Professional Documents
Culture Documents
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية 3
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية 3
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم.
لقد اتصل بنا المترجم الخاص لمجموعة من الشباب المعتقلين بسجن جوانتنامو بدولة كوبا شارحا ً
لنا أن بعض الشباب في سجن جوانتنامو برفضون المثول أمام المحاكم األمريكية حيث يعتبرون
أن هذا تحاكم إلى قوانين وضعية ال تحكم بما أنزل هللا ..وقد حاول البعض إقناعهم لكنهم ال
يزالون مصرين على رأيهم ..وأخيرا ً طلبوا فتوى شرعية تجيز لهم اللجوء إلى هذه المحاكم.
فرشح لهم أحد الشباب الذي أفرج عنه مؤخرا ً من جوانتنامو االتصال بنا لكتابة رأينا في هذا
الموضوع.
أقول وباهلل التوفيق:
بادئ ذي بدء؛ إن ما أقوله وأكتبه وأفتي به ال ألزم به أحداً ،فمن أخذ برأيي فبها ونعمت؛ فقد
اجتهدت قدر وسعي ابتغاء مرضاة هللا وآمالً في رفع الحرج والضيق عن هؤالء الشباب والشيوخ
المسجونين في جوانتنامو وغيره من سجون؛ حيث إن سلطان اإلسالم غائب عن سدة الحكم في
العالم بأسره منذ أكثر من قرن تقريبا ً .وأما من رأى غير ما أراه من قولي بالجواز بالشروط
والضوابط الشرعية ،فالمسألة يسع فيها االجتهاد وهي من النوازل القاصمة التي حلت باألمة
اإلسالمية منذ تنحية الشريعة اإلسالمية في واقعنا المعاصر .أسأل هللا أن يهدينا وإياهم سواء
السبيل .ثم أما بعد:
ال أصل أنه ال يجوز لمسلم أن يتحاكم إلى غير ما أنزل هللا ..قال تعالى في محكم التنزيل( :ألم َ
تر
إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى
الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضالالً بعيداً .وإذا قيل لهم تعالَوا إلى
ما أنزل هللا وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً) النساء آية .60
قال العالمة الطاهر بن عاشور" :وقوله (يريدون) أي يحبّون محبّة تبعث على فعل المحبوب" أهـ
التحرير والتنوير ـ ابن عاشور ـ دار سحنون للنشر ـ تونس ـ ج3ـ ص.105
2
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
أقول :فقد علقت اآلية التحريم باإلرادة (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) ..فالمتحاكم يريد
ويبتغي ويحب أن يتحاكم إلى الطاغوت ألنه يدين به وله ،ولذلك قال هللا تعالى (وقد أمروا أن
يكفروا به) ..فهل هؤالء المسلمون المسجونون في جوانتنامو وغيره من سجون العالم يحبون
التحاكم إلى الطاغوت أي القانون الوضعي محبة تبعث على فعل المحبوب؟!
إن أي مسلم يريد مجرد اإلرادة والحب للطاغوت وحب التحاكم إليه حتى ولو لم يكن مسجونا ً أو
متهما ً في أية قضية؛ إن مجرد هذا الوصف في حبه للطاغوت والدينونة له يخرجه عن الملة
بصرف النظر عن مسألة أنه مسجون أو غير مسجون أو أنه مظلوم أو غير مظلوم؛ كما إذا
استحل مسلم الخمر أي قال إن الخمر حالل فإنه يكفر وإن لم يشربها ..يقول هللا تعالى في محكم
ش َج َر َب ْينَ ُه ْم ث ُ َّم َال َي ِّجد ۟
ُوا ِّف ٓى أَنفُ ِّس ِّه ْم َح َر ًۭ ًجا ِّ ّم َّما التنزيل( :فَ َال َو َر ِّبّكَ َال يُؤْ ِّمنُونَ َحت َّ ٰى يُ َح ِّ ّك ُموكَ ِّفي َما َ
وا ت َ ْس ِّلي ًًۭما ) النساء آية .65 س ِّلّ ُم ۟ قَ َ
ضيْتَ َويُ َ
هكذا ال إيمان لمن لم يسلم تسليما ً كامالً لشريعة هللا ..فال حكم إال لشرع هللا وال سلطان إال له ..
ومن ثم فأحسب أن اآليات القرآنية الكريمة ال تتناول هؤالء الشباب والشيوخ في سجن جوانتنامو
وغيره؛ فهؤالء ال يريدون التحاكم إلى الطاغوت وهم يرفضون المثول أمام هذه المحاكم
الوضعية؛ إذن فهم ال يحبون هذه القوانين الوضعية ويرفضونها..
لكن المشكلة أن الشريعة اإلسالمية التي يريدون ويحبون أن يتحاكموا بموجبها وفي كنفها وتحت
ظلها غائبة عن العالم! وهم في نفس الوقت مظلومون مقهورون فماذا عساهم أن يفعلوا؟
فهل خيروا بين التحاكم إلى القوانين الوضعية والتحاكم إلى الشريعة اإلسالمية مثالً؟ رغم أن هذا
التخيير لو فرض جدالً فال يجوز لمسلم أن يختار التحاكم إلى القوانين الوضعية على الشريعة
(و َما َكانَ ِّل ُمؤْ ِّم ٍۢن اإلسالمية ..فإذا فعل ذلك فإنه يكون قد خرج عن ربقة اإلسالم ..يقول هللا تعالى َ
سولَ ۥهُ فَقَ ْد ص َّ
ٱَّللَ َو َر ُ سولُ ٓۥهُ أ َ ْم ًرا أَن يَ ُكونَ لَ ُه ُم ْٱل ِّخيَ َرة ُ ِّم ْن أ َ ْم ِّر ِّه ْم َو َمن يَ ْع ِّ ضى َّ
ٱَّللُ َو َر ُ َو َال ُمؤْ ِّمنَة إِّذَا قَ َ
ضلَ ٰـ ًۭ ًال ُّمبِّي ًۭنًا) األحزاب آية .36
ض َّل َ
َ
فهكذا ما ينبغي لمؤمن وال مؤمنة أن يختار على شريعته وإال انتفى عنه اإليمان ..ثم أعود
فأتساءل وهل هؤالء المسلمون المعتقلون في سجن جوانتنامو أو في سجون الشرق والغرب؛ هل
لهم خيار آخر؟ وهل عرضت عليهم السلطات التحاكم إلى شريعتهم اإلسالمية؟
فإذا كان هذا لم لم يحدث بالطبع ،وهذا هو الواقع المرير للمسلمين في العالم؛ أن شريعة غير
شريعة اإلسالم مفروضة عليهم!!.
وإذا كان الوضع كما نعلمه جميعا ً هكذا بهذا السوء فهل يظل هؤالء المسلمون يعانون الظلم
والقهر والتعذيب والحرمان عن أسرهم وعوائلهم وقد يحكم عليهم باإلعدام بموجب هذه القوانين
الجائرة! فهل يظلون هكذا دون تظلم ودون حل لدفع الظلم عنهم وطلب براءتهم وهم في الحقيقة
3
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
كافرون بالطاغوت الذي يحكم بغير ما أنزل هللا ..وهم مذعنون خاضعون منقادون إلى شريعتهم
المغيبة قسرا ً عن سدة الحكم؟!
وإزاء ذلك ال يسعنا إال أن نقول إنه يجوز للمسلم أن يلجأ مضطرا ً إلى هذه المحاكم الوضعية ،إن
لم يجـد محاكم أو هيئات تحكم بالشريعـة اإلسالمية ليدفع عن نفسه الظلم واألذى والضرر
وليسترد حقه..
وذلك لألدلة التالية:
َاج ِّ ّم ْن ُه َما ٱ ْذ ُك ْرنِّى ِّعندَ َر ِّبّكَ فَأَن َ
س ٰىهُ ظ َّن أَنَّ ۥهُ ن ٍۢ
أوالأ :قال هللا تعالى في سورة يوسفَ ( :و َقا َل ِّللَّذِّى َ
ض َع ِّسنِّينَ ) يوسف آية .42 سِّجْ ِّن ِّب ْ ط ٰـ ُن ِّذ ْك َر َر ِّبِّّۦه فَلَ ِّب َ
ث فِّى ٱل ّ ش ْي َ
ٱل َّ
قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري:
" قال أبو جعفر :يقول تعالى ذكره :قال يوسف للذي علم أنه ناج من صاحبيه اللذين استعبراه
الرؤيا( :اذكرني عند ربك) يقول :اذكرني عند سيدك وأخبره بمظلمتي ،وأني محبوس بغير
ُج ْرم" أهـ جامع البيان عن تأويل القرآن ـ الطبري ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة األولى ـ 2001ـ
مج 7ـ ص .257
قال الحافظ أبو عبد هللا القرطبي:
"أي اذكر ما رأيته ،وما أنا عليه من عبارة الرؤيا للملك ،وأخبره أني مظلوم محبوس بال
ذنب"أهـ الجامع ألحك ام القرآن ـ القرطبي ـ تحقيق د .محمد إبراهيم الحفناوي ود .محمود حامد
عثمان ـ دار الحديث ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية ـ 1996م ـ مج 10-9ج 9ص. 200
قال الحافظ عماد الدين ابن كثير:
"ولما ظن يوسف عليه السالم أن الساقي ناج قال له يوسف خفية عن اآلخر وهللا أعلم لئال يشعره
أنه المصلوب قال له "اذكرني عند ربك" يقول اذكر قصتي عند ربك وهو الملك فنسي ذلك
الموصى أن يذكر مواله الملك بذلك ( )..هذا هو الصواب أن الضمير في قوله فأنساه الشيطان
ذكر ربه " عائد على الناجي كما قاله مجاهد ومحمد بن إسحاق وغير واحد ويقال إن الضمير
عائد على يوسف عليه السالم رواه ابن جرير عن ابن عباس ومجاهد أيضا وعكرمة وغيرهم
وأسند ابن جرير ههنا حديث فقال :حدثنا ابن وكيع حدثنا عمرو بن محمد عن إبراهيم بن يزيد
عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا قال :قال النبي صلي هللا عليه وسلم لو لم
يقل يعني يوسف الكلمة التي قال ما لبث في السجن طول ما لبث حيث يبتغي الفرج من عند غير
هللا وهذا الحديث ضعيف جدا ألن سفيان بن وكيع ضعيف وإبراهيم بن يزيد هو الجوزي أضعف
منه أيضا وقد روي عن الحسن وقتادة مرسال عن كل منهما وهذه المرسالت ههنا ال تقبل لو قبل
4
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
المرسل من حيث هو في غير هذا الموطن" أهـ .تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ تحقيق د.
محمد إبراهيم البنا ـ الطبعة األولى ـ 1998م ـ ج 4ـ ص.1843
قال العالمة السعدي:
ظ َّن أَنَّهُ نَاج ِّم ْن ُه َما } وهو :الذي رأى أنه يعصر
" أيَ {:وقَا َل } يوسف عليه السالمِّ {:للَّذِّي َ
خمرا { :ا ْذ ُك ْرنِّي ِّع ْندَ َر ِّبّكَ } أي :اذكر له شأني وقصتي ،لعله ُّ
يرق لي ،فيخرجني مما أنا فيه{ ،
ان ِّذ ْك َر َر ِّبّ ِّه } أي :فأنسى الشيطان ذلك الناجي ذكر هللا تعالى ،وذكر ما يقرب إليه،
ط ُش ْي َ فَأ َ ْن َ
ساهُ ال َّ
ومن جملة ذلك نسيانه ذكر يوسف الذي يستحق أن يجازى بأتم اإلحسان ،وذلك ليتم هللا أمره
وقضاءه"أهـ .تيسير الكريم الرحمن في تفسير كالم المنان ـ السعدي ـ مركز صالح بن صالح
الثقفي ـ بعنيزة ـ السعودية ـ 1987م ـ ج 4ص .30
قال العالمة جمال الدين القاسمي:
"دلت اآلية على جواز االستعانة بمن هو مظنة كشف الغمة ،ولو كان مشركا ً"أهـ محاسن التأويل
ـ القاسمي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة األولى ـ 1997م ـ ج 6ص .179
أقول :الحظ دقة عبارة العالمة القاسمي "وهو مظنة كشف الغمة ،ولو كان مشركاً" ..فهؤالء
المسلمون المسجونون في جوانتنامو وغيره من سجون في غمة ال يعلمها إال هللا تعالى ..فماذا
عساهم أن يخففوا عن أنفسهم بغية كشف هذه الغمة إال أنه يجوزو لهم اللجوء إلى هذه المحاكمة
الوضعية لعل هللا يفرج عنهم ما حل بهم من كرب.
قال العالمة الشوكاني في فتح القدير:
"وذهب كثير من المفسرين إلى أن الذي أنساه الشيطان ذكر ربه هو الذي نجا من الغالمين :وهو
الشرابي ،والمعنى :إنساء الشيطان الشرابي ذكر سيده :أي ذكره لسيده فلم يبلغ إليه ما اوصاه به
يوسف مع ذكره عند سيده ،ويكون المعنى :فأنساه الشيطان ذكر إخباره بما أمره به يوسف مع
خلوصه من السجن ورجوعه إلى ما كان عليه من القيام بسقي الملك ،وقد رجح هذا بكون
الشيطان ال سبيل له على األنبياء"أهـ .فتح القدير ـ الشوكاني ـ تحقيق سيد إبراهيم ـ مج 3ـ دار
الحديث ـ القاهرة ـ 2003م مج 3ص .37
أقول :ومما يدل على رجحان عود الضمير في (ربه) على ساقي الملك ،قوله تعالى َو َقا َل الَّذِّي
ون) يوسف اآلية .. 45حيث ذكر الطبري في نَ َجا ِّم ْن ُه َما َوادَّ َك َر بَ ْعدَ أ ُ َّمة أَنَا أُنَبِّّئ ُ ُك ْم بِّت َأ ْ ِّوي ِّل ِّه فَأ َ ْر ِّسلُ ِّ
تفسيره":قال أبو جعفر :يقول تعالى ذكره :وقال الذي نجا من القتل من صاحبي السجن اللذين
استعبرا يوسف الرؤيا ( ،وادّكر) ،يقول :وتذكر ما كان نسي من أمر يوسف ،و ِّذ ْك َر حاجته للملك
التي كان سأله عند تعبيره رؤياه أن يذكرها له بقوله :اذكرني عند ربك( ،بعد أمة) ،يعني بعد
حين"أهـ .الطبري ـ مج 7ـ ص .263
5
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
(وقَا َل الَّذِّي نَ َجا ِّم ْن ُه َما) أي :من الفتيين ،وهو :الذي رأى أنه
وهذا ما قاله أيضا ً العالمة السعديَ :
(وادَّ َك َر بَ ْعدَ أ ُ َّمة ) أي :وتذكر يوسف،
يعصر خمرا ،وهو الذي أوصاه يوسف أن يذكره عند ربه َ
وما جرى له في تعبيره لرؤياهما ،وما وصاه به ،وعلم أنه كفيل بتعبير هذه الرؤيا بعد مدة من
ون } إلى يوسف ألسأله عنها"أهـ .تيسير الكريم الرحمنالسنين فقال { :أَنَا أُنَ ِّبّئ ُ ُك ْم ِّبت َأ ْ ِّوي ِّل ِّه فَأ َ ْر ِّسلُ ِّ
في تفسير كالم المنان ـ السعدي ـ ج 4ص .30
الشاهد مما سبق
أن نب ي هللا يوسف عليه السالم طلب من ساقي الملك الذي أفرج عنه أن يذكر قضيته التي حبس
فيها ظلما ً للملك ..ومعلوم أن ملك مصر في ذلك الوقت لم يكن مسلما ً وذلك على رأي من قال إن
ملك مصر أسلم فيما بعد وسلم الحكم ليوسف عليه السالم يتصرف فيها حيث يشاء .ومعنى ذلك
أنه يجوز للمسلم أن يرفع مظلمته لكافر إن غلب على ظنه أن هذا الحاكم ال يظلم أحد عنده أو أن
مظلمته ستزول أو تخفف من قبل هذا الحاكم غير المسلم.
وقد أصر نبي هللا يوسف أال يخرج من السجن إال بعد أن يسمع الملك قضيته ويحكم فيها ببراءته
واستجاب الملك وعقد محكمة واستمع إلى الشهود وإلى زوجة الملك والنسوة ثم أصدر حكمه
ببراءة يوسف عليه السالم ..ودليل ذلك قوله تعالى:
ط ْعنَ ٱر ِّج ْع إِّلَ ٰى َر ِّبّكَ فَسْـَٔ ْلهُ َما بَا ُل ٱل ِّنّس َْوةِّ ٱلَّ ٰـتِّى قَ َّ
سو ُل قَا َل ْ (وقَا َل ْٱل َم ِّلكُ ٱئْتُونِّى بِّ ِّه فَلَ َّما َجا ٓ َءهُ َّ
ٱلر ُ َ
ع ِّل ْمنَا عن نَّ ْف ِّسِّۦه ۚ قُ ْلنَ َح ٰـ َ
ش ِّ ََّّللِّ َما َ ف َس َ ع ِّل ًۭيم .قَا َل َما خ ْ
َطبُ ُك َّن إِّ ْذ َر َاودت ُّ َّن يُو ُ أ َ ْي ِّديَ ُه َّن ۚ إِّ َّن َر ِّبّى بِّ َك ْي ِّده َِّّن َ
ص ٰـ ِّدقِّينَ ص ْٱل َح ُّق أَن َ۠ا َر َاودت ُّ ۥهُ َ
عن نَّ ْف ِّسِّۦه َوإِّنَّ ۥهُ لَ ِّمنَ ٱل َّ يز ْٱلـَٔ ٰـنَ َح ْ
ص َح َ ت ْٱم َرأَتُ ْٱلعَ ِّز ِّ س ٓو ٍۢء ۚ قَالَ ِّ علَ ْي ِّه ِّمن ُ َ
ٱَّللَ َال يَ ْهدِّى َك ْيدَ ْٱل َخآئِّنِّينَ ) يوسف اآليات 50إلى .52 ب َوأ َ َّن َّ ذَلِّكَ ِّليَ ْعلَ َم أ َ ِّنّى لَ ْم أ َ ُخ ْنهُ بِّ ْٱلغَ ْي ِّ
قال الحافظ ابن كثير:
"يقول تعالى إخبارا عن الملك لما رجعوا إليه بتعبير رؤياه التي كان رآها بما أعجبه وأيقنه
فعرف فضل يوسف عليه السالم وعلمه وحسن اطالعه على رؤياه وحسن أخالقه على من ببلده
من رعاياه فقال "ائتوني به" أي أخرجوه من السجن وأحضروه فلما جاءه الرسول بذلك امتنع من
الخروج حتى يتحقق الملك ورعيته براءة ساحته ونزاهة عرضه مما نسب إليه من جهة امرأة
العزيز وأن هذا السجن لم يكن على أمر يقتضيه بل كان ظلما وعدوانا فقال ارجع إلى ربك "
اآلية"أهـ تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ ج 4ـ ص .1845
ودليل أن فعل يوسف عليه السالم كان ممدوحا أ قال الحافظ ابن كثير:
" وقد وردت السنة بمدحه على ذلك والتنبيه على فضله وشرفه وعلو قدره وصبره صلوات هللا
وسالمه عليه ففي المسند والصحيحين من حديث الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة
رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلي هللا عليه وسلم نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال "رب
6
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
أرنى كيف تحي الموتى" األية ويرحم هللا لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن
ما لبث يوسف ألجبت الداعي" أهـ .تفسير القرآن العظيم ـ ابن كثير ـ ج 4ـ ص .1845
وفي صحيح البخاري في كتاب التعبير :أ َ ِّبى ُه َري َْرة َ -رضى هللا عنه -قَا َل قَا َل َر ُ
سو ُل َّ
اَّللِّ -صلى
ف ،ث ُ َّم أَت َانِّى الدَّا ِّعى أل َ َج ْبتُهُ » .
س ُ هللا عليه وسلم « -لَ ْو لَ ِّبثْتُ فِّى ال ّ
سِّجْ ِّن َما لَ ِّب َ
ث يُو ُ
قال الحافظ ابن عطية" :كان هذا الفعل من يوسف عليه السالم أناة وصبرا وطلبا لبراءة الساحة
وذلك أنه -فيما روي -خشي أن يخرج وينال من الملك مرتبة ويسكت عن أمر ذنبه صفحا فيراه
الناس بتلك العين أبدا ويقولون :هذا الذي راود امرأة مواله فأراد يوسف عليه السالم أن يبين
براءته ويحقق منزلته من العفة والخير وحينئذ يخرج لإلحظاء والمنزلة فلهذا قال للرسول :
ارجع إلى ربك وقل له ما بال النسوة .ومقصد يوسف عليه السالم إنما كان :وقل له يستقصي عن
ذنبي وينظر في أمري هل سجنت بحق أو بظلم ونكب عن امرأة العزيز حسن عشرة ورعاية
لذمام الملك العزيز له"أهـ المحرر الوجيز في تفسير القرآن العزيز ـ ابن عطية ـ دار ابن حزم ـ
بيروت ـ الطبعة األولى ـ 2002م ـ ص .1000
قال العالمة الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير:
سالم الخروج من السجن قبل أن تثبت براءته مما رمي به في بيت
"وقد أبى يوسف عليه ال ّ
العزيز ،ألن ذلك قد بلغ الملك ال محالة لئال يكون تبريزه في التعبير الموجب إلطالقه من السجن
كالشفيع فيه فيبقى حديث قرفه بما قرف به فاشيا ً في الناس فيتسلق به الحاسدون إلى انتقاص شأنه
عند الملك يوما ً ما ،فإن تبرئة العرض من التهم الباطلة مقصد شرعي ،وليكون حضوره لدى
الملك مرموقا ً بعين ال تنظر إليه بشائبة نقص .وجعل طريق تقرير براءته مفتتحةً بالسؤال عن
ْ
{فاسأله} بلَغ إليه سؤاالً من قِّبلي .وهذه حكمة عظيمة تحق الخبر إلعادة ذكره من أوله ،فمعنى
بأن يؤتسى بها .وهي تطلب المسجون باطالً أن يَبقى في السجن حتى تتبين براءته من السبب
الذي سجن ألجله ،وهي راجعة إلى التحلي بالصبر حتى يظهر النصر".أهـ .التحرير والتنوير ـ
ج 6ـ ص.288
وأوضح الحفاظ ابن عطية في مدح النبي صلى هللا عليه وسلم فعل يوسف:
"وهنا اعتراض ينبغي أن ينفصل عنه ،وذلك أن النبي صلى هللا عليه وسلم إنما ذكر هذا الكالم
على جهة المدح ليوسف ،فما باله هو يذهب بنفسه عن حالة قد مدح بها غيره؟ فالوجه في ذلك أن
النبي صلى هللا عليه وسلم إنما أخذ لنفسه وجها آخر من الرأي له جهة أيضا من الجودة أي :لو
كنت أنا لبادرت بالخروج ،ثم حاولت بيان عذري بعد ذلك ،وذلك أن هذه القصص والنوازل إنما
هي معرضة ليقتدي بها الناس إلى يوم القيامة ،فأراد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حمل الناس
على األحزم من األمور؛ وذلك أن تارك المتعمق في مثل هذه النازلة التارك فرصة الخروج من
7
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
مثل ذلك السجن ،ربما ينتج له من ذلك البقاء في سجنه ،وانصرفت نفس مخرجه عنه ،وإن كان
يوسف عليه السالم أمن من ذلك بعلمه من هللا فغيره من الناس ال يأمن ذلك ،فالحالة التي ذهب
إليها النبي صلى هللا عليه وسلم بنفسه حالة حزم ومدح ،وما فعله يوسف عليه السالم صبر عظيم
وجلد"أهـ .المحرر الوجيز في تفسير القرآن العزيز ـ ابن عطية ـ دار ابن حزم ـ بيروت ـ الطبعة
األولى ـ 2002م ـ ص .1000
أقول :هكذا قد أفاد وأجاد الحافظ ابن عطية رحمه هللا في قول الرسول صلى هللا عليه وسلم َ " :ل ْو
ف ،ث ُ َّم أَت َانِّى الدَّا ِّعى أل َ َج ْبتُهُ" ..الحديث .فهذا من تمام رحمة الرسول
س ُ َل ِّبثْت فِّى ال ّ
سِّجْ ِّن َما َل ِّب َ
ث يُو ُ
صلى هللا عليه وسلم وشفقته على أمته فهو خاتم األنبياء وال نبي بعده يوضح لألمة مثل هذا األمر
الذي اتخذه نبي هللا يوسف عليه السالم ،واشتراطه أال يخرج من السجن إال بعد أن تظهر براءته..
فهذه حالة فريدة من الصبر واألناة والجلد قد ال تتوافر في معظم البشر إذا كانوا في مثل حالة
يوسف عليه السالم ،كما أن الناس يتفاوتون في صبرهم وتحملهم ومقاومتهم للسجن والظلم
والقهر ،فلذلك ذكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تواضعا ً منه وشفقة على أمته ،بأنه إذا كان في
مثل حال يوسف وكان في السجن ودعي لإلفراج عنه ألجاب ثم بعد أن يخرج يشرح للناس
مظلمته وما حدث له .وعليه فإن هؤالء الشباب والشيوخ في جوانتنامو مسجونون مظلومون ولهم
في نبي هللا يوسف عليه السالم قدوة وأسوة ..فقد ذكر نبي هللا يوسف من جملة األنبياء الذين
هداهم هللا وأمر رسولنا محمدا صلى هللا عليه وسلم أن يقتدي بهم في آيات نورانية من الذكر
علَ ٰى قَ ْو ِّمِّۦه ۚ ن َْرفَ ُع دَ َر َج ٰـ ٍۢت َّمن نَّ َ
شا ٓ ُء ۗ إِّ َّن َربَّكَ َح ِّكيم َ
ع ِّل ًۭيم الحكيم َ ( :وتِّ ْلكَ ُح َّجتُنَا ٓ َءات َ ْينَ ٰـ َها ٓ إِّب َْراه َ
ِّيم َ
سلَ ْي َم ٰـنَ َوأَي َ
ُّوب اودَ َو ُ وب ۚ ُك اال َهدَ ْينَا ۚ َونُو ًحا َهدَ ْينَا ِّمن قَ ْب ُل ۖ َو ِّمن ذُ ِّ ّريَّتِِّّۦه دَ ُۥ .و َو َه ْبنَا لَ ٓۥهُ إِّ ْس َح ٰـقَ َويَ ْعقُ َ
َ
اس ۖ ُك ًۭل ِّ ّمنَس ٰى َوإِّ ْليَ َس ٰى َو َه ٰـ ُرونَ ۚ َو َكذَلِّكَ نَجْ ِّزى ْٱل ُمحْ ِّسنِّينَ َ .وزَ َك ِّريَّا َويَحْ يَ ٰى َو ِّعي َ ف َو ُمو َ س ََويُو ُ
علَى ْٱلعَ ٰـلَ ِّمينَ َ .و ِّم ْن َءابَآئِّ ِّه ْم َوذُ ِّ ّريَّ ٰـتِّ ِّه ْم
طا ۚ َو ُك ًۭ اال فَض َّْلنَا َ س َولُو ًۭ ً س َع َويُونُ َ ص ٰـ ِّل ِّحينَ َ .وإِّ ْس َم ٰـ ِّعي َل َو ْٱليَ َ ٱل َّ
شا ٓ ُء ِّم ْن ِّعبَا ِّدِّۦه ۚ ٱَّللِّ يَ ْهدِّى بِِّّۦه َمن يَ َ اط ُّم ْست َ ِّق ٍۢيم .ذَلِّكَ ُهدَى َّ ص َر ٍۢ
َوإِّ ْخ َونِّ ِّه ْم ۖ َوٱجْ تَبَ ْينَ ٰـ ُه ْم َو َهدَ ْينَ ٰـ ُه ْم إِّلَ ٰى ِّ
ب َو ْٱل ُح ْك َم َوٱلنُّب َُّوة َ ۚ فَإِّن يَ ْكفُ ْر وا يَ ْع َملُونَ .أ ُ ۟ولَ ٰـٓئِّكَ ٱلَّذِّينَ َءات َ ْينَ ٰـ ُه ُم ْٱل ِّكت َ ٰـ َع ْن ُهم َّما َكانُ ۟ ط َ َولَ ْو أ َ ْش َر ُك ۟
وا لَ َحبِّ َ
وا بِّ َها بِّ َك ٰـ ِّف ِّرينَ .أ ُ ۟ولَ ٰـٓئِّكَ ٱلَّذِّينَ َهدَى َّ
ٱَّللُ ۖ فَبِّ ُهدَ ٰى ُه ُم ٱ ْقت َ ِّد ْه ۗ قُل َّ ٓ
ال س ۟ ُال ِّء فَقَ ْد َو َّك ْلنَا بِّ َها قَ ْو ًًۭما لَّ ْي ُ
بِّ َها َه ٰـٓؤ َ ٓ
علَ ْي ِّه أَجْ ًرا ۖ إِّ ْن ُه َو إِّ َّال ِّذ ْك َر ٰى ِّل ْلعَ ٰـلَ ِّمينَ ) األنعام اآليات من 83حتى .90 أَسْـَٔلُ ُك ْم َ
8
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
ص ُل اَّللِّ -صلى هللا عليه وسلم -فِّى َم ْن َعة ِّم ْن قَ ْو ِّم ِّه َو َ
ع ِّ ّم ِّه الَ يَ ِّ سو ُل َّ يَ ْست َِّطي ُع دَ ْف َع ذَلِّكَ َ
ع ْن ُه ْم َو َكانَ َر ُ
ض اَّللِّ -صلى هللا عليه وسلمِّ «: -إ َّن ِّبأ َ ْر ِّ سو ُل َّ َىء ِّم َّما يَ ْك َرهُ َم َّما يَنَا ُل أ َ ْ
ص َحابَهُ َف َقا َل َل ُه ْم َر ُ ِّإلَ ْي ِّه ش ْ
ُظلَ ُم أ َ َحد ِّع ْندَهُ َف ْال َحقُوا بِّ ِّبالَ ِّد ِّه َحتَّى يَجْ عَ َل َّ
اَّللُ َل ُك ْم َف َر ًجا َو َم ْخ َر ًجا ِّم َّما أ َ ْنت ُ ْم فِّي ِّه ». ش ِّة َم ِّل ًكا الَ ي ْ ْال َحبَ َ
علَى دِّينِّنَا َولَ ْم ن َْخ َ
ش ِّم ْنهُ ساالً َحتَّى اجْ ت َ َم ْعنَا ِّب َها فَنَزَ ْلنَا ِّ َخي ِّْر دَار ِّإ َلى َخي ِّْر َجار أ َ ِّمنَّا َ فَخ ََرجْ نَا ِّإلَ ْي َها أ َ ْر َ
طو ِّل ِّه .سنن البيهقي الحديث رقم .18190 ظ ْل ًماَ .وذَ َك َر ْال َحد َ
ِّيث ِّب ُ ُ
ثالثاأ :مرافعة جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه أمام ملك الحبشة:
روى أبو القاسم سليمان بن محمد الطبراني في معجمه الكبير تحت عنوان" :حديث جعفر بن
أبي طالب مع عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد عند النجاشي" ثم ساق بسنده عن الشعبي عن
عبد هللا بن أبي طالب ،عن أب يه قال :بعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية من
أبي سفيان إلى النجاشي ،فقالوا له ونحن عنده :قد بعثوا إليك أناسا من سفلتهم وسفهائهم فادفعهم
إلينا ،قال :ال ،حتى أسمع كالمهم ،فبعث إلينا فقال :ما تقولون ؟ قلنا :إن قومنا يعبدون األوثان،
وإن هللا -عز وجل -بعث إلينا رسوال فآمنا به وصدقناه ،فقال لهم النجاشي :عبيد هم لكم؟ قالوا:
ال ،قال :فلكم عليهم دين؟ قالوا :ال ،قال :فخلوا سبيلهم ،فخرجنا من عنده ،فقال عمرو بن العاص:
إن هؤالء يقولون في عيسى غير ما تقولون ،قال :إن لم يقولوا في عيسى مثل ما أقول لم أدعهم
في أرضي ساعة من نهار ،قال :فأرسل إلينا وكانت الدعوة الثانية أشد علينا من األولى ،فقال :ما
يقول صاحبكم في عيسى ابن مريم ؟ فقلنا :يقول" :هو روح هللا وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول
" ،قال :فأرسل فقال :ادعوا فالنا القس وفالنا الراهب ،فأتاه ناس منهم ،فقال :ما تقولون في
عيسى ابن مريم ،قالوا :أنت أعلمنا فما تقول؟ فقال النجاشي وأخذ شيئا من األرض ثم قال :هكذا
عيسى ،ما زاد على ما قال هؤالء مثل هذا ،ثم قال لهم :أيؤذيكم أحد؟ قالوا :نعم ،فأمر مناديا
فنادى :من آذى أحدا منهم فأغرموه أربعة دراهم ،ثم قال :يكفيكم؟ فقلنا :ال ،فأضعفها ،فلما هاجر
رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -إلى المدينة وظهر بها قلنا له :إن صاحبنا خرج إلى المدينة
و هاجر وقتل الذين كنا حدثناك عنهم ،وقد أردنا الرحيل فزودنا ،قال :نعم ،فحملنا وزودنا
وأعطانا ،ثم قال :أخبر صاحبك بما صنعت إليكم ،وهذا رسولي معك ،وأنا أشهد أن ال إله إال هللا
،وأنه رسول هللا ،وقل له يستغفر لي ،قال :فخرجنا حتى أتينا المدينة فتلقاني رسول هللا -صلى
هللا عليه وسلم -فاعتنقني فقال" :ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح أو بقدوم جعفر " فسله ما صنع به
صاحبنا ،فقلت :نعم ،قد فعل بنا قد فعل كذا وكذا ،وحملنا ،وزودنا ،ونصرنا ،وشهد أن ال إله إال
هللا ،وأنك رسوله ،وقال :قل له يستغفر لي ،فقام رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -فتوضأ ثم دعا
ثالث مرات " :اللهم اغفر للنجاشي" فقال المسلمون :آمين ،قال جعفر :فقلت للرسول :انطلق
9
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
فأخبر صاحبك ما رأيت من النبي صلى هللا عليه وسلم"أهـ .المعجم الكبير للطبراني تحقيق
حمدي عبد المجيد السلفي ـ ج 25ص ، 221ص .222
أقول :الشاهد من هذه الرواية أن الصحابي جعفر بن أبي طالب رضي هللا عنه ترافع أمام ملك
الحبشة النجاشي ولم يكن قد أسلم الملك في ذلك الوقت ،ولم يقل أنا ال أترافع أمام ملك كافر!
فعمرو بن العاص رضي هللا عنه كان في ذلك الوقت كافرا ً وكان مبعوث قريش إلى الحبشة
ويريد أن يتسلم هؤالء الصحابة من ملك الحبشة ليعيدهم إلى مكة حيث اإليذاء والتعذيب
وتعريضهم للفتنة في دينهم..
10
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
وذكرها الحافظ ابن القيم في زاد المعاد بقوله" :ثم انتهى إلى مكة فأرسل رجال من خزاعة إلى
مطعم بن عدي :أدخل في جوارك ؟ فقال :نعم ،ودعا بنيه وقومه فقال :البسوا السالح ،وكونوا
عند أركان البيت فإني قد أجرت محمدا ،فدخل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ومعه زيد بن
حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام ،فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى :يا معشر قريش
إني قد أجرت محمدا ،فال يهجه أحد منكم ،فانتهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إلى الركن
فاستلمه ،وصلى ركعتين ،وانصرف إلى بيته ،والمطعم بن عدي وولده محدقون به بالسالح حتى
دخل بيته"أهـ زاد المعاد ـ ابن القيم ـ مكتبة الصفا ـ القاهرة ـ الطبعة األولى ـ 2002م ـ مج 2-1ـ
ج 2ص .67
11
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
12
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
أقول :وقد أثنى الرسول صلى هللا عليه وسلم على هذا الحلف ..فقد روى اإلمام أحمد في مسنده
ع ْب ِّد ع ْن أ َ ِّبي ِّه َ
ع ْن َ ط ِّعم َ ع ْن ُم َح َّم ِّد ب ِّْن ُجبَي ِّْر ب ِّْن ُم ْ
ى َ ع ِّن ُّ
الز ْه ِّر ِّ ّ الرحْ َم ِّن ب ِّْن ِّإ ْس َحاقَ َ ع ْن َ
ع ْب ِّد َّ بسنده َ
ع ُمو َمتِّى َوأَنَا طيَّ ِّبينَ َم َع ُف ْال ُم َ
ش ِّهدْتُ ِّح ْل َ ى -صلى هللا عليه وسلم -قَا َل « َ ع ِّن النَّبِّ ِّ ّ
ع ْوف َ الرحْ َم ِّن ب ِّْن َ
َّ
غالَم فَ َما أ ُ ِّحبُّ أ َ َّن ِّلى ُح ْم َر النَّ َع ِّم َوأ َ ِّنّى أ َ ْن ُكثُهُ » .رقم الحديث في المسند .1677ورواه البخاري
ُ
في األدب المفرد بسند صحيح.
أقول :معلوم أن حلفي المطيبين والفضول أسسهما سادة قريش وكبار مشركيها لنصرة المظلوم
وأخذ حقه من الظالم ،وأن أي إنسان كان في وسعه أن يلجأ إلى هذا الحلف الذي هو أقرب إلى
محكمة بالمعنى المتعارف عليه حديثاً ..حيث تسمع دعوى الشاكي ويتم استدعاء المشكو في حق
ثم بعد االستماع إلى حجة الطرفين يحكمون بنصرة هذا المظلوم وأخذ حقه ..وقد مدح رسول هللا
صنيع هؤالء المشركين في حلفهم وما أحب أن ينكثه ولو أعطي حمر النعم ..لماذا؟
ألن صنيع هؤالء المشركين في تحالفهم ونصرتهم للمظلوم ال يتعارض مع مقاصد الشريعة
اإلسالمية في إنصاف المظلوم ورفع الضرر عنه .وعلى ذلك من لجأ ضرورة إلى المحكمة
الوضعية التي تحكم بغير الشريع ة السترداد حقه ورفع الظلم عنه فليس من باب إرادة التحاكم إلى
الطاغوت وإن كان في ظاهره صورة من صور التحاكم إلى الطاغوت.
االعتراض بالنسخ:
فإن اعترض معترض وقال إن حديث عبد الرحمن بن عوف رضي هللا عنه عن رسول هللا صلى
غالَم فَ َما أ ُ ِّحبُّ أ َ َّن ِّلى ُح ْم َر النَّعَ ِّم َوأَنِّّى
ع ُمو َمتِّى َوأَنَا ُ ف ْال ُم َ
طيَّبِّينَ َم َع ُ ش ِّهدْتُ ِّح ْل َ
هللا عليه وسلم " َ
اصم قَا َل أ َ ْن ُكثُهُ" نسخه حديث آخر رواه البخاري بسنده :عن عن إِّ ْس َما ِّعي ُل ب ُْن زَ َك ِّريَّا َء َحدَّثَنَا َ
ع ِّ
سالَ ِم » َ .ف َقا َل قَ ْد اإل ْ
ف فِى ِ ى -صلى هللا عليه وسلم -قَا َل « الَ ِح ْل َقُ ْلتُ ألَن َِّس ب ِّْن َما ِّلك أَبَلَغَكَ أ َ َّن النَّبِّ َّ
ار فِّى دَ ِّارى .البخاري في األدب رقم ى -صلى هللا عليه وسلم -بَيْنَ قُ َريْش َواأل َ ْن َ
ص ِّ َحالَ َ
ف النَّبِّ ُّ
الحديث .6083
اَّللِّ -صلى هللا عليه وسلم « -الَ ِّح ْل َ
ف سو ُل َّ ط ِّعم قَا َل قَا َل َر ُ وفي رواية مسلم في حديث ُجبَي ِّْر ب ِّْن ُم ْ
اإل ْسالَ ِّم َوأَيُّ َما ِّح ْلف َكانَ فِّى ْال َجا ِّه ِّليَّ ِّة لَ ْم يَ ِّز ْدهُ ِّ
اإل ْسالَ ُم إِّالَّ ِّشدَّة ً » .رواه مسلم في كتاب فضائل فِّى ِّ
الصحابة .رقم الحديث .6628
أقول :إن دعوى النسخ غير مسلم بها ألنه يمكن الجمع بين الحديثين فمعنى ال حلف في اإلسالم
أي الحلف على باطل ونصر الظالم في اإلسالم ..أما ما كان من أمر الجاهلية وأحالفها من مكارم
األخالق ونصر المظلوم فليس بمنسوخ ..وهكذا يكون النسخ على التحالف على الباطل ،أما
التحالف على نصر المظلوم وإعانته في استرداد حقه فهذا مقصد عظيم من مقاصد اإلسالم
13
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
ومكرمة كريمة باقية إلى قيام الساعة .ومصداقا ً لما أقول :ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقالني
في شرحه لحديث "ال حلف في اإلسالم".
قول الحافظ ابن حجر العسقالني في حديث ال حلف في اإلسالم:
"قوله ( :قلت ألنس بن مالك أبلغك أن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال :ال حلف في
اإلسالم فقال :قد حالف النبي -صلى هللا عليه وسلم -بين قريش واألنصار في داري ) ووقع في
رواية أبي داود من رواية سفيان بن عيينة عن عاصم قال "سمعت أنس بن مالك يقول حالف "
فذكره بلفظ المهاجرين بدل قريش ،فقيل له أليس قال ال حلف في اإلسالم؟ قال :قد حالف فذكر
مثله وزاد مرتين أو ثالثا ،وأخرجه مسلم بنحوه مختصرا( )..وأما الحديث المسئول عنه فهو
حديث صحيح أخرجه مسلم عن جبير بن مطعم عن النبي -صلى هللا عليه وسلم -قال ال حلف
في اإلسالم ،وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده اإلسالم إال شدة .وأخرجه الترمذي من عمرو
بن شعيب عن أبيه عن جده ( )..وأخرج البخاري في " األدب المفرد " عن عبد هللا بن أبي أوفى
نحوه باختصار ،وأخرج أيضا أحمد وأبو يعلى وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد
الرحمن بن عوف مرفوعا (شهدت مع عمومتي حلف المطيبين ،فما أحب أن أنكثه وحلف
المطيبين) ..كان قبل المبعث بمدة ،ذكره ابن إسحاق وغيره ،وكان جمع من قريش اجتمعوا
فتعاقدوا على أن ينصروا المظلوم وينصفوا بين الناس ونحو ذلك من خالل الخير ،واستمر ذلك
بعد المبعث ،ويستفاد من حديث عبد الرحمن بن عوف أنهم استمروا على ذلك في اإلسالم ،وإلى
ذلك اإلشارة في حديث جبير بن مطعم"أهـ فتح الباري شرح صحيح البخاري ـ ابن حجر
العسقالني ـ دار الفكر للبطاعة والنشر ـ بيروت ـ الطبعة األولى ـ 1992ـ مج 12ـ ص .128
ثم يجمع ابن حجر بين الحديثين بقوله:
"وتضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث ألن فيه نفي الحلف ،وفيما قاله هو إثباته ،ويمكن
الجمع بأن المنفي ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولو كان ظالما ومن أخذ الثأر
من القبيلة بسبب قتل واحد منها ومن التوارث ونحو ذلك ،والمثبت ما عدا ذلك من نصر المظلوم
والقيام في أمر الدين ونحو ذلك من المستحبات الشرعية كالمصادقة والمواددة وحفظ العهد ،وقد
تقدم حديث ابن عباس في نسخ التوارث بين المتعاقدين ،وذكر الداودي أنهم كانوا يورثون الحليف
السدس دائما فنسخ ذلك .وقال ابن عيينة :حمل العلماء قول أنس " حالف " على المؤاخاة .قلت :
لكن سياق عاصم عنه يقتضي أنه أراد المحالفة حقيقة ،وإال كان الجواب مطابقا ،وترجمة
البخاري ظاهرة في المغايرة بينهما وتقدم في الهجرة إلى المدينة " باب كيف آخى النبي -صلى
هللا عليه وسلم -بين أصحابه " وذكر الحديثين المذكورين هنا أوال ولم يذكر حديث الحلف ،وتقدم
ما يتعلق بالمؤاخاة هناك .قال النووي :المنفي حلف التوارث وما يمنع منه الشرع ،وأما التحالف
14
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
على طاعة هللا ونصر المظلوم والمؤاخاة في هللا -تعالى -فهو أمر مرغب فيه" أهـ فتح الباري ـ
مج 12ـ ص .128
قول العالمة ابن الثير في الجميع بين الحديثين:
قال ابن الثير" :وفي حديث آخر (ال حلف في اإلسالم) ..أصل الحلف :المعاقدة والمعاهدة على
التعاضد والتساعد واالتفاق ،فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات،
فذلك الذي ورد النهي عنه في اإلسالم بقوله صلى هللا عليه وسلم( :ال حلف في اإلسالم) ،وما
كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة األرحام؛ كحلف المطيبين ،وما جرى مجراه،
فذلك قال فيه صلى هللا عليه وسلم ( وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده اإلسالم إال شدة) ..يريد
من المعاقدة على الخير ونصرة الحق .وبذلك يجتمع الحديثان ،وهذا هو الحلف الذي يقتضيه
اإلسالم ،والممنوع منه ما خالف حكم اإلسالم" أهـ النهاية في غريب الحديث واألثر ـ مجد الدين
أبو السعادات محمد بن األثير ـ تحقيق علي عبد الحميد ـ دار ابن حزم ـ الطبعة األولى ـ 1421هـ
ـ ص .225
أقول :هكذا نسف علماؤنا دعوى النسخ ..والمعلوم أصوليا ً أنه طالما يمكن الجمع بين الحديثين
إذا كانا متعارضين في الظاهر فال وجه للنسخ ..وعلى افتراض أن هناك نسخا ً فالمقصود أنه نسخ
جزئي ،وهو نسخ أي تحالف على باطل وعلى نصر القوي على الضعيف ،ونسخ التعصب للظلم
والطغيان ..أما التحالف على مكارم األخالق ونصر المظلومين من الظالمين فهذه محمدة ومنقبة؛
اإلسالم أولى بها وأجدر ..والعجب العجاب في من يتمسك بنسخ النص السابق الوارد في حديث
عبد الرحمن بن عوف رضي هللا عنه رغم أنهم يعتبرون أن التحاكم إلى الشريعة اإلسالمية من
أصل الدين ومن ثم فال نسخ على قضية متعلقة بأصل الدين سواء قبل فتح مكة أو بعدها وسواء
قبل الهجرة أو بعدها ..والذي جعلهم يقولون بالنسخ لينفوا أن الرسول صلى هللا عليه وسلم قد أقر
على حلف أسسه مشركون في الجاهلية كانوا ينصرون فيه المظلوم أي أن الناس كانوا يتحاكمون
إلى هؤالء المشركين لينصفوهم ..ورسول هللا صلى هللا عليه وسلم أثنى على هذا الحلف أي أنه
صلى هللا عليه وسلم أقر بهذه الصورة الواردة في حديث عبد الرحمن بن عوف وتمنيه صلى هللا
عليه وسلم أنه لو دعي إليه ألجاب ..وأنه ود أال ينقضه لو أعطي حمر النعم ..فماذا عسا هؤالء
المعترضون أن يجيبوا؟! فلو قالوا إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ـ وحاشاه ذلك أثنى ـ على
التحاكم بالطاغوت لكفروا وخرجوا من اإلسالم! لذلك لما وقعوا في هذا المأزق لجأوا إلى دعوى
النسخ رغم أنهم يعلمون حسب قولهم أن قضية التحاكم من أصل الدين؛ وأصل الدين ال نسخ فيه
فهو من القضايا المحكمة إلى يوم القيامة.
15
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
16
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
وال يخفى أن الترافع إلى هذه اإلدارات أو المحاكم من قبل الضرورة ألنه لو وجب على المقيم في
تلك البالد أال يرفع قضيته إذا ظلم إذا للحقه ضرر عظيم بذلك ولتسلط المجرمون على المسلمين
إذا علموا أنهم ال ينتصرون.
وبهذا يعلم أن التحاكم إلى هذه اإلدارات والمحاكم على هذا الوجه من الضرورة ال ينافي الكفر
بالطاغوت وهو كل حكم يناقض شرع هللا الذي أنزله في كتابه وسنة نبيه صلى هللا عليه وسلم
وهللا أعلم ".أهـ ..تاريخ الفتوى 1426-10-6هـ.
أقول :الشاهد :قول الشيخ البراك (فله أن يرفع قضيته لمن يرفع عنه الظلم أو يدفع عنه الظلم
فإن اإلنسان المظلوم له أن يستعين بمن ينصره) ..وقوله (وليس هذا من التحاكم إلى الطاغوت)
..واستناد الشيخ البراك إلى حالة (الضرورة) ..التي تنطبق على حالة الشباب في جوانتنامو
ومعظم دول العالم اإلسالمي التي على سدة حكمها قوانين وضعية ال تحكم بما أنزل هللا.
17
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
أقول األصل في التحاكم أنه ال يجوز إال لحكم هللا ..ونظرا ً لعموم البلوى التي حلت بالمسلمين
على مستوى العالم بغياب دولة اإلسالم التي يلجأون إلى العيش في كنفها والتحاكم إلى قوانينها
المستمدة من الشريعة اإلسالمية كمصدر وحيد للتشريع؛ فال يكاد المسلم يجد دولة في العالم
اإلسالمي تحكم بالشريعة اإلسالمية كما كان سلف هذه األمة يحكمون .ولذلك فمن كان يعيش في
دول ال تحكم إال بالقوانين الوضعية كما في أمريكا وأوربا وروسيا والصين وغيرها ودول العالم
اإلسالمي التي ال تحكم بشرع هللا أيضا ً ،وتعرض لجناية قتل أو سرقة أو سجن أو أي صورة من
صور العدوان على النفس واألطراف وتعذر عليه أخذ حقه فإنه من منطلق قول هللا تعالى( :فاتقوا
هللا ما استطعتم) التغابن آية ..16وحالة الضرورة؛ وكما هو معلوم لدى أهل األصول أن
الضروريات من المصالح التي عليها مدار التشريع وهذه الضروريات التي هي درء المفاسد إنما
هي درؤها عن ستة أشياء؛ الدين ،والنفس ،والعقل ،والنسب ،والعرض ،والمال .وبعض القواعد
الفقهية مثل قاعدة (الضرر يزال) ،وغيرها بغية رفع الحرج والضيق عن المسلمين؛ قال العالمة
إمام الحرمين أبو المعالي الجويني" :ونحن على اضطرار من عقولنا نعلم أن الشرع لم يرد بما
يؤدي إلى بوار أهل الدنيا ( )..أن الحرام إذا طبق الزمان وأهله ،ولم يجدوا إلى طلب الحالل
سبيالً ،فلهم أن يأخذوا منه قدر الحاجة" أهـ ( :غياث األمم في التياث الظلم ـ الجويني ـ تحقيق د.
عبد العظيم الديب ـ الطبعة الثانية 1401هـ ـ ص.) 478
وعليه أقول :إنه يجوز للمسلم أن يلجأ إلى التحاكم لهذه المحاكم الوضعية بغية استرداد حقه ودفع
الظلم عن نفسه ..كما أنه في نفس الوقت ال يجوز له أن يأخذ شيئا ً ليس من حقه أو زائدا ً عن حقه.
ومن يقول بحرمة التحاكم إلى هذه المحاكم الوضعية حسب الشروط والقيود التي ذكرتها سابقا ً
فإنه يتسبب في شدة الحرج والضيق على المسلمين؛ بل يجعل دماءهم وأعراضهم وأموالهم وكافة
حقوقهم مهدرة ومستباحة لمن يعتدي عليهم ..وبالطبع هذا ما تأباه الشريعة اإلسالمية الغراء
ومقاصدها العظيمة بحفظ دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ورفع الظلم عنهم.
هذا ما يحضرني في هذا المقام من نصح لإلخوة األكارم في سجون جوانتنامو وغيرها فإن أخذوا
بهذا الرأي فأسأل هللا أن يسهل لهم أمرهم ليبينوا للرأي العام ما القوه من ظلم وعنت وليشرحوا
قضيتهم وسبب القبض عليهم بدل أن تموت حقوقهم معهم في سجنهم ال قدر هللا ..وإذا أصروا
على رأيهم في عدم المثول أمام هذه المحاكم الوضعية ..فأسأله سبحانه وتعالى أن يعينهم على
الصبر فنعم زاد المبتلين ..وآخر دعونا أن الحمد هلل رب العالمين.
18
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
أسأل هللا العظيم أن يجعل للمسلمين مخرجا ً وفرجا ً قريبا ً ..وأسأله سبحانه أن يكرم المسلمين
بدولة تحكم بالشريعة؛ يؤمر فيها بالمعروف ،وينهى فيها عن المنكر ،ويعز فيها أولياؤه ،ويذل
فيها أعداؤه ..وأسأله سبحانه أن يفرج كرب المكروبين ويفك أسر المسجونين ..اللهم آمين.
كتبه
د .هاني السباعي
لندن في يوم األربعاء
7شعبان 1433هـ الموافق 27ـ 6ـ 2012
19
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
) (3كتاب القصاص (دراسة مقارنة الشريعة اإلسالمية بالقوانين الوضعية من إصادرارت
مركز المقريزي بلندن 1425هـ ـ 2004م.
) (4كتاب إثبات جريمة القتل العمد (دراسة مقارنة الشريعة اإلسالمية بالقوانين الوضعية من
إصدارت مركز المقريزي بلندن عام 1427هـ 2006م.
) (5كتاب مسائل في اإليمان باللغة اإلنجليزية إصدارات عام1432هـ ـ 2011م.
( )6كتاب العدو القريب باللغة اإلنجليزية طبع حديثاً.
) (6كتاب مصادر السيرة النبوية ..طبع حديثا ً بمصر عقب ثورة 25يناير .2011
( ) 7كتاب أي الفريقين أحق بالعقل يا بندكتوس .طبع باللغة العربي واإلنجليزية والفرنسية
واأللمانية والتركية والفارسية واألسبانية.
( )8العلمانيون وثورة الزنج .طبع حديثا.
( )9اإلرهاب في المنظومة الغربية طبع حديثا.
( )10دورة شرعية في مسائل اإليمان والفرق 11شريط.
( )11دورة شرعية في مصادر السيرة النبوية 13شريط.
( )12دورة شرعية في الواء والبراء 10شرائط.
( )13دورة في القضاء الشرعي 17شريطا.
( )14دورة في القضاء الجنائي اإلسالمي 8شرائط.
( )15أكثر من 713خطبة جمعة باإلضافة لعشرات اللقاءات عبر وسائل اإلعالم المتعددة.
( )16تفريغ دورة القضاء الجنائي اإلسالمي الصوتية في كتاب مطبوع منشور على الشبكة
العنكبوتية من إصدارات مؤسسة تحايا اإلعالمية.
( )17كتاب زنادقة األدب والفكر .نسخة بي دي إف على الشبكة العنكبوتية.
( )18الخليفة المفترى عليه عبد هللا بن الزبير رضي هللا عنه 10 .أشرطة سمعية.
( )19ثورة التوابين تحت الطبع
20
حكم التحاكم إلى محاكم تطبق القوانين الوضعية بقلم د.هاني السباعي
21