Professional Documents
Culture Documents
قانون الشغل والتطورات التكنولوجية
قانون الشغل والتطورات التكنولوجية
2009لعالقة اإلنسان بوسائل اإلنتاج ونظام اإلنتاج ككل ،فكلما تطور أحد الطرفني إال ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ:
العمل الرتمجة احلقيقية يعد
107 - 124 ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ:
()1
حيث إن العمل يتغري ،وهذا التغيري يؤثر مباشرة يف قانون الشغل. :MDذلك على العالقة أبكملها،
599021
ﺭﻗﻢانعكس
و
ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ:
IslamicInfoانتشار استعماهلا ،أثر يف إنتاج أوضاع جديدة .ظهرت كمكتسبات ابلنسبة
القدمي ،كان لظهور املكننة و ففي
ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ:
التكنولوجيا عمت كل القطاعات االقتصادية
اتﺍﻟﺸﻐﻞ ﺍﻟﺸﻐﻞ،فالتطور
ﻣﺪﻭﻧﺔ ﻗﺎﻧﻮﻥأما اليوم
ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ،قارة،
الرجوع إىل مهنﻣﻮﺍﺿﻴﻊ:العاملة ،كنظام األجور ،و
ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ للطبقة
http://search.mandumah.com/Record/599021
ابلقطاعات العالية التقنية أو الصناعات ﺭﺍﺑﻂ:اء تعلق األمر ابملقاوالت الكربف أو الصغرى أو املتوسطة ،وسواء تعلق األمر
سو
االستهالكية ،فالكل يرزح حتت وطأة التطور التكنولوجي ،مضطرا ال خمتارا ،وذلك استجابة ملتطلبات املنافسة.
فموضوع التكنولوجيا والتطورات التكنولوجية أضحى يثري اهتماما متزايدا ومتعاظما ،يف ظل ظروف التنمية
االقتصادية ،ابعتبارها القوى احملركة للتقدم االقتصادي والتطور احلضاري ،فإذا كانت عملية التنمية هي احملرك جململ
قطاعات االقتصاد الوطين ،فإن التطورات التكنولوجية حتتل املكانة األوىل والرئيسية ابعتبارها احملرك األساسي لتسريع هذه
العملية ،ودفع عجلة تطورها إىل األمام ،األمر الذي جيعل تبين مستجدات التكنولوجية املتطورة وما يتبعه ويرتتب عليه من
طرق إنتاجية وأساليب ووسائل عملية ومعارف فنية ،وتطبيقه حلل املعضالت اليت تثور خالل مسرية التنمية ،أمرا ابلغ
األمهية ابلنسبة للبلدان النامية.
فالبحث العلمي والتكنولوجي يستطيع أن يساهم مسامهة كبرية وفعالة يف تلبية وسد قسم كبري من حاجات
اجملتمع املتطورة واملتنامية ابستمرار على الصعيدين الكمي والنوعي بسبب أتثريه يف اإلنتاج.
يعد العمل الرتمجة احلقيقية لعالقة اإلنسان بوسائل اإلنتاج ونظام اإلنتاج ككل ،فكلما تطور أحد الطرفني إال
()1
وانعكس ذلك على العالقة أبكملها ،حيث إن العمل يتغري ،وهذا التغيري يؤثر مباشرة يف قانون الشغل.
ففي القدمي ،كان لظهور املكننة وانتشار استعماهلا ،أثر يف إنتاج أوضاع جديدة .ظهرت كمكتسبات ابلنسبة
للطبقة العاملة ،كنظام األجور ،والرجوع إىل مهن قارة ،أما اليوم فالتطورات التكنولوجيا عمت كل القطاعات االقتصادية
سواء تعلق األمر ابملقاوالت الكربف أو الصغرى أو املتوسطة ،وسواء تعلق األمر ابلقطاعات العالية التقنية أو الصناعات
االستهالكية ،فالكل يرزح حتت وطأة التطور التكنولوجي ،مضطرا ال خمتارا ،وذلك استجابة ملتطلبات املنافسة.
فموضوع التكنولوجيا والتطورات التكنولوجية أضحى يثري اهتماما متزايدا ومتعاظما ،يف ظل ظروف التنمية
االقتصادية ،ابعتبارها القوى احملركة للتقدم االقتصادي والتطور احلضاري ،فإذا كانت عملية التنمية هي احملرك جململ
قطاعات االقتصاد الوطين ،فإن التطورات التكنولوجية حتتل املكانة األوىل والرئيسية ابعتبارها احملرك األساسي لتسريع هذه
العملية ،ودفع عجلة تطورها إىل األمام ،األمر الذي جيعل تبين مستجدات التكنولوجية املتطورة وما يتبعه ويرتتب عليه من
طرق إنتاجية وأساليب ووسائل عملية ومعارف فنية ،وتطبيقه حلل املعضالت اليت تثور خالل مسرية التنمية ،أمرا ابلغ
األمهية ابلنسبة للبلدان النامية.
فالبحث العلمي والتكنولوجي يستطيع أن يساهم مسامهة كبرية وفعالة يف تلبية وسد قسم كبري من حاجات
اجملتمع املتطورة واملتنامية ابستمرار على الصعيدين الكمي والنوعي بسبب أتثريه يف اإلنتاج.
دكتورة يف احلقوق
يعد العمل الرتمجة احلقيقية لعالقة اإلنسان بوسائل اإلنتاج ونظام اإلنتاج ككل ،فكلما تطور أحد الطرفني إال
()1
وانعكس ذلك على العالقة أبكملها ،حيث إن العمل يتغري ،وهذا التغيري يؤثر مباشرة يف قانون الشغل.
ففي القدمي ،كان لظهور املكننة وانتشار استعماهلا ،أثر يف إنتاج أوضاع جديدة .ظهرت كمكتسبات ابلنسبة
للطبقة العاملة ،كنظام األجور ،والرجوع إىل مهن قارة ،أما اليوم فالتطورات التكنولوجيا عمت كل القطاعات االقتصادية
سواء تعلق األمر ابملقاوالت الكربف أو الصغرى أو املتوسطة ،وسواء تعلق األمر ابلقطاعات العالية التقنية أو الصناعات
االستهالكية ،فالكل يرزح حتت وطأة التطور التكنولوجي ،مضطرا ال خمتارا ،وذلك استجابة ملتطلبات املنافسة.
فموضوع التكنولوجيا والتطورات التكنولوجية أضحى يثري اهتماما متزايدا ومتعاظما ،يف ظل ظروف التنمية
االقتصادية ،ابعتبارها القوى احملركة للتقدم االقتصادي والتطور احلضاري ،فإذا كانت عملية التنمية هي احملرك جململ
قطاعات االقتصاد الوطين ،فإن التطورات التكنولوجية حتتل املكانة األوىل والرئيسية ابعتبارها احملرك األساسي لتسريع هذه
العملية ،ودفع عجلة تطورها إىل األمام ،األمر الذي جيعل تبين مستجدات التكنولوجية املتطورة وما يتبعه ويرتتب عليه من
طرق إنتاجية وأساليب ووسائل عملية ومعارف فنية ،وتطبيقه حلل املعضالت اليت تثور خالل مسرية التنمية ،أمرا ابلغ
األمهية ابلنسبة للبلدان النامية.
فالبحث العلمي والتكنولوجي يستطيع أن يساهم مسامهة كبرية وفعالة يف تلبية وسد قسم كبري من حاجات
اجملتمع املتطورة واملتنامية ابستمرار على الصعيدين الكمي والنوعي بسبب أتثريه يف اإلنتاج.
)1( Martine Aubry et Pierre Remy، "Le droit du travail à 1'epreuve des nouvell technologies"، dr.
soc., n° 6, 1992, p. 522.
املناهج 801
لقد تعددت املفاهيم والتعاريف اليت مت إعطاؤها للتكنولوجيا والتطورات التكنولوجية وتركزت حول وجهة النظر
التقنية واالقتصادية ،فمن الناحية التقنية جند أن مفهوم التكنولوجيا هو عبارة عن التطبيق العلمي لالكتشافات
واالخرتاعات العلمية املختلفة اليت يتم التوصل إليها من خالل البحث العلمي ،ومن الوجهة االقتصادية ،فإن مفهوم
التكنولوجيا هو عبارة عن تطوير العملية اإلنتاجية واألساليب املستخدمة فيها مبا حيقق خفض تكاليف اإلنتاج أو تطوير
األسلوب ،فالتكنولوجيا هي معرفة الوسيلة ،والعلم معرفة العلة ،فالعلم ينتج املعرفة أما التكنولوجيا فتساعد على إنتاج
الثروة.
وبصفة عامة ،فالتكنولوجيا هي عبارة عن جمموعة املعارف واخلربات املرتاكمة واألدوات والوسائل املادية واإلدارية
اليت يستخدمها اإلنسان يف أداء عمل ووظيفة معينة ،يف جمال حياته اليومية إلشباع حاجته املادية .فهي عبارة عن
جمموعة أفكار تتعلق بتطبيقات علمية يف جمال الصناعة ،ويرتتب عليها تقدم واضح يف مستوى الفن الصناعي ،وذلك
()1
ابلقياس إىل احلالة السابقة الكتشاف الفكرة.
لذلك ،فالسؤال الذي يطرح نفسه إبحلاح هو :إذا كانت الواجهة الرباقة للتطورات التكنولوجية كلها مزااي
ومنافع ،فماذا عن الصورة احلقيقية هلذه التطورات وطبيعة عالقتها مع القانون املنظم ألكثر القطاعات أمهية وحساسية،
أي قانون الشغل؟
إن تقدم مستوى الفن الصناعي يؤدي حتما إىل تغيري منط اإلنتاج ونوعيته ومستواه ومردوديته وجودته ...وهي
كلها أمور هلا ااتر تتنوع بني اإلجيابية والسلبية ابلنسبة للشغل ولعالقات الشغل ،ومن مثة لقانون الشغل ككل.
واقتحام التطورات التكنولوجية للميدان الذي حكمه قانون الشغل ،أي املقاولة قد محل تغيريات مهمة متشعبة
ومعقدة ،سواء على مستوى شروط العمل أو مضمون العمل أو العالقة بني احلياة املهنية واحلياة اخلاصة ،أو مفهوم اخلطأ
يف قانون الشغل .إىل غري ذلك...
( )1مهند ساهاونة ،التجارة اإللكرتونية وأثرها على العمالة ،اجلمعية امللكية .األردن ،2005،ص.7 .
801 أحباث ومقاالت فقهية
املبحث األول
ان التكنولوجيا احلديثة ونظرا ألمهيتها وحضورها املستمر يف عمل املقاوالت كان هلا أثر ابلغ على الشغل ،فهذه
الثورة التكنولوجية قد عملت على تغيري طرق اإلنتاج ،وممارسة املهن ،واألجهزة اإللكرتونية أصبحت امتدادا جلسم
اإلنسان وهلا القدرة على القيام أبكثر حركات اإلنسان تعقيدا .بل إهنا تقوم هبا بسرعة وأكثر إتقان من اإلنسان،
واالعقول اإللكرتونية أصبحت امتدادا للعقول البشرية ،فهي قادرة على التعلم وعلى إصدار األحكام ،بل وحىت تصحيح
األخطاء ،فهذه األجهزة صارت تقوم ليس فقط ابألعمال املادية ،بل كذلك ابألعمال الفكرية (.)1
فاللجوء إىل استعمال تقنيات اإلعالم واالتصال كأهم مظهر من مظاهر التطور التكنولوجي داخل املقاولة مثل
املوقع اإللكرتوين والربيد اإللكرتوين واألنرتنيت واهلاتف النقال واحلاسوب النقال وقارئة البطاقات) ... ، (Badgeمن
طرف أطراف عالقات الشغل قد ساهم يف تعديل السمات التقليدية اليت أسست عليها العالقات املهنية ،وأحلت حملها
مسات حديثة ابلغة األمهية تعمل على تشجيع التنافسية بني املقاوالت ،فالقواعد اليت حتكم العمل ،كما هي حمددة من
طرف جل التشريعات املقارنة للعمل واتفاقيات الشغل اجلماعية ،واملرتكزة على إمكانية العمل ،قد كسرت أمام موجة
التكنولوجية املتطورة ،اليت خلقت اضطرااب ابلنسبة لقاعدة الوحدات الثالث املؤسسة للنظام التقليدي لإلنتاج ،وهي وحدة
املكان ،ووحدة الزمان ،ووحدة العمل.
فوحدة املكان ،أي مكان العمل املتمثلة يف مراكز املقاوالت أصبحت يف ظل التكنولوجية احلديثة افرتاضية،
حيث إن تقنية العمل عن بعد ،أو العمل املتلفز ،téléravailواهلاتف النقال ،وابقي التقنيات املتحدث عنها سابقا ،قد
قطعت ذلك الرابط التقليدي الذي كان يربط العامل مبكان العمل ،وأصبح إبمكان األجري أن ينجز العمل املطلوب منه
يف أي مكان ،ويكفي ألجل ذلك أن يكون املكان الذي يؤدي فيه العمل مرتبطا ابلشبكة املعلوماتية اخلاصة ابملقاولة عرب
التقنيات احلديثة يف االتصال ،وهي تقنيات قد سهلت إمكانية عمل طاليب العمل املقيمني يف البوادي وضواحي املدن،
واألشخاص املعاقني ...فاألمر أصبح يتعلق بعامل إلكرتوين تكنولوجي ال يقيم وزان للمكان.
أما وحدة العمل ،املرتبطة ابإلنتاج ،فأصبحت يف ظل التكنولوجيا احلديثة تتسم ابلليونة القصوى لتنظيم العمل
الذي يتطلب منتوجات متنوعة ،تقتضي بدورها ذكاء وروح مبادرة.
)1( Henri-Joël Tagum Fombeno, "Le droit africain à I'epreuve des nouvelles tehnologies", p. 6.
املناهج 880
كما أن اإلعالن املرتبط ابلشغل أصبح يغلب عليه الطابع التكنولوجي عوض التعليق يف أماكن العمل ،كالنظام
الداخلي ،ومدة العمل ،واتريخ التمتع ابلعطلة السنوية ،إىل غري ذلك ،....اليت أصبحت تبعث عن طريق رسائل
إلكرتونية ،أو يتم نشرها يف املوقع اإللكرتوين اخلاص ابملقاولة.
ومن جهة أخرى ،فقد أصبح من بني شروط العمل أن يكون لدى طالب العمل مستوى من املعرفة
التكنولوجية ،وأن يكون لديه بريد إلكرتوين الذي صار يعوض إىل حد ما العنوان الشخصي لألجري.
وقد جلأت بعض الدول إىل تنظيم إبرام عقد الشغل عن طريق التوقيع اإللكرتوين ،الذي اعتربته حيمل ضماانت
أكثر ابلنسبة لألجري من عقد العمل التقليدي ،وهي تقنية سوف لن تتأخر كثريا لغزو عالقات الشغل ابملغرب.
وهو األمر الذي دفع جبانب من الباحثني إىل احلديث عن تدمري ،أو إابدة العمل بواسطة الغزو التكنولوجي ،وان
كان األمر يتعلق بتدمري منشى أو إابدة منشئة ،وهو ما يقود إىل إكساب العمل حيوية ويقتضي كذلك إعادة هيكلة
نظام التأهيل املهين ،مما يطرح إشكال مالءمة قوة العمل مع املؤهالت املهنية واألشكال اجلديدة للعمل املرتبطة ابلتطورات
التكنولوجية (.)1
إن التقدم اليوم أصبح يقاس ابقتصاد الطاقة واالقتصاد يف استخدام اليد العاملة ،فكلما كانت املقاولة منتجة،
كلما قلصت من اليد العاملة.
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ،فإن اعتماد التكنولوجيا املتطورة يف املقاولة أدى إىل انداثر العديد من املهن،
فالعمال الذي ميلكون مهارات تقليدية قد متت ازاحتهم ابسم التقنيات احلديثة ،حيث إن املقاوالت أصبحت تفضل
تشغيل األجراء الشباب احلاصلني على مؤهالت حديثة عوض إعادة أتهيل عماهلا ،حيث ميكن للمقاولة التكيف مع
التقنيات احلديثة دون أي تكاليف إضافية.
مثال ،يف ميدان احلراسة ،فجل املقاوالت صارت جمهزة بكامريات ،أو آالت تصوير إلكرتونية تعمل يف مجيع
االجتاهات ،يتم وضعها يف األماكن احلساسة داخل املقاولة ،حيث إن كل حريق أو فعل إجرامي تنقله هذه الكامريات
يثري صفارة إنذار لدى املصلحة املكلفة ابملراقبة ،مما خيول للمقاولة اليوم االستغناء عن فرق احلراسة ،وهو نفس التطور
الذي مسح ابالستغناء عن حراس املنازل.
888 أحباث ومقاالت فقهية
ويضاف إىل ما سبق ذكره أن التطورات التكنولوجية الساحقة املقرتنة بعوملة االقتصاد قد سهلت كذلك عملية
. اجتاه دول يكون فيها عمل اليد العاملة غري مكلف،تدويل أو تسويق بعض املهن
)1( Nouri Mzid, "Les nouvelles technologies de l'information et le monde du travail", collogue à la
1'occasion de la célébration du 20° anniversaire de l'Assemblée tunisienne de droit social et des
relations professionnelle.
املناهج 881
املبحث الثاني
إن أثر التطورات التكنولوجية مل يقف عند حدود العمل يف حد ذاته ،بل تعداه إىل التأثري يف عالقات الشغل
سواء الفردية أو اجلماعية.
تتمثل أهم نقط أتثري التطورات التكنولوجية على عالقة الشغل الفردية يف :ركن التبعية ،وصحة وسالمة األجراء،
واحلرايت داخل املقاولة ،مث موضوع السلطة التأديبية.
فهذا الركن وهو أهم أركان عقد الشغل قد عرف تعديالت مهمة ذات سبغة تكنولوجية ،حيث أصبح أمر اعتبار
هذا الركن كشرط يف صحة عقد الشغل حمل تساؤل (.)1
فإذا كان قانون الشغل تقليداي يؤسس على التواجد الفعلي على أرضية املقاولة الذي يسهل مسألة مراقبة تواجد
األجري ( ،)2ومدة عمله ،وجودة هذا العمل وتقدير مهاراته ،فإن التقنيات احلديثة قد سامهت يف نسخ املعايري التقليدية
للتبعية .بل ،إنه يف بعض احلاالت جند أن اجتاه التبعية قد تغري لالجتاه املعاكس ،أي تبعية املؤاجر لألجري ،وذلك حينما
يتعلق األمر ببعض األجراء العباقرة يف ميدان تكنولوجيا اإلعالم واالتصال ،حيث تكون رغباهتم أوامر ابلنسبة للمشغل،
الذي يستبعد كل استغناء عنهم مهما كان املقابل ،وذلك خلربهتم ومعرفتهم التقنية العالية ابلسوق والزابئن.
وبصفة عامة ،فالتقنيات احلديثة تلغي مستوايت التسلسل املهين داخل املقاولة ،فالكتابة تصبح مساعدة،
واإلطار يطبع مراسالته بنفسه على حاسوبه النقال ،ورئيس املقاولة يصبح منسقا للفريق أو منشط للفريق (.)3
)1( Ray (J-E), "Nouvelles technologies, nouveau droit du travail, rev. dr. soc., n° 6 1992, p. 519 et s.
)2( Voir:
- Jean Emmanuel Ray, "Le droit du travail à l'épreuve des NTIC, éd. Liaisons sociales, 2° éd..0221
)3( Jean Emmanuel Ray, "Nouvelles technologies et nouvelles formes des subordination", dr. soc.
n° 6, 1992, p. 525.
881 أحباث ومقاالت فقهية
إن أ ثر التطورات التكنولوجية على عالقة الشغل الفردية تظهر كذلك من خالل ظهور آخطار جديدة هتدد يف
نفس الوقت سالمة األجراء وحقوقهم األساسية.
ففي القدمي ،جاء تشريع الشغل كجواب على احلاجة املاسة حلماية األجري من أخطار االلة ،أما اليوم ،فتعميم
استعمال التقنيات احلديثة خاصة يف ميدان اإلعالم والتواصل قد غري هذا النهج ،فصحيح أن ضبط أخطار اآللة على
السالمة اجلسدية لألجري أصبح خيضع لدقة متناهية ،وذلك بفضل األدوات املعلوماتية ،إال أنه يف نفس الوقت
فاالستعمال املتسع هلذه األدوات قد خلق نوعا جديدا من االضطراابت الصحية مثل :بعض األمراض املرتبطة ابلبصر،
وآالم على مستوى الظهر ،واإلرهاق ،واليت ال تظهر على أي جدول من اجلداول املخصصة لسرد األمراض املهنية (.)1
ففي ظل التطورات التكنولوجية أصبحت حرايت وحقوق األجراء األساسية معرضة للخرق أكثر ،مما كانت عليه
يف ظل املقاولة ذات الطابع التقليدي ،وتتنوع مظاهر هذا اخلرق بتنوع تقنيات اإلعالم والتواصل املستعملة من طرف
ااملشغل ،وهو ما حيمل خرقا سافرا للقوانني واألعراف املتعارف عليها دوليا فيما خيص حقوق اإلنسان ككل.
فاألجري منذ إبرامه لعقد الشغل مع مشغله يضع رهن إشارة هذا األخري قوة عمله ال شخصه ،وهو األمر الذي
مينع كل مس حبرايته وحقوقه األساسية كفرد داخل اجملتمع قبل كل شيء ،مث كأجري يف مقاولة بعد ذلك .فاألجري جيب
أن يكون حمصنا مبدئيا ضد أي تدخل يف حياته اخلاصة سواء من طرف املشغل أو من طرف زمالئه يف العمل ،أو
اهليئات التمثيلية...
إن التقنيات احلديثة يف اإلعالم والتواصل ،اليت أصبحت بنية حتتية مهمة عامة ال ميكن االستغناء عنها سواء يف
مجع أو معاجلة أو تقريب أو العمل على ترويج املعلومات ،قد فتحت الباب واسعا أمام تدخل املشغل مباشرة يف احلياة
اخلاصة لألجراء ،وذلك عرب القيام ابملراقبة داخل املقاولة بواسطة استعمال وسائل الرقابة اإللكرتونية أو مسعية مرئية أو
إعالمية ،وفحص أو مراجعة الرسائل اإللكرتونية ،أو مراقبة مضمون العلبة الصوتية ،أو مراقبة املكاملات اهلاتفية ،أو
استعمال قارئة البطاقات ،اليت أصبحت تلعبت دورا مهما ال يف رصد حتركات األجري داخل املقاولة فقط ،بل كذلك ملا
هلا من دور يف توفري األمن داخل هذه املقاولة ،فمثال جند أن الباب الرئيسي أو األبواب الداخلية للمقاولة تفتح مبجرد
محل تلك البطاقة ،وهي كلها تقنيات أغرت املشغل وجعلته يتدخل وبدون سابق إنذار يف احلياة اخلاصة لألجري.
ومن بني التقنيات اليت شاع استعماهلا كذلك على املستوى األوريب هناك جهاز كشف الكذب ،وجهاز كشف
اإلدمان ،هذا األخري الذي صنفه الفقه الغريب أبنه تدخل يف احلياة اخلاصة لألجري ،وأجاز العمل به استثناءا إذا تعلق
األمر ببعض املهن اخلاصة ،مثل سائق حافلة مسؤول عن أرواح الركاب (.)1
الفقرة الرابعة :أتثري التطورات التكنولوجية ىف اجتاه تغيري مفهوم اخلطأ املرتكب ىف إطار عالقة الشغل
الفردية.
يف ظل التطورات التكنولوجية وما محلته من إعادة هيكلة للمقاولة املشغلة ،سواء من خالل جتديد البنيات
التحتية ،أو جتديد أدوات العمل واإلنتاج .كلها عوامل أثرت يف اجتاه تغيري مفهوم اخلطأ الذي قد يرتكب من طرف
األجري .حيث كان من الطبيعي أن يرافق هذه الثورة التكنولوجية ظهور أخطاء واجراء حيمل طابع التطور التكنولوجي.
فالواقع يكشف أنه قد مت إىل حد ما جتاوز األخطار التقليدية مثل رفض األجري إجناز شغل من اختصاصه عمدا
وبدون مربر .وارتكاب جنحة ماسة ابلشرف واألمانة ،إىل غري ذلك من األخطاء الواردة ذكرها يف قانون الشغل
التقليدي ...إذ أصبحت األخطاء املرتكبة من طرف األجراء تتمثل يف ختزين معلومات شخصية يف احلاسوب اخلاص
ابملقاولة ،وعدم اإلجابة عن املكاملة اهلاتفية املوجهة من طرف املشغل حنو األجري خارج أوقات العمل ،أو إرسال رسائل
إلكرتونية من أجهزة املقاولة ،وسرقة املال املعلومايت اليت حلت حمل سرقة األموال أو األشياء املادية العائدة ملكيتها
للمقاولة املشغلة ،...وافشاء الرمز أو "الكود" الذي حل حمل إفشاء السر املهين( ،حيث أنه يف البيئة التكنولوجية
أصبحت مثة أمهية قصوى ألنظمة أمن املعلومات وسياسات واسرتاتيجيات التعامل مع األجهزة والربامج واملعلومات ،ويف
هذا السياق مثة أمهية كربى لكلمة السر اليت متنح للعامل ونطاق الصالحيات اليت تتيحها وظيفته وعربها يستخدم كلمة
السر(.)2
)1( Jean Fryssinet, "Nouvelles technologies et protection des Iibertés dans 1'entreprise", dr. soc., n°
6, 1992, p. 596 et s.
)2( Sophie Vuillet- Trvernier, "L'actualité juridique dans le domaine des NTIC.www.adji.fr.
- Voir aussi: L'abus des nouvelles technologies. Hildegard Schmid, "Trait d' union", n° 4, 2006.
881 أحباث ومقاالت فقهية
ويضاف إىل قائمة األخطاء اليت محلتها التطورات التكنولوجية ،استعمال أنواع العنف املعلومايت مثل استعمال
الفريوسات يف الشبكة املعلوماتية اخلاصة ابملقاولة ،واتالف كل املعطيات املسجلة على احلواسب ،الذي حل إىل حد ما
حمل العنف واإلعتداء البدين املوجه ضد أجري أو مشغل أو من ينوب عنه لعرقلة سري املقاولة.
وأصبحت األخطاء اليت ميكن للمؤاجر ارتكاهبا تتمثل يف اإلطالع على املعلومات اخلاصة اليت خيزهنا األجري على
حاسوب املقاولة الذي يشتغل عليه ،أو اإلطالع على الرسائل اإللكرتونية اخلاصة ابألجري ،واليت مت تصنيفها يف العديد
من الدول األوروبية كتدخل يف احلياة اخلاصة لألجري كفرنسا وبلجيكا و...
ومما ساهم كذلك يف شل عمل هذا اجلهاز أكثر ،اضمحالل مفهوم املقاولة التقليدي ،الذي جعل عمله صعبا
شيئا ما ،ألنه يصطدم حبقوق قانونية أوىل ابحلماية مثل حرمة املنزل ابلنسبة لألجري الذي يعمل يف منزله يف ظل تقنية
) ،(Té1étravailإىل جانب الوقت الذئي يقضيه مفتش الشغل يف إجراء عمليات التفتيش ابلنسبة لكل أجري على
حدى ،ويف املكان اخلاص به ،حيث يقوم إبجناز عمله ،وكيفية إثبات املخالفات وفق معايري ومعطيات واقعية ال قانونية،
محلتها الثورة التكنولوجية وال زالت مل تكتسب سبغة قانونية ،وان عرفت تطبيقا واسعا يف ظل ظروف املنافسة.
هذا من جهة ،ومن جهة أخرى ،فإن وسائل اإلثبات نفسها قد جتاوزت يف إطار نزاعات الشغل الفردية طابعها
التقليدي ،لتتبىن طابعا يستجيب للظرفية املعاشة بكل تطوراهتا .فقد انتقلت وسائل اإلثبات املقررة قانوان إىل املستوى
اإللكرتوين .حيث أصبح اإلثبات يتم بواسطة رسائل إلكرتونية ،وتسجيالت هاتفية ،وتسجيالت الفيديو ،ورسائل SMS
و (.MMS )1
كان للتطورات التكنولوجية أثر مهم على عالقات الشغل اجلماعية ،وأخص ابلذكر جانب النزاعات ،حيث
خولت التكنولوجية احلديثة لألجراء املضربني ،تعطيل العقل اإللكرتوين املسري حلركة اإلنتاج داخل املقاولة ،وحىت فروعها
يف بعض األحيان ،قد يسبب توقفا شامال عن العمل ،ويشكل ابلتايل قوة ضغط أكرب مما مضى.
كما أن التطورات التكنولوجية أصبحت تلعب دورا مهما يف توسيع رقعة االضراب ،على مستوى نفس القطاع
أو حىت القطاعات اجملاورة ،وذلك عن طريق الرسائل اإللتكرتونية ،واملكاملات اهلاتفية ،أو رسائل MMSو.SMS
أما املشغل فقد أاتحت له التطورات التكئولوجية يف حالة األزمات املرتبطة بنزاعات الشغل اجلماعية ،إمكانية
جتاوز هذه األزمات عن طريق تعويض العمال املضربني بعمال اخرين غري مضربني يف وقت قياسي عن طريق تكنولوجيا
اإلعالم والتواصل ،بل حىت تقدمي طلب القيام ابلعمل امللتزم به إىل جهات تعرض خدماهتا على األنرتنيت ،بل ويف بعض
األحيان بتكلفة أقل ويف وقت وجيز.
إذن أمام هذا الواقع املتطور ماذا كان موقف املشرع املغريب؟
إن وضع مدونة الشغل قد جاء يف خضم هذا الصخب التكنولوجي ،وقد جاء يف تصدير املدونة ،أن هذه
األخرية قد جاءت لتأخذ بعني اإلعتبار إكراهات املقاولة ابلنسبة للتشريعات املقارنة ،ومتطلبات التنافسية خدمة
لالستثمار واإلنتاج من أجل اقتصاد قوي وقادر على املنافسة وعلى مواجهة حتدايت العوملة .ومواكبة التأهيل االقتصادي
واالجتماعي.
فهل فعال جاءت مدونة الشغل املغربية مسلحة مبا فيه الكفاية ملواجهة هذه الثورة التكنولوجية؟
بشكل موجز ،فاإلطالع على نصوص مدونة الشغل حييلنا إىل زمن ما قبل الثورة التكنولوجية ،زمن قدمي
ومتآكل ومنتهي الصالحية ال زالت مدونة الشغل تشدو على إيقاعه ،متجاهلة بذلك املعطيات الواقعية اليت كان من
املفروض أن تفرض عليها إيقاعا جديدا على منط الدول املتقدمة يف املوضوع.
فاهتمام مدونة الشغل ابلتطورات التكنولوجية قد جاء حمدودا ،وحمدودا جدا ،ويتمثل بصفة أساسية يف ما نص
عليه املشرع املغريب يف ديباجة املدونة من ضرورة إطالع األجرا ء عن طريق املمثلني النقابيني ،ويف غياب هؤالء عن طريق
مندويب األجراء على كل املعلومات والبياانت املرتبطة ابلتغيريات التكنولوجية واهليكلية للمقاولة قبل الشروع يف تنفيذها.
ومت تنظيم املشرع لألسباب التكنولوجية كمربر إلهناء عقود الشغل ،حيث أحاط هذا اإلهناء ببمض الضماانت
القانونية محاية للطرف الضعيف يف عالقة الشغل ابلدرجة األوىل ،كما فوض املشرع تنظيم بعض األمور املتعلقة ابلتطورات
التكنولوجية التفاقيات الشغل اجلماعية ،إذ نصت املادة 105من مدونة الشغل على أنه تتضمن اتفاقية الشغل اجلماعية
األحكام املتعلقة ب:
" ...تنظيم تكوين مستمر لفائدة األجراء ،يهدف إىل ترقيتهم االجتماعية ،وإىل حتسني معارفهم العامة واملهنية
ومالءمتها مع التطورات التكنولوجية".
881 أحباث ومقاالت فقهية
لكن ،ماذا عن إبرام عقد الشغل عن طريق التوقيع اإللكرتوين ،وماذا عن عالقة الشغل الفردية ،وسرايهنا ،وماذا
عن ركن التبعية الذي أصبح يف ظل التطورات التكنولوجية متجاوزا أو شبه مهمل يف مفومه التقليدي ،وهو ما يقتضي
تنظيما دقيقا للوجه اجلديد للتبعية ،ألجل معاجلة اخللط الذي أصبح يقع يف ظل العمل ابلتقنيات التكنولوجية بني احلياة
املهنية واحلياة اخلاصة ،إىل غري ذلك من األمور املستحدثة اليت دخلت لعامل الشغل مع التطور الكبري الذي محلته
التطورات التكنولوجية.
وتنظيم هذا الوضع بصفة خاصة أصبح ملحا ،ألنه جيعل من الصعب حتديد وقت الشغل ومتييز عالقة التبعية،
ومراقبة ظروف العمل ،ومراقبة احرتام فرتات الراحة اإللزامية ،خاصة أن مثل هذا الفراغ التشريعي هو الذي يدفع إىل
إقحام مبض الشروط يف عقود الشغل تتعلق غالبا بشرط عدم منافسة األجري الذي يعمل عن بعد ملشغله عرب استعمال
األدوات املسلمة له ،للعمل ملصلحة منافس آخر ،وهو ابب مفتوح قانوان للتعسف.
هذا إىل جانب أن وضعية األجري عن بعد جيب متييزها عن وضعية األجري املستقل ،ألن األجري األول هو الذي
يستفيد من محاية قانون الشغل ،فكل منهما يعمل يف ظروف مماثلة ،مما يطرح العديد من اإلشكاالت يف التمييز بينهما،
ويفسح اجملال للمشغل للتالعب.
إن أوقات العمل وتنظيم اإلجازات والدوام يف البيئة التكنولوجية مغاير للبيئة التقليدية للشغل ،وهو ما يثري
وجوب التصدي القانوين حلماية األجراء.
وكما سبق القول فالتطورات التكنولوجية قد سامهت يف حتوير سلطة املشغل يف الرقابة على أجرائه ،إذ ارتقت هبا
من مستوى الرقابة اىل مستوى التدخل يف احلياة اخلاصة لألجراء ،سواء عن طريق اإلطالع على سرية الرسائل
اإللكرتونية ،أو كبح احلرية يف التعبري ،أو مراقبة املكاملات اهلاتفية املوجهة من هاتف نقال لألجري ،مت منحه له يف إطار
تسهيل عمله وتنقالته داخل وخارج املقاولة ،لذلك ،كان البد من وضع قواعد قانونية حتمي خصوصية العاملني بقدر ما
حتمي أسرار رب العمل وتقيم توازان بينهما ،فاملشرع مطالب بتنظيم واجياد توازن قانوين من أجل التوفيق بني احلياة اخلاصة
لألجري املواطن ،ومصاحل املقاولة ،كتنظيمه حلدود حرية األجري داخل املقاولة ،وتنظيمه حلدود تدخ املشغل ورقابته على
أجرائه ،والعمل على سد كل فراع تشريعي محلته هاته التطورات التكنولوجية.
هذا ،استعراض عام وموجز للتحدايت املثارة يف العالقة بني مدونة الشغل والتطورات التكنولوجية ،ويف كل حتد
مثة تفرعات وتفصيالت ال حتتمل الدراسة الوقوف عليها حلاجة كل منها لدراسة مستقلة.
املناهج 881
مالحظة:
لقد بدأت االرهاصات األوىل للموضوع الذي تناولته األستاذة سيمرة كميلي تعرض على القضاء على ما يتضح
من قرار حمكمة االستئناف ابلدار البيضاء وامللحق ابلبحث.
881 أحباث ومقاالت فقهية
الغرفة االجتماعية
القاعدة:
القن السري cod pinهو قن خاص ابملسؤول األجري البنكى وال ميكن تسليمه لشخص آخر ،وهو حكرا عليه
دون غريه ،وال ميكن تسليمه ألي أحد اخر ،وال يعفى صاحب القن السري من حتمل املسؤولية ىف حالة وقوع اخلطأ،
بغض النطر إن كان هذا اخلطأ عمداي أو غري عمدي.
الوقائع
بناء على مقال االستئناف واحلكم املستأنف ومستنتجات الطرفني وجمموع الواثئق املدرجة ابمللف.
وبناء على تقرير السيد املستشار املقرر الذي مل تقع تالوته إبعفاء من الرئيس وعدم معارضة الطرفني.
وبناء على األمر إيدراج القضية يف اجللسة واملبلغ قانوان إىل الطرفني.
وتطبيقا ملقتضيات الفصل 134وما يليه والفصل 328وما يليه والفصل 429من قانون املسطرة املدنية
ومقتضيات قانون 99.65املتعلق مبدونة الشغل واالستماع إىل مستنتجات النيابة العامة واملداولة طبقا للقانون.
ىف الشكل :بناء على مقال االستئناف املقدم من طرف هشام اتج الدين بتاريخ 2005/10/10بواسطة
األستاذ كمال كعباوي ،املعفى من الرسوم القضائية والذي يتسأنف مبقتضاه احلكم االجتماعي الصادر بتاريخ
2005/5/11يف القضية رقم 06/2057والقاضي أبداء املشغل لألجري مبلغ 3000درهم عن العطلة السنوية لسنة
2004ومبلغ 2333عن العالوة السنوية لسنة 2004ورفض ابقي الطلبات.
املناهج 810
وهو احلكم الذي مل يبلغ للطاعنة حسب واثئق امللف ،ونظرا لكون االستئناف قدم داخل األجل القانوين وعلى
الصفة والشكل املطلوب قانوان فهو مقبول من الناحية الشكلية.
ىف املوضوع:
حيث تتلخص وقائع الدعوى استنادا إىل احلكم املستأنف وواثئق امللف األخرى يف كون املدعي تقدم بدعوى
يعرض فيها أبنه شرع يف العمل مع املدعى عليه بصفته رئيس خلية ومشرف على وكالة الدار البيضاء منذ 1999/10/1
إىل أن مت طرده بصفة تعسفية يف ،2003/7/4بواسطة رسالة منه وبدون سبب مشروع.
وأنه كان يتقاضى أجرة 4939درهم ومصححة يف 7409على اعتبار أن األبناك تؤدي ملستخدميها 18شهرا
يف السنة وألجل ذلك التمس احلكم له ابلتعويضات التالية:
وبعد جواب املدعى عليه وقوله إن األجري فصل من عمله يف 03/7/4الرتكابه خطأ جسيما يتمثل يف كونه
كان هو املسؤول عن العملية املصرفية اليت مت مبقتضاها حتويل مبلغ 700أورو إىل 7180درهم ،لكنها مل تودع حبساب
الزبونة وأن هذه العملية متت بواسطة القن السري للمدعي وحتت مسؤوليته ،وأن من شأنه املساس ابلثقة واالئتمان
املفروض يف معامالهتا مع زبنائها.
وبعد فشل حماولة الصلح بني الطرفني وانتهاء اإلجراءات املسطرية أمام احملكمة االبتدائية أصدرت حكمها املشار
إليه أعاله وهو املستأنف من طرف األجري.
أسباب االستئناف:
حيث جاء يف أسباب االستئناف املقدمة من طرف األجري أن احلكم االبتدائي جاء انقص التعليل للتناقض
الواضح يف حيثياته ،ذلك أن عملية حتويل مبلغ 700أورو إىل حساب الزبونة من ابلصندوق رقم 1من طرف إحدف
املتمرانت وأن األقنان السرية ملستخدمي البنوك قد يستعان هبا وتستعمل من طرف غري صاحبها من قبل مستخدمي
البنك ،وأن املستأنف عليها مل تدل أبصل حتويل املبلغ إىل حساب املشتكى هبا حىت ميكن مراقبة مدى مسؤولية املستأنف
يف هذه العملية ،وأنه خالل فرتة العطلة السنوية وحفاظا على االستمرار العادي للوكالة خصوصا أمام االكتظاظ ،فقد قام
بتفويت قنه السري كما هو معمول به ملساعديه قصد إجناز خمتلف العمليات ابلبنك ،وأنه بفعله هذا يكون قد دافع على
مصلحة مشغلته من خالل ضمان حسن االستقبال والسرعة يف تلبية طلبات الزابئن ،مضيفا أن العملية املنجزة متت
بتاريخ 2002/8/29واملشغل مل يقم بطرده إال بتاريخ 2003/7/4مما يوضح أن اخلطأ املنسوب لألجري غري اثبت وغري
موجود أصال لكون من قام ابلعملية هي متمرنة وليس األجري كما جاء يف اعرتاف الزبونة ،لذلك فهو يلتمس إلغاء احلكم
املستأنف واحلكم وفق مطالبه املسطرة يف مقاله االفتتاحي واحتياطيا إجراء حبث يف النازلة تستدعى له املشتكية.
وجبلسة 2006/5/4أدىل انئب املشغلة مبذكرة جوابية مفادها أن األجري مل أيت أبي جديد وأهنا وقائع سبق له
إاثرهتا يف املرحلة االبتدائية وهي تبني مسؤوليته وتثبت األخطاء اليت ارتكبها ،وحيث إن إقرار املستأنف أبخطائه اليت
كررها أيضا يف مقاله االستئنايف عندما أكد أن العملية متت من طرف إحدى املتمرانت وأن األقنان السرية ملستخدمي
البنوك قد يستعان هبا وتستعمل من طرف غري صاحبها من قبل مستخدمي البنوك ...وأن هذا االعرتاف وحده كاف
إلثبات اخلطأ اجلسيم املرتكب من طرف األجري خاصة وأن املستأنف عليها أدلت برسالة تسليمه القن السري اليت
تشرتط عليه عدد من الشروط ،وأن هذا اخلطأ قد أضر بسمعة البنك إضافة إىل عدم تزويد حساب الزبونة مببلغ التحويل،
وأن احتجاج األجري بفصل الصيف واالكتظاظ فيه لتربير متكني املستخدمني من القن السري ال جدوى له خصوصا أنه
مسؤول عن عدم اإلفصاح عنه ألي كان ،بل هو ملزم بتغيريه بني احلني واآلخر لتفادي استعماله من طرف غريه من
املستخدمني ،وحيث إن تساؤل األجري عن املدة الفاصلة بني اتريخ العملية واتريخ الطرد ترد عليمه املشغلة كوهنا ظلت
خالل تلك املدة تقوم ابلتقصي والبحث ،مث إحالته على اجمللس التأدييب قبل اختاذ قرار فصله وهو ما اعرتف به خالل
املناهج 811
جلسة البحث وهو ما يوضح ارتكابه ألخطاء وخمالفات أضرت بسمعة البنك ومكانتها ،لذلك فهي تلتمس
أتييد احلكم املستأنف يف مجيع ما قضى به.
وحيت أدرج امللف بعدة جلسات كان اخرها جلسة 2006/12/21حضرها الطرفان وأكدا ما سبق فاعتربت
خالهلا احملكمة القضية جاهزة للبت فيها قانوان فحجزهتا للمداولة بتاريخ 2007/1/18وأخرج من املداولة بناء على
طلب ذ .ب ،خليف انئب األجري مرتني وأحيل على جلسة البحث ،لكن ختلف األطراف يف عدة جلسات رغم التوصل
واعتربت احملكمة امللف جاهزا للمداولة بعد إحالته على جلسة هيئة احلكم وذلك جللسة .2008/4/10
حيث إن احملكمة بعد اطالعها على معطيات امللف ومرفقاته واحلكم االبتدائي أن املشغلة تدفع ابخلطأ اجلسيسم
لألجري واملتمثل يف عدم حتويل مبلغ 700أورو مقابل 7180درهم يف حساب الزبونة مستفيدة واختفى هذا املبلغ حتت
مسؤوليته وأن عملية الصرف هاته وحتويله متت بواسطة قنه السري الذي ال يعرفه وال يطلع عليه أحد.
حيث إن احملكمة االبتدائية بعد اجراء البحث اعتربت أن األجري قد ارتكب خطأ جسيما يتمثل يف إمهاله
ملسؤوليته امللقاة على عاتقه.
حيث إن األجري يعيب على احلكم االبتدائي بوجود تناقض يف حيثيات احلكم وأنه انقص التعليل ،ذلك أن
األقنان السرية تستعمل من طرف غري صاحبها ومن قبل مستخدمي البنك وأن احملكمة مل تكن على صواب حني محلت
األجري املسؤولية الكاملة.
حيث إن حمكمة االستئناف قد فسحت اجملال لألجري وأصدرت حكما متهيداي بتاريخ 2007/1/18حضرته
ممثلة املشغلة ومل حيضر األجري وانئبه رغم توصلهما بصفة قانونية واعتربت احملكمة امللف جاهزا وأدخل للمداولة بعد
إحالته على جلسة احلكم.
وحيث إنه بناء على طلب دفاع األجري أخرج امللف من املداولة مرتني بناء على طلب دفاع األجري وأحيل على
جلسة البحث ،إال أن األطراف مل حيضروا رغم التوصل إال جبلسة 2008/2/15حيث التمس دفاع األجري زايدة األجل
فاعتربت احملكمة امللف جاهزا وأحالته على جلسة احلكم.
811 أحباث ومقاالت فقهية
حيث إنه بعد اإلطالع على جلسة البحث املنجزة ابتدائيا ثبت أن األجري كان يشتغل خالل غشت 2002
كنائب مدير الوكالة البنكية ،وصرح أنه كان ميد املتمرنني ابلقن السري من أجل مساعدته.
وحيث أقر األجري أن مبلغ 700أورو فعال مل حيول إىل حساب الزبونة مقابل مبلغ 7198درهم وأن املتمرنة هي
من كانت متسك الصندوق خالل شهر غشت وأن الزبونة قدمت شكالية يف املوضوع.
وحيث ثبت أن العملية متت ابلصندوق رقم 1والذي ترجع مسؤوليته لألجري وبقنه السري اخلاص به للعمليات
البنكية وأن الوثيقة املؤرخة يف 1999/10/29اثبت أن البنك قد سلمه رسالة شخصية تتضمن القن السري ومؤكدا به
أنه ال ميكن مد القن السري أليت شخص اخر ويوقه من طرفه.
حيث إن القن السري هو قن خاص وال ميكن تسليمه لشخص آخر وهو حكر عليه دون غريه وأن القانون
الداخلي يرفض تسليم القن السري ألي أحد اخر ،وأن العملية متت حتت قنه السري.
حيث أقر األجري أثناء جلسة البحث أن القن السري خاص بصاحبه ،وال ميكن تسليمه ألي شخص آخر ،إال
أنه ونظرا للضغط الذي عرفته الوكالة سلم قنه السري لزميلته قصد املساعدة.
حيث إن ما تضرع به األجري من ضغط ابلوكالة اليت كان يشتغل هبا واالحتجاج بفصل الصيف هو سبب غري
وجيه وال ميكن األخذ به ،وال ميكن رد املسؤولية عليه ما دام أنه أقز أن قنه السري خاص به وشخصي ،وابلتايل تبقى
املسؤولية كاملة عليه بعددم جديته وامهاله ألخطار العمل وتعرض البنك للضرر املتمثل يف مسعته بني الزبناء.
وحيث إن البحث املنجز ابتدائيا جاء كافيا ومفصال وثبت من خالخل اخلطأ اجلسيم لألجري.
وحيث إنه وان كانت األقنان السرية ميكن استعماهلا بني املستخدمني يف إجناز العمليات إال أن ذلك ال يعفي
صاحب القن السري من حتمل املسؤولية يف حالة وقوع اخلطأ بغض النظر إن كان عمداي أو غري عمدي ،وهو ما وقع يف
انزلة احلال والذي ثبت أن مبلغ 7198درهم مل حيول إىل حساب الزبونة واليت تقدمت بشأنه شكاية يف املوضوع ،وهذا
الوضع قد يضفي الشك وانعدام الثقة يف املعامالت البنكية مما يؤدي إىل أضرار تلحق بسمعة البنك بني الزبناء واملتعاملني
معه.
حيث إن ما خلصت إليه احملكمة االبتدائية مرتكز على أساس قانوين سليم يتعني أتييده.
هلذه األسباب:
املناهج 811
يف املوضوع :أتييد احلكم املستأنف ،وجعل الصائر على املستأنف يف نطاق املساعدة القضائية.
هبذا صدر القرار يف اليوم والشهر والسنة أعاله ابلقاعة العادية للجلسات مبقر حمكمة االستئناف ابلبيضاء دون
أن تتغري اهليئة احلاكمة أثناء اجللسات (.)1
( )1هذا القرار منشور مبجلة احملاكم املغربية ،العدد ،117ص 138 .وما بعدها.