Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 370

‫حقوق اإلنسان‬

‫بني النظرية والتطبيق‬

‫د‪ /‬حسن سعد سند‬


‫أستاذ جبامعة املنيا‬

‫‪2021‬م‬
‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫اه ْم يِف الَْيرب‬


‫َولَ َق ْد َكَّرْمنَا بَيِن آَ َد َم َو َمحَلْنَ ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ي‬
‫اه ْم‬
‫اه ْم َ رَ َ َ َ ُ‬
‫ن‬ ‫ل‬
‫ْ‬ ‫ض‬
‫َّ‬ ‫ف‬‫و‬ ‫ات‬ ‫ب‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َوالْبَ ْح ير َوَرَزقْ نَ ُ‬
‫(‪)1‬‬
‫ض ايًل (‪)70‬‬ ‫علَى َكثي ٍري يِمَّن خلَ ْقنَا تَ ْف ي‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬

‫األية (‪ )70‬سورة اإلسراء‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪1‬‬
‫إن جوهر احترام حقوق اإلنسان يتمثل فى‬
‫حب العدل واإلنصاف‬
‫وبغض الظلم واالجحاف‬
‫الن العدل إذا دام ع ّمر‬
‫واما الظلم إذا وقع دمر‬

‫‪2‬‬
‫األهداء‬

‫إلى كل االنتهازين والوصلين‬

‫إلى كل من يصاحبون الناس بمرأب الفائدة‬

‫ألن فيها أرواح الذباب‬

‫إلى كل المتلونين والمتحولين‬

‫والمتاجرين بقضايا اإلنسان‬

‫إلى أعضاء نبات الهالوك‬

‫أهدى هذا الكتاب‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫لقد كان الهدف النبيل وراء تدريس مادة حقوق اإلنسان في الجامعات المصرية هو أن‬
‫يكون الطالب والطالبات بصفة أساسية ‪-‬والجميع بصفة عامة ‪ -‬علي دراية كافية بما لهم‬
‫من حقوق فيتمسكون بها ‪ ،‬وما عليم من واجبات فيسارعون فيها ‪ ،‬وكذا تعزيز الوعي بهذه‬
‫الحقوق السيما وان العالم من حولنا يعترف لإلنسان بمزيد من الحقوق ويزود عنه ما عسى‬
‫أن يقيده به اإلستبداد أو اإلضطهاد والظلم ‪ ،‬األمر الذي يوضح بجالء ما لهذه الحقوق من‬
‫عالقة قويمة وراسخة بقيمة العدل ومنع الجور‪ .‬ومن هنا باتت موضوعات حقوق اإلنسان‬
‫سواء علي المستوي الوطنى أو الدولي هي من أهم الموضوعات ألنها تعني بقيمة الفرد‬
‫وكرامته وعزته ‪ ،‬حيث ال تقدم لدولة وال رقي بدون تمتع اإلنسان فيها بهذه الحقوق والتي‬
‫بذل اإلنسان فيها مئات السنين يجابه الطغيان والقهر‪ ،‬يواجه اإلستعالء والتعسف‪ ،‬ويدفع‬
‫– وكم ذا دفع – حياته ثمناً ووقوداً للثورات ضد الظلم‪ .‬وال يزال اإلنسان يستكمل حقوقه‬
‫وحريته والتعبير عن نفسه ولو بدمه‪.‬‬
‫ولقد شغل موضوع حقوق اإلنسان أذهان الفالسفة والمفكرين السيما في الغرب حتي‬
‫أصبح هناك العديد من المعاهدات وإعالنات الحقوق التي آمنت باإلنسان وبعدالة قضيته‬
‫وصارت هناك أجهزة دولية تسهر علي حماية هذه الحقوق‪ .‬كما تطور اإليمان بهذه الحقوق‬
‫علي المستوي الوطني وال يزال األمر يحتاج إلي مزيد من التقوية لسياج الحماية ووضع‬
‫الضوابط الكافية لوأد كل عدوان عليها‪.‬‬
‫ولقد كان لالديان السماوية دو اًر حيوياً في التركيز علي هذه الحقوق وحمايتها وهو ما‬
‫سوف نتعرض له من خالل استعراض التطور التاريخي لإلعتراف بحقوق اإلنسان ثم إلي‬
‫حقوق اإلنسان من خالل المواثيق الدولية سواء العالمية أو اإلقليمية‪ .‬ثم نعرض ألهم هذه‬
‫الحقوق وتلك الحريات سواء الحقوق المدنية أو السياسية أو اإلقتصادية أو اإلجتماعية أو‬
‫الثقافية ثم نتعرض للضمانات الدولية والداخلية التي تحول دون إنتهاك حقوق اإلنسان من‬
‫خالل المسئولية والمساءلة‪ .‬ولقد بقي أن نعرف أن حقوق اإلنسان كفكرة ليست مفهوماً‬

‫‪4‬‬
‫غربياً وإ نما هي إرث مشترك لإلنسانية إنطلق من ثقافة األمم والحضارات والثقافات عبر‬
‫التاريخ ‪ ،‬وجوهره العدل والحرية والمساواة والكرامة والتضامن واألمن‪ .‬ولقد كان دافع الهيئات‬
‫الدولية والوطنية من تدريس هذه المادة – إضافة إلي ما سبق – هو نشر ثقافة حقوق‬
‫اإلنسان والوعي بها والتي بدونها تختفي حرية الفكر اإلنساني وتتدهور أخالقيات الناس‬
‫ويتقوض الحوار اإليجابي وتض محل فرص التقدم والنمو واإلزدهار وتضعف مشاعر‬
‫المواطنة ويذبل الشعور باإلنتماء ويتزعزع السالم اإلجتماعي ويسود الركود والتخلف في‬
‫أجواء الفوضي وثقافة الغاب‪ .‬ولقد بات جلياً أن الطالب في هذه السن المبكرة مفعمون‬
‫بالحيوية والنشاط ‪ ،‬ممتلئون باألمل والتطلعات ‪ ،‬يحلقون نحو الغد بل هم الغد ‪ ،‬ومن ثم‬
‫فقد كان لزاماً أن تتضمن برامج التعليم تدعيم ثقافة حقوق اإلنسان بجذورها الضاربة في‬
‫عمق الزمان والمساهمة األصيلة للتراث العربي واإلسالمي في تشييد بنيانها وهو ما يجعل‬
‫ثقافة حقوق اإلنسان تندمج مفاهيمها في مدارك الدارسين وعقولهم وضمائرهم ووجدانهم‬
‫فتنعكس في أنشطتهم وسلوكهم وممارساتهم‪ .‬ولكن األهم من ذلك كله أن يسود المحيط‬
‫العالمي والدولي إيمان راسخ بقدسية هذه الحقوق بعيداً عن إزدواج المعايير وإنعدام‬
‫المصداقية والتناقض وعدم إحترام التنوع الثقافي ‪ ،‬والهيمنة وغير ذلك مما يضعف قيمة‬
‫عالمية حقوق اإلنسان‪ .‬وسوف نعرض لموضوعات هذه المادة العلمية من خالل ما أوحي‬
‫به مؤتمر تعليم حقوق اإلنسان الذي عقدته منظمة اليونسكو سنة ‪ 1978‬بمدينة فينا بالنمسا‬
‫حيث ارتئا أن تعليم حقوق اإلنسان يجب أن يبني علي فهم واسع لمكانة حقوق اإلنسان في‬
‫المجتمع مع اإلهتمام بالتطور التاريخي الذي تطورت فيه هذه الحقوق حتي اعترف بها‬
‫‪ ،‬باإلضافة إلي العوامل اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية والسياسية التي تحدد درجة‬
‫‪-:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫إحترام هذه الحقوق في المجاالت العلمية والتي فصلها المؤتمر علي النحو اآلتي‬
‫‪ -‬تاريخ حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫)‪(1‬أستاذنا د‪ /‬عبد الواحد محمد يوسف الفار " قانون حقوق اإلنسان في الفكر الوضعى والشريعة اإلسالمية "‪ .‬دار النهضة‬
‫العربية‪ .‬ط ‪ 1991‬ص ‪ 8‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -‬فلسفة حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬العجز والنقص في طرق وأساليب حماية حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبروتوكوالت الملحقة بهما‪.‬‬
‫كما أشار هذا المؤتمر إلي أن تعليم حقوق اإلنسان يجب أن يهدف إلي ‪-:‬‬
‫• مساعدة الطالب علي أن يفكروا تفكي اًر ناقداً في هذه القضايا وتشجيعهم علي‬
‫اإلهتمام والتعاطف مع أولئك الذين يتعرضون إلنتهاك حقوقهم‪.‬‬
‫• تقديم المعرفة عن حقوق اإلنسان في أبعادها القومية والعالمية وعن المؤسسات‬
‫التي أقيمت لتنفيذها أو تطبيقها‪.‬‬
‫• تطوير وعي األفراد بالطرق والوسائل التي يمكن بواسطتها ترجمة حقوق اإلنسان‬
‫إلي حقيقة إجتماعية أو سياسية علي المستويين القومي والعالمي‪.‬‬
‫• تعزيز مواقف التسامح واإلحترام والتضامن المتأصلة في حقوق اإلنسان من جهة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪ ،‬والتنمية والسالم من جهة أخري‬

‫المرجع السابق ذات الموضع ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪6‬‬
‫وسوف نعرض لهذه الموضوعات في خطة بحث علي النحو اآلتي ‪-:‬‬

‫الباب األول ‪ -:‬التطور التاريخي والفلسفي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الباب الثاني ‪ -:‬أهم حقوق اإلنسان األساسية‪.‬‬

‫الباب الثالث ‪ -:‬أهم إنتهاكات حقوق اإلنسان ووسائل مقاومتها ‪.‬‬

‫الباب الرابع ‪ -:‬المسئولية عن إنتهاك حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الباب األول‬
‫التطور التاريخي والفلسفي لحقوق اإلنسان‬

‫سوف نعرض فى هذا الباب لمفهوم حقوق اإلنسان وطبيعة هذه الحقوق وخصائصها‬
‫والتطور التاريخي لالعتراف بها وموقف الديانات السماوية فى سبيل إرسائها وتعميقها‬
‫وترسيخها وحمايتها ثم نعرض لضوء لدور الفكر الوضعى فى الدفاع عن هذه الحقوق‬
‫من خالل إعالنات الحقوق والدساتير بصفة خاصة والمواثيق بصفة عامة وسوف نقسم‬
‫هذا الباب إلي الفصول اآلتية ‪-:‬‬
‫الفصل األول ‪ -:‬مفهوم حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪ -:‬التطور التاريخي لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفصل الثالث ‪ -:‬الشرائع السماوية وحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفصل الرابع ‪ -:‬حقوق اإلنسان في إعالنات الحقوق والدساتير‬

‫‪8‬‬
‫الفصل األول‬
‫مفهوم حقوق اإلنسان‬

‫الحقوق ‪-:‬‬
‫‪ ،‬ولقد تعرضت فكرة الحق لإلنكار من جانب بعض‬ ‫(‪)1‬‬
‫الحقوق مفردها حق‬
‫الفقهاء وعلي رأسهم الفقيه ديجي الذي آمن بالمنهج العلمي الذي ال يقتنع إال بالمشاهدة‬
‫والتجربة ‪ ،‬وقد أنكر هذا الفقيه فكرة الحق لعدم جدواها في رأيه ‪ ،‬إذ أنها من وجهة نظره‬
‫ليست إال القاعدة تطبق علي األفراد فتعرض عليهم واجبات فيوجد األفراد آنئذ في مراكز‬
‫قانونية سواء كانت هذه المراكز إيجابية أم سلبية‪ .‬ولكن هذا الرأي منتقد ألنه ترسم منهجاً‬
‫يصلح فقط في العلوم التجريبية‪ .‬أما العلوم اإلنسانية ومنها القانون فال يمكن الحكم عليها‬
‫بقانون التجربة والمشاهدة ‪ ،‬هذا باإلضافة إلي أن تلك المراكز القانونية وما يقابلها من‬
‫الواجب وااللتزام تقتضي تلقائياً العودة إلي ذات الفكرة مما يعني أن هذه الفكرة غير قابلة‬
‫لإلنكار‪.‬‬

‫وإزاء وجود فكرة الحق فقدد لزم تعريفهدا‪ .‬وقدد تنداول تعريح الحق عددة إتجداهدات‬
‫فقهية مختلفة‪ .‬فقد ذهب اإلتجاه الشد ددخصد ددي والذي يتزعمه األلماني عمانويل كانت إلي‬
‫أن الحق موجود مادامت سد د د ددلطة اإلرادة موجودة‪ .‬ولكن هذا اإلتجاه مفتقر من حيث أن‬
‫هناك حقوقاً موجودة وثابتة ومسد د د د د د ددتقرة ألصد د د د د د ددحابها رغم أنهم ال إرادة لهم مثل عديمي‬
‫األهلية أو األجنة حيث أن لهؤالء حقوق وال إرادة لهم (‪.)2‬‬

‫أنظر في تفصيل ذلك د‪ .‬حسن كيرة ‪ .‬المدخل إلي القانون ط ‪ 1971‬منشأة المعارف – اإلسكندرية ص ‪ 130‬وما بعدها ‪،‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫د‪ .‬حمدي عبد الرحمن – فكرة الحق ط ‪ – 1979‬القاهرة ص ‪ 18‬ولسيادته أيضاً – معصومية الجسد "مجلة العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية يناير ‪ ،‬يوليه سنة ‪ – 1981‬العدد األول والثاني س ‪ ، 22‬د‪ .‬حسن سعد محمد عيسى سند "الحماية الدولية لحق‬
‫اإلنسان في السالمة الجسدية" مقارنة بها في ظل أحكام الشريعة اإلسالمية‪ .‬دار النهضة العربية ط ‪ 1999‬ص ‪ 23‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫أنظر ‪"kant immanual" the phlslasphi of law". Translated by v. Hastie 1977 P. 34-35.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪9‬‬
‫وإزاء القص د ددور الذي إنتاب اإلتجاه الش د ددخص د ددي فقد بزع اإلتجاه الموض د ددوعي الذي يربط‬
‫الحق بالمصلحة ويعرف الحق علي أنها مصلحة يحميها القانون‪ .‬وقد تزعم هذا اإلتجاه‬
‫(‪)1‬‬
‫إال أن هدذا اإلتجداه مفتقر ألنده يعتبر المصد د د د د د ددلحدة جوهر الحق‬ ‫الفقيده األلمداني هونج‬
‫وأس د د دداس وجوده في كل األحيان برغم من أنه قد توجد المص د د ددلحة وال حق(‪ ، )2‬وقد برز‬
‫إتجاه ثالث يمذج بين االتجاهين الشد د ددخصد د ددي والموضد د ددوعي أي يخلط بين فكرة اإلرادة‬
‫كأساس لإلتجاه الشخصي وفكرة المصلحة كأساس لإلتجاه الموضوعي ولكن اإلنتقادات‬
‫التي وجهت إلي اإلتجاهين السابقين هي بذاتها التي وجهت إليه ألنه من نتائجها‪.‬‬
‫وأما اإلتجاه الحديث فقد عرف الحق بأنه تلك الرابطة القانونية التي بمقتضد د د د د دداها يخول‬
‫القانون شخصاً من األشخاص سلطة علي سبيل اإلنفراد واإلستئثار والتسلط علي شيء‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ما أو اقتضاء أداء معين من شخص آخر‬
‫ولعل هذا التعريح األخير هو الذي يرجح على اإلتجاهات الس ددابقة ألنه يفس ددر اس ددتئثار‬
‫اإلنسان بقيم هي حقوقه (كالحياة والسالمة الجسدية والكرامة واألمن) وحمايتها من كافة‬
‫صد د د د د د ددنوف اإلعتداء ‪ ،‬ولكن هذا الحق له وهيفة إجتماعية هي مصد د د د د د ددلحة المجموع أو‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫مصلحة المجتمع في حماية أفراده ككل‬
‫تعريف الحقوق وطبيعتها ‪-:‬‬
‫إن كلمدة حق ‪ Right‬في اللغدة اإلنجليزيدة والكلمدات الممداثلدة لهدا في اللغدات األخري لهدا‬
‫معنينان جوهريان أحدهما أخالقي واآلخر سدياسدي فمن ناحية تعني أن شديئاً ما صدحيح‬
‫ومن الندداحيددة األخري تعني حق داً يعود علي الفرد والمراد هنددا هو المعني األخير حيددث‬
‫الحديث عن ش د ددخص يملك حقاً أو حقوقاً ‪ .Rights‬أما في اللغة العربية فإن الحق لغة‬

‫انظر في اإلشارة لذلك تفصيالً أستاذنا الدكتور جميل الشرقاوي " دروس فس أصول القانون " ط ‪ – 1972‬القاهرة بون‬ ‫(‪)1‬‬

‫سند طبع ص ‪.279‬‬


‫د‪ .‬عبد الرازق السنهورى ‪ .‬مصادر اإللتزام ط ‪ .1952‬القاهرة ص ‪.103‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬سليمان مرقص "مدخل للعلوم القانونية" ‪ .‬ط ‪ – 1961‬القاهرة ص ‪.419‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪ .‬نعمان جمعه "دروس في نظرية الحق" – ط ‪ 1973‬القاهرة ص ‪.51‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪10‬‬
‫(‪)1‬‬
‫هو الثابت الواضح الذي ال ينكر وهذا هو ما اتفقت عليه تقريباً معاجم اللغة العربية‪.‬‬
‫أمدا الحق في الفقده الشد د د د د د ددرعي فدإن لفظدة (الحق) قدد وردت في القرآن الكريم ‪ 194‬مرة‬
‫وقدد ورد لف (حق) في القرآن الكريم ‪ 33‬مرة كمدا وردت لفظدة (حقده) ثالث مرات‪ .‬وقدد‬
‫اختلف معني اللف إلختالف مقدام وروده في اآليدات القرآنيدة وسننننننننننسنننننننننوق علي ذلنك‬
‫األمثلة اآلتية ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬الحق بمعني هللا سد ددبحانه وتعالي وقد ورد ذلك في قوله تعالي و ولو اتبع الحق‬
‫(‪)2‬‬
‫أهواءهم لفسدت السموات واألرض و‬
‫ب‪ -‬الحق بمعني القرآن الكريم وقدد ورد ذلدك في قولده تعدالي و بدل كدذبوا بدالحق لمدا‬
‫(‪)3‬‬
‫جاءهم فهم في أمر مريج و‬
‫(‪)4‬‬
‫ج‪ -‬الحق بمعني العدل وقد ورد ذلك في قوله تعالي و وهللا يقضي بالحق و‬
‫د‪ -‬الحق بمعني النصد د د د د دديب دأو القسد د د د د ددم وقد ورد ذلك في قوله تعالي و والذين في‬
‫(‪)5‬‬
‫أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم و‬
‫ه‪ -‬الحق بمعني الوجوب أو الثبوت وقدد ورد ذلدك في قولده تعدالي و لقدد حق القول‬
‫(‪)6‬‬
‫علي أكثرهم فهم ال يؤمنون و‬
‫و‪ -‬الحق بمعني الصد دددق كما في قوله تعالي و ويسد ددتنبئونك أحق هو قل إي وربي‬
‫(‪)7‬‬
‫إنه لحق وما أنتم بمعجزين و‬
‫(‪)8‬‬
‫ز‪ -‬الحق بمعني اليقين كما في قوله تعالي و إنه لحق مثلما أنكم تنطقون و‬

‫مختار الصحاح للرازي ‪ .‬المطبعة األميرية ط ‪ 1996‬ص ‪ ، 146‬لسان العرب البن منظور – مطبعة دار الكتاب العربي ص‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪ ، 332‬المصباح المنير‪ .‬للفيومي ‪ .‬المطبعة األميرية – الطبعة السادية سنة ‪.1986‬‬


‫سورة المؤمنون آية رقم ‪.71‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫سورة ق آية رقم ‪.5‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫سورة غافر من اآلية رقم ‪.20‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫سورة المعارج اآليتين رقمي ‪.24 ، 23‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫يس اآلية رقم ‪.7‬‬


‫سور ّ‬
‫)‪(6‬‬

‫سورة يونس اآلية رقم ‪.53‬‬ ‫)‪(7‬‬

‫سورة الذاريات من اآلية رقم ‪.23‬‬ ‫)‪(8‬‬

‫‪11‬‬
‫الحق في اصطالح األصوليين ‪-:‬‬
‫فالحق إما حكم أو‬ ‫(‪)1‬‬
‫اختلف األص د د ددوليون في تعريح الحق إلي ثالث إتجاهات‬
‫والحكم في اص د ددطالو األص د ددوليين هو خطاب هللا‬ ‫(‪)3‬‬
‫أو هو أمر معنوي‬ ‫(‪)2‬‬
‫متعلق الحكم‬
‫تعالي المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءاً أو تخيي اًر أو وضعاً‪.‬‬
‫أما من عرف الحق بأنه حكم فهو الذي يشددمل األمر والنهي ‪ ،‬والحكم ينقسددم إلي ثالث‬
‫أقسام ‪ ،‬حقوق خالصة هلل تعالي كاإليمان به ‪ ،‬وحقوق خالصة للعباد كالديون ‪ ،‬وحقوق‬
‫مشتركة بين هللا سبحانه وتعالي والعباد كحق القذف‪.‬‬
‫وبهذا مال فخر اإلسد د د د ددالم الزدوي والقرافي(‪ .)4‬وأما من قال بأن الحق هو متعلق بالحكم‬
‫فهو يعني الفعدل أي فعدل المكلف وهو الفعدل الدذي يتعلق بخطداب الش د د د د د د ددارع فالبدد من‬
‫تحقق دده أي من وجوده في الواقع بحي ددث ي دددرك ب ددالحس أو ب ددالفع ددل ‪ ،‬والمحكوم ب دده أو‬
‫المحكوم فيه أن حقوق هللا تعالي خالصد د د د د د ددة أو حقوق العبد أو ما اجتمعا وحق أحدهما‬
‫غالب‪ .‬وبهذا قال سد د ددعد الدين التفتازاني في التلويح علي التوضد د دديح(‪.)5‬وأما من قال بأن‬
‫الحق أمر معنوي فهو امتثال أوامر هللا واجتناب نواهيه وقد عبر اإلمام الش د د د د دداطبي عن‬
‫هذا بقوله (كل حكم شد د د ددرعي ليس بخال عن حق هللا تعالي وهو جهة التعبد‪ ،‬فعبادة هللا‬
‫هو امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطالق ‪ ،‬وكل حكم ش د د ددرعي فيه حق للعباد عاجالً أم‬
‫آجالً بناءاً علي أن الشد دريعة إنما وض ددعت لص ددالح العباد ‪ ،‬وأص ددل العبادات راجعة إلي‬
‫(‪)6‬‬
‫حقوق العباد‪.‬‬

‫انظر في تعريف الحق د‪ .‬مصطفي عرجاوي التعريف بالحق في الشريعة اإلسالمية – مجلة الشريعة والقانون ‪ .‬العدد‬ ‫)‪(1‬‬

‫األول ‪ .‬أسيوط سنة ‪.1985‬‬


‫وهو رأي سعد الدين التفتازاني في "التلويح علي التوضيح لمتن التنقيح" ص ‪ ، 150‬ص ‪.151‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫وهو رأي الشاطبي في "الموافقات" المطبعة السلفية ج ‪ 2‬ص ‪.221‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫)‪ (4‬كشف األسرار للزدوي ج ‪ 4‬ص ‪ ، 134‬الفروق للقرافي ج‪ 1‬ص‪.140‬‬


‫التلويح علي التوضيح لمتن التنقيح ج‪ "1‬ص ‪ ، 150‬ص ‪.151‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫الموافقات في أصول األحكام ألبس اسحاق الشاطبي – المطبعة السلفية ج‪ 2‬ص ‪.221‬‬ ‫)‪(6‬‬

‫‪12‬‬
‫أما الحق لدي فقهاء المسلمين ‪-:‬‬
‫فقد ورد اسد د ددتعمال الحق في الفقه اإلسد د ددالمي في مواضد د ددع مختلفة وبمعان عديدة ونظ اًر‬
‫لوضد د د د د د ددوو داللتده ومعنداه فلم يتعرض لده اكثر الفقهداء القددامى فيمدا يتعلق بتعريفده نظ اًر‬
‫ولقد دارت‬ ‫(‪)1‬‬
‫لوفائه بجميع اسد د ددتعماالته في اللغة وكافة علوم ومخاطبات الناس جميعاً‪.‬‬
‫كل تعريفات الحق حول معني واحد تقريباً وهو ‪ :‬و اإلس ددتئثار بقيمة معينة ثابتة بالش ددرع‬
‫أو القدانون هلل تعدالي أو للشد د د د د د ددخص أو لهمدا معداً علي الغير مع حمدايدة هدذا الحق عن‬
‫(‪)2‬‬
‫طريق التسلط واالقتضاءو‪.‬‬
‫علي من تعود الحقوق ‪-:‬‬
‫حقوق اإلنسد ددان هي كل الحقوق التي يمتلكها الفرد ببسد دداطة لكونه إنسد ددان ومن هنا فأن‬
‫الفرد اإلنسد د د د دداني هو فقط من يملك هذه الحقوق بحكم كونه من البشد د د د ددر ولكن متي تبدأ‬
‫هذه الحقوق لإلنسان ومتي تبدأ حمايتها‪ .‬أي متي يكتسب اإلنسان الحقوق ؟؟‬
‫يكتس د د ددب اإلنس د د ددان الحقوق منذ دبت فيه الروو وفقاً ألحكام الشد د ددريعة اإلس د د ددالمية ولكن‬
‫اختلفت الشرائع الوضعية في توقيت بدء الحماية لهذه الحقوق‪ .‬ومصدر ثباتها في الفقه‬
‫اإلسد د د ددالمي هو الحديث الشد د د دريح المروي عن النبي عليه الصد د د ددالة والسد د د ددالم‪ ،‬عن ابن‬
‫مسد د ددعود رضد د ددي هللا عنه قال حدثنا رسد د ددول اله صد د ددلي هللا عليه وسد د ددلم قال و إن أحدكم‬
‫ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مض د د د د ددغة‬
‫(‪)3‬‬
‫مثل ذلك ثم يبعث هللا ملكاً فيؤمر برزقه وأجله وشد د ددقي أو سد د ددعيد ثم ينفخ فيه الرووو‪.‬‬
‫ومن هنا فال ص ددلة بين الميالد والحياة وال بين الميالد والحماية فاإلنس ددان مادام حياً في‬
‫بطن أمده فهم جنين اسد د د د د د ددتوجبدت لده الحمدايدة‪ .‬وال يجوز تنفيدذ العقوبدة في المرأة الحدامدل‬

‫األشباه والنظائر البن نجيم الحنفي ط الحلبي ص ‪ ، 121‬د‪ .‬عبد الرازق السنهوري "مصادر الحق في الفقه اإلسالمي" ط‬ ‫)‪(1‬‬

‫معهد الدراسات العربية ج‪ 1‬ص ‪.14‬‬


‫د‪ .‬هاللى عبد الاله أحمد " جماية حق الطفل في الحياة بين القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية ط دار النهضة العربية‬ ‫)‪(2‬‬

‫سنة ‪ 1990‬ص‪ 20‬وما بعدها‪.‬‬


‫شرح ابن حجر العسقالني ‪ .‬دار المعرفة ‪ .‬بيروت‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫‪13‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ .‬وهو ما ينبغي‬ ‫حرصاً علي جنينها حتي تضعها وتفطمه كما وقع في شأن الغامدية‬
‫العمل به في القوانين الوض د ددعية التي يكتفي بعض د ددها بش د ددهرين بعد الوالدة لتنفيذ األحكام‬
‫في األم دون أدني م ارعدداة لحقوق الوليددد حددديددث العهددد بددالوالدة ودون أدني م ارعدداة لحددالددة‬
‫األم النفثاء وهي منهكة‪.‬‬
‫إذا انفصد ددل عن أمه بسد ددبب الجناية عليها والدية إذا‬ ‫(‪)2‬‬
‫كما أوجب اإلسد ددالم الغرة للجنين‬
‫انفصد د ددل حياً ثم مات بعد ذلك بسد د ددبب الجناية عليها‪ .‬وذلك بإطالق اسد د ددتدالالً بما روي‬
‫عن النبي علي الص ددالة والس ددالم أنه جعل دية كل ذي عهد كدية المس ددلم وما روي عن‬
‫عمر بن أبية الضددمري أنه قتل مسددتأمنين فقضددي رسددول هللا صددلي هللا عليه وسددلم عنها‬
‫بدية حرين مسدلمين ‪ ،‬وبما روي عن الزهري أنه قضدي ذلك في عهد أبي بكر‪ .‬وسديدنا‬
‫عمر بن الخطاب رضي هللا عنه أن دية الذمي مثل دية المسلم وقد علق الكاساني عن‬
‫ذلك فقال ‪ :‬و ومثله ال يكذب وبما روي عن ابن مس د د ددعود رض د د ددي هللا عنه ألنه قال دية‬
‫وبما روي عن علي رض د ددي اللع عنه وكرم هللا وجهه‬ ‫(‪)3‬‬
‫أهل الكتاب مثل دية المس د ددلمين‬
‫(‪)4‬‬
‫أنه قال و إنما اعطيناهم الذمة وبذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا‪.‬و‬
‫س د د دواء كان المقتول‬ ‫(‪)5‬‬
‫ومن هنا فقد اس د د ددتدل األحناف علي أن من قتل إنس د د ددان فهو قود‬
‫مس د د د د ددلماً أو غير مس د د د د ددلم وقد اس د د د د ددتدلوا علي ذلك من الكتاب بقوله تعالي و كتب عليكم‬
‫القصدداصو حيث أفادت اآلية العموم وهو ما يقتضددي المسدداواة بين المسددلم وغير المسددلم‬

‫حديث الغامدية أخرجه األمام مسلم في كتابه "باب حد الزنا " ج‪ 1‬ص ‪ ، 203‬انظر صحيح مسلم ألبي الحسن مسلم بن‬ ‫(‪)1‬‬

‫الحجاج بن مسلم النيسابوري المتوفي سنة ‪ 261‬هن ط عيسي الحلبي‪.‬‬


‫الغرة ‪ :‬هي الضننننمان المالي الذي يلزم بدفعه المعتدي علي األم وأدي اعتداله إلي موت الجنين والغرة هي نصننننف عشننننر دية‬ ‫(‪)2‬‬

‫اإلنسنننان الحر البالش بشنننرط إنفصنننال الجنين عن األم ميتاً أما إذا انفصنننل الجنين حياً عن األم لم مات بعد ذلك بسنننبب الجناية‬
‫عليها وجبت له الدية أيا كانت ملته وديانته ألن اإلسننالم يحمي اإلنسننان في المطلق ال لشننرك أال لكونه إنسننان وال فرق هنا بين‬
‫المسننلم وغير المسننلم في وجوب الدية لقوله تعالي " وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسننلمة إلي أهله" سننورة النسنناء‬
‫آية رقم ‪92‬‬
‫بدائع الصنائع للكاساني المرجع السابق ج‪ 7‬ص ‪ ، 254‬المبسوط للسرخي المرجع السابق ص ‪.825‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫مسند اإلمام أحمد ‪ .‬المرجع السابق ج‪ 2‬ص ‪.180‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫قود أي مقتص منه أي معرض للقتل قصاصاً‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪14‬‬
‫وأما اسد ددتداللهم من السد ددنة فما روي عن الحسد ددن عن ابراهيم رحمهما هللا تعالي أن رجالً‬
‫من المس د ددلمين قتل رجالً من أهل الذمة فرفع ذلك إلي رس د ددول هللا ص د ددل هللا عليه وس د ددلم‬
‫فقال و أنا أحق حق وفي بذمتهو‪ .‬وأما استداللهم من المعقول فألن المساواة في العصمة‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ثابتى نظ اًر إلي التكليف ‪ ،‬والقصاص يعتمد علي المساواة وهي متحققة‬
‫والخالصدة هنا اإلنسدان محمي بإطالق في هل الفقه اإلسدالمي ال فرق بين مسدلم وغير‬
‫مسلم وذلك وفقاً لرأي السادة األحناف ألن العموم ال يصرف عن هاهرة إال بدليل ثابت‬
‫وقوي‪.‬‬
‫والش ددارع مراده عص ددمة الدماء واألنفس وص دديانتها بإطالق فهو الذي خلق النش ددئة وتكفل‬
‫بحمايتهم بال تمييز مثلما كان يس د د ددود في الجاهلية ولقد وعي الص د د ددحابة رض هللا عنهم‬
‫هذه الجملة فعملوا بها إلتفاقها مع ضد دداهر النصد ددوص في القرآن والسد ددنة والمعقول وهو‬
‫ما يتفق مع القواعد الكلية في الش د د ددريعة اإلسد د د ددالمية التي تحض علي العدل والمسد د د دداواة‬
‫وتؤكد علي عصمة الدماء وحرمة اإلنسان‪.‬‬

‫تعريف حقوق اإلنسان ‪-:‬‬


‫حقوق االنس د ددان بأنها هي و فرع خاص من فروع العلوم‬ ‫(‪)2‬‬
‫عرف األس د ددتاذ رينيه كاس د ددان‬
‫االجتماعية يختص بتحديد الحقوق والرخص الضددرورية التي تتيح ازدهار شددخصددية كل‬
‫كما عرف البعض حقوق اإلنس د د ددان‬ ‫(‪)3‬‬
‫فرد في المجتمع اسد د د ددتناداً إلي كرامته اإلنسد د د ددانيةو‬
‫في هل دولة‬ ‫بأنها ‪ :‬و علم يتعلق بالش د د د ددخص الس د د د دديما االنس د د د ددان الطبيعي الذي يعي‬
‫والذي يجب أن يسد د د ددتفيد بالحماية القانونية س د د د دواء عند اتهامه بارتكاب جريمة أو عندما‬
‫يكون ضددحية النتهاك وذلك عن طريق تدخل القاضددي الوطني والمنظمات الدولية‪ .‬كما‬

‫بدائع الصنائع المرجع السابق ج‪ 7‬ص ‪.237‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫هو مؤسس معهد حقوق االنسان باستراسبورج في فرنسا‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫مشار إليه لدي د‪ .‬عبد الواحد الفار المرجع السابق ص ‪ 3‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪15‬‬
‫ينبغي أن تكون حقوقه – خاصد ددة الحق في المسد دداواة – متناسد ددقة مع مقتضد دديات النظام‬
‫العامو‪.‬‬
‫وهذان التعريفان يتفقان في مضد ددمونهما بأن موضد ددوع حقوق اإلنسد ددان يتعلق بالشد ددخص‬
‫الشدخص الطبيعي وحمايته من كل عسدف واضدطهاد والعمل علي تدعيم واحترام حرياته‬
‫األسد دداسد ددية ووضد ددع الضد ددمانات الفعالة التي تضد ددمن لكل إنسد ددان التقدم واالبداع في هل‬
‫حياة آمنة ومستقرة (‪.)1‬‬
‫وإذا كان الحق في اللغة الالتينية هو الص د دواب أو العدل ‪ Directus‬وهو ذات المعني‬
‫في اللغدة العربيدة ‪ Droit‬أو اللغدة االنجليزيدة ‪ Right‬وهو مداال يختلف معنداه في القرآن‬
‫الكريم وفي اللغة العربية علي النحو السد ددابق (‪ .)2‬ومن هنا فإن ثمة صد ددلة واضد ددحة بين‬
‫القدانون والحق ألن القدانون هو الدذي يرتدب الاللت ازمدات والحقوق كمدا أن هنداك صد د د د د د دلدة‬
‫وثيق ددة بين الحق والحري ددة‪ .‬حي ددث يعرف البعض الحقوق ب ددأنه ددا حري ددات ع ددام ددة أو هي‬
‫مجموعة الحقوق األسدداسددية التي ال يسددتغني عنها االنسددان في حياته والتي تكفل الدولة‬
‫اال عتراف بها وتنظيمها وحمايتها‪ .‬أو هي القدرة علي عمل شديء أو االمتناع عن عمله‬
‫(‪ .)3‬واألصد د د د د د ددل في كلمة الحرية في اللغة الالتينية هي ‪ Libertas‬وهي ذاتها في اللغة‬
‫االنجليزيددة ‪ Luberty – Freedom‬أي حريددة االرادة أو االسد د د د د د ددتقالل أو التحرر من‬
‫العبودبة وهو ذات المعني في اللغة الفرنسدية فهي تعني ‪ Liberte‬وهو ذات المعني في‬
‫اللغة العربية حيث تعني الخلوص من الشد دوائب أو الرق أو هي قدرة الفرد علي فعل ما‬
‫يشدداء أو قدرته علي االختيار الحر (‪ .)4‬ونخلص مما سددبق إلي أن معني الحق والحرية‬
‫في اللغات المختلفة ال يختلف كثي اًر عن معناه في االص د د د د د ددطالو أو معناه المتداول في‬

‫المرجع السابق ص ‪.4‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬أحمد جاد منصور "الحماية القضائية لحقوق االنسان"‪ .‬دراسة خاصة في حرية التنقل واالقامة في القضاء المصري‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫دراسة مقارنة ‪ 1997‬ص ‪ 18‬وما بعدها‪.‬‬


‫د‪ .‬ماهر عبد الهادي "حقوق االنسان" – القاهرة ‪ 1948‬ص ‪.27‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪ .‬محمد الشافعي أبو راس "نظم الحكم المعاصر" دراسة مقارنة في أصول النظم السياسية ط ‪ 1989‬ص ‪.486‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪16‬‬
‫الفقده حيدث أن الحريدة هي ذلدك الخيدار الدذي يمكنندا من التمتع بجميع الخيدارات األخري‬
‫(‪ .)1‬ولو لم تكن الحرية قد وردت صد د د د دراحة في القرآن الكريم فقد وردت ض د د د ددمناً ووردت‬
‫مشد د د د د د ددتقداتهدا كدالحر وكمحر اًر ‪ .‬ويتجده فريق من الفقده إلي عددم الخلط بين الحق والحرية‬
‫(‪ .)2‬في حين يتج دده آخرون إلي ال دددم دددج بين الحق والحري ددة ب دداعتب ددارهم ددا متالزمين في‬
‫الوقت الحاضد د د د د ددر وأن التفرقة بينهما هي تفرقة شد د د د د ددكلية حتي أن الدسد د د د د دداتير تعبر عن‬
‫الحريددات والحقوق تددارة بددالحقوق وتددارة بددالحريددات لكونهمددا من طبيعددة واحدددة حيددث يري‬
‫البعض أن كافة حقوق االنسان يمكن تلخيصها في كلمة واحدة هي الحرية (‪.)3‬‬
‫أهم خصائص الحقوق والحريات العامة ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬الشمول والعمومية ‪-:‬‬
‫حيث تعم الحريات العامة وتشددمل حياة االنسددان بكاملها حيث تبدأ من حق االنسددان في‬
‫المس د ددكن وتنتهي بحقه في المدفن أي أنها تغطي حياة االنس د ددان منذ نفخ الروو فيه قبل‬
‫ميالده إلي ما بعد وفاته ودفنه حيث تحمي جثته من االبتذال واالهانة‪.‬‬
‫ب‪ -‬التداخل والتشابك ‪-:‬‬
‫حيث ال يسد د ددتطيع االنسد د ددان االسد د ددتمتاع بحق معين إال إذا اسد د ددتعمل حقوق أخري حيث‬
‫حري ددة االحزاب ترتبط ب ددالحق في االجتم دداع والحق في اب ددداء الرأي وك ددذل ددك الحق في‬
‫الترشد د د د د د ددح مرتبط بدالحق في االنتخداب والحق في االبدداع مرتبط بحريدة الفكر والحق في‬
‫التعليم‪ .‬والحق في العمل مرتبط بالحق في المساواة والعدالة والفرص المتكافئة‪.‬‬

‫د‪ .‬سعاد الشرقاوي "نسبية الحريات العامة وانعكاساتها علي التنظيم القانوني" – القاهرة سنة ‪ 1979‬ص ‪3‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ Rene cassin‬ود‪ .‬محمد فرغلي ‪ ،‬ود‪ .‬محمد شوقي ‪ .‬انظر تفصيل ارائهم ‪.‬د‪ .‬عبد العظيم عبد السالم "حقوق االنسان‬ ‫(‪)2‬‬

‫وحرياته العامة"‪ .‬دراسة مقارنة ط دار النهضة العربية سنة ‪ 2005‬ص ‪ 32‬وما بعدها‬
‫د‪ .‬يحي الجمل " النظام الدستوري في مصر" ط ‪ – 1974‬القاهرة ص ‪.144‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪17‬‬
‫جـ‪ -‬التكافل والتضامن ‪-:‬‬
‫يظهر التكافل والتضد ددامن بين الحريات العامة والحقوق من خالل آثار التعدي علي أي‬
‫حق أو حريدة ألي فرد حيدث البدد من التدأثير في حق آخر أو حريدة أخري علي األقدل‬
‫فالتعدي علي الحق في السد د ددفر مرتبط بالتعدي علي الحق في التنقل والتعدي علي حق‬
‫االجتمداع مرتبط بدالتعددي علي الحق في تكوين نقدابدات أو أحزاب وهو ذاتده تعددي علي‬
‫حرية الرأي‪ .‬وهكذا‪....‬‬
‫د‪ -‬نسبية الحريات العامة ‪-:‬‬
‫حيدث تبددو هدذه النسد د د د د د ددبيدة من خالل اختالف هدذه الحقوق والحريدات معنداً وكيفداً وكمداً‬
‫حسددب األيدولوجية التي تتشدربها الدولة وحسددب هروف كل دولة السددياسددية واالقتصددادية‬
‫واالجتماعية فهي تختلف من دولة إلي أخري وفي ذات الدولة من وقت إلي آخر إذ أن‬
‫تحدديدد مقددار مدا يتمتع بده االنس د د د د د د ددان في دولدة معيندة من حريدات مرتبط بمددي اعتراف‬
‫النظدام السد د د د د د ديداسد د د د د د ددي داخدل هدذه الددولدة لألفراد من حقوق وحريدات ومن هندا تدأتي فكرة‬
‫(‪)1‬‬
‫النسبية‪.‬‬

‫د‪ .‬حسن سعد سند " النظم السياسية والدستورية" – ط ‪ 2003‬ص ‪ 100‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫التطور التاريخي لحقوق االنسان‬

‫وسوف نقسم هذا الفصل إلي المباحث التالية ‪-:‬‬

‫المبحث األول ‪ -:‬فكرة حقوق االنسان في هل الحضارات القديمة‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ -:‬فكرة حقوق اإلنسان في إطار المذاهب الفلسفية‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ -:‬االعتراف الدولي بحقوق االنسان‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المبحث األول‬
‫فكرة حقوق االنسان في ظل الحضارات القديمة‬

‫أوال ‪ -:‬الحقوق والحريات األساسية لدي اليونان ‪-:‬‬


‫بدالرغم من أن الحض د د د د د د ددارة اليوندانيدة كداندت متطورة ومتقددمدة إال أنهدا لم تعترف سد د د د د د ددوي‬
‫بالحقوق الس د د د ددياس د د د ددية لطبقة معينة من البش د د د ددر إذ أن المجتمع اليوناني كان مبيناً علي‬
‫السلطة والقوة والعنف وقد شاع الرق وانقسم اليونانيون إلي ثالث طبقات ‪-:‬‬
‫والحكام والقضاة والكهنة‪.‬‬ ‫▪ طبقة االشراف وهم طبقة الفرسان وهم رجال الجي‬
‫▪ طبقة أصحاب المهن وقد اعترف لهم القانون اليوناني بحق المواطنة‪.‬‬
‫▪ طبقة الفالحين والفقراء وهي الطبقة المضد د د د ددطهدة والمحرومة من معظم الحقوق‬
‫والحريات إلي درجة أنهم كانوا بمثابة ملك للطبقة األولي يبيعونهم إن شاؤوا‪.‬‬
‫وفي أواخر القرن الس ددابعى عش ددر قبل الميالد قام س ددولون باص ددالحات إذا قس ددم الس ددكان‬
‫إلي أربعة طبقات بدالً من ثالثة علي أس د د د دداس الثروة ثم أجري إص د د د ددالحات اقتص د د د ددادية‬
‫واجتماعية وسد د د ددياسد د د ددية وانتخبه أهالي أثينا حاكماً فألغي الرق القائم علي أسد د د دداس الدين‬
‫وحرر الفالحين المديونين ثم قام الحاكم كلشد ددينر بإقامة حكومته علي أسد دداس ديمقراطي‬
‫حيث بدأ عهد االنتخابات وازدهرت الدولة اليونانية حتي خفتت بإعدام سد د د د ددقراط وعادت‬
‫الطبقية من جديد وزالت الحقوق الشد ددخصد ددية والحريات الفردية وأصد ددبحت سد ددلطة الدولة‬
‫مطلقة ال حدود لها وال قيود عليها‪.‬‬
‫ثانيا ً – الحقوق والحريات األساسية في الحضارة الرومانية ‪-:‬‬
‫اشدتهر المجتمع الروماني بتركيز السدلطات تركي اًز تاماً وهو النظام األبوي حيث أن األب‬
‫هو وحد ددده مد ددالد ددك األهليد ددة الحقوقيد ددة حيد ددث كد ددان المجتمع يتد ددألف من فالحين معظمهم‬
‫منصد ددرف إلي الزراعة وال أمل لديهم في النقد أو الرأي حتي بدأ القرن الثالث بعد الميالد‬
‫فددإنقلددب الرومددان المزارعون إلي تجددار وتبدددلددت بنيتهم االقتص د د د د د د دداديددة وانعكس ذلددك علي‬
‫احسدداسددهم بحقوقهم حيث بدت السددلطة األبوية في الدولة أقل قسددوة حيث بدا للرضددا دور‬
‫‪20‬‬
‫وبدا لحسد د د د د ددن النية مكان حتي في هل االعتراف بالرق والعبودية واإلتجار في األطفال‪.‬‬
‫وكدذلدك عرف المجتمع الرومداني الطبقيدة حيدث كداندت الحقوق كداملدة مكفولدة للطبقدة العليدا‬
‫فقط وما عداهم فهم عبيد فقراء كما أن روما كانت تري األخرين من غير ش ددعوبها أعداء‬
‫يسددتحقوا الهوان والذل‪ .‬ورغم وجود القانون فقد أسدداء الحكام تطبيقه وتفعيله ثم مع اتسدداع‬
‫االمبراطورية الرومانية صد دداغوا ما عرف بقانون األمم الذي أخذ من القانون الطبيع‪ .‬وقد‬
‫عرفددت رومددا النظددام الملكي ثم النظددام الجمهوري وقددد كددانددت الطبقددات الفقيرة عمومداً في‬
‫كدل األنظمدة محرومدة من التمتع بحقوقهدا ك مدا في الددولدة اليوندانيدة‪ .‬إال أنده بعدد أن ثدار‬
‫الفقراء صد د د د دددر قانون األثني عشد د د د ددر الذي أقر المسد د د د دداواة بين الناس في الحقوق ثم في‬
‫العصد د ددر االمبراطوري أفرغت المجالس التش د ددريعية من مضد د ددمونها وصد د ددار النظام فردياً‬
‫مطلقاً وأصد د د ددبحت الديمقراطية الرومانية تعتمد علي الثورة وعلي الطبقة فصد د د دار الحكم‬
‫مطلقاً والضد د د ددمانات القضد د د ددائية ال وجود لها حتي شد د د ددهدت االمبراطورية الرومانية بزو‬
‫شدمس المسديحية التي احترمت كرامة اإلنسدان وحقوقه وآدميته ثم ههرت مدرسدة القانون‬
‫الطبيعي ونظريات العقد االجتماعي التي ضدداغها هونر ولوك وجان جاك روسددو وهكذا‬
‫(‪)1‬‬
‫بدأ بزو عصر الحقوق والحريات‪.‬‬

‫د‪ .‬طيعمة الجرف "نظرية الدولة واألسس العامة للتنظيم السياسي" – القاهرة سنة ‪ 1964‬ص ‪.472‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪21‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫فكرة حقوق االنسان في ظل المذاهب الفلسفية‬

‫أ‪ -‬الفلسفة اليونانية ‪-:‬‬


‫من أش د د د د ددهر فالس د د د د ددفة اليونان وقد عالج في مؤلفاته العالقة بين الدولة‬ ‫(‪)1‬‬
‫كان أفالطون‬
‫والفرد ورأي أن الدولة ضرورة في كل مجتمع بشري إذ أن الغاية من حماية حياة األفراد‬
‫هي األمن والحكمة والفضد د د د دديلة والمعرفة وال يمكن أن تتحقق هذه الغايات إال من خالل‬
‫وقد‬ ‫(‪)2‬‬
‫الدولة التي هي وس د د دديلة عند أفالطون لتحقيق س د د ددعادة األفراد بالخير ونبذ الش د د ددر‬
‫نادي أفالطون بالمس د د د د دداواة بين الرجال والنس د د د د دداء في حق التعليم وحق تقلد المناص د د د د ددب‬
‫المختلفة حيث إذا ههر نبو المرأة في اإلدارة والسياسة فليسند لها الحكم وإذا لم يستطع‬
‫الرجل س د د د د د ددوي تنظيف وغس د د د د د ددل الص د د د د د ددحون فليعمل ذلك كما أبدي أفالطون في كتابه‬
‫(القوانين) احتراماً كبي اًر للفرد دون العبيد الذي أبدي مش د ددروعية رقهم أو اس د ددترقاتهم‪ .‬كما‬
‫نشد د ددد وناشد د ددد العدالة في فكرةه مقر اًر أنه ال يوجد مجتمع صد د ددالح وسد د ددليم إال ويقوم علي‬
‫العدالة حيث ليس أس د د د د ددمي من أن يكون للفرد عمل وأن يكون قاد اًر علي هذا العمل وال‬
‫يصلح حال الجماعة إال إذا شغل كل فرد المركز الذي هو أهل له‪.‬‬
‫مع أفالطون في نظره إلي المرأة وفي نظره إلي عالقدة الددولدة‬ ‫(‪)3‬‬
‫ولقدد اختلف أرسد د د د د د ددطو‬
‫بالفرد حيث رأي أن الدولة هي التي تمكن الفرد من تحقيق غاياته عن طريق ما تصدره‬
‫من قوانين تص د دددرها علي أس د دداس العدالة وجوهر العدالة عنده هي المس د دداواة ولكنه اتفق‬
‫مع أفالطون في جواز االستعباد والرق‪.‬‬

‫ولد سنة ‪ 427‬ق‪.‬م وتوفي سنة ‪ 347‬ق‪.‬م ورافق أستاذه سقراط في حياته‪ .‬من أشهر كتبه جمهورية أفالطون والقوانين‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬حسين زنون "فلسفة القانون " مطبعة الهاني – بغداد سنة ‪ 1975‬ص ‪ .29-28‬مشار إليه لدي الدكتور عبد‬ ‫(‪)2‬‬

‫الواحد الفار المرجع السابق ص ‪.15‬‬


‫ولد سنة ‪ 384‬ق‪.‬م في الجزائر وتوفي سنة ‪ 323‬ق‪.‬م وقد تتلمذ علي يد اأفالطون وكان أليراً عنده ومن أهم كتبه األخالق‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪ ،‬والسياسة ‪ ،‬انظر د‪ .‬حسين زنون المرجع السابق ص ‪ 35‬واالستاذ أحمد أمين (األخالق) ص ‪.120‬‬
‫‪22‬‬
‫ثم تناقض ددت المدرس ددة الرواقية مع فلس ددفة أفالطون وأرس ددطو حيث ذهبت إلي إلغاء كافة‬
‫الفوارق بين الطبقدات فداليوندان والبرابرة واألشد د د د د د دراف والعدامدة واألحرار والعبيدد واألغنيداء‬
‫والفقراء كلهم سد د د د د د دواء والفددارق الوحيددد الددذي يجددب التعويددل عليدده هو الفددارق بين العدداقدل‬
‫باألخوة العالمية وهدم كافة‬ ‫(‪)1‬‬
‫النش د د د د ددط والخامل األحمق‪ .‬ولقد نادت المدرس د د د د ددة الرواقية‬
‫الحواجز الس د ددياس د ددية واعتبار اإلنس د ددان مواطناً عالمياً دون حاجة إلي تعدد الدول ونادت‬
‫هذه المدرسد د ددة إلي دولة عالمية واحدة حيث ال يجب أن يكون غير عائلة واحدة للجنس‬
‫البش د د د د د ددري تقوم علي وحدة الطبيعة البشد د د د د ددرية وعلي قانون العقل الذي يدعمها ويقويها‪.‬‬
‫وقددانون العقددل عنددد الرواقيددة هو القددانون المنزه عن الهوي والزيح أي القددانون الطبيعي‬
‫وهو الميقات الذي يعرف به كل ما هو حق وعدل حيث ال تتغير مبادئه وهو ملزم لكل‬
‫(‪)2‬‬
‫الناس بل إنه قانون هللا‪.‬‬
‫بنزعة مادية‪ .‬حيث أس د د دسد د ددت لنظرية خلقية في مذهب‬ ‫(‪)3‬‬
‫ثم جاءت المدرسد د ددة األبيقورية‬
‫اللذة واأللم إذ أن اإلدراك الحسد د د د ددي عند أبيقور هو وحدة القياس الذي تقاس به الحقائق‬
‫النظرية أما الجانب العملي من الحياة فمقياسد د د د دده الشد د د د ددعور باللذة واأللم‪ .‬والفرد ال يجب‬
‫عليه أن يبحث عن كل لذة أو أن يتجنب كل ألم بل علي اإلنسان أن يتبع سلوكاً يؤدي‬
‫في مجموعة إلي أكبر قدر من اللذة وأقل قدر من األلم أي االعتدال الذي هو الفضدديلة‬
‫ومن هنا أنكرت المدرسد د د ددة الرواقية ما أثبته‬ ‫(‪)4‬‬
‫الكبري للوصد د د ددول إلي السد د د ددعادة أو اللذة‪.‬‬
‫أفالطون وأرسد د د ددطو في حق اإلنسد د د ددان من أنه إجتماعي ومتعاون ومحب لغيره‪ .‬إذ رأت‬
‫الرواقية أن اإلنسد د ددان أناني وهو ليس مجبول علي الميل إلي الجماعة وكل سد د ددعيه نحو‬
‫تحقيق فرديته ومص ددلحته الذاتية الخاص ددة‪ .‬ومن هنا عمد الناس إلي إبرام اتفاق ض ددمني‬
‫بينهم يلزم كددل واحددد فيهم بدداحترام حقوق اآلخرين ليحترموا حقوقدده وأن الدددولددة هي التي‬

‫جاءت تسمية الرواقية نسبة إلي رواق ميكل ألينا حيث كان مؤسس هذه المدرسة زينون يلقي دروسه‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫د‪ .‬عبد الواحد الفار ‪ .‬المرجع السابق ص ‪.18‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫نسبة إلي مؤسسها أبيقور الذي ولد سنة ‪ 342‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫د‪ .‬حسن الزنون ‪ .‬المرجع السابق ص ‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫‪23‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وهكذا اتضددح أن اإلنسددان في هل الفكر الفلسددفي‬ ‫يجب أن تشددرف علي هذا اإلتفاق‬
‫عند اليونان لم يكن يتمتع بالعدل والمساواة ال بين عبد وسيد وال بين رجل وامرأة وال بين‬
‫نبيل ووضيع أو غني وفقير‪.‬‬
‫ب‪ -‬الفلسفة الرومانية ‪-:‬‬
‫تأثر فالس ددفة الرومان بالفلس ددفة اليونانية حي كان ش دديش ددرون أش ددهر من قام بنقل الفلس ددفة‬
‫اليوندانيدة إلي الرومدان بطريقدة رائعدة حيدث كدان القدانون عندده ال ينبع من الهوي وإنمدا هو‬
‫مسددلمة من المسددلمات الطبيعية‪ .‬والدولة نظام ضددروري لكل مجتمع إنسدداني فال مجتمع‬
‫من غير قانون وال قانون دون وجود س د ددلطة تقوم بإص د ددداره والس د ددهر علي تنفيذه‪ .‬ويقول‬
‫شيشرون في هذا الصدد (( يوجد قانون طبيعي عام ينبثق من واقع حكم العناية اإللهية‬
‫للعالم كله كما ينبثق من الطبيعة العقلية واإلجتماعية للبشد د د د ددر‪ .‬تلك الطبيعة التي تجعل‬
‫الجنس البشددري أدني ما يكون إلي هللا‪ .‬وفي هذه النظرية تكمن فكرة دسددتور دولة العالم‬
‫أي دسد د د د د د ددتور واحد في كل مكان ال يتغير وال يتبدل في إلزام جميع الناس وجميع األمم‬
‫بأحكامه‪ .‬وأيما تش دريع ص دددر يخالف ألحكام هذا الدس ددتور ‪ ،‬ال يس ددتحق أن يكون قانوناً‬
‫‪ ،‬فما من حاكم أو رعية يستطيعون أن يجعلوا من الخطأ صواباً‪ .‬هناك في الواقع قانون‬
‫حق هو قانون البداهة والتفكير الس د د د ددليم‪ ،‬وهو قانون يماش د د د ددي الطبيعة وينطبق علي كل‬
‫الناس‪ .‬وهو قانون خالد ال يتغير‪ .‬يلتزم الناس بمقتضد دداه ومقتضد ددي أحكامه أن يؤدوا ما‬
‫عليهم من إلتزامات ‪ ،‬وتؤثر أوامر هذا القانون ونواهيه في خيار الناس دون أش د ددرارهم ‪،‬‬
‫وهو القانون الطبيعي الذي ال يجوز تعطيل أحكامه بتشد دريعات من ص ددنع البش ددر ‪ ،‬كما‬
‫ولقد تم‬ ‫(‪)1‬‬
‫ال يجوز الحد من نطاق تطبيقه ‪ ،‬والناس سد دواسد ددية في ضد ددوء هذا القانون‪)).‬‬
‫تجميع آراء أهم فقهاء ومفكري الرومان في مدونة تم نشرها بمعرفة اإلمبراطور جستنيان‬
‫سددنة ‪533‬م حيث تم التسددليم بوجود ثالثة نماذج من القانون هي القانون المدني وقانون‬

‫د‪ .‬عبد الواحد الفار – المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬حسن زنون – المرجع السابق ص‪ . 40‬ومشار إليه نصاً لدي د‪ .‬عبد الواحد الفار المرجع السابق ص‪.21‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪24‬‬
‫الش د د د د ددعوب والقانون الطبيعي‪ .‬حيث يقتص د د د د ددر تطبيق القانون المدني فقط علي مواطني‬
‫الدولة الرومانية دون األجانب ‪ ،‬أما قانون الش د د ددعوب فهو عبارة عن مجموعة من قواعد‬
‫القددانون الرومدداني يكن لألجددانددب اإلسد د د د د د ددتفددادة من أحكددامهددا‪ .‬ثم القددانون الطبيعي وهو‬
‫مجموعة القواعد القانونية المش ددتركة بين الش ددعوب كافة وهو يس ددتمد أحكامه من الطبيعة‬
‫ذاتها‪ .‬ويختلف قانون الش د د ددعوب عن القانون الطبيعي في نقطة واحدة هي مس د د ددألة الرق‬
‫حيث ال اعتراف بالرق في القانون الطبيعي ألن الناس سواسية كلهم جميعاً في حين أن‬
‫قانون الشعوب يجيز الرق وينظمه‪.‬‬
‫جـ‪ -‬فلسفة العصور الوسطي وعصر النهضة ‪-:‬‬
‫العصددور الوسددطي تقع بين أواخر القرن الخامس الميالدي حتي قيام النهضددة األوروبية‬
‫في القرن الخامس عشددر الميالدي حيث سدداد خالل هذه القرون العش درة اتجاهان أولهما‬
‫يطلق عليه عصدر آباء الكنيسدة وهو يبدأ من أواخر القرن الخامس الميالدي سدنة ‪800‬‬
‫م وهو عهد الملك ش ددارلمان‪ .‬والثاني يطلق عليه العص ددر المدرس ددي وقد امتد حتي القرن‬
‫الخامس عشدر وهو بداية قيام النهضدة األوروبية‪ .‬وفي هل عصدر آباء الكنيسدة انحسدر‬
‫الفكر الفلسد د ددفي داخل أروقة الكنائس حيث أصد د ددبحت الفلسد د ددفة تابعة للعقيدة المسد د دديحية‬
‫وخادمة لها ومن أبرز فالسفة الكنيسة القديس أوغسطين (‪ .)2‬أما العصر المدرسي فمن‬
‫أبرز فالس د د د د ددفته القديس توماس األكويني والفليس د د د د ددوف دانتي اليجيري ص د د د د دداحب كتاب‬
‫(الكوميديا اإللهية) ولقد رسد د د ددخ القديس توماس األكويني فكرة أن تكون الدولة في خدمة‬
‫الكنيس د د ددة حتي تكون دولة ش د د ددرعية ومش د د ددروعة وإال أمكن البابا إقالة حكومتها‪ .‬كما أقر‬
‫االكويني خضوع األفراد للقانون ولو كان هالماً ما دام لم يمس الدين في شيء‪.‬‬
‫وأما دانتي اليجيري فإن وجهة نظره تتلخص في وجوب توحيد النظام السددياسددي للبش درية‬
‫جمعاء في دولة واحدة لتحقيق السد د د د د د ددالم العالمي وإبعاد البشد د د د د د ددر تحت لواء إمبراطورية‬

‫ولد في منتصف القرن الرابع عشر الميالدي بالجزائر من أب ولني وأم مسيحية ومن أهم مؤلفاته "مدينة هللا ‪City if‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ " God‬حيث دمج بين الدولة والكنيسة‪ .‬انظر األستاذ أحمد أمين – فجر اإلسالم ص ‪.127‬‬
‫‪25‬‬
‫عالمية وحيدة‪ .‬ولقد خالف توماس االكويني حيث هاجم الباباوات في الكنيسد د ددة وسد د ددخر‬
‫منهم بش دددة وس ددماهم (ذئاب كواس ددر في ذي رعاة) ودعي إلي ض ددرورة فص ددل الدين عن‬
‫الدولة فما لقيصر لقيصر وما هلل هلل (‪.)1‬‬
‫أما عص د ددر النهض د ددة فقد توارت فيه عالقة الدين بالدولة وههر اتجاه يؤكد علي س د دديادة‬
‫الدولة‪ .‬ومن أبرز فالسد د د د ددفة النهضد د د د ددة ميكانيللي وجان بودان وجروسد د د د دديوس حيث ألف‬
‫ميكانيللي كتابه الشددهير (األمير) وضددمنه نصددائحه ومالحظاته لبناء دولة إيطاليا القوية‬
‫والتي حكمتها فكرة مشد د د د د ددهورة عنه وهي (الغاية تبرر الوسد د د د د دديلة) كما هاجم الفصد د د د د ددائل‬
‫المس د دديحية الثابتة في جوهر العقيدة المس د دديحية ورأي في كتابه األمير أن هذه الفص د ددائل‬
‫‪ .‬ولقد شد د د د ددارك جان بودان‬ ‫(‪)2‬‬
‫المسد د د د دديحية ال تعبر إال عن الذل والخضد د د د ددوع والمسد د د د ددكنة‬
‫ميكانيللي في دعوته إلي الحكم االسد د د ددتبدادي المطلق حيث منع علي األفراد الثورة علي‬
‫الحداكم المسد د د د د د ددتبدد الطداغيدة‪ .‬أمدا الفقيده جروسد د د د د د دديوس(‪ )3‬الدذي ألف كتدابده (قدانون الحرب‬
‫والس ددالم) وكانت خالص ددة فكره أن الحياة اإلنس ددانية تؤلف مجتمعاً واحداً ومن هنا وجب‬
‫العودة إلي القد ددانون الطبيعي الد ددذي يقوم علي فكرة الحق والعد دددل ‪ ،‬وال يمكن لقد ددانون‬
‫وضد د د د د د ددعي أن يدددوم إال إذا اعتمددد علي القددانون الطبيعي في حدددوده ومبددادئدده ومطددابقددة‬
‫مضد د د ددمونه لمبادن القانون الطبيعي‪ .‬وأن اإلنسد د د ددان كائن اجتماعي مدرك وأنه حتي في‬
‫أحلك الظروف وهي هروف الحرب يجب علي األمم أال تنس ددي وجود إنس ددانية مش ددتركة‬
‫حتي بين األعداء ألن اإلنسد ددانية قدر مشد ددترك ال يتصد ددور التخلي عنه حتي في العالقة‬
‫مع الع دددو ‪ ،‬ومن االنتق ددادات الالذع ددة التي وجه ددت لفكر جروسد د د د د د دديوس إج ددازت دده الرق‬
‫والعبودية واعتماده علي قانون الشعوب وليس القانون الطبيعي (‪.)1‬‬

‫د‪ .‬حسن زنون ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.43‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬عبد الواحد الفار ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 26‬نقالً عن د‪ .‬حسن الزنون ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.51‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ولد سنة ‪ 1583‬وتوفي سنة ‪ 1645‬بهولندا ودرس القانون وعمل بالمحاماة‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪ .‬عبد الواحد الفار ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.28‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪26‬‬
‫ء‪ -‬حقوق اإلنســان في ظل مدرســة القانون الطبيعي فى العصــر‬
‫الحديث ‪-:‬‬
‫ههرت هذه المدرسد ددة في أواخر القرن السد ددادس عشد ددر وأوائل القرن السد ددابع عشد ددر وهي‬
‫قبل أن‬ ‫تري أن اإلنسد د ددان سد د ددابق في وجوده وجود المجتمع أي أن اإلنسد د ددان كان يعي‬
‫تعرف المجتمعات وعليه فإن حقوق اإلنس د د د ددان مس د د د ددتمدة من طبيعته اإلنس د د د ددانية ال مما‬
‫تصدددره الدولة من تش دريعات ألن وجوده سددابق علي وجود الدولة‪ ،‬وهذه الحقوق مسددتقلة‬
‫عن المبادن الدينية ألن بذرتها هو الحق الطبيعي ولقد أسد د د د ددس لهذه المدرسد د د د ددة – علي‬
‫النحو الذي أوضد د ددحناه – الفقيه الشد د ددهير جروسد د دديوس‪ .‬وإنطالقاً من المدرسد د ددة هذه يقوم‬
‫العقد اإلجتماعي وهو اتفاق عام علي تأس د د دديس مجتمع منظم حيث ال يتخلي بمقتضد د دداه‬
‫اإل نسد ددان عن حقوقه وحرياته ألنه يملكها بسد ددبب طبيعته اإلنسد ددانية‪ .‬وقد بزغت نظريات‬
‫لتفسد د د د د د ددير هدذا العقدد اإلجتمداعي إحدداهمدا للفقيده هوبز والدذي عبر عن نظريتده في مؤلفه‬
‫سددنة ‪ 1651‬حيث نسددب وجود الجماعة إلي العقد باسددتثناء رئيس الجماعة حيث يتنازل‬
‫جميع األفراد عن حقوقهم الطبيعيددة التي كددانددت لهم في الحددالددة الطبيعيددة وذلددك تجنب داً‬
‫لقانون الغاب ولكن هوبز كان يهدف إلي تدعيم الحكم المطلق ألسد د د د درة اس د د د ددتيورت ميل‬
‫‪ .‬ثم جداءت‬ ‫حيدث كدان معلمداً ألبندائهدا ألن الحداكم لددي هوبز غير مقيدد بدأي قدانون‬
‫(‪)2‬‬

‫نظرية الفقيه جون لوك لتفس د د د ددير العقد اإلجتماعي حيث خالف هوبز في الحكم المطلق‬
‫وأن الحداكم ليس طرفداً في العقدد وال خداضد د د د د د دعداً ألي قيود إذ جعدل لوك الحيداة الطبيعيدة‬
‫محكومة بقانون طبيعي ولم تكن فوض د د د د ددي يحمها قانون الغاب كما قرر هوبز كما قرر‬
‫لوك أن حياة األفراد في هل القانون الطبيعي كانت تسد د د د د ددودها المحبة والسد د د د د ددالم وليس‬

‫د‪ .‬لروت بدوي "النظم السياسية والقانون الدستوري" ‪ ،‬القاهرة ص ‪ 94‬ود‪ .‬حسن سند "النظم السياسية " المرجع السابق‬ ‫(‪)2‬‬

‫ص‪ 50‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪27‬‬
‫العد ددداوة واالفتراء‪ .‬إال أن األفراد – لد دددي لوك – أرادوا ترك حيد دداتهم الفطريد ددة لغموض‬
‫‪.‬‬ ‫القانون الطبيعي إلي قانون ملموس محدد وواضح في مجتمع منظم‬
‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬‬
‫ليعلن في كتابه العقد اإلجتماعي أن التوثيق بين الس د د ددلطة‬ ‫ثم جاء جان جاك روس د د ددو‬
‫والحريددة إنمددا يكون عن طريق العقددد اإلجتمدداعي الددذي يتعهددد فيدده اإلنس د د د د د د ددان بددالتنددازل‬
‫للمجتمع أو األمة وليس الحاكم عن حقوقه الطبيعية كاملة دون أن يحتف منها بشد د دديء‬
‫‪ ،‬والسلطة في المجتمع تتمثل في رأي روسو في اإلرادة العامة التي هي إرادة األغلبية‪.‬‬
‫ويري روسو أنه ليس هناك ثمة تعارض بين سيادة الدولة وحرية الفرد وأن الحرية الحقة‬
‫تتمثدل في طداعدة القدانون الدذي هو وليده اإلرادة العدامدة وهو مدا ال يؤدي إلي اسد د د د د د ددتبدداد‬
‫األكثرية وطغيانها علي األقلية حيث يجب أن تدرك األقلية أنها لم تكن علي صد د د د د د دواب‬
‫حين خالفت األغلبية فض ددال ع ن أن ما ارتض دداه الجميع في العقد اإلجتماعي هو طاعة‬
‫اإلرادة العامة أي طاعة األغلبية‪.‬‬
‫كما أض د د د د دداف مونسد د د د د دس د د د د دديكو في كتابه (روو القانون) ‪ Lesprit des lois‬مزيداً من‬
‫اإليض دداو لفكرة العقد اإلجتماعي إذ أعلن عدم ثقته في الس ددلطة وذلك ألن كل ص دداحب‬
‫سد ددلطة ينزع إلي التعسد ددف في اسد ددتخدامها ومن ثم فقد دعا مونسد دسد دديكو إلي ضد ددرورة أن‬
‫توقف الس د د د ددلطة الس د د د ددلطة وهو األمر الذي ال يتس د د د ددني إال عن طريق بدأ الفص د د د ددل بين‬
‫السلطات الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية (‪.)3‬‬
‫كما دافع فولتير عن التس د د ددامح الديني بما كان له من أكثر في إقرار واض د د ددعي اإلعالن‬
‫الفرنس د د د د د ددي لمبدأ حرية المعتقد الديني‪ .‬وما من ش د د د د د ددك أن أفكار هوبز ولوك وروس د د د د د ددو‬
‫ومونسد د دسد د دديكو وفولتير كان لها عظيم األثر في نفوس الثوار في أوروبا وبفضد د ددل آرائهم‬
‫وأفكارهم إنهار الحكم الملكي المطلق في فرنسدا واسدتقلت المسدتعمرات اإلنجليزية السدابقة‬

‫د‪ .‬غازي حسن صباريني‪ .‬الوجيز في حقوق اإلنسان وحرياته األساسية – مكتبة دارة الثقافة للنشر والتوزيع ط ‪ 1997‬ص‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ 24‬وما بعدها ‪ ،‬انظر كذلك لجون لوك (الحكومة المدنية) ترجمة محمود شوقي الكيال ص ‪ 15‬وما بعدها‪.‬‬
‫ولد جان جاك روسو سنة ‪ 1712‬وتوفي ‪.1778‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬غازي حسن صابر – المرجع السابق ص ‪.24‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪28‬‬
‫في أمريكا الش د ددمالية وقد كلن من أهم ثماره ميالد القوة األعظم حتي اآلن وهي الواليات‬
‫المتحدة األمريكية (‪.)1‬‬
‫حيث جاء في وثيقة إعالن االستقالل األمريكي قولها ‪-:‬‬
‫] إننا نؤمن بأن الناس جميعاً خلقوا سد د د د د ددواس د د د د د ددية ‪ ،‬وأن خالقهم قد وهبهم حقوقاً ال تقبل‬
‫المسد د د د د د دداومدة – منهدا حق الحيداة وحق الحريدة والسد د د د د د ددعي لتحقيق السد د د د د د دعدادة‪ .‬وإنمدا تقوم‬
‫الحكومات بين الناس لض د د ددمان هذه الحقوق‪ .‬وتس د د ددتمد الحكومات س د د ددلطانها العادل من‬
‫رض د د د د ددا الناس المحكومين‪ .‬ومن حق الش د د د د ددعب إذا ما قوض د د د د ددت الحكومة هدفاً من هذه‬
‫األهداف أن يغيرها أو يلغيها ثم يقيم بدالً منها حكومة يضد د د د د د ددع اسد د د د د د ددمها علي المبادن‬
‫وينظم سلطانها في الصيغة التي تحقق له األمن والسعادة (‪.)2‬‬
‫وهددذه األفكددار هي ذاتهددا التي انطلق فيهددا اإلعالن الددذي أص د د د د د د دددرتدده الجمعيددة الوطنيددة‬
‫الفرنسية سنة ‪ 1789‬والخاص بحقوق اإلنسان والمواطن حيث قرر ما يلي ‪-:‬‬
‫[ إن ممثلي ش د د د د ددعب فرنس د د د د ددا المجتمعين في هيئة جمعية وطنية وقد اعتبروا أن تجاهل‬
‫حقوق اإلنسد ددان وإهمالها وازدراءها هي األسد ددباب الوحيدة للكوارث العامة وفسد دداد الحكم‪.‬‬
‫ومن ثم فقد عقدوا النية علي أن يبينوا في إعالن رس د د د ددمي هذه الحقوق الطبيعية التي ال‬
‫يمكن زوالها أو التصد د د ددرف فيها‪ .‬وأن يكون هذا اإلعالن حاض د د دد اًر دائماً في أذهان أفراد‬
‫المجتمع حتي يكونوا إلي األب د ددد متنبهين إلي حقوقهم وواجب د دداتهم‪ .‬وأن تكون أعم د ددال‬
‫السد ددلطة التش د دريعية والتنفيذية وقد صد ددار من الممكن –في كل لحظة‪ -‬مقارنتها بالهدف‬
‫من النظم السد ددياسد ددية أكثر مدعاة لإلحترام‪ .‬وأن تتجه مطالب المواطنين المسد ددتقبلة علي‬
‫الدوام وقد صد د د ددارت توجهها مبادن بسد د د دديطة وال نزاع عليها‪ .‬إلي الحفا علي الدسد د د ددتور‬
‫(‪)1‬‬
‫والسعادة العامة ]‬

‫د‪ .‬محمد يوسف علوان "حقوق اإلنسان في ضوء القوانين الوضعية والمواليق الدولية" ‪ ،‬مطبوعات كلية الحقوق – جامعة‬ ‫(‪)1‬‬

‫الكويت سنة ‪ 1989‬ص ‪ 22‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر وود جراي وآخر (موجز التاريخ األمريكي) توزيع وكالة األعالم األمريكية ‪ .‬مطبوك باللغة الفرنسية ص ‪.36‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫أستاذنا الدكتور‪ .‬محمود سالم زناتي (مدخل تاريخي لدراسة حقوق اإلنسان) الطبعة األولي سنة ‪ 1987‬ص ‪.244‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪29‬‬
‫وهكذا كانت إعالنات الحقوق إيزاناً بأن كل تدخل من جهة الدولة للحد من نشد دداط الفرد‬
‫هو بمثابة وقوف ضد د د د ددد طموحاته وتعطيالً لمصد د د د ددالحه الخاصد د د د ددة ‪ ،‬ولقد أفرز المذهب‬
‫الفردي هذا في مجال التطور الذي بات في القرن التاسع عشر والعشرين أنظمة قانونية‬
‫ذات وجهين ‪ ،‬وجهاً يمثل الديمقراطية كأسد د د ددلوب للحكم واآلخر يمثل ال أرسد د د ددمالية كنظام‬
‫إقتصادي‪.‬‬
‫أوالً – الديمقراطية كأسلوب حكم في المذهب الفردي ‪-:‬‬
‫كلمددة الددديمقراطيددة هي كلمددة يونددانيددة مكونددة من كلمتين (ديموس) ومعندداهددا الشد د د د د د دعددب‬
‫و(كراتوس) ومعناه س د د د د ددلطة‪ .‬ومن هنا فإن الديمقراطية تعني س د د د د ددلطة الش د د د د ددعب أو ترك‬
‫الس ددلطة في يد الش ددعب‪ .‬وتقوم الديمقراطية في هل المذهب الفردي علي األس ددس اآلتية‬
‫‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن الشعب هو مصدر السلطات في الدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكوين أجهزة الدولة في الحكم الديمقراطي ال يكون إال باالنتخاب الحر‪.‬‬
‫‪ -3‬أن النظام الس د د د ددياس د د د ددي الديمقراطي يجب أن يرتكز علي حق االقتراع العام في‬
‫هل حريات التفكير والتعبير وغيرهما من الحريات العامة باطمئنان‪.‬‬
‫‪ -4‬أن السد د د د ددلطة الحاكمة في النظام الديمقراطي ليسد د د د ددت غاية في ذاتها وليسد د د د ددت‬
‫مقدسة وإنما هي مجرد وسيلة لتحقيق نمو الفرد وازدهار شخصيته‪.‬‬
‫‪ -5‬أن الشدعب أو أغلبيته له الحق في تغيير النظام السدياسدي أو االجتماعي الذين‬
‫في هله وهو حق أصيل ال يمكن انتقاصه أو تجريد الشعب منه‪.‬‬ ‫يعي‬
‫‪ -6‬أن السد د د د د د ددلطدة الحداكمدة في هدل النظدام الدديمقراطي القدائم علي المدذهدب الفردي‬
‫دائماً مقيدة من حيث الوس د د د د د ددائل التي تس د د د د د ددتخدمها حيث ال يجوز أن تتناقص‬
‫(‪)1‬‬
‫الوسائل الغايات العليا للديمقراطية رأسمالها حقوق األفراد وحرياتهم‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد عصفور (الحرية في الفكرين الرأسمالي واالشتراكي) سنة ‪ 1961‬ص ‪ 25‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪30‬‬
‫ثانيا ً – الرأسمالية كنظام اقتصادي في المذهب الفردي ‪-:‬‬
‫وهي الوجه الثاني الذي تمخض عن المذهب الفردي حيث اعتد بالنظام ال أرسد د د ددمالي في‬
‫مجال السددياسددة االقتصددادية واالجتماعية وهو نظام ارتكز علي مبدأ أسدداسددي هو (الباب‬
‫المفتوو في الددداخددل والخددارج) أو (دعدده يعمددل دعدده يمر)‪ .‬وهو ترك الندداس أح ار اًر في‬
‫أعمالهم فهي فقط دولة حارسد د د د ددة أو دولة أمن‪ .‬ولكن سد د د د ددرعان ما ههرت عيوب النظام‬
‫ال أرسد د د د ددمالي حيث لم يسد د د د ددتفد من هذا النظام إال أفراد قالئل أولئك الذين أتاو لهم الح‬
‫والذكاء الممتاز أو فقدان الضد ددمير أن يقتنوا الثروات الضد ددخمة ولو بطرق غير أخالقية‬
‫بعيداً عن دائرة السد د ددلوك المثالي أو قيم األنسد د ددانية العليا مما خلق طبقة أرباب األعمال‬
‫وخلق أغلبية كاسحة من العمال المعدمين والفقراء ومن ثم فقد سارعت الدول التي تبنت‬
‫هذا النظام إلي اإلص ددالو الفوري لهذا الخلل من أجل تحس ددين المعيش ددة للطبقات الفقيرة‬
‫مثلما تفعل الواليات المتحدة األمريكية عبر عقود وال تزال تهذي من مبادن ال أرس د د د ددمالية‬
‫المتغولة والمتوحشة والتي من أهمها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬اعتبار المصلحة الفردية هدفاً في حد ذاتها‪.‬‬
‫‪ -2‬االعتالاف بالمنافسد ددة كوسد دديلة لنتيجة الثروة مهما تضد ددمنتها هذه المنافسد ددة من‬
‫وس ددائل وأس دداليب مجافية لروو الفرد والتراحم والترابط في المجتمع مثل المقامرة‬
‫(‪)2‬‬
‫والربا واالحتكارات‪.‬‬
‫‪ -3‬ضد ددمان حرية العمل والتملك واالسد ددتثمار واالسد ددتغالل واالنفاق بصد ددرف النظر‬
‫عن معاني التضد ددامن والتكافل في سد ددبيل مصد ددلحة الجماعة وهذه االسد ددس هي‬
‫التي أههرت واعلدت من قيم النظدام ذاتده في هدل المدذهدب االشد د د د د د ددتراكي الدذي‬
‫اعترف بحقوق الفرد وملكاته وحرياته ولكنه اعترف أيضا بالمشاركة كفكرة تعيد‬
‫إلي العدالم نبض د د د د د د ددات الحيداة وتطفيء الرغبدة الفرديدة المشد د د د د د دديوبدة وتزيدل القلق‬
‫وتقض د د د د ددي علي التعص د د د د ددب وتخمد األثرة في بيئة اجتماعية يس د د د د ددودها التكافل‬

‫د‪ .‬محمد عصفور ‪ .‬المرجع السابق ص ‪ 30‬وما بعدها – ود‪ .‬عبد الواحد الفار – المرجع السابق ص ‪ 43‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪31‬‬
‫ويص د ددبح من حق الدولة التدخل لص د ددالح حقوق الجمهور وحرياتهم األس د دداس د ددية‬
‫وهو مددا قرره روبرت أوين في كتددابدده الثروة ‪ The Revolution‬حيددث أقر‬
‫فكرة الدولة المتدخلة وليسد ددت الدولة الحارسد ددة السد ددلبية حتي ينعم بالحقوق أكبر‬
‫عدد ممكن من أفراد المجتمع ثم جاء كارل ماركس في منتصددف القرن التاسددع‬
‫عشد د د ددر وبلور هذا المذهب فيما عرف بعد ذلك باالشد د د ددتراكية العلمية أو مذهب‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الشيوعية الماركسية‬

‫أنظر فى تفصيل ذلك د‪ /‬حسن سعد سند ‪ ،‬النظم السياسية واالجتماعية ‪ ،‬المرجع السابق صن‪ 210‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪32‬‬
‫المذهب الثالث‬
‫اإلعتراف الدولي بحقوق اإلنسان‬

‫أوالً‪ -‬حقوق اإلنسان قبل الحرب العالمية األولي ‪-:‬‬


‫ما من شد د د ددك أن لإلنسد د د ددان حقوق منذ خلقه هللا تعالي لكن مدي اإلعتراف بهذه الحقوق‬
‫يختلف كثي اًر في الماض د د د د ددي عما هو عليه اآلن الس د د د د دديما علي المس د د د د ددتوي المحلي تأث اًر‬
‫باإلهتمام الكبير علي المستوي الدولي ولكن اإليمان بقيمة اإلنسان وبقضيته يتطور كل‬
‫يوم حيث أغفل المجتمع الدولي إلي حد كبير موضد د د د ددوع حقوق اإلنسد د د د ددان حتي اندلعت‬
‫الحرب العدالميدة األولي إذ أن قبلهدا كداندت عالقدة الفرد بدالددولدة هي مس د د د د د د ددألدة داخليدة ال‬
‫يجوز للمجتمع الددولي التددخدل فيهدا ولدذلدك لم يعرف العدالم قبدل أن تضد د د د د د ددع هدذه الحرب‬
‫أوزارها معني لحماية حقوق اإلنسان وإنما كانت هناك مجموعة من األعراف واالتفاقيات‬
‫بشدأن القرصدنة والرق واإلتجار في الرقيق وقواعد تجعل الحرب أكثر رحمة وإنسدانية في‬
‫آثدارهدا ومدداهدا مثدل فوغرات الهداي عدام ‪ 1907 ، 1899‬وكدذلدك فقدد أنش د د د د د د ددأت الددول‬
‫الكبري بعض الكيانات الدولة التي كان هدفها الحقيقي التدخل في شئون الدول ال سيما‬
‫الصد د د د د د ددغيرة منهدا تحدت غطداء حمدايدة أرواو وحقوق وممتلكدات األجداندب في هدذه الددول‬
‫وكذلك تطور هذه المعني تحت مسمي الديمقراطية وحقوق اإلنسان‪ .‬ولكن الحقيقة باتت‬
‫علي أرض الواقع حيدث كدان األجداندب من رعدايدا الددول الكبري من رعدايدا الددول الكبري‬
‫واالس د د د د ددتعمارية يحظون بنظام قانوني وحمائي يحف لهم كرامتهم وحقوقهم بحث امتازوا‬
‫بها عن المواطنين أص د ددحاب البالد التي تس د ددتض د دديفهم حيث اش د ددترطت الدول الكبري ما‬
‫يسد د د د د د ددمي بددالحددد األدني الواجددب عدددم النزول عندده في معدداملددة األجددانددب ‪Standard‬‬
‫‪ Mnimam‬بالرغم من عدم رضد دداء الدول الصد ددغيرة بهذه المزايا غير المبررة التي يحرم‬
‫منتهدا أبنداء هدذه البالد وتعطي لغيرهم كمدا كدان الحدال في مصد د د د د د ددر قبدل زوال االحتالل‬
‫اإلنجليزي عنها حتي انتهي األمر بتثبيت فكرة المسداواة في المعاملة بين الجميع وطنين‬
‫وأجانب وتمتع الجميع بذات الحقوق والحريات األسد د د د د د دداسد د د د د د ددية‪ .‬كما زالت أيضد د د د د د داً فكرة‬
‫‪33‬‬
‫اإلمتيازات األجنبية التي بمقتضد د د دداها يطبق مبدأ شد د د ددخصد د د ددية القوانين علي األجانب في‬
‫البالد المسد ددتضد دديفة لهم بحث يكونون بمنأض عن الخضد ددوع لقوانين هذه البالد وقضد ددائها‬
‫الوطني وهو ما كان يمثل انتهاكا للسدديادة الوطنية وامتيا اًز بال مبرر علي حسدداب البالد‬
‫ومواطنيها‪.‬‬
‫وقد كان ذات الوضد ددع بخصد ددوص نظام الحماية الدبلوماسد ددية والتي تتقرر لصد ددالح رعايا‬
‫الددول في الخدارج في إطدار قواعدد القدانون الددولي العدام التي نظمدت اتفداقيداتهدا حسد د د د د د ددن‬
‫معاملتهم وقواعد مقاضد دداتهم‪ .‬غير أن الدول الكبري كانت وال تزال هي المسد ددتفيد األكبر‬
‫من هدذه الحمدايدة الددبلومداسد د د د د د ديدة والتي كداندت في بعض األحوال تكدأة ومبر اًر للتددخدل في‬
‫الشئون الداخلية للدول الصغير‪.‬‬
‫كما أقر القانون الدولي التقليدي مشد ددروعية التدخل من أجل اإلنسد ددانية مادام يهدف إلي‬
‫حماية الص د د د ددالح العام في المجتمع الدولي بقص د د د ددد وقف االنتهاكات الص د د د ددارخة لحقوق‬
‫اإلنسددان األسدداسددية في حالة عدم قدرة الدولة صدداحبة السدديادة اإلقليمية علي حمايتهم أو‬
‫في حدالدة عددم رغبتهدا في ذلدك أو في حدالدة تعمدد الددولدة معداملتهم بدالمخدالفدة لألصد د د د د د ددول‬
‫والقوانين اإلنس د د د د ددانية مثل انتهاك الحق في الحياة أو الس د د د د ددالمة الجس د د د د دددية أو التعرض‬
‫للتعدذيدب أو المعداملدة القداسد د د د د د ديدة أو التطهير العرقي‪ .‬ويمكن أن يتخدذ التددخدل الشد د د د د د دكدل‬
‫العسدكري إذا لم يفلح اإلحتجاج الدبلوماسدي‪ .‬وهذا ما حدث في القرن التاسدع عشدر سدنة‬
‫‪ 1825‬فقد تدخلت فرنسددا وبريطانيا وروسدديا القيص درية بزعم مسدداعدة اليونان ضددد تركيا‬
‫لوقف االض د ددطهاد الديني الذي تعرض له الش د ددعب اليوناني وكذلك تدخلت فرنس د ددا س د ددنة‬
‫‪ 1861‬بحجة حماية المسدديحيين الموازنة في لبنان من الدروز وكذلك التدخل العسددكري‬
‫األوروبي واألمريكي والياباني في الص د ددين س د ددنة ‪ 1900‬في حرب البوكس د ددير بزعم إنقاذ‬
‫أرواو األجانب وكذلك التدخل اإلنجليزي والفرنس ددي ض ددد مص ددر في حرب س ددنة ‪1956‬‬
‫ولكن الحقيقة أن هذا من التدخل تدلل عليه اإلعتبارات اإلنسد د ددانية ولكنه اسد د ددتغل ذريعة‬
‫لتدخل الدول الكبري في العديد من األحوال وانتهاك السيادة الوطنية أو اإلقليمية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫وخالص د د د ددة القول أنه يمكن الحكم علي الفترة التي س د د د ددبقت الحرب العالمية األولي علي‬
‫أنها ش ددهدت تكريس امتيازات واس ددتثناءات للدول الكبري واالس ددتعمارية لص ددالح مواطنيهم‬
‫وذلك علي حسدداب االهتمام بحقوق اإلنسددان والتي بدأت تأخذ حقها تدريجياً بعد الحرب‬
‫العالمية األولي علي النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫ثانيا ً – حقوق اإلنسان بعد الحرب العالمية األولي ‪-:‬‬
‫انعقدد مؤتمر فرس د د د د د د دداي عقدب الحرب العدالميدة األولي وأبرمدت الددول علي أثر الويالت‬
‫الشددديدة التي شددهدتها هذه الحرب عقد دول الحلفاء والدول األعداء وهي ألمانيا وبلغاريا‬
‫وتركيا إنش د دداء نظام عالمي يس د ددمي عص د ددبة األمم في ‪ 1919/4/28‬والذي أوجد بعض‬
‫الض ددمانات القليلة للش ددعوب مثل نظام االنتداب وحماية األقليات وذلك دون تعزيز فعلي‬
‫لحقوق اإلنس د د د ددان وحرياته س د د د ددوي أن نظام االنتداب الذي نص عليه في المادة ‪ 22‬من‬
‫عهد عصد ددبة األمم والذي قدم حماية متواضد ددعة لسد ددكان األقاليم المشد ددمولة بالوصد دداية أو‬
‫االنتداب وتقوم السدلطة القائمة علي االنتداب بتقديم تقرير لعهد عصدبة األمم سدنوياً عن‬
‫حالة السكا ن الخاضعين لإلنتداب وكذلك نظام حماية األقليات وهم مجموعة من األفراد‬
‫أقل من أغلبية مواطني الدولة وهم في وض د د ددع غير مس د د دديطر وتتوافر لديهم خص د د ددائص‬
‫اثنية أو دينية أو لغوية تختلف عن خصد د د ددائص أغلبية السد د د ددكان ويظهرون ولو بشد د د ددكل‬
‫مسد د د ددتت اًر حسد د د دداس د د د داً بالتضد د د ددامن بغية الحفا علي الطابع الخاص أو الذاتية الثقافية أو‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد تض ددمنت معاهدات الس ددالم ومعاهدات األقليات المبرمة بعد‬ ‫الخص ددائص المميزة‪.‬‬
‫نهدايدة الحرب العدالميدة األولي هدذا النظدام الددولي لحمدايدة األقليدات ألول مرة عن طريق‬
‫تأمين وضمان المساواة وعدم التمييز وحماية الخصائص والثقافات وحرية ممارستها‪.‬‬
‫كما أشد د د د د ددرف مجلس عصد د د د د ددبة األمم حلي حسد د د د د ددن تطبيق الدول لنظام حماية األقليات‬
‫كضدامن لهذا النظام ومتلقي لشدكاوي أبناء األقليات بشدأن أية مخالفة لهذا النظام‪ .‬ولكن‬
‫الثغرة الخطيرة في نظام حماية األقليات أنه لم يكن يستهدف اإلنسان مطلقاً وال األقليات‬

‫د‪ .‬محمد يوسف علوان – المرجع السابق ص ‪86‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪35‬‬
‫مطلقاً ولكنه اس د د ددتهدف حماية األقليات في بعض الدول دون بعض د د ددها وبعض األقليات‬
‫دون بعضدها بل ههر هناك دعم لألقليات ضدد دولهم إلحداث اضدطراب في هذه الدول‬
‫ثم زال هذا النظام بزوال عصد د د د د ددبة األمم ثم أحيته مرة أخري األمم المتحدة تحت منطق‬
‫جديد وض ددحه بعد ذلك اإلعالن العالمي والعهد الدولي للحقوق المدنية والس ددياس ددية الذي‬
‫آمن بحقوق األقليات إال الحق في تقرير المص د د د ددير واالنفص د د د ددال عن الدولة األم مراعاة‬
‫لمبدأ سدديادة الدولة ووحدتها وسددالمتها اإلقليمية‪ .‬ولقد كان من أهم معالم حقوق اإلنسددان‬
‫بعد الحرب العالمية األولي هو إنش د د د د دداء منظمة العمل الدولية س د د د د ددنة ‪ 1919‬والتي كان‬
‫دسدتورها بمثابة اإلتفاقية األولي لحقوق اإلنسدان بشدكل عام وحقوق العامل بشدكل خاص‬
‫الذي اس د د د د د ددتهدفت المنظمة رفاهيته من النواحي المادية والمعنوية والثقافية واالجتماعية‪.‬‬
‫وخلق قانون عالمي موحد للعمل وعقد مؤتمر دولي تحت مس د د ددمي مؤتمر العمل الدولي‬
‫الذي ينعقد س د د د ددنوياً في جنيف حيث وص د د د ددل عدد اإلتفاقيات التي أبرمتها منظمة العمل‬
‫الدولية ومؤتمر العمل الدولي أكثر من مائة وثمانين اتفاقية وتوص ددية منها تحريم العمل‬
‫الجبري ‪ ،‬والحري ددة النق ددابي ددة ‪ ،‬ومنع التمييز في المع ددامل ددة ‪ ،‬ومنع التمييز في العم ددل ‪،‬‬
‫والمسدداواة في األجر ‪ ،‬والضددمان اإل جتماعي ‪ ،‬بحث أصددبحت منظمة العمل الدولية بعد‬
‫كل هذه الس د د د ددنوات من أهم الوكاالت المتخصد د د ددص د د د ددة التابعة لألمم المتحدة والتي تعني‬
‫بحقوق اإلنس د ددان في ميدان العمل بمش د دداركة الحكومات وأرباب العمل والعمل‪ .‬ومن هنا‬
‫كان االهتمام الدولي بحقوق اإلنس د د د د د ددان قبل الحرب العالمية الثانية انصد د د د د د دب فقط علي‬
‫بعض الفئدات مثدل العمدال أو األقليدات أو الالجئين وقدد ههرت في اآلوندة األخيرة فكرة‬
‫إعدداد إعالن لحقوق اإلنس د د د د د د ددان لكنهدا لم تر النور إال بعدد الحرب العدالميدة الثدانيدة علي‬
‫النحو اآلتي ‪-:‬‬

‫‪36‬‬
‫ثالثا – حقوق اإلنسان بعد الحرب العالمية الثانية ‪-:‬‬
‫ههرت فكرة تدول حقوق اإلنس د ددان بعد الحرب العالمية الثانية التي أعلنت فش د ددل منظمة‬
‫عصبة األمم فيما قامت من أجله وهو إال تكون الحرب وسيلة لحل النازعات بين الدول‬
‫وإشد د د د د د دداعدة العالقدات الوديدة بينهدا حيدث فداق عظم خطر اآلثدار التي ترتبدت علي الحرب‬
‫العالمية الثانية أض ددعاف األولي إذا ارتكبت المجازر في أوروبا وأص ددبحت الفظائع التي‬
‫خلقتها الحرب شد دداهداً علي ضد ددرورة تدويل حقوق اإلنسد ددان وقد تم ذلك من خالل ميثاق‬
‫األمم المتحدة سد د د د ددنة ‪ 1945‬واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسد د د د ددان سد د د د ددنة ‪ 1648‬وكذلك‬
‫العهدين الدوليين سد د د ددنة ‪ 1966‬والبروتوكوالت الملحقة بهما فضد د د ددال عن اتفاقيات دولية‬
‫لمنع التشد د د د د ددويه الجبري والتطهير العرقي والتعذيب والتمييز وسد د د د د ددوف نعرض ألهم هذه‬
‫المواثيق التي كونت فيما بينها ما يعرف بالشرعية الدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫أ‪ -‬ميثاق األمم المتحدة سنة ‪)1(1945‬‬
‫كدان للميثداق دور مهم جدداً في حمدايدة حقوق اإلنسد د د د د د ددان بداعتبداره معداهددة دوليدة جمداعية‬
‫ملزمة وكان بمثابة حجر األسد د د د دداس للقانون الدولي لحقوق اإلنسد د د د ددان وذلك منذ ديباجته‬
‫التي نص د د د ددت علي أنه (( تحث ش د د د ددعوب األمم المتحدة وقد ألقينا علي أنفس د د د ددنا أن تنقذ‬
‫األجيدال المقبلدة من ويالت الحروب التي في خالل جيدل واحدد جلبدت علي اإلنسد د د د د د ددانيدة‬
‫مرتين أحزاناً يعجز عنها الوص د د د ددف ‪ ،‬وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق األس د د د دداس د د د ددية‬
‫لإلنسد د ددان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنسد د دداء واألمم كبيرها وصد د ددغيرها من حقوق‬
‫متساوية وأنة ترفع بالرقي اإلجتماعي قدماً ‪ ،‬وأن ترفع مستوي الحياة في جو من الحرية‬
‫))‪.‬‬

‫د‪ .‬جعفر عبد السالم ‪ ،‬المنظمات الدولية ط‪ 1980 .‬دار النهضة العربية ص ‪ ، 235‬ود‪ .‬عبد العزيز سرحان "مبادئ التنظيم‬ ‫(‪)1‬‬

‫الدولي ط ‪ ، 1976‬دار النهضنة العربية ص ‪ ، 210‬أسنتاذنا الدكتور عبد المعز نجم " التنظيم الدولي " دار النهضنة العربية ط‬
‫‪ 1986‬ص ‪ ، 232‬د‪ .‬حسننن سننعد سننند "الحم اية الدولية لحق اإلنسننان في السننالمة الجسنندية" المرجع السننابق ص ‪ 126‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫ولقدد ربط الميثداق بين المحدافظدة علي السد د د د د د ددلم واألمن الددوليين ومسد د د د د د ددألدة احترام حقوق‬
‫اإلنسد د د د د د ددان حيدث نصد د د د د د ددت المدادة (‪ )55‬من الميثداق علي أنده ((رغبدة في تهيئدة دواعي‬
‫اإلس د ددتقرار والرفاهية الض د ددروريين لقيام عالقات س د ددلمية وودية بين األمم مؤسد د دس د ددة علي‬
‫احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير‬
‫مص د د دديرها‪ .‬تعمل األمم المتحدة علي (ج) أن تش د د دديع في العالم احترام حقوق اإلنس د د ددان‬
‫والحريات األس د ددا س د ددية للمجتمع بال تمييز بس د ددبب العنص د ددر دأو الجنس أو اللغة أو الدين‬
‫ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعالً)) كما كان من أهم نص د د ددوص الميثاق هو جعل أهم‬
‫مقاص د ددد األمم المتحدة إنماء العالقات الودية بين األمم علي أس د دداس إحترام المبدأ الذي‬
‫يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها الحق في تقرير المصير‬
‫وتحقيق التعاون الدولي علي حل المسائل الدولية ذات الصبغة االقتصادية واالجتماعية‬
‫والثقافية واإلنسانية وتعزيز احترام حقوق اإلنسان وحرياته األساسية للناس كافة وتشجيع‬
‫ذلك إطالقاً بال تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين (م‪ 1‬من الميثاق)‪.‬‬
‫ولقد كان وال يزال لألجهزة الرئيس د ددية لألمم المتحدة دور هام في مجال حقوق اإلنس د ددان‪.‬‬
‫فدالجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة يقع علي عداتقهدا مهمدة التعداون الددولي واإلحترام العدالمي‬
‫أية مس د ددألة أو‬ ‫لحقوق اإلنس د ددان حيث للجمعية وفقاً للمادة (‪ )10‬من الميثاق أن (تناق‬
‫أمر يدخل ضد د د ددمن الميثاق) كما نصد د د ددت المادة (‪ )13‬علي أن للجمعية العامة سد د د ددلطة‬
‫إجراء د ارسد ددات وتقديم توصد دديات من أجل المسد دداعدة في إعمال حقوق اإلنسد ددان وحرياته‬
‫األس دداس ددية للناس كافة بال تمييز بس ددبب العنص ددر أو الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق‬
‫بين الرجال والنس دداء‪ .‬كما قامت الجمعية العامة من خالل أكثر من نص ددف قرن بإنشدداء‬
‫عدة اتفاقيات دولية في مجال حقوق اإلنسدان وكذلك للجمعية العامة العديد من الق اررات‬
‫في مجال حقوق اإلنس د د د ددان وكذلك التوص د د د دديات والد ارس د د د ددات والتقارير في ذات المجال‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وكذلك فإن للمجلس اإلقتص د د ددادي واإلجتماعي(‪ )1‬أنيط به مس د د ددئولية فرض إحترام حقوق‬
‫اإلنسد د د د د د د ددان من الندداحيددة األدبيددة حيددث نصد د د د د د د ددت المددادة من الميثدداق علي أن للمجلس‬
‫االقتصد د د ددادي واالجتماعي سد د د ددلطة تقديم توصد د د دديات فيما يختص بإشد د د دداعة احترام حقوق‬
‫اإلنسد ددان والحريات األسد دداسد ددية‪ .‬ومراعاتها وله ان يعد مشد ددروعات اتفاقيات تعرض علي‬
‫الجمعيدة العدامدة في هدذا الخصد د د د د د ددوص وكدذلدك لده الحق في الددعوة لعقدد مؤتمرات دوليدة‬
‫لذات الغرض‪.‬‬
‫ولقددد قددام المجلي بتفعيددل نص المددادة (‪ )68‬من الميثدداق التي تجيز لدده إنش د د د د د د دداء لجددان‬
‫للش د د ددئون االقتص د د ددادية واالجتماعية لتعزيز حقوق اإلنس د د ددان أنش د د ددأ لجنة حقوق اإلنسد د ددان‬
‫‪ Commission of Human‬ولجنة مركز المرأة‪ .‬حيث تقوم األولي بد ارسد ددة أوضد دداع‬
‫حقوق اإلنسد د د د د د ددان في العدالم وتقدديم اقت ارحدات وتوصد د د د د د ديدات إلي المجلس االقتصد د د د د د ددادي‬
‫واإلجتماعي في هذا الشد د د د د د ددأن وقد تفرعت عن لجنة حقوق اإلنسد د د د د د ددان لجنة فرعية لمنع‬
‫التمييز وحماية األقليات سد ددنة ‪ 1946‬ولقد كان من أهم جهود لجنة حقوق اإلنسد ددان هو‬
‫االعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان س ددنة ‪ 1948‬والعهدين الدوليين س ددنة ‪ 1966‬وغيرهما‬
‫في مجاالت حقوق اإلنس ددان وحرياته األس دداس ددية أو اللجنة الثانية وهي لجنة مركز المرأة‬
‫فقد أنش د د ددئها المجلس االقتص د د ددادي واالجتماعي س د د ددنة ‪ 1946‬وتتألف من اثنين وثالثين‬
‫ممثالً عن الددول األعضد د د د د د دداء في األمم المتحددة‪ .‬ويتم اختيدارهم بداإلنتخداب من المجلس‬
‫وتتلخص مهمتها في إعداد المواثيق الدولي ة والتوصد د د د دديات المتعلقة بوضد د د د ددع المرأة والتي‬
‫ترفع إلي المجلس االقتصددادي واالجتماعي ومن بعده للجمعية العامة لألمم المتحدة من‬
‫أجل اعتمادها‪ .‬كما أن لمجلس األمن دور رئيس د د د د د ددي وجوهري في حف الس د د د د د ددلم واألمن‬
‫الددوليين بموجدب المدادة (‪ )24‬من الميثداق‪ .‬ولقدد حددد الفص د د د د د د ددل الس د د د د د د ددابع من الميثداق‬
‫األعمال التي يجب اتخاذها في حاالت تهديد الس د د د د ددلم أو اإلخالل به أو وقوع عمل من‬

‫د‪ .‬عبد الواحد محمد الفار ‪ .‬حقوق اإلنسان بين الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية ‪ .‬المرجع السابق ص ‪ 75‬وما بعدها‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ ،‬د‪ .‬مصطفي سالمة حسين "المنظمات الدولية المعاصرة" الدار الجامعية للطباعة والنشر – المكتبة القانونية سنة ‪ 1990‬ص‬
‫‪ 203‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫أعمال العدوان‪ .‬وكثي اًر ما نشدط مجلس األمن بدافع حماية حقوق اإلنسدان‪ ،‬وما من شدك‬
‫في أن شد ددخصد ددية وكفاءة األمين العام لألمم المتحدة لها دور هام في أن تثمر مسد دداعيه‬
‫عن حماية حقوق اإلنسان ووقف أي انتهاك لها وهو دور سريع ويعطي أكله في العديد‬
‫(‪)1‬‬
‫من األحوال‪ .‬أما محكمة العدل الدولة فهي الجهاز القضد ددائي الرئيسد ددي لألمم المتحدة‬
‫وللددول وحددهدا الحق في أن أعضد د د د د د دداء فيهدا دون األفراد ولكنده بدالرغم من ذلدك كثي اًر مدا‬
‫نظرت محكمة العدل الدولية من القضد د ددايا التي تمس حقوق اإلنسد د ددان وكذلك أصد د دددرت‬
‫العديد من الفتاوي في هذا المجال كما أن للوكاالت المتخصددص ددة التابعة لألمم المتحدة‬
‫دور هام وحيوي في مجاالت حقوق اإلنسددان ومنها ما سددبق عرضدده بخصددوص منظمة‬
‫العمل الدولية وكذلك منظمة األمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافية (اليونيسدكو) ومنظمة‬
‫الصد د د د د د دحدة العدالميدة ومنظمدة التغدذيدة والز ارعدة (الفداو) والمنظمدة الددوليدة للملكيدة الفكريدة ‪.‬‬
‫ولقد أخذ علي الميثاق أنه لم يتضددمن تحديداً لحقوق اإلنسددان في حرياته األسدداسددية كما‬
‫جاء خلوه من أية ضددمانات أو آليات تكفل حماية محددة وواضددحة لحقوق اإلنسددان كما‬
‫توقف دور األمم المتحد دددة من خالل الميثد دداق علي الحد ددث أو التعزيز أو التشد د د د د د ددجيع‬
‫‪ Promotion‬لحقوق اإلنسد د د د ددان دون أن يصد د د د ددل إلي تحقيق اإللزام بالتمتع الفعلي بهذه‬
‫الحقوق وتلك الحريات إال في حالة واحة وهي حالة ما إذا كان من شد ددأن إنتهاك حقوق‬
‫اإلنسددان تعريض السددلم واألمن الدوليين للخطر كما تحظر المادة (‪ )7‬من الميثاق علي‬
‫األمم المتحدة التدخل في المسد د ددائل التي تعد من صد د ددميم االختصد د دداص الداخلي للدول‪.‬‬
‫كما يقف مبدأ السد د د د د د دديادة حاج اًز بين الدول والمنظمة الدولية وهذا كله ما دعي الجماعة‬
‫الدولية إلي ضدرورة تحديد حقوق ا؟إلنسدان لتكون مجموعة في وثيقة واحدة والحث علي‬
‫احترام أكثر لهدا وتقدديرها وهو ما كانت ثمرته وثيقدة اإلعالن العدالمي لحقوق اإلنسد د د د د د ددان‬
‫علي النحو اآلتي ‪-:‬‬

‫د‪ .‬جعفر عبد السالم "المنظمات الدولية " المرجع السابق ص ‪ ، 239‬ود‪ .‬عبد المعز نجم ‪ .‬المرجع السابق ص ‪ 205‬وما‬ ‫(‪)1‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫ب‪ -‬اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫ثبت االعتراف الدولي بحقوق اإلنسان يقيناً مع إقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة في‬
‫‪ 1948/12/10‬لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان كخطوة أساسية ومبدئية في ميدان‬
‫حقوق اإلنسان‪ .‬ورغم كونه ال يلزم الدول إال انه ذو قيمة أدبية كبيرة وأصبح بمثابة عرف‬
‫دولي بعد فوات أكثر من ستين سنة علي إصداره فضالً عن تنافس الدول في تضمين‬
‫ديباجة دساتيرها لبنوده التي جاءت في ديباجة وثالثين مادة تحدثت عن الحرية والمساواة‬
‫ومنع التمييز ومنع االسترقاق واالستعباد والحق في عدم الخضوع للتعذيب أو غيره من‬
‫المعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة اإلنسانية‪ .‬والحق في الشخصية القانونية والمساواة‬
‫أمام القانون والحق في التقاضي والحق في األمان وعدم جواز القبض أو الحجز أو‬
‫النفي التعسفي والحق في القضاء المستقل والعادل ومبدأ قرينة البراءة وعدم رجعية‬
‫القوانين الجزائية واعتبار الشخص بريئاً حتي تثبت إدانته وحرمة الحياة الخاصة وحرمة‬
‫األسرة والمسكن والمراسلة والشرف والسمعة وحرية التنقل واختيار محل اإلقامة وحق‬
‫اللجوء والحق في الجنسية وحرية الزواج وتأسيس األسرة والحق في التملك وعدم جواز‬
‫تجريد أحد من ملكه وحرية الفكر والضمير والوجدان والدين وحرية الرأي والتعبير وحرية‬
‫االستعالم وحرية تكوين الجمعيات وعقد اإلجتماعات حق المشاركة في إدارة الشئون‬
‫العامة عن طريق اإلنتخابات الحرة والنزيهة والدورية والحق في المساواة أمام الوهيفة‬
‫العامة والحق في الضمان اإلجتماعي والحق في العمل بأجر عادل والعمل النقابي‬
‫والحق في الراحة وأوقات الف ار والحق في مستوي معيشي يكفي لضمان الصحة والرفاهية‬
‫والحق في التعليم مع وجوب أن يكون التعليم في مراحله األولي مجاناً وإلزامياً‪ .‬والحق‬
‫في المشاركة في حياة المجتمع الثقافية والحق في حماية المصالح األدبية والمادية‬
‫المترتبة علي اإلنتاج العلمي أو األدبي أو الفني ‪ ....‬وقد اكتفي اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان بوضع المبدأ العام للحق دون توضيح مضمون وكذلك عيب علي اإلعالن‬
‫محاولة إرضاء الكتلتين الشرقية والغربية للموازنة بين الفكر الليبرالي والشيوعي االشتراكي‬

‫‪41‬‬
‫ولهذا السبب تغافل عن بعض الحقوق المهمة كالحق في األحزاب أو حرية التجارة‬
‫والصناعة‪ .‬وأنه وإن كان اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان قد صدر في شكل توصية‬
‫عن الجمعية العامة لألمم المتحدة دون أن يتخذ صورة معاهدة دولية ملزمة فقد ومن ثم‬
‫فهو ليس ملزماً للقوانين الداخلية وليس من الحق أن بعدل فيها ولكن لكونه قسر الميثاق‬
‫وصار ملهماً لمعظم دساتير الدول الحديثة وعلي توافق واتفاق عالمي دليله إشادة الدولة‬
‫(‪)1‬‬
‫باإلعالن وعدم تفويت أية مناسبة دون إعالن الحرص عليه والتمسك بمبادئه‪.‬‬

‫(ج) اتفاقيتي الحقوق المدنية والســـياســـية والحقوق االقتصـــادية‬


‫واالجتماعية والثقافية ‪-:‬‬
‫أص د د د د د د دددرت الجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة اتفداقيدة الحقوق المددنيدة والسد د د د د د ديداسد د د د د د ديدة في‬
‫‪ ، 1966\12\16‬ودخلدت مرحلدة النفداذ في ‪ .1976\3\23‬وقدد ألحق بداالتفداقيدة األولي‬
‫بروتوكول اختياري لفض المنازعات ‪ ،‬وأصد د د د ددبح سد د د د دداري المفعول في ذات تاريخ دخول‬
‫االتفاقية مرحلة النفاذ‪.‬‬
‫وما دمنا بصددد اسدتعراض أهم المواثيق العالمية في خصدوص حماية الحق في السدالمة‬
‫الجس د د دددية – فإن هاتين االتفاقيتين من أهم هذه المواثيق ‪ ..‬الس د د دديما بعد دخولها مرحلة‬
‫االلتزامات القانونية الموجبة للمسئولية عند انتهاك أحكامها‪.‬‬
‫ففيما يتعلق باتفاقية الحقوق المدنية والسدياسدية – فقد كونت موادها نسديجاً كامالً لحماية‬
‫حق اإلنس د ددان في الس د ددالمة الجس د دددية‪ .‬فقد نص د ددت علي ض د ددمان احترام حقوق اإلنس د ددان‬
‫وأهمها حقه في الس ددالمة الجس دددية‪ .‬وتحريم التعذيب أو التعرض للعقوبات القاس ددية ‪ ،‬أو‬
‫المعداملدة غير اإلنسد د د د د د ددانيدة أو الحداطدة بدالك ارمدة والمهيندة (م‪ .)7‬وحقده في التعويض عمدا‬
‫يحدث له من آالم بس د د د د د ددبب االعتداء عليه (م‪ )2‬كما نص د د د د د ددت االتفاقية علي أنه ال يجوز‬

‫انظر د‪ .‬محمد سعيد الدقاق د‪ .‬مصطفي سالمة حسين‪ .‬المنظمات الدولية المعاصرة ‪ ،‬الدار الجامعية للطبع والنشر سنة‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ 1990‬ص‪ ، 205‬د‪.‬حسن سعد سند المرجع السابق ص ‪ 130‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪42‬‬
‫إخضد د د د د د دداع أي فرد دون إرادتده الحرة للتجدارب الطبيدة أو العلميدة ‪ ،‬ومن االس د د د د د ددترقداق أو‬
‫االستعباد في كافة أشكاله (م‪.)8‬‬
‫كما أقرت االتفاقية حق كل إنس د ددان في الحرية والس د ددالمة الجس د دددية أو الش د ددخص د ددية فيما‬
‫يتعلق بعدم جواز القبض عليه أو اسد ددتيقافه بشد ددكل تعسد ددفي ‪ ،‬وال يجوز حرمان اإلنس ددان‬
‫في التعويض عند تبيان أن حبسه أو استيقافه أو القبض عليه قد تم بشكل غير قانوني‬
‫(م‪ .)9‬كما أقرت هذه االتفاقية الحق في السددالمة الجسدددية بالنسددبة للمحكوم ضدددهم من‬
‫حيث المعاملة أو أماكن قض د د د دداء العقوبة (م‪ )10‬كما في الش د د د ددرف واالعتبار والس د د د ددمعة‬
‫(م‪ .)1()17‬وقد تناول القس ددم الرابع من هذه االتفاقية تش ددكيل واختص دداص ددات لجنة حقوق‬
‫اإلنسان(‪.)2‬‬
‫وبذلك تكون هذه االتفاقية قد أقامت نظاماً دولياً لتسوية المنازعات بشأن تطبيقها‪.‬‬
‫‪ -‬أم ددا ب ددالنسد د د د د د دب ددة للبروتوكول الملحق به ددا – ف ددإن ال دددول األطراف في دده ملزم ددة بقبول‬
‫اختص د د دداص لجنة حقوق اإلنس د د ددان في تس د د ددلم تبيلغات األفراد الخاض د د ددعين لواليتها الذين‬
‫يتهمون الدول – بانتهاك أي من الحقوق المنصد د د ددوص عليها في االتفاقية ‪ ،‬وتقوم لجنة‬
‫حقوق اإلنس د د د ددان بد ارس د د د ددة تلك التبليغات ‪ ،‬وتكون اجتماعاتها سد د د ددرية وتتولي بث وجهة‬
‫نظرها إلي الدول المشكو فيها وإلي الشاكي‪.‬‬

‫تناول اتفاقية الحقوق االقتصـــــادية واالجتماعية والثقافية للجانب‬


‫االجتماعي من الحق في السالمة الجسدية لإلنسان‪.‬‬
‫لما كان اإلنس د د ددان كائن اجتماعي ‪ ،‬فإنه ال يمكن التمتع بالحق في الس د د ددالمة الجس د د دددية‬
‫علي الوجده الالئق إال في هروف اجتمداعيدة واقتصد د د د د د دداديدة وثقدافيدة تؤهلده لدذلدك‪ .‬وهدذا ما‬

‫انظر نص هذه االتفاقية "موسوعة حقوق اإلنسان" د‪ .‬محمد توفيق أبو تله المرجع السابق من ص ‪.41 : 17‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وسوف نتعرض في المبحث الثاني من هذا الفصل لهذه اللجنة ودورها الحيوي في حماية حق اإلنسان في السالمة‬ ‫(‪)2‬‬

‫الجسدية تطبيقاً وعمالً‪.‬‬


‫‪43‬‬
‫تض ددمنته هذه االتفاقية ‪ ،‬فقد نص ددت علي تحريم اس ددتغالل النس دداء واألطفال واس ددتخدامهم‬
‫أو إلحاقهم بأعمال تلحق ضدر اًر بأخالقهم أو صدحتهم ‪ ..‬أو تشدكل خط اًر علي حياتهم ‪،‬‬
‫أو يكون من شأنها إعاقة نموهم الطبيعي‪.‬‬
‫كما حرمت العمالة دون السدن القانوني المناسدب للعمل (المواد من ‪ .)6 : 9‬كما نصت‬
‫االتفاقية علي تحرير اإلنسدان من الجوع ‪ ،‬وضدمان مسدتوي معيشدي مناسدب ‪ ،‬وحقه في‬
‫التمتع بأعلي مسد د ددتوي معيشد د ددي من ناحية الصد د ددحة البدنية والعقلية عن طريق تحسد د ددين‬
‫شددتي الظروف المحيطة باإلنسددان ‪ ،‬ووقايته من األمراض والعناية به طبياً (م‪ .)12‬كما‬
‫نصدت االتفاقية علي حق اإلنسدان في الثقافة من أجل تنمية شداملة لشدخصديته القانونية‬
‫وتعميق إحساسه بكرامته (م‪.)1()13‬‬
‫وبالرغم أهمية وخطورة نص د ددوص االتفاقية في مجال تمتع اإلنس د ددان بأقص د ددي قدر ممكن‬
‫من الس ددالمة الجس دددية ذلك أن حماية اإلنس ددان من العدوان عليه وبالرغم من أهمية ذلك‬
‫إال أن ذلك ال يضد د د ددمن وصد د د ددول اإلنسد د د ددان للتكامل الجسد د د دددي المرجو في هل المرض‬
‫والجهل والفقر وتكالب الظروف المعيشية واالجتماعية السيئة عليه وبالرغم من كل ذلك‬
‫فدإن هدذه االتفداقيدة لم تلق الحسد د د د د د ددم في تنفيدذ بنودهدا كمدا هو الحدال في اتفداقيدة الحقوق‬
‫المدنية والسد د د ددياسد د د ددية وقد ورد بندان بخصد د د ددوص تنفيذ هذه االتفاقية يتعلقان بالتدرج في‬
‫التطبيق واالرتباط بالموارد المالية لكل دولة ‪ ،‬كما أن ضد د د د د د ددعف الرقابة فيها قد قلل من‬
‫فاعليتها – حيث أنها تعتمد فقط علي تقارير الدولة ‪ ..‬حيث ال توجد رقابة قضد د ددائية أو‬
‫شد د د د ددبه قضد د د د ددائية سد د د د دواء علي المسد د د د ددتوي الدولي أو الوطني (‪ ..)1‬ورغم ذلك فإن هاتين‬
‫االتفداقيتين تكوندان معداً وحددة هدامدة في تداريخ القدانون الددولي عدامدة ‪ ،‬وبدالنسد د د د د د دبدة لحقوق‬
‫اإلنسان علي وجه الخصوص‪.‬‬

‫انظر اتفاقية الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية – موسوعة حقوق اإلنسان للدكتور محمد وفيق أبو تله – المرجع‬ ‫(‪)1‬‬

‫السابق ص ‪ 43‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر د‪ .‬عزت السيد البرعي " حماية حقوق اإلنسان في ظل التنظيم الدولي واإلقليمي " رسالة دكتوراة سنة ‪ 1985‬دار‬ ‫(‪)1‬‬

‫النهضة العربية ص ‪.741‬‬


‫‪44‬‬
‫القيمة القانونية لهاتين االتفاقيتين ‪-:‬‬
‫من األهمية بمكان أن نقف علي قوة اإللزام في اتفاقيتين الحقوق المدنية والس د د د د ددياس د د د د ددية‬
‫واالقتص د د د د د ددادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬ولما كانت االتفاقيات المتعلقة بحقوق اإلنس د د د د د ددان‬
‫تهددف إلي مصد د د د د د ددلحدة عدامدة في المجتمع الددولي ‪ ،‬وتترجم إرادة هدذا المجتمع ‪ ،‬وتمثدل‬
‫تطبيقاً لقواعد العرف الدولي اآلمرة ‪ ...‬هذا كله أيضد د د ددا إلي نص المادة (‪ )38‬من نظام‬
‫محكمة العدل الدولية‪.‬‬
‫ومن ثم فهي تصددلح مصددد اًر لقواعد القانون الدولي ‪ ،‬ولذلك فيجب أن تلزم الكافة – وقد‬
‫وجهة النظر هذه بالعديد من األسانيد منها ‪-:‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أيد جانب من الفقه‬
‫أن المعاهدات المتعلقة بحقوق اإلنس ددان تتض ددمن قواعد مس ددتقرة في الض ددمير‬ ‫(أ)‬
‫العالمي ومن ثم فهي واجبة التطبيق‪.‬‬
‫أن المص د د د ددلحة المبتغاة من هذه االتفاقيات مص د د د ددلحة عامة للمجتمع الدولي‬ ‫(ب)‬
‫كله‪.‬‬
‫أن االتفاقيات في خصد د ددوص حقوق اإلنسد د ددان تعتبر أسد د دداسد د داً قوية في حف‬ ‫(ج)‬
‫السلم واألمن الدولي‪.‬‬
‫أن الخطداب في مثدل هدذه المعداهددات – موجده إلي كدل بني البشد د د د د د ددر‪ ..‬ألن‬ ‫(د)‬
‫الغاية هي حماية كل الجنس البشري‪.‬‬
‫أن اإللزام في هدذه المعداهددات هو الدذي يددعو إلي إحترامهدا ‪ ،‬كمدا برر هدذا‬ ‫(ه)‬
‫االتجداه أريده بقولده ‪ ..‬و أن االتفداقيدة المتعلقدة بحقوق اإلنس د د د د د د ددان ملزمدة لكدل‬
‫اآلن في هدل قدانون دولي‬ ‫الددول ‪ ..‬ألن هدذه الددول شد د د د د د دداءت أم أبدت تعي‬
‫يقوم علي معدايير للسد د د د د د ددلوك أو قيم عليدا مسد د د د د د ددتهددفدة ترتبط بواقع المجتمع‬
‫اإلنسدداني وتسددايره في درجة تطوره وعلي هذه الدول اسددتناداً إلي نص المادة‬

‫انظر أستاذنا الدكتور عبد الواحد الفار "قانون حقوق اإلنسان" ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 160‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪45‬‬
‫(‪ ) 56‬من الميثدداق أن تعمددل علي تحقيق هددذه القيم ‪ ،‬والتي من أخصد د د د د د دهدا‬
‫وأجدرها باالعتبار مس ددألة احترام حقوق اإلنس ددان ‪ ،‬وال يؤثر في هذا ض ددعف‬
‫وس د د د د د د ددائددل الرقددابددة ‪ ..‬ألن وجود القددانون في ذاتدده ال يعني ضد د د د د د ددرورة توافر‬
‫ضد د د ددمانات تطبيقه ‪ ،‬وعلي المجتمع الدولي أن يسد د د ددعي إلي ايجاد الوسد د د ددائل‬
‫الكفيلة لتحقيق هذه الضمانات تبعاً لدرجة نموه وتطوره وتنظيمه(‪.)1‬‬

‫ولعدل مدا يؤكدد رجداحدة وجهدة النظر هدذه ‪ ..‬أن الددول تددمج هدذه االتفداقيدات في قوانينهدا‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الداخلية‬
‫وقدد ذهدب بعض الفقده إلي أبعدد من ذلدك في إعطداء هدذه االتفداقيدات درجدة سد د د د د د ددمو علي‬
‫القوانين الداخلية سدواء كانت قوانين عادية أو أسداسدية (دسداتير)(‪ .)3‬وهو من وجه نظري‬
‫اتجاه مثالي ومحدود من أجلفي حقوق اإلنس د ددان لئال تكون عرض د ددة الفتئات الس د ددلطات‬
‫الوطنية تمنح وتمنع منها ما تشاء‪.‬‬

‫(ء) اتفاقية جنيف سنة ‪1949‬‬


‫في س د د د د ددياق اس د د د د ددتعراض أهم المواثيق الدولية العالمية التي تعرض لحق اإلنس د د د د ددان في‬
‫السددالمة الجسدددية فإن اتفاقيات جنيف سددنة ‪ 1949‬كانت ثمرة جهود مضددنية في سددبيل‬
‫الوصول إلي حماية اإلنسان من ويالت الحرب ‪.‬‬
‫ذلدك أنده وإن كداندت الحرب هداهرة سد د د د د د ددلبيدة في المجتمع الددولي إال أنهدا هداهرة موجودة‬
‫ومن الص د د ددعب محوها من الوجود ‪ ..‬ومن ثم فقد كان الزماً علي البش د د درية أن تفكر في‬

‫المرجع السابق ذات الموضع ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عادل عبد العزيز حمزة "الطبيعة القانونية لحقوق اإلنسان في القانون الدولي العام " المرجع السابق – ص ‪320‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬عبد العزيز سرحان "العالقة بين االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان والقوانين الداخلية " مجلة الحقوق والشريعة –‬ ‫(‪)3‬‬

‫السنة الرابعة العدد الثالث سنة ‪.1980‬‬


‫‪46‬‬
‫تنظيم الحرب ووضدع ضدوابط علي سدلوك المتحاربين للتقليل من آثارها ‪ ،‬وحصدرها في‬
‫أضد دديق حدود لحماية اإلنسد ددان من ويالتها – متحارباً كان أو أسد ددي اًر أو مدنياً في أجواء‬
‫الحرب(‪.)1‬‬
‫ولقد أتيحت الظروف ألحد الناس أن يشداهد معركة ويسدجل أهوالها وفظائعها ‪ ..‬وكانت‬
‫المعركة هي معركة سد د ددولفرينو سد د ددنة ‪ 1859‬بين فرنسد د ددا والنمسد د ددا ‪ ،‬وكان المشد د دداهد هو‬
‫السويدي \ هنري ديتان – إذ ألف كتاباً عما شاهده من فظائع واقترو إنشاء هيئات تقوم‬
‫علي العناية بض د د ددحايا الحرب ‪ ،‬كما اقترو وض د د ددع ميثاق دولي ينظم عمل ومن هنا فقد‬
‫قدامدت الحركدة الددوليدة للصد د د د د د ددليدب األحمر‪ .‬ممدا مثدل بددايدة للقدانون الددولي اإلنسد د د د د د دداني ‪،‬‬
‫فإنقضدت اتفاقيات جنيف سدنة ‪ ، 1864‬ثم صددرت تصدريح سدان بترسدبورج ثم انعقد في‬
‫مدينة بروكسد د د د ددل سد د د د ددنة ‪ 1874‬مؤتمر للنظر في القواعد التي تحكم الحرب بما يجعلها‬
‫أكثر تواءماً مع االعتبارات اإلنسدانية ‪ ..‬ثم دعت روسديا إلي مؤتمر الهاي األول للسدلم‬
‫س د ددنة ‪ 1899‬ثم الثاني في س د ددنة ‪ .. 1907‬وإزاء ما جدث أثناء الحرب العالمية األولي‬
‫– فقد وقعت مجموعة كبيرة من أعضد د د د دداء عصد د د د ددبة األمم برتوكول سد د د د ددنة ‪ 1925‬لمنع‬
‫اس ددتخدام الغازات الس ددامة أو الخانقة ‪ ،‬أو اس ددتخدام وس ددائل الحرب البكتويولوجية وحرب‬
‫الميكروبات‪.‬‬
‫ثم تم عقددد اتفدداقيددات جنيف الثالث سد د د د د د دنددة ‪ 1929‬إلعددادة النظر في القواعددد المتعلقددة‬
‫بحماية ضد ددحايا الحرب ‪ ..‬ثم بات ضد ددروريا إعادة النظر من جديد في آثار الحرب بعد‬
‫الحرب العدالميدة الثدانيدة ‪ ..‬فدانعقدد مؤتمر دولي انتهي إلي إقرار اتفداقيدات جنيف سد د د د د د دندة‬
‫‪ – 1949‬وهي تمثل اآلن معظم قواعد القانون الدولي اإلنساني وهي ‪-:‬‬
‫اتفاقية جنيف لتحسد د د د د ددين حال المرضد د د د د ددي والجرحي بالقوات المسد د د د د ددلحة في‬ ‫(‪)1‬‬
‫الميدان‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬حامد سلطان " الحرب في نطاق القانون الدولي " – المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد الخامس والعشرين‬ ‫(‪)1‬‬

‫سنة ‪ 1969‬ص ‪ 1‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬عبد العزيز سرحان "القانون الدولي العام " دار النهضة المصرية سنة ‪ 1973‬ص ‪416‬‬
‫وما بعدها ‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫واتفاقية جنيف لتحسد ددين حال المرضد ددي والجرحي والغرقي بالقوات المسد ددلحة‬ ‫(‪)2‬‬
‫في البحار‪.‬‬
‫اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة أسري الحرب‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة األشخاص المدنين وقت الحرب(‪.)1‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫وقددد أوردت هددذه االتفدداقيددات العددديددد من األفعددال التي تمثددل جرائم دوليددة مدداس د د د د د د ددة بحق‬
‫اإلنسد ددان في السد ددالمة الجسد دددية وسد ددوف نذكر أهمها علي أن نتعرض تفصد دديالً للجرائم‬
‫الماسة بالسالمة الجسدية في الباب الثالث‪.‬‬
‫أهم األفعال الماسة بالسالمة الجسدية الواردة في اتفاقيات جنيف ‪-:‬‬
‫(أ) اإلعتداءات الخطيرة علي السالمة الجسدية أو الصحية ‪-:‬‬
‫وقد نص علي هذه الجريمة في كل اتفاقيات جنيف األربع وهي تش ددمل كل عدوان علي‬
‫سددالمة جسددد إنسددان أيا كانت الصددورة التي يتخذها – س دواء أضددر بالسددالمة المادية أو‬
‫المعنوية لإلنسان(‪.)2‬‬
‫(ب) إحداث آالم بصورة عمدية ‪-:‬‬
‫وهددذه الجريمددة أخص من الجريمددة المددذكورة سد د د د د د ددلفداً في البنددد (أ) وإن كددان من الممكن‬
‫لألولي أن تسد ددتوعبها ‪ ..‬ومن أمثلة االعتداء هنا هو اقتياد شد ددخص إلي سد دداحة اإلعدام‬
‫أو إلقاء خبر مفزع إلرهابه أو إذالله أو الحط من معنوياته أو اإلخالل بتكامله الجسدي‬
‫‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫(ج) التعذيب ‪-:‬‬

‫انظر "موسوعة حقوق اإلنسان " المرجع السابق من ص ‪.238 : 104‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها " دار النهضة العربية سنة ‪ 1992‬ص ‪ 295‬وما بعدها ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬عبد الحميد خميس " جرائم الحرب والعقاب عليها" رسالة دكتوراة جامعة القاهرة سنة ‪ 1955‬ص ‪.16‬‬
‫‪48‬‬
‫وهو إخض دداع ش ددخص ما آلالم جس دددية أو نفس ددية – سددواء بال هدف أو للحص ددول علي‬
‫اعتراف أو معلومدات ‪ ..‬وقدد نص علي هدذه الجريمدة في االتفداقيدات األربع وينددرج تحت‬
‫ذلك كل الوسائل الحديثة التي يخضع لها اإلنسان فيدلي من خاللها بما لم يكن ليفصح‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫عنه في األحوال العادية‬
‫(ء) المعاملة غير اإلنسانية ‪-:‬‬
‫وهي تعني إزاء اإلنس ددان في س ددالمته المادية أو المعنوية سددواء كان أس ددي اًر أو جريحاً أو‬
‫مدنياً في جو الحرب(‪ .)2‬ويعتبر التعسد ددف واالنحدار بالكرامة ماس د داً بالسد ددالمة الجسد دددية‬
‫ويدخل في هذا المعني والوض د ددع في هروف ص د ددعبةو وعدم العالج أو الغذاء المناس د ددب‬
‫وهي عبارة عامة شاملة لكل ما يضع اإلنسان متضر اًر‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار " الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها " المرجع السابق ص ‪ . 294‬وسوف نتعرض لجريمة‬ ‫(‪)1‬‬

‫التعذيب تفصيالً في الباب من هذه الدراسة‪.‬‬


‫انظر د‪ .‬ذكريا حسين عزمي "من نظرية الحرب إلي نظرية النزاك المسلح" رسالة دكتوراة جامعة القاهرة سنة ‪ – 1978‬ص‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ 307‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫هـ‪ -‬التجارب البيولوجية ‪-:‬‬
‫ال ش د د ددك أن التجارب البيولوجية أو العلمية – بغير رض د د دداء اإلنس د د ددان – تعطي ش د د ددعو اًر‬
‫بالمهانة والالمباالة باإلنس د د د د ددان ذاته ‪ ..‬ذلك أن تجربة عالج جديد أو عقار أو كش د د د د ددف‬
‫جديد كل هذا ال يليق باإلنس د د د ددان وإن كان من الممكن إجرائه علي الحيوان ‪ ..‬ومن هنا‬
‫فقد حرمت اإلتفاقيات األربع هذا العمل لعدم آدميته‪.‬‬

‫و‪ -‬القهر علي األعمال غير المشروعة ‪-:‬‬


‫نصد ددت اتفاقيات جنيف علي تحريم العديد من األفعال الحتوائها علي أض ددرار بالصد ددحة‬
‫البدنية والنفسية – سواء أكان أسي اًر أو جريحاً أو مريضاً أو غريقاً أو مدنياً في هروف‬
‫الحرب‪.‬‬

‫ومن أهم هذه األفعال المجرمة ‪-:‬‬


‫‪ -1‬إجبار األسير علي الخدمة ضمن قوات العدو‪.‬‬
‫‪ -2‬حرمان األسير من حقه في محاكمة قانونية عادلة‪.‬‬
‫‪ -3‬أخذ الرهائن‪.‬‬
‫‪ -4‬احتجاز األشخاص المحميين باالتفاقيات األربعة بصورة غير مشروعة‪.‬‬
‫‪ -5‬إبعاد األشخاص أو نقلهم بصورة غير مشروعة(‪.)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار " أسري الحرب" رسالة دكتوراة جامعة عين شمس سنة ‪ – 1975‬عالم الكتب – ص ‪ 198‬وما‬ ‫(‪)1‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫القيمة القانونية التفاقيات جنيف ‪-:‬‬
‫سدبق أن أوضدحنا القيمة القانونية لإلتفاقيات المتعلقة بحقوق اإلنسدان والتي من ضدمنها‬
‫اتفاقيات جنيف المش د د د ددار إليها س د د د ددلفاً ‪ ..‬إذ أنها تش د د د ددكل حجر الزاوية في بنيان القانون‬
‫الدولي اإلنسد د د د دداني ‪ ،‬وقد مثلت عند إصد د د د دددارها رغبة صد د د د ددادقة من المجتمع الدولي في‬
‫الوقوف في وجه الوحشد د ددية والبربرية وسد د ددائر أوجه المعاملة غير الالئقة باإلنسد د ددان أثناء‬
‫‪ .‬حيث تضددمنت حماية الجنس البشددري سدواء أعلنت الحرب أو لم‬ ‫(‪)1‬‬
‫الن ازعات المسددلحة‬
‫تعلن كمدا أنهدا تنطبق حتي في مواجهدة الددول غير األطراف فيهدا وإذا التزمدت بهدا دولدة‬
‫غير طرف فيهدا وجدب علي الددول المتعداقددة االلتزام بدذلدك أمدامهدا ‪ ..‬ومن هندا يتبين أن‬
‫اتفداقيدات جنيف مقبولدة من كدافدة أعضد د د د د د دداء المجتمع الددولي‪ .‬ألنهدا تتضد د د د د د ددمن المبدادن‬
‫األساسية لإلنسانية‪.‬‬
‫كما انها تمثل ترجمة صد ددادقة لقواعد ثابتة وقديمة تميلها صد ددفات الشد ددفقة والرحمة اللتين‬
‫هما من لوازم اإلنسد د د د د ددان وبدونهما يتجرد اإلنسد د د د د ددان من آدميته ‪ ..‬ورغم أهمية اتفاقيات‬
‫جنيف فإن السد د د د ددعي الزال جاداً ودءوبا نحو األفضد د د د ددل من ناحية ضد د د د ددمان حقوق أكثر‬
‫لضد د ددحايا الحرب ولسد د ددد ثغرات القانون الدولي اإلنسد د دداني بصد د ددفة عامة واتفاقيات جنيف‬
‫بص د ددفة خاص د ددة ‪ ..‬الس د دديما بعد ههور أس د دداليب الحرب الحديثة وههور أنواع جديدة من‬
‫الن ازعدات غير الددوليدة ‪ ،‬كمدا أن هنداك دوالً كثيرة ولددت بعدد هدذه االتفداقيدات من حقهدا أن‬
‫تقول كلمتها في هذه االتفاقيات ‪ ..‬هذا كله باإلضددافة إلي أن الرقابة علي حسددن تطبيق‬
‫هذه االتفاقيات وتنفيذها ليست بالقدر الكافي لحماية الضحايا اآلمنين في عصر الزالت‬
‫فيه النزاعات المسد د د د ددلحة تفرض نفسد د د د ددها علي السد د د د دداحة الدولية‪ .‬ولذلك فقد لزم أن يحلم‬

‫انظر د‪ .‬زكريا عزمي " من نظرية الحرب إلي نظرية النزاك المسلح" المرجع السابق ص ‪.123‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪51‬‬
‫المجتمع الدولي بتحقيق األفضد د ددل ويفكر في ما يرتق به ثوب القانون الدولي اإلنسد د دداني‬
‫بعد ما اعتراه من ثقوب أو بلي(‪.)1‬‬

‫(هــــــ) اتفاقية منهاضـة التعذيب وغيره من ضـروب المعاملة أو‬


‫العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة سنة ‪: 1984‬‬
‫وقدد اعترفدت الددول األطراف في هدذه االتفداقيدة – في ديبداجتهدا – بدالحقوق المتسد د د د د د دداوية‬
‫وغير القابلة للتصدرف لجميع أعضداء األسدرة البشدرية وأنها تدرك أن هذه الحقوق تسدتمد‬
‫من الكرامة المتأص ددلة لإلنس ددان وتض ددع في اعتبارها الواجب الذي يقع علي عاتق الدول‬
‫في تعزيز احترام حقوق اإلنسد د ددان وحرياته األسد د دداسد د ددية ومراعاتها علي المسد د ددتوي الدولي‬
‫وبرهنت الدول األطراف بأن السبب في إبرام هذه االتفاقية هو زيادة فعالية النضال ضد‬
‫التعذيب وغيره من ض د ددروب المعاملة أو العقوبة القاس د ددية أو الالإنس د ددانية أو المهينة في‬
‫العدالم قداطبدة ‪ ..‬وقدد اعتمددت الجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة مشد د د د د د ددروع هدذه االتفداقيدة في‬
‫‪ 1984/12/10‬ودخلت حيز التنفيذ في ‪ 26‬يونيه سد د د ددنة ‪ 1987‬بعد التصد د د ددديق عليها‬
‫(‪)2‬‬
‫‪.‬‬ ‫من العدد الالزم من الدول األطراف‬
‫وقد عرفت المادة األولي من هذه االتفاقية بأنه ‪-:‬‬
‫وأي فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شد ددديد كان جسد دددياً أو عقلياً عمداً بشد ددخص ما بقصد ددد‬
‫الحصددول من هذا الشددخص أو شددخص آخر علي معلومات أو علي اعتراف أو معاقبته‬
‫علي مل ارتكبه أو يش د د ددتبه في أنه ارتكبه هو أو يش د د ددتبه في أنه ارتكبه هو أو ش د د ددخص‬
‫ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أوي أي ش د ددخص ثالث أو عندما يلحق مثل هذا األلم أو‬

‫انظر د‪ .‬الفصايلي الطيب – كلية الحقوق جامعة القاضي عياض – مراكش – بحث تحت عنوان اتفاقيات جنيف مهد‬ ‫(‪)1‬‬

‫القانون الدولي اإلنساني مداخلة مقدمة إلي الندوة الخامسة عن تعليم حقوق اإلنسان ألعضاء هيئة التدريس مقدمة إلي‬
‫المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية – إيطاليا – سيراكوزا سنة ‪ – 1990‬المرجع السابق‪.‬‬
‫انظر هذه االتفاقية "حقوق اإلنسان" المجلد األول – المرجع السابق ص ‪ 200‬وما بدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪52‬‬
‫العذاب ألي س د د د ددبب من األس د د د ددباب يقوم علي التمييز أيا كان نوعه أو يحرص عليه أو‬
‫يوافق عليه أو يسدكت علي موهف رسدمي أو شدخص آخر يتصدرف بصدفته الرسدمية وال‬
‫يتضد د د د د د ددمن ذلدك األلم أو العدذاب النداشد د د د د د دديء فقط من عقوبدات قدانونيدة أو المالزم لهدذه‬
‫العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها‪.‬‬
‫كما نصددت المادة السددابقة الذكر علي أن هذه المادة ال تخل بأي صددك دولي أو تشدريع‬
‫وطني يتضمن أو يمكن أن يتضمن أحكاماً ذات تطبيق أشمل‪.‬‬
‫وتوالت نصد ددوص هذه االتفاقية في حث الدول علي التكاتف في محاص د درة هذه الجريمة‬
‫ومعاقبة مرتكبيها بالعقوبات الرادعة وقد توسد د د ددعت مواد هذه االتفاقية في فهم مضد د د ددمون‬
‫الفاعل والش دريك كما ش ددملت كل أص ددناف المس دداس بالس ددالمة البدنية والمعنوية لإلنس ددان‬
‫فقد نص د ددت المادة (‪ )6‬علي كل ما دون التعذيب من أوجه المعاملة أو العقوبة القاس د ددية‬
‫أو الالإنسانية أو المهينة إذ أنها نصت علي أنه ‪-:‬‬
‫و تتعه ددد ك ددل دول ددة ب ددأن تمنع في أي إقليم منه ددا ح دددوث أي أعم ددال أخري من أعم ددال‬
‫المعاملة أو العقوبة القاسد د ددية أو الالإنسد د ددانية أو المهينة التي ال تصد د ددل إلي حد التعذيب‬
‫كمدا حدددتده المدادة األولي عنددمدا يرتكدب موهف عمومي أو شد د د د د د ددخص آخر يتصد د د د د د ددرف‬
‫بصفته الرسمية هذه األعمال أو يحرص علي ارتكابها أو عندما تتم بموافقته أو بسكوته‬
‫عليهاو‪.‬‬
‫وإذا كانت الجمعية العامة لألمم المتحدة قد أصددرت إعالناً في ‪ 9‬ديسدمبر سدنة ‪1975‬‬
‫بحماية جميع األشد ددخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضد ددروب المعاملة أو العقوبة‬
‫‪ ..‬وقد تضددمن اإلعالن في مواده مضددمون ما جاء‬ ‫(‪)1‬‬
‫القاسددية أو الالإنسددانية أو المهينة‬
‫بنصوص االتفاقية السابقة إال أنه وإزاء قيمة اإلعالن التي ال تخرج – في نظر البعض‬
‫– عن حدود التوص د د د دديات التي تص د د د دددرها الجمعية العامة بحيث قد تتبعها الدول وقد ال‬

‫انظر نص هذا االعالن "حقوق اإلنسان" المجلد األول "الولائق العالمية واالقليمية المرجع السابق ص ‪ 198‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪53‬‬
‫تتبعها فقد س ددعت الجمعية العامة علي نحو أكثر إلزاماً فكانت اتفاقية مناهض ددة التعذيب‬
‫التي نحن بصددها‪.‬‬
‫ومن أهم ما تضد ددمنته االتفاقية في خصد ددوص حقوق من وقع عليه التعذيب هو أن يرفع‬
‫ش ددكواه إلي الس ددلطة المختص ددة التي يجب عليها أن تحقق في ش ددكواه علي وجه الس ددرعة‬
‫والن ازهدة (مدادة ‪ ) 13‬فدإذا ثبدت حددوث التعدذيدب فبداإلضد د د د د د ددافدة إلي تقدديم المتهم للمحداكمدة‬
‫العدادلدة وجدب الحكم بدالتعويض العدادل والمنداسد د د د د د ددب بمدا في ذلدك وسد د د د د د ددائدل إعدادة تدأهيل‬
‫المجني عليد دده فد ددإذا توفي المجني عليد دده نتيجد ددة التعد ددذيد ددب يكون لمن يعولهم الحق في‬
‫التعويض (مادة ‪ )14‬هذا باإلضافة إلي أن أهم الحقوق المبدئية لمن وقع علي التعذيب‬
‫هو إسد د ددقاط كافة األقوال أو االعترافات أو الشد د ددهادة التي أخذت منه تحت وطأة التذيب‬
‫(مادة ‪ ) 15‬باإلض د د د ددافة إلي وجوب تقديم من ثبت في حقه ومعاقبته بأقص د د د ددي العقوبات‬
‫لكفالة الردع الخاص والعام والمبتغي من العقاب‪.‬‬
‫كما أوجدت االتفاقية نظاماً للرقابة الدولية علي تنفيذ االتفاقية لضد د د د د د ددمان االلتزام الدقيق‬
‫بنصوصها ومن ثم فقد نصت المادتان (‪ )18 ، 17‬علي إنشاء لجنة مناهضة التعذيب‬
‫التي تتكون من عش د درة أعض د دداء تنتخبهم الدول األطراف في االتفاقية لمدة أربع س د ددنوات‬
‫وتقدددم الدددول تقدداري اًر إلي هددذه اللجنددة عن التدددابير التي تتخددذهددا تنفيددذاً لتعهددداتهددا بمنع‬
‫التعذيب والمعاقبة عليه‪.‬‬
‫وقد أعطت االتفاقية هذه اللجنة سدلطات واسدعة في تتبع حالة الدول في هذا الصددد ‪...‬‬
‫والتحقيق فيمدا تراه مندافيداً لالتفداقيدة ‪ ،‬وفضد د د د د د ددح ذلدك في تقريرهدا السد د د د د د ددنوي المعلن لكدل‬
‫األطراف والمقددم منهدا إلي الجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة‪ .‬كمدا أتداحدت االتفداقيدة للددول‬
‫أن تشد ددكو دوالً أخري لممارسد ددتها العتذيب (مادة ‪ )21‬كما أتاحت لإلنسد ددان بصد ددفته فرداً‬

‫‪54‬‬
‫عادياً أن يبلغ عن وقائع التعذيب لجنة مناهضة التعذيب شريطة قبول دولته اختصاص‬
‫اللجنة بتسلم بالغات األفراد (مادة ‪.)1()22‬‬

‫وال شك أن هذه االتفاقية تعتبر من أهم المواثيق الدولية العالمية في حماية حق اإلنسان‬
‫في الس ددالمة الجس دددية ‪ ..‬ألن كل ألوان المس دداس بالس ددالمة الجس دددية لإلنس ددان – سد دواء‬
‫كداندت مداديدة أو معنويدة – تتدأتي في أغلدب األحيدان من جراء ارتكداب أفعدال التعدذيدب أو‬
‫المعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة اإلنسانية‪.‬‬
‫(و) ضــمانات الحق في الســالمة الجســدية والثابتة في المواثيق‬
‫الدولية اإلقليمية‬
‫ذهبدت االتفداقيدات الدوليدة اإلقليميدة إلي مدي أبعدد من المواثيق العدالميدة في خصد د د د د د ددوص‬
‫حماية الحق في السالمة الجسدية خاصة وحماية حقوق اإلنسان بصفة عامة‪.‬‬
‫السد د د د دديما من حيث نطاق الحماية ‪ ،‬ومن حيث قوة اإللزام ‪ ،‬ومن حيث الخطاب ‪ ،‬ومن‬
‫حيث اعتبار الفرد ممثالً بشخصه ولشخصه أمام هذه الهيئات (‪.)2‬‬
‫وسوف نعرض ألهم االتفاقيات الدولية اإلقليمية في مجال حقوق اإلنسان والتي‬
‫من أبرز أهدافها ‪ :‬حماية حق اإلنسدان في سدالمته الجسددية ‪ ..‬وذلك علي النحو اآلتي‬
‫‪-:‬‬
‫• الفرع األول ‪ -:‬االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان سنة ‪.1950‬‬
‫• الفرع الثاني ‪ -:‬االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان سنة ‪.1969‬‬
‫• الفرع الثالث ‪ -:‬الميثاق األفريقي لحماية حقوق اإلنسان ‪.1981‬‬
‫• الفرع الرابع ‪ -:‬مشروع الميثاق العربي لحقوق اإلنسان ‪.1982‬‬

‫وسوف نتعرض في المبحث التالي للجانب التطبيقي متناولين أسلوب عمل لجنة مناهضة التعذيب من خالل تقاريرها حتي‬ ‫(‪)1‬‬

‫سنة ‪.1996‬‬
‫انظر د‪ .‬عزت البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل التنظيم الدولي اإلقليمي" المرجع السابق ص ‪ 5‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪55‬‬
‫الفرع األول‬
‫حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية‬
‫في ظل االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‬

‫اهتمت الدول األوروبية بتعزيز وحماية حقوق اإلنسد د د د د ددان ‪ ..‬ولم يكن هذا مع بداية إبرام‬
‫االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسد د د ددان في ‪ 1950/11/4‬بل أنه سد د د ددابق علي هذا التاريخ‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد ص د د دددق علي هذه االتفاقية كل دول مجلس أوروبا ‪ ..‬ودخلت حيز النفاذ‬ ‫بكثير‬
‫في ‪ 1953/9/3‬وأضد دديف لها ثمانية برتوكوالت أضد ددافت لإلنسد ددان حقوقاً جديدة وأكدت‬
‫ما هو ثابت له من حق(‪.)2‬‬
‫وقد ورد النص في االتفاقية أو في بروتوكوالتها علي حماية الحق في السدالمة الجسددية‬
‫في العدديدد من النصد د د د د د ددوص ‪ ..‬منهدا المدادة (‪ )3‬من االتفداقيدة التي نص د د د د د د ددت علي منع‬
‫التعددذيددب والعقوبددات أو المعدداملددة غير الالإنس د د د د د د ددانيددة أو المهينددة او الحدداطددة بددالك ارمددة ‪،‬‬
‫ونص د د د د د د ددت المدادة (‪ )4‬علي تجريم الرق والعمدل اإلجبداري وتدأكدد النص علي الحق في‬
‫األمن والحرية ‪ ،‬ونصد د د د ددت المادة (‪ )6‬علي الحق في المحاكمة العادلة ونصد د د د ددت المادة‬
‫(‪ )7‬علي المشد ددروعية كمبدأ أسد دداسد ددي ونصد ددت المادة (‪ )8‬علي الحقوق المتعلقة بالحياة‬
‫الخاص ددة والم ارس ددالت ‪ ...‬وس ددوف نتعرض من خالل أجهزة االتفاقية لض ددمان الحق في‬
‫السالمة الجسدية وأثر هذه االتفاقية في القوانين الداخلية‪.‬‬

‫للمزيد من التفصيل في هذا الصدد انظر د‪ .‬عبد الزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان " المرجع السابق ‪ ،‬د‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫عزت البرعي المرجع السابق ص ‪ 59‬وما بعدها ‪ .‬وقد وضح االهتمام االوروبي بحقوق اإلنسان من قبل ابرام االتفاقية‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان بعديد من السنين وذلك منذ بداية هذا القرن ‪ ..‬ومن األمثلة علي ذلك ‪ :‬ما حدث سنة ‪ 1909‬في‬
‫خصوص حماية الحق في السالمة الجسدية عندما وجه سفراء الدول األوروبية مذكرة احتجاج إلي سلطان مراكش بسبب‬
‫الحكم الذي أصدر السلطان ضد ابن همارا وأتباعه وهو قطع المعصم األيمن والقدم األيسر لكل المتمردين‪ .‬انظر أستاذنا‬
‫الدكتور عبد المعز نجم "مفوم التدخل اإلنساني" دار النهضة العربية – المرجع السابق ص ‪.40‬‬
‫انظر نص االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان "موسوعة حقوق اإلنسان" – المرجع السابق ص ‪ 52‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪56‬‬
‫أ‪ -‬النصوووا التي أوتووحر دور أجهالت االتفاقية األوروبية في حماية حق‬
‫اإلنسان في السالمة الجسدية ‪-:‬‬
‫نصت المادة (‪ )19‬من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان علي إنشاء اللجنة األوروبية‬
‫لحقوق اإلنس د ددان‪ .‬والمحكمة األوروبية لحقوق اإلنس د ددان ‪ ،‬كما نص د ددت المادة (‪ )34‬علي‬
‫وقددد أعطددت هددذه األجهزة الرقددابيددة االتفدداقيددة صد د د د د د دفددة الحيويددة‬ ‫(‪)1‬‬
‫إنش د د د د د د دداء لجنددة الوزراء‬
‫حيث يسددتطيع أي فرد بصددفته هذه أن يلجأ إلي اللجنة األوروبية بظالمته ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫والفاعلية‬
‫ولها حق القبول أو الرفض‪ .‬ويتم تشد د د ددكيل هذه اللجنة من عدد من األعضد د د دداء يسد د د دداوي‬
‫الدول األعضداء بحث ال ترشدح أية دولة سدوي مرشدح واحد فقط‪ .‬وبعد اختياره ‪ ،‬فهو ال‬
‫يمثل دولته وهو مسد د ددتقل عنها وتشد د ددكل اللجنة لمدة سد د ددت سد د ددنوات وتصد د دددر ق ارراتها في‬
‫خصوص حقوق اإلنسان(‪.)3‬‬
‫أما بخصد ددوص المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسد ددان – فقد نظمتها المواد من (‪)56:38‬‬
‫من االتفاقية بحث أن كل دولة عضددو ترشددح فرداً واحداً بصددفات خاصددة ودقيقة ‪ ،‬وهي‬
‫– علي كس اللجنة – ال يلجأ إليها الفرد مباشرة‪.‬‬
‫والمحكمة ص د د د دداحبة الس د د د ددلطة القض د د د ددائية الكاملة إذ أنها طورت كثي اًر من المبادن التي‬
‫حكمها‪ .‬ومن أهمها مسألة لجوء األفراد إليها بشكاويهم ضد الدول‪.‬‬
‫هذا وتصد د د د د دددر المحكمة حكمها فيما يعرض عليها من نزاعات ‪ ،‬ويكون حكمها في هذا‬
‫الشأن نهائياً غير قابل للطعن فيه ‪ ،‬كما أن لها رأياً استشارياً‪.‬‬
‫أما لجنة الوزراء – فهي الجهاز الثالث من أجهزة االتفاقية‪ .‬وقد حددت اختص د دداص د دداتها‬
‫المادتان (‪ )54 ، 48‬من االتفاقية ‪ ..‬حيث لها الفصد د د د د د ددل في النزاع إذا لم يعرض علي‬

‫انظر في ذلك بالتفصيل د‪ .‬عزت البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل التنظيم الدولي اإلقليمي" – المرجع السابق من ص‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ ، 404 : 59‬انظر د‪ .‬عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحماية حقوق اإلنسان" القرارات األساسية والقواعد المكملة لها‬
‫طبقاً للمبادئ العامة للقانون الدولي – القاهرة – دار النهضة الربية سنة ‪.1966‬‬
‫وسوف نقف علي الناحية العملية من حيث التطبيق الفعلي في المبحث التالي‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان" الهيئة المصرية االمة للكتاب ط سنة ‪.1991‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪57‬‬
‫المحكمة خالل ثالثة أش د ددهر من تاريخ رفع اللجنة األوروبية – لحقوق اإلنس د ددان تقريرها‬
‫إلي لجنة الوزراء حيث يجب علي األخيرة الفص د د د ددل فيه بأغلبية ثلثي األعض د د د دداء ‪ .‬هذا‬
‫باإلضدافة إلي سدلطة لجنة الوزراء في مراقبة تنفيذ أحكام المحكمة لدي الدول األطراف‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫في النزاع أو الهيئات أو األفراد‬
‫وبعد التعريح بهذه األجهزة فإنه يمكن القول في خصدوص ضدمانات الحق في السدالمة‬
‫الجسد د دددية من خالل هذه األجهزة أن المحكمة قد أرسد د ددت مبدأ هاماً وهو أن االتفاقية ال‬
‫تتضد د د ددمن حقوقاً نظرية فقط بل تهدف إلي ضد د د ددمان حقوق عملية وفاعلية‪ .‬وانطالقاً من‬
‫نص المدادة (‪ )22‬من االتفداقيدة من عددم جواز أن يكون المسد د د د د د ددجونون محالً للتجدارب‬
‫الطبية أو العلمية والتي يمكن أن تلحق بهم ض د د ددرر من الناحية الجس د د دددية أو األخالقية‬
‫والنص علي عدددالددة المحدداكمددة ‪ ..‬فقددد أص د د د د د د دددرت المحكمددة حكمهددا في ‪1985/2/12‬‬
‫كم ددا أن تق ددارير اللجن ددة األوروبي ددة لحقوق‬ ‫(‪)2‬‬
‫وأك دددت في ه ددذا الحكم علي ه ددذه المب ددادن‬
‫اإلنس ددان قد أكدت علي احترام هذا الحق باإلض ددافة إلي إقرار الحق في الدفاع ‪ ،‬وتهيئة‬
‫المحدامي المنداس د د د د د د ددب والكفء للددفداع الجددي عن المتهم وإقرار حق المتهم في اختيدار‬
‫(‪)3‬‬
‫محاميه واالتصد ددال به ‪ ،‬ومن هذه التقارير ‪ ..‬تقرير اللجنة الصد ددادر في ‪1979/6/1‬‬
‫‪.‬‬
‫هذا باإلضد د ددافة إلي إقرار عدم التدخل في أس د د درار اإلنسد د ددان أو خصد د ددوصد د دديته أو حياته‬
‫الخاصددة إال إذا كان هذا اإلجراء ضددرورياً في مجتمع ديمقراطي لضددمان األمن الوطني‬
‫أو األمن العام أو الرفاية االقتصد د ددادية أو لحماية النظام العام أو لمنع الجرائم أو حماية‬
‫الصحة العامة أو اآلداب أو لحماية حقوق وحريات الغير(‪.)4‬‬

‫انظر د‪ .‬زت البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل التنظيم الدولي اإلقليمي" المرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عادل عبد العزيز حمزة "الطبيعة القانونية لحقوق اإلنسان في القانون الدولي العام" المرجع السابق ص ‪ 256‬وما‬ ‫(‪)2‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان" المرجع السابق من ص ‪.391 : 370‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر ما سبق من هذه الرسالة ص ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪58‬‬
‫وكدذلدك تقرير اللجندة األوروبيدة لحقوق اإلنسد د د د د د ددان في ‪ 1986/10/16‬والدذي أكددت فيه‬
‫علي نص المادة ‪ 6‬فقرة ‪ 2‬من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنس د د ددان وهو افتراض البراءة‬
‫ويجب أن يظل كذلك حتي تثبت إدانته طبقاً للقانون ‪ ..‬وأن الشدك يفسدر‬ ‫(‪)1‬‬
‫في اإلنسدان‬
‫لمصدلحته دائماً ‪ ،‬كما أوردت اللجنة تقريرها في الطعن المقدم في ‪ 1981/3/18‬والذي‬
‫أقرت فيه حق المس د ددجون في االتص د ددال بزوجته‪ .‬وفي إقرار عدم قانونية تقييد الحق في‬
‫‪ ..‬هذا باإلضافة إلي أن للجنة اختصاصات أخري في ضمان حقوق اإلنسان‬ ‫(‪)2‬‬
‫الزواج‬
‫باإلض د ددافة إلي تلقي الطعون الفردية مثل حق اللجنة في اتخاذ تدابير مؤقتة إلي أن يتم‬
‫الفصد د ددل في الموضد د ددوع محل الطعون من المحكمة كما أن للجنة دور حيوي في مراقبة‬
‫سد ددلوك الحكومات لعدم حدوث مسد دداس بالحقوق والحريات المضد ددمونة كما أنها لها دور‬
‫بارز في تقييدها معني الضدرورة التي تجيز اتخاذ الوسدائل االسدتثنائية‪ .‬ووضدح ذلك في‬
‫حكمها الصددادر في ‪ 1988/3/24‬حتي ال تتوسددع الدول في اسددتخدام هذه الرخصددة أو‬
‫في تفسير هذا النص‪.‬‬
‫(ب) أثر االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان في القوانين الداخلية ‪-:‬‬
‫رغم أن االتفدداقيددة لم توضد د د د د د ددع لتحددل محددل القوانين الوطنيددة األوروبيددة بددل كددانددت مجرد‬
‫ضدمان دولي عند تقاعس الدول عن حماية حقوق اإلنسدان أو حرياته في حدود قوانينها‬
‫الداخلية من خالل تظلمات الدول واألفراد عند انتهاك حق من حقوق اإلنسد د د د د ددان إال أن‬
‫أهم آثار االتفاقية علي الدول األض د د د د دداء أن كثي اًر من هذه الدول قد عدل قوانينه لتواكب‬
‫نصد د ددوص االتفاقية ومن األمثلة علي ذلك تعديل النمسد د ددا لقانونها الداخلي ووض الئحة‬
‫تتضمن إقرار حق حق المحبوس احتياطياً في االتصال بمحاميه وذلك علي أثر الطعن‬
‫الذي قدمه س ددجين تركي الجنس ددية ض ددد النمس ددا لعدم تمكينها إياه من االتص ددال بمحاميه‬

‫وقد قدم هذا الطعن ضد أسبانيا بصدد االخالل بقرينة البراءة ‪ ،‬والمحاكمة العادلة ‪ ،‬انظر المرجع السابق د‪ .‬خير الدين عبد‬ ‫(‪)1‬‬

‫اللطيف ص ‪ 375‬وما بعدها‪.‬‬


‫وقد ورد هذا التقرير بصدد الطعن المقدم ضد سويسرا والذي يتعلق بالحظر المؤقت للزواج‪ .‬انظر عرض التقرير د‪ .‬عادل‬ ‫(‪)2‬‬

‫حمزة المرجع السابق ص ‪.376 ، 375‬‬


‫‪59‬‬
‫وهو محبوس احتيداطيداً وهنداك العدديدد من األمثلدة الددالدة لي تسد د د د د د ددابق الددول الوروبيدة في‬
‫‪ ..‬ومنها الطعن المقدم‬ ‫(‪)1‬‬
‫جعل تشد د دريعاتها مس د ددايرة لإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنس د ددان‬
‫ض ددد إنجلت ار بخص ددوص رفض وزير الداخلية البريطاني الس ددماو لمس ددجون بالزواج أثناء‬
‫تنفيذ العقوبة إذ احتج السد د د د ددجين بأن هذا الحظر يخالف نص المادة (‪ )12‬من االتفاقية‬
‫الوروبية وقبلت إنجلت ار الطعن وكذلك لجنة الوزراء وكان التقريران المقدمان منهما س د ددبباً‬
‫في تغيير إنجلت ار ما جري عليه العمل من حظر الزواج أثناء قض د دداء عقوبة الس د ددجن ‪..‬‬
‫وقد تعدل قانون الزواج بناءاً علي هذين التقريرين(‪.)2‬‬

‫انظر في عرض هذه األمثلة د‪ .‬عادل عبد العزيز حمظة "الطبيعة القانونية لحقوق اإلنسان في القانون الدولي العام –‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ 354‬وما بعدها‪.‬‬


‫المرجع السابق ص ‪ 355‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪60‬‬
‫الفرع الثاني‬
‫حماية الحق في السالمة الجسدية‬
‫في ظل االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‬
‫أبرمت هذه االتفاقية في سد ددنة ‪ 1969‬ودخلت حيز النفاذ في سد ددنة ‪ 1978‬وقد صد دددقت‬
‫وقد وردت موادها في اثنين‬ ‫(‪)1‬‬
‫عليها غالبية الدول األعضداء في منظمة الدول األمريكية‬
‫وثمانين مادة وجاءت متأثرة بما سد د د د ددبقها من مواثيق في مجال حقوق اإلنسد د د د ددان ‪ ..‬مثل‬
‫العهد الدولي لحقوق وواجبات اإلنسدان سدنة ‪ 1948‬وميثاق بوجوتا سدنة ‪ 1951‬واللجنة‬
‫الدولية األمريكية لحقوق اإلنسان سنة ‪ 1959‬باإلضافة إلي المواثيق العالمية واإلقليمية‬
‫في هذ المجال‪.‬‬

‫وسد د ددوف نعرض ألهم النصد د ددوص التي أوردتها في خصد د ددوص حماية حق اإلنسد د ددان في‬
‫السد د د ددالمة الجسد د د دددية ثم ضد د د ددمانات هذا الحق من خالل أجهزة هذه االتفاقية وذلك علي‬
‫النحو التالي ‪-:‬‬
‫(أ) الحق في السالمة الجسدية والحقوق المرتبطة به في ظل االتفاقية األمريكية‬
‫لحقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫تضدمنت ديباجة االتفاقية الفلسدفة واألسداس األيدولوجي الذي تقوم عليه ‪ ..‬حيث أوردت‬
‫أن األنظمة الس د ددياس د ددية الديمقراطية هي الش د ددرط األس د دداس د ددي لض د ددمان الحقوق والحريات‬
‫األسدداسددية لإلنسددان والثابتة في االتفاقية وغيرها ‪ ..‬كما نصددت علي أن هذ الحقوق التي‬
‫وردت باالتفاقية ليست ناجمة ع ن انتماء اإلنسان لدولة معينة بذاتها ‪ ..‬ولكنا تستند إلي‬

‫انظر نص االتفاقية "حقوق اإلنسان" المجلد األول ‪ .‬الولائق العالمية والقليمية – المرجع السابق ص ‪ 343‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وفي الوقت الحالي فإن أعضاء المنظمة األمريكية يشملون كل الدول في األمريكيتين فيما عدا كندا وجبانا ‪ ،‬انظر د‪ .‬عزت‬
‫البرعي "حماية حقوق اإلنسان في التنظيم الدولي اإلقليمي" المرجع السابق ص ‪ 510‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫عناصدر ثابتة ووثيقة الصدلة بالشدخص اإلنسداني ‪ ..‬وهذا هو مبرر الحماية الدولية لتلك‬
‫الحقوق تكملة للحماية التي يكفلها القانون الداخلي لدول أمريكا‪.‬‬
‫ومن أهم الحقوق التي تضد د د د د د ددمنته ددا االتف دداقي ددة ‪ :‬الحق في الحي دداة والحق في االعتراف‬
‫بالش د د د ددخص د د د ددية القانونية والحق في الس د د د ددالمة الجس د د د دددية ومنع الرق العبودية والحق في‬
‫الض د د د د د ددمانات القض د د د د د ددائية كمبدأ المش د د د د د ددروعية ‪ ،‬وقاعدة عدم رجعية القوانين والحق في‬
‫التعويض عن آثدار حكم قضد د د د د د ددائي صد د د د د د دددر بنداءاً علي خطدأ قدانوني والحق في حمداية‬
‫الشرف والكرامة وحرية االعتقاد والديانة والفكر والتعبير (المادة من ‪ )13 : 1‬وحق الرد‬
‫وحق االجتماع بحرية (مادة ‪ ، )15‬والحق في تكوين جماعات والحق في تكوين أسد د د درة‬
‫والحق في االسد د د د د د ددم وحقوق الطفولدة واألمومدة (المواد من ‪ )20 : 17‬والحق في التنمية‬
‫الممض ددطردة باإلض ددافة إلي النص علي الحقوق الس ددياس ددية (مادة ‪ .)23‬ومن أهم المواد‬
‫حماية سالمة الجسد هي المادة (‪ )5‬في منع التعذيب‪.‬‬

‫ولعدل النظر إلي االتفداقيدة األمريكيدة لحقوق اإلنسد د د د د د ددان يددرك أن المحتوي الموضد د د د د د ددوي‬
‫لإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسدان جاء أكثر اتسداعاً عنه في االتفاقية األوروبية لحقوق‬
‫كما نص د د د ددت المادة (‪ )31‬من االتفاقية األمريكية علي أن يمكن إض د د د ددافة‬ ‫(‪)1‬‬
‫اإلنس د د د ددان‬
‫حقوق جديدة في نظام الحماية بمقتضي االتفاقية من خالل إحدي وسيلتين ‪ :‬إما تعديل‬
‫االتفاقية واما إص دددار بروتوكالت إض ددافية لالتفاقية ‪ ..‬مما يعني إمكانية إض ددافة حقوق‬
‫جديدة لسد أي ثغرات تستجد في النظام األمريكي لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ومن أم النصوص في سياق ضمانات حماية السالمة الجسدية لإلنسان هو نص المادة‬
‫(‪ ) 8‬من االتفاقية ‪ ..‬حيث نصت علي أنه ال يجوز عقاب أي إنسان إال بحق إذ نصت‬
‫علي اآلتي ‪-:‬‬

‫انظر د‪ .‬عزت البري – المرجع السابق ص ‪ 523‬وما بعدها وكذلك د‪ .‬عبد الواحد الفار (قانون حقوق اإلنسان) المرجع‬ ‫(‪)1‬‬

‫السابق ص ‪ ، 81‬هامش ص ‪.82‬‬


‫‪62‬‬
‫‪ -1‬لكل إنسان الحق في محاكمة تتوفر فيها الضمانات الكافية‪.‬‬
‫‪ -2‬لكل متهم بجريمة الحق في أن يتبر بريئاً حتي تثبت إدانته‪.‬‬
‫ولكل شخص الحق في الحصول علي الضمانات اآلتية ‪-:‬‬
‫الحق في االستعانة بمحام‪.‬‬ ‫(أ)‬
‫الحق في اإلخطار بما وجه إليه من تهم بالتفصيل‪.‬‬ ‫(ب)‬
‫الحق في الوقت والوسيلة الكافيين للدفاع عن نفسه‪.‬‬ ‫(ج)‬
‫الحق في الدفاع‪.‬‬ ‫(د)‬
‫الحق في اإلتصال بمحاميه س اًر وبحرية‪.‬‬ ‫(ه)‬
‫الحق في أن توفر له الدولة المحامي المناسب‪.‬‬ ‫(و)‬
‫حق الدفاع في استجواب الشهود‪.‬‬ ‫(ز)‬
‫حق الدفاع في استحضار خبراء ومن في مثلهم‪.‬‬ ‫(و)‬
‫حق المتهم في أال يجبر علي الشهادة ضد نفسه‪.‬‬ ‫(ط)‬
‫حق المتهم في استئناف الحكم أمام محكمة أعلي درجة‪.‬‬ ‫(ي)‬
‫حق المتهم في أال يكره علي االعتراف‪.‬‬ ‫(ك)‬
‫حق المتهم في أال يعداقدب عن جريمدة واحددة مرتين أو أن يحداكم عن واقعدة‬ ‫(ل)‬
‫واحدة أكثر من مرة‪.‬‬
‫حق المتهم في علنية المحاكمة – كقاعدة عامة – إال في حاالت اسد ددتثنائية‬ ‫(م)‬
‫تقتضيها مصلحة العدالة(‪.)1‬‬

‫كما نص د د ددت المادة (‪ )9‬علي عدم رجعية القوانين ونص د د ددت المادة (‪ )10‬علي الحق في‬
‫تعويض من آس د ددي تطبيق العدالة في حقه كما نص د ددت المادة (‪ )25‬علي مبدأ هام وهو‬
‫حق اإلنسان في أن يتضرر من أي انتهاك لحقوقه األساسية حتي ولو كانت منصوصاً‬

‫انظر نص االتفاقية سالفة الذكر المرجع السابق ص ‪.347 ، 346‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪63‬‬
‫عليهددا في دسد د د د د د ددتور الدددولددة المشد د د د د د ددكو فيهددا مددا دامددت تخددالف مددا جدداء ببنود االتفدداقيددة‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن األمثلدة علي ذلدك مدا أعلنتده المحكمدة العليدا في كوسد د د د د د دتداريكدا من أن‬ ‫األمريكيدة‬
‫مبادن القانون الدولي المقبولة عالمياً والواردة في معاهدات نافذة تس د د د د د ددمو علي القوانين‬
‫الدسدتورية ‪ ،‬ووفقاً لدسدتور بيرو يمكن لنص في المعاهدة أن يعدل نصداً دسدتورياً ما دام‬
‫خالفه ‪ ،‬وفي كولومبيا تعتبر نص د د ددوص المعاهدات أس د د ددمي من أي قوانين اخري داخلية‬
‫متي تحولت إلي قانون داخلي بمقتضي عمل تشريعي خاص‪.‬‬

‫ب – توومانار الحق في السووالمة الجسوودية من خالل أجهالت االتفاقية األمريكية‬


‫لحقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫فيما عدا لجنة الوزراء – تتماثل األجزة الرقابية في االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنس د د د ددان‬
‫وإن كان وضد ددع اللجنة‬ ‫(‪)2‬‬
‫مع االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسد ددان وهما اللجنة والمحكمة‬
‫والمحكمدة في االتفداقيدة األمريكيدة أكثر إيجدابيدة – ذلدك أن للجندة في االتفداقيدة األمريكيدة‬
‫سد ددلطة اتخاذ القرار فيما يتعلق بالفصد ددل في القضد ددايا المنظورة أمامها ويكون قرارها هنا‬
‫نهددائيداً ‪ ،‬كمددا أنهددا لهددا سد د د د د د ددلطددة اإلحددالددة إلي المحكمددة‪ .‬وللمحكمددة كددذلددك في االتفدداقيدة‬
‫األمريكيدة دور أكثر فداليدة ‪ ..‬إذ أنهدا مسد د د د د د ددئولدة عن تنفيدذ أحكدامهدا في مواجهدة الددول‬
‫المدعي عليها مباشد د د د درة ودون وس د د د دداطة هيئة أخري كما هو الحال في لجنة الوزراء في‬
‫أمدا من نداحيدة تشد د د د د د ددكيدل اللجندة والمحكمدة في االتفداقيتين األوربية‬ ‫(‪)3‬‬
‫االتفداقيدة األوروبيدة‪.‬‬
‫واألمريكية فهو واحد ‪ ..‬وقد نصددت المادة (‪ )41‬من االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسددان‬
‫علي أن الوهيفة األس د د د د دداس د د د د ددية للجنة هي تعزيز احترام وحماية حقوق اإلنس د د د د ددان‪ .‬وفي‬
‫ممارسة هذه الوهيفة – فإنها تختص باآلتي ‪-:‬‬

‫انظر د‪ .‬عزت البرعي – المرجع السابق ص ‪ 583‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫حيث نصت المادة (‪ ) 23‬من االتفاقية علي إنشاء جهازين فقط هما اللجنة والمحكمة ‪ ،‬انظر في تفصيل ذلك د‪ .‬عادل عبد‬ ‫(‪)2‬‬

‫العزيز حمزة المرجع السابق ص ‪ 358‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر في هذه المقارنة د‪ .‬عزت البرعي – المرجع السابق ص ‪ 604‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪64‬‬
‫تنمية الوعي بحقوق اإلنسان لدي شعوب أمريكا‪.‬‬ ‫(أ)‬
‫إص دددار توص دديات لحكومات الدول األعض دداء متي كان ذلك مناسددباً‬ ‫(ب)‬
‫بغية اتخاذ إجراءات تدريجية لص د د د د د ددالح حقوق اإلنس د د د د د ددان في نطاق‬
‫تش دريعاتها الداخلية وفي نطاق نص ددوص ددها الدس ددتورية باإلض ددافة إلي‬
‫غيرهددا من اإلجراءات المالئمددة لمزيددد من الرقددابددة علي احترام هددذه‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫إعداد الدراسات والتقارير التي تراها مفيدة لمباشرة وهائفها‪.‬‬ ‫(ج)‬
‫دعوة حكومدات الددول األعض د د د د د د دداء في المنظمدة األمريكيدة لتزويددهدا‬ ‫(د)‬
‫بمعلومات حول االجراءات التي اتخذتها في مسائل حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫تلبية طلبات أي دولة عضد د د د د ددو في المنظمة األمريكية في مسد د د د د ددائل‬ ‫(ه)‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫اتخاذ االجراءات بش د د د د د ددأن الطعون والش د د د د د ددكاوي المقدمة لها في هل‬ ‫(و)‬
‫س د د د د ددلطاتها المنص د د د د ددوص عليها في المواد من (‪ )44‬إلي (‪ )51‬من‬
‫االتفاقية‪.‬‬
‫رفع تقرير سنوي للجمعية االمة لمنظمة الدول األمريكية‪.‬‬ ‫(ز)‬

‫هذا باإلض ددافة إلي اختص دداص اللجنة بنظر طعون األفراد والدول في خص ددوص انتهاك‬
‫حقوق اإلنسان مادة (‪.)1( )45 ، 44‬‬
‫هدذا وينتهي نظر النزاع أمدام اللجندة األمريكيدة لحقوق اإلنسد د د د د د ددان إمدا بدالتسد د د د د د ددويدة الوديدة‬
‫للخالف أو بإصد دددار قرار باألغلبية المطلقة يتضد ددمن توصد دديات بشد ددأن اإلجراءات التي‬

‫انظر نص االتفاقية في المرجع السابق ‪ ،‬ذات الموضع ‪ ،‬د‪ .‬عزت البرعي – المرجع السابق ص ‪ ، 610‬ص ‪ ، 611‬د‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سعيد خليل فهيم "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف االستثنائية – المرجع السابق ص ‪ 191‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫يتعين علي الددول اتخداذهدا ‪ ..‬ومن هندا تفوق اللجندة األمريكيدة علي نظيرتهدا األوروبيدة‬
‫من حيث سلطة اتخاذ القرار‪.‬‬
‫أما المحكمة – فهي الجهاز الثاني واألخير والتي تتولي – باإلض د ددافة إلي الفص د ددل فيما‬
‫يعرض عليها من نزاعات – تفسد د د ددير وتطبيق االتفاقية ‪ ،‬ومن ناحية اللجوء إليها – فهو‬
‫ذات نهج المحكمة األوروبية حيث أنه قاصر علي الدول دون األفراد‪.‬‬
‫وينتهي نظر الدعوي أمام المحكمة ‪ :‬إما بوقف سد د ددير اإلجراءات وشد د ددطب الدعوي عند‬
‫الت ارضدي أو إعادة األمور إلي نصدابها الصدحيح ‪ ..‬وإما الحكم بتعويض عادل للمضدار‬
‫من جراء انتهاك أحكام االتفاقية(‪.)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عزت البرعي – المرجع السابق ص ‪ . 627‬وسوف نوضح هذا النشاط تطبيقاً وعمالً في خصوص حماية حقوق‬ ‫(‪)1‬‬

‫اإلنسان‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫الفرع الثالث‬
‫حماية الحق في السالمة الجسدية‬
‫في ظل الميثاق األفريقي لحقوق االنسان والشعوب‪.‬‬
‫بعد أن حررت دول افريقيا نفس د د ددها من براثن االس د د ددتعمار الس د د ددياس د د ددي ههرت دس د د دداتيرها‬
‫والوليدة والتي امتألت بالعديد من النص ددوص التي تؤكد علي حقوق اإلنس ددان والمس ددتمدة‬
‫في معظمهدا من اعالندات الحقوق والمواثيق الددوليدة العدالميدة واإلقليميدة في مجدال حقوق‬
‫اإلنس د د ددان ‪ ،‬وأخذت هذه الدول ترس د د ددخ قاعدة حقوق اإلنس د د ددان ‪ ،‬وان التخلف في ذاته ال‬
‫يصددلح سددبباً ومبر اًر النتهاك حقوق اإلنسددان وإن كان بال شددك عقبة في سددبيل تمتع هذا‬
‫اإلنس د ددان بكامل حقوقه ‪ ،‬وقد عقدت عدة مؤتمرات أفريقية سد د دواء من الحكومات أو عن‬
‫طريق القددانونيين األفددارقددة تحددت رعددايددة األمم المتحدددة وذلددك خالل فترة مددا قبددل ميالد‬
‫الميثاق األفريقي‪ .‬وقد تمخضد د د د ددت هذه الجهود عن ميالد قرار مؤتمر الدول والحكومات‬
‫رقم ‪ 16/115‬في سد ددنة ‪ 1979‬والذي تضد ددمن الدعوي من األمين العام لمنظمة الوحدة‬
‫األفريقية لعقد اجتماع محدود لخبراء مس د ددتقلين يتولون إعداد مش د ددوع اولي لميثاق أفريقي‬
‫لحقوق اإلنسان والشعوب علي أن يتضمن إنشاء جهاز لحماية وتعزيز هذه الحقوق‪.‬‬
‫وقد تم طرو مش د د د د ددروع الميثاق للتوقيع عليه خالل قمة نيروبي في يونيه س د د د د ددنة ‪1981‬‬
‫ودخل الميثاق مرحلة النفاذ في أكتوبر عام ‪ 1986‬وقد تم تقس د د د دديمه إلي ثالثة أجزاء ‪..‬‬
‫لكن اتساع المحتوي الموضوعي له جعله أقرب إلي إعالنات الحقوق‪.‬‬
‫كما أن لم يركز علي وسائل الحماية والتعزيز ‪ ..‬مما أضعف قوته إلي حد كبير(‪.)1‬‬

‫انظر نص الميثاق "حقوق اإلنسان" المجلد األول – الولائق العالمية واإلقليمية إعداد د‪ .‬محمود شريف بسيوني وآخرين –‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ 366‬وما بعدها‪ .‬وأنظر في تفصيل الجهود التي بذلت قبل ميالد الميثاق د‪ .‬علي سليمان فضل هللا‬
‫"اماهية الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب" – بحث منشور بالمرجع السابق – المجلد الثالث ص ‪ 382‬وما بعدها ‪،‬‬
‫د‪ .‬رافع بن عاشور "الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب" – المرجع السابق ص ‪ 395‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫أ‪ -‬الحق في السوووووالموة الجسوووووديوة والحقوق المتعلقوة بوه في الميثواق األفريقي‬
‫لحقوق اإلنسان والشعوب ‪-:‬‬
‫إن التعداد الحصدري للحقوق يختلف تماماً عن وضدع هذه الحقوق موضدع التنفيذ‪ .‬وفيما‬
‫يتعلق بالحق في السددالمة الجسدددية فقد تضددمن الميثاق الحق في االعتراف بالشددخصددية‬
‫القانونية وحظر االسد د ددتغالل أو االمتهان أو االسد د ددترقاق أو التعذيب وحظر العقوبات أو‬
‫المعاملة الوحش د د ددية أو الالإنس د د ددا نية او الحاطة بالكرامة‪ .‬وقد نص الميثاق األفريقي علي‬
‫الحق في الحرية واألمان الشخصي والخصوصية والحياة الخاصة ‪ ،‬وعدم جواز القبض‬
‫التعسد ددفي ‪ ،‬والحق في التقاضد ددي العادل ‪ ،‬وقاعدة عدم الرجعية ‪ ،‬وحق اإلنسد ددان في أن‬
‫يحيا حياته بكرامة وآدمية بعيداً عن الفقر والمرض والتخلف والجهل‪.‬‬
‫إال أن هذه الفئة – وهي الحقوق االقتص ددادية – لم يكن في اإلمكان تحقيقها إال تدريجياً‬
‫حس ددب مقدرة الدول علي النمو كالحق في الص ددحة البدنية والملكية والص ددحة النفس ددية ‪..‬‬
‫وهذا ما قررته المادة (‪ )16‬من الميثاق إذ نصددت علي أن تعهد الدول األعضدداء باتخاذ‬
‫كافة التدابير الالزمة لحماية صدحة شدعوبها وضدمان حصدول هذه الشدعوب علي الرعاية‬
‫الصحية والطبية في حالة المرض ‪ ،‬والحق في التعليم‪.‬‬
‫هدذا ومن الجدديدد في الميثداق األفريقي أنده علي واجبدات تنداط بداألفراد مقدابدل مدا عليهم‬
‫من حقوق ‪ ،‬كما أنه – وعلي خالف ما سد ددبقه من مواثيق دولية – قد نص علي حقوق‬
‫جماعية ‪ ،‬ولكن أخطر ما تضددمنه الميثاق هو أنه علق كافة الحقوق المدنية والسددياسددية‬
‫علي تحقيق الحقوق االقتصد د د د د د دداديدة واالجتمداعيدة والثقدافيدة ‪ ..‬وحيدث ان العدديدد من دول‬
‫أفريقيددا إلي اآلن ال ازلددت تعدداني من الفقر والجهددل ‪ ،‬وال ازلددت دوالً متخلفددة او ندداميددة فددإن‬

‫‪68‬‬
‫الميثاق قد أعطي الحكومات حق حرمان اإلنسددان من بعض الحقوق المدنية والسددياسددية‬
‫لحين مقدرة الدولية علي كفالة الحقوق االقتصادية واإلجتماعية والثقافية(‪.)1‬‬

‫ب‪ -‬التمانار الثابتة في الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ‪-:‬‬


‫حدد الميثاق األفريقي لحقوق اإلنس د ددان والش د ددعوب الجهاز الرقابي المس د ددئول عند حدوث‬
‫أي انتهاك لحقوق اإلنس د د د ددان التي تض د د د ددمنها الميثاق ‪ ..‬سد د د ددواء فرد أو دولة أو هيئة أو‬
‫جماعة وهو اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسدان والشدعوب(‪ )2‬وقد نظمت ذلك المادة (‪)30‬‬
‫من ىالميثاق ‪ ،‬كما أس د د ددندت إلي هذه اللجنة وهائف بمقتض د د ددي المادة (‪ )45‬والمواد من‬
‫(‪ )49 – 47‬من الميثاق حيث أنيط بهذه اللجنة تلقي الشد ددكاوي من أي دولة طرف في‬
‫االتفداقيدة ولهدا – أي اللجندة – تسد د د د د د ددويدة الخالف وديداً مدا أمكن ‪ ..‬وإال فلهدا رفع تقرير‬
‫يتضد د د دد من توص د د د ددياتها إلي مؤتمر رؤس د د د دداء الدول والحكومات ‪ ،‬كما أن للجنة حق تلقي‬
‫الش ددكاوي من األفراد بمقتض ددي المادة (‪ )55‬من الميثاق وذلك بش ددروط أوض ددحتها المادة‬
‫(‪ )56‬من الميثاق‪.‬‬
‫وباإلض د د د ددافة إلي ما س د د د ددبق فإن اللجنة تختص بنظر التقارير الدورية المقدمة من الدول‬
‫األطراف بهددف احترام وكفدالدة الحقوق والحريدات المعترف بهدا في الميثداق‪ .‬ومدا دامدت‬
‫اللجنة لم يتم تشكيلها بعد ‪ ،‬ولم يتم وضع الئحتها التنفيذية الدخلية فال زالت الضمانات‬
‫حب اًر علي ورق‪.‬‬
‫والحقيقة أن ما سبق أن ذكر من ضمانات – ال يزال محض كالم نظري إلي حد كبير‪.‬‬

‫انظر المستشار د‪ .‬اسكندر غطاس " خواطر حول آفاق حقوق اإلنسان في أفريقيا" بحث مقدم إلي الندوة العلمية المنعقدة‬ ‫(‪)1‬‬

‫بالمعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية بسيراكوزا سنة ‪ ، 1990‬د‪ .‬عزتة البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل‬
‫التنظيم الدولي اإلقليمي" – المرجع السابق ص ‪ 686‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر بالتفصيل تنظيم االختصاصات واالجراءات امام هذه اللجنة ومآل الشكاوي أمامها‪ ،‬د‪ .‬عزت البرعي – المرجع السابق‬ ‫(‪)2‬‬

‫ص ‪ 817‬وما بعدها ‪ ..‬د‪ .‬اسكندر غطاس – المرجع السابق ص ‪ 12‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪69‬‬
‫فالزالت منظمة الوحدة األفريقية إلي اآلن تأتمر بأوامر رؤسد د د د د دداء الدول والحكومات ‪...‬‬
‫وتنتهي بنواهيهم ‪ ..‬وال ازلدت أمراض القدارة األفريقيدة كمدا هي مثدل الفقر والجهدل والتخلف‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫والمرض ‪ ..‬مما يقلل معني التشدق بحقوق اإلنسان في كل دول هذه القارة‬

‫ومن الجدير بالذكر أن منظمة الوحدة األفريقية قد أقرت في اجتماعها الذي تم في شنهر ديسنمبر ‪ 1997‬أقرت ميالد محكمة‬ ‫(‪)1‬‬

‫أفريقية لحقوق اإلنسنننان وال شنننك أنه تطور كبير في مجال حقوق اإلنسنننان إذا ما مراسنننت هذه المحكمة نشننناطها بالفعل علي‬
‫غرار ما جري عليه العمل منذ العديد من السننننين سنننواء في المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسنننان أو نظيرتها األمريكية في ذلك‬
‫الخصوص‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫الفرع الرابع‬
‫حماية الحق في السالمة الجسدية في إطار جامعة الدول العربية‬
‫بددالرغم من أن الجددامعددة العربيددة تعتبر من أقدددم المنظمددات اإلقليميددة إال أنهددا في مجددال‬
‫حقوق اإلنس د د د د ددان تخلفت عن غيرها من المنظمات العالمية واإلقليمية (‪ ،)1‬فعلي نطاق‬
‫النصد د د د د د ددوص الزال الميثداق العربي لحقوق اإلنسد د د د د د ددان حب اًر علي ورق وذلدك مندذ إعدداده‬
‫بواس د ددطة اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنس د ددان س د ددنة ‪ 1982‬نفاذاً لقرار الجامعة س د ددنة‬
‫‪ .. 1979‬وقد تم إقرار مشروع الميثاق العربي لحقوق اإلنسان من مجلس الجامعة سنة‬
‫‪ 1994‬وقددد تحفظددت عليدده بعض البلدددان العربيددة(‪ ، )2‬وقددد جدداء الميثدداق في ديبدداجددة‬
‫وتوزعت أحكامه علي (‪ )43‬مادة ‪ ،‬إذ نوهت الديباجة إلي مبادن الش د د دريعة اإلس د د ددالمية‬
‫والديانات السد د ددماوية األخري في إقرارها األخوة والمسد د دداواة والعدل بين جميع البشد د ددر كما‬
‫تض د ددمن القس د ددم الثاني (‪ )38‬مادة هي مجموعة الحقوق والحريات األس د دداس د ددية التي هي‬
‫م كفولة لكل إنسددان مثل الحق في في عدم التمييز ألي سددبب من األسددباب العنصدرية ‪،‬‬
‫وعدم جو از تقييد أي حق من الحقوق األس د د دداس د د ددية المقررة او القائمة في أي دولة طرف‬
‫في الميثاق اس د د د د د ددتناداً إلي عدم إقرار الميثاق لهذه الحقوق أو إقرارها بدرجة أقل ‪ ،‬وعدم‬
‫جواز فرض أية قيود علي الحقوق والحريات المكفولة بموجب الميثاق س د د د د د ددوي ما ينص‬
‫عليه القانون ويعتبر ض د د د د ددرورياً لحماية األمن واالقتص د د د د دداد الوطنيين او النظام العام أو‬
‫الصد د د د د د ددحة العامة أو األخالق أو حقوق وحريات اآلخرين‪ .‬وقد حرم الميثاق علي الدول‬
‫األطراف التحلل من أحكامه في هل أوقات الطوارن في خمس مجاالت حددت حص دد اًر‬

‫انظر د‪ .‬محمد حافظ غانم " نظرات في العالقات الدولية العربية" منشأة المعارف االسكندرية سنة ‪ 1970‬ص ‪ 3‬وما بعدها ‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬محمد طلعت الغنيمي "جامعة الدول العربية" منشأة المعارف االسكندرية ‪ ، 1974‬د‪ .‬محمد إسماعيل علي "فكرة اإلقليمية‬
‫في الجامعة العربية" المجلة المصرية للقانون الدولي المجاد ‪ 35‬سنة ‪ ، 1979‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق و د‪ .‬مصطفي سالمة‬
‫حسين "المنظمات الدولية المعاصرة" المرجع السابق ص ‪ 297‬وما بعدها ‪ ،‬أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم "التنظيم الدولي"‬
‫المرجع السابق ج‪" 2‬المنظمات اإلقليمية" – ص ‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫وهي سبعة بلدان عربية (اإلمارات – البحرين ‪ 0‬الكويت – سلطنة عمان – السعودية – السودان – اليمن)‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪71‬‬
‫وهي التعذيب واإلهانة والعودة إلي الوطن واللجوء السد د د د د ددياسد د د د د ددي والمحاكمة وعدم جواز‬
‫تكرارها عن ذات الفعل ‪ ،‬ش د د د د ددرعية الجرائم والعقوبات‪ .‬كما أقر هذا القس د د د د ددم ‪ :‬الحق في‬
‫الحياة ‪ ،‬والحق في الحرية ‪ ،‬والسدالمة الشدخصدية ‪ ،‬وحماية الدول لكل إنسدان مقيم علي‬
‫أرضد ددها من التعذيب البدني وال نفسد ددي واعتبار هذه التصد ددرفات أو المسد دداهمة فيها جريمة‬
‫يعداقدب عليهدا القدانون ووجوب معداملدة المحكوم عليهم بعقوبدة س د د د د د د ددالبدة للجريمدة معداملدة‬
‫إنسانية ‪ ،‬وتجريم المساس بحرمة الحياة الخاصة ‪..‬إلخ‪.‬‬
‫وقد تضدمن القسدم الثالث مادتين تتعلقان بتشدكيل لجنة خبراء من سدبعة أعضداء بنتخبون‬
‫من بين مرشدحين ترشدحهم الدول األطراف في الميثاق من ذدو الخبرة والكفاءة العالية ‪،‬‬
‫ويعملون بصد ددفتهم الشد ددخصد ددية ‪ ،‬وتقدم الدول تقاريرها إلي هذه اللجنة بصد ددفة دورية كل‬
‫ثالث س د د ددنوات وترفع هذه اللج نة تلك التقارير بعد د ارس د د ددتها في ص د د ددورة تقرير واحد إلي‬
‫اللجنة الدائمة لحقوق اإلنسد ددان في الجامعة العربية وما من شد ددك في أن القيمة القانونية‬
‫واألدبية لهذا الميثاق ليسد ددت علي المسد ددتوي المرغوب فيه ‪ .‬وإن كان من السد ددابق ألوانه‬
‫تقييمه ‪ ،‬حيث لم يمض علي إق ارره س د د ددوي عامان فقط ‪ ..‬لكن ما يمكن أن يقال هو أن‬
‫التدريج أفضل من الجمود والسلبية‪.‬‬
‫أمددا مددا يتعلق بددإعالن حقوق المواطن العربي والددذي وافق عليدده مجلس الجددامعددة أوائددل‬
‫عام ‪ 1977‬فقد أكدت مواده أنه منبثق من اإليمان بمبادن الش د د دريعة اإلس د د ددالمية الغراء‬
‫في تكريم هللا سد ددبحانه وتعالي لإلنسد ددان ‪ ،‬وأن حقوق هذا اإلنسد ددان في الحياة والسد ددالمة‬
‫الجسد د د د د دددية ال يمكن ألحد أن يعتدي علي أي منها ‪ ،‬وقد أكد اإلعالن علي قيمة العدل‬
‫والمسدداواة وحظر االتجار في الذات البش درية(‪ ،)1‬وأقر صدديانة الحرية الشددخصددية والحق‬
‫في س د د د د ددالمة البدن ‪ ،‬ومنع التعذيب ‪ ،‬والمعاملة القاس د د د د ددية أو الحاطة بالكرامة ‪ ،‬وتجريم‬

‫انظر في تفصيل هذا الموضوك د‪ .‬منذر الفضل "التصرف القانوني في االعضاء البشرية" الطبعة الثانية سنة ‪ 1992‬مكتبة‬ ‫(‪)1‬‬

‫دار الثقافة للطبع والنشر ‪ .‬عمان‪.‬‬


‫‪72‬‬
‫الس ددخرة ‪ ،‬وأقر كذلك الحق في الش ددخص ددية القانونية واعتبارها ص ددفة مالزمة لكل مواطن‬
‫‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫والذي يجب أن يقال بالنسد ددبة لإلعالن أنه بصد ددفته إعالن فإن القيمة ليسد ددت سد ددوي قيمة‬
‫أدبية فقط ‪ ،‬وأن حاالت انتهاك حقوق اإلنسان في الدول العربية كثيرة ومتعددة(‪.)1‬‬
‫ومن الجدير بالذكر في هذا الخصددوص أنه لم تغفل اللجنة الفنية لمجلس وزارء الصددحة‬
‫العرب مسدألة اإلتجار في اآلدميين وبيع األعضداء اآلدمية ‪ ،‬ففي اجتماعها المعقود في‬
‫تونس (كانون األول ‪ )1986‬الذي خص د ددص لموض د ددوع نقل وزراعة األعض د دداء البش د درية‬
‫لإلنسدان ‪ ..‬حيث درسدت هذه اللجنة الموضدوعات المتعلقة بهذا األمر ‪ ،‬وأعدت مشدروع‬
‫القانون العربي الموحد لعمليات زراعة األعض د د دداء البشد د د درية فجاء في المادة (‪ )7‬منه ما‬
‫يلي ‪ :‬ويحظر بيع وشدراء األعضدداء بأي وسدديلة كانت أو تقاضددي أي مقابل مادي عنها‬
‫ويحظر علي الطبيب إجراء العملية عند علمه بذلكو(‪.)2‬‬

‫انظر التقارير السنننوية للمنظمة العربية لحقوق اإلنسننان (وهي منظمة غير حكومية تأسننسننت عام ‪ 1983‬تهدف إلي الدفاك‬ ‫(‪)1‬‬

‫عن حقوق اإلنسنان)‪ .‬وانظر من االصندارات غير الدورية لهذه المنظمة "حقوق اإلنسنان في الوطن العربي" طبعة دار المسنتقبل‬
‫العربي – بيروت كانون الثاني ‪ 1993‬وهو كتال ولائقي عن حالة حقوق اإلنسان في الدول العربية‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬منذر أبو الفضل "التصرف القانوني في األعضاء البشرية" المرجع السابق ص ‪.91‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪73‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫حقوق اإلنسان في الشرائع السماوية‬

‫المعني هنا للديانات السماوية هي اليهودية والمسيحية واإلسالمية‪ .‬فقد اعتمدت الديانة‬
‫اليهودية علي التوراة التي أنزلت ألواحها إلي سيدنا موسي عليه السالم والتي تناولت‬
‫آيات القرآن الكريم وصورت العديد من مشاهد هذه الرسالة ورسولها منذ ما قبل ميالده‪.‬‬
‫وعبر ما القاه في حياته من مصاعب ممن حوله هذا فضالً عن أن العديد من األحكام‬
‫كانت مقررة قبل اإلسالم في اليهودية وأقرها اإلسالم ومن ذلك علي سبيل المثال قوله‬
‫تعالي (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين واألنف باألنف واألذن باألذن‬
‫والسن بالسن والجروو قصاص) وهي آية القصاص في النفس وما دونها والمراد بكلمة‬
‫(عليهم) في اآلية السابقة هم بنو إسرائيل الذين خوطبوا بالتوراة وأن عيب علي التوراة‬
‫من وجهة نظر البعض أن األحبار قد أضافوا إليها عند جمع األسفار وتم التداول تحت‬
‫مسمي التلمود والذي صار اليوم كما كبي اًر من المجلدات بلغ مثالً ما كتب منه باللغة‬
‫ولقد حوي كثي اًر من اإلضافات التي تتنافي مع جوهر‬ ‫(‪)1‬‬
‫اإلنجليزية ستة وثالثين مجلداً‬
‫الديانة السماوية في المساواة واإلخاء في اإلنسانية والتواضع والخير حيث فيه مناداة‬
‫باحتقار باقي الشعوب واعتبار اليهود هم شعب هللا المختار وصفوة الناس ونخبتهم‪.‬‬
‫أما المسيحية فعلي عكس ما سبق كان قوامها التسامح والزهد والخلو بالنفس وترك ما‬
‫عداها والتركيز علي عيوبها هي (أي النفس) دون غيرها وقد أضافت المسيحية إلي‬
‫الفكر األوروبي عنصرين أساسين هما كرامة اإلنسان الذض هو من وجهة نظر المسيحية‬
‫حياة عابرة علي‬ ‫مخلوق يمتاز بين مخلوقات هللا تعالي لكونه علي صورة هللا وهو يعي‬
‫حياة أبدية بعد مماته وقد نادت المسيحية بمساواة الجميع‬ ‫هذه البسيطة ومقد اًر أن يعي‬
‫أمام هللا تعالي مما جعل إقبال العبيد عليها واسعاً من أجل تحريرهم ولقد جاء في اإلنجيل‬

‫د‪ .‬غازي حسن صباريني "الوجيز في حقوق اإلنسان وحرياته" المرجع السابق ص ‪ 16‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪74‬‬
‫( كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شغوفين متسامحين كما سامحكم هللا ) أفسس ‪: 4‬‬
‫‪ .23‬كما جاء في الكتاب المقدس أيضاً (مبرن المذنب ومذنب البريء كالهما مكرهة‬
‫للرب) (أمثال ‪ )15 : 17‬وجاء أيضا (يا رؤساء إسرائيل أزيلوا الظلم واالغتصاب وأجروا‬
‫الحق والعدل ارفعوا الظلم عن شعبي) (حزقيال ‪ )9 : 45‬كما جاء (كل من يعمل الخطية‬
‫هو عبد للخطايا) (إنجيل يوحنا ‪ )8‬و (تكرهون الحق والحق يحرركم) إنجيل يوحنا ‪: 8‬‬
‫‪ )32‬و (تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم) إنجيل لوقا ‪.27 : 13‬‬
‫لكن أوروبا لم تزعن لهذه التعاليم فاستمرت العبودية وهل التقسيم الطبقي قائماً حتي‬
‫قامت الثورة الفرنسية ‪ . 1781‬والحقيقة أن الكنيسة عبث بعض كهنتها بهذه التعاليم‬
‫واستغلوا الدين لمنافعهم فثار في وجوههم كثيرون ودفعوا حياتهم ثمناً لثورتهم‪ ..‬ولقد‬
‫تعرضنا لعصر آباء ال كنيسة حيث انحصر الفكر الفلسفي علي جدران الكنائس والذين‬
‫من أبرز مفكريهم القديس أوغسطين ثم ههر العصر المدرسي الذي أمتد من القرن‬
‫التاسع حتي قيام النهضة األوروبية في القرن الخامس عشر وههور القديس توماس‬
‫األكويني ودانتي إليجيري صاحب كتاب (الكوميديا اإللهية) الذي نادي بتوحيد اإلنسانية‬
‫كلها تحت نظام سياسي واحد لتحقيق السالم العالمي وار سعادة البشر وقد هاجم باباوات‬
‫الكنيسة في كتابه هجوماً شرساً ودعا إلي ضرورة فصل الدولة عن الكنيسة أي السلطة‬
‫الروحية والسياسية تحت مظلة (دع ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل )‪.‬‬
‫أما الشريعة اإلسالمية فلقد عبر القاضي األمريكي جاكسون عن تجاهل الغرب لها بقوله‬
‫(لقد حالت العوائق دون نشوء اهتمام عام بالشريعة اإلسالمية‪ .‬ومع أننا مدينون للحضارة‬
‫اإلسالمية بالشيء الكثير كما تظهره تقاريرنا القانونية التي ال تنتهي ‪ ،‬فإن انطباعاتنا‬
‫كانت دائماً بأن العلم اإلسالمي ليس لديه ما يسهم به في إثراء مادتنا القانونية ‪ ،‬واعتبرت‬
‫الشريعة اإلسالمية ذات فائدة تأملية عملية ولم تح سوي باهتمام عدد قليل من الباحثين‬
‫والمتخصصين‪ .‬ولكن إعادة النظر الموضوعية في األسباب التي حملتنا علي الظن بأن‬

‫‪75‬‬
‫الشريعة اإلسالمية غريبة عنا وغير مفيدة لنا كفيلة بأن تقنعنا بالتخلي عن ذلك الظن‬
‫المتعجرف‪ .‬وإدراك أن التجربة اإلسالمية لديها الكثير الذي تستطيع أن تعلمنا إياه(‪))1‬‬
‫والحقيقة أننا يجب أن نؤكد علي حقيقة مهمة وهي أن الرسالة اإلسالمية جاءت إلي‬
‫العالم سنة ‪ 622‬ميالدية (فترة العصور الوسطي) وخالل ما يقرب من ؟أربعة عشر قرناً‬
‫من الزمان ونصف القرن فإن الحكام المسلمين الذين جاؤوا بعد عصر الخلفاء الراشدين‬
‫جنح منهم كثيرون إلي أهداف شخصية تجاوزوا قيمة العدل والمساواة والديمقراطية‬
‫والشوري ولكن هذا يجب التحري فيه أقصي مستوي من الدقة حيث أن الحكم العادل‬
‫علي الشريعة اإلسالمية يجب أن يفصل بين القيم النبيلة والتطبيق العظيم لها في فترة‬
‫النبي عليه الصالة والسالم والخلفاء الراشدين وما حدث بعد ذلك تجنباً الستنتاجات‬
‫خاطئة أو لبس في التأويل وحتي يكون فهم اإلسالم يصوب أعمق وأصدق وأوضح‬
‫كعقيدة وشريعة حيث العقيدة هي الجانب النظري المتعلق باإليمان باهلل ومالئكته وكتبه‬
‫ورسله واليوم اآلخر‪ .‬وأما الشريعة من الجانب النظامي الذي يحكم تصرفات اإلنسان‬
‫وعالقاته بغيره ومن ثم فإن من يؤمن بالعقيدة ويلغي الشريعة ‪ ،‬أو يأخذ بالشريعة ويهدر‬
‫العقيدة فإنه ال يكون مسلماً وال سالكاً في حكم اإلسالم سبيل اليقين(‪.)2‬‬
‫ولقد وعي اإلسالم باألخالق وجعل الفرد هو األصل وهو ذروة السنام فأعلي قيمته وكرمه‬
‫مسلماً كان أو غير مسلم وأوجب علي الدولة اإلسالمية واجبات زسزف نوضح ذلك علي‬
‫النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫المبحث األول‬
‫تكريم اإلنسان في اإلسالم‬

‫انظر )‪Jackson, Forward to low in Middle East M. Khadduri, ed (1955‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫مشنار إليه في بحث الدكتور محمود شنريف بسنيوني بعنوان "مصنادر الشنريعة اإلسنالمية" ‪ .‬منشنور في المجلد الثالث من مؤلف‬
‫(حقوق اإلنسان) دار العلم للماليين ‪ .‬بيروت ‪ .‬المرجع السابق ص ‪.18 – 17‬‬
‫الشنننيخ محمود شنننلتوت (اإلسنننالم عقيدة وشنننريعة) ‪ ،‬دار الشنننروق ‪ ،‬الطبعة الخامسنننة ص ‪ ، 90 – 89‬د‪ .‬محمد يوسنننف‬ ‫(‪)2‬‬

‫موسننني (اإلسنننالم وحاجة اإلنسنننانية له) مكتبة الفالح – الكويت الطبعة الثالثة ص ‪ ، 57‬من أسننند (منهج اإلسنننالم في الحكم)‬
‫ترجمة منصور ماضي ‪ ،‬دار العلم للماليين – الطبعة الخامسة سنة ‪ 1978‬ص ‪.20‬‬
‫‪76‬‬
‫ليس هناك ما هو أبلغ في الداللة علي تكريم اإلنسان من أن يسويه الخالق سبحانه وينفخ فيه‬
‫وتأكد‬ ‫من روو كما في قوله تعالي و فإذا سد د ددويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له سد د دداجدينو‬
‫(‪) 1‬‬

‫هذا في قوله تعالي و ويسد د د د د د ددألونك عن الروو قل الروو من أمر ربي وما أوتيتم من العمل إال‬
‫وهناك مظاهر ش ددتي لتكريم هللا س ددبحانه وتعالي لسدمي وس ددوف نعرض لهذه المظاهر‬ ‫قليالً‬
‫(‪) 2‬‬

‫في عجالة علي النحو التالي ‪-:‬‬


‫أوالً – المظهر العام للتكريم ‪-:‬‬
‫الكرم صددنعة من صددنعات هللا تعالي والكريم اسددم من أسددمائه الحسددني ويقصددد بالكريم الجامع‬
‫والتكريم ثبت بالنص في القرآن الكريم في قوله تعالي و‬ ‫ألنواع الخير والشد د د ددرف والفضد د د ددائل‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫ولقدد كرمندا بني آدم وحملنداهم في البر والبحر ورزقنداهم من الطيبدات وفضد د د د د د ددلنداهم علي كثير‬
‫ممن خلقنا تفضيالًو‬
‫(‪) 4‬‬

‫ويدخل في هذا التكريم اإلبداع الخلقي الظاهر والجلي في خلق اإلنسان علي الهيئة التي خلقه‬
‫هللا تعالي عليها من امتداد القامة وحسن الصورة وحمل اإلنسان في البر والبحر‪ ،‬واختصاصه‬
‫بالعقل واإلرادة دون غيره‪ ،‬واختصد د دداصد د دده دون غيره بالملذات في الطعام والش د د دراب والملبس ‪،‬‬
‫وتكري مه من فضد د د ددل هللا تعالي بالنطق والتمييز بين األشد د د ددياء ‪ ،‬وفضد د د ددله علي كثير من خلقه‬
‫بالغلبة واإلستيالء والثواب والجزاء والحف والتمييز وإصابة الفراسة(‪.)5‬‬
‫وقد ورد في تفس د ددير ابن كثير رحمه هللا ‪ :‬فقد أس د ددتدل علي أفض د ددلية جنس البش د ددر علي‬
‫جنس المالئكة قال عبد الرازق أخبرنا معمر عن زيد بن أس د د ددلم قال ‪ ( :‬قال المالئكة يا‬
‫ربنددا أعطيددت بني آدم الدددنيددا يددأكلون منهددا ويتنعمون فلمددا لم تعطنددا ذلددك فددأعطنددا اآلخرة‬
‫فقدال تعدالي ووعزتي وجاللي ألجعدل ص د د د د د د ددالح ذريدة من خلقدت بيددي كمن قلدت لده كن‬
‫(‪)1‬‬
‫فكانو)‬

‫سورة الحجر من اآلية ‪.29‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫سورة اإلسراء آية ‪.85‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫المصباح المنير ألحمد ابن علي المقري الفيومي – المطبعة األميرية – الطبعة السادسة سنة ‪.1926‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫سورة اإلسراء آية رقم ‪.70‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫انظر تفسير القرآن الكريم البن كثير ج‪ 3‬ص ‪ 51‬ط بيروت سنة ‪1985‬م‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫انظر روح المعاني لأللوس ج‪ 15‬ص ‪.118-117‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪77‬‬
‫وقد فسد د د د د د ددر بعض العلمداء اآلية الكريمدة في قوله تعدالي و ولقدد كرمندا بني آدم وحملنداهم‬
‫في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضد د ددلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضد د دديالً و في‬
‫أنهدا ورد فيهدا تك ار ار بين التكريم والتفضد د د د د د ديدل وهنداك فدارق بينهمدا حيدث أن هللا تعدالي قدد‬
‫فضدل اآلدمي عن سدائر الحيوا نات بأمور خلقية طبيعية ذاتية مثل العقل والنطق والخط‬
‫والصورة الحسنة والقامة المديدة وهذا هو التكريم ‪ ،‬أما التفضيل فهو أنه عز وجل شرفه‬
‫(‪)2‬‬
‫بواسطة العقل والفهم إلكتساب العقائد الحقة واألخالق الفاضلة‪.‬‬
‫ومن مظاهر التكريم‬ ‫(‪)3‬‬
‫وقد كرم هللا تعالي هذا اآلدمي بأن س د د د د ددخر له كل القوي الكونية‬
‫العام كذلك أن يكون اإلنس د د د د ددان قيماً علي نفس د د د د دده متحمالً تبعة إتجاهه وعمله فهذه هي‬
‫الص د د د د د ددفة األولي التي كان بها اإلنس د د د د د ددان إنس د د د د د دداناً وحرية اإلتجاه وفردية التبعية وبهما‬
‫(‪)4‬‬
‫استخلف في دار العمل‪.‬‬

‫تفسير القرآن الكريم البن كثير – المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الرحيم السكري "نقل وزراعة األعضاء من منظور إسالمي" ط ‪ 1988‬دارة النهضة العربية – ص ‪ 23‬وما‬ ‫)‪(3‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫)‪(4‬انظر المرجع السابق ص ‪ 24 ،23‬د‪ .‬سعيد عبد السالم "مشروعية التصرف في الجسم اإلنساني في القانون الوضعي‬
‫والفقه اإلسالمي " بحث منشور بمجلة المحاماة العدد ‪ 10 ، 9‬شهري نوفمبر وديسمبر سنة ‪ – 90‬السنة السبعون ص ‪.131‬‬
‫‪78‬‬
‫ثانيا ً – مظاهر التكريم الخاص باإلنسان ‪-:‬‬
‫تعددت مواضدع تكريم اإلنسدان في الشدريعة اإلسدالمية ‪ ،‬وقد برز ذلك جلياً في نصدوص‬
‫القرآن الكريم وأقوال وأفعال النبي المصددطفي العظيم محمد صددل هللا عليه وسددلم وسددوف‬
‫نذكر بعض هذه المظاهر في اآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬حسن الصورة ‪-:‬‬
‫لما كان اإلنس د ددان هو خلفة هللا في األرض فقد كان طبيعياً أن تجيء خلقته في أحس د ددن‬
‫صد ددورة بحيث يبين للناهر إلي اإلنسد ددان أنه غاية في البيان ونهاية في البرهان علي أن‬
‫هللا سبحانه وتعالي قد أودع فيه بعضاً من كماله وقبساً من خصاله‪.‬‬
‫ومن األدلة علي هذه اآليات القرآنية اآلتية ‪-:‬‬
‫قوله تعالي و يا أيها اإلنس د د د ددان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فس د د د دواك فعدلك في أي‬
‫وقوله‬ ‫(‪)2‬‬
‫وقوله تعالي و لقد خلقنا اإلنسد د ددان في أحسد د ددن تقويمو‬ ‫(‪)1‬‬
‫صد د ددورة ما شد د دداء ركبكو‬
‫(‪)3‬‬
‫تعالي وقل هو الذي أنشد ددأكم وجعل لكم السد ددمع واألبصد ددار واألفئدة قليالً ما تشد ددكرونو‬
‫ويتبين من اآليات السدابقة أن هللا قد خلق اإلنسدان فسدواه بأن جعله مسدتوي القامة جميل‬
‫الصددورة متناسددب بين أعضددائه وأوجد فيه الحواس كالسددمع والبصددر التي جاءت من نفخ‬
‫الروو الذي جعل اإلنس ددان بعد أن كان جماداً وأص ددبح اإلنس ددان إنس دداناً ذا إدراك إنس دداني‬
‫(‪)4‬‬
‫مميز عن سائر المخلوقات تتمة للنعمة عليه‪.‬‬
‫وخطاب هللا الوارد في سورة اإلنفطار فيه مناداة من الخالق تعالي لإلنسان بإكرام ما فيه‬
‫من إنسانيته التي تميز بها عن كل األحياء‪.‬‬
‫ويعاتبه ربه علي تقصيره وإهماله بقوله (ما غرك بربك الكريم)‪.‬‬

‫سورة االنفطار اآليتين ‪.7 ، 6‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫سورة التين اآلية رقم ‪.4‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫سورة الملك اآلية رقم ‪.23‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫في ظالل القرآن للشيخ سيد قطب ص ‪ 2810‬جن ‪ 21‬مطبعة دار المعرفة بيروت سنة ‪.71‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫‪79‬‬
‫ويذكره فيه بفضددله عليه الذي تجلي في الصددورة الجميلة السددوية المعتدلة الكاملة الشددكل‬
‫التي تبدو في تكوينه الجسدي وتكوينه الروحي(‪ .)1‬وقد فاخر هللا سبحانه وتعالي وتباهي‬
‫بهذه الص ددورة الحس ددنة لإلنس ددان ودليل ذلك قوله تعالي (ثم أنش ددأناه خلقاً آخر فتبارك هللا‬
‫أحسن الخالقين)‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلستخالف في األرض ‪-:‬‬
‫االسد د د ددتخالف في األرض هو أن يحل المسد د د ددتخلف محل المسد د د ددتخلف‪ .‬ومن هنا تظهر‬
‫أهميدة اسد د د د د د ددتخالف اإلنس د د د د د د ددان في األرض من قبدل هللا تعدالي حيدث إنهدا تنطوي علي‬
‫مسدئوليات خطيرة وأهداف ومعاني عظيمة وأصدل االسدتخالف ورد في قوله تعالي ( وإذ‬
‫قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفس ددد فيها ويس ددفك‬
‫(‪)2‬‬
‫الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما ال تعلمون)‬

‫وقد فسددر ابن كثير –رحمه هللا– معني الخالفة في هذه اآلية ‪ :‬أي قوماً يخلف بعضددهم‬
‫بعض د داً قرناً بعد قرناً‪ .‬وهو تكريم للجنس البش د ددري اس د ددتعماره في الكون من هللا تعالي(‪.)3‬‬
‫وهي منزلة عظيمة منزلة هذا اإلنسان في الوجود علي هذه األرض(‪.)4‬‬
‫‪ -3‬التكريم بالعلم ‪-:‬‬
‫لما كان العلم هو خص د ددلة كل عظيم من عظماء بني البش د ددر إذ انه الطريق األوحد إلي‬
‫وحددانيدة هللا تعدالي وإلي التددبر في مخلوقداتده تعدالي فقدد أخص بده هللا اإلنسد د د د د د ددان وعلمده‬
‫فقال ‪ :‬ووعلم آدم األسدماء كلها ثم عرضدهم علي المالئكة فقال أنبوني بأسدماء هؤالء إن‬
‫كنتم صدادقين [‪ ]31‬قالوا سدبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم [‪]32‬‬

‫الظالل – المرجع السابق ‪ ،‬دكتور سعيد عبد السالم – المرجع السابق ص ‪.133‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سورة البقرة آية رقم ‪.30‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬عبد الرحيم السكري – المرجع السابق ص ‪.24‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫الظالل للمرحوم األستاذ‪ /‬سيد قطب – المرجع السابق ص ‪56‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪80‬‬
‫قدال يدا آدم أنبئهم بدأسد د د د د د دمدائهم فلمدا أنبدأهم بدأسد د د د د د دمدائهم قدال ألم أقدل لكم أني أعلم غيدب‬
‫(‪)1‬‬
‫السموات واألرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون [‪]33‬‬
‫والمراد بالعلم باألس د ددماء في س د ددياق اآليات الس د ددابقة هو علم األس د ددماء واأللفا والمعاني‬
‫واألفراد والتراكيب والحقيقة والمجاز‪)2( .‬ومن هنا كان العلم ش ددرط الخالفة وبه فض ددل هللا‬
‫آدم عليه الس د د ددالم علي المالئكة ولو كان هناك ش د د دديء أفض د د ددل من العلم في التفض د د دديل‬
‫لصار مادة للتفضيل (‪.)3‬‬
‫ولقد أعلي اإلس د د ددالم ش د د ددأن العلم والعلماء إلي مدي عظيم وقد عرف المس د د ددلمون األوائل‬
‫فضد د ددل العلم ومقدار العلم فتسد د ددابقوا عليه وتسد د ددلحوا به وملكوا به الدنيا مع الدين فأقاموا‬
‫وصد دددق هللا تعالي إذ يقول و يرفع هللا الذين آمنوا منكم واللذين‬ ‫(‪)4‬‬
‫حضد ددارات وأمم راقية‪.‬‬
‫أوتوا العلم درجات وهللا بما تعملون خبيرو(‪.)5‬‬
‫‪ -4‬سجود المالئكة لإلنسان ‪-:‬‬
‫أمر هللا مالئكته بالسدجود آلدم عليه السدالم تعظيماً له وإعالء لقدره وقد ورد هذا التكريم‬
‫في عديد من المواض د د ددع في القرآن الكريم‪ .‬منها قوله تعالي ( وإذ قلنا للمالئكة اس د د ددجدوا‬
‫(‪)6‬‬
‫آلدم فسجدوا إال إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين)‬
‫وقوله تعالي (وإذ قلنا للمالئكة اسدجدوا آلدم فسدجدوا إال إبليس كان من الجن ففسدق عن‬
‫أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدالً)(‪.)7‬‬

‫سورة البقرة اآليات رقم ‪.33 ، 32 ، 31‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق خان جن ‪ 1‬ص ‪.106‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫فتح البيان في مقاصد القرآن – المرجع السابق ص ‪.108 ، 107 ، 106‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر د‪ .‬سعيد عبد السالم – المرجع السابق ص ‪ ، 137‬د‪ .‬عبد الرحيم السكري – المرجع السابق ص ‪.29‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫سورة المجادلة آية رقم ‪.11‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫سورة البقرة آية رقم ‪.50‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫سورة الكهف آية ‪.50‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫‪81‬‬
‫وقوله تعالي (ولقد خلقناكم ثم صدورناكم ثم قلنا للمالئكة اسدجدوا آلدم فسدجدوا إال إبليس‬
‫لم يكن من الساجدين)(‪.)1‬‬
‫وجملة المفهوم من سد ددياق هذه اآليات أن هللا تعالي قد كرم وشد ددرف اإلنسد ددان في صد ددورة‬
‫آدم عليه السالم وذريته بسجود المالئكة له تكريماً وإعالء لشأنه وقد قيل في تفسير هذه‬
‫اآليدات معدان كثيرة للسد د د د د د ددجود مجملهدا كلهدا أن اإلنسد د د د د د ددان كرمده هللا تعدالي علي جميع‬
‫(‪)2‬‬
‫مخلوقاته ومن أدلة التكريم سجود المالئكة له‪.‬‬
‫‪ -5‬التكريم بالعقل ‪-:‬‬
‫من أهم أدلة تكريم هللا تعالي لإلنسد ددان هو العقل الذي اسد ددتودعه إياه تلك المنة العظيمة‬
‫والمنحة الجليلة التي اختص بها هللا بني البشدر وأودعها كثي اًر من أسد ارره وضدرب عديداً‬
‫من األمثلة علي أن التدبير والعقل من أهم ص د د ددفات اإلنس د د ددان أما من ال يعقل وال يفكر‬
‫فقد تنازل عن منحة التفرد وهي العقل وقد ورد عن رس ددول هللا ص ددل هللا عليه وس ددلم في‬
‫فض د د د د ددل العقل قوله ‪ :‬و أول من خلق هللا العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر‬
‫(‪)3‬‬
‫أي أقبل حتي تستكمل بي وأدبر حتي يستكمل بك جميع العالم دونكو‬
‫وقد روي عن رسدول هللا صدل هللا عليه وسدلم علي لسدان رب العزة جل وعال في خطابه‬
‫للعقددل ‪:‬و وعزتي وجاللي مددا خلقددت خلق داً أعز علي وال أفضد د د د د د د ددل منددك بددك أخددذ وبددك‬
‫(‪)4‬‬
‫أعطيو‬
‫‪ -6‬التكريم في المأكل والمشرب والملبس ‪-:‬‬
‫يعد من مظاهر التكريم من هللا تعالي لإلنسدان تكريمه في اختيار المناسدب لإلنسدان من‬
‫مأكله وتحريم الخبائث عليه ومنه ما علم حكمته في العصد د د د د د ددر الحديث ‪ ،‬واوجب عليه‬

‫سورة اإلعراف آية رقم ‪.11‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر روح المعاني لأللوسي جن‪ 15‬ص ‪ ،293‬مقاصد القرآن جن ‪ 1‬ص ‪ ، 108‬ود‪ .‬عبد الرحيم السكري المرجع السابق ص‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ ، 33‬ود‪ .‬سعيد عبد السالم المرجع السابق ص ‪.137‬‬


‫انظر في تفصيل قيمة العقل وفضله تعاريج القدس في مدارج معرفة النفس لإلمام الجليل أبي حامد الغزالي – مطبعة‬ ‫(‪)3‬‬

‫السعادة القاهرة ط ‪ 1927‬الطبعة األولي ص ‪ 15‬وما بعدها‪.‬‬


‫المرجع السابق ذات الموضوك‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪82‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن ذلدك قولده تعدالي و قدل من حرم‬ ‫التزين والنظدافدة والجمدال في غير تيده وال خيالء‬
‫(‪)2‬‬
‫زينة هللا التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق‬

‫متي يكتسب اإلنسان الحق في الحماية‬


‫كفلت الشد د دريعة اإلسد د ددالمية الحماية لإلنسد د ددان متي دبت فيه الروو وقد اختلفت الشد د درائع‬
‫الوض د د ددعية في توقيت بدء الحماية لإلنس د د ددان لكنها في هل أحكام الشد د ددريعة اإلس د د ددالمية‬
‫واضدحة محددة طبقاً للحديث الشدريح عن ابن مسدعود رضدي هللا عنه قال حدثنا رسدول‬
‫هللا صل هللا عليه وسلم قال و إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم‬
‫يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضد د د د د د ددغة مثل ذلك ثم يبعث هللا ملكاً فيؤمر برزقه وأجله‬
‫(‪)3‬‬
‫وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الرووو‬
‫ومن هنا فقد أكدت الشدريعة اإلسدالمية أنها ليس ثمة صدلة بين الميالد والحياة فاإلنسان‬
‫إنسد ددان حتي قبل أن يولد ما دام حياً ولذلك وجبت حمايته وهو جنين ‪ .‬ومن أدلة فرض‬
‫حمددايددة األجنددة وقف تنفيددذ العقوبددة في المرأة الحددامددل حتي تضد د د د د د ددع حملهددا وإلي أن يتم‬
‫(‪)4‬‬
‫الفطام طبقاً لما نفذه النبي الكريم عمالً في الغامدية‬
‫وذلك علي عكس معظم القوانين الوضد د ددعية التي ال تنتظر إال شد د ددهرين بعد الوالدة وهي‬
‫فترة قصد د د د د د دديرة فيها كل معاني القسد د د د د د ددوة علي الطفل وعلي األم وهي بعد لم تذل منهكة‬
‫مريضد د ددة كما أوجب اإلسد د ددالم الغرة للجنين (وهي الضد د ددمان المالي الذي يدفعه المتعدي‬

‫انظر المرجع السابق د‪ .‬السكري ص ‪ 35‬ود‪ .‬سعيد عبد السالم ص ‪.138‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سورة األعراف من اآلية رقم ‪.32‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫شرح ابن حجر العسقالني – دار المعرفة – بيروت‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫حديث الغامدية أخرجه اإلمام مسلم في كتابه "باب حد الزنا" – جن ‪ 11‬ص ‪ .203‬انظر صحيح مسلم ألبي الحسين مسلم‬ ‫(‪)4‬‬

‫ابن الحجاج ابن مسلم النسيابوري المتوفي سنة ‪ 261‬هجرياً طبعة عيسي الحلبي‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫علي األم إذا إنفصد ددل الجنين عنها ميتاً بسد ددبب الجناية عليها والغيرة هي نصد ددف عشد ددر‬
‫(‪)1‬‬
‫دية اإلنسان الحر البالغ)‬
‫كما أوجب اإلس ددالم الدية للجنين إذا إنفص ددل عن أمه حياً ثم مات بس ددبب الجناية عليها‬
‫وممدا يلفدت النظر أن الدديدة تجدب لكدل جنين إنفصد د د د د د ددل حيدا عن أمده ثم مدات بسد د د د د د دبدب‬
‫االعتداء عليها أيا كانت ديانته أو ملته مما يؤكد أن حماية اإلس د د د ددالم جاءت لإلنسد د د ددان‬
‫كإنس د د د د د ددان بغض النظر عن دينه أو جنس د د د د د دديته وقد أكد ذلك ما رواه أبو حنيفة والزيدية‬
‫وسد د د د ددفيان الثوري من عدم تأثير الديانة غير اإلسد د د د ددالمية في مقدار الدية بمعني وجوب‬
‫التس دداوي بين دية المس ددلم وغير المس ددلم وقد إحتج هنا الرأي بقوله تعالي ‪:‬و وإن كان من‬
‫حيث أطلق هللا تعالي الدية في جميع‬ ‫(‪)2‬‬
‫قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مس د د ددلمة إلي أهلهو‬
‫كما اسددتبدل‬ ‫(‪)3‬‬
‫أنواع القتل من غير فصددل فدل علي أن الواجب في ذلك علي قدر واحد‬
‫هذا الرأي بما روي عن النبي صددل هللا عليه وسددلم أنه جعل دية كل ذي عهد في عهده‬
‫ألف دينار وبما روي عن عمر بن أبيه الض ددمري أنه قتل مس ددتأمنين فقض ددي رس ددول هللا‬
‫صدل هللا عليه وسدلم عنها بدية حريين مسدلمين وبما روي عن الزهري أنه قد قضدي يدنا‬
‫أبو بكر وس د د دديدنا عمر ب ن الخطاب رض د د ددي هللا عنهما في دية الذمي بمثل دية المس د د ددلم‬
‫وعلق الكاس د دداني عن ذلك فقال و ومثله ال يكذبو‪ .‬وبما روي عن ابن مس د ددعود ألنه قال‬
‫دية أهل الكتاب مثل دية المسد د د ددلمين(‪ .)4‬وبما روي عن علي رضد د د ددي هللا عنه أنه قال (‬
‫(‪)1‬‬
‫إنما أعطيناكم الذمة وبذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا)‬

‫وقد تجلي اهتمام القرآن الكريم ببداية خلق اإلنسان في عديد من اآليات القرآنية التي فصلت القول في كيفية خلق اإلنسان‬ ‫(‪)1‬‬

‫وأطوار التخليق وحماية األجنة وعلم الخالق العظيم بها وهي داخل أرحام األمهات ومن ذلك قوله تعالي " هو أعلم إذ أنشأكم‬
‫من األرض واذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم" سورة النجم اآلية رقم ‪ . 32‬انظر في تفصيل ذلك د‪ .‬هاللي عبد اإلله أحمد "‬
‫حقوق الطفولة بين الشريعة اإلسالمية والفكر الوضعي " المرجع السابق ص ‪ 250‬وما بعدها ‪ ،‬وكذلك د‪ .‬حسن علي الشاذلي‬
‫" حق الجنين في الحياة في الشريعة اإلسالمية " مجلة الحقوق والشرعية س ‪ 3‬العدد األول مارس ‪.1979‬‬
‫سورة النساء اآلية رقم ‪.92‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫بدائع الصنائع للكاساني المرجع السابق جن ‪ 7‬ص ‪.254‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫المبسوط للسرخسي المرجع السابق ‪.825‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫مسند اإلمام أحمد المرجع السابق جن ص ‪.180‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪84‬‬
‫وقد ذهب اإلمام مالك والش د ددافعي وأحمد إلي أن دية الكتابي هي نص د ددف دية المس د ددلم ‪،‬‬
‫ودية المجوس د د ددي ثمانمائة درهم وأن دية المرأض منهم هي نص د د ددف دية الرجل ‪ ،‬وحجتهم‬
‫في هذا ما رواه عمرو بن ش ددعيب عن أبيه عن جده النبي ص ددل هللا علي وس ددلم أنه قال‬
‫وقد علق ابن قدامة علي هذا فقال ‪ :‬قال الخطابي‬ ‫(‪)2‬‬
‫(دية المعاهد نص ددف دية المس ددلم)‬
‫أن نقيص د ددة عدم اإلس د ددالم فوق كل نقيص د ددة فهي أولي بالنقص من األنوثة ومن ثم فهو‬
‫وقددد ذهددب رأي لدددي الشد د د د د د دديعددة األمدداميددة إلي أندده ال ديددة لغير‬ ‫(‪)3‬‬
‫نقص مؤثر في الددديددة‬
‫الكتابي(‪.)4‬‬
‫وإذا كان هذا فيما يتعلق بالدية فإن توضيح ذلك في القصاص في النفس وما دونها هو‬
‫أولي بال شد ددك‪ .‬فقد ذهب األحناف إلي وجوب القصد دداص لغير المسد ددلم من المسد ددلم وان‬
‫المس د د د ددلم إذا قتل ذمي فهو قود بع وقد اس د د د ددتدل األحناف علي هذا من الكتاب والس د د د ددنة‬
‫والمعقول ‪:‬‬
‫أما من الكتاب فقوله تعالي و كتب عليكم القصداصو حيث أفادت هذه اآلية العموم وهو‬
‫وأما من الس ددنة فيما روي عن‬ ‫(‪)5‬‬
‫ما يتقض ددي المس دداواة بين المس ددلم وغير المس ددلم (الذمي)‬
‫ابن الحسد د د د ددن عن إبراهيم رحمهما هللا تعالي أن رجل من المسد د د د ددلمين قتل رجالً من أهل‬
‫الذمة فرفع ذلك إلي رس د د ددول هللا ص د د ددل هللا عليه وس د د ددلك فقال و أنا أحق من وفي بذمتهو‬
‫(‪)6‬‬
‫وهو حديث هاهر في الداللة علي المطلوب‪.‬‬
‫وأما االسد د د د د ددتدالل من المعقول ‪ :‬فألن المسد د د د د دداواة في العصد د د د د ددمة ثابتة نظ اًر إلي التكيف‬
‫(‪)1‬‬
‫والقصاص يعتمد المساواة ‪ ،‬وهي متحققة‪.‬‬

‫المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫المغني البن قدامه جن ‪ 7‬ص ‪ ، 94‬وبدائع الصنائع جن ‪ 7‬ص ‪.254‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سفينة النجاة شرح األزهار ج ‪ 2‬ص ‪.103‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫أحكام القرآن للحصاص ج‪ 1‬ص ‪.165 ، 164‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫د‪ .‬علي البدري أحمد الشرقاوي " الحدود والجنايات الموجبة للقصاص والتعزيز في التشريع الجنائي اإلسالمي – المرجع‬ ‫(‪)6‬‬

‫السابق ص ‪.182‬‬
‫بدائع الصنائع – المرجع السابق ج‪ 7‬ص ‪.237‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪85‬‬
‫أما الشد د ددافعية فقد اسد د ددتدلوا علي عدم قتل المسد د ددلم بالذمي بعدة أدلة منها أن قوله تعالي‬
‫(كتب عليكم القصد دداص في القتلي) يسد ددتوجب المسد دداواة بين القاتل والقتيل إذا كان الحر‬
‫ال يقتل بالعبد فكذا المس د د ددلم ال يقتل بغير المس د د ددلم وكما أن نقص العبد برقه فكذا نقص‬
‫الذمي بعدم اإلسدالم ال يقتل به المسدلم‪ .‬وكذا اسدتدلوا بقوله عليه السدالم ( ال يقتل مسدلم‬
‫بكافر وال ذو عهد في عهده(‪.))2‬‬
‫والخالصد د د د ددة ‪ :‬من هذه اآلراء أن العموم ال يصد د د د ددرف عن هاهره إال بدليل ثابت قوي ‪،‬‬
‫ولما كان اهتمام الش د د ددارع الحكيم بعص د د ددمة األنفس وص د د دديانة الدماء هو أمر مطلق لكل‬
‫البشد د د د د د ددر الددذين خلقهم هللا تعددالي بال تمييز مثلمددا كلن يسد د د د د د ددود في الجدداهليددة وقددد وعي‬
‫الصد د د د د د ددحابة رضد د د د د د دوان هللا عليهم هذه الحكمة فعملوا بها وكان الرجحان لرأي األحناف‬
‫التفاقه مع هاهر النصددوص في القرآن والسددنة والمعقول وهو ما يتفق مع القواعد الكلية‬
‫في اإلسالم التي تحض علي العدل والمساواة وتؤكد علي عصمة الدماء وحرمة اآلدمي‬
‫علي اإلطالق‪.‬‬

‫المجموك شرح المذهب للنووي المرجع السابق ص ‪.256‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪86‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫مكانة الفرد في اإلسالم‬

‫اهتم اإلسدالم بالفرد وتنشدئته وتربيته بمنهج شدامل غير مسدبوق حيث ربط لدي الفرد بين‬
‫العقيدة والشدريعة فالعبودية هلل تعالي هي أكبر وازع أخالقي يسدمو بالنفس ويهذب القلب‬
‫(قل إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي هلل رب العالمين ال شريك له وبذلك أمرت وأنا‬
‫وقيمة الفرد في اإلسد د د د د ددالم هي انعكاس لما يجب أن يتحلي به من‬ ‫(‪)1‬‬
‫أول المسد د د د د ددلمين)‬
‫أخالق حميدددة ال تنبع من المصد د د د د د ددلحددة أو النفع ولكنهددا تنبع من العقيدددة فتظددل ثددابتددة‬
‫(‪)2‬‬
‫وراسخة‪.‬‬
‫ومن هنددا جداء أعظم أوص د د د د د د دداف النبي في القرآن الكريم بقولده تعددالي (وإندك لعلي خلق‬
‫حيث تمثلت أفعال النبي عليه الصد د ددالة والسد د ددالم وصد د ددفاته في أسد د ددمي مكارم‬ ‫(‪)3‬‬
‫عظيم)‬
‫األخالق فالصد د د دددق واألمانة والبر والحياة والورع والتقوي وإتقان العمل والحكم والصد د د ددبر‬
‫والتواضد ددع والشد ددجاعة والعزة والعفة والوفاء والتسد ددامح والصد ددفح والتسد ددامح عن الصد ددغائر‬
‫مصدداقاً لقوله تعالي (ولقد كان لكم في رسدول هللا أسدوة حسدنة لمن كان يرجو هللا واليوم‬
‫(‪)4‬‬
‫‪.‬‬ ‫اآلخر)‬
‫(‪)5‬‬
‫وهو ذاته عليه الس د د ددالم قال في الحديث الشد د ددريح (إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق)‬
‫وقالت عنه السدديدة عائشددة (كان خلقه القرآن) وروي عنه عليه الصددالة والسددالم أنه قال‬
‫وحسدن الخلق ليس‬ ‫(‪)6‬‬
‫(ما من شديء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسدن)‬
‫كالمدداً نظريدداً وإنم ددا هو سد د د د د د ددلوك عملي ك دداألمر في القرآن الكريم ببر الوال دددين وإيت دداء‬

‫سورة اإلتعام من اآليتان (‪)163 ، 162‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬عبد الرحمن عزام (الرسالة الخالدة) ص ‪.47‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة القلم اآلية رقم (‪.)3‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سورة األحزاب من اآلية رقم (‪)21‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫رواه البخاري في األدب والحاكم‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫رواه أحمد وهو جزء من حديث‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪87‬‬
‫الصد دددقات كما في قوله تعالي (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشد ددرق والمغرب ولكن‬
‫البر من آمن بدداهلل واليوم اآلخر والمالئكددة والكتدداب والنبيين وآتي المددال علي حبدده ذوي‬
‫القربى واليتامى والمسداكين وابن السدبيل والسدائلين وفي الرقاب وأقام الصدالة وآتي الزكاة‬
‫والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والص ددابرين في البأس دداء والض دراء وحين البأس أولئك الذين‬
‫ولم يكترث اإلسالم ولم يعتن بالشعائر في ذاتها وال لذاتها‬ ‫(‪)1‬‬
‫صدقوا وأولئك هم المتقون)‬
‫ولكنها مرتبطة بتهذيب سد ددلوك المسد ددلم وإال فال قيمة لها حيث يقول تعالي ( ال خير في‬
‫كثير من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالو بين الناس ومن يفعل ذلك‬
‫وقوله تعالي (إن الصد ددالة تنهي عن‬ ‫(‪)2‬‬
‫ابتغاء مرضد ددات هللا فسد ددوف نؤتيه أج اًر عظيماً)‬
‫وعندما سدئل النبي عليه السدالم (ومن لم تنهه صدالته ؟) قال عليه‬ ‫(‪)3‬‬
‫الفحشداء والمنكر)‬
‫الس ددالم (فال ص ددالة له) ‪ .‬وقد ناش ددد اإلس ددالم الفرد بالتحلي بكل الص ددفات النبيلة الالزمة‬
‫السد د ددتقامة فكره وسد د ددلوكه وهدفه فقال تعالي (إن هللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إلي أهلها‬
‫وقوله تعالي (وعباد الرحمن الذين يمشد د د د ددون‬ ‫(‪)4‬‬
‫وإذا حكمتم بين الناس أن تحموا بالعدل)‬
‫وقولدده تعددالي (والددذين ال‬ ‫علي األرض هونداً وإذا خدداطبهم الجدداهلون قددالوا سد د د د د د ددالمداً)‬
‫(‪)5‬‬

‫(‪)6‬‬
‫يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما)‬
‫وقول دده تع ددالي (وال ددذين ال ي دددعون مع هللا إلهدداً أخر وال يقتلون النفس التي حرم هللا إال‬
‫بالحق وال يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً (‪ )68‬يضداعف له العذاب يوم القيامة ويخلد‬
‫وقوله تعالي (وال تصد ددعر خدك للناس وال تمشد ددي في األرض مرحاً إن هللا‬ ‫(‪)7‬‬
‫فيها مهانا)‬

‫سورة البقرة آية رقم (‪)177‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سورة النساء آية رقم (‪.)114‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة العنكبوت اآلية رقم (‪.)45‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سورة النساء آية رقم (‪.)85‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫سورة الفرقان آية رقم (‪.)63‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫سورة الفرقان آية رقم (‪.)72‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫سورة الفرقان آيتين رقم ‪.69 ، 68‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫‪88‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقوله تعالي (واقصدد في مشديك واغضدض من صدوتك إن‬ ‫ال يحب كل مختاالً فخور)‬
‫(‪)2‬‬
‫وقوله تعالي (إن هللا يأمر بالعدل واإلحسد ددان وإيتاء‬ ‫أنكر األص د دوات لصد ددوت الحمير)‬
‫(‪)3‬‬
‫وقوله تعالي‬ ‫ذي القربي وينهي عن الفحشد د د د د د دداء والمنكر والغي يعظكم لعلكم تذكرون)‬
‫(وال تس ددتوي الحس ددنة وال الس دديئة ادفع بالتي هي أحس ددن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه‬
‫وهنداك العدديدد والعدديدد من آيدات القرآن الكريم بدل كدل آيدات القرآن الكريم‬ ‫(‪)4‬‬
‫ولي حميم)‬
‫تقود نحو الفضدديلة وتحذر من الرذيلة وأهمها كل عدوان علي الناس وكل إضددمار للشددر‬
‫وكدل نفداق وكدل بخدل وكدل تقتير وكدل خبدث وجهدل وحمداقدة وهوج‪ .‬ولقدد ترجمدت أحداديدث‬
‫النبي عليه الص ددالة والس ددالم هذه التعاليم فعالً وقوالً وتقري اًر فكان مثاالً لألمانة والص دددق‬
‫والعفو والص د د د د د ددفح والعلم والحلم والتقوي والورع والغني عن الناس والزهد في كل ما دون‬
‫هللا تعالي والحض علي بذل الخير للجميع وكح األذض عن الكافة‪ .‬فقال عليه الص د ددالة‬
‫والس د د د ددالم و البر حس د د د ددن الخلق واإلثم ما حاك في ص د د د دددرك وكرهت أن يض د د د ددطلع عليه‬
‫وقال عليه الصددالة والسددالم و اتق هللا حيثما كنت واتبع السدديئة الحسددنة تمحها‬ ‫(‪)5‬‬
‫الناسو‬
‫وقال عليه الص ددالة والس ددالم و كان هللا في عون العبد ما‬ ‫(‪)6‬‬
‫وخالق الناس بخلق حس ددنو‬
‫دام العبد في عون أخيهو وقال عليه الص د د ددالة والس د د ددالم و من نفس عن مس د د ددلم كربة من‬
‫كرب الدنيا نفس هللا عنه كربة من كرب يوم القيامة ‪ ،‬ومن يسد ددر علي معسد ددر يسد ددر هللا‬
‫عليه في الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وهللا في عون العبد ما دام العبد في عون أخيهو‬
‫(‪)7‬‬

‫سورة لقمان آية رقم ‪17‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سورة لقمان آية رقم ‪.18‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة النمل آية رقم ‪.9‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سورة فصلت آية رقم ‪.34‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫رواه الترمذي‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫أخرجه مسلم‬ ‫(‪)7‬‬

‫‪89‬‬
‫وقوله عليه السد ددالم و ثالث من كن فيه فهو منافق وإن صد ددام وصد ددلي وحج واعتمر‪ ،‬إذا‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن هنا فقد حاسددب اإلسددالم الفرد‬ ‫حدث كذب ‪ ،‬وإذا وعد أخلف ‪ ،‬وإذا ائتمن خان و‬
‫علي مش د د د د دداعر داخلية تخفي علي غيره ليص د د د د ددفيه جوه اًر فخ اًر كالحقد والحس د د د د ددد والغيبة‬
‫والنميمة وإضددمار الشددر إذ جعل كذلك عقوبات أخروية ثابتة وواقعية مادام الفرد المسددلم‬
‫مؤمن باليوم اآلخر كجزء أسد د د د دداسد د د د ددي من إيمانه باهلل تعالي‪ .‬وهو مسد د د د ددلك يهي النفس‬
‫البشرية إلي السمو والتعالي والحب والخير ‪ ،‬وإذا وقع شيء غير ذلك فقد أوجد اإلسالم‬
‫منهج محداسد د د د د د دبدة النفس البشد د د د د د دريدة والتوبدة إلي هللا والنددم علي الدذندب ولو كدان لمداً فمن‬
‫حاسد د ددب نفسد د دده في الدنيا خف في القيامة حسد د ددابه وحسد د ددن متقبله ومن أهمل المحاس د ددبة‬
‫(‪)2‬‬
‫دامت حسرته‬
‫ولقد أكد اإلسدالم علي أن حسداب اآلخرة دقيق والمؤاخذة فيه علي الصدغيرة والكبيرة لئال‬
‫يسد د د د دديء اإلنسد د د د ددان إلي غيره غير مكترث بأقل الذنوب أو غير عاب بالتافه منها الذي‬
‫ربما يترك لدي اآلخرين أث اًر عميقاً فقال تعالي و ونضدع الموازين القسدط ليوم القيامة فال‬
‫(‪)3‬‬
‫تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفي بنا حاسبينو‬
‫ولكن األمر لم يقف فقط عند ترهيب الفرد من عذاب اآلخرة وحسددابها أو جعل الضددمير‬
‫اإلنسد دداني مفصد دالً وحكماً ورادعاً لكنه وضد ددع عقوبات دنيوية لمن غلبت عليهم شد ددقوتهم‬
‫ولم يردعهم ض د د ددمير وال نص د د ددح وال إرش د د دداد وال رهبة مالقاة هللا يوم القيامة‪ .‬أولئك الذين‬
‫تحكمددت فيهم رغبدداتهم ونزوات هم وشد د د د د د ددهواتهم ومن ثم يلزمهم كبح الجندداو واألخددذ علي‬
‫األيدي وص د د د دديانة المجتمع من أضد د د ددرارهم سد د د د دواء علي المجتمع ذاته أو علي أفراده في‬
‫أع ارضد ددهم أو أموالهم أو مشد دداعرهم أو حرمة حياتهم وما دونها في العموم وهي عقوبات‬

‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ابن قداحة (مختصننننر منهج القاصنننندين) وقد اختصننننر فيه كتاب (منهج القاصنننندين ومفيد الصننننادقين ) البن الجوزي – ص‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪.389‬‬
‫سورة األنبياء اآلية رقم (‪.)37‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪90‬‬
‫الحدود التي توقع علي جرائم محددة نص دداً في القرآن والسد ددنة وهي الزنا والقذف وشد ددرب‬
‫الخمر والسرقة والحرابة والبغي(‪.)1‬‬
‫وهناك خالف كبير حول عقوبة الردة وهي السابعة في الحدود(‪.)2‬‬
‫أما األفعال التي تسد ددتوجب القصد دداص أو الدية فهي جرائم النفس وما دونها عمداً كانت‬
‫أو خطاً وهي القتل العمد وشبه العمد والخطأ والجرو العمد والجرو الخطأ(‪.)3‬‬
‫وال تختلف جرائم الحدود عن جرائم القص د د د د د دداص والدية إال في كون األخيرة يمكن العفو‬
‫عنها عن طريق المجني عليه أو أص ددحاب الحق في ذلك وهناك أفعال تس ددتوجب توقيع‬
‫عقوبة التعزيز‪ .‬وهو تفويض اإلمام أو القاضد د د د د د ددي أو الحاكم في تقدير المناسد د د د د د ددب من‬
‫العقوبدات من كدل فعدل مخدالف لم يرد عليده نص في حدد أو قصد د د د د د دداص أو ديدة أو تلدك‬
‫التي حددت لها الشدريعة عقوبة لكن لم تكتمل شدرائطها‪ .‬وهو مجال يمثل سدلطة تقديرية‬
‫لرئيس الدولة في سد د د د د د ددبيل الردع وإقرار الحق والعدل واألمن في المجتمع مثل مخالفات‬
‫األس د ددواق وتختلف مقادير التعزيز حسد د ددب كبر الذنوب وصد د ددغرها وحسد د ددب حال المذنب‬
‫وهروف دده ‪ ،‬والتعزيز أجن دداس فمن دده م ددا يكون ب ددالتوبيخ والزجر ب ددالكالم ومن دده م ددا يكون‬
‫بددالحبس ومندده مددا يكون بددالنفي من الوطن ومندده مددا يكون بددالضد د د د د د ددرب ومندده مددا يكون‬
‫بالعقوبات المالية(‪.)4‬‬
‫ومن مظاهر اإلعالء لقيمة الفرد في اإلسد د د د د د ددالم إههار حق الفرد إزاء الدولة والذي من‬
‫أهم مظداهره تحقيق العددل تلدك العددالدة التي تحقق مصد د د د د د ددالح األفراد بمدا يؤدي إلي دوام‬
‫الحياة االجتماعية وتوزيع منافع الدولة علي األسد د ددس القوية من الفرص المتسد د دداوية بين‬
‫جميع أفراد المجتمع دون إنحراف أو زيغ ودون محاباة ؟ألي فرد علي أي أساس مطلقاً‬
‫‪ .‬والعدل ليس قص ددده العدل في المنازعات أو المحاكم وغنما العدل المطلق كالعدل في‬

‫الشيخ محمد أبو زهرة (فلسفة العقوبة في الفقه اإلسالمي) معهد الدراسات العربية العالمية سنة ‪.1966‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر في هذا الصدد الشيخ اإلمام محمود شلتوت (اإلسالم عقيدة وشريعة) الشروق الطبعة الخامسة ص ‪.301‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الشيخ عبد القادر عودة (التشريع الجنائي اإلسالمي) المرجع السابق ص ‪.123‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر ابن تيمية (الحسبة في اإلسالم) ط الحلبي ص ‪.44‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪91‬‬
‫تبوأ الوهائف أو المناصد ددب كما ورد في قول عمر بن الخطاب (رضد ددي هللا عنه) [ من‬
‫ولي من أمر المسد د د ددلمين شد د د دديئاً فولي رجالً لمودة أو قرابة بينهما فقد خان هللا ورسد د د ددوله‬
‫(‪)1‬‬
‫والمؤمنين]‬
‫كما أكد اإلس د د د د ددالم علي قيمة المس د د د د دداواة بين أفراد المجتمع بغض النظر عن ألوانهم أو‬
‫أجناسد د ددهم أو عقائدهم وأثبت أنهم من منبت واحد ونشد د ددأة واحدة وأب وأم واحدة مما أكد‬
‫وحدة الجنس البش ددري فقال تعالي و يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة‬
‫داء واتقوا هللا الذي تسداءلون به واألرحام إن‬
‫وخلق منها زوجها وبث منها رجاالً كثي اًر ونس ً‬
‫والرسددول الكريم يقول في الحديث الش دريح و كلكم آلدم وآدم من‬ ‫(‪)2‬‬
‫هللا كان عليكم رقيباو‬
‫وهو ما يدحض أية مزاعم في نفس أي إنس د د ددان أنه أفض د د ددل من غيره إال بعمله‬ ‫(‪)3‬‬
‫ترابو‬
‫وتقواه مص د ددداقاً لقوله تعالي و يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم ش د ددعوباً‬
‫وقبدائدل لتعدارفوا إن أكرمكم عندد هللا أتقداكم إن هللا عليم خبيرو(‪ .)4‬وهكدذا جداء اإلسد د د د د د ددالم‬
‫بمنهج جديد في قاعدة المسد د د د د دداواة مختلف عما زاع لدي اليهود وغيرهم من أنهم سد د د د د ددادة‬
‫العالم وأحباء هللا وأبنائه ومن دونهم برابرة وخدم وحتي عرب الجاهلية قبل اإلسدالم كانوا‬
‫يرون في قصد دداصد ددتهم وبالغتهم سد ددبباً لتميزهم ومن دونهم عجماً وكذلك البراهمة توهموا‬
‫أن هللا –في زعمهم– قد خلقهم من أشد د د د د د ددرف جزء فيه وخلق من دونهم من أدني أجزائه‬
‫وشد د د ددقان بين الرأس والقدم حتي جاء اإلسد د د ددالم فحطم هذه الترهات وأثبت المسد د د دداواة بين‬
‫جميع البش د ددر بغض النظر عن عقائدهم وأديانهم وأجناس د ددهم وألوانهم فقال عليه الس د ددالم‬
‫(الناس س دواسددية كأسددنان المشددط ال فضددل لعربي علي أعجمي وال أبيض علي أسددود إال‬
‫(‪)5‬‬
‫بالتقوي)‬

‫ابن تيمية (السياسة الشرعية) المرجع السابق ص‪.5‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سورة النساء اآلية رقم (‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫رواه مسلم وأبو داوود‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سورة الحجرات اآلية رقم (‪)13‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫د‪ .‬محمد يوسف موسي (اإلسالم وحاجة اإلنسانية له) المرجع السابق ص ‪ ، 59‬د‪ .‬عبد الواحد الفار (قانون حقوق‬ ‫(‪)5‬‬

‫اإلنسان) المرجع السابق ص ‪.208‬‬


‫‪92‬‬
‫ومن أهم مظاهر المساواة كقيمة كبري توضح مكانة الفرد في اإلسالم ما يلي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬عالقة الفرد بالحاكم ‪-:‬‬
‫أوضح اإلسالم أنه ال سلطة للحاكم علي الفرد وال تميز له عليه روحياً أو مادياً‬
‫وإنما سدلطة الحاكم مسدتمدة من الفرد فيما أعطاه له من تسديير شدئون الدولة بالعدل وإال‬
‫العزل‪ .‬ومن هنا تنتفي روو السيطرة من الحاكم علي المحكوم‪.‬‬
‫فمثالً في الش د ددئون الدينية الفرد له ص د ددلة باهلل تعالي مباشد د درة دون وس د دداطة وال حتي من‬
‫(‪)1‬‬
‫النبي عليه الصالة والسالم الذي خاطبه ربه فقال (لست عليهم بمسيطر)‬
‫(‪)2‬‬
‫وقدال (إن أندت إال ندذير) وقدال (ومدا عليدك إال البال )‬ ‫وقدال (ومدا أندت عليده بجبدار)‬
‫وقال (ليس عليك هداهم ولكن هللا يهدي من يش د د دداء)‪ .‬ومن هنا تنتفي الس د د ددلطة والهيمنة‬
‫الدينية عن كل ما دون النبي عليه السالم من حكام‪.‬‬
‫حتي في أحلك الظروف ألشد د د د د ددد الناس بعداً عن هللا تعالي وأكثر ذنوباً أمرهم هللا تعالي‬
‫أن يلجئوا إليه هو وحده مباش د درة وال يسد ددتحوا من كثرة الذنوب فقال تعالي (قل يا عبادي‬
‫ويقول‬ ‫(‪)3‬‬
‫الذين أسددرفوا علي أنفسددهم ال تقنطوا من رحمة هللا إن هللا يغفر الذنوب جميعا)‬
‫للنبي عليه الس د ددالم (وإذا س د ددألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني‬
‫ولقد قرر القرآن الكريم في حق النبي‬ ‫(‪)4‬‬
‫فليسد د د د ددتجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشد د د د دددون)‪.‬‬
‫عليه السددالم قرآناً يتلي يقول فيه النبي عليه الصددالة والسددالم أنه ال يملك نفعاً وال ض د اًر‬
‫وال يملك حتي لنفسد دده شد دديئاً من ذلك إال بإذن هللا تعالي وأنه ليس إال نذير ورسد ددول يبلغ‬
‫رسددالة هللا تعالي وكل امرن رهين بما كسددب وكل نفس رهينة بعملها‪ .‬وهو ذات المسددلك‬
‫من بداب أولي األمور الددنيويدة التي ال تميز فيهدا لحداكم علي محكوم بدل هو موضد د د د د د ددع‬
‫المسئولية والمساءلة إن صح عن الجادة في قيادة األمة‪.‬‬

‫سورة الغاشية اآلية رقم (‪.)22‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سورة ق اآلية رقم (‪.)45‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة الزمر اآلية رقم (‪.)53‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سورة البقرة اآلية رقم (‪)86‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪93‬‬
‫ب‪ -‬المساواة بين أفراد المجتمع ‪-:‬‬
‫إذا كان اإلسددالم قد أقر المسدداواة بين الحاكم والمحكوم فإنه ومن باب أولي أقر المسدداواة‬
‫بين المحكومين أنفس ددهم مص ددداقاً لقوله تعالي و يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقس ددط‬
‫ش د ددهداء هلل ولو علي أنفس د ددكم أو الوالدين واألقربين إن يكن غنياً أو فقي اًر فاهلل أولي بهما‬
‫فال تتبعوا الهوي أن تعدلوا وإن تلوا أو تعرضوا فإن هللا كان بما تعملون خبي اًرو(‪.)1‬‬
‫ومن هنا فقد أقر اإلسالم القضاء علي أية تفرقة عنصرية تمثل سبباً من أسباب التمييز‬
‫غير المبرر بين البشد د د د د د ددر فعددالج الثغرة القبليددة والعنجهيددة عنددد الغرب ونظرتهم إلي من‬
‫دونهم من البش د د ددر بس د د ددبب اللون أو العرق أو المال أو الجاه أو الس د د ددلطان ثم أخذ يغلق‬
‫أبواب االسددترقاق والعبودية فجعل العتق أقرب إلي هللا تعالي وجعل العتق كفارة لأليمان‬
‫أو ثمناً لجريمة (كالقتل الخطأ)‪ .‬ثم جعل اإلسد د د ددالم الدوم واحد ومتكاف في القصد د د دداص‬
‫بعد أن تدرج في فقه الرق‪ .‬أما الفرد غير المس د ددلم فقد أقر له اإلس د ددالم رابطة األخوة في‬
‫اإلنسانية أيا كان مسماه الفقهي‪ .‬ذمياً أو مستأمناً أو أجنبياً عن الدولة مثلهم جميعاً‬
‫التمتع بكافة الحقوق التي يتمتع المس ددلمون بها لقوله علي الس ددالم و لهم ما لنا وعليهم‬
‫مدا علينداو‪ .‬ولقدد كداندت الجزيدة يددفعهدا غير المسد د د د د د ددلم في الددولدة اإلسد د د د د د ددالميدة مقدابدل عددم‬
‫عندما كانت الدولة اإلسد د ددالمية ديناً وجنسد د ددية أما اآلن فإن جنسد د ددية‬ ‫انخراطه في الجي‬
‫الدولة صدارت منفصدلة عن الدين وهي تقوم علي أسداس الدم أو (‪)2‬اإلقليم أو األسداسدين‬
‫واجباً علي جميع‬ ‫معاً‪ .‬أو التجنيس أو تكتسددب بالزواج كما أصددبح اإلنخراط في الجي‬
‫أبناء الدولة من مواطنيها بال أية تفرقة علي أسد د د دداس الدين أو العقيدة ومن هنا أصد د د ددبح‬
‫الحديث عن الجزية ال مجال له وال سبب له أو سند وأصبح التفاوت النظري بين الناس‬
‫وهو الذكاء والتدريب الجاد والمؤهالت العلمية هي الفيصدل في تبوأ المكانة لمن حسدنت‬

‫سورة النساء اآلية رقم (‪.)134‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬حامد سلطان (أحكام القانون الدولي في الشريعة اإلسالمية) دار النهضة العربية سنة ‪ 1970‬ص ‪ 141‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪94‬‬
‫أخالقدده دون أدني نظر إلي أي سد د د د د د دبددب آخر غير ذلددك مددا دامددت الدددولددة تبغي التقدددم‬
‫واالزدهار وإرضاء الواحد العدل القهار‪.‬‬
‫أما بالنس د ددبة للمرأة فقد رفع اإلس د ددالم عنها ش د ددبهة مس د ددئولية خروج آدم من الجنة وحارب‬
‫عادة التش د د دداؤم من ميالد البنات ‪ ،‬وحرم وأدها ‪ ،‬وس د د دداوي بينها وبين الرجل في الطبيعة‬
‫اإلنسد د ددانية ‪ ،‬وأعلي قدرها ‪ ،‬وكرمها كزوجة ‪ ،‬وكأم واوجب لها الحق في منافسد د ددة الرجل‬
‫في العمل والوهائف العامة ‪ ،‬واستقالل الذمة المالية والرأي‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫حقوق اإلنسان في إعالنات الحقوق والدساتير‬
‫منذئذ‬ ‫ههرت أفكار مونيس د د د ددكو وجان جاك روس د د د ددو ولوك وهونز في إنجلت ار التي تعي‬
‫دستو اًر غير مكتوب وقد أصدرت إعالنات تتضمن حقوق اإلنسان وأهمها العهد األعظم‬
‫سد ددنة ‪ Magna carta 1215‬حيث وقع الملك جون علي هذا العهد خضد ددوعاً للشد ددعب‬
‫وإرادته وكذلك االكلبروس الذي ثار علي الظلم والطغيان حيث تضد د د د د ددمن هذا العهد أهم‬
‫الحقوق اإلنسد د ددانية وحمايتها‪ ،‬وفي سد د ددنة ‪ 1628‬صد د دددر ملتمس الحقوق ‪Petition of‬‬
‫‪ Right‬وأهم مددا جدداء فيدده عدددم حبس أي شد د د د د د ددخص إال بتهمددة حقيقيددة محددددة‪ .‬ثم أقر‬
‫البرلمان اإلنجليزي سد د د ددنة ‪ 1688‬إعالن حقوقي ‪ Bill of Right‬والذي أهم ما جاء فيه‬
‫عدم أحقية الملك في إيقاف القوانين وال اإلعفاء من تطبيقها وال فرض ضرائب من غير‬
‫موافقة البرلمان‪ .‬وقد كان لهذه الوثائق أهمية كبري علي حقوق اإلنس د د د د ددان ليس فقط في‬
‫إنجلت ار وحدها ولكن في غيرها من الدول مثل الواليات المتحدة األمريكية وفرنس ددا‪ .‬حيث‬
‫ههرت في الواليددات المتحدددة األمريكيددة إعالنددات حقوق اإلنس د د د د د د ددان حيددث لم تكن هددذه‬
‫الواليات س د د د د د ددوي مس د د د د د ددتعمرات انجليزية ثارت علي االس د د د د د ددتعمار االنجليزي ونادت ‪13‬‬
‫مسددتعمرة باالسددتقالل‪ .‬وأصدددرت كل منها دسددتو اًر داخلياً يتضددمن أهم ما يتضددمن حقوق‬
‫اإلنسان حيث جاء في تصريح االستقالل ما يلي ‪-:‬‬
‫( يولدد جميع النداس أح ار اًر وقدد وهبهم هللا حقوقداً ال يجوز أن يتخلوا عنهدا ومن بين هدذه‬
‫الحقوق الحياة والحرية والبحث عن الس د د ددعادة ‪ ،‬ويجب علي الحكومات القائمة أن تعمل‬
‫علي ضد د د ددمان هذه الحقوق )‪ .‬أما في فرنسد د د ددا فقد صد د د دددر إعالن ‪( 1789‬إعالن حقوق‬
‫اإلنس د د د د د د ددان والمواطن) والددذي ص د د د د د د دددر في ‪ 1789/8/26‬حيددث وافقددت عليدده الجمعيددة‬
‫التأسدديسددية الفرنسددية حيث ورد في سددبعة عشددر مادة وهو بمثابة وثيقة ذات أهمية كبري‬
‫ليس فقط في فرنس ددا ولكن في العالم كله وقد كان هذا اإلعالن تلخيصد داً للثورة الفرنس ددية‬
‫كمدا كدان يفهمهدا الفرنسد د د د د د دديون حيدث أكدد هدذا اإلعالن أن حقوق اإلنس د د د د د د ددان تقوم علي‬

‫‪96‬‬
‫عنصرين هما المساواة والحرية إذ نص بمادته األولي (يولد الناس أح ار اًر ومتساويين في‬
‫الحقوق) كمددا أكدددت المددادة الثددانيددة علي أن هددذه الحقوق هي الحريددة والملكيددة واألمن‬
‫(‪)1‬‬
‫ومقاومة الظلم والطغيان‪.‬‬
‫وقد أكد إعالن حقوق اإلنس د ددان في فرنس د ددا س د ددنة ‪ 1789‬علي أن الحرية تعني أن المرء‬
‫يسد د د د د د ددتطيع أن يفعدل كل ما ال يلحق ضد د د د د د ددر اًر باآلخرين وال يمكن أن تكون هنداك حدود‬
‫للحريدة إال بدالقدانون وال يمكن إجبدار أحدد علي فعدل مدا لم يدأمر بده القدانون ثم تدابعدت أهم‬
‫معالم الحرية بنود هذا اإلعالن كالحرية الشد د د ددخصد د د ددية والسد د د ددالمة الفردية وعدم الرجعية‬
‫وقرينة البراءة وقاعدة ش ددرعية الجرائم والعقوبات وحرية االعتقاد في حدود عدم المس دداس‬
‫بدداألمن العددام وحريددة الفكر وحريددة التجمع بهدددوء وبال سد د د د د د ددالو وحريددة التش د د د د د د دداكي إلي‬
‫السددلطات العامة وكذلك الحريات األسدداسددية وسدديادة القانون والمش دروعية والشددرعية‪ .‬هذا‬
‫كله عن الحرية أما عن المس د د د د دداواة فقد وردت في اإلعالن عبارة (المس د د د د دداواة في المنافع‬
‫والتكاليف) وفقاً لنص المادة (‪ )1‬وقد قضد ددي هذا اإلعالن علي التمييز غير المبرر في‬
‫المجتمع الفرنسد ددي حيث أعلن المسد دداواة المدنية والقانونية وفي إطار هذه القاعدة اعترف‬
‫اإلعالن للجميع في كل الدول والعص د د ددور بحقوق أس د د دداس د د ددية متس د د دداوون فيها دون أدني‬
‫إعتراف بالحدود ألنها حقوق طبيعية س د ددبقت نش د ددوء الدول وهي تس د ددمو علي فكرة الدولة‬
‫ذاتها‪ .‬ولقد نظر رجال القانون في العالم إلي االعالن الفرنس د د د د ددي علي أنه ذو أثر كبير‬
‫جداً في إقرار الحقوق والحريات عالمية فها هو ذا الدسدتور الفرنسدي يشدير إلي اإلعالن‬
‫ويؤكد علي بنوده وتلك هي الدسد د د د دداتير المختلفة تشد د د د ددير إلي اإلعالن مباش د د د د درة أو غير‬
‫مباشرة وال تزال المبادن التي أعلنها هذا اإلعالن جزءاً مهماً مما تحارب األمم من أجله‬
‫حتي اآلن‪ .‬ولقد صددرت بعد الثورة الفرنسدية إعالنات حقوق اسدتقيت جميعها من إعالن‬
‫حقوق اإلنس ددان والمواطن س ددنة ‪ 1789‬مثل مش ددروع جيروندا س ددنة ‪ .1793‬والذي حوي‬
‫ثالثة وثالثين مادة تحدثت معظمها عن الحقوق االقتص ددادية واالجتماعية وكذلك اعالن‬

‫انظر د‪ .‬حسين جميل ‪ .‬حقوق اإلنسان في الوطن العربي ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت – سنة ‪ 1986‬ص ‪.36‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪97‬‬
‫مونتندارد سد د د د د د دندة ‪ 1793‬وهو يحتوي علي ‪ 14‬مادة يركز فيهدا علي المسد د د د د د دداواة والحرية‬
‫وكذلك إعالن الحقوق والواجبات سدنة ‪ 1795‬حيث أهتم هذا اإلعالن بواجبات المواطن‬
‫إلي جانب حقوقه‪.‬‬
‫ثم جاء دسد ددتور سد ددنة ‪ 1848‬الذي تعرض بالتفصد دديل في ديباجته في بابيه األولين إلي‬
‫حقوق اإلنس ددان بص ددفة مفص ددلة ثم جاء دس ددتور ‪ 1946‬والذي تطور في نص ددوص دده نحو‬
‫(‪)1‬‬
‫ترسيخ وتأكيد ما جاء في إعالنات الحقوق السابقة وما سبقه من دساتير‪.‬‬
‫أما في مفهوم حقوق اإلنسددان لدي الفكر اإلشددتراكي حيث نص الدسددتور السددوفيتي سددنة‬
‫‪ 1936‬علي الحقوق والحريات في دسد د د د ددتور سد د د د ددنة ‪ 1936‬ولكنه أوردها في فصد د د د ددولها‬
‫األخيرة وتحت ددل الحقوق االقتصد د د د د د د ددادي ددة واالجتم دداعي ددة في دده مرتب ددة متق دددم ددة علي الحقوق‬
‫والحريات الس د د د ددياس د د د ددية والمدنية وذلك من منطلق الفلس د د د ددفة اإلش د د د ددتراكية من أن التحرر‬
‫األسد د دداسد د ددي لإلنسد د ددان هو التحرر من االسد د ددتغالل االقتصد د ددادي إذ ال يمكن –من وجهة‬
‫نظرهم‪ -‬أن تقوم للديمقراطية الس د د ددياس د د ددية قائمة بدون أن تتوافر لها مقومات اقتص د د ددادية‬
‫وا جتماعية معينة‪ .‬ومن ثم كان الحق في العمل والحق في الراحة والض ددمان اإلجتماعي‬
‫والتعليم والحرية النقابية متقدماً علي ما س د د د دواه من حقوق ولقد جاء دسد د د ددتور ‪ 1977‬في‬
‫اإلتحاد السد د ددوفيتي معترفاً بحقوق جديدة فوق ما أقره دسد د ددتور ‪ .1936‬حيث ههر ألول‬
‫مرة في العالم النص في الدسد د د د ددتور علي الحق في المسد د د د ددكن‪ .‬أما في الدول النامية فقد‬
‫تذرعت تلك الدول بظروفها اإلقتصد د د د ددادية واإلجتماعية المتدنية والصد د د د ددعبة لإلفالت من‬
‫اإللتزام بحقوق اإلنسدان حيث نظرت إلي حقوق اإلنسدان نظرة رفاهية وادعت أن أهم ما‬
‫يشدغلها هو توفير الحد األدني الالزم للمعيشدة وضدمان الحاجات األسداسدية للفقراء وذلك‬
‫مهربداً من االلتزام بداحترام حقوق اإلنسد د د د د د ددان وتوهمداً أنهدا يمكن أن تتقددم إلي األمدام ولو‬
‫خطوة واحدة دون احترام الحقوق األس د دداس د ددية لإلنس د ددان وأهمها الكرامة والحرية والمس د دداواة‬
‫واألمن فليس التخلف االقتصد د د د ددادي سد د د د ددبباً في إهدار أو إنتهاك الحق في الحياة وحرمة‬

‫د‪ .‬محمد يوسف علوان ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 50‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪98‬‬
‫الجسددد فال هي حققت التنمية اإلقتصددادية وال هي احترمت الحقوق والحريات األسدداسددية‬
‫لإلنس ددان مما رس ددخ األنظمة االس ددتبداد في هذه الدول وإن اإلنتقال الس ددلمي للس ددلطة في‬
‫هذه الدول يكون أمالً ص ددعب المنال الس دديما في هل الفقر والجهل والمرض وعدم وعي‬
‫الشدعب بانه صداحب السدلطة وليكن السدلطان لوسدائل اإلعالم وانتشدار القبلية والعشدائرية‬
‫والطدائفيدة وعلوهدا علي االنتمداء الوطني الحقيقي المجرد‪ .‬وهي تقددم للددول الكبري أثمن‬
‫هدية للتدخل في الشد د د د ددئون الداخلية وممارسد د د د ددة ضد د د د ددغوط عليها أو خلق فوضد د د د ددي فيها‬
‫وحرمانها من مزايا اقتصد د د ددادية ليس سد د د ددبب انتهاك حقوق اإلنسد د د ددان ولكن ربما بسد د د ددبب‬
‫المضد د د د د ددي قدماً نحو حقوق اإلنسد د د د د ددان والتنمية الشد د د د د دداملة حتي تظل هذه الدول متخلفة‬
‫ومس ددتبدة حيث للدول الكبري مص ددلحة في غياب الحريات والمؤسد دس ددات الديمقراطية في‬
‫(‪)1‬‬
‫الدول النامية‪.‬‬
‫أما في مصد د د ددر فإن حقوق اإلنسد د د ددان تعود إلي قديم األزل منذ عهد الفراعنة حيث أثبت‬
‫التاريخ حال حقوق اإلنسد د د د ددان في مصد د د د ددر منذ هذه اآلالف من السد د د د ددنين‪ .‬أما في العهد‬
‫الحديث فقد كانت الدسد دداتير شد دداهداً علي تطور الوعي بحقوق اإلنسد ددان وحرياته والتأثر‬
‫بما حدث في الغرب من ثورات في هذا المجال ففي سد د د ددنة ‪ 1879‬تقدم محمد ش د د د دريح‬
‫باشد د ددا في عهد الخديوي إسد د ددماعيل إلي مجلس الوزراء بمشد د ددروع دسد د ددتور فأثار مخاوف‬
‫الدول األجنبية االسد د د ددتعمارية فسد د د ددعت لدي تركيا (الدولة العثمانية) حيث كانت مصد د د ددر‬
‫تابعة لها بغية خلع الخديوي إس د ددماعيل وهو ما تم بالفعل حيث تم عزله بعد ش د ددهر فقط‬
‫من تقديم هذا المشد ددروع وقد تولي نجله توفيق الذي أصد دددر دسد ددتو اًر جديداً سد ددنة ‪1881‬‬
‫لكنه لم يدم طويالً ولقد اسد ددتقلت مصد ددر وصد دددر دسد ددتور ‪ 1923‬الذي سد ددري حتي ألغاه‬
‫الملك فاروق س د ددنة ‪ 1934‬والعيد العمل به حتي ثورة ‪ 1952‬وبعد ثورة ‪ 1952‬أص د دددر‬
‫الرئيس جمال عبد الناصد ددر إعالناً باسد ددم الشد ددعب سد ددمي اإلعالن الدسد ددتوري ليحل محل‬
‫دسد د ددتور ‪ 1923‬في فترة إنتقالية محدودة هي ثالث سد د ددنوات ثم دسد د ددتور ‪ 1956‬وبعدها‬

‫د‪ .‬غازي حسن صباريني ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ ، 43‬ود‪ .‬محمد يوسف علوان المرجع السابق ص‪ 63‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪99‬‬
‫اتحدت مصر وسوريا فصدر دستور ‪ 1958‬وزالت الوحدة فصدر دستور ‪ 1964‬والذي‬
‫هل سد د ددارياً حتي دسد د ددتور ‪ 1971‬الذي حدثت عليه تعديالت سد د ددلبية سد د ددنة ‪ 1980‬فيما‬
‫يتعلق بمدة حكم الرئيس ثم جري تعديله بعد ذلك حتي سد د د ددنة ‪ 2007‬ثم قامت ثورة ‪25‬‬
‫يناير سددنة ‪ 2011‬فتعطل العمل بالدسددتور (دسددتور ‪ )1971‬ثم تم إقرار دسددتور ‪2012‬‬
‫ثم قامت ثورة ‪ 30‬يونيو سد د د د د د ددنة ‪ 2013‬فتعطل العمل بدسد د د د د د ددتور ‪ 2012‬وال تزال لجنة‬
‫الخبراء العشدرة تعكف علي تعديل دسددتور ‪ 2012‬حتي كتابة هذه السددطور حيث سددوف‬
‫تسدلمه إلي لجنة الخمسدين خالل األسدبوع الحالي (األسدبوع األول من شدهر سدبتمبر سدنة‬
‫‪ )2013‬ثم يتم االسد ددتفتاء عليه من الشد ددعب إلق ارره ولعل أهم ما يتضد ددمنه الدسد ددتور هو‬
‫الحقوق والحريات األس دداس ددية لإلنس ددان المص ددري باإلض ددافة إلي النظام الس ددياس ددي وش ددكل‬
‫الحكومة والسددلطة التش دريعية والقضددائية واألسدداس االقتصددادي واالجتماعي والديني ‪ .‬ثم‬
‫ترك بعض األمور إلي القوانين األسداسدية أو المكملة للدسدتور كقانون السدلطة القضدائية‬
‫أو الحقوق السددياسددية كما تتولى القوانين القضددائية أو قوانين اإلجراءات وضددع نصددوص‬
‫الدسد ددتور وضد ددع التنفيذ في شد ددأن حماية حقوق اإلنسد ددان وحرياته األسد دداسد ددية مثل الغير‬
‫عمومداً – كدذلدك قوانين البيئدة والصد د د د د د دحدة والغدذاء والبنداء والمدال والتنميدة االقتصد د د د د د دداديدة‬
‫واالجتماعية والتعليم واألحوال الش ددخص ددية والمعامالت والعقود كلها موض ددع مدي حماية‬
‫(‪)1‬‬
‫حقوق اإلنسان في النظام الداخلي نزوالً من الدستور حتي اللوائح والق اررات‪.‬‬

‫انظر تفصيل ذلك د‪ .‬حسن سند (النظم السياسية) دار النهضة العربية ط ‪ 2003‬ص ‪ 141‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪100‬‬
‫الباب الثاني‬
‫أهم حقوق اإلنسان األساسية‬

‫الفصل األول‬
‫أهم تصنيفار حقوق اإلنسان‬

‫من أهم تصنيفات حقوق اإلنسان تقسيمها إلي اآلتي ‪-:‬‬


‫أوالً‪ -‬حقوق اإلنسننننان المدنية والسننننياسننننية ‪ ،‬وحقوق اإلنسننننان االقتصننننادية‬
‫واالجتماعية والثقافية ‪-:‬‬
‫لقد كان التزام الدول تجاه حقوق اإلنسان إتجاهاً سلبياً وكان مضمون حقوق اإلنسان‬
‫التقليدي هو ذاته مضد ددمون سد ددلبي ال يعني أكثر من إمتناع الدولة عن ما من شد ددأنه‬
‫النيدل من هدذه الحقوق دون ثمدة إلتزام بعمدل إيجدابي ولقدد سد د د د د د ددبقدت الحقوق المددنيدة‬
‫والس ددياس ددية تاريخياً الحقوق اإلقتص دداد ية واإلجتماعية والثقافية في هل أس ددبقية س دديادة‬
‫مفهوم الدولة الحارس د ددة ومع مرور الزمن تغير دور الدولة تجاه مص د ددلحة الفرد وبات‬
‫لزاماً عليها التدخل لمص د د د د ددلحة األفراد تدخالً إيجابياً وس د د د د دداد مفهوم الدولة التنظيمية‪.‬‬
‫وأصد د ددبحت علي السد د ددطح الحقوق اإلقتصد د ددادية واإلجتماعية والثقافية لتنافس الحقوق‬
‫السد ددياسد ددية والمدنية بعد ما ههر هذا البون الشد دداسد ددع بين األقلية التي تملك واألغلبية‬
‫الظلم والبؤس والفقر ثم بدأ ينص عليها في الدساتير وإعالنات‬ ‫المعدومة التي تعاي‬
‫الحقوق العدالميدة واإلقليميدة لتخداطدب دوالً متبدايندة في التنميدة ومسد د د د د د ددتوي المعيشد د د د د د ددة‬
‫واأليددلوجيدة م مدا أجبر الددول علي التنفيدذ قددر الجهدد والطداقدة والتددرج وبدذل العندايدة‬
‫كمدا هو الحدال في أفريقيدا وأمريكدا الالتينيدة وآسد د د د د د ديدا‪ .‬إذ أنده وإن كدان إعمدال الحقوق‬
‫المدنية والسد د ددياسد د ددية ال يتطلب إال سد د ددن القوانين لتنفيذ فو اًر فإن الحقوق اإلقتصد د ددادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية تحتاج إلي جانب ذلك موارد مالية تكون عقبة كؤود في سد د ددبيل‬
‫تنفيددذ وتطبيق وتفعيددل هددذه الحقوق ممددا جعددل البعض ينظر إليهددا علي أنهددا مجرد‬
‫‪101‬‬
‫توجيهات أو آمال أو إرشدادات في الدول الفقيرة حتي تقدر علي تحقيقها‪ .‬هذا فضدالً‬
‫عن أن الحقوق اإلقتص د د د د د ددادية واإلجتماعية والثقافية ال تمتع بذات القدر من األهمية‬
‫مثل الحقوق المدنية والسددياسددية بخصددوص الضددمانات إذ أن درجة الحماية حيث أن‬
‫الفرد ال يمكنه التمسك بها أمام القضاء باستثناء األحزاب والحرية النقابية فضالً عن‬
‫أنده ال يوجدد جزاء واضد د د د د د ددح ومحددد عندد مخدالفدة الحقوق اإلقتصد د د د د د دداديدة واإلجتمداعية‬
‫والثقافية‪ ،‬وحتي مجرد النص علي الحق في الدسد دداتير ليس أكثر من معلم من معالم‬
‫نشد دداطه في المسد ددتقبل لئال يصد دددر من التش د دريعات ما يخالفه بعكس الحقوق المدنية‬
‫والسياسية فهي ملزمة وواجبة التطبيق فو اًر‪.‬‬
‫والواقع أن الحقوق اإلقتصدادية واإلجتماعية والثقافية شدديدة اإلرتباط بالحقوق المدنية‬
‫والسد ددياسد ددية وليسد ددت بمنأض عنها بحيث قد ال تكون الحقوق المدنية والسد ددياسد ددية ذات‬
‫جدوي في غياب الحقوق اإلقتص د د د د ددادية واإلجتماعية والثقافية وتمس د د د د ددي مجرد حقوق‬
‫اسد د د د ددمية مفرغة من المضد د د د ددمون ‪ ،‬وأيض د د د د داً ال طائل من وراء الحقوق اإلقتصد د د د ددادية‬
‫واإلجتماعية والثقافية حيث ال حرية س ددياس ددية دون التحرر االقتص ددادي كما قال جان‬
‫والفقر المددقع متالزمدان وعنددمدا يجتمعدان في مجتمع‬ ‫جداك روسد د د د د د ددو (الغني الفداح‬
‫تباع فيه الحرية وتش ددتري يبيعها الفقراء ويش ددتريها األغنياء) مما تكون خالص ددة وحدة‬
‫حقوق اإلنسددان وشددمولها وعدم قابليتها للتجزئة بحيث أن الواقع يؤكد أن ثمة مسدداس‬
‫ببعض هذه الحقوق يؤثر سدلبياً علي البعض اآلخر‪ .‬وأما بخصدوص الضدمانات فإن‬
‫الحقوق المدنية والس ددياس ددية تخض ددع لنظام التقارير كقاعدة عامة أما الرقابة القض ددائية‬
‫وشد د د د ددبه القضد د د د ددائية فهي أمر اختياري كأصد د د د ددل عام متروك للدول األطراف في هذه‬
‫اإلتفاقيات هذا فض د د دالً عن أن هذه الحقوق قد تكون ذات طبيعة مزدوجة كالحق في‬
‫الحرية النقابية فهو حق اقتصادي واجتماعي في األصل لكن ال غني عن هذا الحق‬
‫لض د ددمان الحق في العمل والحق في التجمع ش د ددروط عمل عادلة ومالئمة والحق في‬

‫‪102‬‬
‫وقت الف ار وهو في ذات الوقت أحد أشد د د د ددكال الحق في االجتماع والتجمع السد د د د ددلمي‬
‫وهو ذاته من هذه الناحية حق مدني وسياسي‪.‬‬
‫ثانيا ً – حقوق اإلنسان الفردية والجماعية ‪-:‬‬
‫تسد ددتهل مواثيق حقوق اإلنسد ددان العالمية واإلقليمية نصد ددوصد ددها بعبارات تنب عن أن‬
‫الفرد هو الهدف والغاية مثل (لكل ش ددخص) أو (لكل فرد) أو (لكل إنس ددان) ال س دديما‬
‫الحقوق الفرديددة الطبيعيددة أو الفطريددة أو الددذاتيددة كددالحق في الحريددة أو األمن وحريدة‬
‫التنقل وحرمة المسد د ددكن والخصد د ددوصد د ددية والفكر والرأي ‪..‬الخ‪ .‬مما يعني أن الشد د ددرعية‬
‫الدولية قد اتسد د ددمت منذ بداياتها بالنزعة الفردية لكنها لم تتغافل عالقة الفرد بالوسد د ددط‬
‫الددذي هو فيدده وهو المجتمع المحلي والدددولي وهو مددا أكددده اإلعالن العددالمي لحقوق‬
‫اإلنسد د د د د ددان في المادة (‪ )28‬منه التي نصد د د د د ددت علي أنه ‪( :‬لكل فرد الحق في التمتع‬
‫بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضد دداه الحقوق والحريات المنصد ددوص عليها في هذا‬
‫اإلعالن تحقيقاً تاماً) كما نص ددت المادة (‪ )29‬منه علي انه ‪( :‬علي كل فرد واجبات‬
‫إزاء الجماعة التي هو فيها‪ .‬والتي فيها وحدها يمكن أن تنمو شد ددخصد دديته النمو الحر‬
‫الكدامدل)‪ .‬وهو ذاتده مدا نص عليهدا العهددان الددوليدان للحقوق المددنيدة والسد د د د د د ديداسد د د د د د ديدة‬
‫والحقوق اإلقتصد د د ددادية واإلجتماعية والثقافية وهو ما وضد د د ددح في مقدمة العهدين التي‬
‫جاء فيها (مس د د ددئولية الفرد بما عليه من واجبات تجاه األفراد اآلخرين والمجتمع الذي‬
‫ينتمي إليه)‪ .‬الكفاو لتعزيز الحقوق المقررة في اإلتفاقية الحالية ومراعاتها ‪ ،‬والحقوق‬
‫الفردية هي التي يتمتع بها الفرد بص ددفته الش ددخص ددية أو الفردية أما الحقوق الجماعية‬
‫فهي التي ال تمددارس إال بشد د د د د د دكددل جمدداعي كمددا في معظم الحقوق االقتصد د د د د د د دداديددة‬
‫واالجتماعية والثقافية كالعمل والضد ددمان االجتماعي ضد ددد البطالة والمرض والحوادث‬
‫والشد دديخوخة وكما الحق في األحزاب والحق في اإلنتماء إلي نقابة‪ .‬وزعم أن التقسد دديم‬
‫الحالي واضد د د ددح إال أنه ليس ما يمنع أن تكون هناك حقوق ذات صد د د ددفة مختلطة أي‬

‫‪103‬‬
‫فردية وجماعية في ذات الوقت وذلك مثل حرية العقيدة وحرية التعبير وحرية التجمع‬
‫أو اإلجتماع وغيرها‪.‬‬
‫وتظهر أهميددة الحقوق الجمدداعيددة في دول العددالم الثددالدث التي بهددا جمدداعدات اثنيدده أو‬
‫عرقية أو دينية أو طائفية أو مللية أو لغوية مميزة حيث البد من نص د د د د ددوص تفوض‬
‫حماية الخصد د د ددائص المشد د د ددتركة لهذه الجماعات المعنية‪ .‬وتتجه المواثيق الدولية إلي‬
‫مسد د دداعدة هذه الجماعات والشد د ددعوب علي تقرير مصد د دديرها أو حمايتها من اضد د ددطهاد‬
‫األغلبية أو االنتهاكات الصدارخة لحقوق اإلنسدان كالتميز العنصدري أو إنتهاك الحق‬
‫(‪)1‬‬
‫في التنمية‪.‬‬
‫ومن أهم الحقوق الجماعية الحق في السد د د ددالم والحق في تقرير المصد د د ددير والحق في‬
‫التنمية والحق في بيئة سليمة والحق في السيادة الدائمة علي الموارد‪.‬‬
‫ثالثا ً – حقوق اإلنسان األساسية وحقوق اإلنسان األخري ‪-:‬‬
‫ورد اص د د ددطالو الحقوق لإلنس د د ددان م ار اًر في المواثيق العالمية منذ نش د د ددأتها مثل ميثاق‬
‫األمم المتحدة واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين واالتفاقية العالمية‬
‫للقض د دداء علي جميع أش د ددكال التميز العنص د ددري واتفاقية القض د دداء علي جميع أش د ددكال‬
‫التمييز ضد المرأة وإتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها‪.‬‬
‫وتعتبر الحقوق األسد دداسد ددية لإلنسد ددان اسد ددمي من كافة المواثيق واإلعالنات والدسد دداتير‬
‫حيث ال يعتمد نفاذها علي قبول األشخاص المخاطبين بها كما أنها ال يجوز التنازل‬
‫عنها أو االنتقاص منها‪.‬‬
‫ومن هنا يبدو واضدحاً أن القانون الدولي لحقوق اإلنسدان تقر بوجود حقوق أسداسدية‬
‫لإلنسد ددان ويعترف بها ضد ددمن تدرج مختلف حقوق اإلنسد ددان وأولوية وأسد ددبقية بعضد ددها‬
‫علي البعض اآلخر من حي ددث األهمي ددة ومن أهمه ددا تل ددك التي ينظر إليه ددا المجتمع‬
‫الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مثل الحد األدني المتمدين أو الحضداري في‬

‫د‪ .‬محمد يوسف علوان ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 295‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪104‬‬
‫معاملة األجانب وحقوق اإلنسد د د د ددان األولية التي ال تهاون فيها إذا تم حذفها والموجبة‬
‫للتدخل من أجل اإلنسد د د ددانية ومنها حقوق األقليات وحقوق السد د د ددكان جميعهم المتعلقة‬
‫بدالحق في الحيداة والحريدة وحريدة المعتقدد والدديداندة والحق في عددم التمييز خداصد د د د د د ددة‬
‫التمييز العنصددري وكذلك الحد األدني من القواعد اإلنسددانية التي يجب مراعاتها تجاه‬
‫من لم يشد د ددارك في الحرب من المدنيين في النزاع المسد د ددلح ولهذا الحد األدني صد د ددفة‬
‫القواعددد اآلمرة التي (تقبلهددا الجمدداعددة الدددوليددة في مجموعهددا وتعترف بهددا بدداعتبددارهددا‬
‫قدداعدددة ال يجوز اإلخالل بهددا وال يمكن تعددديلهددا إال بقدداعدددة الحقددة من قواعددد القددانون‬
‫(‪)1‬‬
‫الدولي لها ذات الصفة)‬
‫وما س ددبق يؤكد علي قاعدة أن هناك حقوقاً أس دداس ددية فعالً وواقعاً بدليل أن االتفاقيات‬
‫المعنيدة بحقوق اإلنس د د د د د د ددان تحظر علي الددول األطراف مخدالفتهدا (أي مخدالفدة البنود‬
‫المتعلقة بالحقوق األس د د د د دداس د د د د ددية الوارد بها) حتي في حالة الحرب أو في خطر عام‬
‫اس د ددتثنائي يهدد حياة األمة أي ال يباو الخروج علي هذه الحقوق ويجب مراعاتها في‬
‫(‪)2‬‬
‫كل زمان ومكان في وقت السلم والحرب علي السواء‪.‬‬
‫وهو ذات الش دديء الذي ورد في العهد الدولي للحقوق المدنية والس ددياس ددية التي نصددت‬
‫علي أن دده ال يجوز مخ ددالف ددة أو الخروج بت ددات داً عن الحق في الحي دداة والحق في ع دددم‬
‫الخض ددوع للتعذيب والعقوبات أو المعامالت غير اإلنس ددانية والمهنية‪ .‬والحق في عدم‬
‫االسترقاق والعبودية وحق المدين في عدم الحبس لمجرد العجز عن االلتزام التعاقدي‬
‫وحظر التطبيق الرجعي للقوانين العقابية وحق كل فرد في االعتراف بشد د د د د ددخصد د د د د دديته‬
‫القدانونيدة في كدل مكدان ‪ ،‬والحق في التفكير والضد د د د د د ددمير والددين‪ .‬وهو ذات المنحني‬
‫الذي نحاه القانون الجنائي الدولي إذ تضدمن عدداً من القواعد األسداسدية ذات الطابع‬
‫اإلنسد دداني وذات الصد ددفة اآلمرة مثل اتفاقية تحريم إبادة الجنس البشد ددري سد ددنة ‪1949‬‬

‫م ‪ 53 /‬من اتفاقية فينا لقانون المعاهدة‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫د‪ .‬محمد يوسف علوان ‪( .‬بنود التحلل من االتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان) مجلة الحقوق – السنة الرابعة –‬ ‫)‪(2‬‬

‫العدد الثاني يونيو ‪ 1985‬ص ‪ 165‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪105‬‬
‫التي سد ددمت علي كافة القوانين الوضد ددعية والتي فس د درتها محكمة العدل الدولية بقولها‬
‫(إن المبادن المقصودة هي المبادن التي هي أساس االتفاقية وهي المبادن المعترف‬
‫بهدا في األمم المتمدديندة بصد د د د د د ددرف النظر عن أية رابطدة اتفداقيدة) ممدا مفداده أن الدول‬
‫يجب أن تلزم باحترام هذه الحقوق (الحقوق األسداسدية لإلنسدان) حتي في حالة غياب‬
‫أي التزام اتفاقي ويمكن االحتجاج بها في مواجهة الكافة وهي بمثابة شد ددروط مسد ددبقة‬
‫للممارس د ددة الفعالة لحقوق اإلنس د ددان األخري في مجموعها وال س د ددبيل دونها إلي إحراز‬
‫تقدم ملموس في مجال حقوق اإلنسد د ددان والحريات األسد د دداسد د ددية‪ .‬وال يقدو في ذلك أن‬
‫مس ددألة تص ددنيف الحق علي أنه حق أس دداس ددي من حقوق اإلنس ددان من حقوق اإلنسددان‬
‫هو أتمر نسد د د د د د ددبي زمداندا ومكدانداً بددليدل حق الملكيدة الدذي كدان حقداً مقددس د د د د د دداً ال يجوز‬
‫المسد دداس به ثم أصد ددبح مه إخالف األيدلوجيات وهيفة اجتماعية حتي وصد ددل األمر‬
‫إلي حد إغفاله كحق من حقوق اإلنسد ددان في العهدين الدوليين لحقوق اإلنسد ددان سد ددنة‬
‫‪.1966‬‬

‫‪106‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أهم الحقوق األساسية لإلنسان‬
‫درج الفقه علي تقسيم الحقوق إلي عدة تقسيمات علي النحو سالف الذكر في الفصل‬
‫األول وسوف ننهج هذا الفصل التقسيم إلي حقوق مدنية وسياسية ثم حقوق اقتصادية‬
‫واجتماعية وثقافية وذلك في مبحثين اثنين علي النحو اآلتي ‪-:‬‬

‫المبحث األول‬
‫الحقوق المدنية والسياسية‬
‫أوالً – الحق في الحياة ‪-:‬‬
‫وقعدت أول جريمدة في الحيداة ضد د د د د د ددد الحق في الحيداة عنددمدا قتدل ابن آدم أخداه دونما‬
‫ذنب جناه‪ .‬كما سد د د دداد في الماضد د د ددي أن هذا ليس حقاً لكل الناس إذ أن العبيد يمكن‬
‫قتلهم متي ش د د دداء أس د د دديادهم والوالد يئد ابنته متي ش د د دداءت إرادته‪ .‬والض د د ددعيف يقتل ال‬
‫لشد د دديء إال لعدم قدرته علي رد أو صد د ددد العدوان وما من شد د ددك في أن هذا الحق هو‬
‫أقدس وأس ددمي وأعز ما يملكه اإلنس ددان فهو علي القمة من س ددائر الحقوق وهو أص ددل‬
‫كل الحقوق ال تنازل عنه وال تفريط فيه بل يباو إهدار حق الحياة عند دفع الص د ددائل‬
‫ضد د د د ددد الحق في الحياة‪ .‬ولقد اهتمت كافة الش د د د د درائع السد د د د ددماوية بهذا الحق إذ جعلته‬
‫الشد د دريعة اإلسد د ددالمية قاعدة أسد د دداسد د ددية من قواعدها فحرمت القتل دون وجه حق فقال‬
‫وقد ش د ددددت الشد ددريعة اإلس د ددالمية‬ ‫(‪)1‬‬
‫تعالي (وال تقتلوا النفس التي حرم هللا إال بالحق)‬
‫بأن جعلت العقوبة هي القتل للردع والتخويح سدواء كان القتيل مسدلماً أو غير مسدلم‬
‫كما عظم اإلس د د ددالم من‬ ‫(‪)2‬‬
‫فقال تعالي (ولكم في القص د د دداص حياة يا أولي األلباب)‪.‬‬
‫جرم قتل النفس فجعل ذلك وكأنما هو قتل للبشد د درية كلها فقال تعالي (من قتل نفسد د داً‬

‫سورة اإلسراء آية رقم (‪.)33‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫سورة البقرة اآلية رقم (‪.)179‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫‪107‬‬
‫بغير نفس أو فسد د د د د د دداد في األرض فكدأنمدا قتدل النداس جميعداً ومن أحيداهدا فكدأنمدا أحيدا‬
‫الناس جميعاً)(‪.)1‬‬
‫كمدا عداق اآلبداء الدذين كدانوا يقتلون أوالدهم خشد د د د د د ديدة عددم القددرة علي اإلنفداق عليهم‬
‫وحرم وأد البنات‬ ‫(‪)2‬‬
‫فقال تعالي (وال تقتلوا أوالدكم خش د د د ددية إمالق نحن نرزقهم وإياكم)‬
‫في قوله تعالي (وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت)(‪.)3‬‬
‫ولم يقف التحريم عند البنت المقتولة بعد ميالدها بل حرم اإلسد د د د ددالم إسد د د د ددقاط الحمل‬
‫عمداً بعد نفخ الروو فيه‪ .‬وقد أوصدديت الش دريعة اإلسددالمية جزاء عنيفاً رادعاً وخطي اًر‬
‫في اآلخرة حتي يرتدع من تسد د د ددول له نفسد د د دده العدوان علي حياة اآلخرين فقال تعالي‬
‫(ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضد د د د د د ددب هللا عليه ولعنه وأعد له‬
‫وأوجب الدية في القتل الخطأ وشد د ددبه العمد كما حرم اإلسد د ددالم حتي‬ ‫(‪)4‬‬
‫عذاباً عظيماً)‬
‫(‪)5‬‬
‫االنتحار وهو قتل النفس فقال تعالي (وال تقتلوا أنفسكم)‪.‬‬
‫ثم توالدت األحداديدث النبويدة تحرم القتدل في كدل األحوال وضد د د د د د ددد كدل بني آدم مطلقداً‬
‫فقال عليه السد ددالم (لو أن رجل قتل في المشد ددرق وآخر رضد ددي بالمغرب ألشد ددرك في‬
‫دمه) وقوله عليه السالم (من أعان علي قتل مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة‬
‫وقدال عليده السد د د د د د ددالم (لزوال الددنيدا عندد هللا‬ ‫(‪)6‬‬
‫مكتوبداً بين عينيده آيس من رحمدة هللا)‬
‫أهون من قتل امرن مس د د ددلم) وقال عليه الس د د ددالم (أول ما يقض د د ددي هللا فيه يوم القيامة‬
‫الدماء)‪.‬‬

‫سورة المائدة اآلية رقم (‪.)32‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سورة اإلسراء اآلية رقم (‪.)31‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة التكوير اآليتان (‪)9، 8‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سورة النساء اآلية رقم (‪.)93‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫سورة النساء من اآلية (‪.)29‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫انظر في شرح هذه األحاديث وتخريجها وسندها فضيلة الشيخ محمود شلتوت (اإلسالم عقيدة وشريعة) المرجع السابق ص‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪ 347‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫أوالً ‪ -‬حماية الحق في الحياة في الفكر الوضعي ‪-:‬‬
‫أغفلت دول كثيرة النص علي حق الحياة في دساتيرها أو قوانينها األساسية باعتبار‬
‫أنه ليس في حاجة إلي نص ألن واهب الحياة هو الخالق سبحانه ‪ ،‬أما حماية هذه‬
‫الحق فقد حظيت بحفاوة كبيرة في هل التشريعات الداخلية سواء كانت قوانين عقابية‬
‫(‪)1‬‬
‫أو قوانين إجرائية‪.‬‬
‫أما علي النطاق الدولي‬
‫أ‪ -‬أهم النصوص في حماية الحق في الحياة ‪-:‬‬
‫فقدد حظي الحق في الحيداة بحمدايدة المواثيق الددوليدة العدالميدة واإلقليميدة إذ نصد د د د د د ددت‬
‫المواد من (الثالثة إلي الحادية والعشدرين) من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسددان علي‬
‫(‪)2‬‬
‫الحقوق المدنية والسياسية وعلي رأسها الحق في الحياة والحق في سالمة الجسم‪.‬‬
‫وفي ذات العام أي س د ددنة ‪ 1948‬أبرمت اتفاقية تحريم إبادة الجنس البش د ددري والعقاب‬
‫(‪)3‬‬
‫علي ذلك ‪ Genocide‬والتي تولت حماية اإلنس ددان في حياته وس ددالمته الجس دددية‪.‬‬
‫ثم فصددلت ذلك اتفاقية الحقوق والسددياسددية سددنة ‪ 1966‬حيث نصددت المادة (‪ )6‬منها‬
‫علي أن الحق في الحياة حق مالزم لكل إنسد د د د ددان وعلي القانون أن يحمي هذا الحق‬
‫وال يجوز حرمددان أحددد من حيدداتدده تعسد د د د د د دفداً وال يجوز في البلدددان التي لم تلغ عقوبدة‬
‫اإلعدام أن تحكم بهذه العقوبة إال علي أشدد الجرائم خطورة ووفقاً للتشدريع النافذ وقت‬
‫وقوع الجريمددة والغير مخددالف ألحكددام هددذه اإلتفدداقيددة ‪ ،‬ومنع اإلبددادة الجمدداعيددة‪ ،‬وال‬
‫يجوز ألي دول ددة طرف في ه ددذه االتف دداقي ددة أن تتحل ددل من الت ازم دداته ددا في منع إب ددادة‬

‫انظر د‪ .‬محمود نجيب حسني "االعتداء علي الحياة في القوانين الجنائية العربية" – المرجع السابق‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫وقد أصدرت الجمعية العامة لألمم المتحدة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة ‪ 1948‬وقد أعدت مشروك اإلعالن لجنة‬ ‫)‪(2‬‬

‫حقوق اإلنسان التي أنشأها المجلس االقتصادي واالجتماعي‪ .‬انظر أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم ‪ ":‬التنظيم الدولي" مكتبة‬
‫حقوق أسيوط ص ‪ 232‬وكذلك انظر نصوص اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان "موسوعة اإلنسان" إصدار الجمعية المصرية‬
‫لإلقتصاد السياسي واإلحصاء والتشريع "تقديم ومراجعة د‪ .‬جمال العطيفي واعداد د‪ .‬محمد وفيق أبو أتله المجلد األول سنة‬
‫‪ 1970‬ص‪.10‬‬
‫انظر في تفضيل جريمة إبادة الجنس البشري د‪ .‬مني محمود مصطفي "الجريمة الدولية بين القانون الدولي والقانون‬ ‫)‪(3‬‬

‫الجنائي – دار النهضة العربية – القاهرة سنة ‪ 1989‬ص ‪ 45‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪109‬‬
‫الجنس البشد د د ددري وألي شد د د ددخص حكم ضد د د ددده باإلعدام حق التماس العفو الخاص أو‬
‫إبددال الحكم العقوبدة ويجوز منح العفو العدام أو الخداص في كدل الحداالت وال يجوز‬
‫الحكم بعقوبة اإلعدام علي أشدخاص ارتكبوا جرائم دون الثامنة عشدر عم اًر ‪ ،‬وال تنفذ‬
‫هذه العقوبة في النساء الحوامل ‪ ،‬وليس في المادة أي حكم يجوز التذرع به من أجل‬
‫(‪)1‬‬
‫تأخير أو منع إلغاء عقوبة اإلعدام من قبل أي دولة طرف في هذه اإلتفاقية‪.‬‬
‫ومن الواضد ددح أن النص السد ددالف الذكر عام يحمي حق الحياة من كل انتهاك سد دواء‬
‫(‪)2‬‬
‫وقع هذا اإلنتهاك من قبل فرد أو من قبل جماعة أو من قبل دولة‪.‬‬
‫ولعل النص السد ددالف يوضد ددح أن الحق في الحياة قد يسد ددمو فوقه حق آخر وهو حق‬
‫المجتمع في القص د دداص من الجناة من الجرائم ذات الخطورة الش د ددديدة ش د دريطة عدالة‬
‫حكم اإلعدام موضد د ددوعيته واسد د ددتبعاد التعسد د ددف من جانب الدولة في هذا األمر‪ .‬ولقد‬
‫أشدارت كلمة وتعسدفو التي وردت بالمدة السدادسدة المشدار إليها عدة تسداؤالت منها ‪:‬‬
‫متي يصد ددير حرمان إنسد ددان من حياته تعسد ددفاً ؟ وهل يسد ددمح بسد ددلب الحق في الحياة‬
‫بحجة العمل البوليس د د د د ددي ؟ وهل يباو قتل المريض الميؤوس من ش د د د د ددفائه ؟ كالموتي‬
‫األحياء ‪ les morts viands‬وهم أولئك الذي يعيشد د ددون في حالة الالوعي أو حالة‬
‫الغيبوبددة العميقددة ‪ cam profonde‬أو الموتي مع وقف التنفيددذ ‪les morts en‬‬
‫‪ sursis‬وهم أولئدك الدذين ال أمدل لهم في الحيداة‪ ،‬والموت آتيهم ال محدالدة حيدث هم‬
‫في حالة ميؤوس من شفائها ؟‬
‫(‪)3‬‬
‫فهل يباو قتل هؤالء بدافع الشفقة أو الرحمة ‪ l,euthanaisie‬؟‬

‫انظر "موسوعة حقوق اإلنسان" المرجع السابق من ص ‪ 17‬إلي ‪.41‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد العزيز سرحان "مبادئ القانون الدولي العام" دار النهضة العربية ط ‪ 80‬ص ‪.288‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد سعد خليفة – المرجع السابق ص ‪.74‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫‪110‬‬
‫وهل هناك ثمة انتهاك للمادة الس د د د ددالفة الذكر إذا ما فش د د د ددلت الدولة في الحيلولة دون‬
‫(‪)1‬‬
‫قتل إنسان بواسطة شخص آخر ؟‬
‫ولقد أجابت االتفاقية في المواد المش ددار إليها علي هذه التس دداؤالت بما يض ددمن ويكفل‬
‫(‪)2‬‬
‫أكبر قدر ممكن من حماية الحق في الحياة لكل إنسان في الوجود‪.‬‬
‫ثم توالت عدة اتفاقيات دولية أخري أهمها اتفاقيات جنيف س ددنة ‪ ، 1949‬واالتفاقيات‬
‫اإلقليمية وما كلفته أجهزتها الرقابية والقضد د د د د ددائية من حماية لحقوق اإلنسد د د د د ددان عامة‬
‫والحق في الحياة علي وجه الخصوص‪.‬‬
‫ب‪ -‬التطبيق العلمي لحماية الحق في الحياة علي المستوي الدولي ‪-:‬‬
‫وصدفت لجنة حقوق اإلنسدان المنبثقة عن االتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسدياسدية‬
‫وهو األسد د دداس الذي يتفرع عنه كل‬ ‫(‪)3‬‬
‫الحق في الحياة بأنه و أسد د ددمي حقوق اإلنسد د ددان‬
‫(‪)4‬‬
‫الحقوق ألن فقد الحق في الحياة هو خاتمة كل شد د د د د د دديء ولن تعيدها باقي الحقوق‬
‫وقد تناول مؤتمر منع الجريمة ومعاملة المجرمين الس د د د د د ددادس حماية الحق في الحياة‬
‫ولما كان الحق في الحياة له صددلة وثيقة بالحق في السددالمة الجسدددية فإن لجنة‬ ‫(‪)5‬‬

‫حقوق اإلنسد د د د د د د ددان ق ددد جرت علي مع ددامل ددة الحق في الحي دداة (م‪ )6‬وحظر التع ددذي ددب‬
‫والمعاملة غير اإلنس د د د د ددانية (م‪ )7‬بنفس الكيفية وهو ما تأكد في دعوي نظرتها اللجنة‬
‫هي قضد د ددية سد د ددور ينام ‪ Suriname‬حيث لقي (‪ )15‬شد د ددخص د د داً من الشد د ددخصد د دديات‬
‫المرموقة مصدرعهم بادعاءات من السدلطات أنهم كانوا يحاولون الهرب أثناء اعتقالهم‬

‫انظر د‪ .‬الشنافعي بشنير "قانون حقوق اإلنسنان – ذاته ومصنادره" بحث منشنور في المجلد الثاني من حقوق اإلنسنان – دار‬ ‫(‪)1‬‬

‫العلم للماليين – بيروت سنة ‪ 1989‬ص ‪ ، 19 : 18‬أستاذنا الدكتور عبد الواحد الفار – المرجع السابق ص ‪ 288‬وما بعدها‪.‬‬
‫ومن المالحظ أن هناك تباين بين القانون الوضننننعي والشننننريعة اإلسننننالمية فيما يتعلق بحرمة الجسنننند في كل منهما وهو ما‬ ‫(‪)2‬‬

‫سنعرض له تفصيال في الفصل التالي من هذا الباب‪.‬‬


‫انظر تقرير لجنة حقوق اإلنسان لألمم المتحدة ‪Gaor 137 the session, supp no 40, 1982 annexv‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر وليقة األمم المتحدة رقم ‪Elcn, 4L 1983 / 16, paro 22‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫ويعقد هذا المؤتمر مرة كل خمس سنوات ويحضره ممثلون عن الحكومات من المختصين بتنفيذ القانون والعدالة علما بأن‬ ‫(‪)5‬‬

‫قرارات هذا المؤتمر ليست ملزمة في حد ذاتها وقد انعقد المؤتمر السادس سنة ‪.1980‬‬
‫‪Sixth united nations congress on the prevention of crime and the treatment of offenders – A l‬‬
‫>‪Con F, 87 / 14/Rev/ L 1981‬‬
‫‪111‬‬
‫(‪)1‬‬
‫حيث لم تثبت السد د ددلطات أن اعتقالهم والتعرض لحرمتهم الشد د ددخصد د ددية‬ ‫من منازلهم‬
‫كدان علي أس د د د د د د دداس قدانوني كمدا لم تثبدت أن قتلهم كدان أثنداء محداولتهم الهرب فكدان‬
‫االعتقدال والقتدل خدارج نطداق القدانون وانتهدت اللجندة إلي أن تصد د د د د د ددرف البوليس كدان‬
‫عمدياً لقتل هؤالء األش د ددخاص وقد أخفقت الس د ددلطات في س د ددورينام في تقديم أي دليل‬
‫يثبت ادعاءاتها ومن ثم رأت اللجنة أن الس د د د د د ددلطات أن اللجنة قد خالفت نص المادة‬
‫(‪ )1/6‬من الميثاق الدولي لحقوق المدنية والسد د د ددياسد د د ددية الذي يحمي الحق في الحياة‬
‫وحثت اللجنة سورينام التخاذ خطوات فعالة نحو ‪-:‬‬
‫‪ -1‬التحقيق في أحداث القتل التي وقعت سنة ‪.1982‬‬
‫‪ -2‬تقديم من تثبت مسئوليته في ذلك إلي العدالة‪.‬‬
‫‪ -3‬دفع تعويض لعائالت المجني عليهم‪.‬‬
‫‪ -4‬ضمان الحماية الواجبة للحق في الحياة في سورينام‪.‬‬

‫وقد س ددارت اللجنة في ذات االتجاه فيما يتعلق بحاالت االختفاء القس ددري لألش ددخاص‬
‫أو ارتكاب التعذيب ض د د دددهم ‪ ،‬ومزجت بين االلتزامين من حيث التجريم والمس د د ددئولية‬
‫ومثال ذلك ‪-:‬‬
‫الرأي الذي أص د دددرته اللجنة في الطعن رقم ‪ 30‬لس د ددنة ‪ 1978‬المقدم ض د ددد أورجواي‬
‫والمقدم في ش د د د ددأن واقعة اعتقال وتعذيب ‪ Eduardo Bleier‬واختفائه قسد د د ددرياً حيث‬
‫رأت اللجندة أن السد د د د د د ددلطدات في أورجواي تعدد ملزمدة بدالعددول عن انكدار هدذه الواقعدة‬
‫ووجوب التحقيق الجدي لكشدف مصدير هذا المذكور وتقديم األشدخاص الذين تورطوا‬
‫في عملية تعذيبه واختفائه إلي العدالة والتعهد باتخاذ االجراءات القانونية بعدم تكرار‬

‫الدعوي رقم ‪ 46‬لسنة ‪ 1983‬تقرير لجنة حقوق اإلنسان‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪th‬‬
‫‪Goar, 40 session, supp, No. 1985, annex x, poral.‬‬
‫‪112‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كما انتهت اللجنة في الطعن رقم (‪ )75‬لسد د د ددنة ‪1979‬‬ ‫هذه االنتهاكات مسد د د ددتقبالً‬
‫إلي الرأي بأن تتخذ كولومبيا اإلجراءات الالزمة لتعديل القوانين االسد ددتثنائية لضد ددمان‬
‫كفالة الحق في الحياة وهو من أهم الحقوق التي ال يجوز المس دداس بها بدعوي وجود‬
‫ويظهر من هذه اآلراء مدي اختالط الحق في الحياة بالحق‬ ‫(‪)2‬‬
‫الظروف االسد د د ددتثنائية‬
‫في السد د د د د د ددالمدة الجسد د د د د د ددديدة وهو ذات اختالط اإلبدادة بدالتعدذيدب ويظهر ذلدك جليداً في‬
‫المسد د د دداءلة عن اإلعدام بال مبرر قانوني حيث تنعقد المسد د د ددئولية الفردية عن حوادث‬
‫اإلعددام بال مبرر قدانوني والتعدذيدب‪ .‬كمدا اعتبرت مجموعدة العمدل الخداصد د د د د د ددة المعنية‬
‫بحاالت اإلختفاء القس د ددري(‪ )3‬إن االختفاء في حد ذاته يعد نوعاً من أنواع التعذيب أو‬
‫المعامالت الالإنسانية ‪ Ispo facto torture arill treatment‬ذلك ان االعتقال‬
‫السري أو االختطاف يجعل المعتقل عرضة لصنوف شتي من العذاب واأللم النفسي‬
‫ولو لم يقع التعذيب المادي عليه فعالً ‪ ،‬هذا فض د د د د دالً عن المعاناة والتمزق النفسد د د د ددي‬
‫الذي يلحق بأسدرته وذويه نتيجة عدم معرفتهم مصدديره وما إذا كان حيا أو ميتاً وعدم‬
‫قددرتهم إثبدات واقعدة اعتقدالده أو اختفدائده والتي غدالبداً مدا تقدابدل بداإلنكدار أو التجداهدل من‬
‫وقد أنشددأت اللجنة نظام المقرر الخاص لحاالت اإلعدام‬ ‫(‪)4‬‬
‫جانب السددلطات الرسددمية‬
‫غير القد ددانوني واإلرهد دداق التعسد د د د د د ددفي لألرواو ‪The special rapporteur on‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪Cmmunication No. 30/1978 – H.R.C selected decisions – p.p. (109) : (112) UN. Doc :‬‬
‫‪ccpR /C/OP/1.‬‬
‫(‪ )2‬انظر المرجع السابق ص ‪ 117‬حيث جاء في رأي اللجنة إلي ‪:‬‬
‫‪Inasmuch as the police action was made justifiable as matter of Colombia law by legislative‬‬
‫‪decree No. 0070 Januoly 1978, the right to life was not adequately protected by the low of‬‬
‫‪Colombia as required by article 6 (m).‬‬
‫‪The committee is accordingly of the view the state party should take the necessary measures‬‬
‫‪to ensures that the rights to life is duly protected by amenoling the low.‬‬

‫أنشئت هذه المجموعة المعنية بحاالت اإلختفاء القسري ‪The working group. Or. Enforcedor involuntary‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪ disappearances‬بموجب القرار رقم (‪ (xxxvl) )20‬في ‪ 1980/2/29‬وقد أنشأتها لجنة حقوق اإلنسان لتلقي الشكاوي‬
‫واستقصاء المعلومات حول حاالت االختفاء القسري‪.‬‬
‫انظر تقرير مجموعة العمل لسنة ‪.1984‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪113‬‬
‫‪ summary and arbitrary executions‬ويمكن تحديد مظاهر انتهاكات الحق‬
‫في الحياة كما توضح من تقارير المقرر الخاص إلي اللجنة ومن أهمها ‪-:‬‬
‫▪ حاالت اإلعدام غير القانوني‪.‬‬
‫▪ حاالت الموت من أثر التعس د د ددف في اس د د ددتخدام القوة المميتة من جانب‬
‫السد د د ددلطة داخل الدولة السد د د دديما من رجال األمن بحجة تنفيذ القوانين أو‬
‫إخماد المظاهرات أو التصدي لإلضرابات‪.‬‬
‫▪ حاالت الموت الناجمة عن العنف المسد د د د د ددلح التي تمثل خرقاً التفاقيات‬
‫جنيف سنة ‪.1949‬‬
‫▪ أعمال القتل التي ترتكب من س ددلطات الدولة ض ددد الخص ددوم الس ددياس دديين‬
‫أو المعارضين‪.‬‬
‫وإنده وإن كداندت اللجندة الددوليدة لحقوق اإلنسد د د د د د ددان في مجمدل آرائهدا قدد انتهدت إلي أن‬
‫االختفاء القس د د ددري هو إنتهاك مباش د د ددر لحق ذوي الض د د ددحية في معرفة مص د د دديره وحق‬
‫اإلنسددان في الحياة والسددالمة الشددخصددية بصددورة غير مباشدرة(‪ )1‬فإن اللجنة األمريكية‬
‫لحقوق اإلنسدان قد ذهبت إلي اعتبار االختفاء القسدري ضدرباً من ضدروب المعامالت‬
‫القاسد د ددية والالإنسد د ددانية بالنسد د ددبة للمعتقل أو الضد د ددحية وهو نوع من التعذيب النفسد د ددي‬
‫بالنسد د د ددبة ألس د د ددرته وذويه‪ .‬وهو ذات المنهج الذي انتهجته المحكمة األمريكية لحقوق‬
‫اإلنسد د د د د د ددان وبأن ذلك في العديد من الطعون الفردية التي فصد د د د د د ددلت فيها ومنها حكم‬
‫المحكمة في طعن ‪ Cruz‬ض د ددد هندراوس س د ددنة ‪ 1989‬والخاص باختطاف المذكور‬
‫(‪)2‬‬
‫واختفائه وتجهيل مصيره‪.‬‬
‫وقددد أدانددت المحكمددة هندددراوس في هددذه الدددعوي وكددان من أهم مددا جدداء في حيثيدات‬
‫حكمها و أن نظام الحماية الدولية لحقوق اإلنسددان يسددتند إلي فرضددية أسدداسددية مؤداها‬

‫انظر رأي اللجنة في طعن )‪ (Eduardo‬السابق اإلشارة له‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬انظر ‪Inter. American court of Human Right – series Decisions and Judg ments No. 5 :‬‬
‫‪Godinez Cruz. Case-Judgment of January, 20. 1989.‬‬
‫‪114‬‬
‫أن الدول هي مؤسد د دس د ددات لخدمة المجتمع واألفراد وليس العكس وبالتالي فإن س د ددعي‬
‫األفراد إلي طلدب الحمدايدة الددوليدة عنددمدا يقع انتهداك لحقوقهم المضد د د د د د ددموندة دوليداً ال‬
‫يمكن أن يشددكل موقفاً يوصددف بانعدام الوالء الوطني وإنما هو سددعي من أجل إعمال‬
‫قواع ددد الق ددانون والتظل ددل بحم ددايت دده من بع ددد أن أنكرت ه ددذه الحم دداي ددة علي الفرد علي‬
‫(‪)1‬‬
‫المستوي الداخلي‬

‫ولمدا كدان الحق في الحيداة قدد وصد د د د د د ددف دون غيره بدأنده الحق الطبيعي )‪(Inherent‬‬
‫داللة علي س ددموه وقدس دديته حيث وص ددف بذلك الوص ددف في المواثيق الدولية العالمية‬
‫واإلقليمية كالعهد الدولي للحقوق المدنية والس ددياس ددية واالتفاقيتين األوروبية واألمريكية‬
‫ومن هنا كان البد من أن يؤكد القانون الدولي علي ضد د د د ددمانات ثابتة و ارسد د د د ددخة عند‬
‫سد د د د د د دلدب هدذا الحق بدالقدانون وذلدك لتدأمينده وحمدايتده حيدث ال يجوز التحلدل من ذلدك‬
‫إطالقاً خارج إطار القانون ومن ثم فإن الضد د ددمانات في شد د ددأن عقوبة اإلعدام ‪The‬‬
‫‪ Death Penalty‬هي اعتبار القانون الدولي هذه العقوبة اسد د د ددتثناء يجب أال تطبق‬
‫إال في الظروف القهرية والخاص ددة وض ددد جرائم خطيرة ال يكفي الردع العام والخاص‬
‫حيث أن هناك ض د د د د ددمانات تتعلق بتحديد الجرائم التي‬ ‫(‪)2‬‬
‫فيه العقوبات المقيدة للحرية‬
‫يعاقب عليها باإلعدام وهناك ضد د د د د د ددمانات تتعلق بالحكم بهذه العقوبة الخطيرة وهناك‬
‫ضدمانات تتعلق بتنفيذ هذه العقوبة وقد أكدت اتفاقية الحقوق المدنية والسدياسدية علي‬
‫هذه الضمانات في المادة (‪ )6‬منها(‪.)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ 135‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫راجع في شأن ذلك ‪:‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪The right to life in International low-Edited by B.G Ramcharan U.N. centre for Human‬‬
‫‪Rights, 1985-Martinus Nijhaff DORDRECT/BOSTON, LANCASTER.‬‬
‫للمزيد من التفصيل في الضمانات الدولية بالنسبة للحق في الحياة انظر ‪ :‬د‪ .‬محمد مصطفي يونس معاملة المسجونين في‬ ‫(‪)1‬‬

‫ضنننوء مبادئ وقواعد القانون الدولي العام – دار النهضنننة العربية ‪ 1994‬ص ‪ 173‬وما بعدها د‪ .‬سنننعيد فهيم خليل الضنننمانات‬
‫الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف االستثنائية – رسالة دكتوراة جامعة اإلسكندرية سنة ‪ 1994‬ص ‪ : 154‬ص ‪.180‬‬
‫‪115‬‬
‫وبالرغم من أن األمم المتحدة قد أصددرت القرار رقم ‪ 133/47‬الصدادر من الجمعية‬
‫العامة في ‪ 1992/12/18‬والمتعلق بحماية جميع األش ددخاص من االختفاء القس ددري‬
‫الذي يعدم الحق في الحياة والحق في السد ددالمة الجسد دددية معاً وقد عبرت ديباجة هذا‬
‫القرار أن هذه الجرمية تعد بمثابة جريمة ضد د ددد اإلنسد د ددانية وال تتناسد د ددب مطلقاً مع ما‬
‫ترسخ من أعمق القيم رسوخاً في مجتمع ملتزم باحترام سيادة القانون وحقوق اإلنسان‬
‫والحريات األس د د د د دداس د د د د ددية وقد تض د د د د ددمن اإلعالن (‪ )21‬مادة دارت جميعها حول تأثيم‬
‫وتجريم أي عمل من أعمال االختفتاء القسري لألشخاص‪.‬‬
‫اما بالنسد د ددبة لحماية حق اإلنسد د ددان في الحياة علي المسد د ددتوي الوطني فإن مصد د ددر قد‬
‫احاط دس د د د د ددتورها الحالي الص د د د د ددادر في س د د د د ددنة ‪ 1971‬الحق في الحياة بس د د د د ددياج من‬
‫الضد ددمانات يضد ددمن إمكانية التمتع بهذا الحق وحمايته ثم توالت التش د دريعات الجنائية‬
‫كقانون العقوبات وقانون اإلجراءات الجنائية وغيرها من التشدريعات الجنائية الخاصة‬
‫تأكيد وترشديخ هذا الحق الذي هو أول وأعظم حقوق اإلنسدان ‪ ،‬وبالرغم من ذلك فإن‬
‫العبرة ليس د د ددت بالنص د د ددوص فحس د د ددب وإنما البد من أن يكون هناك تطابق بين النص‬
‫والتطبيق العلمي ألن وجود النص ال يكفي في ذاتدده لحمددايددة الحق في الحيدداة ومن‬
‫اهم الضدواهر الحديثة التي تنتهك الحق في الحياة في مصدر هاهرة االختفاء القسدري‬
‫التي تتعارض مع النصددوص الص دريحة للدسددتور في أن يبلغ كل من يقبض عليه أو‬
‫يعتقل بأسدباب القبض عليه أو اعتقاله فو اًر ويكون له حق اإلتصدال بمن يري إبالغه‬
‫علي وجه السد ددرعة بالتهم الموجهة إليه (مادة ‪ 71‬من الدسد ددتور) كما أوجب الدسد ددتور‬
‫تحريم احتجاز أي شد د د د د د ددخص في غير األماكن المصد د د د د د ددرو بها قانوناً (مادة ‪ 57‬من‬
‫الدس د د د ددتور) كم أكد قانون العقوبات المص د د د ددري الحالي علي تجريم هذه األفعال حيث‬
‫جرم احتجاز األشد د د د د د ددخاص بدون أمر من الجهة القضد د د د د د ددائية (مادة ‪ 280‬من قانون‬
‫العقوبدات) إال أنده وبدالرغم من من ذلدك فدإن هداهرة اإلختفداء القسد د د د د د ددري قدد برزت في‬
‫مصد د ددر علماً بأن معظم األشد د ددخاص المختفين قد ألقي القبض عليهم بواسد د ددطة رجال‬

‫‪116‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن ثم فدإنده ينبغي‬ ‫مبداحدث أمن الددولدة سد د د د د د دواء من مندازلهم أو من مقدار أعمدالهم‬
‫صدددور قانون يؤكد حماية جميع األشددخاص من االختفاء القسددري تمشددياً مع المبادن‬
‫واألهددداف الواردة بقرار الجمعيددة العددامددة رقم ‪ 133/47‬المعتمددد في ‪1992/12/18‬‬
‫مع ضددرورة تشددديد العقوبات علي كل فعل من أفعال االختفاء القسددري أو المسدداهمة‬
‫فيدده كمددا أندده يجددب علي ال نيددابددة العددامددة أن تبددت في البالغددات التي تقدددم لهددا عن‬
‫حاالت االختفاء القس ددري علي وجه الس ددرعة هذا باإلض ددافة إلي ض ددرورة نهوض و ازرة‬
‫الداخلية بدورها القانوني من حيث تمكين ذوي الشد د د ددأن من اإلطالع علي المعلومات‬
‫التي تخص المعتقل وسد د د د د ددبب اعتقاله واماكن اإليداع أو االحتجاز وإحالة الضد د د د د ددباط‬
‫الدذين يثبدت تورطهم في هدذه الجريمدة إلي النيدابدة العدامدة وعمومداً م ارعداة كدافدة قواعدد‬
‫معاملة السددجناء المعمول بها علي المسددتوي الدولي ونهوض األطباء داخل السددجون‬
‫المصرية بدورهم اإلنساني الخطير داخل المعتقالت والسجون‪.‬‬
‫وال شد د ددك في اهمية مواجهة هذه الجريمة التي تعضد د ددف بالحقي في الحياة والحق في‬
‫الس ددالمة الجس دددية ليس بالنس ددبة للمختفي قس درياً فحس ددب وال‪1‬ي يكون خارج الحماية‬
‫القانونية إذ تشد د ددكل هذه الظاهرة له نوعاً من التعذيب البدني والنفسد د ددي إذا هل يجهل‬
‫مص دديره وتتض دداءل لديه فرص ددة وجود من يمد له يد المس دداعدة بعد إقص ددائه عن دائرة‬
‫حماية القانون مما ينتهك حقه في السد ددالمة الجسد دددية قبيل انتهاك الحق في الحياة ‪،‬‬
‫هذا باإلضددافة إلي ذويه الذين يعانون طوال مدة اختفائه من آثار نفسددية تجرد الناس‬
‫من ص ددفاتهم اإلنس ددانية وتتأرجح أحاس دديس ددهم بين األمل واليأس الس دديما إذا ما طالت‬
‫بهم سدنوات االنتظار وهو نوع من التعذيب الذهني البطيء مؤداه عدم علمهم بما إذا‬
‫كان المختفي قسد د د د د درياً علي قيد الحياة أم ال وكثي اًر ما تتفاقم محنة األسد د د د د درة من وراء‬
‫الظروف االجتماعية والمادية والصحية التي تصاحب االختفاء مما يحفز الهمم نحو‬

‫وقد أورد مركز حقوق اإلنسان لمساعدة السجناء في مصر تقريره في ‪ 1998/8/15‬حول ظاهرة االختفاء القسري في مصر‬ ‫(‪)1‬‬

‫حيث حصر الحاالت المولقة من خالل التحقيقات التي تمت بالنيابة العامة حول ظاهرة اختفاء األشخاص محل الحصر ص‬
‫‪ 23 : 12‬من التقرير‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫ضددرورة االضددطالع بدور هام في القضدداء علي هذه الظاهرة في مصددر والتي برزت‬
‫مع الظروف األمنية الطارئة التي تمر بها البالد‪.‬‬
‫ثانيا ً – الحق في السالمة الجسدية ‪-:‬‬
‫يعتبر تندداول هددذه الحمددايددة في القوانين الددداخليددة هو المنطق السد د د د د د ددليم لألمور الددذي‬
‫يتماشي ومعطيات التاريخ إذ أن فكرة تجريم األفعال الماسة بالسالمة الجسدية نشأت‬
‫وازدهرت بددايدة في ريعدان القوانين الدداخليدة ثم تشد د د د د د دربدت تددريجيداً إلي نطداق القدانون‬
‫الدولي ثم ما لبث األمر إن انعكس بعد ذلك حيث أص د د د د ددبح القانون الدولي هو الذي‬
‫يؤثر في القوانين الدداخليدة ويغدذيهدا بكثير من المبدادن التي تحمي حقوق اإلنسد د د د د د ددان‬
‫وحرياته األسد د د دداسد د د ددية ‪ ،‬وليس أدل علي ذلك من ان دسد د د دداتير معظم الدول في العالم‬
‫تشد د د د د د ددير إلي المعد دداهد دددات واالتفد دداقيد ددات العد ددالميد ددة واإلقليميد ددة واإلعالند ددات والق اررات‬
‫والتوصد د د د د د دديات وغيرها وذلك من خالل مقد مات الدسد د د د د د دداتير أو ديباجتها أو مذكراتها‬
‫اإليض د د د د دداحية ‪ ،‬بل أن هذه الدول ملزمة بأال تخالف –فيما تص د د د د دددره من قوانين– ما‬
‫لألفراد من عسد د د د د د ددف الددول وتجني القوانين الدداخليدة أو‬ ‫(‪)1‬‬
‫دخلدت فيده من معداهددات‬
‫(‪)2‬‬
‫القائمين عليها‪.‬‬
‫ومن هنددا كددان البددد أن نلج عتبددة القددانون الدددولي من خالل القوانين التي هي بنيتدده‬
‫األساسية ونواته األولي ولقد تناولنا ان رغبة لدي األفراد في أوروبا قد سيطرت للثورة‬
‫علي الظلم واالسد ددتبداد وقد تبلور هذا في فرنسد ددا مما اثمر الشد ددرعية الجنائية وانعكس‬
‫العمل بهذا المبدأ علي حقوق اإلنس ددان من ناحية حمايتها ال س دديما حق اإلنس ددان في‬
‫س ددالمتهى الجس دددية من ناحية األخذ بالمفهوم الحص ددري للجرائم تأس دديسد داً علي أنه ال‬
‫عقوبددة وال جريمددة بغير نص وقددد أخرج هددذه المفهوم كثي اًر من صد د د د د د ددور المس د د د د د د دداس‬

‫انظر د‪ .‬عادل محمد عبد العزيز حمزة " الطبيعة القانونية لحقوق اإلنسننان" رسننالة دكتوراة جامعة عين شننمس سنننة ‪1990‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫ص ‪ 93‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬عزت سنننعد السنننيد البرعي " حماية حقوق اإلنسنننان في ظل التنظيم الدولي اإلقليمي" رسنننالة دكتوراة جامعة القاهرة‬ ‫(‪)2‬‬

‫عام ‪ 1985‬ص ‪ 408‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪118‬‬
‫بالسددالمة الجسدددية من دائرة العقاب ألنها ال تدخل ضددمن ما تم حص دره من جرائم ‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ثم ما لبث هذا الحصد د د ددر أن‬ ‫وقد كان الحصد د د ددر هو السد د د ددمة التي ميزت تلك الفترة‬
‫أمس د ددي هو بذاته س د ددبباً في الثورة علي مبدأ ش د ددرعية الجرائم والعقوبات نظ اًر للض د ددرر‬
‫البدالغ الدذي أصد د د د د د دداب العددالدة اإلجتمداعيدة من جراء األخدذ بده علي هيداتده التي كدانت‬
‫عليهددا ممددا أقعددد العددادالددة الجنددائيددة عن أداء واجبهددا األس د د د د د د دداسد د د د د د ددي في الدددفدداع عن‬
‫(‪)4‬‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫ومن هنا فقد هجر المشد د ددرع الفرنسد د ددي المفهوم الحصد د ددري للجرائم الماسد د ددة بالسد د ددالمة‬
‫الجس دددية لعدم اش ددتماله علي كافة المس دداس بالس ددالمة البدنية من ناحية وعدم ش ددموله‬
‫علي حماية الجانب المعنوي من كيان اإلنس د د ددان من زاوية اخري ‪ ،‬وأخذ يتوس د د ددع في‬
‫ويدخلها دائرة التجريم كاألفعال المؤدية‬ ‫(‪)1‬‬
‫صد د د د ددور المسد د د د دداس بالسد د د د ددالمة الجسد د د د دددية‬
‫الضد ددطراب داخلي في اإلنسد ددان أو األفعال المؤدية إلي مرض معد أو اإلصد ددابات ‪،‬‬
‫أو اعطاء المواد الضد د د د د د ددارة إلي آخر ‪ ،‬كما جرم كافة األفعال التي تؤدي إلي انتهاك‬
‫الجانب النفسد د د د ددي من اإلنسد د د د ددان والعدوان عليه ‪ ،‬ومع ذلك فقد كانت هذه الحماية ال‬
‫يس د د ددتفيد بها أعداء الثورة ممن أخض د د ددعوا ألص د د ددناف التعذيب واإلرهاب مما مثل ثغرة‬
‫كبيرة في بنيان الثورة الفرنسية‪.‬‬
‫ثم توالت كافة الدس د د دداتير والقوانين األس د د دداس د د ددية في أوروبا والعالم تنس د د ددج علي منوال‬
‫الشددارع الفرنسددي في النص علي حرمة اإلنسددان وتجريم كل أفعال المسدداس بالسددالمة‬
‫الجس د دددية ‪ ،‬فقد توس د ددع المش د ددرع األلماني في تعداد األفعال المجرمة – كما تناولنا –‬
‫فقد نص دس ددتور ألمانيا المتحدة (س ددابقاً) والص ددادر س ددنة ‪ 1949‬في الفقرة الثانية من‬

‫انظر د‪ .‬علي راشد " أصول القضاء الجنائي وتطوره في الفكر األوروبي" محاضرات لطلبة الدكتوراة جامعة عين شمس سنة‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪ 1976‬ص ‪ 20‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر د‪ .‬محمد سامي السيد شوا – المرجع السابق ص ‪ 35‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫(‪ )1‬انظر ‪GARRAUD, traite theoriquse et pratique du droit penal francais, T.5 3ed paris 1924 :‬‬
‫‪no. 1971, p. 304.‬‬

‫‪119‬‬
‫المادة الثانية منه علي أن لكل فرد الحق في الحياة والسدالمة الشدخصدية وحرية الفرد‬
‫مص ددونة ال تمس وال يمكن المس دداس بهذه الحقوق إال بناء علي قانون (‪ )2‬كما نص‬
‫الدس د ددتور البلجيكي الص د ددادر في ‪ 1972/2/10‬في المادة (‪ )7‬منه علي ان س د ددالمة‬
‫الشد د د ددخص مكفولة وحرمة الفرد الشد د د ددخصد د د ددية والعائلية مصد د د ددونة ال تمس‪ .‬كما نص‬
‫الدسد د ددتور اإليطالي الصد د ددادر في عام ‪ 1948‬في المادة (‪ )13‬منه علي أن لكل فرد‬
‫الحق في الحرية الش د د ددخص د د ددية وال يجوز إيذاء المحبوس د د ددين بدنياً أو معنوياً ‪ ....‬كما‬
‫أوردت كل دس د د د د دداتير الدول األوروبية وخارج أوروبا نفس المعني ‪ ،‬فقد أكد دس د د د د ددتور‬
‫اإلتحاد السد ددوفيتي سد ددابقاً علي ان الحرمة الشد ددخصد ددية لمواطني اإلتحاد السد ددوفيتي –‬
‫مصد د د د د د ددونددة وال يجوز اعقتددال أحددد إال بقرار من المحكمددة أو بددامر من النيددابددة ‪ ،‬كمدا‬
‫نص د د ددت كافة الدس د د دداتير العربية علي حرمة جس د د ددد اإلنس د د ددان وعلي أرس د د ددها الدس د د ددتور‬
‫المص د ددري خالل تعديالته الس د ددابقة حتي دس د ددنور ‪ 1971‬الذي نص في المادة (‪)42‬‬
‫مندده علي أندده ال يجوز إذاء ك ارمددة اإلنس د د د د د د ددان في بدددندده أو معنويدداتدده حتي وإن كدان‬
‫مقبوضاً عليه‪.‬‬
‫كما نصد د ددت المادة (‪ )43‬منه علي منع إجراء تجارب طبية أو علمية علي اإلنسد د ددان‬
‫وقد سد دداقت الدول العربية هذه النصد ددوص إلي دسد دداتيرها حيث‬ ‫(‪)1‬‬
‫بغير رضد دداه الحر‬
‫نصددت المادة (‪ )239‬من الدسددتور العراقي علي حظر إيذاء متهم بدنياً أو معنوياً أو‬
‫نفسد د ددياً وكذلك الدسد د ددتور السد د ددوري الذي تنص المادة (‪ )3/10‬منه علي أنه ال يجوز‬
‫تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة ويحدد القانون عقاب ضددد كل من يفعل ذلك ‪،‬‬
‫كذلك المادة (‪ )34‬من الدسددتور الكويتي التي تنص علي حظر إيذاء المتهم بدنياً أو‬
‫نفسياً‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬حسن السمني " شرعية األدلة المستمدة من الوسائل العلمية" رسالة دكتوراة حقوق القاهرة سنة ‪ 1983‬ص ‪98‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪120‬‬
‫أمدا علي النطداق الددولي خالل الفترة المداضد د د د د د ديدة فدإن القدانون الددولي قدد تطور خالل‬
‫العصدور الوسدطي بسدبب انتشدار الدين المسديحي في أوروبا وما حمله هذا الدين من‬
‫إعالء لمبادن المسد د د دداواة ووجوب التحلي باألخالق ونبذ الحرب والحث علي الشد د د ددفقة‬
‫والرفق ‪ ،‬وكددذلددك ههور الدددين اإلسد د د د د د ددالمي الحنيف ومددا ورد في القرآن من مبددادن‬
‫كالعدالة والمسد د د د دداواة والتسد د د د ددامح واإلخاء في اإلنسد د د د ددانية والوفاء بالعهد فقد طبق ذلك‬
‫المسد د ددلمون األوائل أحسد د ددن تطبيق ‪ ،‬هذا باإلضد د ددافة إلي ههور العديد من الفالسد د ددفة‬
‫األفذاذ خالل هذه الحقبة ومن أش ددهرهم جروس دديوس ذلك العالم الهولندي الكبير الذي‬
‫وضع مؤلفه الشهير سنة ‪ 1625‬عن قانون الحرب والسلم(‪.)2‬‬
‫وقد بدأ القانون الدولي العام يتبلور في العصد د د ددر الحديث منذ إبرام معاهدة وسد د د ددتفاليا‬
‫سدنة ‪ 1649‬التي وضدعت حداً للحرب بين الكاثوليك والبروتسدتانت في أوروبا ثم لما‬
‫قامت الثورة الفرنسدية سدنة ‪ 1789‬أعلنت مبادن المسداواة والعدالة والحرية الشدخصدية‬
‫والتحرير من الرق ‪ ،‬وبعد القض دداء علي نابليون عقد مؤتمر فينا سد ددنة ‪ 1815‬والذي‬
‫أثمر معاهدة تحريم تجارة الرقيق ثم أنش ددئت بعذ ذلك عص ددبة األمم بمقتض ددي معاهدة‬
‫فرسداي سدنة ‪ 1919‬واتفاقية سدان فرانسديسدكو والتي بمقتضداها تم إنشداء منظمة األمم‬
‫المتحدة س ددنة ‪ 1945‬وهكذا بدأت حقوق اإلنس ددان تأخذ حظها علي المس ددتوي الدولي‬
‫تأكيداً وتطبيقاً وتدويناً وقد كان من الطبيعي أن يكون أهم هذه الحقوق اهتماماً الحق‬
‫في الحياة والحق في السالمة الجسدية وسوف نتعرض في األبواب التالية للضمانات‬
‫المكفولة علي المسد ددتوي الدولي لحماية حق اإلنسد ددان في السد ددالمة الجسد دددية والجرائم‬
‫التي تنتهك هذه الحق والمسئولية الدولية والشخصية عن حدوث هذا االنتهاك‪.‬‬
‫معنى حماية الحق فى السالمة الجسدية ‪:‬‬
‫أوالً – معني الحماية‬

‫انظر د‪ .‬حامد سلطان "القانون الدولي العام في وقت السلم سنة ‪ "1962‬ص ‪ ، 26‬د‪ .‬عبد الواحد القادر ‪ ،‬د‪ .‬عبد المعز‬ ‫(‪)2‬‬

‫نجم "القانون الدولي العام " ص ‪ 1998‬ص ‪ 19‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬علي أبو هيف "القانون الدولي العام" ط ‪ 1975‬ص ‪.56‬‬
‫‪121‬‬
‫حماية الس د د د د ددالمة الجس د د د د دددية تعني تجريم كل فعل أو امتناع يؤذي هذه الس د د د د ددالمة ‪،‬‬
‫والحماية تبتغي س د د ددير الحياة في جس د د ددم اإلنس د د ددان علي نحو طبيعي لما في ذلك من‬
‫(‪)1‬‬
‫مصلحة أكيدة للفرد والمجتمع معاً وهذه المصلحة هي مناط الحماية‪.‬‬
‫والحماية بمعناها المتقدم تقتض د ددي أن يحتف اإلنس د ددان بتكامله الجس د دددي وأال يص د ددب‬
‫بألم بدني أو نفسي وسوف نوضح ذلك كاآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬االحتفاظ بالمستوي الصحي العام ‪-:‬‬
‫وهو يعني أن يحتف اإلنس د د د ددان بس د د د ددير أعض د د د ددائه وأدائها لدورها كامالً دون خلل أو‬
‫انحراف أو عل ددل وه ددذا هو الح ددد األدني ال ددذي يعتبر أي فع ددل أو امتن دداع يقل ددل مندده‬
‫(‪)2‬‬
‫مساساً بالحق في سالمة الجسد‪.‬‬
‫‪ -2‬التكامل الجسدي ‪-:‬‬
‫لمدا كانت أجهزة اإلنسد د د د د د ددان تعمدل في وحدة متنداغمدة ومعقددة في الترابط معداً فإن أي‬
‫مسداس بسدير هذه األعضداء أو أيا منها هو اعتداء علي الحق في السدالمة الجسددية‬
‫لإلنسد ددان ‪ ،‬علماً بأن أعضد دداء الجسد ددم تشد ددمل خاليا الجسد ددم بالمعني العام كما تشد ددمل‬
‫األعضد دداء التي تنقل إلي اإلنسد ددان من غيره أو األعضد دداء الصد ددناعية ما دامت تؤثر‬
‫في جسم اإلنسان إذ ال عبرة بالتقول بأنها غير أصلية في الجسم حيث أن كل عبث‬
‫بمادة الجس د د ددم علي نحو يخل بتماس د د ددك الخاليا أو يض د د ددعفها هو مس د د دداس بالحق في‬
‫السالمة الجسدية(‪.)1‬‬

‫انظر‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Ganji (M) : International Protection of human‬‬


‫‪Right : Thesis Geneva 1962, Librairie E. Droz. PP9 – 50.‬‬
‫وانظر كذلك في معني الحمناية د‪ .‬عزت البرعي – المرجع السنننننننننابق ص ‪ 43‬وما بعندها ‪ ،‬د‪ .‬فاروق عبند الرلوف عبند العزيز "‬
‫الحماية الجنائية لسالمة الجسم في القانون الوضعي والشريعة االسالمية" رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة – ص ‪.42‬‬
‫انظر د‪ .‬فاروق عبد الرلوف عبد العزيز المرجع السابق ص ‪ 43‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫اتظر د‪ .‬محمود نجيب حسني "الحماية الجنائية للحق في سالمة الجسد ومدي الحماية التي يكفلها له قانون العقوبات"‬ ‫(‪)1‬‬

‫مجلة القانون واالقتصاد س ‪ 29‬ص ‪ 590‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪122‬‬
‫‪ -3‬الراحة البدنية ‪-:‬‬
‫الراحة البدنية تعني عدم الشد ددعور بألم ما ‪ ،‬أي أن يتحرر اإلنسد ددان من األلم ومن ثم‬
‫فكل فعل يحدث ألماً هو مس د د دداس بالجس د د ددم ولذلك فإن إحداث هذه األلم مؤثم ولو لم‬
‫يرتب خلالً بص د د د ددحة من وقع عليه األلم ‪ ،‬مثل قذف إنس د د د ددان ببعض الماء حتي وإن‬
‫كان الماء نظيفاً ذلك ان المس دداس بالس ددالمة الجس دددية متحقق في هذه الحالة ‪ ،‬وكما‬
‫في حاالت عدم اإلحسد دداس باأللم كوخز السد ددكران بأبرة مثالً ال يوجد إحسد دداس باأللم‬
‫(‪)2‬‬
‫لكن المساس يالسالمة الجسدية واقع فعالً‪.‬‬
‫وما من شد ددك في أن الراحة البدنية ترتبط بالراحة النفسد ددية والذهنية وتؤثر األخيرة في‬
‫وجود أو عدم وجود الراحة البدنية كما نوضحه في االتي ‪-:‬‬

‫وتنظر د‪ .‬شفيق عبد الملك "علم تشريح جسم اإلنسان" الجزء األول – القاهرة سنة ‪ – 1959‬ص ‪ ، 221‬د‪ .‬أحمد شرف الدين‬
‫"عناصر الضرر الجسدي وانتقال الحق في التعويض عنها إلي شخص غير المضرور" مجلة قضايا الحكومة ص ‪ 22‬العدد‬
‫األول يناير – مارس ‪ .1978‬ص ‪ 30‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬محمد سامي الشوا – المرجع السابق ص ‪ 65‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬محمود نجيب حسن – المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ -4‬الراحة النفسية ‪-:‬‬
‫لعل الس د ددالمة الجس د دددية وراحة الجس د ددد تكمن أصد ددالً في االحس د دداس بالراحة النفس د ددية‬
‫والذهنية ذلك أن إيذاء النفس هو في األصد ددل مسد دداس بسد ددالمة الجسد ددد كله وهو أبلغ‬
‫األخطار علي صددحة اإلنسددان وذلك ألن النشدداط النفسددي هو أبرز ما يميز اإلنسددان‬
‫(‪)1‬‬
‫عن كل ما سواه من كائنات حية‪.‬‬
‫ومن هنا فغن من الخطورة بما كان أن تغفل التشدريعات الوطنية عن تجريم المسداس‬
‫بالراحة النفسية لإلنسان‪.‬‬
‫ثانيا ً – فكرة الحق ‪-:‬‬
‫لما كانت الحماية تنصد ددب علي الحق في سد ددالمة الجسد ددد ‪ ،‬فقد كان لزاماً أن نتعرف‬
‫في ذاته فيما يتعلق بالسالمة الجسدية‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫علي الحق‬
‫وقد تعرضد ددت فكرة الحق لإلنكار من جانب بعض الفقهاء وعلي أرسد ددهم الفقيه ديجي‬
‫الذي آمن بالمنهاج العلمي الذي ال يقتنع إال بالمشداهدة والتجربة وقد أنكر هذا الفقيه‬
‫فكرة الحق لعدم جدواها في رأيه إذ إنها من جهة نظره ليسد ددت إال القاعدة تطبق علي‬
‫األفراد فتعرض عليهم واجبات فيوجد األرفاد آنئذ في مراكز قانونية سد د دواء كانت هذه‬
‫المراكز إيجابية أم س د د ددلبية ‪ ..‬لكن هذا الرأي منتقد وغير راجح ألنه ترس د د ددم منهجا ال‬
‫يصد ددلح إال في العلوم التجريبية ‪ ،‬أما العلوم اإلنسد ددانية ومنها القانون فال يحكم عليها‬
‫بقانون التجربة والمشدداهدة ‪ ،‬هذا باإلضددافة إلي أن فكرة المراكز القانونية وما يقابلهل‬
‫من الواجدب واإللتزام تقتضد د د د د د ددي تلقدائيداً العودة إلي ذات فكرة الحق ممدا يعني أن هدذه‬
‫الفكرة غير قابلة لإلنكار‪.‬‬

‫انظر الكسنننيس كاريل "اإلنسنننان ذلك المجهول" تعريب شنننفيق أسنننعد فرد – مؤسنننسنننة دار المعارف ببيروت – ص ‪ 140‬وما‬ ‫(‪)1‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫انظر بالتفصيل د‪ .‬حسن كيره " المدخل إلي القانون" ط ‪ 1971‬منشأة المعارف باألسكندرية ص ‪ 130‬وما بعدها ‪ ،‬د‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫حمدي عبد الرحمن "فكرة الحق" ط ‪ – 1979‬القاهرة ص ‪ 18‬ولذات المؤلف "معصومية الجسد" مجلة العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية يناير ‪،‬يوليو سنة ‪ 1981‬العدد األول والثاني س ‪.22‬‬
‫‪124‬‬
‫وإزاء وجود فكرة الحق فقد لزم تعريفها ‪ ،‬وقد تناول تعريح الحق عدة اتجاهات فقهية‬
‫مختلفة‪.‬‬

‫فقد ذهب اإلتجاه الش د د د ددخص د د د ددي والذي يتزعمه األلماني عمانويل كانت إلي أن الحق‬
‫موجود ما دامت س د د ددلطة اإلرادة موجودة‪ .‬ولكن هذا اإلتجاه منتقد من حيث أن هناك‬
‫حقوقاً موجودة وثابتة ومسد د ددتقرة ألصد د ددحابها رغم أنهم ال إرادة لهم كعديمي األهلية أو‬
‫األجنة ‪ ،‬مثل هؤالء لهم حقوق وال إ اردة لهم(‪.)1‬‬

‫وإزاء القصدور الذي انتاب اإلتجاه الشدخصدي فقد بز اإلتجاه الموضدوعي الذي يربط‬
‫الحق بالمصد د د د ددلحة ويعرف الحق علي أنه مصد د د د ددلحة يحميها القانون ‪ ،‬وقد تزعم هذا‬
‫إال أن هذا اإلتجاه منتقد ألنه يعتبر المصددلحة جوهر‬ ‫(‪)2‬‬
‫اإلتجاه الفقيه األلماني هونج‬
‫الحق وأس د د د دداس وجوده في كل األحيان بالرغم من أنه قد توجد المص د د د ددلحة أحياناً وال‬
‫(‪)3‬‬
‫حق‪.‬‬

‫وقد برز اتجاه ثالث يمزج بين االتجاهين الشدخصدي والموضدوعي أن يخلط بين فكرة‬
‫اإلرادة كأسد دداس لإلتجاه الشد ددخصد ددي وفكرة المصد ددلحة كأسد دداس لإلتجاه الموضد ددوعي ‪،‬‬
‫ولكن االنتقدادات التي وجهدت إلي اإلتجداهين السد د د د د د ددابقين هي بدذاتهدا وجهدت إليده ألنه‬
‫من نتائجهما‪.‬‬

‫انظر ‪Kant Immanuel, the phlasbhu of low, Translated by v.Hastie 1977 p.34-35‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر أستاذنا الدكتور جميل الشرقاوي "دروس في أصول القانون" ط ‪ 1972‬القاهرة ص ‪.279‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الرازق السنهوري ‪:‬مصادر اإللتزام" ط ‪ 1952‬القاهرة ص ‪.103‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪125‬‬
‫أما اإلتجاه الحديث فقد عرف الحق بأنه ‪-:‬‬
‫تلك الرابطة القانونية التي بمقتضد دداها يخول القانون شد ددخصد داً من األشد ددخاص سد ددلطة‬
‫علي س د ددبيل اإلنفراد واالس د ددتئثار والتس د ددلط علي س د دديء ما أو اقتض د دداء أداء معين من‬
‫(‪)1‬‬
‫شخص آخر‪.‬‬
‫ولعدل هدذا التعريح األخير هو الدذي يرجح علي االتجداهدات السد د د د د د ددابقدة ألنده يفسد د د د د د ددر‬
‫استئثار اإلنسان بقيمة السالمة الجسدية وحمايتها من كافة صنوف اإلعتداء ‪ ،‬ولكن‬
‫هذا الحق له وهيفة اجتماعية هي مص ددلحة المجتمع ومن هنا فإن لإلنس ددان حق في‬
‫حماية س ددالمته الجس دددية وللمجتمع مص ددلحة في حماية أفراده من المس دداس بهم حتي‬
‫(‪)2‬‬
‫من أنفسهم‪.‬‬
‫ثالثا ً – محل الحماية ‪-:‬‬
‫محل هو اإلنسد ددان بمادته وروحه ‪ ،‬إذ أن الجانب المادي هو جسد ددم اإلنس ددان‬
‫من حيث أعض دداء هذا الجس ددم ‪ ،‬والجانب النفس ددي يش ددير إلي كيان اإلنس ددان وش ددعوره‬
‫ومعنوياته ‪ ،‬وسدوف نتعرض للجانبين المادي والنفسدي من جسدم اإلنسدان علي النحو‬
‫التالي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬الجانب المادي من جسم اإلنسان ‪-:‬‬
‫يطلق لف الجس د د ددم علي مجموعة األعض د د دداء التي يش د د ددملها حيث تتكون هذه‬
‫األعض د دداء من أنس د ددجة وتتكون األخيرة بدروها من خاليا حيث أن الخلية هي الوحدة‬
‫األساسية في جسم اإلنسان‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬سليمان مرقص "مدخل للعلوم القانونية" ط ‪ 1961‬ص ‪.419‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬نعمات جمعه "دروس في نظرية الحق" ط ‪ 1973‬القاهرة ص ‪ ، 51‬وانظر كذلك د‪ .‬فاروق عبد الرلوف عبد العزيز‬ ‫(‪)2‬‬

‫– المرجع السابق ص‪37‬‬


‫‪126‬‬
‫وأعض د د د دداء الجس د د د ددم هي التي من خاللها يقوم الجس د د د ددم بأداء الوهائف الفس د د د دديولوجية‬
‫والسد د د دديكولوجية (‪ ، )1‬كما أن األعضد د د دداء ال تعني األعضد د د دداء الظاهرة من الجسد د د ددد أو‬
‫المعروفة داخله بل تش د د د د د ددمل كذلك اإلنزيمات والهرمونات والجينات حيث تؤدي كلها‬
‫وحماية هذه األعضدداء ال تعني حماية العضددو لوهيفته‬ ‫(‪)2‬‬
‫وهائف في جسددم اإلنسددان‬
‫بل هي حماية للعضد د د ددو في ذاته بغض النظر عن اداء أو عدم أداء وهيفته انطالقاً‬
‫من حرمة الجسد ‪.Iviolabilite‬‬
‫وقد ثار الجدل حول األعضدداء الصددناعية التي توضددع التصدداقاً بجسددم اإلنسددان سدواء‬
‫كانت للزينة أو بديالً عن عضد د د ددو مفقود أو منتقص مثل األطراف الصد د د ددناعية حيث‬
‫اختلف حول ما إذا كانت تخضد ددع لنفس حماية العضد ددو الطبيعي في جسد ددم اإلنسد ددان‬
‫من عدمه‪.‬‬
‫والراجح أن هذه الحماية ال تشمل العضو الصناعي ذاته أو لذاته من خالل التصاقه‬
‫بجسم اإلنسان حيث يمسي العدوان عليه في هذه الحالة مشكالً آلالم بدنية أو نفسية‬
‫أو هما معاً ‪ ،‬أما عند انفص د ددال العض د ددو الص د ددناعي عن جس د ددم اإلنس د ددان تزال عنه‬
‫حصد د د ددانة الجسد د د ددم وحمايته ‪ ،‬وإن كان هذا الطرف المفصد د د ددول يتمتع بحماية من نوع‬
‫(‪)3‬‬
‫آخر وهي حماية األشياء من التلف‬

‫انظر د‪ .‬شنننفيق عبد الملك "علم تشنننريح اإلنسنننان" – المرجع السنننابق ص ‪ 1‬وما بعدها د‪ .‬محمد عبد العزيز سنننيف النصنننر‬ ‫(‪)1‬‬

‫"الطب الشرعي العلمي والنظري" ط ‪ 1960‬مكتبة النهضة المصرية‪.‬‬


‫انظر حكم محكمة جنح مصنر المختلطة الصنادر في ‪ 1938/10/4‬والذي اعتبر أن اآلالم الداخلية بمثابة جروح حتي وان لم‬ ‫(‪)2‬‬

‫تكن ظاهرة‪ .‬منشور في مجلة المحاماة رقم ‪ 153‬لسنة ‪ 20‬ص ‪.398‬‬


‫انظر د‪ .‬سامي الشوا – المرجع السابق ص ‪ 75‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫وانظر كنذلنك في عرض اآلراء التي قبلنت في حمناينة األطراف الصننننننن ننناعينة ‪ :‬د‪ .‬عوض محمند "جرائم األشننننننن نخناص واألموال" دار‬
‫المطبوعات الجامعية االسكندرية ‪ 1984‬ص ‪ 137‬وما بعدها‪.‬‬
‫وانظر د‪ .‬محمد زين العابدين طاهر "مدي حق اإلنسننان في سننالمة أعضننائه في الشننريعة اإلسننالمية والقونون الوضننعي" رسننالة‬
‫ماجسننتير – كلية الشننريعة والقانون جامعة األزهر‪ .‬ولذات المؤلف "نطاق الحماية الجنائية لعمليات زرك األعضنناء في الشننريعة‬
‫اإلسنننننالمية والقانون الوضنننننعي" رسنننننالة دكتوراة كلية الشنننننريعة والقانون – جامعة األزهر ‪\ .1986‬وانظر كذلك د‪ .‬محمود علي‬
‫السنننرطاوي "زرك األعضننناء في الشنننريعة اإلسنننالمية" مجلة دراسنننات الجامعة األردنية – عمان المجلد ‪ 11‬تشنننرين األول ‪1984‬‬
‫العدد ‪.3‬‬
‫‪127‬‬
‫‪ -2‬الجانب النفسي لإلنسان ‪-:‬‬
‫إن أهم ما يميز اإلنسد د ددان ويؤكد وجوده هو نشد د دداطه النفسد د ددي وانفعاالته وإدراكه ‪ ،‬وال‬
‫شددك أنه ثمة عالقة بين النشدداطين المادي والنفسددي لإلنسددان ومحور النشدداط النفسددي‬
‫في اإلنسد ددان هي الشد ددخصد ددية‪ ،‬والشد ددخصد ددية هي تكوين مجمل يتضد ددمن الخصد ددائص‬
‫(‪)1‬‬
‫الجسيمة واألفكار والدوافع واالنفعاالت واالهتمامات واالتجاهات وما شابه ذلك‪.‬‬
‫وللشخصية سمات خاصة تميزها عما عداها وهي أربع ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أنها وحدة متكاملة متفاعلة يؤثر بعضها في اآلخر‪.‬‬
‫‪ -2‬أنها تنطوي علي مكونات بيولوجية عضوية ونفسية واجتماعية‪.‬‬
‫‪ -3‬أن أي اضطراب في جانب منها يؤثر في الجانب اآلخر‪.‬‬
‫‪ -4‬أن لكل فرد ذاتية خاصة يستقل بها ويتميز بها عن غيره‪.‬‬

‫ومن خالل السددمات السددالفة يتضددح أن مكونات الشددخصددية تقطع في التأثير التبادلي‬
‫الفعال بين الجانب العضد د ددوي والنفسد د ددي من جسد د ددم اإلنسد د ددان إذ أن الجهاز العضد د ددلي‬
‫والجهاز الغددي والجهاز العص د د د ددبي كلها تلعب دو اًر هاماً في الس د د د ددلوك المص د د د دداحب‬
‫(‪)2‬‬
‫للنشاط النفسي لجسم اإلنسان‪.‬‬
‫أما عن المكونات النفسددية للشددخصددية والتي تحدد نوعية السددلوك الذي يأتيه اإلنسددان‬
‫من حيددث االسد د د د د د ددتواء أو اإلنحراف فددإن هددذه المكونددات عبددارة عن قوي ثالث يطلق‬
‫عليهددا الددذات البدددائيددة ‪ ،‬والددذات ‪ ،‬والددذات العليددا‪ .‬فددالددذات البدددائيددة هي التي يحكمهددا‬
‫قانون اللذة كطبيعة حيوانية لإلنس د د ددان ومن هنا فهي تحكم األطفال ومن حكمها‪ .‬أما‬
‫الدذات أو األندا فهي تولدد من الدذات البددائيدة ولكن من خاللهدا يتحول اإلنسد د د د د د ددان إلي‬
‫كدائن اجتمداعي فدأمدا الدذات العليدا فهي إرتقداء للدذات أو واألنداو وهي تتكون عن طريق‬

‫انظر ألكسيس كاريل – المرجع السابق ص ‪140‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد عبد العزيز القوصي " علم النفس" دار النهضة العربية ط ‪ 1978‬ص ‪ 275‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪128‬‬
‫معطيات الفرد ومكتسدباته من الخبرة والتربية ‪ ،‬وحرية ما يتشدربه اإلنسدان من معايير‬
‫(‪)1‬‬
‫خلقية‪.‬‬
‫‪ -3‬التأثير التبادلي بين الجانبين المادي والنفسي في جسم اإلنسان ‪-:‬‬
‫يعد االنفعال داللة واضد د د د د ددحة أكيدة علي مدي تأثير وتأثر كل من النشد د د د د دداط المادي‬
‫والنفسدي لجسدم اإلنسدان في بعضدهما البعض ‪ ،‬وقد يكون اإلنفعال داخلياً يمس الفرد‬
‫فقط وقد يخرج اإلنفعال في صددورة سددلوك حركي وقد يكون فسدديولوجياً ‪ ،‬واألخير هو‬
‫(‪)2‬‬
‫الذي يؤثر علي أداء أعضاء جسم اإلنسان لوهائفها علي النحو العادي‪.‬‬
‫ومن األمثلة علي أعراض الجسمانية والفسيولوجية التي تصاحب االنفعال ‪:‬‬
‫‪ -1‬ضغط الدم وتوزيعه ‪-:‬‬
‫حيث أن االنفعال يؤدي إلي ارتفاع ضد د د ددغط الدم وتغير توزيعه بين سد د د ددطح الجسد د د ددم‬
‫وداخله‪.‬‬
‫‪ -2‬سرعة ضربات القلب ‪-:‬‬
‫حيث تزداد في حالة االنفعال من ‪ 150 : 72‬ضربة في الدقيقة الواحدة‪.‬‬
‫‪ -3‬حجم اتساع حدقة العين ‪-:‬‬
‫حيث تتسع في حاالت السرور والهدوء وتضيق في حاالت االضطراب‪.‬‬
‫‪ -4‬جفاف الفم والحلق ‪-:‬‬
‫وذلك في حاالت األلم واالزعاج حيث يؤدي إلي اضطراب انفعالي في سيل اللعاب‪.‬‬
‫‪ -5‬حركة المعدة واألمعاء ‪-:‬‬
‫حيث من الممكن أن يصاب اإلنسان باإلمساك أو اإلسهال من شدة االنفعال‪.‬‬
‫‪ -6‬تأثير االنفعال في كيمياء الدم ‪-:‬‬

‫انظر ألكسنننننننيس كاريل – المرجع السنننننننابق ذات الموضنننننننع ‪ ،‬وانظر كذلك د‪ .‬عبدالرحمن عيسنننننننوي "علم النفس في الحياة‬ ‫(‪)1‬‬

‫المعاصرة" دار المعارف ط ‪.1971‬‬


‫انظر د‪ .‬سعيد جالل "المرجع في علم النفس" جن‪ 1‬دار المعارف القاهرة سنة ‪ 1982‬ص ‪.271‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪129‬‬
‫حيث ثبت من تحليل الدم في حاالت االنفعال أن هناك تغي اًر في منس د د د ددوب الس د د د ددكر‬
‫واالدرايثلين وغيرها من العناصر ‪.‬‬
‫والنتيجة أن جسم اإلنسان وحدة واحدة ‪ ،‬أي مساس بجزء منه في أي جانب منه هو‬
‫(‪)1‬‬
‫مساس بالجسم كله وهو اعتداء علي سالمة الجسم كله‪.‬‬
‫رابعا – نطاق الحماية ‪-:‬‬
‫تددور الحمدايدة مع الحق وجوداً وعددمداً فحيثمدا يوجدد الحق تكون الحمدايدة ‪ ،‬فمتي تبددأ‬
‫هذه الحماية ومتي تنتهي؟‬
‫‪ -1‬بداية الحماية ‪-:‬‬
‫تختلف الشرائع الوطنية في توقيت بداية الحماية القانونية للحق في السالمة الجسدية‬
‫لإلنسددان‪ .‬ففي التش دريع الفرنسددي ال يشددترط أن تبدأ الحماية ببداية الوالدة التامة وإنما‬
‫يمكن أن تأتي لحظة بداية الوضد د ددع باألمة حتي تنشد د ددأ الحماية القانونية ومن ثم فإذا‬
‫كدان هنداك عددوان علي الطفدل حتي ولم يخرج إلي الددنيدا عوقدب الجداني بداعتبداره قدد‬
‫اعت دددي علي طف ددل ح دددي ددث الوالدة وهو م ددا نهج دده التشد د د د د د دريع البلجيكي أم ددا الق ددانون‬
‫األنجلوسد د ددكوني فقد سد د ددار علي عكس ما تقدم فقد اسد د ددتلزم خروج الجنين حياً وبحالة‬
‫كاملة من رحم أمه حتي تبدأ الحماية القانونية له كإنسان‪.‬‬
‫وقد سد د ددار الفقه المصد د ددري علي منوال التشد د دريع الفرنسد د ددي في تحديد – بداية الحماية‬
‫(‪)2‬‬
‫القانونية‪.‬‬
‫والخالص د د ددة أنه مع الميالد تكون الجريمة اعتداء علي إنس د د ددان وقبل ذلك هي جريمة‬
‫االجهاض أو شدروع فيه‪ .‬وإن كانت التشدريعات الوطنية لم تحسدم هذا األمر مما يعد‬
‫ثغرة خطيرة في ثوب الحماية القانونية في حق اإلنسددان في الحياة وحقه في السددالمة‬
‫الجس د د د دددية ‪ ،‬ومما يظهر – علي الجانب اآلخر – عظمة الش د د د دريعة اإلس د د د ددالمية في‬

‫انظر د‪ .‬محمد سامي السيد شوا – المرجع السابق ص ‪ 84‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد سامي السيد شوا – المرجع السابق ص ‪ 84‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪130‬‬
‫تح دددي ددد لحظ ددة الحم دداي ددة من ت دداريخ نفخ الروو في الجنين والتي تب دددأ طبق داً للح دددي ددث‬
‫الشدريح بعد مائة وعشدرين يوم من الحمل طبقاً لما رواه اوب مسدعود رضدي هللا عنه‬
‫قال ‪ :‬حدثنا رس د ددول هللا ص د ددل هللا عليه وس د ددلم قال و إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن‬
‫امه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضد د د د د ددغة مثل ذلك ثم يبعث‬
‫(‪)1‬‬
‫هللا ملكاً فيؤمر برزقه وأجله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الرووو‪.‬‬
‫ويختلف القانون المدني عن القانون الجنائي في تحديد بداية الحماية حيثص أنها ال‬
‫تبدأ في هل القانون إال مع بداية الش د ددخص د ددية القانونية والتي ال تبدأ بدورها إال بتمام‬
‫(‪)2‬‬
‫الميالد (م‪ 29‬مدني مصري)‬
‫‪ -2‬نهاية الحماية ‪-:‬‬
‫تنتهي الحماية القانونية لإلنسدان بنهاية شدخصديته القانونية والتي تنتهي بموته‪ .‬حيث‬
‫أنه بالموت ال يعتبر اإلنسد د ددان في نظر انسد د دداناً (م‪ 2/29‬مدني مصد د ددري) وإن كانت‬
‫جثته تخضع لحماية من نوع جديد هي حماية الحرمات أي حماية جثث الموتي‪.‬‬
‫ولكن يمكن أن يقال أن اإلنسان قد مات (‪)3‬؟‬
‫هناك معايير عدة قيل بها لتحديد لحظة الوفاة نعرضها بإيجاز كاآلتي ‪-:‬‬
‫أوالً – المعيار التقليدي ‪-:‬‬
‫ووفقاً لهذا المعيار يموت اإلنس ددان إذا توقف القلب والرئتان عن العمل أي إذا توقفت‬
‫الدورة الدموية والجهاز التنفسي عن عملهما‪.‬‬
‫وقد أخذ علي هذا المعيار ما يلي ‪-:‬‬

‫انظر د‪ .‬هاللي عبد الاله أحمد " حقوق الطفولة في الشريعة اإلسالمية مقارنة بالقانون الوضعي " رسالة دكتوراة كلية‬ ‫(‪)1‬‬

‫الحقوق بني سويف سنة ‪ 1994‬ص ‪ 250‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر د‪ .‬محمد سعد خليفة "الحق في الحياة والسالمة الجسدية" دراسة في القانون المدني والشريعة االسالمية" دار‬ ‫(‪)2‬‬

‫النهضة العربية القاهرة ط ‪ 96 = 95‬ص ‪ 18‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر د‪ .‬سامي الشوا – المرجع السابق ص ‪.596‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪131‬‬
‫‪ -1‬عددمدة الددقدة ‪ ،‬ألن القلدب قدد يتوقف بصد د د د د د ددورة مؤقتدة ‪ ،‬وبتددليكده يعود إلي‬
‫الحياة والعمل السيما في هل اكتشاف وسائل حديثة وعديدة لإلنعاش‪.‬‬
‫‪ -2‬إن توقف القل ددب ال يعبر عن موت حقيقي في ك ددل األحوال ب ددل ق ددد يكون‬
‫عالمددة علي موت هدداهري طددالمددا أن هندداك خاليددا حيددة ممددا يعني إمكددان‬
‫إعادة الحياة إلي القلب‪.‬‬
‫‪ -3‬قد يكون اإلنس د ددان مات موتاً حقيقاً رغم بقاء القلب والجهاز التنفس د ددي أحياء‬
‫وذلك بموت خاليا المخ‪.‬‬
‫‪ -4‬أخي اًر نعي علي هددذا المعيددار أندده يقف حجر عثرة في طريق التقدددم العلمي‬
‫إذ أنه ال يمكن نقل قلب من إنس د د ددان ميت إلي حي إال إذا كانت خاليا هذا‬
‫القلب حية وباتباع هذا المعيار ال يمكن الحصول علي قلب حي‪.‬‬

‫ثانيا ً – المعيار الحديث ‪-:‬‬


‫ووفقاً لهذا المعيار ال يعتبر اإلنسد ددان ميتاً إال إذا ماتت خاليا مخه ‪ ،‬حتي وإن هلت‬
‫خاليا القلب حية إذ أنه وطبقاً لمعطيات العلم حتي اآلن يس د د د د ددتحيل إعادة الحياة إلي‬
‫اإلنسد ددان بوسد ددائل اإلنعاش الصد ددناعي إذا ما ماتت خاليا مخه حيث يدخل بذلك في‬
‫غيبوبة كبري نهائية وال يمكن إعادته للحياة بعدها وال يجوز الحكم بموت إنس د د ددان إال‬
‫من خالل عالمات وهي ‪-:‬‬
‫• انعدام أي استجابة مخية وفقدان اإلحساس التام‪.‬‬
‫• انعدام التنفس التلقائي‪.‬‬
‫• انعدام المنعكسات المخية المقترنة بالتيبس العضلي واتساع حدقتي العين‪.‬‬
‫• عدم تلقي جهاز رسام المخ أية إشارات(‪.)1‬‬

‫وهو ما أخذ به التشريع األسباني رقم ‪ 426‬الصادر في ‪1980/2/22‬م ومزيداً من التشريعات األخري مشار إليها في‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق د‪ .‬محمد سعد – المرجع السابق ص ‪.27-26‬‬


‫‪132‬‬
‫خامسا ً – الجوانب الفردية واالجتماعية للحق في سالمة الجسم‬
‫‪-:‬‬
‫بالرغم من أن الحق في الس د د ددالمة الجس د د دددية حق فردي لكن للمجتمع حق في حماية‬
‫أفراده وكال الحقين متكامالن ومترابطان ‪ ،‬وسوف نوضح ذلك‪.‬‬
‫أ‪ -‬الجانب الفردي ‪-:‬‬
‫حق اإلنسد د د ددان في السد د د ددالمة الجسد د د دددية هو حق طبيعي قديم قد اإلنسد د د ددان ذاته وهو‬
‫صاحب المصلحة األولي في هذه السالمة‪.‬‬
‫ومن زاوية الفرد فإن للحق عدة عناص د ددر البد من توافرها حتي يتمتع اإلنس د ددان بحقه‬
‫في سالمة جسده وهي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬االحتفا بالسير العادي والطبيعي لوهائف األعضاء‪.‬‬
‫‪ -2‬االحتفا بمادة الجس د د ددم‪ .‬أي إبعاد ومنع أي فعل من ش د د ددأنه إض د د ددعاف مادة‬
‫جسد د ددم اإلنسد د ددان وقد اسد د ددتبان أن مادة الجسد د ددم عبارة عن خاليا مترابطة مع‬
‫بعضها البعض‪.‬‬
‫‪ -3‬التحرير من اآلالم البدنية والنفسد د د د د ددية أي المحافظة علي الهدوء والسد د د د د ددكينة‬
‫(‪)2‬‬
‫وتمتع اإلنسد د د ددان بهذه العناصد د د ددر جميعاً يعني‬ ‫واللتين يتمتع بهما الجسد د د ددم‬
‫توفير أكبر ق دددر ممكن من الحم دداي ددة ليظ ددل الج ددان ددب الفردي من الحق في‬
‫سالمة الجسد مصوناً‪.‬‬
‫الجانب االجتماعي ‪-:‬‬
‫بالرغم من أن حق اإلنسددان في السددالمة الجسدددية هو حق فردي ‪ ،‬وأن هذا اإلنسددان‬
‫هو صد دداحب الحق أو المصد ددلحة في سد ددالمة جسد ددده إال أن المجتمع ارتفاقاً يود علي‬
‫ذلك الحق أو تلك المصددلحة ‪ ،‬ذلك أن تمتع اإلنسددان بهذا الحق مرتبط بالنظام العام‬

‫انظر في عرض وشنرح هذه العناصنر الثاللة تفصنيالً ‪ ،‬د‪ .‬سنامي الشنوا – المرجع السنابق من ص ‪ 149‬حتي ص ‪ ، 161‬د‬ ‫(‪)2‬‬

‫أحمد أحمد علي ناصنف – المرجع السنابق من ص ‪ ، 39 : 26‬د‪ .‬عصنام محمد أحمد "النظرية العامة للحق في سنالمة الجسنم"‬
‫رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة ص ‪ 212‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫داخل المجتمع ‪ ،‬فللفرد أال تتعطل وهائف الحياة في جسد د د د ددده ‪ ،‬وله أن يحتف بمادة‬
‫جسددمه ‪ ،‬وله أن يتحرر من كافة اآلالم البدنية والنفسددية ولكن كل أولئك ال يمنع من‬
‫االعتراف بدالقيمدة االجتمداعيدة لهدذا الحق ‪ ،‬تلدك القيمدة التي أحداطدت الفرد بدالحمدايدة‬
‫الالزمة‪.‬‬
‫واالعتراف بالصفة االجتماعية لحق اإلنسان في سالمة جسده هو الذي خول الشارع‬
‫انتهاك هذا الحق لعلو مص د د د د د ددلحة المجتمع علي مص د د د د د ددلحة الفرد كما هو الحال في‬
‫إجبار الفرد علي التطعيم ض ددد األمراض المعدية وما تفرض دده دول العالم المتقدم من‬
‫فرض فحوص طبي ددة علي راغبي الزواج تجنبد داً لخلق جي ددل مريض من األطف ددال ‪،‬‬
‫وكذلك ما تفرض د د د د دده س د د د د ددلطات المجتمع من بعض االنتهاكات الص د د د د ددارخة للحق في‬
‫الس ددالمة الجس دددية من أجل كش ددف الحقيقة بحجة أن مص ددلحة المجتمع في الوص ددول‬
‫إلي الحقيقة أس د د د د ددمي من مص د د د د ددلحة الفرد في حماية س د د د د ددالمته الجس د د د د دددية وحقه في‬
‫الخص د د د د د ددوص د د د د د ددية كما ان هناك دوالً أخري قد اهانت كرامة اإلنس د د د د د ددان بحجة الدفاع‬
‫االجتماعي ض ددد الجريمة عن طريق فرض عقك إجباري ض ددد عتاة المجرمين للش ددك‬
‫فيما ينجبون من نسددل فيما ينشددأ في كنفهم من أطفال لما للوراثة والبيئة من آثار في‬
‫(‪)1‬‬
‫تربية وتنشئة الصغار‪.‬‬
‫ب‪ -‬التنســــيق بين الجانب الفردي واالجتماعي للحق في الســــالمة‬
‫الجسدية ‪-:‬‬
‫انتهينا إلي أنه وإن كان لإلنس د د ددان حق في س د د ددالمة جس د د ددده فإن للمجتمع حق ارتفاق‬
‫علي ذاتدالجسد د د د د د ددد ‪ ،‬وهو حق مقرر لمصد د د د د د ددلحدة المجموع ‪ ،‬ولكن معيدار التفرقدة بين‬

‫انظر د‪ .‬عدنان عبد الحميد زيدان "ضمانات المتهم واألساليب الحديثة للكشف عن الجريمة" رسالة دكتوراة – كلية الحقوق‬ ‫(‪)1‬‬

‫القاهرة سنة ‪ .. 1983‬ومن الدول التي أخذت بالتعقيم الوقائي هي ألمانيا والسويد والنرويج والواليات المتحدة األمريكية‪ .‬انظر‬
‫في تفصيل ذلك د‪ .‬سامي الشوا – المرجع السابق ص ‪ 209‬وما بعدها وسوف نتعرض لهذه الجريمة في الباب الثالث من‬
‫الدراسة‪.‬‬
‫‪134‬‬
‫الجانبين الفردي واالجتماعي وصدوالً إلي التنسديق بينهما كان محل خالف فقهي وقد‬
‫أسس كل فريق التناسق بين الجانبين علي أساس مختلف‪.‬‬
‫وسوف نوضح هذا األساس كما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬فكرة اآلداب الحسنة ‪Ursseomles Bonnes‬‬
‫ومضددمون هذه الفكرة باختصددار أن كل فعل يمثل عدواناً علي حق الفرد في سددالمته‬
‫الجسدية وعلي حق المجتمع في سالمة أفراده هو ذلك الفعل الذي يتعارض مع فكرة‬
‫اآلداب الحسد ددنة وإال فال شد ددأن للمجتمع في ذلك‪ .‬وهي فكرة من ابتداع الفقه األلماني‬
‫‪ ،‬وهذه الفكرة منتقدة علي أس دداس كونها غامض ددة وغير حاس ددمة وغير دقيقة كما أنها‬
‫تسد د د ددتند إلي ما سد د د دداد الفقه األلماني من مصد د د ددطلحات كالباعث أو الغرض وكالهما‬
‫كذلك محل انتقاد ‪ ،‬ومن ثم فقد باتت فكرة اآلداب الحسد د د ددنة غير قادرة علي تفسد د د ددير‬
‫صد د د ددلة الجانب الفردي والجانب االجتماعي للحق في سد د د ددالمة الجسد د د ددم وصد د د دوالً إلي‬
‫(‪)1‬‬
‫التنسيق بينهما‪.‬‬
‫‪ -2‬فكرة المصلحة االجتماعية المباشرة ‪-:‬‬
‫تخلص هذه الفكرة في أن المس دداس بالس ددالمة الجس دددية إذا تعلق بمص ددلحة اجتماعية‬
‫مباشد د د د ددرة كان عمالً غير مش د د د د ددروع حتي ولو تم برض د د د د ددا المجني عليه ‪ ،‬إال أن هذا‬
‫المعيار وبرغم بسد د دداطته فهو منتقد لغموضد د دده ‪ ،‬ولعدم دقته ألنه يعتمد علي جسد د ددلمة‬
‫(‪)2‬‬
‫االعتداء‪.‬‬
‫‪ -3‬فكرة الوظيفة االجتماعية ‪-:‬‬
‫ومضمون هذه الفكرة أن لإلنسان وهيفة اجتماعية تتطلب صيانة جسده وضمان حد‬
‫أدني من الحماية يكفل أداء اإلنسد د ددان لهذه الوهيفة ويتأسد د ددس التنسد د دديق بين الجانبين‬

‫انظر في تفصنيل االنتقادات التي وجهت إلي فكرة اآلداب الحسننة ‪ ،‬د‪ .‬محمود نجيب حسنني – المرجع السنابق – ص ‪538‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وما بعدها ‪ ،‬والمرجع السابق د‪ .‬سامي الشوا ص ‪.221‬‬


‫انظر في تفصيل هذه االنتقادات د‪ .‬محمود نجيب حسني – المرجع السابق لذات الموضوك‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪135‬‬
‫الفردي واالجتماعي للحق في السالمة الجسدية بناءاً علي هذه النظرية علي ان أداء‬
‫(‪)1‬‬
‫الوهيفة اإلجتماعية يتطلب سالمة الجسد بما للمجتمع من حق ارتفاق عليه‪.‬‬
‫ويعتبر هذا المعيار هو األرجح من حيث الدقة والحسد ددم ومن حيث كونه مع التحليل‬
‫الددقيق لإلنسد د د د د د ددان وطبيعتده بداعتبداره كدائنداً فرديداً وهو في ذات الوقدت كدائن اجتمداعي‬
‫(‪)2‬‬
‫فهو كائن فردي ألنه شيء في ذاته ولذاته وبذاته وهو كائن اجتماعي ألنه بأقرانه‪.‬‬
‫وخالصة القول ‪ :‬أن الحق في سالمة الجسم بمثابة مصلحة مزدوجة يحميها الشارع‬
‫للحفا علي أداء اإلنسد د ددان لوهائفه وملكاته في الحياة بصد د ددورة عادية وهو من زاوية‬
‫أخري مرتبط بالحفا علي كيان المجتمع‪.‬‬
‫حماية الحق فى سالمة الجسم فى إطار القانون الدولى ‪:‬‬
‫لم تتضح معالم القانون الدولي لحقوق اإلنسان إال بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء‬
‫منظمدة األمم المتحددة التي تمدت الموافقدة علي ميثداقهدا في ‪ 26‬يونيده سد د د د د د دندة ‪1945‬‬
‫حيث كان من المس د ددتحيل تجاهل ازدراء حقوق اإلنس د ددان والالمباالة بها الس د دديما إزاء‬
‫األعمددال البربريددة والوحشد د د د د د ديددة التي نتجددت عن الحرب العدداليمددة الثددانيددة حيددث بدددأت‬
‫ديباجة ميثاق األمم المتحدة بعبارة‪:‬‬
‫ونحن شددعوب األمم المتحدة وقد آلينا علي أنفسددنا أن ننقذ األجيال المقبلة من ويالت‬
‫الحروب التي جلبددت علي اإلنس د د د د د د ددانيددة مرتين خالل جيددل واحددد أح ازنداً يعجز عنهددا‬
‫الوصف وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق األساسية لإلنسان وبكرامة الفرد وقيمتهو‬
‫وإنه وإن كان هناك بعض المعاهدات التي قص دددت حماية حقوق اإلنس ددان قبل األمم‬
‫المتحدة إبان عصد د د ددبة األمم المتحدة لضد د د ددمان حقوق األقليات وتأكيد حماية سد د د ددكان‬
‫األقاليم التي خضد ددعت لإلنتداب وحرمة اإلنسد ددانية كما تصد دددي القانون الدولي لتجارة‬

‫انظر د‪ .‬سامي الشوا – المرجع السابق ص ‪.224‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬محمود نجيب حسني "شرح قانون العقوبات" القسم الخاص ص ‪ 427‬وما بعدها دار النهضة العربية سنة ‪1981‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وقد رجح سيادته فكرة الوظيفة االجتماعية كمعيار للتنسيق بين الجانب الفردي واالجتماعي في سالمة الجسد‪.‬‬
‫‪136‬‬
‫الرقيق وعقدت مكافحة الرق سد د د د د د ددنة ‪ 1926‬إال أنه لم تكن هناك د ارسد د د د د د ددات قانونية‬
‫تحليلة عن حقوق اإلنسان قبل إنشاء األمم المتحدة‪.‬‬
‫أما بخص د د د د ددوص الحق في الس د د د د ددالمة الجس د د د د دددية فإن أهم وأخطر الجرائم التي كانت‬
‫تعص د د د ددف بهذا الحق هي جريمة التعذيب تلك الجريمة التي هي موغلة في القدم منذ‬
‫عصد ددور اإلغريق والرومان ‪ ،‬بل أنها حتي القرن الثالث عشد ددر كانت طقوس د داً عادية‬
‫إلثبدات أو نفي الجرائم ‪ ،‬كمدا أن اإلكراه البددني كدان وسد د د د د د دديلدة من وسد د د د د د ددائدل التحقيق‬
‫القدانوني حتي منتصد د د د د د ددف القرن المداضد د د د د د ددي ولم تزل من أوروبدا إال في نهدايدة القرن‬
‫الماضي ثم ما لبثت أن أطلت برأسها في ثالثينيات هذا القرن في عهد الحكم النازي‬
‫في ألمدداني حيددث أجري التعددذيددب حتي الموت في التحقيقددات حتي أقر ميثدداق األمم‬
‫المتحدة وأخذت هذه الهيئة علي كاهلها حماية حقوق اإلنسدان وأخذ تطور آلياتها في‬
‫سبيل تحقيق هذه الحماية علي النحو التالي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬نظام التقارير ‪-:‬‬
‫وهو الخطوة األولي في مجد ددال رقد ددابد ددة األمم المتحد دددة وإللزام الد دددول بم ارعد دداة حقوق‬
‫اإلنس ددان ويقوم هذا النظام علي حق لجنة حقوق اإلنس ددان التابعة للجمعية العامة في‬
‫مراقبة السد ددلوك الصد ددادر من الدول ومن احترامها لإلتفاقيات الدولة وقد سد ددارت علي‬
‫ذلك‬ ‫(‪)1‬‬
‫هذا النهج اتفاقية الحقوق المدنية والس د ددياس د ددية وغيرها من االتفاقيات األخري‪.‬‬
‫أنه بعد ص دددور اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان عام ‪ 1948‬ص دددر عهدان دوليان‬
‫عام ‪ 1966‬هما العهد الدولي للحقوق المدنية والس د د د د د ددياس د د د د د ددية والعهد الدولي للحقوق‬
‫االقتصد د د د د ددادية واالجتماعية والثقافية وهما يلزمان الدول التي صد د د د د دددقت عليهما والتي‬
‫بلغت عام ‪ )137( 1996‬دولة صدقت علي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية‬
‫وبمقتضد د ددي هذا اإلنضد د ددمام تقدم الدول تقارير مبدئية ودورية إلي لجنة تعرف باللجنة‬
‫المعنية بالحقوق المدنية والسددياسددية وهي لجنة منتخبة من خبراء مرشددحين من جانب‬

‫(‪)1‬‬
‫‪Dpo/1290 – 93064 – November 1992 6M – Ipeprint – 68066 – February 1993 10M‬‬
‫‪137‬‬
‫الحكومات التي صدددقت علي العهد الدولي وتتضددمن هذه التقارير اإلطار الدسددتوري‬
‫والقانوني للدولة مقدمة التقرير والذي يتم من خالله مباش درة الحقوق والحريات وكذلك‬
‫الممارسد ددات الفعلية للسد ددلطات داخل الدولة من حيث تطبيق النصد ددوص والضد ددمانات‬
‫الالزمة لمباشد درة هذه الحقوق علي أرض الواقع كما تتضد ددمن التقارير أحكام القضد دداء‬
‫التي تسد ددتند إلي العهد الدولي وفي نهاية الحوار الذي يتم بين ممثل الدولة وأعضد دداء‬
‫اللجنددة تبدددي اللجنددة وجهددة نظرهددا ومالحظدداتهددا عن مدددي التزام الدددولددة بتطبيق مواد‬
‫العهد الدولي‪.‬‬
‫ويعتبر نظ ددام التق ددارير هو من أهم األنظم ددة التي يعم ددل به ددا في معظم االتف دداقي ددات‬
‫الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان والتي تنص علي آلية محددة لمراقبة التطبيق‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ب‪ -‬نظام الشكاوي الفردية ‪-:‬‬


‫وإنه وإن كانت الجدوي من هذا اإلجراء في حماية حقوق اإلنس د د د د د ددان محدودة بالنظر‬
‫إلي ض د دددلة عدد الدول التي ص د دددقت علي البروتوكوالت الخاص د ددة بالش د ددكاوي الفردية‬
‫بالقياس بعدد الدول في الوقت الحاض د د د ددر والتي تبلغ ‪ 185‬دولة عض د د د ددو في منظمة‬
‫األمم المتحدد حيث قبلت ‪ 28‬دولة فقط من الدول أطراف اتفاقية مناهض د ددة التعذيب‬
‫نظام الش ددكاوي الفردية كما قبلت ‪ 14‬دولة فقط هذا النظام من الدول أعض دداء اتفاقية‬
‫منع كل صد ددور التفرقة العنصد درية ‪ ،‬كما انه حتي سد ددنة ‪ 1996‬كان عدد الدول التي‬
‫قبلت الشدكاوي أطرافا في العهد الدولي للحقوق المدنية والسدياسدية والتي صددقت علي‬
‫البروتوكول االختياري هي ‪ 89‬دولة وقد بدأ العمل بهذا البروتوكول االختياري س د د ددنة‬
‫‪ 1977‬حيث نظرت اللجنة ‪ 514‬شد د ددكوي تتعلق ب‪ 42‬دولة قد أعلنت اللجنة ق ارراها‬

‫وسوف نقف –تفصيال‪ -‬علي دور هذه اآللية في حماية الحق في السالمة الجسدية وذلك في الباب الثاني من هذه‬ ‫(‪)1‬‬

‫الدراسة‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫في ‪ 138‬قض د د د د ددية ذكرت أنها فحص د د د د ددت ‪ 106‬حالة أدينت فيه الدول بانتهاك العهد‬
‫(‪)1‬‬
‫الدولي‪.‬‬

‫ج‪ -‬اإلجراء ‪-: 1503‬‬


‫ويأخذ هذا اإلجراء اس د د ددمه من قرار المجلس االقتص د د ددادي واالجتماعي لألمم المتحدة‬
‫الدذي يحمدل ذات الرقم ‪ ،‬ووفقداً لده يددرس خبراء األمم المتحددة إرس د د د د د د ددال بعثدات من‬
‫األفراد أو المنظمات لتحديد ما إذا كان هناك انتهاك جسديم لحقوق اإلنسدان في دولة‬
‫ما من الدول ويطلب من الحكومات الرد‪.‬‬

‫د‪ -‬تقصي الحقائق ‪-:‬‬


‫تقوم بالتقصد د د د د ددي لجنة في حالة االنتهاك الخطير لحقوق اإلنسد د د د د ددان حيث تقوم لجنة‬

‫حقوق اإلنسد د د د د د ددان بتعيين ً‬


‫مقرر خاصد د د د د د داً أو مجموعة عمل إلجراء التحريات وإذا ما‬
‫انتهت هذه اللجنة إلي وجود انتهاك جسد دديم بحقوق اإلنسد ددان أخطرت الحكومات ويتم‬
‫فحص المسد د ددألة وتعيين مقرر عندما تفشد د ددل وسد د ددائل الحوار مع الدولة المعنية ويقدم‬
‫المقرر أو مجموعددات العمددل تقددارير سد د د د د د ددنويددة إلي اللجنددة أو الجمعيددة العددامددة لألمم‬
‫المتحدة وتتضد د د د ددمن هذه التقارير االتصد د د د ددال المباشد د د د ددر بالضد د د د ددحايا ومنظمات حقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫هذا باإلضد د د د د ددافة إلي آليات خاصد د د د د ددة أخري مثل مجموعة العمل الخاصد د د د د ددة باختفاء‬
‫األشد د د ددخاص سد د د د اًر ‪ ،‬ولجان المسد د د دداعي الحميدة التي تتم بصد د د ددورة سد د د درية عن طريق‬
‫السكرتارية العامة لألمم المتحدة ومساعد السكرتير العام لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫انظر التقارير السنوية للجنة الدولية لحقوق اإلنسان المنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من سنة ‪1986‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫حتي ‪ 1997‬وسنننوف نقف علي نظام الشنننكاوي الفردية من حيث شنننروط ومراحل نظر الشنننكاوي وكيفية بحث الشنننكاوي وكيفية‬
‫توصنيل وجهة نظر اللجنة في الشنكوي )‪ (VIEWO‬إلي الدول األطراف وذلك في الباب الثاني من هذه الدراسنة ص ‪ 123‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫هدذا كلده بداإلضد د د د د د ددافدة إلي العدديدد من الوسد د د د د د ددائدل األخري التي تملكهدا األمم المتحددة‬
‫واألجهزة اإلقليمية غير الحكومية والمجتمع الدولي كله في س د د د د د ددبيل تأكيد وترس د د د د د دديخ‬
‫حماية حقوق اإلنسددان بصددفة عامة وحقه في السددالمة الجسدددية بصددفة خاصددة ‪ ،‬وال‬
‫شدك أن حماية حقوق اإلنسدان تسدتلزم مزيداً من الوسدائل الناجحة والحاسدمة والسدريعة‬
‫والمزيد من التنسد د د دديق بين الجهات المختلفة لعدم إضد د د دداعة الوقت مما يؤثر بصد د د ددورة‬
‫(‪)1‬‬
‫خطيرة علي حقوق اإلنسان المقول بانتهاكها‪.‬‬

‫ثالثا ً – الحق في التحرر من التعذيب‬


‫‪ -1‬موقف الشريعة اإلسالمية من التعذيب ‪-:‬‬
‫وقد تنازع موقف الشريعة اإلسالمية من التعذيب اتجاهان أحدهما يري إقرار الشريعة‬
‫للتعذيب في هروف معينة والثاني ينتهي إلي تحريم الشريعة للتعذيب مطلقاً‪.‬‬

‫اإلتجاه األول ‪ -:‬االتجاه الذي يري إقرار الشريعة للتعذيب في بعض الظروف‬
‫وقدد ذهدب هدذا االتجداه إلي أنده يمكن أن يكون التعدذيدب الزمدا في حداالت معيندة وهي‬
‫حيث يعذب لجبره‬ ‫(‪)2‬‬
‫حاالت كون المتهمين معروفين بالفجور وليس د د دوا من األسد د ددوياء‬
‫علي االعتراف بجريمته وإن كان أنصد د د د د ددار هذا االتجاه قد اختلفوا في جواز التعذيب‬
‫إلي ثالث ددة آراء ‪ :‬حي ددث انتهي الرأي األول وهو رأي األغلبي ددة إلي جواز التع ددذي ددب‬
‫لكشف الحقيقة واستندوا إلي ما ثبت في الصحيح من أن النبي عليه الصالة والسالم‬
‫أمر الزبير بن العوام أن يمس ابن أبي الحقيقدة (وكدان من المعداهددين) بدالعدذاب لمدا‬

‫وسوف نعرض تفصيال للجانب التطبيقي لحماية في السالمة الجسدية وآليات هذه الحماية في الباب التالي‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر في هذا التقسيم األشباه والنظائر البن نجم المرجع السابق ص ‪ ، 178‬تبصرة الحكام البن فرحون المرجع السابق‬ ‫(‪)2‬‬

‫الجزء الثاني ص ‪ ، 158‬الطرق الحكمية البن القيم الجوزية المرجع السابق ص ‪ 109‬حيث قسم هذا االتجاه المتهمين إلي‬
‫لاللة انواك ‪ :‬متهم مشهور عنه الصالح والتقوي وليس من أهل التهمة فهذا ال يعذب ‪ ،‬ومتهم مجهول الحال ال يعرف إن كان‬
‫تقياً أو صالحاً وهذا يحبس بدون إهانة أو تعذيب حتي ينكشف حاله ‪ ،‬متهم فاجر مشهور بارتكاب المعاصي كالقتل‬
‫‪140‬‬
‫كتم أخباره عن النبي عليه الصدالة والسدالم في أمر المال الذي عادهم عليه وقال له‬
‫النبي عليه الس د ددالم أين كنز حيي ابن أخطب فقال يا محمد أنفذته النفقات والحروب‬
‫فقال المال كثير والمسد د ددألة أقرب ثم قال للزبير دونك هذا فمسد د دده بشد د دديء من العذاب‬
‫ذهدب الرأي الثداني إلي عددم جواز ضد د د د د د ددرب المتهم أو تعدذيبده‬ ‫(‪)1‬‬
‫فددلهم علي المدال‪.‬‬
‫أما الرأي الثالث فقد ذهب إلي عدم جواز‬ ‫(‪)2‬‬
‫وإنما الجائز حبس د دده حتي ينص د ددلح حاله‬
‫(‪)3‬‬
‫حبس المتهم وال استخدام الحيلة معه لالعتراف وعدم جواز التعذيب‪.‬‬

‫وقد احتج هذا االتجاه باألسانيد اآلتية ‪-:‬‬


‫• ما فعله علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رض د د د د د ددي هللا عنهما عندما بعثهما‬
‫الرسدول عليه السدالم في أثر المراة التي أرسدلها حاطب بن أبي بلتعة بكتابه إلي‬
‫يخبرهم فيه بما انتواه رسد د د ددول هللا صد د د ددل هللا عليه وسد د د ددلم فلما لحقا بركبها‬ ‫قري‬
‫اسدتنزالها والتمسدا في رحلها الكتاب فلم يجد أشدياء فقال لها علي رضدي هللا عنه‬
‫أحلف باهلل ما كذب رسد د ددول هللا وال كذبنا لتخرجي هذا الكتاب أو لنكشد د ددفنك فلما‬
‫رأت الجد منه اس د د د د د ددتخرجت الكتاب من قرون أرس د د د د د ددها حي كانت قد جعلته في‬
‫شعرها حيث يفهم من هذا أن ‪-:‬‬
‫‪ -1‬التهديد والترهيب هما من السياسة الشرعية(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬س ددأل الحس ددن بن زياد ‪ :‬أيحل ض ددرب الس ددارق حتي يقر ؟ قال ما لم يقطع لحم‬
‫(‪)2‬‬
‫وال يبين عظم‪.‬‬

‫انظر حاشية ابن عابدين المرجع السابق ص ‪.87‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر تبصرة الحكام البن فرحون الجزء الثاني ص ‪154‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫المرجع السابق ذات الموضع وانظر في تفصيل ذلك د‪ .‬طارق رخا "تحريم التعذيب" المرجع السابق ص ‪ 395‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر تبصرة الحكام البن فرحون المرجع السابق ص ‪ 140‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫األشباه النظائر البن نجيم المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪141‬‬
‫‪ -3‬م ددا حكي عن القي دده أبي بكر األعض أن الم دددعي علي دده إذا غل ددب الظن علي‬
‫(‪)3‬‬
‫كونه سارق وكان من الفجرة جاز تعذيبه وإهانته‪.‬‬
‫‪ -4‬ما حدث في واقعة حديث االفك حيث اسد د د ددتثار النبي علياً رضد د د ددي هللا عنه في‬
‫إض درار الجارية فض دربها علي ولكنها لم إال خي اًر في حق السدديدة عائشددة رضددي‬
‫(‪)4‬‬
‫هللا عنها بما يعني جواز الضرب لإلقرار بسيء ما‪.‬‬
‫خالصة هذا اإلتجاه ‪-:‬‬
‫أنه وإن كان هذا اإلتجاه من أجاز التعذيب أو غيره من ضدروب المعاملة القاسدية أو‬
‫المهينة إال أنه قيد ذلك بامور غاية في األهمية وهي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬أنه قصد د ددر هذه الوسد د دديلة علي المتهم المعروف بالفجور وإرتكاب المعاصد د ددي‬
‫والجرائم‪.‬‬
‫ب‪ -‬أنه لم يقر إال وس دديلة واحدة فقط في التعذيب وهي الض ددرب بالس ددوط الذي ال‬
‫يقطع لحماً وال يكسر عظماً‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن القصد د د د د د ددد من الضد د د د د د ددرب لددي هدذا اإلتجداه هو حمدل المتهم علي اإلقرار‬
‫الص د د ددحيح فقط أما إذا أقر المتهم لوقف الض د د ددرب فيه علي غير الحقيقة فال‬
‫يعول علي هدذا اإلقرار مطلقداً‪ .‬وقدد أوضد د د د د د ددح ذلدك جليداً المداوردي رحمده هللا‬
‫تعالي في قوله ‪:‬‬
‫ويجوز لألمير مع قوة التهمة أن يضرب المتهم ضرب التعزيز ال ضرب الجد ليأخذه‬
‫بالصدددق عن حاله فيما اتهم فيه ‪ ،‬فإن أقر وهو مضددروب اعتبرت حاله فيما ضددرب‬
‫عليه ‪ ،‬فإن ضددرب ليقر لم يكن ألق ارره تحت الضددرب حكم وإن ضددرب ليصدددق عنه‬
‫حاله وأقر تحت الض ددرب قطع ضد دربه واس ددتعيد إق ارره فإن أعاده كان مأخوذاً باإلقرار‬

‫حاشية ابن عابدين المرجع السابق ص ‪.87‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫تبصرة الحكام البن فرحون المرجع السابق ص ‪.140‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪142‬‬
‫الثاني دون األول ‪ ،‬فإن اقتصد ددر علي اإلقرار األول ولم يسد ددتعده لم يضد دديق عليه أن‬
‫(‪)1‬‬
‫يعمل باإلقرار األول وإن كرهناو‬
‫ورغم عرض اإلمام الماوردي لجواز ضد ددرب المتهم بالشد ددروط واألوصد دداف التي بينها‬
‫رحمده هللا وفي هروف خداصد د د د د د ددة بمتهمين فجدار إال أنده اختتم أريده بمدا مؤداه كراهيته‬
‫لهذا المسلك‪.‬‬
‫اإلتجاه الثاني ‪-:‬وهو تحريم التعذيب في الشريعة اإلسالمية مطلقا ً‬
‫انتهي هددذا اإلتجدداه إلي تحريم التعددذيددب مطلقداً واسد د د د د د دتدددل علي ذلددك بددأدلددة قويددة من‬
‫الكتاب والسددنة ومواقف الصددحابة رضددي هللا عنهم ومن المذاهب الفقهية‪ .‬فقد اسددتدل‬
‫علي تحريم التعذيب من الكتاب بأن هللا تعالي كرم بني آدم ‪ ،‬واإلهانة عكس التكريم‬
‫‪ ،‬ولما كان التعذيب أبش د د ددع ألوان اإلهانة فهو حرام وفيه مخالفة لمقص د د ددود هللا تعالي‬
‫في قول دده و ولق ددد كرمن ددا بني آدم وحملن دداهم في البر والبحر ورزقن دداهم من الطيب ددات‬
‫وفضد د د ددلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضد د د دديالًو (‪)2‬كما اسد د د ددتدل هذا االتجاه من الكتاب‬
‫بقوله تعالي و الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتس د د د د ددبوا فقد احتملوا بهتاناً‬
‫واألذي في هدذه اآليدة هو مطلق األذي ألن كدل أذي في الجملدة حرام‬ ‫(‪)3‬‬
‫وإثمداً مبينداًو‬
‫وأخطر أنواع األذي التعذيب الجسدي أو النفسي لإلنسان‪.‬‬
‫وما أكثر األدلة من الس د ددنة النبوية في التدليل علي تحريم التعذيب مطلقاً حيث يقول‬
‫وروي أن رجالً من أحبار‬ ‫(‪)1‬‬
‫عليه الص ددالة والس ددالم وال يحل لمس ددلم أن يروع مس ددلماًو‬
‫اليهود أقرض النبي عليه الصد د ددالة والسد د ددالم قرض د د داً وجاء للمطالبة بدين فلم يحسد د ددن‬
‫الطلددب وتعددامددل مع النبي في أفعددال وأقوال غير الئقددة فقددام إليدده عمر بن الخطدداب‬

‫انظر األحكام السلطانية للماوردي المرجع السابق ص ‪.220‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سورة األحزاب اآلية رقم ‪.70‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة األحزاب اآلية رقم ‪ . 58‬وقد فسر هذه اآلية علي هذا النحو اإلمام القرطبي في الجامع ألحكام القرآن المرجع السابق‬ ‫(‪)3‬‬

‫ص ‪.240‬‬
‫كنز العمال في سنن األقوال واألفعال لعالء الدين الهندي جن ‪ 16‬ص ‪ 11‬مؤسسة الرسالة – بيروت ‪.1979‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪143‬‬
‫رضد د د د ددي هللا عنه لمنعه بقوة عما يفعله من غلظة وسد د د د ددوء أدب مع رسد د د د ددول هللا فقال‬
‫الرسول عليه الصالة والسالم و يا عمر أنا وهو كنا أحوج إلي غير هذا ‪ ،‬أن تأمرني‬
‫بحسددن األداء وتأمره بحسددن الطلب‪ .‬أذهب يا عمر فأعطه حقه وزده عشدرين صدداعاً‬
‫(‪)2‬‬
‫من تمر بسبب ما روعتهو‬
‫وكذلك اسد ددتند هذا اإلتجاه من السد ددنة النبوية إلي قوله عليه السد ددالم و ال يشد ددر أحدكم‬
‫إلي أخيه بالسد د د د د د ددالو فإنه ال يدري لعل الشد د د د د د دديطان ينتزع من يده فيقع في حفرة من‬
‫وكذلك ما روي عنه عليه الس ددالم أنه قال و أن هللا يعذب الذي يعذبون الناس‬ ‫(‪)3‬‬
‫نارو‬
‫و وقوله عليه السد ددالم و بحسد ددب امرن من الشد ددر أن يحقر أخاه المسد ددلم ‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫في الدنيا‬
‫كل المسد د ددلم علي المسد د ددلم حرام دمه وماله وعرضد د دده(‪)5‬و وقوله عليه السد د ددالم وسد د ددباب‬
‫المسلم فسوق وقتاله كفر(‪)6‬و‬

‫انظر في هذا تفصنننننيال فضنننننيلة الشنننننيخ محمد الغزالي "حقوق اإلنسنننننان بين تعاليم اإلسنننننالم واعالن األمم المتحدة المرجع‬ ‫(‪)2‬‬

‫السابق‪.‬‬
‫رواه مسلم ج‪ 4‬المرجع السابق ص ‪2020‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫صحيح مسلم باب البر ص ‪.2081‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫صحيح مسلم ص ‪1986‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫صحيح مسلم ص ‪.81‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪144‬‬
‫أما أدلة تحريم التعذيب من مواقف الصحابة ‪-:‬‬
‫وقد عرضد ددنا في مصد ددادر الحق في السد ددالمة الجسد دددية في الشد دريعة اإلسد ددالمية لقول‬
‫عمر بن الخطداب عنددمدا وقف خطيبداً في النداس فقدال و يدا أيهدا النداس أني وهللا مدا‬
‫أرسد د د د ددل إليكم عماالً ليض د د د د دربوا أبشد د د د دداركم وال ليأخذوا أموالكم ‪ .‬ولكن ليعلموكم دينكم‬
‫وس د ددنتكم فمن فعل به س د ددوي ذلك فليرفعه لي فوالذي نفس د ددي بيده ألقص د دده منه‪ .‬فوثب‬
‫عمرو بن العاص فقال ولو أدب الوالي أحد رعيته يا أمير المؤمنين أكنت مقتص د د د د د داً‬
‫منه ؟ قال نعم والذي نفسي بيده ألقتصن منه‪ .‬وكيف ال أقتص منه وقد رأيت رسول‬
‫هللا صد د ددلي هللا عليه وسد د ددلم ل يقتص من نفسد د دده فال تضد د دربوا الملسد د ددمسد د ددن فتذلوهم(‪)1‬و‬
‫وقدروي عن عمر بن الخطاب أيض د د د د د ددا قوله و ليس الرجل بمأمون علي نفس د د د د د دده إن‬
‫كما روي عن محمد بن اس د د ددحق‬ ‫(‪)2‬‬
‫أجعته أو أخفته أو حبس د د ددته أن يقر علي نفس د د ددهو‬
‫الزهري أنه قال و أتي طارق بالش د ددام برجل قد أخذ في تهمة س د ددرقة فضد ددربه فأقر بها‬
‫فبعث به إلي عبد هللا بن عمر رضد د د د د ددي هللا عنهما يسد د د د د ددأله عن ذلك فقال عمر و ال‬
‫وروي أن عامالً لعمر بن عبد العزيز كتب له‬ ‫(‪)3‬‬
‫يقطع فإنه إنما أقر بعد ضدربه إياهو‬
‫يسد د د د د د دتدأذنده في تعدذيدب من ال يددفعون الخراج فكتدب إليده عمر بن عبدد العزيز قدائالً و‬
‫هللا لئن‬ ‫العجب في اسد ددتئذانك إياي في عذاب البشد ددر كأني جنة لك من عذاب هللا‬
‫وقدد روي أن عمر بن عبدد العزيز‬ ‫(‪)4‬‬
‫بلغوا هللا بخطدايداهم أحدب إلي من ألقداه بعدذابهم‪.‬‬
‫س ددأل كعب القرطبي فقال ‪ :‬ص ددف لي العدل فقال و كل مس ددلم أكبر منك س ددناً كن له‬
‫ولداً وعاقب كل مجرم علي قدر جرمه وإياك أن تض د ددرب مس د ددلماً س د ددوطاً واحداً علي‬
‫حقد منك فإن ذلك يصد دديرك إلي النارو(‪ .)1‬وقد روي عن عثمان بن عفان رضد ددي هللا‬

‫الطبقات الكبري البن سعد ج‪ 3‬ص ‪ ، 253‬السياسة الشرعية البن تيمية المرجع السابق ص ‪161‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر كتاب الخراج ألبي يوسف ص ‪.175‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الخراج ألبي يوسف ص ‪.170‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫الخراج المرجع السابق ص ‪.119‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫اإلمام الغزالي ‪ ،‬التبر المسبوك ص ‪ 28‬مشار إليه في المرجع السابق للدكتور طارق رخا ص ‪.409‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪145‬‬
‫عنده أنده قدال في كتدابده إلي جميع األمص د د د د د د ددار ورفع إلي أهدل المدديندة أن أقوامداً من‬
‫عمالي يش ددتمون ويضددربون فمن ادعي ش دديئاً من ذلك فليأخذ حقه كان سددواء مني أو‬
‫(‪)2‬‬
‫من عمالي أو تصدقوا إن هللا يجزي المتصدقينو‬
‫وكذلك روي عن علي رضد ددي هللا عنه وكرم هللا وجهه أن قال و ال يحل االمتهان في‬
‫شدديء من األشددياء بضددرب أو سددجن وال بتهديد ألنه لم يوجب ذلك قرآن وال سددنة وال‬
‫(‪)3‬‬
‫إجماعو‬

‫وخالصنننة أقوال وأفعال الصنننحابة أنها تجمع علي إحترام الذات البشد درية وتغلي‬
‫عقاب من يهدر كرامة اإلنسد د د د د د ددان ‪ ،‬وإهدار كل قول وإلقرار ناشد د د د د د دديء عن تعذيب ‪،‬‬
‫وإعالم العامة بحقهم في القصدداص من كل موهف عام في الدولة اإلسددالمية اعتدي‬
‫علي أي إنسدان سدواء كان العدوان بالتعذيب أو بغيره من صدنوف اإلهانة او التحقير‬
‫كالسب مثالً أو القذف‪.‬‬
‫أدلة تحريم التعذيب في المذاهب الفقهية ‪-:‬‬
‫اتجه أصد ددحاب المذهب الحنفي إلي تحريم التعذيب وتحريم اللجوء إليه وكذلك تحريم‬
‫(‪)4‬‬
‫التهديد أو التخويح وقد نصحوا الحكام بذلك‪.‬‬
‫أما المذهب المالكي ففيه رأيان أحدهما لس د د د د ددحنون وهو يري أنه يجوز تعذيب المتهم‬
‫الذي اش ددتهر إجرامه وعص دديانه وفجوره لحمله علي االعتراف أما اإلمام مالك رض ددي‬
‫(‪)5‬‬
‫وأما الشافعية ‪ :‬فقد اتجهت إلي‬ ‫هللا عنه فال يجيز الضرب أو التعذيب في المتهم‪.‬‬
‫عددم مؤاخدذة العدامدل إن أهدان أحدداً إال إذا تجداوز األمر هدذه األمر الصد د د د د د ددغيرة وذلدك‬
‫استناداً لقوله عليه السالم و أقيلوا ذوي الهيئات من عثراتهم إال الحدودو والعثرات هي‬

‫الشهيد سيد قطب "كتال هذا الدين " ط دار الشروق القاهرة ‪ 1965‬ص ‪.85‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫المحلي البن حزم الظاهري المرجع السابق ج‪ 1‬ص ‪.141‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر الخراج ألبي يوسف ص ‪.120‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫تبصرة الحكام البن فرحون المرجع السابق ص ‪.163‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪146‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد‬ ‫الصدغائر التي ال حد فيها ويجوز للمسدلمين أن يتعافوا فيها وال يؤاخذوا عليها‪.‬‬
‫منع الظاهرية التعذيب وحرموه مطلقاً فعن شدريح قال و السدجن كره والوعيد كره والقيد‬
‫(‪)2‬‬
‫وقال أبو محمد رحمه هللا و كل ما كان ضدر اًر في جسدم أو مال‬ ‫كره والضدرب كرهو‬
‫أو توعد به المرء في ابنه أو أبيه أو أهله أو أخيه المسد د ددلم فهو كره لقوله صد د ددلي هللا‬
‫عليه وسد د ددلم وأخو المسد د ددلم ال يظلمه وال يسد د ددلمهو ولما روينا عن سد د دديدنا البخاري عن‬
‫س د د دديدنا يحي عن ش د د ددعبة عن قتادة عن أنس عن النبي عليه الس د د ددالم قال و ال يؤمن‬
‫وقد أفتي اإلمام أحمد بن حنبل رضدي هللا‬ ‫(‪)3‬‬
‫أحكم حتي يحب ألخيه ما يحب لنفسدهو‬
‫عنه بان العبد يصبح ح اًر تلقائياً وبدون حاجة إلي حكم إذا عذبه سيده‪.‬‬
‫(‪)4‬‬

‫اآلثار المترتبة علي وقوع التعذيب في هل أحكام الشريعة اإلسالمية ‪-:‬‬


‫(‪)5‬‬ ‫أ‪ -‬القصاص من مرتكب التعذيب ‪-:‬‬
‫أوجبت الشد دريعة اإلس ددالمية القص دداص في كل منتهك للحق في الس ددالمة الجس دددية ‪.‬‬
‫ولما كان من أبش ددع ص ددور االنتهاك هو التعذيب فقد أكدت الش دريعة اإلس ددالمية علي‬
‫القصد د دداص من مرتكب التعذيب فقد روي أبو داود والنسد د ددائي عن أزهر بن عبد هللا و‬
‫أن أقواماً سد ددرق لهم متاع فاتهموا إناسد داً من الحاكة فأتوا النعمان بن بشد ددير صد دداحب‬
‫رسدول هللا صدلي هللا علي وسدلم فحبسدهم أياماً ثم خلي سدبيلهم فأتوا النعمان بن بشدير‬
‫فقالوا له خليت سددبيلهم بغير ضددرب وال امتحان؟ فقال لهم ما شددئتم إن شددئتم ض دربتم‬
‫فدإن خرج متداعكم فدذاك وإال أخدذت من ههركم مثلده‪ .‬فقدالوا ‪ :‬أهدذا حكمدك ؟ فقدال ‪:‬‬
‫وقد ض د د ددرب عمر بن الخطاب رجالً فقال له الرجل ‪ :‬إنما‬ ‫(‪)1‬‬
‫هذا حكم هللا ورس د د ددوله‪.‬‬

‫نيل األوطار للشوكاني المرجع السابق ص ‪.136‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر مصنف عبد الرازق ج‪ 10‬ص ‪.193‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر المحلي البن حزم المرجع السابق ج‪ 13‬ص ‪.43‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫نيل المآرب للسيباني ج‪ 2‬ص ‪.98‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫انظر فيما يتعلق بالقصاص تفصيال ما يلي ص‬ ‫(‪)5‬‬

‫سنن أبي داوود ج‪ 4‬ص ‪ ، 235‬سنن النسائي ج‪ 8‬ص ‪.59‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪147‬‬
‫كنت أحد رجلين ‪ ،‬رجل جهل فعلم أو أخطأ فعفي عنه‪ .‬فقال له عمر صدددقت دونك‬
‫(‪)2‬‬
‫فامتثل أي فاقتص‪.‬‬
‫كما نفذ عمر بن الخطاب القصدداص في ابن عمر بن العاص رضددي هللا عنه عندما‬
‫كما عرض النبي عليه السددالم القصدداص من‬ ‫(‪)3‬‬
‫اعتدي علي صددبي من أقباط مصددر‬
‫نفسد د د د دده لكل من يري أن له حقاً عند رسد د د د ددول هللا صد د د د ددلي هللا عليه وسد د د د ددلم(‪ .)4‬وليس‬
‫للموهف العام أن يتذرع بالطاعة لرئيسد د د د د د دده في إنفاذ التعذيب حيث ال طاعة إال في‬
‫معروف لقوله عليه السد ددالم و إنما الطاعة في المعروف(‪)5‬و وقوله عيه السد ددالم و إنما‬
‫الطداعدة حق مدا لم يؤمر بمعصد د د د د د ديدةو(‪ )6‬أيضد د د د د د ددا و ال طداعدة لمخلوق في معصد د د د د د ددية‬
‫الخالق(‪)7‬و‬
‫وقد أجمع جمهور الفقهاء علي أن الحاكم إن فسق وهلم بان ضرب األبشار وارتكب‬
‫(‪)8‬‬
‫المظالم وأهان الحقوق اإلنسانية وجب عزله‪.‬‬
‫ب‪ -‬إبطال اإلقرارات أو اإلعترافات التي تمت تحت وطأة التعذيب ‪-:‬‬
‫لما كان التعذيب صددورة من صددور اإلكراه سدواء كان تعذيباً جسدددياً أو نفسددياً ولما كا‬
‫اإلكراه يتعددارض مع حريددة االختيددار ومن ثم فددإن اإلكراه والتعددذيددب ال يعول علي مدا‬
‫(‪)1‬‬
‫ويس د د د ددتمد الفقهاء‬ ‫يص د د د دددر من اإلنس د د د ددان تحت وطأته وبعدم ترتيب أي أثر عليه‪.‬‬
‫دليلهم في ذلك من قول النبي عليه السد د د د د د ددالم ورفع عن أمتي الخطأ والنسد د د د د د دديان وما‬

‫انظر أبو يوسف ‪ .‬الخراج المرجع السابق ص ‪ 65‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫الطبقات الكبري البن سعد المرجع السابق ص ‪.293‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر الطبقات الكبري المرجع السابق ص ‪255‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫صحيح البخاري ج‪ . 4‬المطبعة الخيرية ط‪ 1‬ص ‪.127‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫البخاري المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫البيهقي ‪ :‬السنن ط دار المعارف العثمانية بالهند ص ج‪ 3‬ص ‪122‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد كامل ياقوت "الشخصية الدولية في القانون العام " رسالة دكتوراة جامعة القاهرة سنة ‪ 1970‬ص ‪ 467‬ود‪.‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫طارق رخا "تحريم التعذيب " المرجع السابق ص ‪ ،784‬د‪ .‬عبد العزيز سرحان "اإلطار القانوني لحقوق اإلنسان" المرجع‬
‫السابق ص ‪ ، 78‬محمد ضياء الدين الريث "النظريات السياسية اإلسالمية" دار التراث ط ‪ 7‬سنة ‪1979‬‬
‫انظر البدائع المرجع السننابق ص ‪ ، 189‬المغني المرجع السننابق ج‪ 8‬ص ‪ ، 196‬تبين الحقائق البن قدامه المرجع السننابق‬ ‫(‪)1‬‬

‫ص ‪.201‬‬
‫‪148‬‬
‫اسد د د د ددتكرهوا عليهو ومن تطبيقات ذلك ‪ :‬من أقر بسد د د د ددرقة تحت التهديد أو العذاب فال‬
‫(‪)2‬‬
‫ولو ضد ددرب رجل ليقر‬ ‫قطع عليه أحضد ددر السد ددرقة أو لم يحضد ددرها ويسد ددقط إق ارره‪،‬‬
‫بالزنا فال حد عليه ألنه مع اإلكراه يغلب الظن أن المقر قصد ددد دفع الضد ددرر ومن ثم‬
‫(‪)3‬‬
‫فيبتعد هن الصدق عنه فال يقبل إق ارره‪.‬‬
‫بل أنه حتي مع وجود جس د ددم الجريمة كالس د دديء المس د ددروق أو القتيل فال يعول – مع‬
‫(‪)4‬‬
‫ذلك – علي االعتراف أو اإلقرار الذي يتم تحت التهديد أو التعذيب‪.‬‬
‫جـ‪ -‬تعويض من وقع عليه التعذيب ‪-:‬‬
‫أقرت الشد دريعة اإلسد ددالمية تعويض الواقع عليه التعذيب أو التهديد أو الفزع فإن أدي‬
‫إلي ذلك إلي الموت وجب الضد د د ددمان حيث أرسد د د ددل عمر بن الخطاب في طلب امرأة‬
‫حامل ففزعت من طلب عمر لها فأس ددقطت جنينها فأوجب علي لها عليه الض ددمان ‪،‬‬
‫كما أمر النبي عليه الس د د د د ددالم عمر أن يعوض اليهودي الذي أغل لرس د د د د ددول هللا في‬
‫الطلب وتجاوز حدود األدب معه حي أمر عمر بن الخطاب أن يعوض د د دده عن فزعه‬
‫(‪)5‬‬
‫وتهديده بعشرين صاعاً من تمر جزاء ما روعه هذا باإلضافة إلي تعويضه معنوياً‬
‫حيث نص ددح عمر بأن يأمر المدين بحس ددن األداء وينص ددح الدائن بحس ددن الطلب وقد‬
‫قال أبو حنيفة والشدافعي أنه إذا ضدرب السدلطان رجالً للتأديب فمات بسدبب الضدرب‬
‫وسددوف نتعرض للتعذيب‬ ‫(‪)1‬‬
‫وجب عليه الضددمان حيث أنه تجاوز فأفضددي إلي التلف‬
‫وآثره على الحق فى سد ددالمة الجسد ددم والكيان اآلدمى فيما بعد أنظر الباب الثالث من‬
‫هذا لمؤلف هام‬
‫رابعا ً – الحق في المساوات وعدم التمييال ‪-:‬‬

‫المحلي البن حزم ج‪ 11‬ص ‪.141‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫المغني البن قدامه المرجع السابق ص ‪.201‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫شرح الزرقاني علي مختصر خليل المرجع السابق ص ‪.106‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫مصنف عبد الرازق ج ‪ 10‬ص ‪.216‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫البدائع ج‪ 7‬ص ‪ ، 305‬المهذب ج‪ 2‬ص ‪ ، 289‬المبسنننننوط المرجع السنننننابق ص ‪ 13‬والمغني ج‪ 8‬ص ‪ ، 327‬نيل األوطار‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪.140‬‬


‫‪149‬‬
‫يعتبر الحق في المسد د د دداواة بمثابة الركيزة أو نقطة البداية لحقوق وحريات أخري كثيرة‬
‫وهو من أهم حقوق اإلنسد د د د د د ددان إن لم يكن أهمهدا فعالً‪ .‬والمسد د د د د د دداواة المعنيدة هندا هي‬
‫المس د د د د د د دداواة في الحقوق والواجبددات فيمددا بين األفراد ذوي المراكز القددانونيددة المتمدداثلددة‬
‫وليس د د د ددت المس د د د دداواة الواقعية التي تقوم علي إلغاء الفوارق االقتص د د د ددادية أو المس د د د دداواة‬
‫الحسددابية المطلقة التي ربما يسددتحيل الوصددول إليها ‪ .‬ويعتبر عدم التمييز هو الوجه‬
‫االخر للمس دداواة فيحثما يكون هناك مس دداواة ال يكون هناك تمييز وحيث يكون التمييز‬
‫تنتفي المساواة‪.‬‬
‫والتمييز المعني والذي يكون بين أفراد ذوي مراكز قانونية واحدة سواء بإعطاء المزايا‬
‫أو فرض األعباء‪.‬‬
‫ولقد قامت األديان السد د ددماوية علي قيمة أسد د دداسد د ددية أهمها قيمة المسد د دداواة وهي بالقطع‬
‫قيمة عظمي في الدين اإلسد د ددالمي‪ .‬إذ أكد اإلسد د ددالم علي األخوة في اإلنسد د ددانية فقال‬
‫ُّها النَّاس ِإنَّا اخال ْق اناك ْم ِم ْن اذ اك ٍر اوأنثاى او اج اعْل اناك ْم شد د د د د د دعوباً اواق اب ِائ ال لِتا اع اارفوا‬
‫تعالي ‪:‬و ايا أاي ا‬
‫(‪)2‬‬
‫يم اخِب ٌيرو‪.‬‬ ‫َّللاِ أ ْاتاقاكم ِإ َّن َّ ِ‬ ‫ِإ َّن أا ْك ارامك ْم ِع ْن اد َّ‬
‫َّللاا اعل ٌ‬ ‫ْ‬

‫وقد اكد اإلسد د ددالم علي وحدة النشد د ددأة والخلق واألخوة في اإلنسد د ددانية فقال تعالي ‪:‬و ايا‬
‫س اوا ِح د اد ٍة او اخال اق ِم ْن اه دا ازْو اج اه دا اواب د َّث ِم ْنه امدا‬
‫أايُّ اه دا النَّ داس اتَّقوا اربَّكم الَّ د ِذي اخالاقكم ِم ْن انْف ٍ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫(‪)3‬‬
‫ان اعال ْيك ْم ارِقيباًو‬ ‫ون ِب ِه اواأل ْار اح اام ِإ َّن َّ‬
‫َّللاا اك ا‬ ‫اءل ا‬
‫ِرجاالً اكِثي اًر وِنساء واتَّقوا َّ َّ ِ‬
‫َّللاا الذي تاتا اس ا‬ ‫ا ا ً ا‬ ‫ا‬
‫وأكد ذلك النبي عليه الصد ددالة والسد ددالم في قوله و الناس سد دواسد ددية كأسد ددنان المشد ددطو‬
‫(‪)1‬‬
‫وقوله عليه السالم و كلكم آلدم وآدم من ترابو‪.‬‬
‫وعندما جاء النبي عليه السد د ددالم أحد الناس يشد د ددفع في إمراة من بني مخزوم سد د ددرقت‬
‫فقال عليه الس ددالم و إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا س ددرق فيهم الشد دريح تركوه وإذا‬

‫سورة الحجرات اآلية رقم ‪.13‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة النساء اآلية رقم ‪.1‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫رواه مسلم وأبو داوود‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪150‬‬
‫سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد‪ ،‬وأيم هللا لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع‬
‫(‪)2‬‬
‫محمد يدهاو‪.‬‬
‫القضد د د د د د دداء الخدالددة إلي‬ ‫وقدد طبق الفداروق عمر بن الخطداب هدذا المبددأ في رسد د د د د د ددالدة‬
‫يف‬ ‫حتَّى ال ييأاس ِ‬ ‫اس ِفي مجلِ ِسد دك وج ِ‬ ‫القاض ددي وهو يقول له و سد د ِو اب ْي ان النَّ ِ‬
‫ضد دع ٌ‬
‫اْ ا ا‬ ‫ا‬ ‫اه اك‬ ‫اْ ا اا‬ ‫ا‬
‫يح ِفي اح ْي ِف اك و‪.‬‬ ‫ِم ْن اع ْدلِ اك ‪ ,‬اوال اي ْ‬
‫ط امع اش ِر ٌ‬
‫ولقد أكد اإلس د ددالم فكرة المس د دداواة حتي بين رس د ددالت الس د ددماء وأنبياء هللا تعالي وجعل‬
‫اإليمان بها كلها ش ددرطاً إلس ددالم المس ددلم وإيمان المؤمن واعتبرها وحدة واحدة متفاعلة‬
‫صد ْي انا ِب ِه‬
‫صدى ِب ِه نوحاً اوالَّ ِذي أ ْاو اح ْي انا ِإال ْي اك او اما او َّ‬ ‫ين اما او َّ‬ ‫فقال تعالي و اشدرع الكم ِمن ِ‬
‫الد ِ‬ ‫اا ْ ْ‬
‫ِ ِ و(‪)3‬‬ ‫ِ‬ ‫اهيم وموسى و ِعيسى أ ْ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ين اوال تاتاافرَّقوا فيه‬ ‫ان أاقيموا الد ا‬ ‫إ ْب ار ا ا ا ا ا‬
‫ِ‬ ‫نزل ِإالينا وما أ ِ ِ ِ ِ‬ ‫وقوله تعالي و قولوا آمنَّا ِب َّ ِ‬
‫يل اوإِ ْس دد اح اق‬‫يم اوإِ ْس دد اماع ا‬‫نزال إالى إ ْب اراه ا‬ ‫اَّلل او اما أ ِ ا ْ ا ا ا‬ ‫ا‬
‫ون ِم ْن ارب ِ‬ ‫ِ‬
‫ِه ْم ال نافرِق اب ْي ان‬ ‫وب اواألا ْس د اباط او اما أوِت اي مو اس دى او ِعي اس دى او اما أوِت اي النَِّبيُّ ا‬ ‫اواي ْعق ا‬
‫نزل ِإالي ِه ِمن رب ِ‬ ‫أ ٍ‬
‫ِه‬ ‫الرسد د د د دول ِب اما أ ِ ا ْ ْ ا‬ ‫آم ان َّ‬ ‫و‬ ‫تعالي‬ ‫وقوله‬ ‫احد ِم ْنه ْم اوان ْحن اله م ْسد د د د دلِم ا‬
‫ونو‬
‫(‪)3‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫اح ٍد ِم ْن رسد د د د دلِ ِه اواقالوا‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫اَّلل او امالئ اكته اوكتِبه اورسد د د د دله ال نافرِق اب ْي ان أ ا‬
‫واْلمؤ ِمنون ك ٌّل آمن ِب َّ ِ‬
‫اا‬ ‫ا ْ ا‬
‫صد د د ديرو(‪ )4‬كما أكد الدين اإلس د د ددالمي علي ذلك‬ ‫طع انا غْفراانك رب اَّنا وِإاليك اْلم ِ‬ ‫ِ‬
‫ا ا ا ا ْا ا‬ ‫اسد د د دم ْع انا اوأا ا ْ‬
‫المبدأ في المس د دداواة في إحترام األديان الس د ددماوية واألنبياء وتقديرهم واإليمان واإليمان‬
‫بتكاملهم بقوله تعالي و ِإ َّن الَّ ِذين آمنوا والَّ ِذين هادوا والنَّصد د ددارض وال َّ ِ‬
‫آم ان‬‫ين ام ْن ا‬ ‫صد د دداِبئ ا‬ ‫ا ا ا ا ا ا ا ا ا‬
‫ف اعال ْي ِه ْم‬ ‫اجرهم ِع ْن اد ارب ِ‬ ‫اآلخ ِر وع ِمل صالِحاً وع ِمل ِ‬ ‫اَّللِ واْليو ِم ِ‬
‫ِه ْم اوال اخ ْو ٌ‬ ‫صالحاً افاله ْم أ ْ ْ‬
‫اا ا ا‬ ‫اا ا ا‬ ‫ِب َّ ا ا ْ‬
‫(‪)1‬‬
‫ون و‬
‫اوال ه ْم اي ْح ازن ا‬

‫رواه الترمذي‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة الشوري من االية رقم ‪.13‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سورة البقرة اآلية رقم رقم ‪.136‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫سورة البقرة اآلية رقم ‪.285‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫سورة البقرة اآلية رقم ‪.62‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪151‬‬
‫وهكذا أزال اإلسد د د ددالم نعرة التمايز والتفاخر والتعالي التي علت علي لسد د د ددان الديانات‬
‫الس د د ددابقة كاليهود إذا قالوا و نحن أبناء هللا وأحباؤهو وهكذا غيرهم حيث قطع في زوال‬
‫أس ددباب االمتياز والتفاض ددل إال بالتقوي والعمل الص ددالح فقط دون أي س ددبب آخر قائم‬
‫علي عرق أو لون وجنس أو غيره‪ .‬ولقد أقام اٌسد د ددالم المسد د دداواة علي قواعد ثابتة حتي‬
‫بين الحاكم والمحكوم إذ الحاكم يطاع إذا أحس د ددن وأص د دداب فقط وليس له أية س د ددلطة‬
‫دينيددة وعالقددة الفرد بره ال ش د د د د د د ددأن ألحددد بهددا حدداكمداً كددان أو محكومداً‪ .‬أمددا بين أفراد‬
‫المجتمع فالمسد د دداواة تعني أعطاء الجميع فرصد د داً متسد د دداوية وترك الكل حسد د ددب ملكاته‬
‫وإبددداعدده وكددذلددك التزام الجميع بددذات الواجب ددات مدداداموا في ذات المراكز الق ددانونيددة‪.‬‬
‫اء ََِّّللِ اوال ْو‬ ‫ام ِ ِ ِ‬
‫ين باْلق ْس دط ش د اه اد ا‬
‫ِ‬
‫آمنوا كونوا اق َّو ا‬ ‫ين ا‬
‫وتجلي ذلك في قوله تعالي و يا أاي َّ ِ‬
‫ُّها الذ ا‬‫ا ا‬
‫ِين ِإ ْن ايك ْن اغِنيداً أ ْاو اف ِقي اًر افد َّ‬
‫اَّلل أ ْاوالى ِب ِه امدا افال تاتَِّبعوا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اعالى أانفسد د د د د د دك ْم أ ْاو اْل اوالد اد ْي ِن اواألاْق ارب ا‬
‫ون اخِبي اًرو(‪ )2‬ومن هنا فقد‬ ‫ِ‬
‫ان ِب اما تا ْع امل ا‬ ‫ِن اتْلووا أ ْاو ت ْع ِرضوا افِإ َّن َّ‬
‫َّللاا اك ا‬ ‫ان تا ْعدلوا اوإ ْ‬ ‫اْل اه اوض أ ْ‬
‫عالج اإلس ددالم مش ددكلة خطيرة س ددادت في ش ددبه الجزيرة العربية والعالم كله آنذاك وهي‬
‫ما يسد ددمس بالتفرقة العنص د درية مثل التفرقة بين السد ددادة والعبيد أو بين لون و لون أو‬
‫جنس وجنس أو عرق وعرق أو دين و دين أو طائفة وطائفة وقضد د د د ددي عليها تماماً‪.‬‬
‫آيات القرآن الكريم في نفي التفرقة بين ش د د د ددرفاء مكة وفقرائها ونفي التفرقة في الخلقة‬
‫بين بش د د ددر وبش د د ددر ونفي التفرقة علي أس د د دداس اللون وقد التطبيق ذلك في نفي التفرقة‬
‫علي أسداس الدين في واقعة عمر بن العاص مع أحد المسديحيين في مصدر‪ .‬وكذلك‬
‫ومن أهم مظاهر المسدداواة في الفكر‬ ‫(‪)1‬‬
‫انعدام التفرقة علي أسدداس النوع ذكر أ أنثي‪.‬‬
‫الوضددعي والمسدداواة أمام القانون والمسدداواة أمام القضدداء والمسدداواة في تولي الوهائف‬

‫سورة النساء اآلية رقم ‪.135‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد فتحي عثمان (حقوق اإلنسننان بين الشننريعة اإلسننالمية والفكر القانوني الغربي) دار الشننروق – بيروت سنننة‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ 1982‬ص ‪ .128‬ود‪ .‬عبد الواحد الفار (قانون حقوق اإلنسنننان بين الفكر الوضنننعي والشنننريعة اإلسنننالمية المرجع السنننابق ص‬
‫‪ 207‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬محمد يوسننف علوان (حقوق اإلنسننان في ضننوء القوانين الوطنية والمواليق الدولية) المرجع السننابق ص‬
‫‪ ، 314‬د‪ .‬أنس جعفر (دراسات في حقوق اإلنسان) ص ‪ 208‬ص ‪ 117‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪152‬‬
‫العامة والمسد دداواة في حق اإلنتخاب والترشد دديح والمسد دداواة في االنتفاع بالمرافق العامة‬
‫المسد دداواة في األجر عند ذات العمل والمسد دداواة في األعباء الض د دريبية وغير ذلك من‬
‫األوجه ولقد أوض د د د د د ددح ذلك ميثاق األمم المتحدة إذ أش د د د د د ددار في ديباجته ( ما للرجال‬
‫والنس دداء واألمم كبيرها وص ددغيرها من حقوق متس دداوية) ثم أوردت المواد ‪/13 ، 3/1‬أ‬
‫‪،‬ب ‪/55 ،‬ج ‪/76 ،‬ج فقد أكدت علي حظر التمييز ألي سدبب مثل العرق أو الدين‬
‫أو الجنس أو اللغة‪ .‬ولقد أكد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس د د د ددان س د د د ددنة ‪ 1948‬علي‬
‫المس د دداواة وحظر التمييز في المادة الثانية منه والتي نص د ددت علي ( لكل إنس د ددان حق‬
‫التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا اإلعالن دون تمييز بسد د ددبب العنصد د ددر‬
‫أو اللون أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو األصل الوطني أو‬
‫اإلجتماعي أو الثروة أو الميالد أو أي وض ددع آخر) كما نص ددت المادة (‪ )7‬من ذات‬
‫اإلعالن علي أن (الناس جميعاً س ددواء اما القانون دون تمييز كما يتسد دداوون في حق‬
‫التمتع بدالحمدايدة من أي تمميز ينتهدك هدذا اإلعالن ومن أي تحريض علي مثدل هدذا‬
‫التمييز) وهو ما أكده العهد الدولي للحقوق المدنية والس د د د ددياس د د د ددية‪ .‬إذ نص د د د ددت المادة‬
‫(‪ )26‬منه علي أن (جميع الناس متسد د د دداوون أمام القانون ويتمتعون دون تمييز بحق‬
‫متس د د دداو في التمتع بحمايته) ويحظر القانون في هذا المجال أي تمييز ويكفل لجميع‬
‫األشد د د ددخاص علي الس د د ددواء حماية فعالة من التمييز ألي سد د د ددبب كالعرق أو اللون أو‬
‫الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السد د د د د د ددياسد د د د د د ددي أو غيره من األصد د د د د د ددل القومي أو‬
‫االجتماعي أو الثروة أو النس د د ددب أو غير ذلك من األس د د ددباب) ولقد س د د ددارت علي هذا‬
‫النحو كافة اعالنات واتفاقيات منع التمييز مثل اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنس د د د د ددان‬
‫سد د ددنة ‪ 1969‬وعلي المسد د ددتوي العالمي اإلتفاقية الدولية للقضد د دداء علي جميع أشد د ددكال‬
‫التمييز العنصري‪.‬‬

‫التمييز المشروع ‪-:‬‬


‫‪153‬‬
‫يمكن أن يكون التمييز أم اًر مشدروعاً إذا ***** علي أسدس موضدوعية حيث يمكن‬
‫مثالً معاملة النس دداء والرجال معاملة غير متس دداوية لمراعاة الض ددروف البيولوجية فيما‬
‫بينهم أو التفرقة القائمة علي أس د دداس االس د ددتعداد النظري أو الملكات والقدرات العقلية‬
‫كاليقظة والفطنة والذكاء واألمانة والخمول والكسل واإلهمال الخيانة‪.‬‬
‫وكذلك من الفروق المش د ددروعة التفرقة بين المواطنين واإلجانب إذ ال يعد ذلك إخالالً‬
‫بمبدأ المسدداواة في المعاملة حيث أن المراكز القانونية في هذه الحالة مختلفة وليسددت‬
‫متماثلة ومن هنا اس د د د ددتقر األمر علي قص د د د ددر الحق في التص د د د ددويت أو الترش د د د دديح أو‬
‫المش د دداركة في الش د ددأن العام علي المواطن دون األجنبي ‪ .‬أو وض د ددع قيود علي تملك‬
‫األجانب للعقارات أو األمالك عموماً‪.‬‬
‫كذلك فإنه ال يعد من قبيل التمييز المنكور والمحظور إقرار معاملة تفضد د ددليلة متميزة‬
‫لبعض فئات المجتمع األقل حظاً والتي عانت من عدم المسداواة والتمييز ضددها فيما‬
‫قبل مثل التدابير التي تتخذ لضد د د د د ددمان التمثيل المناسد د د د د ددب للمجموعات المحرومة أو‬
‫التمثيل المتوازن للمجموعات المختلفة من السد د ددكان‪ .‬وهنا يكون التفضد د دديل أو التمييز‬
‫بمثابة تعويض لهذه الجماعات عن سد د د د ددنوات الحرمان أو اإلهمال أو اإلقصد د د د دداء أي‬
‫تصد د ددحيح لوضد د ددع هالم ولقد نصد د ددت المادة ‪ 4/1‬من اإلتفاقية الدولية للقضد د دداء علي‬
‫جميع أش ددكال التمييز العنص ددري علي أنه ( ال يعتبر من قبيل التمييز العنص ددري أية‬
‫تددابير خدداص د د د د د د ددة يكون الغرض الوحيددد من إتخدداذهددا تددأمين تقدددم مندداس د د د د د د ددب لبعض‬
‫الجمداعدات العرقيدة أو اإلثنيدة المحتداجدة أو لبعض األفراد المحتداجين للحمدايدة التي قدد‬
‫تكون الزمة لتلك الجماعات وهؤالء األفراد من أجل تمتعهم ومارسد د د د د ددتهم بالتسد د د د د دداوي‬
‫لحقوق اإلنسد د د ددان والحريات األسد د د دداسد د د ددية علي أن ال يكون من نتائج هذه التدابير أن‬
‫تؤدي إلي اإلحتفا بحقوق منفصد د د ددلة تختلف بإختالف الجماعيات العرقية‪ .‬وشد د د ددرط‬
‫عدم إس د ددتمرارها بعد بلو األهداف التي إتخذت من أجلها)‪ .‬وال يقدو في هذا التمييز‬
‫اإلجباري ش د د د دديء طالما كان لهدف المس د د د دداواة ويس د د د ددقط طالما حقق هدفه كما قررت‬

‫‪154‬‬
‫اإلتفداقيدة السد د د د د د ددابقدة (وال حداجدة لده وال مبرر بعدد بلو األهدداف التي إتخدذ هدذا التمييز‬
‫من أجله ددا) أي أن تكون ه ددذه الت دددابير لفترة إنتق ددالي ددة مؤقت ددة به دددف إح ددداث وإقرار‬
‫المساواة التي ال تعني المساواة الواقعية أو الفعلية ( بين الرجل والمرأة) ولكن المساواة‬
‫تتحقق طالما هناك تكافؤ في الفرص والمعاملة (م‪.)1/4‬‬
‫وفي هدذا اإلطدار أو *** اإلتفداقيدة الددوليدة للقضد د د د د د دداء علي جميع أشد د د د د د دكدال التمييز‬
‫العنصد د د د د د ددري من خالل م ‪ 2/2‬منها علي الدول األطراف في هذه اإلتفاقية أن تبادر‬
‫عند اقتض د د دداء الظروف بإتخاذ الخاص د د ددة والملموس د د ددة الالزمة في الميدان اإلجتماعي‬
‫والميدان الثاقافي والميادين األخري لتأمين النماء الكافي والحماية الكافية للمجموعات‬
‫سالفة الذكر‪.‬‬

‫حماية الفرد من التمييز علي أساس الجنس (النوع) ‪-:‬‬


‫يتبر المجلس اإلقتصد د ددادي واإلجتماعي الفرع السد د ددادس من فروع األمم المتحدة ومن‬
‫ض د د د ددمن ما يني به ش د د د ددئون المرأة حيث أنش د د د ددأ لجنة فنية هي لجنة المرأة التي أعدت‬
‫العديد من االتفاقيات الدولية التي تتعرض لمختلف مظاهر التمييز ض د د ددد المراة ومن‬
‫بينها اتفاقية األمم المتحدة بش د د د ددان الحقوق الس د د د ددياس د د د ددية للمراة والتي عرض د د د ددتها علي‬
‫الجمعية العامة للتوقيع والتص د د ددديق بالقرار رقم ‪ 640‬د‪ 7/‬في ‪ 1952/12/20‬والتي‬
‫دخلت حيز النفاذ في سد ددنة ‪ 1954‬والتي اعترفت للنسد دداء بحق التصد ددويت والترشد دديح‬
‫وتقلد جميع المناصد ددب والوهائف العامة (وذلك في النصد ددوص الواردة في المواد من‬
‫‪.)3 : 1‬‬
‫كمدا أبرمدت اتفداقيدة جنسد د د د د د ديدة المراة المتزوجدة والتي اعتمددتهدا الجمعيدة العدامدة سد د د د د د ددنة‬
‫‪ 1957‬ودخلت حيز التنفيذ س ددنة ‪ 1958‬كما اعتمدت الجمعية العامة اتفاقية الرض ددا‬
‫بدالزواج والحدد األدني لسد د د د د د ددن الزواج وتسد د د د د د ددجيدل عقود الزواج والتي بددأ نفداذهدا عدام‬
‫‪ .1964‬ولقد ددد أبطلد ددت االتفد دداقيد ددة التكميليد ددة إلبطد ددال الرق وتجد ددارة الرقيق واألعراف‬

‫‪155‬‬
‫والممارس ددات الش ددبيهة بالرق س ددنة ‪ 1956‬والتي دخلت حيز النفاذ س ددنة ‪ 1957‬عدداً‬
‫من الممدارس د د د د د د ددات واألعراف والتقداليدد الشد د د د د د ددبيهدة بدالرق مثدل الوعدد بتزويج المراة أو‬
‫تزويجهدا فعالً دون أن تملدك حق الرفض ولقداء بددل مدالي أو عيني يددفع ألبويهدا أو‬
‫للعرض عليها أو ألسدرتها أو ألي شدخص آخر أو أية مجموعة أشدخاص أخري لقاء‬
‫ثمن أو عوض آخر وكدذلدك تحريج جعدل المراة إرثداً عندد وفداة زوجهدا تنتقدل منده إلي‬
‫أحد أقاربه كما اعتمدت منظمة المل الدولية عدداً كبي اًر من االتفاقيات بخصد د د د د د ددوص‬
‫حظر التمييز بين الجنس د ددين مثل اتفاقية المس د دداواة في األجور بين العمال والعامالت‬
‫*** تس د د د د دداوي قيمة العمل س د د د د ددنة ‪ 1951‬والتي دخلت حيز التنفيذ ‪ 1957‬واتفاقية‬
‫حظر التمييز في مجال العمل أو المهنة عام ‪ 1958‬والتي دخلت حيز التنفيذ سد د ددنة‬
‫‪ 1960‬واتفداقيدة تكدافؤ الفرص والمسد د د د د د دداواة في المعداملدة للجنسد د د د د د ددين من العمدال عدام‬
‫‪ 1981‬والتي بمقتضد د د د دداها ال يجوز أن تكون األعباء العائلية في ذاتها سد د د د ددبباً مقبوالً‬
‫(‪)1‬‬
‫إلنهاء الخدمة‪.‬‬
‫كمددا اعتمدددت منظمددة األمم المتحدددة للتربيددة والعلوم والثقددافددة (اليونيسد د د د د د ددكو) اتفدداقيددة‬
‫مكافحة التمييز في التعليم والتي دخلت حيز التنفيذ سدنة ‪ 1962‬حيث تعهدت الدول‬
‫بموجدب هدذه اإلتفداقيدة بددعم تكدافؤ الفرص والمسد د د د د د دداواة في المعداملدة في مجدال التعليم‬
‫وحظر حرمان الش د ددخص أو الجماعة من اإللتحاق بالتعليم مهما كان نوعه ومس د ددتواه‬
‫وحظر حص ددر أي ش ددخص أو جماعة في مس ددتوي أدني من التعليم وحظر إنش دداء أو‬
‫إبقاء منظمة أو مؤس د دسد ددات تعليمية منفصد ددلة ألشد ددخاص معينين أو لجماعات معينة‬
‫كما اوجبت اإلتفتقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية سنة ‪ 1966‬علي الدول اتخاذ‬
‫كدافدة التددابير اإليجدابيدة لتدأمين المسد د د د د د دداواة بين الجنسد د د د د د ددين في كدافدة الحقوق المددنيدة‬
‫والسددياسددية المنصددوص عليها فيها كما المادة (‪ )33‬من ذات العهد الدولي علي حق‬
‫الرجال والنسداء في سدن الزواج المناسدب والحق في تكوين األسدر والرضدا في الزواج‬

‫د‪ .‬محمد يوسف علوان – المرجع السابق ص ‪ 349‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪156‬‬
‫وتأمين المس د د د دداواة في الحقوق والواجبات عند الزواج وأثناءه وعند فس د د د ددخه‪ .‬كما نص‬
‫العهد الدولي للحقوق االقتصدادية واالجتماعية والثقافية علي الحق في األجر العادي‬
‫والحق في شددروط العمل الصددالحة والمتكافئة للجنسددين مع الحق في منح األم حماية‬
‫خداصد د د د د د ددة أثنداء الحمدل والوالدة ورعدايدة األطفدال كداألجدازات مددغوعدة األجر كمدا نص‬
‫إعالن القض د د د دداء علي التمييز ض د د د ددد المراة المؤر في ‪ 1967/11/7‬والص د د د ددادر من‬
‫الجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة إلي إلغداء جميع األعراف والنظم والتقداليدد القدائمدة علي‬
‫فكرة نقص المراة وإلغاء جميع أحكام قانون العقوبات التي تنطوي علي تمييز ضد د د د د ددد‬
‫المراة‪ .‬ومن الجدير بالذكر أن مصددر عضددو (طرف) في اتفاقية القضدداء علي جميع‬
‫أشكال التمييز ضد المراة حيث صدقت ليها منذ سنة ‪ 1981‬وهي أول اتفاقية شاملة‬
‫لكدافدة حقوق المرأة والتي كفلدت لهدا الحق في التمييز اإليجدابي لهدا عندد الضد د د د د د ددرورة‬
‫لمواجهة األعراف والتقاليد التي تقلل من شد د د د د ددأن أو دور المرأة حيث نصد د د د د ددت المادة‬
‫الرابعدة منهدا علي أنده ال يعتبر من قبيدل التمييز المنكور اتخداذ الددولدة تددابير مؤقتدة‬
‫تسدتهدف التعجيل بالمسداواة الفعلية بين الرجل والمرأة كما أوجبت علي الدول مكافحة‬
‫جميع أشكال اإلتجار بالمرأة واستغاللها (م‪ )6‬منها‪.‬‬
‫والحقيقة أن المرأة في بالدنا وإن كانت النص د د ددوص آخذة في إنص د د ددافها إال أن الواقع‬
‫يد ددذكر أن الثقد ددافيد ددة المجتمعيد ددة واألعراف والتقد دداليد ددد ربمد ددا تقف حد ددائالً دون إنجد دداز‬
‫اس ددتحاقاقات للمرأة كالعنف ض دددها في األس درة والمجتمع أيا كان نوع ودوافع ومس ددمي‬
‫هذا العنف وكذلك الوضدع االقتصدادي المتدني للمرأة سديما ربات األسدر وسديما المرأة‬
‫المعيلة وذات الظروف الخاصد ددة كالمطلقة واألرملة وغيرهما وزواج لقاصد درات وتعليم‬
‫المرأة ورضددا المرأة في الزواج واالتجار في المرأة وتشددويه المرأة جسدددياً وهو ما يدعو‬
‫إلي مزيددد من التكدداتف لتهيئددة العوامددل للنهوض بددالمرأة من كددافددة الجوانددب للنهوض‬
‫بالمجتمع الذي تمثل المراة نصفه وتربي نصف اآلخر وتنشئه‪.‬‬
‫خامسا ً – الحق في األمن ‪-:‬‬
‫‪157‬‬
‫تنص المادة (‪ )3‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان علي أن لكل إنسان الحق في‬
‫الحياة والحرية واألمن الش ددخص ددي‪ .‬كما نص ددت المادة (‪ )9‬من اتفاقية الحقوق المدنية‬
‫والسياسية علي أن لكل فرد الحق في الحرية وفي األمان علي شخصه‪.‬‬
‫كما نصد ددت المادة (‪ )17‬من ذات االتفاقية علي أنه ال يجوز التدخل بشد ددكل تعسد ددفي‬
‫أو غير قانوني بخص د د د ددوص د د د دديات أحد أو بعائلته أو بيته أو م ارس د د د ددالته كما ال يجوز‬
‫التدخل بش د د د د ددكل غير قانوني بش د د د د ددرفه وبس د د د د ددمعته واعتبر الحق في األمن هو جوهر‬
‫اإلحسد دداس بالسد ددالمة الجسد دددية ‪ ،‬حيث أنه عندما يفتقد اإلحسد دداس باألمان فإنه يفتقد‬
‫تلقائياً الجانب النفسي من الحق في السالمة الجسدية ‪ ،‬ومن ثم فقد كانت النصوص‬
‫السددابقة في المواثيق الدولية وغيرها س دواء علي المسددتوي الدولي العالمي أو اإلقليمي‬
‫‪ ،‬ومن أعرق هذه المواثيق االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنس د د د ددان حيث نص د د د ددت المادة‬
‫(‪ ) 1/5‬منهددا علي فقرات خمس تتعلق بددالحق في الحريددة الشد د د د د د ددخصد د د د د د ديددة واألمددان‬
‫الشد ددخصد ددي كما نصد ددت هذه الفقرات علي ضد ددمانات تحقيق هذا اهلمان الشد ددخصد ددي‬
‫كاإلبال فو اًر عن أس د د د د ددباب الحرمان من الحرية أو أس د د د د ددباب القبض كما أكدت هذه‬
‫الفقرات علي كدافدة الحقوق المتعلقدة بعددالدة المحداكمدة وقدد تعرضد د د د د د ددت أجهزة االتفداقية‬
‫(‪)1‬‬
‫منذ ما يقرب من نصف قرن إلي اآلن للعديد والعديد من الشكاوي في ذا الصدد‪.‬‬
‫ومن أحدددث التطبيقددات علي المسد د د د د د ددتوي الدددولي هو تطبيق اللجنددة الدددوليددة لحقوق‬
‫اإلنس ددان المنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والس ددياس ددية في خص ددوص تطبيق‬
‫المادة (‪ ) 9‬من العهد والتي قررت حق كل إنس ددان في الحرية واألمان علي ش ددخص دده‬
‫وعدم جواز القبض عليه واحتجازه تعسددفاً وعدم جواز حرمان أي شددخص من حريته‬
‫إال ألسد د د د د د ددباب ينص عليها القانون وطبقاً لإلجراءات المقررة فيه ‪ ،‬وقد انتهت اللجنة‬
‫في الدعوي رقم ‪ 560‬لسددنة ‪ 1993‬المقدمة من أحد األشددخاص ضددد أسددتراليا والذي‬

‫انظر د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف (اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان) الهيئة المصرية العامة للكتاب ص ‪ 1991‬ص ‪354‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫دخل أستراليا الجئاً من كمبوديا بطريق غير قانوني فاعتقل في أستراليا حال وصوله‬
‫في نغوفمبر سد د د ددنة ‪ 1989‬وهل حتي يناير سد د د ددنة ‪ 1994‬وقد انتهت اللجنة إلي أن‬
‫هذا اإلحتجاز والحرمان من الحرية واألمان الش د د ددخص د د ددي هو إجراء تعس د د ددفي وقررت‬
‫اللجنة أن مفهوم والتعسد د د د د ددفو يجب أن يفهم علي نحو أوسد د د د د ددع من ومخالفة القانونو‬
‫وقررت اللجنة ‪:‬و أن كل قرار يتخذ باعتقال أي إنسد د د د ددان يجب أن يكون قابالً ألعادة‬
‫النظر فيه بصد د ددورة دورية للتمكين من تقييم األسد د ددس التي تبرر اإلعتقال‪ .‬ويجب في‬
‫جميع األحوال أال يتجداوز اإلعتقدال الفترة التي يمكن للددولة أن تقددم بشد د د د د د ددأنهدا األدلة‬
‫الكدافيدة بتبريره وإال كدان االعتقدال تعسد د د د د د ددفيداً حتي وإن كدان الددخول إلي البلدد بطريقدة‬
‫(‪)2‬‬
‫غير قانونية‪.‬‬
‫كما أن الدس د د د دداتير والقوانين األس د د د دداس د د د ددية قد أولت هذا الحق إهتماماً يليق بكونه من‬
‫ألصد ددق الحقوق باألنسد ددان وقد كفلت القوانين العقابية وقوانين اإلجراءات الجنائية في‬
‫ش ددتي دول العالم حماية اإلنس ددان من االعتداء عليه حتي من الس ددلطات في الدولة ‪،‬‬
‫ومن األمثلة علي ذلك الدس د د د د ددتور المص د د د د ددري الذي أكد في ديباجته علي أن و كرامة‬
‫الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطنو ثم توالت نصد ددوصد دده في احترام الحياة الخاصد ددة‬
‫في اإلنسددان واحترام الحقوق والحريات الشددخصددية ومنا المواد (‪،50 ،54 ،44 ،41‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ )75‬من الدستور المصري‪.‬‬
‫سادسا ً ‪ -‬الحق في الخصوصية ‪-:‬‬
‫يتبر الحق في الخص د ددوص د ددية من األفكار المرنة التي يختلف مض د ددمونها من مجتمع‬
‫(‪)2‬‬
‫إلي آخر حسب مدي رقي هذا المجتمع ومدي اهتمامه واحترامه لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫انظر تقرير اللجنة الدولية لحقوق اإلنسان سنة ‪ 1997‬ولائق األمم المتحدة المجلد األول المحلق ‪ (A/52/40) 40‬ص‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ 88‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬الفار – المرجع السننابق ص ‪ 296‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬حسننام الالهواني "الحق في احترام الحياة الخاصننة" دار النهضننة‬ ‫(‪)1‬‬

‫العربية ص سنة ‪.1971‬‬


‫انظر د‪ .‬حسام الالهواني "الحق في احترام الحياة الخاصة" – المرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪159‬‬
‫ولعل من الص د ددعوبة بإمكان وض د ددع تعريح جامع مانع للحق في الخص د ددوص د ددية إزاء‬
‫اختالف معايير النظر إلي هذا الحق ‪ ،‬فقد عرفه جانب من الفقه األمريكي علي أنه‬
‫الحق في الخلوة ولكن أخذ علي المعيار أنه ال يقدم معيا اًر قانونياً للحياة الخاصددة أو‬
‫‪ ،‬ولقد ذهبت الجمعية اإلس ددتش ددارية لمجلس أوروبا إلي تعريح الحق‬ ‫(‪)3‬‬
‫الخص ددوص ددية‬
‫في الخصد د د د د ددوصد د د د د ددية عن طريق حصد د د د د ددر ما يحويه هذا الحق إذ قيل بان الحق في‬
‫اإلنسد د ددان حياته كما يريد مع أقل حد ممكن‬ ‫الخصد د ددوصد د ددية هو القدرة علي أن يعي‬
‫من التدخل ‪ ،‬واعتبر من الخص ددوص ددية الحياة العائلية ‪ ،‬وما يتعلق بس ددالمة الجس ددم ‪،‬‬
‫والشرف واالعتبار ‪ ،‬ونشر الصورة الفوتوغرافية دون إذن الشخص أو الفضولية غير‬
‫المقبولدة والتي تكون بددون مبرر ‪ ،‬وقدد اخدذ علي هدذا المعيدار أنده غير جدامع مدانع ‪،‬‬
‫وأمام صد ددعوبة وضد ددع تعريح للخصد ددوصد ددية فقد ذهب البعض إلي تعريح هذا الحق‬
‫سد د د د د د ددلبيداً بداعتبدار أن الحيداة الخداصد د د د د د ددة هي كدل مدا ال يعتبر من قبيدل الحيداة العدامدة‬
‫(‪)1‬‬
‫للشخص‪.‬‬
‫أما بالنسد د ددبة لعالقة الحق في السد د ددالمة الجسد د دددية بالحق في الخصد د ددوصد د ددية فكالهما‬
‫ينتمي إلي طائفة الحقوق اللصد د دديقة بشد د ددخصد د ددية اإلنسد د ددان لتجارب ‪ ،‬إذ أن الحق في‬
‫الخصدوصدية يحمي جسدم اإلنسدان في شدقه المعنوي فال يخضدع هذا اإلنسدان لتجارب‬
‫بيولوجية أو علمية إال برضاه الحر وال يجبر اإلنسان علي الكشف عن خصوصياته‬
‫إال برض د د دداه الحر وبالطريق الذي رس د د ددمه القانون وفي حدود االتفاقيات الدولية ‪ ،‬فال‬
‫عبث في جسدم اإلنسدان للكشدف عن خصدوصدياته أو معرفة سدر من أسدرار جسدده أو‬
‫للكش د د د د ددف عن دليل في جريمة ما وال يجوز تعقيم اإلنس د د د د ددان عقماً دائماً أو مؤقتاً إال‬

‫انظر ‪Good, Tars 2 ed 1888 p. 29 :‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر ‪R. Baclintr. La prataction de la via privee j.c.p. 1968, doet 2136 :‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪160‬‬
‫برضاه ألن ذلك من إطالقاته وخصوصياته(‪ )2‬وال يجوز وضع أي إنسان في هروف‬
‫بيئية أو نفسد ددية تجعله يكشد ددف عن أس دد ارره أو خصد ددوصد ددياته ‪ ،‬فكل صد ددور المسد دداس‬
‫بالسدالمة الجسددية تمثل من زاوية أخري مسداسداً بحرمة الحياة الخاصدة لإلنسدان ومن‬
‫ثم فهما متكامالن ومتناسقان بل هما وجهان لعملة واحدة‪.‬‬
‫وقدد أكددت المواثيق العدالميدة واإلقليميدة علي هدذا الحق ومن اهمهدا االتفداقيدة الددوليدة‬
‫للحقوق المدنية والسد ددياسد ددية واالتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسد ددان وقد أولت كل منهما‬
‫الحياة الخاصد ددة والحياة العائلية والمسد ددكن والم ارسد ددالت حماية بالغة طالما كانت هذه‬
‫الحماية في حدود المصد د د د د د ددلح ة العليا للدولة والمصد د د د د د ددلحة العامة للمجتمع في حماية‬
‫األخالق وقدد تبلور هدذا من نداحيدة التطبيق العلمي إذ رفضد د د د د د ددت اللجندة األوروبيدة –‬
‫وهي أحد أجهزة االتفاقية األوروبية – شد د د ددكوي قدمت إليها في ‪ 27‬ديسد د د ددمبر ‪1955‬‬
‫ضد د ددد ألمانيا اإلتحادية والتي أدعي فيها الشد د دداكي أنه حوكم بموجب المادة ‪ 175‬من‬
‫قانون العقوبات األلماني الرتكابه س ددلوكاً جنس ددياً ش دداذاً وأدعي ان هذا القانون يخالف‬
‫حقه في أن تحترم حياته الخاصد د د ددة طبقاً للمادة (‪ )8‬من االتفاقية ولكن اللجنة ذهبت‬
‫في رفض د د د ددها لهذه الش د د د ددكوي إلي أن أي مجتمع ديمقراطي البد فيه أن تتدخل الدولة‬
‫بغرض حمددايددة الصد د د د د د دحددة واألخالق في إطددار معني الفقرة (‪ )2‬من المددادة (‪ )8‬من‬
‫االتفاقية ولما كان الش د ددذوذ الجنس د ددي البد من محاربته إلضد د د ارره بالص د ددحة واألخالق‬
‫وقد أجابت اللجنة عن‬ ‫(‪)1‬‬
‫ومن ثم كانت هذه الشد ددكوي ال تقوم علي مبررات سد ددليمة‪.‬‬
‫كما عرض علي اللجنة – في خصد ددوص‬ ‫(‪)2‬‬
‫شد ددكوي مماثلة بالرفض لذات األسد ددباب‬
‫الحياة الخاص ددة – ش ددكوي رفض ددتها اللجنة في ‪ 2‬أبريل ‪ 1973‬ض ددد ألمانيا الفيدرالية‬

‫انظر د‪ .‬توفيق الشهاوي "بطالن التحقيق االبتدائي بسبب التعذيب واإلكراه الواقع علي المتهم" مجلة القانون واالقتصاد‬ ‫(‪)2‬‬

‫سنة ‪ 51‬عدد ‪ 21‬ص ‪ 253‬وكذلك د‪ .‬لروت علي عبد الرحمن "مشروعية األساليب العلمية الحديثة في الحصول علي‬
‫االعتراف" مجموعة محاضرات ألقيت بالمركز القومي للبحوث االجتماعية والجنائية سنة ‪.1966‬‬
‫انظر د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف المرجع السابق ص ‪.322‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪.323‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪161‬‬
‫حيث أدعي الشد د دداكي أن الصد د ددور التي التقطت له والتي توضد د ددح عالقاته مع بعض‬
‫النسد دداء قد اسد ددتخدمت كدليل ضد ددده أثناء محاكمته عن جريمة قتل ‪ ،‬وادعي الشد دداكي‬
‫أن هذا يعتبر تعرضد د د داً لحقه في حياته الخاص د د ددة ألن الص د د ددور عرض د د ددت علي كافة‬
‫المشددتركين في المحاكمة ولكن اللجنة رفضددت هذ االدعاءات ألن تقديم الصددور إلي‬
‫المحكمة كان في حدود اعتبارها دليل ض د د د د د ددد الش د د د د د دداكي ومن ثم فإنه وإن كان هناك‬
‫تعرضدداً للحياة الخاص ددة فإن له ما يبرره طبقاً للفقرة (‪ )2‬من المادة (‪ )8‬من االتفاقية‬
‫(‪)3‬‬
‫بغرض من الجريمة‪.‬‬

‫(‪5339 / 72 (non pubile), sugets de Jwrisprudence, commission Europeenne des oraits del, )3‬‬
‫‪Homme, STRASBOURG, 1974, pp. 21 – 22.‬‬
‫‪162‬‬
‫وتداكيدداً لحق المجتمع في التددخدل في الحميداة العدائليدة لحمدايدة الصد د د د د د دحدة واألخالق‬
‫لألطفال أخذاً في االعتبار رفاهيتهم الجسدمانية والنفسدية وهو ما يؤكد العالقة الوثيقة‬
‫بين الحق في الحياة الخاصة والعائلية والحق في السالمة الجسدية(‪.)1‬‬
‫سابعا ً الحق في الحرية ‪-:‬‬
‫الحق في الحرية الفردية يعتبر هو األصددل الذي تنحدر منه غالبية حقوق اإلنسددان ‪،‬‬
‫والحرية بمعناها العام هي التي تفسر مبدأ الحرمة المطلقة لجسم اإلنسان في المجال‬
‫(‪)2‬‬
‫غير التعاقدي ارتداداً إلي القاعدة القائلة و إياك وأن تلمسنيو‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار فقد ثار تسدداؤل هو ما مدي حرية اإلنسددان الشددخصددية في التصددرف‬
‫في جس د د د د ددده ؟ وإنه ورغم اختالف أيدلوجيات دول العالم إال أن اإلجابة يحكمها مبدأ‬
‫حرمة جسددم اإلنسددان ضددد كل عبث حيث ال يعول علي إرادة اإلنسددان وال رضدداه إال‬
‫لمصد د د د د د ددلحة عليا حيث نكون آنئذ أمام فعل مباو شد د د د د د دريطة عدم التعارض مع نظام‬
‫المجتمع وآدابه‪.‬‬
‫ومن هنا فال يمكن للناس أن تحيا في سدالمة جسددية بدون حرية شدخصدية حيث أن‬
‫(‪)3‬‬
‫الحرية الفردية انعدامها هو قيد لإلنسان بروحه وجسده‪.‬‬
‫وقد أكدت المادة (‪ )9‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والس د د د ددياس د د د ددية علي الحق في‬
‫الحرية الفردية ومنع كل قيد عليها إذ نصت هذه المادة علي أن ‪-:‬‬
‫‪ -1‬لكل فرد الحق في الحرية والسد ددالمة الشد ددخصد ددية وال يجوز القبض علي أحد‬
‫أو إيقافه بشد د ددكل تعسد د ددفي كما ال يجوز حرمانه من حريته إال علي أسد د دداس‬
‫قانوني وطبقاً لإلجراءات المقررة قانوناً‪.‬‬

‫(‪3898/68 contr Royawme uni, Recueil no 35. p. 102 via familiale, sugets de jure oruelence, )1‬‬
‫‪vol. 2, commission Europeenne de Droits de l,Homme, STRASBOURG.‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪Adecocq. Ersai du, une thearie generale de droits sur personne. There , OARIS 1960‬‬
‫‪p. 194.‬‬
‫(‪ )3‬انظر د‪ .‬محمد ذكي أبو عامر "الحماية الجنائية للحريات الشخصية" منشأة المعارف – االسكندرية بدون سنة طبع‪.‬‬
‫‪163‬‬
‫‪ -2‬يجب إبال كل من يقبض عليه بأسد د د ددباب ذلك فور القبض عليه كما يجب‬
‫إبالغه فو اًر بأية تهمة موجهة إليه‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب تقديم المقبوض عليه بسد د د ددبب تهمة جنائية فو اًر أمام القاضد د د ددي أو أي‬
‫موهف آخر مخول قانوناً بممارس د د ددة ص د د ددالحيات قض د د ددائية ويكون من حق‬
‫المقبوض عليدده أن يقدددم إلي المحكمددة خالل فترة زمنيددة معقوبددة وإال وجدب‬
‫اإلفراج عنده‪ .‬وال يكون إيقداف الشد د د د د د ددخص رهن المحداكمدة تحدت الح ارسد د د د د د ددة‬
‫كقاعدة عامة ولكن يمكن إخض د د د دداع اإلفراج للض د د د ددمانات التي تكفل المثول‬
‫أمام المحكمة في أية مرحلة أخري من اإلجراءات القض د د د د ددائية وتنفيذ الحكم‬
‫إذا ما تطلب ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬يحق لكددل من يحرم من حريتدده نتيجددة القبض عليدده مبدداشد د د د د د درة اإلجراءات‬
‫الالزمة أمام القض دداء لكي تقرر المحكمة دون إبطاء مدي مش ددروعية إيقافه‬
‫أو لتأمر باإلفراج عنه إذا كان اإليقاف غير قانوني‪.‬‬
‫‪ -5‬لكدل من كدان ضد د د د د د ددحيدة القبض عليده أو إيقدافده بشد د د د د د دكدل قدانوني الحق في‬
‫تعويض قابل للتنفيذ‪.‬‬
‫وتهدف هذه المادة إلي حماية حق اإلنس د ددان في الحرية الش د ددخص د ددية ومواجهة كل ما‬
‫بحيث يمكن القول أن نص ذا المادة قد‬ ‫(‪)1‬‬
‫يمنع تمتع اإلنسد ددان بها علي نحو طبيعي‬
‫وضد ددع مبادن الحد األدني للحرية الشد ددخصد ددية التي ال يجب أن يحرم منها اإلنسد ددان‪.‬‬
‫وإن كدان يؤخدذ علي هدذا النص أن المدادة (‪ )4‬من ذات االتفداقيدة تجعدل الددول تتحلدل‬
‫من هذه اإللتزامات في الضد د ددروف االسد د ددتثنائية(‪ )2‬ولكن ما يخفف وطاة هذه الثغرة و‬
‫أن معيار الظروف االسد د ددتثنائية ليس مطلقاً من كل قيد أو حسد د ددب هوي الدولة وإنما‬

‫ويقابل هذا النص المادة (‪ )2/5‬من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ‪ ،‬المادة (‪ )7‬من األتفاقية األمريكية لحقوق‬ ‫(‪)1‬‬

‫اإلنسان‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬سعيد فهيم خليل "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف االستثنائية" رسالة دكتوراة جامعة اإلسكندرية سنة‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ 1994‬ص ‪ 183‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪164‬‬
‫هو محكوم بضرورة أن تقدر الضروف بقدرها وأن تحكم األمور بمعيار التناسب بين‬
‫األحددداث االسد د د د د د ددتثنددائيددة وطرق مواجهتهددا بحيددث ال يجددب أن تغطي المواجهددة علي‬
‫متطلبات األحداث وهو ما أكدت عليه اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسد د ددان في قضد د ددية‬
‫)‪ (Lawless‬ضد د د ددد أيرلندا وهو مواطن أيرلندي تم اعتقاله دون محاكمة عام ‪1957‬‬
‫بموجب أمر من وزير العدل األيرلندي لالشد د د ددتباه في انضد د د ددمامه إلي منظمة الجي‬
‫األيرلنددي )‪ (IRA‬واسد د د د د د ددتنداداً ألحكدام قدانون مكدافحدة جرائم أمن الددولدة‪ .‬وقدد تملكدت‬
‫أيرلندا في دفاعها أمام اللجنة بالظروف االسد د د ددتثنائية (البند من الفقرة (‪ )1‬من المادة‬
‫(‪ ) ) 5‬من االتفاقية غير أن اللجنة رفضد ددت هذا الدفاع وانتهت إلي وجوب تقديم كل‬
‫وسد ددوف نعرض للعديد من التطبيقات علي‬ ‫(‪)1‬‬
‫شد ددخص يقبض عليه قاضد دديه الطبيعي‬
‫المس د ددتوي الدولي واإلقليمي والش د ددرعي والوطني لما يؤكد علي عمق الص د ددلة بين حق‬
‫اإلنسددان في السددالمة الجسدددية وحريته وذلك عند اسددتعرضددنا لضددمانات حماية الحق‬
‫في السالمة الجسدية والتي سوف تكون موضع الباب الثاني من هذه الدراسة‪.‬‬
‫ثامنا ً – الحق في الجنسية ‪-:‬‬
‫الجنس د د د د ددية هي بداية الحياة القانونية للفرد وال كيان له بدونها حيث يتمتع بكل حقوق‬
‫المواطنة سدواء الحقوق المدنية أو السدياسدية أو االقتصدادية أو االجتماعية أو الثقافية‬
‫فضد د د ددال عل كفالة حمايته وحماية حقوقه خارج دولته وهي الحماية الدبلوماسد د د ددية في‬
‫مواجه ددة ال دددول األخري من خالل دولت دده‪ .‬ولق ددد تضد د د د د د ددمن اإلعالن الع ددالمي لحقوق‬
‫اإلنس د د د ددان النص علي الحق في الجنس د د د ددية في المادة ‪ 9/10‬منه كما حظر في ذات‬
‫النص الحرمان التعسد ددفي من الجنسد ددية أو الحرمان من الحق في تغيير الجنسد ددية‪ .‬ثم‬

‫د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان" المرجع السابق ص ‪ 250‬وما بعدها – ‪Year book‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪.1961 the lawlers case‬‬


‫‪165‬‬
‫اكد ذات المعني العهد الدولي للحقوق المدنية والسد د د ددياسد د د ددية سد د د ددنة ‪ 1966‬في المادة‬
‫(‪)1‬‬
‫‪.3/24‬‬
‫تاسعا ً – حرية الفكر والضمير والدين ‪-:‬‬
‫تضد د د د د د ددمن اإلعالن العددالمي لحقوق اإلنس د د د د د د ددان وكددذا العهددد الدددولي للحقوق المدددنيددة‬
‫والس ددياس ددية نص ددوص داً تحمي حرية التفكير والض ددمير والدين أذ نص ددت المادة ‪ 18‬من‬
‫االعالن العالمي لحقوق اإلنسان علي أن ‪:‬‬
‫(لكل شدخص الحق في حرية التفكير والضدمير والدين ويشدمل هذا الحق حرية تغيير‬
‫الديانة أو العقيدة وحرية اإلعراب عنها بالتعليم أو الممارسة وإقامة الشعائر ومراعتها‬
‫س د د د د دواء س د د د د د ار أو علناً)‪ .‬كما نصد د د د ددت المادة (‪ )18‬من العهد الدولي للحقوق المدنية‬
‫والس د ددياس د ددية علي أنه (لكل فرد الحق في حرية الفكر والض د ددمير والديانة وهذا يش د ددمل‬
‫حرية الفرد في اإلنتماء إلي دين معين أو عقيدة محددة باختياره وفي أن يعبر منفرداً‬
‫أو مع آخرين بشكل علني أو غير علني عن هذه الديانة أو العقيدة سواء عن طريق‬
‫العبادة أو التعبد أو الممارسددة أو التعليم‪ .‬وال يجوز اخضدداع أحد ألكراه من شددأنه أن‬
‫يعطل حريته في اإلنتماء إلي أحد األديان أو العقائد التي يختارها وهو ال يخض د د د د د ددع‬
‫إلي للقيود التي ينص عليها والتي تس د د د د د ددتوجبها الس د د د د د ددالمة العامة أو النظام العام أو‬
‫الص د د د ددحة العامة أو األخالق أو حقوق اآلخرين وحرياتهم وتتعهد الدول األطراف في‬
‫هذه االتفاقية باحترام حرية اآلباء واألمهات واألوصدياء القانونيين عن إمكانية تطبيق‬
‫ذلك في تأمين التعليم الديني واألخالقي ألطفالهم تمشياً مع معتقداتهم الخاصة)‪.‬‬

‫د‪ .‬فؤاد عبد المنعم رياض (الجنسنية كحق من حقوق اإلنسنان) مطبوعات معهد سنيراكوزا – إيطاليا – حول حقوق اإلنسنان‬ ‫(‪)1‬‬

‫ص ‪.100‬‬
‫‪166‬‬
‫عاشراً – حرية الرأي والتعبير ‪-:‬‬
‫تعتبر حريدة الرأي والتعبير أحدد أهم دعدائم الدديمقراطيددة في كدل مجتمع ومن خاللهدا‬
‫يتم بناء الش ددخص ددية اإلنس ددانية التي تتفاعل مع غيرها وتفيد وتس ددتفيد‪ .‬ومن خالله يتم‬
‫ممارسد ددة الحق في المشد دداركة في الحياة العامة والحق في تقرير المصد ددير والحق في‬
‫االنتخداب والترشد د د د د د دديح وتكوين جمداعدات الضد د د د د د ددغط كدالنقدابدات واالتحدادات والحق في‬
‫التعليم والحق في الثقدافدة‪ .‬ولقدد نص اإلعالن العدالمي لحقوق اإلنس د د د د د د ددان في المدادة‬
‫(‪ )19‬منه علي هذا الحق في اآلتي ( لكل شد د د د د ددخص الحق في حرية الرأي والتعبير‬
‫ويش د د د ددمل هذا الحق حرية اعتناق اآلراء دون تدخل واس د د د ددتقاء األنباء واألفكار وتلقيها‬
‫وإذاعتها بأية وس د دديلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية)‪ .‬كما تض د ددمنت ذات المادة‬
‫(‪ )19‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسد ددياسد ددية ذات المعني تقريباً حيث نصد ددت‬
‫علي أندده ‪ (:‬لكددل فرد الحق في إتخدداذ اآلراء دون تدددخددل ولكددل فرد الحق في حريددة‬
‫التعبير ويشد د د د د د دمددل هددذا الحق حريددة البحددث عن المعلومددات أو األفكددار من أي نوع‬
‫واسدتالمها ونقلها بغض النظر عن الحدود بالوسديلة التي يختارها وهي تخضدع للقيود‬
‫القدانونيدة الضد د د د د د ددروريدة من أجدل احترام أو سد د د د د د ددمعدة اآلخرين ومن أجدل حمدايدة األمن‬
‫الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو األخالق)‪.‬‬
‫حاديا ً عشر – الحق في التجمع السلمي ‪-:‬‬
‫الحق في التجمع السد د ددلمي هو حق ال غني عنه للتواصد د ددل الفكري داخل المجتمعات‬
‫فضدال عن كون اإلنسدان ذاته هو كائن اجتماعي بالفطرة وله حاجة ماسدة وضدرورية‬
‫للحق في التجمع في الس د د د د ددراء والض د د د د ددراء أو األفراو واألطراو‪ .‬ولقد نص علي ذلك‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسد د د د د د ددان في المادة (‪ )20‬منه حيث قرر النص انه (لكل‬
‫شد د ددخص الحق في حرية االشد د ددتراك في االجتماعات والجمعيات السد د ددلمية) كما نص‬
‫العهد الدولي للحقوق المدنية والسد د د د د د ددياسد د د د د د ددية في المادة (‪ )21‬منه علي أنه (يعترف‬
‫بالحق في التجمع الس د ددلمي وال يجوز وض د ددع القيود علي ممارس د ددة هذا الحق غير ما‬

‫‪167‬‬
‫يفرض منها تمشد د د ددياً مع القانون في المجتمعات الديمقراطية وما تقتضد د د دديه مصد د د ددلحة‬
‫األمن الوطني أو السد د د د د د ددالمدة العدامدة أو النظدام العدام أو حمدايدة الصد د د د د د دحدة العدامدة أو‬
‫األخالق أو حماية حقوق اآلخرين وحرياتهم)‪ .‬ولقد اشترط النص أن تكون القيود في‬
‫مجتمع ديمقراطي حتي ال تتحول القيود في المجتمعدات الدديمقراطيدة إلي مص د د د د د د ددادرة‬
‫لهد ددذا الحق‪ .‬فد ددالمحظور مثال حمد ددل وإحراز األسد د د د د د ددلحد ددة أثند دداء االجتمد دداع أو إثد ددارة‬
‫االضطرابات والقالقل والفتن والخروج عن السلمية‪.‬‬
‫ثانيا ً عشـر – الحق في تكوين الجمعيات واألحزاب والمشـاركة‬
‫في الحياة العامة ‪-:‬‬
‫أورد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسد د د ددان في المادة (‪ )20‬منه النص علي أن ‪ (:‬لكل‬
‫شخص الحق في حرية االشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية) (ال يؤخذ معني‬
‫الحزب السد د د ددياسد د د ددي من كلمة (الجمعيات والجماعات السد د د ددلمية) وال يجوز إرغام أحد‬
‫علي االشد د د د د د ددتراك في جمعية ما‪ .‬وهو ذات النص في المادة (‪ )22‬من العهد الدولي‬
‫للحقوق المدنية والسددياسددية والتي نصددت علي أنه (لكل فرد الحق في حرية المشدداركة‬
‫مع اآلخرين بما في ذلك حق تش د ددكيل النقابات أو اإلنض د ددمام إليها لحماية مص د ددالحه‬
‫وال يجوز وض د د د د ددع قيود علي ممارس د د د د ددة هذا الحق غير تلك التي ينظمها القانون في‬
‫مجتمع ديمقراط ي لصد د د ددالح األمن الوطني والنظام العام والسد د د ددالمة العامة والصد د د ددحة‬
‫العامة واألخالق أو حماية حقوق اآلخرين وحرياتهم وال تحول هذه المادة دون فرض‬
‫القيود القانونية علي أعضاء القوات المسلحة والشرطة في ممارسة هذا الحق)‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بحق المشد د دداركة في سد د ددير الحياة العامة فقد نصد د ددت المادة (‪ )21‬من‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان علي أن (لكل فرد حق المش دداركة في إدارة الش ددئون‬
‫العامة لبلده مباشد د درة أو بواسد د ددطة ممثلين يختارهم بحرية وإرادة الشد د ددعب الشد د ددهب هي‬
‫مندداط سد د د د د د ددلطددة الحكم‪ .‬وهددذه اإلرادة تتجلي من خالل انتخددابددات نزيهددة وحرة تجري‬

‫‪168‬‬
‫باالقتراع العام وعلي قدم المسداواة بين المواطنين أو بين الناخبين وبالتصدويت السدري‬
‫أو بإجراء مماثل يضمن حرية التصويت)‪.‬‬
‫وفي ذات المعني نص د د ددت المادة ‪ 25‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والس د د ددياس د د ددية‬
‫علي ذات الحق بقولهدا ( لكدل مواطن الحق والفرصد د د د د د ددة دون تمييز ودون قيود غير‬
‫معقولة في أن يش د د د ددارك في س د د د ددير الحياة العامة مباش د د د درة أو بطريق ممثلين يختارهم‬
‫بحرية وأن اينتخب أو ينتخب بطريقة نزيهة لي أسد داس المسد دداواة وبما يضد ددمن التعبير‬
‫الحر عن إرادة الناخبين)‪.‬‬
‫ويترتددب علي هددذا الحق حرمددان الدددوليددة من وضد د د د د د ددع أيددة قيود غير قددانونيددة وغير‬
‫دس د د د د د ددتورية في طريق ممارس د د د د د ددة هذا الحق‪ .‬وض د د د د د ددمان حرية التجمع خالل المرحلة‬
‫اإلنتخابية في إطار مبدأ المسد دداواة في المعاملة للجميع وضد ددمان اإلشد دراف النزيه من‬
‫قضد د د د د د ددان مسد د د د د د ددتقل يمنع أي خروج عن الديمقراطية وكذلك إتاحة الدعاية واإلعالن‬
‫واإلعالم علي قدم المساواة للجميع والسيما في أسلوب تحديد الدوائر اإلنتخابية‪.‬‬
‫ثالثا ً عشر – الحق في العدالة ‪-:‬‬
‫الحق في العدالة أحد الحقوق األسد د د دداسد د د ددية لإلنسد د د ددان التي ال غني له عنها لمواجهة‬
‫الظلم والعس ددف والعدوان بطريقة حض ددارية بعيدة عن قوانين الغابة أو ثقافة الفوض ددي‬
‫بما يض د د د د ددمن للمظلوم حق في رد مظلمته ويض د د د د ددمن للمتهم الحق في المحاكمة بما‬
‫يحف عليه كرامته اإلنسدانية في إطار الشدرعية اإلجرائية التي ال يجوز مخالفتها وإال‬
‫بطلت إجراءات المحاكمة العادلة لعدم توافر الضد ددمانات والتي منها الحق في الدفاع‬
‫وش ددرعية الجرائم والعقوبات وعدم الرجعية والعالنية والش ددفوية والمواجهة والطعن علي‬
‫األحكام ‪....‬الخ‪ .‬وهو ما تض ددمنه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان في المادة (‪)28‬‬
‫منه من أن (لكل إنسد د د ددان الحق في أن يلجأ إلي المحاكم الوطنية إلنصد د د ددافه من كل‬
‫اعتداء علي حقوقه التي يحميها القانون) وفي أن تنظر قضد د د د د د دديته أمام محاكم نزيهة‬
‫نظ اًر عادالً‪ .‬كما نص ددت المادة (‪ )11‬علي **** البراءة للمتهم إلي أن تثبت إدانته‬

‫‪169‬‬
‫وكفالة حقوق وض د ددمانات الدفاع عنه فنص د ددت علي كل ش د ددخص متهم بجريمة يعتبر‬
‫برئيداً إلي أن تثبدت إدانتده قدانونداً بمحداكمدة علنيدة تؤمن وتكفدل فيهدا كدافدة الضد د د د د د دمدانات‬
‫الضد د ددرورية للدفاع عنه‪ .‬وال يجوز إدانة شد د ددخص من عمل أو اإلمتناع عن عمل إال‬
‫إذا كددان يمثددل جرمداً وفقداً للقددانون الوطني أو الدددولي وقددت إرتكدداب الفعددل وال يجوز‬
‫توقيع عقوبة أشد د د د د د ددد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت إرتكاب الجريمة ‪ ...‬وفي‬
‫ذات المعني نصددت المادة (‪ )14‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسددياسددية وأكدت‬
‫علي اسد د د ددتقالل المحاكم وعلنية المحاكمة وحياد المحكمة **** البراءة وضد د د ددمانات‬
‫حقوق ا لددفداع وشد د د د د د ددرعيدة الجرائم والعقوبدات وشد د د د د د ددرعيدة إجراءات المحداكمدة وتوفير‬
‫إجراءات خداصد د د د د د ددة لألطفدال عندد محداكمتهم وطرق اعدادة النظر في األحكدام وحظر‬
‫العقداب علي الفعدل الواحدد مرتين والتعويض عندد اإلخفداق عن تحقيق العددل واحترام‬
‫مبدأ حجية األحكام‪ .‬والحق في إبال المتهم فو اًر بتهمته وبالتفصد د د د دديل وبلغة مفهومة‬
‫وبسدبب التهمة وإعطائه وقتاً كافياً إلعداد دفاعه واالتصدال بمن يختاره من المحامين‬
‫وان تجري محاكمته دون تأخير زائد عن المعقول وأن تعين له مسد د دداعدة قانونية عند‬
‫عدم قدرته أو رغبته واسد ددتجوابه وشد ددهوده في نفس هروف اسد ددتجواب شد ددهود الخصد ددم‬
‫وأال يجبر علي الشداهدة ضدد نفسده أو االعتراف بأي ذنب وحق إعادة عرض قضديته‬
‫بواسد د د د د د دطدة محكمدة أعلي بموجدب القدانون وحقده في التعويض إذا ألغي الحكم وثبتدت‬
‫براءته وحظر محاكمة الش د ددخص عن فعل واحد مرتين وحظر توقيع عقوبة أش د ددد من‬
‫تلدك التي نص عليهدا القدانون عندد ارتكداب الفعدل المؤثم‪ .‬وحق المتهم في مترجم يقددم‬
‫له مساعدة مجانية إذا لم يكن قاد اًر علي فهم لغة التحقيق أو المحاكمة‪ .‬وحق المتهم‬
‫في االسد د د د د د ددتفدادة من أي نص صد د د د د د دددر الحقداً علي الفعدل وخففدت العقوبدة أو أزال عن‬
‫الجريمة صددفة التجريم في اطار قواعد القانون األصددلح للمتهم كما نصددت المادة (‪ )15‬من‬
‫العهد الدولي للحقوق المدنية والسددياسددية في فقرتها الثانية علي أنه (ليس في هذه المادة ما‬
‫يحول دون محاكمة او معاقبة أي شد ددخص عن أي فعل او امتناع عن فعل إذا كان يعتبر‬
‫وقت ارتكابه جريمة طبقاً للمبادن العامة للقوانين المقررة في المجتمع الدولي)‪.‬‬
‫‪170‬‬
‫أما في إطار الفقه اإلسد ددالمي فاهلل سد ددبحانه وتعالي و العدل وهو ذاته يأمر بالعدل ‪ ..‬فهو‬
‫العدل في قوله تعالي ( ولو اتبع الحق أهوائهم لفس د دددت الس د ددماوات واألرض) ويأمر بالعدل‬
‫في قولدده (إن هللا يددأمر بددالعدددل) ويددأمر بددالحكم بددالعدددل في قولدده تعددالي (وإذا حكمتم بين‬
‫الناس أن تحكم وا بالعدل) والرس د د ددول عليه الص د د ددالة والس د د ددالم بقوله ( اتقوا الظلم فإن الظلم‬
‫هلمددات يوم القيددامددة) ويقول (اتق دعوة المظلوم فددإندده ليس بينهددا وبين هللا حجدداب) ويقول‬
‫(دعوة المظلوم يرفعها هللا فوق الغمام ويفتح لها أبواب السد د د ددماء ويقول ووعزتي ألنص د د د درنك‬
‫ولو بعد حينو) ويقول (اتقوا دعوة المظلوم فإنها تص د د د ددعد إلي الس د د د ددماء كأنها شد د د د د اررة)‪ .‬وال‬
‫عجب في األمر بالعدل بين الشد ددقيق والعدو وعدم المحاباة لقرابة مطلقاً في قوله تعالي ( ايا‬
‫اء ِباْل ِق ْسد د د د ِط اوال اي ْج ِرامنَّك ْم اشد د د داندن اق ْو ٍم اعالى أاالَّ تا ْع ِدلوا‬ ‫ام ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أاي َّ ِ‬
‫ين ََّّلل شد د د د اه اد ا‬
‫آمنوا كونوا اق َّو ا‬ ‫ين ا‬ ‫ُّها الذ ا‬ ‫ا‬
‫اء ََِّّللِ اوال ْو اعالى أانف ِسد دك ْم‬ ‫ام ِ ِ ِ‬
‫ين باْلق ْس د دط ش د د اه اد ا‬
‫ِ‬
‫آمنوا كونوا اق َّو ا‬ ‫ين ا‬
‫اع ِدلو) وقوله تعالي (يا أاي َّ ِ‬
‫ُّها الذ ا‬
‫ا ا‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِين ِإ ْن ايك ْن اغني داً أ ْاو اف ِقي اًر اف د َّ‬
‫ان تا ْع ددلوا)‬ ‫اَّلل أ ْاوالى ِب ِه ام دا افال تاتَِّبعوا اْل اه اوض أ ْ‬ ‫أ ْاو اْل اواِل د اد ْي ِن اواألاْق ارب ا‬
‫ان اذا ق ْرابى ) وقد أكد النبي عليه الصد ددالة والسد ددالم‬ ‫وحتي في القول (وإِ اذا قْلتم اف ِ‬
‫اعدلوا اوال ْو اك ا‬ ‫ْ ْ‬ ‫ا‬
‫مقام ورفعة القاضد ددي العادل بقوله (إن أحب الناس إلي هللا يوم القيامة وأقربهم منه مجلس د داً‬
‫إمام عادل وأبغضددهم وأشدددهم عذاباً إمام جائر) ورسددالة القضدداء للفاروق عمر بن الخطاب‬
‫إلي عبد هللا بن قيس (القاضد د د ددي) تشد د د ددهد بمدي السد د د ددمو والرفعة في فهم العدل موضد د د ددوعاً‬
‫(‪) 1‬‬
‫وإجراءات ‪ ،‬معني وشكالً ‪ ،‬هدفاً ومنهجاً‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية‬
‫سدمح العهد الدولي للحقوق االقتصدادية واالجتماعية والثقافية للدول النامية أو اآلخذة‬
‫في النمو بدالتددرج في تنفيدذ وتفعيدل هدذه الحقوق وفقداً للقددرة المداليدة والموارد المتداحدة‬
‫دون تلكؤ‪ .‬ومن نا فإن تطبيق بنود هذا العهد مرتبط بخطط اقتصد د د د د د ددادية واعتمادات‬

‫انظر في نص هذه الرسالة مؤلفنا (الحماية الدولية لحق اإلنسان في السالمة الجسدية) دار النهضة العربية سنة ‪2004‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫الطبعة الثانية ص ‪.306‬‬


‫‪171‬‬
‫مالية س د د دواء وطنية أو دولية وفقاً لنص المادة (‪ )4‬من هذا العهد التي نص د د ددت علي‬
‫أنه ‪:‬‬
‫(تتعهددد كددل دولددة طرف في هددذه إلتفدداقيددة أن تقوم منفردة ومن خالل المس د د د د د د دداعدددة‬
‫والتعاون الدولي بإتخاذ الخطوات خاصد ددة االقتصد ددادية والفنية وألقصد ددي ما تسد ددمح به‬
‫مواردها المتوفرة من أجل التوصددل تدريجياً للحقوق المعترف بها في االتفاقية الحالية‬
‫بك دداف ددة الطرق المن دداسد د د د د د دب ددة بم ددا في ذل ددك علي وج دده الخصد د د د د د ددوص تبني اإلجراءات‬
‫التشريعية)‪.‬‬
‫ويمكن إجمال أهم الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية علي النحو التالي ‪-:‬‬
‫أوالً‪ -‬الحق في العمل ‪-:‬‬
‫الحق في العمل من أهم حقوق اإلنسد د د ددان والدول ملزمة بتوفير فرص العمل المالئمة‬
‫التي يض د د د ددمن بها دخالً يكفي معيش د د د ددته ‪ ،‬والدول ملزمة بتوفير فرص المس د د د دداواة في‬
‫األجر الع ددادل ط ددالم ددا تك دداف ددأت األي دددي الع ددامل ددة كم ددا أنه ددا ملزم ددة بتوفير الظروف‬
‫واالحتياطات التي تحقق األمان للعامل وتحاف علي ص د د د ددحته الجس د د د دددية والنفس د د د ددية‬
‫كتحديد س دداعات العمل واالجازات وأوقات الف ار والترقي والمكافدت والتدريب لإلرتقاء‬
‫بالمستوي المهاري والمهني لكل عامل‪.‬‬
‫ولقد نص اإلعالن العالمي في المادة (‪ )23‬منه علي اآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬لكل شد ددخص حق العمل وله حرية اختياره بشد ددروطاً عادلة مرضد ددية كما أن‬
‫له حق الحماية من البطالة‪.‬‬
‫‪ -2‬لكل فرد دون تمييز الحق في أجر متساو للعمل‪.‬‬
‫‪ -3‬لكل فرد يقوم بالعمل الحق في أجر عادل مرض ددي يكفل له وألس درته عيش ددة‬
‫الئقة بكرامته تضاف إليه عند اللزوم وسائل أخري للحماية اإلجتماعية‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫كما تناول العهد الدولي للحقوق االقتصننادية واالجتماعية والثقافية هذا الحق‬
‫في المادتين (‪ )6،7‬منه علي النحو التالي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬تقر الدول األطراف االتفاقية الحالية (العهد) بالحق في المل الذي يض د د ددمن‬
‫حق كل فرد في أن تكون أمامه فرصد د ددة كسد د ددب معيشد د ددته عن طريق العمل‬
‫الذي يختاره أو يقبله بحرية وتتخذ هذه الدول الخطوات المناسبة لتأمين هذا‬
‫الحق‪.‬‬
‫‪ -2‬تشد ددمل الخطوات التي تتخذها أي دولة من الدول األطراف للصد ددوصد ددل إلي‬
‫تحقيق كامل لهذا الحق البرامج أو الس د ددياس د ددات ووس د ددائل اإلرش د دداد والتدريب‬
‫الفني والمهني من أجددل تحقيق نمو اقتص د د د د د د ددادي واجتمدداعي وثقددافي مطرد‬
‫وعمدالدة كداملدة ومنتجدة في هدل شد د د د د د ددروط تؤمن للفرد حيداتده السد د د د د د ديداسد د د د د د ديدة‬
‫واالقتصادية‪.‬‬
‫وأضننننننننافت المادة (‪ )7‬أنه " تقر الدول الطراف في اإلتفاقية الحالية بحق كل‬
‫فرد في المجتمع شروط صالحة وعادلة تكفل بشكل خاص ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬مكافدت توفر لكل العمال كحد أدني ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬أجو اًر عادلة ومكافدت متساوية عن األعمال متساوية القيمة دون تمييز أي نوع ‪،‬‬
‫وعلي وجه الخص د د د ددوص للنس د د د دداء ش د د د ددروط عمل ال تقل عن تلك التي يتمتع بها‬
‫الرجال مع مساواة األجر عن األعمال المتساوية القيمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬معيشة شريفة لهم ولعائالتهم طبقاً لنصوص االتفاقية‪.‬‬
‫ج‪ -‬هروف عمل مأمونة وصحية‪.‬‬
‫د‪ -‬فرص متسداوية لكل فرد بالنسدبة لترقيته في عمله إلي مسدتوي أعلي مناسدب دون‬
‫خضوع في ذلك ألي اعتبار سوي اعتبارات الترقية والكفاءة‪.‬‬
‫و‪ -‬أوقات للراحة والفر وتحديد معقول لسد د د د د دداعات العمل وأجازات مدفوعة ومكافدت‬
‫عن أيام العطل العامة‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫ثانيا ً – الحق في الرعاية الصحة واالجتماعية ‪-:‬‬
‫يعتبر هذا الحق التزاماً علي عاتق الدولة لصد ددالح الفرد ضد ددد المخاطر التي يتعرض‬
‫لها كالمرض أو الحوادث وآثارها أو الش د د دديخوخة والعجز أو رعاية األمومة والطفولة‪.‬‬
‫ولقدد نص اإلعالن العدالمي لحقوق اإلنسد د د د د د ددان علي هدذا الحق في المدادة (‪ )25‬منده‬
‫حيث نصدت علي أن لكل إنسدان الحق في مسدتوي معيشدة يكفل الصدحة والرفاهية له‬
‫وألسد د د د د د درتده بمدا في ذلدك الطعدام والكس د د د د د د دداء والرعدايدة الطبيدة والخددمدات اإلجتمداعيدة‬
‫الضد د د د ددرورية وحقه في األمن من البطالة والمرض والعجز أو الترمل أو الشد د د د دديخوخة‬
‫وغير ذلك‪.‬‬
‫كما نصدت المادة (‪ )2‬من اتفاقية الحقوق االقتصدادية واالجتماعية والثقافية علي أنه‬
‫تقر الددولدة أطراف هدذه اإلتفداقيدة بحق كدل فرد في المجتمع في أعلي مسد د د د د د ددتوي من‬
‫الصحة البدنية والعقلية‪ .‬ويجب علي الدول أن تراعي اآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬خفض نسبة الوفيات عن المواليد واالهتمام بالتنمية الصحية للطفل‪.‬‬
‫‪ -2‬تحسين شتي الجوانب البيئية والصناعية‪.‬‬
‫‪ -3‬الوقاية من األمراض المعدية والمهنية ومعالجتها‪.‬‬
‫‪ -4‬تأمين الخدمات الطبية والعناية بالعمال في حالة المرض‪.‬‬
‫كما تم التركيز علي األس د د درة وحقوقها وقد وض د د ددعت اإلتفاقية (اتفاقية الحقوق المدنية‬
‫والسياسية) األسس التي يجب مراعاتها ومنها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬للع ددائل ددة حق التمتع بحم دداي ددة المجتمع ‪ ،‬والع ددائل ددة هي الوح دددة اإلجتم دداعي ددة‬
‫الطبيعية واألسددياسددية في المجتمع ‪ ،‬وللرجال والنسدداء الذين في سددن الزواج‬
‫حق تكوين أسرة‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يتم زواج بدون الرضا الكامل والحر لألطراف المقبلة علي الزواج‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫‪ -3‬علي الدددولددة إتخدداذ الخطوات المندداسد د د د د د دبددة كتددأمين المسد د د د د د د دداواة في الحقوق‬
‫والمسددئوليات عند الزواج وأثناء قيامه وفسددخه وفي حالة فسددخ الزواج يجب‬
‫النص علي الحماية الالزمة لألطفال‪.‬‬
‫أ‪ -‬وجوب جعل التعليم اإلبتدائي إلزامياً ومتاحاً بالمجان للجميع‪.‬‬
‫ب‪ -‬وجوب جعددل التعليم الثددانوي في أشد د د د د د دكددالدده المختلفددة بمددا في ذلددك‬
‫الثانوي الفني متاحاً وميسد ددو اًر للجميع بكل الوسد ددائل المناسد ددبة وعلي‬
‫وجه الخصوص عن طريق جعل الثقافة مجانية بالتدريج‪.‬‬
‫ج‪ -‬وجوب جعل التعليم العالي كذلك ميسد د د د د د ددو اًر للجميع علي أسد د د د د د دداس‬
‫الكفاءة بكل الوس ددائل المناس ددبة وعلي وجه الخص ددوص بطريقة جعل‬
‫الثقافة مجانية بالتدريج‪.‬‬
‫د‪ -‬وجوب تش د ددجيع التعليم األس د دداس د ددي أو تكثيفه بقدر اإلمكان بالنس د ددبة‬
‫لألش د ددخاص الذين لم يحص د ددلوا علي كامل فترة تعليمهم اإلبتدائي أو‬
‫لم يتموها‪.‬‬
‫ه‪ -‬وجوب متابعة تطوير النظام المدرسدي علي كافة المسدتويات بنشداط‬
‫أو إنشد د دداء نظام مناسد د ددب للمنح التعليمية وتحسد د ددين األحوال المادية‬
‫للهيئة التعليمية بشكل مستمر‪.‬‬
‫‪ -4‬تتعهددد الددول الطراف في العهددد الددولي بداحترام حريدة اآلبداء في اختيددار مدا‬
‫يرونه مناس ددباً ألطفالهم من مدارس بما يتمش ددي في الحد األدني للمس ددتويات‬
‫التعليميدة التي تضد د د د د د ددعهدا الددولدة أو توافق عليهدا وكدذلدك حقم في أن يؤمنوا‬
‫ألطفالهم التعليمية الديني واألخالقي الذي يتمشي مع معتقداتهم الخاصة‪.‬‬
‫كما أقرت منظمة اليونيس د د د ددكو س د د د ددنة ‪ 1960‬اإلتفاقية الدولية لمناهض د د د ددة التمييز في‬
‫العالم والتي بمقتضدداها تتعهد الدول األطراف بإلغاء أية نصددوص أو إجراءات إدارية‬

‫‪175‬‬
‫تنطوي علي تمييز في التعليم وعد دددم السد د د د د د دمد دداو بوجود أي إختالف أو تمييز في‬
‫المعاملة للمواطنين‪.‬‬
‫ومن نا يتضدح أن الدولة ملزمة باحتكار حق اإلجبار علي التعليم في مراحله األولي‬
‫حرصد د د د د د داً علي بناء أجيالها علي أسد د د د د د ددس المعرفة‪ .‬والتزام الدولة بتذليل العقبات في‬
‫طريق رغبة األفراد في تعليم غيرهم بشد د ددرط أال يتعارض هذا مع النظام االم واآلداب‬
‫العامة‪ .‬وكل ذلك يهدف إلي أن يجد كل إنسد د د د ددان سد د د د ددبيالً له إلي المعرفة وأن يتمتع‬
‫بفنون وآداب جميع الشد د د د د ددعوب وأن يحظي بنصد د د د د دديبه من التقدم الذي تم في المجال‬
‫العلمي وجميع أنحاء العالم وأن يس د د دداهم في إثراء الحياة الثقافية بما يس د د دداعد في رفع‬
‫المستوي الروحي والمادي لإلنسان في العالم أجمع‪.‬‬
‫رابعا ً – حرية العقيدة او الحرية الدينية ‪-:‬‬
‫حرية العقيدة أو االعتقاد تعني حرية اعتناق دين معين أو حرية عدم إعتناق أي دين‬
‫‪ ،‬وحرية المناقشد د ددات الدينية بين أصد د ددحاب الديانات المختلفة ‪ ،‬وحرية الشد د ددخص في‬
‫ممارسة شعائر دينه عالنية طبقاً لعقيدته‪.‬‬
‫وكذلك ال يجوز إكراه ش د د د د ددخص علي التدين بدين معين أو االعتقاد في عقيدة معينة‬
‫أو تغيير ما يعتقده بأية وس د د د دديلة من وس د د د ددائل الض د د د ددغط المادي أو المعنوي‪ .‬كما أن‬
‫إعالن الددين الرسد د د د د د ددمي لددولدة مدا وفق دين أغلدب سد د د د د د دكدانهدا ال يمنع من حق من ال‬
‫ينتمون لهذا الدين في ممارس د ددة ش د ددعائرهم بحرية وعالنية دون أية قيود وهو ما أكدته‬
‫المادة (‪ )18‬من االعالن العالمي لحقوق اإلنسان والتي نصت لي أن ‪:‬و لكل إنسان‬
‫الحق في حرية الفكر والضمير والحرية الدينية علي أن يتضمن ذا الحق حرية المرء‬
‫في تغيير دينية أو عقيدته تعليماً وسد ددلوكاً وطقوس دداً جه اًر وس دد اًر بمفرده أو باإلش ددتراك‬
‫مع غيرهو‪.‬‬
‫كما نصت المادة (‪ )18‬من إتفاقية الحقوق المدنية والسياسية علي أنه ‪-:‬‬

‫‪176‬‬
‫‪ -1‬لكل إنسد ددان الحق في الحرية الفكرية والضد ددمير والحرية الدينية وهذا الحق‬
‫يتض ددمن حرية كل إنس ددان في أن يدين بدين معين أو معتقد معين وحريته‬
‫في إههار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشد د د د د د ددعائر والممارسد د د د د د ددة والتعليم‬
‫منفرداً أو مع جماعة وأمام المأل أو علي حدة‪.‬‬
‫‪ -2‬ال يجوز إكراه أحد علي اعتناق دين أو تغيير دين ما‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يجوز إخض د د د دداع أحد في ممارس د د د ددة دينه ومعتقده إال للقيود العامة التي‬
‫يحددها القانون ويكون ض د ددرورةية لحماية الس د ددالمة العامة أو النظام العام‬
‫أو اآلداب العد ددامد ددة أو الصد د د د د د دحد ددة العد ددامد ددة أو حقوق اآلخرين وحريد دداتهم‬
‫األسياسية‪.‬‬
‫‪ -4‬احترام حريددة اآلبدداء في تعليم أبنددائهم التعليم الددديني والخلقي بمددا يتفق مع‬
‫معتقداتهم‪.‬‬
‫ولقد أصدددرت الجمعية العامة لألمم المتحدة إعالناً بشددأن القضدداء علي جميع أشددكال‬
‫التعض د د د ددب والتمييز القائمين علي أس د د د دداس الدين والمعتقد وذلك في ‪1981/11/25‬‬
‫والذي جاء في نفس معني أو مضمون ما نص عليه اإلعالن والعهد الدولي للحقوق‬
‫المدنية والسد ددياسد ددية علي النحو السد ددالف ثم فصد ددل وأسد ددهب في حماية وصد دديانة حرية‬
‫اإلعتقاد وممارسة الشعائر والطقوس الدينية‪.‬‬
‫ومن الجدددير بددالددذكر أندده ال يجوز الخلط بين حريددة العقيدددة في ذاتهددا وبين سد د د د د د ددوء‬
‫السد ددلوك الذي يسد ددتفاد من اإلسد ددتحقاق والتالعب باألديان والعقائد بغية تحقيق مدرب‬
‫خاص د د د د د ددة وأغراض دنيوية معينة حيث س د د د د د ددرعان ما يرتد المتالعب بالعقيد أو الدين‬
‫طالما تحققت مدربه أو خابت مطامعه الدنيوية الزائلة ومع التسد د د د د د ددليم بحرية االعتقاد‬
‫(‪)1‬‬
‫إال أنه يجب وقف التالعب الموصوم بسوء السلوك والعبث‪.‬‬

‫حكم المحكمة اإلدارية العليا المصرية رقم ‪ 856‬لسنة ‪ 3‬ق الصادر في ‪ . 1958/6/2‬مجموعة المبادئ السنة الثالثة ص‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪.1486‬‬
‫‪177‬‬
‫ولقد أكد الدين اإلس د د د د د ددالمي علي هذه الحرية في القرآن الكريم في العديد من اآليات‬
‫اء افْلي ْؤ ِم ْن او ام ْن‬ ‫(‪)2‬‬
‫الد ِ‬ ‫الشد دريفة منها قوله تعالي (ال ِإ ْكراه ِفي ِ‬
‫ين) وقوله تعالي ( اف ام ْن اشد د ا‬ ‫اا‬
‫ِ‬
‫اس احتَّى ايكونوا م ْؤ ِمن ا‬ ‫اء افْل اي ْكف ْر) وقوله تعدالي (أاافأ ْان ات ت ْك ِره ال َّند ا‬
‫)‪(3‬‬
‫ين) وقوله تعدالي‬ ‫اشد د د د د د د ا‬
‫ارِهم ِإن الم يؤ ِمنوا ِبه اذا اْلح ِد ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫يث أا اسد د د د د دفا)(‪ )4‬وقوله تعالي‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫(افال اعل اك اباخ ٌع انْف اسد د د د د د اك اعالى آثا ِ ْ ْ ْ ْ‬
‫ض كُّله ْم اج ِميعاً‬ ‫ُّك آلم ان م ْن ِفي األ ْار ِ‬
‫اء ارب ا ا ا‬ ‫(وال ْو اشد د د د د د ا‬
‫(ال ْي اس اعال ْي اك ه اداه ْم) وقوله تعالي ا‬
‫ِ‬
‫ين)(‪ )5‬ولقددد عدداب اإلسد د د د د د ددالم علي أولئددك الددذين‬ ‫اس احتَّى ايكونوا م ْؤ ِمن ا‬ ‫أاافدأا ْند ات ت ْك ِره النَّد ا‬
‫(والاق د ْد اذ اأْران دا لِ اج اهنَّ ام‬
‫يتوارثون العقددائددد دون إعمددال العقددل والتدددبر والتفكير فقددال تعددالي ا‬
‫اعي ٌن‬ ‫ون ِب اهدا اواله ْم أ ْ‬ ‫وب ال ايْفاقه ا‬ ‫ون ِب اهدا اله ْم قل ٌ‬ ‫وب ال ايْفاقه ا‬ ‫اإل ِ‬
‫نس اله ْم قل ٌ‬ ‫اكِثي اًر ِم ْن اْل ِج ِن و ِ‬
‫ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال يب ِ‬
‫ضد د د ُّل أ ْوالئ اك ه ْم‬ ‫ون ِب اها أ ْوالئ اك اكاأل ْان اعا ِم اب ْل ه ْم أا ا‬ ‫ون ِب اها اواله ْم آ اذ ٌ‬
‫ان ال اي ْسد د د امع ا‬ ‫صد د در ا‬ ‫ْ‬
‫ون ِب اها أ ْاو‬ ‫وب اي ْع ِقل ا‬ ‫ون اله ْم قل ٌ‬‫ض افتاك ا‬ ‫ون) وقوله تعالي (أاافالم اي ِسد د د د د د ديروا ِفي األ ْار ِ‬ ‫اْل اغ ِافل ا‬
‫)‬‫‪6‬‬ ‫(‬
‫ْ‬
‫ص دد ِ‬ ‫ص دار اوال ِك ْن تا ْع امى اْلقلوب الَِّتي ِفي ال ُّ‬ ‫ان اي ْس دمع ا ِ ِ‬
‫ون ب اها افإنَّ اها ال تا ْع امى األ ْاب ا‬
‫(‪)7‬‬
‫ور)‬ ‫ا‬ ‫آ اذ ٌ‬
‫وقد أكد النبي عليه الصالة والسالم هذا بقوله (أمرنا بتركهم وما يرغبون) وقوله (لهم‬
‫ما لنا وعليم ما علينا)‬
‫كما أن الدين اإلسد د د د ددالمي قد جمع في آية واحدة دور العبادة في األديان السد د د د ددماوية‬
‫بجملددة واحدددة ال تمييز بينهددا في الحمددايددة والتقدددير فقددال تعددالي (والوال د ْفع َّ ِ‬
‫َّللا النَّد ا‬
‫اس‬ ‫اْ ا‬
‫(‪)1‬‬
‫َّللاِ اكِثي اًر)‬
‫اسم َّ‬
‫يها ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات او ام اساجد ي ْذ اكر ف ا‬
‫صال او ٌ‬ ‫ِ‬
‫ص اوامع اوب اِي ٌع او ا‬
‫ِ ٍ ِ‬
‫ضه ْم ب اب ْعض الهد ام ْت ا‬
‫اب ْع ا‬

‫خامسا ً – الحق في العيش في مستوي مالئم يحفظ كرامة اإلنسان ‪-:‬‬

‫سورة البقرة اآلية ‪.256‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سورة الكهف االية رقم ‪.29‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫سورة الكهف اآلية رقم ‪.6‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫سورة بونس اآلية ‪.99‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫سورة االعراف االية رقم ‪.179‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫سورة الحج االية رق ‪.46‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫سورة الحج اآلية رقم ‪.40‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪178‬‬
‫توجب المواثيق الدولية للفرد كفالة حقه في المسددتوي المعيشددي الكافي والمناسددب من‬
‫مأكل وملبس ومأوي وفي تحسدين مسدتواه باسدتمرار لمواكبة تطور الحياة المسدتمر فقد‬
‫اورد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في المادة (‪ )25‬منه في فقرتها األولي أن ‪:‬‬
‫( لكل شدخص الحق في مسدتوي من المعيشدة كافي للمحافظة علي الصدحة والرفاهية‬
‫له وألسرته ويتضمن التغذية والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات اإلجتماعية‬
‫الالزمة وتأمين المعيش د د د ددة في حاالت البطالة والمرض والعجز والترمل والش د د د دديخوخة‬
‫نتيجة لظروف خارجة عن إرادته)‪.‬‬ ‫وغير ذلك من هروف فقدان وسائل العي‬
‫ثم أكدد العهدد الددولي للحقوق االقتصد د د د د د دداديدة واالجتمداعيدة والثقدافيدة هدذا الحق إذا إلزم‬
‫الدول األطراف فيه كفالة هذا الحق ب لرخاء في هذا الشأن)‬
‫وحسدناً فعل مشدروع الدسدتور المصدري الحالي (‪ )2013‬والذي لم يسدتفت الشدعب ليه‬
‫في مسددتوي‬ ‫حتي كتابة هذه السددطور إذ نص علي حق اإلنسددان المصددري في العي‬
‫يحف كرامته وحقه في الغذاء الص د د د ددحي وحقه في الرعاية الص د د د ددحية وحقه في الماء‬
‫النظيف وحقه في المسكن المالئم‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫سادسا ً – الحق في مستوي صحي الئق ‪-:‬‬
‫تدور اآلن المداوالت في لجنة الخمس د ددين المنوط بها تعديل الدس د ددتور المص د ددري وفق‬
‫اإلعالن الدسدتوري الصدادر في ‪ .2013‬بعد أن وضدعت لجنة العشدرة مشدروعها ولقد‬
‫وضد ددح جلياً اهتمام المص د دريين الذين اسد ددتمعت إليهم لحق الحوار المجتمعي المنبثقة‬
‫عن لجنة الخمسد د د ددين إص د د د درارهم علي أن يتضد د د ددمن الدسد د د ددتور بوضد د د ددوو التزام الدولة‬
‫بالمسد د ددتوي الصد د ددحي المناسد د ددب والالئق وذلك من خالل عدة نصد د ددوص مقترحة تفي‬
‫بتحقيق هذا الغرض‪.‬‬
‫ولقد ألزمت المواثيق مظاهره المختلفة من خالل المادة (‪ )11‬والتي نص د ددت علي انه‬
‫‪:‬‬
‫(تقر الدول األطراف في هذه اإلتفاقية بحق كل فرد في مسد د د ددتوي معيشد د د ددي مناسد د د ددب‬
‫لنفس د دده ولعائلته بما في ذلك الغذاء المناس د ددب والملبس والمس د ددكن وكذلك في تحس د ددين‬
‫احواله بصددفة مسددتمرة وتلتزم الدول الطراف بالقيام بالخطوات الالزمة لضددمان تحقيق‬
‫هددذا الحق مع اإلقرار بددأهميددة التعدداون الدددولي القددائم علي ا الدددوليددة الدددول األطراف‬
‫فيها بهذا الحق ومكافحة األمراض واألوبئة والنمو الص د د د ددحي لألطفال وخفض معدل‬
‫الوفيات أذ نصددت المادة (‪ )25‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسددان علي أن يشددمل‬
‫هذا المس ددتوي المعيش ددي مس ددتوي ص ددحياً مناس ددباً لإلنس ددان وأسددرته بما في ذلك العناية‬
‫ال طبيدة والتدأمين ضد د د د د د ددد األمراض‪ .‬كمدا نصد د د د د د ددت المدادة (‪ )12‬العهدد الددولي للحقوق‬
‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية علي اآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬تقر الدول الطراف في اإلتفاقية بحق كل فرد في المجتمع بأعلي مس د د د د د ددتوي‬
‫ممكن من الصحة البدنية والعقلية‪.‬‬
‫‪ -2‬تشد د د د ددمل الخطوات التي تتخذها الدول األطراف في اإلتفاقية الوصد د د د ددول إلي‬
‫تحقيق كلي لهذا الحق مما هو ضروري من أجله ‪-:‬‬

‫‪180‬‬
‫أ‪ -‬العمدل علي خفض نسد د د د د د دبدة الوفيدات في المواليدد واألطفدال من أجدل‬
‫التنمية الصحية للطفل‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحسين شتي الجوانب الصحية والبيئة للطفل‪.‬‬
‫ج‪ -‬الوقدايدة من المراض المعدديدة والمتفشد د د د د د ديدة والمهنيدة وغيرهدا ومعدالجتها‬
‫وحصرها‪.‬‬
‫د‪ -‬خلق هروف من شد د د د د د ددانهدا أن تؤمن الخددمدات الطبيدة والعندايدة الطبية‬
‫في حالة المرض‪.‬‬
‫وال شد ددك في أن هذا الحق يجب أال يرتبط بقدرة المريض مادياً ألن المرض ال شد ددأن‬
‫له بالثروة‪ .‬ويصد ددبح حق اإلنسد ددان في الصد ددحة حقاً أصد دديالً يجب أن نكفله له نص د داً‬
‫وفعالً وواقعاً ملموساً لمصلحة الفرد والدولة معاً‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫الحقوق الجماعية‬
‫عرفددت الحقوق الجمدداعيددة بددالجيددل الثددالددث من الحقوق بعددد الحقوق الفرديددة التي‬
‫وردت تحت مس د د د ددمي الجيلين األول والثاني ومرد ذلك أن حقوق اإلنس د د د ددان دائماً‬
‫مترابطة متكاملة ال يمكن أن يتمتع اإلنس د د ددان ببعض د د ددها دون البعض إال إذا كان‬
‫هناك شكوي من نقصان‪.‬‬
‫والحقوق الجماعية كثيرة أهمها الحق في تقرير المصير والحق في التنمية والحق‬
‫في السد ددالم وحق الشد ددعوب في السد دديادة الدائمة علي مواردها الطبيعية والحق في‬
‫في بيئة سليمة ويمكن اإلشارة إليها علي النحو اآلتي ‪-:‬‬ ‫العي‬
‫أوالً – الحق في تقرير المصير ‪-:‬‬
‫أكدت كافة المواثيق العالمية واإلقليمية منذ العديد من السددنين علي شددرعية كفاو‬
‫الشد ددعوب للحصد ددول علي اسد ددتقاللها والتخلص من سد دديطرة اإلسد ددتعمار واإلحتالل‬
‫األجنبي ولو بالكفاو المس د ددلح ولقد أكدت ذلك لجنة حقوق اإلنس د ددان المنبثقة عن‬
‫األمم المتح دددة في معرض تفسد د د د د د دديره ددا للم ددادة (‪ )1‬من اتف دداقي ددة الحقوق الم دددنيددة‬
‫والسياسية ‪ 1966‬إذ قالت ‪-:‬‬
‫‪The Right of self – determinatters od particular importance‬‬
‫‪because its realijattion is an assential condtion for the‬‬
‫‪effective gourontee and abserance of individual human‬‬
‫(‪rights)1‬‬

‫ولقد تضد د د د ددمن ميثاق األمم المتحدة نصد د د د ددوص د د د د داً ترسد د د د ددخ هذا الحق نحو الحرية‬
‫واالسد د د د د ددتقالل ولقد تبنت الجمعية العامة لألمم المتحدة (إعالن منح اإلسد د د د د ددتقالل‬

‫‪(1) UN. DOC. HRI / 1 / Rev. 1/ at 12. (19‬‬

‫‪182‬‬
‫للبلدان المس د ددتعمرة) بقرارها رقم ‪ 1514‬لعام ‪ 1960‬حيث أعلنت في هذا القرار‬
‫‪:‬‬
‫‪ -1‬ضد د د ددرورة وضد د د ددع نهاية سد د د دريعة وغير مشد د د ددروطة لإلسد د د ددتعمار بكل صد د د ددوره‬
‫ومظاهره‪.‬‬
‫‪ -2‬إن خضوع الشعوب للسيطرة األجنبية يعد إنكا اًر لحقوق اإلنسان األسياسية‪.‬‬
‫‪ -3‬حق كل الشعوب في تقرير مصيرها‪.‬‬
‫‪ -4‬أن عدم االس ددتعداد الس ددياس ددي أو االقتص ددادي أو التعليمي او اإلجتماعي ال‬
‫يجب أن يعد زريعة للتلكؤ في الجالء واالستقالل‪.‬‬
‫‪ -5‬ضد ددرورة اتخاذ الخطوات لنقل السد ددلطات إلي شد ددعوب األقاليم غير المتمتعة‬
‫بالحكم الذاتي‪.‬‬
‫‪ -6‬ضرورة عدم الخلط بين جرائم اإلرهاب الدولي وممارسة حق تقرير المصير‬
‫عن طريق الكفاو المس د د د د ددلح‪ .‬وهو ذاته ما أكده المؤتمر الدولي حول حقوق‬
‫اإلنس د د د د د ددان لعام ‪ 1968‬بالقرار رقم (‪ )8‬الذي قرر أن اخض د د د د د دداع وقهر أي‬
‫ش د د د ددعب بواس د د د ددطة ش د د د ددعب آخر هو انتهاك خطير لمبادن اإلعالن العالمي‬
‫لحقوق اإلنس ددان ومنه حق المقاتلين الذين يكافحون االس ددتعمار إذا ما وقعوا‬
‫في األسر أن يعاملوا معاملة أسري الحرب وفق القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬
‫كمدا أورد إعالن مبدادن القدانون الددولي المتعلقدة بدالعالقدات الوديدة بين الددول سد د د د د د دندة‬
‫‪ 1970‬والذي أصددرته الجمعية االمة لألمم المتحدة بمناسدبة االحتفال بالعيد العاشدر‬
‫إلعالن منح االستقالل للبلدان‬
‫والشددعوب المسددتعمرة حيث تضددمن اإلعالن سددبعة مبادن كلها تؤكد علي الحق في‬
‫ولقد قبلت محكمة العدل الدولية إقرار الحق في تقرير المصد د د ددير‬ ‫(‪)1‬‬
‫تقرير المصد د د ددير‬
‫وبدان قداعددة آمرة من القواعدد العدامدة للقدانون الددولي حيدث ال يجوز االخالل بهدا في‬

‫انظر في التأمين التاريخي لهذا الحق وتطور عبر مائة عام د‪ .‬محمد يوسف علوان المرجع السابق ص ‪.292 – 248‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪183‬‬
‫أي هرف كان‪ .‬فهو حق قانوني جماعي ولكنه ش ددرط مس ددبق للتمتع بالحقوق الفردية‬
‫وهو الزم لممارس د د د د ددتها فعلياً ومن ثم فإذا لم يكن حق تقرير المص د د د د ددير حقاً فردياً في‬
‫الحال فهو كذلك في المدل حيث ال يكون اإلنسان ح اًر إال إذا كان في دولة حرة‪.‬‬
‫ثانيا ً – الحق في التنمية ‪-:‬‬
‫يعتبر الحق في التنمية من الحقوق الجماعية وهو حام لحقوق اإلنسد د د د ددان حيث يحتم‬
‫عدم االعتداء عليها ألن العدوان عليها يعد أكبر عائق في طريق التنمية‪ .‬إذ – علي‬
‫سد د د ددبيل المثال – تعد الدول المتخلفة اقتصد د د ددادياً أكبر الدول المنتهكة ألبسد د د ددط حقوق‬
‫الكريم‪ .‬ولقدد أصد د د د د د دددرت الجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة قرارهدا رقم‬ ‫اآلدمي في العي‬
‫‪ 128/41‬لعدام ‪ 1986‬اإلعالن الخداص بدالحق في التنميدة والدذي أورد في أهم بنوده‬
‫‪-:‬‬
‫أن الحق في التنميدة هو من حقوق اإلنس د د د د د د ددان التي ال يمكن التندازل عنهدا‬ ‫‪-1‬‬
‫والذي بمقتض د د د دداه يكون لكل إنس د د د ددان ولكل الش د د د ددعوب الحق في المش د د د دداركة‬
‫والمس د د د د د د دداهمدة في في التمتع بدالتنميدة اإلقتص د د د د د د دداديدة واالجتمداعيدة والثقدافيدة‬
‫والسياسية‪.‬‬
‫يتضد د د د د ددمن الحق في التنمية الممارسد د د د د ددة الكاملة لحق الشد د د د د ددعوب في تقرير‬ ‫‪-2‬‬
‫مصيرها بما في ذلك سيادتها الكاملة فوق مواردها وثرواتها الطبيعية‪.‬‬
‫أن اإلنس د د د ددان هو أس د د د دداس الحق في التنمية ويجب ان يكون هو المش د د د ددارك‬ ‫‪-3‬‬
‫والمستفيد األساسي منه‬
‫ضد د د د د ددرورة إتخاذ كافة الخطوات الالزمة علي الصد د د د د ددعيدين الدولي والوطني‬ ‫‪-4‬‬
‫لكفالة الحق في التنمية‪.‬‬
‫تكون مسئولية التنمية علي الكائنات البشرية فرادي وجماعات‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫للدول الحق وعليها إلتزامات بتحقيق التنمية من أجل تحسين أحوال شعبها‪.‬‬ ‫‪-6‬‬

‫‪184‬‬
‫يتطل ددب تحقيق التنمي ددة االحترام الك ددام ددل لمب ددادن الق ددانون ال دددولي الخ دداص‬ ‫‪-7‬‬
‫بالتعاون والعالقات الودية بين الدول طبقاً لميثاق األمم المتحدة‪.‬‬
‫علي الدددول واجددب التعدداون فيمددا بينهددا لكفددالددة التنميددة وإ ازلددة المعوقددات التي‬ ‫‪-8‬‬
‫تعترضها‪.‬‬
‫علي الدول إتخاذ خطوات حثيثة للقضدداء علي االنتهاكات الجماعية لحقوق‬ ‫‪-9‬‬
‫إلنسد د ددان والشد د ددعوب الناتجة عن الفصد د ددل العنصد د ددري وكافة أشد د ددكال التمييز‬
‫العنصد د د د ددري واالسد د د د ددتعمار واالحتالل والسد د د د دديطرة األجنبية والعداون والتدخل‬
‫األجنبي وتهدديدد السد د د د د د ديدادة الوطنيدة والتهدديدد بدالحرب وعددم االعتراف بحق‬
‫الشعوب في تقرير مصائرها‪.‬‬
‫‪ -10‬علي الددول اتخداذ خطوات فعدالدة إل ازلدة عوائق التنميدة النداتجدة بعدد ****‬
‫في كفالة الحقوق المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ -11‬علي الدول المسد د د دداهمة في تحقيق السد د د ددلم واألمن الدولي خصد د د ددوص د د د داً نزع‬
‫السددالو الشددامل والكامل مع توجيه موارد ونزع السددالو نحو التنمية السدديما‬
‫في الدول النامية‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫والحقيقدة أن الحق في التنميدة هو حق فردي وجمداعي في آن واحدد فهو اسد د د د د د ددتكمدال‬
‫للحق في تقرير المص ددير الذي ال عبرة به دون المص ددير االقتص ددادي وال عبرة به في‬
‫هددل الفقر والتخلف والجهددل فددالحق في التنميددة بددالنسد د د د د د دبددة للشد د د د د د ددعوب هو الحقوق‬
‫االجتماعية واالقتصادية والثقافية لإلفراد فهو يهدف إلي رفه مستوي السكان في بيئة‬
‫اجتماعية وثقافية مالئمة وللكل الحق في اإلشد ددتراك في التنمية واالسد ددتفادة منها وأهم‬
‫تنمية هي تنمية األفراد بحسدبان كونهم محور عملية التنمية ويكمن األسداس القانوني‬
‫للحق في التنمية في إعالن فيالدلفيا الخاص بأهداف وأغراض منظمة العمل الدولية‬
‫والددذي أقره المؤتمر العددام للمنظمددة في ‪ 1944/5/1‬والددذي نص علي أن (لجميع‬
‫البش د د د ددر بغض النظر عن الجنس أو العقيدة أو النوع الحق في متابعة الس د د د ددعي وراء‬
‫رفاهيتهم المادية وتقدمهم الروحي في هل هروف قوامها الحرية والكرامة واالسدتقالل‬
‫االقتصادي وتكافؤ الفرص)‪.‬‬
‫ولقد س د ددمي هذا الحق الجيل الثالث من حقوق اإلنس د ددان باعتبار أن الجيل األول هو‬
‫الحقوق المدنية والس د د د د ددياس د د د د ددية والجيل الثاني هو الحقوق االقتص د د د د ددادية واالجتماعية‬
‫والثقافية ثم جاء هذا الحق متأخ اًر ضمن حقوق أخري سميت حقوق التضامن كالحق‬
‫في تقرير المص ددير كالنحو الس ددابق والحق في اإلفادة من التراث المش ددترك لإلنس ددانية‬
‫والحق في الس د د ددالم والحق في بيئة ص د د ددحية متوازنة والحق في الس د د دديادة الدائمة علي‬
‫اليروات الطبيعية علي النحو الذي سد د د د د د دديرد في الصد د د د د د ددفحات التالية كجيل ثالث من‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ولقد اعترفت لجنة حقوق اإلنسد د د د د ددان المنبثقة عن المجلي االقتصد د د د د ددادي واالجتماعي‬
‫باألمم المتحدة بهذا الحق وأوصددت بأن يقوم المجلس االقتصددادي واالجتماعي بدعوة‬
‫األمين العدام للمنظمدة الددوليدة (األمم المتحددة) بدالتعداون مع اليونيسد د د د د د ددكو والوكداالت‬
‫المتخص د د ددصد د د ددة األخري إلجراء د ارسد د د ددة متضد د د ددمنة للحق في التنمية وعالقته بحقوق‬
‫اإلنسد ددان األخري‪ .‬وبعد هذه الد ارسد ددة وفي سد ددنة ‪ 1981‬أوصد ددت اللجنة بإنشد دداء فريق‬

‫‪186‬‬
‫خبراء لد ارس د د د د ددة نطاق ومض د د د د ددمون الحق في التنمية ولقد جعلت األمم المتحدة أعوام‬
‫(‪ )1990 – 1980‬عقد التعزيز الحق في التنمية علي أن يزداد التفعيل بحلول عام‬
‫‪ .2000‬ولكن الحقيقة أننا رغم كوننا في العق الثاني من القرن الحادي والعشدرين ال‬
‫يزال نصف العالم يكافح فقط من أجل البقاء‪.‬‬
‫مضمون الحق في التنمية ومبرراته ‪-:‬‬
‫الواقع أن هناك فارقاً بين النمو اال قتص د د د د د ددادي والتنمية‪ .‬فالنمو بعد اقتص د د د د د ددادي أما‬
‫التنمية فهي عملية شداملة ذات أبعاد اقتصدادية واجتماعية وثقافية وسدياسدية تسدتهدف‬
‫في المقام األول اشد د ددباع الحاجات األسد د ددياسد د ددية للمواطنين وتوفير الحد األدني الالزم‬
‫للمعيش د ددة ومكافحة الفقر والظروف غير اإلنس د ددانية الس د دديما في البلدان النامية وتلبية‬
‫الحاجات األسدداسددية للبشددر من غذاء و مسددكن وملبس‪ .‬ذلك أن النمو االقتصددادي ال‬
‫يعود علي الطبقات الفقيرة وهم األغلبية العظمي من سكان البلدان الفقيرة أو النامية‪.‬‬
‫ومن ثم ف د ددإن الحق في التنمي د ددة ال يعني فقط عالج ه د ددذا النقص في الح د دداج د ددات‬
‫االقتص د د ددادية وإنما تس د د ددعي التنمية نحو المزيد من الكرامة اإلنس د د ددانية والعدل وتحرير‬
‫اإلنسدان من كل معوقاته وإتاحة هروف تتفجر فيها طاقاته وتزدهر في سدبيل تحقيق‬
‫نوعيددة أفض د د د د د د ددل لحيدداة الجميع والمش د د د د د د دداركددة من الجميع في التمتع بثروات الوطن‬
‫ومقدراته‪ .‬وتحقيق ذلك يكون علي اتق الدولة في المجتمع الدولي والدول الصد د ددناعية‬
‫التي نهبت ثروات الدول النامية وأخرت تحررها واستقاللها‪.‬‬
‫مبررات الحق في التنمية ‪-:‬‬
‫يعد أهم مبررات الحقي في التنمية أن الدول الصد د د د د د ددناعية الكبري مدينة للدول الفقيرة‬
‫بنهب ثرواتها واستعمارها وإفقارها وال تزال العالقة غير العادلة وغير المتكافئة تحتاج‬
‫إلي إعادة النظر في الهيمنة والفروق اإلقتصد د د د د ددادية الكبيرة والفقر والظلم الذي يعاني‬
‫منده نصد د د د د د ددف العدالم تقريبداً‪ .‬ومن ثم فدإن إعدادة النظر هو أمر يقره العددل واإلعتراف‬
‫بالذنب فض د د د ددالً عن أن التنمية تحقق المصد د د د ددلحة المشد د د د ددتركة للجميع وتحقيق العدل‬
‫الدددولي يعني نظرة األغنيدداء إلي الفقراء من منطلق العدددالددة اإلجتمدداعيددة بين الدددولددة‬
‫‪187‬‬
‫والمجتمع الدددولي إلحددداث رفدداهيددة وتقدددم لجميع الندداس بمددا يعود بددالنفع علي الجميع‬
‫ومن منطلق التضدامن في االسدتفادة من مقدرات الطبيعة والتراث المشدترك لإلنسدانية‬
‫البعض في تخمة والبعض اآلخر في ش د د د ددغف‬ ‫بما مض د د د ددمونه أنه ال يجوز أن يعي‬
‫والفقر المقبع ثم نتحدددث بعددد ذلددك عن وحدددة النوع البشد د د د د د ددري أو عن األخوة‬ ‫العي‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫ثالثا ً الحق في السالم ‪-:‬‬
‫تكمن أهمية الحق في السد د د د د ددالم في كون الحرب أكبر عدو لحرية اإلنسد د د د د ددان وحياته‬
‫في سددالمة وحظر العنف‬ ‫وكرامته وثرواته‪ .‬والحق في السددالم يعني الحق في العي‬
‫والقوة والتهديد بهما في النزاعات في العالقات الدولية ولقد قامت عصبة األمم أصالً‬
‫لمنع الحرب ولمدا فشد د د د د د دلدت بعدد قيدام الحرب العدالميدة الثدانيدة كداندت األمم المتحددة قدد‬
‫قامت علي أثر الويالت الفظيعة التي خلفتها الحرب العاليمة الثانية ومن ثم فقد كان‬
‫الميثاق معيناً بجعل الوس د د د ددائل الس د د د ددلمية هي األس د د د دداس واألص د د د ددل في تس د د د ددوية كافة‬
‫المنازعات الدولية وأنه ال مجال للقوة مطلقاً إال في حالة اسد د د ددتثنائية هي حالة الدفاع‬
‫الش د ددرعي (م‪ 51‬من الميثاق) ولقد دونت األمم المتحدة في ديباجة ميثاقها أنها قامت‬
‫إلنقاذ األجيال المقبلة من ويالت الحروب‪ .‬والس د د ددالم المعني هو الس د د ددالم القائم علي‬
‫العدل وليس السالم القائم علي الظلم وانتهاك حقوق اإلنسان إذ ال يمكن لهذا السالم‬
‫أن يددوم وال مفر من أن يؤدي إلي العنف يومداً مدا‪ .‬ومدا من شد د د د د د ددك أنده ال يمكن أن‬
‫يفكر اإلنسد د د د د د ددان ويبددع إال إن تحرر من الخوف والفقر‪ .‬ومن هندا كداندت أهم أهدداف‬
‫األمم المتحدة الحف علي الس د ددالم واألمن الدوليين وإنماء العالقات الودية بين الدول‬
‫وتحقيق التعاون الدولي عل حل المشد د د د د دداكل الدولية وتعزيز حقوق اإنسد د د د د ددان وحرياته‬
‫األساسية‪.‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ – 293‬ص ‪.210‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪188‬‬
‫في سد د د د د د ددالم في‬ ‫ولقددد أكدددت الجمعيددة العددامددة لألمم المتحدددة علي الحق في العي‬
‫في س ددالم والذي اعتمدته الجمعية العامة‬ ‫اإلعالن الخاص بإعداد المجتمعات للعي‬
‫لألمم المتحددة في القرار ‪ 73/33‬المؤر في ‪ 1978/12/15‬والدذي أكددت فيده علي‬
‫في س ددالم ومراعاة أن لكل أمة‬ ‫حق األفراد والدول والجنس البش ددري بأسد دره في العي‬
‫ولكل إنسددان بصددرف النظر عن العنصددر أو المعتقد أو اللغة أو الجنس حقاً أصدديالً‬
‫في س ددلم وإن إحترام هذا الحق يخدم المص ددلحة المش ددتركة للجنس البش ددري‬ ‫في العي‬
‫كله وهو شد د د د د د ددرط ال غني عنه لتقدم جميع األمم وأن أي حرب عدوانية أو تهديد بها‬
‫في سالم‬ ‫هو جريمة ضد السالم‪ .‬ومن هنا فقد تطور األمر إلي أن الحق في العي‬
‫ال يمكن تحققه إال بإقرار حق اإلنس ددان في نزع الس ددالو باعتباره نتيجة طبيعية للحق‬
‫في س د ددالم لما للس د ددالو الس د دديما النووي والكيماوي والبيولوجي من مخاطر‬ ‫في العي‬
‫محدقة وجسدديمة تهدد البشدرية جمعاء من خاللف مثول الخطر الخطر واقعاً ملموسداً‬
‫كامناً في مفاعالته أو أماكن تخزينه بحيث ال يمكن إبعاد ش د د د د ددبح الحرب عن أذهان‬
‫الناس وال يمكن تجنيب تفكيرهم في عواقبه الكارثية علي عموم البشر مما يفتك بحق‬
‫في سد د ددالم‪ .‬حيث باتت الدول تتنافس في امتالك هذه األسد د ددلحة‬ ‫اإلنسد د ددان في العي‬
‫الفتاكة بدالً من المنافسد ددة في تقريب الفوارق بين الشد ددمال والجنوب السد دديما في البعد‬
‫االقتص د د د د د ددادي بحيث يمكن عالج الفقر ببعض قليل من مص د د د د د ددروفات المنافس د د د د د ددات‬
‫المحمومة المتالك هذه األس ددلحة مما يبدد الموارد البشد درية والمالية في إهالك البش ددر‬
‫وبذر بذور الفناء والزوال‪.‬‬
‫ولقد بذلت األمم المتحدة والتزال تبذل الجهود من أجل نزع السددالو السدديما السددالو‬
‫النووي لكن خطاها متعثرة منكسد درة علي صد ددخرة عناد الدول‪ .‬فعلي سد ددبيل المثال في‬
‫بداية الدورات الثالث االسد د د د د د ددتثنائية التي عقدتها المنظمة لهذا الغرض في ‪، 1977‬‬
‫‪ .1988 ، 1982‬أوضحت الوثيقة الختامية للدورو األولي أن ‪:‬و مئات الباليين من‬
‫الدوالرات التي تنفق س د ددنوياً لتص د ددنيع وتطوير الس د ددالو بش د ددكل تناقضد د داً وكئيباً وملفتاً‬

‫‪189‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقد‬ ‫في هلهما ثلث سكان العالم‪.‬و‬ ‫بالنظر إلي العوز والفقر الشديدين اللذين يعي‬
‫أوضدحت الوثيقة أنه ( منذ زمن بعيد والدول تسدعي إلمتالك السدالو وخاصدة النووي‬
‫لضد ددمان حمايتها لكنه بات اليوم يشد ددكل تهديداً للجنس البشد ددري وليس حماية له ومن‬
‫ثم فقد آن اآلوان لنزع السد د د د ددالو لتحقيق األمن)‪ .‬وكثي اًر ما أوضد د د د ددحت األمم المتحدة‬
‫مدي الميزانية العس د د د د د ددكرية وإمكان توجيه بعض د د د د د ددها إلي مجاالت التنمية االجتماعية‬
‫واالقتصادية‪.‬‬
‫في سددلم فإن ذلك‬ ‫ومن هنا فإذا اسددتقر األمر علي أن لإلنسددان الحق في في العي‬
‫يقتض ددي القض دداء علي ما يهدد الس ددلم وأهمه أس ددلحة الدمار الش ددامل عموماً واألس ددلحة‬
‫النووية علي وجه خاص وان يقتصد د ددر اسد د ددتخدام التكنولوجيا لدعم السد د ددلم وليس دعم‬
‫التسد د د د د د ددليح ودعم التعداون بين الددول وإنمداء العالقدات الوديدة بينهدا وليس بدث الفرقدة‬
‫والسباق في طريق التسليح بغريزة بال عقل وأنانية بال حكمة وأثرة بال إيثار‪.‬‬
‫رابعا ً – الحق في العيش في بيئة سليمة ‪-:‬‬
‫البيئة الس د د ددليمة هي البيئة الص د د ددحية غير الملوثة‪ .‬والبيئة من أهم النعم التي أنعم هللا‬
‫علي اإلنس د د د ددان بها هواء وماء وبحار وغذاء وموارد طبيعية وغير ذلك ولقد اس د د د ددتفاد‬
‫اإلنسد د د د د د ددان بتطور العلم في امتالك مقدرات الطبيعة ثم راو يعبث بها بعد ذلك فأخذ‬
‫يبذر لنفس د دده بذور فنائه وأص د ددبح التلوث اآلن يالحق البشد د درية في كل مكان ال ينجو‬
‫منه أحد ولو كان غير متس د د ددبب فيه الس د د دديما التلوث عبر الحدود الذي يجاوز خطره‬
‫بلداً أو إقليم ما‪ .‬ومن هنا أص د د د د د ددبحت جريمة تلوث البيئة من الجرائم ذات الص د د د د د ددفة‬
‫الدولية باعتبارها تراثا مشد د ددتركاً لإلنسد د ددانية ولألجيال المقبلة‪ .‬ومن هنا فإن من أقدس‬
‫في بيئة غير ملوثة ‪ ،‬بيئة سليمة من كل ما يضر‬ ‫حقوق اإلنسان حقه في أن يعي‬
‫الجس د د د د ددم والروو ‪ .‬وهو ما أكدت عليه األمم المتحدة في القرار ‪ 94/45‬لعام ‪1990‬‬
‫في بيئدة تفي بمتطلبدات صد د د د د د ددحتده‬ ‫بقولهدا أنهدا تقر بدان لكدل فرد الحق في أن يعي‬

‫الفقرة (‪ )16‬من الوليقة‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪190‬‬
‫ورفاهيته وأصددبح برنامج األمم المتحدة للبيئة ‪ UNEP‬نشدداطاً واسددعاً في هذا المجال‬
‫وصد د دددرت أعمال قانونية كثيرة في هذا المجال ومؤتمرات متعددة وإعالنات وإتفاقيات‬
‫دولية منها اتفاقية فينا لحماية طبقة األوزون سددنة ‪ 1985‬واتفاقية بازل بشددأن التحكم‬
‫في النفدايدات الخطرة والتخلص منهدا عبر الحددود سد د د د د د دندة ‪ 1989‬واالتفداقيدة االطداريدة‬
‫بشد ددأن تغير المنا سد ددنة ‪ 1992‬ويمكن تقسد دديم الجهود الدولية من أجل حماية البيئة‬
‫‪-:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫حسب ناصرها علي النحو اآلتي‬
‫أ‪ -‬الجهود الدولية لمواجهة تلوث الهواء ‪-:‬‬
‫‪ )1‬اتفاقية فينا لحماية طبقة األوزون عام ‪ 1985‬والتي دخلت حيز التنفيذ س د ددنة‬
‫‪ 1988‬وصدقت عليها آنئذ ‪ 74‬دولة وقد تضاعف هذا العدد‪.‬‬
‫‪ )2‬اتفاقية موسددكو سددنة ‪ 1967‬والتي أبرمت بشددأن المبادن التي يجب أن تحكم‬
‫النشاط الدولي في خصوص استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي‪.‬‬
‫‪ )3‬اتفداقيدة محداربدة التلوث بعيدد المددي للهواء عبر الحددود والتي أبرمدت سد د د د د د دندة‬
‫‪ 1979‬وبعدها إعالن الهاي في ذات الغرض سنة ‪ 1989‬ثم اتفاقية التحكم‬
‫في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود سنة ‪.1989‬‬
‫‪ )4‬بروتوكول مونتريال بشد د ددأن الموارد المسد د ددتنفذة لطبقة األوزون والذي أبرم عام‬
‫‪ 1978‬ودخل حيز التنفيذ س ددنة ‪ 1989‬وهو يقض ددي بتجميد إنتاج واس ددتعمال‬
‫الكيماويات التي تضر بطبقة األوزون‪.‬‬
‫ب‪ -‬مكافحة التلوث الذري ‪-:‬‬
‫وتعتبر اتفداقيدة فيندا أهم االتفداقيدات في هدذا الص د د د د د د دددد والتي نبهدت إلي عظم الخطر‬
‫وأوجب ددت وقف التج ددارب النووي ددة ع ددام ‪ 1963‬ثم تلته ددا مع دداه دددة موسد د د د د د ددكو في ذات‬

‫د‪ .‬حسن سند المرجع السابق ص ‪ 397‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪191‬‬
‫السد دديما في خصد ددوص‬ ‫(‪)1‬‬
‫الخصد ددوص دون أن تلتزم الدول بهذه االتفاقية رغم تواترها‬
‫نقل النفايات الخطرة‪.‬‬
‫ج‪ -‬مكافحة تلوث المياه ‪-:‬‬
‫ومن أهم االتفاقيات في هذا الخصوص ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ )1‬اتفاقية بروكسد د د ددل سد د د ددنة ‪ 1969‬للحماية والمسد د د ددئولية المدنية الناجمة عن‬
‫التلوث بالنفط‪.‬‬
‫‪ )2‬اتفداقيدة بروكسد د د د د د ددل سد د د د د د دندة ‪ 1969‬لحمدايدة أعدالي البحدار من النداجمدة من‬
‫التلوث بالنفط‪.‬‬
‫‪ )3‬اتفاقية التخلص من النفايات داخل السفينة تحت المياه‪.‬‬
‫‪ )4‬اتفاقية برشلونة بشأن منع تلوث البحر المتوسط‪.‬‬
‫‪ )5‬اتفاقية حماية الطبيعة جنوب المحيط الهادي سنة ‪.1986‬‬
‫‪ )6‬اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار سنة ‪.1982‬‬
‫‪ )7‬اتفاقية الكويت اإلقليمية بش د د د د د ددأن حماية البيئة البحرية من التلوث س د د د د د ددنة‬
‫‪.1978‬‬
‫ء‪ -‬مكافحة التلوث البري ‪-:‬‬
‫ومن أهم الجهود الدولية في هذا الخصوص ما يلي ‪-:‬‬
‫‪ )1‬اعالن البيئة اإلنسانية سنة ‪.1972‬‬
‫‪ )2‬الميثاق العالمي للطبيعة سنة ‪.1982‬‬
‫‪ )3‬اعالن قمة حماية األجواء األرضية سنة ‪.1989‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ )4‬اتفاقية مؤتمر قمة األرض سنة ‪.1992‬‬

‫د‪ .‬عبد العزيز مخيمر عبد الهادي (حماية البيئة من النفايات الصناعية) دار النهضة العربية ص ‪.158‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر في تفصيل ما سبق بشأن حماية البيئة د‪ .‬حسن سند المرجع السابق ص ‪ : 399‬ص ‪.434‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪192‬‬
‫الباب الثالث‬
‫أهم انتهاكار حقوق اإلنسان ووسائل مقاومتها‬

‫من أهم وسائل ومقاومة االنتهاكات الواقعة علي حقوق اإلنسان الوسائل اإلجرائية المتعلقة‬
‫بتجريم هذه األفعال بعد تحديد هذه األفعال في مجملها وتبيان آثار ثبوت اقتراف هذه‬
‫االنتهاكات ثم آليات مقاومة هذه اإلنتهاكات علي المستوي العالمي واإلقليمي والداخلي‪.‬‬
‫وأخي اًر تفعيل مقاومة انتهاكات حقوق اإلنسان عبر التعاون الدولي‪.‬‬

‫ومن هنا فسوف نقسم هذا الباب إلي الفصول اآلتية ‪-:‬‬
‫الفصنننننل األول ‪ .-:‬أهم األفعال التي تمثل إنتهاكاً‬ ‫‪−‬‬
‫لحقوق اإلنسد د د ددان وآثار ثبوت المسد د د ددئولية عن هذه‬
‫اإلنتهاكات‪.‬‬

‫الفصننننننننل الثاني ‪ -:‬تجريم القانون الدولي لألفعال‬ ‫‪−‬‬


‫الماسة بحقوق اإلنسان‬

‫الفصل الثالث ‪ -:‬آليات مقاومة انتهاكات حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪−‬‬

‫الفصنل الرابع ‪ -:‬تفعيل التعاون الدولي في مواجهة انتهاكات‬ ‫‪−‬‬


‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫الفصل الثانى‬
‫تجريم القانون الدولي لألفعال الماسة بحقوق اإلنسان‬
‫تمثددل الجرائم الددوليددة انتهدداكداً للقددانون الددولي من منطلق أنهددا تؤثر علي كيددان المجتمع‬
‫الدولي ‪ ،‬وأمنه وسدالمة أفراده‪ ..‬بما يسدتوجب مسدئولية الدولية والفرد مرتكب الفعل علي‬
‫حد سواء حسب طبيعة أسلوب المسائلة ‪ ،‬والذي يختلف تجاه الدولة عنه تجاه الفرد‪.‬‬
‫وسد د د ددوف نقف علي تعريح الجريمة الدولية ‪ ،‬وأهم الشد د د ددروط التي إن توافرت في العمل‬
‫استوجب المسائلة الدولية الجنائية‪.‬‬
‫وأهم الجرائم التي تتوافر فيها هذه الشروط ‪ ،‬وذلك علي النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫أوالً – التعريف بالجريمة الدولية‬
‫الجريمدة الددوليدة – هي فعدل أم امتنداع يعدد مخدالفدة جسد د د د د د دديمدة ألحكدام ومبدادن القدانون‬
‫الددولي ‪ ،‬ويكون من شد د د د د د ددأنده إحدداث االضد د د د د د ددط اربدات في األمن والنظدام العدام الددولي ‪،‬‬
‫والمسد دداس بالمصد ددالح األسد دداسد ددية واإلنسد ددانية للجماعة الدولية وأفراد الجنس البشد ددري مما‬
‫يس د د ددتوجب معه المس د د ددئولية الدولية ‪ ،‬وضد د د درورة توقيع العقاب الجنائي علي مرتكب تلك‬
‫المخالفة(‪ . )1‬وقد عرف البعض الجريمة الدولية بأنها س ددلوك إرادي غير مش ددروع يص دددر‬
‫عن فرد باسد د د ددم الدولة ‪ ..‬أو بتشد د د ددجيع أو رضد د د دداء منها ‪ ،‬ويكون منطوياً علي مسد د د دداس‬
‫بمصلحة دولية محمية قانوناً(‪.)2‬‬
‫وفي نطاق الفقه العربي أيضد دداً عرف الدكتور محيي الدين عوض الجريمة الدولية بأنها‬
‫كل مخالفة للقانون الدولي – سد د د د دواء كان يحظرها أو يقرها القانون الوطني – تقع بفعل‬
‫أو ترك من فرد محتف بحريتده في اإلختيدار إضد د د د د د د ار اًر باألفراد أو المجتمع الدولي بنداءاً‬
‫علي طلب الدولة أو بتشد د د د د ددجيع منها أو رضد د د د د ددائها – في الغالب – ويكون من الممكن‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪.40‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫انظر د‪ .‬حسنين إبراهيم صالح عبيد "الجريمة" الدولية" دار النهضة العربية ط ‪ 1979‬ص ‪ ، 5‬وانظر في تفصيالً د‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫رمسيس بهنام "الجرائم الدولية" بحث مقدم إلي المؤتمر األول للجمعية المصرية للقانون الجنائي سنة ‪ 1987‬وكذلك د‪ .‬محمد‬
‫عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة لل جريمة الدولية" رسالة دكتوراة جامعة عين شمس سنة ‪.1988‬‬
‫‪194‬‬
‫مجازاته جنائياً عنها طبقاً ألحكام ذلك القانون(‪ .)1‬وقد سدار في ذات المعني معظم الفقه‬
‫العربي(‪،)2‬‬
‫هي ذات المعداني التي من خاللهدا س د د د د د د دداق الفقده العربي تعريفداتده للجريمدة الددوليدة‪ .‬فقدد‬
‫عرف وسددبيروبولس(‪ )3‬و بأنها تلك التي إذا ارتكبتها الدولة أو سددمحت بها تعتبر مخالفات‬
‫جسدديمة للقانون الدولي وتسددتوجب المسددئولية الدولية ‪ ،‬كما عرفها الفقيه وجالسدديرو بأنها‬
‫األفعال التي ترتكب إخالالً بقواعد القانون الدولي وتكون ض ددارة بالمص ددالح التي يحميها‬
‫ذلك القانون مع اإلعتراف لها – قانونا – بصفة الجريمة واستحقاق فاعلها العقاب(‪.)4‬‬
‫كما عرفها الفقيه وفسددبسدديان بيالو بأنها أفعال إيجابية أو سددلبية تقابلها عقوبة تعلن وتنفذ‬
‫باسم الجماعة الدولية(‪.)4‬‬

‫انظر د‪ .‬محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي" مجلة القانون واالقتصاد لسنة ‪ 1965‬ص ‪362‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬محمد خلف "أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة الجرائم ذات الطبيعة الدولية" رسنننننالة دكتوراة – كية الحقوق جامعة‬ ‫(‪)2‬‬

‫اإلسكندرية سنة ‪ 1984‬ص ‪.100‬‬


‫سبيروبولس هو مقرر لجنة القانون الدولي التابعة للجمعية العامة لألمم المتحدة وقد أورد هذا التعريف في مشروك التقنبن‬ ‫(‪)3‬‬

‫الخاص بالجرائم ضد اإلنسانية وأمن البشرية والمقدم منه إلي هذه اللجنة انظر ‪:‬‬
‫‪GRAVEN I, Droit penal international, cours de Docrat I,unversite du Cairo, 1956 p. 253 et.‬‬
‫‪P. 271.‬‬
‫(‪ )4‬انظر‬
‫‪GLASER S : introduction al, etude de droit international penal Paris 1954, PII.‬‬
‫ومشار إليه في المرجع السابق ألستاذنا الدكتور الفار ص ‪ 39‬وما بعدها وكذلك د‪ .‬عبد الرحيم صدقي "القانون الدولي‬
‫الجنائي" القاهرة سنة ‪ 1986‬ص ‪.50‬‬
‫(‪ )4‬ويعتبر الفقيه بيال من أشهر فقهاء القانون الدولي الجنائي منذ نشأته أبان محاكمات نورممبرج وما بعدها ‪ ،‬أنظر ‪:‬‬
‫‪PELLA : la criminalite collective des etats et le driot penal de l,avenr (1926) P. 175 para 109.‬‬
‫ومشار إليه في "الجرائم وسلطة العقاب عليها" د‪ .‬عبد الواحد الفار ص ‪ 39‬وما بعدها ‪" ،‬القانون الدولي الجنائي" ‪ ،‬د‪ .‬عبد‬
‫الرحيم صدقي المرجع السابق ص ‪ 49‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫أركان الجريمة الدولية ‪-:‬‬
‫للجريمة الدولية – كما هو الحال في الجرائم الداخلية – ثالثة أركان(‪:)1‬‬
‫هي الركن الشد د د د د د ددرعي والركن المادي والركن المعنوي‪ ،‬وإن كان المفهوم يختلف في كل‬
‫منهما(‪ ..)2‬حيث أن الركن الشد ددرعي مثال في القانون الجنائي يسد ددتمد وجوده كركن ليس‬
‫في التشد د د د د د دريع كمدا هو الحدال في القدانون الدداخلي ولكن العرف لده دوره البدارز في هدذا‬
‫المجال إض د ددافة إلي االتفاقيات الدولية وباقي المص د ددادر األخري‪ .‬أما الركن المادي فإن‬
‫مفهومه في القانون الدولي الجنائي أوسد د ددع نطاقاً من القوانين الداخلية حيث من الممكن‬
‫في الحالة األولي تجريم األعمال التحض د د د دديرية غير المباش د د د ددر نظ اًر لخطورتها ‪ ،‬والركن‬
‫المعنوي له ذات المضد ددمون في القوانين الداخلية وإن كان الغالب في الجرائم الدولية أن‬
‫تكون عمدية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬الشروط الواجب توافرها في الجريمة الدولية ‪-:‬‬
‫لما كانت الجريمة الدولية – في أبسد ددط معانيها – هي كل فعل علي درجة من الخطورة‬
‫بحيث يمكن أن يؤثر علي كيان المجتمع الدولي وأمنه وسد د ددالمته أو سد د ددالمة أفراده فإن‬
‫هدذا يعني أنده ال يمكن بحدال أن ينظر إلي الجريمدة الددوليدة بدذات المنظدار الدذي ينظر‬
‫به إلي الجريمة الداخلية من حيث أركانها وعناصرها زمن حيث تحديد عقوبتها مسبقاً ‪،‬‬
‫ولكن يجب أن تحدد عدة ش د د ددروط أس د د دداس د د ددية إن توافرت كان الفعل ممثالً لجريمة دولية‬
‫وهذه الشروط هي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬مخالفة الفعل للقانون الدولي العام ‪-:‬‬
‫بمعني أن ينتهك الفعل أحكام القانون الدولي أيا كانت مص د د ددادر هذه األحكام والتي من‬
‫بينها وأهمها مقتض د د د دديات العدالة والض د د د ددمير العالمي ‪ ..‬وال فرق بعد ذلك إن كان الفعل‬

‫وان كان الكثير من الفقه الجنائي يقتصننننر علي أن للجريمة ركنين النين هما الركن المادي والمعنوي وأن الركن الشننننرعي ال‬ ‫(‪)1‬‬

‫يكون من المنطق إدراجه ضمن أركانها ألنه موجود فرضاً‪.‬‬


‫(‪ )2‬انظر في شرح هذا الخالف د‪ .‬عبد الرحيم صدقي "القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ‪ 10‬وما بعدها‬
‫‪196‬‬
‫بدافع ش ددخص أو بتحريض من الدولة أو لحس ددابها أو بتش ددجيعها وبغض النظر عما إذا‬
‫كان المجني عليه فرداً أو دولة أو حتي المجتمع الدولي بأسره(‪.)1‬‬
‫ب – وجوب مجازاة مرتكب الفعل المخالف طبقاً لمصادر القانون الدولي ‪-:‬‬
‫ذلك أن هذا هو الركن الش د د د ددرعي في الجريمة حيث أن المجازاة ال تكون إال في ض د د د ددوء‬
‫مصد د د د ددادر القانون الدولي العام كأن يجازي الجاني بناءاً علي العرف أو أحكام المواثيق‬
‫الدولية العالمية أو اإلقليميات الدولية أو باقي مصد ددادر القانون الدولي األخري ومن أهم‬
‫مقتض د د د دديات العدالة التي تجمع كل المص د د د ددادر ‪ ..‬ولعل هذا الش د د د ددرط يعني إقرار قاعدة‬
‫شد د ددرعية الجرائم والعقوبات في مجال القانون الدولي وهو ما ال يجب غض الطرف عنه‬
‫أو إهماله ولكن فقط يجب أن ينظر إليه بروحه ال بنص دده في هل أحكام القانون الدولي‬
‫العام(‪.)2‬‬
‫ج‪ -‬إمكانية مجازاة مرتكب الفعل المؤلم طبقاً ألحكام القانون الدولي ‪-:‬‬
‫حيث أن مصددادر القانون الدولي العام تعد بمثابة العنصددر الشددرعي في الجريمة الدولية‬
‫أو هي في مضددمونها تعني إق ار اًر مبدأ شددرعية الجرائم والعقوبات والذي له معني يختلف‬
‫قليالً عنه في القوانين الداخلية‪.‬‬
‫د‪ -‬وقوك الفعل المؤلم دولياً من شخص طبيعي بإرادته ‪-:‬‬
‫فددالشد د د د د د ددخص الطبيعي بعددد االعتراف لدده برعيتدده للقددانون الدددولي وأهليتدده لتحمددل الحقوق‬
‫والتي ال‬ ‫(‪)3‬‬
‫وااللتزام بالواجبات الدولية بات هو المحل الوحيد للمس د ددئولية الدولية الجنائية‬
‫يمكن تص ددورها في كيانات اعتبارية أو خيالية خالف اإلنس ددان كما أن كل هذه الكيانات‬

‫انظر د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص ‪ 22‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬عبد‬ ‫)‪(1‬‬

‫الواحد الفار "أسري الحرب" المرجع السابق ص ‪ 276‬وما بعدها‪.‬‬


‫وقد كانت هذه القاعدة هي حجة الدفاك في محاكمات نور ممبرج‪ .‬انظر د‪ .‬عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحماية‬ ‫)‪(2‬‬

‫حقوق اإلنسان والحريات األساسية" دار النهضة العربية ‪ 1966‬ص ‪ ، 306‬د‪ .‬حسنين عبيد "القضاء الدولي الجنائي" المرجع‬
‫السابق ص ‪ 14‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬عبد الرحيم صدقي "القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ‪ ، 67‬ص ‪ ، 68‬د‪ .‬عبد الواحد الفار "أسري‬ ‫(‪)3‬‬

‫الحرب" المرجع السابق ص ‪.277 ، 276‬‬


‫‪197‬‬
‫تتحرك نحو الخير أو الشدر بفكر وأصدابع هذا اإلنسدان الذي هو – علي الجانب اآلخر‬
‫– غاية كل التشد دريعات الداخلية أو الدولية والتي ما نشد ددأت إال لحمايته وتنظيم أسد ددلوب‬
‫معيشته‪.‬‬
‫وقدد اختلفدت وجهدة نظر المجتمع الددولي للجريمدة الددوليدة عمدا كدان عليده الحدال قبدل قيدام‬
‫عص د ددبة األمم المتحدة حيث لم يكن المجتمع الدولي يهتم إال بجريمة القرص د ددنة باعتبار‬
‫كونها جريمة تخضد د د د د ددع ألحكام اسد د د د د ددتثنائية ‪ ،‬ويترك العقاب فيها ألي دولة تقبض علي‬
‫المجرم طبقاً ألحكام المادة (‪ )19‬من اتفاقية جنيف فيما يتعلق بتجارة الرقيق أو الجرائم‬
‫التي ترتكب أثناء الحرب وتجرمها قوانين وعادات الحرب‪.‬‬
‫ولكن ه ددذا األمر ق ددد تغير كثي اًر بع ددد الحرب الع ددالمي ددة الث دداني ددة ‪ ..‬إذ ذاق الع ددالم ويالت‬
‫الحرب وبش د د د د د دداعتها‪ ،‬وتعالت األص د د د د د دوات المنادية بعقاب مجرمي الحرب ‪ ..‬داعية إلي‬
‫‪ ،‬وعلي هذا األسد د د د د د دداس قامت‬ ‫(‪)1‬‬
‫إنشد د د د د د دداء محكمدة دوليدة جندائيدة لتتولي هذه المحداكمدات‬
‫محكمدة (نورممبرج) بمحداكمدة (‪ )22‬متهمداً من القدادة السد د د د د د ديداسد د د د د د دديين والعسد د د د د د ددكريين –‬
‫واالقتص د د د د د د دداديين األلمددان من ثوار الرايخ الثددالددث وذلددك في دورة المحكمددة األولي والتي‬
‫اسدتمرت عشدرة شدهور انتهت المحكمة فيها إلي القضداء بإدانة (‪ )19‬متهماً منهم بواحدة‬
‫أو أكثر من التهم التي نسد د د د د د دبددت إليهم وذلددك في (‪ )1946/10/2 ، 1946/9/30‬ثم‬
‫جرت محاكمة المسد د د د ددئولين عن جرائم النازية األقل أهمية في سد د د د ددلسد د د د ددلة من محاكمات‬
‫(نورممبرج) الثانية التي انعقدت في الفترة من أكتوبر ‪ 1946‬حتي أبريل س د د د د ددنة ‪1949‬‬
‫إذ جرت اثنتي عش د د د د ددر محاكمة‪ ،‬واقتص د د د د ددرت هذه المحاكمات علي مجرمي الحرب من‬
‫األلمان واإليطاليين‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد عبد المنعم رياض "محكمة دولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب" المجلة المصننرية للقانون الدولي العدد األول‬ ‫(‪)1‬‬

‫سنة ‪.1954‬‬

‫‪198‬‬
‫ثم شددكلت محكمة دولية جنائية أخري في طوكيو سددنة ‪ 1946‬لمحاكمة مجرمي الحرب‬
‫اليابانيين(‪.)1‬‬
‫والذي يتسدم باألهمية في هذا المقام هو تلك المبادن التي أرسدتها تلك المحاكمات والتي‬
‫من أهمها إقرار المس د د ددئولية الدولية الجنائية الش د د ددخص د د ددية للفرد عن الجرائم التي يرتكبها‬
‫شددأنه شددأن الدولة(‪ . )2‬وال يجوز له االحتماء بمنصددبه ولو كان رئيس الدولة ‪ ،‬أو التسددتر‬
‫باألوامر التي تصددر له إذا خالفت المبادن اإلنسدانية ‪ ..‬إذ قررت محكمة نورممبرج في‬
‫هذا المبدأ أن القانون الدولي يفرض علي األفراد واجبات ومس د د د ددئوليات كما هو الش د د د ددأن‬
‫بالنسبة للدول منذ وقت طويل‪.‬‬
‫هذا باإلضد ددافة إلي العديد من المبادن الهامة التي تمثل أس د دس د داً للقانون الدولي الجنائي‬
‫كمبددأ وسد د د د د د ددمو القداعددة الددوليدة الجندائيدة علي قواعدد القدانون الوطنيو ‪ ،‬ومبددأ عددم تقدادم‬
‫الجرائم الدولية ‪ ،‬ومبدأ س د د د دديادة الض د د د ددمير علي واجبات الطاعة للرئيس األعلي ‪ ،‬ومبدأ‬
‫(‪)3‬‬
‫مسئولية رئيس الدولة وكبار موهفيها عن الجرائم الدولية ‪ ،‬مبدأ تعيين الجرائم الدولية‬
‫والذي كان بمثابة تدوين لقواعد القانون الدولي الجنائي في لبنته األولي‪.‬‬
‫وسوف نقف علي هذه الجرائم طبقاً لتعيين محاكمات نورممبرج لها ألهمية ذلك في‬
‫حماية حق اإلنسان في سالمته الجسدية وضمان حصول من ترتكب في حقه هذه‬
‫الجرائم علي حقه في المحاكمات والعقاب لمقترف الجريمة ضده باإلضافة إلي حقه في‬
‫المحاكمة والعقاب لمقترف الجريمة ضده باإلضافة إلي حقه ورثته في ذلك‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان" دار النهضة العربية سنة ‪ 1966‬ص ‪ 301‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫وكان الفقيه بيال هو أول المنادين بهذا المبدأ ‪ .‬انظر في ذلك د‪ .‬نبيل أحمد حلمي "اإلرهاب الدولي وفقاً للقانون الدولي‬ ‫)‪(2‬‬

‫العام" دار النهضة العربية سنة ‪ 1988‬ص ‪ 57‬وما بعدها‪.‬‬


‫)‪ (3‬انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق من ص ‪ : 119‬ص ‪.136‬‬

‫‪199‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أهم األفعال المنتهكة لحقوق اإلنسان‬
‫والموجبة للمسئولية الدولية وآثار ثبور هذه المسئولية‬
‫األفعال الموجبة للمس د د د ددئولية الدولية هي تلك التي تخالف القانون الدولي فتوص د د د ددم بعدم‬
‫الشد د ددرعية علماً بأن أحكام القانون الدولي المقصد د ددودة هنا هي االلتزامات الدولية بصد د ددفة‬
‫عامة س دواء تلك التي أنش ددأتها أداة القواعد القانونية الدولية كالمعاهدات أو االتفاقيات أو‬
‫األعراف الدولية أو اإلعالنات أو التوصد د دديات التي يصد د ددل حجم اإللزام األدبي فيها إلي‬
‫مرتبة اإللتزام الكامل مثل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسد د د د ددان ‪ ،‬هذا باإلضد د د د ددافة إلي أن‬
‫وهو ما‬ ‫(‪)1‬‬
‫المبادن القانونية العامة تعد من أهم وأشدمل المصدادر الواقعية للقانون الدولي‬
‫نصت عليه المادة (‪ )38‬جد من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ‪ ،‬هذا باإلضافة‬
‫إلي أحكام المحاكم الدولية ‪ ،‬وكتابات واجتهادات فقهاء القانون الدولي والباحثين فيه‪.‬‬
‫أما بالنسد د ددبة لألفعال فإنها تقع من الدولة ممثلة في سد د ددلطاتها ‪ ،‬وقد تصد د دددر من األفراد‬
‫العاديين ‪ ،‬وسوف نوضح ذلك علي الوجه اآلتي ‪-:‬‬
‫أوالً – األعمال التشريعية ‪-:‬‬
‫واألعمال التشد دريعية تخالف أحكام القانون الدولي عندما تخالف الدولة فيما تصد دددره من‬
‫تشدريعات اإللتزامات الدولية سدواء بالنسددبة لسددن تشدريع مخالف أو إغفال تشدريع يتمشدي‬
‫مع مدا إلتزمدت بده الددولدة علي النطداق الددولي حيدث انده في مقدام اإلختالف بين القدانون‬
‫الداخلي والقانون الدولي فقد أجمع الفقه الدولي – الس د دديما في مجال حقوق اإلنس د ددان –‬
‫ومن ثم فإذا ما أص د د د د دددرت الدولة تش د د د د دريعاً يخالف‬ ‫(‪)2‬‬
‫علي س د د د د ددمو قواعد القانون الدولي‬
‫اإللتزامات الدولية عد هذا التشد دريع عمالً غير مشد ددروع مسد ددتوجباً للمسد ددئولية الدولية قبل‬
‫هذه الدولة مصدرة لك التشريع كإصدار الدولة تشريعاً يحرم األجانب من بعض حقوقهم‬

‫انظر د‪ .‬محمد سعيد الدقاق "القانون الدولي" سنة ‪ 1992‬الدار الجامعية للطباعة والنشر ص ‪ 221‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫انظر ما سبق من هذه الرسالة ص ‪ ، 91‬انظر د‪ .‬محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪ ، 103‬د‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.135‬‬


‫‪200‬‬
‫بال مبرر ‪ ،‬كما تس د د د د ددأل الدولة كذلك عن س د د د د ددكوتها عن إص د د د د دددار تش د د د د دريع الزم إلنفاذ‬
‫اإللتزامات الدولية(‪.)1‬‬
‫ثانيا ً – األعمال القضائية ‪-:‬‬
‫يعتبر القضداء ضدمانة أكيدة لألفراد ضدد سدف أو هلم السدلطة أو األفراد العاديين ‪ ،‬وهو‬
‫الوس د دديلة الناجحة واألخيرة في ض د ددمان حرمات البش د ددر وذلك بفرض العقوبات المناس د ددبة‬
‫للتعدي والتي تصد د ددل إلي اإلعدام أحياناً ‪ ،‬كما أن القضد د دداء حماية للفرد من إرادة الدولة‬
‫عقابه بال مقتض د د د د ددي أو مبرر ‪ ،‬لكن القض د د د د دداء قد يخط أحياناً وقد يطبق تش د د د د دريعات‬
‫تتعدارض مع اإللت ازمدات الددوليدة ‪ ،‬وقدد يكون هنداك مظندة عسد د د د د د ددف أو جور – وإن كدان‬
‫ناد اًر – إذا ما كان طرف الدعوي أجنبياً أو وطنياً منبوذاً من السد د د ددلطة السد د د ددياسد د د ددية في‬
‫الددولدة كمدا قدد يكون تنظيم العمدل القضد د د د د د ددائي داخدل الددولدة يتعدارض مع الضد د د د د د دمداندات‬
‫األسدداسددية لحقوق اإلنسددان كدرجات التقاضددي مثالً أو عدم كفالة الحق في التقاضددي أو‬
‫الحق في الدفاع أو الحق في الطعن علي الحكم وغير ذلك من الحقوق القضد ددائية التي‬
‫كفلتها المدنيات الكبري في العالم لضمان الحد األدني من العدالة‪.‬‬
‫ومن أهم التصرفات القضائية التي تستوجب المسئولية الدولية ما يلي(‪:)2‬‬
‫أ‪ -‬تعرض األجنبي لحالة إنكار العدالة قبله‪.‬‬
‫ب‪ -‬مخالفة التنظيم القض د ددائي داخل الدولة للض د ددمانات األس د دداس د ددية لحس د ددن س د ددير‬
‫العدالة طبقاً لما هو مكفول علي المستوي الدولي‪.‬‬
‫ج‪ -‬إش دداعة الفس دداد والمحس ددوبية في الجهاز القض ددائي بما يعص ددف بحقوق الناس‬
‫ويعرقل س د د د د ددير العدالة بالمخالفة لحقوق اإلنس د د د د ددان والمخالفة للمواثيق الدولية‬
‫السيما في مواجهة األجانب‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "موجز القانون لدولي العام" سنة ‪ 1978‬ص ‪426‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪ ، 104‬د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير"‬ ‫(‪)2‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ ، 159‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد "القاعدة الدولية" الطبعة الثالثة سنة ‪ 1977‬مكتية مكاوي بيروت ص‬
‫‪ ،490‬د‪ .‬عبد الواحد الفار "موجز القانون الدولي العام" المرجع السابق ص ‪.429 : 428‬‬
‫‪201‬‬
‫ثالثا ً – األعمال اإلدارية ‪-:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وفيها تسد د ددأل الدولة طبقاً لقواعد المسد د ددئولية‬ ‫وقد يطلق عليها أعمال السد د ددلطة التنفيذية‬
‫الدولية عند مخالفة أعمالها اإلدارية الصد د د د د د ددادرة من موهفيها علي اختالف درجاتهم في‬
‫السدلم اإلداري داخل الدولة عن كل عمل مادي أو قرار مخالف لإللتزامات الدولية حتي‬
‫ولو كدان هدذا العمدل أو القرار متفقداً مع القوانين الدداخليدة سد د د د د د دديمدا تلدك األعمدال المداديدة‬
‫(‪)2‬‬
‫والق اررات اإلداريدة التي تؤثر في حقوق األجداندب وممتلكداتهم بدالسد د د د د د دلدب أو بداإليجداب‬
‫كأعمال الشددة والعنف ضددهم أو اعتقالهم تعسدفياً أو إيواء الدولة للمجرمين الهاربين من‬
‫أو كل فعل هالم يرتكبه الموهف داخل الدولة بصدفته هذه ‪ ،‬أما ما يرتكب‬ ‫(‪)3‬‬
‫يد العدالة‬
‫دون صفة فينخرط تحت تصرفات األفراد العاديين(‪.)4‬‬

‫رابعا ً – مسئولية الدولة عن تصرفات األفراد العاديين ‪-:‬‬


‫األصدل أن الدولة ال تسدأل عن التصدرفات المخالفة للقانون الدولي والتي تقع من األفراد‬
‫العاديين سد دواء كانوا من موهفيها أو من األجانب المقيمين فوق إقليمها فالقانون الدولي‬
‫يحمي الفرد من عس د د د ددف الس د د د ددلطة باعتبار أن الفرد غايته ‪ ،‬لكنه يواجه هذا الفرد الذي‬
‫يخرج عن القانون ت حت ما يسدمي بالجرائم الدولية أو الجرائم ذات الصدفة الدولية ويسدأل‬
‫دولته إذا ما بان إهمالها أو تقص دديرها ‪ ،‬والفرد هنا ش ددخص من أش ددخاص القانون الدولي‬
‫ليس بدداعتبدداره محددل حمددايددة ولكن بدداعتبدداره مجرم داً وهو الددذي يتصد د د د د د ددور في مواجهتدده‬
‫العقوبات الجناية السديما إذا ما كان هذا الفرد يتصدرف بنفسده ولحسدابه الخاص دون أن‬
‫تتورط معه دولته أو تهمل أو تقص د د ددر في محاس د د ددبته وذلك مثل إتجار الفرد العادي في‬

‫انظر في إطالق هذا التعريف د‪ .‬الفار – المرجع السابق ص ‪.427‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪.107‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪164‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" – المرجع السابق ص ‪.428‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪202‬‬
‫الرقيق واسد د د ددتغالل األشد د د ددخاص في الدعارة ‪ ،‬ومن ثم فليس من المنطق أن يظل بمنأض‬
‫ولكن هذا ال يحول دون مسد ددئولية الدولة عن‬ ‫(‪)1‬‬
‫عن المسد ددائلة من جانب القانون الدولي‬
‫األفراد العاديين سد د دواء كانوا من مواطنيها أو األجانب المقيمين فوق إقليمها إنطالقاً من‬
‫مس د د د د د ددئولية الدولة في تأمين اإلنس د د د د د ددان فوق إقليمها وبذل العناية الالزمة لحمايته وعدم‬
‫إنتهدداك أحكددام القددانون الدددولي فوق إقليمهددا ‪ ،‬ويقع علي الدددولددة مسد د د د د د ددئوليددة تتبع الجندداة‬
‫والقبض عليهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة منصفة(‪.)2‬‬
‫أما االضد د د ددطرابات الداخلية حتي وإن مسد د د ددت حقوق الجانب فال تسد د د ددأل عنها الدولة ما‬
‫دامت لم تثبت أنها أهملت أو قص د ددرت في قهر هذه االض د ددطرابات وإن كان األرجح أنه‬
‫يجب أن تسأل حتي وإن اعتبرت قوة قاهرة ألن المسئولية تقوم لمجرد الضرر دون نظر‬
‫للخطأ أو العمل غير المشروع(‪.)3‬‬

‫انظر د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.186 : 183‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وهو ما ينطبق علي واقعة اإلعتداء علي الرئيس األسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا سنة ‪ 1995‬إذ كان من الالزم‬ ‫(‪)2‬‬

‫والواجب تأمين كل ذوي الصفات لدبلوماسية السيما رلساء الدول من احتمال وقوك مثل هذه األحداث واال فإن لمة تقصير أو‬
‫إهمال أمني وقع من حكومة أليوبيا كما أن السودان يجب أن تسأل ن جريمة إيواء المجرمين وهو ما حدث في مقتل الملك‬
‫الكسندر ملك يوغوسالفيا سنة ‪ 1943‬في مرسيليا بسبب عدم كفاية الحماية التي كلفت له ‪ ،‬كما قتل سنة ‪ 1948‬الكونت‬
‫فولت برنادوت في إسرائيل وكان يمثل األمم المتحدة في الوساطة بين إسرائيل والعرب‪.‬‬
‫أنظر د‪ .‬سامي عبد الحميد – المرجع السابق ص ‪ 500‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬نبيل بشر – المرجع السابق ص ‪ 164‬وما بعدها ‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫د‪ .‬عبد الواحد الفار – المرجع السابق ص ‪ 431‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪203‬‬
‫جريمة التعذيب كصورة خارقة النتهاكات حقوق اإلنسان‬
‫تعتبر جريمة التعذيب من أبشد ددع الجرائم إهدا اًر لكرامة اإلنسد ددان ‪ ،‬وأخطرها مسد دداس د داً‬
‫بكيانه اإلنسد دداني ‪.‬وأدعي للقلق أن يكون ممارس التعذيب ممثالً لسد ددلطة عامة ‪..‬وأال‬
‫يثير التعذيب ردود أفعال للمجتمع الدولي بما يتناسدب وبشداعة الجريمة ‪...‬وقد أضدحي‬
‫إنسد ددان هذا العصد ددر يواجه فيضد داً من الممارسد ددات غير اإلنسد ددانية في الدول المتقدمة‬
‫رغم تفاوت الدول في درجة مقارفة التعذيب ‪ ،‬وتفاوتها كذلك‬ ‫(‪)1‬‬
‫والمتخلفة علي الس دواء‬
‫في أسد دداليب ارتكاب هذه الجريمة ‪...‬إال أن نصد ددف دول العالم تقريباً تقارف التعذيب‬
‫(‪)2‬‬
‫بإستمرار‪.‬‬
‫وس د د ددوف نقف علي حدود وأبعاد هذه الجريمة وآثارها الوخيمة علي اإلنس د د ددان وطرق‬
‫مواجهة العامل لها علي النحو التالي ‪:-‬‬
‫أوالً – المقصود بالتعذيب ‪:-‬‬
‫عرفت المادة األولي من اتفاقية األمم المتحدة لمناهضدة التعذيب سدنة ‪ 1984‬التعذيب‬
‫وأي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب ش د ددديد جس د دددياً كان أو عقلياً يلحق عمداً‬
‫(‪)3‬‬
‫بأنه‬
‫بشدخص ما بقصدد الحصدول من هذا الشدخص أو من شدخص ثالث علي معلومات أو‬
‫اعترافات ‪ ،‬أو معاقبته علي عمل ارتكبه أو يشددتبه في أنه ارتكبه هو أو شددخص ثالث‬
‫‪ ،‬أو تخويفه أو إرغامه هو أو شد ددخص ثالث أو عندما يلحق هذا األلم أو العذاب به‬
‫ألي س ددبب من األس ددباب يقوم علي التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه يوافقه عليه‬
‫أو سددكت عنه موهف رسددمي أو شددخص ثالث يتصددرف بصددفته الرسددمية وال يتضددمن‬
‫ذلك األلم أو العذاب الناشد د د فقط عن عقوبات قانونية أو المالزم لهذه العقوبات أو‬

‫انظر د ‪.‬الشنافعي محمد بشنير" التعذيب في المعتقالت والسنجون ووسنائل مقاومته "بحث ضنمن موسنوعة حقوق اإلنسنان ‪ ،‬د ‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫شريف بسيوني وآخرين المرجع السابق المجلد الثاني ص ‪.279‬‬


‫انظر تقارير منظمة العفو الدولية عن عامي ‪ 1987 ، 1986‬وتقريرها عن التعذيب في الثمانينات وتقارير لجنة مناهضنننننة‬ ‫(‪)2‬‬

‫التعذيب من سنة ‪.1996 – 1990‬‬


‫(‪ )3‬سننبق التعرض لمضننمون هذه اإلتفاقية كمصنندر من مصننادر الحماية الدولية للحق في السننالمة الجسنندية ‪.‬انظر ما سننبق ص‬
‫‪. 104‬‬

‫‪204‬‬
‫الذي يكون نتيجة عرضية لها‪".‬‬
‫ثم أردفت هذه المادة في فقراتها التالية حكماً جامعاً لكل أفعال التعذيب ‪ ...‬إذ نصددت‬
‫علي أنه ال تخل هذه المادة بأي تش دريع وطني يتض ددمن أو يمكن أن يتض ددمن أحكاماً‬
‫ذات تطبيق أشمل‪.‬‬
‫وقدد وجهدت عددة انتقدادات إلي هدذا التعريح الوارد في المدادة األولي من اتفداقيدة‬
‫مناهضة التعذيب سنة ‪ 1984‬ونوجزها في اآلتي ‪-:‬‬
‫انتقد البعض اإلتفاقية في المادة األولي منها عند تعريح التعذيب ذكر كلمة األلم‬
‫‪Pain‬دون تحديد ما المقصد د ددود بهذا المصد د ددطلح إذ اكتفي التعريح بقوله ‪ :‬يقصد د ددد‬
‫بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب ش د ددديد جس د دددياً أو عقلياً وتجاهلت حاالت‬
‫أخري يحدث فيها التعذيب مثل إس د دداءة اس د ددتعمال علوم الص د دديدلة وكذلك الوض د ددع في‬
‫(‪)1‬‬
‫المؤسسات النفسية‪.‬‬
‫أ‪ -‬كذلك فقد انتقد نص المادة األولي س د د د ددالفة الذكر في تعريفه للتعذيب تحديد‬
‫غرض الحصددول علي معلومات أو اعتراف ‪ ...‬إلخ دون شددمول غرض إجراء‬
‫(‪)2‬‬
‫التجارب العلمية التي تجري علي الضحية دون موافقته‪.‬‬
‫ب‪ -‬انتقد الفقه أيض د د د داً نص المادة األولي من االتفاقية في تعريح التعذيب أنها‬
‫كانت أقل شد د د ددمولية من إعالن األمم المتحدة لمنع التعذيب الصد د د ددادر سد د د ددنة‬
‫‪ 1975‬فيما يتعلق بالغاية أو المأرب من التعذيب حيث أشد د ددار اإلعالن إلي‬
‫غاية التعذيب المذكور في المادة األولي من االتفاقية علي أنها أمثلة لغيرها‬
‫(‪)3‬‬
‫بما يفيد وجود أمثلة أخري‪.‬‬
‫ج‪ -‬أيضد د د داً كان من ض د د ددمن االنتقادات التي وجهت إلي نص المادة األولي من‬

‫(‪ )1‬اننظنر ‪: B. Srensen & P. vestie, Medical Education for the Prevention of torture J.IRCT.‬‬
‫‪Torture, No 24. 1990 p. 467.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪: op. Cit. p. 467‬‬
‫انظر د ‪.‬إبراهيم العناني " النظام الدولي األمني " المطبعة التجارية الحديثة القاهرة ط ‪ 1997‬ص ‪. 232‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪205‬‬
‫االتفاقية أنها في س د د د ددياق تعريفها للتعذيب قصد د د د درته علي الموهف العام أو‬
‫صد دداحب الصد ددفة الرسد ددمية ‪ Official‬في جزء التعريح الذي ينص علي أنه "‬
‫‪...‬عندما يلحق مثل هذا األلم أو العذاب ‪ ..‬أو يحرض عليه أو يوافق عليه‬
‫أو يسددكت عنه موهف رسددمي أو أي شددخص آخر يتصددرف بصددفته الرسددمية‬
‫ومن ثم فإنه يكون قد اسد د د د د ددتثني مجموعة التعذيبات التي ترتكب من غير‬
‫(‪)1‬‬
‫الموهف الرسمي كالتي يرتكبها ثوار الحرب المدنية‪.‬‬
‫وعموماً فإن هذه اإلنتقادات قد نجد رداً عليها في الفقرة األخيرة من نص المادة األولي‬
‫والتي أطلقت حكماً جامعاً لكل أفعال التعذيب وغيره من ض ددروب المعاملة أو العقوبة‬
‫القاسددية والالإنسددانية أو الحاطة بالكرامة إذ نصددت علي أنه "‪ :‬ال تخل هذه المادة بأي‬
‫وإن كان‬ ‫(‪)2‬‬
‫تش د دريع وطني يتضد ددمن أو يمكن أن يتضد ددمن أحكام ذات تطبيق أشد ددمل‬
‫الواقع العملي أن القوانين الوطنية تض د د دديق من التعريح ومض د د ددمونه وال تعطيه ذات‬
‫الش د ددمول الوارد في نص المادة األولي من االتفاقية كما هو وارد في القانون العقابي‬
‫المص ددري الذي قص ددر تحريم التعذيب علي ذلك الذي يكون مقص ددوداً منه حمل المتهم‬
‫علي االعتراف وهو ال شد د ددك أمر في غاية الخطورة حيث ال عقوبة إذ كان الغرض‬
‫ليس هو الحمل علي االعتراف أو إذا وقع التعذيب علي غير شخص المتهم ‪.‬‬
‫موقف الفقه ‪:-‬‬
‫تطرق العديد من الفقهاء لتعريح التعذيب ووضد ددع الحدود التي تفصد ددله عن غيره من‬
‫ض ددروب المعاملة أو العقوبات القاس ددية أو الالإنس ددانية أو الحاطة بالكرامة ‪....‬ويمكن‬
‫أن نعرض أمثلة لهذه التعريفات ‪:-‬‬
‫فقد عرف الفقه بغرض الحص ددول علي معلومات أو اعترافات أو لتوقيع العقوبة والتي‬

‫انظر‪: B.srensen & P. Vestie, op. Cit p. 464‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫للمزيد من التفصنننيل في الرد علي هذه االنتقادات وتحليلها انظر د ‪.‬طارق عزت رخا" تحريم التعذيب أو المعاملة أو العقوبة‬ ‫(‪)2‬‬

‫القاسية أو الحاطة بالكرامة "دراسة مقارنة رسالة دكتوراة جامعة المنصورة سنة ‪ 1997‬ص ‪ 30‬وما بعدها ‪.‬‬
‫‪206‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وإزاء ص د د ددعوبة تعريح التعذيب علي‬ ‫تتميز بحالة خاص د د ددة من اإلجحاف والش د د دددة‬
‫المس ددتوي الفقهي فقد ذهب البعض إلي أن" التعذيب هو ذلك الس ددلوك الذي يس ددتش ددعر‬
‫أي إنسددان في العالم المتحضددر أنه تعذيب فالحبس اإلنفرادي مثالً إذا طبق قصددد من‬
‫ورائها التحقير أو اإلهانة أو اإلكراه أو أي إيالم معنوي فهو تعذيب عالوة علي كونه‬
‫معداملدة مهيندة أو حداطدة بدالك ارمدة وهو مدا طبقتده بدالفعدل اللجندة األوروبيدة لحقوق‬
‫(‪)2‬‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫وقد حاول خبراء في مجال الطب تعريح التعذيب بأنه إلحاق أذي جسد دددي أو عقلي‬
‫متعمد من قبل ش د د ددخص أو أكثر بعمل وحده أو مع آخرين أو بناء علي أوامر من‬
‫سد ددلطة أعلي بهدف إجبار الشد ددخص علي تقديم معلومات أو اعترافات أو ألي سد ددبب‬
‫وإن كلن يؤخذ علي هذا التعريح عدم شد د ددموله لحالة سد د ددكوت الشد د ددخص عن‬ ‫(‪)3‬‬
‫آخر‬
‫جريمة التعذيب ووقوعها في حضرته وهو االشتراك بالسلب‪.‬‬
‫وفي إطار الفقه المصددري فقد عرف األسددتاذ الدكتور محمد ذكي أبو عامر التعذيب "‬
‫بأن مفهوم التعذيب ال يتوقف علي نوعه وإنما يتوقف علي جسددامته فال يدخل ضددمن‬
‫مضدمون التعذيب إال اإليذاء الجسديم أو التصدرف العنيف أو الوحشدي ‪.‬وتقدير جسدامة‬
‫اإليذاء وعنف التصدرف ووحشديته مسدألة موضدوعية متروكة لقاضدي الموضدوع في كل‬
‫و كما ذهب األسددتاذ الدكتور عمر الفاروق الحسدديني إلي القول بأن‬ ‫(‪)4‬‬
‫حالة علي حدة‬
‫مفهوم التعذيب ال يرتبط بجسد ددامة األفعال التي يقترفها الجاني وإنما يرتبط بما تحدثه‬

‫(‪ )1‬انظر ‪: P.J. DUFFY, Definitions of terms in Articla 6 of the European convention on‬‬
‫‪Human Rights int. comp L.Q. vol. 32. April 1983 p. 517.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫انظر ‪: James S. Renalds prospects for u.s. Retification of the convention aginst torture‬‬
‫‪american cociety of international low proceeding of 83 rd Annual Meeting- chicago. 111 inois‬‬
‫‪1989 pp. 554 - 558‬‬
‫(‪)3‬‬
‫انظر اعالن طوكيو الجمعية الطبية العالمية )‪ (W.M.A‬لعام ‪ 1975‬منشور في ‪:‬‬
‫‪Amnesty internationa ethical cods and declarations Relvant to the health proffessions. London‬‬
‫‪1985 pp. 1-10‬‬
‫انظر د ‪.‬محمد ذكي أبو عامر – الحماية الجنائية للحريات الشخصية المرجع السابق ص ‪ 58‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪207‬‬
‫(‪)1‬‬
‫هذه األفعال من آثار في نفس الخاضع للتعذيب‪.‬‬
‫وهكذا تبين أن التعذيب ال يمكن تعريفه بأكثر مما فعلته في اتفاقية مناهضددة التعذيب‬
‫وغيره من ض ددروب المعاملة القاس ددية أو الالإنس ددانية أو الحاطة بالكرامة ذلك أنها رغم‬
‫االنتقادات التي وجهت إليها إال أنها وضعت تعريفاً شامالً جامعاً إلي حد كبير ‪.‬‬
‫ثانيا – المقصـــود بضـــروب المعاملة أو العقوبة القاســـية أو‬
‫الالإنسانية أو المهينة ‪:-‬‬
‫أوردت المادة (‪ )16‬من اتفاقية مناهضددة التعذيب وغيره من ضددروب المعاملة القاسددية‬
‫أو الالإنس ددانية أو المهينة تعريفاً عاماً لكل ما هو دون التعذيب من اوجه المعاملة أو‬
‫العقوبة القاسد ددية أو الالإنسد ددانية أو المهينة بقولها "‪ :‬تتعهد كل دولة بأن تمنع في كل‬
‫إقليم يخضدع لوالياتها القضدائية حدوث أي أعمال أخري من أفعال المعاملة القاسدية أو‬
‫الالإنسددانية أو المهينة التي ال تصددل إلي حد التعذيب كما حددته المادة األولي عندما‬
‫يرتكب موهف عام أو شدخص آخر يتصدرف بصدفته الرسدمية هذه األعمال أو يحرض‬
‫علي ارتكابها أو عندما تتم بموافقته أو بسكوته عليها ‪.‬‬
‫وال شددك أن هناك فارق بين المعاملة الخشددنة ‪ Rough Treatment‬والمعاملة أو‬
‫العقوبة القاسد د ددية أو الالإنسد د ددانية ‪ Inhuman treatment or punishment‬وتلك‬
‫حيث أن المعاملة الخش د د ددنة ال تدخل‬ ‫الحاطة بالكرامة ‪Degrading treatment.‬‬
‫في وصدف التحريم إال إذا تكاملت فيها عوامل القسدوة وطبيعة اإلحسداس المالزم للفعل‬
‫وكافة الظروف المحيطة بالشدخص(‪ )2‬ذلك أن المعاملة الخشدنة تتطلب شديئاً من القسدوة‬
‫لتدخل دائرة التحريم كما أوض د د د د د ددحت اللجنة األوروبية في القض د د د د د ددية اليونانية لعام‬
‫(‪)3‬‬
‫‪.1986‬‬
‫ودرجة القس ددوة التي تميز المعاملة الالإنس ددانية هي تلك التي تص ددم الفعل بالالإنس ددانية‬

‫انظر د ‪.‬عمر الفاروق الحسيني" تعذيب المتهم لحمله علي االعتراف "المرجع السابق ص ‪127‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د ‪.‬طارق عزت رخا المرجع السابق ص ‪ 64‬وما بعدها‬ ‫(‪)2‬‬

‫والسابق التعرض لها صن من هذه الرسالة‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪208‬‬
‫فتس د د ددبب آالماً ومعاناة نفس د د ددية وجس د د دددية قاس د د ددية تزيد – قطعاً – عن القدر اليس د د ددير‬
‫والمتسد ددامح فيه من قبل المجتمع الدولي والداخلي والذي يدخل في مضد ددمون المعاملة‬
‫الخش ددنة ‪.‬أما بالنس ددبة لطبيعة اإلحس دداس المالزم للفعل فهي بال ش ددك معيار لتوض دديح‬
‫الفارق بين المعاملة الخش ددنة والمعاملة الالإنس ددانية ذلك أن اإلحس دداس المالزم لقض دداء‬
‫عقوبة معينة هو إحس د دداس د ددا مر وهو أمر طبيعي أما إذا كانت الماديات المرتكبة في‬
‫حق اإلنسد ددان تزيد عن ذلك فولدت فيه اإلحسد دداس بالالإنسد ددانية في المعاملة فإن هذا‬
‫اإلحسدداس يصددبح غير مالزم لطبيعة الفعل ومن ثم يدخل الفعل دائرة التحريم ويصددمه‬
‫أيضاً بوصمة المعاملة الالإنسانية ‪.‬‬
‫كما أن أهم المعايير التي تحدد المعاملة الالإنس د د د د ددانية هي الظروف والمالبس د د د د ددات‬
‫المحيطة بالضددحية كحبسدده احتياطياً في هروف غير مالئمة أو سددوء المعاملة الطبية‬
‫للسجين أو التهديد بإيقاع التعذيب فيه ‪.‬‬
‫ومن األمثلة التي توضددح ذلك ‪ :‬تلك القضددية التي عرضددت علي لجنة حقوق اإلنسددان‬
‫في ‪ 1976/3/30‬وهي ش ددكوي قدمها والدا طفلين في إحدي مدارس اس ددكتلندا بإدعاء‬
‫أن أحد المدرسدين في هذه المدرسدة قام بمجازاة التلميذين بالضدرب وقد أسدس الشداكيان‬
‫ش د ددكواهما علي أن الض د ددرب هو عقوبة بدنية غير إنس د ددانية تم توقيعها علي طفليهما‬
‫بالمخالفة لنص المادة (‪ )3‬من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنس د ددان ‪.‬وقد قبلت اللجنة‬
‫الشدكوي في ‪ 1977/2/15‬وأعلنت تقريرها في ‪ 1980/5/16‬وأحالت الشدكوي مرفقة‬
‫بها التقرير إلي المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسد د د ددان فأصد د د دددرت المحكمة حكمها في‬
‫‪ 1982/2/25‬بان الضدرب لم يكن بقصدد اإلذالل واإلهانة بقدر ما كان ااتأديب ومن‬
‫ثم فهو ال يعد عقوبة ال إنسدانية وقد دعمت المحكمة رأيها هذا بقولها أن عدم الضدرب‬
‫قد يكون يحمل معني العقوبة الالإنس د د ددانية كما هو الحال في التهديد والتعذيب الذي‬
‫يكون في كثير من الظروف والمالبسد ددات عقوبة او معاملة ال إنسد ددانية مما يعني أن‬

‫‪209‬‬
‫(‪)1‬‬
‫عنصر التهديد يحول المعاملة من معاملة خشنة إلي معاملة غير إنسانية‪.‬‬
‫أما المعاملة او العقوبة الخشد ددنة أو الحاطة من الكرامة ‪Degrading Treatment‬‬
‫‪or Punishment‬فهي تلك التي تقلل من منزلة اإلنسد ددان بصد ددفة كونه إنسد ددان أو‬
‫(‪)2‬‬
‫تحط من قدره أو وصددفه أو سددمعته أو صددفته س دواء في عين نفسدده أو عين اآلخرين‬
‫وقد ذكرت اللجنة األوروبية في معرض حديثها في القضد ددية اليونانية ‪Greekcase‬‬
‫أن المعاملة أو العقوبة الحاطة من الكرامة هي تلك التي تنطوي علي إذالل جسديم‬ ‫(‪)3‬‬

‫للش د ددخص أما اآلخرين فيدفعه ذلك التص د ددرف ض د ددد إرادته أو مش د دداعره ومس د ددألة كون‬
‫العقوبة أو المعاملة حاطة من الكرامة من عدمه هو من األمور التي تتوقف علي‬
‫هروف كل حالة ومالبس د دداتها وهروف الض د ددحية ووض د ددعه وص د ددفته وحالته الص د ددحية‬
‫وكذلك الغرض القص د د د ددد لدي الجاني وهو ما أكدت عليه المحكمة األوروبية س د د د ددنة‬
‫‪ 1982‬في القضد ددية السد ددابق اإلشد ددارة إليها(‪ .)4‬حيث انتهت المحكمة إلي ان الغرض‬
‫من الضد د د ددرب الواقع علي التلميذين لم يكون للتحقير وال اإلذالل ولكنه كان للتاديب‬
‫ومن ثم فقد كان عقوبة مؤيدة من جانب معظم اآلباء في هذه المدرسة في اسكتلندا ‪.‬‬

‫أن المعاملة أو العقوبة القاسد ددية أو الالإنسد ددانية أو الحاطة بالكرامة التي‬ ‫والخالصننة‬
‫تناولتها المادة (‪ )16‬من اتفاقية مناهضدة التعذيب وغيره من ضدروب المعاملة القاسدية‬
‫أو اإلنس د د د د ددانية او الحاطة بالكرامة ال يمكن أن تفهم أو تحدد بمعزل عن هروف‬
‫ومالبس ددات كل حالة علي حدة باإلس ددتعانة بمعايير مس دداعدة كوض ددع الض ددحية وقيمته‬

‫(‪ The British Book of international low 1982 1‬ومشار إلي هذه الدعوة لدي الدكتور طارق رخا في المرجع‬
‫السابق ص ‪75 – 74‬‬
‫انظر عرض هذه القضية تفصيالً فيما سبق هذه الرسالة ص ‪.147‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪ )3‬والعبارات كما ذكرت اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان في القضية اليونانية هي ‪:-‬‬
‫‪Treatment or punishment of degrading if it lowers him in rank. Position Reputation or‬‬
‫‪character whether in his eyes or in the eyes of other people.‬‬
‫(‪ )4‬انظر ما سبق في الصفحة السابقة مباشرة‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫ونوعه وهروف المكان والزمان والقيمة اإلجتماعية وأسد د د ددلوب التنفيذ وطبيعة العقوبة‬
‫ذاتها كلها عوامل يمكن من خاللها الوقوف علي ما إذا كان فعل ما يمثل معاملة‬
‫غير إنسانية او مهينة أو حاطة بالكرامة من عدمه ‪.‬‬
‫ثالثا ً – تاريخ التعذيب ومآربه ‪:-‬‬
‫التعذيب قد تمارس دده الدولة أو جماعات او أفراد قبل أش ددخاص معينين بذاتهم أو غير‬
‫محددين ‪ ،‬وغالباً ما يكون الدافع لمثل هذه التعذيبات متعلقاً بالعنصد ددر أو الجنس أو‬
‫الدين ‪.‬‬
‫وقد مورس العذاب في روما القديمة ‪....‬حيث كان الرومان يفرقون بين الحر والعبد ‪،‬‬
‫إذ كان األخير دوما موض د د ددعاً للتعذيب من س د د دديده لما س د د دداد بينهم من ملكية الس د د دديد‬
‫لعبيده ‪...‬ومن ضدمن الملكية أن يفعل السديد بالعبد ما يشداء وال معقب عليه في ذلك ‪،‬‬
‫ثم ما لبث التعذيب أن صددار وسدديلة من وسددائل الدولة في العصددور الوسددطي تمارسدده‬
‫بمقولة كشد ددف الحقيقة ‪.‬حيث أمسد ددي التعذيب معترفاً بها من أكثر الدولة مدنية ‪ ..‬إذ‬
‫صار وسيلة لتحقيق ما توهموه من عدالة جنائية(‪.)1‬‬
‫في محاربة التعذيب‬ ‫(‪)2‬‬
‫وأنه – وعلي الرغم من جهود فالسد د ددفة سد د ددابقين أمثال بيكاريا‬
‫البدني إال أن التعذيب – بات سد د ددمة مميزة لبعض أنظمة الحكم في كثير من الدول‬
‫السدديما األنظمة العنص درية ‪ ،‬وأصددبح الفارق بين اليوم واألمس هو فارق نظري فقط ‪،‬‬
‫بل أن األبشد ددع أن هناك صد ددور من التعذيب لم تكن معروفة فيما قبل ‪.‬وقد اسد ددتخدم‬
‫التعذيب منذ القدم كعقوبة في هل العديد من الحض د د ددارات ففي مص د د ددر القيدمة كان‬
‫السد د ددجناء يفضد د ددلون الموت علي الحياة داخل السد د ددجن نظ اًر للمعاملة القاسد د ددية وغير‬

‫انظر في هذا الموضنوك د ‪.‬عمر الفاروق الحسنيني" تعذيب المتهم لحمله علي اإلعتراف "المرجع السنابق ص ‪ ، 11‬د ‪.‬هاللي‬ ‫(‪)1‬‬

‫عبد الاله أحمد " حقوق المتهم خالل فترة التحقيق "المرجع السننننابق ص ‪ ، 20‬د ‪.‬عوض محمد" حقوق المشننننتبه فيه ألناء‬
‫التحقيق "مقالة بالمجلة العربية للدفاك االجتماعي العدد ‪ 10‬في اكتوبر سننننننة ‪ 1974‬ص ‪ ، 120‬ود ‪.‬عصنننننام أحمد محمد "‬
‫النظرية العامة للحق في سالمة الجسم "المرجع السابق ص ‪ 383‬وما بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪BECCARIE : on crimes and punishments Treatment HENRY PAOLUCCINDIANE‬‬
‫‪1970 – p. 51.‬‬
‫‪211‬‬
‫اإلنسانية التي يعاملون بها(‪.)1‬‬
‫كما عرفت روما القديمة أشددكاالً من العقوبات غير اإلنسددانية مثل عقوبة الصددلب التي‬
‫يتم من خاللها وضد ددع الضد ددحايا أرسد داً علي عقب أو دفعهم بالخازرق في عوراتهم أو‬
‫بس ددط األذرع فوق الخش ددب وكما قال القليس ددوف – س ددينكا عن ص ددنوف التعذيب هذه ‪..‬‬
‫(‪)2‬‬
‫"وهناك رأيت أسالكاً وسياطاً وأجهزة اخترعوها لتعذيب كل عضو وكل مفصل‬

‫كما عرفت روما أسداليب وحشدية في تنفيذ عقوبة اإلعدام مثل الموت بواسدطة" الحقيبة "‬
‫والتي كانت بمقتضداها يوضدع المحكوم عليه بعد جلده جلداً بالغ القسدوة في حقيبة من‬
‫جلد ثور مع حية وديك وكلب أو قرد ثم تخاط الحقيبة ويلقي بها في نهر التيبر أو‬
‫في البحر(‪.)3‬‬
‫كما ان التعذيب بالحرق والصد ددلب وتقطيع األوصد ددال وقطع الشد ددفاة واآلذان واللسد ددان‬
‫ولبس أطواق الحديد كان من األشد د ددكال المألوفة في أوروبا باعتبارها عقوبات(‪ )4‬وفي‬
‫هل القانون الفرنس د د ددي القديم كان المحكوم عليه في جريمة العيب في الذات الملكية‬
‫يقض ددي بتمزيقه إلي أربعة أجزاء حيث يربط جس ددده بالحبال وتش ددد نهاية كل حبل إلي‬
‫خيول توزع غي اتجاهات مختلفة ثم تحمل الخيول علي الجري بأقصد ددي سد ددرعتها في‬
‫االتجاهات المتض د د دداربة فتمزق أوص د د ددال المحكوم عليه ثم يفك كل جزء من األجزاء‬
‫وفي آس د د د د دديا تش د د د د دددد القانون الياباني في معاقبة‬ ‫(‪)5‬‬
‫الممزقة ويتم حرقه ويزري رماده‬
‫المذنبين فكان يعذبهم حيث كان يتم صدلب المذنب علي أداة علي شدكل صدليب حيث‬
‫ينصب عليه الجسد ثم يرمي بالحربة أو الرمح من أوله إلي أخره(‪.)1‬‬

‫انظر د ‪.‬رلوف عبيد مبادئ اإلجراءات الجنائية في القانون المصري مطبعة االستقالل الكبري سنة ‪ 1986‬ص ‪.5‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د ‪.‬محمود سالم زناتي " مدخل تاريخي لدراسة حقوق اإلنسان "المرجع السابق ص‪93.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د ‪.‬محمود سالم زناتي " مدخل تاريخي لدراسة حقوق اإلنسان "المرجع السابق ص ‪.95 – 94‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر د ‪.‬أبو السعود عبد العزيز موسي " ضمانات المتهم وحقوقه "رسالة دكتوراة جامعة األزهر سنة ‪.1985‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫انظر د ‪.‬محمود سالم زناتي " مدخل تاريخي لدراسة حقوق اإلنسان "المرجع السابق ص ‪.95‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫انظر المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪212‬‬
‫وقد اسدتخدمت دول حوض البحر األبيض المتوسدط وكذلك الواليات المتحدة األمريكية‬
‫ومعظم دول العالم تقريباً التعذيب كعقوبة وكان مدرب التعذيب واحداً في كل هذ‬
‫الدول رغم اختالف أيدلوجياتها واس د د ددتعراض القوة في الجس د د ددد بأس د د ددلوب الذلة والقهر‬
‫إلحداث العر في نفوس الشد د د د د ددعوب وإحكام قهرها وقد كان هذا المأرب أهم مدرب‬
‫التعذيب آنذاك باإلضافة إلي ما استجد في العصر الحديث من مدرب تحكمها هروف‬
‫عديدة كالظروف الس د د ددياس د د ددية أو األمنية أو هروف إدارة العدالة الجنائية أو حاالت‬
‫الحرب سدواء الحرب الدولية أو األهلية وكذلك الخالف العقائدي أو العنصدري بين من‬
‫(‪)2‬‬
‫يرتكب التعذيب ومن يقع عليه فعل التعذيب‪.‬‬
‫رابعا ً – التعذيب وحق اإلنسان في سالمته الجسدية ‪:-‬‬
‫لما كان الجس ددم هو مهبط الروو وهو الكيان الذي من خالله يباش ددر اإلنس ددان وهائفه‬
‫الحياتية ومن ثم فإن أي مس دداس ينال من هذا الوعاء – وهو الجس ددم – سد دواء بص ددفة‬
‫تقليدية كالضد ددرب أو الجرو أو بصد ددورة غير تقليدية وخطيرة تتطلب مزيداً من القسد ددوة‬
‫وهو التعذيب حيث يتعرض اإلنسددان كله بما في ذلك حياته ألخطر األضدرار ذلك أن‬
‫أفعال التعذيب تختلف رغم أن الحق المعتدي عليه واحد فاس د د ددتعمال القس د د ددوة مؤثم‬
‫لحماية كرامة اإلنس د ددان من ارنتهاكات وحفاهاً علي اس د ددتقامة رجال الض د ددبط ‪ ،‬وهتك‬
‫العرض مجرم لحماية الشدرف والعرض والحرية الجنسدية ‪ ،‬وتعذيب المتهم مؤثم لحماية‬
‫وقد‬ ‫(‪)3‬‬
‫حقوقه في الدفاع عن نفسد د دده وحرص د د داً علي مشد د ددروعية الدليل المسد د ددتمد منه‬
‫اسدتطرد األسدتاذ الدكتور محمود نجيب حسدني في شدرو هذه المعاني بقوله " إننا نعني‬
‫بحماية الحق في الس ددالمة الجس دددية بص ددورة ش دداملة أنها حماية للعناص ددر المكونة لهذا‬
‫الحق بصد ددفة مباش د درة كما وأننا نطلق المدلول علي الحماية التبعية للحق في سد ددالمة‬
‫ومن هنا‬ ‫(‪)1‬‬
‫الجسدم التي تحمي الحق في السدالمة الجسددية بصدورة تابعة لتجريم أصدلي‬

‫انظر د ‪.‬طارق عزت رخا" تجريم التعذيب "المرج السابق ص ‪ 248‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د ‪.‬محمود نجيب حسني" الحماية الجنائية للحق في سالمة الجسم "المرجع السابق ص ‪.3‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪213‬‬
‫فإن التعذيب يندرج تحت المس دداس بس ددالمة الجس ددم بجميع ص ددوره وأفعاله طالما انتهك‬
‫أي عنصر من عناصر الحق الذي تقتضي حمايته الشمولية والعمومية ‪.‬‬
‫خامسا ً – الظروف التي تقع فيها جريمة التعذيب وأسلوب ممارستها ‪:-‬‬
‫أ ‪-‬ظروف التعذيب ‪:-‬‬
‫ال تخرج مقارفة جريمة التعذيب وغي ار من ضد د ددروب المعاملة أو العقوبة القاسد د ددية أو‬
‫الالإنسد د ددانية او المهينة أو الحاطة بالكرامة اآلدمية عن عدة صد د ددور من أهمها علي‬
‫المستوي الدولي ‪:-‬‬
‫‪ -1‬حاالت التمييز العنصري ‪:-‬‬
‫والتي يصدددر فيها التعذيب عن اسددتعالء عنصددر علي عنصددر آخر فينكر األول علي‬
‫اآلخر حق الحياة أو الحق في السددالمة الجسدددية إذا كا كانت اإلبادة أو الحرمان من‬
‫الحق في الحياة مس د ددتحيلة ‪..‬فتأتي جريمة المس د دداس بالس د ددالمة الجس د دددية كبديل لهذه‬
‫إذ تطغي مشد د د دداعر الحقد األسد د د ددود واالحتقار علي غيرها من‬ ‫(‪)2‬‬
‫الغاية الشد د د دديطانية‬
‫(‪)3‬‬
‫المشاعر اإلنسانية الرحيمة ‪ ..‬وهذا ما حدث كثي اًر فيما مضي في جنوب أفريقيا‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وهو ما حدث في إسرائيل ومازال يحدث ضد الفلسطينيين‬
‫وهو ما حدث كذلك في يوغس د د ددالفيا الس د د ددابقة من جانب الص د د ددرب ض د د ددد مس د د ددلمي‬
‫(‪)1‬‬
‫ففي هذ األمثلة وغيرها ما كانت ممارسد د ددات وحشد د ددية ههر فيها اإلنتقام‬ ‫البوسد د ددنة‬
‫ويصددادر‬ ‫العنصددري الذي يهدف إلي إبادة شددعب لشددعب آخر أنه ال يسددتحق أن يعي‬
‫عليه حقه في الكرامة اإلنسانية ‪.‬‬

‫انظر د ‪.‬الشافعي محمد بشير " التعذيب في المعتقالت والسجون ووسائل مقاومته " المرجع السابق ص ‪ 281‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ومن ذلك ما حدث سنة ‪ 1985‬في جنوب أفريقيا – انظر تقارير منظمة العفو الدولية عن جنوب أفريقيا مارس ‪ 1985‬ص ‪.18‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪)4‬‬
‫ومن األمثلة علي ممارسنننة إسنننرئيل لذلك ما يفوق الحصنننر كمذبحة دير ياسنننين ‪ 1948‬حيث جرد الصنننهاينة أهل القرية من‬
‫مالبسنهم ومارسنوا عليها أبشنع أنواك التعذيب وما حدث في جنوب لبنان في صنبرا وشناتيال وما أقره العيان والصنحافة في إسنرائيل‬
‫من اعتراف العسكريين االسرائيليين بتعذيب وقتل األسري المصريين في حربي ‪. 1976 ، 1956‬‬
‫انظر د ‪.‬نبيل بشننر " المسننئولية الدولية في الم متغير " ص ‪ 44‬وكذا تقارير األمم المتحدة وولائق المحكمة الدولية الجنائية‬ ‫(‪)1‬‬

‫في يوغسالفيا السابقة ‪.‬‬


‫‪214‬‬
‫ولقد تعرضد د د ددنا ألمثلة لما عرض علي اللجنة الدولية لحقوق اإلنسد د د ددان المنبثقة عن‬
‫اإلتفاقية الدولية للحقوق المدنية والس د د ددياس د د ددية ولجنة مناهض د د ددة التعذيب المنبثقة عن‬
‫(‪)2‬‬
‫اتفاقيات مناهضة التعذيب‪.‬‬
‫‪ -2‬حاالت الحرب الدولية واألهلية ‪:-‬‬
‫وفي هذه الحاالت تكون غاية التعذيب إذاعة رس د د ددالة إلي كل المعادين لنظام الحكم‬
‫تنذرهم بهالكهم عن طريق التعذيب وقد تقابلها المعارض د د د ددة المعارض د د د ددة أو الجانب‬
‫المعادي بذات الرد فتس د د ددمي التعديات البدنية والرس د د ددائل اإلرهابية المتبادلة س د د ددياس د د ددة‬
‫عادية ‪..‬وهو ما حدث في دول كثيرة من العالم في كل قارات العالم بدون اسددتثناء ‪..‬‬
‫ففي أفريقيا تكاد كل دولها المتحاربة تتعامل هكذا وكذا دول أمريكا الالتينية كما حدث‬
‫في السد ددلفادور وجواتيماال ونيكارجوا وكما حدث في إسد درائيل في اعتدائها علي جنوب‬
‫لبنان واألسري المصريين ‪ ..‬وما حدث من عصابات إيالجا في الفلبين ضد المسلمين‬
‫هناك ‪ ..‬وما أشديع من ممارسدات المافيا النازية ضدد اليهود في الفترة من ‪ 1933‬حتي‬
‫وما يحدث اآلن علي مسلمي إقليم كوسوفو في ألبانيا من دولة صربيا ‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪1939‬‬
‫‪ -3‬الظروف األمنية الداخلية وحجة كشف الحقيقة ‪:-‬‬
‫وال شد ددك أن هذه الصد ددورة تتجلي وتظهر كأهم صد ددورة فيها جريمة التعذيب وغيره من‬
‫ضددروب المعاملة القاسددية أو الالإنسددانية أو الحاطة بالكرامة بصددورة متكررة ‪ ..‬السدديما‬
‫في الدول المتخلفة والتي لم تتعمق فيها قض د ددية إليمان بحقوق اإلنس د ددان فالهدف في‬
‫هذه الحالة ليس إال حماية السد د ددلطة الحاكمة أو كشد د ددف الحقيقة بدون منهج شد د ددرعي‬
‫وإنسدداني ‪ ..‬وخطورة هذه الصددورة في شدديوع اللجوء إليها لتخليص السددلطة الحاكمة من‬
‫معارضديها باإلضدافة إلي ذيوع الجهل والتسدلط بين رجال الضدبط لتوهمهم أن التعذيب‬

‫انظر ما سبق ص ‪ 123‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وقد تعرض الكاتب الفرنسننننني الكبير جارودي للمحاكمة سننننننة ‪ 1998‬عن كتابه الذي ألبت فيه بالدليل أباطيل وخرافات مما‬ ‫(‪)3‬‬

‫تعرض ل اليهود خالل هذه الفترة علما بأن هذا الكاتب من أكبر الكتاب المسلمين في أوروبا ‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫وسيلة مشروعة إلقامة دليل علي جريمة ما‪.‬‬
‫سابعا ً – الجهود الدولية لمناهضة التعذيب البدني ‪:-‬‬
‫أ ‪-‬تجريم ممارسات التعذيب ‪:-‬‬
‫أكد ميثاق األمم المتحدة في ديباجته علي كرامة اإلنسان وانطلقت من ذلك كل مواثيق‬
‫حقوق اإلنس ددان علي النطاق العلمي واإلقليمي فأكد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان‬
‫سدنة ‪ 1948‬علي كرامة اإلنسدان ‪ ..‬ونصدت المادة (‪ )5‬منه علي تحريم التعذيب وكل‬
‫عمل يحط من كرامة اإلنس ددان وكذا المادة (‪ )7‬من إتفاقية الحقوق المدنية والس ددياس ددية‬
‫والمادة (‪)2‬من اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس واتفاقيات جنيف س د ددنة ‪ 1949‬وجميع‬
‫مواثيق حماية المس د ددجونين أو المعتقلين أو اتفاقيات منع الرق أو االتجار في الرقيق‬
‫وكذا علي النطاق اإلقليمي االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسد د د د ددان اإلتفاقية األمريكية‬
‫لحقوق اإلنس د ددان والميثاق األفريقي لحقوق اإلنس د ددان ومش د ددروع الميثاق العربي لحقوق‬
‫كما ناك مش د ددروع إلتفاقية عربية لمنع التعذيب والمعاملة الالإنس د ددانية أو‬ ‫(‪)1‬‬
‫اإلنس د ددان‬
‫وقد نبع مشدروع هذه اإلتفاقية من األصدول‬ ‫(‪)2‬‬
‫المهينة أو الحاطة بالكرامة سدنة ‪1989‬‬
‫والمنابع والقيم الدينينة التي رسددخها الدين اإلسددالمي الحنيف في المنطقة العربية علي‬
‫وجه الخصد ددوص حيث نصد ددت المادة األولي من المشد ددروع علي أن تعذيب اإلنسد ددان‬
‫جريمة يعاقب عليها القانون وال تسد د ددقط الدعوي أو العقوبة بالتقادم كما نصد د ددت المادة‬
‫(‪ )14‬من المش د د ددروع علي أنه تكفل كل دولة حظر وتحريم المعاملة الالإنس د د ددانية أو‬
‫المهينة او الحاطة بالكرامة التي ال تصد ددل إلي حد التعذيب المبين بالمادة الثانية وقد‬
‫تناولت المواد من (‪ )15‬إلي (‪ )25‬آليات تنفيذ هذه اإلتفاقية إذ نصد د ددت المادة (‪)15‬‬
‫علي إنش د دداء لجنة وطنية في كل دولة لمراقبة تنفيذ احكام هذه اإلتفاقية وتش د ددكل هذه‬

‫وقد تعرضنا لدور هذه المواليق وأجهزتها واآلراء والتوصيات واألحكام التي صدرت بخصوص جرائم التعذيب انظر ما سبق من‬ ‫(‪)1‬‬

‫هذ الرسالة ص ‪ 121‬وما بعدها‪.‬‬


‫وقد أسنندت مهمة إعداد هذا المشنروك إلي األسنتاذ الدكتور الشنافعي محمد بشنير وقد شنارك في المناقشنة واألعداد العديد من‬ ‫(‪)2‬‬

‫أساتذة القانون والقضاة ورجال الشرطة والمحامون ورجال الصحافة من كافة الدول العربية ‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫اللجنة من ممثلين عن الحكومة ونقابة المحامين ونقابة األطباء حيث أن المحامين‬
‫وألطباء يتصد ددلون اتصد دداالً وثيقاً باإلنسد ددان المقبوض عليه أو المحتجز أو المسد ددجون ‪.‬‬
‫كما نصد ددت المادة (‪ )17‬من مشد ددروع االتفاقية علي إنشد دداء لجنة عربية علي مسد ددتوي‬
‫جميع الدول األطراف وأعضد د د ددائها من رؤسد د د دداء اللجان الوطنية وقد أعطي مشد د د ددروع‬
‫االتفاقية أعض د دداء اللجان س د ددلطات واختص د دداص د ددات تتقارب مع تلك التي تختص بها‬
‫اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسددان ولكن الزال هذا المشددروع مشددروعاً إلي اآلن حيث لم‬
‫يدخل حيث التنفيذ بعد ومن ثم فهو ال يعدو بارقة أمل في أن تواجه جريمة التعذيب‬
‫في الدول العربية بأسد ددلوب أكثر حسد ددماً ولكن أهم المواثيق التي صد دددرت خصد دديص د داً‬
‫لمواجهة هذه الريمة هو إعالن الجمعية لألمم المتحدة س د د د ددنة ‪ 1975‬بحماية جميع‬
‫األشددخاص من التعرض لللتعذيب ‪.‬وغيره من ضددروب المعاملة أو العقوبة القاسددية أو‬
‫(‪)1‬‬
‫الالإنسانية أو المهينة سنة ‪ 1984‬وقد أشرنا إليهما فيما سبق‪.‬‬
‫أمدا علي المسد د د د د د ددتوي اإلقليمي فهنداك االتفداقيدة األوروبيدة لمنع التعدذيدب والمعداملدة‬
‫الالإنسانية أو المهينة المبرمة بين دول مجلس أوروبا سنة ‪.1987‬‬
‫ولقد وس د د د ددعت اتفاقية مناهض د د د ددة التعذيب س د د د ددنة ‪ 1984‬من الص د د د ددور التي تدخل تحت‬
‫التعذيب وتوسد د ددعت كذلك في مفهوم الفاعل األصد د ددلي أو الشد د دريك في التعذيب وكذا في‬
‫المسد ددئولية عن هذه الجريمة وأوصد ددت كذلك الدول بإصد دددار التش د دريعات التي تمنع هذه‬
‫الجريمة وتقي اإلنسد ددان منها كما وضد ددعت نظاماً لكي تفرض الجهات القضد ددائية واليتها‬
‫علي جرائم التعدذيب لئال يفلدت مجرم من العقداب (مادة ‪ )5‬من االتفداقيدة كمدا وضد د د د د د ددعت‬
‫المواد (‪ )15 ، 14 ،13‬منها نظاماً يخول المجني عليه كيفية اس د د ددتيفاء حقوقه الجنائية‬
‫والمدنية فألزمت السدلطات بسدماع شدكاوي المعذبين ‪ ،‬وعقاب المجرمين‪ ،‬ثم إسدقاط كافة‬
‫االت ارفدات المدأخوذة تحدت وطدأة التعدذيدب ‪ ،‬وكدذا تعويض المجني ليده مددنيداً أو ورثتده من‬
‫بعده – إن قد توفي – بما يوازي ضررهم المادي واألدبي أو الضرر الموروث من جراء‬

‫انظر ما سبق من هذه الرسالة ص‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪217‬‬
‫مقارفة التعذيب‪.‬‬
‫ب‪ -‬النظنام الرقنابي النذي أوجندتنه اتفناقينة منناهضننننننننننة التعنذينب وغيره من‬
‫ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية ‪-:‬‬
‫نصد ددت المادة (‪ ) 17‬من هذه االتفاقية علي إنشد دداء لجان مناهضد ددة التعذيب وهي تتألف‬
‫من عشد د د د د ددرة خبراء علي مس د د د د د ددتوي عال تنتخبهم الدول األطراف في االتفاقية لمدة أربع‬
‫س د د د ددنوات ‪ ..‬وتقدم الدول األطراف في هذه اإلتفاقية إلي اللجنة تقارير عن التدابير التي‬
‫اتخذتها أو تتخذها في س د د د د د ددبيل منع جريمة التعذيب وغيرها من ض د د د د د ددروب المعاملة أو‬
‫العقوبة القاسية أو الالإنسانية كل أربع سنوات حيث ترسل هذ التقارير إلي األمين العام‬
‫لألمم المتحددة الدذي يحيلهدا إلي هدذه اللجندة حيدث تبددي مالحظتهدا وتعليقداتهدا وترد الددول‬
‫علي ذلك ويمكن للجنة أن توفد أحد أعضد ددائها إلي الدولة للتأكد من أمر ما بخص ددوص‬
‫هذ الجريمدة أو التحقيق في معلومات وثيقدة بهدذا الصد د د د د د دددد وتقوم اللجندة بإدراج كل هذه‬
‫المالحظات عن الدول التي تمارس د د د دده ‪ ،‬وفي س د د د ددبيل توس د د د دديع لجنة مناهض د د د ددة التعذيب‬
‫الختص د د دداص د د دداتها فقد أعطت الدول لهذه اللجنة حق تلقي ش د د ددكاوي من دولة ض د د ددد دول‬
‫أخري أو من فرد ضدد دولة بخصدوص ممارسداتها للتعذيب ما دامت الدولة المشدكو فيها‬
‫(‪)1‬‬
‫قد قبلت هذا االختصاص‪.‬‬
‫ج‪ -‬حفز الرأي العام العالمي لمواجهة جرائم التعذيب ‪-:‬‬
‫ذلك أن فضدح حكام الدول التي تمارس التعذيب أمام الجماعة الدولية السديما من خالل‬
‫منظمدة األمم المتحددة ومدا أنش د د د د د د ددأتده من أجهزة لدذلدك أو هيئدات ولجدان دوليدة لرص د د د د د د ددد‬
‫انتهاكات حقوق اإلنسد د د ددان ومنعها ‪ ،‬ومن أهم ق اررات األمم المتحدة في هذا الشد د د ددأن هو‬
‫القرار رقم ‪ 503‬لس ددنة ‪ 1970‬الذي أصد ددره المجلس االقتص ددادي واالجتماعي للتس ددهيل‬

‫وقد تعرضنننننا لنظام الحماية الذي قررته اتفاقية مناهضننننة التعذيب والجانب العملي منه من خالل تقاريها حتي سنننننة ‪1996‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر ما سننبق ص وما بعدها ‪ ،‬وانظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "قانون حقوق اإلنسننان" المرجع السننابق ص ‪ 432 ، 431‬وكذلك د‪.‬‬
‫الشافعي محمد بشير "التعذيب في المعتقالت والسجون ووسائل مقاومته" المرجع السابق ص ‪ 285‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪218‬‬
‫علي الفرد أو الجماعة في تقديم الش د د ددكاوي ض د د ددد حكوماتهم التي تمارس التعذيب وغيره‬
‫من ص ددور انتهاكات حقوق اإلنس ددان حيث ال يتطلب األمر س ددوي ش ددكوي ترس ددل – بأية‬
‫لغة – إلي األمين العام لألمم المتحدة متضد د د د ددمنة وقائع التعذيب أو غير من ضد د د د ددروب‬
‫المعاملة أو العقوبة القاسد ددية أو الالإنسد ددانية ثم يتولي مركز حقوق اإلنسد ددان التابع لألمم‬
‫المتحدة فحص هذه الشد ددكوي ثم تحيلها اللجنة الفاحصد ددة إلي لجنة حقوق اإلنسد ددان التي‬
‫تكون من (‪ )43‬عضد ددو يمثلون الحكومات ثم توالي اللجنة التحقيق وسد ددماع الشد ددهود أو‬
‫إرسد ددال مبعوث منها إلي الدولة لتقصد ددي حقيقة األمر إذا لزم ذلك ثم ترس د دل تقريرها بعد‬
‫ذلك إلي المجلس االقتصد ددادي واالجتماعي الذي ينفذ توصد ددياتها أو يحيلها إلي الجمعية‬
‫(‪)2‬‬
‫العامة لتنفيذها‪.‬‬
‫ومن هنا فإن أس ددلوب الش ددكاوي ناجح في فض ددح س دديس ددات الدول في التعذيب أمام الرأي‬
‫العام العالمي السيما بد نشر ذلك في التقرير السنوي‪.‬‬
‫هذا وقد باتت المنظمات غير الحكومية أبواقاً عالية في فض د د د ددح هذه الممارس د د د ددات ومن‬
‫(‪)4‬‬
‫وهيئة الصليب األحمر الدولية‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫أبرز األمثلة علي ذلك منظمة العفو الدولية‬
‫وكذلك أيضد د د د د د داً فقد أنشد د د د د د ددأت األمم المتحدة بقرارها الصد د د د د د ددادر من الجمعية العامة في‬
‫‪ 1978/12/20‬ص ددندوقاً للمعذبين وهو يتلقي مس دداهمات مالية من كل مكان في العالم‬
‫(‪)1‬‬
‫لحماية وتعويض ض ددحايا التعذيب وأس ددرهم ويدير هذا الص ددندوق أمين األمم المتحدة‪.‬‬
‫كمدا أنده علي النطداق الوطني توجدد عددة طرق لمواجهدة جرائم التعدذيدب ‪ ،‬والبدد من إيقدا‬
‫الوعي لدي القائمين علي إنفاذ هذه القوانين من رجال الضد د د د د ددبط والتحقيق وكذا األطباء‬
‫القائمين علي إثبات مواطن وآثار التعذيب في جسد د د ددم اإلنسد د د ددان ‪ ،‬وحفز همم المواطنين‬
‫من أعض د دداء النقابات المهنية وعلي أرس د ددها نقابات المحامين ومنظمات حقوق اإلنس د ددان‬

‫انظر د‪ .‬الشافعي محمد بشير "التعذيب في المعتقالت والسجون ووسائل مقاومته" المرجع السابق ص ‪.288‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر فيما سبق ص ‪.54‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر فيما سبق ص ‪.53‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫وقد تعرضنا بالتفصيل لنظام هذا الصندوق انظر ما سبق ص وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪219‬‬
‫ونقابات األطباء وكليات الحقوق ‪ ..‬والشد د د ددك أن لإلعالم والصد د د ددحافة‬ ‫(‪)2‬‬
‫غير الحكومية‬
‫دو اًر هاماً وحيوياً في هذا المجال ‪ ،‬وقبل ذلك تعميق اإليمان بقض د د د ددية حقوق اإلنس د د د ددان‬
‫وحرياته األسداسدية وتدريس ذلك في شدتي مراحل التعليم والسديما كليات القانون والشدرطة‬
‫والطب‪.‬‬
‫لامناً – مدي التزام مصنر بمنع وقوك جريمة التعذيب وغيره من ضنروب المعاملة‬
‫أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية او الحاطة بالكرامة ‪-:‬‬
‫ص د د دددقت مص د د ددر علي اإلتفاقية الدولية لمناهض د د ددة التعذيب بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم‬
‫‪ 154‬لسد ددنة ‪ 1986‬والذي تم نش د دره في الجريدة الرسد ددمية المص د درية في ‪ 1986/1/7‬علي أن‬
‫يعمل بها اعتبا اًر من ‪ 25‬يونيه س د ددنة ‪ 1986‬وبذلك أص د ددبح لهذه االتفاقية قوة القانون الداخلي‬
‫بعد التص د د د د ددديق عليها طبقاً للمادة (‪ )151‬من دس د د د د ددتور جمهورية مص د د د د ددر العربية وقد قدمت‬
‫الحكومة المصد د د د درية – وطبقاً للمادة (‪ )19‬من االتفاقية – تقريرها األول في ‪ 1989‬إلي لجنة‬
‫مناهضة التعذيب التي أشرنا إليها فيما سبق‪.‬‬
‫(‪) 3‬‬

‫انظر "سجناء بال محاكمة وعقوبات بال قانون" كتاب ولائقي عن عدد المعتقلين السياسيين في مصر والذي بلش عددهم‬ ‫(‪)2‬‬

‫وورد حصرهم باألسماء في هذا الكتاب "‪ "7811‬شخصاً حتي نهاية سنة ‪ 1995‬وهو ليس العدد الفعلي ولكن هو الجزء الذي‬
‫من المستطاك حصره‪ .‬وهو من إصدارات المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان سنة ‪.1996‬‬
‫انظر ما سبق ص‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪220‬‬
‫والحقيقة أن مصددر وقانون اإلجراءات الجنائية المصددري إذ تمت محاكمة ضددباط شددرطة‬
‫عن جرائم تعدذيدب ارتكبوهدا في حق متهمين وشد د د د د د ددملدت هدذه المحداكمدة محداكمدة (‪)44‬‬
‫ض ددابطاً في الدعوي رقم ‪ 305‬لس ددنة ‪ – 1986‬المعادي وهي الدعوي المعروفة بقض ددية‬
‫تنظيم الجهاد(‪ ..)1‬ولكن الزالت أس د دداليب وأص د ددناف التعذيب تمارس إلي اآلن وي حقيقة‬
‫تؤكدها أحكام القضد دداء وتقارير مصد ددلحة الطب الشد ددرعي المص د درية التابعة لوزراة العدل‬
‫(‪)2‬‬
‫المصرية وتحقيقات النيابة العامة وتقارير منظمة حقوق اإلنسان المصرية‪.‬‬
‫وقد إعتاد الناس في مصدر علي ارتكاب رجال األمن جرائم وحشدية بال مبرر شدرعي أو‬
‫قانوني وبات من األسداليب النمطية ضدرب المتهم أو القسدوة عليه أو تعليقه في أوضداع‬
‫مركبة أو صدعقه بالكهرباء أو إطفاء السدجائر في أماكن حسداسدة من جسدده أو االعتداء‬
‫الجنسددي عليه ‪ ،‬هذا كله باإلضدداف ة إلي التوبيخ والشددتم والسددب والتهديد واقتراف ذلك لي‬
‫ذوي المتهم لبره علي االعتراف أو إلجباره علي تس د د د د ددليم نفس د د د د دده وكثي اًر ما ينتهي األمر‬
‫وهناك أماكن معروفة في مص د ددر لممارس د ددة هذا التعذيب سد د دواء كانت‬ ‫(‪)3‬‬
‫بوفاة الض د ددحية‬
‫سجوناً خاصة أو معتقالت أو مقار مباحث أمن الدولة أو معسكرات األمن المركزي أو‬
‫وسدوف نعرض في عجالة لتجريم التعذيب في مصدر ‪ ،‬وما نراه‬ ‫(‪)4‬‬
‫حتي أقسدام الشدرطة‬
‫لمواجهة هذه الجريمة داخل مصر‪.‬‬
‫أ‪ -‬تجريم التعذيب في مصر ‪-:‬‬
‫باإلضد د ددافة إلي صد د دديرورة اتفاقية مناهضد د ددة التعذيب قانوناً داخلياً في مصد د ددر منذ سد د ددنة‬
‫‪ 1986‬فإن التعذيب مجرم في مصدر عن طريق قانون العقوبات في المواد رقم (‪)126‬‬

‫وقد تعرضنا لذلك في ما سبق ص ‪.135‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر تقارير المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان من سنة ‪ 1990‬حتي سنة ‪ 1995‬بخصوص جرائم التعذيب في مصر‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر االستاذ طارق زت محمد رضا " التعذيب كنظام متبع" بحث مقدم إلي سيراكوزا المرجع السابق وكذلك "مصر االعتقال‬ ‫(‪)3‬‬

‫التعسفي والتعذيب بموجب سلطات قانون الطوارئ" منشورات منظمة العفو الدولية آيار مايو سنة ‪.1989‬‬
‫أصدرت المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان ام ‪ 1993‬كتاباً ولائقياً عن التعذيب في مصر تحت عنوان "جريمة بال عقاب "‬ ‫(‪)4‬‬

‫تضمن هذا الكتاب توليقاً لعدد (‪ ) 221‬حالة تعذيب مولقة بموجب أحكام قضائية أو تقارير طبية شرعية أو تحقيقات النيابة‬
‫العامة ‪ ،‬كذلك تقاريرها حتي عام ‪.1995‬‬
‫‪221‬‬
‫‪ ) 129( ،‬واللتان تواجهان حاالت التعذيب أو اسد ددتعمال القسد ددوة من موهف عام وكذلك‬
‫المدادة (‪ )282‬التي ارتقدت بدالعقوبدة إلي مصد د د د د د دداف الجندايدات عنددمدا يكون القبض بددون‬
‫وجه حق مصحوباً بالتهديد بالقتل كما أن هذه الجريمة ال تسقط بالتقادم ‪ ..‬ذا باإلضافة‬
‫إلي أن الدسدتور ذاته قد كفل حق اإلنسدان في السدالمة الجسددية من جميع ألوان اإليذاء‬
‫‪،‬‬ ‫البدني أو المعنوي في المادة (‪ )42‬منه كما أن هناك قوانين تنظم سد د ددير السد د ددجون‬
‫(‪)1‬‬

‫حيث أن تعذيب الس ددجين يوقع الجاني تحت طائلة نص المادة (‪)282 ، 129 ، 126‬‬
‫عقوبات حس د د ددب ماديات كل جريمة ‪ ،‬فقد وس د د ددع المش د د ددرع المص د د ددري في مفهوم الفاعل‬
‫األص د د ددلي وقرر عقوبة القتل العمد ض د د ددد الجاني عند قتل المجني عليه وقرر مبدأ عدم‬
‫تقادم الدعوي الجنائية ضد ددد الجاني في مثل هذه الجرائم وهو نص دسد ددتوري (مادة ‪)57‬‬
‫من الدسددتور المصددري ‪ ،‬وعموماً رغم وجود هذ النصددوص إال أن ممارسددة هذه الجريمة‬
‫في مصدر باتت أشدبه باألمر العادي وهو أمر بالغ الخطورة ولذلك فإن التجريم وحده ال‬
‫يكفي إذا مدداكددان ندداك المبدداالة وعدددم وعي رجددال الضد د د د د د ددبط وعدددم تعميق وفهم حقوق‬
‫اإلنسددان لديهم واختالط األمر عندهم بين سددلطات الضددبط وسددلطان العقاب رغم إبطال‬
‫المحاكم للكثير من االعترافات التي يحصد د ددلون عليها من المتهمين تحت وطأة التعذيب‬
‫وسد د د د د د ددوف نعرض لبعض ما يجب أن يكون عليه الحال لمواجهة جريمة التعذيب وغيره‬
‫من ضروب المعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة في مصر ‪:‬‬

‫انظر د‪ .‬غنام محمد عنام "حق المسجون في الكرامة اإلنسانية" بحث ضمن موسوعة حقوق اإلنسان إعداد د‪ .‬شريف‬ ‫(‪)1‬‬

‫بسيوني وآخرين المرجع السابق المجلد الثاني ص ‪ 291‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪222‬‬
‫ب‪ -‬اإلجراءات الالزمننة لوقف ارتكنناب جريمننة التعننذيننب وغيرهننا من ضنننننننننروب‬
‫المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة في مصر ‪-:‬‬
‫من خالل ما تعرضد د د د د د دندا له في البداب األول عن مدي إلتزام مصد د د د د د ددر باإلتفداقيدة الدوليدة‬
‫والنص د د ددوص الش د د ددرعية في حماية حق اإلنس د د ددان في س د د ددالمته الجس د د دددية ومن خالل ما‬
‫عرضد ددناه بشد ددأن جريمة التعذيب في مصد ددر باعتبارها أبشد ددع األمثلة علي امتهان الذات‬
‫البشدرية وأفظع األمثلة علي االعتداء علي سدالمة الجسدم فإننا نري انه أنه البد من عدة‬
‫إجراءات أسد دداسد ددية وضد ددرورية وملحة لوقف هذا التدني السد دداحق في معاملة البشد ددر من‬
‫جانب الكثيرين من الموهفين العموميين من ذوي الس د د د د د ددلطة في مص د د د د د ددر ومن أهم هذه‬
‫اإلجراءات ما يلي ‪-:‬‬
‫أنه – وحتي تكون مص د د د ددر قد كفلت تطبيقاً كامالً لإلتفاقية الدولية لمناهض د د د ددة‬ ‫‪-1‬‬
‫التعذيب – البد من إصددارها لإلعالنين المشدار إليهما في نص المادتين (‪21‬‬
‫‪ )22 ،‬من االتفداقيدة واللدذين بموجبهدا تكون لجندة منداهضد د د د د د ددة التعدذيدب التدابعدة‬
‫لألمم المتحدة مختصد ددة بتلقي شد ددكاوي ضد ددد مصد ددر من هافراد أو دول بشد ددأن‬
‫جرائم التعذيب فيها وذلك إثباتاً لحسن النية وحماية لحقوق اإلنسان فيها‪.‬‬
‫أندده البددد من تعددديددل المددادة (‪ )126‬من قددانون العقوبددات بمددا يتواءم واتفدداقيددة‬ ‫‪-2‬‬
‫مناهض د د د د ددة التعذيب إذ أن النص العقابي المص د د د د ددري ال يعطي معني التعذيب‬
‫نفس االتسد دداع في المعني الذي أوردته المادة (‪ )1‬من االتفاقية باإلضد ددافة إلي‬
‫أن هذا النص من قانون العقوبات المص ددري يحص ددر معني التعذيب المقص ددود‬
‫فيدده بددأن يكون مبتغيداً انتزاع اعت ارفددات ممن وقع عليدده التعددذيددب ‪ ،‬وإال فددإندده ر‬
‫ينطبق النص ‪ ...‬في حين أن ه ددذا التطبيق يخ ددالف نص االتف دداقي ددة ويخ ددالف‬
‫كذلك حق اإلنسدان في حماية سدالمته الجسددية والمعنوية وحقه في الدفاع عن‬
‫نفسه وحقه في القصاص من الجاني بما يناسب جنايته‪.‬‬
‫ض ددرورة تعديل نص المادة (‪ )129‬من قانون العقوبات المص ددري والتي تعاقب‬ ‫‪-3‬‬

‫‪223‬‬
‫لي اسد د د ددتعمال القسد د د ددوة ضد د د ددد المواطنين من قبل الموهف العام وذلك بتشد د د ددديد‬
‫العقوبة المقررة بما يتناسد ددب مع جسد ددامة وخطورة هذه الجريمة ذلك أن العقوبة‬
‫المقررة هي الحبس س د ددنة كحد أقص د ددي أو غرامة ال تزيد عن مائتي جنيه وهي‬
‫ال ش د د د د د د ددك عقوبدة هزيلدة ال تحقق المراد من العقداب وهو الردع العدام والخداص‬
‫وتحقيق العدالة الجنائية وال تتناسب آليته مع شناعة الجرم المرتكب‪.‬‬
‫ضدرورة تعديل المادة (‪ )282‬من قانون العقوبات المصدري والتي تقرر لجريمة‬ ‫‪-4‬‬
‫التعدذيدب البددني عقوبدة الجندايدة إذا مدا صد د د د د د دداحدب القبض دون وجده حق تهدديدد‬
‫بالقتل ولكنها لم تفرق بين ما إذا وقع هذا الفعل من شددخص عادي أو موهف‬
‫عام بمناس د د د د ددبة وهيفته ‪ ..‬وكان يتحتم تغلي العقاب في الحالة الثانية باعتبار‬
‫كونها أكثر وقوعاً من ناحية واألكثر حاجة إلنض ددباط رجال الض ددبط من ناحية‬
‫أخري‪.‬‬
‫كما أنه من المسد د د د ددتحسد د د د ددن واألوفق – كما أوصد د د د ددت محكمة أمن الدولة العليا‬ ‫‪-5‬‬
‫المصرية – طوارن في حيثيات الدعوي رقم ‪ 945‬لسنة ‪( 1996‬قضية اغتيال‬
‫المرحوم رفعت المحجوب رئيس مجلس الش ددعب األس ددبق) ‪ ،‬أن يتدخل المش ددرع‬
‫بافتراض المسدئولية عن جرائم التعذيب في رئيس الجهاز الذي يعمل به المتهم‬
‫الذي وقع منه التعذيب إلي أن يقدم رئيس الجهاز – بما له من سددلطة رئاسددية‬
‫وعلم بدقائق عمله ومرؤس د دديه – المتهم بالتعذيب وذلك لس د ددد الباب أمام تس د ددتر‬
‫الرؤسد دداء علي مرؤوسد دديهم وضد ددياع حقوق المعذبين ‪ ،‬إذ في جميع األحوال ال‬
‫يمكنهم علي اإلطالق ذكر اسددم وال وصددف من عذبهم وإذا ذكروا ذلك فإن من‬
‫السددهل علي المتهم بمسدداعدة رؤسددائه التنصددل من المسددئولية – كما هو الواقع‬
‫عمالً – ك ددأن يثب ددت علي غير الحقيق ددة أن دده لم يكن متواج ددداً في المك ددان وال‬
‫الزمان الذي تم فيه التعذيب وما أكثر ما حدث ذلك وهو أمر شد د د د ددائع جداً بين‬
‫من يعذبون الناس‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫إعدادة الحددال كمددا كدان عليدده بدالنسد د د د د د دبددة لحق المجني عليدده في إقدامدة الددعوي‬ ‫‪-6‬‬
‫اليوميدة ضد د د د د د ددد من ارتكدب في حقده جريمدة التعدذيدب حيدث كدان ذلدك متداحداً قبدل‬
‫تعديل نص المادة (‪ )63‬إجراءات جنائية والتي حصرت رفع الدعوي العمومية‬
‫ضددد الموهفين العمومين ومن في حكمهم – من ضددباط الشددرطة – في النيابة‬
‫العامة وذلك بالقانون ‪ 121‬لس د د د د د ددنة ‪ 1956‬ومن ثم فقد غلت يد المجني عليه‬
‫في تبع الجاني الستيفاء حقه وقصاص العدالة منه‪.‬‬
‫ضد د ددرورة تعديل القانون رقم ‪ 396‬لسد د ددنة ‪ 1956‬الخاص بتنظيم السد د ددجون في‬ ‫‪-7‬‬
‫مصدر بما يتالئم مع أحكام اتفاقية مناهضدة التعذيب وأحكام الدسدتور المصدري‬
‫بحيدث تكون تبعيدة السد د د د د د ددجون لو ازرة العددل بددالً من و ازرة الدداخليدة وتعدديدل هدذا‬
‫القانون في خصد ددوص النصد ددوص التي تتيح االعتداء علي السد ددالمة الجسد دددية‬
‫أو حبس د د دده انفرادياً لمدة غير محددة‬ ‫(‪)1‬‬
‫للمس د د ددجون أو المعتقل مثل عقوبة جلده‬
‫في أماكن قاسددية واإلسدداءة إليه في النظام الصددحي أو الغذائي ‪ ،‬وكذا ضددرورة‬
‫عمل نظام التص ددنيف العقابي بحيث ال يض ددع المس ددجون جنائياً مع المعتقل أو‬
‫المحبوس احتياطياً في قض ددايا رأي أو فكر معين إذ أن الحاالت األخيرة أقرب‬
‫إلي الحبس االحتيددا طي مندده إلي السد د د د د د ددجن وتش د د د د د د ددديددد العقوبددة التددأديبيددة علي‬
‫المسد د ددئولين عن السد د ددجون – كمأمور السد د ددجن مثالً – في حالة اتصد د ددال رجال‬
‫السلطة العامة بالمسجون أو المتقل أو المحبوس احتياطياً علي غير ما تطلب‬
‫القانون ‪ ،‬كذلك حث النيابة العامة – من خالل تعليمات النائب العام بأن تقوم‬
‫الدوري‬ ‫بالدور اإلنسد د دداني والقانوني والشد د ددرعي المنوط بها وهو الرقابة والتفتي‬
‫والفعلي والعملي والواقعي علي السد د د د ددجون والمعتقالت‪ .‬وبأن يمتد ذلك إلي كل‬

‫وال يتعارض ذلك مع عقوبة الجلد في الشريعة اإلسالمية الغراء ذلك أن الجلد في السجون هو عقوبة تأديبية ال أساس لها‬ ‫(‪)1‬‬

‫في حين أن الجلد في الشريعة اإلسالمية عقوبة جنائية لها حدودها ولها جريمتها ولها استيفاء كافة األدلة قبل الحكم بها‬
‫وهي محاطة بكثير من الضمانات عند اإللبات وعند التنفيذ‪ .‬انظر د‪ .‬غنام محمد غنام "حق المسجون في الكرامة اإلنسانية"‬
‫المرجع السابق ص ‪ 296‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫وكالء النيددابددة دون اشد د د د د د ددتراط درجددة معينددة ‪ ،‬وفي كددل أمدداكن االحتجدداز علي‬
‫مستوي الدولة دون ارتباط باختصاص مكاني‪.‬‬
‫ضد د د د د د ددرورة تعدديدل قدانون اإلجراءات الجندائيدة لينص علي كفدالدة حق المتهم أو‬ ‫‪-8‬‬
‫المشد ددتبه فيه أو أي شد ددخص مقبوض عليه في أن يسد ددتعين بمحام أثناء سد دؤاله‬
‫في قسد ددم الشد ددرطة ‪ ،‬ووضد ددع عدة ضد ددمانات لكفالة أن يكون حضد ددور المحامي‬
‫محققاً لحق المتهم في الدفاع عن نفسه وحسن سير العدالة‪.‬‬
‫إقرار حق كددل من وقع عليدده التعددذيددب وثبددت بحكم جنددائي نهددائي بددأن يحرك‬ ‫‪-9‬‬
‫النائب العام الدعوي الجنائية ض د ددد من قارف جريمة التعذيب ض د ددده وال يكتفي‬
‫أبداً ببراءة المتهم في دعاوي إلبطال سدؤاله أو اسدتجوابه أو اعترافه تحت وطأة‬
‫التعذيب إذ أن هذا األمر غاية في الغرابة وهو أن يس د د ددتقر لدي المحكمة وقوع‬
‫جريمة التعذيب ثم ال تحرك الدعوي ضد د د د د د ددد مرتكبي هذ الجريمة مكتفية ببراءة‬
‫من وقع عليه فعل التعذيب‪.‬‬
‫‪ -10‬إعمال نصوص القرار رقم ‪ 79‬لسنة ‪ 1961‬وهي (الئحة تنظيم السجون) فيما‬
‫يتعلق بنصد د ددوص المواد (‪ )45 ، 28 ، 27‬بشد د ددأن إثبات طبيب السد د ددجن لكل‬
‫إص ددابة في الس ددجون وحالته الص ددحية وعيادته وتطبيقه علي الوجه األكمل وأن‬
‫يتم الكش د ددف عليه فور إيداعه الس د ددجن ولكن لكل هذا ال يحدث إال ناد اًر لتبعية‬
‫األطباء إلدارة السددجن من ناحية ‪ ،‬ولعدم القدرة علي مواجهة هذه اإلدارة وعدم‬
‫وعي ويقظدة ضد د د د د د ددمير األطبداء من نداحيدة أخري ‪ ،‬وهو مدا يتعدارض مع آداب‬
‫(‪)1‬‬
‫المهنة تماماً واألمثلة علي ذلك فوق الحصر‪.‬‬
‫‪ -11‬إلغاء نص المادة (‪ )102‬من قانون هيئة الش د د د د ددرطة رقم ‪ 109‬لس د د د د ددنة ‪1917‬‬
‫والذي يتيح لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر الالزم ألداء واجبه حيث تركت‬

‫انظر مئات األمثلة علي اإلهمال الجسيم وتحرير تقارير طبية صورية داخل المعتقالت والسجون في مصر تقارير منظمة‬ ‫(‪)1‬‬

‫العفو الدولية وتقارير منظمة حقوق اإلنسان المصرية‪.‬‬


‫‪226‬‬
‫المادة مسد د د د ددألة القدر الالزم هذه لتقدير رجل الشد د د د ددرطة ذاته مما يجنح به نحو‬
‫التعسف والقهر واالستعالء محمياً بهذا النص ألنه يقيسه حسب هواه‪.‬‬
‫‪ -12‬تطبيق نص المادة (‪ ) 10‬من االتفاقية الدولية لمناهضد د د د د د ددة التعذيب بأن إدراج‬
‫التعليم واإلعالم فيما يتعلق بحظر التعذيب علي الوجه الكامل ض د د د د د ددمن برامج‬
‫تد دددريد ددب الموهفين المكلفين بد ددإنفد دداذ القوانين سد د د د د د دواء كد ددانوا من المد دددنيين أو‬
‫العسكريين أو االملين في مجل الطب ومن في حكمهم‪.‬‬
‫‪ -13‬االهتمام بحق ضحايا التعذيب في إعادة تأهيلهم إلنخراطهم بعد ذلك في نسيج‬
‫المجتمع وذلك طبقاً لنص المادة (‪ )14‬من االتفاقية الدولية لمناهضدة التعذيب‬
‫وذلك أن الكثرين من الض د ددحايا يخرجون من التعذيب موتي وهم أحياء بعد أن‬
‫قتلت فيهم إنسد ددانيتهم وكرامتهم وكيانهم األدبي وشد ددرفهم وعرضد ددهم عالوة علي‬
‫اإليالم المادي الشنيع فكان البد وحتما – وهو حقهم – في االهتمام من الدولة‬
‫بإعادة تأهيلهم وعالجهم مما لحق بهم‪.‬‬

‫وبعد ‪ ،‬فكل هذه األمور ليسد ددت من ترف الحديث بل هي حقوق أسد دداسد ددية نصد ددت عليها‬
‫المواثيق الددوليدة العدالميدة واإلقليميدة ومن قبدل حمداهدا اإلسد د د د د د ددالم حمدايدة فدائقدة في آيدات‬
‫القرآن الكريم وأحاديث النبي ص ددلي هللا عليه وس ددلم ونهج الص ددحابة الكرام من بعده ومن‬
‫ثم فإن من الضد ددروري أن توضد ددع هذه المالحظات موضد ددع التنفيذ ألنه ال تقدم وال رقي‬
‫لمجتمع تهان فيه كرامة اإلنسان‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫آليار مقاومة انتهاك حقوق اإلنسان‬

‫المبحث األول ‪ -:‬آليات المقاومة علي المستوي الدولي‪.‬‬

‫المبحث الثانى ‪ -:‬آليات المقاومة علي المستوي اإلقليمي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ - :‬آليات المقاومة علي المستوي الداخلي‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫المبحث األول‬
‫اآلليات الدولية لمقاومة انتهاك حقوق اإلنسان‬
‫إن النصوص وحدها ال تحمي حقوق اإلنسان كما أن الهيئات أيضاً ال تكفي لوقف‬
‫انتهاكات حقوق اإلنسان وإنما البد من تفعيل وإعمال آليات ووسائل فعلية وواقعية تكفي‬
‫لردع من ينتهك هذه الحقوق‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم هذه الوسائل في إطار األمم المتحدة إلي ثالثة أنواع وهي ‪-:‬‬
‫‪ )1‬األجهزة الوطنية المعنية بحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ )2‬األجهزة الدولية‪.‬‬
‫‪ )3‬تطبيق بعض الجزاءات علي الدول التي تنتهك حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫وسوف نتعرض في هذا المبحث لألجهزة الدولية علي النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬إنشاء لجان لمراقبة تطبيق الوثائق الدولية الخاصة بحقوق اإلنسان وهي في إطار‬
‫األمم المتحدة تنقسم إلي نوعين اثنين هما ‪-:‬‬
‫(‪ )1‬اللجان اإلتفاقية‪.‬‬
‫(‪ )2‬اللجان المؤسسية‪.‬‬
‫وسوف نوضح ذلك علي النحو التالي ‪-:‬‬

‫‪229‬‬
‫أوالً – بالنسبة للجان اإلتفاقية ‪-:‬‬
‫فإنها تستمد إسمها من اإلتفاقيات الدولية التي نصت عليها وذلك لمتابعة كيفية تفعيل‬
‫هذه اإلتفاقيات علي أرض الواقع ومنها اللجان اآلتية ‪-:‬‬
‫‪ −‬لجنة حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ −‬لجنة محاربة التعذيب‪.‬‬
‫‪ −‬لجنة القضاء علي التمييز ضد المرأة‪.‬‬
‫‪ −‬لجنة القضاء علي التمييز العنصري‪.‬‬
‫‪ −‬لجنة حقوق الطفل‪.‬‬
‫‪ −‬لجنة حماية العمال المهاجرين وأسرهم‪.‬‬

‫ومن أهم القواعد التي تحكم عمل هذه اللجان أنها تنظر في الوضع الواقعي لحقوق‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلنسان في الدول األطراف في االتفاقية الدولية الخاصة بها‪.‬‬

‫ومن أهم القواعد التي تحكم عمل هذه اللجان ‪-:‬‬


‫• تتكون هذه اللجان من عدد من األعضاء في كل لجنة يتم انتخابهم بطريقة سرية‬
‫علي شروط النزاهة والكفاءة والتخصص في ميدان حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫• تقيم اللجان حوا اًر بينها وبين الدول المعنية بخصوص الحقوق محل الفحص‪.‬‬
‫• تجتمع هذه اللجان عادة مرة أو مرتين في كل عام‪.‬‬
‫• تشكل كل لجنة مجموعة عمل قبل جلساتها لتنظيم وتجهيز العمل لعدم ضياع‬
‫الوقت في بحث تقارير الدول التي يمكن بحثها قبل الجلسة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد أبو الوفا "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان" – دار النهضة العربية ‪ ،‬الطبعة الثانية سنة ‪ ، 2005‬ص ‪ 183‬وما‬ ‫)‪(1‬‬

‫بعدها ‪ ،‬د‪ .‬طارق رخا "قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق" دار النهضة العربية سنة ‪ 2005‬ص ‪.176‬‬
‫‪230‬‬
‫• تقوم هذه اللجان بتفسير نصوص االتفاقيات المعنية بها وإصدار توصيات إلي‬
‫الدول المعنية‪.‬‬
‫• عادة ما يتوقف حق اللجوء إلي اللجنة إلي قبول الدول المعنية‪.‬‬
‫• أال يكون الموضوع المطروو محل بحث في جهاز دولة آخر وقف إلجراءات‬
‫التحقيق والتسوية الدولية‪.‬‬
‫• أن يكون الفرد قد استنفذ طرق الطعن الداخلية كلها طالماً لم تكن طويلة األمد‬
‫بطريقة هالمة وواضحة أو من غير المحتمل أن تعطي الشاكي أو الضحية أمالً‬
‫في تسوية عادلة لموضوعه‪.‬‬

‫ومن أهم األمثلة علي اللجان االتفاقية التي أوردنا بعضها سلفاً هي ‪-:‬‬
‫‪Human Rights Committee‬‬ ‫اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫ولقد اكتسبت هذه اللجنة حقتها االتفاقية من خالل نص المادة (‪ )28‬من العهد الدولي‬
‫للحقوق المدنية والسياسية والتي نصت علي إنشاء هذه اللجنة لتكون وسيلة رقابية تراقب‬
‫تنفيذ أحكام هذا العهد ومدي إلتزام الدول بتجريم إنتهاكات حقوق اإلنسان‪ .‬وهي تتكون‬
‫من (‪ )18‬عضواً من ذوي الخبرة في مجال حقوق اإلنسان ويتم انتخابهم من أطراف‬
‫اإلتفاقية لمدة ‪ 4‬سنوات من بين مواطني هذه الدول‪ .‬ولقد عقدت أول لجنة دورتها األولي‬
‫عام ‪ 1977‬ووضعت الئحتها الداخلية ونظام ق ارراتها وأسلوب المراقبة وصفة وشكل‬
‫التقارير التي يجب علي الدول األطراف تقديمها ومحتوي هذه التقارير ومدد تقديمها‪.‬‬
‫حيث تطلبت اللجنة أن يقدم التقرير كل خمس سنوات وأن يتضمن جزأين األول عام‬
‫ويعالج النظام القانوني للدول والذي من خالله يتم حماية حقوق اإلنسان حيث يجب‬
‫توضيح ما إذا كانت الحقوق المنصوص عليها في العهد متضمنة في الدستور من عدمه‬
‫أو متضمنة في وثائق أخري غير الدستور‪ .‬وما إذا كان يمكن التحلل منها في هروف‬
‫الطوارن أوال ‪ .‬وما إذا كانت نصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تطبق‬

‫‪231‬‬
‫تلقائياً داخل الدولة من عدمه‪ .‬وما إذا كان يمكن االجتماع بها من عدمه أمام جميع‬
‫السلطات اإلدارية والمحاكم أم أن األمر يحتاج إلي تدخل تشريعي يتم ضم هذه النصوص‬
‫في تشريع داخلي نافذ ‪ ،‬كما يجب أن يتضمن التقرير في جزئه األول ماهية السلطات‬
‫القضائية واإلدارية والتنفيذية ذات االختصاص في قضائيا حقوق اإلنسان وماهية الطرق‬
‫التي يسلكها اإلنسان الذي يدعي أن هناك انتهاكاً لحق من حقوقه الواردة في العهد‪.‬‬

‫وأما الجزء الثاني من التقرير فقد أوجبت اللجنة أن يتضمن بيانات تفصيلية عن الحقوق‬
‫المدنية والسياسية داخل الدولة بالتفصيل كما تضمنها العهد مثل القوانين واألوامر اإلدارية‬
‫في مجال اإللتزام باحترام الحقوق الواردة في العهد والقيود والحدود التي تقف عقبة في‬
‫طريق إعمال هذه الحقوق حتي ولو كانت قيوداً مؤقتة والمصاعب التي تري الدولة أنها‬
‫ال تستطيع أن تذللها في طريق حق من الحقوق التي تضمنها العهد كما يجب أن يتضمن‬
‫الجزء الثاني من التقرير أيضا أي تقدم يحرز في مجال إحترام حقوق اإلنسان ويرفق مع‬
‫التقرير النصوص الداخلية المعنية بحقوق اإلنسان وكل معلومات إضافية ترسل آجالً‬
‫لدي نظر هذه التقارير‪ .‬وتقوم الدول بإرسال هذه التقارير إلي األمين العام لألمم المتحدة‬
‫والذي يحيلها إلي اللجان واألجهزة المعنية ببحث وفحص هذه التقارير مثل المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي ولجنة القضاء علي التمييز العنصري ولجنة حقوق اإلنسان‬
‫والتي تقوم ببحث ما جاء في هذه التقارير وإبداء مالحظاتها وتقوم هذه اللجان أثناء‬
‫مناقشة هذه التقارير بمحاورة مندوبي هذه الدول بشأن المعايير التي اتبعتها نحو تطبيق‬
‫هذه االتفاقية والصعوبات التي تواجهها واقتراو الحلول(‪.)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد محمد الفار – المرجع السابق ص ‪ 424‬وما بعدها ‪ ،‬السفير عمران الشافعي "العهد الدولي للحقوق‬ ‫)‪(1‬‬

‫المدنية والسياسية بين النظرية والتطبيق" حقوق اإلنسان الجزء األول – مجموعة دراسات ‪ ،‬الناشر دار العلم للماليين –‬
‫بيروت الطبعة األولي يونيه ‪ 1989‬ص ‪ ، 97‬د‪ .‬صالح الدين عامر "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان" نظرة عامة ‪ .‬مقال‬
‫منشور في مجلة القانون واالقتصاد ‪ .‬عدد خاص ‪ ،‬تقرير اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان ‪ ،‬الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫"الولائق الرسمية ‪ .‬الندوة الثانية واألربعون ‪ ،‬الملحق رقم ‪ 40‬األمم المتحدة _ نيويورك سنة ‪ 1994‬ص ‪.46 – 42‬‬
‫‪232‬‬
‫وللجنة بخصوص التقارير إمكانيات ومهام من أهمها ما يلي ‪-:‬‬
‫دراسة التقارير التي قدمتها الدول األطراف بخصوص التدابير التي اتخذتها لوضع العهد‬
‫الدولي موضع التنفيذ‪ .‬وتلقي الشكاوي من أي دولة ضد دولة أخري طرف العهد لعدم‬
‫اإلعمال الفعلي لما ورد في العهد شريطة الموافقة المسبقة من كلتا الدولتين علي‬
‫اختصاص اللجنة في هذا السياق وتمارس اللجنة مهامها في تسوية هذا الخالف ويمكنها‬
‫تشكيل لجنة توفيق ومساعي حميدة بغية الوصول إلي حل ودي في طريقة احترام حقوق‬
‫اإلنسان كما تختص اللجنة بتلقي شكاوي األفراد ضد ولهم عند انتهاك هذه الدول‬
‫لإللتزامات التي إلتزمت بها بموجب العهد الدولي شريطة أن تكون هذه الدول قد انضمت‬
‫إلي البروتوكول االختياري الملحق بالعهد والذي يعطي األفراد هذا الحق ويمنح اللجنة‬
‫هذا االختصاص‪.‬‬
‫ويتم بحث هذه الشكاوي في حضور الشاكي أو من ينوب عنه وممثل الدولة المشكو‬
‫فيها ثم تعلن اللجنة رأيها في وقوع االنتهاك من عدمه وتنشر تقريرها في هذا الخصوص‬
‫ويشترط في الشكوي اآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬تقديم الشكوي من المتضرر أو من وكيل عنه محام أو عن طريق أحد أقاربه‬
‫إذا لم يتمكن من اإلبال شخصياً‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب أن يكون البال متعلقاً بفرد أو أفرادها خاضعين لوالية الدولة التي يقدم‬
‫ضدها البال ‪.‬‬
‫قد وقع بعد دخول الدولة في البروتوكول‬ ‫‪ -3‬أن يكون االنتهاك محل البال‬
‫االختياري المتضمن هذا االختصاص أو أن تكون ممارساته ال تزال مستمرة أو‬
‫آثاره ال تزال تمثل انتهاكاً حاض اًر ‪ .‬وهذا إن كان قد بدأ وقوع اإلنتهاك في تاريخ‬
‫سابق علي البروتوكول‪.‬‬
‫‪ -4‬ضرورة استنفاذ الشاكي جميع وسائل التقاضي الداخلية في طريق إنصافه ثم‬
‫استغلقت في وجهه كل وجوه الطعن إال إذا اتضح أن اللجوء إلي الجهات‬

‫‪233‬‬
‫الوطنية لن يؤدي إلي جبر الشاكي أو إذا كان إنصاف الشاكي داخلياً سوف‬
‫يستغرق زمناً طويالً طوالً غير مقبول وغير معقول‪.‬‬
‫‪ -5‬أال يكون موضوع الشكوي معروضاً علي المستوي الدولي أمام أي جهة أخري‬
‫سواء عالمية أو إقليمية(‪.)1‬‬
‫ولقد بحث اللجنة العديد من شكاوي األفراد في دورات إنعقادها في نيويورك وجنيف‬
‫وأقرت عديداً من المبادن القانونية بخصوص العدل واإلنصاف وتسهيل قبول شكاوي‬
‫األفراد إذا كانت الدولة المشكو فيها قد دأبت علي اإلنتهاك‪.‬‬
‫ولقد أوضح أحد أعضاء هذه اللجنة تقييماً لعمل اللجنة في هذا الصدد فقال ‪-:‬‬
‫(أستطيع القول من واقع عضويتي في اللجنة وتجربتي بأن جو الحوار هل بناءاً‬
‫وموضوعياً حتي في أصعب المواقف التي واجهتها اللجنة ‪ ،‬وال يخفي في هذا الصدد‬
‫األوضاع المتباينة بين الدول األطراف من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية تستند‬
‫غلي حضارات وخلفيات تاريخية وتقاليد متباينة أفرزت أنظمة حكم وأنظمة قانونية مختلفة‬
‫ناهيك عن التباين في مدي احترام الدساتير والقوانين القائمة عند التطبيق‪ .‬إال أن‬
‫ا لصعوبة الحقيقية التي تواجهها اللجنة هي إخفاق عدد ليس بقليل من الدول األطراف‬
‫في تقديم ليس فقط تقاريرها الدورية الثانية والثالثة بل التقارير المبدئية رغم كل التذكرات‬
‫التي قامت بها سكرتارية اللجنة(‪))1‬‬
‫ورغم أن اللجنة ال تصدر أحكام قضائية وال ق اررات نافذة علي الدول األعضاء بل إن‬
‫كل ما تملكه هو إبداء النصح والتوجيه نحو تطبيق بنود اإلتفاقية ومع ذلك فإن ذلك ال‬
‫يفعل من دورها الرقابي السيما انتقال أعضائها إلي موقع البال لدي الدولة المشكو فيها‬

‫د‪ .‬عبد الواحد محمد الفار المرجع السابق ص ‪ ، 430‬د‪ .‬طارق رخا "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص ‪.191‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫هذا العضننو هو السننفير عمران الشننافعي رحمه هللا تعالي وهو من الدبلوماسننيين المصننريين المعروفين‪ .‬ولقد نشننر سننيادته‬ ‫)‪(1‬‬

‫علي في إعداد رسنننننالتي‬


‫هذه الدراسنننننة المنوه عنها في المرجع السنننننابق ص ‪ .98‬ومن الجدير بالذكر أنه كان صننننناحب فضنننننل ّ‬
‫علي من تجاربه العملية وتقارير اللجنة ومالحظاته ما ألري البحث والباحث‬ ‫الدكتوراة من خالل مناقشنننات ومقابالت وقد أفاض ّ‬
‫وجعل هللا جهده معي وحسن صنيعه في ميزان حسناته‪.‬‬
‫‪234‬‬
‫ورؤية اإلنتهاكات مباشرة والتحقيق علي الطبيعة فضالً عن أن تنشر رؤيتها في تقريرها‬
‫السنوي الذي ترفعه إلي الجمعية العامة لألمم المتحدة تعريض لسمعة الدولة المنتهكة‬
‫لحقوق اإلنسان عالمياً وفي ذلك ضغط أدبي كبير أمام الرأي العام العالمي‪.‬‬
‫ثم أن فضح هذه اإلنتهاكات من اللجنة بما لها من ثقل دولي يعتبر في حد ذاته عقاباً‬
‫معنوياً يجعل الدول تقلع عن االنتهاك وتحاول اإلصالو وتنافس غيرها في احترام حقوق‬
‫اإلنسان لتتفادي السقوط في وهت اهتزاز سمعتها وهو في ذاته يعتبر عقاباً في عرف‬
‫القانون الدولي‪.‬‬

‫ثانيا ً – اللجان المؤسسية ‪-:‬‬


‫سميت هذه اللجان مؤسسية ألن الذي ينشئوها قرار أحد مؤسسات (أجهزة) األمم المتحدة‬
‫وفقاً للمادة ‪ 22‬من ميثاقها والتي تعطي الجمعية العامة لألمم المتحدة الحق في إنشاء‬
‫أجهزة فرعية تساعدها في ممارسة وهائفها‪.‬‬
‫ولقد أعملت الجمعية هذا االختصاص وأنشأت عدة لجان منها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬اللجنة الخاصة باإلرهاب الدولي‪.‬‬
‫‪ -2‬لجنة مكافحة الفصل العنصري‪.‬‬
‫‪ -3‬لجنة تطبيق إعالن منح االستقالل للبلدان والشعوب المستعمرة‪.‬‬
‫كما أنشأ المجلس االقتصادي واالجتماعي (أحد فروك األمم المتحدة)‬
‫عدة لجان منها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬لجنة حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -2‬اللجنة الخاصة بوضع المرأة‪.‬‬
‫‪ -3‬لجنة الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬
‫‪ -4‬اللجنة الفرعية لمكافحة اإلجراءات التمييزية وحماية األقليات‪.‬‬

‫‪235‬‬
‫وسوف نتعرض للجنة حقوق اإلنسان كمثل لهذه اللجان المؤسسية‪)1( -:‬‬
‫وتعد هذه اللجنة (لجنة حقوق اإلنسان) من أهم األجهزة التي أنشأها المجلس االقتصادي‬
‫واالجتماعي نظ اًر لما تقوم به من دور هام في تقديم االقتراحات والتوصيات إلي المجلس‬
‫في كل ما يتعلق بحقوق اإلنسان ووقف انتهاكات هذه الحقوق ومن ثم فهي تعتبر آلية‬
‫رقابية رسمية لألمم المتحدة في مراقبة الدول األعضاء في مدي احترامهم لحقوق اإلنسان‬
‫التي تضمنها الميثاق واإلعالن العالمي‪ .‬ولقد كان إنشاء هذه اللجنة بمقتض المادة ‪68‬‬
‫من الميثاق الذي أعطي المجلس االقتصادي واالجتماعي الحق في إنشاءها‪ .‬وتتشكل‬
‫هذه اللجنة من ممثلي ثالثة وأربعين دولة ويجتمع أعضاءها في دورة سنوية لمدة ستة‬
‫أسابيع في مقرها بجنيف ويمكن أن يحضر اجتماعاتها مراقبون من غير األعضاء‬
‫وكذلك ممثلي المنظمات غير الحكومية ذات الصفة االستشارية وتدار أعمال لجنة حقوق‬
‫اإلنسان وفق النظام المعمول به في اللجان الفنية التابعة للمجلس االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪ .‬وهي تستعين بمجموعات عمل من بين أعضائها الذين يفندون التقارير‬
‫وكذلك اللجنة الفرعية التي تنبثق عنها والمقررين الخاصين المعنيين بذلك ولقد اقترحت‬
‫هذه اللجنة إنشاء آلية طوارن تابعة لها من أجل حماية حقوق اإلنسان حتي تضمن‬
‫سرعة االستجابة والفورية في حل المشكالت ووقف االنتهاكات ويحق لكل مجموعة‬
‫إقليمية ترشيح قائمة من الخبراء المستقلين يعملون بصفتهم الشخصية ويحتف األمين‬
‫العام لألمم المتحدة بهذه القائمة بشرط كونهم من المتمرسين في مجاالت حقوق اإلنسان‬
‫ويظل الخبير لمدة ثالث سنوات في القائمة ما لم يتقاعد أو يستقيل ويمكن إعادة ترشيحه‬
‫من مجموعته اإلقليمية إلعادة تعيينه‪ .‬ويجوز ألي دولة عضو في األمم المتحدة أن‬
‫تطلب تحريك آلية الطوارن التابعة للجنة حقوق اإلنسان طالما هناك إنتهاك جسيم لحقوق‬
‫اإلنسان ويطلب األمين العام رأي حكومة البلد محل اإلنتهاك علي أن تقدم اآلراء خالل‬

‫د‪ .‬الشنافعي محمد بشنير "قانون حقوق اإلنسنان" المرجع السنابق ص ‪ ، 256‬د‪ .‬محمد السنعيد الدقاق "حقوق اإلنسنان في‬ ‫)‪(1‬‬

‫إطار األمم المتحدة" مجموعة األبحاث التي ألقيت في معهد سننننننيراكوزا – إيطاليا ‪ .‬المرجع السننننننابق المجلد الثاني ص‪ ، 62‬د‪.‬‬
‫عبد الواحد محمد الفار "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص ‪.428‬‬
‫‪236‬‬
‫أسبوع واحد من طلب األمين العام ثم يقوم األمين العام بإرسال الطلب مشفوعاً بالتعليقات‬
‫التي قد ترغب الحكومة المعنية في تقديمها إلي الدول األعضاء في اللجنة إلبداء آرائها‬
‫بشأن تحريك آلية الطوارن من عدمه ويجب أن ترد هذه الدولة خالل أسبوع من تاريخ‬
‫اإلرسال فإذا كان الرد إيجابياً بخصوص آلية الطوارن أمر األمين العام بتكوين فريق‬
‫من خمسة خبراء من القائمة التي يحتف بها األمين العام (وفق التوزيع الجغرافي العادل)‬
‫من ذوي الخبرة في الواقعة محل التحقيق ويقوم فريق الخبراء بإيجاز عمله من خالل‬
‫المعلومات واالستنتاجات والتوصيات من خالل آليات المجلس االقتصادي االجتماعي‬
‫ولجنة حقوق اإلنسان وذلك في سرية تامة وسرعة تناسب األمل في وقف االنتهاكات‬
‫ونجدة الضحايا‪ .‬ويقوم األمين العام بإرسال هذا التقرير مشفوعاً بأية مالحظات أو‬
‫تعليقات أو معلومات من الدول المعنية إلي جميع الدول فو اًر والمقررين الخاصين وجميع‬
‫الفرق العاملة ذات الصلة باإلنتهاك ثم يمكن عقد إجتماع طارن للجنة حقوق اإلنسان‬
‫بعد إتصال األمين العام بالدول أعضاء لجنة حقوق اإلنسان وموافقتها وفقاً لقرار المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي رقم ‪ 48 / 1990‬الصادر في ‪ .1990/5/15‬وإذا لم تكتمل‬
‫أغلبية الدول أعضاء لجنة حقوق اإلنسان في عقد االجتماعي االستثنائي فغن األمين‬
‫العام يحيل التقرير إلي الجمعية العامة أو االجتماع العادي للجنة حقوق اإلنسان أيهما‬
‫أقرب‪ .‬كما تقوم لجنة حقوق اإلنسان بدراسة ومناقشة تقارير لجنة مناهضة التعذيب‬
‫التابعة لألمم المتحدة عند وضع اتف اقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة‬
‫القاسية أو العقوبة القاسية أو غير اإلنسانية أو الحاطة بالكرامة اآلدمية وترسل تقاريرها‬
‫إلي الدول األطراف إلعمال مالحظاتها‪ .‬وفي هذا الصدد فقد أوصت لجنة حقوق اإلنسان‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة بأن تعتبر يوم ‪ 26‬يناير هو اليوم العالمي لدعم ومساندة‬
‫ضحايا التعذيب‪ .‬كما تقوم اللجنة بدراسة التقارير الواردة إليها من اللجنة المعنية بحقوق‬

‫‪237‬‬
‫اإلنسان المنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عن مدي تطبيق الدول‬
‫األطراف في االتفاقية لحقوق اإلنسان(‪.)1‬‬
‫ب‪ -‬التحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫تحقق أجهزة األمم في انتهاكات حقوق اإلنسان عن طريق مجموعات العمل أو البعثات‬
‫الخاصة أو تكليف فرد معين تحت مسمي نظام المقرر الخاص وفي كل األحوال يجب‬
‫إعداد تقرير عن االنتهاكات من خالل اإلتصال بالحكومات المعنية والزيارات الميدانية‬
‫وجميع البيانات وتقصي الحقائق من أجل إنهاء االنتهاكات أو وقفها ولقد حدث ذلك‬
‫بالفعل في العديد من الدول ربما أشهرها حديثاً فلسطين في االعتداء اإلسرائيلي علي‬
‫غزة نهاية عام ‪ .2008‬كما قررت لجنة حقوق اإلنسان مواجهة انتهاكات حقوق اإلنسان‬
‫بجعل المقرر الخاص أو مجموعة العمل متخصصة في موضوع ما مثل المقرر الخاص‬
‫بعدم التسامح الديني والمقرر الخاص ببيع األطفال والمقرر الخاص بالصحة الجسدية‬
‫والعقلية والمقرر الخاص بالحق في الغذاء(‪.)1‬‬

‫جن‪ -‬إرسال تقارير بخصوص حقوق اإلنسان إلي اللجان المختصة ‪-:‬‬
‫تضمنت كافة االتفاقيات الدولية في مجال حقوق اإلنسان نصوصاً حول الرقابة علي‬
‫حسن وفاعلية تطبيق هذه النصوص في الدول األطراف وقد كانت التقارير أهم وسيلة‬
‫في هذا المجال حيث تقوم كل دولة طرف بإرسال تقارير عن التزاماتها ومدي الوفاء بها‬
‫(‪)2‬‬
‫ثم تطلع اللجان هذه التقارير ومدي مصداقيتها وتعد تقارير سنوية حول مجال نشاطها‬
‫مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق االقتصادية‬
‫واالجتماعية والثقافية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغير‬

‫د‪ .‬طارق عزت رخا ‪ .‬المرجع السابق ص ‪.183 – 180‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫د‪ .‬أحمد أبو الوفا "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان" المرجع السابق ص ‪.195‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬عبد الواحد محمد الفار "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص ‪ ، .424‬د‪ .‬حسن سعد سند المرجع السابق ص‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ – 170‬ص ‪.197‬‬
‫‪238‬‬
‫اإلنسانية والحاطة بالكرامة واالتفاقية الدولية للقضاء علي كافة أشكال التمييز العنصري‬
‫واالتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري واتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز‬
‫ضد المرأة‪ .‬وتلتزم الدول األطراف بتقديم هذه التقارير حول مدي التقدم الذي أنجزته في‬
‫مجال اال تفاقية المراد إرسال التقرير بشأنها ثم ترسل الدول هذه التقارير إلي األمين العام‬
‫لألمم المتحدة الذي يحيلها إلي األجهزة واللجان المختصة‪ .‬التي تقوم ببحث هذه التقارير‬
‫وتدوين مالحظاتها عليها ومناقشة ذلك مع ممثلي الدول المعنية ومحاولة إيجاد حلول‬
‫للعقبات في طريق إعمال أحكام االتفاقية‪.‬‬

‫‪239‬‬
‫ء‪ -‬إنشاء وظيفة المندوب السامي لحقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫أصدرت الجمعية العامة لألمم المتحدة قرارها رقم ‪ 141/48‬في عام ‪ 1993‬بإنشاء‬
‫وهيفة المندوب السامي كتعزيز وحماية حقوق اإلنسان وذلك بناء علي توصية المؤتمر‬
‫العالمي لحقوق اإلنسان في فينا سنة ‪ 1933‬وهي وهيفة بدرجة سكرتير عام مساعد‬
‫ويقوم األمين العام بتعيينه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة ‪ .‬ومن أهم‬
‫مايلي ‪-:‬‬ ‫اختصاصات هذا المندوب السامي‬
‫• تعزيز وحماية التمتع الفعلي بكل الحقوق السياسية والمدنية والثقافية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫• تنفيذ كل المهام التي يعهد بها إليه من قبل األجهزة المختصة في األمم المتحدة‪.‬‬
‫• تعزيز وحماية الحق في التنمية‪.‬‬
‫• تنسيق برامج األمم المتحدة في مجال التعليم والمعلومات العامة في مجال حقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬
‫• المساهمة بدور فعال في إزالة العقبات ومواجهة تحديات اإلنجاز الكامل لحقوق‬
‫اإلنسان ومنع استمرار انتهاكات حقوق اإلنسان في العالم‪.‬‬
‫• الدخول في حوار مع كافة الحكومات من اجل ضمان إحترام حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫• تقوية وتعزيز آليات األمم المتحدة في مجاالت حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫• اإلشراف علي مركز حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫• إرسال تقرير سنوي إلي لجنة حقوق اإلنسان ‪ ،‬وإلي الجمعية العامة لألمم المتحدة‬
‫من خالل المجلس االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫• تنفيذ وإنجاز كافة المهام التي يعهد بها إليه من قبل األجهزة المختصة األمم‬
‫المتحدة‪.‬‬

‫هن‪ -‬حماية حقوق اإلنسان من خالل قوات حفظ السالم ‪-:‬‬


‫‪240‬‬
‫كان هناك دو اًر تقليدياً لقوات حف السالم – وال يزال – وهو في إطار األمم المتحدة‪.‬‬
‫مثل مراقبة وقف إطالق النار أو الفصل بين القوات أو مراقبة تطبيق الهدنة إال أن هناك‬
‫دو اًر جديداً بدأت تلعبه هذه القوات في إطار حف السالم بالمعني األوسع وهو حماية‬
‫حقوق اإلنسان وكفالة وضمان احترامها وعدم انتهاكها السيما في أماكن النزاعات‬
‫المسلحة مثلما حدث في البوسنة والهرسك في البلقان ومثلما حدث في رواندا وبوروندي‬
‫في أفريقيا في العقد األخير من القرن الماضي‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫آليات مقاومة انتهاك حقوق اإلنسان علي المستوي اإلقليمي‬

‫تعمل أجهزة االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان واإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان علي‬
‫ضمان حماية حقوق اإلنسان وإثبات المسئولية ضد من ينتهك هذه الحقوق فضالً عن‬
‫أن هناك آليات أضعف علي المستوي األفريقي والعربي وسوف نوضح ذلك في المطالب‬
‫اآلتية ‪-:‬‬

‫المطلب األول‬
‫أجهزة االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‬
‫عرضنا فيما سبق ألجهزة االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان وهي اللجنة األوروبية لحقوق‬
‫وتمارس هذه‬ ‫اإلنسان ولجنة وزراء مجلس أوروبا والمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان‬
‫(‪)1‬‬

‫األجهزة الثالثة دو اًر حيوياً في مجال حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية بصفة‬
‫خاصة حيث تتولي اللجنة األوروبية مراقبة حسن تطبيق أحكام االتفاقية من جانب الدول‬
‫األطراف ومراقبة احترام التشريعات الوطنية في الدول األطراف ألحكام االتفاقية ومراقبة‬
‫احترام المحاكم الوطنية للدول األطراف ألحكام االتفاقية حيث تباشر اللجنة وهائفها عن‬
‫طريق ما يقدم لها من طعون سواء كانت طعون تقدم من الدول ويطلق عليها‬
‫‪ ، Recourse etatiques‬وطعون يقدمها األفراد ويطلق عليها ‪Recourse‬‬
‫‪ individuals‬والطعون الخاصة بالدول ال يشترط فيها أن يكون المجني عليه من أفراد‬
‫الشاكية بل ال يشترط فيه أن يحمل أي جنسية لدول مجلس أوروبا‪.‬‬

‫انظر ما سبق‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪242‬‬
‫أما بالنسبة للطعون الفردية فإنه ما دامت قد أعلنت قبولها اختصاص اللجنة األوروبية‬
‫فلكل فرد أو هيئة غير حكومية أو جماعة حق الشكوي وال يشترط في مقدم الشكوي أن‬
‫يكون من رعايا الدولة المشكو فيها أو حتي من رعايا دولة طرف في االتفاقية ‪ ،‬وال‬
‫يشترط كذلك أن يكون من رعايا دول مجلس أوروبا حيث أنه ما دام استوفي طرق الطعن‬
‫الداخلية ولم يصل إلي حقه بات له الحق في االحتماء بالقانون الدولي في هل التنظيم‬
‫الدولي اإلقليمي ‪ ،‬وللشكوي ذات الشروط التي أوضحناها من قبل – وهي معلومية‬
‫الشاكي وجدية موضوع الشكوي وخضوع الموضوع محل الشكوي ألحكام االتفاقية وعدم‬
‫وتفصل اللجنة في الشكوي عند قبولها حيث تمارس السؤال والتحقيق‬ ‫(‪)1‬‬
‫كيدية الشكوي‬
‫فيها ‪ ..‬فإن وصلت إلي حل في النزاع رفعت ذلك في تقرير إلي الدول المعنية ولجنة‬
‫الوزراء وسكرتير عام مجلس أوروبا‪ .‬وان فشلت في تسوية النزاع وديا – فإنها تضع‬
‫تقري اًر تثبت فيه رأيها فإن مضت ثالثة أشهر من ترايخ إرسال هذا التقرير إلي لجنة‬
‫الوزراء دون رد عرض األمر علي المحكمة األوروبية في صورة دعوي تنظرها‬
‫المحكمة(‪.)2‬‬
‫أما لجنة الوزراء فهي تمارس اختصاصها من خالل نوعين من السلطة ‪-:‬‬
‫سلطة إصدار قرار ‪ ،‬وسلطة مراقبة وتنفيذ األحكام‪ .‬فبالنسبة لسلطة إصدار القرار فإن‬
‫لها الحق خالل ثالثة أشهر من تاريخ إحالة التقرير إليها من اللجنة األوروبية أن تصدر‬
‫ق ار اًر في موضوع الدعوي ويكون قرارها ملزماً في هذه الحالة‪ .‬أما سلطة مراقبة تنفيذ‬
‫األحكام – فيه خ اصة بتنفيذ األحكام الصادرة من المحكمة األوروبية‪ ..‬فإن تقاعست‬
‫الدولة المعنية بتنفيذ الحكم عن التنفيذ فإن لجنة الوزراء تدرج هذا في جدول اعمالها‬

‫انظر ما سبق وانظر في تفصيل ذلك دكتور خير الدين عبد اللطيف المرجع السابق ص ‪ 153‬وما بعدها‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عزت البرعي المرجع السابق ص ‪ 59‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬بد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان"‬ ‫(‪)2‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ 30‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم العناني "دراسة حول االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان" ضمن األبحاث‬
‫المشار إليها سلفاً المرجع السابق ص ‪.367‬‬
‫‪243‬‬
‫التخاذ ما تراه بشأن تنفيذ هذا الحكم‪ .‬فإن رفضت الدولة المعنية تنفيذ هذا الحكم فإن‬
‫اللجنة توقف عضويتها في المجلس األوروبي‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمحكمة األوربية لحقوق اإلنسان فلها اختصاص قضائي ‪ ،‬وهو اختصاص‬
‫عام وشامل لكل ما يتعلق بتفسير أحكام االتفاقية عن طريق تقديم المعلومات والمبادن‬
‫القانونية فيما يعرض من مسائل قانونية تتعلق بتفسير أحكام االتفاقية(‪.)1‬‬
‫وبعد هذا العرض ألجهزة االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان واختصاص كل جهاز ‪..‬‬
‫فإننا سوف نتعرض لمدي ما حظي به الحق في السالمة الجسدية من اهتماو هذه‬
‫األجهزة ال سيما اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان من خالل آرائها ذات األثر العظيم في‬
‫تعميق احترام الدول لحق إلنسان في السالمة الجسدية ‪ ..‬فاالتفاقية األوروبية تكفل لكل‬
‫إنسان الحق في سالمة شخصيته الجسمانية بالنص علي أنه و ال يجوز تعريض أي‬
‫إنسان للتعذيب وال للعقوبات أو المعامالت الوحشية أو الحاطة بالكرامةو وال ترد علي‬
‫هذه المادة أي استثناءات ‪ ،‬وال يجوز مخالفتها أو وقف تطبيقها أيا كانت هروف الدول‪.‬‬
‫وقد طبقت هذه اللجنة بمناسبة ما عرض عليها من موضوعات وما أوضحت من تقارير‬
‫‪ ..‬ومن هذه األمثلة ما يلي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬القضية اليونانية ‪-:‬‬
‫حيث وردت شكوي إلي اللجنة من جانب حكومات (الدانمارك والنرويج والسويد وهولندا)‬
‫في سبتمبر سنة ‪ 1967‬ضد مراسات الحكومة اليونانية ومخالفتها الصارخة ألحكام‬
‫االتفاقية األوروبية ‪ ،‬كما وردت إلي اللجنة سنة ‪ 1968‬ادعاءات ضد اليونان بتعريض‬
‫المواطنين ممن يحقق معهم للتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة(‪ ..)2‬وعلي ضوء هذه‬
‫االدعاءات ورد تقرير اللجنة األوروبية في مخالفات اليونان لالتفاقية األوروبية لحقوق‬

‫انظر د‪ .‬عادل بد العزيز حمزة (الضمانات الدولية لحقوق اإلنسان) المرجع السابق ص ‪ ، 355‬د‪ .‬عبد الواحد الفار (قانون‬ ‫(‪)1‬‬

‫حقوق اإلنسان) المرجع السابق ص ‪ 444‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر ‪Amnesty international Report of torture, 1975, pp. 35 – 36. -:‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪244‬‬
‫اإلنسان حيث كان نموذجاً لتطبيق المادة (‪ )3‬المشار إليها سلفاً والخاصة بحماية الحق‬
‫في السالمة الجسدية ‪ ..‬إذ فسرت اللجنة المادة (‪ )3‬علي النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫] من الواضح أن هناك انواعاً من المعاملة تنطبق عليها كافة األوصاف الواردة في‬
‫المادة (‪ )3‬وتغطي المعاملة الوحشية علي األقل تلك المعاملة التي تسبب عمداً أو عن‬
‫قصد – معاناة قاسية شديدة ‪ Sevene Suffering‬عقلية او جسمانية وليس لها ما‬
‫يبررها – أما كلمة تعذيب ‪ Torture‬فإنها غالباً ما تستخدم بوصف المعاملة الوحشية‬
‫التي يكون هدفها انتزاع المعلومات أو إجبار شخص علي االعتراف أو توقيع العقاب‬
‫وهي بصفة عامة صورة متفاقمة من صور المعاملة وامتهنته أمام اآلخرين أو دفعته ألن‬
‫يتصرف رغماً عن إرادته أو ضميره(‪.)1‬‬
‫وقد انتهت اللجنة إلي ان هناك انتهاكاً صارخاً لحق اإلنسان في السالمة الجسدية‬
‫وبالتالي فهو انتهاك لنص المادة (‪ )3‬سالفة الذكر‪ .‬وقد تغاضت اللجنة بخصوص قبول‬
‫الشكوي عن شرط استنفاذ الطرق الداخلية في الطعن وذلك ألن اللجنة انتهت إلي أن‬
‫الجهاز اإلداري داخل الدولة هو الذي يهيمن علي هذه االنتهاكات وينظمها وهو امر‬
‫أشد خطورة من مسألة وجود مخالفات فردية بسيطة من بعض الموهفين أثناء أداء‬
‫وهائفهم ‪ ..‬وقد أصدرت لجنة الوزراء قرارها في ‪ 197/4/15‬بمخالفة اليونان للمواد ‪3‬‬
‫‪ 14 ، 13 ، 11 ، 10 ، 9 ، 8 ، 6 ، 5 ،‬من االتفاقية والمادة‬

‫انظر المرجع السابق ذات الموضوك د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف محمد "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ودورها في حماية‬ ‫(‪)1‬‬

‫الحقوق والحريات األساسية لألفراد والجماعات – الهيئة المصرية العامة للكتب سنة ‪ 1991‬ص ‪ 233‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬محمد‬
‫مصطفي يونس معاملة المسجونين في ضوء مبادئ القانون الدولي العام – المرجع السابق ص ‪ 270‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫(‪ )3‬من البروتوكول األوروبي‪.‬‬
‫وإذا كانت هناك ثمة مالحظة علي تفسير اللجنة وتحليلها للمادة (‪ )3‬الخاصة بحماية‬
‫حق اإلنسان في السالمة الجسدية فإن ثمة أمر خطير في هذا التحليل وهو تبرير اللجنة‬
‫ممارسة األعمال الوحشية في هروف خاصة ‪ ..‬وهو تحليل يعوزه الصواب ‪ ..‬ذلك أن‬
‫التعذيب ‪ ،‬والمعاملة الوحشية ال يمكن تبريرهما تحت أي هروف ‪ ..‬والقول بغير ذلك‬
‫يعصف بالحق بالسالمة الجسدية تحت مظلة والظروف االستثنائية التي تمر بها بعض‬
‫الدولو‪.‬‬
‫كما ان المادة (‪ )3‬ال يجوز مخالفتها طبقاً للمادة (‪ )15‬من االتفاقية سواء في حالة‬
‫الخطر العام أو الحرب‪.‬‬

‫ب‪ -‬القضية األيرلندية ‪-:‬‬


‫هلت القضية األيرلندية أمام اللجنة قرابة ثماني سنوات ‪ ..‬حيث قدمت أيرلندا الشكوي‬
‫ضد بريطانيا سنة ‪ 1971‬ولم تصدر المحكمة األوروبية فيها حكماً إال في يناير ‪1978‬‬
‫‪ .‬وأهم ما جاء بالشكوي – ويتعلق بحق اإلنسان في السالمة الجسدية – هو ادعاءات‬
‫أيرلندا بتعذيب قوات األمن البريطانية للمحتجزين المشتبه في عضويتهم للجي‬
‫الجمهوري األيرلندي واستخدام قوات األمن البريطانية أساليب وحشية في استجواب‬
‫المحتجزين ‪ ،‬وأن كل أساليب التحقيق والقبض تخالف نص المادة (‪ )3‬من االتفاقية‬
‫األوروبية وقد طلبت الحكومة األيرلندية الحصول علي ترضية مناسبة ‪ ،‬وأن تقوم بريطانيا‬
‫بمحاكمة المسئولين عن هذه االنتهاكات بدءاً من رئيس الوزراء ‪ ،‬ورغم إقرار بريطانيا‬
‫بتقصيرها واعترافها بخطئها وتعهدها بوقف كافة وسائل التعذيب وتعويض المضارين‬
‫مادياً ‪..‬‬
‫إال أن الحكومة األيرلندية أصرت علي صدور حكم من المحكمة األوروبية في هذه‬
‫الدعوي وقد انتهت المحكمة إلي إدانة بريطانيا في ارتكاب المعاملة الوحشية الحاطة‬

‫‪246‬‬
‫بالكرامة دون التعذيب وهو ما أسمته بأسلوب الحرمان الحسي ‪sensory :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ومن الواضح أن اللجنة‬ ‫‪ deprivation‬وهو ما يخالف نص المادة (‪ )3‬من االتفاقية‬
‫في قضية أيرلندا الشمالية انتهت إلي استبعاد أي استثناء من حظر التعذيب أو المعاملة‬
‫القاسية أو الحاطة بالكرامة ‪ ..‬وأنه ال يمكن تبرير هذه الممارسات تحت أي هرف‪.‬‬
‫وقد أشار تقرير اللجنة إلي أساليب انتهاك الحق في السالمة الجسدية ‪ ،‬ومخالفة نص‬
‫المادة (‪ )3‬والتي يختلط فيها التعذيب بالمعاملة القاسية ‪ ..‬كاإلبقاء مدة طويلة وقوفاً في‬
‫مواجهة الحائط ووضع عصابة علي العينين ‪ ،‬والتعرض ألصوات مزعجة ‪ ،‬وتحريم‬
‫النوم ‪ ،‬والحرمان من الطعام والشراب(‪ ... )2‬وقد رفضت المحكمة األوروبية تبرير بريطانيا‬
‫لهذه ألعمال بوجود هروف استثنائية ‪ ..‬وقد وردت عدة شكاوي فردية بخصوص انتهاك‬
‫الدولة للمادة (‪ ) 3‬وانتهاك الحق في السالمة الجسدية السيما أولئك المسجونين والمعتقلين‬
‫الذين وضعت اللجنة األوروبية نفسها تحت تصرفهم حيث أتاحت للمحتجز االتصال‬
‫الدوري والمنتظم بها وغالباً ما تنتهي اللجنة في هذه الشكاوي إلي إدانة الحكومات التي‬
‫تمارس هذه االنتهاكات(‪.)3‬‬
‫ومن أهم الضمانات التي أرستها اللجنة في سبيل تذليل عقبات عرض الشكوي عليها‬
‫ووضع نفسها تحت تصرف األشخاص المحتجزين إذ يحق لهم االتصال الدوري والمنظم‬
‫باللجنة األوروبية وهو ما يعد ضمانة تخفف بال شك حدة التجاوزات وإساءة المعاملة من‬
‫جانب السلطات الوطنية ولكن الذي يجب أن تلتفت عنه اللجنة بحق هو مسألة المبالغة‬
‫في التفرقة بين التعذيب والمعاملة السيئة أو القاسية أو الحاطة بالكرامة ذلك أن هذه‬

‫انظر الكتاب السنوي األوروبي لحقوق اإلنسان – المجلد التاسع عشر ‪ 1979‬ص ‪.764‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد مصطفي يونس "معاملة المسجونين في ضوء مبادئ القانون الدولي العام" – المرجع السابق ص ‪، 100‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف محمد "اللجنة األوروبية" المرجع السابق ص ‪ ، 238‬ص ‪.239‬‬
‫انظر أمثلة لهذه الشكاوي الفردية بخصوص انتهاك المادة (‪ ) 3‬من االتفاقية د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية"‬ ‫(‪)3‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ 240‬وما بعدها وراجع أيضا ‪.year book : 12 the Greek case, 85-5-10‬‬
‫‪247‬‬
‫المعامالت غير اإلنسانية تجمعها كلها رابطة واحدة هي إهانة كرامة اإلنسان ‪ ،‬كما أن‬
‫المادة (‪ )3‬لم تميز بدقة وشكل قاطع بين هذه التصرفات ‪.‬‬
‫ومن هذه األمثلة علي عدم توفيق اللجنة في هذا الصدد هو ما ذهبت إليه في احدي‬
‫القضايا إذ ذهبت إلي أن المعاملة التي تلقاها الشاكي ال ترقي إلي المعاملة الوحشية‬
‫الحاطة بالكرامة في إطار معني المادة (‪ )3‬من االتفاقية رغم أن الشاكي عومل معاملة‬
‫قاسية من جانب ضابط السجن حيث وضع في صديري مستقيم ‪straight jacket‬‬
‫وبررت اللجنة ذلك بان هذا الصديري وضع للسيطرة علي الشاكي‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫ومن الجدير بالذكر في خصوص االهتمام االقليمي األوروبي بحق اإلنسان في السالمة‬
‫الجسدية وحمايته من أهم وأخطر اإلنتهاكات التي تمارس ضده هو موافقة الجمعية‬
‫االستثمارية للمجلس األوروبي علي مشروع اتفاقية أوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو‬
‫العقوبة الالإنسانية أو المهينة‪.‬‬
‫وبعد دراسة لجنة التوصية لحقوق اإلنسان وبالتشاور مع اللجنة األوروبية والمحكمة‬
‫األوروبية وكذلك اللجنة األوروبية لمشاكل الجريمة واللجنة األوروبية للتعاون القانوني تم‬
‫اعداد نص هذه االتفاقية في صورته النهائية وأحيل إلي لجنة الوزراءالتي وافقت عليه‬
‫في ‪ 26‬يونيه سنة ‪ ، 1987‬وأصبح النص متاحاً لتوقيع الدول األعضاء في مجلس‬
‫أوروبا اعتبا اًر من ‪ 26‬نوفمبر سنة ‪ ، 1987‬ولقد دعمت هذه االتفاقية ما أشرنا إليه من‬
‫أن اللجنة األوروبية قد أرست قواعد جديدة في خصوص شكاوي األفراد من حيث إتاحة‬
‫هذا الحق بصورة أيسر وأسرع‪ ..‬حيث بموجب االتفاقية األوروية لمنع التعذيب تشكلت‬
‫لجنة مهمتها فحص معاملة األشخاص المسلوبة حرياتهم لضمان عدم تعرضهم للتعذيب‬
‫أو للمعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو المهينة ‪ ..‬ويجوز للجنة زيارة األماكن داخل نطاق‬
‫الوالية القانونية للدول األطراف في االتفاقية وللجنة أن تقترو عند الضرورة وسائل تحسين‬
‫المعاملة ‪ ..‬وقد أكدت االتفاقية األوروبية لمنع التعذيب في مقدمتها علي نص المادة‬

‫انظر د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف المرجع السابق ص ‪ 240‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪248‬‬
‫(‪ ) 3‬من االتفاقية األوروبية والتي تحصر التعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة علي‬
‫نحو مطلق ودون استثناء ‪ ،‬وقد تضمن القسم األول من االتفاقية في المواد من (‪: 1‬‬
‫‪ ) 3‬إنشاء اللجنة األوروبية لمنع التعذيب أو المعاملة الالإنسانية أو المهينة لتقوم ن‬
‫طريق الزيارات بال تحقيق في معاملة األشخاص المسلوبة حرياتهم بهدف تدعيم حمايتهم‬
‫من التعذيب أو المعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو المهينة‪.‬‬
‫والمهم فإن أهم ما في االتفاقية األوروبية لمنع التعذيب هو إنشاء اللجنة األوروبية لمنع‬
‫التعذيب وهي بمثابة جهاز غير قضائي له طبيعة وقائية لحماية حق اإلنسان في السالمة‬
‫الجسدية بشقيها المادي والمعنوي‪.‬‬
‫ويعيب هذه اللجنة ضعفها إذا ما قورنت بلجنة مناهضة التعذيب المنبثقة عن االتفاقية‬
‫العالمية لمناهضة التعذيب ويرجع ذلك إلي أن واضعي هذه االتفاقية قد اقتصروا في‬
‫خصوص هذه اللجنة علي قيامها بزيارات للدول لالستيثاق من عدم ممارسة التعذيب أو‬
‫غيره من ضروب المعاملة الق اسية أو الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة ‪ ،‬وإصدار توصيات‬
‫لتحسين معاملة األشخاص المسلوبة حرياتهم بالتنسيق مع أجهزة االتفاقية األوروبية‬
‫لحقوق اإلنسان ودون أن تحد من اختصاصات هذه األجهزة‪.‬‬
‫وتعمل هذه اللجنة جنباً إلي جنب مع األجهزة األوروبية لحقوق اإلنسان(‪.)1‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫أجهزة االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‬
‫انظر في خصوص هذه االتفاقية د‪ .‬محمد مصطفي يونس "معاملة المسجونين في ضوء مبادئ القانون الدولي العام" –‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ 64‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان" المرجع السابق ذات‬
‫الموضع‪.‬‬
‫‪249‬‬
‫تعرضنا – بخصوص ضمانات حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية علي المستوي‬
‫‪ ،‬وأوضحنا أن المادة (‪ )33‬منها قد‬ ‫االقليمي – لإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‬
‫(‪)2‬‬

‫نصت علي إنشاء جهازين للرقابة لضمان احترام وتنفيذ أحكام هذه االتفاقية وهي اللجنة‬
‫األمريكية لحقوق اإلنسان والمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫وسوف نقف – من الناحية العملية – علي مدي ضمان حماية الحق في السالمة الجسدية‬
‫في إطار هذين الجهازين ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫‪The inter American commission on Human Rights‬‬
‫البد من النويع بداءة بانه في خصوص اختصاص اللجنة بالفصل في الطعون الفردية‬
‫المقدمة ضد الدول التي تنتهك الحق في السالمة الجسدية فإن اختصاص اللجنة في‬
‫نظر هذه الطعون اليتوقف علي صدور قبول خاص من جانب الدول األطراف بل هي‬
‫اختصاص أصيل للجنة وإلزامي في مواجهة الدول األطراف وهو ما تتميز به هذه اللجنة‬
‫عن مثيلتها األوروبية وعن اللجنة الدولية لحقوق اإلنسان المنبثقة عن العهد الدولي‬
‫للحقوق المدنية والسياسية بل أن االتفاقية األمريكية أتاحت للفرد سواء شخصاً طبيعياً‬
‫أو قانونياً الحق في الطعون ‪ ،‬كما انفردت االتفاقية األمريكية بأمر آخر غاية في األهمية‬
‫وهو عدم اشتراط أن يكون الطاعن هو ضحية االنتهاك أو وكيله أو نائبه ‪ ،‬وإنما أبيح‬
‫هذا الحق لكل شخص ولو لم يكن محل اعتداء مباشر متي كان موضوع الطعن قد‬
‫تعلق بدخر أو آخرين ممن كانت حقوقهم تعرضت لإلنتهاك من جانب إحدي الدول‬
‫األطراف في االتفاقية‪.‬‬
‫وال شك أن أعباء اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان فاقت إلي حد كبير أعباء اللجنة‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان وذلك لوجود نظم عسكرية وديكتاتورية سيطرت علي مقاليد‬
‫الحكم في فترة غير قصيرة في العديد من الدول األمريكية مثل شيلي ونيكارجوا وجواتيماال‬

‫انظر ما سبق ص ‪.106‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪250‬‬
‫وأورجواي واألرجنتين وبوليفيا(‪ ،)1‬وقد تعددت انتقاالت اللجنة في أقاليم الدول األطراف ‪،‬‬
‫وهو ما نفردت به اللجنة األمريكية بين أجهزة الرقابة المعنية بحقوق اإلنسان حيث‬
‫وضعت قواعد تنظم مسألة اإلنتقال والتحقيق في أقاليم الدول األطراف‪.‬‬
‫وقد جري النص علي هذه القواعد كاآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬ألعضاء اللجنة أن ينتقلوا بحرية داخل إقليم الدولة التي يجري فيها التحقيق‬
‫وعلي الحكومة أن تقدم كافة التسهيالت وأن توفر لهم وسائل االنتقال المناسبة‪.‬‬
‫‪ -2‬ألعضاء اللجنة أن يلتقوا بحرية وفي جلسات مغلقة بأي شخص أو مجموعة‬
‫من األشخاص أو بأي هيئة أو جهاز وعلي الحكومة المعنية أن تكفل الضمانات‬
‫الضرورية لكل أولئك الذين قدموا للجنة المعلومات أو الوثائق‪.‬‬
‫‪ -3‬ألعضاء اللجنة حق دخول السجون والمعتقالت وزيارة المسجونين والمعتقلين‬
‫وااللتقاء بهم في جلسات خاصة‪.‬‬
‫‪ -4‬علي الحكومة أن تزود اللجنة بأية وثائق أو مستندات تتعلق باوضاع حقوق‬
‫اإلنسان وتراها اللجنة ضرورية ألداء مهامها‪.‬‬
‫‪ -5‬ألعضاء اللجنة حق استخدام أي وسيلة مناسبة لجمع وتسجيل المعلومات‬
‫وكذلك االستعانة بأهل الخبرة متي اقتضت مهام التحقيق ذلك‪.‬‬
‫‪ -6‬علي الحكومة المعنية أن تتخذ التدابير األمنية لحماية أعضاء اللجنة وتأمين‬
‫محال إقامتهم وهذا االلتزام يشمل طاقم السكرتارية أيضاً‪.‬‬
‫‪ -7‬أن مصروفات اللجنة وأعضائها تقع علي عاتق منظمة الدول األمريكية‪.‬‬
‫كما خففت اللجنة من اشتراط استنفاذ وسائل الطعن الداخلية بخصوص قبول الطعون‬
‫الفردية علي عكس اللجنة األوروبية وذلك نظ اًر الختالف هروف الدول األمريكية عن‬

‫انظر في ذلك المقال الذي كتبه رئيس اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان عام ‪ 1985‬بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما‬ ‫(‪)1‬‬

‫علي إنشاء اللجنة ‪:‬‬


‫‪Caser sepulveden – The inter – American commission on human Rights of the organization‬‬
‫‪of American state. 25 year of evolution and Endeavour GERMAN year book of‬‬
‫‪interionallaw. Vol 28-1985 pp. 65 – 87.‬‬
‫‪251‬‬
‫دول أوروبا من حيث الحياة الديمقراطية وتمتع األفراد بالحقوق والحريات األساسية وذلك‬
‫الفساو المجال أمام األفراد للتمتع بالحماية الدولية دون االصطدام بعقبات إجرائية‬
‫مطولة(‪ .)1‬كما أن هذه الطعون الفردية كانت وال زالت بمثابة مدخل تنفذ منه اللجنة إلي‬
‫الوقوف علي الوضع العام داخل الدولة المشكو فيها متي استشعرت أن الفحص المبدئي‬
‫للطعن ينب عن أن هناك انتهاكات تجري بصورة منهجية ومنظمة ضد حقوق اإلنسان‬
‫وهو ما يمكنها من االنتقال والتحقيق الدولي داخل أقاليم الدول األطراف ‪:‬‬
‫وهو ما حدث بالفعل في‬ ‫(‪)2‬‬
‫‪Observation – in loco – or on – site visits‬‬
‫دول بوليفيا سنة ‪ 1980‬وهايتي سنة ‪.)3( 1987‬‬
‫كما أن للجنة األمريكية دور حيوي وهام في خصوص نظام التقارير ‪Reporting‬‬
‫‪ system‬وهي إما تقارير بخصوص دول معينة بالذات وهي التقارير الخاصة وإما‬
‫التقارير السنوية والتي تتعرض فيها اللجنة ألوضاع حقوق اإلنسان بصورة شاملة في‬
‫كل الدول األطراف‪.‬‬
‫ومن أم الحقوق التي تتناولها التقارير الخاصة – بعد الحق في الحياة مباشرة – هو‬
‫الحق في السالمة الشخصية ‪ ..‬حيث تتعرض لالنتهاكات المرتكبة ضد هذا الحق‬
‫وممارسات السلطة داخل الدولة سواء بالسلب أو باإليجاب‪.‬‬

‫انظر في ذلك ‪ AA. Concede Trinidad :‬ومشار إليه في المرجع السابق د‪ .‬سعيد فهيم ص ‪. 283‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬راجع‬
‫‪ROBERT NORRIS – observation in loco : practice and procedure of the 1A commission on‬‬
‫‪human Rights TEXAS. 1.L.1.o.1980 – p. 46, TEXAS – 1l – 10 1984. p 282.‬‬
‫(‪ )3‬انظر تقرير اللجنة األمريكية لسنة ‪.1987 – 1986‬‬
‫‪ AS Dos. QEA / ser. L/v/II,71. Doc 9 Rev I‬وانظر بالتفصيل لمنهج انتقال اللجنة إلي نيكارجوا سنة ‪، 1978‬‬
‫‪ 1980‬وكولومبيا سنة ‪ 1980‬وهايتي والسلفادور وسيرنام سنة ‪ ، 1987‬والمستشار الدكتور سعيد فهيم المرجع السابق ص‬
‫‪.292 : 278‬‬
‫‪252‬‬
‫ومن األمثلة علي هذه التقارير الخاصة تقرير اللجنة عن بوليفيا سنة ‪ )1(1981‬وكولومبيا‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫وقد أكدت اللجنة في هذه التقارير – باإلضافة‬ ‫وجواتيماال سنة ‪1983‬‬ ‫سنة ‪1982‬‬
‫إلي التقارير السنوية – علي أن الدول المعنية ترتكب انتهاكات خطيرة ضد حق اإلنسان‬
‫في السالمة الجسدية أهمها وأخطرها علي اإلطالق هو التعذيب والقبض التعسفي‬
‫واالعتقال اإلداري وإجراءات الطرد وتحديد اإلقامة والسجن في أماكن غير آدمية وانعدام‬
‫الضمانات القضائية‪.‬‬
‫ب‪ -‬المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫‪The inter – American court of human Rights.‬‬
‫والتي تخلص في الفصل في الطعون‬ ‫(‪)4‬‬
‫تعرضنا لتشكيل هذه المحكمة واختصاصاتها‬
‫التي تقدم لها من اللجنة بخصوص انتهاك أحكام االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‬
‫وإصدار آراء استشارية بخصوص تفسير أي نص من نصوص االتفاقية األمريكية لحقوق‬
‫اإلنسان وإصدار آراء استشارية بخصوص تفسير أي نص من نصوص االتفاقية‬
‫األمريكية ‪ ،‬أو أي نص في وثيقة دولية أخري تتعلق بحماية حق اإلنسان في الدول‬
‫األمريكية‪ .‬وسوف نقف علي حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية من خالل هذين‬
‫االختصاصين للمحكمة‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع ‪-:‬‬


‫‪IACHR, Report on the situation of human Rights in Republic of BOLIVIA , OSA / ser. L / v‬‬
‫‪/ 11-55, Doc 6,1 July 1981.‬‬
‫(‪ )2‬راجع ‪-:‬‬
‫‪IACHR, Report on the situation of human Rights in Republic of COLUMBIA , OSA / ser. L‬‬
‫‪/ v / 11-53, Doc 22-30- June 1981.‬‬

‫(‪ )3‬راجع ‪-:‬‬


‫‪IACHR, Report on the situation of human Rights in Republic of GUOTEMALA , OSA / ser.‬‬
‫‪L / v / 11-53, Doc 21. Rev 2-13 October 1983.‬‬

‫(‪ )4‬راجع ‪-:‬‬


‫‪Inter – American court of Homan Rights – series c: Decisions and Judgments No. 4 ANGEL‬‬
‫‪RODRIG – MEZ. CASE. Judgment of July, 29, 1988.‬‬
‫‪253‬‬
‫فبالنسبة للطعون الفردية ‪ The individual cases‬فقد كانت أحكام المحكمة التي‬
‫صدرت عنها تتعلق بجرائم االختفاء القسري وفيرة حيث صدر حكم في ‪1988/7/29‬‬
‫وتتعلق بالطعن الخاص بحالة أخري من حاالت‬ ‫(‪)1‬‬
‫كما صدر حكم في ‪1989/6/20‬‬
‫االختفاء القسري وقد انتهي حكم المحكمة في كل من هذين الطعنين إلي مسئولية‬
‫الحكومة داخل الدولة عن هذا االختفاء ‪ ..‬ولكن وقف األمر عند حد التعويض ‪..‬‬
‫إذ لم يكن في إمكان المحكمة سوي ذلك ‪ ..‬وقد تضمن هذان الطعنان ضد حكومة‬
‫هندراوس االدعاء بارتكاب هذه الدولة ألفعال مؤثمة علي المستوي الدولي السيما أحكام‬
‫االتفاقية األمريكية مثل انتهاك حق الضحية في الحرية واألمن الشخصي والمعاملة‬
‫اإلنسانية وعدم جواز االعتقال اإلداري بأسلوب العصابات حيث يختطف الضحية‬
‫بأسلوب مفاج ويرحل إلي المعتقل معصوب العينين ويستجوب تحت وطاة التعذيب‬
‫وغالباً ما ينتهي األمر بالقتل وإخفاء الجثث داخل مدافن سرية وقد اتطردت المحكمة في‬
‫أحد هذين الحكمين في واقعة اختطاف )‪ (Cruz‬ضد ندراوس عام ‪ 1989‬حيث قررت‬
‫بأن ‪ :‬واقعة تعريض إنسان لممارسات سلطة أو أجهزة قمعية تستخدم إجراءات االعتقال‬
‫اإلداري واإلخفاء وتلجأ إلي ممارسة التعذيب أساليب التصفية الجسدية هو في حد ذاته‬
‫انتهاك إللتزامات الدولة األساسية الناشئة عن االتفاقية األمريكية‪.‬‬
‫وحتي مع افتراض أنه لم يثبت دليل مباشر علي أن إنساناً قد تعرض للتعذيب أو الموت‬
‫فإن وجود هذه الممارسات في دولة معينة هو دليل كاف علي أن هذه الدولة قد تنكرت‬
‫إللتزاماتها بمنع ارتكاب انتهاكات حقوق اإلنسان من أراضيها وهو األمر الذي يؤكد‬
‫مسئولية الدولة عن هذا االنتهاك بتأمين حقوق وحريات األفراد وإلتزاماتها بالتحقيق في‬
‫الواقعة ومعاقبة مرتكبيها وتعويض ضحايا هذه االنتهاكات‪.‬‬

‫انظر ‪-:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Inter – American court of Homan Rights – series c: Decisions and Judgments No. 5‬‬
‫‪GODINES CRUZ CASE –Judgment of January, 20, 1989.‬‬

‫‪254‬‬
‫وإن كان يالح أنه البد من عدم االكتفاء في الحكم بالتعويض فقط بل البد أن تلتزم‬
‫الدولة المعنية بتقديم المسئولين عن هذه الوقائع إلي لمحاكمة تحت رقابة أجهزة االتفاقية‬
‫األمريكية ذلك أن اكتفاء المحكمة بالتعويض فيه إهدار خطير للحق في السالمة الجسدية‬
‫لإلنسان كما أن فيه عدم تطبيق لنصوص االتفاقية ذاتها‪.‬‬
‫وأما بالنسبة لسراء االستشارية ‪ The Advisory opinions‬فقد جاءت تفسيرات‬
‫المحكمة لنصوص االتفاقية بما يؤكد ضمان الحقوق والحريات األساسية لإلنسان السيما‬
‫الضمانات القضائية أثناء الظروف القهرية أو حالة الطوارن داخل هذه الدولة حيث‬
‫جاءت آراء المحكمة االستشارية كلها لتؤكد عدم إمكان تحلل أي دولة من إلتزامتها‬
‫الدولية بشأن الحقوق والحريات األساسية تحت أي هرف(‪.)1‬‬
‫ومن امثلة إصدار آراء استشارية هو رأيها الي أصدرته في ‪ 6‬أكتوبر سنة ‪ 1987‬في‬
‫الطلب التفسيري رقم ‪ 9‬لسنة ‪ 1987‬والمقدم من أورجواي لتحديد المقصود بالضمانات‬
‫القضائية األساسية التي نصت عليها المادة (‪ )2/27‬من االتفاقية فيما يتعلق بعدم جواز‬
‫وقفها أو تعطيلها أثناء حالة الطوارن حيث انتهت المحكمة إلي أن هذه الضمانات هي‬
‫كل ما يستهدف لتوفير الحماية القضائية الفعالة للحقوق والحريات التي نصت عليها‬
‫المادة (‪.)1( )2/27‬‬

‫(‪ )1‬انظر الرأي االستشاري الذي أصدرته المحكمة في ‪ 6‬أكتوبر سنة ‪-: 1987‬‬
‫‪Inter – American court of Homan Rights – Advisory opinions OC – 8/1987 of January 30,‬‬
‫‪1987 Habeas corpus in emergency situations (Arts, 27 (2), 25 and 7, (American convention of‬‬
‫‪Homan Rights) series A. No.‬‬

‫راجع ‪-:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Inter – American court of Homan Rights – Advisory opinions OC – 9/1987 of 27 (2) and 8 ,‬‬
‫‪October 6, 1987 Judicial guarantees in state in emergency situations (Arts, (American‬‬
‫‪convention of Homan Rights) series A. No.9‬‬

‫‪255‬‬
‫دور االتفاقية األمريكية لمناهضة التعذيب في حماية الحق في السالمة الجسدية ‪-:‬‬
‫بعد إقرار اتفاقية األمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية‬
‫والالإنسانية والحاطة بالكرامة أو المهينة طلبت الجمعية العامة لمنظمات الدول األمريكية‬
‫من لجنتها القانونية إعداد مشروع اتفاقية لمناهضة التعذيب واعتباره جريمة دولية وتم‬
‫إعداد المشروع في عام ‪ 1980‬وتمت مراجعة نصوصه عام ‪ .. 1984‬وتم إقرار االتفاقية‬
‫األمريكية لمناهضة التعذيب في ديسمير سنة ‪.. 1985‬‬
‫وقد أضافت هذه االتفاقية علي إتفاقية األمم المتحدة ما هو اكثر حسماً في محاربة هذه‬
‫الجريمة مثل التوسع في تعريح التعذيب بحيث يتسع ليشمل كل التصرفات غير اإلنسانية‬
‫وكذلك نصت المادة (‪ ) 5‬منها علي أنه ال يمكن التذرع بالظروف االستثنائية لتبرير‬
‫التعذيب أو أنه كان بناءاً علي أوامر عليا مادة (‪ )4‬وقد سارت االتفاقية علي نسق‬
‫اتفاقية األمم المتحدة في معظم نصوصها حيث ألزمت الدول األطراف باتخاذ كافة‬
‫اإلجراءات الفعالة لمنع العقوبة أو المعاملة القاسية أو الالإنسانية أو المهدرة للكرامة أو‬
‫التي تنطوي علي قسوة ‪ ،‬وتتطلب االتفاقية من الدول األعضاء تقديم تقارير إلي اللجنة‬
‫األمريكية لحقوق اإلنسان بخصوص اإلجراءات القضائية واإلدارية والتشريعية لمحاربة‬
‫هذه الجريمة والقضاء علي أسبابها ‪ ،‬وللجنة صالحية قبول الشكوي ولها تقصي حقائق‬
‫االدعاءات بوجود ممارسات نخالف نصوص االتفاقية األمريكية حيث أنها صاحبة‬
‫اختصاص شامل في هذا المجال(‪.)1‬‬

‫انظر بالتفصيل د‪ .‬محمد مصطفي يونس "معاملة المسجونين في ضوء مبادئ وقواعد القانون الدولي العام " المرجع‬ ‫(‪)1‬‬

‫السابق ص ‪ 62‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪256‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫آليات المقاومة علي المستوي األفريقي‬
‫بعد أن حررت دول افريقيا نفسها من براثن االستعمار السياسي ههرت دساتيرها والوليدة‬
‫والتي امتألت بالعديد من النصوص التي تؤكد علي حقوق اإلنسان والمستمدة في‬
‫معظمها من اعالنات الحقوق والمواثيق الدولية العالمية واإلقليمية في مجال حقوق‬
‫اإلنسان ‪ ،‬وأخذت هذه الدول ترسخ قاعدة حقوق اإلنسان ‪ ،‬وان التخلف في ذاته ال‬
‫يصلح سبباً ومبر اًر النتهاك حقوق اإلنسان وإن كان بال شك عقبة في سبيل تمتع هذا‬
‫اإلنسان بكامل حقوقه ‪ ،‬وقد عقدت عدة مؤتمرات أفريقية سواء من الحكومات أو عن‬
‫طريق القانونيين األفارقة تحت رعاية األمم المتحدة وذلك خالل فترة ما قبل ميالد الميثاق‬
‫األفريقي‪ .‬وقد تمخضت هذه الجهود عن ميالد قرار مؤتمر الدول والحكومات رقم‬
‫‪ 16/115‬في سنة ‪ 1979‬والذي تضمن الدعوي من المين العام لمنظمة الوحدة األفريقية‬
‫لعقد اجتماع محدود لخبراء مستقلين يتولون إعداد مشوع اولي لميثاق أفريقي لحقوق‬
‫اإلنسان والشعوب علي أن يتضمن إنشاء جهاز لحماية وتعزيز هذه الحقوق‪.‬‬
‫وقد تم طرو مشروع الميثاق للتوقيع عليه خالل قمة نيروبي في يونيه سنة ‪ 1981‬ودخل‬
‫الميثاق مرحلة النفاذ في أكتوبر عام ‪ 1986‬وقد تم تقسيمه إلي ثالثة أجزاء ‪ ..‬لكن‬
‫اتساع المحتوي الموضوعي له جعله أقرب إلي إعالنات الحقوق‪.‬‬
‫كما أن لم يركز علي وسائل الحماية والتعزيز ‪ ..‬مما أضعف قوته إلي حد كبير(‪.)1‬‬

‫انظر نص الميثاق "حقوق اإلنسان" المجلد األول – الولائق العالمية واإلقليمية إعداد د‪ .‬محمود شريف بسيوني وآخرين –‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ 366‬وما بعدها‪ .‬وأنظر في تفصيل الجهود التي بذلت قبل ميالد الميثاق د‪ .‬علي سليمان فضل هللا‬
‫"اماهية الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب" – بحث منشور بالمرجع السابق – المجلد الثالث ص ‪ 382‬وما بعدها ن‬
‫د‪ .‬رافع بن عاشور "الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب" – المرجع السابق ص ‪ 395‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪257‬‬
‫أ‪ -‬الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ‪-:‬‬
‫إن التعداد الحصري للحقوق يختلف تماماً عن وضع هذه الحقوق موضع التنفيذ‪ .‬فقد‬
‫تضمن الميثاق الحق في االعتراف بالشخصية القانونية وحظر االستغالل أو االمتهان‬
‫أو االسترقاق أو التعذيب وحظر العقوبات أو المعاملة الوحشية أو الالإنسانية او الحاطة‬
‫بالكرامة‪ .‬وقد نص الميثاق األفريقي علي الحق في الحرية واألمان الشخصي‬
‫والخصوصية والحياة الخاصة ‪ ،‬وعدم جواز القبض التعسفي ‪ ،‬والحق في التقاضي‬
‫العادل ‪ ،‬وقاعدة عدم الرجعية ‪ ،‬وحق اإلنسان في أن يحيا حياته بكرامة وآدمية بعيداً‬
‫عن الفقر والمرض والتخلف والجهل‪.‬‬
‫إال أن هذه الفئة – وهي الحقوق االقتصادية – لم يكن في اإلمكان تحقيقها إال تدريجياً‬
‫حسب مقدرة الدول علي النمو كالحق في الصحة البدنية والملكية والصحة النفسية ‪..‬‬
‫وهذا ما قررته المادة (‪ )16‬من الميثاق إذ نصت علي أن تعهد الدول األعضاء باتخاذ‬
‫كافة التدابير الالزمة لحماية صحة شعوبها وضمان حصول هذه الشعوب علي الرعاية‬
‫الصحية والطبية في حالة المرض ‪ ،‬والحق في التعليم‪.‬‬
‫هذا ومن الجديد في الميثاق األفريقي أنه علي واجبات تناط باألفراد مقابل ما عليهم من‬
‫حقوق ‪ ،‬كما أنه – وعلي خالف ما سبقه من مواثيق دولية – قد نص علي حقوق‬
‫جماعية ‪ ،‬ولكن أخطر ما تضمنه الميثاق هو أنه علق كافة الحقوق المدنية والسياسية‬
‫علي تحقيق الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪ ..‬وحيث ان العديد من دول أفريقيا‬
‫إلي اآلن الزالت تعاني من الفقر والجهل ‪ ،‬والزالت دوالً متخلفة او نامية فإن الميثاق قد‬
‫أعطي الحكومات حق حرمان اإلنسان من بعض الحقوق المدنية والسياسية لحين مقدرة‬
‫الدولية علي كفالة الحقوق االقتصادية واإلجتماعية والثقافية(‪.)1‬‬

‫انظر المستشار د‪ .‬اسكندر غطاس " خواطر حول آفاق حقوق اإلنسان في أفريقيا" بحث مقدم إلي الندوة العلمية المنعقدة‬ ‫(‪)1‬‬

‫بالمعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية بسيراكوزا سنة ‪ ، 1990‬د‪ .‬عزتة البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل‬
‫التنظيم الدولي اإلقليمي" – المرجع السابق ص ‪ 686‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪258‬‬
‫ب‪ -‬الضمانات الثابتة في الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ‪-:‬‬
‫حدد الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب الجهاز الرقابي المسئول عند حدوث أي‬
‫انتهاك لحقوق اإلنسان التي تضمنها الميثاق ‪ ..‬سواء فرد أو دولة أو هيئة أو جماعة‬
‫وقد نظمت ذلك المادة (‪ )30‬من‬ ‫(‪)1‬‬
‫وهو اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب‬
‫ىالميثاق ‪ ،‬كما أسندت إلي هذه اللجنة وهائف بمقتضي المادة (‪ )45‬والمواد من (‪47‬‬
‫– ‪ )49‬من الميثاق حيث أنيط بهذه اللجنة تلقي الشكاوي من أي دولة طرف في االتفاقية‬
‫ولها – أي اللجنة – تسوية الخالف ودياً ما أمكن ‪ ..‬وإال فلها رفع تقرير يتضمن‬
‫توصياتها إلي مؤتمر رؤساء الدول والحكومات ‪ ،‬كما أن للجنة حق تلقي الشكاوي من‬
‫األفراد بمقتضي المادة (‪ )55‬من الميثاق وذلك بشروط أوضحتها المادة (‪ )56‬من‬
‫الميثاق‪.‬‬
‫وباإلضافة إلي ما سبق فإن اللجنة تختص بنظر التقارير الدورية المقدمة من الدول‬
‫األطراف بهدف احترام وكفالة الحقوق والحريات المعترف بها في الميثاق‪.‬‬

‫انظر بالتفصنيل تنظيم االختصناصنات واالجراءات امام هذه اللجنة ومآل الشنكاوي أمامها‪ ،‬د‪ .‬عزت البرعي – المرجع السنابق‬ ‫(‪)1‬‬

‫ص ‪ 817‬وما بعدها ‪ ..‬د‪ .‬اسكندر غطاس – المرجع السابق ص ‪ 12‬وما بعدها‬


‫‪259‬‬
‫المطلب الرابع‬
‫وسائل المقاومة علي المستوي العربي‬

‫بالرغم من أن الجامعة العربية تعتبر من أقدم المنظمات اإلقليمية إال أنها في مجال‬
‫حقوق اإلنسان تخلفت عن غيرها من المنظمات العالمية واإلقليمية (‪ ،)1‬فعلي نطاق‬
‫النصوص الزال الميثاق العربي لحقوق اإلنسان حب اًر علي ورق وذلك منذ إعداده بواسطة‬
‫اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان سنة ‪ 1982‬نفاذاً لقرار الجامعة سنة ‪.. 1979‬‬
‫وقد تم إقرار مشروع الميثاق العربي لحقوق اإلنسان من مجلس الجامعة سنة ‪ 1994‬وقد‬
‫‪ ،‬وقد جاء الميثاق في ديباجة وتوزعت أحكامه‬ ‫(‪)2‬‬
‫تحفظت عليه بعض البلدان العربية‬
‫علي (‪ ) 43‬مادة ‪ ،‬إذ نوهت الديباجة إلي مبادن الشريعة اإلسالمية والديانات السماوية‬
‫األخري في إقرارها األخوة والمساواة والعدل بين جميع البشر كما تضمن القسم الثاني‬
‫(‪ )38‬مادة هي مجموعة الحقوق والحريات األساسية التي هي مكفولة لكل إنسان مثل‬
‫الحق في في عدم التمييز ألي سبب من األسباب العنصرية ‪ ،‬وعدم جو از تقييد أي حق‬
‫من الحقوق األساسية المقررة او القائمة في أي دولة طرف في الميثاق استناداً إلي عدم‬
‫إقرار الميثاق لهذه الحقوق أو إقرارها بدرجة أقل ‪ ،‬وعدم جواز فرض أية قيود علي‬
‫الحقوق والحريات المكفولة بموجب الميثاق سوي ما ينص عليه القانون ويعتبر ضرورياً‬
‫لحماية األمن واالقتصاد الوطنيين او النظام العام أو الصحة العامة أو األخالق أو‬
‫حقوق وحريات اآلخرين‪ .‬وقد حرم الميثاق علي الدول األطراف التحلل من أحكامه في‬
‫هل أوقات الطوارن في خمس مجاالت حددت حص اًر وهي التعذيب واإلهانة والعودة إلي‬

‫انظر د‪ .‬محمد حافظ غانم " نظرات في العالقات الدولية العربية" منشأة المعارف االسكندرية سنة ‪ 1970‬ص ‪ 3‬وما بعدها ‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬محمد طلعت الغنيمي "جامعة الدول العربية" منشأة المعارف االسكندرية ‪ ، 1974‬د‪ .‬محمد إسماعيل علي "فكرة اإلقليمية‬
‫في الجامعة العربية" المجلة المصرية للقانون الدولي المجاد ‪ 35‬سنة ‪ ، 1979‬د‪ .‬محمد السعيد الدقاق و د‪ .‬مصطفي سالمة‬
‫حسين "المنظمات الدولية المعاصرة" المرجع السابق ص ‪ 297‬وما بعدها ‪ ،‬أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم "التنظيم الدولي"‬
‫المرجع السابق ج‪" 2‬المنظمات اإلقليمية" – ص ‪ 11‬وما بعدها‪.‬‬
‫وهي سبعة بلدان عربية (اإلمارات – البحرين ‪ 0‬الكويت – سلطنة عمان – السعودية – السودان – اليمن)‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪260‬‬
‫الوطن واللجوء السياسي والمحاكمة وعدم جواز تكرارها عن ذات الفعل ‪ ،‬شرعية الجرائم‬
‫والعقوبات‪ .‬كما أقر هذا القسم ‪ :‬الحق في الحياة ‪ ،‬والحق في الحرية ‪ ،‬والسالمة‬
‫الشخصية ‪ ،‬وحماية الدول لكل إنسان مقيم علي أرضها من التعذيب البدني والنفسي‬
‫واعتبار هذه التصرفات أو المساهمة فيها جريمة يعاقب عليها القانون ووجوب معاملة‬
‫المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للجريمة معاملة إنسانية ‪ ،‬وتجريم المساس بحرمة الحياة‬
‫الخاصة ‪..‬إلخ‪.‬‬
‫وقد تضمن القسم الثالث مادتين تتعلقان بتشكيل لجنة خبراء من سبعة أعضاء بنتخبون‬
‫من بين مرشحين ترشحهم الدول األطراف في الميثاق من ذدو الخبرة والكفاءة العالية ‪،‬‬
‫ويعملون بصفتهم الشخصية ‪ ،‬وتقدم الدول تقاريرها إلي هذه اللجنة بصفة دورية كل‬
‫ثالث سنوات وترفع هذه اللج نة تلك التقارير بعد دراستها في صورة تقرير واحد إلي اللجنة‬
‫الدائمة لحقوق اإلنسان في الجامعة العربية وما من شك في أن القيمة القانونية واألدبية‬
‫لهذا الميثاق ليست علي المستوي المرغوب فيه ‪ .‬وإن كان من السابق ألوانه تقييمه ‪،‬‬
‫حيث لم يمض علي إق ارره سوي عامان فقط ‪ ..‬لكن ما يمكن أن يقال هو أن التدريج‬
‫أفضل من الجمود والسلبية‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بإعالن حقوق المواطن العربي والذي وافق عليه مجلس الجامعة أوائل عام‬
‫‪ 1977‬فقد أكدت مواده أنه منبثق من اإليمان بمبادن الشريعة اإلسالمية الغراء في‬
‫تكريم هللا سبحانه وتعالي لإلنسان ‪ ،‬وأن حقوق هذا اإلنسان في الحياة والسالمة الجسدية‬
‫ال يمكن ألحد أن يعتدي علي أي منها ‪ ،‬وقد أكد اإلعالن علي قيمة العدل والمساواة‬
‫وحظر االتجار في الذات البشرية(‪ ،)1‬وأقر صيانة الحرية الشخصية والحق في سالمة‬
‫البدن ‪ ،‬ومنع التعذيب ‪ ،‬والمعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة ‪ ،‬وتجريم السخرة ‪ ،‬وأقر‬
‫كذلك الحق في الشخصية القانونية واعتبارها صفة مالزمة لكل مواطن ‪ ...‬الخ ‪.‬‬

‫انظر في تفصيل هذا الموضوك د‪ .‬منذر الفضل "التصرف القانوني في االعضاء البشرية" الطبعة الثانية سنة ‪ 1992‬مكتبة‬ ‫(‪)1‬‬

‫دار الثقافة للطبع والنشر ‪ .‬عمان‪.‬‬


‫‪261‬‬
‫والذي يجب أن يقال بالنسبة لإلعالن أنه بصفته إعالن فإن القيمة ليست سوي قيمة‬
‫أدبية فقط ‪ ،‬وأن حاالت انتهاك حقوق اإلنسان في الدول العربية كثيرة ومتعددة(‪.)1‬‬
‫ومن الجدير بالذكر في هذا الخصوص أنه لم تغفل اللجنة الفنية لمجلس وزارء الصحة‬
‫العرب مسألة اإلتجار في اآلدميين وبيع األعضاء اآلدمية ‪ ،‬ففي اجتماعها المعقود في‬
‫تونس (كانون األول ‪ )1986‬الذي خصص لموضوع نقل وزراعة األعضاء البشرية‬
‫لإلنسان ‪ ..‬حيث درست هذه اللجنة الموضوعات المتعلقة بهذا األمر ‪ ،‬وأعدت مشروع‬
‫القانون العربي الموحد لعمليات زراعة األعضاء البشرية فجاء في المادة (‪ )7‬منه ما يلي‬
‫‪ :‬ويحظر بيع وشراء األعضاء بأي وسيلة كانت أو تقاضي أي مقابل مادي عنها ويحظر‬
‫(‪)2‬‬
‫علي الطبيب إجراء العملية عند علمه بذلكو‬

‫انظر التقارير السنننوية للمنظمة العربية لحقوق اإلنسننان (وهي منظمة غير حكومية تأسننسننت عام ‪ 1983‬تهدف إلي الدفاك‬ ‫(‪)1‬‬

‫عن حقوق اإلنسنان)‪ .‬وانظر من االصندارات غير الدورية لهذه المنظمة "حقوق اإلنسنان في الوطن العربي" طبعة دار المسنتقبل‬
‫العربي – بيروت كانون الثاني ‪ 1993‬وهو كتال ولائقي عن حالة حقوق اإلنسان في الدول العربية‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬منذر أبو الفضل "التصرف القانوني في األعضاء البشرية" المرجع السابق ص ‪.91‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪262‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫مواجهة انتهاك حقوق اإلنسان علي المستوي الداخلي‬
‫ما من شك في أن أول الضمانات لحقوق اإلنسان هي خضوع الدولة ذاتها للقانون ‪،‬‬
‫وإال فما علبرة من نصوص براقة ال تخضع فيها سلطة أو حكومة لسطوة القانون‪.‬‬
‫أن النصوص في مثل هذه الحاالت مهما كثرت تغدو حب اًر علي ورق ومن هنا فإنه –‬
‫وفي هل النظم القانونية الديمقراطية التي تخضع فيها السلطة الحاكمة واألفراد لسيادة‬
‫القانون يمكن الحديث آئنذ عن حقوق اإلنسان وعن وسائل تعزيز وحماية هذه الحقوق‬
‫وإذ أقصرنا األمر علي الحق في السالمة الجسدية فإن أمام الدولة عدة وسائل لحماية‬
‫هذا الحق ومنها ما يلي ‪-:‬‬
‫أوالً – تضمين حقوق اإلنسان في الدستور او القانون األساسي‬
‫للدولة ‪-:‬‬
‫لما كان الدستور أو القانون األساسي في كل دولة يقع من كل التشريعات في القمة منها‬
‫فإن تضمين حقوق اإلنسان في هذه الوثيقة يعني إضفاء القدسية واالحترام حول هذه‬
‫الحقوق ولعل أهم ما يجعل هذه النصوص في موقع الصدارة من غيرها أن الدولة ما‬
‫دامت ديمقراطية سواء كانت ملكية أو جمهورية يجب علي الهيئة الحاكمة فيها احترام‬
‫الدستور أو القانون األساسي في كافة أعمالها وإال فقدت ديمقراطيتها وباتت دولة‬
‫بوليسية(‪ ،)1‬ويتطلب هذا أال تخالف أية نصوص وطنية أخري – سواء نصاً أو روحاً –‬
‫ما ورد في الدستور من نصوص ولو حدث أمست باطلة وغير مشروعة ‪ ،‬وقد عرضنا‬
‫في الباب األول من هذه الدراسة للعديد من الدساتير في مختلف دول العالم واهتمامها‬
‫بالنص علي الحق في السالمة الجسدية وما ارتبطت به من حقوق كالحق في األمن‬

‫انظر د‪ .‬طعيمة الجرف "مبدأ المشروعية وضوابط خضوك الدولة للقانون" ط ‪ 1963‬ص ‪ 5‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬رمزي الشاعر‬ ‫(‪)1‬‬

‫"النظرية العامة للقانون الدستوري " ط ‪ 3‬سنة ‪ ، 1983‬د‪ .‬مصطفي ابو زيد فهمي "مبادئ األنظمة السياسية" منشأة المعارف‬
‫ص ‪ 235‬ومشار إليه في المرجع السابق للدكتور الفار هامش ص ‪.1‬‬
‫‪263‬‬
‫والمحاكمة العادلة والحرية الشخصية والخصوصية واحترام الحياة الخاصة ومنع التعذيب‬
‫او العبودية ومنع إجراء تجارب طبية أو علمية علي اإلنسان بغير رضائه ومنع القبض‬
‫علي إنسان أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إال في حدود القانون األساسي أو الدستور‪.‬‬
‫وكذلك النص علي شخصية الجريمة والعقوبة وإقرار قاعدة عدم رجعية النصوص الجنائية‬
‫وتأكيد قاعدة أن األصل في اإلنسان البراءة ‪ ،‬والحق في الدفاع ن النفس والحق في‬
‫اللجوء إلي القاضي الطبيعي وكفالة هذا الحق لكل إنسان دون قيد تعسفي‪.‬‬
‫ولقد تأكد فى هذه المبادن أو غيرها فى دستور ‪1971‬م ودستور ‪2012‬م ثم فى مشروع‬
‫الدستور الحالى الذض أنجزته لجنة الخمسين لدض كتابة هذه السطور وهو فى طريقه‬
‫لالستقتاء عليه من الشعب المصرض فى ديسمبر ‪2013‬م ‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫ثانيا ً – الرقابة علي دستورية القوانين ‪-:‬‬
‫دستورية القوانين تعني أال تصدر قوانين بالمخالفة للدستور نصاً أو روحاً وهي ضمانة‬
‫أكيدة لحماية حقوق اإلنسان ككل والحق في السالمة الجسدية خاصة ‪ ،‬ووسيلة الدولة‬
‫في تحقيق هذا الهدف هي إقرار الرقابة وصوالً لعدم المخالفة ‪ ،‬وتعتبر فكرة الرقابة هذه‬
‫والقول بغير ذلك يعني‬ ‫(‪)1‬‬
‫من اهم المبادن األساسية التي تقوم عليها فكرة سيادة القانون‬
‫إمكانية أن تصدر سلطات الدولة تشريعات تخالف ما نص عليه الدستور من حقوق أو‬
‫حريات لإلنسان ويصبح نص الدستور ال قيمة له ويصبح نظام الدولة نظاماً غير‬
‫ديمقراطياً ومن هنا كانت الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح ‪ ...‬وناك وسليتان اما‬
‫الدولة إلقرار هذه الرقابة ‪-:‬‬

‫الوسيلة األولي ‪-:‬‬


‫هي رقابة سابقة تقوم علي مفاداة مخالفة‬ ‫الرقابة الوقائية ‪Control prentive‬‬
‫التشريعات – عند صدورها – ألحكام الدستور وقد يطلق علي هذه الرقابة (الرقابة‬
‫السياسية) ويرجح نجاو او فشل هذه الوسيلة إلي مدي نمو الوعي في المجتمع ومدي‬
‫حيدة الهيئة المختارة لتحقيق هذه الغاية سواء كانت لجنة دستورية أو مجلس دستوري او‬
‫أية هيئة أخري تناط بها هذه المسئولية‪.‬‬

‫الوسلية الثانية ‪-:‬‬


‫هي الرقابة الالحقة وهي الرقبة القضائية علي دستورية القوانين واللوائح ‪ ..‬وهي تنم في‬
‫الواقع العملي بإحدي طريقتين أما بدعوي أصلية من احد األشخاص بعدم دستورية النص‬

‫انظر د‪ .‬السنناري "الشنريعة اإلسنالمية وضنوابط رقابة دسنتورية القوانين في مصنر" دراسنة مقارنة محاضنرات لطلبة الدراسنات‬ ‫(‪)1‬‬

‫العليا ‪ .‬دبلوم القانون العام سننننننة ‪ 1988‬جامعة أسنننننيوط ص ‪ 5‬وما بعدها ‪ ،‬وانظر د‪ .‬عبد الحميد متولي "القانون الدسنننننتوري‬
‫واألنظمة السياسية" ص ‪ 1975‬ص ‪ 192‬وما بدها‪.‬‬

‫‪265‬‬
‫المزمع تطبيقه علي الحالة المعروضة وفي معظم دساتير العالم تحظي اللجنة او‬
‫المحكمة التي يناط بها جعل القوانين واللوائح غير مخالفة للدستور باحترام الكافة حكاماً‬
‫وشعباً وتعطي أحكامها حجية علي الكافة وهي ضمانة أكيدة ضد صدور قانون أو الئحة‬
‫تنتهك حقاً من حقوق اإلنسان او تقلل من حق هذا اإلنسان في التمتع بحريته التي كفلها‬
‫له الدستور (‪.)1‬‬

‫لالثاً – الرقابة علي أعمال اإلدارة ‪-:‬‬


‫اهتمت النظم الديمقراطية في العالم بإيجاد وسائل لرقابة اإلدارة فيما تتخذه من ق اررات‬
‫فردية أو لوائح او حتي اعمال مادية وذلك للبعد بها عن التسلط والشطط أو العسف‬
‫منها الرقابة السياسية وهي‬ ‫(‪)2‬‬
‫بحقوق وحريات اإلفراد‪ .‬وتأخذ هذه الرقابة طرقاً مختلفة‬
‫رقابة المجالس النيابية للحكومة عن طريق األسئلة واالستجوابات وطلبات اإلحاطة او‬
‫طرو ثقة بالوزير وقد يصل األمر إلي طرو الثقة بالوزراء كلها‪.‬‬
‫أما الرقابة الشعبية فلها تأثيرها الخطير ولكن في الدول ذات الوعي السياسي والتي تحيا‬
‫الحياة الديمقراطية السليمة ومنها جماعات الضغط كالنقابات واألحزاب والصحافة وغيرها‬
‫كثي اًر من الجهات غير الرسمية إذ أنها تقف ضد عسف اإلدارة أو إنتهاكها ألي حق من‬
‫حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫والرقابة الذاتية تعني الرقابة من اإلدارة علي نفسها سواء تلقائياً أو بناء علي تظلم ذوي‬
‫الشأن وهي وسيلة فعالة في الدول التي تكون اإلدارة فيها غير متعجرفة وتؤمن بالخطأ‬
‫والصواب فال تصر علي الخطأ ويتسع صدرها عند لمطالبة بتصويبه ‪ ..‬وتبقي وسيلة‬

‫انظر د‪ .‬السناري "الشريعة اإلسالمية وضوابط رقابة دستورية القوانين في مصر" دراسة مقارنة محاضرات لطلبة الدراسات‬ ‫(‪)1‬‬

‫العليا ‪ .‬دبلوم القانون العام سنة ‪ 1988‬جامعة أسيوط ص ‪ 5‬وما بعدها ‪ ،‬وانظر د‪ .‬عبد الحميد متولي "القانون الدستوري‬
‫واألنظمة السياسية" ص ‪ 1975‬ص ‪ 192‬وما بدها‪.‬‬
‫د‪ .‬رمزي طه الشاعر "القضاء اإلداري ورقابته علي اعمال اإلدارة" دارة النهضة العربية سنة ‪ 1979‬ص ‪ 10‬وما بعدها ‪ ،‬د‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫سليمان الطاوي "القضاء اإلداري ورقابته علي أعمال اإلدارة" ط ‪ 3‬سنة ‪ – 1961‬ص ‪ 50‬وما بعدها‬
‫‪266‬‬
‫رابعة من وسائل الرقابة علي اعمال اإلدارة وهي الرقابة القضائية التي تحظي باهتمام‬
‫الحاكم والمحكوم لحيدتها وقوة حكمها حيث تختلف الدول في أسلوب ممارسة السلطة‬
‫القضائية للرقابة علي أعمال اإلدارة بين القضاء الموحد الذي تأخذه به الدول‬
‫األنجلوسكسونية وبين النظام القضائي المزدوج والذي تخصص فيه الدول قضاء مستقالً‬
‫للرقابة علي أعمال اإلدارة وهو ما يسمي بالقضاء اإلداري‪.‬‬

‫رابعا ً – الحماية الجنائية لحقوق اإلنسان ‪-:‬‬


‫يعتبر القانون الجنائي أهم وسائل حماية حقوق اإلنسان وحرياته بصفة عامة والحق في‬
‫السالمة الجسدية علي وجه الخصوص سواء من الناحية المادية أو المعنوية ‪ ..‬بل أن‬
‫نصوص الحماية تكاد تهيمن علي القانون الجنائي بأسره سواء قانون العقوبات أو قانون‬
‫اإلجراءات الجنائية ‪ ،‬فالقانون الجنائي اهتم بتحديد الفعل المجرم ووضع له الجزاء‬
‫المعروف وحد المسئولية الجنائية عند إرتكاب هذا الفعل اآلثم أما قانون اإلجراءات‬
‫الجنائية فقد اهتم باتخاذ الوسائل القانونية المناسبة عند إثبات الجريمة ونظم وسائل‬
‫الحماية لتلك الحقوق حتي ال يطغي حق المجتمع علي حق الفرد ومن األدلة علي ذلك‬
‫أن قانون العقوبات نص علي تجريم كل مساس بالحق في الحياة أو الحقي في سالمة‬
‫الجسد ووضع العقوبات الرادعة لجريمة القتل العمد والخطأ والضرب المفضي إلي الموت‬
‫والمسبب لعاهة مستديمة وجرائم الضرب البسيط والجرو واإلصابة الخطأ وكافة اوجه‬
‫العدوان علي الحق في السالمة الجسدية (‪ ،)1‬وجعل من حق المعتدي عليه المطالبة‬
‫بتعويض عما لحقه من ضرر من جراء التعدي ‪ ،‬باإلضافة إلي سلطة الدولة في العقاب‪.‬‬
‫أما علي الجانب المعنوي للسالمة الشخصية فقد جرم قانون العقوبات كل اعتداء علي‬

‫(‪ )1‬انظر في ذلك تفصيالً المراجع الجنائية المتخصصة اآلتية ‪ -:‬د‪ .‬عصام محمد أحمد "النظرية العامة للحق في سالمة‬
‫الجسد" المرجع السابق ‪ ،‬د‪ .‬أحمد أحمد علي ناصف "الحماية الجنائية للحق في سالمة الجسد" المرجع السابق ‪ ،‬دكتور‬
‫سامي الشوا "الحماية الجنائية للحق في سالمة الجسم" المرجع السابق ‪ ،‬د‪ .‬فاروق عبد الرلوف عبد العزيز "الحماية الجنائية‬
‫لسالمة الجسم في القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية" المرجع السابق‪.‬‬
‫‪267‬‬
‫حرمة الحياة الخاصة أو اإلكراه علي االعتراف أو التعذيب أو استعمال القسوة من جانب‬
‫موهف عام وقد سم قانون اإلجراءات الجنائية طرق ضبط الجرائم لرجل الضبط فإن‬
‫تعداها بطل إجراؤها ولو كان سليماً في ذاته وطرو عن اإلنسان الرذيلة بأن قرر أن‬
‫األصل فيه البراءة ومنع سريان القوانين بأثر رجعي إال إذا كانت في صالح المتهمين أو‬
‫المحكوم ضدهم وأتاو لكل إنسان الحق في الطعن في الحكم الصادرضده أمام قاضيه‬
‫الطبيعي‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫تفعيل التعاون الدولي في مواجهة انتهاكات حقوق اإلنسان‬

‫الشك أن الرأي العام يعد ضمانة مهمة في مواجهة انتهاكات حقوق اإلنسان علي‬
‫المستوي العالمي ألنه يؤكد إعمال النصوص التي تجرم التعدي علي حقوق اإلنسان‬
‫ويحرك السلطات نحو الحسم في اإلجراءات الداعمة لوقف هذه االنتهاكات فضالً عن‬
‫أن التعارف بين الشعوب والتفاهم والتنسيق يخلق قنوات إتصال بين المضطلعين بقضايا‬
‫اإلنسان والمهتمين بحماية حقوقه‪ .‬ويمكن أن يتم هذا التعارف الدولي أيضاً عن طريق‬
‫الحكومات أو ما يسمي بالطريق الرسمي وذلك علي النحو اآلتي ‪-:‬‬

‫المبحث األول‬
‫التعاون الدولي عن طريق الحكومات‬
‫لمنع انتهاكات حقوق اإلنسان‬
‫يكون التعاون الدولي الحكومي عن طريق وضع الدول ممثلة في حكوماتها اإللتزامات‬
‫التي تفرضها عليها االتفاقيات المتعلقة بحقوق اإلنسان موضع التنفيذ بحث يتم وقف‬
‫كافة االنتهاكات قه اًر وقس اًر أو تجريمها والعقاب عليها من خالل ما يعرف في القانون‬
‫الدولي بمبدأ التسليم او المحاكمة ‪ ،‬وما يعرف ببذل المساعدة القضائية وذلك علي النحو‬
‫اآلتي ‪-:‬‬

‫‪269‬‬
‫أوالً – مبدأ التسليم أو المحاكمة ‪-:‬‬
‫هناك عقبات في سبيل إنفاذ القانون وتحقيق العدل فيمن يرتكبون انتهاكات لحقوق‬
‫اإلنسان ومن أهم هذه العقبات عدم إمكانية التعرف عليهم لعدم مساعدة جهاتهم في‬
‫حصرهم وتحديدهم حص اًر وتعييناً تست اًر عليهم لمنع تسليمهم إلي الدولة التي ارتكبت‬
‫الجريمة فوق إقليمها أو علي م تن احدي سفنها أو طائراتها أو إلي الدولة التي ينتمي‬
‫إليها الجاني أو المتهم بجنسيته أو التي يقيم بها بصفة معتادة إذا كان عديم الجنسية أو‬
‫إلي الدولي أو الدول المتضررة أو التي ينتمي إليها الشخص المضرور أو تسليمه إلي‬
‫كافة الدول أو أي من الدول ذات العالقة أو إلي المنظمة الدولية المضرورة التي يتبعها‬
‫المجني عليها فال تقوم الدولة بتسليم الجاني أو المتهم إلي أي من الجهات سالفة الذكر‬
‫صاحبة الحق في محاكمته وال هي التزمت علي وجه السرعة ووفقاً لمعايير المحاكمة‬
‫العادلة المتفق عليها دولياً بان تحاكم المتهم وفق قانونها الداخلي‪ .‬حيث تكون الدولة‬
‫مقصرة ومخالفة إذا خالفت مبدأ التسليم أو المحاكمة وذلك في كافة الجرائم التي تمثل‬
‫انتهاكاً جسيماً لحقوق اإلنسان ألنها جرائم ضد اإلنسانية أو جرائم دولية أو ذات صفة‬
‫دولية حيث يجب علي الدولة أن تعلن فو اًر عن نيتها وعزمها المحاكمة علي إقليمها أو‬
‫التسليم إلي أي من الدول صاحبة الصفة سالفة الذكر ودون تأخير ودون تزرع بعدم‬
‫وجود معاهدة تسليم مجرمين بينها وبين أي من الدول طالبة التسليم ألن االتفاقيات‬
‫الدولية حول حقوق اإلنسان تجعل إنتهاك حقوق اإلنسان هو األساس القانوني الذي يلزم‬
‫الدول بمبدأ التسليم وفق ما استقر عليه المجتمع الدولي في الجرائم الماسة بحقوق‬
‫اإلنسان مثل الجرائم اإلرهابية واإلتجار غير المشروع في المخدرات عبر الدول والتعذيب‬
‫والتطهير العرقي أو المساس الخطير بحقوق اإلنسان علي وجه العموم‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫ثانيا – مبدأ تقديم المساعدات القضائية ‪-:‬‬
‫تضمنت كافة االتفاقيات الدولية في مجال حقوق اإلنسان نصوصاً تحث الدول األطراف‬
‫في االتفاقيات علي إبداء أي قدر ممكن من التعاون والتنسيق في مجال المساعدات‬
‫القضائية مثل المعلومات التي تتعلق بالمجني عليه أو هروف إرتكاب الجرائم أو الشهود‬
‫عليها أو األدلة المادية ال مثبتة لها وفق قوانينها الداخلية وضرورة مد الدول ذات الصفة‬
‫سواء التي تحاكم المتهم أو دولة جنسيته أو دولة المضرور وكذلك تقديم الخبرة الفنية‬
‫والخبراء القضائيين والتقارير والتحقيقات التي تعين في كشف الحقيقة القضائية باعتبار‬
‫أن االنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان هي باألحرض جرائم ضد اإلنسانية أو جرائم حرب‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫التعاون الدولي غير الحكومي لمنع انتهاكات حقوق اإلنسان‬

‫تمارس المنظمات غير الحكومية دو اًر بار اًز في صد االنتهاكات الواقعة ضد حقوق‬
‫اإلنسان ويتعاهم دورها من خالل زيادة المساحات المعطاة لها في التعامل في مجاالت‬
‫حقوق اإلنسان والشك أنها قد أحرزت تقدماً كبي اًر في مجاالت حماية حقوق اإلنسان علي‬
‫المستوي الدولي من خالل ا حتكاكها المباشر باألفراد وإدراك الحقائق من أرض الواقع‬
‫وإحداث الضغط الشعبي لمقاومة هذه الممارسات وتغيير الرأي العام نحو اتجاه مقتها‬
‫وبغضها لوقفها وتكون وسائلها هي الصحافة واإلعالم المرئي والمسموع وجماعات‬
‫الضغط كالنقابات واالتحادات واألحزاب والجمعيات األهلية ومن أشهر هذه المنظمات‬
‫غير الحكومية منظمة العفو الدولية واللجنة الدولية للصليب األحمر ولجنة المحاميين‬
‫لحقوق اإلنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والمنظمة العربية لحقوق اإلنسان‬
‫وعلي المستوي الداخلي في مصر توجد المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان‪ .‬وسوف‬
‫نعرض لهذه المنظمات غير الحكومية علي النحو اآلتي ‪-:‬‬

‫أوالً ‪ :‬منظمة العفو الدولية‬


‫علي عكس منظمة الصليب األحمر الدولية – فإن منظمة العفو الدولية ال تظهر‬
‫في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة ‪ ..‬وإنما مجال عملها األساسي ونشاطها الجوهري‬
‫في مجال حقوق اإلنسان يهدف إلي حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية والحقوق‬
‫المرتبطة به كالحق في الحرية واألمان الشخصي والمحاكمة العادلة والمنصفة وعدم‬
‫التعرض لالعتقال أو االحتجاز دون وجه حق ‪ ،‬وعدمن التعرض للتعذيب أو العقوبة أو‬
‫المعاملة القاسية أو الالإنسانية أو المهينة للكرامة‪.‬‬

‫‪272‬‬
‫هذا باإلضافة إلي تدعيم حق اإلنسان في الحياة ‪ ،‬وحمايته من أوجه العسف به‬
‫بدون وجه حق(‪.)1‬‬
‫وتعمل هذه المنظمة علي تحقيق ثالثة أهداف رئيسية ومترابطة هي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬العمل علي اإلفراج عن المعتقلين السياسيين أو سجناء الرأي ‪consience‬‬
‫‪ prisoners‬في مختلف دول العالم ‪ ،‬وهم األشخاص الذين يعتقلون أو يسجنون‬
‫أو تقيد حرياتهم بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية ‪ ..‬أو بسبب جنسيتهم أو‬
‫أصلهم العرقي ‪ ..‬بشرط أال يكون هؤالء األشخاص قد لجئوا إلي العنف أو دعوا‬
‫الستخدامه للدفاع عن رأيهم أو معتقداتهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬متابعة إجراءات المحاكمات الجنائية المتعلقة بالمتهمين السياسيين وأصحاب‬
‫الرأي ‪ ،‬ومراقبة مدي قانونية األحكام التي تصدر ضدهم في ضوء القواعد الدولية‬
‫المقررة في القانون الدولي لحقوق اإلنسان لعدالة المحاكمات واألحكام‪.‬‬
‫ج‪ -‬مناهضة عقوبة اإلعدام ‪ ،‬والسعي إلي إلغائها في كل الظروف‪ ،‬ومكافحة‬
‫التعذيب والمعامالت أو العقوبات الالإنسانية أو المهينة التي ترتكب أو توقع‬
‫ضد األشخاص مقيدي الحرية من المعتقلين أو السجناء‪.‬‬
‫وقد أنشئت هذه المنظمة سنة ‪ 1961‬علي أثر مقال صحفي نشره المحامي البريطاني‬
‫بيتر ببننسون )‪ (Peter Benenson‬حث الناس في هذا المقال علي ضرورة العمل‬
‫بطريقة سلمية بعيدة عن التحيز من أجل اإلفراج عن سجناء الرأي ‪ ..‬وقد وجه هذا‬
‫المقال إلي كل الناس في كل مكان ‪ ..‬وقد كان لهذه النداء أثرة العميق في نفوس الكثير‬
‫من الناس ‪ ..‬فتشيعوا لهذه الفكرة وأبدوا استعدادهم للمساهمة في هذه الدعوة عن طريق‬
‫جمع المعلومات الخاصة بالسجناء والدفاع عنهم واإلتصال بالحكومات المعنية‬

‫)‪ (1‬انظر بشأن منظمة العفو الدولية ‪-:‬‬


‫‪H.STEINER – Human Rights and international law. Spring 1989 – Harvard law school pp.‬‬
‫‪613 – 615.‬‬
‫ود‪ .‬مني محمود مصطفي "القانون الدولي لحقوق اإلنسان" دار النهضة العربية ط ‪ 1981‬ص ‪ 92‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬عبد الواحد‬
‫الفار "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص ‪ 457‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪273‬‬
‫بخصوصهم ‪ ..‬وقد تطورت هذه الفكرة حتي انتهت بإنشاء منظمة العفو الدولية علي‬
‫أساس من الحيدة واالستقالل سواء في الرأي أو الميل السياسي أو حتي التمويل المالي‬
‫‪ ،‬وهي تستمد مبادئها من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬وقد اقترب عدد أعضائها‬
‫من مليون فرد منتشرين في كل دول العالم ‪ ،‬وال زالوا يزيدون(‪.)1‬‬
‫وتتكون منظمة العفو الدولية من أجهزة ثالثة ‪ :‬هي المجلس الدولي اللجنة التنفيذية‬
‫الدولية واألمانة الدولية‪ .‬وقد امتد نشاطها إلي كل دول العالم تقريباً ‪ ،‬وجميع أعضائها‬
‫من المتطوعين ‪ ،‬وتكتسب تقاريرها ثقة من جانب المنظمات الدولية وكافة الهيئات‬
‫المهتمة بحقوق اإلنسان في مجال خصب لكشف المخالفات الجسيمة لحقوق اإلنسان ‪،‬‬
‫وفضح الدول التي تقارف هذه الممارسات أمام الرأي العام العالمي ‪ ..‬مما يمثل ضغطاً‬
‫أكيداً علي هذه الدول من أجل احترام اإلنسان‪.‬‬
‫وقد ساعد المنظمة علي هذا الدور الحيوي الخطير حرصها علي استقاللها وتمتعها‬
‫بالصفة االستشارية في كل من مجلس أوروبا ومنظمة الدول األمريكية )‪ (OAS‬ومنظمة‬
‫الوحدة األفريقية )‪ (OAU‬باإلضافة إلي أن لها فروع في سبعة وأربعين دولة ‪ ،‬وأكثر من‬
‫ثالثة آالف وخمسمائة مجموعة عمل تعمل في مختلف دول العالم تضم سبعمائة ألف‬
‫عضو )‪ –)2( (Gross Rout Mumbership‬كما تضطلع هذه المنظمة بدور حيوي‬
‫داخل منظمة األمم المتحدة في تحريك إجراءات الحماية الدولية من خالل قراري المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي رقم (‪ )”F”728‬ورقم (‪ )1503‬عن طريق تقديم التقارير‬
‫والشكاوي والمعلومات إلي لجنة حقوق اإلنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية‬
‫األقليات والتحدث شفوياً في الجلسات واالتصاالت الرسمية بين ممثلي الدول وأعضاء‬
‫المنظمة ‪ ،‬كما تقوم بدور هام في التعاون مع مجموعة العمل التي شكلتها األمم المتحدة‬
‫للتحقيق في حاالت االختفاء القسري ‪ ،‬كما أن لها دور في التعاون مع المقرر الخاص‬

‫ورد هذا التعداد في تقرير منظمة العفو عام ‪ 1990‬وقد أشار إليه الدكتور الفار في المرجع السابق ص ‪.458‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫انظر تقارير المنظمة لسنة ‪1989 ، 88‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪A1 – Report – 1988 – 1989 – selected statistics‬‬


‫‪274‬‬
‫لحاالت التعذيب فيما يتعلق باإلمداد بالمعلومات والتقارير وتشهد هذه التقارير بمدي‬
‫الجهد المبذول من المنظمة لتوفير الحماية الدولية المباشرة للسجناء والمعتقلين(‪.)1‬‬
‫كما ترسل المنظمة مراقبين لحضور المحاكمات الجنائية ضد المتهمين السياسيين‪.‬‬

‫نشاط منظمة العفو من أجل مكافحة التعذيب ‪-:‬‬


‫في مجال عمل المنظمة نحو مكافحة التعذيب فإن جهودها قد اتخذت حمالت دولية‬
‫مكثفة ‪ ،‬نظمت مؤتم اًر عقد في باريس عام ‪ 1973‬لبحث الوسائل الفعلية للقضاء علي‬
‫التعذيب والمعامالت الالإنسانية كما أعدت تقري اًر عن مشكلة التعذيب وخصصت قسماً‬
‫للمنا الذي يحتمل أن ترتكب فيه هذه الجريمة والحظت اللجنة في تقريرها ‪ :‬وأن التعذيب‬
‫يحدث في الغالب خالل األيام األولي من االحتجاز أو االعتقال حيث يحرم المحتجز‬
‫من االتصال وحيث تتولي قوات األمن الرقابة علي مصيره وتنكر عليه أن يتصل بأحد‬
‫من أهله أو أقاربه أو محاميه أو أن يلجأ إلي طبيب خاص وأحياناً يظل أمر المحتجز‬
‫مغلفاً بالسرية فال يعلم أحد مكانه إال سلطات االعتقال وفي هذه الظروف قد تنكر‬
‫السلطات وجود المحتجز وهذا ييسر عليها التخلص من غير المرغوب فيهم بالقتل أو‬
‫ما يؤدي إلي هاهرة االختفاء وهناك صلة وثيقة بين االحتجاز مع حظر االتصال أو‬
‫االحتجاز السري وهاهرة االختفاء بفعل قوات األمن التي تتحكم في مصير المحتجزين‬
‫أو المعتقلين ‪ ،‬كما أن هناك هاهرة إنكار حرية البدن ‪ Habeas corpus‬وهناك إنكار‬
‫أيضاً لكل المبادن التي توفر سبل العالج المشروعة مثل محاكمة المحتجزين أو‬
‫المعتقلين أمام محاكم عسكرية ‪ ،‬ونقص وسائل التحقيق العادلة ‪ ،‬وافتقاد سجالت قيد‬
‫األحوال الصحية للمحتجزين ‪ ،‬وفي مثل هذه الظروف تتمكن قوات األمن من إخفاء أدلة‬
‫التعذيب بعيداً عن متناول المحاميين والقضاة المدنيين واألطباء الذين يعملون باستقالل‬

‫انظر تقرير المنظمة عام ‪ (AP-PENDIX) VI : 1988‬ص ‪.278‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪275‬‬
‫عن سطوة السلطات وأي عناصر أخري قد تكون لديهم القدرة علي إتخاذ إجراءات ضد‬
‫تلك األنشطة غير المشروعة(‪.)1‬‬
‫كما تقدمت المنظمة ببرنامج عمل عام ‪ 1983‬أطلق عليه وبرنامج النقاط االثني عشر‬
‫لمنع التعذيب والقضاء عليهو وفيما يلي هذه النقاط ‪-:‬‬
‫علي السلطات في كل دولة أن تعلن عن معارضتها المطلقة للتعذيب وعليها‬ ‫‪-1‬‬
‫أن توضح للمسئولين عن التنفيذ الجبري للقانون بأنها لن تقبل منهم قيامهم‬
‫بأعمال التعذيب أيا كانت الظروف‪.‬‬
‫أنه غالباً ما يحدث التعذيب خالل اعتقال ضحاياه انفرادياً غير قادرين علي‬ ‫‪-2‬‬
‫االتصال بمن هم في الخارج ومن يمكنهم مساعدتهم أو اكتشاف ما يحدث لهم‬
‫‪ ،‬وعلي الحكومات أن تأخذ بضمانات تكفل أال يكون االعتقال مع منع االتصال‬
‫فرصة إلجراء التعذيب ‪ ،‬ومن الحيوي أن يمثل أي سجين أمام جهة قضائية‬
‫فور احتجازه في السجن ‪ ،‬ومن غير إبطاء ‪ ،‬وأن يمكن أقاربهم والمحامون‬
‫واألطباء من زيارتهم فو اًر وبانتظام‪.‬‬
‫يجري التعذيب في بعض البلدان في مراكز سرية ‪ ،‬وغالباً بعد إخفاء ضحاياه‬ ‫‪-3‬‬
‫وعلي الحكومات أن تضمن أن يكون التحف علي السجناء في أماكن معلومة‬
‫للكافة وأن توفر المعلومات الدقيقة عن أماكن تواجدهم ‪ ،‬وتجعلهم في متناول‬
‫ذويهم ومحاميهم‪.‬‬
‫علي الحكومات أن تمكن ذوي الشأن من اإلطالع المنتظم علي إجراءات‬ ‫‪-4‬‬
‫التحقيق واالحتجاز ‪ ،‬وأن يحاط السجناء من غير إبطاء بحقوقهم بما في ذلك‬
‫الحق في التشكي في معاملتهم ‪ ،‬ومن الواجب أن تنظم زيارات بشأن التفتي‬
‫ألماكن اإلحتجاز ‪ ،‬ومن الضمانات الهامة ضد التعذيب ‪ ،‬وجوب الفصل بين‬
‫السلطات المسئولة عن االحتجاز وتلك المسئولة عن التحقيق‪.‬‬

‫)‪ (1‬انظر تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان "التعذيب في الثمانينات" سنة ‪ 1984‬ص ‪.110‬‬
‫‪276‬‬
‫علي الحكومات أن تؤمن التحقيق الفعال وغير المتحيز في جميع شكاوي‬ ‫‪-5‬‬
‫وبالغات التعذيب وأن تعلن أساليب ونتائج مثل هذه التحقيقات ‪ ،‬وأن تحمي‬
‫الشاكين والشهود من التحقيق‪.‬‬
‫ينبغي علي الحكومات أن تكفل أال يستند خالل اإلجراءات القضائية إلي أي‬ ‫‪-6‬‬
‫اعترافات أو أدلة أخري متحصلة بالتعذيب‪.‬‬
‫ينبغي علي الحكومات أن تستخدم كل القنوات الممكنة للتوسط لدي الحكومات‬ ‫‪-7‬‬
‫التي تتهم بالقيام بأعمال تعذيب ‪ ،‬وأن تؤسس آليات بين حكومية وذلك للتحقيق‬
‫في بالغات التعذيب فو اًر ‪ ،‬واتخاذ التدابير الفعالة ضدها ‪ ،‬وينبغي علي‬
‫الحكومات أن تكفل أال تؤدي المعونات أو التدريبات العسكرية أو األمنية أو‬
‫البوليسية إلي تسهيل ممارسة التعذيب‪.‬‬
‫ينبغي علي الحكومات كفالة العقاب علي أعمال التعذيب باعتبارها جرائم طبقاً‬ ‫‪-8‬‬
‫للقوانين الجنائية ‪ ،‬وينبغي طبقاً للقوانين الدولية أال يوقف هذا التجريم تحت أي‬
‫هروف بما في ذلك هروف الحرب والطوارن العامة األخري‪.‬‬
‫ينبغي تقديم المسئولين عن القيام بأعمال التعذيب إلي القضاء وأن يطبق هذا‬ ‫‪-9‬‬
‫المبدأ في حقهم وأينما يوجدون وأينما كان ارتكابهم لهذه الجريمة ‪ ،‬وأيا كانت‬
‫جنسياتهم وجنسيات الضحايا‪.‬‬
‫‪ -10‬ينبغي أن توضح لدي تدريب المسئولين علي العمل في السجون والتحقيق أو‬
‫معاملة السجناء أن التعذيب عمل إجرامي ‪ ،‬وينبغي أن يوجهوا إلي أنهم ملزمون‬
‫أن يرفضوا إطاعة أي أوامر تصدر إليهم للقيام بالتعذيب‪.‬‬
‫‪ -11‬ينبغي تمكين ضحايا التعذيب وذويهم من الحصول علي التعويضات النقدية ‪،‬‬
‫وأن توفر للضحايا العناية الطبية وإعادة التأهيل المناسبين‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫‪ -12‬ينبغي علي كافة الحكومات التصديق علي الوثائق الدولية التي تحتوي علي‬
‫الضمانات ومداواة التعذيب بما في ذلك التعاهد الدولي حول الحقول المندية‬
‫والسياسية والبروتوكول االختياري له والذي يتعلق بالشكاوي الفردية(‪.)1‬‬

‫وال شك أن المنظمة تتصرف في نضالها ضد التعذيب في ضوء هذه النقاط وتترجمها‬


‫عملية ‪ ..‬حيث تقوم بواسطة أعضائها بزيارات شبه دورية للسجون والمعتقالت وأماكن‬
‫الحجز في مختلف دول العالم بهدف متابعة أوضاع السجون والمعتقالت ومن فيها ‪..‬‬
‫وهي زيارات ترصد االنتهاكات وتوفر ح ماية دولية وقائية تمنع االنتهاكات قبل وقوعها‬
‫باإلضافة إلي بذل الجهود التشريعية والقضائية واإلدارية وكافة الطرق التي تسد المنظمة‬
‫من خاللها كل منابع التعذيب ‪ ،‬وكافة أسبابه(‪.)2‬‬
‫ويا حبذا لو اتخذت المنظمة العربية لحقوق اإلنسان والمنظمة المصرية لحقوق اإلنسان‬
‫مثل هذه المنظمات نبراساً تسير في هداه ونموذجاً تحتذيه السيما وأن هاتين المنظمتين‬
‫تسريان بخطي ثابتة في سبيل ترسيخ دعائم اإلحساس بضرورة احترام حقوق اإلنسان‬
‫في كافة الدول العربية ‪ ،‬وإن كان الزال أمامها جهاد كبير في هذا المجال سواء علي‬
‫المستوي العربي أو في نطاق مصر‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‬


‫ترجع فكرة إنشاء هذه الهيئة إلي مواطن سويسري هو هنري دينان ‪Henry Dunant‬‬
‫والذي أتيح له أن يشاهد ما كان من فظائع في معركة سولفرينو سنة ‪1859‬م ‪ ..‬بين‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر في شرح هذا البرنامج وعرض تلك النقاط حيث نشرت في مجلة الحق التي يصدرها المحامين العرب سنة ‪ 15‬العدد‬ ‫)‪(1‬‬

‫األول ‪ /‬الثاني ‪ 84 /‬ص ‪ 209‬وما بعدها‪.‬‬


‫)‪ (2‬وقد كان لمنظمة العفو الدولية نشاطاً حيوياً في التحقيق في غارات إسرائيل ضد الفلسطينيين وكشف جرائم التعذيب‬
‫المرتكبة ضد الفلسطينيين‪( .‬نحو مناهضة التعذيب) إعداد ‪ :‬رزق شقير – مؤسسة الحق في أيلو ‪ 1991‬ص ‪.14 ، 13‬‬
‫وهناك معهد يحمل اسم هذا الرجل له إمكانات وجهود بحثية عظيمة في مجال القانون الدولي اإلنساني وهو تابعة للهيئة‬ ‫(‪)1‬‬

‫الدولية للصليب األحمر‪.‬‬


‫‪278‬‬
‫فرنسا والنمسا حيث رأي آالف المرضي والجرحي واألسري كان يمكن إنقاذهم لو توفرت‬
‫لهم هروف أحسن أتيحت لهم فيها الخدمات الطبية المناسبة(‪.)2‬‬
‫وقد دفعه ذلك إلي كتابة كتاب عما رآه وعما يحلم به – أسماه ] ذكريات سولفرينو[ سنة‬
‫‪ ، 1862‬واقترو في مؤلفه هذا إنشاء جمعية إسعاف في كل بلد للعناية بضحايا الحرب‬
‫كما اقترو وضع ميثاق دولي يعترف بهذه الجمعيات ويحميها ‪ ..‬وعلي هدي هذه األفكار‬
‫السامية تألفت لجنة عرفت فيما بعد باللجنة الدولية للصليب األحمر لدراسة مقترحات‬
‫المؤلف ووضعها موضع التنفيذ‪ .‬وقد سميت هذه اللجنة هكذا تكريماً لسويس ار موطن‬
‫صاحب الفكرة حيث أن علم اللجنة أو شارتها عكس علم سويس ار المكون من صليب‬
‫أبيض علي قاعدة حمراء ثم طلبت الدولة العثمانية عند انضمامها إلي اللجنة تعديلها‬
‫إلي الهالل األحمر ‪ ،‬وقد اعترف بذلك في اتفاقيات جنيف سنة ‪ 1929‬وأشير إلي أن‬
‫إشارة الصليب األحمر أو الهالل األحمر مجرد عالمات تميز هذه الهيئة عند أداء‬
‫الخدمات الطبية أو المعنوية وسائر الخدمات اإلنسانية البحتة وال صلة لذلك باألديان(‪.)3‬‬
‫وتتألف المنظمة من الهيئات التالية ‪-:‬‬
‫‪ -1‬اللجنة الدولية للصليب األحمر‪.‬‬
‫‪ -2‬اتحاد جمعيات الصليب األحمر والهالل األحمر‪.‬‬
‫‪ -3‬الجمعيات األهلية للصليب األحمر والهالل األحمر الموجودة بالدول التي‬
‫انضمت إلي اتفاقيات جنيف والمعترف بها رسمياً‪.‬‬
‫‪ -4‬والمؤتمر الدولي للصليب األحمر والهالل األحمر وهو أعلي سلطة في منظمة‬
‫الصليب األحمر‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬زكريا حسن عزمي "من نظرية الحرب إلي نظرية النزاك المسلح " المرجع السابق ص ‪ 357‬وما بعدها‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر بخصوص اللجنة الدولية للصليب األحمر‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪279‬‬
‫وقد امتد نشاط اللجنة الدولية للصليب األحمر ليشمل كافة الحروب الدولية واألهلية‬
‫وذلك بحيدة وتميز لتخفيف المعاناة التي تخلقها هذه الحروب بعيداً عن الميول السياسية‬
‫‪ ..‬وسوف نركز علي دور اللجنة الدولية للصليب األحمر في حماية حق اإلنسان في‬
‫السالمة الجسدية‪.‬‬

‫دور اللجنة الدولية للصليب األحمر )‪ (ICRC‬في حماية الحق في‬


‫السالمة الجسدية ‪-:‬‬
‫تقوم اللجنة بدور متفرد وهام في توفير الحماية الدولية المباشرة لإلنسان في أي مكان‬
‫من العالم ‪ ..‬سواء في حاالت الحرب أو النزاعات المسلحة غير الدولية أو حاالت‬
‫الطوارن أو الثورات أو االضطرابات الداخلية الخطيرة أو الظروف االستثنائية الناشئة‬
‫عن الكوارث الطبيعية‪.‬‬
‫ففي النزاعات المسلحة الدولية تقوم اللجنة بالعديد من المهام اإلنسانية ‪ ..‬مثل تقديم‬
‫المعونة والمساعدات الطبية والغذائية للجرحي من طرفي النزاع ‪ ،‬وزيارة أسري الحرب‬
‫والمعتقلين والسجناء من المدنيين طبقاً لما نصت عليه اتفاقيات جنيف ‪ ،‬والشك أن هذه‬
‫الزيارات من لجنة الصليب األحمر تشكل حماية دولية وقائية مباشرة ‪(Anticipatory‬‬
‫)‪ or breventive‬لكل من الحق في الحياة والحق في السالمة الجسدية لئالً يتعرض‬
‫اإلنسان في مثل هذه الظروف للتعذيب أو المعامالت أو العقوبات الالإنسانية أو المهينة‬
‫‪ ..‬كما تقدم اللجنة المؤن واإلغاثة وتضمن وصولها وتوزيعها علي المدنيين في المناطق‬
‫التي تقع تحت اإلحتالل العسكري ‪ ،‬كما تقوم بجمع المعلومات عن اسري الحرب‬
‫وأوضاعهم ‪ ،‬والبحث عن المفقودين والعمل علي حماية األطفال أثناء النزاعات المسلحة‬
‫‪ ،‬وإجالئهم عن تلك المناطق ‪ ،‬وإنشاء مناطق آمنة ومستشفيات لعالج الجرحي والمرضي‬
‫(‪)1‬‬
‫طبقاً التفاقيات جنيف‪.‬‬

‫انظر في شرح دور اللجنة في النزاعات الدولية – د‪ .‬سعيد فهيم خليل – المرجع السابق ص ‪ 350‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪280‬‬
‫أما في النزاعات غير الدولية والحروب األهلية فإنه وطبقاً للمادة (‪ )3‬المشتركة من‬
‫اتفاقيات جنيف سنة ‪ 1949‬أجيز للجنة أن تقدم خدماتها ألطراف النزاع ‪ ،‬كما أن اللجنة‬
‫تتدخل في الظروف القهرية وحاالت العنف المسلح أو االضطرابات الداخلية ال علي‬
‫أساس اتفاقيات جنيف وإنم ا علي أساس فكرة التدخل اإلنساني أو الحماية غير المستندة‬
‫إلي اتفاقيات جنيف أو البروتوكولين الملحقين بها(‪.)2‬‬

‫وترتكز الحماية الدولية التي توفرها اللجنة الدولية للصليب األحمر في مثل‬
‫هذه الحاالت علي لالث دعائم ‪-:‬‬
‫( أ ) العرف والتقاليد التي أقرتها اللجنة منذ الحرب العالمية األولي حيث درجت علي‬
‫التدخل اإلنساني التلقائي بقصد تقديم يد العون اإلنساني للضحايا وتوفير الحماية‬
‫لألشخاص المعتلقين والسجناء ألسباب سياسية بغير تميز أو تفرقة ‪ ..‬واستنادا‬
‫إلي هذا العرف المستقر فقد قاموا مندوبي اللجنة بزيارة نصف مليون معتقل‬
‫وسجين منذ الحرب العاليمة الثانية وحتي عام ‪ 1985‬في خمس وتسعون دولة‬
‫من مختلف دول العالم ‪ ،‬كما قاموا ب ازرة أكثر من ستمائة سجين ومعتقل بما يزيد‬
‫هن ألف وخمسمسائة زيارة وذلك في دول عديدة من العالم منذ ‪ 1980‬وحتي‬
‫‪ ، 1985‬كما تمكنوا من زيارة ‪ 1500‬معتقل سياسي خالل ذات المدة(‪.)1‬‬
‫(ب) الق اررات الصادرة عن المؤتمرات الدولية التي يعقدها الصليب األحمر ‪ ،‬وكلها‬
‫ق اررات تؤكد حق الصليب األحمر في التدخل اإلنساني(‪.)2‬‬

‫)‪ (2‬انظر‬
‫‪THEODOR MEROn : Human Rights in internal strife thrie international rotection – 1987 p.‬‬
‫‪113 CAMBRI d ge the (ICRC) and the international Disturbances and tensions GENVA-‬‬
‫‪1986‬‬
‫(‪ )1‬انظر‬
‫‪The (ICRC) and the international Disturbances and tensions ENVA 1986‬‬
‫(‪ )2‬صدرت سبعة قرارات في هذا الشاأن – انظر شرح هذ القرارات د‪ .‬سعيد خليل المرجع السابق – ذات الموضع‬
‫‪281‬‬
‫(ج) أحكام النظام األساسي لهيئة الصليب األحمر والتي أكدت التقاليد والمبادن التي‬
‫استقرت عليها اللجنة في هذا الشأن‪.‬‬
‫وتطبيقاً لذلك فقد أنقذت اللجنة آالف الضحايا ‪ ،‬وأحاطت بحمايتها اآلالف أيضا فقد‬
‫أنقذت عدداً ال يحصي من األرواو ‪ ،‬وحالت دون ارتكاب العديد من الجرائم الدولية ضد‬
‫المعتقلين والسجناء ‪ ..‬أو علي ألقل خففت من حدة االنتهاكات ضد هؤالء المعتقلين أو‬
‫السجناء‪.‬‬
‫وقد احتجت بعض الدول علي تدخل اللجنة في حاالت النزاعات الداخلية ‪ ..‬ولكن هناك‬
‫إجماع دولي كبير علي أن حاالت العنف المسلح واالضطرابات الداخلية لم تعد مسألة‬
‫داخلية بحتة تخص الدول المعنية وحدها ‪ ،‬وتتركز مظاهر الحماية التي تسبغها اللجنة‬
‫الدولية للصليب األحمر خارج إطار اتفاقيات جنيف سنة ‪ 1949‬في مظهرين أساسيين‬
‫هما ‪-:‬‬
‫✓ تقديم المساعدات اإلنسانية المختلفة إلي األشخاص الذين تأثروا بأعمال العنف‬
‫دون تمييز أو تفرقة علي أساس الجنس أو اللون أو المعتقد الديني أو االتجاه‬
‫السياسي‪.‬‬
‫✓ العناية بأوضاع المعتقلين والسجناء وهؤالء إما يكونوا رهن اعتقاالت أو سجن‬
‫تأديبي أو وقائي بسبب عالقاتهم بأحداث العنف وكذا العناية بالسجناء السياسيين‬
‫أو أولئك الذين تم اعتقالهم بطريق عشوائي أثناء حمالت االعتقال واسعة النطاق‬
‫التي يتم اللجوء إليها بي بعض الدول أثناء حاالت الطوارن(‪.)1‬‬

‫وما من شك في أن اللجنة الدولية للصليب األحمر تلتزم بمنهج موضوعي بحت في كل‬
‫تدخالتها ‪ ..‬إذ ال هم لها إال مصلحة اإلنسان ذاته ‪ ،‬وذلك بتجرد وحيدة مشهود لها من‬

‫انظر‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Lacques moreillon – the ICRC and the protection of political detainees‬‬


‫‪- Extracts from international Review of Red cross – November 1974 and 975 April.‬‬
‫‪282‬‬
‫الجميع عبر هذه السنوات التي خلت حتي أن تقاريرها عقب زيارتها سرية غير قابلة‬
‫للنشر ‪ ..‬إنما هي تبلغ للسلطات داخل الدولة المعنية مشفوعة بالمالحظات وما ينبغي‬
‫أن يكون ‪.‬ز السيما في شأن وقائع التعذيب والمعامالت غير اإلنسانية ‪ ..‬حيث تري‬
‫اللجنة أن المسئولية األولي ت قع علي كاهل الحكومات التي تستطيع بالوسائل التشريعية‬
‫واإلدارية والقضائية منع التعذيب وعقاب رادع لفاعليه‪ .‬وال تلجأ إلي نشر هذه التقارير‬
‫إال في حاالت خاصة عند إرادة إخفاء الحقيقة أو التضليل في الواقع من جانب الدول‬
‫المعنية‪.‬‬
‫أما في هروف الكوارث الطبيية ‪ ..‬فإن للجنة دور حيوي ‪ ،‬وهذا الدور تشارك فيه رابطة‬
‫الجمعيات الوطنية للصليب والهالل األحمر المنتشرة في مختلف دول العالم(‪.)2‬‬

‫وهي حوالي ‪ 144‬جمعية في مختلف دول العالم‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪283‬‬
‫وينبع تدخل اللجنة في مثل هذه الظروف القهرية من ثالث ق اررات رئيسية صدرت عن‬
‫المؤتمر الدولي لهيئة الصليب األحمر المنعقد في أسطنبول عام ‪.)1(1969‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬المنظمات العالمية لمناهضة التعذيب‬


‫تتلقي هذه المنظمات غير الحكومية بالغات اإلعتداء علي حقوق اإلنسان في مقرها في‬
‫جنيف ومقيد إرسالها وتواصلها مع كافة المنظمات المهتمة بحقوق اإلنسان وتقوم بنشرها‬
‫وإصدار النداءات وبوقف التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغير اإلنسانية‬
‫والمهينة والحاطة بالكرامة اإلنسانية ويقوم عمل هذه المنظمات علي أسس هي ضمان‬
‫التداول السريع للمعلومات وتوفير العمل المتناسق وتقديم اإلرشادات للمنظمة أو الهيئة‬
‫التي أثارت موضوع التعذيب إلي الجهات المختصة بعالج األمر وكذلك تقديم المعونة‬
‫العاجلة إلي الضحايا وإلي الذين يحاولون مساعدتهم في أماكن تواجدهم‪ .‬وتصدر هذه‬
‫المنظمة مجلة دورية تنشر فيها األبحاث والدراسات والقضايا والموضوعات المتعلقة‬
‫بالتعذيب وضحاياه بغية معاقبة الجناة وتوعية الرأي العام بفداحة الجريمة وخطورة علي‬
‫(‪)2‬‬
‫الضحايا والمعتدين والدولة والمجتمع الدولي ككل‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬منظمة مراقبة حقوق اإلنسان‬


‫‪Humman Rights Watch‬‬
‫وهي منظمة غير حكومية يقع مقرها في نيويورك وتهتم بمراقبة أحوال حقوق اإلنسان‬
‫في شتي أنحاء العالم وتتبع االنتهاكات بلجان تقصي الحقائق ونشر التقارير بعد إجراء‬
‫التحقيقات وفضح االنتهاكات الماسة بحقوق اإلنسان‪ .‬ولقد أنشأت هذه المنظمة غير‬
‫الحكومية فرعاً يختص بالشرق األوسط وشمال أفريقيا سنة ‪ .1989‬وتلقت بالغات‬

‫(‪ )1‬انظر في تفصيل هذه القرارات وهي خاصة بعمليات اإلغالة وتوزيع المؤن والمساعدات وحماية واغالة المدنيين ‪:‬‬
‫‪The Red cross and Human Rights : working Document prepared by The (ICRC) GENEVA‬‬
‫‪1983.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬الشافعي محمد بشير "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص ‪.262‬‬
‫‪284‬‬
‫وشكاوي عن االنتهاكات وهي تجري مقابالت شخصية مع الضحايا والشهود والمسئولين‬
‫ومقيدي الحرية علي نحو خاص وتصدر تقارير في كل شأن يتعلق بحماية حقوق‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫المرجع السابق ص ‪.266‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪285‬‬
‫الباب الرابع‬
‫المسئولية عن انتهاك حقوق اإلنسان‬
‫نتعرف في هذا الباب علي المسئولية الدولية من خالل التطور التاريخي لها وطبيعتها‬
‫القانونية ‪ ،‬واألفعال الموجبة للمسئولية ‪ ،‬وموانع قيامها ‪ ،‬والمبادن القانونية واجبة األعمال‬
‫بخصوص هذه المسئولية ‪ ،‬والمسئولية الجنائية للفرد في إطار القانون الدولي الجنائي‬
‫وفكرة عن المحكمة الجنائية الدولية‪.‬‬

‫وسوف نقسم ذلك الباب إلي الفصول اآلتية ‪-:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬األحكام العامة للمسئولية الدولية عن انتهاكات حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬المسئولية في إطار القانون الدولي الجنائي‪.‬‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬أداة تطبيق القانون الدولي الجنائي‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫الفصل األول‬
‫األحكام العامة للمسئولية الدولية‬
‫المبحث األول‬
‫التعريف بالمسئولية الدولية‬
‫أوالً – التطور التريخي لفكرة المسئولية الدولية ‪-:‬‬
‫عرفت المسئولية الدولية منذ العصور البدائية حيث ساد أن العين بالعين والسن بالسن سواء‬
‫وغن اختلط هذا بعادة األخذ بالثأر‬ ‫علي المستوي الفردي أو مستوي الجماعات‬
‫(‪) 1‬‬

‫‪ Represailles‬فإن الواقع أن فكرة المسئولية الدولية تختلف تماماً عن األخذ بالثأر خالفاً‬
‫لما ذكر بول رويتر أن عادة األخذ بالثأر وخاصة في البحر تبدو مرتبطة بنشأة المسئولية‬
‫الدولية‪ .‬ولقد ارتبطت المسئولية الدولية بالمسئولية الفردية في بادن األمر إذ أن الجماعة تسأل‬
‫عن جريمة الفرد ألنها لم تستطع أن ترده عن اقتراف الجريمة وهو ما صار إليه الحال خالل‬
‫العصور الوسطي حيث كانت الدولة تسأل بالتضامن مع مقترف الجريمة ضد األشخاص أو‬
‫األموال باعتبار أن الجريمة وكأنها وقعت من الدولة ككل وعلي دولة اخري ‪ ،‬ولقد أقرت‬
‫الكنيسة هذه القواعد وساد مبدأ القوة إلقرار هذه المسئولية(‪.)2‬‬
‫أما الفكر اإلسالمي فقد أثري قواعد المسئولية الدولية والمسئولية الفردية بقواعد العدالة المجردة‬
‫ألن كل شخص مسئول عن فعله هو ‪ ،‬والثواب والعقاب مرده إلي الفرد ذاته إذ ال جريرة علي‬
‫برن – إطالقاً – من فعل غيره وهو ما ذكره وأكد الفقيه أرنست نيز في خصوص المعاهدات‬
‫بين المسلمين والمسيحيين إذ ذكر أن هذه المعاهدات لم تؤكد فقط أمن األشخاص أو حرية‬
‫المبادالت التجارية فحسب ولكنها أكدت أيضاً المبدأ الكبير للمسئولية الفردية – أي مسيحي‬
‫ال يمكن إقالقه او البحث عنه بسبب دين أو خطأ أو جريمة مسيحي آخر إال إذا كان كفيالً‬
‫له(‪.)3‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد "تطور فكرة المسئولية الدولية" رسالة دكتوراة القانون جامعة باريس سنة ‪.1964‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Les perspectives dune responsibilities international . sans acts illicit.‬‬


‫انظر د‪ .‬سمير محمد فاضل "المسئولية الدولية عن األضرار الناجدمة عن استخدام الطاقة النووية ألناء السلم" المرجع‬ ‫(‪)2‬‬

‫السابق ص ‪ 37‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر "‪ Ernst Nis "les arigines du droit international‬ومشار إليه لدي الدكتور سمير محمد فاضل في‬ ‫(‪)3‬‬

‫المرجع السابق ص ‪.38‬‬


‫‪287‬‬
‫أما في القانون الروماني فقد أثرت كتابات الفقيه رائع الصيت وجروسيوسو مبدأ إقرار مسئولية‬
‫الدولة عن أفعال األفراد كمتبوعة عن أفعال تابعيها حيث أنها لم تتخذ اإلجراءات الالزمة لمنع‬
‫جرائم هؤالء األفراد ومن هنا في – بأي صورة من الصور – تعتبر قد أقرت أعمالهم ‪.‬‬
‫وإن كان البد من‬ ‫ولقد اعتمدت أفكار جروسيوس في هل أحكام القانون الدولي التقليدي‬
‫(‪) 1‬‬

‫بقصد منع أي دولة مخالفة‬ ‫أو اإلجراءات المضادة‬


‫(‪) 3‬‬ ‫(‪) 2‬‬
‫شروط وقيود خاصة للرد بالمثل‬
‫ألحكام القانون الدولي من تكرار هذه المخالفات(‪.)4‬‬
‫ولقد أوجد تطور المسئولية الدولية عديداً من االنتقادات ألفكار جروسيوس فيما يتعلق ببناء‬
‫المسئولية علي الخطأ إذ أرجع الفقيه أنزيولتي وأسمي هذه النظرية بنظرية والمسئولية الماديةو‬
‫‪ Responsibility objective‬ولقد تطور المر إلي عدم النظر إلي الخطأ مطلقاً في إقرار‬
‫المسئولية إذ من الممكن إقرار هذه المسئولية ولو كان الفعل ال يعد خاطئاً ملدام الضرر قد‬
‫وقع بالفعل أو أوشك وهو ما يعرف بالخطر(‪ )5‬وبات من الثابت األخذ بنظام المسئولية المطلقة‬
‫في مجال العالقات الدولية بصفة عامة(‪.)6‬‬
‫ثانيا ً – تعريف المسئولية الدولية ‪-:‬‬
‫يقصد بالمسئولية بصفة عامة حالة الشخص الذي ارتكب أم اًر تستوجب المبادن والقواعد‬
‫ويقصد بالمؤاخذة هنا أي الجزاء القانوني الذي يقع علي‬ ‫المطبقة في المجتمع المؤاخذة عليه‬
‫(‪) 7‬‬

‫مما يحدد المسئولية القانونية وغيرها من قواعد األخالق‬ ‫من يخالف القواعد القانونية‬
‫والمجامالت وكل ما يستتبع المسئولية األدبية‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬حامد سلطان "القانون الدولي وقت السلم" الطبعة الخامسة سنة ‪ 1972‬ص ‪ 314‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬بهاء الدين باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر أستاذنا د‪ .‬عبد المعز عبد الغفار نجم "اإلجراءات المضادة في القانون العام" المرجع السابق‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر د‪ .‬سمير محمد فاضل "المسئولية الدولية عن األضرار الناجمة عن استخدام الطاقة النووية ألناء السلم" المرجع‬ ‫(‪)4‬‬

‫السابق ذات الموضع‪.‬‬


‫انظر د‪ .‬سمير محمد فاضل ‪ .‬المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫انظر د‪ .‬سمير محمد فاضل ‪ .‬المرجع السابق ص ‪ 423‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫انظر د‪ .‬سليمان مرقص "المسئولية المدنية في تقنيات البالد العربية" محاضرات لمعهد الدراسات العربية سنة ‪ 1958‬ص‬ ‫(‪)7‬‬

‫‪.1‬‬
‫‪288‬‬
‫وقد تكون المسئولية القانونية جنائية أو مدنية أو تأديبية أو جميع هذه األنواع معاً‬
‫(‪)1‬‬
‫أما‬
‫فيما يتعلق بالمسئولية الدولية فقد نوهنا إلي أن مفهومها قد تطور كثي اًر وقد كان هذا‬
‫التطور أم اًر الزماً ليتمشي مع حرص المجتمع الدولي علي حماية حقوق وحريات اإلنسان‬
‫فرداً كان او جماعة حيث كان المفهوم التقليدي ال يرتب المسئولية إال قبل الدولة أو‬
‫أشخاص القانون الدولي عند مقارفة فعل أو ترك فعل بالمخالفة ألحكام القانون الدولي‬
‫وفقاً للمبادن والقواعد القانونية السائدة في المجتمع الدولي(‪.)2‬‬
‫وإذا ما نحينا جانباً قواعد المجامالت الدولية أو األخالق الدولية فإن المسئولية التي نحن‬
‫بصددها هي المسئولية القانونية‪ .‬أما تعريح هذه المسئولية في نطاق القانون الدولي فقد‬
‫تطور تعريح المسئولية حسب التطور التاريخي إلقرار هذه المسئولية‪.‬‬

‫ففي نطاق الفقه العربي هناك عدة تعريفات للمسئولية الدولية منها ‪-:‬‬
‫المسئولية الدولية ‪ -:‬تعني تخلف الشخص القانوني عن القيام بالتزام‬ ‫(‪)1‬‬
‫يرتب بحكم الضرورة تحمل تبعة المسئولية الدولية المتناعه عن الوفاء بهذا‬
‫االلتزام(‪.)3‬‬
‫المسئولية الدولية ‪ -:‬هي نظام قانوني يسعي إلي تعويض شخص أو‬ ‫(‪)2‬‬
‫أكثر من أشخاص القانون الدولي عن األضرار التي لحقت به نتيجة نشاط‬
‫أتاه شخص أو أكثر من أشخاص القانون الدولي(‪.)3‬‬

‫د‪ .‬محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪.4‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬محمد حافظ غانم ‪ ،‬المرجع السابق ذات الموضع‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬حامد سلطان و د‪ .‬عائشة راتب و د‪ .‬صالح عامر "القانون الدولي العام" سنة ‪ 1978‬ص ‪.299‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر د‪ .‬سعيد الدقاق "شرط المصلحة في دعوي المسئولية عن انتهاك الشرعية الدولية" الدار الجامعية للطباعة والنشر‬ ‫(‪)3‬‬

‫سنة ‪ 1982‬ص ‪.11‬‬


‫‪289‬‬
‫المسئولية الدولية ‪ -:‬هي نظام قانوني بمقتضاه تلتزم الدولة التي نسب‬ ‫(‪)3‬‬
‫إليه تصرف غير مشروع طبقاً لقواعد القانون الدولي أن تعوض الدولة التي‬
‫ارتكب ضدها هذا العمل(‪.)1‬‬

‫المسئولية الدولية القانونية ‪ -:‬تنشأ في حالة قيام دولة أو شخص من‬ ‫(‪)4‬‬
‫أشخاص القانون الدولي بعمل أو امتناع عن عمل مخالف لاللتزامات المقررة‬
‫وفقاً ألحكام القانون الدولي ومن ثم تتحمل الدولة أو الشخص القانوني تبعة‬
‫التصرف المخالف لاللتزامات الدولية واجبة االحترام(‪.)2‬‬
‫وقد درات كل تعريفات المسئولية الدولية في هذا المعني حيث ال تخرج في مجملها عن‬
‫ترتيب المسئولية الدولية في مواجهة أشخاص القانون الدولي عند مخالفة التزام قانون‬
‫دولي نتج عنه ضرر بشخص قانوني دولي متخذاً صورة واحدة لجبر الضرر وهي‬
‫‪ ،‬وما من شك أن هذا المعني قد تطور كثي اًر من عدة نواحي كعدم اشتراط‬ ‫(‪)3‬‬
‫التعويض‬
‫الخطأ أو العمل غير المشروع أو من ناحية أشخاص القانون الدولي ‪ ،‬أو من ناحية‬
‫إقرار حق الفرد في التقاضي دوليا ‪ ،‬أو من ناحية توقيع العقوبة ‪ ،‬وإقرار المسئولية‬
‫الجنائية في حاالت انتهاك حقوق اإلنسان علي وجه الخصوص – وهو ما نوضحه في‬
‫حينه – أما علي صعيد الفقه الغربي فإن تعريح المسئولية الدولية اختلف حسب وجهة‬
‫نظر الفقه علي النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫( أ ) ففي قاموس مصطلحات القانون الدولي عرفت المسئولية الدولية بأنها االلتزام‬
‫الواقع بمقتضي القانون الدولي علي الدولة المنسوب إليها ارتكاب فعل أو امتناع‬

‫د‪ .‬حامد سلطان و د‪ .‬عائشة راتب و د‪ .‬صالح عامر "القانون الدولي العام" المرجع السابق ص ‪.300‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪.16 – 15‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬محمد طلعت الغنيمي "األحكام العامة في قانون السالم" منشأة المعارف – االسكندرية سنة ‪ 1970‬ص ‪.868‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪290‬‬
‫عنه بالمخالفة لاللتزامات الدولية بأن تقدم التعويضات إلي الدولة المجني عليها‬
‫أو شخص أو أموال رعاياها(‪.)1‬‬
‫(ب) وقد عرف الفقيه شارل روسو المسئولية الدولية بأنها وضع قانوني بمقتضاه تلتزم‬
‫الدولة المنسوب إليها ارتكاب عمل غير مشروع وفقاً للقانون الدولي بتعويض‬
‫الدولة التي وقع هذا العمل في مواجهتها(‪.)2‬‬
‫(ج) كما عرف االستاذ رينيه جان دوبوي المسئولية الدولية بأن أي دولة تتجاهل أحكام‬
‫االتفاقيات أو األعراف تصبح في موضع المسائلة وتلتزم بإصالو األضرار‬
‫الناجمة عن تصرفاتها(‪.)4‬‬
‫وقد أخذت لجنة القانون الدولي التابعة لألمم المتحدة بالمسئولية الجنائية القائمة علي‬
‫انتهاك التزام مادي اتفاقي إزاء المجتمع الدولي كله ‪ ،‬أي الجرائم الدولية مثل جريمة إبادة‬
‫الجنس البشري أو جريمة التعذيب أو التمييز العنصري باإلضافة إلي األخذ بالمسئولية‬
‫الدولية بمعناها التقليدي(‪.)5‬‬
‫ومن خالل ما سلف من تعريفات يمكن التنويه ببعض المالحظات في سياق تطور‬
‫مفهوم المسئولية ومعناها لتستوعب التقدم في حماية حقوق اإلنسان ورعاية المصلحة‬
‫العامة للمجتمع الدولي أو الجنس البشري ‪ ،‬ومن هذه المالحظات ‪-:‬‬
‫• عدم اشتراط الخطأ في الفعل المستوجب المسئولية الدولية فيكفي أن يكون الفعل‬
‫ضا اًر بالغير دولة كانت أو منظمة أو هيئة أو شخص عادي‪.‬‬
‫• أما المالحظة الثانية فهي قيام المسئولية حتي إذا كان النشاط مشروعاً مثل‬
‫األنشطة النووية وقت السلم سيما تلك التي تتعدي حدود الدولة فتحدث ضر اًر أو‬
‫تمثل خط اًر علي البشرية‪.‬‬

‫انظر ‪"Dictionnaire de la terminologie du Droit international 1960 p. 541‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪ )2‬انظر ‪ROUSSAU : " La responsbilitie internationale" caure de international public .. de la‬‬
‫‪droit , paris 1995 – 1960 , p. 7‬‬
‫(‪ )4‬انظر "القانون الدولي" – ترجمة د‪ .‬سموحة فوق العادة ‪ ،‬بيروت ‪ /‬باريس الطبعة الثالثة ‪ 1983‬ص ‪.85‬‬
‫انظر د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.125‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪291‬‬
‫حيث يجب هنا التخلي عن عنصر عدم المشروعية كشرط لقيام المسئولية الدولية وقد‬
‫أقرت ذلك الجمعية العامة لألمم المتحدة منذ حوالي أربعين عاماً مضت وبالتحديد في‬
‫‪ 7‬يونيو سنة ‪ 1957‬في الجلسة رقم ‪ 413‬من جلسات لجنة القانون الدولي(‪ )1‬التابعة‬
‫لألمم المتحدة وهو ما أشار إليه من قبل الفقيه جورج سل سنة ‪.)2(1948‬‬
‫ومن خالل هاتين المالحظتين وما سبق من تعريفات يمكن تعريح المسئولية الدولية‬
‫بأنها إلتزام أشخاص القانون الدولي بأحكام القانون الدولي والمسائلة عند انتهاك هذه‬
‫األحكام في حق شخص من أشخاص القانون الدولي أو في حق فرد عادي‪.‬‬

‫ثالثا ً – شروط قيام المسئولية الدولية ‪:‬‬


‫( أ) وقوع الفعل الضار ‪ :‬وهو الذي ميز المسئولية الدولية في ثوبها الجديد حيث يشترط‬
‫فقهاء القانون الدولي التقليدي أن يكون الفعل غير مشروع دولياً ولكن االكتفاء بأن‬
‫يكون الفعل ضا اًر فقط يعني أن فعالً ما قد ال يكون مخالفاً لقواعد القانون الدولي‬
‫سواء العرفية أو االتفاقية ومع ذلك فإنه يكون ضا اًر ومن ثم يستوجب المسائلة(‪.)3‬‬
‫(ب) نسبة هذا الفعل الضار إلي شخص من أشخاص القانون الدولي‪.‬‬
‫(ج) مخالفة الفعل لاللتزامات الدولية ‪ :‬وااللتزامات الدولية ليست ي القواعد العرفية أو‬
‫االتفاقية أو أحكام المحاكم الدولية وإنما ينبغي أن يكون الفعل غير مخالف للمبادن‬
‫العامة للقانون ومن أهم هذه المبادن عدم إساءة استعمال الحق أو التعسف فيه(‪.)1‬‬

‫انظر د‪ .‬سمير محمد فاضل "المسئولية الدولية عن األخطار الناجمة استخدام الطاقة النووية ألناء السلم" المرجع السابق‬ ‫(‪)1‬‬

‫ص ‪.47 – 46‬‬
‫(‪ )2‬انظر‬
‫‪N. Gorges scelle , Menuel de drait international public , Domat Montchrestion, paris 1948 p‬‬
‫‪909.‬‬
‫(‪ )3‬انظر في اشتراط عدم التعسف في استعمال الحق كمبدأ من المبادئ العامة للقانون ‪ ،‬المرجع السابق للدكتور محمد حافظ‬
‫غانم ص ‪.92 – 87‬‬
‫انظر في اشتراط عدم التعسف في استعمال الحق كمبدأ من المبادئ العامة للقانون ‪ ،‬المرجع السابق للدكتور محمد حافظ‬ ‫(‪)1‬‬

‫غانم ص ‪.92 – 87‬‬


‫‪292‬‬
‫والمبادن العامة للقانون هي تلك القواعد المقررة في النظم القانونية الرئيسية في‬
‫العالم بما تمثله من مدنيات كبري وكذلك أحكام العدالة واألخالق‪.‬‬
‫رابعا ً – خصائص المسئولية الدولية ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬هل المسئولية الدولية عالقة بين أشخاص القانون الدولي ؟‬
‫درج فقهاء القانون الدولي علي اعتبار أن أهم خصائص المسئولية الدولية أنها عالقة‬
‫ثم االعتراف بعد ذلك‬ ‫(‪)2‬‬
‫بين أشخاص القانون الدولي وهي الدول ذات السيادة فقط‬
‫بإمكانية قيام هذه المسئولية بين الدول والمنظمات الدولية نظ اًر لما تتمتع بها هذه‬
‫المنظمات من شخصية دولية في الحدود المقررة في المواثيق المنشئة لها وهو ما أقرته‬
‫محكمة العدل الدولية في رأيها االستشاري والذي أصدرته في ‪ 1949/4/11‬بمناسبة‬
‫اال ستفسار عن حق األمم المتحدة في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي يصيب‬
‫موهفيها عند أدائهم واجباتهم في المنظمة لدي الدول المختلفة(‪.)3‬‬
‫كما أنه علي الوجه اآلخر يجب إقرار مبدأ المسئولية الدولية تجاه المنظمة الدولية عند‬
‫‪ ،‬وقد كانت حجة المنادين بقصر‬ ‫(‪)4‬‬
‫مخالفة موهفيها بارتكابهم أعماالً غير مشروعة‬
‫المسئولية علي أشخاص القانون الدولي دون األفراد العاديين أن القانون الدولي يفرض‬
‫علي الدول واجبات كلها ترمي في النهاية إلي احترام حقوق اإلنسان بصفته فرداً عادياً‬
‫وأن اإللتزام هنا ليس التزاماً مقر اًر قبل هذا الفرد وال في مواجهته بل هي في مواجهة‬
‫(‪)1‬‬
‫دولته التي تملك الحق في أن تطالب الدول األخري بمعاملة أفرادها باألسلوب األمثل‬

‫انظر د‪ .‬محمد حافظ غانم " المسننئولية الدولية" المرجع السننابق من ص ‪ ، 27 : 20‬د‪ .‬حامد سننلطان "القانون الدولي وقت‬ ‫(‪)2‬‬

‫السنننلم" المرجع السنننابق ص ‪ ، 289 : 285‬د‪ .‬سنننمير محمد فاضنننل "المسنننئولية الدولية عن األضن نرار الناجمة عن االسنننتخدام‬
‫السلمي للطاقة النووية" المرجع السابق ص ‪ 48‬وما بعدها‪.‬‬
‫حيث اغتيل الكونت فولت بارنادوت في إسرائيل عام ‪ 1948‬ألناء وساطته من قبل األمم المتحدة بين إسرئايل والعرب ‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر مطبوعات محكمة العدل الدولية سنة ‪ 1949‬ص ‪.174‬‬


‫فعلي سبيل المثال انتهك قائد كندي لقوات حفظ السالم في سراييفو قواعد القانون الدولي لحقوق اإلنسان عندما احتجز‬ ‫(‪)4‬‬

‫لنفسه لالث فتيات بوسنيات مسلمات لتحقيق رغبته غير المشروعة وقد اكتفي فقط – كجزاء له – بتعيين قائد آخر محله‬
‫انظر د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.179‬‬
‫انظر في هذا الرأي للفقيه الفرنسي انزيولتي ‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪293‬‬
‫فالدولة إذا هي صاحبة االختصاص في حماية حقوق رعاياها دون أن يمارس هؤالء‬
‫األفراد هذا بأنفسهم(‪ ،)2‬وقد ترتب علي هذا القول– بحكم اللزوم العقلي – أن المسئولية‬
‫ال ترتب سوي التعويض حيث ال تتصور العقوبة الجنائية ضد كيان معنوي لميقترف‬
‫فعالً مادياً والشك أن هذا المعني قد تغير كثي اًر في هل المضي قدماً في طريق احترام‬
‫حقوق اإلنسان إذ بات إقرار المسئولية الدولية الفردية علي المستوي الدولي بالنسبة للفرد‬
‫أم اًر حتمياً لمواجهة الجرائم الدولية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق‬
‫اإلنسان كما أن إقرار حق الفرد العادي في التقاضي يعتبر أمر مستقر عليه دولياً منذ‬
‫فترات طويلة ‪ ،‬وقد أوضح ذلك األستاذ الدكتور حامد سلطان بقوله و أن بعض الفقهاء‬
‫قد انتقد حرمان األفراد من حق مقاضاة الدول أمام المحاكم الدولية ‪ ،‬وهم يسلمون بأن‬
‫كل دولة لها حق ثابت ومصلحة مؤكدة في أن ترعي حقوق رعاياها محترمة ومكفولة‬
‫من جانب الدول األخري وأنها تبعاً لذلك ال تتردد في رفع دعوي المسئولية الدولية إذا‬
‫حصل اعتداء علي حقوق رعاياها نتيجة مخالفة دولة أخري ألحكام القانون الدولي وعدم‬
‫تنفيذها اللتزاماتها الدولية ‪ ،‬ولكنهم يرون أن حرمان الفرد من مقاضاة الدول األجنبية‬
‫أمام المحاكم الدولية فيه الكثير من العسف ذلك أن دولته قد تكون راغبة عن رفع الدعوي‬
‫نيابة عنه ضد الدول األخري العتبارات سياسية ال دخل لها بموضوع قضيته ‪ ،‬أوبسبب‬
‫مقتضيات المجاملة والحرص علي العالقات الودية بينها وبين تلك الدول ‪ ،‬يضاف إلي‬
‫ذلك أن االتصاالت الدبلوماسية بين الدول وإجراءات رفع الدعاوي فيما بينهما تستغرق‬
‫في العادة وقتاً يؤدي يؤدي إلي تأخير حصول الفرد علي حقه ‪ ،‬فضالً عن الصعوبة‬
‫في تقديم األدلة والقيام بعبء اإلثبات إذا تراخي نظر الدعوي مدة ليست بالقصيرة ‪،‬‬

‫‪Dommages sauffets par des Lerespoasibilte internationale des Etats araison des etrangers‬‬
‫‪R.G.D 1960 p. 5-6 .‬‬
‫انظر د‪ .‬عائشة راتب "الفرد في القانون الدولي العام" رسالة دكتوراة جامعة القاهرة سنة ‪ 1995‬ص ‪ 43‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪294‬‬
‫لذلك يقترو هؤالء الفقهاء السماو لإلفراد بالتظلم إلي محكمة ال صفة دولية تقام خصيصاً‬
‫لذا الغرض(‪.)1‬‬
‫وعموماً فإن حق الفرد في التقدم مباشرة بدعواه إلي القضاء الدولي قد مضي بسرعة‬
‫ولقد قضت المحكمة األوروبية‬ ‫(‪)2‬‬
‫فائقة في التنظيم الدولي االقليمي األوروبي واألمريكي‬
‫في هذا الخصوص بأنه إذا كان حق اللجوء إليها والمثول أمامها قاص اًر علي الدول‬
‫األطراف واللجنة فقط فإنها ال تستطيع أن تتجاهل التزاماتها بحماية مصالح الفرد الذي‬
‫ال يمكنه أن يكون طرفاً أمامها وأن االجراءات أمام المحكمة قصد بها تحقيق غايات‬
‫تتعلق بالطاعن ‪ ،‬وفي إطار السير السليم لمرفق القضاء تستطيع المحكمة أن تقر وتأخذ‬
‫ولقد تعرضت المحكمة‬ ‫(‪)3‬‬
‫في االعتبار وجهة نظر الطاعن متي اقتضي األمر ذلك‬
‫األوروبية لكيفية تدخل الفرد في الدعاوي الدولية بقولها بإمكانية قيام المحكمة بتطبيق‬
‫نص المادة (‪ )38‬من الئحتها الداخلية لسماع الطاعن بوصفه شاهداً تكون شهادته أو‬
‫أقواله أو إعالناته مجدية للمحكمة في ممارستها لوهيفتها ‪ ،‬ومن هنا فقد بات للفرد‬
‫حضور غير مباشر في التنظيمات الدولية اإلقليمية وهو الشك مسلك محمود في سياق‬
‫حماية حقوق اإلنسان ضد مجامالت بعض الدول لبعضها البعض أو وجود هروف‬
‫سياسية قد يترتب عليها هلم هذا الفرد‪.‬‬

‫ب‪ -‬المسئولية الدولية قد تكون مباشرة أو غير مباشرة ‪-:‬‬


‫فالمسئولية الدولية مباشرة في أغلب الحيان ‪ ،‬أما كونها غير مباشرة ففي حاالت بسيطة‬
‫مثل المسئوية الدولية علي عاتق الدول الحامية عن الدول المشمولة بالحماية أو مسئولية‬
‫الدول االتحادية عن االعمال الصادرة عن الدويالت أو الواليات المكونة لها ذلك ألن‬

‫انظر د‪ .‬حامد سلطان "القانون الدولي وقت السلم" المرجع السابق ص ‪.288‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عزت السيد البرعي "حماية حقوق اإلنسان في التنظيم الدولي االقليمي" المرجع السابق من ص ‪.306 : 301‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬عزت السيد البرعي "حماية حقوق اإلنسان في التنظيم الدولي االقليمي" المرجع السابق من ص ‪.302‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪295‬‬
‫المسئولية مرتبطة بالسيادة الكتمال أركان الشخصية القانونية الدولية ولذا فقد كانت‬
‫السيادة قاصرة علي الدول كاملة السيادة‪.‬‬

‫جن‪ -‬المسئولية الدولية ال تتعارض مع سيادة الدول ‪-:‬‬


‫إن السيادة التي تمارسها الدول علي أقاليمها مقيدة بمبدأ المسئولية الدولية إذ أن الدولة‬
‫ليست مطلقة من كل قيد بل ال يمكنها أن تتعلل بسيادتها لتتحلل من المسئولية الدولية‬
‫وقد القت هذه المقولة الكثير من المصاعب فيما مضي حتي كانت الدول في الوقت‬
‫الراهن أن تسلم بها ‪ ،‬بل إن الدول تتباري حالياً في إههار مدي إلتزامها بالقانون الدولي‬
‫وقد أكد ميثاق األمم المتحدة علي مساواة الدول في السيادة ومساواتها كذلك في االلتزامات‬
‫وال يقدو في هذا ما كان مستق اًر في‬ ‫(‪)1‬‬
‫الخارجية تجاه الغير دولة كانت أو منظمة أو فرد‬
‫الفقه الدولي التقليدي من أن المنظمات الدولية ال تقف علي قدم المساواة‪ .‬مع الدول في‬
‫التقاضي الدولي وذلك طبقاً للمادة ‪ 1/34‬من نظام محكمة العدل الدولية التي قصرت‬
‫الحق في رفع الدعاوي علي الدول فقط ولم تترك للمنظمات سوي طلب الحصول علي‬
‫رأي إستشاري من المحكمة ‪ ،‬أما بالنسبة لحق الفرد في اللجوء إلي القضاء الدولي فقد‬
‫تبين أن القضاء الدولي االقليمي كان له السبق في هذا المجال ‪ ،‬وإن كان األمر يحتاج‬
‫إلي تنظيم قانوني دولي دقيق يمنع من اإلزدواج في اللجوء إلي القضاء الداخلي والقضاء‬
‫الدول ي وينسق بين االختصاصين مراعاة لسيادات الدول ويتم من خالله حصر حاالت‬
‫اللجوء إلي القضاء الدولي بالنسبة للفرد العادي وحصر الحاالت التي يكون فيها للفرد‬
‫شخصية دولية بالمعني الدقيق ‪ ،‬ولقد كانت التنظيمات اإلقليمية األوروبية واألمريكية‬
‫أسبق في االعتراف للفرد بهذه الشخصية الدولية‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬سمير محمد فاضل " المسئولية الدولية الناجمة عن األضرار الناتجة عن االستخدام السلمي للطاقة النووية "‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪ ، 69 : 60‬د‪ .‬محمد حافظ غانم "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪.20‬‬
‫‪296‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫األفعال الموجبة للمسئولية الدولية‬
‫األفعال الموجبة للمس ددئولية الدولية هي تلك التي تخالف القانون الدولي فتوص ددم بعدم الش ددرعية‬
‫علماً بأن أحكام القانون الدولي المقصد ددودة هنا هي االلتزامات الدولية بصد ددفة عامة س د دواء تلك‬
‫التي أنشد د د د د د ددأتهدا أداة القواعد القدانونيدة الدوليدة كالمعداهدات أو االتفداقيدات أو األعراف الدولية أو‬
‫اإلعالنات أو التوصد د دديات التي يصد د ددل حجم اإللزام األدبي فيها إلي مرتبة اإللتزام الكامل مثل‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬هذا باإلضافة إلي أن المبادن القانونية العامة تعد من أهم‬
‫وأشدمل المصدادر الواقعية للقانون الدولي(‪ )1‬وهو ما نصدت عليه المادة (‪ )38‬جد د د د د د د د من النظام‬
‫األس د د د د دداس د د د د ددي لمحكمة العدل الدولية ‪ ،‬هذا باإلض د د د د ددافة إلي أحكام المحاكم الدولية ‪ ،‬وكتابات‬
‫واجتهادات فقهاء القانون الدولي والباحثين فيه‪.‬‬
‫أما بالنسنننبة لألفعال فإنها تقع من الدولة ممثلة في سنننلطاتها ‪ ،‬وقد تصننندر من‬
‫األفراد العاديين ‪ ،‬وسوف نوضح ذلك علي الوجه اآلتي ‪-:‬‬
‫أوالً – األعمال التشريعية ‪-:‬‬
‫واألعمدال التش د د د د د د دريعيدة تخدالف أحكدام القدانون الددولي عنددمدا تخدالف الددولدة فيمدا تصد د د د د د دددره من‬
‫تشدريعات اإللتزامات الدولية سدواء بالنسدبة لسدن تشدريع مخالف أو إغفال تشدريع يتمشدي مع ما‬
‫إلتزمددت بدده الدددولددة علي النطدداق الدددولي حيددث اندده في مقددام اإلختالف بين القددانون الددداخلي‬
‫والقانون الدولي فقد أجمع الفقه الدولي – السيما في مجال حقوق اإلنسان – علي سمو قواعد‬
‫القانون الدولي(‪ )2‬ومن ثم فإذا ما أص د د د دددرت الدولة تش د د د دريعاً يخالف اإللتزامات الدولية عد هذا‬
‫التش د دريع عمالً غير مشد ددروع مسد ددتوجباً للمسد ددئولية الدولية قبل هذه الدولة مصد دددرة لك التش د دريع‬
‫كإص دددار الدولة تشد دريعاً يحرم األجانب من بعض حقوقهم بال مبرر ‪ ،‬كما تس ددأل الدولة كذلك‬
‫عن سكوتها عن إصدار تشريع الزم إلنفاذ اإللتزامات الدولية(‪.)3‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد سعيد الدقاق "القانون الدولي" سنة ‪ 1992‬الدار الجامعية للطباعة والنشر ص ‪ 221‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫انظر ما سبق من هذه الرسالة ص ‪ ، 91‬انظر د‪ .‬محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪ ، 103‬د‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.135‬‬


‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "موجز القانون لدولي العام" سنة ‪ 1978‬ص ‪.426‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫‪297‬‬
‫ثانيا ً – األعمال القتائية ‪-:‬‬
‫يعتبر القضداء ضدمانة أكيدة لألفراد ضدد سدف أو هلم السدلطة أو األفراد العاديين ‪ ،‬وهو‬
‫الوس د دديلة الناجحة واألخيرة في ض د ددمان حرمات البش د ددر وذلك بفرض العقوبات المناس د ددبة‬
‫للتعدي والتي تصد د ددل إلي اإلعدام أحياناً ‪ ،‬كما أن القضد د دداء حماية للفرد من إرادة الدولة‬
‫عقابه بال مقتض د د د د ددي أو مبرر ‪ ،‬لكن القض د د د د دداء قد يخط أحياناً وقد يطبق تش د د د د دريعات‬
‫تتعدارض مع اإللت ازمدات الددوليدة ‪ ،‬وقدد يكون هنداك مظندة عسد د د د د د ددف أو جور – وإن كدان‬
‫ناد اًر – إذا ما كان طرف الدعوي أجنبياً أو وطنياً منبوذاً من السد د د ددلطة السد د د ددياسد د د ددية في‬
‫الددولدة كمدا قدد يكون تنظيم العمدل القضد د د د د د ددائي داخدل الددولدة يتعدارض مع الضد د د د د د دمداندات‬
‫األسدداسددية لحقوق اإلنسددان كدرجات التقاضددي مثالً أو عدم كفالة الحق في التقاضددي أو‬
‫الحق في الدفاع أو الحق في الطعن علي الحكم وغير ذلك من الحقوق القضد ددائية التي‬
‫كفلتها المدنيات الكبري في العالم لضمان الحد األدني من العدالة‪.‬‬
‫ومن أهم التصرفات القضائية التي تستوجب المسئولية الدولية ما يلي(‪-: )1‬‬
‫أ‪ -‬تعرض األجنبي لحالة إنكار العدالة قبله‪.‬‬
‫ب‪ -‬مخالفة التنظيم القض د ددائي داخل الدولة للض د ددمانات األس د دداس د ددية لحس د ددن س د ددير‬
‫العدالة طبقاً لما هو مكفول علي المستوي الدولي‪.‬‬
‫ج‪ -‬إش دداعة الفس دداد والمحس ددوبية في الجهاز القض ددائي بما يعص ددف بحقوق الناس‬
‫ويعرقل س د د د د ددير العدالة بالمخالفة لحقوق اإلنس د د د د ددان والمخالفة للمواثيق الدولية‬
‫السيما في مواجهة األجانب‪.‬‬
‫ثالثا ً – األعمال اإلدارية ‪-:‬‬
‫وقد يطلق عليها أعمال الس د ددلطة التنفيذية(‪ )2‬وفيها تس د ددأل الدولة طبقاً لقواعد المس د ددئولية الدولية‬
‫عند مخالفة أعمالها اإلدارية الصد د ددادرة من موهفيها علي اختالف درجاتهم في السد د ددلم اإلداري‬

‫)‪ (1‬انظر د‪ .‬محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪ ، 104‬د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير"‬
‫المرجع السابق ص ‪ ، 159‬د‪ .‬محمد سامي عبد الحميد "القاعدة الدولية" الطبعة الثالثة سنة ‪ 1977‬مكتية مكاوي بيروت ص‬
‫‪ ،490‬د‪ .‬عبد الواحد الفار "موجز القانون الدولي العام" المرجع السابق ص ‪.429 : 428‬‬
‫انظر في إطالق هذا التعريف د‪ .‬الفار – المرجع السابق ص ‪.427‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫‪298‬‬
‫داخل الدولة عن كل عمدل مادي أو قرار مخدالف لإللتزامات الدوليدة حتي ولو كان هذا العمل‬
‫أو القرار متفقاً مع القوانين الداخلية سد د د د د د دديما تلك األعمال المادية والق اررات اإلدارية التي تؤثر‬
‫في حقوق األجانب وممتلكاتهم بالس د د د ددلب أو باإليجاب(‪ )1‬كأعمال الش د د د دددة والعنف ض د د د دددهم أو‬
‫أو كل فعل هالم يرتكبه‬ ‫اعتقالهم تعس د د د د ددفياً أو إيواء الدولة للمجرمين الهاربين من يد العدالة‬
‫(‪) 2‬‬

‫الموهف داخل الدولة بص ددفته هذه ‪ ،‬أما ما يرتكب دون ص ددفة فينخرط تحت تص ددرفات األفراد‬
‫العاديين(‪.)3‬‬
‫رابعا ً – مسئولية الدولة عن تصرفات األفراد العاديين ‪-:‬‬
‫األصدل أن الدولة ال تسدأل عن التصدرفات المخالفة للقانون الدولي والتي تقع من األفراد‬
‫العاديين سد دواء كانوا من موهفيها أو من األجانب المقيمين فوق إقليمها فالقانون الدولي‬
‫يحمي الفرد من عس د د د ددف الس د د د ددلطة باعتبار أن الفرد غايته ‪ ،‬لكنه يواجه هذا الفرد الذي‬
‫يخرج عن القانون ت حت ما يسدمي بالجرائم الدولية أو الجرائم ذات الصدفة الدولية ويسدأل‬
‫دولته إذا ما بان إهمالها أو تقص دديرها ‪ ،‬والفرد هنا ش ددخص من أش ددخاص القانون الدولي‬
‫ليس بدداعتبدداره محددل حمددايددة ولكن بدداعتبدداره مجرم داً وهو الددذي يتصد د د د د د ددور في مواجهتدده‬
‫العقوبات الجناية السديما إذا ما كان هذا الفرد يتصدرف بنفسده ولحسدابه الخاص دون أن‬
‫تتورط معه دولته أو تهمل أو تقص د د ددر في محاس د د ددبته وذلك مثل إتجار الفرد العادي في‬
‫الرقيق واسد د د ددتغالل األشد د د ددخاص في الدعارة ‪ ،‬ومن ثم فليس من المنطق أن يظل بمنأض‬
‫ولكن هذا ال يحول دون مسد ددئولية الدولة عن‬ ‫(‪)4‬‬
‫عن المسد ددائلة من جانب القانون الدولي‬
‫األفراد العاديين سد د دواء كانوا من مواطنيها أو األجانب المقيمين فوق إقليمها إنطالقاً من‬
‫مس د د د د د ددئولية الدولة في تأمين اإلنس د د د د د ددان فوق إقليمها وبذل العناية الالزمة لحمايته وعدم‬

‫انظر د‪ .‬محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ‪.107‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫انظر د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.164‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" – المرجع السابق ص ‪.428‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫انظر د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.186 : 183‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫‪299‬‬
‫إنتهدداك أحكددام القددانون الدددولي فوق إقليمهددا ‪ ،‬ويقع علي الدددولددة مسد د د د د د ددئوليددة تتبع الجندداة‬
‫والقبض عليهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة منصفة(‪.)1‬‬
‫أما االضد د د ددطرابات الداخلية حتي وإن مسد د د ددت حقوق الجانب فال تسد د د ددأل عنها الدولة ما‬
‫دامت لم تثبت أنها أهملت أو قص د ددرت في قهر هذه االض د ددطرابات وإن كان األرجح أنه‬
‫يجب أن تسأل حتي وإن اعتبرت قوة قاهرة ألن المسئولية تقوم لمجرد الضرر دون نظر‬
‫للخطأ أو العمل غير المشروع(‪.)2‬‬

‫وهو ما ينطبق علي واقعة اإلعتداء علي الرئيس األسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا سنة ‪ 1995‬إذ كان من الالزم‬ ‫(‪)1‬‬

‫والواجب تأمين كل ذوي الصفات لدبلوماسية السيما رلساء الدول من احتمال وقوك مثل هذه األحداث واال فإن لمة تقصير أو‬
‫إهمال أمني وقع من حكومة أليوبيا كما أن السودان يجب أن تسأل ن جريمة إيواء المجرمين وهو ما حدث في مقتل الملك‬
‫الكسندر ملك يوغوسالفيا سنة ‪ 1943‬في مرسيليا بسبب عدم كفاية الحماية التي كلفت له ‪ ،‬كما قتل سنة ‪ 1948‬الكونت‬
‫فولت برنادوت في إسرائيل وكان يمثل األمم المتحدة في الوساطة بين إسرائيل والعرب‬
‫أنظر د‪ .‬سامي عبد الحميد – المرجع السابق ص ‪ 500‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬نبيل بشر – المرجع السابق ص ‪ 164‬وما بعدها ‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬عبد الواحد الفار – المرجع السابق ص ‪ 431‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪300‬‬
‫المطلب الثالث‬
‫آثار ثبوت المسئولية الدولية‬
‫يترتب علي ثبوت المسد د ددئولية الدولية توقيع الجزاء علي الشد د ددخص المخالف لإللتزامات‬
‫الدولية ‪ ،‬وفكرة الجزاء هذه تطورت كثي اًر س دواء بالنس ددبة لمض ددمونها أو درجتها ‪ ،‬والجزاء‬
‫يختلف حس ددبما إذا كان المراد توقيعه عليه و الدولة أو الفرد العادي ‪ ،‬وس ددوف نقف هنا‬
‫علي الجزاء ضد الدولة أما بالنسبة لألفراد العاديين فسوف نتناول موقف القانون الدولي‬
‫الجنائي والقضد دداء الدولي الجنائي منهم في المبحث التالي وسد ددوف نقصد ددر الحديث هنا‬
‫آثار المسئولية بالنسبة للدول ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الجزاء ‪-:‬‬
‫لما كانت الدول ليسددت غايات في ذاتها ولكنها مجرد وسدديلة السددتمرار الحياة البش درية ‪،‬‬
‫فاإلنس د د ددان هو الذي آل علي نفس د د دده االنخراط في جماعة بعيداً عن العزلة ‪ ،‬وانض د د ددمت‬
‫الجماعات مكونة الدول‪ ،‬ومن ثم فال يمكن أن نتص د ددور أن تتش د دددق الدول بالس د دديادة في‬
‫مواجهة الحقوق الجماعية لإلنسدان ية والتي يطالب بها مجتمع له تنظيم أشدمل من الدولة‬
‫وهو المجتمع الددولي وإال لتخلي اإلنسد د د د د د ددان عن الددولدة إن هي وقفدت حدائالً دون تمتعه‬
‫بحقوقه وحرياته ‪ ،‬ومن هنا فال يجب أن تقف الس د د د د دديادة حائالً دون توقيع جزاءات علي‬
‫السلوك كأثر للمسئولية الدولية ‪ ،‬ألن فكرة السيادة نفسها قد تطورت وأصبحت تستوعب‬
‫وتقبدل أن يفرض المجتمع الددولي قيوداً أو جزاءات علي الددول في كدل حداالت التعددي‬
‫أو العدوان حتي وإن كانت انتهاكات حقوق اإلنسد د د د د ددان داخلية وهو ما أكده ميثاق األمم‬
‫المتحدة في المادة (‪ )3/2‬والتي توجب حل جميع المنازعات بين الدول بالطرق السلمية‬
‫ن كما نصددت المادة (‪ )39‬من الميثاق علي كافة الصددالحيات لمجلس األمن في سددبيل‬
‫ومن أهم ص د ددالحيات‬ ‫(‪)1‬‬
‫مواجهة تهديد الس د ددلم أو اإلخالل به أو مواجهة حاالت العدوان‬

‫انظر أستاذنا الدكتور عبد المز نجم "التنظيم الدولي" المرجع السابق ص ‪ 200‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬جعفر عبد السالم "المنظمات‬ ‫(‪)1‬‬

‫الدولية" سننننة ‪ ، 1981‬دار النهضنننة العربية ص ‪ 262‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬حامد سنننلطان "الحرب في نطاق القانون الدولي" المجلة‬
‫‪301‬‬
‫مجلس األمن والتي تعد بمثابة جزاءات بالنس د د ددبة للدول هو ما تبينه نص د د ددوص الفص د د ددل‬
‫السد ددابع من الميثاق وهو اسد ددتخدام القوة العسد ددكرية في سد ددبيل إجراء القمع والمنع ‪ ،‬ولكن‬
‫المجلس ملزم بالتدرج في الجزاءات وصوالً إلي القمع علي النحو التالي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬التدابير المؤقتة (مادة ‪ 40‬من الميثاق) ‪-:‬‬
‫ومن هذه التدابير – وعلي سد د د د د ددبيل المثال – فرض الهدنة أو األمر بوقف إطالق النار‬
‫أو األمر بسد د د د د د دحدب القوات الحربيدة من بعض المنداطق ‪ ،‬وعلي العموم فدإن الميثداق لم‬
‫يضع معيا اًر محدداً لمفهوم التدابير المؤقتة (‪.)2‬‬
‫ب‪ -‬التدابير المانعة (مادة ‪ 41‬من الميثاق) ‪-:‬‬
‫ومن أمثلة التدابير المانعة وقف العالقات االقتص د د د د ددادية أو قطع االتص د د د د دداالت أو قطع‬
‫العالقات الدبلوماسد د د د د ددية مع الدول المعتدية أو المخلة بالسد د د د د ددلم واألمن الدوليين ‪ ،‬وعلي‬
‫العموم فالتدابير المانعة تشمل كل ما عدا استخدام القوة المسلحة‪.‬‬
‫جن‪ -‬التدابير العسكرية (مادة ‪ 42‬من الميثاق) ‪-:‬‬
‫وليس للمجلس أن يلج هذا السددبيل إال بعد االسددتيثاق من أن التدابير المؤقتة أو المانعة‬
‫لم تف بددالغرض ‪ ،‬إذ يجوز لدده آنئددذ أن يلجددأ إلي التدددابير العددامددة العسد د د د د د ددكريددة بغرض‬
‫استتباب األمن الدولي وإعادة السلم إلي نصابه(‪.)3‬‬

‫د‪ -‬التعويض ‪-:‬‬

‫المصنننرية للقانون الدولي سننننة ‪ 1988‬ص ‪ 2‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬عبد العزيز سنننرحان "القانون الدولي العام" عام ‪ 1968‬ص ‪425‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬حامد سلطان "ميثاق األمم المتحدة" المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد رقم ‪ 6‬سنة ‪ 1950‬ص ‪ 130‬وما‬ ‫(‪)2‬‬

‫بعدها‪.‬‬
‫انظر في ذلك د‪ .‬نبيل بشر "مدي مالئمة سلطات مجلس األمن للتطور المعاصر للمجتمع الدولي "رسالة دكتوراة القاهرة‬ ‫(‪)3‬‬

‫سنة ‪ 1977‬ص ‪ 100‬وما بعدها ولسيادته أيضاً "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.193‬‬
‫‪302‬‬
‫ذهب كثير من الفقده إلي أن التعويض يكداد يكون هو الصد د د د د د ددورة الوحيددة التي تمثدل أث ار‬
‫وذلدك من منطلق أنده ال توجد‬ ‫(‪)1‬‬
‫لإلخالل بداإللت ازمدات الددوليدة التي يرتبهدا القدانون الددولي‬
‫صد د ددفة جزائية أخري عند اإلخالل بالمسد د ددئولية الدولية ومن ثم فإنه ال عقوبة مطلقاً عند‬
‫مخددالفددة اإللت ازمددات الدددوليددة إذ أن التعويض ذو طددابع مدددني وهو ال يمثددل عقوبددة ولكن‬
‫الحقيقدة أن التعويض يحمدل بين ثندايداه معني الغ ارمدة المداليدة ‪ ،‬والغ ارمدة هي عقوبدة بال‬
‫ش ددك ومن ثم فهو ذو طابع جزائي‪ .‬هذا باإلض ددافة إلي أن التعويض لم يعد هو الص ددورة‬
‫الوحيدة التي تمثل مواجهة اإلخالل بالقانون الدولي س د د د د دديما في مجال حقوق اإلنس د د د د ددان‬
‫واإلخالل بالسلم واألمن الدوليين أو ارتكاب الجرائم الدولية‪.‬‬
‫والتعويض يرتد إلي معناه في القانون الخاص ‪ ،‬وهو يتأس د د د ددس علي أن كل من س د د د ددبب‬
‫للغير ضددر اًر يلزم بتعويضدده ولكن صددور التعويض في القانون الدولي قد تكون إصددالو‬
‫الضد د د د د د ددرر بإعادة الحال إلي ما كان عليه أو التعويض المالي أو الترضد د د د د د ددية أو بإنزال‬
‫عقوبات داخلية وكل ما هو من هذا القبيل وقد يجمع كل هذه الصد د ددور معاً كتعويض ‪،‬‬
‫ولقد اسد د د د د د ددتقر هذا المبدأ – وهو مبدأ التعويض – من خالل العديد من األحكام الدولية‬
‫(‪)2‬‬
‫لمحاكم التحكيم أو أحكام المحاكم الدولية اإلقليمية‬
‫وسوف نوضح صور التعويض السابقة علي النحو اآلتي ‪-:‬‬

‫‪Restetution in integrum‬‬ ‫‪ -1‬إعادة الشيء إلي أصله ‪:‬‬

‫انظر في ذلك د‪ .‬حامد سننلطان المرجع السننابق ص ‪ ، 300‬د‪ .‬محمد حافظ غانم "المسننئولية الدولية" المرجع السننابق ص ‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬علي ماهر باشننا "القانون الدولي العام" سنننة ‪ 1923‬ص ‪ ، 385‬د‪ .‬عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" المرجع السننابق‬
‫ص‪.‬‬
‫انظر في رض أمثلة ألحكام المحاكم الدولية د‪ .‬نبيل بشنننر "المسنننئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السنننابق ص ‪، 203‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫وأمثلننة ألحكننام المحنناكم النندوليننة إلقليميننة (األوروبيننة األمريكيننة) د‪ .‬عزت البرعي "حقوق اإلنسننننننننننان في إطننار التنظيم النندولي‬
‫اإلقليمي" المرجع السنننابق ص ‪ ،‬د‪ .‬نبيل بشنننر "مدي مالئمة سنننلطات مجلس األمن للتطور المعاصنننر للمجتمع الدولي" الرسنننالة‬
‫السننابق اإلشننارة إليها ص ‪ ، 218‬د‪ .‬خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسننان" المرجع السننابق ص ‪ 150‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪303‬‬
‫وهذه الصد د د ددورة من صد د د ددور التعويض تمثل التنفيذ العيني ولذلك فإنها تعد األسد د د دداس في‬
‫إص د د د د ددالو الض د د د د ددرر وال ينظر إلي غيرها عند القدرة عليها إال بإذن المض د د د د ددرور ‪ ،‬ومن‬
‫الممكن الجمع بين التعويض العيني والمدالي في حدالدة مدا إذا لم يكف التعويض العيني‬
‫إلصدالو الضدرر ‪ ،‬وأنه وإن كان التعويض العيني غير مجد في الجرائم الدولية في كل‬
‫األحيان إال أنه الصد د د د د ددورة الممكنة عقالً وواقعاً تجاه الجرائم الدولية إال أن الدولة ككيان‬
‫في المجتمع الدولي ال يتصدور ذلك بالنسدبة لها ومن ثم يكفي إلزامها بإعادة الشديء إلي‬
‫أصله وإصالو الضرر‪.‬‬

‫‪ -2‬التعويض المالي ‪-:‬‬


‫وقد تكون هذه الصددورة لجبر الضددرر إضددافة إلي التنفيذ العيني أو بدالً عنها وهو يحدد‬
‫بطريق المفاوضد ددات أو التحكيم أو القضد دداء الدولي(‪ ،)1‬ومعيار تحديد هذا التعويض هو‬
‫القانون الدولي وليس قانون دولة المضد د د د ددرور ‪ ،‬ويقدر التعويض بحث يكفي إلزالة كافة‬
‫آثار الفعل الضددار الذي أصدداب الدول أو أحد رعاياها وقد تكون األضدرار التي يحسددب‬
‫علي أس د دداس د ددها التعويض مباشد د درة وهو األص د ددل أو غير مباشد د درة ما دامت األفعال غير‬
‫المشددروعة هي األسدداس في إحداث الضددرر غير المباشددر ‪ ،‬كما يحق للدولة المضددرور‬
‫المطالبة بتعويض مالي عن األضد د د د د د درار المعنوية التي تص د د د د د دديب رعاياها كاألذض الذي‬
‫يصد دديب الجسد ددم والعقل واآلالم المترتبة علي إيذاء الشد ددخص في عاطفته أو ممتلكاته أو‬
‫الحرمان من الحرية(‪ ، )2‬كما تلزم الدولة بدفع تعويضد ددات عادلة ألسد ددر األشد ددخاص الذين‬
‫يموتون نتيجة العمل الضددار وذلك لما أصددابهم من أض درار مادية أو معنوية وما تحدثه‬
‫الوفاة من آثار نفسية(‪.)3‬‬
‫ج‪ -‬الترضية ‪-:‬‬

‫انظر شارل روسو "القانون الدولي العام" األهلية للنشر والتوزيع ببيروت سنة ‪.1987‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر المادة (‪ )28‬مشروك هارفارد للمسئولية الدولية عام ‪.1961‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص ‪.201‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪304‬‬
‫والترضدية هي إحدض صدور التعويض باعتبار أنها جبر لضدرر مادي أو معنوي أو هما‬
‫معاً وفيها معني اإلقرار بعدم مش ددروعية التص ددرفات التي ص دددرت بش ددأنها هذه الترض ددية‬
‫وذلك باالعتذار عنها أو عقاب مرتكبيها‪.‬‬

‫د‪ -‬إنزال عقوبة داخلية ‪-:‬‬


‫وفي هذه الص د د د ددورة تقوم الدولة التي يتبعها مرتكب الفعل غير المش د د د ددروع دولياً بمعاقبته‬
‫جنائياً أو تأديبياً حسب درجة جسامة فعله شريطة أن يتسم هذا العقاب الداخلي بالعدالة‬
‫والحيدة‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫موانع قيام المسئولية الدولية‬

‫تختلف موانع قيام المسئولية في القانون الدولي عنها في القانون الداخلي إلختالف طبيعة‬
‫كل منها ‪ ..‬وموانع قيام المسئولية الدولية تعني أن يكون العمل غير المشروع مقبوالً من‬
‫الناحية القانونية الدولية ومن ثم فال عقاب ضد الدولة أو الشخص مرتكب هذا العمل‪.‬‬

‫ومن أهم هذه الموانع ما يلي ‪-:‬‬


‫أوال – الدفاع الشرعي ‪-:‬‬
‫يعتبر الحق في الدفاع الشرعي من الحقوق األصيلة في القانون الدولي وقد أكدت عليه‬
‫المادة (‪ ) 21‬من ميثاق األمم المتحدة وأوضحت حدوده وقيوده كاستثناء علي القاعدة‬
‫العامة في دم جواز استخدام القوة في مجاالت العالقات الدولية(‪ )1‬ولكيال يكون هذا الحق‬
‫وسيلة أو مدخالً العتداء من دولة علي أخري أو االعتداء علي حقوق اإلنسان أو حريات‬
‫الجماعات داخل ذات الدولة ‪ ،‬وتعتبر حالة الضرورة من الحاالت التي تأخذ حكم الدفاع‬
‫الشرعي في امتناع المسئولية الدولية تجاه من توافرت في حقه حالة الضرورة ما دامت‬
‫هذه الضرورة قد قدرت بقدرها طبقاً للسائغ في العقل والمنطق(‪.)2‬‬

‫انظر د‪ .‬حامد سلطان "القانون الدولي العام" – المرجع السابق ص ‪ 323‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫ولذلك قضت محكمة نورممبرج بان الغزو األلماني للنرويج كان عدواناً ولم يكن يشكل دفاعاً شرعياً‪ .‬أنظر د‪ .‬ج‪.‬م جلبرت‬ ‫)‪(2‬‬

‫"محاكمات نورممبرج" ترجمة األستاذ احمد رائف مطبعة الزهراء لإلعالم العربي سنة ‪ ، 1991‬ص ‪ .170‬وما سبق من هذه‬
‫في خصوص الدفاك الشرعي‪.‬‬ ‫الرسالة ص‬
‫‪306‬‬
‫ثانيا ً – الرضا ‪-:‬‬
‫يمنع الرضا من قيام المسئولية الدولية حيث أن العمل غير المشروع – كقاعدة عامة –‬
‫ال يسائل مرتكبه دولياً إذا تم برضاء ممن وقع عليه وكان الرضا صريحاً وصحيحاً‬
‫وخالياً من العيوب ‪ ،‬حيث انه بمقتضي رضا الشخص القانوني ال تترتب المسئولية‬
‫ويشترط في الرضا ما يلي ‪-:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الدولية طالما أقر المخالفة في حقه وقبلها‬
‫أ‪ -‬أن يصدر عن إرادة صحيحة خالية من العيوب كالغلط والتدليس واإلكراه ‪،‬‬
‫وقد كان العرف الدولي قد جري علي أن اإلكراه ال يبطل المعاهدات وهو‬
‫الشك تسليم بواقع للحال ولكنه مسلك غير سديد وليس به ثمة عدالة وهو ما‬
‫تضمنته المادة (‪ )52‬من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات سنة ‪1969‬م‪.‬‬
‫ب‪ -‬يجب أن يسبق الرضا العمل غير المشروع حيث أن الرضا الالحق بمثابة‬
‫تنازل من الدولة عن حقها‪.‬‬
‫ج‪ -‬وجوب أن يكون الرضا صريحاً فالسكوت ال يعتبر رضا وال يعبر عن إرادة‪.‬‬
‫د‪ -‬يقتصر أثر الرضا علي الدول التي عبرت عن رضاها دون غيرها ويجب‬
‫التنويه هنا إلي أن الرضا ال أثر له مطلقاً في حالة رضاء الدول أو األفراد‬
‫بالمخالفة الدولية تجاه رعاياها ذلك أن من المفترض أن قضايا حقوق اإلنسان‬
‫ال تخضع لقبول أو رفض دولة ما لجريمة دولية وال تخضع أبدأ لمصالح‬
‫الدول ومسئولياتها فيما بينهما(‪.)2‬‬

‫د‪ .‬عبد الواحد محمد الفار "القانون الدولي العام" المرجع السابق ص ‪.437‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫د‪ .‬حامد سلطان "القانون الدولي العام " المرجع السابق ص ‪354‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪307‬‬
‫ثالثا ً – القصاص أو األعمال اإلنتقامية ‪Reprisals‬‬
‫وهي تلك األعمال التي تقوم بها الدولة رداً علي المخالفة التي وقعت في حقها من دولة‬
‫أخري لجبر األخيرة علي احترام الحقوق الشرعية لغيرها ومنعها من اإلقدام مرة أخرض‬
‫علي مثل هذه المخالفات الدولية ‪ ،‬ولقد فرق أستاذنا الدكتور عبد المز نجم بين األعمال‬
‫الثأرية ‪ Les actien de represailles‬واألعمال القمعية(‪Action deretorsien )1‬‬
‫وعلي العموم فإن للمسميين معني واحد إذا ما تم فهمها في سياق نظام المعاملة بالمثل‬
‫‪.Reciprocile‬‬
‫ويشترط إلعتبار األعمال اإلنتقامية أو اإلجراءات المضادة أو القصاص أو المعاملة‬
‫بالمثل تصرفات مانعة من المسئولية الدولية عدة شروط علي النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون رداً علي أعمال غير مشروعة دولياً‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ال تعبأ الدولة المعتدية بإصالو الضرر وأن يظهر من سلوكها عدم‬
‫االستجابة واالنصياع لتحمل المسئولية الدولية‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يسبق األعمال االنتقامية مطالبة دولية‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تكون األعمال االنتقامية متناسبة مع التعدي ومساوية له وفي حدود حماية‬
‫حقوق الدولة(‪.)2‬‬
‫ومن أهم ما يستفاد به في هل القانون الدولي الجنائي من فكرة األعمال االنتقامية أنها‬
‫تنطبق في حاالت انتهاك حقوق اإلنسان حتي وإن ارتكبت هذه االنتهاكات دولة ضد‬
‫رعاياها أو مواطنيها أو المقيمين بها ‪ ،‬كما أنه يجب أن تنطبق هذه الفكرة في حاالت‬

‫د‪ .‬عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" المرجع السابق ص ‪.439‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم "اإلجراءات المضادة في القانون الدولي العام" ط ‪ 1988‬دارة النهضة العربية ص ‪ 21‬وما‬
‫بعدها ‪ ،‬د‪ .‬بهاء الدين باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي ‪ ،‬األعمال االنتقامية وفرة العقاب عليها" المرجع‬
‫السابق ص ‪ 240‬وما بعدها ‪ ،‬ص ‪ 302‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" – المرجع السابق ص ‪ 248‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪308‬‬
‫تبني دولة معينة لإلرهاب الدولي أو تأييدها له (‪ ،)1‬وفي حاالت تبني دولة معينة لمافيا‬
‫الجريمة الدولية تجارة المخدرات‪.‬‬

‫رابعا ً – القوة القاهرة وحالة الطوارئ ‪-:‬‬


‫القوة القاهرة أو حالة الطوارن هي تلك الظروف المفاجئة التي تواجهها دولة ما فتؤدي‬
‫إلي إجبار هذه الدولة علي دم اإللتزام بالقواعد القانونية الدولية فيغدو انتهاكاً مشروعاً –‬
‫في أثناء هذه الظروف – ألحكام القانون الدولي ‪ ،‬فتعفي الدولة من المسئولية الدولية ‪،‬‬
‫ولكن البد أن تحاط هذه الحالة بكثير من القيوم والشروط وال يجوز أن يتوسع فيها فال‬
‫كما أنه‬ ‫(‪)2‬‬
‫بد من التأكد من أنه كان من المستحيل علي الدولة أن تواجه هذه التصرفات‬
‫يجوز لكل من أضير من األفراد والدول بسبب هذه الظروف سواء كانت قوة قاهرة أو‬
‫إذ يجوز للمضرور المطالبة‬ ‫(‪)3‬‬
‫حالة الطوارن أو ضرورة أو كافة الظروف االستثنائية‬
‫(‪)4‬‬
‫بالتعويض كما أوضحناه سلفاً‬

‫انظر د‪ .‬عبد المعز نجم "اإلجراءات المضادة في القانون الدولي العام" المرجع السابق ص ‪.48 – 43‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد المعز نجم المرجع السابق ذات الموضع‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬بهاء الدين باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ‪.209‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫من الرسالة‪.‬‬ ‫انظر ما سبق ص‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪309‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫المسئولية عن انتهاكار حقوق اإلنسان‬
‫في إطار القانون الدولي الجنائي‬
‫المبحث األول‬
‫التعريف بالقانون الدولي الجنائي‬
‫نتناول في هذا المطلب تعريح القانون الدولي الجنائي ‪ ،‬وتحديد طبيعته ‪ ،‬ووهيفته ‪،‬‬
‫ومحاوالت تدوين قواعده ‪ ،‬وأهميته وذلك كاآلتي ‪-:‬‬
‫أوالً – تعريف القانون الدولي الجنائي ‪-:‬‬
‫‪International Criminal Law‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫اختلف الفقهاء في تعريح القانون الدولي الجنائي‬
‫ويمكن عرض أهم التعريفات التي قيلت – وبعيداً عن الخلط بين القانون الجنائي بأنه‬
‫مجموعة القواعد القائمة بعقاب مخالفات فروض القانون الدولي العام(‪ ،)2‬وقد عرف‬
‫البعض القانون الدولي الجنائي بأنه مجموعة القواعد القانونية المعترف بها في العالقات‬
‫الدولية والتي تهدف إلي حماية النظام القانوني واالجتماعي الدولي بواسطة العقاب علي‬
‫األعمال الماسة به(‪ ،)3‬وتدور معظم التعريفات حول معني واحد وهو أن القانون الدولي‬
‫الجنائي هو مجموعة القواعد القانونية التي تواجه المخالفات التي تقترف بالمخالفة للقانون‬
‫الدولي العام‪.‬‬
‫ومن الجدي بالذكر أن كلمة ودوليو في مسمي القانون الدولي الجنائي تعني أنه فرع من‬
‫فروع القانون الدولي العام ويرجع في مصادره إلي ذات مصادر القانون الدولي العام‬
‫حتي وإن كان وليداً ليس له قدم قواعد القانون الدولي العام ‪ ،‬وال يجوز الخلط بين القانون‬
‫ذلك ألن األول – من خالل تعريفه السابق –‬ ‫(‪)4‬‬
‫الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي‬

‫انظر في عرض هذه الخالفات د‪ .‬مني محمود مصطفي "الجريمة الدولية بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي‬ ‫(‪)1‬‬

‫الدولي" طبعة دار النهضة العربية ص ‪ 66‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر ‪ Glser, droit international penal conventional, 1970, pp. 15 – 47.‬والدكتور بهاء الدين باشات‬ ‫(‪)2‬‬

‫" المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي – المرجع السابق ص ‪.6‬‬


‫انظر األستاذ جالسير – المرجع السابق ذات الموضع‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظرد‪ .‬حسين عبيد "القضاء الدولي الجنائي" ط ‪ 1977‬دار النهضة العربية ص ‪ 6‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪310‬‬
‫له وضيفة محددة تختلف عن غاية القانون الجنائي الدولي الذي ال يغدو كونه فرع من‬
‫فروع القوانين الجنائية الوطنية ‪ ،‬وقد عرف الفقه القانون الجنائي الدولي بأنه ذلك العلم‬
‫الذي يحدد االختصاص القضائي الجنائي للدولة بالنسبة للقضاء األجنبي ويحدد قواعد‬
‫تطبيق قوانين الدول الجنائية للمكان واألشخاص بالنسبة للقوانين الجنائية األجنبية ويبين‬
‫وإنه إن كان هذا التعريح قد‬ ‫(‪)1‬‬
‫كذلك سلطة األحكام الجنائية األجنبية علي إقليم الدولة‬
‫خلط بين القانونين – الجنائي الدولي والدولي الجنائي – إال أن األستاذ الدكتور محيي‬
‫الدين عوض قد يري هذا الخلط بقوله أنه يميل إلي إطالق التعريفين يعطيا معني واحداً‬
‫كمترادفين ‪ ،‬ولكن األرجح أن المسميين ال يمكن أن يعطيا معني واحداً إذ أن القانون‬
‫الجنائي الدولي ليس سوي قانون وطني مدون شأنه شأن كافة القوانين الداخلية وال مجال‬
‫فيه لإلتصال بالقانون الدولي وليست كلمة ودوليو ‪ International‬التي وردت فيه‬
‫سوي من منطلق تعلقه بعنصر أجنبي يظهر في مجال القانون أو العقاب الجنائي أما‬
‫القانون الدولي األجنبي فإن أساسه األخالق شأنه شأن القانون الدولي العام ومصدره ال‬
‫بل أن المبادن العامة للقانون‬ ‫(‪)2‬‬
‫يقتصر علي المصادر المدونة فقط كالقوانين الداخلية‬
‫من مصادره األساسية‪ .‬والخالصة أن القانون الدولي الجنائي هو عبارة عن مجموعة‬
‫من القواعد القانونية التي تتعلق بالعقاب علي الجرائم الدولية‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي" مجلة القانون واالقتصاد – العدد األول مارس سنة‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ 1965‬ص ‪.190‬‬
‫انظر د‪ .‬محمد بهاء باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق هامش ‪ ، 7‬د‪ .‬عبد الرحمن‬ ‫(‪)2‬‬

‫صدقي " دراسة للمبادئ األصولية للقانون الدولي" سنة ‪ 1984‬المجلد ‪ 4‬ص ‪ 4‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪311‬‬
‫ويتبين من هذا أن مركبات تعريف القانون الجنائي هي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن القانون الدولي الجنائي يواجه الجرائم الدولية‪.‬‬
‫‪ -2‬أن القانون الدولي الجنائي يواجه هذه الجرائم بعقاب‪.‬‬
‫‪ -3‬أن القانون الدولي الجنائي هو قواعد قانونية عامة ومجردة صادرة عن الدول‬
‫وتمثل إرادة المجتمع اإلنساني كله في عقاب كل من ينتهك أمن وسالمة هذا‬
‫المجتمع وأفراده‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ -‬تحديد طبيعة ووظيفة القانون الدولي الجنائي ‪-:‬‬


‫الشك أن القانون الدولي الجنائي يمثل انعكاساً لما بلغته القيم العليا في المجتمع الدولي‬
‫ومن تنظيم وكلما زاد اإليمان بهذه المثل وتلك القيم كلما زادت تبعاً لذلك أهمية دور‬
‫القانون الدولي الجنائي‪ .‬وال شك أن وجود القانون الدولي الجنائي يعد – مع تطور‬
‫المجتمع البشري نحو األفضل – أم اًر طبيعياً ما دمنا قد جرنا عصر الغابة علي الساحة‬
‫الدولية(‪ )1‬ومن هذا المنطلق فإن طبيعة هذا القانون ال تعدو كونه قانون يتضمن مجموعة‬
‫من القواعد التي لها كافة خصائص القواعد القانونية الدولية وأهمها أنه يستمد مصادر‬
‫التجريم فيه من العرف والمعاهدات الثنائية والجماعية كمصدرين جوهريين للقانون الدولي‬
‫بصفة عامة‪ .‬ولكن القانون الوليد قد بدأ يستقل بذاتيته الخاصة ويخلع عن كاهله بعض‬
‫خصائص القانون الدولي العام وأهمها أن قواعد األخير تخاطب الدول ال األفراد طبقاً‬
‫(‪)2‬‬
‫لما ساد في الفقه الدولي من أن القانون الدولي ال يعطي الفرد حقاً وال يحمله بواجب‬
‫أما القانون الدولي الجنائي فهو يعتبر أن الفرد شخص من أشخاصه بل هو الهدف‬
‫والغاية من قيامه سواء بالنسبة للتجريم أو العقاب وهذا الفرد بصفته هذه هو المحور في‬

‫انظر د‪ .‬مني محمود مصطفي " الجريمة الدولية بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي" المرجع السابق ص‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ 68‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪.153‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪312‬‬
‫وجود القانون الدولي الجنائي كما أنه المسئول أمامه بعد إقرار المسئولية الجنائية الفردية‬
‫علي المستوي الدولي‪.‬‬
‫وبالنسبة لوهيفة القانون الدولي الجنائي فهي – مثل سائر وهائف القوانين بصفة عامة‬
‫– إيجاد االلتزام والمسائلة عن المخاطبين بأحكامه ‪ ،‬فهذا القانون وضع النص التجريمي‬
‫أو يستند إلي العرف والمبادن العامة للقانون وسائر مصادر القانون الدولي بصفة عامة‬
‫ثم يضع العقوبة ا لمناسبة لحجم المخالفة ‪ ،‬ولكنه يختلف عن القوانين الجنائية الداخلية‬
‫أو الوطنية حيث يكتتف وهيفته هذه في أدائها كثير من الصعوبات التي يحاول هذا‬
‫القانون تذليلها وتخطيها ولقد أقر هذا القانون وهو في طريق تخطي صعوبة بعض‬
‫من أهمها ‪-:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫المبادن العامة‬

‫أ‪ -‬مبدأ سيادة القانون الدولي علي القانون الداخلي‬


‫‪Supermatie Du Droit International Sur Le Droit Intrne.‬‬
‫ويحتم هذا المبدأ علي الدول عدم لتمسك بالسيادة الوطنية في مواجهة أحكام القانون‬
‫الدولي الجنائي فقد أوجب هذا المبدأ علي الدول ما يلي ‪-:‬‬
‫▪ أن توفق بين القانون الداخلي لها والقانون الدولي بإزالة كل ما يتعارض‬
‫مع األخير‪.‬‬
‫▪ أن تعتبر أن قواعد القانون الدولي الجنائي مصادر غير مباشرة للقانون‬
‫الجنائي الداخلي والوطني‪.‬‬
‫▪ أن يعاقب الفرد عند مخالفة أحكام القانون الدولي الجنائي حتي ولو كانت‬
‫أحكام القانون الوطني في الدولة الخاضع لها هذا الفرد ال تعاقب علي‬
‫الفعل أو غير مؤثم فيها(‪.)2‬‬

‫ولسيادته أيضاً "المصلحة الدولية المشاركة أساس لتغيير النظام االقتصادي الدولي" دار النهضة العربية ط ‪ 1984‬ص ‪65‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫– ‪.76‬‬
‫انظر د‪ .‬بهاء الدين باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ‪ 163‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪313‬‬
‫وقد أصبحت الدول تتباري في تبيان مدي امتثالها ألحكام القانون الدولي وال شك في أن‬
‫هذا المبدأ يتمشي مع منطق األشياء ألن القانون الدولي الجنائي هو قانون عالمي لحماية‬
‫المجتمع البشري ككل دون تقيد بحدود جغرافية معينة لكن – وعلي الجانب العكسي –‬
‫إن تزيد القانون الجنائي الداخلي وأثم أفعاالً يبيحها القانون الدولي الجنائي فال غبار‬
‫عليه ‪ ،‬فليست في ذلك أية مشكلة ألن نطاق تطبيق هذه القواعد تقتصر علي النطاق‬
‫الخاضع للسيادة الوطنية للدولة صاحبة القرار‪ .‬ولقد تأكد مبدأ سيادة القانون الدولي علي‬
‫القانون الداخلي من خالل التجريم ا لدولي في هل محاكمات نورممبرج وطوكيو وقد‬
‫أكدت محكمة نورممبرج أن األفراد عليهم واجبات دولية تسمو علي واجب الطاعة‬
‫المفروض عليهم تجاه دولهم التي هم من رعاياها(‪.)1‬‬

‫ب‪ -‬مبدأ مخاطبة القانون الدولي الجنائي للفرد ‪-:‬‬


‫لما كان القانون الذي نحن بصدده هو قانون عقابي فإن اإليالم عنصر أساسي في‬
‫العقاب وال معني لهذا اإليالم بمعزل عن الفرد بصفة كونه إنسان بغض النظر عن‬
‫موقعه في دولته حاكماً كان أو محكوماً فيكفي أنه إنسان يشعر ويتألم ‪ ،‬كما أن هذا‬
‫اإلنسان هو ذاته المحرك للسياسات الدولية نحو األفضل أو التردي بها تجاه الجريمة أو‬
‫الفوضي واالستبداد وهذا الفرد هو الذي يتحمل الواجب وينعم بالحق ‪ ،‬ولقد صاغت‬
‫محكمة نورممبرج في مبادئها هذا المعني فقررت أن كل شخص يرتكب فعالً يشكل‬
‫جريمة في نظر القانون الدولي يسأل عن فعله وعليه أن يتحمل طبيعة الجزاء(‪ ،)2‬وقد‬

‫(‪ )1‬وقد أوردت محكمة نورممبرج صياغة هذا المبدأ القانوني كاآلتي ‪-:‬‬
‫‪"La fait que la droit interne ne punit pas qui constitue un crime de droit international ne de‬‬
‫"‪gage pas respnsabilite en droit international de celui qui l,acommis‬‬
‫(‪ )2‬راجع البند ‪ 2‬من حكم نورممبرج في المرجع السابق للدكتور جلبرت ص ‪ 158‬الذي نصه ‪-:‬‬
‫‪" The very essence of the hater is that individuals of legations of obedience in pared by the‬‬
‫"‪individuals state‬‬
‫‪314‬‬
‫قرر حكم المحكمة أ ‪ ،‬الذين قاموا بارتكاب الجرائم الدولية هو رجال وليسوا كيانات وال‬
‫يمكن كفالة تنفيذ واحترام نصوص القانون الدولي إال بمعاقبة هؤالء األفراد(‪.)1‬‬
‫وقد ترتب علي إقرار المسئولية الجنائية للفرد في ظل أحكام القانون الدولي‬
‫الجنائي عدة نتائج منها ‪-:‬‬
‫‪ -1‬عدم االعتداد بصفة مرتكب الفعل للتخلص من المسئولية حتي ولو كان أعلي‬
‫منصب في الدولة كرئيس الدولة مثالً حيث أن استثناء رؤساء الدول من‬
‫المحاكمة الجنائية عن الجرائم الدولية ال ينطبق حال ارتكابهم هذه الجرائم‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم االعتداد بتذرع المتهم بتنفيذ أمر رئيسه األعلي للتخلص من المسئولية‬
‫الجنائية ‪ ،‬وهذه النتيجة تدخل فيما يعرف (بسيادة الضمير علي مقتضيات‬
‫النظام)(‪.)2‬‬

‫ثالثا ً – محاوالت تدوين قواعد القانون الدولي الجنائي ‪-:‬‬


‫ال شك أن تجريم األفعال التي تمثل انتهاكاً لإلنسانية كالتعذيب أوالتطهير العرقي أو‬
‫االغتصاب أو التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بالفعل دون وجه حق يعد أكبر‬
‫ضمانة لحماية المجتمع الدولي من هذه الجرائم كما أنه ضمانة لمجرمين أنفسهم لعلمهم‬
‫مسبقاً بالجريمة وبالف عل المباو وعلمهم المسبق بعقوبة هذه الجريمة ولقد أبرمت العديد‬
‫من االتفاقيات علي الصعيد الدولي من أجل إرساء قواعد قانونية دولية جنائية(‪ )1‬لمواجهة‬
‫هذه الجرائم الدولية‪ .‬ولقد بات المجتمع في أمس الحاجة إلي القانون الدولي الجنائي‬

‫وقد عبرت المحكمة عن هذا المعني نصاً كاآلتي‪-:‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪"Crime against international law are committed by men not by abstract entities, only by‬‬
‫‪punishing individuals who commit such crimes can the preventions of international law be‬‬
‫‪enforced".‬‬
‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪160‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬مني محمود مصطفي "الجريمة الدولية بين القانون الدولي والقانون الجنائي الدولي" المرجع السابق ص ‪ 80‬وما‬ ‫(‪) )1‬‬

‫بعدها‬
‫‪315‬‬
‫المكتوب وإلي الهيئة القضائية التي تطبق هذا القانون وإلي النموذج المرجو للسلطة‬
‫التنفيذية التي تتولي تنفيذ أحكام القضاء الدولي الجنائي علي أن يكون لهذه األجهزة‬
‫صفة لعمومية والتجريد والديمومة‪ .‬وفي سبيل تحقيق هذه األهداف السامية بذلت‬
‫محاوالت كثيرة ومضنية وذلك منذ أكثر من قرن بدأ من الفقيه األمريكي دافيد فليدرز‬
‫الذي أعد ما يعرف بمدونة أو مسودة فليدز ‪ ،‬ثم أنشئت سنة ‪ 1924‬الجمعية الدولية‬
‫لقانون العقوبات ‪ ،‬وقد كان من أسسها تنمية القانون الدولي الجنائي علي الصعيدين‬
‫النظري والعملي ‪ ،‬وقد كان من ثمار هذه الجمعية انعقاد المؤتمر الدولي حول قانون‬
‫العقوبات في بروكسل سنة ‪ 1926‬والذي تبني قرار بإنشاء محكمة دولية جنائية ‪،‬‬
‫والذي كان أحد أعضاء مجلس إدارة الجمعية‬ ‫(‪)2‬‬
‫وبفضل مجهودات الفقيه الكبير بيال‬
‫الدولية لقانون العقوبات بدأت فكرة إنشاء مجموعة دولية جنائية تظهر إلي حيز الوجود‬
‫وقد أعد هذه الفقيه مجموعته ونشرت سنة ‪ 1935‬ثم تطورت األمور فيما بين الحربين‬
‫العالميتين أما بعد الحرب العالمية الثانية وبعد محاكمات نورممبرج وطوكيو عاد التفكير‬
‫الجدي يراود أذهان الساسة والفقهاء في إنشاء قانون دولي جنائي وقضاء دولي جنائي‬
‫وأكمل المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية مجموعته الدولية لجنائية ‪ ،‬وال‬
‫شك أن اإلنسان في حاجة ماسة لتقنين الجرائم الدولية السيما جرائم الحرب والجرائم ضد‬
‫اإلنسانية ذلك التفكير في إقامة قضاء دولي جنائي البد أن يكون مسبوقاً علي األقل‬
‫متزامناً مع إنشاء قانون دولي جنائي مقنناً ومدوناً وهذا ما اقترحته اللجنة الرابعة للجرائم‬
‫الدولية وقانون العقوبات الوطني المنبثقة عن مؤتمر الجمعية المصرية للقانون الجنائي‬
‫سنة ‪ 1987‬في توصياتها الثامنة‪.‬‬

‫انظر مشروك الفقيه بيال مشار إليه في "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" د‪ .‬الفار المرجع السابق ص ‪، 36 ، 35‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪.37‬‬
‫‪316‬‬
‫أن حماية حقوق اإلنسان وحرياته ال يمكن أن تتحقق كما ينبغي أن يكون‬ ‫والخالصة‬
‫بمعزل عن قانون دولي جنائي مدون‪.‬‬
‫عالقة القانون الدولي الجنائي بقاعدة "شرعية الجرائم والعقوبات" ‪-:‬‬
‫‪Nullum crimen, nulla poena, sime praesin lege poenali‬‬
‫تخطي العقوبة في القوانين العقابية الداخلية بالوضوو والتحديد العتمادها علي قانون‬
‫مكتوب وضعه وصاغه المشرع بما يحكم اقتران وتالزم النص التجريمي بالعقوبة المالئمة‬
‫له ولهذه العقوبة خصائصها التي تميزها وهي شخصية العقوبة وتناسبها مع الجرم وأن‬
‫أما في هل القانون الدولي الجنائي فإن العقوبة لم‬ ‫(‪)1‬‬
‫يصدر بهذه العقوبة حكم قضائي‬
‫تح بهذا القدر من التحديد والوضوو وذلك لعرفية هذا القانون منذ نشأته كفرع للقانون‬
‫الدولي ومن ثم فإن قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات في هل أحكام هذا القانون تجد‬
‫أساسها في مصادر القانون الدولي الجنائي وهي العرف واالتفاقيات الدولية الكاشفة لهذا‬
‫‪ ،‬ولم يورد العرف وال االتفاقيات الشارعة عقوبات للجرائم الدولية التي أوردتها‬ ‫(‪)2‬‬
‫العرف‬
‫حيث ترك ذلك ألحد أمرين فإما أن تقدر العقوبة المحكمة الدولية الجنائية كما حدث في‬
‫محاكمات نورممبرج وإما أن يترك أمر العقوبة إلي الشارع الوطني ويقف حد المواجهة‬
‫كما هو الحال في اتفاقيات جنيف األربع(‪.)4‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الدولية عند التعويض‬
‫ولقد أخذ إعالن األمم المتحدة بشأن تحريم التعذيب وصور العقوبات أو المعاملة القاسية‬
‫‪ Des peines au les draitements eruels‬أو المعاملة غير اإلنسانية ‪In‬‬
‫‪ humans‬أو المعاملة التجريدية ‪ Degradants‬والصادر سنة ‪ 1975‬بالمعيار الثاني‬
‫وهو ترك العقاب للشارع الوطني وكذا الحال بالنسبة إلعالن تحديد سلوك مسئولي التنفيذ‬

‫انظر د‪ .‬حسين عبيد "الجريمة الدولية" المرجع السابق ص ‪.135‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجرائم الدولية" رسالة دكتوراة – جامعة عين شمس – سنة ‪1988‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫– ص ‪ 442‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ‪.22‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر د‪ .‬رمسيس بهنام "الجرائم الدولية" المرجع السابق ص ‪.21‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪317‬‬
‫ومسئولي العالج الصادرين من األمم المتحدة في سنة ‪ 1982 ، 1979‬وكذا اتفاقية‬
‫مناهضة التعذيب سنة ‪ 1984‬حيث انه في كل ما سلف لم يرد نص عقابي للجريمة‬
‫ولكن ترك ذلك للتشريعات العقابية الوطنية‪.‬‬
‫وقد أدي عدم تحديد العقوبة في الجرائم الدولية إلي إنكار قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات‬
‫وهو ما كان مثار دفع من دفوع المتهمين في‬ ‫في هل أحكام القانون الدولي الجنائي‬
‫(‪)1‬‬

‫محاكمات نورممبرج وقد ردت المحكمة علي هذا الدفاع بأن الركن الشرعي للجريمة‬
‫الدولية يستند إلي االتفاقيات واألعراف ‪Droit conventionnel et coutume‬‬
‫‪ international‬كما أن العلم متوافر لدي الجناة بأن ما ارتكبوه هو من أفظع الجرائم‬
‫ولكن – ورغم‬ ‫بدون شك ‪ ،‬والعلم متوفر لديهم أيضاً بمسئوليتهم الجنائية عما اقترفوه‬
‫(‪)2‬‬

‫ذلك‪ -‬ولكيال تكون هناك سلطة تحكمية يمكن أن تخلق جرائم دولية أو عقوبات دولية‬
‫وهو ما يهدم قاعدة الشرعية من أساسها وهي تمثل ضمانة أكيدة وأساسية لكل إنسان‬
‫وهي محل اعتراف جميع النظم القانونية‪.‬‬
‫وهذا ما حمل األستاذ الدكتور عبد العزيز سرحان إلي القول بمنطقية حجة الدفاع في‬
‫أن قاعدة الشرعية وهي أنه ال جريمة وال‬ ‫(‪)3‬‬
‫محاكمات نورممبرج(‪ ،)3‬وقد رأي البعض‬
‫عقوبة بغير نص يمكن إعمالها في هل أحكام القانون الدولي الجنائي إذ يمكن للمحكمة‬
‫الدولية الجنائية أن تطبق ما تنص عليه المادة (‪ )38‬من النظام األساسي لمحكمة العدل‬
‫الدولية الدائمة والتي أوجبت تطبيق االتفاقيات والعرف والمبادن العامة التي أقرتها األمم‬

‫انظر د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجرائم الدولية" المرجع السابق ص ‪ ، 450‬د‪ .‬محمد بهاء الدين‬ ‫(‪)1‬‬

‫باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ‪ 355‬وما بعدها‬
‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار " الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها المرجع السابق ص ‪ ، 111‬ص ‪ 164‬وما بعدها‬ ‫(‪)2‬‬

‫وهذا ما اتجه إليه الفقيه فابر وقد أشار الدكتور محيي الدين عوض في المرجع السابق ص ‪37‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية" المرجع السابق ص ‪306‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪318‬‬
‫المتمدينة وأحكام القضاء ومذاهب كبار الفقهاء ومبادن العدل واإلنصاف علي الترتيب‬
‫وبالكيفية التي أوردها النص سالف الذكر(‪.)1‬‬
‫وما من شك في أن المخرج من هذا المأزق هو تدوين قواعد القانون الدولي الجنائي لبث‬
‫الطمأنينة واالحترام في نفوس البشر بالنسبة للقواعد القانونية الدولية واحتراماً لقاعدة‬
‫الشرعية وهي في ذاتها أهم ضمانات حقوق اإلنسان ‪ ،‬وهو أمر يبدو سهالً بالنظر إلي‬
‫مشروع الجرائم ضد سالم وأمن البشرية الذي أعدته لجنة القانون الدولي التابعة لألمم‬
‫المتحدة طبقاً لقرار المنظمة رقم ‪ 177‬الصادر في سنة ‪ 1947‬فإذا أضيف إلي هذا‬
‫المشروع اتفاقيات جنيف األربع سنة ‪ 1949‬واتفاقية مناهضة التعذيب سنة ‪1984‬‬
‫وتجريم إبادة الجنس سنة ‪ 1948‬واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والميثاق والعهدين‬
‫الدوليين بحيث إذا اندمجت أهم نصوص هذه االتفاقيات واإلعالنات في منظومة واحدة‬
‫فإنه يعد بمثابة تدوين أو تقنين لقواعد القانون الدولي الجنائي(‪.)2‬‬

‫انظر د‪ .‬مفيد شهاب "المبادئ العامة للقانون بوصفها مصدراً للقانون الدولي" المجلة المصرية للقانون الدولي العدد ‪23‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫سنة ‪.1967‬‬
‫(‪ )2‬انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار " الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها المرجع السابق ص ‪ ، 173‬وانظر كذلك ‪CLOUDE‬‬
‫‪LEMMAIS, Droit penal international, 1971, p. 49.‬‬
‫‪319‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫المسئولية الجنائية للفرد في إطار القانون الدولي الجنائي‬
‫لم يكن الفرد من بين المخاطبين بأحكام القانون الدولي التقليدي ومن ثم فلم يعترف هذا‬
‫القانون بالمسئولية الجنائية الفردية أو الشخصية لهذا الفرد بصفته هذه ‪ ،‬لكن لم يكن‬
‫من الطبيعي لهذه النظرية أن تستمر ‪ ،‬ذلك أن اإلنسان هو غاية كل تنظيم وما وجدت‬
‫الدول وال الحكومات وال المجتمعات وال المنظمات إال لتحقيق حقوق وحرية هذا اإلنسان‬
‫ولكي تكفل له أفضل السبل لحياته المعيشية بل وتقتضي الحكمة أن تتوائم القواعد‬
‫القانونية في كل األنظمة مع الطبيعة العاقلة له وأن تساير الجانب الخير في هذا اإلنسان‬
‫ولذا فقد كان البد من أن يهتم النظام القانوني الدولي بهذا الفرد – اإلنسان – أينما وجد‬
‫وحيث كان(‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ولقد بدأ هذا االهتمام بالفرد يأخذ شكالً أكثر أهمية وجدية بعد الحرب العالمية األولي‬
‫وكذا بعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والذي تجلي فيه أن الفرد هو دائماً وأبداً‬
‫الشخص الطبيعي لكل قانون ‪ ،‬وطالما أن الفرد وهو المحور الذي تدور حوله كافة‬
‫التشريعات القانونية فإنه يمكنه أن يكسب حقوقاً في هل القانون الدولي الجديد ‪ ،‬وعلي‬
‫الجانب اآلخر كان البد أن يتحمل بإلتزامات وواجبات تقابل هذه الحقوق ‪ ،‬فإن كان له‬
‫أن يكسب حقوقاً ويتحمل التزامات فإنها بذاتها المسئولية في نطاق القانون الدولي ‪ ،‬ولما‬
‫كان الفرد بصفته هذه قد ارتكب أفعاالً تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وتمثل جرائم دولية‬
‫كالقتل والتعذيب والتشويه والتطهير واإلبادة الجماعية وتجارة المخدرات والرقيق مما هدد‬
‫فقد ههرت المسئولية الدولية الجنائية الشخصية في هل أحكام‬ ‫(‪)3‬‬
‫السلم واألمن الدوليين‬
‫القانون الدولي وقد حظيت هذه الفكرة بتأييد البعض ومعارضة البعض اآلخر علي النحو‬
‫التالي ‪-:‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار " المصلحة الدولية المشتركة" المرجع السابق ص ‪ 44‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية" المرجع السابق ص ‪ 6‬وما بعدها‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫انظر محاكمات نورممبرج للدكتور جلبرت ترجمة د‪ .‬أحمد رائف المرجع السابق ص ‪.20‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫‪320‬‬
‫أوالً – اإلتجاه المعارض لمسئولية الفرد جنائيا ً في ظل أحكام‬
‫القانون الدولي ‪-:‬‬
‫فكرة مسائلة الفرد جنائياً في إطار القانون الدولي وذلك ألن الفرد‬ ‫(‪)1‬‬
‫عارض هذا الفريق‬
‫– عند هذا الرأي – ال يسأل أمام القضاء الدولي الجنائي إذا أنه ليس من المخاطبين‬
‫بأحكام القانون الدولي ولذا فإن القانون الدولي ال يعرف فكرة المسئولية الجنائية الشخصية‬
‫‪ ،‬فالدول – عند هذا الرأي – هي فقط أشخاص القانون الدولي أما األفراد فهم أشخاص‬
‫ولذلك فال يجب أن يسائلوا أمام القانون الدولي حتي‬ ‫(‪)2‬‬
‫يسائلوا أمام القوانين الوطنية‬
‫ولو بان أن القانون الدولي يحمل الفرد إلتزامات فإن هذه المسئولية في حقيقتها ليست‬
‫سوي تخويل الدولة التي يخضع لها هذا الفرد حق عقابه فإن كان قانونها الداخلي ال‬
‫يعاقب علي هذا الفعل فال يعاقب هذا الفرد عن فعله حتي ولو كان هذا الفعل يعاقب‬
‫دولياً أما بالنسبة للمسئولية الجنائية تجاه الدول فقد انتهي هذا الرأي إلي أن الدول تأبي‬
‫طبيعتها – وهي شخص معنوي – أن تخضع لهذه المسئولية ألن العقاب ال معني له‬
‫إال في الكائن الحي المفكر والحساس ذي اإلرادة ولما كانت الدولة ليست كذلك فال‬
‫مجال للقول – إزاء ذلك – بالمسئولية الدولية الجنائية(‪.)3‬‬
‫ولما كان هذا الرأي يمثل فك اًر تقليدياً وقد تطور مفهوم المسئولية في هل أحكام القانون‬
‫الدولي فإن هذا التطور هو أبلغ دليل علي التحول عن هذا اإلتجاه ذلك أن الدول ليست‬
‫إال مجموع أفراد وهي ال إرادة وال حركة لها بدونهم ولذلك فإن اإللتزام يعود علي األفراد‬
‫الذين يمثلون هذه الدولة(‪.)3‬‬
‫ثانيا ً – إقرار فكرة المسئولية الجنائية الدولية ‪-:‬‬

‫ومن أنصنننننننننار هذا الرأي الفقيه أوبنهايم ‪ OPPANHEIM‬انظر في عرض رأيه "الجرائم الدولية وسنننننننننلطة العقاب عليها"‬ ‫(‪)1‬‬

‫المرجع السابق د‪ .‬الفار هامش ص ‪ 29‬وهو ذات رأي الفقيه أنزيلرتي والمشار إليه في ذات المرجع وذات الموضع‪.‬‬
‫انظر في عرض هذه اإلتجاه د‪ .‬عبد الواحد الفار "أسري الحرب" المرجع السابق ص ‪.267‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫ومن أنصار هذا الرأي الفقيه فليمور مشار إليه لدي الدكتور الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق‬ ‫(‪)3‬‬

‫ص ‪ 30‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬حامد سلطان "القانون الدولي العام في وقت السلم" طبعة ‪ 1965‬دار النهضة العربية ص ‪295‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪321‬‬
‫ذهب أغلب الفقه القانوني الدولي إلي التسليم بفكرة المسئولية الجنائية الدولية عن األفعال‬
‫التي تمثل انتهاكاً للقيم والمصالح العليا في المجتمع الدولي(‪.)1‬‬
‫ومع التسليم من هذا اإلتجاه بالمسئولية الجنائية الدولية إال أن من تقع عليه المسئولية‬
‫كان محل خالف وذلك علي النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫الرأي األول – الدولة هي المسئولة جنائياً ‪-:‬‬
‫يعتبر هذا الرأي أقرب إلي الفكر التقليدي منه إلي ما ط أر في النظم القانونية الدولية ‪،‬‬
‫فالدول عند هؤالء الفقهاء هي التي ترتكب الجريمة الدولية باعتبار أن جرائم القانون‬
‫الدولي ال يرتكبها إال أشخاص القانون الدولي فقط ‪ ،‬ولما كان الفرد الطبيعي ال يعد –‬
‫من ناحية‬ ‫في نظرهم – من أشخاص القانون الدولي فهو غير مخاطب بأحكامه‬
‫(‪)2‬‬

‫الحقوق والواجبات ولذا فالدولة هي المسئولة جنائياً دون األفراد العاديين ‪ ،‬فمن الممكن‬
‫– لدي هذا الرأي‪ -‬تصور وجود إرادة إجرامية للدولة ومن ثم وجب إقرار مسئولياتها‬
‫الجنائية عن هنذ اإلدارة اآلثمة(‪ ،)3‬ولكن اطالق هذا الرأي من الفكر التقليدي دليل علي‬
‫أن التطور السريع والمتالحق في نظرة المجتمع للفرد وتكثيف االهتمام بحقوقه ومنع‬
‫انتهاكها قد أثبت اعتواره ووهنه‪.‬‬
‫الرأي الثاني – إلقاء المسئولية الجنائية علي اتق الدولة والفرد معاً ‪-:‬‬
‫يقوم هذا الرأي علي أن الدولةوالفرد معاً ينحمالن العقاب عند مخالفة القانون الدولي‬
‫ولكن طبيعة هذا العقاب تختلف من الدولة إلي الفرد كما أن مسئولية الدولة عن الجريمة‬
‫الدولية ال تنفي مسئولية الفرد عنها ذلك أن الفرد في الحقيقة هو الذي ارتكب اإلثم الدولي‬
‫‪ ،‬وقد قام الفقيه ‪ PELLA‬بإعداد مشروع مدونته العقابية التي عرفت باسمه وحدد‬

‫(‪ )1‬انظر ‪-:‬‬


‫‪Bouzat : Fraite de drait penal et de criminologie Paris, 1970, GLASER, introduction a‬‬
‫‪L,etude du Drait international penal, Poaris, 1954, PELLA La gyerre crime et criminales de‬‬
‫‪guerre, Ba connere, Neuchatel, 1964, drait international Penal consantionnel‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪GRAVEN : Droit penal international , 1964,‬‬
‫نظر ‪GRAVEN : Droit penal international , 1964,‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪322‬‬
‫العقوبات التي يمكن أن توقع علي الدول وقسمها إلي عقوبات دبلوماسية كاإلنذار وقطع‬
‫العالقات الدبلوماسية ‪ ،‬وعقوبات قانونية نحو وضع أموال الدولة تحت الحراسة ‪ ،‬أو‬
‫عقوبات اقتصادية كالمقاطعة االقتصادية والحصار كما أشار الفقيه ‪ PELLA‬إلي‬
‫العقوبات وتدابير أخري متنوعة يمكن أن تتخذ ضد الدولة التي تنتهك أحكام القانون‬
‫الدولي وترتكب الجريمة الدولية أما بالنسبة للشخص الطبيعي فإن العقوبة بالنسبة له ال‬
‫تختلف عن العقوبات التي توقع في القوانين الداخلية اللهم إال الخالف حول تطبيق أو‬
‫عدم تطبيق عقوبة اإلعدام عند المخالفة الدولية التي تستوجب ذلك(‪.)1‬‬
‫الرأي الثالث – مسئولية الشخص الطبيعي بمفرده – جنائياً – عن الجريمة الدولية ‪-:‬‬
‫انتهي هذا الرأي إلي أن الفرد وحده هو الذي ينبغي أن يسأل جنائياً من خالل مسئولية‬
‫الدولة الجنائية ذلك ألن القصد الجنائي باعتبار كونه ركن من أركان الجريمة ال يمكن‬
‫أن يفهم إال من خالل شخص طبيعي فالنية ال توجد أبداً إال لدي الفرد وهو الشخص‬
‫الطبيعي(‪.)2‬‬
‫وإذا كان هذا هو منطق األمور فإن هذا ال يعني عدم مسئولية الدولة عن الجريمة الدولية‬
‫ذلك أنها تسأل دولياً ولكن هذه الجزاءات ال يمكن أن تكون جنائية إذ ان الدول هي‬
‫ولعل‬ ‫كائنات مصطنعة يتصرف من خاللها أفراد عاديون وقد أوجدتها ضرورات عدة‬
‫(‪)3‬‬

‫(‪)4‬‬
‫بصفة عامة والفقه الدولي الجنائي‬ ‫هذا الرأي هو ما ذهب إليه الكثير من الفقه الدولي‬

‫(‪ )1‬انننننننظننننننر ‪PELLA. V.R. la criminalite collective des etats et le droit penal de l,avenin, :‬‬
‫‪BUCAREST 1926 p. 176 et ceq : GRAVEN. Droit penal international cours de Doctrat‬‬
‫‪l.university de caire 1926 p. 121.‬‬
‫انظر كذلك د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجريمة الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪.38‬‬
‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجريمة الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ذات الموضوك‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر ‪.GALSER op. Cit, p. 56 et seq‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫انظر في عرض آراء الفقهاء تونكين ‪ ،‬تربابتن ‪ ،‬وغيرهما ‪ ،‬د‪ .‬الفار المرجع السابق ص ‪ 40‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪323‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وهو ما انتهي إليه أستاذنا الدكتور عبد الواحدالفار وهو ما يقبل عقالً‬ ‫بصفة خاصة‬
‫ومنطقاً لكي ال ينفلت الجناة من المسئولية الشخصية وهم أساس القرار في ارتكاب‬
‫الجرائم الدولية وهو اليد المنفذة التي من خاللها تنفذ الدول أفعالها اآلثمة ‪ ،‬والقول يغر‬
‫ذلك يجعل الجناة المستهينين بحقوق وحريات اآلخرين بمنأي ومأمن من العقاب وهو ما‬
‫ال يمكن قبوله‪.‬‬

‫شروط ومسئولية الفرد الطبيعي عن الجرائم الدولية ‪-:‬‬


‫مخالفة الفعل للقانون الدولي الجنائي ‪ -:‬أي مخالفة القواعد المقررة سواء‬ ‫(أ)‬
‫مدونة أو عرفية ‪ ،‬وإن كانت الحاجة ماسة إلي أن تكون هذه القواعد مدونة‬
‫في مدونة جنائية عقابية واضحة إلقرار قاعدة شرعية‪.‬‬
‫أن يكون االنتهاك ذا عنصر دولي ‪ -:‬بمعني أن تكون المخالفة مشكلة‬ ‫(ب)‬
‫لعدوان علي القيم والمصالح األساسية للجنس البشري حتي ولو ارتكبت هذه‬
‫وهذا هو مناط الحماية الشاملة لإلنسان من‬ ‫(‪)2‬‬
‫المخالفة بدافع شخصي‬
‫االعتداء علي حقوقه وحرياته إذ ال يشترط ان المخالفة بتحريض أو لحساب‬
‫أو برضاء دولة ما‪.‬‬
‫يجب تحديد الجزاء لإلثم طبقاً لقواعد القانون الدولي الجنائي ‪ -:‬وهي قاعدة‬ ‫(ج)‬
‫الشرعية التي يجب تطبيقها في إطار القانون الدولي الجنائي واالهتمام بها‬
‫روحاً ونصاً إلي أن يستقر التشريع الدولي الجنائي‪.‬‬

‫انظر في عرض آراء الفقهاء جالسننننير ودروسننننيت وغيرهما مشننننار إليه في "دراسننننات في القانون الدولي الجنائي" د‪ .‬محيي‬ ‫(‪)1‬‬

‫الدين عوض المرجع السننننننننابق ص ‪ ، 60‬وفي " الجرائم الدولية وسننننننننلطة العقاب عليها" المرجع السننننننننابق للدكتور الفار ذات‬
‫الموضع‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجريمة الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪ ، 43‬د‪ .‬محمد عبدالمنعم الخالق‬ ‫(‪)2‬‬

‫"النظرية العامة للجرائم الدولية" المرجع السابق ص ‪.100‬‬


‫‪324‬‬
‫أن تقع المخالفة من فرد طبيعي حر ومسئول جنائياً ‪ -:‬بمعني أن يتوفر‬ ‫(د)‬
‫لدي اإلنسان حرية اإلختيار واإلدراك للقانون لكونه ينتهك احكام القانون‬
‫الدولي الجنائي وإال امتنعت مسئوليته طبقاً للقواعد العامة في أحكام المسئولية‬
‫الجنائية‪.‬‬

‫التطبيق العملي لإلعتراف بمسئولية الفرد جنائيا ً ‪-:‬‬


‫نصت المادة (‪ )9‬من نظام محكمة نورممبرج علي أن كل شخص يرتكب أفعاالً يعتبرها‬
‫القانون جناية يكون مسئوالً عنها بشرط وجود معاهدة تنظيم الموضوع(‪ )1‬سواء كان الفعل‬
‫معاقب عليه في القانون الداخلي في الدولة التي ارتكبت علي إقليمها الفعل المؤثم أو‬
‫‪ ،‬ولتاكد مسئولية الفرد الطبيعي فقد تم استبدال كلمة وشخصو‬ ‫(‪)2‬‬
‫غير معاقب عليها‬
‫الوارد في المادة (‪ ) 9‬المشار إليها بكلمة وفاعلو حتي ينحصر اإلثم في اإلنسان باعتبار‬
‫كونه شخص طبيعي دون الشخص المعنوي‪.‬‬
‫وقد انتهي األمر إلي صياغة هذا المبدأ علي النحو التالي وكل شخص ‪- Auteur‬‬
‫بمعني فاعل – يرتكب أو يشترك في إرتكاب فعل يعد جريمة طبقاً للقانون الدولي لكونه‬
‫مسئوالً ومستحقاً للعقاب‪.‬‬
‫وليس هناك شك في ان صياغة هذا المبدأ تعد تحوالً في مبادن القانون الدولي ولقد كان‬
‫هذا التحول بفضل إقرار المحكمة للمسئولية الشخصية للفرد عن الجريمة دولياً بعد أن‬
‫دفع دفاع المتهمين في محاكمات نورممبرج بانتفاء المسئولية فردت المحكمة علي هذا‬
‫الدفاع بان القانون الدولي يفرض واجبات علي الفرد والدولة علي حد سواء اما الجرائم‬
‫فقد ارتكبها رجال وليس دول حيث ال تملك الدولة المقدرة الطبيعية علي القيام بمثل هذه‬
‫األعمال واليمكن كفالة تنفيذ واحترام نصوص القانون الدولي إال بعقاب األفراد الطبيعيين‬

‫وان كنا نري ان التقييد هنا غير منطقي ألن المعاهدات ليست هي األساس الوحيد الذي يستقي منه القانون الدولي األفعال‬ ‫(‪)1‬‬

‫التي تعد جرائم دولية‪.‬‬


‫انظر نصوص الئحة محكمة برنبرج "المجلة المصرية للقانون الدولي سنة ‪ .1945‬قسم الولائق ص ‪.298 – 279‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪325‬‬
‫مرتكبي هذه الجرائم(‪ . )1‬كما تردد هذا المبدأ في محاكمات طوكيو كذلك وإن كانت‬
‫محاكمات طوكيو وقد أوردت أن المركز الرسمي للمتهمين هرفاً لتخفيف العقاب وهو‬
‫اتجاه لم يكن موفقاً وال عادالً من المحكمة حيث صاغته محكمة نورممبرج علي اعتبار‬
‫أن المركز الرسمي للمتهمين سواء باعتبارهم رؤاسء دول أو باعتبارهم من كبار الموهفين‬
‫ال يعتبر عذ اًر معفياً من المسئولية أو سبباً في تخفيف العقوبة وال شك في عدالة هذا‬
‫المبدأ ذلك أن المسئولية الشخصية عندمقارفة اإلثم ال تفرق بين حاكم ومحكوم ورئيس‬
‫ومرؤوس إذ أن المسئولية أوالً وأخي اًر تقع علي الفرد باعتبار كونه إنسان آثم وليس من‬
‫العدل وال من المنطق أن يعاقب المرؤوس الذي ينفذ تعليمات وأوامر رئيسه ثم يخفف‬
‫العقاب عن العقل المدبر للجريمة ولإلنسان اآلمر بها ‪ ،‬وعلي العموم فإنه وبصدور قرار‬
‫الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 1/ 59‬فإنمبدا المسئولية الجنائية للفرد في نطاق‬
‫أحكام القانون الدولي الجنائي قد أخذ مكانه حيث صدر هذا القرار باإلجماع وهو يمثل‬
‫اإللزام الدولي واإللتزام القانوني بمبدأ المسئولية الشخصية عن الجرائم الدولية‪.‬‬

‫(‪ )1‬وقد ورد المعني السابق في محاكمات نورممبرج علي النحواالتي ‪-:‬‬
‫‪"It is submitted that international law is concerned with the actions of sovereign states. And‬‬
‫‪provides no punishment for individuals, and further that where the act in question is an act‬‬
‫‪of states it is protected by the doctrine of the sovereignty of the states in opinion of the‬‬
‫‪Tribunal bath. These submissinions must be rejected crimes against international law are‬‬
‫‪committed by men, not by abstract entities, and only by punishing indri duals who commit‬‬
‫‪such crimes can the provision of international law" bee entered.‬‬
‫انظر في عرض هذا المبدأ د‪.‬محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي " المرجع السابق ص ‪ 247‬وكذلك‬
‫الدكتور عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪ 124‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪326‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫المبادئ التي تعين علي تفعيل المحاسبة‬
‫عن انتهاك حقوق اإلنسان‬
‫هناك العديد من المبادن يمكن أن تعمل عند حدوث انتهاك لحقوق اإلنسان وهذه المبادن‬
‫يجب أن تحكم المبادن المترتبة علي هذه االنتهاكات في إطار المسئولية كمبدأ راسخ‪.‬‬
‫ولقد تضمنت المواثيق الدولية العالمية واإلقليمية وكذا معظم االتفاقيات المتعلقة بحقوق‬
‫اإلنسان العديد من هذه المبادن والتي منها ‪:‬‬
‫مبدأ تطييق الخناق علي مرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫ويهدف هذا المبدأ إلي عدم إفالت أي مجرم اقترف انتهاكات حقوق إنسان من المالحقة‬
‫والعقاب‪ .‬ومن ثم فإن المالحقة الدائمة تسبب أكبر ضغط علي الجناة وأكبر ردع لغيرهم‬
‫ممن تسول لم أنفسهم اقتراف هذه االنتهاكات حتي تم المحاكمة وتوقع العقوبة المستحقة‬
‫ولقد لجأت األمم المتحدة في سبيل تحقيق هذا المبدأ إلي عدة وسائل منها ‪-:‬‬
‫‪ .1‬مبدأ عدم استفادة مرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان من قوانين العفو ‪-:‬‬
‫وذلك إن نظام العفو عن الجناة والمذنبين نظام مطبق في معظم دول العالم ومن ثم‬
‫يمكن أن يستفيد من هذا النظام أي جان أو محكوم عليه سواء كان هذا العفو كلياً أو‬
‫جزئياً وفقاً للشروط الموضوعية المطبقة في هذه القوانين الوطنية‪ .‬ولكن نظ اًر لبشاعة‬
‫الجرائم المنتهكة لحقوق اإلنسان ولضمان استيفاء العقوبة من هؤالء الجناة ولعدم تسيس‬
‫هذه الجرائم فقد نصت مواثيق حقوق اإلنسان علي عدم استفادة هؤالء األشخاص من‬
‫العفو وفقاً لنص المادة (‪ )18‬من إعالن حماية األشخاص من جرائم االختفاء القسري‬
‫حيث نصت علي ] أن األشخاص الين يرتكبون جرائم االختفاء القسري ال يستفيدون من‬

‫‪327‬‬
‫قوانين العفو الخاصة أو أية إجراءات مماثلة يكون من أثرها إعفاؤهم من أي عقوبة أو‬
‫إجراءات جنائية(‪.)1‬‬

‫‪ .2‬عدم جواز منح حق الملجأ السياسي لمرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫ويعتبر حق اللجوء السياسي من الحقوق المستقرة في ضمير الجماعة الدولية منذ القدم‬
‫‪ ،‬وما من شك في أهمية هذا الحق لإلنسان الذي يخضع لعسف وإضطهاد دولته وقهرها‬
‫الذي قبل له به ويضيق عليه إقليم هذه الدولة بما رحبت ويجد أال ملجأ إال بالفرار‬
‫بنفسه ورأيه وفكره ومعتقده‪ .‬فإن فر خارج الدولة إلي إقليم دولة أخري كان هذا هو ما‬
‫يعرف باللجوء اإلقليمي وإن استحال علي الخروج وحالت الدولة دون ذلك يمكن أن يلجأ‬
‫إلي أية سفارة أجنبية علي إقليم دولته وهو ما يعرف باللجوء الدبلوماسي وهو ما يمكن‬
‫أن تعترف به دولة المقر إذا كانت طرفا في معاهدة دولية بخصوص حق اللجوء أو إذا‬
‫اعترفت به دون حاجة الرتباطها بمعاهدة في هذا الصدد ففي الحالتين يخرج هذا الالج‬
‫عن والية واختصاص دولته ‪ .‬والشك أن هناك بعداً إنسانياً مثالياً وعظيماً وراء االعتراف‬
‫لإلنسان بهذا الحق الذي يكون بديالً عن الموت وهو ما دعي إلي إبرام المعاهدات بشأنه‬
‫منذ القرن التاسع عشر حيث أبرمت معاهدة مونتفيديو سنة ‪ 1889‬لتنظم حق اللجوء‬
‫السياسي ثم جاءت اتفاقية هافانا سنة ‪ 1928‬حول حق اللجوء السياسي ثم اتفاقية‬
‫مونتفيديو سنة ‪ 1933‬حول حق اللجوء السياسي ثم اتفاقية مونتفيديو سنة ‪ 1939‬ثم‬
‫اتفاقية كاراكاس سنة ‪ 1954‬بخصوص حق اللجوء الدبلوماسي وهو ما نص عليه‬
‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة ‪ 1948‬إال أن االعتراف بحق اللجوء السياسي‬
‫والدبلوماسي أو اإلقليمي ال يتعارض كأصل عام مع استثناء مرتكبي جرائم انتهاكات‬
‫حقوق اإلنسان حتي ال يكون هذا الحق ثغرة ينفلت منها الجناة سواء من المالحقة أو‬

‫قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم ‪ 133/47‬لعام ‪ . 1992‬ومشار إليه لدي د‪ .‬أحمد أبو الوفا المرجع السابق ص‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪ 155‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪328‬‬
‫العقاب وهو ما أكدت علية الوثائق والمواثيق الدولية الصادرة عن األمم المتحدة إذ نصت‬
‫المادة (‪ )14‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان أنه ( ال يجوز طلب الملجأ إذا كانت‬
‫هناك مالحقة عن جريمة غير سياسية أو عن أفعال تتناقض مع مبادن وأهداف ومقاصد‬
‫األمم المتحدة) وهو ما نص عليه اإلعالن الخاص باللجوء السياسي علي أنه ( ال يجوز‬
‫طلب اللجوء من قبل شخص توجد ضده أسباب جدية علي إرتكاب جريمة ضد السالم‬
‫(‪)1‬‬
‫أو جريمة حرب أو جريمة ضد اإلنسانية‪).‬‬
‫وهو ذات االتجاه من الجمعية العامة لألمم المتحدة في قرارها رقم ‪ 3074‬عام ‪1973‬‬
‫والذي نص علي أنه ( ال يجوز للدول منح الملجأ ألي شخص توجد بخصوص أسباب‬
‫جدية أنه ارتكب جريمة ضد السالم أو جريمة حرب أو جريمة ضد اإلنسانية‪ ).‬كما‬
‫نصت المادة (‪ )15‬من اإلعالن الخاص بحماية جميع األشخاص ضد االختفاء القسري‬
‫والصادر سنة ‪ 1992‬علي أنه (يجب علي السلطات المختصة في الدولة أن تراعي عند‬
‫إتخاذها قرار منح اللجوء لشخص ما أو لرفضه مسألة وجود أسباب تدعو إلي االعتقاد‬
‫بان الشخص قد شارك في أعمال االختفاء القسري شديد الخطورة(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬مبدأ تعقب واعتقال وتسليم مرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان ‪-:‬‬


‫ال ريب أن تحقيق الردع العام والخاص وتحقيق العدل يقتضي بأن يكون مرتكب جرائم‬
‫انتهاك حقوق اإلنسان محل مالحقة دائمة ومستمرة لما في ذلك من تضييق الخناق عليه‬
‫في كل مكان حتي يعلم أن ليس بمنجي من العقاب في أي ملجأ فيحدث ذلك في نفسه‬
‫تردداً وخوفاً قبل الوقوع في حبائل االنتهاكات كما أنه يحدث في نفوس أمثاله ذات الهلع‬
‫من المالحقة فيعودوا إلي رشدهم ومن ثم يتحقق الردع العام فضال عن الغاية المثلي‬
‫الثالثة وهي العدل حتي يرتاو ضمير األسوياء أنه لن يفلت مجرم من العقاب ويهدأ‬

‫المبادئ األولي في فقرتها الثانية من اإلعالن الصادر من الجمعية العامة بالقرار رقم ‪ 2312‬سنة ‪.1967‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫د‪ .‬أحمد أبو الوفا ‪ -‬المرجع السابق ص ‪.156‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫‪329‬‬
‫شعور الضحايا وذويهم من ألم الشعور بإنكار العدالة تجاه شخص ما‪ .‬ومن هنا فقد‬
‫ضمنت الوثائق الدولية هذه الغايات حيث صدر قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم‬
‫‪ 46/39‬عام ‪ 1984‬متضمناً مبادن التعاون الدولي بشأن البحث عن ومالحقة واعتقال‬
‫وتسليم وعقاب األشخاص مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد السالم وضد اإلنسانية‪.‬‬
‫ومن أهم هذه المبادن ‪-:‬‬
‫‪ -1‬ضرورة التعاون الدولي في تعقب واعتقال ومحاكمة مرتكبي الجرائم‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم منح الدول حق الملجأ ألي شخص توجد بخصوصه أسباب جدية إلرتكابه‬
‫تلك الجرائم‪.‬‬
‫‪ -3‬لكل دولة حق معاقبة رعاياها عن جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -4‬علي الدول أن تتعاون فيما بينها لتسليم مرتكبي تلك الجرائم‬

‫كما نصت المادة (‪ )8‬من اتفاقية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية‬
‫وغير اإلنسانية والمهينة والحاطة بالكرامة اآلدمية سنة ‪ 1984‬علي اآلتي ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬اعتبار تلك األفعال (التي تضمنتها االتفاقية) جرائم قابلة لتسليم مرتكبيها‬
‫في أي معاهدة لتسليم المجرمين تكون مبرمة بين الدول أو سيتم إبرامها‬
‫بينها‪.‬‬
‫ب‪ -‬بالنسبة للدول التي تجعل تسليم المجرمين مشروطاً بوجود معاهدة دولية‬
‫تقضي بذلك فعليها أن تعتبر االتفاقية هي األساس القانوني لتسليم‬
‫المجرم‪.‬‬
‫ج‪ -‬بالنسبة للدول التي ال تجعل تسليم المجرمين مشروطاً بوجود معاهدة‬
‫دولية تقضي بذلك عليها أن تجعل األفعال المنصوص عليها في االتفاقية‬
‫جرائم قابلة لتسليم مجرميها(‪.)1‬‬

‫المرجع السابق ص ‪.159‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪330‬‬
‫‪ -1‬مبدأ مسئولية الرؤساء عن انتهاكات حقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫ويجد هذا المبدأ أساسه في المسئولية التضامنية وليست المسئولية الشخصية أو مسئولية‬
‫المتبوع عن أعمال تابعه الذي قصر في مراقبته أو أهمل في متابعته أو تقاعس عن منع‬
‫انتهاكاته لحقوق اإلنسان أو أصدر أوامر له بهذه االنتهاكات أو أوامر تفضي إلي هذه‬
‫االنتهاكات أو تقاعس عن إصدار أوامر باحترام حقوق اإلنسان وهو األمر أو القرار‬
‫السلبي الصادر من الرؤساء وهو ما أكدت عليه األمم المتحدة في المبادن التي أصدرها‬
‫المجلس االقتصادي واالجتماعي بق ارره رقم ‪ 1989/65‬تحت مسمي (مبادن المنع‬
‫والتقصي للفاعلين لعمليات اإلعدام خارج القانون واإلعدام التعسفي واإلعدام دون‬
‫محاكمة) حيث نصت الفقرة ‪ 19‬من هذه المبادن علي أنه (ويمكن اعتبار الرؤساء وكبار‬
‫الموهفين وغيرهم من الموهفين العموميين مسئولين عن األفعال التي يرتكبها من يعملون‬
‫تحت رئاستهم إذا كانت قد أتيحت لهم فرصة معقولة لمنع حدوث هذه األفعال)‪ .‬كما‬
‫نصت الفقرة ‪ 26‬علي أنه (وفي كل األحوال تقع المسئولية أيضاً علي الرؤساء الذين‬
‫يصدرون أوامر غير قانونية(‪ ))2‬كما نصت اتفاقية مناهضة التعذيب سنة ‪ 1984‬في‬
‫المادة ‪ 1/2‬منها علي أن ( تتخذ كل دولة طرف كافة اإلجراءات التشريعية أو اإلدارية‬
‫أو القضائية الفعالة أو أية إجراءات أخري لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع‬
‫الختصاصها القضائي وهو ما أكدته االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان عن طريق اللجنة‬
‫األوروبية لحقوق اإلنسان عندما أقرت اللجنة أنه حتي في غياب الضرر المادي أو‬
‫األدبي فإن عدم إتخاذ الدولة لإلجراءات التشريعية واإلدارية والقضائية وكافة اإلصالحات‬
‫المطلوبة يرتب المسئولية لدولية علي أساس مخالفة اإللتزام التعاقدي وهو التزام له صفة‬
‫موضوعية‪ .‬كما أكدت المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان علي أن جميع دول أوروبا‬

‫المبادئ األساسية بشأن استخدام القوة واألسلحة النارية من جانب الموظفين والمكلفين بإنفاذ القوانين‪ .‬مؤتمر األمم‬ ‫(‪)2‬‬

‫المتحدة الثامن لمنع الجريمة هافانا ‪.1990‬‬


‫‪331‬‬
‫ملزمة بحماية كل شخص ضمن واليتها بطرف النظر عن جنسيته أو جنسية الدولة وهذه‬
‫الحماية ليست قاصرة علي المواطنين داخل الدولة وإنما تشمل كل مواطن وكل إنسان‬
‫علي إقليم الدولة ولو كانت دولته من غير أطراف اإلتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫ومن ثم فإن إلتزام الدول هنا هو إلتزام إيجابي بالحماية وإلتزام سلبي بمنع اإلنتهاك سواء‬
‫كان اإلنتهاك عن طريق سلطة تشريعية مثل االمتناع عن إصدار تشريع يحمي حقوق‬
‫اإلنسان أو إصدار تشريعاً يتعارض مع إتفاقية دولية التزمت بها من قبله كما تسأل‬
‫الدول عن مخالفات السلطة التنفيذية من أول رئيس الدولة حتي أقل درجة وهيفية لمن‬
‫صدر عنه التصرف المنتهك لحقوق اإلنسان حتي ولو كان هذا اإلنتهاك تسمح به قوانين‬
‫(‪)1‬‬
‫الدولة ما دام يتعارض واإللتزامات الدولية التي هي علي اتق الدولة‪.‬‬
‫وهو ما أكدت عليه الجمعية العامة لألمم المتحدة في ق ارراتها التي اتخذتها بخصوص‬
‫حقوق اإلنسان في دولة يوغسالفيا السابقة إذ قررت أن (الجمعية العامة تؤكد من جديد‬
‫أن الدول تعتبر مسئولة عن إنتهاكات حقوق اإلنسان التي يرتكبها عمالؤها في إقليمها‬
‫(‪)2‬‬
‫أو إقليم دولة أخري‪.‬‬
‫ويسأل الرئيس أو الدولة ولو كانت االنتهاكات غالباً ما تمارس من خالل وسطاء في‬
‫صورة عسكرية أو أمنية أو أصحاب مهارات مهنية أو فنية أو خبراء علوم تكنولوجية أو‬
‫كيميائية أو صحية وكذلك األطباء وعلماء النفس وغيرهم ‪ ،‬وال يقدو في ثبوت المسئولية‬
‫الدولية خفاء الجناة ألن ذلك يؤكد تقصير الدولة في االجتهاد لمنع االنتهاك طبقاً‬
‫لإللتزامات المفروضة علي الدولة وفقا للقانون الدولي‪ .‬كما تترثب ذات المسئولية في‬
‫حاالت إنكار العدالة أو عدم عقاب من ارتكب الفعل غير المشروع أو التراخي في‬

‫انظر د‪ .‬عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" دار النهضة العربية سنة ‪ 1990‬ص ‪ ، 391‬ود‪ .‬حامد سلطان ود‪ .‬عائشة‬ ‫(‪)1‬‬

‫راتب ‪ ،‬ود‪ .‬صالح الدين عامر "القانون الدولي العام" – دار النهضة العربية سنة ‪ 1995‬ص ‪ ، 304‬د‪ .‬الشافعي محمد بشير‬
‫"المرجع السابق" ص ‪ ، 153‬د‪ .‬أحمد أبو الوفا المرجع السابق ص ‪ ، 165‬د‪ .‬طارق رخا – المرجع السابق ص ‪. 347‬‬
‫انظر دورة الجمعية العامة رق ‪ 48‬في ‪ – 1993/9/21‬الجزء األول ‪ .‬األمم المتحدة ‪ ،‬بيان صحفي نيويورك ‪ 4‬مارس‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪ 1994‬ص ‪.449‬‬
‫‪332‬‬
‫وهو ذاته ما أكدت عليه المادة (‪ )6‬من مشروع‬ ‫(‪)1‬‬
‫البحث والتحري والتقديم للمحاكمة‬
‫اتفاقية الجرائم المخلة بأمن اإلنسانية وسلمها والتي نصت علي أنه ] ال يعفي ارتكاب‬
‫المرؤوس لجريمة مخلة بسلم اإلنسانية وأمنها رؤساؤه من مسئوليتهم الجنائية إذا كانوا‬
‫يعملون أركان لديهم سبب للعلم في الظروف القائمة في ذات الوقت بأن المرؤوس يرتكب‬
‫أو يوشك أن يرتكب تلك الجريمة ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من تدابير الزمة لمنع‬
‫وقوع هذه الجريمة أو قمعها(‪ .) )2‬وكان ذلك قد تأكد من قبل في محاكمات فورلمبرج ثم‬
‫في محاكمة بوروندي ورواندا ومحاكمات يوغسالفيا السابقة ثم في نظام روما األساسي‬
‫للمحكمة الجنائية الدولية سنة ‪( 1998‬علي النحو الذي سوف يرد في الفصل التالي)‬
‫حيث قرر نظام نورمبرج األساسي أن (الوضع الرسمي للمتهمين بانتهاكات حقوق‬
‫اإلنسان سواء كانوا رؤساء دول أم من كبار المسئولين لن يعتبر عذ اًر مبر اًر أو سبباً في‬
‫تخفيف العقوبة)(‪ )3‬وهو ما علقت عليه لجنة القانون الدولي عليه بقولها ‪ :‬إن هذه األحكام‬
‫قد قررت لضمان تطبيق مبادن المسئولية الجنائية الفردية بالتساوي ودون استثناء علي‬
‫أن فرد في السلطة الحكومية أو سلسلة القيادة العسكرية بجميع درجاتها يساهم في إرتكاب‬
‫الجرائم وال يجوز ألي مسئول حكومي يخطط أو يضع سياسة وال يجوز لقائد عسكري‬
‫أو ضابط بأمر أو يتخلف عمداً عن األمكر بمنع الفعل غير المشروع وأي مرؤوس ينفذ‬
‫أوامر باإلنتهاك لحقوق اإلنسان فإن العدالة تقضي باعتبار كل من ذكروا رؤساء وحكاماً‬
‫(‪)1‬‬
‫وفادة ومرؤوسين علي اختالف درجاتهم كلهم مسئولين جنائياً‪.‬‬

‫‪ -2‬مبدأ عدم تقادم اإلنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان ‪-:‬‬

‫د‪ .‬رمزي الشاعر "المسئولية عن أعمال السلطة القضائية" ط ‪ 1987‬ص ‪.109‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫تقرير لجنة القانون الدولي عن الدورة ‪ 48‬لعام ‪ 1996‬ص ‪.30‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫محمود شريف بسيوني – المدخل لدراسة القانون الجنائي الدولي ص ‪ ، 24‬المعهد العالي للدراسات الجنائية – سراكوزا –‬ ‫)‪(3‬‬

‫إيطاليا سنة ‪ 1991‬ص ‪ 24‬وما بعدها‪.‬‬


‫تقرير لجنة القانون الدولي لعام ‪ – 1996‬المرجع السابق ص ‪27‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪333‬‬
‫التقادم يعني أن بعد إرتكاب الجريمة بفترة معينة دون محاكمة الجاني تنتفي بالنسبة له‬
‫الدعوة الجنائية دون عقاب أما سقوط العقوبة فمعناه أن اإلجراءات الجنائية قد تمت قبل‬
‫الجاني ولكنه هرب أثناء إجراءات المحاكمة أو بعد صدور الحكم فإن هل هارباً –‬
‫كأصل عام – فترة حد دتها قوانين اإلجراءات الجنائية تسقط العقوبة قبله‪ .‬إال أن هذه‬
‫األحكام لما تضمنته من توسعة علي الجناة السيما قدرة الحكام والموهفين من الدرجات‬
‫العليا علي التفلت من المحاكمة فكان لزاماً أن يغلق هذا الباب حرصاً علي حقوق‬
‫اإلنسان كمصلحة عليا ومن ثم فقد أكدت االتفاقية الخاصة بعدم تطبيق نصوص التقادم‬
‫علي جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية وذلك بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم‬
‫‪ 2391‬لعام ‪ . 1968‬ومن هنا أمكن مالحقة هؤالء المجرمين بجرائمهم مهما تقادم من‬
‫زمن حتي ال يفلت مجرم من عقوبة وحتي ال يكون التقادم عامالً مساعداً للجناة في‬
‫طريق الجريمة‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫‪ -3‬مبدأ حماية المدافعين عن حقوق اإلنسان ‪-:‬‬
‫الشك أن هناك بشر أكثر شعو اًر بدالم غيرهم وهناك أناس جعلوا حقوق اآلخرين همهم‪.‬‬
‫وهؤالء ال يأمنون شر الحكام وفكرهم وكثي اًر ما دفعوا حياتهم ثمناً لقولة الحق أو خطوة‬
‫في الحق‪ .‬ومن هنا تأذي المجتمع الدولي كثي اًر في إرهاب هؤالء األخيار وتخويفهم أو‬
‫وعدهم أو وعيدهم ومن هنا فقد صدر قرار لجنة حقوق اإلنسان رقم ‪ 1997/56‬الذي‬
‫حثت فيه الحكومات والدول علي االمتناع عن كل أفعال االضطهاد أو االنتقام ضد ‪-:‬‬
‫‪ -‬كل من يتعاون مع أجهزة األمم المتحدة لحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬كل من يستفيدون من إجراءات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان وأولئك‬
‫الذين يقدموا المساعدات القانونية لهذا الغرض‪.‬‬
‫‪ -‬مقدموا الشكاوي طبقاً لوثائق حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬أقارب ضحايا انتهاكات حقوق اإلنسان‪.‬‬
‫‪ -‬المدافعون عن حقوق اإلنسان من خالل أنشطتهم كالمحامين سواء متطوعين‬
‫أو بمقابل‪.‬‬

‫‪ -4‬مبدأ حق ضحايا انتهاكات حقوق اإلنسان في التعويض ‪-:‬‬


‫قد ال تكون بعض إنتهاكات حقوق اإلنسان غير قابلة للتعويض ألن التعويض العادل‬
‫هو إعادة الحال إلي ما كانت عليه قبل اإلنتهاك وهي من المحاالت أو المستيحالت‬
‫بالنسبة للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة والحاطة بالكرامة اآلدمية‪.‬‬
‫وغير متصور أن التعويض يجير ضرر من فقد حياته أو من فقد عائله أو ابنه أو زوجه‬
‫وال من فقد عرضه أو شرفه وال من فقد عضواً من أعضائه أو فاتت عليه منفعة العضو‬
‫وال من حجز أو اختفي قسرياً ولكن التعويض في كل األحوال ليس بديالً عن العقوبة‬
‫الجنائية وإنما هو إلي جانبها يخفف من آثار العدوان ويثقل ذمة الجناة وأوليائهم‪ .‬ومن‬
‫هنا فقد نصت المواثيق الدولية والقوانين الوطنية علي السواء بضرورة تعويض المجني‬
‫عليهم أو ذويهم من أصحاب الحقوق تعويضاً عادالً جاب اًر للضرر المادي واألدبي‬
‫‪335‬‬
‫والموروث ومن أمثلة ما نصت عليه المادة ‪ 6/14‬من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية‬
‫سنة ‪ 1966‬علي أنه إذا تم إدانة شخص بجريمة جنائية ثم تبين أن ذلك كان خطأ‬
‫قضائياً وجب تعويضه وكذلك المادة (‪ )19‬من اإلعالن الخاص بحماية األفراد من‬
‫جريمة االختفاء القسري سنة ‪ 1992‬علي حق الضحايا وأسرهم في التعويض الكافي بما‬
‫في ذلك وسائل إعادة تأهيلهم كلما كان ذلك ممكناً‪ .‬ولقد أنشأت األمم المتحدة صندوقاً‬
‫(‪)1‬‬

‫لضحايا التعذيب بقرار الجمعية العامة رقم ‪ 151/36‬في ‪ 1981/12/16‬من أجل تلقي‬
‫التبرعات بهدف توزيعها علي ضحايا التعذيب وأسرهم ويدار هذا الصندوق بمعرفة األمين‬
‫العام لألمم المتحدة ومساعدة مجلس أمناء من رئيس وأربعة أعضاء ممن لهم خبرة في‬
‫مجاالت حقوق اإلنسان ويهدف هذا الصندوق إلي الصرف في العالج وإعادة التأهيل‬
‫والتدريب الذي يهدف إلي تمكين الضحية وأسرته من التكيف اإلجتماعي واستئناف الحياة‬
‫من جديد(‪.)2‬‬

‫د‪ .‬أحمد أبو الوفا – المرجع السابق ص ‪.162‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫د‪ .‬طارق رخا "تحريم التعذيب والممارسات المرتبطة به" دار النهضة العربية ص ‪.255‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫‪336‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫أداة تطبيق القانون الدولي الجنائي‬
‫المبحث األول‬
‫جهود إنشاء القضاء الدولي الجنائي والعقبات التي كانت تحول دونه‪.‬‬
‫المطلب األول‬
‫جهود إنشاء القضاء الدولي الجنائي‬
‫هل الفقهاء والفالسفة المهتمون باقرار العدالة الدولية وكذلك الجمعيات الخاصة واللجان‬
‫والمنظمات الدولية واإلقليمية هل كل هؤالء يحلمون بميالد قضاء دولي جنائي وقد‬
‫اجتهدوا كثي اًر في سبيل تحويل هذا الحلم إلي حقيقة واقعية ‪ ،‬وسوف نتعرض إلهم هذه‬
‫الجهود وما أتته من ثمار‪.‬‬
‫أوالً – جهود ما قبل الحرب العالمية الثانية ‪-:‬‬
‫منذ عدة قرون مضت الحت فكرة القضاء الدولي الجنائي في اآلفاق الدولية فقد شهد‬
‫القرن الرابع عشر إقامة محكمة دولية جنائية حيث حوكم أمامها الطاغية وبيتزو أحد‬
‫حكام إقليم الراين وقد قضت المحكمة ضده باإلعدام إلنتهاكه حقوق اإلنسان خالل فترة‬
‫حكمه لهذا اإلقليم(‪.)1‬‬
‫قد اهتم في كتاباته خالل القرن السادس بإنشاء‬ ‫(‪)2‬‬
‫كما ان الفقيه زائع الصيت جروسيوس‬
‫قضاء دولي جنائي للعقاب علي الجرائم الدولية ‪ ،‬وقد شهد القرن الماضي عديداً من‬
‫هذه المحاوالت واالجتهادات كان من أهمها انعقاد مؤتمر فينا لمحاكمة نابليون سنة‬
‫‪ 1815‬عن جرائم ارتكبها وما أحدثتها هذه الجرائم في العالم من اضطرابات‪ .‬أما القرن‬
‫الحالي فقد شهدت بدايته عدة محاوالت من هيئات شتي إلقرار وجود هذا القضاء ‪ ،‬منها‬
‫ما حدث سنة ‪ 1922‬حيث قررت جمعية القانون الدولي في اجتماعها الحادي والثالثين‬
‫في بيونس أيرس إنشاء محكمة دولية تختص بالمخالفات لقوانين الحرب ومخالفات‬

‫انظر د‪.‬محمد عبد المنعم عبد الخالق " النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص ‪ 380‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬عبد الرحيم صدقي "القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص‪ 9‬وما بعدها‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪337‬‬
‫القانون الدولي وكلفت هذه الجمعية سكرتيرها السيد ‪ /‬بلوت بإعداد مشروع المحكمة وقد‬
‫تقدم به سنة ‪ 1924‬والذي تضمن إنشاء محكمة جنائية مستقلة عن محكمة العدل الدولية‬
‫الدائمة في الهاي ‪ ،‬وفي سنة ‪ 1925‬انعقد المؤتمر الثالث والعشرون لإلتحاد البرلماني‬
‫الدولي في واشنطن والذ تقدم فيه الفقيه ‪ PELLA‬بدراسة تشمل إمكانية إقامة محكمة‬
‫جنائية خاصة ونيابة عامة دولية وغرفة إتهام لتختص هذه المحكمة بمحاكمة األشخاص‬
‫الطبيعيين مرتكبي الجرائم الدولية ‪ ،‬وفي ذات العام أي في سنة ‪ 1925‬إنعقد أول‬
‫مؤتمرات الجمعية الدولية للقانون الجنائي وقد أقرت الجمعية فكرة إنشاء قضاء دولي‬
‫‪ ،‬وقد‬ ‫(‪)1‬‬
‫جنائي عن طريق إسناد إختصاص جنائي في محكمة العدل الدولية بالهاي‬
‫تم تكليف الفقيه بيال بوضع مشروع لهذا االختصاص الجديد لسنة ‪ 1926‬وقد اشترك‬
‫(‪)2‬‬
‫مع الفقيه بيال في إعداد مشروع إنشاء المحكمة الدولية الجنائية الفقيه ودونديو دفايرو‬
‫أما بالنسبة للجهود التي تبلورت من خالل االتفاقية الدولية فقد نصت المادة (‪ )227‬من‬
‫اتفاقية فرساي للسالم والمبرمة سنة ‪ 1919‬علي إنشاء محكمة دولية لمحاكمة غليوم‬
‫الثاني امبراطور ألمانيا إلنتهاكها مبادن الخالق الدولية وارتكابه جرائم حرب وجرائم‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫دولية‬
‫وفي عام ‪ 1920‬شكل مجلس عصبة األمم لجنة من عشة فقهاء في القانون الدولي‬
‫إلعداد مشروع لمحكمة دائمة للعدل الدولي علي أن تختص هذه المحكمة بالنظر في‬
‫جميع المنازعات الدولية التي يري الخصوم عرضها عليها ومن اهم هذه المنازعات‬
‫الجرائم المتعلقة بإثارت حرب أو مخالفات قانونية اوجرائم ضد اإلنسانية حيث اقترو‬
‫البارون ديسكامب رئيس هذه اللجنة إنشاء محكمة دولية جنائية للنظر في الجرائم المخالفة‬

‫انظر د‪ .‬محيي الدين عوض " دراسات في القانون الدولي" المرجع السابق ص ‪ 26‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬حسنين عبيد "القضاء‬ ‫(‪)1‬‬

‫الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ‪ 38‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية"‬
‫المرجع السابق ص ‪ 384‬وما بعدها‪.‬‬
‫انظر د‪ .‬عبدالواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪.93‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬عبدالواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪.66‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪338‬‬
‫للنظام العام الدولي وقانون الشعوب ‪ Jus Jentinm Droit Pesjenc‬كما طالب‬
‫أعضاء هذه اللجنة بوضع قانون دولي جنائي لتطبقه المحكمة وأن يكون قانوناً مقنناً‬
‫ومكتوباً ‪ ،‬وقد أقرت هذه اللجنة السيد الفونتين علي هذا المشروع وإحالته إلي اللجنة‬
‫القانونية لفحصه فأعترض مقرر اللجنة علي هذا المشروع لعدم وجود تعريح واضح‬
‫ومحدد للجرائم الدولية أو للقانون الدولي الجنائي وانتهي األمر إلي رفض الجمعية‬
‫العمومية لعصبة األمم لهذا المشروع بمقولة أنه سابق لسوان(‪.)1‬‬
‫أما في سنة ‪ 1937‬فقد أبرمت إتفاقيتان دولتين أثمرهما مؤتمر جنيف الدولي الذي انعقد‬
‫سنة ‪ 1937‬في أعقاب الملك ألكسندر ملك يوغسالفيا ووزير الخارجية سنة ‪ 1934‬في‬
‫مرسيليا حيث عقدت عصبة األمم هذا المؤتمر فاستقر في هاتين االتفاقتين وكانت‬
‫احداهما خاصة بردع وعقاب جرائم اإلرهاب والثانية خاصة بإنشاء محكمة دولية جنائية‬
‫ولقد أقر المؤتمر االتفاقية األولي أما الثانية‬ ‫(‪)2‬‬
‫تختص بالمحاكمة علي هذه الجرائم‬
‫الخاصة بإنشاء المحكمة فقد اعترضت عليها بريطانيا وروسيا ولم تقرها إال ثالثة عشر‬
‫دولة فقط حيث اشتمل مشروع هذه االتفاقيات علي كيفية تكوين المحكمة واختصاصها‬
‫وطرق الطعن علي أحكامها ومكانها واجراءات التقاضي أمامها وكيفية تنفيذ احكامها‬
‫وكيفية التصديقات عليها ‪ ،‬وعموماً فإن أيا من هاتين االتفاقتين لم تدخل حيز التنفيذ‬
‫لعدم كفاية التصديق عليها كما أن اشتعال الحرب العالمية الثانية كان من أهم األسباب‬
‫التي حالت دون نفاذهما(‪.)3‬‬
‫جهود ما بعد الحرب العالمية الثانية ‪-:‬‬

‫انظرد‪ .‬محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي "المرجع السابق ص ‪ 143‬وما بعدها ‪ ،‬كما اقترح د‪ .‬جمال‬ ‫(‪)1‬‬

‫العطيفي إنشاء محكمة دولية جنائية لمحاكمة مجرمي الحرب االسرائيليين انظر"نحو محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي‬
‫الحرب االسرائيليين" الجمعية المصرية للقانون الدولي سنة ‪ 1969‬ص ‪.185‬‬
‫انظر د‪ .‬محمد مؤنس محب الدين "االرهاب في القانون الجنائي" رسالة دكتوراة المرجع السابق ص ‪.511 – 501‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد منصور الصاوي "أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية" المرجع السابق ص‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪ ، 395 ، 392‬د‪ .‬عبدالواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪ 144‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪339‬‬
‫لعل أهم ما يعد عالمة بارزة في سبيل إقرار قواعد القانون الدولي الجنائي زالقضاء الدولي‬
‫الجنائي بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة هو تلك المحاكمات الدولية التي تمت لمحاكمة‬
‫مجرمي الحرب ومقترفي الجرائم الدولية وأهمها قضاء نورممبرج حيث تعد محاكمات‬
‫نورممبرج سابقة ناجحة في العقاب علي الجرائم الدولية إذ أكملت النقص السابق في‬
‫ميثاق بريان كليوج سنة ‪ 1928‬الذي وضع النصوص دون تحديد تطبيق هذه النصوص‬
‫والتنفيذ الفعلي ضد المجرمين ‪ ،‬وقد أنشئت محاكمات الحرب العاليمة الثانية (نورممبرج‬
‫ثم تلي‬ ‫(‪)1‬‬
‫وطوكيو) بإتفاق لندن سنة ‪ 1945‬وتصريح ماك أرثر في اليابان سنة ‪1946‬‬
‫هذه المحاكمات جهود دولية أخري في طريق إرساء قواعد القضاء الدولي الجنائي حيث‬
‫قررت الجمعية العامة لألمم المتحدة تقنين مبادن نورممبرج وقد عهد بذلك إلي لجنة‬
‫القانون الدولي ‪ ،‬ثم تلي ذلك إقرار اتفاقية تحريم إبادة الجنس البشري سنة ‪ 1948‬وفي‬
‫ذات العام أوكلت الجمعية العامة لألمم المتحدة إلي لجنة القانون الدولي دراسة إمكانية‬
‫إنشاء قضاء دولي جنائي لمحاكمة األشخاص المتهمين في إبادة الجنس البشري ‪ ،‬وفي‬
‫سبتمبر سنة ‪ 19514‬شكلت الجمعية العامة لألمم المتحدة لجنة إلعداد مشروع اتفاقية‬
‫إلنشاء قضاء دولي جنائي سميت بلجنة جنيف ‪.‬‬
‫ثم شكلت لجنة أخري عام ‪ 1953‬عرفت بلجنة نيويورك والتي شكلت لذات الغرض‬
‫وإلي اآلن لم يصدر قرار من األمم المتحدة بعقد إتفاقية دولية إلنشاء قضاء دولي جنائي‬
‫رغم إنتهاء الجمعية العامة لألمم المتحدة في دورتها التاسعة والعشرين في ‪1974/2/14‬‬
‫يمكن أن يترتب عليه المسائلة الدولية الجنائية ‪ ،‬كما أن‬ ‫(‪)2‬‬
‫وإلي وضع تعريح للعدوان‬
‫جهود الفقهاء والجمعيات الخاصة واللجان الخاصة استمرت في سعيها نحو وضع قانون‬
‫دولي جنائي وإقامة قضاء دولي جنائي ‪ ،‬ففي عام ‪ 1948‬صدر تصريح من المؤتمر‬

‫انظر د‪ .‬عبدالواحد "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪ 174‬وما بعدها‪ .‬د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد‬ ‫(‪)1‬‬

‫الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص ‪ 408‬وما بعدها‪.‬‬


‫انظر د‪ .‬عبدالواحد "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪ 174‬وما بعدها‪ .‬د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد‬ ‫(‪)2‬‬

‫الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص ‪ 408‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪340‬‬
‫السابع والثالثين لإلتحاد البرلماني الدولي والذي انعقد في روما والذي أورد في البند‬
‫العاشر منه النص علي حث المجتمع الدولي علي ضرورة اإلسراع بوضع قانون عقوبات‬
‫دولي وإقامة محكمة دولية جنائية للعقاب علي ارتكاب الجرائم ضد السالم وجرائم الحرب‬
‫والجرائم ضداإلنسانية وال سيما جريمة إبادة الجنس البشري ‪.‬‬
‫كما أن الفقيه األمريكي جاكسون والذي كان قاضياً في محاكمات نورممبرج كما كان‬
‫قاضياً في المحكمة العليا األمريكية قد حث علي المحاكمة علي جرائم الحرب والجرائم‬
‫ضد اإلنسانية والمرتكبة من قبل أمريكا وأهمها إلقاء قنبلتين هيروشيما وناجازاكي حيث‬
‫اإلجرامية‬ ‫(‪)1‬‬
‫قرر سيادته وإننا لسن ا علي استعداد أن نضع القواعد لتحديد ماهية األفعال‬
‫بالنسبة لغيرنا بينما ال نقبل نطبق هذه القواعد علي أنفسنا ‪ ،‬كما أن الفقيه برتراندرسيل‬
‫دعا إلي إقامة محكمة دولية جنائية علي غرار محكمة نورممبرج لمحاكمة مرتكبيجرائم‬
‫الحرب والجرائم ضد اإلنسانية والتي ارتكبها األمريكيون في الحرب ضد فيتنام(‪.)2‬‬
‫أما علي الصعيد الوطني فقد أوصي المؤتمر األول للجمعية المصرية للقانون الجنائي‬
‫سنة ‪ 1987‬بإنشاء قضاء دولي جنائي دائم في إطار منظمة األمم المتحدة ليختص‬
‫بعقاب مرتكبي الجرائم الدولية علي أن يتزامن تقنين الجرائم الدولية مع إنشاء القضاء‬
‫الدولي الجنائي المقترو(‪.)3‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫العقبات التي كانت تحول دون إنشائه‬

‫انظر برتراندرسل "جرائم الحرب في فيتنام" ترجمة د‪ .‬محيي الدين عويس دار النشر والتوزيع القاهرة سنة ‪ 1970‬ص ‪100‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫وما بعدها‪.‬‬
‫انظر برتراندرسل "جرائم الحرب في فيتنام" المرجع السابق ص ‪.154‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص ‪.388 – 387‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪341‬‬
‫اعترضت فكرة إنشاء قضاء دولي جنائي بعض العراقيل التي نظر إليها الكثيرن – وال‬
‫زالوا‪ -‬علي أنها موانع تحول دون إنشاء هذا القضاء ‪ .‬وسوف نعرض لهذه العراقيل‬
‫ونبين إلي أي مدي يمكن تالفيها تذليلها علي النحو التالي ‪-:‬‬
‫أوالً – تعارض القضاء الدولي الجنائي وفكرة السيادة الجنائية ‪-:‬‬
‫اعترضت الدول علي إقامة قضاء دولي جنائي تأسيساً علي تمسكها الحرفي بفكرة السيادة‬
‫إذ رأت أن إنشاء قضاء دولي جنائي يعاقب رؤساء الدول والحكومات وكبار موهفي‬
‫(‪)1‬‬
‫الدولة فيه إهدار للحصانة المكفولة لهؤالء ومن في حكمهم بمقتضي السيادة الوطنية‬
‫ولكن الناهر المدقق يري أن هذا االعتراض ليس في محله وهو مردود بعديد من‬
‫األسباب منها ‪-:‬‬
‫(أ) أن السيادة بمعناها التقليدي الذي استقر لدي الفكر التقليدي لم تعد تصلح وال‬
‫تساير التطور الحاصل في المجتمع الدولي الذي نحيي فيه والذي باتت فيه‬
‫السيادة مقيدة بقواعد القانون الدولي ‪ ،‬وباتت الدول تتفاخر بأن تتنازل عن‬
‫المعني القديم للسيادة في سبيل حماية حقوق وحريات اإلنسان واحترام حقوق‬
‫وحريات الغير واإلنصيا لقواعد القانون الدولي وعدم مخالفتها واالعتراف بمبدأ‬
‫سمو القواعد القانونية الدولية علي القانون الداخلي‪.‬‬
‫(ب) أن إنضمام الدول إلي منظمة األمم المتحدة وبما تفرضه المنظمة علي الدول‬
‫األعضاء من االلتزامات بحث أن يترك للمنظمة سلطة فرض جزاءات عن‬
‫طريق قضاء دولي جنائي يكفل إقرار قواعد القانون الدولي واحترامها ويضمن‬
‫عدم الخروج عليها ويعاقب عند انتهاك هذه القواعد وتلك اإللتزامات الدولية‬
‫ومن ثم فال يعقل – ويعد االنضمام إلي هذه المنظمة – القول بأن مراعاة هذه‬
‫اإللتزامات ينقص من سيادة الدول(‪.)1‬‬

‫انظر د‪ .‬حسنين عبيد "القضاء الدولي الجنائي " المرجع السابق ص ‪.122‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص ‪.429‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪342‬‬
‫(ج) أن االختصاص الجنائي المكفول للدول علي إقليمها والمرتبط بسيادتها قليل‬
‫بطبيعته االستثنائية كجواز نقل المتهم إلي الدولة التي ينتمي إليها أو التي يتم‬
‫فيها التحقيق معه أو محاكمته وغير ذلك من اوجه االستثناءات علي السيادة‬
‫التي تجعل إمكانية الخروج علي االختصاص الجنائي الداخلي قبل التحقيق في‬
‫وجه العموم ومن هنا فليس ما يمنع – ومن باب أولي – من إقامة قضاء دولي‬
‫جنائي بما ال يمكن أن يقال معه أنه يمثل إنتقاص من سيادة الدولة‪.‬‬
‫(د) كما أضاف بعض الفقه حجة أخري للتخفيف من القول بان إقامة القضاء‬
‫الدولي الجنائي ينقض من سيادة الدول ومفاد هذه الحجة أن غالبية الجهود‬
‫الدولية التي بذلت في سبيل إقامة القضاء الدولي الجنائي قد إنتهت إلي جعل‬
‫اللجوء إلي هذا القضاء اختيارياً للدول المضرورة طبقاً لما نصت عليه المادة‬
‫(‪ )6‬من اتفاقية تحريم إبادة الجنس والسابق اإلشارة إليها(‪.)2‬‬

‫وعموماً ورغم عدم اقتناعنا بالقول بأن يكون اللجوء إلي القضاء الدولي الجنائي اختيارياً‬
‫في كل األحوال إذ أنه مادام قضاءاً فالبد من اللجوء إليه في الجرائم الدولية وأن يكون‬
‫ذلك قه اًر أو قص اًر بالنسبة للمشكو فيه من أفراد المجتمع الدولي أو ممثلي الدول المشكو‬
‫فيهم – فإنه ما دام ان هناك قواعد دولية كونت ما يعرف بالقانون الدولي الجنائي فال‬
‫يقبل أن يكون هناك قانون بال جهاز قضائي وسلطة تحاسب عند انتهاك احكام هذا‬
‫القانون ‪ ،‬كما أن وجود هذا القضاء يمثل ضمانة أكيدة للحفا علي سيادة الدول دون‬
‫أن يتعارض معها ألن ديمومته تجعل الجاني‪ -‬فرضاً كان أو دولية – يفكر قبل العدوان‬
‫علي مصالح وحقوق اآلخرين ذلك أن هناك قضاء ثابت ودائم ومتحف يسهر علي إقرار‬
‫العدالة والقصاص من المعتدين داخل المجتمع الدولي ‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬محمد منصور الصاوي "أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية" دار المطبوعات‬ ‫(‪)2‬‬

‫الجامعية – االسكندرية سنة ‪ 1984‬ص ‪ 641‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪343‬‬
‫ثانيا ً – عدم وجود سلطة تنفيذية دولية ‪-:‬‬
‫كان من اهم االنتقادات التي وجهت إلي فكرة إنشاء قضاء دولي جنائي أنه ال توجد‬
‫بالمجتمع الدولي سلطة دولية لها صالحية معاونة للقضاء الدولي الجنائي في أداء‬
‫رسالته كمهمة الشرطة أو البوليس داخل الدول حيث ال يوجد جهاز دولي له سلطة إلقاء‬
‫القبض علي المتهم بارتكاب جريمة لمثوله أمام القضاء الدولي كما أنه في هل عدم‬
‫وجود هذه السلطة فال يمكن ضمان وكفالة تنفيذ أحكام هذا القضاء(‪ ، )1‬ولكن هذا االنتقاد‬
‫مردود بإنه من الممكن جداً إمداد القضاء الدولي الجنائي بقوة شرطة دولية مكونة بأسلوب‬
‫عادل وتجريدي من دول العالم مثلما هو موجود وقائم بالفعل في قوة البوليس الدولي‬
‫المعروف باإلنتربول وأن تزود هذه الشرطة الدولية بقوات ذات كفاءة عالية تكفل هيمنة‬
‫هذه القوة علي األمور في المجتمع الدولي وتضمن معاونة هذا القضاء وتنفيذ احكامه‬
‫كما ان إنشاء نيابة دولية ليس بالمستحيل وال الصعب ‪ ،‬وما من شك في في أن إنشاء‬
‫هذه األجهزة ليس بالمتطلب سوي اقتناع الدول وإيمانها بأهمية رسالة القضاء الدولي‬
‫الجنائي في حماية حقوق وحريات األفراد وإقرار العدالة في المجتمع الدولي كما أن‬
‫إتمام إنشاء هذه األجهزة في سياق األمم المتحدة وتحت مظلتها هو أسرع وأيسر ‪ ،‬سيما‬
‫ما يتعلق باالختيار للشخصيات التي تمثل القضاء الدولي الجنائي والنيابة الدولية أو ما‬
‫يتعلق بالنواحي المادية واإلدارية والفنية علي وجه العموم‪.‬‬

‫كما أن هناك تعاون دولي موجود وقائم لمواجهة والتصدي لجرائم الحرب والجرائم ضد االنسانية لتعقب واعتقال وتسليم‬ ‫(‪)1‬‬

‫ومعاقبة األشخاص المذنبين بارتكابهم هذه الجرائم ‪ ،‬وقد كان أساس هذا التعاون في نطاق االجراءات الدولية هو قرار الجمعية‬
‫العامة لألمم المتحدة الصادر في ‪ 3‬ديسمبر سنة ‪ 1973‬برقم ‪( 304‬ال د – ‪ . )28‬اما بالنسبة لمظاهر التعاون الدولي في‬
‫مكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية فإنها تتبلور في تكرار مكافحة هذه الجرائم عن طريق مبدأ المساعدة المتبادلة من خالل‬
‫المنظمة الدولية للشرطة الجنائية والمعروفة باإلنتربول انظر في ذلك د‪ .‬عبد الواحد الفرا "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها"‬
‫المرجع السابق ص ‪ ، 395 – 357‬ص ‪ ، 602 – 596‬د‪ .‬محمد منصور الصادوي "أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة‬
‫الجرائم ذات الصفة الدولية" الرسالة السابقة – كلية الحقوق – جامعة االسكندرية سنة ‪ 1984‬ص ‪ 643‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪344‬‬
‫ثالثا ً – معارضة الدول الكبري لفكرة إنشاء قضاء دولي جنائي ‪-:‬‬
‫يؤكد الواقع الذي نحياه اليوم في المجتمع الدولي أن الدول الكبري تهيمن علي مقاليد‬
‫األمور في العالم وتتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في ق اررات المنظمات الدولية‬
‫السيما منظمة األمم المتحدة وتتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة تسيير السياسات‬
‫الداخلية للدول األخري السيما الدول الفقيرة ‪ ،‬أو تلك الدول التي ال تسير فيها ركابها ‪،‬‬
‫وال شك أن هذا يمثل انتكاسة لما وصل إليه المجتمع الدولي من تقدم في هذه النواحي‬
‫‪ ،‬وخالصة القول أن هذه الدول – من خالل رؤسائها وكبار رجالها – ليست مستعدة‬
‫ألنة تؤدي قيام دولي جنائي والذي – إن طبق بالفعل – سوف تكون هذه الدولة في‬
‫قفص اإلتهام ‪ ،‬كما أن رؤساء هذه الدول غير مستعدين إطالقاً لقبول هذه الفكرة مادام‬
‫مثولهم أمام هذا القضاء أمر وارد وإدانتهم ليست بالبعيدة ‪ ،‬إزاء ما ينتهكون من احكام‬
‫القانون الدولي السينا وأن هذا القضاء ليس فيه حصانة لكبار موهفي هذه الدول مادامو‬
‫مجرمين وما من شك في أن هذا االعتراض أهم هذه االعتراضات بل هو األساس في‬
‫تأخير ههور هذا القضاء رغم المناداة بوجوده منذ وقت بعيد ورغم اهمية وجوده في إقرار‬
‫العدالة واحترام حقوق وحريات األفراد‪.‬‬
‫وعموماً فإن علي الدول الكبري أن تعلم أن األيام دول وأن قوة الدولة عسكرياً أو تكنولوجياً‬
‫أو اقتصادياً عرضة لإلضمحالل والذبول ‪ ،‬وأن هذه الدول مهما بلغت في قوتها فهي‬
‫ضدها وضد مصالحها الحيوية داخلها وخارجها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫ليست بمأمن من اقتراف جرائم دولية‬
‫وليس أدل علي ذلك من الجرائم اإلرهابية التي ترتكب ضد أعتي الدول وأقواها اليوم‬
‫سواء داخلها أو علي سفارتها أو مواطنيها في الخارج‪.‬‬

‫انظر د‪ .‬حسنين عبيد " القضاء الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ‪ 123‬وما بعدها ‪ ،‬د‪ .‬محمد عبد المنعم عبد الخالق‬ ‫(‪)1‬‬

‫"النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص ‪ ، 431‬د‪ .‬محمد منصور الصادوي "احكام القانون الدولي المتعلقة‬
‫بمكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية" المرجع السابق ص ‪ ، 632‬د‪ .‬عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها"‬
‫المرجع السابق ص ‪.608 – 607‬‬
‫‪345‬‬
‫ضروة وجود قضاء دولي جنائي دائم ‪-:‬‬
‫باإلضافة إلي ما سقناه من ردود علي حجج المعارضين إلنشاء قضاء دولي جنائي فإن‬
‫هناك عدة أسانيد أخري تحتم إنشاء هذا القضاء منها ‪-:‬‬
‫ثمة مبدأ وضعته محكمة نورممبرج مثل تحوالً جذرياً في النظام القانوني‬ ‫(أ)‬
‫الدولي وهو أن كل شخص يرتكب جريمة طبقاً ألحكام القانون الدولي يسأل‬
‫مسئولية شخصية ومباشرة عنها أمام القضاء الدولي ومن ثم فالبد أن يوضع‬
‫هذا المبدأ موضع التنفيذ وسبيل ذلك هو إنشاء قضاء دولي جنائي دائم‬
‫يختص بالمحاكمة والعقاب علي رتكاب الجرائم الدولية‪.‬‬
‫أن فكرة العدالة الدولية ال يمكن أن تتحقق في هل قانون دولي بال جهاز‬ ‫(ب)‬
‫قضائي يعاقب من ينتهك أحكام هذا القانون أو يترك ذلك إلي السلطات‬
‫الوطنية بما في ذلك من تباين واختالف‪.‬‬

‫‪346‬‬
‫أن ترك المحاكمة للسلطات الوطنية بالنسبة للمتهمين في جرائم دولية يجعل‬ ‫(ج)‬
‫إمكانية صدور أحكام متضاربة ومتناقصة أم اًر وارداً(‪.)1‬‬
‫أن عدم وجود محكمة دولية جنائية دائمة للعقاب علي ارتكاب الجرائم الدولية‬ ‫(د)‬
‫يعني أن يظل وجود هذه المحاكم مقترناً بانتصار جانب وانهزام آخر ‪ ،‬حيث‬
‫تشكل الدول المنتصرة محاكم لمحاكمة مجرمي الحرب ‪ ،‬ولو ذلك لما وجدت‬
‫محاكم نورممبرج وطوكيو مما شكك البعض في عدالة هذه المحاكمات إذ‬
‫من غير المعقول أن يكون الجانب المنتصر لم يرتكب ثمة جرائم‪.‬‬
‫ال شك أن من أهم أسباب الحاجة إلي وجود قضاء دولي جنائي دائم هو بث‬ ‫(ه)‬
‫روو الفاعلية في نصوص القانون الدولي الجنائي مما يضفي علي قواعد‬
‫هذا القانون االحترام وااللتزام بما يقلل وجود الجرائم الدولية مما يكون له‬
‫أعظم األثر لخلق دولي آمن ومستقر وهو ما تصبو إليه البشرية وتتمناه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة‬

‫وقد حدث ذلك بالفعل في قضنننننننيتين متشنننننننابهتين في كل الظروف وحكم فيهما حكمين مختلفين تماماً حيث كانت القضنننننننية‬ ‫(‪)1‬‬

‫األولي هي محناكمنة بريطنانينة لثال لنة من األلمنان اتهموا بتزويند العندو بنالغناز السنننننننننام – حينث كنانوا يعملون في شنننننننننركنات مواد‬
‫كيماوية – ألناء الحرب العالمية الثانية وذلك باسنتخدام الغاز السنام في قتل األسنري في المعتقالت األلمانية وقضني فيها – في‬
‫بريطانيا – باإلعدام وتنفذ الحكم ‪ ،‬في حين أن محكمة ألمانيا عرض عليها متهم بنفس التهمة وهي تزويد الجيش بالغاز السام‬
‫– حيث كان يعمل مدير شننننننننركة كيماوية – بهدف قتل أسننننننننري الحرب في المعسننننننننكرات األلمانية – ومع لبوت التهمة حكمت‬
‫المحكمة األلمانية بسنننننجن المتهم خمس سننننننوات وحرمانه من المجنية لمدة لالث سننننننوات‪ .‬انظر في ذلك د‪ .‬عبد الواحد الفار‬
‫"الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ‪ 63‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪347‬‬
‫انعقد مؤتمر األمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين في ‪ 15‬يوليو ‪ 1998‬وأنجز إنشاء‬
‫محكمة جنائية دولية سميت بنظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية نسبة إلي‬
‫انعقاده بروما في إيطاليا وقد دخل حيز النفاذ في يوليو ‪ 2002‬ولقد سبق أن أوضحنا‬
‫في سياق المسئولية عن االنتهاكات لحقوق اإلنسان أن هناك حاجة ماسة وملحة إلي‬
‫إنشاء قضاء جنائي دولي دائم ومستقر السيما وأن ما عرضناه من أنظمة كانت محاكم‬
‫جنائية مؤقتة بحوادث معينة علي النحو الذي سبق في محاكم نورمبرج وطوكيو ورواندا‬
‫وبوروندي ويوغسالفيا السابقة‪ .‬وقد نجحت هذه المحاوالت واإلجتهادات الفقهية والنشاط‬
‫الدبلوماسي وعلي الصعيد الدولي إلي ميالد هذه المحكمة ذات األهمية القصوي علي‬
‫صعيد المحاسبة علي انتهاكات حقوق اإلنسان وترسيخ مبدأ المسئولية في إطار القانون‬
‫الدولي الجنائي السيما ضد من ال تفي القوانين الوطنية بمحاسبتهم ألسباب متعددة وذلك‬
‫تأكيداً علي العدالة وسمو القانون الدولي اإلنساني فوق األنظمة الداخلية في خصوص‬
‫حماية حقوق اإلنسان ولقد بلور هذا جيداً ما ورد في ديباجة النظام األساسي للمحكمة‬
‫الجنائية الدولية الذي قرر في ديباجته أن األمم إذ تدرك أن ثمة روابط مشتركة توحد‬
‫جميع الشعوب ‪ ،‬وأن ثقافات الشعوب تشكل تراثا مشتركاً ‪ ،‬وإذ يقلقها أن هذا النسيج‬
‫الرقيق يمكن أن يتمزق في أي وقت‪.‬‬
‫• وإذ تضع في اعتبارها أن ماليين األطفال والنساء والرجال قد وقعوا خالل القرن‬
‫الحالي (القرن العشرين) ضحايا لفظائع ال يمكن تصورها ‪ ،‬هزت ضمير‬
‫اإلنسانية بقوة‪.‬‬
‫• وإذ تسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم واألمن والرفاء في العالم‪.‬‬
‫• وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب أال تمر‬
‫دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها علي نحو فعال من خالل تدابير‬
‫تتخذ علي الصعيد الوطني وكذلك من خالل تعزيز التعاون الدولي‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫• وقد عقد العزم علي وضع حد إلفالت مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلي‬
‫اإلسهام بالتالي في منع هذه الجرائم‪.‬‬
‫• وإذ تؤكد من جديد مقاصد ومبادن ميثاق األمم المتحدة وبخاصة أن جميع الدول‬
‫يجب أن تمتنع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السالمة اإلقليمية‬
‫أو االستقالل ألية دولة أو علي نحو ال يتفق ومقاصد األمم المتحدة‪.‬‬
‫• إذ تؤكد في هذا الصدد أنه ال يوجد في هذا النظام األساسي ما يمكن اعتباره إذ‬
‫أن ألية دولة طرف بالتدخل في نزاع مسلح يقع في إطار الشئون الداخلية ألية‬
‫دولة‪.‬‬
‫• وقد عقدت العزم من أجل بلو هذه الغايات ولصالح األجيال والمقبلة علي إنشاء‬
‫محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة ذات عالقة بمنظومة األمم المتحدة وذات‬
‫اختصاص علي الجرائم األشد خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره‪.‬‬
‫• وإذ تؤكد أن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب هذا النظام األساسي ستكون‬
‫مكملة للواليات القضائية الجنائية الوطنية‪.‬‬
‫• وتصميماً منها علي ضمان االحترام الدائم لتحقيق العدالة الدولية‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫ولقد كان الهدف من إنشاء هذا القضاء الدولي الجنائي مواجهة األمور‬
‫اآلتية ‪-:‬‬
‫‪ -1‬خطورة الجرائم التي يرتكبها الجناة وذلك وفقاً لما تضمنته المادة الخامسة من‬
‫النظام األساسي للمحكمة من أنه يقتصر اختصاص المحكمة علي أشد الجرائم‬
‫خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره ‪ ،‬وللمحكمة بموجب هذا النظام‬
‫األساسي اإلختصاص بالنظر في المسائل اآلتية ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬جريمة اإلبادة الجماعية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الجرائم ضد اإلنسانية‪.‬‬
‫ج‪ -‬جرائم الحرب‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫د‪ -‬جريمة العدوان‪.‬‬
‫‪ -2‬وجود األحوال التي تحتم وجود هذا القضاء الدولي الجنائي إما لعدم ضمان‬
‫النزاهة في المحاكمات الداخلية أو إلحتمال عدم المحاكمة من األساس ألسباب‬
‫(‪)2‬‬
‫سياسية أو عرقية أو طائفية أو غير ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬الطبيعة الدولية لهذه الجرائم المرتكبة وتأذي الرأي العام العالمي منها‪.‬‬
‫‪ -4‬إحداث الردع في نفوس كبار المسئولين في الدول أنهم ليسوا بمنأض من العقاب‪.‬‬
‫‪ -5‬تحقيق العدالة الدولية التي يرتاو لها الضمير الجمعي العالمي‪.‬‬
‫‪ -6‬مواجهة احتمالية عدم وجود عقوبة علي الفعل المؤثم دولياً في األنظمة الداخلية‬
‫التي وقعت فيها الجرائم‪.‬‬
‫وباإلضافة إلي اختصاص المحكمة بجرائم الحرب والجرائم وجرائم اإلبادة الجماعية‬
‫والجرائم ضد اإلنسانية وجرائم العدوان وفقاً لما ورد في المواد من ( ‪ ) 9 : 6‬من النظام‬

‫انظر في نص المواد ‪ 9 ، 8 ، 7 ، 6‬من النظام األساسي والتي فصلت تفصيالً واضحاً هذه األنواك األربعة من الجرائم د‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫حسن سند "الحماية الدولية لحق اإلنسان في السالمة الجسدية" المرجع السابق ص ‪.705 – 694‬‬
‫د‪ .‬احمد أبو الوفا – المرجع السابق ص ‪.200‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫‪350‬‬
‫األساسي فإن المادة (‪ )2/8‬قد أضافت للمحكمة الحق في نظر الجرائم التي ترتكب في‬
‫خالل فترة النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي مثل ما نصت عليه المادة (‪)3‬‬
‫من اتفاقيات جنيف األربعة سنة ‪ 1949‬كأخذ الرهائن واالعتداء علي السالمة الجسدية‬
‫أو الحياة أو علي كرامة اإلن سان وغيرها من األفعال التي تخالف القوانين واألعراف‬
‫المطبقة علي تلك المنازعات مثل شن هجوم عمدي ضد السكان المدنيين أو األهداف‬
‫المدنية والسلب والنهب أو عدم قبول استسالم أي شخص‪.‬‬
‫أوردت المواد ‪ 9 ، 8 ، 7 ، 6‬الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة علي‬
‫النحو اآلتي ‪-:‬‬
‫المادة (‪ -: )6‬اإلبادة الجماعية‬
‫لفرض هذا النظام األساسي تعني (اإلبادة الجماعية) أي فعل من األفعال التالية يرتكب‬
‫بقصد إهالك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية او دينية بصفتها هذه إهالكاً كلياً أو جزئياً‬
‫‪-:‬‬
‫قتل أفراد الجماعة‪.‬‬ ‫(أ)‬
‫إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة‪.‬‬ ‫(ب)‬
‫إخضاع الجماعة عمداً ألحوال معيشية يقصد بها إهالكها الفعلي كلياً أو‬ ‫(ج)‬
‫جزئياً‪.‬‬
‫فرض تدابير تستهدف منع اإلنجاب داخل الجماعة‪.‬‬ ‫(د)‬
‫نقل أطفال الجماعة عنوة إلي جماعة اخري‪.‬‬ ‫(ه)‬

‫‪351‬‬
‫المادة (‪ : )7‬الجرائم ضد اإلنسانية‬
‫لغرض هذا النظام األساسي يشكل أي فعل من األفعال التالية (جريمة إنسانية) متي‬
‫ارتكب في إطار هجوم واسه النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان‬
‫المدنيين وعن علم بالهجوم ‪-:‬‬
‫القتل العمد‪.‬‬ ‫(أ)‬
‫اإلبادة‪.‬‬ ‫(ب)‬
‫االسترقاق‪.‬‬ ‫(ج)‬
‫إبعاد السكان أو النقل القصري للسكان‪.‬‬ ‫(د)‬
‫السجن او الحرمان الشديد علي أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف‬ ‫(ه)‬
‫القواعد األساسية للقانون الدولي‪.‬‬
‫التعذيب‪.‬‬ ‫(و)‬
‫اإلغتصاب أو االستعباد الجنسي أو اإلكراه علي البقاء أو الحمل القصري‬ ‫(ز)‬
‫أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي علي مثل‬
‫هذه الدرجة من الخطورة‪.‬‬
‫إضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان ألسباب سياسية‬ ‫(و)‬
‫أو عرقية أو قومية أو اثنية أو ثقافية أو دينية او متعلقة بنوع الجنس علي‬
‫النحو المعرف في الفقرة (‪ )3‬أو ألسباب أخري من المسلم عالمياً بأن القانون‬
‫الدولي ال يجيزها وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو‬
‫بأي جريمة تدخل في اختصاص المحكمة‪.‬‬
‫اإلختفاء القسري لألشخاص‪.‬‬ ‫(ط)‬
‫جريمة الفصل العنصري‪.‬‬ ‫(ي)‬
‫األفعال الالإنسانية األخري ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمداً في معاناة‬ ‫(ك)‬
‫شديدة أو في أذي خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫‪ -2‬لغرض الفقرة ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬تعني عبارة هجوم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين نهجاً سلوكياً‬
‫يتضمن االرتكاب المتكرر لألفعال المشار إليها في الفقرة (‪ )1‬ضد أية‬
‫مجموعة من السكان المدنيين عمالً بسياسة دولة تقضي بإرتكاب هذا الهجوم‬
‫أو تعزيز لهذه السياسة‪.‬‬
‫ب‪ -‬تشمل اإلبادة تعمد فرض أحوال معيشية من بينها الحرمان من الحصول‬
‫علي الطعام والدواء بقصد إهالك جزء من السكان‪.‬‬
‫ج‪ -‬يعني االسترقاق ممارسة أي من السلطات المترتبة علي حق الملكية أو هذه‬
‫السلطات جميعها علي شخص ما بما في ذلك ممارسة هذه السلطات في‬
‫سبل اإلنجاز باألشخاص والسيما النساء واألطفال‪.‬‬
‫د‪ -‬يعني إبعاد السكان او النقل القسري للسكان نقل األشخاص المعنيين قس اًر‬
‫من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة بالطرد أو بأي فعل قسري‬
‫آخر ‪ ،‬دون مبررات يسمح بها القانون الدولي‪.‬‬
‫ه‪ -‬يعني والتعذيبو تعمد إلحاق ألم أو معاناة شديدة سواء بدنياً أو عقلياً بشخص‬
‫موجود تحت إشراف المتهم أو سيطرته ولكن ال يشمل التعذيب أي ألم أو‬
‫معاناة ينجمان فحسب عن عقوبات أو يكونان جزءاً منها أو نتيجة لها‪.‬‬
‫و‪ -‬يعني والحمل القسريو إكراه المراة علي الحمل قس اًر وعلي الوالدة غير‬
‫المشروعة بقصد التأثير علي التكوين العرفي ألية مجموعة من السكان‬
‫حرماناً متعمداً أو شديداً من الحقوق األساسية بما يخالف القانون الدولي‬
‫وذلك بسبب هوية الجماعة أو المجموع‪.‬‬
‫ز‪ -‬تعني وجريمة الفصل العنصريو أية أفعال ال إنسانية تماثل في طابعها‬
‫األفعال المشار إليها في الفقرة (‪ )1‬وترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه‬

‫‪353‬‬
‫االضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء‬
‫أية جماعة أو جماعات عرقية اخري وترتكب بغية اإلبقاء علي ذلك النظام‪.‬‬
‫و‪ -‬يعني واالختفاء القسري لألشخاصو إلقاء القبض علي أي أشخاص أو‬
‫احتجازهم أو اختطافهم من قبل دوبة أو منظمة سياسية أو بإذن أو دعم‬
‫منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه ثم رفضها اإلقرار بحرمان هؤالء األشخاص‬
‫من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصريهم أو عن أماكن وجودهم بهدف‬
‫حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة‪.‬‬
‫‪ -2‬لفرض هذا النظام األساسي من المفهوم أن تعبير ونوع الجنسو يشير إلي‬
‫الجنسيين الذكر واألنثي في إطار المجتمع وال يشير تعبير ونوع الجنسو إلي أي‬
‫معني آخر يخالف ذلك‪.‬‬

‫المادة (‪ : )8‬جرائم الحرب‬


‫‪ -1‬يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب والسيما عندما ترتكب في‬
‫إطار خطة او سياسة عامة او في إطار عملية إرتكاب واسعة النطاق لهذه‬
‫الجرائم‪.‬‬
‫‪ -2‬لغرض هذا النظام األساسي تعني وجرائم الحربو‬
‫(أ) االنتهاكات الجسمية إلتفاقيات جنيف المؤرخة ‪ 12‬آب أغسطس ‪ ، 1949‬أي أي‬
‫فعل من األفعال التالية ضد األشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم اتفاقية جنيف‬
‫ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ -1‬القتل العمد‪.‬‬
‫‪ -2‬التعذيب او المعاملة الإلنسانية بما ذلك إجراء تجارب بيولوجية‪.‬‬
‫‪ -3‬تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذي خطير بالجسم أو بالصحة‪.‬‬

‫‪354‬‬
‫‪ -4‬إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات واالستيالء عليها دون أن تكون هناك‬
‫ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة‪.‬‬
‫‪ -5‬إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية علي الخدمة في‬
‫صفوف قوات دولة معادية‪.‬‬
‫‪ -6‬تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص مشمول بالحماية في حقه في أن‬
‫يحاكم محاكمة عادلة ونظامية‪.‬‬
‫‪ -7‬اإلبعاد او النقل غير المشروعين او الحبس غير المشروع‪.‬‬
‫‪ -8‬أخذ الرهائن‪.‬‬
‫(ب) اإلنتهاكات الخطيرة الخري للقوانين واألعراف السارية علي المنازعات الدولية‬
‫المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي أي أي فعل من األفعال التالية ‪-:‬‬
‫‪ )1‬تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين ال‬
‫يشاركون مباشرة في األعمال الحربية‪.‬‬
‫‪ )2‬تعمد توجيه هجمات ضد مواقع أي المواقع التي ال تشكل اهداف عسكرية‪.‬‬
‫‪ )3‬تعمد شن هجمات ضد موهفين مسنخدمين أو منشدت أو مواد أو وحدات أو‬
‫مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة اإلنسانية أو حف السالم عمالً‬
‫بميثاق األمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع‬
‫المدنيين بموجب قانون المنازعات المسلحة‪.‬‬
‫‪ )4‬تعمد شن هجوم مع العلم بان الهجوم سيسفر عن خسائر تابعية في األرواو أو‬
‫عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع‬
‫النطاق وطويل اآلجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحة بالقياس إلي‬
‫مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة‪.‬‬
‫‪ )5‬مهاجمة أو قصف المدن أو القري أو المساكن أو المباني العزالء التي تكون‬
‫أهداف عسكرية بأي وسيلة كانت‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫‪ )6‬قتل أو جرو مقاتل استسلم مختا اًر يكون قد ألقي سالحه أو لم تعد لديه وسيلة‬
‫للدفاع‪.‬‬
‫‪ )7‬إساءة استعمال علم الهدنة أو علم العدو أو إشاراته العسكرية أو علم األمم المتحدة‬
‫أو إشاراته وأزيائها العسكرية وكذلك الشعارات المميزة للثقافات حسب ما يسفر عن‬
‫موت األفراد أو إلحاق إصابات بالغة بهم‪.‬‬
‫‪ )8‬قيام دولة االحتالل علي نحو مباشر أو غير مباشر بنقل أجزاء من سكانها المدنيين‬
‫إلي األرض التي تحتلها أو إبعاد أو نقل كل سكان األرض المحتلة أو أجزاء منهم‬
‫داخل هذه األرض او خارجها‪.‬‬
‫‪ )9‬تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة لألراضي الدينية أو التعليمية أو‬
‫العلمية أو الخيرية واآلثار التاريخية والمستشفيات واماكن تجمع المرضي والجرحي‬
‫شريطة أال تكون أهدافاً عسكرية‪.‬‬
‫‪ )10‬اخضاع األشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أو ألي‬
‫نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي تبررها المعالجة الطبية أو المعالجة‬
‫اإلنسان أو المعالجة في المستشفي للشخص المعني والتي تجري لصالحه وتتسبب‬
‫في وفاة ذلك الشخص أو ألئك الشخاص أو في تعريض صحتهم لخطر شديد‪.‬‬
‫معادي أو إصابتهم غد اًر‪.‬‬ ‫‪ )11‬قتل افراد منتمين إلي دولة معادية أو جي‬
‫‪ )12‬إعالن أنه لن يبقي أحد علي قيد الحياة‪.‬‬
‫‪ )13‬تدمير ممتلكات العدو أو االستيالء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو االستيالء مما‬
‫تحتمه ضرورات الحرب‪.‬‬
‫‪ )14‬إعالن أن حقوق ودعاوي رعايا الطرف المعادي ملغاة أو معلقة أو لن تكون مقبولة‬
‫في أي محكمة‪.‬‬
‫‪ )15‬إجبار رعايا الطرف المعادي علي االشتراك في عمليات حربية موجهة ضد بالدهم‬
‫حتي وإن كانوا قبل نشوب الحرب في خدمة الدولة المحاربة‬

‫‪356‬‬
‫‪ )16‬نهب أي بلدة أو مكان حتي وإن تم االستيالء عليها عنوة‪.‬‬
‫‪ )17‬استخدام السموم أو األسلحة المسممة‪.‬‬
‫‪ )18‬استخدام الغازات الخانقة او السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها‬
‫من السوائل أو المواد أو األجهزة‪.‬‬
‫‪ )19‬استخدام الرصاصات التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري مثل‬
‫رصاصات ذات األغلفة الصلبة التي ال تغطي كامل جسم الصاصة أو‬
‫الرصاصات المحرزة الغالف‪.‬‬
‫‪ )20‬استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضرار زائدة‬
‫أو أالماً ال لزوم لها أو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات‬
‫المسلحة بشرط أن تكون هذه األسلحة والقذائف والمواد واألساليب الحربية موضع‬
‫حضر شامل وأن تدرج في مرفق لهذا النظام األساسي‪ .‬عن طريق تعديل يتفق‬
‫واألحكام ذات الصلة الواردة في المادتين (‪.)123 ،121‬‬
‫‪ )21‬االعتداء علي كرامة الشخص وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة‪.‬‬
‫‪ )22‬االغتصاب أو االستعباد الجنسي أو اإلكراه علي البغاء أو الحمل القسري علي‬
‫النحو المعرف في الفقرة ‪( 2‬و) من المادة ‪ 7‬أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر‬
‫من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضاً انتهاكاً خطي اًر إلتفاقيات جنيف األربع‪.‬‬
‫‪ )23‬استغالل وجود شخص مدني أو أشخاص آخرين متمتعين بحماية إلضفاء‬
‫الحصانة من العمليات العسكرية علي نطاق أو مناطق أو قوات عسكرية معينة‪.‬‬
‫‪ )24‬تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل واألفراد‬
‫من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي‪.‬‬
‫‪ )25‬تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي ال‬
‫غني عنها إلبقائهم بما في ذلك تعمد عرقلة اإلمدادات اللغوية علي النحو‬
‫المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫‪ )26‬تجنيد األطفال دون الخامسة عشر سنة من العمر إلزامياً أو تطوعياً في القوات‬
‫المسلحة الوطنية أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في األعمال الحربية‪.‬‬

‫(ج) في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي لإلنتهاكات الجسمية للمادة (‪)3‬‬
‫المشتركة بين اتفاقيات حسب األربع المؤرخة آب ‪ /‬أغسطس ‪ 1949‬وهي أي من األفعال‬
‫التالية المرتكبة ضد أشخاص غير مشتركين اشتراكاً فعلياً في األعمال الحربية بما في‬
‫ذلك أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا أسلحتهم وأولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال‬
‫بسبب المرض أو اإلصابة أو االحتجاز أو ألي سبب آخر‪.‬‬
‫‪ )1‬استعمال العنف ضد الحياة واألشخاص وبخاصة القتل بجميع أنواعه‬
‫والتشويه والماملة القاسية والتعذيب‪.‬‬
‫‪ )2‬االعتداء علي كرامة الشخص وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة‬
‫بالكرامة‪.‬‬
‫‪ )3‬أخذ الرهائن‪.‬‬
‫‪ )4‬أصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محاكمة‬
‫مشكلة تشكيالً نظامياً تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموماً‬
‫بأنها ال غني عنها‪.‬‬

‫(د) تنطبق الفقرة ‪( 2‬ج) علي المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي وبالتالي فهي‬
‫ال تنطبق علي حاالت االضرابات والتوترات الداخلية مثل أعمال الشغب أو اعمال العنف‬
‫المنفردة أو المتقطعة وغيرها من العمال ذات الطبيعة المماثلة‪.‬‬

‫(هد) االنتهاكات الخطيرة للقوانين واألعراف السارية علي المنازعات المسلحة غير ذات‬
‫الطابع الدولي في النطاق الثابت للقانون الدولي أي أي من األفعال التالية ‪-:‬‬

‫‪358‬‬
‫‪ )1‬تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد‬
‫مدنيين ال يشاركون مباشرة في األعمال الحربية‪.‬‬
‫تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل‬ ‫‪)2‬‬
‫النقل واألفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف‬
‫طبقاً للقانون الدولي‪.‬‬
‫‪ )3‬تعمد شن هجمات ضد موهفين مسنخدمين أو منشدت أو مواد أو‬
‫وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة اإلنسانية‬
‫أو حف السالم عمالً بميثاق األمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية‬
‫التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنيين بموجب قانون المنازعات‬
‫المسلحة‪.‬‬
‫‪ )4‬تعمد تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة لألراضي الدينية أو‬
‫التعليمية أو العلمية أو الخيرية واآلثار التاريخية والمستشفيات واماكن‬
‫تجمع المرضي والجرحي شريطة أال تكون أهدافاً عسكرية‪.‬‬
‫‪ )5‬نهب أي بلدة أو مكان حتي وإن تم االستيالء عليها عنوة‪.‬‬
‫‪ )6‬االغتصاب أو االستعباد الجنسي أو اإلكراه علي البغاء أو الحمل‬
‫القسري علي النحو المعرف في الفقرة ‪( 2‬و) من المادة ‪ 7‬أو التعقيم‬
‫القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضاً انتهاكاً‬
‫خطي اًر إلتفاقيات جنيف األربع‪.‬‬
‫‪ )7‬تجنيد األطفال دون الخامسة عشر سنة من العمر إلزامياً أو تطوعياً‬
‫في القوات المسلحة الوطنية أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في األعمال‬
‫الحربية‪.‬‬
‫‪ )8‬إصدار أوامر بتشريد السكان المدنيين ألسباب تتصل بالنزاع ما لم يكن‬
‫ذلك بداع من أمن المدنيين المعنيين أو ألسباب عسكرية ملحة‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫‪ )9‬قتل أحد المقاتلين من العدو وإصابته غد اًر‪.‬‬
‫‪ )10‬إعالن أنه لن يبقي أحد علي قيد الحياة‪.‬‬
‫‪ )11‬األشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أو ألي‬
‫نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي تبررها المعالجة الطبية أو‬
‫المعالجة اإلنسان أو المعالجة في المستشفي للشخص المعني والتي‬
‫تجري لصالحه وتتسبب في وفاة ذلك الشخص أو ألئك األشخاص أو‬
‫في تعريض صحتهم لخطر شديد‪.‬‬
‫‪ )12‬تدمير ممتلكات العدو أو االستيالء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو‬
‫االستيالء مما تحتمه ضرورات الحرب‪.‬‬

‫(و) تنطبق الفقرة ‪( 2‬هد) علي المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي وبالتالي فهي‬
‫ال تنطبق علي حاالت االضطرابات والتوترات الداخلية مثل اعمال الشغب أو أعمال‬
‫العنف المنفردة أو المتقطعة أو غيرها من األعمال ذات الطبيعة المماثلة وتنطبق علي‬
‫المنازعات المسلحة التي تقع في إقليم دولة عندما يوجد صراع مسلح متطاول من األجل‬
‫بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة أو فيما بين هذه الجماعات‪.‬‬
‫إقرار القانون والنظام في الدولة أو عن الدفاع عن وحدة الدولة وسالمتها اإلقليمية بجميع‬
‫الوسائل المشروعة‪.‬‬

‫أركان الجرائم‬
‫‪ -1‬تستعين المحكمة بأركان الجرائم في تفسير وتطبيق المواد ‪8 ، 7 ، 6‬‬
‫وتعتمد هذه األركان باغلبية ثلثي أعضاء جمعية الدول الطراف‪.‬‬
‫‪ -2‬يجوز اقتراو تعديالت علي أركان الجرائم من جانب ‪-:‬‬
‫أية دولة طرف‪.‬‬ ‫(أ)‬

‫‪360‬‬
‫القضاة بأغلبية مطلقة‪.‬‬ ‫(ب)‬
‫المدعي العام‪.‬‬ ‫(ت)‬
‫وتعتمد هذه التعديالت باغلبية ثلثي أعضاء جمعية الدول األطراف‬
‫‪ -3‬تكون أركان الجرائم والتعديالت المدخلة عليها متسقة مع هذا النظام‬
‫األساسي‪.‬‬

‫المادة ‪ : 10‬ليس في هذا الباب ما يفسر علي أنه يقيد أو يمس بأي شكل من األشكال‬
‫قواعد القانون الدولي القائمة أو المتطورة المتعلقة بأغراض أخري عبر هذا النظام‬
‫األساسي‪.‬‬

‫وباإلضافة إلي االختصاص الموضوعي سالف الذكر فإن للمحكمة اختصاصاً زمنياً اَ‬
‫نصت عليه المادة ‪ 11‬والتي قررت أنه ‪-:‬‬
‫‪ -1‬ليس للمحكمة اختصاص إال فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا‬
‫النظام األساسي‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا أصبحت دولة من الدول طرفاً في هذا النظام األساسي بعد بدء نفاذه ال‬
‫يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصاتها إال فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب‬
‫بعد بدء نفاذ هذا النظام بالنسبة لتلك الدولة ما لم تكن الدولة قد أصدرت إعالناً‬
‫بموجب الفقرة (‪ )3‬من المادة (‪)12‬‬
‫وهذا يعني األخذ بقاعدة عدم المرجعية الموضوعية وهي من القواعد األساسية في‬
‫المحاكمات الجنائية ومنصوص عليها في كل مواثيق حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫االختصاص الشخصي ‪-:‬‬


‫نصت المادة ‪ 24‬من النظام األساسي علي أنه ‪-:‬‬

‫‪361‬‬
‫‪ -1‬ال يسأل الشخص جنائياً بموجب هذا النظام األساسي عن سلوك سابق لبدء‬
‫نفاذ النظام‪.‬‬
‫‪ -2‬في حالة حدوث تغيير في القانون المعمول به في قضية معينة قبل صدور‬
‫الحكم النهائي يطبق القانون األصلح للشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو‬
‫اإلدانة وهو ما يؤكد علي قاعدة عدم الرجعية الشخصية‪ .‬وحيث ال يجوز‬
‫المحاكمة عن جرائم سابقة علي دخول النظام األساسي حيز التنفيذ‪.‬‬

‫‪362‬‬
‫كيفية ممارسة المحكمة الختصاصها ‪-:‬‬
‫نصت المواد من ‪ 15 : 13‬عن األحوال التي ينعقد فيها االختصاص للمحكمة‬
‫وذلك عن طريق ‪-:‬‬
‫‪ -1‬إحالة الموضوع إلي المدعي العام من دولة طرف في النظام األساسي‪.‬‬
‫‪ -2‬إحالة الموضوع إلي المدعي العام من مجلس األمن تطبيقاً للفصل السابع من‬
‫ميثاق األمم المتحدة‪.‬‬
‫‪ -3‬في حالة فتح المدعي العام من تلقاء نفسه تحقيقاً بخصوص معلومات خاصة‬
‫بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة‪.‬‬

‫القانون واجب التطبيق في المحكمة الدولية الجنائية ‪-:‬‬


‫نصت المادة ‪ 21‬من النظام األساسي علي أن المحكمة تطبق ما يلي ‪-:‬‬
‫ب‪ -‬نظامها األساسي سواء من ناحية الجرائم موضوعاً أو اإلجراءات شكالً‪.‬‬
‫ج‪ -‬اإلتفاقيات واجبة التطبيق‪.‬‬
‫مبادن وقواعد القانون الدولي السيما القواعد المستقرة وفقاً لقانون‬ ‫د‪-‬‬
‫النزاعات المسلحة‪.‬‬
‫المبادن العامة التي يمكن للمحكمة أن تأخذها من القوانين الوطنية‬ ‫ه‪-‬‬
‫ألهم النظم القانونية في العالم‪.‬‬
‫السوابق القضائية للمحكمة في أفقيتها التي سبقت‪.‬‬ ‫و‪-‬‬

‫‪363‬‬
‫مبدأ عدم االعتداء بالصفة الرسمية ‪-:‬‬
‫نصت المادة (‪ )27‬من النظام األساسي علي اآلتي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬يطبق النظام األساسي علي جميع األشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز‬
‫بسبب الصفة الرسمية وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص كرئيس للدولة‬
‫أو الحكومة أو عضو في الحكومة أو البرلمان أو ممثالً منتخباً أو موهف‬
‫حكومياً فإن ذلك ال يعفيه بأي حال من األحوال من المسئولية الجنائية بموجب‬
‫هذا النظام األساسي كما أن هذه الصفة الرسمية ال تشكل في ذاتها سبباً لتخفيف‬
‫العقوبة‪.‬‬
‫‪ -2‬ال تحول الحصانات أو القواعد اإلجرائية الخاصة المرتبطة بالصفة الرسمية‬
‫للشخص سواء في إطار القانون الدولي أو الوطني دون ممارسة المحكمة‬
‫اختصاصها علي هذا الشخص‪.‬‬
‫كما تناولت المادة (‪ )28‬مسئولية القادة والرؤساء اآلخرين وأكدت المادة (‪ )28‬علي ما‬
‫سبق أن أوضحناه من مبدأ عدم سقوط الجرائم بالتقادم‪.‬‬

‫مبادئ الشرعية اإلجرائية في نظام المحكمة ‪-:‬‬


‫تناولت نصوص النظام األساسي للمحكمة التأكيد علي عدة مبادن في سياق الشرعية‬
‫اإلجرائية منها عدم جواز معاقبة الشخص عن فعل واحد مرتين ومبدأ ال جريمة وال‬
‫عقوبة إال بنص ومبدأ عدم الرجعية ومبدأ شخصية أو فردية المسئولية الجنائية‪ .‬وعدم‬
‫اختصاص المحكمة باألطفال (وهم من لم يبلغوا ثمانية عشر عاماً وقت إرتكاب‬
‫الجريمة)‪ .‬وحتمية توافر العلم واإلرادة اآلثمة كركن معنوي أو قصد جنائي الزم وحتمي‬
‫الكتمال الجريمة والعقاب وكذلك الحق في الدفاع الشفوي والمكتوب وكل ما تتضمنه‬
‫قواعد المحاكمات العادلة عالمياً‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫العقوبات التي توقعها المحكمة ‪-:‬‬
‫نصت المادة (‪ ) 77‬من النظام األساسي للمحكمة علي العقوبات التي يمكن أن توقعها‬
‫المحكمة وهي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬السجن مدي الحياة طالما بررت ذلك هروف المجرم والجريمة‪.‬‬
‫‪ -2‬الغرامة التي تكون حسب هروف الحال وما ثبت في الئحة اإلجراءات أو‬
‫اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -3‬المصادرة لألموال والممتلكات الناجمة عن الجريمة مع عدم اإلضرار بالغير‬
‫حسن النية‪.‬‬

‫الطعن في أحكام المحكمة ‪-:‬‬


‫يأخذ النظام األساسي للمحكمة بقاعدة جوهرية وعادلة وهي التقاضي علي درجتين ومن‬
‫ثم يجوز للمحكوم ضده أو المدعي العام استئناف الحكم لعدة أسباب هي ‪ :‬العيب في‬
‫اإلجراءات – الخطأ في الواقع – الخطأ في القانون – كما يمكن الطعن علي ق اررات‬
‫المحكمة في أمور االختصاص أو ال حبس االحتياطي‪ .‬كما يمكن التماس إعادة النظر‬
‫في الحكم إذا ههرت وقائع جديدة تقطع في تغيير الحكم لصالح الحقيقة‪.‬‬

‫‪365‬‬
‫تنفيذ أحكام المحكمة ‪-:‬‬
‫كما يكون السجن في أي دولة من الدول التي تعينها المحكمة من ضمن الدول التي‬
‫أبدت رغبتها في القيام بذلك مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل وسمعة الدولة في معاملة‬
‫المسجونين ورأي المحكوم ضده وجنسيته وأية عوامل أخري تراها المحكمة مهمة في‬
‫فاعلية تنفيذ الحكم فإذا لم تتقدم أي دولة لتنفيذ العقوبة لديها كان في سجون الدول‬
‫المضيفة (هولندا) ويظل الحق في اإلشراف علي تنفيذ الحكم منوطاً بالمحكمة الجنائية‬
‫الدولية والتي تملك الحق في تخفيف العقوبة‪ .‬وال يجوز للدولة التي يتم التنفيذ في سجونها‬
‫تسليم المحكوم ضده إلي دولة أخري إال إذا قضي المحكوم ضده كامل العقوبة فإنه يسلم‬
‫بإشراف المحكمة الجنائية الدولية إلي الدولة الملزمة بقبوله وهي الدولة التي يحمل‬
‫جنسيتها إال إذا طلبت دولة أخري ذلك ورغب هو في ذلك‪.‬‬

‫‪366‬‬
‫خاتمة‬
‫انتهينا في هذا المؤلف الصغير من عرض موضوعه‪ .‬وما أسمي وأهم من موضوعه‪...‬‬
‫أنه اإلنسان صنعة هللا وخليفته الذي سواه ربه ونفخ فيه من روحه فوقع المالئكة له‬
‫ساجدين‪ .‬ولقد أمسي هذا اإلنسان مكدوداً مجهداً مثقالً باآلالم والمحن فاسترعي انتباه‬
‫ووعي بني آدم ليفكروا كيف يمكن أن تصان حقوق اإلنسان وتحمي حرياته وكيف يمكن‬
‫الذود عنه ضد اإلنتهاكات‪ .‬وحسناً فعلت الهيئات والمنظمات الدولية عندما أوصت‬
‫بتدريس مادة حقوق اإلنسان علي الن ء حتي يشبوا علي وعي بحقوقهم فيتمسكوا بها‬
‫وعلي وعي بحقوق غيرهم فال ينتهكوها‪.‬‬
‫ولقد عرضنا موضوع هذا المؤلف في أبواب أربعة تناول األول التطور التاريخي والفلسفي‬
‫لحقوق اإلنسان من خالل إيضاو مفهوم حقوق اإلنسان والتطور التاريخي لهذه الحقوق‬
‫‪ ،‬وترسيخ هذه الحقوق في الديانات السماوية‪ .‬ثم تناول إعالنات الحقوق والدساتير لهذه‬
‫الحقوق‪ .‬ثم تطرقنا في الباب الثاني إلي أهم الحقوق األساسية لإلنسان من خالل مدارس‬
‫تقسيماتها ونبذة عن أهم هذه الحقوق الفردية والجماعية ‪ ،‬ثم عرضنا في الباب الثالث‬
‫إلي اآلليات والوسائل التي يمكن من خاللها أن نواجه انتهاكات حقوق اإلنسان‪ .‬من‬
‫خالل أهم األفعال التي تمثل هذه االنتهاكات وتجريم القانون الدولي لها وآليات المقاومة‬
‫ومدي التعاون الدولي لوقف هذه االنتهاكات‪ .‬وأخي اًر فقد خصصنا الباب األخير لدراسة‬
‫المسئولية عن انتهاكات حقوق اإلنسان من خالل األحكام العامة للمسئولية مع التوقف‬
‫عن أحكام المسئولية في إطار القانون الدولي الجنائي وكنه وماهية األداة التي تطبق‬
‫القانون الدولي الجنائي وهي القضاء الدولي الجنائي‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫وفي النهاية البد أن نقر أن حقوق اإلنسان ليست موضوعاً غريباً –كما يفهم البعض–‬
‫ولكنها تراثاً مشتركاً لإلنسانية علي اختالف حضاراتها عبر التاريخ من خالل طبيعة‬
‫اإلنسان ذاته وفطرته مما يؤكد شعار عالمية حقوق اإلنسان ويرسخ اإلنتقال إلي اإللتزام‬
‫بإحترام حقوق اإلنسان حتي ينتقل الشعار إلي التطبيق الواقعي فضالً عن أن مفهوم‬
‫عالمية حقوق اإلنسان ال يتناقض مع فكرة اإلقليمية المنطلقة من التعددية الثقافية‪ .‬ولكن‬
‫أهم ما يعوق عالمية حقوق اإلنسان من حيث اإليمان بها هو ازدواج المعايير من القوي‬
‫الكبري في تناولها لقضايا حقوق اإلنسان حيث تتغافل عن انتهاكات صارخة لحقوق‬
‫اإلنسان في أماكن ما ثم تبالغ وتجسم أهون االنتهاكات في أماكن أخري مما يضرب‬
‫المصداقية في مقتل‪.‬‬
‫كما ينبغي التأكيد علي أنه إذا كان العالم العربي واإلسالمي يعاني من هواهر سلبية‬
‫كالتخلف أو التطرف الديني فإن ذلك ال يجوز أن يؤخذ تكئه من الغرب في معاداته‬
‫لإلسالم أو انطباعه السلبي من موقف اإلسالم من حقوق اإلنسان ذلك ألن اللوم هنا‬
‫إن وجه فإنما ينبغي أن يوجه إلي الحكومات في الدول اإلسالمية تلك التي تنصرف‬
‫(وقد انحرفت) عن جالل الرسالة وسمو قيمها ومارست سلوكاً ال يمت لإلسالم بصلة‬
‫وألبسته ثوب اإلسالم وأصبح محسوباً عليه هلماً ‪ ،‬وان اللوم إن وجه فإنما يوجه إلى‬
‫الثقافات المغلوطة والعادات والتقاليد السائدة فى معظم الدول اإلسالمية التى حسبت‬
‫على اإلسالم فأبطات به وشوهت جمال وجالل صورته ورسالته عن جهل وعدم وعى ‪.‬‬
‫ذلك أن كل إنحراف وكل غلو وكل شطط وكل جمود في الفكر والنشاط ال يجب أن‬
‫يكون دليل إدانة لإلسالم وإنما دليل إدانة للسلوك المنحرف عن قيم اإلسالم ومثاليته‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بمصر الكنانة فإننا على أعقاب دستور جديد هو دستور ‪2013‬م‬
‫فى طريقه لالستفتاء عليه وهو يحمل ترسيخاً لحقوق اإلنسان وتطبيق إلى دستور ‪1971‬م‬
‫‪2012 ،‬م حقوقاً جديدة نأمل أن تنطلق مصر إلى العمل واإلنتاج فى إطار تفعيل‬
‫النصوص لتتطابق النظرية مع التطبيق ‪.‬‬

‫‪368‬‬
369

You might also like