Professional Documents
Culture Documents
تأثير ليونارد بلومفيلد في المدرسة الأمريكية واللسانيات التوزيعية 1
تأثير ليونارد بلومفيلد في المدرسة الأمريكية واللسانيات التوزيعية 1
تأثيرليونارد بلومفيلد
امللخص:
تهدف هذه الدراسة إلى التركيز على دراسة مظهر مهم جدا من مظاهر السلوك البشري أال
وهي اللغة البشرية من وجهة نظر املدرسة الوصفية أو التوزيعية عن طريق تسليط الضوء على
اللساني األمريكي ليونارد بلومفيلد ) (bloomfieldاملمثل الرئيس ي للمدرسة الوصفية وقائد الدعوة
القائلة بإبعاد املعنى عن التحليل اللساني وصاحب كتاب )(langagesالذي وسم بأنه إنجيل علم
اللغة األمريكي ،لكونه أرس ى دعائم اللسانيات األمريكية ووطد مفاهيمها على أسس وصفية بحتة ،ال
يراعى فيها سوى الجانب السطحي والشكلي.
الكلمات املفتاحية :البنيوية -اللسانيات -املدرسة التوزيعية -التصور السلوكي -إقصاء
املعنى ،التحليل إلى مؤلفات مباشرة .
Abstract:
This study aims to focus on studying a very important aspect of human
behavior It is the human language from the point of view of the descriptive school or
distributive, By highlighting the American linguist Leonard Bloomfield, The main
representative of the descriptive school , And the leader of the call to remove meaning
from linguistic analysis, And the author of the book (langages), which has been
described as the gospel of American linguistics, Because he laid the foundations of
American linguistics and consolidate its concepts on a purely descriptive basis, Only the
superficial and formal aspects are taken into account.
Keywords: structuralism - linguistics - distributive school - behavioral
perception - exclusion of meaning, immediate constituent analysis.
.املقدمة:
انبهر بالدراسات اللغوية الكثير من العلماء واملفكرين منذ األزل حتى باتت علم العصر،
وقد تطورت عبر حقبات زمنية مختلفة كما أنها عرفت رجة كبرى في امليدان الثقافي أحدثها املنهج
البنيوي فتهافتت على األخذ منه جل العلوم اإلنسانية مع بداية القرن التاسع عشر بدراسته اللغة
من وجهة نظر علمية بعيدا عن االنطباعات التي كانت سائدة من قبل وكان من نتائج ذلك أن تفرع
من هذا املنهج العديد من املدارس التي تتبع الظاهرة اللغوية كل من زاوية نظرها ومن بين هذه
املدارس املدرسة الوصفية التوزيعية – هناك من يسميها باملدرسة االستغراقية أو القرائنية-التي
سيطرت وتطورت في كل من أوروبا وأمريكا إال أنهما مختلفان من حيث املنهج واملادة املدروسة فاألولى
انطلقت من الفكر اللغوي عند الدراسات اإلغريقية واستمرت حتى القرن 19بظهور اللسانيات
التاريخية واملقارنة والثانية انطلقت من الدراسات األنثروبولوجية والحقلية التي اهتمت بتدوين
وتصنيف اللغات الهندية األمريكية في الو.م.أ خشية انقراضها وقد تميزت هذه األخيرة ببروز ثالثة
باحثين قاموا بإرساء دعائم اللسانيات األمريكية وتوجيهها وهم على التوالي :فرانز بوب ،إدوارد
سابير ،ليونارد بلومفيلد ()1الذي سيكون موضوعا لدراستنا من خالل التطرق للعناصر التالية:
تحديد وتعريف ،كيف تكونت املدارس اللسانية،اللسانيات التوزيعية ،ليونارد بلومفيلد ،التصور
السلوكي ،مبادئ اللسانيات التوزيعية.
-1تحديد وتعريف:
-1-1املنهج :لغة"من نهج األمر :أبانه وأوضحه ،ونهج الطريق سلكه وانتهج الرجل :طلب
املنهج أي الطريق الواضح" ii .واصطالحا ":طائفة من القواعد املصوغة من أجل الوصول للحقيقة
في العلم "iii
-2-1البنية اصطالحا :نظام يشتغل حسب مجموعة من القواعد املضبوطة واشتغالها هذا
يحفظها من التلف ويضمن تطورها ويغنيها عن االحتياج إلى االستعانة بعناصر خارجية،فتكون البنية
79 مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب ،ع – 06جوان 2022
تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية
أ .بن سعيد مريم
بهذا مجموع العالقات التي تربط بين العناصر املؤلفة للبنية نفسها،وان اختل قانون من قوانين ضبط
هذه العالقات تأثرت باقي العالقات بذلك4.
ويعتبر دوسوسير(ت1913م) املؤسس األول للتوجه البنيوي في دراسة اللغة فقد أودع
مضمون البنية أو البنيوية في تفسيره للظواهر اللغوية ،وقد استعمل هذا املصطلح أول مرة في البيان
الذي أعلنه اللغويون السالف سنة 1929م ومن بين املشاركين فيه :ياكبسون وتروبتسكوي ،وقد دعى
املؤتمر إلى تبني منهج جديد في دراسة اللغة سموه " املنهج البنيوي"5
وبشكل عام كان معظم اللسانيين األمريكيين في العهد البلومفيدي من دعاة البنيوية ،الذين
انكبوا على دراسة اللغة وخاصة املنطوقة في اإلطار الذي رسمه بلومفيلد في الثالثينيات دراسة وصفية
وقد اتبعوا طريقته في التحليل بتقسيم اللغة إلى مستويات وعدم الخلط بينها :املستوى الفونيمي:
يحتوي على الوحدات الصوتية،واملورفيمي :يتضمن وحدات معجمية كاملفردة والسابقة والالحقة
والداخلة والساق والجذر ،واملستوى التركيبي الذي يحتوي على تراكيب أوسع من الكلمة كشبه الجملة
والجميلة واملستوى الداللي الذي لم يتناوله البنيويون ألنهم كانوا يركزون على التحليل الشكلي 6
هو علم موضوعه اللغة و يتعين على هذا العلم أن يعرف الظاهرة اللغوية أكثر مما يتوجب
عليها أن تعرف نفسها ذلك أن تحديد اللسانيات للحدث اللغوي هو الذي يعطي ذوي النظر املعرفي
املادة التي منها يستخلصون تعريفهم لعلم اللسانيات ،ولقد أقامت اللسانيات جوهر تعريفها للظاهرة
اللغوية على مفهوم العالمة ،وجرى على لسان املختصين أن اللغة جملة من الرموز أو مجموعة من
العالمات التي تترابط فيما بينها ترابطا عضويا; فالعالمات تحكمها عالقات من التوافق أو الترابط أو
االختالف أو التضاد مما ينش ئ شبكة من القرائن التي تتضافر أطرافها فتتحول الروابط إلى نظام من
العالقات تتجاور أفقيا و تتراكب عموديا ،فهي نسيج متكتل األبعاد فتعتبر بهذا اللسانيات اللغة
مجموعة من العالقات الثنائية القائمة بين جملة العالمات املكونة لرصيد اللغة ذاتها وأن تعريف
العالمة يستمد قيمته من طبيعة العالقات القائمة بينها وبين سائر العالمات األخرى 9
" إن ما جعل اللسانيات علما حديثا وثوريا في اآلن نفسه هو إخضاع الظواهر اللغوية ملناهج
البحث العلمي ،خالفا ملا كان عليه الحال من قبل إذ كانت العلوم في أوروبا تتصف بالذاتية والتخمين
والتأمل العقلي البعيد عن املوضوعية في أغلب األحيان "10
تكونت هذه املدرسة في بدايتها مع الدراسات األنثروبولوجية التي اهتمت بدراسة العناصر
البشرية لقبائل الهنود الحمر و خصائصها الثقافية ،وفي ظل هذا االهتمام نشأت الدراسة اللسانية
الوصفية على يد Boasثم سابير ،ثم تالهما ليونارد بلومفيلد( )L.Bloomfieldبخاصة بعد إسقاط
املفاهيم السلوكية على الدراسة اللسانية بحيث أعطى للدراسة اللسانية في أمريكا طابعها الخاص
الذي ميزها عن النشاط اللساني األوروبي ،حين أصدر كتابه اللغة))Langage/ Languageعام 1933م
ً
منهجيا لكي تنعت بالبنوية والوصفية تارة ،والتوزيعية تارة أخرى. فهيأ بذلك الدراسة اللسانية في أمريكا
وقد أدى هذا اإلسقاط لظهور نظرية لسانية متكاملة قائمة على أساس مفهوم الوظيفة
ُْ استخداما جز ً
ً
افيا ألنه أف ِرغ من ( )Fonction/ Functionبيد أن مصطلح الوظيفة في أول أمره استخدم
محتواه العلمي الذي عرف به؛ إذ كان املقصود بنعت عنصر لساني بأنه وظيفي هو اإلشارة إلى موقعه
بالنسبة إلى العناصر املحيطة به ،أو باألحرى توزيعه في السياق الكالمي ،لذلك استبدلها سيوادش
)(Morris Swadeshبكلمة توزيع ،distributionومنه وسم هذا االتجاه بالتوزيعي Distributionnalisme
).12 )/ Distributionalism
وكما تم اإلشارة إليه سابقا بأن اللسانيات األمريكية انبثقت من مجهودات اللغويين في وصف
اللغات األمريكية األصلية وصفا موضوعيا فإن هذه املحاوالت كانت عويصة جدا بسبب هيمنة املناهج
والنظريات التاريخية على البحوث اللغوية والتي ال تنفع لوصف اللغة مما اضطر الباحثين األمريكان إلى
ابتداع مناهج جديدة تناسب عرضهم وبحوثهم فاستنبطوا شيئا فشيئا من ممارستهم للعمل الوصفي
مبادئ وقوانين نسقت في نظرية عامة تعرف بالنظرية االستغراقية وابتداءا من سنة 1929م صارت
اللسانيات األمريكية تمتاز عن البحوث التي يقوم بها األوروبيون13.
-4ليونارد بلومفيلد:
حياته ونشاطه:
ولد ليونارد بلومفيلد بشيكاغو عام 1887م ،حصل على املاجستير بجامعة هارفرد سنة
1906م وبدأ يدرس بجامعة فيسكونسين في السنة نفسها كأستاذ مساعد في اللغة األملانية وحصل على
شهادة الدكتوراه في جامعة شيكاغو عام ،1909وقد درس الفيلولوجيا الجرمانية في جامعات عديدة
بالغرب األوسط من الواليات املتحدة األمريكية ،وأخذ على عاتقه دراسة اللغات الهندية األمريكية
األلغونقوية وبعض اللغات الهندية األخرى املنتشرة في جزر الفلبين ،ومع مرور الوقت أصبح يعتني أكثر
فأكثر باللسانيات الوصفية والبنيوية ،وفي سنة 1914م ألف بلومفيلد كتابا بعنوان" مدخل إلى دراسة
اللغة" وقام بمراجعته وإخراجه تحت عنوان"اللغة" سنة 1933م بعدما تشبع بمبادئ السلوكية وفي
عام 1940م خلف بلومفيلد لتعليم اللسانيات العامة بجامعة بيل ملنه أصاب بشلل عام 1946م منعه
من القيام بأي نشاط ،وبقي على هذه الحالة الصحية املتدهورة حتى وافته املنية عام1949م14.
ويرى أن الدراسة اللغوية التقليدية التي ظهرت قبل اللسانيات التاريخية تعد دراسة غير
علمية وأن دراسة اللغة يجب أن تكون وصفية استقرائية ،وقد التزم بمبادئ السلوكية حيث عدها
إطارا نموذجيا لوصف اللغة،وقد شدد على جعل دراسة اللغة دراسة علمية مستقلة وأن اللسانيات
فرع من علم النفس السلوكي وقد تأثر بواطسن وحاول تفسير الحدث الكالمي من منظور سلوكي بحت
رافضا الدراسة العقلية.
وقد أطلق على منهجه باملادي أو اآللي بحيث يفسر السلوك البشري في حدود املثير
واالستجابة،ومما الشك فيه أن هناك مبالغة كبيرة في تركيزه على الجانب اآللي وتشبيه سلوك اإلنسان
بسلوك األميبا أو القطط...ألن اإلنسان يتميز عن هذه املخلوقات بالعقل وقد تجاهل الجانب الخالق في
اللغة والذي أكد عليه تشومسكي وديكارت وهمبولت وهذا ما فتح عليه االنتقادات.
فاللغة حسبه سلوك فيزيولوجي يتسبب في حدوثه مثير معين ولتوضيح هذا املوقف الذي
تستعمل فيه اللغة جاء بمثال"جيل وجاك" ،فشعور جيل بالجوع ورؤية التفاحة يمثالن املثير
واالستجابة املباشرة هي تسلق األشجار وإحضار التفاحة بنفسها لكن بدال من ذلك كانت هناك
استجابة بديلة باألصوات جعلت جاك يتصرف كما لو كان هو الجائع ويحضر التفاحة16.
-2-4التصورالسلوكي:17
يقوم علم النفس السلوكي على قاعدة عامة مفادها اختصار التحليل العلمي للظواهر
النفسية عند اإلنسان والحيوان على حد السواء في السلوك القابل للمالحظة ويمكن ضبطه من خالل
ثنائية املثير واالستجابة ويتفرع منها مجموعة من املبادئ الفكرية العامة:
•رفض كل ذهنية أو تصورية.
•املماثلة بين السلوك اإلنساني والسلوك الحيواني.
وقد اقترح أوسجود osgoodوسيبوك sebeokفي اطار التحليل السيكولساني تصورا مختلفا ملا
كان في السلوكية التقليدية من ربط مباشر بين املعنى والسلوك فاملعنى حلقة وسطى بين العالمة
واملرجع وعن طريق هذه الوساطة يتم الربط بين العالمة واملرجع.
املعنى -العالمة :تحيل العالمة على طريق معنى معين مرتبط بالش يء السمعي أو املكتوب
بواسطة عالقة الداللة.
املعنى -املرجع :عالقة تعلم ،ألننا نتعلم معنى العالمات باتصالنا باألشياء .
العالمة -املرجع :عالقة تعويض ،ألن العالمات تعوض ما تدلنا عليه.
وبهذه الكيفية تكون السلوكية الوسيطية قد انتقلت من معالجة مشكل املعنى بوصفه عالمة-
مرجع إلى العالقة عالمة -عالمة ،بمعنى أن املثير املشروط-كلمة يمكنه أن يربط بعالمات أخرى.
-5مبادئ اللسانيات التوزيعية:
-1-5مفهوم التوزيع:
قبل تناولنا ملفهوم التوزيع البد أن نعرج أوال إلى ّأهم عنصر فيه أال وهي الكلمة:
الكلمة :هي القطعة التي تندرج في املستوى األول من التقطيع املزدوج حيث إنها أصغر قطعة
يصل إليها التحليل مما يدل على معنى،وهناك تسميات عديدة لهذه الوجدة اللغوية :العنصر الدال،
الوحدة املعنوية ،القطعة الدالة ،أقل ما ينطق به مما يدل على معنى وقد تكون الكلمة مكونة من قطعة
صغيرة جدا ،مكونة من حرف أو حرفين وقد تكون كبيرة الحجم فتتكون من عدد كبير من الحروف
مثلما هو الحال بالنسبة لبعض اللغات كالفرنسية و أطول كلمة فيها anticonstitutionnellementأو
األملانية التي تقبل أطول من ذلك وتسمى الكلمة في اللسانيات الحديثة عند الفرنسيين أمثال مارتيني
monémeاملونيم وعند اللغويين األمريكان morphémeاملورفيم18
"التوزيع هو منطق التحليل اللساني في املدرسة األمريكية الوصفية ،وهو ينطلق من مدونة
محدودة ،ليحصر مجموع السياقات أو املواضع التي ترد فيها الوحدات اللغوية الدالة( أي الكلمات) عن
طريق استبدال كلمة بأخرى من أجل تحديد توزيعها ،أي القسم الذي تنتمي إليه ،متميزة بذلك عن
الوحدات األخرى فالتوزيع – إذا -هو(مجموعة القرائن الخاصة بالعناصر)"19
ويعد هذا االتجاه رد فعل على الدراسة اللسانية التقليدية املعيارية بحيث ينفرد بالرؤية
الوصفية الظاهرة في تعاملها اللغة و يتوخى لتحقيق ذلك معاينة السياق الكالمي عن كثب ،ومحاولة
ضبط توارد املؤلفات اللغوية في هذا السياق حسب مواقعها ،ويدل بهذا مصطلح التوزيع على املوقع
الذي يحتله العنصر اللساني ضمن حواليته املألوفة ،ويحدد توزيع عنصر بأنه مجموع العناصر التي
تحيط به ،ومحيط عنصر) أ) يتكون من ترتيب العناصر التي ترد معه؛أي العناصر األخرى التي يتوافق
كل منها في موقع معين مع العنصر في تركيب كالمي20.
وقد ظهر هذا املذهب في التحليل اللساني أوال عند بلومفيلد وتطور على يد هاريس إلى ما يعرف
بالتحليل إلى املكونات املباشرة analyse aux constituants immédiatsفلم تعد الجملة سلسلة خطية
بسيطة ،بل أنها تبدو في شكل هرمي ،قاعدته الجملة(ج) التي تتفرع إلى مجموعة من الطبقات تحتوي
الكلمات تدعى املكونات املباشرة 21
-2-5إقصاء املعنى:
كليا من التحليل اللغوي ،وبأن كل محاولة ً
استبعادا ً يصر التوزيعيون على استبعاد املعنى
تسعى إلى البحث عن أشياء خلف السطح هي وهم منهجي عقيم ليس ألنه ال أهمية بل إليمانهم بأنه ال
يمكن إخضاع املعنى للدراسة الوصفية العلمية الدقيقة التي يمكن ْأن تخضع لها األنساق الظاهرة
األخرى.
ً ً
وكان بلومفيلد قد صرح بأهمية الدراسة الداللية حين قال" :لكي نقدم تعريفا صحيحا ً
علميا
يكون عالم املتكلم ،إذ التطورعلميا عما ّ
أن نملك معرفة صحيحة ً عن معنى كل شكل لغوي ،البد لنا من ْ
الحالي للمعرفة اإلنسانية غير كاف لتحقيق هذه الغاية،إال أن تالمذته الالحقين استنتجوا من كالمه
علميا ،كما رأوا أنه البد من استبعاد علم الداللة من الوصف الظاهر أن دراسة الداللة صعبة املنال ً
ّ
يعول
اللغوي لصالح النزعة الشكلية الناتجة عن التأثر الواضح بنظريات علم النفس السلوكي الذي ِ
كثيرا على ظاهر األشياء ،فاملمكن في نظر التوزيعيين هو ضبط السياقات املختلفة التي يظهر فيها ً
العنصر اللغوي؛ أي تسجيل توزيع هذا العنصر في السلسلة الكالمية 22
"إن الذي ذهب إليه بلومفيلد ومن تبنى آراءه ،فيه اعتساف في النظر والتقدير ،فإن املعنى ال
يجوز أن يخرج من دائرة الدراسات اللغوية،فاللغة ما كانت في األصل إال من أجل التعبير عن املعاني
االجتماعية والنفسية والحياتية،وإنكار الش يء وهو في دائرة وجوده ال يلغي حقيقة وجوده ،فلو تأمل
بلومفيلد كل استجابة لوجد املضامين الداللية االجتماعية هي العمود الفقري للغة"23
فهو "يعمل على تفتيت الجملة إلى مكوناتها الصغرى من أجل معرفة أمرين أولهما كيفية بناء
الجملة أو التركيب من الوحداتالصغرى املكونة لهما ،وثانيهما معرفة عالقات االحتواء والتضمن التي
على أساسها يجري توزيع الجملة إلى حقول بعضها أكبر من بعض وهذا أمر يكشف عن العالقات
التركيبية بين أجزاء الجملة"25
" ويمكن تلخيص املبادئ األساسية التي تقوم عليها بنيوية بلومفيلد ومن سار على دربه ،فيما
هو آت":27
-1تعتمد البنيوية بشكل أساس ي على دراسة النصوص اللغوية بغض النظر عن
القدرات الذهنية التي لدى الناطقين باللغة.
-2يعمد البنيويون إلى مبدأ استكشاف الظاهرة البنائية في اللغة -الخريطة اللغوية
التي يكون عليها النص أو الكالم -فيعملون على استجالء حقيقة هذه الخريطة وصورتها ليس
عن طريق الحدس intuitionبل بوجود وسائل استكشاف متغيرة من شخص آلخر ومن ثقافة
إلى أخرى.
-3يصنف البنيويون اللغة ابتداء من الصوت وانتهاء بالتركيب ،فيجعلون هذا
التصنيف عمال ماديا خالصا دون اعتبار اآللية الذهنية التي تحكم هذه العناصر وعملية
التصنيف نفسها.
-4يرى البنيويون أن لكل لغة أبنيتها التي تنفرد بها وأنه ليس هناك أي جامع بين
اللغات اإلنسانية بعامة أي أن دراسة اللغة باعتبارها ظاهرة إنسانية ليس من الدرس اللغوي
في ش يء.
-5اعتمد البنيويون على الطريقة الجزئية في تدريس اللغة بحيث تنطلق من الصوت
والحرف ،إلى الكلمة ،ثم إلى الجملة ثم اعتمدوا بعد ذلك على طريقة الجملة دون التركيز على
أنظمة التراكيب والجمل.
الهوامش:
1ينظر :أحمد مومن،لسانيات النشأة والتطور ،،ديوان المطبوعات الجامعية ،بن عكنون الجزائر،الطبعة
الثانية،2005،ص.187:
iiابن منظور ،لسان العرب ،ج ،2دار صادر بيروت،د.ط.ص، 383
iiiعبد العزيز حليلي ،اللسانيات العامة واللسانيات العربية ،منشورات دراسات سال ،د ب ،الطبعة األولى1991 ،م ،ص.9:
4ينظر :عبد العزيز حليلي ،المرجع نفسه،ص.10:
5سمير شريف إستيتية ،اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج،عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع ،إربد -األردن،
ط2،2002م،ص.161 :
6أحمد مومن ،لسانيات النشأة والتطور،ص.197:
7خولة طالب االبراهيمي ،مبادئ في اللسانيات،دار القصبة للنشر ،الجزائر،الطبعة الثانية،2006 ،ص.09
8أحمد حساني ،مباحث في اللسانيات،منشورات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية ،اإلمارات العربية المتحدة،الطبعة
الثانيةـ2013م ،ص.23:
9عبد السالم المسدي ،اللسانيات وأسسها المعرفية،الدار التونسية للنشر ،تونس 1986،م ،ص.30-25-24-23:
10د.نعمان بوقرة ،المدارس اللسانية المعاصرة،مكتبة اآلداب ،القاهرة،د ت،ص.67:
11أحمد حساني ،مباحث في اللسانيات،منشورات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية ،اإلمارات العربية المتحدة ،الطبعة
الثانية2013م ،ص.45:
12ينظر :أحمد حساني ،المرجع نفسه ،ص.227-226:
13ينظر خولة طالب االبراهيمي ،مبادئ في اللسانيات،ص88 :
14ينظر:أحمد مومن ،لسانيات النشأة والتطور،ص.193-192 :
15ينظر :سمير شريف إستيتية ،اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج،عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع ،إربد -األردن،
ط2،2002م،ص.166-165:
16ينظر :أحمد مومن،لسانيات النشأة والتطور،ص.195-194-193:
17ينظر :د.مصطفى غلفان ،في اللسانيات العامة-تاريخها،طبيعتها،موضوعها،مفاهيمها،دار الكتاب الجديدة المتحدة،بنغازي-
ليبيا،ط1،2009م،ص31-30-29-28-27-26-25-24-23-22-21-20-19-18-17:
18ينظر :خولة طالب االبراهيمي ،مبادئ في اللسانيات،دار القصبة للنشر ،الجزائر،ط ،2006-2،2000ص.85:
19شفيقة العلوي ،محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة،أبحاث للترجمة والنشر والتوزيع ،بيروت-لبنان
،ط1،2004ص35:
20ينظر:أحمد حساني ،مباحث في اللسانيات،منشورات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية ،اإلمارات العربية المتحدة،الطبعة
الثانية2013،م ،ص.228:
21ينظر :شفيقة العلوي ،محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة،أبحاث للترجمة والنشر والتوزيع ،بيروت-لبنان
ط1،2004ص35:
22ينظر:أحمد حساني،المرجع السابق،ص.229-228
23سمير شريف إستيتية ،اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج،عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع ،إربد -األردن،
ط2،2002م،ص.167:
24ينظر:أحمد حساني،المرجع السابق،ص.230 :
25سمير شريف إستيتية ،اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج ،ص.169:
26أحمد حساني،المرجع السابق،ص.231-230:
27ينظر :سمير شريف استيتية،اللسانيات المجال المنهج والوظيفة،ص.170-172-171- :
المصادر والمراجع:
-5سمير شريف إستيتية ،اللسانيات املجال والوظيفة واملنهج ،عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع ،إربد-
األردن ،ط2002 ،2م.
-6شفيقة العلوي ،محاضرات في املدارس اللسانية املعاصرة ،أبحاث للترجمة والنشر والتوزيع ،بيروت-لبنان
ط2004 ،1م.
-7عبد السالم املسدي ،اللسانيات وأسسها املعرفية،الدارالتونسية للنشر ،تونس 1986،م .
-8عبد العزيز حليلي ،اللسانيات العامة واللسانيات العربية ،منشورات دراسات سال ،د ب ،الطبعة األولى،
1991م.
-9نعمان بوقرة ،املدارس اللسانية املعاصرة ،مكتبة اآلداب ،القاهرة،د ت.