Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 34

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية‬

‫الشعبية‬
‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬
‫جامعة ‪ 08‬ماي ‪ 1945‬قاملة‬
‫كلية العلوم االنسانية واالجتماعية‬

‫املل ـتقى الدولي حـ ـ ـ ــول‪:‬‬

‫" الجامعـة و االنفـتـاح على املحيـط الخارجي اإلنتظـارات و‬


‫الرهـانات"‬

‫يومي ‪ 29‬و ‪ 30‬أفريل ‪2018‬‬


‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة‬

‫‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬


‫د‪ .‬شراف عقون‬ ‫د‪ .‬عبد الرحمان أوالد زاوي‬ ‫د‪ .‬منصف بن خديج ـ ــة‬
‫مخبر البحوث والدراسات اإلقتصادية‪،‬‬ ‫مخبر البحوث والدراسات اإلقتصادية‪،‬‬
‫املركز الجامعي ميلة ‪ /‬الجزائر‬
‫جامعة سوق أهراس ‪ /‬الجزائر‬ ‫جامعة سوق أهراس ‪ /‬الجزائر‬
‫‪aggoun.charaf@yahoo.fr‬‬ ‫‪ouledzaoui80@gmail.com‬‬ ‫‪benkhedidjam81@gmail.com‬‬

‫‪1‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫لى تس‪FF‬ليط الض‪FF‬وء على مفه‪FF‬وم التس‪FF‬يير االس‪FF‬تراتيجي وتطبيقات‪FF‬ه في قض‪FF‬ايا التعليم الع‪FF‬الي والجامع‪FF‬ة بص‪FF‬فة خاص‪FF‬ة‪ ،‬م‪FF‬ع‬
‫لجامع‪F‬ة الجزائري‪F‬ة الس‪F‬يما أثن‪F‬اء التط‪F‬رق إلى مراح‪F‬ل تط‪F‬بيق التس‪F‬يير االس‪F‬تراتيجي وفق‪F‬ا للنم‪F‬وذج الخماسي واملتمثل‪F‬ة في‪:‬‬
‫ة‪ ،‬تحلي ‪FF‬ل البيئ ‪FF‬ة الداخلي ‪FF‬ة والخارجي ‪FF‬ة للجامع ‪FF‬ة‪ ،‬ص ‪FF‬ياغة اإلس ‪FF‬تراتيجية‪ ،‬تنفي ‪FF‬ذ اإلس ‪FF‬تراتيجية‪ ،‬متابع ‪FF‬ة وتق ‪FF‬ويم أداء‬

‫دراس‪F‬ة إلى جمل‪F‬ة من النت‪F‬ائج تتعل‪F‬ق بالحاج‪F‬ة املاس‪F‬ة لتط‪F‬بيق التس‪F‬يير االس‪F‬تراتيجي في الجامع‪F‬ة بص‪F‬فة عام‪F‬ة‪ ،‬واملعيق‪F‬ات‬
‫حائال دون عملية التطبيق‪ ،‬إلى جانب تقديم توصيات تتعلق بهذا الجانب‪.‬‬

‫سيير االستراتيجي‪ ،‬التعليم العالي‪ ،‬الجامعة الجزائرية‪.‬‬


‫‪Abstract:‬‬
‫‪This research aims to focus on the concept of strategic management, its applications in high‬‬
‫‪and particular in university. It referes to the Algerian university, especially within appli‬‬
‫‪management according to the five- steps model: vision and mission of university, internal and ex‬‬
‫‪analysis, strategy formulation, strategy implementation, and Monitoring and evaluating the p‬‬
‫‪strategy.‬‬

‫‪The study concluded that there is a necessity to implement the strategic management at unive‬‬
‫‪obstacles of application; it also gives a set of recommendations about this subject.‬‬

‫‪Key Words : Strategic Management, Higher Education, The Algerian University.‬‬

‫مـــقــدمــــــة‪:‬‬

‫تعت بر مؤسس ات التعليم الع الي قائ دة للمعرف ة ومنتج ة له ا‪ ،‬وذات أبع اد‬
‫مختلفة إقتصادية وإ جتماعية وسياسية‪ ،‬وبذلك يعكس النظام التعليمي الجامعي‬
‫طموحات المجتمعات‪ ،‬ويكرس اختياراتها ويسعى إلى إيجاد الصيغ المالئمة‬
‫للتكوين والتعليم‪ ،‬واستشراف المستقبل بمستلزماته العلمية والتكنولوجية لتقديم‬
‫رأس مال بشري قادر على دفع قاطرة التنمية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫في هذا اإلطار تؤكد الشواهد الواقعية أن الجامعة الجزائرية بصفة خاصة‬
‫وجامعات أخرى ال سميا تلك المتواجدة في بعض الدول النامية أص بحت غير‬
‫ق ادرة على تخ ريج طلب ة ق ادرين على تفعيل ما تعلموه للتأقلم مع الوض عيات‬
‫الجديدة وأداء المهام التي تسند إليهم عند توظيفهم في المؤسسات أداءا حسنا‪.‬‬

‫م ع أن مفه وم التخطي ط اإلس تراتيجي ُيع د من أك ثر المف اهيم ال تي ح ازت‬


‫سمعة جيدة وجذبت الكثير من القيادات اإلدارية واالستشاريين إلى ممارسته‪،‬‬
‫إّال أنه مع ذلك ُيعد من المفاهيم التي لم ُتمارس عملي ًا على الوجه المطلوب‪،‬‬
‫وإ جم اًال يمكن الق ول أن توظي ف التس يير اإلس تراتيجي للتعام ل م ع قض ايا‬
‫وتح ديات التعليم الع الي س وف تك ون نتائج ه في الغ الب إيجابي ة إذا م ا أحس ن‬
‫التخطي ط لمث ل ه ذا المش روع وتم إع داده وتنفي ذه ومتابعت ه وتقويم ه باحترافي ة‬
‫بغض النظر عن الصعوبات المتوقعة التي قد تواجهه‪.‬‬

‫اإلشكالية‪ :‬في ظل المكانة المرموقة التي يحظى بها التسيير اإلستراتيجي في‬
‫التعليم العالي بصفة عامة والجامعة بصفة خاصة يظل السؤال المطروح‪ :‬ما‬
‫ه و واق ع ممارس ة التس يير اإلس تراتيجي في قط اع التعليم الع الي بص فة عام ة‬
‫والجامعة الجزائرية بصفة خاصة؟‬

‫وس عيا لإلجاب ة على الس ؤال المط روح قمن ا بط رح جمل ة من األس ئلة‬
‫الفرعية‪:‬‬

‫‪-‬ما المقصود بالتسيير اإلستراتيجي وكيف تتم ممارسته في المنظمات؟‬


‫‪-‬كيف يرتبط التسيير اإلستراتيجي بقضايا التعليم العالي؟‬
‫‪-‬إلى أي مدى نجحت الجامعة الجزائرية في ممارسة التسيير اإلستراتيجي؟‬
‫أهداف الـــــدراســـــــة‬

‫تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬مناقشة األسس النظرية لمفهوم التسيير اإلستراتيجي‪ ،‬وقضايا التعليم العالي‪.‬‬


‫‪-‬إبراز سيرورة التسيير اإلستراتيجي وأهميته في التعليم العالي وبالخصوص‬
‫المؤسسات الجامعية‪.‬‬
‫‪-‬التعرف على واقع ممارسة التسيير اإلستراتيجي في الجامعة الجزائرية‪.‬‬

‫المنهــج المتبـــع‬

‫لمعالج ة مش كلة الدراس ة وتحلي ل مختل ف أبعاده ا‪ ،‬تم اإلعتم اد على المنهج‬
‫الوصفي التحليلي بفضل مراجعة األدبيات ذات الصلة بالموضوع‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل المراج ع والكتب وال دوريات المكتبي ة‪ ،‬باإلض افة إلى البيان ات‬
‫واإلحصائيات الصادرة عن هيآت رسمية كوزارة التعليم العالي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التسيير االستراتيجي – الماهية‪ ،‬األهمية‪ ،‬والممارسات‪-‬‬

‫يعت بر مفه وم التس يير اإلس تراتيجي من أك ثر المف اهيم ال تي لقيت ترحيب ا‬
‫واس عا وج ذبت الكث ير من المس يرين واالستش اريين إلى ممارس ته‪ ،‬في جمي ع‬
‫المنظمات وعلى مختلف المستويات‪.‬‬

‫‪-1‬مفهوم التسيير االستراتيجي‬


‫بداية ال بد أن نشير إلى أن اإلستراتيجية هي عبارة عن مصطلح عس كري‬
‫قديم تشير إلى اختيار أفضل خطة أو بديل لمهاجمة العدو‪ ،‬حيث ترجع جذور‬
‫كلم ة اإلس تراتيجية إلى الكلم ة اليوناني ة "اس تراتيجوس" (‪ ،)Strategos‬وال تي‬
‫تع ني فن ون الح رب وإ دارة المع ارك‪ ،‬وك ان ينظ ر إلى اإلس تراتيجية على أنه ا‬
‫تخطي ط وتوجي ه العملي ات العس كرية‪ ،‬ول ذلك عرفه ا ق اموس "أوكس فورد" (‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪ )Oxford‬على أنه ا الفن المس تخدم في تعبئ ة وتحري ك المع دات الحربي ة‪ ،‬بم ا‬
‫(‪)1‬‬
‫ُيمّك ن من السيطرة على الموقف والعدو بصورة شاملة‪.‬‬

‫كما عرفها قاموس ‪ LAROUSSE‬على أنها فن استخدام القوى العسكرية‬


‫والسياسية واالقتصادية واألخالقية للمتابعة في شؤون الحرب‪.‬‬

‫ه ذا المص طلح تمت اس تعارته في أدبي ات اإلدارة وغيره ا من العل وم‬


‫الحديث ة ليع ني ب ذلك اختي ار الب ديل المالئم للتعام ل م ع القض ايا اإلس تراتيجية‬
‫التي تواجه الجهاز أيًا كان نوعه حكوميًا أو خاصًا مدنيًا أو عسكريًا‪.‬‬

‫هناك من يرى بأن اإلستراتيجية يقصد بها تلك القرارات التي تهتم بعالقة‬
‫المؤسسة بالبيئة الخارجية‪ ،‬فحيث تتسم الظروف التي يتم فيها اتخاذ القرارات‬
‫بجزء من عدم التأكد‪ ،‬يقع على عاتق اإلدارة عبء تحقيق تكيف المؤسسة م ع‬
‫(‪)2‬‬
‫تلك التغيرات‪.‬‬

‫في حين ‪ IGOR Ansoff‬ال ذي يع د اح د رواد الفك ر اإلداري و أش هر‬


‫الكت اب في مج ال اإلدارة اإلس تراتيجية‪ ،‬فيع رف اإلس تراتيجية علي أنه ا‪" :‬‬
‫تص ور المنظم ة عن العالق ة المتوقع ة بينه ا و بين بيئته ا بحيث يوض ح ه ذا‬
‫التصور نوع العمليات التي يجب القيام بها علي المدى البعيد‪ ،‬والمدى الذي‬
‫(‪)3‬‬
‫يجب أن تذهب إليه المنظمة و الغايات التي يجب أن تحققها"‪.‬‬
‫أما حسب ‪ ALFRED Chandler‬تتمثل اإلستراتيجية في تحديد األهداف‬
‫والغاي ات األساس ية الطويل ة الم دى للمؤسس ة‪ ،‬ثم وض ع خط ط العم ل‪،‬‬
‫وتخص يص الم وارد المختلف ة ال تي تس مح ببل وغ تل ك الغاي ات‪ .‬وه و ي رى أن‬
‫القرارات اإلستراتجية هي التي تختص بالقرارات التي تمس مستقبل المنظمة‬
‫وفاعليتها في األجل الطويل‪ ،‬وذلك مثل القرارات الخاصة بالنمو والتوسيع‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫وحسبه تعد اإلستراتيجية من مسؤولية اإلدارة العليا‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫وبه ذا المفه وم المتعل ق باإلس تراتيجية فإنه ا تمث ل في الواق ع ج وهر اتخ اذ‬
‫الق رارات بالنس بة للقي ادات اإلداري ة في أي منظم ة‪ ،‬فمن خالل اإلس تراتيجية‬
‫يمكنن ا تب ني العدي د من الق رارات لمعالج ة القض ايا ال تي تواجهن ا في منظماتن ا‬
‫والعم ل على نق ل أداء المنظم ة من الوض ع ال ذي هي علي ه في ال وقت ال راهن‬
‫إلى وضع أفضل منه في المستقبل‪.‬‬

‫عن دما الرب ط بين مفه ومي اإلس تراتيجية والتخطي ط يتش كل لن ا مفه وم‬
‫التخطيط اإلستراتيجي‪ ،‬وهو يعني قيام المنظمة باتخاذ مجموعة من العمليات‬
‫وذلك من أجل فهم الموقف اإلستراتيجي؛ ومن ثم تطوير توجهات إستراتيجية‬
‫تؤثر على اتخ اذ الق رارات بالنس بة لمس تقبل تلك المنظم ة في ض وء التغ يرات‬
‫التي تحصل في البيئة التي تنشط فيها‪.‬‬

‫كذلك فإن مصطلح اإلستراتيجية كثيرًا ما يربط بمصطلح اإلدارة( التسيير)‬


‫حيث نج د مفه وم التس يير اإلس تراتيجي‪ ،‬ه ذا المفه وم يعم ل على رب ط الخط ة‬
‫اإلس تراتيجية بعملي ة اتخ اذ الق رار‪ .‬ل ذلك ف إن الخط ة اإلس تراتيجية تح اول أن‬
‫تحقق الموائمة بين بيئة المنظمة الخارجية وبيئتها الداخلية‪.‬‬

‫يمكن تقديم التعاريف التالية للتسيير (اإلدارة ) اإلستراتيجي‪:‬‬

‫يع رف ك وتلر ‪ Kotler‬اإلدارة اإلس تراتيجية بأنه ا تل ك العملي ة ال تي يتم من‬


‫خالله ا تحدي د وص ياغة العالق ة بين المؤسس ة والبيئ ة ال تي تنش ط فيه ا‪ ،‬من‬
‫خالل تنمية غايات وأهداف وإ ستراتيجيات للنمو‪ ،‬وتحديد محفظة األعمال لكل‬
‫(‪)5‬‬
‫العمليات واألنشطة التي تمارسها المؤسسة‪.‬‬
‫في حين ‪ Thietart‬يع رف التس يير اإلس تراتيجي على أن ه مجموع ة من‬
‫الق رارات واألفع ال المتعلق ة بإختي ار الوس ائل‪ ،‬وإ س تعمال الم وارد بغ رض‬
‫(‪)6‬‬
‫الوصول إلى هدف معّين تم تحديده من طرف المنظمة‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫كم ا ي رى ك ل من ‪ Thompson et Strickland‬التس يير اإلس تراتيجي‬


‫بأنه ا تحدي د األه داف األساس ية الطويل ة األم د للمنظم ة وتب ني مجموع ة من‬
‫األفع ال و تخص يص للم وارد الض رورية في س بيل إختي ار النم ط المالئم من‬
‫(‪)7‬‬
‫أجل تنفيذها‪.‬‬
‫بص فة عام ة التس يير اإلس تراتيجي ه و منظوم ة متكامل ة من الق رارات‬
‫والممارسات اإلدارية التي تحدد األداء طويل األجل للمنظمة بكفاءة وفاعلية‪،‬‬
‫ويتض من ذل ك وض ع أو ص ياغة اإلس تراتيجية وتطبيقه ا وتقويمه ا باعتباره ا‬
‫منهجية أو أسلوب عمل‪.‬‬
‫من التعاريف السابقة وغيرها يظهر بأن التسيير اإلستراتيجي ينط وي على‬
‫العمليات التالية‪:‬‬

‫‪-‬تحديد األهداف المراد تحقيقها والرؤية الواجب بلوغها‪ ،‬وذلك في ضوء‬


‫مهمة المؤسسة أو رسالتها؛‬
‫‪ -‬تحليل وضعية المؤسسة في البيئة التي تنشط فيها‪ ،‬من خالل تشخيص حالتها‬
‫الداخلية والخارجية؛‬
‫‪-‬تولي د االس تراتيجيات الممكن ة أو الب دائل المحتمل ة ال تي تق ود لبل وغ تل ك‬
‫األهداف؛‬
‫‪-‬العم ل على إختي ار وص ياغة الب ديل األفض ل من بين تل ك الب دائل‪ ،‬وتوف ير‬
‫المتطلبات الضرورية لتنفيذه وتجسيده على أرض الواقع؛‬
‫‪-‬السعي الدائم لمراقبة تنفيذ اإلستراتيجية ومراجعتها بغية إكتش اف اإلنحرافات‬
‫والفجوات في األداء‪ ،‬للتمكن من تصحيحها وتقويمها في الوقت المناسب‪.‬‬
‫‪-2‬أهمية التسيير اإلستراتيجي‬
‫بن اء على التع اريف الس ابقة يمكن الق ول ب أن التس يير اإلس تراتيجي في أي‬
‫قض ية إس تراتيجية (ومنه ا قض ية التعليم الع الي أو الجامع ة) س وف يحق ق لن ا‬
‫(‪)8‬‬
‫الفوائد التالية‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬إسهام الخطة اإلستراتيجية في توضيح الوضع الراهن للمنظمة من حيث‬


‫نقاط قوتها وضعفها والفرص المتاحة لها والتهديدات التي تعترضها في سبيل‬
‫تحقيق أهدافها؛‬
‫‪-‬تساعد الخطة اإلستراتيجية على توضيح رسالة ورؤية وأهداف المنظمة بما‬
‫يمكنها من االسترشاد بهذه المعطيات في سبيل تحقيق أهدافها العامة والخاصة‬
‫وتسخير إمكاناتها المادية والبشرية في هذا الجانب؛‬
‫‪-‬تمكين المديرين في المنظمة من التفكير إستراتيجيًا بخصوص مستقبل‬
‫المنظمة والتحديات التي سوف يواجهونها ومن ثم طرح الحلول اإلبداعية‬
‫للتعامل مع هذه التحديات؛‬
‫‪-‬أن تبني اإلستراتيجية يفرض على قيادات المنظمة والعاملين فيها ضرورة‬
‫االتصال الواضح والمثمر وفق األهداف المحددة في اإلستراتيجية بما يسهم‬
‫في توفير ثقافة تنظيمية تمكن من التعلم التنظيمي والتغلب على معوقات‬
‫األداء؛‬
‫‪-‬أن اإلستراتيجية تعمل في الواقع على تفعيل التنظيم والسياسات الموجودة في‬
‫المنظمة والتقليل ما أمكن من المركزية بحكم توضيح المهام والصالحيات‬
‫لكل فرد في المنظمة أيًا كان موقعه‪ .‬هذه النتيجة تفرض بدورها ضرورة‬
‫ممارسة عملية التنسيق بفعالية بين العاملين في المنظمة على كافة مستوياتهم‬
‫اإلدارية ‪ ،‬بل والتنسيق بين المنظمة والمنظمات الخارجية؛‬
‫‪-‬وأخيرًا فإن تبني منهج التسيير اإلستراتيجي سوف يساعد على تشجيع‬
‫اإلبداع في داخل المنظمة وذلك من أجل تلبية احتياجات المنظمة والتغييرات‬
‫والتحديات الموجودة في بيئتها الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫‪-3‬ممارسة التسيير االستراتيجي‬
‫ال يوجد نموذج واحد في أدبيات وممارسات التسيير االستراتيجي يتحدث‬
‫عن مراح ل مح ددة يتم العم ل به ا في جمي ع ممارس ات التس يير االس تراتيجي‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫فعلى سبيل المثال يتحدث برايسون )‪ Bryson (1995‬عن عشر مراحل أو‬
‫خط وات للتس يير االس تراتيجي‪ ،‬في حين يش ير دانكن وزمالءه ‪Duncan et‬‬
‫)‪ all"(1992‬وكذا ‪ Bruce 2005‬إلى أن التسيير االستراتيجي يمر بأربعة‬
‫مراحل أساسية‪ ،‬في الوقت الذي يقتصرها ‪ Dess et Lumpkin 2003‬على‬
‫ثالث ة مراح ل‪ .‬ه ذا االختالف بين الب احثين والممارس ين في مج ال التس يير‬
‫االس تراتيجي يعت بر ظ اهرة ص حية‪ ،‬حيث أن ذل ك ن ابع من خ براتهم‬
‫وممارساتهم لهذه المهارة اإلدارية‪.‬‬

‫وأي ًا ك ان األم ر ف إن المق ارن بين ه ذه النم اذج يج د أن ه مهم ا اختلفت فيم ا‬
‫بينه ا في ع دد المراح ل أو الخط وات إال أنه ا جميع ًا تتح دث عن نفس العملي ة‬
‫في اإلدارة االستراتيجية وبنفس المفاهيم واألدوات‪ ،‬وفي دراستنا هذه إعتمدنا‬
‫على النم وذج الخماس ي للتس يير اإلس تراتيجي (الرؤي ة والرس الة‪ ،‬تحلي ل‬
‫الموق ف‪ ،‬ص ياغة اإلس تراتيجية‪ ،‬تنفي ذ اإلس تراتيجية‪ ،‬متابع ة وتق ويم‬
‫اإلستراتيجية)‪.‬‬

‫‪-4‬ارتباط التسيير االستراتيجي بقضايا التعليم العالي‬


‫س نتطرق في ه ذه الفق رة إلى أب رز القض ايا التعليمي ة ال تي يمكن أن يس هم‬
‫التس يير اإلس تراتيجي في التعام ل معه ا‪ ،‬وال تي يمكن تلخيص ها في النق اط‬
‫(‪)9‬‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪-‬التعامل مع الحاالت واألهداف المتعارضة للتعليم في بعض الحاالت‪ ،‬ومن‬


‫ثم تحديد األولويات التي يجب أن نتعلمها من جهة؛ واألهداف التي نحققها‬
‫أوال من جهة أخرى؛‬
‫‪-‬العمل على تشخيص ممارسات الجامعة في الوقت الراهن من نشاطات‬
‫تتعلق بفعالية وكفاءة التعليم‪ ،‬ومن ثمة تحديد ما ينبغي عمله في المستقبل؛‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬التجاوب والتكّي ف مع المفاهيم الحديثة في اإلدارة سواء ما يتعلق منها بإعادة‬


‫هندسة اإلدارة‪ ،‬إدارة الجودة الشاملة‪ ،‬التعلم التنظيمي‪ ،‬المرونة واليقظة‬
‫اإلستراتيجية‪...‬إلخ؛‬
‫‪-‬معالجة إشكالية الميزانيات المخصصة للتعليم والتي غالبًا ما تكون أقل من‬
‫اإلحتياجات الفعلية للجامعات؛‬
‫‪-‬المساهمة في تغيير نظرة المسؤولين واألفراد في الجامعة تجاه ما يمكن‬
‫عمله وتحقيقه من خالل الجامعة بفضل المهارات واألبحاث العلمية‪ ،‬وما‬
‫يمكن عمله من خالل التعاقد مع جهات خاصة تسمح بتوفير األموال؛‬
‫‪-‬التجاوب مع تحديات عدم رضا المستفيدين من الخدمات التي تقدمها‬
‫الجامعة‪ ،‬ومحاولة البحث عن أفضل اإلستراتيجيات للتعامل مع هذه المشكلة؛‬
‫‪-‬إن توظيف التسيير اإلستراتيجي في مجال قضايا التعليم وتحدياته يحتمل‬
‫نوعًا من التعلم المستمر لكافة العاملين في المنظمة بما يمكنهم من مسايرة‬
‫التغييرات الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫هذا اإلسهام للتسيير اإلستراتيجي في مجال التعليم العالي يجب أن ينعكس‬
‫(‪)10‬‬
‫على كافة البرامج التعليمية والتي من بينها ما يلي‪:‬‬

‫‪-‬البرامج التعريفية والتمهيدية والتي كثيرًا ما يحتاجها الفرد أو الموظف‬


‫الجديد‪ ،‬حيث أن هذه البرامج غائبة إلى حٍد كبير في خططنا التعليمية؛‬
‫‪-‬برامج التطوير الذاتي التي أصبحت سمة من سمات العصر الحديث مع‬
‫وجود التقنية ووسائل االتصال المتطورة؛‬
‫‪-‬التطوير المهني على أساس المسار الوظيفي‪ :‬لقد وَّلى عصر العشوائية في‬
‫التعليم وينبغي أن يبنى في جامعاتنا مفهوم المسار الوظيفي لكل طالب‪ ،‬ومن‬
‫ثم تعليم هذا الطالب على ما يحتاجه من معارف ومهارات لمستقبله الوظيفي؛‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪ -‬التعليم في مجال التقنية‪ :‬هذا المفهوم أو النوع من التعليم هو أكثر قبوًال‬


‫اليوم‪ ،‬حيث نجد أن األشخاص يسهمون بذواتهم في تطوير معارفهم‬
‫ومهاراتهم في مجال التقنية؛‬

‫‪-‬التعليم على أخالقيات الوظيفة‪ :‬ذلك أن المعرفة والمهارة الفنية ليست كافية‬
‫لنجاح اإلدارة إذ ال بد أن تهتم بالتعليم على أخالقيات العمل أو الوظيفة؛‬
‫‪-‬التعليم على التعامل مع الثقافات والشعوب األخرى‪ :‬لم نعد أمة أو دولة‬
‫منعزلة بذاتها عن العالم‪ ،‬بل لقد أصبح تشكيل كل دولة هو خليط من ثقافات‬
‫مختلفة لذلك كان من الضروري أن نأخذ التعليم على هذه القضية‬
‫اإلستراتيجية في االعتبار‪.‬‬
‫ه ذه ليس ت إال أمثل ة على بعض القض ايا التعليمي ة ال تي يمكن أن يس هم‬
‫التس يير اإلس تراتيجي في معالجته ا‪ ،‬حيث أن هن اك الكث ير والكث ير من‬
‫التح ديات األخ رى ال تي س وف ت برز بس بب التغ ير في هيكلي ة التعلم‪ ،‬وزي ادة‬
‫ع دد الس كان وطبيع ة العم ل وط البي العم ل‪ ،‬ومقتض يات األمن وإ ش كالية‬
‫االقتصاد والتقنية‪....‬إلخ‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬تطبيق التسيير االستراتيجي في التعليم العالي (الجامعة الجزائرية)‬

‫من خالل عرض نا لمراح ل التس يير االس تراتيجي وعالقت ه بتح ديات التعليم‬
‫س وف نتح دث من منظ ور النم وذج الخماس ي للتس يير االس تراتيجي‪ ،‬أي‬
‫المراحل الخمسة وذلك على النحو التالي ‪:‬‬

‫‪-1‬رؤيـة ورســالة الجامعة‬

‫قب ل ص ياغة اإلس تراتيجية ال ب د من تحدي د األط راف أص حاب المص لحة‬
‫( من الحكوم ة‪ ،‬وزارة التعليم الع الي‪ ،‬إدارة الجامع ة‪،‬‬ ‫‪Stakeholders‬‬
‫المراك ز البحثي ة‪ ،‬أعض اء هيئ ات الت دريس والع املون‪ ،‬الطلب ة‪ ،‬المنظم ات‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫المختلف ة بس وق العم ل‪ ،‬المنظم ات والهيئ ات العام ة والخاص ة ‪ ،)..‬حيث أن‬


‫مقابل ة احتياج ات وتوقع ات تل ك األط راف من أولى الض مانات ال تي توض ح‬
‫م دى واقعي ة اإلس تراتيجية المقترح ة المنطوي ة على الخ دمات ال تي تق دمها‬
‫الجامعة للمجتمع والبيئة بوجه عام‪.‬‬

‫على هذا األساس فإنه وقبل إعداد خط ة إستراتيجية للتعليم الع الي يجب أن‬
‫تك ون ل دينا ص ورة واض حة عم ا ينبغي أن نعمل ه في ه ذا الج انب (الرس الة‪/‬‬
‫المهم ة)‪ ،‬وماذا يمكنن ا أن نعمل ه في المستقبل (الرؤي ة)‪ ،‬وماذا نري د أن نحقق‬
‫بالضبط من وراء إعادة النظر في ممارساتنا للتعليم العالي من خالل توظيف‬
‫التسيير االستراتيجي‪.‬‬

‫‪-1.1‬الرؤيــــــــة‪:‬‬
‫يعرفه ا ‪ Lunch 2000‬بأنه ا ص ورة ض منية ومفه وم مل زم لمس تقبل‬
‫مرغوب في ه‪ .‬في حين ‪ Daft et Neo 2001‬فيعرف ان الرؤي ة اإلس تراتيجية‬
‫على أنه ا مس تقبل مث الي وج ذاب لم يتحق ق بع د‪ ،‬ويص فانها ب النجم ال دليل لك ل‬
‫(‪)11‬‬
‫فرد في المنظمة بإتجاه الطريق الواحد للمستقبل‪.‬‬
‫فالرؤي ة هي وص ف لطموح ات وآم ال المنظم ة في المس تقبل‪ ،‬فهي حلم‪-‬‬
‫واقعي‪ -‬لمستقبل المنظمة واإلدارة بعد تطبيق اإلستراتيجية‪.‬‬

‫وبالتالي يّتضح من خالل هذا التعريف أّن الرؤية اإلستراتيجية للمنظمة‬


‫تمثل شعاع للتوجيه وتنسيق الجهود بالنسبة لمختلف المشاريع التي تعمل‬
‫عليها المنظمة (الجامعة)‪.‬‬

‫يمكن تقديم بعض األمثلة عن رؤية بعض الجامعات العالمية والعربية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬رؤية جامعة هارفارد " خلق مجتمع مدني يحدث ثورة في شتى مجاالت‬
‫العلم"‪.‬‬
‫‪-‬رؤية جامعة الملك فيصل بالسعودية "أن نكون إحدى الجامعات الرائدة في‬
‫الشراكة المجتمعية من خالل التميز في التعليم والبحث العلمي والقيادة"‪.‬‬
‫‪-‬رؤية جامعة عين شمس بمصر " تسعى جامعتنا إلى تحقيق التميز فى مجال‬
‫التعليم الجامعي والبحث العلمي على المستويات المحلية واإلقليمية والعالمية"‪.‬‬
‫‪ -2.1‬الرسالــــة‪ /‬المهمـــة‪:‬‬

‫(‬ ‫)‪2‬‬
‫‪- Thomas j g: strategic management -concepts,‬‬
‫‪practices and cases ,NY Harper and publishers,1988. P‬‬
‫‪38‬‬

‫‪ -‬عبد الحميد عبد الفتاح المغربي‪ :‬اإلدارة اإلستراتيجية – بقياس األداء‬ ‫‪)3‬‬ ‫(‬

‫المتوازن؛ المكتبة العصرية‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص ‪.35‬‬


‫(‬ ‫)‪4‬‬
‫‪- ALFRED Chandler : Stratégie et structures de‬‬
‫‪l’entreprise. Les éditions d’organisation, 1972. p. 65.‬‬

‫‪ -‬طاهر محس ن منص ور الغ البي‪ ،‬وائ ل محم د ص بحي إدريس‪ :‬اإلدارة‬ ‫‪)5‬‬ ‫(‬

‫إلستراتيجية‪ ،‬منظور منهجي متكامل‪ ،‬عمان‪ ،‬دار وائل‪.2007 ،‬‬

‫(‬ ‫)‪6‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪THIETART‬‬ ‫‪Raymond-‬‬ ‫‪Alain :‬‬ ‫‪La‬‬ ‫‪stratégie‬‬
‫‪d’entreprise, Mcgraw-hill, Paris, 1984.‬‬

‫(‬
‫)‪7‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Strategor :Stratégie,‬‬ ‫‪Structure,‬‬ ‫‪Décision,‬‬
‫‪Identité .Politique général d'entreprise .inter édition,‬‬
‫‪1993.‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫هن اك من يعرفه ا بأنه ا إع داد وص ف ع ام مختص ر يوض ح للجه ات ذات‬


‫العالقة مع المؤسسة‪ ،‬لماذا وجدت المؤسسة وأهدافها‪ ،‬والفئات التي تخدمها‪،‬‬
‫وفلسفة وقيم العمل التي تلتزم بها‪ ،‬وما يميزها عن غيرها في تقديم خدماتها‪،‬‬
‫وتعظيم من افع األط راف المعني ة بالحف اظ على مكانته ا االجتماعي ة‪ ،‬في البيئ ة‬
‫(‪)12‬‬
‫التي تعمل فيها‪.‬‬
‫أم ا ‪ Jonson et autres‬فيعرفونه ا بأنه ا بي ان لتعميم غ رض المنظم ة‬
‫ال رئيس‪ ،‬وهي تعب ير عن س بب وج ود المنظم ة‪ ،‬أي اإلعالن الرس مي ال ذي‬

‫– أنظر كل من‪:‬‬ ‫‪)8‬‬ ‫(‬

‫‪ -‬زكري اء مطل ع ال دوري ‪:‬اإلدارة اإلس تراتيجية –مف اهيم وعملي ات وح االت‬
‫دراسية ‪ ،‬دار اليازوري‪ ،‬عمان‪ ،2005 ،‬ص ص ‪. 24،25‬‬

‫‪ -‬نعمة عباس الخفاجي ‪ :‬اإلدارة اإلستراتجية – المداخل والمفاهيم والعمليات‬


‫‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،2010 ،‬ص ‪.35‬‬

‫– بن خديج ة منص ف وأوالد زاوي عب د الرحم ان‪ :‬التعليم الع الي في‬ ‫‪)9‬‬ ‫(‬

‫الجامع ة الجزائري ة‪ ...‬رؤي ة إس تراتيجية‪ ،‬الملتقى الوط ني ح ول‪ :‬الم وارد‬


‫البش رية في المؤسس ة الجامعي ة ‪ -‬ترش يد االس تثمار‪ ،‬ب المركز الج امعي‬
‫سوق أهراس‪ 24/25.‬نوفمبر ‪ .2009‬إعتمادا على مراجع أخرى‪.‬‬
‫– المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪)10‬‬ ‫(‬

‫(‬ ‫)‪11‬‬
‫‪- TARONDEAU J C et HUTTIN C: Dictionnaire de‬‬
‫‪Stratégie d'entreprise. Ed Vuibert, 2001 Paris.‬‬

‫(‬ ‫)‪12‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Marie – Agnès Morsain. Dictionnaire du‬‬
‫‪management stratégique. Editions Belin 2000. P 164.‬‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫يتعل ق بم ا تح اول المنظم ة تحقيق ه في الم دى المتوس ط والم دى الطوي ل في‬


‫(‪)13‬‬
‫الحياة العملية‪.‬‬

‫ومن خالل ك ل م ا س بق يمكن أن نع رف الرس الة بأنه ا ج وهر المؤسس ة‪،‬‬


‫فهي تح دد الغ رض من إنش اء المؤسس ة‪ ،‬والقيم ال تي أنش أت المؤسس ة على‬
‫أساس ها‪ ،‬وهي وس يلة لص ياغة اإلس تراتيجية ال تي تعتم د عليه ا المؤسس ة في‬
‫بيئتها‪.‬‬

‫بعب ارة أخ رى هي مجموع ة الخص ائص الفري دة ال تي تم يز المنظم ة عن‬


‫غيرها من المنظمات‪ ،‬حيث تكون وثيقة مكتوبة تمثل دستور ومرشد للمنظمة‬
‫في كل قراراتها وجهودها‪.‬‬
‫(‪)14‬‬
‫ومما تقدم يمكن القول‪ ،‬أن رسالة المؤسسة هي‪:‬‬

‫‪ -‬بيان رسمي ووثيقة مكتوبة؛‬

‫‪ -‬تحديد السبب‪ ،‬أو األسباب الرئيسية لوجود المؤسسة؛‬

‫‪ -‬تعبر عن الخصائص الفريدة والممّيزة للمؤسسة؛‬

‫‪ -‬توضح طبيعة عمل المؤسسة ومنتوجاتها وزبائنها وطبيعة أسواقها‪.‬‬

‫يمكن تقديم بعض األمثلة عن رسالة بعض الجامعات العالمية والعربية‪.‬‬

‫‪-‬رسالة جامعة هارفارد "نحن نعد القادة الذين يصنعون الفارق في العالم"‪.‬‬
‫‪ -‬رسالة جامعة فيالدلفيا باألردن " تسعى جامعتنا إلعداد خريجين مزودين‬
‫بالعلم والمعرفة والمهارات والقيم ولديهم الدافعية للتعلم مدى الحياة‪ ،‬واإلرتقاء‬
‫بالبحث العلمي والدراسات العليا وتعزيز برامج اإلبداع‪ ،‬وبناء شراكة مثمرة‬
‫مع المجتمع"‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫لألسف الشديد تفتقر جامعاتنا الجزائرية لرسالة واقعية ورؤية إستراتيجية‬


‫واضحة‪ ،‬بل إن مفهوم الرؤية مغّيب وغير مفهوم لدى أغلب المدراء‬
‫والمسيرين في تلك الجامعات‪ ،‬وربما يعود السبب لنقص الخبرة في التسيير‬
‫من جهة؛ وإ لى إبتعاد تكوينهم األكاديمي عن تخصصات التسيير واإلقتصاد‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬

‫إن عدم إستقاللية الجامعة الجزائرية وتبعيتها لوزارة التعليم العالي‬


‫والبحث العلمي (إداريا؛ ماليا وتنظيميا)‪ ،‬وكذا نقص المنافسة وغياب المراكز‬
‫والجامعات الخاصة ساعد بشكل واضح على غياب هذه المفاهيم والممارسات‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬

‫يمكن اإلشارة إلى أن الجامعة الجزائرية في إطار إعدادها لمشروع‬


‫المؤسسة الذي تبنته وزارة التعليم العالي مؤخرا بدأت تلتفت ألهمية إعداد‬
‫رؤية ورسالة الجامعة‪.‬‬

‫وإ ن ك انت وزارة التعليم الع الي الجزائري ة من ذ بداي ة األلفي ة ق د رس مت‬
‫رؤية مستقبلية وأعدت رسالة لإللتحاق بمصاف الجامعات العالمية‪ ،‬وفي ذات‬
‫السياق فقد تبنت الجزائر نظام ل‪.‬م‪.‬د (ليسانس‪ ،‬ماستر‪ ،‬دوكتوراه) منذ سنة‬
‫‪ 2004‬عبر عروض تكوين ليسانس‪ ،‬ثم شرعت في مرحلة الماستر انطالقا‬
‫من س نة ‪ 2007‬لت دخل في مرحلت ه األخ يرة وهي ال دكتوراه بداي ة من س نة‬
‫‪.2009‬‬
‫جدول رقم (‪ :)01‬تطور عدد الطلبة في المستويات الثالثة لنظام "ل‪.‬م‪.‬د" في الجامعات الجزائرية‬

‫‪2009-2018‬‬ ‫‪2007-2018‬‬ ‫المســـــــــــــــــــتويات ‪2004-2018‬‬


‫والفترات‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -7101‬أكثر من‬ ‫ليسانس‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪.800000‬‬

‫‪-‬‬ ‫ثر‬ ‫‪ -3242‬أك‬ ‫‪-‬‬ ‫ماستر‬


‫من ‪290000‬‬

‫‪ -273‬أك ثر من‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫دوكتوراه‬


‫‪13500‬‬

‫المصدر‪ :‬من اعداد الباحثين بناءا على معطيات وزارة التعليم العالي والبحث‬
‫العلمي‪.‬‬

‫حيث شهد عدد الطلبة المنضوين تحت نظام "ل‪.‬م‪.‬د" تطورا سريعا السيما‬
‫ع بر تب ني آلي ة االنتق ال من النظ ام الكالس يكي الى ه ذا النظ ام في جمي ع‬
‫المستويات لما قبل التدرج وما بعد التدرج‪ ،‬مع االبقاء على النظام القديم في‬
‫عدد قليل جدا من التكوينات الجامعية خاصة تلك المرتبطة بالمرحلة األولى‬
‫من التعليم الع الي ك الطب‪ ،‬ال بيطرة‪ ،‬الص يدلة‪ ،.....‬وق د بل غ اجم الي الطلب ة‬
‫المسجلين في الجامعات الجزائرية أكثر من ‪ 1.6‬مليون طالب‪.‬‬

‫وق د س عت الجزائ ر من خالل توجه ات التعليم الع الي فيه ا إلى تحقي ق‬
‫مجموع ة من المؤش رات الكمي ة كزي ادة ع دد الطلب ة ال ذي يمثل ون إط ارات‬
‫مس تقبلية للدول ة لس د العج ز المس جل في ه ذا الج انب في معظم التخصص ات‪،‬‬
‫توف ير الت أطير المناس ب ع بر تك وين وتوظي ف ع دد معت بر من األس اتذة‬
‫الج امعيين الجزائ ريين‪ ،‬باإلض افة إلى توف ير الب ني التحتي ة الالزم ة والمتمثل ة‬
‫في مؤسسات التعليم العالي الموزعة عبر ‪ 48‬والية‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص التط ورات الكمي ة من ذ اس تقالل الجزائ ر س نة ‪ 1962‬إلى‬


‫(‪)15‬‬
‫غاية السنوات األخيرة في األرقام التالية‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬بالنسبة لعدد الطلبة‪ :‬انتقل من حوالي ‪ 2000‬طالب إلى أكثر ‪ 1.6‬مليون‬


‫طالب؛‬
‫‪-‬بالنسبة لعدد األساتذة‪ :‬انتقل من حوالي ‪ 250‬إلى حوالي ‪ 60000‬أستاذ‬
‫موزعين في درجات علمية مختلفة‪.‬‬
‫‪-‬بالنسبة لعدد المؤسسات الجامعية‪ :‬انتقل من ‪ 03‬جامعات( قسنطينة‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬وهران) الى أكثر من ‪ 107‬مؤسسة جامعية موزعة عبر كل‬
‫واليات الوطن‪.‬‬
‫(‪)16‬‬
‫أما فيما يتعلق بالمؤشرات النوعية فيمكن تلخيصها في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪-‬تحسين نوعية التكوين الجامعي بالتركيز على قضايا الجودة؛‬


‫‪-‬تالؤم نظام التكوين العالي مع باقي األنظمة التكوينية في العالم؛‬
‫‪ -‬اقتراح مسارات تكوينية متنّو عة وتكييفها مع الحاجيات االقتصادية؛‬
‫‪-‬تسهيل حركية الّطلبة وتوجيههم؛‬
‫‪-‬تثمين العمل الذاتي للّطلبة؛‬
‫‪-‬تنصيب إجراءات لمرافقة الّطلبة في أعمالهم؛‬
‫‪-‬تثمين المكتسبات وتسهيل تحويلها؛‬
‫‪-‬تنمية التكوين عبر مختلف مراحل الحياة‪ ،‬إلى جانب التكوين األّو لي؛‬
‫‪-‬فتح الجامعة والتكوين على المحيط االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬

‫‪-2‬تحلي ــل الموق ــف( تحلي ــل البيئـــة الداخليـــة والخارجيـــة للجامعـــة ‪SWOT‬‬
‫‪) Analysis‬‬
‫إذا أردن ا التعام ل م ع قض ايا التعليم الع الي وتح ديات المس تقبل ف إن ذل ك‬
‫يتطلب من ا أن تك ون ل دينا ص ورة واض حة عن ال دافع ال راهن له ذا التعليم‬
‫والمحتوى النظامي والتنظيمي والثقافي الذي يتم في إطاره التعليم‪ .‬هذا األمر‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫يتطلب منا تحليل الموقف من حيث تشخيص جوانب القوة والضعف لدينا في‬
‫ممارس ة التعليم والف رص والتهدي دات الموج ودة أو المحتم ل وجوده ا في ه ذا‬
‫الجانب‪ .‬هذا األسلوب في تشخيص الوضع الراهن هو ما يعبر عنه بأسلوب‬
‫(‪ )SWOT‬حيث يرمز حرف (‪ )S‬إلى جوانب القوة ‪ ،‬في حين يرمز حرف‬
‫(‪ )W‬إلى ج وانب الض عف‪ ،‬أما حرف (‪ )O‬ف يرمز إلى الفرص‪ ،‬بينم ا يرمز‬
‫حرف (‪ )T‬إلى التهديدات‪ .‬إن تشخيص أو تحليل الموقف ليس عمًال عشوائيًا‬
‫إذ ال ب د أن نمارس ه انطالق ًا من أه داف الجامع ات وأه داف التعليم ال تي تنف ذ‬
‫بصورة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬وعالقة كل ذلك برؤية ورسالة جامعاتنا بل‬
‫ورؤيتنا ورسالتنا عن التعليم‪.‬‬

‫إن أب رز م ا يمكن أن تحقق ه في ه ذه المرحل ة بالنس بة لتحلي ل الموق ف‬


‫الخاص بالتعليم العالي هو الرصد الجيد لقضايا التعليم وتحدياته باعتبار أنها‬
‫تمثل المنطلق الرئيسي إلعداد الخطة اإلستراتيجية‪ ،‬هذه القضايا قد تكون لها‬
‫عالقة بسياسات الجامعة أو بيئتها الداخلية والخارجية أو بالطلبة أنفسهم‪.‬‬

‫‪-1.2‬تحليل البيئة الداخلية‪:‬‬

‫إن الهدف من إجراء التحليل الداخلي هو تحديد مجموعة نقاط القوة التي‬
‫تتميز بها الجامعات داخلي ًا‪ ،‬والتي يمكن استثمارها وتفعيلها على النحو الذي‬
‫يحقق رسالة الجامعة‪ .‬وكذلك الوقوف على نقاط الضعف التي قد تؤثر على‬
‫كفاءة وفاعلية الجامعة في تحقيق رسالتها وغايتها‪.‬‬

‫وفيم ا يلي س رد ألهم نق اط الق وة ونق اط الض عف ال تي تم يز التعليم الع الي‬


‫(‪)18‬‬
‫عموما والجامعة الجزائرية خصوصا‪:‬‬

‫نقاط القوة ‪Strengths‬‬ ‫‪-1.1.2‬‬

‫‪-‬الدعم الحكومي الذي يضمن موارد مالية مستقرة ومتزايدة؛‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬الس معة األكاديمي ة المتم يزة ال تي تحققه ا الجامع ة الجزائري ة محلي ًا وإ قليمي ًا‬
‫وعالمي ًا‪ ،‬واع تراف العدي د من ال دول والجه ات العلمي ة اإلقليمي ة والعالمي ة‬
‫بالشهادات الممنوحة من الجامعة‪ ،‬وهو األمر الذي دفع بالعديد من الدول إلى‬
‫إرسال الطلبة للتكوين في الجزائر والحصول على الشهادات الجامعية منها؛‬

‫‪-‬ارتب اط الجامع ات الجزائري ة بالعدي د من اتفاقي ات التع اون والش راكة م ع‬


‫جامعات وهيئات إقليمية وعالمية؛‬

‫‪-‬ت وافر أغلب الجامع ات الجزائري ة على بيئ ة تعليمي ة وبحثي ة فاعل ة‪ ،‬وإ حتوائه ا‬
‫على بني ة أساس ية وتكنولوجي ة تس اعد في تحقي ق الجامع ة أه دافها بكف اءة‬
‫وفاعلية (مباني‪ ،‬مرافق‪ ،‬مخابر‪)...‬؛‬

‫‪-‬إقامة أغلب الجامعات على مساحات شاسعة وهو ما يسمح بإمكانية التوسعات‬
‫المستقبلية‪.‬‬

‫‪-‬وجود عدد مقبول من أعضاء هيئة التدريس المتخصص ة في مجاالت معرفية‬


‫وتطبيقية وعلمية متنوعة؛‬

‫‪-‬تنوع وتعدد تخصصات وفروع الدراسة بمرحلتي التدرج والدراسات العليا؛‬

‫‪-‬وج ود قن وات متزاي دة للنش ر العلمي تتمث ل في المجالت العلمي ة والم ؤتمرات‬
‫والندوات العلمية التي تعقدها الجامعات‪ ،‬فض ًال عن تدعيم الباحثين وأعضاء‬
‫هيئة التدريس في حضور المؤتمرات والندوات العلمية الداخلية والخارجية؛‬

‫‪-‬حص ول أعض اء هيئ ة الت دريس على ح وافز وج وائز علمي ة‪ ،‬ومنح للدراس ة‬
‫بالخ ارج‪ ،‬وك ذا ت دعيم وتش جيع البعث ات الخارجي ة ونظ ام اإلش راف المش ترك‬
‫والمهمات العلمية؛‬

‫‪-‬ت وافر وح دات بحثي ة ذات ط ابع خ اص بالجامع ة معني ة بقض ايا البحث العلمي‬
‫وخدمة المجتمع وقضايا التنمية؛‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬إنش اء خالي ا لض مان الج ودة بالجامع ات الجزائري ة تس عى لتحقي ق أه داف‬


‫التسيير االستراتيجي للجامعة واالرتقاء بقدراتها التنافسية؛‬

‫‪-‬وجود نظم دراسات عليا قادرة على منح درجات علمية متنوعة ضمن قواعد‬
‫وآليات تتوافق مع المعايير العالمية؛‬

‫‪-‬تنفي ذ العدي د من مش روعات تط وير التعليم الع الى بالجامع ة مم ا يس هم فى‬


‫تحسين اإلمكانات المادية ويدعم كذلك تحسين كافة األنشطة التعليمي ة والبحثية‬
‫بها؛‬

‫‪-‬وج ود قاع ات محاض رات ومس امع مجه زة باالحتياج ات الالزم ة لعق د‬
‫المؤتمرات والندوات العلمية المتميزة؛‬

‫‪-‬وجود نظام لرعاية الطلبة األجانب وتوفير اإلقامة والرعاية المناسبة لهم فى‬
‫مختلف المجاالت باإلقامات الجامعية؛‬

‫‪-‬إمتالك ترس انة من المراف ق البيداغوجي ة المختلف ة التابع ة لمؤسس ات التعليم‬


‫العالي الموزعة عبر الوطن؛‬
‫‪-‬وج ود وح دات ومخ ابر البحث في مختل ف التخصص ات‪ ،‬إلى ج انب الص يغ‬
‫والمش اريع البحثي ة المت وفرة‪ ،‬المدعوم ة بمج الس ولج ان استش ارية على‬
‫غرار"الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي والتطوير التكنولوجي"؛‬
‫‪-‬االتفاقيات المبرمة مع العديد من الجامعات العربية واألجنبية في مجال التبادل‬
‫العلمي‪ ،‬تك وين األس اتذة والطلب ة(‪ ،)PROFAS,ERASMUS‬مش اريع‬
‫التك وين المش تركة على غ رار م ا يع رف بـ " ‪» université panafricaine‬‬
‫في مجال الطاقة والمياه ‪ ،‬مع شركاء أفارقة وبمساعدة من مؤسسات ألمانية‬
‫كالوكال ة األلماني ة للتنمي ة وال ديوان األلم اني للتب ادل الج امعي‪ ،‬والمش اريع‬
‫القطاعية الداعمة للبحث العلمي(‪ )PAPS ESRS‬؛‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬االتفاقي ات المبرم ة م ع الهيئ ات الدولي ة على غ رار األمم المتح دة ‪ ،‬ففي س نة‬
‫‪ 2016‬تم افتتاح "معهد األمم المتحدة للتنمية المستدامة" بالجزائر العاصمة؛‬
‫‪-‬االتفاقيات المبرمة مع الشركاء االقتصاديين واالجتماعيين ‪ ،‬ومن أبرزها تلك‬
‫المبرم ة م ع الوكال ة الوطني ة ل دعم وتش غيل الش باب ال تي تمخض عنه ا انش اء‬
‫"دار للمقاوالتية" في معظم الجامعات الجزائرية من مهامها مرافقة الطلبة في‬
‫عملية االدماج في المحيط االقتصادي؛‬
‫‪-‬ارتب اط وزارة التعليم الع الي والبحث العلمي م ع وزارات أخ رى في مج ال‬
‫التك وين‪ ،‬ع بر انش اء م دارس ومعاه د للتك وين كالم دارس العادي ة العالي ة «‬
‫‪ » ENS‬لتك وين أس اتذة االبت دائي‪ ،‬المتوس ط والث انوي‪ ،‬وغيره ا م ع ك ل من‬
‫وزارة ال دفاع‪ ،‬وزارة النق ل‪ ،‬وزارة العم ل والض مان االجتم اعي‪ ،‬وزارة‬
‫الثقافة‪ ،‬وزارة العدل‪...‬إلخ‪.‬‬

‫نقاط الضعف ‪Weaknesses‬‬ ‫‪-2.1.2‬‬

‫‪-‬غي اب ت ام إلع داد رس الة الجامع ة‪ ،‬وغي اب رؤي ة واض حة للتعليم الع الي في‬
‫الجزائر؛‬
‫‪-‬غي اب مع ايير مرجعي ة أكاديمي ة مح ددة وواض حة يمكن عن طريقه ا وض ع‬
‫نظام لتقييم ومتابعة أداء الجامعات وكلياتها المختلفة؛‬
‫‪-‬ع دم وج ود توص يف واض ح ودقي ق للمن اهج يمن ع التك رار واالزدواجي ة م ع‬
‫غي اب المتابع ة والرقاب ة من ج انب األقس ام أو اللج ان العلمي ة‪ ،‬إال أن ه م ؤخرا‬
‫شهدت البرامج الجامعية في الجزائر جملة من التحوالت انتهت الى ما يع رف‬
‫ب "المواءمة" والتي تقوم على فلسلفة توحيد البرامج ومحتويات التكوين بين‬
‫ك ل الجامع ات الجزائري ة‪ ،‬م ا نجم عن ه انخف اض ع دد التخصص ات في جمي ع‬
‫الشعب والعودة بشكل غير مباشر إلى النظام الكالسكي في التعليم؛‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬ض عف كفاي ة وفاعلي ة نظم المعلوم ات واالتص االت لرب ط الجامع ة ووح داتها‬
‫وكلياته ا؛ م ع ع دم اس تكمال قواع د بيان ات خاص ة بأعض اء هيئ ات الت دريس‬
‫والهيئات المعاونة والعاملين والطلبة والخريجين؛‬
‫‪-‬ض عف اس تخدام األس اليب التكنولوجي ة الحديث ة في ب رامج الت دريس بالجامع ة‬
‫نظرًا لعدم توافرها لضعف التمويل الم الى من ناحي ة ولنقص إعداد وتدريب‬
‫أعضاء هيئة التدريس على استخدامها من ناحية أخرى‪ ،‬وهو األمر الذي دفع‬
‫بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر انطالقا من الموسم الجامعي‬
‫‪ 2016/2017‬إلى إجباري ة تك وين األس اتذة ح ديثي التوظي ف لم دة تق ارب‬
‫الس نة‪ ،‬يش مل التك وين مق اييس متع ددة تس اعد األس تاذ على ص قل مع ارفهم‬
‫ودمجهم في عملي ة الت دريس‪ ،‬على غ رار علم النفس ال تربوي‪ ،‬المنهجي ة‪،‬‬
‫الوسائل الحديثة في التدريس‪ ،‬التعليم عند بعد واستخدام األرضيات‪...‬؛‬
‫‪-‬غياب سياسة محددة في أغلب الجامعات الجزائرية لربط الخريجين بالكليات‬
‫والجامعة بسوق العمل؛‬
‫‪-‬غياب أسلوب التنظيم الموجه بالعمليات عبر الوظائف المختلفة؛‬
‫‪-‬الغي اب ش به الت ام لتس ويق الخدم ة التعليمي ة والبحثي ة في الجامع ة الجزائري ة‪،‬‬
‫وهو ما أثر على إنعدام الدخل المتوقع وخدمة المجتمع؛‬
‫‪-‬انخف اض مرتب ات أعض اء هيئ ات الت دريس ومع اونيهم مم ا ي ؤدى إلى ع دم‬
‫تف رغهم للعم ل في الجامع ة‪ ،‬فاألس اتذة الجزائري ون يتقاض ون راتب ض عيف‬
‫نس بيا اذا م ا ق ورن ب رواتب نظ رائهم في دول الج وار ك المغرب وت ونس أين‬
‫يصل الفارق إلى ضعفين او بالتقريب ثالثة أضعاف؛‬
‫‪-‬ن درة البحث العلمي الج امعي بين أس اتذة الجامع ة وغي اب ش بة كام ل ألبح اث‬
‫الفريق مع االنفصالية الشديدة بين األقسام المتناظرة والمختلفة داخل الجامعة‬
‫مم ا ق اد إلى ع دم تنش يط حرك ة ال تزاوج العلمي بين التخصص ات على النح و‬
‫الذي نلحظه في غالبية بلدان العالم المتقدم؛‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬ع دم التناس ب بين أع داد الطالب وأع داد أعض اء هيئ ة الت دريس في بعض‬
‫الكليات والتخصصات (نسبة عدد الطلبة إلى عدد األساتذة)‪ ،‬األمر الذي يؤدى‬
‫إلى زي ادة األعب اء على عض و هيئ ة الت دريس وي ؤثر س لبا على اإلنت اج‬
‫البيداغوجي والبحثي له؛‬
‫‪-‬ع دم وج ود نظ ام لإلرش اد األك اديمي في غالبي ة الكلي ات لمس اعدة الطلب ة في‬
‫توف ير المعلوم ات الالزم ة للمفاض لة واالختي ار والتق دم في المس ار العلمي أو‬
‫ال وظيفي‪ ،‬وه و م ا تم تدارك ه نوع ا م ا من خالل ت دعيم الموق ع االلك تروني‬
‫للجامعة والكلية بمعلومات تخص كل األطراف الفاعلة فيها؛‬
‫‪-‬غي اب نظم تقييم البرامج الدراس ية من وجهة نظ ر ك ل من الطلبة واألطراف‬
‫المعنية‪ ،‬وهو الشيء السائد في أغلب الجامعات العالمية والعربية؛‬
‫‪-‬االعتماد المبالغ فيه على الكتاب الجامعي والمذكرات المتواضعة‪ ،‬مما يؤدى‬
‫إلى عدم تنمية مهارات البحث وروح اإلبداع واالبتكار لدى الطلبة ويضعف‬
‫قدرة الطالب على التعلم الذاتي؛‬
‫‪-‬عدم مواكب ة المق ررات التدريس ية للتط ورات الحاص لة في مختلف المج االت‪،‬‬
‫وعدم تحديثها في إطار الحركة المتسارعة في مجال العلوم الحديثة والتطور‬
‫غير المسبوق للتكنولوجيا؛‬
‫‪-‬ع دم توجي ه ال برامج الدراس ية بش كل ك اف لتلبي ة االحتياج ات الحقيقي ة لس وق‬
‫العمل وتزويد الخريجين بالمهارات والمعارف الالزمة لتحقيق ميزة تنافسية‬
‫لهم؛‬
‫‪-‬ع دم نجاع ة تعميم نظم البحث االلك تروني في جمي ع الجامع ات وت دريب‬
‫أعض اء هيئ ة الت دريس على إج ادة اس تخدامها‪ ،‬م ع حاج ة معظم المكتب ات إلى‬
‫تح ديث وتط وير من حيث كمي ة وحداث ة المراج ع وال دوريات العربي ة‬
‫واألجنبية؛‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬غي اب سياس ة إتص ال فع ال بين الجامع ة والمحي ط اإلقتص ادي ل دعم الحرك ة‬
‫البحثية‪ ،‬وضعف الشراكة مع األعوان والقطاعات اإلقتصادية؛‬
‫‪-‬ضعف مستوى النشر العلمي في المجالت العلمية الدولية المنطوية (المص نفة)‬
‫في قواعد البيانات العالمية‪ ،‬مع قلة عدد اإلبتكارات وبراءات اإلختراع؛‬
‫‪-‬غي اب الترك يز على التخصص ات الن ادرة لتحقي ق م يزة تنافس ية للجامع ة في‬
‫مجاالت علمية وبحثية غير تقليدية؛‬
‫‪-‬ت دني وض عف المس توى الت أهيلي العلمي والت دريب اإلداري للم وظفين‬
‫بالجامعات‪.‬‬

‫عموم ا ه ذه مختل ف نق اط الض عف ال تي تع اني منه ا الجامع ات الجزائري ة‬


‫ب درجات متفاوت ه‪ ،‬حيث تت ذيل ال ترتيب الع المي للجامع ات‪ ،‬وتش ير أح دث‬
‫اإلحص ائيات إلى تص نيف جامع ة واح دة فق ط هي جامع ة تلمس ان ال تي احتلت‬
‫المرتبة الخامسة عشرة عربيا‪.‬‬

‫‪ -2.2‬تحليل البيئة الخارجية‪:‬‬

‫إن التحلي ل البي ئي الخ ارجي يكش ف أن الجامع ات الجزائري ة أمامه ا العدي د‬
‫من الف رص المتاح ة وال تي يمكن االس تفادة منه ا في ت دعيم تنافس يتها وتحقي ق‬
‫غاياتها وأهدافها االستراتيجية‪ ،‬كما أن هناك مجموعة من التهديدات المحتملة‬
‫ال تي يتحتم عليه ا تحيي دها وحس ن التعام ل معه ا في س بيل تحقيقه ا لرس التها‬
‫وغاياتها‪.‬‬

‫إن عملي ة تحلي ل البيئ ة الخارجي ة للجامع ات الجزائري ة أف رز جمل ة من‬


‫(‪)19‬‬
‫الفرص والتهديدات يمكن حصرها في‪:‬‬

‫‪Opportunities‬‬ ‫الفرص المتاحة‬ ‫‪-1.2.2‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬إرتفاع النمو السكاني في الجزائر وما قابله إرتفاع في نسبة الشباب في سن‬
‫الجامعة؛‬
‫‪-‬زي ادة االهتم ام المحلى واإلقليمي والع المي بأهمي ة ض مان الج ودة والتحس ين‬
‫المستمر في منظومة العملية التعليمية‪ ،‬حيث اتجهت الجامعات الجزائرية الى‬
‫تنص يب خالي ا للج ودة على مس توى الكلي ات والمعاه د وعلى المس توى‬
‫المركزي لها؛‬
‫‪-‬ط رح مش اريع للتع اون بين وزارة التعليم الع الي والجامع ات األجنبي ة‪ ،‬وهي‬
‫خط وة خطته ا الجامع ات الجزائري ة في انتظ ار ت دعيمها ع بر المزي د من‬
‫المشاريع‪ ،‬والمهم هو تفعيل االتفاقيات المبرمة؛‬
‫‪-‬الزيادة في الطلب االجتماعي على التعليم المفتوح والتعليم عن بع د‪ ،‬وق د تبنت‬
‫جامع ة التك وين المتواص ل ب الجزائر ه ذه المهم ة ع بر توف ير العدي د من‬
‫التكوينات المفتوحة وعن بعد للطلبة والمهنيين‪ ،‬كان أبرزها استخدام أرضية‬
‫"زعتر"؛‬
‫‪-‬النمو المتزايد في أعداد الطالب الوافدين القادمين للجامعة من الدول العربية‬
‫واألفريقية واآلسيوية كنتيجة لتداعيات ظروف عالمية معاصرة؛‬
‫‪-‬إمكاني ة التوس ع في التعليم الم وازى الغتن ام الفرص ة لزي ادة م وارد الجامع ة‬
‫الحالي ة عن طري ق ج ذب الطلب ة الق ادرين والمهن يين على غ رار التك وين فيم ا‬
‫بعد التدرج المتخصص كما يعرف في الجزائر(‪. )PGS‬‬

‫‪Threats‬‬ ‫التهديدات المحتملة‬ ‫‪-2.2.2‬‬

‫‪-‬الزيادة المستمرة والمتتالية في أعداد الطلبة الملتحقين بالجامعة مما يزيد من‬
‫الضغط على اإلمكانيات والموارد المتاحة ويؤثر سلبيًا على الخدمات المقدمة‬
‫لهم؛‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪-‬التدهور المستمر في مستويات الطلبة القادمين من مرحلة التعليم الثانوي في‬


‫اللغة العربية واللغات األجنبية وكذا الرياضيات؛‬
‫‪-‬تحول إهتمام أعضاء هيئة التدريس نحو مراكز التعليم والتكوين ومهن حرة‬
‫ب دل الترك يز على الجامع ة‪ ،‬وم ا يزي د الطين بل ة ش روع وزارة التعليم الع الي‬
‫في استقبال ملفات اعتماد فتح جامعات خاصة؛‬
‫‪-‬هج رة أعض اء هيئ ة الت دريس إلى جامع ات خارجي ة‪ ،‬الس يما في اتج اه دول‬
‫الخليج الع ربي وعلى رأس ها الجامع ات القطري ة واإلماراتي ة والس عودية ال تي‬
‫تستقطب الكفاءات الجزائرية بشكل ملفت لالنتباه؛‬
‫‪-‬غي اب التخطي ط وإ ع داد إس تراتيجيات تعليمي ة حس ب حاجي ات البالد‪ ،‬وه و‬
‫األم ر ال ذي أدى إلى ع دم الت وازن بين أع داد الخ ريجين من التخصص ات‬
‫المختلفة واالحتياجات الفعلية لسوق العمل؛‬
‫‪-‬تواض ع اإلنف اق الحك ومي على التعليم الج امعي مقاب ل زي ادات مض طردة في‬
‫أع داد الملتحقين في ه مم ا ي ؤثر على ج ودة الخدمي ة التعليمي ة المقدم ة‪ ،‬حيث‬
‫تخص ص الدولة نسبة ‪ 6.83‬بالمئ ة للتعليم الع الي من ميزانيتها الس نوية(لسنة‬
‫‪ 2018‬مثال)‪ ،‬وهي نس بة ض عيفة خاص ة وأنه ا تش مل ك ل النفق ات التجهيزي ة‬
‫والتسييرية للقطاع‪ ،‬وليست مخصصة فقط للبحث العلمي؛‬
‫‪-‬إحج ام أص حاب الم ال واألعم ال عن ت دعيم التعليم والبحث العلمي على‬
‫مستوى البحوث األساسية والتطبيقية؛‬
‫‪-‬زي ادة مع دالت البطال ة مم ا ي ؤثر س لبيًا على دافعي ة الط الب نح و التف وق‬
‫والتميز؛‬
‫‪-‬االعتمادي ة واالرتب اط الوثي ق بين التعليم الج امعي وم ا قب ل الج امعي وت أثيره‬
‫على نوعية واستعداد الطالب ومستواه‪.‬‬

‫(‪)20‬‬
‫فيما يتعلق بالمراحل الثالثة الباقية يمكن سردها على النحو التالي‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪ -3‬صياغة اإلستراتيجية‬
‫بن اء على تحدي د القض ايا اإلس تراتيجية في المرحل ة األولى الس ابقة وال تي‬
‫تمثل في الغالب تحديات التعليم العالي فإن دور المسير االستراتيجي هنا هو‬
‫ص ياغة االس تراتيجيات‪ ،‬إن المقص ود بص ياغة اإلس تراتيجية يتمث ل في وض ع‬
‫ع دد من الب دائل أو الحل ول لك ل قض ية والمقارن ة بين ه ذه الب دائل أو الحل ول‬
‫وفق معايير محددة واالختيار من بينها البديل أو الحل األمث ل‪ ،‬وهن ا يجب أن‬
‫ن ذكر أن اإلس تراتيجية هي في الواق ع ردي ف لعملي ة اختي ار الب ديل أو الح ل‬
‫المالئم للتعامل مع قضايا وتحديات التعليم العالي‪ ،‬وأننا إذا لم نحسن التعامل‬
‫مع هذه المرحلة فإن المراحل التي تليها لن تكون إلى مراحل صورية ‪.‬‬

‫من جانب آخر يجب أن نتذكر أن إعداد الخطة اإلس تراتيجية يتطلب تحديد‬
‫األهداف العامة واألهداف التفصيلية والرسالة والرؤية ولكن ليس بالضرورة‬
‫أن تحدد هذه المتطلبات في كل خطة‪ ،‬ذلك أن لكل قضية ومنظمة ظروفها‬
‫الخاصة حيث قد ال تحتاج إلى كتابة رؤية ورسالة للمنظمة إال إذا كان مدخلنا‬
‫في اإلدارة اإلستراتيجية يعتمد على تحديد هذه الرؤية والرسالة‪ .‬إن التسيير‬
‫االستراتيجي هو علم وفن وأن ممارسته أقرب إلى الفن وأن تطبيقه في مجال‬
‫التعليم الع الي يحت اج إلى كثير من الجه د والتفكير والتحليل بدًال من االعتماد‬
‫على الخطوات الروتينية في ممارسة التسيير االستراتيجي ‪.‬‬

‫‪-4‬تنفيذ اإلستراتيجية‬
‫تمثل هذه المرحلة النقلة الفعلية لإلستراتيجية من الواقع النظري إلى الواق ع‬
‫الفعلي‪ ،‬إن ج وهر تنفي ذ اإلس تراتيجية يتمث ل بتحوي ل أه داف اإلس تراتيجية إلى‬
‫برامج ومشاريع‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫فالبرامج أو المشاريع بغض النظر عن اختالف التسميات وأيهما أشمل من‬


‫األخ ر فإنه ا جميع ًا تمث ل مجموع ة من األنش طة والعملي ات ال تي يمكن من‬
‫خاللها تحقيق أهداف اإلستراتيجية‪ ،‬هذه البرامج والمشاريع يتم إعدادها بناء‬
‫على نم اذج وخط وات مح ددة يمكن االسترش اد به ا في ه ذا الش أن (نم وذج‬
‫إعداد ال برامج والمش اريع)‪ .‬في ه ذه المرحل ة ينبغي أن نش ير إلى أن ه يتوجب‬
‫على المنظم ة أن تس خر جمي ع طاقاته ا البش رية والمالي ة واإلداري ة من أج ل‬
‫نج اح عملي ة تنفي ذ اإلس تراتيجية‪ .‬من ناحي ة أخ رى ف إن عملي ة التنفي ذ تتطلب‬
‫دعم ًا قوي ًا من اإلدارة العلي ا وتغي يرًا في ثقاف ة المنظم ة يس اعد على نج اح‬
‫عملية التنفيذ‪ .‬في ختام هذه المرحلة يمكننا القول بأن إعداد اإلستراتيجية قد‬
‫تم وأن تعاملن ا م ع قض ايا وتح ديات التعليم الع الي يجب أن يك ون واض حًا‬
‫وحاسما‪.‬‬

‫إننا بنهاية المرحلة الرابعة قد نجد أننا بحاجة إلى االستمرارية في خطتنا‬
‫اإلس تراتيجية للتعام ل م ع قض ايا التعليم الع الي‪ ،‬ن رى أنن ا بحاج ة إلى بعض‬
‫التعديالت فيها أو ربما تغييرها بالكامل‪ .‬وأيًا كان األمر فإن ممارسة التسيير‬
‫االستراتيجي هي عملية مستمرة وتستفيد من نتائج بعضها بعضا في التعامل‬
‫م ع القض ايا والتح ديات ال تي تواجهن ا في مجتمعاتن ا أو منظماتن ا ومنه ا قض ايا‬
‫وتحديات التعليم العالي ‪.‬‬

‫‪-5‬متابعة وتقويم أداء اإلستراتيجية‬


‫ليس بالض رورة أن تك ون ه ذه المرحل ة مس تقلة في عملي ة التس يير‬
‫االستراتيجي ‪ ،‬ذلك أن الكثير من عمل هذه المرحلة قد يتم أثناء عملية تنفيذ‬
‫أو تط بيق اإلس تراتيجية‪ .‬إن اله دف من ه ذه المرحل ة ه و التأك د من الخط ة‬
‫اإلس تراتيجية ال تي تم تبنيه ا وتنفي ذها من خالل ال برامج والمش اريع المعتم دة‬
‫وتحقق األهداف المحددة لإلس تراتيجية‪ ،‬إض افة إلى ذلك ف إن عملي ة المتابعة‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫والتق ويم تعم ل على تحدي د التع ديالت والتحس ينات المطلوب ة في اإلس تراتيجية‬
‫وربم ا يتطلب األم ر تع ديل اإلس تراتيجية بش كل كام ل بم ا يس اعد على تحقي ق‬
‫األهداف اإلستراتيجية‪.‬‬

‫وإ جم اًال يمكن الق ول ب أن اله دف الرئيس ي من عملي ة متابع ة وتق ويم‬
‫اإلستراتيجية هو العمل على تحسين أداء اإلستراتيجية وذلك من خالل ض مان‬
‫تنفي ذ ال برامج والمش اريع تنفي ذًا س ليمًا وتعزي ز أداء اإلس تراتيجية بالعم ل على‬
‫تق ديم معلوم ات وتغذي ة مرت دة عن عملي ة تنفي ذ ال برامج والمش اريع بالنس بة‬
‫لجميع األطراف ذات العالقة باإلستراتيجية‪.‬‬

‫ولما كانت عملية المتابعة والتقويم معنية بأداء اإلستراتيجية بشكل كامل أو‬
‫جزئي فإن تطبيقها أكثر ما يكون بروزًا في البرامج والمشاريع التي تنفذ من‬
‫خالله ا اإلس تراتيجية‪ ،‬حيث تس عى عملي ة المتابع ة والتق ويم من خالل ه ذه‬
‫المرحلة إلى اإلجابة على السؤالين التاليين‪ :‬متى سيتم إعداد التقارير المتعلقة‬
‫بخطط العمل والتقدم في التنفيذ؟ ومن سيقوم بتنفيذ التقويم ومتى وكيف؟‬

‫ولإلجابة على هذين السؤالين فإننا في هذه الخطة سوف نعتمد في عملية‬
‫المتابعة والتقويم على نوعين رئيسيين من التقارير هما ‪ :‬المتابعة القائم ة على‬
‫أساس مراجعة التقدم في تنفيذ خطة العمل‪ ،‬تقويم البرنامج أو المشروع سواءًا‬
‫أكان هذا التقويم ذاتي ًا ) أي من خالل الشخص‪/‬الفريق المسؤول عن البرنامج‬
‫أو المشروع ) أو من خالل جهة مستقلة يتم تكليفها من داخل المؤسسة أو من‬
‫خارجها‪.‬‬

‫وبالطبع فإن إعداد هذه التقارير ومتابعة ما يترتب عليها هي من مسؤولية‬


‫القائمين على تنفيذ الخطة اإلستراتيجية‪ ،‬إال أَّن ه من الضروري أن تتم مناقشة‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫واستش ارة جمي ع األط راف ذات العالق ة ب البرامج أو المش اريع س واء أك انوا‬
‫مشرفين أو تنفيذيين‪.‬‬

‫الخاتمــــــــــــــــة‬

‫يلقى التسيير اإلستراتيجي أهمية بالغة من لدن الباحثين والممارسين على‬


‫حد سواء‪ ،‬وإ ن توظيفه في قضايا التعليم العالي بالجزائر بات ضرورة ملحة‬
‫س يما في ظ ل الظ روف الحالي ة في جمي ع المس تويات وعلى جمي ع األص عدة‪،‬‬
‫لم ا له ذه األداة التس ييرية من من افع تع ود على الجامع ة والبالد مع ا في مج ال‬
‫التنمية الوطنية‪.‬‬

‫النتائـــــــــج‪ :‬تم التوصل إلى جملة من النتائج لعل أهمها‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬ض عف اإلهتم ام لدى القي ادات العلي ا ب البالد لممارس ة التس يير اإلس تراتيجي‬
‫في قضايا التعليم العالي‪ ،‬وتجلى ذلك بوضوح في غياب رسالة دقيقة ورؤية‬
‫إستراتيجية واضحة؛‬

‫‪ -‬غياب بنوك المعلومات التي يمكن االعتماد عليها في التسيير اإلستراتيجي‬


‫للتعليم الع الي‪ ،‬واتخ اذ الق رارات اإلس تراتيجية المناس بة والكفيل ة بتحقي ق‬
‫األهداف والغايات المنشودة من ورائه؛‬

‫‪ -‬االعتق اد الخ اطئ ب أن اإلنته اء من إع داد الخط ة اإلس تراتيجية س وف يك ون‬


‫كافيًا للتعامل مع قضايا وتحديات التعليم‪.‬‬

‫‪ -‬إمتالك الجامعة الجزائرية على العديد من نقاط القوة يمكن إستغاللها للرفع‬
‫من تنافسيتها وتحسين ص ورتها إقليميا ودوليا‪ ،‬وك ذا جمل ة من نقاط الضعف‬
‫الواجب تحييدها وإ لغائها؛‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪ -‬ت وافر العدي د من الف رص الذهبي ة وال تي م ع قلي ل من المجه ودات يمكن‬
‫للجامع ة الجزائري ة تحقي ق التمّي ز من خالله ا‪ ،‬م ع العم ل على التص دي‬
‫للتهديدات والعمل على التقليل من آثارها‪.‬‬

‫التوصيـــات‪ :‬يمكن التقدم بالتوصيات التالية للجامعة الجزائرية ومؤسسات‬ ‫‪‬‬

‫التعليم العالي كما يلي‪:‬‬

‫‪-‬المزيد من اإللتزام واإليمان بضرورة تبني التسيير االستراتيجي في الجامعة‬


‫الجزائري ة‪ ،‬وال ذي الب د أن يش مل ك ل مس تويات الجامع ة ‪،‬أطرافه ا الفاعل ة‪،‬‬
‫ومحيطها الداخلي والدولي؛‬
‫‪-‬اإلش راف وال دعم الحقيقي من الس لطات العلي ا بداي ة من وزارة التعليم الع الي‬
‫ووص وال إلى رئاس ة الجمهوري ة لممارس ة التس يير اإلس تراتيجي‪ ،‬بتوف ير ك ل‬
‫اإلمكانات الالزم ة من موارد مالية وبشرية وجوانب تنظيمي ة وقانونية كفيلة‬
‫بتطبيق الخطة االستراتيجية ومتابعتها وتقويمها؛‬
‫‪-‬إن تب ني التس يير االس تراتيجي في الجامع ة الب د أن ي تزامن م ع تب ني ه ذا‬
‫المفهوم في قطاعات أخرى‪ ،‬ما من شأنه أن يحقق تكامل فيما بينها‪.‬‬
‫‪-‬ضرورة التخطيط التعليمي وتوجيه مخرجات التعليم العالي في الجزائر نحو‬
‫الحاجي ات الفعلي ة لل وزارات والقطاع ات‪ ،‬من خالل إع داد إس تراتيجية ش املة‬
‫تحدد أولويات البالد حسب توجهاتها وسياساتها؛‬
‫‪-‬االقتداء بتجارب ناجحة في عملية التسيير االستراتيجي السيما تل ك المرتبط ة‬
‫بجامعات رائدة في ترتيب الجامعات العالمية‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫االحاالت والمراجع‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫التسيير االستراتيجي في قطاع التعليم العالي بين النظري واملمارسة ‪ -‬مع اإلشارة إلى حالة الجامعة الجزائرية‪-‬‬

‫‪34‬‬

You might also like