Professional Documents
Culture Documents
Contenu 43
Contenu 43
تعرف سوى بعض أشكال االستشارة عىل مستويات متعددة ،يف حني يكاد يغيب هذا النظام يف قانون العمل الليبي.105
وعليه يعترب الحوار االجتماعي من املصادر األساسية التي تدفع يف اتجاه تنظيم وتطوير الحوار بني املعنيني ،ومن
املراجع املحورية ملأسسة اإلطار القانوني الذي يوجه عامة رشوط وكيفية هذا الحوار ،بما يضمن من حقوق ويرتب واجبات
ترتبط أساسا بعالقات العمل القائمة بني األجري ورب العمل .وقد اعتمدت مجموعة من الدول هذا الحوار االجتماعي من
أجل تطوير ترسانتها الترشيعية والقانونية املتمثلة خاصة يف ترشيع عالقات العمل؛ كقانون العمل ،او مدونة الشغل ،أو
ترشيع الشغل ،أو أية تسمية ذات طبيعة خصوصية حسب ما تفرضه الوضعية يف كل بلد.
وبناء عىل ما سبق ستحاول هذه الورقة العلمية ،محاولة تقديم دراسة مقتضبة حول أساسيات ومكونات الحوار
االجتماعي كمرجع وكمصدر لتطوير الرتسانة القانونية لعالقات الشغل ،باالعتماد عىل دراسة حالة املغرب ،وكيف ينظم
ويقدم حواره االجتماعي يف هذا الصدد تطويرا لترشيعه الخاص بالشغل.
مع بدايات القرن العرشين ،ظهر مصطلح الحوار االجتماعي ،ويقصد به كما تشري أدبيات منظمة العمل الدولية
"مشاركة العمال وأصحاب العمل والحكومات يف صنع القرار بشأن مسائل العمالة والعمل ،...وهو يشمل كافة أنواع
املفاوضة والتشاور وتبادل املعلومات فيما بينها بشأن املصالح املشرتكة يف السياسة االقتصادية واالجتماعية وسياسة
العمل" .106وعامة ساعد انتشار مفاهيم الديمقراطية واملساواة وحقوق اإلنسان عىل تطوير هذا املفهوم .وباعتباره يهدف
إىل استتباب السلم االجتماعي واستقرار العالقات املهنية والحفاظ عىل رصيد الشغل .كما يعترب عىل املستوى االقتصادي
أداة هامة لتحريك وتنشيط الحياة االقتصادية وتوفري املناخ املالئم لتطوير اإلنتاج وتمكني املقاوالت من مواجهة التحديات
االقتصادية التي تفرضها العوملة والتنافسية االقتصادية....ألجل ذلك سبق لكل من منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل
العربية أن أصدرتا العديد من االتفاقيات والتوصيات التي أقرت الحق يف املفاوضة الجماعية ،وحقوق أخرى تعزز ذلك الحق
خاصة ما يتعلق باليات ممارسته من طرف ممثيل األجراء ،ومن ضمنها أساسا مبدأ الحرية النقابية .
ويعترب الحوار االجتماعي بحد ذاته ليس مفهوما حديثا ،فهو موجود بأشكال مختلفة منذ عقود طويلة ولكن أهميته تزايدت
يف العقود األخرية من القرن املايض ،وتصاعد الحديث عنه برتاجع حدة الرصاع القائم عىل أساس طبقي ،وخاصة بعد انهيار
منظومة الدول االشرتاكية ،وترسخ اقتصاد السوق يف كافة دول العالم ،ويأخذ الحوار االجتماعي أشكاال مختلفة ولكنه
باملفهوم املطلوب لم يأخذ بعده الكامل بعد .فأمام التطورات الرسيعة التي يعرفها العالم وما يرتتب عليها من أزمات
اقتصادية واجتماعية يف إطار نظام العوملة وعالقتها بالعدالة االجتماعية ،بدأت أطراف اإلنتاج املختلفة والتي تتشارك يف
مصالحها ،وتتضارب بالبحث عن وسائل جديدة تستطيع من خاللها تحقيق حد أدنى من التفاهم لتحقيق ما يمكن االتفاق
عليه ،وتدرك ما ينبغي لآلليات القانونية والترشيعية القائمة .وبذلك أعيد التأكيد عىل نموذج اإلدارة السديدة للحوار
االجتماعي يف منظمة العمل الدولية يف عدد من املناسبات .ومنذ عهد أقرب يف إعالن العدالة االجتماعية من أجل عوملة عادلة،
الذي اعتمده مؤتمر العمل الدويل عام .1075112والحوار االجتماعي هو املصطلح الذي يصف مشاركة العمال وأصحاب
العمل والحكومات يف صنع القرار بشأن مسائل العمالة ومكان العمل .وهو يشمل كافة أنواع املفاوضة والتشاور وتبادل
-105محمد الشرقاوق -النظام القانوني للمفاوضة الجماعية -دار اآلفاق المغربية -7069ص 1
-106مكتب العمل الدولي – الحوار االجتماعي ) 7061 -(ILC.102/VIالصفحة 1
-107مكتبالعماللدولي :إعالنمنظمةالعماللدوليةبشأنالعدالةاالجتماعيةمنأجلعولمةعادلة،مؤتمرالعماللدولي،الدورة ،92جنيف .7002
43