أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫َأ َط َق اًل َأ ْك‬ ‫َأ َف َأ َت َّل َت َّل‬

‫َر ْي ا ِذ ي َو ى * َو ْع ى ِل ي َو َد ى} م ا أقبح ه ذا ال ذي ت ولى عن طاع ة هللا وعص اه ثم ه و‬


‫يدعي لنفسه األفضلية بسبب إعطاء القليل مما في يده ‪ ,‬وعمل القليل من الخير ‪ ,‬يرفع به نفسه على‬
‫الناس ويدعي الرفعة عند هللا وهو من أكابر املجرمين‪ ,‬فهل اطلع أصحاب هذه األفعال التي تكررت‬
‫ًا‬
‫مرار في تاريخ اإلنسان القديم والحديث على غيب هللا وأنهم األفض ل وأن لهم املكانة الرفيعة عند‬
‫هللا كما رفعوا هم أنفسهم فوق الناس؟؟‬
‫ًا‬
‫أم أنهم جهلوا منهج األنبي اء جميع وال ذي ال رفع ة في ه لغ ير املتقين من عب اد هللا الص الحين ‪ ,‬وال‬
‫يعلم التق وى ومحله ا إال هللا فال يرفع أح د نفس ه وال يزكيه ا وال تقب ل تزكي ة أح د إال ب وحي هللا فه و‬
‫س بحانه من رفع الرس ل واألنبي اء فوق الجمي ع ‪ ,‬وه و وح ده أعلم بمن اتقى ‪ ,‬وال يس تحق أح د من‬
‫عباده الرفعة إال بعمله الصالح وتقواه وقربه من مواله وال يزكي أحد من العباد غير هللا ‪ ,‬كما أن‬
‫ًا‬
‫أح د ال يض عه أو ينقص منزلت ه عن د م واله عم ل غ يره وإن كان أق رب األق ربين ‪ ,‬فكل عب د مؤاخ ذ‬
‫بعمله ‪ ,‬وال يرفع وال يخفض إال ملك امللوك سبحانه‪.‬‬
‫َأ َل َن ْأ‬ ‫ْل ْلَغ َف‬ ‫َأ ْن‬ ‫َأ َط َق اًل َأ ْك‬ ‫َأ َف َأ َت َّل َت َّل‬
‫قال تعالى ‪َ { :‬ر ْي ا ِذ ي َو ى * َو ْع ى ِل ي َو َد ى * ِع َد ُه ِع ُم ا ْي ِب ُه َو َي َر ى * ْم ْم ُي َّب ِب َم ا‬
‫اَّل‬ ‫ْن‬ ‫َأ ْن َل‬ ‫ٌة ْز ُأ ْخ‬ ‫َّف َأ اَّل َت‬ ‫َّل‬
‫ِف ي ُص ُح ِف ُم وَس ى * َو ِإ ْب َر اِه يَم ا ِذ ي َو ى * ِز ُر َو اِز َر ِو َر َر ى * َو ْي َس ِل ِإْل َس اِن ِإ َم ا َس َع ى} ‪.‬‬
‫[النجم ‪]39 – 33‬‬
‫َأ َف َأ َت‬
‫ق ال السعدي في تفسيره‪ :‬يقول تعالى‪َ { { :‬ر ْي } } قبح حالة من أمر بعبادة ربه وتوحيده‪ ،‬فتولى‬
‫عن ذل ك وأع رض عن ه؟ فإن س محت نفس ه ببعض الشيء‪ ،‬القلي ل‪ ،‬فإن ه ال يس تمر علي ه‪ ،‬ب ل يبخ ل‬
‫ويكدى ويمنع‪ .‬فإن املعروف ليس سجية له وطبيعة بل طبعه التولي عن الطاعة‪ ،‬وعدم الثبوت على‬
‫فعل املعروف‪ ،‬ومع هذا‪ ،‬فهو يزكي نفسه‪ ،‬وينزلها غير منزلتها التي أنزلها هللا بها‪َ{ { .‬أ ْنَد ُه ْل ُم اْلَغ ْي‬
‫ِب‬ ‫ِع ِع‬
‫َف‬
‫ُه َو َي َر ى} } الغيب ويخبر به‪ ،‬أم هو متقول على هللا‪ ،‬متجرئ على الجمع بين اإلساءة والتزكية كما‬
‫ه و الواق ع‪ ،‬ألن ه ق د علم أن ه ليس عن ده علم من الغيب‪ ،‬وأن ه ل و ق در أن ه ادعى ذل ك فاإلخب ارات‬
‫القاطعة عن علم الغيب التي على يد النبي املعصوم‪ ،‬تدل على نقيض قوله‪ ،‬وذلك دليل على بطالنه‪.‬‬
‫َّف‬ ‫َّل‬ ‫َأ َل َن ْأ‬
‫{ { ْم ْم ُي َّب } } ه ذا املدعي { {ِب َم ا ِف ي ُص ُح ِف ُم وَس ى َو ِإ ْب َر اِه يَم ا ِذ ي َو ى} } أي‪ :‬ق ام بجمي ع م ا ابتاله‬
‫هللا به‪ ،‬وأمره به من الشرائع وأصول الدين وفروعه‪ ،‬وفي تلك الصحف أحكام كثيرة من أهمها ما‬
‫اَّل‬ ‫ْن‬ ‫َأ ْن َل‬ ‫ٌة ْز ُأ ْخ‬ ‫َأ اَّل َت‬
‫ذكره هللا بقوله‪ِ { { :‬ز ُر َو اِز َر ِو َر َر ى* َو ْي َس ِل ِإْل َس اِن ِإ َم ا َس َع ى} } أي‪ :‬كل عامل له عمله‬
‫الحسن والسيئ‪ ،‬فليس له من عمل غيره وسعيهم شيء‪ ،‬وال يتحمل أحد عن أحد ذنبا‬
‫(أعنده علم الغيب فهو يرى) اي يرى املستقبل‪ .‬ومن هنا يبدأ االستغراب فان تركه لالنفاق ليس‬
‫اال من اجل مستقبله في الدنيا مع أنه ال يعلم الغيب فال يعلم الى متى سيعمر‪ .‬وهذا امر غريب حقا‬
‫وهو أغرب اذا صدر من الذين يؤمنون باآلخرة حيث نجد أكثر همهم في الدنيا واالنسان كلما طال‬
‫به العمر واقترب من املوت زاد بخال وطمعا وكأنه يطمع في الخلود حتى ان بعضهم ليس له ذرية او‬
‫ليست الذرية بحاجة الى ماله ومع ذلك تجده على حافة املوت يمتنع من االنفاق في سبيل هللا تعالى‬
‫وغاية ما يفعل أن يوصي بثلث أمواله تصرف في ما بعده‪ .‬وقل من ُي عمل بوصيته‪.‬‬

‫وقيل ان املراد بعلم الغيب علمه باآلخرة وأن العذاب هناك هل يمكن ان يتحمله أحد باعطاء املال‬
‫ام ال بن اءا على صحة م ا ورد من القص ص في ش أن ن زول اآليات‪ .‬والصحيح كم ا في امليزان أن ه ذا‬
‫االمر مذكور في قوله تعالى (أال تزر وازرة وزر اخرى) فاالولى تفسير هذه الجملة بما مر‪.‬‬

‫********************************************************************‬
‫اًل‬ ‫ًث‬
‫ما أجمل األمنيات وما أعذبها‪ ،‬إننا نفكر ونرسم فى أذهاننا أحدا ا ومستقب حسبما تشتهى أنفسنا‬
‫وترجو‪ ،‬فيها نحلم وننتظر تحقيق الحلم‪ ،‬ولكن التحقيق ال يكون مؤكًد ا‪ ،‬ووقوعه ال يحدث دائًم ا‪،‬‬
‫فاألمنيات نوع من الخيال‪ ،‬لذا نقول‪ ،‬ما أجمل الخيال‪ ،‬وفى الوقت نفسه ما أصعبه‪.‬‬

‫َّن‬
‫الكثير م ا يريد للحياة أن تسير حسب رغبته وإرادته‪ ،‬حسب حاجته الشخصية‪ ،‬فيتمنى أن يحدث‬
‫كذا وكذا‪ ،‬وأال يتعرض لكذا وكذا‪ ،‬وقد يحدث له ما تمناه‪ ،‬ولكن فى أحيان كثيرة ال يحدث‪ ،‬حيث‬
‫ُة ُأل َل‬ ‫َف َّل‬ ‫َت‬ ‫َأ‬
‫يق ول هللا س بحانه وتع الى فى س ورة النجم " ْم ِل ِإل نَس اِن َم ا َم َّن ى‪ِ ،‬ل ِه اآلِخ َر َو ا و ى"‪ ،‬وي ذهب‬
‫املفسرون فى معناها إلى أن اإلنسان يتشهى أشياء كثيرة من مال وبنين ومكانة‪ ،‬ولكن الحياة ال تسير‬
‫باألمنيات‪.‬‬

‫ليس معنى ذلك أن نتوقف عن التمنى‪ ،‬أب ًد ا‪ ،‬ولكن معناها أال نعتمد عليها فى حياتنا‪ ،‬فاألمنيات هى‬
‫أم ور نفس ية‪ ،‬ال عالق ة له ا بعم ل وال ج د وال اجته اد‪ ،‬هى رغب ة فى داخلن ا‪ ،‬ويمكن الق ول هى اله دف‬
‫الذى نريده‪ ،‬فإن توقف األمر عند األمنية والرغبة‪ ،‬فعلينا االنتظار ومواصلة التمنى‪ ،‬أما إن حولنا‬
‫ه ذه األمني ات إلى فع ل وجعلن ا منه ا ه دفا‪ ،‬فإنن ا ب ذلك ن دخل فى مس توى آخ ر من انتظ ار التوفي ق‬
‫اإللهى‪.‬‬

‫نع رف أن العقلي ة العربي ة هى نت اج س نوات من ت راكم األفكار ال تى تعلى من قيم ة "التم نى"‪ ،‬م ع أن‬
‫الق رآن الك ريم النص ال دينى األساسى فى ه ذه العقلي ة ال يعت د باألمني ات تمام ا‪ ،‬يق ول هللا س بحانه‬
‫وتع الى فى س ورة النس اء "ليس بأم انيكم وال أم انى أه ل الكت اب"‪ ،‬ويق ول الح ديث الش ريف "عن أبى‬
‫هريرة قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪" -‬إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى‪ ،‬فإنه ال يدرى‬
‫ما يكتب له من أمنيته" وهذه النصوص دالة على أن األمنيات ال تحقق األهداف‪ ،‬لكنها كاشفة فقط‬
‫عما فى داخل النفس‪.‬‬

‫ًن‬
‫قلنا إن التمنى ليس عيًب ا‪ ،‬ولكن الوقوف على حافته وانتظار أن تحدث املعجزة ليس مضمو ا‪ ،‬لذا‬
‫وجب علينا أن نتجاوز فكرة األمنية وندخل فى إطار أكثر تماسكا يسمونه "السعى"‪.‬‬

‫‪ -‬وما نيل املطالب بالتمني ‪ ...‬ولكن ثؤخذ الدنيا غالبا‬

You might also like