Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬

‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫تأثيرليونارد بلومفيلد‬

‫في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬


‫أ‪.‬بن سعيد مريم‬

‫تحت إشراف أ‪.‬د‪.‬كمال قادري‬

‫املركزالجامعي س ي الحواس بريكة‬

‫امللخص‪:‬‬

‫تهدف هذه الدراسة إلى التركيز على دراسة مظهر مهم جدا من مظاهر السلوك البشري أال‬
‫وهي اللغة البشرية من وجهة نظر املدرسة الوصفية أو التوزيعية عن طريق تسليط الضوء على‬
‫اللساني األمريكي ليونارد بلومفيلد )‪ (bloomfield‬املمثل الرئيس ي للمدرسة الوصفية وقائد الدعوة‬
‫القائلة بإبعاد املعنى عن التحليل اللساني وصاحب كتاب )‪(langages‬الذي وسم بأنه إنجيل علم‬
‫اللغة األمريكي‪ ،‬لكونه أرس ى دعائم اللسانيات األمريكية ووطد مفاهيمها على أسس وصفية بحتة‪ ،‬ال‬
‫يراعى فيها سوى الجانب السطحي والشكلي‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬البنيوية ‪ -‬اللسانيات ‪ -‬املدرسة التوزيعية ‪ -‬التصور السلوكي ‪ -‬إقصاء‬
‫املعنى‪ ،‬التحليل إلى مؤلفات مباشرة ‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study aims to focus on studying a very important aspect of human‬‬
‫‪behavior It is the human language from the point of view of the descriptive school or‬‬
‫‪distributive, By highlighting the American linguist Leonard Bloomfield, The main‬‬
‫‪representative of the descriptive school , And the leader of the call to remove meaning‬‬
‫‪from linguistic analysis, And the author of the book (langages), which has been‬‬

‫‪78‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫‪described as the gospel of American linguistics, Because he laid the foundations of‬‬
‫‪American linguistics and consolidate its concepts on a purely descriptive basis, Only the‬‬
‫‪superficial and formal aspects are taken into account.‬‬
‫‪Keywords: structuralism - linguistics - distributive school - behavioral‬‬
‫‪perception - exclusion of meaning, immediate constituent analysis.‬‬
‫‪.‬املقدمة‪:‬‬
‫انبهر بالدراسات اللغوية الكثير من العلماء واملفكرين منذ األزل حتى باتت علم العصر‪،‬‬
‫وقد تطورت عبر حقبات زمنية مختلفة كما أنها عرفت رجة كبرى في امليدان الثقافي أحدثها املنهج‬
‫البنيوي فتهافتت على األخذ منه جل العلوم اإلنسانية مع بداية القرن التاسع عشر بدراسته اللغة‬
‫من وجهة نظر علمية بعيدا عن االنطباعات التي كانت سائدة من قبل وكان من نتائج ذلك أن تفرع‬
‫من هذا املنهج العديد من املدارس التي تتبع الظاهرة اللغوية كل من زاوية نظرها ومن بين هذه‬
‫املدارس املدرسة الوصفية التوزيعية – هناك من يسميها باملدرسة االستغراقية أو القرائنية‪-‬التي‬
‫سيطرت وتطورت في كل من أوروبا وأمريكا إال أنهما مختلفان من حيث املنهج واملادة املدروسة فاألولى‬
‫انطلقت من الفكر اللغوي عند الدراسات اإلغريقية واستمرت حتى القرن ‪ 19‬بظهور اللسانيات‬
‫التاريخية واملقارنة والثانية انطلقت من الدراسات األنثروبولوجية والحقلية التي اهتمت بتدوين‬
‫وتصنيف اللغات الهندية األمريكية في الو‪.‬م‪.‬أ خشية انقراضها وقد تميزت هذه األخيرة ببروز ثالثة‬
‫باحثين قاموا بإرساء دعائم اللسانيات األمريكية وتوجيهها وهم على التوالي‪ :‬فرانز بوب‪ ،‬إدوارد‬
‫سابير‪ ،‬ليونارد بلومفيلد (‪)1‬الذي سيكون موضوعا لدراستنا من خالل التطرق للعناصر التالية‪:‬‬
‫تحديد وتعريف‪ ،‬كيف تكونت املدارس اللسانية‪،‬اللسانيات التوزيعية‪ ،‬ليونارد بلومفيلد‪ ،‬التصور‬
‫السلوكي‪ ،‬مبادئ اللسانيات التوزيعية‪.‬‬
‫‪ -1‬تحديد وتعريف‪:‬‬

‫‪-1-1‬املنهج‪ :‬لغة"من نهج األمر‪ :‬أبانه وأوضحه‪ ،‬ونهج الطريق سلكه وانتهج الرجل‪ :‬طلب‬
‫املنهج أي الطريق الواضح"‪ ii .‬واصطالحا‪ ":‬طائفة من القواعد املصوغة من أجل الوصول للحقيقة‬
‫في العلم "‪iii‬‬

‫‪-2-1‬البنية اصطالحا‪ :‬نظام يشتغل حسب مجموعة من القواعد املضبوطة واشتغالها هذا‬
‫يحفظها من التلف ويضمن تطورها ويغنيها عن االحتياج إلى االستعانة بعناصر خارجية‪،‬فتكون البنية‬
‫‪79‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬
‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫بهذا مجموع العالقات التي تربط بين العناصر املؤلفة للبنية نفسها‪،‬وان اختل قانون من قوانين ضبط‬
‫هذه العالقات تأثرت باقي العالقات بذلك‪4.‬‬

‫ويعتبر دوسوسير(ت‪1913‬م) املؤسس األول للتوجه البنيوي في دراسة اللغة فقد أودع‬
‫مضمون البنية أو البنيوية في تفسيره للظواهر اللغوية‪ ،‬وقد استعمل هذا املصطلح أول مرة في البيان‬
‫الذي أعلنه اللغويون السالف سنة ‪1929‬م ومن بين املشاركين فيه‪ :‬ياكبسون وتروبتسكوي‪ ،‬وقد دعى‬
‫املؤتمر إلى تبني منهج جديد في دراسة اللغة سموه " املنهج البنيوي"‪5‬‬

‫والبنيوية ‪ structuralism‬مصطلح تتصف به املدارس الحديثة التي تتفق في عدد من املفاهيم‬


‫األساسية وفي أساليب البحث التي ال تتناقض مع مفهوم بنية والتي تهدف للكشف عن قواعد نظام‬
‫هذه األخيرة في اللغة أو األخالق أو املجتمع‪ ،‬ومما يختص به البنيوي الفصل بين القواعد وتحقيقاتها إذ‬
‫يستخلص النظام اللغوي مثال من مجموع النصوص املتنوعة التي تنتج في عمليات التواصل الشفاهي‬
‫خاصة‪ ،‬فاللغة أو املجتمع أو غيره نظام متكامل يمكن استخراجه كليا أو جزئيا باعتماد مجموعة من‬
‫القواعد العامة‪.‬‬

‫وبشكل عام كان معظم اللسانيين األمريكيين في العهد البلومفيدي من دعاة البنيوية‪ ،‬الذين‬
‫انكبوا على دراسة اللغة وخاصة املنطوقة في اإلطار الذي رسمه بلومفيلد في الثالثينيات دراسة وصفية‬
‫وقد اتبعوا طريقته في التحليل بتقسيم اللغة إلى مستويات وعدم الخلط بينها‪ :‬املستوى الفونيمي‪:‬‬
‫يحتوي على الوحدات الصوتية‪،‬واملورفيمي‪ :‬يتضمن وحدات معجمية كاملفردة والسابقة والالحقة‬
‫والداخلة والساق والجذر‪ ،‬واملستوى التركيبي الذي يحتوي على تراكيب أوسع من الكلمة كشبه الجملة‬
‫والجميلة واملستوى الداللي الذي لم يتناوله البنيويون ألنهم كانوا يركزون على التحليل الشكلي ‪6‬‬

‫‪-3-1‬اللسانيات )‪: ( la linguistique‬‬


‫مصطلح اللسانيات كعلم ‪ linguistique‬حديث العهد والنشأة‪ ،‬ظهر بداية القرن املاض ي على‬
‫يد فردناند دوسوسير (‪ )f.de saussure‬مؤسس اللسانيات الحديثة ‪7‬بالرغم من أن الدراسات اللغوية‬
‫تعود آلالف السنين‪.‬‬

‫"ظهر مصطلح اللسانيات أول مرة في أملانيا‪ linguistik‬لكن لفظ ‪ sprachwissenschaft‬كان‬


‫أقدم منه وأكثر إستعماال‪ ،‬ثم استعمل في فرنسا ‪ linguistique‬ابتداءا من ‪1826‬م ثم في‬
‫إنجلترا‪ linguisti‬ابتداءا من‪1855‬م"‪8‬‬

‫‪80‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫هو علم موضوعه اللغة و يتعين على هذا العلم أن يعرف الظاهرة اللغوية أكثر مما يتوجب‬
‫عليها أن تعرف نفسها ذلك أن تحديد اللسانيات للحدث اللغوي هو الذي يعطي ذوي النظر املعرفي‬
‫املادة التي منها يستخلصون تعريفهم لعلم اللسانيات ‪،‬ولقد أقامت اللسانيات جوهر تعريفها للظاهرة‬
‫اللغوية على مفهوم العالمة ‪ ،‬وجرى على لسان املختصين أن اللغة جملة من الرموز أو مجموعة من‬
‫العالمات التي تترابط فيما بينها ترابطا عضويا; فالعالمات تحكمها عالقات من التوافق أو الترابط أو‬
‫االختالف أو التضاد مما ينش ئ شبكة من القرائن التي تتضافر أطرافها فتتحول الروابط إلى نظام من‬
‫العالقات تتجاور أفقيا و تتراكب عموديا‪ ،‬فهي نسيج متكتل األبعاد فتعتبر بهذا اللسانيات اللغة‬
‫مجموعة من العالقات الثنائية القائمة بين جملة العالمات املكونة لرصيد اللغة ذاتها وأن تعريف‬
‫العالمة يستمد قيمته من طبيعة العالقات القائمة بينها وبين سائر العالمات األخرى ‪9‬‬

‫" إن ما جعل اللسانيات علما حديثا وثوريا في اآلن نفسه هو إخضاع الظواهر اللغوية ملناهج‬
‫البحث العلمي ‪ ،‬خالفا ملا كان عليه الحال من قبل إذ كانت العلوم في أوروبا تتصف بالذاتية والتخمين‬
‫والتأمل العقلي البعيد عن املوضوعية في أغلب األحيان "‪10‬‬

‫‪ -2‬كيف تكونت املدارس اللسانية‪:‬‬


‫"لإلجابة عن هذا التساؤل البد من اإلشارة إلى القيمة املعرفية واملنهجية لألفكار التأسيسية‬
‫ً‬
‫جوهريا في املنهج العلمي في التعامل مع‬ ‫ً‬
‫انقالبا‬ ‫التي جاء بها ‪ ،De Saussure‬تلك األفكار التي أحدثت‬
‫الظاهرة‬
‫اللغوية‪ ،‬األمر الذي أدى إلى اكتمال النظرية اللسانية املعاصرة بمناهجها ومفاهيمها‬
‫وإجراءاتها التطبيقية‪ ،‬فبعد االنتشار الواسع لألفكار واملبادئ التي تضمنها كتاب "دوسوسير"‪ :‬دروس في‬
‫اللسانيات العامة ‪ Cours de linguistique générale / Course in General Linguistics‬سواء كان هذا‬
‫االنتشار عن طريق تالمذته مباشرة أو عن طريق االطالع على كتابه بواسطة القراءة أو الترجمة تشكلت‬
‫مجموعة من الحلقات اللسانية في مناطق مختلفة من العالم بدأت بالتدريج ترقى إلى مستوى املدارس‬
‫اللسانية املتميزة"‪ : 11‬مدرسة جنيف(السويسرية)‪،‬املدرسة الروسية(موسكو)‪،‬مدرسة‬
‫براغ(الوظيفية)‪،‬مدرسة كوبنهاجن(الغلوسيماتيك)‪،‬املدرسة االنجليزية‪،‬املدرسة األمريكية (الوصفية أو‬
‫التوزيعية)‪.‬‬

‫‪-3‬املدرسة األمريكية (اللسانيات الوصفية أو التوزيعية)‪:‬‬

‫‪81‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫تكونت هذه املدرسة في بدايتها مع الدراسات األنثروبولوجية التي اهتمت بدراسة العناصر‬
‫البشرية لقبائل الهنود الحمر و خصائصها الثقافية‪ ،‬وفي ظل هذا االهتمام نشأت الدراسة اللسانية‬
‫الوصفية على يد‪ Boas‬ثم سابير‪ ،‬ثم تالهما ليونارد بلومفيلد( ‪ )L.Bloomfield‬بخاصة بعد إسقاط‬
‫املفاهيم السلوكية على الدراسة اللسانية بحيث أعطى للدراسة اللسانية في أمريكا طابعها الخاص‬
‫الذي ميزها عن النشاط اللساني األوروبي‪ ،‬حين أصدر كتابه اللغة)‪)Langage/ Language‬عام ‪1933‬م‬
‫ً‬
‫منهجيا لكي تنعت بالبنوية والوصفية تارة‪ ،‬والتوزيعية تارة أخرى‪.‬‬ ‫فهيأ بذلك الدراسة اللسانية في أمريكا‬
‫وقد أدى هذا اإلسقاط لظهور نظرية لسانية متكاملة قائمة على أساس مفهوم الوظيفة‬
‫ُْ‬ ‫استخداما جز ً‬
‫ً‬
‫افيا ألنه أف ِرغ من‬ ‫(‪ )Fonction/ Function‬بيد أن مصطلح الوظيفة في أول أمره استخدم‬
‫محتواه العلمي الذي عرف به؛ إذ كان املقصود بنعت عنصر لساني بأنه وظيفي هو اإلشارة إلى موقعه‬
‫بالنسبة إلى العناصر املحيطة به‪ ،‬أو باألحرى توزيعه في السياق الكالمي‪ ،‬لذلك استبدلها سيوادش‬
‫)‪(Morris Swadesh‬بكلمة توزيع‪ ،distribution‬ومنه وسم هذا االتجاه بالتوزيعي ‪Distributionnalisme‬‬
‫)‪.12 )/ Distributionalism‬‬
‫وكما تم اإلشارة إليه سابقا بأن اللسانيات األمريكية انبثقت من مجهودات اللغويين في وصف‬
‫اللغات األمريكية األصلية وصفا موضوعيا فإن هذه املحاوالت كانت عويصة جدا بسبب هيمنة املناهج‬
‫والنظريات التاريخية على البحوث اللغوية والتي ال تنفع لوصف اللغة مما اضطر الباحثين األمريكان إلى‬
‫ابتداع مناهج جديدة تناسب عرضهم وبحوثهم فاستنبطوا شيئا فشيئا من ممارستهم للعمل الوصفي‬
‫مبادئ وقوانين نسقت في نظرية عامة تعرف بالنظرية االستغراقية وابتداءا من سنة ‪1929‬م صارت‬
‫اللسانيات األمريكية تمتاز عن البحوث التي يقوم بها األوروبيون‪13.‬‬

‫‪ -4‬ليونارد بلومفيلد‪:‬‬
‫حياته ونشاطه‪:‬‬
‫ولد ليونارد بلومفيلد بشيكاغو عام ‪1887‬م‪ ،‬حصل على املاجستير بجامعة هارفرد سنة‬
‫‪1906‬م وبدأ يدرس بجامعة فيسكونسين في السنة نفسها كأستاذ مساعد في اللغة األملانية وحصل على‬
‫شهادة الدكتوراه في جامعة شيكاغو عام ‪ ،1909‬وقد درس الفيلولوجيا الجرمانية في جامعات عديدة‬
‫بالغرب األوسط من الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وأخذ على عاتقه دراسة اللغات الهندية األمريكية‬
‫األلغونقوية وبعض اللغات الهندية األخرى املنتشرة في جزر الفلبين‪ ،‬ومع مرور الوقت أصبح يعتني أكثر‬
‫فأكثر باللسانيات الوصفية والبنيوية‪ ،‬وفي سنة ‪1914‬م ألف بلومفيلد كتابا بعنوان" مدخل إلى دراسة‬
‫اللغة" وقام بمراجعته وإخراجه تحت عنوان"اللغة" سنة ‪1933‬م بعدما تشبع بمبادئ السلوكية وفي‬

‫‪82‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫عام ‪1940‬م خلف بلومفيلد لتعليم اللسانيات العامة بجامعة بيل ملنه أصاب بشلل عام ‪1946‬م منعه‬
‫من القيام بأي نشاط‪ ،‬وبقي على هذه الحالة الصحية املتدهورة حتى وافته املنية عام‪1949‬م‪14.‬‬

‫‪-1-4‬منهجه الدراس ي‪:‬‬


‫"تزعم بلومفيلد التيار البنيوي في الواليات املتحدة األمريكية في الفترة املمتدة بين عامي ‪1930‬و‬
‫‪ 1950‬والذي يتسم بالنزعة التوزيعية التي تعمل على توزيع الوحدة التركيبية إلى أجزائها ومكوناتها‬
‫الصغرى"‪15‬‬

‫ويرى أن الدراسة اللغوية التقليدية التي ظهرت قبل اللسانيات التاريخية تعد دراسة غير‬
‫علمية وأن دراسة اللغة يجب أن تكون وصفية استقرائية‪ ،‬وقد التزم بمبادئ السلوكية حيث عدها‬
‫إطارا نموذجيا لوصف اللغة‪،‬وقد شدد على جعل دراسة اللغة دراسة علمية مستقلة وأن اللسانيات‬
‫فرع من علم النفس السلوكي وقد تأثر بواطسن وحاول تفسير الحدث الكالمي من منظور سلوكي بحت‬
‫رافضا الدراسة العقلية‪.‬‬
‫وقد أطلق على منهجه باملادي أو اآللي بحيث يفسر السلوك البشري في حدود املثير‬
‫واالستجابة‪،‬ومما الشك فيه أن هناك مبالغة كبيرة في تركيزه على الجانب اآللي وتشبيه سلوك اإلنسان‬
‫بسلوك األميبا أو القطط‪...‬ألن اإلنسان يتميز عن هذه املخلوقات بالعقل وقد تجاهل الجانب الخالق في‬
‫اللغة والذي أكد عليه تشومسكي وديكارت وهمبولت وهذا ما فتح عليه االنتقادات‪.‬‬
‫فاللغة حسبه سلوك فيزيولوجي يتسبب في حدوثه مثير معين ولتوضيح هذا املوقف الذي‬
‫تستعمل فيه اللغة جاء بمثال"جيل وجاك"‪ ،‬فشعور جيل بالجوع ورؤية التفاحة يمثالن املثير‬
‫واالستجابة املباشرة هي تسلق األشجار وإحضار التفاحة بنفسها لكن بدال من ذلك كانت هناك‬
‫استجابة بديلة باألصوات جعلت جاك يتصرف كما لو كان هو الجائع ويحضر التفاحة‪16.‬‬

‫‪ -2-4‬التصورالسلوكي‪:17‬‬
‫يقوم علم النفس السلوكي على قاعدة عامة مفادها اختصار التحليل العلمي للظواهر‬
‫النفسية عند اإلنسان والحيوان على حد السواء في السلوك القابل للمالحظة ويمكن ضبطه من خالل‬
‫ثنائية املثير واالستجابة ويتفرع منها مجموعة من املبادئ الفكرية العامة‪:‬‬
‫•رفض كل ذهنية أو تصورية‪.‬‬
‫•املماثلة بين السلوك اإلنساني والسلوك الحيواني‪.‬‬

‫‪83‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫• اختصار االستعدادات الفطرية الغريزية عند اإلنسان في عمليات تعليمية بسيطة‬


‫تقوم على تفضيل املحيط والتربية على الوراثة والفطرة والطبيعة‪.‬‬
‫•الصيغة الحتمية واآللية للمقاربة السلوكية(تأثير الوضعية املنطقية)‪.‬‬
‫وال تعتبر السلوكية مدرسة متجانسة لكنها تضم في اطارها العديد من األسماء التي تلتقي في‬
‫بعض املبادئ وتختلف في أخرى‪ ،‬وفي إطار املدرسة السلوكية يمكننا أن نميز بين االتجاهات التالية‪:‬‬
‫أوال‪:‬السلوكية التقليدية; ويمثلها بافلوف ‪1936-1842( pavlov ivan fetrovich‬م)‪،‬‬
‫ثورندايك ‪1949-1874( thorndike‬م)‪ ،‬واطسون ‪1958-1878(watson‬م)‪ ،‬هول كالرك ‪hull clark‬‬
‫(‪ 1952-1884‬م)‪ ،‬اهتمت اهتماما بالغا باللغة البشرية من حيث أنها سلوك نفس ي بالغ األهمية‪ ،‬وينطلق‬
‫في تعامله معها من املقولة السلوكية املتمثلة في أن جميع مشاكلنا النفسية يمكنها أن تجد حال في إطار‬
‫الثنائية مثير استجابة والذي يعرف بنظرية االشراط ‪ conditionnement‬التي صاغها بافلوف‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬السلوكية األداتية; ويمثلها سكينر ‪ )1990-1904( b.f.skinner‬وتعرف نظريته‬
‫بالنظرية اإلجرائية‪ ،‬فقد طور سكينر التصور التقليدي بالتأكيد على البعد العملي لثنائية املثير‬
‫واالستجابة بادخال نوع جديد من االرتباط بينهما وأن االستجابات ليست دائما نتيجة مثيرات محددة‬
‫ومضبوطة‪ ،‬بل يمكن أن تتحول هذه السلوكات إلى إجراءات عملية تحصل تلقائيا وتكون قابلة للتكرار‬
‫وتشكل سلوكا محددا إذا توافر ما يقويها ويدعمها‪ ،‬وكان لهذا التصور الجديد أثر فعال في تفسير‬
‫العديد من السلوكات املعقدة التي عجزت السلوكية التقليدية عن تفسيرها مثل مشكلة التفسيرو اللغة‬
‫والقراءة ‪ ،‬ومع سكينر تحول علم النفس السلوكي إلى نظرية للتعلم وفيها وضع أسس التحليل التجريبي‬
‫للسلوك‪ ،‬وقد مرت املدرسة السلوكية االجرائية في مرحلتين مختلفتين‪ :‬مرحلة اقتصرت الدراسة فيها‬
‫على دراسة سلوك الحيوانات ومرحلة تمت فيها معالجة سلوكات اإلنسان وال سيما بعض السلوكيات‬
‫األكثر تعقيدا مثل السلوك اللغوي‪.‬‬
‫‪ -3-4‬السلوكية الوسيطية وإشراط املعنى ‪ :conditionnement du sens‬يمثلها عدد من‬
‫علماء النفس وعلماء السيكولسانيات أمثال أوسجود ‪ osgood‬و ‪ ، sebeok‬وتمثل مرحلة متطورة في‬
‫تاريخ السلوكية لتجاوز الطابع اآللي الحاد الذي تميزت به السلوكية التقليدية والصعوبات النظرية‬
‫واملنهجية املتعلقة بمسألة ربط املعنى اللغوي بالسلوك العادي من جهة وبالصعوبات التي ترتبط‬
‫بظاهرة تعميم الداللة املتمثلة في كون عدة مثيرات يمكنها أن تنتج استجابة لغوية واحدة وسيطية‪ ،‬وأن‬
‫املثير نفسه يمكن أن يكون سببا في استجابات وسيطية مختلفة‪.‬‬

‫‪84‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫وقد اقترح أوسجود ‪ osgood‬وسيبوك ‪ sebeok‬في اطار التحليل السيكولساني تصورا مختلفا ملا‬
‫كان في السلوكية التقليدية من ربط مباشر بين املعنى والسلوك فاملعنى حلقة وسطى بين العالمة‬
‫واملرجع وعن طريق هذه الوساطة يتم الربط بين العالمة واملرجع‪.‬‬
‫املعنى‪ -‬العالمة‪ :‬تحيل العالمة على طريق معنى معين مرتبط بالش يء السمعي أو املكتوب‬
‫بواسطة عالقة الداللة‪.‬‬
‫املعنى‪ -‬املرجع‪ :‬عالقة تعلم‪ ،‬ألننا نتعلم معنى العالمات باتصالنا باألشياء ‪.‬‬
‫العالمة‪ -‬املرجع‪ :‬عالقة تعويض‪ ،‬ألن العالمات تعوض ما تدلنا عليه‪.‬‬
‫وبهذه الكيفية تكون السلوكية الوسيطية قد انتقلت من معالجة مشكل املعنى بوصفه عالمة‪-‬‬
‫مرجع إلى العالقة عالمة‪ -‬عالمة‪ ،‬بمعنى أن املثير املشروط‪-‬كلمة يمكنه أن يربط بعالمات أخرى‪.‬‬
‫‪ -5‬مبادئ اللسانيات التوزيعية‪:‬‬
‫‪ -1-5‬مفهوم التوزيع‪:‬‬
‫قبل تناولنا ملفهوم التوزيع البد أن نعرج أوال إلى ّأهم عنصر فيه أال وهي الكلمة‪:‬‬
‫الكلمة‪ :‬هي القطعة التي تندرج في املستوى األول من التقطيع املزدوج حيث إنها أصغر قطعة‬
‫يصل إليها التحليل مما يدل على معنى‪،‬وهناك تسميات عديدة لهذه الوجدة اللغوية‪ :‬العنصر الدال‪،‬‬
‫الوحدة املعنوية‪ ،‬القطعة الدالة‪ ،‬أقل ما ينطق به مما يدل على معنى وقد تكون الكلمة مكونة من قطعة‬
‫صغيرة جدا‪ ،‬مكونة من حرف أو حرفين وقد تكون كبيرة الحجم فتتكون من عدد كبير من الحروف‬
‫مثلما هو الحال بالنسبة لبعض اللغات كالفرنسية و أطول كلمة فيها ‪ anticonstitutionnellement‬أو‬
‫األملانية التي تقبل أطول من ذلك وتسمى الكلمة في اللسانيات الحديثة عند الفرنسيين أمثال مارتيني‬
‫‪ monéme‬املونيم وعند اللغويين األمريكان ‪morphéme‬املورفيم‪18‬‬

‫"التوزيع هو منطق التحليل اللساني في املدرسة األمريكية الوصفية‪ ،‬وهو ينطلق من مدونة‬
‫محدودة‪ ،‬ليحصر مجموع السياقات أو املواضع التي ترد فيها الوحدات اللغوية الدالة( أي الكلمات) عن‬
‫طريق استبدال كلمة بأخرى من أجل تحديد توزيعها‪ ،‬أي القسم الذي تنتمي إليه‪ ،‬متميزة بذلك عن‬
‫الوحدات األخرى فالتوزيع – إذا‪ -‬هو(مجموعة القرائن الخاصة بالعناصر)"‪19‬‬

‫ويعد هذا االتجاه رد فعل على الدراسة اللسانية التقليدية املعيارية بحيث ينفرد بالرؤية‬
‫الوصفية الظاهرة في تعاملها اللغة و يتوخى لتحقيق ذلك معاينة السياق الكالمي عن كثب‪ ،‬ومحاولة‬
‫ضبط توارد املؤلفات اللغوية في هذا السياق حسب مواقعها‪ ،‬ويدل بهذا مصطلح التوزيع على املوقع‬
‫الذي يحتله العنصر اللساني ضمن حواليته املألوفة‪ ،‬ويحدد توزيع عنصر بأنه مجموع العناصر التي‬

‫‪85‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫تحيط به‪ ،‬ومحيط عنصر) أ) يتكون من ترتيب العناصر التي ترد معه؛أي العناصر األخرى التي يتوافق‬
‫كل منها في موقع معين مع العنصر في تركيب كالمي‪20.‬‬

‫وقد ظهر هذا املذهب في التحليل اللساني أوال عند بلومفيلد وتطور على يد هاريس إلى ما يعرف‬
‫بالتحليل إلى املكونات املباشرة ‪ analyse aux constituants immédiats‬فلم تعد الجملة سلسلة خطية‬
‫بسيطة‪ ،‬بل أنها تبدو في شكل هرمي‪ ،‬قاعدته الجملة(ج) التي تتفرع إلى مجموعة من الطبقات تحتوي‬
‫الكلمات تدعى املكونات املباشرة ‪21‬‬

‫‪ -2-5‬إقصاء املعنى‪:‬‬
‫كليا من التحليل اللغوي‪ ،‬وبأن كل محاولة‬ ‫ً‬
‫استبعادا ً‬ ‫يصر التوزيعيون على استبعاد املعنى‬
‫تسعى إلى البحث عن أشياء خلف السطح هي وهم منهجي عقيم ليس ألنه ال أهمية بل إليمانهم بأنه ال‬
‫يمكن إخضاع املعنى للدراسة الوصفية العلمية الدقيقة التي يمكن ْأن تخضع لها األنساق الظاهرة‬
‫األخرى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وكان بلومفيلد قد صرح بأهمية الدراسة الداللية حين قال" ‪:‬لكي نقدم تعريفا صحيحا ً‬
‫علميا‬
‫يكون عالم املتكلم‪ ،‬إذ التطور‬‫علميا عما ّ‬
‫أن نملك معرفة صحيحة ً‬ ‫عن معنى كل شكل لغوي‪ ،‬البد لنا من ْ‬
‫الحالي للمعرفة اإلنسانية غير كاف لتحقيق هذه الغاية‪،‬إال أن تالمذته الالحقين استنتجوا من كالمه‬
‫علميا‪ ،‬كما رأوا أنه البد من استبعاد علم الداللة من الوصف‬ ‫الظاهر أن دراسة الداللة صعبة املنال ً‬
‫ّ‬
‫يعول‬
‫اللغوي لصالح النزعة الشكلية الناتجة عن التأثر الواضح بنظريات علم النفس السلوكي الذي ِ‬
‫كثيرا على ظاهر األشياء‪ ،‬فاملمكن في نظر التوزيعيين هو ضبط السياقات املختلفة التي يظهر فيها‬ ‫ً‬
‫العنصر اللغوي؛ أي تسجيل توزيع هذا العنصر في السلسلة الكالمية ‪22‬‬

‫"إن الذي ذهب إليه بلومفيلد ومن تبنى آراءه‪ ،‬فيه اعتساف في النظر والتقدير‪ ،‬فإن املعنى ال‬
‫يجوز أن يخرج من دائرة الدراسات اللغوية‪،‬فاللغة ما كانت في األصل إال من أجل التعبير عن املعاني‬
‫االجتماعية والنفسية والحياتية‪،‬وإنكار الش يء وهو في دائرة وجوده ال يلغي حقيقة وجوده‪ ،‬فلو تأمل‬
‫بلومفيلد كل استجابة لوجد املضامين الداللية االجتماعية هي العمود الفقري للغة"‪23‬‬

‫‪ -3-5‬التحليل إلى مؤلفات مباشرة (‪:)immediate constituent analysis‬‬


‫ينعت املنهج األساس املعتمد في تحليل البنية التركيبية لدى التوزيعيين بالتحليل إلى مؤلفات‪،‬‬
‫بحيث تفكك بنية الجملة على أساس أنها مؤلفة من طبقات من مكونات الجملة بعضها أكبر من بعضها‬
‫أن يتم تحليلها إلى عناصرها األولية من املورفيمات لكون املورفام (‪)Morphème‬وحدة دنيا‬ ‫اآلخر‪ ،‬إلى ْ‬
‫تفيد داللة يبرزها التحليل‪24.‬‬

‫‪86‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫فهو "يعمل على تفتيت الجملة إلى مكوناتها الصغرى من أجل معرفة أمرين أولهما كيفية بناء‬
‫الجملة أو التركيب من الوحداتالصغرى املكونة لهما‪ ،‬وثانيهما معرفة عالقات االحتواء والتضمن التي‬
‫على أساسها يجري توزيع الجملة إلى حقول بعضها أكبر من بعض وهذا أمر يكشف عن العالقات‬
‫التركيبية بين أجزاء الجملة"‪25‬‬

‫يطلق مصطلح مؤلف (‪)Constituent/ Constituant‬في اللسانيات التوزيعية على كل‬


‫مورفام‪،‬أو ركن كالمي يمكن له ْأن يدرج ضمن بناء أكبر و تنقسم مؤلفات الكالم إلى قسمين‪:‬‬
‫املؤلفات املباشرة (‪:)Constituants immédiats / Immediate constituent‬‬
‫وهي مكونات الجملة التي تقبل التحليل إلى مؤلفات أصغر‬
‫املؤلفات النهائية ( ‪:)Constituants terminaux/ constituents terminals‬وهي مؤلفات‬
‫ال تقبل التحليل إلى مؤلفات أصغر‪.‬‬
‫نموذج لهذا التحليل‪:‬‬
‫َْ ُ َ ُ ََ‬
‫أتتك ْم ف ِال َّية األف ِاعي‬
‫تتكون هذه الجملة من مؤلفين مباشرين هما‪:‬‬
‫(أتتكم) (فالية األفاعي)‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬
‫ً‬
‫واملؤلفان ‪ 1‬و ‪ 2‬يمكن لنا تحليلهما إلى مؤلفين أيضا‪:‬‬
‫)أتت( ) كم(‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬
‫)فالية( ) األفاعي(‬
‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬
‫واملؤلف ) ‪ ( 3‬يمكن لنا تحليله إلى مؤلفين‪:‬‬
‫) ت(‬ ‫)أتى(‬
‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬
‫واملؤلف ) ‪ ( 6‬يمكن لنا تحليله إلى مؤلفين‪:26‬‬
‫)أل ( )أفاعي(‬
‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪87‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫" ويمكن تلخيص املبادئ األساسية التي تقوم عليها بنيوية بلومفيلد ومن سار على دربه‪ ،‬فيما‬
‫هو آت"‪:27‬‬

‫‪ -1‬تعتمد البنيوية بشكل أساس ي على دراسة النصوص اللغوية بغض النظر عن‬
‫القدرات الذهنية التي لدى الناطقين باللغة‪.‬‬
‫‪ -2‬يعمد البنيويون إلى مبدأ استكشاف الظاهرة البنائية في اللغة‪ -‬الخريطة اللغوية‬
‫التي يكون عليها النص أو الكالم‪ -‬فيعملون على استجالء حقيقة هذه الخريطة وصورتها ليس‬
‫عن طريق الحدس ‪ intuition‬بل بوجود وسائل استكشاف متغيرة من شخص آلخر ومن ثقافة‬
‫إلى أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬يصنف البنيويون اللغة ابتداء من الصوت وانتهاء بالتركيب‪ ،‬فيجعلون هذا‬
‫التصنيف عمال ماديا خالصا دون اعتبار اآللية الذهنية التي تحكم هذه العناصر وعملية‬
‫التصنيف نفسها‪.‬‬
‫‪ -4‬يرى البنيويون أن لكل لغة أبنيتها التي تنفرد بها وأنه ليس هناك أي جامع بين‬
‫اللغات اإلنسانية بعامة أي أن دراسة اللغة باعتبارها ظاهرة إنسانية ليس من الدرس اللغوي‬
‫في ش يء‪.‬‬
‫‪ -5‬اعتمد البنيويون على الطريقة الجزئية في تدريس اللغة بحيث تنطلق من الصوت‬
‫والحرف‪ ،‬إلى الكلمة‪ ،‬ثم إلى الجملة ثم اعتمدوا بعد ذلك على طريقة الجملة دون التركيز على‬
‫أنظمة التراكيب والجمل‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ 1‬ينظر‪ :‬أحمد مومن‪،‬لسانيات النشأة والتطور‪ ،،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون الجزائر‪،‬الطبعة‬
‫الثانية‪،2005،‬ص‪.187:‬‬
‫‪ ii‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،2‬دار صادر بيروت‪،‬د‪.‬ط‪.‬ص‪، 383‬‬
‫‪ iii‬عبد العزيز حليلي‪ ،‬اللسانيات العامة واللسانيات العربية‪ ،‬منشورات دراسات سال‪ ،‬د ب ‪،‬الطبعة األولى‪1991 ،‬م‪ ،‬ص‪.9:‬‬
‫‪ 4‬ينظر‪ :‬عبد العزيز حليلي‪ ،‬المرجع نفسه‪،‬ص‪.10:‬‬
‫‪ 5‬سمير شريف إستيتية‪ ،‬اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج‪،‬عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع‪ ،‬إربد‪ -‬األردن‪،‬‬
‫ط‪2،2002‬م‪،‬ص‪.161 :‬‬
‫‪ 6‬أحمد مومن‪ ،‬لسانيات النشأة والتطور‪،‬ص‪.197:‬‬
‫‪ 7‬خولة طالب االبراهيمي‪ ،‬مبادئ في اللسانيات‪،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬الطبعة الثانية‪،2006 ،‬ص‪.09‬‬
‫‪ 8‬أحمد حساني‪ ،‬مباحث في اللسانيات‪،‬منشورات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪،‬الطبعة‬
‫الثانيةـ‪2013‬م‪ ،‬ص‪.23:‬‬

‫‪88‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫‪ 9‬عبد السالم المسدي‪ ،‬اللسانيات وأسسها المعرفية‪،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس ‪1986،‬م‪ ،‬ص‪.30-25-24-23:‬‬
‫‪ 10‬د‪.‬نعمان بوقرة‪ ،‬المدارس اللسانية المعاصرة‪،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪،‬د ت‪،‬ص‪.67:‬‬
‫‪ 11‬أحمد حساني‪ ،‬مباحث في اللسانيات‪،‬منشورات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪2013‬م‪ ،‬ص‪.45:‬‬
‫‪ 12‬ينظر‪ :‬أحمد حساني‪ ،‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.227-226:‬‬
‫‪ 13‬ينظر خولة طالب االبراهيمي‪ ،‬مبادئ في اللسانيات‪،‬ص‪88 :‬‬
‫‪ 14‬ينظر‪:‬أحمد مومن‪ ،‬لسانيات النشأة والتطور‪،‬ص‪.193-192 :‬‬
‫‪ 15‬ينظر‪ :‬سمير شريف إستيتية‪ ،‬اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج‪،‬عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع‪ ،‬إربد‪ -‬األردن‪،‬‬
‫ط‪2،2002‬م‪،‬ص‪.166-165:‬‬
‫‪ 16‬ينظر‪ :‬أحمد مومن‪،‬لسانيات النشأة والتطور‪،‬ص‪.195-194-193:‬‬
‫‪ 17‬ينظر‪ :‬د‪.‬مصطفى غلفان‪ ،‬في اللسانيات العامة‪-‬تاريخها‪،‬طبيعتها‪،‬موضوعها‪،‬مفاهيمها‪،‬دار الكتاب الجديدة المتحدة‪،‬بنغازي‪-‬‬
‫ليبيا‪،‬ط‪1،2009‬م‪،‬ص‪31-30-29-28-27-26-25-24-23-22-21-20-19-18-17:‬‬
‫‪ 18‬ينظر‪ :‬خولة طالب االبراهيمي‪ ،‬مبادئ في اللسانيات‪،‬دار القصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬ط‪ ،2006-2،2000‬ص‪.85:‬‬
‫‪ 19‬شفيقة العلوي‪ ،‬محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة‪،‬أبحاث للترجمة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‬
‫‪،‬ط‪1،2004‬ص‪35:‬‬
‫‪ 20‬ينظر‪:‬أحمد حساني‪ ،‬مباحث في اللسانيات‪،‬منشورات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪،‬الطبعة‬
‫الثانية‪2013،‬م‪ ،‬ص‪.228:‬‬
‫‪ 21‬ينظر‪ :‬شفيقة العلوي‪ ،‬محاضرات في المدارس اللسانية المعاصرة‪،‬أبحاث للترجمة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‬
‫ط‪1،2004‬ص‪35:‬‬
‫‪ 22‬ينظر‪:‬أحمد حساني‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.229-228‬‬
‫‪ 23‬سمير شريف إستيتية‪ ،‬اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج‪،‬عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع‪ ،‬إربد‪ -‬األردن‪،‬‬
‫ط‪2،2002‬م‪،‬ص‪.167:‬‬
‫‪ 24‬ينظر‪:‬أحمد حساني‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.230 :‬‬
‫‪ 25‬سمير شريف إستيتية‪ ،‬اللسانيات المجال والوظيفة والمنهج‪ ،‬ص‪.169:‬‬
‫‪ 26‬أحمد حساني‪،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.231-230:‬‬
‫‪ 27‬ينظر‪ :‬سمير شريف استيتية‪،‬اللسانيات المجال المنهج والوظيفة‪،‬ص‪.170-172-171- :‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،2‬دارصادربيروت‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬‬


‫‪ -2‬أحمد مومن‪ ،‬لسانيات النشأة والتطور‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬بن عكنون الجزائر‪،‬ط‪.2005 ،2‬‬
‫‪ -3‬أحمد حساني‪ ،‬مباحث في اللسانيات‪،‬منشورات كلية الدراسات اإلسالمية والعربية‪ ،‬اإلمارات العربية‬
‫املتحدة‪،‬الطبعة الثانية‪.2013،‬‬
‫‪ -4‬خولة طالب االبراهيمي‪ ،‬مبادئ في اللسانيات‪ ،‬دارالقصبة للنشر‪ ،‬الجزائر‪،‬ط‪.2006 ،2‬‬

‫‪89‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬


‫تأثيرليونارد بلومفيلد في املدرسة األمريكية واللسانيات التوزيعية‬
‫أ‪ .‬بن سعيد مريم‬

‫‪ -5‬سمير شريف إستيتية‪ ،‬اللسانيات املجال والوظيفة واملنهج‪ ،‬عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع‪ ،‬إربد‪-‬‬
‫األردن‪ ،‬ط‪2002 ،2‬م‪.‬‬
‫‪ -6‬شفيقة العلوي‪ ،‬محاضرات في املدارس اللسانية املعاصرة‪ ،‬أبحاث للترجمة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‬
‫ط‪2004 ،1‬م‪.‬‬
‫‪ -7‬عبد السالم املسدي‪ ،‬اللسانيات وأسسها املعرفية‪،‬الدارالتونسية للنشر‪ ،‬تونس ‪1986،‬م ‪.‬‬
‫‪ -8‬عبد العزيز حليلي‪ ،‬اللسانيات العامة واللسانيات العربية‪ ،‬منشورات دراسات سال‪ ،‬د ب ‪،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪1991‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬نعمان بوقرة‪ ،‬املدارس اللسانية املعاصرة‪ ،‬مكتبة اآلداب‪ ،‬القاهرة‪،‬د ت‪.‬‬

‫‪90‬‬ ‫مجلة ال ُم ْزهِر أبحاث في اللغة واألدب‪ ،‬ع‪ – 06‬جوان ‪2022‬‬

You might also like