Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 7

‫بناء القصيدة العربية القديمة‬

‫ا‪ .‬د‪ .‬نصرة احميد جدوع‬


‫تميزت القصيدة العربية القديمة بكونها قصيدة متعددة الموضوعات يربطها نسق بنائي متين‬
‫يقوم على اسس تعارف عليها الشعراء‪ ,‬وهناك نوعان من النصوص الشعرية الجاهلية من ناحية‬
‫الكم‪ ,‬االول قصائد طويلة وهي التي تقع في عشرات االبيات قد تفوق المائة‪ ,‬واصطلح على‬
‫اطالق لفظ قصيدة على النص الذي يتجاوز ال‪ 9‬ابيات وتتضمن موضوعات ولوحات ومقاطع‬
‫مفككة بسبب سقوط بعض ابياتها بالنسيان والرواية وقد تكون مترابطة واهم نماذج هذا النوع‬
‫المعلقات واشباهها من القصائد ‪ ,‬والضرب الثاني المقطعات وهي كثيرة وتكاد ان تكون حاضرة‬
‫في جميع الدواوين وهي قد تكون مجتزأة من قصائد طويلة ضائعة او ابيات محدودة تعبر عن‬
‫حالة او موقف ما اراد الشعراء توثيقها على نحو ما جاء على لسان ابن قتيبة في عبارته‬
‫المأثورة‪:‬كان الشعر محض ابيات يقولها الرجل بين يدي حاجته‪.)..‬‬

‫من هنا البد من التركيز على القصائد الطوال لفهم طبيعة بناء القصيدة الجاهلية ‪ ,‬فليست‬
‫القصائد الجاهلية مرتجلة او عشوائية في تركيبها ‪ ,‬وعادة ما يهتم الشعراء بمقدمات قصائدهم‬
‫ومطالعها كونها اول ما يجلب االنتباه ويثير المتلقي ‪ ,‬ومعروف ان انواع المقدمات الشائعة‬
‫تتمثل في مقدمات طللية وغزلية وخمرية‪ ,‬في حين تخلو قصائد اخرى من المقدمات السيما‬
‫اشعار الرثاء والفخر اثناء المعارك‪.‬‬

‫ومن الثابت ان هناك تقاليد سار عليها الشعراء وحافظوا عليها حتى صار الخروج عنها خروجا‬
‫عما الفته العرب مما سمي الحقا ب(عمود الشعر ) الذي ذكره االمدي الول مرة حين وصف‬
‫البحتري بانه‪:‬ما خالف عمود الشعر المعروف‪.‬‬

‫يبرر ابن قتيبة في مقدمة كتابه الشعر والشعراء وقوف الشعراء عند الطلل ويجعله مقصد‬
‫القصيد ‪,‬يقول‪ :‬ان مقصد القصيد انما ابتدأ فيها بذكر الديار والدمن واالثار فبكى وشكا وخاطب‬
‫الربع واستوقف الرفيق ليجعل ذلك سببا لذكر اهلها الظاعنين عنها‪.‬‬

‫ويؤكد ابن قتيبة ارتباط الوقوف على الطلل بالنسيب فيقول‪ :‬ثم وصل ذلك بالنسيب فشكا شدة‬
‫الوجد والم الفراق وفرط الصبابة والشوق ليميل نحوه القلوب ويصرف اليه الوجوه‪..‬فاذا علم انه‬

‫‪1‬‬
‫قد استوثق من االصغاء اليه واالستماع له عقب بايجاب الحقوق فرحل في شعره وشكا النصب‬
‫والسهر وحر التهجير وانضاء الراحلة والبعير‪..‬‬

‫ويقر ابن قتيبة ي هذا الكالم وجود اسباب لثبات القصيدة بل انه جعل بهذا االلتزام بهذا الشكل‬
‫معيارا لجودة القصيدة وتمكن الشاعر فيقول‪( :‬والشاعر المجيد من سلك هذه االساليب وعدل بين‬
‫هذه االقسام فلم يجعل واحدا منها اغلب على الشعر ولم يطل فيمل السامعين ولم يقطع وفي‬
‫النفوس ظمأ الى المزيد‪)...‬‬

‫ويمثل حضور الطبيعة برمزها سمة تميز القصيدة الجاهلية ‪ ,‬اذ البد للرحلة من ناقة تصحب‬
‫الشعراء وتتجشم االهوال والمتاعب تكون قوية وصبورة ضخمة ‪...‬الخوعلى قدر تعب هذه‬
‫الناقة تكون نتيجة الرحلة السيما امديح والعطاء صورة اوضح لسرعتها وقوة تحملها يلجأ‬
‫الشعراء الى استيراد مشاهد طبيعية لحيوانات اخرى كالنعامة والبقرة الوحشية وحمار الوحش‬
‫حيث السرعة والقوة عند الصراع هي السمة التي تميز الحيوانات وارتباطها بمشاهد الصيد التي‬
‫حفلت بها القصائد استجابة الثار البيئة البيئة التي ينهل منها الشعراء معانيهم‪.‬‬

‫وبعد ان يفرغ الشعراء من هذه اللوحات التي يكون المطر والليل والبرق وغيرها خلفيات‬
‫متوقعة الحداثها يدخل الشاعر الى الغرض باساليب يتفاوت فيها الشعراء جودة وطريقة‪ ,‬السيما‬
‫استخدام حسن التخلص بعبارات او لوازم ومنها الفعل(دع) وصوره او اترك او غير ذلك‪,,‬‬

‫ولو عدنا الى اجزاء القصيدة وجدنا ان الشعراء تعارفوا على شروط لتحقيق الجودة المنشودة‬
‫وهي ضمن اقسامها االتية‪:‬‬

‫المطلع ‪ :‬والبد ان يتميز بالوقع الحسن في النفوس من خالل التناسب بين شطريه‬ ‫‪-1‬‬
‫وترابط المعنى ومناسبته لموضوع القصيدة وحالة المتلقي‪ ,‬وان يكون فخما وله رونق ويكون‬
‫بعيدا نادرا مبتدعا خاليا من التعقيد والخطأ النحوي ‪,‬ويمثل البدء بالحديث عن الديار مقدمة‬
‫مألوفة يفصل الشعراء فيها القول في مالمح الطلل والديار –وهناك من استبدل الطلل بالغزل ال‬
‫سيما عند الفرسان والصعاليك وحيث يمثل حضور المرأة ملمحا مميزا في اشعارهم‪ ,‬ينبغي ان‬
‫نميز بين المطلع والمقدمة وغيرها من المصطلحات‪ ,‬إذ لم يتفق القدماء على تحديد البدء الذي‬
‫تبدأ به القصيدة وسرد ابن رشيق القيرواني بعض االراء في ذلك فهناك من يرى انه ليس البيت‬
‫االول بل اول البيت فقط‪ ,‬ويرى البعض ان المطلع اول كالم مبني على كالم سابق ومرتبط به‪,‬‬
‫ويرى آخرون انه البيت االول‪ ,‬ويميز ابن رشيق في كتابه العمدة بين المقاطع والمطالع وهي‬
‫اوائل الوصول وأواخر الفصول على التوالي‪,‬ويرى غيره ان البيت الذي يعد مطلعا ينبغي ان‬
‫‪2‬‬
‫يكون داال على ما بعده كالتصدير ‪,‬وتداول العلماء والنقاد اسماءا كثيرة للداللة على مبتدأ‬
‫القصيدة منها االبتداء االفتتاح‪ ,‬االستهالل‪ ,‬المطلع ‪ ,‬البسط‪,‬فاالبتداء واالفتتاح واالستهالل تدل‬
‫على البدء في الشيء كما تحيل الى ذلك معاني افعالها‪ ,‬اما البسط فهو يشير الى ما يبسطه‬
‫الشاعر من معان ودالالت قبل عرضه القصيدة‪ ,‬وهو اليشير الى البيت االول‪.‬‬

‫ومفهوم المطلع مفهوم قديم يميل المحدثون الى استبداله بمصطلح(المقدمة)وتكمن اهمية المطلع‬
‫في انه يمثل الباب الذي يلج منه المتلقي الى عالم القصيدة وهو ال يخرج عن غرضها‬
‫ومضمونها و دالالتها النفسية وان طريقة صياغته تهدف الى تهيئة السامع الى المعاني التي‬
‫تطرقها القصيدة‪ ,‬وقد استحسن النقاد اهتمام الشعراء بمطالع قصائدهم كونها اول ما يشد انتباه‬
‫السامع اليه والحظوا اهمية التناسب بين شطري البيت وترابط المعنى بينهما ومناسبة المطلع‬
‫لموضوع القصيدة‪ ,‬ويبدو ان خالصة ما يعنيه المطلع هو انه يمثل وحدة بنائية معنوية تشير الى‬
‫موضوع القصيدة وافكارها وقد ال تشغل بيتا واحدا فقط بل تحتاج الى اكثر من بيت تمثل وحدة‬
‫بنائية متكاملة منفصلة في تركيبها عن موضوع القصيدة‪.‬‬

‫وميز الدارسون بين مطالع القصائد غير الطويلة والمطوالت‪ ,‬اذ تميل قصائد النوع االول الى‬
‫االهتمام بالمطالع في حين تميل المطوالت الى االهتمام بالمقدمة بشكل عام باعتبار ان القصيدة‬
‫العربية متعددة الموضوعات التي تطرح بشكل مقاطع ولوحات تبتدأ بالطلل او الغزل او ذكر‬
‫الخمرة فمن المقدمات الطللية قول امريء القيس(قفا نبك‪ )..‬وقول طرفة (لخولة اطالل ببرقة‬
‫ثهمد) والغزلية في قول للحارث بن حلزة (آذنتنا ببينها اسماء) وخمرية عمرو بن كلثوم(اال هبي‬
‫بصحنك)وهذا هو االسلوب العام حيث البدء بالديار وذكرياتها ثم اللوحات الخاصة بالرحلة‬
‫والصيد ووصف الطبيعة اثناء ذلك‪ ,‬وجعل القدماء البدء بالحديث عن الديار اسلوبا مثاليا‬
‫للمقدماء على ما نقل ابن قتيبة في قوله‪":‬سمعت بعض اهل االدب يذكر ان مقصد القصيد انما‬
‫ابتدأ فيها بذكر الديار والدمن واالثار فبكى وشكا وخاطب الربع واستوقف الرفيق ليجعل ذلك‬
‫سببا لذكر اهلها الظاعنين عنها‪...,‬ثم وصل ذلك بالنسيب فشكا شدة الوجد وألم الفراق‪....‬‬

‫وهناك اراء حول حضور الغزل في المقدمات وهي‪:‬‬

‫ا‪ -‬ما ذكره ابن قتيبة في قوله السابق من ان مقصد القصيد الوقوف على الطلل ثم وصل ذلك‬
‫بالنسيب وان ذلك يحدث في اشعار المديح‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ب‪ -‬رأي ابن رشيق ان ذلك ضرورة للدخول في اجواء القصيدة حيث ولج في الباب ووضع‬
‫رجله في الركاب على حد تعبيره‪ ,‬ما يعني انها قد ال تعبر عن حالة حقيقية بقدر انسياقهم وراء‬
‫تقاليد فنية‪.‬‬

‫واما المحدثون فقد تعددت آراؤهم في موضوع المقدمة الطللية على وجه التحديد والتي ترتبط‬
‫بالوقوف والدعوة الى الوقوف بألفاظ مخصوصة وارتباط هذا الوقوف بالنسيب ‪ ,‬يقول فالتر‬
‫براونه‪ :‬ان قطع النسيب ليست وسيلة الى غاية ابعد منها كما يرى ابن قتيبة بل هي غاية بحد‬
‫ذاتها‪ ,‬وانها كما فسر رأيه د‪ .‬نوري القيسي تعبير عن مالمح التفكير الوجودي وهاجس البقاء‬
‫والفناء الذي يحرك المشاعر معتبرا ان ما يتكلم عنه الشعراء ال يمكن ان يكون نسقا شكليا بنائيا‬
‫يتبعونه وحسب بل تعبيرا عن تجربة حقيقية‪.‬‬

‫في حين يرى د‪ .‬يوسف خليف ان فترات الفراغ التي تطول وعدم وجود ما يمأل هذا الفراغ‬
‫يدعو الى االكثار من التأمل ولهذا تكثر صور الوقوف الطويل على الديار ومشاهد الصيف‬
‫المفصلة ووصف الطبيعة في صحراء مترامية االطراف‪ ,‬لكن الوقوف على الطلل هو عاطفة‬
‫حزينة فرضه عليه الشعور بالحرمان من الوطن المكاني واالستقرار الذي يصبو اليه وليس‬
‫أمامه اال الذكريات والبكاء عليها سبيال للتواصل معها‪.‬‬

‫ويفسر عز الدين اسماعيل ما رآه براونه بكونه ارتدادا نحو الذات والخلوة اليها فالشاعر يعبر‬
‫عن عناصر خفية مبهمة‪ .‬من هنا فهو يجمع بين الوقوف الى الطلل الدارس والنسيب تعبيرا عن‬
‫الحياة والموت والخوف من رحيل الحبيبة التي تمثل البقاء‪.‬‬

‫ويرى د‪ .‬مصطفى ناصف ان الوقوف على الطلل حزن حقيقي لكنه ايجابي الن الطلل يمثل‬
‫معنى التشبث بالبقاء وانه لم ينته الى العدم بل امرا قابال للعودة واالنبعاث‪.‬‬

‫والمقدمة الطللية تؤدي وظيفة خلق الجو الشعري الذي يمنح الشعراء القدرة على الدخول الى‬
‫اجواء القصيدة يشحنها الشعراء بالمشاعر واالحاسيس التي ترتبط بحياته وذكرياته الماضية‪,‬‬
‫وهي ترتبط فعال بحياته القريبة التي اليزال بإمكانه تذكر تفاصيلها في تجربته الخاصة‪.‬‬

‫كما يعبر عن االرتباط بوطن مكاني مفقود فالحنين الى الطلل هو الحنين الى الوطن‪.‬‬

‫التخلص‪ :‬وهو سبيل الشعراء الى االنتقال الى المقطع الالحق وخلق عالئق فنية او‬ ‫‪-2‬‬
‫لفظية للولوج الى المقطع المقصود من غير ان يشعر السامع بذلك بانسجام والتئام‪ ,‬يقول ابن‬

‫‪4‬‬
‫رشيق"اولى الشعر بأن يكون تخلصا ما تخلص منه الشاعر من معنى الى معنى ثم عاد الى‬
‫االول واخذ من غيره ثم رجع الى ما كان فيه"كقول النابغة الذبياني‪:‬‬

‫وقلت الما اصح والشيب وازع‬ ‫على حين عاتبت المشيب على الصبا‬

‫مكان الشغاف تبتغيه االصابع‬ ‫ولكن هما دون ذلك شاغل‬

‫والتخلص عند الجاهليين اتسم بالبراعة واالنسجام بين المعاني التي ارتبطت بموضع القصيدة‬
‫ومناسبتها‪ ,‬حتى اكسبها الغزارة المعنوية والوحدة الفنية على الرغم من تعدد موضوعاتها‪.‬‬

‫الرحلة ولوحاتها‪ :‬وتتضمن وصف الناقة واهوال الرحلة التي تكون صعوبتها معيارا‬ ‫‪-3‬‬
‫لصدق المديح عند الشعراء ‪ ,‬من هنا بالغوا في وصفها بدقة ال سيما االعشى تميزت مدائحه‬
‫بالبراعة في وصف الناقة‪ ,‬ثم ما يلزم الوصف من تشبيه للناقة بحيوان الصحراء الظليم والحمار‬
‫الوحشي والبقرة الوحشية وتفصيل مشاهد الصراع في لوحة الصيد التي تفتح القصيدة على‬
‫الغرض الرئيس‪ ,‬وللجاحظ رأي فريد في نهاية معركة الثور مع كالب الصيد حيث يكون‬
‫الغرض مديحا اذا انتصر الثور في المعركة وعلى خالف ذلك تكن القصيدة رثاءا‪.‬‬

‫الغرض وهو الموضوع الرئيس للقصيدة مديحا او فخرا او هجاءا او رثاءا‪..‬ولكل‬ ‫‪-4‬‬
‫غرض معان مخصوصة وصور تتكرر بحكم التقاليد الشعرية ويحصل التميز في رسم‬
‫التفاصيل الداخلية للمعاني‪ ,‬وتمتليء كتب االدب والنقد بالمعايير التي استقرأها النقاد من خالصة‬
‫قراءاتهم للشعر العربي‪ ,‬حتى ميزوا االفضل واالبرع من الشعراء واطلقوا االحكام الكثيرة‬
‫اعتمادا على الصور المفردة التي تجسد برأيهم المعنى االبرز لكل غرض‪.‬‬

‫وبجكم كون القصيدة العربية القديمة متعددة الموضوعات تخضع لنظام بنائي اصيل تجد‬
‫الغرض محصورا في جزئها االخير عادة مع وجود اشارات تبدأ من المطلع مرورا باللوحات‬
‫واالقسام المتنوعة تدل على الغرض يمثل الجو العام للقصيدة‪ ,‬ويتميز النسيب بكونه االكثر‬
‫حضورا في المقدمات الطللية منها او الغزلية الخالصة‪ ,‬حيث تمثل الحبيبة الراحلة حجر‬
‫االساس في بناء صورة المقدمة عموما‪.‬‬

‫الخاتمة‪ :‬التي يكون لها اثر في النفس ووقعا كونها تعلق باالذهان‪ ,‬من ذلك قول تأبط‬ ‫‪-5‬‬
‫شرا‪:‬‬

‫اذا تذكرت يوما بعض اخالقي‬ ‫لتقرعن علي السن من ندم‬

‫‪5‬‬
‫وخاتمة معلقة امريء القيس ‪:‬‬

‫بارجائه القصوى انابيش عنصل‬ ‫كأن السباع فيه غرقى عشية‬

‫وال بد لترابط هذا االجزاء من تحقق عناصر مهمة تقف في مقدمتها الوحدة الموضوعية‬
‫واستقالل البيت بمعناه وارتباطه بما قبله وبعده ‪ ,‬حتى عدوا حاجة البيت الى بيت يتمم معناه‬
‫عيبا اسموه( التضمين) وتساهلوا مع االبيات التي تقتضي مقابلة في بيت الحق سموا ذلك ب(‬
‫االقتضاء)‪.‬‬

‫واشترطوا تناسب شطري البيت الواحد الذي يجب ان يتجاوب مع اجزاء القصيدة كاملة في‬
‫نسجه وبناءه وموسيقاه ذات الطابع السردي القصصي ويمكن ان نجدها في قصائد قصار ايضا‬
‫كما عن المرقش االصغر في داليته المشهورة‪:‬‬

‫فارقني واصحابي هجود‬ ‫سرى ليال خيال من سليمى‬

‫واالساس في القصيدة الوحدة المعنوية التي يحققها مقصد القصيدة وغرضها وترابط افكارها‬
‫استجابة لطبيعة الحياة التي عاشها الشعراء وبيئتهم وحفاظهم على التقاليد الفنية بوصفها جزءا‬
‫من حفاظهم على قيم وجودهم وتمسكهم بها‪ ,‬وقد تحدث د‪ .‬طه حسين عن الوحدة المعنوية‬
‫فوصف القصيدة بأنها وحدة متقنة تامة اجزاؤها ملتئمة االجزاء قد نسقت احسن تنسيق مع‬
‫مالئمة للموسيقى‪ ,‬وانما حصل االنقطاع في بعض االجزاء بسبب النسيان والخلط واالضطراب‪,‬‬
‫لكن هذه الوحدة يلمسها السامع في الجزء الموضوعي الخاص بالقصيدة ‪ ,‬وهذا ما يطرحه د‪.‬‬
‫يحيى الجبوري الذي يرى ان طبيعة الحياة التي عاشها الشعراء فرضت نوعا من التسلسل في‬
‫الموضوعات وجعلت بينها تداعيا في المعاني وتالزما في االبيات وهو ما قصد به ابن قتيبه‬
‫بعبارة(مقصد القصيد) وتحول هذا االسلوب عند االولين تقليدا فنيا‪(.‬الشعر الجاهلي خصائصه‬
‫وفنونه‪ ,)267/‬ومع التحفظ في قبول هذا الرأي اال ان من الممكن ان تكون القصائد قد نظمت‬
‫بشكل متتابع ولم يقلها الشعراء دفعة واحدة‪ ,‬جمع بينها وشدها النسق الصوتي الموسيقي‬
‫العروضي وهو ما يفسر شيوع البحور الطويلة في االستخدام‪ ,‬وقد تكون فترات نظم اجزاء‬
‫القصيدة غير متباعدة زمنيا‪ ,‬ثم ان الموضوعات التي يطرقها الشعراء كانت متشابهة تتاثر‬
‫بالمؤثرات البيئية والحياتية نفسها‪ ,‬ما جعل شعراء البيئة الواحدة متشابهون في مآخذهم تفصل‬
‫بينهم البراعة والذكاء في استلهام المعاني‪ ,‬وربما هو السبب الذي دفع ابن سالم الى حصر‬
‫شعراء الطبقات في مجاميع تقوم على معايير المكان والغرض‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫المصادر‪:‬‬

‫‪ -1‬العمدة البن رشيق القيرواني‬


‫‪ -2‬الشعر الجاهلي خصائصه وفنونه‪ -‬د‪ .‬يحيى الجبوري‬
‫‪ -3‬مقدمة القصيدة العربية –د‪.‬حسين عطوان‬
‫‪ -4‬حديث االربعاء‪-‬د‪.‬طه حسين‬
‫‪ -5‬الشعر والشعراء‪-‬ابن قتيبة‬
‫‪ -6‬كتاب الصناعتين‪-‬العسكري‬
‫‪ -7‬الصورة الفنية في الشعر الجاهلي نصرت عبد الرحمن‬
‫‪ -8‬الرحلة في القصيدة الجاهلية‪ -‬وهب رومية‬

‫‪7‬‬

You might also like