Professional Documents
Culture Documents
تيسير فتح المبدي
تيسير فتح المبدي
مقدمة
احلمد ل َّله وحده ،والصالة والسالم عىل من ال نبي بعده ،وعىل آله وصحبه
أمجعني.
وبعد:
فهذا هو اجلزء الثاين من كتاب( :تيسري فتح املبدي برشح خمترص الزبيدي)
املقرر لطالب الصف الثاين الثانوي باملعاهد األزهرية ،وقد راعينا يف وضعه
سهولة األسلوب ووضوح العبارة؛ ليتناسب مع مدارك الطالب ،وقد اجتهدنا
ىف أن نويف كل مسألة حقها .
وقد اتبعنا في هذا التيسير المنهج اآلتي:
ـ 1اختيار عناوين مناسبة توضح أبرز مقاصد احلديث.
2ـ 2رشح وتوضيح مفردات احلديث.
ـ 3االهتامم باملباحث العربية يف احلديث.
4ـ 4بيان أهم ما ُيستفاد من احلديث من فضائل وأحكام.
5ـ 5العناية برشح وبيان أهم املسائل املتعلقة باحلديث.
نظرا لورودها يف صحيح البخاري.
ـ 6مل نذكر ختريج األحاديث املرشوحة ً
3
ونحن نسجل اعتزازنا هبذا التيسري؛ ليكون لبِنَ ًة صاحل ًة يف بناء أبنائنا الطالب؛
ليكونوا نافعني ألنفسهم وجمتمعهم ووطنهم وأمتهم.
خالصا لوجهه الكريم.
ً وال َّله نسأل أن ينفع هبذا العمل ،وأن جيعله
لجنة إعداد وتطوير المناهج
باألزهر الشريف
***
4
أهداف الدراسة
بنهاية دراسة مادة احلديث ُيت ََو َّقع من الطالب أن:
1ـ 1يدرك معاين األحاديث املتعلقة باإليامن ،والرب ،والصلة ،واآلداب،
والفضائل ،ورعاية املسلم ألخيه املسلم ،واحلث عىل النفقة ،وحفظ اللسان،
وفضل العلم وتعليمه ،وفضيلة الذكر ،وآداب الدعاء ،ويرس اإلسالم وسامحته،
وغري ذلك.
2ـ 2يعرف معاين املفردات الغامضة.
3ـ 3يقف عىل رشح األحاديث املقررة وبياهنا.
4ـ 4يقف عىل أوجه اإلعراب الواردة يف األحاديث.
5ـ 5يتذوق األرسار البالغية الواردة يف األحاديث.
6ـ 6يستنبط الدروس املستفادة من األحاديث.
***
5
احلديث األول
سعة فضل َّ
الل تعاىل
ول« :إِ َذا َأ ْس َل َم ال َع ْبدُ ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ َأ َّن ُه َس ِم َع َر ُس َ ياخلدْ ِر ِّ عن أيب َس ِعيد ُ
َان بعدَ َذلِ َ ِ َف َح ُس َن إِ ْس َل ُم ُه؛ ُي َك ِّف ُر ال َّل ُه َعنْ ُه ك َُّل َس ِّيئ ٍَة ك َ
اص: ك الق َص ُ َان َز َل َف َهاَ ،وك َ َ ْ
الس ِّي َئ ُة بِ ِم ْثلِ َها إِ َّل َأ ْن َيت ََج َاو َز ال َّل ُه ِ ِ ٍ ش َأم َث َ ِ
الا إِ َل َس ْب ِع َمائَة ض ْعفَ ،و َّ احل َسنَ ُة بِ َع ْ ِ ْ
َ
َعن َْها».
التعريف براوي احلديث
هو :سعد بن مالك بن ِسنان بن عبيد ال َّله بن ثعلبة األنصاري ،أبو سعيد
عام ي ،شهد اخلندق ،وبيعة الرضوان ،له ( )1170حدي ًثا ،تويف اخلدْ ِر ُّ
ُ
ثالث وستني هجر ًيا.
معاني المفردات:
« َف َح ُس َن إِ ْس َل ُم ُه» :أو إسالمها؛ بأن دخل فيه بباطنه وظاهره ،واعتقده اعتقا ًدا
خالصا من الشوائب.
ً
« ُي َك ِّف ُر» :التكفري :التغطية َّ
والسرت ،ويصح هنا أن يكون بمعنى إزالة الكفر
واملعايص ،وقيل :إماطة املستحق بالعقاب بثواب زائد ،ثم ما املعنى املراد هبذه
اجلملة؟
« َز َل َف َها» :بتخفيف الالم املفتوحة ،ويف رواية :بتشديدهاَ « :ز َّل َف َها» ،ويف رواية:
«أ ْز َل َف َها» أيَ :قدّ َم َها َو َأ ْس َل َف َها.
َ
6
اص» :أي :كتابة املجازاة يف الدنيا. ِ
«الق َص ُ
«بعش» :أي ُت ْكتَب و ُت ْث َبت بعرش. ْ ِ
ف بكرس الضاد :أي :امل ِ ْثل إىل ما زادُ ،يقال لك ِض ْع ُف ُه الض ْع ُ
ف»ِّ : «ضع ٍ
ْ
ِ
يريدون مثليه ،وثالثة أمثاله؛ ألنه زيادة غري خمصوصة.
الس ِّي َئ ُة بِ ِم ْثلِ َها» :أي بغري زيادة.
«و َّ َ
«إِ َّل َأ ْن َيت ََج َاو َز ال َّل ُه َعن َْها» :أي :عن السيئة فيعفو عنها.
المباحث العربية:
ب باملضارع حكاية عن ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ
ول» :مجلة حالية ،و َع َّ َ «أ َّن ُه َس ِم َع َر ُس َ
َ
حال ماضية.
ماض وجوابه مضارع ،وهو ٍ « ُي َك ِّف ُر» :بالرفع ،وجيوز اجلزم؛ ألن فعل الرشط
ضعيف؛ ألن «إِ َذا» وإن كانت من أدوات الرشط ال جتزم إال يف ِّ
الش ْعر.
وعب ِ
َان» عىل أهنا ناقصة ،أو فاعل عىل أهنا تامةَّ ،
اص» :بالرفع اسم «ك َ «الق َص ُ
باملايض وإن كان السياق يقتيض املضارع؛ لتحقق الوقوع.
ش َأم َث َ ِ
الا» :مبتدأ وخرب. «احل َسنَ ُة بِ َع ْ ِ ْ
َ
الشرح والبيان:
1ـ 1املقصود بالعبد يف احلديث:
ـ َع َّب يف احلديث بقولهَ :
«أ ْس َل َم ال َع ْبدُ » ،وليس املقصود االقتصار عىل العبد َ
قارصا عىل الرجل ،بل أيضا ،فليس ُح ْس ُن اإلسالم َ
فقط ،بل تدخل فيه األ َم ُة ً
ً
سي عىل هن ما َي ْ ِ
سي َع َل ْي َّألن النساء شقائق الرجال َي ْ ِ
يشمله ويشمل املرأة؛ َّ
الر َجال إال ما ُخ َّص بحكم رشعي؛ فالتعبري بالعبد هنا ـ يف احلديث ـ للتغليب.
ِّ
7
2ـ 2هل التضاعف يتجاوز السبع مائة؟
أن
ف» َّ أخ ًذا بظاهر قوله ﷺ« :إِ َل سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ ـ زعم بعض العلامء ْ
ْ َ ْ
التضعيف ال يتجاوز سبعامئةَ ،و ُر َّد عليه بحديث ابن عباس؛ كام عند البخاري يف
افف إِ َل َأ ْضع ٍ
َات إِ َل سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ
كتاب الرقاقَ « :ك َتبها ال َّله َله ِعنْدَ ه ع ْش حسن ٍ
َ ْ َ ْ ُ َ َ َ َ ََ ُ ُ ِّ
كَثِ َري ٍة» .وأما قول ال َّله تعاىل :ﱹ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﱸ((( فليست رصحية؛ ألنه
ف تلك املضاعفة ملن يشاء ،بأن جيعلها سبعامئة، أن ي َض ِ
اع َ حيتمل أن يكون املراد ْ ُ
ف السبعامئة بأن يزيد اع َ أن ي َض ِ
ويت ََمل ْ ُ
وهو الذي قاله البيضاوي تب ًعا لغريهْ ُ .
عليها.
أن العبد حتت
السنَّة عىل َّ ـ يف قوله ﷺ« :إِ َّل َأ ْن َيت ََج َاو َز ال َّل ُه َعن َْها»ٌ :
دليل ألهل ُّ
وإن شاء عاقبه.
إن شاء عفا عنهْ ، مشيئة ال َّله ـ تعاىل ـ ْ
أيضا عىل من َق َط َع ألهل الكبائر بالنار كاملعتزلة ،واخلوارج.
َوفيه َر ٌّد ً
3ـ 3هل أعامل الرب تكتب للكافر؟
ائي« :إِ َذا َأ ْس َل َم ا ْل َع ْبدُ َف َح ُس َن إِ ْس َل ُم ُهَ ،كت َ
َب ال َّل ُه َل ُه ك َُّل ـ جاء يف رواية الن ََّس ِّ
أن الكافر إذا َان َأ ْز َل َف َها» ومقتضاهَّ : ت َعنْ ُه ك ُُّل َس ِّيئ ٍَة ك َ َان َأ ْز َل َف َهاَ ،و ُ ِم َي ْ
َح َسن ٍَة ك َ
أفعال مجيلة عىل جهة التقرب إىل ال َّله ـ تعاىل ـ كصدقة ،وصلة رحم، ً فعل
ب له ثواب ذلك ،وهو ظاهر ِ
وإعتاق ،ونحوه ثم أسلم ،ومات عىل اإلسالم كُت َ
قارص
ٌ خال ًفا لبعض أهل العلمَّ ،أما إذا مل ُي ْسلِم فقيل :ال يكتب له ثواب ،بل نفعه
عىل الدنيا كزيادة مال ،وولد.
9
األسئلة
1ـ 1ضع خ ًّطا حتت اإلجابة الصحيحة:
مبكرا ـ أتقن إسالمه].
ـ فحسن إسالمه ،معناها[ :سلم من الشوائب ـ أسلم ً
قدمها وأسلفها ـ من أسامء اجلنة].
[مر هبا ـ ّ
ـ زلفها ،معناهاّ :
2ـ 2هات ضد الكلامت اآلتية( :يكفر ـ ضعف ـ القصاص)
3ـ 3صل بني العبارات وما يناسبها:
10
احلديث الثاني
مأمورات ومنهيات نبوية
َ ،ق َالَ :
«أ َم َرنَا النَّبِ ُّي ﷺ بِ َس ْبعٍَ ،و َنَانَا َع ْن َس ْبعٍ: ب اء ْب ِن َع ِ
از ٍ ع ِن الب ِ
ََ َ
َص ا َمل ْظ ُلومَِ ،وإِ ْب َر ِار يض ،وإِجاب ِة الدَّ ِ ِ ِ َأمرنَا بِا ِّتبا ِع َ ِ
اعيَ ،ون ْ ِ اجلنَائ ِزَ ،وع َيا َدة ا َمل ِر ِ َ َ َ َ ََ
ب، الذ َه ِ الف َّض ِةَ ،و َخا َت ِم َّ
س ،ونانَا عن :آنِي ِة ِ ِ ِ ِ
الس َلمَِ ،وت َْشميت ال َعاط ِ َ َ َ َ ْ َ ال َق َسمَِ ،و َر ِّد َّ
َب ِق». سَ ،وا ِ
إل ْست ْ َ احل ِر ِيرَ ،والدِّ ي َباجِ َ ،وال َق ِّ ِّ
َو َ
التعريف براوي احلديث
يَ ،أ ُبو ازب بن الـ َْحارث بن عدي بن جشم األويس ْالن َْص ِ
ار ّ ا ْل َباء بن َع ِ
عم َرة .نزل ا ْلكُو َفةَ ،ل ُه 305( :حدي ًثا) ،شهد أحدً اَ ،والـ ُْحدَ ْيبِ َية ،وشهد مع
َ
الريّ ،
توف سنة :اثنتني وسبعني، ّ النبى ﷺ مخس عرشة غزوة ،وهو الذي فتح
من اهلجرة بالكوفة.
معاني المفردات:
«بِ َس ْبعٍ» :أي بسبع خصال ،أو سبع فضائل.
«بِا ِّتبا ِع َ ِ
أعم من امليش وهو الصالة عليها اجلنَائ ِز» :امليش مع اجلنازة ،واملراد ُّ َ
وتشييعها ودفنها.
ألن شأهنا ال َع ْو ُد والتَّكرار.
ت الزيار ُة عيادةً؛ َّ
وس ِّم َي ْ «و ِع َيا َد ِة ا َمل ِر ِ
يض» :زيارت ُهُ ، َ
اعي» :إىل وليمة ونحوها. «وإِجاب ِة الدَّ ِ
َ َ َ
«ون ْ ِ
َص ا َمل ْظ ُلومِ» :العمل عىل رفع الظلم عنه ،وإعادة احلق له بالقول والفعل َ
مسلم أو ذم ًيا.
أ ًّيا كان؛ ً
11
احلن ِ
ْث فيه ،وإِ ْب َر ُار ُه :جع ُله َب ًارا، «وإِبر ِار ال َقسمِ» :بر القسمِ :صدْ ُقه وعدم ِ
ُ َ ُّ َ َ َْ
فاملراد تصديق احلالف يف حلفه ،أو إجابة ما حيلف عليه.
ي بالسني «ت َْس ِميت» مشتق يت ال َعاطِ ِ
س» :بالشني املعجمةَ ،و ُر ِو َ
«وت َْش ِم ِ
َ
من الشوامت ،وهي :القوائم؛ فكأنه دعى له بثباته عىل طاعة ال َّله ،أو املراد
ضه فيكون بالشوامت من يشمت يف الشخص أي :يفرح فيه إذا حصل له ما َي ُ ّ
دعاء لدفع الشوامت عنه؛ فإن ال ُعطاس َمظِنَّـ ُة حصول رضر من اعوجاج يف الفم ً
به ،وتشميت العاطس إذا َحِدَ ال َّله تعاىل ،فهو مقرتن بحمد ال َّله تعاىل.
الف َّضة» :يف الكالم حذف ،أي :عن استعامل آنية الفضة. «عن آنِي ِة ِ
َ ْ َ
«والدِّ ي َباج» :الثياب املتخذة من احلرير الناعم.
َ
س» :بفتح القاف وكرس السني ،ثياب ُمض ّلعة فيها حرير أو َكتَّان «وال َق ِّ ّ
َ
خملوط بحرير ،وقيل :من القز ،وهو رديء احلرير.
َبق» :غليظ احلرير. «وا ِ
إل ْست ْ َ َ
المباحث العربية:
«س ْبعٍ» ،وبالرفع خرب ملبتدأ حمذوف أي أحدها ِ ِ ِ ِ
«آن َية الف َّضة» :باجلر بدل من َ
آنية الفضة.
الشرح والبيان:
-1ما حكم تشييع اجلنازة؟ وما موضع املشيع منها؟
أن حكم تشييع اجلنازة فرض كفاية ،وظاهر التعبري يف احلديث العلامء َّ
ُ -يرى
«بِا ِّتبا ِع َ ِ
اجلنَائ ِز» :أنَّه امليش خلفها ،وهو ما َف َّضله احلنفية ،و َف َّض َل الشافعي ُة َ
امليش َ
12
«ر َأ ْي ُ
ت قالَ : أمامها؛ حلديث أيب داود ،وغريه بإسناد صحيح عن ابن عمر َ
ـجنَاز َِة»؛ وألنَّه شفيع ،وحق الشفيع
ون َأ َما َم ا ْل َ
النَّبِ َّي ﷺَ ،و َأ َبا َبك ٍْرَ ،و ُع َم َر َي ْم ُش َ
أن يتقدم.
ْ
اجلنَاز َِة» فضعيف ،وأجابوا عن هذا احلديث ّ
بأن ف َ«ام ُشوا َخ ْل َ
وأما حديث ْ
االتباع حممول عىل األخذ يف طريقها ،والسعي ألجلها كام يقال اجليش يتبع
وإن تقدّ م كثري منه يف امليش والركوب.
السلطان ،أيَ :يت ََّو َخى موافقتهْ ،
وأما املالكية فلهم يف هذه املسألة ثالثة أقوال:
والتأخر.
ّ -2
1ـ التقدّ م.
3ـ تقدم املايش ،وتأخر الراكب ،وأما النساء فيتأخرن بال خالف؛ لضعفهن،
وصيانة هلن.
2ـ 2حكم عيادة املريض:
احلديث عىل عيادة املريض ،وهي فضيلة هلا ثواب عظيم ،فإن مل يكن ُ ث ي ُّ ـ َُ
أن رسول ال َّله ﷺ َّ له َم ْن َي َت َع َّهد ُه لِزَم َت َع ُّهدُ ه ،جاء يف صحيح مسلم عن َث ْو َب َ
ان
قال« :إِ َّن ا ُْل ْسلِ َم إِ َذا َعا َد َأ َخا ُه الـ ُْم ْسلِ َم َل ْ َيز َْل ِف ُخ ْر َف ِة((( الـ َْجن َِّة َحتَّى َي ْر ِج َع» ،ويف
ِ عن ِ
يَان ُغ َل ٌم َ ُيود ٌّ قال« :ك َ أنس بن مالك صحيح البخاري بسنده ً
يدُ ُم ال َّنبِ َّي ﷺَ ،ف َم ِر َضَ ،ف َأتَا ُه ال َّنبِ ُّي ﷺ َي ُعو ُد ُهَ ،ف َق َعدَ ِعنْدَ َر ْأ ِس ِهَ ،ف َق َال َل ُه: َْ
اس ِم ﷺَ ،ف َأ ْس َل َمَ ،فخَ َر َج «أسلِم»َ ،فنَ َظر إِ َل َأبِ ِيه وهو ِعنْدَ ه؛ َف َق َال َلهَ :أطِع َأبا ال َق ِ
ْ َ ُ ُ َ ُ َ َ َْ ْ
«احل ْمدُ لِ َّل ِه ا َّل ِذي َأ ْن َق َذ ُه ِم َن الن ِ
َّار». ولَ : ال َّنبِ ُّي ﷺ َو ُه َو َي ُق ُ
((( الخُ ْر َف ُة :البستان ،والمعنى :أن العائد للمريض يستوجب الجنة ،وبساتينها.
13
هل يدخل غري املسلم يف احلديث؟
ـ ويستوي يف هذا ك ُُّل مريض :املسلم ،وغري املسلم ،والصديق ،والعدو،
ومن يعرفه ،ومن ال يعرفه؛ لعموم األخبار .وذكر اإلمام النووي يف «املجموع»
استحباب عيادة املريض من أهل البدع ،واملعايص ،إذا كان قري ًبا له ،أو يزوره
رجاء توبته ،وطلب هدايته.
آداب زيارة المريض:
يوما بعد يوم ،وحمل ـ ومن آداب زيارة املريض :أن تكون خفيفة ،وأن تكون ً
َب ُك به، ِ
ذلك يف غري القريب والصديق ونحومها مما َي ْستَأن ُس به املريض ،أو َيت َّ َ
أو َي ُش ُّق عىل املريض عدم رؤيته كل يوم ودعاه املريض للرتدد عليه ،فهؤالء
يواصلوهنا ما مل ُين َْه ْوا ،أو يعلموا كراهته لذلك.
أيضا :أن يدعو ال َّله له بالشفاء ،فيقول :أسأل ال َّله العظيم رب ومن آداهبا ً
يضا َل ْ «ما ِم ْن َع ْب ٍد ُم ْسلِ ٍم َي ُعو ُد َم ِر ً
العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات؛ حلديث َ
ك ش ال َعظِي ِم َأ ْن َي ْش ِف َي َ
يم َر َّب ال َع ْر ِ ِ ٍ
ول َس ْب َع َم َّراتَ :أ ْس َأ ُل ال َّل َه ال َعظ َض َأ َج ُل ُه َف َي ُق ُ
يُ َْْ
وف»(((. إِ َّل ُع ِ َ
ـ ويف احلديث :إجابة الداعي إىل وليمة النكاح ،وغريه ،إن مل يكن هناك ما
يترضر به يف الدين من املفاسد ،مثل املالهي ،و ُف ُرش احلرير ،ونحوها.
ـ وفيه تصديق املسلم ألخيه املسلم فيام أقسم به ،وهو أن يفعل ما سأله
ا ُمل ْلت َِمس ،وأقسم عليه أن يفعله .وقيل :املراد من إبرام القسم :احلالف ،ويكون
املعنى :أنه لو حلف أحد عىل أمر مستقبل ،وأنت تقدر عىل تصديق يمينه ،كام
وحسنه.
((( رواه الترمذي َّ
14
لو أقسم أال يفارقك حتى تفعل كذا وكذا ،وأنت تستطيع فعله كي ال حينث
يف يمينه ،أهـ .فأنت مأمور بأن ترب قسمه وهو خاص بام َيِ ُّل من مكارم األخالق،
فإن ترتب عىل تركه مصلح ٌة فال ،ولذا قال ﷺ أليب بكر يف قصة تعبري الرؤيا: ْ
ِ
ب ِّن بالذي أصبت».«ال ُت ْقسم» حني قال« :أقسمت عليك يا رسول ال َّله َلتُخْ ِ َ
ـ وفيه :األمر بر ِّد السالم ،وهو فرض كفاية عند مالك ،والشافعي ،فإذا كان
الر ُّد.
املسلم بمفرده َت َع َّي عليه َّ
ـ وفيه :األمر بتشميت العاطس ،وهو سنة عىل الكفاية ،ويقال يف تشميته:
ك ال َّل ُه».
ح َ
« َي ْر َ ُ
المنهيات في الحديث:
ات يف احلديث فاملعدود ست وليس سب ًعا ،سقط من هذه الرواية ـ وأما املن ِْه َّي ُ
ِ ِ
السج من حرير، ُوب ا َمل َياث ِر» ،وا َمل َياث ُر :هي الغطاء يكون عىل َّ
«رك ُ
واحدة وهي ُ
أو صوف ،أو غريه ،لكن احلرمة متعلقة باحلرير .وتتعلق احلرمة بالكرب لراكب
املياثر.
ـ واستعامل آنية الفضة حرام لإلرساف واخليالء.
ـ وخاتم الذهب ،ولبس احلرير حرام عىل الرجال دون النساءَ ،خ َّص َصه
ول ال َّل ِه ﷺ َح ِر ًيرا بِ ِش َملِ ِهَ ،و َذ َه ًبا
«أ َخ َذ َر ُس ُب قالَ : حديث َع ِ َّل ْب ِن َأ ِب َطالِ ٍ
لنَاثِ ِه ْم». ُور ُأ َّمتِيِ ،ح ٌّل ِ ِ
بِ َي ِمين ِ ِهُ ،ث َّم َر َف َع ِبِم َيدَ ْي ِهَ ،ف َق َال« :إِ َّن َه َذ ْي ِن َح َرا ٌم َع َل ُذك ِ
َ
َب َق ،وا َمل َياثِ َر من باب ذكر اخلاص بعد سَ ،وا ِ
إل ْست ْ َ اجَ ،وال َق ِّ َّ
ـ ذكر ﷺ الدِّ ي َب َ
أن اختصاصها باسم خيرجها عن حكم اهتامما بحكمها ،أو دف ًعا لتوهم َّ ً العام؛
ِ
ف َف َّر َق اسمها الختالف ُم َس َم َّياهتا ،وربام ت ََو َّهم ُمت َِّوه ٌم َّأنا ُ
غري أن ال ُع ْر َالعام ،أو َّ
15
احلرير .ولكن قد ُي َقال :قد تعمل هذه األشياء من غري احلرير فام وجه النهي؟
ِ
املأمورات بعضها للوجوب بأن النهي قد يكون للكراهة؛ كام َأ َّن ُأ ِج َ
يبَّ :
وبعضها للندب مع استعامل صيغة األمر فيها ،ويكون استعامل صيغة األمر،
أو النهي يف ذلك حينئذ من استعامل اللفظ يف حقيقته ،وجمازه عند من ُيِي ُز ُه.
وقد يكون النهي خاص هبذه األشياء إذا وضعت من احلرير فإن صنعت من
غريه جاز ذلك ،واهلل أعلم.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبي ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2مرشوعية األوامر السبعة الواردة وجو ًبا أو ند ًبا.
3ـ 3النهي عن األمور السبعة الواردة حرمة أو كراهة.
4ـ 4حرص الرشيعة اإلسالمية عىل ما ُيوجب األلفة واملودة ،وما يدفع
البغضاء والشحناء.
***
16
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
(ا ِّتباع َ ِ
َبق).
إل ْست ْ َ اجلنَائ ِز ـ إِ ْب َرار ال َق َس ِم ـ ال َق ِّ ّ
سـا ِ َ
2ـ اذكر بعض آداب زيارة املريض.
3ـ ما حكم تشييع اجلنازة ،ورد السالم؟
احل ِر ِيرَ ،والدِّ ي َباجِ ، الف َّض ِةَ ،ولبس َخا َت ِم َّ
الذ َه ِ
بَ ،و َ 4ـ ما علة هنيه ﷺ عن آنِي ِة ِ
َ
َب ِق؟ سَ ،وا ِ
إل ْست ْ َ َوال َق ِّ ِّ
5ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
6ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
17
احلديث الثالث
حتريم هجر املسلم
ول اللَِّ ﷺ َق َال« :ال َيِ ُّل لِ َر ُج ٍل َأ ْن َ ْي ُج َر ي َ :أ َّن َر ُس َ ار ِّ وب األَن َْص ِ
َع ْن َأ ِب َأ ُّي َ
ها ا َّل ِذي َي ْبدَ ُأ الَ ،ي ْلت َِق َي ِ
ان َف ُي ْع ِر ُض َه َذا َو ُي ْع ِر ُض َه َذاَ ،و َخ ْ ُي ُ َ
َأ َخاه َفو َق َث ِ
الث َلي ٍ
َ ُ ْ
السالمِ». بِ َّ
التعريف براوي احلديث
دن. ي النجاريَ ،أ ُبو َأ ُّيوب ا ْل ِ ار ّ هو َخالِد بن زيد بن ُك َل ْيب بن َث ْع َل َبة ْالن َْص ِ
ون َح ِدي ًثا.
شهد َبدْ ًرا والعقبةَ ،و َعلِ ِيه نزل النَّبِي ِحني دخل الـ َْم ِدينَةَ ،ل ُه مائَة َو َخ ُْس َ
. ومات ببالد الروم يف خالفة معاوية
معاني المفردات:
«ال حيل» :أي حيرم؛ ألن نفي احلل يستلزم احلرمة.
«لِ َر ُج ٍل» :ليس املراد قرص احلكم عىل الرجل ،فاملرأة والرجل يف هذا احلكم
سواء.
«ي ُج َر َأ َخا ُه» :يعني أخاه يف اإلسالم.َْ
« َفو َق َث ِ
الث َلي ٍ
ال» :بأيامها. َ ْ
« َف ُي ْع ِر ُض» :أي ُيوليه ظهره.
«و ُي ْع ِر ُض َه َذا» :أي يفعل معه اآلخر كذلك.
َ
18
المباحث العربية:
ان»« ،و ُي ْع ِر ُض َه َذا» :مجلتان مستأنفتان لبيان كيفية اهلجران ،وجيوز أن « َي ْلت َِق َي ِ
فاعل «هيجر» مع مفعوله. ِ حال من تكونا ً
«و َخي ُ ِ
السالمِ» :عطف عىل اجلملة السابقة ،ويمكن أن تكون ها ا َّلذي َي ْبدَ ُأ بِ َّ
َ ُْ َ
عط ًفا عىل قوله ﷺ« :ال َيِ ُّل».
الشرح والبيان:
ما حكم هجر املسلم ألخيه املسلم؟
19
هل جيوز اهلجر فوق ثالث؟
ـ أمجع العلامء عىل أنه ال جيوز اهلجر فوق ثالث ،إال ملن خاف من خمالطته
فإن كان كذلك
ما يفسد عليه دينه ،أو يدخل منه عىل نفسه أو عىل دنياه مرضةْ ،
ور َّب َه ْج ٍر ٍ
مجيل خري من خمالطة مؤذية. جازُ ،
الر ِّد ،وقيل:
ـ يف احلديث داللة عىل أن اهلجر يزول بمجرد إلقاء السالم أو َّ
ال يزول اهلجر إال بالرجوع إىل احلالة التي كانوا عليها ً
أول من األلفة واملودة،
واألول أرجح.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ2عدم جواز هجر املسلم أخاه فوق ثالثة أيام إال ملصلحة دينية.
ـ 3اهلجر يورث البغضاء والشحناء بني املسلمني.
4ـ 4معاملة املسلم ألخيه مبنية عىل املودة واحلب واأللفة.
5ـ 5يكون ترك اهلجر باملكاملة ،والسالم ،واملصافحة وغريها.
ـ 6البادئ بالسالم ُم َقدَّ ٌم يف الفضل عىل من ينتظر السالم من غريه؛ ملزيد
الرمحة واأللفة يف قلبه.
***
20
األسئلة
1ـ ّبي معاين الكلامت اآلتية( :لِ َر ُج ٍل َ -ف ُي ْع ِر ُض).
ان» ،و« ُي ْع ِر ُض َه َذا»؟2ـ ما إعراب قوله ﷺَ « :ي ْلت َِق َي ِ
***
21
احلديث الرابع
َْ
ال ْنِب َيا ُء ِإ ْخ َوٌة ِلع َّ
َلت
«أنَا َأو َل الن ِ ِ َق َالَ :ق َال رس ُ ِ
َّاس بِع َ
يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم ول ال َّله ﷺْ َ : َ ُ َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة
تُ ،أمه ُاتم َشتَّى و ِدينُهم و ِ
احدٌ ». ِف الدُّ ْنيا و ْال ِخر ِة ،و ْالَ ْنبِياء إِ ْخو ٌة لِع َّل ٍ
َ ُ ْ َ َّ َ ُ ْ َ ُ َ َ َ َ َ َ
معاني المفردات:
«أنَا َأو َل الن ِ ِ
وأقربم إليه.
ُ أخص الناس به، يسى»ُّ : َّاس بِع َ َ ْ
ت» :بفتح العني ،وتشديد الالم ،األخوة ألب من أمهات َشتَّى، «إِ ْخو ٌة لِع َّل ٍ
َ َ
أما اإلخوة ألبوين فيقال هلم أوالد األعيان ،فال َع َّل ُت الرضائر ،أصلهَ :م ْن تزوج
وكأن الزوج
َّ الش ِ
ب، الش ُب بعدَ ُّعل منها ،وال َع َل ُلُّ :
امرأة ثم تزوج أخرى كأنه َّ
عل منها بعدما كان ً
ناهل من األخرى. قد َّ
الشرح والبيان:
بالذكر؟خص النبي ﷺ عيسى ِّ مل َّ
بالذكر دون غريه يف قولهَ : ابن َم ْر َي َم ِ
«أنَا يسى َ َّبي ﷺ ع َ ـ َخ َّص الن ُّ
ِ ِ ِ َأو َل الن ِ ِ
وم َ ِّهدً ا لقواعد
شا ُ يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم ف الدُّ ْن َيا َو ْالخ َرة»؛ لكونه ُم َب ِّ ًَّاس بِع َ ْ
نارصا لدينه فكأهنام واحد؛ فاالختصاص ً ِم َّلتِ ِه ،ويف آخر الزمان تاب ًعا لرشيعته
عىل هذا سببه معرفة الفضل ألهل الفضل ،ويف روايةَ « :ف َل ْي َس َب ْينَنَا َنبِ ٌّي» ،فعىل
هذه الرواية االختصاص سببه قرب العهد مع جامع الرسالة ،وال مانع من تعدد
أسباب االختصاص.
22
ـ قوله ﷺ« :األنبياء إخوة لِ َع َّلت» استئناف فيه دليل عىل احلكم السابق،
فكأن ً
سائل سأل َّ يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم ِف الدُّ ْن َيا َو ْال ِخ َر ِة»، «أنَا َأو َل الن ِ ِ
َّاس بِع َ وهو قولهْ َ :
عام هو املقتيض؛ لكونه ﷺ أوىل الناس بعيسى ابن مريم فأجاب بذلك.
-معنى قولهم أمهاتهم شتى ودينهم واحد:
«أمه ُاتم َشتَّى و ِدينُهم و ِ
أن أمر النبوة والغاية
احدٌ » َّ َ ُ ْ َ ـ وحاصل معنى قوله ﷺْ ُ َ َّ ُ :
القصوى من البعثة التي ُب ِع ُثوا مجي ًعا ألجلها هي دعوة اخللق إىل معرفة ِّ
احلق،
وي ُس ُن معا ُدهم ،فاألنبياء ـ عليهم الصالة اش ُهمْ َ ، وإرشادهم إىل ما به َينْتَظِ ُم َم َع ُ
والسالم ـ أصل دينهم واحد ،وفروعهم خمتلفة ،فهم متفقون يف االعتقاديات
املسامة بأصول الدين ،مثل التوحيد ،خمتلفون يف الفروع ،وهي الفقهياتَ ،ف َع َّ َ
بﷺ
عام هو األصل املشرتك بني اجلميع باألب ،ونسبهم إليه.
ب عام خيتلفون فيه من األحكام والرشائع املتفاوتة بالصورة املتقاربة يف ـ َو َع َّ َ
«أمه ُاتم َشتَّى و ِدينُهم و ِ
احدٌ » ،أو املراد َ ُ ْ َ الغرض باألمهات ،وهو معنى قوله ﷺْ ُ َ َّ ُ :
أن األنبياء وإن تباينت أعصارهم ،وتباعدت أيامهم ،فاألصل الذي هو السبب
يف إخراجهم وإبرازهم ُكلً يف عرصه أمر واحد ،وهو الدين احلق ،وعىل هذا
فاملراد باألمهات األزمنة التي اشتملت عليهم.
23
3ـ 3األنبياء جاءوا بدين واحد وهو اإلسالم وإن اختلفت رشائعهم يف
الفروع.
دون غريه لتقارب رسالتيهام. 4ـ 4اقتصار النبي ﷺ عىل ذكر عيسى
5ـ 5إبراز املعاين املعقولة يف هيئة الصور املحسوسة تقري ًبا لألذهان.
األسئلة
1ـ َ 1ب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
َّاس بِ ِعيسى ـ إِ ْخو ٌة لِع َّل ٍ
ت). َ َ (أنَا َأ ْو َل الن ِ ََ
***
24
احلديث اخلامس
ال ُة الر ْؤيَا َّ
الص ِ َ ُّ
«ل ْ َي ْب َق ِم َن النُّ ُب َّو ِة إِ َّل ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ
ولَ : َق َالَ :س ِم ْع ُ
ت َر ُس َ َعن َأيب ُه َر ْي َر َة
ات؟ َق َال« :الرؤْ يا الص َِ
ال ُة». ُّ َ َّ ش ُات» َقا ُلواَ :و َما ا ُمل َب ِّ َ ش ُا ُمل َب ِّ َ
معاني المفردات:
ات» :بكرس الشني مجع ُم َب ِّشة من التبشري ،وهو إدخال الفرح والرسور
ش ُ«ا ُمل َب ِّ َ
عىل ا ُمل َب َّش.
«الرؤْ يا الص َِ
ال ُة» :يراها الشخص ،أو تُرى له. ُّ َ َّ
المباحث العربية:
«لْ» املفيدة لنفي املايض ،واملراد االستقبال ،ولذا ورد يف عب بـ َ «ل ْ َي ْب َق»َّ : َ
ِ ِ ِ
ات» .وقيل :املايض عىل ظاهره، ش ُ روايةَ « :ل ْن َي ْب َقى َب ْعدي م َن النُّ ُب َّوة إِالَّ ا ْل ُ
ـم َب ِّ َ
والالم يف «النُّـ ُب َّو ِة» للعهد ،واملراد نبوته ﷺ ،أي :أنه مل يبق بعد النبوة املختصة يب
إال ا ُمل َب ِّشات.
الشرح والبيان:
تفسري ال ُب ْشى يف احلديث:
ول ال َّل ِه ﷺ
َ ،أ َّن ُه َس َأ َل َر ُس َ ـ ورد عند اإلمام أمحد من حديث َأ ِب الدَّ رد ِ
اء ْ َ
َع ْن َه ِذ ِه ْال َي ِة :ﱹ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ
ﭥﱸ((( َ .ق َالَ :ق َال« :هي الرؤْ يا الص َِ
ال ُة َي َر َاها الـ ُْم ْسلِ ُمَ ،أ ْو ت َُرى َل ُه»، ُّ َ َّ
((( سورة يونس .اآليتان.64 ،63 :
25
وعند ابن جرير من حديث َأ ِب ُه َر ْي َر َة َ ،ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ :ﱹ ﭡ ﭢ ﭣ
الصالِ ُحَ ،أ ْو ت َُرى َل ُهَ ،و ِه َي ِف ﭤ ﭥﱸ((( «الرؤْ يا الص َِ
ال ُة َي َر َاها ا ْل َع ْبدُ َّ ُّ َ َّ
أن الوحي انقطع بموته ﷺ فال يبقى بعده ما ُي ْع َلم به أنه ْال ِخ َر ِة الـ َْجنَّ ُة» .يعني َّ
سيكون غري الرؤيا الصاحلة ،ويف حديث ابن عباس يف «صحيح مسلم» أنه قال
ذلك يف مرض موته ،ويف حديث أنس عند أيب يعىل مرفو ًعا« :إن الرسالة والنبوة
قد انقطعت ،وال نبي وال رسول بعدي ،ولكن بقيت املبرشات».
ات» َخ َر َج خمرج َالغالب ،وإال فمن الرؤيا ما تكون منذر ًةـ والتعبري بـ «ا ُملب ِّش ِ
َ
ِ
ليستعدَّ ملا يقع قبل وقوعه. وهي صادق ٌة ُيرهيا ال َّله ـ تعاىل ـ لعبده املؤمن لط ًفا به؛
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ2الرؤيا الصاحلة الصادقة بشارة من ال َّله تعاىل لعبده املؤمن.
3ـ 3املبرشات هي الرؤيا الصاحلة التي يراها املسلم أو تُرى له.
ني ُجز ًْءا ِم َن ال ُّن ُب َّو ِة. ِ ِ ِ ٍ ـ 4الرؤْ يا الص َِ
ال ُة ُجز ٌْء م ْن ستَّة َو َأ ْر َبع َ ُّ َ َّ
5ـ 5بيان رمحة ال َّله ـ تعاىل ـ بعباده ،وسعة فضله بتبشري قلوهبم ببعض املغيبات
عن طريق الرؤيا الصادقة.
***
***
27
احلديث السادس
إثم من َق َتل ُمعَا َه ًدا
اهدً ا َل ْ َي ِر ْح َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ :
«م ْن َقت ََل ُم َع َ عن َع ْب ِد ال َّل ِه ْب ِن َع ْم ٍرو
ْ
ِ ِ ِ ِ رائِح َة ا ْل ِ
ُوجدُ م ْن َمس َرية َأ ْر َبع َ
ني َع ًاما». ـجنَّةَ ،وإِ َّن ِر َ
حي َها ت َ َ َ َ
معاني المفردات:
َي َح ٍّق» ،واملراد بالعهد:اهدً ا»ِ :ذ ِم ًّيا من أهل العهد ،وجاء يف رواية« :بِغ ْ ِ
«م َع َ
ُ
ش ِع ٌّي.
قصدُ به :من كان له مع املسلمني َع ْهدٌ َ ْ
األمان وامليثاق .و ُي َ
«ل ْ َي ِر ْح»ُ :ي ْر َوى عىل ثالثة أوجه:
َ
َأ َحدُ هاَ « :ي ِر ْح» بفتح الياء ،وكرس الراء.
والثاين« :ي ِرح» بض ِم الياء وكرس الر ِ
اء. َّ ُ
ِ
والثالثَ « :ي َرح» بفتح الياء ،والراء ،و ُك ُّله من ِّ
الريحِ ،ومعناه :مل جيد رحيها،
ومل يشمها.
ِ ِ
ني َع ًاما» :أي :مسافة يستغرق سريها هذه املدة. «مس َرية َأ ْر َبع َ
َ
المباحث العربية:
َح ُّق َذلِ َ
ك. «ل ي ِرح» :كِنَاية عن عدَ م الدُّ ُخول فِيها اِبتِدَ اء بِمعنَى َأ َّنه َل يست ِ
ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ َْ َ ْ
28
الشرح والبيان:
عالم حيمل معنى هذا احلديث؟
ي َمل معنى هذا احلديث عىل الوعيد ،وليس عىل احلتم واإللزام ،وإنام هذا
ـ ُْ
ملن أراد ال َّله إنفاذ الوعيد عليه ،وهو أنه ال َي ُش ُّم رائحة اجلنة ،وال جيد رحيها،
ومل ُي ِرد به أنَّه ال جيدها ً
أصل ،بل ّأول ما جيدها سائر املسلمني الذين مل يقرتفوا
الكبائر مج ًعا بينه وبني ما تعاضدت به الدالئل النقلية والعقلية عىل أن صاحب
ي ُلدُ يف النار ،وال ُ ْ
ي َرم من اجلنة. حمكوما بإسالمه ال َ ْ
ً الكبرية إذا كان ُم َو ِّحدً ا
اجلمع بني روايات السبعني ،واملائة ،واأللف:
:جاء يف رواية« :سب ِعني عاما» ،ويف أخرىِ :
«مائَة َعامٍ»، السيوطي قال
َ ْ َ َ ً ُّ
ويف ثالثةَ :
«أ ْلف َعامٍ» ،ومجع َّ
بأن ذلك بحسب اختالف األشخاص ،واألعامل،
وتفاوت الدرجات فيدركها من شاء ال َّله من مسرية ألف عام ،ومن شاء من
مسرية أربعني عاما ،وما بني ذلك.
ني َع ًاما»؛ ألن األربعني هناية َأ ُشد العمر ،وفيها يزيد عمل وقيلَ :ذكَر َ ِ
«أ ْر َبع َ َ
اإلنسان ،ويقينه ،ويندم عىل سالف ذنوبه ،فهذا جيد رحيها عىل مسرية أربعني
ِ
تك ،وفيها ُ
حتصل اخلشية، ني َع ًاما»؛ فألن السبعني حد ا ُمل ْع َ َ
«س ْبع َ
عاما ،وأما رواية َ
ً
عاما .وقيل :غري ذلك.
والندم؛ القرتاب األجل ،فيجد ريح اجلنة من مسرية سبعني ً
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
29
2ـ2حتريم قتل املعاهد بغري حق.
3ـ 3وجوب الوفاء بالعهود.
ابتداء ،وليس حرمانًا مطل ًقا الخيلد ىف
ً 4ـ 4حرمان الغادر من دخول اجلنة
النار إال الكافر.
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
اهدً ا ـ َل ْ َي َر ْح).
(م َع َ
ُ
يمل معنى هذا احلديث؟
2ـ عالم ُ ْ
3ـ عن أي يشء كنَّى ﷺ بقولهَ :
«ل ْ َي َر ْح»؟
4ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
5ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
30
احلديث السابع
الك ْس ِب احلالل َّ
الطيِّب ُ
الصدقة من َ
«م ْن ت ََصدَّ َق بِ َعدْ ِل َت ْ َر ٍة ِم ْن ك َْس ٍ
ب َقال :قال رسول ال َّله ﷺَ : عن أيب ُه َر ْي َرة
ب ـ وال ي ْقب ُل ال َّله إِال ال َّطيب ـ َفإِ َّن ال َّله ي َت َقب ُلها بِي ِمين ِ ِهُ ،ثم يربيها لِص ِ
احبِ ِها ،ك ََم َّ ُ َ ِّ َ َ َ َ َّ َ َ ِّ َ ُ َط ِّي ٍ َ َ َ
ُون ِم ْث َل الـ َْج َب ِل».
ُي َر ِّبى َأ َحدُ ك ُْم َف ُل َّو ُهَ ،حتَّى َتك َ
معاني المفردات:
دل بفتح العني :امل ِ ْثل وهو املراد هنا ،أما بكرسها:
«م ْن ت ََصدَّ َق بِ َعدْ ِل َت ْ َر ٍة» :ال َع ُ َ
احل ْمل بكرس احلاء ،أي :بقيمة مترة ،أو ما يعادهلا يف قيمتها. فهو ِ
احبِ ِها» :بمضاعفه األجر ،أو بزيادة يف الكمية. « ُثم يربيها لِص ِ
َّ ُ َ ِّ َ َ
« َف ُل َّو ُه» :بفتح الفاء ،وضم الالم ،وفتح الواو املشددة ،أو « َف ْل َو ُه» :بفتح الفاء،
وسكون الالم ،وفتح الواو ،وضبطه بعضهم« :فِ ْل َو ُه» بكرس الفاء ،وسكون الالم،
حينئذ إىل تربية غري األم. ٍ وهو املـ ُْه ُر أي :ولد الفرس حني ُي ْف َط ُم؛ الحتياجه
ُون» :بالتاء ،أي :تكون الصدقة. «حتَّى َتك َ َ
«حتَّى إِ َّن ال ُّل ْق َم َة ِ
«م ْث َل الـ َْج َب ِل» :لتثقل ىف ميزانه ،أو املراد الثواب ،وعند الرتمذيَ :
َلت َِص ُري ِم ْث َل ُأ ُح ٍد».
المباحث العربية:
«وال َي ْق َب ُل ال َّل ُه إِال ال َّط ِّي َ
ب» :مجلة معرتضة بني الرشط واجلزاء؛ واالعرتاض َ
من ألوان اإلطناب ،وفيه تأكيد لتقرير املطلوب يف النفقة.
31
ض َب ﷺ املـَ َث َل باملـ ُْه ِر؛ ألنه يزيد زياد ًة َب ِّينَ ًة؛ وألن َ
«ك ََم ُي َر ِّبى أ َحدُ ك ُْم َف ُل َّو ُه»َ َ :
َاج إىل الرتبية إذا كان َفطِ ًيم ،فإذا أحسن الصدقة نتاج العمل ،وأحوج ما يكون النَّت ُ
العناية به انتهى إىل حدِّ الكامل ،وكذلك الصدقة.
الشرح والبيان:
رس التعبري باليمني يف احلديث ،وبيان معناها:
اليمني؛ ألهنا يف ال ُع ْرف
َ يف تفسري قوله ﷺ« :بِ َي ِمين ِ ِه»َ :ذك ََر اخل َّط ِ ُّ
اب ـ قال َ
ان.
ملا َعزَّ ،واألخرى ملا َه َ
ب به عىل ما اعتادوا يف خطاهبم؛ ِ
املازري :هذا احلديث ،وش ْب ُه ُه إنام َع َّ َ
ُّ ـ وقال
ليفهموا عنه فكنَّى عن قبول الصدقة باليمني ،وعن تضعيف أجرها بالرتبية.
ؤخذ هبا وقال القايض عياض :ملـَّا كان اليشء الذي ُيرت ََض ُي َت َل َّقى باليمني ،و ُي َ
واست ُِع َري للقبول .وقيل :املراد رسعة القبول .وقيلُ :ح ْسنه. اس ُت ْعم َل يف مثل هذا ْ
ِ
***
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
(بِ َعدْ ِل ـ َط ِّي ٍ
ب ـ َف ُل َّو ُه).
2ـ َب ِّي املراد بقوله ﷺَ « :فإِ َّن ال َّل َه َي َت َق َّب ُل َها بِ َي ِمين ِ ِه».
3ـ ما رس التعبري بقوله ﷺ« :ك ََم ُي َر ِّبى َأ َحدُ ك ُْم َف ُل َّو ُه»؟
4ـ ارشح احلديث بأسلوبك ،مبينًا املعنى اإلمجايل للحديث.
5ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
33
احلديث الثامن
التحري يف كسب اللقمة احلالل
ان ال ُي َب ِ
ال الـ َْم ْر ُء عن أيب هريرة ،عن النبي ﷺ قالَ « :ي ْأ ِت َع َل الن ِ
َّاس ز ََم ٌ
اللَ ،أ ْم ِم َن الـ َْح َرامِ».
ما َأ َخ َذ ِمنْ ُه؛ َأ ِم َن الـ َْح ِ
َ
معاني المفردات:
ُ
االكرتاث واالهتام ُم. ُ
والبال :القلب ،واملباالةُ: ال» :أي ال جيري عىل باله، «ال ُي َب ِ
ِ ِ
«ما َأ َخ َذ منْ ُه» :الضمري يف «منْ ُه» عائد عىل َ
«ما». َ
المباحث العربية:
اللَ ،أ ْم ِم َن الـ َْح َرامِ» :وجه الذم من جهة التسوية بني األمرين،
«أ ِم َن الـ َْح ِ
َ
مذموما.
ً وإال فأخذ املال من احلالل ليس
الشرح والبيان:
ما هيدف إليه احلديث:
ـ يف هذا احلديث َذ ُّم ترك التحري يف املكاسب،
«هذا يكون لضعف الدِّ ين ،وعموم الفتن ،وقد قال اإلمام ابن بطال
أن اإلسالم بدأ غري ًبا وسيعود غري ًبا ،وأنذر كثرة الفساد ،وظهور أخرب
حتذيرا من فتنة املال،
ً املنكر ،وتغري األحوال ،وقال بعض العلامء :أخرب ﷺ هبذا
وهو من بعض دالئل نبوته؛ إلخباره باملغيبات ،وهي األمور التي مل تكن يف زمنه
ووقعت كام أخرب هبا ﷺ» أ هـ.
34
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ َ 2ذم من مل ِ
يبال يف طلب معاشه ،ومجع كسبه. ُّ
3ـ 3وجوب حتري احلالل الطيب ،واجتناب احلرام اخلبيث.
4ـ 4من معجزاته ﷺ :إخباره ببعض األمور التي ستحصل يف املستقبل.
***
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
ال ـ َما َأ َخ َذ ِمنْ ُه).
(ال ُي َب ِ
***
35
احلديث التاسع
الص َحابِ
َة ُ
فضل َّ
عن َأ ِب س ِع ٍ
«ل ت َُس ُّبوا َأ ْص َح ِابَ ،ف َل ْو َأ َّن
َق َالَ :ق َال ال َّنبِ ُّي ﷺَ : ي اخلدْ ِر ِّ
يد ُ َ َ ْ
َأ َحدَ ك ُْم َأ ْن َف َق ِم ْث َل ُأ ُح ٍد َذ َه ًبا َما َب َلغَ ُمدَّ َأ َح ِد ِه ْمَ ،و َل ن َِصي َف ُه».
معاني المفردات:
«أ ُح ٍد» :جبل معروف باملدينة.
ُ
«ما َب َلغَ » :من الفضيلة والثواب. َ
«مدَّ َأ َح ِد ِه ْم» :أي من الطعام الذي أنفقه ،واملـُدُّ بضم امليم :ربع الصاع.ُ
«و َل ن َِصي َف ُه» :بفتح النون ،وكرس الصاد ،هو النصف ،أي :نصف ُمدِّ ِه. َ
الشرح والبيان:
سبب ورود هذا احلديثُ :ذكِر أنه كان بني خالد بن الوليد ،وبني
يشء؛ ـ أي :منازعة ـ ،فس َّبه خالد ،فقال رسول ال َّله ﷺ عبد الرمحن بن عوف
ذلك القول.
وإظهار خصوصية أن مقصود هذا اخلرب زَجر ٍ
خالد فأظهر ذلك السبب َّ
ُْ
السابق بالنبي ﷺ ،وأن السابقني ال يلحقهم أحد يف درجتهم وإن كان أكثر نفقة
ارنه من مزيد اإلخالص ،وصدق النية ،وكامل النفس، وعمل منهم ،وذلك ملا ُي َق ِ
ً
أن يقال :فضيلتهم بحسب فضيلة إنفاقهم ،وعظم
وقال الطيبي :ويمكن ْ
موقعها؛ كام قال تعاىل :ﱹ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﱸ((( أي
ومه َج ُهم؟
أرواح ُهم َ
َ قبل فتح مكة ،وهذا ىف اإلنفاق فكيف بمجاهدهتم ،وبذهلم
((( سورة الحديد .اآلية.10 :
36
لمن الخطاب في قوله« :ال تسبوا»؟
ـ واخلطاب يف قوله ﷺَ :
«ل ت َُس ُّبوا» :لغري الصحابة من املسلمني املفروضني
يف العقل ،فجعل من س ُيوجد يف منزلة املوجود احلارض.
وقيل :للصحابة املوجودين يف زمنه ﷺ؛ ألن املخاطب هو خالد بن الوليد
وهو من الصحابة املوجودين إذ ذاك باتفاق ،وحينئذ فاملراد بقوله:
وني بعض من أدرك النبي ﷺ وخاطبه عن َ
«أ ْص َح ِاب» أصحاب خمصوصونَ ،
سب من سبقه من باب
سب من سبقه يقتيض هني من مل يدركه ﷺ ومل خياطبه عن ِّ
ِّ
أوىل.
جزاء من َس َّب الصحابة:
ٌ
شامل ملن البس الفتن منهم وغريه؛ ألهنم ـ والنهي عن سب الصحابة
جمتهدون ىف تلك احلروب متأولون ،فس ُّبهم حرام من حمرمات الفواحش.
أن من سبهم ُي َعزَّر ،وال ُي ْقتَل .وقال بعض املالكيةُ :ي ْقتَل؛ ومذهب اجلمهورَّ :
ب َأ ْص َح ِاب َف َع َل ْي ِه َل ْعنَ ُة ال َّل ِهَ ،والـ َْم َلئِك َِة، «م ْن َس ََّس ْب ِن َمالك َ :
ِ ٍ حلديث َأن ِ
ِ َّاس َأ ِ
ص ًفا َو َل َعدْ ًل».نيَ ،ل َي ْق َب ُل ال َّل ُه منْ ُه َ ْجع َ َوالن ِ ْ َ
فيالِ ُ إن كان مما ُ َ إن س َّبهم والطعن فيهم ْ ّ : وقال سعد الدين التفتازاين
وإل فبدعة وفِ ْسق .وقد قال ﷺ: فكفر؛ كقذف عائشة َّ ، ٌ األدلة القطعية
وه ْم َغ َر ًضا َب ْع ِديَ ،ف َم ْن َأ َح َّب ُه ْم َفبِ ُح ِّبي َأ َح َّب ُه ْم، ِ
«ال َّل َه ال َّل َه ِف َأ ْص َح ِابَ ،ل َتتَّخ ُذ ُ
َو َم ْن َأ ْبغ ََض ُه ْم َفبِ ُبغ ِْض َأ ْبغ ََض ُه ْمَ ،و َم ْن آ َذ ُاه ْم َف َقدْ آ َذ ِانَ ،و َم ْن آ َذ ِان َف َقدْ آ َذى ال َّل َه،
ك َأ ْن َي ْأ ُخ َذ ُه». وش ُ ومن آ َذى ال َّله َفي ِ
َ ُ ََ ْ
37
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2حتريم سب الصحابة ،وأذاهم.
من اإليامن. 3ـ 3حب الصحابة
4ـ 4األفضلية بني الصحابة عىل حسب سابقتهم وعطائهم لإلسالم.
***
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
(مدَّ َأ َح ِد ِه ْم ـ ن َِصي َف ُه).
ُ
2ـ ملن اخلطاب يف قوله ﷺَ :
«ل ت َُس ُّبوا»؟.
3ـ َب ِّي سبب ورود هذا احلديث.
4ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
5ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
38
احلديث العاشر
املنافسة يف فعل اخلري
«ل َح َسدَ إِ َّل ِف ا ْثنَت ْ ِ
َيَ :ر ُج ٌل َق َالَ :ق َال النَّبِ ُّي ﷺَ : عن عب ِد ال َّل ِه ب ِن مسع ٍ
ود ْ َ ْ ُ َْ
احلك َْم َة َف ُه َو َي ْق ِض ِ َبا
احل ِّق ،ورج ٌل آتَاه ال َّله ِ
ُ ُ
ِِ
آتَا ُه ال َّل ُه َم ًال َف ُس ِّل َط َع َل َه َلكَته ِف َ َ َ ُ
َو ُي َع ِّل ُم َها».
معاني المفردات:
«ل َح َسدَ » :احلسد :هو متني زوال نعمة الغري سواء حصل للحاسد أم ال، َ
واملراد هنا :الغبطة ،وهي أن يتمنى اإلنسان لنفسه ما عند غريه دون زواهلا.
َي» :بتاء التأنيث أي خصلتني ،وىف رواية« :ا ْثن ْ ِ
َي» بغري تاء ،أي :شيئني. «ا ْثنَت ْ ِ
مال» :بمد اهلمزة ،أي :أعطاه ً
مال. «آتَا ُه ال َّل ُه ً
« َف ُس ِّل َط» :بضم السني مع حذف اهلاء ،وىف نسخةَ « :ف َس ِّل َط ُه» بإثباهتا.
« َع َل َه َلكَتِ ِه» :بفتح الالم ،والكاف ،أي :إهالكه بأن أفناه كله.
ِ«ف َ
احل ِّق» :ال يف التبذير ،ووجوه املكاره.
احلك َْم َة» :أي :القرآن؛ كام ورد يف بعض الطرق ،أو العلم الذي يمنع «آتَاه ال َّله ِ
ُ ُ
من اجلهل ،و َيز ُْجر عن القبيح.
المباحث العربية:
املضاف،
ُ فرجل» ،ثم ُح ِذ َ
«ر ُج ٌل» :بالرفع بتقدير« :إحدى االثنني خصل ُة ً
َ
املضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه .واجلر بدل من اثنني عىل حذف مضاف
ُ وأقيم
ألن اثنني معناه ـ كام مر ـ خصلتني .والنصب بتقدير أعني، ٍ
رجل؛ َّ أي :خصل ُة
وهو رواية ابن ماجه.
39
الشرح والبيان:
معنى احلسد يف احلديث ،وحكمه:
«ل َح َسدَ » من قبيل إطالق اسم ـ أطلق ﷺ احلسد وأراد به ِ
الغ ْب َط َة يف قولهَ :
ا ُملس ّبب عىل السبب عىل سبيل املجاز املرسل ،وهى متني مثل ما للغري من غري أن
فقالَ « :ل ْيتَنِي ُأوتِ ُ
يت يتمنى زواله عنه ،ويدل عىل ذلك حديث أبى هريرة
وت ُف َل ٌنَ ،فع ِم ْل ُ ِ
ُ ِ ِ
يتمن السلب ،بل أن يكون ت م ْث َل َما َي ْع َم ُل»؛ حيث مل َ َ م ْث َل َما أ َ
مثله ،وعىل هذا فاالستثناء متصل ،واملعنى :ـ ال حسد حممود ـ أي :ال ينبغي
االغتباط إال ىف هاتني اخلصلتني.
نوع من
وخ َّص منه املستثنى إلباحته كام ُخ َّص ٌ
وقيل :احلسد عىل حقيقتهُ ،
الكذب بالرخصة ،وإن كانت مجلته حمظورة ،واملعنى :ال إباحة يف يشء من
احلسد إال فيام كان سبيله ما ُذكِ َر ،وفيه نظر؛ ملا يلزم عليه من إباحة احلسد يف
أن احلسد احلقيقي وهو متني زوال نعمة الغري عنه ال يباح ً
أصل ،نعم االثنتني مع َّ
إن ُأ ِريدَ فيهام الغبطة َّ
صح ذلك ،وكان االستثناء منقط ًعا. ْ
ـ هذا احلسد الذي أباحه ﷺ ليس من جنس احلسد املذموم ،فليس فيه زوال
صاحب ِ
املال ماله ،أو صاحب احلكمة حكمته ،وإنام ُ بنعمة الغري عنه ،بأن َي ْس ُل َ
متنى أن يصري يف مثل حاله ،من فعل اخلري ،ومتني اخلري والصالح جائزٌ ،وهو من
ألن من ُأ ِ
وت مثل هذه احلال فينبغي أن يغتبط هبا وينافس فيها. باب االغتباط؛ ّ
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2الرتغيب يف طلب العلم وتعلمه.
40
3ـ 3الرتغيب يف التصدق باملال.
4ـ 4املنافسة يف فعل اخلري.
5ـ 5جواز متني عمل املعروف مثل شخص ما ،من غري متني زواله عنه.
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
(ل حسدَ ـ يف احلق ـ ِ
احلك َْمة). َ َ َ
2ـ َعال َم ُيطلق احلسد يف هذا احلديث؟.
3ـ هل احلسد املراد يف احلديث من قبيل احلسد املذموم؟ وضح ذلك.
4ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
5ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
41
احلديث احلادي عشر
ني اعي َعَلى َ
األ ْرمَ
كِ ِس ِ
َلِة وَامل ْ الس ِ
أجر َّ
اعي َع َل األَ ْر َم َل ِة َوامل ِ ْسكِ ِ
ني، َق َالَ :ق َال النَّبِي ﷺ« :الس ِ
َّ ُّ َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة
الصائِ ِم الن ََّه َار». ِ اه ِد ِف سبِ ِ ِ
يل ال َّلهَ ،أ ِو ال َقائ ِم ال َّل ْي َل َّ َ
كَالـْمج ِ
ُ َ
معاني المفردات:
اعي» :أي الذي يذهب وجييء يف حتصيل ما ينفع األرملة ،واملسكني. «الس ِ
َّ
«األَ ْر َم َل ِة» :هي :التي مات عنها زوجها.
عض َّ
الشء. يلُ :ه َو ا َّل ِذي َل ُه َب ُ
ش َء َل ُهَ .و ِق َ ِ ِ ِ
«وامل ْسكني»ُ :ه َو ا َّلذي َل َ ْ
َ
يل ال َّل ِه» :املحارب للكفار يف ميادين القتال يف حصول اه ِد ِف َسبِ ِ «كَالـْمج ِ
ُ َ
الثواب ِّ
للكل.
«أو» :شك من الراوي ،وجاء يف رواية الصائِ ِم الن ََّه َار»َ : ِ
«أ ِو ال َقائ ِم ال َّل ْي َلَّ ،
َ
َالصائِ ِم َل ُي ْفطِ ُر». ِ
تَ ،وك َّ «وكَال َقائ ِم َل َي ْف ُ ُ بالواوَ :
المباحث العربية:
الصائِ ِم الن ََّه َار» :الليل ،والنهار :جيوز فيهام احلركات ِ
«أ ِو ال َقائ ِم ال َّل ْي َلَّ ، َ
الثالث؛ إن ُج ِعل صفة ُم َش َّبهة مثل :احلسن الوجه.
الشرح والبيان:
موضع احلديث عند البخاري:
هذا احلديث حتت باب« :فضل النفقة عىل األهل» البخاري
ُّ ـ ذكر
ومناسبته له من جهة إمكان اتصاف األهل ـ أي :األقارب ـ بالوصفني املذكورين
42
«الت ُّمل أو املـ َْسكَنة» ،وإذا ثبت هذا الفضل ملن ُين ِْفق عىل من ليس
يف احلديث َّ َ
بقريب ممن اتصف بالوصفني ،فاملنفق عىل املتصف هبام من األقارب أوىل.
ـ معنى الساعي يف احلديث ،وسبب تشبيهه باملجاهد:
اعي َع َل األَ ْر َم َل ِة َوامل ِ ْسكِ ِ
ني» إىل أنَّه اعي» يف قوله ﷺ« :الس ِ
َّ
ـ يشري لفظ« :الس ِ
َّ
ب له َأ ْج ُر َم ْن َجعل أوقاته جعل أوقاتَه معمور ًة بالسعي عليهام ،فجوزي ْ ِ
َ
بأن كُت َ ُ
معمور ًة بالعبادة ،فكان كالصائم الذي ال ُيفطِر ،وكالقائم الذي ال َي ْف ُت.
تشبيه الساعي عىل األرملة واملسكني باملجاهد يف سبيل ال َّله؛ بجامع ال َكدِّ
والتعب يف ك ٍُّل؛ فالساعي ُين ِْفق عىل األرملة التي فقدت زوجها الذي كان
يرعاها ،وينفق عليها ،وكذلك ُي ِنفق عىل املسكني الذي فقد ماله ،وعجز عن
الكسب ،أو قدر عليه ،ولكن مل جيد العمل ،فيسد جوعته ،و ُيغنيه عن ُذ ِّل املسألة،
فكان كاملجاهد يف سبيل ال َّله الذي خيدم دينه بنفسه وماله.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2بيان فضل السعي يف حتصيل النفع لألرملة وللمسكني.
3ـ 3بعض األعامل تساوي اجلهاد ،وقيام الليل ،وصيام النهار.
4ـ 4معرفة مقدار ثواب األعامل ُم َف َّو ٌض إىل ال َّله سبحانه.
***
43
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
يل ال َّل ِه).
اه ِد ِف َسبِ ِ
اعي ـ األَرم َلة ـ كَا ُْلج ِ
َ َْ
(الس ِ
َّ
اعي َع َل األَ ْر َم َل ِة َوامل ِ ْسكِ ِ
ني»؟. اعي» يف قوله ﷺ« :الس ِ
َّ
2ـ بِم يشري لفظ« :الس ِ
َّ َ
3ـ َب ِّين وجـه الشـبه يف تشـبيه السـاعي على األرملـة واملسـكني ،باملجاهد
يف سبيل ال َّله.
4ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
5ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
44
احلديث الثاني عشر
الص ِْب على البالِء
أجر َّ
ُ
ِ عن َأ ِب س ِع ٍ
يب «ما ُيص ُ َ ،ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ : اخلدْ ِر ِّ
يَ ،و َأ ِب ُه َر ْي َر َة يد ُ َ َ ْ
ب َو َل َه ٍّم َو َل ُحز ٍْن َو َل َأ ًذى َو َل َغ ٍّمَ ،حتَّى َّ
الش ْو َك َة ب َو َل َو َص ٍ ا ُمل ْسلِ َم ِم ْن ن ََص ٍ
ُي َشاك َُها ،إِ َّل َك َّف َر ال َّل ُه ِ َبا ِم ْن َخ َطا َيا ُه».
معاني المفردات:
«ن ََصب» :أي ٍ
تعب.
«و َصب» :أي :مرض ،أو مرض دائم مالزم.
َ
اهلم ينشأ عن
«ه ّم» :هو :املكروه يلحق اإلنسان بحسب ما يقصده ،وقيل :إن َّ َ
اهلمُ ،
واحلز ُْن بمعنى واحد .وقيل: الفكر فيام ُيت ََو َّق ُع حصوله مما ُيتأذى به .وقيلُّ :
آتُ ،
واحلز ُْن :بام مىض. اهلم :خمتص بام هو ٍ
ُّ ُّ
«حزَن» بفتحتني ،وهو :ما يلحقه بسبببضم فسكون .ورويَ : ٍّ «حزْن»:
ُ
حصول مكروه يف املايض ،وقيلُ :
احلزْن حيدث لفقد ما يشق عىل املرء فقده.
«أ ًذى»َ :ي ْل َح ُقه ِم ْن تعدّ ي الغري عليه.
َ
« َغ ّم» :هو ك َْر ٌب حيدث للقلب بسبب ما َح َص َل لإلنسان .وقيل :حزن َيغ ُُّم
الرجل بحيث يقرب أن ُيغ َْمى عليه.
« ُي َشاك َُها» :بالضم أيُ :يدْ ِخ ُل َها َغ ْ ُي ُه يف جسده ،وكذا لو دخلت هي من غري
يب الـ ُْم ْؤ ِم َن َش ْو َك ٌة» ،فأضاف الفعل إدخال ،كام يف «صحيح مسلم»ِ َ :
«ل تُص ُ
إليها ،واملراد ما هو أعم.
45
ِ
«إِ َّل َك َّف َر ال َّل ُه م ْن َخ َطا َيا ُه» :أي ما ُيصيب املسلم ّ
غم يف حال من األحوال إال
َك َّف َر ال َّل ُه ِم ْن َخ َطا َيا ُه.
المباحث العربية:
« ُي َشاك َُها» :مجلة حالية يف حمل نصب.
«إِ َّل َك َّفر ال َّله ِمن َخ َطاياه»ِ :
«م ْن» :تبعيضية ،واجلملة يف حمل نصب حال. َ ُ َ ُ ْ
الشرح والبيان:
هل األجر عىل املصيبة أم عىل الصرب عليها؟
ـ ُيازى املسلم عىل بعض خطاياه يف الدنيا باملصائب التي تقع له فيها،
أن الثواب عىل نفس املصيبة برشط ّأل تقرتنفتكون كفار ًة له .وظاهر احلديثّ :
بالسخط ،وعليه اجلمهور ،خال ًفا ملن قالّ :
إن الثواب والعقاب عىل الكسب،
واملصائب ليست منه ،بل األجر عىل الصرب عليها والرضا هباَ ،و ُر َّد بأن ذلك قدر
زائد ُي ْمكِ ُن الثواب عليه زيادة عىل ثواب املصيبة.
درجات الناس عند نزول البالء:
ـ ينقسم الناس عند نزول البالء درجات :فمنهم :من ُيس ِّلم باألمر ،ومنهم:
يتلذ ُذ بالبالء راضيا عن ال َف َّع ِ
ال من يبتغي به وجه ال َّله ويقصد األجر ،ومنهم :من َّ
ً
ملا يشاء ،وأما الساخطون فليسوا من ال َّله يف يشء.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2حصول الثواب للمصاب ،وختفيف العقاب عنه.
46
مكفرا له.
ً ألن ال َّله جعل البالء
3ـ 3البشارة العظيمة للمؤمن؛ َّ
4ـ 4أمر املؤمن كله له خري ،يصرب عند البالء ،ويشكر عند النعامء.
5ـ 5عظيم فضل ال َّله تعاىل حيث ُيثِيب الثواب اجلزيل ،ولو عىل اليشء القليل.
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
(ن ََصب ـ ُحزْن ـ َغ ٍّم).
بـ«من» يف قوله ﷺ« :إِ َّل َك َّف َر ال َّل ُه ِ َبا ِم ْن َخ َطا َيا ُه».
2ـ بي املراد ِ
َ ِّ
3ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
4ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
47
احلديث الثالث عشر
التحذير من قول الزور
«م ْن َل َيدَ ْع َق ْو َل الز ِ
ُّور َوال َع َم َل َق َالَ :ق َال رس ُ ِ َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة
ول ال َّله ﷺْ َ : َ ُ
بِ ِهَ ،ف َل ْي َس لِ َّل ِه َح َ ِ َ
شا َب ُه».اج ٌة ف أ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ
معاني المفردات:
« َيدَ ع» :يرتك.
الكذب وامليل عن احلق ،والعمل بالباطل ،والتُّهمة. ُ « َق ْو َل الز ِ
ُّور» :هو:
«وال َع َم َل بِ ِه» :أي :بقول الزُّور ،واملراد :العمل بمقتضاه مما هنى ال َّله عنه.
َ
المباحث العربية:
«ح َ ِ َ
اج ٌة ف أ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ
شا َب ُه» :هو جماز عن عدم االلتفات والقبول، َ
وإل فال َّله ال حيتاج إىل يشء ،وقيل :احلاجةوأ َراد املـ َُس ّببَّ ، ببَ ، َفنَ َفى َّ
الس َ
بمعنى اإلرادة ،أي :ليس هلل إرادة يف صيامه ،وعدم اإلرادة كناية عن الر ِّد ،وعدم
القبولَ ،في ِجع ملا قبله.
الشرح والبيان:
حرمة قول الزور والكذب والغيبة يف الصيام:
أن الكذب ،والغيبة ،والنميمة ،ونحوها ال ُت ْف ِسدُ الصوم عىل
ـ يرى اجلمهور َّ
الراجح بل ُتن ِْق ُص ثوابه ،ومتنع كامله؛ ألنَّه ليس املقصود منه العدم املحض،
كام يف املنهيات الشرتاط النية فيه إمجا ًعا ،ولعل القصد به يف األصل اإلمساك
عن املخالفات ،لكن ملا كان ذلك َي ُش ُّق َخ َّف َ
ف اهللُ تعاىل وأمر باإلمساك عن
48
املفطرات ،ونَبـَّ َه العاقل بذلك عىل اإلمساك عن مجيع املخالفات ،وأرشد إىل
ذلك ما تضمنته أحاديث امل َب ِّ ِ
ي عن رسول ال َّله ﷺ ُم َرا َده؛ فيكون اجتناب
املفطرات واج ًبا ،واجتناب ما عداها من املخالفات من املـُك َِّمالت.
هل املقصود من احلديث ترك الصيام ملن يقول الزور؟
ـ ليس املراد من قوله ﷺَ « :ف َل ْي َس لِ َّل ِه َح َ ِ َ
شا َب ُه» أناج ٌة ف أ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ
ُّور وما ُذكِ َر
ول الزُّور ،وإنام معناه :التحذير من قول الز ِ يرتك صيامه إذا مل َيدَ ْع َق َ
منكرا مل يؤمر بأن يدع صيامه ولكنه ُي ْؤ َمر زورا أو ً معه ،فإن من اغتاب أو شهد ً
باجتناب ذلك؛ ليتم له أجر صومه.
الحكمة من الصوم:
ـ قال البيضاوي :ليس املقصود من مرشوعية الصوم نفس اجلوع والعطش،
واألمارة بالسوء للنفس
َّ بل ما َي ْت َبعه من كرس الشهوات ،وتطويع النفس الرشيرة
املطمئنة ،فإذا مل حيصل ذلك ال ينظر ال َّله إليه نظرة القبول.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ ُّ 2
احلث عىل اجتناب املعايص للصائم.
3ـ 3ال تُبطل املعايص ثواب الصوم من أصله ،بل ُتن ِْقصه ،ومتنع كامله.
4ـ 4النهي عن قول الزور والعمل به مطل ًقا ،وزيادة قبحه يف الصوم.
5ـ ُّ 5
احلث عىل التثبت من صحة األخبار قبل العمل بمقتضاها.
49
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
ُّور ـ َيدَ ع ـ َوال َع َمل بِ ِه).
( َق ْول الز ِ
***
50
احلديث الرابع عشر
يسر اإلسالم ومساحته
ين َأ َحدٌ
سَ ،و َل ْن ُي َشا َّد الدِّ َ َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال« :إِ َّن الدِّ َ
ين ُي ْ ٌ َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة
ش ٍء ِم َن ِ
الر ْو َحة َو َ ْ
ِ ِ
شواَ ،و ْاستَعينُوا بِا ْل ُغدْ َوة َو َّ
َ ِ ِ
إِ َّل َغ َل َب ُهَ ،ف َسدِّ ُدوا َو َقار ُبواَ ،وأ ْب ُ
الدُّ لـْج ِ
ـة». َ
معاني المفردات:
«إِ َّن الدِّ َ
ين» :أي دين اإلسالم.
س» :من التيسري ،وضدُّ ه ال ُع ْ ِ
س. « ُي ْ ٌ
يتعمق أحدٌ يف األعامل
ُ «و َل ْن ُي َشا ّد» :من املشا ّدة وهي املغالبة ،واملراد :أنَّه ال
َ
ُ
ويرتك الرفق إال عجز وانقطع؛ ف ُي ْغ َلب. الدينية،
« َف َسدِّ ُدوا» :من السداد ،وهو :التوسط يف العمل ،واملعنى :الزموا السداد وهو
ٍ
تفريط. ٍ
إفراط ،وال الصواب من غري
اربوا» :أي :قاربوا يف العبادة ،وال ُتب ِ
إن باعدتم يف ذلك
اعدُ وا فيها ،فإنكم ْ َ «و َق ِ ُ
َ
مل تبلغوه.
وقيل معناه :إن مل ت َْستَطيعوا األخذ باألكمل فاعملوا بام ُي َق ِّرب منه ،أي :ال
تبلغوا النهاية ،بل َت َق َّر ُبوا منها.
شوا» :من اإلبشار ،ويف لغة :بضم الشني من البرش بمعنى ْ ِ
ال َ
بشار ،أي َ ِ
«وأ ْب ُ
َ
أبرشوا بالثواب عىل العمل ،وإن َق َّل.
«و ْاست َِعينُوا» :من االستعانة ،وهي طلب العون. َ
51
«بِا ْل ُغدْ َوة» :بضم الغني ،وسكون الدال ،وقيل :بالفتح «بِا ْل َغدْ َوة» ،هيَ :س ْ ُي
َّوال ،وقيل :ما بني صالة الغداة وطلوع الشمس. النهار إىل الز ِ
ِ ّأو ِل
الر ْو َحة» :بفتح الراء :السري بعد الزوال.
«و َّ
َ
َ ْ
«وشء» :أي :واستعينوا بيشء.
ِ
النهار ك ّله. ِ
النهار ،وقيل َس ْ ُي سري ِ
آخر «الدُّ ْل َ
ـجة» :هيُ :
المباحث العربية:
س».
«إن» منصوب ،وخربه « ُي ْ ٌ
ين»( :الدين) اسم َّ
«إن الدِّ َ
َّ
«و َل ْن ُي َشا َّد الدِّ ين»( :الدين) مفعول به منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة.
َ
الدين إن كان
َ بـ«إن» ر ًّدا عىل ُمنكري هذا
َّ س» :أخرب باملصدر مبالغة ،وأكد « ُي ْ ٌ
ً
تنـزيل ،وإال كان التأكيد ملجرد االهتامم. ب ُمنْكِ ًرا ولو
ا ُملخَ ا َط ُ
«أ َحدٌ » :فاعل. َ
ش به للتنبيه عىل ِع َظ ِم ِه وتفخيمه. ُ
شوا» :أهبم ا ُمل َب َّ ُ
َ ِ
«وأ ْب ُ
َ
الشرح والبيان:
ُيرس اإلسالم وسامحته:
يرس؛ ليس فيه مشق ٌة بخالف غريه من الرشائع السابقة ،فإنه كانالدين ٌ
ُ ـ
يف بعض التكاليف مشقة عىل ا ُمل َك َّلف ،كقتل النفس يف التوبة ،وقطع موضع
النجاسة.
الس يف التعبري بـ (من)؟
ما ِّ ُّ
أشق من
ألن عمل الليل ُّ
«من» التبعيضية يف قوله« :من الدجلة»؛ َّـ عب ﷺ بـ ِ
َّ
عمل النهار ،أي :استعينوا عىل مداومة العبادة بإيقاعها يف األوقات املنشطة،
52
فاستعار الغدوة والروحة ويشء من الدجلة ألوقات النشاط وفراغ القلب
أطيب أوقات املسافر ،فكأنَّه ﷺ خاطب ُم َسافِ ًرا
ُ
ِ
األوقات فإن هذه للطاعةَّ ،
إىل مقصده َفنَ َّب ُه ُه عىل أوقات نشاطه؛ ألن املسافر إذا سافر الليل والنهار مجي ًعا
حترى السري يف هذه األوقات املنشطة داوم عىل السري من غريعجز وانقطع ،وإذا ّ
وإن هذه
دار انتقال إىل اآلخرةَّ ،
أن الدنيا يف احلقيقة ُ
وحسن هذه االستعارة َّ
مشقةُ ،
أروح ما يكون فيها البدن للعبادة ،وملا كانت الصلوات ُ األوقات بخصوصها
اخلمس أفضل طاعات البدن ،فهي ُت َقا ُم يف هذه األوقات الثالثة ،الصبح يف
الر ْو َح ِة ،واملغرب ،والعشاء يف جزء الدُّ َْلة عند من ِ
ا ْل ُغدْ َوة ،والظهر والعرص يف َّ
يقول :إهنا سري كل الليل.
:يف هذا احلديث َع َل ٌم من أعالم النبوة؛ فقد رأينا ورأى ـ قال ابن ا ُمل ّني
أن كل ُم َتنَ ِّطع يف الدين ينقطع ،وليس املراد منع طلب األكمل يف
الناس قبلنا َّ
العبادة ،فإنه من األمور املحمودة ،بل منع اإلفراط املـُؤ ِّدي إىل املالل ،أو املبالغة
يف التطوع املفيض إىل ترك األفضل ،أو إخراج الفرض عن وقته ،كمن بات ُي ّ
صل
ب النوم إىل أن غلبته عيناه يف آخر الليل ،فنام عن صالة الصبح ِ
الليل كله ،و ُيغَال ُ
يف اجلامعة ،أو إىل أن خرج الوقت املختار ،أو إىل أن طلعت الشمس ،فخرج
وقت الفريضة.
***
53
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2التوسط يف العبادة ،وعدم اإلرساف واملبالغة فيها ،واحلث عىل الرفق فيها.
3ـ 3اختيار أوقات النشاط ألداء العبادة فيها فذلك أدعى لتحقيق ثمرهتا.
4ـ 4بيان يرس اإلسالم ،وعدم احلرج يف التزام تعاليمه.
5ـ 5اغتنام أوقات الفراغ ،ومراوحة الوقت يف العبادة.
6ـ 6احلث عىل اإلتيان باألعامل الرشيفة ،واحلذر مما تسوء عاقبته.
***
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
الر ْو َحة). ( ُي َشا ّد ـ َق ِ
ار ُبوا ـ الدُّ لـ َْجة ـ َو َّ
«من» يف قوله ﷺِ :
«من الدُّ لـ َْجة»؟. 2ـ ما رس التعبري بـ ِ
***
54
احلديث اخلامس عشر
النهي عن متين املوت لضرر دنيوي
َّي َأ َحدُ ك ُُم ا َمل ْو َت ِم ْن قالَ :ق َال النَّبِ ُّي ﷺَ :
«ل َيت ََمن َ َّ ك َس ب ِن مالِ ٍ
َع ْن َأن ِ ْ َ
اع ًلَ ،ف ْلي ُق ْل :ال َّلهم َأحيِنِي ما كَان ِ
َان َل بدَّ َف ِ
َت َ
احل َيا ُة َخ ْ ًيا ِل، َ ُ َّ ْ َ ض َأ َصا َب ُهَ ،فإِ ْن ك َ ُ ُ ٍّ
ِ ِ
َوت ََو َّفني إِ َذا كَانَت َ
الو َفا ُة َخ ْ ًيا ِل».
معاني المفردات:
َّي َأ َحدُ ك ُُم ا َمل ْوت» :اخلطاب للصحابة ،وينسحب احلكم عىل من َ
«ل َيت ََمن َ َّ
بعدهم من املسلمني.
ِ
ض» :أي :كل ما يصيب اإلنسان من بالء يف النفس واملال وغريه. «م ْن ُ ٍّ
َان» :أي :الواحد منكم .أو فإن كان أحدكم فال وجه للتخصيص « َفإِ ْن ك َ
باملريض دون غريه.
«ل بدَّ َف ِ
اع ًل» :أي :من متني املوت. َ ُ
«ال َّل ُه َّم َأ ْحيِنِي» :أي :أبقني عىل احلياة.
«خ ْ ًيا ِل» :أي :من املوت. َ
«وت ََو َّفنِي» :أيَ :أ ِمتْنِي.َ
ِ
«إِ َذا كَانَت َ
الو َفا ُة َخ ْ ًيا ِل» :أي :إذا كان املوت ً
خريا يل من احلياة.
المباحث العربية:
َّي»َ :
«ل» ناهية ،والفعل مبني عىل الفتح؛ التصاله بنون التوكيد، َ
«ل َيت ََمن َ َّ
55
«ل» نافية ،والفعل مرفوع؛ «ل َيت ََمنَّى» بإثبات الياء ،فـ َ
يف حمل جزم ،ويف رواية َ
أن املـَن ِْه َي قد
تقديرا َّ
ً خرب يف معنى النهي ،وهو أبلغ من النهي الرصيح؛ ألن َّه فيه
امتثل ،فأخرب عنه.
«ما كَان ِ
َت َ
احل َياة» :ما مصدرية ظرفية ،أي مدة كون احلياة. َ
الشرح والبيان:
ـ معنى احلديث :أنه ال ينبغي للمؤمن املتزود لآلخرة ،والساعي يف ازدياد ما
أن َيت ََمنَّى ما يمنعه عن السلوك لطريق ال َّله ـ تعاىل ـ ُيثاب عليه من العمل الصالح ْ
ض َنز ََل بِ ِه ِف الدُّ ْن َيا». ِ َ والبن حبانَ :
«ل َيت ََمنَّى أ َحدُ ك ُُم ا ْل َم ْو َت ل ُ ٍّ
هل النهي عن متني املوت يف احلديث مطل ًقا؟
ـ النهي عن متني املوت يف احلديث خاص بخوف رضر دنيوي ،أما إذا كان
الض ُأخرو ّيا بأن َخ ِش عىل نفسه فتنة يف دينه مل يدخل يف النهي ،ولذا متناه ُع َم ُر ُّ ُّ
وض ُع َفت قويت ،وانترشت رعيتي، َب ْت ِسنيَ ، اخل َّطاب بقوله« :اللهم ك ُ َ ابن َُ
فاقبضني إليك غري ُم َض ِّيع ،وال ُم َف ِّرط».
النبي ﷺ هنى عن متني املوت يف أول احلديث ،وأمر به يف
بأن َّـ قد يقول قائل َّ
آخره ،واجلواب :بأن النهي وارد عىل التمني املطلق ،واإلباحة واردة عىل التمني
خريا ،ففي هذا نوع تفويض ،وتسليم للقضاء ،بخالف
املقيد بام إذا كان املوت ً
األول املطلق فإن فيه نوع اعرتاض ومراغمة للقدر املحتوم.
ـ األمر يف قوله« :فليقل» ملطلق اإلذن ،ال للوجوب ،أو االستحباب؛ ألن
األمر بعد احلظر ال يبقى عىل حقيقته ،بل ُيفيد اإلباحة.
56
هل ظاهر احلديث متعارض مع حديث النبي ﷺ« :اللهم اغفر يل وأحلقني
بالرفيق األعىل»؟
إن ظاهر احلديث يتعارض مع قوله ﷺ« :اللهم
ـ ليس ألحد أن يقولَّ :
ألن الرسول ﷺ دعا بذلك بعد أن علم بأنه اغفريل ،وأحلقني بالرفيق األعىل»؛ َّ
ين عن ر ِّبه بالرسور الكامل ،فكان ذلك
ش َميت يف يومه هذا ،ورأى املالئكة املـُ َب ِّ ِ
خريا له من كونه يف الدنيا.
ً
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2حمافظة اإلسالم عىل األرواح ،وحرصه عىل حياة اإلنسان.
3ـ 3النهي عن متني املوت ،ودعوة املسلم إىل التسليم والرضا بالقضاء.
4ـ 4حث املسلم عىل التزود من أعامل اآلخرة.
5ـ 5جواز متني املوت ،والدعاء به عند خوف الرضر األخروي.
***
األسئلة
ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
(ض ـ َأ ْحيِنِي ـ َوت ََو َّفنِي).
ُ ّ
ـ ما املقصود بالنهي يف احلديث؟.
َّي»؟ ـ ما إعراب قوله ﷺَ :
«ل َيت ََمن َ َّ
ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
ـ اذكر بعض ما ُيرشد إليه احلديث.
57
احلديث السادس عشر
من الكبائر شتم الرجل والديه
ول ال َّل ِه ﷺ« :إِ َّن ِم ْن َأك َ ِ
ْب ال َك َبائِ ِر َق َالَ :ق َال َر ُس ُ َع ْن َع ْب ِد ال َّل ِه ْب ِن َع ْم ٍرو
الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه!!؟ َق َال: ول ال َّل ِهَ ،و َك ْي َ
ف َي ْل َع ُن َّ يلَ :يا َر ُس َ الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه» ِق َ َأ ْن َي ْل َع َن َّ
ب ُأ َّم ُه َف َي ُس ُّ
ب َّأم ُه». ب َأ َبا ُهَ ،و َي ُس ُّ
الر ُج ِل َف َي ُس ُّالر ُج ُل َأ َبا َّ ب َّ « َي ُس ُّ
معاني المفردات:
ْب ال َك َبائِ ِر» :الكبائر :مجع َكبِ َرية ،والكبرية :كل ما ورد فيه وعيد«إن ِم ْن َأك َ َِّ
شديد ،وقيل :كل ما وجب فيه َحدٌّ ،وقيل :غري ذلك.
الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه» :أو أحدمها ،واملراد باللعن هنا :الشتم ،والتعبري
«أ ْن َي ْل َع َن َّ َ
بالر ُج ِل جري عىل الغالب ،واحلكم كذلك بالنسبة للمرأة. َّ
الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه؟» :استبعاد من السائل وتعجب؛ ألن الطبع ف َي ْل َع ُن َّ «و َك ْي َ َ
املستقيم يأبى ذلك.
ب ُأ َّم ُه» :معناه :أن
ب ُأ َّم ُه َف َي ُس ُ
ب َأ َبا ُهَ ،و َي ُس ُّ الر ُج ُل َأ َبا َّ
الر ُج ِل؛ َف َي ُس ُّ ب َّ« َي ُس ُ
اإلنسان وإن مل يتعاط السب بنفسه ،فقد يقع منه التسبب يف لعن والديه ،وإذا كان
التسبب إىل لعن الوالدين من أكرب الكبائر ،فالترصيح بلعنهام وشتمهام أشد.
المباحث العربية:
الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه؟» :االستفهام هنا جمازي ،وغرضه البالغي:
ف َي ْل َع ُن َّ
«و َك ْي َ
َ
االستبعاد ،والتعجب من كيفية وقوع هذا األمر.
58
الشرح والبيان:
ب الوالدين:
حكم َس ِّ
ب الوالدين ،أو الت ََّس ُّبب فيه من أكرب
ي النبي ﷺ يف هذا احلديث أن َس َّ
ـ َب َّ َ
الكبائر؛ ألنه نوع من العقوق ،وهو إساءة يف مقابلة إحسان للوالدين ،وكفران
حلقوقهام .والكبائر ما جاء فيها نص أو عقوبة ،والصغائر غري ذلك.
هل الكبائر درجة واحدة؟
ـ وال ريب أن الكبائر متفاوتة بعضها أكرب من بعض ،وإليه ذهب اجلمهور.
كام تنقسم الذنوب إىل كبائر ،وصغائر ،وهو قول عامة الفقهاء.
(وقال األستاذ أبو إسحاق اإلسفراييني :ليس يف الذنوب صغرية ،بل كل ما
). ُ ِن َي عنه كبرية ،وهو منقول عن ابن عباس
ص هبا كلها كبائر ،وبالنظر ِ
وجع بعضهم بينهام :بأهنا بالنظر إىل عظمة من ُع َ
ََ
إىل ذاهتا تنقسم إىل قسمني :كبائر ،وصغائر.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2عظم حق الوالدين ،ووجوب اإلحسان إليهام ،وحرمة العقوق بِ َس ِّب ِه َم.
3ـ 3إثبات أن الكبائر متفاوتة بعضها أكرب من بعض.
4ـ 4سب الوالدين ،أو التسبب فيه من أكرب الكبائر.
5ـ 5جواز مراجعة الطالب لشيخه فيام يقوله مما ُي ْشكِل عليه.
6ـ 6من تسبب يف يشء جاز أن ينسب إليه ذلك اليشء.
59
األسئلة
1ـ اذكر معاين املفردات اآلتية:
ِ
ب).(ال َك َبائ ِر ـ َي ْل َع َن ـ َي ُس ُّ
2ـ َب ِّي آراء العلامء يف تفاوت الكبائر.
3ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
4ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث.
***
60
احلديث السابع عشر
فضل الصدق
ِ ِ َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال« :إِ َّن ِّ
عن عب ِد ال َّل ِه بن مسع ٍ
الصدْ َق َ ْيدي إ َل ِ ِّ
الب، ود َ ْ ُ َ ْ َْ
ُون ِصدِّ ي ًقاَ ،وإِ َّن الك َِذ َب
الر ُج َل َل َي ْصدُ ُق َحتَّى َيك َ الب ي ِدي إِ َل َ ِ
اجلنَّةَ ،وإِ َّن َّ َوإِ َّن ِ َّ َ ْ
ِ ور ي ِدي إِ َل الن ِ ِ ِ
الر ُج َل َل َيكْذ ُب َحتَّى ُي ْكت َ
َب َّارَ ،وإِ َّن َّ َ ْيدي إِ َل ال ُف ُجورَ ،وإِ َّن ال ُف ُج َ َ ْ
ِعنْدَ ال َّل ِه ك ََّذا ًبا».
معاني المفردات:
الصدقُ :يطلق عىل صدق اللسان ،ومعناه :مطابقة اخلرب للواقع. الص َ
دق»ِّ : «إن ِّ
َّ
و ُيطلق عىل صدق النِّية ،ومعناه :اإلخالص يف األقوال ،واألفعال.
«ي ِدي»ُ :يوصل ،من اهلداية وهي :الداللة املوصلة إىل ال ُب ْغ َية. َْ
«الب» :هو :ما ُيوصل إىل اخلريات كلها.
ِّ ّ
الر ُج َل َل َي ْصدُ ُق» :أي :يف أخباره ،ويف رسه وعالنيته ،ويتكرر ذلك منه.
«وإن َّ
َّ
«صدِّ ي ًقا» :أي :عظيم الصدق. ِ
***
األسئلة
1ـ اذكر معاين املفردات اآلتية:
الب ـ ِصدِّ ي ًقا). ِ
(الصدق ـ َ ْيدي ـ ِّ
ِّ
2ـ َب ِّي أمهية الصدق ،و ُقبح الكذب يف حياة املسلم.
3ـ ارشح احلديث بأسلوبك
4ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
63
احلديث الثامن عشر
اغتنام الوقت
يه َم كَثِ ٌري ِم َن
ون فِ ِ َق َالَ :ق َال النَّبِ ُّي ﷺ« :نِ ْع َمت ِ
َان َم ْغ ُب ٌ َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ
اس
الص َّح ُةَ ،وال َف َرا ُغ».
َّاسِّ :الن ِ
التعريف براوي الحديث:
ِ ِ
ش،ـم ّط َلب ْبن َهاشم ا ْل ُق َر ّهوَ :أ ُبو ا ْل َع َّباس َع ْبد ال َّله ْبن ا ْل َع َّباس ْبن َع َبدَ ا ْل ُ
ال ْب لِ ِس َعة َعلِ َمه وقد دعا
َان يسمى ا ْلبحر و ِْ
ول ال َّله ﷺ َوك َ ُ َ َّ َ ْ َ
اش ِمي ،ابن عم رس ِ ِ
ّ ْ َ ِّ َ ُ
الـْه ِ
َ
له النبي ﷺ باحلكمة والتفقه يف الدين ،روى له 1660حدي ًثاَ ،م َ
ات َسنَة 68هـ
بِال َّطائِ ِ
ف.
معاني المفردات:
«نِ ْع َمتَان» :تثنية نعمة ،واملراد هبا هنا :احلسنة ،أو املنفعة املفعولة عىل وجه
اإلحسان للغري.
ون» :يف ال َغ ْبن ضبطان :األول :بفتح املعجمة ،وسكون املوحدة ،ومعناه:
«م ْغ ُب ٌ
َ
النقص يف البيع .والثاين :ال َغ َبن بتحريكهام ،ومعناه :الضعف يف الرأي.
«الصح ُة» :أي :العافية يف البدن.
ِّ
«ال َف َرا ُغ» :أي :من الشواغل باملعاش ،املانع له عن العبادة.
المباحث العربية:
«نِ ْع َمت ِ
َان» :مبتدأ مرفوع باأللف؛ ألنه مثنى.
ون فِيهام» :مرجع الضمري يعود إىل النعمتني.
«م ْغ ُب ٌ
َ
64
ون» ُم َقدَّ ًما.
«م ْغ ُب ٌ ِ «كَثِ ٌري ِمن الن ِ
َّاس»« :كَث ٌري» :مرفوع باالبتداء ،وخربهَ :
َّاس» يف حمل رفع خرب «نِ ْع َمت ِ
َان». يه َم كَثِ ٌري ِم َن الن ِ
ون فِ ِ
«م ْغ ُب ٌ
ومجلةَ :
«الصح ُة وال َف َرا ُغ» :بالرفع أي :مها ِّ
الصحة والفراغ. ِّ
الشرح والبيان:
متى تكون الصحة والفراغ نعمتان؟
ـ إن الصحة ،والفراغ نعمتان من نعم ال َّله ـ تعاىل ـ إذا استعملهام املرء يف طاعة
ال َّله ـ تعاىل ـ أما إذا مل يستعملهام يف ذلك فقد ُغبِن صاحبهام فيهام ،أي :باعهام
بِ َبخْ س ال ُتمد عاقبته ،أو ليس له يف ذلك رأي صحيح البتة.
صحيحا ،وال يكون متفر ًغا للعبادة؛ الشتغاله بمتاع
ً ـ وقد يكون اإلنسان
الدنيا ،وبالعكس ،فإذا اجتمعت الصحة والفراغ ،و َق َّص يف َن ْيل الفضائل فذاك
ال َغ ْبن كل الغبن؛ ألن الدنيا سوق األرباح ،ومزرعة اآلخرة ،وفيها التجارة
التي يظهر ربحها يف اآلخرة ،فمن استعمل فراغه وصحته يف طاعة مواله فهو
املغبوط ،الذي يتمنى الناس أن يكونوا مثله ،ومن استعملهام يف معصية ال َّله فهو
املغبون؛ ألن الفراغ يعقبه االنشغال ،والصحة يعقبها الس َقم ،ولو مل يكن إال ِ
اهل َرم َّ
والشيخوخة .فكان ماذا؟
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2الصحة ،والفراغ نعمتان من نعم ال َّله تعاىل.
65
. 3ـ 3املغبوط احلق :من استعمل فراغه وصحته يف طاعة ال َّله
4ـ 4املغبون احلقيقي :من استعمل شبابه وفراغه يف معصية ال َّله تعاىل.
5ـ 5ينبغي عىل اإلنسان أن يغتنم شبابه وصحته يف طاعة ال َّله ـ تعاىل ـ قبل
ِ
اهل َرم والسقم.
األسئلة
1ـ اذكر معاين املفردات اآلتية:
الصح ُة ـ ال َف َرا ُغ) (نِ ْع َمت ِ
َان ـ َم ْغ ُب ٌ
ون ـ ِّ
2ـ ما رس كون الصحة والفراغ من أهم النعم يف حياة الناس؟
3ـ ارشح هذا احلديث النبوي بأسلوبك.
4ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
66
احلديث التاسع عشر
حفظ اللسان
َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة َ ،ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال« :إِ َّن ال َع ْبدَ َل َي َت َك َّل ُم بِالكَلِ َم ِة ِم ْن ِر ْض َو ِ
ان
اتَ ،وإِ َّن ال َع ْبدَ َل َي َت َك َّل ُم بِالكَلِ َم ِة ِم ْن
ال َّل ِهَ ،ل ي ْل ِقي َلا ب ًال ،ير َفعه ال َّله ِبا درج ٍ
َْ ُُ ُ َ ََ َ َ ُ
ط ال َّل ِهَ ،ل ُي ْل ِقي َلا َب ًالْ َ ،ي ِوي ِ َبا ِف َج َهن ََّم».
سخَ ِ
َ
معاني المفردات:
«إِ َّن ال َع ْبدَ َل َي َت َك َّل ُم بِالكَلِ َم ِة» :أي :بالكالم ا ُمل ْف ِه ِم ا ُملفيد.
ان ال َّل ِه» :أي :مما ُيريض ال َّله. «م ْن ِر ْض َو ِ ِ
«ل ُي ْل ِقي َلا َب ًال»ُ « :ي ْل ِقي» :أي :ال ُيلقي للكلمة قل ًبا ،واملعنى :ال يتأملها َ
ت،بخاطره ،وال يتفكر يف عاقبتها ،واملـُراد :أنه يتكلم هبا عىل غفلة من غري َت َثب ٍ
ُّ
وال تأمل.
«ير َفعه ال َّله ِبا درج ٍ
ات» :أي :يرفع ال َّله له هبا درجات ،ويف نسخة« :يرفعه َْ ُُ ُ َ ََ َ
ال َّله هبا درجات».
ط ال َّل ِه» :أي :مما ال َي ْر َض بِ ِه اهللُ تعاىل.
«من سخَ ِ
ْ َ
ِ
«ي ِوي» :بفتح الياء ،وسكون اهلاء ،وكرس الواو أي ينزل فيها ساق ًطا.
َْ
المباحث العربية:
ط ال َّل ِه» كل منهام شبه مجلة يف حمل نصب حال
و«من سخَ ِ
ْ َ
ان ال َّل ِه» ِ ِ
«م ْن ِر ْض َو ِ
(أل) جنسية أي :فيها معنى النكرة. من «الكَلِ َم ِة» ،أو صفة؛ ألن ْ
67
«ي ِوي ِ َبا ِف َج َهن ََّم» إما حال من ٍ
واجلملة الفعلية « َي ْر َف ُع ُه ال َّل ُه ِ َبا َد َر َجات» و َ ْ
ضمري العبد املستكن يف « َل َي َت َك َّل ُم» ،أو صفة هلا باالعتبارين املذكورين.
«لا» يعود عىل الكلمة. «ل ُي ْل ِقي َلا َب ًال» :مرجع الضمري يف َ َ
الشرح والبيان:
ـ أقسام الكلمة املفيدة يف احلديث:
قسم النبي ﷺ الكلمة املفيدة التي يتكلم هبا العبد إىل قسمني:
القسم األول :كلمة من رضوان ال َّله ـ تعاىل ـ :،كأن حيصل هبا رفع مظلمة
عن مسلم ،أو تفريج كربة ،وهبا يرفع ال َّله قائلها هبا درجات.
القسم الثاين :كلمة من سخط ال َّله ـ تعاىل ـ :وهي :كلمة السوء عند ذي
وه ْجر،
سلطان جائر يريد هبا هالك مسلم ،أو أن املراد أنه يتكلم بكلمة سوءَ ،
أو ُي َع ِّر ُض ملسلم بكبرية ،أو بمجون ،أو استخفاف بحق النبوة والرشيعة ،وإن
كان غري معتقد ذلك.
ـ قال ابن عبد الرب« :هي كلمة السوء عند السلطان اجلائر».
ف حسنِها من ُقب ِ
ح َهاَ ،ف َي ْح ُر ُم عىل ْ ـ وقال ابن عبد السالم« :هي الكلمة ال ُي ْع َر ُ ُ ْ َ
ح ِه».ف حس َنه من ُقب ِ
ْ اإلنسان أن يتكلم بام ال َي ْع ِر ُ ُ ْ ُ
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2رضورة حفظ اللسان.
3ـ 3ينبغي ملن يتكلم أن َيتَد َّبر ما يقول قبل النطق ،فإن ظهرت فيه مصلحة
تكلم؛ وإال أمسك.
68
ح ِه.
ف حسنُه من ُقب ِ
ْ 4ـ 4حيرم عىل املسلم أن يتك ّل َم بالكالم الذي ال ُي ْع َر ُ ُ ْ ُ
5ـ 5فضل الكلمة الطيبة.
6ـ 6خطورة الكلمة اخلبيثة.
***
األسئلة
1ـ اذكر معاين املفردات اآلتية:
ط ال َّل ِه ـ َ ْي ِوي).
(بِالكَلِم ِة ـ ب ًال ـ سخَ ِ
َ َ َ
2ـ ما أقسام الكلمة املفيدة النافعة؟
3ـ ارشح هذا احلديث النبوي بأسلوبك.
4ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث.
69
احلديث العشرون
فضل َّ
الت َفُّقه يف الدين
«م ْن ُي ِر ِد ال َّل ُه بِ ِه َخ ْ ًيا ُي َف ِّق ْه ُه ِف ت النَّبِ َّي ﷺ َي ُق ُ
ولَ : َق َالَ :س ِم ْع ُ َع ْن ُم َع ِ
او َي َة
ُي ْعطِيَ ،و َل ْن َتز ََال َه ِذ ِه األُ َّم ُة َقائِ َم ًة َع َل َأ ْم ِر ال َّل ِه، ين ،وإِنَّم َأنَا َق ِ
اس ٌم َوال َّل ُه الدِّ ِ َ َ
ض ُه ْم َم ْن َخا َل َف ُه ْمَ ،حتَّى َي ْأ ِ َت َأ ْم ُر ال َّل ِه». َل َي ُ ُّ
التعريف براوي احلديث
حن ،أسلم زمن الر ْ َ ُم َع ِ
او َية بن أيب ُس ْف َيان َصخْ ر بن َح ْرب ْال َم ِويَ ،أ ُبو عبد َّ
اق ًل خلي ًقا لإلمارة،َان حلِيم ك َِريم سائسا ع ِ ا ْل َفتْحَ ،له مائَة و َث َل ُث َ ِ
ً َ ً ون َحدي ًثاَ ،وك َ َ ً َ ُ
يف رجب سنة 60( :هـ) ،وله ثامن دهاء َو َر ٍ
أي ،تويف ِ
كَامل السؤدد ،ذا َ
وسبعون سنة .
معاني المفردات:
كالمه حال كونه يقول.
سمعت َ ُ ول» :أي: ت النَّبِ َّي ﷺ َي ُق ُ«س ِم ْع ُ َ
رد اهللُ»ُ :ي ِرد :بضم الياء ،وكرس الراء ،من اإلرادة ،وهي :صفة ختصيص «من ي ِ
َ ْ ُ
أحد طريف املمكن بالوقوع.
ِ
عظيم.
خريا ً «بِه َخ ْ ًيا» :أي :من ُي ِرد به مجيع اخلريات ،أو ً
ين» :أيُ :ي َف ِّه ْم ُه ،والفقه لغة :الفهم ،واملراد به هنا :كل فقه يف « ُي َف ِّق ْه ُه ِف الدِّ ِ
علوم الدين.
وح َي إِ َّيل ،مما ُأ ِمرت بتبليغه إليكم،
اسم» :أيُ :أ َقسم بينكم ما ُأ ِ
ِّ
ِ
«وإِن ََّم َأنَا َق ٌ
َ
وال َأ ُخ ُّص به َب ْع ًضا دون َب ْع ٍ
ض.
70
ُي ْعطِي» :كل واحد منكم من الفهم عىل قدر ما تعلقت به إرادته «وال َّل ُه
َ
تعاىل.
« َع َل َأ ْم ِر ال َّل ِه» :أي :عىل الدين احلق ،أو التكاليف الرشعية.
«حتَّى َي ْأ ِ َت َأ ْم ُر ال َّل ِه» :املراد بأمر ال َّله :يوم القيامة ،أو بالء ال َّله تعاىل ،واملراد
َ
ببالء ال َّله :فتنة الدجال.
المباحث العربية:
ول» :مجلة حالية يف حمل نصب. «س ِم ْع ُ
ت النَّبِ َّي ﷺ َي ُق ُ َ
أنويت ََم ُل َّ
ألن النكرة يف سياق الرشط للعمومْ ُ ، «خ ْ ًيا» :نكرة؛ للتعميم؛ َّ َ
ال َّتنْكِ َري هنا للتعظيم.
« ُي َف ِّق ْه ُه» :بسكون اهلاء :جواب الرشط جمزوم ،يقالَ :ف ِق َه الرجل بالكرس َي ْف َق ُه
بالفتح فِ ْقها :إذا َف ِه َم ،و َف َق َه بالفتح :إذا سبق غريه إىل الفهم ،و َف ُق َه بالضم :إذا
صار الفقه له سجية وملكة.
اس ٌم» :الواو عاطفة ،وقيل :الواو للحال من فاعل « ُي َف ِّق ْه ُه». «وإِنَّم َأنَا َق ِ
َ َ
«و َل ْن َتز ََال َه ِذ ِه األُ َّم ُة َقائِ َم ًة»َ « :قائِ َم ًة» :بالنصب خرب « َتز ََال».
َ
ض ُه ْم َم ْن َخا َل َف ُه ْم»َ :م ْن :اسم موصول ،أي :الذي خالفهم. «ل َي ُ َُّ
ِ
«حتَّى» :غاية لقولهَ « :ل ْن َتز ََال» ،ويصح أن تكون غاية «حتَّى َي ْأ ِ َت َأ ْم ُر ال َّله»َ :
َ
ض ُه ْم َم ْن َخا َل َف ُه ْم».
«ل َي ُ ُّ لقولهَ :
71
الشرح والبيان:
املقصود بالفقه يف احلديث:
ف ِ
الف ْق َه بعلم الفروع؛ الستنباطه باألدلة واألنظار الدقيقة ـ َخ َّص ال ُع ْر ُ
بخالف علم اللغة وغريه ،واملناسب هنا يف احلديث :احلمل عىل املعنى اللغوي؛
ليعم كل فقه يف الدين ،فيشمل التفسري ،وعلوم القرآن ،واحلديث وعلومه،
والفقه وأصوله ،وغري ذلك من علوم الرشيعة املطهرة.
ـ إن التفاوت يف األفهام نعمة منه سبحانه ،وقد كان بعض الصحابة
يسمع احلديث وال يفهم منه إال الظاهر اجليل ،ويسمعه آخر منهم ،أو من القرن
الذي يليهم ،أو ممن أتى بعدهم ،فيستنبط منه مسائل كثرية ،وذلك فضل ال َّله
يؤتيه من يشاء ،فهو ﷺ يلقي ما ُأ ِ
وحي إليه عىل حسب ما َسن ََح له ،وال ُي َر ِّج ُح ُ
عض ُهم عىل َب ٍ
عض ،وال َّله ُيعطي كال منهم من الفهم عىل قدر ما أراد ال َّله تعاىل. َب َ
ـ وقيل :املراد قسمة املال؛ ألن مورد احلديث كان عند قسمة مال ،فخص ﷺ
بعضهم بزيادة؛ ملقتض اقتىض ذلك ،فاعرتض عليه بعض من خفيت عليه
احلكمةَ ،ف َر َّد عليه ﷺ بقوله« :من يرد ال َّله به خريا يف ّقهه يف الدين» أي يزيد يف
فهمه يف أمور الرشع ،وال يتعرض ألمر ليس عىل وفق خاطره؛ إذ األمر كله هلل،
قاسم بأمر ال َّله ،وليس
ٌ وهو الذي يعطي ،ويمنع ،ويزيد وينقص ،والنبي ﷺ
بمعط حتى تنسب إليه الزيادة والنقصان ،فامل ْعن ِ ُّى عىل هذين القولني (العلم ٍ
واملال) :وإنام ال َّله يعطي ،وأنا قاسم ما أعطاه ،وبلغني عنه.
استشكال وجوابه:
ـ «واستشكل احلرص بـ «إِن ََّم» مع أنه ﷺ له صفات أخرى غري ال َق ْسم،
وأجيب :بأنه حرص إضايف ال حقيقي ،وجاء ردا العتقاد السامع ،فال َينْت َِفي إال
72
ما كان ُم ْعتَقدً ا له؛ ال كل صفة من الصفات ،وحينئذ إن اعتقد أنه معط ال قاسم
كان من حرص القلب ،أي ما أنا إال قاسم ال معط ،وإن اعتقد أنه قاسم ومعط
أيضا ،كان من حرص األفراد ،أي :لست جام ًعا بني الوصفني ،بل أنا قاسم فقط. ً
«حتَّى َي ْأ ِ َت َأ ْم ُر ال َّل ِه» خمالف ملا قبلها ،فيلزم
ـ وإن قيل :ما بعد الغاية يف قولهَ :
منه أن ال تكون هذه األمة يوم القيامة عىل احلق وهو باطل.
أجيب بأمرين:
األول :أن املراد بأمر ال َّله يف قولهَ « :قائِ َم ًة َع َل َأ ْم ِر ال َّل ِه» التكاليف ،ويوم القيامة
ليس زمان تكليف.
الثاين :أن املراد بالغاية تأكيد التأبيد عىل حد قوله تعاىل :ﱹ ﯬ ﯭ ﯮ
ﯯ ﱸ كأنه قال :لن تزال هذه األمة قائمة عىل أمر ال َّله أبدً ا.
ـ اجلمع بني هذا احلديث وبني حديث.
«إن الساعة ال تقوم إال عىل رشار اخللق» .وجيمع بني حديثنا وبني األحاديث
ارض هذا احلديث الدالة عىل أن الساعة ال تقوم إال عىل رشار اخللق ،بأنه ال ُي َع ِ
ما ورد من قوله ﷺ« :ال تقوم الساعة حتى ال يقول أحد ال َّله ال َّله» ،وقوله« :ال
تقوم الساعة إال عىل رشار الناس» ،بأن املراد بأمر ال َّله الريح اللينة التي تأيت قرب
يوم القيامة ،فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ،وما ذكر يف احلديثني عند القيامة.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2فضل العلامء عىل سائر الناس.
73
3ـ 3فضل التفقه يف الدين عىل سائر العلوم.
4ـ 4من مل يتفقه يف الدين فقد ُح ِر َم اخلري.
5ـ 5التفقه يف الدين ال يكون باالكتساب فقط؛ بل ِمنْ ُه ما هو َو ْهبِ ٌّي من ال َّله تعاىل.
6ـ 6أ َد ُبه ﷺ َو َر َأ َفتُه بأمتّه.
7ـ 7بقاء العامل املتفقه يف الدين إىل قيام الساعة.
***
األسئلة
1ـ اذكر معاين املفردات اآلتية:
اس ٌم ـ ُي ْعطِي).
(ي ِرد ـ ي َف ِّقهه ـ َق ِ
ُ ُُ ُ
ي َمع بني هذا احلديث ،وبني األحاديث الدالة عىل أن الساعة ال تقوم 2ـ بِ َم ُ ْ
إال عىل رشار اخللق؟
3ـ ارشح هذا احلديث النبوي بأسلوبك.
4ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث.
***
74
احلديث احلادي والعشرون
األمر بالتيسري ،والنهي عن التعسري
َس ب ِن مالِ ٍ
شوا َو َل َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ « :ي ِّ ُ
سوا َو َل ُت َع ِّ ُ
سواَ ،و َب ِّ ُ ك َع ْن َأن ِ ْ َ
ُتنَ ِّف ُروا».
معاني المفردات:
سوا» :أمر من التيسري نقيض التعسري.
« َي ِّ ُ
سريا ،وهو الت َّْش ِديد.
س َت ْع ً «و َل ُت َع ِّ ُ
سوا» :أمر من َع َّ َ َ
شوا» :أمر من البشارة بمعنى التبشري ،وهو اإلخبار باخلري بخالف «و َب ِّ ُ
َ
الن َِّذارة.
«و َل ُتنَ ِّف ُروا» أمر بعدم التنفري أيّ :
بشوا الناس ،أو املؤمنني بفضل ال َّله وثوابه، َ
وجزيل عطائه ،وسعة رمحته ،وال تنفروهم بذكر التخويف وأنواع الوعيد.
المباحث العربية:
شوا» ِجنَاس وهو من الصور البالغية.
سوا» ،و« َب ِّ ُ
ـ بني قولهَ « :ي ِّ ُ
سوا» جناس تضاد ،وكذلك بني « َب ِّ ُ
شوا»، سوا» ،و« ُت َع ِّ ُ
وبني قولهَ « :ي ِّ ُ
و« ُتنَ ِّف ُروا».
الشرح والبيان:
ـ هذا احلديث من جوامع الكلم؛ الشتامله عىل خريي الدنيا واآلخرة؛ ألن
الدنيا دار األعامل واآلخرة دار اجلزاء ،فأمر رسول ال َّله ﷺ فيام يتعلق بالدنيا
بالتيسري ،وفيام يتعلق باآلخرة بالوعد باخلري واإلخبار بالرسور؛ حتقي ًقا لكونه
رمحة للعاملني يف الدارين.
75
استشكال وجوابه:
ـ استشكل بعض العلامء :اجلمع يف هذا احلديث بني التيسري وضده ،والتبشري
وضده ،وكان يمكن أن ُي ْك َت َفى بذكر أحدمها عن اآلخر؛ ألن األمر باليشء هني
عن ضده.
والجواب عن هذا االستشكال:
سوا،سوا َو َل ُت َع ِّ ُ
وجوابه:ـ أنه لو اقترص عىل األمر دون النهي يف قولهَ « :ي ِّ ُ
شوا َو َل ُتنَ ِّف ُروا»؛ النطبق عىل من أتى به مرة ،وأتى بالثاين يف غالب أوقاته، َو َب ِّ ُ
فأفاد بالنهي انتفاء التعسري ،وعدم التنفري يف مجيع األوقات.
ـ أنه ال يلزم من عدم التعسري ثبوت التيسري ،وال من عدم التنفري ثبوت
التبشري ،فجمع ﷺ َب ْي هذه األلفاظ لثبوت هذه املعاين ،ال سيام واملقا ُم َم َقام
لش َب ِه ِه بالوعظ ،إذ املراد تأليف من َق ُرب إسالمه ،وترك التشديد عليه ٍ
إطناب َ
يف االبتداء ،وكذلك الزجر عن املعايص ينبغي أن يكون بتلطيف لِ ُي ْق َبل ،وكذا
تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج؛ ألن اليشء إذا كان يف ابتدائه َس ْه ًل ُح ِّبب
إىل من يدخل فيه ،وتلقاه بانبساط ،وكانت عاقبته غال ًبا االزدياد بخالف ضده.
وقد هنت الرشيعة اإلسالمية عن التشديد والتعسري عىل الناس ،ولقد كان
الرسول ﷺ املثل األعىل يف التزام التيسري ،واجتناب التعسري؛ فعن أيب هريرة
َّاس ـ أي :بالزَّجر وال َّلوم ـ َف َق َال َُل ُم َق َالَ « :قام َأعر ِاب َفب َال ِف ا َملس ِ ِ
جدَ ،ف َتن ََاو َل ُه الن ُ ْ َ ْ َ ٌّ َ
النَّبِ ُّي ﷺَ « :د ُعو ُه َو َه ِري ُقوا ـ أي ُص ُّبوا ـ َع َل َب ْولِ ِه َس ْج ًلـ أيَ :د ْل ًواَ ،أ ْو َذنُو ًبا ِم ْن
ين» .فمن َي َّس عىل الناس أمور الطاعة س َ ينَ ،و َل ْ ُت ْب َع ُثوا ُم َع ِّ ِ
س َاءَ ،فإِن ََّم ُب ِع ْثت ُْم ُم َي ِّ ِ
م ٍ
َ
لون عليها ،ومن َع َّس عليهم َن ّفرهم منها. ُس ِّه َلت عليهم ف ُي ْقبِ َ
76
-األمر بالتبشير ،والنهي عن التنفير:
روحـ وقد أمرنا النبي ﷺ بأن ُن َب ِّش وال ُننَ ِّفر؛ ألن التبشري َيرشح الصدر ،و ُي ِّ
واحلزن ،فإذا َل ِق َ
يت اهلم ُ
عن النفس ،وأما التنفري فإنه ُيثري فيها القلق ،وجيلب هلا َّ
تاجرا ف َب ِّشه بالربح يف جتارته ،وإذا
يت ًمن أ ّدى االمتحان فبرشه بالنجاح ،وإذا َل ِق َ
ب إليه التوبة ،وبني له مزايا الطاعة ،وما أعده ال َّله للطائعني ِ
وعظت عاص ًيا َف َح ِّب ْ
والتزود من
ّ اجلدِّ يف الطاعات،ثواب عظيمٍ؛ فإن ذلك التبشري يدفعه إىل َ ٍ من
األعامل الصاحلات.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2احلث عىل الرفق والتيسري عىل الناس يف حدود الرشع احلنيف.
3ـ 3النهي عن التعسري والتشديد.
4ـ 4نرش األخبار السارة ،وإخفاء األخبار الضارة.
5ـ 5ال ُيرس مظهر من مظاهر اإلسالم يف العقيدة والرشيعة واألخالق.
***
األسئلة
1ـ اذكر معاين املفردات اآلتية:
سوا ـ َو َل ُتنَ ِّف ُروا). شوا ـ َ
ول ُت َع ِّ ُ سوا ـ َو َب ِّ ُ
( َي ِّ ُ
2ـ بِ َم جتيب عن اإلشكال القائل بأنه :مجع يف احلديث بني التيسري وضده،
والتبشري وضده ،وكان يمكن أن ُي ْك َت َفى بذكر أحدمها عن اآلخر؟
سوا» ،و « َب ِّ ُ
شوا». 3ـ ِّ
وضح الصورة البالغية بني قوله ﷺَ « :ي ِّ ُ
4ـ اذكر أهم ما يرشد إليه احلديث.
77
احلديث الثاني والعشرون
خطورة اإلفتاء بغري علم
ول:ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ ت َر ُس َ َق َالَ :س ِم ْع ُ َع ْن َع ْب ِد ال َّل ِه ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ال َع ِ
اص
اد ،و َلكِن ي ْقبِ ُض ِ ِ ِ ِ ِ ِ
الع ْل َم بِ َق ْب ِ
ض «إِ َّن ال َّل َه َل َي ْقبِ ُض الع ْل َم انْتزَا ًعا َينْت َِز ُع ُه م َن الع َب َ ْ َ
َي ِع ْلمٍ،
وسا ُج َّه ًالَ ،ف ُسئِ ُلوا َف َأ ْفت َْوا بِغ ْ ِ ال ِاَ َّ ،
ات َذ الن ُ
َّاس ُر ُء ً ال ُع َل َم ِءَ ،حتَّى إِ َذا َل ْ ُي ْب ِق َع ً
َف َض ُّلوا َو َأ َض ُّلوا».
معاني المفردات:
بمحو ِه من صدورهم ،واملقصود بالعلم هنا: ِ الع ْل َم انْتِزَا ًعا» :أي
«ل ي ْقبِ ُض ِ
َ َ
العلم الرشعي.
ون للفتوى ،الذين ض ال ُع َل َم ِء» :أي أرواحهم ،واملراد هبم العلامء ا ُمل َع َّر ُض َ «بِ َق ْب ِ
َي ْلجأ الناس إليهم؛ ليستفتوهم يف أمور دينهم.
ال ِا» :من اإلبقاء ،أي :حتى إذ مل ُي ْب ِق ال َّله ـ تعاىل ـ عاملـًا ،ويف«حتَّى إِ َذا َل ْ ُي ْب ِق َع ً
َ
نسخةَ « :ي ْب َق» بفتح حرف املضارعة من البقاء.
وسا» :مجع رئيس. «ر ُء ًُ
« َف ُسئِلوا» :أي :سأهلم السائل.
« َف َض ُّلوا» :من الضالل أي :انحرفوا يف أنفسهم.
«و َأ َض ُّلوا» :من اإلضالل أي :أضلوا السائلني عن طريق الصواب.
َ
78
المباحث العربية:
ول» :مجلة حالية ،وكان ذلك يف حجة الوداع. ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ
ت َر ُس َ«س ِم ْع ُ
َ
«انْتِزَا ًعا» :بالنصب ،مفعول مطلق.
ض الع َلم ِء» :عب با ُمل ْظهر يف قوله :ي ْقبِ ُض ِ ِ ِ
الع ْل َم يف َ ّ «و َلك ْن َي ْقبِ ُض الع ْل َم بِ َق ْب ِ ُ ََ
موضع ا ُمل ْضمر لزيادة تعظيم العلم ،كقوله تعاىل :ﱹ ﭖ ﭗ ﱸ((( ،بعد
قوله :ﱹ ﭓ ﭔ ﱸ(((.
ال ِا» :مفعول به منصوب ،ويف النسخة األخرىَ « :ي ْب َق عاملٌ» بالرفع عىل أنه « َع ً
فاعل.
ال ِا».
ت ْك َع ً ويف رواية عند ُمسلمِ َ :
«حتَّى إ َذا َل ْ َي ْ ُ
َّاس» :فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
«الن ُ
وسا». «ج َّه ًال» :صفة لقوله ﷺُ :
«ر ُء ً ُ
الشرح والبيان:
كيفية نقص العلم وقبضه:
ـ أخرب النبي ﷺ يف هذا احلديث أن ما يكون من نقص العلم وقبضه ،أنه
ً
جهال، ح َلتِه ،واختاذ الناس رؤساء
ليس بمحوه من الصدور ،ولكن بموت َ َ
فيتحكمون ىف دين ال َّله بآرائهم ،ويفتون فيه بجهلهم ،وقد جاءت أخبار من
الكتاب والسنة ،وغريها ،أن موت العلامء نقص يف الدين ،وعالمة حللول البالء
***
األسئلة
1ـ اذكر معاين املفردات التالية:
(آ َية ـ َف ْل َي َت َب َّو ْأ ـ مقعد ُه).
«و َل ْو آ َي ًة»؟ ،وما نوع الالم يف قولهَ « :ف ْل َي َت َب َّو ْأ»؟. 2ـ ما إعراب قوله ﷺَ :
يل َو َل َح َر َج»؟ سائِ َ ِ
«و َحدِّ ُثوا َع ْن َبني إِ ْ َ
3ـ ما املقصود بقوله ﷺَ :
4ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
5ـ اذكر مما ُيرشد إليه احلديث.
83
احلديث الرابع والعشرون
النهي عن إيذاء املسلم
َأ َّن النَّبِي ﷺ َق َال َله ِف حج ِة الوداعِ« :اس َتن ِْص ِ
ت َع ْن َج ِر ٍير بن عبد ال َّله
ْ ُ َ َّ َ َ َّ
ض».اب َب ْع ٍ «ل ت َْر ِج ُعوا َب ْع ِدي ُك َّف ًاراَ ،ي ْ ِ
ض ُب َب ْع ُضك ُْم ِر َق َ َّاس»؛ َف َق َالَ :
الن َ
التعريف براوي احلديث
بن َع ْب ِد ال َّل ِه ال َب َج ِ ّل ،وفد عىل النبي ﷺ يف السنة العارشة من اهلجرة،
هوَ :ج ِرير ُ
وحج حجة الوداع ،وشهد فتح (املدائن) يف خالفة سيدنا عمر بن اخلطاب
وكان جلامله يلقب بيوسف هذه األمة ،مات سنة 51هـ.
معاني المفردات:
ِ
ِ«ف َح َّجة َ
الو َداعِ» :أي :عند مجرة العقبة ،واجتامع الناس للرمي وغريه.
َّاس» :السني والتاء للطلب ،ومعناه طلب السكوت واإلنصات. ِ ِ
«اس َتنْصت الن َ ْ
«ل ت َْر ِج ُعوا» :أي :ال تصريوا.َ
ِ
« َب ْعدي ُك َّف ًارا» :بعد موقفي هذا ،أو بعد مويت ً
كفارا.
المباحث العربية:
« ُك َّف ًارا» :منصوب؛ ألنه خرب لـ «ت َْر ِج ُعوا» بمعنى :تصريوا.
ض» :برفع يرضب عىل االستئناف بيانًا لقوله: اب َب ْع ٍ ض ُب َب ْع ُضك ُْم ِر َق َ « َي ْ ِ
«ل ت َْر ِج ُعوا».
َ
ـ أو حال من ضمري« :ت َْر ِج ُعوا» ،أيَ :ل ت َْر ِج ُعوا َب ْع ِدي ُك َّف ًارا حال رضب
اب َب ْع ٍ
ض. َب ْعضك ُْم ِر َق َ
84
ـ أو صفة ،أيَ :ل ت َْر ِج ُعوا َب ْع ِدي ُك َّف ًارا متصفني هبذه الصفة القبيحة ،وهي
اب َب ْع ٍ
ض. رضب َب ْعضك ُْم ِر َق َ
الشرح والبيان:
سبب تسمية حجة الوداع هبذا االسم:
النبي ﷺ و َّدع الناس فيها ،وأوصاهم ـ ُس ِم َّيت حجة الوداع هبذا االسم؛ َّ
ألن َّ
بتبليغ الرشع فيها إىل من غاب عنها ،وألنه ﷺ فارق الدنيا بعدها بواحد وثامنني
يوما.
ً
استشكال وجوابه:
جريرا أسلم
ً هلذا احلديث؛ فقالوا :إن ـ استشكل بعضهم رواية جرير
حارضا يف حجة الوداع ،ويشافهه النبي
ً يوما فكيف يكون
قبل وفاته ﷺ بأربعني ً
ﷺ هبذا القول؟
وأجيب عن هذا اإلشكال :بأن جرير بن عبد ال َّله أسلم يف رمضان سنة
مسلم.
عرش من اهلجرة ،فيمكن أن يكون قد حرض حجة الوداع ً
ـ يف هذا البيان النبوي ،ويف حجة الوداع ّ
حذر رسول ال َّله ﷺ أمته من الشقاق
ُفارا متصفني هبذه الصفةواالختالف ناصحـًا هلم بقوله :ال ترجعوا بعدي ك ً
القبيحة ،وهي :رضب بعضكم رقاب بعض ،فال تتشبهوا بالكفار يف قتل
كفارا حقيقة إن استحللتم ذلك.
بعضا ،أو ال تصريوا ًبعضكم ً
ما ُيرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبي ﷺ عىل تعليم أمته وحتذيرهم من الوقوع يف الفتن.
2ـ 2االختالف والشقاق يؤدي إىل الفساد يف األرض.
3ـ 3التحذير من الترسع يف تكفري املسلم واستباحة دمه.
85
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
َّاس ـ َل ت َْر ِج ُعوا). ِ ِ
(اس َتنْصت الن َ
ْ
حجة الوداع هبذا االسم؟
2ـ ملاذا سميت ّ
«ل ت َْر ِج ُعوا َب ْع ِدي ُك َّف ًارا»؟
3ـ ما املقصود بقوله ﷺَ :
ض ُب َب ْع ُضك ُْم ِر َق َ
اب َب ْع ٍ
ض»؟ 4ـ ما إعراب قوله ﷺَ « :ي ْ ِ
5ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
6ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث الرشيف.
***
86
احلديث اخلامس والعشرون
فضل التوبة
ود ،عن النبي ﷺ قالَ « :ل َّل ُه َأ ْف َر ُح بِت َْو َب ِة َع ْب ِد ِه ِم ْن عن عبد ال َّل ِه ب ِن مسع ٍ
ْ َ ْ ُ َْ
ضع َر ْأ َس ُه ِ ِ
شا ُب ُهَ ،ف َو َ َر ُج ٍل َنز ََل َمن ِْز ًل َوبِه َم ْه َل َك ٌةَ ،و َم َع ُه َراح َل ُت ُهَ ،ع َل ْي َها َط َع ُام ُه َو َ َ
احل ُّر َوال َع َط ُشَ ،أ ْو اح َل ُت ُهَ ،حتَّى إِ َذا ْاشتَدَّ َع َل ْي ِه َ تر ِ
اس َت ْي َق َظ َو َقدْ َذ َه َب ْ َ
َفنَا َم ن َْو َم ًةَ ،ف ْ
َانَ ،فرجع َفنَام نَوم ًةُ ،ثم ر َفع ر ْأسهَ ،فإِ َذا ر ِ
اح َل ُت ُه َ اء ال َّل ُهَ ،ق َالَ :أ ْر ِج ُع إِ َل َمك ِ َ َ َ َ ْ َ َّ َ َ َ َ ُ َما َش َ
ِعنْدَ ُه».
معاني المفردات:
«أ ْف َر ُح» :أي :أرىض بالتوبةَ ،
وأ ْق َب ُل هلا. َ
87
الشرح والبيان:
فضل التوبة واملسارعة بالرجوع إىل ال َّله تعاىل:
ـ يبني النَّبِ ُّي ﷺ يف هذا احلديث فضل التوبة واملسارعة بالرجوع إىل ال َّله
ـ تعاىل ـ حيث بني أن ال َّله أرىض بالتوبة وأ ْق َبل هلا من العبد الذي ترشد عنه
راحلته التي عليها طعامه ورشابه يف أرض صحراء ُم ْق ِف َرة ،فيظن العبد يف نفسه
َاهللكة لعدم وجود الطعام والرشاب ،فإذا به ينام فيستيقظ فيجد تلك الراحلة
عظيم ،والفرح املتعارف يف نعوت بني
ً فرحا
وعليها الطعام والرشاب ،فيفرح ً
آدم غري جائز عىل ال َّله ـ تعاىل ـ؛ ألنه اهتزاز وطرب جيده الشخص يف نفسه عند
رضرا أو
ظفره بغرض يستكمل به نقصانه أو يسد به خلله ،أو يدفع به عن نفسه ً
نقصا ،وال َّله ـ تعاىل ـ هو الكامل بذاته الغني بوجوده الذي ال يلحقه نقص وال
ً
قصور ،ويف ذلك املذهبان املشهوران:
مذهب السلف واخللف يف إثبات الفرح ل َّله تعاىل:
فرحا ،لكن ال نعلم حقيقته ،و َنزَّهوه -تعاىل-
ـ فالسلف أثبتوا له ـ تعاىل ـ ً
عن صفات املخلوقني.
ـ َ
واخل َلف ّأولو ُه بأنه جما ٌز عن رضاه الذي هو سبب للفرح ،أو عن ثمرته
احلاصلة عنه؛ فإن من فرح بيشء جاد لفاعله بام سأل ،وبذل بام طلب فعرب عن
إعطائه تعاىل وواسع كرمه بالفرح ،واملراد أنه ـ تعاىل ـ يبسط رمحته عىل عبده
ويكرمه باإلقبال عليه.
شا ُب ُهَ ،ف َأيِ َس ِمن َْها، رواية عند مسلمَ « :فا ْن َف َلت ْ ِ
َت منْ ُه َو َع َل ْي َها َط َع ُام ُه َو َ َ
ٍ ـ ورد يف
88
ك إِ َذا ُه َو اح َلتِ ِهَ ،ف َب ْينَا ُه َو ك ََذلِ َ
اض َطجع ِف ظِ ِّلهاَ ،قدْ َأيِس ِمن ر ِ
َ ْ َ َ َف َأتَى َش َج َرةًَ ،ف ْ َ َ
ْت َع ْب ِدي َو َأنَا ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
ِ َباَ ،قائ َم ًة عنْدَ ُهَ ،ف َأ َخ َذ بِخ َطام َهاُ ،ث َّم َق َال م ْن شدَّ ة ا ْل َف َرحِ ُ :
الله َّم َأن َ
كَ ،أ ْخ َط َأ ِم ْن ِشدَّ ِة ا ْل َف َرحِ ».
َر ُّب َ
«إن مثل هذا إن صدر يف حالة الدهشة والذهول ال
َّ قال القايض ِعياض
يؤاخذ به اإلنسان ،وكذا حكايته عنه عىل وجه العلم ،أو الفائدة الرشعية ال عىل
سبيل االستهزاء والعبث».
عالمات قبول التوبة:
ـ قال بعض العلامء :حقيقة التوبة هلا عالمات منها:
أوهلا :الندم عىل ما وقع منه.
الثانية :العزم عىل أال يعود إىل ذلك الذنب.
والثالثة :أن َي ْعمد إىل كل فرض ض َّيعه فيؤديه.
والرابعة :أن َي ْعمد إىل مظامل العباد فيؤدي إىل كل ذي ٍ
حق حقه.
واخلامسة :أن ُيذيق البدن حالوة الطاعة كام أذاقه لذة املعصية.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2فضل التوبة والندم عىل فعل املعصية.
3ـ 3ال َّله منزه عن صفات املخلوقني ،ﱹ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ
ﭧ ﱸ(((.
***
األسئلة
1ـ اذكر معاين الكلامت اآلتية:
َ
(أ ْف َر ُح ـ َمن ِْز ًل ـ َم ْه َل َك ٌة).
2ـ َب ِّي آراء العلامء يف مسألة (ال َفرح) ونسبته إىل ال َّله تعاىل.
3ـ ما عالمات حقيقة التوبة؟
4ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
5ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث.
***
90
احلديث السادس والعشرون
بيعة الرجال إثر مبايعة النساء
ول ال َّل ِه ﷺ َق َالَ ،و َح ْو َل ُه ِع َصا َب ٌة ِم ْن َأ َّن َر ُس َ ت عن عباد َة ب ِن الص ِام ِ
َّ َُ َ ْ
َس ُقواَ ،و َل َت ْزنُواَ ،و َل ُشكُوا بِال َّل ِه َش ْيئًاَ ،و َل ت ْ ِ ون َع َل َأ ْن َل ت ْ ِ َأ ْص َحابِ ِهَ « :بايِ ُع ِ
ي َأ ْي ِديك ُْم َو َأ ْر ُجلِك ُْمَ ،و َل َت ْع ُصوا ِف تو َن ُه َب ْ َ ْ ِ ٍ َ
َت ْق ُت ُلوا أ ْو َل َدك ُْمَ ،و َل تَأتُوا ب ُب ْهتَان َت ْف َ ُ
ِ اب ِم ْن َذلِ َ ِ ِ ٍ
ب ِف ك َش ْيئًا َف ُعوق َ َم ْع ُروفَ ،ف َم ْن َو َف منْك ُْم َف َأ ْج ُر ُه َع َل ال َّلهَ ،و َم ْن َأ َص َ
ِ
ت ُه ال َّل ُه َف ُه َو إِ َل ال َّله ،إِ ْن َش َ
اء ك َش ْيئًا ُث َّم َس َ َ اب ِم ْن َذلِ َ الدُّ ْن َيا َف ُه َو َك َّف َار ٌة َل ُهَ ،و َم ْن َأ َص َ
ك». اء َعا َق َب ُه»َ ،ف َبا َي ْعنَا ُه َع َل َذلِ َ
َع َفا َعنْ ُه َوإِ ْن َش َ
التعريف براوي احلديث
صم بن فهر بن غنم بن َسامل بن َع ْوف بن َ ِ
الصامت بن قيس بن أ ْ َ ع َبا َدة بن َّ
يَ ،أ ُبو ا ْل َولِيدَ ،شهد بيعة العقبة األوىل َع ْمرو بن َع ْوف بن الـْخَ ز َْرج ْالن َْص ِ
ار ّ
َان ِمَّن مجع ا ْل ُق ْرآن عىل عهد النَّبِي ﷺ بدراَ ،و ُه َو أحد النُّ َق َباءَ ،وك َ
والثانية ،وشهد ً
م َّمد بن َك ْعبَ ،و َبعثه عمر إِ َل َّ
الشام ليعلم النَّاس ا ْل ُق ْرآن َوا ْلعلم َف َم َت َقا َله ُ َ
ِ
بفلسطني سنة َأربع َو َث َلث َ
ني.
معاني المفردات:
ِ
«ع َصا َب ٌة» :ما بني العرشة إىل األربعني ،وكان عدد املبايعني اثني عرش ً
رجل،
منهمُ :ع َبا َد ُة بن الصامت .
ون» :أي :عاقدوين وعاهدوين. « َبايِ ُع ِ
ُشكُوا بِال َّل ِه َش ْيئًا» :أي :عىل ترك اإلرشاك املستلزم للتوحيد.
« َع َل َأ ْن َل ت ْ ِ
91
«بِ ُب ْهت ٍ
َان» :أي :كذب ُي ْب ِهت سامعه ،أي ُيدْ هشه لفظاعته ،مثل الرمي بالزنا،
والفضيحة والعار.
تو َن ُه» :من االفرتاء ،أي :ختتلقونه. « َت ْف َ ُ
ِ ِ ِ
ي َأ ْيديك ُْم َو َأ ْر ُجلك ُْم» :أي :من ق َب ِل أنفسكمْ ُ .
ويتَمل أن يكون املراد بام بني « َب ْ َ
األيدي واألرجل القلب؛ ألنه الذي يرتجم عنه اللسان؛ فلذا نسب إليه االفرتاء.
«و َل َت ْع ُصوا» :أي :ال تعصوين ،وال تعصوا أحدً ا ممن ُو ِّل عليكم بعدي. َ
أمرا وهن ًيا. وف» :هو ما ُع ِر َ ِ«ف معر ٍ
ف من الشارع ُح ْسنُه ً َ ُْ
«و َّف» ،بالتشديد ،أي :ثبت عىل العهد. « َف َم ْن َو َف» :بالتخفيف ،ويف روايةَ :
فضل ووعدً ا ،ال وجو ًبا عليه.« َف َأ ْج ُر ُه َع َل ال َّل ِه»ً :
ك َش ْيئًا» :أي :غري الرشك؛ لقوله تعاىل :ﱹ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ اب ِم ْن َذلِ َ
«و َم ْن َأ َص ََ
ﮦ ﮧ ﮨﱸ(((.
ِ ِ
ب ِف الدُّ ْن َيا» :بأن ُأق َ
يم عليه احلد. « َف ُعوق َ
اء َع َفا َعنْ ُه» :إما عن الكل ،أو البعض بفضله.«إِ ْن َش َ
اء َعا َق َب ُه» :بِ َعدْ لِه.
«وإِ ْن َش َ
َ
المباحث العربية:
ول ال َّل ِه ﷺ َق َالَ ،و َح ْو َل ُه ِع َصا َب ٌة ِم ْن َأ ْص َحابِ ِه» :مجلة حالية.«أ َّن َر ُس َ َ
93
ختصيص األوالد بالقتل دون غريهم:
«و َل َت ْق ُت ُلوا َأ ْو َل َدك ُْم»؛ ألنه كان شائ ًعا
ـ َخ َّص ﷺ األوالد بالقتل حني قالَ :
وأد البنات أي :دفنهم أحياء ،وقتل البنني خشية الفقر ،أو ألن قتل فيهم ،وهو ْ
وألنم ال يقدرون عىل
األوالد أشنع من قتل غريهم؛ ألنه قتْل وقطيعة رحم؛ ّ
الدفاع عن أنفسهم ،فالعناية بالنهي عنه أشد تأكيدً ا.
ي َأ ْي ِديك ُْم َو َأ ْر ُجلِك ُْم» :ال ترموا ـ معنى قوله ﷺٍ ِ ْ َ :
«و َل تَأتُوا ب ُب ْهتَان َت ْف َ ُ
تو َن ُه َب ْ َ
ويت ََمل أن يكون
أحدً ا بكذب ترونه يف أنفسكم ،ثم تبهتون صاحبه بألسنتكمْ ُ ،
واجه ًة ،وبعضكم يشاهد ً
بعضا ،وأصل هذا املراد :ال تبهتوا الناس باملعايب ُم َ
ثم ملا
كان يف بيعة النساء ،وهو كناية عن نسبة املرأة ولدها من الزنى إىل زوجهاَّ ،
استعمل هذا اللفظ يف بيعة الرجال لزم محله عىل غري ما ورد فيه أوال.
النهي عن املعصية:
ـ هنى ﷺ عن معصيته ،وخمالفة أمره حني قال« :و َل َتعصوا ِف معر ٍ
وف»، َ ُْ ْ ُ َ
وتنبيها عىل أنه ال
ً و َق َّيدَ باملعروف ،وإن كان ﷺ ال يأمر إال به تطيي ًبا لقلوهبم،
جتوز طاعة خملوق يف معصية اخلالق.
االقتصار عىل املنهيات دون املأمورات:
اقترص ﷺ عىل املنهيات دون املأمورات؛ ألن درء املفاسد ُم َقدَّ م عىل جلب َ ـ
املصالح ،كام أنه ﷺ مل ُي ِمل املأمورات ،بل ذكرها عىل طريق اإلمجال يف قوله:
عموما. وف» ،إذ العصيان خمالفة األمر «و َل َتعصوا ِف معر ٍ
ً َ ُْ َ ْ ُ
ب ِف الدُّ ْن َيا َف ُه َو َك َّف َار ٌة َل ُه» .وهل احلدود كفارات أم زواجر؟ ِ
معنى قولهَ « :ف ُعوق َ
94
ب ِف الدُّ ْن َيا َف ُه َو َك َّف َار ٌة َل ُه» ،أي ال ُي َعا َقب عليه يف ِ
ـ معنى قوله ﷺَ « :ف ُعوق َ
اآلخرة؛ ألن احلدود كفارات ،هذا هو ظاهر احلديث ،وهو ما عليه أكثر الفقهاء،
َع ِن وحسنَه ،من حديثَ :ع ِ ّل بن أيب طالب ويدل عليه ما أخرجه الرتمذي َّ
اب َحدًّ ا َف ُع ِّج َل ُع ُقو َب َت ُه ِف الدُّ ْن َيا َفال َّل ُه َأ ْعدَ ُل ِم ْن َأ ْن ُي َثن َِّي«م ْن َأ َص َالنَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ :
ت ُه ال َّل ُه َع َل ْي ِهَ ،و َع َفا َعنْ ُه َفال َّل ُه ِ ِ ِِ
اب َحدًّ ا َف َس َ َ َع َل َع ْبده ال ُع ُقو َب َة ِف اآلخ َرةَ ،و َم ْن َأ َص َ
ش ٍء َقدْ َع َفا َعنْ ُه» .وقيل :هي زواجرَ ،ف َقت ُْل القاتل حد ورادع ِ ِ َ
أك َْر ُم م ْن أ ْن َي ُعو َد ف َ ْ
َ
لغريه ،وأما يف اآلخرة فالطلب للمقتول قائم ،واعرتض عليه :بأنه لو كان كذلك
َق َال: مل جيز العفو عن القاتل .وتوقف بعض العلامء يف ذلك حلديث َأ ِب ُه َر ْي َر َة
ات ِلَ ْهلِ َها َأ ْم َل؟» صححه احلاكم. «ما َأ ْد ِري الـ ُْحدُ و ُد َك َّف َار ٌ َق َال رس ُ ِ
ول ال َّله ﷺَ : َ ُ
أول وأ ِجيب :بأن حديث ُع َبادة أصح إسنا ًدا ،وبأن حديث أيب هريرة كان ً ُ
آخرا.قبل أن ُيطلع اهللُ نب َّيه عىل أن احلدود كفارة ،ثم أعلمه ال َّله ـ تعاىل ـ ً
إذ كان ليلة ،وت َقدُّ م حديث ُع َبا َدة و ُع ِ
ورض بتأخر إسالم أيب هريرة
بيعة العقبة األوىل عىل الراجح.
سمعه من صحايب آخر ،كان وأ ِجيب :بأنه ُيمكن أن يكون أبو هريرة
ُ
قديم ،ومل يسمع من النبي ﷺ بعد ذلك أن احلدود كفارة،
سمعه من النبي ﷺ ً
. كام سمعه عبادة
ت ُه ال َّل ُه َف ُه َو إِ َل ال َّل ِه، اب ِم ْن َذلِ َ
ك َش ْيئًا ُث َّم َس َ َ «و َم ْن َأ َص َ
ـ مفهوم قوله ﷺَ :
اء َعا َق َب ُه» ،يتناول من تاب ،ومن مل يتب ،وأنه ال يتحتم اء َع َفا َعنْ ُه َوإِ ْن َش َ
إِ ْن َش َ
دخوله النار ،بل هو إىل مشيئة ال َّله ـ تعاىل ـ.
قال اجلمهور :والتوبة ترفع املؤاخذة ،لكن ال ُيؤمن مكر ال َّله؛ ألنه ال اطالع له
عىل قبول توبته .وقال قوم بالتفرقة بني ما جيب فيه احلد ،وما ال جيب.
95
ـ واحلكمة يف عطف اجلملة املتضمنة للعقوبة عىل ما قبلها بالفاء ،واملتضمنة
ب ِف الدُّ ْن َيا َف ُه َو َك َّف َار ٌة ِ اب ِم ْن َذلِ َ
ك َش ْيئًا َف ُعوق َ «و َم ْن َأ َص َللسرتُ « ،ث َّم» قوله ﷺَ :
ت ُه ال َّل ُه» التنفري عن الوقوع يف املعايص، ك َش ْيئًا ُث َّم َس َ َاب ِم ْن َذلِ َ
َل ُهَ ،و َم ْن َأ َص َ
فإن السامع إذا علم أن العقوبة مفاجئة إلصابة املعصية ،غري مرتاخية عنها ،وأن
السرت مرتاخٍ بعثه ذلك عىل اجتناب املعصية ،وتوقيها.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2حرص الصحابة ـ رضوان ال َّله عليهم ـ عىل نقل احلادثة كام وقعت.
3ـ 3التخلية قبل التحلية ،والتحذير من املنهيات قبل الرتغيب يف فعل
املأمورات.
4ـ 4احلدود كفارات ألهلها يف مذهب مجهور العلامء.
ون ختليده يف النار. 5ـ 5الرد عىل اخلوارج الذين ُيك ِّفرون بالذنب ،و ُي ِ
وج ُب َ
6ـ 6الرد عىل املعتزلة الذين ُي ِ
وجبون تعذيب الفاسق إذا مات بال توبة.
7ـ 7الكف عن الشهادة ألحد باجلنة أو النار إال ما ورد النَّص بتعيينه.
***
96
األسئلة
ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
ِ ٍ ِ ِ ِ
تو َن ُه).(ع َصا َب ٌة ـ َباي ُعون ـ ب ُب ْهتَان ـ َت ْف َ ُ
ُشكُوا بِال َّل ِه َش ْيئًا»؟ «أ ْن َل ت ْ ِ«ش ْيئًا» يف قوله ﷺَ : ـ ما رس تنكري َ
«و َح ْو َل ُه ِع َصا َب ٌة»؟.
وما إعراب مجلةَ :
ت ُه ال َّل ُه َف ُه َو إِ َل ال َّل ِه،
ك َش ْيئًا ُث َّم َس َ َ اب ِم ْن َذلِ َ «و َم ْن َأ َص َ ـ ما مفهوم قوله ﷺَ :
اء َع َفا َعنْ ُه َوإِ ْن َش َ
اء َعا َق َب ُه»؟ إِ ْن َش َ
ـ هل احلدود كفارات أم زواجر؟
ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
97
احلديث السابع والعشرون
ا َ
حل َيا ُء ِم َن ا ِإلمي ِ
َان
ول ال َّل ِه ﷺ َم َّر َع َل َر ُج ٍل ِم َن األَن َْص ِ
ارَ ،و ُه َو َأ َّن َر ُس َ َع ْن َع ْب ِد ال َّل ِه بِن ُع َم َر
اء ِم َن ا ِ
إل َيم ِن». ول ال َّل ِه ﷺَ « :د ْع ُه َفإِ َّن َ
احل َي َ
احلي ِ
اءَ ،ف َق َال َر ُس ُ َيع ُظ َأ َخا ُه ِف َ َ
ِ
معاني المفردات:
«م َّر» :أي :اجتاز.َ
« َي ِع ُظ» :من الوعظ ،وهو الن ُّْصح والرتغيب والتخويف والتذكري ،واملعنى:
زجره و ُي َعاتبه يف شأن احلياء. َي ُ
«أ َخا ُه» :أي يف النَّسب .وقيل :يف الدِّ ين .ومل ُي ْع َرف اسم هذا الواعظ وأخيه. َ
احلي ِ
اء» :أي :يف شأن احلياء ،واحلياء :هو َتغ َُّي وانكسار يعرتي اإلنسان «يف َ َ
من خوف ما ُي َعاب به ،أو ُي َذم عليه ،واملعنى :أنه كان ينهاه عن احلياء ،ويعاتبه
عليه ،ويزجره عن كثرته.
« َد ْع ُه» :أي :اتركه عىل حيائه.
اء ِم َن ا ِ
إل َيم ِن» :أي أثر من آثاره ،أو ُشعبة من ُش َعبه. َ
«احل َي َ
المباحث العربية:
«ر ُج ٍل» ،و«أل» يف «األَن َْص ِ
ار» «م َن األَن َْص ِِ
ار» :متعلق بمحذوف صفة لـ َ
للعهد ،أي أنصار رسول ال َّله ﷺ.
احلي ِ ِ
اء» :مجلة حالية. «و ُه َو َيع ُظ َأ َخا ُه ِف َ ََ
إليم ِن»ِ : «احلي ِ
«م ْن» :تبعيضية. اء م َن ا ِ َََ َ
98
الشرح والبيان:
معنى احلياء يف احلديث:
ـ احلياء من خصائص اإلنسان لريتدع عن ارتكاب كل ما ُي ْشتَهى ،فال
مر عىل رجل من األنصار النبي ﷺ َّيكون مثل البهائم ،و ُي َب ِّي هذا احلديث أن َّ
ض بِك أحيانًا ِ
أخا له كان كثري احلياء قائال :إنك َلت َْستحي حتى َي ُ َّوهو يعاتب ً
استحياؤك هذا ،وكان هذا احلياء يمنعه من استيفاء حقوقه ،فعتب عليه أخوه
ووعظه عىل ذلك ،فأمره رسول ال َّله ﷺ أن يرتكه عىل حيائه؛ ألن احلياء من
مكمالت اإليامن.
ـ َعدَّ رسول ال َّله ﷺ احلياء من اإليامن؛ ألنه يمنع صاحبه من ارتكاب املعايص،
كام يمنع اإليامن من ارتكاهبا؛ َف َس َّمى ﷺ احلياء إيامنًا كام ُي َس َّمى اليشء باسم ما
اء ُش ْع َب ٌة ِم َن ا ِ
إل َيم ِن». «و َ
احل َي ُ قام مقامه ،وهذا مثل قوله ﷺ يف حديث آخرَ :
ـ ليس ألحد أن يقول :إذا كان احلياء بعض اإليامن لزم أن ينتفي اإليامن
بانتفائه؛ ألن املراد من احلديث أن احلياء من مكمالت اإليامن ،ونفي الكامل ال
يستلزم نفي احلقيقة.
إل َيم ِن» ألن الواعظ اء ِم َن ا ِ النبي ﷺ كالمه بـ «إِ َّن» يف قولهَ « :فإِ َّن َ
احل َي َ ُّ ـ أكَدَّ
تنزيل؛ لظهور أمارات اإلنكار عليه ،وجيوز أن كان شاكًّا ،بل كان ُمنْكِ ًرا ولو ً
يكون التأكيد من جهة أن القضية يف نفسها مما جيب أن ُ ْيتَم هبا ،و ُي َؤكَّد عليها،
وإن مل يكن هناك إنكار ،أو شك من أحد.
ـ قد يتولد احلياء من ال َّله ـ تعاىل ـ من ال َّت َق ُّلب يف نعمه فيستحيي العاقل أن
«خ ِ
ف ال َّله عىل قدر قدرته يستعني هبا عىل معصيته ،وقد قال بعض السلفَ :
عليك ،واستح منه عىل قدر قربه منك».
99
ما ُيرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2احلث عىل االمتناع من قبائح األمور ،ورذائلها وكل ما ُيستحيا منه.
3ـ 3احلياء من أعظم ُش َعب اإليامن.
4ـ 4احلث عىل التَّخَ ُّلق بخُ ُلق احلياء؛ ملا فيه من اخلري.
5ـ 5احلياء الرشعي خري ك ُّله ،وإن أدى إىل ترك بعض احلقوق الدنيوية.
***
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
(م َّر ـ َي ِع ُظ ـ َ
احل َياء ـ َد ْع ُه). َ
اء ِم َن ا ِ
إل َيم ِن»؟ «م ْن» يف قوله ﷺَ « :فإِ َّن َ
احل َي َ
2ـ ما نوع ِ
احلي ِ ِ
اء»؟ «و ُه َو َيع ُظ َأ َخا ُه ِف َ َ
وما إعراب مجلةَ :
3ـ ِل َ َعدَّ رسول ال َّله ﷺ احلياء من اإليامن؟
4ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
5ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
100
احلديث الثامن والعشرون
َف ْض ُل الِع ْلِم والع َ
َم ِل
«م َث ُل َما َب َع َثنِي ال َّل ُه بِ ِه ِم َن ي َ ،ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ : وسى األَ ْش َع ِر ِّ َع ْن َأ ِب ُم َ
ِ ِ ث الكَثِ ِري َأصاب َأر ًضاَ ،فك َ ِ الع ْلمِ ،كَم َث ِل ال َغي ِ ُاهلدَ ى و ِ
اء، َان من َْها نَق َّي ٌةَ ،قبِ َلت ا َمل َ َ َ ْ ْ َ َ
ِ ِ َل والع ْشب الكَثِري ،وكَان ْ ِ ِ
َت من َْها َأ َجاد ُبَ ،أ ْم َسكَت ا َمل َ
اءَ ،فنَ َف َع ال َّل ُه ِ َبا َ َ َف َأ ْن َبتَت الك َ َ َ ُ َ
ان َل ت ِمن َْها َطائِ َف ًة ُأ ْخ َرى ،إِن ََّم ِه َي ِقي َع ٌ ش ُبوا َو َس َق ْوا َوز ََر ُعواَ ،و َأ َصا َب ْ َّاسَ ،ف َ ِ الن َ
ين ال َّل ِهَ ،و َن َف َع ُه َما َب َع َثنِي ال َّل ُه بِ ِه
ك َم َث ُل َم ْن َف ُق َه ِف ِد ِ َلَ ،ف َذلِ َ تكَ ً اء َو َل ُتنْبِ ُك َم ً ُت ْ ِس ُ
ت بِ ِه». ك َر ْأ ًساَ ،و َل ْ َي ْق َب ْل ُهدَ ى ال َّل ِه ا َّل ِذي ُأ ْر ِس ْل َُف َعلِ َم َو َع َّل َمَ ،و َم َث ُل َم ْن َل ْ َي ْر َف ْع بِ َذلِ َ
معاني المفردات:
«م َث ُل»ُ :ي َراد به الصفة العجيبة.
َ
ُ
«اهلدَ ى» :هو الداللة املوصلة للقصد.
«و ِ
الع ْلمِ» :هو املدلول ،وهو صفة ت ِ
ُوجب متييزًا ال حيتمل النقيض ،واملراد به َ
هنا األحكام الرشعية.
«ال َغ ْيث» :هو املطر الذي يأيت عند شدة االحتياج إليه.
«ن َِق َّي ٌة» :أي طائفة طيبة.
ِ
« َقبِ َلت ا َمل َ
اء» :من القبول.
يابسا. «الك َ َ
َل» :النبات رط ًبا كان أو ً
«وال ُع ْش َ
ب» :النبات الرطب. َ
101
«أج ِ
اجلدْ ب ،وهو القحط ،واألرض اجلدبة هي التي مل ُت ْ َطر، اد ُب» :من َ َ َ
وا ُملراد هنا :األرض التي ال ترشب ماء ،وال ُتنْبِت.
السبخة. ِ
ان» :مجع قاع ،وهي أرض مستوية ملساء ،أو األرض َّ «قي َع ٌ
ك» :أي ما ُذكِر من األقسام الثالثة.« َف َذلِ َ
« َف ُق َه» :أي :صار الفقه له سجية ،أو صار ً
فقيها.
« َف َعلِ َم َو َع َّل َم» :أي ف َعلِ َم ما جئت به ،و َع َّل َم غريه من الناس.
«و َل ي ْقب ْل هدَ ى ال َّل ِه ا َّل ِذي ُأر ِس ْل ُ ِ
ت بِه» :أي مل يقبله قبوال ً
تاما ،وحيتمل أنه ْ َ َْ َ ُ
إشارة إىل َم ْن مل يدخل يف الدين ً
أصل ،بل بلغه فكفر به.
المباحث العربية:
«من ُاهلدَ ى و ِ
الع ْلمِ» :باجلر عط ًفا عىل ُ
«اهلدَ ى» من عطف املدلول عىل الدليل، ِ
َ َ
ادف. باهلدَ ى العلم نفسه فيكون من عطف املـُر ِ ويت ََمل أن ُي َراد ُ
ُ
َ
اب َأ ْر ًضا» :مجلة حالية بتقدير« :قد».«أ َص ََ
ب» :بالنصب عطف عىل «الك ََل» ،وهو من ذكر اخلاص بعد العام. «وال ُع ْش َ َ
«الكَثِ َري» :صفة لل ُع ْشب.
«أج ِ
اد ُب» :مجع َجدَ ب عىل غري قياس ،أو مجع جديب من اجلدب. َ َ
«ل َي ْر َف ْع بِ َذلِ َ
ك َر ْأ ًسا» الباء بمعنى الالم ،أي مل يرفع رأسه لذلك؛ كناية عن َ
تكربه وعدم التفاته إليه من شدة كربه.
الشرح والبيان:
الناس يف وقت
النبي ﷺ ما جاء به من الدين بالغيث العام ،الذي يأيت َ
ـ شبه ُّ
حاجتهم إليه ،وكذا كان حال الناس قبل مبعثه ﷺ ،فكام أن الغيث ُييي األرض
102
ومن عليها من املخلوقات ،فكذا علوم الدين ُتيي القلوب امليتة ،ثم شبه ﷺ
السامعني له باألرايض املختلفة التي ينزل هبا الغيث؛ فاألول :تشبيه معقول
بمحسوس ،والثاين :تشبيه حمسوس بمحسوس.
ـ يف قوله ﷺ « َف َعلِ َم َو َع َّل َم» بيان للعامل العامل املع ِّلم ،وهو كاألرض الطيبة
أيضا للجامع للعلمرشبت فانتفعت يف نفسها ،وأنبتت فنفعت غريها ،وبيان ً
املستغرق لزمانه فيه ا ُمل َع ِّلم غريه ،لكنه مل يعمل بنوافله ،أو مل يتفقه فيام مجع ،فهو
كاألرض التي يستقر فيها املاء فينتفع الناس به.
معنى التمثيل الوارد يف احلديث:
ـ أن األرض ثالثة أنواع وكذلك الناس:
فالنوع األول من األرض :ينتفع باملطر فتحيا بعد أن كانت ميتة ،وتنبت
الكأل فينتفع به الناس والدواب ،والنوع األول من الناس :يبلغه اهلدى والعلم،
فيحفظه وهيدي قلبه ،ويعمل به ،و ُي َع ِّلمه غريه ،فينتفع ،وينفع.
والنوع الثاين من األرض :ما ال تقبل االنتفاع يف نفسها ،لكن فيها فائدة ،وهي
إمساك املاء لغريها فينتفع به الناس ،وكذلك النوع الثاين من الناس :هلم قلوب
حافظة ،لكن ليست هلم أذهان ثاقبة ،وال رسوخ هلم يف العلم يستنبطون به املعاين
واألحكام ،وليس هلم اجتهاد يف العمل به ،فهم حيفظون حتى جييء أهل العلم،
فيحصلون النفع وحيققون االنتفاع لغريهم ،فهؤالء نفعوا أنفسهم وغريهم بام
ِّ
بلغهم.
والنوع الثالث من األرض :هو السبخة التي ال تُنبت فهي ال تنتفع باملاء،
وال ُت ِسكه لينتفع به غريها ،وكذلك النوع الثالث من الناس :ليست هلم قلوب
103
حافظة ،وال أفهام واعية ،فإذا سمعوا العلم ال ينتفعون به ،وال حيفظونه لنفع
غريهم .فاألول :املنتفع النافع .والثاين :النافع غري املنتفع .والثالث :غري النافع
وغري املنتفع .فاألول إشارة إىل العلامء ،والثاين إىل النقلة ،والثالث إىل من ال علم
له ،وال نقل.
ـ ُيتَمل أن يكون التشبيه يف احلديث واحدً ا من باب التمثيل ،أي تشبيه صفة
ب
العلم الواصل إىل أنواع الناس من جهة اعتبار النفع وعدمه بصفة املطر املـُن َْص ِّ
إىل أنواع األرض من تلك اجلهة.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
الـم َع ِّلم ،وأنه كاألرض الطيبة التي انتفعت
2ـ 2بيان فضل العامل العامل ُ
ونفعت.
الـم َع ِّلم الذي مل يعمل بعلمه أو يتفقه فيه ،مثل األرض التي
3ـ 3مثل العامل ُ
نفعت ومل تنتفع.
4ـ 4الذي ال ينتفع بالعلم وال حيفظه لنفع غريهِ ،م ْثل األرض التي مل تنتفع ومل
تنفع.
الناس يف وقت حاجتهم إليه
َ 5ـ 5دين ال َّله ـ تعاىل ـ مثل الغيث الذي يأيت
فيحيي موات البالد والعباد.
6ـ 6جواز رضب األمثال؛ لتقريب املعاين إىل األفهام.
***
104
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
اد ُب ـ ِقي َع ٌ
ان). (الك ََل ـ الع ْشب ـ َأج ِ
َ ُ
«ل َي ْر َف ْع بِ َذلِ َ
ك َر ْأ ًسا»؟ وما إعراب مجلة: 2ـ ما معنى «الباء» يف قوله ﷺَ :
اب َأ ْر ًضا»؟. َ
«أ َص َ
3ـ ما معنى التمثيل الوارد يف احلديث؟
4ـ َب ِّي املراد من قوله ﷺَ « :ف َعلِ َم َو َع َّل َم».
5ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
6ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
105
احلديث التاسع والعشرون
االسِت ْغ َفاِر
َسيِّ ُد ْ
ول: ار َأ ْن َت ُق َاالستِ ْغ َف ِ
ْ َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َالَ :
«س ِّيدُ اد ْب ِن َأ ْو ٍ
س عن َشدَّ ِ
َ ْ
ْتَ ،خ َل ْقتَنِي َو َأنَا َع ْبدُ َكَ ،و َأنَا َع َل َع ْه ِد َك َو َو ْع ِد َك َما ْت َر ِّب َل إِ َل َه إِ َّل َأن َ ال َّل ُه َّم َأن َ
ك بِ َذ ْنبِي ك َع َ َّلَ ،و َأ ُب ُ
وء َل َ ك بِن ِ ْع َمتِ َ تَ ،أ ُب ُ
وء َل َ ش َما َصنَ ْع ُ تَ ،أعو ُذ بِ َ ِ
ك م ْن َ ِّ ْاس َت َط ْع ُ ُ
ار م ِ ْت»َ ،ق َال« :ومن َق َ ِ َفا ْغ ِف ْر ِلَ ،فإِ َّن ُه َل َيغ ِْف ُر ُّ
وقنًا ِ َبا، الا م َن الن ََّه ِ ُ ََ ْ ُوب إِ َّل َأن َ
الذن َ
الا ِمن ال َّلي ِل وهو م ِ َفم َت ِمن يو ِم ِه َقب َل َأ ْن يم ِسَ ،فهو ِمن َأه ِل َ ِ
وق ٌن اجلنَّةَ ،و َم ْن َق َ َ ْ َ ُ َ ُ ُْ َ ُ َ ْ ْ ْ َْ ْ َ
ِ ِ
ِ َباَ ،ف َم َت َق ْب َل َأ ْن ُي ْصبِ َحَ ،ف ُه َو م ْن َأ ْه ِل َ
اجلنَّة».
التعريف براوي احلديث
ي النجاريَ ،أ ُبو يعىل ار ّحرام ْالن َْص ِ
َشدَّ اد بن َأ ْوس بن َثابت بن الـ ُْمنْذر بن َ
الص ِامت َ :شدَّ اد من دن ،ا ْبن أخي حسان بن َثابت َ ،ق َال ع َبا َدة بن َّ ا ْل ِ
ا َّلذين ُأوتُوا ا ْلعلم واحللمَ .م َ
ات سنة َث َمن َومخسني بِ َب ْيت ا ْل ُ
ـم َقدّ س.
معاني المفردات:
ار» :أي :أفضله ،فالـمست ِ
ْغفر هبذا الدعاء أكثر ثوا ًبا عند ال َّله االستِ ْغ َف ِ
ُ «س ِّيدُ ْ َ
من املس َتغْفر بغريه.
ار» :استفعال من ال َغ ْفر ،وهو طلب غفران الذنوب ،والصيانة من «االستِ ْغ َف ِ
ْ
آثارها.
«و َأنَا َع َل َع ْه ِد َك َو َو ْع ِد َك» :أي :ما عاهدتك عليه ،وواعدتك من اإليامن َ
بك ،وإخالص الطاعة لك.
106
وء» :أي :أعرتف. َ
«أ ُب ُ
ك بِ َذ ْنبِي» :أعرتف به ،أو أرجع بذنبي فال أستطيع رصفه عني. «و َأ ُب ُ
وء َل َ َ
يصون العبدَ من أن
َ « َفا ْغ ِف ْر ِل» :املغفرة والغفران من ال َّله ـ تعاىل ـ هو :أن
يمسه العذاب.
ملِ ًصا من قلبهُ ،مصدِّ ًقا بثواهبا. «م ِ
وقنًا ِ َبا»ْ ُ : ُ
المباحث العربية:
ار» :استعري اسم «السيد» هلذا الدعاء اجلامع ملعاين التوبة كلها؛ االستِ ْغ َف ِ
«س ِّيدُ ْ
َ
ألن السيد اسم للرئيس املـُ َقدَّ م الذي ُي ْعتَمد إليه يف احلوائج و ُيرجع إليه يف األمور.
«و َأنَا َع ْبدُ َك» :جيوز أن تكون ً
حال مؤكدة ،وأن تكون مقدرة ،أي وأنا عابد َ
لك.
الشرح والبيان:
عالم يشري قوله :وأنا عىل عهدك ووعدك؟
«و َأنَا َع َل َع ْه ِد َك َو َو ْع ِد َك» إىل االعرتاف بالعجز والتقصري
ـ يشري قوله ﷺ َ
عام جيب حلق ال َّله ـ تعاىل ـ ،وقد ُي َراد بالعهد ما أخذه ال َّله ـ تعاىل ـ عىل عباده
حيث أخرجهم أمثال َّ
الذ ِّر ،وأشهدهم عىل أنفسهم ﱹ ﭲ ﭳﭴﱸ((( ،فأقروا
له بالربوبية ،وأذعنوا له بالوحدانية.
و ُي َراد بالوعد ما قاله ال َّله عىل لسان نبيه ﷺ :إن من مات ال ُي ْشك بال َّله شيئًا،
وأ َّدى ما افرتض عليه أن يدخله اجلنة.
108
مايرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
2ـ 2الثناء عىل ال َّله بام هو أهله من أهم آداب الدعاء.
3ـ 3االعرتاف بالتقصري ،والشعور بالذنب من أهم البواعث عىل التوبة.
4ـ 4اإلقرار ل َّله ـ تعاىل ـ وحده باأللوهية واستحقاق العبودية من اإليامن.
5ـ 5وجوب االعرتاف بنعم ال َّله ـ تعاىل ـ بأداء شكرها.
6ـ 6من أهم أسباب قبول االستغفار صحة النية ،وصدق القصد ،والتأدب
مع ال َّله تعاىل.
***
األسئلة
ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
ار ـ م ِ ِ ِ ِ
وقنًا ِ َبا). االست ْغ َف ِ ُ
وء ـ ْ (و َأنَا َع َل َع ْهد َك َو َو ْعد َك ـ َأ ُب ُ
َ
«و َأنَا َع ْبدُ َك»؟.
ـ ما إعراب قوله ﷺَ :
ار م ِ
وقنًا ِ َباَ ،ف َم َت ِم ْن َي ْو ِم ِه َق ْب َل َأ ْن ـ ما تفسري قوله ﷺ« :ومن َق َ ِ
الا م َن الن ََّه ِ ُ ََ ْ
اجلن َِّة؟
سَ ،ف ُه َو ِم ْن َأ ْه ِل َ ِ
ُي ْم َ
ـ ارشح احلديث بأسلوبك.
ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
109
احلديث الثالثون
من آداب الدعاء
اب ِلَ َح ِدك ُْم َما َل ْ َي ْع َج ْل، َأ َّن رس َ ِ
ول ال َّله ﷺ َق َالُ « :ي ْست ََج ُ َ َُع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة
َي ُقولَ :د َع ْو ُت َف َل ْم ُي ْست ََج ْ
ب ِل».
معاني المفردات:
«يستَج ِ ِ
اب لَ َحدك ُْم» :أيَ ُ :
ياب دعاء كل واحد منكم. ُْ َ ُ
«ما َل ْ َي ْع َج ْل» :أي :ما مل يستعجل إجابة الدعاء ،يقول دعوت ً
مرارا كثرية فلم َ
ُي ْستَجب يل.
المباحث العربية:
«لَ َح ِدك ُْم» :مفرد ُمضاف ُيفيد العموم عىل األصح.
ِ
«ما َل ْ َي ْع َج ْل». « َي ُق ُ
ول» :بيان لقوله َ
الشرح والبيان:
املعنى املقصود يف احلديث:
النبي ﷺ َم ْن يدعو ال َّله عز وجل بأن ال يستعجل إجابة دعائه ،و َب َّي ـ حيث ُّ
يف حديث آخر يف «صحيح مسلم» بعض موانع إجابة الدعاء؛ ومنها استعجال
اب لِ ْل َع ْب ِدَ ،ما«ل َيز َُال ُي ْست ََج ُ َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َأ َّن ُه َق َالَ : اإلجابة ف َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة
االستِ ْع َجال؟ يل :يا رس َ ِ
ول ال َّله َما ْ ج ْل» ق َ َ َ ُ
َل يدْ ع بِإِ ْث ٍم َأو َقطِيع ِة ر ِحمٍ ،ما َل يس َتع ِ ِ
َ َْْ ْ َ َ ْ َْ ُ
س((( ِعنْدَ ِ ولَ « :قدْ َد َع ْو ُت َو َقدْ َد َع ْو ُتَ ،ف َل ْم َأ َر َي ْست ِ َق َالَ :ي ُق ُ
يب ِلَ ،ف َي ْست َْح ُ َج ُ
اء». كَ ،و َيدَ ُع الدُّ َع َ َذلِ َ
((( أي :ينقطع عن الدعاء.
110
حكم من له ماللة عند الدعاء:
ـ ذكر العلامء أن من كان له ماللة عند الدُّ عاء ال يقبل ال َّله -تعاىل -دعاءه؛
ألن الدُّ عاء عبادة سواء حصلت اإلجابة ،أو مل حتصل ،فال ينبغي للمؤمن أن
َّ
يمل من العبادة ،وتأخري اإلجابةَّ ،إما؛ ألنه مل يأت وقتها ،فإن لكل يشء وقتًا،
وإما ألنه مل ُي َقدَّ ر يف األزل قبول دعائه يف الدنيا ل ُي ْع َطى عوضه يف اآلخرة ،وإما أن َّ
ِ ِ
ُي َؤ َّخر القبول ل ُيل َّح و ُي َبالغ يف مسألته فإن ال َّله -تعاىل -حيب اإلحلاح يف الدُّ عاء
مع ما يف ذلك من االنقياد ،واالستسالم ،وإظهار االفتقار ،ومن ُيكْثِر قرع الباب
ستجاب له.
وشك أن ُي َ وشك أن ُي ْفت ََح له ،ومن ُيكْثِر الدعاء ُي َ ُي َ
آداب الدعاء:
ـ للدعاء آداب كثرية منها :الوضوء قبله ،وحتري األوقات الفاضلة كالسجود،
وبني األذان واإلقامة ،وعند نزول املطر ،وعند السفر ،وثلث الليل األخري،
أيضا :التوبة ،والصالة ،واإلخالص ،واالعرتاف بالعجز والتقصري، ومن آدابه ً
واستقبال القبلة ،وافتتاحه باحلمد ،والثناء عىل ال َّله ـ تعاىل ـ بام هو أهله ،والصالة
درج دعاؤه و َط َل ُبه مع أدعية
عىل النبي ﷺ ،وأال خيص نفسه بالدُّ عاء ،بل يعم ل ُي َ
وتاب ،وأن خيتم املوحدين ،وخيلط حاجته بحاجتهم ،لعلها أن ُت ْق َبل بربكتهم ُ
ورأسه :اتقاء الشبهات ،وحتري احلالل
ُ الدُّ عاء بقوله« :آمني» ،وأصل هذا كله
الطيب ،والبعد عن احلرام يف املطعم ،واملرشب ،وامللبس.
مستحبات الدعاء:
ك ْب ُن َي َس ٍ
ار ـ و ُيستَحب أن يرفع الداعي يديه أثناء الدعاء ملا َر َوى َمالِ ُ
اس َأ ُلو ُه بِ ُب ُط ِ َأ َّن رس َ ِ
ون َأ ُك ِّفك ُْم، ول ال َّله ﷺ َق َال« :إِ َذا َس َأ ْلت ُُم ال َّل َه َف ْ َ ُ السك ِ ُّ
ُون َّ
111
ور َها» ،فمن عادة من يطلب حاجة من غريه أن يمد كفه إليه، َو َل ت َْس َأ ُلو ُه بِ ُظ ُه ِ
فالداعي يبسط كفه إىل ال َّله ـ تعاىل ـ متواض ًعا متخش ًعا ،وحكمة مسح الوجه
بكفيه عقب الدُّ عاء :التفاؤل بقبول ما طلب ،وتربكًا بإيصال الرمحة إىل وجهه
الذي هو أعىل األعضاء وأرشفها ،ومنه ترسي إىل سائر األعضاء.
ما يرشد إليه الحديث:
1ـ 1حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته.
اب للمسلم ُدعاؤه ما مل َيستعجل إجابة الدعاء.
2ـ ُ 2ي ْست ََج ُ
3ـ 3ال يقبل ال َّله -تعاىل ُ -دعاء من يمل من كثرة الدُّ عاء ،أو ينقطع عنه.
4ـ 4من آداب الدُّ عاء التوبة ،واإلخالص ،والثناء عىل ال َّله ـ تعاىل ـ بام هو
أهله ،وغري ذلك.
5ـ 5من أحب أن يكون ُماب الدعوة فل ُيطِب مطعمه ومرشبه.
***
112
األسئلة
1ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية:
اب ِلَ َح ِدك ُْم ـ َما َل ْ َي ْع َج ْل).
( ُي ْست ََج ُ
بعضا من آداب الدعاء.
2ـ اذكر ً
3ـ ما احلكمة من مسح الداعي وجهه بكفيه عقب الدعاء؟
4ـ ما رس َج ْعل االستعجال مان ًعا من إجابة الدعاء؟
5ـ ارشح احلديث بأسلوب بليغ.
6ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث.
***
113
قائمة الموضوعات
الصفحة الموضوع
3 مقدمة...............................................
5 أهداف الدراسة .....................................
6 احلديث األول :سعة فضل ال َّله تعاىل..................
11 احلديث الثاين :مأمورات ومنهيات نبوية..............
18 احلديث الثالث :حتريم هجر املسلم...................
22 اء إِ ْخ َو ٌة لِ َع َّلت .................
احلديث الرابعْ :الَ ْنبِ َي ُ
25 احلديث اخلامس :الرؤْ يا الص َِ
ال ُة ..................... ُّ َ َّ
28 احلديث السادس :إثم من َقتَل ُم َع َ
اهدً ا ................
31 احلديث السابع :الصدق ُة من الك َْس ِ
ب احلالل ال َّط ِّيب...
34 احلديث الثامن :التحري يف كسب اللقمة احلالل ......
36 الص َحا َب ِة ريض اهلل عنهم ....... احلديث التاسعُ :
فضل َّ
39 احلديث العارش :املنافسة يف فعل اخلري ................
42 اعي َع َل األَ ْر َم َل ِة َوامل ِ ْسكِ ِ
ني .. احلديث احلادي عرش :أجر الس ِ
َّ
ِ الص ْ ِب عىل
45 البالء ............ أجر َّ
احلديث الثاين عرشُ :
48 احلديث الثالث عرش :التحذير من قول الزور .........
51 احلديث الرابع عرش :يرس اإلسالم وسامحته...........
تابع قائمة الموضوعات
الصفحة الموضوع
الصفحة الموضوع