Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

‫قانون الشغل والتطورات التكنولوجية‬

‫بقلم‪ :‬مسرية كميلي‬


‫ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫دكتورة يف احلقوق‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻜﺸﺒﻮﺭ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫أستاذة بكلية احلقوق ‪-‬أكدال –الرابط‬
‫ﻛﻤﻴﻠﻲ‪ ،‬ﺳﻤﻴﺮﺓ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ‪13,14‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬

‫‪2009‬لعالقة اإلنسان بوسائل اإلنتاج ونظام اإلنتاج ككل‪ ،‬فكلما تطور أحد الطرفني إال‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫العمل الرتمجة احلقيقية‬ ‫يعد‬
‫‪107 - 124‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫حيث إن العمل يتغري‪ ،‬وهذا التغيري يؤثر مباشرة يف قانون الشغل‪.‬‬ ‫‪ :MD‬ذلك على العالقة أبكملها‪،‬‬
‫‪599021‬‬
‫ﺭﻗﻢانعكس‬
‫و‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪IslamicInfo‬انتشار استعماهلا‪ ،‬أثر يف إنتاج أوضاع جديدة‪ .‬ظهرت كمكتسبات ابلنسبة‬
‫القدمي‪ ،‬كان لظهور املكننة و‬ ‫ففي‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫التكنولوجيا عمت كل القطاعات االقتصادية‬
‫اتﺍﻟﺸﻐﻞ‬ ‫ﺍﻟﺸﻐﻞ‪،‬فالتطور‬
‫ﻣﺪﻭﻧﺔ‬ ‫ﻗﺎﻧﻮﻥأما اليوم‬
‫ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ‪،‬قارة‪،‬‬
‫الرجوع إىل مهن‬‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬العاملة‪ ،‬كنظام األجور‪ ،‬و‬
‫ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ‬ ‫للطبقة‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/599021‬‬
‫ابلقطاعات العالية التقنية أو الصناعات‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬اء تعلق األمر ابملقاوالت الكربف أو الصغرى أو املتوسطة‪ ،‬وسواء تعلق األمر‬
‫سو‬
‫االستهالكية‪ ،‬فالكل يرزح حتت وطأة التطور التكنولوجي‪ ،‬مضطرا ال خمتارا‪ ،‬وذلك استجابة ملتطلبات املنافسة‪.‬‬

‫فموضوع التكنولوجيا والتطورات التكنولوجية أضحى يثري اهتماما متزايدا ومتعاظما‪ ،‬يف ظل ظروف التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ابعتبارها القوى احملركة للتقدم االقتصادي والتطور احلضاري‪ ،‬فإذا كانت عملية التنمية هي احملرك جململ‬
‫قطاعات االقتصاد الوطين‪ ،‬فإن التطورات التكنولوجية حتتل املكانة األوىل والرئيسية ابعتبارها احملرك األساسي لتسريع هذه‬
‫العملية‪ ،‬ودفع عجلة تطورها إىل األمام‪ ،‬األمر الذي جيعل تبين مستجدات التكنولوجية املتطورة وما يتبعه ويرتتب عليه من‬
‫طرق إنتاجية وأساليب ووسائل عملية ومعارف فنية‪ ،‬وتطبيقه حلل املعضالت اليت تثور خالل مسرية التنمية‪ ،‬أمرا ابلغ‬
‫األمهية ابلنسبة للبلدان النامية‪.‬‬

‫فالبحث العلمي والتكنولوجي يستطيع أن يساهم مسامهة كبرية وفعالة يف تلبية وسد قسم كبري من حاجات‬
‫اجملتمع املتطورة واملتنامية ابستمرار على الصعيدين الكمي والنوعي بسبب أتثريه يف اإلنتاج‪.‬‬

‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺣﻘﻮﻕ (‪)1‬‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬ ‫‪Aubry‬ﺃﺻﺤﺎﺏ‬
‫‪Martine‬‬ ‫ﺗﺼﺮﻳﺢ‪et‬ﺧﻄﻲ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ‬
‫‪Pierre‬‬ ‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ‪Remy،‬‬
‫‪droit‬ﺃﻭ ‪"Le‬‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻊ‪du‬‬ ‫ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ‬
‫‪travail‬‬ ‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ‬
‫‪à 1'epreuve‬‬ ‫‪des‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ‬
‫‪nouvell‬‬‫ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬
‫‪technologies"،‬‬ ‫‪dr.‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪soc., n° 6, 1992, p. 522.‬‬
‫قانون الشغل والتطورات التكنولوجية‬

‫بقلم‪ :‬مسرية كميلي‬


‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬
‫دكتورة يف احلقوق‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﻛﻤﻴﻠﻲ‪ ،‬ﺳﻤﻴﺮﺓ‪ .(2009) .‬ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‪ ،‬ﻉ‪، 107 - 13,14‬‬
‫أستاذة بكلية احلقوق ‪-‬أكدال –الرابط‬
‫‪ .124‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪599021/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﻛﻤﻴﻠﻲ‪ ،‬ﺳﻤﻴﺮﺓ‪" .‬ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺸﻐﻞ ﻭﺍﻟﺘﻄﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔﻉ‪- 107 :(2009) 13,14‬‬
‫‪ .124‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪599021/Record/com.mandumah.search//:http‬‬

‫يعد العمل الرتمجة احلقيقية لعالقة اإلنسان بوسائل اإلنتاج ونظام اإلنتاج ككل‪ ،‬فكلما تطور أحد الطرفني إال‬
‫(‪)1‬‬
‫وانعكس ذلك على العالقة أبكملها‪ ،‬حيث إن العمل يتغري‪ ،‬وهذا التغيري يؤثر مباشرة يف قانون الشغل‪.‬‬

‫ففي القدمي‪ ،‬كان لظهور املكننة وانتشار استعماهلا‪ ،‬أثر يف إنتاج أوضاع جديدة‪ .‬ظهرت كمكتسبات ابلنسبة‬
‫للطبقة العاملة‪ ،‬كنظام األجور‪ ،‬والرجوع إىل مهن قارة‪ ،‬أما اليوم فالتطورات التكنولوجيا عمت كل القطاعات االقتصادية‬
‫سواء تعلق األمر ابملقاوالت الكربف أو الصغرى أو املتوسطة‪ ،‬وسواء تعلق األمر ابلقطاعات العالية التقنية أو الصناعات‬
‫االستهالكية‪ ،‬فالكل يرزح حتت وطأة التطور التكنولوجي‪ ،‬مضطرا ال خمتارا‪ ،‬وذلك استجابة ملتطلبات املنافسة‪.‬‬

‫فموضوع التكنولوجيا والتطورات التكنولوجية أضحى يثري اهتماما متزايدا ومتعاظما‪ ،‬يف ظل ظروف التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ابعتبارها القوى احملركة للتقدم االقتصادي والتطور احلضاري‪ ،‬فإذا كانت عملية التنمية هي احملرك جململ‬
‫قطاعات االقتصاد الوطين‪ ،‬فإن التطورات التكنولوجية حتتل املكانة األوىل والرئيسية ابعتبارها احملرك األساسي لتسريع هذه‬
‫العملية‪ ،‬ودفع عجلة تطورها إىل األمام‪ ،‬األمر الذي جيعل تبين مستجدات التكنولوجية املتطورة وما يتبعه ويرتتب عليه من‬
‫طرق إنتاجية وأساليب ووسائل عملية ومعارف فنية‪ ،‬وتطبيقه حلل املعضالت اليت تثور خالل مسرية التنمية‪ ،‬أمرا ابلغ‬
‫األمهية ابلنسبة للبلدان النامية‪.‬‬

‫فالبحث العلمي والتكنولوجي يستطيع أن يساهم مسامهة كبرية وفعالة يف تلبية وسد قسم كبري من حاجات‬
‫اجملتمع املتطورة واملتنامية ابستمرار على الصعيدين الكمي والنوعي بسبب أتثريه يف اإلنتاج‪.‬‬

‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺣﻘﻮﻕ (‪)1‬‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬ ‫‪Aubry‬ﺃﺻﺤﺎﺏ‬
‫‪Martine‬‬ ‫ﺗﺼﺮﻳﺢ‪et‬ﺧﻄﻲ ﻣﻦ‬ ‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ‬
‫‪Pierre‬‬ ‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ‪Remy،‬‬
‫‪droit‬ﺃﻭ ‪"Le‬‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ‬
‫ﻣﻮﺍﻗﻊ‪du‬‬ ‫ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ‬
‫‪travail‬‬ ‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ‬
‫‪à 1'epreuve‬‬ ‫‪des‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ‬
‫‪nouvell‬‬‫ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬
‫‪technologies"،‬‬ ‫‪dr.‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫‪soc., n° 6, 1992, p. 522.‬‬
‫قانون الشغل والتطورات التكنولوجية‬

‫بقلم‪ :‬مسرية كميلي‬

‫دكتورة يف احلقوق‬

‫أستاذة بكلية احلقوق ‪-‬أكدال –الرابط‬

‫يعد العمل الرتمجة احلقيقية لعالقة اإلنسان بوسائل اإلنتاج ونظام اإلنتاج ككل‪ ،‬فكلما تطور أحد الطرفني إال‬
‫(‪)1‬‬
‫وانعكس ذلك على العالقة أبكملها‪ ،‬حيث إن العمل يتغري‪ ،‬وهذا التغيري يؤثر مباشرة يف قانون الشغل‪.‬‬

‫ففي القدمي‪ ،‬كان لظهور املكننة وانتشار استعماهلا‪ ،‬أثر يف إنتاج أوضاع جديدة‪ .‬ظهرت كمكتسبات ابلنسبة‬
‫للطبقة العاملة‪ ،‬كنظام األجور‪ ،‬والرجوع إىل مهن قارة‪ ،‬أما اليوم فالتطورات التكنولوجيا عمت كل القطاعات االقتصادية‬
‫سواء تعلق األمر ابملقاوالت الكربف أو الصغرى أو املتوسطة‪ ،‬وسواء تعلق األمر ابلقطاعات العالية التقنية أو الصناعات‬
‫االستهالكية‪ ،‬فالكل يرزح حتت وطأة التطور التكنولوجي‪ ،‬مضطرا ال خمتارا‪ ،‬وذلك استجابة ملتطلبات املنافسة‪.‬‬

‫فموضوع التكنولوجيا والتطورات التكنولوجية أضحى يثري اهتماما متزايدا ومتعاظما‪ ،‬يف ظل ظروف التنمية‬
‫االقتصادية‪ ،‬ابعتبارها القوى احملركة للتقدم االقتصادي والتطور احلضاري‪ ،‬فإذا كانت عملية التنمية هي احملرك جململ‬
‫قطاعات االقتصاد الوطين‪ ،‬فإن التطورات التكنولوجية حتتل املكانة األوىل والرئيسية ابعتبارها احملرك األساسي لتسريع هذه‬
‫العملية‪ ،‬ودفع عجلة تطورها إىل األمام‪ ،‬األمر الذي جيعل تبين مستجدات التكنولوجية املتطورة وما يتبعه ويرتتب عليه من‬
‫طرق إنتاجية وأساليب ووسائل عملية ومعارف فنية‪ ،‬وتطبيقه حلل املعضالت اليت تثور خالل مسرية التنمية‪ ،‬أمرا ابلغ‬
‫األمهية ابلنسبة للبلدان النامية‪.‬‬

‫فالبحث العلمي والتكنولوجي يستطيع أن يساهم مسامهة كبرية وفعالة يف تلبية وسد قسم كبري من حاجات‬
‫اجملتمع املتطورة واملتنامية ابستمرار على الصعيدين الكمي والنوعي بسبب أتثريه يف اإلنتاج‪.‬‬

‫‪)1( Martine Aubry et Pierre Remy، "Le droit du travail à 1'epreuve des nouvell technologies"، dr.‬‬
‫‪soc., n° 6, 1992, p. 522.‬‬
‫املناهج‬ ‫‪801‬‬

‫فما املقصود أوال ابلتطور التكنولوجي؟‬

‫لقد تعددت املفاهيم والتعاريف اليت مت إعطاؤها للتكنولوجيا والتطورات التكنولوجية وتركزت حول وجهة النظر‬
‫التقنية واالقتصادية‪ ،‬فمن الناحية التقنية جند أن مفهوم التكنولوجيا هو عبارة عن التطبيق العلمي لالكتشافات‬
‫واالخرتاعات العلمية املختلفة اليت يتم التوصل إليها من خالل البحث العلمي‪ ،‬ومن الوجهة االقتصادية‪ ،‬فإن مفهوم‬
‫التكنولوجيا هو عبارة عن تطوير العملية اإلنتاجية واألساليب املستخدمة فيها مبا حيقق خفض تكاليف اإلنتاج أو تطوير‬
‫األسلوب‪ ،‬فالتكنولوجيا هي معرفة الوسيلة‪ ،‬والعلم معرفة العلة‪ ،‬فالعلم ينتج املعرفة أما التكنولوجيا فتساعد على إنتاج‬
‫الثروة‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬فالتكنولوجيا هي عبارة عن جمموعة املعارف واخلربات املرتاكمة واألدوات والوسائل املادية واإلدارية‬
‫اليت يستخدمها اإلنسان يف أداء عمل ووظيفة معينة‪ ،‬يف جمال حياته اليومية إلشباع حاجته املادية‪ .‬فهي عبارة عن‬
‫جمموعة أفكار تتعلق بتطبيقات علمية يف جمال الصناعة‪ ،‬ويرتتب عليها تقدم واضح يف مستوى الفن الصناعي‪ ،‬وذلك‬
‫(‪)1‬‬
‫ابلقياس إىل احلالة السابقة الكتشاف الفكرة‪.‬‬

‫لذلك‪ ،‬فالسؤال الذي يطرح نفسه إبحلاح هو‪ :‬إذا كانت الواجهة الرباقة للتطورات التكنولوجية كلها مزااي‬
‫ومنافع‪ ،‬فماذا عن الصورة احلقيقية هلذه التطورات وطبيعة عالقتها مع القانون املنظم ألكثر القطاعات أمهية وحساسية‪،‬‬
‫أي قانون الشغل؟‬

‫إن تقدم مستوى الفن الصناعي يؤدي حتما إىل تغيري منط اإلنتاج ونوعيته ومستواه ومردوديته وجودته‪ ...‬وهي‬
‫كلها أمور هلا ااتر تتنوع بني اإلجيابية والسلبية ابلنسبة للشغل ولعالقات الشغل‪ ،‬ومن مثة لقانون الشغل ككل‪.‬‬

‫واقتحام التطورات التكنولوجية للميدان الذي حكمه قانون الشغل‪ ،‬أي املقاولة قد محل تغيريات مهمة متشعبة‬
‫ومعقدة‪ ،‬سواء على مستوى شروط العمل أو مضمون العمل أو العالقة بني احلياة املهنية واحلياة اخلاصة‪ ،‬أو مفهوم اخلطأ‬
‫يف قانون الشغل‪ .‬إىل غري ذلك‪...‬‬

‫(‪ )1‬مهند ساهاونة‪ ،‬التجارة اإللكرتونية وأثرها على العمالة‪ ،‬اجلمعية امللكية‪ .‬األردن‪ ،2005،‬ص‪.7 .‬‬
‫‪801‬‬ ‫أحباث ومقاالت فقهية‬

‫املبحث األول‬

‫التطورات التكنولوجية وأثرها على الشغل‬

‫ان التكنولوجيا احلديثة ونظرا ألمهيتها وحضورها املستمر يف عمل املقاوالت كان هلا أثر ابلغ على الشغل‪ ،‬فهذه‬
‫الثورة التكنولوجية قد عملت على تغيري طرق اإلنتاج‪ ،‬وممارسة املهن‪ ،‬واألجهزة اإللكرتونية أصبحت امتدادا جلسم‬
‫اإلنسان وهلا القدرة على القيام أبكثر حركات اإلنسان تعقيدا‪ .‬بل إهنا تقوم هبا بسرعة وأكثر إتقان من اإلنسان‪،‬‬
‫واالعقول اإللكرتونية أصبحت امتدادا للعقول البشرية‪ ،‬فهي قادرة على التعلم وعلى إصدار األحكام‪ ،‬بل وحىت تصحيح‬
‫األخطاء‪ ،‬فهذه األجهزة صارت تقوم ليس فقط ابألعمال املادية‪ ،‬بل كذلك ابألعمال الفكرية (‪.)1‬‬

‫فاللجوء إىل استعمال تقنيات اإلعالم واالتصال كأهم مظهر من مظاهر التطور التكنولوجي داخل املقاولة مثل‬
‫املوقع اإللكرتوين والربيد اإللكرتوين واألنرتنيت واهلاتف النقال واحلاسوب النقال وقارئة البطاقات)‪ ... ، (Badge‬من‬
‫طرف أطراف عالقات الشغل قد ساهم يف تعديل السمات التقليدية اليت أسست عليها العالقات املهنية‪ ،‬وأحلت حملها‬
‫مسات حديثة ابلغة األمهية تعمل على تشجيع التنافسية بني املقاوالت‪ ،‬فالقواعد اليت حتكم العمل‪ ،‬كما هي حمددة من‬
‫طرف جل التشريعات املقارنة للعمل واتفاقيات الشغل اجلماعية‪ ،‬واملرتكزة على إمكانية العمل‪ ،‬قد كسرت أمام موجة‬
‫التكنولوجية املتطورة‪ ،‬اليت خلقت اضطرااب ابلنسبة لقاعدة الوحدات الثالث املؤسسة للنظام التقليدي لإلنتاج‪ ،‬وهي وحدة‬
‫املكان‪ ،‬ووحدة الزمان‪ ،‬ووحدة العمل‪.‬‬

‫فوحدة املكان‪ ،‬أي مكان العمل املتمثلة يف مراكز املقاوالت أصبحت يف ظل التكنولوجية احلديثة افرتاضية‪،‬‬
‫حيث إن تقنية العمل عن بعد‪ ،‬أو العمل املتلفز ‪ ،téléravail‬واهلاتف النقال‪ ،‬وابقي التقنيات املتحدث عنها سابقا‪ ،‬قد‬
‫قطعت ذلك الرابط التقليدي الذي كان يربط العامل مبكان العمل‪ ،‬وأصبح إبمكان األجري أن ينجز العمل املطلوب منه‬
‫يف أي مكان‪ ،‬ويكفي ألجل ذلك أن يكون املكان الذي يؤدي فيه العمل مرتبطا ابلشبكة املعلوماتية اخلاصة ابملقاولة عرب‬
‫التقنيات احلديثة يف االتصال‪ ،‬وهي تقنيات قد سهلت إمكانية عمل طاليب العمل املقيمني يف البوادي وضواحي املدن‪،‬‬
‫واألشخاص املعاقني‪ ...‬فاألمر أصبح يتعلق بعامل إلكرتوين تكنولوجي ال يقيم وزان للمكان‪.‬‬

‫أما وحدة العمل‪ ،‬املرتبطة ابإلنتاج‪ ،‬فأصبحت يف ظل التكنولوجيا احلديثة تتسم ابلليونة القصوى لتنظيم العمل‬
‫الذي يتطلب منتوجات متنوعة‪ ،‬تقتضي بدورها ذكاء وروح مبادرة‪.‬‬

‫‪)1( Henri-Joël Tagum Fombeno, "Le droit africain à I'epreuve des nouvelles tehnologies", p. 6.‬‬
‫املناهج‬ ‫‪880‬‬

‫كما أن اإلعالن املرتبط ابلشغل أصبح يغلب عليه الطابع التكنولوجي عوض التعليق يف أماكن العمل‪ ،‬كالنظام‬
‫الداخلي‪ ،‬ومدة العمل‪ ،‬واتريخ التمتع ابلعطلة السنوية‪ ،‬إىل غري ذلك‪ ،....‬اليت أصبحت تبعث عن طريق رسائل‬
‫إلكرتونية‪ ،‬أو يتم نشرها يف املوقع اإللكرتوين اخلاص ابملقاولة‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فقد أصبح من بني شروط العمل أن يكون لدى طالب العمل مستوى من املعرفة‬
‫التكنولوجية‪ ،‬وأن يكون لديه بريد إلكرتوين الذي صار يعوض إىل حد ما العنوان الشخصي لألجري‪.‬‬

‫وقد جلأت بعض الدول إىل تنظيم إبرام عقد الشغل عن طريق التوقيع اإللكرتوين‪ ،‬الذي اعتربته حيمل ضماانت‬
‫أكثر ابلنسبة لألجري من عقد العمل التقليدي‪ ،‬وهي تقنية سوف لن تتأخر كثريا لغزو عالقات الشغل ابملغرب‪.‬‬

‫وهو األمر الذي دفع جبانب من الباحثني إىل احلديث عن تدمري‪ ،‬أو إابدة العمل بواسطة الغزو التكنولوجي‪ ،‬وان‬
‫كان األمر يتعلق بتدمري منشى أو إابدة منشئة‪ ،‬وهو ما يقود إىل إكساب العمل حيوية ويقتضي كذلك إعادة هيكلة‬
‫نظام التأهيل املهين‪ ،‬مما يطرح إشكال مالءمة قوة العمل مع املؤهالت املهنية واألشكال اجلديدة للعمل املرتبطة ابلتطورات‬
‫التكنولوجية (‪.)1‬‬

‫إن التقدم اليوم أصبح يقاس ابقتصاد الطاقة واالقتصاد يف استخدام اليد العاملة‪ ،‬فكلما كانت املقاولة منتجة‪،‬‬
‫كلما قلصت من اليد العاملة‪.‬‬

‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن اعتماد التكنولوجيا املتطورة يف املقاولة أدى إىل انداثر العديد من املهن‪،‬‬
‫فالعمال الذي ميلكون مهارات تقليدية قد متت ازاحتهم ابسم التقنيات احلديثة‪ ،‬حيث إن املقاوالت أصبحت تفضل‬
‫تشغيل األجراء الشباب احلاصلني على مؤهالت حديثة عوض إعادة أتهيل عماهلا‪ ،‬حيث ميكن للمقاولة التكيف مع‬
‫التقنيات احلديثة دون أي تكاليف إضافية‪.‬‬

‫مثال‪ ،‬يف ميدان احلراسة‪ ،‬فجل املقاوالت صارت جمهزة بكامريات‪ ،‬أو آالت تصوير إلكرتونية تعمل يف مجيع‬
‫االجتاهات‪ ،‬يتم وضعها يف األماكن احلساسة داخل املقاولة‪ ،‬حيث إن كل حريق أو فعل إجرامي تنقله هذه الكامريات‬
‫يثري صفارة إنذار لدى املصلحة املكلفة ابملراقبة‪ ،‬مما خيول للمقاولة اليوم االستغناء عن فرق احلراسة‪ ،‬وهو نفس التطور‬
‫الذي مسح ابالستغناء عن حراس املنازل‪.‬‬
888 ‫أحباث ومقاالت فقهية‬

‫ويضاف إىل ما سبق ذكره أن التطورات التكنولوجية الساحقة املقرتنة بعوملة االقتصاد قد سهلت كذلك عملية‬
.‫ اجتاه دول يكون فيها عمل اليد العاملة غري مكلف‬،‫تدويل أو تسويق بعض املهن‬

)1( Nouri Mzid, "Les nouvelles technologies de l'information et le monde du travail", collogue à la
1'occasion de la célébration du 20° anniversaire de l'Assemblée tunisienne de droit social et des
relations professionnelle.
‫املناهج‬ ‫‪881‬‬

‫املبحث الثاني‬

‫أثر التطورات التكنولوجية على عالقات الشغل‬

‫إن أثر التطورات التكنولوجية مل يقف عند حدود العمل يف حد ذاته‪ ،‬بل تعداه إىل التأثري يف عالقات الشغل‬
‫سواء الفردية أو اجلماعية‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬أثر التطورات التكتولوجية على عالقة الشغل الفردية‪:‬‬

‫تتمثل أهم نقط أتثري التطورات التكنولوجية على عالقة الشغل الفردية يف‪ :‬ركن التبعية‪ ،‬وصحة وسالمة األجراء‪،‬‬
‫واحلرايت داخل املقاولة‪ ،‬مث موضوع السلطة التأديبية‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬أتثري التطورات التكنولوجية على ركن التبعية‪.‬‬

‫فهذا الركن وهو أهم أركان عقد الشغل قد عرف تعديالت مهمة ذات سبغة تكنولوجية‪ ،‬حيث أصبح أمر اعتبار‬
‫هذا الركن كشرط يف صحة عقد الشغل حمل تساؤل (‪.)1‬‬

‫فإذا كان قانون الشغل تقليداي يؤسس على التواجد الفعلي على أرضية املقاولة الذي يسهل مسألة مراقبة تواجد‬
‫األجري (‪ ،)2‬ومدة عمله‪ ،‬وجودة هذا العمل وتقدير مهاراته‪ ،‬فإن التقنيات احلديثة قد سامهت يف نسخ املعايري التقليدية‬
‫للتبعية‪ .‬بل‪ ،‬إنه يف بعض احلاالت جند أن اجتاه التبعية قد تغري لالجتاه املعاكس‪ ،‬أي تبعية املؤاجر لألجري‪ ،‬وذلك حينما‬
‫يتعلق األمر ببعض األجراء العباقرة يف ميدان تكنولوجيا اإلعالم واالتصال‪ ،‬حيث تكون رغباهتم أوامر ابلنسبة للمشغل‪،‬‬
‫الذي يستبعد كل استغناء عنهم مهما كان املقابل‪ ،‬وذلك خلربهتم ومعرفتهم التقنية العالية ابلسوق والزابئن‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬فالتقنيات احلديثة تلغي مستوايت التسلسل املهين داخل املقاولة‪ ،‬فالكتابة تصبح مساعدة‪،‬‬
‫واإلطار يطبع مراسالته بنفسه على حاسوبه النقال‪ ،‬ورئيس املقاولة يصبح منسقا للفريق أو منشط للفريق (‪.)3‬‬

‫‪)1( Ray (J-E), "Nouvelles technologies, nouveau droit du travail, rev. dr. soc., n° 6 1992, p. 519 et s.‬‬
‫‪)2( Voir:‬‬
‫‪- Jean Emmanuel Ray, "Le droit du travail à l'épreuve des NTIC, éd. Liaisons sociales, 2° éd..0221‬‬
‫‪)3( Jean Emmanuel Ray, "Nouvelles technologies et nouvelles formes des subordination", dr. soc.‬‬
‫‪n° 6, 1992, p. 525.‬‬
‫‪881‬‬ ‫أحباث ومقاالت فقهية‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أتثري التطورات التكنولوجية على صحة وسالمة األجراء‪.‬‬

‫إن أ ثر التطورات التكنولوجية على عالقة الشغل الفردية تظهر كذلك من خالل ظهور آخطار جديدة هتدد يف‬
‫نفس الوقت سالمة األجراء وحقوقهم األساسية‪.‬‬

‫ففي القدمي‪ ،‬جاء تشريع الشغل كجواب على احلاجة املاسة حلماية األجري من أخطار االلة‪ ،‬أما اليوم‪ ،‬فتعميم‬
‫استعمال التقنيات احلديثة خاصة يف ميدان اإلعالم والتواصل قد غري هذا النهج‪ ،‬فصحيح أن ضبط أخطار اآللة على‬
‫السالمة اجلسدية لألجري أصبح خيضع لدقة متناهية‪ ،‬وذلك بفضل األدوات املعلوماتية‪ ،‬إال أنه يف نفس الوقت‬
‫فاالستعمال املتسع هلذه األدوات قد خلق نوعا جديدا من االضطراابت الصحية مثل‪ :‬بعض األمراض املرتبطة ابلبصر‪،‬‬
‫وآالم على مستوى الظهر‪ ،‬واإلرهاق‪ ،‬واليت ال تظهر على أي جدول من اجلداول املخصصة لسرد األمراض املهنية (‪.)1‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬أتثري التطورات التكنولوجية على احلرايت داخل املقاولة‪.‬‬

‫ففي ظل التطورات التكنولوجية أصبحت حرايت وحقوق األجراء األساسية معرضة للخرق أكثر‪ ،‬مما كانت عليه‬
‫يف ظل املقاولة ذات الطابع التقليدي‪ ،‬وتتنوع مظاهر هذا اخلرق بتنوع تقنيات اإلعالم والتواصل املستعملة من طرف‬
‫ااملشغل‪ ،‬وهو ما حيمل خرقا سافرا للقوانني واألعراف املتعارف عليها دوليا فيما خيص حقوق اإلنسان ككل‪.‬‬

‫فاألجري منذ إبرامه لعقد الشغل مع مشغله يضع رهن إشارة هذا األخري قوة عمله ال شخصه‪ ،‬وهو األمر الذي‬
‫مينع كل مس حبرايته وحقوقه األساسية كفرد داخل اجملتمع قبل كل شيء‪ ،‬مث كأجري يف مقاولة بعد ذلك‪ .‬فاألجري جيب‬
‫أن يكون حمصنا مبدئيا ضد أي تدخل يف حياته اخلاصة سواء من طرف املشغل أو من طرف زمالئه يف العمل‪ ،‬أو‬
‫اهليئات التمثيلية‪...‬‬

‫إن التقنيات احلديثة يف اإلعالم والتواصل‪ ،‬اليت أصبحت بنية حتتية مهمة عامة ال ميكن االستغناء عنها سواء يف‬
‫مجع أو معاجلة أو تقريب أو العمل على ترويج املعلومات‪ ،‬قد فتحت الباب واسعا أمام تدخل املشغل مباشرة يف احلياة‬
‫اخلاصة لألجراء‪ ،‬وذلك عرب القيام ابملراقبة داخل املقاولة بواسطة استعمال وسائل الرقابة اإللكرتونية أو مسعية مرئية أو‬
‫إعالمية‪ ،‬وفحص أو مراجعة الرسائل اإللكرتونية‪ ،‬أو مراقبة مضمون العلبة الصوتية‪ ،‬أو مراقبة املكاملات اهلاتفية‪ ،‬أو‬
‫استعمال قارئة البطاقات‪ ،‬اليت أصبحت تلعبت دورا مهما ال يف رصد حتركات األجري داخل املقاولة فقط‪ ،‬بل كذلك ملا‬

‫‪)1( Nouri Mzid, op- cit, p. 5.‬‬


‫املناهج‬ ‫‪881‬‬

‫هلا من دور يف توفري األمن داخل هذه املقاولة‪ ،‬فمثال جند أن الباب الرئيسي أو األبواب الداخلية للمقاولة تفتح مبجرد‬
‫محل تلك البطاقة‪ ،‬وهي كلها تقنيات أغرت املشغل وجعلته يتدخل وبدون سابق إنذار يف احلياة اخلاصة لألجري‪.‬‬

‫ومن بني التقنيات اليت شاع استعماهلا كذلك على املستوى األوريب هناك جهاز كشف الكذب‪ ،‬وجهاز كشف‬
‫اإلدمان‪ ،‬هذا األخري الذي صنفه الفقه الغريب أبنه تدخل يف احلياة اخلاصة لألجري‪ ،‬وأجاز العمل به استثناءا إذا تعلق‬
‫األمر ببعض املهن اخلاصة‪ ،‬مثل سائق حافلة مسؤول عن أرواح الركاب (‪.)1‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬أتثري التطورات التكنولوجية ىف اجتاه تغيري مفهوم اخلطأ املرتكب ىف إطار عالقة الشغل‬
‫الفردية‪.‬‬

‫يف ظل التطورات التكنولوجية وما محلته من إعادة هيكلة للمقاولة املشغلة‪ ،‬سواء من خالل جتديد البنيات‬
‫التحتية‪ ،‬أو جتديد أدوات العمل واإلنتاج‪ .‬كلها عوامل أثرت يف اجتاه تغيري مفهوم اخلطأ الذي قد يرتكب من طرف‬
‫األجري‪ .‬حيث كان من الطبيعي أن يرافق هذه الثورة التكنولوجية ظهور أخطاء واجراء حيمل طابع التطور التكنولوجي‪.‬‬

‫فالواقع يكشف أنه قد مت إىل حد ما جتاوز األخطار التقليدية مثل رفض األجري إجناز شغل من اختصاصه عمدا‬
‫وبدون مربر‪ .‬وارتكاب جنحة ماسة ابلشرف واألمانة‪ ،‬إىل غري ذلك من األخطاء الواردة ذكرها يف قانون الشغل‬
‫التقليدي‪ ...‬إذ أصبحت األخطاء املرتكبة من طرف األجراء تتمثل يف ختزين معلومات شخصية يف احلاسوب اخلاص‬
‫ابملقاولة‪ ،‬وعدم اإلجابة عن املكاملة اهلاتفية املوجهة من طرف املشغل حنو األجري خارج أوقات العمل‪ ،‬أو إرسال رسائل‬
‫إلكرتونية من أجهزة املقاولة‪ ،‬وسرقة املال املعلومايت اليت حلت حمل سرقة األموال أو األشياء املادية العائدة ملكيتها‬
‫للمقاولة املشغلة‪ ،...‬وافشاء الرمز أو "الكود" الذي حل حمل إفشاء السر املهين‪( ،‬حيث أنه يف البيئة التكنولوجية‬
‫أصبحت مثة أمهية قصوى ألنظمة أمن املعلومات وسياسات واسرتاتيجيات التعامل مع األجهزة والربامج واملعلومات‪ ،‬ويف‬
‫هذا السياق مثة أمهية كربى لكلمة السر اليت متنح للعامل ونطاق الصالحيات اليت تتيحها وظيفته وعربها يستخدم كلمة‬
‫السر(‪.)2‬‬

‫‪)1( Jean Fryssinet, "Nouvelles technologies et protection des Iibertés dans 1'entreprise", dr. soc., n°‬‬
‫‪6, 1992, p. 596 et s.‬‬
‫‪)2( Sophie Vuillet- Trvernier, "L'actualité juridique dans le domaine des NTIC.www.adji.fr.‬‬

‫‪- Voir aussi: L'abus des nouvelles technologies. Hildegard Schmid, "Trait d' union", n° 4, 2006.‬‬
‫‪881‬‬ ‫أحباث ومقاالت فقهية‬

‫ويضاف إىل قائمة األخطاء اليت محلتها التطورات التكنولوجية‪ ،‬استعمال أنواع العنف املعلومايت مثل استعمال‬
‫الفريوسات يف الشبكة املعلوماتية اخلاصة ابملقاولة‪ ،‬واتالف كل املعطيات املسجلة على احلواسب‪ ،‬الذي حل إىل حد ما‬
‫حمل العنف واإلعتداء البدين املوجه ضد أجري أو مشغل أو من ينوب عنه لعرقلة سري املقاولة‪.‬‬

‫وأصبحت األخطاء اليت ميكن للمؤاجر ارتكاهبا تتمثل يف اإلطالع على املعلومات اخلاصة اليت خيزهنا األجري على‬
‫حاسوب املقاولة الذي يشتغل عليه‪ ،‬أو اإلطالع على الرسائل اإللكرتونية اخلاصة ابألجري‪ ،‬واليت مت تصنيفها يف العديد‬
‫من الدول األوروبية كتدخل يف احلياة اخلاصة لألجري كفرنسا وبلجيكا و‪...‬‬

‫ومما ساهم كذلك يف شل عمل هذا اجلهاز أكثر‪ ،‬اضمحالل مفهوم املقاولة التقليدي‪ ،‬الذي جعل عمله صعبا‬
‫شيئا ما‪ ،‬ألنه يصطدم حبقوق قانونية أوىل ابحلماية مثل حرمة املنزل ابلنسبة لألجري الذي يعمل يف منزله يف ظل تقنية‬
‫)‪ ،(Té1étravail‬إىل جانب الوقت الذئي يقضيه مفتش الشغل يف إجراء عمليات التفتيش ابلنسبة لكل أجري على‬
‫حدى‪ ،‬ويف املكان اخلاص به‪ ،‬حيث يقوم إبجناز عمله‪ ،‬وكيفية إثبات املخالفات وفق معايري ومعطيات واقعية ال قانونية‪،‬‬
‫محلتها الثورة التكنولوجية وال زالت مل تكتسب سبغة قانونية‪ ،‬وان عرفت تطبيقا واسعا يف ظل ظروف املنافسة‪.‬‬

‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن وسائل اإلثبات نفسها قد جتاوزت يف إطار نزاعات الشغل الفردية طابعها‬
‫التقليدي‪ ،‬لتتبىن طابعا يستجيب للظرفية املعاشة بكل تطوراهتا‪ .‬فقد انتقلت وسائل اإلثبات املقررة قانوان إىل املستوى‬
‫اإللكرتوين‪ .‬حيث أصبح اإلثبات يتم بواسطة رسائل إلكرتونية‪ ،‬وتسجيالت هاتفية‪ ،‬وتسجيالت الفيديو‪ ،‬ورسائل ‪SMS‬‬
‫و (‪.MMS )1‬‬

‫املطلب الثاىن‪ :‬أثر التطورات التكنولوجية على عالقات الشغل اجلماعية‪.‬‬

‫كان للتطورات التكنولوجية أثر مهم على عالقات الشغل اجلماعية‪ ،‬وأخص ابلذكر جانب النزاعات‪ ،‬حيث‬
‫خولت التكنولوجية احلديثة لألجراء املضربني‪ ،‬تعطيل العقل اإللكرتوين املسري حلركة اإلنتاج داخل املقاولة‪ ،‬وحىت فروعها‬
‫يف بعض األحيان‪ ،‬قد يسبب توقفا شامال عن العمل‪ ،‬ويشكل ابلتايل قوة ضغط أكرب مما مضى‪.‬‬

‫كما أن التطورات التكنولوجية أصبحت تلعب دورا مهما يف توسيع رقعة االضراب‪ ،‬على مستوى نفس القطاع‬
‫أو حىت القطاعات اجملاورة‪ ،‬وذلك عن طريق الرسائل اإللتكرتونية‪ ،‬واملكاملات اهلاتفية‪ ،‬أو رسائل ‪ MMS‬و‪.SMS‬‬

‫‪)1( Sophie Vuillet- Tavernier, op- cit.‬‬


‫املناهج‬ ‫‪881‬‬

‫أما املشغل فقد أاتحت له التطورات التكئولوجية يف حالة األزمات املرتبطة بنزاعات الشغل اجلماعية‪ ،‬إمكانية‬
‫جتاوز هذه األزمات عن طريق تعويض العمال املضربني بعمال اخرين غري مضربني يف وقت قياسي عن طريق تكنولوجيا‬
‫اإلعالم والتواصل‪ ،‬بل حىت تقدمي طلب القيام ابلعمل امللتزم به إىل جهات تعرض خدماهتا على األنرتنيت‪ ،‬بل ويف بعض‬
‫األحيان بتكلفة أقل ويف وقت وجيز‪.‬‬

‫إذن أمام هذا الواقع املتطور ماذا كان موقف املشرع املغريب؟‬

‫إن وضع مدونة الشغل قد جاء يف خضم هذا الصخب التكنولوجي‪ ،‬وقد جاء يف تصدير املدونة‪ ،‬أن هذه‬
‫األخرية قد جاءت لتأخذ بعني اإلعتبار إكراهات املقاولة ابلنسبة للتشريعات املقارنة‪ ،‬ومتطلبات التنافسية خدمة‬
‫لالستثمار واإلنتاج من أجل اقتصاد قوي وقادر على املنافسة وعلى مواجهة حتدايت العوملة‪ .‬ومواكبة التأهيل االقتصادي‬
‫واالجتماعي‪.‬‬

‫فهل فعال جاءت مدونة الشغل املغربية مسلحة مبا فيه الكفاية ملواجهة هذه الثورة التكنولوجية؟‬

‫بشكل موجز‪ ،‬فاإلطالع على نصوص مدونة الشغل حييلنا إىل زمن ما قبل الثورة التكنولوجية‪ ،‬زمن قدمي‬
‫ومتآكل ومنتهي الصالحية ال زالت مدونة الشغل تشدو على إيقاعه‪ ،‬متجاهلة بذلك املعطيات الواقعية اليت كان من‬
‫املفروض أن تفرض عليها إيقاعا جديدا على منط الدول املتقدمة يف املوضوع‪.‬‬

‫فاهتمام مدونة الشغل ابلتطورات التكنولوجية قد جاء حمدودا‪ ،‬وحمدودا جدا‪ ،‬ويتمثل بصفة أساسية يف ما نص‬
‫عليه املشرع املغريب يف ديباجة املدونة من ضرورة إطالع األجرا ء عن طريق املمثلني النقابيني‪ ،‬ويف غياب هؤالء عن طريق‬
‫مندويب األجراء على كل املعلومات والبياانت املرتبطة ابلتغيريات التكنولوجية واهليكلية للمقاولة قبل الشروع يف تنفيذها‪.‬‬

‫ومت تنظيم املشرع لألسباب التكنولوجية كمربر إلهناء عقود الشغل‪ ،‬حيث أحاط هذا اإلهناء ببمض الضماانت‬
‫القانونية محاية للطرف الضعيف يف عالقة الشغل ابلدرجة األوىل‪ ،‬كما فوض املشرع تنظيم بعض األمور املتعلقة ابلتطورات‬
‫التكنولوجية التفاقيات الشغل اجلماعية‪ ،‬إذ نصت املادة ‪ 105‬من مدونة الشغل على أنه تتضمن اتفاقية الشغل اجلماعية‬
‫األحكام املتعلقة ب‪:‬‬

‫"‪ ...‬تنظيم تكوين مستمر لفائدة األجراء‪ ،‬يهدف إىل ترقيتهم االجتماعية‪ ،‬وإىل حتسني معارفهم العامة واملهنية‬
‫ومالءمتها مع التطورات التكنولوجية"‪.‬‬
‫‪881‬‬ ‫أحباث ومقاالت فقهية‬

‫لكن‪ ،‬ماذا عن إبرام عقد الشغل عن طريق التوقيع اإللكرتوين‪ ،‬وماذا عن عالقة الشغل الفردية‪ ،‬وسرايهنا‪ ،‬وماذا‬
‫عن ركن التبعية الذي أصبح يف ظل التطورات التكنولوجية متجاوزا أو شبه مهمل يف مفومه التقليدي‪ ،‬وهو ما يقتضي‬
‫تنظيما دقيقا للوجه اجلديد للتبعية‪ ،‬ألجل معاجلة اخللط الذي أصبح يقع يف ظل العمل ابلتقنيات التكنولوجية بني احلياة‬
‫املهنية واحلياة اخلاصة‪ ،‬إىل غري ذلك من األمور املستحدثة اليت دخلت لعامل الشغل مع التطور الكبري الذي محلته‬
‫التطورات التكنولوجية‪.‬‬

‫وتنظيم هذا الوضع بصفة خاصة أصبح ملحا‪ ،‬ألنه جيعل من الصعب حتديد وقت الشغل ومتييز عالقة التبعية‪،‬‬
‫ومراقبة ظروف العمل‪ ،‬ومراقبة احرتام فرتات الراحة اإللزامية‪ ،‬خاصة أن مثل هذا الفراغ التشريعي هو الذي يدفع إىل‬
‫إقحام مبض الشروط يف عقود الشغل تتعلق غالبا بشرط عدم منافسة األجري الذي يعمل عن بعد ملشغله عرب استعمال‬
‫األدوات املسلمة له‪ ،‬للعمل ملصلحة منافس آخر‪ ،‬وهو ابب مفتوح قانوان للتعسف‪.‬‬

‫هذا إىل جانب أن وضعية األجري عن بعد جيب متييزها عن وضعية األجري املستقل‪ ،‬ألن األجري األول هو الذي‬
‫يستفيد من محاية قانون الشغل‪ ،‬فكل منهما يعمل يف ظروف مماثلة‪ ،‬مما يطرح العديد من اإلشكاالت يف التمييز بينهما‪،‬‬
‫ويفسح اجملال للمشغل للتالعب‪.‬‬

‫إن أوقات العمل وتنظيم اإلجازات والدوام يف البيئة التكنولوجية مغاير للبيئة التقليدية للشغل‪ ،‬وهو ما يثري‬
‫وجوب التصدي القانوين حلماية األجراء‪.‬‬

‫وكما سبق القول فالتطورات التكنولوجية قد سامهت يف حتوير سلطة املشغل يف الرقابة على أجرائه‪ ،‬إذ ارتقت هبا‬
‫من مستوى الرقابة اىل مستوى التدخل يف احلياة اخلاصة لألجراء‪ ،‬سواء عن طريق اإلطالع على سرية الرسائل‬
‫اإللكرتونية‪ ،‬أو كبح احلرية يف التعبري‪ ،‬أو مراقبة املكاملات اهلاتفية املوجهة من هاتف نقال لألجري‪ ،‬مت منحه له يف إطار‬
‫تسهيل عمله وتنقالته داخل وخارج املقاولة‪ ،‬لذلك‪ ،‬كان البد من وضع قواعد قانونية حتمي خصوصية العاملني بقدر ما‬
‫حتمي أسرار رب العمل وتقيم توازان بينهما‪ ،‬فاملشرع مطالب بتنظيم واجياد توازن قانوين من أجل التوفيق بني احلياة اخلاصة‬
‫لألجري املواطن‪ ،‬ومصاحل املقاولة‪ ،‬كتنظيمه حلدود حرية األجري داخل املقاولة‪ ،‬وتنظيمه حلدود تدخ املشغل ورقابته على‬
‫أجرائه‪ ،‬والعمل على سد كل فراع تشريعي محلته هاته التطورات التكنولوجية‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬استعراض عام وموجز للتحدايت املثارة يف العالقة بني مدونة الشغل والتطورات التكنولوجية‪ ،‬ويف كل حتد‬
‫مثة تفرعات وتفصيالت ال حتتمل الدراسة الوقوف عليها حلاجة كل منها لدراسة مستقلة‪.‬‬
‫املناهج‬ ‫‪881‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫لقد بدأت االرهاصات األوىل للموضوع الذي تناولته األستاذة سيمرة كميلي تعرض على القضاء على ما يتضح‬
‫من قرار حمكمة االستئناف ابلدار البيضاء وامللحق ابلبحث‪.‬‬
‫‪881‬‬ ‫أحباث ومقاالت فقهية‬

‫حمكمة االستئناف بالدار البيضاء‬

‫الغرفة االجتماعية‬

‫ملف رقم ‪05/6639-03/2057‬‬

‫املؤرخ يف ‪ 10‬أبريل ‪2008‬‬

‫القاعدة‪:‬‬

‫القن السري ‪ cod pin‬هو قن خاص ابملسؤول األجري البنكى وال ميكن تسليمه لشخص آخر‪ ،‬وهو حكرا عليه‬
‫دون غريه‪ ،‬وال ميكن تسليمه ألي أحد اخر‪ ،‬وال يعفى صاحب القن السري من حتمل املسؤولية ىف حالة وقوع اخلطأ‪،‬‬
‫بغض النطر إن كان هذا اخلطأ عمداي أو غري عمدي‪.‬‬

‫باسم جاللة امللك‬

‫الوقائع‬

‫بناء على مقال االستئناف واحلكم املستأنف ومستنتجات الطرفني وجمموع الواثئق املدرجة ابمللف‪.‬‬

‫وبناء على تقرير السيد املستشار املقرر الذي مل تقع تالوته إبعفاء من الرئيس وعدم معارضة الطرفني‪.‬‬

‫وبناء على األمر إيدراج القضية يف اجللسة واملبلغ قانوان إىل الطرفني‪.‬‬

‫وتطبيقا ملقتضيات الفصل‪ 134‬وما يليه والفصل ‪ 328‬وما يليه والفصل ‪ 429‬من قانون املسطرة املدنية‬
‫ومقتضيات قانون ‪ 99.65‬املتعلق مبدونة الشغل واالستماع إىل مستنتجات النيابة العامة واملداولة طبقا للقانون‪.‬‬

‫ىف الشكل‪ :‬بناء على مقال االستئناف املقدم من طرف هشام اتج الدين بتاريخ ‪ 2005/10/10‬بواسطة‬
‫األستاذ كمال كعباوي‪ ،‬املعفى من الرسوم القضائية والذي يتسأنف مبقتضاه احلكم االجتماعي الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2005/5/11‬يف القضية رقم‪ 06/2057‬والقاضي أبداء املشغل لألجري مبلغ ‪ 3000‬درهم عن العطلة السنوية لسنة‬
‫‪ 2004‬ومبلغ ‪ 2333‬عن العالوة السنوية لسنة ‪ 2004‬ورفض ابقي الطلبات‪.‬‬
‫املناهج‬ ‫‪810‬‬

‫وهو احلكم الذي مل يبلغ للطاعنة حسب واثئق امللف‪ ،‬ونظرا لكون االستئناف قدم داخل األجل القانوين وعلى‬
‫الصفة والشكل املطلوب قانوان فهو مقبول من الناحية الشكلية‪.‬‬

‫ىف املوضوع‪:‬‬

‫ىف املرحلة االبتدائية‪:‬‬

‫حيث تتلخص وقائع الدعوى استنادا إىل احلكم املستأنف وواثئق امللف األخرى يف كون املدعي تقدم بدعوى‬
‫يعرض فيها أبنه شرع يف العمل مع املدعى عليه بصفته رئيس خلية ومشرف على وكالة الدار البيضاء منذ ‪1999/10/1‬‬
‫إىل أن مت طرده بصفة تعسفية يف ‪ ،2003/7/4‬بواسطة رسالة منه وبدون سبب مشروع‪.‬‬

‫وأنه كان يتقاضى أجرة ‪ 4939‬درهم ومصححة يف ‪ 7409‬على اعتبار أن األبناك تؤدي ملستخدميها ‪ 18‬شهرا‬
‫يف السنة وألجل ذلك التمس احلكم له ابلتعويضات التالية‪:‬‬

‫‪ -‬عن اإلشعار مبلغ ‪ 4445.00‬درهم‪.‬‬

‫‪ -‬عن اإلعفاء مبلغ ‪ 6848‬درهم‪.‬‬

‫‪ -‬عن الطرد التعسفي مبلغ ‪ 361.055,95‬درهم‪.‬‬

‫‪ -‬عن العطلة مبلغ ‪ 7419,00‬درهم‪.‬‬

‫مع شهادة العمل‪.‬‬

‫وبعد جواب املدعى عليه وقوله إن األجري فصل من عمله يف ‪ 03/7/4‬الرتكابه خطأ جسيما يتمثل يف كونه‬
‫كان هو املسؤول عن العملية املصرفية اليت مت مبقتضاها حتويل مبلغ ‪ 700‬أورو إىل ‪ 7180‬درهم‪ ،‬لكنها مل تودع حبساب‬
‫الزبونة وأن هذه العملية متت بواسطة القن السري للمدعي وحتت مسؤوليته‪ ،‬وأن من شأنه املساس ابلثقة واالئتمان‬
‫املفروض يف معامالهتا مع زبنائها‪.‬‬

‫وبناء على البحث اجملرى ابتدائيا وتعقيب الطرفني عليه‪.‬‬


‫‪818‬‬ ‫أحباث ومقاالت فقهية‬

‫وبعد فشل حماولة الصلح بني الطرفني وانتهاء اإلجراءات املسطرية أمام احملكمة االبتدائية أصدرت حكمها املشار‬
‫إليه أعاله وهو املستأنف من طرف األجري‪.‬‬

‫ىف املرحلة االستئنافية‪:‬‬

‫أسباب االستئناف‪:‬‬

‫حيث جاء يف أسباب االستئناف املقدمة من طرف األجري أن احلكم االبتدائي جاء انقص التعليل للتناقض‬
‫الواضح يف حيثياته‪ ،‬ذلك أن عملية حتويل مبلغ ‪ 700‬أورو إىل حساب الزبونة من ابلصندوق رقم ‪ 1‬من طرف إحدف‬
‫املتمرانت وأن األقنان السرية ملستخدمي البنوك قد يستعان هبا وتستعمل من طرف غري صاحبها من قبل مستخدمي‬
‫البنك‪ ،‬وأن املستأنف عليها مل تدل أبصل حتويل املبلغ إىل حساب املشتكى هبا حىت ميكن مراقبة مدى مسؤولية املستأنف‬
‫يف هذه العملية‪ ،‬وأنه خالل فرتة العطلة السنوية وحفاظا على االستمرار العادي للوكالة خصوصا أمام االكتظاظ‪ ،‬فقد قام‬
‫بتفويت قنه السري كما هو معمول به ملساعديه قصد إجناز خمتلف العمليات ابلبنك‪ ،‬وأنه بفعله هذا يكون قد دافع على‬
‫مصلحة مشغلته من خالل ضمان حسن االستقبال والسرعة يف تلبية طلبات الزابئن‪ ،‬مضيفا أن العملية املنجزة متت‬
‫بتاريخ ‪ 2002/8/29‬واملشغل مل يقم بطرده إال بتاريخ‪ 2003/7/4‬مما يوضح أن اخلطأ املنسوب لألجري غري اثبت وغري‬
‫موجود أصال لكون من قام ابلعملية هي متمرنة وليس األجري كما جاء يف اعرتاف الزبونة‪ ،‬لذلك فهو يلتمس إلغاء احلكم‬
‫املستأنف واحلكم وفق مطالبه املسطرة يف مقاله االفتتاحي واحتياطيا إجراء حبث يف النازلة تستدعى له املشتكية‪.‬‬

‫وجبلسة ‪ 2006/5/4‬أدىل انئب املشغلة مبذكرة جوابية مفادها أن األجري مل أيت أبي جديد وأهنا وقائع سبق له‬
‫إاثرهتا يف املرحلة االبتدائية وهي تبني مسؤوليته وتثبت األخطاء اليت ارتكبها‪ ،‬وحيث إن إقرار املستأنف أبخطائه اليت‬
‫كررها أيضا يف مقاله االستئنايف عندما أكد أن العملية متت من طرف إحدى املتمرانت وأن األقنان السرية ملستخدمي‬
‫البنوك قد يستعان هبا وتستعمل من طرف غري صاحبها من قبل مستخدمي البنوك‪ ...‬وأن هذا االعرتاف وحده كاف‬
‫إلثبات اخلطأ اجلسيم املرتكب من طرف األجري خاصة وأن املستأنف عليها أدلت برسالة تسليمه القن السري اليت‬
‫تشرتط عليه عدد من الشروط‪ ،‬وأن هذا اخلطأ قد أضر بسمعة البنك إضافة إىل عدم تزويد حساب الزبونة مببلغ التحويل‪،‬‬
‫وأن احتجاج األجري بفصل الصيف واالكتظاظ فيه لتربير متكني املستخدمني من القن السري ال جدوى له خصوصا أنه‬
‫مسؤول عن عدم اإلفصاح عنه ألي كان‪ ،‬بل هو ملزم بتغيريه بني احلني واآلخر لتفادي استعماله من طرف غريه من‬
‫املستخدمني‪ ،‬وحيث إن تساؤل األجري عن املدة الفاصلة بني اتريخ العملية واتريخ الطرد ترد عليمه املشغلة كوهنا ظلت‬
‫خالل تلك املدة تقوم ابلتقصي والبحث‪ ،‬مث إحالته على اجمللس التأدييب قبل اختاذ قرار فصله وهو ما اعرتف به خالل‬
‫املناهج‬ ‫‪811‬‬

‫جلسة البحث وهو ما يوضح ارتكابه ألخطاء وخمالفات أضرت بسمعة البنك ومكانتها‪ ،‬لذلك فهي تلتمس‬
‫أتييد احلكم املستأنف يف مجيع ما قضى به‪.‬‬

‫وحيت أدرج امللف بعدة جلسات كان اخرها جلسة ‪ 2006/12/21‬حضرها الطرفان وأكدا ما سبق فاعتربت‬
‫خالهلا احملكمة القضية جاهزة للبت فيها قانوان فحجزهتا للمداولة بتاريخ ‪ 2007/1/18‬وأخرج من املداولة بناء على‬
‫طلب ذ‪ .‬ب‪ ،‬خليف انئب األجري مرتني وأحيل على جلسة البحث‪ ،‬لكن ختلف األطراف يف عدة جلسات رغم التوصل‬
‫واعتربت احملكمة امللف جاهزا للمداولة بعد إحالته على جلسة هيئة احلكم وذلك جللسة ‪.2008/4/10‬‬

‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪.‬‬

‫حيث تتمسك املستأنفة يف معرض استئنافها ابألسباب املشار إليها أعاله‪.‬‬

‫حيث إن احملكمة بعد اطالعها على معطيات امللف ومرفقاته واحلكم االبتدائي أن املشغلة تدفع ابخلطأ اجلسيسم‬
‫لألجري واملتمثل يف عدم حتويل مبلغ ‪ 700‬أورو مقابل ‪7180‬درهم يف حساب الزبونة مستفيدة واختفى هذا املبلغ حتت‬
‫مسؤوليته وأن عملية الصرف هاته وحتويله متت بواسطة قنه السري الذي ال يعرفه وال يطلع عليه أحد‪.‬‬

‫حيث إن احملكمة االبتدائية بعد اجراء البحث اعتربت أن األجري قد ارتكب خطأ جسيما يتمثل يف إمهاله‬
‫ملسؤوليته امللقاة على عاتقه‪.‬‬

‫حيث إن األجري يعيب على احلكم االبتدائي بوجود تناقض يف حيثيات احلكم وأنه انقص التعليل‪ ،‬ذلك أن‬
‫األقنان السرية تستعمل من طرف غري صاحبها ومن قبل مستخدمي البنك وأن احملكمة مل تكن على صواب حني محلت‬
‫األجري املسؤولية الكاملة‪.‬‬

‫حيث إن حمكمة االستئناف قد فسحت اجملال لألجري وأصدرت حكما متهيداي بتاريخ ‪ 2007/1/18‬حضرته‬
‫ممثلة املشغلة ومل حيضر األجري وانئبه رغم توصلهما بصفة قانونية واعتربت احملكمة امللف جاهزا وأدخل للمداولة بعد‬
‫إحالته على جلسة احلكم‪.‬‬

‫وحيث إنه بناء على طلب دفاع األجري أخرج امللف من املداولة مرتني بناء على طلب دفاع األجري وأحيل على‬
‫جلسة البحث‪ ،‬إال أن األطراف مل حيضروا رغم التوصل إال جبلسة ‪ 2008/2/15‬حيث التمس دفاع األجري زايدة األجل‬
‫فاعتربت احملكمة امللف جاهزا وأحالته على جلسة احلكم‪.‬‬
‫‪811‬‬ ‫أحباث ومقاالت فقهية‬

‫حيث إنه بعد اإلطالع على جلسة البحث املنجزة ابتدائيا ثبت أن األجري كان يشتغل خالل غشت ‪2002‬‬
‫كنائب مدير الوكالة البنكية‪ ،‬وصرح أنه كان ميد املتمرنني ابلقن السري من أجل مساعدته‪.‬‬

‫وحيث أقر األجري أن مبلغ ‪ 700‬أورو فعال مل حيول إىل حساب الزبونة مقابل مبلغ ‪7198‬درهم وأن املتمرنة هي‬
‫من كانت متسك الصندوق خالل شهر غشت وأن الزبونة قدمت شكالية يف املوضوع‪.‬‬

‫وحيث ثبت أن العملية متت ابلصندوق رقم ‪ 1‬والذي ترجع مسؤوليته لألجري وبقنه السري اخلاص به للعمليات‬
‫البنكية وأن الوثيقة املؤرخة يف ‪ 1999/10/29‬اثبت أن البنك قد سلمه رسالة شخصية تتضمن القن السري ومؤكدا به‬
‫أنه ال ميكن مد القن السري أليت شخص اخر ويوقه من طرفه‪.‬‬

‫حيث إن القن السري هو قن خاص وال ميكن تسليمه لشخص آخر وهو حكر عليه دون غريه وأن القانون‬
‫الداخلي يرفض تسليم القن السري ألي أحد اخر‪ ،‬وأن العملية متت حتت قنه السري‪.‬‬

‫حيث أقر األجري أثناء جلسة البحث أن القن السري خاص بصاحبه‪ ،‬وال ميكن تسليمه ألي شخص آخر‪ ،‬إال‬
‫أنه ونظرا للضغط الذي عرفته الوكالة سلم قنه السري لزميلته قصد املساعدة‪.‬‬

‫حيث إن ما تضرع به األجري من ضغط ابلوكالة اليت كان يشتغل هبا واالحتجاج بفصل الصيف هو سبب غري‬
‫وجيه وال ميكن األخذ به‪ ،‬وال ميكن رد املسؤولية عليه ما دام أنه أقز أن قنه السري خاص به وشخصي‪ ،‬وابلتايل تبقى‬
‫املسؤولية كاملة عليه بعددم جديته وامهاله ألخطار العمل وتعرض البنك للضرر املتمثل يف مسعته بني الزبناء‪.‬‬

‫وحيث إن البحث املنجز ابتدائيا جاء كافيا ومفصال وثبت من خالخل اخلطأ اجلسيم لألجري‪.‬‬

‫وحيث إنه وان كانت األقنان السرية ميكن استعماهلا بني املستخدمني يف إجناز العمليات إال أن ذلك ال يعفي‬
‫صاحب القن السري من حتمل املسؤولية يف حالة وقوع اخلطأ بغض النظر إن كان عمداي أو غري عمدي‪ ،‬وهو ما وقع يف‬
‫انزلة احلال والذي ثبت أن مبلغ ‪ 7198‬درهم مل حيول إىل حساب الزبونة واليت تقدمت بشأنه شكاية يف املوضوع‪ ،‬وهذا‬
‫الوضع قد يضفي الشك وانعدام الثقة يف املعامالت البنكية مما يؤدي إىل أضرار تلحق بسمعة البنك بني الزبناء واملتعاملني‬
‫معه‪.‬‬

‫حيث إن ما خلصت إليه احملكمة االبتدائية مرتكز على أساس قانوين سليم يتعني أتييده‪.‬‬

‫هلذه األسباب‪:‬‬
‫املناهج‬ ‫‪811‬‬

‫إن حمكمة االستئناف وهي تقضي علنيا حضوراي انتهائيا‪.‬‬

‫ىف الشكل‪ :‬سبق البت فيه ابلقبول‪.‬‬

‫يف املوضوع‪ :‬أتييد احلكم املستأنف‪ ،‬وجعل الصائر على املستأنف يف نطاق املساعدة القضائية‪.‬‬

‫هبذا صدر القرار يف اليوم والشهر والسنة أعاله ابلقاعة العادية للجلسات مبقر حمكمة االستئناف ابلبيضاء دون‬
‫أن تتغري اهليئة احلاكمة أثناء اجللسات (‪.)1‬‬

‫كاتب الضبط‬ ‫املستشار املقرر‬ ‫الرئيس‬

‫(‪ )1‬هذا القرار منشور مبجلة احملاكم املغربية‪ ،‬العدد ‪ ،117‬ص‪ 138 .‬وما بعدها‪.‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like