Professional Documents
Culture Documents
قاعه بحث الفقه المقارن
قاعه بحث الفقه المقارن
قاعه بحث الفقه المقارن
إبراهيم سعيد
وجه الدﻻلة :فهذه النصوص القرآنية والنبوية تدل بعمومها على وجوب الوفاء العقود؛ وذلك ما لم تعارض النص
النصـوص رعية ،وبما أن الشـرط اتفاق بين المتعاقدين فهو من العقود والعهود التي يجب الوفاء بها.
ت -المعقول :أن اشتراطها يعد بيانا لما يقتضيه العقد؛ فإن عقد البيع يقتضي هذه اﻷمور أصﻼ بحيث يجب على
طرفي العقد اﻻلتزام بها من غير اشتراط ،وبذلك يكون شرط مثل هذه الشروط من قبيل التوكيد والبيان لما
يقتضيه العقد.
القسم الثاني من الشروط :شرط ما ﻻ يقتضيه العقد ولكن فيه مصلحة للعاقد :ومثاله :شرط أحد العاقدين حقه
في الخيار ثﻼثة أيام ،بمعنى أن له الحق في فسخ العقد في مدة الخيار ،وشرط تأجيل الثمن ،وشرط البائع تقديم
المشتري رهنا بالثمن المؤجل ،أو شرطه وجود شخص ضامن للثمن المؤجل ،أو شرط اﻹشهاد على العقد ،ونحو
ذلك من الشروط التي ﻻ يوجبها مطلق العقد ،ولكنها تحقق مصلحةً للعاقد.
حكم هذا النوع من الشروط :هذا النوع من الشروط صحيح ،ويثبت به الشيء المشروط ويلزم الوفاء به،
وذلك باتفاق الفقهاء من الحنفية ،والمالكية ،والشافعية ،والحنابلة؛ حيث يرون جميعا أن الشرط الذي ﻻ
يقتضيه العقد ،ولكنه مﻼئم للعقد ،ﻻ يوجب فسادا ،والشرط المﻼئم للعقد هو ذاته الذي ﻻ ينافي مقصود العقد،
ويحقق مصلحة ﻷحد العاقدين.
الدليل على صحة الشرط الذي يﻼئم العقد ويحقق مصلحته :استدل الفقهاء لرأيهم القائل بصحة الشروط المﻼئمة
للعقد بعموم النصوص القرآنية ،واﻷحاديث النبوية وخصوصها ،كما استدلوا أيضا باﻹجماع ،والمعقول.
أوﻻ :النصوص العامة ،ومنها:
أ -القرآن الكريم :وقد استدلوا بما ورد من عموم النصوص القرآنية التي تأمر بالوفاء بالعقود من مثل قوله
تعالى» :يأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود « وقوله تعالى ) وأوفوا بعهد ﷲ إذا عهدتُم «
ب -السنة النبوية المطهرة :قوله صلى ﷲ عليه وسلم" :المسلمون على شروطهم؛ إﻻ شرطا حرم حﻼﻻ أو أحل
حراما"
وجه الدﻻلة :هذه النصوص تدل بعمومها على وجوب الوفاء العقود؛ وذلك ما لم تعارض النصوص الشرعية،
وبما أن الشرط اتفاق بين المتعاقدين فهو من العقود والعهود التي يجب الوفاء بها.
ثانيا :النصوص الخاصة ،ومنها:
أ -في خصوص اشتراط الخيار ثﻼثة أيام :قوله ﷺ لحبان بن منقذ وكان يخدع في البيع" -إذا ابتعت فقل ﻻ
خﻼبة ولي الخيار ثﻼثة أيام" هذا الحديث يدل على جواز اشترط أحد المتعاقدين الخيار لنفسه ،بمعنى أنه
يحق له فسخ العقد في مدة الخيار دون توقف على موافقة الطرف اﻵخر وذلك في مدة الخيار.
ب -في خصوص اشتراط اﻷجل :قوله تعالى ) :يأيها الذين ءامنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فأكتبوه ( هذ
اﻵية تدل على جواز التبايع واشتراط اﻷجل المعين.
ت -وفيما يتعلق بشرط تقديم المشتري رهنا بالثمن المؤجل :قوله تعالى » :فرهن مقبوضة« هذه اﻵية تدل على
مشروعية الرهن توثيقا للدين المؤجل ،والثمن إذا كان مؤجﻼ جاز اشتراط الرهن توثيقا له .ومن السنة الدالة
على مشروعية الرهن :عن عائشة رضي ﷲ عنها "أن النبي طعاما من يهودي إلى أجل ،ورهنه درعا من
حديد"
ث -أما شرط تقديم المشتري كفيﻼ )ضامنا( بالثمن المؤجل فيدل له قوله تعالى » :ولمن جاء به حمل بعير"
قول النبي صل ﷲ عليه وسلم » :الزعيم غارم« والزعيم هو الكفيل -الضامن -ومعنى غارم :يعني يغرم
ويلتزم بدفع ما ضمنه إذا عجز المدين اﻷصلي.
ج -مما يدل على جواز اشتراط اﻹشهاد على العقد :قوله تعالى " :وأشهدوا إذا تبايعتم " هذا النص يدل على
جواز اشتراط اﻹشهاد على البيع.
ثالثا :اﻹجماع :قد نقل هذا اﻹجماع غير واحد من الفقهاء:
-الكمال بن الهمام؛ حيث قال بعد ذكر هذا النوع من الشروط" :فكذلك هو صحيح؛ لﻺجماع على ثبوته شرعا"
-النووي؛ حيث قال في المجموع" :فﻼ يبطل العقد أيضا بﻼ خﻼف" وابن قدامة.
المذهب الراجح :بناء على المناقشة السابقة يظهر أن الراجح هو المذهب اﻷول ،وهو مذهب جمهور
الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة القائلين باشتراط كون الرهن ،والكفيل معلوما ،وأن يقبل الكفيل الكفالة
قبل انتهاء مجلس العقد؛ وذلك لما يأتي:
-ليحصل المقصود من الشرط وهو التوثق لحق البائع.
-لينتفي التنازع بين المتعاقدين ،والذي قد يحصل إذا لم يكن الرهن كافيا لضمان حق البائع ،أو كان الكفيل
غير ثقة.
النوع الثالث :الشروط التي ﻻ تتعلق بها مصلحة مقصودة ،وﻻ تؤدي إلى التنازع بين المتعاقدين
مثال هذا النوع من الشروط:
-اشتراط إشهاد شهود بعينهم على العقد فأي مصلحة في اشتراط شاهد بعينه ،إذ اﻷصل أن الشهادة للتوثيق،
وهذا التوثيق يحصل بشهادة أي شهود عدول ،أما إذا كان تحديد الشهود يحقق مصلحة مثل اشتراط شهادة
الجار في عقد بيع العقار؛ فإن شهادة الجيران على عقد البيع تحقق مصلحة وغرضا مقصودا للمشتري ،وهو
أن هؤﻻء الجيران إذا طالبوا بحقهم في أخذ العقار المبيع بالشفعة كان للمشتري الدفع بأنهم علموا بالبيع،
وشهدوا على العقد ،ولم يطلبوا الشفعة ،وبالتالي فإن اشتراط إشهاد الجار في بيع العقار يحقق غرضا
ومصلحة للمشتري ،فيصح شرطه.
-باعه دابة وشرط عليه أﻻ تأكل إﻻ شعيرا فﻼ يتصور فيه أي مصلحة للبائع ،فما الفائدة التي تعود عليه إذا
اشترط أن المشتري ﻻ يطعم الدابة إﻻ طعاما محددا كالشعير مثﻼ؟
أن اشتراط مثل هذه الشروط ﻻ يترتب عليه منازعة بين البائع والمشتري؛ ﻷن أي شاهد عدل يتحقق بشهادته
المقصود من الشهادة ،وفي صورة الشرط الثاني فإن الدابة لن تطالب بهذا النوع من الطعام الذي شرط في عقد
بيعها لعدم أهليتها ،وتنقطع صلة البائع بها بعد عقد البيع فﻼ منازعة.
حكم هذا النوع من الشروط :هذا النوع من الشروط ﻻ يصح ،فيكون الشرط فاسدا ولكنه ﻻ يفسد العقد ،فيلغو
الشرط ويصح العقد ،ولكن إذا كان الشرط يؤدي للتنازع بين المتعاقدين مثل اشتراط ما ينافي مقتضى العقد،
كشرط عدم تسليم المبيع؛ فإنه يكون شرطا فاسدا ،ومفسدا للبيع ،فﻼ يصح البيع بمثل هذا الشرط وهذا الذي ذهب
إليه الشافعية هو ما ذهب إليه الحنفية؛ حيث قالوا :بأن الشرط الذي ﻻ منفعة فيه ﻷحد وﻻ يؤدي إلى التنازع
فاسد ،ولكنه غير مفسد للعقد.
الدليل :يستدل للقول بفساد هذا النوع من الشروط وعدم فساد عقد البيع بالمعقول ووجهه :أن هذا الشرط ﻻ منفعة
فيه ﻷحد ،فليس فيه شبهة الربا ،وﻻ يطالب به مطالب فيؤدي إلى التنازع .
النوع الرابع من الشروط في عقد البيع :وهو شرط يتعلق بالعبيد ،وكان اﻷولى ترك بيان هذا الشرط؛ ﻻنقطاع
الرق ،وعدم وجوده في زماننا ،إﻻ أنه يمكن أن يلحق بهذا النوع الشرط الذي يكون في بر وإحسان ،مثل أن
يبيعه أرضا ويشترط أن يجعلها وقفا ،أو مسجدا ،أو مقبرة للمسلمين ،أو أن يتصدق به ونحو ذلك.
ومع اتفاق جمهور الفقهاء من المالكية ،والشافعية في اﻷصح ،والحنابلة على صحة بيع عبد ،أو أمة مع شرط
أن يعتقهما المشتري إﻻ أنهم اختلفوا في الشرط الذي يتضمن معنى البر واﻹحسان كشرط وقف المبيع أو
التصدق به ،وكان لهم في هذه المسألة ثﻼثة مذاهب:
المذهب اﻷول :وهو مذهب المالكية ،والشافعية في قول ويذهبون إلى صحة البيع بشرط أن يقوم
المشتري بوقف المبيع ،أو التصدق به.
المذهب الثاني :وهو رواية عند الحنابلة ،وهو قول عند الشافعية ،ويرون بطﻼن الشرط فقط مع صحة
العقد.
المذهب الثالث :وهو مذهب الحنفية ،واﻷصح عند الشافعية ،ويرون بطﻼن هذا الشرط وعدم مع بطﻼن
العقد أيضا.
واتساب 01099668444 : الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية
ُ
41
الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج - 1الفرقة الثانية 2024 أ .إبراهيم سعيد
اﻷدلة :استدل كل مذهب بأدلة تؤيد مذهبه وذلك على النحو التالي:
أوﻻ :أدلة المذهب اﻷول :استدل أصحاب المذهب اﻷول )المالكية والشافعية في قول( لما ذهبوا إليه من القول
بصحة البيع مع شرط قيام المشتري بوقف المبيع ،أو التصدق به بأدلة من السنة والمعقول:
أوﻻ :السنة النبوية المطهرة :قد استدلوا بما جاء في الصحيحين أن عائشة رضي ﷲ عنها -اشترت "بريرة"-
رضي ﷲ عنها -ويكون رضي ﷲ عنها -وشرط مواليها-البائعون -أن تعتقها عائشة -الوﻻء لهم ،فلم ينكر رسول
ﷲ – صلى ﷲ عليه وسلم -إﻻ شرط الوﻻء ،وقال» :ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب ﷲ – عز
وجل -ما كان من شرط ليس في كتاب ﷲ فهو باطل ،وإن كان مائة شرط ،كتاب ﷲ أحق وشرط ﷲ أوثق« هذا
الحديث يدل على بطﻼن شرط الوﻻء فقط ،وأما شرط العتق فهو صحيح لم يبطله رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه
وسلم -ومنه يستفاد أن كل شرط فيه تحقيق معنى من معاني البر يكون صحيحا قياسا على صحة شرط العتق.
ثانيا :المعقول :أن هذا الشرط فيه من البر واﻹحسان ما يتشوف الشرع إلى تحقيقه ويحث عليه.
أدلة المذهب الثاني :استدل أصحاب المذهب الثاني وهم الحنابلة ،وقول عند الشافعية ،على قولهم ببطﻼن شرط
الوقف أو التصدق مع صحة العقد بحديث "بريرة" حيث أبطل النبي – صلى ﷲ عليه وسلم -الشرط ولم يبطل
العقد
مناقشة هذا اﻻستدﻻل :بأن الشرط الذي كان في حديث "بريرة" والذي أبطله رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه
وسلم -إنما هو شرط الوﻻء ،وليس شرط العتق ،وقد أبطل النبي – صلى ﷲ عليه وسلم -شرط الوﻻء في عقد
شراء "بريرة" ﻷنه يعارض الشرع ،لذا قال النبي – صلى ﷲ عليه وسلم» -ما كان من شرط ليس في كتاب ﷲ
فهو باطل وإن كان مائة شرط«
أدلة المذهب الثالث :استدل أصحاب المذهب الثالث الحنفية ،واﻷصح عند الشافعية ،للقول ببطﻼن هذا الشرط
وبالتالي بطﻼن البيع بالسنة والمعقول:
اوﻻً :السنة النبوية المشرفة :استدلوا بالحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي – صلى
ﷲ عليه وسل -أنه» :نهى عن بيع وشرط«الحديث واضح الدﻻلة على فساد الشرط المقترن بعقد البيع ،وقد
خصصوا هذا الحديث وأجازوا:
.1اشتراط ما يقتضيه العقد كشرط انتقال ملك المبيع للمشتري؛ وذلك أن مضمون هذا الشرط نافذ بحكم العقد
دون اشتراط.
.2الشرط الذي يحقق مصلحة العقد كشرط الرهن؛ ﻷنه يؤكد موجب العقد ،ويوثقه فيكون مﻼئما للعقد ،فيكون
بمنزلة ما يقتضيه العقد.
.3الشرط الذي ورد الشرع بجوازه كشرط الخيار ثﻼثة أيام فقد ورد بنص الحديث »إذا ابتعت فقل ﻻ خﻼبة -ﻻ
خديعة -ولي الخيار ثﻼثة أيام« متفق عليه.
.4الشرط الذي جرى به العرف كمن اشترى جلدا من صانع أحذية وشرط عليه أن يصنعه له حذاء ،ﻷن العرف
يقضي على القياس.
ثانيا ً :المعقول :أن البيع يوجب الملك ،وهذا الشرط ينافي ذلك؛ ﻷنه يؤدي إلى إبطال الملك بخروج المبيع عن
ملك المشتري بالعتق ،أو الوقف ونحوه ،فيكون هذا الشرط منافيا مقصود العقد.
.2أما اﻻستدﻻل بالمعقول ،فيناقش :بأنه استدﻻل بالعقل في مواجهة النص -حديث "بريرة" -فﻼ يصح
المذهب الراجح :بناء على ما تقدم من اﻷدلة والمناقشات؛ فإن الراجح هو صحة اشتراط شيء مما يعد
برا وإحسانا كالوقف أو الصدقة ،وذلك لما يلي:
-قوة أدلة هذا المذهب ،وبخاصة حديث "بريرة".
-مناقشة ورد ما استدل به مخالفوهم.
-أن القول بصحة هذا الشرط فيه احترام وإعمال ﻹرادة طرفي العقد ،وهما لم يدخﻼ في العقد إﻻ على هذا
الشرط ،وربما يكون لهذا الشرط اعتبار في تحديد الثمن؛ فالبائع عادة ما يخفض الثمن إذا علم أن المشتري
سيقوم بعمل من أعمال البر ،كشراء أرض لبناء مسجد ،أو لوقفها مقبرة للمسلمين ،أو التصدق بشيء منها
على فقراء المسلمين.
القسم الخامس :هو أن يشترط ما سوى اﻷربعة من الشروط التي تنافي مقتضى البيع :يعني أنه إذا شرط في
البيع شروطا غير الشروط السابق بيانها -غير ما يقتضيها العقد ،وغير ما يﻼئم العقد وفيه مصلحة للعقد ،وغير
الشروط التي ﻻ يتعلق بها غرض يورث تنازعا ،وغير الشروط التي تتضمن عمﻼ من أعمال البر واﻹحسان
كشرط وقف المبيع مسجدا ،أو مقبرة ونحو ذلك -وقد ذكر أمثلة لهذا النوع من الشروط جمعها جميعا تحت
مسمى "الشروط التي تنافي مقتضى العقد".
الشرط الذي ينافي مقتضى العقد هو :كل شرط يمنع المـشتري حقا من حقوقه ،أو يلزم البائع ما ليس بواجب
عليه.
وبتأمل هذه اﻷمثلة التي أوردها في "المجموع" نجد أنها تنضوي تحت طائفتين عند غير الشافعية:
اﻷولى :شرط ما ينافي مقتضى العقد؛ كأن يبيع له شيئا بشرط أﻻ يبيعه المشتري ،أو بشرط أﻻ ينتفع المشتري
بهذا المبيع ،أو بشرط أﻻ يقبض المشتري المبيع ،أو بشرط أﻻ يؤجره ،أو بشرط أﻻ يسافر بالمبيع ،أو ﻻ يسلمه
البائع للمشتري ،ويبيعه بشرط أنه إذا أراد المشتري بيع هذا الشيء فﻼ يبيعه إﻻ له )لذات البائع(.
الثانية :شرط عقد في عقد البيع؛ كأن يبيع له شيئا بشرط أن يبيعه المشتري شيئا آخر ،أو بشرط أن يشتري هذا
المشتري شيئا آخر غير المبيع اﻷول ،أو بشرط أن يقرضه المشتري قرضا ،أو بشرط أن يؤجره المشتري شيئا،
أو يبيعه بشرط يزوجه ابنته ،ونحو ذلك من الشروط.
حكم هذا النوع من الشروط :يرى الشافعية بطﻼن هذا النوع من الشروط ،وبطﻼن البيع أيضا ،وهذا مذهب
الحنفية على تفصيل عندهم ،والمالكية ،والحنابلة ويستدل الفقهاء على القول ببطﻼن الشروط التي تخالف
مقتضى العقد بما يلي:
أوﻻ :السنة النبوية المطهرة :قد استدلوا منها بما يلي:
-قوله -صلى ﷲ عليه وسلم -في حديث "بريرة " »ما كان من شرط ليس في کتاب ﷲ فهو باطل« حيث نص
على بطﻼن شرط الوﻻء لمنافاته مقتضى العقد ،ويقاس عليه كل شرط في معناه.
-ما رواه عبد ﷲ بن عمرو أن رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه وسلم -قال» :ﻻ يحل سلف وبيع«
-ما رواه أبو هريرة أن رسول ﷲ " نهي عن بيعتين في بيعة" أن هذا النهي يقتضي الفساد.
ثانيا :المعقول :وذلك من وجوه:
اﻷول :أن كل واحد من المتعاقدين لم يرض بالعقد إﻻ بهذا الشرط؛ فإذا لم يتحقق الشرط لبطﻼنه فقد انتفى
التراضي الذي هو أساس البيع.
الثاني :أنه إذا شرط عقدا في عقد كان كنكاح الشغار وهو باطل.
الثالث :أن مثل هذا الشرط يدعو إلى المنازعة فﻼ يصح.
)فرع( إذا باع دارا واشترط البائع لنفسه سكناها ،أو دابة واستثنى ظهرها؛ فإن لم يبين المدة المستثناة ويعلما
قدرها؛ فالبيع باطل بﻼ خﻼف ،وإن بيناها فطريقان( أصحهما ...فساد البيع )والثاني( فيه وجهان ) ...أصحهما(
هذا )والثاني( يصح البيع والشرط لحديث جابر وقصة جمله...
واتساب 01099668444 : الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية
ُ
43
الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج - 1الفرقة الثانية 2024 أ .إبراهيم سعيد
ثالثا :المعقول:القياس على بيع الدار المؤجرة؛ فإنه جائز مع تأخر تسليم المبيع إلى انتهاء مدة اﻹجارة دون أي
شرط ،فجاز هنا بالشرط قياسا عليه.
الترجيح :لعل الراجح في هذه المسألة جواز هذا النوع من الشروط ،وذلك لما يلي:
.1حديث جابر يعد نصا في الموضوع.
.2كون المنفعة المشروطة معلومة ينفي وقوع التنازع ،ويجعل هذا الشرط أقرب رب إلى الصحة قياسا على ما
لو باع دارا مؤجرة.
.3جريان العرف بمثل هذا الشرط ،فكثيرا ما يبيع دارا ويشترط سكناها مدة معينة لحين توفر مسكن له ،ونحو
ذلك.
)فرع( لو اشترى زرعا ،وشرط على بائعه أن يحصده؛ فالمذهب بطﻼن البيع ،وبه قطع جمهور المصنفين...
ولو اشترى خطبا على ظهر بهيمة وشرط عليه حمله إلى بيته بطل على المذهب كما ذكرناه"
ب – الصورة الثانية :شرط التزام البائع بعمل في المبيع:
هناك بعض المحال التي يقوم أصحابها بحرف صناعية في المبيع ،مثال ذلك الخياط الذي عنده بعض اﻷقمشة
يعرضها للبيع ،والصانع السكاكين الذي يعرض أنواعا من الحديد للبيع ،وكذا صانع اﻷحذية الذي يعرض بعض
أنواع الجلود للبيع.
والشراء من مثل هؤﻻء يقع على صور ثﻼث:
اﻷولى :أن يشتري ما يرغب في شراء من نحو القماش ،أو الحديد ،أو الجلد ثم يقبضه وينصرف ،وهذا عقد
بيع مستقل قائم بذاته يقع صحيحا ما دامت قد توفرت أركانه وشروطه.
الثانية :أن يشتري الشيء المعين ويحدد ثمنه ،ثم بعد تمام البيع يطلب من البائع صناعته له ،كان يطلب
خياطة القماش ثوبا ،أو يطلب صناعة الحديد سكينا ،أو يطلب صناعة الجلد حقيبة أو حذاء ،وتكون أجرة الخياطة
أو صناعة السكين ،أو الحقيبة ،أو الحذاء محددة ومستقلة عن ثمن الشراء؛ فهذين عقدين مستقلين عن بعضهما،
اﻷول بيع والثاني إجارة ،وليس أحدهما شرطا لﻶخر ،فيقع كل منهما صحيحا إذا توافرت أركان وشروط كل
منهما.
الثالثة :أن يشتري المشتري سلعة ويشترط على البائع أن يعمل فيها عمﻼ ،كأن تكون قماشا ويشترط على
البائع أن يقوم بخياطته ثوبا ،أو قطعة جلد ويشترط أن يصنعها له البائع حقيبة ،أو حذاء ،أو قمحا وشرط على
البائع أن يطحنه ،أو قطعة حديد على أن يصنعها البائع سكينا ،وأصدق مثال يقع في المعامﻼت المعاصرة أن
يرغب في شراء ثوب فيجده طويﻼ ،أو واسعا فيقول البائع اشتره وأنا أقصره وأضيقه لك أو نحو ذلك من
الشروط .فهذا عقد واحد -عقد بيع وفيه شرط-؛ حيث إن رغبة المشتري ،وإرادته قائمة على قيام البائع بصنع
الشيء المبيع على النحو المطلوب ،فما حكم هذا الشرط؟ اختلف الفقهاء في حكم هذا الشرط على قولين:
القول اﻷول :وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية فيما إذا كان الشرط متعارفا والمالكية والحنابلة وقول
مرجوح عند الشافعية ويرون صحة هذا الشرط.
القول الثاني :وهو القول الراجح عند الشافعية ،وهو قول الحنفية فيما لم يكن الشرط متعارفا ويرون عدم
صحة هذا الشرط.
اﻷدلة والمناقشات :
أدلة أصحاب القول اﻷول :استدل أصحاب القول اﻷول وهم جمهور الفقهاء القائلون بصحة اشتراط المشتري
على البائع أن يقوم بعمل في المبيع بأدلة منها:
.1عموم اﻵيات واﻷحاديث التي تدل على الوفاء العقود ،ومنها قوله تعالى" يأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود"
.2قول النبي – صلى ﷲ عليه وسلم» :-المسلمون على شروطهم إﻻ شرطا حرم حﻼﻻ أو أحل حراما« سبق
هذا الحديث يدل على صحة كل شرط ﻻ يخالف شرع ﷲ؛ بأن يحرم الحﻼل أو يحل الحرام ،والشرط الذي
نتكلم فيه ﻻ يحل حراما ،وﻻ يحرم حﻼﻻ.
.3حديث جابر الذي سبق ذكره فهذا الحديث يدل على جواز اشتراط منفعة للبائع ،وليس فيه ما يمنع أن يكون
الشرط للمشتري ،فالحديث فيه دﻻلة على صحة كل شرط معلوم حﻼل ،وهذا الشرط معلوم حﻼل فيكون
صحيحا.
.4العرف :حيث يرى الحنفية أن كل شرط باطل إﻻ ما كان من مقتضى العقد كالبيع بشرط تسليم المبيع
للمشتري ،أو كان مﻼئما للعقد ،كالبيع بشرط الرهن؛ فإنه يوثق العقد ويوافقه وﻻ ينافيه ،أو جاء به نص أو
قضى به عرف ،والعرف جار بمثل هذا الشرط ،فإن الناس يتعاملون به دوما من غير تنازع.
أدلة أصحاب القول الثاني :استدل أصحاب القول الثاني وهم الشافعية في الراجح عندهم من القول عدم صحة
اشتراط المشتري على البائع أن يقوم بعمل في المبيع بأدلة منها:
أ -حديث النهي عن بيع وشرط ،وقد سبق ذكره ،وبيان أنه يفيد منع كل شرط في عقد البيع.
يناقش هذا باﻻتي :عدم صحة حديث »نهى عن بيع وشرط« لضعف سنده.
أن النهي محمول على الشروط التي تخالف الشرع ،أو تؤدي إلى التنازع
ب -هذا الشرط يؤدي إلى النزاع بين البائع والمشتري بسبب العﻼقة التي يحدثها الشرط ،والتي تستمر بعد عقد
البيع.
يناقش هذا :القول بأن هذا الشرط يؤدي إلى التنازع غير مسلم؛ ﻷنه شرط واضح معلوم لكﻼ المتعاقدين ،فمن
أين يأتي التنازع.
القول الراجح :ما ذهب إليه أصحاب القول اﻷول ،وهم جمهور الفقهاء من الحنفية ،والمالكية ،والحنابلة
والشافعية -في قول -الذين قالوا بصحة اشتراط عمل في المعقود عليه ،وذلك لما يلي:
-1قوة أدلتهم في مقابل ضعف أدلة مخالفيهم.
-2جريان العرف بمثل هذه الشروط.
-3أنه شرط ﻻ يترتب عله نزاع بين المتعاقدين؛ لوجود المعلومية بكل بنود هذا الشرط.
-4المصلحة المتصورة في قيام البائع مثﻼ بتصليح ما يتم شراؤه ،ﻷنه أدرى بصنعته