Professional Documents
Culture Documents
حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق حسن سند
حقوق الإنسان بين النظرية والتطبيق حسن سند
2021م
بسم هللا الرمحن الرحيم
1
إن جوهر احترام حقوق اإلنسان يتمثل فى
حب العدل واإلنصاف
وبغض الظلم واالجحاف
الن العدل إذا دام ع ّمر
واما الظلم إذا وقع دمر
2
األهداء
3
مقدمة :
لقد كان الهدف النبيل وراء تدريس مادة حقوق اإلنسان في الجامعات المصرية هو أن
يكون الطالب والطالبات بصفة أساسية -والجميع بصفة عامة -علي دراية كافية بما لهم
من حقوق فيتمسكون بها ،وما عليم من واجبات فيسارعون فيها ،وكذا تعزيز الوعي بهذه
الحقوق السيما وان العالم من حولنا يعترف لإلنسان بمزيد من الحقوق ويزود عنه ما عسى
أن يقيده به اإلستبداد أو اإلضطهاد والظلم ،األمر الذي يوضح بجالء ما لهذه الحقوق من
عالقة قويمة وراسخة بقيمة العدل ومنع الجور .ومن هنا باتت موضوعات حقوق اإلنسان
سواء علي المستوي الوطنى أو الدولي هي من أهم الموضوعات ألنها تعني بقيمة الفرد
وكرامته وعزته ،حيث ال تقدم لدولة وال رقي بدون تمتع اإلنسان فيها بهذه الحقوق والتي
بذل اإلنسان فيها مئات السنين يجابه الطغيان والقهر ،يواجه اإلستعالء والتعسف ،ويدفع
– وكم ذا دفع – حياته ثمناً ووقوداً للثورات ضد الظلم .وال يزال اإلنسان يستكمل حقوقه
وحريته والتعبير عن نفسه ولو بدمه.
ولقد شغل موضوع حقوق اإلنسان أذهان الفالسفة والمفكرين السيما في الغرب حتي
أصبح هناك العديد من المعاهدات وإعالنات الحقوق التي آمنت باإلنسان وبعدالة قضيته
وصارت هناك أجهزة دولية تسهر علي حماية هذه الحقوق .كما تطور اإليمان بهذه الحقوق
علي المستوي الوطني وال يزال األمر يحتاج إلي مزيد من التقوية لسياج الحماية ووضع
الضوابط الكافية لوأد كل عدوان عليها.
ولقد كان لالديان السماوية دو اًر حيوياً في التركيز علي هذه الحقوق وحمايتها وهو ما
سوف نتعرض له من خالل استعراض التطور التاريخي لإلعتراف بحقوق اإلنسان ثم إلي
حقوق اإلنسان من خالل المواثيق الدولية سواء العالمية أو اإلقليمية .ثم نعرض ألهم هذه
الحقوق وتلك الحريات سواء الحقوق المدنية أو السياسية أو اإلقتصادية أو اإلجتماعية أو
الثقافية ثم نتعرض للضمانات الدولية والداخلية التي تحول دون إنتهاك حقوق اإلنسان من
خالل المسئولية والمساءلة .ولقد بقي أن نعرف أن حقوق اإلنسان كفكرة ليست مفهوماً
4
غربياً وإ نما هي إرث مشترك لإلنسانية إنطلق من ثقافة األمم والحضارات والثقافات عبر
التاريخ ،وجوهره العدل والحرية والمساواة والكرامة والتضامن واألمن .ولقد كان دافع الهيئات
الدولية والوطنية من تدريس هذه المادة – إضافة إلي ما سبق – هو نشر ثقافة حقوق
اإلنسان والوعي بها والتي بدونها تختفي حرية الفكر اإلنساني وتتدهور أخالقيات الناس
ويتقوض الحوار اإليجابي وتض محل فرص التقدم والنمو واإلزدهار وتضعف مشاعر
المواطنة ويذبل الشعور باإلنتماء ويتزعزع السالم اإلجتماعي ويسود الركود والتخلف في
أجواء الفوضي وثقافة الغاب .ولقد بات جلياً أن الطالب في هذه السن المبكرة مفعمون
بالحيوية والنشاط ،ممتلئون باألمل والتطلعات ،يحلقون نحو الغد بل هم الغد ،ومن ثم
فقد كان لزاماً أن تتضمن برامج التعليم تدعيم ثقافة حقوق اإلنسان بجذورها الضاربة في
عمق الزمان والمساهمة األصيلة للتراث العربي واإلسالمي في تشييد بنيانها وهو ما يجعل
ثقافة حقوق اإلنسان تندمج مفاهيمها في مدارك الدارسين وعقولهم وضمائرهم ووجدانهم
فتنعكس في أنشطتهم وسلوكهم وممارساتهم .ولكن األهم من ذلك كله أن يسود المحيط
العالمي والدولي إيمان راسخ بقدسية هذه الحقوق بعيداً عن إزدواج المعايير وإنعدام
المصداقية والتناقض وعدم إحترام التنوع الثقافي ،والهيمنة وغير ذلك مما يضعف قيمة
عالمية حقوق اإلنسان .وسوف نعرض لموضوعات هذه المادة العلمية من خالل ما أوحي
به مؤتمر تعليم حقوق اإلنسان الذي عقدته منظمة اليونسكو سنة 1978بمدينة فينا بالنمسا
حيث ارتئا أن تعليم حقوق اإلنسان يجب أن يبني علي فهم واسع لمكانة حقوق اإلنسان في
المجتمع مع اإلهتمام بالتطور التاريخي الذي تطورت فيه هذه الحقوق حتي اعترف بها
،باإلضافة إلي العوامل اإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية والسياسية التي تحدد درجة
-: ()1
إحترام هذه الحقوق في المجاالت العلمية والتي فصلها المؤتمر علي النحو اآلتي
-تاريخ حقوق اإلنسان.
)(1أستاذنا د /عبد الواحد محمد يوسف الفار " قانون حقوق اإلنسان في الفكر الوضعى والشريعة اإلسالمية " .دار النهضة
العربية .ط 1991ص 8وما بعدها.
5
-فلسفة حقوق اإلنسان.
-العجز والنقص في طرق وأساليب حماية حقوق اإلنسان.
-اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية
واإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية والبروتوكوالت الملحقة بهما.
كما أشار هذا المؤتمر إلي أن تعليم حقوق اإلنسان يجب أن يهدف إلي -:
• مساعدة الطالب علي أن يفكروا تفكي اًر ناقداً في هذه القضايا وتشجيعهم علي
اإلهتمام والتعاطف مع أولئك الذين يتعرضون إلنتهاك حقوقهم.
• تقديم المعرفة عن حقوق اإلنسان في أبعادها القومية والعالمية وعن المؤسسات
التي أقيمت لتنفيذها أو تطبيقها.
• تطوير وعي األفراد بالطرق والوسائل التي يمكن بواسطتها ترجمة حقوق اإلنسان
إلي حقيقة إجتماعية أو سياسية علي المستويين القومي والعالمي.
• تعزيز مواقف التسامح واإلحترام والتضامن المتأصلة في حقوق اإلنسان من جهة
. ()2
،والتنمية والسالم من جهة أخري
6
وسوف نعرض لهذه الموضوعات في خطة بحث علي النحو اآلتي -:
7
الباب األول
التطور التاريخي والفلسفي لحقوق اإلنسان
سوف نعرض فى هذا الباب لمفهوم حقوق اإلنسان وطبيعة هذه الحقوق وخصائصها
والتطور التاريخي لالعتراف بها وموقف الديانات السماوية فى سبيل إرسائها وتعميقها
وترسيخها وحمايتها ثم نعرض لضوء لدور الفكر الوضعى فى الدفاع عن هذه الحقوق
من خالل إعالنات الحقوق والدساتير بصفة خاصة والمواثيق بصفة عامة وسوف نقسم
هذا الباب إلي الفصول اآلتية -:
الفصل األول -:مفهوم حقوق اإلنسان.
8
الفصل األول
مفهوم حقوق اإلنسان
الحقوق -:
،ولقد تعرضت فكرة الحق لإلنكار من جانب بعض ()1
الحقوق مفردها حق
الفقهاء وعلي رأسهم الفقيه ديجي الذي آمن بالمنهج العلمي الذي ال يقتنع إال بالمشاهدة
والتجربة ،وقد أنكر هذا الفقيه فكرة الحق لعدم جدواها في رأيه ،إذ أنها من وجهة نظره
ليست إال القاعدة تطبق علي األفراد فتعرض عليهم واجبات فيوجد األفراد آنئذ في مراكز
قانونية سواء كانت هذه المراكز إيجابية أم سلبية .ولكن هذا الرأي منتقد ألنه ترسم منهجاً
يصلح فقط في العلوم التجريبية .أما العلوم اإلنسانية ومنها القانون فال يمكن الحكم عليها
بقانون التجربة والمشاهدة ،هذا باإلضافة إلي أن تلك المراكز القانونية وما يقابلها من
الواجب وااللتزام تقتضي تلقائياً العودة إلي ذات الفكرة مما يعني أن هذه الفكرة غير قابلة
لإلنكار.
وإزاء وجود فكرة الحق فقدد لزم تعريفهدا .وقدد تنداول تعريح الحق عددة إتجداهدات
فقهية مختلفة .فقد ذهب اإلتجاه الشد ددخصد ددي والذي يتزعمه األلماني عمانويل كانت إلي
أن الحق موجود مادامت سد د د ددلطة اإلرادة موجودة .ولكن هذا اإلتجاه مفتقر من حيث أن
هناك حقوقاً موجودة وثابتة ومسد د د د د د ددتقرة ألصد د د د د د ددحابها رغم أنهم ال إرادة لهم مثل عديمي
األهلية أو األجنة حيث أن لهؤالء حقوق وال إرادة لهم (.)2
أنظر في تفصيل ذلك د .حسن كيرة .المدخل إلي القانون ط 1971منشأة المعارف – اإلسكندرية ص 130وما بعدها ، )(1
د .حمدي عبد الرحمن – فكرة الحق ط – 1979القاهرة ص 18ولسيادته أيضاً – معصومية الجسد "مجلة العلوم القانونية
واإلقتصادية يناير ،يوليه سنة – 1981العدد األول والثاني س ، 22د .حسن سعد محمد عيسى سند "الحماية الدولية لحق
اإلنسان في السالمة الجسدية" مقارنة بها في ظل أحكام الشريعة اإلسالمية .دار النهضة العربية ط 1999ص 23وما
بعدها.
أنظر "kant immanual" the phlslasphi of law". Translated by v. Hastie 1977 P. 34-35. ()2
9
وإزاء القص د ددور الذي إنتاب اإلتجاه الش د ددخص د ددي فقد بزع اإلتجاه الموض د ددوعي الذي يربط
الحق بالمصلحة ويعرف الحق علي أنها مصلحة يحميها القانون .وقد تزعم هذا اإلتجاه
()1
إال أن هدذا اإلتجداه مفتقر ألنده يعتبر المصد د د د د د ددلحدة جوهر الحق الفقيده األلمداني هونج
وأس د د دداس وجوده في كل األحيان برغم من أنه قد توجد المص د د ددلحة وال حق( ، )2وقد برز
إتجاه ثالث يمذج بين االتجاهين الشد د ددخصد د ددي والموضد د ددوعي أي يخلط بين فكرة اإلرادة
كأساس لإلتجاه الشخصي وفكرة المصلحة كأساس لإلتجاه الموضوعي ولكن اإلنتقادات
التي وجهت إلي اإلتجاهين السابقين هي بذاتها التي وجهت إليه ألنه من نتائجها.
وأما اإلتجاه الحديث فقد عرف الحق بأنه تلك الرابطة القانونية التي بمقتضد د د د د دداها يخول
القانون شخصاً من األشخاص سلطة علي سبيل اإلنفراد واإلستئثار والتسلط علي شيء
. ()3
ما أو اقتضاء أداء معين من شخص آخر
ولعل هذا التعريح األخير هو الذي يرجح على اإلتجاهات الس ددابقة ألنه يفس ددر اس ددتئثار
اإلنسان بقيم هي حقوقه (كالحياة والسالمة الجسدية والكرامة واألمن) وحمايتها من كافة
صد د د د د د ددنوف اإلعتداء ،ولكن هذا الحق له وهيفة إجتماعية هي مصد د د د د د ددلحة المجموع أو
. ()4
مصلحة المجتمع في حماية أفراده ككل
تعريف الحقوق وطبيعتها -:
إن كلمدة حق Rightفي اللغدة اإلنجليزيدة والكلمدات الممداثلدة لهدا في اللغدات األخري لهدا
معنينان جوهريان أحدهما أخالقي واآلخر سدياسدي فمن ناحية تعني أن شديئاً ما صدحيح
ومن الندداحيددة األخري تعني حق داً يعود علي الفرد والمراد هنددا هو المعني األخير حيددث
الحديث عن ش د ددخص يملك حقاً أو حقوقاً .Rightsأما في اللغة العربية فإن الحق لغة
انظر في اإلشارة لذلك تفصيالً أستاذنا الدكتور جميل الشرقاوي " دروس فس أصول القانون " ط – 1972القاهرة بون ()1
د .سليمان مرقص "مدخل للعلوم القانونية" .ط – 1961القاهرة ص .419 ()3
10
()1
هو الثابت الواضح الذي ال ينكر وهذا هو ما اتفقت عليه تقريباً معاجم اللغة العربية.
أمدا الحق في الفقده الشد د د د د د ددرعي فدإن لفظدة (الحق) قدد وردت في القرآن الكريم 194مرة
وقدد ورد لف (حق) في القرآن الكريم 33مرة كمدا وردت لفظدة (حقده) ثالث مرات .وقدد
اختلف معني اللف إلختالف مقدام وروده في اآليدات القرآنيدة وسننننننننننسنننننننننوق علي ذلنك
األمثلة اآلتية -:
أ -الحق بمعني هللا سد ددبحانه وتعالي وقد ورد ذلك في قوله تعالي و ولو اتبع الحق
()2
أهواءهم لفسدت السموات واألرض و
ب -الحق بمعني القرآن الكريم وقدد ورد ذلدك في قولده تعدالي و بدل كدذبوا بدالحق لمدا
()3
جاءهم فهم في أمر مريج و
()4
ج -الحق بمعني العدل وقد ورد ذلك في قوله تعالي و وهللا يقضي بالحق و
د -الحق بمعني النصد د د د د دديب دأو القسد د د د د ددم وقد ورد ذلك في قوله تعالي و والذين في
()5
أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم و
ه -الحق بمعني الوجوب أو الثبوت وقدد ورد ذلدك في قولده تعدالي و لقدد حق القول
()6
علي أكثرهم فهم ال يؤمنون و
و -الحق بمعني الصد دددق كما في قوله تعالي و ويسد ددتنبئونك أحق هو قل إي وربي
()7
إنه لحق وما أنتم بمعجزين و
()8
ز -الحق بمعني اليقين كما في قوله تعالي و إنه لحق مثلما أنكم تنطقون و
مختار الصحاح للرازي .المطبعة األميرية ط 1996ص ، 146لسان العرب البن منظور – مطبعة دار الكتاب العربي ص )(1
11
الحق في اصطالح األصوليين -:
فالحق إما حكم أو ()1
اختلف األص د د ددوليون في تعريح الحق إلي ثالث إتجاهات
والحكم في اص د ددطالو األص د ددوليين هو خطاب هللا ()3
أو هو أمر معنوي ()2
متعلق الحكم
تعالي المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءاً أو تخيي اًر أو وضعاً.
أما من عرف الحق بأنه حكم فهو الذي يشددمل األمر والنهي ،والحكم ينقسددم إلي ثالث
أقسام ،حقوق خالصة هلل تعالي كاإليمان به ،وحقوق خالصة للعباد كالديون ،وحقوق
مشتركة بين هللا سبحانه وتعالي والعباد كحق القذف.
وبهذا مال فخر اإلسد د د د ددالم الزدوي والقرافي( .)4وأما من قال بأن الحق هو متعلق بالحكم
فهو يعني الفعدل أي فعدل المكلف وهو الفعدل الدذي يتعلق بخطداب الش د د د د د د ددارع فالبدد من
تحقق دده أي من وجوده في الواقع بحي ددث ي دددرك ب ددالحس أو ب ددالفع ددل ،والمحكوم ب دده أو
المحكوم فيه أن حقوق هللا تعالي خالصد د د د د د ددة أو حقوق العبد أو ما اجتمعا وحق أحدهما
غالب .وبهذا قال سد د ددعد الدين التفتازاني في التلويح علي التوضد د دديح(.)5وأما من قال بأن
الحق أمر معنوي فهو امتثال أوامر هللا واجتناب نواهيه وقد عبر اإلمام الش د د د د دداطبي عن
هذا بقوله (كل حكم شد د د ددرعي ليس بخال عن حق هللا تعالي وهو جهة التعبد ،فعبادة هللا
هو امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطالق ،وكل حكم ش د د ددرعي فيه حق للعباد عاجالً أم
آجالً بناءاً علي أن الشد دريعة إنما وض ددعت لص ددالح العباد ،وأص ددل العبادات راجعة إلي
()6
حقوق العباد.
انظر في تعريف الحق د .مصطفي عرجاوي التعريف بالحق في الشريعة اإلسالمية – مجلة الشريعة والقانون .العدد )(1
الموافقات في أصول األحكام ألبس اسحاق الشاطبي – المطبعة السلفية ج 2ص .221 )(6
12
أما الحق لدي فقهاء المسلمين -:
فقد ورد اسد د ددتعمال الحق في الفقه اإلسد د ددالمي في مواضد د ددع مختلفة وبمعان عديدة ونظ اًر
لوضد د د د د د ددوو داللتده ومعنداه فلم يتعرض لده اكثر الفقهداء القددامى فيمدا يتعلق بتعريفده نظ اًر
ولقد دارت ()1
لوفائه بجميع اسد د ددتعماالته في اللغة وكافة علوم ومخاطبات الناس جميعاً.
كل تعريفات الحق حول معني واحد تقريباً وهو :و اإلس ددتئثار بقيمة معينة ثابتة بالش ددرع
أو القدانون هلل تعدالي أو للشد د د د د د ددخص أو لهمدا معداً علي الغير مع حمدايدة هدذا الحق عن
()2
طريق التسلط واالقتضاءو.
علي من تعود الحقوق -:
حقوق اإلنسد ددان هي كل الحقوق التي يمتلكها الفرد ببسد دداطة لكونه إنسد ددان ومن هنا فأن
الفرد اإلنسد د د د دداني هو فقط من يملك هذه الحقوق بحكم كونه من البشد د د د ددر ولكن متي تبدأ
هذه الحقوق لإلنسان ومتي تبدأ حمايتها .أي متي يكتسب اإلنسان الحقوق ؟؟
يكتس د د ددب اإلنس د د ددان الحقوق منذ دبت فيه الروو وفقاً ألحكام الشد د ددريعة اإلس د د ددالمية ولكن
اختلفت الشرائع الوضعية في توقيت بدء الحماية لهذه الحقوق .ومصدر ثباتها في الفقه
اإلسد د د ددالمي هو الحديث الشد د د دريح المروي عن النبي عليه الصد د د ددالة والسد د د ددالم ،عن ابن
مسد د ددعود رضد د ددي هللا عنه قال حدثنا رسد د ددول اله صد د ددلي هللا عليه وسد د ددلم قال و إن أحدكم
ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مض د د د د ددغة
()3
مثل ذلك ثم يبعث هللا ملكاً فيؤمر برزقه وأجله وشد د ددقي أو سد د ددعيد ثم ينفخ فيه الرووو.
ومن هنا فال ص ددلة بين الميالد والحياة وال بين الميالد والحماية فاإلنس ددان مادام حياً في
بطن أمده فهم جنين اسد د د د د د ددتوجبدت لده الحمدايدة .وال يجوز تنفيدذ العقوبدة في المرأة الحدامدل
األشباه والنظائر البن نجيم الحنفي ط الحلبي ص ، 121د .عبد الرازق السنهوري "مصادر الحق في الفقه اإلسالمي" ط )(1
13
()1
.وهو ما ينبغي حرصاً علي جنينها حتي تضعها وتفطمه كما وقع في شأن الغامدية
العمل به في القوانين الوض د ددعية التي يكتفي بعض د ددها بش د ددهرين بعد الوالدة لتنفيذ األحكام
في األم دون أدني م ارعدداة لحقوق الوليددد حددديددث العهددد بددالوالدة ودون أدني م ارعدداة لحددالددة
األم النفثاء وهي منهكة.
إذا انفصد ددل عن أمه بسد ددبب الجناية عليها والدية إذا ()2
كما أوجب اإلسد ددالم الغرة للجنين
انفصد د ددل حياً ثم مات بعد ذلك بسد د ددبب الجناية عليها .وذلك بإطالق اسد د ددتدالالً بما روي
عن النبي علي الص ددالة والس ددالم أنه جعل دية كل ذي عهد كدية المس ددلم وما روي عن
عمر بن أبية الضددمري أنه قتل مسددتأمنين فقضددي رسددول هللا صددلي هللا عليه وسددلم عنها
بدية حرين مسدلمين ،وبما روي عن الزهري أنه قضدي ذلك في عهد أبي بكر .وسديدنا
عمر بن الخطاب رضي هللا عنه أن دية الذمي مثل دية المسلم وقد علق الكاساني عن
ذلك فقال :و ومثله ال يكذب وبما روي عن ابن مس د د ددعود رض د د ددي هللا عنه ألنه قال دية
وبما روي عن علي رض د ددي اللع عنه وكرم هللا وجهه ()3
أهل الكتاب مثل دية المس د ددلمين
()4
أنه قال و إنما اعطيناهم الذمة وبذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا.و
س د د دواء كان المقتول ()5
ومن هنا فقد اس د د ددتدل األحناف علي أن من قتل إنس د د ددان فهو قود
مس د د د د ددلماً أو غير مس د د د د ددلم وقد اس د د د د ددتدلوا علي ذلك من الكتاب بقوله تعالي و كتب عليكم
القصدداصو حيث أفادت اآلية العموم وهو ما يقتضددي المسدداواة بين المسددلم وغير المسددلم
حديث الغامدية أخرجه األمام مسلم في كتابه "باب حد الزنا " ج 1ص ، 203انظر صحيح مسلم ألبي الحسن مسلم بن ()1
اإلنسنننان الحر البالش بشنننرط إنفصنننال الجنين عن األم ميتاً أما إذا انفصنننل الجنين حياً عن األم لم مات بعد ذلك بسنننبب الجناية
عليها وجبت له الدية أيا كانت ملته وديانته ألن اإلسننالم يحمي اإلنسننان في المطلق ال لشننرك أال لكونه إنسننان وال فرق هنا بين
المسننلم وغير المسننلم في وجوب الدية لقوله تعالي " وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسننلمة إلي أهله" سننورة النسنناء
آية رقم 92
بدائع الصنائع للكاساني المرجع السابق ج 7ص ، 254المبسوط للسرخي المرجع السابق ص .825 ()3
14
وأما اسد ددتداللهم من السد ددنة فما روي عن الحسد ددن عن ابراهيم رحمهما هللا تعالي أن رجالً
من المس د ددلمين قتل رجالً من أهل الذمة فرفع ذلك إلي رس د ددول هللا ص د ددل هللا عليه وس د ددلم
فقال و أنا أحق حق وفي بذمتهو .وأما استداللهم من المعقول فألن المساواة في العصمة
. ()1
ثابتى نظ اًر إلي التكليف ،والقصاص يعتمد علي المساواة وهي متحققة
والخالصدة هنا اإلنسدان محمي بإطالق في هل الفقه اإلسدالمي ال فرق بين مسدلم وغير
مسلم وذلك وفقاً لرأي السادة األحناف ألن العموم ال يصرف عن هاهرة إال بدليل ثابت
وقوي.
والش ددارع مراده عص ددمة الدماء واألنفس وص دديانتها بإطالق فهو الذي خلق النش ددئة وتكفل
بحمايتهم بال تمييز مثلما كان يس د د ددود في الجاهلية ولقد وعي الص د د ددحابة رض هللا عنهم
هذه الجملة فعملوا بها إلتفاقها مع ضد دداهر النصد ددوص في القرآن والسد ددنة والمعقول وهو
ما يتفق مع القواعد الكلية في الش د د ددريعة اإلسد د د ددالمية التي تحض علي العدل والمسد د د دداواة
وتؤكد علي عصمة الدماء وحرمة اإلنسان.
مشار إليه لدي د .عبد الواحد الفار المرجع السابق ص 3وما بعدها. ()3
15
ينبغي أن تكون حقوقه – خاصد ددة الحق في المسد دداواة – متناسد ددقة مع مقتضد دديات النظام
العامو.
وهذان التعريفان يتفقان في مضد ددمونهما بأن موضد ددوع حقوق اإلنسد ددان يتعلق بالشد ددخص
الشدخص الطبيعي وحمايته من كل عسدف واضدطهاد والعمل علي تدعيم واحترام حرياته
األسد دداسد ددية ووضد ددع الضد ددمانات الفعالة التي تضد ددمن لكل إنسد ددان التقدم واالبداع في هل
حياة آمنة ومستقرة (.)1
وإذا كان الحق في اللغة الالتينية هو الص د دواب أو العدل Directusوهو ذات المعني
في اللغدة العربيدة Droitأو اللغدة االنجليزيدة Rightوهو مداال يختلف معنداه في القرآن
الكريم وفي اللغة العربية علي النحو السد ددابق ( .)2ومن هنا فإن ثمة صد ددلة واضد ددحة بين
القدانون والحق ألن القدانون هو الدذي يرتدب الاللت ازمدات والحقوق كمدا أن هنداك صد د د د د د دلدة
وثيق ددة بين الحق والحري ددة .حي ددث يعرف البعض الحقوق ب ددأنه ددا حري ددات ع ددام ددة أو هي
مجموعة الحقوق األسدداسددية التي ال يسددتغني عنها االنسددان في حياته والتي تكفل الدولة
اال عتراف بها وتنظيمها وحمايتها .أو هي القدرة علي عمل شديء أو االمتناع عن عمله
( .)3واألصد د د د د د ددل في كلمة الحرية في اللغة الالتينية هي Libertasوهي ذاتها في اللغة
االنجليزيددة Luberty – Freedomأي حريددة االرادة أو االسد د د د د د ددتقالل أو التحرر من
العبودبة وهو ذات المعني في اللغة الفرنسدية فهي تعني Liberteوهو ذات المعني في
اللغة العربية حيث تعني الخلوص من الشد دوائب أو الرق أو هي قدرة الفرد علي فعل ما
يشدداء أو قدرته علي االختيار الحر ( .)4ونخلص مما سددبق إلي أن معني الحق والحرية
في اللغات المختلفة ال يختلف كثي اًر عن معناه في االص د د د د د ددطالو أو معناه المتداول في
د .أحمد جاد منصور "الحماية القضائية لحقوق االنسان" .دراسة خاصة في حرية التنقل واالقامة في القضاء المصري. ()2
د .محمد الشافعي أبو راس "نظم الحكم المعاصر" دراسة مقارنة في أصول النظم السياسية ط 1989ص .486 ()4
16
الفقده حيدث أن الحريدة هي ذلدك الخيدار الدذي يمكنندا من التمتع بجميع الخيدارات األخري
( .)1ولو لم تكن الحرية قد وردت صد د د د دراحة في القرآن الكريم فقد وردت ض د د د ددمناً ووردت
مشد د د د د د ددتقداتهدا كدالحر وكمحر اًر .ويتجده فريق من الفقده إلي عددم الخلط بين الحق والحرية
( .)2في حين يتج دده آخرون إلي ال دددم دددج بين الحق والحري ددة ب دداعتب ددارهم ددا متالزمين في
الوقت الحاضد د د د د ددر وأن التفرقة بينهما هي تفرقة شد د د د د ددكلية حتي أن الدسد د د د د دداتير تعبر عن
الحريددات والحقوق تددارة بددالحقوق وتددارة بددالحريددات لكونهمددا من طبيعددة واحدددة حيددث يري
البعض أن كافة حقوق االنسان يمكن تلخيصها في كلمة واحدة هي الحرية (.)3
أهم خصائص الحقوق والحريات العامة -:
أ -الشمول والعمومية -:
حيث تعم الحريات العامة وتشددمل حياة االنسددان بكاملها حيث تبدأ من حق االنسددان في
المس د ددكن وتنتهي بحقه في المدفن أي أنها تغطي حياة االنس د ددان منذ نفخ الروو فيه قبل
ميالده إلي ما بعد وفاته ودفنه حيث تحمي جثته من االبتذال واالهانة.
ب -التداخل والتشابك -:
حيث ال يسد د ددتطيع االنسد د ددان االسد د ددتمتاع بحق معين إال إذا اسد د ددتعمل حقوق أخري حيث
حري ددة االحزاب ترتبط ب ددالحق في االجتم دداع والحق في اب ددداء الرأي وك ددذل ددك الحق في
الترشد د د د د د ددح مرتبط بدالحق في االنتخداب والحق في االبدداع مرتبط بحريدة الفكر والحق في
التعليم .والحق في العمل مرتبط بالحق في المساواة والعدالة والفرص المتكافئة.
د .سعاد الشرقاوي "نسبية الحريات العامة وانعكاساتها علي التنظيم القانوني" – القاهرة سنة 1979ص 3 ()1
Rene cassinود .محمد فرغلي ،ود .محمد شوقي .انظر تفصيل ارائهم .د .عبد العظيم عبد السالم "حقوق االنسان ()2
وحرياته العامة" .دراسة مقارنة ط دار النهضة العربية سنة 2005ص 32وما بعدها
د .يحي الجمل " النظام الدستوري في مصر" ط – 1974القاهرة ص .144 ()3
17
جـ -التكافل والتضامن -:
يظهر التكافل والتضد ددامن بين الحريات العامة والحقوق من خالل آثار التعدي علي أي
حق أو حريدة ألي فرد حيدث البدد من التدأثير في حق آخر أو حريدة أخري علي األقدل
فالتعدي علي الحق في السد د ددفر مرتبط بالتعدي علي الحق في التنقل والتعدي علي حق
االجتمداع مرتبط بدالتعددي علي الحق في تكوين نقدابدات أو أحزاب وهو ذاتده تعددي علي
حرية الرأي .وهكذا....
د -نسبية الحريات العامة -:
حيدث تبددو هدذه النسد د د د د د ددبيدة من خالل اختالف هدذه الحقوق والحريدات معنداً وكيفداً وكمداً
حسددب األيدولوجية التي تتشدربها الدولة وحسددب هروف كل دولة السددياسددية واالقتصددادية
واالجتماعية فهي تختلف من دولة إلي أخري وفي ذات الدولة من وقت إلي آخر إذ أن
تحدديدد مقددار مدا يتمتع بده االنس د د د د د د ددان في دولدة معيندة من حريدات مرتبط بمددي اعتراف
النظدام السد د د د د د ديداسد د د د د د ددي داخدل هدذه الددولدة لألفراد من حقوق وحريدات ومن هندا تدأتي فكرة
()1
النسبية.
د .حسن سعد سند " النظم السياسية والدستورية" – ط 2003ص 100وما بعدها. ()1
18
الفصل الثاني
التطور التاريخي لحقوق االنسان
19
المبحث األول
فكرة حقوق االنسان في ظل الحضارات القديمة
د .طيعمة الجرف "نظرية الدولة واألسس العامة للتنظيم السياسي" – القاهرة سنة 1964ص .472 ()1
21
المبحث الثاني
فكرة حقوق االنسان في ظل المذاهب الفلسفية
ولد سنة 427ق.م وتوفي سنة 347ق.م ورافق أستاذه سقراط في حياته .من أشهر كتبه جمهورية أفالطون والقوانين. ()1
انظر د .حسين زنون "فلسفة القانون " مطبعة الهاني – بغداد سنة 1975ص .29-28مشار إليه لدي الدكتور عبد ()2
،والسياسة ،انظر د .حسين زنون المرجع السابق ص 35واالستاذ أحمد أمين (األخالق) ص .120
22
ثم تناقض ددت المدرس ددة الرواقية مع فلس ددفة أفالطون وأرس ددطو حيث ذهبت إلي إلغاء كافة
الفوارق بين الطبقدات فداليوندان والبرابرة واألشد د د د د د دراف والعدامدة واألحرار والعبيدد واألغنيداء
والفقراء كلهم سد د د د د د دواء والفددارق الوحيددد الددذي يجددب التعويددل عليدده هو الفددارق بين العدداقدل
باألخوة العالمية وهدم كافة ()1
النش د د د د ددط والخامل األحمق .ولقد نادت المدرس د د د د ددة الرواقية
الحواجز الس د ددياس د ددية واعتبار اإلنس د ددان مواطناً عالمياً دون حاجة إلي تعدد الدول ونادت
هذه المدرسد د ددة إلي دولة عالمية واحدة حيث ال يجب أن يكون غير عائلة واحدة للجنس
البش د د د د د ددري تقوم علي وحدة الطبيعة البشد د د د د ددرية وعلي قانون العقل الذي يدعمها ويقويها.
وقددانون العقددل عنددد الرواقيددة هو القددانون المنزه عن الهوي والزيح أي القددانون الطبيعي
وهو الميقات الذي يعرف به كل ما هو حق وعدل حيث ال تتغير مبادئه وهو ملزم لكل
()2
الناس بل إنه قانون هللا.
بنزعة مادية .حيث أس د د دسد د ددت لنظرية خلقية في مذهب ()3
ثم جاءت المدرسد د ددة األبيقورية
اللذة واأللم إذ أن اإلدراك الحسد د د د ددي عند أبيقور هو وحدة القياس الذي تقاس به الحقائق
النظرية أما الجانب العملي من الحياة فمقياسد د د د دده الشد د د د ددعور باللذة واأللم .والفرد ال يجب
عليه أن يبحث عن كل لذة أو أن يتجنب كل ألم بل علي اإلنسان أن يتبع سلوكاً يؤدي
في مجموعة إلي أكبر قدر من اللذة وأقل قدر من األلم أي االعتدال الذي هو الفضدديلة
ومن هنا أنكرت المدرسد د د ددة الرواقية ما أثبته ()4
الكبري للوصد د د ددول إلي السد د د ددعادة أو اللذة.
أفالطون وأرسد د د ددطو في حق اإلنسد د د ددان من أنه إجتماعي ومتعاون ومحب لغيره .إذ رأت
الرواقية أن اإلنسد د ددان أناني وهو ليس مجبول علي الميل إلي الجماعة وكل سد د ددعيه نحو
تحقيق فرديته ومص ددلحته الذاتية الخاص ددة .ومن هنا عمد الناس إلي إبرام اتفاق ض ددمني
بينهم يلزم كددل واحددد فيهم بدداحترام حقوق اآلخرين ليحترموا حقوقدده وأن الدددولددة هي التي
جاءت تسمية الرواقية نسبة إلي رواق ميكل ألينا حيث كان مؤسس هذه المدرسة زينون يلقي دروسه. )(1
23
()1
وهكذا اتضددح أن اإلنسددان في هل الفكر الفلسددفي يجب أن تشددرف علي هذا اإلتفاق
عند اليونان لم يكن يتمتع بالعدل والمساواة ال بين عبد وسيد وال بين رجل وامرأة وال بين
نبيل ووضيع أو غني وفقير.
ب -الفلسفة الرومانية -:
تأثر فالس ددفة الرومان بالفلس ددفة اليونانية حي كان ش دديش ددرون أش ددهر من قام بنقل الفلس ددفة
اليوندانيدة إلي الرومدان بطريقدة رائعدة حيدث كدان القدانون عندده ال ينبع من الهوي وإنمدا هو
مسددلمة من المسددلمات الطبيعية .والدولة نظام ضددروري لكل مجتمع إنسدداني فال مجتمع
من غير قانون وال قانون دون وجود س د ددلطة تقوم بإص د ددداره والس د ددهر علي تنفيذه .ويقول
شيشرون في هذا الصدد (( يوجد قانون طبيعي عام ينبثق من واقع حكم العناية اإللهية
للعالم كله كما ينبثق من الطبيعة العقلية واإلجتماعية للبشد د د د ددر .تلك الطبيعة التي تجعل
الجنس البشددري أدني ما يكون إلي هللا .وفي هذه النظرية تكمن فكرة دسددتور دولة العالم
أي دسد د د د د د ددتور واحد في كل مكان ال يتغير وال يتبدل في إلزام جميع الناس وجميع األمم
بأحكامه .وأيما تش دريع ص دددر يخالف ألحكام هذا الدس ددتور ،ال يس ددتحق أن يكون قانوناً
،فما من حاكم أو رعية يستطيعون أن يجعلوا من الخطأ صواباً .هناك في الواقع قانون
حق هو قانون البداهة والتفكير الس د د د ددليم ،وهو قانون يماش د د د ددي الطبيعة وينطبق علي كل
الناس .وهو قانون خالد ال يتغير .يلتزم الناس بمقتضد دداه ومقتضد ددي أحكامه أن يؤدوا ما
عليهم من إلتزامات ،وتؤثر أوامر هذا القانون ونواهيه في خيار الناس دون أش د ددرارهم ،
وهو القانون الطبيعي الذي ال يجوز تعطيل أحكامه بتشد دريعات من ص ددنع البش ددر ،كما
ولقد تم ()1
ال يجوز الحد من نطاق تطبيقه ،والناس سد دواسد ددية في ضد ددوء هذا القانون)).
تجميع آراء أهم فقهاء ومفكري الرومان في مدونة تم نشرها بمعرفة اإلمبراطور جستنيان
سددنة 533م حيث تم التسددليم بوجود ثالثة نماذج من القانون هي القانون المدني وقانون
انظر د .حسن زنون – المرجع السابق ص . 40ومشار إليه نصاً لدي د .عبد الواحد الفار المرجع السابق ص.21 )(1
24
الش د د د د ددعوب والقانون الطبيعي .حيث يقتص د د د د ددر تطبيق القانون المدني فقط علي مواطني
الدولة الرومانية دون األجانب ،أما قانون الش د د ددعوب فهو عبارة عن مجموعة من قواعد
القددانون الرومدداني يكن لألجددانددب اإلسد د د د د د ددتفددادة من أحكددامهددا .ثم القددانون الطبيعي وهو
مجموعة القواعد القانونية المش ددتركة بين الش ددعوب كافة وهو يس ددتمد أحكامه من الطبيعة
ذاتها .ويختلف قانون الش د د ددعوب عن القانون الطبيعي في نقطة واحدة هي مس د د ددألة الرق
حيث ال اعتراف بالرق في القانون الطبيعي ألن الناس سواسية كلهم جميعاً في حين أن
قانون الشعوب يجيز الرق وينظمه.
جـ -فلسفة العصور الوسطي وعصر النهضة -:
العصددور الوسددطي تقع بين أواخر القرن الخامس الميالدي حتي قيام النهضددة األوروبية
في القرن الخامس عشددر الميالدي حيث سدداد خالل هذه القرون العش درة اتجاهان أولهما
يطلق عليه عصدر آباء الكنيسدة وهو يبدأ من أواخر القرن الخامس الميالدي سدنة 800
م وهو عهد الملك ش ددارلمان .والثاني يطلق عليه العص ددر المدرس ددي وقد امتد حتي القرن
الخامس عشدر وهو بداية قيام النهضدة األوروبية .وفي هل عصدر آباء الكنيسدة انحسدر
الفكر الفلسد د ددفي داخل أروقة الكنائس حيث أصد د ددبحت الفلسد د ددفة تابعة للعقيدة المسد د دديحية
وخادمة لها ومن أبرز فالسفة الكنيسة القديس أوغسطين ( .)2أما العصر المدرسي فمن
أبرز فالس د د د د ددفته القديس توماس األكويني والفليس د د د د ددوف دانتي اليجيري ص د د د د دداحب كتاب
(الكوميديا اإللهية) ولقد رسد د د ددخ القديس توماس األكويني فكرة أن تكون الدولة في خدمة
الكنيس د د ددة حتي تكون دولة ش د د ددرعية ومش د د ددروعة وإال أمكن البابا إقالة حكومتها .كما أقر
االكويني خضوع األفراد للقانون ولو كان هالماً ما دام لم يمس الدين في شيء.
وأما دانتي اليجيري فإن وجهة نظره تتلخص في وجوب توحيد النظام السددياسددي للبش درية
جمعاء في دولة واحدة لتحقيق السد د د د د د ددالم العالمي وإبعاد البشد د د د د د ددر تحت لواء إمبراطورية
ولد في منتصف القرن الرابع عشر الميالدي بالجزائر من أب ولني وأم مسيحية ومن أهم مؤلفاته "مدينة هللا City if ()2
" Godحيث دمج بين الدولة والكنيسة .انظر األستاذ أحمد أمين – فجر اإلسالم ص .127
25
عالمية وحيدة .ولقد خالف توماس االكويني حيث هاجم الباباوات في الكنيسد د ددة وسد د ددخر
منهم بش دددة وس ددماهم (ذئاب كواس ددر في ذي رعاة) ودعي إلي ض ددرورة فص ددل الدين عن
الدولة فما لقيصر لقيصر وما هلل هلل (.)1
أما عص د ددر النهض د ددة فقد توارت فيه عالقة الدين بالدولة وههر اتجاه يؤكد علي س د دديادة
الدولة .ومن أبرز فالسد د د د ددفة النهضد د د د ددة ميكانيللي وجان بودان وجروسد د د د دديوس حيث ألف
ميكانيللي كتابه الشددهير (األمير) وضددمنه نصددائحه ومالحظاته لبناء دولة إيطاليا القوية
والتي حكمتها فكرة مشد د د د د ددهورة عنه وهي (الغاية تبرر الوسد د د د د دديلة) كما هاجم الفصد د د د د ددائل
المس د دديحية الثابتة في جوهر العقيدة المس د دديحية ورأي في كتابه األمير أن هذه الفص د ددائل
.ولقد شد د د د ددارك جان بودان ()2
المسد د د د دديحية ال تعبر إال عن الذل والخضد د د د ددوع والمسد د د د ددكنة
ميكانيللي في دعوته إلي الحكم االسد د د ددتبدادي المطلق حيث منع علي األفراد الثورة علي
الحداكم المسد د د د د د ددتبدد الطداغيدة .أمدا الفقيده جروسد د د د د د دديوس( )3الدذي ألف كتدابده (قدانون الحرب
والس ددالم) وكانت خالص ددة فكره أن الحياة اإلنس ددانية تؤلف مجتمعاً واحداً ومن هنا وجب
العودة إلي القد ددانون الطبيعي الد ددذي يقوم علي فكرة الحق والعد دددل ،وال يمكن لقد ددانون
وضد د د د د د ددعي أن يدددوم إال إذا اعتمددد علي القددانون الطبيعي في حدددوده ومبددادئدده ومطددابقددة
مضد د د ددمونه لمبادن القانون الطبيعي .وأن اإلنسد د د ددان كائن اجتماعي مدرك وأنه حتي في
أحلك الظروف وهي هروف الحرب يجب علي األمم أال تنس ددي وجود إنس ددانية مش ددتركة
حتي بين األعداء ألن اإلنسد ددانية قدر مشد ددترك ال يتصد ددور التخلي عنه حتي في العالقة
مع الع دددو ،ومن االنتق ددادات الالذع ددة التي وجه ددت لفكر جروسد د د د د د دديوس إج ددازت دده الرق
والعبودية واعتماده علي قانون الشعوب وليس القانون الطبيعي (.)1
د .عبد الواحد الفار ،المرجع السابق ص 26نقالً عن د .حسن الزنون ،المرجع السابق ص .51 ()2
ولد سنة 1583وتوفي سنة 1645بهولندا ودرس القانون وعمل بالمحاماة. ()3
26
ء -حقوق اإلنســان في ظل مدرســة القانون الطبيعي فى العصــر
الحديث -:
ههرت هذه المدرسد ددة في أواخر القرن السد ددادس عشد ددر وأوائل القرن السد ددابع عشد ددر وهي
قبل أن تري أن اإلنسد د ددان سد د ددابق في وجوده وجود المجتمع أي أن اإلنسد د ددان كان يعي
تعرف المجتمعات وعليه فإن حقوق اإلنس د د د ددان مس د د د ددتمدة من طبيعته اإلنس د د د ددانية ال مما
تصدددره الدولة من تش دريعات ألن وجوده سددابق علي وجود الدولة ،وهذه الحقوق مسددتقلة
عن المبادن الدينية ألن بذرتها هو الحق الطبيعي ولقد أسد د د د ددس لهذه المدرسد د د د ددة – علي
النحو الذي أوضد د ددحناه – الفقيه الشد د ددهير جروسد د دديوس .وإنطالقاً من المدرسد د ددة هذه يقوم
العقد اإلجتماعي وهو اتفاق عام علي تأس د د دديس مجتمع منظم حيث ال يتخلي بمقتضد د دداه
اإل نسد ددان عن حقوقه وحرياته ألنه يملكها بسد ددبب طبيعته اإلنسد ددانية .وقد بزغت نظريات
لتفسد د د د د د ددير هدذا العقدد اإلجتمداعي إحدداهمدا للفقيده هوبز والدذي عبر عن نظريتده في مؤلفه
سددنة 1651حيث نسددب وجود الجماعة إلي العقد باسددتثناء رئيس الجماعة حيث يتنازل
جميع األفراد عن حقوقهم الطبيعيددة التي كددانددت لهم في الحددالددة الطبيعيددة وذلددك تجنب داً
لقانون الغاب ولكن هوبز كان يهدف إلي تدعيم الحكم المطلق ألسد د د د درة اس د د د ددتيورت ميل
.ثم جداءت حيدث كدان معلمداً ألبندائهدا ألن الحداكم لددي هوبز غير مقيدد بدأي قدانون
()2
نظرية الفقيه جون لوك لتفس د د د ددير العقد اإلجتماعي حيث خالف هوبز في الحكم المطلق
وأن الحداكم ليس طرفداً في العقدد وال خداضد د د د د د دعداً ألي قيود إذ جعدل لوك الحيداة الطبيعيدة
محكومة بقانون طبيعي ولم تكن فوض د د د د ددي يحمها قانون الغاب كما قرر هوبز كما قرر
لوك أن حياة األفراد في هل القانون الطبيعي كانت تسد د د د د ددودها المحبة والسد د د د د ددالم وليس
د .لروت بدوي "النظم السياسية والقانون الدستوري" ،القاهرة ص 94ود .حسن سند "النظم السياسية " المرجع السابق ()2
()2
ليعلن في كتابه العقد اإلجتماعي أن التوثيق بين الس د د ددلطة ثم جاء جان جاك روس د د ددو
والحريددة إنمددا يكون عن طريق العقددد اإلجتمدداعي الددذي يتعهددد فيدده اإلنس د د د د د د ددان بددالتنددازل
للمجتمع أو األمة وليس الحاكم عن حقوقه الطبيعية كاملة دون أن يحتف منها بشد د دديء
،والسلطة في المجتمع تتمثل في رأي روسو في اإلرادة العامة التي هي إرادة األغلبية.
ويري روسو أنه ليس هناك ثمة تعارض بين سيادة الدولة وحرية الفرد وأن الحرية الحقة
تتمثدل في طداعدة القدانون الدذي هو وليده اإلرادة العدامدة وهو مدا ال يؤدي إلي اسد د د د د د ددتبدداد
األكثرية وطغيانها علي األقلية حيث يجب أن تدرك األقلية أنها لم تكن علي صد د د د د د دواب
حين خالفت األغلبية فض ددال ع ن أن ما ارتض دداه الجميع في العقد اإلجتماعي هو طاعة
اإلرادة العامة أي طاعة األغلبية.
كما أض د د د د دداف مونسد د د د د دس د د د د دديكو في كتابه (روو القانون) Lesprit des loisمزيداً من
اإليض دداو لفكرة العقد اإلجتماعي إذ أعلن عدم ثقته في الس ددلطة وذلك ألن كل ص دداحب
سد ددلطة ينزع إلي التعسد ددف في اسد ددتخدامها ومن ثم فقد دعا مونسد دسد دديكو إلي ضد ددرورة أن
توقف الس د د د ددلطة الس د د د ددلطة وهو األمر الذي ال يتس د د د ددني إال عن طريق بدأ الفص د د د ددل بين
السلطات الثالث التشريعية والتنفيذية والقضائية (.)3
كما دافع فولتير عن التس د د ددامح الديني بما كان له من أكثر في إقرار واض د د ددعي اإلعالن
الفرنس د د د د د ددي لمبدأ حرية المعتقد الديني .وما من ش د د د د د ددك أن أفكار هوبز ولوك وروس د د د د د ددو
ومونسد د دسد د دديكو وفولتير كان لها عظيم األثر في نفوس الثوار في أوروبا وبفضد د ددل آرائهم
وأفكارهم إنهار الحكم الملكي المطلق في فرنسدا واسدتقلت المسدتعمرات اإلنجليزية السدابقة
د .غازي حسن صباريني .الوجيز في حقوق اإلنسان وحرياته األساسية – مكتبة دارة الثقافة للنشر والتوزيع ط 1997ص ()1
24وما بعدها ،انظر كذلك لجون لوك (الحكومة المدنية) ترجمة محمود شوقي الكيال ص 15وما بعدها.
ولد جان جاك روسو سنة 1712وتوفي .1778 ()2
28
في أمريكا الش د ددمالية وقد كلن من أهم ثماره ميالد القوة األعظم حتي اآلن وهي الواليات
المتحدة األمريكية (.)1
حيث جاء في وثيقة إعالن االستقالل األمريكي قولها -:
] إننا نؤمن بأن الناس جميعاً خلقوا سد د د د د ددواس د د د د د ددية ،وأن خالقهم قد وهبهم حقوقاً ال تقبل
المسد د د د د د دداومدة – منهدا حق الحيداة وحق الحريدة والسد د د د د د ددعي لتحقيق السد د د د د د دعدادة .وإنمدا تقوم
الحكومات بين الناس لض د د ددمان هذه الحقوق .وتس د د ددتمد الحكومات س د د ددلطانها العادل من
رض د د د د ددا الناس المحكومين .ومن حق الش د د د د ددعب إذا ما قوض د د د د ددت الحكومة هدفاً من هذه
األهداف أن يغيرها أو يلغيها ثم يقيم بدالً منها حكومة يضد د د د د د ددع اسد د د د د د ددمها علي المبادن
وينظم سلطانها في الصيغة التي تحقق له األمن والسعادة (.)2
وهددذه األفكددار هي ذاتهددا التي انطلق فيهددا اإلعالن الددذي أص د د د د د د دددرتدده الجمعيددة الوطنيددة
الفرنسية سنة 1789والخاص بحقوق اإلنسان والمواطن حيث قرر ما يلي -:
[ إن ممثلي ش د د د د ددعب فرنس د د د د ددا المجتمعين في هيئة جمعية وطنية وقد اعتبروا أن تجاهل
حقوق اإلنسد ددان وإهمالها وازدراءها هي األسد ددباب الوحيدة للكوارث العامة وفسد دداد الحكم.
ومن ثم فقد عقدوا النية علي أن يبينوا في إعالن رس د د د ددمي هذه الحقوق الطبيعية التي ال
يمكن زوالها أو التصد د د ددرف فيها .وأن يكون هذا اإلعالن حاض د د دد اًر دائماً في أذهان أفراد
المجتمع حتي يكونوا إلي األب د ددد متنبهين إلي حقوقهم وواجب د دداتهم .وأن تكون أعم د ددال
السد ددلطة التش د دريعية والتنفيذية وقد صد ددار من الممكن –في كل لحظة -مقارنتها بالهدف
من النظم السد ددياسد ددية أكثر مدعاة لإلحترام .وأن تتجه مطالب المواطنين المسد ددتقبلة علي
الدوام وقد صد د د ددارت توجهها مبادن بسد د د دديطة وال نزاع عليها .إلي الحفا علي الدسد د د ددتور
()1
والسعادة العامة ]
د .محمد يوسف علوان "حقوق اإلنسان في ضوء القوانين الوضعية والمواليق الدولية" ،مطبوعات كلية الحقوق – جامعة ()1
أستاذنا الدكتور .محمود سالم زناتي (مدخل تاريخي لدراسة حقوق اإلنسان) الطبعة األولي سنة 1987ص .244 )(1
29
وهكذا كانت إعالنات الحقوق إيزاناً بأن كل تدخل من جهة الدولة للحد من نشد دداط الفرد
هو بمثابة وقوف ضد د د د ددد طموحاته وتعطيالً لمصد د د د ددالحه الخاصد د د د ددة ،ولقد أفرز المذهب
الفردي هذا في مجال التطور الذي بات في القرن التاسع عشر والعشرين أنظمة قانونية
ذات وجهين ،وجهاً يمثل الديمقراطية كأسد د د ددلوب للحكم واآلخر يمثل ال أرسد د د ددمالية كنظام
إقتصادي.
أوالً – الديمقراطية كأسلوب حكم في المذهب الفردي -:
كلمددة الددديمقراطيددة هي كلمددة يونددانيددة مكونددة من كلمتين (ديموس) ومعندداهددا الشد د د د د د دعددب
و(كراتوس) ومعناه س د د د د ددلطة .ومن هنا فإن الديمقراطية تعني س د د د د ددلطة الش د د د د ددعب أو ترك
الس ددلطة في يد الش ددعب .وتقوم الديمقراطية في هل المذهب الفردي علي األس ددس اآلتية
-:
-1أن الشعب هو مصدر السلطات في الدولة.
-2أن تكوين أجهزة الدولة في الحكم الديمقراطي ال يكون إال باالنتخاب الحر.
-3أن النظام الس د د د ددياس د د د ددي الديمقراطي يجب أن يرتكز علي حق االقتراع العام في
هل حريات التفكير والتعبير وغيرهما من الحريات العامة باطمئنان.
-4أن السد د د د ددلطة الحاكمة في النظام الديمقراطي ليسد د د د ددت غاية في ذاتها وليسد د د د ددت
مقدسة وإنما هي مجرد وسيلة لتحقيق نمو الفرد وازدهار شخصيته.
-5أن الشدعب أو أغلبيته له الحق في تغيير النظام السدياسدي أو االجتماعي الذين
في هله وهو حق أصيل ال يمكن انتقاصه أو تجريد الشعب منه. يعي
-6أن السد د د د د د ددلطدة الحداكمدة في هدل النظدام الدديمقراطي القدائم علي المدذهدب الفردي
دائماً مقيدة من حيث الوس د د د د د ددائل التي تس د د د د د ددتخدمها حيث ال يجوز أن تتناقص
()1
الوسائل الغايات العليا للديمقراطية رأسمالها حقوق األفراد وحرياتهم.
انظر د .محمد عصفور (الحرية في الفكرين الرأسمالي واالشتراكي) سنة 1961ص 25وما بعدها. ()1
30
ثانيا ً – الرأسمالية كنظام اقتصادي في المذهب الفردي -:
وهي الوجه الثاني الذي تمخض عن المذهب الفردي حيث اعتد بالنظام ال أرسد د د ددمالي في
مجال السددياسددة االقتصددادية واالجتماعية وهو نظام ارتكز علي مبدأ أسدداسددي هو (الباب
المفتوو في الددداخددل والخددارج) أو (دعدده يعمددل دعدده يمر) .وهو ترك الندداس أح ار اًر في
أعمالهم فهي فقط دولة حارسد د د د ددة أو دولة أمن .ولكن سد د د د ددرعان ما ههرت عيوب النظام
ال أرسد د د د ددمالي حيث لم يسد د د د ددتفد من هذا النظام إال أفراد قالئل أولئك الذين أتاو لهم الح
والذكاء الممتاز أو فقدان الضد ددمير أن يقتنوا الثروات الضد ددخمة ولو بطرق غير أخالقية
بعيداً عن دائرة السد د ددلوك المثالي أو قيم األنسد د ددانية العليا مما خلق طبقة أرباب األعمال
وخلق أغلبية كاسحة من العمال المعدمين والفقراء ومن ثم فقد سارعت الدول التي تبنت
هذا النظام إلي اإلص ددالو الفوري لهذا الخلل من أجل تحس ددين المعيش ددة للطبقات الفقيرة
مثلما تفعل الواليات المتحدة األمريكية عبر عقود وال تزال تهذي من مبادن ال أرس د د د ددمالية
المتغولة والمتوحشة والتي من أهمها -:
-1اعتبار المصلحة الفردية هدفاً في حد ذاتها.
-2االعتالاف بالمنافسد ددة كوسد دديلة لنتيجة الثروة مهما تضد ددمنتها هذه المنافسد ددة من
وس ددائل وأس دداليب مجافية لروو الفرد والتراحم والترابط في المجتمع مثل المقامرة
()2
والربا واالحتكارات.
-3ضد ددمان حرية العمل والتملك واالسد ددتثمار واالسد ددتغالل واالنفاق بصد ددرف النظر
عن معاني التضد ددامن والتكافل في سد ددبيل مصد ددلحة الجماعة وهذه االسد ددس هي
التي أههرت واعلدت من قيم النظدام ذاتده في هدل المدذهدب االشد د د د د د ددتراكي الدذي
اعترف بحقوق الفرد وملكاته وحرياته ولكنه اعترف أيضا بالمشاركة كفكرة تعيد
إلي العدالم نبض د د د د د د ددات الحيداة وتطفيء الرغبدة الفرديدة المشد د د د د د دديوبدة وتزيدل القلق
وتقض د د د د ددي علي التعص د د د د ددب وتخمد األثرة في بيئة اجتماعية يس د د د د ددودها التكافل
د .محمد عصفور .المرجع السابق ص 30وما بعدها – ود .عبد الواحد الفار – المرجع السابق ص 43وما بعدها. ()2
31
ويص د ددبح من حق الدولة التدخل لص د ددالح حقوق الجمهور وحرياتهم األس د دداس د ددية
وهو مددا قرره روبرت أوين في كتددابدده الثروة The Revolutionحيددث أقر
فكرة الدولة المتدخلة وليسد ددت الدولة الحارسد ددة السد ددلبية حتي ينعم بالحقوق أكبر
عدد ممكن من أفراد المجتمع ثم جاء كارل ماركس في منتصددف القرن التاسددع
عشد د د ددر وبلور هذا المذهب فيما عرف بعد ذلك باالشد د د ددتراكية العلمية أو مذهب
. ()1
الشيوعية الماركسية
أنظر فى تفصيل ذلك د /حسن سعد سند ،النظم السياسية واالجتماعية ،المرجع السابق صن 210وما بعدها . ()1
32
المذهب الثالث
اإلعتراف الدولي بحقوق اإلنسان
34
وخالص د د د ددة القول أنه يمكن الحكم علي الفترة التي س د د د ددبقت الحرب العالمية األولي علي
أنها ش ددهدت تكريس امتيازات واس ددتثناءات للدول الكبري واالس ددتعمارية لص ددالح مواطنيهم
وذلك علي حسدداب االهتمام بحقوق اإلنسددان والتي بدأت تأخذ حقها تدريجياً بعد الحرب
العالمية األولي علي النحو اآلتي -:
ثانيا ً – حقوق اإلنسان بعد الحرب العالمية األولي -:
انعقدد مؤتمر فرس د د د د د د دداي عقدب الحرب العدالميدة األولي وأبرمدت الددول علي أثر الويالت
الشددديدة التي شددهدتها هذه الحرب عقد دول الحلفاء والدول األعداء وهي ألمانيا وبلغاريا
وتركيا إنش د دداء نظام عالمي يس د ددمي عص د ددبة األمم في 1919/4/28والذي أوجد بعض
الض ددمانات القليلة للش ددعوب مثل نظام االنتداب وحماية األقليات وذلك دون تعزيز فعلي
لحقوق اإلنس د د د ددان وحرياته س د د د ددوي أن نظام االنتداب الذي نص عليه في المادة 22من
عهد عصد ددبة األمم والذي قدم حماية متواضد ددعة لسد ددكان األقاليم المشد ددمولة بالوصد دداية أو
االنتداب وتقوم السدلطة القائمة علي االنتداب بتقديم تقرير لعهد عصدبة األمم سدنوياً عن
حالة السكا ن الخاضعين لإلنتداب وكذلك نظام حماية األقليات وهم مجموعة من األفراد
أقل من أغلبية مواطني الدولة وهم في وض د د ددع غير مس د د دديطر وتتوافر لديهم خص د د ددائص
اثنية أو دينية أو لغوية تختلف عن خصد د د ددائص أغلبية السد د د ددكان ويظهرون ولو بشد د د ددكل
مسد د د ددتت اًر حسد د د دداس د د د داً بالتضد د د ددامن بغية الحفا علي الطابع الخاص أو الذاتية الثقافية أو
()1
وقد تض ددمنت معاهدات الس ددالم ومعاهدات األقليات المبرمة بعد الخص ددائص المميزة.
نهدايدة الحرب العدالميدة األولي هدذا النظدام الددولي لحمدايدة األقليدات ألول مرة عن طريق
تأمين وضمان المساواة وعدم التمييز وحماية الخصائص والثقافات وحرية ممارستها.
كما أشد د د د د ددرف مجلس عصد د د د د ددبة األمم حلي حسد د د د د ددن تطبيق الدول لنظام حماية األقليات
كضدامن لهذا النظام ومتلقي لشدكاوي أبناء األقليات بشدأن أية مخالفة لهذا النظام .ولكن
الثغرة الخطيرة في نظام حماية األقليات أنه لم يكن يستهدف اإلنسان مطلقاً وال األقليات
35
مطلقاً ولكنه اس د د ددتهدف حماية األقليات في بعض الدول دون بعض د د ددها وبعض األقليات
دون بعضدها بل ههر هناك دعم لألقليات ضدد دولهم إلحداث اضدطراب في هذه الدول
ثم زال هذا النظام بزوال عصد د د د د ددبة األمم ثم أحيته مرة أخري األمم المتحدة تحت منطق
جديد وض ددحه بعد ذلك اإلعالن العالمي والعهد الدولي للحقوق المدنية والس ددياس ددية الذي
آمن بحقوق األقليات إال الحق في تقرير المص د د د ددير واالنفص د د د ددال عن الدولة األم مراعاة
لمبدأ سدديادة الدولة ووحدتها وسددالمتها اإلقليمية .ولقد كان من أهم معالم حقوق اإلنسددان
بعد الحرب العالمية األولي هو إنش د د د د دداء منظمة العمل الدولية س د د د د ددنة 1919والتي كان
دسدتورها بمثابة اإلتفاقية األولي لحقوق اإلنسدان بشدكل عام وحقوق العامل بشدكل خاص
الذي اس د د د د د ددتهدفت المنظمة رفاهيته من النواحي المادية والمعنوية والثقافية واالجتماعية.
وخلق قانون عالمي موحد للعمل وعقد مؤتمر دولي تحت مس د د ددمي مؤتمر العمل الدولي
الذي ينعقد س د د د ددنوياً في جنيف حيث وص د د د ددل عدد اإلتفاقيات التي أبرمتها منظمة العمل
الدولية ومؤتمر العمل الدولي أكثر من مائة وثمانين اتفاقية وتوص ددية منها تحريم العمل
الجبري ،والحري ددة النق ددابي ددة ،ومنع التمييز في المع ددامل ددة ،ومنع التمييز في العم ددل ،
والمسدداواة في األجر ،والضددمان اإل جتماعي ،بحث أصددبحت منظمة العمل الدولية بعد
كل هذه الس د د د ددنوات من أهم الوكاالت المتخصد د د ددص د د د ددة التابعة لألمم المتحدة والتي تعني
بحقوق اإلنس د ددان في ميدان العمل بمش د دداركة الحكومات وأرباب العمل والعمل .ومن هنا
كان االهتمام الدولي بحقوق اإلنس د د د د د ددان قبل الحرب العالمية الثانية انصد د د د د د دب فقط علي
بعض الفئدات مثدل العمدال أو األقليدات أو الالجئين وقدد ههرت في اآلوندة األخيرة فكرة
إعدداد إعالن لحقوق اإلنس د د د د د د ددان لكنهدا لم تر النور إال بعدد الحرب العدالميدة الثدانيدة علي
النحو اآلتي -:
36
ثالثا – حقوق اإلنسان بعد الحرب العالمية الثانية -:
ههرت فكرة تدول حقوق اإلنس د ددان بعد الحرب العالمية الثانية التي أعلنت فش د ددل منظمة
عصبة األمم فيما قامت من أجله وهو إال تكون الحرب وسيلة لحل النازعات بين الدول
وإشد د د د د د دداعدة العالقدات الوديدة بينهدا حيدث فداق عظم خطر اآلثدار التي ترتبدت علي الحرب
العالمية الثانية أض ددعاف األولي إذا ارتكبت المجازر في أوروبا وأص ددبحت الفظائع التي
خلقتها الحرب شد دداهداً علي ضد ددرورة تدويل حقوق اإلنسد ددان وقد تم ذلك من خالل ميثاق
األمم المتحدة سد د د د ددنة 1945واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسد د د د ددان سد د د د ددنة 1648وكذلك
العهدين الدوليين سد د د ددنة 1966والبروتوكوالت الملحقة بهما فضد د د ددال عن اتفاقيات دولية
لمنع التشد د د د د ددويه الجبري والتطهير العرقي والتعذيب والتمييز وسد د د د د ددوف نعرض ألهم هذه
المواثيق التي كونت فيما بينها ما يعرف بالشرعية الدولية لحقوق اإلنسان.
أ -ميثاق األمم المتحدة سنة )1(1945
كدان للميثداق دور مهم جدداً في حمدايدة حقوق اإلنسد د د د د د ددان بداعتبداره معداهددة دوليدة جمداعية
ملزمة وكان بمثابة حجر األسد د د د دداس للقانون الدولي لحقوق اإلنسد د د د ددان وذلك منذ ديباجته
التي نص د د د ددت علي أنه (( تحث ش د د د ددعوب األمم المتحدة وقد ألقينا علي أنفس د د د ددنا أن تنقذ
األجيدال المقبلدة من ويالت الحروب التي في خالل جيدل واحدد جلبدت علي اإلنسد د د د د د ددانيدة
مرتين أحزاناً يعجز عنها الوص د د د ددف ،وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق األس د د د دداس د د د ددية
لإلنسد د ددان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنسد د دداء واألمم كبيرها وصد د ددغيرها من حقوق
متساوية وأنة ترفع بالرقي اإلجتماعي قدماً ،وأن ترفع مستوي الحياة في جو من الحرية
)).
د .جعفر عبد السالم ،المنظمات الدولية ط 1980 .دار النهضة العربية ص ، 235ود .عبد العزيز سرحان "مبادئ التنظيم ()1
الدولي ط ، 1976دار النهضنة العربية ص ، 210أسنتاذنا الدكتور عبد المعز نجم " التنظيم الدولي " دار النهضنة العربية ط
1986ص ، 232د .حسننن سننعد سننند "الحم اية الدولية لحق اإلنسننان في السننالمة الجسنندية" المرجع السننابق ص 126وما
بعدها.
37
ولقدد ربط الميثداق بين المحدافظدة علي السد د د د د د ددلم واألمن الددوليين ومسد د د د د د ددألدة احترام حقوق
اإلنسد د د د د د ددان حيدث نصد د د د د د ددت المدادة ( )55من الميثداق علي أنده ((رغبدة في تهيئدة دواعي
اإلس د ددتقرار والرفاهية الض د ددروريين لقيام عالقات س د ددلمية وودية بين األمم مؤسد د دس د ددة علي
احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير
مص د د دديرها .تعمل األمم المتحدة علي (ج) أن تش د د دديع في العالم احترام حقوق اإلنس د د ددان
والحريات األس د ددا س د ددية للمجتمع بال تمييز بس د ددبب العنص د ددر دأو الجنس أو اللغة أو الدين
ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعالً)) كما كان من أهم نص د د ددوص الميثاق هو جعل أهم
مقاص د ددد األمم المتحدة إنماء العالقات الودية بين األمم علي أس د دداس إحترام المبدأ الذي
يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها الحق في تقرير المصير
وتحقيق التعاون الدولي علي حل المسائل الدولية ذات الصبغة االقتصادية واالجتماعية
والثقافية واإلنسانية وتعزيز احترام حقوق اإلنسان وحرياته األساسية للناس كافة وتشجيع
ذلك إطالقاً بال تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين (م 1من الميثاق).
ولقد كان وال يزال لألجهزة الرئيس د ددية لألمم المتحدة دور هام في مجال حقوق اإلنس د ددان.
فدالجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة يقع علي عداتقهدا مهمدة التعداون الددولي واإلحترام العدالمي
أية مس د ددألة أو لحقوق اإلنس د ددان حيث للجمعية وفقاً للمادة ( )10من الميثاق أن (تناق
أمر يدخل ضد د د ددمن الميثاق) كما نصد د د ددت المادة ( )13علي أن للجمعية العامة سد د د ددلطة
إجراء د ارسد ددات وتقديم توصد دديات من أجل المسد دداعدة في إعمال حقوق اإلنسد ددان وحرياته
األس دداس ددية للناس كافة بال تمييز بس ددبب العنص ددر أو الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق
بين الرجال والنس دداء .كما قامت الجمعية العامة من خالل أكثر من نص ددف قرن بإنشدداء
عدة اتفاقيات دولية في مجال حقوق اإلنسدان وكذلك للجمعية العامة العديد من الق اررات
في مجال حقوق اإلنس د د د ددان وكذلك التوص د د د دديات والد ارس د د د ددات والتقارير في ذات المجال.
38
وكذلك فإن للمجلس اإلقتص د د ددادي واإلجتماعي( )1أنيط به مس د د ددئولية فرض إحترام حقوق
اإلنسد د د د د د د ددان من الندداحيددة األدبيددة حيددث نصد د د د د د د ددت المددادة من الميثدداق علي أن للمجلس
االقتصد د د ددادي واالجتماعي سد د د ددلطة تقديم توصد د د دديات فيما يختص بإشد د د دداعة احترام حقوق
اإلنسد ددان والحريات األسد دداسد ددية .ومراعاتها وله ان يعد مشد ددروعات اتفاقيات تعرض علي
الجمعيدة العدامدة في هدذا الخصد د د د د د ددوص وكدذلدك لده الحق في الددعوة لعقدد مؤتمرات دوليدة
لذات الغرض.
ولقددد قددام المجلي بتفعيددل نص المددادة ( )68من الميثدداق التي تجيز لدده إنش د د د د د د دداء لجددان
للش د د ددئون االقتص د د ددادية واالجتماعية لتعزيز حقوق اإلنس د د ددان أنش د د ددأ لجنة حقوق اإلنسد د ددان
Commission of Humanولجنة مركز المرأة .حيث تقوم األولي بد ارسد ددة أوضد دداع
حقوق اإلنسد د د د د د ددان في العدالم وتقدديم اقت ارحدات وتوصد د د د د د ديدات إلي المجلس االقتصد د د د د د ددادي
واإلجتماعي في هذا الشد د د د د د ددأن وقد تفرعت عن لجنة حقوق اإلنسد د د د د د ددان لجنة فرعية لمنع
التمييز وحماية األقليات سد ددنة 1946ولقد كان من أهم جهود لجنة حقوق اإلنسد ددان هو
االعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان س ددنة 1948والعهدين الدوليين س ددنة 1966وغيرهما
في مجاالت حقوق اإلنس ددان وحرياته األس دداس ددية أو اللجنة الثانية وهي لجنة مركز المرأة
فقد أنش د د ددئها المجلس االقتص د د ددادي واالجتماعي س د د ددنة 1946وتتألف من اثنين وثالثين
ممثالً عن الددول األعضد د د د د د دداء في األمم المتحددة .ويتم اختيدارهم بداإلنتخداب من المجلس
وتتلخص مهمتها في إعداد المواثيق الدولي ة والتوصد د د د دديات المتعلقة بوضد د د د ددع المرأة والتي
ترفع إلي المجلس االقتصددادي واالجتماعي ومن بعده للجمعية العامة لألمم المتحدة من
أجل اعتمادها .كما أن لمجلس األمن دور رئيس د د د د د ددي وجوهري في حف الس د د د د د ددلم واألمن
الددوليين بموجدب المدادة ( )24من الميثداق .ولقدد حددد الفص د د د د د د ددل الس د د د د د د ددابع من الميثداق
األعمال التي يجب اتخاذها في حاالت تهديد الس د د د د ددلم أو اإلخالل به أو وقوع عمل من
د .عبد الواحد محمد الفار .حقوق اإلنسان بين الفكر الوضعي والشريعة اإلسالمية .المرجع السابق ص 75وما بعدها ()1
،د .مصطفي سالمة حسين "المنظمات الدولية المعاصرة" الدار الجامعية للطباعة والنشر – المكتبة القانونية سنة 1990ص
203وما بعدها.
39
أعمال العدوان .وكثي اًر ما نشدط مجلس األمن بدافع حماية حقوق اإلنسدان ،وما من شدك
في أن شد ددخصد ددية وكفاءة األمين العام لألمم المتحدة لها دور هام في أن تثمر مسد دداعيه
عن حماية حقوق اإلنسان ووقف أي انتهاك لها وهو دور سريع ويعطي أكله في العديد
()1
من األحوال .أما محكمة العدل الدولة فهي الجهاز القضد ددائي الرئيسد ددي لألمم المتحدة
وللددول وحددهدا الحق في أن أعضد د د د د د دداء فيهدا دون األفراد ولكنده بدالرغم من ذلدك كثي اًر مدا
نظرت محكمة العدل الدولية من القضد د ددايا التي تمس حقوق اإلنسد د ددان وكذلك أصد د دددرت
العديد من الفتاوي في هذا المجال كما أن للوكاالت المتخصددص ددة التابعة لألمم المتحدة
دور هام وحيوي في مجاالت حقوق اإلنسددان ومنها ما سددبق عرضدده بخصددوص منظمة
العمل الدولية وكذلك منظمة األمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافية (اليونيسدكو) ومنظمة
الصد د د د د د دحدة العدالميدة ومنظمدة التغدذيدة والز ارعدة (الفداو) والمنظمدة الددوليدة للملكيدة الفكريدة .
ولقد أخذ علي الميثاق أنه لم يتضددمن تحديداً لحقوق اإلنسددان في حرياته األسدداسددية كما
جاء خلوه من أية ضددمانات أو آليات تكفل حماية محددة وواضددحة لحقوق اإلنسددان كما
توقف دور األمم المتحد دددة من خالل الميثد دداق علي الحد ددث أو التعزيز أو التشد د د د د د ددجيع
Promotionلحقوق اإلنسد د د د ددان دون أن يصد د د د ددل إلي تحقيق اإللزام بالتمتع الفعلي بهذه
الحقوق وتلك الحريات إال في حالة واحة وهي حالة ما إذا كان من شد ددأن إنتهاك حقوق
اإلنسددان تعريض السددلم واألمن الدوليين للخطر كما تحظر المادة ( )7من الميثاق علي
األمم المتحدة التدخل في المسد د ددائل التي تعد من صد د ددميم االختصد د دداص الداخلي للدول.
كما يقف مبدأ السد د د د د د دديادة حاج اًز بين الدول والمنظمة الدولية وهذا كله ما دعي الجماعة
الدولية إلي ضدرورة تحديد حقوق ا؟إلنسدان لتكون مجموعة في وثيقة واحدة والحث علي
احترام أكثر لهدا وتقدديرها وهو ما كانت ثمرته وثيقدة اإلعالن العدالمي لحقوق اإلنسد د د د د د ددان
علي النحو اآلتي -:
د .جعفر عبد السالم "المنظمات الدولية " المرجع السابق ص ، 239ود .عبد المعز نجم .المرجع السابق ص 205وما ()1
بعدها.
40
ب -اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان -:
ثبت االعتراف الدولي بحقوق اإلنسان يقيناً مع إقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة في
1948/12/10لإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان كخطوة أساسية ومبدئية في ميدان
حقوق اإلنسان .ورغم كونه ال يلزم الدول إال انه ذو قيمة أدبية كبيرة وأصبح بمثابة عرف
دولي بعد فوات أكثر من ستين سنة علي إصداره فضالً عن تنافس الدول في تضمين
ديباجة دساتيرها لبنوده التي جاءت في ديباجة وثالثين مادة تحدثت عن الحرية والمساواة
ومنع التمييز ومنع االسترقاق واالستعباد والحق في عدم الخضوع للتعذيب أو غيره من
المعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة اإلنسانية .والحق في الشخصية القانونية والمساواة
أمام القانون والحق في التقاضي والحق في األمان وعدم جواز القبض أو الحجز أو
النفي التعسفي والحق في القضاء المستقل والعادل ومبدأ قرينة البراءة وعدم رجعية
القوانين الجزائية واعتبار الشخص بريئاً حتي تثبت إدانته وحرمة الحياة الخاصة وحرمة
األسرة والمسكن والمراسلة والشرف والسمعة وحرية التنقل واختيار محل اإلقامة وحق
اللجوء والحق في الجنسية وحرية الزواج وتأسيس األسرة والحق في التملك وعدم جواز
تجريد أحد من ملكه وحرية الفكر والضمير والوجدان والدين وحرية الرأي والتعبير وحرية
االستعالم وحرية تكوين الجمعيات وعقد اإلجتماعات حق المشاركة في إدارة الشئون
العامة عن طريق اإلنتخابات الحرة والنزيهة والدورية والحق في المساواة أمام الوهيفة
العامة والحق في الضمان اإلجتماعي والحق في العمل بأجر عادل والعمل النقابي
والحق في الراحة وأوقات الف ار والحق في مستوي معيشي يكفي لضمان الصحة والرفاهية
والحق في التعليم مع وجوب أن يكون التعليم في مراحله األولي مجاناً وإلزامياً .والحق
في المشاركة في حياة المجتمع الثقافية والحق في حماية المصالح األدبية والمادية
المترتبة علي اإلنتاج العلمي أو األدبي أو الفني ....وقد اكتفي اإلعالن العالمي لحقوق
اإلنسان بوضع المبدأ العام للحق دون توضيح مضمون وكذلك عيب علي اإلعالن
محاولة إرضاء الكتلتين الشرقية والغربية للموازنة بين الفكر الليبرالي والشيوعي االشتراكي
41
ولهذا السبب تغافل عن بعض الحقوق المهمة كالحق في األحزاب أو حرية التجارة
والصناعة .وأنه وإن كان اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان قد صدر في شكل توصية
عن الجمعية العامة لألمم المتحدة دون أن يتخذ صورة معاهدة دولية ملزمة فقد ومن ثم
فهو ليس ملزماً للقوانين الداخلية وليس من الحق أن بعدل فيها ولكن لكونه قسر الميثاق
وصار ملهماً لمعظم دساتير الدول الحديثة وعلي توافق واتفاق عالمي دليله إشادة الدولة
()1
باإلعالن وعدم تفويت أية مناسبة دون إعالن الحرص عليه والتمسك بمبادئه.
انظر د .محمد سعيد الدقاق د .مصطفي سالمة حسين .المنظمات الدولية المعاصرة ،الدار الجامعية للطبع والنشر سنة ()1
انظر نص هذه االتفاقية "موسوعة حقوق اإلنسان" د .محمد توفيق أبو تله المرجع السابق من ص .41 : 17 ()1
وسوف نتعرض في المبحث الثاني من هذا الفصل لهذه اللجنة ودورها الحيوي في حماية حق اإلنسان في السالمة ()2
انظر اتفاقية الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية – موسوعة حقوق اإلنسان للدكتور محمد وفيق أبو تله – المرجع ()1
انظر أستاذنا الدكتور عبد الواحد الفار "قانون حقوق اإلنسان" ،المرجع السابق ص 160وما بعدها. ()2
45
( ) 56من الميثدداق أن تعمددل علي تحقيق هددذه القيم ،والتي من أخصد د د د د د دهدا
وأجدرها باالعتبار مس ددألة احترام حقوق اإلنس ددان ،وال يؤثر في هذا ض ددعف
وس د د د د د د ددائددل الرقددابددة ..ألن وجود القددانون في ذاتدده ال يعني ضد د د د د د ددرورة توافر
ضد د د ددمانات تطبيقه ،وعلي المجتمع الدولي أن يسد د د ددعي إلي ايجاد الوسد د د ددائل
الكفيلة لتحقيق هذه الضمانات تبعاً لدرجة نموه وتطوره وتنظيمه(.)1
ولعدل مدا يؤكدد رجداحدة وجهدة النظر هدذه ..أن الددول تددمج هدذه االتفداقيدات في قوانينهدا
. ()2
الداخلية
وقدد ذهدب بعض الفقده إلي أبعدد من ذلدك في إعطداء هدذه االتفداقيدات درجدة سد د د د د د ددمو علي
القوانين الداخلية سدواء كانت قوانين عادية أو أسداسدية (دسداتير)( .)3وهو من وجه نظري
اتجاه مثالي ومحدود من أجلفي حقوق اإلنس د ددان لئال تكون عرض د ددة الفتئات الس د ددلطات
الوطنية تمنح وتمنع منها ما تشاء.
انظر د .عادل عبد العزيز حمزة "الطبيعة القانونية لحقوق اإلنسان في القانون الدولي العام " المرجع السابق – ص 320 ()2
.
انظر د .عبد العزيز سرحان "العالقة بين االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان والقوانين الداخلية " مجلة الحقوق والشريعة – ()3
انظر د .حامد سلطان " الحرب في نطاق القانون الدولي " – المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد الخامس والعشرين ()1
سنة 1969ص 1وما بعدها ،د .عبد العزيز سرحان "القانون الدولي العام " دار النهضة المصرية سنة 1973ص 416
وما بعدها .
47
واتفاقية جنيف لتحسد ددين حال المرضد ددي والجرحي والغرقي بالقوات المسد ددلحة ()2
في البحار.
اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة أسري الحرب. ()3
اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة األشخاص المدنين وقت الحرب(.)1 ()4
وقددد أوردت هددذه االتفدداقيددات العددديددد من األفعددال التي تمثددل جرائم دوليددة مدداس د د د د د د ددة بحق
اإلنسد ددان في السد ددالمة الجسد دددية وسد ددوف نذكر أهمها علي أن نتعرض تفصد دديالً للجرائم
الماسة بالسالمة الجسدية في الباب الثالث.
أهم األفعال الماسة بالسالمة الجسدية الواردة في اتفاقيات جنيف -:
(أ) اإلعتداءات الخطيرة علي السالمة الجسدية أو الصحية -:
وقد نص علي هذه الجريمة في كل اتفاقيات جنيف األربع وهي تش ددمل كل عدوان علي
سددالمة جسددد إنسددان أيا كانت الصددورة التي يتخذها – س دواء أضددر بالسددالمة المادية أو
المعنوية لإلنسان(.)2
(ب) إحداث آالم بصورة عمدية -:
وهددذه الجريمددة أخص من الجريمددة المددذكورة سد د د د د د ددلفداً في البنددد (أ) وإن كددان من الممكن
لألولي أن تسد ددتوعبها ..ومن أمثلة االعتداء هنا هو اقتياد شد ددخص إلي سد دداحة اإلعدام
أو إلقاء خبر مفزع إلرهابه أو إذالله أو الحط من معنوياته أو اإلخالل بتكامله الجسدي
...الخ.
انظر "موسوعة حقوق اإلنسان " المرجع السابق من ص .238 : 104 ()1
انظر د .عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها " دار النهضة العربية سنة 1992ص 295وما بعدها ، ()2
د .عبد الحميد خميس " جرائم الحرب والعقاب عليها" رسالة دكتوراة جامعة القاهرة سنة 1955ص .16
48
وهو إخض دداع ش ددخص ما آلالم جس دددية أو نفس ددية – سددواء بال هدف أو للحص ددول علي
اعتراف أو معلومدات ..وقدد نص علي هدذه الجريمدة في االتفداقيدات األربع وينددرج تحت
ذلك كل الوسائل الحديثة التي يخضع لها اإلنسان فيدلي من خاللها بما لم يكن ليفصح
. ()1
عنه في األحوال العادية
(ء) المعاملة غير اإلنسانية -:
وهي تعني إزاء اإلنس ددان في س ددالمته المادية أو المعنوية سددواء كان أس ددي اًر أو جريحاً أو
مدنياً في جو الحرب( .)2ويعتبر التعسد ددف واالنحدار بالكرامة ماس د داً بالسد ددالمة الجسد دددية
ويدخل في هذا المعني والوض د ددع في هروف ص د ددعبةو وعدم العالج أو الغذاء المناس د ددب
وهي عبارة عامة شاملة لكل ما يضع اإلنسان متضر اًر.
انظر د .عبد الواحد الفار " الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها " المرجع السابق ص . 294وسوف نتعرض لجريمة ()1
307وما بعدها.
49
هـ -التجارب البيولوجية -:
ال ش د د ددك أن التجارب البيولوجية أو العلمية – بغير رض د د دداء اإلنس د د ددان – تعطي ش د د ددعو اًر
بالمهانة والالمباالة باإلنس د د د د ددان ذاته ..ذلك أن تجربة عالج جديد أو عقار أو كش د د د د ددف
جديد كل هذا ال يليق باإلنس د د د ددان وإن كان من الممكن إجرائه علي الحيوان ..ومن هنا
فقد حرمت اإلتفاقيات األربع هذا العمل لعدم آدميته.
انظر د .عبد الواحد الفار " أسري الحرب" رسالة دكتوراة جامعة عين شمس سنة – 1975عالم الكتب – ص 198وما ()1
بعدها.
50
القيمة القانونية التفاقيات جنيف -:
سدبق أن أوضدحنا القيمة القانونية لإلتفاقيات المتعلقة بحقوق اإلنسدان والتي من ضدمنها
اتفاقيات جنيف المش د د د ددار إليها س د د د ددلفاً ..إذ أنها تش د د د ددكل حجر الزاوية في بنيان القانون
الدولي اإلنسد د د د دداني ،وقد مثلت عند إصد د د د دددارها رغبة صد د د د ددادقة من المجتمع الدولي في
الوقوف في وجه الوحشد د ددية والبربرية وسد د ددائر أوجه المعاملة غير الالئقة باإلنسد د ددان أثناء
.حيث تضددمنت حماية الجنس البشددري سدواء أعلنت الحرب أو لم ()1
الن ازعات المسددلحة
تعلن كمدا أنهدا تنطبق حتي في مواجهدة الددول غير األطراف فيهدا وإذا التزمدت بهدا دولدة
غير طرف فيهدا وجدب علي الددول المتعداقددة االلتزام بدذلدك أمدامهدا ..ومن هندا يتبين أن
اتفداقيدات جنيف مقبولدة من كدافدة أعضد د د د د د دداء المجتمع الددولي .ألنهدا تتضد د د د د د ددمن المبدادن
األساسية لإلنسانية.
كما انها تمثل ترجمة صد ددادقة لقواعد ثابتة وقديمة تميلها صد ددفات الشد ددفقة والرحمة اللتين
هما من لوازم اإلنسد د د د د ددان وبدونهما يتجرد اإلنسد د د د د ددان من آدميته ..ورغم أهمية اتفاقيات
جنيف فإن السد د د د ددعي الزال جاداً ودءوبا نحو األفضد د د د ددل من ناحية ضد د د د ددمان حقوق أكثر
لضد د ددحايا الحرب ولسد د ددد ثغرات القانون الدولي اإلنسد د دداني بصد د ددفة عامة واتفاقيات جنيف
بص د ددفة خاص د ددة ..الس د دديما بعد ههور أس د دداليب الحرب الحديثة وههور أنواع جديدة من
الن ازعدات غير الددوليدة ،كمدا أن هنداك دوالً كثيرة ولددت بعدد هدذه االتفداقيدات من حقهدا أن
تقول كلمتها في هذه االتفاقيات ..هذا كله باإلضددافة إلي أن الرقابة علي حسددن تطبيق
هذه االتفاقيات وتنفيذها ليست بالقدر الكافي لحماية الضحايا اآلمنين في عصر الزالت
فيه النزاعات المسد د د د ددلحة تفرض نفسد د د د ددها علي السد د د د دداحة الدولية .ولذلك فقد لزم أن يحلم
انظر د .زكريا عزمي " من نظرية الحرب إلي نظرية النزاك المسلح" المرجع السابق ص .123 ()1
51
المجتمع الدولي بتحقيق األفضد د ددل ويفكر في ما يرتق به ثوب القانون الدولي اإلنسد د دداني
بعد ما اعتراه من ثقوب أو بلي(.)1
انظر د .الفصايلي الطيب – كلية الحقوق جامعة القاضي عياض – مراكش – بحث تحت عنوان اتفاقيات جنيف مهد ()1
القانون الدولي اإلنساني مداخلة مقدمة إلي الندوة الخامسة عن تعليم حقوق اإلنسان ألعضاء هيئة التدريس مقدمة إلي
المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية – إيطاليا – سيراكوزا سنة – 1990المرجع السابق.
انظر هذه االتفاقية "حقوق اإلنسان" المجلد األول – المرجع السابق ص 200وما بدها. ()2
52
العذاب ألي س د د د ددبب من األس د د د ددباب يقوم علي التمييز أيا كان نوعه أو يحرص عليه أو
يوافق عليه أو يسدكت علي موهف رسدمي أو شدخص آخر يتصدرف بصدفته الرسدمية وال
يتضد د د د د د ددمن ذلدك األلم أو العدذاب النداشد د د د د د دديء فقط من عقوبدات قدانونيدة أو المالزم لهدذه
العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
كما نصددت المادة السددابقة الذكر علي أن هذه المادة ال تخل بأي صددك دولي أو تشدريع
وطني يتضمن أو يمكن أن يتضمن أحكاماً ذات تطبيق أشمل.
وتوالت نصد ددوص هذه االتفاقية في حث الدول علي التكاتف في محاص د درة هذه الجريمة
ومعاقبة مرتكبيها بالعقوبات الرادعة وقد توسد د د ددعت مواد هذه االتفاقية في فهم مضد د د ددمون
الفاعل والش دريك كما ش ددملت كل أص ددناف المس دداس بالس ددالمة البدنية والمعنوية لإلنس ددان
فقد نص د ددت المادة ( )6علي كل ما دون التعذيب من أوجه المعاملة أو العقوبة القاس د ددية
أو الالإنسانية أو المهينة إذ أنها نصت علي أنه -:
و تتعه ددد ك ددل دول ددة ب ددأن تمنع في أي إقليم منه ددا ح دددوث أي أعم ددال أخري من أعم ددال
المعاملة أو العقوبة القاسد د ددية أو الالإنسد د ددانية أو المهينة التي ال تصد د ددل إلي حد التعذيب
كمدا حدددتده المدادة األولي عنددمدا يرتكدب موهف عمومي أو شد د د د د د ددخص آخر يتصد د د د د د ددرف
بصفته الرسمية هذه األعمال أو يحرص علي ارتكابها أو عندما تتم بموافقته أو بسكوته
عليهاو.
وإذا كانت الجمعية العامة لألمم المتحدة قد أصددرت إعالناً في 9ديسدمبر سدنة 1975
بحماية جميع األشد ددخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضد ددروب المعاملة أو العقوبة
..وقد تضددمن اإلعالن في مواده مضددمون ما جاء ()1
القاسددية أو الالإنسددانية أو المهينة
بنصوص االتفاقية السابقة إال أنه وإزاء قيمة اإلعالن التي ال تخرج – في نظر البعض
– عن حدود التوص د د د دديات التي تص د د د دددرها الجمعية العامة بحيث قد تتبعها الدول وقد ال
انظر نص هذا االعالن "حقوق اإلنسان" المجلد األول "الولائق العالمية واالقليمية المرجع السابق ص 198وما بعدها. ()1
53
تتبعها فقد س ددعت الجمعية العامة علي نحو أكثر إلزاماً فكانت اتفاقية مناهض ددة التعذيب
التي نحن بصددها.
ومن أهم ما تضد ددمنته االتفاقية في خصد ددوص حقوق من وقع عليه التعذيب هو أن يرفع
ش ددكواه إلي الس ددلطة المختص ددة التي يجب عليها أن تحقق في ش ددكواه علي وجه الس ددرعة
والن ازهدة (مدادة ) 13فدإذا ثبدت حددوث التعدذيدب فبداإلضد د د د د د ددافدة إلي تقدديم المتهم للمحداكمدة
العدادلدة وجدب الحكم بدالتعويض العدادل والمنداسد د د د د د ددب بمدا في ذلدك وسد د د د د د ددائدل إعدادة تدأهيل
المجني عليد دده فد ددإذا توفي المجني عليد دده نتيجد ددة التعد ددذيد ددب يكون لمن يعولهم الحق في
التعويض (مادة )14هذا باإلضافة إلي أن أهم الحقوق المبدئية لمن وقع علي التعذيب
هو إسد د ددقاط كافة األقوال أو االعترافات أو الشد د ددهادة التي أخذت منه تحت وطأة التذيب
(مادة ) 15باإلض د د د ددافة إلي وجوب تقديم من ثبت في حقه ومعاقبته بأقص د د د ددي العقوبات
لكفالة الردع الخاص والعام والمبتغي من العقاب.
كما أوجدت االتفاقية نظاماً للرقابة الدولية علي تنفيذ االتفاقية لضد د د د د د ددمان االلتزام الدقيق
بنصوصها ومن ثم فقد نصت المادتان ( )18 ، 17علي إنشاء لجنة مناهضة التعذيب
التي تتكون من عش د درة أعض د دداء تنتخبهم الدول األطراف في االتفاقية لمدة أربع س د ددنوات
وتقدددم الدددول تقدداري اًر إلي هددذه اللجنددة عن التدددابير التي تتخددذهددا تنفيددذاً لتعهددداتهددا بمنع
التعذيب والمعاقبة عليه.
وقد أعطت االتفاقية هذه اللجنة سدلطات واسدعة في تتبع حالة الدول في هذا الصددد ...
والتحقيق فيمدا تراه مندافيداً لالتفداقيدة ،وفضد د د د د د ددح ذلدك في تقريرهدا السد د د د د د ددنوي المعلن لكدل
األطراف والمقددم منهدا إلي الجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة .كمدا أتداحدت االتفداقيدة للددول
أن تشد ددكو دوالً أخري لممارسد ددتها العتذيب (مادة )21كما أتاحت لإلنسد ددان بصد ددفته فرداً
54
عادياً أن يبلغ عن وقائع التعذيب لجنة مناهضة التعذيب شريطة قبول دولته اختصاص
اللجنة بتسلم بالغات األفراد (مادة .)1()22
وال شك أن هذه االتفاقية تعتبر من أهم المواثيق الدولية العالمية في حماية حق اإلنسان
في الس ددالمة الجس دددية ..ألن كل ألوان المس دداس بالس ددالمة الجس دددية لإلنس ددان – سد دواء
كداندت مداديدة أو معنويدة – تتدأتي في أغلدب األحيدان من جراء ارتكداب أفعدال التعدذيدب أو
المعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة اإلنسانية.
(و) ضــمانات الحق في الســالمة الجســدية والثابتة في المواثيق
الدولية اإلقليمية
ذهبدت االتفداقيدات الدوليدة اإلقليميدة إلي مدي أبعدد من المواثيق العدالميدة في خصد د د د د د ددوص
حماية الحق في السالمة الجسدية خاصة وحماية حقوق اإلنسان بصفة عامة.
السد د د د دديما من حيث نطاق الحماية ،ومن حيث قوة اإللزام ،ومن حيث الخطاب ،ومن
حيث اعتبار الفرد ممثالً بشخصه ولشخصه أمام هذه الهيئات (.)2
وسوف نعرض ألهم االتفاقيات الدولية اإلقليمية في مجال حقوق اإلنسان والتي
من أبرز أهدافها :حماية حق اإلنسدان في سدالمته الجسددية ..وذلك علي النحو اآلتي
-:
• الفرع األول -:االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان سنة .1950
• الفرع الثاني -:االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان سنة .1969
• الفرع الثالث -:الميثاق األفريقي لحماية حقوق اإلنسان .1981
• الفرع الرابع -:مشروع الميثاق العربي لحقوق اإلنسان .1982
وسوف نتعرض في المبحث التالي للجانب التطبيقي متناولين أسلوب عمل لجنة مناهضة التعذيب من خالل تقاريرها حتي ()1
سنة .1996
انظر د .عزت البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل التنظيم الدولي اإلقليمي" المرجع السابق ص 5وما بعدها. ()2
55
الفرع األول
حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية
في ظل االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان
اهتمت الدول األوروبية بتعزيز وحماية حقوق اإلنسد د د د د ددان ..ولم يكن هذا مع بداية إبرام
االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسد د د ددان في 1950/11/4بل أنه سد د د ددابق علي هذا التاريخ
()1
وقد ص د د دددق علي هذه االتفاقية كل دول مجلس أوروبا ..ودخلت حيز النفاذ بكثير
في 1953/9/3وأضد دديف لها ثمانية برتوكوالت أضد ددافت لإلنسد ددان حقوقاً جديدة وأكدت
ما هو ثابت له من حق(.)2
وقد ورد النص في االتفاقية أو في بروتوكوالتها علي حماية الحق في السدالمة الجسددية
في العدديدد من النصد د د د د د ددوص ..منهدا المدادة ( )3من االتفداقيدة التي نص د د د د د د ددت علي منع
التعددذيددب والعقوبددات أو المعدداملددة غير الالإنس د د د د د د ددانيددة أو المهينددة او الحدداطددة بددالك ارمددة ،
ونص د د د د د د ددت المدادة ( )4علي تجريم الرق والعمدل اإلجبداري وتدأكدد النص علي الحق في
األمن والحرية ،ونصد د د د ددت المادة ( )6علي الحق في المحاكمة العادلة ونصد د د د ددت المادة
( )7علي المشد ددروعية كمبدأ أسد دداسد ددي ونصد ددت المادة ( )8علي الحقوق المتعلقة بالحياة
الخاص ددة والم ارس ددالت ...وس ددوف نتعرض من خالل أجهزة االتفاقية لض ددمان الحق في
السالمة الجسدية وأثر هذه االتفاقية في القوانين الداخلية.
للمزيد من التفصيل في هذا الصدد انظر د .عبد الزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان " المرجع السابق ،د. ()1
عزت البرعي المرجع السابق ص 59وما بعدها .وقد وضح االهتمام االوروبي بحقوق اإلنسان من قبل ابرام االتفاقية
األوروبية لحقوق اإلنسان بعديد من السنين وذلك منذ بداية هذا القرن ..ومن األمثلة علي ذلك :ما حدث سنة 1909في
خصوص حماية الحق في السالمة الجسدية عندما وجه سفراء الدول األوروبية مذكرة احتجاج إلي سلطان مراكش بسبب
الحكم الذي أصدر السلطان ضد ابن همارا وأتباعه وهو قطع المعصم األيمن والقدم األيسر لكل المتمردين .انظر أستاذنا
الدكتور عبد المعز نجم "مفوم التدخل اإلنساني" دار النهضة العربية – المرجع السابق ص .40
انظر نص االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان "موسوعة حقوق اإلنسان" – المرجع السابق ص 52وما بعدها. ()2
56
أ -النصوووا التي أوتووحر دور أجهالت االتفاقية األوروبية في حماية حق
اإلنسان في السالمة الجسدية -:
نصت المادة ( )19من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان علي إنشاء اللجنة األوروبية
لحقوق اإلنس د ددان .والمحكمة األوروبية لحقوق اإلنس د ددان ،كما نص د ددت المادة ( )34علي
وقددد أعطددت هددذه األجهزة الرقددابيددة االتفدداقيددة صد د د د د د دفددة الحيويددة ()1
إنش د د د د د د دداء لجنددة الوزراء
حيث يسددتطيع أي فرد بصددفته هذه أن يلجأ إلي اللجنة األوروبية بظالمته ، ()2
والفاعلية
ولها حق القبول أو الرفض .ويتم تشد د د ددكيل هذه اللجنة من عدد من األعضد د د دداء يسد د د دداوي
الدول األعضداء بحث ال ترشدح أية دولة سدوي مرشدح واحد فقط .وبعد اختياره ،فهو ال
يمثل دولته وهو مسد د ددتقل عنها وتشد د ددكل اللجنة لمدة سد د ددت سد د ددنوات وتصد د دددر ق ارراتها في
خصوص حقوق اإلنسان(.)3
أما بخصد ددوص المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسد ددان – فقد نظمتها المواد من ()56:38
من االتفاقية بحث أن كل دولة عضددو ترشددح فرداً واحداً بصددفات خاصددة ودقيقة ،وهي
– علي كس اللجنة – ال يلجأ إليها الفرد مباشرة.
والمحكمة ص د د د دداحبة الس د د د ددلطة القض د د د ددائية الكاملة إذ أنها طورت كثي اًر من المبادن التي
حكمها .ومن أهمها مسألة لجوء األفراد إليها بشكاويهم ضد الدول.
هذا وتصد د د د د دددر المحكمة حكمها فيما يعرض عليها من نزاعات ،ويكون حكمها في هذا
الشأن نهائياً غير قابل للطعن فيه ،كما أن لها رأياً استشارياً.
أما لجنة الوزراء – فهي الجهاز الثالث من أجهزة االتفاقية .وقد حددت اختص د دداص د دداتها
المادتان ( )54 ، 48من االتفاقية ..حيث لها الفصد د د د د د ددل في النزاع إذا لم يعرض علي
انظر في ذلك بالتفصيل د .عزت البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل التنظيم الدولي اإلقليمي" – المرجع السابق من ص ()1
، 404 : 59انظر د .عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحماية حقوق اإلنسان" القرارات األساسية والقواعد المكملة لها
طبقاً للمبادئ العامة للقانون الدولي – القاهرة – دار النهضة الربية سنة .1966
وسوف نقف علي الناحية العملية من حيث التطبيق الفعلي في المبحث التالي. ()2
انظر د .خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان" الهيئة المصرية االمة للكتاب ط سنة .1991 ()3
57
المحكمة خالل ثالثة أش د ددهر من تاريخ رفع اللجنة األوروبية – لحقوق اإلنس د ددان تقريرها
إلي لجنة الوزراء حيث يجب علي األخيرة الفص د د د ددل فيه بأغلبية ثلثي األعض د د د دداء .هذا
باإلضدافة إلي سدلطة لجنة الوزراء في مراقبة تنفيذ أحكام المحكمة لدي الدول األطراف
. ()1
في النزاع أو الهيئات أو األفراد
وبعد التعريح بهذه األجهزة فإنه يمكن القول في خصدوص ضدمانات الحق في السدالمة
الجسد د دددية من خالل هذه األجهزة أن المحكمة قد أرسد د ددت مبدأ هاماً وهو أن االتفاقية ال
تتضد د د ددمن حقوقاً نظرية فقط بل تهدف إلي ضد د د ددمان حقوق عملية وفاعلية .وانطالقاً من
نص المدادة ( )22من االتفداقيدة من عددم جواز أن يكون المسد د د د د د ددجونون محالً للتجدارب
الطبية أو العلمية والتي يمكن أن تلحق بهم ض د د ددرر من الناحية الجس د د دددية أو األخالقية
والنص علي عدددالددة المحدداكمددة ..فقددد أص د د د د د د دددرت المحكمددة حكمهددا في 1985/2/12
كم ددا أن تق ددارير اللجن ددة األوروبي ددة لحقوق ()2
وأك دددت في ه ددذا الحكم علي ه ددذه المب ددادن
اإلنس ددان قد أكدت علي احترام هذا الحق باإلض ددافة إلي إقرار الحق في الدفاع ،وتهيئة
المحدامي المنداس د د د د د د ددب والكفء للددفداع الجددي عن المتهم وإقرار حق المتهم في اختيدار
()3
محاميه واالتصد ددال به ،ومن هذه التقارير ..تقرير اللجنة الصد ددادر في 1979/6/1
.
هذا باإلضد د ددافة إلي إقرار عدم التدخل في أس د د درار اإلنسد د ددان أو خصد د ددوصد د دديته أو حياته
الخاصددة إال إذا كان هذا اإلجراء ضددرورياً في مجتمع ديمقراطي لضددمان األمن الوطني
أو األمن العام أو الرفاية االقتصد د ددادية أو لحماية النظام العام أو لمنع الجرائم أو حماية
الصحة العامة أو اآلداب أو لحماية حقوق وحريات الغير(.)4
انظر د .زت البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل التنظيم الدولي اإلقليمي" المرجع السابق. ()1
انظر د .عادل عبد العزيز حمزة "الطبيعة القانونية لحقوق اإلنسان في القانون الدولي العام" المرجع السابق ص 256وما ()2
بعدها.
انظر د .خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان" المرجع السابق من ص .391 : 370 ()3
58
وكدذلدك تقرير اللجندة األوروبيدة لحقوق اإلنسد د د د د د ددان في 1986/10/16والدذي أكددت فيه
علي نص المادة 6فقرة 2من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنس د د ددان وهو افتراض البراءة
ويجب أن يظل كذلك حتي تثبت إدانته طبقاً للقانون ..وأن الشدك يفسدر ()1
في اإلنسدان
لمصدلحته دائماً ،كما أوردت اللجنة تقريرها في الطعن المقدم في 1981/3/18والذي
أقرت فيه حق المس د ددجون في االتص د ددال بزوجته .وفي إقرار عدم قانونية تقييد الحق في
..هذا باإلضافة إلي أن للجنة اختصاصات أخري في ضمان حقوق اإلنسان ()2
الزواج
باإلض د ددافة إلي تلقي الطعون الفردية مثل حق اللجنة في اتخاذ تدابير مؤقتة إلي أن يتم
الفصد د ددل في الموضد د ددوع محل الطعون من المحكمة كما أن للجنة دور حيوي في مراقبة
سد ددلوك الحكومات لعدم حدوث مسد دداس بالحقوق والحريات المضد ددمونة كما أنها لها دور
بارز في تقييدها معني الضدرورة التي تجيز اتخاذ الوسدائل االسدتثنائية .ووضدح ذلك في
حكمها الصددادر في 1988/3/24حتي ال تتوسددع الدول في اسددتخدام هذه الرخصددة أو
في تفسير هذا النص.
(ب) أثر االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان في القوانين الداخلية -:
رغم أن االتفدداقيددة لم توضد د د د د د ددع لتحددل محددل القوانين الوطنيددة األوروبيددة بددل كددانددت مجرد
ضدمان دولي عند تقاعس الدول عن حماية حقوق اإلنسدان أو حرياته في حدود قوانينها
الداخلية من خالل تظلمات الدول واألفراد عند انتهاك حق من حقوق اإلنسد د د د د ددان إال أن
أهم آثار االتفاقية علي الدول األض د د د د دداء أن كثي اًر من هذه الدول قد عدل قوانينه لتواكب
نصد د ددوص االتفاقية ومن األمثلة علي ذلك تعديل النمسد د ددا لقانونها الداخلي ووض الئحة
تتضمن إقرار حق حق المحبوس احتياطياً في االتصال بمحاميه وذلك علي أثر الطعن
الذي قدمه س ددجين تركي الجنس ددية ض ددد النمس ددا لعدم تمكينها إياه من االتص ددال بمحاميه
وقد قدم هذا الطعن ضد أسبانيا بصدد االخالل بقرينة البراءة ،والمحاكمة العادلة ،انظر المرجع السابق د .خير الدين عبد ()1
انظر في عرض هذه األمثلة د .عادل عبد العزيز حمظة "الطبيعة القانونية لحقوق اإلنسان في القانون الدولي العام – ()1
60
الفرع الثاني
حماية الحق في السالمة الجسدية
في ظل االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان
أبرمت هذه االتفاقية في سد ددنة 1969ودخلت حيز النفاذ في سد ددنة 1978وقد صد دددقت
وقد وردت موادها في اثنين ()1
عليها غالبية الدول األعضداء في منظمة الدول األمريكية
وثمانين مادة وجاءت متأثرة بما سد د د د ددبقها من مواثيق في مجال حقوق اإلنسد د د د ددان ..مثل
العهد الدولي لحقوق وواجبات اإلنسدان سدنة 1948وميثاق بوجوتا سدنة 1951واللجنة
الدولية األمريكية لحقوق اإلنسان سنة 1959باإلضافة إلي المواثيق العالمية واإلقليمية
في هذ المجال.
وسد د ددوف نعرض ألهم النصد د ددوص التي أوردتها في خصد د ددوص حماية حق اإلنسد د ددان في
السد د د ددالمة الجسد د د دددية ثم ضد د د ددمانات هذا الحق من خالل أجهزة هذه االتفاقية وذلك علي
النحو التالي -:
(أ) الحق في السالمة الجسدية والحقوق المرتبطة به في ظل االتفاقية األمريكية
لحقوق اإلنسان -:
تضدمنت ديباجة االتفاقية الفلسدفة واألسداس األيدولوجي الذي تقوم عليه ..حيث أوردت
أن األنظمة الس د ددياس د ددية الديمقراطية هي الش د ددرط األس د دداس د ددي لض د ددمان الحقوق والحريات
األسدداسددية لإلنسددان والثابتة في االتفاقية وغيرها ..كما نصددت علي أن هذ الحقوق التي
وردت باالتفاقية ليست ناجمة ع ن انتماء اإلنسان لدولة معينة بذاتها ..ولكنا تستند إلي
انظر نص االتفاقية "حقوق اإلنسان" المجلد األول .الولائق العالمية والقليمية – المرجع السابق ص 343وما بعدها . ()1
وفي الوقت الحالي فإن أعضاء المنظمة األمريكية يشملون كل الدول في األمريكيتين فيما عدا كندا وجبانا ،انظر د .عزت
البرعي "حماية حقوق اإلنسان في التنظيم الدولي اإلقليمي" المرجع السابق ص 510وما بعدها.
61
عناصدر ثابتة ووثيقة الصدلة بالشدخص اإلنسداني ..وهذا هو مبرر الحماية الدولية لتلك
الحقوق تكملة للحماية التي يكفلها القانون الداخلي لدول أمريكا.
ومن أهم الحقوق التي تضد د د د د د ددمنته ددا االتف دداقي ددة :الحق في الحي دداة والحق في االعتراف
بالش د د د ددخص د د د ددية القانونية والحق في الس د د د ددالمة الجس د د د دددية ومنع الرق العبودية والحق في
الض د د د د د ددمانات القض د د د د د ددائية كمبدأ المش د د د د د ددروعية ،وقاعدة عدم رجعية القوانين والحق في
التعويض عن آثدار حكم قضد د د د د د ددائي صد د د د د د دددر بنداءاً علي خطدأ قدانوني والحق في حمداية
الشرف والكرامة وحرية االعتقاد والديانة والفكر والتعبير (المادة من )13 : 1وحق الرد
وحق االجتماع بحرية (مادة ، )15والحق في تكوين جماعات والحق في تكوين أسد د د درة
والحق في االسد د د د د د ددم وحقوق الطفولدة واألمومدة (المواد من )20 : 17والحق في التنمية
الممض ددطردة باإلض ددافة إلي النص علي الحقوق الس ددياس ددية (مادة .)23ومن أهم المواد
حماية سالمة الجسد هي المادة ( )5في منع التعذيب.
ولعدل النظر إلي االتفداقيدة األمريكيدة لحقوق اإلنسد د د د د د ددان يددرك أن المحتوي الموضد د د د د د ددوي
لإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسدان جاء أكثر اتسداعاً عنه في االتفاقية األوروبية لحقوق
كما نص د د د ددت المادة ( )31من االتفاقية األمريكية علي أن يمكن إض د د د ددافة ()1
اإلنس د د د ددان
حقوق جديدة في نظام الحماية بمقتضي االتفاقية من خالل إحدي وسيلتين :إما تعديل
االتفاقية واما إص دددار بروتوكالت إض ددافية لالتفاقية ..مما يعني إمكانية إض ددافة حقوق
جديدة لسد أي ثغرات تستجد في النظام األمريكي لحقوق اإلنسان.
ومن أم النصوص في سياق ضمانات حماية السالمة الجسدية لإلنسان هو نص المادة
( ) 8من االتفاقية ..حيث نصت علي أنه ال يجوز عقاب أي إنسان إال بحق إذ نصت
علي اآلتي -:
انظر د .عزت البري – المرجع السابق ص 523وما بعدها وكذلك د .عبد الواحد الفار (قانون حقوق اإلنسان) المرجع ()1
كما نص د د ددت المادة ( )9علي عدم رجعية القوانين ونص د د ددت المادة ( )10علي الحق في
تعويض من آس د ددي تطبيق العدالة في حقه كما نص د ددت المادة ( )25علي مبدأ هام وهو
حق اإلنسان في أن يتضرر من أي انتهاك لحقوقه األساسية حتي ولو كانت منصوصاً
63
عليهددا في دسد د د د د د ددتور الدددولددة المشد د د د د د ددكو فيهددا مددا دامددت تخددالف مددا جدداء ببنود االتفدداقيددة
()1
ومن األمثلدة علي ذلدك مدا أعلنتده المحكمدة العليدا في كوسد د د د د د دتداريكدا من أن األمريكيدة
مبادن القانون الدولي المقبولة عالمياً والواردة في معاهدات نافذة تس د د د د د ددمو علي القوانين
الدسدتورية ،ووفقاً لدسدتور بيرو يمكن لنص في المعاهدة أن يعدل نصداً دسدتورياً ما دام
خالفه ،وفي كولومبيا تعتبر نص د د ددوص المعاهدات أس د د ددمي من أي قوانين اخري داخلية
متي تحولت إلي قانون داخلي بمقتضي عمل تشريعي خاص.
حيث نصت المادة ( ) 23من االتفاقية علي إنشاء جهازين فقط هما اللجنة والمحكمة ،انظر في تفصيل ذلك د .عادل عبد ()2
64
تنمية الوعي بحقوق اإلنسان لدي شعوب أمريكا. (أ)
إص دددار توص دديات لحكومات الدول األعض دداء متي كان ذلك مناسددباً (ب)
بغية اتخاذ إجراءات تدريجية لص د د د د د ددالح حقوق اإلنس د د د د د ددان في نطاق
تش دريعاتها الداخلية وفي نطاق نص ددوص ددها الدس ددتورية باإلض ددافة إلي
غيرهددا من اإلجراءات المالئمددة لمزيددد من الرقددابددة علي احترام هددذه
الحقوق.
إعداد الدراسات والتقارير التي تراها مفيدة لمباشرة وهائفها. (ج)
دعوة حكومدات الددول األعض د د د د د د دداء في المنظمدة األمريكيدة لتزويددهدا (د)
بمعلومات حول االجراءات التي اتخذتها في مسائل حقوق اإلنسان.
تلبية طلبات أي دولة عضد د د د د ددو في المنظمة األمريكية في مسد د د د د ددائل (ه)
حقوق اإلنسان.
اتخاذ االجراءات بش د د د د د ددأن الطعون والش د د د د د ددكاوي المقدمة لها في هل (و)
س د د د د ددلطاتها المنص د د د د ددوص عليها في المواد من ( )44إلي ( )51من
االتفاقية.
رفع تقرير سنوي للجمعية االمة لمنظمة الدول األمريكية. (ز)
هذا باإلض ددافة إلي اختص دداص اللجنة بنظر طعون األفراد والدول في خص ددوص انتهاك
حقوق اإلنسان مادة (.)1( )45 ، 44
هدذا وينتهي نظر النزاع أمدام اللجندة األمريكيدة لحقوق اإلنسد د د د د د ددان إمدا بدالتسد د د د د د ددويدة الوديدة
للخالف أو بإصد دددار قرار باألغلبية المطلقة يتضد ددمن توصد دديات بشد ددأن اإلجراءات التي
انظر نص االتفاقية في المرجع السابق ،ذات الموضع ،د .عزت البرعي – المرجع السابق ص ، 610ص ، 611د. ()1
سعيد خليل فهيم "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف االستثنائية – المرجع السابق ص 191وما بعدها.
65
يتعين علي الددول اتخداذهدا ..ومن هندا تفوق اللجندة األمريكيدة علي نظيرتهدا األوروبيدة
من حيث سلطة اتخاذ القرار.
أما المحكمة – فهي الجهاز الثاني واألخير والتي تتولي – باإلض د ددافة إلي الفص د ددل فيما
يعرض عليها من نزاعات – تفسد د د ددير وتطبيق االتفاقية ،ومن ناحية اللجوء إليها – فهو
ذات نهج المحكمة األوروبية حيث أنه قاصر علي الدول دون األفراد.
وينتهي نظر الدعوي أمام المحكمة :إما بوقف سد د ددير اإلجراءات وشد د ددطب الدعوي عند
الت ارضدي أو إعادة األمور إلي نصدابها الصدحيح ..وإما الحكم بتعويض عادل للمضدار
من جراء انتهاك أحكام االتفاقية(.)1
انظر د .عزت البرعي – المرجع السابق ص . 627وسوف نوضح هذا النشاط تطبيقاً وعمالً في خصوص حماية حقوق ()1
اإلنسان.
66
الفرع الثالث
حماية الحق في السالمة الجسدية
في ظل الميثاق األفريقي لحقوق االنسان والشعوب.
بعد أن حررت دول افريقيا نفس د د ددها من براثن االس د د ددتعمار الس د د ددياس د د ددي ههرت دس د د دداتيرها
والوليدة والتي امتألت بالعديد من النص ددوص التي تؤكد علي حقوق اإلنس ددان والمس ددتمدة
في معظمهدا من اعالندات الحقوق والمواثيق الددوليدة العدالميدة واإلقليميدة في مجدال حقوق
اإلنس د د ددان ،وأخذت هذه الدول ترس د د ددخ قاعدة حقوق اإلنس د د ددان ،وان التخلف في ذاته ال
يصددلح سددبباً ومبر اًر النتهاك حقوق اإلنسددان وإن كان بال شددك عقبة في سددبيل تمتع هذا
اإلنس د ددان بكامل حقوقه ،وقد عقدت عدة مؤتمرات أفريقية سد د دواء من الحكومات أو عن
طريق القددانونيين األفددارقددة تحددت رعددايددة األمم المتحدددة وذلددك خالل فترة مددا قبددل ميالد
الميثاق األفريقي .وقد تمخضد د د د ددت هذه الجهود عن ميالد قرار مؤتمر الدول والحكومات
رقم 16/115في سد ددنة 1979والذي تضد ددمن الدعوي من األمين العام لمنظمة الوحدة
األفريقية لعقد اجتماع محدود لخبراء مس د ددتقلين يتولون إعداد مش د ددوع اولي لميثاق أفريقي
لحقوق اإلنسان والشعوب علي أن يتضمن إنشاء جهاز لحماية وتعزيز هذه الحقوق.
وقد تم طرو مش د د د د ددروع الميثاق للتوقيع عليه خالل قمة نيروبي في يونيه س د د د د ددنة 1981
ودخل الميثاق مرحلة النفاذ في أكتوبر عام 1986وقد تم تقس د د د دديمه إلي ثالثة أجزاء ..
لكن اتساع المحتوي الموضوعي له جعله أقرب إلي إعالنات الحقوق.
كما أن لم يركز علي وسائل الحماية والتعزيز ..مما أضعف قوته إلي حد كبير(.)1
انظر نص الميثاق "حقوق اإلنسان" المجلد األول – الولائق العالمية واإلقليمية إعداد د .محمود شريف بسيوني وآخرين – ()1
المرجع السابق ص 366وما بعدها .وأنظر في تفصيل الجهود التي بذلت قبل ميالد الميثاق د .علي سليمان فضل هللا
"اماهية الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب" – بحث منشور بالمرجع السابق – المجلد الثالث ص 382وما بعدها ،
د .رافع بن عاشور "الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب" – المرجع السابق ص 395وما بعدها.
67
أ -الحق في السوووووالموة الجسوووووديوة والحقوق المتعلقوة بوه في الميثواق األفريقي
لحقوق اإلنسان والشعوب -:
إن التعداد الحصدري للحقوق يختلف تماماً عن وضدع هذه الحقوق موضدع التنفيذ .وفيما
يتعلق بالحق في السددالمة الجسدددية فقد تضددمن الميثاق الحق في االعتراف بالشددخصددية
القانونية وحظر االسد د ددتغالل أو االمتهان أو االسد د ددترقاق أو التعذيب وحظر العقوبات أو
المعاملة الوحش د د ددية أو الالإنس د د ددا نية او الحاطة بالكرامة .وقد نص الميثاق األفريقي علي
الحق في الحرية واألمان الشخصي والخصوصية والحياة الخاصة ،وعدم جواز القبض
التعسد ددفي ،والحق في التقاضد ددي العادل ،وقاعدة عدم الرجعية ،وحق اإلنسد ددان في أن
يحيا حياته بكرامة وآدمية بعيداً عن الفقر والمرض والتخلف والجهل.
إال أن هذه الفئة – وهي الحقوق االقتص ددادية – لم يكن في اإلمكان تحقيقها إال تدريجياً
حس ددب مقدرة الدول علي النمو كالحق في الص ددحة البدنية والملكية والص ددحة النفس ددية ..
وهذا ما قررته المادة ( )16من الميثاق إذ نصددت علي أن تعهد الدول األعضدداء باتخاذ
كافة التدابير الالزمة لحماية صدحة شدعوبها وضدمان حصدول هذه الشدعوب علي الرعاية
الصحية والطبية في حالة المرض ،والحق في التعليم.
هدذا ومن الجدديدد في الميثداق األفريقي أنده علي واجبدات تنداط بداألفراد مقدابدل مدا عليهم
من حقوق ،كما أنه – وعلي خالف ما سد ددبقه من مواثيق دولية – قد نص علي حقوق
جماعية ،ولكن أخطر ما تضددمنه الميثاق هو أنه علق كافة الحقوق المدنية والسددياسددية
علي تحقيق الحقوق االقتصد د د د د د دداديدة واالجتمداعيدة والثقدافيدة ..وحيدث ان العدديدد من دول
أفريقيددا إلي اآلن ال ازلددت تعدداني من الفقر والجهددل ،وال ازلددت دوالً متخلفددة او ندداميددة فددإن
68
الميثاق قد أعطي الحكومات حق حرمان اإلنسددان من بعض الحقوق المدنية والسددياسددية
لحين مقدرة الدولية علي كفالة الحقوق االقتصادية واإلجتماعية والثقافية(.)1
انظر المستشار د .اسكندر غطاس " خواطر حول آفاق حقوق اإلنسان في أفريقيا" بحث مقدم إلي الندوة العلمية المنعقدة ()1
بالمعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية بسيراكوزا سنة ، 1990د .عزتة البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل
التنظيم الدولي اإلقليمي" – المرجع السابق ص 686وما بعدها.
انظر بالتفصيل تنظيم االختصاصات واالجراءات امام هذه اللجنة ومآل الشكاوي أمامها ،د .عزت البرعي – المرجع السابق ()2
ومن الجدير بالذكر أن منظمة الوحدة األفريقية قد أقرت في اجتماعها الذي تم في شنهر ديسنمبر 1997أقرت ميالد محكمة ()1
أفريقية لحقوق اإلنسنننان وال شنننك أنه تطور كبير في مجال حقوق اإلنسنننان إذا ما مراسنننت هذه المحكمة نشننناطها بالفعل علي
غرار ما جري عليه العمل منذ العديد من السننننين سنننواء في المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسنننان أو نظيرتها األمريكية في ذلك
الخصوص.
70
الفرع الرابع
حماية الحق في السالمة الجسدية في إطار جامعة الدول العربية
بددالرغم من أن الجددامعددة العربيددة تعتبر من أقدددم المنظمددات اإلقليميددة إال أنهددا في مجددال
حقوق اإلنس د د د د ددان تخلفت عن غيرها من المنظمات العالمية واإلقليمية ( ،)1فعلي نطاق
النصد د د د د د ددوص الزال الميثداق العربي لحقوق اإلنسد د د د د د ددان حب اًر علي ورق وذلدك مندذ إعدداده
بواس د ددطة اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنس د ددان س د ددنة 1982نفاذاً لقرار الجامعة س د ددنة
.. 1979وقد تم إقرار مشروع الميثاق العربي لحقوق اإلنسان من مجلس الجامعة سنة
1994وقددد تحفظددت عليدده بعض البلدددان العربيددة( ، )2وقددد جدداء الميثدداق في ديبدداجددة
وتوزعت أحكامه علي ( )43مادة ،إذ نوهت الديباجة إلي مبادن الش د د دريعة اإلس د د ددالمية
والديانات السد د ددماوية األخري في إقرارها األخوة والمسد د دداواة والعدل بين جميع البشد د ددر كما
تض د ددمن القس د ددم الثاني ( )38مادة هي مجموعة الحقوق والحريات األس د دداس د ددية التي هي
م كفولة لكل إنسددان مثل الحق في في عدم التمييز ألي سددبب من األسددباب العنصدرية ،
وعدم جو از تقييد أي حق من الحقوق األس د د دداس د د ددية المقررة او القائمة في أي دولة طرف
في الميثاق اس د د د د د ددتناداً إلي عدم إقرار الميثاق لهذه الحقوق أو إقرارها بدرجة أقل ،وعدم
جواز فرض أية قيود علي الحقوق والحريات المكفولة بموجب الميثاق س د د د د د ددوي ما ينص
عليه القانون ويعتبر ض د د د د ددرورياً لحماية األمن واالقتص د د د د دداد الوطنيين او النظام العام أو
الصد د د د د د ددحة العامة أو األخالق أو حقوق وحريات اآلخرين .وقد حرم الميثاق علي الدول
األطراف التحلل من أحكامه في هل أوقات الطوارن في خمس مجاالت حددت حص دد اًر
انظر د .محمد حافظ غانم " نظرات في العالقات الدولية العربية" منشأة المعارف االسكندرية سنة 1970ص 3وما بعدها ، ()1
د .محمد طلعت الغنيمي "جامعة الدول العربية" منشأة المعارف االسكندرية ، 1974د .محمد إسماعيل علي "فكرة اإلقليمية
في الجامعة العربية" المجلة المصرية للقانون الدولي المجاد 35سنة ، 1979د .محمد السعيد الدقاق و د .مصطفي سالمة
حسين "المنظمات الدولية المعاصرة" المرجع السابق ص 297وما بعدها ،أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم "التنظيم الدولي"
المرجع السابق ج" 2المنظمات اإلقليمية" – ص 11وما بعدها.
وهي سبعة بلدان عربية (اإلمارات – البحرين 0الكويت – سلطنة عمان – السعودية – السودان – اليمن) ()2
71
وهي التعذيب واإلهانة والعودة إلي الوطن واللجوء السد د د د د ددياسد د د د د ددي والمحاكمة وعدم جواز
تكرارها عن ذات الفعل ،ش د د د د ددرعية الجرائم والعقوبات .كما أقر هذا القس د د د د ددم :الحق في
الحياة ،والحق في الحرية ،والسدالمة الشدخصدية ،وحماية الدول لكل إنسدان مقيم علي
أرضد ددها من التعذيب البدني وال نفسد ددي واعتبار هذه التصد ددرفات أو المسد دداهمة فيها جريمة
يعداقدب عليهدا القدانون ووجوب معداملدة المحكوم عليهم بعقوبدة س د د د د د د ددالبدة للجريمدة معداملدة
إنسانية ،وتجريم المساس بحرمة الحياة الخاصة ..إلخ.
وقد تضدمن القسدم الثالث مادتين تتعلقان بتشدكيل لجنة خبراء من سدبعة أعضداء بنتخبون
من بين مرشدحين ترشدحهم الدول األطراف في الميثاق من ذدو الخبرة والكفاءة العالية ،
ويعملون بصد ددفتهم الشد ددخصد ددية ،وتقدم الدول تقاريرها إلي هذه اللجنة بصد ددفة دورية كل
ثالث س د د ددنوات وترفع هذه اللج نة تلك التقارير بعد د ارس د د ددتها في ص د د ددورة تقرير واحد إلي
اللجنة الدائمة لحقوق اإلنسد ددان في الجامعة العربية وما من شد ددك في أن القيمة القانونية
واألدبية لهذا الميثاق ليسد ددت علي المسد ددتوي المرغوب فيه .وإن كان من السد ددابق ألوانه
تقييمه ،حيث لم يمض علي إق ارره س د د ددوي عامان فقط ..لكن ما يمكن أن يقال هو أن
التدريج أفضل من الجمود والسلبية.
أمددا مددا يتعلق بددإعالن حقوق المواطن العربي والددذي وافق عليدده مجلس الجددامعددة أوائددل
عام 1977فقد أكدت مواده أنه منبثق من اإليمان بمبادن الش د د دريعة اإلس د د ددالمية الغراء
في تكريم هللا سد ددبحانه وتعالي لإلنسد ددان ،وأن حقوق هذا اإلنسد ددان في الحياة والسد ددالمة
الجسد د د د د دددية ال يمكن ألحد أن يعتدي علي أي منها ،وقد أكد اإلعالن علي قيمة العدل
والمسدداواة وحظر االتجار في الذات البش درية( ،)1وأقر صدديانة الحرية الشددخصددية والحق
في س د د د د ددالمة البدن ،ومنع التعذيب ،والمعاملة القاس د د د د ددية أو الحاطة بالكرامة ،وتجريم
انظر في تفصيل هذا الموضوك د .منذر الفضل "التصرف القانوني في االعضاء البشرية" الطبعة الثانية سنة 1992مكتبة ()1
انظر التقارير السنننوية للمنظمة العربية لحقوق اإلنسننان (وهي منظمة غير حكومية تأسننسننت عام 1983تهدف إلي الدفاك ()1
عن حقوق اإلنسنان) .وانظر من االصندارات غير الدورية لهذه المنظمة "حقوق اإلنسنان في الوطن العربي" طبعة دار المسنتقبل
العربي – بيروت كانون الثاني 1993وهو كتال ولائقي عن حالة حقوق اإلنسان في الدول العربية.
انظر د .منذر أبو الفضل "التصرف القانوني في األعضاء البشرية" المرجع السابق ص .91 ()2
73
الفصل الثالث
حقوق اإلنسان في الشرائع السماوية
المعني هنا للديانات السماوية هي اليهودية والمسيحية واإلسالمية .فقد اعتمدت الديانة
اليهودية علي التوراة التي أنزلت ألواحها إلي سيدنا موسي عليه السالم والتي تناولت
آيات القرآن الكريم وصورت العديد من مشاهد هذه الرسالة ورسولها منذ ما قبل ميالده.
وعبر ما القاه في حياته من مصاعب ممن حوله هذا فضالً عن أن العديد من األحكام
كانت مقررة قبل اإلسالم في اليهودية وأقرها اإلسالم ومن ذلك علي سبيل المثال قوله
تعالي (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين واألنف باألنف واألذن باألذن
والسن بالسن والجروو قصاص) وهي آية القصاص في النفس وما دونها والمراد بكلمة
(عليهم) في اآلية السابقة هم بنو إسرائيل الذين خوطبوا بالتوراة وأن عيب علي التوراة
من وجهة نظر البعض أن األحبار قد أضافوا إليها عند جمع األسفار وتم التداول تحت
مسمي التلمود والذي صار اليوم كما كبي اًر من المجلدات بلغ مثالً ما كتب منه باللغة
ولقد حوي كثي اًر من اإلضافات التي تتنافي مع جوهر ()1
اإلنجليزية ستة وثالثين مجلداً
الديانة السماوية في المساواة واإلخاء في اإلنسانية والتواضع والخير حيث فيه مناداة
باحتقار باقي الشعوب واعتبار اليهود هم شعب هللا المختار وصفوة الناس ونخبتهم.
أما المسيحية فعلي عكس ما سبق كان قوامها التسامح والزهد والخلو بالنفس وترك ما
عداها والتركيز علي عيوبها هي (أي النفس) دون غيرها وقد أضافت المسيحية إلي
الفكر األوروبي عنصرين أساسين هما كرامة اإلنسان الذض هو من وجهة نظر المسيحية
حياة عابرة علي مخلوق يمتاز بين مخلوقات هللا تعالي لكونه علي صورة هللا وهو يعي
حياة أبدية بعد مماته وقد نادت المسيحية بمساواة الجميع هذه البسيطة ومقد اًر أن يعي
أمام هللا تعالي مما جعل إقبال العبيد عليها واسعاً من أجل تحريرهم ولقد جاء في اإلنجيل
د .غازي حسن صباريني "الوجيز في حقوق اإلنسان وحرياته" المرجع السابق ص 16وما بعدها. ()1
74
( كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شغوفين متسامحين كما سامحكم هللا ) أفسس : 4
.23كما جاء في الكتاب المقدس أيضاً (مبرن المذنب ومذنب البريء كالهما مكرهة
للرب) (أمثال )15 : 17وجاء أيضا (يا رؤساء إسرائيل أزيلوا الظلم واالغتصاب وأجروا
الحق والعدل ارفعوا الظلم عن شعبي) (حزقيال )9 : 45كما جاء (كل من يعمل الخطية
هو عبد للخطايا) (إنجيل يوحنا )8و (تكرهون الحق والحق يحرركم) إنجيل يوحنا : 8
)32و (تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم) إنجيل لوقا .27 : 13
لكن أوروبا لم تزعن لهذه التعاليم فاستمرت العبودية وهل التقسيم الطبقي قائماً حتي
قامت الثورة الفرنسية . 1781والحقيقة أن الكنيسة عبث بعض كهنتها بهذه التعاليم
واستغلوا الدين لمنافعهم فثار في وجوههم كثيرون ودفعوا حياتهم ثمناً لثورتهم ..ولقد
تعرضنا لعصر آباء ال كنيسة حيث انحصر الفكر الفلسفي علي جدران الكنائس والذين
من أبرز مفكريهم القديس أوغسطين ثم ههر العصر المدرسي الذي أمتد من القرن
التاسع حتي قيام النهضة األوروبية في القرن الخامس عشر وههور القديس توماس
األكويني ودانتي إليجيري صاحب كتاب (الكوميديا اإللهية) الذي نادي بتوحيد اإلنسانية
كلها تحت نظام سياسي واحد لتحقيق السالم العالمي وار سعادة البشر وقد هاجم باباوات
الكنيسة في كتابه هجوماً شرساً ودعا إلي ضرورة فصل الدولة عن الكنيسة أي السلطة
الروحية والسياسية تحت مظلة (دع ما لقيصر لقيصر وما هلل هلل ).
أما الشريعة اإلسالمية فلقد عبر القاضي األمريكي جاكسون عن تجاهل الغرب لها بقوله
(لقد حالت العوائق دون نشوء اهتمام عام بالشريعة اإلسالمية .ومع أننا مدينون للحضارة
اإلسالمية بالشيء الكثير كما تظهره تقاريرنا القانونية التي ال تنتهي ،فإن انطباعاتنا
كانت دائماً بأن العلم اإلسالمي ليس لديه ما يسهم به في إثراء مادتنا القانونية ،واعتبرت
الشريعة اإلسالمية ذات فائدة تأملية عملية ولم تح سوي باهتمام عدد قليل من الباحثين
والمتخصصين .ولكن إعادة النظر الموضوعية في األسباب التي حملتنا علي الظن بأن
75
الشريعة اإلسالمية غريبة عنا وغير مفيدة لنا كفيلة بأن تقنعنا بالتخلي عن ذلك الظن
المتعجرف .وإدراك أن التجربة اإلسالمية لديها الكثير الذي تستطيع أن تعلمنا إياه())1
والحقيقة أننا يجب أن نؤكد علي حقيقة مهمة وهي أن الرسالة اإلسالمية جاءت إلي
العالم سنة 622ميالدية (فترة العصور الوسطي) وخالل ما يقرب من ؟أربعة عشر قرناً
من الزمان ونصف القرن فإن الحكام المسلمين الذين جاؤوا بعد عصر الخلفاء الراشدين
جنح منهم كثيرون إلي أهداف شخصية تجاوزوا قيمة العدل والمساواة والديمقراطية
والشوري ولكن هذا يجب التحري فيه أقصي مستوي من الدقة حيث أن الحكم العادل
علي الشريعة اإلسالمية يجب أن يفصل بين القيم النبيلة والتطبيق العظيم لها في فترة
النبي عليه الصالة والسالم والخلفاء الراشدين وما حدث بعد ذلك تجنباً الستنتاجات
خاطئة أو لبس في التأويل وحتي يكون فهم اإلسالم يصوب أعمق وأصدق وأوضح
كعقيدة وشريعة حيث العقيدة هي الجانب النظري المتعلق باإليمان باهلل ومالئكته وكتبه
ورسله واليوم اآلخر .وأما الشريعة من الجانب النظامي الذي يحكم تصرفات اإلنسان
وعالقاته بغيره ومن ثم فإن من يؤمن بالعقيدة ويلغي الشريعة ،أو يأخذ بالشريعة ويهدر
العقيدة فإنه ال يكون مسلماً وال سالكاً في حكم اإلسالم سبيل اليقين(.)2
ولقد وعي اإلسالم باألخالق وجعل الفرد هو األصل وهو ذروة السنام فأعلي قيمته وكرمه
مسلماً كان أو غير مسلم وأوجب علي الدولة اإلسالمية واجبات زسزف نوضح ذلك علي
النحو اآلتي -:
المبحث األول
تكريم اإلنسان في اإلسالم
مشنار إليه في بحث الدكتور محمود شنريف بسنيوني بعنوان "مصنادر الشنريعة اإلسنالمية" .منشنور في المجلد الثالث من مؤلف
(حقوق اإلنسان) دار العلم للماليين .بيروت .المرجع السابق ص .18 – 17
الشنننيخ محمود شنننلتوت (اإلسنننالم عقيدة وشنننريعة) ،دار الشنننروق ،الطبعة الخامسنننة ص ، 90 – 89د .محمد يوسنننف ()2
موسننني (اإلسنننالم وحاجة اإلنسنننانية له) مكتبة الفالح – الكويت الطبعة الثالثة ص ، 57من أسننند (منهج اإلسنننالم في الحكم)
ترجمة منصور ماضي ،دار العلم للماليين – الطبعة الخامسة سنة 1978ص .20
76
ليس هناك ما هو أبلغ في الداللة علي تكريم اإلنسان من أن يسويه الخالق سبحانه وينفخ فيه
وتأكد من روو كما في قوله تعالي و فإذا سد د ددويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له سد د دداجدينو
() 1
هذا في قوله تعالي و ويسد د د د د د ددألونك عن الروو قل الروو من أمر ربي وما أوتيتم من العمل إال
وهناك مظاهر ش ددتي لتكريم هللا س ددبحانه وتعالي لسدمي وس ددوف نعرض لهذه المظاهر قليالً
() 2
ولقدد كرمندا بني آدم وحملنداهم في البر والبحر ورزقنداهم من الطيبدات وفضد د د د د د ددلنداهم علي كثير
ممن خلقنا تفضيالًو
() 4
ويدخل في هذا التكريم اإلبداع الخلقي الظاهر والجلي في خلق اإلنسان علي الهيئة التي خلقه
هللا تعالي عليها من امتداد القامة وحسن الصورة وحمل اإلنسان في البر والبحر ،واختصاصه
بالعقل واإلرادة دون غيره ،واختصد د دداصد د دده دون غيره بالملذات في الطعام والش د د دراب والملبس ،
وتكري مه من فضد د د ددل هللا تعالي بالنطق والتمييز بين األشد د د ددياء ،وفضد د د ددله علي كثير من خلقه
بالغلبة واإلستيالء والثواب والجزاء والحف والتمييز وإصابة الفراسة(.)5
وقد ورد في تفس د ددير ابن كثير رحمه هللا :فقد أس د ددتدل علي أفض د ددلية جنس البش د ددر علي
جنس المالئكة قال عبد الرازق أخبرنا معمر عن زيد بن أس د د ددلم قال ( :قال المالئكة يا
ربنددا أعطيددت بني آدم الدددنيددا يددأكلون منهددا ويتنعمون فلمددا لم تعطنددا ذلددك فددأعطنددا اآلخرة
فقدال تعدالي ووعزتي وجاللي ألجعدل ص د د د د د د ددالح ذريدة من خلقدت بيددي كمن قلدت لده كن
()1
فكانو)
المصباح المنير ألحمد ابن علي المقري الفيومي – المطبعة األميرية – الطبعة السادسة سنة .1926 )(3
انظر تفسير القرآن الكريم البن كثير ج 3ص 51ط بيروت سنة 1985م. )(5
77
وقد فسد د د د د د ددر بعض العلمداء اآلية الكريمدة في قوله تعدالي و ولقدد كرمندا بني آدم وحملنداهم
في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضد د ددلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضد د دديالً و في
أنهدا ورد فيهدا تك ار ار بين التكريم والتفضد د د د د د ديدل وهنداك فدارق بينهمدا حيدث أن هللا تعدالي قدد
فضدل اآلدمي عن سدائر الحيوا نات بأمور خلقية طبيعية ذاتية مثل العقل والنطق والخط
والصورة الحسنة والقامة المديدة وهذا هو التكريم ،أما التفضيل فهو أنه عز وجل شرفه
()2
بواسطة العقل والفهم إلكتساب العقائد الحقة واألخالق الفاضلة.
ومن مظاهر التكريم ()3
وقد كرم هللا تعالي هذا اآلدمي بأن س د د د د ددخر له كل القوي الكونية
العام كذلك أن يكون اإلنس د د د د ددان قيماً علي نفس د د د د دده متحمالً تبعة إتجاهه وعمله فهذه هي
الص د د د د د ددفة األولي التي كان بها اإلنس د د د د د ددان إنس د د د د د دداناً وحرية اإلتجاه وفردية التبعية وبهما
()4
استخلف في دار العمل.
تفسير القرآن الكريم البن كثير – المرجع السابق ذات الموضع. )(2
انظر د .عبد الرحيم السكري "نقل وزراعة األعضاء من منظور إسالمي" ط 1988دارة النهضة العربية – ص 23وما )(3
بعدها.
)(4انظر المرجع السابق ص 24 ،23د .سعيد عبد السالم "مشروعية التصرف في الجسم اإلنساني في القانون الوضعي
والفقه اإلسالمي " بحث منشور بمجلة المحاماة العدد 10 ، 9شهري نوفمبر وديسمبر سنة – 90السنة السبعون ص .131
78
ثانيا ً – مظاهر التكريم الخاص باإلنسان -:
تعددت مواضدع تكريم اإلنسدان في الشدريعة اإلسدالمية ،وقد برز ذلك جلياً في نصدوص
القرآن الكريم وأقوال وأفعال النبي المصددطفي العظيم محمد صددل هللا عليه وسددلم وسددوف
نذكر بعض هذه المظاهر في اآلتي -:
-1حسن الصورة -:
لما كان اإلنس د ددان هو خلفة هللا في األرض فقد كان طبيعياً أن تجيء خلقته في أحس د ددن
صد ددورة بحيث يبين للناهر إلي اإلنسد ددان أنه غاية في البيان ونهاية في البرهان علي أن
هللا سبحانه وتعالي قد أودع فيه بعضاً من كماله وقبساً من خصاله.
ومن األدلة علي هذه اآليات القرآنية اآلتية -:
قوله تعالي و يا أيها اإلنس د د د ددان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فس د د د دواك فعدلك في أي
وقوله ()2
وقوله تعالي و لقد خلقنا اإلنسد د ددان في أحسد د ددن تقويمو ()1
صد د ددورة ما شد د دداء ركبكو
()3
تعالي وقل هو الذي أنشد ددأكم وجعل لكم السد ددمع واألبصد ددار واألفئدة قليالً ما تشد ددكرونو
ويتبين من اآليات السدابقة أن هللا قد خلق اإلنسدان فسدواه بأن جعله مسدتوي القامة جميل
الصددورة متناسددب بين أعضددائه وأوجد فيه الحواس كالسددمع والبصددر التي جاءت من نفخ
الروو الذي جعل اإلنس ددان بعد أن كان جماداً وأص ددبح اإلنس ددان إنس دداناً ذا إدراك إنس دداني
()4
مميز عن سائر المخلوقات تتمة للنعمة عليه.
وخطاب هللا الوارد في سورة اإلنفطار فيه مناداة من الخالق تعالي لإلنسان بإكرام ما فيه
من إنسانيته التي تميز بها عن كل األحياء.
ويعاتبه ربه علي تقصيره وإهماله بقوله (ما غرك بربك الكريم).
في ظالل القرآن للشيخ سيد قطب ص 2810جن 21مطبعة دار المعرفة بيروت سنة .71 )(4
79
ويذكره فيه بفضددله عليه الذي تجلي في الصددورة الجميلة السددوية المعتدلة الكاملة الشددكل
التي تبدو في تكوينه الجسدي وتكوينه الروحي( .)1وقد فاخر هللا سبحانه وتعالي وتباهي
بهذه الص ددورة الحس ددنة لإلنس ددان ودليل ذلك قوله تعالي (ثم أنش ددأناه خلقاً آخر فتبارك هللا
أحسن الخالقين).
-2اإلستخالف في األرض -:
االسد د د ددتخالف في األرض هو أن يحل المسد د د ددتخلف محل المسد د د ددتخلف .ومن هنا تظهر
أهميدة اسد د د د د د ددتخالف اإلنس د د د د د د ددان في األرض من قبدل هللا تعدالي حيدث إنهدا تنطوي علي
مسدئوليات خطيرة وأهداف ومعاني عظيمة وأصدل االسدتخالف ورد في قوله تعالي ( وإذ
قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفس ددد فيها ويس ددفك
()2
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما ال تعلمون)
وقد فسددر ابن كثير –رحمه هللا– معني الخالفة في هذه اآلية :أي قوماً يخلف بعضددهم
بعض د داً قرناً بعد قرناً .وهو تكريم للجنس البش د ددري اس د ددتعماره في الكون من هللا تعالي(.)3
وهي منزلة عظيمة منزلة هذا اإلنسان في الوجود علي هذه األرض(.)4
-3التكريم بالعلم -:
لما كان العلم هو خص د ددلة كل عظيم من عظماء بني البش د ددر إذ انه الطريق األوحد إلي
وحددانيدة هللا تعدالي وإلي التددبر في مخلوقداتده تعدالي فقدد أخص بده هللا اإلنسد د د د د د ددان وعلمده
فقال :ووعلم آدم األسدماء كلها ثم عرضدهم علي المالئكة فقال أنبوني بأسدماء هؤالء إن
كنتم صدادقين [ ]31قالوا سدبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم []32
الظالل – المرجع السابق ،دكتور سعيد عبد السالم – المرجع السابق ص .133 ()1
80
قدال يدا آدم أنبئهم بدأسد د د د د د دمدائهم فلمدا أنبدأهم بدأسد د د د د د دمدائهم قدال ألم أقدل لكم أني أعلم غيدب
()1
السموات واألرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون []33
والمراد بالعلم باألس د ددماء في س د ددياق اآليات الس د ددابقة هو علم األس د ددماء واأللفا والمعاني
واألفراد والتراكيب والحقيقة والمجاز)2( .ومن هنا كان العلم ش ددرط الخالفة وبه فض ددل هللا
آدم عليه الس د د ددالم علي المالئكة ولو كان هناك ش د د دديء أفض د د ددل من العلم في التفض د د دديل
لصار مادة للتفضيل (.)3
ولقد أعلي اإلس د د ددالم ش د د ددأن العلم والعلماء إلي مدي عظيم وقد عرف المس د د ددلمون األوائل
فضد د ددل العلم ومقدار العلم فتسد د ددابقوا عليه وتسد د ددلحوا به وملكوا به الدنيا مع الدين فأقاموا
وصد دددق هللا تعالي إذ يقول و يرفع هللا الذين آمنوا منكم واللذين ()4
حضد ددارات وأمم راقية.
أوتوا العلم درجات وهللا بما تعملون خبيرو(.)5
-4سجود المالئكة لإلنسان -:
أمر هللا مالئكته بالسدجود آلدم عليه السدالم تعظيماً له وإعالء لقدره وقد ورد هذا التكريم
في عديد من المواض د د ددع في القرآن الكريم .منها قوله تعالي ( وإذ قلنا للمالئكة اس د د ددجدوا
()6
آلدم فسجدوا إال إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين)
وقوله تعالي (وإذ قلنا للمالئكة اسدجدوا آلدم فسدجدوا إال إبليس كان من الجن ففسدق عن
أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدالً)(.)7
فتح البيان في مقاصد القرآن – المرجع السابق ص .108 ، 107 ، 106 ()3
انظر د .سعيد عبد السالم – المرجع السابق ص ، 137د .عبد الرحيم السكري – المرجع السابق ص .29 ()4
81
وقوله تعالي (ولقد خلقناكم ثم صدورناكم ثم قلنا للمالئكة اسدجدوا آلدم فسدجدوا إال إبليس
لم يكن من الساجدين)(.)1
وجملة المفهوم من سد ددياق هذه اآليات أن هللا تعالي قد كرم وشد ددرف اإلنسد ددان في صد ددورة
آدم عليه السالم وذريته بسجود المالئكة له تكريماً وإعالء لشأنه وقد قيل في تفسير هذه
اآليدات معدان كثيرة للسد د د د د د ددجود مجملهدا كلهدا أن اإلنسد د د د د د ددان كرمده هللا تعدالي علي جميع
()2
مخلوقاته ومن أدلة التكريم سجود المالئكة له.
-5التكريم بالعقل -:
من أهم أدلة تكريم هللا تعالي لإلنسد ددان هو العقل الذي اسد ددتودعه إياه تلك المنة العظيمة
والمنحة الجليلة التي اختص بها هللا بني البشدر وأودعها كثي اًر من أسد ارره وضدرب عديداً
من األمثلة علي أن التدبير والعقل من أهم ص د د ددفات اإلنس د د ددان أما من ال يعقل وال يفكر
فقد تنازل عن منحة التفرد وهي العقل وقد ورد عن رس ددول هللا ص ددل هللا عليه وس ددلم في
فض د د د د ددل العقل قوله :و أول من خلق هللا العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر
()3
أي أقبل حتي تستكمل بي وأدبر حتي يستكمل بك جميع العالم دونكو
وقد روي عن رسدول هللا صدل هللا عليه وسدلم علي لسدان رب العزة جل وعال في خطابه
للعقددل :و وعزتي وجاللي مددا خلقددت خلق داً أعز علي وال أفضد د د د د د د ددل منددك بددك أخددذ وبددك
()4
أعطيو
-6التكريم في المأكل والمشرب والملبس -:
يعد من مظاهر التكريم من هللا تعالي لإلنسدان تكريمه في اختيار المناسدب لإلنسدان من
مأكله وتحريم الخبائث عليه ومنه ما علم حكمته في العصد د د د د د ددر الحديث ،واوجب عليه
انظر روح المعاني لأللوسي جن 15ص ،293مقاصد القرآن جن 1ص ، 108ود .عبد الرحيم السكري المرجع السابق ص ()2
82
()1
ومن ذلدك قولده تعدالي و قدل من حرم التزين والنظدافدة والجمدال في غير تيده وال خيالء
()2
زينة هللا التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق
انظر المرجع السابق د .السكري ص 35ود .سعيد عبد السالم ص .138 ()1
حديث الغامدية أخرجه اإلمام مسلم في كتابه "باب حد الزنا" – جن 11ص .203انظر صحيح مسلم ألبي الحسين مسلم ()4
ابن الحجاج ابن مسلم النسيابوري المتوفي سنة 261هجرياً طبعة عيسي الحلبي.
83
علي األم إذا إنفصد ددل الجنين عنها ميتاً بسد ددبب الجناية عليها والغيرة هي نصد ددف عشد ددر
()1
دية اإلنسان الحر البالغ)
كما أوجب اإلس ددالم الدية للجنين إذا إنفص ددل عن أمه حياً ثم مات بس ددبب الجناية عليها
وممدا يلفدت النظر أن الدديدة تجدب لكدل جنين إنفصد د د د د د ددل حيدا عن أمده ثم مدات بسد د د د د د دبدب
االعتداء عليها أيا كانت ديانته أو ملته مما يؤكد أن حماية اإلس د د د ددالم جاءت لإلنسد د د ددان
كإنس د د د د د ددان بغض النظر عن دينه أو جنس د د د د د دديته وقد أكد ذلك ما رواه أبو حنيفة والزيدية
وسد د د د ددفيان الثوري من عدم تأثير الديانة غير اإلسد د د د ددالمية في مقدار الدية بمعني وجوب
التس دداوي بين دية المس ددلم وغير المس ددلم وقد إحتج هنا الرأي بقوله تعالي :و وإن كان من
حيث أطلق هللا تعالي الدية في جميع ()2
قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مس د د ددلمة إلي أهلهو
كما اسددتبدل ()3
أنواع القتل من غير فصددل فدل علي أن الواجب في ذلك علي قدر واحد
هذا الرأي بما روي عن النبي صددل هللا عليه وسددلم أنه جعل دية كل ذي عهد في عهده
ألف دينار وبما روي عن عمر بن أبيه الض ددمري أنه قتل مس ددتأمنين فقض ددي رس ددول هللا
صدل هللا عليه وسدلم عنها بدية حريين مسدلمين وبما روي عن الزهري أنه قد قضدي يدنا
أبو بكر وس د د دديدنا عمر ب ن الخطاب رض د د ددي هللا عنهما في دية الذمي بمثل دية المس د د ددلم
وعلق الكاس د دداني عن ذلك فقال و ومثله ال يكذبو .وبما روي عن ابن مس د ددعود ألنه قال
دية أهل الكتاب مثل دية المسد د د ددلمين( .)4وبما روي عن علي رضد د د ددي هللا عنه أنه قال (
()1
إنما أعطيناكم الذمة وبذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا)
وقد تجلي اهتمام القرآن الكريم ببداية خلق اإلنسان في عديد من اآليات القرآنية التي فصلت القول في كيفية خلق اإلنسان ()1
وأطوار التخليق وحماية األجنة وعلم الخالق العظيم بها وهي داخل أرحام األمهات ومن ذلك قوله تعالي " هو أعلم إذ أنشأكم
من األرض واذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم" سورة النجم اآلية رقم . 32انظر في تفصيل ذلك د .هاللي عبد اإلله أحمد "
حقوق الطفولة بين الشريعة اإلسالمية والفكر الوضعي " المرجع السابق ص 250وما بعدها ،وكذلك د .حسن علي الشاذلي
" حق الجنين في الحياة في الشريعة اإلسالمية " مجلة الحقوق والشرعية س 3العدد األول مارس .1979
سورة النساء اآلية رقم .92 ()2
84
وقد ذهب اإلمام مالك والش د ددافعي وأحمد إلي أن دية الكتابي هي نص د ددف دية المس د ددلم ،
ودية المجوس د د ددي ثمانمائة درهم وأن دية المرأض منهم هي نص د د ددف دية الرجل ،وحجتهم
في هذا ما رواه عمرو بن ش ددعيب عن أبيه عن جده النبي ص ددل هللا علي وس ددلم أنه قال
وقد علق ابن قدامة علي هذا فقال :قال الخطابي ()2
(دية المعاهد نص ددف دية المس ددلم)
أن نقيص د ددة عدم اإلس د ددالم فوق كل نقيص د ددة فهي أولي بالنقص من األنوثة ومن ثم فهو
وقددد ذهددب رأي لدددي الشد د د د د د دديعددة األمدداميددة إلي أندده ال ديددة لغير ()3
نقص مؤثر في الددديددة
الكتابي(.)4
وإذا كان هذا فيما يتعلق بالدية فإن توضيح ذلك في القصاص في النفس وما دونها هو
أولي بال شد ددك .فقد ذهب األحناف إلي وجوب القصد دداص لغير المسد ددلم من المسد ددلم وان
المس د د د ددلم إذا قتل ذمي فهو قود بع وقد اس د د د ددتدل األحناف علي هذا من الكتاب والس د د د ددنة
والمعقول :
أما من الكتاب فقوله تعالي و كتب عليكم القصداصو حيث أفادت هذه اآلية العموم وهو
وأما من الس ددنة فيما روي عن ()5
ما يتقض ددي المس دداواة بين المس ددلم وغير المس ددلم (الذمي)
ابن الحسد د د د ددن عن إبراهيم رحمهما هللا تعالي أن رجل من المسد د د د ددلمين قتل رجالً من أهل
الذمة فرفع ذلك إلي رس د د ددول هللا ص د د ددل هللا عليه وس د د ددلك فقال و أنا أحق من وفي بذمتهو
()6
وهو حديث هاهر في الداللة علي المطلوب.
وأما االسد د د د د ددتدالل من المعقول :فألن المسد د د د د دداواة في العصد د د د د ددمة ثابتة نظ اًر إلي التكيف
()1
والقصاص يعتمد المساواة ،وهي متحققة.
د .علي البدري أحمد الشرقاوي " الحدود والجنايات الموجبة للقصاص والتعزيز في التشريع الجنائي اإلسالمي – المرجع ()6
السابق ص .182
بدائع الصنائع – المرجع السابق ج 7ص .237 ()1
85
أما الشد د ددافعية فقد اسد د ددتدلوا علي عدم قتل المسد د ددلم بالذمي بعدة أدلة منها أن قوله تعالي
(كتب عليكم القصد دداص في القتلي) يسد ددتوجب المسد دداواة بين القاتل والقتيل إذا كان الحر
ال يقتل بالعبد فكذا المس د د ددلم ال يقتل بغير المس د د ددلم وكما أن نقص العبد برقه فكذا نقص
الذمي بعدم اإلسدالم ال يقتل به المسدلم .وكذا اسدتدلوا بقوله عليه السدالم ( ال يقتل مسدلم
بكافر وال ذو عهد في عهده(.))2
والخالصد د د د ددة :من هذه اآلراء أن العموم ال يصد د د د ددرف عن هاهره إال بدليل ثابت قوي ،
ولما كان اهتمام الش د د ددارع الحكيم بعص د د ددمة األنفس وص د د دديانة الدماء هو أمر مطلق لكل
البشد د د د د د ددر الددذين خلقهم هللا تعددالي بال تمييز مثلمددا كلن يسد د د د د د ددود في الجدداهليددة وقددد وعي
الصد د د د د د ددحابة رضد د د د د د دوان هللا عليهم هذه الحكمة فعملوا بها وكان الرجحان لرأي األحناف
التفاقه مع هاهر النصددوص في القرآن والسددنة والمعقول وهو ما يتفق مع القواعد الكلية
في اإلسالم التي تحض علي العدل والمساواة وتؤكد علي عصمة الدماء وحرمة اآلدمي
علي اإلطالق.
86
المبحث الثاني
مكانة الفرد في اإلسالم
اهتم اإلسدالم بالفرد وتنشدئته وتربيته بمنهج شدامل غير مسدبوق حيث ربط لدي الفرد بين
العقيدة والشدريعة فالعبودية هلل تعالي هي أكبر وازع أخالقي يسدمو بالنفس ويهذب القلب
(قل إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي هلل رب العالمين ال شريك له وبذلك أمرت وأنا
وقيمة الفرد في اإلسد د د د د ددالم هي انعكاس لما يجب أن يتحلي به من ()1
أول المسد د د د د ددلمين)
أخالق حميدددة ال تنبع من المصد د د د د د ددلحددة أو النفع ولكنهددا تنبع من العقيدددة فتظددل ثددابتددة
()2
وراسخة.
ومن هنددا جداء أعظم أوص د د د د د د دداف النبي في القرآن الكريم بقولده تعددالي (وإندك لعلي خلق
حيث تمثلت أفعال النبي عليه الصد د ددالة والسد د ددالم وصد د ددفاته في أسد د ددمي مكارم ()3
عظيم)
األخالق فالصد د د دددق واألمانة والبر والحياة والورع والتقوي وإتقان العمل والحكم والصد د د ددبر
والتواضد ددع والشد ددجاعة والعزة والعفة والوفاء والتسد ددامح والصد ددفح والتسد ددامح عن الصد ددغائر
مصدداقاً لقوله تعالي (ولقد كان لكم في رسدول هللا أسدوة حسدنة لمن كان يرجو هللا واليوم
()4
. اآلخر)
()5
وهو ذاته عليه الس د د ددالم قال في الحديث الشد د ددريح (إنما بعثت ألتمم مكارم األخالق)
وقالت عنه السدديدة عائشددة (كان خلقه القرآن) وروي عنه عليه الصددالة والسددالم أنه قال
وحسدن الخلق ليس ()6
(ما من شديء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسدن)
كالمدداً نظريدداً وإنم ددا هو سد د د د د د ددلوك عملي ك دداألمر في القرآن الكريم ببر الوال دددين وإيت دداء
87
الصد دددقات كما في قوله تعالي (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشد ددرق والمغرب ولكن
البر من آمن بدداهلل واليوم اآلخر والمالئكددة والكتدداب والنبيين وآتي المددال علي حبدده ذوي
القربى واليتامى والمسداكين وابن السدبيل والسدائلين وفي الرقاب وأقام الصدالة وآتي الزكاة
والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والص ددابرين في البأس دداء والض دراء وحين البأس أولئك الذين
ولم يكترث اإلسالم ولم يعتن بالشعائر في ذاتها وال لذاتها ()1
صدقوا وأولئك هم المتقون)
ولكنها مرتبطة بتهذيب سد ددلوك المسد ددلم وإال فال قيمة لها حيث يقول تعالي ( ال خير في
كثير من نجواهم إال من أمر بصدقة أو معروف أو إصالو بين الناس ومن يفعل ذلك
وقوله تعالي (إن الصد ددالة تنهي عن ()2
ابتغاء مرضد ددات هللا فسد ددوف نؤتيه أج اًر عظيماً)
وعندما سدئل النبي عليه السدالم (ومن لم تنهه صدالته ؟) قال عليه ()3
الفحشداء والمنكر)
الس ددالم (فال ص ددالة له) .وقد ناش ددد اإلس ددالم الفرد بالتحلي بكل الص ددفات النبيلة الالزمة
السد د ددتقامة فكره وسد د ددلوكه وهدفه فقال تعالي (إن هللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إلي أهلها
وقوله تعالي (وعباد الرحمن الذين يمشد د د د ددون ()4
وإذا حكمتم بين الناس أن تحموا بالعدل)
وقولدده تعددالي (والددذين ال علي األرض هونداً وإذا خدداطبهم الجدداهلون قددالوا سد د د د د د ددالمداً)
()5
()6
يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما)
وقول دده تع ددالي (وال ددذين ال ي دددعون مع هللا إلهدداً أخر وال يقتلون النفس التي حرم هللا إال
بالحق وال يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً ( )68يضداعف له العذاب يوم القيامة ويخلد
وقوله تعالي (وال تصد ددعر خدك للناس وال تمشد ددي في األرض مرحاً إن هللا ()7
فيها مهانا)
88
()1
وقوله تعالي (واقصدد في مشديك واغضدض من صدوتك إن ال يحب كل مختاالً فخور)
()2
وقوله تعالي (إن هللا يأمر بالعدل واإلحسد ددان وإيتاء أنكر األص د دوات لصد ددوت الحمير)
()3
وقوله تعالي ذي القربي وينهي عن الفحشد د د د د د دداء والمنكر والغي يعظكم لعلكم تذكرون)
(وال تس ددتوي الحس ددنة وال الس دديئة ادفع بالتي هي أحس ددن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه
وهنداك العدديدد والعدديدد من آيدات القرآن الكريم بدل كدل آيدات القرآن الكريم ()4
ولي حميم)
تقود نحو الفضدديلة وتحذر من الرذيلة وأهمها كل عدوان علي الناس وكل إضددمار للشددر
وكدل نفداق وكدل بخدل وكدل تقتير وكدل خبدث وجهدل وحمداقدة وهوج .ولقدد ترجمدت أحداديدث
النبي عليه الص ددالة والس ددالم هذه التعاليم فعالً وقوالً وتقري اًر فكان مثاالً لألمانة والص دددق
والعفو والص د د د د د ددفح والعلم والحلم والتقوي والورع والغني عن الناس والزهد في كل ما دون
هللا تعالي والحض علي بذل الخير للجميع وكح األذض عن الكافة .فقال عليه الص د ددالة
والس د د د ددالم و البر حس د د د ددن الخلق واإلثم ما حاك في ص د د د دددرك وكرهت أن يض د د د ددطلع عليه
وقال عليه الصددالة والسددالم و اتق هللا حيثما كنت واتبع السدديئة الحسددنة تمحها ()5
الناسو
وقال عليه الص ددالة والس ددالم و كان هللا في عون العبد ما ()6
وخالق الناس بخلق حس ددنو
دام العبد في عون أخيهو وقال عليه الص د د ددالة والس د د ددالم و من نفس عن مس د د ددلم كربة من
كرب الدنيا نفس هللا عنه كربة من كرب يوم القيامة ،ومن يسد ددر علي معسد ددر يسد ددر هللا
عليه في الدنيا واآلخرة ،وهللا في عون العبد ما دام العبد في عون أخيهو
()7
89
وقوله عليه السد ددالم و ثالث من كن فيه فهو منافق وإن صد ددام وصد ددلي وحج واعتمر ،إذا
()1
ومن هنا فقد حاسددب اإلسددالم الفرد حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا ائتمن خان و
علي مش د د د د دداعر داخلية تخفي علي غيره ليص د د د د ددفيه جوه اًر فخ اًر كالحقد والحس د د د د ددد والغيبة
والنميمة وإضددمار الشددر إذ جعل كذلك عقوبات أخروية ثابتة وواقعية مادام الفرد المسددلم
مؤمن باليوم اآلخر كجزء أسد د د د دداسد د د د ددي من إيمانه باهلل تعالي .وهو مسد د د د ددلك يهي النفس
البشرية إلي السمو والتعالي والحب والخير ،وإذا وقع شيء غير ذلك فقد أوجد اإلسالم
منهج محداسد د د د د د دبدة النفس البشد د د د د د دريدة والتوبدة إلي هللا والنددم علي الدذندب ولو كدان لمداً فمن
حاسد د ددب نفسد د دده في الدنيا خف في القيامة حسد د ددابه وحسد د ددن متقبله ومن أهمل المحاس د ددبة
()2
دامت حسرته
ولقد أكد اإلسدالم علي أن حسداب اآلخرة دقيق والمؤاخذة فيه علي الصدغيرة والكبيرة لئال
يسد د د د دديء اإلنسد د د د ددان إلي غيره غير مكترث بأقل الذنوب أو غير عاب بالتافه منها الذي
ربما يترك لدي اآلخرين أث اًر عميقاً فقال تعالي و ونضدع الموازين القسدط ليوم القيامة فال
()3
تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفي بنا حاسبينو
ولكن األمر لم يقف فقط عند ترهيب الفرد من عذاب اآلخرة وحسددابها أو جعل الضددمير
اإلنسد دداني مفصد دالً وحكماً ورادعاً لكنه وضد ددع عقوبات دنيوية لمن غلبت عليهم شد ددقوتهم
ولم يردعهم ض د د ددمير وال نص د د ددح وال إرش د د دداد وال رهبة مالقاة هللا يوم القيامة .أولئك الذين
تحكمددت فيهم رغبدداتهم ونزوات هم وشد د د د د د ددهواتهم ومن ثم يلزمهم كبح الجندداو واألخددذ علي
األيدي وص د د د دديانة المجتمع من أضد د د ددرارهم سد د د د دواء علي المجتمع ذاته أو علي أفراده في
أع ارضد ددهم أو أموالهم أو مشد دداعرهم أو حرمة حياتهم وما دونها في العموم وهي عقوبات
ابن قداحة (مختصننننر منهج القاصنننندين) وقد اختصننننر فيه كتاب (منهج القاصنننندين ومفيد الصننننادقين ) البن الجوزي – ص ()2
.389
سورة األنبياء اآلية رقم (.)37 ()3
90
الحدود التي توقع علي جرائم محددة نص دداً في القرآن والسد ددنة وهي الزنا والقذف وشد ددرب
الخمر والسرقة والحرابة والبغي(.)1
وهناك خالف كبير حول عقوبة الردة وهي السابعة في الحدود(.)2
أما األفعال التي تسد ددتوجب القصد دداص أو الدية فهي جرائم النفس وما دونها عمداً كانت
أو خطاً وهي القتل العمد وشبه العمد والخطأ والجرو العمد والجرو الخطأ(.)3
وال تختلف جرائم الحدود عن جرائم القص د د د د د دداص والدية إال في كون األخيرة يمكن العفو
عنها عن طريق المجني عليه أو أص ددحاب الحق في ذلك وهناك أفعال تس ددتوجب توقيع
عقوبة التعزيز .وهو تفويض اإلمام أو القاضد د د د د د ددي أو الحاكم في تقدير المناسد د د د د د ددب من
العقوبدات من كدل فعدل مخدالف لم يرد عليده نص في حدد أو قصد د د د د د دداص أو ديدة أو تلدك
التي حددت لها الشدريعة عقوبة لكن لم تكتمل شدرائطها .وهو مجال يمثل سدلطة تقديرية
لرئيس الدولة في سد د د د د د ددبيل الردع وإقرار الحق والعدل واألمن في المجتمع مثل مخالفات
األس د ددواق وتختلف مقادير التعزيز حسد د ددب كبر الذنوب وصد د ددغرها وحسد د ددب حال المذنب
وهروف دده ،والتعزيز أجن دداس فمن دده م ددا يكون ب ددالتوبيخ والزجر ب ددالكالم ومن دده م ددا يكون
بددالحبس ومندده مددا يكون بددالنفي من الوطن ومندده مددا يكون بددالضد د د د د د ددرب ومندده مددا يكون
بالعقوبات المالية(.)4
ومن مظاهر اإلعالء لقيمة الفرد في اإلسد د د د د د ددالم إههار حق الفرد إزاء الدولة والذي من
أهم مظداهره تحقيق العددل تلدك العددالدة التي تحقق مصد د د د د د ددالح األفراد بمدا يؤدي إلي دوام
الحياة االجتماعية وتوزيع منافع الدولة علي األسد د ددس القوية من الفرص المتسد د دداوية بين
جميع أفراد المجتمع دون إنحراف أو زيغ ودون محاباة ؟ألي فرد علي أي أساس مطلقاً
.والعدل ليس قص ددده العدل في المنازعات أو المحاكم وغنما العدل المطلق كالعدل في
الشيخ محمد أبو زهرة (فلسفة العقوبة في الفقه اإلسالمي) معهد الدراسات العربية العالمية سنة .1966 ()1
انظر في هذا الصدد الشيخ اإلمام محمود شلتوت (اإلسالم عقيدة وشريعة) الشروق الطبعة الخامسة ص .301 ()2
الشيخ عبد القادر عودة (التشريع الجنائي اإلسالمي) المرجع السابق ص .123 ()3
91
تبوأ الوهائف أو المناصد ددب كما ورد في قول عمر بن الخطاب (رضد ددي هللا عنه) [ من
ولي من أمر المسد د د ددلمين شد د د دديئاً فولي رجالً لمودة أو قرابة بينهما فقد خان هللا ورسد د د ددوله
()1
والمؤمنين]
كما أكد اإلس د د د د ددالم علي قيمة المس د د د د دداواة بين أفراد المجتمع بغض النظر عن ألوانهم أو
أجناسد د ددهم أو عقائدهم وأثبت أنهم من منبت واحد ونشد د ددأة واحدة وأب وأم واحدة مما أكد
وحدة الجنس البش ددري فقال تعالي و يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة
داء واتقوا هللا الذي تسداءلون به واألرحام إن
وخلق منها زوجها وبث منها رجاالً كثي اًر ونس ً
والرسددول الكريم يقول في الحديث الش دريح و كلكم آلدم وآدم من ()2
هللا كان عليكم رقيباو
وهو ما يدحض أية مزاعم في نفس أي إنس د د ددان أنه أفض د د ددل من غيره إال بعمله ()3
ترابو
وتقواه مص د ددداقاً لقوله تعالي و يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم ش د ددعوباً
وقبدائدل لتعدارفوا إن أكرمكم عندد هللا أتقداكم إن هللا عليم خبيرو( .)4وهكدذا جداء اإلسد د د د د د ددالم
بمنهج جديد في قاعدة المسد د د د د دداواة مختلف عما زاع لدي اليهود وغيرهم من أنهم سد د د د د ددادة
العالم وأحباء هللا وأبنائه ومن دونهم برابرة وخدم وحتي عرب الجاهلية قبل اإلسدالم كانوا
يرون في قصد دداصد ددتهم وبالغتهم سد ددبباً لتميزهم ومن دونهم عجماً وكذلك البراهمة توهموا
أن هللا –في زعمهم– قد خلقهم من أشد د د د د د ددرف جزء فيه وخلق من دونهم من أدني أجزائه
وشد د د ددقان بين الرأس والقدم حتي جاء اإلسد د د ددالم فحطم هذه الترهات وأثبت المسد د د دداواة بين
جميع البش د ددر بغض النظر عن عقائدهم وأديانهم وأجناس د ددهم وألوانهم فقال عليه الس د ددالم
(الناس س دواسددية كأسددنان المشددط ال فضددل لعربي علي أعجمي وال أبيض علي أسددود إال
()5
بالتقوي)
د .محمد يوسف موسي (اإلسالم وحاجة اإلنسانية له) المرجع السابق ص ، 59د .عبد الواحد الفار (قانون حقوق ()5
93
ب -المساواة بين أفراد المجتمع -:
إذا كان اإلسددالم قد أقر المسدداواة بين الحاكم والمحكوم فإنه ومن باب أولي أقر المسدداواة
بين المحكومين أنفس ددهم مص ددداقاً لقوله تعالي و يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقس ددط
ش د ددهداء هلل ولو علي أنفس د ددكم أو الوالدين واألقربين إن يكن غنياً أو فقي اًر فاهلل أولي بهما
فال تتبعوا الهوي أن تعدلوا وإن تلوا أو تعرضوا فإن هللا كان بما تعملون خبي اًرو(.)1
ومن هنا فقد أقر اإلسالم القضاء علي أية تفرقة عنصرية تمثل سبباً من أسباب التمييز
غير المبرر بين البشد د د د د د ددر فعددالج الثغرة القبليددة والعنجهيددة عنددد الغرب ونظرتهم إلي من
دونهم من البش د د ددر بس د د ددبب اللون أو العرق أو المال أو الجاه أو الس د د ددلطان ثم أخذ يغلق
أبواب االسددترقاق والعبودية فجعل العتق أقرب إلي هللا تعالي وجعل العتق كفارة لأليمان
أو ثمناً لجريمة (كالقتل الخطأ) .ثم جعل اإلسد د د ددالم الدوم واحد ومتكاف في القصد د د دداص
بعد أن تدرج في فقه الرق .أما الفرد غير المس د ددلم فقد أقر له اإلس د ددالم رابطة األخوة في
اإلنسانية أيا كان مسماه الفقهي .ذمياً أو مستأمناً أو أجنبياً عن الدولة مثلهم جميعاً
التمتع بكافة الحقوق التي يتمتع المس ددلمون بها لقوله علي الس ددالم و لهم ما لنا وعليهم
مدا علينداو .ولقدد كداندت الجزيدة يددفعهدا غير المسد د د د د د ددلم في الددولدة اإلسد د د د د د ددالميدة مقدابدل عددم
عندما كانت الدولة اإلسد د ددالمية ديناً وجنسد د ددية أما اآلن فإن جنسد د ددية انخراطه في الجي
الدولة صدارت منفصدلة عن الدين وهي تقوم علي أسداس الدم أو ()2اإلقليم أو األسداسدين
واجباً علي جميع معاً .أو التجنيس أو تكتسددب بالزواج كما أصددبح اإلنخراط في الجي
أبناء الدولة من مواطنيها بال أية تفرقة علي أسد د د دداس الدين أو العقيدة ومن هنا أصد د د ددبح
الحديث عن الجزية ال مجال له وال سبب له أو سند وأصبح التفاوت النظري بين الناس
وهو الذكاء والتدريب الجاد والمؤهالت العلمية هي الفيصدل في تبوأ المكانة لمن حسدنت
د .حامد سلطان (أحكام القانون الدولي في الشريعة اإلسالمية) دار النهضة العربية سنة 1970ص 141وما بعدها. ()2
94
أخالقدده دون أدني نظر إلي أي سد د د د د د دبددب آخر غير ذلددك مددا دامددت الدددولددة تبغي التقدددم
واالزدهار وإرضاء الواحد العدل القهار.
أما بالنس د ددبة للمرأة فقد رفع اإلس د ددالم عنها ش د ددبهة مس د ددئولية خروج آدم من الجنة وحارب
عادة التش د د دداؤم من ميالد البنات ،وحرم وأدها ،وس د د دداوي بينها وبين الرجل في الطبيعة
اإلنسد د ددانية ،وأعلي قدرها ،وكرمها كزوجة ،وكأم واوجب لها الحق في منافسد د ددة الرجل
في العمل والوهائف العامة ،واستقالل الذمة المالية والرأي.
95
الفصل الرابع
حقوق اإلنسان في إعالنات الحقوق والدساتير
منذئذ ههرت أفكار مونيس د د د ددكو وجان جاك روس د د د ددو ولوك وهونز في إنجلت ار التي تعي
دستو اًر غير مكتوب وقد أصدرت إعالنات تتضمن حقوق اإلنسان وأهمها العهد األعظم
سد ددنة Magna carta 1215حيث وقع الملك جون علي هذا العهد خضد ددوعاً للشد ددعب
وإرادته وكذلك االكلبروس الذي ثار علي الظلم والطغيان حيث تضد د د د د ددمن هذا العهد أهم
الحقوق اإلنسد د ددانية وحمايتها ،وفي سد د ددنة 1628صد د دددر ملتمس الحقوق Petition of
Rightوأهم مددا جدداء فيدده عدددم حبس أي شد د د د د د ددخص إال بتهمددة حقيقيددة محددددة .ثم أقر
البرلمان اإلنجليزي سد د د ددنة 1688إعالن حقوقي Bill of Rightوالذي أهم ما جاء فيه
عدم أحقية الملك في إيقاف القوانين وال اإلعفاء من تطبيقها وال فرض ضرائب من غير
موافقة البرلمان .وقد كان لهذه الوثائق أهمية كبري علي حقوق اإلنس د د د د ددان ليس فقط في
إنجلت ار وحدها ولكن في غيرها من الدول مثل الواليات المتحدة األمريكية وفرنس ددا .حيث
ههرت في الواليددات المتحدددة األمريكيددة إعالنددات حقوق اإلنس د د د د د د ددان حيددث لم تكن هددذه
الواليات س د د د د د ددوي مس د د د د د ددتعمرات انجليزية ثارت علي االس د د د د د ددتعمار االنجليزي ونادت 13
مسددتعمرة باالسددتقالل .وأصدددرت كل منها دسددتو اًر داخلياً يتضددمن أهم ما يتضددمن حقوق
اإلنسان حيث جاء في تصريح االستقالل ما يلي -:
( يولدد جميع النداس أح ار اًر وقدد وهبهم هللا حقوقداً ال يجوز أن يتخلوا عنهدا ومن بين هدذه
الحقوق الحياة والحرية والبحث عن الس د د ددعادة ،ويجب علي الحكومات القائمة أن تعمل
علي ضد د د ددمان هذه الحقوق ) .أما في فرنسد د د ددا فقد صد د د دددر إعالن ( 1789إعالن حقوق
اإلنس د د د د د د ددان والمواطن) والددذي ص د د د د د د دددر في 1789/8/26حيددث وافقددت عليدده الجمعيددة
التأسدديسددية الفرنسددية حيث ورد في سددبعة عشددر مادة وهو بمثابة وثيقة ذات أهمية كبري
ليس فقط في فرنس ددا ولكن في العالم كله وقد كان هذا اإلعالن تلخيصد داً للثورة الفرنس ددية
كمدا كدان يفهمهدا الفرنسد د د د د د دديون حيدث أكدد هدذا اإلعالن أن حقوق اإلنس د د د د د د ددان تقوم علي
96
عنصرين هما المساواة والحرية إذ نص بمادته األولي (يولد الناس أح ار اًر ومتساويين في
الحقوق) كمددا أكدددت المددادة الثددانيددة علي أن هددذه الحقوق هي الحريددة والملكيددة واألمن
()1
ومقاومة الظلم والطغيان.
وقد أكد إعالن حقوق اإلنس د ددان في فرنس د ددا س د ددنة 1789علي أن الحرية تعني أن المرء
يسد د د د د د ددتطيع أن يفعدل كل ما ال يلحق ضد د د د د د ددر اًر باآلخرين وال يمكن أن تكون هنداك حدود
للحريدة إال بدالقدانون وال يمكن إجبدار أحدد علي فعدل مدا لم يدأمر بده القدانون ثم تدابعدت أهم
معالم الحرية بنود هذا اإلعالن كالحرية الشد د د ددخصد د د ددية والسد د د ددالمة الفردية وعدم الرجعية
وقرينة البراءة وقاعدة ش ددرعية الجرائم والعقوبات وحرية االعتقاد في حدود عدم المس دداس
بدداألمن العددام وحريددة الفكر وحريددة التجمع بهدددوء وبال سد د د د د د ددالو وحريددة التش د د د د د د دداكي إلي
السددلطات العامة وكذلك الحريات األسدداسددية وسدديادة القانون والمش دروعية والشددرعية .هذا
كله عن الحرية أما عن المس د د د د دداواة فقد وردت في اإلعالن عبارة (المس د د د د دداواة في المنافع
والتكاليف) وفقاً لنص المادة ( )1وقد قضد ددي هذا اإلعالن علي التمييز غير المبرر في
المجتمع الفرنسد ددي حيث أعلن المسد دداواة المدنية والقانونية وفي إطار هذه القاعدة اعترف
اإلعالن للجميع في كل الدول والعص د د ددور بحقوق أس د د دداس د د ددية متس د د دداوون فيها دون أدني
إعتراف بالحدود ألنها حقوق طبيعية س د ددبقت نش د ددوء الدول وهي تس د ددمو علي فكرة الدولة
ذاتها .ولقد نظر رجال القانون في العالم إلي االعالن الفرنس د د د د ددي علي أنه ذو أثر كبير
جداً في إقرار الحقوق والحريات عالمية فها هو ذا الدسدتور الفرنسدي يشدير إلي اإلعالن
ويؤكد علي بنوده وتلك هي الدسد د د د دداتير المختلفة تشد د د د ددير إلي اإلعالن مباش د د د د درة أو غير
مباشرة وال تزال المبادن التي أعلنها هذا اإلعالن جزءاً مهماً مما تحارب األمم من أجله
حتي اآلن .ولقد صددرت بعد الثورة الفرنسدية إعالنات حقوق اسدتقيت جميعها من إعالن
حقوق اإلنس ددان والمواطن س ددنة 1789مثل مش ددروع جيروندا س ددنة .1793والذي حوي
ثالثة وثالثين مادة تحدثت معظمها عن الحقوق االقتص ددادية واالجتماعية وكذلك اعالن
انظر د .حسين جميل .حقوق اإلنسان في الوطن العربي ،مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت – سنة 1986ص .36 ()1
97
مونتندارد سد د د د د د دندة 1793وهو يحتوي علي 14مادة يركز فيهدا علي المسد د د د د د دداواة والحرية
وكذلك إعالن الحقوق والواجبات سدنة 1795حيث أهتم هذا اإلعالن بواجبات المواطن
إلي جانب حقوقه.
ثم جاء دسد ددتور سد ددنة 1848الذي تعرض بالتفصد دديل في ديباجته في بابيه األولين إلي
حقوق اإلنس ددان بص ددفة مفص ددلة ثم جاء دس ددتور 1946والذي تطور في نص ددوص دده نحو
()1
ترسيخ وتأكيد ما جاء في إعالنات الحقوق السابقة وما سبقه من دساتير.
أما في مفهوم حقوق اإلنسددان لدي الفكر اإلشددتراكي حيث نص الدسددتور السددوفيتي سددنة
1936علي الحقوق والحريات في دسد د د د ددتور سد د د د ددنة 1936ولكنه أوردها في فصد د د د ددولها
األخيرة وتحت ددل الحقوق االقتصد د د د د د د ددادي ددة واالجتم دداعي ددة في دده مرتب ددة متق دددم ددة علي الحقوق
والحريات الس د د د ددياس د د د ددية والمدنية وذلك من منطلق الفلس د د د ددفة اإلش د د د ددتراكية من أن التحرر
األسد د دداسد د ددي لإلنسد د ددان هو التحرر من االسد د ددتغالل االقتصد د ددادي إذ ال يمكن –من وجهة
نظرهم -أن تقوم للديمقراطية الس د د ددياس د د ددية قائمة بدون أن تتوافر لها مقومات اقتص د د ددادية
وا جتماعية معينة .ومن ثم كان الحق في العمل والحق في الراحة والض ددمان اإلجتماعي
والتعليم والحرية النقابية متقدماً علي ما س د د د دواه من حقوق ولقد جاء دسد د د ددتور 1977في
اإلتحاد السد د ددوفيتي معترفاً بحقوق جديدة فوق ما أقره دسد د ددتور .1936حيث ههر ألول
مرة في العالم النص في الدسد د د د ددتور علي الحق في المسد د د د ددكن .أما في الدول النامية فقد
تذرعت تلك الدول بظروفها اإلقتصد د د د ددادية واإلجتماعية المتدنية والصد د د د ددعبة لإلفالت من
اإللتزام بحقوق اإلنسدان حيث نظرت إلي حقوق اإلنسدان نظرة رفاهية وادعت أن أهم ما
يشدغلها هو توفير الحد األدني الالزم للمعيشدة وضدمان الحاجات األسداسدية للفقراء وذلك
مهربداً من االلتزام بداحترام حقوق اإلنسد د د د د د ددان وتوهمداً أنهدا يمكن أن تتقددم إلي األمدام ولو
خطوة واحدة دون احترام الحقوق األس د دداس د ددية لإلنس د ددان وأهمها الكرامة والحرية والمس د دداواة
واألمن فليس التخلف االقتصد د د د ددادي سد د د د ددبباً في إهدار أو إنتهاك الحق في الحياة وحرمة
98
الجسددد فال هي حققت التنمية اإلقتصددادية وال هي احترمت الحقوق والحريات األسدداسددية
لإلنس ددان مما رس ددخ األنظمة االس ددتبداد في هذه الدول وإن اإلنتقال الس ددلمي للس ددلطة في
هذه الدول يكون أمالً ص ددعب المنال الس دديما في هل الفقر والجهل والمرض وعدم وعي
الشدعب بانه صداحب السدلطة وليكن السدلطان لوسدائل اإلعالم وانتشدار القبلية والعشدائرية
والطدائفيدة وعلوهدا علي االنتمداء الوطني الحقيقي المجرد .وهي تقددم للددول الكبري أثمن
هدية للتدخل في الشد د د د ددئون الداخلية وممارسد د د د ددة ضد د د د ددغوط عليها أو خلق فوضد د د د ددي فيها
وحرمانها من مزايا اقتصد د د ددادية ليس سد د د ددبب انتهاك حقوق اإلنسد د د ددان ولكن ربما بسد د د ددبب
المضد د د د د ددي قدماً نحو حقوق اإلنسد د د د د ددان والتنمية الشد د د د د دداملة حتي تظل هذه الدول متخلفة
ومس ددتبدة حيث للدول الكبري مص ددلحة في غياب الحريات والمؤسد دس ددات الديمقراطية في
()1
الدول النامية.
أما في مصد د د ددر فإن حقوق اإلنسد د د ددان تعود إلي قديم األزل منذ عهد الفراعنة حيث أثبت
التاريخ حال حقوق اإلنسد د د د ددان في مصد د د د ددر منذ هذه اآلالف من السد د د د ددنين .أما في العهد
الحديث فقد كانت الدسد دداتير شد دداهداً علي تطور الوعي بحقوق اإلنسد ددان وحرياته والتأثر
بما حدث في الغرب من ثورات في هذا المجال ففي سد د د ددنة 1879تقدم محمد ش د د د دريح
باشد د ددا في عهد الخديوي إسد د ددماعيل إلي مجلس الوزراء بمشد د ددروع دسد د ددتور فأثار مخاوف
الدول األجنبية االسد د د ددتعمارية فسد د د ددعت لدي تركيا (الدولة العثمانية) حيث كانت مصد د د ددر
تابعة لها بغية خلع الخديوي إس د ددماعيل وهو ما تم بالفعل حيث تم عزله بعد ش د ددهر فقط
من تقديم هذا المشد ددروع وقد تولي نجله توفيق الذي أصد دددر دسد ددتو اًر جديداً سد ددنة 1881
لكنه لم يدم طويالً ولقد اسد ددتقلت مصد ددر وصد دددر دسد ددتور 1923الذي سد ددري حتي ألغاه
الملك فاروق س د ددنة 1934والعيد العمل به حتي ثورة 1952وبعد ثورة 1952أص د دددر
الرئيس جمال عبد الناصد ددر إعالناً باسد ددم الشد ددعب سد ددمي اإلعالن الدسد ددتوري ليحل محل
دسد د ددتور 1923في فترة إنتقالية محدودة هي ثالث سد د ددنوات ثم دسد د ددتور 1956وبعدها
د .غازي حسن صباريني ،المرجع السابق ص ، 43ود .محمد يوسف علوان المرجع السابق ص 63وما بعدها. ()1
99
اتحدت مصر وسوريا فصدر دستور 1958وزالت الوحدة فصدر دستور 1964والذي
هل سد د ددارياً حتي دسد د ددتور 1971الذي حدثت عليه تعديالت سد د ددلبية سد د ددنة 1980فيما
يتعلق بمدة حكم الرئيس ثم جري تعديله بعد ذلك حتي سد د د ددنة 2007ثم قامت ثورة 25
يناير سددنة 2011فتعطل العمل بالدسددتور (دسددتور )1971ثم تم إقرار دسددتور 2012
ثم قامت ثورة 30يونيو سد د د د د د ددنة 2013فتعطل العمل بدسد د د د د د ددتور 2012وال تزال لجنة
الخبراء العشدرة تعكف علي تعديل دسددتور 2012حتي كتابة هذه السددطور حيث سددوف
تسدلمه إلي لجنة الخمسدين خالل األسدبوع الحالي (األسدبوع األول من شدهر سدبتمبر سدنة
)2013ثم يتم االسد ددتفتاء عليه من الشد ددعب إلق ارره ولعل أهم ما يتضد ددمنه الدسد ددتور هو
الحقوق والحريات األس دداس ددية لإلنس ددان المص ددري باإلض ددافة إلي النظام الس ددياس ددي وش ددكل
الحكومة والسددلطة التش دريعية والقضددائية واألسدداس االقتصددادي واالجتماعي والديني .ثم
ترك بعض األمور إلي القوانين األسداسدية أو المكملة للدسدتور كقانون السدلطة القضدائية
أو الحقوق السددياسددية كما تتولى القوانين القضددائية أو قوانين اإلجراءات وضددع نصددوص
الدسد ددتور وضد ددع التنفيذ في شد ددأن حماية حقوق اإلنسد ددان وحرياته األسد دداسد ددية مثل الغير
عمومداً – كدذلدك قوانين البيئدة والصد د د د د د دحدة والغدذاء والبنداء والمدال والتنميدة االقتصد د د د د د دداديدة
واالجتماعية والتعليم واألحوال الش ددخص ددية والمعامالت والعقود كلها موض ددع مدي حماية
()1
حقوق اإلنسان في النظام الداخلي نزوالً من الدستور حتي اللوائح والق اررات.
انظر تفصيل ذلك د .حسن سند (النظم السياسية) دار النهضة العربية ط 2003ص 141وما بعدها. ()1
100
الباب الثاني
أهم حقوق اإلنسان األساسية
الفصل األول
أهم تصنيفار حقوق اإلنسان
102
وقت الف ار وهو في ذات الوقت أحد أشد د د د ددكال الحق في االجتماع والتجمع السد د د د ددلمي
وهو ذاته من هذه الناحية حق مدني وسياسي.
ثانيا ً – حقوق اإلنسان الفردية والجماعية -:
تسد ددتهل مواثيق حقوق اإلنسد ددان العالمية واإلقليمية نصد ددوصد ددها بعبارات تنب عن أن
الفرد هو الهدف والغاية مثل (لكل ش ددخص) أو (لكل فرد) أو (لكل إنس ددان) ال س دديما
الحقوق الفرديددة الطبيعيددة أو الفطريددة أو الددذاتيددة كددالحق في الحريددة أو األمن وحريدة
التنقل وحرمة المسد د ددكن والخصد د ددوصد د ددية والفكر والرأي ..الخ .مما يعني أن الشد د ددرعية
الدولية قد اتسد د ددمت منذ بداياتها بالنزعة الفردية لكنها لم تتغافل عالقة الفرد بالوسد د ددط
الددذي هو فيدده وهو المجتمع المحلي والدددولي وهو مددا أكددده اإلعالن العددالمي لحقوق
اإلنسد د د د د ددان في المادة ( )28منه التي نصد د د د د ددت علي أنه ( :لكل فرد الحق في التمتع
بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضد دداه الحقوق والحريات المنصد ددوص عليها في هذا
اإلعالن تحقيقاً تاماً) كما نص ددت المادة ( )29منه علي انه ( :علي كل فرد واجبات
إزاء الجماعة التي هو فيها .والتي فيها وحدها يمكن أن تنمو شد ددخصد دديته النمو الحر
الكدامدل) .وهو ذاتده مدا نص عليهدا العهددان الددوليدان للحقوق المددنيدة والسد د د د د د ديداسد د د د د د ديدة
والحقوق اإلقتصد د د ددادية واإلجتماعية والثقافية وهو ما وضد د د ددح في مقدمة العهدين التي
جاء فيها (مس د د ددئولية الفرد بما عليه من واجبات تجاه األفراد اآلخرين والمجتمع الذي
ينتمي إليه) .الكفاو لتعزيز الحقوق المقررة في اإلتفاقية الحالية ومراعاتها ،والحقوق
الفردية هي التي يتمتع بها الفرد بص ددفته الش ددخص ددية أو الفردية أما الحقوق الجماعية
فهي التي ال تمددارس إال بشد د د د د د دكددل جمدداعي كمددا في معظم الحقوق االقتصد د د د د د د دداديددة
واالجتماعية والثقافية كالعمل والضد ددمان االجتماعي ضد ددد البطالة والمرض والحوادث
والشد دديخوخة وكما الحق في األحزاب والحق في اإلنتماء إلي نقابة .وزعم أن التقسد دديم
الحالي واضد د د ددح إال أنه ليس ما يمنع أن تكون هناك حقوق ذات صد د د ددفة مختلطة أي
103
فردية وجماعية في ذات الوقت وذلك مثل حرية العقيدة وحرية التعبير وحرية التجمع
أو اإلجتماع وغيرها.
وتظهر أهميددة الحقوق الجمدداعيددة في دول العددالم الثددالدث التي بهددا جمدداعدات اثنيدده أو
عرقية أو دينية أو طائفية أو مللية أو لغوية مميزة حيث البد من نص د د د د ددوص تفوض
حماية الخصد د د ددائص المشد د د ددتركة لهذه الجماعات المعنية .وتتجه المواثيق الدولية إلي
مسد د دداعدة هذه الجماعات والشد د ددعوب علي تقرير مصد د دديرها أو حمايتها من اضد د ددطهاد
األغلبية أو االنتهاكات الصدارخة لحقوق اإلنسدان كالتميز العنصدري أو إنتهاك الحق
()1
في التنمية.
ومن أهم الحقوق الجماعية الحق في السد د د ددالم والحق في تقرير المصد د د ددير والحق في
التنمية والحق في بيئة سليمة والحق في السيادة الدائمة علي الموارد.
ثالثا ً – حقوق اإلنسان األساسية وحقوق اإلنسان األخري -:
ورد اص د د ددطالو الحقوق لإلنس د د ددان م ار اًر في المواثيق العالمية منذ نش د د ددأتها مثل ميثاق
األمم المتحدة واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والعهدين الدوليين واالتفاقية العالمية
للقض د دداء علي جميع أش د ددكال التميز العنص د ددري واتفاقية القض د دداء علي جميع أش د ددكال
التمييز ضد المرأة وإتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها.
وتعتبر الحقوق األسد دداسد ددية لإلنسد ددان اسد ددمي من كافة المواثيق واإلعالنات والدسد دداتير
حيث ال يعتمد نفاذها علي قبول األشخاص المخاطبين بها كما أنها ال يجوز التنازل
عنها أو االنتقاص منها.
ومن هنا يبدو واضدحاً أن القانون الدولي لحقوق اإلنسدان تقر بوجود حقوق أسداسدية
لإلنسد ددان ويعترف بها ضد ددمن تدرج مختلف حقوق اإلنسد ددان وأولوية وأسد ددبقية بعضد ددها
علي البعض اآلخر من حي ددث األهمي ددة ومن أهمه ددا تل ددك التي ينظر إليه ددا المجتمع
الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية مثل الحد األدني المتمدين أو الحضداري في
104
معاملة األجانب وحقوق اإلنسد د د د ددان األولية التي ال تهاون فيها إذا تم حذفها والموجبة
للتدخل من أجل اإلنسد د د ددانية ومنها حقوق األقليات وحقوق السد د د ددكان جميعهم المتعلقة
بدالحق في الحيداة والحريدة وحريدة المعتقدد والدديداندة والحق في عددم التمييز خداصد د د د د د ددة
التمييز العنصددري وكذلك الحد األدني من القواعد اإلنسددانية التي يجب مراعاتها تجاه
من لم يشد د ددارك في الحرب من المدنيين في النزاع المسد د ددلح ولهذا الحد األدني صد د ددفة
القواعددد اآلمرة التي (تقبلهددا الجمدداعددة الدددوليددة في مجموعهددا وتعترف بهددا بدداعتبددارهددا
قدداعدددة ال يجوز اإلخالل بهددا وال يمكن تعددديلهددا إال بقدداعدددة الحقددة من قواعددد القددانون
()1
الدولي لها ذات الصفة)
وما س ددبق يؤكد علي قاعدة أن هناك حقوقاً أس دداس ددية فعالً وواقعاً بدليل أن االتفاقيات
المعنيدة بحقوق اإلنس د د د د د د ددان تحظر علي الددول األطراف مخدالفتهدا (أي مخدالفدة البنود
المتعلقة بالحقوق األس د د د د دداس د د د د ددية الوارد بها) حتي في حالة الحرب أو في خطر عام
اس د ددتثنائي يهدد حياة األمة أي ال يباو الخروج علي هذه الحقوق ويجب مراعاتها في
()2
كل زمان ومكان في وقت السلم والحرب علي السواء.
وهو ذات الش دديء الذي ورد في العهد الدولي للحقوق المدنية والس ددياس ددية التي نصددت
علي أن دده ال يجوز مخ ددالف ددة أو الخروج بت ددات داً عن الحق في الحي دداة والحق في ع دددم
الخض ددوع للتعذيب والعقوبات أو المعامالت غير اإلنس ددانية والمهنية .والحق في عدم
االسترقاق والعبودية وحق المدين في عدم الحبس لمجرد العجز عن االلتزام التعاقدي
وحظر التطبيق الرجعي للقوانين العقابية وحق كل فرد في االعتراف بشد د د د د ددخصد د د د د دديته
القدانونيدة في كدل مكدان ،والحق في التفكير والضد د د د د د ددمير والددين .وهو ذات المنحني
الذي نحاه القانون الجنائي الدولي إذ تضدمن عدداً من القواعد األسداسدية ذات الطابع
اإلنسد دداني وذات الصد ددفة اآلمرة مثل اتفاقية تحريم إبادة الجنس البشد ددري سد ددنة 1949
د .محمد يوسف علوان ( .بنود التحلل من االتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان) مجلة الحقوق – السنة الرابعة – )(2
106
الفصل الثاني
أهم الحقوق األساسية لإلنسان
درج الفقه علي تقسيم الحقوق إلي عدة تقسيمات علي النحو سالف الذكر في الفصل
األول وسوف ننهج هذا الفصل التقسيم إلي حقوق مدنية وسياسية ثم حقوق اقتصادية
واجتماعية وثقافية وذلك في مبحثين اثنين علي النحو اآلتي -:
المبحث األول
الحقوق المدنية والسياسية
أوالً – الحق في الحياة -:
وقعدت أول جريمدة في الحيداة ضد د د د د د ددد الحق في الحيداة عنددمدا قتدل ابن آدم أخداه دونما
ذنب جناه .كما سد د د دداد في الماضد د د ددي أن هذا ليس حقاً لكل الناس إذ أن العبيد يمكن
قتلهم متي ش د د دداء أس د د دديادهم والوالد يئد ابنته متي ش د د دداءت إرادته .والض د د ددعيف يقتل ال
لشد د دديء إال لعدم قدرته علي رد أو صد د ددد العدوان وما من شد د ددك في أن هذا الحق هو
أقدس وأس ددمي وأعز ما يملكه اإلنس ددان فهو علي القمة من س ددائر الحقوق وهو أص ددل
كل الحقوق ال تنازل عنه وال تفريط فيه بل يباو إهدار حق الحياة عند دفع الص د ددائل
ضد د د د ددد الحق في الحياة .ولقد اهتمت كافة الش د د د د درائع السد د د د ددماوية بهذا الحق إذ جعلته
الشد د دريعة اإلسد د ددالمية قاعدة أسد د دداسد د ددية من قواعدها فحرمت القتل دون وجه حق فقال
وقد ش د ددددت الشد ددريعة اإلس د ددالمية ()1
تعالي (وال تقتلوا النفس التي حرم هللا إال بالحق)
بأن جعلت العقوبة هي القتل للردع والتخويح سدواء كان القتيل مسدلماً أو غير مسدلم
كما عظم اإلس د د ددالم من ()2
فقال تعالي (ولكم في القص د د دداص حياة يا أولي األلباب).
جرم قتل النفس فجعل ذلك وكأنما هو قتل للبشد د درية كلها فقال تعالي (من قتل نفسد د داً
107
بغير نفس أو فسد د د د د د دداد في األرض فكدأنمدا قتدل النداس جميعداً ومن أحيداهدا فكدأنمدا أحيدا
الناس جميعاً)(.)1
كمدا عداق اآلبداء الدذين كدانوا يقتلون أوالدهم خشد د د د د د ديدة عددم القددرة علي اإلنفداق عليهم
وحرم وأد البنات ()2
فقال تعالي (وال تقتلوا أوالدكم خش د د د ددية إمالق نحن نرزقهم وإياكم)
في قوله تعالي (وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت)(.)3
ولم يقف التحريم عند البنت المقتولة بعد ميالدها بل حرم اإلسد د د د ددالم إسد د د د ددقاط الحمل
عمداً بعد نفخ الروو فيه .وقد أوصدديت الش دريعة اإلسددالمية جزاء عنيفاً رادعاً وخطي اًر
في اآلخرة حتي يرتدع من تسد د د ددول له نفسد د د دده العدوان علي حياة اآلخرين فقال تعالي
(ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضد د د د د د ددب هللا عليه ولعنه وأعد له
وأوجب الدية في القتل الخطأ وشد د ددبه العمد كما حرم اإلسد د ددالم حتي ()4
عذاباً عظيماً)
()5
االنتحار وهو قتل النفس فقال تعالي (وال تقتلوا أنفسكم).
ثم توالدت األحداديدث النبويدة تحرم القتدل في كدل األحوال وضد د د د د د ددد كدل بني آدم مطلقداً
فقال عليه السد ددالم (لو أن رجل قتل في المشد ددرق وآخر رضد ددي بالمغرب ألشد ددرك في
دمه) وقوله عليه السالم (من أعان علي قتل مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة
وقدال عليده السد د د د د د ددالم (لزوال الددنيدا عندد هللا ()6
مكتوبداً بين عينيده آيس من رحمدة هللا)
أهون من قتل امرن مس د د ددلم) وقال عليه الس د د ددالم (أول ما يقض د د ددي هللا فيه يوم القيامة
الدماء).
انظر في شرح هذه األحاديث وتخريجها وسندها فضيلة الشيخ محمود شلتوت (اإلسالم عقيدة وشريعة) المرجع السابق ص ()6
347وما بعدها.
108
أوالً -حماية الحق في الحياة في الفكر الوضعي -:
أغفلت دول كثيرة النص علي حق الحياة في دساتيرها أو قوانينها األساسية باعتبار
أنه ليس في حاجة إلي نص ألن واهب الحياة هو الخالق سبحانه ،أما حماية هذه
الحق فقد حظيت بحفاوة كبيرة في هل التشريعات الداخلية سواء كانت قوانين عقابية
()1
أو قوانين إجرائية.
أما علي النطاق الدولي
أ -أهم النصوص في حماية الحق في الحياة -:
فقدد حظي الحق في الحيداة بحمدايدة المواثيق الددوليدة العدالميدة واإلقليميدة إذ نصد د د د د د ددت
المواد من (الثالثة إلي الحادية والعشدرين) من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسددان علي
()2
الحقوق المدنية والسياسية وعلي رأسها الحق في الحياة والحق في سالمة الجسم.
وفي ذات العام أي س د ددنة 1948أبرمت اتفاقية تحريم إبادة الجنس البش د ددري والعقاب
()3
علي ذلك Genocideوالتي تولت حماية اإلنس ددان في حياته وس ددالمته الجس دددية.
ثم فصددلت ذلك اتفاقية الحقوق والسددياسددية سددنة 1966حيث نصددت المادة ( )6منها
علي أن الحق في الحياة حق مالزم لكل إنسد د د د ددان وعلي القانون أن يحمي هذا الحق
وال يجوز حرمددان أحددد من حيدداتدده تعسد د د د د د دفداً وال يجوز في البلدددان التي لم تلغ عقوبدة
اإلعدام أن تحكم بهذه العقوبة إال علي أشدد الجرائم خطورة ووفقاً للتشدريع النافذ وقت
وقوع الجريمددة والغير مخددالف ألحكددام هددذه اإلتفدداقيددة ،ومنع اإلبددادة الجمدداعيددة ،وال
يجوز ألي دول ددة طرف في ه ددذه االتف دداقي ددة أن تتحل ددل من الت ازم دداته ددا في منع إب ددادة
انظر د .محمود نجيب حسني "االعتداء علي الحياة في القوانين الجنائية العربية" – المرجع السابق. )(1
وقد أصدرت الجمعية العامة لألمم المتحدة اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة 1948وقد أعدت مشروك اإلعالن لجنة )(2
حقوق اإلنسان التي أنشأها المجلس االقتصادي واالجتماعي .انظر أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم ":التنظيم الدولي" مكتبة
حقوق أسيوط ص 232وكذلك انظر نصوص اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان "موسوعة اإلنسان" إصدار الجمعية المصرية
لإلقتصاد السياسي واإلحصاء والتشريع "تقديم ومراجعة د .جمال العطيفي واعداد د .محمد وفيق أبو أتله المجلد األول سنة
1970ص.10
انظر في تفضيل جريمة إبادة الجنس البشري د .مني محمود مصطفي "الجريمة الدولية بين القانون الدولي والقانون )(3
انظر د .عبد العزيز سرحان "مبادئ القانون الدولي العام" دار النهضة العربية ط 80ص .288 )(2
110
وهل هناك ثمة انتهاك للمادة الس د د د ددالفة الذكر إذا ما فش د د د ددلت الدولة في الحيلولة دون
()1
قتل إنسان بواسطة شخص آخر ؟
ولقد أجابت االتفاقية في المواد المش ددار إليها علي هذه التس دداؤالت بما يض ددمن ويكفل
()2
أكبر قدر ممكن من حماية الحق في الحياة لكل إنسان في الوجود.
ثم توالت عدة اتفاقيات دولية أخري أهمها اتفاقيات جنيف س ددنة ، 1949واالتفاقيات
اإلقليمية وما كلفته أجهزتها الرقابية والقضد د د د د ددائية من حماية لحقوق اإلنسد د د د د ددان عامة
والحق في الحياة علي وجه الخصوص.
ب -التطبيق العلمي لحماية الحق في الحياة علي المستوي الدولي -:
وصدفت لجنة حقوق اإلنسدان المنبثقة عن االتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسدياسدية
وهو األسد د دداس الذي يتفرع عنه كل ()3
الحق في الحياة بأنه و أسد د ددمي حقوق اإلنسد د ددان
()4
الحقوق ألن فقد الحق في الحياة هو خاتمة كل شد د د د د د دديء ولن تعيدها باقي الحقوق
وقد تناول مؤتمر منع الجريمة ومعاملة المجرمين الس د د د د د ددادس حماية الحق في الحياة
ولما كان الحق في الحياة له صددلة وثيقة بالحق في السددالمة الجسدددية فإن لجنة ()5
حقوق اإلنسد د د د د د د ددان ق ددد جرت علي مع ددامل ددة الحق في الحي دداة (م )6وحظر التع ددذي ددب
والمعاملة غير اإلنس د د د د ددانية (م )7بنفس الكيفية وهو ما تأكد في دعوي نظرتها اللجنة
هي قضد د ددية سد د ددور ينام Surinameحيث لقي ( )15شد د ددخص د د داً من الشد د ددخصد د دديات
المرموقة مصدرعهم بادعاءات من السدلطات أنهم كانوا يحاولون الهرب أثناء اعتقالهم
انظر د .الشنافعي بشنير "قانون حقوق اإلنسنان – ذاته ومصنادره" بحث منشنور في المجلد الثاني من حقوق اإلنسنان – دار ()1
العلم للماليين – بيروت سنة 1989ص ، 19 : 18أستاذنا الدكتور عبد الواحد الفار – المرجع السابق ص 288وما بعدها.
ومن المالحظ أن هناك تباين بين القانون الوضننننعي والشننننريعة اإلسننننالمية فيما يتعلق بحرمة الجسنننند في كل منهما وهو ما ()2
انظر وليقة األمم المتحدة رقم Elcn, 4L 1983 / 16, paro 22 ()4
ويعقد هذا المؤتمر مرة كل خمس سنوات ويحضره ممثلون عن الحكومات من المختصين بتنفيذ القانون والعدالة علما بأن ()5
قرارات هذا المؤتمر ليست ملزمة في حد ذاتها وقد انعقد المؤتمر السادس سنة .1980
Sixth united nations congress on the prevention of crime and the treatment of offenders – A l
>Con F, 87 / 14/Rev/ L 1981
111
()1
حيث لم تثبت السد د ددلطات أن اعتقالهم والتعرض لحرمتهم الشد د ددخصد د ددية من منازلهم
كدان علي أس د د د د د د دداس قدانوني كمدا لم تثبدت أن قتلهم كدان أثنداء محداولتهم الهرب فكدان
االعتقدال والقتدل خدارج نطداق القدانون وانتهدت اللجندة إلي أن تصد د د د د د ددرف البوليس كدان
عمدياً لقتل هؤالء األش د ددخاص وقد أخفقت الس د ددلطات في س د ددورينام في تقديم أي دليل
يثبت ادعاءاتها ومن ثم رأت اللجنة أن الس د د د د د ددلطات أن اللجنة قد خالفت نص المادة
( )1/6من الميثاق الدولي لحقوق المدنية والسد د د ددياسد د د ددية الذي يحمي الحق في الحياة
وحثت اللجنة سورينام التخاذ خطوات فعالة نحو -:
-1التحقيق في أحداث القتل التي وقعت سنة .1982
-2تقديم من تثبت مسئوليته في ذلك إلي العدالة.
-3دفع تعويض لعائالت المجني عليهم.
-4ضمان الحماية الواجبة للحق في الحياة في سورينام.
وقد س ددارت اللجنة في ذات االتجاه فيما يتعلق بحاالت االختفاء القس ددري لألش ددخاص
أو ارتكاب التعذيب ض د د دددهم ،ومزجت بين االلتزامين من حيث التجريم والمس د د ددئولية
ومثال ذلك -:
الرأي الذي أص د دددرته اللجنة في الطعن رقم 30لس د ددنة 1978المقدم ض د ددد أورجواي
والمقدم في ش د د د ددأن واقعة اعتقال وتعذيب Eduardo Bleierواختفائه قسد د د ددرياً حيث
رأت اللجندة أن السد د د د د د ددلطدات في أورجواي تعدد ملزمدة بدالعددول عن انكدار هدذه الواقعدة
ووجوب التحقيق الجدي لكشدف مصدير هذا المذكور وتقديم األشدخاص الذين تورطوا
في عملية تعذيبه واختفائه إلي العدالة والتعهد باتخاذ االجراءات القانونية بعدم تكرار
th
Goar, 40 session, supp, No. 1985, annex x, poral.
112
()1
كما انتهت اللجنة في الطعن رقم ( )75لسد د د ددنة 1979 هذه االنتهاكات مسد د د ددتقبالً
إلي الرأي بأن تتخذ كولومبيا اإلجراءات الالزمة لتعديل القوانين االسد ددتثنائية لضد ددمان
كفالة الحق في الحياة وهو من أهم الحقوق التي ال يجوز المس دداس بها بدعوي وجود
ويظهر من هذه اآلراء مدي اختالط الحق في الحياة بالحق ()2
الظروف االسد د د ددتثنائية
في السد د د د د د ددالمدة الجسد د د د د د ددديدة وهو ذات اختالط اإلبدادة بدالتعدذيدب ويظهر ذلدك جليداً في
المسد د د دداءلة عن اإلعدام بال مبرر قانوني حيث تنعقد المسد د د ددئولية الفردية عن حوادث
اإلعددام بال مبرر قدانوني والتعدذيدب .كمدا اعتبرت مجموعدة العمدل الخداصد د د د د د ددة المعنية
بحاالت اإلختفاء القس د ددري( )3إن االختفاء في حد ذاته يعد نوعاً من أنواع التعذيب أو
المعامالت الالإنسانية Ispo facto torture arill treatmentذلك ان االعتقال
السري أو االختطاف يجعل المعتقل عرضة لصنوف شتي من العذاب واأللم النفسي
ولو لم يقع التعذيب المادي عليه فعالً ،هذا فض د د د د دالً عن المعاناة والتمزق النفسد د د د ددي
الذي يلحق بأسدرته وذويه نتيجة عدم معرفتهم مصدديره وما إذا كان حيا أو ميتاً وعدم
قددرتهم إثبدات واقعدة اعتقدالده أو اختفدائده والتي غدالبداً مدا تقدابدل بداإلنكدار أو التجداهدل من
وقد أنشددأت اللجنة نظام المقرر الخاص لحاالت اإلعدام ()4
جانب السددلطات الرسددمية
غير القد ددانوني واإلرهد دداق التعسد د د د د د ددفي لألرواو The special rapporteur on
( )1انظر Cmmunication No. 30/1978 – H.R.C selected decisions – p.p. (109) : (112) UN. Doc :
ccpR /C/OP/1.
( )2انظر المرجع السابق ص 117حيث جاء في رأي اللجنة إلي :
Inasmuch as the police action was made justifiable as matter of Colombia law by legislative
decree No. 0070 Januoly 1978, the right to life was not adequately protected by the low of
Colombia as required by article 6 (m).
The committee is accordingly of the view the state party should take the necessary measures
to ensures that the rights to life is duly protected by amenoling the low.
أنشئت هذه المجموعة المعنية بحاالت اإلختفاء القسري The working group. Or. Enforcedor involuntary ()3
disappearancesبموجب القرار رقم ( (xxxvl) )20في 1980/2/29وقد أنشأتها لجنة حقوق اإلنسان لتلقي الشكاوي
واستقصاء المعلومات حول حاالت االختفاء القسري.
انظر تقرير مجموعة العمل لسنة .1984 ()4
113
summary and arbitrary executionsويمكن تحديد مظاهر انتهاكات الحق
في الحياة كما توضح من تقارير المقرر الخاص إلي اللجنة ومن أهمها -:
▪ حاالت اإلعدام غير القانوني.
▪ حاالت الموت من أثر التعس د د ددف في اس د د ددتخدام القوة المميتة من جانب
السد د د ددلطة داخل الدولة السد د د دديما من رجال األمن بحجة تنفيذ القوانين أو
إخماد المظاهرات أو التصدي لإلضرابات.
▪ حاالت الموت الناجمة عن العنف المسد د د د د ددلح التي تمثل خرقاً التفاقيات
جنيف سنة .1949
▪ أعمال القتل التي ترتكب من س ددلطات الدولة ض ددد الخص ددوم الس ددياس دديين
أو المعارضين.
وإنده وإن كداندت اللجندة الددوليدة لحقوق اإلنسد د د د د د ددان في مجمدل آرائهدا قدد انتهدت إلي أن
االختفاء القس د د ددري هو إنتهاك مباش د د ددر لحق ذوي الض د د ددحية في معرفة مص د د دديره وحق
اإلنسددان في الحياة والسددالمة الشددخصددية بصددورة غير مباشدرة( )1فإن اللجنة األمريكية
لحقوق اإلنسدان قد ذهبت إلي اعتبار االختفاء القسدري ضدرباً من ضدروب المعامالت
القاسد د ددية والالإنسد د ددانية بالنسد د ددبة للمعتقل أو الضد د ددحية وهو نوع من التعذيب النفسد د ددي
بالنسد د د ددبة ألس د د ددرته وذويه .وهو ذات المنهج الذي انتهجته المحكمة األمريكية لحقوق
اإلنسد د د د د د ددان وبأن ذلك في العديد من الطعون الفردية التي فصد د د د د د ددلت فيها ومنها حكم
المحكمة في طعن Cruzض د ددد هندراوس س د ددنة 1989والخاص باختطاف المذكور
()2
واختفائه وتجهيل مصيره.
وقددد أدانددت المحكمددة هندددراوس في هددذه الدددعوي وكددان من أهم مددا جدداء في حيثيدات
حكمها و أن نظام الحماية الدولية لحقوق اإلنسددان يسددتند إلي فرضددية أسدداسددية مؤداها
( )2انظر Inter. American court of Human Right – series Decisions and Judg ments No. 5 :
Godinez Cruz. Case-Judgment of January, 20. 1989.
114
أن الدول هي مؤسد د دس د ددات لخدمة المجتمع واألفراد وليس العكس وبالتالي فإن س د ددعي
األفراد إلي طلدب الحمدايدة الددوليدة عنددمدا يقع انتهداك لحقوقهم المضد د د د د د ددموندة دوليداً ال
يمكن أن يشددكل موقفاً يوصددف بانعدام الوالء الوطني وإنما هو سددعي من أجل إعمال
قواع ددد الق ددانون والتظل ددل بحم ددايت دده من بع ددد أن أنكرت ه ددذه الحم دداي ددة علي الفرد علي
()1
المستوي الداخلي
ولمدا كدان الحق في الحيداة قدد وصد د د د د د ددف دون غيره بدأنده الحق الطبيعي )(Inherent
داللة علي س ددموه وقدس دديته حيث وص ددف بذلك الوص ددف في المواثيق الدولية العالمية
واإلقليمية كالعهد الدولي للحقوق المدنية والس ددياس ددية واالتفاقيتين األوروبية واألمريكية
ومن هنا كان البد من أن يؤكد القانون الدولي علي ضد د د د ددمانات ثابتة و ارسد د د د ددخة عند
سد د د د د د دلدب هدذا الحق بدالقدانون وذلدك لتدأمينده وحمدايتده حيدث ال يجوز التحلدل من ذلدك
إطالقاً خارج إطار القانون ومن ثم فإن الضد د ددمانات في شد د ددأن عقوبة اإلعدام The
Death Penaltyهي اعتبار القانون الدولي هذه العقوبة اسد د د ددتثناء يجب أال تطبق
إال في الظروف القهرية والخاص ددة وض ددد جرائم خطيرة ال يكفي الردع العام والخاص
حيث أن هناك ض د د د د ددمانات تتعلق بتحديد الجرائم التي ()2
فيه العقوبات المقيدة للحرية
يعاقب عليها باإلعدام وهناك ضد د د د د د ددمانات تتعلق بالحكم بهذه العقوبة الخطيرة وهناك
ضدمانات تتعلق بتنفيذ هذه العقوبة وقد أكدت اتفاقية الحقوق المدنية والسدياسدية علي
هذه الضمانات في المادة ( )6منها(.)1
The right to life in International low-Edited by B.G Ramcharan U.N. centre for Human
Rights, 1985-Martinus Nijhaff DORDRECT/BOSTON, LANCASTER.
للمزيد من التفصيل في الضمانات الدولية بالنسبة للحق في الحياة انظر :د .محمد مصطفي يونس معاملة المسجونين في ()1
ضنننوء مبادئ وقواعد القانون الدولي العام – دار النهضنننة العربية 1994ص 173وما بعدها د .سنننعيد فهيم خليل الضنننمانات
الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف االستثنائية – رسالة دكتوراة جامعة اإلسكندرية سنة 1994ص : 154ص .180
115
وبالرغم من أن األمم المتحدة قد أصددرت القرار رقم 133/47الصدادر من الجمعية
العامة في 1992/12/18والمتعلق بحماية جميع األش ددخاص من االختفاء القس ددري
الذي يعدم الحق في الحياة والحق في السد ددالمة الجسد دددية معاً وقد عبرت ديباجة هذا
القرار أن هذه الجرمية تعد بمثابة جريمة ضد د ددد اإلنسد د ددانية وال تتناسد د ددب مطلقاً مع ما
ترسخ من أعمق القيم رسوخاً في مجتمع ملتزم باحترام سيادة القانون وحقوق اإلنسان
والحريات األس د د د د دداس د د د د ددية وقد تض د د د د ددمن اإلعالن ( )21مادة دارت جميعها حول تأثيم
وتجريم أي عمل من أعمال االختفتاء القسري لألشخاص.
اما بالنسد د ددبة لحماية حق اإلنسد د ددان في الحياة علي المسد د ددتوي الوطني فإن مصد د ددر قد
احاط دس د د د د ددتورها الحالي الص د د د د ددادر في س د د د د ددنة 1971الحق في الحياة بس د د د د ددياج من
الضد ددمانات يضد ددمن إمكانية التمتع بهذا الحق وحمايته ثم توالت التش د دريعات الجنائية
كقانون العقوبات وقانون اإلجراءات الجنائية وغيرها من التشدريعات الجنائية الخاصة
تأكيد وترشديخ هذا الحق الذي هو أول وأعظم حقوق اإلنسدان ،وبالرغم من ذلك فإن
العبرة ليس د د ددت بالنص د د ددوص فحس د د ددب وإنما البد من أن يكون هناك تطابق بين النص
والتطبيق العلمي ألن وجود النص ال يكفي في ذاتدده لحمددايددة الحق في الحيدداة ومن
اهم الضدواهر الحديثة التي تنتهك الحق في الحياة في مصدر هاهرة االختفاء القسدري
التي تتعارض مع النصددوص الص دريحة للدسددتور في أن يبلغ كل من يقبض عليه أو
يعتقل بأسدباب القبض عليه أو اعتقاله فو اًر ويكون له حق اإلتصدال بمن يري إبالغه
علي وجه السد ددرعة بالتهم الموجهة إليه (مادة 71من الدسد ددتور) كما أوجب الدسد ددتور
تحريم احتجاز أي شد د د د د د ددخص في غير األماكن المصد د د د د د ددرو بها قانوناً (مادة 57من
الدس د د د ددتور) كم أكد قانون العقوبات المص د د د ددري الحالي علي تجريم هذه األفعال حيث
جرم احتجاز األشد د د د د د ددخاص بدون أمر من الجهة القضد د د د د د ددائية (مادة 280من قانون
العقوبدات) إال أنده وبدالرغم من من ذلدك فدإن هداهرة اإلختفداء القسد د د د د د ددري قدد برزت في
مصد د ددر علماً بأن معظم األشد د ددخاص المختفين قد ألقي القبض عليهم بواسد د ددطة رجال
116
()1
ومن ثم فدإنده ينبغي مبداحدث أمن الددولدة سد د د د د د دواء من مندازلهم أو من مقدار أعمدالهم
صدددور قانون يؤكد حماية جميع األشددخاص من االختفاء القسددري تمشددياً مع المبادن
واألهددداف الواردة بقرار الجمعيددة العددامددة رقم 133/47المعتمددد في 1992/12/18
مع ضددرورة تشددديد العقوبات علي كل فعل من أفعال االختفاء القسددري أو المسدداهمة
فيدده كمددا أندده يجددب علي ال نيددابددة العددامددة أن تبددت في البالغددات التي تقدددم لهددا عن
حاالت االختفاء القس ددري علي وجه الس ددرعة هذا باإلض ددافة إلي ض ددرورة نهوض و ازرة
الداخلية بدورها القانوني من حيث تمكين ذوي الشد د د ددأن من اإلطالع علي المعلومات
التي تخص المعتقل وسد د د د د ددبب اعتقاله واماكن اإليداع أو االحتجاز وإحالة الضد د د د د ددباط
الدذين يثبدت تورطهم في هدذه الجريمدة إلي النيدابدة العدامدة وعمومداً م ارعداة كدافدة قواعدد
معاملة السددجناء المعمول بها علي المسددتوي الدولي ونهوض األطباء داخل السددجون
المصرية بدورهم اإلنساني الخطير داخل المعتقالت والسجون.
وال شد د ددك في اهمية مواجهة هذه الجريمة التي تعضد د ددف بالحقي في الحياة والحق في
الس ددالمة الجس دددية ليس بالنس ددبة للمختفي قس درياً فحس ددب وال1ي يكون خارج الحماية
القانونية إذ تشد د ددكل هذه الظاهرة له نوعاً من التعذيب البدني والنفسد د ددي إذا هل يجهل
مص دديره وتتض دداءل لديه فرص ددة وجود من يمد له يد المس دداعدة بعد إقص ددائه عن دائرة
حماية القانون مما ينتهك حقه في السد ددالمة الجسد دددية قبيل انتهاك الحق في الحياة ،
هذا باإلضددافة إلي ذويه الذين يعانون طوال مدة اختفائه من آثار نفسددية تجرد الناس
من ص ددفاتهم اإلنس ددانية وتتأرجح أحاس دديس ددهم بين األمل واليأس الس دديما إذا ما طالت
بهم سدنوات االنتظار وهو نوع من التعذيب الذهني البطيء مؤداه عدم علمهم بما إذا
كان المختفي قسد د د د د درياً علي قيد الحياة أم ال وكثي اًر ما تتفاقم محنة األسد د د د د درة من وراء
الظروف االجتماعية والمادية والصحية التي تصاحب االختفاء مما يحفز الهمم نحو
وقد أورد مركز حقوق اإلنسان لمساعدة السجناء في مصر تقريره في 1998/8/15حول ظاهرة االختفاء القسري في مصر ()1
حيث حصر الحاالت المولقة من خالل التحقيقات التي تمت بالنيابة العامة حول ظاهرة اختفاء األشخاص محل الحصر ص
23 : 12من التقرير.
117
ضددرورة االضددطالع بدور هام في القضدداء علي هذه الظاهرة في مصددر والتي برزت
مع الظروف األمنية الطارئة التي تمر بها البالد.
ثانيا ً – الحق في السالمة الجسدية -:
يعتبر تندداول هددذه الحمددايددة في القوانين الددداخليددة هو المنطق السد د د د د د ددليم لألمور الددذي
يتماشي ومعطيات التاريخ إذ أن فكرة تجريم األفعال الماسة بالسالمة الجسدية نشأت
وازدهرت بددايدة في ريعدان القوانين الدداخليدة ثم تشد د د د د د دربدت تددريجيداً إلي نطداق القدانون
الدولي ثم ما لبث األمر إن انعكس بعد ذلك حيث أص د د د د ددبح القانون الدولي هو الذي
يؤثر في القوانين الدداخليدة ويغدذيهدا بكثير من المبدادن التي تحمي حقوق اإلنسد د د د د د ددان
وحرياته األسد د د دداسد د د ددية ،وليس أدل علي ذلك من ان دسد د د دداتير معظم الدول في العالم
تشد د د د د د ددير إلي المعد دداهد دددات واالتفد دداقيد ددات العد ددالميد ددة واإلقليميد ددة واإلعالند ددات والق اررات
والتوصد د د د د د دديات وغيرها وذلك من خالل مقد مات الدسد د د د د د دداتير أو ديباجتها أو مذكراتها
اإليض د د د د دداحية ،بل أن هذه الدول ملزمة بأال تخالف –فيما تص د د د د دددره من قوانين– ما
لألفراد من عسد د د د د د ددف الددول وتجني القوانين الدداخليدة أو ()1
دخلدت فيده من معداهددات
()2
القائمين عليها.
ومن هنددا كددان البددد أن نلج عتبددة القددانون الدددولي من خالل القوانين التي هي بنيتدده
األساسية ونواته األولي ولقد تناولنا ان رغبة لدي األفراد في أوروبا قد سيطرت للثورة
علي الظلم واالسد ددتبداد وقد تبلور هذا في فرنسد ددا مما اثمر الشد ددرعية الجنائية وانعكس
العمل بهذا المبدأ علي حقوق اإلنس ددان من ناحية حمايتها ال س دديما حق اإلنس ددان في
س ددالمتهى الجس دددية من ناحية األخذ بالمفهوم الحص ددري للجرائم تأس دديسد داً علي أنه ال
عقوبددة وال جريمددة بغير نص وقددد أخرج هددذه المفهوم كثي اًر من صد د د د د د ددور المس د د د د د د دداس
انظر د .عادل محمد عبد العزيز حمزة " الطبيعة القانونية لحقوق اإلنسننان" رسننالة دكتوراة جامعة عين شننمس سنننة 1990 ()1
ص 93وما بعدها.
انظر د .عزت سنننعد السنننيد البرعي " حماية حقوق اإلنسنننان في ظل التنظيم الدولي اإلقليمي" رسنننالة دكتوراة جامعة القاهرة ()2
انظر د .علي راشد " أصول القضاء الجنائي وتطوره في الفكر األوروبي" محاضرات لطلبة الدكتوراة جامعة عين شمس سنة ()3
( )1انظر GARRAUD, traite theoriquse et pratique du droit penal francais, T.5 3ed paris 1924 :
no. 1971, p. 304.
119
المادة الثانية منه علي أن لكل فرد الحق في الحياة والسدالمة الشدخصدية وحرية الفرد
مص ددونة ال تمس وال يمكن المس دداس بهذه الحقوق إال بناء علي قانون ( )2كما نص
الدس د ددتور البلجيكي الص د ددادر في 1972/2/10في المادة ( )7منه علي ان س د ددالمة
الشد د د ددخص مكفولة وحرمة الفرد الشد د د ددخصد د د ددية والعائلية مصد د د ددونة ال تمس .كما نص
الدسد د ددتور اإليطالي الصد د ددادر في عام 1948في المادة ( )13منه علي أن لكل فرد
الحق في الحرية الش د د ددخص د د ددية وال يجوز إيذاء المحبوس د د ددين بدنياً أو معنوياً ....كما
أوردت كل دس د د د د دداتير الدول األوروبية وخارج أوروبا نفس المعني ،فقد أكد دس د د د د ددتور
اإلتحاد السد ددوفيتي سد ددابقاً علي ان الحرمة الشد ددخصد ددية لمواطني اإلتحاد السد ددوفيتي –
مصد د د د د د ددونددة وال يجوز اعقتددال أحددد إال بقرار من المحكمددة أو بددامر من النيددابددة ،كمدا
نص د د ددت كافة الدس د د دداتير العربية علي حرمة جس د د ددد اإلنس د د ددان وعلي أرس د د ددها الدس د د ددتور
المص د ددري خالل تعديالته الس د ددابقة حتي دس د ددنور 1971الذي نص في المادة ()42
مندده علي أندده ال يجوز إذاء ك ارمددة اإلنس د د د د د د ددان في بدددندده أو معنويدداتدده حتي وإن كدان
مقبوضاً عليه.
كما نصد د ددت المادة ( )43منه علي منع إجراء تجارب طبية أو علمية علي اإلنسد د ددان
وقد سد دداقت الدول العربية هذه النصد ددوص إلي دسد دداتيرها حيث ()1
بغير رضد دداه الحر
نصددت المادة ( )239من الدسددتور العراقي علي حظر إيذاء متهم بدنياً أو معنوياً أو
نفسد د ددياً وكذلك الدسد د ددتور السد د ددوري الذي تنص المادة ( )3/10منه علي أنه ال يجوز
تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة ويحدد القانون عقاب ضددد كل من يفعل ذلك ،
كذلك المادة ( )34من الدسددتور الكويتي التي تنص علي حظر إيذاء المتهم بدنياً أو
نفسياً.
انظر د .حسن السمني " شرعية األدلة المستمدة من الوسائل العلمية" رسالة دكتوراة حقوق القاهرة سنة 1983ص 98 ()1
وما بعدها.
120
أمدا علي النطداق الددولي خالل الفترة المداضد د د د د د ديدة فدإن القدانون الددولي قدد تطور خالل
العصدور الوسدطي بسدبب انتشدار الدين المسديحي في أوروبا وما حمله هذا الدين من
إعالء لمبادن المسد د د دداواة ووجوب التحلي باألخالق ونبذ الحرب والحث علي الشد د د ددفقة
والرفق ،وكددذلددك ههور الدددين اإلسد د د د د د ددالمي الحنيف ومددا ورد في القرآن من مبددادن
كالعدالة والمسد د د د دداواة والتسد د د د ددامح واإلخاء في اإلنسد د د د ددانية والوفاء بالعهد فقد طبق ذلك
المسد د ددلمون األوائل أحسد د ددن تطبيق ،هذا باإلضد د ددافة إلي ههور العديد من الفالسد د ددفة
األفذاذ خالل هذه الحقبة ومن أش ددهرهم جروس دديوس ذلك العالم الهولندي الكبير الذي
وضع مؤلفه الشهير سنة 1625عن قانون الحرب والسلم(.)2
وقد بدأ القانون الدولي العام يتبلور في العصد د د ددر الحديث منذ إبرام معاهدة وسد د د ددتفاليا
سدنة 1649التي وضدعت حداً للحرب بين الكاثوليك والبروتسدتانت في أوروبا ثم لما
قامت الثورة الفرنسدية سدنة 1789أعلنت مبادن المسداواة والعدالة والحرية الشدخصدية
والتحرير من الرق ،وبعد القض دداء علي نابليون عقد مؤتمر فينا سد ددنة 1815والذي
أثمر معاهدة تحريم تجارة الرقيق ثم أنش ددئت بعذ ذلك عص ددبة األمم بمقتض ددي معاهدة
فرسداي سدنة 1919واتفاقية سدان فرانسديسدكو والتي بمقتضداها تم إنشداء منظمة األمم
المتحدة س ددنة 1945وهكذا بدأت حقوق اإلنس ددان تأخذ حظها علي المس ددتوي الدولي
تأكيداً وتطبيقاً وتدويناً وقد كان من الطبيعي أن يكون أهم هذه الحقوق اهتماماً الحق
في الحياة والحق في السالمة الجسدية وسوف نتعرض في األبواب التالية للضمانات
المكفولة علي المسد ددتوي الدولي لحماية حق اإلنسد ددان في السد ددالمة الجسد دددية والجرائم
التي تنتهك هذه الحق والمسئولية الدولية والشخصية عن حدوث هذا االنتهاك.
معنى حماية الحق فى السالمة الجسدية :
أوالً – معني الحماية
انظر د .حامد سلطان "القانون الدولي العام في وقت السلم سنة "1962ص ، 26د .عبد الواحد القادر ،د .عبد المعز ()2
نجم "القانون الدولي العام " ص 1998ص 19وما بعدها ،د .علي أبو هيف "القانون الدولي العام" ط 1975ص .56
121
حماية الس د د د د ددالمة الجس د د د د دددية تعني تجريم كل فعل أو امتناع يؤذي هذه الس د د د د ددالمة ،
والحماية تبتغي س د د ددير الحياة في جس د د ددم اإلنس د د ددان علي نحو طبيعي لما في ذلك من
()1
مصلحة أكيدة للفرد والمجتمع معاً وهذه المصلحة هي مناط الحماية.
والحماية بمعناها المتقدم تقتض د ددي أن يحتف اإلنس د ددان بتكامله الجس د دددي وأال يص د ددب
بألم بدني أو نفسي وسوف نوضح ذلك كاآلتي -:
-1االحتفاظ بالمستوي الصحي العام -:
وهو يعني أن يحتف اإلنس د د د ددان بس د د د ددير أعض د د د ددائه وأدائها لدورها كامالً دون خلل أو
انحراف أو عل ددل وه ددذا هو الح ددد األدني ال ددذي يعتبر أي فع ددل أو امتن دداع يقل ددل مندده
()2
مساساً بالحق في سالمة الجسد.
-2التكامل الجسدي -:
لمدا كانت أجهزة اإلنسد د د د د د ددان تعمدل في وحدة متنداغمدة ومعقددة في الترابط معداً فإن أي
مسداس بسدير هذه األعضداء أو أيا منها هو اعتداء علي الحق في السدالمة الجسددية
لإلنسد ددان ،علماً بأن أعضد دداء الجسد ددم تشد ددمل خاليا الجسد ددم بالمعني العام كما تشد ددمل
األعضد دداء التي تنقل إلي اإلنسد ددان من غيره أو األعضد دداء الصد ددناعية ما دامت تؤثر
في جسم اإلنسان إذ ال عبرة بالتقول بأنها غير أصلية في الجسم حيث أن كل عبث
بمادة الجس د د ددم علي نحو يخل بتماس د د ددك الخاليا أو يض د د ددعفها هو مس د د دداس بالحق في
السالمة الجسدية(.)1
انظر ()1
اتظر د .محمود نجيب حسني "الحماية الجنائية للحق في سالمة الجسد ومدي الحماية التي يكفلها له قانون العقوبات" ()1
وتنظر د .شفيق عبد الملك "علم تشريح جسم اإلنسان" الجزء األول – القاهرة سنة – 1959ص ، 221د .أحمد شرف الدين
"عناصر الضرر الجسدي وانتقال الحق في التعويض عنها إلي شخص غير المضرور" مجلة قضايا الحكومة ص 22العدد
األول يناير – مارس .1978ص 30وما بعدها ،د .محمد سامي الشوا – المرجع السابق ص 65وما بعدها.
انظر د .محمود نجيب حسن – المرجع السابق ذات الموضع. ()2
123
-4الراحة النفسية -:
لعل الس د ددالمة الجس د دددية وراحة الجس د ددد تكمن أصد ددالً في االحس د دداس بالراحة النفس د ددية
والذهنية ذلك أن إيذاء النفس هو في األصد ددل مسد دداس بسد ددالمة الجسد ددد كله وهو أبلغ
األخطار علي صددحة اإلنسددان وذلك ألن النشدداط النفسددي هو أبرز ما يميز اإلنسددان
()1
عن كل ما سواه من كائنات حية.
ومن هنا فغن من الخطورة بما كان أن تغفل التشدريعات الوطنية عن تجريم المسداس
بالراحة النفسية لإلنسان.
ثانيا ً – فكرة الحق -:
لما كانت الحماية تنصد ددب علي الحق في سد ددالمة الجسد ددد ،فقد كان لزاماً أن نتعرف
في ذاته فيما يتعلق بالسالمة الجسدية. ()2
علي الحق
وقد تعرضد ددت فكرة الحق لإلنكار من جانب بعض الفقهاء وعلي أرسد ددهم الفقيه ديجي
الذي آمن بالمنهاج العلمي الذي ال يقتنع إال بالمشداهدة والتجربة وقد أنكر هذا الفقيه
فكرة الحق لعدم جدواها في رأيه إذ إنها من جهة نظره ليسد ددت إال القاعدة تطبق علي
األفراد فتعرض عليهم واجبات فيوجد األرفاد آنئذ في مراكز قانونية سد د دواء كانت هذه
المراكز إيجابية أم س د د ددلبية ..لكن هذا الرأي منتقد وغير راجح ألنه ترس د د ددم منهجا ال
يصد ددلح إال في العلوم التجريبية ،أما العلوم اإلنسد ددانية ومنها القانون فال يحكم عليها
بقانون التجربة والمشدداهدة ،هذا باإلضددافة إلي أن فكرة المراكز القانونية وما يقابلهل
من الواجدب واإللتزام تقتضد د د د د د ددي تلقدائيداً العودة إلي ذات فكرة الحق ممدا يعني أن هدذه
الفكرة غير قابلة لإلنكار.
انظر الكسنننيس كاريل "اإلنسنننان ذلك المجهول" تعريب شنننفيق أسنننعد فرد – مؤسنننسنننة دار المعارف ببيروت – ص 140وما ()1
بعدها.
انظر بالتفصيل د .حسن كيره " المدخل إلي القانون" ط 1971منشأة المعارف باألسكندرية ص 130وما بعدها ،د. ()2
حمدي عبد الرحمن "فكرة الحق" ط – 1979القاهرة ص 18ولذات المؤلف "معصومية الجسد" مجلة العلوم القانونية
واالقتصادية يناير ،يوليو سنة 1981العدد األول والثاني س .22
124
وإزاء وجود فكرة الحق فقد لزم تعريفها ،وقد تناول تعريح الحق عدة اتجاهات فقهية
مختلفة.
فقد ذهب اإلتجاه الش د د د ددخص د د د ددي والذي يتزعمه األلماني عمانويل كانت إلي أن الحق
موجود ما دامت س د د ددلطة اإلرادة موجودة .ولكن هذا اإلتجاه منتقد من حيث أن هناك
حقوقاً موجودة وثابتة ومسد د ددتقرة ألصد د ددحابها رغم أنهم ال إرادة لهم كعديمي األهلية أو
األجنة ،مثل هؤالء لهم حقوق وال إ اردة لهم(.)1
وإزاء القصدور الذي انتاب اإلتجاه الشدخصدي فقد بز اإلتجاه الموضدوعي الذي يربط
الحق بالمصد د د د ددلحة ويعرف الحق علي أنه مصد د د د ددلحة يحميها القانون ،وقد تزعم هذا
إال أن هذا اإلتجاه منتقد ألنه يعتبر المصددلحة جوهر ()2
اإلتجاه الفقيه األلماني هونج
الحق وأس د د د دداس وجوده في كل األحيان بالرغم من أنه قد توجد المص د د د ددلحة أحياناً وال
()3
حق.
وقد برز اتجاه ثالث يمزج بين االتجاهين الشدخصدي والموضدوعي أن يخلط بين فكرة
اإلرادة كأسد دداس لإلتجاه الشد ددخصد ددي وفكرة المصد ددلحة كأسد دداس لإلتجاه الموضد ددوعي ،
ولكن االنتقدادات التي وجهدت إلي اإلتجداهين السد د د د د د ددابقين هي بدذاتهدا وجهدت إليده ألنه
من نتائجهما.
انظر Kant Immanuel, the phlasbhu of low, Translated by v.Hastie 1977 p.34-35 ()1
انظر أستاذنا الدكتور جميل الشرقاوي "دروس في أصول القانون" ط 1972القاهرة ص .279 ()2
125
أما اإلتجاه الحديث فقد عرف الحق بأنه -:
تلك الرابطة القانونية التي بمقتضد دداها يخول القانون شد ددخصد داً من األشد ددخاص سد ددلطة
علي س د ددبيل اإلنفراد واالس د ددتئثار والتس د ددلط علي س د دديء ما أو اقتض د دداء أداء معين من
()1
شخص آخر.
ولعدل هدذا التعريح األخير هو الدذي يرجح علي االتجداهدات السد د د د د د ددابقدة ألنده يفسد د د د د د ددر
استئثار اإلنسان بقيمة السالمة الجسدية وحمايتها من كافة صنوف اإلعتداء ،ولكن
هذا الحق له وهيفة اجتماعية هي مص ددلحة المجتمع ومن هنا فإن لإلنس ددان حق في
حماية س ددالمته الجس دددية وللمجتمع مص ددلحة في حماية أفراده من المس دداس بهم حتي
()2
من أنفسهم.
ثالثا ً – محل الحماية -:
محل هو اإلنسد ددان بمادته وروحه ،إذ أن الجانب المادي هو جسد ددم اإلنس ددان
من حيث أعض دداء هذا الجس ددم ،والجانب النفس ددي يش ددير إلي كيان اإلنس ددان وش ددعوره
ومعنوياته ،وسدوف نتعرض للجانبين المادي والنفسدي من جسدم اإلنسدان علي النحو
التالي -:
-1الجانب المادي من جسم اإلنسان -:
يطلق لف الجس د د ددم علي مجموعة األعض د د دداء التي يش د د ددملها حيث تتكون هذه
األعض د دداء من أنس د ددجة وتتكون األخيرة بدروها من خاليا حيث أن الخلية هي الوحدة
األساسية في جسم اإلنسان.
انظر د .نعمات جمعه "دروس في نظرية الحق" ط 1973القاهرة ص ، 51وانظر كذلك د .فاروق عبد الرلوف عبد العزيز ()2
انظر د .شنننفيق عبد الملك "علم تشنننريح اإلنسنننان" – المرجع السنننابق ص 1وما بعدها د .محمد عبد العزيز سنننيف النصنننر ()1
وانظر كنذلنك في عرض اآلراء التي قبلنت في حمناينة األطراف الصننننننن ننناعينة :د .عوض محمند "جرائم األشننننننن نخناص واألموال" دار
المطبوعات الجامعية االسكندرية 1984ص 137وما بعدها.
وانظر د .محمد زين العابدين طاهر "مدي حق اإلنسننان في سننالمة أعضننائه في الشننريعة اإلسننالمية والقونون الوضننعي" رسننالة
ماجسننتير – كلية الشننريعة والقانون جامعة األزهر .ولذات المؤلف "نطاق الحماية الجنائية لعمليات زرك األعضنناء في الشننريعة
اإلسنننننالمية والقانون الوضنننننعي" رسنننننالة دكتوراة كلية الشنننننريعة والقانون – جامعة األزهر \ .1986وانظر كذلك د .محمود علي
السنننرطاوي "زرك األعضننناء في الشنننريعة اإلسنننالمية" مجلة دراسنننات الجامعة األردنية – عمان المجلد 11تشنننرين األول 1984
العدد .3
127
-2الجانب النفسي لإلنسان -:
إن أهم ما يميز اإلنسد د ددان ويؤكد وجوده هو نشد د دداطه النفسد د ددي وانفعاالته وإدراكه ،وال
شددك أنه ثمة عالقة بين النشدداطين المادي والنفسددي لإلنسددان ومحور النشدداط النفسددي
في اإلنسد ددان هي الشد ددخصد ددية ،والشد ددخصد ددية هي تكوين مجمل يتضد ددمن الخصد ددائص
()1
الجسيمة واألفكار والدوافع واالنفعاالت واالهتمامات واالتجاهات وما شابه ذلك.
وللشخصية سمات خاصة تميزها عما عداها وهي أربع -:
-1أنها وحدة متكاملة متفاعلة يؤثر بعضها في اآلخر.
-2أنها تنطوي علي مكونات بيولوجية عضوية ونفسية واجتماعية.
-3أن أي اضطراب في جانب منها يؤثر في الجانب اآلخر.
-4أن لكل فرد ذاتية خاصة يستقل بها ويتميز بها عن غيره.
ومن خالل السددمات السددالفة يتضددح أن مكونات الشددخصددية تقطع في التأثير التبادلي
الفعال بين الجانب العضد د ددوي والنفسد د ددي من جسد د ددم اإلنسد د ددان إذ أن الجهاز العضد د ددلي
والجهاز الغددي والجهاز العص د د د ددبي كلها تلعب دو اًر هاماً في الس د د د ددلوك المص د د د دداحب
()2
للنشاط النفسي لجسم اإلنسان.
أما عن المكونات النفسددية للشددخصددية والتي تحدد نوعية السددلوك الذي يأتيه اإلنسددان
من حيددث االسد د د د د د ددتواء أو اإلنحراف فددإن هددذه المكونددات عبددارة عن قوي ثالث يطلق
عليهددا الددذات البدددائيددة ،والددذات ،والددذات العليددا .فددالددذات البدددائيددة هي التي يحكمهددا
قانون اللذة كطبيعة حيوانية لإلنس د د ددان ومن هنا فهي تحكم األطفال ومن حكمها .أما
الدذات أو األندا فهي تولدد من الدذات البددائيدة ولكن من خاللهدا يتحول اإلنسد د د د د د ددان إلي
كدائن اجتمداعي فدأمدا الدذات العليدا فهي إرتقداء للدذات أو واألنداو وهي تتكون عن طريق
انظر د .محمد عبد العزيز القوصي " علم النفس" دار النهضة العربية ط 1978ص 275وما بعدها. ()2
128
معطيات الفرد ومكتسدباته من الخبرة والتربية ،وحرية ما يتشدربه اإلنسدان من معايير
()1
خلقية.
-3التأثير التبادلي بين الجانبين المادي والنفسي في جسم اإلنسان -:
يعد االنفعال داللة واضد د د د د ددحة أكيدة علي مدي تأثير وتأثر كل من النشد د د د د دداط المادي
والنفسدي لجسدم اإلنسدان في بعضدهما البعض ،وقد يكون اإلنفعال داخلياً يمس الفرد
فقط وقد يخرج اإلنفعال في صددورة سددلوك حركي وقد يكون فسدديولوجياً ،واألخير هو
()2
الذي يؤثر علي أداء أعضاء جسم اإلنسان لوهائفها علي النحو العادي.
ومن األمثلة علي أعراض الجسمانية والفسيولوجية التي تصاحب االنفعال :
-1ضغط الدم وتوزيعه -:
حيث أن االنفعال يؤدي إلي ارتفاع ضد د د ددغط الدم وتغير توزيعه بين سد د د ددطح الجسد د د ددم
وداخله.
-2سرعة ضربات القلب -:
حيث تزداد في حالة االنفعال من 150 : 72ضربة في الدقيقة الواحدة.
-3حجم اتساع حدقة العين -:
حيث تتسع في حاالت السرور والهدوء وتضيق في حاالت االضطراب.
-4جفاف الفم والحلق -:
وذلك في حاالت األلم واالزعاج حيث يؤدي إلي اضطراب انفعالي في سيل اللعاب.
-5حركة المعدة واألمعاء -:
حيث من الممكن أن يصاب اإلنسان باإلمساك أو اإلسهال من شدة االنفعال.
-6تأثير االنفعال في كيمياء الدم -:
انظر ألكسنننننننيس كاريل – المرجع السنننننننابق ذات الموضنننننننع ،وانظر كذلك د .عبدالرحمن عيسنننننننوي "علم النفس في الحياة ()1
129
حيث ثبت من تحليل الدم في حاالت االنفعال أن هناك تغي اًر في منس د د د ددوب الس د د د ددكر
واالدرايثلين وغيرها من العناصر .
والنتيجة أن جسم اإلنسان وحدة واحدة ،أي مساس بجزء منه في أي جانب منه هو
()1
مساس بالجسم كله وهو اعتداء علي سالمة الجسم كله.
رابعا – نطاق الحماية -:
تددور الحمدايدة مع الحق وجوداً وعددمداً فحيثمدا يوجدد الحق تكون الحمدايدة ،فمتي تبددأ
هذه الحماية ومتي تنتهي؟
-1بداية الحماية -:
تختلف الشرائع الوطنية في توقيت بداية الحماية القانونية للحق في السالمة الجسدية
لإلنسددان .ففي التش دريع الفرنسددي ال يشددترط أن تبدأ الحماية ببداية الوالدة التامة وإنما
يمكن أن تأتي لحظة بداية الوضد د ددع باألمة حتي تنشد د ددأ الحماية القانونية ومن ثم فإذا
كدان هنداك عددوان علي الطفدل حتي ولم يخرج إلي الددنيدا عوقدب الجداني بداعتبداره قدد
اعت دددي علي طف ددل ح دددي ددث الوالدة وهو م ددا نهج دده التشد د د د د د دريع البلجيكي أم ددا الق ددانون
األنجلوسد د ددكوني فقد سد د ددار علي عكس ما تقدم فقد اسد د ددتلزم خروج الجنين حياً وبحالة
كاملة من رحم أمه حتي تبدأ الحماية القانونية له كإنسان.
وقد سد د ددار الفقه المصد د ددري علي منوال التشد د دريع الفرنسد د ددي في تحديد – بداية الحماية
()2
القانونية.
والخالص د د ددة أنه مع الميالد تكون الجريمة اعتداء علي إنس د د ددان وقبل ذلك هي جريمة
االجهاض أو شدروع فيه .وإن كانت التشدريعات الوطنية لم تحسدم هذا األمر مما يعد
ثغرة خطيرة في ثوب الحماية القانونية في حق اإلنسددان في الحياة وحقه في السددالمة
الجس د د د دددية ،ومما يظهر – علي الجانب اآلخر – عظمة الش د د د دريعة اإلس د د د ددالمية في
انظر د .محمد سامي السيد شوا – المرجع السابق ص 84وما بعدها. ()1
انظر د .محمد سامي السيد شوا – المرجع السابق ص 84وما بعدها. ()2
130
تح دددي ددد لحظ ددة الحم دداي ددة من ت دداريخ نفخ الروو في الجنين والتي تب دددأ طبق داً للح دددي ددث
الشدريح بعد مائة وعشدرين يوم من الحمل طبقاً لما رواه اوب مسدعود رضدي هللا عنه
قال :حدثنا رس د ددول هللا ص د ددل هللا عليه وس د ددلم قال و إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن
امه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضد د د د د ددغة مثل ذلك ثم يبعث
()1
هللا ملكاً فيؤمر برزقه وأجله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الرووو.
ويختلف القانون المدني عن القانون الجنائي في تحديد بداية الحماية حيثص أنها ال
تبدأ في هل القانون إال مع بداية الش د ددخص د ددية القانونية والتي ال تبدأ بدورها إال بتمام
()2
الميالد (م 29مدني مصري)
-2نهاية الحماية -:
تنتهي الحماية القانونية لإلنسدان بنهاية شدخصديته القانونية والتي تنتهي بموته .حيث
أنه بالموت ال يعتبر اإلنسد د ددان في نظر انسد د دداناً (م 2/29مدني مصد د ددري) وإن كانت
جثته تخضع لحماية من نوع جديد هي حماية الحرمات أي حماية جثث الموتي.
ولكن يمكن أن يقال أن اإلنسان قد مات ()3؟
هناك معايير عدة قيل بها لتحديد لحظة الوفاة نعرضها بإيجاز كاآلتي -:
أوالً – المعيار التقليدي -:
ووفقاً لهذا المعيار يموت اإلنس ددان إذا توقف القلب والرئتان عن العمل أي إذا توقفت
الدورة الدموية والجهاز التنفسي عن عملهما.
وقد أخذ علي هذا المعيار ما يلي -:
انظر د .هاللي عبد الاله أحمد " حقوق الطفولة في الشريعة اإلسالمية مقارنة بالقانون الوضعي " رسالة دكتوراة كلية ()1
131
-1عددمدة الددقدة ،ألن القلدب قدد يتوقف بصد د د د د د ددورة مؤقتدة ،وبتددليكده يعود إلي
الحياة والعمل السيما في هل اكتشاف وسائل حديثة وعديدة لإلنعاش.
-2إن توقف القل ددب ال يعبر عن موت حقيقي في ك ددل األحوال ب ددل ق ددد يكون
عالمددة علي موت هدداهري طددالمددا أن هندداك خاليددا حيددة ممددا يعني إمكددان
إعادة الحياة إلي القلب.
-3قد يكون اإلنس د ددان مات موتاً حقيقاً رغم بقاء القلب والجهاز التنفس د ددي أحياء
وذلك بموت خاليا المخ.
-4أخي اًر نعي علي هددذا المعيددار أندده يقف حجر عثرة في طريق التقدددم العلمي
إذ أنه ال يمكن نقل قلب من إنس د د ددان ميت إلي حي إال إذا كانت خاليا هذا
القلب حية وباتباع هذا المعيار ال يمكن الحصول علي قلب حي.
وهو ما أخذ به التشريع األسباني رقم 426الصادر في 1980/2/22م ومزيداً من التشريعات األخري مشار إليها في ()1
انظر في عرض وشنرح هذه العناصنر الثاللة تفصنيالً ،د .سنامي الشنوا – المرجع السنابق من ص 149حتي ص ، 161د ()2
أحمد أحمد علي ناصنف – المرجع السنابق من ص ، 39 : 26د .عصنام محمد أحمد "النظرية العامة للحق في سنالمة الجسنم"
رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة ص 212وما بعدها.
133
داخل المجتمع ،فللفرد أال تتعطل وهائف الحياة في جسد د د د ددده ،وله أن يحتف بمادة
جسددمه ،وله أن يتحرر من كافة اآلالم البدنية والنفسددية ولكن كل أولئك ال يمنع من
االعتراف بدالقيمدة االجتمداعيدة لهدذا الحق ،تلدك القيمدة التي أحداطدت الفرد بدالحمدايدة
الالزمة.
واالعتراف بالصفة االجتماعية لحق اإلنسان في سالمة جسده هو الذي خول الشارع
انتهاك هذا الحق لعلو مص د د د د د ددلحة المجتمع علي مص د د د د د ددلحة الفرد كما هو الحال في
إجبار الفرد علي التطعيم ض ددد األمراض المعدية وما تفرض دده دول العالم المتقدم من
فرض فحوص طبي ددة علي راغبي الزواج تجنبد داً لخلق جي ددل مريض من األطف ددال ،
وكذلك ما تفرض د د د د دده س د د د د ددلطات المجتمع من بعض االنتهاكات الص د د د د ددارخة للحق في
الس ددالمة الجس دددية من أجل كش ددف الحقيقة بحجة أن مص ددلحة المجتمع في الوص ددول
إلي الحقيقة أس د د د د ددمي من مص د د د د ددلحة الفرد في حماية س د د د د ددالمته الجس د د د د دددية وحقه في
الخص د د د د د ددوص د د د د د ددية كما ان هناك دوالً أخري قد اهانت كرامة اإلنس د د د د د ددان بحجة الدفاع
االجتماعي ض ددد الجريمة عن طريق فرض عقك إجباري ض ددد عتاة المجرمين للش ددك
فيما ينجبون من نسددل فيما ينشددأ في كنفهم من أطفال لما للوراثة والبيئة من آثار في
()1
تربية وتنشئة الصغار.
ب -التنســــيق بين الجانب الفردي واالجتماعي للحق في الســــالمة
الجسدية -:
انتهينا إلي أنه وإن كان لإلنس د د ددان حق في س د د ددالمة جس د د ددده فإن للمجتمع حق ارتفاق
علي ذاتدالجسد د د د د د ددد ،وهو حق مقرر لمصد د د د د د ددلحدة المجموع ،ولكن معيدار التفرقدة بين
انظر د .عدنان عبد الحميد زيدان "ضمانات المتهم واألساليب الحديثة للكشف عن الجريمة" رسالة دكتوراة – كلية الحقوق ()1
القاهرة سنة .. 1983ومن الدول التي أخذت بالتعقيم الوقائي هي ألمانيا والسويد والنرويج والواليات المتحدة األمريكية .انظر
في تفصيل ذلك د .سامي الشوا – المرجع السابق ص 209وما بعدها وسوف نتعرض لهذه الجريمة في الباب الثالث من
الدراسة.
134
الجانبين الفردي واالجتماعي وصدوالً إلي التنسديق بينهما كان محل خالف فقهي وقد
أسس كل فريق التناسق بين الجانبين علي أساس مختلف.
وسوف نوضح هذا األساس كما يلي -:
-1فكرة اآلداب الحسنة Ursseomles Bonnes
ومضددمون هذه الفكرة باختصددار أن كل فعل يمثل عدواناً علي حق الفرد في سددالمته
الجسدية وعلي حق المجتمع في سالمة أفراده هو ذلك الفعل الذي يتعارض مع فكرة
اآلداب الحسد ددنة وإال فال شد ددأن للمجتمع في ذلك .وهي فكرة من ابتداع الفقه األلماني
،وهذه الفكرة منتقدة علي أس دداس كونها غامض ددة وغير حاس ددمة وغير دقيقة كما أنها
تسد د د ددتند إلي ما سد د د دداد الفقه األلماني من مصد د د ددطلحات كالباعث أو الغرض وكالهما
كذلك محل انتقاد ،ومن ثم فقد باتت فكرة اآلداب الحسد د د ددنة غير قادرة علي تفسد د د ددير
صد د د ددلة الجانب الفردي والجانب االجتماعي للحق في سد د د ددالمة الجسد د د ددم وصد د د دوالً إلي
()1
التنسيق بينهما.
-2فكرة المصلحة االجتماعية المباشرة -:
تخلص هذه الفكرة في أن المس دداس بالس ددالمة الجس دددية إذا تعلق بمص ددلحة اجتماعية
مباشد د د د ددرة كان عمالً غير مش د د د د ددروع حتي ولو تم برض د د د د ددا المجني عليه ،إال أن هذا
المعيار وبرغم بسد د دداطته فهو منتقد لغموضد د دده ،ولعدم دقته ألنه يعتمد علي جسد د ددلمة
()2
االعتداء.
-3فكرة الوظيفة االجتماعية -:
ومضمون هذه الفكرة أن لإلنسان وهيفة اجتماعية تتطلب صيانة جسده وضمان حد
أدني من الحماية يكفل أداء اإلنسد د ددان لهذه الوهيفة ويتأسد د ددس التنسد د دديق بين الجانبين
انظر في تفصنيل االنتقادات التي وجهت إلي فكرة اآلداب الحسننة ،د .محمود نجيب حسنني – المرجع السنابق – ص 538 ()1
135
الفردي واالجتماعي للحق في السالمة الجسدية بناءاً علي هذه النظرية علي ان أداء
()1
الوهيفة اإلجتماعية يتطلب سالمة الجسد بما للمجتمع من حق ارتفاق عليه.
ويعتبر هذا المعيار هو األرجح من حيث الدقة والحسد ددم ومن حيث كونه مع التحليل
الددقيق لإلنسد د د د د د ددان وطبيعتده بداعتبداره كدائنداً فرديداً وهو في ذات الوقدت كدائن اجتمداعي
()2
فهو كائن فردي ألنه شيء في ذاته ولذاته وبذاته وهو كائن اجتماعي ألنه بأقرانه.
وخالصة القول :أن الحق في سالمة الجسم بمثابة مصلحة مزدوجة يحميها الشارع
للحفا علي أداء اإلنسد د ددان لوهائفه وملكاته في الحياة بصد د ددورة عادية وهو من زاوية
أخري مرتبط بالحفا علي كيان المجتمع.
حماية الحق فى سالمة الجسم فى إطار القانون الدولى :
لم تتضح معالم القانون الدولي لحقوق اإلنسان إال بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء
منظمدة األمم المتحددة التي تمدت الموافقدة علي ميثداقهدا في 26يونيده سد د د د د د دندة 1945
حيث كان من المس د ددتحيل تجاهل ازدراء حقوق اإلنس د ددان والالمباالة بها الس د دديما إزاء
األعمددال البربريددة والوحشد د د د د د ديددة التي نتجددت عن الحرب العدداليمددة الثددانيددة حيددث بدددأت
ديباجة ميثاق األمم المتحدة بعبارة:
ونحن شددعوب األمم المتحدة وقد آلينا علي أنفسددنا أن ننقذ األجيال المقبلة من ويالت
الحروب التي جلبددت علي اإلنس د د د د د د ددانيددة مرتين خالل جيددل واحددد أح ازنداً يعجز عنهددا
الوصف وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق األساسية لإلنسان وبكرامة الفرد وقيمتهو
وإنه وإن كان هناك بعض المعاهدات التي قص دددت حماية حقوق اإلنس ددان قبل األمم
المتحدة إبان عصد د د ددبة األمم المتحدة لضد د د ددمان حقوق األقليات وتأكيد حماية سد د د ددكان
األقاليم التي خضد ددعت لإلنتداب وحرمة اإلنسد ددانية كما تصد دددي القانون الدولي لتجارة
انظر د .محمود نجيب حسني "شرح قانون العقوبات" القسم الخاص ص 427وما بعدها دار النهضة العربية سنة 1981 ()2
وقد رجح سيادته فكرة الوظيفة االجتماعية كمعيار للتنسيق بين الجانب الفردي واالجتماعي في سالمة الجسد.
136
الرقيق وعقدت مكافحة الرق سد د د د د د ددنة 1926إال أنه لم تكن هناك د ارسد د د د د د ددات قانونية
تحليلة عن حقوق اإلنسان قبل إنشاء األمم المتحدة.
أما بخص د د د د ددوص الحق في الس د د د د ددالمة الجس د د د د دددية فإن أهم وأخطر الجرائم التي كانت
تعص د د د ددف بهذا الحق هي جريمة التعذيب تلك الجريمة التي هي موغلة في القدم منذ
عصد ددور اإلغريق والرومان ،بل أنها حتي القرن الثالث عشد ددر كانت طقوس د داً عادية
إلثبدات أو نفي الجرائم ،كمدا أن اإلكراه البددني كدان وسد د د د د د دديلدة من وسد د د د د د ددائدل التحقيق
القدانوني حتي منتصد د د د د د ددف القرن المداضد د د د د د ددي ولم تزل من أوروبدا إال في نهدايدة القرن
الماضي ثم ما لبثت أن أطلت برأسها في ثالثينيات هذا القرن في عهد الحكم النازي
في ألمدداني حيددث أجري التعددذيددب حتي الموت في التحقيقددات حتي أقر ميثدداق األمم
المتحدة وأخذت هذه الهيئة علي كاهلها حماية حقوق اإلنسدان وأخذ تطور آلياتها في
سبيل تحقيق هذه الحماية علي النحو التالي -:
أ -نظام التقارير -:
وهو الخطوة األولي في مجد ددال رقد ددابد ددة األمم المتحد دددة وإللزام الد دددول بم ارعد دداة حقوق
اإلنس ددان ويقوم هذا النظام علي حق لجنة حقوق اإلنس ددان التابعة للجمعية العامة في
مراقبة السد ددلوك الصد ددادر من الدول ومن احترامها لإلتفاقيات الدولة وقد سد ددارت علي
ذلك ()1
هذا النهج اتفاقية الحقوق المدنية والس د ددياس د ددية وغيرها من االتفاقيات األخري.
أنه بعد ص دددور اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان عام 1948ص دددر عهدان دوليان
عام 1966هما العهد الدولي للحقوق المدنية والس د د د د د ددياس د د د د د ددية والعهد الدولي للحقوق
االقتصد د د د د ددادية واالجتماعية والثقافية وهما يلزمان الدول التي صد د د د د دددقت عليهما والتي
بلغت عام )137( 1996دولة صدقت علي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
وبمقتضد د ددي هذا اإلنضد د ددمام تقدم الدول تقارير مبدئية ودورية إلي لجنة تعرف باللجنة
المعنية بالحقوق المدنية والسددياسددية وهي لجنة منتخبة من خبراء مرشددحين من جانب
()1
Dpo/1290 – 93064 – November 1992 6M – Ipeprint – 68066 – February 1993 10M
137
الحكومات التي صدددقت علي العهد الدولي وتتضددمن هذه التقارير اإلطار الدسددتوري
والقانوني للدولة مقدمة التقرير والذي يتم من خالله مباش درة الحقوق والحريات وكذلك
الممارسد ددات الفعلية للسد ددلطات داخل الدولة من حيث تطبيق النصد ددوص والضد ددمانات
الالزمة لمباشد درة هذه الحقوق علي أرض الواقع كما تتضد ددمن التقارير أحكام القضد دداء
التي تسد ددتند إلي العهد الدولي وفي نهاية الحوار الذي يتم بين ممثل الدولة وأعضد دداء
اللجنددة تبدددي اللجنددة وجهددة نظرهددا ومالحظدداتهددا عن مدددي التزام الدددولددة بتطبيق مواد
العهد الدولي.
ويعتبر نظ ددام التق ددارير هو من أهم األنظم ددة التي يعم ددل به ددا في معظم االتف دداقي ددات
الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان والتي تنص علي آلية محددة لمراقبة التطبيق.
()1
وسوف نقف –تفصيال -علي دور هذه اآللية في حماية الحق في السالمة الجسدية وذلك في الباب الثاني من هذه ()1
الدراسة.
138
في 138قض د د د د ددية ذكرت أنها فحص د د د د ددت 106حالة أدينت فيه الدول بانتهاك العهد
()1
الدولي.
انظر التقارير السنوية للجنة الدولية لحقوق اإلنسان المنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من سنة 1986 ()1
حتي 1997وسنننوف نقف علي نظام الشنننكاوي الفردية من حيث شنننروط ومراحل نظر الشنننكاوي وكيفية بحث الشنننكاوي وكيفية
توصنيل وجهة نظر اللجنة في الشنكوي ) (VIEWOإلي الدول األطراف وذلك في الباب الثاني من هذه الدراسنة ص 123وما
بعدها.
139
هدذا كلده بداإلضد د د د د د ددافدة إلي العدديدد من الوسد د د د د د ددائدل األخري التي تملكهدا األمم المتحددة
واألجهزة اإلقليمية غير الحكومية والمجتمع الدولي كله في س د د د د د ددبيل تأكيد وترس د د د د د دديخ
حماية حقوق اإلنسددان بصددفة عامة وحقه في السددالمة الجسدددية بصددفة خاصددة ،وال
شدك أن حماية حقوق اإلنسدان تسدتلزم مزيداً من الوسدائل الناجحة والحاسدمة والسدريعة
والمزيد من التنسد د د دديق بين الجهات المختلفة لعدم إضد د د دداعة الوقت مما يؤثر بصد د د ددورة
()1
خطيرة علي حقوق اإلنسان المقول بانتهاكها.
اإلتجاه األول -:االتجاه الذي يري إقرار الشريعة للتعذيب في بعض الظروف
وقدد ذهدب هدذا االتجداه إلي أنده يمكن أن يكون التعدذيدب الزمدا في حداالت معيندة وهي
حيث يعذب لجبره ()2
حاالت كون المتهمين معروفين بالفجور وليس د د دوا من األسد د ددوياء
علي االعتراف بجريمته وإن كان أنصد د د د د ددار هذا االتجاه قد اختلفوا في جواز التعذيب
إلي ثالث ددة آراء :حي ددث انتهي الرأي األول وهو رأي األغلبي ددة إلي جواز التع ددذي ددب
لكشف الحقيقة واستندوا إلي ما ثبت في الصحيح من أن النبي عليه الصالة والسالم
أمر الزبير بن العوام أن يمس ابن أبي الحقيقدة (وكدان من المعداهددين) بدالعدذاب لمدا
وسوف نعرض تفصيال للجانب التطبيقي لحماية في السالمة الجسدية وآليات هذه الحماية في الباب التالي. ()1
انظر في هذا التقسيم األشباه والنظائر البن نجم المرجع السابق ص ، 178تبصرة الحكام البن فرحون المرجع السابق ()2
الجزء الثاني ص ، 158الطرق الحكمية البن القيم الجوزية المرجع السابق ص 109حيث قسم هذا االتجاه المتهمين إلي
لاللة انواك :متهم مشهور عنه الصالح والتقوي وليس من أهل التهمة فهذا ال يعذب ،ومتهم مجهول الحال ال يعرف إن كان
تقياً أو صالحاً وهذا يحبس بدون إهانة أو تعذيب حتي ينكشف حاله ،متهم فاجر مشهور بارتكاب المعاصي كالقتل
140
كتم أخباره عن النبي عليه الصدالة والسدالم في أمر المال الذي عادهم عليه وقال له
النبي عليه الس د ددالم أين كنز حيي ابن أخطب فقال يا محمد أنفذته النفقات والحروب
فقال المال كثير والمسد د ددألة أقرب ثم قال للزبير دونك هذا فمسد د دده بشد د دديء من العذاب
ذهدب الرأي الثداني إلي عددم جواز ضد د د د د د ددرب المتهم أو تعدذيبده ()1
فددلهم علي المدال.
أما الرأي الثالث فقد ذهب إلي عدم جواز ()2
وإنما الجائز حبس د دده حتي ينص د ددلح حاله
()3
حبس المتهم وال استخدام الحيلة معه لالعتراف وعدم جواز التعذيب.
المرجع السابق ذات الموضع وانظر في تفصيل ذلك د .طارق رخا "تحريم التعذيب" المرجع السابق ص 395وما بعدها. ()3
انظر تبصرة الحكام البن فرحون المرجع السابق ص 140وما بعدها. ()1
141
-3م ددا حكي عن القي دده أبي بكر األعض أن الم دددعي علي دده إذا غل ددب الظن علي
()3
كونه سارق وكان من الفجرة جاز تعذيبه وإهانته.
-4ما حدث في واقعة حديث االفك حيث اسد د د ددتثار النبي علياً رضد د د ددي هللا عنه في
إض درار الجارية فض دربها علي ولكنها لم إال خي اًر في حق السدديدة عائشددة رضددي
()4
هللا عنها بما يعني جواز الضرب لإلقرار بسيء ما.
خالصة هذا اإلتجاه -:
أنه وإن كان هذا اإلتجاه من أجاز التعذيب أو غيره من ضدروب المعاملة القاسدية أو
المهينة إال أنه قيد ذلك بامور غاية في األهمية وهي -:
أ -أنه قصد د ددر هذه الوسد د دديلة علي المتهم المعروف بالفجور وإرتكاب المعاصد د ددي
والجرائم.
ب -أنه لم يقر إال وس دديلة واحدة فقط في التعذيب وهي الض ددرب بالس ددوط الذي ال
يقطع لحماً وال يكسر عظماً.
ج -أن القصد د د د د د ددد من الضد د د د د د ددرب لددي هدذا اإلتجداه هو حمدل المتهم علي اإلقرار
الص د د ددحيح فقط أما إذا أقر المتهم لوقف الض د د ددرب فيه علي غير الحقيقة فال
يعول علي هدذا اإلقرار مطلقداً .وقدد أوضد د د د د د ددح ذلدك جليداً المداوردي رحمده هللا
تعالي في قوله :
ويجوز لألمير مع قوة التهمة أن يضرب المتهم ضرب التعزيز ال ضرب الجد ليأخذه
بالصدددق عن حاله فيما اتهم فيه ،فإن أقر وهو مضددروب اعتبرت حاله فيما ضددرب
عليه ،فإن ضددرب ليقر لم يكن ألق ارره تحت الضددرب حكم وإن ضددرب ليصدددق عنه
حاله وأقر تحت الض ددرب قطع ضد دربه واس ددتعيد إق ارره فإن أعاده كان مأخوذاً باإلقرار
142
الثاني دون األول ،فإن اقتصد ددر علي اإلقرار األول ولم يسد ددتعده لم يضد دديق عليه أن
()1
يعمل باإلقرار األول وإن كرهناو
ورغم عرض اإلمام الماوردي لجواز ضد ددرب المتهم بالشد ددروط واألوصد دداف التي بينها
رحمده هللا وفي هروف خداصد د د د د د ددة بمتهمين فجدار إال أنده اختتم أريده بمدا مؤداه كراهيته
لهذا المسلك.
اإلتجاه الثاني -:وهو تحريم التعذيب في الشريعة اإلسالمية مطلقا ً
انتهي هددذا اإلتجدداه إلي تحريم التعددذيددب مطلقداً واسد د د د د د دتدددل علي ذلددك بددأدلددة قويددة من
الكتاب والسددنة ومواقف الصددحابة رضددي هللا عنهم ومن المذاهب الفقهية .فقد اسددتدل
علي تحريم التعذيب من الكتاب بأن هللا تعالي كرم بني آدم ،واإلهانة عكس التكريم
،ولما كان التعذيب أبش د د ددع ألوان اإلهانة فهو حرام وفيه مخالفة لمقص د د ددود هللا تعالي
في قول دده و ولق ددد كرمن ددا بني آدم وحملن دداهم في البر والبحر ورزقن دداهم من الطيب ددات
وفضد د د ددلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضد د د دديالًو ()2كما اسد د د ددتدل هذا االتجاه من الكتاب
بقوله تعالي و الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتس د د د د ددبوا فقد احتملوا بهتاناً
واألذي في هدذه اآليدة هو مطلق األذي ألن كدل أذي في الجملدة حرام ()3
وإثمداً مبينداًو
وأخطر أنواع األذي التعذيب الجسدي أو النفسي لإلنسان.
وما أكثر األدلة من الس د ددنة النبوية في التدليل علي تحريم التعذيب مطلقاً حيث يقول
وروي أن رجالً من أحبار ()1
عليه الص ددالة والس ددالم وال يحل لمس ددلم أن يروع مس ددلماًو
اليهود أقرض النبي عليه الصد د ددالة والسد د ددالم قرض د د داً وجاء للمطالبة بدين فلم يحسد د ددن
الطلددب وتعددامددل مع النبي في أفعددال وأقوال غير الئقددة فقددام إليدده عمر بن الخطدداب
سورة األحزاب اآلية رقم . 58وقد فسر هذه اآلية علي هذا النحو اإلمام القرطبي في الجامع ألحكام القرآن المرجع السابق ()3
ص .240
كنز العمال في سنن األقوال واألفعال لعالء الدين الهندي جن 16ص 11مؤسسة الرسالة – بيروت .1979 ()1
143
رضد د د د ددي هللا عنه لمنعه بقوة عما يفعله من غلظة وسد د د د ددوء أدب مع رسد د د د ددول هللا فقال
الرسول عليه الصالة والسالم و يا عمر أنا وهو كنا أحوج إلي غير هذا ،أن تأمرني
بحسددن األداء وتأمره بحسددن الطلب .أذهب يا عمر فأعطه حقه وزده عشدرين صدداعاً
()2
من تمر بسبب ما روعتهو
وكذلك اسد ددتند هذا اإلتجاه من السد ددنة النبوية إلي قوله عليه السد ددالم و ال يشد ددر أحدكم
إلي أخيه بالسد د د د د د ددالو فإنه ال يدري لعل الشد د د د د د دديطان ينتزع من يده فيقع في حفرة من
وكذلك ما روي عنه عليه الس ددالم أنه قال و أن هللا يعذب الذي يعذبون الناس ()3
نارو
و وقوله عليه السد ددالم و بحسد ددب امرن من الشد ددر أن يحقر أخاه المسد ددلم . ()4
في الدنيا
كل المسد د ددلم علي المسد د ددلم حرام دمه وماله وعرضد د دده()5و وقوله عليه السد د ددالم وسد د ددباب
المسلم فسوق وقتاله كفر()6و
انظر في هذا تفصنننننيال فضنننننيلة الشنننننيخ محمد الغزالي "حقوق اإلنسنننننان بين تعاليم اإلسنننننالم واعالن األمم المتحدة المرجع ()2
السابق.
رواه مسلم ج 4المرجع السابق ص 2020 ()3
144
أما أدلة تحريم التعذيب من مواقف الصحابة -:
وقد عرضد ددنا في مصد ددادر الحق في السد ددالمة الجسد دددية في الشد دريعة اإلسد ددالمية لقول
عمر بن الخطداب عنددمدا وقف خطيبداً في النداس فقدال و يدا أيهدا النداس أني وهللا مدا
أرسد د د د ددل إليكم عماالً ليض د د د د دربوا أبشد د د د دداركم وال ليأخذوا أموالكم .ولكن ليعلموكم دينكم
وس د ددنتكم فمن فعل به س د ددوي ذلك فليرفعه لي فوالذي نفس د ددي بيده ألقص د دده منه .فوثب
عمرو بن العاص فقال ولو أدب الوالي أحد رعيته يا أمير المؤمنين أكنت مقتص د د د د د داً
منه ؟ قال نعم والذي نفسي بيده ألقتصن منه .وكيف ال أقتص منه وقد رأيت رسول
هللا صد د ددلي هللا عليه وسد د ددلم ل يقتص من نفسد د دده فال تضد د دربوا الملسد د ددمسد د ددن فتذلوهم()1و
وقدروي عن عمر بن الخطاب أيض د د د د د ددا قوله و ليس الرجل بمأمون علي نفس د د د د د دده إن
كما روي عن محمد بن اس د د ددحق ()2
أجعته أو أخفته أو حبس د د ددته أن يقر علي نفس د د ددهو
الزهري أنه قال و أتي طارق بالش د ددام برجل قد أخذ في تهمة س د ددرقة فضد ددربه فأقر بها
فبعث به إلي عبد هللا بن عمر رضد د د د د ددي هللا عنهما يسد د د د د ددأله عن ذلك فقال عمر و ال
وروي أن عامالً لعمر بن عبد العزيز كتب له ()3
يقطع فإنه إنما أقر بعد ضدربه إياهو
يسد د د د د د دتدأذنده في تعدذيدب من ال يددفعون الخراج فكتدب إليده عمر بن عبدد العزيز قدائالً و
هللا لئن العجب في اسد ددتئذانك إياي في عذاب البشد ددر كأني جنة لك من عذاب هللا
وقدد روي أن عمر بن عبدد العزيز ()4
بلغوا هللا بخطدايداهم أحدب إلي من ألقداه بعدذابهم.
س ددأل كعب القرطبي فقال :ص ددف لي العدل فقال و كل مس ددلم أكبر منك س ددناً كن له
ولداً وعاقب كل مجرم علي قدر جرمه وإياك أن تض د ددرب مس د ددلماً س د ددوطاً واحداً علي
حقد منك فإن ذلك يصد دديرك إلي النارو( .)1وقد روي عن عثمان بن عفان رضد ددي هللا
الطبقات الكبري البن سعد ج 3ص ، 253السياسة الشرعية البن تيمية المرجع السابق ص 161 ()1
اإلمام الغزالي ،التبر المسبوك ص 28مشار إليه في المرجع السابق للدكتور طارق رخا ص .409 ()1
145
عنده أنده قدال في كتدابده إلي جميع األمص د د د د د د ددار ورفع إلي أهدل المدديندة أن أقوامداً من
عمالي يش ددتمون ويضددربون فمن ادعي ش دديئاً من ذلك فليأخذ حقه كان سددواء مني أو
()2
من عمالي أو تصدقوا إن هللا يجزي المتصدقينو
وكذلك روي عن علي رضد ددي هللا عنه وكرم هللا وجهه أن قال و ال يحل االمتهان في
شدديء من األشددياء بضددرب أو سددجن وال بتهديد ألنه لم يوجب ذلك قرآن وال سددنة وال
()3
إجماعو
وخالصنننة أقوال وأفعال الصنننحابة أنها تجمع علي إحترام الذات البشد درية وتغلي
عقاب من يهدر كرامة اإلنسد د د د د د ددان ،وإهدار كل قول وإلقرار ناشد د د د د د دديء عن تعذيب ،
وإعالم العامة بحقهم في القصدداص من كل موهف عام في الدولة اإلسددالمية اعتدي
علي أي إنسدان سدواء كان العدوان بالتعذيب أو بغيره من صدنوف اإلهانة او التحقير
كالسب مثالً أو القذف.
أدلة تحريم التعذيب في المذاهب الفقهية -:
اتجه أصد ددحاب المذهب الحنفي إلي تحريم التعذيب وتحريم اللجوء إليه وكذلك تحريم
()4
التهديد أو التخويح وقد نصحوا الحكام بذلك.
أما المذهب المالكي ففيه رأيان أحدهما لس د د د د ددحنون وهو يري أنه يجوز تعذيب المتهم
الذي اش ددتهر إجرامه وعص دديانه وفجوره لحمله علي االعتراف أما اإلمام مالك رض ددي
()5
وأما الشافعية :فقد اتجهت إلي هللا عنه فال يجيز الضرب أو التعذيب في المتهم.
عددم مؤاخدذة العدامدل إن أهدان أحدداً إال إذا تجداوز األمر هدذه األمر الصد د د د د د ددغيرة وذلدك
استناداً لقوله عليه السالم و أقيلوا ذوي الهيئات من عثراتهم إال الحدودو والعثرات هي
الشهيد سيد قطب "كتال هذا الدين " ط دار الشروق القاهرة 1965ص .85 ()2
146
()1
وقد الصدغائر التي ال حد فيها ويجوز للمسدلمين أن يتعافوا فيها وال يؤاخذوا عليها.
منع الظاهرية التعذيب وحرموه مطلقاً فعن شدريح قال و السدجن كره والوعيد كره والقيد
()2
وقال أبو محمد رحمه هللا و كل ما كان ضدر اًر في جسدم أو مال كره والضدرب كرهو
أو توعد به المرء في ابنه أو أبيه أو أهله أو أخيه المسد د ددلم فهو كره لقوله صد د ددلي هللا
عليه وسد د ددلم وأخو المسد د ددلم ال يظلمه وال يسد د ددلمهو ولما روينا عن سد د دديدنا البخاري عن
س د د دديدنا يحي عن ش د د ددعبة عن قتادة عن أنس عن النبي عليه الس د د ددالم قال و ال يؤمن
وقد أفتي اإلمام أحمد بن حنبل رضدي هللا ()3
أحكم حتي يحب ألخيه ما يحب لنفسدهو
عنه بان العبد يصبح ح اًر تلقائياً وبدون حاجة إلي حكم إذا عذبه سيده.
()4
147
كنت أحد رجلين ،رجل جهل فعلم أو أخطأ فعفي عنه .فقال له عمر صدددقت دونك
()2
فامتثل أي فاقتص.
كما نفذ عمر بن الخطاب القصدداص في ابن عمر بن العاص رضددي هللا عنه عندما
كما عرض النبي عليه السددالم القصدداص من ()3
اعتدي علي صددبي من أقباط مصددر
نفسد د د د دده لكل من يري أن له حقاً عند رسد د د د ددول هللا صد د د د ددلي هللا عليه وسد د د د ددلم( .)4وليس
للموهف العام أن يتذرع بالطاعة لرئيسد د د د د د دده في إنفاذ التعذيب حيث ال طاعة إال في
معروف لقوله عليه السد ددالم و إنما الطاعة في المعروف()5و وقوله عيه السد ددالم و إنما
الطداعدة حق مدا لم يؤمر بمعصد د د د د د ديدةو( )6أيضد د د د د د ددا و ال طداعدة لمخلوق في معصد د د د د د ددية
الخالق()7و
وقد أجمع جمهور الفقهاء علي أن الحاكم إن فسق وهلم بان ضرب األبشار وارتكب
()8
المظالم وأهان الحقوق اإلنسانية وجب عزله.
ب -إبطال اإلقرارات أو اإلعترافات التي تمت تحت وطأة التعذيب -:
لما كان التعذيب صددورة من صددور اإلكراه سدواء كان تعذيباً جسدددياً أو نفسددياً ولما كا
اإلكراه يتعددارض مع حريددة االختيددار ومن ثم فددإن اإلكراه والتعددذيددب ال يعول علي مدا
()1
ويس د د د ددتمد الفقهاء يص د د د دددر من اإلنس د د د ددان تحت وطأته وبعدم ترتيب أي أثر عليه.
دليلهم في ذلك من قول النبي عليه السد د د د د د ددالم ورفع عن أمتي الخطأ والنسد د د د د د دديان وما
انظر د .محمد كامل ياقوت "الشخصية الدولية في القانون العام " رسالة دكتوراة جامعة القاهرة سنة 1970ص 467ود. ()8
طارق رخا "تحريم التعذيب " المرجع السابق ص ،784د .عبد العزيز سرحان "اإلطار القانوني لحقوق اإلنسان" المرجع
السابق ص ، 78محمد ضياء الدين الريث "النظريات السياسية اإلسالمية" دار التراث ط 7سنة 1979
انظر البدائع المرجع السننابق ص ، 189المغني المرجع السننابق ج 8ص ، 196تبين الحقائق البن قدامه المرجع السننابق ()1
ص .201
148
اسد د د د ددتكرهوا عليهو ومن تطبيقات ذلك :من أقر بسد د د د ددرقة تحت التهديد أو العذاب فال
()2
ولو ضد ددرب رجل ليقر قطع عليه أحضد ددر السد ددرقة أو لم يحضد ددرها ويسد ددقط إق ارره،
بالزنا فال حد عليه ألنه مع اإلكراه يغلب الظن أن المقر قصد ددد دفع الضد ددرر ومن ثم
()3
فيبتعد هن الصدق عنه فال يقبل إق ارره.
بل أنه حتي مع وجود جس د ددم الجريمة كالس د دديء المس د ددروق أو القتيل فال يعول – مع
()4
ذلك – علي االعتراف أو اإلقرار الذي يتم تحت التهديد أو التعذيب.
جـ -تعويض من وقع عليه التعذيب -:
أقرت الشد دريعة اإلسد ددالمية تعويض الواقع عليه التعذيب أو التهديد أو الفزع فإن أدي
إلي ذلك إلي الموت وجب الضد د د ددمان حيث أرسد د د ددل عمر بن الخطاب في طلب امرأة
حامل ففزعت من طلب عمر لها فأس ددقطت جنينها فأوجب علي لها عليه الض ددمان ،
كما أمر النبي عليه الس د د د د ددالم عمر أن يعوض اليهودي الذي أغل لرس د د د د ددول هللا في
الطلب وتجاوز حدود األدب معه حي أمر عمر بن الخطاب أن يعوض د د دده عن فزعه
()5
وتهديده بعشرين صاعاً من تمر جزاء ما روعه هذا باإلضافة إلي تعويضه معنوياً
حيث نص ددح عمر بأن يأمر المدين بحس ددن األداء وينص ددح الدائن بحس ددن الطلب وقد
قال أبو حنيفة والشدافعي أنه إذا ضدرب السدلطان رجالً للتأديب فمات بسدبب الضدرب
وسددوف نتعرض للتعذيب ()1
وجب عليه الضددمان حيث أنه تجاوز فأفضددي إلي التلف
وآثره على الحق فى سد ددالمة الجسد ددم والكيان اآلدمى فيما بعد أنظر الباب الثالث من
هذا لمؤلف هام
رابعا ً – الحق في المساوات وعدم التمييال -:
البدائع ج 7ص ، 305المهذب ج 2ص ، 289المبسنننننوط المرجع السنننننابق ص 13والمغني ج 8ص ، 327نيل األوطار ()1
وقد اكد اإلسد د ددالم علي وحدة النشد د ددأة والخلق واألخوة في اإلنسد د ددانية فقال تعالي :و ايا
س اوا ِح د اد ٍة او اخال اق ِم ْن اه دا ازْو اج اه دا اواب د َّث ِم ْنه امدا
أايُّ اه دا النَّ داس اتَّقوا اربَّكم الَّ د ِذي اخالاقكم ِم ْن انْف ٍ
ْ ْ
()3
ان اعال ْيك ْم ارِقيباًو ون ِب ِه اواأل ْار اح اام ِإ َّن َّ
َّللاا اك ا اءل ا
ِرجاالً اكِثي اًر وِنساء واتَّقوا َّ َّ ِ
َّللاا الذي تاتا اس ا ا ا ً ا ا
وأكد ذلك النبي عليه الصد ددالة والسد ددالم في قوله و الناس سد دواسد ددية كأسد ددنان المشد ددطو
()1
وقوله عليه السالم و كلكم آلدم وآدم من ترابو.
وعندما جاء النبي عليه السد د ددالم أحد الناس يشد د ددفع في إمراة من بني مخزوم سد د ددرقت
فقال عليه الس ددالم و إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا س ددرق فيهم الشد دريح تركوه وإذا
150
سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ،وأيم هللا لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع
()2
محمد يدهاو.
القضد د د د د د دداء الخدالددة إلي وقدد طبق الفداروق عمر بن الخطداب هدذا المبددأ في رسد د د د د د ددالدة
يف حتَّى ال ييأاس ِ اس ِفي مجلِ ِسد دك وج ِ القاض ددي وهو يقول له و سد د ِو اب ْي ان النَّ ِ
ضد دع ٌ
اْ ا ا ا اه اك اْ ا اا ا
يح ِفي اح ْي ِف اك و. ِم ْن اع ْدلِ اك ,اوال اي ْ
ط امع اش ِر ٌ
ولقد أكد اإلس د ددالم فكرة المس د دداواة حتي بين رس د ددالت الس د ددماء وأنبياء هللا تعالي وجعل
اإليمان بها كلها ش ددرطاً إلس ددالم المس ددلم وإيمان المؤمن واعتبرها وحدة واحدة متفاعلة
صد ْي انا ِب ِه
صدى ِب ِه نوحاً اوالَّ ِذي أ ْاو اح ْي انا ِإال ْي اك او اما او َّ ين اما او َّ فقال تعالي و اشدرع الكم ِمن ِ
الد ِ اا ْ ْ
ِ ِ و()3 ِ اهيم وموسى و ِعيسى أ ْ ِ ِ ِ
ين اوال تاتاافرَّقوا فيه ان أاقيموا الد ا إ ْب ار ا ا ا ا ا
ِ نزل ِإالينا وما أ ِ ِ ِ ِ وقوله تعالي و قولوا آمنَّا ِب َّ ِ
يل اوإِ ْس دد اح اقيم اوإِ ْس دد اماع انزال إالى إ ْب اراه ا اَّلل او اما أ ِ ا ْ ا ا ا ا
ون ِم ْن ارب ِ ِ
ِه ْم ال نافرِق اب ْي ان وب اواألا ْس د اباط او اما أوِت اي مو اس دى او ِعي اس دى او اما أوِت اي النَِّبيُّ ا اواي ْعق ا
نزل ِإالي ِه ِمن رب ِ أ ٍ
ِه الرسد د د د دول ِب اما أ ِ ا ْ ْ ا آم ان َّ و تعالي وقوله احد ِم ْنه ْم اوان ْحن اله م ْسد د د د دلِم ا
ونو
()3
ا ا
اح ٍد ِم ْن رسد د د د دلِ ِه اواقالوا ِِ ِ ِ ِِ
اَّلل او امالئ اكته اوكتِبه اورسد د د د دله ال نافرِق اب ْي ان أ ا
واْلمؤ ِمنون ك ٌّل آمن ِب َّ ِ
اا ا ْ ا
صد د د ديرو( )4كما أكد الدين اإلس د د ددالمي علي ذلك طع انا غْفراانك رب اَّنا وِإاليك اْلم ِ ِ
ا ا ا ا ْا ا اسد د د دم ْع انا اوأا ا ْ
المبدأ في المس د دداواة في إحترام األديان الس د ددماوية واألنبياء وتقديرهم واإليمان واإليمان
بتكاملهم بقوله تعالي و ِإ َّن الَّ ِذين آمنوا والَّ ِذين هادوا والنَّصد د ددارض وال َّ ِ
آم انين ام ْن ا صد د دداِبئ ا ا ا ا ا ا ا ا ا ا
ف اعال ْي ِه ْم اجرهم ِع ْن اد ارب ِ اآلخ ِر وع ِمل صالِحاً وع ِمل ِ اَّللِ واْليو ِم ِ
ِه ْم اوال اخ ْو ٌ صالحاً افاله ْم أ ْ ْ
اا ا ا اا ا ا ِب َّ ا ا ْ
()1
ون و
اوال ه ْم اي ْح ازن ا
151
وهكذا أزال اإلسد د د ددالم نعرة التمايز والتفاخر والتعالي التي علت علي لسد د د ددان الديانات
الس د د ددابقة كاليهود إذا قالوا و نحن أبناء هللا وأحباؤهو وهكذا غيرهم حيث قطع في زوال
أس ددباب االمتياز والتفاض ددل إال بالتقوي والعمل الص ددالح فقط دون أي س ددبب آخر قائم
علي عرق أو لون وجنس أو غيره .ولقد أقام اٌسد د ددالم المسد د دداواة علي قواعد ثابتة حتي
بين الحاكم والمحكوم إذ الحاكم يطاع إذا أحس د ددن وأص د دداب فقط وليس له أية س د ددلطة
دينيددة وعالقددة الفرد بره ال ش د د د د د د ددأن ألحددد بهددا حدداكمداً كددان أو محكومداً .أمددا بين أفراد
المجتمع فالمسد د دداواة تعني أعطاء الجميع فرصد د داً متسد د دداوية وترك الكل حسد د ددب ملكاته
وإبددداعدده وكددذلددك التزام الجميع بددذات الواجب ددات مدداداموا في ذات المراكز الق ددانونيددة.
اء ََِّّللِ اوال ْو ام ِ ِ ِ
ين باْلق ْس دط ش د اه اد ا
ِ
آمنوا كونوا اق َّو ا ين ا
وتجلي ذلك في قوله تعالي و يا أاي َّ ِ
ُّها الذ اا ا
ِين ِإ ْن ايك ْن اغِنيداً أ ْاو اف ِقي اًر افد َّ
اَّلل أ ْاوالى ِب ِه امدا افال تاتَِّبعوا ِ ِ
اعالى أانفسد د د د د د دك ْم أ ْاو اْل اوالد اد ْي ِن اواألاْق ارب ا
ون اخِبي اًرو( )2ومن هنا فقد ِ
ان ِب اما تا ْع امل ا ِن اتْلووا أ ْاو ت ْع ِرضوا افِإ َّن َّ
َّللاا اك ا ان تا ْعدلوا اوإ ْ اْل اه اوض أ ْ
عالج اإلس ددالم مش ددكلة خطيرة س ددادت في ش ددبه الجزيرة العربية والعالم كله آنذاك وهي
ما يسد ددمس بالتفرقة العنص د درية مثل التفرقة بين السد ددادة والعبيد أو بين لون و لون أو
جنس وجنس أو عرق وعرق أو دين و دين أو طائفة وطائفة وقضد د د د ددي عليها تماماً.
آيات القرآن الكريم في نفي التفرقة بين ش د د د ددرفاء مكة وفقرائها ونفي التفرقة في الخلقة
بين بش د د ددر وبش د د ددر ونفي التفرقة علي أس د د دداس اللون وقد التطبيق ذلك في نفي التفرقة
علي أسداس الدين في واقعة عمر بن العاص مع أحد المسديحيين في مصدر .وكذلك
ومن أهم مظاهر المسدداواة في الفكر ()1
انعدام التفرقة علي أسدداس النوع ذكر أ أنثي.
الوضددعي والمسدداواة أمام القانون والمسدداواة أمام القضدداء والمسدداواة في تولي الوهائف
انظر د .محمد فتحي عثمان (حقوق اإلنسننان بين الشننريعة اإلسننالمية والفكر القانوني الغربي) دار الشننروق – بيروت سنننة ()1
1982ص .128ود .عبد الواحد الفار (قانون حقوق اإلنسنننان بين الفكر الوضنننعي والشنننريعة اإلسنننالمية المرجع السنننابق ص
207وما بعدها ،د .محمد يوسننف علوان (حقوق اإلنسننان في ضننوء القوانين الوطنية والمواليق الدولية) المرجع السننابق ص
، 314د .أنس جعفر (دراسات في حقوق اإلنسان) ص 208ص 117وما بعدها.
152
العامة والمسد دداواة في حق اإلنتخاب والترشد دديح والمسد دداواة في االنتفاع بالمرافق العامة
المسد دداواة في األجر عند ذات العمل والمسد دداواة في األعباء الض د دريبية وغير ذلك من
األوجه ولقد أوض د د د د د ددح ذلك ميثاق األمم المتحدة إذ أش د د د د د ددار في ديباجته ( ما للرجال
والنس دداء واألمم كبيرها وص ددغيرها من حقوق متس دداوية) ثم أوردت المواد /13 ، 3/1أ
،ب /55 ،ج /76 ،ج فقد أكدت علي حظر التمييز ألي سدبب مثل العرق أو الدين
أو الجنس أو اللغة .ولقد أكد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس د د د ددان س د د د ددنة 1948علي
المس د دداواة وحظر التمييز في المادة الثانية منه والتي نص د ددت علي ( لكل إنس د ددان حق
التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا اإلعالن دون تمييز بسد د ددبب العنصد د ددر
أو اللون أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر أو األصل الوطني أو
اإلجتماعي أو الثروة أو الميالد أو أي وض ددع آخر) كما نص ددت المادة ( )7من ذات
اإلعالن علي أن (الناس جميعاً س ددواء اما القانون دون تمييز كما يتسد دداوون في حق
التمتع بدالحمدايدة من أي تمميز ينتهدك هدذا اإلعالن ومن أي تحريض علي مثدل هدذا
التمييز) وهو ما أكده العهد الدولي للحقوق المدنية والس د د د ددياس د د د ددية .إذ نص د د د ددت المادة
( )26منه علي أن (جميع الناس متسد د د دداوون أمام القانون ويتمتعون دون تمييز بحق
متس د د دداو في التمتع بحمايته) ويحظر القانون في هذا المجال أي تمييز ويكفل لجميع
األشد د د ددخاص علي الس د د ددواء حماية فعالة من التمييز ألي سد د د ددبب كالعرق أو اللون أو
الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السد د د د د د ددياسد د د د د د ددي أو غيره من األصد د د د د د ددل القومي أو
االجتماعي أو الثروة أو النس د د ددب أو غير ذلك من األس د د ددباب) ولقد س د د ددارت علي هذا
النحو كافة اعالنات واتفاقيات منع التمييز مثل اإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنس د د د د ددان
سد د ددنة 1969وعلي المسد د ددتوي العالمي اإلتفاقية الدولية للقضد د دداء علي جميع أشد د ددكال
التمييز العنصري.
154
اإلتفداقيدة السد د د د د د ددابقدة (وال حداجدة لده وال مبرر بعدد بلو األهدداف التي إتخدذ هدذا التمييز
من أجله ددا) أي أن تكون ه ددذه الت دددابير لفترة إنتق ددالي ددة مؤقت ددة به دددف إح ددداث وإقرار
المساواة التي ال تعني المساواة الواقعية أو الفعلية ( بين الرجل والمرأة) ولكن المساواة
تتحقق طالما هناك تكافؤ في الفرص والمعاملة (م.)1/4
وفي هدذا اإلطدار أو *** اإلتفداقيدة الددوليدة للقضد د د د د د دداء علي جميع أشد د د د د د دكدال التمييز
العنصد د د د د د ددري من خالل م 2/2منها علي الدول األطراف في هذه اإلتفاقية أن تبادر
عند اقتض د د دداء الظروف بإتخاذ الخاص د د ددة والملموس د د ددة الالزمة في الميدان اإلجتماعي
والميدان الثاقافي والميادين األخري لتأمين النماء الكافي والحماية الكافية للمجموعات
سالفة الذكر.
155
والممارس ددات الش ددبيهة بالرق س ددنة 1956والتي دخلت حيز النفاذ س ددنة 1957عدداً
من الممدارس د د د د د د ددات واألعراف والتقداليدد الشد د د د د د ددبيهدة بدالرق مثدل الوعدد بتزويج المراة أو
تزويجهدا فعالً دون أن تملدك حق الرفض ولقداء بددل مدالي أو عيني يددفع ألبويهدا أو
للعرض عليها أو ألسدرتها أو ألي شدخص آخر أو أية مجموعة أشدخاص أخري لقاء
ثمن أو عوض آخر وكدذلدك تحريج جعدل المراة إرثداً عندد وفداة زوجهدا تنتقدل منده إلي
أحد أقاربه كما اعتمدت منظمة المل الدولية عدداً كبي اًر من االتفاقيات بخصد د د د د د ددوص
حظر التمييز بين الجنس د ددين مثل اتفاقية المس د دداواة في األجور بين العمال والعامالت
*** تس د د د د دداوي قيمة العمل س د د د د ددنة 1951والتي دخلت حيز التنفيذ 1957واتفاقية
حظر التمييز في مجال العمل أو المهنة عام 1958والتي دخلت حيز التنفيذ سد د ددنة
1960واتفداقيدة تكدافؤ الفرص والمسد د د د د د دداواة في المعداملدة للجنسد د د د د د ددين من العمدال عدام
1981والتي بمقتضد د د د دداها ال يجوز أن تكون األعباء العائلية في ذاتها سد د د د ددبباً مقبوالً
()1
إلنهاء الخدمة.
كمددا اعتمدددت منظمددة األمم المتحدددة للتربيددة والعلوم والثقددافددة (اليونيسد د د د د د ددكو) اتفدداقيددة
مكافحة التمييز في التعليم والتي دخلت حيز التنفيذ سدنة 1962حيث تعهدت الدول
بموجدب هدذه اإلتفداقيدة بددعم تكدافؤ الفرص والمسد د د د د د دداواة في المعداملدة في مجدال التعليم
وحظر حرمان الش د ددخص أو الجماعة من اإللتحاق بالتعليم مهما كان نوعه ومس د ددتواه
وحظر حص ددر أي ش ددخص أو جماعة في مس ددتوي أدني من التعليم وحظر إنش دداء أو
إبقاء منظمة أو مؤس د دسد ددات تعليمية منفصد ددلة ألشد ددخاص معينين أو لجماعات معينة
كما اوجبت اإلتفتقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية سنة 1966علي الدول اتخاذ
كدافدة التددابير اإليجدابيدة لتدأمين المسد د د د د د دداواة بين الجنسد د د د د د ددين في كدافدة الحقوق المددنيدة
والسددياسددية المنصددوص عليها فيها كما المادة ( )33من ذات العهد الدولي علي حق
الرجال والنسداء في سدن الزواج المناسدب والحق في تكوين األسدر والرضدا في الزواج
156
وتأمين المس د د د دداواة في الحقوق والواجبات عند الزواج وأثناءه وعند فس د د د ددخه .كما نص
العهد الدولي للحقوق االقتصدادية واالجتماعية والثقافية علي الحق في األجر العادي
والحق في شددروط العمل الصددالحة والمتكافئة للجنسددين مع الحق في منح األم حماية
خداصد د د د د د ددة أثنداء الحمدل والوالدة ورعدايدة األطفدال كداألجدازات مددغوعدة األجر كمدا نص
إعالن القض د د د دداء علي التمييز ض د د د ددد المراة المؤر في 1967/11/7والص د د د ددادر من
الجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة إلي إلغداء جميع األعراف والنظم والتقداليدد القدائمدة علي
فكرة نقص المراة وإلغاء جميع أحكام قانون العقوبات التي تنطوي علي تمييز ضد د د د د ددد
المراة .ومن الجدير بالذكر أن مصددر عضددو (طرف) في اتفاقية القضدداء علي جميع
أشكال التمييز ضد المراة حيث صدقت ليها منذ سنة 1981وهي أول اتفاقية شاملة
لكدافدة حقوق المرأة والتي كفلدت لهدا الحق في التمييز اإليجدابي لهدا عندد الضد د د د د د ددرورة
لمواجهة األعراف والتقاليد التي تقلل من شد د د د د ددأن أو دور المرأة حيث نصد د د د د ددت المادة
الرابعدة منهدا علي أنده ال يعتبر من قبيدل التمييز المنكور اتخداذ الددولدة تددابير مؤقتدة
تسدتهدف التعجيل بالمسداواة الفعلية بين الرجل والمرأة كما أوجبت علي الدول مكافحة
جميع أشكال اإلتجار بالمرأة واستغاللها (م )6منها.
والحقيقة أن المرأة في بالدنا وإن كانت النص د د ددوص آخذة في إنص د د ددافها إال أن الواقع
يد ددذكر أن الثقد ددافيد ددة المجتمعيد ددة واألعراف والتقد دداليد ددد ربمد ددا تقف حد ددائالً دون إنجد دداز
اس ددتحاقاقات للمرأة كالعنف ض دددها في األس درة والمجتمع أيا كان نوع ودوافع ومس ددمي
هذا العنف وكذلك الوضدع االقتصدادي المتدني للمرأة سديما ربات األسدر وسديما المرأة
المعيلة وذات الظروف الخاصد ددة كالمطلقة واألرملة وغيرهما وزواج لقاصد درات وتعليم
المرأة ورضددا المرأة في الزواج واالتجار في المرأة وتشددويه المرأة جسدددياً وهو ما يدعو
إلي مزيددد من التكدداتف لتهيئددة العوامددل للنهوض بددالمرأة من كددافددة الجوانددب للنهوض
بالمجتمع الذي تمثل المراة نصفه وتربي نصف اآلخر وتنشئه.
خامسا ً – الحق في األمن -:
157
تنص المادة ( )3من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان علي أن لكل إنسان الحق في
الحياة والحرية واألمن الش ددخص ددي .كما نص ددت المادة ( )9من اتفاقية الحقوق المدنية
والسياسية علي أن لكل فرد الحق في الحرية وفي األمان علي شخصه.
كما نصد ددت المادة ( )17من ذات االتفاقية علي أنه ال يجوز التدخل بشد ددكل تعسد ددفي
أو غير قانوني بخص د د د ددوص د د د دديات أحد أو بعائلته أو بيته أو م ارس د د د ددالته كما ال يجوز
التدخل بش د د د د ددكل غير قانوني بش د د د د ددرفه وبس د د د د ددمعته واعتبر الحق في األمن هو جوهر
اإلحسد دداس بالسد ددالمة الجسد دددية ،حيث أنه عندما يفتقد اإلحسد دداس باألمان فإنه يفتقد
تلقائياً الجانب النفسي من الحق في السالمة الجسدية ،ومن ثم فقد كانت النصوص
السددابقة في المواثيق الدولية وغيرها س دواء علي المسددتوي الدولي العالمي أو اإلقليمي
،ومن أعرق هذه المواثيق االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنس د د د ددان حيث نص د د د ددت المادة
( ) 1/5منهددا علي فقرات خمس تتعلق بددالحق في الحريددة الشد د د د د د ددخصد د د د د د ديددة واألمددان
الشد ددخصد ددي كما نصد ددت هذه الفقرات علي ضد ددمانات تحقيق هذا اهلمان الشد ددخصد ددي
كاإلبال فو اًر عن أس د د د د ددباب الحرمان من الحرية أو أس د د د د ددباب القبض كما أكدت هذه
الفقرات علي كدافدة الحقوق المتعلقدة بعددالدة المحداكمدة وقدد تعرضد د د د د د ددت أجهزة االتفداقية
()1
منذ ما يقرب من نصف قرن إلي اآلن للعديد والعديد من الشكاوي في ذا الصدد.
ومن أحدددث التطبيقددات علي المسد د د د د د ددتوي الدددولي هو تطبيق اللجنددة الدددوليددة لحقوق
اإلنس ددان المنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والس ددياس ددية في خص ددوص تطبيق
المادة ( ) 9من العهد والتي قررت حق كل إنس ددان في الحرية واألمان علي ش ددخص دده
وعدم جواز القبض عليه واحتجازه تعسددفاً وعدم جواز حرمان أي شددخص من حريته
إال ألسد د د د د د ددباب ينص عليها القانون وطبقاً لإلجراءات المقررة فيه ،وقد انتهت اللجنة
في الدعوي رقم 560لسددنة 1993المقدمة من أحد األشددخاص ضددد أسددتراليا والذي
انظر د .خير الدين عبد اللطيف (اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان) الهيئة المصرية العامة للكتاب ص 1991ص 354 ()1
وما بعدها.
158
دخل أستراليا الجئاً من كمبوديا بطريق غير قانوني فاعتقل في أستراليا حال وصوله
في نغوفمبر سد د د ددنة 1989وهل حتي يناير سد د د ددنة 1994وقد انتهت اللجنة إلي أن
هذا اإلحتجاز والحرمان من الحرية واألمان الش د د ددخص د د ددي هو إجراء تعس د د ددفي وقررت
اللجنة أن مفهوم والتعسد د د د د ددفو يجب أن يفهم علي نحو أوسد د د د د ددع من ومخالفة القانونو
وقررت اللجنة :و أن كل قرار يتخذ باعتقال أي إنسد د د د ددان يجب أن يكون قابالً ألعادة
النظر فيه بصد د ددورة دورية للتمكين من تقييم األسد د ددس التي تبرر اإلعتقال .ويجب في
جميع األحوال أال يتجداوز اإلعتقدال الفترة التي يمكن للددولة أن تقددم بشد د د د د د ددأنهدا األدلة
الكدافيدة بتبريره وإال كدان االعتقدال تعسد د د د د د ددفيداً حتي وإن كدان الددخول إلي البلدد بطريقدة
()2
غير قانونية.
كما أن الدس د د د دداتير والقوانين األس د د د دداس د د د ددية قد أولت هذا الحق إهتماماً يليق بكونه من
ألصد ددق الحقوق باألنسد ددان وقد كفلت القوانين العقابية وقوانين اإلجراءات الجنائية في
ش ددتي دول العالم حماية اإلنس ددان من االعتداء عليه حتي من الس ددلطات في الدولة ،
ومن األمثلة علي ذلك الدس د د د د ددتور المص د د د د ددري الذي أكد في ديباجته علي أن و كرامة
الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطنو ثم توالت نصد ددوصد دده في احترام الحياة الخاصد ددة
في اإلنسددان واحترام الحقوق والحريات الشددخصددية ومنا المواد (،50 ،54 ،44 ،41
()1
)75من الدستور المصري.
سادسا ً -الحق في الخصوصية -:
يتبر الحق في الخص د ددوص د ددية من األفكار المرنة التي يختلف مض د ددمونها من مجتمع
()2
إلي آخر حسب مدي رقي هذا المجتمع ومدي اهتمامه واحترامه لحقوق اإلنسان.
انظر تقرير اللجنة الدولية لحقوق اإلنسان سنة 1997ولائق األمم المتحدة المجلد األول المحلق (A/52/40) 40ص ()2
88وما بعدها.
انظر د .الفار – المرجع السننابق ص 296وما بعدها ،د .حسننام الالهواني "الحق في احترام الحياة الخاصننة" دار النهضننة ()1
159
ولعل من الص د ددعوبة بإمكان وض د ددع تعريح جامع مانع للحق في الخص د ددوص د ددية إزاء
اختالف معايير النظر إلي هذا الحق ،فقد عرفه جانب من الفقه األمريكي علي أنه
الحق في الخلوة ولكن أخذ علي المعيار أنه ال يقدم معيا اًر قانونياً للحياة الخاصددة أو
،ولقد ذهبت الجمعية اإلس ددتش ددارية لمجلس أوروبا إلي تعريح الحق ()3
الخص ددوص ددية
في الخصد د د د د ددوصد د د د د ددية عن طريق حصد د د د د ددر ما يحويه هذا الحق إذ قيل بان الحق في
اإلنسد د ددان حياته كما يريد مع أقل حد ممكن الخصد د ددوصد د ددية هو القدرة علي أن يعي
من التدخل ،واعتبر من الخص ددوص ددية الحياة العائلية ،وما يتعلق بس ددالمة الجس ددم ،
والشرف واالعتبار ،ونشر الصورة الفوتوغرافية دون إذن الشخص أو الفضولية غير
المقبولدة والتي تكون بددون مبرر ،وقدد اخدذ علي هدذا المعيدار أنده غير جدامع مدانع ،
وأمام صد ددعوبة وضد ددع تعريح للخصد ددوصد ددية فقد ذهب البعض إلي تعريح هذا الحق
سد د د د د د ددلبيداً بداعتبدار أن الحيداة الخداصد د د د د د ددة هي كدل مدا ال يعتبر من قبيدل الحيداة العدامدة
()1
للشخص.
أما بالنسد د ددبة لعالقة الحق في السد د ددالمة الجسد د دددية بالحق في الخصد د ددوصد د ددية فكالهما
ينتمي إلي طائفة الحقوق اللصد د دديقة بشد د ددخصد د ددية اإلنسد د ددان لتجارب ،إذ أن الحق في
الخصدوصدية يحمي جسدم اإلنسدان في شدقه المعنوي فال يخضدع هذا اإلنسدان لتجارب
بيولوجية أو علمية إال برضاه الحر وال يجبر اإلنسان علي الكشف عن خصوصياته
إال برض د د دداه الحر وبالطريق الذي رس د د ددمه القانون وفي حدود االتفاقيات الدولية ،فال
عبث في جسدم اإلنسدان للكشدف عن خصدوصدياته أو معرفة سدر من أسدرار جسدده أو
للكش د د د د ددف عن دليل في جريمة ما وال يجوز تعقيم اإلنس د د د د ددان عقماً دائماً أو مؤقتاً إال
انظر R. Baclintr. La prataction de la via privee j.c.p. 1968, doet 2136 : ()1
160
برضاه ألن ذلك من إطالقاته وخصوصياته( )2وال يجوز وضع أي إنسان في هروف
بيئية أو نفسد ددية تجعله يكشد ددف عن أس دد ارره أو خصد ددوصد ددياته ،فكل صد ددور المسد دداس
بالسدالمة الجسددية تمثل من زاوية أخري مسداسداً بحرمة الحياة الخاصدة لإلنسدان ومن
ثم فهما متكامالن ومتناسقان بل هما وجهان لعملة واحدة.
وقدد أكددت المواثيق العدالميدة واإلقليميدة علي هدذا الحق ومن اهمهدا االتفداقيدة الددوليدة
للحقوق المدنية والسد ددياسد ددية واالتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسد ددان وقد أولت كل منهما
الحياة الخاصد ددة والحياة العائلية والمسد ددكن والم ارسد ددالت حماية بالغة طالما كانت هذه
الحماية في حدود المصد د د د د د ددلح ة العليا للدولة والمصد د د د د د ددلحة العامة للمجتمع في حماية
األخالق وقدد تبلور هدذا من نداحيدة التطبيق العلمي إذ رفضد د د د د د ددت اللجندة األوروبيدة –
وهي أحد أجهزة االتفاقية األوروبية – شد د د ددكوي قدمت إليها في 27ديسد د د ددمبر 1955
ضد د ددد ألمانيا اإلتحادية والتي أدعي فيها الشد د دداكي أنه حوكم بموجب المادة 175من
قانون العقوبات األلماني الرتكابه س ددلوكاً جنس ددياً ش دداذاً وأدعي ان هذا القانون يخالف
حقه في أن تحترم حياته الخاصد د د ددة طبقاً للمادة ( )8من االتفاقية ولكن اللجنة ذهبت
في رفض د د د ددها لهذه الش د د د ددكوي إلي أن أي مجتمع ديمقراطي البد فيه أن تتدخل الدولة
بغرض حمددايددة الصد د د د د د دحددة واألخالق في إطددار معني الفقرة ( )2من المددادة ( )8من
االتفاقية ولما كان الش د ددذوذ الجنس د ددي البد من محاربته إلضد د د ارره بالص د ددحة واألخالق
وقد أجابت اللجنة عن ()1
ومن ثم كانت هذه الشد ددكوي ال تقوم علي مبررات سد ددليمة.
كما عرض علي اللجنة – في خصد ددوص ()2
شد ددكوي مماثلة بالرفض لذات األسد ددباب
الحياة الخاص ددة – ش ددكوي رفض ددتها اللجنة في 2أبريل 1973ض ددد ألمانيا الفيدرالية
انظر د .توفيق الشهاوي "بطالن التحقيق االبتدائي بسبب التعذيب واإلكراه الواقع علي المتهم" مجلة القانون واالقتصاد ()2
سنة 51عدد 21ص 253وكذلك د .لروت علي عبد الرحمن "مشروعية األساليب العلمية الحديثة في الحصول علي
االعتراف" مجموعة محاضرات ألقيت بالمركز القومي للبحوث االجتماعية والجنائية سنة .1966
انظر د .خير الدين عبد اللطيف المرجع السابق ص .322 ()1
161
حيث أدعي الشد د دداكي أن الصد د ددور التي التقطت له والتي توضد د ددح عالقاته مع بعض
النسد دداء قد اسد ددتخدمت كدليل ضد ددده أثناء محاكمته عن جريمة قتل ،وادعي الشد دداكي
أن هذا يعتبر تعرضد د د داً لحقه في حياته الخاص د د ددة ألن الص د د ددور عرض د د ددت علي كافة
المشددتركين في المحاكمة ولكن اللجنة رفضددت هذ االدعاءات ألن تقديم الصددور إلي
المحكمة كان في حدود اعتبارها دليل ض د د د د د ددد الش د د د د د دداكي ومن ثم فإنه وإن كان هناك
تعرضدداً للحياة الخاص ددة فإن له ما يبرره طبقاً للفقرة ( )2من المادة ( )8من االتفاقية
()3
بغرض من الجريمة.
(5339 / 72 (non pubile), sugets de Jwrisprudence, commission Europeenne des oraits del, )3
Homme, STRASBOURG, 1974, pp. 21 – 22.
162
وتداكيدداً لحق المجتمع في التددخدل في الحميداة العدائليدة لحمدايدة الصد د د د د د دحدة واألخالق
لألطفال أخذاً في االعتبار رفاهيتهم الجسدمانية والنفسدية وهو ما يؤكد العالقة الوثيقة
بين الحق في الحياة الخاصة والعائلية والحق في السالمة الجسدية(.)1
سابعا ً الحق في الحرية -:
الحق في الحرية الفردية يعتبر هو األصددل الذي تنحدر منه غالبية حقوق اإلنسددان ،
والحرية بمعناها العام هي التي تفسر مبدأ الحرمة المطلقة لجسم اإلنسان في المجال
()2
غير التعاقدي ارتداداً إلي القاعدة القائلة و إياك وأن تلمسنيو.
وفي هذا اإلطار فقد ثار تسدداؤل هو ما مدي حرية اإلنسددان الشددخصددية في التصددرف
في جس د د د د ددده ؟ وإنه ورغم اختالف أيدلوجيات دول العالم إال أن اإلجابة يحكمها مبدأ
حرمة جسددم اإلنسددان ضددد كل عبث حيث ال يعول علي إرادة اإلنسددان وال رضدداه إال
لمصد د د د د د ددلحة عليا حيث نكون آنئذ أمام فعل مباو شد د د د د د دريطة عدم التعارض مع نظام
المجتمع وآدابه.
ومن هنا فال يمكن للناس أن تحيا في سدالمة جسددية بدون حرية شدخصدية حيث أن
()3
الحرية الفردية انعدامها هو قيد لإلنسان بروحه وجسده.
وقد أكدت المادة ( )9من العهد الدولي للحقوق المدنية والس د د د ددياس د د د ددية علي الحق في
الحرية الفردية ومنع كل قيد عليها إذ نصت هذه المادة علي أن -:
-1لكل فرد الحق في الحرية والسد ددالمة الشد ددخصد ددية وال يجوز القبض علي أحد
أو إيقافه بشد د ددكل تعسد د ددفي كما ال يجوز حرمانه من حريته إال علي أسد د دداس
قانوني وطبقاً لإلجراءات المقررة قانوناً.
(3898/68 contr Royawme uni, Recueil no 35. p. 102 via familiale, sugets de jure oruelence, )1
vol. 2, commission Europeenne de Droits de l,Homme, STRASBOURG.
( )2انظر Adecocq. Ersai du, une thearie generale de droits sur personne. There , OARIS 1960
p. 194.
( )3انظر د .محمد ذكي أبو عامر "الحماية الجنائية للحريات الشخصية" منشأة المعارف – االسكندرية بدون سنة طبع.
163
-2يجب إبال كل من يقبض عليه بأسد د د ددباب ذلك فور القبض عليه كما يجب
إبالغه فو اًر بأية تهمة موجهة إليه.
-3يجب تقديم المقبوض عليه بسد د د ددبب تهمة جنائية فو اًر أمام القاضد د د ددي أو أي
موهف آخر مخول قانوناً بممارس د د ددة ص د د ددالحيات قض د د ددائية ويكون من حق
المقبوض عليدده أن يقدددم إلي المحكمددة خالل فترة زمنيددة معقوبددة وإال وجدب
اإلفراج عنده .وال يكون إيقداف الشد د د د د د ددخص رهن المحداكمدة تحدت الح ارسد د د د د د ددة
كقاعدة عامة ولكن يمكن إخض د د د دداع اإلفراج للض د د د ددمانات التي تكفل المثول
أمام المحكمة في أية مرحلة أخري من اإلجراءات القض د د د د ددائية وتنفيذ الحكم
إذا ما تطلب ذلك.
-4يحق لكددل من يحرم من حريتدده نتيجددة القبض عليدده مبدداشد د د د د د درة اإلجراءات
الالزمة أمام القض دداء لكي تقرر المحكمة دون إبطاء مدي مش ددروعية إيقافه
أو لتأمر باإلفراج عنه إذا كان اإليقاف غير قانوني.
-5لكدل من كدان ضد د د د د د ددحيدة القبض عليده أو إيقدافده بشد د د د د د دكدل قدانوني الحق في
تعويض قابل للتنفيذ.
وتهدف هذه المادة إلي حماية حق اإلنس د ددان في الحرية الش د ددخص د ددية ومواجهة كل ما
بحيث يمكن القول أن نص ذا المادة قد ()1
يمنع تمتع اإلنسد ددان بها علي نحو طبيعي
وضد ددع مبادن الحد األدني للحرية الشد ددخصد ددية التي ال يجب أن يحرم منها اإلنسد ددان.
وإن كدان يؤخدذ علي هدذا النص أن المدادة ( )4من ذات االتفداقيدة تجعدل الددول تتحلدل
من هذه اإللتزامات في الضد د ددروف االسد د ددتثنائية( )2ولكن ما يخفف وطاة هذه الثغرة و
أن معيار الظروف االسد د ددتثنائية ليس مطلقاً من كل قيد أو حسد د ددب هوي الدولة وإنما
ويقابل هذا النص المادة ( )2/5من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان ،المادة ( )7من األتفاقية األمريكية لحقوق ()1
اإلنسان.
انظر د .سعيد فهيم خليل "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان في الظروف االستثنائية" رسالة دكتوراة جامعة اإلسكندرية سنة ()2
د .خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان" المرجع السابق ص 250وما بعدها – Year book ()1
د .فؤاد عبد المنعم رياض (الجنسنية كحق من حقوق اإلنسنان) مطبوعات معهد سنيراكوزا – إيطاليا – حول حقوق اإلنسنان ()1
ص .100
166
عاشراً – حرية الرأي والتعبير -:
تعتبر حريدة الرأي والتعبير أحدد أهم دعدائم الدديمقراطيددة في كدل مجتمع ومن خاللهدا
يتم بناء الش ددخص ددية اإلنس ددانية التي تتفاعل مع غيرها وتفيد وتس ددتفيد .ومن خالله يتم
ممارسد ددة الحق في المشد دداركة في الحياة العامة والحق في تقرير المصد ددير والحق في
االنتخداب والترشد د د د د د دديح وتكوين جمداعدات الضد د د د د د ددغط كدالنقدابدات واالتحدادات والحق في
التعليم والحق في الثقدافدة .ولقدد نص اإلعالن العدالمي لحقوق اإلنس د د د د د د ددان في المدادة
( )19منه علي هذا الحق في اآلتي ( لكل شد د د د د ددخص الحق في حرية الرأي والتعبير
ويش د د د ددمل هذا الحق حرية اعتناق اآلراء دون تدخل واس د د د ددتقاء األنباء واألفكار وتلقيها
وإذاعتها بأية وس د دديلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية) .كما تض د ددمنت ذات المادة
( )19من العهد الدولي للحقوق المدنية والسد ددياسد ددية ذات المعني تقريباً حيث نصد ددت
علي أندده (:لكددل فرد الحق في إتخدداذ اآلراء دون تدددخددل ولكددل فرد الحق في حريددة
التعبير ويشد د د د د د دمددل هددذا الحق حريددة البحددث عن المعلومددات أو األفكددار من أي نوع
واسدتالمها ونقلها بغض النظر عن الحدود بالوسديلة التي يختارها وهي تخضدع للقيود
القدانونيدة الضد د د د د د ددروريدة من أجدل احترام أو سد د د د د د ددمعدة اآلخرين ومن أجدل حمدايدة األمن
الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو األخالق).
حاديا ً عشر – الحق في التجمع السلمي -:
الحق في التجمع السد د ددلمي هو حق ال غني عنه للتواصد د ددل الفكري داخل المجتمعات
فضدال عن كون اإلنسدان ذاته هو كائن اجتماعي بالفطرة وله حاجة ماسدة وضدرورية
للحق في التجمع في الس د د د د ددراء والض د د د د ددراء أو األفراو واألطراو .ولقد نص علي ذلك
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسد د د د د د ددان في المادة ( )20منه حيث قرر النص انه (لكل
شد د ددخص الحق في حرية االشد د ددتراك في االجتماعات والجمعيات السد د ددلمية) كما نص
العهد الدولي للحقوق المدنية والسد د د د د د ددياسد د د د د د ددية في المادة ( )21منه علي أنه (يعترف
بالحق في التجمع الس د ددلمي وال يجوز وض د ددع القيود علي ممارس د ددة هذا الحق غير ما
167
يفرض منها تمشد د د ددياً مع القانون في المجتمعات الديمقراطية وما تقتضد د د دديه مصد د د ددلحة
األمن الوطني أو السد د د د د د ددالمدة العدامدة أو النظدام العدام أو حمدايدة الصد د د د د د دحدة العدامدة أو
األخالق أو حماية حقوق اآلخرين وحرياتهم) .ولقد اشترط النص أن تكون القيود في
مجتمع ديمقراطي حتي ال تتحول القيود في المجتمعدات الدديمقراطيدة إلي مص د د د د د د ددادرة
لهد ددذا الحق .فد ددالمحظور مثال حمد ددل وإحراز األسد د د د د د ددلحد ددة أثند دداء االجتمد دداع أو إثد ددارة
االضطرابات والقالقل والفتن والخروج عن السلمية.
ثانيا ً عشـر – الحق في تكوين الجمعيات واألحزاب والمشـاركة
في الحياة العامة -:
أورد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسد د د ددان في المادة ( )20منه النص علي أن (:لكل
شخص الحق في حرية االشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية) (ال يؤخذ معني
الحزب السد د د ددياسد د د ددي من كلمة (الجمعيات والجماعات السد د د ددلمية) وال يجوز إرغام أحد
علي االشد د د د د د ددتراك في جمعية ما .وهو ذات النص في المادة ( )22من العهد الدولي
للحقوق المدنية والسددياسددية والتي نصددت علي أنه (لكل فرد الحق في حرية المشدداركة
مع اآلخرين بما في ذلك حق تش د ددكيل النقابات أو اإلنض د ددمام إليها لحماية مص د ددالحه
وال يجوز وض د د د د ددع قيود علي ممارس د د د د ددة هذا الحق غير تلك التي ينظمها القانون في
مجتمع ديمقراط ي لصد د د ددالح األمن الوطني والنظام العام والسد د د ددالمة العامة والصد د د ددحة
العامة واألخالق أو حماية حقوق اآلخرين وحرياتهم وال تحول هذه المادة دون فرض
القيود القانونية علي أعضاء القوات المسلحة والشرطة في ممارسة هذا الحق).
أما فيما يتعلق بحق المشد د دداركة في سد د ددير الحياة العامة فقد نصد د ددت المادة ( )21من
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان علي أن (لكل فرد حق المش دداركة في إدارة الش ددئون
العامة لبلده مباشد د درة أو بواسد د ددطة ممثلين يختارهم بحرية وإرادة الشد د ددعب الشد د ددهب هي
مندداط سد د د د د د ددلطددة الحكم .وهددذه اإلرادة تتجلي من خالل انتخددابددات نزيهددة وحرة تجري
168
باالقتراع العام وعلي قدم المسداواة بين المواطنين أو بين الناخبين وبالتصدويت السدري
أو بإجراء مماثل يضمن حرية التصويت).
وفي ذات المعني نص د د ددت المادة 25من العهد الدولي للحقوق المدنية والس د د ددياس د د ددية
علي ذات الحق بقولهدا ( لكدل مواطن الحق والفرصد د د د د د ددة دون تمييز ودون قيود غير
معقولة في أن يش د د د ددارك في س د د د ددير الحياة العامة مباش د د د درة أو بطريق ممثلين يختارهم
بحرية وأن اينتخب أو ينتخب بطريقة نزيهة لي أسد داس المسد دداواة وبما يضد ددمن التعبير
الحر عن إرادة الناخبين).
ويترتددب علي هددذا الحق حرمددان الدددوليددة من وضد د د د د د ددع أيددة قيود غير قددانونيددة وغير
دس د د د د د ددتورية في طريق ممارس د د د د د ددة هذا الحق .وض د د د د د ددمان حرية التجمع خالل المرحلة
اإلنتخابية في إطار مبدأ المسد دداواة في المعاملة للجميع وضد ددمان اإلشد دراف النزيه من
قضد د د د د د ددان مسد د د د د د ددتقل يمنع أي خروج عن الديمقراطية وكذلك إتاحة الدعاية واإلعالن
واإلعالم علي قدم المساواة للجميع والسيما في أسلوب تحديد الدوائر اإلنتخابية.
ثالثا ً عشر – الحق في العدالة -:
الحق في العدالة أحد الحقوق األسد د د دداسد د د ددية لإلنسد د د ددان التي ال غني له عنها لمواجهة
الظلم والعس ددف والعدوان بطريقة حض ددارية بعيدة عن قوانين الغابة أو ثقافة الفوض ددي
بما يض د د د د ددمن للمظلوم حق في رد مظلمته ويض د د د د ددمن للمتهم الحق في المحاكمة بما
يحف عليه كرامته اإلنسدانية في إطار الشدرعية اإلجرائية التي ال يجوز مخالفتها وإال
بطلت إجراءات المحاكمة العادلة لعدم توافر الضد ددمانات والتي منها الحق في الدفاع
وش ددرعية الجرائم والعقوبات وعدم الرجعية والعالنية والش ددفوية والمواجهة والطعن علي
األحكام ....الخ .وهو ما تض ددمنه اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان في المادة ()28
منه من أن (لكل إنسد د د ددان الحق في أن يلجأ إلي المحاكم الوطنية إلنصد د د ددافه من كل
اعتداء علي حقوقه التي يحميها القانون) وفي أن تنظر قضد د د د د د دديته أمام محاكم نزيهة
نظ اًر عادالً .كما نص ددت المادة ( )11علي **** البراءة للمتهم إلي أن تثبت إدانته
169
وكفالة حقوق وض د ددمانات الدفاع عنه فنص د ددت علي كل ش د ددخص متهم بجريمة يعتبر
برئيداً إلي أن تثبدت إدانتده قدانونداً بمحداكمدة علنيدة تؤمن وتكفدل فيهدا كدافدة الضد د د د د د دمدانات
الضد د ددرورية للدفاع عنه .وال يجوز إدانة شد د ددخص من عمل أو اإلمتناع عن عمل إال
إذا كددان يمثددل جرمداً وفقداً للقددانون الوطني أو الدددولي وقددت إرتكدداب الفعددل وال يجوز
توقيع عقوبة أشد د د د د د ددد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت إرتكاب الجريمة ...وفي
ذات المعني نصددت المادة ( )14من العهد الدولي للحقوق المدنية والسددياسددية وأكدت
علي اسد د د ددتقالل المحاكم وعلنية المحاكمة وحياد المحكمة **** البراءة وضد د د ددمانات
حقوق ا لددفداع وشد د د د د د ددرعيدة الجرائم والعقوبدات وشد د د د د د ددرعيدة إجراءات المحداكمدة وتوفير
إجراءات خداصد د د د د د ددة لألطفدال عندد محداكمتهم وطرق اعدادة النظر في األحكدام وحظر
العقداب علي الفعدل الواحدد مرتين والتعويض عندد اإلخفداق عن تحقيق العددل واحترام
مبدأ حجية األحكام .والحق في إبال المتهم فو اًر بتهمته وبالتفصد د د د دديل وبلغة مفهومة
وبسدبب التهمة وإعطائه وقتاً كافياً إلعداد دفاعه واالتصدال بمن يختاره من المحامين
وان تجري محاكمته دون تأخير زائد عن المعقول وأن تعين له مسد د دداعدة قانونية عند
عدم قدرته أو رغبته واسد ددتجوابه وشد ددهوده في نفس هروف اسد ددتجواب شد ددهود الخصد ددم
وأال يجبر علي الشداهدة ضدد نفسده أو االعتراف بأي ذنب وحق إعادة عرض قضديته
بواسد د د د د د دطدة محكمدة أعلي بموجدب القدانون وحقده في التعويض إذا ألغي الحكم وثبتدت
براءته وحظر محاكمة الش د ددخص عن فعل واحد مرتين وحظر توقيع عقوبة أش د ددد من
تلدك التي نص عليهدا القدانون عندد ارتكداب الفعدل المؤثم .وحق المتهم في مترجم يقددم
له مساعدة مجانية إذا لم يكن قاد اًر علي فهم لغة التحقيق أو المحاكمة .وحق المتهم
في االسد د د د د د ددتفدادة من أي نص صد د د د د د دددر الحقداً علي الفعدل وخففدت العقوبدة أو أزال عن
الجريمة صددفة التجريم في اطار قواعد القانون األصددلح للمتهم كما نصددت المادة ( )15من
العهد الدولي للحقوق المدنية والسددياسددية في فقرتها الثانية علي أنه (ليس في هذه المادة ما
يحول دون محاكمة او معاقبة أي شد ددخص عن أي فعل او امتناع عن فعل إذا كان يعتبر
وقت ارتكابه جريمة طبقاً للمبادن العامة للقوانين المقررة في المجتمع الدولي).
170
أما في إطار الفقه اإلسد ددالمي فاهلل سد ددبحانه وتعالي و العدل وهو ذاته يأمر بالعدل ..فهو
العدل في قوله تعالي ( ولو اتبع الحق أهوائهم لفس د دددت الس د ددماوات واألرض) ويأمر بالعدل
في قولدده (إن هللا يددأمر بددالعدددل) ويددأمر بددالحكم بددالعدددل في قولدده تعددالي (وإذا حكمتم بين
الناس أن تحكم وا بالعدل) والرس د د ددول عليه الص د د ددالة والس د د ددالم بقوله ( اتقوا الظلم فإن الظلم
هلمددات يوم القيددامددة) ويقول (اتق دعوة المظلوم فددإندده ليس بينهددا وبين هللا حجدداب) ويقول
(دعوة المظلوم يرفعها هللا فوق الغمام ويفتح لها أبواب السد د د ددماء ويقول ووعزتي ألنص د د د درنك
ولو بعد حينو) ويقول (اتقوا دعوة المظلوم فإنها تص د د د ددعد إلي الس د د د ددماء كأنها شد د د د د اررة) .وال
عجب في األمر بالعدل بين الشد ددقيق والعدو وعدم المحاباة لقرابة مطلقاً في قوله تعالي ( ايا
اء ِباْل ِق ْسد د د د ِط اوال اي ْج ِرامنَّك ْم اشد د د داندن اق ْو ٍم اعالى أاالَّ تا ْع ِدلوا ام ِ ِ ِ أاي َّ ِ
ين ََّّلل شد د د د اه اد ا
آمنوا كونوا اق َّو ا ين ا ُّها الذ ا ا
اء ََِّّللِ اوال ْو اعالى أانف ِسد دك ْم ام ِ ِ ِ
ين باْلق ْس د دط ش د د اه اد ا
ِ
آمنوا كونوا اق َّو ا ين ا
اع ِدلو) وقوله تعالي (يا أاي َّ ِ
ُّها الذ ا
ا ا ْ
ِ ِ
ِين ِإ ْن ايك ْن اغني داً أ ْاو اف ِقي اًر اف د َّ
ان تا ْع ددلوا) اَّلل أ ْاوالى ِب ِه ام دا افال تاتَِّبعوا اْل اه اوض أ ْ أ ْاو اْل اواِل د اد ْي ِن اواألاْق ارب ا
ان اذا ق ْرابى ) وقد أكد النبي عليه الصد ددالة والسد ددالم وحتي في القول (وإِ اذا قْلتم اف ِ
اعدلوا اوال ْو اك ا ْ ْ ا
مقام ورفعة القاضد ددي العادل بقوله (إن أحب الناس إلي هللا يوم القيامة وأقربهم منه مجلس د داً
إمام عادل وأبغضددهم وأشدددهم عذاباً إمام جائر) ورسددالة القضدداء للفاروق عمر بن الخطاب
إلي عبد هللا بن قيس (القاضد د د ددي) تشد د د ددهد بمدي السد د د ددمو والرفعة في فهم العدل موضد د د ددوعاً
() 1
وإجراءات ،معني وشكالً ،هدفاً ومنهجاً.
المبحث الثاني
الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية والثقافية
سدمح العهد الدولي للحقوق االقتصدادية واالجتماعية والثقافية للدول النامية أو اآلخذة
في النمو بدالتددرج في تنفيدذ وتفعيدل هدذه الحقوق وفقداً للقددرة المداليدة والموارد المتداحدة
دون تلكؤ .ومن نا فإن تطبيق بنود هذا العهد مرتبط بخطط اقتصد د د د د د ددادية واعتمادات
انظر في نص هذه الرسالة مؤلفنا (الحماية الدولية لحق اإلنسان في السالمة الجسدية) دار النهضة العربية سنة 2004 ()1
172
كما تناول العهد الدولي للحقوق االقتصننادية واالجتماعية والثقافية هذا الحق
في المادتين ( )6،7منه علي النحو التالي -:
-1تقر الدول األطراف االتفاقية الحالية (العهد) بالحق في المل الذي يض د د ددمن
حق كل فرد في أن تكون أمامه فرصد د ددة كسد د ددب معيشد د ددته عن طريق العمل
الذي يختاره أو يقبله بحرية وتتخذ هذه الدول الخطوات المناسبة لتأمين هذا
الحق.
-2تشد ددمل الخطوات التي تتخذها أي دولة من الدول األطراف للصد ددوصد ددل إلي
تحقيق كامل لهذا الحق البرامج أو الس د ددياس د ددات ووس د ددائل اإلرش د دداد والتدريب
الفني والمهني من أجددل تحقيق نمو اقتص د د د د د د ددادي واجتمدداعي وثقددافي مطرد
وعمدالدة كداملدة ومنتجدة في هدل شد د د د د د ددروط تؤمن للفرد حيداتده السد د د د د د ديداسد د د د د د ديدة
واالقتصادية.
وأضننننننننافت المادة ( )7أنه " تقر الدول الطراف في اإلتفاقية الحالية بحق كل
فرد في المجتمع شروط صالحة وعادلة تكفل بشكل خاص ما يلي -:
-1مكافدت توفر لكل العمال كحد أدني -:
أ -أجو اًر عادلة ومكافدت متساوية عن األعمال متساوية القيمة دون تمييز أي نوع ،
وعلي وجه الخص د د د ددوص للنس د د د دداء ش د د د ددروط عمل ال تقل عن تلك التي يتمتع بها
الرجال مع مساواة األجر عن األعمال المتساوية القيمة.
ب -معيشة شريفة لهم ولعائالتهم طبقاً لنصوص االتفاقية.
ج -هروف عمل مأمونة وصحية.
د -فرص متسداوية لكل فرد بالنسدبة لترقيته في عمله إلي مسدتوي أعلي مناسدب دون
خضوع في ذلك ألي اعتبار سوي اعتبارات الترقية والكفاءة.
و -أوقات للراحة والفر وتحديد معقول لسد د د د د دداعات العمل وأجازات مدفوعة ومكافدت
عن أيام العطل العامة.
173
ثانيا ً – الحق في الرعاية الصحة واالجتماعية -:
يعتبر هذا الحق التزاماً علي عاتق الدولة لصد ددالح الفرد ضد ددد المخاطر التي يتعرض
لها كالمرض أو الحوادث وآثارها أو الش د د دديخوخة والعجز أو رعاية األمومة والطفولة.
ولقدد نص اإلعالن العدالمي لحقوق اإلنسد د د د د د ددان علي هدذا الحق في المدادة ( )25منده
حيث نصدت علي أن لكل إنسدان الحق في مسدتوي معيشدة يكفل الصدحة والرفاهية له
وألسد د د د د د درتده بمدا في ذلدك الطعدام والكس د د د د د د دداء والرعدايدة الطبيدة والخددمدات اإلجتمداعيدة
الضد د د د ددرورية وحقه في األمن من البطالة والمرض والعجز أو الترمل أو الشد د د د دديخوخة
وغير ذلك.
كما نصدت المادة ( )2من اتفاقية الحقوق االقتصدادية واالجتماعية والثقافية علي أنه
تقر الددولدة أطراف هدذه اإلتفداقيدة بحق كدل فرد في المجتمع في أعلي مسد د د د د د ددتوي من
الصحة البدنية والعقلية .ويجب علي الدول أن تراعي اآلتي -:
-1خفض نسبة الوفيات عن المواليد واالهتمام بالتنمية الصحية للطفل.
-2تحسين شتي الجوانب البيئية والصناعية.
-3الوقاية من األمراض المعدية والمهنية ومعالجتها.
-4تأمين الخدمات الطبية والعناية بالعمال في حالة المرض.
كما تم التركيز علي األس د د درة وحقوقها وقد وض د د ددعت اإلتفاقية (اتفاقية الحقوق المدنية
والسياسية) األسس التي يجب مراعاتها ومنها -:
-1للع ددائل ددة حق التمتع بحم دداي ددة المجتمع ،والع ددائل ددة هي الوح دددة اإلجتم دداعي ددة
الطبيعية واألسددياسددية في المجتمع ،وللرجال والنسدداء الذين في سددن الزواج
حق تكوين أسرة.
-2ال يتم زواج بدون الرضا الكامل والحر لألطراف المقبلة علي الزواج.
174
-3علي الدددولددة إتخدداذ الخطوات المندداسد د د د د د دبددة كتددأمين المسد د د د د د د دداواة في الحقوق
والمسددئوليات عند الزواج وأثناء قيامه وفسددخه وفي حالة فسددخ الزواج يجب
النص علي الحماية الالزمة لألطفال.
أ -وجوب جعل التعليم اإلبتدائي إلزامياً ومتاحاً بالمجان للجميع.
ب -وجوب جعددل التعليم الثددانوي في أشد د د د د د دكددالدده المختلفددة بمددا في ذلددك
الثانوي الفني متاحاً وميسد ددو اًر للجميع بكل الوسد ددائل المناسد ددبة وعلي
وجه الخصوص عن طريق جعل الثقافة مجانية بالتدريج.
ج -وجوب جعل التعليم العالي كذلك ميسد د د د د د ددو اًر للجميع علي أسد د د د د د دداس
الكفاءة بكل الوس ددائل المناس ددبة وعلي وجه الخص ددوص بطريقة جعل
الثقافة مجانية بالتدريج.
د -وجوب تش د ددجيع التعليم األس د دداس د ددي أو تكثيفه بقدر اإلمكان بالنس د ددبة
لألش د ددخاص الذين لم يحص د ددلوا علي كامل فترة تعليمهم اإلبتدائي أو
لم يتموها.
ه -وجوب متابعة تطوير النظام المدرسدي علي كافة المسدتويات بنشداط
أو إنشد د دداء نظام مناسد د ددب للمنح التعليمية وتحسد د ددين األحوال المادية
للهيئة التعليمية بشكل مستمر.
-4تتعهددد الددول الطراف في العهددد الددولي بداحترام حريدة اآلبداء في اختيددار مدا
يرونه مناس ددباً ألطفالهم من مدارس بما يتمش ددي في الحد األدني للمس ددتويات
التعليميدة التي تضد د د د د د ددعهدا الددولدة أو توافق عليهدا وكدذلدك حقم في أن يؤمنوا
ألطفالهم التعليمية الديني واألخالقي الذي يتمشي مع معتقداتهم الخاصة.
كما أقرت منظمة اليونيس د د د ددكو س د د د ددنة 1960اإلتفاقية الدولية لمناهض د د د ددة التمييز في
العالم والتي بمقتضدداها تتعهد الدول األطراف بإلغاء أية نصددوص أو إجراءات إدارية
175
تنطوي علي تمييز في التعليم وعد دددم السد د د د د د دمد دداو بوجود أي إختالف أو تمييز في
المعاملة للمواطنين.
ومن نا يتضدح أن الدولة ملزمة باحتكار حق اإلجبار علي التعليم في مراحله األولي
حرصد د د د د د داً علي بناء أجيالها علي أسد د د د د د ددس المعرفة .والتزام الدولة بتذليل العقبات في
طريق رغبة األفراد في تعليم غيرهم بشد د ددرط أال يتعارض هذا مع النظام االم واآلداب
العامة .وكل ذلك يهدف إلي أن يجد كل إنسد د د د ددان سد د د د ددبيالً له إلي المعرفة وأن يتمتع
بفنون وآداب جميع الشد د د د د ددعوب وأن يحظي بنصد د د د د دديبه من التقدم الذي تم في المجال
العلمي وجميع أنحاء العالم وأن يس د د دداهم في إثراء الحياة الثقافية بما يس د د دداعد في رفع
المستوي الروحي والمادي لإلنسان في العالم أجمع.
رابعا ً – حرية العقيدة او الحرية الدينية -:
حرية العقيدة أو االعتقاد تعني حرية اعتناق دين معين أو حرية عدم إعتناق أي دين
،وحرية المناقشد د ددات الدينية بين أصد د ددحاب الديانات المختلفة ،وحرية الشد د ددخص في
ممارسة شعائر دينه عالنية طبقاً لعقيدته.
وكذلك ال يجوز إكراه ش د د د د ددخص علي التدين بدين معين أو االعتقاد في عقيدة معينة
أو تغيير ما يعتقده بأية وس د د د دديلة من وس د د د ددائل الض د د د ددغط المادي أو المعنوي .كما أن
إعالن الددين الرسد د د د د د ددمي لددولدة مدا وفق دين أغلدب سد د د د د د دكدانهدا ال يمنع من حق من ال
ينتمون لهذا الدين في ممارس د ددة ش د ددعائرهم بحرية وعالنية دون أية قيود وهو ما أكدته
المادة ( )18من االعالن العالمي لحقوق اإلنسان والتي نصت لي أن :و لكل إنسان
الحق في حرية الفكر والضمير والحرية الدينية علي أن يتضمن ذا الحق حرية المرء
في تغيير دينية أو عقيدته تعليماً وسد ددلوكاً وطقوس دداً جه اًر وس دد اًر بمفرده أو باإلش ددتراك
مع غيرهو.
كما نصت المادة ( )18من إتفاقية الحقوق المدنية والسياسية علي أنه -:
176
-1لكل إنسد ددان الحق في الحرية الفكرية والضد ددمير والحرية الدينية وهذا الحق
يتض ددمن حرية كل إنس ددان في أن يدين بدين معين أو معتقد معين وحريته
في إههار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشد د د د د د ددعائر والممارسد د د د د د ددة والتعليم
منفرداً أو مع جماعة وأمام المأل أو علي حدة.
-2ال يجوز إكراه أحد علي اعتناق دين أو تغيير دين ما.
-3ال يجوز إخض د د د دداع أحد في ممارس د د د ددة دينه ومعتقده إال للقيود العامة التي
يحددها القانون ويكون ض د ددرورةية لحماية الس د ددالمة العامة أو النظام العام
أو اآلداب العد ددامد ددة أو الصد د د د د د دحد ددة العد ددامد ددة أو حقوق اآلخرين وحريد دداتهم
األسياسية.
-4احترام حريددة اآلبدداء في تعليم أبنددائهم التعليم الددديني والخلقي بمددا يتفق مع
معتقداتهم.
ولقد أصدددرت الجمعية العامة لألمم المتحدة إعالناً بشددأن القضدداء علي جميع أشددكال
التعض د د د ددب والتمييز القائمين علي أس د د د دداس الدين والمعتقد وذلك في 1981/11/25
والذي جاء في نفس معني أو مضمون ما نص عليه اإلعالن والعهد الدولي للحقوق
المدنية والسد ددياسد ددية علي النحو السد ددالف ثم فصد ددل وأسد ددهب في حماية وصد دديانة حرية
اإلعتقاد وممارسة الشعائر والطقوس الدينية.
ومن الجدددير بددالددذكر أندده ال يجوز الخلط بين حريددة العقيدددة في ذاتهددا وبين سد د د د د د ددوء
السد ددلوك الذي يسد ددتفاد من اإلسد ددتحقاق والتالعب باألديان والعقائد بغية تحقيق مدرب
خاص د د د د د ددة وأغراض دنيوية معينة حيث س د د د د د ددرعان ما يرتد المتالعب بالعقيد أو الدين
طالما تحققت مدربه أو خابت مطامعه الدنيوية الزائلة ومع التسد د د د د د ددليم بحرية االعتقاد
()1
إال أنه يجب وقف التالعب الموصوم بسوء السلوك والعبث.
حكم المحكمة اإلدارية العليا المصرية رقم 856لسنة 3ق الصادر في . 1958/6/2مجموعة المبادئ السنة الثالثة ص ()1
.1486
177
ولقد أكد الدين اإلس د د د د د ددالمي علي هذه الحرية في القرآن الكريم في العديد من اآليات
اء افْلي ْؤ ِم ْن او ام ْن ()2
الد ِ الشد دريفة منها قوله تعالي (ال ِإ ْكراه ِفي ِ
ين) وقوله تعالي ( اف ام ْن اشد د ا اا
ِ
اس احتَّى ايكونوا م ْؤ ِمن ا اء افْل اي ْكف ْر) وقوله تعدالي (أاافأ ْان ات ت ْك ِره ال َّند ا
)(3
ين) وقوله تعدالي اشد د د د د د د ا
ارِهم ِإن الم يؤ ِمنوا ِبه اذا اْلح ِد ِ ِ َّ
يث أا اسد د د د د دفا)( )4وقوله تعالي ا ا (افال اعل اك اباخ ٌع انْف اسد د د د د د اك اعالى آثا ِ ْ ْ ْ ْ
ض كُّله ْم اج ِميعاً ُّك آلم ان م ْن ِفي األ ْار ِ
اء ارب ا ا ا (وال ْو اشد د د د د د ا
(ال ْي اس اعال ْي اك ه اداه ْم) وقوله تعالي ا
ِ
ين)( )5ولقددد عدداب اإلسد د د د د د ددالم علي أولئددك الددذين اس احتَّى ايكونوا م ْؤ ِمن ا أاافدأا ْند ات ت ْك ِره النَّد ا
(والاق د ْد اذ اأْران دا لِ اج اهنَّ ام
يتوارثون العقددائددد دون إعمددال العقددل والتدددبر والتفكير فقددال تعددالي ا
اعي ٌن ون ِب اهدا اواله ْم أ ْ وب ال ايْفاقه ا ون ِب اهدا اله ْم قل ٌ وب ال ايْفاقه ا اإل ِ
نس اله ْم قل ٌ اكِثي اًر ِم ْن اْل ِج ِن و ِ
ا
ِ ِ ال يب ِ
ضد د د ُّل أ ْوالئ اك ه ْم ون ِب اها أ ْوالئ اك اكاأل ْان اعا ِم اب ْل ه ْم أا ا ون ِب اها اواله ْم آ اذ ٌ
ان ال اي ْسد د د امع ا صد د در ا ْ
ون ِب اها أ ْاو وب اي ْع ِقل ا ون اله ْم قل ٌض افتاك ا ون) وقوله تعالي (أاافالم اي ِسد د د د د د ديروا ِفي األ ْار ِ اْل اغ ِافل ا
)6 (
ْ
ص دد ِ ص دار اوال ِك ْن تا ْع امى اْلقلوب الَِّتي ِفي ال ُّ ان اي ْس دمع ا ِ ِ
ون ب اها افإنَّ اها ال تا ْع امى األ ْاب ا
()7
ور) ا آ اذ ٌ
وقد أكد النبي عليه الصالة والسالم هذا بقوله (أمرنا بتركهم وما يرغبون) وقوله (لهم
ما لنا وعليم ما علينا)
كما أن الدين اإلسد د د د ددالمي قد جمع في آية واحدة دور العبادة في األديان السد د د د ددماوية
بجملددة واحدددة ال تمييز بينهددا في الحمددايددة والتقدددير فقددال تعددالي (والوال د ْفع َّ ِ
َّللا النَّد ا
اس اْ ا
()1
َّللاِ اكِثي اًر)
اسم َّ
يها ْ
ِ ِ
ات او ام اساجد ي ْذ اكر ف ا
صال او ٌ ِ
ص اوامع اوب اِي ٌع او ا
ِ ٍ ِ
ضه ْم ب اب ْعض الهد ام ْت ا
اب ْع ا
178
توجب المواثيق الدولية للفرد كفالة حقه في المسددتوي المعيشددي الكافي والمناسددب من
مأكل وملبس ومأوي وفي تحسدين مسدتواه باسدتمرار لمواكبة تطور الحياة المسدتمر فقد
اورد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في المادة ( )25منه في فقرتها األولي أن :
( لكل شدخص الحق في مسدتوي من المعيشدة كافي للمحافظة علي الصدحة والرفاهية
له وألسرته ويتضمن التغذية والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات اإلجتماعية
الالزمة وتأمين المعيش د د د ددة في حاالت البطالة والمرض والعجز والترمل والش د د د دديخوخة
نتيجة لظروف خارجة عن إرادته). وغير ذلك من هروف فقدان وسائل العي
ثم أكدد العهدد الددولي للحقوق االقتصد د د د د د دداديدة واالجتمداعيدة والثقدافيدة هدذا الحق إذا إلزم
الدول األطراف فيه كفالة هذا الحق ب لرخاء في هذا الشأن)
وحسدناً فعل مشدروع الدسدتور المصدري الحالي ( )2013والذي لم يسدتفت الشدعب ليه
في مسددتوي حتي كتابة هذه السددطور إذ نص علي حق اإلنسددان المصددري في العي
يحف كرامته وحقه في الغذاء الص د د د ددحي وحقه في الرعاية الص د د د ددحية وحقه في الماء
النظيف وحقه في المسكن المالئم.
179
سادسا ً – الحق في مستوي صحي الئق -:
تدور اآلن المداوالت في لجنة الخمس د ددين المنوط بها تعديل الدس د ددتور المص د ددري وفق
اإلعالن الدسدتوري الصدادر في .2013بعد أن وضدعت لجنة العشدرة مشدروعها ولقد
وضد ددح جلياً اهتمام المص د دريين الذين اسد ددتمعت إليهم لحق الحوار المجتمعي المنبثقة
عن لجنة الخمسد د د ددين إص د د د درارهم علي أن يتضد د د ددمن الدسد د د ددتور بوضد د د ددوو التزام الدولة
بالمسد د ددتوي الصد د ددحي المناسد د ددب والالئق وذلك من خالل عدة نصد د ددوص مقترحة تفي
بتحقيق هذا الغرض.
ولقد ألزمت المواثيق مظاهره المختلفة من خالل المادة ( )11والتي نص د ددت علي انه
:
(تقر الدول األطراف في هذه اإلتفاقية بحق كل فرد في مسد د د ددتوي معيشد د د ددي مناسد د د ددب
لنفس د دده ولعائلته بما في ذلك الغذاء المناس د ددب والملبس والمس د ددكن وكذلك في تحس د ددين
احواله بصددفة مسددتمرة وتلتزم الدول الطراف بالقيام بالخطوات الالزمة لضددمان تحقيق
هددذا الحق مع اإلقرار بددأهميددة التعدداون الدددولي القددائم علي ا الدددوليددة الدددول األطراف
فيها بهذا الحق ومكافحة األمراض واألوبئة والنمو الص د د د ددحي لألطفال وخفض معدل
الوفيات أذ نصددت المادة ( )25من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسددان علي أن يشددمل
هذا المس ددتوي المعيش ددي مس ددتوي ص ددحياً مناس ددباً لإلنس ددان وأسددرته بما في ذلك العناية
ال طبيدة والتدأمين ضد د د د د د ددد األمراض .كمدا نصد د د د د د ددت المدادة ( )12العهدد الددولي للحقوق
االقتصادية واالجتماعية والثقافية علي اآلتي -:
-1تقر الدول الطراف في اإلتفاقية بحق كل فرد في المجتمع بأعلي مس د د د د د ددتوي
ممكن من الصحة البدنية والعقلية.
-2تشد د د د ددمل الخطوات التي تتخذها الدول األطراف في اإلتفاقية الوصد د د د ددول إلي
تحقيق كلي لهذا الحق مما هو ضروري من أجله -:
180
أ -العمدل علي خفض نسد د د د د د دبدة الوفيدات في المواليدد واألطفدال من أجدل
التنمية الصحية للطفل.
ب -تحسين شتي الجوانب الصحية والبيئة للطفل.
ج -الوقدايدة من المراض المعدديدة والمتفشد د د د د د ديدة والمهنيدة وغيرهدا ومعدالجتها
وحصرها.
د -خلق هروف من شد د د د د د ددانهدا أن تؤمن الخددمدات الطبيدة والعندايدة الطبية
في حالة المرض.
وال شد ددك في أن هذا الحق يجب أال يرتبط بقدرة المريض مادياً ألن المرض ال شد ددأن
له بالثروة .ويصد ددبح حق اإلنسد ددان في الصد ددحة حقاً أصد دديالً يجب أن نكفله له نص د داً
وفعالً وواقعاً ملموساً لمصلحة الفرد والدولة معاً.
181
المبحث الثالث
الحقوق الجماعية
عرفددت الحقوق الجمدداعيددة بددالجيددل الثددالددث من الحقوق بعددد الحقوق الفرديددة التي
وردت تحت مس د د د ددمي الجيلين األول والثاني ومرد ذلك أن حقوق اإلنس د د د ددان دائماً
مترابطة متكاملة ال يمكن أن يتمتع اإلنس د د ددان ببعض د د ددها دون البعض إال إذا كان
هناك شكوي من نقصان.
والحقوق الجماعية كثيرة أهمها الحق في تقرير المصير والحق في التنمية والحق
في السد ددالم وحق الشد ددعوب في السد دديادة الدائمة علي مواردها الطبيعية والحق في
في بيئة سليمة ويمكن اإلشارة إليها علي النحو اآلتي -: العي
أوالً – الحق في تقرير المصير -:
أكدت كافة المواثيق العالمية واإلقليمية منذ العديد من السددنين علي شددرعية كفاو
الشد ددعوب للحصد ددول علي اسد ددتقاللها والتخلص من سد دديطرة اإلسد ددتعمار واإلحتالل
األجنبي ولو بالكفاو المس د ددلح ولقد أكدت ذلك لجنة حقوق اإلنس د ددان المنبثقة عن
األمم المتح دددة في معرض تفسد د د د د د دديره ددا للم ددادة ( )1من اتف دداقي ددة الحقوق الم دددنيددة
والسياسية 1966إذ قالت -:
The Right of self – determinatters od particular importance
because its realijattion is an assential condtion for the
effective gourontee and abserance of individual human
(rights)1
ولقد تضد د د د ددمن ميثاق األمم المتحدة نصد د د د ددوص د د د د داً ترسد د د د ددخ هذا الحق نحو الحرية
واالسد د د د د ددتقالل ولقد تبنت الجمعية العامة لألمم المتحدة (إعالن منح اإلسد د د د د ددتقالل
182
للبلدان المس د ددتعمرة) بقرارها رقم 1514لعام 1960حيث أعلنت في هذا القرار
:
-1ضد د د ددرورة وضد د د ددع نهاية سد د د دريعة وغير مشد د د ددروطة لإلسد د د ددتعمار بكل صد د د ددوره
ومظاهره.
-2إن خضوع الشعوب للسيطرة األجنبية يعد إنكا اًر لحقوق اإلنسان األسياسية.
-3حق كل الشعوب في تقرير مصيرها.
-4أن عدم االس ددتعداد الس ددياس ددي أو االقتص ددادي أو التعليمي او اإلجتماعي ال
يجب أن يعد زريعة للتلكؤ في الجالء واالستقالل.
-5ضد ددرورة اتخاذ الخطوات لنقل السد ددلطات إلي شد ددعوب األقاليم غير المتمتعة
بالحكم الذاتي.
-6ضرورة عدم الخلط بين جرائم اإلرهاب الدولي وممارسة حق تقرير المصير
عن طريق الكفاو المس د د د د ددلح .وهو ذاته ما أكده المؤتمر الدولي حول حقوق
اإلنس د د د د د ددان لعام 1968بالقرار رقم ( )8الذي قرر أن اخض د د د د د دداع وقهر أي
ش د د د ددعب بواس د د د ددطة ش د د د ددعب آخر هو انتهاك خطير لمبادن اإلعالن العالمي
لحقوق اإلنس ددان ومنه حق المقاتلين الذين يكافحون االس ددتعمار إذا ما وقعوا
في األسر أن يعاملوا معاملة أسري الحرب وفق القانون الدولي اإلنساني.
كمدا أورد إعالن مبدادن القدانون الددولي المتعلقدة بدالعالقدات الوديدة بين الددول سد د د د د د دندة
1970والذي أصددرته الجمعية االمة لألمم المتحدة بمناسدبة االحتفال بالعيد العاشدر
إلعالن منح االستقالل للبلدان
والشددعوب المسددتعمرة حيث تضددمن اإلعالن سددبعة مبادن كلها تؤكد علي الحق في
ولقد قبلت محكمة العدل الدولية إقرار الحق في تقرير المصد د د ددير ()1
تقرير المصد د د ددير
وبدان قداعددة آمرة من القواعدد العدامدة للقدانون الددولي حيدث ال يجوز االخالل بهدا في
انظر في التأمين التاريخي لهذا الحق وتطور عبر مائة عام د .محمد يوسف علوان المرجع السابق ص .292 – 248 ()1
183
أي هرف كان .فهو حق قانوني جماعي ولكنه ش ددرط مس ددبق للتمتع بالحقوق الفردية
وهو الزم لممارس د د د د ددتها فعلياً ومن ثم فإذا لم يكن حق تقرير المص د د د د ددير حقاً فردياً في
الحال فهو كذلك في المدل حيث ال يكون اإلنسان ح اًر إال إذا كان في دولة حرة.
ثانيا ً – الحق في التنمية -:
يعتبر الحق في التنمية من الحقوق الجماعية وهو حام لحقوق اإلنسد د د د ددان حيث يحتم
عدم االعتداء عليها ألن العدوان عليها يعد أكبر عائق في طريق التنمية .إذ – علي
سد د د ددبيل المثال – تعد الدول المتخلفة اقتصد د د ددادياً أكبر الدول المنتهكة ألبسد د د ددط حقوق
الكريم .ولقدد أصد د د د د د دددرت الجمعيدة العدامدة لألمم المتحددة قرارهدا رقم اآلدمي في العي
128/41لعدام 1986اإلعالن الخداص بدالحق في التنميدة والدذي أورد في أهم بنوده
-:
أن الحق في التنميدة هو من حقوق اإلنس د د د د د د ددان التي ال يمكن التندازل عنهدا -1
والذي بمقتض د د د دداه يكون لكل إنس د د د ددان ولكل الش د د د ددعوب الحق في المش د د د دداركة
والمس د د د د د د دداهمدة في في التمتع بدالتنميدة اإلقتص د د د د د د دداديدة واالجتمداعيدة والثقدافيدة
والسياسية.
يتضد د د د د ددمن الحق في التنمية الممارسد د د د د ددة الكاملة لحق الشد د د د د ددعوب في تقرير -2
مصيرها بما في ذلك سيادتها الكاملة فوق مواردها وثرواتها الطبيعية.
أن اإلنس د د د ددان هو أس د د د دداس الحق في التنمية ويجب ان يكون هو المش د د د ددارك -3
والمستفيد األساسي منه
ضد د د د د ددرورة إتخاذ كافة الخطوات الالزمة علي الصد د د د د ددعيدين الدولي والوطني -4
لكفالة الحق في التنمية.
تكون مسئولية التنمية علي الكائنات البشرية فرادي وجماعات. -5
للدول الحق وعليها إلتزامات بتحقيق التنمية من أجل تحسين أحوال شعبها. -6
184
يتطل ددب تحقيق التنمي ددة االحترام الك ددام ددل لمب ددادن الق ددانون ال دددولي الخ دداص -7
بالتعاون والعالقات الودية بين الدول طبقاً لميثاق األمم المتحدة.
علي الدددول واجددب التعدداون فيمددا بينهددا لكفددالددة التنميددة وإ ازلددة المعوقددات التي -8
تعترضها.
علي الدول إتخاذ خطوات حثيثة للقضدداء علي االنتهاكات الجماعية لحقوق -9
إلنسد د ددان والشد د ددعوب الناتجة عن الفصد د ددل العنصد د ددري وكافة أشد د ددكال التمييز
العنصد د د د ددري واالسد د د د ددتعمار واالحتالل والسد د د د دديطرة األجنبية والعداون والتدخل
األجنبي وتهدديدد السد د د د د د ديدادة الوطنيدة والتهدديدد بدالحرب وعددم االعتراف بحق
الشعوب في تقرير مصائرها.
-10علي الددول اتخداذ خطوات فعدالدة إل ازلدة عوائق التنميدة النداتجدة بعدد ****
في كفالة الحقوق المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية.
-11علي الدول المسد د د دداهمة في تحقيق السد د د ددلم واألمن الدولي خصد د د ددوص د د د داً نزع
السددالو الشددامل والكامل مع توجيه موارد ونزع السددالو نحو التنمية السدديما
في الدول النامية.
185
والحقيقدة أن الحق في التنميدة هو حق فردي وجمداعي في آن واحدد فهو اسد د د د د د ددتكمدال
للحق في تقرير المص ددير الذي ال عبرة به دون المص ددير االقتص ددادي وال عبرة به في
هددل الفقر والتخلف والجهددل فددالحق في التنميددة بددالنسد د د د د د دبددة للشد د د د د د ددعوب هو الحقوق
االجتماعية واالقتصادية والثقافية لإلفراد فهو يهدف إلي رفه مستوي السكان في بيئة
اجتماعية وثقافية مالئمة وللكل الحق في اإلشد ددتراك في التنمية واالسد ددتفادة منها وأهم
تنمية هي تنمية األفراد بحسدبان كونهم محور عملية التنمية ويكمن األسداس القانوني
للحق في التنمية في إعالن فيالدلفيا الخاص بأهداف وأغراض منظمة العمل الدولية
والددذي أقره المؤتمر العددام للمنظمددة في 1944/5/1والددذي نص علي أن (لجميع
البش د د د ددر بغض النظر عن الجنس أو العقيدة أو النوع الحق في متابعة الس د د د ددعي وراء
رفاهيتهم المادية وتقدمهم الروحي في هل هروف قوامها الحرية والكرامة واالسدتقالل
االقتصادي وتكافؤ الفرص).
ولقد س د ددمي هذا الحق الجيل الثالث من حقوق اإلنس د ددان باعتبار أن الجيل األول هو
الحقوق المدنية والس د د د د ددياس د د د د ددية والجيل الثاني هو الحقوق االقتص د د د د ددادية واالجتماعية
والثقافية ثم جاء هذا الحق متأخ اًر ضمن حقوق أخري سميت حقوق التضامن كالحق
في تقرير المص ددير كالنحو الس ددابق والحق في اإلفادة من التراث المش ددترك لإلنس ددانية
والحق في الس د د ددالم والحق في بيئة ص د د ددحية متوازنة والحق في الس د د دديادة الدائمة علي
اليروات الطبيعية علي النحو الذي سد د د د د د دديرد في الصد د د د د د ددفحات التالية كجيل ثالث من
حقوق اإلنسان.
ولقد اعترفت لجنة حقوق اإلنسد د د د د ددان المنبثقة عن المجلي االقتصد د د د د ددادي واالجتماعي
باألمم المتحدة بهذا الحق وأوصددت بأن يقوم المجلس االقتصددادي واالجتماعي بدعوة
األمين العدام للمنظمدة الددوليدة (األمم المتحددة) بدالتعداون مع اليونيسد د د د د د ددكو والوكداالت
المتخص د د ددصد د د ددة األخري إلجراء د ارسد د د ددة متضد د د ددمنة للحق في التنمية وعالقته بحقوق
اإلنسد ددان األخري .وبعد هذه الد ارسد ددة وفي سد ددنة 1981أوصد ددت اللجنة بإنشد دداء فريق
186
خبراء لد ارس د د د د ددة نطاق ومض د د د د ددمون الحق في التنمية ولقد جعلت األمم المتحدة أعوام
( )1990 – 1980عقد التعزيز الحق في التنمية علي أن يزداد التفعيل بحلول عام
.2000ولكن الحقيقة أننا رغم كوننا في العق الثاني من القرن الحادي والعشدرين ال
يزال نصف العالم يكافح فقط من أجل البقاء.
مضمون الحق في التنمية ومبرراته -:
الواقع أن هناك فارقاً بين النمو اال قتص د د د د د ددادي والتنمية .فالنمو بعد اقتص د د د د د ددادي أما
التنمية فهي عملية شداملة ذات أبعاد اقتصدادية واجتماعية وثقافية وسدياسدية تسدتهدف
في المقام األول اشد د ددباع الحاجات األسد د ددياسد د ددية للمواطنين وتوفير الحد األدني الالزم
للمعيش د ددة ومكافحة الفقر والظروف غير اإلنس د ددانية الس د دديما في البلدان النامية وتلبية
الحاجات األسدداسددية للبشددر من غذاء و مسددكن وملبس .ذلك أن النمو االقتصددادي ال
يعود علي الطبقات الفقيرة وهم األغلبية العظمي من سكان البلدان الفقيرة أو النامية.
ومن ثم ف د ددإن الحق في التنمي د ددة ال يعني فقط عالج ه د ددذا النقص في الح د دداج د ددات
االقتص د د ددادية وإنما تس د د ددعي التنمية نحو المزيد من الكرامة اإلنس د د ددانية والعدل وتحرير
اإلنسدان من كل معوقاته وإتاحة هروف تتفجر فيها طاقاته وتزدهر في سدبيل تحقيق
نوعيددة أفض د د د د د د ددل لحيدداة الجميع والمش د د د د د د دداركددة من الجميع في التمتع بثروات الوطن
ومقدراته .وتحقيق ذلك يكون علي اتق الدولة في المجتمع الدولي والدول الصد د ددناعية
التي نهبت ثروات الدول النامية وأخرت تحررها واستقاللها.
مبررات الحق في التنمية -:
يعد أهم مبررات الحقي في التنمية أن الدول الصد د د د د د ددناعية الكبري مدينة للدول الفقيرة
بنهب ثرواتها واستعمارها وإفقارها وال تزال العالقة غير العادلة وغير المتكافئة تحتاج
إلي إعادة النظر في الهيمنة والفروق اإلقتصد د د د د ددادية الكبيرة والفقر والظلم الذي يعاني
منده نصد د د د د د ددف العدالم تقريبداً .ومن ثم فدإن إعدادة النظر هو أمر يقره العددل واإلعتراف
بالذنب فض د د د ددالً عن أن التنمية تحقق المصد د د د ددلحة المشد د د د ددتركة للجميع وتحقيق العدل
الدددولي يعني نظرة األغنيدداء إلي الفقراء من منطلق العدددالددة اإلجتمدداعيددة بين الدددولددة
187
والمجتمع الدددولي إلحددداث رفدداهيددة وتقدددم لجميع الندداس بمددا يعود بددالنفع علي الجميع
ومن منطلق التضدامن في االسدتفادة من مقدرات الطبيعة والتراث المشدترك لإلنسدانية
البعض في تخمة والبعض اآلخر في ش د د د ددغف بما مض د د د ددمونه أنه ال يجوز أن يعي
والفقر المقبع ثم نتحدددث بعددد ذلددك عن وحدددة النوع البشد د د د د د ددري أو عن األخوة العي
()1
اإلنسانية.
ثالثا ً الحق في السالم -:
تكمن أهمية الحق في السد د د د د ددالم في كون الحرب أكبر عدو لحرية اإلنسد د د د د ددان وحياته
في سددالمة وحظر العنف وكرامته وثرواته .والحق في السددالم يعني الحق في العي
والقوة والتهديد بهما في النزاعات في العالقات الدولية ولقد قامت عصبة األمم أصالً
لمنع الحرب ولمدا فشد د د د د د دلدت بعدد قيدام الحرب العدالميدة الثدانيدة كداندت األمم المتحددة قدد
قامت علي أثر الويالت الفظيعة التي خلفتها الحرب العاليمة الثانية ومن ثم فقد كان
الميثاق معيناً بجعل الوس د د د ددائل الس د د د ددلمية هي األس د د د دداس واألص د د د ددل في تس د د د ددوية كافة
المنازعات الدولية وأنه ال مجال للقوة مطلقاً إال في حالة اسد د د ددتثنائية هي حالة الدفاع
الش د ددرعي (م 51من الميثاق) ولقد دونت األمم المتحدة في ديباجة ميثاقها أنها قامت
إلنقاذ األجيال المقبلة من ويالت الحروب .والس د د ددالم المعني هو الس د د ددالم القائم علي
العدل وليس السالم القائم علي الظلم وانتهاك حقوق اإلنسان إذ ال يمكن لهذا السالم
أن يددوم وال مفر من أن يؤدي إلي العنف يومداً مدا .ومدا من شد د د د د د ددك أنده ال يمكن أن
يفكر اإلنسد د د د د د ددان ويبددع إال إن تحرر من الخوف والفقر .ومن هندا كداندت أهم أهدداف
األمم المتحدة الحف علي الس د ددالم واألمن الدوليين وإنماء العالقات الودية بين الدول
وتحقيق التعاون الدولي عل حل المشد د د د د دداكل الدولية وتعزيز حقوق اإنسد د د د د ددان وحرياته
األساسية.
188
في سد د د د د د ددالم في ولقددد أكدددت الجمعيددة العددامددة لألمم المتحدددة علي الحق في العي
في س ددالم والذي اعتمدته الجمعية العامة اإلعالن الخاص بإعداد المجتمعات للعي
لألمم المتحددة في القرار 73/33المؤر في 1978/12/15والدذي أكددت فيده علي
في س ددالم ومراعاة أن لكل أمة حق األفراد والدول والجنس البش ددري بأسد دره في العي
ولكل إنسددان بصددرف النظر عن العنصددر أو المعتقد أو اللغة أو الجنس حقاً أصدديالً
في س ددلم وإن إحترام هذا الحق يخدم المص ددلحة المش ددتركة للجنس البش ددري في العي
كله وهو شد د د د د د ددرط ال غني عنه لتقدم جميع األمم وأن أي حرب عدوانية أو تهديد بها
في سالم هو جريمة ضد السالم .ومن هنا فقد تطور األمر إلي أن الحق في العي
ال يمكن تحققه إال بإقرار حق اإلنس ددان في نزع الس ددالو باعتباره نتيجة طبيعية للحق
في س د ددالم لما للس د ددالو الس د دديما النووي والكيماوي والبيولوجي من مخاطر في العي
محدقة وجسدديمة تهدد البشدرية جمعاء من خاللف مثول الخطر الخطر واقعاً ملموسداً
كامناً في مفاعالته أو أماكن تخزينه بحيث ال يمكن إبعاد ش د د د د ددبح الحرب عن أذهان
الناس وال يمكن تجنيب تفكيرهم في عواقبه الكارثية علي عموم البشر مما يفتك بحق
في سد د ددالم .حيث باتت الدول تتنافس في امتالك هذه األسد د ددلحة اإلنسد د ددان في العي
الفتاكة بدالً من المنافسد ددة في تقريب الفوارق بين الشد ددمال والجنوب السد دديما في البعد
االقتص د د د د د ددادي بحيث يمكن عالج الفقر ببعض قليل من مص د د د د د ددروفات المنافس د د د د د ددات
المحمومة المتالك هذه األس ددلحة مما يبدد الموارد البشد درية والمالية في إهالك البش ددر
وبذر بذور الفناء والزوال.
ولقد بذلت األمم المتحدة والتزال تبذل الجهود من أجل نزع السددالو السدديما السددالو
النووي لكن خطاها متعثرة منكسد درة علي صد ددخرة عناد الدول .فعلي سد ددبيل المثال في
بداية الدورات الثالث االسد د د د د د ددتثنائية التي عقدتها المنظمة لهذا الغرض في ، 1977
.1988 ، 1982أوضحت الوثيقة الختامية للدورو األولي أن :و مئات الباليين من
الدوالرات التي تنفق س د ددنوياً لتص د ددنيع وتطوير الس د ددالو بش د ددكل تناقضد د داً وكئيباً وملفتاً
189
()1
وقد في هلهما ثلث سكان العالم.و بالنظر إلي العوز والفقر الشديدين اللذين يعي
أوضدحت الوثيقة أنه ( منذ زمن بعيد والدول تسدعي إلمتالك السدالو وخاصدة النووي
لضد ددمان حمايتها لكنه بات اليوم يشد ددكل تهديداً للجنس البشد ددري وليس حماية له ومن
ثم فقد آن اآلوان لنزع السد د د د ددالو لتحقيق األمن) .وكثي اًر ما أوضد د د د ددحت األمم المتحدة
مدي الميزانية العس د د د د د ددكرية وإمكان توجيه بعض د د د د د ددها إلي مجاالت التنمية االجتماعية
واالقتصادية.
في سددلم فإن ذلك ومن هنا فإذا اسددتقر األمر علي أن لإلنسددان الحق في في العي
يقتض ددي القض دداء علي ما يهدد الس ددلم وأهمه أس ددلحة الدمار الش ددامل عموماً واألس ددلحة
النووية علي وجه خاص وان يقتصد د ددر اسد د ددتخدام التكنولوجيا لدعم السد د ددلم وليس دعم
التسد د د د د د ددليح ودعم التعداون بين الددول وإنمداء العالقدات الوديدة بينهدا وليس بدث الفرقدة
والسباق في طريق التسليح بغريزة بال عقل وأنانية بال حكمة وأثرة بال إيثار.
رابعا ً – الحق في العيش في بيئة سليمة -:
البيئة الس د د ددليمة هي البيئة الص د د ددحية غير الملوثة .والبيئة من أهم النعم التي أنعم هللا
علي اإلنس د د د ددان بها هواء وماء وبحار وغذاء وموارد طبيعية وغير ذلك ولقد اس د د د ددتفاد
اإلنسد د د د د د ددان بتطور العلم في امتالك مقدرات الطبيعة ثم راو يعبث بها بعد ذلك فأخذ
يبذر لنفس د دده بذور فنائه وأص د ددبح التلوث اآلن يالحق البشد د درية في كل مكان ال ينجو
منه أحد ولو كان غير متس د د ددبب فيه الس د د دديما التلوث عبر الحدود الذي يجاوز خطره
بلداً أو إقليم ما .ومن هنا أص د د د د د ددبحت جريمة تلوث البيئة من الجرائم ذات الص د د د د د ددفة
الدولية باعتبارها تراثا مشد د ددتركاً لإلنسد د ددانية ولألجيال المقبلة .ومن هنا فإن من أقدس
في بيئة غير ملوثة ،بيئة سليمة من كل ما يضر حقوق اإلنسان حقه في أن يعي
الجس د د د د ددم والروو .وهو ما أكدت عليه األمم المتحدة في القرار 94/45لعام 1990
في بيئدة تفي بمتطلبدات صد د د د د د ددحتده بقولهدا أنهدا تقر بدان لكدل فرد الحق في أن يعي
190
ورفاهيته وأصددبح برنامج األمم المتحدة للبيئة UNEPنشدداطاً واسددعاً في هذا المجال
وصد د دددرت أعمال قانونية كثيرة في هذا المجال ومؤتمرات متعددة وإعالنات وإتفاقيات
دولية منها اتفاقية فينا لحماية طبقة األوزون سددنة 1985واتفاقية بازل بشددأن التحكم
في النفدايدات الخطرة والتخلص منهدا عبر الحددود سد د د د د د دندة 1989واالتفداقيدة االطداريدة
بشد ددأن تغير المنا سد ددنة 1992ويمكن تقسد دديم الجهود الدولية من أجل حماية البيئة
-: ()1
حسب ناصرها علي النحو اآلتي
أ -الجهود الدولية لمواجهة تلوث الهواء -:
)1اتفاقية فينا لحماية طبقة األوزون عام 1985والتي دخلت حيز التنفيذ س د ددنة
1988وصدقت عليها آنئذ 74دولة وقد تضاعف هذا العدد.
)2اتفاقية موسددكو سددنة 1967والتي أبرمت بشددأن المبادن التي يجب أن تحكم
النشاط الدولي في خصوص استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي.
)3اتفداقيدة محداربدة التلوث بعيدد المددي للهواء عبر الحددود والتي أبرمدت سد د د د د د دندة
1979وبعدها إعالن الهاي في ذات الغرض سنة 1989ثم اتفاقية التحكم
في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود سنة .1989
)4بروتوكول مونتريال بشد د ددأن الموارد المسد د ددتنفذة لطبقة األوزون والذي أبرم عام
1978ودخل حيز التنفيذ س ددنة 1989وهو يقض ددي بتجميد إنتاج واس ددتعمال
الكيماويات التي تضر بطبقة األوزون.
ب -مكافحة التلوث الذري -:
وتعتبر اتفداقيدة فيندا أهم االتفداقيدات في هدذا الص د د د د د د دددد والتي نبهدت إلي عظم الخطر
وأوجب ددت وقف التج ددارب النووي ددة ع ددام 1963ثم تلته ددا مع دداه دددة موسد د د د د د ددكو في ذات
191
السد دديما في خصد ددوص ()1
الخصد ددوص دون أن تلتزم الدول بهذه االتفاقية رغم تواترها
نقل النفايات الخطرة.
ج -مكافحة تلوث المياه -:
ومن أهم االتفاقيات في هذا الخصوص ما يلي -:
)1اتفاقية بروكسد د د ددل سد د د ددنة 1969للحماية والمسد د د ددئولية المدنية الناجمة عن
التلوث بالنفط.
)2اتفداقيدة بروكسد د د د د د ددل سد د د د د د دندة 1969لحمدايدة أعدالي البحدار من النداجمدة من
التلوث بالنفط.
)3اتفاقية التخلص من النفايات داخل السفينة تحت المياه.
)4اتفاقية برشلونة بشأن منع تلوث البحر المتوسط.
)5اتفاقية حماية الطبيعة جنوب المحيط الهادي سنة .1986
)6اتفاقية األمم المتحدة لقانون البحار سنة .1982
)7اتفاقية الكويت اإلقليمية بش د د د د د ددأن حماية البيئة البحرية من التلوث س د د د د د ددنة
.1978
ء -مكافحة التلوث البري -:
ومن أهم الجهود الدولية في هذا الخصوص ما يلي -:
)1اعالن البيئة اإلنسانية سنة .1972
)2الميثاق العالمي للطبيعة سنة .1982
)3اعالن قمة حماية األجواء األرضية سنة .1989
()2
)4اتفاقية مؤتمر قمة األرض سنة .1992
د .عبد العزيز مخيمر عبد الهادي (حماية البيئة من النفايات الصناعية) دار النهضة العربية ص .158 ()1
انظر في تفصيل ما سبق بشأن حماية البيئة د .حسن سند المرجع السابق ص : 399ص .434 ()2
192
الباب الثالث
أهم انتهاكار حقوق اإلنسان ووسائل مقاومتها
من أهم وسائل ومقاومة االنتهاكات الواقعة علي حقوق اإلنسان الوسائل اإلجرائية المتعلقة
بتجريم هذه األفعال بعد تحديد هذه األفعال في مجملها وتبيان آثار ثبوت اقتراف هذه
االنتهاكات ثم آليات مقاومة هذه اإلنتهاكات علي المستوي العالمي واإلقليمي والداخلي.
وأخي اًر تفعيل مقاومة انتهاكات حقوق اإلنسان عبر التعاون الدولي.
ومن هنا فسوف نقسم هذا الباب إلي الفصول اآلتية -:
الفصنننننل األول .-:أهم األفعال التي تمثل إنتهاكاً −
لحقوق اإلنسد د د ددان وآثار ثبوت المسد د د ددئولية عن هذه
اإلنتهاكات.
193
الفصل الثانى
تجريم القانون الدولي لألفعال الماسة بحقوق اإلنسان
تمثددل الجرائم الددوليددة انتهدداكداً للقددانون الددولي من منطلق أنهددا تؤثر علي كيددان المجتمع
الدولي ،وأمنه وسدالمة أفراده ..بما يسدتوجب مسدئولية الدولية والفرد مرتكب الفعل علي
حد سواء حسب طبيعة أسلوب المسائلة ،والذي يختلف تجاه الدولة عنه تجاه الفرد.
وسد د د ددوف نقف علي تعريح الجريمة الدولية ،وأهم الشد د د ددروط التي إن توافرت في العمل
استوجب المسائلة الدولية الجنائية.
وأهم الجرائم التي تتوافر فيها هذه الشروط ،وذلك علي النحو اآلتي -:
أوالً – التعريف بالجريمة الدولية
الجريمدة الددوليدة – هي فعدل أم امتنداع يعدد مخدالفدة جسد د د د د د دديمدة ألحكدام ومبدادن القدانون
الددولي ،ويكون من شد د د د د د ددأنده إحدداث االضد د د د د د ددط اربدات في األمن والنظدام العدام الددولي ،
والمسد دداس بالمصد ددالح األسد دداسد ددية واإلنسد ددانية للجماعة الدولية وأفراد الجنس البشد ددري مما
يس د د ددتوجب معه المس د د ددئولية الدولية ،وضد د د درورة توقيع العقاب الجنائي علي مرتكب تلك
المخالفة( . )1وقد عرف البعض الجريمة الدولية بأنها س ددلوك إرادي غير مش ددروع يص دددر
عن فرد باسد د د ددم الدولة ..أو بتشد د د ددجيع أو رضد د د دداء منها ،ويكون منطوياً علي مسد د د دداس
بمصلحة دولية محمية قانوناً(.)2
وفي نطاق الفقه العربي أيضد دداً عرف الدكتور محيي الدين عوض الجريمة الدولية بأنها
كل مخالفة للقانون الدولي – سد د د د دواء كان يحظرها أو يقرها القانون الوطني – تقع بفعل
أو ترك من فرد محتف بحريتده في اإلختيدار إضد د د د د د د ار اًر باألفراد أو المجتمع الدولي بنداءاً
علي طلب الدولة أو بتشد د د د د ددجيع منها أو رضد د د د د ددائها – في الغالب – ويكون من الممكن
انظر د .عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص .40 )(1
انظر د .حسنين إبراهيم صالح عبيد "الجريمة" الدولية" دار النهضة العربية ط 1979ص ، 5وانظر في تفصيالً د. )(2
رمسيس بهنام "الجرائم الدولية" بحث مقدم إلي المؤتمر األول للجمعية المصرية للقانون الجنائي سنة 1987وكذلك د .محمد
عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة لل جريمة الدولية" رسالة دكتوراة جامعة عين شمس سنة .1988
194
مجازاته جنائياً عنها طبقاً ألحكام ذلك القانون( .)1وقد سدار في ذات المعني معظم الفقه
العربي(،)2
هي ذات المعداني التي من خاللهدا س د د د د د د دداق الفقده العربي تعريفداتده للجريمدة الددوليدة .فقدد
عرف وسددبيروبولس( )3و بأنها تلك التي إذا ارتكبتها الدولة أو سددمحت بها تعتبر مخالفات
جسدديمة للقانون الدولي وتسددتوجب المسددئولية الدولية ،كما عرفها الفقيه وجالسدديرو بأنها
األفعال التي ترتكب إخالالً بقواعد القانون الدولي وتكون ض ددارة بالمص ددالح التي يحميها
ذلك القانون مع اإلعتراف لها – قانونا – بصفة الجريمة واستحقاق فاعلها العقاب(.)4
كما عرفها الفقيه وفسددبسدديان بيالو بأنها أفعال إيجابية أو سددلبية تقابلها عقوبة تعلن وتنفذ
باسم الجماعة الدولية(.)4
انظر د .محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي" مجلة القانون واالقتصاد لسنة 1965ص 362 ()1
د .محمد خلف "أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة الجرائم ذات الطبيعة الدولية" رسنننننالة دكتوراة – كية الحقوق جامعة ()2
الخاص بالجرائم ضد اإلنسانية وأمن البشرية والمقدم منه إلي هذه اللجنة انظر :
GRAVEN I, Droit penal international, cours de Docrat I,unversite du Cairo, 1956 p. 253 et.
P. 271.
( )4انظر
GLASER S : introduction al, etude de droit international penal Paris 1954, PII.
ومشار إليه في المرجع السابق ألستاذنا الدكتور الفار ص 39وما بعدها وكذلك د .عبد الرحيم صدقي "القانون الدولي
الجنائي" القاهرة سنة 1986ص .50
( )4ويعتبر الفقيه بيال من أشهر فقهاء القانون الدولي الجنائي منذ نشأته أبان محاكمات نورممبرج وما بعدها ،أنظر :
PELLA : la criminalite collective des etats et le driot penal de l,avenr (1926) P. 175 para 109.
ومشار إليه في "الجرائم وسلطة العقاب عليها" د .عبد الواحد الفار ص 39وما بعدها " ،القانون الدولي الجنائي" ،د .عبد
الرحيم صدقي المرجع السابق ص 49وما بعدها.
195
أركان الجريمة الدولية -:
للجريمة الدولية – كما هو الحال في الجرائم الداخلية – ثالثة أركان(:)1
هي الركن الشد د د د د د ددرعي والركن المادي والركن المعنوي ،وإن كان المفهوم يختلف في كل
منهما( ..)2حيث أن الركن الشد ددرعي مثال في القانون الجنائي يسد ددتمد وجوده كركن ليس
في التشد د د د د د دريع كمدا هو الحدال في القدانون الدداخلي ولكن العرف لده دوره البدارز في هدذا
المجال إض د ددافة إلي االتفاقيات الدولية وباقي المص د ددادر األخري .أما الركن المادي فإن
مفهومه في القانون الدولي الجنائي أوسد د ددع نطاقاً من القوانين الداخلية حيث من الممكن
في الحالة األولي تجريم األعمال التحض د د د دديرية غير المباش د د د ددر نظ اًر لخطورتها ،والركن
المعنوي له ذات المضد ددمون في القوانين الداخلية وإن كان الغالب في الجرائم الدولية أن
تكون عمدية.
ثانيا -الشروط الواجب توافرها في الجريمة الدولية -:
لما كانت الجريمة الدولية – في أبسد ددط معانيها – هي كل فعل علي درجة من الخطورة
بحيث يمكن أن يؤثر علي كيان المجتمع الدولي وأمنه وسد د ددالمته أو سد د ددالمة أفراده فإن
هدذا يعني أنده ال يمكن بحدال أن ينظر إلي الجريمدة الددوليدة بدذات المنظدار الدذي ينظر
به إلي الجريمة الداخلية من حيث أركانها وعناصرها زمن حيث تحديد عقوبتها مسبقاً ،
ولكن يجب أن تحدد عدة ش د د ددروط أس د د دداس د د ددية إن توافرت كان الفعل ممثالً لجريمة دولية
وهذه الشروط هي -:
أ -مخالفة الفعل للقانون الدولي العام -:
بمعني أن ينتهك الفعل أحكام القانون الدولي أيا كانت مص د د ددادر هذه األحكام والتي من
بينها وأهمها مقتض د د د دديات العدالة والض د د د ددمير العالمي ..وال فرق بعد ذلك إن كان الفعل
وان كان الكثير من الفقه الجنائي يقتصننننر علي أن للجريمة ركنين النين هما الركن المادي والمعنوي وأن الركن الشننننرعي ال ()1
انظر د .محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص 22وما بعدها ،د .عبد )(1
حقوق اإلنسان والحريات األساسية" دار النهضة العربية 1966ص ، 306د .حسنين عبيد "القضاء الدولي الجنائي" المرجع
السابق ص 14وما بعدها.
انظر د .عبد الرحيم صدقي "القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص ، 67ص ، 68د .عبد الواحد الفار "أسري ()3
انظر د .محمد عبد المنعم رياض "محكمة دولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب" المجلة المصننرية للقانون الدولي العدد األول ()1
سنة .1954
198
ثم شددكلت محكمة دولية جنائية أخري في طوكيو سددنة 1946لمحاكمة مجرمي الحرب
اليابانيين(.)1
والذي يتسدم باألهمية في هذا المقام هو تلك المبادن التي أرسدتها تلك المحاكمات والتي
من أهمها إقرار المس د د ددئولية الدولية الجنائية الش د د ددخص د د ددية للفرد عن الجرائم التي يرتكبها
شددأنه شددأن الدولة( . )2وال يجوز له االحتماء بمنصددبه ولو كان رئيس الدولة ،أو التسددتر
باألوامر التي تصددر له إذا خالفت المبادن اإلنسدانية ..إذ قررت محكمة نورممبرج في
هذا المبدأ أن القانون الدولي يفرض علي األفراد واجبات ومس د د د ددئوليات كما هو الش د د د ددأن
بالنسبة للدول منذ وقت طويل.
هذا باإلضد ددافة إلي العديد من المبادن الهامة التي تمثل أس د دس د داً للقانون الدولي الجنائي
كمبددأ وسد د د د د د ددمو القداعددة الددوليدة الجندائيدة علي قواعدد القدانون الوطنيو ،ومبددأ عددم تقدادم
الجرائم الدولية ،ومبدأ س د د د دديادة الض د د د ددمير علي واجبات الطاعة للرئيس األعلي ،ومبدأ
()3
مسئولية رئيس الدولة وكبار موهفيها عن الجرائم الدولية ،مبدأ تعيين الجرائم الدولية
والذي كان بمثابة تدوين لقواعد القانون الدولي الجنائي في لبنته األولي.
وسوف نقف علي هذه الجرائم طبقاً لتعيين محاكمات نورممبرج لها ألهمية ذلك في
حماية حق اإلنسان في سالمته الجسدية وضمان حصول من ترتكب في حقه هذه
الجرائم علي حقه في المحاكمات والعقاب لمقترف الجريمة ضده باإلضافة إلي حقه في
المحاكمة والعقاب لمقترف الجريمة ضده باإلضافة إلي حقه ورثته في ذلك.
انظر د .عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان" دار النهضة العربية سنة 1966ص 301وما بعدها. )(1
وكان الفقيه بيال هو أول المنادين بهذا المبدأ .انظر في ذلك د .نبيل أحمد حلمي "اإلرهاب الدولي وفقاً للقانون الدولي )(2
199
الفصل الثاني
أهم األفعال المنتهكة لحقوق اإلنسان
والموجبة للمسئولية الدولية وآثار ثبور هذه المسئولية
األفعال الموجبة للمس د د د ددئولية الدولية هي تلك التي تخالف القانون الدولي فتوص د د د ددم بعدم
الشد د ددرعية علماً بأن أحكام القانون الدولي المقصد د ددودة هنا هي االلتزامات الدولية بصد د ددفة
عامة س دواء تلك التي أنش ددأتها أداة القواعد القانونية الدولية كالمعاهدات أو االتفاقيات أو
األعراف الدولية أو اإلعالنات أو التوصد د دديات التي يصد د ددل حجم اإللزام األدبي فيها إلي
مرتبة اإللتزام الكامل مثل اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسد د د د ددان ،هذا باإلضد د د د ددافة إلي أن
وهو ما ()1
المبادن القانونية العامة تعد من أهم وأشدمل المصدادر الواقعية للقانون الدولي
نصت عليه المادة ( )38جد من النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية ،هذا باإلضافة
إلي أحكام المحاكم الدولية ،وكتابات واجتهادات فقهاء القانون الدولي والباحثين فيه.
أما بالنسد د ددبة لألفعال فإنها تقع من الدولة ممثلة في سد د ددلطاتها ،وقد تصد د دددر من األفراد
العاديين ،وسوف نوضح ذلك علي الوجه اآلتي -:
أوالً – األعمال التشريعية -:
واألعمال التشد دريعية تخالف أحكام القانون الدولي عندما تخالف الدولة فيما تصد دددره من
تشدريعات اإللتزامات الدولية سدواء بالنسددبة لسددن تشدريع مخالف أو إغفال تشدريع يتمشدي
مع مدا إلتزمدت بده الددولدة علي النطداق الددولي حيدث انده في مقدام اإلختالف بين القدانون
الداخلي والقانون الدولي فقد أجمع الفقه الدولي – الس د دديما في مجال حقوق اإلنس د ددان –
ومن ثم فإذا ما أص د د د د دددرت الدولة تش د د د د دريعاً يخالف ()2
علي س د د د د ددمو قواعد القانون الدولي
اإللتزامات الدولية عد هذا التشد دريع عمالً غير مشد ددروع مسد ددتوجباً للمسد ددئولية الدولية قبل
هذه الدولة مصدرة لك التشريع كإصدار الدولة تشريعاً يحرم األجانب من بعض حقوقهم
انظر د .محمد سعيد الدقاق "القانون الدولي" سنة 1992الدار الجامعية للطباعة والنشر ص 221وما بعدها. )(1
انظر ما سبق من هذه الرسالة ص ، 91انظر د .محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ، 103د. )(2
انظر د .عبد الواحد الفار "موجز القانون لدولي العام" سنة 1978ص 426 ()1
انظر د .محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ، 104د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" ()2
المرجع السابق ص ، 159د .محمد سامي عبد الحميد "القاعدة الدولية" الطبعة الثالثة سنة 1977مكتية مكاوي بيروت ص
،490د .عبد الواحد الفار "موجز القانون الدولي العام" المرجع السابق ص .429 : 428
201
ثالثا ً – األعمال اإلدارية -:
()1
وفيها تسد د ددأل الدولة طبقاً لقواعد المسد د ددئولية وقد يطلق عليها أعمال السد د ددلطة التنفيذية
الدولية عند مخالفة أعمالها اإلدارية الصد د د د د د ددادرة من موهفيها علي اختالف درجاتهم في
السدلم اإلداري داخل الدولة عن كل عمل مادي أو قرار مخالف لإللتزامات الدولية حتي
ولو كدان هدذا العمدل أو القرار متفقداً مع القوانين الدداخليدة سد د د د د د دديمدا تلدك األعمدال المداديدة
()2
والق اررات اإلداريدة التي تؤثر في حقوق األجداندب وممتلكداتهم بدالسد د د د د د دلدب أو بداإليجداب
كأعمال الشددة والعنف ضددهم أو اعتقالهم تعسدفياً أو إيواء الدولة للمجرمين الهاربين من
أو كل فعل هالم يرتكبه الموهف داخل الدولة بصدفته هذه ،أما ما يرتكب ()3
يد العدالة
دون صفة فينخرط تحت تصرفات األفراد العاديين(.)4
انظر د .محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص .107 ()2
انظر د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص 164 ()3
انظر د .عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" – المرجع السابق ص .428 ()4
202
الرقيق واسد د د ددتغالل األشد د د ددخاص في الدعارة ،ومن ثم فليس من المنطق أن يظل بمنأض
ولكن هذا ال يحول دون مسد ددئولية الدولة عن ()1
عن المسد ددائلة من جانب القانون الدولي
األفراد العاديين سد د دواء كانوا من مواطنيها أو األجانب المقيمين فوق إقليمها إنطالقاً من
مس د د د د د ددئولية الدولة في تأمين اإلنس د د د د د ددان فوق إقليمها وبذل العناية الالزمة لحمايته وعدم
إنتهدداك أحكددام القددانون الدددولي فوق إقليمهددا ،ويقع علي الدددولددة مسد د د د د د ددئوليددة تتبع الجندداة
والقبض عليهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة منصفة(.)2
أما االضد د د ددطرابات الداخلية حتي وإن مسد د د ددت حقوق الجانب فال تسد د د ددأل عنها الدولة ما
دامت لم تثبت أنها أهملت أو قص د ددرت في قهر هذه االض د ددطرابات وإن كان األرجح أنه
يجب أن تسأل حتي وإن اعتبرت قوة قاهرة ألن المسئولية تقوم لمجرد الضرر دون نظر
للخطأ أو العمل غير المشروع(.)3
انظر د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص .186 : 183 ()1
وهو ما ينطبق علي واقعة اإلعتداء علي الرئيس األسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا سنة 1995إذ كان من الالزم ()2
والواجب تأمين كل ذوي الصفات لدبلوماسية السيما رلساء الدول من احتمال وقوك مثل هذه األحداث واال فإن لمة تقصير أو
إهمال أمني وقع من حكومة أليوبيا كما أن السودان يجب أن تسأل ن جريمة إيواء المجرمين وهو ما حدث في مقتل الملك
الكسندر ملك يوغوسالفيا سنة 1943في مرسيليا بسبب عدم كفاية الحماية التي كلفت له ،كما قتل سنة 1948الكونت
فولت برنادوت في إسرائيل وكان يمثل األمم المتحدة في الوساطة بين إسرائيل والعرب.
أنظر د .سامي عبد الحميد – المرجع السابق ص 500وما بعدها ،د .نبيل بشر – المرجع السابق ص 164وما بعدها ، ()3
انظر د .الشنافعي محمد بشنير" التعذيب في المعتقالت والسنجون ووسنائل مقاومته "بحث ضنمن موسنوعة حقوق اإلنسنان ،د . ()1
204
الذي يكون نتيجة عرضية لها".
ثم أردفت هذه المادة في فقراتها التالية حكماً جامعاً لكل أفعال التعذيب ...إذ نصددت
علي أنه ال تخل هذه المادة بأي تش دريع وطني يتض ددمن أو يمكن أن يتض ددمن أحكاماً
ذات تطبيق أشمل.
وقدد وجهدت عددة انتقدادات إلي هدذا التعريح الوارد في المدادة األولي من اتفداقيدة
مناهضة التعذيب سنة 1984ونوجزها في اآلتي -:
انتقد البعض اإلتفاقية في المادة األولي منها عند تعريح التعذيب ذكر كلمة األلم
Painدون تحديد ما المقصد د ددود بهذا المصد د ددطلح إذ اكتفي التعريح بقوله :يقصد د ددد
بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب ش د ددديد جس د دددياً أو عقلياً وتجاهلت حاالت
أخري يحدث فيها التعذيب مثل إس د دداءة اس د ددتعمال علوم الص د دديدلة وكذلك الوض د ددع في
()1
المؤسسات النفسية.
أ -كذلك فقد انتقد نص المادة األولي س د د د ددالفة الذكر في تعريفه للتعذيب تحديد
غرض الحصددول علي معلومات أو اعتراف ...إلخ دون شددمول غرض إجراء
()2
التجارب العلمية التي تجري علي الضحية دون موافقته.
ب -انتقد الفقه أيض د د د داً نص المادة األولي من االتفاقية في تعريح التعذيب أنها
كانت أقل شد د د ددمولية من إعالن األمم المتحدة لمنع التعذيب الصد د د ددادر سد د د ددنة
1975فيما يتعلق بالغاية أو المأرب من التعذيب حيث أشد د ددار اإلعالن إلي
غاية التعذيب المذكور في المادة األولي من االتفاقية علي أنها أمثلة لغيرها
()3
بما يفيد وجود أمثلة أخري.
ج -أيضد د د داً كان من ض د د ددمن االنتقادات التي وجهت إلي نص المادة األولي من
( )1اننظنر : B. Srensen & P. vestie, Medical Education for the Prevention of torture J.IRCT.
Torture, No 24. 1990 p. 467.
( )2انظر: op. Cit. p. 467
انظر د .إبراهيم العناني " النظام الدولي األمني " المطبعة التجارية الحديثة القاهرة ط 1997ص . 232 ()3
205
االتفاقية أنها في س د د د ددياق تعريفها للتعذيب قصد د د د درته علي الموهف العام أو
صد دداحب الصد ددفة الرسد ددمية Officialفي جزء التعريح الذي ينص علي أنه "
...عندما يلحق مثل هذا األلم أو العذاب ..أو يحرض عليه أو يوافق عليه
أو يسددكت عنه موهف رسددمي أو أي شددخص آخر يتصددرف بصددفته الرسددمية
ومن ثم فإنه يكون قد اسد د د د د ددتثني مجموعة التعذيبات التي ترتكب من غير
()1
الموهف الرسمي كالتي يرتكبها ثوار الحرب المدنية.
وعموماً فإن هذه اإلنتقادات قد نجد رداً عليها في الفقرة األخيرة من نص المادة األولي
والتي أطلقت حكماً جامعاً لكل أفعال التعذيب وغيره من ض ددروب المعاملة أو العقوبة
القاسددية والالإنسددانية أو الحاطة بالكرامة إذ نصددت علي أنه " :ال تخل هذه المادة بأي
وإن كان ()2
تش د دريع وطني يتضد ددمن أو يمكن أن يتضد ددمن أحكام ذات تطبيق أشد ددمل
الواقع العملي أن القوانين الوطنية تض د د دديق من التعريح ومض د د ددمونه وال تعطيه ذات
الش د ددمول الوارد في نص المادة األولي من االتفاقية كما هو وارد في القانون العقابي
المص ددري الذي قص ددر تحريم التعذيب علي ذلك الذي يكون مقص ددوداً منه حمل المتهم
علي االعتراف وهو ال شد د ددك أمر في غاية الخطورة حيث ال عقوبة إذ كان الغرض
ليس هو الحمل علي االعتراف أو إذا وقع التعذيب علي غير شخص المتهم .
موقف الفقه :-
تطرق العديد من الفقهاء لتعريح التعذيب ووضد ددع الحدود التي تفصد ددله عن غيره من
ض ددروب المعاملة أو العقوبات القاس ددية أو الالإنس ددانية أو الحاطة بالكرامة ....ويمكن
أن نعرض أمثلة لهذه التعريفات :-
فقد عرف الفقه بغرض الحص ددول علي معلومات أو اعترافات أو لتوقيع العقوبة والتي
للمزيد من التفصنننيل في الرد علي هذه االنتقادات وتحليلها انظر د .طارق عزت رخا" تحريم التعذيب أو المعاملة أو العقوبة ()2
القاسية أو الحاطة بالكرامة "دراسة مقارنة رسالة دكتوراة جامعة المنصورة سنة 1997ص 30وما بعدها .
206
()1
وإزاء ص د د ددعوبة تعريح التعذيب علي تتميز بحالة خاص د د ددة من اإلجحاف والش د د دددة
المس ددتوي الفقهي فقد ذهب البعض إلي أن" التعذيب هو ذلك الس ددلوك الذي يس ددتش ددعر
أي إنسددان في العالم المتحضددر أنه تعذيب فالحبس اإلنفرادي مثالً إذا طبق قصددد من
ورائها التحقير أو اإلهانة أو اإلكراه أو أي إيالم معنوي فهو تعذيب عالوة علي كونه
معداملدة مهيندة أو حداطدة بدالك ارمدة وهو مدا طبقتده بدالفعدل اللجندة األوروبيدة لحقوق
()2
اإلنسان.
وقد حاول خبراء في مجال الطب تعريح التعذيب بأنه إلحاق أذي جسد دددي أو عقلي
متعمد من قبل ش د د ددخص أو أكثر بعمل وحده أو مع آخرين أو بناء علي أوامر من
سد ددلطة أعلي بهدف إجبار الشد ددخص علي تقديم معلومات أو اعترافات أو ألي سد ددبب
وإن كلن يؤخذ علي هذا التعريح عدم شد د ددموله لحالة سد د ددكوت الشد د ددخص عن ()3
آخر
جريمة التعذيب ووقوعها في حضرته وهو االشتراك بالسلب.
وفي إطار الفقه المصددري فقد عرف األسددتاذ الدكتور محمد ذكي أبو عامر التعذيب "
بأن مفهوم التعذيب ال يتوقف علي نوعه وإنما يتوقف علي جسددامته فال يدخل ضددمن
مضدمون التعذيب إال اإليذاء الجسديم أو التصدرف العنيف أو الوحشدي .وتقدير جسدامة
اإليذاء وعنف التصدرف ووحشديته مسدألة موضدوعية متروكة لقاضدي الموضدوع في كل
و كما ذهب األسددتاذ الدكتور عمر الفاروق الحسدديني إلي القول بأن ()4
حالة علي حدة
مفهوم التعذيب ال يرتبط بجسد ددامة األفعال التي يقترفها الجاني وإنما يرتبط بما تحدثه
( )1انظر : P.J. DUFFY, Definitions of terms in Articla 6 of the European convention on
Human Rights int. comp L.Q. vol. 32. April 1983 p. 517.
()2
انظر : James S. Renalds prospects for u.s. Retification of the convention aginst torture
american cociety of international low proceeding of 83 rd Annual Meeting- chicago. 111 inois
1989 pp. 554 - 558
()3
انظر اعالن طوكيو الجمعية الطبية العالمية ) (W.M.Aلعام 1975منشور في :
Amnesty internationa ethical cods and declarations Relvant to the health proffessions. London
1985 pp. 1-10
انظر د .محمد ذكي أبو عامر – الحماية الجنائية للحريات الشخصية المرجع السابق ص 58وما بعدها. ()4
207
()1
هذه األفعال من آثار في نفس الخاضع للتعذيب.
وهكذا تبين أن التعذيب ال يمكن تعريفه بأكثر مما فعلته في اتفاقية مناهضددة التعذيب
وغيره من ض ددروب المعاملة القاس ددية أو الالإنس ددانية أو الحاطة بالكرامة ذلك أنها رغم
االنتقادات التي وجهت إليها إال أنها وضعت تعريفاً شامالً جامعاً إلي حد كبير .
ثانيا – المقصـــود بضـــروب المعاملة أو العقوبة القاســـية أو
الالإنسانية أو المهينة :-
أوردت المادة ( )16من اتفاقية مناهضددة التعذيب وغيره من ضددروب المعاملة القاسددية
أو الالإنس ددانية أو المهينة تعريفاً عاماً لكل ما هو دون التعذيب من اوجه المعاملة أو
العقوبة القاسد ددية أو الالإنسد ددانية أو المهينة بقولها " :تتعهد كل دولة بأن تمنع في كل
إقليم يخضدع لوالياتها القضدائية حدوث أي أعمال أخري من أفعال المعاملة القاسدية أو
الالإنسددانية أو المهينة التي ال تصددل إلي حد التعذيب كما حددته المادة األولي عندما
يرتكب موهف عام أو شدخص آخر يتصدرف بصدفته الرسدمية هذه األعمال أو يحرض
علي ارتكابها أو عندما تتم بموافقته أو بسكوته عليها .
وال شددك أن هناك فارق بين المعاملة الخشددنة Rough Treatmentوالمعاملة أو
العقوبة القاسد د ددية أو الالإنسد د ددانية Inhuman treatment or punishmentوتلك
حيث أن المعاملة الخش د د ددنة ال تدخل الحاطة بالكرامة Degrading treatment.
في وصدف التحريم إال إذا تكاملت فيها عوامل القسدوة وطبيعة اإلحسداس المالزم للفعل
وكافة الظروف المحيطة بالشدخص( )2ذلك أن المعاملة الخشدنة تتطلب شديئاً من القسدوة
لتدخل دائرة التحريم كما أوض د د د د د ددحت اللجنة األوروبية في القض د د د د د ددية اليونانية لعام
()3
.1986
ودرجة القس ددوة التي تميز المعاملة الالإنس ددانية هي تلك التي تص ددم الفعل بالالإنس ددانية
انظر د .عمر الفاروق الحسيني" تعذيب المتهم لحمله علي االعتراف "المرجع السابق ص 127 ()1
208
فتس د د ددبب آالماً ومعاناة نفس د د ددية وجس د د دددية قاس د د ددية تزيد – قطعاً – عن القدر اليس د د ددير
والمتسد ددامح فيه من قبل المجتمع الدولي والداخلي والذي يدخل في مضد ددمون المعاملة
الخش ددنة .أما بالنس ددبة لطبيعة اإلحس دداس المالزم للفعل فهي بال ش ددك معيار لتوض دديح
الفارق بين المعاملة الخش ددنة والمعاملة الالإنس ددانية ذلك أن اإلحس دداس المالزم لقض دداء
عقوبة معينة هو إحس د دداس د ددا مر وهو أمر طبيعي أما إذا كانت الماديات المرتكبة في
حق اإلنسد ددان تزيد عن ذلك فولدت فيه اإلحسد دداس بالالإنسد ددانية في المعاملة فإن هذا
اإلحسدداس يصددبح غير مالزم لطبيعة الفعل ومن ثم يدخل الفعل دائرة التحريم ويصددمه
أيضاً بوصمة المعاملة الالإنسانية .
كما أن أهم المعايير التي تحدد المعاملة الالإنس د د د د ددانية هي الظروف والمالبس د د د د ددات
المحيطة بالضددحية كحبسدده احتياطياً في هروف غير مالئمة أو سددوء المعاملة الطبية
للسجين أو التهديد بإيقاع التعذيب فيه .
ومن األمثلة التي توضددح ذلك :تلك القضددية التي عرضددت علي لجنة حقوق اإلنسددان
في 1976/3/30وهي ش ددكوي قدمها والدا طفلين في إحدي مدارس اس ددكتلندا بإدعاء
أن أحد المدرسدين في هذه المدرسدة قام بمجازاة التلميذين بالضدرب وقد أسدس الشداكيان
ش د ددكواهما علي أن الض د ددرب هو عقوبة بدنية غير إنس د ددانية تم توقيعها علي طفليهما
بالمخالفة لنص المادة ( )3من االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنس د ددان .وقد قبلت اللجنة
الشدكوي في 1977/2/15وأعلنت تقريرها في 1980/5/16وأحالت الشدكوي مرفقة
بها التقرير إلي المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسد د د ددان فأصد د د دددرت المحكمة حكمها في
1982/2/25بان الضدرب لم يكن بقصدد اإلذالل واإلهانة بقدر ما كان ااتأديب ومن
ثم فهو ال يعد عقوبة ال إنسدانية وقد دعمت المحكمة رأيها هذا بقولها أن عدم الضدرب
قد يكون يحمل معني العقوبة الالإنس د د ددانية كما هو الحال في التهديد والتعذيب الذي
يكون في كثير من الظروف والمالبسد ددات عقوبة او معاملة ال إنسد ددانية مما يعني أن
209
()1
عنصر التهديد يحول المعاملة من معاملة خشنة إلي معاملة غير إنسانية.
أما المعاملة او العقوبة الخشد ددنة أو الحاطة من الكرامة Degrading Treatment
or Punishmentفهي تلك التي تقلل من منزلة اإلنسد ددان بصد ددفة كونه إنسد ددان أو
()2
تحط من قدره أو وصددفه أو سددمعته أو صددفته س دواء في عين نفسدده أو عين اآلخرين
وقد ذكرت اللجنة األوروبية في معرض حديثها في القضد ددية اليونانية Greekcase
أن المعاملة أو العقوبة الحاطة من الكرامة هي تلك التي تنطوي علي إذالل جسديم ()3
للش د ددخص أما اآلخرين فيدفعه ذلك التص د ددرف ض د ددد إرادته أو مش د دداعره ومس د ددألة كون
العقوبة أو المعاملة حاطة من الكرامة من عدمه هو من األمور التي تتوقف علي
هروف كل حالة ومالبس د دداتها وهروف الض د ددحية ووض د ددعه وص د ددفته وحالته الص د ددحية
وكذلك الغرض القص د د د ددد لدي الجاني وهو ما أكدت عليه المحكمة األوروبية س د د د ددنة
1982في القضد ددية السد ددابق اإلشد ددارة إليها( .)4حيث انتهت المحكمة إلي ان الغرض
من الضد د د ددرب الواقع علي التلميذين لم يكون للتحقير وال اإلذالل ولكنه كان للتاديب
ومن ثم فقد كان عقوبة مؤيدة من جانب معظم اآلباء في هذه المدرسة في اسكتلندا .
أن المعاملة أو العقوبة القاسد ددية أو الالإنسد ددانية أو الحاطة بالكرامة التي والخالصننة
تناولتها المادة ( )16من اتفاقية مناهضدة التعذيب وغيره من ضدروب المعاملة القاسدية
أو اإلنس د د د د ددانية او الحاطة بالكرامة ال يمكن أن تفهم أو تحدد بمعزل عن هروف
ومالبس ددات كل حالة علي حدة باإلس ددتعانة بمعايير مس دداعدة كوض ددع الض ددحية وقيمته
( The British Book of international low 1982 1ومشار إلي هذه الدعوة لدي الدكتور طارق رخا في المرجع
السابق ص 75 – 74
انظر عرض هذه القضية تفصيالً فيما سبق هذه الرسالة ص .147 ()2
( )3والعبارات كما ذكرت اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان في القضية اليونانية هي :-
Treatment or punishment of degrading if it lowers him in rank. Position Reputation or
character whether in his eyes or in the eyes of other people.
( )4انظر ما سبق في الصفحة السابقة مباشرة.
210
ونوعه وهروف المكان والزمان والقيمة اإلجتماعية وأسد د د ددلوب التنفيذ وطبيعة العقوبة
ذاتها كلها عوامل يمكن من خاللها الوقوف علي ما إذا كان فعل ما يمثل معاملة
غير إنسانية او مهينة أو حاطة بالكرامة من عدمه .
ثالثا ً – تاريخ التعذيب ومآربه :-
التعذيب قد تمارس دده الدولة أو جماعات او أفراد قبل أش ددخاص معينين بذاتهم أو غير
محددين ،وغالباً ما يكون الدافع لمثل هذه التعذيبات متعلقاً بالعنصد ددر أو الجنس أو
الدين .
وقد مورس العذاب في روما القديمة ....حيث كان الرومان يفرقون بين الحر والعبد ،
إذ كان األخير دوما موض د د ددعاً للتعذيب من س د د دديده لما س د د دداد بينهم من ملكية الس د د دديد
لعبيده ...ومن ضدمن الملكية أن يفعل السديد بالعبد ما يشداء وال معقب عليه في ذلك ،
ثم ما لبث التعذيب أن صددار وسدديلة من وسددائل الدولة في العصددور الوسددطي تمارسدده
بمقولة كشد ددف الحقيقة .حيث أمسد ددي التعذيب معترفاً بها من أكثر الدولة مدنية ..إذ
صار وسيلة لتحقيق ما توهموه من عدالة جنائية(.)1
في محاربة التعذيب ()2
وأنه – وعلي الرغم من جهود فالسد د ددفة سد د ددابقين أمثال بيكاريا
البدني إال أن التعذيب – بات سد د ددمة مميزة لبعض أنظمة الحكم في كثير من الدول
السدديما األنظمة العنص درية ،وأصددبح الفارق بين اليوم واألمس هو فارق نظري فقط ،
بل أن األبشد ددع أن هناك صد ددور من التعذيب لم تكن معروفة فيما قبل .وقد اسد ددتخدم
التعذيب منذ القدم كعقوبة في هل العديد من الحض د د ددارات ففي مص د د ددر القيدمة كان
السد د ددجناء يفضد د ددلون الموت علي الحياة داخل السد د ددجن نظ اًر للمعاملة القاسد د ددية وغير
انظر في هذا الموضنوك د .عمر الفاروق الحسنيني" تعذيب المتهم لحمله علي اإلعتراف "المرجع السنابق ص ، 11د .هاللي ()1
عبد الاله أحمد " حقوق المتهم خالل فترة التحقيق "المرجع السننننابق ص ، 20د .عوض محمد" حقوق المشننننتبه فيه ألناء
التحقيق "مقالة بالمجلة العربية للدفاك االجتماعي العدد 10في اكتوبر سننننننة 1974ص ، 120ود .عصنننننام أحمد محمد "
النظرية العامة للحق في سالمة الجسم "المرجع السابق ص 383وما بعدها .
( )2انظر BECCARIE : on crimes and punishments Treatment HENRY PAOLUCCINDIANE
1970 – p. 51.
211
اإلنسانية التي يعاملون بها(.)1
كما عرفت روما القديمة أشددكاالً من العقوبات غير اإلنسددانية مثل عقوبة الصددلب التي
يتم من خاللها وضد ددع الضد ددحايا أرسد داً علي عقب أو دفعهم بالخازرق في عوراتهم أو
بس ددط األذرع فوق الخش ددب وكما قال القليس ددوف – س ددينكا عن ص ددنوف التعذيب هذه ..
()2
"وهناك رأيت أسالكاً وسياطاً وأجهزة اخترعوها لتعذيب كل عضو وكل مفصل
كما عرفت روما أسداليب وحشدية في تنفيذ عقوبة اإلعدام مثل الموت بواسدطة" الحقيبة "
والتي كانت بمقتضداها يوضدع المحكوم عليه بعد جلده جلداً بالغ القسدوة في حقيبة من
جلد ثور مع حية وديك وكلب أو قرد ثم تخاط الحقيبة ويلقي بها في نهر التيبر أو
في البحر(.)3
كما ان التعذيب بالحرق والصد ددلب وتقطيع األوصد ددال وقطع الشد ددفاة واآلذان واللسد ددان
ولبس أطواق الحديد كان من األشد د ددكال المألوفة في أوروبا باعتبارها عقوبات( )4وفي
هل القانون الفرنس د د ددي القديم كان المحكوم عليه في جريمة العيب في الذات الملكية
يقض ددي بتمزيقه إلي أربعة أجزاء حيث يربط جس ددده بالحبال وتش ددد نهاية كل حبل إلي
خيول توزع غي اتجاهات مختلفة ثم تحمل الخيول علي الجري بأقصد ددي سد ددرعتها في
االتجاهات المتض د د دداربة فتمزق أوص د د ددال المحكوم عليه ثم يفك كل جزء من األجزاء
وفي آس د د د د دديا تش د د د د دددد القانون الياباني في معاقبة ()5
الممزقة ويتم حرقه ويزري رماده
المذنبين فكان يعذبهم حيث كان يتم صدلب المذنب علي أداة علي شدكل صدليب حيث
ينصب عليه الجسد ثم يرمي بالحربة أو الرمح من أوله إلي أخره(.)1
انظر د .رلوف عبيد مبادئ اإلجراءات الجنائية في القانون المصري مطبعة االستقالل الكبري سنة 1986ص .5 ()1
انظر د .محمود سالم زناتي " مدخل تاريخي لدراسة حقوق اإلنسان "المرجع السابق ص93. ()2
انظر د .محمود سالم زناتي " مدخل تاريخي لدراسة حقوق اإلنسان "المرجع السابق ص .95 – 94 ()3
انظر د .أبو السعود عبد العزيز موسي " ضمانات المتهم وحقوقه "رسالة دكتوراة جامعة األزهر سنة .1985 ()4
انظر د .محمود سالم زناتي " مدخل تاريخي لدراسة حقوق اإلنسان "المرجع السابق ص .95 ()5
212
وقد اسدتخدمت دول حوض البحر األبيض المتوسدط وكذلك الواليات المتحدة األمريكية
ومعظم دول العالم تقريباً التعذيب كعقوبة وكان مدرب التعذيب واحداً في كل هذ
الدول رغم اختالف أيدلوجياتها واس د د ددتعراض القوة في الجس د د ددد بأس د د ددلوب الذلة والقهر
إلحداث العر في نفوس الشد د د د د ددعوب وإحكام قهرها وقد كان هذا المأرب أهم مدرب
التعذيب آنذاك باإلضافة إلي ما استجد في العصر الحديث من مدرب تحكمها هروف
عديدة كالظروف الس د د ددياس د د ددية أو األمنية أو هروف إدارة العدالة الجنائية أو حاالت
الحرب سدواء الحرب الدولية أو األهلية وكذلك الخالف العقائدي أو العنصدري بين من
()2
يرتكب التعذيب ومن يقع عليه فعل التعذيب.
رابعا ً – التعذيب وحق اإلنسان في سالمته الجسدية :-
لما كان الجس ددم هو مهبط الروو وهو الكيان الذي من خالله يباش ددر اإلنس ددان وهائفه
الحياتية ومن ثم فإن أي مس دداس ينال من هذا الوعاء – وهو الجس ددم – سد دواء بص ددفة
تقليدية كالضد ددرب أو الجرو أو بصد ددورة غير تقليدية وخطيرة تتطلب مزيداً من القسد ددوة
وهو التعذيب حيث يتعرض اإلنسددان كله بما في ذلك حياته ألخطر األضدرار ذلك أن
أفعال التعذيب تختلف رغم أن الحق المعتدي عليه واحد فاس د د ددتعمال القس د د ددوة مؤثم
لحماية كرامة اإلنس د ددان من ارنتهاكات وحفاهاً علي اس د ددتقامة رجال الض د ددبط ،وهتك
العرض مجرم لحماية الشدرف والعرض والحرية الجنسدية ،وتعذيب المتهم مؤثم لحماية
وقد ()3
حقوقه في الدفاع عن نفسد د دده وحرص د د داً علي مشد د ددروعية الدليل المسد د ددتمد منه
اسدتطرد األسدتاذ الدكتور محمود نجيب حسدني في شدرو هذه المعاني بقوله " إننا نعني
بحماية الحق في الس ددالمة الجس دددية بص ددورة ش دداملة أنها حماية للعناص ددر المكونة لهذا
الحق بصد ددفة مباش د درة كما وأننا نطلق المدلول علي الحماية التبعية للحق في سد ددالمة
ومن هنا ()1
الجسدم التي تحمي الحق في السدالمة الجسددية بصدورة تابعة لتجريم أصدلي
انظر د .طارق عزت رخا" تجريم التعذيب "المرج السابق ص 248وما بعدها. ()2
انظر د .محمود نجيب حسني" الحماية الجنائية للحق في سالمة الجسم "المرجع السابق ص .3 ()3
213
فإن التعذيب يندرج تحت المس دداس بس ددالمة الجس ددم بجميع ص ددوره وأفعاله طالما انتهك
أي عنصر من عناصر الحق الذي تقتضي حمايته الشمولية والعمومية .
خامسا ً – الظروف التي تقع فيها جريمة التعذيب وأسلوب ممارستها :-
أ -ظروف التعذيب :-
ال تخرج مقارفة جريمة التعذيب وغي ار من ضد د ددروب المعاملة أو العقوبة القاسد د ددية أو
الالإنسد د ددانية او المهينة أو الحاطة بالكرامة اآلدمية عن عدة صد د ددور من أهمها علي
المستوي الدولي :-
-1حاالت التمييز العنصري :-
والتي يصدددر فيها التعذيب عن اسددتعالء عنصددر علي عنصددر آخر فينكر األول علي
اآلخر حق الحياة أو الحق في السددالمة الجسدددية إذا كا كانت اإلبادة أو الحرمان من
الحق في الحياة مس د ددتحيلة ..فتأتي جريمة المس د دداس بالس د ددالمة الجس د دددية كبديل لهذه
إذ تطغي مشد د د دداعر الحقد األسد د د ددود واالحتقار علي غيرها من ()2
الغاية الشد د د دديطانية
()3
المشاعر اإلنسانية الرحيمة ..وهذا ما حدث كثي اًر فيما مضي في جنوب أفريقيا.
()4
وهو ما حدث في إسرائيل ومازال يحدث ضد الفلسطينيين
وهو ما حدث كذلك في يوغس د د ددالفيا الس د د ددابقة من جانب الص د د ددرب ض د د ددد مس د د ددلمي
()1
ففي هذ األمثلة وغيرها ما كانت ممارسد د ددات وحشد د ددية ههر فيها اإلنتقام البوسد د ددنة
ويصددادر العنصددري الذي يهدف إلي إبادة شددعب لشددعب آخر أنه ال يسددتحق أن يعي
عليه حقه في الكرامة اإلنسانية .
انظر د .الشافعي محمد بشير " التعذيب في المعتقالت والسجون ووسائل مقاومته " المرجع السابق ص 281وما بعدها. ()2
ومن ذلك ما حدث سنة 1985في جنوب أفريقيا – انظر تقارير منظمة العفو الدولية عن جنوب أفريقيا مارس 1985ص .18 ()3
()4
ومن األمثلة علي ممارسنننة إسنننرئيل لذلك ما يفوق الحصنننر كمذبحة دير ياسنننين 1948حيث جرد الصنننهاينة أهل القرية من
مالبسنهم ومارسنوا عليها أبشنع أنواك التعذيب وما حدث في جنوب لبنان في صنبرا وشناتيال وما أقره العيان والصنحافة في إسنرائيل
من اعتراف العسكريين االسرائيليين بتعذيب وقتل األسري المصريين في حربي . 1976 ، 1956
انظر د .نبيل بشننر " المسننئولية الدولية في الم متغير " ص 44وكذا تقارير األمم المتحدة وولائق المحكمة الدولية الجنائية ()1
وقد تعرض الكاتب الفرنسننننني الكبير جارودي للمحاكمة سننننننة 1998عن كتابه الذي ألبت فيه بالدليل أباطيل وخرافات مما ()3
تعرض ل اليهود خالل هذه الفترة علما بأن هذا الكاتب من أكبر الكتاب المسلمين في أوروبا .
215
وسيلة مشروعة إلقامة دليل علي جريمة ما.
سابعا ً – الجهود الدولية لمناهضة التعذيب البدني :-
أ -تجريم ممارسات التعذيب :-
أكد ميثاق األمم المتحدة في ديباجته علي كرامة اإلنسان وانطلقت من ذلك كل مواثيق
حقوق اإلنس ددان علي النطاق العلمي واإلقليمي فأكد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنس ددان
سدنة 1948علي كرامة اإلنسدان ..ونصدت المادة ( )5منه علي تحريم التعذيب وكل
عمل يحط من كرامة اإلنس ددان وكذا المادة ( )7من إتفاقية الحقوق المدنية والس ددياس ددية
والمادة ()2من اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس واتفاقيات جنيف س د ددنة 1949وجميع
مواثيق حماية المس د ددجونين أو المعتقلين أو اتفاقيات منع الرق أو االتجار في الرقيق
وكذا علي النطاق اإلقليمي االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسد د د د ددان اإلتفاقية األمريكية
لحقوق اإلنس د ددان والميثاق األفريقي لحقوق اإلنس د ددان ومش د ددروع الميثاق العربي لحقوق
كما ناك مش د ددروع إلتفاقية عربية لمنع التعذيب والمعاملة الالإنس د ددانية أو ()1
اإلنس د ددان
وقد نبع مشدروع هذه اإلتفاقية من األصدول ()2
المهينة أو الحاطة بالكرامة سدنة 1989
والمنابع والقيم الدينينة التي رسددخها الدين اإلسددالمي الحنيف في المنطقة العربية علي
وجه الخصد ددوص حيث نصد ددت المادة األولي من المشد ددروع علي أن تعذيب اإلنسد ددان
جريمة يعاقب عليها القانون وال تسد د ددقط الدعوي أو العقوبة بالتقادم كما نصد د ددت المادة
( )14من المش د د ددروع علي أنه تكفل كل دولة حظر وتحريم المعاملة الالإنس د د ددانية أو
المهينة او الحاطة بالكرامة التي ال تصد ددل إلي حد التعذيب المبين بالمادة الثانية وقد
تناولت المواد من ( )15إلي ( )25آليات تنفيذ هذه اإلتفاقية إذ نصد د ددت المادة ()15
علي إنش د دداء لجنة وطنية في كل دولة لمراقبة تنفيذ احكام هذه اإلتفاقية وتش د ددكل هذه
وقد تعرضنا لدور هذه المواليق وأجهزتها واآلراء والتوصيات واألحكام التي صدرت بخصوص جرائم التعذيب انظر ما سبق من ()1
أساتذة القانون والقضاة ورجال الشرطة والمحامون ورجال الصحافة من كافة الدول العربية .
216
اللجنة من ممثلين عن الحكومة ونقابة المحامين ونقابة األطباء حيث أن المحامين
وألطباء يتصد ددلون اتصد دداالً وثيقاً باإلنسد ددان المقبوض عليه أو المحتجز أو المسد ددجون .
كما نصد ددت المادة ( )17من مشد ددروع االتفاقية علي إنشد دداء لجنة عربية علي مسد ددتوي
جميع الدول األطراف وأعضد د د ددائها من رؤسد د د دداء اللجان الوطنية وقد أعطي مشد د د ددروع
االتفاقية أعض د دداء اللجان س د ددلطات واختص د دداص د ددات تتقارب مع تلك التي تختص بها
اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسددان ولكن الزال هذا المشددروع مشددروعاً إلي اآلن حيث لم
يدخل حيث التنفيذ بعد ومن ثم فهو ال يعدو بارقة أمل في أن تواجه جريمة التعذيب
في الدول العربية بأسد ددلوب أكثر حسد ددماً ولكن أهم المواثيق التي صد دددرت خصد دديص د داً
لمواجهة هذه الريمة هو إعالن الجمعية لألمم المتحدة س د د د ددنة 1975بحماية جميع
األشددخاص من التعرض لللتعذيب .وغيره من ضددروب المعاملة أو العقوبة القاسددية أو
()1
الالإنسانية أو المهينة سنة 1984وقد أشرنا إليهما فيما سبق.
أمدا علي المسد د د د د د ددتوي اإلقليمي فهنداك االتفداقيدة األوروبيدة لمنع التعدذيدب والمعداملدة
الالإنسانية أو المهينة المبرمة بين دول مجلس أوروبا سنة .1987
ولقد وس د د د ددعت اتفاقية مناهض د د د ددة التعذيب س د د د ددنة 1984من الص د د د ددور التي تدخل تحت
التعذيب وتوسد د ددعت كذلك في مفهوم الفاعل األصد د ددلي أو الشد د دريك في التعذيب وكذا في
المسد ددئولية عن هذه الجريمة وأوصد ددت كذلك الدول بإصد دددار التش د دريعات التي تمنع هذه
الجريمة وتقي اإلنسد ددان منها كما وضد ددعت نظاماً لكي تفرض الجهات القضد ددائية واليتها
علي جرائم التعدذيب لئال يفلدت مجرم من العقداب (مادة )5من االتفداقيدة كمدا وضد د د د د د ددعت
المواد ( )15 ، 14 ،13منها نظاماً يخول المجني عليه كيفية اس د د ددتيفاء حقوقه الجنائية
والمدنية فألزمت السدلطات بسدماع شدكاوي المعذبين ،وعقاب المجرمين ،ثم إسدقاط كافة
االت ارفدات المدأخوذة تحدت وطدأة التعدذيدب ،وكدذا تعويض المجني ليده مددنيداً أو ورثتده من
بعده – إن قد توفي – بما يوازي ضررهم المادي واألدبي أو الضرر الموروث من جراء
217
مقارفة التعذيب.
ب -النظنام الرقنابي النذي أوجندتنه اتفناقينة منناهضننننننننننة التعنذينب وغيره من
ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية -:
نصد ددت المادة ( ) 17من هذه االتفاقية علي إنشد دداء لجان مناهضد ددة التعذيب وهي تتألف
من عشد د د د د ددرة خبراء علي مس د د د د د ددتوي عال تنتخبهم الدول األطراف في االتفاقية لمدة أربع
س د د د ددنوات ..وتقدم الدول األطراف في هذه اإلتفاقية إلي اللجنة تقارير عن التدابير التي
اتخذتها أو تتخذها في س د د د د د ددبيل منع جريمة التعذيب وغيرها من ض د د د د د ددروب المعاملة أو
العقوبة القاسية أو الالإنسانية كل أربع سنوات حيث ترسل هذ التقارير إلي األمين العام
لألمم المتحددة الدذي يحيلهدا إلي هدذه اللجندة حيدث تبددي مالحظتهدا وتعليقداتهدا وترد الددول
علي ذلك ويمكن للجنة أن توفد أحد أعضد ددائها إلي الدولة للتأكد من أمر ما بخص ددوص
هذ الجريمدة أو التحقيق في معلومات وثيقدة بهدذا الصد د د د د د دددد وتقوم اللجندة بإدراج كل هذه
المالحظات عن الدول التي تمارس د د د دده ،وفي س د د د ددبيل توس د د د دديع لجنة مناهض د د د ددة التعذيب
الختص د د دداص د د دداتها فقد أعطت الدول لهذه اللجنة حق تلقي ش د د ددكاوي من دولة ض د د ددد دول
أخري أو من فرد ضدد دولة بخصدوص ممارسداتها للتعذيب ما دامت الدولة المشدكو فيها
()1
قد قبلت هذا االختصاص.
ج -حفز الرأي العام العالمي لمواجهة جرائم التعذيب -:
ذلك أن فضدح حكام الدول التي تمارس التعذيب أمام الجماعة الدولية السديما من خالل
منظمدة األمم المتحددة ومدا أنش د د د د د د ددأتده من أجهزة لدذلدك أو هيئدات ولجدان دوليدة لرص د د د د د د ددد
انتهاكات حقوق اإلنسد د د ددان ومنعها ،ومن أهم ق اررات األمم المتحدة في هذا الشد د د ددأن هو
القرار رقم 503لس ددنة 1970الذي أصد ددره المجلس االقتص ددادي واالجتماعي للتس ددهيل
وقد تعرضنننننا لنظام الحماية الذي قررته اتفاقية مناهضننننة التعذيب والجانب العملي منه من خالل تقاريها حتي سنننننة 1996 ()1
انظر ما سننبق ص وما بعدها ،وانظر د .عبد الواحد الفار "قانون حقوق اإلنسننان" المرجع السننابق ص 432 ، 431وكذلك د.
الشافعي محمد بشير "التعذيب في المعتقالت والسجون ووسائل مقاومته" المرجع السابق ص 285وما بعدها.
218
علي الفرد أو الجماعة في تقديم الش د د ددكاوي ض د د ددد حكوماتهم التي تمارس التعذيب وغيره
من ص ددور انتهاكات حقوق اإلنس ددان حيث ال يتطلب األمر س ددوي ش ددكوي ترس ددل – بأية
لغة – إلي األمين العام لألمم المتحدة متضد د د د ددمنة وقائع التعذيب أو غير من ضد د د د ددروب
المعاملة أو العقوبة القاسد ددية أو الالإنسد ددانية ثم يتولي مركز حقوق اإلنسد ددان التابع لألمم
المتحدة فحص هذه الشد ددكوي ثم تحيلها اللجنة الفاحصد ددة إلي لجنة حقوق اإلنسد ددان التي
تكون من ( )43عضد ددو يمثلون الحكومات ثم توالي اللجنة التحقيق وسد ددماع الشد ددهود أو
إرسد ددال مبعوث منها إلي الدولة لتقصد ددي حقيقة األمر إذا لزم ذلك ثم ترس د دل تقريرها بعد
ذلك إلي المجلس االقتصد ددادي واالجتماعي الذي ينفذ توصد ددياتها أو يحيلها إلي الجمعية
()2
العامة لتنفيذها.
ومن هنا فإن أس ددلوب الش ددكاوي ناجح في فض ددح س دديس ددات الدول في التعذيب أمام الرأي
العام العالمي السيما بد نشر ذلك في التقرير السنوي.
هذا وقد باتت المنظمات غير الحكومية أبواقاً عالية في فض د د د ددح هذه الممارس د د د ددات ومن
()4
وهيئة الصليب األحمر الدولية. ()3
أبرز األمثلة علي ذلك منظمة العفو الدولية
وكذلك أيضد د د د د د داً فقد أنشد د د د د د ددأت األمم المتحدة بقرارها الصد د د د د د ددادر من الجمعية العامة في
1978/12/20ص ددندوقاً للمعذبين وهو يتلقي مس دداهمات مالية من كل مكان في العالم
()1
لحماية وتعويض ض ددحايا التعذيب وأس ددرهم ويدير هذا الص ددندوق أمين األمم المتحدة.
كمدا أنده علي النطداق الوطني توجدد عددة طرق لمواجهدة جرائم التعدذيدب ،والبدد من إيقدا
الوعي لدي القائمين علي إنفاذ هذه القوانين من رجال الضد د د د د ددبط والتحقيق وكذا األطباء
القائمين علي إثبات مواطن وآثار التعذيب في جسد د د ددم اإلنسد د د ددان ،وحفز همم المواطنين
من أعض د دداء النقابات المهنية وعلي أرس د ددها نقابات المحامين ومنظمات حقوق اإلنس د ددان
انظر د .الشافعي محمد بشير "التعذيب في المعتقالت والسجون ووسائل مقاومته" المرجع السابق ص .288 ()2
وقد تعرضنا بالتفصيل لنظام هذا الصندوق انظر ما سبق ص وما بعدها. ()1
219
ونقابات األطباء وكليات الحقوق ..والشد د د ددك أن لإلعالم والصد د د ددحافة ()2
غير الحكومية
دو اًر هاماً وحيوياً في هذا المجال ،وقبل ذلك تعميق اإليمان بقض د د د ددية حقوق اإلنس د د د ددان
وحرياته األسداسدية وتدريس ذلك في شدتي مراحل التعليم والسديما كليات القانون والشدرطة
والطب.
لامناً – مدي التزام مصنر بمنع وقوك جريمة التعذيب وغيره من ضنروب المعاملة
أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية او الحاطة بالكرامة -:
ص د د دددقت مص د د ددر علي اإلتفاقية الدولية لمناهض د د ددة التعذيب بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم
154لسد ددنة 1986والذي تم نش د دره في الجريدة الرسد ددمية المص د درية في 1986/1/7علي أن
يعمل بها اعتبا اًر من 25يونيه س د ددنة 1986وبذلك أص د ددبح لهذه االتفاقية قوة القانون الداخلي
بعد التص د د د د ددديق عليها طبقاً للمادة ( )151من دس د د د د ددتور جمهورية مص د د د د ددر العربية وقد قدمت
الحكومة المصد د د د درية – وطبقاً للمادة ( )19من االتفاقية – تقريرها األول في 1989إلي لجنة
مناهضة التعذيب التي أشرنا إليها فيما سبق.
() 3
انظر "سجناء بال محاكمة وعقوبات بال قانون" كتاب ولائقي عن عدد المعتقلين السياسيين في مصر والذي بلش عددهم ()2
وورد حصرهم باألسماء في هذا الكتاب " "7811شخصاً حتي نهاية سنة 1995وهو ليس العدد الفعلي ولكن هو الجزء الذي
من المستطاك حصره .وهو من إصدارات المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان سنة .1996
انظر ما سبق ص ()3
220
والحقيقة أن مصددر وقانون اإلجراءات الجنائية المصددري إذ تمت محاكمة ضددباط شددرطة
عن جرائم تعدذيدب ارتكبوهدا في حق متهمين وشد د د د د د ددملدت هدذه المحداكمدة محداكمدة ()44
ض ددابطاً في الدعوي رقم 305لس ددنة – 1986المعادي وهي الدعوي المعروفة بقض ددية
تنظيم الجهاد( ..)1ولكن الزالت أس د دداليب وأص د ددناف التعذيب تمارس إلي اآلن وي حقيقة
تؤكدها أحكام القضد دداء وتقارير مصد ددلحة الطب الشد ددرعي المص د درية التابعة لوزراة العدل
()2
المصرية وتحقيقات النيابة العامة وتقارير منظمة حقوق اإلنسان المصرية.
وقد إعتاد الناس في مصدر علي ارتكاب رجال األمن جرائم وحشدية بال مبرر شدرعي أو
قانوني وبات من األسداليب النمطية ضدرب المتهم أو القسدوة عليه أو تعليقه في أوضداع
مركبة أو صدعقه بالكهرباء أو إطفاء السدجائر في أماكن حسداسدة من جسدده أو االعتداء
الجنسددي عليه ،هذا كله باإلضدداف ة إلي التوبيخ والشددتم والسددب والتهديد واقتراف ذلك لي
ذوي المتهم لبره علي االعتراف أو إلجباره علي تس د د د د ددليم نفس د د د د دده وكثي اًر ما ينتهي األمر
وهناك أماكن معروفة في مص د ددر لممارس د ددة هذا التعذيب سد د دواء كانت ()3
بوفاة الض د ددحية
سجوناً خاصة أو معتقالت أو مقار مباحث أمن الدولة أو معسكرات األمن المركزي أو
وسدوف نعرض في عجالة لتجريم التعذيب في مصدر ،وما نراه ()4
حتي أقسدام الشدرطة
لمواجهة هذه الجريمة داخل مصر.
أ -تجريم التعذيب في مصر -:
باإلضد د ددافة إلي صد د دديرورة اتفاقية مناهضد د ددة التعذيب قانوناً داخلياً في مصد د ددر منذ سد د ددنة
1986فإن التعذيب مجرم في مصدر عن طريق قانون العقوبات في المواد رقم ()126
انظر تقارير المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان من سنة 1990حتي سنة 1995بخصوص جرائم التعذيب في مصر. ()2
انظر االستاذ طارق زت محمد رضا " التعذيب كنظام متبع" بحث مقدم إلي سيراكوزا المرجع السابق وكذلك "مصر االعتقال ()3
التعسفي والتعذيب بموجب سلطات قانون الطوارئ" منشورات منظمة العفو الدولية آيار مايو سنة .1989
أصدرت المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان ام 1993كتاباً ولائقياً عن التعذيب في مصر تحت عنوان "جريمة بال عقاب " ()4
تضمن هذا الكتاب توليقاً لعدد ( ) 221حالة تعذيب مولقة بموجب أحكام قضائية أو تقارير طبية شرعية أو تحقيقات النيابة
العامة ،كذلك تقاريرها حتي عام .1995
221
) 129( ،واللتان تواجهان حاالت التعذيب أو اسد ددتعمال القسد ددوة من موهف عام وكذلك
المدادة ( )282التي ارتقدت بدالعقوبدة إلي مصد د د د د د دداف الجندايدات عنددمدا يكون القبض بددون
وجه حق مصحوباً بالتهديد بالقتل كما أن هذه الجريمة ال تسقط بالتقادم ..ذا باإلضافة
إلي أن الدسدتور ذاته قد كفل حق اإلنسدان في السدالمة الجسددية من جميع ألوان اإليذاء
، البدني أو المعنوي في المادة ( )42منه كما أن هناك قوانين تنظم سد د ددير السد د ددجون
()1
حيث أن تعذيب الس ددجين يوقع الجاني تحت طائلة نص المادة ()282 ، 129 ، 126
عقوبات حس د د ددب ماديات كل جريمة ،فقد وس د د ددع المش د د ددرع المص د د ددري في مفهوم الفاعل
األص د د ددلي وقرر عقوبة القتل العمد ض د د ددد الجاني عند قتل المجني عليه وقرر مبدأ عدم
تقادم الدعوي الجنائية ضد ددد الجاني في مثل هذه الجرائم وهو نص دسد ددتوري (مادة )57
من الدسددتور المصددري ،وعموماً رغم وجود هذ النصددوص إال أن ممارسددة هذه الجريمة
في مصدر باتت أشدبه باألمر العادي وهو أمر بالغ الخطورة ولذلك فإن التجريم وحده ال
يكفي إذا مدداكددان ندداك المبدداالة وعدددم وعي رجددال الضد د د د د د ددبط وعدددم تعميق وفهم حقوق
اإلنسددان لديهم واختالط األمر عندهم بين سددلطات الضددبط وسددلطان العقاب رغم إبطال
المحاكم للكثير من االعترافات التي يحصد د ددلون عليها من المتهمين تحت وطأة التعذيب
وسد د د د د د ددوف نعرض لبعض ما يجب أن يكون عليه الحال لمواجهة جريمة التعذيب وغيره
من ضروب المعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة في مصر :
انظر د .غنام محمد عنام "حق المسجون في الكرامة اإلنسانية" بحث ضمن موسوعة حقوق اإلنسان إعداد د .شريف ()1
223
لي اسد د د ددتعمال القسد د د ددوة ضد د د ددد المواطنين من قبل الموهف العام وذلك بتشد د د ددديد
العقوبة المقررة بما يتناسد ددب مع جسد ددامة وخطورة هذه الجريمة ذلك أن العقوبة
المقررة هي الحبس س د ددنة كحد أقص د ددي أو غرامة ال تزيد عن مائتي جنيه وهي
ال ش د د د د د د ددك عقوبدة هزيلدة ال تحقق المراد من العقداب وهو الردع العدام والخداص
وتحقيق العدالة الجنائية وال تتناسب آليته مع شناعة الجرم المرتكب.
ضدرورة تعديل المادة ( )282من قانون العقوبات المصدري والتي تقرر لجريمة -4
التعدذيدب البددني عقوبدة الجندايدة إذا مدا صد د د د د د دداحدب القبض دون وجده حق تهدديدد
بالقتل ولكنها لم تفرق بين ما إذا وقع هذا الفعل من شددخص عادي أو موهف
عام بمناس د د د د ددبة وهيفته ..وكان يتحتم تغلي العقاب في الحالة الثانية باعتبار
كونها أكثر وقوعاً من ناحية واألكثر حاجة إلنض ددباط رجال الض ددبط من ناحية
أخري.
كما أنه من المسد د د د ددتحسد د د د ددن واألوفق – كما أوصد د د د ددت محكمة أمن الدولة العليا -5
المصرية – طوارن في حيثيات الدعوي رقم 945لسنة ( 1996قضية اغتيال
المرحوم رفعت المحجوب رئيس مجلس الش ددعب األس ددبق) ،أن يتدخل المش ددرع
بافتراض المسدئولية عن جرائم التعذيب في رئيس الجهاز الذي يعمل به المتهم
الذي وقع منه التعذيب إلي أن يقدم رئيس الجهاز – بما له من سددلطة رئاسددية
وعلم بدقائق عمله ومرؤس د دديه – المتهم بالتعذيب وذلك لس د ددد الباب أمام تس د ددتر
الرؤسد دداء علي مرؤوسد دديهم وضد ددياع حقوق المعذبين ،إذ في جميع األحوال ال
يمكنهم علي اإلطالق ذكر اسددم وال وصددف من عذبهم وإذا ذكروا ذلك فإن من
السددهل علي المتهم بمسدداعدة رؤسددائه التنصددل من المسددئولية – كما هو الواقع
عمالً – ك ددأن يثب ددت علي غير الحقيق ددة أن دده لم يكن متواج ددداً في المك ددان وال
الزمان الذي تم فيه التعذيب وما أكثر ما حدث ذلك وهو أمر شد د د د ددائع جداً بين
من يعذبون الناس.
224
إعدادة الحددال كمددا كدان عليدده بدالنسد د د د د د دبددة لحق المجني عليدده في إقدامدة الددعوي -6
اليوميدة ضد د د د د د ددد من ارتكدب في حقده جريمدة التعدذيدب حيدث كدان ذلدك متداحداً قبدل
تعديل نص المادة ( )63إجراءات جنائية والتي حصرت رفع الدعوي العمومية
ضددد الموهفين العمومين ومن في حكمهم – من ضددباط الشددرطة – في النيابة
العامة وذلك بالقانون 121لس د د د د د ددنة 1956ومن ثم فقد غلت يد المجني عليه
في تبع الجاني الستيفاء حقه وقصاص العدالة منه.
ضد د ددرورة تعديل القانون رقم 396لسد د ددنة 1956الخاص بتنظيم السد د ددجون في -7
مصدر بما يتالئم مع أحكام اتفاقية مناهضدة التعذيب وأحكام الدسدتور المصدري
بحيدث تكون تبعيدة السد د د د د د ددجون لو ازرة العددل بددالً من و ازرة الدداخليدة وتعدديدل هدذا
القانون في خصد ددوص النصد ددوص التي تتيح االعتداء علي السد ددالمة الجسد دددية
أو حبس د د دده انفرادياً لمدة غير محددة ()1
للمس د د ددجون أو المعتقل مثل عقوبة جلده
في أماكن قاسددية واإلسدداءة إليه في النظام الصددحي أو الغذائي ،وكذا ضددرورة
عمل نظام التص ددنيف العقابي بحيث ال يض ددع المس ددجون جنائياً مع المعتقل أو
المحبوس احتياطياً في قض ددايا رأي أو فكر معين إذ أن الحاالت األخيرة أقرب
إلي الحبس االحتيددا طي مندده إلي السد د د د د د ددجن وتش د د د د د د ددديددد العقوبددة التددأديبيددة علي
المسد د ددئولين عن السد د ددجون – كمأمور السد د ددجن مثالً – في حالة اتصد د ددال رجال
السلطة العامة بالمسجون أو المتقل أو المحبوس احتياطياً علي غير ما تطلب
القانون ،كذلك حث النيابة العامة – من خالل تعليمات النائب العام بأن تقوم
الدوري بالدور اإلنسد د دداني والقانوني والشد د ددرعي المنوط بها وهو الرقابة والتفتي
والفعلي والعملي والواقعي علي السد د د د ددجون والمعتقالت .وبأن يمتد ذلك إلي كل
وال يتعارض ذلك مع عقوبة الجلد في الشريعة اإلسالمية الغراء ذلك أن الجلد في السجون هو عقوبة تأديبية ال أساس لها ()1
في حين أن الجلد في الشريعة اإلسالمية عقوبة جنائية لها حدودها ولها جريمتها ولها استيفاء كافة األدلة قبل الحكم بها
وهي محاطة بكثير من الضمانات عند اإللبات وعند التنفيذ .انظر د .غنام محمد غنام "حق المسجون في الكرامة اإلنسانية"
المرجع السابق ص 296وما بعدها.
225
وكالء النيددابددة دون اشد د د د د د ددتراط درجددة معينددة ،وفي كددل أمدداكن االحتجدداز علي
مستوي الدولة دون ارتباط باختصاص مكاني.
ضد د د د د د ددرورة تعدديدل قدانون اإلجراءات الجندائيدة لينص علي كفدالدة حق المتهم أو -8
المشد ددتبه فيه أو أي شد ددخص مقبوض عليه في أن يسد ددتعين بمحام أثناء سد دؤاله
في قسد ددم الشد ددرطة ،ووضد ددع عدة ضد ددمانات لكفالة أن يكون حضد ددور المحامي
محققاً لحق المتهم في الدفاع عن نفسه وحسن سير العدالة.
إقرار حق كددل من وقع عليدده التعددذيددب وثبددت بحكم جنددائي نهددائي بددأن يحرك -9
النائب العام الدعوي الجنائية ض د ددد من قارف جريمة التعذيب ض د ددده وال يكتفي
أبداً ببراءة المتهم في دعاوي إلبطال سدؤاله أو اسدتجوابه أو اعترافه تحت وطأة
التعذيب إذ أن هذا األمر غاية في الغرابة وهو أن يس د د ددتقر لدي المحكمة وقوع
جريمة التعذيب ثم ال تحرك الدعوي ضد د د د د د ددد مرتكبي هذ الجريمة مكتفية ببراءة
من وقع عليه فعل التعذيب.
-10إعمال نصوص القرار رقم 79لسنة 1961وهي (الئحة تنظيم السجون) فيما
يتعلق بنصد د ددوص المواد ( )45 ، 28 ، 27بشد د ددأن إثبات طبيب السد د ددجن لكل
إص ددابة في الس ددجون وحالته الص ددحية وعيادته وتطبيقه علي الوجه األكمل وأن
يتم الكش د ددف عليه فور إيداعه الس د ددجن ولكن لكل هذا ال يحدث إال ناد اًر لتبعية
األطباء إلدارة السددجن من ناحية ،ولعدم القدرة علي مواجهة هذه اإلدارة وعدم
وعي ويقظدة ضد د د د د د ددمير األطبداء من نداحيدة أخري ،وهو مدا يتعدارض مع آداب
()1
المهنة تماماً واألمثلة علي ذلك فوق الحصر.
-11إلغاء نص المادة ( )102من قانون هيئة الش د د د د ددرطة رقم 109لس د د د د ددنة 1917
والذي يتيح لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر الالزم ألداء واجبه حيث تركت
انظر مئات األمثلة علي اإلهمال الجسيم وتحرير تقارير طبية صورية داخل المعتقالت والسجون في مصر تقارير منظمة ()1
وبعد ،فكل هذه األمور ليسد ددت من ترف الحديث بل هي حقوق أسد دداسد ددية نصد ددت عليها
المواثيق الددوليدة العدالميدة واإلقليميدة ومن قبدل حمداهدا اإلسد د د د د د ددالم حمدايدة فدائقدة في آيدات
القرآن الكريم وأحاديث النبي ص ددلي هللا عليه وس ددلم ونهج الص ددحابة الكرام من بعده ومن
ثم فإن من الضد ددروري أن توضد ددع هذه المالحظات موضد ددع التنفيذ ألنه ال تقدم وال رقي
لمجتمع تهان فيه كرامة اإلنسان.
227
الفصل الثالث
آليار مقاومة انتهاك حقوق اإلنسان
228
المبحث األول
اآلليات الدولية لمقاومة انتهاك حقوق اإلنسان
إن النصوص وحدها ال تحمي حقوق اإلنسان كما أن الهيئات أيضاً ال تكفي لوقف
انتهاكات حقوق اإلنسان وإنما البد من تفعيل وإعمال آليات ووسائل فعلية وواقعية تكفي
لردع من ينتهك هذه الحقوق.
ويمكن تقسيم هذه الوسائل في إطار األمم المتحدة إلي ثالثة أنواع وهي -:
)1األجهزة الوطنية المعنية بحقوق اإلنسان.
)2األجهزة الدولية.
)3تطبيق بعض الجزاءات علي الدول التي تنتهك حقوق اإلنسان.
وسوف نتعرض في هذا المبحث لألجهزة الدولية علي النحو اآلتي -:
أ -إنشاء لجان لمراقبة تطبيق الوثائق الدولية الخاصة بحقوق اإلنسان وهي في إطار
األمم المتحدة تنقسم إلي نوعين اثنين هما -:
( )1اللجان اإلتفاقية.
( )2اللجان المؤسسية.
وسوف نوضح ذلك علي النحو التالي -:
229
أوالً – بالنسبة للجان اإلتفاقية -:
فإنها تستمد إسمها من اإلتفاقيات الدولية التي نصت عليها وذلك لمتابعة كيفية تفعيل
هذه اإلتفاقيات علي أرض الواقع ومنها اللجان اآلتية -:
−لجنة حقوق اإلنسان.
−لجنة محاربة التعذيب.
−لجنة القضاء علي التمييز ضد المرأة.
−لجنة القضاء علي التمييز العنصري.
−لجنة حقوق الطفل.
−لجنة حماية العمال المهاجرين وأسرهم.
ومن أهم القواعد التي تحكم عمل هذه اللجان أنها تنظر في الوضع الواقعي لحقوق
()1
اإلنسان في الدول األطراف في االتفاقية الدولية الخاصة بها.
د .أحمد أبو الوفا "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان" – دار النهضة العربية ،الطبعة الثانية سنة ، 2005ص 183وما )(1
بعدها ،د .طارق رخا "قانون حقوق اإلنسان بين النظرية والتطبيق" دار النهضة العربية سنة 2005ص .176
230
• تقوم هذه اللجان بتفسير نصوص االتفاقيات المعنية بها وإصدار توصيات إلي
الدول المعنية.
• عادة ما يتوقف حق اللجوء إلي اللجنة إلي قبول الدول المعنية.
• أال يكون الموضوع المطروو محل بحث في جهاز دولة آخر وقف إلجراءات
التحقيق والتسوية الدولية.
• أن يكون الفرد قد استنفذ طرق الطعن الداخلية كلها طالماً لم تكن طويلة األمد
بطريقة هالمة وواضحة أو من غير المحتمل أن تعطي الشاكي أو الضحية أمالً
في تسوية عادلة لموضوعه.
ومن أهم األمثلة علي اللجان االتفاقية التي أوردنا بعضها سلفاً هي -:
Human Rights Committee اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان -:
ولقد اكتسبت هذه اللجنة حقتها االتفاقية من خالل نص المادة ( )28من العهد الدولي
للحقوق المدنية والسياسية والتي نصت علي إنشاء هذه اللجنة لتكون وسيلة رقابية تراقب
تنفيذ أحكام هذا العهد ومدي إلتزام الدول بتجريم إنتهاكات حقوق اإلنسان .وهي تتكون
من ( )18عضواً من ذوي الخبرة في مجال حقوق اإلنسان ويتم انتخابهم من أطراف
اإلتفاقية لمدة 4سنوات من بين مواطني هذه الدول .ولقد عقدت أول لجنة دورتها األولي
عام 1977ووضعت الئحتها الداخلية ونظام ق ارراتها وأسلوب المراقبة وصفة وشكل
التقارير التي يجب علي الدول األطراف تقديمها ومحتوي هذه التقارير ومدد تقديمها.
حيث تطلبت اللجنة أن يقدم التقرير كل خمس سنوات وأن يتضمن جزأين األول عام
ويعالج النظام القانوني للدول والذي من خالله يتم حماية حقوق اإلنسان حيث يجب
توضيح ما إذا كانت الحقوق المنصوص عليها في العهد متضمنة في الدستور من عدمه
أو متضمنة في وثائق أخري غير الدستور .وما إذا كان يمكن التحلل منها في هروف
الطوارن أوال .وما إذا كانت نصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تطبق
231
تلقائياً داخل الدولة من عدمه .وما إذا كان يمكن االجتماع بها من عدمه أمام جميع
السلطات اإلدارية والمحاكم أم أن األمر يحتاج إلي تدخل تشريعي يتم ضم هذه النصوص
في تشريع داخلي نافذ ،كما يجب أن يتضمن التقرير في جزئه األول ماهية السلطات
القضائية واإلدارية والتنفيذية ذات االختصاص في قضائيا حقوق اإلنسان وماهية الطرق
التي يسلكها اإلنسان الذي يدعي أن هناك انتهاكاً لحق من حقوقه الواردة في العهد.
وأما الجزء الثاني من التقرير فقد أوجبت اللجنة أن يتضمن بيانات تفصيلية عن الحقوق
المدنية والسياسية داخل الدولة بالتفصيل كما تضمنها العهد مثل القوانين واألوامر اإلدارية
في مجال اإللتزام باحترام الحقوق الواردة في العهد والقيود والحدود التي تقف عقبة في
طريق إعمال هذه الحقوق حتي ولو كانت قيوداً مؤقتة والمصاعب التي تري الدولة أنها
ال تستطيع أن تذللها في طريق حق من الحقوق التي تضمنها العهد كما يجب أن يتضمن
الجزء الثاني من التقرير أيضا أي تقدم يحرز في مجال إحترام حقوق اإلنسان ويرفق مع
التقرير النصوص الداخلية المعنية بحقوق اإلنسان وكل معلومات إضافية ترسل آجالً
لدي نظر هذه التقارير .وتقوم الدول بإرسال هذه التقارير إلي األمين العام لألمم المتحدة
والذي يحيلها إلي اللجان واألجهزة المعنية ببحث وفحص هذه التقارير مثل المجلس
االقتصادي واالجتماعي ولجنة القضاء علي التمييز العنصري ولجنة حقوق اإلنسان
والتي تقوم ببحث ما جاء في هذه التقارير وإبداء مالحظاتها وتقوم هذه اللجان أثناء
مناقشة هذه التقارير بمحاورة مندوبي هذه الدول بشأن المعايير التي اتبعتها نحو تطبيق
هذه االتفاقية والصعوبات التي تواجهها واقتراو الحلول(.)1
انظر د .عبد الواحد محمد الفار – المرجع السابق ص 424وما بعدها ،السفير عمران الشافعي "العهد الدولي للحقوق )(1
المدنية والسياسية بين النظرية والتطبيق" حقوق اإلنسان الجزء األول – مجموعة دراسات ،الناشر دار العلم للماليين –
بيروت الطبعة األولي يونيه 1989ص ، 97د .صالح الدين عامر "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان" نظرة عامة .مقال
منشور في مجلة القانون واالقتصاد .عدد خاص ،تقرير اللجنة المعنية بحقوق اإلنسان ،الجمعية العامة لألمم المتحدة
"الولائق الرسمية .الندوة الثانية واألربعون ،الملحق رقم 40األمم المتحدة _ نيويورك سنة 1994ص .46 – 42
232
وللجنة بخصوص التقارير إمكانيات ومهام من أهمها ما يلي -:
دراسة التقارير التي قدمتها الدول األطراف بخصوص التدابير التي اتخذتها لوضع العهد
الدولي موضع التنفيذ .وتلقي الشكاوي من أي دولة ضد دولة أخري طرف العهد لعدم
اإلعمال الفعلي لما ورد في العهد شريطة الموافقة المسبقة من كلتا الدولتين علي
اختصاص اللجنة في هذا السياق وتمارس اللجنة مهامها في تسوية هذا الخالف ويمكنها
تشكيل لجنة توفيق ومساعي حميدة بغية الوصول إلي حل ودي في طريقة احترام حقوق
اإلنسان كما تختص اللجنة بتلقي شكاوي األفراد ضد ولهم عند انتهاك هذه الدول
لإللتزامات التي إلتزمت بها بموجب العهد الدولي شريطة أن تكون هذه الدول قد انضمت
إلي البروتوكول االختياري الملحق بالعهد والذي يعطي األفراد هذا الحق ويمنح اللجنة
هذا االختصاص.
ويتم بحث هذه الشكاوي في حضور الشاكي أو من ينوب عنه وممثل الدولة المشكو
فيها ثم تعلن اللجنة رأيها في وقوع االنتهاك من عدمه وتنشر تقريرها في هذا الخصوص
ويشترط في الشكوي اآلتي -:
-1تقديم الشكوي من المتضرر أو من وكيل عنه محام أو عن طريق أحد أقاربه
إذا لم يتمكن من اإلبال شخصياً.
-2يجب أن يكون البال متعلقاً بفرد أو أفرادها خاضعين لوالية الدولة التي يقدم
ضدها البال .
قد وقع بعد دخول الدولة في البروتوكول -3أن يكون االنتهاك محل البال
االختياري المتضمن هذا االختصاص أو أن تكون ممارساته ال تزال مستمرة أو
آثاره ال تزال تمثل انتهاكاً حاض اًر .وهذا إن كان قد بدأ وقوع اإلنتهاك في تاريخ
سابق علي البروتوكول.
-4ضرورة استنفاذ الشاكي جميع وسائل التقاضي الداخلية في طريق إنصافه ثم
استغلقت في وجهه كل وجوه الطعن إال إذا اتضح أن اللجوء إلي الجهات
233
الوطنية لن يؤدي إلي جبر الشاكي أو إذا كان إنصاف الشاكي داخلياً سوف
يستغرق زمناً طويالً طوالً غير مقبول وغير معقول.
-5أال يكون موضوع الشكوي معروضاً علي المستوي الدولي أمام أي جهة أخري
سواء عالمية أو إقليمية(.)1
ولقد بحث اللجنة العديد من شكاوي األفراد في دورات إنعقادها في نيويورك وجنيف
وأقرت عديداً من المبادن القانونية بخصوص العدل واإلنصاف وتسهيل قبول شكاوي
األفراد إذا كانت الدولة المشكو فيها قد دأبت علي اإلنتهاك.
ولقد أوضح أحد أعضاء هذه اللجنة تقييماً لعمل اللجنة في هذا الصدد فقال -:
(أستطيع القول من واقع عضويتي في اللجنة وتجربتي بأن جو الحوار هل بناءاً
وموضوعياً حتي في أصعب المواقف التي واجهتها اللجنة ،وال يخفي في هذا الصدد
األوضاع المتباينة بين الدول األطراف من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية تستند
غلي حضارات وخلفيات تاريخية وتقاليد متباينة أفرزت أنظمة حكم وأنظمة قانونية مختلفة
ناهيك عن التباين في مدي احترام الدساتير والقوانين القائمة عند التطبيق .إال أن
ا لصعوبة الحقيقية التي تواجهها اللجنة هي إخفاق عدد ليس بقليل من الدول األطراف
في تقديم ليس فقط تقاريرها الدورية الثانية والثالثة بل التقارير المبدئية رغم كل التذكرات
التي قامت بها سكرتارية اللجنة())1
ورغم أن اللجنة ال تصدر أحكام قضائية وال ق اررات نافذة علي الدول األعضاء بل إن
كل ما تملكه هو إبداء النصح والتوجيه نحو تطبيق بنود اإلتفاقية ومع ذلك فإن ذلك ال
يفعل من دورها الرقابي السيما انتقال أعضائها إلي موقع البال لدي الدولة المشكو فيها
د .عبد الواحد محمد الفار المرجع السابق ص ، 430د .طارق رخا "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص .191 )(1
هذا العضننو هو السننفير عمران الشننافعي رحمه هللا تعالي وهو من الدبلوماسننيين المصننريين المعروفين .ولقد نشننر سننيادته )(1
235
وسوف نتعرض للجنة حقوق اإلنسان كمثل لهذه اللجان المؤسسية)1( -:
وتعد هذه اللجنة (لجنة حقوق اإلنسان) من أهم األجهزة التي أنشأها المجلس االقتصادي
واالجتماعي نظ اًر لما تقوم به من دور هام في تقديم االقتراحات والتوصيات إلي المجلس
في كل ما يتعلق بحقوق اإلنسان ووقف انتهاكات هذه الحقوق ومن ثم فهي تعتبر آلية
رقابية رسمية لألمم المتحدة في مراقبة الدول األعضاء في مدي احترامهم لحقوق اإلنسان
التي تضمنها الميثاق واإلعالن العالمي .ولقد كان إنشاء هذه اللجنة بمقتض المادة 68
من الميثاق الذي أعطي المجلس االقتصادي واالجتماعي الحق في إنشاءها .وتتشكل
هذه اللجنة من ممثلي ثالثة وأربعين دولة ويجتمع أعضاءها في دورة سنوية لمدة ستة
أسابيع في مقرها بجنيف ويمكن أن يحضر اجتماعاتها مراقبون من غير األعضاء
وكذلك ممثلي المنظمات غير الحكومية ذات الصفة االستشارية وتدار أعمال لجنة حقوق
اإلنسان وفق النظام المعمول به في اللجان الفنية التابعة للمجلس االقتصادي
واالجتماعي .وهي تستعين بمجموعات عمل من بين أعضائها الذين يفندون التقارير
وكذلك اللجنة الفرعية التي تنبثق عنها والمقررين الخاصين المعنيين بذلك ولقد اقترحت
هذه اللجنة إنشاء آلية طوارن تابعة لها من أجل حماية حقوق اإلنسان حتي تضمن
سرعة االستجابة والفورية في حل المشكالت ووقف االنتهاكات ويحق لكل مجموعة
إقليمية ترشيح قائمة من الخبراء المستقلين يعملون بصفتهم الشخصية ويحتف األمين
العام لألمم المتحدة بهذه القائمة بشرط كونهم من المتمرسين في مجاالت حقوق اإلنسان
ويظل الخبير لمدة ثالث سنوات في القائمة ما لم يتقاعد أو يستقيل ويمكن إعادة ترشيحه
من مجموعته اإلقليمية إلعادة تعيينه .ويجوز ألي دولة عضو في األمم المتحدة أن
تطلب تحريك آلية الطوارن التابعة للجنة حقوق اإلنسان طالما هناك إنتهاك جسيم لحقوق
اإلنسان ويطلب األمين العام رأي حكومة البلد محل اإلنتهاك علي أن تقدم اآلراء خالل
د .الشنافعي محمد بشنير "قانون حقوق اإلنسنان" المرجع السنابق ص ، 256د .محمد السنعيد الدقاق "حقوق اإلنسنان في )(1
إطار األمم المتحدة" مجموعة األبحاث التي ألقيت في معهد سننننننيراكوزا – إيطاليا .المرجع السننننننابق المجلد الثاني ص ، 62د.
عبد الواحد محمد الفار "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص .428
236
أسبوع واحد من طلب األمين العام ثم يقوم األمين العام بإرسال الطلب مشفوعاً بالتعليقات
التي قد ترغب الحكومة المعنية في تقديمها إلي الدول األعضاء في اللجنة إلبداء آرائها
بشأن تحريك آلية الطوارن من عدمه ويجب أن ترد هذه الدولة خالل أسبوع من تاريخ
اإلرسال فإذا كان الرد إيجابياً بخصوص آلية الطوارن أمر األمين العام بتكوين فريق
من خمسة خبراء من القائمة التي يحتف بها األمين العام (وفق التوزيع الجغرافي العادل)
من ذوي الخبرة في الواقعة محل التحقيق ويقوم فريق الخبراء بإيجاز عمله من خالل
المعلومات واالستنتاجات والتوصيات من خالل آليات المجلس االقتصادي االجتماعي
ولجنة حقوق اإلنسان وذلك في سرية تامة وسرعة تناسب األمل في وقف االنتهاكات
ونجدة الضحايا .ويقوم األمين العام بإرسال هذا التقرير مشفوعاً بأية مالحظات أو
تعليقات أو معلومات من الدول المعنية إلي جميع الدول فو اًر والمقررين الخاصين وجميع
الفرق العاملة ذات الصلة باإلنتهاك ثم يمكن عقد إجتماع طارن للجنة حقوق اإلنسان
بعد إتصال األمين العام بالدول أعضاء لجنة حقوق اإلنسان وموافقتها وفقاً لقرار المجلس
االقتصادي واالجتماعي رقم 48 / 1990الصادر في .1990/5/15وإذا لم تكتمل
أغلبية الدول أعضاء لجنة حقوق اإلنسان في عقد االجتماعي االستثنائي فغن األمين
العام يحيل التقرير إلي الجمعية العامة أو االجتماع العادي للجنة حقوق اإلنسان أيهما
أقرب .كما تقوم لجنة حقوق اإلنسان بدراسة ومناقشة تقارير لجنة مناهضة التعذيب
التابعة لألمم المتحدة عند وضع اتف اقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة
القاسية أو العقوبة القاسية أو غير اإلنسانية أو الحاطة بالكرامة اآلدمية وترسل تقاريرها
إلي الدول األطراف إلعمال مالحظاتها .وفي هذا الصدد فقد أوصت لجنة حقوق اإلنسان
الجمعية العامة لألمم المتحدة بأن تعتبر يوم 26يناير هو اليوم العالمي لدعم ومساندة
ضحايا التعذيب .كما تقوم اللجنة بدراسة التقارير الواردة إليها من اللجنة المعنية بحقوق
237
اإلنسان المنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عن مدي تطبيق الدول
األطراف في االتفاقية لحقوق اإلنسان(.)1
ب -التحقيق في انتهاكات حقوق اإلنسان -:
تحقق أجهزة األمم في انتهاكات حقوق اإلنسان عن طريق مجموعات العمل أو البعثات
الخاصة أو تكليف فرد معين تحت مسمي نظام المقرر الخاص وفي كل األحوال يجب
إعداد تقرير عن االنتهاكات من خالل اإلتصال بالحكومات المعنية والزيارات الميدانية
وجميع البيانات وتقصي الحقائق من أجل إنهاء االنتهاكات أو وقفها ولقد حدث ذلك
بالفعل في العديد من الدول ربما أشهرها حديثاً فلسطين في االعتداء اإلسرائيلي علي
غزة نهاية عام .2008كما قررت لجنة حقوق اإلنسان مواجهة انتهاكات حقوق اإلنسان
بجعل المقرر الخاص أو مجموعة العمل متخصصة في موضوع ما مثل المقرر الخاص
بعدم التسامح الديني والمقرر الخاص ببيع األطفال والمقرر الخاص بالصحة الجسدية
والعقلية والمقرر الخاص بالحق في الغذاء(.)1
جن -إرسال تقارير بخصوص حقوق اإلنسان إلي اللجان المختصة -:
تضمنت كافة االتفاقيات الدولية في مجال حقوق اإلنسان نصوصاً حول الرقابة علي
حسن وفاعلية تطبيق هذه النصوص في الدول األطراف وقد كانت التقارير أهم وسيلة
في هذا المجال حيث تقوم كل دولة طرف بإرسال تقارير عن التزاماتها ومدي الوفاء بها
()2
ثم تطلع اللجان هذه التقارير ومدي مصداقيتها وتعد تقارير سنوية حول مجال نشاطها
مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق االقتصادية
واالجتماعية والثقافية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وغير
د .أحمد أبو الوفا "الحماية الدولية لحقوق اإلنسان" المرجع السابق ص .195 ()1
د .عبد الواحد محمد الفار "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص ، .424د .حسن سعد سند المرجع السابق ص ()2
– 170ص .197
238
اإلنسانية والحاطة بالكرامة واالتفاقية الدولية للقضاء علي كافة أشكال التمييز العنصري
واالتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري واتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز
ضد المرأة .وتلتزم الدول األطراف بتقديم هذه التقارير حول مدي التقدم الذي أنجزته في
مجال اال تفاقية المراد إرسال التقرير بشأنها ثم ترسل الدول هذه التقارير إلي األمين العام
لألمم المتحدة الذي يحيلها إلي األجهزة واللجان المختصة .التي تقوم ببحث هذه التقارير
وتدوين مالحظاتها عليها ومناقشة ذلك مع ممثلي الدول المعنية ومحاولة إيجاد حلول
للعقبات في طريق إعمال أحكام االتفاقية.
239
ء -إنشاء وظيفة المندوب السامي لحقوق اإلنسان -:
أصدرت الجمعية العامة لألمم المتحدة قرارها رقم 141/48في عام 1993بإنشاء
وهيفة المندوب السامي كتعزيز وحماية حقوق اإلنسان وذلك بناء علي توصية المؤتمر
العالمي لحقوق اإلنسان في فينا سنة 1933وهي وهيفة بدرجة سكرتير عام مساعد
ويقوم األمين العام بتعيينه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة .ومن أهم
مايلي -: اختصاصات هذا المندوب السامي
• تعزيز وحماية التمتع الفعلي بكل الحقوق السياسية والمدنية والثقافية واالقتصادية
واالجتماعية.
• تنفيذ كل المهام التي يعهد بها إليه من قبل األجهزة المختصة في األمم المتحدة.
• تعزيز وحماية الحق في التنمية.
• تنسيق برامج األمم المتحدة في مجال التعليم والمعلومات العامة في مجال حقوق
اإلنسان.
• المساهمة بدور فعال في إزالة العقبات ومواجهة تحديات اإلنجاز الكامل لحقوق
اإلنسان ومنع استمرار انتهاكات حقوق اإلنسان في العالم.
• الدخول في حوار مع كافة الحكومات من اجل ضمان إحترام حقوق اإلنسان.
• تقوية وتعزيز آليات األمم المتحدة في مجاالت حقوق اإلنسان.
• اإلشراف علي مركز حقوق اإلنسان.
• إرسال تقرير سنوي إلي لجنة حقوق اإلنسان ،وإلي الجمعية العامة لألمم المتحدة
من خالل المجلس االقتصادي واالجتماعي.
• تنفيذ وإنجاز كافة المهام التي يعهد بها إليه من قبل األجهزة المختصة األمم
المتحدة.
241
المبحث الثاني
آليات مقاومة انتهاك حقوق اإلنسان علي المستوي اإلقليمي
تعمل أجهزة االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان واإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان علي
ضمان حماية حقوق اإلنسان وإثبات المسئولية ضد من ينتهك هذه الحقوق فضالً عن
أن هناك آليات أضعف علي المستوي األفريقي والعربي وسوف نوضح ذلك في المطالب
اآلتية -:
المطلب األول
أجهزة االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان
عرضنا فيما سبق ألجهزة االتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان وهي اللجنة األوروبية لحقوق
وتمارس هذه اإلنسان ولجنة وزراء مجلس أوروبا والمحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان
()1
األجهزة الثالثة دو اًر حيوياً في مجال حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية بصفة
خاصة حيث تتولي اللجنة األوروبية مراقبة حسن تطبيق أحكام االتفاقية من جانب الدول
األطراف ومراقبة احترام التشريعات الوطنية في الدول األطراف ألحكام االتفاقية ومراقبة
احترام المحاكم الوطنية للدول األطراف ألحكام االتفاقية حيث تباشر اللجنة وهائفها عن
طريق ما يقدم لها من طعون سواء كانت طعون تقدم من الدول ويطلق عليها
، Recourse etatiquesوطعون يقدمها األفراد ويطلق عليها Recourse
individualsوالطعون الخاصة بالدول ال يشترط فيها أن يكون المجني عليه من أفراد
الشاكية بل ال يشترط فيه أن يحمل أي جنسية لدول مجلس أوروبا.
242
أما بالنسبة للطعون الفردية فإنه ما دامت قد أعلنت قبولها اختصاص اللجنة األوروبية
فلكل فرد أو هيئة غير حكومية أو جماعة حق الشكوي وال يشترط في مقدم الشكوي أن
يكون من رعايا الدولة المشكو فيها أو حتي من رعايا دولة طرف في االتفاقية ،وال
يشترط كذلك أن يكون من رعايا دول مجلس أوروبا حيث أنه ما دام استوفي طرق الطعن
الداخلية ولم يصل إلي حقه بات له الحق في االحتماء بالقانون الدولي في هل التنظيم
الدولي اإلقليمي ،وللشكوي ذات الشروط التي أوضحناها من قبل – وهي معلومية
الشاكي وجدية موضوع الشكوي وخضوع الموضوع محل الشكوي ألحكام االتفاقية وعدم
وتفصل اللجنة في الشكوي عند قبولها حيث تمارس السؤال والتحقيق ()1
كيدية الشكوي
فيها ..فإن وصلت إلي حل في النزاع رفعت ذلك في تقرير إلي الدول المعنية ولجنة
الوزراء وسكرتير عام مجلس أوروبا .وان فشلت في تسوية النزاع وديا – فإنها تضع
تقري اًر تثبت فيه رأيها فإن مضت ثالثة أشهر من ترايخ إرسال هذا التقرير إلي لجنة
الوزراء دون رد عرض األمر علي المحكمة األوروبية في صورة دعوي تنظرها
المحكمة(.)2
أما لجنة الوزراء فهي تمارس اختصاصها من خالل نوعين من السلطة -:
سلطة إصدار قرار ،وسلطة مراقبة وتنفيذ األحكام .فبالنسبة لسلطة إصدار القرار فإن
لها الحق خالل ثالثة أشهر من تاريخ إحالة التقرير إليها من اللجنة األوروبية أن تصدر
ق ار اًر في موضوع الدعوي ويكون قرارها ملزماً في هذه الحالة .أما سلطة مراقبة تنفيذ
األحكام – فيه خ اصة بتنفيذ األحكام الصادرة من المحكمة األوروبية ..فإن تقاعست
الدولة المعنية بتنفيذ الحكم عن التنفيذ فإن لجنة الوزراء تدرج هذا في جدول اعمالها
انظر ما سبق وانظر في تفصيل ذلك دكتور خير الدين عبد اللطيف المرجع السابق ص 153وما بعدها ()1
انظر د .عزت البرعي المرجع السابق ص 59وما بعدها ،د .بد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان" ()2
المرجع السابق ص 30وما بعدها ،د .إبراهيم العناني "دراسة حول االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان" ضمن األبحاث
المشار إليها سلفاً المرجع السابق ص .367
243
التخاذ ما تراه بشأن تنفيذ هذا الحكم .فإن رفضت الدولة المعنية تنفيذ هذا الحكم فإن
اللجنة توقف عضويتها في المجلس األوروبي.
أما بالنسبة للمحكمة األوربية لحقوق اإلنسان فلها اختصاص قضائي ،وهو اختصاص
عام وشامل لكل ما يتعلق بتفسير أحكام االتفاقية عن طريق تقديم المعلومات والمبادن
القانونية فيما يعرض من مسائل قانونية تتعلق بتفسير أحكام االتفاقية(.)1
وبعد هذا العرض ألجهزة االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان واختصاص كل جهاز ..
فإننا سوف نتعرض لمدي ما حظي به الحق في السالمة الجسدية من اهتماو هذه
األجهزة ال سيما اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان من خالل آرائها ذات األثر العظيم في
تعميق احترام الدول لحق إلنسان في السالمة الجسدية ..فاالتفاقية األوروبية تكفل لكل
إنسان الحق في سالمة شخصيته الجسمانية بالنص علي أنه و ال يجوز تعريض أي
إنسان للتعذيب وال للعقوبات أو المعامالت الوحشية أو الحاطة بالكرامةو وال ترد علي
هذه المادة أي استثناءات ،وال يجوز مخالفتها أو وقف تطبيقها أيا كانت هروف الدول.
وقد طبقت هذه اللجنة بمناسبة ما عرض عليها من موضوعات وما أوضحت من تقارير
..ومن هذه األمثلة ما يلي -:
أ -القضية اليونانية -:
حيث وردت شكوي إلي اللجنة من جانب حكومات (الدانمارك والنرويج والسويد وهولندا)
في سبتمبر سنة 1967ضد مراسات الحكومة اليونانية ومخالفتها الصارخة ألحكام
االتفاقية األوروبية ،كما وردت إلي اللجنة سنة 1968ادعاءات ضد اليونان بتعريض
المواطنين ممن يحقق معهم للتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة( ..)2وعلي ضوء هذه
االدعاءات ورد تقرير اللجنة األوروبية في مخالفات اليونان لالتفاقية األوروبية لحقوق
انظر د .عادل بد العزيز حمزة (الضمانات الدولية لحقوق اإلنسان) المرجع السابق ص ، 355د .عبد الواحد الفار (قانون ()1
244
اإلنسان حيث كان نموذجاً لتطبيق المادة ( )3المشار إليها سلفاً والخاصة بحماية الحق
في السالمة الجسدية ..إذ فسرت اللجنة المادة ( )3علي النحو اآلتي -:
] من الواضح أن هناك انواعاً من المعاملة تنطبق عليها كافة األوصاف الواردة في
المادة ( )3وتغطي المعاملة الوحشية علي األقل تلك المعاملة التي تسبب عمداً أو عن
قصد – معاناة قاسية شديدة Sevene Sufferingعقلية او جسمانية وليس لها ما
يبررها – أما كلمة تعذيب Tortureفإنها غالباً ما تستخدم بوصف المعاملة الوحشية
التي يكون هدفها انتزاع المعلومات أو إجبار شخص علي االعتراف أو توقيع العقاب
وهي بصفة عامة صورة متفاقمة من صور المعاملة وامتهنته أمام اآلخرين أو دفعته ألن
يتصرف رغماً عن إرادته أو ضميره(.)1
وقد انتهت اللجنة إلي ان هناك انتهاكاً صارخاً لحق اإلنسان في السالمة الجسدية
وبالتالي فهو انتهاك لنص المادة ( )3سالفة الذكر .وقد تغاضت اللجنة بخصوص قبول
الشكوي عن شرط استنفاذ الطرق الداخلية في الطعن وذلك ألن اللجنة انتهت إلي أن
الجهاز اإلداري داخل الدولة هو الذي يهيمن علي هذه االنتهاكات وينظمها وهو امر
أشد خطورة من مسألة وجود مخالفات فردية بسيطة من بعض الموهفين أثناء أداء
وهائفهم ..وقد أصدرت لجنة الوزراء قرارها في 197/4/15بمخالفة اليونان للمواد 3
14 ، 13 ، 11 ، 10 ، 9 ، 8 ، 6 ، 5 ،من االتفاقية والمادة
انظر المرجع السابق ذات الموضوك د .خير الدين عبد اللطيف محمد "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان ودورها في حماية ()1
الحقوق والحريات األساسية لألفراد والجماعات – الهيئة المصرية العامة للكتب سنة 1991ص 233وما بعدها ،د .محمد
مصطفي يونس معاملة المسجونين في ضوء مبادئ القانون الدولي العام – المرجع السابق ص 270وما بعدها.
245
( )3من البروتوكول األوروبي.
وإذا كانت هناك ثمة مالحظة علي تفسير اللجنة وتحليلها للمادة ( )3الخاصة بحماية
حق اإلنسان في السالمة الجسدية فإن ثمة أمر خطير في هذا التحليل وهو تبرير اللجنة
ممارسة األعمال الوحشية في هروف خاصة ..وهو تحليل يعوزه الصواب ..ذلك أن
التعذيب ،والمعاملة الوحشية ال يمكن تبريرهما تحت أي هروف ..والقول بغير ذلك
يعصف بالحق بالسالمة الجسدية تحت مظلة والظروف االستثنائية التي تمر بها بعض
الدولو.
كما ان المادة ( )3ال يجوز مخالفتها طبقاً للمادة ( )15من االتفاقية سواء في حالة
الخطر العام أو الحرب.
246
بالكرامة دون التعذيب وهو ما أسمته بأسلوب الحرمان الحسي sensory :
()1
ومن الواضح أن اللجنة deprivationوهو ما يخالف نص المادة ( )3من االتفاقية
في قضية أيرلندا الشمالية انتهت إلي استبعاد أي استثناء من حظر التعذيب أو المعاملة
القاسية أو الحاطة بالكرامة ..وأنه ال يمكن تبرير هذه الممارسات تحت أي هرف.
وقد أشار تقرير اللجنة إلي أساليب انتهاك الحق في السالمة الجسدية ،ومخالفة نص
المادة ( )3والتي يختلط فيها التعذيب بالمعاملة القاسية ..كاإلبقاء مدة طويلة وقوفاً في
مواجهة الحائط ووضع عصابة علي العينين ،والتعرض ألصوات مزعجة ،وتحريم
النوم ،والحرمان من الطعام والشراب( ... )2وقد رفضت المحكمة األوروبية تبرير بريطانيا
لهذه ألعمال بوجود هروف استثنائية ..وقد وردت عدة شكاوي فردية بخصوص انتهاك
الدولة للمادة ( ) 3وانتهاك الحق في السالمة الجسدية السيما أولئك المسجونين والمعتقلين
الذين وضعت اللجنة األوروبية نفسها تحت تصرفهم حيث أتاحت للمحتجز االتصال
الدوري والمنتظم بها وغالباً ما تنتهي اللجنة في هذه الشكاوي إلي إدانة الحكومات التي
تمارس هذه االنتهاكات(.)3
ومن أهم الضمانات التي أرستها اللجنة في سبيل تذليل عقبات عرض الشكوي عليها
ووضع نفسها تحت تصرف األشخاص المحتجزين إذ يحق لهم االتصال الدوري والمنظم
باللجنة األوروبية وهو ما يعد ضمانة تخفف بال شك حدة التجاوزات وإساءة المعاملة من
جانب السلطات الوطنية ولكن الذي يجب أن تلتفت عنه اللجنة بحق هو مسألة المبالغة
في التفرقة بين التعذيب والمعاملة السيئة أو القاسية أو الحاطة بالكرامة ذلك أن هذه
انظر الكتاب السنوي األوروبي لحقوق اإلنسان – المجلد التاسع عشر 1979ص .764 ()1
انظر د .محمد مصطفي يونس "معاملة المسجونين في ضوء مبادئ القانون الدولي العام" – المرجع السابق ص ، 100 ()2
د .خير الدين عبد اللطيف محمد "اللجنة األوروبية" المرجع السابق ص ، 238ص .239
انظر أمثلة لهذه الشكاوي الفردية بخصوص انتهاك المادة ( ) 3من االتفاقية د .خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية" ()3
المرجع السابق ص 240وما بعدها وراجع أيضا .year book : 12 the Greek case, 85-5-10
247
المعامالت غير اإلنسانية تجمعها كلها رابطة واحدة هي إهانة كرامة اإلنسان ،كما أن
المادة ( )3لم تميز بدقة وشكل قاطع بين هذه التصرفات .
ومن هذه األمثلة علي عدم توفيق اللجنة في هذا الصدد هو ما ذهبت إليه في احدي
القضايا إذ ذهبت إلي أن المعاملة التي تلقاها الشاكي ال ترقي إلي المعاملة الوحشية
الحاطة بالكرامة في إطار معني المادة ( )3من االتفاقية رغم أن الشاكي عومل معاملة
قاسية من جانب ضابط السجن حيث وضع في صديري مستقيم straight jacket
وبررت اللجنة ذلك بان هذا الصديري وضع للسيطرة علي الشاكي.
()1
ومن الجدير بالذكر في خصوص االهتمام االقليمي األوروبي بحق اإلنسان في السالمة
الجسدية وحمايته من أهم وأخطر اإلنتهاكات التي تمارس ضده هو موافقة الجمعية
االستثمارية للمجلس األوروبي علي مشروع اتفاقية أوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو
العقوبة الالإنسانية أو المهينة.
وبعد دراسة لجنة التوصية لحقوق اإلنسان وبالتشاور مع اللجنة األوروبية والمحكمة
األوروبية وكذلك اللجنة األوروبية لمشاكل الجريمة واللجنة األوروبية للتعاون القانوني تم
اعداد نص هذه االتفاقية في صورته النهائية وأحيل إلي لجنة الوزراءالتي وافقت عليه
في 26يونيه سنة ، 1987وأصبح النص متاحاً لتوقيع الدول األعضاء في مجلس
أوروبا اعتبا اًر من 26نوفمبر سنة ، 1987ولقد دعمت هذه االتفاقية ما أشرنا إليه من
أن اللجنة األوروبية قد أرست قواعد جديدة في خصوص شكاوي األفراد من حيث إتاحة
هذا الحق بصورة أيسر وأسرع ..حيث بموجب االتفاقية األوروية لمنع التعذيب تشكلت
لجنة مهمتها فحص معاملة األشخاص المسلوبة حرياتهم لضمان عدم تعرضهم للتعذيب
أو للمعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو المهينة ..ويجوز للجنة زيارة األماكن داخل نطاق
الوالية القانونية للدول األطراف في االتفاقية وللجنة أن تقترو عند الضرورة وسائل تحسين
المعاملة ..وقد أكدت االتفاقية األوروبية لمنع التعذيب في مقدمتها علي نص المادة
انظر د .خير الدين عبد اللطيف المرجع السابق ص 240وما بعدها. ()1
248
( ) 3من االتفاقية األوروبية والتي تحصر التعذيب أو المعاملة القاسية أو المهينة علي
نحو مطلق ودون استثناء ،وقد تضمن القسم األول من االتفاقية في المواد من (: 1
) 3إنشاء اللجنة األوروبية لمنع التعذيب أو المعاملة الالإنسانية أو المهينة لتقوم ن
طريق الزيارات بال تحقيق في معاملة األشخاص المسلوبة حرياتهم بهدف تدعيم حمايتهم
من التعذيب أو المعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو المهينة.
والمهم فإن أهم ما في االتفاقية األوروبية لمنع التعذيب هو إنشاء اللجنة األوروبية لمنع
التعذيب وهي بمثابة جهاز غير قضائي له طبيعة وقائية لحماية حق اإلنسان في السالمة
الجسدية بشقيها المادي والمعنوي.
ويعيب هذه اللجنة ضعفها إذا ما قورنت بلجنة مناهضة التعذيب المنبثقة عن االتفاقية
العالمية لمناهضة التعذيب ويرجع ذلك إلي أن واضعي هذه االتفاقية قد اقتصروا في
خصوص هذه اللجنة علي قيامها بزيارات للدول لالستيثاق من عدم ممارسة التعذيب أو
غيره من ضروب المعاملة الق اسية أو الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة ،وإصدار توصيات
لتحسين معاملة األشخاص المسلوبة حرياتهم بالتنسيق مع أجهزة االتفاقية األوروبية
لحقوق اإلنسان ودون أن تحد من اختصاصات هذه األجهزة.
وتعمل هذه اللجنة جنباً إلي جنب مع األجهزة األوروبية لحقوق اإلنسان(.)1
المطلب الثاني
أجهزة االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان
انظر في خصوص هذه االتفاقية د .محمد مصطفي يونس "معاملة المسجونين في ضوء مبادئ القانون الدولي العام" – ()1
المرجع السابق ص 64وما بعدها ،د .خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسان" المرجع السابق ذات
الموضع.
249
تعرضنا – بخصوص ضمانات حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية علي المستوي
،وأوضحنا أن المادة ( )33منها قد االقليمي – لإلتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان
()2
نصت علي إنشاء جهازين للرقابة لضمان احترام وتنفيذ أحكام هذه االتفاقية وهي اللجنة
األمريكية لحقوق اإلنسان والمحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان.
وسوف نقف – من الناحية العملية – علي مدي ضمان حماية الحق في السالمة الجسدية
في إطار هذين الجهازين -:
أ -اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان -:
The inter American commission on Human Rights
البد من النويع بداءة بانه في خصوص اختصاص اللجنة بالفصل في الطعون الفردية
المقدمة ضد الدول التي تنتهك الحق في السالمة الجسدية فإن اختصاص اللجنة في
نظر هذه الطعون اليتوقف علي صدور قبول خاص من جانب الدول األطراف بل هي
اختصاص أصيل للجنة وإلزامي في مواجهة الدول األطراف وهو ما تتميز به هذه اللجنة
عن مثيلتها األوروبية وعن اللجنة الدولية لحقوق اإلنسان المنبثقة عن العهد الدولي
للحقوق المدنية والسياسية بل أن االتفاقية األمريكية أتاحت للفرد سواء شخصاً طبيعياً
أو قانونياً الحق في الطعون ،كما انفردت االتفاقية األمريكية بأمر آخر غاية في األهمية
وهو عدم اشتراط أن يكون الطاعن هو ضحية االنتهاك أو وكيله أو نائبه ،وإنما أبيح
هذا الحق لكل شخص ولو لم يكن محل اعتداء مباشر متي كان موضوع الطعن قد
تعلق بدخر أو آخرين ممن كانت حقوقهم تعرضت لإلنتهاك من جانب إحدي الدول
األطراف في االتفاقية.
وال شك أن أعباء اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان فاقت إلي حد كبير أعباء اللجنة
األوروبية لحقوق اإلنسان وذلك لوجود نظم عسكرية وديكتاتورية سيطرت علي مقاليد
الحكم في فترة غير قصيرة في العديد من الدول األمريكية مثل شيلي ونيكارجوا وجواتيماال
250
وأورجواي واألرجنتين وبوليفيا( ،)1وقد تعددت انتقاالت اللجنة في أقاليم الدول األطراف ،
وهو ما نفردت به اللجنة األمريكية بين أجهزة الرقابة المعنية بحقوق اإلنسان حيث
وضعت قواعد تنظم مسألة اإلنتقال والتحقيق في أقاليم الدول األطراف.
وقد جري النص علي هذه القواعد كاآلتي -:
-1ألعضاء اللجنة أن ينتقلوا بحرية داخل إقليم الدولة التي يجري فيها التحقيق
وعلي الحكومة أن تقدم كافة التسهيالت وأن توفر لهم وسائل االنتقال المناسبة.
-2ألعضاء اللجنة أن يلتقوا بحرية وفي جلسات مغلقة بأي شخص أو مجموعة
من األشخاص أو بأي هيئة أو جهاز وعلي الحكومة المعنية أن تكفل الضمانات
الضرورية لكل أولئك الذين قدموا للجنة المعلومات أو الوثائق.
-3ألعضاء اللجنة حق دخول السجون والمعتقالت وزيارة المسجونين والمعتقلين
وااللتقاء بهم في جلسات خاصة.
-4علي الحكومة أن تزود اللجنة بأية وثائق أو مستندات تتعلق باوضاع حقوق
اإلنسان وتراها اللجنة ضرورية ألداء مهامها.
-5ألعضاء اللجنة حق استخدام أي وسيلة مناسبة لجمع وتسجيل المعلومات
وكذلك االستعانة بأهل الخبرة متي اقتضت مهام التحقيق ذلك.
-6علي الحكومة المعنية أن تتخذ التدابير األمنية لحماية أعضاء اللجنة وتأمين
محال إقامتهم وهذا االلتزام يشمل طاقم السكرتارية أيضاً.
-7أن مصروفات اللجنة وأعضائها تقع علي عاتق منظمة الدول األمريكية.
كما خففت اللجنة من اشتراط استنفاذ وسائل الطعن الداخلية بخصوص قبول الطعون
الفردية علي عكس اللجنة األوروبية وذلك نظ اًر الختالف هروف الدول األمريكية عن
انظر في ذلك المقال الذي كتبه رئيس اللجنة األمريكية لحقوق اإلنسان عام 1985بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما ()1
انظر في ذلك AA. Concede Trinidad :ومشار إليه في المرجع السابق د .سعيد فهيم ص . 283 ()1
( )2راجع
ROBERT NORRIS – observation in loco : practice and procedure of the 1A commission on
human Rights TEXAS. 1.L.1.o.1980 – p. 46, TEXAS – 1l – 10 1984. p 282.
( )3انظر تقرير اللجنة األمريكية لسنة .1987 – 1986
AS Dos. QEA / ser. L/v/II,71. Doc 9 Rev Iوانظر بالتفصيل لمنهج انتقال اللجنة إلي نيكارجوا سنة ، 1978
1980وكولومبيا سنة 1980وهايتي والسلفادور وسيرنام سنة ، 1987والمستشار الدكتور سعيد فهيم المرجع السابق ص
.292 : 278
252
ومن األمثلة علي هذه التقارير الخاصة تقرير اللجنة عن بوليفيا سنة )1(1981وكولومبيا
()3 ()2
وقد أكدت اللجنة في هذه التقارير – باإلضافة وجواتيماال سنة 1983 سنة 1982
إلي التقارير السنوية – علي أن الدول المعنية ترتكب انتهاكات خطيرة ضد حق اإلنسان
في السالمة الجسدية أهمها وأخطرها علي اإلطالق هو التعذيب والقبض التعسفي
واالعتقال اإلداري وإجراءات الطرد وتحديد اإلقامة والسجن في أماكن غير آدمية وانعدام
الضمانات القضائية.
ب -المحكمة األمريكية لحقوق اإلنسان -:
The inter – American court of human Rights.
والتي تخلص في الفصل في الطعون ()4
تعرضنا لتشكيل هذه المحكمة واختصاصاتها
التي تقدم لها من اللجنة بخصوص انتهاك أحكام االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان
وإصدار آراء استشارية بخصوص تفسير أي نص من نصوص االتفاقية األمريكية لحقوق
اإلنسان وإصدار آراء استشارية بخصوص تفسير أي نص من نصوص االتفاقية
األمريكية ،أو أي نص في وثيقة دولية أخري تتعلق بحماية حق اإلنسان في الدول
األمريكية .وسوف نقف علي حماية حق اإلنسان في السالمة الجسدية من خالل هذين
االختصاصين للمحكمة.
Inter – American court of Homan Rights – series c: Decisions and Judgments No. 5
GODINES CRUZ CASE –Judgment of January, 20, 1989.
254
وإن كان يالح أنه البد من عدم االكتفاء في الحكم بالتعويض فقط بل البد أن تلتزم
الدولة المعنية بتقديم المسئولين عن هذه الوقائع إلي لمحاكمة تحت رقابة أجهزة االتفاقية
األمريكية ذلك أن اكتفاء المحكمة بالتعويض فيه إهدار خطير للحق في السالمة الجسدية
لإلنسان كما أن فيه عدم تطبيق لنصوص االتفاقية ذاتها.
وأما بالنسبة لسراء االستشارية The Advisory opinionsفقد جاءت تفسيرات
المحكمة لنصوص االتفاقية بما يؤكد ضمان الحقوق والحريات األساسية لإلنسان السيما
الضمانات القضائية أثناء الظروف القهرية أو حالة الطوارن داخل هذه الدولة حيث
جاءت آراء المحكمة االستشارية كلها لتؤكد عدم إمكان تحلل أي دولة من إلتزامتها
الدولية بشأن الحقوق والحريات األساسية تحت أي هرف(.)1
ومن امثلة إصدار آراء استشارية هو رأيها الي أصدرته في 6أكتوبر سنة 1987في
الطلب التفسيري رقم 9لسنة 1987والمقدم من أورجواي لتحديد المقصود بالضمانات
القضائية األساسية التي نصت عليها المادة ( )2/27من االتفاقية فيما يتعلق بعدم جواز
وقفها أو تعطيلها أثناء حالة الطوارن حيث انتهت المحكمة إلي أن هذه الضمانات هي
كل ما يستهدف لتوفير الحماية القضائية الفعالة للحقوق والحريات التي نصت عليها
المادة (.)1( )2/27
( )1انظر الرأي االستشاري الذي أصدرته المحكمة في 6أكتوبر سنة -: 1987
Inter – American court of Homan Rights – Advisory opinions OC – 8/1987 of January 30,
1987 Habeas corpus in emergency situations (Arts, 27 (2), 25 and 7, (American convention of
Homan Rights) series A. No.
Inter – American court of Homan Rights – Advisory opinions OC – 9/1987 of 27 (2) and 8 ,
October 6, 1987 Judicial guarantees in state in emergency situations (Arts, (American
convention of Homan Rights) series A. No.9
255
دور االتفاقية األمريكية لمناهضة التعذيب في حماية الحق في السالمة الجسدية -:
بعد إقرار اتفاقية األمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية
والالإنسانية والحاطة بالكرامة أو المهينة طلبت الجمعية العامة لمنظمات الدول األمريكية
من لجنتها القانونية إعداد مشروع اتفاقية لمناهضة التعذيب واعتباره جريمة دولية وتم
إعداد المشروع في عام 1980وتمت مراجعة نصوصه عام .. 1984وتم إقرار االتفاقية
األمريكية لمناهضة التعذيب في ديسمير سنة .. 1985
وقد أضافت هذه االتفاقية علي إتفاقية األمم المتحدة ما هو اكثر حسماً في محاربة هذه
الجريمة مثل التوسع في تعريح التعذيب بحيث يتسع ليشمل كل التصرفات غير اإلنسانية
وكذلك نصت المادة ( ) 5منها علي أنه ال يمكن التذرع بالظروف االستثنائية لتبرير
التعذيب أو أنه كان بناءاً علي أوامر عليا مادة ( )4وقد سارت االتفاقية علي نسق
اتفاقية األمم المتحدة في معظم نصوصها حيث ألزمت الدول األطراف باتخاذ كافة
اإلجراءات الفعالة لمنع العقوبة أو المعاملة القاسية أو الالإنسانية أو المهدرة للكرامة أو
التي تنطوي علي قسوة ،وتتطلب االتفاقية من الدول األعضاء تقديم تقارير إلي اللجنة
األمريكية لحقوق اإلنسان بخصوص اإلجراءات القضائية واإلدارية والتشريعية لمحاربة
هذه الجريمة والقضاء علي أسبابها ،وللجنة صالحية قبول الشكوي ولها تقصي حقائق
االدعاءات بوجود ممارسات نخالف نصوص االتفاقية األمريكية حيث أنها صاحبة
اختصاص شامل في هذا المجال(.)1
انظر بالتفصيل د .محمد مصطفي يونس "معاملة المسجونين في ضوء مبادئ وقواعد القانون الدولي العام " المرجع ()1
انظر نص الميثاق "حقوق اإلنسان" المجلد األول – الولائق العالمية واإلقليمية إعداد د .محمود شريف بسيوني وآخرين – ()1
المرجع السابق ص 366وما بعدها .وأنظر في تفصيل الجهود التي بذلت قبل ميالد الميثاق د .علي سليمان فضل هللا
"اماهية الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب" – بحث منشور بالمرجع السابق – المجلد الثالث ص 382وما بعدها ن
د .رافع بن عاشور "الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب" – المرجع السابق ص 395وما بعدها.
257
أ -الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب -:
إن التعداد الحصري للحقوق يختلف تماماً عن وضع هذه الحقوق موضع التنفيذ .فقد
تضمن الميثاق الحق في االعتراف بالشخصية القانونية وحظر االستغالل أو االمتهان
أو االسترقاق أو التعذيب وحظر العقوبات أو المعاملة الوحشية أو الالإنسانية او الحاطة
بالكرامة .وقد نص الميثاق األفريقي علي الحق في الحرية واألمان الشخصي
والخصوصية والحياة الخاصة ،وعدم جواز القبض التعسفي ،والحق في التقاضي
العادل ،وقاعدة عدم الرجعية ،وحق اإلنسان في أن يحيا حياته بكرامة وآدمية بعيداً
عن الفقر والمرض والتخلف والجهل.
إال أن هذه الفئة – وهي الحقوق االقتصادية – لم يكن في اإلمكان تحقيقها إال تدريجياً
حسب مقدرة الدول علي النمو كالحق في الصحة البدنية والملكية والصحة النفسية ..
وهذا ما قررته المادة ( )16من الميثاق إذ نصت علي أن تعهد الدول األعضاء باتخاذ
كافة التدابير الالزمة لحماية صحة شعوبها وضمان حصول هذه الشعوب علي الرعاية
الصحية والطبية في حالة المرض ،والحق في التعليم.
هذا ومن الجديد في الميثاق األفريقي أنه علي واجبات تناط باألفراد مقابل ما عليهم من
حقوق ،كما أنه – وعلي خالف ما سبقه من مواثيق دولية – قد نص علي حقوق
جماعية ،ولكن أخطر ما تضمنه الميثاق هو أنه علق كافة الحقوق المدنية والسياسية
علي تحقيق الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية ..وحيث ان العديد من دول أفريقيا
إلي اآلن الزالت تعاني من الفقر والجهل ،والزالت دوالً متخلفة او نامية فإن الميثاق قد
أعطي الحكومات حق حرمان اإلنسان من بعض الحقوق المدنية والسياسية لحين مقدرة
الدولية علي كفالة الحقوق االقتصادية واإلجتماعية والثقافية(.)1
انظر المستشار د .اسكندر غطاس " خواطر حول آفاق حقوق اإلنسان في أفريقيا" بحث مقدم إلي الندوة العلمية المنعقدة ()1
بالمعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية بسيراكوزا سنة ، 1990د .عزتة البرعي "حماية حقوق اإلنسان في ظل
التنظيم الدولي اإلقليمي" – المرجع السابق ص 686وما بعدها.
258
ب -الضمانات الثابتة في الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب -:
حدد الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب الجهاز الرقابي المسئول عند حدوث أي
انتهاك لحقوق اإلنسان التي تضمنها الميثاق ..سواء فرد أو دولة أو هيئة أو جماعة
وقد نظمت ذلك المادة ( )30من ()1
وهو اللجنة األفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب
ىالميثاق ،كما أسندت إلي هذه اللجنة وهائف بمقتضي المادة ( )45والمواد من (47
– )49من الميثاق حيث أنيط بهذه اللجنة تلقي الشكاوي من أي دولة طرف في االتفاقية
ولها – أي اللجنة – تسوية الخالف ودياً ما أمكن ..وإال فلها رفع تقرير يتضمن
توصياتها إلي مؤتمر رؤساء الدول والحكومات ،كما أن للجنة حق تلقي الشكاوي من
األفراد بمقتضي المادة ( )55من الميثاق وذلك بشروط أوضحتها المادة ( )56من
الميثاق.
وباإلضافة إلي ما سبق فإن اللجنة تختص بنظر التقارير الدورية المقدمة من الدول
األطراف بهدف احترام وكفالة الحقوق والحريات المعترف بها في الميثاق.
انظر بالتفصنيل تنظيم االختصناصنات واالجراءات امام هذه اللجنة ومآل الشنكاوي أمامها ،د .عزت البرعي – المرجع السنابق ()1
بالرغم من أن الجامعة العربية تعتبر من أقدم المنظمات اإلقليمية إال أنها في مجال
حقوق اإلنسان تخلفت عن غيرها من المنظمات العالمية واإلقليمية ( ،)1فعلي نطاق
النصوص الزال الميثاق العربي لحقوق اإلنسان حب اًر علي ورق وذلك منذ إعداده بواسطة
اللجنة العربية الدائمة لحقوق اإلنسان سنة 1982نفاذاً لقرار الجامعة سنة .. 1979
وقد تم إقرار مشروع الميثاق العربي لحقوق اإلنسان من مجلس الجامعة سنة 1994وقد
،وقد جاء الميثاق في ديباجة وتوزعت أحكامه ()2
تحفظت عليه بعض البلدان العربية
علي ( ) 43مادة ،إذ نوهت الديباجة إلي مبادن الشريعة اإلسالمية والديانات السماوية
األخري في إقرارها األخوة والمساواة والعدل بين جميع البشر كما تضمن القسم الثاني
( )38مادة هي مجموعة الحقوق والحريات األساسية التي هي مكفولة لكل إنسان مثل
الحق في في عدم التمييز ألي سبب من األسباب العنصرية ،وعدم جو از تقييد أي حق
من الحقوق األساسية المقررة او القائمة في أي دولة طرف في الميثاق استناداً إلي عدم
إقرار الميثاق لهذه الحقوق أو إقرارها بدرجة أقل ،وعدم جواز فرض أية قيود علي
الحقوق والحريات المكفولة بموجب الميثاق سوي ما ينص عليه القانون ويعتبر ضرورياً
لحماية األمن واالقتصاد الوطنيين او النظام العام أو الصحة العامة أو األخالق أو
حقوق وحريات اآلخرين .وقد حرم الميثاق علي الدول األطراف التحلل من أحكامه في
هل أوقات الطوارن في خمس مجاالت حددت حص اًر وهي التعذيب واإلهانة والعودة إلي
انظر د .محمد حافظ غانم " نظرات في العالقات الدولية العربية" منشأة المعارف االسكندرية سنة 1970ص 3وما بعدها ، ()1
د .محمد طلعت الغنيمي "جامعة الدول العربية" منشأة المعارف االسكندرية ، 1974د .محمد إسماعيل علي "فكرة اإلقليمية
في الجامعة العربية" المجلة المصرية للقانون الدولي المجاد 35سنة ، 1979د .محمد السعيد الدقاق و د .مصطفي سالمة
حسين "المنظمات الدولية المعاصرة" المرجع السابق ص 297وما بعدها ،أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم "التنظيم الدولي"
المرجع السابق ج" 2المنظمات اإلقليمية" – ص 11وما بعدها.
وهي سبعة بلدان عربية (اإلمارات – البحرين 0الكويت – سلطنة عمان – السعودية – السودان – اليمن) ()2
260
الوطن واللجوء السياسي والمحاكمة وعدم جواز تكرارها عن ذات الفعل ،شرعية الجرائم
والعقوبات .كما أقر هذا القسم :الحق في الحياة ،والحق في الحرية ،والسالمة
الشخصية ،وحماية الدول لكل إنسان مقيم علي أرضها من التعذيب البدني والنفسي
واعتبار هذه التصرفات أو المساهمة فيها جريمة يعاقب عليها القانون ووجوب معاملة
المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للجريمة معاملة إنسانية ،وتجريم المساس بحرمة الحياة
الخاصة ..إلخ.
وقد تضمن القسم الثالث مادتين تتعلقان بتشكيل لجنة خبراء من سبعة أعضاء بنتخبون
من بين مرشحين ترشحهم الدول األطراف في الميثاق من ذدو الخبرة والكفاءة العالية ،
ويعملون بصفتهم الشخصية ،وتقدم الدول تقاريرها إلي هذه اللجنة بصفة دورية كل
ثالث سنوات وترفع هذه اللج نة تلك التقارير بعد دراستها في صورة تقرير واحد إلي اللجنة
الدائمة لحقوق اإلنسان في الجامعة العربية وما من شك في أن القيمة القانونية واألدبية
لهذا الميثاق ليست علي المستوي المرغوب فيه .وإن كان من السابق ألوانه تقييمه ،
حيث لم يمض علي إق ارره سوي عامان فقط ..لكن ما يمكن أن يقال هو أن التدريج
أفضل من الجمود والسلبية.
أما ما يتعلق بإعالن حقوق المواطن العربي والذي وافق عليه مجلس الجامعة أوائل عام
1977فقد أكدت مواده أنه منبثق من اإليمان بمبادن الشريعة اإلسالمية الغراء في
تكريم هللا سبحانه وتعالي لإلنسان ،وأن حقوق هذا اإلنسان في الحياة والسالمة الجسدية
ال يمكن ألحد أن يعتدي علي أي منها ،وقد أكد اإلعالن علي قيمة العدل والمساواة
وحظر االتجار في الذات البشرية( ،)1وأقر صيانة الحرية الشخصية والحق في سالمة
البدن ،ومنع التعذيب ،والمعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة ،وتجريم السخرة ،وأقر
كذلك الحق في الشخصية القانونية واعتبارها صفة مالزمة لكل مواطن ...الخ .
انظر في تفصيل هذا الموضوك د .منذر الفضل "التصرف القانوني في االعضاء البشرية" الطبعة الثانية سنة 1992مكتبة ()1
انظر التقارير السنننوية للمنظمة العربية لحقوق اإلنسننان (وهي منظمة غير حكومية تأسننسننت عام 1983تهدف إلي الدفاك ()1
عن حقوق اإلنسنان) .وانظر من االصندارات غير الدورية لهذه المنظمة "حقوق اإلنسنان في الوطن العربي" طبعة دار المسنتقبل
العربي – بيروت كانون الثاني 1993وهو كتال ولائقي عن حالة حقوق اإلنسان في الدول العربية.
انظر د .منذر أبو الفضل "التصرف القانوني في األعضاء البشرية" المرجع السابق ص .91 ()2
262
المبحث الثالث
مواجهة انتهاك حقوق اإلنسان علي المستوي الداخلي
ما من شك في أن أول الضمانات لحقوق اإلنسان هي خضوع الدولة ذاتها للقانون ،
وإال فما علبرة من نصوص براقة ال تخضع فيها سلطة أو حكومة لسطوة القانون.
أن النصوص في مثل هذه الحاالت مهما كثرت تغدو حب اًر علي ورق ومن هنا فإنه –
وفي هل النظم القانونية الديمقراطية التي تخضع فيها السلطة الحاكمة واألفراد لسيادة
القانون يمكن الحديث آئنذ عن حقوق اإلنسان وعن وسائل تعزيز وحماية هذه الحقوق
وإذ أقصرنا األمر علي الحق في السالمة الجسدية فإن أمام الدولة عدة وسائل لحماية
هذا الحق ومنها ما يلي -:
أوالً – تضمين حقوق اإلنسان في الدستور او القانون األساسي
للدولة -:
لما كان الدستور أو القانون األساسي في كل دولة يقع من كل التشريعات في القمة منها
فإن تضمين حقوق اإلنسان في هذه الوثيقة يعني إضفاء القدسية واالحترام حول هذه
الحقوق ولعل أهم ما يجعل هذه النصوص في موقع الصدارة من غيرها أن الدولة ما
دامت ديمقراطية سواء كانت ملكية أو جمهورية يجب علي الهيئة الحاكمة فيها احترام
الدستور أو القانون األساسي في كافة أعمالها وإال فقدت ديمقراطيتها وباتت دولة
بوليسية( ،)1ويتطلب هذا أال تخالف أية نصوص وطنية أخري – سواء نصاً أو روحاً –
ما ورد في الدستور من نصوص ولو حدث أمست باطلة وغير مشروعة ،وقد عرضنا
في الباب األول من هذه الدراسة للعديد من الدساتير في مختلف دول العالم واهتمامها
بالنص علي الحق في السالمة الجسدية وما ارتبطت به من حقوق كالحق في األمن
انظر د .طعيمة الجرف "مبدأ المشروعية وضوابط خضوك الدولة للقانون" ط 1963ص 5وما بعدها ،د .رمزي الشاعر ()1
"النظرية العامة للقانون الدستوري " ط 3سنة ، 1983د .مصطفي ابو زيد فهمي "مبادئ األنظمة السياسية" منشأة المعارف
ص 235ومشار إليه في المرجع السابق للدكتور الفار هامش ص .1
263
والمحاكمة العادلة والحرية الشخصية والخصوصية واحترام الحياة الخاصة ومنع التعذيب
او العبودية ومنع إجراء تجارب طبية أو علمية علي اإلنسان بغير رضائه ومنع القبض
علي إنسان أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إال في حدود القانون األساسي أو الدستور.
وكذلك النص علي شخصية الجريمة والعقوبة وإقرار قاعدة عدم رجعية النصوص الجنائية
وتأكيد قاعدة أن األصل في اإلنسان البراءة ،والحق في الدفاع ن النفس والحق في
اللجوء إلي القاضي الطبيعي وكفالة هذا الحق لكل إنسان دون قيد تعسفي.
ولقد تأكد فى هذه المبادن أو غيرها فى دستور 1971م ودستور 2012م ثم فى مشروع
الدستور الحالى الذض أنجزته لجنة الخمسين لدض كتابة هذه السطور وهو فى طريقه
لالستقتاء عليه من الشعب المصرض فى ديسمبر 2013م .
264
ثانيا ً – الرقابة علي دستورية القوانين -:
دستورية القوانين تعني أال تصدر قوانين بالمخالفة للدستور نصاً أو روحاً وهي ضمانة
أكيدة لحماية حقوق اإلنسان ككل والحق في السالمة الجسدية خاصة ،ووسيلة الدولة
في تحقيق هذا الهدف هي إقرار الرقابة وصوالً لعدم المخالفة ،وتعتبر فكرة الرقابة هذه
والقول بغير ذلك يعني ()1
من اهم المبادن األساسية التي تقوم عليها فكرة سيادة القانون
إمكانية أن تصدر سلطات الدولة تشريعات تخالف ما نص عليه الدستور من حقوق أو
حريات لإلنسان ويصبح نص الدستور ال قيمة له ويصبح نظام الدولة نظاماً غير
ديمقراطياً ومن هنا كانت الرقابة علي دستورية القوانين واللوائح ...وناك وسليتان اما
الدولة إلقرار هذه الرقابة -:
انظر د .السنناري "الشنريعة اإلسنالمية وضنوابط رقابة دسنتورية القوانين في مصنر" دراسنة مقارنة محاضنرات لطلبة الدراسنات ()1
العليا .دبلوم القانون العام سننننننة 1988جامعة أسنننننيوط ص 5وما بعدها ،وانظر د .عبد الحميد متولي "القانون الدسنننننتوري
واألنظمة السياسية" ص 1975ص 192وما بدها.
265
المزمع تطبيقه علي الحالة المعروضة وفي معظم دساتير العالم تحظي اللجنة او
المحكمة التي يناط بها جعل القوانين واللوائح غير مخالفة للدستور باحترام الكافة حكاماً
وشعباً وتعطي أحكامها حجية علي الكافة وهي ضمانة أكيدة ضد صدور قانون أو الئحة
تنتهك حقاً من حقوق اإلنسان او تقلل من حق هذا اإلنسان في التمتع بحريته التي كفلها
له الدستور (.)1
انظر د .السناري "الشريعة اإلسالمية وضوابط رقابة دستورية القوانين في مصر" دراسة مقارنة محاضرات لطلبة الدراسات ()1
العليا .دبلوم القانون العام سنة 1988جامعة أسيوط ص 5وما بعدها ،وانظر د .عبد الحميد متولي "القانون الدستوري
واألنظمة السياسية" ص 1975ص 192وما بدها.
د .رمزي طه الشاعر "القضاء اإلداري ورقابته علي اعمال اإلدارة" دارة النهضة العربية سنة 1979ص 10وما بعدها ،د. ()2
سليمان الطاوي "القضاء اإلداري ورقابته علي أعمال اإلدارة" ط 3سنة – 1961ص 50وما بعدها
266
رابعة من وسائل الرقابة علي اعمال اإلدارة وهي الرقابة القضائية التي تحظي باهتمام
الحاكم والمحكوم لحيدتها وقوة حكمها حيث تختلف الدول في أسلوب ممارسة السلطة
القضائية للرقابة علي أعمال اإلدارة بين القضاء الموحد الذي تأخذه به الدول
األنجلوسكسونية وبين النظام القضائي المزدوج والذي تخصص فيه الدول قضاء مستقالً
للرقابة علي أعمال اإلدارة وهو ما يسمي بالقضاء اإلداري.
( )1انظر في ذلك تفصيالً المراجع الجنائية المتخصصة اآلتية -:د .عصام محمد أحمد "النظرية العامة للحق في سالمة
الجسد" المرجع السابق ،د .أحمد أحمد علي ناصف "الحماية الجنائية للحق في سالمة الجسد" المرجع السابق ،دكتور
سامي الشوا "الحماية الجنائية للحق في سالمة الجسم" المرجع السابق ،د .فاروق عبد الرلوف عبد العزيز "الحماية الجنائية
لسالمة الجسم في القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية" المرجع السابق.
267
حرمة الحياة الخاصة أو اإلكراه علي االعتراف أو التعذيب أو استعمال القسوة من جانب
موهف عام وقد سم قانون اإلجراءات الجنائية طرق ضبط الجرائم لرجل الضبط فإن
تعداها بطل إجراؤها ولو كان سليماً في ذاته وطرو عن اإلنسان الرذيلة بأن قرر أن
األصل فيه البراءة ومنع سريان القوانين بأثر رجعي إال إذا كانت في صالح المتهمين أو
المحكوم ضدهم وأتاو لكل إنسان الحق في الطعن في الحكم الصادرضده أمام قاضيه
الطبيعي.
268
الفصل الرابع
تفعيل التعاون الدولي في مواجهة انتهاكات حقوق اإلنسان
الشك أن الرأي العام يعد ضمانة مهمة في مواجهة انتهاكات حقوق اإلنسان علي
المستوي العالمي ألنه يؤكد إعمال النصوص التي تجرم التعدي علي حقوق اإلنسان
ويحرك السلطات نحو الحسم في اإلجراءات الداعمة لوقف هذه االنتهاكات فضالً عن
أن التعارف بين الشعوب والتفاهم والتنسيق يخلق قنوات إتصال بين المضطلعين بقضايا
اإلنسان والمهتمين بحماية حقوقه .ويمكن أن يتم هذا التعارف الدولي أيضاً عن طريق
الحكومات أو ما يسمي بالطريق الرسمي وذلك علي النحو اآلتي -:
المبحث األول
التعاون الدولي عن طريق الحكومات
لمنع انتهاكات حقوق اإلنسان
يكون التعاون الدولي الحكومي عن طريق وضع الدول ممثلة في حكوماتها اإللتزامات
التي تفرضها عليها االتفاقيات المتعلقة بحقوق اإلنسان موضع التنفيذ بحث يتم وقف
كافة االنتهاكات قه اًر وقس اًر أو تجريمها والعقاب عليها من خالل ما يعرف في القانون
الدولي بمبدأ التسليم او المحاكمة ،وما يعرف ببذل المساعدة القضائية وذلك علي النحو
اآلتي -:
269
أوالً – مبدأ التسليم أو المحاكمة -:
هناك عقبات في سبيل إنفاذ القانون وتحقيق العدل فيمن يرتكبون انتهاكات لحقوق
اإلنسان ومن أهم هذه العقبات عدم إمكانية التعرف عليهم لعدم مساعدة جهاتهم في
حصرهم وتحديدهم حص اًر وتعييناً تست اًر عليهم لمنع تسليمهم إلي الدولة التي ارتكبت
الجريمة فوق إقليمها أو علي م تن احدي سفنها أو طائراتها أو إلي الدولة التي ينتمي
إليها الجاني أو المتهم بجنسيته أو التي يقيم بها بصفة معتادة إذا كان عديم الجنسية أو
إلي الدولي أو الدول المتضررة أو التي ينتمي إليها الشخص المضرور أو تسليمه إلي
كافة الدول أو أي من الدول ذات العالقة أو إلي المنظمة الدولية المضرورة التي يتبعها
المجني عليها فال تقوم الدولة بتسليم الجاني أو المتهم إلي أي من الجهات سالفة الذكر
صاحبة الحق في محاكمته وال هي التزمت علي وجه السرعة ووفقاً لمعايير المحاكمة
العادلة المتفق عليها دولياً بان تحاكم المتهم وفق قانونها الداخلي .حيث تكون الدولة
مقصرة ومخالفة إذا خالفت مبدأ التسليم أو المحاكمة وذلك في كافة الجرائم التي تمثل
انتهاكاً جسيماً لحقوق اإلنسان ألنها جرائم ضد اإلنسانية أو جرائم دولية أو ذات صفة
دولية حيث يجب علي الدولة أن تعلن فو اًر عن نيتها وعزمها المحاكمة علي إقليمها أو
التسليم إلي أي من الدول صاحبة الصفة سالفة الذكر ودون تأخير ودون تزرع بعدم
وجود معاهدة تسليم مجرمين بينها وبين أي من الدول طالبة التسليم ألن االتفاقيات
الدولية حول حقوق اإلنسان تجعل إنتهاك حقوق اإلنسان هو األساس القانوني الذي يلزم
الدول بمبدأ التسليم وفق ما استقر عليه المجتمع الدولي في الجرائم الماسة بحقوق
اإلنسان مثل الجرائم اإلرهابية واإلتجار غير المشروع في المخدرات عبر الدول والتعذيب
والتطهير العرقي أو المساس الخطير بحقوق اإلنسان علي وجه العموم.
270
ثانيا – مبدأ تقديم المساعدات القضائية -:
تضمنت كافة االتفاقيات الدولية في مجال حقوق اإلنسان نصوصاً تحث الدول األطراف
في االتفاقيات علي إبداء أي قدر ممكن من التعاون والتنسيق في مجال المساعدات
القضائية مثل المعلومات التي تتعلق بالمجني عليه أو هروف إرتكاب الجرائم أو الشهود
عليها أو األدلة المادية ال مثبتة لها وفق قوانينها الداخلية وضرورة مد الدول ذات الصفة
سواء التي تحاكم المتهم أو دولة جنسيته أو دولة المضرور وكذلك تقديم الخبرة الفنية
والخبراء القضائيين والتقارير والتحقيقات التي تعين في كشف الحقيقة القضائية باعتبار
أن االنتهاكات الخطيرة لحقوق اإلنسان هي باألحرض جرائم ضد اإلنسانية أو جرائم حرب.
271
المبحث الثاني
التعاون الدولي غير الحكومي لمنع انتهاكات حقوق اإلنسان
تمارس المنظمات غير الحكومية دو اًر بار اًز في صد االنتهاكات الواقعة ضد حقوق
اإلنسان ويتعاهم دورها من خالل زيادة المساحات المعطاة لها في التعامل في مجاالت
حقوق اإلنسان والشك أنها قد أحرزت تقدماً كبي اًر في مجاالت حماية حقوق اإلنسان علي
المستوي الدولي من خالل ا حتكاكها المباشر باألفراد وإدراك الحقائق من أرض الواقع
وإحداث الضغط الشعبي لمقاومة هذه الممارسات وتغيير الرأي العام نحو اتجاه مقتها
وبغضها لوقفها وتكون وسائلها هي الصحافة واإلعالم المرئي والمسموع وجماعات
الضغط كالنقابات واالتحادات واألحزاب والجمعيات األهلية ومن أشهر هذه المنظمات
غير الحكومية منظمة العفو الدولية واللجنة الدولية للصليب األحمر ولجنة المحاميين
لحقوق اإلنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والمنظمة العربية لحقوق اإلنسان
وعلي المستوي الداخلي في مصر توجد المنظمة المصرية لحقوق اإلنسان .وسوف
نعرض لهذه المنظمات غير الحكومية علي النحو اآلتي -:
272
هذا باإلضافة إلي تدعيم حق اإلنسان في الحياة ،وحمايته من أوجه العسف به
بدون وجه حق(.)1
وتعمل هذه المنظمة علي تحقيق ثالثة أهداف رئيسية ومترابطة هي -:
أ -العمل علي اإلفراج عن المعتقلين السياسيين أو سجناء الرأي consience
prisonersفي مختلف دول العالم ،وهم األشخاص الذين يعتقلون أو يسجنون
أو تقيد حرياتهم بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية ..أو بسبب جنسيتهم أو
أصلهم العرقي ..بشرط أال يكون هؤالء األشخاص قد لجئوا إلي العنف أو دعوا
الستخدامه للدفاع عن رأيهم أو معتقداتهم.
ب -متابعة إجراءات المحاكمات الجنائية المتعلقة بالمتهمين السياسيين وأصحاب
الرأي ،ومراقبة مدي قانونية األحكام التي تصدر ضدهم في ضوء القواعد الدولية
المقررة في القانون الدولي لحقوق اإلنسان لعدالة المحاكمات واألحكام.
ج -مناهضة عقوبة اإلعدام ،والسعي إلي إلغائها في كل الظروف ،ومكافحة
التعذيب والمعامالت أو العقوبات الالإنسانية أو المهينة التي ترتكب أو توقع
ضد األشخاص مقيدي الحرية من المعتقلين أو السجناء.
وقد أنشئت هذه المنظمة سنة 1961علي أثر مقال صحفي نشره المحامي البريطاني
بيتر ببننسون ) (Peter Benensonحث الناس في هذا المقال علي ضرورة العمل
بطريقة سلمية بعيدة عن التحيز من أجل اإلفراج عن سجناء الرأي ..وقد وجه هذا
المقال إلي كل الناس في كل مكان ..وقد كان لهذه النداء أثرة العميق في نفوس الكثير
من الناس ..فتشيعوا لهذه الفكرة وأبدوا استعدادهم للمساهمة في هذه الدعوة عن طريق
جمع المعلومات الخاصة بالسجناء والدفاع عنهم واإلتصال بالحكومات المعنية
ورد هذا التعداد في تقرير منظمة العفو عام 1990وقد أشار إليه الدكتور الفار في المرجع السابق ص .458 )(1
275
عن سطوة السلطات وأي عناصر أخري قد تكون لديهم القدرة علي إتخاذ إجراءات ضد
تلك األنشطة غير المشروعة(.)1
كما تقدمت المنظمة ببرنامج عمل عام 1983أطلق عليه وبرنامج النقاط االثني عشر
لمنع التعذيب والقضاء عليهو وفيما يلي هذه النقاط -:
علي السلطات في كل دولة أن تعلن عن معارضتها المطلقة للتعذيب وعليها -1
أن توضح للمسئولين عن التنفيذ الجبري للقانون بأنها لن تقبل منهم قيامهم
بأعمال التعذيب أيا كانت الظروف.
أنه غالباً ما يحدث التعذيب خالل اعتقال ضحاياه انفرادياً غير قادرين علي -2
االتصال بمن هم في الخارج ومن يمكنهم مساعدتهم أو اكتشاف ما يحدث لهم
،وعلي الحكومات أن تأخذ بضمانات تكفل أال يكون االعتقال مع منع االتصال
فرصة إلجراء التعذيب ،ومن الحيوي أن يمثل أي سجين أمام جهة قضائية
فور احتجازه في السجن ،ومن غير إبطاء ،وأن يمكن أقاربهم والمحامون
واألطباء من زيارتهم فو اًر وبانتظام.
يجري التعذيب في بعض البلدان في مراكز سرية ،وغالباً بعد إخفاء ضحاياه -3
وعلي الحكومات أن تضمن أن يكون التحف علي السجناء في أماكن معلومة
للكافة وأن توفر المعلومات الدقيقة عن أماكن تواجدهم ،وتجعلهم في متناول
ذويهم ومحاميهم.
علي الحكومات أن تمكن ذوي الشأن من اإلطالع المنتظم علي إجراءات -4
التحقيق واالحتجاز ،وأن يحاط السجناء من غير إبطاء بحقوقهم بما في ذلك
الحق في التشكي في معاملتهم ،ومن الواجب أن تنظم زيارات بشأن التفتي
ألماكن اإلحتجاز ،ومن الضمانات الهامة ضد التعذيب ،وجوب الفصل بين
السلطات المسئولة عن االحتجاز وتلك المسئولة عن التحقيق.
) (1انظر تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان "التعذيب في الثمانينات" سنة 1984ص .110
276
علي الحكومات أن تؤمن التحقيق الفعال وغير المتحيز في جميع شكاوي -5
وبالغات التعذيب وأن تعلن أساليب ونتائج مثل هذه التحقيقات ،وأن تحمي
الشاكين والشهود من التحقيق.
ينبغي علي الحكومات أن تكفل أال يستند خالل اإلجراءات القضائية إلي أي -6
اعترافات أو أدلة أخري متحصلة بالتعذيب.
ينبغي علي الحكومات أن تستخدم كل القنوات الممكنة للتوسط لدي الحكومات -7
التي تتهم بالقيام بأعمال تعذيب ،وأن تؤسس آليات بين حكومية وذلك للتحقيق
في بالغات التعذيب فو اًر ،واتخاذ التدابير الفعالة ضدها ،وينبغي علي
الحكومات أن تكفل أال تؤدي المعونات أو التدريبات العسكرية أو األمنية أو
البوليسية إلي تسهيل ممارسة التعذيب.
ينبغي علي الحكومات كفالة العقاب علي أعمال التعذيب باعتبارها جرائم طبقاً -8
للقوانين الجنائية ،وينبغي طبقاً للقوانين الدولية أال يوقف هذا التجريم تحت أي
هروف بما في ذلك هروف الحرب والطوارن العامة األخري.
ينبغي تقديم المسئولين عن القيام بأعمال التعذيب إلي القضاء وأن يطبق هذا -9
المبدأ في حقهم وأينما يوجدون وأينما كان ارتكابهم لهذه الجريمة ،وأيا كانت
جنسياتهم وجنسيات الضحايا.
-10ينبغي أن توضح لدي تدريب المسئولين علي العمل في السجون والتحقيق أو
معاملة السجناء أن التعذيب عمل إجرامي ،وينبغي أن يوجهوا إلي أنهم ملزمون
أن يرفضوا إطاعة أي أوامر تصدر إليهم للقيام بالتعذيب.
-11ينبغي تمكين ضحايا التعذيب وذويهم من الحصول علي التعويضات النقدية ،
وأن توفر للضحايا العناية الطبية وإعادة التأهيل المناسبين.
277
-12ينبغي علي كافة الحكومات التصديق علي الوثائق الدولية التي تحتوي علي
الضمانات ومداواة التعذيب بما في ذلك التعاهد الدولي حول الحقول المندية
والسياسية والبروتوكول االختياري له والذي يتعلق بالشكاوي الفردية(.)1
انظر في شرح هذا البرنامج وعرض تلك النقاط حيث نشرت في مجلة الحق التي يصدرها المحامين العرب سنة 15العدد )(1
انظر د .زكريا حسن عزمي "من نظرية الحرب إلي نظرية النزاك المسلح " المرجع السابق ص 357وما بعدها ()2
279
وقد امتد نشاط اللجنة الدولية للصليب األحمر ليشمل كافة الحروب الدولية واألهلية
وذلك بحيدة وتميز لتخفيف المعاناة التي تخلقها هذه الحروب بعيداً عن الميول السياسية
..وسوف نركز علي دور اللجنة الدولية للصليب األحمر في حماية حق اإلنسان في
السالمة الجسدية.
انظر في شرح دور اللجنة في النزاعات الدولية – د .سعيد فهيم خليل – المرجع السابق ص 350وما بعدها. )(1
280
أما في النزاعات غير الدولية والحروب األهلية فإنه وطبقاً للمادة ( )3المشتركة من
اتفاقيات جنيف سنة 1949أجيز للجنة أن تقدم خدماتها ألطراف النزاع ،كما أن اللجنة
تتدخل في الظروف القهرية وحاالت العنف المسلح أو االضطرابات الداخلية ال علي
أساس اتفاقيات جنيف وإنم ا علي أساس فكرة التدخل اإلنساني أو الحماية غير المستندة
إلي اتفاقيات جنيف أو البروتوكولين الملحقين بها(.)2
وترتكز الحماية الدولية التي توفرها اللجنة الدولية للصليب األحمر في مثل
هذه الحاالت علي لالث دعائم -:
( أ ) العرف والتقاليد التي أقرتها اللجنة منذ الحرب العالمية األولي حيث درجت علي
التدخل اإلنساني التلقائي بقصد تقديم يد العون اإلنساني للضحايا وتوفير الحماية
لألشخاص المعتلقين والسجناء ألسباب سياسية بغير تميز أو تفرقة ..واستنادا
إلي هذا العرف المستقر فقد قاموا مندوبي اللجنة بزيارة نصف مليون معتقل
وسجين منذ الحرب العاليمة الثانية وحتي عام 1985في خمس وتسعون دولة
من مختلف دول العالم ،كما قاموا ب ازرة أكثر من ستمائة سجين ومعتقل بما يزيد
هن ألف وخمسمسائة زيارة وذلك في دول عديدة من العالم منذ 1980وحتي
، 1985كما تمكنوا من زيارة 1500معتقل سياسي خالل ذات المدة(.)1
(ب) الق اررات الصادرة عن المؤتمرات الدولية التي يعقدها الصليب األحمر ،وكلها
ق اررات تؤكد حق الصليب األحمر في التدخل اإلنساني(.)2
) (2انظر
THEODOR MEROn : Human Rights in internal strife thrie international rotection – 1987 p.
113 CAMBRI d ge the (ICRC) and the international Disturbances and tensions GENVA-
1986
( )1انظر
The (ICRC) and the international Disturbances and tensions ENVA 1986
( )2صدرت سبعة قرارات في هذا الشاأن – انظر شرح هذ القرارات د .سعيد خليل المرجع السابق – ذات الموضع
281
(ج) أحكام النظام األساسي لهيئة الصليب األحمر والتي أكدت التقاليد والمبادن التي
استقرت عليها اللجنة في هذا الشأن.
وتطبيقاً لذلك فقد أنقذت اللجنة آالف الضحايا ،وأحاطت بحمايتها اآلالف أيضا فقد
أنقذت عدداً ال يحصي من األرواو ،وحالت دون ارتكاب العديد من الجرائم الدولية ضد
المعتقلين والسجناء ..أو علي ألقل خففت من حدة االنتهاكات ضد هؤالء المعتقلين أو
السجناء.
وقد احتجت بعض الدول علي تدخل اللجنة في حاالت النزاعات الداخلية ..ولكن هناك
إجماع دولي كبير علي أن حاالت العنف المسلح واالضطرابات الداخلية لم تعد مسألة
داخلية بحتة تخص الدول المعنية وحدها ،وتتركز مظاهر الحماية التي تسبغها اللجنة
الدولية للصليب األحمر خارج إطار اتفاقيات جنيف سنة 1949في مظهرين أساسيين
هما -:
✓ تقديم المساعدات اإلنسانية المختلفة إلي األشخاص الذين تأثروا بأعمال العنف
دون تمييز أو تفرقة علي أساس الجنس أو اللون أو المعتقد الديني أو االتجاه
السياسي.
✓ العناية بأوضاع المعتقلين والسجناء وهؤالء إما يكونوا رهن اعتقاالت أو سجن
تأديبي أو وقائي بسبب عالقاتهم بأحداث العنف وكذا العناية بالسجناء السياسيين
أو أولئك الذين تم اعتقالهم بطريق عشوائي أثناء حمالت االعتقال واسعة النطاق
التي يتم اللجوء إليها بي بعض الدول أثناء حاالت الطوارن(.)1
وما من شك في أن اللجنة الدولية للصليب األحمر تلتزم بمنهج موضوعي بحت في كل
تدخالتها ..إذ ال هم لها إال مصلحة اإلنسان ذاته ،وذلك بتجرد وحيدة مشهود لها من
انظر ()1
283
وينبع تدخل اللجنة في مثل هذه الظروف القهرية من ثالث ق اررات رئيسية صدرت عن
المؤتمر الدولي لهيئة الصليب األحمر المنعقد في أسطنبول عام .)1(1969
( )1انظر في تفصيل هذه القرارات وهي خاصة بعمليات اإلغالة وتوزيع المؤن والمساعدات وحماية واغالة المدنيين :
The Red cross and Human Rights : working Document prepared by The (ICRC) GENEVA
1983.
( )2د .الشافعي محمد بشير "قانون حقوق اإلنسان" المرجع السابق ص .262
284
وشكاوي عن االنتهاكات وهي تجري مقابالت شخصية مع الضحايا والشهود والمسئولين
ومقيدي الحرية علي نحو خاص وتصدر تقارير في كل شأن يتعلق بحماية حقوق
()1
اإلنسان.
285
الباب الرابع
المسئولية عن انتهاك حقوق اإلنسان
نتعرف في هذا الباب علي المسئولية الدولية من خالل التطور التاريخي لها وطبيعتها
القانونية ،واألفعال الموجبة للمسئولية ،وموانع قيامها ،والمبادن القانونية واجبة األعمال
بخصوص هذه المسئولية ،والمسئولية الجنائية للفرد في إطار القانون الدولي الجنائي
وفكرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
286
الفصل األول
األحكام العامة للمسئولية الدولية
المبحث األول
التعريف بالمسئولية الدولية
أوالً – التطور التريخي لفكرة المسئولية الدولية -:
عرفت المسئولية الدولية منذ العصور البدائية حيث ساد أن العين بالعين والسن بالسن سواء
وغن اختلط هذا بعادة األخذ بالثأر علي المستوي الفردي أو مستوي الجماعات
() 1
Represaillesفإن الواقع أن فكرة المسئولية الدولية تختلف تماماً عن األخذ بالثأر خالفاً
لما ذكر بول رويتر أن عادة األخذ بالثأر وخاصة في البحر تبدو مرتبطة بنشأة المسئولية
الدولية .ولقد ارتبطت المسئولية الدولية بالمسئولية الفردية في بادن األمر إذ أن الجماعة تسأل
عن جريمة الفرد ألنها لم تستطع أن ترده عن اقتراف الجريمة وهو ما صار إليه الحال خالل
العصور الوسطي حيث كانت الدولة تسأل بالتضامن مع مقترف الجريمة ضد األشخاص أو
األموال باعتبار أن الجريمة وكأنها وقعت من الدولة ككل وعلي دولة اخري ،ولقد أقرت
الكنيسة هذه القواعد وساد مبدأ القوة إلقرار هذه المسئولية(.)2
أما الفكر اإلسالمي فقد أثري قواعد المسئولية الدولية والمسئولية الفردية بقواعد العدالة المجردة
ألن كل شخص مسئول عن فعله هو ،والثواب والعقاب مرده إلي الفرد ذاته إذ ال جريرة علي
برن – إطالقاً – من فعل غيره وهو ما ذكره وأكد الفقيه أرنست نيز في خصوص المعاهدات
بين المسلمين والمسيحيين إذ ذكر أن هذه المعاهدات لم تؤكد فقط أمن األشخاص أو حرية
المبادالت التجارية فحسب ولكنها أكدت أيضاً المبدأ الكبير للمسئولية الفردية – أي مسيحي
ال يمكن إقالقه او البحث عنه بسبب دين أو خطأ أو جريمة مسيحي آخر إال إذا كان كفيالً
له(.)3
انظر د .محمد سامي عبد الحميد "تطور فكرة المسئولية الدولية" رسالة دكتوراة القانون جامعة باريس سنة .1964 ()1
مما يحدد المسئولية القانونية وغيرها من قواعد األخالق من يخالف القواعد القانونية
والمجامالت وكل ما يستتبع المسئولية األدبية.
انظر د .حامد سلطان "القانون الدولي وقت السلم" الطبعة الخامسة سنة 1972ص 314وما بعدها. ()1
انظر د .بهاء الدين باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق. ()2
انظر أستاذنا د .عبد المعز عبد الغفار نجم "اإلجراءات المضادة في القانون العام" المرجع السابق. ()3
انظر د .سمير محمد فاضل "المسئولية الدولية عن األضرار الناجمة عن استخدام الطاقة النووية ألناء السلم" المرجع ()4
انظر د .سليمان مرقص "المسئولية المدنية في تقنيات البالد العربية" محاضرات لمعهد الدراسات العربية سنة 1958ص ()7
.1
288
وقد تكون المسئولية القانونية جنائية أو مدنية أو تأديبية أو جميع هذه األنواع معاً
()1
أما
فيما يتعلق بالمسئولية الدولية فقد نوهنا إلي أن مفهومها قد تطور كثي اًر وقد كان هذا
التطور أم اًر الزماً ليتمشي مع حرص المجتمع الدولي علي حماية حقوق وحريات اإلنسان
فرداً كان او جماعة حيث كان المفهوم التقليدي ال يرتب المسئولية إال قبل الدولة أو
أشخاص القانون الدولي عند مقارفة فعل أو ترك فعل بالمخالفة ألحكام القانون الدولي
وفقاً للمبادن والقواعد القانونية السائدة في المجتمع الدولي(.)2
وإذا ما نحينا جانباً قواعد المجامالت الدولية أو األخالق الدولية فإن المسئولية التي نحن
بصددها هي المسئولية القانونية .أما تعريح هذه المسئولية في نطاق القانون الدولي فقد
تطور تعريح المسئولية حسب التطور التاريخي إلقرار هذه المسئولية.
ففي نطاق الفقه العربي هناك عدة تعريفات للمسئولية الدولية منها -:
المسئولية الدولية -:تعني تخلف الشخص القانوني عن القيام بالتزام ()1
يرتب بحكم الضرورة تحمل تبعة المسئولية الدولية المتناعه عن الوفاء بهذا
االلتزام(.)3
المسئولية الدولية -:هي نظام قانوني يسعي إلي تعويض شخص أو ()2
أكثر من أشخاص القانون الدولي عن األضرار التي لحقت به نتيجة نشاط
أتاه شخص أو أكثر من أشخاص القانون الدولي(.)3
د .محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص .4 ()1
د .حامد سلطان و د .عائشة راتب و د .صالح عامر "القانون الدولي العام" سنة 1978ص .299 ()3
انظر د .سعيد الدقاق "شرط المصلحة في دعوي المسئولية عن انتهاك الشرعية الدولية" الدار الجامعية للطباعة والنشر ()3
المسئولية الدولية القانونية -:تنشأ في حالة قيام دولة أو شخص من ()4
أشخاص القانون الدولي بعمل أو امتناع عن عمل مخالف لاللتزامات المقررة
وفقاً ألحكام القانون الدولي ومن ثم تتحمل الدولة أو الشخص القانوني تبعة
التصرف المخالف لاللتزامات الدولية واجبة االحترام(.)2
وقد درات كل تعريفات المسئولية الدولية في هذا المعني حيث ال تخرج في مجملها عن
ترتيب المسئولية الدولية في مواجهة أشخاص القانون الدولي عند مخالفة التزام قانون
دولي نتج عنه ضرر بشخص قانوني دولي متخذاً صورة واحدة لجبر الضرر وهي
،وما من شك أن هذا المعني قد تطور كثي اًر من عدة نواحي كعدم اشتراط ()3
التعويض
الخطأ أو العمل غير المشروع أو من ناحية أشخاص القانون الدولي ،أو من ناحية
إقرار حق الفرد في التقاضي دوليا ،أو من ناحية توقيع العقوبة ،وإقرار المسئولية
الجنائية في حاالت انتهاك حقوق اإلنسان علي وجه الخصوص – وهو ما نوضحه في
حينه – أما علي صعيد الفقه الغربي فإن تعريح المسئولية الدولية اختلف حسب وجهة
نظر الفقه علي النحو اآلتي -:
( أ ) ففي قاموس مصطلحات القانون الدولي عرفت المسئولية الدولية بأنها االلتزام
الواقع بمقتضي القانون الدولي علي الدولة المنسوب إليها ارتكاب فعل أو امتناع
د .حامد سلطان و د .عائشة راتب و د .صالح عامر "القانون الدولي العام" المرجع السابق ص .300 ()1
د .محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص .16 – 15 ()2
د .محمد طلعت الغنيمي "األحكام العامة في قانون السالم" منشأة المعارف – االسكندرية سنة 1970ص .868 ()3
290
عنه بالمخالفة لاللتزامات الدولية بأن تقدم التعويضات إلي الدولة المجني عليها
أو شخص أو أموال رعاياها(.)1
(ب) وقد عرف الفقيه شارل روسو المسئولية الدولية بأنها وضع قانوني بمقتضاه تلتزم
الدولة المنسوب إليها ارتكاب عمل غير مشروع وفقاً للقانون الدولي بتعويض
الدولة التي وقع هذا العمل في مواجهتها(.)2
(ج) كما عرف االستاذ رينيه جان دوبوي المسئولية الدولية بأن أي دولة تتجاهل أحكام
االتفاقيات أو األعراف تصبح في موضع المسائلة وتلتزم بإصالو األضرار
الناجمة عن تصرفاتها(.)4
وقد أخذت لجنة القانون الدولي التابعة لألمم المتحدة بالمسئولية الجنائية القائمة علي
انتهاك التزام مادي اتفاقي إزاء المجتمع الدولي كله ،أي الجرائم الدولية مثل جريمة إبادة
الجنس البشري أو جريمة التعذيب أو التمييز العنصري باإلضافة إلي األخذ بالمسئولية
الدولية بمعناها التقليدي(.)5
ومن خالل ما سلف من تعريفات يمكن التنويه ببعض المالحظات في سياق تطور
مفهوم المسئولية ومعناها لتستوعب التقدم في حماية حقوق اإلنسان ورعاية المصلحة
العامة للمجتمع الدولي أو الجنس البشري ،ومن هذه المالحظات -:
• عدم اشتراط الخطأ في الفعل المستوجب المسئولية الدولية فيكفي أن يكون الفعل
ضا اًر بالغير دولة كانت أو منظمة أو هيئة أو شخص عادي.
• أما المالحظة الثانية فهي قيام المسئولية حتي إذا كان النشاط مشروعاً مثل
األنشطة النووية وقت السلم سيما تلك التي تتعدي حدود الدولة فتحدث ضر اًر أو
تمثل خط اًر علي البشرية.
( )2انظر ROUSSAU : " La responsbilitie internationale" caure de international public .. de la
droit , paris 1995 – 1960 , p. 7
( )4انظر "القانون الدولي" – ترجمة د .سموحة فوق العادة ،بيروت /باريس الطبعة الثالثة 1983ص .85
انظر د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص .125 ()5
291
حيث يجب هنا التخلي عن عنصر عدم المشروعية كشرط لقيام المسئولية الدولية وقد
أقرت ذلك الجمعية العامة لألمم المتحدة منذ حوالي أربعين عاماً مضت وبالتحديد في
7يونيو سنة 1957في الجلسة رقم 413من جلسات لجنة القانون الدولي( )1التابعة
لألمم المتحدة وهو ما أشار إليه من قبل الفقيه جورج سل سنة .)2(1948
ومن خالل هاتين المالحظتين وما سبق من تعريفات يمكن تعريح المسئولية الدولية
بأنها إلتزام أشخاص القانون الدولي بأحكام القانون الدولي والمسائلة عند انتهاك هذه
األحكام في حق شخص من أشخاص القانون الدولي أو في حق فرد عادي.
انظر د .سمير محمد فاضل "المسئولية الدولية عن األخطار الناجمة استخدام الطاقة النووية ألناء السلم" المرجع السابق ()1
ص .47 – 46
( )2انظر
N. Gorges scelle , Menuel de drait international public , Domat Montchrestion, paris 1948 p
909.
( )3انظر في اشتراط عدم التعسف في استعمال الحق كمبدأ من المبادئ العامة للقانون ،المرجع السابق للدكتور محمد حافظ
غانم ص .92 – 87
انظر في اشتراط عدم التعسف في استعمال الحق كمبدأ من المبادئ العامة للقانون ،المرجع السابق للدكتور محمد حافظ ()1
انظر د .محمد حافظ غانم " المسننئولية الدولية" المرجع السننابق من ص ، 27 : 20د .حامد سننلطان "القانون الدولي وقت ()2
السنننلم" المرجع السنننابق ص ، 289 : 285د .سنننمير محمد فاضنننل "المسنننئولية الدولية عن األضن نرار الناجمة عن االسنننتخدام
السلمي للطاقة النووية" المرجع السابق ص 48وما بعدها.
حيث اغتيل الكونت فولت بارنادوت في إسرائيل عام 1948ألناء وساطته من قبل األمم المتحدة بين إسرئايل والعرب ، ()3
لنفسه لالث فتيات بوسنيات مسلمات لتحقيق رغبته غير المشروعة وقد اكتفي فقط – كجزاء له – بتعيين قائد آخر محله
انظر د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص .179
انظر في هذا الرأي للفقيه الفرنسي انزيولتي : ()1
293
فالدولة إذا هي صاحبة االختصاص في حماية حقوق رعاياها دون أن يمارس هؤالء
األفراد هذا بأنفسهم( ،)2وقد ترتب علي هذا القول– بحكم اللزوم العقلي – أن المسئولية
ال ترتب سوي التعويض حيث ال تتصور العقوبة الجنائية ضد كيان معنوي لميقترف
فعالً مادياً والشك أن هذا المعني قد تغير كثي اًر في هل المضي قدماً في طريق احترام
حقوق اإلنسان إذ بات إقرار المسئولية الدولية الفردية علي المستوي الدولي بالنسبة للفرد
أم اًر حتمياً لمواجهة الجرائم الدولية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق
اإلنسان كما أن إقرار حق الفرد العادي في التقاضي يعتبر أمر مستقر عليه دولياً منذ
فترات طويلة ،وقد أوضح ذلك األستاذ الدكتور حامد سلطان بقوله و أن بعض الفقهاء
قد انتقد حرمان األفراد من حق مقاضاة الدول أمام المحاكم الدولية ،وهم يسلمون بأن
كل دولة لها حق ثابت ومصلحة مؤكدة في أن ترعي حقوق رعاياها محترمة ومكفولة
من جانب الدول األخري وأنها تبعاً لذلك ال تتردد في رفع دعوي المسئولية الدولية إذا
حصل اعتداء علي حقوق رعاياها نتيجة مخالفة دولة أخري ألحكام القانون الدولي وعدم
تنفيذها اللتزاماتها الدولية ،ولكنهم يرون أن حرمان الفرد من مقاضاة الدول األجنبية
أمام المحاكم الدولية فيه الكثير من العسف ذلك أن دولته قد تكون راغبة عن رفع الدعوي
نيابة عنه ضد الدول األخري العتبارات سياسية ال دخل لها بموضوع قضيته ،أوبسبب
مقتضيات المجاملة والحرص علي العالقات الودية بينها وبين تلك الدول ،يضاف إلي
ذلك أن االتصاالت الدبلوماسية بين الدول وإجراءات رفع الدعاوي فيما بينهما تستغرق
في العادة وقتاً يؤدي يؤدي إلي تأخير حصول الفرد علي حقه ،فضالً عن الصعوبة
في تقديم األدلة والقيام بعبء اإلثبات إذا تراخي نظر الدعوي مدة ليست بالقصيرة ،
Dommages sauffets par des Lerespoasibilte internationale des Etats araison des etrangers
R.G.D 1960 p. 5-6 .
انظر د .عائشة راتب "الفرد في القانون الدولي العام" رسالة دكتوراة جامعة القاهرة سنة 1995ص 43وما بعدها. ()2
294
لذلك يقترو هؤالء الفقهاء السماو لإلفراد بالتظلم إلي محكمة ال صفة دولية تقام خصيصاً
لذا الغرض(.)1
وعموماً فإن حق الفرد في التقدم مباشرة بدعواه إلي القضاء الدولي قد مضي بسرعة
ولقد قضت المحكمة األوروبية ()2
فائقة في التنظيم الدولي االقليمي األوروبي واألمريكي
في هذا الخصوص بأنه إذا كان حق اللجوء إليها والمثول أمامها قاص اًر علي الدول
األطراف واللجنة فقط فإنها ال تستطيع أن تتجاهل التزاماتها بحماية مصالح الفرد الذي
ال يمكنه أن يكون طرفاً أمامها وأن االجراءات أمام المحكمة قصد بها تحقيق غايات
تتعلق بالطاعن ،وفي إطار السير السليم لمرفق القضاء تستطيع المحكمة أن تقر وتأخذ
ولقد تعرضت المحكمة ()3
في االعتبار وجهة نظر الطاعن متي اقتضي األمر ذلك
األوروبية لكيفية تدخل الفرد في الدعاوي الدولية بقولها بإمكانية قيام المحكمة بتطبيق
نص المادة ( )38من الئحتها الداخلية لسماع الطاعن بوصفه شاهداً تكون شهادته أو
أقواله أو إعالناته مجدية للمحكمة في ممارستها لوهيفتها ،ومن هنا فقد بات للفرد
حضور غير مباشر في التنظيمات الدولية اإلقليمية وهو الشك مسلك محمود في سياق
حماية حقوق اإلنسان ضد مجامالت بعض الدول لبعضها البعض أو وجود هروف
سياسية قد يترتب عليها هلم هذا الفرد.
انظر د .حامد سلطان "القانون الدولي وقت السلم" المرجع السابق ص .288 ()1
انظر د .عزت السيد البرعي "حماية حقوق اإلنسان في التنظيم الدولي االقليمي" المرجع السابق من ص .306 : 301 ()2
انظر د .عزت السيد البرعي "حماية حقوق اإلنسان في التنظيم الدولي االقليمي" المرجع السابق من ص .302 ()3
295
المسئولية مرتبطة بالسيادة الكتمال أركان الشخصية القانونية الدولية ولذا فقد كانت
السيادة قاصرة علي الدول كاملة السيادة.
انظر د .سمير محمد فاضل " المسئولية الدولية الناجمة عن األضرار الناتجة عن االستخدام السلمي للطاقة النووية " ()1
المرجع السابق ص ، 69 : 60د .محمد حافظ غانم "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص .20
296
المبحث الثاني
األفعال الموجبة للمسئولية الدولية
األفعال الموجبة للمس ددئولية الدولية هي تلك التي تخالف القانون الدولي فتوص ددم بعدم الش ددرعية
علماً بأن أحكام القانون الدولي المقصد ددودة هنا هي االلتزامات الدولية بصد ددفة عامة س د دواء تلك
التي أنشد د د د د د ددأتهدا أداة القواعد القدانونيدة الدوليدة كالمعداهدات أو االتفداقيدات أو األعراف الدولية أو
اإلعالنات أو التوصد د دديات التي يصد د ددل حجم اإللزام األدبي فيها إلي مرتبة اإللتزام الكامل مثل
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،هذا باإلضافة إلي أن المبادن القانونية العامة تعد من أهم
وأشدمل المصدادر الواقعية للقانون الدولي( )1وهو ما نصدت عليه المادة ( )38جد د د د د د د د من النظام
األس د د د د دداس د د د د ددي لمحكمة العدل الدولية ،هذا باإلض د د د د ددافة إلي أحكام المحاكم الدولية ،وكتابات
واجتهادات فقهاء القانون الدولي والباحثين فيه.
أما بالنسنننبة لألفعال فإنها تقع من الدولة ممثلة في سنننلطاتها ،وقد تصننندر من
األفراد العاديين ،وسوف نوضح ذلك علي الوجه اآلتي -:
أوالً – األعمال التشريعية -:
واألعمدال التش د د د د د د دريعيدة تخدالف أحكدام القدانون الددولي عنددمدا تخدالف الددولدة فيمدا تصد د د د د د دددره من
تشدريعات اإللتزامات الدولية سدواء بالنسدبة لسدن تشدريع مخالف أو إغفال تشدريع يتمشدي مع ما
إلتزمددت بدده الدددولددة علي النطدداق الدددولي حيددث اندده في مقددام اإلختالف بين القددانون الددداخلي
والقانون الدولي فقد أجمع الفقه الدولي – السيما في مجال حقوق اإلنسان – علي سمو قواعد
القانون الدولي( )2ومن ثم فإذا ما أص د د د دددرت الدولة تش د د د دريعاً يخالف اإللتزامات الدولية عد هذا
التش د دريع عمالً غير مشد ددروع مسد ددتوجباً للمسد ددئولية الدولية قبل هذه الدولة مصد دددرة لك التش د دريع
كإص دددار الدولة تشد دريعاً يحرم األجانب من بعض حقوقهم بال مبرر ،كما تس ددأل الدولة كذلك
عن سكوتها عن إصدار تشريع الزم إلنفاذ اإللتزامات الدولية(.)3
انظر د .محمد سعيد الدقاق "القانون الدولي" سنة 1992الدار الجامعية للطباعة والنشر ص 221وما بعدها. )(1
انظر ما سبق من هذه الرسالة ص ، 91انظر د .محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ، 103د. )(2
297
ثانيا ً – األعمال القتائية -:
يعتبر القضداء ضدمانة أكيدة لألفراد ضدد سدف أو هلم السدلطة أو األفراد العاديين ،وهو
الوس د دديلة الناجحة واألخيرة في ض د ددمان حرمات البش د ددر وذلك بفرض العقوبات المناس د ددبة
للتعدي والتي تصد د ددل إلي اإلعدام أحياناً ،كما أن القضد د دداء حماية للفرد من إرادة الدولة
عقابه بال مقتض د د د د ددي أو مبرر ،لكن القض د د د د دداء قد يخط أحياناً وقد يطبق تش د د د د دريعات
تتعدارض مع اإللت ازمدات الددوليدة ،وقدد يكون هنداك مظندة عسد د د د د د ددف أو جور – وإن كدان
ناد اًر – إذا ما كان طرف الدعوي أجنبياً أو وطنياً منبوذاً من السد د د ددلطة السد د د ددياسد د د ددية في
الددولدة كمدا قدد يكون تنظيم العمدل القضد د د د د د ددائي داخدل الددولدة يتعدارض مع الضد د د د د د دمداندات
األسدداسددية لحقوق اإلنسددان كدرجات التقاضددي مثالً أو عدم كفالة الحق في التقاضددي أو
الحق في الدفاع أو الحق في الطعن علي الحكم وغير ذلك من الحقوق القضد ددائية التي
كفلتها المدنيات الكبري في العالم لضمان الحد األدني من العدالة.
ومن أهم التصرفات القضائية التي تستوجب المسئولية الدولية ما يلي(-: )1
أ -تعرض األجنبي لحالة إنكار العدالة قبله.
ب -مخالفة التنظيم القض د ددائي داخل الدولة للض د ددمانات األس د دداس د ددية لحس د ددن س د ددير
العدالة طبقاً لما هو مكفول علي المستوي الدولي.
ج -إش دداعة الفس دداد والمحس ددوبية في الجهاز القض ددائي بما يعص ددف بحقوق الناس
ويعرقل س د د د د ددير العدالة بالمخالفة لحقوق اإلنس د د د د ددان والمخالفة للمواثيق الدولية
السيما في مواجهة األجانب.
ثالثا ً – األعمال اإلدارية -:
وقد يطلق عليها أعمال الس د ددلطة التنفيذية( )2وفيها تس د ددأل الدولة طبقاً لقواعد المس د ددئولية الدولية
عند مخالفة أعمالها اإلدارية الصد د ددادرة من موهفيها علي اختالف درجاتهم في السد د ددلم اإلداري
) (1انظر د .محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص ، 104د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير"
المرجع السابق ص ، 159د .محمد سامي عبد الحميد "القاعدة الدولية" الطبعة الثالثة سنة 1977مكتية مكاوي بيروت ص
،490د .عبد الواحد الفار "موجز القانون الدولي العام" المرجع السابق ص .429 : 428
انظر في إطالق هذا التعريف د .الفار – المرجع السابق ص .427 )(2
298
داخل الدولة عن كل عمدل مادي أو قرار مخدالف لإللتزامات الدوليدة حتي ولو كان هذا العمل
أو القرار متفقاً مع القوانين الداخلية سد د د د د د دديما تلك األعمال المادية والق اررات اإلدارية التي تؤثر
في حقوق األجانب وممتلكاتهم بالس د د د ددلب أو باإليجاب( )1كأعمال الش د د د دددة والعنف ض د د د دددهم أو
أو كل فعل هالم يرتكبه اعتقالهم تعس د د د د ددفياً أو إيواء الدولة للمجرمين الهاربين من يد العدالة
() 2
الموهف داخل الدولة بص ددفته هذه ،أما ما يرتكب دون ص ددفة فينخرط تحت تص ددرفات األفراد
العاديين(.)3
رابعا ً – مسئولية الدولة عن تصرفات األفراد العاديين -:
األصدل أن الدولة ال تسدأل عن التصدرفات المخالفة للقانون الدولي والتي تقع من األفراد
العاديين سد دواء كانوا من موهفيها أو من األجانب المقيمين فوق إقليمها فالقانون الدولي
يحمي الفرد من عس د د د ددف الس د د د ددلطة باعتبار أن الفرد غايته ،لكنه يواجه هذا الفرد الذي
يخرج عن القانون ت حت ما يسدمي بالجرائم الدولية أو الجرائم ذات الصدفة الدولية ويسدأل
دولته إذا ما بان إهمالها أو تقص دديرها ،والفرد هنا ش ددخص من أش ددخاص القانون الدولي
ليس بدداعتبدداره محددل حمددايددة ولكن بدداعتبدداره مجرم داً وهو الددذي يتصد د د د د د ددور في مواجهتدده
العقوبات الجناية السديما إذا ما كان هذا الفرد يتصدرف بنفسده ولحسدابه الخاص دون أن
تتورط معه دولته أو تهمل أو تقص د د ددر في محاس د د ددبته وذلك مثل إتجار الفرد العادي في
الرقيق واسد د د ددتغالل األشد د د ددخاص في الدعارة ،ومن ثم فليس من المنطق أن يظل بمنأض
ولكن هذا ال يحول دون مسد ددئولية الدولة عن ()4
عن المسد ددائلة من جانب القانون الدولي
األفراد العاديين سد د دواء كانوا من مواطنيها أو األجانب المقيمين فوق إقليمها إنطالقاً من
مس د د د د د ددئولية الدولة في تأمين اإلنس د د د د د ددان فوق إقليمها وبذل العناية الالزمة لحمايته وعدم
انظر د .محمد حافظ غنام "المسئولية الدولية" المرجع السابق ص .107 )(1
انظر د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص .164 )(2
انظر د .عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" – المرجع السابق ص .428 )(3
انظر د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص .186 : 183 )(4
299
إنتهدداك أحكددام القددانون الدددولي فوق إقليمهددا ،ويقع علي الدددولددة مسد د د د د د ددئوليددة تتبع الجندداة
والقبض عليهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة منصفة(.)1
أما االضد د د ددطرابات الداخلية حتي وإن مسد د د ددت حقوق الجانب فال تسد د د ددأل عنها الدولة ما
دامت لم تثبت أنها أهملت أو قص د ددرت في قهر هذه االض د ددطرابات وإن كان األرجح أنه
يجب أن تسأل حتي وإن اعتبرت قوة قاهرة ألن المسئولية تقوم لمجرد الضرر دون نظر
للخطأ أو العمل غير المشروع(.)2
وهو ما ينطبق علي واقعة اإلعتداء علي الرئيس األسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا سنة 1995إذ كان من الالزم ()1
والواجب تأمين كل ذوي الصفات لدبلوماسية السيما رلساء الدول من احتمال وقوك مثل هذه األحداث واال فإن لمة تقصير أو
إهمال أمني وقع من حكومة أليوبيا كما أن السودان يجب أن تسأل ن جريمة إيواء المجرمين وهو ما حدث في مقتل الملك
الكسندر ملك يوغوسالفيا سنة 1943في مرسيليا بسبب عدم كفاية الحماية التي كلفت له ،كما قتل سنة 1948الكونت
فولت برنادوت في إسرائيل وكان يمثل األمم المتحدة في الوساطة بين إسرائيل والعرب
أنظر د .سامي عبد الحميد – المرجع السابق ص 500وما بعدها ،د .نبيل بشر – المرجع السابق ص 164وما بعدها ، ()2
انظر أستاذنا الدكتور عبد المز نجم "التنظيم الدولي" المرجع السابق ص 200وما بعدها ،د .جعفر عبد السالم "المنظمات ()1
الدولية" سننننة ، 1981دار النهضنننة العربية ص 262وما بعدها ،د .حامد سنننلطان "الحرب في نطاق القانون الدولي" المجلة
301
مجلس األمن والتي تعد بمثابة جزاءات بالنس د د ددبة للدول هو ما تبينه نص د د ددوص الفص د د ددل
السد ددابع من الميثاق وهو اسد ددتخدام القوة العسد ددكرية في سد ددبيل إجراء القمع والمنع ،ولكن
المجلس ملزم بالتدرج في الجزاءات وصوالً إلي القمع علي النحو التالي -:
أ -التدابير المؤقتة (مادة 40من الميثاق) -:
ومن هذه التدابير – وعلي سد د د د د ددبيل المثال – فرض الهدنة أو األمر بوقف إطالق النار
أو األمر بسد د د د د د دحدب القوات الحربيدة من بعض المنداطق ،وعلي العموم فدإن الميثداق لم
يضع معيا اًر محدداً لمفهوم التدابير المؤقتة (.)2
ب -التدابير المانعة (مادة 41من الميثاق) -:
ومن أمثلة التدابير المانعة وقف العالقات االقتص د د د د ددادية أو قطع االتص د د د د دداالت أو قطع
العالقات الدبلوماسد د د د د ددية مع الدول المعتدية أو المخلة بالسد د د د د ددلم واألمن الدوليين ،وعلي
العموم فالتدابير المانعة تشمل كل ما عدا استخدام القوة المسلحة.
جن -التدابير العسكرية (مادة 42من الميثاق) -:
وليس للمجلس أن يلج هذا السددبيل إال بعد االسددتيثاق من أن التدابير المؤقتة أو المانعة
لم تف بددالغرض ،إذ يجوز لدده آنئددذ أن يلجددأ إلي التدددابير العددامددة العسد د د د د د ددكريددة بغرض
استتباب األمن الدولي وإعادة السلم إلي نصابه(.)3
المصنننرية للقانون الدولي سننننة 1988ص 2وما بعدها ،د .عبد العزيز سنننرحان "القانون الدولي العام" عام 1968ص 425
وما بعدها.
انظر د .حامد سلطان "ميثاق األمم المتحدة" المجلة المصرية للقانون الدولي المجلد رقم 6سنة 1950ص 130وما ()2
بعدها.
انظر في ذلك د .نبيل بشر "مدي مالئمة سلطات مجلس األمن للتطور المعاصر للمجتمع الدولي "رسالة دكتوراة القاهرة ()3
سنة 1977ص 100وما بعدها ولسيادته أيضاً "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص .193
302
ذهب كثير من الفقده إلي أن التعويض يكداد يكون هو الصد د د د د د ددورة الوحيددة التي تمثدل أث ار
وذلدك من منطلق أنده ال توجد ()1
لإلخالل بداإللت ازمدات الددوليدة التي يرتبهدا القدانون الددولي
صد د ددفة جزائية أخري عند اإلخالل بالمسد د ددئولية الدولية ومن ثم فإنه ال عقوبة مطلقاً عند
مخددالفددة اإللت ازمددات الدددوليددة إذ أن التعويض ذو طددابع مدددني وهو ال يمثددل عقوبددة ولكن
الحقيقدة أن التعويض يحمدل بين ثندايداه معني الغ ارمدة المداليدة ،والغ ارمدة هي عقوبدة بال
ش ددك ومن ثم فهو ذو طابع جزائي .هذا باإلض ددافة إلي أن التعويض لم يعد هو الص ددورة
الوحيدة التي تمثل مواجهة اإلخالل بالقانون الدولي س د د د د دديما في مجال حقوق اإلنس د د د د ددان
واإلخالل بالسلم واألمن الدوليين أو ارتكاب الجرائم الدولية.
والتعويض يرتد إلي معناه في القانون الخاص ،وهو يتأس د د د ددس علي أن كل من س د د د ددبب
للغير ضددر اًر يلزم بتعويضدده ولكن صددور التعويض في القانون الدولي قد تكون إصددالو
الضد د د د د د ددرر بإعادة الحال إلي ما كان عليه أو التعويض المالي أو الترضد د د د د د ددية أو بإنزال
عقوبات داخلية وكل ما هو من هذا القبيل وقد يجمع كل هذه الصد د ددور معاً كتعويض ،
ولقد اسد د د د د د ددتقر هذا المبدأ – وهو مبدأ التعويض – من خالل العديد من األحكام الدولية
()2
لمحاكم التحكيم أو أحكام المحاكم الدولية اإلقليمية
وسوف نوضح صور التعويض السابقة علي النحو اآلتي -:
انظر في ذلك د .حامد سننلطان المرجع السننابق ص ، 300د .محمد حافظ غانم "المسننئولية الدولية" المرجع السننابق ص ، ()1
د .علي ماهر باشننا "القانون الدولي العام" سنننة 1923ص ، 385د .عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" المرجع السننابق
ص.
انظر في رض أمثلة ألحكام المحاكم الدولية د .نبيل بشنننر "المسنننئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السنننابق ص ، 203 ()2
وأمثلننة ألحكننام المحنناكم النندوليننة إلقليميننة (األوروبيننة األمريكيننة) د .عزت البرعي "حقوق اإلنسننننننننننان في إطننار التنظيم النندولي
اإلقليمي" المرجع السنننابق ص ،د .نبيل بشنننر "مدي مالئمة سنننلطات مجلس األمن للتطور المعاصنننر للمجتمع الدولي" الرسنننالة
السننابق اإلشننارة إليها ص ، 218د .خير الدين عبد اللطيف "اللجنة األوروبية لحقوق اإلنسننان" المرجع السننابق ص 150وما
بعدها.
303
وهذه الصد د د ددورة من صد د د ددور التعويض تمثل التنفيذ العيني ولذلك فإنها تعد األسد د د دداس في
إص د د د د ددالو الض د د د د ددرر وال ينظر إلي غيرها عند القدرة عليها إال بإذن المض د د د د ددرور ،ومن
الممكن الجمع بين التعويض العيني والمدالي في حدالدة مدا إذا لم يكف التعويض العيني
إلصدالو الضدرر ،وأنه وإن كان التعويض العيني غير مجد في الجرائم الدولية في كل
األحيان إال أنه الصد د د د د ددورة الممكنة عقالً وواقعاً تجاه الجرائم الدولية إال أن الدولة ككيان
في المجتمع الدولي ال يتصدور ذلك بالنسدبة لها ومن ثم يكفي إلزامها بإعادة الشديء إلي
أصله وإصالو الضرر.
انظر شارل روسو "القانون الدولي العام" األهلية للنشر والتوزيع ببيروت سنة .1987 ()1
انظر د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" المرجع السابق ص .201 ()3
304
والترضدية هي إحدض صدور التعويض باعتبار أنها جبر لضدرر مادي أو معنوي أو هما
معاً وفيها معني اإلقرار بعدم مش ددروعية التص ددرفات التي ص دددرت بش ددأنها هذه الترض ددية
وذلك باالعتذار عنها أو عقاب مرتكبيها.
305
المبحث الثالث
موانع قيام المسئولية الدولية
تختلف موانع قيام المسئولية في القانون الدولي عنها في القانون الداخلي إلختالف طبيعة
كل منها ..وموانع قيام المسئولية الدولية تعني أن يكون العمل غير المشروع مقبوالً من
الناحية القانونية الدولية ومن ثم فال عقاب ضد الدولة أو الشخص مرتكب هذا العمل.
انظر د .حامد سلطان "القانون الدولي العام" – المرجع السابق ص 323وما بعدها. )(1
ولذلك قضت محكمة نورممبرج بان الغزو األلماني للنرويج كان عدواناً ولم يكن يشكل دفاعاً شرعياً .أنظر د .ج.م جلبرت )(2
"محاكمات نورممبرج" ترجمة األستاذ احمد رائف مطبعة الزهراء لإلعالم العربي سنة ، 1991ص .170وما سبق من هذه
في خصوص الدفاك الشرعي. الرسالة ص
306
ثانيا ً – الرضا -:
يمنع الرضا من قيام المسئولية الدولية حيث أن العمل غير المشروع – كقاعدة عامة –
ال يسائل مرتكبه دولياً إذا تم برضاء ممن وقع عليه وكان الرضا صريحاً وصحيحاً
وخالياً من العيوب ،حيث انه بمقتضي رضا الشخص القانوني ال تترتب المسئولية
ويشترط في الرضا ما يلي -: ()1
الدولية طالما أقر المخالفة في حقه وقبلها
أ -أن يصدر عن إرادة صحيحة خالية من العيوب كالغلط والتدليس واإلكراه ،
وقد كان العرف الدولي قد جري علي أن اإلكراه ال يبطل المعاهدات وهو
الشك تسليم بواقع للحال ولكنه مسلك غير سديد وليس به ثمة عدالة وهو ما
تضمنته المادة ( )52من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات سنة 1969م.
ب -يجب أن يسبق الرضا العمل غير المشروع حيث أن الرضا الالحق بمثابة
تنازل من الدولة عن حقها.
ج -وجوب أن يكون الرضا صريحاً فالسكوت ال يعتبر رضا وال يعبر عن إرادة.
د -يقتصر أثر الرضا علي الدول التي عبرت عن رضاها دون غيرها ويجب
التنويه هنا إلي أن الرضا ال أثر له مطلقاً في حالة رضاء الدول أو األفراد
بالمخالفة الدولية تجاه رعاياها ذلك أن من المفترض أن قضايا حقوق اإلنسان
ال تخضع لقبول أو رفض دولة ما لجريمة دولية وال تخضع أبدأ لمصالح
الدول ومسئولياتها فيما بينهما(.)2
د .عبد الواحد محمد الفار "القانون الدولي العام" المرجع السابق ص .437 ()1
د .حامد سلطان "القانون الدولي العام " المرجع السابق ص 354 ()2
307
ثالثا ً – القصاص أو األعمال اإلنتقامية Reprisals
وهي تلك األعمال التي تقوم بها الدولة رداً علي المخالفة التي وقعت في حقها من دولة
أخري لجبر األخيرة علي احترام الحقوق الشرعية لغيرها ومنعها من اإلقدام مرة أخرض
علي مثل هذه المخالفات الدولية ،ولقد فرق أستاذنا الدكتور عبد المز نجم بين األعمال
الثأرية Les actien de represaillesواألعمال القمعية(Action deretorsien )1
وعلي العموم فإن للمسميين معني واحد إذا ما تم فهمها في سياق نظام المعاملة بالمثل
.Reciprocile
ويشترط إلعتبار األعمال اإلنتقامية أو اإلجراءات المضادة أو القصاص أو المعاملة
بالمثل تصرفات مانعة من المسئولية الدولية عدة شروط علي النحو اآلتي -:
-1أن يكون رداً علي أعمال غير مشروعة دولياً.
-2أن ال تعبأ الدولة المعتدية بإصالو الضرر وأن يظهر من سلوكها عدم
االستجابة واالنصياع لتحمل المسئولية الدولية.
-3أن يسبق األعمال االنتقامية مطالبة دولية.
-4أن تكون األعمال االنتقامية متناسبة مع التعدي ومساوية له وفي حدود حماية
حقوق الدولة(.)2
ومن أهم ما يستفاد به في هل القانون الدولي الجنائي من فكرة األعمال االنتقامية أنها
تنطبق في حاالت انتهاك حقوق اإلنسان حتي وإن ارتكبت هذه االنتهاكات دولة ضد
رعاياها أو مواطنيها أو المقيمين بها ،كما أنه يجب أن تنطبق هذه الفكرة في حاالت
د .عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" المرجع السابق ص .439 ()1
انظر أستاذنا الدكتور عبد المعز نجم "اإلجراءات المضادة في القانون الدولي العام" ط 1988دارة النهضة العربية ص 21وما
بعدها ،د .بهاء الدين باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي ،األعمال االنتقامية وفرة العقاب عليها" المرجع
السابق ص 240وما بعدها ،ص 302وما بعدها.
انظر د .نبيل بشر "المسئولية الدولية في عالم متغير" – المرجع السابق ص 248وما بعدها. ()2
308
تبني دولة معينة لإلرهاب الدولي أو تأييدها له ( ،)1وفي حاالت تبني دولة معينة لمافيا
الجريمة الدولية تجارة المخدرات.
انظر د .عبد المعز نجم "اإلجراءات المضادة في القانون الدولي العام" المرجع السابق ص .48 – 43 ()1
انظر د .بهاء الدين باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص .209 ()3
309
الفصل الثاني
المسئولية عن انتهاكار حقوق اإلنسان
في إطار القانون الدولي الجنائي
المبحث األول
التعريف بالقانون الدولي الجنائي
نتناول في هذا المطلب تعريح القانون الدولي الجنائي ،وتحديد طبيعته ،ووهيفته ،
ومحاوالت تدوين قواعده ،وأهميته وذلك كاآلتي -:
أوالً – تعريف القانون الدولي الجنائي -:
International Criminal Law ()1
اختلف الفقهاء في تعريح القانون الدولي الجنائي
ويمكن عرض أهم التعريفات التي قيلت – وبعيداً عن الخلط بين القانون الجنائي بأنه
مجموعة القواعد القائمة بعقاب مخالفات فروض القانون الدولي العام( ،)2وقد عرف
البعض القانون الدولي الجنائي بأنه مجموعة القواعد القانونية المعترف بها في العالقات
الدولية والتي تهدف إلي حماية النظام القانوني واالجتماعي الدولي بواسطة العقاب علي
األعمال الماسة به( ،)3وتدور معظم التعريفات حول معني واحد وهو أن القانون الدولي
الجنائي هو مجموعة القواعد القانونية التي تواجه المخالفات التي تقترف بالمخالفة للقانون
الدولي العام.
ومن الجدي بالذكر أن كلمة ودوليو في مسمي القانون الدولي الجنائي تعني أنه فرع من
فروع القانون الدولي العام ويرجع في مصادره إلي ذات مصادر القانون الدولي العام
حتي وإن كان وليداً ليس له قدم قواعد القانون الدولي العام ،وال يجوز الخلط بين القانون
ذلك ألن األول – من خالل تعريفه السابق – ()4
الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي
انظر في عرض هذه الخالفات د .مني محمود مصطفي "الجريمة الدولية بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي ()1
انظرد .حسين عبيد "القضاء الدولي الجنائي" ط 1977دار النهضة العربية ص 6وما بعدها. ()4
310
له وضيفة محددة تختلف عن غاية القانون الجنائي الدولي الذي ال يغدو كونه فرع من
فروع القوانين الجنائية الوطنية ،وقد عرف الفقه القانون الجنائي الدولي بأنه ذلك العلم
الذي يحدد االختصاص القضائي الجنائي للدولة بالنسبة للقضاء األجنبي ويحدد قواعد
تطبيق قوانين الدول الجنائية للمكان واألشخاص بالنسبة للقوانين الجنائية األجنبية ويبين
وإنه إن كان هذا التعريح قد ()1
كذلك سلطة األحكام الجنائية األجنبية علي إقليم الدولة
خلط بين القانونين – الجنائي الدولي والدولي الجنائي – إال أن األستاذ الدكتور محيي
الدين عوض قد يري هذا الخلط بقوله أنه يميل إلي إطالق التعريفين يعطيا معني واحداً
كمترادفين ،ولكن األرجح أن المسميين ال يمكن أن يعطيا معني واحداً إذ أن القانون
الجنائي الدولي ليس سوي قانون وطني مدون شأنه شأن كافة القوانين الداخلية وال مجال
فيه لإلتصال بالقانون الدولي وليست كلمة ودوليو Internationalالتي وردت فيه
سوي من منطلق تعلقه بعنصر أجنبي يظهر في مجال القانون أو العقاب الجنائي أما
القانون الدولي األجنبي فإن أساسه األخالق شأنه شأن القانون الدولي العام ومصدره ال
بل أن المبادن العامة للقانون ()2
يقتصر علي المصادر المدونة فقط كالقوانين الداخلية
من مصادره األساسية .والخالصة أن القانون الدولي الجنائي هو عبارة عن مجموعة
من القواعد القانونية التي تتعلق بالعقاب علي الجرائم الدولية.
انظر د .محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي" مجلة القانون واالقتصاد – العدد األول مارس سنة ()1
1965ص .190
انظر د .محمد بهاء باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق هامش ، 7د .عبد الرحمن ()2
صدقي " دراسة للمبادئ األصولية للقانون الدولي" سنة 1984المجلد 4ص 4وما بعدها.
311
ويتبين من هذا أن مركبات تعريف القانون الجنائي هي -:
-1أن القانون الدولي الجنائي يواجه الجرائم الدولية.
-2أن القانون الدولي الجنائي يواجه هذه الجرائم بعقاب.
-3أن القانون الدولي الجنائي هو قواعد قانونية عامة ومجردة صادرة عن الدول
وتمثل إرادة المجتمع اإلنساني كله في عقاب كل من ينتهك أمن وسالمة هذا
المجتمع وأفراده.
انظر د .مني محمود مصطفي " الجريمة الدولية بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي" المرجع السابق ص ()1
68وما بعدها.
انظر د .عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص .153 ()2
312
وجود القانون الدولي الجنائي كما أنه المسئول أمامه بعد إقرار المسئولية الجنائية الفردية
علي المستوي الدولي.
وبالنسبة لوهيفة القانون الدولي الجنائي فهي – مثل سائر وهائف القوانين بصفة عامة
– إيجاد االلتزام والمسائلة عن المخاطبين بأحكامه ،فهذا القانون وضع النص التجريمي
أو يستند إلي العرف والمبادن العامة للقانون وسائر مصادر القانون الدولي بصفة عامة
ثم يضع العقوبة ا لمناسبة لحجم المخالفة ،ولكنه يختلف عن القوانين الجنائية الداخلية
أو الوطنية حيث يكتتف وهيفته هذه في أدائها كثير من الصعوبات التي يحاول هذا
القانون تذليلها وتخطيها ولقد أقر هذا القانون وهو في طريق تخطي صعوبة بعض
من أهمها -: ()1
المبادن العامة
ولسيادته أيضاً "المصلحة الدولية المشاركة أساس لتغيير النظام االقتصادي الدولي" دار النهضة العربية ط 1984ص 65 ()1
– .76
انظر د .بهاء الدين باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص 163وما بعدها. ()2
313
وقد أصبحت الدول تتباري في تبيان مدي امتثالها ألحكام القانون الدولي وال شك في أن
هذا المبدأ يتمشي مع منطق األشياء ألن القانون الدولي الجنائي هو قانون عالمي لحماية
المجتمع البشري ككل دون تقيد بحدود جغرافية معينة لكن – وعلي الجانب العكسي –
إن تزيد القانون الجنائي الداخلي وأثم أفعاالً يبيحها القانون الدولي الجنائي فال غبار
عليه ،فليست في ذلك أية مشكلة ألن نطاق تطبيق هذه القواعد تقتصر علي النطاق
الخاضع للسيادة الوطنية للدولة صاحبة القرار .ولقد تأكد مبدأ سيادة القانون الدولي علي
القانون الداخلي من خالل التجريم ا لدولي في هل محاكمات نورممبرج وطوكيو وقد
أكدت محكمة نورممبرج أن األفراد عليهم واجبات دولية تسمو علي واجب الطاعة
المفروض عليهم تجاه دولهم التي هم من رعاياها(.)1
( )1وقد أوردت محكمة نورممبرج صياغة هذا المبدأ القانوني كاآلتي -:
"La fait que la droit interne ne punit pas qui constitue un crime de droit international ne de
"gage pas respnsabilite en droit international de celui qui l,acommis
( )2راجع البند 2من حكم نورممبرج في المرجع السابق للدكتور جلبرت ص 158الذي نصه -:
" The very essence of the hater is that individuals of legations of obedience in pared by the
"individuals state
314
قرر حكم المحكمة أ ،الذين قاموا بارتكاب الجرائم الدولية هو رجال وليسوا كيانات وال
يمكن كفالة تنفيذ واحترام نصوص القانون الدولي إال بمعاقبة هؤالء األفراد(.)1
وقد ترتب علي إقرار المسئولية الجنائية للفرد في ظل أحكام القانون الدولي
الجنائي عدة نتائج منها -:
-1عدم االعتداد بصفة مرتكب الفعل للتخلص من المسئولية حتي ولو كان أعلي
منصب في الدولة كرئيس الدولة مثالً حيث أن استثناء رؤساء الدول من
المحاكمة الجنائية عن الجرائم الدولية ال ينطبق حال ارتكابهم هذه الجرائم.
-2عدم االعتداد بتذرع المتهم بتنفيذ أمر رئيسه األعلي للتخلص من المسئولية
الجنائية ،وهذه النتيجة تدخل فيما يعرف (بسيادة الضمير علي مقتضيات
النظام)(.)2
"Crime against international law are committed by men not by abstract entities, only by
punishing individuals who commit such crimes can the preventions of international law be
enforced".
انظر د .عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص 160 ()2
انظر د .مني محمود مصطفي "الجريمة الدولية بين القانون الدولي والقانون الجنائي الدولي" المرجع السابق ص 80وما () )1
بعدها
315
المكتوب وإلي الهيئة القضائية التي تطبق هذا القانون وإلي النموذج المرجو للسلطة
التنفيذية التي تتولي تنفيذ أحكام القضاء الدولي الجنائي علي أن يكون لهذه األجهزة
صفة لعمومية والتجريد والديمومة .وفي سبيل تحقيق هذه األهداف السامية بذلت
محاوالت كثيرة ومضنية وذلك منذ أكثر من قرن بدأ من الفقيه األمريكي دافيد فليدرز
الذي أعد ما يعرف بمدونة أو مسودة فليدز ،ثم أنشئت سنة 1924الجمعية الدولية
لقانون العقوبات ،وقد كان من أسسها تنمية القانون الدولي الجنائي علي الصعيدين
النظري والعملي ،وقد كان من ثمار هذه الجمعية انعقاد المؤتمر الدولي حول قانون
العقوبات في بروكسل سنة 1926والذي تبني قرار بإنشاء محكمة دولية جنائية ،
والذي كان أحد أعضاء مجلس إدارة الجمعية ()2
وبفضل مجهودات الفقيه الكبير بيال
الدولية لقانون العقوبات بدأت فكرة إنشاء مجموعة دولية جنائية تظهر إلي حيز الوجود
وقد أعد هذه الفقيه مجموعته ونشرت سنة 1935ثم تطورت األمور فيما بين الحربين
العالميتين أما بعد الحرب العالمية الثانية وبعد محاكمات نورممبرج وطوكيو عاد التفكير
الجدي يراود أذهان الساسة والفقهاء في إنشاء قانون دولي جنائي وقضاء دولي جنائي
وأكمل المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية مجموعته الدولية لجنائية ،وال
شك أن اإلنسان في حاجة ماسة لتقنين الجرائم الدولية السيما جرائم الحرب والجرائم ضد
اإلنسانية ذلك التفكير في إقامة قضاء دولي جنائي البد أن يكون مسبوقاً علي األقل
متزامناً مع إنشاء قانون دولي جنائي مقنناً ومدوناً وهذا ما اقترحته اللجنة الرابعة للجرائم
الدولية وقانون العقوبات الوطني المنبثقة عن مؤتمر الجمعية المصرية للقانون الجنائي
سنة 1987في توصياتها الثامنة.
انظر مشروك الفقيه بيال مشار إليه في "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" د .الفار المرجع السابق ص ، 36 ، 35 ()2
.37
316
أن حماية حقوق اإلنسان وحرياته ال يمكن أن تتحقق كما ينبغي أن يكون والخالصة
بمعزل عن قانون دولي جنائي مدون.
عالقة القانون الدولي الجنائي بقاعدة "شرعية الجرائم والعقوبات" -:
Nullum crimen, nulla poena, sime praesin lege poenali
تخطي العقوبة في القوانين العقابية الداخلية بالوضوو والتحديد العتمادها علي قانون
مكتوب وضعه وصاغه المشرع بما يحكم اقتران وتالزم النص التجريمي بالعقوبة المالئمة
له ولهذه العقوبة خصائصها التي تميزها وهي شخصية العقوبة وتناسبها مع الجرم وأن
أما في هل القانون الدولي الجنائي فإن العقوبة لم ()1
يصدر بهذه العقوبة حكم قضائي
تح بهذا القدر من التحديد والوضوو وذلك لعرفية هذا القانون منذ نشأته كفرع للقانون
الدولي ومن ثم فإن قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات في هل أحكام هذا القانون تجد
أساسها في مصادر القانون الدولي الجنائي وهي العرف واالتفاقيات الدولية الكاشفة لهذا
،ولم يورد العرف وال االتفاقيات الشارعة عقوبات للجرائم الدولية التي أوردتها ()2
العرف
حيث ترك ذلك ألحد أمرين فإما أن تقدر العقوبة المحكمة الدولية الجنائية كما حدث في
محاكمات نورممبرج وإما أن يترك أمر العقوبة إلي الشارع الوطني ويقف حد المواجهة
كما هو الحال في اتفاقيات جنيف األربع(.)4 ()3
الدولية عند التعويض
ولقد أخذ إعالن األمم المتحدة بشأن تحريم التعذيب وصور العقوبات أو المعاملة القاسية
Des peines au les draitements eruelsأو المعاملة غير اإلنسانية In
humansأو المعاملة التجريدية Degradantsوالصادر سنة 1975بالمعيار الثاني
وهو ترك العقاب للشارع الوطني وكذا الحال بالنسبة إلعالن تحديد سلوك مسئولي التنفيذ
انظر د .محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجرائم الدولية" رسالة دكتوراة – جامعة عين شمس – سنة 1988 ()2
– ص 442وما بعدها.
انظر د .محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص .22 ()3
317
ومسئولي العالج الصادرين من األمم المتحدة في سنة 1982 ، 1979وكذا اتفاقية
مناهضة التعذيب سنة 1984حيث انه في كل ما سلف لم يرد نص عقابي للجريمة
ولكن ترك ذلك للتشريعات العقابية الوطنية.
وقد أدي عدم تحديد العقوبة في الجرائم الدولية إلي إنكار قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات
وهو ما كان مثار دفع من دفوع المتهمين في في هل أحكام القانون الدولي الجنائي
()1
محاكمات نورممبرج وقد ردت المحكمة علي هذا الدفاع بأن الركن الشرعي للجريمة
الدولية يستند إلي االتفاقيات واألعراف Droit conventionnel et coutume
internationalكما أن العلم متوافر لدي الجناة بأن ما ارتكبوه هو من أفظع الجرائم
ولكن – ورغم بدون شك ،والعلم متوفر لديهم أيضاً بمسئوليتهم الجنائية عما اقترفوه
()2
ذلك -ولكيال تكون هناك سلطة تحكمية يمكن أن تخلق جرائم دولية أو عقوبات دولية
وهو ما يهدم قاعدة الشرعية من أساسها وهي تمثل ضمانة أكيدة وأساسية لكل إنسان
وهي محل اعتراف جميع النظم القانونية.
وهذا ما حمل األستاذ الدكتور عبد العزيز سرحان إلي القول بمنطقية حجة الدفاع في
أن قاعدة الشرعية وهي أنه ال جريمة وال ()3
محاكمات نورممبرج( ،)3وقد رأي البعض
عقوبة بغير نص يمكن إعمالها في هل أحكام القانون الدولي الجنائي إذ يمكن للمحكمة
الدولية الجنائية أن تطبق ما تنص عليه المادة ( )38من النظام األساسي لمحكمة العدل
الدولية الدائمة والتي أوجبت تطبيق االتفاقيات والعرف والمبادن العامة التي أقرتها األمم
انظر د .محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجرائم الدولية" المرجع السابق ص ، 450د .محمد بهاء الدين ()1
باشات "المعاملة بالمثل في القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص 355وما بعدها
انظر د .عبد الواحد الفار " الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها المرجع السابق ص ، 111ص 164وما بعدها ()2
وهذا ما اتجه إليه الفقيه فابر وقد أشار الدكتور محيي الدين عوض في المرجع السابق ص 37 ()3
انظر د .عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية" المرجع السابق ص 306 ()3
318
المتمدينة وأحكام القضاء ومذاهب كبار الفقهاء ومبادن العدل واإلنصاف علي الترتيب
وبالكيفية التي أوردها النص سالف الذكر(.)1
وما من شك في أن المخرج من هذا المأزق هو تدوين قواعد القانون الدولي الجنائي لبث
الطمأنينة واالحترام في نفوس البشر بالنسبة للقواعد القانونية الدولية واحتراماً لقاعدة
الشرعية وهي في ذاتها أهم ضمانات حقوق اإلنسان ،وهو أمر يبدو سهالً بالنظر إلي
مشروع الجرائم ضد سالم وأمن البشرية الذي أعدته لجنة القانون الدولي التابعة لألمم
المتحدة طبقاً لقرار المنظمة رقم 177الصادر في سنة 1947فإذا أضيف إلي هذا
المشروع اتفاقيات جنيف األربع سنة 1949واتفاقية مناهضة التعذيب سنة 1984
وتجريم إبادة الجنس سنة 1948واإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والميثاق والعهدين
الدوليين بحيث إذا اندمجت أهم نصوص هذه االتفاقيات واإلعالنات في منظومة واحدة
فإنه يعد بمثابة تدوين أو تقنين لقواعد القانون الدولي الجنائي(.)2
انظر د .مفيد شهاب "المبادئ العامة للقانون بوصفها مصدراً للقانون الدولي" المجلة المصرية للقانون الدولي العدد 23 ()1
سنة .1967
( )2انظر د .عبد الواحد الفار " الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها المرجع السابق ص ، 173وانظر كذلك CLOUDE
LEMMAIS, Droit penal international, 1971, p. 49.
319
المبحث الثاني
المسئولية الجنائية للفرد في إطار القانون الدولي الجنائي
لم يكن الفرد من بين المخاطبين بأحكام القانون الدولي التقليدي ومن ثم فلم يعترف هذا
القانون بالمسئولية الجنائية الفردية أو الشخصية لهذا الفرد بصفته هذه ،لكن لم يكن
من الطبيعي لهذه النظرية أن تستمر ،ذلك أن اإلنسان هو غاية كل تنظيم وما وجدت
الدول وال الحكومات وال المجتمعات وال المنظمات إال لتحقيق حقوق وحرية هذا اإلنسان
ولكي تكفل له أفضل السبل لحياته المعيشية بل وتقتضي الحكمة أن تتوائم القواعد
القانونية في كل األنظمة مع الطبيعة العاقلة له وأن تساير الجانب الخير في هذا اإلنسان
ولذا فقد كان البد من أن يهتم النظام القانوني الدولي بهذا الفرد – اإلنسان – أينما وجد
وحيث كان(.)1
()2
ولقد بدأ هذا االهتمام بالفرد يأخذ شكالً أكثر أهمية وجدية بعد الحرب العالمية األولي
وكذا بعد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان والذي تجلي فيه أن الفرد هو دائماً وأبداً
الشخص الطبيعي لكل قانون ،وطالما أن الفرد وهو المحور الذي تدور حوله كافة
التشريعات القانونية فإنه يمكنه أن يكسب حقوقاً في هل القانون الدولي الجديد ،وعلي
الجانب اآلخر كان البد أن يتحمل بإلتزامات وواجبات تقابل هذه الحقوق ،فإن كان له
أن يكسب حقوقاً ويتحمل التزامات فإنها بذاتها المسئولية في نطاق القانون الدولي ،ولما
كان الفرد بصفته هذه قد ارتكب أفعاالً تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وتمثل جرائم دولية
كالقتل والتعذيب والتشويه والتطهير واإلبادة الجماعية وتجارة المخدرات والرقيق مما هدد
فقد ههرت المسئولية الدولية الجنائية الشخصية في هل أحكام ()3
السلم واألمن الدوليين
القانون الدولي وقد حظيت هذه الفكرة بتأييد البعض ومعارضة البعض اآلخر علي النحو
التالي -:
انظر د .عبد الواحد الفار " المصلحة الدولية المشتركة" المرجع السابق ص 44وما بعدها. )(1
انظر د .عبد العزيز سرحان "االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان وحرياته األساسية" المرجع السابق ص 6وما بعدها. )(2
انظر محاكمات نورممبرج للدكتور جلبرت ترجمة د .أحمد رائف المرجع السابق ص .20 )(3
320
أوالً – اإلتجاه المعارض لمسئولية الفرد جنائيا ً في ظل أحكام
القانون الدولي -:
فكرة مسائلة الفرد جنائياً في إطار القانون الدولي وذلك ألن الفرد ()1
عارض هذا الفريق
– عند هذا الرأي – ال يسأل أمام القضاء الدولي الجنائي إذا أنه ليس من المخاطبين
بأحكام القانون الدولي ولذا فإن القانون الدولي ال يعرف فكرة المسئولية الجنائية الشخصية
،فالدول – عند هذا الرأي – هي فقط أشخاص القانون الدولي أما األفراد فهم أشخاص
ولذلك فال يجب أن يسائلوا أمام القانون الدولي حتي ()2
يسائلوا أمام القوانين الوطنية
ولو بان أن القانون الدولي يحمل الفرد إلتزامات فإن هذه المسئولية في حقيقتها ليست
سوي تخويل الدولة التي يخضع لها هذا الفرد حق عقابه فإن كان قانونها الداخلي ال
يعاقب علي هذا الفعل فال يعاقب هذا الفرد عن فعله حتي ولو كان هذا الفعل يعاقب
دولياً أما بالنسبة للمسئولية الجنائية تجاه الدول فقد انتهي هذا الرأي إلي أن الدول تأبي
طبيعتها – وهي شخص معنوي – أن تخضع لهذه المسئولية ألن العقاب ال معني له
إال في الكائن الحي المفكر والحساس ذي اإلرادة ولما كانت الدولة ليست كذلك فال
مجال للقول – إزاء ذلك – بالمسئولية الدولية الجنائية(.)3
ولما كان هذا الرأي يمثل فك اًر تقليدياً وقد تطور مفهوم المسئولية في هل أحكام القانون
الدولي فإن هذا التطور هو أبلغ دليل علي التحول عن هذا اإلتجاه ذلك أن الدول ليست
إال مجموع أفراد وهي ال إرادة وال حركة لها بدونهم ولذلك فإن اإللتزام يعود علي األفراد
الذين يمثلون هذه الدولة(.)3
ثانيا ً – إقرار فكرة المسئولية الجنائية الدولية -:
ومن أنصنننننننننار هذا الرأي الفقيه أوبنهايم OPPANHEIMانظر في عرض رأيه "الجرائم الدولية وسنننننننننلطة العقاب عليها" ()1
المرجع السابق د .الفار هامش ص 29وهو ذات رأي الفقيه أنزيلرتي والمشار إليه في ذات المرجع وذات الموضع.
انظر في عرض هذه اإلتجاه د .عبد الواحد الفار "أسري الحرب" المرجع السابق ص .267 ()2
ومن أنصار هذا الرأي الفقيه فليمور مشار إليه لدي الدكتور الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ()3
ص 30وما بعدها.
انظر د .حامد سلطان "القانون الدولي العام في وقت السلم" طبعة 1965دار النهضة العربية ص 295 ()3
321
ذهب أغلب الفقه القانوني الدولي إلي التسليم بفكرة المسئولية الجنائية الدولية عن األفعال
التي تمثل انتهاكاً للقيم والمصالح العليا في المجتمع الدولي(.)1
ومع التسليم من هذا اإلتجاه بالمسئولية الجنائية الدولية إال أن من تقع عليه المسئولية
كان محل خالف وذلك علي النحو اآلتي -:
الرأي األول – الدولة هي المسئولة جنائياً -:
يعتبر هذا الرأي أقرب إلي الفكر التقليدي منه إلي ما ط أر في النظم القانونية الدولية ،
فالدول عند هؤالء الفقهاء هي التي ترتكب الجريمة الدولية باعتبار أن جرائم القانون
الدولي ال يرتكبها إال أشخاص القانون الدولي فقط ،ولما كان الفرد الطبيعي ال يعد –
من ناحية في نظرهم – من أشخاص القانون الدولي فهو غير مخاطب بأحكامه
()2
الحقوق والواجبات ولذا فالدولة هي المسئولة جنائياً دون األفراد العاديين ،فمن الممكن
– لدي هذا الرأي -تصور وجود إرادة إجرامية للدولة ومن ثم وجب إقرار مسئولياتها
الجنائية عن هنذ اإلدارة اآلثمة( ،)3ولكن اطالق هذا الرأي من الفكر التقليدي دليل علي
أن التطور السريع والمتالحق في نظرة المجتمع للفرد وتكثيف االهتمام بحقوقه ومنع
انتهاكها قد أثبت اعتواره ووهنه.
الرأي الثاني – إلقاء المسئولية الجنائية علي اتق الدولة والفرد معاً -:
يقوم هذا الرأي علي أن الدولةوالفرد معاً ينحمالن العقاب عند مخالفة القانون الدولي
ولكن طبيعة هذا العقاب تختلف من الدولة إلي الفرد كما أن مسئولية الدولة عن الجريمة
الدولية ال تنفي مسئولية الفرد عنها ذلك أن الفرد في الحقيقة هو الذي ارتكب اإلثم الدولي
،وقد قام الفقيه PELLAبإعداد مشروع مدونته العقابية التي عرفت باسمه وحدد
322
العقوبات التي يمكن أن توقع علي الدول وقسمها إلي عقوبات دبلوماسية كاإلنذار وقطع
العالقات الدبلوماسية ،وعقوبات قانونية نحو وضع أموال الدولة تحت الحراسة ،أو
عقوبات اقتصادية كالمقاطعة االقتصادية والحصار كما أشار الفقيه PELLAإلي
العقوبات وتدابير أخري متنوعة يمكن أن تتخذ ضد الدولة التي تنتهك أحكام القانون
الدولي وترتكب الجريمة الدولية أما بالنسبة للشخص الطبيعي فإن العقوبة بالنسبة له ال
تختلف عن العقوبات التي توقع في القوانين الداخلية اللهم إال الخالف حول تطبيق أو
عدم تطبيق عقوبة اإلعدام عند المخالفة الدولية التي تستوجب ذلك(.)1
الرأي الثالث – مسئولية الشخص الطبيعي بمفرده – جنائياً – عن الجريمة الدولية -:
انتهي هذا الرأي إلي أن الفرد وحده هو الذي ينبغي أن يسأل جنائياً من خالل مسئولية
الدولة الجنائية ذلك ألن القصد الجنائي باعتبار كونه ركن من أركان الجريمة ال يمكن
أن يفهم إال من خالل شخص طبيعي فالنية ال توجد أبداً إال لدي الفرد وهو الشخص
الطبيعي(.)2
وإذا كان هذا هو منطق األمور فإن هذا ال يعني عدم مسئولية الدولة عن الجريمة الدولية
ذلك أنها تسأل دولياً ولكن هذه الجزاءات ال يمكن أن تكون جنائية إذ ان الدول هي
ولعل كائنات مصطنعة يتصرف من خاللها أفراد عاديون وقد أوجدتها ضرورات عدة
()3
()4
بصفة عامة والفقه الدولي الجنائي هذا الرأي هو ما ذهب إليه الكثير من الفقه الدولي
( )1انننننننظننننننر PELLA. V.R. la criminalite collective des etats et le droit penal de l,avenin, :
BUCAREST 1926 p. 176 et ceq : GRAVEN. Droit penal international cours de Doctrat
l.university de caire 1926 p. 121.
انظر كذلك د .عبد الواحد الفار "الجريمة الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص .38
انظر د .عبد الواحد الفار "الجريمة الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ذات الموضوك. ()2
انظر في عرض آراء الفقهاء تونكين ،تربابتن ،وغيرهما ،د .الفار المرجع السابق ص 40وما بعدها. ()4
323
()1
وهو ما انتهي إليه أستاذنا الدكتور عبد الواحدالفار وهو ما يقبل عقالً بصفة خاصة
ومنطقاً لكي ال ينفلت الجناة من المسئولية الشخصية وهم أساس القرار في ارتكاب
الجرائم الدولية وهو اليد المنفذة التي من خاللها تنفذ الدول أفعالها اآلثمة ،والقول يغر
ذلك يجعل الجناة المستهينين بحقوق وحريات اآلخرين بمنأي ومأمن من العقاب وهو ما
ال يمكن قبوله.
انظر في عرض آراء الفقهاء جالسننننير ودروسننننيت وغيرهما مشننننار إليه في "دراسننننات في القانون الدولي الجنائي" د .محيي ()1
الدين عوض المرجع السننننننننابق ص ، 60وفي " الجرائم الدولية وسننننننننلطة العقاب عليها" المرجع السننننننننابق للدكتور الفار ذات
الموضع.
انظر د .عبد الواحد الفار "الجريمة الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص ، 43د .محمد عبدالمنعم الخالق ()2
وان كنا نري ان التقييد هنا غير منطقي ألن المعاهدات ليست هي األساس الوحيد الذي يستقي منه القانون الدولي األفعال ()1
325
مرتكبي هذه الجرائم( . )1كما تردد هذا المبدأ في محاكمات طوكيو كذلك وإن كانت
محاكمات طوكيو وقد أوردت أن المركز الرسمي للمتهمين هرفاً لتخفيف العقاب وهو
اتجاه لم يكن موفقاً وال عادالً من المحكمة حيث صاغته محكمة نورممبرج علي اعتبار
أن المركز الرسمي للمتهمين سواء باعتبارهم رؤاسء دول أو باعتبارهم من كبار الموهفين
ال يعتبر عذ اًر معفياً من المسئولية أو سبباً في تخفيف العقوبة وال شك في عدالة هذا
المبدأ ذلك أن المسئولية الشخصية عندمقارفة اإلثم ال تفرق بين حاكم ومحكوم ورئيس
ومرؤوس إذ أن المسئولية أوالً وأخي اًر تقع علي الفرد باعتبار كونه إنسان آثم وليس من
العدل وال من المنطق أن يعاقب المرؤوس الذي ينفذ تعليمات وأوامر رئيسه ثم يخفف
العقاب عن العقل المدبر للجريمة ولإلنسان اآلمر بها ،وعلي العموم فإنه وبصدور قرار
الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 1/ 59فإنمبدا المسئولية الجنائية للفرد في نطاق
أحكام القانون الدولي الجنائي قد أخذ مكانه حيث صدر هذا القرار باإلجماع وهو يمثل
اإللزام الدولي واإللتزام القانوني بمبدأ المسئولية الشخصية عن الجرائم الدولية.
( )1وقد ورد المعني السابق في محاكمات نورممبرج علي النحواالتي -:
"It is submitted that international law is concerned with the actions of sovereign states. And
provides no punishment for individuals, and further that where the act in question is an act
of states it is protected by the doctrine of the sovereignty of the states in opinion of the
Tribunal bath. These submissinions must be rejected crimes against international law are
committed by men, not by abstract entities, and only by punishing indri duals who commit
such crimes can the provision of international law" bee entered.
انظر في عرض هذا المبدأ د.محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي " المرجع السابق ص 247وكذلك
الدكتور عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص 124وما بعدها.
326
المبحث الثالث
المبادئ التي تعين علي تفعيل المحاسبة
عن انتهاك حقوق اإلنسان
هناك العديد من المبادن يمكن أن تعمل عند حدوث انتهاك لحقوق اإلنسان وهذه المبادن
يجب أن تحكم المبادن المترتبة علي هذه االنتهاكات في إطار المسئولية كمبدأ راسخ.
ولقد تضمنت المواثيق الدولية العالمية واإلقليمية وكذا معظم االتفاقيات المتعلقة بحقوق
اإلنسان العديد من هذه المبادن والتي منها :
مبدأ تطييق الخناق علي مرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان -:
ويهدف هذا المبدأ إلي عدم إفالت أي مجرم اقترف انتهاكات حقوق إنسان من المالحقة
والعقاب .ومن ثم فإن المالحقة الدائمة تسبب أكبر ضغط علي الجناة وأكبر ردع لغيرهم
ممن تسول لم أنفسهم اقتراف هذه االنتهاكات حتي تم المحاكمة وتوقع العقوبة المستحقة
ولقد لجأت األمم المتحدة في سبيل تحقيق هذا المبدأ إلي عدة وسائل منها -:
.1مبدأ عدم استفادة مرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان من قوانين العفو -:
وذلك إن نظام العفو عن الجناة والمذنبين نظام مطبق في معظم دول العالم ومن ثم
يمكن أن يستفيد من هذا النظام أي جان أو محكوم عليه سواء كان هذا العفو كلياً أو
جزئياً وفقاً للشروط الموضوعية المطبقة في هذه القوانين الوطنية .ولكن نظ اًر لبشاعة
الجرائم المنتهكة لحقوق اإلنسان ولضمان استيفاء العقوبة من هؤالء الجناة ولعدم تسيس
هذه الجرائم فقد نصت مواثيق حقوق اإلنسان علي عدم استفادة هؤالء األشخاص من
العفو وفقاً لنص المادة ( )18من إعالن حماية األشخاص من جرائم االختفاء القسري
حيث نصت علي ] أن األشخاص الين يرتكبون جرائم االختفاء القسري ال يستفيدون من
327
قوانين العفو الخاصة أو أية إجراءات مماثلة يكون من أثرها إعفاؤهم من أي عقوبة أو
إجراءات جنائية(.)1
.2عدم جواز منح حق الملجأ السياسي لمرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان -:
ويعتبر حق اللجوء السياسي من الحقوق المستقرة في ضمير الجماعة الدولية منذ القدم
،وما من شك في أهمية هذا الحق لإلنسان الذي يخضع لعسف وإضطهاد دولته وقهرها
الذي قبل له به ويضيق عليه إقليم هذه الدولة بما رحبت ويجد أال ملجأ إال بالفرار
بنفسه ورأيه وفكره ومعتقده .فإن فر خارج الدولة إلي إقليم دولة أخري كان هذا هو ما
يعرف باللجوء اإلقليمي وإن استحال علي الخروج وحالت الدولة دون ذلك يمكن أن يلجأ
إلي أية سفارة أجنبية علي إقليم دولته وهو ما يعرف باللجوء الدبلوماسي وهو ما يمكن
أن تعترف به دولة المقر إذا كانت طرفا في معاهدة دولية بخصوص حق اللجوء أو إذا
اعترفت به دون حاجة الرتباطها بمعاهدة في هذا الصدد ففي الحالتين يخرج هذا الالج
عن والية واختصاص دولته .والشك أن هناك بعداً إنسانياً مثالياً وعظيماً وراء االعتراف
لإلنسان بهذا الحق الذي يكون بديالً عن الموت وهو ما دعي إلي إبرام المعاهدات بشأنه
منذ القرن التاسع عشر حيث أبرمت معاهدة مونتفيديو سنة 1889لتنظم حق اللجوء
السياسي ثم جاءت اتفاقية هافانا سنة 1928حول حق اللجوء السياسي ثم اتفاقية
مونتفيديو سنة 1933حول حق اللجوء السياسي ثم اتفاقية مونتفيديو سنة 1939ثم
اتفاقية كاراكاس سنة 1954بخصوص حق اللجوء الدبلوماسي وهو ما نص عليه
اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان سنة 1948إال أن االعتراف بحق اللجوء السياسي
والدبلوماسي أو اإلقليمي ال يتعارض كأصل عام مع استثناء مرتكبي جرائم انتهاكات
حقوق اإلنسان حتي ال يكون هذا الحق ثغرة ينفلت منها الجناة سواء من المالحقة أو
قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 133/47لعام . 1992ومشار إليه لدي د .أحمد أبو الوفا المرجع السابق ص )(1
155وما بعدها.
328
العقاب وهو ما أكدت علية الوثائق والمواثيق الدولية الصادرة عن األمم المتحدة إذ نصت
المادة ( )14من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان أنه ( ال يجوز طلب الملجأ إذا كانت
هناك مالحقة عن جريمة غير سياسية أو عن أفعال تتناقض مع مبادن وأهداف ومقاصد
األمم المتحدة) وهو ما نص عليه اإلعالن الخاص باللجوء السياسي علي أنه ( ال يجوز
طلب اللجوء من قبل شخص توجد ضده أسباب جدية علي إرتكاب جريمة ضد السالم
()1
أو جريمة حرب أو جريمة ضد اإلنسانية).
وهو ذات االتجاه من الجمعية العامة لألمم المتحدة في قرارها رقم 3074عام 1973
والذي نص علي أنه ( ال يجوز للدول منح الملجأ ألي شخص توجد بخصوص أسباب
جدية أنه ارتكب جريمة ضد السالم أو جريمة حرب أو جريمة ضد اإلنسانية ).كما
نصت المادة ( )15من اإلعالن الخاص بحماية جميع األشخاص ضد االختفاء القسري
والصادر سنة 1992علي أنه (يجب علي السلطات المختصة في الدولة أن تراعي عند
إتخاذها قرار منح اللجوء لشخص ما أو لرفضه مسألة وجود أسباب تدعو إلي االعتقاد
بان الشخص قد شارك في أعمال االختفاء القسري شديد الخطورة(.)2
المبادئ األولي في فقرتها الثانية من اإلعالن الصادر من الجمعية العامة بالقرار رقم 2312سنة .1967 )(1
329
شعور الضحايا وذويهم من ألم الشعور بإنكار العدالة تجاه شخص ما .ومن هنا فقد
ضمنت الوثائق الدولية هذه الغايات حيث صدر قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم
46/39عام 1984متضمناً مبادن التعاون الدولي بشأن البحث عن ومالحقة واعتقال
وتسليم وعقاب األشخاص مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد السالم وضد اإلنسانية.
ومن أهم هذه المبادن -:
-1ضرورة التعاون الدولي في تعقب واعتقال ومحاكمة مرتكبي الجرائم.
-2عدم منح الدول حق الملجأ ألي شخص توجد بخصوصه أسباب جدية إلرتكابه
تلك الجرائم.
-3لكل دولة حق معاقبة رعاياها عن جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية.
-4علي الدول أن تتعاون فيما بينها لتسليم مرتكبي تلك الجرائم
كما نصت المادة ( )8من اتفاقية منع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية
وغير اإلنسانية والمهينة والحاطة بالكرامة اآلدمية سنة 1984علي اآلتي -:
أ -اعتبار تلك األفعال (التي تضمنتها االتفاقية) جرائم قابلة لتسليم مرتكبيها
في أي معاهدة لتسليم المجرمين تكون مبرمة بين الدول أو سيتم إبرامها
بينها.
ب -بالنسبة للدول التي تجعل تسليم المجرمين مشروطاً بوجود معاهدة دولية
تقضي بذلك فعليها أن تعتبر االتفاقية هي األساس القانوني لتسليم
المجرم.
ج -بالنسبة للدول التي ال تجعل تسليم المجرمين مشروطاً بوجود معاهدة
دولية تقضي بذلك عليها أن تجعل األفعال المنصوص عليها في االتفاقية
جرائم قابلة لتسليم مجرميها(.)1
330
-1مبدأ مسئولية الرؤساء عن انتهاكات حقوق اإلنسان -:
ويجد هذا المبدأ أساسه في المسئولية التضامنية وليست المسئولية الشخصية أو مسئولية
المتبوع عن أعمال تابعه الذي قصر في مراقبته أو أهمل في متابعته أو تقاعس عن منع
انتهاكاته لحقوق اإلنسان أو أصدر أوامر له بهذه االنتهاكات أو أوامر تفضي إلي هذه
االنتهاكات أو تقاعس عن إصدار أوامر باحترام حقوق اإلنسان وهو األمر أو القرار
السلبي الصادر من الرؤساء وهو ما أكدت عليه األمم المتحدة في المبادن التي أصدرها
المجلس االقتصادي واالجتماعي بق ارره رقم 1989/65تحت مسمي (مبادن المنع
والتقصي للفاعلين لعمليات اإلعدام خارج القانون واإلعدام التعسفي واإلعدام دون
محاكمة) حيث نصت الفقرة 19من هذه المبادن علي أنه (ويمكن اعتبار الرؤساء وكبار
الموهفين وغيرهم من الموهفين العموميين مسئولين عن األفعال التي يرتكبها من يعملون
تحت رئاستهم إذا كانت قد أتيحت لهم فرصة معقولة لمنع حدوث هذه األفعال) .كما
نصت الفقرة 26علي أنه (وفي كل األحوال تقع المسئولية أيضاً علي الرؤساء الذين
يصدرون أوامر غير قانونية( ))2كما نصت اتفاقية مناهضة التعذيب سنة 1984في
المادة 1/2منها علي أن ( تتخذ كل دولة طرف كافة اإلجراءات التشريعية أو اإلدارية
أو القضائية الفعالة أو أية إجراءات أخري لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع
الختصاصها القضائي وهو ما أكدته االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان عن طريق اللجنة
األوروبية لحقوق اإلنسان عندما أقرت اللجنة أنه حتي في غياب الضرر المادي أو
األدبي فإن عدم إتخاذ الدولة لإلجراءات التشريعية واإلدارية والقضائية وكافة اإلصالحات
المطلوبة يرتب المسئولية لدولية علي أساس مخالفة اإللتزام التعاقدي وهو التزام له صفة
موضوعية .كما أكدت المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان علي أن جميع دول أوروبا
المبادئ األساسية بشأن استخدام القوة واألسلحة النارية من جانب الموظفين والمكلفين بإنفاذ القوانين .مؤتمر األمم ()2
انظر د .عبد الواحد الفار "القانون الدولي العام" دار النهضة العربية سنة 1990ص ، 391ود .حامد سلطان ود .عائشة ()1
راتب ،ود .صالح الدين عامر "القانون الدولي العام" – دار النهضة العربية سنة 1995ص ، 304د .الشافعي محمد بشير
"المرجع السابق" ص ، 153د .أحمد أبو الوفا المرجع السابق ص ، 165د .طارق رخا – المرجع السابق ص . 347
انظر دورة الجمعية العامة رق 48في – 1993/9/21الجزء األول .األمم المتحدة ،بيان صحفي نيويورك 4مارس ()2
1994ص .449
332
وهو ذاته ما أكدت عليه المادة ( )6من مشروع ()1
البحث والتحري والتقديم للمحاكمة
اتفاقية الجرائم المخلة بأمن اإلنسانية وسلمها والتي نصت علي أنه ] ال يعفي ارتكاب
المرؤوس لجريمة مخلة بسلم اإلنسانية وأمنها رؤساؤه من مسئوليتهم الجنائية إذا كانوا
يعملون أركان لديهم سبب للعلم في الظروف القائمة في ذات الوقت بأن المرؤوس يرتكب
أو يوشك أن يرتكب تلك الجريمة ولم يتخذوا كل ما في وسعهم من تدابير الزمة لمنع
وقوع هذه الجريمة أو قمعها( .) )2وكان ذلك قد تأكد من قبل في محاكمات فورلمبرج ثم
في محاكمة بوروندي ورواندا ومحاكمات يوغسالفيا السابقة ثم في نظام روما األساسي
للمحكمة الجنائية الدولية سنة ( 1998علي النحو الذي سوف يرد في الفصل التالي)
حيث قرر نظام نورمبرج األساسي أن (الوضع الرسمي للمتهمين بانتهاكات حقوق
اإلنسان سواء كانوا رؤساء دول أم من كبار المسئولين لن يعتبر عذ اًر مبر اًر أو سبباً في
تخفيف العقوبة)( )3وهو ما علقت عليه لجنة القانون الدولي عليه بقولها :إن هذه األحكام
قد قررت لضمان تطبيق مبادن المسئولية الجنائية الفردية بالتساوي ودون استثناء علي
أن فرد في السلطة الحكومية أو سلسلة القيادة العسكرية بجميع درجاتها يساهم في إرتكاب
الجرائم وال يجوز ألي مسئول حكومي يخطط أو يضع سياسة وال يجوز لقائد عسكري
أو ضابط بأمر أو يتخلف عمداً عن األمكر بمنع الفعل غير المشروع وأي مرؤوس ينفذ
أوامر باإلنتهاك لحقوق اإلنسان فإن العدالة تقضي باعتبار كل من ذكروا رؤساء وحكاماً
()1
وفادة ومرؤوسين علي اختالف درجاتهم كلهم مسئولين جنائياً.
د .رمزي الشاعر "المسئولية عن أعمال السلطة القضائية" ط 1987ص .109 )(1
محمود شريف بسيوني – المدخل لدراسة القانون الجنائي الدولي ص ، 24المعهد العالي للدراسات الجنائية – سراكوزا – )(3
333
التقادم يعني أن بعد إرتكاب الجريمة بفترة معينة دون محاكمة الجاني تنتفي بالنسبة له
الدعوة الجنائية دون عقاب أما سقوط العقوبة فمعناه أن اإلجراءات الجنائية قد تمت قبل
الجاني ولكنه هرب أثناء إجراءات المحاكمة أو بعد صدور الحكم فإن هل هارباً –
كأصل عام – فترة حد دتها قوانين اإلجراءات الجنائية تسقط العقوبة قبله .إال أن هذه
األحكام لما تضمنته من توسعة علي الجناة السيما قدرة الحكام والموهفين من الدرجات
العليا علي التفلت من المحاكمة فكان لزاماً أن يغلق هذا الباب حرصاً علي حقوق
اإلنسان كمصلحة عليا ومن ثم فقد أكدت االتفاقية الخاصة بعدم تطبيق نصوص التقادم
علي جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية وذلك بقرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم
2391لعام . 1968ومن هنا أمكن مالحقة هؤالء المجرمين بجرائمهم مهما تقادم من
زمن حتي ال يفلت مجرم من عقوبة وحتي ال يكون التقادم عامالً مساعداً للجناة في
طريق الجريمة.
334
-3مبدأ حماية المدافعين عن حقوق اإلنسان -:
الشك أن هناك بشر أكثر شعو اًر بدالم غيرهم وهناك أناس جعلوا حقوق اآلخرين همهم.
وهؤالء ال يأمنون شر الحكام وفكرهم وكثي اًر ما دفعوا حياتهم ثمناً لقولة الحق أو خطوة
في الحق .ومن هنا تأذي المجتمع الدولي كثي اًر في إرهاب هؤالء األخيار وتخويفهم أو
وعدهم أو وعيدهم ومن هنا فقد صدر قرار لجنة حقوق اإلنسان رقم 1997/56الذي
حثت فيه الحكومات والدول علي االمتناع عن كل أفعال االضطهاد أو االنتقام ضد -:
-كل من يتعاون مع أجهزة األمم المتحدة لحقوق اإلنسان.
-كل من يستفيدون من إجراءات األمم المتحدة لحماية حقوق اإلنسان وأولئك
الذين يقدموا المساعدات القانونية لهذا الغرض.
-مقدموا الشكاوي طبقاً لوثائق حقوق اإلنسان.
-أقارب ضحايا انتهاكات حقوق اإلنسان.
-المدافعون عن حقوق اإلنسان من خالل أنشطتهم كالمحامين سواء متطوعين
أو بمقابل.
لضحايا التعذيب بقرار الجمعية العامة رقم 151/36في 1981/12/16من أجل تلقي
التبرعات بهدف توزيعها علي ضحايا التعذيب وأسرهم ويدار هذا الصندوق بمعرفة األمين
العام لألمم المتحدة ومساعدة مجلس أمناء من رئيس وأربعة أعضاء ممن لهم خبرة في
مجاالت حقوق اإلنسان ويهدف هذا الصندوق إلي الصرف في العالج وإعادة التأهيل
والتدريب الذي يهدف إلي تمكين الضحية وأسرته من التكيف اإلجتماعي واستئناف الحياة
من جديد(.)2
د .طارق رخا "تحريم التعذيب والممارسات المرتبطة به" دار النهضة العربية ص .255 )(2
336
الفصل الثالث
أداة تطبيق القانون الدولي الجنائي
المبحث األول
جهود إنشاء القضاء الدولي الجنائي والعقبات التي كانت تحول دونه.
المطلب األول
جهود إنشاء القضاء الدولي الجنائي
هل الفقهاء والفالسفة المهتمون باقرار العدالة الدولية وكذلك الجمعيات الخاصة واللجان
والمنظمات الدولية واإلقليمية هل كل هؤالء يحلمون بميالد قضاء دولي جنائي وقد
اجتهدوا كثي اًر في سبيل تحويل هذا الحلم إلي حقيقة واقعية ،وسوف نتعرض إلهم هذه
الجهود وما أتته من ثمار.
أوالً – جهود ما قبل الحرب العالمية الثانية -:
منذ عدة قرون مضت الحت فكرة القضاء الدولي الجنائي في اآلفاق الدولية فقد شهد
القرن الرابع عشر إقامة محكمة دولية جنائية حيث حوكم أمامها الطاغية وبيتزو أحد
حكام إقليم الراين وقد قضت المحكمة ضده باإلعدام إلنتهاكه حقوق اإلنسان خالل فترة
حكمه لهذا اإلقليم(.)1
قد اهتم في كتاباته خالل القرن السادس بإنشاء ()2
كما ان الفقيه زائع الصيت جروسيوس
قضاء دولي جنائي للعقاب علي الجرائم الدولية ،وقد شهد القرن الماضي عديداً من
هذه المحاوالت واالجتهادات كان من أهمها انعقاد مؤتمر فينا لمحاكمة نابليون سنة
1815عن جرائم ارتكبها وما أحدثتها هذه الجرائم في العالم من اضطرابات .أما القرن
الحالي فقد شهدت بدايته عدة محاوالت من هيئات شتي إلقرار وجود هذا القضاء ،منها
ما حدث سنة 1922حيث قررت جمعية القانون الدولي في اجتماعها الحادي والثالثين
في بيونس أيرس إنشاء محكمة دولية تختص بالمخالفات لقوانين الحرب ومخالفات
انظر د.محمد عبد المنعم عبد الخالق " النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص 380وما بعدها. ()1
انظر د .عبد الرحيم صدقي "القانون الدولي الجنائي" المرجع السابق ص 9وما بعدها. ()2
337
القانون الدولي وكلفت هذه الجمعية سكرتيرها السيد /بلوت بإعداد مشروع المحكمة وقد
تقدم به سنة 1924والذي تضمن إنشاء محكمة جنائية مستقلة عن محكمة العدل الدولية
الدائمة في الهاي ،وفي سنة 1925انعقد المؤتمر الثالث والعشرون لإلتحاد البرلماني
الدولي في واشنطن والذ تقدم فيه الفقيه PELLAبدراسة تشمل إمكانية إقامة محكمة
جنائية خاصة ونيابة عامة دولية وغرفة إتهام لتختص هذه المحكمة بمحاكمة األشخاص
الطبيعيين مرتكبي الجرائم الدولية ،وفي ذات العام أي في سنة 1925إنعقد أول
مؤتمرات الجمعية الدولية للقانون الجنائي وقد أقرت الجمعية فكرة إنشاء قضاء دولي
،وقد ()1
جنائي عن طريق إسناد إختصاص جنائي في محكمة العدل الدولية بالهاي
تم تكليف الفقيه بيال بوضع مشروع لهذا االختصاص الجديد لسنة 1926وقد اشترك
()2
مع الفقيه بيال في إعداد مشروع إنشاء المحكمة الدولية الجنائية الفقيه ودونديو دفايرو
أما بالنسبة للجهود التي تبلورت من خالل االتفاقية الدولية فقد نصت المادة ( )227من
اتفاقية فرساي للسالم والمبرمة سنة 1919علي إنشاء محكمة دولية لمحاكمة غليوم
الثاني امبراطور ألمانيا إلنتهاكها مبادن الخالق الدولية وارتكابه جرائم حرب وجرائم
. ()3
دولية
وفي عام 1920شكل مجلس عصبة األمم لجنة من عشة فقهاء في القانون الدولي
إلعداد مشروع لمحكمة دائمة للعدل الدولي علي أن تختص هذه المحكمة بالنظر في
جميع المنازعات الدولية التي يري الخصوم عرضها عليها ومن اهم هذه المنازعات
الجرائم المتعلقة بإثارت حرب أو مخالفات قانونية اوجرائم ضد اإلنسانية حيث اقترو
البارون ديسكامب رئيس هذه اللجنة إنشاء محكمة دولية جنائية للنظر في الجرائم المخالفة
انظر د .محيي الدين عوض " دراسات في القانون الدولي" المرجع السابق ص 26وما بعدها ،د .حسنين عبيد "القضاء ()1
الدولي الجنائي" المرجع السابق ص 38وما بعدها ،د .محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية"
المرجع السابق ص 384وما بعدها.
انظر د .عبدالواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص .93 ()2
انظر د .عبدالواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص .66 ()3
338
للنظام العام الدولي وقانون الشعوب Jus Jentinm Droit Pesjencكما طالب
أعضاء هذه اللجنة بوضع قانون دولي جنائي لتطبقه المحكمة وأن يكون قانوناً مقنناً
ومكتوباً ،وقد أقرت هذه اللجنة السيد الفونتين علي هذا المشروع وإحالته إلي اللجنة
القانونية لفحصه فأعترض مقرر اللجنة علي هذا المشروع لعدم وجود تعريح واضح
ومحدد للجرائم الدولية أو للقانون الدولي الجنائي وانتهي األمر إلي رفض الجمعية
العمومية لعصبة األمم لهذا المشروع بمقولة أنه سابق لسوان(.)1
أما في سنة 1937فقد أبرمت إتفاقيتان دولتين أثمرهما مؤتمر جنيف الدولي الذي انعقد
سنة 1937في أعقاب الملك ألكسندر ملك يوغسالفيا ووزير الخارجية سنة 1934في
مرسيليا حيث عقدت عصبة األمم هذا المؤتمر فاستقر في هاتين االتفاقتين وكانت
احداهما خاصة بردع وعقاب جرائم اإلرهاب والثانية خاصة بإنشاء محكمة دولية جنائية
ولقد أقر المؤتمر االتفاقية األولي أما الثانية ()2
تختص بالمحاكمة علي هذه الجرائم
الخاصة بإنشاء المحكمة فقد اعترضت عليها بريطانيا وروسيا ولم تقرها إال ثالثة عشر
دولة فقط حيث اشتمل مشروع هذه االتفاقيات علي كيفية تكوين المحكمة واختصاصها
وطرق الطعن علي أحكامها ومكانها واجراءات التقاضي أمامها وكيفية تنفيذ احكامها
وكيفية التصديقات عليها ،وعموماً فإن أيا من هاتين االتفاقتين لم تدخل حيز التنفيذ
لعدم كفاية التصديق عليها كما أن اشتعال الحرب العالمية الثانية كان من أهم األسباب
التي حالت دون نفاذهما(.)3
جهود ما بعد الحرب العالمية الثانية -:
انظرد .محيي الدين عوض "دراسات في القانون الدولي الجنائي "المرجع السابق ص 143وما بعدها ،كما اقترح د .جمال ()1
العطيفي إنشاء محكمة دولية جنائية لمحاكمة مجرمي الحرب االسرائيليين انظر"نحو محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي
الحرب االسرائيليين" الجمعية المصرية للقانون الدولي سنة 1969ص .185
انظر د .محمد مؤنس محب الدين "االرهاب في القانون الجنائي" رسالة دكتوراة المرجع السابق ص .511 – 501 ()2
انظر د .محمد منصور الصاوي "أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية" المرجع السابق ص ()3
، 395 ، 392د .عبدالواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص 144وما بعدها.
339
لعل أهم ما يعد عالمة بارزة في سبيل إقرار قواعد القانون الدولي الجنائي زالقضاء الدولي
الجنائي بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة هو تلك المحاكمات الدولية التي تمت لمحاكمة
مجرمي الحرب ومقترفي الجرائم الدولية وأهمها قضاء نورممبرج حيث تعد محاكمات
نورممبرج سابقة ناجحة في العقاب علي الجرائم الدولية إذ أكملت النقص السابق في
ميثاق بريان كليوج سنة 1928الذي وضع النصوص دون تحديد تطبيق هذه النصوص
والتنفيذ الفعلي ضد المجرمين ،وقد أنشئت محاكمات الحرب العاليمة الثانية (نورممبرج
ثم تلي ()1
وطوكيو) بإتفاق لندن سنة 1945وتصريح ماك أرثر في اليابان سنة 1946
هذه المحاكمات جهود دولية أخري في طريق إرساء قواعد القضاء الدولي الجنائي حيث
قررت الجمعية العامة لألمم المتحدة تقنين مبادن نورممبرج وقد عهد بذلك إلي لجنة
القانون الدولي ،ثم تلي ذلك إقرار اتفاقية تحريم إبادة الجنس البشري سنة 1948وفي
ذات العام أوكلت الجمعية العامة لألمم المتحدة إلي لجنة القانون الدولي دراسة إمكانية
إنشاء قضاء دولي جنائي لمحاكمة األشخاص المتهمين في إبادة الجنس البشري ،وفي
سبتمبر سنة 19514شكلت الجمعية العامة لألمم المتحدة لجنة إلعداد مشروع اتفاقية
إلنشاء قضاء دولي جنائي سميت بلجنة جنيف .
ثم شكلت لجنة أخري عام 1953عرفت بلجنة نيويورك والتي شكلت لذات الغرض
وإلي اآلن لم يصدر قرار من األمم المتحدة بعقد إتفاقية دولية إلنشاء قضاء دولي جنائي
رغم إنتهاء الجمعية العامة لألمم المتحدة في دورتها التاسعة والعشرين في 1974/2/14
يمكن أن يترتب عليه المسائلة الدولية الجنائية ،كما أن ()2
وإلي وضع تعريح للعدوان
جهود الفقهاء والجمعيات الخاصة واللجان الخاصة استمرت في سعيها نحو وضع قانون
دولي جنائي وإقامة قضاء دولي جنائي ،ففي عام 1948صدر تصريح من المؤتمر
انظر د .عبدالواحد "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص 174وما بعدها .د .محمد عبد المنعم عبد ()1
المطلب الثاني
العقبات التي كانت تحول دون إنشائه
انظر برتراندرسل "جرائم الحرب في فيتنام" ترجمة د .محيي الدين عويس دار النشر والتوزيع القاهرة سنة 1970ص 100 ()1
وما بعدها.
انظر برتراندرسل "جرائم الحرب في فيتنام" المرجع السابق ص .154 ()2
د .محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص .388 – 387 ()3
341
اعترضت فكرة إنشاء قضاء دولي جنائي بعض العراقيل التي نظر إليها الكثيرن – وال
زالوا -علي أنها موانع تحول دون إنشاء هذا القضاء .وسوف نعرض لهذه العراقيل
ونبين إلي أي مدي يمكن تالفيها تذليلها علي النحو التالي -:
أوالً – تعارض القضاء الدولي الجنائي وفكرة السيادة الجنائية -:
اعترضت الدول علي إقامة قضاء دولي جنائي تأسيساً علي تمسكها الحرفي بفكرة السيادة
إذ رأت أن إنشاء قضاء دولي جنائي يعاقب رؤساء الدول والحكومات وكبار موهفي
()1
الدولة فيه إهدار للحصانة المكفولة لهؤالء ومن في حكمهم بمقتضي السيادة الوطنية
ولكن الناهر المدقق يري أن هذا االعتراض ليس في محله وهو مردود بعديد من
األسباب منها -:
(أ) أن السيادة بمعناها التقليدي الذي استقر لدي الفكر التقليدي لم تعد تصلح وال
تساير التطور الحاصل في المجتمع الدولي الذي نحيي فيه والذي باتت فيه
السيادة مقيدة بقواعد القانون الدولي ،وباتت الدول تتفاخر بأن تتنازل عن
المعني القديم للسيادة في سبيل حماية حقوق وحريات اإلنسان واحترام حقوق
وحريات الغير واإلنصيا لقواعد القانون الدولي وعدم مخالفتها واالعتراف بمبدأ
سمو القواعد القانونية الدولية علي القانون الداخلي.
(ب) أن إنضمام الدول إلي منظمة األمم المتحدة وبما تفرضه المنظمة علي الدول
األعضاء من االلتزامات بحث أن يترك للمنظمة سلطة فرض جزاءات عن
طريق قضاء دولي جنائي يكفل إقرار قواعد القانون الدولي واحترامها ويضمن
عدم الخروج عليها ويعاقب عند انتهاك هذه القواعد وتلك اإللتزامات الدولية
ومن ثم فال يعقل – ويعد االنضمام إلي هذه المنظمة – القول بأن مراعاة هذه
اإللتزامات ينقص من سيادة الدول(.)1
انظر د .حسنين عبيد "القضاء الدولي الجنائي " المرجع السابق ص .122 ()1
انظر د .محمد عبد المنعم عبد الخالق "النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص .429 ()1
342
(ج) أن االختصاص الجنائي المكفول للدول علي إقليمها والمرتبط بسيادتها قليل
بطبيعته االستثنائية كجواز نقل المتهم إلي الدولة التي ينتمي إليها أو التي يتم
فيها التحقيق معه أو محاكمته وغير ذلك من اوجه االستثناءات علي السيادة
التي تجعل إمكانية الخروج علي االختصاص الجنائي الداخلي قبل التحقيق في
وجه العموم ومن هنا فليس ما يمنع – ومن باب أولي – من إقامة قضاء دولي
جنائي بما ال يمكن أن يقال معه أنه يمثل إنتقاص من سيادة الدولة.
(د) كما أضاف بعض الفقه حجة أخري للتخفيف من القول بان إقامة القضاء
الدولي الجنائي ينقض من سيادة الدول ومفاد هذه الحجة أن غالبية الجهود
الدولية التي بذلت في سبيل إقامة القضاء الدولي الجنائي قد إنتهت إلي جعل
اللجوء إلي هذا القضاء اختيارياً للدول المضرورة طبقاً لما نصت عليه المادة
( )6من اتفاقية تحريم إبادة الجنس والسابق اإلشارة إليها(.)2
وعموماً ورغم عدم اقتناعنا بالقول بأن يكون اللجوء إلي القضاء الدولي الجنائي اختيارياً
في كل األحوال إذ أنه مادام قضاءاً فالبد من اللجوء إليه في الجرائم الدولية وأن يكون
ذلك قه اًر أو قص اًر بالنسبة للمشكو فيه من أفراد المجتمع الدولي أو ممثلي الدول المشكو
فيهم – فإنه ما دام ان هناك قواعد دولية كونت ما يعرف بالقانون الدولي الجنائي فال
يقبل أن يكون هناك قانون بال جهاز قضائي وسلطة تحاسب عند انتهاك احكام هذا
القانون ،كما أن وجود هذا القضاء يمثل ضمانة أكيدة للحفا علي سيادة الدول دون
أن يتعارض معها ألن ديمومته تجعل الجاني -فرضاً كان أو دولية – يفكر قبل العدوان
علي مصالح وحقوق اآلخرين ذلك أن هناك قضاء ثابت ودائم ومتحف يسهر علي إقرار
العدالة والقصاص من المعتدين داخل المجتمع الدولي .
انظر د .محمد منصور الصاوي "أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية" دار المطبوعات ()2
كما أن هناك تعاون دولي موجود وقائم لمواجهة والتصدي لجرائم الحرب والجرائم ضد االنسانية لتعقب واعتقال وتسليم ()1
ومعاقبة األشخاص المذنبين بارتكابهم هذه الجرائم ،وقد كان أساس هذا التعاون في نطاق االجراءات الدولية هو قرار الجمعية
العامة لألمم المتحدة الصادر في 3ديسمبر سنة 1973برقم ( 304ال د – . )28اما بالنسبة لمظاهر التعاون الدولي في
مكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية فإنها تتبلور في تكرار مكافحة هذه الجرائم عن طريق مبدأ المساعدة المتبادلة من خالل
المنظمة الدولية للشرطة الجنائية والمعروفة باإلنتربول انظر في ذلك د .عبد الواحد الفرا "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها"
المرجع السابق ص ، 395 – 357ص ، 602 – 596د .محمد منصور الصادوي "أحكام القانون الدولي المتعلقة بمكافحة
الجرائم ذات الصفة الدولية" الرسالة السابقة – كلية الحقوق – جامعة االسكندرية سنة 1984ص 643وما بعدها.
344
ثالثا ً – معارضة الدول الكبري لفكرة إنشاء قضاء دولي جنائي -:
يؤكد الواقع الذي نحياه اليوم في المجتمع الدولي أن الدول الكبري تهيمن علي مقاليد
األمور في العالم وتتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في ق اررات المنظمات الدولية
السيما منظمة األمم المتحدة وتتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة تسيير السياسات
الداخلية للدول األخري السيما الدول الفقيرة ،أو تلك الدول التي ال تسير فيها ركابها ،
وال شك أن هذا يمثل انتكاسة لما وصل إليه المجتمع الدولي من تقدم في هذه النواحي
،وخالصة القول أن هذه الدول – من خالل رؤسائها وكبار رجالها – ليست مستعدة
ألنة تؤدي قيام دولي جنائي والذي – إن طبق بالفعل – سوف تكون هذه الدولة في
قفص اإلتهام ،كما أن رؤساء هذه الدول غير مستعدين إطالقاً لقبول هذه الفكرة مادام
مثولهم أمام هذا القضاء أمر وارد وإدانتهم ليست بالبعيدة ،إزاء ما ينتهكون من احكام
القانون الدولي السينا وأن هذا القضاء ليس فيه حصانة لكبار موهفي هذه الدول مادامو
مجرمين وما من شك في أن هذا االعتراض أهم هذه االعتراضات بل هو األساس في
تأخير ههور هذا القضاء رغم المناداة بوجوده منذ وقت بعيد ورغم اهمية وجوده في إقرار
العدالة واحترام حقوق وحريات األفراد.
وعموماً فإن علي الدول الكبري أن تعلم أن األيام دول وأن قوة الدولة عسكرياً أو تكنولوجياً
أو اقتصادياً عرضة لإلضمحالل والذبول ،وأن هذه الدول مهما بلغت في قوتها فهي
ضدها وضد مصالحها الحيوية داخلها وخارجها. ()1
ليست بمأمن من اقتراف جرائم دولية
وليس أدل علي ذلك من الجرائم اإلرهابية التي ترتكب ضد أعتي الدول وأقواها اليوم
سواء داخلها أو علي سفارتها أو مواطنيها في الخارج.
انظر د .حسنين عبيد " القضاء الدولي الجنائي" المرجع السابق ص 123وما بعدها ،د .محمد عبد المنعم عبد الخالق ()1
"النظرية العامة للجريمة الدولية" المرجع السابق ص ، 431د .محمد منصور الصادوي "احكام القانون الدولي المتعلقة
بمكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية" المرجع السابق ص ، 632د .عبد الواحد الفار "الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها"
المرجع السابق ص .608 – 607
345
ضروة وجود قضاء دولي جنائي دائم -:
باإلضافة إلي ما سقناه من ردود علي حجج المعارضين إلنشاء قضاء دولي جنائي فإن
هناك عدة أسانيد أخري تحتم إنشاء هذا القضاء منها -:
ثمة مبدأ وضعته محكمة نورممبرج مثل تحوالً جذرياً في النظام القانوني (أ)
الدولي وهو أن كل شخص يرتكب جريمة طبقاً ألحكام القانون الدولي يسأل
مسئولية شخصية ومباشرة عنها أمام القضاء الدولي ومن ثم فالبد أن يوضع
هذا المبدأ موضع التنفيذ وسبيل ذلك هو إنشاء قضاء دولي جنائي دائم
يختص بالمحاكمة والعقاب علي رتكاب الجرائم الدولية.
أن فكرة العدالة الدولية ال يمكن أن تتحقق في هل قانون دولي بال جهاز (ب)
قضائي يعاقب من ينتهك أحكام هذا القانون أو يترك ذلك إلي السلطات
الوطنية بما في ذلك من تباين واختالف.
346
أن ترك المحاكمة للسلطات الوطنية بالنسبة للمتهمين في جرائم دولية يجعل (ج)
إمكانية صدور أحكام متضاربة ومتناقصة أم اًر وارداً(.)1
أن عدم وجود محكمة دولية جنائية دائمة للعقاب علي ارتكاب الجرائم الدولية (د)
يعني أن يظل وجود هذه المحاكم مقترناً بانتصار جانب وانهزام آخر ،حيث
تشكل الدول المنتصرة محاكم لمحاكمة مجرمي الحرب ،ولو ذلك لما وجدت
محاكم نورممبرج وطوكيو مما شكك البعض في عدالة هذه المحاكمات إذ
من غير المعقول أن يكون الجانب المنتصر لم يرتكب ثمة جرائم.
ال شك أن من أهم أسباب الحاجة إلي وجود قضاء دولي جنائي دائم هو بث (ه)
روو الفاعلية في نصوص القانون الدولي الجنائي مما يضفي علي قواعد
هذا القانون االحترام وااللتزام بما يقلل وجود الجرائم الدولية مما يكون له
أعظم األثر لخلق دولي آمن ومستقر وهو ما تصبو إليه البشرية وتتمناه.
المبحث الثاني
نظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة
وقد حدث ذلك بالفعل في قضنننننننيتين متشنننننننابهتين في كل الظروف وحكم فيهما حكمين مختلفين تماماً حيث كانت القضنننننننية ()1
األولي هي محناكمنة بريطنانينة لثال لنة من األلمنان اتهموا بتزويند العندو بنالغناز السنننننننننام – حينث كنانوا يعملون في شنننننننننركنات مواد
كيماوية – ألناء الحرب العالمية الثانية وذلك باسنتخدام الغاز السنام في قتل األسنري في المعتقالت األلمانية وقضني فيها – في
بريطانيا – باإلعدام وتنفذ الحكم ،في حين أن محكمة ألمانيا عرض عليها متهم بنفس التهمة وهي تزويد الجيش بالغاز السام
– حيث كان يعمل مدير شننننننننركة كيماوية – بهدف قتل أسننننننننري الحرب في المعسننننننننكرات األلمانية – ومع لبوت التهمة حكمت
المحكمة األلمانية بسنننننجن المتهم خمس سننننننوات وحرمانه من المجنية لمدة لالث سننننننوات .انظر في ذلك د .عبد الواحد الفار
"الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها" المرجع السابق ص 63وما بعدها.
347
انعقد مؤتمر األمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين في 15يوليو 1998وأنجز إنشاء
محكمة جنائية دولية سميت بنظام روما األساسي للمحكمة الجنائية الدولية نسبة إلي
انعقاده بروما في إيطاليا وقد دخل حيز النفاذ في يوليو 2002ولقد سبق أن أوضحنا
في سياق المسئولية عن االنتهاكات لحقوق اإلنسان أن هناك حاجة ماسة وملحة إلي
إنشاء قضاء جنائي دولي دائم ومستقر السيما وأن ما عرضناه من أنظمة كانت محاكم
جنائية مؤقتة بحوادث معينة علي النحو الذي سبق في محاكم نورمبرج وطوكيو ورواندا
وبوروندي ويوغسالفيا السابقة .وقد نجحت هذه المحاوالت واإلجتهادات الفقهية والنشاط
الدبلوماسي وعلي الصعيد الدولي إلي ميالد هذه المحكمة ذات األهمية القصوي علي
صعيد المحاسبة علي انتهاكات حقوق اإلنسان وترسيخ مبدأ المسئولية في إطار القانون
الدولي الجنائي السيما ضد من ال تفي القوانين الوطنية بمحاسبتهم ألسباب متعددة وذلك
تأكيداً علي العدالة وسمو القانون الدولي اإلنساني فوق األنظمة الداخلية في خصوص
حماية حقوق اإلنسان ولقد بلور هذا جيداً ما ورد في ديباجة النظام األساسي للمحكمة
الجنائية الدولية الذي قرر في ديباجته أن األمم إذ تدرك أن ثمة روابط مشتركة توحد
جميع الشعوب ،وأن ثقافات الشعوب تشكل تراثا مشتركاً ،وإذ يقلقها أن هذا النسيج
الرقيق يمكن أن يتمزق في أي وقت.
• وإذ تضع في اعتبارها أن ماليين األطفال والنساء والرجال قد وقعوا خالل القرن
الحالي (القرن العشرين) ضحايا لفظائع ال يمكن تصورها ،هزت ضمير
اإلنسانية بقوة.
• وإذ تسلم بأن هذه الجرائم الخطيرة تهدد السلم واألمن والرفاء في العالم.
• وإذ تؤكد أن أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره يجب أال تمر
دون عقاب وأنه يجب ضمان مقاضاة مرتكبيها علي نحو فعال من خالل تدابير
تتخذ علي الصعيد الوطني وكذلك من خالل تعزيز التعاون الدولي.
348
• وقد عقد العزم علي وضع حد إلفالت مرتكبي هذه الجرائم من العقاب وعلي
اإلسهام بالتالي في منع هذه الجرائم.
• وإذ تؤكد من جديد مقاصد ومبادن ميثاق األمم المتحدة وبخاصة أن جميع الدول
يجب أن تمتنع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السالمة اإلقليمية
أو االستقالل ألية دولة أو علي نحو ال يتفق ومقاصد األمم المتحدة.
• إذ تؤكد في هذا الصدد أنه ال يوجد في هذا النظام األساسي ما يمكن اعتباره إذ
أن ألية دولة طرف بالتدخل في نزاع مسلح يقع في إطار الشئون الداخلية ألية
دولة.
• وقد عقدت العزم من أجل بلو هذه الغايات ولصالح األجيال والمقبلة علي إنشاء
محكمة جنائية دولية دائمة مستقلة ذات عالقة بمنظومة األمم المتحدة وذات
اختصاص علي الجرائم األشد خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره.
• وإذ تؤكد أن المحكمة الجنائية الدولية المنشأة بموجب هذا النظام األساسي ستكون
مكملة للواليات القضائية الجنائية الوطنية.
• وتصميماً منها علي ضمان االحترام الدائم لتحقيق العدالة الدولية.
349
ولقد كان الهدف من إنشاء هذا القضاء الدولي الجنائي مواجهة األمور
اآلتية -:
-1خطورة الجرائم التي يرتكبها الجناة وذلك وفقاً لما تضمنته المادة الخامسة من
النظام األساسي للمحكمة من أنه يقتصر اختصاص المحكمة علي أشد الجرائم
خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره ،وللمحكمة بموجب هذا النظام
األساسي اإلختصاص بالنظر في المسائل اآلتية -:
أ -جريمة اإلبادة الجماعية.
ب -الجرائم ضد اإلنسانية.
ج -جرائم الحرب.
()1
د -جريمة العدوان.
-2وجود األحوال التي تحتم وجود هذا القضاء الدولي الجنائي إما لعدم ضمان
النزاهة في المحاكمات الداخلية أو إلحتمال عدم المحاكمة من األساس ألسباب
()2
سياسية أو عرقية أو طائفية أو غير ذلك.
-3الطبيعة الدولية لهذه الجرائم المرتكبة وتأذي الرأي العام العالمي منها.
-4إحداث الردع في نفوس كبار المسئولين في الدول أنهم ليسوا بمنأض من العقاب.
-5تحقيق العدالة الدولية التي يرتاو لها الضمير الجمعي العالمي.
-6مواجهة احتمالية عدم وجود عقوبة علي الفعل المؤثم دولياً في األنظمة الداخلية
التي وقعت فيها الجرائم.
وباإلضافة إلي اختصاص المحكمة بجرائم الحرب والجرائم وجرائم اإلبادة الجماعية
والجرائم ضد اإلنسانية وجرائم العدوان وفقاً لما ورد في المواد من ( ) 9 : 6من النظام
انظر في نص المواد 9 ، 8 ، 7 ، 6من النظام األساسي والتي فصلت تفصيالً واضحاً هذه األنواك األربعة من الجرائم د. )(1
حسن سند "الحماية الدولية لحق اإلنسان في السالمة الجسدية" المرجع السابق ص .705 – 694
د .احمد أبو الوفا – المرجع السابق ص .200 )(2
350
األساسي فإن المادة ( )2/8قد أضافت للمحكمة الحق في نظر الجرائم التي ترتكب في
خالل فترة النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي مثل ما نصت عليه المادة ()3
من اتفاقيات جنيف األربعة سنة 1949كأخذ الرهائن واالعتداء علي السالمة الجسدية
أو الحياة أو علي كرامة اإلن سان وغيرها من األفعال التي تخالف القوانين واألعراف
المطبقة علي تلك المنازعات مثل شن هجوم عمدي ضد السكان المدنيين أو األهداف
المدنية والسلب والنهب أو عدم قبول استسالم أي شخص.
أوردت المواد 9 ، 8 ، 7 ، 6الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة علي
النحو اآلتي -:
المادة ( -: )6اإلبادة الجماعية
لفرض هذا النظام األساسي تعني (اإلبادة الجماعية) أي فعل من األفعال التالية يرتكب
بقصد إهالك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية او دينية بصفتها هذه إهالكاً كلياً أو جزئياً
-:
قتل أفراد الجماعة. (أ)
إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة. (ب)
إخضاع الجماعة عمداً ألحوال معيشية يقصد بها إهالكها الفعلي كلياً أو (ج)
جزئياً.
فرض تدابير تستهدف منع اإلنجاب داخل الجماعة. (د)
نقل أطفال الجماعة عنوة إلي جماعة اخري. (ه)
351
المادة ( : )7الجرائم ضد اإلنسانية
لغرض هذا النظام األساسي يشكل أي فعل من األفعال التالية (جريمة إنسانية) متي
ارتكب في إطار هجوم واسه النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان
المدنيين وعن علم بالهجوم -:
القتل العمد. (أ)
اإلبادة. (ب)
االسترقاق. (ج)
إبعاد السكان أو النقل القصري للسكان. (د)
السجن او الحرمان الشديد علي أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف (ه)
القواعد األساسية للقانون الدولي.
التعذيب. (و)
اإلغتصاب أو االستعباد الجنسي أو اإلكراه علي البقاء أو الحمل القصري (ز)
أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي علي مثل
هذه الدرجة من الخطورة.
إضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان ألسباب سياسية (و)
أو عرقية أو قومية أو اثنية أو ثقافية أو دينية او متعلقة بنوع الجنس علي
النحو المعرف في الفقرة ( )3أو ألسباب أخري من المسلم عالمياً بأن القانون
الدولي ال يجيزها وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو
بأي جريمة تدخل في اختصاص المحكمة.
اإلختفاء القسري لألشخاص. (ط)
جريمة الفصل العنصري. (ي)
األفعال الالإنسانية األخري ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمداً في معاناة (ك)
شديدة أو في أذي خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.
352
-2لغرض الفقرة -:
أ -تعني عبارة هجوم موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين نهجاً سلوكياً
يتضمن االرتكاب المتكرر لألفعال المشار إليها في الفقرة ( )1ضد أية
مجموعة من السكان المدنيين عمالً بسياسة دولة تقضي بإرتكاب هذا الهجوم
أو تعزيز لهذه السياسة.
ب -تشمل اإلبادة تعمد فرض أحوال معيشية من بينها الحرمان من الحصول
علي الطعام والدواء بقصد إهالك جزء من السكان.
ج -يعني االسترقاق ممارسة أي من السلطات المترتبة علي حق الملكية أو هذه
السلطات جميعها علي شخص ما بما في ذلك ممارسة هذه السلطات في
سبل اإلنجاز باألشخاص والسيما النساء واألطفال.
د -يعني إبعاد السكان او النقل القسري للسكان نقل األشخاص المعنيين قس اًر
من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة بالطرد أو بأي فعل قسري
آخر ،دون مبررات يسمح بها القانون الدولي.
ه -يعني والتعذيبو تعمد إلحاق ألم أو معاناة شديدة سواء بدنياً أو عقلياً بشخص
موجود تحت إشراف المتهم أو سيطرته ولكن ال يشمل التعذيب أي ألم أو
معاناة ينجمان فحسب عن عقوبات أو يكونان جزءاً منها أو نتيجة لها.
و -يعني والحمل القسريو إكراه المراة علي الحمل قس اًر وعلي الوالدة غير
المشروعة بقصد التأثير علي التكوين العرفي ألية مجموعة من السكان
حرماناً متعمداً أو شديداً من الحقوق األساسية بما يخالف القانون الدولي
وذلك بسبب هوية الجماعة أو المجموع.
ز -تعني وجريمة الفصل العنصريو أية أفعال ال إنسانية تماثل في طابعها
األفعال المشار إليها في الفقرة ( )1وترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه
353
االضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء
أية جماعة أو جماعات عرقية اخري وترتكب بغية اإلبقاء علي ذلك النظام.
و -يعني واالختفاء القسري لألشخاصو إلقاء القبض علي أي أشخاص أو
احتجازهم أو اختطافهم من قبل دوبة أو منظمة سياسية أو بإذن أو دعم
منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه ثم رفضها اإلقرار بحرمان هؤالء األشخاص
من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصريهم أو عن أماكن وجودهم بهدف
حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة.
-2لفرض هذا النظام األساسي من المفهوم أن تعبير ونوع الجنسو يشير إلي
الجنسيين الذكر واألنثي في إطار المجتمع وال يشير تعبير ونوع الجنسو إلي أي
معني آخر يخالف ذلك.
354
-4إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات واالستيالء عليها دون أن تكون هناك
ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.
-5إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية علي الخدمة في
صفوف قوات دولة معادية.
-6تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص مشمول بالحماية في حقه في أن
يحاكم محاكمة عادلة ونظامية.
-7اإلبعاد او النقل غير المشروعين او الحبس غير المشروع.
-8أخذ الرهائن.
(ب) اإلنتهاكات الخطيرة الخري للقوانين واألعراف السارية علي المنازعات الدولية
المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي أي أي فعل من األفعال التالية -:
)1تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين ال
يشاركون مباشرة في األعمال الحربية.
)2تعمد توجيه هجمات ضد مواقع أي المواقع التي ال تشكل اهداف عسكرية.
)3تعمد شن هجمات ضد موهفين مسنخدمين أو منشدت أو مواد أو وحدات أو
مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة اإلنسانية أو حف السالم عمالً
بميثاق األمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع
المدنيين بموجب قانون المنازعات المسلحة.
)4تعمد شن هجوم مع العلم بان الهجوم سيسفر عن خسائر تابعية في األرواو أو
عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع
النطاق وطويل اآلجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحة بالقياس إلي
مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.
)5مهاجمة أو قصف المدن أو القري أو المساكن أو المباني العزالء التي تكون
أهداف عسكرية بأي وسيلة كانت.
355
)6قتل أو جرو مقاتل استسلم مختا اًر يكون قد ألقي سالحه أو لم تعد لديه وسيلة
للدفاع.
)7إساءة استعمال علم الهدنة أو علم العدو أو إشاراته العسكرية أو علم األمم المتحدة
أو إشاراته وأزيائها العسكرية وكذلك الشعارات المميزة للثقافات حسب ما يسفر عن
موت األفراد أو إلحاق إصابات بالغة بهم.
)8قيام دولة االحتالل علي نحو مباشر أو غير مباشر بنقل أجزاء من سكانها المدنيين
إلي األرض التي تحتلها أو إبعاد أو نقل كل سكان األرض المحتلة أو أجزاء منهم
داخل هذه األرض او خارجها.
)9تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة لألراضي الدينية أو التعليمية أو
العلمية أو الخيرية واآلثار التاريخية والمستشفيات واماكن تجمع المرضي والجرحي
شريطة أال تكون أهدافاً عسكرية.
)10اخضاع األشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أو ألي
نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي تبررها المعالجة الطبية أو المعالجة
اإلنسان أو المعالجة في المستشفي للشخص المعني والتي تجري لصالحه وتتسبب
في وفاة ذلك الشخص أو ألئك الشخاص أو في تعريض صحتهم لخطر شديد.
معادي أو إصابتهم غد اًر. )11قتل افراد منتمين إلي دولة معادية أو جي
)12إعالن أنه لن يبقي أحد علي قيد الحياة.
)13تدمير ممتلكات العدو أو االستيالء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو االستيالء مما
تحتمه ضرورات الحرب.
)14إعالن أن حقوق ودعاوي رعايا الطرف المعادي ملغاة أو معلقة أو لن تكون مقبولة
في أي محكمة.
)15إجبار رعايا الطرف المعادي علي االشتراك في عمليات حربية موجهة ضد بالدهم
حتي وإن كانوا قبل نشوب الحرب في خدمة الدولة المحاربة
356
)16نهب أي بلدة أو مكان حتي وإن تم االستيالء عليها عنوة.
)17استخدام السموم أو األسلحة المسممة.
)18استخدام الغازات الخانقة او السامة أو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها
من السوائل أو المواد أو األجهزة.
)19استخدام الرصاصات التي تتمدد أو تتسطح بسهولة في الجسم البشري مثل
رصاصات ذات األغلفة الصلبة التي ال تغطي كامل جسم الصاصة أو
الرصاصات المحرزة الغالف.
)20استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضرار زائدة
أو أالماً ال لزوم لها أو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات
المسلحة بشرط أن تكون هذه األسلحة والقذائف والمواد واألساليب الحربية موضع
حضر شامل وأن تدرج في مرفق لهذا النظام األساسي .عن طريق تعديل يتفق
واألحكام ذات الصلة الواردة في المادتين (.)123 ،121
)21االعتداء علي كرامة الشخص وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.
)22االغتصاب أو االستعباد الجنسي أو اإلكراه علي البغاء أو الحمل القسري علي
النحو المعرف في الفقرة ( 2و) من المادة 7أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر
من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضاً انتهاكاً خطي اًر إلتفاقيات جنيف األربع.
)23استغالل وجود شخص مدني أو أشخاص آخرين متمتعين بحماية إلضفاء
الحصانة من العمليات العسكرية علي نطاق أو مناطق أو قوات عسكرية معينة.
)24تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل واألفراد
من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي.
)25تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي ال
غني عنها إلبقائهم بما في ذلك تعمد عرقلة اإلمدادات اللغوية علي النحو
المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف.
357
)26تجنيد األطفال دون الخامسة عشر سنة من العمر إلزامياً أو تطوعياً في القوات
المسلحة الوطنية أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في األعمال الحربية.
(ج) في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي لإلنتهاكات الجسمية للمادة ()3
المشتركة بين اتفاقيات حسب األربع المؤرخة آب /أغسطس 1949وهي أي من األفعال
التالية المرتكبة ضد أشخاص غير مشتركين اشتراكاً فعلياً في األعمال الحربية بما في
ذلك أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا أسلحتهم وأولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال
بسبب المرض أو اإلصابة أو االحتجاز أو ألي سبب آخر.
)1استعمال العنف ضد الحياة واألشخاص وبخاصة القتل بجميع أنواعه
والتشويه والماملة القاسية والتعذيب.
)2االعتداء علي كرامة الشخص وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة
بالكرامة.
)3أخذ الرهائن.
)4أصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محاكمة
مشكلة تشكيالً نظامياً تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموماً
بأنها ال غني عنها.
(د) تنطبق الفقرة ( 2ج) علي المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي وبالتالي فهي
ال تنطبق علي حاالت االضرابات والتوترات الداخلية مثل أعمال الشغب أو اعمال العنف
المنفردة أو المتقطعة وغيرها من العمال ذات الطبيعة المماثلة.
(هد) االنتهاكات الخطيرة للقوانين واألعراف السارية علي المنازعات المسلحة غير ذات
الطابع الدولي في النطاق الثابت للقانون الدولي أي أي من األفعال التالية -:
358
)1تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد
مدنيين ال يشاركون مباشرة في األعمال الحربية.
تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل )2
النقل واألفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف
طبقاً للقانون الدولي.
)3تعمد شن هجمات ضد موهفين مسنخدمين أو منشدت أو مواد أو
وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة اإلنسانية
أو حف السالم عمالً بميثاق األمم المتحدة ما داموا يستحقون الحماية
التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنيين بموجب قانون المنازعات
المسلحة.
)4تعمد تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة لألراضي الدينية أو
التعليمية أو العلمية أو الخيرية واآلثار التاريخية والمستشفيات واماكن
تجمع المرضي والجرحي شريطة أال تكون أهدافاً عسكرية.
)5نهب أي بلدة أو مكان حتي وإن تم االستيالء عليها عنوة.
)6االغتصاب أو االستعباد الجنسي أو اإلكراه علي البغاء أو الحمل
القسري علي النحو المعرف في الفقرة ( 2و) من المادة 7أو التعقيم
القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي يشكل أيضاً انتهاكاً
خطي اًر إلتفاقيات جنيف األربع.
)7تجنيد األطفال دون الخامسة عشر سنة من العمر إلزامياً أو تطوعياً
في القوات المسلحة الوطنية أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في األعمال
الحربية.
)8إصدار أوامر بتشريد السكان المدنيين ألسباب تتصل بالنزاع ما لم يكن
ذلك بداع من أمن المدنيين المعنيين أو ألسباب عسكرية ملحة.
359
)9قتل أحد المقاتلين من العدو وإصابته غد اًر.
)10إعالن أنه لن يبقي أحد علي قيد الحياة.
)11األشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أو ألي
نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي تبررها المعالجة الطبية أو
المعالجة اإلنسان أو المعالجة في المستشفي للشخص المعني والتي
تجري لصالحه وتتسبب في وفاة ذلك الشخص أو ألئك األشخاص أو
في تعريض صحتهم لخطر شديد.
)12تدمير ممتلكات العدو أو االستيالء عليها ما لم يكن هذا التدمير أو
االستيالء مما تحتمه ضرورات الحرب.
(و) تنطبق الفقرة ( 2هد) علي المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي وبالتالي فهي
ال تنطبق علي حاالت االضطرابات والتوترات الداخلية مثل اعمال الشغب أو أعمال
العنف المنفردة أو المتقطعة أو غيرها من األعمال ذات الطبيعة المماثلة وتنطبق علي
المنازعات المسلحة التي تقع في إقليم دولة عندما يوجد صراع مسلح متطاول من األجل
بين السلطات الحكومية وجماعات مسلحة منظمة أو فيما بين هذه الجماعات.
إقرار القانون والنظام في الدولة أو عن الدفاع عن وحدة الدولة وسالمتها اإلقليمية بجميع
الوسائل المشروعة.
أركان الجرائم
-1تستعين المحكمة بأركان الجرائم في تفسير وتطبيق المواد 8 ، 7 ، 6
وتعتمد هذه األركان باغلبية ثلثي أعضاء جمعية الدول الطراف.
-2يجوز اقتراو تعديالت علي أركان الجرائم من جانب -:
أية دولة طرف. (أ)
360
القضاة بأغلبية مطلقة. (ب)
المدعي العام. (ت)
وتعتمد هذه التعديالت باغلبية ثلثي أعضاء جمعية الدول األطراف
-3تكون أركان الجرائم والتعديالت المدخلة عليها متسقة مع هذا النظام
األساسي.
المادة : 10ليس في هذا الباب ما يفسر علي أنه يقيد أو يمس بأي شكل من األشكال
قواعد القانون الدولي القائمة أو المتطورة المتعلقة بأغراض أخري عبر هذا النظام
األساسي.
وباإلضافة إلي االختصاص الموضوعي سالف الذكر فإن للمحكمة اختصاصاً زمنياً اَ
نصت عليه المادة 11والتي قررت أنه -:
-1ليس للمحكمة اختصاص إال فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا
النظام األساسي.
-2إذا أصبحت دولة من الدول طرفاً في هذا النظام األساسي بعد بدء نفاذه ال
يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصاتها إال فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب
بعد بدء نفاذ هذا النظام بالنسبة لتلك الدولة ما لم تكن الدولة قد أصدرت إعالناً
بموجب الفقرة ( )3من المادة ()12
وهذا يعني األخذ بقاعدة عدم المرجعية الموضوعية وهي من القواعد األساسية في
المحاكمات الجنائية ومنصوص عليها في كل مواثيق حقوق اإلنسان.
361
-1ال يسأل الشخص جنائياً بموجب هذا النظام األساسي عن سلوك سابق لبدء
نفاذ النظام.
-2في حالة حدوث تغيير في القانون المعمول به في قضية معينة قبل صدور
الحكم النهائي يطبق القانون األصلح للشخص محل التحقيق أو المقاضاة أو
اإلدانة وهو ما يؤكد علي قاعدة عدم الرجعية الشخصية .وحيث ال يجوز
المحاكمة عن جرائم سابقة علي دخول النظام األساسي حيز التنفيذ.
362
كيفية ممارسة المحكمة الختصاصها -:
نصت المواد من 15 : 13عن األحوال التي ينعقد فيها االختصاص للمحكمة
وذلك عن طريق -:
-1إحالة الموضوع إلي المدعي العام من دولة طرف في النظام األساسي.
-2إحالة الموضوع إلي المدعي العام من مجلس األمن تطبيقاً للفصل السابع من
ميثاق األمم المتحدة.
-3في حالة فتح المدعي العام من تلقاء نفسه تحقيقاً بخصوص معلومات خاصة
بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة.
363
مبدأ عدم االعتداء بالصفة الرسمية -:
نصت المادة ( )27من النظام األساسي علي اآلتي -:
-1يطبق النظام األساسي علي جميع األشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز
بسبب الصفة الرسمية وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص كرئيس للدولة
أو الحكومة أو عضو في الحكومة أو البرلمان أو ممثالً منتخباً أو موهف
حكومياً فإن ذلك ال يعفيه بأي حال من األحوال من المسئولية الجنائية بموجب
هذا النظام األساسي كما أن هذه الصفة الرسمية ال تشكل في ذاتها سبباً لتخفيف
العقوبة.
-2ال تحول الحصانات أو القواعد اإلجرائية الخاصة المرتبطة بالصفة الرسمية
للشخص سواء في إطار القانون الدولي أو الوطني دون ممارسة المحكمة
اختصاصها علي هذا الشخص.
كما تناولت المادة ( )28مسئولية القادة والرؤساء اآلخرين وأكدت المادة ( )28علي ما
سبق أن أوضحناه من مبدأ عدم سقوط الجرائم بالتقادم.
364
العقوبات التي توقعها المحكمة -:
نصت المادة ( ) 77من النظام األساسي للمحكمة علي العقوبات التي يمكن أن توقعها
المحكمة وهي -:
-1السجن مدي الحياة طالما بررت ذلك هروف المجرم والجريمة.
-2الغرامة التي تكون حسب هروف الحال وما ثبت في الئحة اإلجراءات أو
اإلثبات.
-3المصادرة لألموال والممتلكات الناجمة عن الجريمة مع عدم اإلضرار بالغير
حسن النية.
365
تنفيذ أحكام المحكمة -:
كما يكون السجن في أي دولة من الدول التي تعينها المحكمة من ضمن الدول التي
أبدت رغبتها في القيام بذلك مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل وسمعة الدولة في معاملة
المسجونين ورأي المحكوم ضده وجنسيته وأية عوامل أخري تراها المحكمة مهمة في
فاعلية تنفيذ الحكم فإذا لم تتقدم أي دولة لتنفيذ العقوبة لديها كان في سجون الدول
المضيفة (هولندا) ويظل الحق في اإلشراف علي تنفيذ الحكم منوطاً بالمحكمة الجنائية
الدولية والتي تملك الحق في تخفيف العقوبة .وال يجوز للدولة التي يتم التنفيذ في سجونها
تسليم المحكوم ضده إلي دولة أخري إال إذا قضي المحكوم ضده كامل العقوبة فإنه يسلم
بإشراف المحكمة الجنائية الدولية إلي الدولة الملزمة بقبوله وهي الدولة التي يحمل
جنسيتها إال إذا طلبت دولة أخري ذلك ورغب هو في ذلك.
366
خاتمة
انتهينا في هذا المؤلف الصغير من عرض موضوعه .وما أسمي وأهم من موضوعه...
أنه اإلنسان صنعة هللا وخليفته الذي سواه ربه ونفخ فيه من روحه فوقع المالئكة له
ساجدين .ولقد أمسي هذا اإلنسان مكدوداً مجهداً مثقالً باآلالم والمحن فاسترعي انتباه
ووعي بني آدم ليفكروا كيف يمكن أن تصان حقوق اإلنسان وتحمي حرياته وكيف يمكن
الذود عنه ضد اإلنتهاكات .وحسناً فعلت الهيئات والمنظمات الدولية عندما أوصت
بتدريس مادة حقوق اإلنسان علي الن ء حتي يشبوا علي وعي بحقوقهم فيتمسكوا بها
وعلي وعي بحقوق غيرهم فال ينتهكوها.
ولقد عرضنا موضوع هذا المؤلف في أبواب أربعة تناول األول التطور التاريخي والفلسفي
لحقوق اإلنسان من خالل إيضاو مفهوم حقوق اإلنسان والتطور التاريخي لهذه الحقوق
،وترسيخ هذه الحقوق في الديانات السماوية .ثم تناول إعالنات الحقوق والدساتير لهذه
الحقوق .ثم تطرقنا في الباب الثاني إلي أهم الحقوق األساسية لإلنسان من خالل مدارس
تقسيماتها ونبذة عن أهم هذه الحقوق الفردية والجماعية ،ثم عرضنا في الباب الثالث
إلي اآلليات والوسائل التي يمكن من خاللها أن نواجه انتهاكات حقوق اإلنسان .من
خالل أهم األفعال التي تمثل هذه االنتهاكات وتجريم القانون الدولي لها وآليات المقاومة
ومدي التعاون الدولي لوقف هذه االنتهاكات .وأخي اًر فقد خصصنا الباب األخير لدراسة
المسئولية عن انتهاكات حقوق اإلنسان من خالل األحكام العامة للمسئولية مع التوقف
عن أحكام المسئولية في إطار القانون الدولي الجنائي وكنه وماهية األداة التي تطبق
القانون الدولي الجنائي وهي القضاء الدولي الجنائي.
367
وفي النهاية البد أن نقر أن حقوق اإلنسان ليست موضوعاً غريباً –كما يفهم البعض–
ولكنها تراثاً مشتركاً لإلنسانية علي اختالف حضاراتها عبر التاريخ من خالل طبيعة
اإلنسان ذاته وفطرته مما يؤكد شعار عالمية حقوق اإلنسان ويرسخ اإلنتقال إلي اإللتزام
بإحترام حقوق اإلنسان حتي ينتقل الشعار إلي التطبيق الواقعي فضالً عن أن مفهوم
عالمية حقوق اإلنسان ال يتناقض مع فكرة اإلقليمية المنطلقة من التعددية الثقافية .ولكن
أهم ما يعوق عالمية حقوق اإلنسان من حيث اإليمان بها هو ازدواج المعايير من القوي
الكبري في تناولها لقضايا حقوق اإلنسان حيث تتغافل عن انتهاكات صارخة لحقوق
اإلنسان في أماكن ما ثم تبالغ وتجسم أهون االنتهاكات في أماكن أخري مما يضرب
المصداقية في مقتل.
كما ينبغي التأكيد علي أنه إذا كان العالم العربي واإلسالمي يعاني من هواهر سلبية
كالتخلف أو التطرف الديني فإن ذلك ال يجوز أن يؤخذ تكئه من الغرب في معاداته
لإلسالم أو انطباعه السلبي من موقف اإلسالم من حقوق اإلنسان ذلك ألن اللوم هنا
إن وجه فإنما ينبغي أن يوجه إلي الحكومات في الدول اإلسالمية تلك التي تنصرف
(وقد انحرفت) عن جالل الرسالة وسمو قيمها ومارست سلوكاً ال يمت لإلسالم بصلة
وألبسته ثوب اإلسالم وأصبح محسوباً عليه هلماً ،وان اللوم إن وجه فإنما يوجه إلى
الثقافات المغلوطة والعادات والتقاليد السائدة فى معظم الدول اإلسالمية التى حسبت
على اإلسالم فأبطات به وشوهت جمال وجالل صورته ورسالته عن جهل وعدم وعى .
ذلك أن كل إنحراف وكل غلو وكل شطط وكل جمود في الفكر والنشاط ال يجب أن
يكون دليل إدانة لإلسالم وإنما دليل إدانة للسلوك المنحرف عن قيم اإلسالم ومثاليته.
أما ما يتعلق بمصر الكنانة فإننا على أعقاب دستور جديد هو دستور 2013م
فى طريقه لالستفتاء عليه وهو يحمل ترسيخاً لحقوق اإلنسان وتطبيق إلى دستور 1971م
2012 ،م حقوقاً جديدة نأمل أن تنطلق مصر إلى العمل واإلنتاج فى إطار تفعيل
النصوص لتتطابق النظرية مع التطبيق .
368
369