Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫نظرة عامة على العهد القديم‬

‫عامة على العهد القديم‬


‫الوحدة األولى‪ :‬نظرة ّ‬

‫القسم األول‪ :‬نظرة عامة على العهد القديم‬


‫الخاصة بالوحدة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫عامة‪ :‬العهد القديم" اذهب الى مصادر الميديا على مودل‬
‫لمشاهدة الفيديو " نظرة ّ‬

‫السؤال اذهب الى موديل‪:‬‬


‫لالجابة على ّ‬
‫اكتب فيما ٌيقارب ‪ ٢٠٠‬كلمة مل ّخصا ألهم أحداث العهد القديم كما جاء في الفيديو‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬تعريف بالعهد القديم‬
‫"العهد القديم" هو القسم األول من "قسمي الكتاب المقدس" (البيبليا) الذي هو المرجع األول‪ ،‬للكنائس المسيحية‬
‫‪1‬‬
‫أيضا‪ ،‬لليهود‪،‬‬
‫التاريخية ‪ ،‬والمرجع األول واألخير لمعظم الكنائس اإلنجيلية‪ ،‬لكل ما يتعلق بالدين واألخالق‪ .‬هو ً‬
‫"الكتاب المقدس" ومرجعهم األساس بين مجموعة كتبهم الدينية األخرى‪.2‬‬

‫أوًل‪ :‬أسفار العهد القديم وترتيبها‬


‫سفرا‪ ،‬وهي‬
‫اإلنجيلية‪ ،‬تسعة وثالثين ً‬
‫ّ‬ ‫يتضمن هذا "العهد القديم"‪ ،‬بحسب ترتيب األسفار الحالي في الكنائس‬
‫مرتبة كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬كتب التوراة (‪ ،)5‬وهي‪ :‬التكوين‪ ،‬الخروج‪ ،‬الالويين (أو األحبار)‪ ،‬العدد‪ ،‬والتثنية‪ .‬وتسمى هذه‬
‫أيضا "البنتاتيوكس" (الخماسية)‪.‬‬
‫المجموعة ً‬
‫التاريخية (‪ ،)12‬وهي‪ :‬يشوع‪ ،‬القضاة‪ ،‬راعوث‪ ،‬صموئيل األول‪ ،‬صموئيل الثاني‪ ،‬الملوك‬
‫ّ‬ ‫‪ .2‬األسفار‬
‫األول‪ ،‬الملوك الثاني‪ ،‬أخبار األيام األول‪ ،‬أخبار األيام الثاني‪ ،‬عزرا‪ ،‬نحميا وأستير‪.‬‬
‫الحكمية (‪ ،)5‬وهي‪ :‬أيوب‪ ،‬المزامير‪ ،‬األمثال‪ ،‬الجامعة‪ ،‬ونشيد األنشاد (األناشيد)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الشعرية و‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬األسفار‬
‫‪ .4‬أسفار األنبياء الكبار (‪ ،)5‬وهي إشعياء‪ ،‬إرميا‪ ،‬مراثي إرميا‪ ،‬حزقيال‪ ،‬ودانيال‪.‬‬
‫‪ .5‬أسفار األنبياء الصغار (‪ ،)12‬وهي‪ :‬هوشع‪ ،‬يوئيل‪ ،‬عاموس‪ ،‬عوبديا‪ ،‬يونان‪ ،‬ميخا‪ ،‬ناحوم‪ ،‬حبقوق‪،‬‬
‫صفنيا‪ ،‬حجي‪ ،‬زكريا‪ ،‬ومالخي‪.‬‬
‫‪.6‬‬
‫وهذه هي األسفار نفسها الموجودة في "القانون" العبري إنما بترتيب مختلف‪.‬‬
‫يضاف إليها في الكنائس الكاثوليكية‪:‬‬
‫اليونانية‪ ،‬وهي‪ :‬طوبيا‪ ،‬يهوديت‪ ،‬أستير (يوناني) (الحقة بسفر أستير العبري)‪ ،‬الحكمة‪ ،‬يشوع بن‬ ‫ّ‬ ‫األسفار‬
‫سيراخ‪ ،‬باروخ‪ ،‬رسالة إرميا (الحقة بسفر إرميا العبري)‪ ،‬دانيال (يوناني) (الحقة بسفر دانيال العبري)‪ ،‬المكابيين‬
‫األول‪ ،‬والمكابيين الثاني‪.‬‬

‫‪ 1‬الكنائس المسيحية التاريخية هي الكنائس الكاثوليكية والكنائس األرثوذكسية‪ ،‬وهي تعتبر أن الكتاب المقدس والتقليد هما السلطة المرجعية لكافة المسائل‬
‫العقييدية والليتورجية والخلقية‪.‬‬
‫تكون التلموذ‪.‬‬ ‫أهم الكتب اليهودية المرجعية باإلضافة إلى "العهد القديم" هي‪ِ :‬‬
‫المشنا والجما ار والهالخا وكلها ِ‬ ‫‪2‬‬

‫‪2‬‬
‫ويصبح مجموع األسفار ستة وأربعين (‪ .)46‬وهذه الكتب جزء مما يدعى "األبوكريفا"‪ 3‬أو كتب القانونية الثانية‪.4‬‬
‫لقد نقل هذا الترتيب لألسفار عن "السبعينية"‪ 5‬عن طريق "الفولغاتا"‪ .6‬ولما كانت بعض أسفار "األبوكريفا" ملحقة‬
‫أيضا إلى الالتينية وألحقت بـ"الفولغاتا" ومنها انتقلت إلى "العهد القديم" في‬‫ببعض نسخ السبعينية‪ ،‬ترجمت ً‬
‫الكنائس الكاثوليكية وسميت "أسفار القانونية الثانية"‪.‬‬

‫أما ترتيب األسفار بحسب الـ"الكتاب المقدس" العبري (العهد القديم)‪ ،‬فهو على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬أسفار التوراة (‪ ،)5‬وهي‪ :‬التكوين‪ ،‬الخروج‪ ،‬الالويين‪ ،‬العدد‪ ،‬والتثنية‪.‬‬
‫‪ .2‬أسفار األنبياء (‪)8‬‬
‫‪ .3‬أسفار األنبياء األولون (‪ ،)4‬وهي‪ :‬يشوع‪ ،‬القضاة‪ ،‬صموئيل (األول والثاني)‪ ،‬الملوك (األول والثاني)‪.‬‬
‫‪ .4‬أسفار األنبياء الالحقين (‪ ،)4‬وهي‪ :‬إشعياء‪ ،‬إرميا‪ ،‬حزقيال‪ ،‬اإلثنا عشر (هوشع‪ ،‬يوئيل‪ ،‬عاموس‪،‬‬
‫عوبديا‪ ،‬يونان‪ ،‬ميخا‪ ،‬ناحوم‪ ،‬حبقوق‪ ،‬صفنيا‪ ،‬حجي‪ ،‬زكريا‪ ،‬مالخي)‪.‬‬
‫‪ .5‬أسفار الكتابات (‪)11‬‬
‫الشعرية (‪ ،)3‬وهي‪ :‬المزامير‪ ،‬األمثال‪ ،‬أيوب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .6‬أسفار الكتابات‬
‫‪ .7‬أسفار اللفائف الخمسة (‪ ،)5‬نشيد األنشاد‪ ،‬راعوث‪ ،‬مراثي إرميا‪ ،‬الجامعة‪ ،‬أستير‪.‬‬
‫التاريخية (‪ ،)3‬وهي‪ :‬دانيال‪ ،‬عزرا_ نحميا‪ ،‬وأخبار األيام (األول والثاني)‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .8‬أسفار الكتابات‬
‫ومجموع األسفار أربعة وعشرون (‪.)24‬‬

‫يفيد المؤرخ اليهودي يوسيفوس بأن عدد األسفار هو اثنان وعشرون (‪ .)22‬وقد توصل إلى هذا العدد بضم‬
‫سفر راعوث إلى القضاة وسفر المراثي إلى إرميا‪ .‬ويظهر بأن هذين السفرين كانا منفصلين عن مكانيهما‬
‫األصلي بسبب استعمالها‪ ،‬مع مجموعة "اللفائف الخمسة"‪ ،‬في بعض المناسبات الدينية‪.7‬‬

‫‪3‬‬
‫كلمة "أبوكريفا" تعني "مخبأ" أو "سري"‪ .‬وقد كانت هذه الكتب تق أر من قبل رجال الدين وبعض المتخصصين‪( .‬انظر القسم المتعلق بـ"أبوكريفا العهد‬
‫القديم" في الفهرس)‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫أطلقت تسمية "كتب القانونية الثانية" على كتب األبوكريفا التي تعترف بها الكنائس الكاثوليكية‪ ،‬ألنها نالت قانونيتها في مجمع ترانت سنة ‪ 1545‬بعد‬
‫أن نالت الكتب األخرى قانونيتها في مجمع هيبو (قرطاجة) سنة ‪397‬م‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫"السبعينية" ترجمة للعهد القديم إلى اليونانية‪ ،‬وهي في غاية األهمية‪ ،‬لذلك سيأتي الكالم عنها الحًقا‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫"الفولغاتا" أي "الشعبية" وهي ترجمة للكتاب المقدس بكامله إلى الالتينية قام بها القديس أيرونيموس (جيروم)‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪W. T. Purkiser (Editor), Exploring the Old Testament. Kansas City: Beacon Hill Press 1955. P. 52.‬‬

‫‪3‬‬
‫وهذا هو الترتيب الذي كان معموًال به أيام المسيح‪ ،‬وقد عكسه لنا العهد الجديد‪ ،‬وهو مقسم إلى ثالثة أقسام‬
‫رئيسية‪" :‬ناموس موسى" (الشريعة) و"األنبياء" والمزامير (لوقا ‪ .44 :24‬رج آ ‪ .)27‬وكتاب المزامير هو كتاب‬
‫رئيس بين مجموعة تدعى "الكتابات"‪.8‬‬

‫ثانيا‪ :‬معنى التسمية‬


‫أطلقت في العهد الجديد‪ ،‬على أسفار العهد القديم‪ ،‬تسميات متعددة‪" :‬الكتاب" (رومية ‪11 :10‬؛ ‪2‬تيموثاوس)‪،‬‬
‫"الكتب المقدسة" (‪ 2‬تيموثاوس ‪ .)15 :3‬وكان ميليتس (‪ ،)Melito‬أسقف ساردس‪ ،‬هو أول من أطلق تسمية‬
‫‪9‬‬
‫"العهد القديم" على هذه المجموعة من األسفار المقدسة‪ ،‬وذلك عام ‪180‬م‪.‬‬
‫تسمية "العهد القديم" تتعدى المفهوم البسيط‪" :‬األسفار التي كتبت قبل المسيح"‪ .‬لماذا اختار آباء الكنيسة كلمة‬
‫أبعادا الهوتية‪ ،‬نحاول أن نشرحها‪ .‬جاء في‬
‫"عهد" للتعبير عن مجموعة األسفار المقدسة؟ واضح أن للتسمية ً‬
‫نبوة إرميا (إرميا ‪:)32-31 :31‬‬

‫يل َو َم َع َب ْي ِت َيهوَذا َع ْهدا َج ِديدا‪َ .‬ل ْي َس َكاْل َع ْه ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫َب ْيت ِإ ْس َرائ َ‬ ‫طع َم َع‬ ‫َّام تَأِْتي‪َ ،‬يقول َّ‬
‫الر ُّب‪َ ،‬وأَ ْق َ‬ ‫"ها أَي ٌ‬
‫َ‬
‫ين َنَقضوا َع ْه ِدي‬ ‫ِ‬
‫ص َر‪ ،‬ح َ‬
‫ِبي ِد ِهم أل ْخ ِرجهم ِمن أَر ِ ِ‬
‫ضمْ‬ ‫َ ْ ْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّال ِذي َق َ‬
‫ط ْعته َم َع َآب ِائ ِه ْم َي ْوَم أ َْم َس ْكته ْم‬
‫الر ُّب"‪.‬‬
‫ضته ْم‪َ ،‬يقول َّ‬
‫َف َرَف ْ‬

‫وجاء مثل هذا الكالم في سفر حزقيال (حزقيال ‪ .)27-26 :37‬يذكر النبي إرميا هنا "عهدا جديدا" بالمقارنة‬
‫مع العهد األول الذي هو "العهد القديم"‪ .‬ثم عندما كان الرب يسوع المسيح يؤسس للعشاء الرباني قال‪" :‬هذه‬
‫الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم"‪( .‬رج ‪1‬كورونثوس ‪25 :11‬؛ عبرانيين ‪ .)10 :8‬وبناء على‬
‫جديدا‪ .10‬وما يطلق‬
‫ثانيا أو ً‬
‫وعهدا ً‬
‫ً‬ ‫قديما‬
‫عهدا أوًال أو ً‬ ‫هذا الكالم‪ ،‬يكون هللا قد قطع‪ ،‬تار ً‬
‫يخا‪ ،‬مع شعبه عهدين‪ً :‬‬

‫‪ 8‬سنشرح الموضوع عند كالمنا عن "قانون العهد القديم"‪.‬‬


‫‪9‬‬
‫المكونة من األناجيل وأعمال الرسل ومعظم الرسائل وسفر الرؤيا‪.‬‬
‫َّ‬ ‫أطلق ترتليان‪ ،‬عام ‪200‬م‪ .‬تسمية "العهد الجديد" على مجموعة األسفار‬
‫احدا‪ ،‬كانت صورته في العهد المرتب مع الشعب‬ ‫يوجد تنوع في اآلراء بما يتعلق بـ"العهد"‪ ،‬فبعض الالهوتيين يعتبرون أن هللا قطع مع اإلنسان ً‬
‫عهدا و ً‬
‫‪10‬‬

‫الخارج من مصر عند جبل سيناء‪ ،‬وأصله أو حقيقته في الفداء الذي صنعه بالمسيح على الصليب‪ ،‬وفريق آخر من الالهوتيين‪ ،‬وهؤالء يؤمنون بما يسمى‬

‫‪4‬‬
‫عليه "العهد القديم" هي بالتالي األسفار التي تغطي أحداث العهد الموسوي (األول أو القديم) الذي جاء قبل‬
‫"العهد الجديد" بالمسيح‪.‬‬

‫يغطي العهد القديم حقبة تاريخية تبدأ بالخلق وتنتهي حوالي سنة ‪ 165‬ق‪ .‬م‪( .‬أحداث سفر دانيال)‪ .‬واشترك‬
‫في كتابته عدد كبير من الكتاب الملهمين‪ .‬لقد مرت عبر هذه السنين كثير من األحداث التي غيرت‪ ،‬في بعض‬
‫األحيان‪ ،‬مجرى التاريخ‪ ،‬وظهرت حضارات متنوعة‪ .‬ولكثير من هذه األحداث والحضارات آثار في نصوص‬
‫العهد القديم‪ .‬فنحن إ ًذا أمام غنى كبير ونحتاج إلى تقنيات معرفية لكي نكتشف هذا الغنى‪.‬‬

‫مدرسيا" للتاريخ أو للعلوم‪ .‬إنه رسالة هللا للبشر خالل حقبة محددة‬
‫ً‬ ‫"كتابا‬
‫غير أنه ال يفوتنا بأن العهد القديم ليس ً‬
‫من التاريخ‪ ،‬ولكي نفهم هذه الرسالة‪ ،‬وتتوضح لنا أسرارها‪ ،‬فنحن تحتاج‪ ،‬باإلضافة إلى المعارف العقلية‪ ،‬إلى‬
‫‪11‬‬
‫الروح القدس‪ ،‬ملهم الكتاب‪ ،‬لكي يفسر لنا الرسالة اإللهية ويحولها إلى قوة الحياة اإللهية فينا عندما نقرأه‪.‬‬

‫السؤال اذهب الى موديل‪:‬‬


‫لالجابة على ّ‬
‫صح إذا كانت العبارة صحيحة‪ ،‬وعالمة خطأ إذا كانت غير صحيحة‬
‫ضع عالمة ّ‬
‫ليونانية للعهد القديم‬
‫ّ‬ ‫السبعينية هي الترجمة ا‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬الترجمة‬
‫قدس هو أوغسطينوس‪.‬‬
‫األول من الكتاب الم ّ‬
‫‪ّ ‬أول من أطلق عبارة (العهد القديم) على الجزء ّ‬

‫"الهوت التدابير اإللهية (‪ ،")Dispensationalist‬ويرون أن هللا رتب مع اإلنسان عدة تدابير على مدى التاريخ البشري ولكل تدبير عهد مميز‪ .‬فهناك‬
‫عهد مع آدم وعهد مع نوح وعهد مع إبراهيم وعهد مع موسى وعهد مع الكنيسة بالمسيح‪.‬‬
‫‪ 11‬عيسى دياب‪ ،‬العهد القديم مدخل ومسح شامل ‪ ،‬الجزء األول التوراة (بيروت‪ ،‬كلية الالهوت المعمدانية العربية‪.12- 8 ،)2016 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬تشكيل "قانون" العهد القديم‬
‫ترجمة عن الكلمة اليونانية "‪ "Canon‬التي تعني "قصبة مستقيمة"‪" ،‬حد مستقيم" و"مسطرة"‪.‬‬ ‫كلمة "قانون" م َ‬
‫وبتطبيق الكلمة على الكتابات الدينية تصبح هذه الكتابات قانونية‪ ،‬بمعنى أنها القاعدة أو القواعد التي تقاس‬
‫عليها المسائل الدينية واألخالقية وتصبح هذه الكتابات ذات سلطة مرجعية‪ ،‬بموجبها تصدر األحكام على الناس‬
‫بشأن األمور الدينية واألخالقية وبعض األمور الفلسفية والتاريخية بالنسبة للبعض‪.‬‬

‫يتضمن قانون العهد القديم في الكنائس اإلنجيلية تسعة وثالثين ِس ًا‬


‫فر وهي وحدها المعتبرة قانونية عند اليهود‪،‬‬
‫فر أو جزًءا من ِسفر‪ ،‬وتسمى‬ ‫أما في الكنائس األرثوذكسية والكاثوليكية فتزيد األسفار القانونية أربعة عشر ِس ًا‬
‫هذه الزيادة األسفار اليونانية؛ كونها كتبت باللغة اليونانية بالمقارنة مع األسفار القانونية التي كتبت باللغة‬
‫أيضا أسفار األبوكريفا‪ ،‬وتعني "األسفار المخبأة"؛ كونها كانت مخبأة عن العامة ومعروفة فقط‬ ‫العبرانية‪ .‬تدعى ً‬
‫أما التسمية الحديثة لهذه األسفار الزائدة والواردة في الترجمات الكاثوليكية الجديدة هي أسفار القانونية‬
‫للخاصة‪َّ .‬‬
‫فر القانونية األولى‪ ،‬وألن الكنيسة الكاثوليكية أكدت قانونيتها في مجتمع‬‫الثانية بالمقارنة مع التسعة والثالثين ِس ًا‬
‫ترانت سنة ‪1545‬م‪ .‬حين أكد المجتمعون أن هذه األسفار تتمتع بنفس سلطة األسفار األخرى‪.‬‬

‫فرا‪ ،‬وبحسب البعض أربعة وعشرين‪ ،‬فيها نفس‬ ‫ِ‬


‫يتألف العهد القديم العبراني عند اليهود من اثنين وعشرين س ً‬
‫مضمون العهد القديم في الكنائس اإلنجيلية لكن مع توزيع أو تقسيم مختلف لألسفار‪ ،‬وت َّ‬
‫قسم إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫سائدا عند دخول المسيحية وقد اعترف به كل من العهد‬
‫التوراة واألنبياء و"الكتابات المقدسة"‪ .‬كان هذا التقسيم ً‬
‫الجديد‪ ،‬كما سنرى الحًقا‪ ،‬والمؤرخ اليهودي يوسيفوس‪ ،‬فكتب في ذلك حوالي سنة ‪95‬م‪:‬‬

‫"ليس عندنا عشرات اآلالف من الكتب المتناقضة والمتضاربة بل فقط اثنان وعشرون ً‬
‫[كتابا]‬
‫تتضمن تاريخ األزمنة‪ ،‬كتب أو من بها عن حق‪ ،‬ومن هذه‪ :‬خمسة لموسى التي تحتوي على‬
‫الشرائع والتقاليد القديمة منذ خليقة الجنس البشري حتى موته [موسى]‪ .‬ومنذ موت موسى حتى‬
‫حكم ارتحششتا‪ ،‬ملك فارس‪ ،... ،‬فاألنبياء الذين جاءوا بعد موسى كتبوا تاريخ األحداث التي‬
‫كتابا‪ .‬والوثائق األربع الباقية تحتوي على ترانيم هللا وقواعد‬
‫دارت في زمنهم في ثالثة عشر ً‬
‫‪12‬‬
‫عملية للناس"‬

‫‪12‬‬
‫‪Josephui, contra Apionem. 1. 8 from about 95 A. D.‬‬

‫‪6‬‬
‫يذكر المؤرخ يوسيفوس هنا عدد أسفار العهد القديم القانوني عند اليهود وأقسامه الثالثة‪ .‬لكن ما هو ِق َدم هذا‬
‫"القانون"؟ وهل نجد شهادة تدعمه أقدم من شهادة يوسيفوس؟ إن أقدم إشارة تاريخية نعرفها عن العهد القديم‬
‫القانوني عند اليهود بأقسامه الثالثة وأسفاره االثنين والعشرين توجد في مقدمة كتاب مجموعة من الكتب اليونانية‬
‫"سفر الحكمة" ليشوع بن سيراخ‪ ،‬الذي كتب حوالي ‪ 190‬ق‪ .‬م‪ 13.‬باللغة العبرية‪.‬‬ ‫التي أشرنا إليها سابًقا وهو ِ‬
‫الكتاب الذي تَرجم ِ‬
‫السفر بأكمله‬ ‫والمقدمة نفسها كتبت باللغة اليونانية حوالي ‪ 130‬ق‪ .‬م‪ .‬بواسطة حفيد كاتب ِ‬
‫إلى اللغة اليونانية‪ .‬نق أر في هذه المقدمة‪:‬‬

‫عظيما يتمثل بالشريعة [التوراة] وكتب األنبياء‪ ،‬والكتابات المتأخرة‪ ...‬بهذا‬


‫ً‬ ‫كنز‬
‫"أعطي شعبنا ًا‬
‫كان يؤمن جدي يشوع الذي تعمق في دراسة الشريعة [التوراة] واألنبياء وبقية كتابات أسالفنا‪...‬‬
‫دائما ذاته حين يترجم إلى لغة أخرى‪ ،‬وهذا ال ينطبق‬‫ذلك أن معنى النص العبري ال يبقى ً‬
‫‪14‬‬
‫أيضا على الشريعة واألنبياء وبقية الكتابات"‬
‫فقط على هذا الكتاب‪ ،‬بل ً‬

‫يورد كاتب المقدمة ‪-‬المترجم اليوناني‪ -‬حفيد يشوع بن سيراخ األقسام الثالثة للكتاب المقدس القانوني عند‬
‫اليهود (العهد القديم) وهي الشريعة (التوراة) واألنبياء و"الكتابات المقدسة" وقد دعا هذا القسم األخير بأسماء‬
‫مختلفة‪" :‬الكتابات المتأخرة" (التاريخية) و"بقية كتابات أسالفنا" و"بقية الكتابات"‪ .‬واآلن نعود إلى المؤرخ‬
‫يوسيفوس وإلى االقتباس منه المشار إليه أعاله‪ ،‬فهو يتابع‪:‬‬

‫"منذ أرتحششتا حتى أيامنا كل شيء قد تسجل‪ ،‬لكن هذه [الكتابات] لم يحكم فيها بأنها بنفس‬
‫مستوى الكتب السابقة من حيث القيمة‪ ،‬إذ إن الخالفة النبوية كانت قد توقفت‪ .‬واإليمان الذي‬
‫تجر أحد على زيادة شيء عليها‪ ،‬أو حذف شيء‬
‫وضعناه بكتبنا ظاهر بمسلكيتنا إذ إنه ال أ‬
‫منها‪ ،‬أو تغيير شيء فيها"‪.15‬‬

‫فيوسيفوس هنا يعكس الفكر اليهودي في نهاية القرن األول للميالد بشأن تحديد أسفار كتابهم المقدس القانوني‬
‫ونظرتهم لجهة ثبات مضمونها دون زيادة أو نقصان أو تغيير‪ .‬وي ِ‬
‫صرح بأن كل الكتابات التي كتبت منذ الملك‬
‫الفارسي أرتحششتا (‪ 424-464‬ق‪ .‬م‪ ).‬وحتى أيامه‪ ،‬لتغطي مسرح األحداث التاريخية‪ ،‬ال تعتبر قانونية وال‬
‫تتمتع بنفس مستوى الكتب القانونية األولى التي كانت قد كتبت قبل هذه الفترة الزمنية من تاريخهم‪ ،‬من حيث‬

‫‪ 13‬يختلف تاريخ كتابة مقدمة "يشوع بن سيراخ" من ‪ 170‬إلى ‪ 180‬أو ‪ 190‬ق‪ .‬م‪ .‬باختالف المصادر‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫الكتاب المقدس‪ ،‬الطبعة المشتركة مع األسفار اليونانية‪ .‬جمعية الكتاب المقدس في لبنان‪ ،‬الطبعة األولى ‪( 1993‬يشوع بن سيراخ‪ ،‬المقدمة ‪26-1‬‬
‫ص‪ 69 .‬و‪.)70‬‬
‫‪15‬‬
‫‪Josephus Contra Apionem (1. 8).‬‬

‫‪7‬‬
‫طا أحمر" بين ما هو قانوني وبين ما هو تاريخي ديني وهو ال ينكر‬ ‫القيمة الدينية والمرجعية‪ .‬ثم إنه يضع "خ ً‬
‫ِلما لهذا النوع األخير من الكتب من قيمة دينية وتاريخية‪ ،‬إذ إنه يشير إليها مرًا‬
‫ار عديدة في كتاباته‪ ،‬لكنها ال‬
‫تصل إلى حد القانونية‪.‬‬
‫إذا كان يشوع بن سيراخ (حوالي سنة ‪ 160‬ق‪ .‬م‪ ).‬والمؤرخ يوسيفوس (حوالي سنة ‪95‬م‪ ).‬يعكسان في كتاباتهم‬
‫اعتراف التقليد اليهودي بكتابهم المقدس القانوني وبمضمونه‪ ،‬ماذا يقول هذا التقليد بشأن تشكيل هذا القانون؟‬
‫تميز في النظرية التقليدية [لتشكيل القانون] هي أنها ترجع القانون كله إلى عز ار‪ .16‬وأقدم‬
‫"إن األمر األكثر ًا‬
‫شهادة لهذه النظرية تأتي في رواية معاصرة ليوسيفوس تقر ًيبا‪ ،‬وتقع في نهاية كتاب عز ار الرابع (‪-18 :14‬‬
‫‪ .17)48‬بناء لهذا الكتاب يرى عز ار رؤى في السنة الثالثة عشر بعد سقوط أورشليم (‪ 557‬ق‪ .‬م‪ ).‬بعد أن‬
‫تملكه الحزن والحيرة ألن الشريعة قد أحرقت وال أحد يعرف فيما بعد أعمال هللا وخطته للمستقبل‪ ،‬وها هو يقبل‬
‫مهمة إعداد كتابات ورقوق فيعد لنفسه مساعدين وبقوة عجائبية يمنحها هللا له يستطيع أن يملي مساعديه أربعة‬
‫أما السبعون البقية‬
‫يوما فقط‪ .‬ويتابع الكاتب بأن عز ار نشر أول أربعة وعشرين منها‪َّ ،‬‬
‫كتابا بمدة أربعين ً‬
‫وتسعين ً‬
‫فر التي نشرها تتطابق مع االثنين‬ ‫التي أرادها فقط للحكماء فقد أخفاها وهذه هي الرؤى األربعة والعشرون ِس ًا‬
‫فر التي تشكل الكتاب المقدس القانوني عند اليهود (العهد القديم) المشار إليه سابًقا‪ 18.‬بناء لهذه‬ ‫وعشرين ِس ًا‬
‫السبي البابلي وإحراق الهيكل (‪ 586‬ق‪.‬‬ ‫موجودا قبل َ‬
‫ً‬ ‫الشهادة من التقليد اليهودي يكون "قانون" العهد القديم كان‬
‫طبعا باستثناء الكتب التي كتبها عز ار نفسه (عز ار ونحميا وكتابا أخبار األيام)‪ ،‬ويكون عز ار هو الذي أعاد‬
‫م‪ً ،).‬‬
‫السبي‪ .‬برأينا إن الرواية المذكورة أعاله بالرغم أنها ال تخلو من الصبغة األسطورية هي ال تخلو‬
‫تشكيله وهو في َ‬
‫أيضا من بعض الحقائق‪ .‬يؤكد العلماء أكثر وأكثر أن الكتابات والتقاليد المقدسة التي كانت موجودة ومستعملة‬‫ً‬
‫السبي‪ ،‬كما‬
‫سخت خالل َ‬‫معت ورو ِجعت ون َ‬ ‫السبي كلها قد ج َ‬ ‫السبي‪ ،‬واألسفار التي ك َتبت خالل َ‬
‫في إسرائيل قبل َ‬
‫السبي بل وخاصة هذا الحدث األخير وعلى‬ ‫وحررت األسفار التاريخية على ضوء األحداث التاريخية بما فيها َ‬
‫ضوء الدروس الروحية التي استخلصها قادة الشعب الدينيون من دراستهم لتاريخ شعبهم‪ .‬فماذا لو كانت رواية‬
‫كتاب عز ار الرابع المشار إليها أعاله تتكلم عن هذا العمل أو اإلنجاز بأسلوب فيه الصبغة األسطورية؟ ألم تلون‬

‫‪16‬‬
‫‪Eissfeldt, Otto, The Old Testament, an Introduction. Oxford: Basil Blackwell, 1974, P 553.‬‬
‫كتاب عز ار الرابع من الكتب المنحولة ‪ pseudopegrapha‬وهذه مجموعة كتب مؤلفوها الحقيقيون مجهولون‪ ،‬وقد نشرت بأسماء أبطال دينيين‬ ‫‪17‬‬

‫مشهورين؛ من أجل سهولة انتشارها وإعطائها قيمة ومصداقية‪ .‬أما مضمون هذا النوع من الكتابات فليس بذات قيمة دينية تذكر لكنها مفيدة لتعطي القارئ‬
‫فكرة عن بعض المفاهيم التي كانت سائدة وقت كتابتها‪ ،‬وتحتوي ً‬
‫أيضا على بعض المعلومات التاريخية التي قد يأخذ بها الباحث بعد الدرس الدقيق‪.‬‬
‫‪ ،Eissfeldt 18‬نفس المرجع (ص ‪ 563‬و‪.)564‬‬

‫‪8‬‬
‫شائعا ليضفي على‬
‫ً‬ ‫أيضا؟‪ 19‬الظاهر أن هذا األسلوب كان‬‫رواية إنجاز الترجمة السبعينية بصبغة أسطورية ً‬
‫الحدث التاريخي صفة القداسة‪ .‬ثم إن رواية كتاب عز ار الرابع هذه تضيف إلى شهادة يوسيفوس شهادة أخرى‬
‫وهي‪ :‬أنه كان لليهود في أواخر القرن األول للميالد كتاب مقدس قانوني مقبول ومعترف به‪ .‬وإذا أردنا أن‬
‫نذهب إلى أبعد من ذلك في ِ‬
‫القدم فأفضل تاريخ مقبول بين العلماء للشروع في إعداد الترجمة اليونانية للكتاب‬
‫المقدس اليهودي (السبعينية) هو سنة ‪ 250‬ق‪ .‬م‪ ،20).‬هذا يعني أن الكتاب المقدس اليهودي القانوني كان‬
‫موجودا آنذاك‪ .‬وتؤكد مخطوطات البحر الميت التي اكتشفت سنة ‪ 1947‬وتعود إلى منتصف القرن الثاني ق‪.‬‬ ‫ً‬
‫أيضا‪ ،‬وسنعود‬
‫موجودا ومتداوًال آنذاك ً‬
‫ً‬ ‫م‪ .‬أن قانون العهد القديم بأسفاره االثنين والعشرين وبأقسامه الثالثة كان‬
‫إلى هذه المخطوطات الحًقا‪ .‬وقبل أن نختم هذه الفقرة‪ ،‬نرى من المفيد أن نقتبس شهادة من فيلو الجبيلي تعود‬
‫بحسب أفضل التواريخ إلى أوائل النصف الثاني من القرن األول للميالد‪ .‬تكلم فيلو عن المتدينين من اليهود‪،‬‬
‫الذين كانوا يمارسون طقوس الشفاء اإللهي‪ ،‬أنهم كانوا يأخذون معهم إلى صوامعهم فقط "شرائع وكلمات تنبأ‬
‫بما األنبياء ومزامير وكتابات أخرى التي بواسطتها كانت تزيد المعرفة والتقوى"‪ .21‬إن هذه األقسام الثالثة للكتاب‬
‫تماما لتلك التي أتت في العهد الجديد‪( ،‬إنجيل لوقا ‪ ،)42:44‬على لسان‬ ‫المقدس اليهودي القانوني مطابقة ً‬
‫السيد المسيح‪ :‬موسى (كتب موسى الخمسة أو الشريعة أو التوراة) واألنبياء والمزامير‪ ،‬باستثناء أن فيلو يضيف‬
‫عبارة "كتابات أخرى" بعد المزامير ولهذا تفسير منطقي؛ فالقسم الثالث من القانون كان يتضمن ِسفر المزامير‬
‫أهم ما في هذا القسم‪ ،‬باإلضافة إلى أسفار أخرى‪ ،‬وقد سمى السيد المسيح الجزء ليشير إلى الكل‪.‬‬

‫توجد نظريات أخرى لتشكيل قانون الكتاب المقدس اليهودي ويستطيع القارئ أن يطلع عليها في المراجع‬
‫المتخصصة‪ ،‬وهي كثيرة‪ .‬لكننا نرى أن ما تقدم هو األقرب إلى الحقيقة ًا‬
‫نظر إلى الشهادات التاريخية الداعمة‬
‫كامال عن كيفية تشكيل قانون الكتاب المقدس في اليهودية‬
‫التي أوردناها أعاله‪ .‬ليس هدفنا هنا أن نعطي بحثًا ً‬
‫شخصيا ال أبني تقويمي للعهد‬
‫ً‬ ‫موجودا إبان دخول المسيحية‪ ،‬وأنا‬
‫ً‬ ‫بل فقط أن نبرهن للقارئ بأن هذا القانون كان‬

‫‪19‬‬
‫الترجمة السبعينية هي ترجمة أسفار العهد القديم القانونية األولى والقانونية الثانية من العبرانية إلى اليونانية؛ لوضعها بمتناول يهود اإلسكندرية الذين‬
‫كانوا قد نسوا لغتهم األم‪ ،‬وأفضل تاريخ لها بحسب الدراسات الحديثة هو ما بين سنة ‪ 200‬و‪ 150‬ق‪ .‬م‪ .‬وسميت بالسبعينية ألن أسطورة إنجازها تقول‬
‫تماما‪.‬‬
‫يوما إلنجاز الترجمة وبمقابلة النسخ بعضها مع بعض وحدت متطابقة ً‬
‫عالما اعتزلوا في سبعين مغارة (كل واحد في مغارة) لمدة سبعين ً‬
‫بأن سبعين ً‬
‫‪ ،Eissfeldt 20‬نفس المرجع (ص‪.)565 .‬‬
‫‪21‬‬
‫‪Philo Byblos, De vita contemplative. Quoted from Eissfeldt id. P 567.‬‬

‫‪9‬‬
‫القديم على شهادات مقتبسة من التاريخ اليهودي أو غيره من المرجعيات التاريخية‪ ،‬لكني أبنيه بالدرجة األولى‬
‫‪23‬‬
‫مقياسا لكل الشهادات األخرى‪.‬‬
‫ً‬ ‫على تقويم المسيح ورسله له كما جاءت في كتابات العهد الجديد‪ 22‬وهذا أتخذه‬

‫السؤال اذهب الى موديل‪:‬‬


‫لالجابة على ّ‬
‫صح إذا كانت العبارة صحيحة‪ ،‬وعالمة خطأ إذا كانت غير صحيحة‪:‬‬
‫ضع عالمة ّ‬
‫"حد مستقيم"‬ ‫كلمة "قانون" م َ‬
‫ترجمة عن الكلمة اليونانية "‪ "Canon‬التي تعني "قصبة مستقيمة"‪ّ ،‬‬
‫و"مسطرة"‬

‫‪ 22‬أفترض أن القارئ يؤمن بصالحية شهادة العهد الجديد إذ إن معظم الذين قرأت لهم وهم يرفضون العهد القديم‪ ،‬إما كانوا يحبذون العهد الجديد ويطالبون‬
‫مناسبا في هذا الكتاب للكالم عن صالحية نصوص‬
‫ً‬ ‫بكفايته َككتاب مقدس للمسيحيين‪ ،‬أو لم يكونوا يتعرضون له بشيء‪ .‬وفي كل األحوال ال أرى ً‬
‫مكانا‬
‫العهد الجديد‪ ،‬وربما نقوم بهذا العمل في كتاب آخر‪.‬‬
‫‪ 23‬عيسى دياب‪ ،‬العهد القديم مدخل ومسح شامل‪ ،‬الجزء األول التوراة (بيروت‪ ،‬كلية الالهوت المعمدانية العربية‪.31 -26 ،)2016 ،‬‬

‫‪10‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬تشكيل نصوص العهد القديم ونسخها وتناقلها‬
‫أصال بالحروف الصامتة دون تشكيل‪ ،‬ودون فصل بين الكلمات‪ ،‬وكان توزيع‬
‫ً‬ ‫كتبت نصوص العهد القديم‬
‫كثير على القارئ‪ .‬ثم ما بين سنة ‪ 150‬ق‪ .‬م‪ .‬و‪150‬م‪،.‬‬
‫الحروف على كلمات و"تحريك" حروفها الصامتة يعتمد ًا‬
‫قسمت الحروف في النصوص إلى كلمات وتركت مسافة بين كلمة وأخرى‪ .‬ونذكر في هذا السياق مساعي‬
‫جاهدا لتثبيت نص العهد‬
‫ً‬ ‫الرابي عقبة‪ ،‬وكان ثقة في النصوص المقدسة‪( ،‬توفي حوالي سنة ‪ )135‬الذي عمل‬
‫موجودا حتى أيامنا‪.‬‬
‫ً‬ ‫نصا فيه الكثير من المالحظات والتفاصيل وما زال‬
‫القديم‪ .‬ترك لنا عقبة ًّ‬

‫اعتبار من القرن السادس م‪ .‬بادر فريق من العلماء اليهود التقليديين المدعوين "الماسوراه"‬
‫ًا‬ ‫بقي الحال هكذا حتى‬
‫هو الشكل العربي للكلمة‪ -‬فشرعوا يضعون الحركات على الحروف‪ ،‬ولهذا يسمى نص‬ ‫‪24‬‬
‫‪-‬و"الماسوراتيون"‬
‫العهد القديم العبري "النص الماسوراتي"‪ .‬من المهم ً‬
‫جدا التكلم ولو باختصار عن النص الماسوراتي للعهد القديم‬
‫إذ إن ترجماتنا الحالية وإلى مختلف اللغات الحديثة تستند على هذا النص بالدرجة األولى‪.‬‬

‫عملت فئة من العلماء في فلسطين على ضبط اللغة العبرانية في النصوص الدينية‪ ،‬وخاصة الكتاب المقدس‬
‫اليهودي (العهد القديم) أطلق عليهم اسم الماسوراه‪ .‬وتوجد اجتهادات عديدة لتفسير هذه التسمية‪ ،‬فبموجب أحدها‬
‫كلمة "ماسوراه" مشتقة من الجذر الثالثي العبري اآلرامي "م س ر" أي نقل واستلم وتناقل‪ ،‬واالسم المشتق من‬
‫الجذر الثالثي هو "ماسوراه" أي الناقل وهي قريبة من الكلمة العربية "ماسورة" أي األنبوب الذي ينقل السائل‪،‬‬
‫قياسيا فأصبح المعنى االستعمالي للكلمة "مقياس" وتشبهها الكلمة العربية‬‫ً‬ ‫عمال‬
‫وألن عمل "الماسوراه" أصبح ً‬
‫الدارجة "مازورا" وتودي نفس المعنى‪ ،‬نقل العلماء الماسوراة التقليد الشفوي المتعلق بالتصويت والتحريك والتنقيط‬
‫الصحيح للكلمات العبرية الساكنة عن جماعة الكتبة التي تدعى "سوفريم" وحافظوا عليه وطبقوه على قراءتهم‬
‫للنصوص الساكنة‪ ،‬إذ كانت اللغة العبرية تكتب بأحرف ساكنة فقط وعلى القارئ أن يكون م ًّ‬
‫لما بقواعد القراءة‬
‫شفويا من جيل إلى جيل حتى ظهور العلماء الماسوراة‪ ،‬الذين وضعوا هذه القواعد كتابة عندما‬
‫التي كانت تتناقل ً‬
‫طبقوها على النصوص الدينية‪.‬‬

‫طا لكتابهم‬
‫قانونيا مضبو ً‬
‫ً‬ ‫نصا‬
‫عمل العلماء الماسوراة ما بين سنة ‪ 500‬وسنة ‪ 950‬ب‪ .‬م‪ .‬حتى أخرجوا ً‬
‫(غالبا أحرقوها) كل النسخ السابقة لهذا النص المضبوط التي طالتها أيديهم‪ ،‬وبالطبع‪ ،‬لم‬
‫ً‬ ‫المقدس‪ 25‬وأهلكوا‬

‫‪ 24‬الماسوراتين فئة من علماء الفقه واللغة ‪-‬ماسوراه كلمة عبرية تعني كما في العبرية‪ :‬مقياس‪ -‬عملوا ما بين سنة ‪ 500‬و‪950‬م‪ .‬هم الذين أضافوا التنقيط‬

‫والتصويت على اللغة ووضعوا نص العهد القديم في شكله العبري المعروف لدينا ً‬
‫حاليا‪.‬‬
‫‪ 25‬اقتبست هذه الفترة بتصرف من )‪ARCHER, Gleason. Id (pp. 63-65‬‬

‫‪11‬‬
‫يستطيعوا أن يهلِكوا النسخ التي كانت مخبأة آنذاك‪ ،‬وكانت بين هذه مخطوطات البحر الميت التي اكتشفها علم‬
‫اآلثار ما بين سنة ‪ 1947‬و‪1951‬م‪ .26‬في بداية عملهم لم ي ِعد العلماء الماسوراة كتابة النص طبًقا لقواعد‬
‫منسوخا باألحرف الساكنة وأدخلوا على كلماته الحركات‬
‫ً‬ ‫الضبط التي انتقلت إليهم بالتقليد الشفوي‪ ،‬بل أخذوا ً‬
‫نصا‬
‫أو األحرف الصوتية وعالمات اللفظ والضبط المناسبة‪ ،‬وإذا ارتأوا أن يغيروا شكل بعض الكلمات أو تصريف‬

‫بعض األفعال فكانوا يكتبون الشكل الجديد للكلمة في الهامش‪ ،‬والنسخ الماسوراتية القديمة الموجودة ً‬
‫حاليا في‬
‫كثير من المتاحف أو المراكز األكاديمية تشهد عن الطريقة الماسوراتية هذه في عملية ضبط النص‪.‬‬

‫وترجمات العهد القديم القديمة المترجمة من النص العبري ترجمت كلها عن النص الساكن السابق للنص‬
‫الماسوراتي‪ ،‬ومقابلتها معه هي تقر ًيبا مقابلة بين النص الساكن والنص الماسوراتي‪ ،‬ونتيجة المقابلة بين النصين‬
‫ترينا إلى أي مدى كان العلماء الماسوراة أمناء للنص األصلي في عملية ضبطهم للغته‪.‬‬
‫أما عن دقة عمل جماعة السوفريم في نسخهم للكتب المقدسة‪ ،‬فقد كتب التلمود‪:‬‬

‫"النسخة الصحيحة يجب أن تكون ِطبق األصل عن النسخة التي ينسخ عنها الكاتب‪ ،‬وال‬
‫يجب أن يحيد عنها قيد أنملة‪ .‬ال كلمة وال حرف وال حتى يود (أصغر الحروف) كان يجب‬
‫الدرج الموضوع أمامه‪ ...‬كتاب موسى‬‫أن تكتب من الذاكرة دون أن يتطلع الناسخ إلى َ‬
‫الخامس‪ ،‬يجب أن ينتهي بسطر‪ ،‬وأما الباقي فال يحتاج إلى ذلك‪ .‬باإلضافة إلى ذلك يجب‬
‫أن يكون الناسخ بكامل حلته اليهودية‪ ،‬وكان قد غسل كامل بدنه‪ ،‬وال يكتب اسم الجاللة‬
‫بقلم غ ِطس للتو في الحبر‪ ،‬وحتى لو كان ملك يوجه إليه الكالم خالل كتابته هذا االسم‪،‬‬
‫‪27‬‬
‫ما كان يجب أن يعيره أي اهتمام"‪.‬‬
‫ولم ِتق َّل دقة الماسوراتيين عن السوفريم‪ ،‬فكانوا يضعون مالحظاتهم في هوامش المخطوطة لتساعد الن َّساخ‬
‫الالحقين حتى يحافظوا على نقاوة النص‪ .‬وكانوا يضعون عدد الكلمات واألحرف لكل درج‪ ،‬ويكتبون في رأس‬
‫العمود الكلمة التي انتهى بها العمود السابق‪ ،‬وكانوا يضعون عالمة للكلمة والحرف الواقعين في منتصف‬
‫النص‪ ،‬وكل ذلك من أجل تفادي أي نواقص أو زيادات‪ .‬والنسخة التي لم تكن مطابقة بجميع هذه التفاصيل‬
‫للنسخة األصلية التي ينسخون عنها كان يجب أن تهلك حرًقا‪.‬‬
‫وبالرغم من كل الحرص والدقة الذين أظهرهما الن َّساخ‪ ،‬فالعمل البشري َمشوب بالنقص ألن الكمال هلل وحده‪،‬‬
‫صدت للن َّساخ قبل السوفريم والماسوراتيين أخطاء متفاوتة بين الترداد لبعض الحروف والكلمات‬
‫لذلك فقد ر َ‬

‫‪ 26‬أنظر )‪EISSFELDT, Otto. Id (pp. 678-693‬‬


‫‪27‬‬
‫‪Frederic Kenyon. Our Bible and the Ancient Manuscripts, (4th edition). New York Harper and Brothers, 1939. P. 39.‬‬

‫‪12‬‬
‫والجمل‪ ،‬أو السهو عن بعضها‪ ،‬وما عمل "تحقيق النصوص" إال مقاربة هذه األخطاء‪ ،‬ومقارنة الن َسخ ببعضها‬
‫البعض في سبيل الوصول إلى النص األقرب من األصل‪.‬‬

‫قسم الفرنسي‬
‫وآيات (فقرات) سنة ‪1226‬م‪َّ ،.‬‬
‫‪28‬‬
‫ق ِسمت أسفار الكتاب المقدس بعهديه إلى فصول (إصحاحات)‬
‫قما لكل جملة‬ ‫إتيان النغتون الكتاب المقدس إلى فصول‪ ،‬وسنة ‪1551‬م‪ ،.‬وضع الفرنسي ً‬
‫أيضا روبير إستيان ر ً‬
‫‪29‬‬
‫استنسابيا‪.‬‬
‫ً‬ ‫من هذه الفصول‪ ،‬وقد قسمت الفصول واآليات‬

‫‪ 28‬إصحاح كلمة سريانية تعني "فصل"‪.‬‬


‫‪ 29‬عيسى دياب‪ ،‬العهد القديم مدخل ومسح شامل‪ ،‬الجزء األول التوراة (بيروت‪ ،‬كلية الالهوت المعمدانية العربية‪.34-31 ،)2016 ،‬‬

‫‪13‬‬
‫‪30‬‬
‫القسم الخامس‪ :‬لماذا ًل يق أر العربي العهد القديم؟‬
‫ّ‬
‫في محاضرته القيمة «مواقف األرثوذكس والپروتستانت المشرقيين من القضيَّة الفلسطينيَّة»‪ ،‬التي ألقيت في‬
‫المؤتمر العلمي «األرثوذكس اإلنجيليون في المشرق العربي‪ :‬قراءة تاريخيَّة وآفاق مستقبليَّة»‪ ،‬أشار األب الدكتور‬
‫جورج مسوح‪ ،‬رئيس مركز الدراسات المسيحيَّة اإلسالميَّة في جامعة البلمند‪ ،‬إلى أن المسيحي الشرقي يشعر‬
‫‪31‬‬
‫أحيانا عند قراءة العهد القديم‪.‬‬
‫ً‬ ‫بالحرج‬

‫كتابا أو‬
‫لو قمت بزيارة أي مكتبة جيدة في عمان أو بيروت أو دمشق أو القاهرة‪ ...‬فال شك أنك سوف تجد ً‬
‫أكثر يتناول العهد القديم‪ )32( .‬لماذا االهتمام بالعهد القديم في العالم العربي؟ ولماذا تكثر الكتب التي تتناوله‬
‫(‪)33‬‬
‫ولماذا يشعر المسيحي بالحرج لدى قراءته‬ ‫بالنقد والتجريح والتشهير؟ ولماذا ال يق أر العربي العهد القديم؟‬
‫للعهد القديم؟ وما هي إشكاليات العهد القديم التي يواجهها القارئ في العالم العربي؟ نستطيع أن نحدد أربع‬
‫إشكاليات أساسيَّة تواجه القارئ العربي للعهد القديم‪:‬‬

‫األخالقية‪ ،‬العهد القديم كتاب ًل أخالقي‬


‫َّ‬ ‫اإلشكالية‬
‫َّ‬ ‫أوًل‪:‬‬
‫ّ‬

‫‪30‬‬
‫في الكثير من األوساط األكاديمية يستخدم تعبير «الكتاب المقدس العبري» (‪ )Hebrew Bible‬لإلشارة إلى الكتب الموجودة في العهد القديم‪ ،‬إال أنني‬
‫ضمنا‬
‫ً‬ ‫في هذا الكتاب أفضل استخدام تعبير «العهد القديم» ألنني كمسيحي عربي أتناول العهد القديم من وجهة نظر الهوتية مسيحية‪ ،‬واستخدامه يعني‬
‫أن ثمة «العهد الجديد»‪.‬‬
‫‪ 31‬عُقد المؤتمر في جامعة البلمند وكلية الالهوت للشرق األدنى‪ ،‬في لبنان‪ 22-20 ،‬أيار (مايو) ‪ .2004‬وفي إطار التعاون بين األرثوذكس واإلنجيليين‬
‫في هذا المجال‪ ،‬تمنّى األب الدكتور مسوح أن يساهم اإلنجيليون المشرقيّون في مساعدة األرثوذكس على فهم دور العهد القديم وإعطاؤه مكانه المناسب‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫من هذه الكتب‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬الدكتور جورجي كنعان‪ ،‬أمجاد إسرائيل في أرض فلسطين (بيروت‪ :‬دار الطليعة‪ ،)1978 ،‬الدكتور‬
‫جورجي كنعان‪ ،‬وثيقة الصهيونية في العهد القديم (بيروت‪ :‬دار النهار للنشر‪ ،) 1982 ،‬الدكتور جورجي كنعان‪ ،‬العنصرية اليهودية (بيروت‪ :‬دار النهار‬
‫للنشر‪ ،) 1983 ،‬الدكتور جورجي کنعان‪ ،‬تاريخ يهوه (بيروت‪ :‬مؤسسة النهضة‪ ،)1994 ،‬غريس هالسل‪ ،‬الفكر التوراتي والحرب النووية‪ :‬المبشرون‬
‫اإلنجيليون على طريق القيامة الذرية (ترجمة عبد الهادي عبلة‪ ،‬حمص‪ :‬دار الكندي ‪ ،)1988‬فراس السواح‪ ،‬الحدث التوراتي والشرق األدنى القديم‪ :‬نظرية‬
‫كمال الصليبي في ميزان الحقائق التاريخية واآلثارية (دمشق‪ :‬دار المنارة‪ ،)1989 ،‬فراس السواح‪ ،‬مغامرة العقل الكبرى (دمشق‪ :‬دار المنارة‪،)1989 ،‬‬
‫سهيل دياب‪ ،‬التوراة بين الوثنية والتوحيد (بيروت‪ :‬دار النفائس‪ ،)1981 ،‬شفيق مقار‪ ،‬السحر في التوراة والعهد القديم (لندن‪ :‬الريس‪ ،)1990 ،‬شفيق مقار‪،‬‬
‫المسيحية والتوراة‪ :‬بحث في الجذور الدينية لصراع الشرق األوسط (لندن‪ /‬قبرص‪ :‬الريس‪ ،)1992 ،‬زينون كاسيدوفسكي‪ ،‬الواقع واألسطورة في التورات‬
‫(ترجمة د‪ .‬حسان ميخائيل اسحق‪ ،‬دمشق دار األبجدية‪ ،) 1990 ،‬أبكار السقاف‪ ،‬إسرائيل واألرض الموعودة (القاهرة‪ :‬مدبولي‪ ،)1997 ،‬الدكتور كمال‬
‫الصليبي‪ ،‬خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل (لندن‪ :‬دار الساقي‪.)1991 ،1988 ،‬‬
‫‪33‬‬
‫هناك مشكلة أساسية مؤسفة للغاية في شرقنا وهي أننا لسنا بالفطرة‪ ،‬وال بالتربية‪ ،‬وال بالثقافة شعب قارئ‪ .‬فالعربي قليل القراءة سواء للعهد القديم أو‬
‫للكتاب بشكل عام‪ .‬في أحد معارض الكتب في بيروت عرضت لوحة حجرية‪ ،‬كتلك التي تستعمل كشاخصة في المقابر‪ ،‬قربها باقة من الورد‪ ،‬وكتب على‬
‫اللوحة «القارئ العربي»!‬
‫‪(B. Whitaker, “Reading between the lines.” http://guardian.co.uk/elsewhere/journalist/story/0,,1303600,00.html,‬‬
‫)‪retrieved on June 11, 2006‬‬

‫‪14‬‬
‫بدعوة من اتحاد الكتَّاب العرب واتحاد الكتَّاب اللبنانيين والجمعيَّة الدوليَّة للدراسات النفسيَّة والفلسفيَّة والمجلس‬
‫البلدي والمجلس الثقافي في بلدة المنصورة‪ ،‬البقاع الغربي‪ ،‬لبنان وتحت رعاية رئيس اتحاد الكتَّاب العرب‬
‫الدكتور علي عقلة عرسان‪ ،‬حضرت في األول من آب (أغسطس) ‪ 2003‬حفل توقيع كتاب «القراءات الملعونة‪:‬‬
‫الماسية لمؤلفه األستاذ جود أبو صوان‪ .‬يقول األستاذ أبو صوان في كتابه‪:‬‬
‫َّ‬ ‫كتاب ليس للجميع»‪ 34‬في نسخته‬

‫«أين القداسة في كل ما جاء في التوراة؟ أين المثل؟ أين المفاهيم؟ أيوجد في التوراة المتداولة‬
‫بجميع طبعاتها غير قصص العهر والزنى والفجور والبغض والحقد والكراهية؟ ‪ ...‬أيوجد فيها‬
‫غير السرقة والغزو واالحتيال والقتل وقهر الشعوب وطردها وتشريدها؟ ‪ ...‬أيوجد في التوراة‬
‫غير ذلك اإلله الغضوب‪ ،‬الندوم‪ ،‬السادي‪ ،‬العنصري؟» (ص‪.)324 .‬‬

‫ويتحد ث األستاذ أبو صوان عن العديد من القصص الواردة في العهد القديم ومنها‪ :‬لوط وابنتاه (ص‪،)122 .‬‬
‫الخديعة واالنتقام (ص‪ ،)136 .‬رأوبين يضاجع زوجة أبيه (ص‪ ،)148 .‬الرب التوراتي‪ :‬السادي الكبير (ص‪.‬‬
‫‪ ،)179‬المجزرة (ص ‪ ... )230‬أعتقد أن هذه اإلشكاليَّة األخالقيَّة هي أحد أهم اإلشكاليات التي تواجه الذين‬
‫يحاولون قراءة العهد القديم‪.‬‬

‫السياسية‪ ،‬العهد القديم كتاب صهيوني بامتياز‬


‫َّ‬ ‫اإلشكالية‬
‫َّ‬ ‫ثانيا‪:‬‬
‫ّ‬
‫وردت الفقرة التالية على أحد مواقع شبكة االنترنت‪:‬‬

‫«نحن ندعى «مسيحيون ألجل إسرائيل»‪ ،‬نحن نقف إلى جانب الشعب اليهودي في دعم دولة‬
‫إسرائيل كموطن قومي للشعب اليهودي بناء على (عهود العهد القديم)‪ .‬نحن صهيونيون‬
‫مسيحيون‪ ،‬رسالتنا هي اإلعالن لليهود والمسيحيين مقاصد هللا في استرداد اليهود‪ ،‬وأن نحفز‬
‫‪35‬‬
‫دعم دولة إسرائيل بواسطة الصالة‪ ،‬والعمل حسب كلمة هللا ومشيئته» (ص‪.)11 .‬‬

‫لقد أصاب سيادة المطران جورج خضر في التعبير عن هذه اإلشكاليَّة عندما كتب‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫ال دار نشر‪ ،‬توزيع مؤسسة نوفل‪ ،‬الطبعة الماسية‪.2003 ،‬‬
‫‪35‬‬
‫مترجمة من موقع االنترنت ‪ 24 http://www.christiansforisrael.org/‬حزيران (يونيو) ‪.2004‬‬

‫‪15‬‬
‫طا بالصهيونية‪ .‬ويبتغي‬
‫«يشن العالم العربي حملة شعواء على العهد القديم لكونه يحسبه مرتب ً‬

‫هدما لهذا الجزء الكبير من کتاب يعتبره اليهود والمسيحيون ً‬


‫‪36‬‬
‫إلهيا‪».‬‬
‫وحيا ً‬
‫معا ً‬ ‫ً‬

‫في معرض حديثه عن المسيحيَّة والعهد القديم في الشرق العربي اليوم يكتب الالهوتي اإلنجيلي الدكتور‬
‫جورج صبرا‪ ،‬العميد األكاديمي وأستاذ مادة الالهوت النظامي (العقيدي) في كليَّة الالهوت للشرق األدنى‪،‬‬
‫بيروت‪:‬‬

‫«إن والدة الدولة اليهوديَّة حملت معها‪ ،‬فيما حملت‪ ،‬بذور ما أسميه إعادة إحياء الستقالليَّة‬
‫العهد القديم وانت ازع العهد القديم من أيدي المسيحيين العرب‪ .‬لعل المسيحيين الفلسطينيين كانوا‬
‫أول من اختبر خطف العهد القديم من بين أيديهم‪ .‬فقد جاء من يقول لهم في أرضهم وأمام‬
‫كنائسهم أن تاريخ العهد القديم وقصصه‪ ،‬التي كان يعتبرها المسيحيون الفلسطينيون‪ ،‬كباقي‬
‫قصصا لهم وضمن تاريخهم الروحي‪ ،‬إنما هي ملكيَّة يهود اليوم وحدهم‪ ،‬فهم ورثة‬
‫ً‬ ‫المسيحيين‪،‬‬
‫شعب هللا في التوراة واألنبياء‪ .‬أما الفلسطينيون فهم‪ ،‬بحسب يهود في إسرائيل اليوم‪ ،‬أعداء‬
‫‪37‬‬
‫شعب هللا وساللة العدو‪».‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬يبين الدكتور نبيه عباسي‪ ،‬الرئيس السابق للمجمع المعمداني اإلنجيلي في األردن‪ ،‬في دارسته‬
‫للعالقة بين الكنائس المسيحيَّة التاريخيَّة والكنائس اإلنجيليَّة بشأن المشكلة التي تواجهها الكنائس اإلنجيليَّة في‬
‫‪38‬‬
‫األردن من ناحية اعتقاد الكثيرين في الكنائس المسيحيَّة التاريخيَّة عن دعم الكنائس اإلنجيليَّة للصهيونيَّة‪.‬‬

‫التفسيرية‪ ،‬العهد القديم كتاب صعب وًل حاجة إليه‬


‫َّ‬ ‫اإلشكالية‬
‫َّ‬ ‫ثالثا‪:‬‬
‫لماذا يق أر المسيحيون كتب العهد القديم؟ أو باألحرى هل عليهم القيام بذلك؟ إذا كان العهد الجديد قد تمم العهد‬
‫التمسك بالقديم ولدينا الجديد؟ وفي زمن السرعة حيث ال وقت‬
‫القديم ونسخه‪ ،‬فما حاجتنا إلى العهد القديم؟ لماذا ُّ‬
‫للقراءة‪ ،‬أليس من األفضل التركيز على العهد الجديد؟‬

‫‪36‬‬
‫المطران جورج خضر‪" ،‬العهد القديم والصهيونية‪ ".‬بيروت‪ :‬النهار‪ 11 ،‬نيسان (أبريل) ‪.1992‬‬

‫الدكتور جورج صبرا‪ ،‬في سبيل الحوار المسكوني‪ :‬مقاًلت ًلهوتية إنجيلية (بيروت‪ :‬دار منشورات النفير بالتعاون مع رابطة الكنائس اإلنجيلية في‬
‫‪37‬‬

‫الشرق األوسط‪ ،)2001 ،‬ص‪.45-44 .‬‬


‫‪38‬‬
‫‪N. Abbasi, “Relations Between Historical Christians and Evangelicals in the Hashemite Kingdom of Jordan: Some‬‬
‫‪Implications for Christian Ministry. “MEATE journal, 2005/1, p. 11.‬‬

‫‪16‬‬
‫أحيانا تلحق المزامير معه؟‬
‫أوليس هذا ما يوحي به تصرف بعض دور النشر التي تطبع العهد الجديد وحده‪ ،‬و ً‬
‫أوليس هذا ما يوحي به تصرف بعض الكنائس (سواء عن قصد أو بدون قصد) التي نرى في مقاعدها العهد‬
‫كامال؟‬
‫الجديد فقط‪ ،‬وليس الكتاب المقدس ً‬
‫ورد على التوراة يعتقد المفكر ندرة اليازجي بضرورة فصل‬
‫المسيحية ّ‬
‫َّ‬ ‫اليهودية ‪-‬‬
‫َّ‬ ‫اليهودية و‬
‫َّ‬ ‫رد على‬
‫في كتابيه ّ‬
‫«البشارة الجديدة‪ ،‬الخليقة الجديدة بالمسيح عن القديم الذي ال يمت إلى الجديد بصلة»‪ 39.‬وفي معرض معالجته‬
‫لمفهوم إكمال المسيح لناموس موسى يكتب اليازجي‪:‬‬

‫«وإذا درسنا ما قاله موسى وما أوصى به وما قاله المسيح‪ ،‬وما أوصى به في األناجيل كلها‪،‬‬
‫نقيضا لموسى‪ ...‬لقد كشف متَّى بمهارة‬
‫ً‬ ‫فإن التعارض التام يقوم بينهما‪ ،‬ونرى في المسيح‬
‫عقليَّة ومنطقيَّة ال تبارى‪ ،‬عن التناقض القائم بين المسيحيَّة واليهوديَّة‪ .‬وقد عمل على نقض‬
‫‪40‬‬
‫اليهوديَّة لتثبيت المسيحيَّة‪ ،‬كما عمل على الفصل بينهما من خالل معتقدات اليهود أنفسهم»‪.‬‬

‫مغاير لندرة اليازجي‪ .‬يكتب األب طرزي‪:‬‬


‫ًا‬ ‫مفهوما‬
‫ً‬ ‫أما األب بولس طرزي فيرى في ارتباط العهد القديم بالمسيح‬

‫«إن أهميَّة العهد القديم بالنسبة لنا‪ ،‬نحن المسيحيين‪ ،‬فائقة‪ ،‬ال بل أساسيَّة‪ .‬فنحن نقول إننا‬
‫َنخلص بالمسيح‪ ،‬ونرجو ملكوت هللا أبيه عز وجل‪ .‬غير أن المسيح ال يفيدنا إال إذا التصقنا‬
‫به‪ ،‬وال يتحقق هذا االلتصاق إال إذا عرفناه حق المعرفة في اإلنجيل المحمول في طيات العهد‬
‫الجديد‪ .‬لكن هذا األخير منسوج بكلمات العهد القديم وعباراته ومفاهيمه ورؤاه ورجائه‪ .‬ويسوع‬
‫نفسه‪ ،‬فحوى اإلنجيل الرسولي‪ ،‬من نسيج أنبياء هللا العظام الذين حملوا كلمته التي تدين وتحيي‬
‫أيضا المسيح والكاهن والحمل المذبوح والمخلِص والرب وكلمة هللا‪.‬‬‫في آن واحد‪ ...‬يسوع هو ً‬
‫‪41‬‬
‫هذا يعني أنه محدد بعبارات ال يفهمها إال من كان مجبوًال من طينة العهد القديم‪».‬‬

‫فما هو الموقف المناسب من أقوال األب طرزي واألستاذ اليازجي؟‬

‫‪39‬‬
‫رد على التوراة (دمشق‪ :‬دار الغربال‪ ،)1974 ،‬ص‪.9 .‬‬
‫ندرة اليازجي‪ّ ،‬‬
‫‪40‬‬
‫رد على التوراة‪ ،‬ص‪.92-91 .‬‬
‫اليازجي‪ّ ،‬‬
‫‪41‬‬
‫األب بولس نديم طرزي‪ ،‬مدخل إلى العهد القديم‪ .‬الجزء األول‪ ،‬التقاليد التاريخية‪ .‬تعريب نقوال أبو مراد‪ .‬دراسات كتابية ‪( 6‬بيروت‪ :‬منشورات النور‪،‬‬
‫‪.)1998‬‬

‫‪17‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬ال َّبد من االعتراف بأن العهد القديم هو كتاب صعب الفهم‪ .‬فهو ليس بالكتاب السهل القراءة‪،‬‬
‫فهو ليس مجرد كتاب نستطيع قراءته خالل ِع َّدة أمسيات‪ ،‬بل هو عبارة عن مكتبة تضم العديد من الكتب‪ .‬قد‬
‫يسر القارئ بقراءة بعض القصص الممتعة من هذه المكتبة‪ ،‬ولكن عندما يقترب ً‬
‫مثال‪ ،‬من كتاب العدد أو كتاب‬
‫الالويين حيث القوائم الطويلة من األسماء واألعداد والشرائع التفصيليَّة فال بد أن يصيبه الملل ويتوقف عن‬
‫القراءة‪ .‬إضافة إلى ذلك فإن العهد القديم كتب في عصور معيَّنة قديمة من قبل كتَّاب كثيرين‪ .‬إن أحدث نص‬
‫زمنيا حوالي‬
‫من نصوص العهد القديم يعود على األرجح إلى العام ‪ 400‬ق‪ .‬م‪ ،.‬وهذا يعني أنه يبتعد عنا ً‬
‫‪ 2400‬سنة! وللبعد الزمني انعكاساته العديدة على فهم العهد القديم‪ .‬يختلف أسلوب الكتابة في تلك األزمنة‬
‫عن األساليب المتبعة في أيامنا فاللغة في تطور مستمر من ناحية التعبير والصياغة‪ ،‬فهناك العديد من‬
‫المصطلحات التي كانت مألوفة ومتداولة في أزمنة كتابة العهد القديم لم تعد مألوفة ومستعملة في أيامنا‪ .‬وليست‬
‫المشكلة مشكلة مصطلحات أو تطور للغة فحسب‪ ،‬بل هي أبعد ذلك بكثير‪ .‬يضم العهد القديم بين دفتيه العديد‬
‫من األساليب أو األشكال األدبيَّة (‪ )literary forms‬المتنوعة التي يخطئ القارئ ً‬
‫جدا عندما يحاول قراءتها‬
‫حدا‪ .‬هذه األساليب أو األشكال األدبيَّة ينبغي تفسيرها بعناية بغرض الوصول إلى‬
‫أدبيا وا ً‬
‫أسلوبا ً‬
‫ً‬ ‫وكأنها تتبع‬
‫فهم صحيح لها يتناسب مع ِ‬
‫السمات األدبيَّة لكل أسلوب‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫التاريخية‪ ،‬العهد القديم كتاب مَل ّفق حضاريا وعلميا وتاريخيا‬
‫َّ‬ ‫اإلشكالية‬
‫َّ‬ ‫رابعا‪:‬‬
‫يعتقد البعض أن العهد القديم هو مجموعة من القصص المماثلة لقصص سانتا كلوز أو بابا نويل‪ .‬يتكون العهد‬
‫القديم من ِع َّدة أنواع من اآلداب‪ ،‬وكل نوع ينبغي فهمه بطريقة مختلفة‪ ،‬بعض الكتب مثل األمثال والمزامير ال‬

‫َّتدعي أنها تحتوي حقائق تاريخية‪ .‬إن الفصول األولى من كتاب التكوين تأخذنا إلى بداية التاريخ ولكن ً‬
‫بدءا‬
‫من الفصل ‪ 12‬ومن خالل قصة إبراهيم نشعر أننا دخلنا التاريخ الفعلي‪ .‬لقد أظهرت االكتشافات األثريَّة أن‬
‫أسماء إبراهيم وعائلته والتقاليد التي اتبعها وعادات الشراء والبيع (تكوين ‪ )23‬تعود إلى حوالي سنة ‪1800‬‬
‫قدم هذه االكتشافات‬ ‫ق‪.‬م‪ .‬بالطبع ذلك ال يثبت أن قصة إبراهيم حدثت تماما كما يخبرنا كتاب التكوين بها‪ ،‬ولكن ت ِ‬
‫ً‬
‫اعا متأخ ًرا‪.‬‬
‫سببا معقوًال لعدم اعتبار قصة إبراهيم اختر ً‬
‫ً‬
‫ِ‬
‫عندما نق أر في الكتب التاريخية فإننا نجد ع َّدة براهين عن توافق ما جاء في العهد القديم مع االكتشافات األثريَّة‬
‫في الشرق األوسط‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬كان سنحاريب إمبر ًا‬
‫اطور آشورًيا للفترة الواقعة بين ‪ 705‬إلى ‪ 681‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫وقد اكتشف علماء اآلثار سجالت رسميَّة في عاصمته نينوى تسجل وقائع حصار أورشليم عام ‪ 701‬ق‪.‬م‪ .‬في‬

‫‪42‬‬
‫انظر على سبيل المثال‪ :‬شفيق مقار‪ ،‬قراءة سياسية للتوراة (لندن‪ :‬رياض الريس للكتب والنشر‪ ،)1987 ،‬موسى مطلق إبراهيم‪ ،‬وعد التوراة‪ :‬من‬
‫أبرام إلى هرتزل (بيروت‪ :‬مكتبة بيسان‪.)1994 ،‬‬

‫‪18‬‬
‫أيام الملك حزقيا‪ .‬هذه السجالت تتوافق مع ما جاء في كتاب الملوك الثاني ‪ .19-18‬والجدير بالذكر أن‬
‫سجالت نينوى ال تذكر إخفاق سنحاريب في احتالل أورشليم بينما الفصل ‪ ۱۹‬من كتاب الملوك الثاني يذكر‬
‫ذلك‪ .‬وهل لنا أن نتوقع من اإلمبراطور العظيم أن يذكر فشله؟!‬

‫إن أحد األسباب الرئيسة التي َّ‬


‫مكنت حزقيا من الصمود في وجه الحصار هو حفره مسبًقا لنفق يمد مدينة‬
‫أورشليم بالماء من نبع جيحون (الملوك الثاني ‪ .)20 :20‬وفي العام ‪َّ 1880‬‬
‫تم اكتشاف هذا النفق وقد وجدت‬
‫بداخله نقوش تعود إلى ذلك الزمن‪.‬‬

‫هنالك العديد من االكتشافات األثريَّة التي توافق ما جاء في العهد القديم من أحداث‪ ،‬ولكن في الوقت نفسه‬
‫هناك بعض األمور في العهد القديم التي ال نجد ما يماثلها في الكتابات القديمة أو في المكتشفات األثريَّة‪.‬‬
‫أخير علينا أن نتذكر أن كتبة العهد القديم لم يهدفوا إلى تقديم سجالت تاريخية محضة‪ ،‬بل قاموا بتفسير‬ ‫و ًا‬
‫إيمانية‪ .‬ومهما يكن من حال‪ ،‬فإنه ال يوجد سبب ًمقنع للقول أن كل‬
‫َّ‬ ‫األحداث التاريخيَّة من وجهة نظر الهوتيَّة‬
‫هذه األحداث كانت وليدة تخيالتهم‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫برز في العقد األخير في مجال دراسات العهد القديم مجموعة من الباحثين أطلق عليهم اسم «المقللين»‪.‬‬
‫شهدت ساحة النشر العربيَّة حركة سريعة في تعريب بعض هذه الدراسات‪ ،‬أذكر الكتابين التاليين على سبيل‬
‫المثال‪:‬‬
‫إسرإيل القديمة‪ :‬إسكات التاريخ الفلسطيني‪ .‬ترجمة د‪ .‬سحر الهنيدي مراجعة د‪.‬‬
‫‪ -1‬كيث وايتالم‪ ،‬اختالق َ‬
‫فؤاد زكريا‪ .‬سلسلة عالم المعرفة رقم ‪ .249‬الكويت‪ :‬مطابع الوطن‪ .1999 ،‬وفي العام التالي صدرت ترجمة‬
‫أخرى من الكتاب نفسه في دمشق‪ :‬كيث وايتالم‪ ،‬تلفيق إسرءيل التور َّ‬
‫اتية‪ :‬طمس التاريخ الفلسطيني‪ .‬ترجمة‬
‫‪44‬‬
‫ممدوح عدوان‪ ،‬مراجعة زياد منى‪ .‬دمشق‪ :‬دار َق ْدمس‪.2000 ،‬‬

‫هذه ترجمة حرفية للكلمة اإلنكليزية ‪ minimalists‬التي تشير إلى بعض الباحثين الذين يعتقدون أن قصص العهد القديم ليست تاريخية بل أسطورية‪،‬‬
‫‪43‬‬

‫أيضا لتواجد الكثير من أقطابها هناك‪.‬‬


‫أيضا باسم «مدرسة كوبنهاغن أو المدرسة االسكندنافية» بسبب تطورها في تلك المنطقة و ً‬
‫عرفت هذه المدرسة ً‬
‫‪44‬‬
‫العنوان األصلي للكتاب‪K. W. Whitelam, The Invention of Ancient Israel: The Silencing of Palestinian History :‬‬
‫‪(London & New York: Routledge, 1996, 1997).‬‬

‫‪19‬‬
‫اإلسرإيلي‪ .‬ترجمة صالح علي سوداح‪ .‬بيروت‪ :‬بيسان للنشر‬
‫َ‬ ‫‪ -2‬توماس ل‪ .‬طومسون‪ ،‬التاريخ القديم للشعب‬
‫‪45‬‬
‫والتوزيع‪.1995 ،‬‬
‫‪46‬‬
‫عن التناقضات الموجودة في نصوص العهد القديم‬ ‫يتحدث األستاذ الدكتور نعمان عبد الرزاق السامرائي‬
‫فيقول‪:‬‬

‫«‪ ...‬وال يعقل أن تكون التوراة وحي هللا تعالى‪ ،‬ثم تتضارب وتختلف نصوصه وأخباره‪ ،‬وبهذه‬
‫الكثرة الكاثرة‪ .‬فاهلل تعالى حق‪ ،‬وال يصدر عنه إال الحق‪ ...‬فالتناقضات في نصوص التوراة‬
‫‪47‬‬
‫صارخة‪ ،‬ويستحيل الجمع بين المتضارب من رواياته ‪»...‬‬

‫الرد على كتاب التناقض في تواريخ وأحداث التوراة‬


‫تناقضا وفي كتابه ّ‬
‫ً‬ ‫ويناقش السامرائي في كتابه حوالي ‪129‬‬
‫المؤلف جرجس إبراهيم صالح‪ 49‬إلى مجموعة من‬‫من آدم حتى سبي بابل لألستاذ محمد قاسم محمد‪ 48‬يشير ِ‬

‫الكتب الصادرة باللغة العربيَّة التي ترى في العهد القديم ً‬


‫‪50‬‬
‫كتابا يذخر بالتناقضات العلميَّة والتاريخيَّة‪.‬‬

‫السؤال اذهب الى موديل‪:‬‬


‫لالجابة على ّ‬
‫تغيرت نظرتك للعهد‬
‫بعد قراءتك عن تشكيل العهد القديم‪ ،‬وطريقة تشكيل نصوصه ونسخها وتناقلها‪ ،‬كيف ّ‬
‫ص هذا الموضوع‪ ١٥٠( .‬كلمة)‪.‬‬‫القديم؟ وما هي األسئلة التي تحتاج أن تجد إجابة عنها فيما يخ ّ‬

‫‪45‬‬
‫العنوان األصلي للكتاب‪:‬‬ ‫‪Thomas L. Thomson, Early History of the Israelite People from the Written and‬‬
‫‪Archaeological Sources (Leiden: Brill, 1992).‬‬
‫‪46‬‬
‫التوراة‪ :‬بين فقدان األصل وتناقض الّنص (لندن‪ :‬دار الحكمة‪.)2001 ،‬‬
‫‪47‬‬
‫التوراة‪ ،‬ص‪ .‬ب‪-‬ج‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫األستاذ محمد قاسم محمد هو أستاذ في جامعة قطر‪ ،‬وقد صدر كتابه الذي يقع في ‪ 608‬صفحة بالقاهرة عام ‪.1992‬‬
‫‪49‬‬
‫ال تاريخ نشر‪ ،‬ال ناشر‪ ،‬ال مكان النشر‪.‬‬
‫‪ 50‬رياض قسيس‪ ،‬لماذا ًل نق أر الكتاب الذي قرأه المسيح؟ (مصر‪ P.T.W. :‬للترجمة والنشر‪.23- 13 ،)2010 ،‬‬

‫‪20‬‬

You might also like