خرافة النجاح السريع

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 73

‫خرافة النجاح السريع‬

‫حتى ال يخدعك تجار النجاح وبائعو األمل المشوه‬

‫كيف تواجه تجار النجاح وتتعرف على حقيقتهم؟‬


‫كيف تواجه أعداء النجاح وأصحاب الخيال الضيق؟‬
‫تعرف على رحلة النجاح الطويلة بعيدا عن المبالغات‬
‫وعن السلبية!‬

‫وحيد بوبعة‬
‫قال تعالى‪ " :‬الذين قال لهم الناس إن‬
‫الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم فزادهم‬
‫ايمانا وقالوا حسبنا هللا ونعم الوكيل"‬
‫آل عمران ‪173‬‬

‫عن جاب قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬


‫عليه وسلم‪ " :‬ما من مسلم يغرس غرسا‬
‫إال كان ما أكل منه له صدقة‪ ،‬وما سرق‬
‫منه صدقة‪ ،‬وال يرزؤه أحد اال كان له‬
‫صدقة "‬
‫رواه مسلم‬
‫اإلهداء‪:‬‬
‫الى أولئك الذين يقاتلون من أجل أحالمهم‪ ،‬إلى الذين اقتنعوا‬
‫أن النجاح رحلة طويلة وليس محطة واحدة في القمة أو‬
‫شهرة مشوهة‪ ،‬إلى الذين ال تؤثر فيهم سلبيات الكسالى‬
‫والضعفاء وال المخدرات والمهدئات التي يستعملها بائعو االمل‬
‫المشوه في محاضراتهم‪.‬‬
‫إليكم أهدي هذا الكتاب‬
‫قبل أن تتورط‬
‫إن كنت تبحث عن النجاح السريع والسهل وتستمتع بتلك‬
‫الكلمات التحفيزية التي ترفع من نسبة االدرينالين بدال من أن‬
‫تدفعك لخوض معركة النجاح‪ ،‬أرجوك ال تشتري هذا الكتاب‬
‫حتى ال تتورط‪.‬‬
‫أما إن كنت من الضعفاء ومن أصحاب نظرية المؤامرة ولعب‬
‫دور الضحية فأنصحك أن تشتري طبق الشاورما الشهي من‬
‫أقرب محل بيتزا إليك وأن تستغرق في الشكاوى وأنت تحتسي‬
‫القهوة وتتبادل خرطوم الشيشة مع أصدقائك كما تتبادلون‬
‫أطراف الحديث‪ ،‬بدال من أن تصرف بعض المال على هذا‬
‫الكتاب ثم تندم حين ال ينفعك الندم‪.‬‬
‫أما إن كنت تريد أن تخوض رحلة النجاح الطويلة والشاقة‬
‫والممتعة في ان واحد وتكتشف الخرافات المنتشرة حوله‬
‫فتابع القراءة‪.‬‬
‫مقدمة‬

‫بما أنك قد قررت أن تتابع القراءة‪ ،‬سأبدل قصارى جهدي كي أرافقك في‬
‫هذه الرحلة عبر صفحات هذا الكتاب سأهمس في أدنيك وأخاطب عقلك قبل‬
‫قلبك لكن لن أتركه بعيدا عنا يتفرج على المهازل والكم الهائل من‬
‫المعلومات واالوهام ثم أنتظر جوابك وخبرتك وطموحاتك كي أستفيد‪،‬‬
‫سنجعل العلم والعقل الواقعية والمنطق على يمين طاولة الحوار واإلرادة‬
‫والعمل الجاد وتحمل المسؤولية ومواجهة الواقع على يسارها‪.‬‬
‫ستتعرف على األسطورة والخرافة التي تسوق على خشبة المسرح وفي‬
‫قاعات المحاضرات وورشات التدريب مع كثير من التشويق والتحفيز‬
‫والصراخ كل ذلك باسم النجاح‪ ،‬ستتعرف على تجار النجاح الذين يخبرونك‬
‫بأن النجاح سهل وسريع ومتاح للجميع بنفس الطريقة فيزداد حماسك وتقفز‬
‫في مكانك حتى يقال عنك أنك مجنون‪ ،‬لكن لمجرد أن تهدأ وتنزل لمواجهة‬
‫الحياة على أرض الواقع تجد أن تلك المسكنات والمخدرات لم تعد كافية‬
‫لخوض رحلة الحياة وال رحلة النجاح‪ ،‬ثم سننتقل سويا لنناقش أولئك الذين‬
‫ال يرون إال الظالم والسلبية ثم يمزجونها بالضعف والكسل ويصرخون‬
‫بأعلى صوتهم أن النجاح ما هو إال حظ وما الناجحون إال أناس ساعفتهم‬
‫الظروف ووقفت بجانبهم الحياة‪ ،‬أولئك الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة في‬
‫كل شيء سيخبرونك بقصص الفاشلين ويذكرونك بالظروف القاسية التي‬
‫يعيشها الناس لكن ال يذكرون لك قصص الناجحين الذين تصدوا للظروف‬
‫المزرية‪.‬‬
‫ثم نختم اللقاء بطريقة منطقية وعقلية إيجابية ونتعاون على وضع خطة‬
‫محكمة تشرح لنا شروط النجاح الحقيقي بعيدا عن المبالغة والسطحية وعن‬
‫الجمود والهوان والخوف والكسل‪.‬‬
‫ما أود إخبارك به في هذه الصفحات هو أن تجعل الظروف والفرص في‬
‫مصلحتك وأن تقاوم من أجل احالمك‪.‬‬
‫سأضع أمامك خارطة الطريق الشائك والطويل للنجاح لكنه مضمون‬
‫ومجرب من كثير ممن حققوا أهدافهم وأحالمهم‪.‬‬
‫يقسم الكتاب إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬حقيقة النجاح (النجاح بين االفراط والتفريط)‪ ،‬حيث سنتطرق‬
‫لماهية النجاح الوهمي والنجاح الحقيقي‪ ،‬والخرافات المنتشرة حول رحلة‬
‫النجاح‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الطريق نحو القمة (رحلة النجاح الطويلة)‪ ،‬سيكون هذا القسم‬
‫عبارة عن شرح مفصل لخطوات النجاح والشروط الالزم توافرها حتى‬
‫يحقق كل شخص أحالمه‪.‬‬

‫أتمنى لك رحلة ممتعة‬


‫القسم األول‪ :‬حقيقة النجاح‬
‫ما الذي يعنيه لك النجاح؟‬
‫لماذا تريد أن تنجح؟‬
‫هل تحقيق النجاح سهل وسريع حقا؟‬
‫لماذا يفشل السلبيون والمتشائمون؟‬
‫خرافات حول النجاح‬
‫تمهيد‬

‫النجاح هذه الكلمة المظلومة والظالمة في مجتمعاتنا‪ ،‬كثير ما تنتشر اساطير‬


‫حولها وترتفع الصيحات وتذرف دموع الفرح أو الحزن من أجلها‪ ،‬الكلمة‬
‫التي يستعملها الجميع والتي يطمح لها الصغير والكبير‪ .‬كلمة تفرض نفسها‬
‫في االقتصاد والسياسة والعلم والحرب والسلم‪.‬‬
‫نتفق على بعض معانيها ونختلف حول مكنوناتها وخفاياها‪ .‬في هذا القسم‬
‫سنغوص في أعماق الكلمة من الناحية النظرية والعملية كذلك حتى نتمكن‬
‫من التمتع بما تجلبه لنا من إنجازات وتزيد من وعينا بقوتنا حين نتخطى‬
‫الصعوبات‪.‬‬
‫ما الذي يعنيه لك النجاح؟‬

‫قبل الغوص في أعماق النجاح والبدئ في الرحلة دعنا نتعرف على بعض‬
‫أراء الناس فيه‪.‬‬
‫يقول ليون هو‪ :‬النجاح هو تحقيق األهداف والغايات سواء كان ذلك علم أو‬
‫مال أو سلطة أو نفوذ أو تأثير في حياة االخرين‪ ،‬لكن القاسم المشترك لهذه‬
‫األهداف أنها ال تتحقق بسهولة بل تحتاج الى جهد ووقت كي تتحول لواقع‬
‫ملموس‪.‬‬
‫يقول جاك كانفيلد‪ :‬النجاح هو تحقيق األهداف والوصول إلى ما نريد مهما‬
‫واجهتنا المصاعب والعقبات‪.‬‬
‫ويخبرنا أخرون أن النجاح هو كل إنجاز نفتخر ونرضى به‪.‬‬
‫نظريا النجاح هو الحصول على ما نريد والوصول إلى األهداف المسطرة‪،‬‬
‫لكن عمليا الوصول أو الوقوف على القمة ما هو إال جزء من النجاح وهو‬
‫الجزء الظاهر لألعين وأن ما خفي من عملية النجاح لهو أطول وأهم من‬
‫حيث الفائدة والدروس المستفادة‪.‬‬
‫والنظرة الضيقة إلى النجاح على أنه تلك الثمرة حلوة المذاق فقط لهو ظلم‬
‫وخداع للناس وتزييف للحقيقة‪ ،‬ألن الثمار الحلوة التي نراها ما هي إال‬
‫المنتوج النهائي أو المرحلة األخيرة من مراحل الغرس واالعتناء والحماية‬
‫وغيرها من مراحل إنتاج المحاصيل ومراحل النجاح الطويلة والشاقة‪.‬‬
‫فالنجاح الحقيقي يبدأ من الحلم والفكرة ثم الرحلة الطويلة والشاقة والمملة‬
‫أحيانا من الجد واالجتهاد‪ ،‬لكنها رحلة ممتعة ومحفزة لمن يدرك النهاية‬
‫ويملك اإلرادة المشتعلة للوصول‪.‬‬
‫والنجاح ليس فقط الجزء المادي الظاهر لكنه يحتوي على جزء معنوي‬
‫يتمثل في السعادة والرضى والتقدير الذاتي وهذا الجزء ال يمكن للناس‬
‫رؤيته لذلك ال يهتمون به كما يجب‪.‬‬
‫كما ان القول بأن النجاح هو فقط اإلنجازات التي نحققها ليس قوال صحيحا‪،‬‬
‫ألن مقارنة بسيطة بين إنجازات شخصين في مجال معين مع عدم األخذ‬
‫بعين االعتبار تلك الصعوبات التي واجهها كل واحد فيهما والعقبات التي‬
‫تخطاها أحدهما بالمقارنة باألخر ليس مقارنة عادلة‪.‬‬
‫فالنجاح في حقيقة األمر هو رحلة طويلة وليس موقف في القمة فقط‪،‬‬
‫تحتوي هذه الرحلة على اإلنجازات التي حققها اإلنسان وعلى عدد العقبات‬
‫التي تخطاها‪ ،‬وهي بالضرورة تشمل األحالم واألهداف الظاهرة والمادية‬
‫وكذلك اإلنجازات النفسية والمعنوية‪.‬‬
‫اآلن جاء دورك لتختار التعريف الخاص بك للنجاح‪ ،‬لكن قبل أن تفعل‬
‫دعني أسألك السؤال الجوهري الذي طالما أجاب عنه الناس إجابات ضيقة‪:‬‬
‫هل النجاح هو‪:‬‬
‫المال والثروة والسيارات الفارهة؟‬
‫أم هو الشهرة والتأثير والنفوذ والمكانة لدى األخرين؟‬
‫أم هو الحصول على وظيفة األحالم والتدرج الى أعلى المراتب؟‬
‫أم هو العلم وحصد أعلى الشهادات؟‬
‫أم هو زيارة أكبر عدد ممكن من دول العالم؟‬
‫أم هو بناء عالقات قوية وعميقة؟‬
‫أم هو الصحة وامتالك جسم رياضي يجلب المعجبين والمعجبات؟‬
‫أم هو الراحة النفسية والرضى والتقدير الذاتي؟‬
‫أم هو بناء عائلة وتكوين أسرة ناجحة؟‬
‫عندما تطرح هذا السؤال البسيط تحصل على إجابات مختلفة ومتشعبة‬
‫وبعضها متشاكسة‪ ،‬ألن االنسان في النهاية كائن مركب من عدة أفكار‬
‫وايديولوجيات وطموحات وتجارب مختلفة‪ ،‬فمن كانت له تجربة عائلية غير‬
‫ناجحة يكاد يجزم أن النجاح ال يتعلق إطالقا بالعائلة ومنهم من يرى أن‬
‫النجاح يتمثل فقط في جمع المال وهذا كله راجع للتجربة والخبرات‬
‫واألفكار والطموحات التي يحملها كل واحد منا‪.‬‬
‫ال يمكن أن يجبرك أحد على اختيار جزء واحد من أجزاء النجاح‪ ،‬إنما‬
‫بإمكانك أن تجعل النجاح شامال لكل ما ذكر ومن المعاني التي يجب أن‬
‫تكون واعيا بها حول النجاح ما يلي‪:‬‬
‫أحرص على أن تكون مدرك تماما لفلسفة النجاح المتوازن والحقيقي‪.‬‬
‫عليك أن تدرس جيدا حالتك الذهنية والمادية وطموحاتك في المستقبل‬
‫القريب والبعيد‪ ،‬وأن تدرك جيدا لماذا تريد أن تحقق النجاح المادي والمالي‬
‫في هذا الوقت بدال من التقدير الذاتي أو التحصيل العلمي أو بناء عالقات‬
‫قوية مثال؟ وما قدر النجاح المالي او العلمي الذي تريد تحصيله أو عدد‬
‫البلدان التي تريد ان تزورها؟‬
‫عليك أن تكون واعيا لماهية النجاح أو الحلم الذي تريد أن تحققه ولماذا تريد‬
‫تحقيقه ومتى؟ وما مدى تأثيره على فروع النجاح والحياة األخرى؟‬
‫يجب أن تكون الطريق المؤدية للقمة هي نفسها جزء مهم من رحلة‬
‫النجاح وأن تكون ممتعة حتى لو كانت شاقة‪.‬‬
‫أن يكون هناك توازن في الحياة‪ ،‬فال تفرط في مجالت النجاح والحياة من‬
‫أجل جزء صغير فقط من النجاح‪ ،‬أوعلى األقل أن تحقق الحد األدنى منها‬
‫جميعا ثم أن تتفرغ للمجال الذي تريد أن تنجح وتبدع فيه‪ .‬أي ان ال يكون‬
‫نجاحك في مجالك على حساب حياتك‪ ،‬وان ال يعود بالسلب على الصحة‬
‫وتماسك العائلة أو على حساب الروح مثال‪.‬‬
‫عليك أن تهتم بالنجاح المعنوي كالراحة النفسية والتقدير الذاتي والسعادة‬
‫الروحية كما تهتم بالنجاح الظاهر للناس والمادي‪ ،‬ألن النجاح المادي لوحده‬
‫غير كافي تماما لخلق حياة متوازنة‪.‬‬
‫أن يكون النجاح ذو قيمة وفعالية في المجتمع وأن تستفيد منه شريحة واسعة‬
‫من الناس‪ ،‬وان ال يكون نجاحك وسيلة هدم للقيم ونشر للتفاهة في المجتمع‬
‫وطمس للوعي الذاتي والجمعي بل يجب أن يبقى اسمك مقرونا باإلنجاز‬
‫والفضيلة ألطول مدة ممكنة‪.‬‬
‫أن يكون النجاح نقطة انطالق لنجاحات أخرى وحجر األساس لبناء ال ينتهي‬
‫إال بانقطاع النفس‪ ،‬وأن يكون لماضيك وحاضرك قصص وخبراتك يمكنك‬
‫أن تورثها لغيرك وتكون دافع لهم نحو العمل وتحقيق الذات‪.‬‬
‫عندما تتحقق كل هذه المعاني السامية يمكن أن نسميه نجاحا عظيما‬
‫حقيقيا ومتوازنا‪ ،‬وكلما نقصت منه المعاني كلما كان ناقصا وأحيانا‬
‫معدوما أو فاسدا!‬
‫لماذا تريد أن تنجح؟‬

‫إن الطموح لتحقيق اإلنجازات والوصول لألحالم واألهداف المسطرة هو‬


‫جزء من رحلة النجاح‪ ،‬بل هو جزم مهم جدا‪ ،‬لكن قبل الوصول الى القمة أو‬
‫الحصول على وظيفة االحالم أو تكوين ثروة هائلة أو التمتع بالشهرة‬
‫والتأثير‪ ،‬لماذا تريد الحصول على كل ذلك؟‬
‫ألن الناس يتأثرون بالمشاهير لذا تريد أن تكون مشهورا‪ ،‬أم أنهم يحترمون‬
‫أصحاب الماليين والمليارات‪ ،‬أم أن النياشين والرتب والوظائف القيادية‬
‫تفتح لك المجال للتواصل مع الساسة ومن يسمونهم بكابر القوم وتجعل‬
‫كلمتك مسموعة‪ ،‬هل تريد أن تكون محاميا أوعالما أو طبيبا ألن المجتمع‬
‫والوالين يريدون ذلك ويفضلون هذه الوظائف؟‬
‫عليك أن تكون مدركا للغاية النهائية مما تريد تحقيقه‪ ،‬وأن تكون مقتنعا بأن‬
‫ما تريد الحصول عليه والوصول إليه نابع من داخلك ويعبر عن هويتك‬
‫وقيمك وأنه يساعدك على إيصال رسالتك في الحياة‪.‬‬
‫لست أعنى ان ال تطمح أن تكون عالما أو طبيبا أو رجل أعمال إنما أعني‬
‫أن تكون مقتنعا بما تفعل وما تطمح إليه حتى تصمد وتقاتل من أجله مهما‬
‫كلفك ذلك من تضحيات‪ ،‬أما إذا كان الهدف والطموح من اختيار غيرك فلن‬
‫تمتلك الحماس الكافي والطاقة الالزمة على طول الطريق‪.‬‬
‫إن البحث عن تحقيق الشهرة فقط من أجل الشهرة والترند وتصدر صفحات‬
‫مواقع التواصل االجتماعي وأن تكون هي الغاية في الحياة‪ ،‬أو من أجل أن‬
‫يقول عنك الجميع أنك معروف لدى العام والخاص أو من أجل أن تسلط‬
‫عليك األضواء بدال من أن تكون وسيلة إليصال رسالتك وأفكارك وإصالح‬
‫المجتمع‪ ،‬فإن هذه الشهرة ال تعتبر نجاحا على االطالق‪ ،‬إنما هي حالة نفسية‬
‫وظاهرة اجتماعية يجب دراستها‪ ،‬وما هي إال فقاعة أو بالون منفوخ‬
‫تتالعب به الرياح كما تشاء‪ ،‬عندما تكون الشهرة هي الهدف على حساب ما‬
‫تقدم من أفكار وفضيلة ستجد أنه من الواجب عليك أن تقدم أي سخافة‬
‫للمجتمع كي تكون محل اهتمام‪ ،‬ستكون معبودا للجماهير وعابدا لها طالبا‬
‫مرضاتها في كل وقت‪.‬‬
‫أما إذا كان النجاح هو كتابة روايات سخيفة ومعلومات مضللة غير صحيحة‬
‫وكذب على التاريخ والعلم وقصص وأفكار بليدة ليقال عنك أنك كاتب او‬
‫روائي كل ذلك على حساب نشر الحكمة والوعي‪ ،‬فإنك في الحقيقة ليس‬
‫ناجحا إنما متشدقا بالكلمات والسجع وناشرا للرذيلة ومستحمرا للناس وهذا‬
‫هو الفشل الحقيقي‪.‬‬
‫ألن نجاح الكاتب يقاس بمدى نشره للوعي والحكمة والجمال واألدب في‬
‫مجتمعه ومدى تبسيطه الحياة لألخرين‪ ،‬وأن تكون الكتابة هوية وقيمة عنده‬
‫وليس سلعة كلما زاد الطلب عليها زاد سعرها حتى لو كانت سامة‬
‫كالمخدرات والتدخين‪.‬‬
‫ماذا عن زيارة أكبر عدد من دول العالم وأخذ أكبر عدد من الصور لموائد‬
‫الطعام المختلفة للتباهي بها امام الناس هل هو مظهر من مظاهر النجاح‬
‫العصري؟ يعتبر الكثير من الناس ان النجاح هو السفر والتقاط الصور‬
‫وتزيينها ببعض الفالتر ثم وضعها تحت عنوان براق على االنستاغرام‪.‬‬
‫في الحقيقة ان السفر جميل وله من الفوائد الجمة‪ ،‬مثل التعرف على الثقافات‬
‫المختلفة والتمتع بالمناظر الطبيعية واالستجمام والتعلم وغيرها‪ ،‬لكن أن‬
‫نجعله قمة النجاح بدال من يكون فترة استجمام من حق كل واحد منا أن‬
‫ينالها لهو التعدي عن الحقيقة والواقع والعيش على صفحات المواقع بمظهر‬
‫الغني المترف حتى لو لم تكون هي الحقيقة لهو الهوان بعينه وضعف‬
‫للشخصية‪.‬‬
‫لن اطيل عليك أيها القارئ المحترم ألن األمثلة كثيرة عن النجاح المشوه‬
‫الخالي من المعاني النبيلة والمتخم بالمظاهر الخداعة‪ ،‬ساترك لك المجال‬
‫لتالحظ ذلك على أرض الواقع‪.‬‬
‫إن بعض ممن يعتبرون أنفسهم ناجحين ال يرضون عن أنفسهم إال إذا كثرت‬
‫حولهم الجماهير وازدادت القلوب الحمراء والتعليقات المشجعة من‬
‫المعجبين‪ ،‬وأصحبت منشوراتهم تحظى بالمشاركة‪ ،‬فالنجاح عندهم ينحصر‬
‫في كمية التفاعل (األشخاص عندهم مجرد أرقام) ال في نوعية الخدمات أو‬
‫المنتوج أو الفكرة التي يقدمونها للناس‪.‬‬
‫لم تعد الفضيلة والحكمة هي الغاية وال المعيار لقياس النجاح إنما االنتشار‬
‫والكثرة هي التي تحكم حتى لو كان انتشار للسخافة وانتصار للسفسطة‪.‬‬
‫في المقابل فإن هناك كثير من الناجحين قد عرفوا جيدا قيمة النجاح المادي‬
‫والمعنوي‪ ،‬الظاهر والمستتر‪ ،‬المالي أو الشهرة أو الشهادات أو العالقات‪،‬‬
‫لذا فقد دخلوا مجاالتهم عن دراية وقناعة وإدراك لما ينتظرهم خالل الرحلة‬
‫بل وحتى الغاية التي يريدونها من الرحلة ككل‪.‬‬
‫إنهم يقاتلون من أجل اثبات الذات وصناعة هوية خاصة بهم‪ ،‬يقاتلون من‬
‫أجل نشر الوعي وخدمة المجتمع ومساعدة الفقراء والضعفاء‪.‬‬
‫همهم األكبر الوصول للذات العليا الحقيقية ونشر األفكار الصحيحة‬
‫والصحية في المجتمع وأن يحصلوا على مقعدا لهم في القمة يليق بحجم‬
‫التضحيات التي يقومون بها‪.‬‬
‫أولئك الذين يعتبرون النجاح المادي والظاهر جزء صغير من النجاح وليس‬
‫كله‪ ،‬يعلمون أن الجزء المختفي والمستور من النجاح هو أكثر متعة‬
‫وصالبة واهمية مثل تقدير الذات والتمتع بحل المشكالت وامتالك نفسية‬
‫قوية وصلبة تواجه صعوبات الحياة بذكاء‪.‬‬
‫االن عليك ان تسال نفسك‪:‬‬
‫لماذا تريد أن تكون مشهورا أو نجما؟‬
‫لماذا اخترت أن تكونا عالما أو طبيبا؟‬
‫لماذا اخترت هذه الوظيفة ولم تختر غيرها؟ لماذا تريد أن تحقق النجاح في‬
‫هذا المجال أوال‪ ،‬ثم ذاك المجال ثانيا ‪...‬؟‬
‫إن العيش على طريقتك الخاصة وحسب ما يمليه عليك ضميرك وقلبك هو‬
‫أعظم خدمة تقدمها لنفسها‪ ،‬أما أبشع أنواع الضياع والفشل هو أن تعيش‬
‫حياتك على مقاس المجتمع وأن ترسم لك طريق رحلتك من أناس ال يعرفون‬
‫من أنت وال ما هي طموحاتك وأحالمك‪ .‬لذا أريدك أن تفكر بعمق ماذا تريد‬
‫أن تفعل في قادم السنين وما هي أفضل نسخة منك حتى تتمكن من‬
‫مواصلة الرحلة على الطريق الصحيح‪.‬‬
‫هل تحقيق النجاح سهل وسريع حقا؟‬

‫عندما تدرس حياة أولئك الذين حققوا نجاحات عظيمة ستجد أنهم جميعا قد‬
‫تقدموا بخطوات بطيئة ومتسلسلة وغالبا ما كانت الطريق طويلة‪ ،‬إنهم لم‬
‫يحصلوا على سيارات فارهة ولم يصفق لهم الجمهور ولم يكونوا محترفين‬
‫في أول ظهور لهم على مسرح الحياة‪ ،‬بل إن الطبيعي والمنطقي والسائد أن‬
‫تكون رحلتهم طويلة وشاقة ومليئة بالصعوبات مع ذلك فإنها بسيطة وغير‬
‫معقدة‪ ،‬ما إن تتوفر الشروط الالزمة ويلتزم الشخص بها حتى يبدأ في‬
‫حصاد النتائج‪ ،‬أما النجاح السهل والسريع والضخم ما هو إال مهدئات‬
‫ومسكنات يستعملها تجار النجاح وبائعو األمل المشوه كي يؤثروا على‬
‫الشباب عبر مكبرات الصوت وتحت موسيقى هادئة أحيانا وتحفيزية أحيانا‬
‫أخرى‪.‬‬
‫والمشكلة أنهم (تجار النجاح) هم أنفسهم ال يزالون بعيدين عن النجاح‬
‫الحقيقي الهادف والذي يخدم المجتمع ال يهدمه‪ ،‬فالنجاح عندهم هو عبارة‬
‫عن القاب ومعلومات عامة وأخرى مخالفة للعقل والعلم ينشرونها ويلقونها‬
‫على مسامع الشباب المتحمس والمتعطش للنجاح أو على بعض من فقد الثقة‬
‫في نفسه وأصبحت الهشاشة النفسية عنوان حياته‪.‬‬
‫إن التركيز على التشويق والتحفيز ليس الطريق الحقيقي للنجاح بل إن هناك‬
‫كثير من المفكرين والمبدعين قد أطلقوا على التحفيز اسم "اسطورة التحفيز"‬
‫وذهب بعض منهم إلى أبعد من ذلك وسماه خرافة وأن مكانه الطبيعي هو‬
‫سلة المهمالت كما تقول ميل روبنز‪ ،‬كل ذلك ألنهم يعتقدون أن التحفيز ال‬
‫يتعدى مفعوله بضع دقائق عكس القرار أو التركيز على القيم واالفكار‪.‬‬
‫لست من الذين يقولون بذلك‪ ،‬ألن التحفيز جزء من اللعبة وشرط من شروط‬
‫النجاح يستعمله المبدعون بالطريقة الصحيحة‪ ،‬فالمكافآت والترقيات تزيد‬
‫من إنتاجية الموظفين وتدفعهم للعمل وبدل جهد أكثر‪ ،‬كما أن التحفيز يؤثر‬
‫على مردود الرياضيين المحترفين وأن تشجيع الجماهير له مفعول السحر‬
‫أحيانا‪ ،‬حيث يؤثر تأثيرا إيجابيا على الالعبين‪.‬‬
‫لذا فالتحفيز مهم من فترة ألخرى‪ ،‬لكن أن يكون هو األهم واألبرز في‬
‫طريق النجاح فذلك ما يجعله خرافة ومضيعة للوقت ولعب على عقول‬
‫الناس‪.‬‬
‫علينا أن نعلم جيدا متى نستعمل التحفيز ألنه ال يصلح في جميع الحاالت‪،‬‬
‫وكيف نستعمله ومع من يجب أن نستعمله واختيار الطريقة المناسبة لكل‬
‫شخص ألننا في النهاية ال نحفز بنفس الطريقة‪ ،‬وأن نجعله مرافقا للعمل‬
‫والتعلم واكتساب المهارات حتى ال يصبح كالم هالمي عاطفي ال ترجى منه‬
‫منفعة‪.‬‬
‫والتحفيز ال يكون قبل العمل (إال نادرا) إنما يكون اثناء العمل وبعده وهو‬
‫نتيجة وليس سببا للنجاح في اعتقادي‪ ،‬ألن المهارات والعمل الجاد في‬
‫النهاية هي من تحكم على نجاحنا أو فشلنا بنسبة كبيرة مع ذلك إذا استعمل‬
‫بطريقة معتدلة كمكمل سيكون مفيد جدا‪.‬‬
‫إن أولئك الذين يصرخون داخل قاعات التدريب ويعولون على التحفيز فقط‬
‫كي ينجحوا أو يوهمون الناس بأنهم ناجحون ليسوا أقل قبحا ممن يتالعب‬
‫بالمعلومات والحقائق في قنوات االعالم التابعة لحكومات االستبداد‪ ،‬حين‬
‫تركز على جزء صغير من المشاكل أو تنشر التفاهة بدال من نشر الحقيقة‬
‫والوعي‪ ،‬إنهم جميعا ينشرون الجزء الذي ال يزيد حقا من الحكمة والفهم وال‬
‫ينشرون الحقيقة الكاملة‪.‬‬
‫فهم يخبرونك بأنك ستنجح وستحقق ما حققه فورد وجاك ما وبيل غيتس‬
‫وكريستيانو رونالدو وغيرهم من المشاهير والناجحين في مجاالتهم لكن‬
‫لماذا ال يخبروك عن تفاصيل الرحلة الشاقة والطويلة التي قطعها أولئك‬
‫الناجحون؟ عن تلك المجهودات الجبارة التي يقوم بها هؤالء وتلك السقطات‬
‫واألآلم التي يصادفونها في طريقهم!‬
‫لماذا يركزون على العواطف بدال من مخاطبة العقول ويجعلون النجاح‬
‫وكأنه سلعة في سوق الخضر والفواكه الذي يحاذي بيتك؟ لماذا يركزون‬
‫على رفع األدرينالين ويستعملون المؤثرات وااليحاء بدال من قول الحقيقة‬
‫كما هي‪ ،‬أم أن الجزء األكبر من الحقيقة مر وال يجلب ضحايا العاطفة إنما‬
‫هو لمن يتجرع ولمن يضحي من أجل النجاح على أرض الواقع؟‬
‫لماذا تكثر عناوين الكتب والدورات التي ال توافق العقل وال المنطق وال‬
‫حتى الواقع اإليجابي‪ ،‬وتستعمل التشويق والمبالغة أم أن الهدف مادي ال‬
‫عالقة له بنشر العلم والتقنيات ومساعدة الضحايا؟‬
‫كيف لي أن اقتني كتاب يحتوي على ‪ 80‬صفحة على األكثر يحمل عنوان‪:‬‬
‫تعلم اإلنجليزية (الفرنسية أو اإلسبانية) في أسبوع أو عشرة أيام‪ ،‬لهذه‬
‫الدرجة تستحمرون القارئ ثم ال تجد فيه إال بعض الجمل والحروف‬
‫واألعداد‪ ،‬والحقيقة أن تعلم وإتقان أي لغة لن يكون في أسبوع أو شهر أو‬
‫حتى سنة‪ ،‬فاللغة تحتوي على القواعد والمفردات والنطق والكتابة والسمع‬
‫والقراءة و‪....‬كل هذا في أسبوع عبر كتيب صغير!‬
‫ماذا عن دورة من ‪ 16‬ساعة منها ‪ 3‬ساعات يتكلم فيها المدرب عن نفسه أو‬
‫عن تكاليف الدورة‪ ،‬عنوان الدورة‪ :‬يمكنني أن أغير حياتك يعرض على‬
‫الشاشات العريضة مزين من طرف مصمم محترف‪ ،‬هل فعال هذه‬
‫السويعات تغير حياة شخص أم أن الكالم مبالغ فيه وبشدة؟!‬
‫أو ذلك الكتيب الذي يحمل عنوان‪ :‬كيف تصبح ثريا في بضعة أيام (مهما‬
‫كان عدد األيام) وعندما تقرأ الكتاب تجد أن قوانين المال واإلدخار‬
‫واالستثمار والتسويق والمالية التي درستها في كلية اإلدارة وبعض تقنيات‬
‫الذكاء المالي التي يعتمدها رواد االعمال الحقيقيون قد أصبحت غير مجدية‬
‫وقد حل محلها قانون الجدب والتمني والحب والتشويق وبناء عالقة عاطفية‬
‫مع المال!!!‬
‫أو تلك الدورة التي يجزم صاحبها أنها ستجعل حياتك أكثر استقرارا من‬
‫الناحية العاطفية‪ ،‬ثم تكتشف أنها بعض النصائح العامة الموجودة عبر‬
‫اليوتيوب وغيره!‬
‫ماذا عن السعادة والثقة بالنفس واإليجابية وفن اإللقاء ‪ ،...‬هل يمكن أن‬
‫تكتسبها لمجرد حضورك دورة تدريبية مفعمة باألحاسيس تعتمد على‬
‫المبالغات والتشويق بدال من وضع خطة ومنهجية للعمل والتجربة العملية‬
‫والتعلم واالحتكاك بالخبراء في المجال الذي تريد النجاح فيه واقتحام‬
‫الخوف‪ ،‬هل فعال دورة واحدة أو ساعات قليلة أو كتيب هي الحل األمثل‬
‫لتحقيق األحالم؟!‬
‫إن األمثلة كثيرة عن أولئك الذين يبيعون النجاح السهل والسريع وينشرون‬
‫األمل المشوه والناقص والحقيقة العرجاء‪ ،‬بعضهم ال يعلم خطر ما يبيعه‬
‫وبعضهم يعلم جيدا أنه محتال صغير في سوق الثقافة والحضارة وأن‬
‫وصوله للقمة فيه الكثير من الغموض والتالعب‪.‬‬
‫إن فكرة النجاح السريع تشبه إلى حد بعيد المأكوالت السريعة‪ ،‬تجلبك تلك‬
‫اإلعالنات البراقة واأللوان المرتبة بعناية والشاشات العمالقة والروائح‬
‫الزكية االصطناعية ثم ال يستفيد منها الجسم كثيرا‪ ،‬وستجوع بعد ساعة‬
‫واحدة من أكل الوجبة‪ ،‬بل وإن االكثار منها غير صحي ويشكل خطرا على‬
‫الجسم‪ ،‬حيث الكسل والسمنة وغيرها من األعراض‪ ،‬فالتحفيز والنجاح‬
‫السريع السهل في الحقيقة مكمل فقط وليس وجبات أساسية لمن يريد ان‬
‫يحقق نجاحات طويلة وعظيمة‪.‬‬
‫في حين أن األكل الصحي ال يحدث الضجيج من حوله وكذلك تفعل شروط‬
‫النجاح الحقيقي مثل تحمل المسؤولية‪ ،‬االيمان بالقدرات وحب التعلم‬
‫ومقاومة الملل والتعلم من الفشل ووضع الخطط وامتالك رؤية واضحة‬
‫ومواجهة الواقع بالمثابرة واالجتهاد ال مسايرته وغيرها من الشروط (سوف‬
‫نتناولها بالتفصيل الحقا)‪.‬‬
‫إياك أن تفهم من كالمي أنني من المحبطين كال إني ممن يؤمنون بان‬
‫التفاؤل واألمل واإليجابية وقود النجاح بل وتطويع الواقع وعدم الركون‬
‫للخرافات التي تنتشر في المجتمع حول النجاح وأن السلبية والتشاؤم وعقلية‬
‫أن الظروف ال تسمح واالكتفاء بالشكاوى ولوم العالم الخارجي من أعداء‬
‫النجاح‪ ،‬لكنني أجزم أن المبالغة في التحفيز والتركيز على السرعة والسهولة‬
‫في تحقيق النجاح احتيال‪ ،‬وأن كتيب واحد أو دورة واحدة ليس بإمكانهما‬
‫تغيير حياتك أو قلبها الى رخاء ووفرة وعلم واتقان اللغات وثقة وسعادة‪ ،‬لن‬
‫يتغير شيء في حياتك ما لم تتحمل المسؤولية وتقتحم الحياة وتزداد علما‬
‫وتصقل مهاراتك وتكتسب عادات مساعدة على تحقيق الهدف‪ ،‬كل هذا ال‬
‫يمكن أن يكون سريعا وسهال إنما ستكون رحلة وأنت تعلم ما يمكن ان‬
‫تصادفه في أي رحلة كانت فما بالك برحلة النجاح الطويلة‪.‬‬
‫حتى تتعرف على أولئك الذين يبيعون الكالم ليسوقوا لدوراتهم وكتبهم‬
‫عليك ان تحلل كالمهم جيدا‪:‬‬
‫*إذا كان يخاطب العواطف واالحاسيس دائما (بعض األحيان يمكن مخاطبة‬
‫العواطف واالحاسيس من غير مبالغة) وال يخاطب العقل النقدي والتحليلي‬
‫الذي يخطط ويقوم بدراسة الجدوى ويبحث في أعماق ذاتك وفي أعماق‬
‫الواقع ليتفوق عليه ال ليستسلم امامه كما يفعل أكثر الناس في بيئتك‪.‬‬
‫*عليك أن تسمع جيدا تلك القصص التي يستعملونها‪ ،‬عادة ما يركزون على‬
‫المرحلة األخيرة من رحلة النجاح مرحلة جني الثمار‪ ،‬وال يكادون يذكرون‬
‫الرحلة الطويلة والتحديات التي ال مفر منها لمن يبتغي القمة وكيف واجهها‬
‫المبدعون‪.‬‬
‫*إذا كان المحفز ال يذكر الدراسات واالحصائيات والتجارب العملية الموثقة‬
‫والمصادر انما فقط هي معلومات عامة تصلح لكل شيء فالعم انه يعول‬
‫على جهلك‪.‬‬
‫*إذا كان المدرب يتكلم في كل التخصصات وغير متعمق لكنه يفتي في كل‬
‫المجاالت في الطب والفلسفة واإلدارة وعلم النفس وكل فروع النجاح‬
‫والحياة‪ ،‬فاعلم أنك لن تستفيد كثيرا وأنك ستخرج ببعض المعلومات الثقافية‬
‫وليس المهارات والخبرات العملية التي تمكنك من اقتحام أي مجال‪ ،‬عليك‬
‫أن تختار الخبراء وأصحاب التجارب والتخصص كي تستفيد في حياتك‬
‫العملية‪.‬‬
‫*إذا كان الكالم مبالغ فيه عن الشهادات واالوسمة التي حصل عليها بدال من‬
‫الحكمة التي يريد ايصالها فال تنخدع بسهولة‪ ،‬وأن تبحث عن مصدرها‬
‫ومصداقيتها حتى ال توهم عقلك الباطن بأنك أمام عمالق وأن عليك أن تتقبل‬
‫كل ما يقوله‪.‬‬
‫*االعتماد على الكلمات الرنانة واستعمال السجع أهم عندهم من الوعي‬
‫والحكمة‪.‬‬
‫ما أود قوله هو أن النجاح السريع والسهل غير موجود على أرض الواقع‪،‬‬
‫وأن العظماء ال ينجحون بهده الطرق الساذجة والسطحية‪ ،‬إنما يؤمنون‬
‫بأحالمهم ويمتلكون رؤية واضحة ويعملون طول الرحلة بجد واجتهاد‪،‬‬
‫ويسقطون مرات عديدة يتعلمون من فشلهم ثم يعاودون المحاولة إلى أن‬
‫يحققوا أحالمهم‪ ،‬ورغم الطريق الشاق والطويل فإنهم يستمتعون ويواجهون‬
‫الملل والروتين‪ ،‬في النهاية هم ال يؤمنون بالنجاحات السهلة والوهمية‪.‬‬
‫شعارهم " لو كانت سهلة وسريعة لحقق الجميع نجاحات عظيمة في وقت‬
‫قصير"‬
‫لماذا يفشل السلبيون والمتشائمون؟‬

‫إن إجابة هذا السؤال تكمن فيه‪ ،‬ألن المتشائم عليه أن يفشل وأن النتيجة‬
‫الحتمية لألفكار السلبية هي الفشل واالكتاب والضعف والكسل واإلهمال‪،‬‬
‫فالمتشائم والسلبي ال يرى اطالقا فرصة للنجاح لذا ال يحاول وإذا حاول مرة‬
‫يستسلم بسرعة‪ ،‬إنه ال يتجرأ على الحلم ووضع األهداف فما بالك بتطبيق‬
‫الخطة والعمل الجاد لتحقيقها‪ ،‬إنه شخص مهزوم وثقته بنفسه مزعزعة‪.‬‬
‫المتشائم يرى نصف الكوب الفارغ ونصف الحقيقة المشوه‪ ،‬فيقتنع أنه من‬
‫المستحيل أن ينجح أو يحقق األهداف لذا ال يتعلم وال يصقل مهاراته وال‬
‫يطور من نفسه بل يعتبر كل ذلك مضيعة للوقت وجهد مهدور‪ ،‬والمتشائم‬
‫يمتلك قدرات إنسانية مثله مثل الناجحين منها ما هو ظاهر ومنها ما لم‬
‫يكتشف بعد‪ ،‬لكن التفكير السلبي والعقلية المتشائمة ال تحث على استغالل‬
‫القدرات والرقي بها لكنها تدعو دائما للكسل والضعف‪.‬‬
‫فالسلبية والتشاؤم ال تساعد على بناء إنسان سوي ناضج ومسؤول يخطط‬
‫لحياته ويطمح لتحقيق أحالمه‪ ،‬بل يترك االحداث تتالعب به كما تشاء‪.‬‬
‫لذا على من يريد أن يكون في زمرة الناجحين وأن يحقق أحالمه‪ ،‬أن يبتعد‬
‫عن السلبية والتشاؤم والضعف والكسل وان ال يقترب من المتشائمين‬
‫المحبطين حتى ال يتأثر بهم أو أن يتجاهل اقوالهم تماما حتى إذا كانوا‬
‫يدعون أنهم واقعيون فهم غير ذلك‪.‬‬
‫فال يمكنك أن تشارك أحالمك مع من ال يمكنه أن يحلم أو من ال يمتلك‬
‫الخيال الواسع والغايات النبيلة‪.‬‬
‫عليك أن تبحث عن أصحاب الهمم العالية والنفوس القوية ممن يمتلكون‬
‫أحالما عظيمة وخططا مفصلة لتحقيقها‪ ،‬يقاتلون من أجلها‪ ،‬أولئك الخبراء‬
‫الذين يعتمدون اإليجابية منهجا للحياة واألمل رفيقا للمستقبل ألنهم سيدفعونك‬
‫نحو األعلى وستتعلم كيف تقتنص الفرص وتواجه الصعوبات وتتفوق على‬
‫الواقع الذي يحتج به المتشائمون‪.‬‬
‫المتشائم والسلبي هو شخص جاحد للحقيقة‪ ،‬عدو لألمل‪ ،‬قاتل للموهبة‬
‫ومشجع للكسل والضعف لذا كتب عليه الفشل‪.‬‬
‫خرافات حول النجاح‬

‫تنتشر خرافات كثيرة حول النجاح‪ ،‬سواء تلك التي يبالغ فيها أصحابها أو‬
‫يهولون ويجعلون النجاح متاح للجميع وسهل‪ ،‬أو تلك الخرافات التي تنتشر‬
‫وتؤكد أن النجاح مستحيل وأنه يجب أن تتوفر ظروف مالئمة ومساعدة‬
‫وتسهل على اإلنسان الحصول على ما يريد من دون أن يذكروا لنا اإلرادة‬
‫واختيار اإلنسان والمسؤولية‪ ،‬في هذا الجزء سنتطرق ألهم الخرافات‬
‫ونتعرف على مدى صدقيتها وحقيقتها‪.‬‬
‫النجاح سهل‪ :‬هذه الخرافة منتشرة كثيرا في أوساط الشباب المتحمس‬
‫والعاطفي يتكفل مدربو التنمية الذاتية بالترويج لها‪ ،‬وترتكز على التشويق‬
‫والتحفيز الزائد‪ ،‬يعتقدون أن النجاح سهل جدا وأنه متاح للجميع‪ ،‬لكن هذه‬
‫النظرة السطحية للنجاح غير منطقية ومنافية لقوانين النجاح وتحمل‬
‫المسؤولية‪ ،‬هي نظرة تشجع على الكسل بدال من التحفيز على العمل وتحمل‬
‫المسؤولية والتعلم واالنضباط وعدم االستسالم‪ ،‬ألن الحقيقة البائنة لجميع‬
‫الناجحين أن النجاح يتطلب التضحيات واالحتكاك بالخبراء وعدم إضاعة‬
‫األوقات في الكالم النظري واالنتقال إلى أرض الواقع ومواجهة الصعوبات‪،‬‬
‫فكل ذلك ليس سهال على اإلطالق إنما هو بسيط أي أن تعمل وتتعلم وتتبع‬
‫قوانين النجاح وقانون السببية حتى تحقق النجاح‪ ،‬لكنه ليس مستحيال إنما هو‬
‫طريق يحتاج منا المعلومات والمعرفة لما سنقابله طوال الرحلة واالستعداد‬
‫والمشي خطوة بخطوة‪.‬‬
‫النجاح السريع‪ :‬لقد تطرقنا سابقا لهذه الخرافة وأثبتنا أن النجاح رحلة وليس‬
‫محطة واحدة تحقق من خاللها أحالم الناس‪ ،‬مع ذلك فالنجاح يختلف من‬
‫حيث طول الرحلة من شخص آلخر ومن مجال آلخر‪ ،‬لكنه لن يكون سريعا‬
‫كما يتصور الناس‪ ،‬ألن التجارب والمنطق يخبران بأن الناجحين جميعا قد‬
‫تدرجوا في مراتب الحياة وتحقيق األحالم ولم يحصلوا على االزدهار‬
‫والوفرة والعلم والمكانة من صفقة واحدة أو من عرض واحد على خشبة‬
‫المسرح أو من مباراة واحدة على ملعب الحياة االحترافي‪ ،‬إنما‬
‫باالستمرارية والتطور والتدرج على سلم النجاح‪.‬‬
‫النجاح الكبير والضخم‪ :‬المشكلة في ظاهرة النجاح الضخم والكبير‬
‫واالعتماد على الحجم والكم بدال من الكيف والنوع أنها عالمية‪ ،‬حيث أصبح‬
‫النجاح يقاس بحجم المنزل وسعر السيارة وعدد المعجبين والمتابعين على‬
‫االنستاغرام وغيرها‪.‬‬
‫والنجاح الكمي ال شك جزء مهم من اللعبة الجميلة للنجاح لكن أن نجعله‬
‫المقياس الوحيد للنجاح من دون النظر للنوعية وللمنفعة العامة والخدمة‬
‫وعدم التعدي على االخرين ونشر للرذيلة‪ ،‬لهو مقياس أعرج غير عقالني‪.‬‬
‫ألن النوعية والكيفية والمنفعة أهم في كثير من األحيان من الكمية حتى لو‬
‫كان المجتمع ال يعترف بذلك‪ ،‬فالشاب الذي ينشر التفاهة والسفسطة على‬
‫اليوتيوب أو الشابة التي تنشر صورها المغرية على المراهقين عقليا ويتبعها‬
‫الماليين من المعوقين ذهنيا أو المحرومين عاطفيا ال يمكن أن يقال عنهما‬
‫ناجحين بالمقارنة بالطبيب الذي يسهر على خدمة المرضى في اقصى‬
‫مستشفى في البلد بغض النظر عن متابعيه عبر مواقع التواصل االجتماعي‪،‬‬
‫ألن القيمة والخدمة الجليلة التي يقدمها أكثر نفعا مما يقدمه بعض من‬
‫يسميهم االعالم بالمؤثرين!‬
‫ضف إلى ذلك أن النجاح ليس فقط الضخامة والبريستيج‪ ،‬فقد ينجح االنسان‬
‫في بناء أسرة سعيدة وهذا ال شك أنه نجاح باهر في نظر العقالء لكنه من‬
‫حيث الكمية والضخامة ليس كذلك‪ .‬كما أن مواجهة الصعوبات والخروج‬
‫منها بعقلية وشخصية قوية لهو نجاح مهم رغم ذلك ال يمكن أن يراه الكثير‬
‫ممن يعتنقون فكرة الكمية في النجاح‪ ،‬لذا فالنجاح ال يشترط أن يكون ضخما‬
‫من حيث الكمية والعدد فقط بل يجب أن يكون عظيما من حيث النوعية‬
‫والمنفعة‪.‬‬
‫النجاح ضربة حظ‪ :‬خرافة يستعملها الفاشلون ويلجؤون إليها حتى تكون لهم‬
‫عذرا حيث يخبرون الجميع أن النجاح والناجحين قد حققوا أحالمهم عن‬
‫طريق الحظ أو قد هيأت لهم الحياة الظروف المناسبة للوصول للقمة‪ ،‬لكن‬
‫الحقيقة أن كالمهم غير واقعي وال يمثل الحقيقة في شيء حيث أن الناجحين‬
‫هم أشخاص أمنوا بأنفسهم وراحوا يخططون ويقاتلون من أجل تحقيق‬
‫أهدافهم‪ ،‬فالشاب الذي دخل كلية الطب قد كان يسهر لساعات طويلة‬
‫ويستيقظ قبل الفجر‪ ،‬أما رجل االعمال الناجح فقد كان منهمكا في التخطيط‬
‫واالحتكاك بالخبراء في مجاله وتعلم المحاسبة وإدارة المال والقيادة‪ ،‬في‬
‫حين كان المهندس والمحامي والرياضي المحترف وغيرهم من الناجحين‬
‫منكبون على الرياضيات والقانون وقراءة الكتب وترجمة األعمال المهمة‬
‫وتمارين الضغط والركض وغيرها من التضحيات واالستعداد القتناص‬
‫الفرص حتى يحققوا أحالمهم‪ ،‬عكس أصحاب نظرية الحظ الذين اختاروا‬
‫الشكاوى ولوم الظروف والتعليق السلبي على الناجحين‪.‬‬
‫النجاح لألذكياء فقط‪ :‬هذه الخرافة مردود عليها وغير مقنعة‪ ،‬ألن الذكاء‬
‫لدى كثير من الناس ينحصر في نوعين اثنين هما الذكاء الرياضي‬
‫الحسابي(المنطقي) والذكاء اللغوي‪ ،‬في حين أن الذكاء يحتوي على عدة‬
‫أنواع منها الذكاء العاطفي(الشخصي)‪ ،‬والموسيقي والجسمي واالجتماعي‬
‫والبصري الفراغي والوجودي‪ .‬باإلضافة إلى أن مجاالت الحياة والنجاح ال‬
‫تحتاج كلها للذكاء الحسابي أو اللغوي‪ ،‬فالرياضي المحترف أو البطل‬
‫األولمبي مثال ال يحتاج أن يتقن الرياضيات وفيزياء الكم كما ال يحتاج لغة‬
‫قوية كي يحقق أهدافه لكنه يحتاج الى ذكاء جسماني حركي عالي‪.‬‬
‫النجاح في بيئة متطورة فقط‪ :‬يعتبر الناس هذه الخرافة أكثر واقعية لكنها‬
‫مخالفة للحقيقة وهي واقعية سلبية تنقص من قيمة االنسان وقدرته على‬
‫المواجهة وجعل الواقع والبيئة في خدمته‪ ،‬فالنجاح يمكن أن يحصل في بيئة‬
‫مساعدة ومتطورة كما يحصل في بيئة متخلفة وغير مساعدة بل وأحيانا‬
‫تكون عقبة أمام الناجحين‪ .‬فالنجاح في بيئة متخلفة موجود واألمثلة على ذلك‬
‫ال حصر لها في عالم الرياضة والسياسة والفن والمال فيكفي أن تدرس حياة‬
‫هوندا وجاك ما ومالك بن نبي وبدايات كريستيانو رونالدو ومحترفو كرة‬
‫القدم البرازيليين وغيرهم ممن حققوا نجاحات باهرة في مجاالتهم حتى‬
‫تتعرف على البيئة التي انطلقوا منها وكيف بدأت قصصهم‪.‬‬
‫في المقابل فان السويد وسنغافورة واليابان وغيرها من الدول التي توفر بيئة‬
‫مساعدة للنجاح أو على األقل كافية لتحقيق مستوى مرموق من الحياة‬
‫الكريمة‪ ،‬هذه البيئة لم تشفع لماليين الناس الذين يعانون الفشل واإلحباط‬
‫وغارقون في الديون وعدم تحقيق الذات بل والتشرد والسبب أنهم هم من لم‬
‫يطبقوا قوانين النجاح ولم يستمروا في القتال من أجل أهدافهم أو لم يكن‬
‫لديهم أصال أهداف يعيشون من أجلها واعتنقوا عقلية التهور واالستسالم‬
‫والضعف والكسل وليس بيئتهم المتطورة السبب في ذلك ‪ ،‬فهذه البيئة تساعد‬
‫الفرد على تحقيق ذاته على األقل إذا قارناها بغيرها من الدول‪.‬‬
‫فالمحيط والبيئة المتطورة تساعد الناجحين وتسهل لهم بعض الصعوبات‬
‫وتجعل تكلفة النجاح أقل وتزيد من سرعته أما البيئة المتخلفة فتزيد من‬
‫طول الطريق ومن تكلفة النجاح بالنسبة للناجحين أو تزيد من صالبتهم‪ ،‬في‬
‫حين أن الفاشل الضعيف ال يستفيد من كلتا البيئتين ألنه قد اختار الطريق‬
‫الخطأ من البداية‪.‬‬
‫عليك أن تكون موهوبا حتى تنجح‪ :‬خرافة تستعمل من جملة األعذار التي‬
‫يعشقها الفاشلون وأقل ما يقال عنها أنها غير دقيقة وليس حقيقية‪ ،‬حيث أن‬
‫كثير من الموهوبين قد ضاعت مواهبهم ألنهم لم يقوموا بصقلها وتحويلها‬
‫الى مهارات عالية الجودة‪ ،‬كما أن كثير من الناجحين لم يكونوا من أصحاب‬
‫المواهب العالية إنما كان التعلم والتدريب واالستمرارية واكتساب المعرفة‬
‫والمهارة هو طريقهم نحو القمة‪ ،‬فالموهبة مهمة ومساعدة حيث تجعل‬
‫طريق النجاح أسرع وأقصر وأكثر متعة بالمقارنة بمن ال يملكون الموهبة‪،‬‬
‫لكنها ليس شرطا كافيا للنجاح‪ .‬فالمهارة والعمل الجاد هو من يجعل النجاح‬
‫حقيقة واألمثلة كثيرة على ذلك فقد قيل ان فورد لم يكن ذكي وال موهوب‬
‫لكن شخصيته وحبه للتعلم واحتكاكه بالخبراء والموهوبين من جعله ينجح‬
‫وكذلك بيل غيتس الذي رسب في االمتحانات ثم أسس شركته وجلب‬
‫اصدقاءه االذكياء للعمل في شركته وأبطال الكونغ فو في الصين وكبار‬
‫رجال األعمال وغيرهم‪.‬‬
‫العمر والنجاح‪ :‬يحاول كثير من الناس ربط النجاح بالعمر‪ ،‬حيث يحتقر‬
‫بعض الناس صغار السن ويعتقدون أن كل مجاالت النجاح تحتاج لخبرات‬
‫الحياة وعمر طويل‪ ،‬لكن الحقيقة والواقع يبين لنا أن هناك شباب في سن‬
‫الزهور حققوا احالمهم من غير الحاجة لخبرات حياة طويلة‪ ،‬الن خبرات‬
‫الحياة متفرقة على مجاالت عديدة ومشتتة لكن نجاح الصغار يعتمد على‬
‫تركيزهم على مجال واحد وقضاء ساعات طويلة في التدريب والتعلم‬
‫باإلضافة الى ذلك مساعدة االهل لهم وعدم وجود مسؤوليات لديهم كل ذلك‬
‫يسهل ويساعد األطفال على تحقيق إنجازات معتبرة بل وهائلة‪ ،‬فمنهم رائد‬
‫األعمال الصغير كوري نيفر ورائدة االعمال الصغيرة ميكايال أولمر‬
‫صاحبة فكرة عصير الليمون بالعسل‪ ،‬والشباب المسلمين الذين اتموا حفظ‬
‫القران وتالوته والقراءات المختلفة في سن مبكرة جدا وغيرهم الكثير‪.‬‬
‫على النقيض من ذلك يستسلم كثير من الناس لمجرد تخطي سن معين (‪35‬‬
‫سنة أو ‪ 40‬سنة في الغالب)‪ ،‬حيث يعتقدون أن النجاح يجب أن يحصل‬
‫عندما نكون شبابا ونمتلك حماس وطاقة عالية وهذه خرافة أخرى فالحماس‬
‫وحده غير كافي بل يحتاج للحكمة والخبرة في كثير من األحيان كما أن‬
‫العمر ليس عائقا أمام الحماس والطموح‪ ،‬فالحقيقة أن كثير ممن حققوا‬
‫نجاحات هائلة قد تخطوا األربعين والخمسين والستين من عمرهم مثل‬
‫كنتاكي ورجل االعمال دونالد فيشر والروائي فرانك مالكوت صاحب رواية‬
‫رماد المالئكة وغيرهم الكثير‪.‬‬
‫الخرافات دائما ما يكون مبالغ فيها‪ ،‬فهي منافية للمنطق والحقيقة لذا ال‬
‫تستسلم أمامها وال تركن لمن جعلها عنوانا لحياته‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الطريق نحو القمة‬
‫(رحلة النجاح الطويلة)‬

‫اإليمان بالقدرات‪ ،‬الرغبة المشتعلة‪ ،‬الرؤية الواضحة واألهداف المحددة‬


‫الحلم والخيال الواسع‪ ،‬التركيز والتخصص‪ ،‬النجاح أفعال ال أمنيات‬
‫االنضباط‪ ،‬التعلم المستمر‪ ،‬الجرأة والشجاعة‪ ،‬التفاؤل واإليجابية‬
‫الناجحون فاشلون‪ ،‬االحتكاك بالخبراء والقدوات‪ ،‬خدمة األخرين‬
‫كيف تتعامل مع أعداء النجاح؟‬
‫تمهيد‬

‫لقد ذكرنا بأن النجاح رحلة تحتوي على الفرص والمتعة وبعض الصعوبات‬
‫واالنتكاسات‪ ،‬وقد حاول المفكرون والمبدعون والناجحون في مجاالت‬
‫مختلفة وضع الشروط التي ساعدتهم على الوصول الى القمة‪.‬‬
‫فأتفق الجميع على كثير من الشروط واألسرار ثم راح كل واحد منهم‬
‫يضيف بصمته الخاصة التي يرى انها ساعدته في مسيرته وفي مجاله‪.‬‬
‫هذه الشروط قد يطلق عليها أسماء مختلفة لكن المعنى واحد‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫علم النجاح‪ ،‬فن النجاح‪ ،‬اسرار النجاح‪ ،‬مفاتيح النجاح وغيرها من‬
‫المسميات المختلفة التي يستعملها الفنانون والقادة والرياضيون والكتاب‬
‫والمدربون‪ ،‬وكي أكون صريحا لست أوافق على بعض المسميات ألنها غير‬
‫دقيقة من الناحية العلمية وال العملية (رغم أنها معبرة في بعض األحيان)‬
‫والتي يستعملها أصحابها للتسويق والتشويق وجلب االنتباه‪.‬‬
‫اإليمان بالقدرات‬

‫هو تلك المعرفة العميقة بالنفس والذات الحقيقية لإلنسان‪ ،‬واإليمان بالموهبة‬
‫والجوهر الذي يملكه الشخص تحت كتلة الطين‪ ،‬ثم االيمان بقدرته على‬
‫استخراج هذه اإلمكانات وصقلها حتى تصبح معرفة ومهارات وخبرات‬
‫تدفعه نحو اإلنجاز والتقدم نحو القمة‪.‬‬
‫هذا الشرط ليس واجبا فقط بل هو عماد النجاح‪ ،‬فبدون االيمان بالقدرات‬
‫والثقة بالنفس لن يتقدم االنسان خطوة واحدة الى األمام‪ ،‬فالناجحون جميعا‬
‫يؤمنون بقدراتهم وإمكانياتهم ويمتلكون ثقة عالية بأنفسهم لذا تراهم يواجهون‬
‫الواقع والسلبية المنتشرة في المجتمع‪ ،‬يقاتلون بكل ما يملكون من قوة حتى‬
‫يعتقد الناس انهم متهورون أحيانا‪ .‬يتخذون قرارات جريئة ويمتلكون شجاعة‬
‫كبيرة تؤهلهم وتجعل منهم مقاتلين من أجل النجاح كل ذلك ألنهم يثقون في‬
‫أنفسهم وقدراتهم‪ .‬فالشجاعة التي يمتلكونها مصدرها الثقة وااليمان بالنفس‪.‬‬
‫والناجحون دائما ما يشعرون بالقيمة وبالتقدير الذاتي أمام أنفسهم وأمام‬
‫االخرين‪ ،‬فهم متحكمون في عواطفهم وأفكارهم وسلوكياتهم وانفعاالتهم‪،‬‬
‫يؤمنون بأن النعم والجواهر النفسية والعقلية والجسدية والروحية التي‬
‫يمتلكونها سوف تؤدي بهم الى القمة وهي بالضرورة كافية لدفهم نحو‬
‫احالمهم‪.‬‬
‫أما الفاشلون فال يؤمنون بقدراتهم وال يثقون بأنفسهم‪ ،‬لذا تراهم كسالى‬
‫ضعفاء أمام الحياة‪ ،‬يعتقدون أنهم أقل حكمة وذكاء من االخرين‪ ،‬يعتبرون‬
‫الواقع جحيم ال يطاق‪ ،‬منهجهم في الحياة االستسالم واالنتماء لفريق السلبيين‬
‫الذين يؤمنون بأنهم غير جديرين بالتفوق وأنهم ال يمتلكون القدرات‬
‫واإلمكانات لفعل ذلك‪.‬‬
‫والواثق من نفسه قادر على الخيال ووضع خطط وأهداف كبيرة بالمقارنة‬
‫مع االخرين‪ ،‬كما أنه قادر على مواجهة أولئك الذين يخافون من الحلم‬
‫والطموح‪ ،‬ألنه يعلم أنهم غير قادرين على معرفة ما يمنكه من إمكانيات‪.‬‬
‫لذا فإن اهتماماته دائما منصبة على اكتشاف قدراته واستخراجها حين‬
‫يضحك االخرون عليه‪ .‬واالمثلة على االيمان بالقدرات والثقة بالنفس كثيرة‬
‫في تاريخ البشرية‪ .‬المالكم األمريكي محمد علي كالي كان حتى إذا خسر ال‬
‫تتزعزع ثقته بنفسه وقدراته على الفوز والتربع على عرش المالكمة‪.‬‬
‫أما فورد فرغم الخسائر والفشل لعدة مرات فقد كان واثق بأن سيارته‬
‫ستجوب العالم يوما‪.‬‬
‫وكذا هوندا هذا المهندس الذي كانت الحياة والظروف ترسل له في كل مرة‬
‫ما يحطمه وحلمه لكنه كان واثق جدا من أن أفكاره وقدراته ستنتصر في‬
‫آخر المطاف‪.‬‬
‫عليك أن تكون مؤمنا بقدراتك لحد اليقين وأن تكون ثقتك في نفسك عالية‬
‫لذلك الحد الذي ال يتأثر بالفشل وال بالصعوبات عندها سيكون النجاح‬
‫حليفك طال الزمن أو قصر‪ .‬ولنكون صرحاء إننا فعال نمتلك قدرات كامنة‬
‫تؤهلنا الن نكون سعداء ومحترفون وأغنياء وعلماء وغيرها من النجاحات‬
‫التي نريد أن نحققها‪.‬‬
‫ما عليك إال اكتشاف قدراتك العقلية وستكون مذهوال منها‪ ،‬أو تلك القدرات‬
‫واإلمكانات النفسية والروحية التي يمكن أن تطورها لتواجه مصاعب الدنيا‬
‫بكل قوة‪ ،‬أو عظمة النعم الجسدية التي يمكنك أن تسمو وترفع من فعاليتها‬
‫وقدرتها على اإلنجاز‪ ،‬أنت تملك قدرات جليلة فال تفرط فيها‪ ،‬وال تجعل‬
‫نفسك مرتعا للكسل والضعف والهوان‪.‬‬
‫إن من خلق الحياة وجمالها وفرصها وصعوباتها ومشقاتها هو من خلقك‪،‬‬
‫فمن العدل أن يخلق لك قدرات وإمكانات تساعدك على اقتناص الفرص‬
‫ومواجهة الصعوبات‪ .‬لذا ثق فيه وأعلم انه وضع جوهرا وقوة بداخلك‬
‫وعليك أن تكتشف بنفسك ذلك‪.‬‬
‫الرغبة المشتعلة‬

‫الرغبة المشتعلة في تحقيق االحالم هي إحدى الشروط التي يجب توفرها في‬
‫رحلة النجاح‪ ،‬والرغبة ليس أمنية عابرة يتمناها الشخص ثم تتالشى‪ ،‬لكنها‬
‫التصميم الواعي على تحقيق ما يريده‪ ،‬إنها قرار جازم مفاده القتال من أجل‬
‫تحقيق األحالم‪.‬‬
‫فتأتي الفكرة في المقام األول ثم اإلرادة حيث يبدأ التخطيط والفعل والتطبيق‬
‫على أرض الواقع‪ ،‬أما الرغبة المشتعلة فيجب أن تكون موجودة في جميع‬
‫الحالت ألنها هي الدافع على التفكير والطموح وعلى الفعل كذلك‪ .‬فهي‬
‫مستوى من الطاقة والقوة الجبارة التي مصدرها الشخص نفسه‪.‬‬
‫هي تلك التي تدفع الطالب للسهر والقراءة والبحث المتواصل‪ ،‬هي نفسها من‬
‫تدفع محترف كرة السلة للتمرن والتكرار وتحفزه على ارسال الكرة‬
‫عشرات المرات كل يوم بغض النظر عن إصابة الهدف‪ ،‬وهي تلك الطاقة‬
‫التي تدفع رائد االعمال ورجل المبيعات كل يوم لتقييم يومه الشاق‬
‫ومعامالته الصعبة‪ ،‬وهي التي ترفع من نسبة االدرينالين لإلنسان عندما‬
‫يكون في حالة خطر فيقفز قفزة خيالية هربا أو تصبح قوته أضعاف ما كان‬
‫يمتلك في الحاالت العادية بعشرات المرات‪ ،‬وهذه الرغبة هي أعلى‬
‫الرغبات على االطالق وتسمى رغبة البقاء‪.‬‬
‫ولكي تنجح عليك أن تكون صاحب رغبة مشتعلة تفوق كل المخاوف‬
‫والصعوبات والمشتتات‪ ،‬عليك أن تمتلك رغبة طاغية على جميع فروع‬
‫الحياة‪ ،‬عليها ان تكون قائدة لتصرفاتك وعواطفك وافكارك‪ ،‬دعها ترتقي‬
‫تشتعل حتى تمكنك من المواجهة وعدم االستالم‪ ،‬إنك إن امتلكتها لن يستطيع‬
‫أحد ايقافك‪.‬‬
‫دعني أستفزك‪:‬‬
‫هل تمتلك الحماس الكامل والرغبة الكافية الذين يدفعانك للعمل الجاد حتى‬
‫تصبح رياضيا محترفا؟‬
‫هل الرغبة في ان تصبح رائد أعمال أكبر بكثير من المخاوف على الوظيفة‬
‫واألمان الذي تحصل عليه في منطقة الراحة؟‬
‫هل الحماس والدافع الذين تملكهما كافيان بأن يجعال منك كاتبا متألقا‪ ،‬وباحثا‬
‫متمرسا؟‬
‫مهما كان الهدف والحلم‪ ،‬عليك أن تتسلح بالدافع القوي من الداخل‬
‫والرغبة المشتعلة للوصول‪ ،‬فالرغبة في النجاح في االمتحان والرغبة في‬
‫االستقالل المالي والتمتع بالحرية المالية والرغبة في تغيير حاضر ومستقبل‬
‫االنسان والرغبة في حصد األلقاب هي الوقود الحقيقي لألبطال والناجحين‪.‬‬
‫عندما تكون الرغبة في النجاح كالرغبة في التنفس عندها ستنجح‪.‬‬
‫أما من اختاروا العيش العادي بدال من رحلة النجاح‪ ،‬فيمتلكون امنيات لكنها‬
‫غير مدعمة بالحماس الكافي والرغبة المشتعلة التي تجعلهم مقاتلين من اجل‬
‫تحقيقها‪ .‬إنهم ال يمتلكون الدافع القوي الذي يدفعهم نحو العمل وبدل الجهد‬
‫والتعلم واالنضباط الذي ينقلهم نحو القمة‪.‬‬
‫تحمل المسؤولية‬

‫تحمل المسؤولية هي عقلية األقوياء والناجحين الذين يعترفون بأخطائهم‬


‫ويبحثون دائما عن حلول لمشكالتهم‪ ،‬إنهم ال يلقون اللوم على الظروف‬
‫والمجتمع فيما يخص حياتهم‪ ،‬بل يتحملون المسؤولية الكاملة في سبيل‬
‫تحقيق ما يريدون‪ ،‬ألنهم يعلمون أن االحالم الكبيرة تتطلب مسؤولية‬
‫وتضحيات عظيمة‪ ،‬لذا ال تراهم يضيعون اوقاتهم في خلق االعذار ولعب‬
‫دور الضحية‪.‬‬
‫إنهم يخططون ألهدافهم ثم يبدؤون رحلة تحقيقها والوصول اليها‪.‬‬
‫هذه المسؤولية تعتبر لدى الناجحين حرية‪ ،‬فهم يؤمنون بأن لإلنسان حرية‬
‫اختيار الطريقة التي يعيش بها ويواجه بها الحياة‪.‬‬
‫فمن يختار تحمل المسؤولية عليه ان يكمل بهذه العقلية اإليجابية والروح‬
‫القتالية حتى يتمكن من معرفة حقيقة ما يواجه في طريقه نحو القمة‪ ،‬كما‬
‫يتمكن من اقتناص الفرص واستخالص الدروس‪.‬‬
‫اما من يختار اللوم ولعب دور الضحية فقد اختار الفشل واالنتكاسة‪ ،‬الن‬
‫هذه العقلية تشجع على الكسل وعدم خوض المعركة من األول‪ ،‬فيصبح‬
‫الشخص كتلة من الشكاوى واالعذار وبالتالي يصبح الضعف دستورا للحياة‪.‬‬
‫إن من يريد أن يحقق أحالمه عليه ان يتحمل مسؤولية أفكاره وقيمه‬
‫وعواطفه وسلوكياته‪ ،‬عليه أن يتعرف على نقاط ضعفه وأن يطورها‬
‫ويصلح ما يجب إصالحه منها‪ ،‬وال ينتظر من الظروف أو الوادين أو أي‬
‫عامل من العوامل الخارجية أن تفعل ذلك بدال منه‪ .‬بالمقابل عليه أن يكتشف‬
‫قدراته ونقاط قوته ومواهبه وأن يصقلها حتى تصبح مهارات ومعارف ترفع‬
‫من شأنه وتدفعه نحو القمة‪.‬‬
‫األشخاص الذين يمتلكون عقلية الناجحين يعلمون ان الخسارة التي ألمت‬
‫بتجارتهم كانت نتيجة لقرارات خاطئة او نقص الخبرات‪ ،‬أو لنوعية‬
‫الخدمات السيئة وليس فقط قوة المنافس‪ .‬لذا فهم يعملون على تصحيح‬
‫مسارهم وتجديد أفكارهم وجعل شركتهم رائدة في مجالهم‪.‬‬
‫أما الطالب الناجح فيتحمل نتيجة االمتحانات حتى تلك التي لم يوفق فيها ألنه‬
‫يعلم أن المشكلة األساسية والسبب الرئيسي هو نفسه وليس األستاذ أو‬
‫الظروف‪.‬‬
‫كذلك السياسي الناجح الذي فشل في االنتخابات او في تسيير القطاع الذي‬
‫يديره‪ ،‬يسارع الى تحمل المسؤولية الكاملة وال يستعمل نظرية المؤامرة‬
‫ولعب دور الضحية والقاء اللوم على االخرين‪.‬‬
‫والرياضي المحترف هو من يتحمل مسؤولية إخفاقاته فتراه يجتهد بعد كل‬
‫فشل ويتدرب أكثر من أي شخص آخر‪ ،‬ويحلل أسباب فشله ويستعين‬
‫بخبراء اللياقة والتغذية حتى يتغلب على جميع المعوقات والصعوبات التي‬
‫أدت الى تلك النتائج غير المرغوبة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة الى ان االنسان الناجح يتحمل مسؤولية اختياراته وفشله‬
‫ونجاحه‪ ،‬لكنه يعلم أن هناك بعض الظروف الخارجة عن نطاقه والتي تقف‬
‫أمامه‪ ،‬مع ذلك يتحمل مسؤولية اختيار الطريقة المناسبة لتخطيها‪ .‬فيختار‬
‫تارة المواجهة بقوة وذكاء وأخرى التجنب والمراوغة وثالثة التقبل والتأقلم‪،‬‬
‫فهو إذا يرى نفسه مسؤوال عن نتيجة اختياراته في جميع الحاالت‪ .‬فال يلوم‬
‫نفسه بوجود الظروف الصعبة إنما يقف بجانبها ليساندها ويواسيها حتى‬
‫تخرج من المحنة أكثر حكمة وقوة‪.‬‬
‫في النهاية الناجحون يتحملون مسؤولية حياتهم مهما كانت ظروفهم‪،‬‬
‫ألنهم يؤمنون بأن المسؤولية حرية وأن الحرية كرامة‪.‬‬
‫الرؤية الواضحة واالهداف المحددة‬

‫إذا كنت ال تعرف الى أين تذهب فكل الطرق تؤدي بك الى ال شيء‪ ،‬هذه‬
‫المقولة عليك أن تجعلها مادة من مواد دستور حياتك إن كنت تريد النجاح‪.‬‬
‫فالناجحون يؤمنون بها تماما‪ ،‬حيث يعتبرون الرؤية الواضحة واالهداف‬
‫المحددة بدقة إحدى أهم مقومات النجاح‪.‬‬
‫فالهدف من الحياة هو أن تعيش لهدف‪ ،‬واألشخاص الذين يخططون جيدا‬
‫ألهدافهم الصغيرة والكبيرة‪ ،‬والذين يمتلكون خططا مفصلة لكيفية قضاء‬
‫اليوم واالسبوع والشهر والسنة هم أصحاب اإلنجازات الكبيرة‪ .‬إنهم يقسمون‬
‫أهدافهم الى أهداف صغيرة ومتوسطة وطويلة األجل حتى يتمكنوا من التقدم‬
‫بخطوات ثابتة نحو الرؤية والهدف األسمى‪ .‬أهدافهم مكتوبة بدقة ال يتركون‬
‫مجاال للفوضى والعشوائية في حياتهم‪ ،‬يستغلون كل لحظة في العمل وليس‬
‫في البحث عن شيء يجب فعله مثل االخرين‪.‬‬
‫هذه الخطة المفصلة لألهداف تجعلهم متحكمين في حياتهم وسلوكياتهم‪،‬‬
‫فتدفعهم اإلنجازات الصغيرة نحو األعلى وتزيد من رغبتهم وحماسهم خالل‬
‫رحلتهم نحو ذواتهم ونحو حلمهم‪ .‬إنهم يعلمون جيدا أين يضعون أقدامهم‬
‫التالية وكيف يضعونها ومتى ولماذا ؟!‬
‫فالرؤية والهدف النهائي يقسم الى أهداف صغيرة تحقق على مر األسابيع‬
‫والشهور والسنوات‪ ،‬هذه األهداف الصغيرة هي بالضرورة تخدم الحلم‬
‫والطموح الكبير‪ .‬لكنها لن تكون بتلك الصعوبة التي نتصورها حين نتكلم‬
‫عن األهداف الضخمة‪.‬‬
‫فالموظف الذي يريد أن يصبح رائد أعمال ويتمتع باالستقالل المالي‪ ،‬ال‬
‫يترك الوظيفة بطريقة غير مدروسة بل يبدأ أوال برفع الراتب وزيادة‬
‫االدخار‪ ،‬ثم يتعلم كيفية استثمار المال المدخر وعندما يصبح الدخل الذي‬
‫يحصل عليه من االستثمار يغطي التكاليف ويدخر منه‪ ،‬عندها يتفرغ للعمل‬
‫الخاص ويستمتع بالحرية المالية بل ويطور عمله ليصبح رجل اعمال ناجح‬
‫ويستفيد منه المجتمع‪ .‬تقسيم الحلم الى أهداف صغيرة يزيد من احتمالية‬
‫تحقيقه ويزيد من الدافع والحافز الذين يدفعان الشخص للعمل‪ ،‬فال يمكن أن‬
‫يحدد الموظف تحصيل مليون دوالر بعد ‪ 6‬شهر فيصبح الهدف بال معنى‬
‫وغير واقعي وغير قابل للتحقيق‪ ،‬لكن ان يحدد ‪ 5‬سنوات للحصول على‬
‫مليون دوالر لموظف يتقن االدخار واالستثمار سيصبح الهدف قابل‬
‫للتحقيق‪.‬‬
‫أما الطالب الذي يطمح أن يكون طبيبا او مهندسا أو كاتبا ناجحا عليه أن‬
‫يمتلك رؤية واضحة لتحقيق ذلك‪ ،‬أن يجتهد في الثانوية وأن يحصل على‬
‫معدل عالي ويتعرف على ما يحتاج وما يجب فعله حتى يتمكن من النجاح‬
‫ومن التواجد في القمة‪.‬‬
‫ولكي تكون األهداف حقيقية وليس أمنيات غير مدروسة يجب اتباع طريقة‬
‫‪: SMART‬‬
‫‪: Specific‬‬
‫أي أن تكون األهداف محددة بدقة وليس أهدافا عامة‪ ،‬عليك أن تحدد‬
‫الوظيفة التي تريدها او الشخصية التي تريد ان تمتلكها او المبلغ المالي الذي‬
‫تريد الوصول اليه‪ ،‬او الميدالية التي تريد تحقيقها حتى تتمكن من إيجاد‬
‫الطرق والوسائل التي تساعدك في رحلتك‬
‫‪: Measurable‬‬
‫أي أن تكون األهداف قابلة للقياس‬
‫‪:Attainable‬‬
‫أي أن تكون صعبة ولكن قابلة للتحقيق‪ ،‬فال يمكن أن نضع أحالم خيالية‬
‫تخالف طبيعة االنسان وقوانين الكون‪ ،‬أن تصبح مليونير أو صحفي متميز‬
‫أو عالم أو بطل أولمبي فكل هذه األهداف قابلة للتحقيق‪ ،‬أما االحالم الوردية‬
‫التي تخالف الطبيعة فال تعتبر أهدافا في األصل بل تخيالت‪.‬‬
‫‪: Relevant‬‬
‫وتعني أن تكون األهداف ذات صلة بحياتك‪.‬‬
‫‪: Time-based‬‬
‫أن تكون األهداف مرتبطة بتوقيت نهائي‪ ،‬فال يمكن أن تقول سأكون كاتبا أو‬
‫سأصبح العب كرة قدم محترف‪ ،‬عليك أن تحدد متى ستحقق هذا الهدف‪.‬‬
‫هذه الطريقة يمكنها أن تساعدك وتجعل اهدافك أكثر وضوحا ودافعية‪.‬‬
‫ويضيف بعض الكتاب للكلمة عرفين حتى تصبح أكثر تعبيرا عن اإلنجاز‪.‬‬
‫‪SMARTER‬‬
‫‪: Eenthusiatically‬‬
‫أي أن تكون اهداف حماسية ال أهداف عادية تتحقق لمجرد أن يضحي‬
‫االنسان بعض التضحيات التي تعتبر في متناوله‪ ،‬بل يجب ان تكون أهداف‬
‫فيها بعض التحديات تدفع االنسان للبحث والتضحية والتطور في كل خطوة‬
‫من خطوات رحلته‪.‬‬
‫‪: Reward‬‬
‫أن تكون هذه األهداف في حد ذاتها جائزة حيث تزيد من التقدير الذاتي‬
‫والثقة بالنفس وتحقق السعادة والرضى عن الذات‪.‬‬
‫هذه الطريقة الجادة في التعامل مع أحالمنا وأهدافنا تعتبر أكبر محفز لنا‬
‫للعمل واالجتهاد والتركيز على ما نريد تحقيقه والبعد عن تضييع الوقت‬
‫والطاقة والجهد‪ ،‬ألن كتابة األهداف ووضع خطة ومنهجية لتحقيقها يبعدنا‬
‫عن التشتيت والتسويف وبالتالي يزيد من احتمالية تحقيقها‪ .‬لذا على من‬
‫يطمح للوصول الى القمة أن يحرص على وضع أهداف محددة ورؤية‬
‫واضحة تدفعه نحو العمل واالجتهاد وأن يجعل لحياته قيمة‪ ،‬بدال من اتباع‬
‫االحداث والفوضى والعشوائية‪.‬‬
‫الحلم والخيال الواسع‬

‫يمكن لألشخاص العاديين تحقيق أهداف عادية ال تحتاج سوى بعض‬


‫التضحيات وقليل من التحدي‪ ،‬ومن هذه األهداف كسب قدر قليل من المال‬
‫يكفي للعيش ودفع التكاليف‪ ،‬أو تكوين عائلة صغيرة وتوفير بعض‬
‫الضروريات ألفراد عائلته‪ ،‬أو تحصيل شهادة جامعية تؤمن له وظيفة في‬
‫سوق العمل‪.‬‬
‫كل هذه األهداف تعتبر نجاحات ال يستهان بها بل هي األساس ومنها البداية‬
‫واالنطالق‪ ،‬لكن من يريد أن يصل للقمة حيث المستويات العليا من الحياة‬
‫والنجاح التي يمكنها خدمة أكبر عدد من الناس فعليه أن يكون صاحب خيال‬
‫واسع وان يمتلك حلما كبيرا يقاتل من أجله‪ ،‬فالموظف العادي يمكنه أن يحلم‬
‫بأن يكون مستقل ماليا وأن يكون رائد أعمال‪ ،‬وبالتالي يساهم في تقليل‬
‫البطالة عن طريق توظيف أكبر عدد ممكن من الناس‪ .‬أو ذلك الشاب الذي‬
‫يطمح للحصول على شهادة جامعية تساعده على الحصول على منصب‬
‫عمل يمكن ان يكون ذلك الشاب الطموح الذي يمتلك حلم االختراع وأن‬
‫يكون باحثا أو عالما‪.‬‬
‫فالحلم والطموح والخيال يجب أن يتخطى السائد في المجتمع بل يجب أن‬
‫يحتوي على التحديات ويتخطى الواقعية‪ ،‬فمن يريد أن يدخل عالم النجاح‬
‫عليه أن يتطلع لما ال يتطلع اليه أغلب الناس‪ ،‬هذا المستوى من الطموح‬
‫والحلم هو نوع من تقدير الذات ومعرفة القدرات التي يمتلكها االنسان‪.‬‬
‫إن الناجحين هم أصحاب أحالم كبيرة وخيال واسع‪ ،‬إنهم يمتلكون أفكارا‬
‫مجنونة داخل عقولهم لكنهم يؤمنون بأن كل ما يمكن تخيله في العقل الباطن‬
‫يمكن تحقيقه على أرض الواقع‪ ،‬لذا كان اينشتاين يقول إن الخيال أهم من‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫وكريستيانو رونالدو لما بلغ سن ‪ 18‬كان يخبر زمالءه في الفريق بانه‬
‫سيصبح أفضل العب في العالم بينما كان الجميع يضحك‪ ،‬ارنولد شوازنيجر‬
‫أحد أهم ابطال كمال االجسام والممثل الناجح في هوليود فقد كان يخبر‬
‫والديه بأنه سيصبح بطال عالميا في رياضة كمال االجسام بينما كانا يريدانه‬
‫أن يصبح ضابطا وأن حلمه بعيد المنال‪ .‬الممثل البلجيكي الشهير جون كلود‬
‫فندام سأله أحد الصحفيين عن بداياته في أمريكا‪ ،‬فقال لقد عملت موزعا‬
‫للبيتزا ثم سائق ليموزين لكن حلمي كان مرسوما منذ استقلت الطائرة في‬
‫بروكسل متجها نحو أمريكا‪ ،‬كنت ال أرى نفسي اال ممثل هوليود حتى‬
‫عندما كنت أوزع البيتزا كنت اتصرف كممثل ناجح‪.‬‬
‫عليك أن تتعلم كيف تواجه ذلك العقل الذي ال يتقبل الخيال وال يؤمن‬
‫باألحالم الكبيرة‪ ،‬إن مهمته التخويف ووضع الحدود الوهمية وحبس افكارك‬
‫المبدعة‪ ،‬هو هكذا ال يتجرأ على التفكير خارج الصندوق وال يحب أن‬
‫يخرج من منطقة الراحة الى مرحلة النمو والتطور‪ .‬لست أقول إن العقل‬
‫التحليلي والنقدي غير مهم لكنه أحيانا يبالغ في التخويف‪ ،‬لذا علينا أن نبحث‬
‫عن التحديات وأن نمتلك التفكير الطموح حتى يتعود على التعامل معها بدال‬
‫من السير مع القطيع والعيش في منطقة الراحة‪.‬‬
‫دعنا نضع النقاط على الحروف ونكتب أحالمنا وأفكارنا الطموحة التي‬
‫تجول في عقولنا حتى لو كانت تواجه اعتراضات من التجارب السابقة‬
‫واألفكار السلبية والواقع المرير والكسل وغيرها من المتربصين‪.‬‬
‫ما هو أكبر إنجاز يمكنك تحقيقه؟ ما الحلم الكبير الذي يحرك أحاسيسك‬
‫ووجدانك؟‬
‫ما هي الحدود الوهمية التي يحتج بها عقلك كلما أردت ان تخرج من منطقة‬
‫الراحة لمنطقة التطور والتعلم؟‬
‫من الفرق بينك وبين ذلك النجم أو الشخص الذي طالما اعتبرته ملهما لك؟‬
‫لما ال تتجرأ على الحلم والخيال الواسع؟‬
‫لما ال تبحث عن تحديات تليق بمقامك وقدراتك؟‬
‫ما أهدف اليه بعد طرح هذه االسئلة هو أن نفكر جميعا كبشر أحرار‬
‫وأصحاب قدرات جبارة‪ ،‬وأن نتخلى على التفكير االوتوماتيكي الذي ورثناه‬
‫من المجتمع والعائلة والمدرسة‪ ،‬إننا نمتلك تماما عقوال وقدرات كتلك التي‬
‫يمتلكها المبدعون والفنانون واالبطال والنجوم‪ ،‬فما علينا اال أن نخرج من‬
‫تلك الحالة الكارثية التي نعيشها بحجة أن الجميع يفكر هكذا وأن ننتقل الى‬
‫الحالة األكثر تحديا ومسؤولية وحرية‪.‬‬
‫يجب ان ال نقبل بما دون قيمتنا اإلنسانية واآلدمية‪ ،‬علينا أن نحلم أحالما‬
‫كبيرة تليق بمقامنا‪ ،‬وان ال نسمح ألي كائن كان أن يعترض على‬
‫طموحاتنا أو يستنكر خيالنا الواسع‪.‬‬
‫التركيز والتخصص‬

‫عند دراسة حياة المبدعين والفنانين والقادة والرياضيين المحترفين‪،‬‬


‫ستكتشف سرا مهما يتبعونه جميعا‪ ،‬هذا السر هو التركيز والتخصص‪،‬‬
‫فالناجحون عندما يخططون ألهدافهم ويرفعون من سقف طموحاتهم يعلمون‬
‫جيدا أن االحالم الكبيرة تحتاج منهم وقتا وجهدا وطاقة ومثابرة‪ ،‬وألن الحياة‬
‫ال تكفي إلتقان جميع المجاالت وأن التشتت ال يؤدي الى نتائج عظيمة‪،‬‬
‫يركزون على مجال يعشقونه ويستمتعون به‪ ،‬فيدرسون جيدا قدراتهم‬
‫وإمكانياتهم الظاهرة والمختبئة تحت طينهم‪ ،‬الجسدية منها والعقلية والنفسية‬
‫والروحية والمتعلقة بالبيئة الخارجية ومدى مالءمتها للمجال الذي اختاروه‪.‬‬
‫بعد االختيار والتأكد من أن هذا المجال مالئم للقدرات‪ ،‬يبدأ التركيز والبحث‬
‫عن التطور والنمو واالحتكاك بالخبراء‪.‬‬
‫على من يريد أن يصبح رقما صعبا في الحياة أن يتخصص وأن يركز على‬
‫مجال واحد بل عليه أن يجعل هذا المجال الجزء األهم في حياته‪ ،‬وأن تكون‬
‫أهدافه وأحالمه مرتبطة به حتى يتمكن من إتقان ومعرفة التفاصيل وأن‬
‫يرتقي لمرحلة الخبير والمحترف‪.‬‬
‫ولمجرد أن نقوم بجولة على صفحات التاريخ والحاضر سنالحظ أن‬
‫أصحاب القمم قد ارتبطت أسماهم بمجال معين وقد كرس كل واحد منهم‬
‫حياته لخدمة هذا المجال‪ .‬وقد علمنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم كيف‬
‫نتخصص ونعطي للتركيز أهمية كبيرة‪ ،‬حيث يوزع المهام على أصحابه‬
‫قادة عسكريين مثل خالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب وفقهاء بالحالل‬
‫والحرام مثل معاذ بن جبل ورجال أعمال مثل عثمان بن عفان وعبد‬
‫الرحمن بن عوف وغيرهم‪.‬‬
‫كما أن جولة صغيرة في عالم الفن والرياضة والعلم والفلسفة تجعل من‬
‫التركيز والتخصص شرطا الزما للنجاح الباهر‪ ،‬فبروس لي ملك فنون‬
‫القتل‪ ،‬مالك بن نبي أستاذ الحضارة وباقر الصدر الفيلسوف القدير والقائمة‬
‫طويلة‪.‬‬
‫هل تريد أن تحقق إنجازات باهرة في حياتك؟ عليك إذا بالتخصص وأن‬
‫تركز على ذلك المجال الذي تنتمي إليك نفسيا وعقليا وجسديا وينتمي إليك‬
‫كذلك‪ ،‬خصص نصف وقتك ومالك وطاقتك وقراءتك لهذا المجال‪ ،‬عليك أن‬
‫تتعلم كل جديد وأن تتابع كل األفكار والنظريات حوله‪ ،‬حتى تتمكن من‬
‫الدخول في العمق وتكوين ثروة معرفية ومهارة عالية وخبرات تدفعك نحو‬
‫القمة‪.‬‬
‫على العكس من ذلك إن كنت مشتتا ووقتك مفرقا على مجاالت كثيرة‬
‫ومتباعدة ربما ستحقق نجاحات عادية متوسطة من حيث التأثير وغير عميقة‬
‫من حيث المعرفة والمهارة‪ ،‬في هذه الحالة لن يكون هناك وقت كافي إلتقان‬
‫كل المجاالت وال اإلمكانات كافية لممارستها‪ ،‬وستفوت على نفسك فرصة‬
‫أن تكون خبيرا في مجال معين لكن ستكون صاحب ثقافة في الحياة ال أكثر‪.‬‬
‫عليك أن تتخلى عن فكرة كل شيء أو ال شيء‪ ،‬ألنها فكرة غير منطقية وال‬
‫واقعية‪ ،‬وأن تعلم بأن الحياة ال تكفي لتكون خبيرا في كل شيء‪.‬‬
‫لكن ال تقلق فإنك عنما تتخصص وتركز على مجال معين سيكون نجاحك‬
‫باهرا‪ ،‬حتى أنه سيسهل عليك تحقيق ذاتك في مجاالت أخرى‪ ،‬كما يمكنك‬
‫أن تخصص الوقت والطاقة واإلمكانات المتبقية على مجاالت الحياة األخرى‬
‫وستزداد ثقافتك حولها ولن تحتاج للتعمق فيها جميعا‪.‬‬
‫النجاح أفعال ال أمنيات‬

‫الناجحون في النهاية هم أشخاص يؤمنون بالعمل وتطبيق أفكارهم على‬


‫أرض الواقع‪ ،‬إنهم ال يتمنوا النجاح إنما يقاتلون من أجله‪ ،‬يفعلون كل ما‬
‫بوسعهم حتى تتحقق أحالمهم بل في كثير من األحيان يفعلون ما يراه‬
‫اآلخرون مستحيال حتى يحققوا الممكن‪ .‬فاألمنيات الجميلة البراقة ال تدفع‬
‫صاحبها الى العمل والنزول للواقع والتجربة وبناء العالقات والفشل والتعلم‬
‫إنما هي أحالم وردية يلجأ اليها الناس حين ال يقدرون على المواجهة‪ .‬أما‬
‫االحالم الحقيقية هي التي تترجم في مخابر العلم من طرف الطالب حيث‬
‫يقضون الساعات الطويلة في التجربة والتعلم أوعلى أرضية المالعب من‬
‫طرف الالعبين المحترفين حيث يتدربون ‪ 6‬ساعات يوميا ويحافظون على‬
‫النوم واالسترجاع واالكل الصحي أو على خشبة المسرح للخطباء‬
‫والمبدعون حيث يستهلكون الساعات على التدريب والعرض أو في المكاتب‬
‫حيث يجلس رائد األعمال ساعات طويلة يتعلم قوانين االدخار واالستثمار‬
‫والتسويق والمحاسبة والمالية وإدارة األشخاص وقس على ذلك في أي‬
‫مجال‪.‬‬
‫هذه التضحيات هي عبارة عن مستوى فكري وعقلية احترافية وقوة عزيمة‬
‫يمتلكها أصحاب نظرية العمل واالنضباط أساس النجاح‪ .‬ألنهم يؤمنون بأن‬
‫النجاح أفعال وليس أقوال‪ .‬لذا على من يريد أن يحجز مكانا هناك في القمة‬
‫أن يتحلى بهذه العقلية وأن ينزل الى عالم التقلبات والواقع الذي تشيد على‬
‫أرضه جسور النجاح‪.‬‬
‫أرنولد شوازنيجر كان يعمل في مجال البناء ويمارس الرياضة لساعات‬
‫ويدرس مساءا‪ ،‬عمل جاك ما مرشدا سياحيا لمدة ‪ 8‬سنوات حتى يتمكن من‬
‫اتقان اللغة اإلنجليزية وقد تفنن الناجحون في االجتهاد والعمل الجاد لتحقيق‬
‫ما يريدون تحقيقه وللوصول للمراتب العليا في مجاالتهم‪.‬‬
‫النجاح يا صديقي يتطلب منك أن تفعل المستحيل حتى تحصل على الممكن‪،‬‬
‫وأن تقدم ‪ %200‬عمل حتى تحصل على ‪ %100‬من النتائج‪.‬‬
‫إن األفكار الجميلة والمبدعة واالمنيات والطموحات العالية ال معنى لها إذا‬
‫لم تطبق على أرض الواقع‪ ،‬لذا على من ينشد الريادة أن يهجر الوسادة وأن‬
‫تكون أفكاره فعالة مترجمة لسلوكيات منتجة وأن تحدث أفعاله ضجيجا أكثر‬
‫مما تحدث أقواله‪ .‬ألن ما نقوم به يعلو صوته بشدة لدرجة أن الناس ال‬
‫تسمع ما يقوله‪.‬‬
‫االنضباط‬

‫هذا الشرط يعتبره كثير من الكتاب والمبدعين أهم شرط من شروط النجاح‪،‬‬
‫ألنه يعتبر األكثر صعوبة وإنتاجية‪ ،‬فيمكن ألي إنسان أن يحلم ويطمح‬
‫ويخطط ويتخصص في مجال معين لكن أن يستمر ويلتزم بفعل عادات‬
‫وسلوكيات يومية لمدة زمنية طويلة وسط الصعوبات والملل لهو حقا شيء‬
‫صعب‪ .‬لذلك يؤكد أصحاب القمم أن تقسم الرؤية والهدف الكبير الى أهداف‬
‫صغيرة وعادات يومية يمارسها الشخص ويتقدم من خاللها نحو اإلنجاز‬
‫الكبير‪.‬‬
‫فالروتين والتكرار الذي يقرب الشخص خطوة كل يوم نحو هدفه األسمى‬
‫يعتبر دافعا ومحفزا بل وممتعا للناجحين ألنهم يؤمنون بأن القمة تقترب‬
‫منهم كلما أحرزوا إنجازا صغيرا وهدفا أقل تحديا‪ ،‬لكن الفاشلون يعتبرون‬
‫التحدي الصغير واالهداف الصغيرة مملة وال تقربهم ألي شيء فال‬
‫ينضبطون وال يلتزمون بخطة وال يحبون الرحلة أنما هم مستعجلون‬
‫متسرعون يبحثون عن اإلنجاز الباهر السريع‪.‬‬
‫فاالنضباط وااللتزام بالخطة واالستمرار في العمل هي وقود النجاحات‬
‫الصغيرة التي تحقق في فترات قصيرة وتحتوي على تحديات صغيرة يوميا‪،‬‬
‫أما اإلنجاز الكبير فما هو إال تراكمات لالنضباط والعادات اليومية‬
‫واألسبوعية والشهرية التي يبنيها االنسان‪ .‬كما أن الحالة الكارثية التي‬
‫يعيشها الفاشلون والضعفاء الكسالى هي عبارة عن تراكمات للعادات القبيحة‬
‫والسيئة التي تبنوها ومشوا عليها لمدة طويلة‪.‬‬
‫فالرياضي المحترف قد بدأ كهاوي ومع التدريب المستمر واالنضباط‬
‫اليومي كان يتقدم خطوة بخطوة نحو االحتراف‪ ،‬وكذا العالم والخبير فقد‬
‫كانت بدايتهم كمتعلمين صغار ال يفقهون في مجاالتهم إال القليل‪ ،‬لكنهم‬
‫استمروا في االستثمار في عقولهم وأنفسهم‪ ،‬لقد اكتسبوا عادة المطالعة‬
‫والبحث لمدة ‪20‬دقيقة يوميا ثم زاد التحدي مع مرور األسابيع حتى أصبحت‬
‫الدقائق ساعات‪.‬‬
‫في المقابل ذلك الذي أدمن المخدرات‪ ،‬لم يكن مدمنا في البداية لقد بدأ‬
‫بسيجارة واحدة من باب الفضول ومع األسف تعود على ذلك حتى أصبح‬
‫النيكوتين والهيروين جزء من حياته وحلت الكارثة‪.‬‬
‫هل انتهى االمر بالنسبة له ولم يعد هناك أمل في تغيير هذه العادات‬
‫السيئة؟‬
‫من يخبرك بأن االمر مستحيل وان اإلدمان ال عالج له وأن العادات السيئة‬
‫ال يمكن تغييرها فهو غافل عن القوة التي بداخله وداخلك‪ ،‬ال توجد عادة‬
‫سيئة ال نقدر على التخلص منها واستبدالها بأخرى راقية ومفيدة‪.‬‬
‫فمن يريد فعال ان يتوقف عن التدخين فلن يقف أمامه أحدا إال إذا كانت‬
‫إرادته ضعيفة ونفسيته هشة ولم يتخذ األسباب التي تبعده عن التدخين‬
‫واالدمان‪ .‬عليه أن يبتعد عن مصدر العادة من بيئة واشخاص ومسبباتها‪ ،‬ثم‬
‫يبحث عن عادة جيدة تحل محلها ومناخ مساعد ومحفز على بناء عادة جديدة‬
‫وان يتصل بخبراء يساعدونه على تخطي محنته كل ذلك يتطلب إرادة‬
‫حقيقية تدفعه للبحث عن الحلول‪.‬‬
‫فاالنضباط ينتج عنه استغالل الوقت واالقتراب نحو الهدف النهائي بخطوات‬
‫ثابتة وزيادة الثقة بالنفس كلما حققنا انجاز صغير وتخطينا عقبات وتحديات‬
‫أعلى في كل مرة‪ ،‬ويساعد على بناء شخصية قوية تتحمل المسؤولية‪ .‬كما‬
‫يمكنه ان يزيد من المعرفة والتعلم واكتساب عادة االدخار واالستثمار‬
‫والكثير من الفوائد التي يجنيها كل من يرغب في الوصول للقمة في أي‬
‫مجال‪ .‬فإنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم‪.‬‬
‫التعلم المستمر‬

‫رحلة النجاح هي عبارة عن مراحل وخطوات من اإلنجاز والتعلم‪ ،‬لذا‬


‫فالناجحون إذا حققوا ما يريدون ال يتوقفوا عن التعلم والبحث عن تحديات‬
‫أخرى تنقلهم لمستويات أعلى من حيث المعرفة والتعمق في فهم الحياة‪،‬‬
‫فرجل األعمال الذي حقق الماليين أو المليارات لم تعد طموحاته تنحصر‬
‫على زيادة ماليين أخرى إنما تشمل زيادة التعلم واالستمرار في خلق آفاق‬
‫جديدة واكتشاف شيء جديد‪ ،‬كذلك الفيلسوف والحكيم ال يتوقفان عن التعلم‬
‫مهما كانت إنجازاتهما‪.‬‬
‫يعتقد الناجحون أن التعلم ال يتوقف إال إذا انقطع النفس‪ ،‬أما اإلنجازات فليس‬
‫نهاية الرحلة بل زيادة المعرفة والتعلم المستمر والبحث العميق في الذات‬
‫الحقيقية‪ .‬كما أنهم يعتبرون الفشل واإلخفاق جزء من عملية النمو والتعلم‬
‫واستكشاف طرق جديدة للعيش واإلنجاز‪.‬‬
‫يعتبر اينشتاين التوقف عن التعلم هو بداية الموت‪ ،‬فال يمكن أن نكون أحياء‬
‫من دون أن نكون في حالة تعلم مستمر‪ ،‬أما تيموثي فيرس صاحب كتاب‪:‬‬
‫أربع ساعات عمل في األسبوع فيقول ان تعيش يعني أن تتعلم أنا ال أرى‬
‫خيار آخر‪.‬‬
‫الجرأة والشجاعة‬

‫الشجاعة والجرأة تعني المواجهة وعدم االستسالم‪ ،‬هي صفة نبيلة تدفع‬
‫االنسان نحو العمل وتجعل الخوف رفيقا له في رحلته‪ ،‬فالجرأة على اقتحام‬
‫الحياة هي صفة األقوياء الذين يخططون ثم يقررون العمل بكل جسارة‬
‫والشجاعة هي أن يضع الشخص كل أفكاره على أرض الواضع رغم‬
‫مخاوفه‪.‬‬
‫يتميز الناجحون بالجرأة والشجاعة في التعبير عن أفكارهم التي يعتبرها‬
‫المجتمع مجنونة‪ ،‬يمتلكون الشجاعة ليتعرفوا على المصاعب والتحديات ثم‬
‫الجرأة على اتخاد القرارات الصعبة لمواجهتها‪ ،‬هذه القرارات تعتبر‬
‫مخاطرة في نظر كثير من الناس إال أنها مخاطرة محسوبة ومخطط لها‬
‫جيدا‪ ،‬ذلك القرار الذي اتخذه رجل األعمال روبرت كيوساكي حين ترك‬
‫وظيفته التي تدر عليه دخال معتبرا ودخل عالم البزنس‪ ،‬أو تلك المخاطرة‬
‫التي يدخلها رجل السياسة لخوض تجربة االنتخابات أمام مرشحين أقوياء‪،‬‬
‫أو ذلك القرار الجريء الذي اتخذه صديقك حين قدم االستقالة وسافر لدولة‬
‫أخرى وغير حياته بالكامل‪.‬‬
‫والشجاعة التي أحدثك عنها ال تعني التهور وعدم التخطيط بل تعني مواجهة‬
‫المخاوف الوهمية التي تدور في عقلك أو في بيئتك‪ ،‬وهي بالضرورة تعتمد‬
‫على استشراق المستقبل ودراسة الحاضر واالستفادة من الماضي لكنها ال‬
‫تركن للواقع المرير بل تجعله في خدمتها وتغيره كلما سنحت لها الفرصة‪.‬‬
‫أما الفاشلون لألسف هم أشخاص ال يمتلكون الجرأة ودائما ما تكون‬
‫قراراتهم ضعيفة‪ ،‬إنهم يسمعون الصوت الخائف الذي يأتيهم من داخلهم وال‬
‫يملكون الشجاعة التي تؤهلهم سماع الصوت الذي يحمل في طياته االمل‬
‫والقدرة على اإلنجاز‪ ،‬فال يريدون تعلم الجديد وال يمتلكون إال عقلية مبدأ‬
‫األمان والمشي على الطريق المعتاد والسير بجانب األخرين حتى لو كان‬
‫ذلك ال يجلب لهم إنجازات كبيرة وال التقدير الذاتي‪ ،‬فهم مقتنعون بالعيش في‬
‫منطقة الراحة‪.‬‬
‫والناس أنواع منهم من ال يحب أن يخرج من منطقة الراحة حيث يقوم بما‬
‫هو متعود عليه ويحصل على النتائج نفسها‪ ،‬ال يطور من نفسه وال يستغل‬
‫قدراته‪ ،‬ثقته بنفسه منخفضة وتقديره لذاته ليس عاليا‪.‬‬
‫والصنف الثاني متهور يضع كل ما يملك في سلة واحدة‪ ،‬ال يعترف‬
‫بالخطر‪ ،‬ال يخطط لما هو قادم‪ ،‬غالبا ما يتجرع خسائر ونتائج عكس ما كان‬
‫يتصور تماما‪.‬‬
‫والصنف الثالث شجاع تخطى مرحلة الراحة واألمان الى مرحلة النمو‬
‫والتطور‪ ،‬يتخذ قرارات جريئة ومحسوبة‪ ،‬يخطط ويتقدم وينفذ خطته بكل‬
‫قوة وشجاعة‪ ،‬يتراجع إذا كان هناك خطرا حقيقيا على حياته‪ ،‬يصلح أخطاءه‬
‫باستمرار‪ ،‬واعي بالمسؤولية وطموح‪ ،‬يتحدى الواقع وال يعرف المستحيل‪.‬‬
‫هذا الصنف متوازن إيجابي ال يعترف بالخرافات والحدود الوهمية‪ ،‬ال‬
‫يخاف من النقد والفشل‪ ،‬يؤمن بأنه قادر على أن يحدث الفارق لذا هو‬
‫يتحدى السائد في المجتمع‪.‬‬
‫التفاؤل وااليجابية‬

‫يتطلب النجاح عقلية إيجابية حين تتعامل مع الحاضر والتفاؤل واالمل حين‬
‫تنظر للمستقبل‪ ،‬فيتعامل الناجحون مع الفرص بكل إيجابية ويستفيدون منها‬
‫في حين يبحثون عن الوجه المشرق لكل محنة تمر بهم حتى يستغلوها‬
‫ويتعلموا أهم الدروس من خاللها‪ .‬فإذا واجهتهم مشكلة ما يتقبلوا وجودها ثم‬
‫يتعاملون معها بعقلية المصلح ال بعقلية المهزوم والضحية‪ ،‬فال يمكنها أن‬
‫تغير نظرتهم اإليجابية حول أنفسهم وحول الحياة لذا ينغمسون في البحث‬
‫عن الحل وكلهم أمل في الوصول اليه‪.‬‬
‫فالتفكير اإليجابي اليومي هو من يدفع االنسان العتناق التفاؤل واالمل‬
‫كدستور للحياة‪.‬‬
‫والن السلبية والتشاؤم ما هي اال ضعف وهوان وبعد عن الحقيقة فإن‬
‫المبدعون ال يستعملونها في حياتهم‪ ،‬فهم يعلمون بأن الحقيقة الكاملة تخبرنا‬
‫وتقول لنا أننا نمتلك القدرة واإلمكانات على مواجهة أي مشكلة في الحياة‪.‬‬
‫سواء كان الواقع جميل يحتوي على الوفرة والفرص أو كان سيء يضم في‬
‫طياته المشاكل واألزمات فالمتشائم والسلبي ال يحقق نجاحات معتبرة بل‬
‫يعيش حياة القلق والحزن والضعف والشكاوى ألنه ال يرى إال جزء صغير‬
‫من الحقيقة‪ .‬فإذا جاءته الفرص ضن أن بعدها كارثة وأنها تجلب المتاعب‬
‫والعمل المجهد وإذا واجهته المشكلة تحدث عنها وأعطاها أكثر من حجمها‬
‫وصرف عليها الطاقة والوقت حتى تفاقمت أو هكذا يضن‪.‬‬
‫أما من يسمون أنفسهم واقعيون فهم أقل ضعفا وضررا من السلبيين‪ ،‬ألنهم‬
‫يحاولون التعامل مع جانبي الحقيقة‪ ،‬لكنهم يتعاملون معها وكأنها هي‬
‫المتحكمة في حياتهم‪ ،‬يتركون الواقع واالحداث تتصرف فيهم وترسم لهم‬
‫طريقهم في الفكر والعاطفة والسلوك‪ ،‬لذا يحققون بعض النجاحات إذا واتتهم‬
‫الظروف ويستسلمون أو يتبعون االحداث الصعبة وكأنهم خلقوا ليطبقوا‬
‫قوانين البيئة ال ليخلقوا ألنفسهم قوانين تليق بهم‪.‬‬
‫أما اإليجابيون فيعلمون جيدا أن الواقع فيه الوفرة والفرص والجمال‬
‫فيستعدون لالستفادة القصوى منها‪ ،‬وفيه الصعوبات واألزمات فيتعلمون‬
‫منها ويتصدون لها حتى يتغلبوا عليها‪ ،‬ينشغلون في البحث عن الحلول بدال‬
‫من الكالم عن المشكلة‪ .‬يعلمون أن المصائب ال تدوم أنهم قادرون على أن‬
‫يتعلموا ويستخلصوا الدروس في جميع أحوالهم‪.‬‬
‫فالبكاء والشكوى والنظر لنصف الكوب الفارغ ما هو إال طريق الضعفاء‬
‫وهو تذكرة تأخذ الشخص إلى مطار الفاشلين وأما ما تسمى بالواقعية‬
‫واالستسالم للبيئة والسائد وكالم العجزة والعاجزين الذين ال يمتلكون الجرأة‬
‫على الخيال ما هو إال طريق األشخاص العاديين الذي تخلوا عن طموحاتهم‬
‫وقدراتهم واختاروا العيش على مقاس االخرين‪.‬‬
‫عندما هاجر ارنولد شويزنيجر من النمسا إلى الواليات المتحدة األمريكية‬
‫كان حلمه أن يصبح ممثال في هوليود لكن هذا الحلم كاد أن يتبخر لوال تلك‬
‫الروح اإليجابية التي كان يمتلكها‪ ،‬فقد واجه اعتراضا كبير عن اسمه‬
‫وجسمه ولكنته اإلنجليزية‪ ،‬كل ذلك لم ينقص من تقديره الذاتي ونظرته‬
‫اإليجابية لهذه النعم بل قد نجح بسبب جسمه القوي ولكنته الخشنة‪ ،‬لذا كان‬
‫يخبر الجميع بأن يكونوا ايجابيين حتى إذا رأى العالم عكس ذلك‪.‬‬
‫يقول الدكتور عدنان إبراهيم أن المبدعون والناجحون مهرة في استهالك‬
‫الكالم اإليجابي‪ ،‬فهم دائما ما يرون المنحة داخل المحنة والوجه الحسن‬
‫المشرق من المشكلة وهم أكثر اقبال على الحياة‪.‬‬
‫فإذا أردت أن ترتقي سلم النجاح عليك أن تكون إيجابيا وأن تتقن استخراج‬
‫الكنوز من وسط الدمار والدروس من وسط اإلخفاقات وان تالحظ جيدا تلك‬
‫الهدية التي جاءت متخفية خلف األزمة‪ ،‬لست أقول هذا الكالم لالستهالك‬
‫أو لدغدغة المشاعر لكنني أجزم أن كل مشكلة تواجهنا تحمل معها جانبا‬
‫مشرقا سواء أعرفنا كيف نستخرجه أم لم نعرف‪ .‬فصفحات التاريخ تكاد‬
‫تنطق فرحا من تلك األمثلة التي تحتوي على جانب مشرق وسط الركام‬
‫والخراب‪.‬‬
‫في الحقيقة اإليجابية هي الحل األمثل للحياة وليس فقط لتحقيق نجاحات‬
‫عظيمة‪ ،‬وأن السلبية وحتى الواقعية ما هي إال طمس للحقيقة وقتل لإلبداع‬
‫فلن يستفيد منها االنسان إال الضعف واالنكسار‪ ،‬ولك أن تختار بين األمل‬
‫واإليجابية طريق القوة والحياة المفعمة النشيطة وبين التشاؤم والسلبية‬
‫طريق الظالم وظلم النفس والبعد عن الحقيقة‪.‬‬
‫الناجحون فاشلون‬
‫هل تعتقد أن العنوان صادم؟‬
‫لكنني أراه حقيقة في قاموس الناجحين‪ ،‬ألنهم قبل أن يحققوا انجازاتهم وقبل‬
‫الوصول الى القمة كانت طريقهم تعج بالفشل واالخفاقات‪ ،‬لست أعني أنهم‬
‫كانوا يخططون للفشل لكن أغلبهم قد مر بتجارب فاشلة كما يسميها‬
‫األخرون‪.‬‬
‫وأنظر لمعظم كبار السياسة والرياضة والعلم والفن والمال ستجد أنهم قد‬
‫تعثروا مرات عديدة في مسيرتهم ورحلتهم نحو أحالمهم‪ ،‬لكن تعاملهم مع‬
‫الفشل يختلف تماما عن تعامل األخرين‪ .‬فالفشل مدرسة يتعلمون منها‬
‫والمصاعب تزيد من قوتهم ومناعتهم ضد الكسل والضعف‪.‬‬
‫والقصص واألمثلة على ذلك كثيرة‪ ،‬لقد فشل اديسون مرات عديدة قبل أن‬
‫يتوصل لالختراع العمالق "المصباح"‪ ،‬وكذا مايكل جوردن عمالق كرة‬
‫السلة األمريكي لقد كان يصوب الكرة مئات المرات ويفشل لكنه مع التدريب‬
‫والمواظبة على التمرين أصبح مايكل جردن البطل الن الفشل كان يمثل‬
‫دروس تعليمية‪.‬‬
‫أما جاك ما رجل األعمال الصيني فقد فشل في كل شيء تقريبا حتى كان‬
‫يقول عن نفسه أنا في المرتبة األولى عالميا من حيث الفشل‪ ،‬ثم يبدأ سرد‬
‫رحلته مع الفشل حيث كان الوحيد من الذين تقدموا وفشلوا في الحصول‬
‫على وظيفة في سلك الشرطة الصينية وفشل في دخول جامعة هارفرد بعد‬
‫‪ 10‬محاوالت ولكنه لم يشتكي ولم ييأس وراح يدرس أسباب الفشل ويطور‬
‫من نفسه ويبحث عن ذاته وعن فرص أخرى إلى أن دخل عالم التسويق‬
‫اإلليكتروني وأسس علي بابا وأصبح على قائمة أغنى رجال الصين‪.‬‬
‫ما أود قوله إن الفشل جزء من الرحلة وأن الناجحون قد فشلوا وال يزالون‬
‫يفشلون حتى يحققوا أحالمهم لكنهم ال يستسلموا كما األخرين‪ ،‬بل إن‬
‫رغبتهم في النجاح أكبر بكثير من الخوف من الفشل ومن األعذار‪ ،‬بل إنهم‬
‫يعتبرون الفشل معلما لهم ومؤسسة تقدم الدروس مجانا لم يريد‪.‬‬
‫لذا إذا كنت قد فشلت فال تستسلم ولكن تعلم من فشلك وأستخلص الدروس‬
‫القيمة التي تتكفل اإلخفاقات تقديمها لك‪ .‬ثم أدرس أسباب الفشل وحاول أن‬
‫تصلح األخطاء حتى تتمكن من التقدم نحو أحالمك‪.‬‬
‫عليك أن تفصل بين أخطاءك وإخفاقاتك وبين شخصيتك وذاتك‪ ،‬فال تجعل‬
‫من الهزيمة والفشل نهاية العالم وال تنزل من تلك القيمة العالية لذاتك فمن‬
‫حقك أن ترتكب الهفوات ومن حقك أن تسقط ألنك في النهاية إنسان‪ ،‬واألهم‬
‫من الفشل طريقة تعاملك معه‪ .‬فمن لم يفشل لم يجرب ولن ينجح‪.‬‬
‫االحتكاك بالخبراء والقدوات‬

‫مهما كان حلمك أن تكون بطال في الكونغ فو أو رجل أعمال متخصص في‬
‫التسويق االليكتروني أو العب كمال أجسام أو باحث في علم األعصاب‪،‬‬
‫يوجد كثير من الخبراء في هذا المجال مما يساعدك على التعلم واختصار‬
‫الطريق ووجود قدوة تمشي على خطاه‪ ،‬فتجارب الخبراء الفاشلة تعلمك‬
‫كيف تتجنب األخطاء ونجاحاتهم تعلمك كيف تستغل امكاناتك وهذا ما يجعل‬
‫الطريق أقل صعوبة وأكثر سرعة ألن المعلومات والمهارات التي يقدمها‬
‫الخبراء تختصر لك الطريق‪.‬‬
‫فالجلوس مع الخبراء في مجالك يجعل المعضالت والمشكالت لعب تتسلى‬
‫بها كما يعتبر مصدر معلومات عميقة ومعلم مهرات ماهر‪ ،‬بل ان قراءة‬
‫السيرة الذاتية لخبير أو قدوة في مجالك يمكنه فتح أفاق جديدة ويجنبك‬
‫األخطاء ويقلل من األعباء والتكاليف في رحلتك نحو هدفك‪.‬‬
‫إذا أردت أن تكون رائد أعمال في مجال المطاعم عليك أن تحتك وتزاحم‬
‫صاحب سلسلة المطاعم الراقية والناجح في مدينتك وأن تقرأ عن نجاح‬
‫كنتاكي وغيرها من المطاعم‪ ،‬ثم تزاحم عمالقة الذكاء المالي (رجال التسويق‬
‫والمالية واالدخار واالستثمار) وتقرأ كتب تبسط لك طرق الكسب واالدخار‬
‫وكيفية التعامل مع المال مثل كتاب األب الفقير واألب الغني وكتاب فكر‬
‫تصبح غني وغيرها الكثير‪.‬‬
‫أما إذا كنت تطمح أن تكون رياضيا محترفا فعليك أن تالزم المحترفين في‬
‫قاعات التدريب وتتعلم منهم الطرق العلمية للتدريب وكيفية االسترجاع‬
‫واألكل الصحي وأن يكون لك ملهمين في هذا المجال‪ ،‬كما عليك أن تنظر‬
‫لنجاحاتهم وأخطائهم حتى تتمكن من اختصار الطريق نحو االحتراف‪.‬‬
‫وماذا عن ذلك الشاب الذي يطمح أن يكون عالما؟ ال يتغير األمر عن باقي‬
‫المجاالت‪ ،‬عليه أن يخالط العلماء والفالسفة وأن يحضر محاضراتهم‬
‫ومجالسهم العلمية بل ويتعلم أدبهم وطريقة تعلمهم حتى يصبح منهم‪.‬‬
‫إننا ال نملك الوقت لتجربة كل األخطاء بأنفسنا لذا علينا أن نتعلم من‬
‫الخبراء‪.‬‬
‫ال تضيع وقتك في التجربة والخطء إذا توفرت المعلومات وتجارب االخرين‬
‫حتى تتعلم منها بدال من أن تجرب بنفسك ويتسبب ذلك في ضياع وقتك‬
‫وارتفاع التكاليف‪ .‬تواصل بالخبراء في مجالك‪ ،‬طالع سير المبدعين‬
‫والمؤثرين واجمع أكبر عدد من المعرفة والمهارات ثم انطلق في رحلتك‬
‫على طريقتك الخاصة وكن قائد السفينة‪.‬‬
‫خدمة االخرين‬

‫يعتبر الناجحون نجاحهم هو نجاح لمجتمعاتهم‪ ،‬لذا عندما يخططون ألهدافهم‬


‫النبيلة غالبا ما تتضمن خدمة االخرين‪ ،‬يؤمنون أن النجاح الحقيقي يتعدى‬
‫مفعوله الى من حوله‪ ،‬بل إنهم يساعدون االخرين على تحقيق أحالمهم إذا ما‬
‫توفرت الشروط فيهم‪.‬‬
‫فاإلنجاز الذي ال يشمل االخرين هو إنجاز ضيق وغير كامل‪ ،‬حيث يجب أن‬
‫يستفيد الضعفاء والطبقات الهشة والمهمشة من اإلنجاز وأن يكون الناجح‬
‫إلى جانبهم كلما استطاع ذلك‪ .‬في المقابل يخصص المبدعون جزء من‬
‫وقتهم ومالهم وخبراتهم لمساعدة األذكياء والمبدعين حتى يتمكنوا من‬
‫استغالل مواهبهم ويتسلقوا سلم النجاح معهم‪.‬‬
‫هذه الصفات هي أرقي ما يتصف به الناجح لذا دائما ما تكون في قمة‬
‫األولويات لديهم‪.‬‬
‫والناجح في النهاية ال يعيش معزوال ينافس نفسه بنفسه‪ ،‬إنما يبيع سلعته‬
‫للمجتمع ويستغل حقه في مجتمعه ويتلقى مساندة ممن حوله لذا فإنه يعتقد أن‬
‫النجاح يحتم عليه أن يكون أبعد من االنانية أقرب الى التعايش وإسداء‬
‫المعروف لألخرين‪ .‬فالناجحون دائما يبحثون عن الفرص لمساعدة‬
‫األخرين‪.‬‬
‫يقول رجل االعمال األمريكي راي كروك‪ :‬كلما ساعدت األخرين على‬
‫النجاح كلما نجحت أنت‪.‬‬
‫يقوم كثير من رجال االعمال بمساعدة مرضى السرطان وكذا بعض‬
‫الالعبين حيث يقدمون خدمات كبيرة للمرضى والجمعيات الخيرية‬
‫واليتامى‪ ،‬ويجوب األطباء القرى لتقديم العالج لمحدودي الدخل وينشر‬
‫الحكماء الوعي والحقيقة على من يستحقونها ومن ال يستحقونها ويتكفل‬
‫أصحاب النفوذ بقضاء حاجات الناس والكثير من الخدمات التي يمكن ألي‬
‫ناجح أن يقدمها كعربون وفاء للمجتمع‪.‬‬
‫لذا علينا أن ندرج في خطتنا أهدافا نبيلة تخدم أكبر عدد من الناس حتى ال‬
‫يكون نجاحا ضيقا أنانيا‪ ،‬وأن نؤدي واجباتنا تجاه المجتمع الذي نأخذ حقوقنا‬
‫فيه‪.‬‬
‫كيف تتعامل مع أعداء النجاح؟‬

‫يواجه الناس كثير من المصاعب والمشكالت في حياتهم‪ ،‬منا من يستسلم‬


‫أمام أعداء وهميين أحيانا وحقيقيون أحيانا أخرى فيضيعوا على أنفسهم كثير‬
‫من الفرص وكثير من الدروس‪.‬‬
‫أما الناجحون فيتعاملون بحزم إذا ما قابلوا أعداء النجاح في رحلتهم وسنذكر‬
‫الطريقة المثلى للتعامل معهم‪.‬‬
‫الخوف‪ :‬يعتبر الخوف أكبر عدو للنجاح حيث يعطل قدرات اإلنسان ويجعل‬
‫الممكن مستحيال‪ ،‬ويسيطر على العقل والقلب فيصبح الخائف عبارة عن‬
‫خزان للضعف والكسل‪ .‬والخوف أنواع فمن الناس من يخاف خوض‬
‫المعركة ألنه يعتقد أن الفشل سيكون حليفه‪ ،‬فال يخطط وال يعمل ويصبح‬
‫الخوف من الفشل عقبة أمامه تمنعه من التفكير السليم وتبعده عن االجتهاد‬
‫والتطور‪ ،‬والنوع الثاني من الخوف هو الخوف من االنتقاد فالشخص‬
‫الفاشل يخاف أن يباشر عمله ورحلته نحو ذاته كي يتجنب كالم االخرين‪،‬‬
‫أي أنه يخاف عدم تقبله ممن حوله لذا ال يتجرأ على أن يكون مختلفا عنهم‬
‫حتى يتقبلوه‪ ،‬لم يعلم أن الناس سينتقدون سواء أقدمت على تحقيق ما تريد أو‬
‫اتبعت طريقهم‪ ،‬والنوع الثالث من الخوف هو الخوف من النجاح حيث يبدأ‬
‫عقل الشخص الفاشل في تصور النتيجة والوصول إلى الهدف وما يصاحبها‬
‫من بعض التضحيات فيخاف أن يكون غني حتى ال يسرق ويخاف الشهرة‬
‫حتى ال يدفع ضريبتها ويخاف القيادة حتى ال يطمع فيه االخرون‪.‬‬
‫ومهما كان نوع الخوف فهو عقبة كبيرة تبعد اإلنسان عن منصات التتويج‬
‫وتغرس في نفسه الهوان واألمراض الوهمية‪ ،‬لذا فالناجحون دائما ما‬
‫يكونون مدركين بهذا العدو الذي يدمر كل جميل‪ ،‬أنهم يواجهون المخاوف‬
‫واألفكار المغلوطة بكل قوة وبكل وعي‪ ،‬ألنهم يعلمون جيدا أنه غير حقيقي‬
‫وما هو إال أفكار شيطانية سلبية ال أساس لها من الصحة من الناحية العلمية‬
‫والواقعية‪ .‬وأن الخوف سببه عدم المعرفة وقلة الخبرة أو المعتقدات السلبية‬
‫التي اكتسبت في الماضي لذا يقللون من خطر الخوف بالتعلم ومعالجة‬
‫معتقداتهم السلبية حول أنفسهم وحول الحياة بل يقتحمون الخوف ويجعلونه‬
‫رفيقهم الذي يدفعهم للعمل‪.‬‬
‫التأجيل والتسويف‪ :‬عدو آخر يستعرض عضالته عليك كلما فكرت في‬
‫التخطيط والعمل واإلجتهاد‪ ،‬لمجرد أن تفكر أنك ستبدأ ممارسة الرياضة‬
‫يأتي التأجيل والتسويف على جناح السرعة ليخبراك بأنك تحتاج لقسط من‬
‫الراحة أو أنه ال يزال كتسع من الوقت فلما التسرع إذا؟‬
‫أما إذا عزمت على القراءة والمطالعة حتى ترتقي بنفسك فلن يتركك العدو‬
‫وحيدا بل سيكون رفيقك‪ ،‬وبدال من بداية رحلة التعلم الذاتي والغوص في‬
‫أعماق الكتب ستبدأ النفس الكسولة في رحلة البحث عن األعذار القبيحة‬
‫وغير المنطقية حتى تقنعك بأن اليوم لم يتبقى له الكثير وأن يوم الغد في‬
‫انتظارك أو أن التعب قد نال منك ولن تستطيع التركيز هذه اللية‪.‬‬
‫ويركن الفاشل للنداء العاطفي وللعدو األبدي‪ ،‬ويترك الرياضة والمطالعة‬
‫والتخطيط والعمل لوقت الحق أو ليوم الغد لكن الوقت لن يلحق وال يوم الغد‬
‫قريب عندها تضيع األعمال ويتربع الكسل على عرش أوليات النفس‪.‬‬
‫وتضيع الفرصة وتصبح األولويات في ذيل الجدول اليومي والسلوكيات التي‬
‫ال فائدة منها على رأس القائمة‪.‬‬
‫سيحدث هذا كلما أردت أن تبني عادة إيجابية تجلب لك المنفعة لكنها في‬
‫الغالب تكون ثقيلة على النفس وأحيانا على العقل‪ ،‬لذا يحتاج كل شخص لقوة‬
‫وعزيمة وقرار ال يسمح بالتسويف أن يتغلب عليه‪.‬‬
‫أما الناجحون فيواجهون التسويف حتى ال يجعل منهم كسالى‪ ،‬حيث يحددون‬
‫جيدا مهامهم وأولوياتهم ومتى سينتهون منها‪ ،‬ويعملون بكل تفاني كي‬
‫ينهونها قبل وقتها المحدد‪ .‬يقسمون المهام الكبرى لمهام صغيرة حتى يتمكنوا‬
‫من البدء في أسرع وقت وتصبح المهمة ذات تحدي صغير قابل للتحقيق‬
‫بسرعة‪ ،‬يبادرون بالعمل وال ينتظرون الفرص المواتية‪ ،‬الن الفرص‬
‫المواتية لن تأتي إذا لم نبدأ العمل‪ ،‬شعارهم في ذلك كلمات زيغ زيغلر‬
‫المشهورة "ال تحتاج أن تكون عظيما كي تبدأ‪ ،‬لكن لكي تكون عظيما يجب‬
‫أن تبدأ"‬
‫األعذار‪ :‬الشماعة التي يعلق عليها الفاشلون فشلهم واخفاقاتهم‪ ،‬أنهم ال‬
‫يحتاجون تحمل المسؤولية ألنهم يمتلكون الحل السحري وأن األعذار مكتوبة‬
‫قبل األحالم‪ ،‬البيئة غير مناسبة وغير مشجعة على االجتهاد والعمل‪،‬‬
‫القدرات واإلمكانات غير كافية‪ ،‬العمر غير مناسب والوقت ضيق‪ ،‬ففي كل‬
‫مرة يحتجون بعذر قبيح كقبح الكسل والسلبية والهوان الذي يعيشونه‪ ،‬هذه‬
‫األعذار ال تمثل الحقيقة والواقع وال العقل السليم يتقبلها بل هي معتقدات‬
‫وأفكار مخزنة في عقول الضعفاء‪.‬‬
‫المشتتات‪ :‬في عالمنا كثير من مضيعات الوقت والعقل والقلب‪ ،‬كثير من‬
‫المشتتات التي تبعد اإلنسان العادي عن اإلنتاجية فما بالك بالطموحات‬
‫العالية واألحالم الكبيرة‪.‬‬
‫تعتبر المشتتات أحد األعداء الرئيسية نظرا لتواجدها في كل مكان وسهولة‬
‫اقتحامها لحياة الناس‪ ،‬لذا على كل من يريد النجاح ان يتجنبها أو على األقل‬
‫أن يرشد من استهالكها‪ ،‬فالسفريات الكثيرة والجلوس في المقاهي كل يوم‬
‫وإضاعة األوقات مع الهاتف الذكي ومواقع التواصل االجتماعي‬
‫والمسلسالت وغيرها من السلوكيات التي ال تجلب أي منفعة لإلنسان وتعتبر‬
‫مضيعة للوقت والطاقة كلها أعداء تعمل على التشتيت وإضعاف العزيمة‬
‫والوقوف في طريق النجاح‪.‬‬
‫فمن الضروري أن يقرر االنسان قرار جازم يجعله منتجا مركزا على‬
‫أهدافه وأن يضع برنامجا ومخططا لمواجهة أي نوع من الملهيات والتقليل‬
‫منها الى الحد األدنى‪.‬‬
‫المقارنات‪ :‬الناجحون ال يقارنون أنفسهم مع األخرين ألنهم يعلمون جيدا أن‬
‫رحلتهم متميزة ال تشبه رحالت األخرين‪ ،‬وأن طموحاتهم وقدراتهم تختلف‬
‫عن التي يملكها األخرون‪.‬‬
‫كما أن المقارنات ال تجلب أي منفعة‪ ،‬فالناجحون يفرحون لنجاح االخرين‬
‫حيث يصبح منهم لكن ال يقارنون أنفسهم بأي شخص آخر‪ ،‬إنما يمكن أن‬
‫يكون لهم قدوات يتعلمون منهم ويجعلون منهم ملهمين حتى يستفيدوا من‬
‫خبراتهم ثم ينطلقون في بناء مملكتهم الخاصة بدون مقارنات باردة فاسدة‪.‬‬
‫ألن المقارنة اعتراف بالدونية والضعف أمام من نقارن أنفسنا بهم لذا فال‬
‫داعي ننقص من قيمة أنفسنا ولنبحث عما يدفعنا للوصول للذات العليا‪.‬‬
‫األشخاص السلبيين والحاسدين‪ :‬هذا العدو معروف للجميع ففي كل مرحلة‬
‫من مراحل الحياة وفي كل خطوة نجد التعليقات والكلمات الهدامة والسلبية‬
‫من أشخاص كرسوا حياتهم لتحطيم أي ناجح والوقوف أمام كل طموح‪.‬‬
‫ال يهتمون بخططك وتفسيرات إنما همهم الوحيد أن يثبتوا لك أنك غير قادر‬
‫على المضي قدما وأن الوصول إلى القمة مستحيل على أمثالك مهما فعلت‪.‬‬
‫بعض األشخاص يخبرونك بكل هذا ليس حقدا منهم بل ألنهم ال يستطيعون‬
‫الطموح والحلم كما أنت وال يمتلكون الشجاعة والقدرة على التفكير في‬
‫جواهرهم كما تفعل أنت لكنهم ينبهرون عندما تصل للقمة‪ .‬الصنف األخطر‬
‫هو الذي يحسد ويحقد عليك لمجرد أنك تطمح للوصول ألحالمك وأهدافك‬
‫وتعمل وتضحي من أجل أن تكون إنسانا راقيا منتجا‬
‫ولكي تتجنب هذا العدو عليك أن تتقن فن الالمباالة والتغافل ما دام لم‬
‫يتعرضوا لك في طريق النجاح‪ ،‬وأن تتجنبهم قدر المستطاع وأن تعمل على‬
‫تقوية شخصيتك وإيمانك بفكرتك وبقدراتك‬
‫عندما تنطلق رحلتك نحو الهدف قد تواجه أي نوع من األعداء ومن‬
‫الصعوبات فعليك أن تصمد وأن تستعد للمواجهة وان ال تستسلم ألنك لم‬
‫تخلق لتكون ضحية أمام األوهام والسفسطة بل إنك هنا لتحقق ذاتك‪.‬‬
‫بداية الرحلة‬

‫لنتكلم بالعقل والمنطق‪ ،‬هل وجودك على سطح األرض له سبب وجيه؟‬
‫إن هللا قد خلقنا وكرمنا بالعقل والنعم الجليلة‪ ،‬كل ذلك لنعيش حياة كريمة‬
‫تليق بمقامنا كبشر وبنو اإلنسان‪ .‬لذا علينا أن نبدأ الرحلة‪ ،‬كل واحد منا له‬
‫قصة وحكاية عميقة بداخله وحلم كبير‪ ،‬هذا الحلم سيتحقق عندما يعرف كل‬
‫شخص أنه هو من يجب عليك أن يقود السفينة‪ .‬سيتحقق عنما يكتشف أنه‬
‫يستحق‪.‬‬
‫عليك أن تكون طموحا مقاتال ألن حياة البؤساء ال تناسبك وطريق الكسل‬
‫والضعف لم تشيد ألمثالك‪ ،‬إنما الطريق الذي يليق بمقامك هو طريق‬
‫الشجعان الذين كتبوا دستور حياتهم موارده قائمة على التفاؤل واإليجابية‬
‫واالنضباط وحب المعرفة والتحلي بالمسؤولية من جهة وعلى معارضة‬
‫السلبية والتشاؤم من جهة أخرى‪.‬‬
‫إن المحارب من أجل الوصول لذاته العليا الحقيقية ال يخدعه تجار النجاح‬
‫واألمل المشوه‪ ،‬ألنه يحب العمق والعقالنية وال يعترف بالسطحية والصراخ‬
‫يعترف بأن النجاح عملية ورحلة ال خطابات تحفيزية وتشجيعية لذا راح‬
‫يعمل ويتعلم حتى يحقق النجاح الحقيقي ال المزيف‪.‬‬
‫أنت تستحق كذلك أن تكون في القمة مع هؤالء المبدعين والرياضيين‬
‫والقادة وغيرهم‪ ،‬لكن عليك أن تضحي وأن تقتحم الحياة وتتبع خطوات‬
‫النجاح التي ذكرت في الكتاب‪.‬‬
‫ها قد أنهينا الرحلة التي ورطت نفسي فيها وورطتك يا‬
‫صديقي وحان الوقت لتكمل رحلة البحث عن ذاتك‬
‫الحقيقية‪.‬‬

‫رافقتك السالمة‪.‬‬
‫المحتويات‬
‫مقدمة‬
‫القسم األول‪ :‬حقيقة النجاح‬
‫ما الذي يعنيه لك النجاح؟‬
‫لماذا تريد أن تنجح؟‬
‫هل تحقيق النجاح سهل وسريع حقا؟‬
‫لماذا يفشل السلبيون والمتشائمون؟‬
‫خرافات حول النجاح‬
‫القسم الثاني‪ :‬الطريق نحو القمة (رحلة النجاح الطويلة)‬
‫اإليمان بالقدرات‬
‫الرغبة المشتعلة‬
‫تحمل المسؤولية‬
‫الرؤية الواضحة واألهداف المحددة‬
‫الحلم والخيال الواسع‬
‫التركيز والتخصص‬
‫النجاح أفعال ال أمنيات‬
‫االنضباط‬
‫التعلم المستمر‬
‫الجرأة والشجاعة‬
‫التفاؤل واإليجابية‬
‫الناجحون فاشلون‬
‫االحتكاك بالخبراء والقدوات‬
‫خدمة األخرين‬
‫كيف تتعامل مع أعداء النجاح؟‬
‫بداية الرحلة‬

You might also like