراف ‪ ،‬فإنه قد يتم‬
‫في إطار قانون نزع الملكية ألجل المنفعة العامة ويمكن أيضا أن يتم عن طريق القضاء‪،‬‬
‫فالقضاء حينما يحسم في المراكز القانونية فإنه يحكم باإللزام كما يحكم بالحق ‪ ،‬وإن إلزام‬

‫‪1‬‬
‫وكمثال على ذلك‪:‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 4752‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 03‬دجنبر ‪ 2012‬في الملف عدد ‪ 6/12/314‬المضموم إليه الملف‬
‫عدد ‪.6/12/736‬‬
‫‪-‬القرار عدد ‪ 1672‬الصادر بتاريخ ‪ 2011/05/26‬في الملف رقم ‪ 6/11/137‬عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪.‬‬
‫‪-‬الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2013/05/06‬تحت عدد ‪ 1627‬في الملف رقم ‪.06/13/1527‬‬
‫‪-‬الحكم رقم ‪ 373‬الصادر عن المحكمة االدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2012/02/01‬موضوع الملف رقم ‪.2010/12/358‬‬
‫‪-‬الحكم الصادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2008/9/23‬تحت عدد ‪ 1357‬في الملف رقم ‪ 06/476‬ش ت‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اإلدارة بأداء ثمن العقار يترتب عنه بداهة استحقاقها لرقبته ‪ ،‬وإن ذلك مرده قواعد العدالة‬
‫واإلنصاف ومنطق األشياء قبل أن يكون مبدأ قانونيا أو حكما قضائيا ‪.‬‬

‫فمعلوم أن القانون وسيلة لتحقيق العدالة واإلنصاف وأن القاضي هو الموكول له‬
‫إيصال هذه العدالة إلى مستحقيها‪.‬‬

‫وحيث من ثم فإن كان انتقال الملكية قد يكون بوسائل متعددة فإن القاسم المشترك بين‬
‫هذه الوسائل هو تحقيق العدالة واإلنصاف فملكية الشيء تثبت لمن أدى مقابله وملكية‬
‫العقار تثبت لمن أدى قيمته ‪.‬‬

‫وحيث ال يع قل ال منطقا وال شرعا أن يلزم القضاء اإلدارة بأداء قيمة العقار لمالكه‬
‫السابق ثم ال يعترف لها في المقابل باستحقاقها لهذا العقار‪.‬‬

‫إن العقار ليس سوى ماال من األموال ومن ثم فال يمكن أن يجتمع العقار وقيمته بين‬
‫يدي شخص واحد ‪ ،‬فإما أن يظل هو صاحب العقار وإما أن يحصل عن مقابله ويتنازل‬
‫عن ملكيته لمن أدى هذا المقابل ‪ ،‬تلك هي مبادئ واضحة ال غبار عليها ألنها مستمدة‬
‫من القواعد األساسية للعدالة واإلنصاف ‪.‬‬

‫االعتبار الثاني‪ :‬مطالبة المعتدى على ملكه بالحكم لفائدته بتعويض عن‬
‫رقبة العقار معناه تنازله ضمنيا عن هذه الرقبة مقابل الحصول على ثمنها‬

‫حيث إن المعتدى على ملكه عندما يطالب بتعويض عن رقبة العقار بزعم أن حيازة‬
‫اإلدارة له وإنشائها لمرفق عمومي عليه افقده لملكيته‪.‬‬

‫وحيث إن المحكمة لما تستجيب له وتعتبر أن التعويض المحكوم به مرصود له بعلة‬


‫فقدانه لملكية عقاره ‪.‬يعني أن إرادة المعني باألمر اتضحت في الحصول على قيمة العقار‬

‫‪295‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لما طالب بذلك أمام القضاء ‪ ،‬ومن تم فإنه ارتضى في المقابل أن يتنازل لإلدارة عن ملكية‬
‫العقار إذ ال يمكن أن يستبقي االثنين معا ‪.‬‬

‫وحيث من تم فاإلدارة هنا ال تسعى إال إلى تسوية وضعية عقار ألزمت بأداء ثمنه‬
‫وتنازل مالكه عن رقبته بمعنى أن الحكم القضائي لن يكون سوى كاشف عن هذه الوضعية‬
‫ومرتب لألثر القانوني الواجب عن حصول المالك السابق للعقار على ثمنه ‪.‬‬

‫االعتبار الثالث‪ :‬التصريح بفقدان المالك لملكية العقار وعدم التسليم بانتقال‬
‫ملكية العقار إلى اإلدارة يفضي إلى خلق وضعية غير قانونية‬

‫إنه مما ال جدال فيه أننا في دعوى اإلعتداء المادي نكون أمام حكم قضائي نهائي‬
‫يقضي بفقدان المالك السابق لملكية عقاره ‪.‬‬

‫ومن تم فإن فقدان الملكية بحكم قضائي نهائي معناه أن العقار موضوع النزاع لم يعد‬
‫في اسم مالكه األصلي وأن ما هو مضمن في الرسم العقاري يخالف حكما قضائيا نهائيا‬
‫يتوجب تحيين وضعية العقار على أساسه‪.‬‬

‫كما أن عدم اإلقرار لإلدارة بكونها أضحت هي المالكة معناه أن العقار موضوع النزاع‬
‫قد أضحى دون مالك وأن وضعيته معلقة وهو ما ال يعقل أو يستساغ‪.‬‬

‫و إذا استحضرنا هذا المعطى وعلمنا أن اإلدارة ملزمة بأداء قيمة العقار فإن اإلقرار لها‬
‫بملكية رقبته ليس سوى تحصيل حاصل‪.‬‬

‫فمعلوم أن االلتزام ال يكون محدودا فقط بما تضمنه سنده‪ ،‬ولكن يكون أيضا بما تمليه‬
‫طبيعة األمور‪ ،‬كما أن الحق يقابله الواجب وأن استحقاق قيمة العقار يلقي بالتزام مفاده‬
‫انتقال ملكية هذا العقار إلى الملتزم بأداء قيمته ‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫االعتبار الرابع‪ :‬ثبوت إلزام اإلدارة بأداء قيمة العقار يجعلها في استحالة‬
‫قانونية لممارسة مسطرة نزع الملكية‬

‫من المعلوم أن لمسطرة نزع الملكية مرحلتين ‪:‬مرحلة قضائية وأخرى إدارية‪ ،‬وأنهما‬
‫مترابطتان فال قبول لإلجراءات القضائية إال عند سالمة اإلجراءات اإلدارية ‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫كانت مسطرة نزع الملكية تقتضي أن يتم تعيين العقار المنزوعة ملكيته وتحديد التعويض‬
‫المقترح له وإيداع هذا التعويض حتى تقبل دعوى نقل الملكية وطلب اإلذن بالحيازة ‪ ،‬فإن‬
‫سبقية الحكم بالتعويض يحول دون سلوك هذه اإلجراءات ‪ ،‬فاإلدارة ال يمكن أن ترصد‬
‫تعويضا مرتين عن نفس العقار ‪ ،‬ثم إن تقديم دعوى نقل الملكية يخول للمالك أن يناقش‬
‫التعويض ويعترض عليه ويستأنف الحكم ويمارس الحق في الطعن بالنقض‪ ،‬بمعنى أن هذا‬
‫التعويض ال يكون محسوما في قيمته إال بصدور حكم نهائي ‪ ،‬فكيف إذا كان المالك قد‬
‫حصل على التعويض سلفا وتوصل بقيمة العقار مسبقا ؟‬

‫و من تم فإن كنا نحتكم إلى القانون فإن إجراءات القانون ‪ 81-7‬وشروط تقديم دعوى‬
‫نقل الملكية وطلب اإلذن بالحيازة ال يمكن أن تطبق في نازلة الحال ‪.‬‬

‫و فضال عن ذلك فإن القاضي يمنع عليه أن ينظر في نزاع سبق الحسم فيه ‪ ،‬ومن تم‬
‫فكيف لقاضي نزع الملكية أن ينظر في التعويض وهو قد سبق الحسم فيه ‪ ،‬ثم إن سلطة‬
‫قاضي نزع الملكية في تقدير التعويض تحكمها أحكام الفصل ‪ 20‬من القانون رقم ‪81/7‬‬
‫وهي غير العناصر التي تعتمد في حصر التعويض في إطار دعوى االعتداء المادي ‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فإنه ال يمكن القول أن قاضي نزع الملكية سيكتفي بالنظر في طلب‬
‫نقل الملكية دون النظر في قيمة التعويض ألن ذلك ال سند له وال يمكن أن يمنع قاضي نزع‬
‫الملكية من بسط سلطته على النازلة والحسم في أساس الدعوى وفقا لألحكام القانونية التي‬
‫تحكمه استنادا إلى مقتضيات الفصل الثالث من ق‪ .‬م‪ .‬م‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبالنظر إلى ما سبق يتضح أن دعوى نزع الملكية دعوى خاصة لها شروطها وأحكامها‬
‫وأنه ال يمكن التعديل في هذه األحكام وال في هذه الشروط وإال كان األمر افتئاتا على‬
‫المشرع واجتهادا في غير باب االجتهاد وتجاو از لحدود سلطات القاضي الذي سيعطل نصا‬
‫في حين أنه يملك في المقابل حال آخر ليس فيه أي تعطيل لنص قانوني‪.‬‬

‫االعتبار الخامس‪ :‬مسايرة المحكمة في منطقها يتعارض مع وظيفة القاضي‬


‫األساسية في الحسم في المراكز القانونية وإنهاء الخصومة‬

‫إن أول مهمة يضطلع بها القاضي هو الحسم في المراكز القانونية بحيث ال تظل هذه‬
‫األخيرة معلقة تفضي إلى منازعات أخرى أو تؤدي إلى عدم استقرار األوضاع القانونية ‪.‬‬

‫و من ثم فإن اإلقرار بأحقية المالك السابق في الحصول على تعويض عن رقبة العقار‬
‫مقابل فقدانه لملكيته يقتضي الحسم في الوضعية القانونية للعقار وتحديد المالك الحقيقي له‪.‬‬

‫وحيث من ثم فال يمكن للحكم القضائي أن يساهم في خلق وضعية ال تعكس الواقع بأن‬
‫يلزم اإلدارة بأداء قيمة العقار وال يعترف لها بملكيته ‪ ،‬إن معنى ذلك هو مزاحمة مركزين‬
‫قانونيين للمالك السابق ‪ ،‬المركز األول حصوله على ثمن العقار والمركز الثاني استبقاؤه‬
‫لملكيته أو معناه عدم حسم في الوضعية القانونية للعقار من خالل القول بفقدان المالك‬
‫السابق لملكية العقار واعتبار ذلك هو المبرر الستحقاقه لثمنه ولكن دون االعتراف في‬
‫المقابل لإلدارة بأنها أضحت هي المالك الجديد بسبب أداءها للثمن ‪.‬‬

‫ثم إنه ال يمكن منطقا الجمع بين األضداد‪ ،‬فإما أن تقر المحكمة بفقدان الملكية وما‬
‫يقتضيه ذلك من انتقالها إلى الغير‪ ،‬أو تقر ببقائها مع ما يستتبع ذلك من رفض االستجابة‬
‫لطلب الحصول على ثمن العقار‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ونافلة القول التذكير إلى إن القاضي وهو يقضي بإلزام اإلدارة بأداء الثمن يكون قد رتب‬
‫بداهة الحق لها في الحصول على مقابل هذا الثمن ‪ ،‬أي على ملكية العقار فتلك هي النقطة‬
‫المفصلية ‪ ،‬إذ أن سبب انتقال الملكية ليست هي الواقعة المادية الغير المشروعة ولكن هو‬
‫الحكم القضائي الملزم بأداء التعويض ‪.‬‬

‫االعتبار السادس‪ :‬تعارض المنطق القائل بعدم جواز نقل الملكية خارج‬
‫إطار القانون رقم ‪ 7/81‬مع مبدأ وجوب حماية المال العام‬

‫إن القاضي اإلداري كان سباقا لوضع مبادئ وقواعد تكفل حماية المال العام ‪ ،‬بحيث‬
‫كانت هذه الغاية سببا في إنشاء مجموعة من المبادئ القارة في القضاء اإلداري ‪ ،‬كمبدأ عدم‬
‫جواز إفراغ اإلدارة من العقار إذا ثبت إنشاؤها لمرفق عمومي عليه ومبدأ عدم جواز هدم‬
‫المرفق العمومي استنادا إلى نظرية التصاق المال العام بالمال الخاص‪ ،‬وغيرها من المبادئ‬
‫التي يضيف المقام عن سردها والتي ال يختلف عليها اثنان ‪.‬‬

‫و عدم إقرار ملكية اإلدارة للعقار الذي أدت ثمنه من المال العام معناه ببساطة التسليم‬
‫بأن تغرم اإلدارة دون أن تغنم أي أن يتم صرف مال عام دون الحصول على مقابله ‪.‬‬

‫هذا فضال عن أن بقاء وضعية العقار على ما هو عليه ‪ ،‬قد يخلق وضعية سوف‬
‫يصعب إصالحها فيما بعد ‪ ،‬إذ أن الشخص المسجل على العقار كمالك له قد يقدم على‬
‫تفويته إلى الغير والذي يمكن له أن يسجل اسمه كمالك جديد وهنا وتواجه اإلدارة عندها‬
‫بوضعية جديدة قد تترتب عنها منازعات أخرى وإهدار للمال العام‪.‬‬

‫و بالنظر إلى ذلك فإن عدم تسجيل الدولة كمالكة للعقار بعد أن ألزمت بأداء ثمنه هو‬
‫مفسدة ال تحقق مصلحة مادام أن المالك السابق قد روعيت مصلحته واستوفى حقه وأن‬
‫اإلدارة ظلت في مركز قانوني معلق ووضعية لم يحسم في شأنها الحكم ‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫هذا وقد استقر القضاء على نقل الملكية لفائدة الدولة وعرف هذا الموقف مرحلتين‬
‫يمكن تلخيصهما كما يلي ‪:‬‬

‫مرحلة الحكم بنقل الملكية‬

‫أصبح القضاء يستجيب لطلب الدولة بنقل ملكية العقار إليها بعد أداء التعويض وذلك‬
‫استنادا على مجموعة من النظريات‪ ،‬كاآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬نظرية اإلثراء بدون سبب‪ ،‬حيث سارت مجموعة من الق اررات في اتجاه تبرير الحكم‬
‫بنقل ملكية الرقبة لإلدارة على اساس نظرية الغثراء بال سبب المنصوص عليها في قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫وكمثال على ذلك قرار محكمة النقض عدد ‪ 2/394‬المؤرخ في ‪ 24‬أبريل ‪ 2014‬في‬
‫الملف عدد ‪ 2012/2/4/1669‬الذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫"حقا حيث صح جزئيا ما عابه به الطالب القرار المطعون فيه‪ ،‬ذلك أن‬
‫المحكمة قضت بتعويض عن فقد المطلوبة ملكية عقارها المعتدى عليه‬
‫ماديا من طرف الطاعنة دون الحكم بنقل ملكيته لفائدة هذه األخيرة خالفا‬
‫ألحكام اإلثراء بال سبب المتمثلة في إثراء المطلوبة عندما قضى لها‬
‫بالتعويض المذكور من احتفاظها بملكية نفس العقار موضوع الحكم‬
‫بالتعويض‪ ،‬واقتصار الطاعنة لما صرحت من انتقال ملكية نفس العقار‬
‫إليها (وافتقار الطاعنة لما حرمت من انتقال ملكية نفس العقار إليها)‪ ،‬مما‬
‫شكل افتقا ار مباش ار يقابله إثراء مباشر وتقوم عالقة سببية مباشرة تتمثل في‬
‫واقعة هي السبب المباشر لكل منهما وهو دفع تعويض عن قيمة عقار لم‬
‫تنتقل ملكيته على من حكم عليه بدفعه وهو الطالبة المفتقرة‪ ،‬فكان بذلك‬

‫‪300‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫القرار المطعون فيه لما لم يقض بنقل الملكية لهذه األخيرة والحال ما ذكر‬
‫فاسد التعليل ومعرضا للنقض"‪.‬‬

‫القرار عدد ‪ 186‬الصادر عن المجلس األعلى سابقا بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪ 2001‬في الملف‬
‫اإلداري عدد ‪ 98/1/5/178‬الذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬

‫"حيث إنه من الثابت من أوراق الملف وباعتراف المستأنف عليهما أن‬


‫اإلدارة التي احتلت عقارهما المذكور قد قامت ببناء مدرسة عمومية عليه‬
‫الشيء الذي يعني أن المالكين المذكورين قد فقدا بالفعل ملكيتهما بصورة‬
‫جبرية بعد أن اتضح أن اإلدارة قد أنشأت مرفقا عموميا فوقها مما يخولهما‬
‫الحق في طلب التعويض عن فقد الملكية كما يخولهما ذلك الحق في طلب‬
‫التعويض عن الحرمان من االستغالل العقار والتصرف فيه في الفترة‬
‫السابقة على إنشاء المرفق العام المذكور ‪.‬‬

‫وحيث إن المحكمة اإلدارية اكتفت بتحديد التعويض عن االعتداء على‬


‫حق الملكية والحرمان من استغالل العقار دون أن توضح الوقت الذي تم‬
‫فيه إنشـاء المدرسة العمومية المذكورة وفي أي وقت أصبح هذا المرفق‬
‫يستغل بصورة عادية لتمكين المجلس األعلى من بسط رقابته حول الفترة‬
‫الحقيقية التي يستحق فيها المستأنف عليهما التعويض عن الحرمان من‬
‫االستغالل وفي أي وقت لم يعد من حقهما إال طلب التعويض عنه فقد‬
‫الملكية الجبري ‪ .‬مما يجب معه إلغاء الحكم المستأنف"‪.‬‬

‫وفي نفس السياق القرار الصادر عن محكمة النقض تحت عدد ‪ 2-717‬وتاريخ ‪-26‬‬
‫‪ 6-2014‬في الملف اإلداري عدد ‪.2012-2-4-135‬‬

‫‪301‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ب‪ -‬دور القضاء في تكريس نظرية التوازن بين الحقوق والواجبات وحماية‬
‫للمراكز القانونية للطرفين‬

‫وكمثال على هذا التوجه قرار محكمة النقض عدد‪ 2/48‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2015/1/22‬في الملف عدد ‪ 2013/2/4/1473‬والذي جاء فيه‪:‬‬

‫"حيث صح ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه بهذا الخصوص‬


‫ذلك أن تعويض المالك عن فقدانه رقبة عقاره يقتضي بالضرورة خروج‬
‫ملكية هذه الرقبة عن ملكه و نقلها إلى جهة اإلدارة الملزمة بأداء التعويض‬
‫المذكور تطبيقا لمبدأ التوازن بين الحقوق والواجبات و حماية للمراكز‬
‫القانونية للطرفين المنبثقة عن الوضعية التي ترتبت عن وضع اليد على‬
‫العقار واستعماله كمنشأة عامة مملوكة بقوة القانون للدولة (الملك العام)‪.‬‬
‫والمحكمة لما قضت برفض طلب نقل ملكية العقار محل النزاع لفائدة اإلدارة‬
‫المعنية مقابل التعويض المحكوم به للمطلوبين في النقض لم تجعل لما‬
‫قضت به من أساس في هذا الشأن و عرضت قرارها للنقض جزئيا"‪.‬‬

‫ج‪ -‬موقف القضاء من إغفال المطالبة بنقل ملكية العقار في المرحلة‬


‫االبتدائية‬

‫من المعلوم ان القاضي تحكمه مقتضيات الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية‬
‫وبالتالي فان القاضي ال يحكم اال بما طلب منه‪.‬‬

‫واستنادا الى هذا المبدأ فقد عمد القضاء اإلداري إلى عدم االستجابة لبعض مقاالت‬
‫االستئناف في ما يتعلق بطلب نقل الملكية عند الحكم بالتعويض في إطار االعتداء المادي‬
‫بالنظر إلى أن هذا الطلب لم يكن موضوع طلب مضاد في المرحلة االبتدائية‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غير أن محكمة النقض أصدرت ق ار ار تحت عدد ‪ 2/966‬بتاريخ ‪ 2014/10/02‬في‬


‫الملف عدد ‪ 2013/2/4/769‬اعتبرت فيه أن طلب نقل الملكية يجد سنده في الحكم‬
‫بالتعويض وإلزام اإلدارة بأدائه‪ ،‬كما اعتبر أن االستئناف ينشر الدعوى من جديد ويتيح‬
‫لألطراف تقديم الدفوع والطلبات المرتبطة بالطلب األصلي ‪ ،‬و لم يعتبر بأن طلب نقل‬
‫الملكية ألول مرة امام محكمة االستئناف هو طلب جديد‪ ،‬وهو ما جسدته الحيثية التالية ‪:‬‬

‫"حيث استندت المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه في رد طلب نقل‬


‫الملكية المقدم أمامها بعلة (أن اإلدارة لم يسبق لها ان طلبت الحكم بنقل‬
‫ا لملكية إليها أمام المحكمة اإلدارية إلمكانية االحتجاج بخرقها لقواعد اإلثراء‬
‫بال سبب سيما وأن هذا الطلب (أي نقل الملكية) لم يرد إال بمناسبة المقال‬
‫االستئنافي) في حين أن االستئناف ينشر الدعوى من جديد ويتيح لألطراف‬
‫تقديم الدفوع والطلبات المرتبطة بالطلب األصلي‪ .‬وفي النازلة مادام أن‬
‫دعوى المطلوبين كانت تهدف إلى الحكم لهم بالتعويض عن نزع ملكية‬
‫عقارهم فإن جميع الطلبات المرتبطة بالموضوع المذكور يمكن تقديمها أمام‬
‫قضاء الموضوع‪ ،‬علما بأن طلب نقل الملكية لإلدارة يجد سنده في إلزامه‬
‫بأداء التعويض لفائدة المنزوعة ملكيتهم إذ ال يعقل الحكم بالتعويض عن‬
‫نقل الملكية مع بقاء تلك الملكية لفائدة المحكوم له بالتعويض‪ ،‬والمحكمة لما‬
‫ردت الطلب بالتعليل المذكور دون مراعاة ما ذكر يكون قرارها غير مرتكز‬
‫على اساس وعرضة للنقض ‪.‬‬

‫و يظهر أن محكمة النقض قد تراجعت عن قرارها حيث جاء في حيثيات ق اررها عدد‬
‫‪ 3/02‬وتاريخ ‪ 08‬يناير ‪ 2015‬في الملف اإلداري عدد ‪ ،2013/2/4/369‬ما يلي‪:‬‬

‫‪303‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫"وحيث من جهة ثانية فإن المحكمة لما قضت بتعويض عن فقد‬


‫المطلوب ملكية عقاره المعتدى عليه ماديا من طرف الطاعن بعلة أنه ال‬
‫يجوز البت إال في حدود ما طلب طبقا للفصل ‪ 3‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬و لما لم يتقدم المستأنف خالل المرحلة االبتدائية بطلب نقل الملكية‬
‫و لما كان من غير المسموح التقدم بطلبات جديدة خالل المرحلة االستئنافية‬
‫فإن ما تمسك به المستأنف بهذا الخصوص مردود‪ ،‬تكون قد بنت قضاءها‬
‫بهذا الخصوص على أساس القانون وما بالوسيلة على غير أساس"‪.‬‬

‫وخالصة القول أنه إذا كان القضاء اإلداري قد استطاع فرض حمايته للملكية العقارية‬
‫من خالل تجسيد مبدأ دستورية هذا الحق‪ ،‬فإن ذلك وحده ال يكفي ألن الضمانة الدستورية‬
‫لحق الملكية تقتضي تدخل المشرع أيضا من خالل فرض احترام حق الملكية العقارية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل فرض قيود على لجوء اإلدارة إلى غصب العقار خارج الضوابط القانونية وبالمقابل‬
‫إدخال تعديالت على القانون رقم ‪ 7/81‬المتعلق بنزع الملكية وتيسير إجراءاته والتقليص من‬
‫اآلجالت المضمنة به‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ فؤاد الكركادي‪،‬‬


‫إطار بالوكالة القضائية للمملكة‬

‫مقدمة‬

‫شكل مطلب تحيين اإلطار القانوني المنظم ألراضي الجماعات الساللية عن طريق‬
‫سن منظومة تشريعية متكاملة‪ ،‬مطلبا أجمع عليه الباحثون والفاعلون السياسيون‬
‫واالقتصاديون وهيئات المجتمع المدني‪ ،‬وحاجة ملحة اقتضتها التغيرات البنيوية على‬
‫الصعيدين االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬وأملته المستجدات الدستورية والقانونية‪ ،‬التي بلورها‬
‫االجتهاد القضائي في قراراته وأحكامه‪ ،‬حتى أضحت مقتضيات الظهير الشريف الصادر في‬
‫‪ 26‬رجب ‪ 27( 1337‬أبريل ‪ )1919‬بشأن تنظيم الوصاية اإلدارية على الجماعات وضبط‬
‫تدبير شؤون األمالك الجماعية وتفويتها‪ ،‬متجاوزة وتطبق في بيئة مختلفة تماما عن تلك التي‬
‫شكلت أسباب نزوله‪.‬‬

‫وبعد مخاض عسير‪ ،‬وبعد مرور ما يناهز قرن على صدور ظهير ‪ 11919‬ونصف‬
‫قرن على آخر وأهم تعديل له سنة ‪ ،1963‬تمت المصادقة على مشاريع القوانين التي أعدتها‬
‫الحكومة‪ ،‬ونشرها بالجريدة الرسمية‪ ،‬ويتعلق األمر ب ‪:‬‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 62.17‬بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات وتدبير أمالكها‪2‬؛‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 63.17‬المتعلق بالتحديد اإلداري للجماعات الساللية‪1‬؛‬

‫‪1‬‬
‫ظهير ‪ 27‬المؤرخ في ‪ 26‬رجب ‪ 1337‬الموافق ل‪ 27‬أبريل ‪( 1919‬جريدة رسمية عدد ‪ 329‬بتاريخ ‪ 18‬غشت ‪ 1919‬الموافق ل ‪ 20‬ذي القعدة‬
‫‪ ،1337‬ص ‪ )410‬المغير بموجب الظهير الشريف رقم ‪ 1.62.179‬الصادر في ‪ 12‬رمضان ‪ 1382‬الموافق ل ‪ 6‬فبراير ‪ ( 1963‬ج ر عدد‬
‫‪ 2626‬بتاريخ ‪ 27‬رمضان ‪ 1382‬الموافق ل ‪ 22‬فبراير ‪ ، 1963‬ص ‪.)365‬‬
‫القانون رقم ‪ 62.17‬بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات وتدبير أمالكها‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.115‬صادر في ‪ 7‬ذي‬ ‫‪2‬‬

‫الحجة ‪ 9 ( 1440‬اغسطس ‪ )2019‬ج ر عدد ‪ 6807‬بتاريخ ‪ 24‬ذو الحجة ‪ 26( 1440‬أغسطس ‪ )2019‬ص ‪.5887‬‬

‫‪305‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬القانون عدد ‪ 64.17‬بتغيير الظهير الشريف رقم ‪ 1.69.30‬بشأن األراضي الواقعة‬


‫في دوائر الري‪.2‬‬

‫تعكس هذه القوانين ترجمة إلرادة الحكومة في معالجة موضوع شائك‪ ،‬طالما باءت كل‬
‫المحاوالت السابقة لتنظيمه بالفشل وبقيت حبيسة الرفوف‪ ،3‬واتسمت بمقاربة شمولية استهدفت‬
‫كل الجوانب المرتبطة بأراضي الجموع (الوصاية‪ ،‬التحديد اإلداري‪ ،‬األراضي الواقعة في دائرة‬
‫الري‪ )،‬بحيث خصص لكل منها قانون خاص‪ ،‬كما أن ما تضمنته في طياتها من مقتضيات‬
‫جديدة ال يمكن إال أن تكون خطوة أساسية في تجاوز الجمود والفراغ الذي يعتري القانون‬
‫المنسوخ‪ ،‬وآلية تروم حل عدد من اإلشكاالت التي أفرزتها تطبيقاته العملية‪.‬‬

‫وإذا كانت اإلحاطة بهذه القوانين وتقييمها بشكل مؤسس وعلمي‪ ،‬تقتضي قراءتها قراءة‬
‫نقدية كوحدة متكاملة ومنظومة ال تتجزأ‪ ،‬فإن هذا األمر يحتاج إلى دراسة معمقة ال يتسع لها‬
‫هذا المقال‪ ،‬مما ارتأينا معه أن نحصره في قراءة ألهم مستجدات القانون رقم ‪ ،62.17‬التي‬
‫تضمنت مقتضيات جديدة‪ ،‬ال سيما فيما يتعلق بتوسيع دائرة ذوي الحقوق‪ ،‬والمسطرة اإلدارية‬
‫للطعن ضد ق اررات الهيئات المضمنة بهذا القانون (المجالس النيابية ومجالس الوصاية‬
‫االقليمية) أو المسطرة القضائية للطعن في ق اررات مجلس الوصاية المركزي‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬سيكون هذا المقال متقاطعا‪ ،‬بل وامتدادا في العديد من جوانبه مع جاء في مقالنا‬
‫السابق "الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد القضائي"‪،4‬‬

‫القانون رقم ‪ 63.17‬المتعلق بالتحديد اإلداري للجماعات الساللية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.116‬صادر في ‪ 7‬ذي الحجة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 9( 1440‬أغسطس ‪ )2019‬ج ر عدد ‪ 6807‬بتاريخ ‪ 24‬ذو الحجة ‪ 26( 1440‬أغسطس ‪ )2019‬ص ‪.5893‬‬
‫القانون رقم ‪ 63.17‬المتعلق بالتحديد اإلداري للجماعات الساللية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.117‬صادر في ‪ 7‬ذي الحجة‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 9 ( 1440‬أغسطس ‪ )2019‬ج ر عدد ‪ 6807‬بتاريخ ‪ 24‬ذو الحجة ‪ 26( 1440‬أغسطس ‪ )2019‬ص ‪.5895‬‬
‫‪3‬‬
‫لالطالع على مقترحات تعديل ظهير ‪ 1919/04/17‬خالل سنوات ‪ 2013 ،2012‬و‪ 2014‬ومواقف األحزاب المغربية‪ ،‬ال سيما حزب التجمع‬
‫الوطني لألحرار‪ ،‬حزب االستقالل‪ ،‬حزب العدالة والتنمية‪ ،‬حزب الحركة الشعبية وحزب األصالة والمعاصرة‪ ،‬االطالع على‪ :‬حياة البجدايني‪ :‬نظام‬
‫أراضي الجموع بين المتطلبات القانونية ورهانات التنمية‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس وجدة‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2016-2015‬ص ‪ 153‬إلى ‪.170‬‬
‫‪5‬‬
‫أنظر فؤاد الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" مجلة الوكالة القضائية للمملكة‪ ،‬العدد‬
‫األول ‪ ،‬ماي ‪ ،2018‬ص ‪.174‬‬

‫‪306‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫سنقف من خالله على مدى توافق المستجدات المضمنة بهذا القانون مع أحكام الدستور‪،1‬‬
‫وبعض القوانين‪ ،2‬ومع ما استقر عليه االجتهاد القضائي‪.‬‬

‫ينقسم القانون رقم ‪ 62.17‬من حيث الشكل إلى سبعة أبواب‪ ،‬ما له عالقة مباشرة‬
‫بموضوعنا هذا‪ ،‬هو الباب الثالث المعنون بأحكام خاصة بأمالك الجماعات الساللية‪،‬‬
‫وتحديدا المادتين ‪ 6‬و‪ 16‬منه اللتين أقرتا تمتع أعضاء الجماعات الساللية‪ ،‬ذكو ار وإناثا‬
‫باالنتفاع بأمالك الجماعة التي ينتمون إليها‪ ،‬واحتفظتا باالختصاص لجماعة النواب في‬
‫توزيع حق االنتفاع ‪ -‬كما هو معمول به في الظهير المنسوخ‪ -‬وفق الشروط والكيفيات التي‬
‫ستحدد بنص تنظيمي‪ ،3‬وكذ ا الباب الخامس المتعلق بالوصاية اإلدارية على الجماعات‬
‫الساللية‪ ،‬الذي يضم خمسة مواد‪ ،‬إن كانت محدودة من حيث العدد ومقتضبة من حيث‬
‫المضمون‪ ،‬إال أنها تحمل مستجدات ذات طبيعة مؤسساتية ومسطرية‪ ،‬تتمثل في إحداث‬
‫مجالس الوصاية االقليمية‪ ،‬كجهة تبت في الطعون المقدمة ضد ق اررات المجالس النيابية‪،‬‬
‫وتصدر بدورها ق اررات تستأنف أمام مجلس الوصاية المركزي‪ ،‬لتبقى لهذا األخير الكلمة‬
‫الفصل في إصدار ق اررات إدارية نهائية‪ ،‬باعتباره أعلى هيئة تنظر في النزاعات المتعلقة‬
‫بمقررات االنتفاع‪.‬‬

‫وبالنظر إلى طبيعة هذه المستجدات‪ ،‬التي منها ما احتوى إق ار ار لمبدأ المساواة بين‬
‫الذكور والنساء في االستفادة من حق االنتفاع‪ ،‬ومنها ما ينطوي على إحداث هيئات جديدة‬
‫سيعهد لها بالنظر في مقررات المجالس النيابية‪ ،‬مع ما سيترتب عن ذلك من آثار على‬

‫‪6‬‬
‫تحديدا المادة ‪ 118‬من دستور ‪ 2011‬التي تنص على أن "كل قرار اتخذ في المجال اإلداري سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام‬
‫الهيئة القضائية اإلدارية المختصة"‪.‬‬
‫ال سيما القانون رقم ‪ 03-01‬بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل ق ارراتها اإلدارية‪ ،‬الصادر بتنفيذه‬ ‫‪7‬‬

‫الظهير الشريف رقم ‪ 1-02-202‬المؤرخ في ‪ 12‬من جمادى األولى ‪ 23( 1423‬يوليو ‪ ،)2002‬جريدة رسمية عدد ‪ 5029‬بتاريخ ‪ 3‬جمادى‬
‫اآلخرة ‪ 12( 1423‬غشت ‪ )2002‬ص ‪.2282‬‬
‫‪8‬‬
‫خالفا لما هو مضمن بالفصل الرابع من ظهير ‪ 17‬أبريل ‪ 1919‬المعدل بموجب ظهير ‪ 6‬فبراير ‪ 1963‬المنسوخ الذي كان يخول النواب توزيع‬
‫حق االنتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء الجماعة حسب األعراف وتعليمات مجلس الوصاية‪ ،‬مما كان يحرم النساء من االستفادة‪ ،‬ألن األعراف في‬
‫الغالبية العظمى من المناطق‪ ،‬كانت تقضي بتوزيع الحق في االنتفاع بين الذكور دون النساء‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مسطرة الطعن اإلدارية‪ ،1‬فإن تقسيمنا سيكون من خالل استعراض المقتضيات المتعلقة‬
‫بإقرار مبدأ المساواة بين الذكور واإلناث في االستفادة من حق االنتفاع (المبحث األول)‪ ،‬قبل‬
‫االنتقال إلى بسط الهيئات المكلفة إما ابتداء أو باعتبارها جهة طعن‪ ،‬بالبت في توزيع حق‬
‫االنتقاع والفصل في النزاعات المرتبطة به‪ ،‬مع بيان انعكاس ذلك على اإلجراءات المسطرية‬
‫المتعلقة بالطعن في ق اررات تلك الهيئات (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إقرار مبدأ المساواة بين الذكور واإلناي في االستفادة من‬
‫حق االنتفاع‬

‫تظل أول مالحظة يقف عليها المتصفح للقانون عدد ‪ ،62.17‬هي غياب مقتضيات‬
‫الفصل الرابع من ظهير ‪ 17‬أبريل ‪ 1919‬المنسوخ‪ ،‬التي كانت تعطي الصفة لجمعية‬
‫المندوبين السالليين في توزيع االنتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء الجماعة حسب األعراف‬
‫وتعليمات الوصاية‪ ،‬لتعوض بمقتضيات المادتين ‪ 6‬و‪ 16‬اللتين أقرتا صراحة بحق االنتفاع‬
‫للذكور واإلناث على حد سواء‪ .‬إال أن السؤال الذي يطرح هو‪ :‬هل هذا التنصيص من شأنه‬
‫أن ينهي كل النزاعات واإلشكاالت المرتبطة بتوزيع حق االنتفاع‪ ،‬المثارة في ظل القانون‬
‫المنسوخ‪ ،‬أم أن هذا القانون بدوره يحمل في طياته بذور النزاع وإشكاالت التطبيق؟‬

‫وهو ما سنحاول الجواب عنه من خالل فقرتين‪ ،‬نخصص األولى لبيان المبادئ‬
‫الدستورية والتوجه القضائي الذين شكال مرجعا إلقرار أحقية النساء في االستفادة من حق‬
‫االنتفاع أسوة بالذكور‪ ،‬فيما نعمد في الثانية إلى استعراض اإلشكاالت القانونية والعملية التي‬
‫سيطرحها تفعيل هذا النص بالنظر إلى مقتضيات التفعيل المضمنة به‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫فإحداث مجالس الوصاية االقليمية كجهة مختصة للطعن في مقررات المجالس النيابية‪ ،‬واعتبار ق ارراتها غير نهائية‪ ،‬بل تستأنف بدورها أمام‬
‫مجلس الوصاية المركزي‪ ،‬هو إحداث لدرجة جديدة من مسطرة الطعن اإلداري‪ ،‬سيؤدي إلى تمديد زمن الفصل في المنازعات قبل استصدار قرار‬
‫نهائي‪ ،‬عكس ما هو عليه الوضع حاليا‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطلب األولى‪ :‬إقرار تشريعي لمبدأ المساواة‪ ،‬أملته القواعد الدستورية‬


‫واالجتهاد القضائي‬

‫لقد تعمدنا أن نصف هذا المستجد باإلقرار‪ ،‬ولم نعتبره منشئا للحق لالعتبارات التالية‪:‬‬

‫‪ -:1‬أن حق النساء في اإلرث هو حق أصلي في الشريعة االسالمية والدستور‬


‫وتكرسه المواثيق الدولية‪ ،‬وأن حرمانهم من االستفادة مما خلفه مورثهم‪ ،1‬ال يوجد له أي سند‬
‫دستوري أو قانوني أو تنظيمي‪ ،‬بل ممارسة أفرزتها أعراف ما أنزل هللا بها من سلطان‪ ،‬زكتها‬
‫سلطات الوصاية‪ ،‬إذ أن الفصل الرابع من القانون المنسوخ‪ ،‬المشار إليه أعاله‪ ،‬كان يستعمل‬
‫عبارة توزيع االنتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء الجماعة حسب األعراف وتعليمات الوصاية‪،‬‬
‫وبالتالي فإن األعراف هي التي كانت سببا في التمييز بين الذكور واإلناث في االستفادة‪،‬‬
‫وبطبيعة الحال بتزكية من سلطة الوصاية‪ ،‬ألنها لو لم توافق توجهاتها‪ ،‬ألصدرت تعليمات‬
‫بتعطيلها‪ ،‬وهو ما تم بالفعل‪ ،‬وإن بشكل متأخر بموجب الدورية الصادرة عن و ازرة الداخلية‬
‫تحت عدد ‪ 17‬وتاريخ ‪ 30‬مارس ‪ 2012‬التي أقرت أحقية النساء في االستفادة إلى جانب‬
‫الذكور‪ ،‬إال أن األمر مع ذلك لم يحسم بشكل قاطع‪.2‬‬

‫‪ -:2‬غياب أي مقتضى صريح في ظهير ‪ 1919‬المنسوخ يقصي النساء من‬


‫االستفادة‪ ،‬بل أن الفصل ‪ 10‬منه أورد أنه عند وفاة الشخص يتم تخويل حق المنفعة إلى‬
‫أحد الورثة ‪ -‬بدون أي تمييز بين الذكور واإلناث‪ -‬كما أن الفصل ‪ 6‬من الضابط المتعلق‬
‫بتقسيم األراضي الجماعية المؤرخة في ‪ 1997/11/03‬استعمل بدوره عبارة األوالد بصيغة‬
‫العموم التي تستوعب الذكور واإلناث على حد سواء؛‬

‫علما بأن ما يتمسك البعض من كون األمر ال يتعلق بحق رقبة حتى تنتقل ملكيته إلى كل الورثة‪ ،‬بل بحق انتفاع فحسب‪ ،‬هو مبرر واه ومردود‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ألن كل ما يغني الذمة المالية للمورث ينتقل وجوبا إلى خلفه العام ذكو ار وإناثا‪ ،‬ثم إذا كان الحق في االنتفاع ال يمكن أن تسري عليه قواعد اإلرث‬
‫مادام ليس بملكية رقبة‪ ،‬فلماذا تشترط المادة ‪ 10‬من ظهير ‪ 1919/04/19‬انتقال هذا الحق وجوبا إلى أحد الورثة ‪.‬‬
‫ظلت المجالس النيابية تصدر مقررات متباينة‪ ،‬تارة تعطي الحق لالنتفاع للذكور والنساء‪ ،‬وتارة أخرى للذكور فقط دون النساء‪ ،‬دون أي مقابل أو‬ ‫‪2‬‬

‫بجعلهم ملزمين بأداء تعويض لفائدة النساء الورثة‪ ،‬بل أن مجلس الوصاية بدوره يصدر ق اررات تؤيد تلك الق اررات النيابية على اختالف توجهاتها‪.‬‬
‫أنظر بهذا الخصوص فؤاد الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ‪ ،‬ص ‪191‬و‪.192‬‬

‫‪309‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ -:3‬أن االجتهاد القضائي لمحكمة النقض كأعلى جهة قضائية‪ ،‬استقر على أحقية‬
‫النساء في االستفادة من حق االنتفاع‪ ،‬استنادا إلى غياب أي مقتضى يخول حرمانهن‪ ،1‬وقد‬
‫سارت محاكم الموضوع على نفس النهج‪ ،‬لتصرح في عدد من ق ارراتها وأحكامها بأن حق‬
‫النساء في االستفادة‪ ،‬تقرره قواعد الشريعة االسالمية الغراء التي تعتبر الدين الرسمي للدولة‪،‬‬
‫والمبادئ الدستورية التي تساوي بين الذكور والنساء في الحقوق والواجبات‪ ،‬وكذا المعاهدات‬
‫واالتفاقيات الدولية التي تعنى بحقوق اإلنسان في بعدها الكوني‪.2‬‬

‫وإذا كان إقرار حق النساء في االنتفاع بأراضي الجموع في صلب القانون موضوع‬
‫القراءة الحالي ة‪ ،‬يعد ترجمة لما استقر عليه العمل القضائي‪ ،‬باعتباره الجهة المؤهلة ليس‬
‫بتطبيق وتفسير وتأويل القاعدة القانونية فحسب‪ ،‬بل مصد ار من مصادر إنشائها وخلقها أو‬
‫حتى تعطيلها متى كانت غير دستورية‪ ،3‬ويكرس مبادئ العدالة بين أفراد الجماعة الساللية‬
‫دون تمييز بسبب الجنس‪ ،‬إال أن شروط اإلعمال المضمنة بالقانون ستطرح ال محالة‬
‫إشكاالت قانونية وعملية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫القرار عدد ‪ 1/41‬الصادر بتاريخ ‪ 2016/01/14‬في الملف عدد ‪ 2013/1/3/1696‬الذي جاء فيه‪" :‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن المحكمة مصدرة‬
‫القرار المطعون فيه بالنقض لما استندت إلى صيغة العموم التي وردت بالفصل ‪ 10‬من ظهير ‪ 1919/04/19‬المتعلق بتنظيم الوصاية على‬
‫أراضي الجموع‪ ،‬الذي أورد أنه عند وفاة الشخص يتم تخويل حق المنفعة إلى أحد الورثة بدون أي تمييز بين الذكور واإلناث‪ ،‬وأن الفصل ‪ 6‬من‬
‫الضابط المتعلق بتقسيم األراضي الجماعية المؤرخة في ‪ 1997/11/03‬استعمل بدوره عبارة األوالد‪ ،‬التي ال تبين أي تمييز‪ ،‬ولما استنتجت من ذلك‬
‫انتساب اإلناث للجماعة ولهم من الحقوق ما ألفرادها ورتبت عن ذلك استفادة من اإلرث ومنافعه للذكور واإلناث‪ ،‬تكون قد عللت قضاءها تعليال‬
‫كافيا وما بالوسيلة على غير أساس" (غير منشور)‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر على سبيل المثال‪ :‬الحكم عدد ‪ 4680‬الصادر بتاريخ ‪ 2015/11/05‬عن المحكمة اإلدارية بالرباط في الملف عدد ‪2015/7110/207‬‬
‫‪ ،‬المؤيد بموجب قرار محكمة االستئناف اإلدارية عدد ‪ 5437‬الصادر بتاريخ ‪ 2018/12/04‬في الملف عدد ‪ 2017/7205/380‬والحكم عدد‬
‫‪ 21‬الصادر بتاريخ ‪ 2016/01/13‬عن نفس المحكمة في الملف عدد ‪ ،2015/7110/654‬المؤيد بموجب قرار محكمة االستئناف اإلدارية عدد‬
‫‪ 1370‬الصادر بتاريخ ‪ 2017/03/21‬في الملف عدد ‪( 2016/7205/534‬غير منشورين)‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫إذ أن الفصل ‪ 12‬من ظهير ‪ 19‬أبريل ‪ 1919‬الذي يعفي ق اررات مجلس الوصاية من التعليل ويجعلها محصنة من الطعن‪ ،‬وإن كان نصا خاصا‬
‫لم يعدل أو يلغى‪ ،‬فإن القضاء المغربي بأعلى درجاته متمثلة في محكمة النقض‪ ،‬وبعد صدور دستور ‪ 2011‬عطل هذا النص واعتبره ملغى ضمنيا‬
‫مادامت المادة ‪ 118‬نصت على أن كل قرار إداري أو تنظيمي يقبل الطعن أمام الجهات القضائية اإلدارية المختصة‪.‬‬
‫للوقوف على ا إلشكاالت القانونية المترتبة عن قبول الطعن باإللغاء ضد ق اررات مجلس الوصاية‪ ،‬وتعطيل النص القانوني الذي يجعلها محصنة من‬
‫ذلك‪ ،‬راجع‪ :‬فؤاد الكركادي‪ " :‬الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ‪ ،‬ص ‪ 186‬إلى ‪.189‬‬

‫‪310‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬شروط اإلعمال المتعلقة بتفعيل المساواة في االستفادة‪ ،‬وما‬


‫قد يترتب عنها من إشكاالت قانونية وعملية‬

‫اتحدت المادتان ‪ 16‬و‪ 216‬من القانون رقم ‪ 67.12‬في إقرار حق أعضاء الجماعات‬
‫الساللية‪ ،‬ذكو ار وإناثا في االنتفاع بأمالك الجماعة التي ينتمون إليها‪ ،‬وأناطتا االختصاص‬
‫في توزيع حق االنتفاع لجماعة النواب وفق ما كان معموال به في ظهير ‪ ،1919‬إال أن‬
‫كلتيهما علقتا هذا األمر على صدور نص تنظيمي يحدد الشروط والكيفيات‪ ،‬مما يعني أنه‬
‫بالرغم من دخول القانون حيز التنفيذ بعد نشر بالجريدة الرسمية‪ ،‬فإن هذه المقتضيات ستبقى‬
‫معلقة وغير نافذة حتى صدور النص التنظيمي‪ ،‬وهو ما تؤكده المادة ‪ 37‬من القانون التي‬
‫تنص على أنه "يدخل هذا القانون حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية‪ .‬غير‬
‫أن األحكام التي تقت ضي نصوصا تطبيقية تدخل حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشر تلك‬
‫النصوص بالجريدة الرسمية؛‬

‫تنسخ ابتداء من التاريخ المذكور‪ ،‬النصوص التالية‪:‬‬

‫‪ -‬الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 26‬من رجب ‪ 27( 1337‬أبريل ‪ )1919‬بشأن تنظيم‬


‫الوصاية اإلدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون األمالك الجماعية وتفويتها‪ ،‬كما تم‬
‫تغييره وتتميمه؛‬

‫‪."..... -‬‬

‫إن ربط تحديد كيفيات توزيع الحق في االنتفاع بإصدار نص تنظيمي‪ ،‬هو إجراء مهم‬
‫سيمكن من مراعاة خصوصية كل منطقة‪ ،‬بل وخصوصية كل عقار محل حق االنتفاع‪،‬‬

‫تنص المادة ‪ 6‬من المشروع على ما يلي‪ ":‬يتمتع أعضاء الجماعات الساللية‪ ،‬ذكو ار وإناثا باالنتفاع بأمالك الجماعة التي ينتمون إليها‪ ،‬وفق‬ ‫‪1‬‬

‫التوزيع الذي تقوم به جماعة النواب المشار إليها في المادة ‪ 9‬من هذا القانون‪ ،‬وال يخول لهم هذا االنتفاع إال االستغالل الشخصي والمباشر‬
‫لألمالك المذكورة‪".‬‬
‫‪2‬‬
‫تنص المادة ‪ 16‬من المشروع في فقرتها األولى على أنه‪ " :‬يتم توزيع االنتفاع بأراضي الجماعات الساللية‪ ،‬من طرف جماعة النواب‪ ،‬بين أعضاء‬
‫الجماعة‪ ،‬ذكو ار وإناثا‪ ،‬وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي"‬

‫‪311‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وسيأخذ بعين االعتبار نية الدولة في تمليك عدد من العقارات الساللية لذوي الحقوق‪،‬‬
‫وبالتالي فإن العقارات موضوع مشروع التمليك‪ ،‬يمكن أن تقسم رقبتها بين ذوي الحقوق‬
‫األصليين حسب الحصة التي ينتفع بها كل واحد‪ ،‬أو حسب قواعد اإلرث اإلسالمي في حالة‬
‫اإلرث‪ .‬أما العقارات غير المشمولة بمشروع التمليك في الوقت الراهن‪ ،‬فإنها إذا ما كانت‬
‫ذات مساحة معتبرة تسمح بالتقسيم دون أن يؤدي ذلك إلى اإلخالل باالستغالل أو عرقلته‪،‬‬
‫فإنها يمكن أن تقسم على ذوي الحقوق من الورثة كحصص عينية لالستفادة‪ ،‬وفي حالة‬
‫العكس‪ ،‬يمكن اللجوء إلى تعويض مالي جزافي لباقي الورثة متى تعذر واقعا وعمال تمكينهم‬
‫من الحق في االنتفاع ‪.1‬‬

‫وإذا ما تم اإلسراع بإصدار النص التنظيمي‪ ،‬فلن يطرح أي إشكال في إعمال المادتين‬
‫المذكورتين‪ ،‬لكن في حالة العكس‪ ،‬وهو أمر ال يمكن استبعاده على أي حال‪ ،2‬فإن المجالس‬
‫النيابية ستظل تتولى البت في توزيع حق االنتفاع و النزاعات المرتبطة به وفق القانون‬
‫المنسوخ‪ ،‬ووفق م ا دأبت عليه من توجه غالب يرتكز على العادات واألعراف لحرمان النساء‬
‫من الحق في االستفادة‪ ،‬وهو ما سيستنسخ نفس النزاعات القائمة‪ ،‬وسيجبر المتضررين على‬
‫مباشرة مسطرة الطعن اإلداري أمام مجلس الوصاية‪ ،‬وإن اقتضى الحال‪ ،‬مسطرة الطعن‬
‫القضائي ضد ق اررات هذا األخير أمام المحاكم اإلدارية مع ما يكلف ذلك من مال وجهد‬
‫ووقت‪.‬‬

‫لذا‪ ،‬فإنه من األهمية بمكان أن تعمل الجهة الوصية على إعداد النص التنظيمي‬
‫وإصداره في أقرب اآلجال‪ ،‬حتى تكون الجهات المؤهلة للنظر في توزيع حق االنتفاع‪ ،‬ملزمة‬
‫بتطبيق المقتضيات الجديدة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫من أجل الوقوف على بعض االشكاالت العملية المترتبة عن تفعيل حق النساء السالليات في االستفادة من حق االنتفاع‪ ،‬راجع بهذا ‪ :‬فؤاد‬
‫الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ‪ ،‬ص ‪ 193‬إلى ‪.195‬‬
‫‪2‬‬
‫مادامت حتى القوانين التنظيمية التي يتوقف على صدورها نفاذ عدد من النصوص الدستورية‪ ،‬لم تصدر رغم مرور ما يناهز ‪ 9‬سنوات على‬
‫إصدار دستور ‪ ،2011‬وكمثال على ذلك‪ :‬القانون التنظيمي لإلضراب (الفصل ‪ 29‬من الدستور)‪ ،‬والقانون التنظيمي المتعلق بمسطرة المساءلة‬
‫الجنائية ألعضاء الحكومة (الفصل ‪ 94‬من الدستور)‪ ،‬القانون التنظيمي للدفع بعدم دستورية قانون (الفصل ‪ 133‬من الدستور)‪.‬‬

‫‪312‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الهيئات المكلفة بالنظر في توزيع الحق في االنتفاع‬


‫والمساطر المخولة للمنازعة فيها‬

‫تتمظهر أهم مستجدات القانون ‪ 62.17‬في تضمينه أحكاما خاصة تتعلق بأعضاء‬
‫الجماعات الساللية‪ ،‬من حيث مسطرة االختيار وإنهاء المهام‪ ،‬خالفا لما هو عليه الحال في‬
‫الظهير المنسوخ‪ ،‬حيث كانت هذه الشروط مضمنة في دليل صادر عن سلطة الوصاية ليس‬
‫له أي تصنيف داخل تراتبية التشريع‪ ،‬مما يجرده من قوة اإللزام التي تتمتع بها القاعدة‬
‫القانونية‪ ،‬كما تم النص على استحداث هيئة جديدة تسمى مجلس الوصاية االقليمي‪،1‬‬
‫باإلضافة إلى إحداث مجلس الوصاية المركزي الذي سيحل محل مجلس الوصاية الحالي ‪.‬‬

‫وتتعدد المهام الموكولة إلى كل هيئة من الهيئات المذكورة‪ ،‬لكن الذي يهمنا في هذا‬
‫المقام هو ما يتعلق بتوزيع الحق في االنتفاع ومسطرة المنازعة فيه‪ ،‬ويمكن في هذا اإلطار‬
‫التمييز بين آثار تنسحب على المسطرة اإلدارية (المطلب األول)‪ ،‬وأخرى على المسطرة‬
‫القضائية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اآلثار المرتبطة بالمسطرة اإلدارية في توزيع الحق في‬


‫االنتفاع‪ ،‬والطعن في المقررات المتعلقة بها‬

‫يمكن التمييز فيما يتعلق بالمسطرة اإلدارية لتوزيع الحق في االنتفاع‪ ،‬والنظر في‬
‫الخالفات الناجمة عنه‪ ،‬بين ثالثة هيئات إدارية‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المجالس النيابية‬

‫تعتبر المجالس النيابية وفق مقتضيات المادتين ‪ 6‬و‪ 16‬من مشروع القانون ‪،62.17‬‬
‫صاحبة االختصاص في توزيع الحق في االنتفاع‪ ،‬أي دون تغيير عما هو معمول به في‬

‫تنص المادة ‪ 33‬من القانون على أنه‪" :‬يحدث على صعيد كل عمالة أو إقليم " مجلس الوصاية االقليمي" يترأسه عامل العمالة أو االقليم أو من‬ ‫‪1‬‬

‫يمثله‪ ،‬ويتألف من ممثلي اإلدارة على الصعيد االقليمي وممثلين عن الجماعات الساللية التابعة للعمالة أو االقليم"‬

‫‪313‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ظل القانون المنسوخ‪ ،‬إال أن هناك مستجدات مهمة‪ ،‬تتمثل وفق ما تم ذكره أعاله‪ ،‬في تقنين‬
‫مسطرة اختيار النائب وإنهاء مهامه في صلب القانون‪ ،‬لتغدو بذلك شروطا قانونية ملزمة‬
‫للجميع‪ ،‬تحت طائلة اعتبار االختيار أو العزل غير قانوني ومعرضا لإللغاء‪ ،‬كما أنه وفي‬
‫تناغم مع باقي مقتضياته التي أقرت حقوق النساء في االستفادة من حق االنتفاع‪ ،‬وفي تنزيل‬
‫لمقتضيات الدستور التي تكفل المساواة بين الذكور واإلناث في ممارسة الحقوق السياسية‬
‫والمدنية إلى جانب الحقوق االقتصادية واالجتماعية‪ ،1‬نصت مادته التاسعة على أن هذه‬
‫المهمة يمكن أن يتوالها الذكور واإلناث‪.2‬‬

‫غير أنه وبالنظر إلى ما هو راسخ في الممارسة العملية‪ ،‬من إقصاء للمرأة من‬
‫االستفادة وبالتبعية من حق التمثيل‪ ،3‬فإن إقرار هذا الحق في قانون لن يؤدي بشكل آلي إلى‬
‫انعكاسات ملموسة على تشكيلة هذه المجالس من حيث تفعيل مقاربة النوع‪ ،‬مما يقتضي أن‬
‫يؤخذ مبدأ وجوب تمثيلية المرأة عند إعداد النص التنظيمي المنصوص عليه في المادة ‪ 9‬من‬
‫القانون‪ ،‬على أن يصدر هذا النص بدوره في أقرب اآلجال‪ ،‬ألنه في حالة الخالف ستبقى‬
‫المجالس النيابية الحالية المتألفة في أغلبها من الذكور دون اإلناث‪ ،‬هي التي تتولى البت‬
‫والتقرير إلى حين صدور النص التنظيمي‪ ،‬وفقا لمقتضيات المادة ‪ 37‬التي سبق سردها‬
‫أعاله‪.‬‬

‫ولعل ا لسؤال الذي يطرح بداهة هو‪ :‬إلى أي حد تعتبر هذه المجالس مؤهلة لممارسة‬
‫المهام الموكولة إليها؟‬

‫‪1‬‬
‫تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 6‬من الدستور على أنه‪ ":‬تعمل السلطة العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية‬
‫المواطنين والمواطنات‪ ،‬والمساواة بينهم‪ ،‬ومن مشاركتهم في الحياة السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية"‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫مع العلم أنه ال يوجد ال في ظهير ‪ 1919/04/19‬وال في دليل النائب المعد من طرف و ازرة الداخلية‪ ،‬ما يمنع المرأة من هذا الحق‪ ،‬إال أن الواقع‬
‫العملي أبان عن أن جميع الجماعات الساللية التي تقصي النساء من حق االنتفاع‪ ،‬تتوفر على نواب ذكور فقط‪ ،‬وهو أمر بديهي وتحصيل حاصل‬
‫‪ ،‬إ ذ كيف لعقلية ذكورية تمنع المرأة من االستفادة فقط لكونها أنثى (تمييز على أساس الجنس) أن تقبل بها كعضو في الهيئة المكلفة بتوزيع هذه‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫مع وجود بعض االستثناءات كما هو الحال بالنسبة الجماعة الساللية المهدية (القنيطرة) التي نصبت بها خمس نائبات ساللية منذ مارس‬
‫‪.2014‬‬

‫‪314‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وهو سؤال لن نتردد كثي ار في الجواب عنه‪ ،‬إذا ما قمنا ببسط لكيفية تركيبها والشروط‬
‫المطلوبة في اختيار أو تعيين أعضائها‪ ،1‬مع تقييم للنتائج المترتبة عن عقود من عملها‪،‬‬
‫وب استحضار المنازعات الالمتناهية في مقرراتها؛ فبمراجعة الشروط المتعلقة باختيار النائب‬
‫الجماعي في القانون الحالي‪ ،‬ال نجد هناك أي شروط خاصة‪ ،‬اللهم ما جاءت به المادة ‪9‬‬
‫من وجوب انتمائه إلى الجماعة الساللية التي يمثلها‪ ،‬وكذا المادة ‪ 14‬التي عددت حاالت‬
‫إنهاء مهامه‪ ،‬والتي من بينها الحكم عليه‪ ،‬بموجب حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به‪،‬‬
‫بعقوبة سالبة للحرية بسبب جريمة مخلة بالشرف‪ ،‬واإلصابة بعجز بدني أو عقلي يحول دون‬
‫قيامه بمهامه‪.‬‬

‫ومادام شرطي المروءة وحسن السيرة والسلوك‪ ،‬والكفاءة البدنية والعقلية‪ ،‬يعتبران من‬
‫موجبات إنهاء مهام النائب‪ ،‬فإنهما من باب أولى وبالتبعية من الشروط التي يترتب على‬
‫انتفائها المنع من اكتساب صفة نائب‪ ،‬وهما في نظرنا‪ ،‬إن كانا يحصنان المجالس النيابية‬
‫من األعضاء غير المؤهلين أخالقيا أو صحيا للقيام بمهام النائب‪ ،‬التي تكتسي أهمية بالغة‪،‬‬
‫مادامت ترتبط بتدبير أمور الجماعات الساللية وأفرادها من ذوي الحقوق‪ ،‬إال أن عدم اشتراط‬
‫أي مؤهالت تعليمية‪ ،‬كأن يكون النائب على األقل حاصال على مستوى تعليمي معين‪،‬‬
‫يجعله قاد ار على القراءة والكتابة‪ ،‬ينضاف إلى ذلك عدم إخضاعهم ألي تكوين أو تأطير‪ ،‬قد‬
‫أدى إلى إغراق هذه المجالس في حالة عديدة بنواب أميين ال يفقهون ما ضمن بالق اررات التي‬
‫يوقعون عليها‪ ،‬فباألحرى المساهمة في صياغتها‪ ،‬والسهر على توزيع الحق في االنتفاع‪،‬‬
‫باستحضار قواعد العدالة واإلنصاف‪ ،‬وبتطبيق سليم للدستور والقانون‪.‬‬

‫وقد كان لهذا الوضع ‪-‬الذي تم تكريسه لألسف في القانون الحالي‪ ،-‬عواقب سلبية‬
‫تمثلت في تشكيل مجالس ال تتوفر على المؤهالت المطلوبة التي تتوافق مع طبيعة المهام‬
‫المسندة إليها‪ ،‬مما انعكس على كيفية تدبير استغالل األراضي الساللية‪ ،‬وتسبب في تفاقم‬

‫فطبقا للمادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 62.17‬يتم اختيار النواب ‪ ،‬بناء على انتخاب أو باتفاق بين أعضاء الجماعة الساللية‪ ،‬وفي حالة تعذر‬ ‫‪1‬‬

‫االختيار‪ ،‬يتم التعيين بقرار لعامل العمالة أو االقليم المعني‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المشاكل والنزاعات المرتبطة بها‪ ،‬وال أدل على ذلك من كثرة الطعون المباشرة ضد هذه‬
‫المقررات أمام مجلس الوصاية‪.‬‬

‫ولعل وعي المشرع بهذا النقص الذي يعتري هذه المجالس‪ ،‬والذي ينعكس على‬
‫مقرراتها‪ ،‬وما يستتبع ذلك من طعون إدارية هائلة الكم أمام مجلس الوصاية‪ ،‬هو الذي دفعه‬
‫إلى استحداث هيئة " مجلس الوصاية اإلقليمي" كجهة تبت في الطعن ضد تلك المقررات‪،‬‬
‫وتصدر بدورها ق اررات غير نهائية تستأنف أمام مجلس الوصاية المركزي‪ .‬فهل من شأن هذا‬
‫المستجد أن يساهم في حل اإلشكاالت المرتبطة بتوزيع الحق في االنتقاع؟‬

‫هذا ما سنحاول مقاربته من خالل استعراض تشكيلة هذه الهيئة ودورها‪ ،‬وكذا عالقتها‬
‫مع المجالس النيابية من جهة‪ ،‬ومجلس الوصاية المركزي من جهة أخرى‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مجالس الوصاية االقليمية‬

‫حددت المادة ‪ 33‬من القانون رقم ‪ 17.62‬تركيبة هذا المجلس‪ ،‬الذي يتألف من عامل‬
‫العمالة أو اإلقليم أو من يمثله‪ ،‬ومن ممثلي اإلدارة على الصعيد اإلقليمي‪ ،‬وممثلين عن‬
‫الجماعات الساللية التابعة للعمالة أو اإلقليم‪ ،1‬وأناطت به اختصاص النظر في االستئناف‬
‫المقدم ضد مقررات المجالس النيابية التي تدخل في دائرة نفوذه الترابي‪ ،‬وذلك داخل أجل ‪15‬‬
‫يوما بالنسبة للمقررات المتعلقة بإقصاء أحد أعضاء الجماعة الساللية من االنتفاع لمدة سنة‬
‫أو بصفة نهائية بسبب ارتكابه ألحد األفعال المنصوص عليها في المادة ‪ ،7‬عمال‬
‫بمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة ‪ 8‬من القانون‪ ،‬أو داخل أجل شهر بالنسبة للمقررات‬
‫المتعلقة بتوزيع االنتفاع‪ ،‬طبقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 16‬من القانون‪.‬‬

‫واستنادا إلى المقتضيات المنظمة لهذا المجلس‪ ،‬والتي همت تركيبته واختصاصاته‪،‬‬
‫فإنه ليس هناك أية قواعد معيارية أو أحكام متميزة‪ ،‬من شأنها خلق انطباع بفعاليته ونجاعته‬

‫‪1‬‬
‫يحدد عدد أعضاء المجلس وكيفية تعيينهم ومدة انتدابهم وكذا كيفية اشتغال المجلس بموجب نص تنظيمي‪ ،‬طبقا للفقرة األخيرة من المادة ‪ 33‬من‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫في حل الخالفات التي سترفع أمامه‪ ،‬بل كل ما في األمر أن االختصاصات التي يقوم بها‬
‫مجلس الوصاية فيما يتعلق بالبت في الطعون الموجهة ضد مقررات المجالس النيابية‪،‬‬
‫ستنتقل إلى هذه المجالس لتباشرها على صعيد العمالة أو اإلقليم؛ فاألمر إذن ال يعدو أن‬
‫يكون مقتضى منشئا لجهة استئنافية إدارية جديدة‪ ،‬يلزم المتنازع بسلوكها قبل رفع القضية‬
‫إلى مجلس الوصاية المركزي‪ ،‬مما سيؤدي إلى تمطيط درجات الطعن اإلداري‪.‬‬

‫وغير خاف أن ق اررات مجلس الوصاية بتركيبته الحالية برئاسة وزير الداخلية أو من‬
‫يمثله‪ ،‬وبالتجربة المهمة التي راكمها على مدار عقود‪ ،‬لم يستطع الحد من المنازعات ضد‬
‫مقررات المجالس النيابية؛ إذ أن الغالبية العظمى من ق ارراته يطعن فيها أمام المحاكم‬
‫اإلدارية‪ ،‬وبالتالي فإن هذا الوضع مرشح لالستمرار وبشكل أكبر مع مقررات مجالس‬
‫الوصاية االقليمية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مجلس الوصاية المركزي‬

‫يتعلق األمر بتغيير في تسمية مجلس الوصاية الحالي‪ ،‬وذلك بإضافة "المركزي" تميي از‬
‫له عن مجالس الوصاية االقليمية‪ ،‬وقد حددت تركيبته ومهامه بموجب المادة ‪ 32‬من‬
‫القانون‪.‬‬

‫وما يالحظ هو هيمنة اإلدارة على تركيبته كما هو عليه األمر في القانون المنسوخ‪ ،‬مع‬
‫مقتضى جديد يتعلق بوجود ممثلين عن الجماعات الساللية‪ .1‬أما فيما يتعلق بالمهام‪ ،‬فتم‬
‫االحتفاظ له بسلطة الرقابة والتصديق على العمليات المتعلقة بالجماعات الساللية‪ ،‬مع نوع‬
‫من التفصيل في سردها‪ ،‬كما أنيطت به مهمة البت في النزاعات القائمة بين جماعات ساللية‬

‫نصت المادة ‪ 32‬من القانون على أن مجلس الوصاية االقليمي‪ ،‬يترأسه وزير الداخلية أو من يمثله‪ ،‬ويتألف من ممثلين عن اإلدارة وعن‬ ‫‪1‬‬

‫الجماعات الساللية‪ ،‬و سيتم تحديد عدد أعضاء المجل س وكيفية تعيينهم ومدة انتدابهم وكذا كيفية اشتغال المجلس بموجب نص تنظيمي‪ ،‬وفقا للفقرة‬
‫األخيرة من هذه المادة‪.‬‬
‫أما بموجب الفصل الثالث من ظهير ‪ 1919/04/17‬وفق ما تم تعديله والمنسوخ‪ ،‬فيتألف من وزير الداخلية أو نائبة كرئيس ومن وزير الفالحة‬
‫والغابات أو نائبه ومديري الشؤون السياسية واإلدارية بو ازرة الداخلية (مديرية الشؤون القروية حاليا )أو نائبيهما وعضوين اثنين يعينهما وزير‬
‫الداخلية‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تابعة ألكثر من إقليم‪ .‬وفيما يتعلق باختصاصه بالبت في المقررات المتعلقة بتوزيع الحق في‬
‫االنتفاع‪ ،‬فإنه عرف نوعا من التغيير بحيث أصبح جهة استئنافية للنظر في الطعون المقدمة‬
‫ضد ق اررات مجلس الوصاية اإلقليمي‪ ،‬والتي تصدر بمناسبة البت في الطعون المقدمة ضد‬
‫ق اررات المجالس النيابية الواقعة في دائرة نفوذها الترابي‪.‬‬

‫وإذا كانت مدى قابلية ق اررات مجلس الوصاية للطعن باإللغاء في ظل قانون ‪1919‬‬
‫المنسوخ‪ ،‬وبالنظر إلى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 12‬منه التي نصت على أنها تكون "غير‬
‫مدع مة بأسباب وغير قابلة للطعن"‪ ،‬قد طرحت جدال فقهيا وتباينا في التوجهات القضائية ما‬
‫قبل دستور‪12011‬وما بعده‪ ،2‬فإن هذا األمر لم يعد له محل لسببين‪:‬‬

‫أ‪ -:‬إن االتجاه القضائي استقر وفق ما تم بسطه أعاله‪ ،‬على اعتبارها ق اررات إدارية‬
‫تقبل الطعن باإللغاء‪.‬‬

‫ب‪ -:‬إن المقتضى المذكور الذي يجعل ق اررات مجلس الوصاية معفية من التعليل‬
‫وغير قابلة للطعن‪ ،‬لم يعد له وجود في القانون الحالي‪.‬‬

‫وقد يتساءل البعض‪ :‬لماذا تضمن القانون الحالي مقتضيات صريحة تخول الطعن في‬
‫ق اررات المجالس النيابية أمام مجالس الوصاية اإلقليمية‪ ،3‬والطعن باالستئناف ضد مقررات‬
‫هذه األخيرة أمام مجلس الوصاية المركزي‪ ،4‬وسكت عن ق اررات مجلس الوصاية‪ ،‬بل إنه‬

‫‪1‬‬
‫استقر التوجه القضائي لمحكمة النقض قبل صدور دستور ‪ ، 2011‬على أن ق اررات مجلس الوصاية محصنة وغير قابلة ألي طعن‪ ،‬وأنه ال رقابة‬
‫للقضاء علي ها إال في حالة تجاوز االختصاص أو عيب الشكل أو عدم سلوك اإلجراءات القانونية عند اإلصدار‪ ،‬مما كان يجعل منها رقابة محدودة‬
‫ذات طابع شكلي ال تتعداه إلى المضمون‪ ،‬وكان يجعل تلك الق اررات شبه قضائية نهائية‪.‬‬
‫راجع بهذا الخصوص‪ :‬فؤاد الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ‪ ،‬ص ‪ 178‬إلى‬
‫‪.180‬‬
‫‪2‬‬
‫تغير التوجه القضائي لمحكمة النقض‪ ،‬ليستقر على اعتبار ق اررات مجلس الوصاية ذات طبيعة إدارية تقبل الطعن للتجاوز في استعمال السلطة‪،‬‬
‫ومن تمة‪ ،‬فإنها حتى تكون في منأى عن اإللغاء‪ ،‬فإنها يجب أن تكون غير مشوبة بأي من العيوب المحددة في المادة ‪ 20‬من قانون ‪41-90‬‬
‫المحدثة بموجبه المحاكم اإلدارية‪.‬‬
‫راجع بهذا الخصوص‪ :‬فؤاد الكركادي " الطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية بين جمود النص واالجتهاد والقضائي" م س ‪ ،‬ص ‪ 181‬إلى‬
‫‪.186‬‬
‫الفقرة الثالثة من المادة ‪ 16‬من القانون والبند الثالث من الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪.33‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬
‫البند الرابع من الفقرة الثانية من المادة ‪.32‬‬

‫‪318‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫حتى حين تحدث عن اختصاصها للبت في االستئنافات المقدمة ضد مقررات مجالس‬


‫الوصاية اإلقليمية‪ ،‬فإن األمر ورد بصيغة العموم‪ ،‬ولم يضف أي عبارة تؤكد الطابع اإلداري‬
‫أو القابلية للطعن‪ .1‬غير أن هذا السؤال سرعان ما سيتبدد لالعتبارات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬إن اإلشارة إلى مسطرة الطعن اإلداري ضد مقررات المجالس النيابية والمجالس‬
‫االقليمية للوصاية‪ ،‬اقتضته خصوصية هذه المسطرة‪ ،‬التي تجد سندها في القانون نفسه‬
‫وليس في إطار القواعد العامة‪ ،‬وبالتالي فإن نية المشرع انصرفت إلى جعل تك المقررات‬
‫ذات طبيعة غير نهائية‪ ،‬وال يمكن أن تكون محل طعن باإللغاء مباشرة أمام القضاء‪ ،‬بل‬
‫أمام الجهة التي حددها‪ ،‬فكان لزاما عليه بيان المسطرة والجهة المختصة؛‬

‫‪ ‬إن ق اررات مجلس الوصاية المركزي بتركيبة لجنته التي يغلب على تشكيلها الطابع‬
‫اإلداري‪ ،‬وب آثارها التي تمس المراكز القانونية للمنتفعين‪ ،‬وفي غياب أي مقتضى يحصنها‪،‬‬
‫هي ق اررات إدارية بطبيعتها‪ ،‬و تبعا لذلك فهي تقبل الطعن بصفتها هاته وال تحتاج إلى إقرار‬
‫في نصوص خاصة‪ ،‬والذي في حالة وجوده لن يكون إال حشوا وإضافة ال مبرر لها‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن ق اررات مجلس الوصاية المركزي يجب أن تكون مستوفية لشروط صحة‬
‫القرار اإلداري‪ ،‬وأن ال تكون مشوبة بأي من العيوب الموجبة لإللغاء‪ ،‬وأن تنضبط‬
‫لمقتضيات القانون رقم ‪ 03.01‬المتعلق بتعليل الق اررات اإلدارية‪.2‬‬

‫وباستحضار التعليل كأهم شرط لصحة القرار اإلداري‪ ،‬فإنه يكتسي نوعا من‬
‫الخصوصية في ق اررات مجلس الوصاية‪ ،‬إذ أن محكمة النقض اعتبرت مجرد اإلشارة إلى‬
‫تقرير السلطة المحلية واإلحالة عليه‪ ،‬يجعل التعليل قائما‪ ،3‬قبل أن تتراجع عن ذلك في قرار‬

‫‪1‬‬
‫عبارة من قبيل "البت في االستئنافات المقدمة ضد مقررات مجالس الوصاية االقليمية‪ ،‬بموجب ق اررات معللة"‪.‬‬
‫قانون رقم ‪ 03-01‬بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل ق ارراتها اإلدارية‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير‬ ‫‪2‬‬

‫الشريف رقم ‪ 1-02-202‬المؤرخ في ‪ 12‬من جمادى األولى ‪ 23( 1423‬يوليو ‪( )2002‬جريدة رسمية رقم ‪ 5029‬بتاريخ ‪ 12‬غشت ‪ 2002‬ص‬
‫‪.)2282‬‬
‫‪3‬‬
‫القرار عدد ‪ 219‬وتاريخ ‪ 2011/12/22‬الصادر عن محكمة النقض في الملف اإلداري رقم ‪ 2010/1/4/1418‬الذي جاء فيه ما يلي‪" :‬لكن‬
‫حيث بصرف النظر عن كون الفصل ‪ 12‬من ظهير ‪ 1919/4/27‬يعفي من تعليل ق اررات مجلس الوصاية فإن تعليل اإلدارة لق ارراتها اإلدارية‬

‫‪319‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الحق‪ ،‬وتعتبر أن اإلحالة ال تشكل تعليال بالمعنى الوارد في القانون رقم ‪ ،01.03‬وأنه ال بد‬
‫من تضمين ما ورد في تقرير السلطة المحلية في صلب القرار‪ .،1‬بيد أنه باالطالع على ما‬
‫يضمن بق اررات مجلس الوصاية‪ ،‬نجد تكرار نفس العبارة التالية‪" :‬اعتمادا على تقرير السلطة‬
‫المحلية واستئناف الطرف المعني والحجج المدلى بها من قبل الطرفين"‪ ،‬مما يجعل من هذا‬
‫التعليل ذا طابع شكلي محض‪ ،‬فيكفي أن تتمظهر في صلب القرار المعطيات والوقائع‬
‫المضمنة بتقرير السلطة المحلية‪ ،‬ليعتبر شرط التعليل محققا‪ ،‬دون الخوض في مضمونه‬
‫والتحقق من ارتكازه على أساس‪ ،‬ليطرح السؤال بحدة عما إذا كان هذا األمر سيبقى على‬
‫حاله‪ ،‬أم سيتغير بعد إحداث مجلس الوصاية المركزي حيز التنفيذ؟‬

‫هذا ما سنحاول التطرق له من خالل المطلب الموالي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلثار المرتقبة للطعن باإللغاء في ق اررات مجلس الوصاية‬


‫على مستوى العمل القضائي‬

‫مما ال شك فيه‪ ،‬أن تطور االجتهاد القضائي بخصوص مدى قابلية ق اررات مجلس‬
‫الوصاية للطعن باإللغاء‪ ،‬واستق ارره على اعتباره ق ار ار إداريا قابال للطعن‪ ،‬سيشهد تغي ار على‬

‫السلبية بما هو إفصاح عن األسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها يكون متحققا كلما كان ما هو وارد فيها من علل واضح وكاف لتمكين‬
‫المخاطب بها من معرفتها إذا رغب بالطعن في تلك الق اررات والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ردت ما تمسك به الطاعن من عدم تعليل‬
‫القرار بما جاءت به من أنه ( بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يتبين أنه ألغى قرار الجماعة النيابية بعلة اطالعه على تقرير السلطة المحلية (‬
‫اإلقليمية ) المنجز بتاريخ ‪ 07/3/7‬وكذا دراسته للحجج المدلى بها من لدن األطراف المتنازعة في هذه القضية مما يكون معه قد جاء معلال وفق ما‬
‫ينص عليه القانون ‪ )03-01‬تكون قد راعت مجمل ما ذكر بإبرازها بأن استناد القرار اإلداري لما ذكر يشكل تعليال ألنه يحيل على تقرير السلطة‬
‫اإلقليمية الذي لم ينف الطاعن االطالع عليه وكذا إلى وثائق الطرفين المدلى بها لمجلس الوصاية والتي من المفترض اطالعه عليها بدليل مناقشته‬
‫لمضمونها مما يجعل القرار معلال بما فيه الكفاية والوسيلة على غير أساس"‬
‫‪ 1‬القرار عدد ‪ 1/650‬الصادر بتاريخ ‪ 2015/04/16‬في الملف اإلداري رقم ‪ 2013/1/4/112‬الذي جاء فيه‪ " :‬أن التعليل كشرط شكلي في‬
‫القرار اإلداري يكون من التعرف على االعتبارات الواقعية والقانونية التي كانت وراء إصداره‪ ،‬فهو يشكل ضمانة لألمن القانوني وحماية لحقوق األفراد‬
‫وحرياتهم‪ ،‬وله خاصية قبلية تختلف عن اإلفصاح الالحق عن أسباب القرار اإلداري‪ ،‬وبالتالي فمتى استلزمه القانون فإنه يعتبر ضمانة شكلية ال‬
‫يقوم مقامها التعليل باإلحالة‪ ،‬و أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه عندما اعتبرت كون قرار مجلس الوصاية المبني على تقرير السلطة‬
‫االقليمية وعلى طلب االستئناف المقدم أمامه‪ ،‬يكون باإلحالة عليهما‪ ،‬قد أبرز األسباب الداعية إلى إصداره‪ ،‬لتخلص أن تلك اإلحالة تشكل تعليال‬
‫بالمعنى المشار إليه في القانون رقم ‪ 01.03‬بشأن إلزام اإلدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قرارتها اإلدارية‪،‬‬
‫فإنها تكون قد خرقت القانون المذكور سواء في مادته األولى التي تلزم اإلدارة باإلفصاح كتابة في صلب ق ارراتها عن األسباب القانونية أو‬
‫الواقعية الداعية إلى اتخاذها‪ ،‬أو في مادته الثانية في فقرتها –د‪ -‬التي تجعل ضمن الق اررات الخاض عة للتعليل القرارات القاضية بسحب أو إلغاء‬
‫قرار منشئ لحقوق والتي يدخل في زمرتها القرار اإلداري المطعون فيه"‬

‫‪320‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مستوى حدود الرقابة القضائية‪ ،‬بعد المصادقة على القانون عدد ‪ 62.17‬ودخوله حيز‬
‫التنفيذ‪ ،‬فالطابع اإلداري المحض الذي لم تعد تشبه شائبة‪ ،‬بخالف الوضع الذي كان مع‬
‫وجود الفقرة الثانية من الفصل ‪ 12‬من ظهير ‪ ،1919‬ستؤدي إلى االنتقال من وجوب توفر‬
‫التعليل وتمظهره داخل صلب القرار شكال‪ ،‬إلى مساءلة فحوى التعليل ومضمونه‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن ق اررات مجلس الوصاية المركزي لن تكون في منأى عن اإللغاء لمجرد أنها تضمنت في‬
‫صلبها تعليال يستنسخ ما ضمن بتقرير السلطة المحلية‪ ،‬بل ال بد أن تتوافر في هذا التعليل‬
‫نفس الشروط المتطلبة في باقي الق اررات اإلدارية‪ ،‬والمتمثلة في‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون التعليل المكتوب والوارد في صلبه مبر ار للوقائع المادية والقانونية المفضية‬
‫إلى إصداره؛‬

‫‪ ‬أن يكون التعليل كامال وكافيا‪ ،‬فالتعليل الناقص ينزل منزلة االنعدام؛‬

‫‪ ‬أن يكون التعليل معتمدا على وقائع محددة وثابتة؛‬

‫‪ ‬أن يكون التعليل فاعال سواء بالنسبة لألفراد أو اإلدارة أو القضاء‪.1‬‬

‫كما أن التحقق من مدى توفر شروط التعليل‪ ،‬وال سيما أسسه الواقعية‪ ،‬سيعزز إعمال‬
‫وسائل التحقيق‪ ،2‬التي دأبت محاكم الموضوع على األمر بها ‪ -‬منذ أن تم الحسم قضائيا في‬
‫قابلية ق اررات مجلس الوصاية للطعن باإللغاء‪ ،-‬لتؤسس أحكامها وق ارراتها على ما تكون لها‬
‫من قناعات بعد البحث والتحري‪ ،‬وليس باالقتصار على ما هو وارد في تقارير السلطة‬
‫المحلية وما يقدمه األطراف من حجج‪.‬‬

‫للتوسع في هذه الشروط‪ ،‬االطالع على‪ :‬تعليل الق اررات اإلدارية ضمانة للحقوق والحريات ورقابة قضائية فعالة ‪-‬دراسة الفقهية‪ ، -‬تقرير النشاط‬ ‫‪1‬‬

‫السنوي للوكالة القضائية‪ ،‬سنة ‪ 2014‬ص ‪ 52‬إلى ‪.86‬‬


‫‪2‬‬
‫نقصد بها إجراءات التحقيق المخولة للقاضي بموجب الفصل ‪ 344‬من المسطرة المدنية‪ ،‬والتي قد تتخذ شكل بحث أو معاينة أو خبرة ‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫خاتمة‬

‫يظل القانون رقم ‪ 62.17‬بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات وتدبير أمالكها‪،‬‬
‫بغض النظر عن المالحظات والمؤاخذات التي يمكن إثارتها عليه‪ ،‬تعبي ار عن إرادة سياسية‬
‫جادة‪ ،‬وبلورة لمجهودات الحكومة وفي مقدمتها السلطة الوصية‪ ،‬الهادفة إلى تحيين المنظومة‬
‫التشريعية المتعلقة بأراضي الجموع‪ ،‬بما يتوافق مع المتغيرات المتعاقبة على كافة األصعدة‪.‬‬
‫وبالنظر إلى الفارق الزمني الشاسع بين القانون المنسوخ والقانون الحالي‪ ،‬وآخذا بعين‬
‫االعتبار الحمولة ذات األبعاد المختلفة لهذا القانون‪ ،‬واآلمال المعقودة عليه لتجاوز عدد من‬
‫العراقيل التي تقف حجرة عثرة أمام حسن تدبير هذه األراضي وجعلها أداة للتنمية‪ ،‬فإنه في‬
‫اعتقادنا‪ ،‬كان من األجدى لو تم إعمال بعض اآلليات التي من شأنها تعزيز نجاعة هذا‬
‫القانون في كليته أو في الجزء المتعلق بهيئات البت في مقررات االنتفاع‪ ،‬والتي من بينها‪:‬‬

‫‪ ‬لو تم إعمال المقتضيات المتعلقة بدراسة األثر الواجب إرفاقها ببعض مشاريع‬
‫القوانين‪ ،1‬وتحديدا المادة الثانية التي تعطي لقرار رئيس الحكومة الحق في إصدار‬
‫قرار بإنجاز دراسة األثر بشأن كل مشروع قانون‪ ،‬سواء قبل الشروع في إعداده أو‬
‫بعد ذلك‪ ،‬إما بمبادرة منه أو من األمين العام للحكومة أو السلطة الحكومية‬
‫صاحبة المشروع‪ ،‬والمادة الرابعة التي تحدد مضامين الدراسة‪ ،‬بدءا من تحديد‬
‫األهداف المتوخاة بكيفية مفصلة ودقيقة‪ ،‬ومرو ار بتحليل النصوص القانونية الجاري‬
‫بها العمل ذات الصلة بالمشروع‪ ،‬ووصوال إلى اإلشارة إلى االتفاقيات الدولية ذات‬
‫الصلة‪ ،‬مع التأكيد على وجوب تقييم االنعكاسات االقتصادية واالجتماعية والبيئية‬
‫والمؤسساتية واإلدارية المتوقعة‪.....‬إلخ؛‬

‫‪1‬‬
‫المقتضيات المضمنة بمرسوم رقم ‪ 2.17.585‬بشأن دراسة األثر الواجب إرفاقها بمشاريع بعض القوانين‪ ،‬الصادر في ‪ 4‬ربيع األول ‪1439‬‬
‫(‪ 23‬نونبر ‪ ، )2017‬جريدة رسمية عدد ‪ 6626‬بتاريخ ‪ 11‬ربيع األول ‪ 30( 1439‬نوفمبر ‪ )2017‬ص ‪.6815‬‬

‫‪322‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬لو تم تفادي إعادة استنساخ نفس الجهات اإلدارية بنفس التركيبة والمهام‪ ،‬حتى ال‬
‫يتم حصاد نفس النتائج‪ ،‬فالمقتضيات الجديدة ذات الطابع المؤسساتي والمسطري‬
‫وفق ما تمت مناقشته‪ ،‬لن تشكل حلوال جذرية ألسباب سلف ذكرها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد لماذا لم يتم التفكير جديا في كيفية تطعيم مجالس البت في‬
‫الطعون اإلدارية‪ ،‬خاصة مجالس الوصاية االقليمية ومجلس الوصاية المركزي‪،‬‬
‫بأعضاء لهم تكوين قانوني وحقوقي؟ ولماذا لم يتم التفكير في بلورة تشكيلة تحاكي‬
‫اللجان المحلية لتقدير الضريبة واللجنة الوطنية للنظر في الطعون الجبائية‪ ،‬التي‬
‫يوجد ضمن تركيبتها قاض؟ وهو ما كان سينعكس ال محالة على ق ارراتها ال من‬
‫حيث الشكل أو المضمون‪ ،‬وسيضفي عليها مزيدا من الموضوعية؛‬
‫‪ ‬لو تم اشتراط إخضاع نواب الجماعات الساللية لتكوين يؤهلهم لممارسة المهام‬
‫المسندة إليهم‪ ،‬ويحدد لهم اإلجراءات والمسطرة التي يجب اتباعها للبت في‬
‫النزاعات المرتبطة باالستفادة من حق االنتفاع وكيفية توزيعه بين ذوي الحقوق‪،‬‬
‫على أن يتم ذلك بشكل مستمر كلما كانت هناك مستجدات‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ رشيد زيان‪،‬‬


‫إطار بالوكالة القضائية للمملكة‬

‫مقدمة‬

‫إن المتتبع للنظام العقاري ببالدنا يالحظ أن هذا النظام يمتاز بالتنوع‪ ،‬إذ هناك أنماط‬
‫عديدة من الملكية العقارية أو ما يصطلح عليه باألنظمة العقارية فهناك أراضي الجماعات‬
‫الساللية‪ ،‬أراضي األوقاف‪ ،‬األمالك العامة‪ ،‬األمالك الخاصة للدولة‪ ،‬األمالك‬
‫الغابوية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫والذي يهمنا من األنظمة السابقة في هذه الدراسة الملك الخاص للدولة الذي يخضع‬
‫من حيث تدبيره لمديرية أمالك الدولة‪ ،‬والملك الغابوي الذي تشرف عليه المندوبية السامية‬
‫للمياه والغابات ومحاربة التصحر‪.‬‬

‫واألكيد أن تعبئة هذا الصنف من األنظمة العقارية وجعله في خدمة التنمية يقتضي‬
‫سن آليات ومساطر قصد ضبطه وتحصينه‪ ،‬لذلك تم وضع مجموعة من اآلليات لتحقيق‬
‫هذه الغاية منها على وجه الخصوص نظام التطهير القانوني والذي من خالله تلجأ االدارة‬
‫الوصية إما الى نظام التحفيظ العقاري في إطار المسطرة العادية للتحفيظ‪ ،‬وإما الى مسطرة‬
‫التحديد االداري طبقا لظهير ‪ 3‬يناير ‪ 11916‬والمعدل بمقتضى ظهير ‪ 14‬شتنبر ‪،21949‬‬
‫و بعده ظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1922‬والمتعلق بتحفيظ العقارات التي تم تحديدها إداريا‪،3‬وكثي ار ما‬

‫‪ -1‬وهو الظهير المتعلق بتأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد األمالك المخزنية بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 141‬السنة‬
‫الرابعة ص ‪.28‬‬
‫‪ -2‬ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬المعدل بظهير ‪ 14‬شتنبر ‪ 1949‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 1926‬بتاريخ ‪ 23‬شتنبر ‪ 1949‬ص ‪.1787‬‬
‫‪ -3‬ظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1922‬يتعلق بتقييد العقارات المخزنية التي جرى تحديدها على الطريقة المبينة بالظهير الشريف المؤرخ بثالث يناير ‪1916‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 479‬السنة الثامنة ص ‪.797‬‬

‫‪324‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تلجأ اإلدارة لمسطرة التحديد اإلداري‪ 1‬نظ ار لبساطتها و سرعتها – مبدئيا – في تأسيس رسم‬
‫عقاري لإلدارة المعنية وكذا لقلة تكلفتها‪ ،‬و يبقى الدافع األساسي من وراء اللجوء لهذه‬
‫المسطرة هو نقل عبء اإلثبات من الجهة طالبة التحديد اإلداري إلى المتعرض على هذه‬
‫المسطرة‪.2‬‬

‫وما دام أن العقارات التي تشكل محال لهذا التحديد هي العقارات التي تتضمن فقط‬
‫شبهة ملك لفائدة مديرية أمالك الدولة أو المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر‬
‫حسب الفصل األول من ظهير ‪ 3‬يناير ‪ ،1916‬فهذا يعني أن اإلدارة طالبة التحديد قد تجد‬
‫نفسها أمام تعرضات يتقدم بها أصحابها مع مراعاتهم في ذلك للضوابط والخصوصيات التي‬
‫تحكم تقديم مثل هذه التعرضات في إطار هذا الظهير (ظهير ‪ 3‬يناير ‪ ،)1916‬وتقديم هذه‬
‫التعرضات يفرض على المتعرض مجموعة من االلتزامات تتسم ببعض الخصوصيات تثير‬
‫عمليا بعض االشكاالت‪.‬‬

‫فما هي إذن هذه الخصوصيات؟ وما هي أهم المشاكل التي يطرحها هذا الظهير عمليا‬
‫خاصة على مستوى التعرض؟ وبعبارة أخرى الى أي حد ال زالت مقتضيات هذا الظهير‬
‫صالحة للتطبيق حاليا خصوصا في ظل التغييرات التشريعية التي تعرفها بالدنا؟‬

‫هذه أسئلة من ضمن أخرى سأحاول االجابة عنها من خالل المبحثين التاليين‪:‬‬

‫‪ -1‬وأشير إلى أنه ليست هذه األمالك وحدها التي تخضع لمسطرة التحديد اإلداري‪ ،‬بل أن أمالكا أخرى تخضع لهذه المسطرة‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫بالنسبة ألراضي الجماعات الساللية الخاضعة في تنظيمها من حيث التحديد اإلداري لظهير ‪ 18‬فبراير ‪ 1924‬وهو الظهير الذي تشبه مقتضياته‬
‫إلى حد كبير ‪ -‬باستثناء بعض الخصوصيات‪ -‬مقتضيات ظهير ‪ 3‬يناير ‪.1916‬‬
‫‪ -2‬حسن الخشين‪ ،‬ملك الدولة الخاص المقاربة القانونية والمالية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس سنة ‪ .2002 -2001‬ص ‪.193‬‬
‫‪-‬محمد الصباب‪ ،‬التحديدات اإلدارية‪ ،‬دروس في تدبير ملك الدولة الخاص‪ -‬التدريب الخاص بإدماج أطر مديرية األمالك المخزنية ‪-‬فوج ‪1997‬‬
‫ص ‪.293‬‬

‫‪325‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المبحث األول‪ :‬خصوصيات التعرض على مسطرة التحديد اإلداري خالل مرحلته‬
‫اإلدارية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬خصوصيات البت في التعرض أمام القضاء‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬خصوصيات التعرض على مسطرة التحديد اإلداري خالل‬


‫مرحلته االدارية‬

‫أشير بداية إلى أن مسطرة التحديد اإلداري تستهل بإجراء بحث ميداني للتأكد من‬
‫طبيعة العقار المراد تحديده‪ ،‬وكذا حقوق الدولة واألغيار عليه‪ ،‬ثم بعد ذلك تقديم طلب‬
‫يصدر بعده مرسوم بالموافقة على إجراء عمليات التحديد اإلداري‪ ،‬ومنذ صدور هذا المرسوم‬
‫وإلى حين صدور مرسوم المصادقة على أعمال التحديد اإلداري‪ ،‬فإنه ال يجوز التصرف أو‬
‫تقديم مطلب للتحفيظ يهم العقار موضوع مرسوم التحديد اإلداري ‪،‬هذا ويجب اإلعالم بكل‬
‫من طلب اإلدارة المعنية والمرسوم إلى العموم شه ار على األقل قبل التاريخ المحدد لبدء‬
‫العملية‪ ،‬ويشكل خروج لجنة التحديد لعين المكان ومباشرتها ألعمال التحديد اإلداري فرصة‬
‫أمام كل شخص يدعي حقا على العقار محل التحديد تمكنه من التدخل قصد المطالبة بها‪،‬‬
‫وإذا لم يتمكن لسبب ما التعرض لدى لجنة التحديد اإلداري‪ ،‬تبقى له فرصة أخرى لتقديم‬
‫تعرضه تبدأ من يوم نشر تقرير لجنة التحديد في الجريدة الرسمية وتستمر ثالثة أشهر‬
‫بإنتهائها ال يقبل أي تعرض (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫على أن تقديم هذه التعرضات على النحو السابق ال يعني أن المتعرض نفذ كل‬
‫االلتزامات المفروضة عليه‪ ،‬بل ال بد من إتباع ذلك بإجراءات أخرى كتقديم مطلب تأكيدي‬
‫تحت طائل إلغاء تعرضه إلى جانب أدائه للرسوم المستحقة (المطلب األول)‪.‬‬

‫‪326‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطلب األول‪ :‬التزامات المتعرض‬

‫سبقت اإلشارة إلى أن كل من يدعي حقا على العقار الذي تجرى بشأنه مسطرة التحديد‬
‫اإلداري له فرصتان من أجل التعرض فإما أن يتقدم بتعرضه لدى لجنة التحديد اإلداري‪ ،‬وإما‬
‫أن يتقدم بهذا التعرض لدى اإلدارة المعنية معز از ذلك ببيان لسبب التعرض والحجج المستند‬
‫عليها (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫والتعرض السابق ال يعتبر إال إذا بادر المتعرض داخل أجل محدد إلى طلب تقييده‬
‫(الفقرة الثانية) مع أدائه للرسوم المستحقة (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تقديم التعرضات لدى الجهة المعنية‬

‫في اليوم والوقت المحددين إلجراء عملية التحديد تنتقل اللجنة إلى عين المكان‬
‫بحضور كل من له عالقة بالعقار وحينها يتم قبول التعرضات إن وجدت من قبل هذه‬
‫اللجنة‪ ،‬وحسب الفصل الخامس من ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬فإن كل من تعرض للجنة في‬
‫عين المكان أجل قدره ثالثة أشهر ابتداء من يوم نشر التقرير في الجريدة الرسمية ليعلم‬
‫بقضيته الموظف المكلف بحكومة المراقبة المحلية ببيانه لسبب تعرضه والحجج المستند‬
‫عليها‪ ،‬وإذا أطلعه على ذلك مشافهة فيجب على الحاكم أن يثبته في تقرير يلحقه بتقرير‬
‫التحديد وبالقائمة المبين فيها جميع التعرضات لدى اللجنة‪.‬‬

‫ومن لم يتمكن من تقديم تعرضه على النحو السابق له إمكانية تقديمه داخل أجل يبدأ‬
‫من تاريخ نشر إعالن إيداع نسخة محضر التحديد والتصميم المرفق به لدى السلطة المحلية‪،‬‬
‫ويستمر لمدة ثالثة أشهر وسواء كان هذا األخير يتعلق بإدعاء حق على هذا العقار أم جزءا‬
‫منه أم تعديال في حدوده‪ ،‬وذلك لدى السلطة المحلية لموقع العقار والتي تعمل على تدوينه‬
‫بمحضر ملحق‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويرى البعض‪ 1‬أن المتعرض الذي يقدم تعرضه لدى السلطة المحلية عليه أن يعزز‬
‫‪2‬‬
‫تعرضه بالحجج والمستندات التي يعتمد عليها في تعرضه‪ ،‬في حين ينتقد البعض اآلخر‬
‫هذا القول على أساس أن السلطة المحلية ليست لها الصفة في تلقي الحجج من صاحبها‬
‫والحكم على قيمتها وترجيحها بحجج أخرى ألن ذلك من اختصاص السلطة القضائية وحدها‬
‫كما أن المشرع قد أوجب على المتعرض تأكيد تعرضه بتقديم مطلب تحفيظ تأكيدي وتقديم‬
‫هذا المطلب يقتضي تقديم جميع الرسوم والوثائق حسب الفصل ‪ 14‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري‪ ،‬وبالتالي فإن أخذ ممثل السلطة المحلية لتلك الرسوم من شأنه سلب حق المتعرض‬
‫في تأكيد تعرضه أثناء إيداعه لمطلب التحفيظ‪.‬‬

‫والرأي فيما أعتقد أن صياغة الفصل الخامس‪ 3‬من ظهير‪ 3‬يناير‪ 1916‬والذي جاء‬
‫فيه‪ ...":‬ويجعل لمن تعرض للجنة في عين المحل أجل قدره ثالثة أشهر ابتداء من يوم نشر‬
‫التقرير في الجريدة الرسمية ليعلم الموظف المكلف بحكومة المراقبة المحلية بكتاب يبين له‬
‫فيه سبب تعرضه والحجج المستند عليها المتعرض‪."...‬‬

‫فصيغة " بكتاب يبين له فيه سبب تعرضه والحجج المستند عليها المتعرض" ليست هي‬
‫صيغة إيداع الحجج والمستندات والتي تبقى واضحة في تقديم هذه المستندات ‪ ،‬وبالتالي قد‬
‫يفهم من هذه الصيغة أن المتعرض أثناء تعرضه لدى السلطة المحلية يكتفي فقط بإبراز هذه‬
‫الوثائق حتى إذا اطمأنت الجهة المقدم لها التعرض‪ 4‬بأن األمر ال يتعلق بتعرض كيدي‪،‬‬
‫أمكن للمتعرض حينها أخذ هذه الوثائق حتى يتسنى له تقديمها أثناء إيداعه لمطلب التحفيظ‬

‫‪ -1‬أحمد الداودي‪ ،‬ارتباط نظام التحفيظ باألنظمة العقارية مساهمة في أعمال الندوة التي نظمت تحت عنوان سياسة التحفيظ العقاري في المغرب‬
‫بكلية الحقوق بمراكش سنة ‪ ،2008‬ص ‪.253‬‬
‫‪ -‬محمد الصباب‪،‬م س ‪ ،‬ص ‪.296‬‬
‫‪ -‬عبد الوهاب رافع‪ ،‬أراضي الجموع ‪-‬التنظيم والوصاية‪ -‬سلسلة المكتبة القانونية المعاصرة‪ ،‬دون ذكر الطبعة‪ ،‬سنة ‪ 1999‬ص‪.61‬‬
‫‪ -2‬المصطفى فخري‪ ،‬األراضي الجماعية الواقع واآلفاق‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص وحدة البحث والتكوين في‬
‫القانون المدني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬مراكش سنة ‪ ، 2003-2002‬ص‪.58‬‬
‫‪ -3‬وهذا الفصل شبيه إلى حد ما بالفصل الخامس من الظهير المتعلق بتحديد األراضي الجماعية‪.‬‬
‫‪ -4‬وال يفهم من هذا إعطاء الصالحية لهذه الجهة للبحث في هذه الوثائق واتخاذ قرار بشأنها بل أن األمر يقف عند حد التأكد من أن المتعرض له‬
‫فعال مستندات ووثائق تؤكد تعرضه ليس إال‪.‬‬

‫‪328‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫التأكيدي خاصة وأن المشرع على سبيل المقارنة في ظهير التحفيظ العقاري لما أراد أن يكون‬
‫التعرض مصحوبا بالمستندات نص على ذلك صراحة إذ جاء في الفصل ‪ 25‬من ظهير‬
‫التحفيظ العقاري في فقرته الثالثة‪" :‬يجب على المتعرضين أن يودعوا السندات والوثائق‬
‫المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ‪"...‬‬

‫وهذا التعرض إما أن تتم تسويته وديا‪ ،‬وإما أن يحال الملف على المحكمة المختصة‬
‫للبت فيه إذا لم يتم التوصل لمثل هذه التسوية‪ ،‬هذا مع العلم أن تقديم المتعرض لتعرضه ال‬
‫يعني أن األمر يقف عند هذا الحد بل ال بد من إتباع ذلك بتقديم مطلب تحفيظ تأكيدي‬
‫للتعرض الذي قدمه وهذا ما سأبحثه في الفقرة الموالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تقديم مطلب تأكيدي للتعرض‬

‫سبق أن أشرت إلى أن المتعرض ال يكفيه تقديم تعرضه داخل اآلجال المعينة‪ ،‬بل البد‬
‫أن يتبع ذلك بتقديم مطلب تأكيدي لتعرضه (أوال) وتقديم هذا المطلب لدى المحافظة العقارية‬
‫يجعل هذه األخيرة تتعامل معه وفقا لطبيعته الخاصة (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الطرف الملزم بتقديم المطلب التأكيدي‬

‫ينص الفصل السادس من ظهير‪ 3‬يناير‪ 1916‬على أن‪" :‬التعرض الواقع بمقتضى‬
‫الفصل الخامس ال يعتبر إال بشرط أن يقدم صاحبه مطلب تقييد العقار في الثالثة أشهر‬
‫الموالية لألجل المضروب للمتعرض وهذا المطلب يبحث فيه أينما كان محل العقار‪ ،‬لكن‬
‫فيما يمس أعمال تحديده فقط وإذا امتنع فإن تعرضه يلغى‪."...‬‬

‫إذن يستفاد من خالل هذا الفصل على أن المتعرض وإلبراز جديته في التعرض البد‬
‫أن يؤكده بتقديم مطلب للتحفيظ‪ ،‬وإال فإن تعرضه سيكون مصيره هو اإللغاء‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لكن من الذي يقع عليه التزام تقديم هذا المطلب‪ ،‬هل فقط المتعرض الذي سبق له‬
‫التعرض على التحديد اإلداري أو أن ذلك يمكن حتى بالنسبة لمن لم يتعرض على ذلك؟‬

‫يرى البعض‪ 1‬أن تقديم المطلب التأكيدي على التعرض ال يسمح به إال بالنسبة‬
‫لألشخاص الذين صرحوا بتعرضهم داخل األجل المحدد والعلة في ذلك هو طبيعة اآلجال‬
‫المحددة في ظهير ‪ 3‬يناير‪. 1916‬‬

‫إضافة إلى ما سبق يمكن القول أن مقتضيات الفصل السادس والتي تقضي بتقديم هذا‬
‫المطلب التأكيدي‪ ،‬جاءت معطوفة على مقتضيات الفصل الخامس والمتعلقة بالتعرض‪ ،‬إذ‬
‫أن صياغة الفصل السادس جاءت كالتالي‪" :‬إن التعرض الواقع بمقتضى الفصل الخامس ال‬
‫يعتبر إال بشرط أن يقدم صاحبه مطلب تقييد العقار في الثالثة أشهر الموالية لألجل‬
‫المضروب للتعرض‪ "...‬وهو ما يعني أن تقديم المطلب التأكيدي مرتبط بتقديم التعرض‬
‫والعكس صحيح إذ أن التعرض ال يعتبر كذلك إال بتقديم هذا المطلب‪.‬‬

‫ويرى بعض المهتمين‪ 2‬أن تقديم المتعرض لمطلب التحفيظ التأكيدي ينبغي أن يكون‬
‫مسبوقا بشهادة تسلمها له السلطات المحلية تثبت أنه قد قام بالتعرض على مسطرة التحديد‬
‫اإلداري داخل األجل القانوني ‪،‬و يقترح البعض تسهيال لمأمورية طالب التحفيظ التأكيدي أن‬
‫ال يطلب منه اإلدالء بهذه الشهادة وتكليف المحافظ بدال عنه بطلبها عن طريق التسلسل‬
‫اإلداري‪.‬‬

‫وهكذا فإن عدم تقديم المتعرض لهذا المطلب التأكيدي داخل األجل القانوني‪ ،‬من شأنه‬
‫أن يؤدي إلى سقوط حقوق هذا المتعرض مع مراعاة االستثناء الذي أورده الفصل السادس‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬المصطفى فخري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫‪ -2‬محمد الصباب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.296‬‬
‫‪-‬العربي مياد‪ ،‬التحديد اإلداري ألمالك الدولة الخاصة‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،27‬سنة ‪ 1999‬ص ‪.71‬‬
‫‪-‬أحمد الداودي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.253‬‬

‫‪330‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والمتعلق بحالة االعتراف له من قبل اإلدارة بما يدعيه وذلك بواسطة تعديل لتقرير اللجنة مع‬
‫تغيير لحدود العقار وفقا لذلك‪.1‬‬

‫والسؤال الذي يبقى عالقا هو‪ :‬ما طبيعة هذا المطلب التأكيدي للتعرض؟ أو ما كيفية‬
‫تعامل المحافظات العقارية معه؟ هذا ما سأبحثه في النقطة الموالية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬كيفية تعامل المحافظات العقارية مع المطالب التأكيدية للتعرضات‬

‫السؤال الذي ينبغي اإلجابة عنه في إطار هذه النقطة يتعلق بتحديد طبيعة هذا المطلب‬
‫التأكيدي وبما إذا كان األمر يتعلق بمطلب تحفيظ بكل ما تحمله الكلمة من معنى أو أن‬
‫األمر ال يعدو أن يكون تعرضا على التحديد اإلداري؟‬

‫ذهب البعض‪ 2‬إلى أن األمر ال يتعلق بتعرض عاد وإال فما الدافع الذي جعل المشرع‬
‫يؤكد على ضرورة إيداع هذا المطلب والذي سماه المشرع ب "مطلب التحفيظ" في الفصل‬
‫السادس من ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬تحت طائل إلغاء التعرض المقدم ‪،‬لذلك ينبغي التعامل‬
‫معه على أساس أن األمر يتعلق بمطلب تحفيظ‪.‬‬

‫في حين ذهب جانب آخر‪ 3‬إلى أن إيداع مطلب التحفيظ بهذا الشكل ال يعدو أن يكون‬
‫تأكيدا للتعرض المقدم على التحديد وال يضيف شيئا إلى المركز القانوني لطالب التحفيظ‬
‫حيث يظل متعرضا أي مدعيا وعليه يقع عبء إثبات ما يدعيه في مواجهة المدعى عليه‪.‬‬

‫وإذا كان لي من رأي في الموضوع‪ ،‬فلن يكون إال مؤيدا للتوجه الثاني‪ ،‬صحيح أن‬
‫المشرع نص على تقديم هذا المطلب وسماه بمطلب تحفيظ العقار‪ ،‬وصحيح كذلك وفي ظل‬

‫‪ -1‬أنظر الفصل السادس من ظهير ‪ 3‬يناير ‪.1916‬‬


‫‪ -2‬عبد العلي دقوقي‪ ،‬اإللغاء والتشطيب في التشريع العقاري المغربي أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬وحدة البحث والتكوين في القانون المدني‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال الرباط سنة ‪ 2002-2001‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -3‬محمد مهدي الجم‪ ،‬التحفيظ العقاري في المغرب‪ ،‬مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬سنة ‪ 1979‬ص ‪.66‬‬
‫‪ -‬الحبيب شوراق‪ ،‬القواعد المنظمة للرسوم العقارية إثر التحفيظ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام‪ .‬وحدة العقار والتعمير‬
‫واإلسكان‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال الرباط سنة ‪ ،2003 -2002‬ص ‪.154‬‬

‫‪331‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫غياب تنظيم خاص يهم كيفية التعامل مع هذا المطلب فإن األمر يقتضي الرجوع إلى‬
‫مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري وتطبيقها عليه لكن األمر يقف عند هذا الحد إذ أن تطبيق‬
‫مقت ضيات هذا الظهير على هذا المطلب ال يصل إلى الحد الذي من شأنه أن يفرغ‬
‫مقتضيات ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬من محتواه وخاصة ما يتعلق بالفلسفة التي يقوم عليها هذا‬
‫الظهير والمتمثلة في قلب عبء اإلثبات‪.‬‬

‫كما انه لو اعتبرنا أن مطلب التحفيظ التأكيدي هو مطلب تحفيظ بكل ما تحمله الكلمة‬
‫من معنى‪ ،‬فما هو الوضع القانوني للجهة طالبة التحديد اإلداري؟ علما أن طالب التحفيظ‬
‫التأكيدي كان قد سبق أن تقدم بتعرضه والذي أتبعه فيما بعد بهذا المطلب التأكيدي‪.‬‬

‫كما أن دراسة طبيعة هذا المطلب ومقتضيات هذا الظهير بشكل عام تقتضي بحثه في‬
‫سياقه التاريخي أي الفترة التي تم فيها سن هذا الظهير‪ 1‬وهي فترة االستعمار الفرنسي‬
‫لبالدنا ‪ ،‬وبالتالي ال يتصور بهذه السهولة اعتبار هذا المطلب التأكيدي مطلبا عاديا وليس‬
‫تعرضا وبالتالي إفراغ مكتسبات ظهير‪ 3‬يناير ‪ 1916‬من محتواه‪.‬‬

‫وعليه فهذا المطلب ال يعدو أن يكون تعرضا ذا طبيعة خاصة أوجب المشرع تقديمه‬
‫الختبار نوايا وجدية المتعرض على مسطرة التحديد اإلداري‪ ،‬وما يؤكد ذلك أن المشرع ربط‬
‫صحة التعرض بتقديم هذا المطلب وبالتالي فهو امتداد للتعرض‪ ،‬هذا طبعا تجاه الجهة طالبة‬
‫التحديد اإلداري‪.‬‬

‫وفي إطار الحديث عن هذا المطلب التأكيدي دائما يرى البعض‪ 2‬أن تقديم هذا المطلب‬
‫يجعلنا أمام حالة من حاالت التحفيظ اإلجباري‪ ،‬وهو ما يشكل خروجا عن المبدأ العام‬
‫والمتمثل في اختيارية التحفيظ‪ ،‬وذلك حسب الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫‪ -1‬خالد مداوي‪ ،‬تطور نظام التحفيظ العقاري بمنطقة شمال المغرب‪ ،‬مطبعة امبريال‪ ،‬الرباط ( دون ذكر الطبعة) سنة ‪ ،1997‬هامش صفحة ‪.78‬‬
‫‪ -‬عبد العلي دقوقي‪،‬م س‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪ -2‬محمد خيري‪ ،‬قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي‪ ،‬مطبوعات المعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة الخامسة الرباط سنة ‪ ،2009‬ص ‪.123‬‬

‫‪332‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫هذا ومادام أن مقتضيات ظهير‪ 3‬يناير‪ 1916‬لم تتطرق إلجراءات خاصة تطبق‬
‫بالنسبة لهذه المطالب‪ ،‬فإنها تبقى خاضعة لقواعد المسطرة العادية للتحفيظ العقاري من‬
‫إشهار وغيره‪...1‬‬

‫ورغم أن إيداع هذا المطلب يتم حسب القواعد المعمول بها في ظهير التحفيظ العقاري‬
‫فإنه مع ذلك يبقى محافظا على طابعه الخاص كمطلب تأكيدي للتعرض على مسطرة‬
‫التحديد اإلداري ويتضح ذلك جليا من خالل خالصة هذا المطلب والتي تنشر في الجريدة‬
‫الرسمية متضمنة لجملة تفيد‪ 2‬بأن "هذا المطلب تم إيداعه كتأكيد للتعرض على تحديد العقار‬
‫المسمى‪،"...‬وتقديم المتعرض لمطلبه التأكيدي على هذا النحو يقتضي منه أداء الرسوم‬
‫المستحقة عنه كما سنرى في الفقرة الموالية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬أداء الرسوم المستحقة‬

‫إن تقديم المتعرض لتعرضه وكذا المطلب التأكيدي للتعرض داخل اآلجال المحددة في‬
‫ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬ال يعني أنه قد نفذ كل ما عليه من التزامات بل يبقى على عاتقه‬
‫التزام آخر وهو أداء الرسوم المستحقة‪.‬‬

‫وأداء هذه الرسوم يطرح إشكاال جوهريا ناتجا عن تكييف طبيعة المطلب التأكيدي وهو‪:‬‬
‫على أي أساس تؤدى هذه الرسوم؟ هل باعتبار المطلب التأكيدي تعرضا أو مطلبا للتحفيظ؟‬
‫وبعبارة أخرى‪ :‬هل على مقدم طلب التحفيظ التأكيدي أداء جميع الرسوم المترتبة على إيداع‬
‫مطلب التحفيظ العادي؟ أو أنه ال يؤدي سوى الرسوم الفضائية باعتبار أن المطلب التأكيدي‬
‫هو تعرض ليس إال؟‬

‫‪ -1‬دورية صادرة عن السيد المحافظ العام في شأن التعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المقدمة ضد مساطر التحديد اإلداري عدد‬
‫‪ 381‬بتاريخ ‪ 8‬دجنبر‪. 2010‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Circulaire N° 54 du 4 Février 1930, relativ e aux règles à suivre: 1°) pour le dépôt des réquisitions‬‬
‫‪d’immatriculations destinées à valider les oppositions à délimitation des biens domaniaux ou des biens‬‬
‫‪collectifs de tribus-22) pour la publication de ces réquisitions au bulletin officiel du protectorat.‬‬

‫‪333‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫هذا االختالف كان موجودا على صعيد المحافظات العقارية في ظل اكتفاء الفصل‬
‫السادس من ظهير‪ 3‬يناير‪ 1916‬باإلشارة إلى أن "طلب تقييد العقار يكون باسم المتعرض‬
‫وعلى نفقته"‪.‬‬

‫والمالحظ على هذا المقطع من الفصل السادس أنه ربط طلب التقييد باسم المتعرض‬
‫وعلى نفقته‪ ،‬وهو غير مقبول شكال‪ ،‬ألنه من باب أولى أن يتم ربط طلب التقييد بطالب‬
‫التحفيظ التأكيدي وليس المتعرض‪ 1‬ألن المشرع هنا يتحدث عن طلب التقييد وليس التعرض‪.‬‬

‫وحسما للخالف السابق اإلشارة إليه صدرت مذكرة من السيد المحافظ العام‪ 2‬جاء فيها‬
‫ما يلي‪ ..." :‬وتوحيدا للعمل اإلداري بينكم يشرفني أن ألفت انتباهكم إلى أن المشرع لم ينص‬
‫على مقتضيات خاصة متعلقة برسوم المحافظة على األمالك العقارية المستحقة على طلبات‬
‫إيداع مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المصرح بها ضد مساطر التحديد اإلداري‬
‫ألراضي الدولة والجماعات الساللية‪.‬‬

‫وتأكيدا للطابع العادي للمطالب المذكورة نصت الفقرة األخيرة من الفصل السادس من‬
‫كل من ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬المنظم لتحديد الملك الخاص للدولة وظهير ‪ 18‬فبراير‬
‫‪ 1924‬المنظم لتحديد األراضي الجماعية على أن "مطلب التحفيظ يودع في اسم وعلى نفقة‬
‫المتعرض"‪.‬‬

‫وعليه فإن طلبات إيداع تلك المطالب تظل خاضعة للقواعد العامة ألداء الرسوم‬
‫المتعلقة بإيداع مطالب التحفيظ المنصوص عليها في الفقرة "أ" من الباب األول من‬

‫‪ -1‬وإن كان طالب التحفيظ التأكيدي في هذه الحالة هو المتعرض ذاته‪.‬‬


‫‪ -2‬مذكرة في شأن أداء الرسوم المستحقة على طلبات إيداع مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات ضد مساطر التحديد اإلداري رقم ‪ 014145‬بتاريخ‬
‫‪ 24‬نونبر ‪.2000‬‬

‫‪334‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المرسوم‪1‬رقم ‪ 2/97/358‬المؤرخ في ‪ 1997/06/30‬بتحديد تعريفة رسوم المحافظة على‬


‫األمالك العقارية‪."...2‬‬

‫والمالحظ أن هذه المذكرة أحالت على الفقرة "أ" من الباب األول‪ ،‬وهذه الفقرة تتعلق‬
‫بتسجيل مطلب التحفيظ اإلختياري ولم تحل على الفقرة "ج" المتعلقة بإيداع مطالب التحفيظ‬
‫في حالة التحفيظ اإلجباري‪. 3‬‬

‫ولذلك أضم ندائي لبعض الباحثين‪ 4‬من أجل إقرار مجانية التحفيظ بالنسبة لألشخاص‬
‫الذين يودعون مطالب التحفيظ التأكيدية لتعرضاتهم على التحديدات اإلدارية ألن اإلجبارية‬
‫واإللزامية ينبغي أن تالزمهما المجانية خاصة وأنه يعمل بها في بعض المساطر‪ ، 5‬كما هو‬

‫‪ -1‬مرسوم رقم ‪ 2-97-358‬يتعلق بتحديد تعريفة رسوم التحفيظ العقاري المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4495‬بتاريخ ‪ 3‬يونيو ‪.1997‬‬
‫‪ -2‬جاء في الباب األول في فقرته "أ" والمتعلقة بتسجيل مطلب التحفيظ االختياري أن هذه الرسوم هي حسب األحوال كالتالي‪:‬‬
‫‪ 450‬درهم‬ ‫‪ -1‬رسم اإلشهار‬
‫‪ -2‬رسم بحسب القيمة‪:‬‬
‫‪ 50.000‬درهم‬ ‫إلى غاية‬ ‫* ‪% 1.5‬‬
‫‪ 50.000‬درهم‬ ‫إذا تجاوزت القيمة‬ ‫*‪% 2‬‬
‫‪ -3‬رسم بحسب المساحة‪:‬‬
‫‪ 45‬درهم‬ ‫* العقارات الحضرية (عن كل آر)‬
‫‪ 45‬درهم‬ ‫* العقارات القروية ( عن كل هكتار)‬
‫‪ -3‬والفرق بين هاتين الفقرتين هو أن الفقرة "ج" مخفضة بنسبة النصف تقريبا عن الفقرة "ب" وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ 225‬درهم‬ ‫‪ -1‬رسم اإلشهار‬
‫‪-2‬رسم بحسب القيمة ‪:‬‬
‫‪ 50,000‬درهم‬ ‫* ‪ % 0,75‬إلى غاية‬
‫‪ 50,000‬درهم‬ ‫* ‪ %1‬عما تجاوز‬
‫‪-3‬رسم بحسب المساحة‪:‬‬
‫‪ 23‬درهم‬ ‫* العقارات الحضرية عن كل آر‬
‫‪ 23‬درهم‬ ‫* العقارات القروية عن كل هكتار‬
‫‪ -4‬المصطفى فخري‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪77‬‬
‫‪ -5‬أنظر الفقرة "د" من المرسوم المتعلق بتعريفة رسوم التحفيظ العقاري المشار إليه سابقا‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الشأن بالنسبة لمطالب تحفيظ العقارات التي تقع داخل قطاعات ضم األ ارضي بعضها إلى‬
‫بعض ومناطق التحفيظ الجماعي‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬احترام أجل التعرضات‬

‫لما وضع المشرع ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬كان على علم بأن مسطرة التحديد اإلداري قد‬
‫تتخللها تعرضات تقدم من قبل األغيار يطالبون من خاللها بحقوق لهم على العقارات التي‬
‫تجري بشأنها مسطرة التحديد اإلداري‪.‬‬

‫لذلك قام المشرع بتحديد آجال لتمكين هؤالء من تقديم تعرضاتهم لدى الجهات المعنية‪،‬‬
‫ولم يقف عند هذا الحد بل حدد أجال آخر بعد انقضاء األجل السابق‪ ،‬وذلك لتمكين من قدم‬
‫تعرضه إلى تقديم طلب تحفيظ الحق الذي يطالب به ورتب عن عدم احترام هذه اآلجال‬
‫المزدوجة آثار هامة (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫وإذا كانت مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري تسمح استثناء بإمكانية التعرض خارج‬
‫اآلجال المحددة‪ ،‬فما مدى إمكانية تبني مثل هذا االستثناء في ظهير ‪ 3‬يناير ‪( 1916‬الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬طبيعة اآلجال في ظهير ‪ 3‬يناير ‪1916‬‬

‫لقد جاء في الفصل الرابع من ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬في صيغته المحينة على أنه‬
‫"يعلن للعموم تاريخ العمليات بشهر قبل إجرائها بواسطة الجرائد واإلعالنات تعبي ار باللغتين‬
‫العربية والفرنسية‪"...‬‬

‫‪ -1‬للتوسع أكثر بخصوص هذه المساطر أنظر حليمة قليش‪ ،‬المساطر الجماعية ودورها في تعميم نظام التحفيظ العقاري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول وجدة‬
‫سنة ‪ 2007 ،2006‬ص ‪.63‬‬

‫‪336‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫كما نص الفصل الخامس من نفس الظهير على أنه "‪ ...‬يجعل لمن تعرض للجنة في‬
‫عين المحل أجل قدره ثالثة أشهر ابتداء من يوم نشر التقرير في الجريدة الرسمية ليعلم‬
‫بقضيته‪...‬‬

‫ثم بعد مضي ثالثة أشهر من يوم التنبيه في الجريدة الرسمية على وضع التقرير‪ ،‬فإنه‬
‫ال يقبل تعرض وال غيره من كل دعوى‪ ،‬ويومئذ يصير التحديد نهائيا‪"...‬‬

‫وأضاف الفصل السادس على أن " التعرض الواقع بمقتضى الفصل الخامس ال يعتبر‬
‫إال بشرط أن يقدم صاحبه مطلب تقييد العقار في الثالثة أشهر الموالية لألجل المضروب‬
‫للمتعرض‪ ...‬وإذا امتنع فإن تعرضه يلغى لكن يبقى له ما عسى أن تعترف له به اإلدارة من‬
‫الحقوق‪"...‬‬

‫وهكذا حدد المشرع أجل قبول التعرضات ضد مسطرة التحديد اإلداري في ثالثة أشهر‬
‫تبدأ من تاريخ نشر التقرير في الجريدة الرسمية‪ ،‬ورتب على مرور أجل الثالثة أشهر من يوم‬
‫التنبيه في الجريدة الرسمية على وضع التقرير عدم قبول التعرضات وصيرورة التحديد نهائيا‪.‬‬

‫وتطبيقا لهذا المقتضى قرر المجلس األعلى‪ 1‬بأن‪...." :‬الوضعية القانونية للعقار تعتبر‬
‫محددة بصفة نهائية بمقتضى مسطرة التحديد اإلداري إذا لم يقدم بشأنه أي تعرض في‬
‫الشكل وداخل األجل المنصوص عليه في ظهير ‪ 3‬يناير ‪"...1916‬‬

‫كما جاء في قرار آخر للمجلس األعلى‪ 2‬ما يلي‪" :‬لكنه حيث إن المحكمة عللت قرارها‬
‫بما سبقت اإلشارة إليه في تبرير القرار على أن هناك قرار وزيري صدر ‪ ...‬يقضي بتحديد‬
‫األمالك الغابوية للدولة وبناء عليه تم تحديد غابة الدولة بآيت وريرة وبذلك تكون قد بسطت‬
‫يدها على تلك األرض وأصبحت لها الحيازة الشرعية والقانونية وأن المستأنف لم يتعرض‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 1995/10/13‬عدد ‪ 5185‬في الملف المدني رقم ‪ ( 90 /1290‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -2‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 1995/06/10‬رقم ‪ 3277‬في الملف رقم ‪ 80/ 1803‬منشور بكتاب قضاء المجلس األعلى في‬
‫التحفيظ خالل أربعين سنة لعبد العزيز توفيق الطبعة األولى سنة ‪ ،1999‬ص ‪.286‬‬

‫‪337‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫على هذا التحديد في األجل القانوني طبقا لظهير‪ 3‬يناير‪ 1916‬وأن ما يدعيه الطاعن ال‬
‫ينهض حجة ألن التحديد اإلداري وقع سنة ‪ 1963‬واللفيفية لم تحرر إال سنة ‪ 1970‬وأنها‬
‫تفيد أنه يتصرف منذ سنة ‪"...1955‬‬

‫وأخي ار جاء في قرار لمحكمة االستئناف بطنجة‪ ...." 1‬وحيث إن المتعرض [الملك‬
‫الخاص للدولة] يستند في تعرضه الناشئ عن تالقي مطلبه عدد ‪ -‬مع المطلب عدد ‪-‬‬
‫المقدم من طرف ‪ -‬إال أن الملك المراد تحفيظه من طرف ‪ -‬وقع تحديده اإلداري بتاريخ ‪-‬‬
‫وصودق عليه بمقتضى القرار المؤرخ في ‪ 1936 /10/29‬وتم نشره بالجريدة الرسمية‪،‬‬
‫وبذلك أصبح هذا الملك يكتسي الصفة النهائية في تملكه له لعدم تقديم أي تعرض عليه في‬
‫الشكل واألجل المنصوص عليهما في ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬ذلك أن التحديد اإلداري بعد‬
‫فوات أجل التعرض يصبح له الصفة النهائية والقطعية في ملكية الدولة له"‪.‬‬

‫وهكذا يالحظ من خالل الفصل الخامس أن المشرع رتب على عدم تقديم التعرض‬
‫داخل األجل اعتبار التحديد اإلداري نهائيا‪ ،‬غير أنه بالرغم مما سبق ولو بتقديم المتعرض‬
‫تعرضه داخل اآلجال القانونية‪ ،‬فإن المشرع ومن خالل الفصل السادس علق صحة هذا‬
‫التعرض على تأكيده بمطلب تحفيظ تأكيدي داخل أجل ثالثة أشهر تبدأ من تاريخ انتهاء‬
‫أجل قبول التعرضات‪ ،‬اللهم إذا اعترفت له اإلدارة بما يدعيه‪.‬‬

‫وهكذا يالحظ أن هذه اآلجال المحددة في ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬هي آجال معينة‬
‫مسبقا‪ ،‬لذلك كان القضاء يقضي بسقوط حق المتعرضين الذين لم يودعوا مطلبا لتحفيظ‬
‫القطع المتعرض عليها خالل األشهر الثالثة الموالية النصرام أجل التعرض‪ ،‬وذلك بعلة أن‬
‫األجل المزدوج (ثالثة أشهر للتعرض وثالثة أشهر لتقديم مطلب التحفيظ)‪ ،‬هو أجل معين‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بطنجة بتاريخ ‪ 2004 /09 /30‬عدد ‪ 8 /98450‬ملف رقم ‪( 8 / 04 /520‬غير منشور)‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مسبقا لذلك كان القضاء يعتبر هذه اآلجال من النظـام العـام‪ ،‬الشيء الذي يجعــل بانصرامها‬
‫تنصرم معها حقوق من له حق ولم يعرف به داخل هذه اآلجال‪.1‬‬

‫وأشير إلى أنه انسجاما مع ما سبق صدرت دورية‪ 2‬عن السيد المحافظ العام تحث‬
‫المحافظين على األمالك العقارية على عدم األخذ بعين االعتبار فيما يخص تسليم الشهادة‬
‫المنصوص عليها في الفصل الثاني من ظهير‪ 24‬ماي ‪ -1922‬والمتعلقة بتقييد العقارات‬
‫المخزنية التي جرى تحديدها إداريا‪ -‬التعرضات التي لم تدعم بمطالب تحفيظ تأكيدية‪.‬‬

‫لهذا كله ينادي البعض‪ 3‬بضرورة إعادة النظر في اآلجال المحددة للتعرض‪ ،‬وإيداع‬
‫مطلب التحفيظ التأكيدي وذلك بتمديد هذه اآلجال ‪،‬وفي انتظار تحقيق ذلك يبقى األمل‬
‫بالنسبة للمتعرض الذي فاته أجل التعرض لسبب من األسباب في تقديم تعرضه خارج األجل‬
‫إن كان في ظهير‪ 3‬يناير‪ 1916‬ما يسمح له بذلك كما سنرى في الفقرة الموالية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التعرض خارج اآلجال المحددة‬

‫سبق أن خلصت إلى أن اآلجال المنصوص عليها في ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬هي‬


‫آجال سقوط وهي تخدم بشكل أو بآخر الجهة طالبة التحديد اإلداري طالما أن فوات هذه‬
‫اآلجال دون تسجيل تعرضات يجعل من التحديد اإلداري نهائيا بخالف المتعرض الذي قد‬
‫يكون له حقا على العقار محل التحديد اإلداري إال أنه لم يتمكن لسبب ما من تقديم تعرضه‬
‫داخل األجل المعين‪.‬‬

‫ومثل هذا االحتمال األخير عني المشرع بتنظيمه في إطار ظهير التحفيظ العقاري‬
‫وأوجد استثناء على قاعدة وجوب تقديم التعرضات داخل األجل‪ ،‬حيث مكن من لم يستطع‬

‫‪ -1‬المصطفى فخري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.61‬‬


‫‪ -‬فاطمة بوفكرين‪ ،‬التعرض على مطلب التحفيظ المقدم خارج األجل‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬وحدة البحث والتكوين في القانون‬
‫المدني المعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة محمد الخامس أكدال الرباط سنة ‪ 2004 _2003‬ص ‪.38‬‬
‫‪ -2‬دورية للسيد المحافظ العام في شأن مسطرة التحديد اإلداري عدد ‪ 380‬بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪.2010‬‬
‫‪ -3‬محمد مومن‪ ،‬معيقات االستثمار في أراضي الجموع‪ ،‬مجلة الحقوق المغربية‪ ،‬اإلصدار األول سنة ‪ ، 2010‬ص ‪.107‬‬

‫‪339‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تقديم تعرضه داخل األجل من تقديم تعرضه خارج ذلك األجل وفق ضوابط معينة‪ ،‬وإذا كان‬
‫األمر كذلك وفقا لظهير التحفيظ العقاري ‪ ،‬فهل هناك من إمكانية مشابهة في ظهير ‪ 3‬يناير‬
‫‪1916‬؟‬

‫بداية أشير إلى أن مقتضيات ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬ليس فيها أي مقتضى صريح‬
‫يجيز قبول التعرضات المقدمة خارج اآلجال‪ ،‬بل على العكس من ذلك المستفاد من هذه‬
‫المقتضيات أنه ال يمكن قبول مثل هذه التعرضات‪ ،‬وهذا راجع باألساس لطبيعة اآلجال‬
‫المنصوص عليها في هذا الظهير كما سبقت اإلشارة لذلك‪ ،‬خاصة وأن الفصل الخامس من‬
‫هذا الظهير نص على عدم قبول أي تعرض بعد مضي ثالثة أشهر من يوم التنبيه في‬
‫الجريدة الرسمية على وضع التقرير‪.‬‬

‫وإذا كان االمر كذلك فهل هذا يعني غياب أي أمل لمن يدعي حقا له على العقار‬
‫محل التحديد اإلداري إال أنه لم يتمكن من التعرض لسبب ما داخل األجل المحدد؟‬

‫الجواب ع لى هذا السؤال يدفعني إلى طرح سؤال آخر فرعي هو كالتالي‪ :‬فكما هو‬
‫معلوم فإن كل من تعرض داخل األجل ألزمه المشرع ولصحة تعرضه بتقديم مطلب تأكيدي‬
‫وهذا ما أشير إليه سابقا‪ ،‬كما أن تقديم هذا المطلب التأكيدي يبقى خاضعا إلجراءات مسطرة‬
‫التحفيظ‪ 1‬المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬ومن ثمة أتساءل هل يجوز قبول‬
‫تعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المقدمة داخل األجل؟‬

‫جوابا على هذا السؤال وبعد ما كان هناك خالف على صعيد المحافظات العقارية‬
‫بخصوص إمكانية قبول هذه التعرضات من عدمه‪ ،‬صدرت دورية‪ 2‬عن السيد المحافظ العام‬
‫أقرت إمكانية قبول مثل هذه التعرضات متى استجابت للمقتضيات القانونية المنصوص‬

‫‪ -1‬محمد مهدي الجم‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.153‬‬


‫‪ -2‬دورية عدد ‪ 381‬مشار إليها سابقا‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫عليها في ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬وعلى أساس أن تتم في مواجهة طالب التحفيظ وليس في‬
‫مواجهة الجهة طالبة التحديد اإلداري‪.‬‬

‫ومادام أن إمكانية تقديم تعرضات ضد المطالب التأكيدية تبقى متاحة‪ 1‬فبالتالي‬


‫الشخص الذي لم يستطع تقديم تعرضه داخل األجل يمكنه أن يتعرض على المطلب‬
‫التأكيدي‪ ،‬وتعرضه وفقا لهذه الكيفية أال يعد تعرضا على عملية التحديد اإلداري ولو بطريقة‬
‫غير مباشرة كل ما في األمر أن هذا التعرض المقدم ضد المطلب التأكيدي يبقى نطاقه‬
‫محصو ار فيما يدعيه الشخص الذي قدم المطلب التأكيدي‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى فإن المتعرض على مطلب التحفيظ التأكيدي ظاهريا ال يتعرض على‬
‫عملية التحديد اإلداري‪ ،‬ولكن بطريقة غير مباشرة فإنه يتعرض عليها لكن في نطاق ضيق‬
‫ال يخرج عما طلب في مطلب التحفيظ التأكيدي‪ ،‬كما أن هذا التعرض ال يستفيد منه‬
‫ال متعرض إال إذا بت القضاء لصالح طالب التحفيظ التأكيدي‪ ،‬بمعنى أن مآل هذا التعرض‬
‫يبقى معلقا على شرط هو حسم القضاء لصالح طالب التحفيظ التأكيدي ضد الجهة طالبة‬
‫التحديد اإلداري‪.‬‬

‫ورغم كل ما قيل يبقى من األجدر أن يتم التنصيص صراحة على إمكانية تقديم تعرض‬
‫خارج األجل على غرار ما هو عليه األمر في ظهير التحفيظ العقاري خاصة الفصل ‪29‬‬
‫حتى يكون أصحاب الحقوق على علم مسبق بوجود هذه اإلمكانية ال أن تبقى حقوقهم معلقة‬
‫على إجراءات قد يعرفونها وقد ال يعرفون‪.‬‬

‫وعموما فإن مسطرة التحديد اإلداري إما أن تأخذ مسارها بشكل عادي وتنتهي بصدور‬
‫مرسوم المصادقة على أعمال التحديد اإلداري في حال عدم وجود تعرضات‪ ،‬وإما أن تتخللها‬
‫تعرضات قدمت داخل األجل وأيدت بمطلب تأكيدي وسواء عرف هذا المطلب التأكيدي‬

‫‪ -1‬هذه اإلمكانية تطرح إشكاال يتعلق بمدى جواز الفصل بين المتعرضين من عدمه وهو ما سأتناوله فيما سيأتي‬

‫‪341‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بدوره تعرضات أم ال‪ ،‬فإن الفصل في كل ذلك يتم من طرف القضاء وهو ما سأتناوله في‬
‫المبحث الموالي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬خصوصيات البت في التعرض أمام القضاء‬

‫إن مسطرة التحديد اإلداري ال تخرج عن إحدى االحتمالين‪ :‬فإما أن تأخذ مسارها بشكل‬
‫عادي كما هو الشأن في حالة غياب التعرضات‪ :‬إما لعدم وجودها فعال‪ ،‬وإما لعدم تقديمها‬
‫داخل اآلجال أو وفقا للشكليات المنصوص عليها في الظهير محل الدراسة فهنا األمر ينتهي‬
‫بإصدار مرسوم المصادقة على أعمال التحديد اإلداري (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫أما ثاني االحتمالين فيتمثل في وجود تعرضات قدمت داخل اآلجال وباحترام الشكليات‬
‫المنصوص عليها في ظهير‪ 3‬يناير ‪ ،1916‬هنا يتم االنتقال من المرحلة اإلدارية إلى‬
‫المرحلة القضائية لعملية التحديد اإلداري وذلك من خالل عرض الملف على أنظار القضاء‬
‫للفصل فيه (المطلب األول)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قواعد بت المحكمة المعروض عليها النزاع في التعرض‬

‫تجدر االشارة بداية إلى أن الجهة المختصة للبت في هذه التعرضات هي المحكمة‬
‫االبتدائية التابع لها موقع العقار المتنازع فيه‪ ،‬فهي التي تفصل في النزاع المعروض عليها‬
‫مع مراعاتها لمجموعة من المبادئ األساسية التي تحكم البت في التعرضات بشكل عام‪ ،‬إلى‬
‫جانب بعض الخصوصيات التي تعرفها مسطرة التحديد اإلداري والتي يتعين على المحكمة‬
‫أن تتعامل معها وفقا لما تقتضيه (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫وإذا كان المستقر عليه أن المتعرض في قضايا التحفيظ العقاري هو المدعي وطالب‬
‫التحفيظ هو المدعى عليه وأن على المتعرض اإلثبات‪ ،‬فإنه بالنسبة لمسطرة التحديد اإلداري‬
‫هناك خصوصية يتعين بحثها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬كيفية البت في التعرضات‬

‫االكيد أن تقديم المتعرض لتعرضه وفقا لما هو مطلوب يجعل من إحالة النزاع على‬
‫أنظار القضاء أمر ضروري للفصل فيه بين أطرافه‪ ،‬وهنا ال بد للمحكمة المعروض عليها‬
‫النزاع أن تحترم بعض الضوابط والتي منها ما هو مستقر عليه على مستوى قضايا التحفيظ‬
‫العقاري بشكل عام ومنها ما تقتضيه خصوصيات هذه المسطرة‪.‬‬

‫وهكذا فبإمكان كل من يدعي حقا على العقار الذي تجري بشأنه مسطرة التحديد‬
‫اإلداري‪ ،‬أن يتعرض داخل األجل وتعرضه هذا يبقى دون أثر ما لم يتبعه بتقديم مطلب‬
‫للتحفيظ تأكيدا لتعرضه‪،‬وهذا المطلب قابال لتلقي تعرضات ضده كذلك وبالتالي كيف يتم‬
‫البت في هذه التعرضات المزدوجة ( تعرض على مسطرة التحديد اإلداري مدعم بمطلب‬
‫تحفيظ تأكيدي وتعرض على هذا المطلب التأكيدي) ؟ ثم هل بإمكان المحكمة البت في‬
‫تعرض ضد آخر؟‬

‫بداية أشير إلى أنه من المستقر عليه على مستوى االجتهاد القضائي هو أن المحكمة‬
‫تبت فقط بين المتعرض وطالب التحفيظ دون أن تتعدى ذلك للنظر في موضوع حقوق‬
‫متعرض ضد آخر‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك قضى المجلس األعلى‪ 1‬بأن "الطعن المقدم من متعرض ضد متعرض‬
‫آخر غير مقبول‪ ،‬ألن محكمة التحفيظ تبت في الحقوق المدعى بها من طرف المتعرض‬
‫ضد طالب التحفيظ وال تبت بين المتعرضين"‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 12‬أكتوبر ‪ 1999‬تحت عدد ‪ 4577‬في الملف المدني عدد ‪ 94 /3786‬منشور بكتاب قضاء‬
‫المجلس األعلى في التحفيظ العقاري من سنة ‪1991‬إلى ‪ 2002‬لعبد العزيز توفيق ص ‪.43‬‬

‫‪343‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫كما جاء قي قرار آخر ‪ 1‬أن‪" :‬كل تعرض على مطب التحفيظ يشكل دعوى مستقلة من‬
‫طرف صاحبه عن باقي التعرضات األخرى المسجلة على نفس المطلب تجاه طالب التحفيظ‬
‫‪"...‬‬

‫هذه الوضعية تثير مجموعة من اإلشكاالت خاصة إن علمنا أن مسطرة التحفيظ‬


‫العقاري بشكل عام ليست دائما بالبساطة التي يتعرض فيها شخص واحد على مطلب‬
‫التحفيظ‪ ،‬وإنما قد تظهر مجموعة من المتعرضين يدعي كل واحد منهم حقا على العقار‬
‫المطلوب تحفيظه وبالتالي عدم فصل المحكمة بين المتعرضين قد تضطرهم للرجوع إليها مرة‬
‫أخرى‪ 2‬مع آثار ذلك على تمديد المسطرة‪.‬‬

‫لذلك نادى البعض‪ 3‬النظر لجوهر المشكل والسماح للقضاء البت في النزاع في شموليته‬
‫بين المتعرض وطالب التحفيظ وبين المتعرضين أيضا‪.‬‬

‫للسيد المحافظ العام‬ ‫‪4‬‬


‫وفي انتظار تحقيق ذلك وارتباطا بموضوعنا قد صدرت دورية‬
‫في أواخر سنة ‪ 2010‬تحث المحافظين عند إحالة ملف التعرضات على التحديد اإلداري‬
‫على أنظار المحكمة أن يثيروا انتباه هذه األخيرة إلى ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬البت بداية في تعرضات طالبي التحفيظ في مواجهة الجهة طالبة التحديد‬


‫اإلداري‪.‬‬
‫‪ .2‬على ضوء مآل التعرضات أعاله يتم البت في التعرضات المقدمة ضد طالبي‬
‫التحفيظ وذلك بناء على أحد االحتمالين التاليين‪:‬‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 1998 /1 / 14‬عدد ‪ 6124‬في الملف المدني ‪ 98/01/ 405‬منشور بمجلة اإلشعاع عدد ‪ 23‬نونبر‬
‫‪ 2001‬ص ‪.141‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬عادل العشابي‪ ،‬مدى فعالية المرحلة القضائية لمسطرة التحفيظ العقاري في تحقيق العدالة وتشجيع االستثمار‪ ،‬مجلة األمالك‪ ،‬العدد األول سنة‬
‫‪ 2006‬ص ‪.173‬‬
‫‪-‬عبد العلي دقوقي‪ ،‬المسطرة القضائية للتحفيظ العقاري بين القانون الحالي ومشروع قانون التحفيظ العقاري ‪ 14 -07‬مجلة األمالك عدد مزدوج‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ، 5 -4‬ص ‪.183‬‬
‫‪ -4‬الدورية عدد ‪ 381‬مشار إليها سابقا‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬إذا قضت المحكمة بعدم صحة تعرض طالب التحفيظ ضد مسطرة التحديد‬
‫اإلداري هنا ينتهي نظر المحكمة عند هذا الحد وال تلتفت إلى باقي التعرضات‬
‫لكونها موجهة ضد طالب التحفيظ دون غيره‪.‬‬
‫‪ ‬أما في حالة الحكم بصحة تعرض طالب التحفيظ التأكيدي ضد التحديد‬
‫اإلداري هنا تنظر المحكمة بعد ذلك في التعرضات الموجهة ضده بوصفه‬
‫طالب تحفيظ طبقا لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطرف المكلف باإلثبات‬

‫من المعلوم أن أطراف الدعوى في إطار قضايا التحفيظ العقاري يتحددون أمام‬
‫المحافظ العقاري‪ ،‬أما المحكمة فيقتصر دورها على البت في وجود الحق المدعى به من قبل‬
‫المتعرضين وطبيعته ومشتمالته ونطاقه‪ ...‬حسب الفصل ‪ 37‬من ظهير التحفيظ العقاري‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك جاء في قرار للمجلس األعلى‪ " :1‬لكن ردا على الوسيلة أعاله فإن‬
‫الطاعنة لم تبين اإلجراء المسطري الذي تم خرقه من جهة ومن جهة أخرى فإن أطراف‬
‫النزاع في مسطرة التحفيظ تحدد أمام المحافظ في طالب التحفيظ والمتعرضين والمحكمة ال‬
‫تبت إال في وجود الحق المدعى به ومحتواه ومداه وفقا لما ينص عليه الفصالن ‪ 37‬و ‪45‬‬
‫من ظهير التحفيظ العقاري الواجب التطبيق ألنه قانون الشكل والموضوع"‪.‬‬

‫ومن المتعارف عليه أيضا أن طالب التحفيظ وفقا لظهير التحفيظ العقاري يأخذ مركز‬
‫المد عى عليه والمتعرض مركز المدعي وأن طالب التحفيظ غير ملزم باإلدالء بحججه حتى‬
‫يدعم المتعرض دعواه بالحجج‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2008/06/18‬عدد ‪ 2336‬في الملف المدني عدد ‪ 2006 1 -1 –2228‬منشور بمجلة سلسلة‬
‫االجتهاد القضائي العدد الثاني‪ ،‬ماي ‪ 2011‬ص ‪.320‬‬

‫‪345‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أن‪" :‬المحكمة المحال عليها النزاع المتعلق بالتحفيظ‬ ‫‪1‬‬


‫وهكذا جاء عن المجلس األعلى‬
‫ال تكون مؤهلة لمناقشة حجج طالب التحفيظ باعتباره مدعى عليه إال إذا أدلى المتعرض‬
‫بصفته مدعيا بحجج سليمة من المآخذ ‪"...‬‬

‫كما جاء عن استئنافية وجدة‪ 2‬أن‪" :‬محكمة التحفيظ غير ملزمة بدراسة ومناقشة حجج‬
‫طالب التحفيظ إال إذا أدلت الجهة المتعرضة بحجج تضاهيها من حيث اإلثبات للحق‬
‫موضوع التعرض"‪.‬‬

‫غير أنه استثناء مما سبق ورغم أن المتعرض على عملية التحديد قدم مطلبا تأكيديا‬
‫للتعرض‪ ،‬فإن هذا المطلب ال يضيف شيئا لمركزه القانوني‪ ،‬حيث يظل متعرضا أي مدعيا‬
‫وبالتالي يقع عليه عبء إثبات ما يدعيه في مواجهة المدعى عليها‪ -‬الجهة طالبة التحديد‬
‫اإلداري‪.-‬‬

‫وتطبيقا لذلك صدر عن المجلس األعلى‪ 3‬القرار التالي‪ ... " :‬في حين أن النزاع في‬
‫النازلة يتعلق أساسا بتعرض المطلوب على مسطرة التحديد اإلداري لعقار النزاع المقام من‬
‫طرف الطاعنة مما يجعلها في مركز المدعى عليه وأن تقديم مطلب التحفيظ من طرف‬
‫المطلوب في النقض إنما هو شرط لقبول تعرضه على التحديد المشار إليه طبقا للفصل ‪6‬‬
‫من ظهير ‪ 1924/02/18‬وبالتالي فهو المدعي الذي يقع عليه إثبات تعرضه األمر الذي‬
‫يعتبر معه القرار بتعليله أعاله قد قلب عبء اإلثبات فجاء بذلك عديم األساس القانوني مما‬
‫عرضه بالتالي للنقض واإلبطال"‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن للمجلس األعلى بتاريخ ‪ 2008/09/03‬عدد ‪ 2959‬في الملف المدني عدد ‪ 2006/ 1/1/ 4597‬منشور بالتقرير السنوي‬
‫للمجلس األعلى لسنة ‪ 1999‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -2‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بوجدة بتاريخ ‪ 2008/07/06‬رقم ‪ 272‬في الملف العقاري رقم ‪ 06 .264‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -3‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2008/09/03‬عدد ‪ 2959‬في الملف المدني عدد ‪ 2006/1/1/ 4597‬منشور بسلسلة االجتهاد‬
‫القضائي العدد الثاني سنة ‪ 2011‬ص ‪.281‬‬

‫‪346‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المالحظ على هذا القرار أنه جعل الجهة طالبة التحديد اإلداري في وضعية طالب‬
‫التحفيظ وخولها بالتالي مركز المدعى عليه‪ ،‬بعبارة أخرى كأن المشرع من خالل هذا القرار‬
‫قد سوى بين مسطرة التحديد اإلداري ومسطرة التحفيظ العقاري على األقل على مستوى‬
‫مراكز األطراف‪ ،‬وتبرير المجلس األعلى لذلك هو أن الطلب التأكيدي للتعرض ما هو إال‬
‫شرط لقبول هذا التعرض وبالتالي ال يغير من مركز المتعرض في شيء إذ يبقى بصفته هذه‬
‫ملزما باإلثبات‪.‬‬

‫يبقى هذا التوجه الذي ذهب إليه المجلس األعلى متماشيا مع الغاية التي يهدف إليها‬
‫هذا الظهير محل الدراسة والمتمثلة في نقل عبء اإلثبات على المتعرض‪ ،‬السيما إذا علمنا‬
‫أن لجوء الجهة طالبة التحديد اإلداري لهذه المسطرة يكون عند إحساسها بأن موقعها سيكون‬
‫ضعيفا أمام المحكمة المختصة لعدم توفرها على سندات وحجج كافية إلثبات الملكية‪ ،1‬وهو‬
‫ما يستفاد ضمنيا من الفصل األول من ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬لما نص على أن مسطرة‬
‫التحديد اإلداري تهم العقارات التي تكون فيها شبهة ملك للمخزن ‪،‬فضال عن كون هذا‬
‫المطلب التأكيدي ما هو إال تعرض كما سبقت االشارة لذلك وبالتالي يفرض على المتعرض‬
‫االلتزامات المترتبة عن حمل هذه الصفة السيما وجوب االثبات ‪.‬‬

‫هذه الخصوصية دفعت البعض‪ 2‬إلى المناداة بإعادة النظر فيها خاصة إذا كان‬
‫المتعرض ح ائزا‪ ،‬ألن المتعرض هنا ملزم بتقديم مطلب تحفيظ وإدالئه بالحجج المؤيدة له‪،‬‬
‫وهو ما ال يتأتى له دائما بالرغم من كونه حائ از للعقار ويتصرف فيه حسب المدة والشروط‬
‫المعتبرة شرعا‪ ،‬وبالتالي يجب تطبيق قواعد الفقه اإلسالمي التي تفترض الملكية لصالح من‬
‫بيده الحيازة‪ ،‬وأن من ينازع الحائز في ذلك يكون مدعيا لغير األصل والعرف ويقع عليه‬
‫بالتالي عبء اإلثبات‪.‬‬

‫‪ -1‬محمود شوراق‪ ،‬تدبير أمالك الجماعات الحضرية والقروية في ضوء الميثاق الجماعي الجديد (دون ذكر المطبعة) الطبعة األولى سنة ‪2007‬‬
‫ص ‪.30‬‬
‫‪ -2‬محمد مومن‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.108‬‬

‫‪347‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وهذا التوجه األخير أكده المجلس األعلى‪ 1‬في قرار صادر عنه في إطار قضايا‬
‫التحفيظ العقاري بشكل عام لما قضى بأن " ‪ ...‬مبدأ اعتبار المتعرض في وضعية المدعي‬
‫ال يطبق عندما يكون هذا األخير هو الحائز لعقار النزاع ‪ ...‬إذ ال يمكن أن يطلب شخص‬
‫شيئا وهو في يده‪"...‬‬

‫كما جاء في قرار آخر‪" :2‬عندما يكون المتعرض هو الحائز للعقار فإن الحيازة‬
‫والتعرض قرينة على التملك فكان على المحكمة عندئذ أن تناقش حجج طالب التحفيظ‬
‫والمبدأ في منازعات التحفيظ القاضي بعدم مناقشة حجج طالب التحفيظ إال بعد إدالء‬
‫المتعرض بحجة مستوفية للشروط المقبولة في التحفيظ ال يكون إال في الحالة التي يكون‬
‫فيها طالب التحفيظ هو الحائز للعقار المطلوب تحفيظه"‪.‬‬

‫وعموما إذا تمكن المتعرض من اإلدالء بحججه لتدعيم تعرضه وهي الحجج التي‬
‫أحيانا يشترط فيها المجلس األعلى أن تكون " قوية" أو أن تكون "مقبولة شرعا" أو أن تكون‬
‫" صحيحة" قبل أن يشترط أن تكون "تامة سالمة من القوادح"‪ ،3‬تم االنتقال حينها لتقييم حجج‬
‫الجهة طالبة التحديد اإلداري‪.‬‬

‫وهنا ينبغي التمييز خاصة بالنسبة لألمالك الغابوية‪ ،‬بين نوعين من األراضي الغابوية‪:‬‬
‫النوع األول يتعلق بالغابات المكسوة بنباتات عودية أو خشبية من أصل طبيعي أو منابت‬
‫الحلفاء فهنا يفترض على أنها في ملكية المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر‬
‫استناد لنص قانوني‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2007/10/31‬عدد ‪ 3572‬ملف مدني عدد ‪ 2006/1/1/4489‬منشور بمجلة القضاء المدني العدد‬
‫األول سنة ‪ 2010‬ص ‪.109‬‬
‫‪ -2‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 05/03/09‬عدد ‪ 666‬في الملف المدني عدد ‪ 05 / 2231‬أورده محمد بفقير‪ ،‬القانون العقاري والعمل‬
‫القضائي المغربي‪ ،‬منشورات دراسات قضائية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة الثانية سنة ‪ 2010‬ص ‪.55‬‬
‫‪ -3‬لتفاصيل أكثر‪ ،‬أنظر عادل العشابي‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.160‬‬

‫‪348‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وتطبيقا لذلك جاء في قرار للمجلس األعلى‪ 1‬ما يلي‪" :‬في حين أن الطاعنة تمسكت‬
‫بالقرينة القانونية حسب الفصل األول من ظهير ‪ 1917/10/10‬وأن عدم تحديد الملك‬
‫الغابوي طبقا لمقتضيات ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬ال يعني بالضرورة عدم اعتباره ملكا غابويا‬
‫األمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه غير مرتكز على أساس قانوني مما عرضه‬
‫للنقض واإلبطال "‪.‬‬

‫وإن كان النقاش الذي يثار بخصوص هذه النقطة هو مدى كفاية هذه القرينة لوحدها‬
‫في إضفاء الطابع الغابوي على عقار ما لمجرد أنه عقار مكسو بنباتات أو أشجار طبيعية‬
‫النبت أم البد أن يكون ذلك مقترنا بالحيازة‪ ،‬ويثار ذلك على وجه الخصوص عندما ال تكون‬
‫اإلدارة المشرفة على هذا الملك حائزة لهذا العقار‪.‬‬

‫أما النوع الثاني من األراضي فهي تلك األراضي العارية أو التي وقع تشجيرها وهي ال‬
‫تستفيد من قرينة الملكية‪ ،‬وبالتالي متى أثبت المتعرض تملكه لها بوسيلة مقبولة شرعا كان‬
‫على الجهة طالبة التحديد اإلداري إثبات ملكيتها لها بالحجج المقبولة‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك جاء عن المجلس األعلى‪ 2‬ما يلي‪ ..." :‬إن القرار المطعون فيه حين‬
‫علل بأن" تعرض مصلحة المياه والغابات يجعلها في موضع المدعي مدعوة إلى اإلدالء‬
‫بحججها وأن محضر الوقوف بعين المكان يثبت أن األرض بيضاء وال توجد فيها أشجار‬
‫غابوية " يكون بذلك مرتك از على أساس قانوني والوسيلة بالتالي غير جديرة باالعتبار"‪.‬‬

‫وهكذا إذا بتت المحكمة المعروض عليها النزاع لصالح الجهة طالبة التحديد اإلداري‬
‫فإن النتيجة الطبيعية لذلك هي صدور مرسوم يقضي بالمصادقة على أعمال التحديد اإلداري‬
‫كما سنرى في المطلب الموالي‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2003/01/30‬عدد ‪ 380‬في الملف المدني عدد ‪ 2006/1/1/639‬منشور بمجلة قضاء المجلس‬
‫األعلى العدد ‪ 70‬سنة ‪ 2009‬ص ‪.24‬‬
‫‪ -2‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2008/6/4‬عدد ‪ 2095‬في الملف المدني عدد ‪ 2006/1/1/4323‬منشور بمجلة قضاء المجلس‬
‫األعلى العدد ‪ 71‬سنة ‪ 2009‬ص ‪.91‬‬

‫‪349‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آثار عملية التحديد اإلداري‬

‫بعد انتهاء إجراءات التحديد اإلداري وكذا بت المحكمة في التعرضات المقدمة ضد‬
‫العقارات التي تجرى بشأنها هذه مسطرة ‪ ،‬فإن االجراء الموالي لذلك إذا ما تم الحكم لصالح‬
‫اإلدارة طالبة التحديد اإلداري‪ ،‬هو استصدار مرسوم يقضي بالمصادقة على أعمال التحديد‪،‬‬
‫غير أن إصدار هذا المرسوم يبقى متوقفا على االطالع على شهادة يسلمها المحافظ على‬
‫األمالك العقارية تفيد ‪:1‬‬

‫"أوال‪ :‬أنه لم يقع سابقا تقييد قطعة أرض ما داخلة في المنطقة المبينة في القرار‬
‫الوزيري أعاله‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أنه لم يودع مطلب ألجل التقييد حسب الشروط وفي اآلجال المبينة بالفصل‬
‫السادس من القرار الوزيري المذكور أعاله‪ ،‬يقصد به المعاوضة لتحديد المنطقة المبينة‬
‫بالقرار الوزيري المشار إليه"‪.‬‬

‫هذا ومن المعلوم أن عملية التحديد اإلداري لما تستكمل مراحلها تعطي للعقارات‬
‫المحددة وضعا قانونيا وقوة معينة‪ ،‬لكن السؤال الذي يطرح هو من أين تستمد هذه القوة هل‬
‫تلقائيا من مجرد فوات أجل التعرضات من دون تسجيل تعرض ما؟ أو أن هذه القوة رهينة‬
‫بصدور مرسوم المصادقة على أعمال التحديد اإلداري؟‬

‫جاء في قرار للمجلس األعلى‪ 2‬أن‪" :‬التحديد اإلداري المنصوص عليه في ظهير‪3‬‬
‫يناير‪ 1916‬يعطي للدولة ملكية العقارات على وضع التقرير وأنه ال يقبل أي تعرض وال‬
‫غيره من كل دعوى ويصبح التحديد نهائيا وأن المصادقة الالحقة ما هي إال إجراء شكلي ال‬
‫تأثير له على نهائية التحديد "‪.‬‬

‫‪ -1‬أنظر الفصل الثاني من ظهير ‪ 24‬ماي ‪.1922‬‬


‫‪ -2‬قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 06/05/10‬عدد ‪ 1565‬في الملف المدني عدد ‪ 05/866‬منشور بمجلة اإلشعاع عدد ‪ 33‬ص ‪.219‬‬

‫‪350‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ما يلي‪" :‬وبذلك أصبح هذا الملك‬ ‫‪1‬‬


‫كما جاء في قرار آخر لمحكمة االستئناف بطنجة‬
‫يكتسي الصفة ا لنهائية في تملكه له لعدم تقديم أي تعرض عليه في الشكل واآلجال‬
‫المنصوص عليهما في ظهير ‪ 3‬يناير ‪ ،1916‬ذلك أن التحديد اإلداري بعد فوات أجل‬
‫التعرض يصبح له الصفة القطعية والنهائية في ملكية الدولة له "‪.‬‬

‫المالحظ على هذين االجتهادين أنهما يذهبان في نفس االتجاه فالقرار األول يعتبر أن‬
‫المصادقة ما هي إال إجراء شكلي ‪-‬عديم التأثير على نهائية التحديد‪ -‬والقرار الثاني ربط‬
‫الصفة النهائية بفوات أجل التعرض‪.‬‬

‫لكن بالمقابل من هذا االتجاه هناك آخر يربط الصفة النهائية للتحديد بإصدار مرسوم‬
‫المصادقة على أعمال التحديد اإلداري‪.‬‬

‫وهكذا جاء في قرار للمجلس األعلى‪" 2‬وفيما يخص السبب الثاني فإنه طبقا لمقتضيات‬
‫الفقرة األخيرة من الفصل الخامس من ظهير تأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد أمالك‬
‫الدولة فإنه بعد المصادقة النهائية على التحديد اإلداري فإنه ال يقبل أي تعرض وال غيره من‬
‫كل دعوى تتعلق بالعقار الذي تمت المصادقة على تحديده ولذلك فالقرار المطعون فيه لما‬
‫اعتمد التحديد اإلداري المصادق عليه فهو لم يخرق القانون وكان ما بالوسيلة بسببيها غير‬
‫مرتكز على أساس "‪.‬‬

‫وإذا كان لي من رأي بخصوص هذه النقطة فلن يكون إال مؤيدا للتوجه الثاني‪ ،‬صحيح‬
‫أن المشرع اعتبر في آخر الفصل الخامس من ظهير ‪ 3‬يناير ‪ 1916‬أنه‪ ..." :‬بعد مضي‬
‫ثالثة أشهر من يوم التنبيه في الجريدة الرسمية على وضع التقرير فإنه ال يقبل تعرض وال‬
‫غيره من كل دعوى ومن يومئذ يصير التحديد نهائيا‪،"...‬لكن المشرع لم يقف عند هذا الحد‬

‫‪ -1‬قرار صادر عن محكمة االستئناف بطنجة بتاريخ ‪ 04/09/30‬رقم ‪ 8 – 04- 520‬في الملف ‪( 8/98/450‬غير منشور)‪.‬‬
‫‪ -2‬قرار للمجلس األعلى بتاريخ ‪ 4‬أبريل ‪ 2000‬في الملف المدني عدد ‪ 98/1/149‬منشور بكتاب قضاء المجلس األعلى في التحفيظ العقاري من‬
‫سنة ‪ 1991‬إلى ‪ 2002‬لعبد العزيز توفيق‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪351‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بل أضاف "‪ ...‬طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل السادس والسابع والثامن "‬
‫والفصل األخير‪-‬الثامن‪ -‬هو الذي يهمنا أكثر وهو ينص على أن ‪ ":‬المصادقة على أعمال‬
‫هذا التحديد تكون بقرار وزيري ينشر في الجريدة الرسمية يعين فيه مساحة العقار المحدود‬
‫وحالته الشرعية ‪."...‬‬

‫إذن يالحظ من خالل الفصل الخامس أنه ربط الصفة النهائية للتحديد باحترام الشروط‬
‫المنصوص عليها في الفصول الموالية للفصل الخامس ومنها على الخصوص الفصل الذي‬
‫يقضي بالمصادقة على أعمال التحديد اإلداري‪ ،‬وبالتالي فإن إصدار هذا المرسوم هو إجراء‬
‫ضروري ال شكلي يتعين احترامه وهو يندرج ضمن باقي مراحل عملية التحديد اإلداري التي‬
‫البد من سلوكها‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫من خالل ما سبق أخلص إلى القول بأن التعرض على مسطرة التحديد االداري يعرف‬
‫مجموعة من الخصوصيات سواء من حيث االلتزامات التي يفرضها على المتعرض أم من‬
‫حيث آجال تقديمه وكيفية البت فيه ‪...‬‬

‫هذه الخصوصيات فرضتها طبيعة مسطرة التحديد االداري ذاتها والتي تبقى مسطرة‬
‫خاصة من مساطر التحصين في حاجة إلعادة النظر في إطارها التشريعي لقدمه – علما أنه‬
‫تم إعداد مشروع قانون رقم ‪ 63/17‬يتعلق بالتحديد اإلداري ألراضي الجماعات الساللية ‪-‬‬
‫وما أفرزه تطبيقه من اشكاالت تصعب من أمر تحصين هذا الرصيد العقاري للدولة وبالتالي‬
‫اعاقة تعبئته في خدمة التنمية‪.‬‬

‫وفي انتظار ذلك من المهم االشارة بالنسبة للعقارات التي تمت المصادقة على تحديدها‬
‫االداري إلى ضرورة اخضاعها لمسطرة التحفيظ العقاري السيما في إطار المسطرة الخاصة‬
‫المنصوص عليها في ظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1922‬والمتعلق بتحفيظ العقارات التي تم تحديدها‬

‫‪352‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إداريا نظ ار لبساطتها‪ ،‬وألن من شأن اللجوء للمسطرة العادية للتحفيظ كذلك أن يفتح باب‬
‫التعرضات من جديد وهو ما ال يخدم مصالح االدارة‪ ،‬مع وجوب تغليب دائما المسطرة‬
‫الرضائية في تسوية مثل هذه التعرضات‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ عبد هللا اوبها‪،‬‬


‫إطار بالوكالة القضائية للمملكة‬

‫تقديم‬

‫عالج المشرع المغربي قواعد التنفيذ على العقار المرهون بطريقة تنم عن اهتمامه بتأكيد‬
‫حقوق الدائن المرتهن مع عنايته أيضا بحقوق المدين ال ارهن‪ ،‬ويظل حق الدائن في التنفيذ‬
‫على المال المرهون في حالة سكون خالل الفترة السلمية للرهن‪ ،‬أي منذ نشأة الحق وحتى‬
‫حلول أجل الدين‪.‬‬

‫ويالحظ عمليا أنه غالبا ما تلجأ المؤسسات المالية إلى سلوك الوسائل والطرق الحبية‬
‫لحمل المدين على الوفاء بدينه بدل الدخول في مساطر قضائية معقدة ومكلفة قد تستمر‬
‫لسنوات طويلة‪.‬‬

‫غير أنه من الناحية العملية يالحظ أن الدائن المرتهن للعقار يواجه بعض اإلكراهات‬
‫والصعوبات في حالة وصول أجل الوفاء بالدين موضوع الرهن وتوقف المدين عن األداء‪،‬‬
‫الشيء الذي يجعله مضط ار إلى سلوك مساطر الحجز والتنفيذ على العقار‪ ،‬ليطرح معه‬
‫التساؤل حول الحماية القانونية التي وفرها المشرع المغربي للدائنين المرتهنين القتضاء‬
‫ديونهم؟ وكيف تتم عملية التنفيذ على العقار المرهون؟ وماهي اإلكراهات والعراقيل التي‬
‫تواجه الدائن المرتهن عند سريان إجراءات التنفيذ على العقار المرهون؟‬

‫ولمعالجة هذا الموضوع سنتوقف خالل هذه الدراسة في البداية على مرحلة وضع‬
‫العقار تحت يد القضاء كأهم مظهر للحماية (المبحث األول) على أساس أن نتطرق في‬
‫الشق الثاني لإلشكاالت التنفيذ على العقار المرهون وحماية الدائن المرتهن (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪354‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المبحث األول‪ :‬حماية الدائن المرتهن من خالل وضع العقار المرهون تحت‬
‫يد القضاء‬

‫إذا كانت القاعدة أن جميع أموال المدين ضمان عام لدائنيه ويحق لهم مباشرة التنفيذ‬
‫على أية أموال يختارونها ليتم بيعها الستيفاء الديون المترتبة في ذمتهم‪ ،‬وإعطاء الدائنين‬
‫حقوقهم كاملة إن كانت حصيلة البيع كافية لذلك‪ ،‬إال أن تطبيق هذه القاعدة على عموميتها‬
‫يمكن أن ينتج عنه آثار سلبية تلحق أضرار جسيمة بالمدين والدائن على السواء‪.‬‬

‫ولتجنب ذلك نص المشرع على ان التنفيذ يتم أوال على األموال المنقولة للشخص‬
‫المدين‪ ،‬وفي حالة عدم وجودها أو عدم كفايتها بوشر التنفيذ العقار تطبيقا للمقتضيات الواردة‬
‫في الفصل ‪ 445‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫هذا إذا لم يكن للدائن ضمانا عينيا على العقار‪ ،‬يتم التنفيذ مباشرة على العقار‬
‫المشتمل على هذا الضمان وقبل القيام بعملية التنفيذ على العقار المرهون يتعين على الدائن‬
‫المرتهن توجيه إنذار عقاري للمدين الراهن‪ ،‬معتمدا في ذلك على شهادة خاصة بالرهن التي‬
‫تسلم من طرف المحافظ العقاري (المطلب األول)‪ ،‬وبعد مرور األجل المحدد لذاك يمكن‬
‫للدائن أن يستوفي دينه عن طريق اإلنذار العقاري (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تمكين الدائن المرتهن من الشهادة الخاصة بالرهن‬

‫تعد مسطرة تحقيق الرهن الرسمي مسطرة تنفيذية خاصة‪ ،‬وضعها المشرع لفائدة الدائن‬
‫الحاصل على شهادة تقييد خاصة مسلمة من طرف المحافظ على المالك العقارية‪ ،‬فما‬
‫المقص ـ ــود بالشهادة الخاصة بالرهن؟ وما هي اإلشكاالت العملية التي قد تطرحها هذه‬
‫الشهادة؟‬

‫‪355‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مدلول الشهادة الخاصة بالرهن‬

‫تكمن أهمية الشهادة الخاصة بالرهن في أنها تعتبر الوثيقة األساسية التي تعتمد عليها‬
‫مسطرة تحقيق الرهن الرسمي ‪،‬وتغني الطرف الدائن عن اللجوء للقضاء الستصدار حكم‬
‫بأداء الدين‪ ،‬ألنه يكون ثابتا بمقتضى عقد الرهن المسجل و الشهادة الخاصة تجسد هذا‬
‫الدين‪ ،‬وال يبقى أمام المدين للتخلص من آثار هذه الشهادة إال إثبات حصول األداء أو‬
‫القيام به فورا‪ ،‬ومن ثم فإن الشهادة الخاصة بالرهن هي التي تقوم مقام هذا الحكم‪ ،‬وبناء‬
‫عليها يفتح ملف اإلنذار العقاري كمرحلة أولى وملف الحجز التنفيذي العقاري كمرحلة ثانية‪،‬‬
‫و التي تنتهي بنزع ملكية العقار و بيعه بالمزاد العلني‪.1‬‬

‫ويمكن القول أن شهادة التقييد الخاصة هذه عبارة عن سند قابل للتنفيذ وتفي الدائن من‬
‫سلوك المسطرة العادية للحجز‪ ،‬وقد أفرد لها المشرع المغربي مقتضيات الفصل ‪ 58‬من‬
‫القانون ‪ 14.07‬المتعلق بالتحفيظ العقاري و الذي ينص على ما يلي‪ " :‬للمالك دون غيره‬
‫الحق في أخذ نسخة صحيحة تامة من رسم الملك ومن الخريطة المضافة إليه‪ ،‬وتحمل هذه‬
‫النسخة اسم المالك ويشهد المحافظ بصحته بإمضائه ووضع طابع المحافظة عليه‪ ،‬أما باقي‬
‫المعنيين باألمر فليس لهم الحق في تسلم شهادة خاصة‪."...‬‬

‫وعند تمعننا في مقتضيات هذا الفصل‪ ،‬يالحظ انه أحكام الفقرة األولى جاءت واضحة‬
‫بخصوص كون المالك المسجل هو الذي له الحق في أخذ نسخة من هذا الرسم‪ ،‬غير ان‬
‫الفقرة الثانية منه جاءت جد مقتضبة بل وغامضة ولم تحدد مدلول باقي المعنيين وال معنى‬
‫الشهادة الخاصة؟‬

‫ويزداد األمر غموضا عند قراءتنا لمقتضيات الفصل ‪ 59‬من القانون ‪ 14.07‬المعدل‬
‫لقانون التحفيظ العقاري والذي ينص على ما يلي‪:‬‬

‫محمد سالم‪ :‬تحقيق الرهن الرسمي في القانون المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2002‬ص ‪.32‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪356‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫" إذا كان شخصان فأكثر يملكون عقا ار مشاعا فغن نسخة واحدة فقط تسلم لمن‬
‫كان منهم مكلفا بإدارة هذا العقار من قبل شركائه أو لمن جعلوه قيما لهذه‬
‫الغاية‪ ،‬أما باقي الشركاء فال يمكنهم أن يطالبو إال بشهادة خاصة "‪.‬‬

‫فهل المشرع المغربي عند ذكره للشهادة الخاصة في الفصلين ‪ 58‬و‪59‬‬


‫المذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــورين يقصد بها نفس الشهادة؟ وهل المراد بباقي المعنيين هم المالك على الشياع‬
‫أم األغيار الذين لهم حق على العقار المرهون؟‬

‫في هذا اإلطار يرى البعض‪ ،1‬أن المقصود بالشهادة الخاصة في الفصل ‪ 59‬من‬
‫القانون السالف الذكر هي مجرد شهادة عادية تحمل إسم ومساحة العقار ورقمه والمالكين‬
‫المسجلين به‪ ،‬وهي الشهادة التي يمكن لكل من يرغب فيها أن يتسلمها بقصد اإلطالع على‬
‫الرسم العقاري ويتقدم بطلب للمحافظ ليؤدي عنه رسما قانونيا‪ ،‬في حين أن المقصود‬
‫بالشهادة الخاصة في الفصل ‪ 58‬من نفس الظهير غير ذلك‪ ،‬وإنما المقصود بها هنا هي‬
‫الشهادة التي تسلم للدائن وحده‪.‬‬

‫و الواقع أن مؤسسات االئتمان (الطرف المقرض) ال تبدأ فعال ومبدئيا في تسليم المدين‬
‫(الطرف المقترض) مبلغ القرض إال بعد توفرها على الشهادة الخاصة للتقييد الرهني‬
‫الممنوحة لها من طرف المحافظ على الملكية العقارية و الرهون‪ ،2‬لذلك يشترط عادة أن‬
‫يكون العقار محفظا‪ ،‬غير أنه ومن أجل تعميم التحفيظ وكذا تشجيع منح القروض العقارية‬
‫وتطويرها إلنجاز المشاريع المقامة فوق عقارات في طور التحفيظ‪ ،‬فقد خول المشرع المغربي‬
‫لمؤسستين عموميتين إمكانية االستفادة من الشهادة الخاصة بالتنفيذ ولم تعلق األمر بعقار‬
‫غير محفظ‪ ،‬ويتعلق االمر هنا بمؤسسة القرض العقاري والسياحي وذلك بموجب الفصل ‪10‬‬
‫من المرسوم الصادر بتاريخ ‪ 1986/12/17‬المتعلق بالقرض العقاري و السياحي‪ ،‬وكذا‬

‫‪1‬‬
‫محمد سالم‪ ،‬الرجع السابق‪ ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد بن الحاج السلمي‪ :‬سياسة التحفيظ العقاري بالمغرب بين اإلشهار العقاري والتحفيظ االجتماعي واالقتصادي‪ ،‬ص ‪.250‬‬

‫‪357‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مؤسسة القرض الفالحي استنادا إلى الفصل ‪ 22‬من ظهير ‪ 1961/12/4‬المنظم لهذه‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلشكاالت المرتبطة بالشهادة الخاصة بالرهن‬

‫تحتوي الشهادة الخاصة بالرهن على أهمية بالغة باعتبارها سندا تنفيذيا يقوم مقام الحكم‬
‫القضائي‪ ،‬غير أن قد أنها تتعرض أحيانا إلى التلف والضياع‪ ،‬وهنا يطرح التساؤل عما إذا‬
‫كان من حق الدائن المرتهن الحصول على شهادة أخرى؟‬

‫فبرجوعنا لمقتضيات الفصل ‪ 101‬من القانون رقم ‪ 14.07‬المعدل للتحفيظ العقاري‬


‫والذي ينص على أنه‪" :‬في حالة ضياع أو سرقة أو تلف نظير الرسم العقاري أو شهادة‬
‫التقييد الخاصة يجب على صاحبهما أن يقدم للمحافظ على األمالك العقارية الوثائق المثبتة‬
‫للملكية وأن يدلي بتصريح يتضمن هوية وظروف الضياع أو السرقة أو التلف ‪."...‬‬

‫فمن خالل النص السابق يتضح أنه ال مانع من أن يتقدم الدائن المرتهن إلى المحافظة‬
‫العقارية بتصريح يشتمل على المعلومات التي تتعلق بموضوع التلف أو الضياع وظروفهما‬
‫وكل ما يثبت حقوقه وصفته وما على العقارات من رهون أو تكاليف‪ .‬وإذا تحقق المحافظ من‬
‫صدق ما ورد في التصريح وصحة البيانات التي يتضمنها‪ ،‬يسلم للمعني باألمر نسخة أخرى‬
‫‪1‬‬
‫مع نشر إعالن في الجريدة الرسمية ‪ 15‬يوما قبل التسليم‪.‬‬

‫غير أن البعض يرى أن تسليم نسخة ثانية من الشهادة الخاصة ينبغي أن يتقدم في‬
‫إطار المادة ‪ 435‬من ق م م المتعلق بتسليم النسخة التنفيذية الثانية لألحكام و الق اررات‬
‫القضائية وعن طريق استصدار أمر استعجالي ‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫الرأفة وتاب‪ :‬رصد بعض اإلشكاالت العملية المرتبطة بشهادة التقييد الخاصة‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ‪ 3‬أكتوبر ‪ ،2007‬ص ‪.183‬‬
‫‪2‬‬
‫مجمد سالم‪ :‬المرجع السابق ص ‪.38‬‬
‫وينص الفصل ‪ 435‬على أن " تسلم نسخة تنفيذية واحدة‪ ،‬ويجوز لمن فقدها أن يحصل على نسخة تنفيذية ثانية بمقتضى قرار يصدره قاضى‬
‫المستعجالت بعد استدعاء جميع ذوي المصلحة"‪.‬‬

‫‪358‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وتجنبا للصعوبات التي يمكن أن تواجهها مؤسسة القرض في حالة ضياع الشهادة‬
‫الخاصة بالرهن من يدها عند تنفيذ اإلجراءات القضائية السترداد ديونها‪ ،‬صدرت مذكرة عن‬
‫المحافظ العام تحث المحافظين العقاريين على عدم تسليم الشهادة إال بعد أن تطلبها‬
‫‪1‬‬
‫المؤسسة المذكورة و االكتفاء بتسليم شهادة عادية تثبت تقييد الرهن ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تمكين الدائن المرتهن من اإلنذار العقاري أو الحجز‬


‫التنفيذي‬

‫لمباشرة إجراءات التنفيذ على العقار يجب سلوك واتباع مجموعة من الشكليات‬
‫والمساطر‪ ،‬ومن هذه الشكليات وضع العقار المرهون بيد القضاء‪ ،‬ويتحقق ذلك بتوجيه إنذار‬
‫عقاري للمدين وإشعاره باألداء (فقرة أولى)‪ ،‬وبعد ذلك يتم الحجز على العقار والشروع في‬
‫نزع ملكيته (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬توجيه انذار عقاري كإجراء ضروري قبل التنفيذ على العقار‬

‫اختلف الفقه المغربي في تحديد الصيغة القانونية إلنذار العقاري‪ ،‬ليطرح تساؤل فيما‬
‫إذا كان هذا اإلنذار يعد بمثابة إجراء تنفيذي يرتب آثار الحجز التنفيذي العقاري؟ أم أنه‬
‫مجرد عمل تحضيري إلجراءات التنفيذ؟‬

‫ففي هذا اإلطار يرى بعض الفقه أن اإلنذار العقاري ما هو إال مجرد تنبيه بنزع‬
‫الملكية‪ ،‬وأن إجراءات الحجز العقاري تبقى بدون أثر‪ ،‬وأن الطعن في اإلنذار العقاري ال‬
‫‪2‬‬
‫يؤدي تلقائيا إلى إيقاف إجراءات بيع العقار المحجوز‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫مذكرة صادرة عن المحافظ العام عدد ‪ 4660‬بتاريخ ‪ 1999/11/24‬في شأن الشهادة العقارية الخاصة المسلمة للمؤسسة القرض العقاري‬
‫والفندقي‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫الحسن الكاسم‪ :‬تحقيق الرهون‪ ،‬مقال منشور بالندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي‪ ،‬مكتبة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط‪ ،‬يناير‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.336‬‬

‫‪359‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويبدو من وجهة نظرنا أن اإلنذار العقاري ال يتحول مباشرة إلى حج ـ ـ ـ ـ ــز تنفيذي حتى‬
‫ولو رتب بعض آثاره‪ ،‬ومن ثم يظل مجرد مقدمة أو عمل تمهيدي إلجراءات التنفيذ‪ ،‬سيما إذا‬
‫استحضرنا كون المشرع المغربي نظم الحجز كإجراء مستقل في قانون المسطرة المدنية‪ ،‬غير‬
‫أننا نستثني في هذا اإلطار الحاالت التي يوجد فيها نص خاص‪.‬‬

‫وبخصوص موقف بعض التشريعات المقارنة‪ ،‬نجد أن المشرع المصري من خالل‬


‫المادة ‪ 404‬من قانون المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬اعتبر أن التنبيه بنزع الملكية بعد تسجيله‬
‫يعتبر حج از حيث ورد في نص هذه المادة ما يلي‪:‬‬

‫" يترتب على تسجيل التنبيه اعتبار العقار محجوزا" ‪.1‬‬

‫أما المشرع الفرنسي فإنه قبل تعديل الفصل ‪ 674‬من قانون المسطرة المدنية الفرنسي‬
‫بمقتضى القانون الصادر بتاريخ ‪ ،1938/06/17‬كان على الدائن الذي وجه إنذا ار إلى‬
‫المدين باألداء انتظار مدة ‪ 30‬يوما لتحرير محضر الحجز‪ ،‬وهو ما يعني أن اإلنذار كان‬
‫مجرد تنبيه باألداء و ال يعتبر حجزا‪ ،‬أما بعد التعديل المذكور‪ ،‬فإن كل من اإلنذار والحجز‬
‫أصبحا يشكالن عمال واحدا‪ ،‬واإلنذار العقاري يعتبر اإلجراء األول الذي بواسطته تنطلق‬
‫وتتحرك مسطرة الرهن الرسمي ‪.2‬‬

‫وعموما يشترط في اإلنذار العقاري تضمينه مجموعة من البيانات‪ ،‬حدد بعضها في‬
‫قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬وأخرى درج العمل القضائي والفقه على المطالبة بها في اإلنذار‬
‫العقاري ويمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد العقارات المرهونة في حالة تعددها مع تحديد ما إذا كانت تتواجد في‬
‫دائرة واحدة أم في دوائر مختلفة؛‬
‫‪ ‬بيان هوية كل من الدائن والمدين والحائز والكفيل في حالة وجودهما؛‬

‫‪1‬‬
‫أشرف إدوارد‪ :‬تعليمات الشهر العقاري‪ ،‬المكتب الفني لإلصدارات القانونية‪ ،‬مطابع المجموعة المتحدة‪ ،‬مصر طبعة ‪ ،1999‬ص ‪.136‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪ème‬‬
‫‪Michel veron-Benait nicord : les procédures de distribution-2‬‬ ‫‪édition – Dalloz-paris-1995-p 165.‬‬

‫‪360‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬تحيد قيمة الدين المضمون به الرهن العقاري زيادة مع الفوائد المترتبة؛‬


‫‪ ‬تحديد أجل للوفاء بالدين؛‬

‫وغالبا ما يتم إرفاق مجموعة من الوثائق مع اإلنذار العقاري أهمها‪:‬‬


‫‪ ‬عقد القرض وعقد الرهن وعقد الكفالة العقارية في حالة وجودها؛‬
‫‪ ‬شهادة تنفيذ الرهن الخاصة؛‬
‫‪ ‬كشف الحساب لما له من حجية في إثبات مديونية المدين وتحديدها‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحجز التنفيذي العقاري‬

‫يحق للدائن المستفيذ من الضمانة الرهنية في حلة رفض المدين الوفاء بالدين المترتب‬
‫عليه رضاءا أن يجبره قضاء فيبدأ بالتنفيذ مباشرة على العقار محل الضمان‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار وضع المشرع قواعد وإجراءات خاصة ومبسطة لفائدة بعض مؤسسات‬
‫القرض واالئتمان حيث خول لهذه الفئة من الدائنين صالحية التنفيذ على الضمان العيني‪.‬‬

‫ومسطرة الحجز التنفيذي هو بمثابة إجراء يتم بمقتضاه وضع عقار المدين تحت يد‬
‫القضاء بهدف بيعه بالمزاد العلني القتضاء حق الحاجز من ثمنه‪ ،‬وفي هذا الصدد ينتقل‬
‫عون التنفيذ إلى العقار محل التنفيذ ويقوم بتحرير محضر الحجز وفق البيانات المتطلبة‬
‫فيعمل على تسجيله وإشهاره‪.‬‬

‫وقد تباين الموقف الفقهي بشأن الطبيعة القانونية للحجز ‪ ،‬حيث اعتقد رأي أول على‬
‫أن الحجز على مال يؤدي الى اعتبار مالك هذا المال عديم األهلية بالنسبة لماله‪ ،‬فيفقد‬
‫القدرة على التصرف فيه أو إدارته ويحل القضاء محله في اإلدارة والتصرف‪ ،‬وتجدر اإلشارة‬
‫أنه بالرغم من ان الحجز ال يخرج العقار م ن ملك المحجوز عليه‪ ،‬فإن ذلك ال يعني أن‬

‫‪1‬‬
‫‪ -‬عبد العالي العضراوي ‪ :‬الكشوفات الحسابية البنكية وشروط صحتها في إثبات المديونية ‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط ‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ ، 2002 ،‬ص ‪.8‬‬

‫‪361‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المنفذ عليه يحتفظ بجميع الصالحيات التي يخولها له حق الملكية‪ ،‬بل إن الحجز يحد جزئيا‬
‫‪1‬‬
‫من هذه الصالحيات‪.‬‬

‫ويعتبر وضع العقار بيد القض ــاء كأول خطوة يبدأ بها الحجـ ــز التنفيذي‪ ،‬وتنطلق‬
‫إجراءات الحجز التنفيذي على العقار بتحرير محضـ ــر الحجز ويتعين تضمينه لمجموعة من‬
‫البيانات منها على الخصوص‪:‬‬
‫‪ ‬اسم الطرف المدين مع اإلشارة إلى حضوره أو غيابه أثناء عملية الحجز؛‬
‫‪ ‬تعيين وتحديد العقار موضوع الحجز بكل دقة؛‬
‫‪ ‬اسم وتوقيع عون التنفيذ محرر محضر الحجز‪.‬‬

‫والجدير بالذكر في هذا الصدد أنه من أهم اإلشكاالت العملية التي يمكن أن تثار أثناء‬
‫تحرير محضر الحجز العقاري‪ ،‬هي إشكالية التنفيذ على عقار يستغل به أصل تجاري‬
‫مملوك للمدين‪ ،‬ليطرح معه تساؤل بخصوص مصير هذا األصل التجاري؟‬

‫وحول هذه المسألة انقسم الفقه والقضاء إلى اتجاهين‪ ،‬اتجاه يرى ان األصل التجاري‬
‫المستغل في العقار المرهون والمملوك للمدين يعتبر بمثابة عقار بالتخصيص يلحقه التتبع‬
‫بالمزاد العلني‪ ،‬والقول بخالف ذلك قد يؤدي إلى إفراغ الرهن الرسمي العقاري من أية فائدة‬
‫ويلحق أضرار جسيمة بالدائن المرتهن (المؤسسة البنكية) والسوق االئتمانية بصفة عامة‪.‬‬

‫واالتجاه الث اني يذهب إلى القول بضرورة إيقاف إجراءات بيع العقار المحجوز إلى حين‬
‫استصدار حكم قضائي بيع األصل التجاري طبقا للمسطرة الخاصة بذلك ‪.2‬‬

‫‪-‬يونس الزهري ‪ :‬الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي ‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات – مراكش‪ ،‬ص ‪.17‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -‬محمد سالم ‪ :‬الرمرجع السابق ‪ :‬ص ‪.42‬‬

‫‪362‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إشكالية التنفيذ على العقار المرهون وحماية الدائن المرتهن‬

‫إن ممارسة تحقيق الرهن الرسمي ليست كما قد يتبادر إلى الذهن من البساطة والسرعة‬
‫التي توخاها المشرع بأن جعل تلك المسطرة تنفيذية في أصلها‪ ،‬بل إنه في أكثر من األحيان‬
‫تثار بشأنها مجموعة من المشاكل العملية‪.‬‬

‫وحرصا من المشرع على المحافظة على مصالح كل األطراف المعنية خول لهم‬
‫إمكانية الطعن في إجراءات التنفيذ على العقار المرهون إذا لم يتم احترام القواعد الموضوعية‬
‫واإلجرائية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطعن في إجراءات التنفيذ على العقار‬

‫يحق لكل من تضرر من إجراءات الحجز العقاري اللجوء إلى دعوى بطالن هذه‬
‫اإلجراءات لرفع الضرر الالحق به وحماية حقوقه‪ ،‬ويأتي المدين وكفيله والدائن المرتهن في‬
‫مقدمة األشخاص الذين يرفعون هذه الدعوى‪ ،‬إلى جانب حائز العقار وكل من له حق‬
‫شخصي أو عيني عليه‪ ،‬ويحق للغير كذلك الطعن في هذه اإلجراءات إذا كانت لهم مصلحة‬
‫في ذلك‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬موضوع الطعن في إجراءات التنفيذ على العقار‬

‫إن أسباب الطعن في إجراءات التنفيذ على العقار عديدة ومتعددة فإما أن تكون مبنية‬
‫على إخالالت شكلية في اإلجراءات أو مبنية على أسباب جوهرية تنازع في أحقية الدائن‬
‫المرتهن في اللجوء إلى الحجز وترمي إلى التصريح بإبطال اإلجراءات بصفة نهائية‪.‬‬

‫ومن أوجه الطعن في إجراءات التنفيذ تلك الحالة التي يتم فيها الطعن في إجراءات‬
‫التبليغ كأن يدعي المدين بأنه لم يتوصل باإلنذار العقاري ‪ ،‬كما يجسد ذلك قرار محكمة‬

‫‪363‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫النقض ( المجلس األعلى سابقا) في قرارها عدد‪ 2965‬بتاريخ ‪ ،1 1997/05/15‬ومن بين‬


‫ما جاء فيه ما يلي ‪:‬‬

‫" حقا لقد صح ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه‪ ،‬ذلك أنه يتضح من شهادة‬
‫التسليم تبليغ اإلنذار العقاري ومحضر الحجز التنفيذي العقاري أن وقع تبليغها إلى‬
‫زوجة الطالب ‪ -‬وهي مستخدمة بالبنك المغربي للتجارة والصناعة بمقر عملها‪،‬‬
‫ولذلك فالمحكمة لما اعتمدت التبليغ الواقع لزوجة الطالب بمقر عملها وهو غير‬
‫موطن الطالب الحقيقي‪ ،‬يثبت عليه قضاءها تكون قد خرقت الفصل ‪ 38‬من ق‪.‬م‪.").‬‬

‫قد تم توجيهه‬ ‫كما يمكن أن يستند الطعن في اإلنذار العقاري على كون هذا األخير‬
‫للكفيل الشخصي بدل الكفيل العيني ‪ ،‬كما جاء في حكم المحكمة التجارية بالرباط عدد‬
‫‪ 1420‬بتاريخ ‪ ،2 1999/12/21‬إذ جاء في حكمها ما يلي‪:‬‬

‫" يكون باطال اإلنذار العقاري الموجه للكفيل الشخصي عوض الكفيل العقاري"‪.‬‬

‫ويمكن أن يؤسس طلب بطالن اإلنذار العقاري كذلك على بطالن عقد الرهن وذلك‬
‫لتخلف ركن من أركانه‪ ،‬وفي هذه الحالة يتعين على الطاعن في اإلنذار لهذه العلة أن يطلب‬
‫التشطيب على الرهن الرسمي لتبرئة ذمته من الدين تطبيقا لما جاء في مقتضيات الفصل ‪3‬‬
‫من القانون ‪ ،.... 14.07‬وهو ما نحت فيه محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء في‬
‫قرارها عدد ‪ 2003/2804‬الصادر بتاريخ ‪.32003 /09/23‬‬

‫ومن الطعون كذلك التي يمكن أن يوجهها الطرف المدين ضد إجراءات التنفيذ على‬
‫العقار‪ ،‬طعنه في اإلجراءات المسطرية في الحالة التي يجمع فيها الدائن بين مسطرة تحقيق‬

‫‪1‬‬
‫قرار محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) عدد‪ 2965‬بتاريخ ‪ 1997/05/15‬في الملف المدني عدد ‪ ،95/1/2851‬مجلة الملف العدد األول‪،‬‬
‫يونيو ‪ ،2003‬ص ‪.109‬‬
‫‪2‬‬
‫حكم صادر عن تجارية طنجة رقم ‪ 316‬بتاريخ ‪ ،2004-04-20‬ملف عدد ‪.03/11/778‬‬
‫‪3‬‬
‫قرار عدد ‪ 2003/2804‬صادر بتاريخ ‪ 2003/9/23‬في الملف عدد ‪.14/2003/899‬‬

‫‪364‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الرهن الرسمي والمسطرة العادية للمطالبة بالدين في إطار القواعد العامة‪ ،‬مما يطرح تساؤل‬
‫جوهري حول مدى أحقية الدائن المرتهن في اللجوء إلى المطالبة بضمانات إضافية من‬
‫أجل نفس الدين الذي قدم الرهن ضمانا له؟‬

‫وجوابا على هذا التساؤل انقسم الفقه و القضاء إلى اتجاهين ‪ ،‬حيث ذهب البعض إلى‬
‫تخويل كل الدائنيين حق إيقاع هذا الحجز دون استثناء أولئك المضمونة ديونهم برهن رسمي‬
‫على أساس أن للدائن ضمان عام على أموال مدينه سيما أن قيمة الضمانات العينية قد‬
‫‪1‬‬
‫تنقص بمرور الوقت‪.‬‬

‫واتجاه آخر يرى أن هذا األمر يخالف مبدأ تخصيص الرهن‪ ،‬على اعتبار أن الدائن لما‬
‫قبل العقار المرهون يكون قد اعتبر مسبقا أن قيمته عند البيع تغطي الديون وتوابعها‪ ،‬كما أن‬
‫المدين عندما أقدم على رهن ذلك العقار اطمأن على حرية تصرفاته في قيمة العقارات التي‬
‫يملكها‪.‬‬

‫وذهب البعض إلى القول أن الدائن المرتهن ال يجوز له إيقاع الحجز على أموال مدينه‬
‫إال في حالة عدم كفاية ثمن األموال المرهونة‪ ،‬أو في الحالة التي يتم فيها إنقاص قيمة‬
‫الضمان العيني المقدم‪ ،‬ذلك أنه إذا كانت أموال المدين تشكل ضمانا عاما لدائنه و بالتالي‬
‫يجوز لهم التنفيذ على ما شاؤا منها‪.‬‬

‫غير أن هذه القاعدة تعطل وال يعمل بها في الحالة التي تخصص عقارات لضمان دين‬
‫الدائن‪ ،‬ذلك ان الدائن الذي قبل هذا الضمان الخاص قدر كفايته ألداء دينه‪ ،‬وعلى هذا‬
‫األساس ال يحق له أن يطالب بأية ضمانات إضافية إال عند إثباته عدم كفايتها بسبب خطئه‬
‫في تقدير قيمتها أو بعوامل خارجية‪ ،‬ومن ثم يتعين عليه أن يسلك بداية مسطرة تحقيق‬

‫‪1‬‬
‫يونس الزهري‪ :‬بعض اإلشكاالت العملية المتعلقة بتحقيق الرهن الرسمي‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية ‪ ،‬العدد ‪ ، 2005 ، 98‬ص ‪.56‬‬

‫‪365‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الرهن‪ ،‬وعند عدم كفاية بيع ثمن المرهون يكون للدائن حق سلوك باقي المساطر التنفيذية‬
‫‪1‬‬
‫على أموال المدين باعتبارها ضمانا عاما‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يالحظ عمليا تشدد المحاكم في منح الدائن المرتهن إمكانية المطالبة‬
‫بحجز تحفظي في حالة وجود رهن رسمي‪ ،‬وال تسمح بها إال في الحاالت التي تكون فيها‬
‫قيمة العقار قد انخفضت بشكل كبير‪ ،‬ونشير في هذا الصدد لما سارت نحوه محكمة‬
‫االستئناف التجارية بمراكش في إحدى ق اررتها و التي جاء فيها ما يلي ‪" :‬مادام ثبت في‬
‫مستندات الملف أن المستأنف يتوفر على ضمانات عينية مقررة لضمان أداء الدين‬
‫المطلوب فإن مطالبته بإيقاع الحجز على العقار المشار إليه أعاله بدعوى عدم كفاية‬
‫الضمان الممنوحة ‪ ،‬تكون عديمة األساس ألنه من المفروض أن ذلك كاف لتامين أداء‬
‫الديون بمجرد قبوله من قبل المستأنف عليه‪ ،‬وبالتالي فإن عبء إثبات عدم كفايته يقع‬
‫على كاهله"‪.2‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أثر دعوى الطعن في إجراءات التنفيذ‬

‫من البديهي القول بأن الهدف الذي يسعى إليه كل من يطعن في إجراءات التنفيذ‬
‫العقاري هو ترتيب األثر الواقف لإلجراءات إلى حين البث في دعوى الطعن‪.‬‬

‫ويكون ذلك مشروعا متى كانت الدعوى مؤسسة على وقائع جدية ووجيهة‪ ،‬غير أن‬
‫هذه الفرضية قد ال تتحقق خاصة عندما يتعلق األمر بدعاية كيدية يقيمها من ينوي اإلضرار‬
‫بمصالح الدائن المرتهن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يونس الزهري‪ :‬بعض اإلشكاالت العملية لمسطرة تحقيق الرهن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.57‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بمراكش عدد ‪ 84‬بتاريخ ‪ 1999-3-9‬منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪ -35‬يونيو ‪.1999‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪366‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ويالحظ من خالل قراءتنا لمقتضيات الفصل ‪ 483‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ 1‬أن تقديم دعوى مجردة‬
‫عن الحجج و المستندات أو حتى إرفاقها بوثائق غير مفيدة فإنها ال تكفي لترتيب األثر‬
‫الواقف لمسطرة التنفيذ بالضرورة ما دامت المحكمة في مثل هذه الحالة ستأمر في حكم‬
‫عارض بمواصلة التنفيذ ويكون حكمها مشموال بالتنفيذ المعجل بنص القانون‪.‬‬

‫وقد شكل تطبيق هذا الفصل محل جدل فقهي بين من يرى أن إقامة دعوى الطعن‬
‫بالبطالن ال يترتب عنها الوقف التلقائي إلجراءات التنفيذ‪ ،‬ذلك ان الطرح السالف منح فرصة‬
‫لذوي النيات السيئة إلى عرقلة إجراءات التنفيذ غايتهم في ذلك اإلضرار بالدائن المرتهن‪ ،‬لذا‬
‫فإن األثر الواقف لإلجراءات ال يعمل به مهما كانت قيمة الوثائق المدلى بها امام المحكمة‪،‬‬
‫ويتوجب على الطرف المتضرر تقديم طلب مستقل أمام القضاء للحصول على إيقاف‬
‫التنفيذ‪.2‬‬

‫في حين يرى جانب آخر من الفقه أن إقامة دعوى الطعن في اإلنذار وطلب بطالن‬
‫اإلجراءات يوقف التنفيذ تلقائيا‪ ،‬ويجب على عون التنفيذ التوقف على متابعة اإلجراءات‬
‫بمجرد اإلدالء بنسخة من مال الدعوى‪ ،‬لكنه يتعين على المحكمة وبصفة تلقائية تقييم‬
‫الحجج المعززة للمقال وأن تصدر حكما اوليا بمواصلة التنفيذ إذا رأت عدم جدية الطلب‪.3‬‬

‫ومن ناحية الممارسة العملية فإن التوجه القضائي بدوره عرف نوعا من التضارب بين‬
‫من يرى أن الطعن يوقف وبصفة تلقائية إجراءات التنفيذ‪ ،‬ويتعين على عون التنفيذ أن‬

‫ينص الفصل ‪ 483‬من ق م م على ما يلي‪ " :‬يجب على طالب االستحقاق لوقف اإلجراءات أن يقدم دعواه أمام المحكمة المختصة ويودع دون‬ ‫‪1‬‬

‫تأخير وثائقه‪ ،‬ويستدعى المحجوز عليه والدائن الحاجز إلى أقرب جلسة ممكنة إلبداء اعتراضهما وإذا اعتبرت المحكمة أنه ال موجب لوقف إجراءات‬
‫الحجز العقاري كان حكمها مشموال بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض أو استئناف‪".‬‬
‫‪2‬‬
‫عبد اإلاله أبو عباد هللا‪ ،‬تعليق حول إيقاف إجراءات التنفيذ العقاري‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬عدد ‪ ،1988 ،53‬ص ‪.75‬‬
‫‪3‬‬
‫محمد أكرم‪ :‬التنفيذ الجبري المتعلق باألصل التجاري واإلنذار العقاري‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫يتوقف عن مسايرة اإلجراءات بمجرد اإلدالء له بنسخة من مقال الدعوى ومن غير حاجة‬
‫‪1‬‬
‫اللجوء إلى قاض المستعجالت‪.‬‬

‫غير أنه في االتجاه المخالف‪ ،‬فإن بعض المحاكم تعمل على التفرقة بين البطالن‬
‫المؤسس على إخالالت شكلية في إجراءات الحجز العقاري‪ ،‬وفي تلك التي تؤسس على‬
‫المنازعة في المديونية أو في مقدار الدين أو في السند التنفيذي‪ ،‬حيث نجد أن بعض‬
‫المحاكم رتبت األثر الواقف لإلجراءات للنوع األول دون الثاني على أساس أن المنازعة في‬
‫‪2‬‬
‫الدين ال يعتبر طعنا في اإلجراءات ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬دعوى االستحقاق الفرعية‬

‫كما هو معلوم فلصحة مسطرة الحجز يتعين أن ينصب على مال مملوك للمنفذ عليه‪،‬‬
‫فال يجوز حجز أموال الغير القتضاء دين ثابت في ذمة المدين‪ ،‬وذلك اعتبا ار لمبدأ استقالل‬
‫الذمم من جهة ولنسبية آثار السندات التنفيذية من جهة ثانية‪ ،‬أي انه ال يمكن المساس‬
‫بحقوق األغيار‪ ،‬وهذه المسألة تنبه إليها المشرع المغربي فتبنى حال وسطا من شأنه تحقيق‬
‫الموازنة بين حقوق الغير الحاجز فأعطى لمدعي ملكية العقار إمكانية اإلعتراض على‬
‫إجراءات الحجز‪ ،‬والوسيلة اإلجرائية التي تمكنه من ذلك هي رفع دعوى اإلستحقاق الفرعية‬
‫(الفقرة األولى) والتي لها تأثير على إجراءات التنفيذ (الفقرة الثانية) ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أمر استعجالي صادر عن المحكمة اإلبتدائية بالدار البيضاء عدد ‪ 5448/473‬بتاريخ ‪ ،1986/10/14‬ملف استعجالي عدد ‪، 86/4099‬‬
‫منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ – 1988 – 53‬ص ‪.71‬‬
‫‪2‬‬
‫حكم صادر عن المحكمة اإلبتدائية بمراكش في الملف عدد ‪ 98/347‬صادر بتاريخ ‪ ،1992/03/06‬منشور بمجلة الحدث القانونية عدد ‪، 15‬‬
‫ص ‪.15‬‬

‫‪368‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المقصود بدعوى االستحقاق الفرعية‬

‫عرف بعض الفقه المغربي دعوى االستحقاق الفرعية على أنها "الدعوى التي يرفعها‬
‫مدعي ملكية العقار الذي شرع في نزع ملكيته أثناء التنفيذ طالبا الحكم له بملكيته للعقار أو‬
‫إجرءات التنفيذ"‪.1‬‬
‫بطالن ا‬

‫في حين عرفها البعض اآلخر على أنها الدعوى التي يرفعها من يدعي ملكية العقار‬
‫المحجوز قبل بيعه‪ ،‬ويكون هدفها تخليص العقار موضوع إجراءات التنفيذ من الحجز الموقع‬
‫عليه‪.2‬‬

‫واعتبرها بعض الفقهاء المصريين بأنها دعوى موضوعية يرفعها مستحق العقار‬
‫المحجوز طالبا الحكم له بملكية العقار أو الحق العيني عليه بصفة عامة وبطالن إجراءات‬
‫التنفيذ في مواجهة كل من المدين و الحائز و الدائن مباشرة اإلجراءات وأول الدائنين‬
‫المقيدين ‪.3‬‬

‫وتوصف هذه الدعوى بأنها فرعية على اعتبار انها متفرعة عن التنفيذ‪ ،‬وهي شبيهة‬
‫بدعوى استحقاق المنقول المنصوص عليها في الفصل ‪ 468‬من ق م م‪ ،‬وقد وضعها‬
‫المشرع لمصلحة من حجز ملكه‪ ،‬عقا ار كان أو منقوال بدون رضاه‪ ،‬ودون أن يكون مدينا أو‬
‫ضامنا للمدين‪ ،‬ومتضامنا معه في الدين الذي وقع الحجز تأدية له‪ ،‬وهو ما يميزها عن‬
‫دعوى االستحقاق األصلية أو العادية التي يرفعها الغير الستحقاق العقار قبل ممارسة‬
‫إجراءات التنفيذ‪.‬‬

‫عبد السالم بناني وحسن الفكهاني‪ :‬التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي في ضوء الفقه والقضاء‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الدار العربية للموسوعات‬ ‫‪1‬‬

‫القاهرة‪ ،‬باالشتراك مع دار الثقافة – الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1983‬ص ‪.430‬‬
‫‪2‬‬
‫محمد أكرم‪ :‬التنفيذ الجبري المتعلق باألصل التجاري واإلنذار العقاري‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.80-79‬‬
‫‪3‬‬
‫أحمد أبو الوفاء‪ :‬إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬منشأة المعرف اإلسكندرية‪ ،1987 ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪369‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وإذا كانت دعوى االستحقاق الفرعية في أصلها دعوى استحقاق عادية على أنها تتخلل‬
‫إجراءات التنفيذ العقاري وترمي إلى بطالنها‪ ،‬فهي صورة خاصة لدعوى االستحقاق ال تثار‬
‫إال فـ ــي مجال التنفيذ على العقار‪ ،‬عكس دعوى االستحقاق العادية التي ال تدخل في‬
‫منازعات التنفيذ وال تمارس أثناء التنفيذ العقاري ويكون موضوعها طلب استحقاق العقار فقط‬
‫دون طلب بطالن إجراءات التنفيذ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أثر دعوى االستحقاق الفرعية على وقف إجراءات التنفيذ‬

‫إن الصيغة التي جاءت بها مقتضيات الفصل ‪ 468‬من ق م م‪ ،1‬جعلت الفقه و‬
‫القضاء ينقسمان بالنسبة ألثر دعوى االستحقاق إلى قسمين ‪:‬‬

‫*االتجاه األول‪ :‬االتجاه القائل بالوقف التلقائي إلجراءات التنفيذ‪:‬‬

‫يرى هذا االتجاه أن مجرد تقديم مقال افتتاحي للدعوى استحقاق فرعية‪ ،‬يترتب عليه‬
‫وبصورة تلقائية وفورية وقف مسطرة البيع الجبري بالنسبة للعقارات المدعى فيها باالستحقاق‪،‬‬
‫ومن غير حاجة الستصدار حكم أو أمر قضائي بالوقف‪ ،‬حيث يتعين على عون التنفيذ‬
‫الكف والتوقف على مواصلة إجراءات التنفيذ بمجرد اإلدالء له بنسخة من مقال الدعوى‪ ،‬وال‬
‫‪2‬‬
‫سلطة له في تقييم جدية المقال أو الحجج المعتمـ ـ ـ ـ ــدة‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار نجد بعض المحاكم تسير في اتجاه عدم اشتراط اللجوء إلى رئيس‬
‫المحكمة لوقف إجراءات التنفيذ عند وجود لدعوى استحقاق فرعية‪ ،‬حيث ترى أن إجراءات‬
‫التنفيذ تتوقف تلقائيا دون طلب االلتجاء إلى رئيس المحكمة الستصدار أمر التوقيف مادامت‬
‫المستندات المعززة للطلب باالستحقاق صحيحة إلى أن يثبت العكس‪.‬‬

‫ينص الفصل ‪ 468‬من ق م م على ما يلي‪" :‬ر إذا ادعى األغيار ملكية المنقوالت المحجوزة فإن العون المكلف بالتنفيذ يوقف بعد الحجز البيع‬ ‫‪1‬‬

‫إذا كان طلب اإلخراج مرفقا بحجج كافية ويبت الرئيس في كل نزاع يقع حول ذلك‪."...‬‬
‫محمد الكشبور‪ :‬القسمة القضائية في القانون المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1996‬ص ‪.275‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪370‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫*االتجاه الثاني‪ :‬ضرورة صدور حكم بإيقاف تنفيذ اإلجراءات‬

‫على خالف االتجاه السابق‪ ،‬يعتبر هذا االتجاه أن وقف إجراءات التنفيذ بقوة القانون ال‬
‫يترتب فقط على مجرد تقديم دعوى االستحقاق الفرعية استنادا إلى صيغة الفصل ‪ 482‬من‬
‫ق م م الذي يقضي بأن دعوى االستحقاق يترتب عليها وقف مسطرة التنفيذ‪ ،‬أي ان الوقف‬
‫ال يكون تلقائيا وإنما يشترط أن تكون مصحوبة بوثائق يظهر انها مبنية على أساس صحيح‬
‫وحاسمة‪ ،‬وأن الجهة المخول إليها تق دير هذه الوثائق هي الجهة المنصوص عليها في‬
‫الفصل ‪ 483‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫غير أن هذا االتجاه ‪ ،‬انقسم الرأي فيه كذلك عن الجهة المختصة للبث في طلب وقف‬
‫إجراءات التنفيذ بين من يرى أن البث في طلبات وقف إجراءات التنفيذ موكول للسيد رئيس‬
‫المحكمة بصفته الجهة المختصة للبت في األوامر المبنية على طلب كما تنص على ذلك‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 148‬من ق م م‪ ،‬وبين من يرى أن االختصاص في هذا االمر يرجع إلى‬
‫قاضي المستعجالت‪ ،‬وعلى كل من لحقه الضرر من إجراءات التنفيذ أن يعرض ذلك في‬
‫صورة صعوبة التنفيذ على قاضي المستعجالت‪ ،‬ويطلب منه معاينة الوثائق و تقدير مدى‬
‫‪1‬‬
‫جديتها‪.‬‬

‫وهذا هو توجه قضاء محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) في قرارها الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2004/02/7‬تحت عدد ‪ 959‬والتي اعتبرت فيه على انه ‪ " :‬ال يوجد ما يمنع المنفذ عليه‬
‫من اللجوء إلى القضاء االستعجالي لوقف إجراءات الحجز كلما توفر عنصر اإلستعجال‬
‫‪2‬‬
‫إلى حين بث محكمة الموضوع في دعوى بطالن إجراءات الحجز "‪.‬‬

‫محمد بولمان‪ :‬الصعوبات الوقتية المثارة في إطار الفصل ‪ 436‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية عدد ‪ ،75‬ص ‪.39‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد ‪ 959‬صادر بتاريخ ‪ ،2004/2/7‬في الملف عدد ‪ 2003/123‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ ،62‬يناير‬
‫‪ ،2005‬ص ‪.159‬‬

‫‪371‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وأمام هذا النقاش بشأن تأثير دعوى االستحقاق على وقف إجراءات التنفيذ نعتقد أنه آن‬
‫األوان على المشرع المغربي إعادة النظر في تنظيم دعوى االستحقاق الفرعية‪ ،‬من أجل قطع‬
‫الخالف الذي نتج عن عدم دقة النصوص القانونية التي تنظمها‪ ،‬وأنه يجب عليه أن ينص‬
‫صراحة على أن دعوى االستحقاق الفرعية ال توقف إجراءات التنفيذ إال إذا قضت المحكمة‬
‫بذلك‪ ،‬مع تبيان الشروط التي يجب إرفاقها بطلب وقف اإلجراءات‪ ،‬وذلك لكون ترك األمر‬
‫على ما هو عليه قد يؤدي إلى إحجام مؤسسات االئتمان عن منح القروض لما يهدد مسطرة‬
‫تحقيق الرهون من الخطر مما قد يؤثر على االئتمان العقاري بصفة عامة‪.‬‬

‫وصفوة القول فقد حاولنا من خالل هذه الدراسة التوقف على أهم مظاهر الحماية‬
‫الممنوحة للدائن المرتهن عند التنفيذ على العقار مع رصد ألهم الصعوبات التي قد تؤثر في‬
‫فعالية عقد الرهن الرسمي‪ ،‬حيث يواجه الدائن المرتهن أثناء تحقيق ضماناته بمجموعة من‬
‫الطعون و المنازعات والتي تكون في مجلها تهدف إلى المماطلة في األداء‪ ،‬هذا فضال على‬
‫ما قد يثيره الغير من استحقاقه لملكية العقار محـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل التنفيذ‪ ،‬وتوقفنا كذلك على مسألة في‬
‫غاية األهمية تكمن في كون النصوص القانونية المؤطرة للمجال لم تعد تساير متطلبات‬
‫التنمية االجتماعية واالقتصادية وما تستلزمه من سرعة وبساطة في اإلجراءات والمساطر‪،‬‬
‫الشيء الذي يعني أن مسألة إعادة النظر فيها أضحت ضرورية لتشجيع التمويالت العقارية‪.‬‬

‫‪372‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪373‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪374‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ محمد ناجي شعيب‪،‬‬


‫مستشار بمحكمة النقض‬

‫القرار موضوع التعليق يعيد إلى الواجهة تعامل محكمة النقض مع قاعدة "حجية‬
‫التقييدات بالسجل العقاري بالنسبة للغير المقيد عن حسن النية "‪ .‬والذي من خالله نحت هذه‬
‫المحكمة منحى آخر غير المنحى الذي سارت عليه (المجلس األعلى سابقا) في ق اررين‬
‫سابقين لها كما سيتم التعرض له في موضعه‪.‬‬

‫فإذا كانت القيمة اإلثباتية لقيود السجل العقاري الناشئة عن تحفيظ العقار قيمة‬
‫مطلقة ‪ ،‬وهي قرينة قانونية قاطعة ال تقبل الطعن ‪ ،‬وذلك بصريح الفصل الثاني من ظهير ‪9‬‬
‫رمضان ‪ 12( 1331‬غشت ‪ )1913‬الذي رتب على رسم التمليك الذي ينظمه المحافظ‬
‫بطالن ما عداه من الرسوم وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة‬
‫بالكناش العقاري‪ ،‬وكذا الفصل ‪ 62‬من نفس القانون الذي اعتبر رسم التمليك النقطة الوحيدة‬
‫للحقوق العينية والتكاليف العقارية الكائنة على العقار وقت تحفيظه " دون ما عداها من‬
‫الحقوق غير المسجلة" وبذلك أعفى المشرع المتعامل مع الطرف الذي أقيم الرسم العقاري‬
‫في اسمه على ضوء مسطرة التحفيظ من البحث في ماضي العقار قبل تحفيظه وجعله في‬
‫مأمن من أية مطالبة من أي كان بحق عينيي يخص المرحلة السابقة لتحفيظ العقار‪ .‬فإن‬
‫األمر مختلف بالنسبة للتقييدات الالحقة الطارئة على الحقوق المحفظة‪ ،‬فقد أعطاها المشرع‬

‫‪1‬‬
‫قرار منشور في هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة الصفحة ‪.324‬‬

‫‪375‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫قوة إثباتية تتراوح بين النسبية والمطلقة حسب كل حالة‪ ،‬وهو ما يقتضي في البداية التمييز‬
‫بين حجية التسجيل بين األطراف وحجية التسجيل بالنسبة للغير‪ ،‬فحجية التسجيل بين‬
‫األطراف نسبية أي ليست حجة قاطعة ‪ ،‬ألنها تستند إلى قرينة قانونية قوامها صحة‬
‫التصرف الذي بني عليه التسجيل‪ 1‬فمتى كان محل طعن وقرر القضاء إبطاله كان ذلك‬
‫موجبا للتشطيب عليه ووضع حد آلثاره ‪ ،‬مع التنبيه هنا إلى أن صاحب المصلحة مدعو‬
‫إلجراء تقييد احتياطي ليحفظ رتبته ويقطع الطريق على أي تصرف في العقار من طرف‬
‫خصمه لفائدة الغير حتى ال يدخل في حسابات الحالة الثانية التي سيأتي ذكرها‪ .‬أما حجية‬
‫التسجيل في مواجهة الغير المتمتع بحق عيني مسجل‪ ،‬فتختلف بين ما إذا كان هذا الغير قد‬
‫قيد عن حسن نية أم عن سوء نية‪ .‬فالغير حسن النية كما عرفه بعض الفقه‪" 2‬هو الذي‬
‫يجهل العيوب أو الشوائب التي تعيب أو تشوب سند أو رسم من كان قد تلقى الحق منه يوم‬
‫تلقي هذا الحق وتسجيله في اسمه في الرسم العقاري" أما الغير سيء النية فهو من كان يعلم‬
‫بهذه الشوائب وقت حصول تسجيله بالرسم العقاري‪ .‬فالتقييد بالنسبة للغير حسن نية يكتسي‬
‫قوة ثبوتية مطلقة ويعتبر التقييد بالسجل العقاري الذي استند إليه صحيحا مع ما يستتبعه من‬
‫عدم تأثر حقه بما يمكن أن يطال ذلك التقييد من بطالن أو إبطال أو تغيير وذلك عمال‬
‫بمقتضيات الفصل ‪ 66‬من ظهير‪.1913/08/12‬‬

‫المتعلق بالتحفيظ العقاري في فقرته الثانية من أنه" ال يمكن في أي حال التمسك‬


‫بإبطال التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة" والفصل ‪ 3‬من ظهير ‪ 2‬يونيو ‪1915‬‬
‫المتعلق بالتشريع المطبق على العقارات المحفظة من أن " ما يقع من إبطال أو تغيير الحق‬
‫ال يمكن التمسك به في مواجهة الغير المسجل عن حسن نية كما ال يمكن أن يلحق به‬
‫أي ضرر‪.".‬أما الغير المقيد عن سوء نية فال سبيل له لدرء ما يترتب عن بطالن أو إبطال‬
‫قيود السجل العقاري التي استند عليها‪ .‬إال أن الجدل ظل محتدما في حالة ثبوت زورية عقد‬

‫د مامون الكزبري‪ ،‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية األصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي ـ الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ .1987‬ص ‪.165‬‬ ‫‪1‬‬

‫د مامون الكزبري ـ نفس المرجع ـ ص ‪.169‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪376‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أسست عليه أحد التقييدات‪ ،‬إذ ذهب اتجاه إلى القول‪ :‬إلى أنه ببطالن العقد لزوريته تبطل‬
‫التقييدات التي ارتكزت عليه‪ ،‬وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض (المجلس األعلى سابقا) في‬
‫ق اررين سابقين لها‪ :‬األول تحت رقم ‪ 1107‬بتاريخ ‪ 2008/03/26‬فـي المــلف المـدنـي عــدد‬
‫‪ 1)1( 2006/2/1/1638‬معللة قضاءها بأن "ثبوت زورية العقد تجعله منعدما وغير منتج‬
‫ألي أثر وإن كان مسجال بالرسم العقاري حتى ولو كان المشتري حسن النية‪ "..‬والثاني رقم‬
‫‪ 2854‬بتاريخ ‪ 2008/07/23‬في الملف المدني عدد ‪ 22006/1/1/1696‬الذي جاء في‬
‫تعليالته أن " ما بني على التزوير ال يترتب عليه أي أثر سواء بالنسبة للمتعاقدين أو‬
‫لخلفائهما‪ "..‬وهو تعليل وإن أرجعه البعض على أنه بني على قاعدة ما بني على باطل فهو‬
‫باطل فيمكن أيض ا إرجاعه إلى قاعدة تسلسل التقييدات ‪ ،‬أي أن بطالن التقييد المبني على‬
‫العقد الذي ثبتت زوريته‪ ،‬يستتبعه بطالن التقييدات الالحقة لسقوط حلقة في هاته السلسلة‬
‫تربط الحق بمالكه األصلي من خالل المالكين المتعاقبين ‪ ،‬وهي القاعدة التي تجد سندها في‬
‫الفصل ‪ 28‬من القرار الوزيري الصادر في ‪ 20‬رجب ‪ )1915/06/30( 1333‬بشأن‬
‫تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري الذي جاء فيه "‪..‬في حالة ما إذا كان الحق العيني‬
‫عقاري أو تكليف عقاري موضوع عدة انتقاالت أو اتفاقات متتابعة فال يمكن تسجيل آخر‬
‫انتقال أو اتفاق قبل تسجيل االتفاقات السابقة ‪ ".‬وبمفهوم المخالفة ال يمكن تسجيل أي‬
‫انتقال بسقوط االنتقال الذي بني عليه‪ ،‬ليكون على األقل ما أعطي من تبرير لهذا االتجاه‬
‫مستمدا من داخل منظومة قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬لكن هذا المنحى في جميع األحوال لم‬
‫يصل إلى حد التواتر لوجود ق اررات قضائية أخرى تبنت حرفية نص الفصلين ‪ ( 66‬فقرة ‪)2‬‬
‫من ظهيـر ‪ 1913/08/12‬و‪ 3‬من ظهير ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬وذلك على غرار القرار موضوع‬
‫التعليق الذي اعتبر أن مقتضيات الفصلين المذكورين جاءت صريحة وواضحة في أن الغير‬
‫المقيد عن حسن نية ال يمكن أن يواجه بما يقع من إبطال الحق لتسجيله و ال يمكن أن‬

‫قرار منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪ 157‬ص ‪.155‬‬ ‫‪1‬‬

‫قرار منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪ 156‬ص ‪.190‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪377‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫يلحق به أي ضرر‪ ،‬ألنه استند إلى ما هو مضمن بمندرجات الرسم العقاري وأن المصداقية‬
‫المعطاة لمؤسسة السجل العقاري تقتضي أن ال يفاجأ بوقائع وتصرفات خارج هذه‬
‫المندرجات‪ ،‬وانه ليس هناك ما يستثني حالة‬

‫البطالن بسبب ثبوت التزوير في عقد وقع تقييده وأنه يبقى من حق الغير األجنبي عن‬
‫العقد المزور والمقيد عن حسن نية‪ ،‬التمسك بمقتضيات الفصل ‪ 66‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري والفصل ‪ 3‬من ظهير ‪ 2‬يونيو‪ .1915‬ليظل دور المحكمة محصو ار في البحث في‬
‫حسن أو سوء نية الغير المقيد لترتيب آثار تقييده بالرسم العقاري‪ .‬وهو اتجاه ينتصر‬
‫لمصداقية مؤسسة السجل العقاري‪.‬‬

‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع في مستجدات القانون العقاري في ضوء القانون رقم‬
‫‪( 08-39‬مدونة الحقوق العينية)‪ ،‬حاول عالج اإلشكالية بسلوكه طريقا وسطا بين حماية‬
‫المالك الحقيقي الذي يمكن أن يكون ضحية تزوير أو تدليس وبين إعطاء نوع من االستقرار‬
‫لمؤسسة السجل العقاري حين أعطى اإلمكانية في المادة الثانية من مدونة الحقوق العينية‬
‫رقم ‪ " 39-08‬لصاحب الحق الذي تضرر بسبب تدليس أو زور شريطة أن يرفع الدعوى‬

‫للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو‬
‫التشطيب عليه‪ ".‬مع مالحظة أن هذا المقتضى ورد في مدونة الحقوق العينية بينما بقي‬
‫الفصل ‪ 66‬من ظهير التحفيظ العقاري ـ كما عدل وتمم بالقانون رقم ‪14-07‬ـ على إطالقه‬
‫في عدم إمكان التمسك بأسباب اإلبطال في مواجهة الغير حسن النية‪ ،‬مع أن المنطق كان‬
‫يقتضي أن ذات التعديل يشمل أيضا الفصل ‪ 66‬باعتباره هو األصل ويخص حجية‬
‫التقييدات‪ .‬وفي جميع األحوال فإن الحسم تشريعيا في إمكانية التمسك ببطالن التسجيل‬
‫للزور أو التدليس من طرف صاحب المصلحة داخل أجل أربع سنوات تحتسب من تاريخ‬
‫التقييد المطلوب إبطاله ‪ ،‬كفى القضاء عناء الخوض في مدى هذه اإلمكانية من عدمها‬
‫ليستند القاضي إلى النص في تقرير ذلك البطالن‪ ،‬ولكن لنا أن نتساءل هل المشرع بتدخله‬

‫‪378‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫هذا لم يزعزع مصداقية مؤسسة السجل العقاري من خالل فترة األربع سنوات التي ال يكون‬
‫فيه المتعامل مع هذه المؤسسة بمنآى عن أية مفاجأة تنال من حجية التسجيل الذي ارتكز‬
‫عليه و التي بإمكانها أن تعصف بحقه ا لعيني في العقار ‪ ،‬وماذا عن المستثمر الذي اقتنى‬
‫العقار إلقامة مشاريعه ‪ ،‬فهل عليه أن ينتظر مرور أجل أربع سنوات لوضع حجر األساس‬
‫ألن تسجيل لمشتراه معلق على شرط فاسخ وهو عدم ظهور متضرر خالل هذه المدة التي‬
‫أعطى القانون فيها للمتضرر إمكان التمسك بإبطال التقييد للزور أو التدليس بغض النظر‬
‫عن حسن نية الغير المقيد لحقه العيني على العقار من عدمه ‪ ،‬وماذا عن الموثق الذي‬
‫يتولى تحرير العقد ‪ ،‬أال تقيده هذه المقتضيات ليحتفظ بالثمن إلى حين انتهاء أجل األربع‬
‫سنوات على غرار االحتفاظ بالثمن في البيع الرضائي لألصل التجاري إلى حين انتهاء أجل‬
‫التعرض المنصوص عليه في المادة ‪ 84‬من مدونة التجارة تحسبا لكل منازعة مستقبلية‬
‫مردها ما قد يحدث من طارئ خالل ذلك األجل الذي فتحه المشرع أمام كل ذي مصلحة‬
‫لتغيير مجريات األمور‪ .‬يبقى كل ذلك وغيره تساؤالت مشروعة في ظل معادلة صعبة تسعى‬
‫للجمع بين إعطاء مؤسسة سجل عقاري حصانة ومناعة مطلقة حفاظا على استقرار‬
‫المعامالت وبين حماية المالك ـ الذي كان مقيدا في هذا السجل ومحتميا هو اآلخر به ـ من‬
‫ممارسات غير مشروعة تروم إخراجه منه دون موجب حق‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ طه حسين بنخرابة‪،‬‬


‫إطار بالوكالة القضائية للمملكة‬

‫تقديم‬

‫في إطار تعليقي على هـذا القـرار االسـتئنافي‪ ،‬لسـت فـي حاجـة الـى الحـديث عـن ﺍلحجﺰ‬
‫ﺍلتحفظي كمـؤسسة قانونيـة‪ ،‬التـي نظمتهـا جـل التشـريعات الحديثـة‪ ،‬بمـن فيهـا المشـرع المغربــي‬
‫ضمن الفرع األول من الباب الرابع من قانون المسطرة المدنيـة (ق م م)‪ ،‬المنـدرج تحـت القسـم‬
‫التاســع المتعلــق بطــرق التنفيــذ‪ ،‬وذلــك تحديــدا مــن خــالل ﺍلفصــول ‪ 452‬ﺇلى ‪ 458‬مــن ق م م‬
‫وأيضا من خالل الفصل ‪ 91‬وما يليه من مدونة التحفيظ العقارية الـواردة ضـمن البـاب الثالـث‬
‫المتعلــق بالتشــطيب‪ ،‬س ـواء مــن حيــث تحديــد كيفية ﻭشــروط ﺇجﺮﺍئه وآثــاره وشــروط إنهائــه‪ ،‬إال‬
‫بالق ــدر ال ــذي يس ــمح بتفص ــيل المق ــال ح ــول ارتب ــاط ه ــذه المؤسس ــة بض ــبط ﺃمـ ـوال ش ــركة ذات‬
‫اء الجن ــائي‪ ،‬ﻭمن ــع ﺍلتصﺮﻑ‬
‫مس ــؤولية مح ــدودة‪ ،‬ﺍلمنقول ــة ﺍلماﺩية ﻭﺍلعقاﺭية م ــن ط ــرف ﺍلقض ﺀ‬
‫فيها في اطار المحافظة عليها كإجراء ﺍحتﺮﺍﺯي‪ ،‬تمليه طبيعة المتابعة ضد مسيريها‪.‬‬

‫هذا وتتلخص وقائع هذه القضية موضوع هذا القرار باختصار‪ ،‬في الدعوى التي تقـدمت‬
‫به ــا شــــركتي ‪ ....‬وهم ــا ش ــركتان ذات المس ــؤولية المح ــدودة‪ ،‬عرض ــتا م ــن خالل ــه أن العق ــار‬
‫المكــون ألصــلها التجــاري‪ ،‬أضــحى فــي إســم شــركة ‪ ....‬منــذ ســنة ‪ ،2010‬وأن هــذه االخي ـرة‬
‫الحظ ــت أن إح ــدى أجهـ ـزة الدول ــة س ــجلت حجـ ـ از تحفظي ــا بت ــاريخ ‪ 2012/01/13‬عل ــى ه ــذا‬
‫العقار‪ ،‬ملتمسة التشطيب على هذا الحجز‪ ،‬بعلة أن المسـير السـابق إلحـدى المـدعيتين الـذي‬

‫‪1‬‬
‫قرار منشور في هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة‪ ،‬الصفحة ‪.330‬‬

‫‪380‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫كــان متابعــا فــي إطــار قضــية جنائيــة‪ ،‬والــذي علــى أساســه تــم ايق ـاع الحجــز المــذكور‪ ،‬لــم تعــد‬
‫تربطه بالشركة الجديدة أية عالقة‪ ،‬فضال على استقالل أموال المالكة للعقـار كشـخص معنـوي‬
‫على أموال مسـيرها كشـخص طبيعـي معتبـرة فـي هـذا اإلطـار أن الحجـز المجـرى منصـبا علـى‬
‫ملك الغير يستوجب التشطيب عليه‪.‬‬

‫وإذا كانت محكمة الدرجة األولى من خالل حكمها الصـادر بتـاريخ ‪ 2017/07/18‬قـد‬
‫حاول ــت أن تن ــاقش القض ــية م ــن جانبه ــا الش ــكلي دون الخ ــوض ف ــي موض ــوع الطل ــب‪ ،‬حينم ــا‬
‫اعتبرت من جهة أن المدعية األولى لم تدل بنظامها األساسي حتـى يتسـنى لقاضـي الموضـوع‬
‫بســط رقابتــه علــى هويــة المســير ومــدة التســيير وعلــى األمـوال المكونــة لرســمال الشــركة لترتيــب‬
‫أثر عدم القبول ‪،‬من منطلق ان ادعاء كون العقار محل الحجز من مكونـات األصـل التجـاري‬
‫للشركة السالفة الذكر وكون المحجوز عليه بمقتضى المسطرة الجنحية مسير سابق لهـا مفتقـ ار‬
‫لإلثبات؛ ثم من جهـة أخـرى حينمـا اعتبـرت أن الحجـز المطلـوب التشـطيب عليـه قـد تـم بنـاء‬
‫على أمر قاضي التحقيق بمراكش في اطار انابـة قضـائية دوليـة مـن قاضـي التحقيـق بمحكمـة‬
‫االس ــتئناف ب ــاكس اون برف ــونس وأن التش ــطيب علي ــه م ــن من ــدرجات الرس ــم العق ــاري يقتض ــي‬
‫االدالء بمآل المسطرة الجنحية علـى نحـو قطعـي متمسـكة فـي هـذا االطـار بمقتضـيات الفصـل‬
‫‪ 91‬م ــن ق ــانون التحف ــيظ العق ــاري لترتي ــب نف ــس األث ــر وه ــو ع ــدم قب ــول الطل ــب‪ ،‬ف ــإن محكم ــة‬
‫االستئناف بمراكش وبموجب قرارها الصادر بتـاريخ ‪ 2018/10/25‬وان كانـت قـد رتبـت نفـس‬
‫نتيجة الحكم االبتدائي بتصريحها بتأييد الحكم المستأنف‪ ،‬فإنها ناقشت القضـية فـي شـكلها أوال‬
‫ثــم فــي صــلبها ثانيــا بمقتضــى تعليــل ال يتج ـ أز عــن بعضــه الــبعض‪ ،‬حينمــا اعتبــرت أن العقــار‬
‫موضــوع الحجــز التحفظــي والمطلــوب التشــطيب عليــه هــو فــي اســم المســتأنفة األولــى ‪ ...‬وان‬
‫كــل حــق عينــي متعلــق بعقــار محفــظ غيــر موجــود بالنســبة للغيــر اال بتقييــده وابتــداء مــن يــوم‬
‫التقييــد فــي الرســم العقــاري لــتخلص الــى كــون ادعــاء المســتأنفة الثانيــة شــركة ‪ ...‬علــى العقــار‬
‫المذكور ال أثر له ما دام لم يقيد بالرسم العقاري المذكور‪ ،‬معتبرة في هـذا االطـار أن المسـمى‬

‫‪381‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ...‬كــان مســي ار للمســتأنف األولــى وهــي المســؤولة بســبب أعمالــه اإلداريــة التــي نــتج عنهــا تقييــد‬
‫الحجــز التحفظــي علــى عقارهــا‪ ،‬وهــي النقطــة المفصــلية التــي أتاحــت لمحكمــة الدرجــة األولــى‬
‫البحث عـن علـة وسـبب موضـوعي وحقيقـي إليقـاع الحجـز المـذكور‪ ،‬ثـم عـادت مـرة أخـرى فـي‬
‫صــلب تعليلهــا الــى مناقشــة القضــية مــن الجانــب الشــكلي‪ ،‬حينمــا اعتبــرت ان المســتأنف الثانيــة‬
‫وان كانت هي المالكة لألصل التجاري ال يمكن لها التمسك بكل عقد يتعلق بأصل تجـاري أو‬
‫بأحد عناصره في مواجهة الطرف الحاجز الذي أوقع حج از تحفظيـا علـى ذلـك األصـل أو أحـد‬
‫عناصـره ممــا يتعلــق بموضــوع هــذا العقــد وذلــك تأسيســا علــى المــادة ‪ 454‬مــن ق م م لــتخلص‬
‫فـ ــي األخيـ ــر انسـ ــجاما مـ ــع األثـ ــر الـ ــذي رتبتـ ــه علـ ــى الطعـ ــن باالسـ ــتئناف المقـ ــدم مـ ــن طـ ــرف‬
‫المستأنفين معا إلى أن الحجز التحفظي هـو إجـ ارء احتـرازي مؤقـت يمنـع المـدين مـن االضـرار‬
‫بالدائن وأن التشطيب عليه من الرسم العقاري يقتضي تحقق الغرض الذي أنشا من أجله‪.‬‬

‫وقد كان في وسع محكمة الموضوع أن تتجاوز عن مناقشة القضية في إطار‬


‫منظومة الحجز التحفظي وترتب نفس األثر الذي نحته في حكمها وهو عدم قبول الدعوى‪،‬‬
‫حينما الحظت أن إدراج الدعوى الحالية قد تم بصفة مشتركة من طرف شركتين مختلفتين‬
‫هما "شركة ‪ "...‬و "شركة ‪ "...‬الرامية الى التشطيب على الحجز التحفظي المسجل على‬
‫العقار موضوع الرسم العقاري المذكور والذي تخالف في شكلها مقتضيات الفصل ‪ 14‬من‬
‫ق م م‪ ،‬التي ال تسمح بتقديم مقال واحد من طرف عدة مدعين أو ضد عدة مدعى عليهم إال‬
‫إذا كانت تجمعهم مصلحة مشتركة وسند مشترك‪ ،‬وأن الشركتين السالفتي الذكر ال يجمعهما‬
‫سند مشترك بمفهوم الفصل ‪ 14‬من ق م م حتى يتسنى لهما تقديم مقال واحد‪ ،‬سيما وأن‬
‫الوضعية القانونية للشركتين مختلفة عن األخرى‪ ،‬كما أن مركزهما إزاء الحجز المطلوب‬

‫‪382‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫التشطيب عليه متباين‪ ،‬لكنها لم تفعل‪ ،‬مع استحضار أن العمل القضائي واضح ومستقر في‬
‫هذا الباب‪.1‬‬

‫كمــا كــان فــي إمكانهــا أيضــا التمســك فــي معــرض تعليلهــا لمــا قضــت بــه‪ ،‬بانعــدام الصــفة‬
‫علــى اعتبــار أن شــركة ‪ ....‬نصــبت نفســها كصــاحبة حــق وصــفة ف ـي طلــب التشــطيب علــى‬
‫الحجــز التحفظــي‪ ،‬الواقــع علــى العقــار موضــوع الرســم العقــاري المــذكور مــن منطلــق خــاطئ‬
‫ومغلوط‪ ،‬وهـو أن هـذا العقـار المكـون لألصـل التجـاري‪ ،‬أصـبح فـي اسـمها منـذ سـنة ‪،2010‬‬
‫متحججــة فــي هــذا االطــار بمــا أســمته بعقــد تفويــت حصــص المســاهمة أبرمتــه مــع شــركة ‪،...‬‬
‫والحــال أن تحججهــا بوجــود عقــد التفويــت الســالف الــذكر الواقــع علــى العقــار المحفــظ موضــوع‬
‫الطلــب‪ ،‬لــيس لــه أدنــى أثــر فــي مواجهــة الغيــر‪ ،‬مــا دام لــم يــتم تســجيله وتقييــده بالرســم العقــاري‬
‫بالمحافظة العقارية حين إجراء الحجز محل الدعوى الحالية‪ ،‬بدليل مـا نـص عليـه الفصـل ‪66‬‬
‫من مدونة التحفيظ العقاري‪ ،‬والذي ورد فيه ما يلي‪:‬‬

‫"كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إال بتقييده‪ ،‬وابتداء‬
‫من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على األمالك العقارية"‪.‬‬

‫والمادة ‪ 67‬من نفس القانون التي نصت على ما يلي‪:‬‬

‫"إن األفعال اإلرادية واالتفاقات التعاقدية‪ ،‬الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى‬
‫الغير أو اإلقرار به أو تغييره أو إسقاطه‪ ،‬ال تنتج أي أثر ولو بين األطراف إال من تاريخ‬
‫التقييد بالرسم العقاري‪ ،‬دون اإلضرار بما لألطراف من حقوق في مواجهة بعضهم البعض‬
‫وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم‪".‬‬

‫‪1‬‬
‫يمكن أن نستشهد في هذا االطار بالقرار عدد ‪ 2993‬الصادر عن المجــلس األعلى (محكمة النقض حاليا) بتاريخ ‪ 2006/10/11‬في الملف‬
‫المدني رقم ‪ 2005/3/1/3665‬والذي اعتبر أن توجيه الدعوى بمقال واحد من شخصين ال يجمعهما سند مشترك يشكل مخالفة لمقتضيات الفصل‬
‫‪ 14‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وكذا القرار عدد ‪ 8/175‬الصادر بتاريخ ‪ 2014/04/22‬عن ذات الجهة القضائية في الملف المدني رقم‬
‫‪ 2013/18/2973‬وحكم حديث صادر عن المحكمة االدارية بالرباط تحت عدد ‪ 2891‬بتاريخ ‪ 2016/08/03‬في الملف اإلداري رقم‬
‫‪.2016/7101/2976‬‬

‫‪383‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وفي هذا االطار كانت ستتمسـك بـدليل فـي غايـة األهميـة‪ ،‬وهـو أن العقـار المـذكور كـان‬
‫وقت تاريخ ايقاع الحجز التحفظي الذي هو ‪ ،2012/01/13‬في إسم "شركة ‪ "...‬وليس فـي‬
‫اسم "شركة ‪ ،"...‬كما تشهد على ذلك رسالة المحافظ على االمالك العقارية بمراكش الموجهـة‬
‫الــى الضــابطة القضــائية بواليــة االمــن بم ـراكش –وذلــك فــي اطــار المتابعــة القضــائية الجنائيــة‬
‫التي طالت مسير الشركة األولى‪ ،‬وكذا شهادة الملكية العقارية المؤرخة في ‪.2012/08/07‬‬

‫كما كان بإمكانها‪ ،‬أن تالحظ أن الطلب غير مرتكز على أسـ ـ ــاس واقعي أو قـانوني منـذ‬
‫الوهل ــة األولـ ـى‪ ،‬ب ــدليل أن ش ــركة "شــــركة ‪ "...‬أدل ــت ت ــدعيما لطلبه ــا ال ــذي ت ــروم م ــن خالل ــه‬
‫التشــطيب علــى الحجــز التحفظــي الواقــع علــى العقــار موضــوع الن ـزاع‪ ،‬بمــا أســمته بعقــد تفويــت‬
‫جميـ ــع حصـ ــص المسـ ــاهمة أبرمتـ ــه مـ ــع شــــركة ‪ ،...‬منعيـ ــة عليهـ ــا أن إقـ ــدامها علـ ــى إج ـ ـراء‬
‫التصــرف المــذكور مــع شــركة ‪....‬عــن طريــق إبـ ارم عقــد تفويــت جميــع حصــص المســاهمة بمــا‬
‫فيها العقار موضوع النزاع‪ ،‬والحال أن الحجز التحفظي كان قائما ومنتجـا لكافـة آثـاره القانونيـة‬
‫بمفهوم الفصلين ‪ 66‬و‪ 67‬من مدونة التحفيظ العقاري السالفي الذكر‪ ،‬األمر الـذي يجعـل هـذا‬
‫التصرف هو والعدم سواء‪ ،‬استنادا إلـى مقتضـيات الفصـل ‪ 453‬مـن ق م م‪ ،‬التـي ترتـب علـى‬
‫الحجز التحفظي وضع يـد القضـاء علـى العقـارات والمنقـوالت موضـوع الحجـز ومنـع المحجـوز‬
‫عليه من التصرف فيها بأي نـوع مـن أنـواع التصـرف تحـت طائلـة الـبطالن‪ ،‬وكـذا المـادة ‪454‬‬
‫مــن نفــس القــانون التــي نصــت علــى أنــه‪" :‬ال يمكــن التمســك بكــل عقــد يتعلــق بأصــل تجــاري أو‬
‫بأحد عناصره في مواجهة الدائن الذي أوقع حجـ از تحفظيـا علـى ذلـك االصـل أو أحـد عناصـره‬
‫مما يتعلق بموضوع العقد المشار اليه"‪ ،‬وهو المنحى األخير الذي سـلكته عـن صـواب محكمـة‬
‫الدرجــة الثانيــة‪ ،‬دون أن تلتفــت الــى وســيلة االســتئناف المتعلقــة بعــدم ارتكــاز الحكــم االبتــدائي‬
‫علــى اســاس قــانوني ســليم وانعــدام التعليــل‪ ،‬والتــي نعــى مــن خاللــه الطرفــان أن شـــركة "‪"...‬‬
‫أصــبحت هــي المالكــة الوحيــدة لجميــع عناصــر االصــل التجــاري لشــركة ‪ ...‬منــذ ســنة ‪،2010‬‬
‫اي قبــل اج ـراء اي تحقيــق او توجيــه اي اتهــام المســمى ‪ ،...‬الــذي كــان حســب زعمهــا‪ ،‬مجــرد‬

‫‪384‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مســير للشــركة ولــيس مالكــا لهــا وال مسـاهما وال شـريكا فيهــا‪ ،‬متحججــة فــي هــذا االطــار بأحكــام‬
‫المادة ‪ 63‬من القانون رقم ‪ 5.96‬المتعلق بالشركات ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬للقول بأنـه ال‬
‫يمكن مساءلة الشركة عن أخطاء مسيرها ومعتبرة في هذا اإلطار أنهـا تعتبـر مـن األغيـار فـي‬
‫ملف الحجز التحفظي الواقع على عقارها‪ ،‬من منطلق أن هذا العقار المكون لألصل التجـاري‬
‫أصــبح فــي ملكهــا منــذ الســنة المــذكورة أعــاله‪ ،‬اســتنادا الــى مــا أســمته بعقــد تفويــت حصــص‬
‫المســاهمة أبرمتــه مــع شــركة ‪...‬؛ والحــال أنــه وخالفــا لمــا تــتحجج بــه هــذه الشــركة مــن أنهــا‬
‫ص ــاحبة ح ــق وص ــفة ف ــي طل ــب التش ــطيب عل ــى الحج ــز التحفظ ــي الم ــذكور ال يرتك ــز عل ــى‬
‫أساس‪ ،‬ألن تحججهـا بوجـود عقـد التفويـت السـالف الـذكر الواقـع علـى العقـار المحفـظ موضـوع‬
‫الطلب‪ ،‬ليس له أدنى أثر في مواجهة الغير بمن فيهم الطـرف الحـاجز‪ ،‬مـا دام لـم يـتم تسـجيل‬
‫هذا العقد وتقييده بالرسم العقاري بالمحافظة العقاريـة قبـل إجـراء الحجـز التحفظـي علـى العقـار‬
‫موضوع هذا الرسم‪ ،‬بدليل مـا نـص عليـه الفصـل ‪ 66‬السـالف الـذكر‪ ،‬مـع استحضـار أن إقـدام‬
‫طالب ــة رف ــع الحج ــز عل ــى إجـ ـراء التص ــرف الم ــذكور م ــع شـــركة ‪ .....‬ع ــن طري ــق إبـ ـرام عق ــد‬
‫التفويــت وبيــع جميــع حصــص المســاهمة بمــا فيهــا العقــار موضــوع الن ـزاع فــي ظــل وجــود قيــد‬
‫الحجــز التحفظــي علــى هــذا العقــار يجعــل هــذا التصــرف بــاطال وعــديم االثــر‪ ،‬مــا دام أن واقــع‬
‫الحــال يثبــت بمــا ال مجــال فيــه للريــب أن الــدافع الــى هــذا التصــرف كــان هــو االضـرار بحقــوق‬
‫الغير ليس إال‪.‬‬

‫والكــل مــع مالحظــة أنــه ال يوجــد فــي ثنايــا الــنص المحــتج بــه مــا يــوحي بــذلك س ـواء مــن‬
‫قبيل المنطوق او المفهوم بانه ال يمكن مساءلة الشركة عن أخطاء مسيرها‪ ،‬بـدليل مـا ورد فـي‬
‫المادة ‪ 63‬من القانون رقم ‪ 5.96‬السالف الذكر الذي نص بالحرف على ما يلي‪:‬‬
‫"في إطار العالقات بين الشركاء‪ ،‬تحدد ساعات المسيرين طبقا للنظام األساسي‪ ،‬وعند‬
‫سكوته يمكن ألي شريك أن يقوم بأي عمل تسيير فيه مصلحة الشركة‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تناط بالمسيرين في العالقات مع األغيار أوسع السلطات من أجل التصرف باسم‬


‫الشركة في كل األحوال مع مراعاة السلطات المسندة صراحة للشركاء بمقتضى القانون‪.‬‬
‫تلتزم الشركة في عالقاتها مع األغيار حتى بتصرفات المسير ولو لم يكن لها عالقة‬
‫بغرض الشركة إال إذا أثبتت أن الغير كان على علم بأن التصرف يتجاوز ذلك الغرض‬
‫أو لم يكن ليجهله نظ ار للظروف‪ .‬وال يكفي مجرد نشر النظام األساسي إلقامة هذه‬
‫الحجة‪.‬‬
‫وال يحتج ضد األغيار بمقتضيات النظام األساسي التي تحد من سلطات المسيرين‬
‫الناتجة عن هذه المادة‪.‬‬
‫يتمتع كل مسير على حدة بنفس السلطات المنصوص عليها بهذه المادة في حالة‬
‫تعدد المسيرين‪ .‬وال يكون للتعرض المقدم من مسير ضد أعمال مسير آخر أي أثر في‬
‫مواجهة األغيار ما لم يثبت أن هذا التعرض كان في علمهم‪.‬‬
‫تطبق أحكام الفقرة الرابعة من المادة السابعة على مسيري الشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة‪".‬‬

‫بل إن المسير يسـأل عـن األخطـاء المرتكبـة فـي التسـيير‪ ،‬بصـريح مـا نصـت عليـه الفقـرة‬
‫األولى من المادة ‪ 67‬من نفس القانون حيث ورد فيه ما يلي‪:‬‬
‫"يسأل المسيرون فرادى أو متضامنين‪ ،‬حسب األحوال‪ ،‬تجاه الشركة أو تجاه األغيار‬
‫عن مخالفتهم لألحكام القانونية المطبقة على الشركات ذات المسؤولية المحدودة أو‬
‫عن خرق أحكام النظام األساسي أو عن األخطاء المرتكبة في التسيير‪.‬‬
‫إذا ساهم عدة مسيرين في نفس األفعال‪ ،‬فإن المحكمة تحدد النسبة التي يتحملها كل‬
‫واحد منهم في التعويض عن الضرر‪.‬‬
‫فضال عن دعوى المطالبة بتعويض الضرر الشخصي‪ ،‬يمكن للشركاء فرادى أو‬
‫جماعة أن يمارسوا دعوى الشركة في المسؤولية ضد المسيرين‪ .‬ويجوز للمدعين متابعة‬

‫‪386‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطالبة بالتعويض عن الضرر الكامل الالحق بالشركة التي يمنح لها التعويض عند‬
‫االقتضاء‪.‬‬
‫ألجل ذلك‪ ،‬يجوز للشركاء الممثلين لربع رأس المال‪ ،‬أن يكلفوا لمصلحتهم المشتركة‬
‫وعلى نفقتهم‪ ،‬واحدا أو بعضا منهم بتمثيلهم لدعم دعوى الشركة الموجهة ضد المسيرين‬
‫سواء من حيث المطالبة أو من حيث الدفاع وال يكون النسحاب شريك أو عدة شركاء‬
‫خالل الدعوى‪ ،‬إما لكونهم فقدوا صفة شركاء أو ألنهم تخلوا بمحض إرادتهم‪ ،‬أي أثر‬
‫على سير الدعوى المذكورة‪.‬‬
‫عند إقامة دعوى الشركة الشروط المنصوص عليها في هذه المادة‪ ،‬ال يمكن للمحكمة‬
‫أن تبت فيها إال إذا تم إدخال الشركة في الدعوى بشكل صحيح في شخص ممثليها‬
‫القانونيين‪.‬‬
‫يعتبر كأن لم يكن‪ ،‬كل شرط وارد في النظام األساسي يكون هدفه إخضاع ممارسة‬
‫دعوى الشركة إلى رأي مسبق أو ترخيص من الجمعية العامة أو يتضمن تنازال مسبقا‬
‫عن ممارسة هاته الدعوى‪.‬‬
‫ال يمكن أن يترتب على أي قرار للجمعية العامة للشركاء سقوط دعوى المسؤولية ضد‬
‫المسيرين لخطإ ارتكبوه أثناء ممارسة مهامهم‪".‬‬

‫والكــل أيضــا مــع استحضــار‪ ،‬أن عمليــة الحجــز التــي تمــت بنــاء علــى قـرار الســيد قاضــي‬
‫التحقي ــق بمـ ـراكش‪ ،‬ق ــد ج ــرت عل ــى جمي ــع أمـ ـوال ش ــركة "‪ "...‬كله ــا‪ ،‬دون تميي ــز ب ــين مس ــيرها‬
‫وشـركائها أو أصــولها وفروعهـا‪ ،‬والمتورطــة فـي إجـراء عمليـات مشــبوهة‪ ،‬وهـو مــا تؤكـده وثــائق‬
‫القضية الموجودة بالملف‪.‬‬

‫والخالصة هي أن محكمة الدرجة الثانية وهي تنظر فـي الطعـن باالسـتئناف المقـدم ضـد‬
‫الحكم المسـتأنف ظلـت وفيـة ألسـباب االسـتئناف المثـارة أمامهـا والسـيما السـبب المتعلـق بخـرق‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 454‬من ق م م‪ ،‬من منطلق أن الحجز التحفظي له طـابع وقتـي وال يمكـن‬

‫‪387‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أن يســتمر فــي غيــاب أي اثبــات علــى وجــود متابعــة أو أي اتهــام أو حكــم فــي مواجهــة شــركة‬
‫‪ ،...‬حينمــا اعتبــرت بموجــب قرارهــا أن العقــار موضــوع الحجــز التحفظــي والمطلــوب التشــطيب‬
‫عليـه هـو فـي اسـم المســتأنفة األولـى ‪ ...‬وان كـل حـق عينـي متعلــق بعقـار محفـظ غيـر موجــود‬
‫بالنسبة للغيـر اال بتقييـده وابتـداء مـن يـوم التقييـد فـي الرسـم العقـاري وهـي النقطـة الشـكلية التـي‬
‫خولـت لهــا اســتخالص األثــر القــانوني فــي منطــوق قرارهــا لــتخلص إلــى كــون ادعــاء المســتأنفة‬
‫الثانية شركة ‪ ....‬على العقار المذكور ال أثر له ما دام لم يقيد بالرسم العقـاري المـذكور‪ ،‬قبـل‬
‫أن تقحــم بعــد ذلــك نقطــة مفصــلية فــي الموضــوع وهــو أن المســمى ‪ ...‬كــان مســي ار للمســتأنف‬
‫األولــى وهــي المســؤولة بســبب أعمالــه اإلداريــة التــي نــتج عنهــا تقييــد الحجــز التحفظــي علــى‬
‫عقارهــا‪ ،‬وكأنهــا تعتبــر أن الحجــز التحفظــي الجــاري علــى العقــار موضــوع الن ـزاع‪ ،‬يجــد اساســه‬
‫القــانوني بنــاء علــى ق ـرار قاضــي التحقيــق لــدى محكمــة االســتئناف بم ـراكش فــي إطــار االنابــة‬
‫القضــائية مــن القضــاء الفرنســي فــي إطــار المتابعــة الجنائيــة الجاريــة ضــد شــركة ‪ ....‬ومســيرها‬
‫بس ــبب اتهامهم ــا ب ــإجراء مع ــامالت مش ــبوهة يعاق ــب عليه ــا الق ــانون الجن ــائي الفرنس ــي‪ ،‬وه ــي‬
‫المتابعة التي أسفرت عن اجراء التحقيـق االعـدادي باالسـتماع الـى بعـض الشـهود فـي القضـية‬
‫ومــا صــاحب ذلــك مــن اجـراءات تحفظيــة وحجــوزات علــى امـوال وأصــول الشــركة المتابعــة مــع‬
‫مسيرها على ذمة التحقيق في انتظار ما ستسفر عليه هذه المتابعة القضائية‪.‬‬

‫وكــان بإمكانهــا أن تصــرح بــذلك فــي اطــار صــياغة تعليلهــا لمــا ذهبــت اليــه فــي قرارهــا‬
‫المذكور دونما حاجة الى ان تعود مرة أخرى في صلب هذا التعليـل الـى مناقشـة القضـية مـن‬
‫الجانب الشـكلي‪ ،‬حينمـا اعتبـرت ان المسـتأنف الثانيـة وان كانـت هـي المالكـة لألصـل التجـاري‬
‫ال يمكــن لهــا التمســك بكــل عقــد يتعلــق بأصــل تجــاري أو بأحــد عناص ـره فــي مواجهــة الطــرف‬
‫الحاجز الذي أوقع حج از تحفظيا على ذلـك األصـل أو أحـد عناصـره ممـا يتعلـق بموضـوع هـذا‬
‫العقد وذلك تأسيسا على المادة ‪ 454‬مـن ق م م وتمهـد لـذلك فـي مسـتهل تعليلهـا انسـجاما مـع‬
‫األثــر الــذي رتبتــه علــى الطعــن باالســتئناف المقــدم أمامهــا إلــى أن الحجــز التحفظــي هــو فعــال‬

‫‪388‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إجراء احترازي مؤقت يمنع المدين من االضرار بالدائن وأن التشطيب عليه من الرسم العقاري‬
‫يقتضــي تحقــق الغــرض الــذي أنشــا مــن أجلــه وتؤســس لب ارعــة االســتهالل بمقتضــيات الفصــل‬
‫‪ 453‬مــن ق م م‪ ،‬التــي علــى ضــوئها يترتــب علــى الحجــز التحفظــي وضــع يــد القضــاء علــى‬
‫العقــارات والمنق ـوالت موضــوع الحجــز ومنــع المحجــوز عليــه مــن التصــرف فيهــا بــأي نــوع مــن‬
‫أن ـواع التصــرف تحــت طائلــة الــبطالن‪ ،‬للقــول فــي األخيــر بــأن إج ـراء الحجــز التحفظــي علــى‬
‫العقــار موضــوع الن ـزاع مطابقــا للقــانون وقائمــا لحــد الســاعة الرتباطــه الوثيــق بالــدعوى الجنائيــة‬
‫المقامة من طرف القضاء الفرنسي‪ ،‬في انتظار ما ستسفر عنه المتابعة القضائية الجاريـة فـي‬
‫حق شركة ‪ ...‬ومسيرها‪.‬‬

‫‪389‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ محمد ناجي شعيب‪،‬‬


‫مستشار بمحكمة النقض‬

‫ال جدال في أن العقار الخاضع لمسطرة التحفيظ العقاري قابل للتداول‪ ،‬وألن ينتقل من‬
‫شخص إلى آخر بجميع أنواع التفويت كانت بعوض أو بغير عوض‪ ،‬إال أن شبح قاعدة‬
‫التطهير سيظل يتهدد صاحب الحق المفوت حتى في مواجهة طالب التحفيظ نفسه الذي‬
‫انتقل له منه الحق إليه ـ ـ كال‪ ،‬أوجزءا في حالة تعدد طالبي التحفيظ ـ ـ إن لم يبادر إلى إشهار‬
‫ذلك الحق خالل جريان مسطرة التحفيظ وقبل تأسيس الرسم العقاري في اسم الطرف طالب‬
‫التحفيظ المفوت‪ ،‬وهو اإلشهار الذي يتم إما عن طريق ممارسة مسطرة التعرض كدعوى‬
‫استحقاقية في مواجهة طالب التحفيظ الذي ال يسلم بحق المتعرض‪ ،‬أما في حالة تسليم‬
‫المفوت بالحق المفوت‪ ،‬فللمفوت إليه الخيار بين سلوك مسطرة الخالصة اإلصالحية عمال‬
‫بالفصل ‪ 83‬من ظهير التحفيظ العقاري لتواصل مسطرة التحفيظ في اسمه‪ ،‬أو سلوك مسطرة‬
‫اإليداع المنصوص عليها في الفصل ‪ 84‬بعده من نفس القانون‪.‬‬

‫فالمودع في إطار الفصل ‪ 84‬المذكور ـ وهو الذي يهم موضوع التعليق ـ ـ يروم‬
‫حفظ رتبته في التقييد لحظة تأسيس الرسم العقاري‪ ،‬وهــو غير التقييد االحتياطي الذي مجاله‬
‫العقار المحفظ طبقا للفصل ‪ 85‬من نفس القانون الذي جاء فيه بأنه " يمكن لمن يدعي حقا‬
‫في عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا قصد االحتفاظ المؤقت بهذا الحق" ‪ ،‬والمودع ال‬
‫يكتسب صفة طالب التحفيظ وإن كان خلفا خاصا لهذا األخير‪ ،‬كما ال يكتسب صفة‬

‫‪1‬‬
‫قرار منشور في هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة‪ ،‬الصفحة ‪.302‬‬

‫‪390‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫متعرض‪ ،‬ويبقى بالتا لي طرفا أجنبيا عن نزاع التحفيظ القائم بين طالب التحفيظ والمتعرض‪،‬‬
‫وتدخله في الدعوى إذا ما اكتسى طابعا هجوميا بأن قام هو اآلخر يطالب بحقه المستقل‬
‫يكون غير مقبول‪ ،‬أما إذا اكتسى طابعا دفاعيا بأن كان انضماميا فقط لتدعيم مزاعم من‬
‫فوت له الحق فيكون مقبوال ‪ ،‬وفي جميع األحوال يظل المودع طرفا أجنبيا عن نزاع التحفيظ‬
‫وال صفة له في تقديم الطعن في األحكام الصادرة بين طالب التحفيظ والمتعرض‪ .‬وهو ما‬
‫سار عليه عمل محكمة النقض ( المجلس األعلى سابقا) نذكر من ذلك مثال القرار رقم‬
‫الذي جاء فيه‬ ‫‪ 1392‬بتاريخ ‪ 2005/05/11‬في الملف المدني عدد ‪2003/1/1/936‬‬
‫بأن "الطاعن ليس طالبا للتحفيظ وال متعرضا وإنما اقتصر على إيداع عقد شرائه من طالبة‬
‫التحفيظ بالمحافظة العقارية في نطاق الفصل ‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري الذي ينص‬
‫على أنه إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع لإلشهار أمكن لصاحبه من أجل‬
‫ترتيبه في التسجيل والتمسك بالحق المذكور في مواجهة الغير أن يودع بالمحافظة العقارية‬
‫الوثائق الالزمة لتسجيل وتقييد هذا اإليداع‪ ،‬ويسجل هذا الحق بالرتبة التي عينت له بالتقييد‬
‫السابق وذلك في يوم التحفيظ ‪ ، ".‬وأنه باعتبار المركز القانوني الذي أعطاه المشرع في ظل‬
‫قانون التحفيظ العقاري قبل تغييره وتعديله بمقتضى القانون ‪ 14/07‬فإنه لم يكن للمحكمة‬
‫أيضا أن تنظر في مدى صحة التعرض في مواجهة اإليداع أو العكس‪ ،‬ألن اختصاصها‬
‫طبقا للفصل ‪ 37‬من ظهير التحفيظ العقاري قاصر على البت في صحة التعرض من عدمه‬
‫في مواجهة مطلب التحفيظ‪ ،‬أي محصو ار في النزاع القائم بين المتعرض وطالب التحفيظ ال‬
‫غير‪.‬‬
‫لكن ما هي وضعية المودع في ظل مستجدات قانون التحفيظ على ضوء قانون‬
‫‪ 14/07‬وما مدى تأثير التعرض على اإليداع على مسطرة التحفيظ؟‬
‫بعد أن نص الفصل ‪ 24‬من ظهير التحفيظ العقاري على أنه " يمكن لكل شخص‬
‫يدعي حقا ع لى عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ‪.‬‬
‫في حالة المنازعة في وجود حق الملكية أو في مداه‪ ،‬وفي حالة االدعاء باستحقاق حق عيني‬
‫‪391‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع إنشاؤه‪ ".‬جاء في الفقرة األخيرة منه ليضيف جديدا‬
‫حين نص على " حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن عنه طبقا للفصل ‪ 84‬من هذا‬
‫القانون‪ "،‬أي منازعة المودع فيما قام به من إيداع‪ ،‬وهي إضافة جاءت لتحل إشكاليات عديدة‬
‫منها مثال إشكالية اإليداعات الالحقة لإليداع األول إذا ما تعلقت بنفس الحق‪ ،‬حيث كانت‬
‫القاعدة على مستوى المحافظة العقارية هي أن " إيداع على إيداع ال يجوز " في حالة‬
‫التنافي‪ ،‬وإن كان اإليداع عمليا ال يعطي أولوية لصاحب اإليداع األسبق على غرار التقييد‬
‫االحتياطي في العقار المحفظ‪ ،‬ألن العقار في طور التحفيظ يخضع ألحكام الفقه اإلسالمي‬
‫والتي ترجح العقد األقدم تاريخا وترتب األثر االنتقالي للحق من صاحبه إلى المودع على‬
‫التصرف األسبق وإن جاء إيداعه في تاريخ الحق‪ ،‬كما أن المقتضيات الجديدة أصبحت‬
‫تخول الشريك في الشياع ممارسة حق الشفعة في مواجهة المشتري المودع رأسا بدل انتظار‬
‫انتهاء مسطرة التحفيظ ‪ ،‬وذلك بالتعرض على ما قام به من إيداع لشرائه الستشفاع الشقص‬
‫المبيع‪ ،‬هذا وتجدر اإلشارة إلى أن التعرض على اإليداع يختلف عن التعرض على مطلب‬
‫التحفيظ ال من حيث أطرافه وال من حيث موضوعه‪ ،‬فالتعرض على مطلب التحفيظ له‬
‫مسطرته الخاصة حيث يعتبر طالب التحفيظ طرفا مدعى عليه ‪ ،‬وال تكون المحكمة ملزمة‬
‫بمناقشة حججه ‪ ،‬إال إذا دعم المتعرض تعرضه بحجة معتبرة أو كان حائزا‪ ،‬أما دعوى‬
‫التعرض على اإليداع فهي دعوى استحقاقية عادية للمطالبة بالحق المودع تنظرها المحكمة‬
‫االبتدائية دون إخضاعها للنظام المعمول به للبت في نزاعات التحفيظ في دعوى المتعرض‬
‫في مواجهة طالب التحفيظ‪.‬‬
‫لكن ماهو تأثير التعرض على اإليداع على مسطرة التحفيظ العقاري وما يستبعها‬
‫من إقامة الرسم العقاري في اسم طالب التحفيظ؟‬
‫ال ريب أنه إذا كان حق المودع منصبا على كامل العقار موضوع مطلب التحفيظ‪،‬‬
‫فإنه ال يمكن تحويل الرسم العقاري في اسم المودع ولو انتهت المسطرة واتضح للمحافظ‬
‫ع لى األمالك العقارية صحة وسالمة حجج طالب التحفيظ‪ ،‬إال بعد البت في التعرض على‬
‫‪392‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اإليداع بحكم نهائي بات‪ ،‬أما إذا كان العقد المودع يشمل جزءا فقط من العقار موضوع‬
‫مطلب التحفيظ‪ ،‬فإن النزاع يبقى قاص ار على الجزء موضوع اإليداع وما تم من تعرض عليه‬
‫وال يؤثر على االستمرار في مسطرة التحفيظ وإقامة رسم عقاري في اسم طالب التحفيظ‬
‫بالنسبة للجزء المتبقى‪ ،‬ألنه مادام الحق موضوع اإليداع ليس محل نزاع من طرف طالب‬
‫التحفيظ فإنه أيا كانت نتيجة التعرض على اإليداع فهي ال تؤثر على المركز القانوني لطالب‬
‫التحفيظ بالنسبة للجزء المتبقى غير المشمول بالعقد المودع‪ ،‬وقد كان لمحكمة النقض فرصة‬
‫مناقشة ومعالجة إشكاال من هذا القبيل بمناسبة الطعن في قرار المحافظ على األمالك‬
‫العقارية الذي رفض بموجبه اتخاذ المتعين بشأن مطلب تحفيظ أحيل عليه بعد انتهاء‬
‫المسطرة القضائية وصدور حكم نهائي يقضي بعدم صحة التعرض المقام على مطلب‬
‫التحفيظ مؤسسا ق ارره المذكور على مقتضيات الفصل ‪ 30‬من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،‬والذي‬
‫يظهر أنه لم يأخذ فيه بعين االعتبار أن طالب التحفيظ يروم إقامة رسم عقاري في شق‬
‫مطلب التحفيظ الذي ال عالقة له بالحق المودع المتعرض عليه‪ ،‬وذلك بمقتضى قرارها رقم‬
‫بتاريخ ‪ 2016/11/01‬في الملف عدد ‪ 2015/8/1/7163‬الذي جاء في تعليله بأن‬
‫''التعرض المشار إليه في الفصل ‪ 30‬من ظهير ‪ 1913-08-12‬المتعلق بالتحفيظ العقاري‬
‫والذي يمنع المحافظ من اتخاذ قرار بالتحفيظ إال بعد استنفاذ جميع طرق الطعن بشأنه يهم‬
‫فقط الحالتين األولى والثانية من الفصل ‪ 24‬من نفس القانون واللتان تتعلقان بحالة المنازعة‬
‫في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار‪ ،‬وبحالة‬
‫االدعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه‪ ،‬ألنهما وحدهما‬
‫تمسان حقوق الملكية التي يدعيها طالب التحفيظ‪ ،‬أما حالة المنازعة في حق وقع اإلعالن‬
‫عنه طبقا للفصل ‪ 84‬من هذا القانون‪ ،‬فال تأثير لها على هذا الحق وتهم فقط العالقة بين‬
‫المودع والمتعرض على اإليداع‪ ،‬وألن ما قد يصدر بشأنها من ق اررات قضائية يمكن تقييده‬
‫بالرسم العقاري بعد إنشائه''‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبرجوعنا إلى القرار موضوع التعليق نجد أنه عالج وضعية المودع في ظل قانون‬
‫التحفيظ العقاري قبل تعديله بموجب القانون ‪ 14-07‬الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ‬
‫‪ 2011/11/24‬فاعتبر أن اإليداع في إطار الفصل ‪ 84‬من نفس القانون إنما يكون من‬
‫أجل ترتيب الحق والتمسك به إذا ما انتهت المسطرة لصالح طالب التحفيظ‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يعطي المودع صفة طرف في نزاع التحفيظ وال يخول له حق التدخل فيه ليطالب بحق له في‬
‫عقار المطلب بوصفه خلفا لطالب التحفيظ‪ .‬ولذلك فإن محكمة الموضوع عندما قبلت تدخل‬
‫المودع في الدعوى‪ ،‬وتعاملت مع طعنه باالستئناف كطرف أصيل فيها كان قرارها خارقا‬
‫لمقتضيات الفصول ‪ 37‬و‪ 83‬و‪ 84‬من ظهير التحفيظ العقاري مما عرضه بالتالي للنقض‬
‫واإلبطال‪.‬‬
‫لكن أية حماية ستكون للمودع سيما وأن الواقع العملي أثبت تراخي طالب التحفيظ في‬
‫مواصلة المسطرة وتتبع أطوارها بعد تفويته العقار للمودع وباألحرى ورثته من بعده بعدما‬
‫أصبح العقار خارج متروكه‪ ،‬فالمقتضيات الجديدة لم تعالج االيداع بالشكل المنتظر‪ ،‬بل وأنها‬
‫ولدت معطلة إذا ما اعتبرنا أن أجل التعرض هو شهرين فقط يبتدئ من يوم نشر اإلعالن‬
‫عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية كما جاء في مستهل الفصل ‪ 24‬من ظهير التحفيظ‬
‫العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ ،14/07‬بل وأنه حتى مع قبول التعرض بعد‬
‫األجل المذكور بصفة استثنائية من طرف المحافظ على األمالك العقارية عمال بالفصل ‪29‬‬
‫من نفس القانون بعده‪ ،‬فإن هذه اإلمكانية ال تصبح متاحة له بعد إحالته للملف على‬
‫المحكمة حيث يصبح باب التعرض موصدا بصفة تهائية‪ ،‬والحال أن إمكانية اإليداع تبدأ مع‬
‫فتح مطلب التحفيظ وال تنتهي إال بإنشاء الرسم العقاري‪ ،‬ولعل خير مثال على ذلك هو‬
‫وضعية الشريك على الشياع في عقار في طور التحفيظ ومدى إمكانية ممارسته لحق الشفعة‬
‫الستشفاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت إليه بموجب عقد بيع تم إبداعه الحقا‬
‫على انصرام أجل الشهرين من تاريخ النشر حيث يظل تحت رحمة المحافظ لقبول تعرضه‬
‫في إطار األجل االستثنائي بل وأكثر من ذلك فإنه إذا ما حصل وأن أحيل ملف المطلب‬
‫‪394‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫على القضاء فإن صالحية المحافظ في قبول التعرض تكون قد انتهت‪ ،‬وسد معها بالتالي‬
‫باب التعرض بصفة نهائية‪ ،‬ويبقى التساؤل ـ والحالة ما ذكر حول كيفية تفعيل مقتضيات‬
‫المادة ‪ 305‬من مدونة الحقوق العينية التي نصت على أنه" إذا كان العقار في طور التحفيظ‬
‫فال يعتد بطلب الشفعة إال إذا ضمن الشفيع تعرضه بمطلب التحفيظ المتعلق به" ليكون‬
‫الجواب هو أن الشريك ال شفعة له في البيوعات المنصبة على عقار في طور التحفيظ‬
‫المودعة بعد إحالة ملف مطلب التحفيظ على المحكمة للنظر في التعرضات المقامة ضده‪.‬‬
‫وهي نتيجة تغني عن كل تعليق إن لم نقل أنها تجعلنا أمام وضع شاد‪ ،‬وبالتالي ألم يكن‬
‫حريا أن تكون بداية سريان أجل التعرض على اإليداع ابتداء من تاريخ اإليداع المتعرض‬
‫عليه وليس من تاريخ النشر تمشيا مع قاعدة أن سريان األجل بالنسبة للحقوق ال يكون إال‬
‫من يوم اكتسابها‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن وضعية المودع كخلف خاص لطالب‬
‫التحفيظ تجرنا إلى إثارة وضعية الورثة كخلف عام لطالب التحفيظ وكيف تعامل معها العمل‬
‫القضائي‪ ،‬ذلك أنه في بداية األمر كانت محاكم الموضوع في حالة وفاة طالب التحفيظ تأمر‬
‫بإرجاع الملف إلى المحافظ ليجعل المطلب موافقا لحالته الراهنة‪ ،‬لتواصل بعدها النظر في‬
‫القضية‪ ،‬ثم بعدها تم التخلي عن هذا التوجه فاعتبر أال موجب لهذا اإلرجاع وإنما يتعين‬
‫البت في الملف على الحالة‪ ،‬معلال ذلك بأنه "إذا أحيل الملف من طرف المحافظ على‬
‫المحكمة وجب عليها أن تستمر في اإلجراءات لتصدر حكمها بصحة التعرض أو عدم‬
‫صحته‪ ،‬وال يجوز لها أن تأمر بإرجاع الملف إلى المحافظ للقيام باإلجراءات الالزمة لتدخل‬
‫ورثة الهالك‪ ،‬إذ في إمكان هؤالء‪ ،‬بعد البت في التعرض‪،‬أن يقدموا أمام المحافظ مطلبا‬
‫بتصحيح الحالة الناشئة عن وفاة طالب التحفيظ ( قرار المجلس األعلى رقم ‪ 545‬ملف‬
‫مدني ‪ 50843‬بتاريخ ‪ 1976/09/29‬مجلة المحاماة عدد ‪ 19‬ص ‪ )157‬ثم عاد المجلس‬
‫األعلى ليعتبر أن األهلية من شروط صحة الدعوى ‪ ،‬وأن الطعن كالدعوى ال يكون من ميت‬
‫أو عليه‪ ،‬وأصبح لورثة الهالك سواء كان طالب تحفيظ أو متعرض إمكانية مواصلة الدعوى‬
‫والظهور فيها طرفا رئيسيا بل وأن الطعن يجب أن يمارس من طرفهم هم ويكون غير مقبول‬
‫‪395‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إذا أقيم باسم موروثهم المتوفى‪ ،‬وإذا كان العمل القضائي قد عالج وضعية الخلف العام‬
‫وتخطى جدار القاعدة التي تحصر طرفي النزاع فيمن ظه ار كطرفين رئيسيين خالل المرحلة‬
‫اإلدارية أمام المحافظ وهما طالب التحفيظ والمتعرض‪ ،‬فإن التساؤل يبقى مطروحا لما ال‬
‫يستفيد الخلف الخاص من وضعية مشابهة سيما وأن النظر في النزاع ال يخرج عن إطار‬
‫الفصل ‪ 37‬من ظهير التحفيظ العقاري الذي هو البت في وجود الحق المدعى فيه من قبل‬
‫الطرف المتعرض وطبيعته ومشتمالته ونطاقه‪ ،‬وأن الصفة والمصلحة إنما تصبحان في‬
‫الواقع لمن انتقل إليه الحق‪ ،‬تلك بإيجاز بعض النقط التي تثيرها وضعية المودع في ظل‬
‫النص القانوني وعلى ضوء تفسير العمل القضائي لهذا النص‪.‬‬

‫‪396‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫من إعداد األستاذ محمد ناجي شعيب‪،‬‬


‫مستشار بمحكمة النقض‬

‫القرار موضوع التعليق أثار نقطة جوهرية تخص موضوع اإلرث في الشق المتعلق‬
‫بمانع من موانع اإلرث الذي هو القتل‪ ،‬وهو موضوع له أهميته لتعلقه بالنظام العام باعتبار‬
‫أن اإلرث فرض من فرائض هللا تعالى‪ ،‬وجعله وصية من وصاياه إلى عباده وأمانة في‬
‫أعناقهم‪ ،‬قال تعالى في سورة النساء " يوصيكم هللا في أوالدكم‪ ..‬إلى قوله عز وجل ‪...‬وصية‬
‫من هللا‪ ،‬وهللا عليم حليم‪ ،‬تلك حدود هللا‪ ،‬ومن يطع هللا ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها‬
‫األنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم‪ ،‬ومن يعص هللا ورسوله ويتعدى حدوده ندخله نا ار‬
‫خالدا فيها وله عذاب مهين''‪ .2‬وروي عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن '' من قطع‬
‫ميراثا فرضه هللا قطع هللا ميراثه من الجنة''‪ ،3‬وارتباطا بالنقطة القانونية التي أثارها القرار‬
‫موضوع التعليق سنقف عند أحد موانع اإلرث الذي هو القتل العمد‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن موانع‬
‫اإلرث اختزلها الفقهاء في كلمة (عش لك رزق) حسب التفصيل التالي‪ :‬ع‪ :‬عدم االستهالل‪،‬‬
‫وش‪ :‬الشك‪ ،‬ول‪ :‬اللعان‪ ،‬وك‪ :‬الكفر‪ ،‬ور‪ :‬الرق‪ ،‬وز‪ :‬الزنا‪ ،‬وق‪ :‬القتل‪ ،‬وجاء في‬
‫السماللية‪:‬‬

‫شك لعان كفر ذي اعتزال‬ ‫يمنع اإلرث عدم استهالل‬


‫إال الوال عن معتق قد قتال‬ ‫رق زنى وقتل ظلم مسجال‬

‫‪1‬‬
‫قرار منشور في هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة‪ ،‬الصفحة ‪.280‬‬
‫‪2‬‬
‫اآليات ‪ 11‬و‪ 12‬و‪ 13‬من سورة النساء‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫سنن سعيد بن منصور ‪.96/1‬‬

‫‪397‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫إنه ال خالف في أن القتل العمد مانع من اإلرث في المال والدية‪ ،‬للحديث الشريف ''ال‬
‫يرث القاتل''‪ ،1‬وإن علة منع القاتل ظلما وعدوانا من اإلرث هي أن استعجاله الميراث بغير‬
‫وجهه‪ ،‬فاستعجل الشيء قبل أوانه بحسب المظنة وظاهر حاله فجوزي وعوقب بحرمانه أي‬
‫عومل بنقيض قصده ‪،‬أما القتل الخطأ فليس مانعا من اإلرث وهو ما كرسه المشرع المغربي‬
‫في مدونة األسرة في المادة ‪ 333‬حين نص على أن ''من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة‬
‫لم يرث من ماله وال ديته‪ ،‬وال يحجب وارثا‪ ،‬ومن قتل موروثه خطأ ورث من المال دون الدية‬
‫وحجب ''ومصدره قول خليل'' وال قاتل عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة كمخطئ من الدية''‬

‫لكن الخالف يثار عندما تدق التفرقة بين ما هو قتل عمد وما هو قتل خطأ حيث‬
‫تختلف اآلثار المترتبة عن هذا التمييز بين تمكين الوارث من حقه في اإلرث وبين حرمانه‬
‫منه‪ ،‬والتي تكون نتيجتها خطيرة بالنظر إلى أن األمر يتعلق بحق هللا وما أوصى به في‬
‫أحكام الميراث‪ ،‬والنقطة التي أثيرت في نازلة الحال تتعلق بجرم اقترفه الوارث ( وهو االبن)‬
‫في حق موروثه (الذي هو والده) أدانته من أجله المحكمة الجنائية بعد أن كيفت فعلته على‬
‫أنها ضرب وجرح أفضى إلى موت الموروث دون نية إحداثه وعاقبته من أجل ذلك بعشر‬
‫سنوات سجنا نافذا‪ ،‬فقام بعد استنفاذ العقوبة السجنية يطالب بنصيبه إرثا في عقار من‬
‫متروك والده الذي قتله بحجر رماه به على إثر شنآن بينهما متمسكا بكون قتله له لم يكن‬
‫مقصودا وأنه كان خطأ مستشهدا بالقرار الجنائي الذي أدانه بالضرب والجرح المفضيين إلى‬
‫الموت دون نية إحداثه‪.‬‬

‫موت الموروث دون نية إحداثه ومدى تأثيره على حق مرتكبه في اإلرث‪ ،‬نجد أن‬
‫المالكية كانوا متشددين في التسبيب تشددهم في مسألة الدماء‪ ،‬ذلك أن'' مفرق الخالف بين‬
‫اإلمام مالك رحمه هللا وجمهور الفقهاء أن مالكا ينظر إلى نتيجة االعتداء بغض النظر عن‬
‫كون المعتدي قصد النتيجة أم لم يقصدها‪ ،‬فمن اعتدى بالضرب‪ ،‬وانتهى الضرب بالموت فقد‬

‫‪1‬‬
‫الدارقطني ‪237/4‬‬

‫‪398‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اعتبر عامدا للقتل باعتبار العدوان بالضرب‪ ،‬وأن القصاص حيث كان القتل من غير نظر‬
‫آللته''‪ ، 1‬وأن هذا النوع من القتل يدخل في'' القتل المشبوه أو الغامض الذي ال يعرف وجهه‬
‫هل كان خط أ أو عمدا؟ وهل كان بحق أو تأوال أوعدوانا‪ ،‬وحكمه أنه محمول على العدوان‬
‫يمنع من اإلرث حتى يثبت ببينة خالفه من خطأ أو قتل بحق فيعمل بذلك‪ ،‬فإذا قتل وارث‬
‫موروثه وادعى أنه قتله خطأ‪ ،‬أو دفاعا عن نفس أو عرض فإنه ال يصدق في ذلك ويحمل‬
‫على أنه قتله عمدا عدوانا‪ ،‬ألن األصل في أفعال الناس القصد والعمد‪ ،‬ال الخطأ‪ ،‬واألصل‬
‫عصمة الدم حتى يثبت ما يبيحه"‪ ،2‬وقد جاء في كتاب فتاوى األزهر عن دار اإلفتاء‬
‫المصرية ‪ :‬أن الضرب المفضي إلى الموت مثل القتل المباشر في الميراث‪ ،‬وكان السؤال‬
‫حول رجل ضرب زوجته بمجمع يده على ظهرها وجنبها حتى أثر الضرب على أحشائها‬
‫فمرضت نحو شهر مرضا لم يمنعها من الخروج من منزلها لقضاء مصالحها إلى أن ماتت ‪،‬‬
‫فهل هذا الفعل يعد قتال عمدا أو شبه عمد مانعا لميراث الفاعل وهو الزوج‪ ،‬وكان الجواب‪:‬‬
‫متى تحقق أن موتها بسبب هذا الضرب ولم يكن بحق كان ذلك مانعا من إرثه‪ ،‬ألنه حينئذ‬
‫يكون قاتال‪ ،‬ومجرد خروجها ال يكفي في انتفاء نسبة الموت للضرب واعتباره أث ار له‪ ،3‬فالعبرة‬
‫إذن هي بحدوث العدوان وهو ما ذهب إليه القرار موضوع التعليق مستشهدا بما ورد في‬
‫حاشية الدسوقي على الشرح الكبير '' وال يرث قاتل لموروثه عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة تد أر‬
‫عنه القصاص كرمي الوالد ولده بحجر فمات منه‪ ،‬فالضمير في أتى للقاتل ال بقيد العدوان‪،‬‬
‫إذ ال عدوان مع الشبهة وقد يقال جعله عدوانا من حيث التعمد'' ‪،‬وفي نفس السياق جاء بأن‬
‫'' قاتل العمد عدوانا ال يرث من المقتول شيئا ال من المال وال من الدية وإن عفى عنه وإن‬
‫أتى بشبهة تد أر عنه القتل كرمي الوالد ولده بحديدة‪ 4''..‬وكلها جاءت في شرح قول خليل‬

‫‪1‬‬
‫الجريمة والعقوب ة في الفقه اإلسالمي ـ العقوبةـ لإلمام محمد أبوزهرة طبعة دار الفكر العربي‪ ،‬ص ‪.522‬‬
‫‪2‬‬
‫اللباب في شرح تحفة الطالب لألستاذ محمد التاويل ص ‪ 30‬و‪.31‬‬
‫‪3‬‬
‫فتاوي األزهر‪ ،‬دار اإلفتاء المصرية‪ ،‬ورد في الدليل العملي لفقه اإلرث وتوزيع التركات‪ ،‬ص‪ ،66‬سلسلة الدالئل العلمية ‪ 3‬الطبعة الثانية ‪-1432‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪4‬‬
‫حاشية ابن الخياط للشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن عمر الزكاري الفاسي على شرح الخرشي لفرائض مختصر العالمة خليل ص ‪ ،181‬دار‬
‫الكتاب العلمية بيروت‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫''وال قاتل عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة ''‪ ،‬وعليه فإنه إذا كانت ظروف ومالبسات الجرم‬
‫تد أر عن القاتل القصاص‪ ،‬فإن القتل المشبوه يبقى مانعا من اإلرث‪ ،‬ألنه كما أشار بعض‬
‫الفقه "ال يجوز أن يست حق اإلنسان لنفسه على نفسه شيئا وال يجوز أن يجني جناية يستحق‬
‫بها ماال‪ ،‬ألن الجناية إن لم تلزمه شيئا فال أقل من أن ال تفيده استجالب مال''‪ ،1‬والتساؤل‬
‫الذي قد يطرح نفسه في النازلة هو أنه إذا كانت قناعة القاضي الجنائي قد انتهت إلى أن‬
‫نية القتل لم تكن متوفرة ل دى الجاني ألم يكن ذلك ليقيد القاضي المدني بخصوص الوقائع‬
‫الثابتة للقاضي الجنائي عمال بالفصل ‪ 418‬من قانون االلتزامات والعقود الذي يعتبر‬
‫األحكام حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ حجة على الوقائع التي تثبتها؟ ويكون الجواب أنه‬
‫ال تعارض بين الحكم الجنائي وما ذهب إليه القاضي المدني ألن األول انطلق من قاعدة‬
‫مفادها أن الشك يفسر لمصلحة المتهم وكان بديهيا في ظل تكييف الفعل الجرمي أن يعطيه‬
‫القاضي الجنائي الوصف األخف الذي هو القتل دون نية إحداثه‪ ،‬وأنه حتى بالنسبة للحدود‬
‫في المجال الشرعي تد أر بالشبهات ( الحد ال يثبت بدليل فيه شبهة)‪ ،‬أما القاضي المدني وهو‬
‫يبحث في مدى تأثير القتل بشبهة على حق القاتل في الميراث فقد ساير التوجه الفقهي‬
‫المفصل أعاله في أن العبرة بحصول العدوان وما ترتب عنه من نتيجة القتل‪ ،‬و أن ما‬
‫أعطته محكمة النقض من تفسير لنص المادة ‪ 333‬من مدونة األسرة يصب في ذلك االتجاه‬
‫انطالقا من القتل العمد ولو بشبهة‪.‬‬

‫تلك بإيجاز النقطة التي أثارها القرار موضوع التعليق‪ ،‬آمل أن أكون قد وفقت في‬
‫إيصال المراد ‪ ،‬وهللا ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫إيضاح األسرار المصونة في الجواهر المكنونة في صدف الفرائض المسنونة‪ ،‬للشيخ أحمد بن سليمان الجزولي الرسموكي ص ‪ ،15‬توزيع دار‬
‫المعرفة الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪401‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪402‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪403‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تعمل الوكالة القضائية للمملكة باعتبارها فاعال مؤسسيا مرجعيا في الميدان القانوني‬
‫والقضائي على إغناء النقاش أمام جميع محاكم المملكة‪ ،‬والمساهمة في تطوير االجتهاد‬
‫القضائي‪ ،‬وتتمظهر هذه اإلسهامات أساسا في التوجهات الجديدة التي تبناها القضاء‬
‫بخصوص نقط قانونية معينة‪.‬‬

‫ويخصص هذا المحور من المجلة إلبراز بعض أوجه تطور العمل واالجتهاد‬
‫القضائيين في مجال اختصاص ونشاط المؤسسة‪ .‬وفي هذا اإلطار نورد بعض القواعد‬
‫القانونية التي إستقر عليها االجتهاد والعمل القضائيين في منازعات مختلفة‪ ،‬وعلى سبيل‬
‫المثال نذكر‪:‬‬

‫‪404‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 4/63‬والمؤرخ في ‪ 17‬يناير ‪2013‬‬


‫الصادر في الملف االداري عدد ‪2012/1/4/2506‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫التشطيب على دفتر التحمالت الواردة في عقد البيع بين المدعي (المستأنف) وإدارة‬
‫األمالك المخزنية نزاع إداري خاضع لمراقبة القضاء اإلداري وليس القضاء العادي‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2012/11/12‬من طرف المستأنف المذكور أعاله‪،‬‬
‫بواسطة نائبيه األستاذين علي شاربة ورشيد العمراني‪ ،‬الرامي إلى استئناف الحكم المستقل‬
‫المتعلق باالختصاص النوعي رقم ‪ 654‬الصادر عن المحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ‬
‫‪ 2012/9/27‬في الملف عدد‪.6/12/78 :‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 90-41‬المتعلق بإحداث محاكم إدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في ‪.2012/12/6‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪.2012/12/27‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة المستشار المقرر السيدة سلوى الفاسي الفهري تقريرها في هذه الجلسة‬
‫واالستماع إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬
‫في االختصاص النوعي‪:‬‬

‫‪405‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫حيث يؤخذ من أوراق الملف أن المستأنف ‪ ....‬وبواسطة مقال قدم بتاريخ‬


‫‪ 1979/3/30‬أمام المحكمة اإلدارية بوجدة يعرض فيه أنه تقدم بطلب إلى رئيس دائرة‬
‫تاوريرت من أجل الحصول على إحدى القطع األرضية بمدينة تاوريرت إال أن طلبه قوبل‬
‫بالرفض بدعوى أن البقعة األرضية المطلوبة توجد في منطقة خضراء‪ ،‬إال أنه فوجئ بعد‬
‫ذلك بأن القطعة ذاتها منحت للسيدين ‪ ....‬اللذين شيدا فوقها عمارة من ثالث طوابق بعد‬
‫حصولهما على رخصة من الجهات المختصة تحت عدد ‪ 1041‬وتاريخ ‪2007/12/10‬‬
‫وتقدم بعدة شكايات في الموضوع أصدر على إثرها وزير الداخلية ق ار ار بتاريخ‬
‫‪ 1982/02/25‬يقضي بتعويضه ببقعة أرضية أخرى‪ ،‬بتاوريرت وبمجرد توصله بقرار‬
‫التفويت تقدم بطلب إلى السيد رئيس المحكمة االبتدائية بوجدة قصد تعيين خبير لتحديد‬
‫القطعة األرضية والذي أصدر ق ار ار يحدد موقع القطعة األرضية إال أنه فوجئ بهجوم عليه‬
‫من طرف أعوان السلطة وأصدر رئيس الجماعة ق ار ار يقضي بإيقاف األشغال وبعد إشعار‬
‫رئيس المحكمة الذي عن أحد األعوان القضائيين قصد انجاز محضر في الموضوع وبعد‬
‫االستماع إلى الشهود تم انجاز محضر بتاريخ ‪ 2003/5/27‬وبعد محاولة إقامة أحد‬
‫المشاريع على قطعته األرضية المتعاقد مع أحد المستثمرين ليفاجئ ‪ ...‬طلبه بشهادة الملكية‬
‫العقارية من طرف المحافظة العقارية بأن ملكيته خاضعة لدفتر تحمالت صادرة عن األمالك‬
‫المخزنية بوجدة ‪ 1992‬دون علمه‪ ،‬وبعد مرور عشر سنوات من التفويت وقد حاول في بداية‬
‫األمر التقيد بدفتر التحمالت إال أنه لم يتظلم ألن تقيده ببناء مركب للصناعة التقليدية‬
‫والتجارة والصناعة اصطدم مع ضعف وإمكانيته المادية وعندما أبرم شراكة مع أحد‬
‫المستثمرين فوجئ بشرط عدم إمكانية التفويت وعدم إمكانية منح القروض من األبناك نظ ار‬
‫للوضعية القانونية للقطعة األرضية ألنه ال يمكن تقديم القرض إال مقابل رهن ملتمسا‬
‫التصريح بكون شروط دفتر التحمالت الملصقة بملكية العارض تعد تعسفية وغير قانونية‬
‫وتبعا لذلك التصريح بالتشطيب عليها من ملكيته واحتياطيا التشطيب على الشرطين‬
‫المتعلقين بالمنع من التفويت والمنع من الرهن لكونهما يقيدان العارض ويحدان من حقه في‬
‫‪406‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الملكية واحتياطيا جدا التصريح بالتشطيب على شرط المنع لكونه يحرمه من المال للبناء‬
‫‪ ....‬وبعد جواب الدولة الملك الخاص بكون التشطيب ال يدخل ضمن االختصاصات‬
‫المخولة للمحاكم اإلدارية بمقتضى المادة الثامنة من قانون ‪ ،90-41‬وبعد تبادل الردود‬
‫صدر الحكم بانعدام االختصاص النوعي للمحكمة اإلدارية‪ ،‬استأنفه المدعي متمسكا‬
‫بالتصريح باختصاص المحكمة اإلدارية للبت في الطلب‪.‬‬
‫لكن حيث إن النزاع في موضوعه يتعلق بالتشطيب على دفتر التحمالت الواردة في‬
‫عقد البيع بين المدعي (المستأنف) وإدارة األمالك المخزنية فهو عقد من العقود غير المألوفة‬
‫با عتبار أنه مقيد بدفتر التحمالت كما هو ثابت من الوثائق الصادرة من مصلحة المحافظة‬
‫على األمالك العقارية بوجدة فهو نزاع إداري خاضع لمراقبة القضاء اإلداري وليس القضاء‬
‫العادي‪ ،‬مما يكون معه الحكم المستأنف قد جاء مجانبا للصواب ويتعين إلغاؤه والتصريح‬
‫باختصاص القضاء اإلداري للبت في الطلب‪.‬‬
‫لــهذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص بإلغاء الحكم المستأنف والتصريح باختصاص القضاء اإلداري‬
‫وإرجاع الملف إلى المحكمة اإلدارية التي أصدرته لمواصلة النظر فيه‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلس ات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الجلسة‬
‫للغرفة اإلدارية (القسم األول ) السيد أحمد دينية‪ ،‬والمستشارين السادة ‪ :‬سلوى الفاسي الفهري‬
‫مقررة‪ ،‬عبد الحميد سبيال‪ ،‬عبد المجيد بابا أعلي‪ ،‬سعاد المديني‪ ،‬وبمحضر المحامي العام‬
‫السيد سابق الشرقاوي‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفسية الحراق‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫المستشار المقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬

‫‪407‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .2‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 1/1271‬والمؤرخ في ‪ 26‬دجنبر‬


‫‪ 2013‬الصادر في الملف االداري عدد ‪2013/1/3/3393‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫قرار المحافظ برفض تنفيذ أحكام قضائية نهائية قضت برفض التعرضات على مطالب‬
‫التحفيظ‪ ،‬هو قرار إداري‪ ،‬يختص القضاء اإلداري للبت في الطلب المتعلق به‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2013/10/24‬من طرف المستأنف المذكور أعاله‪،‬‬
‫بواسطة نائبه األستاذ عابد اموحى‪ ،‬الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق‬
‫باالختصاص النوعي رقم ‪ 400‬الصادر عن المحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ ‪2013/07/04‬‬
‫في الملف عدد‪.5/03/26 :‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 90-41‬المتعلق بإحداث محاكم إدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في ‪.2013/11/28‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العالنية المنعقدة بتاريخ‬
‫‪.2013/12/26‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين و من ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة المستشار المقرر السيد عبد الحميد سبيال تقريره في هذه الجلسة واالستماع‬
‫إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬
‫في االختصاص النوعي‪:‬‬
‫حيث استأنف المحافظ على األمالك العقارية بالناظور الحكم عدد ‪ 400‬البات في‬
‫االختصاص النوعي الصادر عن المحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ ‪ ،2013/07/04‬في‬

‫‪408‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الملف عدد ‪ ،5/13/26‬ذلك أنه يؤخذ من وثائق الملف وفحوى الحكم المستأنف‪ ،‬أن‬
‫المستأنف عليه تقدم بمقال أمام نفس المحكمة بتاريخ ‪ 2013/2/27‬عرض فيه أنه تقدم‬
‫بمطلب التحفيظ رقم ‪ 11/16032‬لتحفيظ العقار المسمى أمل موضوع عقد الشراء المؤرخ‬
‫في ‪ ، 1997/10/24‬وأنه بعد اللجوء إلى القضاء فيما يخص البت في التعرضات المقدمة‬
‫في الموضوع والحكم بعدم صحتها وصيرورة األحكام التي بتت فيها نهائية أحيل الملف على‬
‫المحافظ خالل شهر مارس ‪ 2010‬لمواصلة إجراءات التحفيظ وتسليم نظير الرسم العقاري‬
‫له‪ ،‬تنفيذا لمقتضيات األحكام القضائية المذكورة‪ ،‬إال أن المحافظ أشعره بأن المساحة الحقيقية‬
‫للمك هي هكتار واحدا و‪ 82‬آ ار و‪ 34‬سنتيارا‪ ،‬وأن الوثائق المبررة للمساحة الزائدة غير‬
‫مقبولة وألنه في حالة عدم تسوية الوضعية سيعمل خالل ثالثة أشهر على إلغاء مطلب‬
‫التحفيظ‪ ،‬وهو القرار المطعون فيه باإللغاء‪ ،‬أجاب المحافظ ملتمسا عدم قبول الطلب لكون‬
‫اإلنذار الموجه إلى المستأنف عليه هو مجردا إجراء تمهيدي‪ ،‬واحتياطيا التصريح بعدم‬
‫االختصاص النوعي للقضاء اإلداري‪.‬‬
‫لكن حيث أنه و كما أشار إلى ذلك الحكم المستأنف و عن صواب‪ ،‬فإنه مادامت‬
‫القضية قد فصل فيها من طرف القضاء العادي بعدم صحة جميع التعرضات التي قدمت‪،‬‬
‫فإن رفض المحافظ االمتثال لتنفيذ أحكام قضائية نهائية يكون القضاء اإلداري هو المختص‬
‫نوعيا بالبت في الطلب‪ ،‬نظ ار لكون القرار الصادر عن المحافظ هو قرار إداري و الحكم‬
‫المستأنف لما قضى باختصاص المحكمة اإلدارية يكون واجب التأييد‪.‬‬
‫لـــهذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص بتأييد الحكم المستأنف وإرجاع الملف إلى المحكمة التي أصدرته‬
‫لمواصلة النظر فيه‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫اإلدارية (القسم األول) السيدة عائشة بن الراضي والمستشارين السادة‪ :‬عبد الحميد سبيال‬
‫‪409‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مقررا‪ ،‬أحمد دينية‪ ،‬عبد المجيد بابا اعلى‪ ،‬عبد العتاق فكير وبمحضر المحامي العام السيد‬
‫سابق الشرقاوي‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫المستشار المقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬

‫‪410‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .3‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 1/1971‬والمؤرخ في ‪ 17‬شتنبر‬


‫‪ 2015‬الصادر في الملف االداري عدد ‪2015/1/4/3181‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫إن الدولة الملك الخاص وإن كانت تعتبر من أشخاص القانون العام‪ ،‬فإن عقود الكراء‬
‫التي تبرمها مع الخواص بشأن أمالكها تعتبر عقودا مدنية تخضع النزاعات المتعلقة‬
‫بإبرامها وتنفيذها وفسخها لمقتضيات القانون الخاص‪ ،‬مادام ال تظهر فيها جهة اإلدارة‬
‫بمظهر السلطة العامة‪ ،‬كما إنها ال تتصل بتسيير مرفق عام‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2015/07/21‬من طرف المستأنف المذكور أعاله‪،‬‬
‫الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق باختصاص النوعي رقم ‪ 98‬الصادر عن‬
‫المحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2014/12/30‬في الملف عدد ‪:‬‬
‫‪.2014/7112/448‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 90-41‬المتعلق بإحداث محاكم إدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في ‪.2015/09/17‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪.2015/09/17‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة المستشار المقرر السيد عبد العتاق فكير تقريره في هذه الجلسة واالستماع‬
‫إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون ‪:‬‬
‫حيث ي ستفاد من أوراق الملف‪ ،‬ومن ضمنها الحكم المستأنف المشار إلى مراجعه أعاله‬
‫أن الشركة المدعية – المستأنف عليها – تقدمت بتاريخ ‪ 2014/09/29‬بمقال أمام المحكمة‬

‫‪411‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫اإلدارية بالدار البيضاء‪ ،‬عرضت فيه أنه بتاريخ ‪ 2009/12/08‬رسى عليها المزاد العلني‬
‫لكراء العقار ذي الرسم العقاري عدد ‪ 14.757‬س رقم ‪ ،1278‬المسمى "ساسيما الكريفات‬
‫بني اعمير" بعمالة إقليم الفقيه بن صالح‪ ،‬وأنها أدت بتاريخ ‪ 2009/12/17‬مبلغ‬
‫‪ 167.000.00‬درهم‪ ،‬إضافة إلى مبلغ ‪ 16.700.00‬درهم‪ ،‬الذي يشكل ‪ % 10‬من ثمن‬
‫رسو المزاد المدفوع للمحاسب حسب التصريح باألداء رقم ‪ ،107910‬وأنها قامت بالمصادقة‬
‫على العقد وتسجيله أمام السلطة المختصة بتاريخ ‪ ،2010/02/16‬والذي ينص على مدته‬
‫بخصوص السنة الفالحية ‪ ،2010-2009‬أي من ‪ 2009/10/01‬إلى ‪،2010/09/30‬‬
‫بتاريخ ‪ 2010/02/18‬توجه ممثلها رفقة مندوب دائرة أمالك الدولة ببني مالل من أجل‬
‫استيالم الضيعة‪ ،‬إال أنه فوجئ باحتالل جميع المباني المقامة فوق العقار المذكور من طرف‬
‫المسمين ‪ ،.........‬فضال عن قيامهما بجني غلة الزيتون واستغالل األخشاب‪ ،‬رغم كون‬
‫الموظف المكلف التابع لدائرة الدولة صرح بأن الضيعة فارغة‪ ،‬وقد وجهت المدعية عدة‬
‫تظلمات بهذا الشأن لكن بدون جدوى‪ ،‬كما صرح الشخصان المحتالن أنهما كان يشتغالن‬
‫مع المكتري السابق للضيعة‪ ،‬وظال بها بعد إفراغه‪ ،‬مضيفة أنها تقدمت بدعوى استعجالية‬
‫أمام رئيس المحكمة االبتدائية بالفقيه بن صالح إلفراغ المحتلين إال أن طلبها تم رده‪ ،‬وأنها لم‬
‫تتسلم العين المكراة ولم تستغلها بسبب ذلك االحتالل‪ ،‬وقد توصلت برسالة تنذرها بإفراغ‬
‫الضيعة بتاريخ ‪ 2010/09/30‬ورغم مطالبتها بتجديد العقد فوجئت بكراء الضيعة للغير‪،‬‬
‫والتمست الحكم أساسا على المدعى عليهما بأدائهما لفائدتها تعويضا إجماليا عما لحقها من‬
‫أضرار وقدره ‪ 1.000.000.00‬درهم مع الفوائد القانونية وشمول الحكم بالنفاذ المعجل‪،‬‬
‫واحتياطيا األمر تمهيديا بإجراء خبرة في الميدان الفالحي لتحديد كافة الخسائر الالحقة بها‪،‬‬
‫وحفظ الحق في اإلدالء بمطالبها النهائية بعد إجراء الخبرة أجاب مدير مديرية أمالك الدولة‬
‫بالدفع أساسا بعدم اختصاص المحكمة اإلدارية نوعيا بالبت في الطلب لكون األمر يتعلق‬
‫بعقد كراء مدني تختص بالبت فيه المحاكم العادية‪ ،‬واحتياطيا التمس الحكم برفض الطلب‪،‬‬

‫‪412‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد استنفاذ اإلجراءات‪ ،‬أصدرت المحكمة اإلدارية حكما قضى باختصاصها نوعيا بالبت‬
‫في الطلب مع إرجاع الملف إلى القاضي المقرر الستكمال اإلجراءات وهو الحكم المستأنف‪.‬‬
‫في أسباب االستئناف ‪:‬‬
‫حيث تعيب الطاعنة الحكم المستأنف بسوء التعليل الموازي النعدامه‪ ،‬ذلك أنه استند‬
‫على كون دفتر الكلف والشروط المنظمة لكراء األمالك المخزنية الفالحية عن طريق سمسرة‬
‫عمومية وافتتاح الكراء بالمزاد العلني للعقارات التابعة لألمالك الدولة يتضمن شروطا غير‬
‫مألوفة في العقود العادية‪ ،‬والحال أن الدفتر المذكور هو عبارة عن سرد لبنود عقد الكراء‬
‫المنظم للعالقة الكرائية بين الطرفين والتي تحكمها قواعد القانون الخاص‪ ،‬مما يجعل العقد‬
‫يندرج ضمن العقود العادية‪ ،‬اذ ال يتسم بسمات العقد اإلداري‪ ،‬وال يتصل بتسيير مرفق عام‬
‫بل بكراء مال مملوك للدولة ملكا خاصا تتصرف فيه على نحو ما يتصرف األفراد في‬
‫أموالهم‪ ،‬وطبقا للقانون المدني‪ ،‬وأن اللجوء إلى السمسرة العمومية ال يعدو أن يكون مجرد‬
‫إجراء يفرضه القانون المنظم لتسيير األمالك الخاصة وكراء العقارات الفالحية‪ ،‬أن موضوع‬
‫الطلب حسب المقال االفتتاحي‪ ،‬هو أداء تعويض إجمالي عن األضرار والخسائر الناتجة‬
‫عن عدم التمكن من استغالل العقار المكترى‪ ،‬مما ال يمكن تصنيفه ضمن االختصاصات‬
‫المسندة للمحاكم اإلدارية بمقتضى الفصل ‪ 8‬من القانون رقم ‪ 41-90‬المحدث لها‪ ،‬فيكون‬
‫الحكم عرضة لإللغاء‪.‬‬
‫حي ث صح ما عابت به الطاعنة الحكم المستأنف‪ ،‬ذلك أن الدولة الملك الخاص وإن‬
‫كان تعتبر من أشخاص القانون العام‪ ،‬فإن عقود الكراء التي تبرمها مع الخواص بشأن‬
‫أمالكها تعتبر عقودا مدنية تخضع النزاعات المتعلقة بإبرامها وتنفيذها وفسخها لمقتضيات‬
‫القانون الخاص‪ ،‬إذ ال تظهر فيها جهة اإلدارة بمظهر السلطة العامة‪ ،‬كما إنها ال تتصل‬
‫بتسيير مرفق عام‪ ،‬وال تعدو مسطرة كرائها المحددة بمقتضى دفتر الكلف والشروط عن‬
‫طريق السمسرة العمومية مجرد إجراءات تنظيمية بفرضها القانون‪ ،‬وليس من شأنها تغيير‬

‫‪413‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫طبيعة عقد الكراء وإضفاء طابع العقد اإلداري عليه‪ ،‬فيكون الحكم المستأنف بما نحاه مجانبا‬
‫للصواب وواجب اإللغاء‪.‬‬
‫لــهذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص بإلغاء الحكم المستأنف والتصريح باختصاص القضاء العادي‬
‫وإحالة الملف على المحكمة االبتدائية بالفقيه بن صالح‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫اإلدارية (القسم األول) السيد محمد منقار بنيس‪ ،‬والمستشارين السادة‪ :‬عبد العتاق فكير‬
‫مقررا‪ ،‬أحمد دينية‪ ،‬المصطفى الدحاني نادية للوسي‪ ،‬وبمحضر المحامي العام السيد سابق‬
‫الشرقاوي‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفسية الحراق‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫المستشار المقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬

‫‪414‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .4‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 1/1914‬والمؤرخ في ‪ 10‬شتنبر‬


‫‪ 2015‬الصادر في الملف االداري عدد ‪2015/1/4/3240‬‬
‫القاعدة‪:‬‬

‫إن المعيار في تحديد االختصاص ليس بالنظر إلى المستفيد من االتفاق الواقع مع اإلدارة‬
‫وإنما يكون االتفاق المذكور يجسد نشاط وعمل اإلدارة في تحقيق منفعة عامة‪ ،‬مما يكون‬
‫معه النزاع يندرج ضمن االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2015/03/12‬من طرف المستأنفين المذكورين أعاله‬
‫بواسطة نائبهما األستاذ أحمد جعفر‪ ،‬الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق‬
‫باالختصاص النوعي رقم ‪ 391‬الصادر عن المحكمة االبتدائية بتمارة بتاريخ‬
‫‪ 2014/10/29‬في الملف عدد ‪.2012/1402/257 :‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 41-90‬المتعلق بإحداث محاكم إدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في‪.2015/09/07‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪.2015/09/10‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة المستشار المقرر السيد المصطفى الدحاني تقريره في هذه الجلسة واالستماع‬
‫إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون ‪:‬‬
‫حيث يستفاد من وثائق الملف ومن الحكم المستأنف الصادر عن المحكمة االبتدائية‬
‫بتمارة بتاريخ ‪ 2014/10/29‬في الملف رقم ‪ 2012/1402/257‬عدد ‪ 391‬أن ‪........‬‬
‫تقدما بمقال أمام نفس المحكمة بتاريخ ‪ 2012/06/28‬يعرضان فيه أنهما يعتبران من أحفاد‬
‫المتوفى ‪ ......‬كانا مستقرين بأرض المحصاة تحت عدد ‪ 11‬المتواجدة بجماعة مرس الخير‬

‫‪415‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ذات الرسم العقاري عدد ‪ .R/23664‬مساحتها أربع هكتارات وخمسة وخمسون آر وسبعة‬
‫وستون سنتيار الشيء الذي يجعلهما يستفيدان من عملية إعادة إسكان قبيلة كيش األوداية‪،‬‬
‫وبتاريخ ‪ 2009/01/13‬عقدت اللجنة المحلية المكلفة بعملية إعادة إسكان ذوي الحقوق من‬
‫قبيلة كيش االوداية اجتماعا معهما برئاسة قائد قيادة مرس الخير بحضور كل من ممثل‬
‫عمالة الصخيرات تمارة ومجموعة الضحى حيث استقر على توقيع بروتوكول اتفاق‬
‫بالتعويض عن السكن‪ ،‬حيث تم تخصيص القطعة األرضية رقم ‪ 33‬من مشروع النور‬
‫بتامسنا الحاملة للرسم العقار عدد ‪ 71678/38‬مناصفة بينهما باإلضافة إلى مبلغ مالي‬
‫‪ 100.000.00‬درهم‪ ،‬إال أنه لحد اآلن لم تنفذ الجهات المدعى عليها ما التزمت به على‬
‫الرغم من إفراغهما من األرض المذكورة‪ ،‬ملتمسين الحكم على المدعى عليهم متضامنين‬
‫بتمكينهما من القطعة رقم ‪ 33‬مع إبرام عقد تفويت معهم يثبت ملكيتهما للقطعة مناصفة‬
‫بينهما تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ‪ 10.000.00‬درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ‬
‫وبأدائهم لهما المبلغ الذي التزموا بأدائه مع الفوائد القانونية ابتداء من تاريخ تحرير محضر‬
‫التعويض عن السكن الذي هو ‪ 2009/01/13‬والنفاذ المعجل والصائر‪ ،‬وبعد الجواب وتمام‬
‫اإلجراءات قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا للبت في الطلب وهو الحكم المستأنف ‪:‬‬
‫في أسباب االستئناف ‪:‬‬
‫حيث يعيب المستأنفان الحكم المستأنف بانعدام األساس القانوني‪ ،‬ذلك أن المحكمة‬
‫االبتدائية بتمارة لما قضت بعدم اختصاصها لم تعتبر أن المستفيد من البقعة والملزم بتنفيذ‬
‫بروطوكول االتفاق هي شركة الضحى‪ ،‬وهي شركة خاصة وإن تم توقيع االتفاق أمام‬
‫السلطات المحلية كأطراف القانون العام الذي ال يفقده طبيعته المدينة‪ ،‬إضافة إلى أن تنفيذ‬
‫العقود ال يدخل ضمن االختصاصات المخولة للمحاكم اإلدارية طبقا للمادة ‪ 8‬من قانون‬
‫المحاكم اإلدارية متمسكة في ذلك بحكم صادر عن المحكمة اإلدارية بالرباط تتعلق بنفس‬
‫النازلة قضت فيه بعدم اختصاصها لكون االتفاق يعتبر عقدا خاصا ألن تنفيذه يرجع لشركة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫‪416‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لكن حيث إن المعيار في تحديد االختصاص ليس بالنظر إلى المستفيد من االتفاق‬
‫الواقع بين اإلدارة والمستأنفين وإنما يكون االتفاق المذكور يجسد نشاط وعمل وزير الداخلية‬
‫في تحقيق منفعة عامة وذلك بإعادة إسكان ذوي الحقوق في أرض جماعية في نطاق سلطة‬
‫الوصاية‪ ،‬ومن تم فإن النزاع يندرج ضمن االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية‪ ،‬ويكون‬
‫الحكم المستأنف واجب التأييد‪.‬‬
‫لهــذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص بتأييد الحكم المستأنف وإحالة الملف على المحكمة اإلدارية‬
‫بالرباط للبت فيه طبقا للقانون‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫اإلدارية (القسم األول) السيد محمد منقار بنيس‪ ،‬والمستشارين السادة‪ :‬المصطفى الدحاني‬
‫مقر ار‪ ،‬أحمد دينية‪ ،‬عبد العتاق فكير‪ ،‬عبد الرحمن مزوز‪ .‬وبمحضر المحامي العام السيد‬
‫سابق الشرقاوي وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفيسة الحراق‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫المستشار المقرر‬ ‫الرئيس‬

‫‪417‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .5‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 1972‬والمؤرخ في ‪ 17‬شتنبر ‪2015‬‬


‫الصادر في الملف االداري عدد ‪2015/1/4/3241‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫النزاع المتعلق بإلغاء مطلب تحفيظ يصنف ضمن نوع الدعاوي المنظمة بمقتضى الفصل‬
‫‪ 64‬من ظهير ‪ 1913/08/12‬المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره وتعديله‪ ،‬وبالتالي‬
‫يكون القضاء العادي هو المختص نوعيا بالبت فيه‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2015/08/06‬من طرف المستأنف المذكور أعاله‪،‬‬
‫الرامي إلى استئناف الحكم المستقل المتعلق باختصاص النوعي رقم ‪ 24‬الصادر عن‬
‫المحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ ‪ 2015/01/15‬في الملف عدد ‪.2014/7112/191 :‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 90-41‬المتعلق بإحداث محاكم إدارية‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في ‪.2015/09/07‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العالنية المنعقدة بتاريخ‬
‫‪.2015/09/17‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة المستشار المقرر السيد عبد العتاق فكير تقريره في هذه الجلسة واالستماع‬
‫إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون ‪:‬‬
‫حيث يؤخذ من أوراق الملف‪ ،‬ومن ضمنها الحكم المستأنف المشار إلى مراجعه أعاله‬
‫أن المدعين – المستأنف عليهم – تقدموا بتاريخ ‪ 2014/10/15‬بمقال أمام المحكمة‬
‫اإلدارية بوجدة عرضوا فيه أنه بمقتضى المرسوم رقم ‪ 2-77-789‬بتاريخ ‪1978/03/23‬‬

‫‪418‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تقرر نزع ملكية القطعة األرضية رقم ‪ ،655‬البالغة مساحتها ‪ 2‬هكتار ‪ 59‬آر ‪ 10‬سنتيار‪،‬‬
‫التي كان يملكها الهالك ‪ ،........‬الكائن بالمنطقة المسماة سيدي علي بن أحمد ببلدية‬
‫سلون‪ ،‬وأنه بتاريخ ‪ 18‬غشت ‪ 1993‬نشر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4216‬المرسوم رقم‬
‫‪ 364-93-2‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬يوليوز ‪ ،1993‬قضى بالتخلي عن نزع الملكية لبعض‬
‫القطع األرضية‪ ،‬ومن بينها القطعة األرضية رقم ‪ ،655‬مضيفين بأن شهادة صادرة عن‬
‫مدير مركب الصلب والحديد تؤكد تخلي المركب عنها تنفيذا لمرسوم التخلي‪ ،‬وأن القطعة‬
‫األرضية المذكورة أصبحت في ملكية ورثة ‪ ،.......‬وبموجب عقدين عدليين األول موضوع‬
‫مذكرة الحفظ رقم ‪ 11‬صحيفة ‪ 96‬بتاريخ ‪ ،1994/10/17‬والثاني موضوع مذكرة الحفظ رقم‬
‫‪ 12‬صحيفة ‪ 67‬بتاريخ ‪ ،1996/04/28‬باع الورثة واجبهم فيها للمدعين‪ ،‬وبحكم أن‬
‫القطعة األرضية المذكورة أصبحت موضوع مطلب التحفيظ عدد ‪ 11/14805‬فقد أحيل‬
‫ملفها على القضاء وتم البت في التعرضات عليه‪ ،‬وأهمها تعرض المدعين الذي حكم‬
‫بصحته في حدود مساحة القطعة األرضية‪ ،‬إال أنه بعد أن حاز الحكم قوة الشيء المقضى‬
‫به‪ ،‬فوجئوا بإلغاء المحافظ على األمالك العقارية بالناظور لمطلب التحفيظ المذكور بعلة أنه‬
‫يوجد بكامله داخل المطلب عدد ‪ ،11/11746‬الذي أصبح رسما عقاريا تحت عدد‬
‫‪ ، 11/23601‬في ملكية شركة العمران‪ ،‬وبما أن عمل المحافظ يعتبر خطأ مصلحيا‪ ،‬لكونه‬
‫قام بإلغاء مطلب التحفيظ والملف مازال معروضا على المحكمة للبت في التعرضات‪ ،‬وبما‬
‫أنهم تضرروا من ذلك‪ ،‬فقد التمسوا القول بمسؤولية الوكالة الوطنية للمحافظة على األمالك‬
‫العقارية بالناظور‪ ،‬والحكم بالتالي على المدعى عليهم متضامنين بأدائهم تعويضا مؤقتا قدره‬
‫عشرة اآلالف درهم‪ ،‬مع األمر تمهيديا بإجراء خبرة لتحديد التعويض النهائي عن فقدان‬
‫عقارهم‪ ،‬وحفظ حقهم في التعقيب على الخبرة وتقديم المطالب النهائية‪ ،‬أجابت مديرية أمالك‬
‫الدولة بالدفع بعدم اختصاص المحكمة اإلدارية نوعيا بالبت في الطلب‪ ،‬واحتياطيا بإخراجها‬
‫من الدعوى‪ ،‬وموضوعيا برفض الطلب‪ ،‬كما التمست شركة العمران الحكم برفض الطلب‪،‬‬

‫‪419‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد استنفاذ اإلجراءات‪ ،‬أصدرت المحكمة اإلدارية حكما قضى باختصاصها نوعيا بالبت‬
‫في الطلب مع إحالة الملف على القاضي المقرر لمواصلة اإلجراءات‪ ،‬وهو الحكم المستأنف‪.‬‬
‫في أسباب االستئناف ‪:‬‬
‫حيث تعيب الطاعنة الحكم المطعون فيه بخرق القانون‪ ،‬ذلك أن المادة الثامنة من‬
‫القانون رقم ‪ 41-90‬المحدثة بموجب المحاكم اإلدارية أوردت اختصاص المحاكم األخيرة‬
‫على سبيل الحصر‪ ،‬ولم يرد ضمنها النظر في النزاعات الناشئة عن تحفيظ العقارات وطلبات‬
‫التعويض عن ذلك‪ ،‬وهو ما أكدته نفس المحكمة مصدرة الحكم المستأنف في أحكام صادرة‬
‫عنها‪ ،‬كما أنه تم خرق مقتضيات الفصل ‪ 64‬من ظهير التحفيظ العقاري كما غير و تمم‪ ،‬و‬
‫التي تبين كون دعوى التعويض عن حق عيني عقاري وقع اإلضرار به جراء التحفيظ ال‬
‫تدخل ضمن المسؤولية اإلدارية‪ ،‬و إنما ضمن المسؤولية المدنية التي يختص بها القضاء‬
‫العادي مع شرط إثبات التدليس‪ ،‬مما يجعل الحكم المستأنف عرضة للتدليس‪.‬‬
‫حيث صح ما عابت به الطاعنة الحكم المستأنف‪ ،‬ذلك أن النزاع ال صلة له بنزع‬
‫الملكية‪ ،‬بل يتعلق بإلغاء مطلب تحفيظ بدعوى كون العقار موضوعه يتواجد بكامله داخل‬
‫مطلب آخر تم تحفيظه وأصبح له رسم عقاري خاص‪ ،‬مما يفيد كون المسؤولية المثارة ترتكز‬
‫على تحفيظ عقار المستأنف عليهم في اسم أغيار رغم سبق استصدارهم ألحكام قضائية‬
‫بشأنه‪ ،‬مما يصنفها ضمن نوع الدعاوي المنظمة بمقتضى الفصل ‪ 64‬من ظهير‬
‫‪ 1913/08/12‬المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره وتعديله‪ ،‬وبالتالي يكون القضاء‬
‫العادي هو المختص نوعيا بالبت فيها‪ ،‬والحكم المستأنف بما نحاه يكون غير مصادف‬
‫للصواب وواجب اإللغاء‪.‬‬
‫لــهذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص بإلغاء الحكم المستأنف والتصريح باختصاص القضاء العادي‬
‫واإلحالة على ابتدائية الناظور‪.‬‬

‫‪420‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫اإلدارية (القسم األول) السيد محمد منقار بنيس‪ ،‬والمستشارين السادة‪ :‬عبد العتاق فكير‬
‫مقررا‪ ،‬أحمد دينية‪ ،‬المصطفى الدحاني نادية للوسي وبمحضر المحامي العام السيد سابق‬
‫الشرقاوي‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة نفسية الحراق‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫المستشار المقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬

‫‪421‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 4/730‬والمؤرخ في ‪ 25‬نونبر ‪2018‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2018/4/1/321‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ -‬األمر بإجراء خبرة إلزامي أحيانا؛‬


‫‪ -‬عدم توافق الخصمين حول المدعى فيه يقتضي إجراء تحقيق بعين المكان؛‬
‫‪ -‬عدم االستجابة لطلب إجراء خبرة ومعاينة للتحقق من الطابع الغابوي للملك‬
‫المدعي فيه‪ ،‬يجعل القرار المطعون فيه ناقص التعليل؛‬
‫‪ -‬عدم إرفاق مقال النقض بطي التبليغ ال تأثير له على سالمة الطلب ما دام ال‬
‫يوجد ما يثبت أنه قدم خارج أجله فكان الدفع على غير أساس‪.‬‬

‫بناء على مقال الطعن بالنقض المودع بتاريخ ‪ 2017 - 11 - 24‬من طرف الطالبة‬
‫المذكورة أعاله بواسطة نائبها األستاذ ‪ .........‬بهيئة تطوان والمقبول للترافع أمام محكمة‬
‫النقض والرامي إلى نقض القرار عدد ‪ 118‬الصادر بتاريخ ‪ 2016 - 4 - 17‬في الملف‬
‫عدد ‪ 2016 - 1401 - 193‬عن محكمة االستئناف بتطوان‪ .‬وبناء على المذكرة المدلى‬
‫بها بتاريخ ‪ 2018 - 3 - 12‬من طرف الطاعنة‪.‬‬
‫وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ ‪ 2018 - 5 - 18‬من طرف المطلوبين‬
‫بواسطة نائبهم األستاذ ‪ .........‬المحامي بهيئة تطوان والمقبول للترافع أمام محكمة النقض‬
‫والرامية إلى عدم قبول الطلب‪.‬‬
‫وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ ‪ 2018 - 10 - 30‬من طرف‬
‫المطلوب األول ‪........‬بواسطة نائبته ‪ .......‬المحامية بهيئة الرباط والمقبولة للترافع أمام‬
‫محكمة النقض والرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبناء على المستندات المدلى بها في الملف‪.‬‬


‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪.1974 - 9 - 28‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر بتاريخ ‪.2018/10/8‬‬
‫ب‬ ‫المنعقدة‬ ‫العلنية‬ ‫الجلسة‬ ‫في‬ ‫القضية‬ ‫بتعيين‬ ‫اإلعالم‬ ‫على‬ ‫وبناء‬
‫تاريخ‪.2018/11/27‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪ ،‬وبعد تالوة التقرير‬
‫من طرف المستشار المقرر السيد نعيم مصطفي واالستماع إلى مالحظات المحامي العام‬
‫السيد نور الدين الشطبي الرامية إلى نقض القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬
‫من حيث الشكل‪:‬‬
‫حيث دفع المطلوبون بان طلب النقض معيب شكال الن الطاعنين توصلوا بالحكم ولم‬
‫يرفقوا طلبهم إال بطي واحد دون الباقي‪.‬‬
‫وحيث إن عدم إرفاق مقال النقض بطي التبليغ ال تأثير له على سالمة الطلب ما دام‬
‫ال يوجد ما يثبت أنه قدم خارج أجله فكان الدفع على غير أساس‪.‬‬
‫من حيث الموضوع‪:‬‬
‫حيث يستفاد من مستندات الملف و من القرار المطعون فيه أن المطلوبين تقدموا‬
‫بتاريخ ‪ 2015-6-12‬لدى المحكمة االبتدائية بشفشاون بمقال افتتاحي عرضوا فيه أنهم‬
‫يملكون القطعة األرضية الواقعة بمدشر تونات فرقة اوفاس تونات جماعة بني رزين المذكورة‬
‫مساحتها وحدودها بالمقال‪ ،‬وأنهم يحوزونها ويتصرفون فيها منذ أكثر من ثالثين سنة ‪،‬‬
‫حسب ما هو برسم االستمرار عدد ‪ 271‬ورسم الحيازة عدد ‪ 82‬وأن الطاعنة إدارة المياه‬
‫والغابات تنازعهم في ملكيتهم لها ‪،‬والتمسوا الحكم باستحقاقهم لها وأرفقوا المقال بالرسمين‬
‫أعاله وبقرار صادر بتاريخ ‪ 2011 - 5 - 2‬في الملف عدد ‪2010 - 2601 - 715‬‬
‫تحت عدد ‪ 612‬عن محكمة االستئناف بتطوان‪ .‬وأجابت الطاعنة بأن المطلوبيـن لم يــدلوا‬
‫‪423‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بحجة تتوفر فيها شروط الملك وأن الحــكم المدلى به ال يتعلق بالمدعي فيه ‪ ،‬وبعد انتهاء‬
‫األجوبة والردود أصدرت المحكمة االبتدائية بتاريخ ‪ 2016 - 3 - 9‬في الملف عد ‪100‬‬
‫‪ 15 -‬حكما تحت عدد ‪ 16 - 130‬قضي " باستحقاق المدعين للقطعة األرضية موضوع‬
‫رسم الحيازة عدد ‪ 82‬المنجز بتاريخ ‪ 1995-11-28‬بالزام المدعى عليهم بالكف عن‬
‫التشويش"‪ ،‬واستأنفته الطاعنة وبعد استنفاذ كل دفع أو دفاع‪ ،‬أصدرت محكمة االستئناف‬
‫ق ار ار قضى بتأييد الحكم المستأنف‪ ،‬وهو القرار المطعون فيه بمقال تضمن أربع وسائل أجاب‬
‫عنه المطلوبون والتمسوا عدم قبول الطلب‪.‬‬
‫في شأن الوسيلة األولى‪:‬‬
‫حيث تعيب الطاعنة القرار بخرق مقتضيات الفصل األول من قانون المسطرة المدنية‬
‫ذلك أنها دفعت في كافة مراحل التقاضي بأن صفتها في االدعاء غير ثابتة لعدم إدالء‬
‫المطلوبين بوثيقة رسمية تثبت منازعتها لهم في المدعى فيه أو وضع يدها عليه لكونها‬
‫شخص معنوي تكون جميع تصرفاتها بناء على ق اررات حتى تتمكن هي وتقنييها من تحديد‬
‫مكان النزاع وبيان ما إذا كان داخل التحديد اإلداري أم خارجه و تحدد موقعها من ذلك‪ ،‬كما‬
‫دفعت بأن القرار الجنحي المستدل به من طرف المطلوبين ال يتعلق بالمدعى فيه الذي‬
‫يختلف عما هو بالقرار الجنحي من حيث المساحة ‪،‬ولذلك فإن صفتها كمدعى عليها غير‬
‫ثابتة مما جعلها لم تحدد موقفها من النزاع ويوجب نقض القرار ‪.‬‬
‫حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار؛ ذلك أن عدم توافق الخصمين حول المدعى‬
‫فيه يقتضي إجراء تحقيق بعين المكان‪ ،‬والطاعنة دفعت بمقتضي مقالها االستئنافي بأن‬
‫القرار الجنحي المستدل به من طرف المطلوبين ال يتعلق بالقطعة المطلوب استحقاقها‪ ،‬وال‬
‫تعلم ما إذا كان المدعي فيه خارج التحديد اإلداري أم داخله‪ ،‬وطالبت بإجراء تحقيق‪.‬‬
‫والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ردت طلبها بعلة "أن الدفع بأن القطعة األرضية‬
‫موضوع القرار االستئنافي عدد ‪ 612‬بتاريخ ‪ 2011 - 5 - 2‬في الملف عدد ‪-715‬‬
‫‪ 2010-2601‬المسماة " أما عبد هللا " ال تتعلق بالقطعة األرضية موضوع نازلة الحال‬
‫‪424‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وأنها تحمل نفس االسم إال أن حدودهما تختلف‪ ،‬ال يرقى إلى درجة االعتبار‪ ،‬ألن الطرف‬
‫المستأنف لم يعزز دفعه بما يؤكده" ‪،‬و قضت وفق ما جرى به منطوق قرارها‪ ،‬ودون الوقوف‬
‫على عين المدعى فيه صحبة خبير مساح وتطبيق حجج الطرفين عليه والبحث في صبغته‬
‫الجماعية‪ ،‬وذلك بمالحظة غطائه النباتي وباقي العناصر التي يمكن اعتمادها في تحديد‬
‫الطبيعة القانونية لألرض ولتبني حكمها على ما انتهى إليه تحقيقها ‪ ،‬تكون قد عللت قرارها‬
‫تعليال ناقصا وهو بمثابة انعدامه مما يعرضه للنقض‪.‬‬
‫وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة القضية على نفس‬
‫المحكمة‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضية وطرفيها على نفس‬
‫المحكمة للبت فيها طبقا للقانون وبهينة أخرى وعلى المطلوبين المصاريف‪.‬‬
‫كما قررت إثبات قرارها هذا بسجالت المحكمة المصدرة له‪ ،‬إثر الحكم المطعون فيه‬
‫او بطرته‪.‬‬
‫وبهذا صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ .‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫السيد حسن منصف رئيسا‪ ،‬والمستشارين السادة‪ :‬مصطفي نعيم مقررا‪ ،‬ونادية الكاعم‬
‫والمصطفى النوري وعبد السالم بنزروع أعضاء‪ ،‬وبمحضر المحامي العام السيد نور الدين‬
‫الشطبي‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة ابتسام الزواغي‪.‬‬

‫‪425‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .2‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 4/423‬والمؤرخ في ‪ 03‬يوليو ‪2018‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2016/1/1/6910‬‬
‫القاعدة‪:‬‬

‫ليس هناك ما يمنع قانونا انتداب محكمة أخرى أقل درجة للقيام باألبحاي والمعينة‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫طالما أن القاضي المنتدب لم يسبق له إبداء رأيه في نفس النزاع؛‬


‫إن ثبوت وجود نباتات طبيعية النبت في العقار المدعي فيه قرينة على صبغته‬ ‫‪‬‬

‫الغابوية طالما لم يثبت ما يخالف ذلك بحجة أقوى؛‬


‫أن حيازة العقار التابع للدولة ال يمكن أن يكون سببا في اكتساب ملكيته‪ ،‬ما دامت‬ ‫‪‬‬

‫أمالك الدولة ال تكتسب ملكيتها بالحيازة ولو طالت؛‬


‫إن رسم الشراء المجرد وغير مستند على أصل التملك يعتبر حجة غير عاملة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2016/9/15‬من طرف الطالبين أعاله بواسطة نائبهم‬
‫والرامي الى نقض القرار الصادر عن محكمة االستئناف بأكادير بتاريخ ‪ 2016/6/21‬في‬
‫الملف عدد ‪.1403/2013/159‬‬
‫وبناء على األمر بتبليغ نسخة من مقال الطعن للمطلوبين وعدم جوابهم‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على االعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪2018/07/03‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‬
‫وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد محمد أسراج‪ ،‬واالستماع الى‬
‫مالحظات المحامي العام السيد محمد فاكر‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬
‫حيث يستفاد من مستندات الملف أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية‬
‫بكلميم بتاريخ ‪ 2001/6/4‬تحت عدد ‪ ،56/1099‬طلب ‪ ،.........‬تحفيظ الملك المسمى‬
‫"ملك ورثة اورغي"‪ ،‬المحددة مساحته في ‪ 5‬هكتارات و‪ 25‬آ ار و‪ 20‬سنتيا ار بصفتهم مالكين‬

‫‪426‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫له حسب عقد شراء والدهم العدلي عدد ‪ 193‬صحيفة ‪ 123‬المؤرخ في ‪ 1982/8/30‬من‬
‫البائع له المسمى ‪ ،....‬وإراثة والدهم عدد ‪ 746‬وتاريخ ‪.2001/5/22‬‬
‫فسجل على المطلب المذكور تعرضان أحدهما بتاريخ ‪(25/11/2005‬كناش ‪ 5‬عدد‬
‫‪ )167‬صادر عن إدارة المياه والغابات‪ ،‬مطالبة بكافة الملك المذكور باعتباره ملكا غابويا‪.‬‬
‫وبعد إحالة ملف المطلب المذكور على المحكمة االبتدائية بكلميم‪ ،‬أصدرت بتاريخ‬
‫‪ 2011/2/24‬حكمها عدد ‪ 20‬في الملف عدد ‪ 07/83‬قضت فيه بعدم صحة التعرض‬
‫المذكور فاستأنفته المتعرضة‪ ،‬وأيدته محكمة االستئناف المذكورة بمقتضى قرارها عدد ‪109‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2012/3/13‬في الملف عدد ‪ 2011/72‬الذي نقضته محكمة النقض‬
‫بطلب من المندوبية السامية للمياه والغابات والدولة المغربية بمقتضى قرارها عدد ‪8/109‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2013/2/26‬في الملف عدد ‪ ،2012/8/1/3808‬وأحالت القضية على‬
‫نفس المحكمة للبت فيه من جديد طبقا للقانون بعلة‪" :‬عدم اب ارزه من أين أستقي الطابع‬
‫اإليكولوجي لمحل النزاع الذي وصفه بأنه غابة اركان‪ ،‬سيما وأن المحكمة لم تستجب‬
‫لملتمس الطاعنتين الرامي إلى إجراء معاينة على محل النزاع" ‪.‬‬
‫وبعد اإلحالة وإجراء محكمة االستئناف المذكورة معاينة على محل النزاع عن طريق‬
‫انتداب رئيس المحكمة االبتدائية بكلميم أو من يقوم مقامه للقيام بها‪ ،‬قضت بإلغاء الحكم‬
‫المستأنف وتصديا الحكم بصحة التعرض المذكور‪ ،‬وهو القرار المطعون فيه بالنقض حاليا‬
‫من الطاعنين أعاله في الوسيلة الوحيدة عدم الجواب عن دفوعهم الموازي النعدام التعليل‬
‫وعدم االرتكاز على أساس قانوني‪ :‬ذلك أنه كان على محكمة اإلحالة القيام بنفسها بالمعاينة‬
‫ال انتداب المحكمة االبتدائية بكلميم التي أصدرت الحكم االبتدائي للقيم بها حسب ما استقر‬
‫عليه العمل القضائي‪ ،‬كما أن الطاعنين أدلوا بما يثبت أن المدعى فيه ليس ملكا غابويا‪ ،‬وأن‬
‫تواجد إدارة المياه والغابات على األرض المجاورة بعقار النزاع إنما كان عن طريق المقايضة‬
‫بينها وبين المؤسسة الجهوية للبناء والتعمير "العمران" عن طريق االقتناء بمقايضة عقار‬
‫بعقار آخر‪ ،‬وليس لكونه ملكا غابويا‪ ،‬إال أن المحكمة لم تناقش ذلك ولم تجب عنه‪ ،‬فضال‬
‫‪427‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫على أن العمل القضائي استقر على أن تواجد نباتات طبيعية النبت مجرد قرينة و ال يكفي‬
‫وحده إلضفاء صبغة الملك الغابوي على العقار في المدعى فيه من شأنه استبعاد القرينة‬
‫المنصوص عليها في ظهير ‪.1917‬‬
‫لكن ردا على الوسيلة أعاله‪ ،‬فإنه ليس ثمة ما يمنع قانونا انتداب محكمة أخرى أقل‬
‫درجة للقيام باألبحاث والمعينة‪ ،‬طالما أن القاضي المنتدب لم يسبق له إبداء رأيه في نفس‬
‫النزاع‪ ،‬وأن ثبوت وجود نباتات طبيعية النبت في العقار المدعي فيه قرينة على صبغته‬
‫الغابوية طالما لم يثبت ما يخالف ذلك بحجة أقوى‪ ،‬ولذلك فإن المحكمة‪ ،‬ولما لها من سلطة‬
‫في تقييم األدلة وإجراءات البحث التي قامت بها واستخالص قضائها منها‪ ،‬فإنها حين عللت‬
‫قرارها بأن ‪ (( :‬األشجار المتواجدة بالعقار موضوع النزاع هي أشجار طبيعية النبت وتمتد‬
‫إلى األمالك المجاورة‪ ،‬وأنه بمقتضى الفصل األول من ظهير ‪ 1917/10/10‬المتعلق‬
‫بالمحافظة على المياه والغابات‪ ،‬فإن كل قطعة أرضية توجد بها أشجار طبيعية النبت‬
‫يفترض فيها أن تكون تابعة ألمالك الدولة الغابوية‪ ،‬سواء وقع تحديد الملك الغابوي أم ال‪ ،‬لم‬
‫يثبت عكس ذلك‪ ،‬وأن المستأنف عليهم لم يدلوا بما يثبت كون النباتات المتواجدة بالعقار‬
‫موضوع النزاع هي نباتات غير طبيعية النبت‪،‬أو أنه تم غرسها من طرفهم‪ ،‬وأن تمسكهم‬
‫بكون النباتات المذكورة متباعدة وغير كثيفة ال ينفي عن العقار الصبغة الغابوية‪ ،‬مادامت‬
‫النباتات المتواجدة به طبيعية النبت‪ ،‬وأن عقد الشراء المتمسك به من طرف المستأنف عليهم‬
‫وحيازتهم للعقار موضوع المطلب ال يمكنهما بأي حال من األحوال أن يكونا سببين في‬
‫اكتساب ملكي ته‪ ،‬ألن أمالك الدولة ال تكتسب ملكيتها بالحيازة و لو طالت هذه الحيازة ‪،‬‬
‫فضال على أن رسم الشراء المذكور غير مستند على أصل التملك ويبقى حجة غير عاملة‬
‫في النزاع الحالي"‪ .‬فإنه نتيجة لما ذكر يكون القرار المطعون فيه مرتك از على أساس قانوني‬
‫ومعلال وغير خارق للمقتضيات المستدل بها والوسيلة بالتالي غير جديرة باالعتبار‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت المحكمة برفض الطلب وتحميل أصحابه الصائر‪.‬‬
‫‪428‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات‬
‫العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ .‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة‪:‬‬
‫محمد بلعياشي رئيس الغرفة‪ ،‬رئيسا؛‬
‫والمستشارين‪ :‬محمد أسراج‪ :‬عضوا مقررا‪ ،‬ومحمد ناجي شعيب‪ ،‬ومحمد بوزيان‪،‬‬
‫ومحمد شافي‪: ،‬أعضاء ‪.‬‬
‫وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة بشرى‬
‫راجي‪.‬‬

‫‪429‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .3‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 4/20‬والمؤرخ في ‪ 10‬يناير ‪2017‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2015/1/1/1198‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪-‬اختالف األطراف حول مدى انطباق حججها على المدعى فيه يستوجب إجراء تحقيق‬
‫بالوقوف على عين المكان؛‬
‫‪ -‬ب الرغم من أن األمر بإجراء خبرة أو تحقيق‪ ،‬يتوقف على السلطة التقديرية للمحكمة‪،‬‬
‫فإن األمر بهذا اإلجراء يكون إلزاميا أحيانا‪.‬‬

‫بناء على مقال النقض المودع بتاريخ ‪ 2015/01/22‬من طرف الطالبين المذكورين‬
‫حوله بواسطة نائبهما األستاذ ‪ ........‬المحامي بهيئة تطوان‪ ،‬والمقبول للترافع أمام محكمة‬
‫النقض‪ ،‬والرامي إلى نقض القرار رقم ‪ 07/77‬الصادر بتاريخ ‪ 2007/05/22‬في الملف‬
‫عدد ‪ 00 / 1515‬عن محكمة االستئناف بتطوان؛‬
‫وبناء على مستندات الملف؛‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر ب تاريخ‪2016/11/21‬؛‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪2017/01/10‬؛‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم؛‬
‫وبعد تالوة التقرير من طرف المستشارة المقررة السيدة نادية الكاعم واالستماع إلى‬
‫مالحظات المحامي العام السيد نور الدين الشطبي الرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪.‬‬
‫حيث يؤخذ من وثائق الملف‪ ،‬ومن القرار المطعون فيه‪ ،‬أن الطاعنين تقدما بتاريخ‬
‫‪ 1992/11/05‬لدى المحكمة االبتدائية بنفس المدينة بمقال افتتاحي عرضا فيه أنهما‬
‫يملكان شراء من أبناء ‪ ..........‬قطعتين أرضيتين تقعان بمدشر بوخالد فرقة الواد قبيلة‬
‫بني حزمار قيادة بن قريش بتطوان المسميتين "أغالل" و "بوحجر" الموصوفتين بالمقال‪ ،‬وأن‬

‫‪430‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطلوبة مصلحة المياه والغابات عمدت إلى تحرير محضر في مواجهتهما بالتعشيب داخل‬
‫غابة الدولة‪ ،‬والتمسا الحكم باستحقاقهما للقطعتين المذكورتين‪ ،‬وأرفقا المقال برسم شرائهما‬
‫عدد ‪ 255‬مع رسم تصحيح مساحته عدد ‪ 1004‬وبرسم ملكية البائعين لهما عدد ‪594‬‬
‫وبرسم ملكية آلل جماعة أبي خالد الحزمريون مؤرخة عام ‪ 1282‬هجرية‪ ،‬مع استفسار‬
‫شهودها و بأخرى مستفسرة مؤرخة في منتصف صفر الخير عام ‪ .1314‬وأجاب المطلوبون‬
‫بأن األرض موضوع الدعوى جزء من الملك الغابوي المسمى غابة بوخالد ذو الرسم الخليفي‬
‫رقم ‪ .1359‬وأرفق الجواب بالرسم المذكور مع ترجمته وبتصميم طبوغرافي وبمحضر تسليم‬
‫مؤقت رقم ‪ 38‬مع ترجمته وبتقرير جنحة الترامي على ملك الغير‪ .‬وبعد أن أمرت المحكمة‬
‫بإجراء خبرة أنجزها الخبير بنعبود محمد سعيد والذي خلص في تقريره إلى أن القطعتين محل‬
‫النزاع تشكالن قطعة واحدة وال تنتميان للملك الغابوي وال يحدهما ملك الدولة وأن الرسم‬
‫الخليفي والتصميم المدلى به ال يفيدان شيئا‪ .‬وبعد انتهاء األجوبة والردود أصدرت المحكمة‬
‫االبتدائية حكما بتاريخ ‪ 1995/04/10‬في الملف عدد ‪ 7/92/537‬قضى‪« :‬باستحقاق‬
‫المدعيين للقطعتين األرضيتين بوحجار وأغالل الكائنتين بدوار بوخالد قبيلة بني حزمار‬
‫قيادة بن قريش إقليم تطوان»‪ ،‬واستأنفه المطلوبون مجددين دفوعاتهم‪ .‬وأرفق مقالهم‬
‫بنسختين لحكمين جنحيين وصمم الطاعنان على طلبهما‪ ،‬فقضت محكمة االستئناف بقرارها‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 1996/10/10‬في الملف عدد‪ « : 95/1201‬بإلغاء الحكم المستأنف‬
‫والحكم من جديد برفض الدعوى"‪ ،‬نقضته محكمة النقض بطلب من الطاعنين بقرارها عدد‬
‫‪ 2452‬الصادر بتاريخ ‪ 2000/06/07‬في الملف عدد ‪ 97/4/1/2178‬بعلة ‪ « :‬أنه‬
‫يتجلى من القرار المطعون فيه أنه أشار في تعليله لما قضى به إلى ما ورد في الفرع من‬
‫الوسيلة إذ جاء فيه أن رسم شراء المستأنف عليهما يذكر أنهما اشتريا مرجعين وهذا ال‬
‫يعدو أن تكون مساحتهما أقل من هكتار واحد ‪ ،‬مما يدل على أنهما استغال فرصة‬
‫تواجدهما بعين المكان اعتمادا على رسم شرائهما ليستوليا على أرض شاسعة هي ملك‬
‫للدولة ‪ ،‬مما يجعله مشوبا بعيب التناقض في التعليل الموازي النعدامه »‪ ،‬وبعد اإلحالة‪،‬‬
‫‪431‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫أمرت المحكمة بخبرة أنجزها الخبير حمو الهبري والذي انتهى في تقريره إلى أن شراء‬
‫الطاعنين يقع داخل الرسم الخليفي أوأنه يتعلق بقطعتين متجاورتين ويفصلهما خندق‬
‫ويشتمالن على مجموعة من األشجار المغروسة وثالثة آبار ومسكنين وبيت للحارس‪ ،‬وأن‬
‫أرض بوحجر محدودة من جهة الشرق بأرض ‪ .......‬وتحدها حاليا من جهة الغرب أرض‬
‫الطاعن ‪ ........‬وبعد أن أمرت المحكمة بإجراء بحث في النازلة صرح خالله الشاهدان‬
‫الحاضران أن الملك المدعى فيه ملك للطاعنين اشترياه من أصحاب الملكية المتصرفين في‬
‫أرض النزاع أبا عن جد‪ ،‬وأنها تحد بأمالك الخواص‪ .‬وبعد استنفاد أوجه الدفع والدفاع قضت‬
‫محكمة االستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والحكم تصديا برفض الدعوى»‪ ،‬وهو القرار‬
‫المطعون فيه بالنقض بمقال تضمن وسيلة وحيدة ولم يجب المطلوبون‪.‬‬
‫في شان الوسيلة الوحيدة‪:‬‬
‫حيث يعيب الطاعنان القرار بخرق مقتضيات الفصل ‪ 45‬من ظهير ‪1913/8/12‬‬
‫وبالتناقض في التعليل وبانعدامه وانعدام األساس القانوني‪ ،‬ذلك أن المحكمة مصدرته لم تشر‬
‫إلى تالوة المستشار المقرر أو عدمه‪ ،‬مما يؤكد عدم تالوته ويشكل خرقا لقاعدة إجرائية آمرة‬
‫منصوص عليها في الفصل المذكور‪ ،‬ولم يصادف القرار الصواب فيما قضى به لما اعتبر‬
‫الرسم المدلى به من طرفهما متعلقا بهما والحال أنه مثبت للتصرف والحيازة الهادئة والعلنية‬
‫لعدد من األسر والعائالت الموجودة بمدشر بوخالد لألراضي الواقعة تحت يدهم أنجزوه بعد‬
‫أن تعرض مدشرهم للحريق في عهد الحماية تسبب في إتالف رسومهم وملكياتهم‪ .‬والقرار‬
‫أيضا لم يصادف ا لصواب لما اعتبر الرسم الخليفي حجة لها قوتها الثبوتية والحال أنه بعد‬
‫ظهير ‪ 1977/9/19‬لم يعد سوى رسم ملكية عادية تخضع لقواعد الترجيح‪ ،‬وهذه يعتمد فيها‬
‫على األقدمية في تاريخ التملك وحججهما أقدم تاريخا لتوفرها على وجه مدخل تزيد مدته عن‬
‫قرن وربع من الزمان‪ ،‬وأن محضر التسليم حجة صادرة من طرف واحد هي الدولة‪ ،‬وتتعلق‬
‫باألراضي الغابوية الواقعة بأعلى الجبل‪ ،‬وهي غير أرضهما الفالحية الثابتة الحيازة فيها‬
‫بشروطها لمالكها قبل تاريخ تحرير الرسم الخليفي‪ ،‬وأن الحيازة لم يسبق أن كانت بيد‬
‫‪432‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المطلوبة‪ ،‬خالفا لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه‪ ،‬إذ انهما أثبتا التصرف بجميع أنواعه‬
‫والحيازة لجميع عائالت المدشر لألراضي التي يملكونها أبا عن جد ‪،‬وذلك بالرسم المؤرخ‬
‫عام ‪ 1282‬هجرية‪ ،‬إال أن المحكمة اعتبرت البائعين لهما لم يحصلوا على الملكية إال سنة‬
‫‪ ،1972‬والحال أن ادعاء الملكية يقع على المطلوبة وأن المحكمة رغم استبعادها لوثائقهما‬
‫فقد اعترفت بها بأن اعتبرتهما قد استغال رسم تملكهما للتوسع في الملك على حساب أرض‬
‫الدولة‪ ،‬وهو ما يعد تناقضا في التعليل‪ ،‬وأنها لما استبعدت تقرير الخبرة كان عليها إجراء‬
‫خبرة مضادة أو الوقوف على عين المكان‪ ،‬ثم إنه كان عليها اعتبار نفس التعليل في قضية‬
‫مماثلة تم اإلدالء بحكم صدر فيها استشهد من خالله طالبو االستحقاق ألرض تقع بمدشر‬
‫ابوخالد قبيلة بني حزمار بملكية ترجع لسنة ‪ 1992‬وبمدخل ملكهم يرجع لسنة ‪1261‬‬
‫هجرية وأثبتت الخبرة في كال القضيتين أن األرض فالحية وتحد بالخواص‪ ،‬وأكد الشهود‬
‫ال مستمع إليهم أنهما حائزين ومالكين للمدعى فيه‪ ،‬منذ أمد بعيد وأن األمر ال يتعلق بأرض‬
‫غابوية ‪ ،‬مما يتعين معه لذلك نقض القرار‪.‬‬
‫حيث صح ما عابه الطاعنان على القرار‪ ،‬ذلك أن اختالف األطراف حول مدى‬
‫انطباق حججهما على المدعى فيه يستوجب إجراء تحقيق بالوقوف على عين المكان‪ ،‬ولما‬
‫كان ذلك وكانت الخبرة المنجزة ابتدائيا قد أثبتت بأن القطعتين األرضيتين محل النزاع ال‬
‫تنتميان للملك الغابوي ‪ ،‬وال يحدهما ملك الدولة‪ ،‬وأن الخبرة المنجزة في مرحلة االستئناف‬
‫أثبتت أنهما تقعان داخل ملك المطلوبة‪ ،‬وأن كل واحد من الطرفين يدعي أن حجته هي‬
‫األولى باالنطباق‪ ،‬فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما عدا نظرها على الفصل في‬
‫النقطة محل الخالف بإجراء تحقيق بالوقوف على عين المكان ولو صحبة خبير مساح‬
‫لتحديد حدود المدعى فيه وتطبيق حجة الطاعنين وحجة المطلوبة مع بيان طبيعة المدعى‬
‫فيه ومعاينة ما به من أغ ارس وأشجار ومدى عالقته بالملك الغابوي لتبني حكمها على ما‬
‫انتهى إليه تحقيقها‪ ،‬تكون قد عللت قرارها ناقصا وهو بمثابة انعدامه مما يتعين نقضه ‪.‬‬

‫‪433‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫حيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس‬
‫المحكمة‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه‪ ،‬وإحالة القضية وطرفيها على نفس‬
‫المحكمة للبت فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون‪ ،‬وعلى المطلوبين المصاريف‪.‬‬
‫كما قررت إثبات قرارها بسجالت المحكمة المصدرة له‪ ،‬إثر الحكم المطعون فيه أو‬
‫بطرته‪.‬‬
‫وبهذا صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ .‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫السيد حسن منصف رئيسا‪ ،‬والمستشارين السادة‪ :‬نادية الكاعم مقررة‪ ،‬وعبد الواحد جمالي‬
‫اإلدريسي ومصطفي نعيم والمصطفى النوري أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد نور‬
‫الدين الشطبي وبمساعدة كاتبة النبيط السيدة ابتسام الزواغي‪.‬‬

‫‪434‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .4‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 1/712‬والمؤرخ في ‪ 24‬أكتوبر ‪2017‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2015/1/1/4319‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ -‬متى ثبت الملك للدولة‪ ،‬فإن ما يدلي به الطرف اآلخر من حجج عديمة األثر؛‬
‫‪ -‬يكفي إلثبات الملك الغابوي‪ ،‬ثبوت القرينة القانونية الغابوية؛‬
‫‪ -‬تغيير معالم الملك بإزالة الغطاء النباتي ال يؤثر على القرينة الغابوية‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2015/06/04‬من طرف الطالبات أعاله بواسطة‬
‫نائبهن المذكور والرامي إلى نقض القرار رقم ‪ 213‬الصادر عن محكمة االستئناف بطنجة‬
‫بتاريخ ‪ 2014/06/26‬في الملف عدد‪.1401/2011/153‬‬
‫وبناء على األمر بتبليغ نسخة من مقال الطعن للمطلوب ضدهم وعدم الجواب‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في‪.2017/09/18‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪2017/10/24‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد محمد شافي‪ ،‬واالستماع إلى‬
‫مالحظات المحامي العام السيد محمد فاكر‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‬
‫حيث يستفاد من مستندات الملف‪ ،‬أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية‬
‫بتطوان بتاريخ ‪ 1979/06/04‬تحت عدد ‪ / 1256‬ت طلب ‪ ...‬الكاللي نيابة عن بناته‬
‫‪ ....‬تحفيظ العقار المسمى "سعيدة ‪ "2‬الكائن بقيادة الفنيدق جماعة انجرة فرقة الغابة إقليم‬
‫تطوان بالمحل المدعو " الحومة" المحددة مساحته في هكتارين و‪ 25‬آ ار بصفتهن مالكات له‬
‫على الشياع سوية بينهن حسب الملكية المضمنة بعدد ‪ 581‬المؤرخة في ‪1978/10/11‬‬

‫‪435‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫والرسم العدلي المضمن بعدد ‪ 634‬المؤرخ في‪ .1978/06/01‬وبتاريخ ‪1991/07/11‬‬


‫كناش ‪ 6‬عدد ‪ 579‬تعرضت على المطلب المذكور إدارة المياه والغابات بدعوى أن الملك‬
‫المطلوب تحفيظه ملك غابوي استنادا إلى مقتضيات ظهير ‪ 1917/10/10‬المتعلق‬
‫بالمحافظة واستغالل الغابات‪.‬‬
‫وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة االبتدائية بتطوان وإجرائها معاينة بتاريخ‬
‫‪ 1995/09/26‬أصدرت بتاريخ ‪ 1995/12/11‬حكمها عدد ‪ 176‬في الملف رقم‬
‫‪ 10/92/1‬بعدم صحة التعرض‪ ،‬فاستأنفته الدولة وأيدته محكمة االستئناف بمقتضى قرارها‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 1995/05/13‬في الملف عدد ‪ 97/1406‬والذي نقضه المجلس األعلى‬
‫بمقتضى ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 2006/07/12‬في الملف رقم ‪ 2003/1/1/1867‬تحت‬
‫عدد ‪ 2337‬وأحال القضية على نفس المحكمة بعلة "أن عدم تحديد الملك الغابوي تحديدا‬
‫إداريا ال يعني بالضرورة عدم اعتباره من األمالك الغابوية للدولة‪ ،‬وأن المعاينة المجراة من‬
‫طرف المحكمة االبتدائية تفيد أن جزءا من ارض المطلب تكسوه اعشاب طبيعية وبعض‬
‫الشجيرات‪ ،‬وان الطاعنة تمسكت بالحيازة المستمرة والتي يمكن إثباتها بجميع الوسائل‬
‫باعتبارها واقعة مادية‪ ،‬وأن القرار المطعون فيه حينما لم يبحث في حيازة المدعى فيه يكون‬
‫عديم األساس القانوني يعرضه للنقض واإلبطال‪.‬‬
‫وبعد االحالة أصدرت محكمة االستئناف ق ار ار تمهيديا بإجراء بحث ثم صرفت النظر‬
‫عنه لعدم حضور األطراف ثم قضت بتأييد الحكم المستأنف بمقتضى قرارها عدد ‪ 51‬وتاريخ‬
‫‪ 2009/03/02‬في الملف عدد ‪ 06/08/90‬والذي نقضه المجلس األعلى (محكمة النقض)‬
‫بمقتضى ق ارره الصادر بتاريخ ‪ 2011/05/17‬عدد ‪ 2298‬في الملف عدد‬
‫‪ 2009/1/1/4375‬وإحالة القضية على استئنافية طنجة بعلة أن القرار المطعون فيه لم‬
‫يجب عما تمسكت به الطاعنة بخصوص حيازتها للعقار المدعى فيه وتعيين حراس له تؤدى‬
‫لهم أجورهم من خالل االذونات المدلى بها والتي لم يناقشها القرار أو يبين موقفه منها‬
‫ليتمكن المجلس من بسط رقابته عليها"‪ .‬وبعد االحالة وإجراء معينة أصدرت محكمة‬
‫‪436‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫االستئناف قرارها بإلغاء الحكم المستأنف وبعد التصدي الحكم من جديد بصحة تعرض الدولة‬
‫المغربية ومن معها على مطلب التحفيظ عدد ‪ 19/1256‬وذلك في خصوص الجزء من‬
‫جهته الشرقية‪ .‬وهو القرار المطعون فيه بالنقض من الطاعنات حاليا في الوسيلة الفريدة‬
‫بعدم ارتكاز القرار على أساس قانوني وانعدام التعليل ‪ ،‬ذلك أن المحكمة عللت قرارها بأنه‬
‫أثناء وقوفها بعين المكان وولوجها للجزء المكسو بالنباتات وجدت آثا ار لحريق سابق طال‬
‫ذلك الجزء من خالل جذور وأشجار وأعواد متفحمة مما يوحى بأن الجزء المتنازع حوله كان‬
‫مشج ار ومن ثمة فإنه متى ثبت أن المدعى فيه تكسوه أشجار طبيعية النبت فإن ذلك هو ما‬
‫يجعل القرينة المقررة لفائدة الدولة حسبما تقتضيه الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 1‬مكررة مثبوتة‬
‫وأنه متى ثبت الملك للدولة فإن ما يدلي به الطرف اآلخر من حجج يبقى عديم األثر‬
‫القانوني"‪ .‬مع أن المحكمة ال تحكم إال بناء على يقين قطعي ال احتمالي كما أن هناك‬
‫تناقضا صارخ بين الوقائع الموثقة بالبحث والنتائج المستنبطة من قاضي الموضوع ‪.‬إذ أن‬
‫المقدمات كما هي مدونة بالحكم تفيد أن القطعة موضوع النزاع بها نبت طبيعي ينمو على‬
‫كل أرض لم تستغل وهو نفس النبت الموجود بالمناطق اآلهلة بالسكان والعقارات المحفظة‬
‫المجاورة ألرض النزاع وخاصة العقار موضوع الرسم العقاري عدد ‪ 19/3294‬وعاينت بعض‬
‫االشجار المحروقة في أقصى الشمال الشرقي وفي المقابل فإن المحكمة لم تقف إال على‬
‫آثار لحريق سابق طال الجزء من خالل أشجار وأعواد متفحمة ‪ ،‬وأن الملك الغابوي تتحقق‬
‫حمايته من خالل التحديد االداري والتحفيظ العقاري وأنه الشيء يميزه عن األشخاص‬
‫العاديين نظ ار لتشابه نظام الملك الخاص للدولة مع نظام ملك الخواص وبذلك تكون‬
‫المحكمة قد غلبت قرينة بسيطة على حجة الملك وأهملت قواعد الترجيح بين الحجج فالقرار‬
‫المطعون فيه يقر بأن رسم شراء الطاعنات أسس على رسم ملكية أقرت فيه الدولة أن المبيع‬
‫ال يدخل ضمن أمالكها وال األمالك الحبسية وال الساللية ‪ ،‬وأن حدوده في جميع الجهات‬
‫أمالك خاصة‪ ،‬وان النبت الطبيعي الذي يتواجد بها هو نفسه المتواجد بالرسوم العقارية التي‬
‫تحيط بالمدعى فيه ويقر أن رسوم الملك المدلى بها من قبلهن أقدم تاريخا من مشروع‬
‫‪437‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫التحديد االداري وهذا يعد كافيا للتصريح بعدم صحة تعرض الدولة هذا فضال عن أن رسم‬
‫الشراء والتملك المدلى به من الطاعنات محدد تحديدا نافيا للجهالة بخالف بينة المطلوبين‬
‫في النقض التي جاءت مجملة ومبنية على الظن‪ ،‬كما أن ممثل المياه والغابات صرح‬
‫للمحكمة بأنه هو الحارس حاليا وليس سابقا من تاريخ تملك الطاعنات وهو خصم ال يجوز‬
‫األخذ بتصريحاته كما أن شروط الحيازة كما هو منصوص عليها في الفصل ‪ 240‬من‬
‫مدونة الحقوق العينية غير متوافرة بدليل أن إدارة المياه والغابا لمثبت الحراسة واالدارة‬
‫للمدعى فيه بمقبول ولم تثبت أن الناس ينسبون المدعى فيه لها وال مالك له وأنه لم ينازعها‬
‫فيه أحد‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ردا على الوسيلة أعاله فإنه خالفا لما تنعاه الطاعنات على القرار المطعون فيه‬
‫فإن المحكمة تقيدت بالنقطة القانونية التي بتت فيها محكمة النقض بمقتضى قرارها أعاله ‪،‬‬
‫وأنها غير ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي أقوالهم التي ال تأثير لها على قضائها وأنه‬
‫بما لها من سلطة في تقييم األدلة المعروضة عليها وكذا نتيجة األبحاث التي تقوم بها فإنها‬
‫حين عللت قضاءها "بأن المحكمة عند وقوفها على عين المكان وولوجها للجزء المكسو‬
‫بالنباتات وجدت آثا ار لحريق سابق طال ذلك الجزء من خالل وجود أشجار وأعواد متفحمة‬
‫وقد تم توثيق ذلك بالصور‪ ،‬مما يوحي أن الجزء المتنازع حوله كان مشجرا‪.‬‬
‫ومن ثمة فإنه متى ثبت أن المدعى فيه تكسوه أشجار طبيعية النبت فإن ذلك هو ما‬
‫يجعل القرينة المقررة لفائدة الدولة حسبما تقتضيه الفقرة األخيرة من الفصل األول مكرر "ج"‬
‫ثابتة ‪ ،‬وأنه متى ثبت الملك للدولة فإن ما يدلي به الطرف اآلخر من حجج عديمة األثر‬
‫القانوني‪ .‬وأنه بالرجوع الى رسم الملكية المؤسس عليه رسم شراء طالبات التحفيظ تبين‬
‫للمحكمة أنه حرر بعد ثبوت كون العقار موضوع الملكية ليس بملك للدولة و ال للجماعة و‬
‫ال لألحباس‪ ،‬وأن العقار موضوع رسم الملكية يحد من جميع جهاته بالخواص والطريق‪ ،‬غير‬
‫غابوي حسبما تظهره الصور‪ ،‬وأنه إذا كان رسم الشراء ورسم الملكية المؤسس عليه أقدم‬
‫تاريخا من تاريخ مشروع التحديد االداري فإن ذلك ال أثر له على الملك الغابوي الذي يكفي‬
‫‪438‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫في إثباته ثبوت القرينة القانونية على غابوية العقار من خالل الغطاء النباتي الطبيعي الذي‬
‫يكسوه وأنه بناء على كل ما ذكر تبين للمحكمة أن جزءا من مطلب التحفيظ يدخل جزئيا من‬
‫جهته الشرقية والذي حدده الخبير بواسطة آلة "‪ "G.P.S‬فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون قرارها‬
‫معلال كافيا ومرتك از على أساس والوسيلة أعاله غير جديرة باالعتبار‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت المحكمة برفض الطلب وبتحميل صاحباته الصائر‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات‬
‫العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ .‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة‪ :‬محمد بلعياشي‪.‬‬
‫رئيسا‪ .‬والمستشارين‪ :‬محمد شافي‪ .‬مقررا‪ .‬ومحمد ناجي شعيب‪ ،‬ومحد أسراج‪ ،‬ومحمد‬
‫بوزيان‪ .‬أعضاء‪ .‬وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر‪ .‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة‬
‫بشرى راجي‪.‬‬

‫‪439‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .5‬القرار الصادر عن محكمة االستئناف بالقنيطرة عدد ‪ 52‬والمؤرخ في ‪ 24‬فبراير‬


‫‪ 2015‬الصادر في الملف المدني عدد ‪2012/1403/314‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ ‬ملك الدولة (العام والخاص) غير قابل للتملك بالحيازة مهما طال أمدها‪ ،‬وأن موجب‬
‫المنازعة في التشجير ال يعد دليال للملك؛‬
‫‪ ‬الحيازة والطبيعة النباتية المشتمالت المدعى فيه قرينتان على الملك الغابوي؛‬
‫‪ ‬ال موجب إلجراء تحقيق جديد مادامت المعطيات الواقعية متوافرة في الملف‪.‬‬

‫بناء على مقال االستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق‬
‫المدرجة بالملف‪.‬‬
‫وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي وقعت تالوته في الجلسة‪.‬‬
‫وبناء على األمر باالستدعاء والمبلغ قانونا الى الطرفين‪.‬‬
‫وتطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 134‬وما يليه والفصل ‪ 328‬وما يليه والفصل ‪ 429‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية‪ .‬والفصول ‪ 32‬وما يليه من ظهير التحفيظ العقاري والفقه المعمول به‬
‫وظهير عاشر أكتوبر ‪ 1917‬المتعلق بالمحافظة على الغابات واستغاللها؛‬
‫وبناء على مستنتجات النيابة العامة الرامية إلى تطبيق القانون؛‬
‫وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي وقعت تالوته في الجلسة؛‬
‫وبعد االستماع الى مستنتجات النيابة العامة والمداولة طبق القانون؛‬
‫وبناء على المقال االستئنافي المقدم من طرف الطاعنين بهذا القرار بواسطة وكيلهم‬
‫لدى ابتدائية تطوان بتاريخ ‪ 1996 - 07 - 17‬الرامي الى استئناف الحكم الصادر عن‬
‫نفس المحكمة بتاريخ ‪ 1996/05/20‬بالملف العقاري عدد ‪ 10/1992/23‬القاضي فيما‬
‫قضى به بعدم صحة تعرض المندوبية السامية للمياه او الغابات والدولة المغربية على‬

‫‪440‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مطلب التحفيظ عدد ‪ 6476‬ط ‪ /‬ت وتحميلها الصائر وإرجاع هذا المطلب ووثائقه الى‬
‫المحافظة العقارية بتطوان إلتمام اإلجراءات بعد صيرورة هذا القرار باتا‪.‬‬
‫وبناء على وثائق الملف والحكم المستأنف أن السيد‪ .........‬تقدم بمطلب تحفيظ عدد‬
‫‪ 6476‬ط ‪/‬ت لدى المحافظة العقارية بطنجة سابقا (حاليا بتطوان) بتاريخ ‪- 05 - 06‬‬
‫‪ 1970‬رمي الى تحفيظ القطعة األرضية الفالحية المسماة السابقة الرفادة بحي الداليا‬
‫وبمناسبة المطلب أطلق عليها " تيزى الكنز ‪ " 2‬الكائنة بجماعة تغرامت دائرة جبالة أحواز‬
‫تطوان تحد شماال بوغاز جبل طارق‪ ،‬شرقا الملك موضوع مطلب التحفيظ عدد ‪ 6475‬ط‬
‫المتابعة مسطرته في نفس طالب التحفيظ ‪ ........‬وشركة المغرب للسياحة وجنوبا هذه‬
‫الشركة األخيرة وغربا الملك الجماعي الدالية‪ .‬وصرح بالمطلب بأن مساحة هذه القطعة‬
‫خمسة هكتارات‪ ،‬بينما أفاد التحديد المنجز يوم ‪ 1970 -06-03‬المنشور محضره بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 3064‬بتاريخ ‪ 1971 -7 – 21‬بأن مساحة هذا الملك موضوع المطلب‬
‫المذكور عشرون هكتا ار و‪ 13‬ا ار (‪ 20‬هـ ‪ 13‬ار)‪.‬‬
‫وعضد هذا المطلب بملكية مؤرخة في ‪ 1969/08/02‬مضمنة تحت عدد ‪592‬‬
‫صحيفة ‪ 472‬كناش األمالك رقم ‪ 04‬في ‪ 1969/08/04‬توثيق تطوان باسم ‪..........‬ي‬
‫تتصرف في القطعة موضوعها لمدة عشر سنوات باستثناء األبنية العائدة للغير‪ ،‬وشراء‬
‫طالب التحفيظ من هذه المالكة مؤرخ في ‪ 1969/09/06‬مضمن تحت عدد ‪ 616‬صحيفة‬
‫‪ 492‬كناش األمالك رقم ‪ 04‬في ‪.1969/09/27‬‬
‫ودونت على هذا المطلب ثالث تعرضات مقبولة من ضمنها التعرض الكلى المدون‬
‫بتاريخ ‪ 1971 /03/15‬كناش ‪ 04‬عدد ‪ 146‬والذي تحول الى تعرض جزئي مدون بتاريخ‬
‫‪ 1984/12/20‬كناش ‪ 04‬عدد ‪ 41‬وبتاريخ ‪ 1990 .11 - 21‬كناش ‪ 06‬عدد ‪258‬‬
‫مضمنه حصر التعرض في قطعتين األولى مساحتها ست هكتارات وتسعة عشر ا ار وسنتيار‬
‫واحد (‪ 6‬هـ ‪ 19‬ار ‪ 01‬س ) المحدودة بالعالمات باء ‪ ..... - 4‬وباء ‪ 4‬مشار اليها‬
‫بالخريطة العقارية للتحديد التكميلي المنجز يوم ‪ 1981/09/15‬بالمعلم‪( /1‬والثانية مساحتها‬
‫‪441‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫سبع هكتارات وتسعة وثمانون سنتيا ار وثالث سنتيارات (‪ 7‬هـ ‪ 89‬ار ‪ 03‬س) تحد‬
‫بالعالمات وفق محضر التحديد المؤرخ في ‪ 1981/09/15‬باء ‪ .... - 25‬وباء ‪ 25‬مشار‬
‫اليها بالخريطة العقارية للتحديد التكميلي المذكور المؤرخ في ‪ 1981/09/15‬بالمعلم ‪.2‬‬
‫وبعد اإلحالة للمطلب المذكور على ابتدائية تطوان‪ ،‬وإجراء معاينة على محل النزاع‬
‫قضت وفق حكمها المذكور‪ .‬فاستأنفته الطاعنة بهذا القرار لدى استئناف تطوان التي قضت‬
‫بعد إجراء بحث وخبرة على موضوع النزاع بواسطة الخبيرين محمد سعيد وبناصر التاغي‬
‫وبعد ضم الملفات الستة عدد ‪ 1274‬و‪ 1275‬و‪ 1354‬و‪ 1355‬و‪ 1492‬الكل لسنة ‪1996‬‬
‫و‪ 557 / 1997‬بتأييد الحكم المستأنف وفق القرار عدد ‪ 1312‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2000/11/16‬بالملفات الستة المضمومة‪ .‬فطعنت في ذلك الدولة المغربية لدى محكمة‬
‫النقض‪ ،‬التي قضت بنقضه وفق قرارها عدد ‪ 819‬الصادر بتاريخ ‪2002 - 03 - 06‬‬
‫بالملف عدد ‪ 2001/1/1/414‬لعلة عدم استدعاء الطاعنة‪ .‬وبعد اإلحالة على نفس‬
‫المحكمة قضت هذه األخيرة وفق القرار الصادر في ‪ 2002 - 9 - 12‬بالملف عدد‬
‫‪ 2002/695‬بالتأييد‪ .‬فطعنت فيه الدولة المغربية بالنقض لدى محكمة النقض التي قضت‬
‫وفق قرارها عدد ‪ 497‬الصادر في ‪ 2004/02/18‬بالملف عدد ‪- 1 - 1 - 4182‬‬
‫‪ 2002‬بنقضه لعلة ضم ملفات غير متعلقة بحكم واحد وعدم البت في االستئناف المتعلق‬
‫بالحكم االبتدائي الصادر في الملف عدد ‪ 1992/23‬وأحال القضية على محكمة االستئناف‬
‫بطنجة التي قضت بعد فصل الملفات عدد‪ 1996/1274‬و ‪1996/1355‬و ‪1997/577‬‬
‫موضوع استئناف الحكم االبتدائي الصادر بالملف عدد ‪ 1992/23‬المتعلق بالمطرب عدد‬
‫‪ 6476‬ط عن الملفات االستئنافية عدد ‪1996/1354‬و ‪1996/1492‬و ‪1996/1275‬‬
‫موضوع استئناف الحكم االبتدائي الصادر بتاريخ ‪ 1996 - 5 - 20‬في الملف عدد‬
‫‪ 10/1992/24‬المتعلقة بمطلب التحفيظ عدد ‪ 6475‬ط للبث في مطلب على حدة ‪.‬‬
‫قضت بعد تخصيصها للمطلب المذكور الملف عدد ‪ 49/2007/08‬وفق قرارها رقم‬
‫‪ 253‬الصادر بتاريخ ‪ 2009/03/05‬بالملف االخير بتأييد الحكم المستأنف‪.‬‬
‫‪442‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فتم الطعن فيه بالنقض من لدن الطاعنين بهذا القرار لدى محكمة النقض التي قضت‬
‫وفق القرار عدد ‪ 3060‬الصادر بتاريخ ‪ 2012 - 6 - 19‬بالملف المدني عدد ‪- 4168‬‬
‫‪ 2010 - 1 - 1‬بنقض القرار االستئنافي المذكور لعلة أن حيازة الطاعنة للمدعى فيه عن‬
‫طريق تشجيره ومراقبتها له بواسطة تابعيها وقيام أعشاب وأشجار طبيعية به تعدان قرينتان‬
‫دالتان على الملك الغابوي ال يجوز دحضهما إال بإثبات العكس بواسطة حجج قوية‪ .‬وأن‬
‫المعاينة والخبرة اكدتا هذا الواقع وليس بهما ما يفيد انطباق حجج طالب التحفيظ على عقار‬
‫المطلب انطباقا تاما‪ .‬بل إن هذه الخبرة تفيد أن مساحة المطلب تفوق المساحة المدونة بهذا‬
‫الحجج‪ ،‬وأعد الخبيران المذكوران خريطة بيانية اوضحا فيها األجزاء غير المشمولة بأشرية‬
‫طالب التحفيظ األمر الذي كان معه القرار المطعون فيه فاسد التعليل‪ .‬وتم إحالة الملف‬
‫المذكور على هذه المحكمة‪.‬‬
‫وبناء على مستنتجات المستأنفين بواسطة وكيلهم بأن قرار النقض رسم النقط القانونية‬
‫للفصل في النزاع ملتمسين الحكم وفق مقالهم االستئنافي‪.‬‬
‫وبناء على مستنتجات المستأنف عليه بعدة مذكرات مغزاها بأن تواجد النباتات الطبيعية‬
‫بالمدعي فيه ال يكفي لوصف المدعى فيه بالملك الغابوي‪ ،‬وأن مراقبة وإشراف الطاعنة على‬
‫المدعي فيه ال يكسبه لباس الملك الغابوي‪ ،‬باعتبار أن ذلك من صميم عملها وفق الفصل‬
‫‪ 24‬من ظهير‪ . 1917/10/10‬وأن حججه منطبقة على المدعى فيه وفق محضر المعاينة‬
‫والخبرة السابقتين‪ .‬وأن األشجار المتواجدة بالمدعى فيه من صنع الطاعنة وغريمتها وإرادتها‪،‬‬
‫ومن ثم ينتفي عن هذا العمل وصف النبات الطبيعي‪ .‬وأن المتعرضة فاقدة الدليل إلثبات‬
‫تعرضها‪ ،‬ملتمسا أساسا تأييد الحكم المستأنف واحتياطيا إجراء تحقيق قضائي بمعاينة أو‬
‫خبرة للتأكد من قرائن الملك الغابوي على المدعى فيه‪ .‬وبناء على ردود األطراف التي ال‬
‫يخرج مضمنها عما سبق إثارته‪.‬‬
‫وبناء على حجز الملف للمداولة بجلسة ‪ 1014/11/25‬بعد إعالم وكالء أطراف النزاع‬
‫واعتبار القضية جاهزة‪.‬‬
‫‪443‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد المداولة طبق القانون‪:‬‬


‫في الشكل ‪ :‬حيث أن المقال االستئنافي استوفى البيانات المنصوص عليها قانونا بعد‬
‫التبليغ الحاصل يوم ‪.1996/06/25‬‬
‫في الموضوع‪ :‬حيث الم الطاعنون وفق العلل المذكورة الحكم المستأنف‪.‬‬
‫وحيث أن األطراف مجمعة بأن الحيازة بالغرس والتعمير والتشجير للمدعى فيه بيد‬
‫المندوبية السامية للمياه والغابات‪.‬‬
‫وحيث ثبت من المعاينة المنجزة في المرحلة االبتدائية والخبرة المنجزة في المرحلة‬
‫االستئنافية أن المدعى فيه غامر بأشجار الصنوبر ونباتات طبيعية بائدة‪.‬‬
‫وحيث أن الوثائق المتمسك بها من لدن المتعرض تؤكد أن المدعي فيه به بنايات‬
‫عائدة لألغيار وخارجة نطاق البيع وأن مساحة مشتراه ال تتجاوز خمسة هكتارات وفق‬
‫المطلب المعتمد‪.‬‬
‫وحيث أن الفصل األول من ظهير عاشر أكتوبر ‪ 1917‬المتعلق بالمحافظة على‬
‫الغابات واستغاللها وخاصة الفصل األول منه يعتبر‪ ":‬كل قطعة أرضية توجد بها مجموعة‬
‫أشجار طبيعية البنت غابة مخزنية "‪.‬‬
‫وحيث إن الحيازة والطبيعة النباتية المشتمالت المدعى فيه قرينتان على الملك الغابوي‪.‬‬
‫وحيث أن الملك العام ال يكتسب بالحيازة مهما طال أمدها‪ .‬وأن موجب المنازعة في‬
‫التشجير ال يعد دليال للتملك‪.‬‬
‫وحيث إن شراء المستأنف عليه بشأن الملك الغابوي ظل غير ملزم للطاعنة لكونها‬
‫غير طرف فيه‪.‬‬
‫وحيث ان الجزء المتعرض عليه وصف وفق العين الواقفة أثناء المعاينة أو الخبرة بأنه‬
‫غامر بمكونات الملك الغابوي مما يحتفظ له بهذا األصل‪.‬‬

‫‪444‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وأن ال موجب إلجراء تحقيق جديد مادامت المعطيات الواقعية متوافرة في الملف‪.‬‬
‫وحيث أن مؤيدات المستأنف عليه غير مجدية مما يتعين ردها‪ .‬وحيث أن أوجه االستئناف‬
‫ومؤيداتها مرتكزة على أساس مما يبرر مسايرتها‪ .‬وحيث أن خاسر الطعن يتحمل صائره‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫إن محكمة االستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا انتهائيا‪:‬‬
‫في الشكل‪ :‬بقبول االستئناف‪.‬‬
‫في الموضوع ‪ :‬بإلغاء الحكم المستأنف جزئيا وبعد التصدي الحكم بصحة تعرض ممثل‬
‫الدولة للمياه والغابات المدون بتاريخ ‪ 1984 - 12 - 20‬كناش ‪ 04‬عدد ‪ 41‬وبتاريخ ‪21‬‬
‫‪ 1992 - 11 -‬كناش ‪ 06‬عدد ‪ 258‬على مطلب التحفيظ عدد ‪ 6476‬ط ‪ /‬ت وتحميل‬
‫المستأنف عليه الصائر‪ ،‬وإرجاع هذا المطلب ووثائقه الى المحافظة العقارية بتطوان إلتمام‬
‫اإلجراءات بعد صيرورة هذا القرار باتا‪.‬‬

‫‪445‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 479‬المؤرخ في ‪ 15‬نونبر ‪2016‬‬


‫والصادر في الملف عدد ‪2015/1/1/4457‬‬
‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ ‬الضرب والجرح المفضي إلى موت الموروي دون نية إحداثه مانع من اإلري ــ نعم؛‬
‫‪ ‬إن المعتبر في القتل المانع من اإلري‪ ،‬نية االعتداء لدى القاتل‪ ،‬ولو لم يكن يقصد‬
‫إزهاق روح الموروي‪ ،‬طبقا للفقه المالكي وللمادة ‪ 333‬من مدونة االسرة من أن‬
‫"من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يري من ماله‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‬
‫حيث يستفاد من مستندات الملف أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية‬
‫بقرية با محمد بتاريخ ‪ 1990/04/06‬تحت عدد ‪ ، 37/486‬طلب ه م بن أحمد ومن‬
‫معه تحفيظ الملك المسمى "الحارة" الكائن بإقليم تاونات‪ ،‬دائرة قرية با محمد‪ ،‬جماعة بني‬
‫سنوس‪ ،‬والمحددة مساحته في ‪ 54‬هكتا ار و‪ 24‬آ ار و‪ 15‬سنتيا ار بصفتهم مالكين حسب ‪22‬‬
‫رسما عدليا مؤرخين على التوالي في ‪ 6 ،1960/03/22 ،1965/04/27‬ربيع األول‬
‫‪ 19 ،1377‬صفر ‪ 15 ،1377‬محرم ‪ 15 ،1375‬شعبان ‪،1970/12/23 ،1367‬‬
‫‪ 6 ،1956/11/19‬صفر ‪ 17 ،1970/12/29 ،1376‬ربيع األول ‪ 11 ،1369‬ربيع‬
‫الثاني ‪ 18 ،1974/04/09 ،1377‬شوال ‪ 19 ،1360‬ربيع الثاني ‪ 18 ،1361‬ذو القعدة‬
‫‪ 12 ،1355‬شوال ‪ 16 ،1965/09/23 ،1343‬جمادى األولى ‪ 13 ،1383‬ذو الحجة‬
‫‪ ،1365‬و‪ .1990/01/16‬فسجلت على المطلب المذكور ثالثة تعرضات أحدها التعرض‬
‫المضمن بتاريخ ‪( 1991/02/15‬كناش ‪ 2‬عدد‪ )379‬والصادر عن ه ع بن أحمد مطالبا‬
‫بحقوق مشاعة في الملك المذكور قدرها ‪ 7‬أجزاء من اصل ‪ 16‬جزءا انجرت له إرثا حسب‬
‫اإلراثة المؤرخة في ‪ 1990/03/27‬والرسم العدلي المؤرخ في ‪.1990/12/24‬‬

‫‪446‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة االبتدائية بفاس‪ ،‬أصدرت حكمها رقم ‪51‬‬
‫بتاريخ ‪ 2006/02/09‬في الملف عدد ‪ 2004/134‬بعدم صحة التعرض المذكور‪ .‬فاستأنفه‬
‫المتعرض المذكور وأيدته محكمة االستئناف بفاس بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض‬
‫من الطاعن أعاله بوسيلتين اثنتين‪.‬‬
‫حيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة األولى بعدم االرتكاز على أساس قانوني ذلك‬
‫أنه أسس قضاءه على كون قتله لوالده ثابت بموجب القرار الجنائي القاضي عليه بعشر‬
‫المفضيين إلى الموت‪ ،‬والحال أن القرار‬ ‫سنوات سجنا نافذا من أجل الضرب والجرح‬
‫الجنائي قضى في منطوقه بمؤاخذته من أجل جناية الضرب والجرح العمديين المفضيين إلى‬
‫الموت دون نية قتله بمعنى أن عنصر العمد والذي يعتبر شرطا للمنع من اإلرث عمال‬
‫بالفصل ‪ 333‬من مدونة األسرة ولما سار عليه فقهاء المالكية غير متوفر في قتله لوالده إذ‬
‫لم تكن له نية إحداثه‪ ،‬وأن القرار بذلك لم يكن معلال تعليال قانونيا‪.‬‬
‫ويعيبه في الوسيلة الثانية بخرق القانون ذلك أنه استند فيما قضى به على مقتضيات‬
‫الفصل ‪ 333‬من مدونة األسرة والحال أن الفصل المذكور نص صراحة على أن "من قتل‬
‫موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يرث من ماله وال يحجب وارثا من قتل موروثه خطأ ورث‬
‫من المال دون الدية وحجب"‪ ،‬وأنه أوضح للمحكمة بأنه لم يقتل والده عمدا مستشهدا بالقرار‬
‫الجنائي الذي أدانه من أجل الضرب والجرح المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه‬
‫لكن‪ ،‬ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما‪ ،‬فإن المعتبر في القتل المانع من اإلرث‪ ،‬نية‬
‫االعتداء لدى القاتل‪ ،‬ولو لم يكن يقصد إزهاق روح الموروث‪ ،‬وذلك لما سار عليه المالكية‬
‫إلى أن من تعمد الفعل المؤذي الذي يفضي الى موت الضحية يعد قاتال ولو كانت اآللة‬
‫التي استعملها ال تقتل عادة ولكنها قتلت لضعف في المضرور‪ ،‬إذ العبرة عندهم بتحقق‬
‫النتيجة والعدوان في األمر الذي أدى إليه‪ ،‬فقد جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‬
‫''وال يرث قاتل لموروثه عمدا عدوانا وإن أتى بشبهة تد أر عنه القصاص كرمي الوالد ولده‬
‫بحجر فمات منه‪ ،‬فالضمير في أتى للقاتل ال بقيد العدوان‪ ،‬إذ ال عدوان مع الشبهة وقد يقال‬
‫‪447‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫جعله عدوانا من حيث التعمد''‪ ،‬وهو ما أكدته المادة ‪ 333‬من مدونة األسرة حين نصت بأن‬
‫"من قتل موروثه عمدا وإن أتى بشبهة لم يرث من ماله"‪ ،‬وأنه يكفي المحكمة بما لها من‬
‫سلطة تقديرية‪ ،‬أن تعتمد القرار الجنائي القاضي بإدانة الطاعن من أجل جناية الضرب‬
‫والجرح العمديين لتتحقق لها نية االعتداء لدى الطاعن الذي نتجت عنه وفاة موروثه المانعة‬
‫من اإل رث‪ ،‬ولذلك فإنها حين عللت قضاءها بأن "قتل المستأنف لوالده ثابت بموجب القرار‬
‫الجنائي الصادر عن غرفة الجنايات رقم ‪ 351‬بتاريخ ‪ 1982/10/14‬في الملف الجنائي رقم‬
‫‪ 82/19‬والقاضي عليه بعشر سنوات سجنا نافذا من أجل الضرب والجرح العمديين‬
‫المفضيين إلى موت والده‪ ،‬وعليه فإن فعله هذا يدخل ضمن القتل العمد‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫المستأنف ال يرث في والده أي شيء من متخلفه وإن أتى بشبهة حسب المنصوص عليه في‬
‫المادة ‪ 333‬من مدونة األسرة ''‪ .‬فإنه نتيجة لما ذكر كله كان القرار مرتك از على أساس‬
‫قانوني وغير خارق للمقتضيات المحتج بها‪ ،‬والوسيلتان معا بالتالي غير جديرتين باالعتبار‪.‬‬
‫لهـذه األسبـاب‬
‫قضت المحكمة برفض الطلب وتحميل صاحبه الصائر‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات‬
‫العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ .‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة‪ :‬محمد بلعياشي ـ‬
‫مقرر‪ .‬ومحمد طاهري جوطي‪ ،‬ومحمد بوزيان‪،‬‬
‫ا‬ ‫رئيسا‪ .‬والمستشارين‪ :‬محمد ناجي شعيب ـ‬
‫ومحمد شافي ـ أعضاء‪ .‬وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر‪ .‬وبمساعدة كاتبة‬
‫الضبط السيدة بشرى راجي‪.‬‬

‫‪448‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 80‬والمؤرخ في ‪ 05‬فبراير ‪2019‬‬


‫الصادر في الملف الشرعي عدد ‪2017/1/2/361‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫تنشأ العطية الصحيحة بالنسبة للعقار المحفظ وتكون نافذة متى تحققت فيها إحدى‬
‫الحيازتين الفعلية أو القانونية قبل حصول المانع‪.‬‬

‫بناء على عريضة النقض المودوعة بتاريخ ‪ 27‬دجنبر ‪ 2016‬من طرف الطالبين‬
‫المذكورين حوله بواسطة نائبهم األستاذ مومن تميم والرامية إلى نقض القرار رقم ‪187‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2016/06/23‬في الملف عدد ‪ 15/1402/34‬عن محكمة االستئناف‬
‫بالجديدة‪.‬‬
‫وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ ‪ 2017/06/16‬من طرف المطلوب في‬
‫النقض بواسطة نائبه األستاذ سعيد الهسوسي والرامية الى رفض الطلب‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في ‪.2019/01/15‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العالنية المنعقدة بتاريخ‬
‫‪.2019/02/05‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد المصطفى بوسالمة واالستماع‬
‫إلى مالحظات المحامي العام الرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬

‫‪449‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬


‫حيث يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه رقم ‪ 187‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2016/06/23‬في الملف عدد ‪ 15/1402/34‬عن محكمة االستئناف بالجديدة‪ ،‬أن‬
‫المدعين ‪ ...‬ومن ذكر معه بالمقال االفتتاحي قدموا مقاال إلى المحكمة االبتدائية بسيدي‬
‫بنور‪ ،‬عرضوا فيه أن والدتهم الهالكة ‪ ....‬تحت ضغط المدعى عليه ‪ ....‬وهي طريحة‬
‫الفراش وقبل وفاتها بـ ‪ 26‬يوما وبمقتضى رسم عدلي عدد ‪ 95‬وتاريخ ‪2011/07/29‬‬
‫تصدقت عليه بالملك المسمى "الحطة" ذي الرسم العقاري عدد ‪/22474‬ج والمتكون من‬
‫أرض فالحية‪ ،‬وأنه بعد وفاة المتصدقة قام بتقييد رسم الصدقة بالرسم المذكور في‬
‫‪ ،2011/12/05‬وأن شرط الحيازة غير متوفر‪ ،‬والتمسوا ‪ :‬الحكم ببطالن رسم الصدقة‬
‫المذكور أعاله وأمر المحافظ بالتشطيب عليه من الرسم العقاري عدد ‪/22474‬ج‪ .‬وأجاب‬
‫المدعى عليه بأن الحيازة الفعلية ثابتة وتمت معاينة الحوز والتمس رفض الطلب‪ ،‬فقضت‬
‫المحكمة االبتدائية بتاريخ ‪ 2014/12/02‬ببطالن رسم الصدقة المذكور وأمر المحافظ‬
‫بالتشطيب عليه من الرسم العقاري ورفض الباقي‪ .‬فأستأنفه المدعى عليه‪ ،‬وأجرت المحكمة‬
‫بحثا خالله استمعت لشهود اللفيف عدد ‪ 122‬ثم قضت بإلغاء الحكم المستأنف والحكم‬
‫تصديا برفض الطلب‪ .‬وهو القرار المطعون فيه بالنقض بمقال تضمن أربع وسائل‪ .‬أجاب‬
‫عنه المطلوب بمذكرة جوابية بتاريخ ‪ 2017/06/16‬بواسطة نائبه األستاذ ‪ ...‬والتمس رفض‬
‫الطلب‪.‬‬
‫في الوسائل األربع مجتمعة لالرتباط‪:‬‬
‫حيث يعيب الطاعنون على القرار بعدم االرتكاز على أساس قانوني‪ ،‬وخرق مقتضيات‬
‫الفصلين ‪ 66‬و‪ 67‬من قانون التحفيظ العقاري‪ ،‬وخرق قواعد اإلثبات‪ ،‬ذلك أن المحكمة‬
‫مصدرته رفضت الطلب رغم أن الحيازة للمتصدق به لم تتم من المتصدق عليه‪ ،‬ألن التقييد‬
‫بالرسم العقاري لم يتم في حياة المتصدقة‪ ،‬وأن تقييدها بعد الوفاة ال أثر له تطبيقا للفصلين‬
‫أعاله‪ ،‬وأن الشهود المستمع إليهم خالل جلسة البحث لم يركزوا على تحقق الحيازة وعلى‬
‫‪450‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المدة الفاصلة بين تاريخ إنجاز الصدقة وتاريخ وفاة المتصدقة‪ ،‬ثم إن المحكمة اعتمدت‬
‫تصريحات الشهود الفضفاضة واستبعدت البينة العدلية‪ ،‬والتمسوا نقض القرار‪.‬‬
‫لكن حيث إن العطية تنشأ صحيحة وتكون نافذة متى تحققت فيها إحدى الحيازتين‬
‫الفعلية أو القانونية قبل حصول المانع‪ .‬والمحكمة لما قضت برفض طلب التشطيب على‬
‫رسم الصدقة‪ ،‬وعللت ا لرد عن الدفع بعدم الحيازة بما ثبت لها من وثائق الملف ومن نتيجة‬
‫البحث الذي أجرته واستمعت خالله للشهود بأن المطلوب هو من كان يحوز ويتصرف في‬
‫المتصدق به بعد الصدقة وقبل حصول المانع بوفاة المتصدقة في ‪ ،2011/08/24‬فإنها‬
‫بذلك أسست لقرارها ولم تخرق قواعد اإلثبات‪ .‬ويبقى ما بالنعي غير مؤسس ويتعين رده‬
‫ورفض الطلب‪.‬‬
‫لهــذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص برفض الطلب وعلى الطالبين المصاريف‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد‬
‫بنزهة رئيسا‪ ،‬والسادة المستشارين‪ :‬المصطفى بوسالمة مقر ار وعمر لمين وعبد الغني العيدر‬
‫وعبد العزيز وحشي أعضاء‪ .‬وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي وبمساعدة‬
‫كاتبة الضبط السيدة فاطمة أوبهوش‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫المستشار المقرر‬ ‫الرئيس‬

‫‪451‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .2‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 120‬والمؤرخ في ‪ 19‬فبراير ‪2019‬‬


‫الصادر في الملف الشرعي عدد ‪2018/1/2/747‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ -‬إن الخرق المسطري المعتبر كسبب للنقض بمقتضى الفصل ‪ 359‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬هو الذي يترتب عنه ضرر للطرف المعني؛‬
‫‪ -‬الدفع بالتقادم ألول مرة أمام محكمة النقض غير مقبول؛‬
‫‪ -‬صدقة العقار غير المحفظ ال تصح إال بحوزه الفعلي من قبل المتصدق عليه في حياة‬
‫المتصدق وصحته وكمال أهليته وعدم إحاطة الدين بماله‪.‬‬

‫بناء على عريضة النقض المودعة بتاريخ ‪ 2018/04/02‬من طرف الطالبين‬


‫المذكورين حوله بواسطة نائبهما األستاذ أحمد الزين والرامية إلى نقض القرار الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2017/10/12‬في الملف عدد ‪ 16/1401/155‬عن محكمة االستئناف بالجديدة‪.‬‬
‫وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها يوم ‪ 2018/12/19‬من قبل المطلوب في‬
‫النقض بواسطة نائبه األستاذ يوسف الحنصالي والرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر بتاريخ ‪.2019/01/29‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪.2019/02/19‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد عبد العزيز وحشي واالستماع إلى‬
‫مالحظات المحامي العام السيد محمد الفالحي الرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬
‫حيث يستفاد من أوراق الملف والقرار المطعون فيه‪ ،‬أن المطلوب ‪ ....‬رفع دعوى‬
‫للمحكمة االبتدائية بسيدي بنور بتاريخ ‪ ،2015/12/21‬عرض فيها أنه من بين ورثة‬

‫‪452‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المرحوم ‪ ....‬الذي كان يملك قيد حياته البقعة الفالحية الكائنة بمزارع العراية دائرة سيدي‬
‫بنور‪ ،‬مساحتها ‪ 28‬خداما‪ ،‬يحدها قبلة ورثة ‪ ،......‬شماال ورثة ‪ ،....‬يمينا ‪ ،.....‬ولما‬
‫رغب في الحصول على نصيبه فيها‪ ،‬فوجئ بأنها شكلت موضوع رسم صدقة عدلي مضمن‬
‫بعدد ‪ 178‬صحيفة ‪ 95‬عقده بشـأنها المرحوم المذكور لفائدة الطالبين "‪ "....‬و "‪ "...‬بتاريخ‬
‫‪ ،1999/01/27‬وبما أن المتصدق كان خالل الفترة الفاصلة بين تاريخ التصدق وتاريخ‬
‫وفاته مريضا مرضا أدى إلى وفاته حسبما باإلشهاد عدد ‪ 158‬صحيفة ‪ 119‬وتاريخ‬
‫‪ ،2002/07/08‬واعتبا ار لكونه استمر حائ از للمدعي فيه إلى أن مرض فأسند ذلك البنه‬
‫‪ ....‬بموجب توكيل منه له‪ ،‬وأن المتصدق عليهما لم يحو از عقار النزاع حيازة فعلية قيد حياة‬
‫المتصدق‪ ،‬وبما أن عقود التبرع ومنها ال صدقة يشترط لصحتها الحوز بمعاينة العدلين قبل‬
‫حصول المانع‪ ،‬أي وفاة المتصدق‪ ،‬وهو الشرط الغائب في النازلة‪ ،‬فقد التمس الحكم ببطالن‬
‫رسم الصدقة المشار إلى مراجعه أعاله مع ما يترتب عن ذلك قانونا‪ ،‬وأرفق المقال برسم‬
‫التعريف بالصدقة المطعون فيها وبنسخة لرسم إراثة المرحوم ‪ ،....‬وبعدما لم يجب دفاع‬
‫المدعى عليه رغم اإلمهال‪ ،‬قضى الحكم االبتدائي عدد ‪ 236‬وتاريخ ‪ 2016/04/07‬في‬
‫الملف رقم ‪ 15/684‬بإبطال الصدقة موضوع البقعة الفالحية المنوه إليها أعاله موقعا‬
‫ومساحة وحدودا وسندا‪ ،‬فاستأنفه المدعى عليهما وأيدته محكمة االستئناف بمقتضى قرارها‬
‫ذي المراجع أعاله المطعون فيه بالنقض بعريضة من ثالث وسائل‪ ،‬أجاب عنها المطلوب‬
‫بواسطة دفاعه بالمذكرة المنوه إليها أعاله‪ ،‬ملتمسا رفض الطلب‪.‬‬
‫حيث يعيب الطاعنان القرار في الوسيلتين األولى والثانية بخرق قاعدة مسطرية أضر‬
‫بحقوقهما وخرق قاعدة جوهرية تتعلق بالتقادم‪ ،‬ذلك أن محكمة االستئناف قضت من جهة‬
‫أولى بإجراء بحث للتأكد من حيازتهما للعقار المتصدق به عليه‪ ،‬فأجراه المستشار المقرر‬
‫بمكتبة يوم ‪ 2017/06/15‬دون االنتقال إلى حيث المدعى فيه والبحث في عين المكان‪ ،‬ثم‬
‫لم يحرر تقريره في القضية على ضوء التحقيق الذي أجراه‪ ،‬فخالف بذلك الفصول ‪،334‬‬
‫‪ 335‬و‪ 342‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ ،‬وأنها من جهة ثانية ورغم كون المسطرة التي سلكها المطلوب قد‬
‫‪453‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫طالها التقادم عمال بالفصلين ‪ 380‬و‪ 387‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬ما دام لم يقم دعواه إلبطال رسم‬
‫الصدقة الذي يعود ليوم ‪ 1999/01/27‬إال بتاريخ ‪ ،2015/12/21‬فقد أيدت الحكم‬
‫االبتدائي الذي استجاب لطلبه‪ ،‬مما يكون معه قرارها قد خرق المقتضيات القانونية المذكورة‪،‬‬
‫ملتمسين لذلك نقضه‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬حيث إن الخرق المسطري المعتبر كسبب للنقض بمقتضى الفصل ‪ 359‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية‪ ،‬هو الذي يترتب عنه ضرر للطرف المعني‪ ،‬والطاعن لم يبين‬
‫الضرر الذي لحقه من عدم تحرير التقرير‪ ،‬كما لم يتمسك بالتقادم أمام قضاء الموضوع وإنما‬
‫أثاره ألول مرة أمام محكمة النقض‪ ،‬مما يبقى معه ما أثير غير جدير باالعتبار‪.‬‬
‫وحيث عاب الطالبان القرار في الوسيلة الثالثة لخرق قاعدة قانونية‪ ،‬إذ ذهب إلى أن‬
‫محضر الوكالة يفيد عدم حيازتهما للعقار موضوع الصدقة‪ ،‬والحال أن الوكيل كان يتصرف‬
‫في أمالك المتصدق‪ ،‬والعقار المتصدق به خرج من يد األخير ووكيله منذ ‪1999/01/27‬‬
‫حسب إشهاد عدلي التلقي‪ ،‬والبينة الشرعية المضمنة بكناش المختلفة رقم ‪ 04‬بتوثيق الجديدة‬
‫تحت عدد ‪ 158‬صحيفة ‪ 119‬بتاريخ ‪ 2003/07/08‬واألحكام الجنحية الموجودة بالملف‬
‫وبيعهما عقار النزاع وتسليمه لمشتريه منهما‪ ،‬تدل كلها على حيازة الطاعنين للمدعى فيه‬
‫إشهادا ومعاينة‪ ،‬ومحكمة االستئناف لما صرفت النظر عما ذكر لم تؤسس لما قضت به‪،‬‬
‫لذلك التمسا نقض قرارها‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬لما كانت صدقة العقار غير المحفظ كما في النازلة‪ ،‬ال تصح إال بحوزه الفعلي‬
‫من قبل المتصدق عليه في حياة المتصدق وصحته وكمال أهليته وعدم إحاطة الدين بماله‪،‬‬
‫كما البن عاصم عند قوله ‪ :‬صدقة تجوز إال مع مرض موت وبالدين المحيط تعترض وكان‬
‫الحوز المعتبر في التبرع ينصرف إلى وضع اليد على العقار المتبرع به أو االنتفاع به أو‬
‫التصرف فيه قبل حدوث المانع‪ ،‬ولما لم يعاين عدال التلقي حوز الطالبين للمدعى فيه كما‬
‫يجب‪ ،‬وإنما شهدا بأن المتصدق بسط لهما يد حوزه والتصرف فيه منذ تاريخ الصدقة‪ ،‬وهي‬
‫عبارة ال تفيد الحوز وال تقتضيه‪ ،‬ولم يثبت هذا الحوز من البحث الذي أجراه المستشار‬
‫‪454‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المقرر‪ ،‬فإن لركون الطاعنين إلى الحكمين الزجريين اللذين استدال بهما ال يفيد في شيء‬
‫لكون المطلوب ليس طرفا فيهما‪ ،‬كما ال معول على البينة المشار إليها في الوسيلة أعاله‪،‬‬
‫شهودها إنما شهدوا بأن المرحوم ‪ ....‬كان مريضا مدة ست سنوات قبل وفاته‪ ،‬وأن الذي كان‬
‫يتصرف في عقاراته وغيرها بيعا وشراء واستغالال هو ابنه الطالب األول ‪ ....‬من جهة‬
‫ثانية‪ ،‬وهو ما لم يقل به هذا الطاعن نفسه على اعتبار أنه لم يحز أمالك والد المتصدق‬
‫بموجب عقد الوكالة الموجود بالملف إال من تاريخ إبرامه يوم ‪ ،1999/09/30‬وحوز الوكيل‬
‫في جميع األحوال حوز عرضي يفيد منه األصيل وليس الوكيل‪ ،‬ما دام حوز تسيير وإدارة‬
‫ليس إال‪ ،‬أما ما جاء في الوسيلة من بيعهما العقار موضوع الصدقة فال أثر يدل عليه‬
‫بالملف‪ ،‬علما أنه ال يكون له تأثير إال إذا حصل قبل حدوث المانع‪ ،‬مما يبقى معه الحوز‬
‫الفعلي الذي هو شرط صحة التبرع و نفاذه مختال في النازلة‪ ،‬ومحكمة االستئناف لما قضت‬
‫بتأييد الحكم االبتدائي الذي أبطل رسم الصدقة المطعون فيه لعدم ثبوت حوز الطاعنين‬
‫لمحله‪ ،‬قد أقامت قضاءها على أساس سليم‪ ،‬وما بالوسائل على غير أساس‪.‬‬
‫لهــذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص برفض الطلب وعلى الطالبين المصاريف‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫السيد ابراهيم بحماني‪ ،‬والسادة المستشارين ‪ :‬عبد العزيز وحشي مقر ار ومحمد عصبة وعمر‬
‫لمين وعبد الغني العيدر أعضاء‪ ،‬وبمحضر المحامي العام السيد عبد الكافي ورياشي‬
‫وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة فاطمة أوبهوش‪.‬‬

‫‪455‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 229‬والمؤرخ في ‪ 10‬أبريل ‪2018‬‬


‫الصادر في الملف الشرعي عدد ‪2016/1/2/859‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ ‬ال تقبل الشفعة إال في المال المشترك؛‬


‫‪ ‬استغالل كل طرف لقطعة أرضية مفرزة مختلفة الحدود والمساحة يؤدي إلى عدم قبول‬
‫الشفعة؛‬
‫‪ ‬يجب التحقق من قيام حالة الشياع في العقار موضوع الشفعة واستمرارها قبل المطالبة‬
‫بإبطال الصدقة التي تخفي بيعا واستحقاقا‪.‬‬

‫بناء على عريضة النقض المودعة بتاريخ ‪ 01‬غشت ‪ 2016‬من طرف الطالب‬
‫المذكور حوله بواسطة نائبه األستاذ محمد وزيد والرامية إلى نقض القرار رقم ‪ 3980‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 2016/05/24‬في الملف عدد ‪ 2015/1404/586‬عن محكمة االستئناف بالدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫و بناء على المذكرة الجوابية المدلى بها بتاريخ ‪ 2017/01/24‬من طرف المطلوب‬
‫في النقض بواسطة نائبه األستاذ محمد محراش و الرامية اساسا إلى التصريح بعدم قبول‬
‫الطعن شكال و احتياطيا في الموضوع رفض الطلب‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في ‪.2018/03/06‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪.2018/04/10‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد المصطفى بوسالمة واالستماع‬
‫إلى مالحظات المحامي العام السيد محمد الفالحي الرامية إلى نقض القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون ‪:‬‬
‫حيث يستفاد من وثائق الملف والقرار المطعون فيه رقم ‪ 3980‬الصادر عن محكمة‬
‫االستئناف بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 24‬مايو ‪ 2016‬في الملف عدد ‪ ،2015/1404/586‬أن‬
‫المدعي ‪ ...‬قدم مقاال إلى المحكمة االبتدائية بنسليمان بتاريخ ‪ 15‬أبريل ‪ ،2011‬عرض فيه‬
‫أن المدعى عليه الثاني ‪ ...‬تصدق على المدعى عليه األول ‪ ...‬بواجبه على الشياع في‬
‫األرض الفالحية المسماة "المقيس" الكائنة بأوالد زيان والمفصلة حدودها بالمقال‪ ،‬وأن عقد‬
‫الصدقة أخفى في باطنه بيعا لحرمانه من الشفعة ليس إال باعتباره مالكا على الشياع في‬
‫األرض موضوع الصدقة‪ ،‬والتمس التصريح بصورية رسم الصدقة عدد ‪ 63‬كناش األمالك‬
‫‪ 84‬توثيق بن سليمان بتاريخ ‪ 2010/05/05‬واعتباره بيعا‪ ،‬والحكم باستحقاقه لشفعة الواجب‬
‫المذكور‪ ،‬واإلشهاد له باستعداده أداء الثمن‪ ،‬بعد أداء المشفوع منه اليمين على أن ظاهر‬
‫الثمن كباطنه‪ .‬وأجاب ‪ ...‬بأن الصورية غير ثابتة في العقد‪ ،‬والتمس‪ :‬أساسا عدم قبول‬
‫الطلب شكال‪ ،‬واحتياطيا وفضه‪ ،‬وإجراء بحث وحفظ الحق في التعقيب‪ .‬فأجرت المحكمة‬
‫بحثا‪ ،‬ثم أصدرت حكمها بتاريخ ‪ 22‬دجنبر ‪ 2014‬صرحت فيه بصورية رسم الصدقة ذي‬
‫المراجع أعاله وباستحقاق المدعي شفعة الواجب المبيع‪ ،‬واإلشهاد على استعداد المدعي‬
‫ألداء ثمن الشراء والمصاريف للمشفوع منه بعد أدائه اليمين القانونية على أن ظاهر الثمن‬
‫كباطنه وإفراغ المدعى عليه هو ومن يقوم مقامه من الحصة موضوع الشفعة وبرفض باقي‬
‫الطلبات‪ .‬فاستأنفه المدعى عليه ‪ ،...‬ثم تقدم بجلسة ‪ 2015/09/22‬بطلب إضافي رام إلى‬
‫ا لحكم له في حالة عدم االستجابة لمقاله االستئنافي بالتحسينات التي أدخلها على العقار‬
‫(بناء دار من طابقين وحفر بئر وتشييد خزان للماء وتسييج العقار)‪ .‬وأجرت المحكمة بحثا‪،‬‬
‫ثم أصدرت قرارها بعدم قبول الطلب اإلضافي شكال‪ ،‬وفي الموضوع بتأييد الحكم االبتدائي‪،‬‬
‫وهو الق ارر المطعون فيه بالنقض بمقال تضمن سببين‪ ،‬أجاب عنه المطلوب بمذكرة لألستاذ‬
‫‪457‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫محمد محراش بتاريخ ‪ 2017/01/24‬والتمس‪ :‬عدم قبول الطعن شكال‪ ،‬واحتياطيا في‬
‫الموضوع برفض الطلب‪.‬‬
‫من حيث الشكل‪:‬‬
‫حيث دفع المطلوب "‪ "...‬في مذكرته الجوابية بتاريخ ‪ 2017/01/24‬بعدم قبول الطعن‬
‫بالن قض شكال ألن المقال لم يوجه ضده وباسمه الصحيح وهو الوارد في مقاله االفتتاحي‬
‫"‪ "...‬وإنما باسم "‪ ،"...‬وذلك تبعا لخطأ مادي تسرب للقرار االستئنافي‪.‬‬
‫لكن حيث إن باقي أوراق الملف تحمل االسم الصحيح للمطلوب "‪ "...‬وأن االختالف‬
‫في اسم بتقديم حرف أو تأخيره مجرد خطا مادي قابل لإلصالح‪ .‬وبذلك فان الدفع المثار‬
‫غير مؤثر ويتعين رده‪.‬‬
‫ويعيب الطاعن القرار في السبب الثاني بنقصان التعليل‪ ،‬ذلك أن المحكمة مصدرته‬
‫انطلقت من فرضية وجود حالة الشياع بين طرفي الدعوى والحال أن لكل منهما قطعة أرض‬
‫مفرزة يستغلها على انفراد مختلفة الحدود والمساحة بالتبعية عدم أحقية الشفعة ألن الشفعة ال‬
‫تكون إال في المال المشارك‪ ،‬كما أن الطاعن أدلى بعدة أحكام جنحية انتهائية تقضي بإدانة‬
‫المطلوب في النقض من أجل تحويل الحدود‪ ،‬مما يدل داللة قاطعة على أن البقعتين‬
‫مفرزتان‪ ،‬وهو المثار في مذكرة المستأنف بعد البحث ولم يناقشه القرار والتمس نقضه‪.‬‬
‫حيث صح ما ورد بالنعي‪ ،‬ذلك أن الدعوى تروم إبطال صدقة على أساس أنها تخفي‬
‫بيعا واستحقاق الشفعة موضوعها‪ ،‬وأنه بذلك يجب أوال التحقق من قيام حالة الشياع في‬
‫العقار موضوع الشفعة واستمرارها‪ .‬والمحكمة لما قضت بصورية عقد الصدقة وبالشفعة دون‬
‫أن تتحقق من قيام حالة الشياع واستمرارها‪ ،‬خاصة وأن محضر البحث المؤرخ في‬
‫‪ 2016/02/29‬تضمن إقرار المطلوب بأن الطاعن غرس وبنى األرض موضوع النزاع‪،‬‬
‫فإنها أقامت قضاءها على تعليل ناقص ولم تركزه على أساس‪ ،‬مما يعرضه للنقض‪.‬‬

‫‪458‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لهــذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضية وطرفيها على نفس‬
‫المحكمة للبث فيها من جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون وعلى المطلوب المصاريف‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد محمد‬
‫بنزهة رئيسا‪ ،‬والسادة المستشارين ‪ :‬المصطفى بوسالمة مقر ار ومحمد عصبة وعمر لمين‬
‫وعبد الغني العيدر أعضاء‪ .‬وبمحضر المحامي العام السيد محمد الفالحي وبمساعدة كاتبة‬
‫الضبط السيدة فاطمة أوبهوش‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫المستشار المقرر‬ ‫الرئيس‬

‫‪459‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 394‬والمؤرخ في ‪ 24‬أبريل ‪2014‬‬


‫الصادر في الملف االداري عدد ‪2012/2/4/1669‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ -‬ال تكون حاالت البطالن واالختالالت المسطرية مقبولة إال إذا كانت مصالح الطرف قد‬
‫تضررت فعال‪ ،‬طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 39‬من قانون المسطرة المدنية؛‬
‫‪ -‬التعويض عن فقد ملكية العقار المعتدى عليه ماديا يقابله الحكم بنقل الملكية طبقا‬
‫ألحكام اإلثراء بال سبب‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2012/07/19‬من طرف الطالب المذكور أعاله‪ ،‬الرامي‬
‫إلى نقض القرار رقم ‪ 1200‬الصادر بتاريخ ‪ 2010/06/21‬في الملف رقم ‪ 6/10/244‬عن‬
‫محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط‪.‬‬

‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬


‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في ‪.2014/03/20‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العالنية المنعقدة بتاريخ‬
‫‪.2014/04/24‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة المستشارة المقررة السيدة سعاد المديني تقريرها في هذه الجلسة واالستماع‬
‫إلى مستنتجات المحامي العام السيد حسن تايب‪.‬‬

‫‪460‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬


‫حيث يؤخذ من أوراق الملف‪ ،‬ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة االستئناف‬
‫اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2010/06/21‬في الملف ‪ 6/10/244‬أن و ازرة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية تقدمت بتاريخ ‪ 2007/05/23‬بمقال أمام المحكمة اإلدارية بوجدة عرضت فيه‬
‫أنها تملك القطعة األرضية المسماة "اسكوما" التابعة لمسجد البيضاء الكائنة بدوار أوالد‬
‫بوطيب مساحتها هكتارين تحت نفوذ بلدية الناظور المسجلة بالكناش الفالحي رقم ‪ 167‬وقد‬
‫فوجئت باحتالل النيابة اإلقليمية لو ازرة التربية الوطنية لهذه القطعة وإحداث مؤسسة تعليمية‬
‫استغرقت مساحة ‪ 11700‬متر مربع مما يعد عملها اعتداء ماديا ملتمسة الحكم لها بمبلغ‬
‫‪ 10.000‬درهم كتعويض مؤقت وإجراء خبرة لتحديد التعويض عن قيمة األرض وكذا‬
‫التعويض عن الحرمان من االستغالل ابتداء من تاريخ وضع اليد‪ ،‬وبعد المناقشة وإجراء‬
‫بحث وإجراء خبرتين في النازلة قضت المحكمة اإلدارية بأداء الدولة المغربية و ازرة التربية‬
‫الوطنية لفائدة المدعية تعويضا إجماليا مبلغه ‪ 2.687.400‬درهم مع الفوائد القانونية من‬
‫تاريخ النطق بالحكم وبتحميل المدعى عليها الصائر حسب النسبة وبرفض الطلب فيما عدا‬
‫ذلك‪ ،‬استأنفه الوكيل القضائي بصفته نائبا عن الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة‬
‫وعن وزير التربية الوطنية فعدلته محكمة االستئناف اإلدارية برفع التعويض المحكوم به إلى‬
‫مبلغ ‪ 3.583.200‬درهم على أساس ‪ 400‬درهم للمتر المربع بمقتضى قرارها المطعون فيه‬
‫بالنقض من قبل الطالب‪.‬‬
‫في شأن الوسيلة األولى ‪:‬‬
‫حيث يعيب الطالب القرار المطعون فيه بخرق قاعدتين مسطريتين أضر بأحد‬
‫األطراف‪ ،‬بعدم ضم استئنافه واستئناف المطلوبة رغم االرتباط بينهما‪ ،‬وبخرق مقتضيات‬
‫الفصلين ‪ 335‬و‪ 338‬من قانون المسطرة المدنية بعدم تبليغه باألمر بالتخلي وعدم إشعاره‬
‫بتاريخ إدراج القضية للنطق بالحكم‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫لكن حيث إن المحكمة غير ملزمة بتتبع األطراف في كل المناحى التي يثيرونها إذا‬
‫كانت غير مؤثرة في النزاع وبخصوص خرق المقتضيات المشار إليها فبغض النظر عن أن‬
‫القرار المطعون فيه أشار إلى وقوع التبليغ واإلعالم بتعيين القضية بالجلسة وتخلف األطراف‬
‫عن الحضور رغم التوصل فان مقتضيات الفصل ‪ 39‬من قانون المسطرة المدنية أشارت إلى‬
‫أن حاالت البطالن واإلخالالت المسطرية ال تكون مقبولة إال إذا كانت مصالح الطرف قد‬
‫تضررت فعال‪ ،‬وأن الطالب لم يدل بما يثبت أن مصالحه قد تضررت مما تكون معه الوسيلة‬
‫غير مقبولة‪.‬‬
‫في الوسيلة المتخذة من عدم ارتكاز القرار المطعون فيه على أساس‪:‬‬
‫حيث يعيب الطاعن القرار الطعين أن قضاة الدرجة الثانية استندوا على سلطتهم‬
‫التقديرية وعلى تقرير الخبرة التي ال تصلح أساسا لالستئناس بها اعتمادا على أنها غير‬
‫حضورية ومخالفة لمقتضيات الفصل ‪ 63‬من قانون المسطرة المدنية ألن الخبير لم يتقيد‬
‫بأجل الخمسة أيام المنصوص عليها وكونها غير موضوعية ألنها مجردة من معايير اقتراح‬
‫التعويض عن ملكية الرقبة‪.‬‬
‫لكن حيث أنه بخصوص الخبرة المنجزة في الموضوع فإن محكمة االستئناف انتهت‬
‫الى أنها جاءت مطابقة لمقتضيات الفصل ‪ 63‬من قانون المسطرة المدنية وأن الطالب قد‬
‫استدعى لحضور إجراءات انجاز الخبرة وعن مبلغ التعويض فإن الثابت من تنصيصات‬
‫الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في رفع التعويض المحكوم بع على الخبرة المنجزة وعلى كون‬
‫القطعة األرضية تتميز بخصوصيات باعتبارها توجد داخل مدينة الناظور وبإبرازها لهذه‬
‫العناصر فال رقابة عليها في ذلك من طرف محكمة النقض‪.‬‬
‫في الوسيلة المتخذة من فساد التعليل الموازي النعدامه‪:‬‬
‫حيث يعيب الطالب على القرار فساد التعليل‪ ،‬ذلك أن استبعاد الحكم للوسيلة المرتبطة‬
‫بنقل ملكية الرقبة جاء تعليلها في هذا الشأن بدون سند ألن نقل الملكية يجد سنده في إلزامها‬
‫بأداء قيمة هذا العقار لفائدة مالكه القديم وأن تقديم طلب بالتعويض عن الرقبة معناه التنازل‬
‫‪462‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫ضمنيا عن هذه الرقبة مقابل الحصول على الثمن‪ ،‬وخالف ذلك يؤدي إلى وضعية غير‬
‫قانونية في حين أن الق اررات القضائية ال تخلق إال األوضاع القانونية‪ ،‬فضال على أن نظرية‬
‫النزع الجبري للملكية يقتضي ترتيب جميع آثارها ومن ضمنها نقل ملكية العقار إلى اإلدارة‪.‬‬
‫حقا حيث صح جزئيا ما عابه به الطالب القرار المطعون فيه‪ ،‬ذلك أن المحكمة قضت‬
‫بتعويض عن فقد المطلوبة ملكية عقارها المعتدى عليه ماديا من طرف الطاعنة دون الحكم‬
‫بنقل ملكيته لفائدة ه ذه األخيرة خالفا ألحكام اإلثراء بال سبب المتمثلة في إثراء المطلوبة‬
‫عندما قضى لها بالتعويض المذكور مع احتفاظها بملكية نفس العقار موضوع الحكم‬
‫بالتعويض‪ ،‬واقتصار الطاعنة لما صرحت من انتقال ملكية نفس العقار إليها‪ ،‬مما شكل‬
‫افتقا ار مباش ار يقابله إثراء مباشر وتقوم عالقة سببية مباشرة تتمثل في واقعة واحدة هي السبب‬
‫المباشر لكل منهما وهو دفع تعويض عن قيمة عقار لم تنتقل ملكيته على من حكم عليه‬
‫بدفعه وهو الطالبة المفتقرة‪ ،‬فكان بذلك القرار المطعون فيه لما لم يقض بنقل الملكية لهذه‬
‫األخيرة‪ ،‬والحال ما ذكر فاسد التعليل ومعرضا للنقض‪.‬‬
‫لهــذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقص بنقض القرار المطعون فيه جزئيا فيما قضى به من رفض طلب‬
‫نقل الملكية وبرفض الطلب فيما عدا ذلك وبإحالة الملف على نفس المحكمة للبت فيه طبقا‬
‫للقانون وتحميل الطرفين الصائر مناصفة‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫اإلدارية (القسم الثاني ) السيد محمد منقار بنيس‪ ،‬والمستشارين السادة ‪ :‬سعاد المديني مقررة‬
‫وسعد غزيول برادة وسلوى الفاسي الفهري ومحمد بوغالب أعضاء وبمحضر المحامي العام‬
‫السيد حسن تابت‪ ،‬وبمساعدة كاتب الضبط السيد منير العفاط‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫المستشار المقرر‬ ‫رئيس الغرفة‬

‫‪463‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 3/899‬والمؤرخ في ‪ 04‬أكتوبر ‪2018‬‬


‫الصادر في الملف االداري عدد ‪2017/3/4/2287‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫إن النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة يعتبر بمثابة إعالن للمنفعة‬ ‫‪‬‬

‫العامة إلنجاز التجهيزات المنصوص عليها في قانون التعمير‪ ،‬مما يستوجب تطبيق‬
‫األحكام المنصوص عليها في القانون رقم ‪ 7/81‬المتعلق بنزع الملكية للمنفعة‬
‫العامة واالحتالل المؤقت؛‬
‫عدم تفعيل مقتضيات قانون نزع الملكية يعتبر اعتداء ماديا على ملك الغير‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫يستوجب التعويض عنه وفقا للمبادئ العامة للمسؤولية‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2017/04/03‬من طرف الطالبة المذكورة أعاله‬
‫بواسطة نائبها األستاذ ادريس بلمحجوب الرامي إلى نقض القرار عدد ‪ 142‬الصادر عن‬
‫عدد‬ ‫الملف‬ ‫في‬ ‫‪2017/01/12‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫بالرباط‬ ‫اإلدارية‬ ‫االستئناف‬ ‫محكمة‬
‫‪ 2016/7206/996‬والحكم التمهيدي عدد ‪ 872‬الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ‬
‫‪ 2016/01/18‬في الملف عدد‪.2015/7112/243 :‬‬
‫وبناء على مذكرات الجواب المدلى بها‪:‬‬
‫‪ - 1‬بتاريخ ‪ 2018/01/03‬من طرف المطلوبة في النقض الجماعة الحضرية للدار‬
‫البيضاء بواسطة نائيها االستاذ نجيب الحسين الرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬
‫‪ - 2‬بتاريخ ‪ 2018/01/04‬من طرف والي جهة الدار البيضاء سطات وعامل عمالة‬
‫مقاطعات موالي رشيد بواسطة نائبهما األستاذ المصطفى صابيق الرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬
‫‪ - 3‬بتاريخ ‪ 2018/01/09‬من طرف المطلوبة في النقض الوكالة الحضرية بالدار‬
‫البيضاء بواسطة نائبها األستاذ العلوي المامون عبد العالي الرامية الى رفض الطلب‪.‬‬

‫‪464‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬


‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في‪.2018/09/13‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ ‪.2018/10/04‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة المستشار المقرر السيد عبد الغني يفوت تقريره في هذه الجلسة واالستماع‬
‫إلى مستنتجات المحامي العام السيد محمد الجعفري‪.‬‬
‫وبعد المداولة وطبقا للقانون‪:‬‬
‫حيث يستفاد من أوراق الملف ومحتوى القرار المطعون فيه أنه بتاريخ ‪2016/06/05‬‬
‫تقدمت شركة ‪ ......‬بمقال أمام المحكمة االدارية بالدار البيضاء عرضت فيه أنها تملك‬
‫العقار ذي الرسم العقاري عدد ‪ / 45510‬س مساحته ‪ 2‬هكتاران آن ‪ 63‬آر ‪ 91‬سنتيار‬
‫يسمي مريس يقع بسيدي عثمان الدار البيضاء‪ ،‬تم تخصيصه بمقتضى تصميم التهيئة‬
‫لمدينة الدار البيضاء‪ ،‬إلنجاز طريق عمومية ومساحة خضراء ‪،‬حسبما ورد في المرسوم رقم‬
‫‪ 2 - 59 - 165‬بتاريخ ‪ 1989/03/07‬وأن الجماعية الحضرية للدار البيضاء لم تقم‬
‫بتفعيل المرسوم المذكور بسلوك مسطرة نزع الملكية‪ ،‬ملتمسة الحكم برفع اليد عن العقار‬
‫وأداء الجماعة الحضرية للدار البيضاء لفائدتها تعويضا عن الحرمان من االستغالل‬
‫وتحميلها الصائر‪ .‬وبعد تمام اإلجراءات أمرت المحكمة بإجراء خبرة أنجزت من طرف‬
‫الخبير عبد الرفيع لحلو‪ ،‬فأصدرت حكمها قضى بأداء الجماعة الحضرية للدار البيضاء‬
‫لفائدة المدعية تعويضا إجماليا قدره مليون درهم‪ ،‬وبانتهاء آثار تصميم التهيئة (عدد ‪- 165‬‬
‫‪ 2 - 89‬ب تاريخ‪ )1989/03/17‬الحضرية بالدار البيضاء‪ ،‬بالنسبة للعقار ذي الرسم‬
‫العقاري عدد ‪ / 45510‬س‪ ،‬استأنفته المدعية أصليا والجماعة الحضرية بالدار البيضاء‬
‫فرعيا‪ ،‬فأصدرت محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط قرارها المطعون فيه قضي بعدم قبول‬
‫الطلب وإبقاء الصائر على رافعه‪.‬‬
‫‪465‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫في الوسيلتين األولى والثالثة المعتمدتين في الطعن ‪ :‬حيث تعيب الطالبة القرار‬
‫المطعون فيه بخرق قاعدة مسطرية أضر بأحد األطراف‪ ،‬وفساد التعليل المنزل منزلة‬
‫انعدامه‪ ،‬وعدم االرتكاز على أساس؛ ذلك أن المحكمة ملزمة بحدود الطلبات وبتطبيق‬
‫القانون وأن الطالبة تمسكت بوجود اعتداء مادي لعدم سلوك المسطرة القانونية إذ أن انتهاء‬
‫مفعول تصميم التهيئة الصادر بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ 1989‬قد انقضى بمرور األجل القانوني‪،‬‬
‫وأن محكمة االستئناف غيرت موضوع الطلب ولم تعتد بوجود اعتداء مادي‪ ،‬علما أن الحيازة‬
‫انتقلت لإلدارة المختصة حسب تقرير الخبرة‪ ،‬وأن نشر تصميم التهيئة بالجريدة الرسمية ال‬
‫يعطي لإلدارة حق حيازة العقار‪ ،‬إال بعد االتفاق بالتراضي مع المالكين أو سلوك مسطرة نزع‬
‫الملكية‪ ،‬تطبيقا لمقتضيات قانون التعمير‪ .‬والمحكمة بعدم مراعاة ما ذكر عرضت قرارها‬
‫للنقض لعدم االرتكاز على اساس سليم‪.‬‬
‫حيث صح ما عابت به الطالبة القرار المطعون فيه؛ ذلك أن الثابت من المقال‬
‫االفتتاحي أنها طالبت بالتعويض عن االعتداء المادي الواقع على العقار ذي الرسم العقاري‬
‫عدد ‪ / 45510‬س من طرف الجماعة الحضرية للدار البيضاء بعلة عدم تفعيل مقتضيات‬
‫المرسوم عدد ‪ 2 - 59 - 165‬الصادر بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ ،1989‬وأنه بمقتضى المادتين‬
‫‪ 29 - 28‬من القانون رقم ‪ ،12/90‬المتعلق بالتعمير‪ ،‬فإن النص القاضي بالموافقة على‬
‫تصميم التهيئة يعتبر بمثابة إعالن لمنفعة العامة إلنجاز التجهيزات المنصوص عليها في‬
‫البنود ‪ 6 - 5 - 4 - 3‬من القانون المذكور‪ ،‬مما يستوجب تطبيق األحكام المنصوص‬
‫عليها في القانون رقم ‪ 7/81‬المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة واالحتالل المؤقت الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 6‬ماي ‪ ، 1982‬وذلك فيما يتعلق باإلجراءات التي يخضع لها واألثار المترتبة عليه‪،‬‬
‫وكان على المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التأكد من احترام االدارة للمقتضيات‬
‫المذكورة‪ ،‬علما أن عدم تفعيل مقتضيات قانون نزع الملكية أعاله يجعلها في وضعية‬
‫المعتدي ماديا على ملك الغير يستوجب التعويض عنه وفقا للمبادئ العامة للمسؤولية بعلة‬
‫مخالفة القانون‪ ،‬وأن استصدار مرسوم آخر يقضي بالمصادقة على تصميم جديد للتهيئة‬
‫‪466‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بغض النظر عن المدة الفاصلة بين المرسومين ليس من شأنه أن يصحح وضعيتها ويرفع‬
‫عنها صفة المعتدي على أمالك الغي ر‪ ،‬والمحكمة بعدم مراعاة ما ذكر لم تجعل لقرارها أي‬
‫أساس قانوني مما يعرضه للنقض ‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫وبصرف النظر عن باقي الوسائل‪،‬‬
‫قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه وبإحالة القضية على نفس‬
‫المحكمة للبت فيها من جديد طبقا للقانون وعلى المطلوبين الصائر‪.‬‬
‫وبه صدر القرار‪ ،‬وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيد المصطفى‬
‫لوب رئيس الغرفة اإلدارية (القسم الثالث) والسادة المستشارين‪ :‬عبد الغني يفوت مقررا‪،‬‬
‫ومحمد الناصري وحميد ولد البالد ومحمد المنور وبمحضر المحامي العام السيد محمد‬
‫الجعفري وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة يامنة بنكميل‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 78‬والمؤرخ في ‪ 03‬فبراير ‪2015‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2014/8/1/5341‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ ‬طرفــا الن ـزاع فــي قضــايا التحفــيظ العقــاري همــا طالــب التحفــيظ والمتعــرض‪ ،‬وأن مــن‬
‫انتقلت إليه ملكية العقار بإحدى التصرفات الناقلـة للملكيـة مـن قبـل طالـب التحفـيظ‪،‬‬
‫ال يعتبــر طرفــا فــي مســطرة التحفــيظ إال إذا أنشــأ مطلبــا إصــالحيا حــل بموجبــه محــل‬
‫طالب التحفيظ؛‬
‫‪ ‬المودع الذي يكتفي بإيـداع السـند الـذي بموجبـه انتقلـت إليـه ملكيـة العقـار ال يعتبـر‬
‫طرفا في مسطرة التحفيظ‪ ،‬وإنما يحل محل سلفه بالمآل الذي انتهى إليه النزاع؛‬
‫القـرار المطعــون فيــه لمــا قبــل اســتئناف الطــاعنين رغــم أنهمــا مجــرد مــودعين يكــون‬ ‫‪‬‬
‫غير مرتكز على أساس مما عرضه للنقض واإلبطال‪.‬‬

‫باسم جاللة الملك وطبقا للقانون‬


‫حيث يستفاد من مستندات الملف‪ ،‬انه بمقتضى مطلب تحفيظ أول قيد بالمحافظة‬
‫العقارية بالفقيه بن صالح بتاريخ ‪ 2008/04/14‬تحت عدد ‪ 68/2790‬طلب ‪ ...‬تحفيظ‬
‫الملك المسمى "كالمس" الواقع بمنطقة التحفيظ الجماعي أوالد عبد هللا جماعة الخلفية إقليم‬
‫ودائرة الفقيه بن صالح‪ ،‬والمحددة مساحته في أربعة هكتارات و‪ 77‬آ ار و‪ 64‬سنتيا ار بصفته‬
‫مالكا له حسب الشهادة اإلدارية بالملك المسلمة من قيادة البرادية دائرة الفقيه بن صالح‪،‬‬
‫وبتاريخ ‪ ( 2011/02/03‬كناش ‪ 05‬عدد ‪ )1151‬تم إيداع عقد صدقة توثيقي مؤرخ في‬
‫‪ 2009/09/15‬بموجبه تصدق طالب التحفيظ على ‪ ...‬بكافة العقار محل المطلب‪.‬‬
‫وبمقتضى مطلب تحفيظ ثان قيد بنفس المحافظة العقارية وبنفس التاريخ تحت عدد‬

‫‪468‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ 68/2791‬طلب نفس طالب التحفيظ تحفيظ الملك المسمى "كالمس" الواقع بنفس موقع‬
‫المطلب األول‪ ،‬والمحددة مساحته في هكتار واحد و ‪ 53‬آ ار و‪ 45‬سنتيا ار بصفته مالكا له‬
‫حسب الشهادة اإلدارية بالملك المسلمة من قيادة البرادية دائرة الفقيه بن صالح‪ ،‬وبتاريخ‬
‫‪( 2010/01/29‬كناش ‪ 05‬عدد ‪ )1128‬تم إيداع عقد بيع توثيقي مؤرخ في ‪ 27‬و‪31‬‬
‫غشت ‪ 2010‬بموجبه فوت طالب التحفيظ كافة العقار محل المطلب لفائدة المعطي (ل)‬
‫وفاطمة (ل) سوية بينهما‪ .‬وبمقتضى مطلب تحفيظ ثالث قيد بنفس المحافظة العقارية وبنفس‬
‫التاريخ تحت عدد ‪ 68/2792‬طلب نفس طالب التحفيظ تحفيظ الملك المسمى "كالمس"‬
‫الواقع بنفس الموقع‪ ،‬والمحددة مساحته في ‪ 35‬آ ار و‪ 71‬سنتيا ار بصفته مالكا له حسب‬
‫الشهادة اإلدارية بالملك المسلمة من قيادة البرادية دائرة الفقيه بن صالح‪ ،‬وبتاريخ‬
‫‪( 2010/01/29‬كناش ‪ 05‬عدد ‪ )1128‬تم إيداع عقد بيع توثيقي مؤرخ في ‪ 27‬و‪31‬‬
‫غشت ‪ 2010‬بموجبه فوت طالب التحفيظ كافة العقار محل المطلب لفائدة المعطي (ل)‬
‫سوية بينهما‪ .‬وبمقتضى مطلب تحفيظ رابع قيد بنفس المحافظة العقارية وبنفس التاريخ تحت‬
‫عدد ‪ 68/2793‬طلب نفس طالب التحفيظ تحفيظ الملك المسمى "بوجرتول" الواقع بنفس‬
‫الموقع‪ ،‬والمحددة مساحته في هكتار واحد و ‪ 13‬آ ار و‪ 93‬سنتيا ار بصفته مالكا له حسب‬
‫الشهادة اإلدارية بالملك المسلمة من قيادة البرادية دائرة الفقيه بن صالح‪ .‬وبتاريخ‬
‫‪( 2011/02/03‬كناش ‪ 05‬عدد ‪ )1151‬تم إيداع عقد صدقة توثيقي مؤرخ في‬
‫‪ 2009/09/15‬بموجبه تصدق طالب التحفيظ على السعدية (م) بكافة العقار محل‬
‫المطلب‪ .‬وبتاريخ ‪( 2010/01/06‬كناش ‪ 5‬عدد ‪ )1110‬سجل المحافظ على األمالك‬
‫العقارية على المطلب المذكورة أعاله التعرض الجزئي الصادر عن بوزكري (ع) والمؤكد‬
‫بتاريخ ‪( 2011/02/02‬كناش ‪ 06‬عدد ‪ )1325‬مطالبا بحقوق مشاعة من عقارات‬
‫المطالب األربعة تقدر بثالثة أسهام من أصل سبعة حسب شهادة التعرض (الوثيقة رقم ‪)3‬‬
‫ومن أصل ‪ 6‬حسب الوثيقة الخاصة بنص التعرضات وإيداع الوثائق (الوثيقة رقم ‪ )4‬لتملكه‬
‫لها بالحكم الصادر عن محكمة السدد بالفقيه بن صالح بتاريخ ‪ 1972/05/23‬تحت عدد‬
‫‪469‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ 168‬في القضية عدد ‪ 1970/590‬القاضي باستحقاق المدعيين بوزكري (ع) وأخته فاطمة‬
‫تجاه المدعى عليه المولودي بن عبد السالم لواجبهما إرثا في المدعى فيه الثابت لموروثهم‬
‫وعلى المدعى عليه بتمكين المدعيين من واجبهما إرثا في المدعى فيه انفرادا في أرض البور‬
‫وشيعا في أرض السقي ان منع القانون تجزئتها‪ ،‬ومحضر تنفيذ الحكم المذكور المؤرخ في‬
‫‪ ،1987/06/09‬وملكية والده عدد ‪ 159‬صحيفة ‪ 128‬المؤرخة في ‪ 1972/06/02‬التي‬
‫تشهد له بالملك والتصرف في ست قطع أرضية مدة عشر سنوات إلى أن توفي هذه مدة من‬
‫عشرين سنة وخلفها لورثته ومن بينهم طالب التحفيظ والمتعرض‪ ،‬وثالثة إشهادات عرفية‬
‫األول مصادق فيه على التوقيع بتاريخ ‪ ،2009/12/23‬والثاني مصادق فيه على التوقيع‬
‫بتاريخ ‪ ،2009/12/24‬والثالث مصادق فيه على التوقيع بتاريخ ‪ 2009/12/29‬بموجبهم‬
‫تراجع الحسين (ك) وعبد الرحمان (ز) والعربي (ك) ولطفي (ب) وأحمد (هـ) عن أخيه محمد‬
‫(هـ) وبوزكي (ن) وبوعزة (ر) ولطفي (ب) عن شهادتهم في الشهادة اإلدارية بالملك المدلى‬
‫بها من طالب التحفيظ‪ .‬وبعد إحالة ملفات المطالب على المحكمة االبتدائية بالفقيه بن صالح‬
‫وإجرائها بحثا بالمكتب تم خبرة بواسطة الخبير حسن (ع)‪ ،‬أصدرت حكمها عدد ‪ 432‬بتاريخ‬
‫‪ 2013/06/20‬في الملفات المضمومة ذوات األرقام ‪ 2011/17/16/15/14‬بصحة‬
‫التعرضات المقيدة بالكناش ‪ 05‬عدد ‪ 1011‬والمؤكدة بتاريخ ‪ 2011/02/02‬بالكناش ‪06‬‬
‫عدد ‪ 1325‬المقدمة من طرف المتعرض بوزكري (ع) ضد مطالب التحفيظ ‪68/2970‬‬
‫و‪ 68/2791‬و‪ 68/2792‬و‪ ،68/2793‬فاستأنفه المودعان المعطي (ل) وفاطمة (ل)‪،‬‬
‫فأيدته محكمة االستئناف المذكورة بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقض أعاله من المستأنفين‬
‫في السبب الفريد بنقصان التعليل الموازي النعدامه‪ ،‬ذلك أن المعترض يعتبر هو المدعي‬
‫وعليه يقع عبء اإلثبات‪ ،‬وأن المحكمة ال تناقش حجة طالب التحفيظ حتى يدلي المتعرض‬
‫بما يعزز تعرضه‪ ،‬وأن المتعرض لم يدل بما يفيد أن العقار من متخلف والده‪.‬‬
‫في الوسيلة المثارة تلقائيا من طرف محكمة النقض لتعلقها بالنظام العام‪.‬‬

‫‪470‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫حيث إنه بمقتضى الفصل األول من قانون المسطرة المدنية ال يصح التقاضي إال ممن‬
‫له الصفة إلثبات حقوقه‪.‬‬
‫و حيث إن طرفي النزاع في قضايا التحفيظ العقاري هما طالب التحفيظ والمتعرض‪،‬‬
‫وأن من انتقلت إليه ملكية العقار بإحدى التصرفات الناقلة للملكية من قبل طالب التحفيظ‪ ،‬ال‬
‫يعتبر طرفا في مسطرة التحفيظ إال إذا أنشأ مطلبا إصالحيا حل بموجبه محل طالب‬
‫التحفيظ‪ ،‬أما المودع الذي يكتفي بإيداع السند الذي بموجبه انتقلت إليه ملكية العقار فإنه ال‬
‫يعتبر طرفا في مسطرة التحفيظ‪ ،‬وإنما يحل محل سلفه بالمآل الذي انتهى إليه النزاع‪ ،‬وأن‬
‫القرار المطعون فيه لما قبل استئناف الطاعنين رغم أنهما مجرد مودعين يكون غير مرتكز‬
‫على أساس مما عرضه للنقض واإلبطال‪.‬‬
‫لــهذه األسبــاب‬
‫قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫المحامي العام‪.‬‬ ‫المقرر‬ ‫الرئيس‬

‫‪471‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .2‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 8/396‬والمؤرخ في ‪ 11‬يوليو ‪2017‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2016/8/1/1558‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫امتناع المحافظ عن تنفيذ شراء عقار قابل لالسترجاع من طرف الدولة طبقا لظهير ‪2‬‬
‫مارس ‪ 1973‬يضم‪:‬‬
‫‪-‬عدم صدور قرار وزيري مشترك بتعيين العقار المدعى فيه كعقار مسترجع ال يمنع‬
‫المحافظ من رفض التقييد؛‬
‫‪ -‬الحيازة والتصرف ليسا مانعين من نقل الملكية للدولة إذا ما توفرت شروط االسترجاع‪.‬‬

‫نق ــض القـ ـرار ع ــدد ‪ 3068-3067‬الص ــادر ع ــن محكم ــة االس ــتئناف بال ــدار البيض ــاء‬
‫بتاريخ ‪ 2013-07-15‬في الملف رقم ‪.2012-1-1-1282‬‬
‫وبناء على مـذكرة الجـواب المـدلى بهـا مـن المحـافظ علـى األمـالك العقاريـة بـابن سـليمان‬
‫بتاريخ ‪ 2016-06-09‬والرامية الى رفض الطلب‪.‬‬
‫وبنــاء علــى مــذكرة الج ـواب المــدلى بهــا مــن الدولــة (الملــك الخــاص) والراميــة الــى رفــض‬
‫الطلب‪.‬‬
‫وبنــاء علــى الق ـرار الصــادر عــن الغرفــة المدنيــة القســم الثــامن بتــاريخ ‪2017-01-31‬‬
‫بإحالة القضية على غرفتين‪.‬‬
‫وبن ـ ــاء علـ ـ ــى ق ـ ـ ـرار السـ ـ ــيد ال ـ ـ ـرئيس األول عـ ـ ــدد ‪ 2017-27‬بتـ ـ ــاريخ ‪2017-03-20‬‬
‫القاض ــي ب ــأن تض ــاف الغرف ــة االداري ــة (القس ــم األول) ال ــى الغرف ــة (القس ــم الث ــامن) للب ــث ف ــي‬
‫القضية ‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف ‪.‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي الصادر بتاريخ ‪ 2016-11-28‬وتبليغه‪.‬‬

‫‪472‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنيـة المنعقـدة بتـاريخ ‪2017-01-10‬‬
‫وتأخيرها لعدة جلسات آخرها جلسة ‪.2017-07-11‬‬
‫وبنــاء علــى المنــاداة علــى الطــرفين ومــن ينــوب عنهمــا وحضــور االســتاذ محمــد القــدوري‬
‫نائبا عن طالب النقض وتخلف المطلوبين األول والثاني رغم توصلهما‪.‬‬
‫وبعــد تــالوة المستشــار المقــرر الســيد جمــال السنوس ـي لتقري ـره واالســتماع إلــى مالحظــات‬
‫االســتاذ محمــد القــدوري وإلــى مالحظــات المحــامي العامــة الســيد ســابق الشــرقاوي الراميــة الــى‬
‫رفض الطلب‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬
‫حيــث يس ــتفاد م ــن مس ــتندات المل ــف‪ ،‬أن ــه بت ــاريخ ‪ 2010/07/07‬تق ــدم ‪ ...‬بمق ــال أم ــام‬
‫المحكمــة االبتدائيــة بــابن ســليمان تج ـاه ‪ .....‬ومــن معــه (أربعــة أشــخاص) وبحضــور المحــافظ‬
‫علــى األمــالك العقاريــة والرهــون بــابن ســليمان‪ ،‬عــرض فيــه أن المــدعى علــيهم فوتـوا لــه الملــك‬
‫المحفــظ المســمى "اولــدا ‪"5‬ذي الرســم العقــاري عــدد ‪ ، D 12409‬حســب عقــد البيــع العرفــي‬
‫المؤرخ في ‪ ،1959/01/07‬وأنه لم يعمل على إدراج شـرائه بالرسـم المـذكور لـرفض المحـافظ‬
‫ذلــك ب ــدعوى عــدم االدالء بالمل ــك العــائلي‪ ،‬وأن ــه بعــث م ــؤخ ار بطلــب ف ــي الموضــوع للمح ــافظ‬
‫بت ــاريخ ‪ 2010/06/09‬بق ــي ب ــدون جـ ـواب‪ ،‬طالب ــا ل ــذلك الحك ــم علي ــه بتس ــجيل العق ــد بالرس ــم‬
‫العقاري المذكور تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ‪ 50‬درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ‪.‬‬
‫وبعــد ج ـواب المحــافظ مــع طلــب إدخــال الدولــة (الملــك الخــاص)‪ ،‬أن المــدعي ســبق وأن‬
‫تق ــدم ب ــنفس ال ــدعوى فص ــدر فيه ــا الحك ــم رق ــم ‪ 166‬بت ــاريخ ‪ 2009/12/07‬ف ــي المل ــف رق ــم‬
‫‪ 09-175‬وف ــق طلب ــه ‪ ،‬فتعرض ــت علي ــه الدول ــة المل ــك الخ ــاص تع ــرض الغي ــر الخ ــارج ع ــن‬
‫الخصــومة فــي الملــف رقــم ‪ 3-10-115‬باعتبــار أن العقــار آل إليهــا بقــوة القــانون بمقتضــى‬
‫ظهير ‪ ،1973-03-02‬إدالء المدعي بالقرار االستئنافي عدد ‪ 1873‬الصـادر بتـاريخ ‪-26‬‬
‫‪ 2011-05‬فـ ــي الملـ ــف رقـ ــم ‪ 10-1-2110‬القاضـ ــي باإلشـ ــهاد علـ ــى تنازلـ ــه عـ ــن الـ ــدعوى‬
‫المــذكورة فــي ‪ 5-2010-9‬بتســجيل المحــافظ عقــد البيــع المــذكور بعلــة أن العقــار تــم تفويتــه‬
‫‪473‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫للمدعي ‪ ،‬وأنه تلقاه من مالكيـه المسـجلين بالرسـم العقـاري قبـل صـدور ظهيـر ‪ 1973‬الـذي ال‬
‫ينــتج آثــاره إال مــن تــاريخ نفــاده‪ ،‬فاســتأنفه للمحــافظ ‪ ،‬والدولــة المــك الخــاص ‪ ،‬وألغتــه محكمــة‬
‫االستئناف وقضت برفض الطلب بمقتضى قرارهـا المطعـون فيـه بـالنقض أعـاله مـن المسـتأنف‬
‫عليه بوسيلتين‪.‬‬
‫حيث يعيـب الطـاعن القـرار فـي الوسـيلة االولـى بخـرق القـانون‪ ،‬ذلـك أن الشـراء أبـرم يـوم‬
‫‪ 1959-01-07‬وحــاز المشــتري مشــتراه مــن يــوم المصــادقة علــى العقــد ‪ ،‬وأودع بالمحافظــة‬
‫يوم ‪ 1959-03-19‬وتضمن التماس أطرافه من المحافظ تقييـده بالرسـم العقـاري ‪ ،‬فكـان مـن‬
‫ح ــق الطال ــب أن يطل ــب تقيي ــده بالرس ــم العق ــاري طبق ــا للفص ــلين ‪ 230‬م ــن ق ــانون االلت ازم ــات‬
‫والعقــود و ‪ 67‬مــن ظهيــر التحفــيظ العقــاري‪ ،‬وأن القــانون ال يطبــق بــأثر رجعــي وإنمــا يســري‬
‫علــى األحــداث والوقــائع التــي تحصــل بعــد دخولــه حيــز التنفيــذ ‪ ،‬ممــا يجعــل قــول الق ـرار بــأن‬
‫الشـ ـراء خاض ــع لظهي ــر ‪ 1973-03-02‬منطوي ــا عل ــى خ ــرق لقاع ــدة ع ــدم رجعي ــة القـ ـوانين‬
‫المنصوص عليها في الدستور‪.‬‬
‫ويعيبه في الوسيلة الثانية بنقصان وفساد التعليل المنزل منزلة انعدامه‪ ،‬ذلـك أن العقـار‬
‫بحــوزة الطالــب منــذ ‪ 1959-01-07‬ومــازال مقيــدا فــي اســم مالكيــه البــائعين ‪ ،‬وأن مقــال هــذه‬
‫الدعوى قيد عليـه تقييـد احتيـاطي بتـاريخ ‪ ،2010-08-10‬و ال أثـر ألي قـرار وزاري مشـترك‬
‫صــادر فــي نطــاق ظهيــر ‪ ،1973-03-02‬وأن مــا جــاء فــي تعليــل الق ـرار مــن أنــه "تبــين أن‬
‫العقـ ــار مـ ــازال فـ ــي اسـ ــم البـ ــائعين وأنـ ــه خاضـ ــع لظهيـ ــر ‪ 1973-03-02‬بشـ ــأن نقـ ــل ملكيـ ــة‬
‫األراضي الواقعة كليا أو جزئيـا خـارج المـدار الحضـري المملوكـة لألجانـب إلـى الملـك الخـاص‬
‫للدولــة‪ ،‬فإنــه طبقــا للفصــل ‪ 66‬مــن ظهيــر التحفــيظ العقــاري فــإن كــل حــق عينــي متعلــق بعقــار‬
‫محفــظ يعتبــر غيــر موجــود بالنســبة للغيــر إال بتســجيله علــى الرســم العقــاري و ال يمكــن بحــال‬
‫التمسك بإبطال هذا التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة ‪ ،‬وأنـه طالمـا أن عقـد الشـراء‬
‫المح ـتج بــه غيــر مســجل بشــهادة الملكيــة وغيــر مشــار بهــا إلــى أي تقييــد احتيــاطي فــإن الملــك‬
‫الخاص للدولة باعتباره غير حسن النية ال يحتج في مواجهته بعقد الشراء ينطـوي علـى فسـاد‬
‫‪474‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫فــي التعليــل مــن عــدة أوجــه ‪ ،‬فــأوال ‪ ،‬ال وجــود ألي ق ـرار وزاري مشــترك يهــم العقــار موضــوع‬
‫النازلة حتى يمكن القول أن دعوى استحقاق العقار المذكور يجب أن تمارس عبـر الطعـن فـي‬
‫القرار الوزاري المذكور ‪ ،‬ثانيا‪ ،‬فإن القول بأن كل حـق عينـي متعلـق بعقـار محفـظ يعتبـر غيـر‬
‫موجود بالنسبة للغير إال بالتسجيل ‪ ،‬ال يعني أن المشـتري ال يحـق لـه طلـب تقييـد شـرائه ونقـل‬
‫ملكيـة العقـار المبيـع إليـه‪ ،‬وثالثـا فـإن مبـدأ حمايـة الشـخص المسـجل عـن حسـن نيـة إنمـا يعنـي‬
‫الشخص المقيد على الرسم العقاري كمالك ‪ ،‬والحال أن الدولـة الملـك الخـاص ليسـت مقيـدة ال‬
‫كمالكة و ال كصاحبة حق أو تقييد‪ ،‬وأن المسجلين الوحيدين على الرسم العقاري هـم البـائعون‬
‫وهؤالء قد كلبوا تقييد العقد بالرسم العقاري‪ ،‬كمـا أن الدولـة الملـك الخـاص لـم تكـن ال مدعيـة و‬
‫ال مدعى عليهـا خـالل المرحلـة االبتدائيـة وإنمـا تـم إدخالهـا بطلـب مـن المحـافظ ولـم تتقـدم بـأي‬
‫طلـب ممـا يجعـل اعتـداد القـرار المطعـون فيـه باسـتئنافها منطويـا علــى فسـاد فـي التعليـل وعــديم‬
‫األساس‪ ،‬وأنه حت على فرض وجود مغربي حائز لمشتراه كما استقر على ذلك قضـاء الغرفـة‬
‫االدارية بمحكمة النقض‪.‬‬
‫لكـن‪ ،‬ردا علـى الوسـيلتين أعـاله مجتمعتـين لتــداخلهما‪ ،‬فـإن األمـر فـي النازلـة إنمـا يتعلــق‬
‫بــالطعن فــي القـرار الضــمني للمحــافظ علــى األمــالك العقاريــة الــذي رفــض بمقتضــاه تقييــد عقــد‬
‫الش ـراء بالرســم العقــاري‪ ،‬وأنــه طبقــا للفصــلين ‪ 72‬و ‪ 74‬مــن ظهيــر التحفــيظ العقــاري ‪ ،‬يجــب‬
‫علــى المحــافظ المــذكور أن يتحقــق تحــت مســؤوليته أوال مــن صــحة الوثــائق المــدلى بهــا تأييــدا‬
‫للطلــب شــكال وجــوه ار ‪ ،‬وثانيــا أن التقييــد موضــوع الطلــب ال يتعــارض مــع البيانــات المضــمنة‬
‫بالرسم العقاري ومقتضيات هذا القانون ‪ ،‬وثالثا أن الوثائق المدلى بها تجيـز التقييـد ‪ ،‬وأنـه لمـا‬
‫تبين للمحافظ أن العقار موضوع الطلب ال زال حينها ‪ ،‬وحسب مندرجات الرسم العقاري علـى‬
‫مل ــك أجان ــب وق ــابال لالس ــترجاع م ــن قب ــل الدول ــة بمقتض ــى ظهي ــر ‪ 02‬م ــارس ‪ ، 1973‬ف ــإن‬
‫امتناعــه عــن التقييــد كــان مبــر ار ‪ ،‬وأنــه ال مجــال للتمســك فــي النازلــة بمبــدأ عــدم رجعيــة القــانون‬
‫مــادام العقــار ‪ ،‬فــي تــاريخ تقــديم الطلــب ‪ ،‬كــان ال زال مقيــدا باســم األجانــب وقــابال ألن يخضــع‬
‫للظهيــر المشــار إليــه أعــاله‪ ،‬وأن عــدم صــدور قـرار وزيــري مشــترك بتعيــين العقــار المــدعى فيــه‬
‫‪475‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫كعقار مسترجع ال يمنع المحافظ رفض طلب التقييد إذا تبين لـه أنـه ذلـك يتعـارض مـع بيانـات‬
‫الرسم التي تفيد أنـه علـى ملـك أجانـب ‪ ،‬وأن ظهيـر ‪ 02‬مـارس ‪ 1973‬بمقتضـى فصـله األول‬
‫ينقل ملكية العقارات الفالحية المملوكة لهؤالء الى الدولة من تاريخ نشره ‪ ،‬وأن هذا النقل غيـر‬
‫مقيــد بــإجراء تقييــد احتيــاطي علــى الرســم العقــاري لحفــظ الرتبــة ‪ ،‬كمــا أنــه ال مجــال للتمســك‬
‫بالحيازة والتصرف ألنهما ليسا مانعين من نقل الملكية للدولة إذا ما توفرت شـروط االسـترجاع‬
‫األخرى ‪ ،‬ولذلك فـإن القـرار المطعـون فيـه حـين علـل قضـاءه بأنـه "أشـير فـي الشـهادة العقاريـة‬
‫أن العقار ال زال في اسم البائعين وبأنه خاضع لظهير ‪ 1973-03-02‬المتعلـق بنقـل ملكيـة‬
‫األراضي الواقعة كليا أو جزئيا خارج المدار الحضري والمملوكة ألشـخاص أجانـب إلـى الملـك‬
‫الخاص للدولـة" فإنـه نتيجـة لكـل مـا ذكـر يكـون القـرار غيـر خـارق للقـانون ومعلـال تعلـيال كافيـا‬
‫وس ــليما وب ــاقي تعليالت ــه المنتق ــدة تعتب ــر ازئ ــدة يس ــتقيم القـ ـرار ب ــدونها والوس ــيلتان بالت ــالي غيـ ـر‬
‫جديرتين باالعتبار‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قض ــت محكم ــة ال ــنقض بغرفتيه ــا المدني ــة واالداري ــة بــــرفض الطلــــب وبتحمي ــل الط ــاعن‬
‫المصاريف‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنيـة المنعقـدة بالتـاريخ المـذكور أعـاله بقاعـة الجلسـات‬
‫العاديــة بمحكمــة الــنقض بالربــاط‪ .‬وكانــت الهيئــة الحاكمــة متركبــة مــن الســادة‪ :‬م ـوالي العربــي‬
‫العلوي اليوسفي رئـيس الغرفـة المدنيـة (القسـم الثـامن) رئيسـا للجلسـة‪ .‬والسـيد عبـد المجيـد بابـا‬
‫علي رئيسا‪ .‬والمستشارين‪ :‬جمال السنوسي مقررا‪ .‬وأحمـد دحمـان ومصـطفى زروقـي والمعطـي‬
‫الجبـ ــوجي وأحمـ ــد دينيـ ــة وعبـ ــد العتـ ــاق فكيـ ــر والمصـ ــطفى الـ ــدحاني وناديـ ــة اللوسـ ــي أعضــــاء‬
‫وبمحض ــر المحـــامي العـــام الس ــيد س ــابق الش ــرقاوي وبمس ــاعدة كاتب ــة الض ــبط الس ــيدة أس ــماء‬
‫القوش‪.‬‬

‫‪476‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .3‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 17‬والمؤرخ في ‪ 06‬يناير ‪2015‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2014/8/1/2223‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ ‬وضع المتعرض يده على العقار وحده غير كاف للقول بصحة التعرض إذا أدلى‬
‫طالب التحفيظ بملكية مشتملة على شروط الشهادة بالملك؛‬
‫‪ ‬بينة الملك مقدمة على بينة الحوز وهي أخص من الحوز وأقوى منه‪.‬‬
‫باسم جاللة الملك وطبقا للقانون‬
‫في الدفع بعدم القبول‪:‬‬
‫حيث دفع المطلوبون في النقض بعدم قبول الطلب شكال بعلة عدم تضمين العريضة‬
‫العمالة التابع لها عنوان األطراف‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ردا على الدفع المذكور‪ ،‬فإن عنوان الطرفين مبين بعريضة النقض‪ ،‬وأن عدم‬
‫تحديد العمالة التابع لها العنوان ال تأثير له‪ ،‬األمر الذي يتعين معه رد الدفع المذكور‪.‬‬
‫وفي الموضوع‪:‬‬
‫حيث يستفاد من مستندات الملف‪ ،‬أنه بمقتضى مطلب تحفيظ قيد بالمحافظة العقارية‬
‫بالجديدة بتاريخ ‪ 2008/08/01‬تحت عدد ‪ 08/96064‬طلب ‪ .......‬تحفيظ الملك‬
‫المسمى "ملك الدويش" الواقع بإقليم الجديدة دائرة أزمور جماعة المهارزة دوار الهيالمة‬
‫والمحددة مساحته في هكتار واحد و‪ 50‬آرا‪ ،‬بصفتهم مالكين له بالنسب المشار إليها في‬
‫المطلب حسب الملكية المضمن أصلها بعدد ‪ 178‬بتاريخ ‪ 05‬جمادى األولى ‪1370‬‬
‫(المؤرخة في يناير ‪ )1951‬وثالث إراثات مؤرخة على التوالي في نونبر ‪ 1950‬و‪ 3‬أكتوبر‬
‫‪ 1992‬و‪ 30‬يونيو ‪ .2005‬وبتاريخ ‪( 2009/06/03‬كناش ‪ 53‬عدد ‪ )538‬تعرض على‬
‫المطلب المذكور ‪ .......‬مطالبا بكافة الملك لتملكه له برسم االستغالل عدد ‪ 278‬بتاريخ‬
‫‪ .2009/04/18‬وبعد إحالة ملف المطلب على المحكمة االبتدائية بالجديدة‪ ،‬أصدرت‬

‫‪477‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫حكمها عدد ‪ 11‬بتاريخ ‪ 2011/03/29‬في الملف رقم ‪ 10/114/5‬بعدم صحة التعرض‪.‬‬


‫عدد ‪ ،66‬قضت محكمة‬ ‫استأنفته المتعرض‪ ،‬وبعد إدالئه بملحق لموجب استغالل‬
‫االستئناف بتأييده بمقتضى قرارها عدد ‪ 158‬بتاريخ ‪ 2011/12/08‬في الملف عدد‬
‫‪ ،11/104/43‬وهو القرار الذي نقضته محكمة النقض بقرارها عدد ‪ 172‬بتاريخ‬
‫‪ 2013/03/26‬في الملف ‪ 2012/1/1/3700‬بطلب من المستأنفين بعلة أن المحكمة‬
‫استبعدت الموجب عدد ‪ 278‬دون أن تناقش ملحق الموجب المذكور المضمن تحت عدد‬
‫‪ 66‬والمدلى به أمامها من طرف المتعرض رفقة المذكرة المؤرخة في ‪ 2011/11/16‬والذي‬
‫يشير إلى حيازته للبقعة األرضية المشار إليها في موجب االستغالل عدد ‪ 278‬منذ سنة‬
‫‪ ، 1970‬وبعد اإلحالة ‪ ،‬قضت محكمة االستئناف المذكورة مجددا بتأييد الحكم المستأنف‪،‬‬
‫وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه حاليا بالنقض أعاله من المستأنفين بأربعة أسباب‪.‬‬
‫حيث يعيب الطاعنون القرار في الوسيلة األولى بخرق مقتضيات الفصل ‪ 369‬من‬
‫قانون المسطرة المدنية‪ ،‬ذلك أن ملحق العقد المستدل به من لدن الطاعنين يشهد بكون‬
‫المدعى فيه هو تحت حيازتهم وتصرفهم منذ سنة ‪ ،1970‬وبذلك فالحيازة تنتج أثرها ولو لم‬
‫تكن مستندة على أي رسم فضال على كون طالبي التحفيظ يقرون بأنهم ال يحوزون المدعى‬
‫فيه‪ ،‬والمحكمة أعرضت عن مناقشة أثر الحيازة ولم تجر أي إجراء مسطري فيما تم التمسك‬
‫به خارقة بذلك النقطة التي بتت فيها محكمة النقض‪.‬‬
‫ويعيبونه في الوسيلة الثانية بخرق القانون وأحكام الفقه والقواعد الشرعية وانعدام‬
‫التعليل ذلك أن المبدأ المستقر عليه فقها وقضاء أن الحيازة دليل على الملك وأن الشخص‬
‫الذي يحوز ويتصرف بشتى أنواع التصرفات هو أولى بالملك لقول صاحب التحفة‪:‬‬
‫واألجنبي إن يحز أصال بحق عشر سنين فالتملك استحق‬
‫وانقطعت حجة مدعيه مع الحضور عن الخصام فيه‬
‫والحيازة والتصرف هو بيد المتعرضين منذ ما يزيد على ‪ 43‬سنة األمر الذي يسقط‬
‫دعوى طالب التحفيظ حيث ينقلب عبء اإلثبات على عاتقه وأن الطاعنين أثاروا دفوعا‬
‫‪478‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بموجب المذكرة بعد قرار اإلحالة المدلى بها بجلسة ‪ 2013/09/26‬ولم تجب عنها المحكمة‬
‫وال أشارت إليها حتى‪.‬‬
‫ويعيبونه في السبب الثالث بانعدام األساس القانوني‪ ،‬ذلك أنه بموجب المذكرة المدلى‬
‫بها بجلسة ‪ 2013/12/19‬أثار الطاعنون كون الملكية المؤرخة في يناير ‪ 1951‬التي‬
‫يعتمدها طالبو التحفيظ ساقطة على درجة االعتبار لما لها من إجمال في بيان مدة الحيازة‬
‫واقتصار شهودها على القول بأنها مدة تزيد على أمد الحيازة المعتبرة شرعا مما يعد عيبا في‬
‫الرسم‪ ،‬على اعتبار أن مدة الحيازة ليست واحدة في الفقه اإلسالمي الواجب التطبيق فقد‬
‫تكون عشرة أشهر وقد تمتد إلى أزيد من ذلك حسب األحوال ‪ ،‬ووفقا للتفصيالت الواردة في‬
‫كتب الفقه‪ ،‬وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تجب عما أثاره الطاعنون بهذا‬
‫الشأن‪.‬‬
‫ويعيبونه في الوسيلة الرابعة بانعدام التعليل‪ ،‬ذلك أن الطاعنين تمسكوا في معرض‬
‫دفوعهم أن التصرف والحيازة بيدهم لمدة تزيد على ‪ 43‬سنة وأن الحيازة تكسب الملكية ولو‬
‫لم تكن مستندة على أي رسم بعد ‪ 10‬سنوات إال أن المحكمة لم تجب عن هذه الوسائل‬
‫المثارة‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ردا على الوسائل أعاله مجتمعة لتداخلها‪ ،‬فمن جهة أولى‪ ،‬فإن الطاعنين لم يبينوا‬
‫طبيعة اإلجراء المسطري المطلوب اتخاذه من طرف المحكمة وجانب الدفوع التي أثاروها بعد‬
‫ق رار اإلحالة ولم تلتفت إليها‪ .‬ومن جهة ثانية‪ ،‬فإنه ال مجال للتمسك بالترجيح بالحيازة ما دام‬
‫أن القرار المطعون فيه اعتمد وباألساس في قضائه على كون موجب االستغالل عدد ‪278‬‬
‫وملحقة عدد ‪ 66‬المدلى بهما من طرف الطاعن ساقطين على درجة االعتبار لكونهما غير‬
‫مستجمعين لشروط الملك‪ ،‬وبالتالي فإن مجرد وضع اليد وحده غير كاف للقول بصحة‬
‫التعرض ال سيما وأنه يتجلى على مستندات الملف أن طالب التحفيظ أدلى بملكية مؤرخة في‬
‫يناير ‪ 1951‬مشتملة على شروط الشهادة بالملك‪ ،‬وتشهد له أيضا‪ ،‬وبخالف ما جاء في‬
‫الوسيلة ‪ ،‬بالحوز والتصرف مدة مديدة تزيد على أمد الحيازة المعتبرة شرعا وهي عشر سنين‬
‫‪479‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫سلفت عن تاريخ موته‪ .‬وبذلك فهي مقدمة على بينة الحوز لقول الشيخ خليل "وملك على‬
‫حوز" ألن بينة الملك أخص من الحوز وأقوى منه‪ ،‬وثبوت األعم ال يستلزم ثبوت األخص‬
‫والعكس صحيح‪ ،‬ولذلك ولما للمحكمة من سلطة في تقدير األدلة واستخالص قضائها منها‬
‫فإنها حين عللت قضائها بأن ‪ " :‬موجب االستغالل وملحقه المدلى بهما من طرف المتعرض‬
‫لتعزيز تعرضه إنما يشهدان للمتعرض بممارسة النشاط الفالحي بكل أنواعه وبتصرفه في‬
‫البقعة المذكورة وبحيازته لها بدون منازع وال معارض منذ سنة ‪ 1971‬حسب الموجب ومنذ‬
‫سنة ‪ 1970‬حسب ملحقه عدد ‪ 66‬و ال يتضمنان نسبة مقيمهما ملكية هذه البقعة إليه كما‬
‫أن شهود الموجب وملحقه لم يشهدوا بأن الناس ينسبون إليه ملكية هذه البقعة الفالحية‪،‬‬
‫وبالتالي يكون الموجب وملحقه المستدل بهما من طرف المتعرض غير شاملين لشروط‬
‫الشهادة بالملك"‪ ،‬فإنه نتيجة لذلك يكون القرار معلال تعليال كافيا وغير خارق للمقتضيات‬
‫المحتج بها وما بالوسائل غير جدير باالعتبار‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت محكمة النقض برفض الطلب‬
‫المحامي العام‬ ‫المقرر‬ ‫الرئيس‬

‫‪480‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .4‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 3/702‬والمؤرخ في ‪ 29‬نونبر ‪2016‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2016/3/1/836‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ ‬قاضي المستعجالت ينعقد له االختصاص للبت في طلب طرد محتل بدون سند؛‬
‫‪ ‬لقاضي المستعجالت صالحية تلمس ظاهر المستندات من أجل ابراز عنصري االستعجال‬
‫وعدم المساس بالجوهر‪.‬‬

‫بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ ‪ 2015/12/22‬من طرف الطالب المذكور حوله‬
‫بواسطة نائبه األستاذ عبد الواحد المريني والرامية إلى نقض قرار محكمة االستئناف بالرباط‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 2015/9/28‬في الملف عدد‪.2015/1101/169‬‬
‫وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ ‪ 2016/9/23‬من طرف المطلوب ضدها‬
‫النقض بواسطة الوكيل القضائي للمملكة والرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في‪.2016/10/24‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة تباريخ‪.2016/11/29‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد مصطفى بركاشة واالستماع إلى‬
‫مالحظات المحامي العام السيد سعيد زياد‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪.‬‬
‫في شأن الوسيلتين األولى والثانية مجتمعتين‬
‫حيث يؤخذ من محتويات الملف والقرار المطعون فيه الصادر عن محكمة االستئناف‬
‫عدد‪:‬‬ ‫المدني‬ ‫الملف‬ ‫في‬ ‫‪2015/9/28‬‬ ‫وتاريخ‬ ‫‪264‬‬ ‫عدد‪:‬‬ ‫تحت‬ ‫بالرباط‬

‫‪481‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ 2015/1101/169‬أن الدولة المغربية والمندوبية السامية للمياه والغابات ادعتا أمام قاضي‬
‫المستعجالت بالمحكمة االبتدائية بسال أن المدعى عليه عمد إلى احتالل جزء من الملك‬
‫الغابوي المسمى فرينينا موضوع الرسم العقاري عدد‪ / 7614 :‬ر دون موجب قانوني‪،‬‬
‫طالبتين الحكم بإفراغه منه هو ومن يقوم مقامه أو بإذنه‪ ،‬وأجــاب المــدعى عليه بأنه ليس‬
‫محتال ألي جزء من العقار الغابوي‪ ،‬وإنما هو عامل في ضيعة فالحية تدعى "فرينينة " ذات‬
‫الرسم العقاري عدد ‪ / 7614 :‬ر منذ أكثر من ‪ 35‬سنة‪ ،‬وكان أبوه يعمل في الضيعة‬
‫المذكورة وولد هو هناك‪ ،‬وظل يعمل بها وحفر بها بئ ار وغرس أشجا ار في الضيعة الفالحية‬
‫التي كانت ملكا للحاج ‪ ،........‬ولما توفي هذا األخير عادت لورثته الذين فوت بعضهم‬
‫نصيبه للمشترين الذين فوتوه بدورهم ‪......‬الذي فوت جميع الملك للطرف المدعي‪ ،‬وإنه‬
‫طيلة عمله لم يتلق أية تعويضات‪ ،‬وأن البقعة ليست بها أشجار غابوية‪ ،‬والتمس أساسا‬
‫الحكم برفض الطلب واحتياطيا التصريح بعدم االختصاص‪ .‬وبعد تمام اإلجراءات أصدر‬
‫قاضي المستعجالت أم ار بعدم االختصاص‪ ،‬وهو الحكم الذي كان محل استئناف من طرف‬
‫المدعيتين مثيرتين في أسباب االستئناف بأن األمر المستأنف جانب الصواب وال يرتكز على‬
‫أساس ألن المستأنف عليه ال تربطه بهما أية عالقة‪ ،‬وأن العقار موضوع الدعوى ملك‬
‫غابوي جزء منه محتل من طرق المستأنف عليه‪ ،‬وأن قاضي المستعجالت مختص بطرد كل‬
‫محتل بدون حق لعقار محفظ‪ ،‬وأن المدعي عليه يعترف باحتالله الملك الغابوي‪ ،‬والتمستا‬
‫الحكم بإلغاء األمر المستأنف والحكم وفق الطلب‪ ،‬وبعد الجواب الرامي إلى التأييد وانتهاء‬
‫الردود قضت محكمة االستئناف بإلغاء األمر المستأنف والحكم بإفراغ المستأنف عليه من‬
‫المدعي فيه‪ ،‬وهو القرار المطلوب نقضه ‪.‬‬
‫وحيث يعيب الطاعن على القرار سوء التعليل الموازي النعدامه وخرق القانون وعدم‬
‫االرتكاز على أساس قانوني سليم‪ ،‬ذلك أن البت في القضية عن طريق القضاء االستعجالي‬
‫قد يكون من شأنه المساس بحقوق أحد األطراف ما دامت هناك منازعة جدية في الجوهر‬
‫والمتمثلة في أن الطاعن وللحفاظ على حقوقه بصدد تقديم دعوى أمام قضاء الموضوع‬
‫‪482‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫تنصب على استحقاق جزء من العقار المدعي فيه‪ ،‬ومن تم فالحق العيني المطالب به من‬
‫طرف الطاعن والمنصب على العقار المذكور يبقى قائما ما دام الطاعن مخوال قانونا سلوك‬
‫المساطر المؤدية له والمتمثلة في دعوى االستحقاق وما ينتج عنها من تقييدات احتياطية‬
‫على الرسم العقاري‪ ،‬وأن تعليل القرار المطعون فيه لذلك يعد تعليال غير سليم‪ ،‬كما أن‬
‫المحكمة خرقت الفصل ‪ 67‬من القانون ‪ 07/14‬الذي يشير في فقرته الثانية إلى إمكانية‬
‫إقامة نفس األطراف لدعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم‪ ،‬وهو ما سيسلكه الطاعن‬
‫في مواجهة أحد البائعين للمطلوبين وهو ‪ ، .......‬كما أن وجود الطاعن وأسرته بالعقار‬
‫موضوع الدعوى هو وجود قانوني يتمثل في أن أحد البائعين المالكين على الشياع للمطلوبين‬
‫سبق أن أبرم اتفاقا مع الطاعن ووالده ومع غيرهما يتعلق بنقل ملكية جزء من العقار المدعي‬
‫فيه نظير حق العمل واستصالح ومغارسة األرض وهو ما كان يعرف في القبيلة ( بلد‬
‫البالد) وذلك في إطار الحقوق العينية اإلسالمية منذ أزيد من خمسة وثالثين سنة‪ ،‬مما يكون‬
‫معه مستحقا لجزء من العقار‪ ،‬وذلك وفقا للمادة ‪ 265‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬وأن‬
‫الطاعن ووالده وآخرين كانوا يعتمرون العقار نظير االتفاق الذي جمعهم مع أحد المالكين‬
‫السابقين وأنه نتيجة ذلك قاموا بتشييد دور للسكن واصطبالت وغرس أشجار بموافقة المالك‬
‫المذكور وبترخيص السلطات المختصة‪ ،‬مما يكون معه القرار المطعون فيه غير مرتكز على‬
‫أساس ومعلال تعليال سيئا ومعرضا تبعا لذلك النقض‪.‬‬
‫لكن حيث إن للمحكمة وهي تبت في القضية بصفة استعجالية أن تتلمس وجه قضائها‬
‫من ظاهر المستندات المدلى بها في الدعوى من أجل تبرير قضائها وخاصة إبراز عنصري‬
‫االستعجال وعدم المساس بالجوهر عمال بمقتضيات الفصلين ‪ 149‬و ‪ 152‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية‪ ،‬ويدخل في اختصاص قاضي المستعجالت طلب طرد محتل لعقار محفظ‬
‫بدون سند بالنظر إلى توفر كل من هذين العنصرين بسبب حرمان المدعيتين من ملكهما‬
‫وانعدام وجود سند معتبر للطاعن في وضع يده ويخشى معه المساس بالجوهر‪ ،‬والمحكمة‬
‫مصدرة القرار المطعون فيه لما استخلصت في قضائها أن الطاعن محتل بدون سند للعقار‬
‫‪483‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المحفظ العائد للمطلوبتين‪ ،‬وأن ما يدعيه من حقوق على المدعي فيه غير مسجل بالرسم‬
‫العقاري فقضت وفق الطلب‪ ،‬تكون قد عللت قرارها تعليال كافيا‪ ،‬وركزت قضاءها على أساس‬
‫ولم تخرق أي مقتضى قانوني ‪،‬وما أثير من عقد الطالب النية على المنازعة باالستحقاق‬
‫ووجود عقد اتفاق بين والده واحد المالكين السابقين بشان المغارسة‪ ،‬لم يسبق له إثارته أمام‬
‫قضاة االستعجال وإثارته ألول مرة أمام هذه المحكمة غير مقبولة‪ ،‬وما بباقي الوسيلتين على‬
‫غير اساس ‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطالب المصاريف‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات‬
‫العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ .‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة السيد محمد‬
‫بن يعيش رئيسا والمستشارين السادة‪ :‬مصطفى بركاشة مقر ار ‪ -‬أمينة زياد ‪ -‬الحسين أبو‬
‫الوفاء ‪ -‬محمد صواليح أعضاء‪ ،‬بحضور المحامي العام السيد سعيد زياد وبمساعدة كاتبة‬
‫الضبط السيدة فاتحة أيت عمي حدو‪.‬‬

‫‪484‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .5‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 34‬والمؤرخ في ‪ 20‬يناير ‪2015‬‬


‫الصادر في الملف المدني عدد ‪2014/1/1/3761‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫‪ ‬عدم جواز إيقاع حجز تحفظي على عقار ليس في ملكية المدين –نعم؛‬
‫‪ ‬األمر برفع الحجز التحفظي اعتمادا على الحكم القاضي باستحقاق الغير للعقار‬
‫المحجوز‪-‬نعم‪.‬‬
‫باسم جاللة الملك وطبقا للقانون‬
‫حيث يستفاد من مستندات الملف‪ ،‬أن (ودادية المربوحة) بواسطة نائبها ‪ ....‬قدمت‬
‫مقاال استعجاليا وآخر إصالحيا إلى رئيس المحكمة االبتدائية ببني مالل تجاه كل من ‪.....‬‬
‫(ف) و‪( .....‬م)‪ ،‬و‪( ....‬آ)‪ ،‬عرضت فيهما أنها اشترت البقعة األرضية الكائنة بالحي‬
‫الصناعي ببني مالل "الملك المدعو المربوحة"‪ ،‬المراد استخراجها من مطلب التحفيظ عدد‬
‫‪/8382‬ب مساحتها ‪ 45‬آ ار و‪ 96‬سنتيارا‪ ،‬القطعة رقم ‪ 1‬وأنها باشرت إجراءات تثبيت هذه‬
‫القطعة بالمحافظة العقارية إلى أن فوجئت بوجود حجوز تحفظية استصدرها المدعى عليهم‬
‫المذكورين بناء على ديون لهم ضد ‪( ....‬ح) وهو البائع للمدعية القطعة المشار إليها‪ ،‬األمر‬
‫الذي اضطرت معه المشترية إلى استصدار الحكم عدد ‪ 112‬بتاريخ ‪ 2005/12/05‬في‬
‫الملف رقم ‪ 2005/25‬الذي قضى باستحقاقها العقار موضوع النزاع عدد ‪ 124‬صحيفة‬
‫‪ 126‬سجل األمالك رقم ‪ 59‬والمستخرج من مطلب التحفيظ المذكور أعاله‪ .‬وأن الحجوز‬
‫التي استصدرها المدعى عليهم ان صبت على عقار ليس في ملكية مدينهم ‪( .....‬ح)‪ ،‬طالبة‬
‫لذلك الحكم برفع هذه الحجوز المسجلة على مطلب التحفيظ المذكور بإيداع جزء ‪ 26‬عدد‬
‫‪ 12‬وإليداع جزء ‪ 29‬عدد ‪ 1395‬وإيداع جزء ‪ 32‬عدد ‪ 186‬وفقا للفصل ‪ 208‬من ظهير‬
‫التحفيظ العقاري‪ .‬وبعد جواب المدعى عليها األولى أنها استصدرت األمر بالحجز التحفظي‬
‫لضمان تأدية مبلغ ‪ 70.000‬درهم تجاه المالك ‪( ....‬ح)‪ ،‬وأنها ال تربطها أي عالقة‬

‫‪485‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بالمدعية‪ ،‬وتدفع بمقتضيات الفصل ‪ 453‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬وأن المدعية سبق لها‬
‫أن تقدمت بمجموعة من الدعاوي في نفس الموضوع آلت إلى عدم القبول‪ .‬وبعد جواب‬
‫ا لمدعى عليها الثانية بالدفع بعدم االختصاص النوعي‪ ،‬وأن حجزها التحفظي وقع قبل التعاقد‬
‫بين المدعية والمالك ‪( ....‬ح)‪ ،‬وبعد جواب المدعى عليه الثالث بأن حجزه التحفظي‬
‫المطلوب رفعه وقع أيضا قبل تعاقد المدعية مع المالك المحجوز عليه‪ ،‬وبعدما ذكر كله‬
‫أصدر رئيس المحكمة المذكورة أمر عدد ‪ 76‬بتاريخ ‪ 2006/06/29‬في الملف االستعجالي‬
‫رقم ‪ 06/45‬برفض الطلب استأنفته المدعية‪ ،‬وقضت محكمة االستئناف المذكورة بإلغائه‬
‫وحكمت برفع الحجز التحفظي المقيد على الملك موضوع مطلب التحفيظ المشار إليه أعاله‬
‫بموجب األمر عدد ‪ 224‬المؤرخ في ‪ 2002/03/07‬األمر عدد ‪ 971‬المؤرخ في‬
‫‪ ،2002/10/11‬وذلك بمقتضى قرارها رقم ‪ 1308‬بتاريخ ‪ 2006/11/23‬في الملف عدد‬
‫‪ 4/06/1074‬والذي طعنت فيه ودادية مربوحة بواسطة نائبها ‪ .......‬ونقضته محكمة‬
‫النقض بعلة أن الطاعنة طلبت رفع الحجوز التحفظية التي استصدرها المدعى عليهم الثالثة‬
‫‪ ( ....‬ف) و‪( .....‬م) و‪( ....‬آ)‪ ،‬إال أن القرار المذكور لم يبت في طلب رفع الحجز‬
‫الصادر عن المدعى عليها ‪ .....‬ال سلبا وال إيجابا‪ .‬وبعد اإلحالة‪ ،‬قضت محكمة االستئناف‬
‫المذكورة‪ ،‬بإلغاء األمر المستأنف وتصديا الحكم بما يلي‪ :‬برفع جميع الحجوزات التحفظية‬
‫الواقعة على العقار موضوع مطلب التحفيظ عدد ‪/8382‬ب بموجب األوامر التالية ‪ :‬األول‬
‫تحت عدد ‪ 02/224‬وتاريخ ‪ 02/03/07‬والثاني تحت عدد ‪ 02/971‬وتاريخ ‪02/10/11‬‬
‫والثالث تحت عدد ‪ 98/563‬وتاريخ ‪ ،98/07/29‬وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه‬
‫بالنقض حاليا أعاله من الطاعنة في السبب الفريد بنقصان التعليل الموازي النعدامه‪ ،‬ذلك‬
‫أنه اعتبر أن الحجز الذي استصدرته العارضة لم يبق له أي أهمية مادام أن الطرف‬
‫المطلوب ضده النقض‪ ،‬قد استصدر ق ار ار أصبح نهائيا‪ ،‬وبالتالي فإن الحجوزات التي تقدم‬
‫بها األطراف لم يبق لها أهمية‪ ،‬وأن المستأنفة –ودادية المربوحة‪ -‬قد استصدرت حكما‬
‫ابتدائيا قضى باستحقاقها العقار المتنازع بشأنه‪ ،‬وتم تأييده استئنافيا‪ ،‬وقد حاز هذا القرار قوة‬
‫‪486‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الشيء المقضي به ‪ ،‬لم تكن طرفا أمام محكمة االستئناف‪ ،‬ومن غير اإلنصاف أن يحكم‬
‫برفع حجزها المرقم تحت عدد ‪ 98/563‬بتاريخ ‪ 98/07/29‬ألنه لم يكن محل قرار اإلحالة‬
‫الصادر عن محكمة النقض‪ ،‬وأنه بناء على مقتضيات المادة ‪ 369‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬فإنه إذا بت المجلس األعلى في نقطة يتعين على محكمة االستئناف أن تتقيد بقرار‬
‫المجلس األعلى في هذه النقطة‪ ،‬إال أن القرار المطعون فيه لم يتقيد بالنقطة التي اعتمدتها‬
‫محكمة النقض وتجاوز النقط المسطرة له من قبل محكمة النقض ليبت برفع حجز العارضة‬
‫المشار إليه أعاله‪ ،‬والذي لم يكن محل نقاش‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ردا على السبب أعاله‪ ،‬فإن الطاعنة ال صفة وال مصلحة لها فيما أثارته من كون‬
‫المحكمة لم تتقيد بقرار محكمة النقض حينما قضت برفع الحجزين التحفظيين اللذين‬
‫اس تصدرتهما ‪( ....‬م) و‪( ......‬آ)‪ ،‬بل إن المحكمة تقيدت بقرار النقض واإلحالة حين‬
‫أوردت في تعليل قرارها بأنه‪ " :‬من الثابت من أوراق الملف وخصوصا مقال االدعاء‪ ،‬أن‬
‫المستأنفة طالبت باإلضافة الى باقي طلباتها برفع الحجز التحفظي الصادر على المدعى‬
‫عليها الثالثة لطيفة (ف)‪ ،‬استنادا على كونها استصدرت حكما نهائيا تحت عدد ‪ 112‬وتاريخ‬
‫‪ 05/02/05‬في الملف عدد ‪ 5/25‬قضى باستحقاقها للعقار موضوع رسم الشراء المضمن‬
‫بعدد ‪ ،124‬صحيفة ‪ 126‬سجل األمالك رقم ‪ ،59‬وأنه يستفاد مما ذكر‪ ،‬أن الطرف‬
‫المستأنف عليه باشر مسطرة الحجز التحفظي على عقار ليس في ملكية المدين األمر الذي‬
‫ال يستقيم قانونا‪ ،‬مما يتعين معه التصريح برفع الحجز التحفظي المذكور"‪ ،‬فإنه نتيجة لما‬
‫ذكر كله يكون القرار المطعون فيه‪ ،‬معلال تعليال كافيا وغير خارق للقانون ‪ ،‬وبالتالي‬
‫فالسبب أعاله على غير أساس‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت المحكمة برفض الطلب‪.‬‬
‫الرئيس‪ :‬السيد محمد بلعياشي –المقرر‪ :‬السيد محمد طاهري جوطي‪-‬المحامي العام‪:‬‬
‫السيد محمد فاكر‪.‬‬
‫‪487‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .6‬القرار الصادر عن محكمة النقض رقم ‪ 170‬بغرفتيها المدنية (القسم األول)‬


‫والتجارية (القسم الثاني) والمؤرخ في ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬والصادر في الملف عدد‬
‫‪2012/1/1/2820‬‬
‫القاعدة‪:‬‬

‫إن التقييدات في الرسوم العقارية لفائدة الغير حسن النية قرينة على صحتها وال يمكن‬
‫التمسك بإبطال التسجيل في مواجهته‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2012/06/04‬من طرف الطالب أعاله بواسطة‬
‫نائبه األستاذ جالل محمد أمهمول والرامي إلى نقض القرار رقم ‪ 2008-2007‬الصادر عن‬
‫محكمة االستئناف بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2012/04/23‬في الملفين المضمومين عدد‬
‫‪ 1572‬و‪.2011/1/1/1573‬‬
‫وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ ‪ 2012/09/18‬من المطلوبين ورثة‬
‫طوماس روني بواسطة نائبهم المذكور والرامية أساسا إلى عدم قبول الطلب لعدم تضمين‬
‫مقال الن قض ملخص وقائع القضية واحتياطيا إلى رفضه‪ ،‬ثم مذكرة تعقيب محامي الطاعن‬
‫أعاله بتاريخ ‪.2012/10/08‬‬
‫وبناء على القرار عدد ‪ 66‬وتاريخ ‪ 2012/10/13‬الصادر عن السيد الرئيس األول‬
‫لدى محكمة النقض بإحالة ملف القضية للبت فيه على غرفتين بإضافة الغرفة التجارية‬
‫(القسم الثاني) إلى الغرفة المدنية (القسم األول) المعروضة عليها القضية‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪.‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر بتاريخ ‪.2013 /02/19‬‬
‫وبناء على اإلعالم بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ‬
‫‪..2013/03/20‬‬
‫وبناء على المناداة على األطراف ومن ينوب عنهم وحضور مؤازريهم المذكورين أعاله‪.‬‬

‫‪488‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد تالوة المستشار المقرر السيد محمد ناجي شعيب لتقريره‪ ،‬وتقديم مدافعي الطرفين‬
‫الحاضرين لمالحظتهم الشفوية‪ ،‬وبعد االستماع إلى مالحظات المحامي العام السيد محمد‬
‫فاكر‪.‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‬
‫في الدفع بعدم القبول‪.‬‬
‫حيث دفع المطلوبان في النقض ورثة توماس روني بكون الطاعن لم يضمن موجز‬
‫الوقائع في مقال طلب بالنقض‪.‬‬
‫لكن خالفا لما ورد في الدفع فإن طلب النقض تضمن موجز وقائع القضية بالقدر‬
‫الكافي‪ ،‬األمر الذي يكون معه الدفع خالف الواقع‪.‬‬
‫وفي الموضوع‪.‬‬
‫حيث يستفاد من مستندات الملف‪ ،‬أن ‪ .....‬قدما بتاريخ ‪ 2009/06/03‬مقاال إلى‬
‫المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء عرضا فيه‪ ،‬أن موروثهما ‪ ...‬اشترى بتاريخ‬
‫‪ 1948/10/18‬العقار ذا الرسم العقاري عدد ‪/31697‬س‪ ،‬وهو عبارة عن أرض عارية‬
‫مساحتها حوالي ‪ 9022‬م م تقع بمدينة الدار البيضاء‪ ،‬وتم تقييد العقد بنفس الرسم العقاري‬
‫وحاز نظيره‪ ،‬إال أنه بتاريخ ‪ 1993/12/15‬عمد المدعو ‪ ...‬إلى إنشاء عقد بيع لنفس‬
‫العقار مدعيا أن موروثهم فوته له بمبلغ ‪ 108.264‬درهما‪ ،‬وقد أدين من أجل النصب‬
‫والتزوير بسنتين حبسا نافذا وغرامة قدرها ألفا درهم‪ ،‬وقد فوت هذا األخير بتاريخ‬
‫‪ 1994/01/20‬نفس العقار المذكور لكل من ‪ ....‬بثمن قدره ‪1.120.000‬درهم‪ ،‬وفي‬
‫غياب نظير الرسم العقاري أقام هؤالء دعوى في مواجهة البائع لهما وكذا موروثهما من أجل‬
‫تمكينهم من ذلك النظير واإلذن للمحافظ من أجل تقييد عقدي البيع األول والثاني مع اعتبار‬
‫الحكم قائما محل الوثائق الناقصة في حالة االمتناع‪ ،‬فقضت المحكمة االبتدائية وفق الطلب‬
‫بتاريخ ‪ 95/2/6‬في الملف ‪ ،94/156‬وبعد الطعن فيه باالستئناف ألغته محكمة االستئناف‬
‫وقضت برفض الطلب‪ ،‬وقد كان هذا القرار محل طعن بإعادة النظر من طرف ‪ ،...‬فتم‬
‫‪489‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫رفضه بمقتضى القرار الصادر بتاريخ ‪ 2006/10/9‬في الملف عدد ‪ .2005/1/243‬وبعد‬


‫الطعن فيه بالنقض من طرفهم قضى المجلس األعلى برفض الطلب بمقتضى ق ارره الصادر‬
‫في الملف عدد ‪ ،07/5/1/3369‬إال أنه كان قد سبق تنفيذ مقتضيات الحكم االبتدائي أعاله‬
‫القاضي بتسجيل العقدين األول المزور والثاني واعتبار الحكم بديال عن الوثائق الناقصة‪،‬‬
‫وبتاريخ ‪ 1999/01/26‬قام ‪ ....‬ببيع العقار إلى مصطفى مواهب بثمن قدره ‪1623960‬‬
‫درهما‪ ،‬وتم تقييده مالكا جديدا ووحيدا للعقار‪ .‬طالبين لذلك الحكم بالتشطيب على البيوع‬
‫الثالثة أعاله المقيدة بالرسم العقاري ‪/31697‬س وإرجاع وضعية الرسم العقاري إلى ما كانت‬
‫عليه قبل تاريخ عقد البيع المزور بتاريخ ‪ 1993/12/13‬لكونها عقودا باطلة‪ .‬وتقدم المدعى‬
‫عليه ‪ ...‬بمقال مضاد ضمنه بأنه أدى ثمن البيع ومصاريف التسجيل وتحمل مصاريف‬
‫إنجاز األشغال الكبرى طالبا لذلك الحكم على البائعين بأدائهم له تعويضا عن كل تلك‬
‫المصاريف على وجه التضامن بعد إجراء خبرة لتحديدها‪ .‬وأدلى المدعيان بمذكرة مع طلب‬
‫إضافي طالبين فيها الحكم بإفراغ المدعى عليه ‪ ...‬من العقار موضوع الرسم المذكور وفي‬
‫الطلب المضاد بإخراجهم من الدعوى‪ ،‬كما تقدم المدعى عليهما ‪ ....‬بمقال مضاد طالبين‬
‫الحكم لفائدتهما بتعويض ال يقل عن ‪ 800.000‬درهم في مواجهة ‪ ....‬وبعد إجرائها خبرة‬
‫بواسطة الخبير محمد صبير أصدرت المحكمة حكمها بتاريخ ‪ 2011/02/24‬في الملف‬
‫عدد ‪ 2009/21/2059‬قضت فيه بإلغاء الطلب المضاد على حالته وفي الطلبين األصلي‬
‫واإلضافي بالتشطيب على عقود البيع الثالثة المسجلة بالرسم العقاري عدد ‪/31697‬س‬
‫وإرجاع وضعية الرسم المذكور إلى ما كانت عليه قبل تسجيل عقد البيع المؤرخ في‬
‫‪ 93/12/13‬وبإفراغ المدعى عليه ‪ ....‬ومن يقوم مقامه من العقار المذكور‪ ،‬فاستأنفه‬
‫المدعى عليه ‪ ...‬وقضت محكمة االستئناف المذكورة بتأييده بمقتضى قرارها المطعون فيه‬
‫بالنقض من هذا األخير أعاله في الفرع األول من الوسيلة األولى بخرق الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 66‬من ظهير التحفيظ العقاري ذلك أنه تمسك خالل سائر مراحل التقاضي بعدم‬
‫إمكانية االحتجاج في مواجهته بإبطال تقييد ‪ ...‬الناتج عن بطالن عقد البيع المبرم بينه وبين‬
‫‪490‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ....‬باعتبار حسن نيته بصراحة الفقرة الثانية من الفصل ‪ 66‬المذكور في أنه " ال يمكن في‬
‫أي حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة" إال أن المحكمة‬
‫مصدرة القرار عوض أن تطبق هذه المقتضيات التي وضعها المشرع لمعالجة حاالت مماثلة‬
‫لوضعيته حفاظا على مصداقية نظام التحفيظ العقاري واستقرار المعامالت خرقت روح‬
‫الفصل ‪ 66‬المذكور وطبقت مقولة عامة "ما بني على باطل فهو باطل"‪ ،‬وفي الفرع الثاني‬
‫من نفس الوسيلة بخرق الفصل ‪ 3‬من ظهير ‪ 2‬يونيو ‪ 1915‬المتعلق بالتشريع المطبق على‬
‫العقارات المحفظة الذي جاء تأكيدا للمقتضى السابق حين نص على أن "ما يقع من إبطال‬
‫أو تغيير الحق ال يمكن التمسك به في مواجهة الغير المسجل عن حسن نية كما ال يمكن‬
‫أن يلحق به أي ضرر‪ ".‬وفيما أثاره في الوسيلة الثانية مما ظل على امتداد مذكراته المدلى‬
‫بها أمام قضاء الموضوع يلتمسه من تطبيق هذه المقتضيات مطالبا بضرورة التمييز بين‬
‫حالة حسن النية وسوئها قبل مواجهته بآثار بطالن تقييد ‪ ...‬بسبب ما اعترى عقده من‬
‫موجبات البطالن‪.‬‬
‫حيث صح ما عابه الطاعن على القرار‪ ،‬ذلك أنه علل قضاءه بأن "العقد الذي باع‬
‫بموجبه المستأنف عليه ‪ ...‬العقار موضوع النزاع هو عقد ثبتت زوريته بحكم جنحي حاز قوة‬
‫الشيء المقضي به حسب الثابت من أوراق الملف وبالتالي فهو عقد باطل‪ ،‬وبما أنه كذلك‬
‫فإن عقد شراء المستأنفين ‪ ...‬يكون باطال بالتبعية وكذلك الشأن بالنسبة لعقد شراء المستأنف‬
‫‪ ...‬وذلك عمال بقاعدة ما بني على الباطل باطل وال مجال والحالة هاته لالستدالل بحسن‬
‫النية"‪ .‬فـي حـين أنه بموجب الفصل ‪ 66‬في فقرته الثانية من ظهير ‪ 12‬غشت ‪1913‬‬
‫المتعلق بالتحفيظ العقاري والفصل ‪ 3‬من ظهير ‪ 2‬يونيو‪ 1915‬المطبق على العقارات‬
‫المحفظة‪ ،‬فانه ال يمكن في أي حال التمسك بإبطال التسجيل في مواجهة الغير المسجل عن‬
‫حسن نية‪ ،‬وأن ما يقع من إبطال ال يمكن أن يواجه به وال يمكن أن يلحق به أي ضرر‪،‬‬
‫وهذه المقتضيات القانونية تؤسس لمبدأ القوة الثبوتية للتقييدات‪ ،‬ونصت وبدون أي تحفظ‬
‫كيفما كان نوعه‪ ،‬على أن التقييدات في الرسوم العقارية‪ ،‬لفائدة الغير حسن النية‪ ،‬قرينة على‬
‫‪491‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫صحتها‪ .‬وبالتالي فليس هناك ما يستثني حالة البطالن بسبب ثبوت التزوير في عقد وقع‬
‫تقييده‪ ،‬ويبقى للغير المقيد عن حسن نية حق التمسك بهذه المقتضيات‪ ،‬ولذلك فان القرار‬
‫المطعون فيه حين علل قضاءه على النحو المذكور أعاله‪ ،‬ودون أن يبحث في حسن أو‬
‫سوء نية الطاعن باعتباره غي ار بالنسبة للعقد الذي ثبتت زوريته بحكم جنحي نهائي‪ ،‬يكون‬
‫خارقا للفصل ‪ 66‬من ظهير ‪ 1913/08/12‬والفصل ‪ 3‬من ظهير ‪ 2‬يونيو‪ 1915‬مما‬
‫عرضه للنقض واإلبطال‪.‬‬
‫وحيث إن حسن سير العدالة ومصلحة الطرفين يقتضيان إحالة الدعوى على نفس‬
‫المحكمة‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫وبصرف النظر عن البحث في بقية الوسائل المستدل بها على النقض‪.‬‬
‫قضت المحكمة بنقض وإبطال القرار المطعون فيه المشار إليه أعاله‪ ،‬فيما قضى به‬
‫من التشطيب على عقد الطاعن المؤرخ في ‪ ،1999/01/26‬ومن إفراغه من العقار المدعى‬
‫فيه ذي الرسم العقاري عدد ‪ /31697‬س‪ ،‬وبإحالة الدعوى على نفس المحكمة للبت فيها من‬
‫جديد بهيئة أخرى طبقا للقانون‪ ،‬وبتحميل المطلوبين الصائر‪.‬‬
‫كما قررت إثبات قرارها هذا بسجالت المحكمة المصدرة له إثر القرار المطعون فيه أو‬
‫بطرته‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة الجلسات‬
‫العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ .‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السادة‪ :‬محمد بلعياشي‬
‫رئيس الغرفة المد نية (القسم األول) ـ رئيسا‪ .‬وعبد الرحمان مزور رئيس الغرفة التجارية‬
‫مقرر‪ .‬وزهرة المشرفي‪ ،‬ومحمد‬
‫ا‬ ‫(القسم الثاني) والمستشارين‪ :‬محمد ناجي شعيب ـ عضوا‬
‫أسراج‪ ،‬ومليكة بامي‪ ،‬ومليكة بنديان‪ ،‬ولطيفة رضا‪ ،‬وحليمة بنمالك‪ ،‬وخديجة الباين‪ ،‬ـ‬
‫أعضاء‪ .‬وبمحضر المحامي العام السيد محمد فاكر‪ .‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة بشرى‬
‫راجي‪.‬‬
‫‪492‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .7‬القرار الصادر عن محكمة االستئناف بمراكش رقم ‪ 4980‬والمؤرخ في ‪25‬‬


‫أكتوبر ‪ 2018‬والصادر في الملف عدد ‪2017/1402/5789‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫إن الحجز التحفظي هو اجراء احترازي مؤقت يمنع المدين من اإلضرار بالدائن وأن‬
‫التشطيب عليه من الرسم العقاري يقتضي تحقق الغرض الذي أنشئ من أجله‪.‬‬

‫بناء على مقال االستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق‬
‫المدرجة بالملف‪.‬‬
‫وتطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 134‬وما يليه والفصل ‪ 328‬والفصل ‪ 429‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية‪.‬‬
‫في الشكل‪ :‬حيث بمقتضى مقال مؤدى عنه بتاريخ ‪ 17/10/26‬استأنفت األستاذة‬
‫دمين نيابة عن موكلتيها أعاله الحكم رقم ‪ 1244‬الصادر عن المحكمة االبتدائية بمراكش‬
‫بتاريخ ‪ 17/7/18‬في الملف عدد ‪ 17/1402/91‬والقاضي بعدم قبول الدعوى مع تحميل‬
‫رافعها الصائر‪.‬‬
‫وحيث أنه ال يوجد بالملف ما يفيد تبليغ الحكم المطعون فيه‪ ،‬واعتبا ار لتوفر االستئناف‬
‫على الشروط القانونية يجب قبوله‪.‬‬
‫وفي الموضوع‪ :‬حيث يستفاد من وثائق الملف والحكم المستأنف أن الشركتين‬
‫المستأنفتان تقدمتا بمقال افتتاحي مؤدى عنه بتاريخ ‪ 16/5/11‬تعرض فيه األولى بأنها‬
‫تملك الصك العقاري عدد ‪ 04/43616‬المسمى "فوزية" الكائن بمقاطعة النخيل مساحته ‪01‬‬
‫هكتار ‪ 01‬آر و‪ 50‬سنتيار وان األصل التجاري المؤسس عليه في اسم الشركة الثانية وأنها‬
‫الحظت أنه تم تسجيل حجز تحفظي بتاريخ ‪ 12/1/13‬لفائدة اإلدارة العامة لألمن الوطني‬
‫بناء على وجود مسطرة جنائية في مواجهة المسير السابق لشركة ‪ ...‬المسمى ‪ .....‬والذي‬
‫لم تعد تربطه بالشركة مالكة العقار أية رابطة منذ تاريخ التوقيع على عقد بيع جميع حصص‬

‫‪493‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫الشركة وبالتالي فإن الحجز المذكور تم تسجيله على ملك الغير ألن المتابع في المسطرة‬
‫المذكورة ليس مالكا وال شريكا في الصك العقاري المحجوز عليه والتمست الحكم بالتشطيب‬
‫على الحجز التحفظي المسجل بالصك العقاري عدد ‪ 04/43616‬المقيد بتاريخ ‪12/1/13‬‬
‫سجل ‪ 60‬عدد ‪ 918‬وأجاب المدعى عليه الوكيل القضائي للمملكة بأن الدعوى مخالفة‬
‫للمادة ‪ 14‬من ق م م ذلك أن الشركتين المدعيتين ال يجمعها سند مشترك حتى يتسنى لهما‬
‫تقديم مقال واحد وأن ادعاء الشركة الثانية بكون العقار المكون لالصل التجاري عدد‬
‫‪ 17687‬أصبح في اسمها منذ سنة ‪ 2010‬ال اثر له مادام لم يتم تسجيل عقد التفويت‬
‫بالرسم العقاري والذي كان وقت تاريخ ايقاع الحجز التحفظي الذي هو ‪ 12/1/13‬في اسم‬
‫الشركة األولى وليس باسم الشركة الثانية وبذلك تكون صفة هذه األخيرة أي شركة ‪....‬‬
‫منتفية في الدعوى فضال على أنه يترتب على الحجز التحفظي وضع يد القضاء على‬
‫العقارات والمنقوالت موضوع الحجز ومنع المحجوز عليه من التصرف فيها بأي نوع من‬
‫أنواع التصرف تحت طائلة البطالن كما تنص على ذلك المادة ‪ 453‬من ق م م والتمست‬
‫رفض الطلب وبعد تعقيب المدعيتين وتمام اإلجراءات أصدرت المحكمة الحكم المذكور‬
‫أعاله‪ ،‬فاستأنفته المدعيتان معيبتين عليه بواسطة دفاعهما عدم ارتكازه على اساس قانوني‬
‫سليم وانعدام التعليل‪ ،‬ذلك خالفا لقول المحكمة فإنه قد تم اإلدالء بالقانون األساسي وبنسخة‬
‫من السجل التجاري والذي يستفاد منهما أن العارضة تعتبر شركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫بشريك واحد وأن مسيرها الوحيد هو السيد ‪ ،...‬وأنها تدلي بنسخة من القانون األساسي‬
‫المتعلق بها وكذا بنسخة من محضر تحيين قانونها األساسي الذي تم في ‪ 11/7/20‬والذي‬
‫يستفاد منه أن شركة ‪( ...‬المستأنفة الثانية) هي المالكة الوحيدة لجميع عناصر األصل‬
‫التجاري لشركة ‪( ...‬المستأنفة األولى) حسب الثابت من تأشيرة المحكمة التجارية على عقد‬
‫تفويت الحصص كما أنه قد سبق لها أن أدلت بإيقاف تم إجراءه بتاريخ ‪ 10/5/21‬على يد‬
‫موثق يفيد بأنه بهذا التاريخ تقدم السيد ‪ ....‬باستقالته من منصبه كمسير لها باعتبارها مالكة‬
‫للعقار الواقع عليه الحجز وأنه كان مجرد مسير وليس مالكا أو مساهما وال شريكا فيها وأنه‬
‫‪494‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫بناء على الجمع العام للشركة تم عزله وأصبحت المستأنفة الثانية هي المسيرة قبل أي إجراء‬
‫أو تحقيق أو توجيه أي اتهام للسيد ‪ ...‬المسير السابق لها وهو مصدر الحجز التحفظي وأنه‬
‫ال يمكن مساءلتها عن أخطاء مسيرها وأن المستأنفة الثانية تعتبر غي ار في الحجز الواقع‬
‫على عقارها وأن أساس تقييد هذا الحجز التحفظي منعدم إذ تم بناء على اتهامات للمسير‬
‫السابق لها وبما أن الحجز هو إجراء وقتي فإن الحجز الواقع على عقارها قد تجاوزت مدته‬
‫‪ 4‬سنوات وسجل على ملكها والحال أن الشخص الموجه له االتهام ليس بمالك وأن المستأنفة‬
‫الثانية أصبحت هي المالكة الوحيدة لجميع العناصر المادية والمعنوية منذ سنة ‪ 2010‬أي‬
‫قبل ايقاع الحجز في ‪ 12/1/13‬كما عابتا على الحكم خرق الفصل ‪ 454‬من ق م م ذلك‬
‫أن المحكمة جعلت عبء إثبات زوال الحجز أو استم ارره أو تحويله لحجز آخر على عاتقها‬
‫في حين أن طالب الحجز هو الملزم بإثبات وجود متابعة أو حكم مع العلم أن الحجز وقع‬
‫بناء على توجيه اتهام فقط وأن عدم إثبات الدولة المغربية وجود متابعة أو أي اتهام أو حكم‬
‫في مواجهتها يعد من قبل التراخي مما يجعل هذا الحجز يفقد خاصيته الوقتية والتحفظية‬
‫والتمست الغاء الحكم المستأنف والحكم برفع والتشطيب على الحجز المسجل بالصك العقاري‬
‫عدد ‪ 04/43616‬وأجاب المستأنف عليه الوكيل القضائي مؤكدا دفعه السابق بخرق المادة‬
‫‪ 14‬من ق م م وأن المقال االستئنافي خرق المادة ‪ 142‬من ق م م طالما أن المستأنفتين ال‬
‫يمكنهما تقديم مقال واحد مشترك ولم يتبينا فيه نوعهما باعتباره أنهما شركتان وأن المستأنفة‬
‫الثانية ال صفة لها وليست بصاحبة حق إذ أن العقار الواقع عليه الحجز التحفظي في اسم‬
‫المستأنفة األولى وأنه خالفا لما زعمته المستأنفة األولى فإن المسير يسأل عن األخطاء‬
‫المرتكبة في التسيير بصريح المادة ‪ 67‬من القانون المتعلق بالشركات ذات المسؤولية‬
‫المحدودة وأن الحجز قد وقع على األموال الشركة دون تمييز بين مسيرها وشركائها أو‬
‫اصولها وفروعها وكان بناء على قرار السيد قاضي التحقيق في إطار اإلنابة القضائية في‬
‫إطار المتابعة الجنائية الجارية ضد المستأنفة األولى ومسيرها بسبب اتهامها بإجراء معامالت‬

‫‪495‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫مشبوهة وأن إجراء الحجز التحفظي جاء طبقا للقانون وغير خارق للمادة ‪ 454‬من ق م م‬
‫والتمس عدم قبول االستئناف شكال وفي الموضوع تأييد الحكم المستأنف‪.‬‬
‫وعقبت المستأنفتان بواسطة نائبتهما بأن وثائق الملف يثبت أن مسير المستأنفة األولى‬
‫هو السيد ‪ ، ...‬وأن المسير السابق المتابع في المسطرة الجنائية يعتبر من األغيار وال عالقة‬
‫له بها وقت إيقاع الحجز بعد أن قدم استقالته وأن الحجز غير مبرر قانونا وأكدت المقال‬
‫االستئنافي وبعد إدراج القضية في آخر جلسة بتاريخ ‪ 18/10/11‬فحضرت األستاذة دمين‬
‫وأسندت النظر وتخلف باقي المستأنف عليهم رغم التوصل وألفي بمستنتجات النيابة العامة‬
‫الرامية الى تطبيق القانون‪ ،‬فقررت المحكمة حجز الملف للمداولة والنطق بالحكم فيه بجلسة‬
‫‪.2018/10/25‬‬
‫وبعد المداولة طبقا للقانون‬
‫التعليل‬
‫حيث خالفا لما عابته المستأنفتان على الحكم المطعون فيه فإن العقار موضوع الرسم‬
‫العقاري عدد ‪ 04/43616‬الذي وقع عليه الحجز التحفظي والمطلوب التشطيب عليه هو‬
‫في اسم المستأنفة األولى شركة ‪ ...‬وأن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير‬
‫موجود بالنسبة للغير اال بتقييده وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري‪ ،‬وبالتالي فإن ما‬
‫تدعيه المستأنفة الثانية شركة ‪ ...‬على العقار المذكور ال أثر له مادام لم يتم تقييده بالرسم‬
‫العقاري المذكور‪.‬‬
‫وحي ــث أن الس ــيد ‪ ......‬ك ــان مس ــي ار للمس ــتأنفة األول ــى وه ــي المس ــؤولة بس ــبب اعمال ــه‬
‫اإلدارية التي نتج عنها تقييد الحجز التحفظي على عقارها‪.‬‬

‫وحيث ان المستأنفة الثانية وان كانت هي المالكة لألصل التجاري ال يمكن لها التمسك‬
‫بكل عقد يتعلق بأصل تجاري أو بأحد عناصره في مواجهة الدائن الذي أوقع حج از تحفظيا‬

‫‪496‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫على ذلك األصل أو على أحد عناصره مما يتعلق بموضوع هذا العقد طبقا لمقتضيات المادة‬
‫من ‪ 454‬من ق م م ‪.‬‬
‫وحيث أن الحجز التحفظي هو إجراء احترازي مؤقـت يمنـع المـدين مـن االضـرار بالـدائن‬
‫وأن التشطيب عليه من الرسم العقاري يقتضـي تحقـق الغـرض الـذي أنشـئ مـن أجلـه‪ ،‬وبالتـالي‬
‫فإن ما قضى به الحكم المستأنف قد جاء في محله ويجب تأييده‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫إن محكمة االستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا وغيابيا في حق المستأنف عليهم‬
‫باستثناء الوكيل القضائي وانتهائيا‪.‬‬
‫في الشكل‪ :‬بقبول االستئناف‪.‬‬
‫في الموضوع‪ :‬بتأييد الحكم المستأنف وإبقاء الصائر على الطرف المستأنف‪.‬‬
‫بهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعـاله بالقاعـة العاديـة للجلسـات بمقـر محكمـة‬
‫االستئناف بمراكش دون أن تتغير الهيئة الحاكمة أثناء الجلسات‪.‬‬

‫‪497‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ .1‬القرار الصادر عن محكمة النقض عدد ‪ 1/655‬والمؤرخ في ‪ 21‬يونيو ‪2018‬‬


‫الصادر في الملف االداري عدد ‪2017/1/4/3978‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫إن القانون رقم ‪ 05.42‬جعل الق اررات الوزارية المشتركة الصادرة في إطار ظهيري‬

‫‪ 1963/09/26‬و ‪ 1973/03/02‬ق اررات ذات صبغة تنظيمية وأخضها ألجل الطعن‬


‫باإللغاء لوضع حد إلثارة نزاعات جديدة تهم العقارات المسترجعة من طرف الدولة وتحديد‬
‫أجل نهائي للطعن باإللغاء في الق اررات التي صدرت قبل نشر القانون المذكور‪.‬‬

‫بناء على المقال المرفوع بتاريخ ‪ 2017/05/12‬من طرف الطالبين المذكورين أعاله‬
‫الرامي إلى نقض القرار عدد ‪ 120‬الصادر عن محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط تاريخ‬
‫‪ 2017/01/10‬في الملف رقم‪ 2016/7205/594 :‬المضموم إليه الملف رقم‬
‫‪.2016/7205/619‬‬
‫وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ ‪ 2017/11/29‬من طرف المطلوبين في‬
‫النقض بواسطة نائبهم األستاذ الحسين زعرض الرامية إلى رفض الطلب‪.‬‬
‫وبناء على األوراق األخرى المدلى بها في الملف‪ .‬وبناء على قانون المسطرة المدنية‬
‫المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪.1974‬‬
‫وبناء على األمر بالتخلي واإلبالغ الصادر في‪.2018/06/07‬‬
‫ب‬ ‫المنعقدة‬ ‫العلنية‬ ‫الجلسة‬ ‫في‬ ‫القضية‬ ‫بتعيين‬ ‫اإلعالم‬ ‫على‬ ‫وبناء‬
‫تاريخ‪.2018/06/21‬‬
‫وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم‪.‬‬
‫وبعد تالوة المستشار المقرر السيد المصطفى الدجاني تقريره في هذه الجلسة واالستماع‬
‫إلى مستنتجات المحامي العام السيد سابق الشرقاوي‪.‬‬
‫‪498‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫وبعد المداولة طبقا للقانون‪:‬‬


‫حيث يؤخذ من وثائق الملف‪ ،‬ومن القرار المطعون فيه المشار إلى مراجعة أعاله أن‬
‫المطلوبين ورثة ……… تقدموا بمقال أمام المحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪2016/02/22‬‬
‫يعرضون فيه أن مورثتهم الهالكة …… كانت تملك قيد حياتها حظوظا مشاعة في العقارات‬
‫موضوع الرسوم العقارية عدد ‪ / ......‬ج و ‪ / .....‬ج و ‪ / .....‬ج و ‪ / .....‬ج الكائنة‬
‫بمدينة طنجة‪ ،‬وأنهم فوجئوا أن الرسوم العقارية المذكورة أعاله قد تم إدراجها ضمن قائمة‬
‫العقارات التي تم استرجاعها من طرف الدولة‪ ،‬تطبيقا لمقتضيات ظهير ‪ 02‬مارس ‪،1973‬‬
‫ملتمسين الحكم بإلغاء القرار الوزاري المشترك لوزير الداخلية ووزير الفالحة واإلصالح‬
‫الزراعي ووزير المالية رقم ‪ 779.73‬الصادر بتاريخ ‪ 06‬ارجب ‪ 1393‬هجرية الموافق ل‬
‫‪ 173/07/30‬القاضي بتعيين العقارات المنقولة ملكيتها إلى الدولة وتحديد تاريخ الشروع في‬
‫حيازتها والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3170‬بتاريخ ‪ 1973/08/01‬بشأن إدراج ملكية‬
‫الحقوق العقارية في العقارات الكائنة بطنجة موضوع الرسوم العقارية عدد ‪ / …..‬ج و ‪…..‬‬
‫‪ /‬ج و ‪ / ….‬ج و ‪ / …..‬ج ‪ ،‬وبعد الجواب وتمام اإلجراءات قضت المحكمة بإلغاء القرار‬
‫الوزاري المشترك الصادر عن وزير الداخلية ووزير الفالحة واإلصالح الزراعي ووزير المالية‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 30‬يوليوز ‪ 1973‬تحت رقم ‪ 73/779‬بتعيين العقارات المنقولة ملكيتها إلى‬
‫الدولة وتحديد تاريخ الشروع في حيازتها المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3170‬بتاريخ ‪01‬‬
‫غشت ‪ 1973‬بشان إدراج ملكية الحقوق العقارية في العقارات الكائنة بطنجة موضوع الرسوم‬
‫العقارية عدد ‪ …../2‬و ‪ 2/…..‬و ……‪/‬ج ……‪/‬ج و ……‪/‬ج العائدة ملكيتها لمورثة‬
‫الطاعنين …… ضمن األمالك المنقولة ملكيتها إلى الدولة مع ترتيب اآلثار القانونية على‬
‫ذلك بحكم استأنفه كل من المحافظ على األمالك العقارية والرهون بطنجة والوكيل القضائي‬
‫للمملكة أمام محكمة االستئناف اإلدارية بالرباط التي أيدته بمقتضى القرار المطعون فيه‬
‫بالنقض ‪.‬‬

‫‪499‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫في الفرع األول من الوسيلة األولى للطعن‪:‬‬


‫حيث يعيب الطالبون القرار المطعون فيه بخرق مقتضيات القانون رقم ‪ ،05.42‬ذلك‬
‫أن المحكمة مصدرته في تعليل قضائها‪ ،‬لما اعتبرت أن الطعن باإللغاء واقع داخل األجل‬
‫القانوني اعتمادا على كون القرار المطعون فيه منعدم لم تتقيد بمقتضيات المادة األولى من‬
‫المادة المذكورة التي جعلت الق اررات الو ازرية المشتركة الصادر في إطار ظهيري‬
‫‪1963/09/26‬و‪ 1973/03/02‬ق اررات ذات طبيعة تنظيمية وذلك بإخضاعها ألجل الطعن‬
‫باإللغاء لوضع حد إلثارة نزاعات جديدة تهم العقارات المسترجعة من طرف الدولة‪ ،‬بناء على‬
‫الظهيرين المذكورين وتحديد أجل نهائي للطعن باإللغاء في الق اررات التي نشرت قبل نشر‬
‫القانون رقم‪ ،)42/05‬هذا المقتضى الذي تم سنه في إطار المحافظة على استقرار‬
‫المعامالت والتصرفات القانونية‪ ،‬وليس من أجل تهديد وتغيير األوضاع القانونية المستقرة‪،‬‬
‫ولم تعتبر بأن المقرر اإلداري ارتكز على ظهير ‪ 1973‬وكان له تاريخ محدد‪ ،‬وأن اإلدارة‬
‫تمسكت بأن مورثة المطلوبين توجد ضمن األشخاص المشمولين باالتفاقية المبرمة بين‬
‫المملكتين االسبانية و المغربية المؤرخة في ‪ 1979/11/08‬بشان تعويض مالكي العقارات‬
‫المشمول بظهير االسترجاع‪ ،‬حيث دخلت هذه االتفاقية المذكورة حيز التنفيذ بالتوقيع عليها‬
‫وحصل بموجبها المالكون السابقون الحاملون للجنسية اإلسبانية المسترجعة منهم أراضيهم‬
‫من طرف الدولة على تعويضات عنها‪ ،‬وأن قرار االسترجاع في النازلة ليس بقرار معدوم‬
‫قابل للطعن دون التقيد باألجل المحدد في المادة ‪ 23‬من قانون إحداث محاكم إدارية‪ ،‬بل إنه‬
‫قرار إداري يجب الطعن فيه داخل األجل القانوني المنصوص عليه في المادة األولى من‬
‫القانون رقم ‪ 42/05‬المشار إليه أعاله‪ ،‬مما يناسب نقض قرارها ‪.‬‬
‫حيث استندت المحكمة فيما انتهت إليه إلى أنه‪ " :‬وحيث إذا كانت مقتضيات المادة‬
‫األولى من الظهير الشريف رقم ‪ 1/06/14‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬فبراير ‪ 2006‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 05.42‬القاضي بسن بعض اإلجراءات المتعلقة بالعقارات الفالحية أو القابلة للفالحة‬
‫المنقول ملكيتها للدولة قد نصت على أنه ‪" :‬يحدد أجل تقديم طلبات اإللغاء ضد الق اررات‬
‫‪500‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المشار إليها في الفصل ‪ 4‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.63.289‬بتاريخ ‪ 26‬سبتمبر ‪1963‬‬
‫بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي االستعمار‪ ،‬وكذا الفصل ‪ 2‬من الظهير‬
‫الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.73.213‬بتاريخ ‪ 02‬مارس ‪ 1973‬المنقولة بموجبه إلى الدولة‬
‫ملكية العقارات الفالحية أو القابلة للفالحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أو أشخاص معنويون‬
‫في ‪ 60‬يوما ابتداء من تاريخ نشر هذه الق اررات في الجريدة الرسمية‪ ،‬غير أن أجل تقديم‬
‫طلبات اإللغاء ضد الق اررات المشار إليها في الفقرة األولى أعاله التي تم نشرها قبل تاريخ‬
‫نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية يحدد في ‪ 60‬يوما ابتداء من هذا التاريخ " ‪ ،‬فإنه لما‬
‫كان الثابت من خالل ما سبق بسطه أعاله كون القرار الوزاري المشترك محل الطعن هو‬
‫قرار منعدم ومقطوع الصلة بالمشروعية إلى درجة أصبح معه مندرجا ضمن إطار الق اررات‬
‫المعدومة ‪ . . .‬واعتبا ار لما استقر عليه الفقه واالجتهاد القضائي اإلداري من أن مثل هذا‬
‫الصنف من الق اررات بما فيها الق اررات المنقطعة الصلة بقواعد المشروعية النعدام صلتها بأي‬
‫إطار قانوني ال تتقيد أصال بأي أجل من أجل الطعن باإللغاء‪ ،‬سواء منها تلك المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 23‬من قانون ‪ 41 - 90‬المحدث لمحاكم إدارية‪ ،‬وكذا المادة األولى من‬
‫قانون ‪ ، 05.42‬فإن ذلك يعني أن الطعن المقدم ضد هذا القرار يبقى محموال على تقديمه‬
‫داخل اآلجال القانونية ‪ " . . .‬في حين أثار الطالبون أمامها بكون المحكمة لم تتقيد‬
‫بمقتضيات المادة األولى من قانون رقم ‪ 05.42‬التي جعلت الق اررات الو ازرية المشتركة‬
‫الصادرة في إطار ظهيري ‪ 1963/09/26‬و ‪ 1973/03/02‬ق اررات ذات صبغة تنظيمية‬
‫وذلك بإخضاعها ألجل الطعن باإللغاء لوضع حد إلثارة نزاعات جديدة تهم العقارات‬
‫المسترجعة من طرف الدولة وتحديد أجل نهائي للطعن باإللغاء في الق اررات التي صدرت‬
‫قبل نشر القانون المذكور‪ ،‬خاصة وأن اإلدارة قد تمسكت بكون مورثة المطلوبين هي من‬
‫األشخاص المشمولين باالتفاقية المبرمة بين المملكتين اإلسبانية المغربية المؤرخة في‬
‫‪ 1979/11/08‬بشأن تعويض مالكي العقارات المشمولة بظهير االسترجاع التي دخلت حيز‬
‫التنفيذ بالتوقيع عليها وحصل بموجبها المالكون السابقون الحاملون الجنسية االسبانية‬
‫‪501‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫المسترجعة منهم أراضيهم من طرف الدولة على تعويضات‪ ،‬والمحكمة مصدرة القرار‬
‫المطعون فيه لما أيدت الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من إلغاء القرار الوزاري المشترك‬
‫دون مراعاة أن الطعن قدم خارج األجل المحدد في قانون ‪ 05.42‬وبالتالي يبقى غير مقبول‬
‫ولم تجعل لما قضت به أساسا من القانون‪ ،‬وعللت قرارها تعليال فاسدا يوازي انعدامه ‪ ،‬مما‬
‫عرضته للنقض ‪.‬‬
‫وحيث إن محكمة النقض ترى بعد نقض القرار المحال عليها أنه لم يبق هناك ما‬
‫يستوجب الحكم‪ ،‬لذلك قررت النقض بدون إحالة‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 369‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت محكمة النقض بنقض القرار المطعون فيه بدون إحالة وتحميل المطلوبين في‬
‫النقض الصائر‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعاله بقاعة‬
‫الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط‪ ،‬وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة‬
‫اإلدارية (القسم األول) السيد عبد المجيد بابا اعلي والمستشارين السادة‪ :‬المصطفى الدحاني‬
‫مقررا‪ ،‬احمد دينية‪ ،‬نادية للوسي‪ ،‬فائزة بلعسري‪ ،‬وبمحضر المحامي العام السيد سابق‬
‫الشرقاوي‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة حفصة ساجد‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪503‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪504‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫نظ ار لتخصيص هذا العدد من مجلة الوكالة القضائية للمملكة لموضوع المنازعات‬
‫العقارية‪ ،‬ولكي تعم الفائدة وتسهيال على الدارسين والممارسين لمعرفة النصوص القانونية‬
‫المنظمة لهذا المجال‪ ،‬سيتم تقديم جرد بالنصوص القانونية المتعلقة بالعقار مع مراجعها‬
‫ومراجع نشرها بالجريدة الرسمية‪.‬‬

‫فهرس بالنصوص القانونية المتعلقة باألنظمة العقارية في المغرب‬

‫‪ ‬القوانين‪:‬‬

‫‪ ‬الضابط المؤقت لبيع األمالك باإليالة الشريفة بتاريخ ‪ 11‬نونبر ‪،1912‬‬


‫(الجريدة الرسمية بالعربية العدد األول بتاريخ ‪ 01‬فبراير ‪ ،1913‬الصفحة ‪)3‬؛‬

‫‪ ‬ظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪ )1913‬المتعلق بقانون االلتزامات‬


‫والعقود المغربي كما تم تعديله وتتميمه‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 46‬بتاريخ ‪12‬‬
‫شتنبر ‪ ،1913‬باللغة الفرنسية‪ ،‬الصفحة ‪)78‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪)1913‬‬


‫المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 14.07‬الصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.177‬في ‪ 25‬من ذي الحجة ‪22( 1432‬‬
‫نوفمبر ‪( ،)2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬وتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪،2011‬‬
‫الصفحة ‪)5575‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف في شأن األمالك العامة صادر بتاريخ فاتح يوليو ‪،1914‬‬
‫(الجريدة الرسمية عدد ‪ 62‬بتاريخ ‪ 10‬يوليو‪ ، 1914‬الصفحة ‪)675‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف الصادر بتاريخ ‪ 1916/01/03‬في تأسيس تنظيمات‬


‫خصوصية لتحديد األمالك المخزنية‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 141‬وتاريخ ‪10‬‬
‫يناير ‪ ،1916‬الصفحة ‪)30‬؛‬

‫‪505‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1917‬المتعلق بالمحافظة على‬


‫الغابات واستغاللها‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 235‬بتاريخ ‪ 29‬اكتوبر‪،1917‬‬
‫الصفحة ‪)901‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف المؤرخ في‪ 27‬ابريل ‪ 1919‬بشأن تنظيم الوصاية اإلدارية‬


‫على الجماعات وضبط تدبير شؤون األمالك الجماعية وتفويتها كما تم تعديله‬
‫وتتميمه‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 329‬وتاريخ ‪ 18‬غشت ‪ ،1919‬الصفحة ‪)410‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف الصادر بتاريخ ‪ 24‬مايو‪ 1922‬يتعلق بتقييد العقارات‬


‫المخزنية التي جرى تحديدها طبقا لظهير ‪( ،1916/01/03‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 479‬وتاريخ ‪ 04‬ابريل ‪ ،1922‬الصفحة ‪)796‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف المؤرخ في رجب ‪ 1342‬الموافق ل‪ 18‬فبراير ‪ 1924‬في‬


‫تأسيس ضابط خصوصي يتعلق بتحديد األراضي المشتركة بين القبائل كما تم‬
‫تغييره وتتميمه بظهير ‪ 9‬محرم ‪ 1357‬موافق ‪ 11‬مارس ‪( ،1938‬الجريدة‬
‫الرسمية عددي ‪ 569‬و‪ 570‬بتاريخ ‪ 25‬مارس ‪ ،1924‬و‪ 01‬أبريل ‪،1924‬‬
‫الصفحة ‪)413‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 4‬مارس ‪ 1925‬يتعلق بوقاية غابات شجر أركان‬


‫وبتحديدها‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 647‬بتاريخ ‪ 17‬مارس ‪ ،1925‬الصفحة‬
‫‪)526‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف بتاريخ ‪ 28‬ذي الحجة عام ‪ 1345‬الموافق ‪ 24‬يونيو‬


‫‪ ،1927‬يتعلق بتسجيل العقارات المخزنية التي قد جرى إخراجها من حيز‬
‫األمالك العمومية‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 770‬المؤرخة في ‪ 26‬يوليوز ‪،1927‬‬
‫الصفحة ‪)1731‬؛‬

‫‪506‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 27‬غشت ‪ 1928‬في جعل ضابط عدلي‬


‫لأل راضي المغروسة بالحلفاء‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 830‬وتاريخ ‪ 18‬شتنبر‬
‫‪ ،1928‬الصفحة ‪)2610‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.382‬بتاريخ ‪ 8‬شوال عام ‪ 1378‬موافق ل ‪17‬‬


‫أبريل ‪ 1959‬في تغيير الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 1917/10/10‬بشأن‬
‫المحافظة على الغابات واستغاللها‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 2427‬بتاريخ ‪01‬‬
‫مايو ‪ ،1959‬الصفحة ‪)1358‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.60.126‬بتاريخ ‪ 26‬محرم ‪ 21( 1380‬يوليوز‬


‫‪ )1960‬يتمم بمقتضاه الظهير الشريف الصادر في ‪ 20‬ذي الحجة ‪1335‬‬
‫الموافق ل ‪ 10‬أكتوبر‪ 1917‬بشأن المحافظة على الغابات واستغاللها‪( ،‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 2492‬بتاريخ ‪ 29‬يوليو ‪ ،1960‬الصفحة ‪)2283‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.62.240‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬رمضان ‪06( 1382‬‬


‫فبراير ‪ )1963‬بتطبيق نظام التحفيظ العقاري على األمالك المخزنية الواقعة في‬
‫أجزاء البالد غير الخاضعة لهذا النظام‪( ،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 2625‬بتاريخ ‪15‬‬
‫فبراير ‪ ،1963‬الصفحة ‪)322‬؛‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 7.81‬المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة وباالحتالل‬


‫المؤقت الصادر بتنفيذه الشريف رقم ‪ 1.81.254‬صادر في ‪ 11‬من رجب‬
‫‪ 06( 1402‬مايو ‪( ،)1982‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 3685‬بتاريخ ‪ 15‬يونيو‬
‫‪ ،1983‬الصفحة ‪)980‬؛‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 12.90‬المتعلق بالتعمير الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬


‫‪ 1.92.31‬بتاريخ ‪ 15‬من ذي الحجة ‪ 17( 1412‬يونيو ‪( ،)1992‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 4159‬بتاريخ ‪ 14‬محرم ‪ 15( 1413‬يوليو ‪ ،)1992‬الصفحة‬
‫‪.)887‬‬

‫‪507‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 30.93‬المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المساحية الطوبوغرافية‬


‫وبإحداث الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطوبوغرافيين والصادر األمر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.94.126‬وتاريخ ‪ 14‬رمضان ‪ 1414‬موافق ل‪ 25‬فبراير‬
‫‪( ،1994‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4246‬وتاريخ ‪ 16‬مارس ‪ ،1994‬الصفحة‬
‫‪)356‬؛‬

‫‪ ‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.236‬الصادر بتاريخ ‪ 8‬ربيع األول ‪23( 1431‬‬


‫فبراير ‪ )2010‬يتعلق بمدونة األوقاف‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5847‬وتاريخ ‪14‬‬
‫يونيو ‪ ،2010‬الصفحة ‪)3154‬؛‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير‬


‫الشريف رقم ‪ 1.11.178‬بتاريخ ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 22( 1432‬نونبر ‪،)2011‬‬
‫(الجريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬وتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪ ،2011‬الصفحة ‪)5587‬؛‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 27.13‬يتعلق بالمقالع الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬


‫‪ 1.15.66‬صادر في ‪ 21‬من شعبان ‪ 9( 1436‬يونيو ‪( ،)2015‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 6374‬وتاريخ ‪ 02‬يوليو ‪ ،2015‬الصفحة ‪)6082‬؛‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 62.17‬بشأن الوصاية اإلدارية على الجماعات وتدبير‬


‫أمالكها‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.19.115‬صادر في ‪ 7‬ذي‬
‫الحجة ‪ 9( 1440‬اغسطس ‪( )2019‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6807‬بتاريخ ‪26‬‬
‫أغسطس ‪ ،2019‬الصفحة ص ‪)5887‬؛‬

‫‪ ‬القانون رقم ‪ 47.18‬المتعلق بإصالح المراكز الجهوية لالستثمار وبإحداي‬


‫اللجان الجهوية الموحدة لالستثمار الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.19.18‬في ‪ 07‬جمادى اآلخرة ‪ 13( 1440‬فبراير ‪( )2019‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 6754‬بتاريخ ‪ 21‬فبراير ‪ 2019‬الصفحة ‪)834‬؛‬

‫‪508‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ ‬الرسائل الملكية‪:‬‬

‫‪ ‬الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع‪:‬‬


‫السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الصخيرات‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 8‬و‪ 9‬دجنبر ‪.2015‬‬

‫‪ ‬المراسيم والق اررات‪:‬‬

‫‪ ‬المرسوم رقم ‪ 2.92.832‬الصادر في ‪ 27‬من ربيع اآلخر (‪14‬اكتوبر‬


‫‪ )1993‬لتطبيق القانون رقم ‪ 12.90‬المتعلق بالتعمير‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4225‬بتاريخ ‪ 20‬اكتوبر ‪ 1993‬الصفحة ‪.)2061‬‬

‫‪ ‬الق اررات‪:‬‬

‫‪ ‬القرار الصادر بتاريخ ‪ 15‬يناير ‪ 1921‬يتعلق بضبط حقوق رعي المواشي‬


‫بغابات الدولة‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 432‬المؤرخة في ‪ 01‬فبراير ‪،1921‬‬
‫الصفحة ‪( )169‬النسخة الفرنسية)؛‬

‫‪ ‬القرار الوزيري الصادر بتاريخ ‪ 29‬مارس ‪ 1927‬والمتعلق بالموجبات الواجب‬


‫إتباعها عند إخراج أرض من ملك الغابات‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 758‬وتاريخ‬
‫‪ 03‬مايو‪ ،1927‬الصفحة ‪)1037‬؛‬

‫القرار الوزيري الصادر بتاريخ ‪ 22‬محرم ‪ 20( 1349‬يونيو ‪ )1930‬في‬ ‫‪‬‬

‫ضبط استغالل الحلفاء‪( ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 927‬بتاريخ فاتح غشت‪،1930‬‬


‫الصفحة ‪.)1710‬‬

‫‪509‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪510‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫شروط النشر في مجلة "الوكالة القضائية للمملكة"‬


‫‪ -‬مجلة "الوكالة القضائية للمملكة" مجلة محكمة نصف سنوية؛‬
‫‪ -‬تختص بنشر األبحاث في العلوم القانونية والمنازعات القضائية وخاصة المرتبطة‬
‫بأشخاص القانون العام؛‬
‫‪ -‬تقرر المجلة صالحية البحث للنشر فيها استناداً إلى رأي محكمين متخصصين؛‬
‫‪ -‬تخضع كافة األبحاث التي تنشر للتحكيم؛‬
‫‪ -‬تحتفظ المجلة بكافة حقوق النشر؛‬
‫‪ -‬ال تلتزم المجلة برد أصول البحوث أو المواد التي ترد عليها‪ ،‬سواء نشرت‪ ،‬أو لم‬
‫تنشر؛‬
‫‪ -‬ما يطرح في المجلة من آراء يعد تعبي اًر عن وجهة نظر المؤلف‪ ،‬وال تعتبر المجلة‬
‫مسؤولة عنها؛‬
‫‪ -‬يشترط في األبحاث التي تنشر بالمجلة‪ ،‬أن ال يكون قد سبق نشرها؛‬
‫‪ -‬يلتزم صاحب المادة أو البحث المعروض للنشر بعدم إرسال بحثه إلى أية جهة أخرى‬
‫بغرض النشر‪ ،‬حتى يصله رد المجلة بصالحية بحثه للنشر‪ ،‬أو ال‪ ،‬ويسري هذا‬
‫الشرط لمدة ثالثة أشهر‪ ،‬تبدأ من تاريخ استالم هيئة تحرير المجلة للمادة العلمية؛‬
‫‪ -‬يجوز للمجلة أن تنشر موج اًز للرسائل العلمية التي تناقش بالجامعات المغربية أو‬
‫األجنبية‪ ،‬أو المؤلفات العلمية التي تصدرها هذه الجامعات أو مراكز البحث األخرى؛‬
‫‪ -‬يجوز أن يتقدم عدة باحثين ببحث مشترك واحد؛‬
‫‪ -‬تنشر األبحاث في المجلة باللغات العربية أو اإلنجليزية أو الفرنسية؛‬
‫‪ -‬يتعين أال يتجاوز حجم البحث ‪ 35‬صفحة‪ ،‬الفرق بين األسطر ‪ ،1.15‬ويرفق بالبحث‬
‫ملخص باللغة اإلنجليزية أو الفرنسية في حدود صفحة واحدة إن كان مكتوبا باللغة‬
‫العربية‪ ،‬إن كان مكتوباً باإلنجليزية أو الفرنسية فيرفق بملخص باللغة العربية؛‬
‫‪ -‬إذا كان البحث باللغة العربية يستخدم الخط "‪ "Simplified Arabic‬حجم ‪ 16‬بالنسبة‬
‫لمتن البحث وفيما يخص الهوامش فتكون بالخط "‪ "Simplified Arabic‬الحجم ‪10‬؛‬

‫‪511‬‬
‫العدد الثالث‬ ‫مجلة الوكالة القضائية للمملكة‬

‫‪ -‬إذا كان البحث باللغة الفرنسية أو االنجليزية يستخدم الخط "‪Times New‬‬
‫‪ "Roman‬حجم ‪ 14‬بالنسبة لمتن البحث وفيما يخص الهوامش فتكون بالخط‬
‫"‪ "Roman Times New‬الحجم ‪10‬؛‬
‫‪ -‬يعتمد الباحث نظام "شيكاغو" في التهميش ويشار إلى المراجع في أسفل كل صفحة‪.‬‬

‫‪512‬‬

You might also like