قاعه بحث ‎⁨الفقه المقارن

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 9

‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .

‬إبراهيم سعيد‬

‫باب )الشروط في عقد البيع(‬


‫أوﻻ‪ :‬تعريف الشرط‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط لغة‪ :‬إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه‪ ،‬والجمع شروط وشرائط‪.‬‬
‫‪ ‬تعريف الشرط عند الفقهاء‪" :‬ما ﻻ يوجد المشروط دونه‪ ،‬وﻻ يلزم أن يوجد عند وجوده" أو "ما يلزم من‬
‫عدمه العدم وﻻ يلزم من وجوده وجود وﻻ عدم لذاته"‪.‬‬
‫ومعنى هذا‪ :‬أن الشيء المشروط ﻻ يمكن أن يوجد دون الشرط‪ ،‬وأن وجود الشرط ﻻ يعني وجود المشروط‪،‬‬
‫فقد يشترط الطرفان في العقد شرطا ولكن ﻻ ينفذ الشرط إما بسبب تنازل صاحب الحق عن حقه في تنفيذ‬
‫الشرط‪ ،‬أو لعدم صحة الشرط ذاته‪.‬‬
‫وقد عرفه بعض الفقهاء تعريفا خاصا بأنه "إلزام أحد المتعاقدين المتعاقد اﻵخر بسبب العقد بما له فيه منفعة"‬
‫وهذا التعريف يحدد المراد من الشرط في هذا المقام بصورة واضحة‪ ،‬حيث يظهر من التعريف أن الشرط إنما‬
‫وجد في العقد بسبب إرادة أحد المتعاقدين ذلك ونصه عليه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أقسام الشرط‪ :‬يقسم الفقهاء الشرط من حيث مصدره إلى شروط شرعية‪ ،‬وشروط جعلية ‪:‬‬
‫‪ .1‬الشروط الشرعية‪ :‬هي ما يكون مصدرها الشرع‪ ،‬وﻻ دخل ﻹرادة المتعاقدين في اشتراطها‪ ،‬وهي نوعين‪:‬‬
‫النوع اﻷول‪ :‬ما كان يرجع إلى خطاب التكليف؛ إما مأمورا بتحصيلها كشرط الطهارة للصﻼة‪ ،‬وإما منهيا ً عن‬
‫تحصيلها كشرط خلو المال من الدين لوجوب الزكاة فيه‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬ما يرجع إلى خطاب الوضع ؛ كشرط الحول في الزكاة‪.‬‬
‫‪ .2‬الشروط الجعلية‪ :‬فهي التي يكون اشتراطها بتصرف المكلف وإرادته‪ ،‬كشرط المشتري تأجيل الثمن‪ ،‬أو‬
‫اشتراط البائع وجود رهن أو ضامن بالثمن المؤجل ويوضح نص المجموع أن فقهاء الشافعية يقسمون‬
‫الشروط في عقد البيع إلى خمسة أنواع‪:‬‬
‫النوع اﻷول‪ :‬الشرط الذي يقتضيه العقد‪ ،‬وهذا النوع من الشروط يوجبها عقد البيع‪ ،‬وتلزم أطرافه حتى بدون‬
‫شرط‪ ،‬ومثالها‪:‬‬
‫‪ -‬شرط خيار المجلس‪ :‬أي حق أحد المتبايعين في الرجوع عن العقد في المجلس الذي تبايعا فيه‬
‫‪ -‬أو تسليم المبيع‪ :‬أي اشتراط المشتري على البائع أن يسلمه الشيء المبيع‪.‬‬
‫‪ -‬أو الرد بالعيب‪ :‬أي قيام المشتري برد المبيع إذا وجد فيه عيبا‪.‬‬
‫‪ -‬أو الرجوع بالعهدة‪ :‬أي رجوع المشتري على البائع إذا وجد فيه عيبا‪ ،‬أو إذا خسر المبيع بسبب البائع‪ ،‬كأن‬
‫يدعي أحد أن المبيع ملكه وليس ملكا للبائع‪ ،‬ويثبت ذلك أمام القضاء فيقضي القاضي بالشيء المبيع لهذا‬
‫المدعي‪ ،‬فيكون من حق المشتري الرجوع على البائع بما خسر من المبيع‪.‬‬
‫‪ -‬أو انتفاع المشترى به كيف شاء‪ :‬بأن يشترط المشتري على البائع أن ينتفع بالمبيع كيف يشاء؛ كأن يشتري‬
‫دابة ويشترط المشتري أن يركبها‪ ،‬أو ثوبا على أن يلبسه وكذا إذا اشترى بشرط أن يتملك المشتري المبيع‪،‬‬
‫أو باع بشرط أن يتملك البائع الثمن‪.‬‬
‫فكل هذه الشروط ونحوها توافق مقتضى العقد‪ ،‬يعني أن العقد يوجبها؛ ﻷنها من آثاره الطبيعة‪ ،‬فهي واجبة ولم‬
‫لم يتم اشراطها‪ ،‬فكأن شرطها تأكيد لها فقط‪.‬‬
‫حكم اشترط ما يقتضيه عقد البيع‪:‬هذه الشروط وشبهها تقع صحيحة‪ ،‬وﻻ تفسد عقد البيع باتفاق الفقهاء من‬
‫الحنفية‪ ،‬والمالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬والحنابلة‪.‬‬
‫الدليل على صحة هذا النوع من الشروط‪ :‬يمكن اﻻستدﻻل لصحة هذا النوع من الشروط بالقرآن الكريم‪ ،‬والسنة‬
‫النبوية المشرفة‪ ،‬والمعقول؛ وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬القرآن الكريم‪ :‬ويدل على صحـة هــــــــــذا النوع من الشروط التي يقتضيها العقد ما ورد من عموم‬
‫ِين آ َمنُوا أَ ْوفُوا بِا ْلعُقُو ِد"‬
‫النصـوص القرآنية التي تأمر بالوفاء بالعقود من مثل قوله تعالى‪ " :‬يا أَيﱡ َها الﱠذ َ‬
‫ب‪ -‬السنة النبوية المطهرة‪ :‬ويستدل لذلك أيضا بما جاء في السنة النبوية المشرفة من أحاديث تأمر بالوفاء‬
‫بالشروط التي ﻻ تخالف الشرع‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬قوله صلى ﷲ عليه وسلم‪» :‬المسلمون على شروطهم؛ إﻻ شرطا‬
‫حرم حﻼﻻ أو أحل حراما«‬
‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬
‫ُ‬
‫‪38‬‬
‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .‬إبراهيم سعيد‬

‫وجه الدﻻلة‪ :‬فهذه النصوص القرآنية والنبوية تدل بعمومها على وجوب الوفاء العقود؛ وذلك ما لم تعارض النص‬
‫النصـوص رعية‪ ،‬وبما أن الشـرط اتفاق بين المتعاقدين فهو من العقود والعهود التي يجب الوفاء بها‪.‬‬
‫ت‪ -‬المعقول‪ :‬أن اشتراطها يعد بيانا لما يقتضيه العقد؛ فإن عقد البيع يقتضي هذه اﻷمور أصﻼ بحيث يجب على‬
‫طرفي العقد اﻻلتزام بها من غير اشتراط‪ ،‬وبذلك يكون شرط مثل هذه الشروط من قبيل التوكيد والبيان لما‬
‫يقتضيه العقد‪.‬‬
‫القسم الثاني من الشروط‪ :‬شرط ما ﻻ يقتضيه العقد ولكن فيه مصلحة للعاقد‪ :‬ومثاله‪ :‬شرط أحد العاقدين حقه‬
‫في الخيار ثﻼثة أيام‪ ،‬بمعنى أن له الحق في فسخ العقد في مدة الخيار‪ ،‬وشرط تأجيل الثمن‪ ،‬وشرط البائع تقديم‬
‫المشتري رهنا بالثمن المؤجل‪ ،‬أو شرطه وجود شخص ضامن للثمن المؤجل‪ ،‬أو شرط اﻹشهاد على العقد‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك من الشروط التي ﻻ يوجبها مطلق العقد‪ ،‬ولكنها تحقق مصلحةً للعاقد‪.‬‬
‫حكم هذا النوع من الشروط‪ :‬هذا النوع من الشروط صحيح‪ ،‬ويثبت به الشيء المشروط ويلزم الوفاء به‪،‬‬
‫وذلك باتفاق الفقهاء من الحنفية‪ ،‬والمالكية‪ ،‬والشافعية‪ ،‬والحنابلة؛ حيث يرون جميعا أن الشرط الذي ﻻ‬
‫يقتضيه العقد‪ ،‬ولكنه مﻼئم للعقد‪ ،‬ﻻ يوجب فسادا‪ ،‬والشرط المﻼئم للعقد هو ذاته الذي ﻻ ينافي مقصود العقد‪،‬‬
‫ويحقق مصلحة ﻷحد العاقدين‪.‬‬
‫الدليل على صحة الشرط الذي يﻼئم العقد ويحقق مصلحته‪ :‬استدل الفقهاء لرأيهم القائل بصحة الشروط المﻼئمة‬
‫للعقد بعموم النصوص القرآنية‪ ،‬واﻷحاديث النبوية وخصوصها‪ ،‬كما استدلوا أيضا باﻹجماع‪ ،‬والمعقول‪.‬‬
‫أوﻻ‪ :‬النصوص العامة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ‪ -‬القرآن الكريم‪ :‬وقد استدلوا بما ورد من عموم النصوص القرآنية التي تأمر بالوفاء بالعقود من مثل قوله‬
‫تعالى‪» :‬يأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود « وقوله تعالى ) وأوفوا بعهد ﷲ إذا عهدتُم «‬
‫ب‪ -‬السنة النبوية المطهرة‪ :‬قوله صلى ﷲ عليه وسلم‪" :‬المسلمون على شروطهم؛ إﻻ شرطا حرم حﻼﻻ أو أحل‬
‫حراما"‬
‫وجه الدﻻلة‪ :‬هذه النصوص تدل بعمومها على وجوب الوفاء العقود؛ وذلك ما لم تعارض النصوص الشرعية‪،‬‬
‫وبما أن الشرط اتفاق بين المتعاقدين فهو من العقود والعهود التي يجب الوفاء بها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النصوص الخاصة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ‪ -‬في خصوص اشتراط الخيار ثﻼثة أيام‪ :‬قوله ﷺ لحبان بن منقذ وكان يخدع في البيع‪" -‬إذا ابتعت فقل ﻻ‬
‫خﻼبة ولي الخيار ثﻼثة أيام" هذا الحديث يدل على جواز اشترط أحد المتعاقدين الخيار لنفسه‪ ،‬بمعنى أنه‬
‫يحق له فسخ العقد في مدة الخيار دون توقف على موافقة الطرف اﻵخر وذلك في مدة الخيار‪.‬‬
‫ب‪ -‬في خصوص اشتراط اﻷجل‪ :‬قوله تعالى‪ ) :‬يأيها الذين ءامنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فأكتبوه ( هذ‬
‫اﻵية تدل على جواز التبايع واشتراط اﻷجل المعين‪.‬‬
‫ت‪ -‬وفيما يتعلق بشرط تقديم المشتري رهنا بالثمن المؤجل‪ :‬قوله تعالى‪ » :‬فرهن مقبوضة« هذه اﻵية تدل على‬
‫مشروعية الرهن توثيقا للدين المؤجل‪ ،‬والثمن إذا كان مؤجﻼ جاز اشتراط الرهن توثيقا له‪ .‬ومن السنة الدالة‬
‫على مشروعية الرهن‪ :‬عن عائشة رضي ﷲ عنها "أن النبي طعاما من يهودي إلى أجل‪ ،‬ورهنه درعا من‬
‫حديد"‬
‫ث‪ -‬أما شرط تقديم المشتري كفيﻼ )ضامنا( بالثمن المؤجل فيدل له قوله تعالى‪ » :‬ولمن جاء به حمل بعير"‬
‫قول النبي صل ﷲ عليه وسلم ‪» :‬الزعيم غارم« والزعيم هو الكفيل‪ -‬الضامن‪ -‬ومعنى غارم‪ :‬يعني يغرم‬
‫ويلتزم بدفع ما ضمنه إذا عجز المدين اﻷصلي‪.‬‬
‫ج‪ -‬مما يدل على جواز اشتراط اﻹشهاد على العقد ‪ :‬قوله تعالى‪ " :‬وأشهدوا إذا تبايعتم " هذا النص يدل على‬
‫جواز اشتراط اﻹشهاد على البيع‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اﻹجماع‪ :‬قد نقل هذا اﻹجماع غير واحد من الفقهاء‪:‬‬
‫‪ -‬الكمال بن الهمام؛ حيث قال بعد ذكر هذا النوع من الشروط‪" :‬فكذلك هو صحيح؛ لﻺجماع على ثبوته شرعا"‬
‫‪ -‬النووي؛ حيث قال في المجموع‪" :‬فﻼ يبطل العقد أيضا بﻼ خﻼف" وابن قدامة‪.‬‬

‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬


‫ُ‬
‫‪39‬‬
‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .‬إبراهيم سعيد‬

‫رابعا‪ :‬المعقول‪ :‬وذلك من وجهين‪:‬‬


‫الوجه اﻷول‪ :‬أن هذا الشرط مقرر لحكم العقد من حيث المعنى مؤكد إياه‪ ،‬فيلحق بالشرط الذي هو من‬
‫مقتضيات العقد‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أنه شرط جائز للحاجة إليه؛ ﻻ سيما في معاملة من ﻻ يعرف حاله‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء حول ضرورة تعيين الرهن‪ ،‬وحضور الكفيل‪ -‬الضامن‪ ،-‬وقبوله الضمان وقت التعاقد‬
‫واﻻشتراط‪:‬‬
‫تحرير محل النزاع‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كان الشيء المرهون معينا وقت التعاقد‪ ،‬أو كان شخص الضامن حاضرا وقبل الضمان فﻼ خﻼف بين‬
‫الفقهاء في صحة العقد والشرط في هذه الحال‪.‬‬
‫‪ -‬أما لو كان المرهون غير معين‪ ،‬أو كان الضامن غير موجود في مجلس العقد أو كان حاضرا في مجلس‬
‫العقد ولكنه لم يقبل الضمان فقد اختلف الفقهاء في صحة هذا الشرط وبالتالي صحة العقد‪ ،‬وكان خﻼفهم‬
‫على مذهبين‪:‬‬
‫المذهب اﻷول‪ :‬إذا كان الرهن غير معين أو الضامن غير معين‪ ،‬أو كان معينا ولم يحضر مجلس العقد‪ ،‬أو‬
‫حضر ولم يقبل الضمان؛ فالشرط غير صحيح‪ ،‬وكذا العقد غير صحيح‪ ،‬وهذا مذهب الحنفية‪ ،‬والشافعية‪،‬‬
‫والحنابلة‪.‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬ويرى صحة العقد والشرط في هذه الصورة‪ ،‬ويكون على البائع أن يقدم للمشتري رهنا‬
‫يساوي حق المشري مما اعتاد الناس رهنه‪ ،‬وكفيﻼ ثقة‪ ،‬وهذا مذهب المالكية‪.‬‬
‫اﻷدلة‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬أدلة المذهب اﻷول‪ :‬استدل أصحاب المذهب اﻷول القائلون بضرورة تعيين الرهن‪ ،‬وحضور الكفيل‪،‬‬
‫وقبوله الكفالة بالمعقول ووجهه‪ :‬أن اشتراط الرهن والكفيل أجيز استحسانا ﻷجل التوثق والتأكيد لحق البائع‪.‬‬
‫أ‪ -‬فإن كان الرهن معلوما أو الكفيل حاضر وقبل الكفالة فالبيع جائز استحسانا؛ لما يؤدي إليه من تأكيد حق‬
‫البائع واﻻستيثاق له‪ ،‬فكان هذا الشرط مقررا لمقتضى العقد معنى؛ ﻷن هذا المعنى الذي هو اﻻستيثاق‬
‫مﻼئم للعقد لكونه مؤكدا موجب العقد فصح العقد‪.‬‬
‫ب‪ -‬إن كان الرهن مجهوﻻ‪ ،‬أو كان الكفيل غائبا‪ ،‬أو حضر ولم يقبل الكفالة‪ ،‬أو كان مجهوﻻ فالبيع فاسد؛‬
‫لعدم حصول التوثق المطلوب بهذا الشرط‪ ،‬ﻷن المشتري ربما يأتي بشيء يساوي عشر حق البائع أو‬
‫يعطي كفيﻼ غير مليء‪ ،‬وليس في ذلك من التوثق شيء؛ فلم يصح الشرط وبالتالي لم يصح العقد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أدلة المذهب الثاني‪ :‬استدل أصحاب المذهب الثاني وهم المالكية القائلون بصحة العقد مع اشتراط رهن‬
‫غير معين‪ ،‬أو كفيل غير حاضر بالمعقول‪ ،‬ووجهه‪ :‬أن هذا الشرط ﻻ ينافي مقصود العقد‪ ،‬وهو يحقق مصلحة‪،‬‬
‫وﻻ يترتب عليها نزاع‪ ،‬بل تجري حسب عادة الناس‪.‬‬

‫المناقشة‪ :‬يمكن مناقشة أدلة المالكية من وجهين‪:‬‬


‫اﻷول‪ :‬أن اشتراط الرهن والكفيل‪ -‬وإن قلنا بصحته‪ -‬إﻻ أنه حالة جهالة المرهون‪ ،‬أو غياب الكفيل ﻻ يتم‬
‫المقصود من الشرط‪ ،‬وهو التوثق لحق البائع‪ ،‬فيفسد الشرط وبالتالي يفسد العقد؛ ﻷن البائع لم يقبل البيع إﻻ بهذا‬
‫الشرط‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن القول بإجازة مثل هذا الشرط قد يؤدي إلى التنازع بين المتعاقدين؛ ﻷن المشتري قد يقدم رهنا ﻻ‬
‫يناسب حق المشتري‪ ،‬وﻻ يفي بالثمن الذي تبايعا عليه‪ ،‬وﻷن الكفيل المجهول قد ﻻ يكون ثقة بما يكفي لضمان‬
‫حق البائع‪.‬‬

‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬


‫ُ‬
‫‪40‬‬
‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .‬إبراهيم سعيد‬

‫المذهب الراجح‪ :‬بناء على المناقشة السابقة يظهر أن الراجح هو المذهب اﻷول‪ ،‬وهو مذهب جمهور‬
‫الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة القائلين باشتراط كون الرهن‪ ،‬والكفيل معلوما‪ ،‬وأن يقبل الكفيل الكفالة‬
‫قبل انتهاء مجلس العقد؛ وذلك لما يأتي‪:‬‬
‫‪ -‬ليحصل المقصود من الشرط وهو التوثق لحق البائع‪.‬‬
‫‪ -‬لينتفي التنازع بين المتعاقدين‪ ،‬والذي قد يحصل إذا لم يكن الرهن كافيا لضمان حق البائع‪ ،‬أو كان الكفيل‬
‫غير ثقة‪.‬‬
‫النوع الثالث ‪ :‬الشروط التي ﻻ تتعلق بها مصلحة مقصودة‪ ،‬وﻻ تؤدي إلى التنازع بين المتعاقدين‬
‫مثال هذا النوع من الشروط‪:‬‬
‫‪ -‬اشتراط إشهاد شهود بعينهم على العقد فأي مصلحة في اشتراط شاهد بعينه‪ ،‬إذ اﻷصل أن الشهادة للتوثيق‪،‬‬
‫وهذا التوثيق يحصل بشهادة أي شهود عدول‪ ،‬أما إذا كان تحديد الشهود يحقق مصلحة مثل اشتراط شهادة‬
‫الجار في عقد بيع العقار؛ فإن شهادة الجيران على عقد البيع تحقق مصلحة وغرضا مقصودا للمشتري‪ ،‬وهو‬
‫أن هؤﻻء الجيران إذا طالبوا بحقهم في أخذ العقار المبيع بالشفعة كان للمشتري الدفع بأنهم علموا بالبيع‪،‬‬
‫وشهدوا على العقد‪ ،‬ولم يطلبوا الشفعة‪ ،‬وبالتالي فإن اشتراط إشهاد الجار في بيع العقار يحقق غرضا‬
‫ومصلحة للمشتري‪ ،‬فيصح شرطه‪.‬‬
‫‪ -‬باعه دابة وشرط عليه أﻻ تأكل إﻻ شعيرا فﻼ يتصور فيه أي مصلحة للبائع‪ ،‬فما الفائدة التي تعود عليه إذا‬
‫اشترط أن المشتري ﻻ يطعم الدابة إﻻ طعاما محددا كالشعير مثﻼ؟‬
‫أن اشتراط مثل هذه الشروط ﻻ يترتب عليه منازعة بين البائع والمشتري؛ ﻷن أي شاهد عدل يتحقق بشهادته‬
‫المقصود من الشهادة‪ ،‬وفي صورة الشرط الثاني فإن الدابة لن تطالب بهذا النوع من الطعام الذي شرط في عقد‬
‫بيعها لعدم أهليتها‪ ،‬وتنقطع صلة البائع بها بعد عقد البيع فﻼ منازعة‪.‬‬
‫حكم هذا النوع من الشروط‪ :‬هذا النوع من الشروط ﻻ يصح‪ ،‬فيكون الشرط فاسدا ولكنه ﻻ يفسد العقد‪ ،‬فيلغو‬
‫الشرط ويصح العقد‪ ،‬ولكن إذا كان الشرط يؤدي للتنازع بين المتعاقدين مثل اشتراط ما ينافي مقتضى العقد‪،‬‬
‫كشرط عدم تسليم المبيع؛ فإنه يكون شرطا فاسدا‪ ،‬ومفسدا للبيع‪ ،‬فﻼ يصح البيع بمثل هذا الشرط وهذا الذي ذهب‬
‫إليه الشافعية هو ما ذهب إليه الحنفية؛ حيث قالوا‪ :‬بأن الشرط الذي ﻻ منفعة فيه ﻷحد وﻻ يؤدي إلى التنازع‬
‫فاسد‪ ،‬ولكنه غير مفسد للعقد‪.‬‬
‫الدليل‪ :‬يستدل للقول بفساد هذا النوع من الشروط وعدم فساد عقد البيع بالمعقول ووجهه‪ :‬أن هذا الشرط ﻻ منفعة‬
‫فيه ﻷحد‪ ،‬فليس فيه شبهة الربا‪ ،‬وﻻ يطالب به مطالب فيؤدي إلى التنازع ‪.‬‬
‫النوع الرابع من الشروط في عقد البيع‪ :‬وهو شرط يتعلق بالعبيد‪ ،‬وكان اﻷولى ترك بيان هذا الشرط؛ ﻻنقطاع‬
‫الرق‪ ،‬وعدم وجوده في زماننا‪ ،‬إﻻ أنه يمكن أن يلحق بهذا النوع الشرط الذي يكون في بر وإحسان‪ ،‬مثل أن‬
‫يبيعه أرضا ويشترط أن يجعلها وقفا‪ ،‬أو مسجدا‪ ،‬أو مقبرة للمسلمين‪ ،‬أو أن يتصدق به ونحو ذلك‪.‬‬
‫ومع اتفاق جمهور الفقهاء من المالكية‪ ،‬والشافعية في اﻷصح‪ ،‬والحنابلة على صحة بيع عبد‪ ،‬أو أمة مع شرط‬
‫أن يعتقهما المشتري إﻻ أنهم اختلفوا في الشرط الذي يتضمن معنى البر واﻹحسان كشرط وقف المبيع أو‬
‫التصدق به‪ ،‬وكان لهم في هذه المسألة ثﻼثة مذاهب‪:‬‬
‫المذهب اﻷول‪ :‬وهو مذهب المالكية‪ ،‬والشافعية في قول ويذهبون إلى صحة البيع بشرط أن يقوم‬
‫المشتري بوقف المبيع‪ ،‬أو التصدق به‪.‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬وهو رواية عند الحنابلة‪ ،‬وهو قول عند الشافعية‪ ،‬ويرون بطﻼن الشرط فقط مع صحة‬
‫العقد‪.‬‬
‫المذهب الثالث‪ :‬وهو مذهب الحنفية‪ ،‬واﻷصح عند الشافعية‪ ،‬ويرون بطﻼن هذا الشرط وعدم مع بطﻼن‬
‫العقد أيضا‪.‬‬
‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬
‫ُ‬
‫‪41‬‬
‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .‬إبراهيم سعيد‬

‫اﻷدلة‪ :‬استدل كل مذهب بأدلة تؤيد مذهبه وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬أدلة المذهب اﻷول‪ :‬استدل أصحاب المذهب اﻷول )المالكية والشافعية في قول( لما ذهبوا إليه من القول‬
‫بصحة البيع مع شرط قيام المشتري بوقف المبيع‪ ،‬أو التصدق به بأدلة من السنة والمعقول‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬السنة النبوية المطهرة‪ :‬قد استدلوا بما جاء في الصحيحين أن عائشة رضي ﷲ عنها‪ -‬اشترت "بريرة"‪-‬‬
‫رضي ﷲ عنها‪ -‬ويكون رضي ﷲ عنها‪ -‬وشرط مواليها‪-‬البائعون‪ -‬أن تعتقها عائشة‪ -‬الوﻻء لهم‪ ،‬فلم ينكر رسول‬
‫ﷲ – صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬إﻻ شرط الوﻻء‪ ،‬وقال‪» :‬ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب ﷲ – عز‬
‫وجل‪ -‬ما كان من شرط ليس في كتاب ﷲ فهو باطل‪ ،‬وإن كان مائة شرط‪ ،‬كتاب ﷲ أحق وشرط ﷲ أوثق« هذا‬
‫الحديث يدل على بطﻼن شرط الوﻻء فقط‪ ،‬وأما شرط العتق فهو صحيح لم يبطله رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬ومنه يستفاد أن كل شرط فيه تحقيق معنى من معاني البر يكون صحيحا قياسا على صحة شرط العتق‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المعقول‪ :‬أن هذا الشرط فيه من البر واﻹحسان ما يتشوف الشرع إلى تحقيقه ويحث عليه‪.‬‬
‫أدلة المذهب الثاني‪ :‬استدل أصحاب المذهب الثاني وهم الحنابلة‪ ،‬وقول عند الشافعية‪ ،‬على قولهم ببطﻼن شرط‬
‫الوقف أو التصدق مع صحة العقد بحديث "بريرة" حيث أبطل النبي – صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬الشرط ولم يبطل‬
‫العقد‬

‫مناقشة هذا اﻻستدﻻل‪ :‬بأن الشرط الذي كان في حديث "بريرة" والذي أبطله رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم‪ -‬إنما هو شرط الوﻻء‪ ،‬وليس شرط العتق‪ ،‬وقد أبطل النبي – صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬شرط الوﻻء في عقد‬
‫شراء "بريرة" ﻷنه يعارض الشرع‪ ،‬لذا قال النبي – صلى ﷲ عليه وسلم‪» -‬ما كان من شرط ليس في كتاب ﷲ‬
‫فهو باطل وإن كان مائة شرط«‬
‫أدلة المذهب الثالث ‪ :‬استدل أصحاب المذهب الثالث الحنفية‪ ،‬واﻷصح عند الشافعية‪ ،‬للقول ببطﻼن هذا الشرط‬
‫وبالتالي بطﻼن البيع بالسنة والمعقول‪:‬‬
‫اوﻻً ‪ :‬السنة النبوية المشرفة‪ :‬استدلوا بالحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي – صلى‬
‫ﷲ عليه وسل‪ -‬أنه‪» :‬نهى عن بيع وشرط«الحديث واضح الدﻻلة على فساد الشرط المقترن بعقد البيع‪ ،‬وقد‬
‫خصصوا هذا الحديث وأجازوا‪:‬‬
‫‪ .1‬اشتراط ما يقتضيه العقد كشرط انتقال ملك المبيع للمشتري؛ وذلك أن مضمون هذا الشرط نافذ بحكم العقد‬
‫دون اشتراط‪.‬‬
‫‪ .2‬الشرط الذي يحقق مصلحة العقد كشرط الرهن؛ ﻷنه يؤكد موجب العقد‪ ،‬ويوثقه فيكون مﻼئما للعقد‪ ،‬فيكون‬
‫بمنزلة ما يقتضيه العقد‪.‬‬
‫‪ .3‬الشرط الذي ورد الشرع بجوازه كشرط الخيار ثﻼثة أيام فقد ورد بنص الحديث »إذا ابتعت فقل ﻻ خﻼبة‪ -‬ﻻ‬
‫خديعة‪ -‬ولي الخيار ثﻼثة أيام« متفق عليه‪.‬‬
‫‪ .4‬الشرط الذي جرى به العرف كمن اشترى جلدا من صانع أحذية وشرط عليه أن يصنعه له حذاء‪ ،‬ﻷن العرف‬
‫يقضي على القياس‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬المعقول ‪ :‬أن البيع يوجب الملك‪ ،‬وهذا الشرط ينافي ذلك؛ ﻷنه يؤدي إلى إبطال الملك بخروج المبيع عن‬
‫ملك المشتري بالعتق‪ ،‬أو الوقف ونحوه‪ ،‬فيكون هذا الشرط منافيا مقصود العقد‪.‬‬

‫مناقشة أدلة الحنفية ومن وافقهم‪:‬‬


‫‪ .1‬يمكن مناقشة اﻻستدﻻل بهذا الحديث بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الحديث ﻻ يصح سنده‪.‬‬
‫‪ -‬هذا الحديث عام‪ ،‬وهو مخصص بما ذكرتموه أنتم من صحة الشرط الذي يقتضيه العقد‪ ،‬والشرط الذي يحقق‬
‫مصلحة العقد‪ -‬يﻼئم العقد – والشرط الذي ورد به الشرع‪ ،‬والشرط الذي جرى به العرف‪.‬‬
‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬
‫ُ‬
‫‪42‬‬
‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .‬إبراهيم سعيد‬

‫‪ .2‬أما اﻻستدﻻل بالمعقول‪ ،‬فيناقش‪ :‬بأنه استدﻻل بالعقل في مواجهة النص‪ -‬حديث "بريرة"‪ -‬فﻼ يصح‬

‫المذهب الراجح‪ :‬بناء على ما تقدم من اﻷدلة والمناقشات؛ فإن الراجح هو صحة اشتراط شيء مما يعد‬
‫برا وإحسانا كالوقف أو الصدقة‪ ،‬وذلك لما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬قوة أدلة هذا المذهب‪ ،‬وبخاصة حديث "بريرة"‪.‬‬
‫‪ -‬مناقشة ورد ما استدل به مخالفوهم‪.‬‬
‫‪ -‬أن القول بصحة هذا الشرط فيه احترام وإعمال ﻹرادة طرفي العقد‪ ،‬وهما لم يدخﻼ في العقد إﻻ على هذا‬
‫الشرط‪ ،‬وربما يكون لهذا الشرط اعتبار في تحديد الثمن؛ فالبائع عادة ما يخفض الثمن إذا علم أن المشتري‬
‫سيقوم بعمل من أعمال البر‪ ،‬كشراء أرض لبناء مسجد‪ ،‬أو لوقفها مقبرة للمسلمين‪ ،‬أو التصدق بشيء منها‬
‫على فقراء المسلمين‪.‬‬
‫القسم الخامس‪ :‬هو أن يشترط ما سوى اﻷربعة من الشروط التي تنافي مقتضى البيع‪ :‬يعني أنه إذا شرط في‬
‫البيع شروطا غير الشروط السابق بيانها‪ -‬غير ما يقتضيها العقد‪ ،‬وغير ما يﻼئم العقد وفيه مصلحة للعقد‪ ،‬وغير‬
‫الشروط التي ﻻ يتعلق بها غرض يورث تنازعا‪ ،‬وغير الشروط التي تتضمن عمﻼ من أعمال البر واﻹحسان‬
‫كشرط وقف المبيع مسجدا‪ ،‬أو مقبرة ونحو ذلك‪ -‬وقد ذكر أمثلة لهذا النوع من الشروط جمعها جميعا تحت‬
‫مسمى "الشروط التي تنافي مقتضى العقد"‪.‬‬
‫الشرط الذي ينافي مقتضى العقد هو‪ :‬كل شرط يمنع المـشتري حقا من حقوقه‪ ،‬أو يلزم البائع ما ليس بواجب‬
‫عليه‪.‬‬
‫وبتأمل هذه اﻷمثلة التي أوردها في "المجموع" نجد أنها تنضوي تحت طائفتين عند غير الشافعية‪:‬‬
‫اﻷولى‪ :‬شرط ما ينافي مقتضى العقد؛ كأن يبيع له شيئا بشرط أﻻ يبيعه المشتري‪ ،‬أو بشرط أﻻ ينتفع المشتري‬
‫بهذا المبيع‪ ،‬أو بشرط أﻻ يقبض المشتري المبيع‪ ،‬أو بشرط أﻻ يؤجره‪ ،‬أو بشرط أﻻ يسافر بالمبيع‪ ،‬أو ﻻ يسلمه‬
‫البائع للمشتري‪ ،‬ويبيعه بشرط أنه إذا أراد المشتري بيع هذا الشيء فﻼ يبيعه إﻻ له )لذات البائع(‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬شرط عقد في عقد البيع؛ كأن يبيع له شيئا بشرط أن يبيعه المشتري شيئا آخر‪ ،‬أو بشرط أن يشتري هذا‬
‫المشتري شيئا آخر غير المبيع اﻷول‪ ،‬أو بشرط أن يقرضه المشتري قرضا‪ ،‬أو بشرط أن يؤجره المشتري شيئا‪،‬‬
‫أو يبيعه بشرط يزوجه ابنته‪ ،‬ونحو ذلك من الشروط‪.‬‬
‫حكم هذا النوع من الشروط‪ :‬يرى الشافعية بطﻼن هذا النوع من الشروط‪ ،‬وبطﻼن البيع أيضا‪ ،‬وهذا مذهب‬
‫الحنفية على تفصيل عندهم‪ ،‬والمالكية ‪ ،‬والحنابلة ويستدل الفقهاء على القول ببطﻼن الشروط التي تخالف‬
‫مقتضى العقد بما يلي‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬السنة النبوية المطهرة‪ :‬قد استدلوا منها بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬قوله‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في حديث "بريرة " »ما كان من شرط ليس في کتاب ﷲ فهو باطل« حيث نص‬
‫على بطﻼن شرط الوﻻء لمنافاته مقتضى العقد‪ ،‬ويقاس عليه كل شرط في معناه‪.‬‬
‫‪ -‬ما رواه عبد ﷲ بن عمرو أن رسول ﷲ – صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬قال‪» :‬ﻻ يحل سلف وبيع«‬
‫‪ -‬ما رواه أبو هريرة أن رسول ﷲ " نهي عن بيعتين في بيعة" أن هذا النهي يقتضي الفساد‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬المعقول‪ :‬وذلك من وجوه‪:‬‬
‫اﻷول‪ :‬أن كل واحد من المتعاقدين لم يرض بالعقد إﻻ بهذا الشرط؛ فإذا لم يتحقق الشرط لبطﻼنه فقد انتفى‬
‫التراضي الذي هو أساس البيع‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه إذا شرط عقدا في عقد كان كنكاح الشغار وهو باطل‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن مثل هذا الشرط يدعو إلى المنازعة فﻼ يصح‪.‬‬
‫)فرع( إذا باع دارا واشترط البائع لنفسه سكناها‪ ،‬أو دابة واستثنى ظهرها؛ فإن لم يبين المدة المستثناة ويعلما‬
‫قدرها؛ فالبيع باطل بﻼ خﻼف‪ ،‬وإن بيناها فطريقان( أصحهما‪ ...‬فساد البيع )والثاني( فيه وجهان ‪) ...‬أصحهما(‬
‫هذا )والثاني( يصح البيع والشرط لحديث جابر وقصة جمله‪...‬‬
‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬
‫ُ‬
‫‪43‬‬
‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .‬إبراهيم سعيد‬

‫هذه مسألة يذكرها صاحب المجموع لتعلقها بالشروط في البيع‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫أ‪ -‬استثناء منافع المبيع للبائع مدة معلومة ومثال هذا الشرط‪ :‬أن يبيع دارا ويشترط البائع أن يسكنها مدة‬
‫معلومة‪ ،‬أو يبيع دابة ويشترط ركوبها مدة أو مسافة معلومة‪.‬‬
‫حكم هذا الشرط‪ :‬حكم الصورة اﻷولى‪ -‬استثناء منافع المبيع مدة معلومة‪ -‬إذا باع شيئا واشترط استثناء منفعته‬
‫لنفسه؛ فإن كانت المدة مجهولة فالبيع باطل بﻼ خﻼف‪ ،‬أما إن كانت المدة معلومة فقد اختلف الفقهاء في حكم‬
‫هذه الصورة‪:‬‬
‫المذهب اﻷول‪ :‬الشرط باطل‪ ،‬والبيع باطل في اﻷصح عند الشافعية‪ ،‬وهو مذهب الحنفية‪.‬‬
‫المذهب الثاني‪ :‬الشرط صحيح والبيع صحيح‪ ،‬وهذا مذهب الحنابلة ووافقهم المالكية فيما إذا كان الركوب إلى‬
‫مكان قريب‪.‬‬
‫اﻷدلة والمناقشات‪:‬‬
‫أدلة المذهب اﻷول‪ :‬استدل الحنفية والشافعية أصحاب المذهب اﻷول على قولهم ببطﻼن الشرط وبطﻼن البيع بما‬
‫يلي من السنة‪ ،‬والمعقول‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬السنة النبوية المطهرة‪:‬‬
‫‪ ‬ما روي عن عبد الرحمن بن عبد ﷲ عن أبيه‪ -‬رضي ﷲ عنهما‪ -‬قال‪»:‬نهی‪ -‬صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬عن‬
‫صفقتين في صفقة« أن الخدمة‪ ،‬والسكنى إن كان يقابلهما شيء من الثمن يكون إجارة في بيع‪ ،‬ولو كان ﻻ‬
‫يقابلهما يكون إعارة في بيع‪.‬‬
‫‪ ‬حديث »نهى عن بيع وشرط« سبق تخريجه‪ ،‬وهذا بيع وشرط؛ فلم يصح للنهي الوارد في الحديث‪.‬‬
‫ثانيا المعقول‪ :‬أنه شرط ﻻ يقتضيه العقد؛ فﻼ يصح قياسا على ما إذا باع وشرط أﻻ يسلم المبيع؛ فإنه ﻻ يصح‪.‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫أوﻻ‪ :‬مناقشة اﻻستدﻻل بالسنة النبوية‪ :‬ويناقش استدﻻلهم بحديث »نهى عن بيع وشرط« بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الحديث ﻻ يصح سنده‪.‬‬
‫‪ ‬هذا الحديث عام‪ ،‬وهو مخصص بحديث جابر – رضي ﷲ ونصه‪" :‬كنت مع النبي صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬في‬
‫سفر فاشترى مني جمﻼ‪ ،‬واستثنيت حمﻼنه يعني ركوبه إلى أهلي" هذا الحديث نص واضح في جواز‬
‫اشتراط استثناء منفعة المبيع للبائع مدة معينة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مناقشةاﻻستدﻻل بالمعقول‪ :‬بأنه قياس منقوض باشتراط الخيار والتأجيل في الثمن؛ فإنه شرط ﻻ يقتضيه‬
‫البيع‪ ،‬ولكن جاز اشتراطه‪ ،‬فكان اﻷولى القول بجواز اشتراط استثناء منفعة المبيع‪.‬‬
‫أدلة المذهب الثاني‪ :‬استدل الحنابلة لمذهبهم بالسنة‪ ،‬والمعقول‪:‬‬
‫أوﻻ السنة النبوية المشرفة‪:‬‬
‫‪ ‬استدلوا بحديث جابر‪ -‬رضي ﷲ عنه – السابق‪ ،‬وفيه أنه" باع النبي – صلى ﷲ عليه وسلم‪ -‬جمﻼ‪،‬‬
‫واشترط ظهره إلى المدينة" وهو نص في جواز هذا الشرط‪.‬‬
‫‪ ‬ما روي عن جابر بن عبد ﷲ‪ -‬أن النبي – صلى ﷲ عليه وسلم‪» -‬نهى عن الثنيا إﻻ أن تعلم« أن هذه‬
‫منفعة معلومة؛ فجاز استثناؤها بنص الحديث‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عمل الصحابة‪ -‬رضي ﷲ عنهم‪ :-‬ومنه ما روي "أن عثمان بن عفان‪"-‬باع دارا واستثنى سكناها شهرا"‬
‫وهذا يدل على أن عمل الصحابة‪ -‬رضي ﷲ عنهم ــ قد جرى على جواز استثناء منفعة المبيع للبائع مدة‬
‫معلومة‪.‬‬

‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬


‫ُ‬
‫‪44‬‬
‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .‬إبراهيم سعيد‬

‫ثالثا‪ :‬المعقول‪:‬القياس على بيع الدار المؤجرة؛ فإنه جائز مع تأخر تسليم المبيع إلى انتهاء مدة اﻹجارة دون أي‬
‫شرط‪ ،‬فجاز هنا بالشرط قياسا عليه‪.‬‬
‫الترجيح‪ :‬لعل الراجح في هذه المسألة جواز هذا النوع من الشروط‪ ،‬وذلك لما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬حديث جابر يعد نصا في الموضوع‪.‬‬
‫‪ .2‬كون المنفعة المشروطة معلومة ينفي وقوع التنازع‪ ،‬ويجعل هذا الشرط أقرب رب إلى الصحة قياسا على ما‬
‫لو باع دارا مؤجرة‪.‬‬
‫‪ .3‬جريان العرف بمثل هذا الشرط‪ ،‬فكثيرا ما يبيع دارا ويشترط سكناها مدة معينة لحين توفر مسكن له‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫)فرع( لو اشترى زرعا‪ ،‬وشرط على بائعه أن يحصده؛ فالمذهب بطﻼن البيع‪ ،‬وبه قطع جمهور المصنفين‪...‬‬
‫ولو اشترى خطبا على ظهر بهيمة وشرط عليه حمله إلى بيته بطل على المذهب كما ذكرناه"‬
‫ب – الصورة الثانية‪ :‬شرط التزام البائع بعمل في المبيع‪:‬‬
‫هناك بعض المحال التي يقوم أصحابها بحرف صناعية في المبيع‪ ،‬مثال ذلك الخياط الذي عنده بعض اﻷقمشة‬
‫يعرضها للبيع‪ ،‬والصانع السكاكين الذي يعرض أنواعا من الحديد للبيع‪ ،‬وكذا صانع اﻷحذية الذي يعرض بعض‬
‫أنواع الجلود للبيع‪.‬‬
‫والشراء من مثل هؤﻻء يقع على صور ثﻼث‪:‬‬
‫اﻷولى‪ :‬أن يشتري ما يرغب في شراء من نحو القماش‪ ،‬أو الحديد‪ ،‬أو الجلد ثم يقبضه وينصرف‪ ،‬وهذا عقد‬
‫بيع مستقل قائم بذاته يقع صحيحا ما دامت قد توفرت أركانه وشروطه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يشتري الشيء المعين ويحدد ثمنه‪ ،‬ثم بعد تمام البيع يطلب من البائع صناعته له‪ ،‬كان يطلب‬
‫خياطة القماش ثوبا‪ ،‬أو يطلب صناعة الحديد سكينا‪ ،‬أو يطلب صناعة الجلد حقيبة أو حذاء‪ ،‬وتكون أجرة الخياطة‬
‫أو صناعة السكين‪ ،‬أو الحقيبة‪ ،‬أو الحذاء محددة ومستقلة عن ثمن الشراء؛ فهذين عقدين مستقلين عن بعضهما‪،‬‬
‫اﻷول بيع والثاني إجارة‪ ،‬وليس أحدهما شرطا لﻶخر‪ ،‬فيقع كل منهما صحيحا إذا توافرت أركان وشروط كل‬
‫منهما‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن يشتري المشتري سلعة ويشترط على البائع أن يعمل فيها عمﻼ‪ ،‬كأن تكون قماشا ويشترط على‬
‫البائع أن يقوم بخياطته ثوبا‪ ،‬أو قطعة جلد ويشترط أن يصنعها له البائع حقيبة‪ ،‬أو حذاء‪ ،‬أو قمحا وشرط على‬
‫البائع أن يطحنه‪ ،‬أو قطعة حديد على أن يصنعها البائع سكينا‪ ،‬وأصدق مثال يقع في المعامﻼت المعاصرة أن‬
‫يرغب في شراء ثوب فيجده طويﻼ‪ ،‬أو واسعا فيقول البائع اشتره وأنا أقصره وأضيقه لك أو نحو ذلك من‬
‫الشروط‪ .‬فهذا عقد واحد‪ -‬عقد بيع وفيه شرط‪-‬؛ حيث إن رغبة المشتري‪ ،‬وإرادته قائمة على قيام البائع بصنع‬
‫الشيء المبيع على النحو المطلوب‪ ،‬فما حكم هذا الشرط؟ اختلف الفقهاء في حكم هذا الشرط على قولين‪:‬‬
‫القول اﻷول‪ :‬وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية فيما إذا كان الشرط متعارفا والمالكية والحنابلة وقول‬
‫مرجوح عند الشافعية ويرون صحة هذا الشرط‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬وهو القول الراجح عند الشافعية ‪ ،‬وهو قول الحنفية فيما لم يكن الشرط متعارفا ويرون عدم‬
‫صحة هذا الشرط‪.‬‬
‫اﻷدلة والمناقشات ‪:‬‬
‫أدلة أصحاب القول اﻷول‪ :‬استدل أصحاب القول اﻷول وهم جمهور الفقهاء القائلون بصحة اشتراط المشتري‬
‫على البائع أن يقوم بعمل في المبيع بأدلة منها‪:‬‬
‫‪ .1‬عموم اﻵيات واﻷحاديث التي تدل على الوفاء العقود‪ ،‬ومنها قوله تعالى" يأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود"‬

‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬


‫ُ‬
‫‪45‬‬
‫الفقه المقارن )المعامﻼت ( ج‪ - 1‬الفرقة الثانية ‪2024‬‬ ‫أ‪ .‬إبراهيم سعيد‬

‫‪ .2‬قول النبي – صلى ﷲ عليه وسلم‪» :-‬المسلمون على شروطهم إﻻ شرطا حرم حﻼﻻ أو أحل حراما« سبق‬
‫هذا الحديث يدل على صحة كل شرط ﻻ يخالف شرع ﷲ؛ بأن يحرم الحﻼل أو يحل الحرام‪ ،‬والشرط الذي‬
‫نتكلم فيه ﻻ يحل حراما‪ ،‬وﻻ يحرم حﻼﻻ‪.‬‬
‫‪ .3‬حديث جابر الذي سبق ذكره فهذا الحديث يدل على جواز اشتراط منفعة للبائع‪ ،‬وليس فيه ما يمنع أن يكون‬
‫الشرط للمشتري‪ ،‬فالحديث فيه دﻻلة على صحة كل شرط معلوم حﻼل‪ ،‬وهذا الشرط معلوم حﻼل فيكون‬
‫صحيحا‪.‬‬
‫‪ .4‬العرف‪ :‬حيث يرى الحنفية أن كل شرط باطل إﻻ ما كان من مقتضى العقد كالبيع بشرط تسليم المبيع‬
‫للمشتري‪ ،‬أو كان مﻼئما للعقد‪ ،‬كالبيع بشرط الرهن؛ فإنه يوثق العقد ويوافقه وﻻ ينافيه‪ ،‬أو جاء به نص أو‬
‫قضى به عرف‪ ،‬والعرف جار بمثل هذا الشرط‪ ،‬فإن الناس يتعاملون به دوما من غير تنازع‪.‬‬
‫أدلة أصحاب القول الثاني‪ :‬استدل أصحاب القول الثاني وهم الشافعية في الراجح عندهم من القول عدم صحة‬
‫اشتراط المشتري على البائع أن يقوم بعمل في المبيع بأدلة منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬حديث النهي عن بيع وشرط‪ ،‬وقد سبق ذكره‪ ،‬وبيان أنه يفيد منع كل شرط في عقد البيع‪.‬‬
‫يناقش هذا باﻻتي ‪ :‬عدم صحة حديث »نهى عن بيع وشرط« لضعف سنده‪.‬‬
‫أن النهي محمول على الشروط التي تخالف الشرع‪ ،‬أو تؤدي إلى التنازع‬
‫ب‪ -‬هذا الشرط يؤدي إلى النزاع بين البائع والمشتري بسبب العﻼقة التي يحدثها الشرط‪ ،‬والتي تستمر بعد عقد‬
‫البيع‪.‬‬
‫يناقش هذا ‪ :‬القول بأن هذا الشرط يؤدي إلى التنازع غير مسلم؛ ﻷنه شرط واضح معلوم لكﻼ المتعاقدين‪ ،‬فمن‬
‫أين يأتي التنازع‪.‬‬
‫القول الراجح‪ :‬ما ذهب إليه أصحاب القول اﻷول‪ ،‬وهم جمهور الفقهاء من الحنفية‪ ،‬والمالكية‪ ،‬والحنابلة‬
‫والشافعية‪ -‬في قول‪ -‬الذين قالوا بصحة اشتراط عمل في المعقود عليه‪ ،‬وذلك لما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬قوة أدلتهم في مقابل ضعف أدلة مخالفيهم‪.‬‬
‫‪ -2‬جريان العرف بمثل هذه الشروط‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه شرط ﻻ يترتب عله نزاع بين المتعاقدين؛ لوجود المعلومية بكل بنود هذا الشرط‪.‬‬
‫‪ -4‬المصلحة المتصورة في قيام البائع مثﻼ بتصليح ما يتم شراؤه‪ ،‬ﻷنه أدرى بصنعته‬

‫تمتع بالعرض المقام حاليا لطﻼب اﻻونﻼين لكل‬


‫الجامعات وفقا لكتاب كل جامعه ) المكثف مجانا ( قم‬
‫بالتسجيل واﻻستفسار من خﻼل الرقم ‪01099668444‬‬

‫المحاضرات بث مباشر تليجرام وبعدها بتنزل‬


‫متسجل في الجروب طوال الترم ممكن تسمعها في أي‬
‫وقت باذن ﷲ‬

‫مواعيد رمضان ) اونﻼين ( بعد صﻼة التراويح‬


‫باذن ﷲ‬
‫المحاضر القانوني والشرعي‬
‫إبراهيم سعيد‬
‫‪01012979405‬‬
‫واتساب ‪01099668444 :‬‬ ‫الم َيﴪ للدراسات الﴩعية والقانونية‬
‫ُ‬
‫‪46‬‬

You might also like