Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 117

1

‫مقدمة‬
‫احلمد ل َّله وحده‪ ،‬والصالة والسالم عىل من ال نبي بعده‪ ،‬وعىل آله وصحبه‬
‫أمجعني‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فهذا هو اجلزء الثاين من كتاب‪( :‬تيسري فتح املبدي برشح خمترص الزبيدي)‬
‫املقرر لطالب الصف الثاين الثانوي باملعاهد األزهرية ‪ ،‬وقد راعينا يف وضعه‬
‫سهولة األسلوب ووضوح العبارة؛ ليتناسب مع مدارك الطالب‪ ،‬وقد اجتهدنا‬
‫ىف أن نويف كل مسألة حقها ‪.‬‬
‫وقد اتبعنا في هذا التيسير المنهج اآلتي‪:‬‬
‫ـ ‪ 1‬اختيار عناوين مناسبة توضح أبرز مقاصد احلديث‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬رشح وتوضيح مفردات احلديث‪.‬‬
‫ـ ‪ 3‬االهتامم باملباحث العربية يف احلديث‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬بيان أهم ما ُيستفاد من احلديث من فضائل وأحكام‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬العناية برشح وبيان أهم املسائل املتعلقة باحلديث‪.‬‬
‫نظرا لورودها يف صحيح البخاري‪.‬‬
‫ـ ‪ 6‬مل نذكر ختريج األحاديث املرشوحة ً‬

‫‪3‬‬
‫ونحن نسجل اعتزازنا هبذا التيسري؛ ليكون لبِنَ ًة صاحل ًة يف بناء أبنائنا الطالب؛‬
‫ليكونوا نافعني ألنفسهم وجمتمعهم ووطنهم وأمتهم‪.‬‬
‫خالصا لوجهه الكريم‪.‬‬
‫ً‬ ‫وال َّله نسأل أن ينفع هبذا العمل‪ ،‬وأن جيعله‬
‫لجنة إعداد وتطوير المناهج‬
‫باألزهر الشريف‬

‫***‬

‫‪4‬‬
‫أهداف الدراسة‬
‫بنهاية دراسة مادة احلديث ُيت ََو َّقع من الطالب أن‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬يدرك معاين األحاديث املتعلقة باإليامن‪ ،‬والرب‪ ،‬والصلة‪ ،‬واآلداب‪،‬‬
‫والفضائل‪ ،‬ورعاية املسلم ألخيه املسلم‪ ،‬واحلث عىل النفقة‪ ،‬وحفظ اللسان‪،‬‬
‫وفضل العلم وتعليمه‪ ،‬وفضيلة الذكر‪ ،‬وآداب الدعاء‪ ،‬ويرس اإلسالم وسامحته‪،‬‬
‫وغري ذلك‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬يعرف معاين املفردات الغامضة‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬يقف عىل رشح األحاديث املقررة وبياهنا‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬يقف عىل أوجه اإلعراب الواردة يف األحاديث‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬يتذوق األرسار البالغية الواردة يف األحاديث‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬يستنبط الدروس املستفادة من األحاديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪5‬‬
‫احلديث األول‬
‫سعة فضل َّ‬
‫الل تعاىل‬
‫ول‪« :‬إِ َذا َأ ْس َل َم ال َع ْبدُ‬ ‫ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ‬ ‫َأ َّن ُه َس ِم َع َر ُس َ‬ ‫ي‬‫اخلدْ ِر ِّ‬ ‫عن أيب َس ِعيد ُ‬
‫َان بعدَ َذلِ َ ِ‬ ‫َف َح ُس َن إِ ْس َل ُم ُه؛ ُي َك ِّف ُر ال َّل ُه َعنْ ُه ك َُّل َس ِّيئ ٍَة ك َ‬
‫اص‪:‬‬ ‫ك الق َص ُ‬ ‫َان َز َل َف َها‪َ ،‬وك َ َ ْ‬
‫الس ِّي َئ ُة بِ ِم ْثلِ َها إِ َّل َأ ْن َيت ََج َاو َز ال َّل ُه‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ش َأم َث َ ِ‬
‫الا إِ َل َس ْب ِع َمائَة ض ْعف‪َ ،‬و َّ‬ ‫احل َسنَ ُة بِ َع ْ ِ ْ‬
‫َ‬
‫َعن َْها»‪.‬‬
‫التعريف براوي احلديث‬
‫هو‪ :‬سعد بن مالك بن ِسنان بن عبيد ال َّله بن ثعلبة األنصاري‪ ،‬أبو سعيد‬
‫عام‬ ‫ي‪ ،‬شهد اخلندق‪ ،‬وبيعة الرضوان‪ ،‬له (‪ )1170‬حدي ًثا‪ ،‬تويف‬ ‫اخلدْ ِر ُّ‬
‫ُ‬
‫ثالث وستني هجر ًيا‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫« َف َح ُس َن إِ ْس َل ُم ُه»‪ :‬أو إسالمها؛ بأن دخل فيه بباطنه وظاهره‪ ،‬واعتقده اعتقا ًدا‬
‫خالصا من الشوائب‪.‬‬
‫ً‬
‫« ُي َك ِّف ُر»‪ :‬التكفري‪ :‬التغطية َّ‬
‫والسرت‪ ،‬ويصح هنا أن يكون بمعنى إزالة الكفر‬
‫واملعايص‪ ،‬وقيل‪ :‬إماطة املستحق بالعقاب بثواب زائد‪ ،‬ثم ما املعنى املراد هبذه‬
‫اجلملة؟‬
‫« َز َل َف َها»‪ :‬بتخفيف الالم املفتوحة‪ ،‬ويف رواية‪ :‬بتشديدها‪َ « :‬ز َّل َف َها»‪ ،‬ويف رواية‪:‬‬
‫«أ ْز َل َف َها» أي‪َ :‬قدّ َم َها َو َأ ْس َل َف َها‪.‬‬
‫َ‬

‫ك»‪ :‬أي بعد ُح ْسن إسالمه‪.‬‬ ‫َان َب ْعدَ َذلِ َ‬


‫«وك َ‬
‫َ‬

‫‪6‬‬
‫اص»‪ :‬أي‪ :‬كتابة املجازاة يف الدنيا‪.‬‬ ‫ِ‬
‫«الق َص ُ‬
‫«بعش»‪ :‬أي ُت ْكتَب و ُت ْث َبت بعرش‪.‬‬ ‫ْ ِ‬
‫ف بكرس الضاد‪ :‬أي‪ :‬امل ِ ْثل إىل ما زاد‪ُ ،‬يقال لك ِض ْع ُف ُه‬ ‫الض ْع ُ‬
‫ف»‪ِّ :‬‬ ‫«ضع ٍ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫يريدون مثليه‪ ،‬وثالثة أمثاله؛ ألنه زيادة غري خمصوصة‪.‬‬
‫الس ِّي َئ ُة بِ ِم ْثلِ َها»‪ :‬أي بغري زيادة‪.‬‬
‫«و َّ‬ ‫َ‬
‫«إِ َّل َأ ْن َيت ََج َاو َز ال َّل ُه َعن َْها»‪ :‬أي‪ :‬عن السيئة فيعفو عنها‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫ب باملضارع حكاية عن‬ ‫ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول»‪ :‬مجلة حالية‪ ،‬و َع َّ َ‬ ‫«أ َّن ُه َس ِم َع َر ُس َ‬
‫َ‬
‫حال ماضية‪.‬‬
‫ماض وجوابه مضارع‪ ،‬وهو‬ ‫ٍ‬ ‫« ُي َك ِّف ُر»‪ :‬بالرفع‪ ،‬وجيوز اجلزم؛ ألن فعل الرشط‬
‫ضعيف؛ ألن «إِ َذا» وإن كانت من أدوات الرشط ال جتزم إال يف ِّ‬
‫الش ْعر‪.‬‬
‫وعب‬ ‫ِ‬
‫َان» عىل أهنا ناقصة‪ ،‬أو فاعل عىل أهنا تامة‪َّ ،‬‬
‫اص»‪ :‬بالرفع اسم «ك َ‬ ‫«الق َص ُ‬
‫باملايض وإن كان السياق يقتيض املضارع؛ لتحقق الوقوع‪.‬‬
‫ش َأم َث َ ِ‬
‫الا»‪ :‬مبتدأ وخرب‪.‬‬ ‫«احل َسنَ ُة بِ َع ْ ِ ْ‬
‫َ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬املقصود بالعبد يف احلديث‪:‬‬
‫ـ َع َّب يف احلديث بقوله‪َ :‬‬
‫«أ ْس َل َم ال َع ْبدُ »‪ ،‬وليس املقصود االقتصار عىل العبد‬ ‫َ‬
‫قارصا عىل الرجل‪ ،‬بل‬ ‫أيضا‪ ،‬فليس ُح ْس ُن اإلسالم‬ ‫َ‬
‫فقط‪ ،‬بل تدخل فيه األ َم ُة ً‬
‫ً‬
‫سي عىل‬ ‫هن ما َي ْ ِ‬
‫سي َع َل ْي َّ‬‫ألن النساء شقائق الرجال َي ْ ِ‬
‫يشمله ويشمل املرأة؛ َّ‬
‫الر َجال إال ما ُخ َّص بحكم رشعي؛ فالتعبري بالعبد هنا ـ يف احلديث ـ للتغليب‪.‬‬
‫ِّ‬
‫‪7‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬هل التضاعف يتجاوز السبع مائة؟‬
‫أن‬
‫ف» َّ‬ ‫أخ ًذا بظاهر قوله ﷺ‪« :‬إِ َل سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬ ‫ـ زعم بعض العلامء ْ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ‬
‫التضعيف ال يتجاوز سبعامئة‪َ ،‬و ُر َّد عليه بحديث ابن عباس؛ كام عند البخاري يف‬
‫اف‬‫ف إِ َل َأ ْضع ٍ‬
‫َات إِ َل سب ِع ِمائ َِة ِضع ٍ‬
‫كتاب الرقاق‪َ « :‬ك َتبها ال َّله َله ِعنْدَ ه ع ْش حسن ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َ َ َ َ‬ ‫ََ ُ ُ‬ ‫ِّ‬
‫كَثِ َري ٍة»‪ .‬وأما قول ال َّله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﱸ((( فليست رصحية؛ ألنه‬
‫ف تلك املضاعفة ملن يشاء‪ ،‬بأن جيعلها سبعامئة‪،‬‬ ‫أن ي َض ِ‬
‫اع َ‬ ‫حيتمل أن يكون املراد ْ ُ‬
‫ف السبعامئة بأن يزيد‬ ‫اع َ‬ ‫أن ي َض ِ‬
‫ويت ََمل ْ ُ‬
‫وهو الذي قاله البيضاوي تب ًعا لغريه‪ْ ُ .‬‬
‫عليها‪.‬‬
‫أن العبد حتت‬
‫السنَّة عىل َّ‬ ‫ـ يف قوله ﷺ‪« :‬إِ َّل َأ ْن َيت ََج َاو َز ال َّل ُه َعن َْها»‪ٌ :‬‬
‫دليل ألهل ُّ‬
‫وإن شاء عاقبه‪.‬‬
‫إن شاء عفا عنه‪ْ ،‬‬ ‫مشيئة ال َّله ـ تعاىل ـ ْ‬
‫أيضا عىل من َق َط َع ألهل الكبائر بالنار كاملعتزلة‪ ،‬واخلوارج‪.‬‬
‫َوفيه َر ٌّد ً‬
‫‪3‬ـ ‪3‬هل أعامل الرب تكتب للكافر؟‬
‫ائي‪« :‬إِ َذا َأ ْس َل َم ا ْل َع ْبدُ َف َح ُس َن إِ ْس َل ُم ُه‪َ ،‬كت َ‬
‫َب ال َّل ُه َل ُه ك َُّل‬ ‫ـ جاء يف رواية الن ََّس ِّ‬
‫أن الكافر إذا‬ ‫َان َأ ْز َل َف َها» ومقتضاه‪َّ :‬‬ ‫ت َعنْ ُه ك ُُّل َس ِّيئ ٍَة ك َ‬ ‫َان َأ ْز َل َف َها‪َ ،‬و ُ ِم َي ْ‬
‫َح َسن ٍَة ك َ‬
‫أفعال مجيلة عىل جهة التقرب إىل ال َّله ـ تعاىل ـ كصدقة‪ ،‬وصلة رحم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فعل‬
‫ب له ثواب ذلك‪ ،‬وهو ظاهر‬ ‫ِ‬
‫وإعتاق‪ ،‬ونحوه ثم أسلم‪ ،‬ومات عىل اإلسالم كُت َ‬
‫قارص‬
‫ٌ‬ ‫خال ًفا لبعض أهل العلم‪َّ ،‬أما إذا مل ُي ْسلِم فقيل‪ :‬ال يكتب له ثواب‪ ،‬بل نفعه‬
‫عىل الدنيا كزيادة مال‪ ،‬وولد‪.‬‬

‫((( سورة البقرة‪ .‬اآلية‪.261 :‬‬


‫‪8‬‬
‫أن الكافر إذا أسلم وحسن إسالمه‪ُ ،‬ت ْكتَب له أعامل ِّ‬
‫الرب يف حال‬ ‫والراجح‪َّ :‬‬
‫وكرما بربكة إسالمه‪.‬‬
‫ً‬ ‫كفره ً‬
‫فضل من ال َّله سبحانه وتعاىل‪،‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬ما يرشد إليه احلديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ‪2‬مضاعفة الثواب ملن َح ُسن عمله‪ ،‬وراقب َر َّبه‪.‬‬
‫‪3‬ـ‪3‬إذا حسن إسالم الكافر تُكتب له أعامل الرب التي َع ِم َل َها يف حال كفره‬
‫ً‬
‫تفضل من ال َّله سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫أن العبد حتت مشيئة ال َّله ـ تعاىل ـ ْ‬
‫إن شاء عفا‬ ‫السنَّة عىل َّ‬
‫‪4‬ـ‪4‬فيه دليل ألهل ُّ‬
‫وإن شاء عاقبه‪.‬‬
‫عنه‪ْ ،‬‬
‫‪5‬ـ‪5‬بيان سعة فضل ال َّله ـ تعاىل ـ‪ ،‬وعظيم ثوابه‪ ،‬ولطيف إنعامه‪.‬‬
‫***‬

‫‪9‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ ‪1‬ضع خ ًّطا حتت اإلجابة الصحيحة‪:‬‬
‫مبكرا ـ أتقن إسالمه]‪.‬‬
‫ـ فحسن إسالمه‪ ،‬معناها‪[ :‬سلم من الشوائب ـ أسلم ً‬
‫قدمها وأسلفها ـ من أسامء اجلنة]‪.‬‬
‫[مر هبا ـ ّ‬
‫ـ زلفها‪ ،‬معناها‪ّ :‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬هات ضد الكلامت اآلتية‪( :‬يكفر ـ ضعف ـ القصاص)‬
‫‪3‬ـ ‪3‬صل بني العبارات وما يناسبها‪:‬‬

‫ *دليل ألهل السنة عىل أن العبد‬ ‫( أ ) إىل سبع مائة ضعف‬


‫حتت مشيئة ال َّله‪.‬‬
‫ *كتب له ثواب عمله اجلميل‬ ‫(ب) عبارة‪ :‬السيئة بمثلها إال أن‬
‫يتجاوز‬
‫ *ال تعني الوقوف عند عدد‬ ‫ً‬
‫أفعال مجيلة‬ ‫(جـ) الكافر إذا فعل‬
‫السبعامئة‪.‬‬ ‫من اإلسالم ثم مات ومل يسلم‬
‫ *مل يكتب له ثواب عمله اجلميل‬ ‫( د ) الكافر إذا فعل ً‬
‫أفعال مجيلة قبل‬
‫بل يقترص نفعه عىل الدنيا‪.‬‬ ‫اإلسالم ثم أسلم قبل أن يموت‬

‫‪10‬‬
‫احلديث الثاني‬
‫مأمورات ومنهيات نبوية‬
‫‪َ ،‬ق َال‪َ :‬‬
‫«أ َم َرنَا النَّبِ ُّي ﷺ بِ َس ْبعٍ‪َ ،‬و َنَانَا َع ْن َس ْبعٍ‪:‬‬ ‫ب‬ ‫اء ْب ِن َع ِ‬
‫از ٍ‬ ‫ع ِن الب ِ‬
‫ََ‬ ‫َ‬
‫َص ا َمل ْظ ُلومِ‪َ ،‬وإِ ْب َر ِار‬ ‫يض‪ ،‬وإِجاب ِة الدَّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َأمرنَا بِا ِّتبا ِع َ ِ‬
‫اعي‪َ ،‬ون ْ ِ‬ ‫اجلنَائ ِز‪َ ،‬وع َيا َدة ا َمل ِر ِ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫ب‪،‬‬ ‫الذ َه ِ‬ ‫الف َّض ِة‪َ ،‬و َخا َت ِم َّ‬
‫س‪ ،‬ونانَا عن‪ :‬آنِي ِة ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الس َلمِ‪َ ،‬وت َْشميت ال َعاط ِ َ َ َ َ ْ َ‬ ‫ال َق َسمِ‪َ ،‬و َر ِّد َّ‬
‫َب ِق»‪.‬‬ ‫س‪َ ،‬وا ِ‬
‫إل ْست ْ َ‬ ‫احل ِر ِير‪َ ،‬والدِّ ي َباجِ ‪َ ،‬وال َق ِّ ِّ‬
‫َو َ‬
‫التعريف براوي احلديث‬
‫ي‪َ ،‬أ ُبو‬ ‫ازب بن الـ َْحارث بن عدي بن جشم األويس ْالن َْص ِ‬
‫ار ّ‬ ‫ا ْل َباء بن َع ِ‬
‫عم َرة‪ .‬نزل ا ْلكُو َفة‪َ ،‬ل ُه‪ 305( :‬حدي ًثا)‪ ،‬شهد أحدً ا‪َ ،‬والـ ُْحدَ ْيبِ َية‪ ،‬وشهد مع‬
‫َ‬
‫الري‪ّ ،‬‬
‫توف سنة‪ :‬اثنتني وسبعني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫النبى ﷺ مخس عرشة غزوة‪ ،‬وهو الذي فتح‬
‫من اهلجرة بالكوفة‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«بِ َس ْبعٍ»‪ :‬أي بسبع خصال‪ ،‬أو سبع فضائل‪.‬‬
‫«بِا ِّتبا ِع َ ِ‬
‫أعم من امليش وهو الصالة عليها‬ ‫اجلنَائ ِز»‪ :‬امليش مع اجلنازة‪ ،‬واملراد ُّ‬ ‫َ‬
‫وتشييعها ودفنها‪.‬‬
‫ألن شأهنا ال َع ْو ُد والتَّكرار‪.‬‬
‫ت الزيار ُة عيادةً؛ َّ‬
‫وس ِّم َي ْ‬ ‫«و ِع َيا َد ِة ا َمل ِر ِ‬
‫يض»‪ :‬زيارت ُه‪ُ ،‬‬ ‫َ‬
‫اعي»‪ :‬إىل وليمة ونحوها‪.‬‬ ‫«وإِجاب ِة الدَّ ِ‬
‫َ َ َ‬
‫«ون ْ ِ‬
‫َص ا َمل ْظ ُلومِ»‪ :‬العمل عىل رفع الظلم عنه‪ ،‬وإعادة احلق له بالقول والفعل‬ ‫َ‬
‫مسلم أو ذم ًيا‪.‬‬
‫أ ًّيا كان؛ ً‬
‫‪11‬‬
‫احلن ِ‬
‫ْث فيه‪ ،‬وإِ ْب َر ُار ُه‪ :‬جع ُله َب ًارا‪،‬‬ ‫«وإِبر ِار ال َقسمِ»‪ :‬بر القسم‪ِ :‬صدْ ُقه وعدم ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬
‫فاملراد تصديق احلالف يف حلفه‪ ،‬أو إجابة ما حيلف عليه‪.‬‬
‫ي بالسني «ت َْس ِميت» مشتق‬ ‫يت ال َعاطِ ِ‬
‫س»‪ :‬بالشني املعجمة‪َ ،‬و ُر ِو َ‬
‫«وت َْش ِم ِ‬
‫َ‬
‫من الشوامت‪ ،‬وهي‪ :‬القوائم؛ فكأنه دعى له بثباته عىل طاعة ال َّله‪ ،‬أو املراد‬
‫ضه فيكون‬ ‫بالشوامت من يشمت يف الشخص أي‪ :‬يفرح فيه إذا حصل له ما َي ُ ّ‬
‫دعاء لدفع الشوامت عنه؛ فإن ال ُعطاس َمظِنَّـ ُة حصول رضر من اعوجاج يف الفم‬ ‫ً‬
‫به‪ ،‬وتشميت العاطس إذا َحِدَ ال َّله تعاىل‪ ،‬فهو مقرتن بحمد ال َّله تعاىل‪.‬‬
‫الف َّضة»‪ :‬يف الكالم حذف‪ ،‬أي‪ :‬عن استعامل آنية الفضة‪.‬‬ ‫«عن آنِي ِة ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫«والدِّ ي َباج»‪ :‬الثياب املتخذة من احلرير الناعم‪.‬‬
‫َ‬
‫س»‪ :‬بفتح القاف وكرس السني‪ ،‬ثياب ُمض ّلعة فيها حرير أو َكتَّان‬ ‫«وال َق ِّ ّ‬
‫َ‬
‫خملوط بحرير‪ ،‬وقيل‪ :‬من القز‪ ،‬وهو رديء احلرير‪.‬‬
‫َبق»‪ :‬غليظ احلرير‪.‬‬ ‫«وا ِ‬
‫إل ْست ْ َ‬ ‫َ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫«س ْبعٍ»‪ ،‬وبالرفع خرب ملبتدأ حمذوف أي أحدها‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫«آن َية الف َّضة»‪ :‬باجلر بدل من َ‬
‫آنية الفضة‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫‪ -1‬ما حكم تشييع اجلنازة؟ وما موضع املشيع منها؟‬
‫أن حكم تشييع اجلنازة فرض كفاية‪ ،‬وظاهر التعبري يف احلديث‬ ‫العلامء َّ‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬يرى‬
‫«بِا ِّتبا ِع َ ِ‬
‫اجلنَائ ِز»‪ :‬أنَّه امليش خلفها‪ ،‬وهو ما َف َّضله احلنفية‪ ،‬و َف َّض َل الشافعي ُة َ‬
‫امليش‬ ‫َ‬

‫‪12‬‬
‫«ر َأ ْي ُ‬
‫ت‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫أمامها؛ حلديث أيب داود‪ ،‬وغريه بإسناد صحيح عن ابن عمر‬ ‫َ‬
‫ـجنَاز َِة»؛ وألنَّه شفيع‪ ،‬وحق الشفيع‬
‫ون َأ َما َم ا ْل َ‬
‫النَّبِ َّي ﷺ‪َ ،‬و َأ َبا َبك ٍْر‪َ ،‬و ُع َم َر َي ْم ُش َ‬
‫أن يتقدم‪.‬‬
‫ْ‬
‫اجلنَاز َِة» فضعيف‪ ،‬وأجابوا عن هذا احلديث ّ‬
‫بأن‬ ‫ف َ‬‫«ام ُشوا َخ ْل َ‬
‫وأما حديث ْ‬
‫االتباع حممول عىل األخذ يف طريقها‪ ،‬والسعي ألجلها كام يقال اجليش يتبع‬
‫وإن تقدّ م كثري منه يف امليش والركوب‪.‬‬
‫السلطان‪ ،‬أي‪َ :‬يت ََّو َخى موافقته‪ْ ،‬‬
‫وأما املالكية فلهم يف هذه املسألة ثالثة أقوال‪:‬‬
‫والتأخر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-2‬‬ ‫ ‬
‫‪1‬ـ التقدّ م‪.‬‬
‫‪3‬ـ تقدم املايش‪ ،‬وتأخر الراكب‪ ،‬وأما النساء فيتأخرن بال خالف؛ لضعفهن‪،‬‬
‫وصيانة هلن‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬حكم عيادة املريض‪:‬‬
‫احلديث عىل عيادة املريض‪ ،‬وهي فضيلة هلا ثواب عظيم‪ ،‬فإن مل يكن‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ي ُّ‬ ‫ـ َُ‬
‫أن رسول ال َّله ﷺ‬ ‫َّ‬ ‫له َم ْن َي َت َع َّهد ُه لِزَم َت َع ُّهدُ ه‪ ،‬جاء يف صحيح مسلم عن َث ْو َب َ‬
‫ان‬
‫قال‪« :‬إِ َّن ا ُْل ْسلِ َم إِ َذا َعا َد َأ َخا ُه الـ ُْم ْسلِ َم َل ْ َيز َْل ِف ُخ ْر َف ِة((( الـ َْجن َِّة َحتَّى َي ْر ِج َع»‪ ،‬ويف‬
‫ِ‬ ‫عن ِ‬
‫ي‬‫َان ُغ َل ٌم َ ُيود ٌّ‬ ‫قال‪« :‬ك َ‬ ‫أنس بن مالك‬ ‫صحيح البخاري بسنده ً‬
‫يدُ ُم ال َّنبِ َّي ﷺ‪َ ،‬ف َم ِر َض‪َ ،‬ف َأتَا ُه ال َّنبِ ُّي ﷺ َي ُعو ُد ُه‪َ ،‬ف َق َعدَ ِعنْدَ َر ْأ ِس ِه‪َ ،‬ف َق َال َل ُه‪:‬‬ ‫َْ‬
‫اس ِم ﷺ‪َ ،‬ف َأ ْس َل َم‪َ ،‬فخَ َر َج‬ ‫«أسلِم»‪َ ،‬فنَ َظر إِ َل َأبِ ِيه وهو ِعنْدَ ه؛ َف َق َال َله‪َ :‬أطِع َأبا ال َق ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ‬
‫«احل ْمدُ لِ َّل ِه ا َّل ِذي َأ ْن َق َذ ُه ِم َن الن ِ‬
‫َّار»‪.‬‬ ‫ول‪َ :‬‬ ‫ال َّنبِ ُّي ﷺ َو ُه َو َي ُق ُ‬

‫((( الخُ ْر َف ُة‪ :‬البستان‪ ،‬والمعنى‪ :‬أن العائد للمريض يستوجب الجنة‪ ،‬وبساتينها‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫هل يدخل غري املسلم يف احلديث؟‬
‫ـ ويستوي يف هذا ك ُُّل مريض‪ :‬املسلم‪ ،‬وغري املسلم‪ ،‬والصديق‪ ،‬والعدو‪،‬‬
‫ومن يعرفه‪ ،‬ومن ال يعرفه؛ لعموم األخبار‪ .‬وذكر اإلمام النووي يف «املجموع»‬
‫استحباب عيادة املريض من أهل البدع‪ ،‬واملعايص‪ ،‬إذا كان قري ًبا له‪ ،‬أو يزوره‬
‫رجاء توبته‪ ،‬وطلب هدايته‪.‬‬
‫آداب زيارة المريض‪:‬‬
‫يوما بعد يوم‪ ،‬وحمل‬ ‫ـ ومن آداب زيارة املريض‪ :‬أن تكون خفيفة‪ ،‬وأن تكون ً‬
‫َب ُك به‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ذلك يف غري القريب والصديق ونحومها مما َي ْستَأن ُس به املريض‪ ،‬أو َيت َّ َ‬
‫أو َي ُش ُّق عىل املريض عدم رؤيته كل يوم ودعاه املريض للرتدد عليه‪ ،‬فهؤالء‬
‫يواصلوهنا ما مل ُين َْه ْوا‪ ،‬أو يعلموا كراهته لذلك‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬أن يدعو ال َّله له بالشفاء‪ ،‬فيقول‪ :‬أسأل ال َّله العظيم رب‬ ‫ومن آداهبا ً‬
‫يضا َل ْ‬ ‫«ما ِم ْن َع ْب ٍد ُم ْسلِ ٍم َي ُعو ُد َم ِر ً‬
‫العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات؛ حلديث َ‬
‫ك‬ ‫ش ال َعظِي ِم َأ ْن َي ْش ِف َي َ‬
‫يم َر َّب ال َع ْر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ول َس ْب َع َم َّرات‪َ :‬أ ْس َأ ُل ال َّل َه ال َعظ َ‬‫ض َأ َج ُل ُه َف َي ُق ُ‬
‫يُ ْ‬‫َْ‬
‫وف»(((‪.‬‬ ‫إِ َّل ُع ِ َ‬
‫ـ ويف احلديث‪ :‬إجابة الداعي إىل وليمة النكاح‪ ،‬وغريه‪ ،‬إن مل يكن هناك ما‬
‫يترضر به يف الدين من املفاسد‪ ،‬مثل املالهي‪ ،‬و ُف ُرش احلرير‪ ،‬ونحوها‪.‬‬
‫ـ وفيه تصديق املسلم ألخيه املسلم فيام أقسم به‪ ،‬وهو أن يفعل ما سأله‬
‫ا ُمل ْلت َِمس‪ ،‬وأقسم عليه أن يفعله‪ .‬وقيل‪ :‬املراد من إبرام القسم‪ :‬احلالف‪ ،‬ويكون‬
‫املعنى‪ :‬أنه لو حلف أحد عىل أمر مستقبل‪ ،‬وأنت تقدر عىل تصديق يمينه‪ ،‬كام‬

‫وحسنه‪.‬‬
‫((( رواه الترمذي َّ‬
‫‪14‬‬
‫لو أقسم أال يفارقك حتى تفعل كذا وكذا‪ ،‬وأنت تستطيع فعله كي ال حينث‬
‫يف يمينه‪ ،‬أهـ‪ .‬فأنت مأمور بأن ترب قسمه وهو خاص بام َيِ ُّل من مكارم األخالق‪،‬‬
‫فإن ترتب عىل تركه مصلح ٌة فال‪ ،‬ولذا قال ﷺ أليب بكر يف قصة تعبري الرؤيا‪:‬‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ب ِّن بالذي أصبت»‪.‬‬‫«ال ُت ْقسم» حني قال‪« :‬أقسمت عليك يا رسول ال َّله َلتُخْ ِ َ‬
‫ـ وفيه‪ :‬األمر بر ِّد السالم‪ ،‬وهو فرض كفاية عند مالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬فإذا كان‬
‫الر ُّد‪.‬‬
‫املسلم بمفرده َت َع َّي عليه َّ‬
‫ـ وفيه‪ :‬األمر بتشميت العاطس‪ ،‬وهو سنة عىل الكفاية‪ ،‬ويقال يف تشميته‪:‬‬
‫ك ال َّل ُه»‪.‬‬
‫ح َ‬
‫« َي ْر َ ُ‬
‫المنهيات في الحديث‪:‬‬
‫ات يف احلديث فاملعدود ست وليس سب ًعا‪ ،‬سقط من هذه الرواية‬ ‫ـ وأما املن ِْه َّي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السج من حرير‪،‬‬ ‫ُوب ا َمل َياث ِر»‪ ،‬وا َمل َياث ُر‪ :‬هي الغطاء يكون عىل َّ‬
‫«رك ُ‬
‫واحدة وهي ُ‬
‫أو صوف‪ ،‬أو غريه‪ ،‬لكن احلرمة متعلقة باحلرير‪ .‬وتتعلق احلرمة بالكرب لراكب‬
‫املياثر‪.‬‬
‫ـ واستعامل آنية الفضة حرام لإلرساف واخليالء‪.‬‬
‫ـ وخاتم الذهب‪ ،‬ولبس احلرير حرام عىل الرجال دون النساء‪َ ،‬خ َّص َصه‬
‫ول ال َّل ِه ﷺ َح ِر ًيرا بِ ِش َملِ ِه‪َ ،‬و َذ َه ًبا‬
‫«أ َخ َذ َر ُس ُ‬‫ب قال‪َ :‬‬ ‫حديث َع ِ َّل ْب ِن َأ ِب َطالِ ٍ‬
‫لنَاثِ ِه ْم»‪.‬‬ ‫ُور ُأ َّمتِي‪ِ ،‬ح ٌّل ِ ِ‬
‫بِ َي ِمين ِ ِه‪ُ ،‬ث َّم َر َف َع ِبِم َيدَ ْي ِه‪َ ،‬ف َق َال‪« :‬إِ َّن َه َذ ْي ِن َح َرا ٌم َع َل ُذك ِ‬
‫َ‬
‫َب َق‪ ،‬وا َمل َياثِ َر من باب ذكر اخلاص بعد‬ ‫س‪َ ،‬وا ِ‬
‫إل ْست ْ َ‬ ‫اج‪َ ،‬وال َق ِّ َّ‬
‫ـ ذكر ﷺ الدِّ ي َب َ‬
‫أن اختصاصها باسم خيرجها عن حكم‬ ‫اهتامما بحكمها‪ ،‬أو دف ًعا لتوهم َّ‬ ‫ً‬ ‫العام؛‬
‫ِ‬
‫ف َف َّر َق اسمها الختالف ُم َس َم َّياهتا‪ ،‬وربام ت ََو َّهم ُمت َِّوه ٌم َّأنا ُ‬
‫غري‬ ‫أن ال ُع ْر َ‬‫العام‪ ،‬أو َّ‬
‫‪15‬‬
‫احلرير‪ .‬ولكن قد ُي َقال‪ :‬قد تعمل هذه األشياء من غري احلرير فام وجه النهي؟‬
‫ِ‬
‫املأمورات بعضها للوجوب‬ ‫بأن النهي قد يكون للكراهة؛ كام َأ َّن‬ ‫ُأ ِج َ‬
‫يب‪َّ :‬‬
‫وبعضها للندب مع استعامل صيغة األمر فيها‪ ،‬ويكون استعامل صيغة األمر‪،‬‬
‫أو النهي يف ذلك حينئذ من استعامل اللفظ يف حقيقته‪ ،‬وجمازه عند من ُيِي ُز ُه‪.‬‬
‫وقد يكون النهي خاص هبذه األشياء إذا وضعت من احلرير فإن صنعت من‬
‫غريه جاز ذلك‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبي ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬مرشوعية األوامر السبعة الواردة وجو ًبا أو ند ًبا‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬النهي عن األمور السبعة الواردة حرمة أو كراهة‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬حرص الرشيعة اإلسالمية عىل ما ُيوجب األلفة واملودة‪ ،‬وما يدفع‬
‫البغضاء والشحناء‪.‬‬
‫***‬

‫‪16‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫(ا ِّتباع َ ِ‬
‫َبق)‪.‬‬
‫إل ْست ْ َ‬ ‫اجلنَائ ِز ـ إِ ْب َرار ال َق َس ِم ـ ال َق ِّ ّ‬
‫سـا ِ‬ ‫َ‬
‫‪2‬ـ اذكر بعض آداب زيارة املريض‪.‬‬
‫‪3‬ـ ما حكم تشييع اجلنازة ‪ ،‬ورد السالم؟‬
‫احل ِر ِير‪َ ،‬والدِّ ي َباجِ ‪،‬‬ ‫الف َّض ِة‪َ ،‬ولبس َخا َت ِم َّ‬
‫الذ َه ِ‬
‫ب‪َ ،‬و َ‬ ‫‪4‬ـ ما علة هنيه ﷺ عن آنِي ِة ِ‬
‫َ‬
‫َب ِق؟‬ ‫س‪َ ،‬وا ِ‬
‫إل ْست ْ َ‬ ‫َوال َق ِّ ِّ‬
‫‪5‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪6‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪17‬‬
‫احلديث الثالث‬
‫حتريم هجر املسلم‬
‫ول اللَِّ ﷺ َق َال‪« :‬ال َيِ ُّل لِ َر ُج ٍل َأ ْن َ ْي ُج َر‬ ‫ي ‪َ :‬أ َّن َر ُس َ‬ ‫ار ِّ‬ ‫وب األَن َْص ِ‬
‫َع ْن َأ ِب َأ ُّي َ‬
‫ها ا َّل ِذي َي ْبدَ ُأ‬ ‫ال‪َ ،‬ي ْلت َِق َي ِ‬
‫ان َف ُي ْع ِر ُض َه َذا َو ُي ْع ِر ُض َه َذا‪َ ،‬و َخ ْ ُي ُ َ‬
‫َأ َخاه َفو َق َث ِ‬
‫الث َلي ٍ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ‬
‫السالمِ»‪.‬‬ ‫بِ َّ‬
‫التعريف براوي احلديث‬
‫دن‪.‬‬ ‫ي النجاري‪َ ،‬أ ُبو َأ ُّيوب ا ْل ِ‬ ‫ار ّ‬ ‫هو َخالِد بن زيد بن ُك َل ْيب بن َث ْع َل َبة ْالن َْص ِ‬
‫ون َح ِدي ًثا‪.‬‬
‫شهد َبدْ ًرا والعقبة‪َ ،‬و َعلِ ِيه نزل النَّبِي ِحني دخل الـ َْم ِدينَة‪َ ،‬ل ُه مائَة َو َخ ُْس َ‬
‫‪.‬‬ ‫ومات ببالد الروم يف خالفة معاوية‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«ال حيل»‪ :‬أي حيرم؛ ألن نفي احلل يستلزم احلرمة‪.‬‬
‫«لِ َر ُج ٍل»‪ :‬ليس املراد قرص احلكم عىل الرجل‪ ،‬فاملرأة والرجل يف هذا احلكم‬
‫سواء‪.‬‬
‫«ي ُج َر َأ َخا ُه»‪ :‬يعني أخاه يف اإلسالم‪.‬‬‫َْ‬
‫« َفو َق َث ِ‬
‫الث َلي ٍ‬
‫ال»‪ :‬بأيامها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫« َف ُي ْع ِر ُض»‪ :‬أي ُيوليه ظهره‪.‬‬
‫«و ُي ْع ِر ُض َه َذا»‪ :‬أي يفعل معه اآلخر كذلك‪.‬‬
‫َ‬

‫‪18‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫ان»‪« ،‬و ُي ْع ِر ُض َه َذا»‪ :‬مجلتان مستأنفتان لبيان كيفية اهلجران‪ ،‬وجيوز أن‬ ‫« َي ْلت َِق َي ِ‬
‫فاعل «هيجر» مع مفعوله‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫حال من‬ ‫تكونا ً‬
‫«و َخي ُ ِ‬
‫السالمِ»‪ :‬عطف عىل اجلملة السابقة‪ ،‬ويمكن أن تكون‬ ‫ها ا َّلذي َي ْبدَ ُأ بِ َّ‬
‫َ ُْ َ‬
‫عط ًفا عىل قوله ﷺ‪« :‬ال َيِ ُّل»‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ما حكم هجر املسلم ألخيه املسلم؟‬

‫ـ ُي ِّذ ُر الرسول ﷺ من هجر املسلم أخاه املسلم َ‬


‫أكثر من ثالثة أيام بلياليها‪،‬‬
‫مثل من ُظ ْه ِر يوم السبت كان آخرها ُظ ْهر يوم الثالثاء‪ ،‬وظاهر‬
‫فإذا بدأت ً‬
‫احلديث جواز اهلجر يف الثالث؛ ألن ما ُجبِل عليه اإلنسان من الغضب يزول‬
‫يقل بعد الثالث‪ ،‬فام زاد عليها من اهلجر ال َيِ ّل‪.‬‬
‫غال ًبا من املؤمن‪ ،‬أو ُّ‬
‫ملاذا عرب باألخ يف احلديث؟‬
‫وتذكريا بحقوق األخوة يف الصلة ال‬
‫ً‬ ‫إشعارا بسبب املنع‪،‬‬
‫ً‬ ‫عب ﷺ باألخ؛‬ ‫ـ َّ‬
‫ديني‪ ،‬مثل‪ :‬هجر أهل األهواء والبدع فهو دائم‬ ‫ٍ‬
‫لسبب ٍّ‬ ‫اهلجر إال أن يكون اهلجر‬
‫عىل َم ِّر األوقات ما مل ُي ْظ ِهر التوبة والرجوع إىل احلق؛ فاهلجر ل َّله جائز ما دام‬
‫النبي ﷺ والصحاب ُة‬ ‫العايص باق ًيا عىل تلك املعصية التي ُه ِ‬
‫ج َر ألجلها؛ فقد هجر ُّ‬
‫َّملا ختلفوا عن غزوة تبوك حتى تاب ال َّله عليهم‪.‬‬ ‫مالك‪ ،‬وصاحبيه‬ ‫كعب بن ٍ‬
‫َ َ‬

‫‪19‬‬
‫هل جيوز اهلجر فوق ثالث؟‬
‫ـ أمجع العلامء عىل أنه ال جيوز اهلجر فوق ثالث‪ ،‬إال ملن خاف من خمالطته‬
‫فإن كان كذلك‬
‫ما يفسد عليه دينه‪ ،‬أو يدخل منه عىل نفسه أو عىل دنياه مرضة‪ْ ،‬‬
‫ور َّب َه ْج ٍر ٍ‬
‫مجيل خري من خمالطة مؤذية‪.‬‬ ‫جاز‪ُ ،‬‬
‫الر ِّد‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫ـ يف احلديث داللة عىل أن اهلجر يزول بمجرد إلقاء السالم أو َّ‬
‫ال يزول اهلجر إال بالرجوع إىل احلالة التي كانوا عليها ً‬
‫أول من األلفة واملودة‪،‬‬
‫واألول أرجح‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ‪2‬عدم جواز هجر املسلم أخاه فوق ثالثة أيام إال ملصلحة دينية‪.‬‬
‫ـ ‪ 3‬اهلجر يورث البغضاء والشحناء بني املسلمني‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬معاملة املسلم ألخيه مبنية عىل املودة واحلب واأللفة‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬يكون ترك اهلجر باملكاملة‪ ،‬والسالم‪ ،‬واملصافحة وغريها‪.‬‬
‫ـ ‪ 6‬البادئ بالسالم ُم َقدَّ ٌم يف الفضل عىل من ينتظر السالم من غريه؛ ملزيد‬
‫الرمحة واأللفة يف قلبه‪.‬‬

‫***‬

‫‪20‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ ّبي معاين الكلامت اآلتية‪( :‬لِ َر ُج ٍل ‪َ -‬ف ُي ْع ِر ُض)‪.‬‬
‫ان»‪ ،‬و« ُي ْع ِر ُض َه َذا»؟‬‫‪2‬ـ ما إعراب قوله ﷺ‪َ « :‬ي ْلت َِق َي ِ‬

‫س التعبري باألخ يف احلديث؟‬ ‫ِ‬


‫‪3‬ـ ما ُّ‬
‫‪4‬ـ هل جيوز اهلجر فوق ثالثة أيام؟ وضح ذلك‪.‬‬
‫‪5‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪6‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪21‬‬
‫احلديث الرابع‬
‫َْ‬
‫ال ْنِب َيا ُء ِإ ْخ َوٌة ِلع َّ‬
‫َلت‬
‫«أنَا َأو َل الن ِ ِ‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬
‫َّاس بِع َ‬
‫يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم‬ ‫ول ال َّله ﷺ‪ْ َ :‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة‬
‫ت‪ُ ،‬أمه ُاتم َشتَّى و ِدينُهم و ِ‬
‫احدٌ »‪.‬‬ ‫ِف الدُّ ْنيا و ْال ِخر ِة‪ ،‬و ْالَ ْنبِياء إِ ْخو ٌة لِع َّل ٍ‬
‫َ ُ ْ َ‬ ‫َّ َ ُ ْ‬ ‫َ ُ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«أنَا َأو َل الن ِ ِ‬
‫وأقربم إليه‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أخص الناس به‪،‬‬ ‫يسى»‪ُّ :‬‬ ‫َّاس بِع َ‬ ‫َ ْ‬
‫ت»‪ :‬بفتح العني‪ ،‬وتشديد الالم‪ ،‬األخوة ألب من أمهات َشتَّى‪،‬‬ ‫«إِ ْخو ٌة لِع َّل ٍ‬
‫َ َ‬
‫أما اإلخوة ألبوين فيقال هلم أوالد األعيان‪ ،‬فال َع َّل ُت الرضائر‪ ،‬أصله‪َ :‬م ْن تزوج‬
‫وكأن الزوج‬
‫َّ‬ ‫الش ِ‬
‫ب‪،‬‬ ‫الش ُب بعدَ ُّ‬‫عل منها‪ ،‬وال َع َل ُل‪ُّ :‬‬
‫امرأة ثم تزوج أخرى كأنه َّ‬
‫عل منها بعدما كان ً‬
‫ناهل من األخرى‪.‬‬ ‫قد َّ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫بالذكر؟‬‫خص النبي ﷺ عيسى ِّ‬ ‫مل َّ‬
‫بالذكر دون غريه يف قوله‪َ :‬‬ ‫ابن َم ْر َي َم‬ ‫ِ‬
‫«أنَا‬ ‫يسى َ‬ ‫َّبي ﷺ ع َ‬ ‫ـ َخ َّص الن ُّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َأو َل الن ِ ِ‬
‫وم َ ِّهدً ا لقواعد‬
‫شا ُ‬ ‫يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم ف الدُّ ْن َيا َو ْالخ َرة»؛ لكونه ُم َب ِّ ً‬‫َّاس بِع َ‬ ‫ْ‬
‫نارصا لدينه فكأهنام واحد؛ فاالختصاص‬ ‫ً‬ ‫ِم َّلتِ ِه‪ ،‬ويف آخر الزمان تاب ًعا لرشيعته‬
‫عىل هذا سببه معرفة الفضل ألهل الفضل‪ ،‬ويف رواية‪َ « :‬ف َل ْي َس َب ْينَنَا َنبِ ٌّي»‪ ،‬فعىل‬
‫هذه الرواية االختصاص سببه قرب العهد مع جامع الرسالة‪ ،‬وال مانع من تعدد‬
‫أسباب االختصاص‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ـ قوله ﷺ‪« :‬األنبياء إخوة لِ َع َّلت» استئناف فيه دليل عىل احلكم السابق‪،‬‬
‫فكأن ً‬
‫سائل سأل‬ ‫َّ‬ ‫يسى ا ْب ِن َم ْر َي َم ِف الدُّ ْن َيا َو ْال ِخ َر ِة»‪،‬‬ ‫«أنَا َأو َل الن ِ ِ‬
‫َّاس بِع َ‬ ‫وهو قوله‪ْ َ :‬‬
‫عام هو املقتيض؛ لكونه ﷺ أوىل الناس بعيسى ابن مريم فأجاب بذلك‪.‬‬
‫‪ -‬معنى قولهم أمهاتهم شتى ودينهم واحد‪:‬‬
‫«أمه ُاتم َشتَّى و ِدينُهم و ِ‬
‫أن أمر النبوة والغاية‬
‫احدٌ » َّ‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫ـ وحاصل معنى قوله ﷺ‪ْ ُ َ َّ ُ :‬‬
‫القصوى من البعثة التي ُب ِع ُثوا مجي ًعا ألجلها هي دعوة اخللق إىل معرفة ِّ‬
‫احلق‪،‬‬
‫وي ُس ُن معا ُدهم‪ ،‬فاألنبياء ـ عليهم الصالة‬ ‫اش ُهم‪ْ َ ،‬‬ ‫وإرشادهم إىل ما به َينْتَظِ ُم َم َع ُ‬
‫والسالم ـ أصل دينهم واحد‪ ،‬وفروعهم خمتلفة‪ ،‬فهم متفقون يف االعتقاديات‬

‫املسامة بأصول الدين‪ ،‬مثل التوحيد‪ ،‬خمتلفون يف الفروع‪ ،‬وهي الفقهيات‪َ ،‬ف َع َّ َ‬
‫بﷺ‬
‫عام هو األصل املشرتك بني اجلميع باألب‪ ،‬ونسبهم إليه‪.‬‬
‫ب عام خيتلفون فيه من األحكام والرشائع املتفاوتة بالصورة املتقاربة يف‬ ‫ـ َو َع َّ َ‬
‫«أمه ُاتم َشتَّى و ِدينُهم و ِ‬
‫احدٌ »‪ ،‬أو املراد‬ ‫َ ُ ْ َ‬ ‫الغرض باألمهات‪ ،‬وهو معنى قوله ﷺ‪ْ ُ َ َّ ُ :‬‬
‫أن األنبياء وإن تباينت أعصارهم‪ ،‬وتباعدت أيامهم‪ ،‬فاألصل الذي هو السبب‬
‫يف إخراجهم وإبرازهم ُكلً يف عرصه أمر واحد‪ ،‬وهو الدين احلق‪ ،‬وعىل هذا‬
‫فاملراد باألمهات األزمنة التي اشتملت عليهم‪.‬‬

‫ما يرشد إليه احلديث‪:‬‬


‫‪1‬ـ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫ـ‪ 2‬الغاية من بعثة الرسل دعوة اخللق إىل معرفة احلق‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬األنبياء جاءوا بدين واحد وهو اإلسالم وإن اختلفت رشائعهم يف‬
‫الفروع‪.‬‬
‫دون غريه لتقارب رسالتيهام‪.‬‬ ‫‪4‬ـ ‪4‬اقتصار النبي ﷺ عىل ذكر عيسى‬
‫‪5‬ـ ‪5‬إبراز املعاين املعقولة يف هيئة الصور املحسوسة تقري ًبا لألذهان‪.‬‬

‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ ‪َ 1‬ب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫َّاس بِ ِعيسى ـ إِ ْخو ٌة لِع َّل ٍ‬
‫ت)‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫(أنَا َأ ْو َل الن ِ َ‬‫َ‬

‫‪2‬ـ ‪2‬ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬


‫بعضا مما يرشد إليه احلديث‪.‬‬
‫‪3‬ـ اذكر ً‬
‫بالذكر دون غريه؟‬ ‫‪4‬ـ ملاذا ُخ َّص عيسى‬

‫***‬

‫‪24‬‬
‫احلديث اخلامس‬
‫ال ُة‬ ‫الر ْؤيَا َّ‬
‫الص ِ َ‬ ‫ُّ‬
‫«ل ْ َي ْب َق ِم َن النُّ ُب َّو ِة إِ َّل‬ ‫ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫َق َال‪َ :‬س ِم ْع ُ‬
‫ت َر ُس َ‬ ‫َعن َأيب ُه َر ْي َر َة‬
‫ات؟ َق َال‪« :‬الرؤْ يا الص َِ‬
‫ال ُة»‪.‬‬ ‫ُّ َ َّ‬ ‫ش ُ‬‫ات» َقا ُلوا‪َ :‬و َما ا ُمل َب ِّ َ‬ ‫ش ُ‬‫ا ُمل َب ِّ َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫ات»‪ :‬بكرس الشني مجع ُم َب ِّشة من التبشري‪ ،‬وهو إدخال الفرح والرسور‬
‫ش ُ‬‫«ا ُمل َب ِّ َ‬
‫عىل ا ُمل َب َّش‪.‬‬
‫«الرؤْ يا الص َِ‬
‫ال ُة»‪ :‬يراها الشخص‪ ،‬أو تُرى له‪.‬‬ ‫ُّ َ َّ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫«لْ» املفيدة لنفي املايض‪ ،‬واملراد االستقبال‪ ،‬ولذا ورد يف‬ ‫عب بـ َ‬ ‫«ل ْ َي ْب َق»‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ات»‪ .‬وقيل‪ :‬املايض عىل ظاهره‪،‬‬ ‫ش ُ‬ ‫رواية‪َ « :‬ل ْن َي ْب َقى َب ْعدي م َن النُّ ُب َّوة إِالَّ ا ْل ُ‬
‫ـم َب ِّ َ‬
‫والالم يف «النُّـ ُب َّو ِة» للعهد‪ ،‬واملراد نبوته ﷺ‪ ،‬أي‪ :‬أنه مل يبق بعد النبوة املختصة يب‬
‫إال ا ُمل َب ِّشات‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫تفسري ال ُب ْشى يف احلديث‪:‬‬
‫ول ال َّل ِه ﷺ‬
‫‪َ ،‬أ َّن ُه َس َأ َل َر ُس َ‬ ‫ـ ورد عند اإلمام أمحد من حديث َأ ِب الدَّ رد ِ‬
‫اء‬ ‫ْ َ‬
‫َع ْن َه ِذ ِه ْال َي ِة‪ :‬ﱹ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥﱸ((( ‪َ .‬ق َال‪َ :‬ق َال‪« :‬هي الرؤْ يا الص َِ‬
‫ال ُة َي َر َاها الـ ُْم ْسلِ ُم‪َ ،‬أ ْو ت َُرى َل ُه»‪،‬‬ ‫ُّ َ َّ‬
‫((( سورة يونس‪ .‬اآليتان‪.64 ،63 :‬‬
‫‪25‬‬
‫وعند ابن جرير من حديث َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ‪ :‬ﱹ ﭡ ﭢ ﭣ‬
‫الصالِ ُح‪َ ،‬أ ْو ت َُرى َل ُه‪َ ،‬و ِه َي ِف‬ ‫ﭤ ﭥﱸ((( «الرؤْ يا الص َِ‬
‫ال ُة َي َر َاها ا ْل َع ْبدُ َّ‬ ‫ُّ َ َّ‬
‫أن الوحي انقطع بموته ﷺ فال يبقى بعده ما ُي ْع َلم به أنه‬ ‫ْال ِخ َر ِة الـ َْجنَّ ُة»‪ .‬يعني َّ‬
‫سيكون غري الرؤيا الصاحلة‪ ،‬ويف حديث ابن عباس يف «صحيح مسلم» أنه قال‬
‫ذلك يف مرض موته‪ ،‬ويف حديث أنس عند أيب يعىل مرفو ًعا‪« :‬إن الرسالة والنبوة‬
‫قد انقطعت‪ ،‬وال نبي وال رسول بعدي‪ ،‬ولكن بقيت املبرشات»‪.‬‬
‫ات» َخ َر َج خمرج َالغالب‪ ،‬وإال فمن الرؤيا ما تكون منذر ًة‬‫ـ والتعبري بـ «ا ُملب ِّش ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ليستعدَّ ملا يقع قبل وقوعه‪.‬‬ ‫وهي صادق ٌة ُيرهيا ال َّله ـ تعاىل ـ لعبده املؤمن لط ًفا به؛‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ‪2‬الرؤيا الصاحلة الصادقة بشارة من ال َّله تعاىل لعبده املؤمن‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬املبرشات هي الرؤيا الصاحلة التي يراها املسلم أو تُرى له‪.‬‬
‫ني ُجز ًْءا ِم َن ال ُّن ُب َّو ِة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ـ ‪ 4‬الرؤْ يا الص َِ‬
‫ال ُة ُجز ٌْء م ْن ستَّة َو َأ ْر َبع َ‬ ‫ُّ َ َّ‬
‫‪5‬ـ ‪5‬بيان رمحة ال َّله ـ تعاىل ـ بعباده‪ ،‬وسعة فضله بتبشري قلوهبم ببعض املغيبات‬
‫عن طريق الرؤيا الصادقة‪.‬‬

‫***‬

‫((( سورة يونس‪ .‬اآلية‪.64 :‬‬


‫‪26‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ بي معاين الكلامت اآلتية‪( :‬ا ُملب ِّشات‪ ،‬الرؤْ يا الص َِ‬
‫ال ُة)‪.‬‬ ‫ُّ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ِّ‬
‫‪2‬ـ ما تفسري قوله تعاىل‪ :‬ﱹﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﱸ؟‬
‫‪3‬ـ هل الرؤيا ال تكون إال بالتبشري فقط؟ وضح ذلك‪.‬‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر مما يرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪27‬‬
‫احلديث السادس‬
‫إثم من َق َتل ُمعَا َه ًدا‬
‫اهدً ا َل ْ َي ِر ْح‬ ‫َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫«م ْن َقت ََل ُم َع َ‬ ‫عن َع ْب ِد ال َّل ِه ْب ِن َع ْم ٍرو‬
‫ْ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫رائِح َة ا ْل ِ‬
‫ُوجدُ م ْن َمس َرية َأ ْر َبع َ‬
‫ني َع ًاما»‪.‬‬ ‫ـجنَّة‪َ ،‬وإِ َّن ِر َ‬
‫حي َها ت َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫َي َح ٍّق»‪ ،‬واملراد بالعهد‪:‬‬‫اهدً ا»‪ِ :‬ذ ِم ًّيا من أهل العهد‪ ،‬وجاء يف رواية‪« :‬بِغ ْ ِ‬
‫«م َع َ‬
‫ُ‬
‫ش ِع ٌّي‪.‬‬
‫قصدُ به‪ :‬من كان له مع املسلمني َع ْهدٌ َ ْ‬
‫األمان وامليثاق‪ .‬و ُي َ‬
‫«ل ْ َي ِر ْح»‪ُ :‬ي ْر َوى عىل ثالثة أوجه‪:‬‬
‫َ‬
‫َأ َحدُ ها‪َ « :‬ي ِر ْح» بفتح الياء‪ ،‬وكرس الراء‪.‬‬
‫والثاين‪« :‬ي ِرح» بض ِم الياء وكرس الر ِ‬
‫اء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬
‫والثالث‪َ « :‬ي َرح» بفتح الياء‪ ،‬والراء‪ ،‬و ُك ُّله من ِّ‬
‫الريحِ ‪ ،‬ومعناه‪ :‬مل جيد رحيها‪،‬‬
‫ومل يشمها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني َع ًاما»‪ :‬أي‪ :‬مسافة يستغرق سريها هذه املدة‪.‬‬ ‫«مس َرية َأ ْر َبع َ‬
‫َ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫َح ُّق َذلِ َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫«ل ي ِرح»‪ :‬كِنَاية عن عدَ م الدُّ ُخول فِيها اِبتِدَ اء بِمعنَى َأ َّنه َل يست ِ‬
‫ُ َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫َْ َ ْ‬

‫‪28‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫عالم حيمل معنى هذا احلديث؟‬
‫ي َمل معنى هذا احلديث عىل الوعيد‪ ،‬وليس عىل احلتم واإللزام‪ ،‬وإنام هذا‬
‫ـ ُْ‬
‫ملن أراد ال َّله إنفاذ الوعيد عليه‪ ،‬وهو أنه ال َي ُش ُّم رائحة اجلنة‪ ،‬وال جيد رحيها‪،‬‬
‫ومل ُي ِرد به أنَّه ال جيدها ً‬
‫أصل‪ ،‬بل ّأول ما جيدها سائر املسلمني الذين مل يقرتفوا‬
‫الكبائر مج ًعا بينه وبني ما تعاضدت به الدالئل النقلية والعقلية عىل أن صاحب‬
‫ي ُلدُ يف النار‪ ،‬وال ُ ْ‬
‫ي َرم من اجلنة‪.‬‬ ‫حمكوما بإسالمه ال َ ْ‬
‫ً‬ ‫الكبرية إذا كان ُم َو ِّحدً ا‬
‫اجلمع بني روايات السبعني‪ ،‬واملائة‪ ،‬واأللف‪:‬‬
‫‪ :‬جاء يف رواية‪« :‬سب ِعني عاما»‪ ،‬ويف أخرى‪ِ :‬‬
‫«مائَة َعامٍ»‪،‬‬ ‫السيوطي‬ ‫قال‬
‫َ ْ َ َ ً‬ ‫ُّ‬
‫ويف ثالثة‪َ :‬‬
‫«أ ْلف َعامٍ»‪ ،‬ومجع َّ‬
‫بأن ذلك بحسب اختالف األشخاص‪ ،‬واألعامل‪،‬‬
‫وتفاوت الدرجات فيدركها من شاء ال َّله من مسرية ألف عام‪ ،‬ومن شاء من‬
‫مسرية أربعني عاما‪ ،‬وما بني ذلك‪.‬‬
‫ني َع ًاما»؛ ألن األربعني هناية َأ ُشد العمر‪ ،‬وفيها يزيد عمل‬ ‫وقيل‪َ :‬ذكَر َ ِ‬
‫«أ ْر َبع َ‬ ‫َ‬
‫اإلنسان‪ ،‬ويقينه‪ ،‬ويندم عىل سالف ذنوبه‪ ،‬فهذا جيد رحيها عىل مسرية أربعني‬
‫ِ‬
‫تك‪ ،‬وفيها ُ‬
‫حتصل اخلشية‪،‬‬ ‫ني َع ًاما»؛ فألن السبعني حد ا ُمل ْع َ َ‬
‫«س ْبع َ‬
‫عاما‪ ،‬وأما رواية َ‬
‫ً‬
‫عاما‪ .‬وقيل‪ :‬غري ذلك‪.‬‬
‫والندم؛ القرتاب األجل‪ ،‬فيجد ريح اجلنة من مسرية سبعني ً‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪2‬ـ‪2‬حتريم قتل املعاهد بغري حق‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬وجوب الوفاء بالعهود‪.‬‬
‫ابتداء‪ ،‬وليس حرمانًا مطل ًقا الخيلد ىف‬
‫ً‬ ‫‪4‬ـ ‪4‬حرمان الغادر من دخول اجلنة‬
‫النار إال الكافر‪.‬‬

‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫اهدً ا ـ َل ْ َي َر ْح)‪.‬‬
‫(م َع َ‬
‫ُ‬
‫يمل معنى هذا احلديث؟‬
‫‪2‬ـ عالم ُ ْ‬
‫‪3‬ـ عن أي يشء كنَّى ﷺ بقوله‪َ :‬‬
‫«ل ْ َي َر ْح»؟‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪30‬‬
‫احلديث السابع‬
‫الك ْس ِب احلالل َّ‬
‫الطيِّب‬ ‫ُ‬
‫الصدقة من َ‬
‫«م ْن ت ََصدَّ َق بِ َعدْ ِل َت ْ َر ٍة ِم ْن ك َْس ٍ‬
‫ب‬ ‫َقال‪ :‬قال رسول ال َّله ﷺ‪َ :‬‬ ‫عن أيب ُه َر ْي َرة‬
‫ب ـ وال ي ْقب ُل ال َّله إِال ال َّطيب ـ َفإِ َّن ال َّله ي َت َقب ُلها بِي ِمين ِ ِه‪ُ ،‬ثم يربيها لِص ِ‬
‫احبِ ِها‪ ،‬ك ََم‬ ‫َّ ُ َ ِّ َ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َط ِّي ٍ َ َ َ‬
‫ُون ِم ْث َل الـ َْج َب ِل»‪.‬‬
‫ُي َر ِّبى َأ َحدُ ك ُْم َف ُل َّو ُه‪َ ،‬حتَّى َتك َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫دل بفتح العني‪ :‬امل ِ ْثل وهو املراد هنا‪ ،‬أما بكرسها‪:‬‬
‫«م ْن ت ََصدَّ َق بِ َعدْ ِل َت ْ َر ٍة»‪ :‬ال َع ُ‬ ‫َ‬
‫احل ْمل بكرس احلاء‪ ،‬أي‪ :‬بقيمة مترة‪ ،‬أو ما يعادهلا يف قيمتها‪.‬‬ ‫فهو ِ‬

‫ب»‪ :‬أي حالل‪.‬‬ ‫ب َط ِّي ٍ‬‫«م ْن ك َْس ٍ‬ ‫ِ‬

‫احبِ ِها»‪ :‬بمضاعفه األجر‪ ،‬أو بزيادة يف الكمية‪.‬‬ ‫« ُثم يربيها لِص ِ‬
‫َّ ُ َ ِّ َ َ‬
‫« َف ُل َّو ُه»‪ :‬بفتح الفاء‪ ،‬وضم الالم‪ ،‬وفتح الواو املشددة‪ ،‬أو « َف ْل َو ُه»‪ :‬بفتح الفاء‪،‬‬
‫وسكون الالم‪ ،‬وفتح الواو‪ ،‬وضبطه بعضهم‪« :‬فِ ْل َو ُه» بكرس الفاء‪ ،‬وسكون الالم‪،‬‬
‫حينئذ إىل تربية غري األم‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وهو املـ ُْه ُر أي‪ :‬ولد الفرس حني ُي ْف َط ُم؛ الحتياجه‬
‫ُون»‪ :‬بالتاء‪ ،‬أي‪ :‬تكون الصدقة‪.‬‬ ‫«حتَّى َتك َ‬ ‫َ‬
‫«حتَّى إِ َّن ال ُّل ْق َم َة‬ ‫ِ‬
‫«م ْث َل الـ َْج َب ِل»‪ :‬لتثقل ىف ميزانه‪ ،‬أو املراد الثواب‪ ،‬وعند الرتمذي‪َ :‬‬
‫َلت َِص ُري ِم ْث َل ُأ ُح ٍد»‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫«وال َي ْق َب ُل ال َّل ُه إِال ال َّط ِّي َ‬
‫ب»‪ :‬مجلة معرتضة بني الرشط واجلزاء؛ واالعرتاض‬ ‫َ‬
‫من ألوان اإلطناب‪ ،‬وفيه تأكيد لتقرير املطلوب يف النفقة‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫ض َب ﷺ املـَ َث َل باملـ ُْه ِر؛ ألنه يزيد زياد ًة َب ِّينَ ًة؛ وألن‬ ‫َ‬
‫«ك ََم ُي َر ِّبى أ َحدُ ك ُْم َف ُل َّو ُه»‪َ َ :‬‬
‫َاج إىل الرتبية إذا كان َفطِ ًيم‪ ،‬فإذا أحسن‬ ‫الصدقة نتاج العمل‪ ،‬وأحوج ما يكون النَّت ُ‬
‫العناية به انتهى إىل حدِّ الكامل‪ ،‬وكذلك الصدقة‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫رس التعبري باليمني يف احلديث‪ ،‬وبيان معناها‪:‬‬
‫اليمني؛ ألهنا يف ال ُع ْرف‬
‫َ‬ ‫يف تفسري قوله ﷺ‪« :‬بِ َي ِمين ِ ِه»‪َ :‬ذك ََر‬ ‫اخل َّط ِ ُّ‬
‫اب‬ ‫ـ قال َ‬
‫ان‪.‬‬
‫ملا َعزَّ‪ ،‬واألخرى ملا َه َ‬
‫ب به عىل ما اعتادوا يف خطاهبم؛‬ ‫ِ‬
‫املازري‪ :‬هذا احلديث‪ ،‬وش ْب ُه ُه إنام َع َّ َ‬
‫ُّ‬ ‫ـ وقال‬
‫ليفهموا عنه فكنَّى عن قبول الصدقة باليمني‪ ،‬وعن تضعيف أجرها بالرتبية‪.‬‬
‫ؤخذ هبا‬ ‫وقال القايض عياض‪ :‬ملـَّا كان اليشء الذي ُيرت ََض ُي َت َل َّقى باليمني‪ ،‬و ُي َ‬
‫واست ُِع َري للقبول‪ .‬وقيل‪ :‬املراد رسعة القبول‪ .‬وقيل‪ُ :‬ح ْسنه‪.‬‬ ‫اس ُت ْعم َل يف مثل هذا ْ‬
‫ِ‬

‫‪:‬‬ ‫‪ -‬معنى الحديث‪ :‬قال احلافظ ابن حجر‬


‫ت‬‫ب ال يزال َن َظ ُر ال َّله إليه ُيك ِْس ُبها َن ْع َ‬ ‫ب َط ِّي ٍ‬
‫«إن العبد إذا تصدَّ ق من ك َْس ٍ‬
‫اب َت َق ُع املناسب ُة بينه وبني ما َقدَّ َم‪ ،‬نِ ْس َب َة ما‬‫الكامل حتى تنتهي بالتضعيف إىل نِ َص ٍ‬
‫بني الت َّْم َر ِة إىل َ‬
‫اجل َب ِل(((‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬سعة فضل ال َّله وعظيم رمحته‪ ،‬وجزيل كرمه‪.‬‬
‫وع َظ ِم َها ولو بيشء قليل‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬بيان فضل الصدقة ِ‬
‫((( فتح البارى (‪.)280/3‬‬
‫‪32‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬ال َّله تعاىل طيب‪ ،‬وال يقبل إال الطيب‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬مضاعفة ال َّله تعاىل لألجر بال حساب‪.‬‬

‫***‬

‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫(بِ َعدْ ِل ـ َط ِّي ٍ‬
‫ب ـ َف ُل َّو ُه)‪.‬‬
‫‪2‬ـ َب ِّي املراد بقوله ﷺ‪َ « :‬فإِ َّن ال َّل َه َي َت َق َّب ُل َها بِ َي ِمين ِ ِه»‪.‬‬
‫‪3‬ـ ما رس التعبري بقوله ﷺ‪« :‬ك ََم ُي َر ِّبى َأ َحدُ ك ُْم َف ُل َّو ُه»؟‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪ ،‬مبينًا املعنى اإلمجايل للحديث‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪33‬‬
‫احلديث الثامن‬
‫التحري يف كسب اللقمة احلالل‬
‫ان ال ُي َب ِ‬
‫ال الـ َْم ْر ُء‬ ‫عن أيب هريرة ‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪َ « :‬ي ْأ ِت َع َل الن ِ‬
‫َّاس ز ََم ٌ‬
‫الل‪َ ،‬أ ْم ِم َن الـ َْح َرامِ»‪.‬‬
‫ما َأ َخ َذ ِمنْ ُه؛ َأ ِم َن الـ َْح ِ‬
‫َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫ُ‬
‫االكرتاث واالهتام ُم‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والبال‪ :‬القلب‪ ،‬واملباالةُ‪:‬‬ ‫ال»‪ :‬أي ال جيري عىل باله‪،‬‬ ‫«ال ُي َب ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫«ما َأ َخ َذ منْ ُه»‪ :‬الضمري يف «منْ ُه» عائد عىل َ‬
‫«ما»‪.‬‬ ‫َ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫الل‪َ ،‬أ ْم ِم َن الـ َْح َرامِ»‪ :‬وجه الذم من جهة التسوية بني األمرين‪،‬‬
‫«أ ِم َن الـ َْح ِ‬
‫َ‬
‫مذموما‪.‬‬
‫ً‬ ‫وإال فأخذ املال من احلالل ليس‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ما هيدف إليه احلديث‪:‬‬
‫ـ يف هذا احلديث َذ ُّم ترك التحري يف املكاسب‪،‬‬
‫«هذا يكون لضعف الدِّ ين‪ ،‬وعموم الفتن‪ ،‬وقد‬ ‫قال اإلمام ابن بطال‬
‫أن اإلسالم بدأ غري ًبا وسيعود غري ًبا‪ ،‬وأنذر كثرة الفساد‪ ،‬وظهور‬ ‫أخرب‬
‫حتذيرا من فتنة املال‪،‬‬
‫ً‬ ‫املنكر‪ ،‬وتغري األحوال‪ ،‬وقال بعض العلامء‪ :‬أخرب ﷺ هبذا‬
‫وهو من بعض دالئل نبوته؛ إلخباره باملغيبات‪ ،‬وهي األمور التي مل تكن يف زمنه‬
‫ووقعت كام أخرب هبا ﷺ» أ هـ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪َ 2‬ذم من مل ِ‬
‫يبال يف طلب معاشه‪ ،‬ومجع كسبه‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫‪3‬ـ ‪3‬وجوب حتري احلالل الطيب‪ ،‬واجتناب احلرام اخلبيث‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬من معجزاته ﷺ‪ :‬إخباره ببعض األمور التي ستحصل يف املستقبل‪.‬‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫ال ـ َما َأ َخ َذ ِمنْ ُه)‪.‬‬
‫(ال ُي َب ِ‬

‫الل‪َ ،‬أ ْم ِم َن الـ َْح َرامِ»‪.‬‬


‫«أ ِم َن الـ َْح ِ‬
‫الذ ِّم يف قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫‪2‬ـ َب َّي وجه َّ‬
‫‪3‬ـ ما وجه كون هذا احلديث من معجزاته ﷺ؟‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪35‬‬
‫احلديث التاسع‬
‫الص َحابِ‬
‫َة‬ ‫ُ‬
‫فضل َّ‬
‫عن َأ ِب س ِع ٍ‬
‫«ل ت َُس ُّبوا َأ ْص َح ِاب‪َ ،‬ف َل ْو َأ َّن‬
‫َق َال‪َ :‬ق َال ال َّنبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬ ‫ي‬ ‫اخلدْ ِر ِّ‬
‫يد ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫َأ َحدَ ك ُْم َأ ْن َف َق ِم ْث َل ُأ ُح ٍد َذ َه ًبا َما َب َلغَ ُمدَّ َأ َح ِد ِه ْم‪َ ،‬و َل ن َِصي َف ُه»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«أ ُح ٍد»‪ :‬جبل معروف باملدينة‪.‬‬
‫ُ‬
‫«ما َب َلغَ »‪ :‬من الفضيلة والثواب‪.‬‬ ‫َ‬
‫«مدَّ َأ َح ِد ِه ْم»‪ :‬أي من الطعام الذي أنفقه‪ ،‬واملـُدُّ بضم امليم‪ :‬ربع الصاع‪.‬‬‫ُ‬
‫«و َل ن َِصي َف ُه»‪ :‬بفتح النون‪ ،‬وكرس الصاد‪ ،‬هو النصف‪ ،‬أي‪ :‬نصف ُمدِّ ِه‪.‬‬ ‫َ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫سبب ورود هذا احلديث‪ُ :‬ذكِر أنه كان بني خالد بن الوليد‪ ،‬وبني‬
‫يشء؛ ـ أي‪ :‬منازعة ـ‪ ،‬فس َّبه خالد‪ ،‬فقال رسول ال َّله ﷺ‬ ‫عبد الرمحن بن عوف‬
‫ذلك القول‪.‬‬
‫وإظهار خصوصية‬ ‫أن مقصود هذا اخلرب زَجر ٍ‬
‫خالد‬ ‫فأظهر ذلك السبب َّ‬
‫ُْ‬
‫السابق بالنبي ﷺ‪ ،‬وأن السابقني ال يلحقهم أحد يف درجتهم وإن كان أكثر نفقة‬
‫ارنه من مزيد اإلخالص‪ ،‬وصدق النية‪ ،‬وكامل النفس‪،‬‬ ‫وعمل منهم‪ ،‬وذلك ملا ُي َق ِ‬
‫ً‬
‫أن يقال‪ :‬فضيلتهم بحسب فضيلة إنفاقهم‪ ،‬وعظم‬
‫وقال الطيبي‪ :‬ويمكن ْ‬
‫موقعها؛ كام قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﱸ((( أي‬
‫ومه َج ُهم؟‬
‫أرواح ُهم َ‬
‫َ‬ ‫قبل فتح مكة‪ ،‬وهذا ىف اإلنفاق فكيف بمجاهدهتم‪ ،‬وبذهلم‬
‫((( سورة الحديد‪ .‬اآلية‪.10 :‬‬
‫‪36‬‬
‫لمن الخطاب في قوله‪« :‬ال تسبوا»؟‬
‫ـ واخلطاب يف قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫«ل ت َُس ُّبوا»‪ :‬لغري الصحابة من املسلمني املفروضني‬
‫يف العقل‪ ،‬فجعل من س ُيوجد يف منزلة املوجود احلارض‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬للصحابة املوجودين يف زمنه ﷺ؛ ألن املخاطب هو خالد بن الوليد‬
‫وهو من الصحابة املوجودين إذ ذاك باتفاق‪ ،‬وحينئذ فاملراد بقوله‪:‬‬
‫وني بعض من أدرك النبي ﷺ وخاطبه عن‬ ‫َ‬
‫«أ ْص َح ِاب» أصحاب خمصوصون‪َ ،‬‬
‫سب من سبقه من باب‬
‫سب من سبقه يقتيض هني من مل يدركه ﷺ ومل خياطبه عن ِّ‬
‫ِّ‬
‫أوىل‪.‬‬
‫جزاء من َس َّب الصحابة‪:‬‬
‫ٌ‬
‫شامل ملن البس الفتن منهم وغريه؛ ألهنم‬ ‫ـ والنهي عن سب الصحابة‬
‫جمتهدون ىف تلك احلروب متأولون‪ ،‬فس ُّبهم حرام من حمرمات الفواحش‪.‬‬
‫أن من سبهم ُي َعزَّر‪ ،‬وال ُي ْقتَل‪ .‬وقال بعض املالكية‪ُ :‬ي ْقتَل؛‬ ‫ومذهب اجلمهور‪َّ :‬‬
‫ب َأ ْص َح ِاب َف َع َل ْي ِه َل ْعنَ ُة ال َّل ِه‪َ ،‬والـ َْم َلئِك َِة‪،‬‬ ‫«م ْن َس َّ‬‫َس ْب ِن َمالك ‪َ :‬‬
‫ِ ٍ‬ ‫حلديث َأن ِ‬
‫ِ‬ ‫َّاس َأ ِ‬
‫ص ًفا َو َل َعدْ ًل»‪.‬‬‫ني‪َ ،‬ل َي ْق َب ُل ال َّل ُه منْ ُه َ ْ‬‫جع َ‬ ‫َوالن ِ ْ َ‬
‫ف‬‫يالِ ُ‬ ‫إن كان مما ُ َ‬ ‫إن س َّبهم والطعن فيهم ْ‬ ‫‪ّ :‬‬ ‫وقال سعد الدين التفتازاين‬
‫وإل فبدعة وفِ ْسق‪ .‬وقد قال ﷺ‪:‬‬ ‫فكفر؛ كقذف عائشة ‪َّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫األدلة القطعية‬
‫وه ْم َغ َر ًضا َب ْع ِدي‪َ ،‬ف َم ْن َأ َح َّب ُه ْم َفبِ ُح ِّبي َأ َح َّب ُه ْم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫«ال َّل َه ال َّل َه ِف َأ ْص َح ِاب‪َ ،‬ل َتتَّخ ُذ ُ‬
‫َو َم ْن َأ ْبغ ََض ُه ْم َفبِ ُبغ ِْض َأ ْبغ ََض ُه ْم‪َ ،‬و َم ْن آ َذ ُاه ْم َف َقدْ آ َذ ِان‪َ ،‬و َم ْن آ َذ ِان َف َقدْ آ َذى ال َّل َه‪،‬‬
‫ك َأ ْن َي ْأ ُخ َذ ُه»‪.‬‬ ‫وش ُ‬ ‫ومن آ َذى ال َّله َفي ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ََ ْ‬

‫‪37‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬حتريم سب الصحابة‪ ،‬وأذاهم‪.‬‬
‫من اإليامن‪.‬‬ ‫‪3‬ـ ‪3‬حب الصحابة‬
‫‪4‬ـ ‪4‬األفضلية بني الصحابة عىل حسب سابقتهم وعطائهم لإلسالم‪.‬‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫(مدَّ َأ َح ِد ِه ْم ـ ن َِصي َف ُه)‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪2‬ـ ملن اخلطاب يف قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫«ل ت َُس ُّبوا»؟‪.‬‬
‫‪3‬ـ َب ِّي سبب ورود هذا احلديث‪.‬‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪38‬‬
‫احلديث العاشر‬
‫املنافسة يف فعل اخلري‬
‫«ل َح َسدَ إِ َّل ِف ا ْثنَت ْ ِ‬
‫َي‪َ :‬ر ُج ٌل‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬ ‫عن عب ِد ال َّل ِه ب ِن مسع ٍ‬
‫ود‬ ‫ْ َ ْ ُ‬ ‫َْ‬
‫احلك َْم َة َف ُه َو َي ْق ِض ِ َبا‬
‫احل ِّق‪ ،‬ورج ٌل آتَاه ال َّله ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ِِ‬
‫آتَا ُه ال َّل ُه َم ًال َف ُس ِّل َط َع َل َه َلكَته ِف َ َ َ ُ‬
‫َو ُي َع ِّل ُم َها»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«ل َح َسدَ »‪ :‬احلسد‪ :‬هو متني زوال نعمة الغري سواء حصل للحاسد أم ال‪،‬‬ ‫َ‬
‫واملراد هنا‪ :‬الغبطة‪ ،‬وهي أن يتمنى اإلنسان لنفسه ما عند غريه دون زواهلا‪.‬‬
‫َي»‪ :‬بتاء التأنيث أي خصلتني‪ ،‬وىف رواية‪« :‬ا ْثن ْ ِ‬
‫َي» بغري تاء‪ ،‬أي‪ :‬شيئني‪.‬‬ ‫«ا ْثنَت ْ ِ‬
‫مال»‪ :‬بمد اهلمزة‪ ،‬أي‪ :‬أعطاه ً‬
‫مال‪.‬‬ ‫«آتَا ُه ال َّل ُه ً‬
‫« َف ُس ِّل َط»‪ :‬بضم السني مع حذف اهلاء‪ ،‬وىف نسخة‪َ « :‬ف َس ِّل َط ُه» بإثباهتا‪.‬‬
‫« َع َل َه َلكَتِ ِه»‪ :‬بفتح الالم‪ ،‬والكاف‪ ،‬أي‪ :‬إهالكه بأن أفناه كله‪.‬‬
‫ِ«ف َ‬
‫احل ِّق»‪ :‬ال يف التبذير‪ ،‬ووجوه املكاره‪.‬‬
‫احلك َْم َة»‪ :‬أي‪ :‬القرآن؛ كام ورد يف بعض الطرق‪ ،‬أو العلم الذي يمنع‬ ‫«آتَاه ال َّله ِ‬
‫ُ ُ‬
‫من اجلهل‪ ،‬و َيز ُْجر عن القبيح‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫املضاف‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ف‬‫رجل»‪ ،‬ثم ُح ِذ َ‬
‫«ر ُج ٌل»‪ :‬بالرفع بتقدير‪« :‬إحدى االثنني خصل ُة ً‬
‫َ‬
‫املضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه‪ .‬واجلر بدل من اثنني عىل حذف مضاف‬
‫ُ‬ ‫وأقيم‬
‫ألن اثنني معناه ـ كام مر ـ خصلتني‪ .‬والنصب بتقدير أعني‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫رجل؛ َّ‬ ‫أي‪ :‬خصل ُة‬
‫وهو رواية ابن ماجه‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫معنى احلسد يف احلديث‪ ،‬وحكمه‪:‬‬
‫«ل َح َسدَ » من قبيل إطالق اسم‬ ‫ـ أطلق ﷺ احلسد وأراد به ِ‬
‫الغ ْب َط َة يف قوله‪َ :‬‬
‫ا ُملس ّبب عىل السبب عىل سبيل املجاز املرسل‪ ،‬وهى متني مثل ما للغري من غري أن‬
‫فقال‪َ « :‬ل ْيتَنِي ُأوتِ ُ‬
‫يت‬ ‫يتمنى زواله عنه‪ ،‬ويدل عىل ذلك حديث أبى هريرة‬
‫وت ُف َل ٌن‪َ ،‬فع ِم ْل ُ ِ‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫يتمن السلب‪ ،‬بل أن يكون‬ ‫ت م ْث َل َما َي ْع َم ُل»؛ حيث مل َ‬ ‫َ‬ ‫م ْث َل َما أ َ‬
‫مثله‪ ،‬وعىل هذا فاالستثناء متصل‪ ،‬واملعنى‪ :‬ـ ال حسد حممود ـ أي‪ :‬ال ينبغي‬
‫االغتباط إال ىف هاتني اخلصلتني‪.‬‬
‫نوع من‬
‫وخ َّص منه املستثنى إلباحته كام ُخ َّص ٌ‬
‫وقيل‪ :‬احلسد عىل حقيقته‪ُ ،‬‬
‫الكذب بالرخصة‪ ،‬وإن كانت مجلته حمظورة‪ ،‬واملعنى‪ :‬ال إباحة يف يشء من‬
‫احلسد إال فيام كان سبيله ما ُذكِ َر‪ ،‬وفيه نظر؛ ملا يلزم عليه من إباحة احلسد يف‬
‫أن احلسد احلقيقي وهو متني زوال نعمة الغري عنه ال يباح ً‬
‫أصل‪ ،‬نعم‬ ‫االثنتني مع َّ‬
‫إن ُأ ِريدَ فيهام الغبطة َّ‬
‫صح ذلك‪ ،‬وكان االستثناء منقط ًعا‪.‬‬ ‫ْ‬
‫ـ هذا احلسد الذي أباحه ﷺ ليس من جنس احلسد املذموم‪ ،‬فليس فيه زوال‬
‫صاحب ِ‬
‫املال ماله‪ ،‬أو صاحب احلكمة حكمته‪ ،‬وإنام‬ ‫ُ‬ ‫ب‬‫نعمة الغري عنه‪ ،‬بأن َي ْس ُل َ‬
‫متنى أن يصري يف مثل حاله‪ ،‬من فعل اخلري‪ ،‬ومتني اخلري والصالح جائزٌ‪ ،‬وهو من‬
‫ألن من ُأ ِ‬
‫وت مثل هذه احلال فينبغي أن يغتبط هبا وينافس فيها‪.‬‬ ‫باب االغتباط؛ ّ‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬الرتغيب يف طلب العلم وتعلمه‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬الرتغيب يف التصدق باملال‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬املنافسة يف فعل اخلري‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬جواز متني عمل املعروف مثل شخص ما‪ ،‬من غري متني زواله عنه‪.‬‬

‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫(ل حسدَ ـ يف احلق ـ ِ‬
‫احلك َْمة)‪.‬‬ ‫َ َ َ‬
‫‪2‬ـ َعال َم ُيطلق احلسد يف هذا احلديث؟‪.‬‬
‫‪3‬ـ هل احلسد املراد يف احلديث من قبيل احلسد املذموم؟ وضح ذلك‪.‬‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪41‬‬
‫احلديث احلادي عشر‬
‫ني‬ ‫اعي َعَلى َ‬
‫األ ْرمَ‬
‫كِ‬ ‫ِس ِ‬
‫َلِة وَامل ْ‬ ‫الس ِ‬
‫أجر َّ‬
‫اعي َع َل األَ ْر َم َل ِة َوامل ِ ْسكِ ِ‬
‫ني‪،‬‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال النَّبِي ﷺ‪« :‬الس ِ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة‬
‫الصائِ ِم الن ََّه َار»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اه ِد ِف سبِ ِ ِ‬
‫يل ال َّله‪َ ،‬أ ِو ال َقائ ِم ال َّل ْي َل َّ‬ ‫َ‬
‫كَالـْمج ِ‬
‫ُ َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫اعي»‪ :‬أي الذي يذهب وجييء يف حتصيل ما ينفع األرملة‪ ،‬واملسكني‪.‬‬ ‫«الس ِ‬
‫َّ‬
‫«األَ ْر َم َل ِة»‪ :‬هي‪ :‬التي مات عنها زوجها‪.‬‬
‫عض َّ‬
‫الشء‪.‬‬ ‫يل‪ُ :‬ه َو ا َّل ِذي َل ُه َب ُ‬
‫ش َء َل ُه‪َ .‬و ِق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫«وامل ْسكني»‪ُ :‬ه َو ا َّلذي َل َ ْ‬
‫َ‬
‫يل ال َّل ِه»‪ :‬املحارب للكفار يف ميادين القتال يف حصول‬ ‫اه ِد ِف َسبِ ِ‬ ‫«كَالـْمج ِ‬
‫ُ َ‬
‫الثواب ِّ‬
‫للكل‪.‬‬
‫«أو»‪ :‬شك من الراوي‪ ،‬وجاء يف رواية‬ ‫الصائِ ِم الن ََّه َار»‪َ :‬‬ ‫ِ‬
‫«أ ِو ال َقائ ِم ال َّل ْي َل‪َّ ،‬‬
‫َ‬
‫َالصائِ ِم َل ُي ْفطِ ُر»‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ت‪َ ،‬وك َّ‬ ‫«وكَال َقائ ِم َل َي ْف ُ ُ‬ ‫بالواو‪َ :‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫الصائِ ِم الن ََّه َار»‪ :‬الليل‪ ،‬والنهار‪ :‬جيوز فيهام احلركات‬ ‫ِ‬
‫«أ ِو ال َقائ ِم ال َّل ْي َل‪َّ ،‬‬ ‫َ‬
‫الثالث؛ إن ُج ِعل صفة ُم َش َّبهة مثل‪ :‬احلسن الوجه‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫موضع احلديث عند البخاري‪:‬‬
‫هذا احلديث حتت باب‪« :‬فضل النفقة عىل األهل»‬ ‫البخاري‬
‫ُّ‬ ‫ـ ذكر‬
‫ومناسبته له من جهة إمكان اتصاف األهل ـ أي‪ :‬األقارب ـ بالوصفني املذكورين‬

‫‪42‬‬
‫«الت ُّمل أو املـ َْسكَنة»‪ ،‬وإذا ثبت هذا الفضل ملن ُين ِْفق عىل من ليس‬
‫يف احلديث َّ َ‬
‫بقريب ممن اتصف بالوصفني‪ ،‬فاملنفق عىل املتصف هبام من األقارب أوىل‪.‬‬
‫ـ معنى الساعي يف احلديث‪ ،‬وسبب تشبيهه باملجاهد‪:‬‬
‫اعي َع َل األَ ْر َم َل ِة َوامل ِ ْسكِ ِ‬
‫ني» إىل أنَّه‬ ‫اعي» يف قوله ﷺ‪« :‬الس ِ‬
‫َّ‬
‫ـ يشري لفظ‪« :‬الس ِ‬
‫َّ‬
‫ب له َأ ْج ُر َم ْن َجعل أوقاته‬ ‫جعل أوقاتَه معمور ًة بالسعي عليهام‪ ،‬فجوزي ْ ِ‬
‫َ‬
‫بأن كُت َ‬ ‫ُ‬
‫معمور ًة بالعبادة‪ ،‬فكان كالصائم الذي ال ُيفطِر‪ ،‬وكالقائم الذي ال َي ْف ُت‪.‬‬
‫تشبيه الساعي عىل األرملة واملسكني باملجاهد يف سبيل ال َّله؛ بجامع ال َكدِّ‬
‫والتعب يف ك ٍُّل؛ فالساعي ُين ِْفق عىل األرملة التي فقدت زوجها الذي كان‬
‫يرعاها‪ ،‬وينفق عليها‪ ،‬وكذلك ُي ِنفق عىل املسكني الذي فقد ماله‪ ،‬وعجز عن‬
‫الكسب‪ ،‬أو قدر عليه‪ ،‬ولكن مل جيد العمل‪ ،‬فيسد جوعته‪ ،‬و ُيغنيه عن ُذ ِّل املسألة‪،‬‬
‫فكان كاملجاهد يف سبيل ال َّله الذي خيدم دينه بنفسه وماله‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬بيان فضل السعي يف حتصيل النفع لألرملة وللمسكني‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬بعض األعامل تساوي اجلهاد‪ ،‬وقيام الليل‪ ،‬وصيام النهار‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬معرفة مقدار ثواب األعامل ُم َف َّو ٌض إىل ال َّله سبحانه‪.‬‬

‫***‬

‫‪43‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫يل ال َّل ِه)‪.‬‬
‫اه ِد ِف َسبِ ِ‬
‫اعي ـ األَرم َلة ـ كَا ُْلج ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬
‫(الس ِ‬
‫َّ‬
‫اعي َع َل األَ ْر َم َل ِة َوامل ِ ْسكِ ِ‬
‫ني»؟‪.‬‬ ‫اعي» يف قوله ﷺ‪« :‬الس ِ‬
‫َّ‬
‫‪2‬ـ بِم يشري لفظ‪« :‬الس ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫‪3‬ـ َب ِّين وجـه الشـبه يف تشـبيه السـاعي على األرملـة واملسـكني‪ ،‬باملجاهد‬
‫يف سبيل ال َّله‪.‬‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪44‬‬
‫احلديث الثاني عشر‬
‫الص ِْب على البالِء‬
‫أجر َّ‬
‫ُ‬
‫ِ‬ ‫عن َأ ِب س ِع ٍ‬
‫يب‬ ‫«ما ُيص ُ‬ ‫‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬ ‫اخلدْ ِر ِّ‬
‫ي‪َ ،‬و َأ ِب ُه َر ْي َر َة‬ ‫يد ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ب َو َل َه ٍّم َو َل ُحز ٍْن َو َل َأ ًذى َو َل َغ ٍّم‪َ ،‬حتَّى َّ‬
‫الش ْو َك َة‬ ‫ب َو َل َو َص ٍ‬ ‫ا ُمل ْسلِ َم ِم ْن ن ََص ٍ‬
‫ُي َشاك َُها‪ ،‬إِ َّل َك َّف َر ال َّل ُه ِ َبا ِم ْن َخ َطا َيا ُه»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«ن ََصب»‪ :‬أي ٍ‬
‫تعب‪.‬‬
‫«و َصب»‪ :‬أي‪ :‬مرض‪ ،‬أو مرض دائم مالزم‪.‬‬
‫َ‬
‫اهلم ينشأ عن‬
‫«ه ّم»‪ :‬هو‪ :‬املكروه يلحق اإلنسان بحسب ما يقصده‪ ،‬وقيل‪ :‬إن َّ‬ ‫َ‬
‫اهلم‪ُ ،‬‬
‫واحلز ُْن بمعنى واحد‪ .‬وقيل‪:‬‬ ‫الفكر فيام ُيت ََو َّق ُع حصوله مما ُيتأذى به‪ .‬وقيل‪ُّ :‬‬
‫آت‪ُ ،‬‬
‫واحلز ُْن‪ :‬بام مىض‪.‬‬ ‫اهلم‪ :‬خمتص بام هو ٍ‬
‫ُّ‬ ‫ُّ‬
‫«حزَن» بفتحتني‪ ،‬وهو‪ :‬ما يلحقه بسبب‬‫بضم فسكون‪ .‬وروي‪َ :‬‬ ‫ٍّ‬ ‫«حزْن»‪:‬‬
‫ُ‬
‫حصول مكروه يف املايض‪ ،‬وقيل‪ُ :‬‬
‫احلزْن حيدث لفقد ما يشق عىل املرء فقده‪.‬‬
‫«أ ًذى»‪َ :‬ي ْل َح ُقه ِم ْن تعدّ ي الغري عليه‪.‬‬
‫َ‬

‫« َغ ّم»‪ :‬هو ك َْر ٌب حيدث للقلب بسبب ما َح َص َل لإلنسان‪ .‬وقيل‪ :‬حزن َيغ ُُّم‬
‫الرجل بحيث يقرب أن ُيغ َْمى عليه‪.‬‬
‫« ُي َشاك َُها»‪ :‬بالضم أي‪ُ :‬يدْ ِخ ُل َها َغ ْ ُي ُه يف جسده‪ ،‬وكذا لو دخلت هي من غري‬
‫يب الـ ُْم ْؤ ِم َن َش ْو َك ٌة»‪ ،‬فأضاف الفعل‬ ‫إدخال‪ ،‬كام يف «صحيح مسلم»‪ِ َ :‬‬
‫«ل تُص ُ‬
‫إليها‪ ،‬واملراد ما هو أعم‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫ِ‬
‫«إِ َّل َك َّف َر ال َّل ُه م ْن َخ َطا َيا ُه»‪ :‬أي ما ُيصيب املسلم ّ‬
‫غم يف حال من األحوال إال‬
‫َك َّف َر ال َّل ُه ِم ْن َخ َطا َيا ُه‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫« ُي َشاك َُها»‪ :‬مجلة حالية يف حمل نصب‪.‬‬
‫«إِ َّل َك َّفر ال َّله ِمن َخ َطاياه»‪ِ :‬‬
‫«م ْن»‪ :‬تبعيضية‪ ،‬واجلملة يف حمل نصب حال‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫هل األجر عىل املصيبة أم عىل الصرب عليها؟‬
‫ـ ُيازى املسلم عىل بعض خطاياه يف الدنيا باملصائب التي تقع له فيها‪،‬‬
‫أن الثواب عىل نفس املصيبة برشط ّأل تقرتن‬‫فتكون كفار ًة له‪ .‬وظاهر احلديث‪ّ :‬‬
‫بالسخط‪ ،‬وعليه اجلمهور‪ ،‬خال ًفا ملن قال‪ّ :‬‬
‫إن الثواب والعقاب عىل الكسب‪،‬‬
‫واملصائب ليست منه‪ ،‬بل األجر عىل الصرب عليها والرضا هبا‪َ ،‬و ُر َّد بأن ذلك قدر‬
‫زائد ُي ْمكِ ُن الثواب عليه زيادة عىل ثواب املصيبة‪.‬‬
‫درجات الناس عند نزول البالء‪:‬‬
‫ـ ينقسم الناس عند نزول البالء درجات‪ :‬فمنهم‪ :‬من ُيس ِّلم باألمر‪ ،‬ومنهم‪:‬‬
‫يتلذ ُذ بالبالء راضيا عن ال َف َّع ِ‬
‫ال‬ ‫من يبتغي به وجه ال َّله ويقصد األجر‪ ،‬ومنهم‪ :‬من َّ‬
‫ً‬
‫ملا يشاء‪ ،‬وأما الساخطون فليسوا من ال َّله يف يشء‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬حصول الثواب للمصاب‪ ،‬وختفيف العقاب عنه‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫مكفرا له‪.‬‬
‫ً‬ ‫ألن ال َّله جعل البالء‬
‫‪3‬ـ ‪3‬البشارة العظيمة للمؤمن؛ َّ‬
‫‪4‬ـ ‪4‬أمر املؤمن كله له خري‪ ،‬يصرب عند البالء‪ ،‬ويشكر عند النعامء‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬عظيم فضل ال َّله تعاىل حيث ُيثِيب الثواب اجلزيل‪ ،‬ولو عىل اليشء القليل‪.‬‬

‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫(ن ََصب ـ ُحزْن ـ َغ ٍّم)‪.‬‬
‫بـ«من» يف قوله ﷺ‪« :‬إِ َّل َك َّف َر ال َّل ُه ِ َبا ِم ْن َخ َطا َيا ُه»‪.‬‬
‫‪2‬ـ بي املراد ِ‬
‫َ ِّ‬
‫‪3‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪4‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪47‬‬
‫احلديث الثالث عشر‬
‫التحذير من قول الزور‬
‫«م ْن َل َيدَ ْع َق ْو َل الز ِ‬
‫ُّور َوال َع َم َل‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال رس ُ ِ‬ ‫َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة‬
‫ول ال َّله ﷺ‪ْ َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫بِ ِه‪َ ،‬ف َل ْي َس لِ َّل ِه َح َ ِ َ‬
‫شا َب ُه»‪.‬‬‫اج ٌة ف أ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫« َيدَ ع»‪ :‬يرتك‪.‬‬
‫الكذب وامليل عن احلق‪ ،‬والعمل بالباطل‪ ،‬والتُّهمة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫« َق ْو َل الز ِ‬
‫ُّور»‪ :‬هو‪:‬‬
‫«وال َع َم َل بِ ِه»‪ :‬أي‪ :‬بقول الزُّور‪ ،‬واملراد‪ :‬العمل بمقتضاه مما هنى ال َّله عنه‪.‬‬
‫َ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫«ح َ ِ َ‬
‫اج ٌة ف أ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ‬
‫شا َب ُه»‪ :‬هو جماز عن عدم االلتفات والقبول‪،‬‬ ‫َ‬
‫وإل فال َّله ال حيتاج إىل يشء‪ ،‬وقيل‪ :‬احلاجة‬‫وأ َراد املـ َُس ّبب‪َّ ،‬‬ ‫بب‪َ ،‬‬ ‫َفنَ َفى َّ‬
‫الس َ‬
‫بمعنى اإلرادة‪ ،‬أي‪ :‬ليس هلل إرادة يف صيامه‪ ،‬وعدم اإلرادة كناية عن الر ِّد‪ ،‬وعدم‬
‫القبول‪َ ،‬في ِجع ملا قبله‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫حرمة قول الزور والكذب والغيبة يف الصيام‪:‬‬
‫أن الكذب‪ ،‬والغيبة‪ ،‬والنميمة‪ ،‬ونحوها ال ُت ْف ِسدُ الصوم عىل‬
‫ـ يرى اجلمهور َّ‬
‫الراجح بل ُتن ِْق ُص ثوابه‪ ،‬ومتنع كامله؛ ألنَّه ليس املقصود منه العدم املحض‪،‬‬
‫كام يف املنهيات الشرتاط النية فيه إمجا ًعا‪ ،‬ولعل القصد به يف األصل اإلمساك‬
‫عن املخالفات‪ ،‬لكن ملا كان ذلك َي ُش ُّق َخ َّف َ‬
‫ف اهللُ تعاىل وأمر باإلمساك عن‬
‫‪48‬‬
‫املفطرات‪ ،‬ونَبـَّ َه العاقل بذلك عىل اإلمساك عن مجيع املخالفات‪ ،‬وأرشد إىل‬
‫ذلك ما تضمنته أحاديث امل َب ِّ ِ‬
‫ي عن رسول ال َّله ﷺ ُم َرا َده؛ فيكون اجتناب‬
‫املفطرات واج ًبا‪ ،‬واجتناب ما عداها من املخالفات من املـُك َِّمالت‪.‬‬
‫هل املقصود من احلديث ترك الصيام ملن يقول الزور؟‬
‫ـ ليس املراد من قوله ﷺ‪َ « :‬ف َل ْي َس لِ َّل ِه َح َ ِ َ‬
‫شا َب ُه» أن‬‫اج ٌة ف أ ْن َيدَ َع َط َع َام ُه َو َ َ‬
‫ُّور وما ُذكِ َر‬
‫ول الزُّور‪ ،‬وإنام معناه‪ :‬التحذير من قول الز ِ‬ ‫يرتك صيامه إذا مل َيدَ ْع َق َ‬
‫منكرا مل يؤمر بأن يدع صيامه ولكنه ُي ْؤ َمر‬ ‫زورا أو ً‬ ‫معه‪ ،‬فإن من اغتاب أو شهد ً‬
‫باجتناب ذلك؛ ليتم له أجر صومه‪.‬‬
‫الحكمة من الصوم‪:‬‬
‫ـ قال البيضاوي‪ :‬ليس املقصود من مرشوعية الصوم نفس اجلوع والعطش‪،‬‬
‫واألمارة بالسوء للنفس‬
‫َّ‬ ‫بل ما َي ْت َبعه من كرس الشهوات‪ ،‬وتطويع النفس الرشيرة‬
‫املطمئنة‪ ،‬فإذا مل حيصل ذلك ال ينظر ال َّله إليه نظرة القبول‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪ُّ 2‬‬
‫احلث عىل اجتناب املعايص للصائم‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬ال تُبطل املعايص ثواب الصوم من أصله‪ ،‬بل ُتن ِْقصه‪ ،‬ومتنع كامله‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬النهي عن قول الزور والعمل به مطل ًقا‪ ،‬وزيادة قبحه يف الصوم‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪ُّ 5‬‬
‫احلث عىل التثبت من صحة األخبار قبل العمل بمقتضاها‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫ُّور ـ َيدَ ع ـ َوال َع َمل بِ ِه)‪.‬‬
‫( َق ْول الز ِ‬

‫‪2‬ـ هل الغيبة والنميمة تُفسد الصوم؟‪.‬‬


‫‪3‬ـ َب ِّي املقصود من مرشوعية الصوم‪.‬‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪50‬‬
‫احلديث الرابع عشر‬
‫يسر اإلسالم ومساحته‬
‫ين َأ َحدٌ‬
‫س‪َ ،‬و َل ْن ُي َشا َّد الدِّ َ‬ ‫َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪« :‬إِ َّن الدِّ َ‬
‫ين ُي ْ ٌ‬ ‫َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة‬
‫ش ٍء ِم َن‬ ‫ِ‬
‫الر ْو َحة َو َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شوا‪َ ،‬و ْاستَعينُوا بِا ْل ُغدْ َوة َو َّ‬
‫َ ِ‬ ‫ِ‬
‫إِ َّل َغ َل َب ُه‪َ ،‬ف َسدِّ ُدوا َو َقار ُبوا‪َ ،‬وأ ْب ُ‬
‫الدُّ لـْج ِ‬
‫ـة»‪.‬‬ ‫َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«إِ َّن الدِّ َ‬
‫ين»‪ :‬أي دين اإلسالم‪.‬‬
‫س»‪ :‬من التيسري‪ ،‬وضدُّ ه ال ُع ْ ِ‬
‫س‪.‬‬ ‫« ُي ْ ٌ‬
‫يتعمق أحدٌ يف األعامل‬
‫ُ‬ ‫«و َل ْن ُي َشا ّد»‪ :‬من املشا ّدة وهي املغالبة‪ ،‬واملراد‪ :‬أنَّه ال‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ويرتك الرفق إال عجز وانقطع؛ ف ُي ْغ َلب‪.‬‬ ‫الدينية‪،‬‬
‫« َف َسدِّ ُدوا»‪ :‬من السداد‪ ،‬وهو‪ :‬التوسط يف العمل‪ ،‬واملعنى‪ :‬الزموا السداد وهو‬
‫ٍ‬
‫تفريط‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫إفراط‪ ،‬وال‬ ‫الصواب من غري‬
‫اربوا»‪ :‬أي‪ :‬قاربوا يف العبادة‪ ،‬وال ُتب ِ‬
‫إن باعدتم يف ذلك‬
‫اعدُ وا فيها‪ ،‬فإنكم ْ‬ ‫َ‬ ‫«و َق ِ ُ‬
‫َ‬
‫مل تبلغوه‪.‬‬
‫وقيل معناه‪ :‬إن مل ت َْستَطيعوا األخذ باألكمل فاعملوا بام ُي َق ِّرب منه‪ ،‬أي‪ :‬ال‬
‫تبلغوا النهاية‪ ،‬بل َت َق َّر ُبوا منها‪.‬‬
‫شوا»‪ :‬من اإلبشار‪ ،‬ويف لغة‪ :‬بضم الشني من البرش بمعنى ْ ِ‬
‫ال َ‬
‫بشار‪ ،‬أي‬ ‫َ ِ‬
‫«وأ ْب ُ‬
‫َ‬
‫أبرشوا بالثواب عىل العمل‪ ،‬وإن َق َّل‪.‬‬
‫«و ْاست َِعينُوا»‪ :‬من االستعانة‪ ،‬وهي طلب العون‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪51‬‬
‫«بِا ْل ُغدْ َوة»‪ :‬بضم الغني‪ ،‬وسكون الدال‪ ،‬وقيل‪ :‬بالفتح «بِا ْل َغدْ َوة»‪ ،‬هي‪َ :‬س ْ ُي‬
‫َّوال‪ ،‬وقيل‪ :‬ما بني صالة الغداة وطلوع الشمس‪.‬‬ ‫النهار إىل الز ِ‬
‫ِ‬ ‫ّأو ِل‬
‫الر ْو َحة»‪ :‬بفتح الراء‪ :‬السري بعد الزوال‪.‬‬
‫«و َّ‬
‫َ‬
‫َ ْ‬
‫«وشء»‪ :‬أي‪ :‬واستعينوا بيشء‪.‬‬
‫ِ‬
‫النهار ك ّله‪.‬‬ ‫ِ‬
‫النهار‪ ،‬وقيل َس ْ ُي‬ ‫سري ِ‬
‫آخر‬ ‫«الدُّ ْل َ‬
‫ـجة»‪ :‬هي‪ُ :‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫س»‪.‬‬
‫«إن» منصوب‪ ،‬وخربه « ُي ْ ٌ‬
‫ين»‪( :‬الدين) اسم َّ‬
‫«إن الدِّ َ‬
‫َّ‬
‫«و َل ْن ُي َشا َّد الدِّ ين»‪( :‬الدين) مفعول به منصوب وعالمة نصبه الفتحة الظاهرة‪.‬‬
‫َ‬
‫الدين إن كان‬
‫َ‬ ‫بـ«إن» ر ًّدا عىل ُمنكري هذا‬
‫َّ‬ ‫س»‪ :‬أخرب باملصدر مبالغة‪ ،‬وأكد‬ ‫« ُي ْ ٌ‬
‫ً‬
‫تنـزيل‪ ،‬وإال كان التأكيد ملجرد االهتامم‪.‬‬ ‫ب ُمنْكِ ًرا ولو‬
‫ا ُملخَ ا َط ُ‬
‫«أ َحدٌ »‪ :‬فاعل‪.‬‬ ‫َ‬
‫ش به للتنبيه عىل ِع َظ ِم ِه وتفخيمه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫شوا»‪ :‬أهبم ا ُمل َب َّ ُ‬
‫َ ِ‬
‫«وأ ْب ُ‬
‫َ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ُيرس اإلسالم وسامحته‪:‬‬
‫يرس؛ ليس فيه مشق ٌة بخالف غريه من الرشائع السابقة‪ ،‬فإنه كان‬‫الدين ٌ‬
‫ُ‬ ‫ـ‬
‫يف بعض التكاليف مشقة عىل ا ُمل َك َّلف‪ ،‬كقتل النفس يف التوبة‪ ،‬وقطع موضع‬
‫النجاسة‪.‬‬
‫الس يف التعبري بـ (من)؟‬
‫ما ِّ ُّ‬
‫أشق من‬
‫ألن عمل الليل ُّ‬
‫«من» التبعيضية يف قوله‪« :‬من الدجلة»؛ َّ‬‫ـ عب ﷺ بـ ِ‬
‫َّ‬
‫عمل النهار‪ ،‬أي‪ :‬استعينوا عىل مداومة العبادة بإيقاعها يف األوقات املنشطة‪،‬‬
‫‪52‬‬
‫فاستعار الغدوة والروحة ويشء من الدجلة ألوقات النشاط وفراغ القلب‬
‫أطيب أوقات املسافر‪ ،‬فكأنَّه ﷺ خاطب ُم َسافِ ًرا‬
‫ُ‬
‫ِ‬
‫األوقات‬ ‫فإن هذه‬ ‫للطاعة‪َّ ،‬‬
‫إىل مقصده َفنَ َّب ُه ُه عىل أوقات نشاطه؛ ألن املسافر إذا سافر الليل والنهار مجي ًعا‬
‫حترى السري يف هذه األوقات املنشطة داوم عىل السري من غري‬‫عجز وانقطع‪ ،‬وإذا ّ‬
‫وإن هذه‬
‫دار انتقال إىل اآلخرة‪َّ ،‬‬
‫أن الدنيا يف احلقيقة ُ‬
‫وحسن هذه االستعارة َّ‬
‫مشقة‪ُ ،‬‬
‫أروح ما يكون فيها البدن للعبادة‪ ،‬وملا كانت الصلوات‬ ‫ُ‬ ‫األوقات بخصوصها‬
‫اخلمس أفضل طاعات البدن‪ ،‬فهي ُت َقا ُم يف هذه األوقات الثالثة‪ ،‬الصبح يف‬
‫الر ْو َح ِة‪ ،‬واملغرب‪ ،‬والعشاء يف جزء الدُّ َْلة عند من‬ ‫ِ‬
‫ا ْل ُغدْ َوة‪ ،‬والظهر والعرص يف َّ‬
‫يقول‪ :‬إهنا سري كل الليل‪.‬‬

‫من دالئل نبوته‪:‬‬

‫‪ :‬يف هذا احلديث َع َل ٌم من أعالم النبوة؛ فقد رأينا ورأى‬ ‫ـ قال ابن ا ُمل ّني‬
‫أن كل ُم َتنَ ِّطع يف الدين ينقطع‪ ،‬وليس املراد منع طلب األكمل يف‬
‫الناس قبلنا َّ‬
‫العبادة‪ ،‬فإنه من األمور املحمودة‪ ،‬بل منع اإلفراط املـُؤ ِّدي إىل املالل‪ ،‬أو املبالغة‬
‫يف التطوع املفيض إىل ترك األفضل‪ ،‬أو إخراج الفرض عن وقته‪ ،‬كمن بات ُي ّ‬
‫صل‬
‫ب النوم إىل أن غلبته عيناه يف آخر الليل‪ ،‬فنام عن صالة الصبح‬ ‫ِ‬
‫الليل كله‪ ،‬و ُيغَال ُ‬
‫يف اجلامعة‪ ،‬أو إىل أن خرج الوقت املختار‪ ،‬أو إىل أن طلعت الشمس‪ ،‬فخرج‬
‫وقت الفريضة‪.‬‬

‫***‬

‫‪53‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬التوسط يف العبادة‪ ،‬وعدم اإلرساف واملبالغة فيها‪ ،‬واحلث عىل الرفق فيها‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬اختيار أوقات النشاط ألداء العبادة فيها فذلك أدعى لتحقيق ثمرهتا‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬بيان يرس اإلسالم‪ ،‬وعدم احلرج يف التزام تعاليمه‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬اغتنام أوقات الفراغ‪ ،‬ومراوحة الوقت يف العبادة‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬احلث عىل اإلتيان باألعامل الرشيفة‪ ،‬واحلذر مما تسوء عاقبته‪.‬‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫الر ْو َحة)‪.‬‬ ‫( ُي َشا ّد ـ َق ِ‬
‫ار ُبوا ـ الدُّ لـ َْجة ـ َو َّ‬
‫«من» يف قوله ﷺ‪ِ :‬‬
‫«من الدُّ لـ َْجة»؟‪.‬‬ ‫‪2‬ـ ما رس التعبري بـ ِ‬

‫علم من أعالم النبوة‪.‬‬


‫‪3‬ـ َب ِّي سبب َعدِّ العلامء هذا احلديث ً‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪4‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪54‬‬
‫احلديث اخلامس عشر‬
‫النهي عن متين املوت لضرر دنيوي‬
‫َّي َأ َحدُ ك ُُم ا َمل ْو َت ِم ْن‬ ‫قال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪َ :‬‬
‫«ل َيت ََمن َ َّ‬ ‫ك‬ ‫َس ب ِن مالِ ٍ‬
‫َع ْن َأن ِ ْ َ‬
‫اع ًل‪َ ،‬ف ْلي ُق ْل‪ :‬ال َّلهم َأحيِنِي ما كَان ِ‬
‫َان َل بدَّ َف ِ‬
‫َت َ‬
‫احل َيا ُة َخ ْ ًيا ِل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ض َأ َصا َب ُه‪َ ،‬فإِ ْن ك َ ُ‬ ‫ُ ٍّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َوت ََو َّفني إِ َذا كَانَت َ‬
‫الو َفا ُة َخ ْ ًيا ِل»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫َّي َأ َحدُ ك ُُم ا َمل ْوت»‪ :‬اخلطاب للصحابة‪ ،‬وينسحب احلكم عىل من‬ ‫َ‬
‫«ل َيت ََمن َ َّ‬
‫بعدهم من املسلمني‪.‬‬
‫ِ‬
‫ض»‪ :‬أي‪ :‬كل ما يصيب اإلنسان من بالء يف النفس واملال وغريه‪.‬‬ ‫«م ْن ُ ٍّ‬
‫َان»‪ :‬أي‪ :‬الواحد منكم‪ .‬أو فإن كان أحدكم فال وجه للتخصيص‬ ‫« َفإِ ْن ك َ‬
‫باملريض دون غريه‪.‬‬
‫«ل بدَّ َف ِ‬
‫اع ًل»‪ :‬أي‪ :‬من متني املوت‪.‬‬ ‫َ ُ‬
‫«ال َّل ُه َّم َأ ْحيِنِي»‪ :‬أي‪ :‬أبقني عىل احلياة‪.‬‬
‫«خ ْ ًيا ِل»‪ :‬أي‪ :‬من املوت‪.‬‬ ‫َ‬
‫«وت ََو َّفنِي»‪ :‬أي‪َ :‬أ ِمتْنِي‪.‬‬‫َ‬
‫ِ‬
‫«إِ َذا كَانَت َ‬
‫الو َفا ُة َخ ْ ًيا ِل»‪ :‬أي‪ :‬إذا كان املوت ً‬
‫خريا يل من احلياة‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫َّي»‪َ :‬‬
‫«ل» ناهية‪ ،‬والفعل مبني عىل الفتح؛ التصاله بنون التوكيد‪،‬‬ ‫َ‬
‫«ل َيت ََمن َ َّ‬

‫‪55‬‬
‫«ل» نافية‪ ،‬والفعل مرفوع؛‬ ‫«ل َيت ََمنَّى» بإثبات الياء‪ ،‬فـ َ‬
‫يف حمل جزم‪ ،‬ويف رواية َ‬
‫أن املـَن ِْه َي قد‬
‫تقديرا َّ‬
‫ً‬ ‫خرب يف معنى النهي‪ ،‬وهو أبلغ من النهي الرصيح؛ ألن َّه فيه‬
‫امتثل‪ ،‬فأخرب عنه‪.‬‬
‫«ما كَان ِ‬
‫َت َ‬
‫احل َياة»‪ :‬ما مصدرية ظرفية‪ ،‬أي مدة كون احلياة‪.‬‬ ‫َ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ـ معنى احلديث‪ :‬أنه ال ينبغي للمؤمن املتزود لآلخرة‪ ،‬والساعي يف ازدياد ما‬
‫أن َيت ََمنَّى ما يمنعه عن السلوك لطريق ال َّله ـ تعاىل ـ‬ ‫ُيثاب عليه من العمل الصالح ْ‬
‫ض َنز ََل بِ ِه ِف الدُّ ْن َيا»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫والبن حبان‪َ :‬‬
‫«ل َيت ََمنَّى أ َحدُ ك ُُم ا ْل َم ْو َت ل ُ ٍّ‬
‫هل النهي عن متني املوت يف احلديث مطل ًقا؟‬
‫ـ النهي عن متني املوت يف احلديث خاص بخوف رضر دنيوي‪ ،‬أما إذا كان‬
‫الض ُأخرو ّيا بأن َخ ِش عىل نفسه فتنة يف دينه مل يدخل يف النهي‪ ،‬ولذا متناه ُع َم ُر‬ ‫ُّ ُّ‬
‫وض ُع َفت قويت‪ ،‬وانترشت رعيتي‪،‬‬ ‫َب ْت ِسني‪َ ،‬‬ ‫اخل َّطاب بقوله‪« :‬اللهم ك ُ َ‬ ‫ابن َ‬‫ُ‬
‫فاقبضني إليك غري ُم َض ِّيع‪ ،‬وال ُم َف ِّرط»‪.‬‬
‫النبي ﷺ هنى عن متني املوت يف أول احلديث‪ ،‬وأمر به يف‬
‫بأن َّ‬‫ـ قد يقول قائل َّ‬
‫آخره‪ ،‬واجلواب‪ :‬بأن النهي وارد عىل التمني املطلق‪ ،‬واإلباحة واردة عىل التمني‬
‫خريا‪ ،‬ففي هذا نوع تفويض‪ ،‬وتسليم للقضاء‪ ،‬بخالف‬
‫املقيد بام إذا كان املوت ً‬
‫األول املطلق فإن فيه نوع اعرتاض ومراغمة للقدر املحتوم‪.‬‬
‫ـ األمر يف قوله‪« :‬فليقل» ملطلق اإلذن‪ ،‬ال للوجوب‪ ،‬أو االستحباب؛ ألن‬
‫األمر بعد احلظر ال يبقى عىل حقيقته‪ ،‬بل ُيفيد اإلباحة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫هل ظاهر احلديث متعارض مع حديث النبي ﷺ‪« :‬اللهم اغفر يل وأحلقني‬
‫بالرفيق األعىل»؟‬
‫إن ظاهر احلديث يتعارض مع قوله ﷺ‪« :‬اللهم‬
‫ـ ليس ألحد أن يقول‪َّ :‬‬
‫ألن الرسول ﷺ دعا بذلك بعد أن علم بأنه‬ ‫اغفريل‪ ،‬وأحلقني بالرفيق األعىل»؛ َّ‬
‫ين عن ر ِّبه بالرسور الكامل‪ ،‬فكان ذلك‬
‫ش َ‬‫ميت يف يومه هذا‪ ،‬ورأى املالئكة املـُ َب ِّ ِ‬
‫خريا له من كونه يف الدنيا‪.‬‬
‫ً‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬حمافظة اإلسالم عىل األرواح‪ ،‬وحرصه عىل حياة اإلنسان‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬النهي عن متني املوت‪ ،‬ودعوة املسلم إىل التسليم والرضا بالقضاء‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬حث املسلم عىل التزود من أعامل اآلخرة‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬جواز متني املوت‪ ،‬والدعاء به عند خوف الرضر األخروي‪.‬‬
‫***‬
‫األسئلة‬
‫ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫(ض ـ َأ ْحيِنِي ـ َوت ََو َّفنِي)‪.‬‬
‫ُ ّ‬
‫ـ ما املقصود بالنهي يف احلديث؟‪.‬‬
‫َّي»؟‬ ‫ـ ما إعراب قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫«ل َيت ََمن َ َّ‬
‫ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫ـ اذكر بعض ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫احلديث السادس عشر‬
‫من الكبائر شتم الرجل والديه‬
‫ول ال َّل ِه ﷺ‪« :‬إِ َّن ِم ْن َأك َ ِ‬
‫ْب ال َك َبائِ ِر‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال َر ُس ُ‬ ‫َع ْن َع ْب ِد ال َّل ِه ْب ِن َع ْم ٍرو‬
‫الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه!!؟ َق َال‪:‬‬ ‫ول ال َّل ِه‪َ ،‬و َك ْي َ‬
‫ف َي ْل َع ُن َّ‬ ‫يل‪َ :‬يا َر ُس َ‬ ‫الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه» ِق َ‬ ‫َأ ْن َي ْل َع َن َّ‬
‫ب ُأ َّم ُه َف َي ُس ُّ‬
‫ب َّأم ُه»‪.‬‬ ‫ب َأ َبا ُه‪َ ،‬و َي ُس ُّ‬
‫الر ُج ِل َف َي ُس ُّ‬‫الر ُج ُل َأ َبا َّ‬ ‫ب َّ‬ ‫« َي ُس ُّ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫ْب ال َك َبائِ ِر»‪ :‬الكبائر‪ :‬مجع َكبِ َرية‪ ،‬والكبرية‪ :‬كل ما ورد فيه وعيد‬‫«إن ِم ْن َأك َ ِ‬‫َّ‬
‫شديد‪ ،‬وقيل‪ :‬كل ما وجب فيه َحدٌّ ‪ ،‬وقيل‪ :‬غري ذلك‪.‬‬
‫الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه»‪ :‬أو أحدمها‪ ،‬واملراد باللعن هنا‪ :‬الشتم‪ ،‬والتعبري‬
‫«أ ْن َي ْل َع َن َّ‬ ‫َ‬
‫بالر ُج ِل جري عىل الغالب‪ ،‬واحلكم كذلك بالنسبة للمرأة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه؟»‪ :‬استبعاد من السائل وتعجب؛ ألن الطبع‬ ‫ف َي ْل َع ُن َّ‬ ‫«و َك ْي َ‬ ‫َ‬
‫املستقيم يأبى ذلك‪.‬‬
‫ب ُأ َّم ُه»‪ :‬معناه‪ :‬أن‬
‫ب ُأ َّم ُه َف َي ُس ُ‬
‫ب َأ َبا ُه‪َ ،‬و َي ُس ُّ‬ ‫الر ُج ُل َأ َبا َّ‬
‫الر ُج ِل؛ َف َي ُس ُّ‬ ‫ب َّ‬‫« َي ُس ُ‬
‫اإلنسان وإن مل يتعاط السب بنفسه‪ ،‬فقد يقع منه التسبب يف لعن والديه‪ ،‬وإذا كان‬
‫التسبب إىل لعن الوالدين من أكرب الكبائر‪ ،‬فالترصيح بلعنهام وشتمهام أشد‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫الر ُج ُل َوالِدَ ْي ِه؟»‪ :‬االستفهام هنا جمازي‪ ،‬وغرضه البالغي‪:‬‬
‫ف َي ْل َع ُن َّ‬
‫«و َك ْي َ‬
‫َ‬
‫االستبعاد‪ ،‬والتعجب من كيفية وقوع هذا األمر‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ب الوالدين‪:‬‬
‫حكم َس ِّ‬
‫ب الوالدين‪ ،‬أو الت ََّس ُّبب فيه من أكرب‬
‫ي النبي ﷺ يف هذا احلديث أن َس َّ‬
‫ـ َب َّ َ‬
‫الكبائر؛ ألنه نوع من العقوق‪ ،‬وهو إساءة يف مقابلة إحسان للوالدين‪ ،‬وكفران‬
‫حلقوقهام‪ .‬والكبائر ما جاء فيها نص أو عقوبة‪ ،‬والصغائر غري ذلك‪.‬‬
‫هل الكبائر درجة واحدة؟‬
‫ـ وال ريب أن الكبائر متفاوتة بعضها أكرب من بعض‪ ،‬وإليه ذهب اجلمهور‪.‬‬
‫كام تنقسم الذنوب إىل كبائر‪ ،‬وصغائر‪ ،‬وهو قول عامة الفقهاء‪.‬‬
‫(وقال األستاذ أبو إسحاق اإلسفراييني‪ :‬ليس يف الذنوب صغرية‪ ،‬بل كل ما‬
‫)‪.‬‬ ‫ُ ِن َي عنه كبرية‪ ،‬وهو منقول عن ابن عباس‬
‫ص هبا كلها كبائر‪ ،‬وبالنظر‬ ‫ِ‬
‫وجع بعضهم بينهام‪ :‬بأهنا بالنظر إىل عظمة من ُع َ‬
‫ََ‬
‫إىل ذاهتا تنقسم إىل قسمني‪ :‬كبائر‪ ،‬وصغائر‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬عظم حق الوالدين‪ ،‬ووجوب اإلحسان إليهام‪ ،‬وحرمة العقوق بِ َس ِّب ِه َم‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬إثبات أن الكبائر متفاوتة بعضها أكرب من بعض‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬سب الوالدين‪ ،‬أو التسبب فيه من أكرب الكبائر‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬جواز مراجعة الطالب لشيخه فيام يقوله مما ُي ْشكِل عليه‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬من تسبب يف يشء جاز أن ينسب إليه ذلك اليشء‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ اذكر معاين املفردات اآلتية‪:‬‬
‫ِ‬
‫ب)‪.‬‬‫(ال َك َبائ ِر ـ َي ْل َع َن ـ َي ُس ُّ‬
‫‪2‬ـ َب ِّي آراء العلامء يف تفاوت الكبائر‪.‬‬
‫‪3‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪4‬ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪60‬‬
‫احلديث السابع عشر‬
‫فضل الصدق‬
‫ِ ِ‬ ‫َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪« :‬إِ َّن ِّ‬
‫عن عب ِد ال َّل ِه بن مسع ٍ‬
‫الصدْ َق َ ْيدي إ َل ِ ِّ‬
‫الب‪،‬‬ ‫ود‬ ‫َ ْ ُ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫ُون ِصدِّ ي ًقا‪َ ،‬وإِ َّن الك َِذ َب‬
‫الر ُج َل َل َي ْصدُ ُق َحتَّى َيك َ‬ ‫الب ي ِدي إِ َل َ ِ‬
‫اجلنَّة‪َ ،‬وإِ َّن َّ‬ ‫َوإِ َّن ِ َّ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ور ي ِدي إِ َل الن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ُج َل َل َيكْذ ُب َحتَّى ُي ْكت َ‬
‫َب‬ ‫َّار‪َ ،‬وإِ َّن َّ‬ ‫َ ْيدي إِ َل ال ُف ُجور‪َ ،‬وإِ َّن ال ُف ُج َ َ ْ‬
‫ِعنْدَ ال َّل ِه ك ََّذا ًبا»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫الصدق‪ُ :‬يطلق عىل صدق اللسان‪ ،‬ومعناه‪ :‬مطابقة اخلرب للواقع‪.‬‬ ‫الص َ‬
‫دق»‪ِّ :‬‬ ‫«إن ِّ‬
‫َّ‬
‫و ُيطلق عىل صدق النِّية‪ ،‬ومعناه‪ :‬اإلخالص يف األقوال‪ ،‬واألفعال‪.‬‬
‫«ي ِدي»‪ُ :‬يوصل‪ ،‬من اهلداية وهي‪ :‬الداللة املوصلة إىل ال ُب ْغ َية‪.‬‬ ‫َْ‬
‫«الب»‪ :‬هو‪ :‬ما ُيوصل إىل اخلريات كلها‪.‬‬
‫ِّ ّ‬
‫الر ُج َل َل َي ْصدُ ُق»‪ :‬أي‪ :‬يف أخباره‪ ،‬ويف رسه وعالنيته‪ ،‬ويتكرر ذلك منه‪.‬‬
‫«وإن َّ‬
‫َّ‬
‫«صدِّ ي ًقا»‪ :‬أي‪ :‬عظيم الصدق‪.‬‬ ‫ِ‬

‫«وإن الك َِذ َب»‪ :‬أي‪ :‬الكذب يف األخبار‪ ،‬أو يف النِّية‪.‬‬


‫َّ‬
‫«ال ُف ُجور»‪ :‬ضد الرب؛ قال تعاىل‪ :‬ﱹ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ‬
‫ﮒﱸ(((‪.‬‬
‫الر ُج َل َل َيك ِْذ ُب»‪ :‬أي‪ :‬ويتكرر ذلك منه‪.‬‬ ‫«وإن َّ‬
‫َب عندَ اهللِ ك ََّذا َبا»‪ :‬أي‪ :‬حيكم عليه بذلك‪.‬‬
‫«حتَّى ُي ْكت َ‬
‫َ‬
‫((( سورة االنفطار‪ .‬اآليات‪ 13 :‬ـ ‪.14‬‬
‫‪61‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫اجلن َِّة‪،‬‬
‫الب‪ ،‬وال ُف ُجور‪ ،‬وبني َ‬ ‫دق‪ ،‬والك َِذ ِ‬
‫ب‪ ،‬وبني ِ ِّ‬
‫الص ِ‬
‫ـ يف احلديث مقابلة بني ِّ‬
‫َّار‪ ،‬وهي من ألوان البديع ا ُمل ِعني عىل إظهار املعنى‪ ،‬فبضدها تتميز األشياء‪.‬‬ ‫والن ِ‬
‫ُون ِصدَّ ي ًقا»‪ِ :‬صدِّ ي ًقا‪ :‬من أمثلة املبالغة‪ ،‬والتنكري للتعظيم والتفخيم‪،‬‬
‫تى َيك َ‬
‫«ح ّ‬
‫َ‬
‫أي‪ :‬بلغ يف الصدق إىل غايته وهنايته‪ ،‬حتى دخل يف زمرة الصديقني‪ ،‬واستحق‬
‫ثواهبم‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫املقصود بالصدق يف احلديث‪:‬‬
‫ـ يطلق الصدق عىل‪ :‬صدق اللسان‪ ،‬وعىل صدق النِّية‪ ،‬فأما صدق اللسان‪،‬‬
‫فهو‪ :‬مطابقة اخلرب للواقع‪ ،‬وإن مل ُيطابق االعتقاد عىل الراجح‪.‬‬
‫وأما صدق النِّية‪ ،‬فهو اإلخالص يف األقوال واألفعال‪ ،‬ابتغاء مرضاة ال َّله‬
‫‪ ،‬وأقله‪ :‬استواء رسيرته وعالنيته‪ ،‬فال يتكلم بيشء ويف باطنه ما ُيالفه‪ ،‬وال‬
‫يفعل شيئًا لغري مرضاة ال َّله تعاىل‪.‬‬
‫التوفيق بني هذا احلديث وبني أن حكم ال َّله أزيل‪:‬‬
‫َب عندَ اهللِ ك ََّذا َبا» مع ما ثبت من أن حكم‬ ‫«حتَّى ُي ْكت َ‬ ‫وال يتعارض قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫ال َّله ـ تعاىل ـ أزيل؛ ألن معناه حتى يظهره ال َّله للمخلوقني من املأل األعىل‪ ،‬و ُي ْل ِقي‬
‫ذلك يف قلوب أهل األرض‪ ،‬وعىل ألسنتهم‪ ،‬ويكتبون اسمه مع أسامئهم‪،‬‬
‫فيستحق بذلك صفة الكذابني وعقاهبم‪ ،‬عن ابن مسعود ‪َ :‬‬
‫«ل َيز َُال ا ْل َع ْبدُ‬
‫َب ِعنْدَ اللهِ ِم َن‬ ‫ِ‬ ‫َيك ِْذ ُب‪َ ،‬و ُتنْك ُ‬
‫َت ِف َق ْلبِه ُن ْك َت ٌة َس ْو َد ُاء‪َ ،‬حتَّى َي ْس َو َّد َق ْل ُب ُه‪َ ،‬ف ُي ْكت َ‬
‫ِ‬
‫ني»(((‪.‬‬ ‫ا ْلكَاذبِ َ‬
‫َان َي ُق ُ‬
‫ول‪ ،‬فذكره بلفظه‪.‬‬ ‫((( أخرجه مالك يف «املوطأ» (‪َ ،)3629‬أ َّنه ب َل َغه َأ َّن عبدَ اهللِ بن مسع ٍ‬
‫ود ك َ‬ ‫ْ َ َ ْ ُ‬ ‫ُ َ ُ َْ‬
‫‪62‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫الصدق‪.‬‬‫ـ ‪ 2‬الرتغيب يف ِّ‬
‫‪3‬ـ ‪3‬التحذير من الك َِذب‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬اخلري يؤدي إىل خري غال ًبا‪ ،‬والرش يؤدي إىل رش أكرب غال ًبا‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬عدم االستهانة بالصغائر؛ فمعظم النار من مستصغر الرشر‪.‬‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ اذكر معاين املفردات اآلتية‪:‬‬
‫الب ـ ِصدِّ ي ًقا)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫(الصدق ـ َ ْيدي ـ ِّ‬
‫ِّ‬
‫‪2‬ـ َب ِّي أمهية الصدق‪ ،‬و ُقبح الكذب يف حياة املسلم‪.‬‬
‫‪3‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‬
‫‪4‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫احلديث الثامن عشر‬
‫اغتنام الوقت‬
‫يه َم كَثِ ٌري ِم َن‬
‫ون فِ ِ‬ ‫َق َال‪َ :‬ق َال النَّبِ ُّي ﷺ‪« :‬نِ ْع َمت ِ‬
‫َان َم ْغ ُب ٌ‬ ‫َع ِن ا ْب ِن َع َّب ٍ‬
‫اس‬
‫الص َّح ُة‪َ ،‬وال َف َرا ُغ»‪.‬‬
‫َّاس‪ِّ :‬‬‫الن ِ‬
‫التعريف براوي الحديث‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ش‪،‬‬‫ـم ّط َلب ْبن َهاشم ا ْل ُق َر ّ‬‫هو‪َ :‬أ ُبو ا ْل َع َّباس َع ْبد ال َّله ْبن ا ْل َع َّباس ْبن َع َبدَ ا ْل ُ‬
‫ال ْب لِ ِس َعة َعلِ َمه وقد دعا‬
‫َان يسمى ا ْلبحر و ِْ‬
‫ول ال َّله ﷺ َوك َ ُ َ َّ َ ْ َ‬
‫اش ِمي‪ ،‬ابن عم رس ِ ِ‬
‫ّ ْ َ ِّ َ ُ‬
‫الـْه ِ‬
‫َ‬
‫له النبي ﷺ باحلكمة والتفقه يف الدين ‪ ،‬روى له ‪ 1660‬حدي ًثا‪َ ،‬م َ‬
‫ات َسنَة ‪68‬هـ‬
‫بِال َّطائِ ِ‬
‫ف‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«نِ ْع َمتَان»‪ :‬تثنية نعمة‪ ،‬واملراد هبا هنا‪ :‬احلسنة‪ ،‬أو املنفعة املفعولة عىل وجه‬
‫اإلحسان للغري‪.‬‬
‫ون»‪ :‬يف ال َغ ْبن ضبطان‪ :‬األول‪ :‬بفتح املعجمة‪ ،‬وسكون املوحدة‪ ،‬ومعناه‪:‬‬
‫«م ْغ ُب ٌ‬
‫َ‬
‫النقص يف البيع‪ .‬والثاين‪ :‬ال َغ َبن بتحريكهام‪ ،‬ومعناه‪ :‬الضعف يف الرأي‪.‬‬
‫«الصح ُة»‪ :‬أي‪ :‬العافية يف البدن‪.‬‬
‫ِّ‬
‫«ال َف َرا ُغ»‪ :‬أي‪ :‬من الشواغل باملعاش‪ ،‬املانع له عن العبادة‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫«نِ ْع َمت ِ‬
‫َان»‪ :‬مبتدأ مرفوع باأللف؛ ألنه مثنى‪.‬‬
‫ون فِيهام»‪ :‬مرجع الضمري يعود إىل النعمتني‪.‬‬
‫«م ْغ ُب ٌ‬
‫َ‬
‫‪64‬‬
‫ون» ُم َقدَّ ًما‪.‬‬
‫«م ْغ ُب ٌ‬ ‫ِ‬ ‫«كَثِ ٌري ِمن الن ِ‬
‫َّاس»‪« :‬كَث ٌري»‪ :‬مرفوع باالبتداء‪ ،‬وخربه‪َ :‬‬
‫َّاس» يف حمل رفع خرب «نِ ْع َمت ِ‬
‫َان»‪.‬‬ ‫يه َم كَثِ ٌري ِم َن الن ِ‬
‫ون فِ ِ‬
‫«م ْغ ُب ٌ‬
‫ومجلة‪َ :‬‬
‫«الصح ُة وال َف َرا ُغ»‪ :‬بالرفع أي‪ :‬مها ِّ‬
‫الصحة والفراغ‪.‬‬ ‫ِّ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫متى تكون الصحة والفراغ نعمتان؟‬
‫ـ إن الصحة‪ ،‬والفراغ نعمتان من نعم ال َّله ـ تعاىل ـ إذا استعملهام املرء يف طاعة‬
‫ال َّله ـ تعاىل ـ أما إذا مل يستعملهام يف ذلك فقد ُغبِن صاحبهام فيهام‪ ،‬أي‪ :‬باعهام‬
‫بِ َبخْ س ال ُتمد عاقبته‪ ،‬أو ليس له يف ذلك رأي صحيح البتة‪.‬‬
‫صحيحا‪ ،‬وال يكون متفر ًغا للعبادة؛ الشتغاله بمتاع‬
‫ً‬ ‫ـ وقد يكون اإلنسان‬
‫الدنيا‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬فإذا اجتمعت الصحة والفراغ‪ ،‬و َق َّص يف َن ْيل الفضائل فذاك‬
‫ال َغ ْبن كل الغبن؛ ألن الدنيا سوق األرباح‪ ،‬ومزرعة اآلخرة‪ ،‬وفيها التجارة‬
‫التي يظهر ربحها يف اآلخرة‪ ،‬فمن استعمل فراغه وصحته يف طاعة مواله فهو‬
‫املغبوط‪ ،‬الذي يتمنى الناس أن يكونوا مثله‪ ،‬ومن استعملهام يف معصية ال َّله فهو‬
‫املغبون؛ ألن الفراغ يعقبه االنشغال‪ ،‬والصحة يعقبها الس َقم‪ ،‬ولو مل يكن إال ِ‬
‫اهل َرم‬ ‫َّ‬
‫والشيخوخة‪ .‬فكان ماذا؟‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬الصحة‪ ،‬والفراغ نعمتان من نعم ال َّله تعاىل‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪3‬ـ ‪3‬املغبوط احلق‪ :‬من استعمل فراغه وصحته يف طاعة ال َّله‬
‫‪4‬ـ ‪4‬املغبون احلقيقي‪ :‬من استعمل شبابه وفراغه يف معصية ال َّله تعاىل‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬ينبغي عىل اإلنسان أن يغتنم شبابه وصحته يف طاعة ال َّله ـ تعاىل ـ قبل‬
‫ِ‬
‫اهل َرم والسقم‪.‬‬

‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ اذكر معاين املفردات اآلتية‪:‬‬
‫الصح ُة ـ ال َف َرا ُغ)‬ ‫(نِ ْع َمت ِ‬
‫َان ـ َم ْغ ُب ٌ‬
‫ون ـ ِّ‬
‫‪2‬ـ ما رس كون الصحة والفراغ من أهم النعم يف حياة الناس؟‬
‫‪3‬ـ ارشح هذا احلديث النبوي بأسلوبك‪.‬‬
‫‪4‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪66‬‬
‫احلديث التاسع عشر‬
‫حفظ اللسان‬
‫َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪« :‬إِ َّن ال َع ْبدَ َل َي َت َك َّل ُم بِالكَلِ َم ِة ِم ْن ِر ْض َو ِ‬
‫ان‬
‫ات‪َ ،‬وإِ َّن ال َع ْبدَ َل َي َت َك َّل ُم بِالكَلِ َم ِة ِم ْن‬
‫ال َّل ِه‪َ ،‬ل ي ْل ِقي َلا ب ًال‪ ،‬ير َفعه ال َّله ِبا درج ٍ‬
‫َْ ُُ ُ َ ََ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ط ال َّل ِه‪َ ،‬ل ُي ْل ِقي َلا َب ًال‪ْ َ ،‬ي ِوي ِ َبا ِف َج َهن ََّم»‪.‬‬
‫سخَ ِ‬
‫َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«إِ َّن ال َع ْبدَ َل َي َت َك َّل ُم بِالكَلِ َم ِة»‪ :‬أي‪ :‬بالكالم ا ُمل ْف ِه ِم ا ُملفيد‪.‬‬
‫ان ال َّل ِه»‪ :‬أي‪ :‬مما ُيريض ال َّله‪.‬‬ ‫«م ْن ِر ْض َو ِ‬ ‫ِ‬

‫«ل ُي ْل ِقي َلا َب ًال»‪ُ « :‬ي ْل ِقي»‪ :‬أي‪ :‬ال ُيلقي للكلمة قل ًبا‪ ،‬واملعنى‪ :‬ال يتأملها‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬‫بخاطره‪ ،‬وال يتفكر يف عاقبتها‪ ،‬واملـُراد‪ :‬أنه يتكلم هبا عىل غفلة من غري َت َثب ٍ‬
‫ُّ‬
‫وال تأمل‪.‬‬
‫«ير َفعه ال َّله ِبا درج ٍ‬
‫ات»‪ :‬أي‪ :‬يرفع ال َّله له هبا درجات‪ ،‬ويف نسخة‪« :‬يرفعه‬ ‫َْ ُُ ُ َ ََ َ‬
‫ال َّله هبا درجات»‪.‬‬
‫ط ال َّل ِه»‪ :‬أي‪ :‬مما ال َي ْر َض بِ ِه اهللُ تعاىل‪.‬‬
‫«من سخَ ِ‬
‫ْ َ‬
‫ِ‬

‫«ي ِوي»‪ :‬بفتح الياء‪ ،‬وسكون اهلاء‪ ،‬وكرس الواو أي ينزل فيها ساق ًطا‪.‬‬
‫َْ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫ط ال َّل ِه» كل منهام شبه مجلة يف حمل نصب حال‬
‫و«من سخَ ِ‬
‫ْ َ‬
‫ان ال َّل ِه» ِ‬ ‫ِ‬
‫«م ْن ِر ْض َو ِ‬
‫(أل) جنسية أي‪ :‬فيها معنى النكرة‪.‬‬ ‫من «الكَلِ َم ِة»‪ ،‬أو صفة؛ ألن ْ‬

‫‪67‬‬
‫«ي ِوي ِ َبا ِف َج َهن ََّم» إما حال من‬ ‫ٍ‬
‫واجلملة الفعلية « َي ْر َف ُع ُه ال َّل ُه ِ َبا َد َر َجات» و َ ْ‬
‫ضمري العبد املستكن يف « َل َي َت َك َّل ُم»‪ ،‬أو صفة هلا باالعتبارين املذكورين‪.‬‬
‫«لا» يعود عىل الكلمة‪.‬‬ ‫«ل ُي ْل ِقي َلا َب ًال»‪ :‬مرجع الضمري يف َ‬ ‫َ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ـ أقسام الكلمة املفيدة يف احلديث‪:‬‬
‫قسم النبي ﷺ الكلمة املفيدة التي يتكلم هبا العبد إىل قسمني‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬كلمة من رضوان ال َّله ـ تعاىل ـ‪ :،‬كأن حيصل هبا رفع مظلمة‬
‫عن مسلم‪ ،‬أو تفريج كربة‪ ،‬وهبا يرفع ال َّله قائلها هبا درجات‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬كلمة من سخط ال َّله ـ تعاىل ـ‪ :‬وهي‪ :‬كلمة السوء عند ذي‬
‫وه ْجر‪،‬‬
‫سلطان جائر يريد هبا هالك مسلم‪ ،‬أو أن املراد أنه يتكلم بكلمة سوء‪َ ،‬‬
‫أو ُي َع ِّر ُض ملسلم بكبرية‪ ،‬أو بمجون‪ ،‬أو استخفاف بحق النبوة والرشيعة‪ ،‬وإن‬
‫كان غري معتقد ذلك‪.‬‬
‫ـ قال ابن عبد الرب‪« :‬هي كلمة السوء عند السلطان اجلائر»‪.‬‬
‫ف حسنِها من ُقب ِ‬
‫ح َها‪َ ،‬ف َي ْح ُر ُم عىل‬ ‫ْ‬ ‫ـ وقال ابن عبد السالم‪« :‬هي الكلمة ال ُي ْع َر ُ ُ ْ َ‬
‫ح ِه»‪.‬‬‫ف حس َنه من ُقب ِ‬
‫ْ‬ ‫اإلنسان أن يتكلم بام ال َي ْع ِر ُ ُ ْ ُ‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬رضورة حفظ اللسان‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬ينبغي ملن يتكلم أن َيتَد َّبر ما يقول قبل النطق‪ ،‬فإن ظهرت فيه مصلحة‬
‫تكلم؛ وإال أمسك‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫ح ِه‪.‬‬
‫ف حسنُه من ُقب ِ‬
‫ْ‬ ‫‪4‬ـ ‪4‬حيرم عىل املسلم أن يتك ّل َم بالكالم الذي ال ُي ْع َر ُ ُ ْ ُ‬
‫‪5‬ـ ‪5‬فضل الكلمة الطيبة‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬خطورة الكلمة اخلبيثة‪.‬‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ اذكر معاين املفردات اآلتية‪:‬‬
‫ط ال َّل ِه ـ َ ْي ِوي)‪.‬‬
‫(بِالكَلِم ِة ـ ب ًال ـ سخَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪2‬ـ ما أقسام الكلمة املفيدة النافعة؟‬
‫‪3‬ـ ارشح هذا احلديث النبوي بأسلوبك‪.‬‬
‫‪4‬ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫احلديث العشرون‬
‫فضل َّ‬
‫الت َفُّقه يف الدين‬
‫«م ْن ُي ِر ِد ال َّل ُه بِ ِه َخ ْ ًيا ُي َف ِّق ْه ُه ِف‬ ‫ت النَّبِ َّي ﷺ َي ُق ُ‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫َق َال‪َ :‬س ِم ْع ُ‬ ‫َع ْن ُم َع ِ‬
‫او َي َة‬
‫ُي ْعطِي‪َ ،‬و َل ْن َتز ََال َه ِذ ِه األُ َّم ُة َقائِ َم ًة َع َل َأ ْم ِر ال َّل ِه‪،‬‬ ‫ين‪ ،‬وإِنَّم َأنَا َق ِ‬
‫اس ٌم َوال َّل ُه‬ ‫الدِّ ِ َ َ‬
‫ض ُه ْم َم ْن َخا َل َف ُه ْم‪َ ،‬حتَّى َي ْأ ِ َت َأ ْم ُر ال َّل ِه»‪.‬‬ ‫َل َي ُ ُّ‬
‫التعريف براوي احلديث‬
‫حن‪ ،‬أسلم زمن‬ ‫الر ْ َ‬ ‫ُم َع ِ‬
‫او َية بن أيب ُس ْف َيان َصخْ ر بن َح ْرب ْال َم ِوي‪َ ،‬أ ُبو عبد َّ‬
‫اق ًل خلي ًقا لإلمارة‪،‬‬‫َان حلِيم ك َِريم سائسا ع ِ‬ ‫ا ْل َفتْح‪َ ،‬له مائَة و َث َل ُث َ ِ‬
‫ً َ‬ ‫ً‬ ‫ون َحدي ًثا‪َ ،‬وك َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يف رجب سنة‪ 60( :‬هـ)‪ ،‬وله ثامن‬ ‫دهاء َو َر ٍ‬
‫أي‪ ،‬تويف‬ ‫ِ‬
‫كَامل السؤدد‪ ،‬ذا َ‬
‫وسبعون سنة ‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫كالمه حال كونه يقول‪.‬‬
‫سمعت َ‬ ‫ُ‬ ‫ول»‪ :‬أي‪:‬‬ ‫ت النَّبِ َّي ﷺ َي ُق ُ‬‫«س ِم ْع ُ‬ ‫َ‬
‫رد اهللُ»‪ُ :‬ي ِرد‪ :‬بضم الياء‪ ،‬وكرس الراء‪ ،‬من اإلرادة‪ ،‬وهي‪ :‬صفة ختصيص‬ ‫«من ي ِ‬
‫َ ْ ُ‬
‫أحد طريف املمكن بالوقوع‪.‬‬
‫ِ‬
‫عظيم‪.‬‬
‫خريا ً‬ ‫«بِه َخ ْ ًيا»‪ :‬أي‪ :‬من ُي ِرد به مجيع اخلريات‪ ،‬أو ً‬
‫ين»‪ :‬أي‪ُ :‬ي َف ِّه ْم ُه‪ ،‬والفقه لغة‪ :‬الفهم‪ ،‬واملراد به هنا‪ :‬كل فقه يف‬ ‫« ُي َف ِّق ْه ُه ِف الدِّ ِ‬
‫علوم الدين‪.‬‬
‫وح َي إِ َّيل‪ ،‬مما ُأ ِمرت بتبليغه إليكم‪،‬‬
‫اسم»‪ :‬أي‪ُ :‬أ َقسم بينكم ما ُأ ِ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬
‫«وإِن ََّم َأنَا َق ٌ‬
‫َ‬
‫وال َأ ُخ ُّص به َب ْع ًضا دون َب ْع ٍ‬
‫ض‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫ُي ْعطِي»‪ :‬كل واحد منكم من الفهم عىل قدر ما تعلقت به إرادته‬ ‫«وال َّل ُه‬
‫َ‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫« َع َل َأ ْم ِر ال َّل ِه»‪ :‬أي‪ :‬عىل الدين احلق‪ ،‬أو التكاليف الرشعية‪.‬‬
‫«حتَّى َي ْأ ِ َت َأ ْم ُر ال َّل ِه»‪ :‬املراد بأمر ال َّله‪ :‬يوم القيامة‪ ،‬أو بالء ال َّله تعاىل‪ ،‬واملراد‬
‫َ‬
‫ببالء ال َّله‪ :‬فتنة الدجال‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫ول»‪ :‬مجلة حالية يف حمل نصب‪.‬‬ ‫«س ِم ْع ُ‬
‫ت النَّبِ َّي ﷺ َي ُق ُ‬ ‫َ‬
‫أن‬‫ويت ََم ُل َّ‬
‫ألن النكرة يف سياق الرشط للعموم‪ْ ُ ،‬‬ ‫«خ ْ ًيا»‪ :‬نكرة؛ للتعميم؛ َّ‬ ‫َ‬
‫ال َّتنْكِ َري هنا للتعظيم‪.‬‬
‫« ُي َف ِّق ْه ُه»‪ :‬بسكون اهلاء‪ :‬جواب الرشط جمزوم‪ ،‬يقال‪َ :‬ف ِق َه الرجل بالكرس َي ْف َق ُه‬
‫بالفتح فِ ْقها‪ :‬إذا َف ِه َم‪ ،‬و َف َق َه بالفتح‪ :‬إذا سبق غريه إىل الفهم‪ ،‬و َف ُق َه بالضم‪ :‬إذا‬
‫صار الفقه له سجية وملكة‪.‬‬
‫اس ٌم»‪ :‬الواو عاطفة‪ ،‬وقيل‪ :‬الواو للحال من فاعل « ُي َف ِّق ْه ُه»‪.‬‬ ‫«وإِنَّم َأنَا َق ِ‬
‫َ َ‬
‫«و َل ْن َتز ََال َه ِذ ِه األُ َّم ُة َقائِ َم ًة»‪َ « :‬قائِ َم ًة»‪ :‬بالنصب خرب « َتز ََال»‪.‬‬
‫َ‬
‫ض ُه ْم َم ْن َخا َل َف ُه ْم»‪َ :‬م ْن‪ :‬اسم موصول‪ ،‬أي‪ :‬الذي خالفهم‪.‬‬ ‫«ل َي ُ ُّ‬‫َ‬
‫ِ‬
‫«حتَّى»‪ :‬غاية لقوله‪َ « :‬ل ْن َتز ََال»‪ ،‬ويصح أن تكون غاية‬ ‫«حتَّى َي ْأ ِ َت َأ ْم ُر ال َّله»‪َ :‬‬
‫َ‬
‫ض ُه ْم َم ْن َخا َل َف ُه ْم»‪.‬‬
‫«ل َي ُ ُّ‬ ‫لقوله‪َ :‬‬

‫‪71‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫املقصود بالفقه يف احلديث‪:‬‬
‫ف ِ‬
‫الف ْق َه بعلم الفروع؛ الستنباطه باألدلة واألنظار الدقيقة‬ ‫ـ َخ َّص ال ُع ْر ُ‬
‫بخالف علم اللغة وغريه‪ ،‬واملناسب هنا يف احلديث‪ :‬احلمل عىل املعنى اللغوي؛‬
‫ليعم كل فقه يف الدين‪ ،‬فيشمل التفسري‪ ،‬وعلوم القرآن‪ ،‬واحلديث وعلومه‪،‬‬
‫والفقه وأصوله‪ ،‬وغري ذلك من علوم الرشيعة املطهرة‪.‬‬
‫ـ إن التفاوت يف األفهام نعمة منه سبحانه‪ ،‬وقد كان بعض الصحابة‬
‫يسمع احلديث وال يفهم منه إال الظاهر اجليل‪ ،‬ويسمعه آخر منهم‪ ،‬أو من القرن‬
‫الذي يليهم‪ ،‬أو ممن أتى بعدهم‪ ،‬فيستنبط منه مسائل كثرية‪ ،‬وذلك فضل ال َّله‬
‫يؤتيه من يشاء‪ ،‬فهو ﷺ يلقي ما ُأ ِ‬
‫وحي إليه عىل حسب ما َسن ََح له‪ ،‬وال ُي َر ِّج ُح‬ ‫ُ‬
‫عض ُهم عىل َب ٍ‬
‫عض‪ ،‬وال َّله ُيعطي كال منهم من الفهم عىل قدر ما أراد ال َّله تعاىل‪.‬‬ ‫َب َ‬
‫ـ وقيل‪ :‬املراد قسمة املال؛ ألن مورد احلديث كان عند قسمة مال‪ ،‬فخص ﷺ‬
‫بعضهم بزيادة؛ ملقتض اقتىض ذلك‪ ،‬فاعرتض عليه بعض من خفيت عليه‬
‫احلكمة‪َ ،‬ف َر َّد عليه ﷺ بقوله‪« :‬من يرد ال َّله به خريا يف ّقهه يف الدين» أي يزيد يف‬
‫فهمه يف أمور الرشع‪ ،‬وال يتعرض ألمر ليس عىل وفق خاطره؛ إذ األمر كله هلل‪،‬‬
‫قاسم بأمر ال َّله‪ ،‬وليس‬
‫ٌ‬ ‫وهو الذي يعطي‪ ،‬ويمنع‪ ،‬ويزيد وينقص‪ ،‬والنبي ﷺ‬
‫بمعط حتى تنسب إليه الزيادة والنقصان‪ ،‬فامل ْعن ِ ُّى عىل هذين القولني (العلم‬ ‫ٍ‬
‫واملال)‪ :‬وإنام ال َّله يعطي‪ ،‬وأنا قاسم ما أعطاه‪ ،‬وبلغني عنه‪.‬‬
‫استشكال وجوابه‪:‬‬
‫ـ «واستشكل احلرص بـ «إِن ََّم» مع أنه ﷺ له صفات أخرى غري ال َق ْسم‪،‬‬
‫وأجيب‪ :‬بأنه حرص إضايف ال حقيقي‪ ،‬وجاء ردا العتقاد السامع‪ ،‬فال َينْت َِفي إال‬
‫‪72‬‬
‫ما كان ُم ْعتَقدً ا له؛ ال كل صفة من الصفات‪ ،‬وحينئذ إن اعتقد أنه معط ال قاسم‬
‫كان من حرص القلب‪ ،‬أي ما أنا إال قاسم ال معط‪ ،‬وإن اعتقد أنه قاسم ومعط‬
‫أيضا‪ ،‬كان من حرص األفراد‪ ،‬أي‪ :‬لست جام ًعا بني الوصفني‪ ،‬بل أنا قاسم فقط‪.‬‬ ‫ً‬
‫«حتَّى َي ْأ ِ َت َأ ْم ُر ال َّل ِه» خمالف ملا قبلها‪ ،‬فيلزم‬
‫ـ وإن قيل‪ :‬ما بعد الغاية يف قوله‪َ :‬‬
‫منه أن ال تكون هذه األمة يوم القيامة عىل احلق وهو باطل‪.‬‬
‫أجيب بأمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن املراد بأمر ال َّله يف قوله‪َ « :‬قائِ َم ًة َع َل َأ ْم ِر ال َّل ِه» التكاليف‪ ،‬ويوم القيامة‬
‫ليس زمان تكليف‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن املراد بالغاية تأكيد التأبيد عىل حد قوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﱸ كأنه قال‪ :‬لن تزال هذه األمة قائمة عىل أمر ال َّله أبدً ا‪.‬‬
‫ـ اجلمع بني هذا احلديث وبني حديث‪.‬‬
‫«إن الساعة ال تقوم إال عىل رشار اخللق»‪ .‬وجيمع بني حديثنا وبني األحاديث‬
‫ارض هذا احلديث‬ ‫الدالة عىل أن الساعة ال تقوم إال عىل رشار اخللق‪ ،‬بأنه ال ُي َع ِ‬
‫ما ورد من قوله ﷺ‪« :‬ال تقوم الساعة حتى ال يقول أحد ال َّله ال َّله»‪ ،‬وقوله‪« :‬ال‬
‫تقوم الساعة إال عىل رشار الناس»‪ ،‬بأن املراد بأمر ال َّله الريح اللينة التي تأيت قرب‬
‫يوم القيامة‪ ،‬فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة‪ ،‬وما ذكر يف احلديثني عند القيامة‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬فضل العلامء عىل سائر الناس‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬فضل التفقه يف الدين عىل سائر العلوم‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬من مل يتفقه يف الدين فقد ُح ِر َم اخلري‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬التفقه يف الدين ال يكون باالكتساب فقط؛ بل ِمنْ ُه ما هو َو ْهبِ ٌّي من ال َّله تعاىل‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬أ َد ُبه ﷺ َو َر َأ َفتُه بأمتّه‪.‬‬
‫‪7‬ـ ‪7‬بقاء العامل املتفقه يف الدين إىل قيام الساعة‪.‬‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ اذكر معاين املفردات اآلتية‪:‬‬
‫اس ٌم ـ ُي ْعطِي)‪.‬‬
‫(ي ِرد ـ ي َف ِّقهه ـ َق ِ‬
‫ُ ُُ‬ ‫ُ‬
‫ي َمع بني هذا احلديث‪ ،‬وبني األحاديث الدالة عىل أن الساعة ال تقوم‬ ‫‪2‬ـ بِ َم ُ ْ‬
‫إال عىل رشار اخللق؟‬
‫‪3‬ـ ارشح هذا احلديث النبوي بأسلوبك‪.‬‬
‫‪4‬ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪74‬‬
‫احلديث احلادي والعشرون‬
‫األمر بالتيسري‪ ،‬والنهي عن التعسري‬
‫َس ب ِن مالِ ٍ‬
‫شوا َو َل‬ ‫َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ « :‬ي ِّ ُ‬
‫سوا َو َل ُت َع ِّ ُ‬
‫سوا‪َ ،‬و َب ِّ ُ‬ ‫ك‬ ‫َع ْن َأن ِ ْ َ‬
‫ُتنَ ِّف ُروا»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫سوا»‪ :‬أمر من التيسري نقيض التعسري‪.‬‬
‫« َي ِّ ُ‬
‫سريا‪ ،‬وهو الت َّْش ِديد‪.‬‬
‫س َت ْع ً‬ ‫«و َل ُت َع ِّ ُ‬
‫سوا»‪ :‬أمر من َع َّ َ‬ ‫َ‬
‫شوا»‪ :‬أمر من البشارة بمعنى التبشري‪ ،‬وهو اإلخبار باخلري بخالف‬ ‫«و َب ِّ ُ‬
‫َ‬
‫الن َِّذارة‪.‬‬
‫«و َل ُتنَ ِّف ُروا» أمر بعدم التنفري أي‪ّ :‬‬
‫بشوا الناس‪ ،‬أو املؤمنني بفضل ال َّله وثوابه‪،‬‬ ‫َ‬
‫وجزيل عطائه‪ ،‬وسعة رمحته‪ ،‬وال تنفروهم بذكر التخويف وأنواع الوعيد‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫شوا» ِجنَاس وهو من الصور البالغية‪.‬‬
‫سوا»‪ ،‬و« َب ِّ ُ‬
‫ـ بني قوله‪َ « :‬ي ِّ ُ‬
‫سوا» جناس تضاد‪ ،‬وكذلك بني « َب ِّ ُ‬
‫شوا»‪،‬‬ ‫سوا»‪ ،‬و« ُت َع ِّ ُ‬
‫وبني قوله‪َ « :‬ي ِّ ُ‬
‫و« ُتنَ ِّف ُروا»‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ـ هذا احلديث من جوامع الكلم؛ الشتامله عىل خريي الدنيا واآلخرة؛ ألن‬
‫الدنيا دار األعامل واآلخرة دار اجلزاء‪ ،‬فأمر رسول ال َّله ﷺ فيام يتعلق بالدنيا‬
‫بالتيسري‪ ،‬وفيام يتعلق باآلخرة بالوعد باخلري واإلخبار بالرسور؛ حتقي ًقا لكونه‬
‫رمحة للعاملني يف الدارين‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫استشكال وجوابه‪:‬‬
‫ـ استشكل بعض العلامء‪ :‬اجلمع يف هذا احلديث بني التيسري وضده‪ ،‬والتبشري‬
‫وضده‪ ،‬وكان يمكن أن ُي ْك َت َفى بذكر أحدمها عن اآلخر؛ ألن األمر باليشء هني‬
‫عن ضده‪.‬‬
‫والجواب عن هذا االستشكال‪:‬‬
‫سوا‪،‬‬‫سوا َو َل ُت َع ِّ ُ‬
‫وجوابه‪:‬ـ أنه لو اقترص عىل األمر دون النهي يف قوله‪َ « :‬ي ِّ ُ‬
‫شوا َو َل ُتنَ ِّف ُروا»؛ النطبق عىل من أتى به مرة‪ ،‬وأتى بالثاين يف غالب أوقاته‪،‬‬ ‫َو َب ِّ ُ‬
‫فأفاد بالنهي انتفاء التعسري‪ ،‬وعدم التنفري يف مجيع األوقات‪.‬‬
‫ـ أنه ال يلزم من عدم التعسري ثبوت التيسري‪ ،‬وال من عدم التنفري ثبوت‬
‫التبشري‪ ،‬فجمع ﷺ َب ْي هذه األلفاظ لثبوت هذه املعاين‪ ،‬ال سيام واملقا ُم َم َقام‬
‫لش َب ِه ِه بالوعظ‪ ،‬إذ املراد تأليف من َق ُرب إسالمه‪ ،‬وترك التشديد عليه‬ ‫ٍ‬
‫إطناب َ‬
‫يف االبتداء‪ ،‬وكذلك الزجر عن املعايص ينبغي أن يكون بتلطيف لِ ُي ْق َبل‪ ،‬وكذا‬
‫تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج؛ ألن اليشء إذا كان يف ابتدائه َس ْه ًل ُح ِّبب‬
‫إىل من يدخل فيه‪ ،‬وتلقاه بانبساط‪ ،‬وكانت عاقبته غال ًبا االزدياد بخالف ضده‪.‬‬
‫وقد هنت الرشيعة اإلسالمية عن التشديد والتعسري عىل الناس‪ ،‬ولقد كان‬
‫الرسول ﷺ املثل األعىل يف التزام التيسري‪ ،‬واجتناب التعسري؛ فعن أيب هريرة‬
‫َّاس ـ أي‪ :‬بالزَّجر وال َّلوم ـ َف َق َال َُل ُم‬ ‫َق َال‪َ « :‬قام َأعر ِاب َفب َال ِف ا َملس ِ ِ‬
‫جد‪َ ،‬ف َتن ََاو َل ُه الن ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ٌّ َ‬
‫النَّبِ ُّي ﷺ‪َ « :‬د ُعو ُه َو َه ِري ُقوا ـ أي ُص ُّبوا ـ َع َل َب ْولِ ِه َس ْج ًلـ أي‪َ :‬د ْل ًوا‪َ ،‬أ ْو َذنُو ًبا ِم ْن‬
‫ين»‪ .‬فمن َي َّس عىل الناس أمور الطاعة‬ ‫س َ‬ ‫ين‪َ ،‬و َل ْ ُت ْب َع ُثوا ُم َع ِّ ِ‬
‫س َ‬‫اء‪َ ،‬فإِن ََّم ُب ِع ْثت ُْم ُم َي ِّ ِ‬
‫م ٍ‬
‫َ‬
‫لون عليها‪ ،‬ومن َع َّس عليهم َن ّفرهم منها‪.‬‬ ‫ُس ِّه َلت عليهم ف ُي ْقبِ َ‬
‫‪76‬‬
‫‪ -‬األمر بالتبشير‪ ،‬والنهي عن التنفير‪:‬‬
‫روح‬‫ـ وقد أمرنا النبي ﷺ بأن ُن َب ِّش وال ُننَ ِّفر؛ ألن التبشري َيرشح الصدر‪ ،‬و ُي ِّ‬
‫واحلزن‪ ،‬فإذا َل ِق َ‬
‫يت‬ ‫اهلم ُ‬
‫عن النفس‪ ،‬وأما التنفري فإنه ُيثري فيها القلق‪ ،‬وجيلب هلا َّ‬
‫تاجرا ف َب ِّشه بالربح يف جتارته‪ ،‬وإذا‬
‫يت ً‬‫من أ ّدى االمتحان فبرشه بالنجاح‪ ،‬وإذا َل ِق َ‬
‫ب إليه التوبة‪ ،‬وبني له مزايا الطاعة‪ ،‬وما أعده ال َّله للطائعني‬ ‫ِ‬
‫وعظت عاص ًيا َف َح ِّب ْ‬
‫والتزود من‬
‫ّ‬ ‫اجلدِّ يف الطاعات‪،‬‬‫ثواب عظيمٍ؛ فإن ذلك التبشري يدفعه إىل َ‬ ‫ٍ‬ ‫من‬
‫األعامل الصاحلات‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬احلث عىل الرفق والتيسري عىل الناس يف حدود الرشع احلنيف‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬النهي عن التعسري والتشديد‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬نرش األخبار السارة‪ ،‬وإخفاء األخبار الضارة‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬ال ُيرس مظهر من مظاهر اإلسالم يف العقيدة والرشيعة واألخالق‪.‬‬
‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ اذكر معاين املفردات اآلتية‪:‬‬
‫سوا ـ َو َل ُتنَ ِّف ُروا)‪.‬‬ ‫شوا ـ َ‬
‫ول ُت َع ِّ ُ‬ ‫سوا ـ َو َب ِّ ُ‬
‫( َي ِّ ُ‬
‫‪2‬ـ بِ َم جتيب عن اإلشكال القائل بأنه‪ :‬مجع يف احلديث بني التيسري وضده‪،‬‬
‫والتبشري وضده‪ ،‬وكان يمكن أن ُي ْك َت َفى بذكر أحدمها عن اآلخر؟‬
‫سوا»‪ ،‬و « َب ِّ ُ‬
‫شوا»‪.‬‬ ‫‪3‬ـ ِّ‬
‫وضح الصورة البالغية بني قوله ﷺ‪َ « :‬ي ِّ ُ‬
‫‪4‬ـ اذكر أهم ما يرشد إليه احلديث‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫احلديث الثاني والعشرون‬
‫خطورة اإلفتاء بغري علم‬
‫ول‪:‬‬‫ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ‬ ‫ت َر ُس َ‬ ‫َق َال‪َ :‬س ِم ْع ُ‬ ‫َع ْن َع ْب ِد ال َّل ِه ْب ِن َع ْم ِرو ْب ِن ال َع ِ‬
‫اص‬
‫اد‪ ،‬و َلكِن ي ْقبِ ُض ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْل َم بِ َق ْب ِ‬
‫ض‬ ‫«إِ َّن ال َّل َه َل َي ْقبِ ُض الع ْل َم انْتزَا ًعا َينْت َِز ُع ُه م َن الع َب َ ْ َ‬
‫َي ِع ْلمٍ‪،‬‬
‫وسا ُج َّه ًال‪َ ،‬ف ُسئِ ُلوا َف َأ ْفت َْوا بِغ ْ ِ‬ ‫ال ِا‪َ َّ ،‬‬
‫ات َذ الن ُ‬
‫َّاس ُر ُء ً‬ ‫ال ُع َل َم ِء‪َ ،‬حتَّى إِ َذا َل ْ ُي ْب ِق َع ً‬
‫َف َض ُّلوا َو َأ َض ُّلوا»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫بمحو ِه من صدورهم‪ ،‬واملقصود بالعلم هنا‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الع ْل َم انْتِزَا ًعا»‪ :‬أي‬
‫«ل ي ْقبِ ُض ِ‬
‫َ َ‬
‫العلم الرشعي‪.‬‬
‫ون للفتوى‪ ،‬الذين‬ ‫ض ال ُع َل َم ِء»‪ :‬أي أرواحهم‪ ،‬واملراد هبم العلامء ا ُمل َع َّر ُض َ‬ ‫«بِ َق ْب ِ‬
‫َي ْلجأ الناس إليهم؛ ليستفتوهم يف أمور دينهم‪.‬‬
‫ال ِا»‪ :‬من اإلبقاء‪ ،‬أي‪ :‬حتى إذ مل ُي ْب ِق ال َّله ـ تعاىل ـ عاملـًا‪ ،‬ويف‬‫«حتَّى إِ َذا َل ْ ُي ْب ِق َع ً‬
‫َ‬
‫نسخة‪َ « :‬ي ْب َق» بفتح حرف املضارعة من البقاء‪.‬‬
‫وسا»‪ :‬مجع رئيس‪.‬‬ ‫«ر ُء ً‬‫ُ‬
‫« َف ُسئِلوا»‪ :‬أي‪ :‬سأهلم السائل‪.‬‬
‫« َف َض ُّلوا»‪ :‬من الضالل أي‪ :‬انحرفوا يف أنفسهم‪.‬‬
‫«و َأ َض ُّلوا»‪ :‬من اإلضالل أي‪ :‬أضلوا السائلني عن طريق الصواب‪.‬‬
‫َ‬

‫‪78‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫ول»‪ :‬مجلة حالية‪ ،‬وكان ذلك يف حجة الوداع‪.‬‬ ‫ول ال َّل ِه ﷺ َي ُق ُ‬
‫ت َر ُس َ‬‫«س ِم ْع ُ‬
‫َ‬
‫«انْتِزَا ًعا»‪ :‬بالنصب‪ ،‬مفعول مطلق‪.‬‬
‫ض الع َلم ِء»‪ :‬عب با ُمل ْظهر يف قوله‪ :‬ي ْقبِ ُض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الع ْل َم يف‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫«و َلك ْن َي ْقبِ ُض الع ْل َم بِ َق ْب ِ ُ َ‬‫َ‬
‫موضع ا ُمل ْضمر لزيادة تعظيم العلم‪ ،‬كقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﭖ ﭗ ﱸ(((‪ ،‬بعد‬
‫قوله‪ :‬ﱹ ﭓ ﭔ ﱸ(((‪.‬‬
‫ال ِا»‪ :‬مفعول به منصوب‪ ،‬ويف النسخة األخرى‪َ « :‬ي ْب َق عاملٌ» بالرفع عىل أنه‬ ‫« َع ً‬
‫فاعل‪.‬‬
‫ال ِا»‪.‬‬
‫ت ْك َع ً‬ ‫ويف رواية عند ُمسلم‪ِ َ :‬‬
‫«حتَّى إ َذا َل ْ َي ْ ُ‬
‫َّاس»‪ :‬فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة‪.‬‬
‫«الن ُ‬
‫وسا»‪.‬‬ ‫«ج َّه ًال»‪ :‬صفة لقوله ﷺ‪ُ :‬‬
‫«ر ُء ً‬ ‫ُ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫كيفية نقص العلم وقبضه‪:‬‬
‫ـ أخرب النبي ﷺ يف هذا احلديث أن ما يكون من نقص العلم وقبضه‪ ،‬أنه‬
‫ً‬
‫جهال‪،‬‬ ‫ح َلتِه‪ ،‬واختاذ الناس رؤساء‬
‫ليس بمحوه من الصدور‪ ،‬ولكن بموت َ َ‬
‫فيتحكمون ىف دين ال َّله بآرائهم‪ ،‬ويفتون فيه بجهلهم‪ ،‬وقد جاءت أخبار من‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وغريها‪ ،‬أن موت العلامء نقص يف الدين‪ ،‬وعالمة حللول البالء‬

‫((( سورة اإلخالص‪ .‬اآلية‪.2 :‬‬


‫((( سورة اإلخالص‪ .‬اآلية‪.1 :‬‬
‫‪79‬‬
‫املبني‪ ،‬قال ال َّله تعاىل‪ :‬ﱹ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵﱸ(((‪ ،‬قال عطاء‬
‫ومجاعة‪« :‬نقصاهنا موت العلامء‪ ،‬وذهاب الفقهاء»‪.‬‬
‫‪« :‬موت العامل ُثلمة (أي مصيبة) يف اإلسالم‪ ،‬ال يسدها‬ ‫وقال ابن مسعود‬
‫يشء‪ ،‬ما اختلف الليل والنهار»‪ ،‬وقيل نقصان أرض الكفر وزيادة أرض اإلسالم‪.‬‬
‫ـ وقد تصدر للفتوى يف هذه األيام بعض ُ‬
‫اجل ّهال وغري املؤهلني هلا‪ ،‬فكثرت‬
‫الفتاوي ا ُمل ِض َّلة‪ ،‬وانترشت آثارها السيئة‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬احلث عىل حفظ العلم‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬اإلخبار ببعض ما يكون يف آخر الزمان من نقص العلم‪ ،‬وتفيش اجلهل‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬خطورة اإلفتاء بغري علم‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬حرص العلامء عىل ما فيه هداية اخللق‪ ،‬وعدم إضالهلم‪.‬‬
‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ ما إعراب املفردات اآلتية‪:‬‬
‫َّاس ـ ُج َّه ًال)؟‬ ‫(انْتِزَاعا ـ ع ً ِ‬
‫الا ـ الن ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫‪2‬ـ كيف يقبض العلم كام ورد يف احلديث؟‬
‫‪3‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪4‬ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث‪.‬‬
‫((( سورة الرعد‪ .‬اآلية‪.41 :‬‬
‫‪80‬‬
‫احلديث الثالث والعشرون‬
‫حرمة الكذب على رسول َّ‬
‫الل ﷺ‬
‫َأ َّن النَّبِ َّي ﷺ َق َال‪َ « :‬ب ِّلغُوا َعنِّي َو َل ْو آ َي ًة‪َ ،‬و َحدِّ ُثوا‬ ‫َع ْن َع ْب ِد ال َّل ِه ْب ِن َع ْم ٍرو‬
‫يل َو َل َح َر َج‪َ ،‬و َم ْن ك ََذ َب َع َل ُم َت َع ِّمدً ا َف ْل َي َت َب َّو ْأ َم ْق َعدَ ُه ِم َن الن ِ‬ ‫سائِ َ‬ ‫ِ‬
‫َّار»‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َع ْن َبني إِ ْ َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«و َل ْو آ َي ًة»‪ :‬اآلية يف اللغة‪ :‬تطلق عىل املعجزة‪ ،‬وعىل ال َع َلمة‪ ،‬والعربة‪ ،‬واآلية‬ ‫َ‬
‫من القرآن معروفة‪ ،‬واملراد باآلية هنا عموم ما ورد عنه من جزئيات الرشيعة‪.‬‬
‫سائِ َ‬
‫يل َو َل َح َر َج»‪ :‬أي‪ :‬عام وقع هلم من األعاجيب‪ ،‬وإن‬ ‫ِ‬
‫«و َحدِّ ُثوا َع ْن َبني إِ ْ َ‬ ‫َ‬
‫استحال مثلها يف هذه األمة‪ ،‬كنزول النار من السامء‪ ،‬ألكل ال ُقربان مما ال تعلمون‬
‫كذبه‪.‬‬
‫«و َل َح َر َج»‪ :‬أي ال ضيق عليكم‪.‬‬
‫َ‬
‫« َف ْل َي َت َب َّو ْأ َم ْق َعدَ ُه»‪ :‬يقال‪ :‬تبوأ املكان‪ ،‬إذا اختذه ً‬
‫مقرا‪ ،‬واملقعد مكان القعود‪،‬‬
‫واملعنى‪ :‬فليتخذ قعوده وإقامته يوم القيامة مكانًا يف النار‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫« َب ِّلغُوا»‪ :‬مفعوال « َب ِّلغُوا» حمذوفان‪ ،‬والتقدير‪َ :‬ب ِّلغُوا َم ْن َو َر َاءكُم شيئًا مما‬
‫تسمعون مني‪.‬‬
‫َان» املحذوفة مع اسمها‪ ،‬والتقدير‪ :‬ولو كان املـُ َب َّلغُ آية‬‫«و َل ْو آ َي ًة»‪ :‬خرب «ك َ‬
‫َ‬
‫واحدة‪ ،‬وهذا التعبري ُي ْش ِعر بالقلة‪.‬‬
‫« َف ْل َي َت َب َّو ْأ»‪ :‬الالم الم األمر‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ـ معنى الحديث‪:‬‬
‫ـ يأمر النبي ﷺ صحابته الكرام‪ ،‬وأمته من بعده أن يبلغوا عنه رشيعة ال َّله‬
‫ـ تعاىل ـ‪ ،‬ثم أباح ألمته احلديث عن أخبار بني إرسائيل‪ ،‬مع االلتزام بالنقل‬
‫الصحيح فيام يرد عنهم من أخبار‪ ،‬و ّملا أمر ﷺ بالتبليغ عنه لزم االحرتاز‬
‫والتحذير من الكذب عليه ﷺ‪ ،‬وكأنه يقول‪ :‬بلغوا عني‪ ،‬وحتروا الصدق يف‬
‫عيل يف تبليغكم‪ ،‬واخلطاب للصحابة‪ ،‬و ُيقاس عليهم‬
‫التبليغ‪ ،‬وإياكم والكذب ّ‬
‫َم ْن يف حكمهم‪ ،‬وليس األمر للجميع‪ ،‬فيجب التبليغ عىل كل فرد؛ بل األمر‬
‫للمجموع‪ ،‬وهو ما يسمى بفرض الكفاية‪.‬‬
‫سائِ َ‬
‫يل َو َل َح َر َج» إىل أنه ال ضيق عىل‬ ‫ِ‬
‫«و َحدِّ ُثوا َع ْن َبني إِ ْ َ‬
‫ـ أشار ﷺ بقوله َ‬
‫األمة يف التحديث واإلخبار عن بني إرسائيل بام الخيالف الدين؛ ألنه كان ﷺ‬
‫زجرهم عن األخذ عنهم‪ ،‬والنظر يف كتبهم قبل استقرار األحكام الدينية‬
‫والقواعد اإلسالمية؛ خشية الفتنة‪ ،‬ثم ملا زال املحذور أذن هلم‪ ،‬أو أن قوله‪ً :‬‬
‫أول‪:‬‬
‫«حدثوا» صيغة أمر تقتيض الوجوب فأشار إىل عدمه‪ ،‬وإن األمر لإلباحة بقوله‪:‬‬
‫«و َل َح َر َج» أي‪ :‬يف ترك التحديث‪ ،‬أو أن املراد دفع احلرج عن احلاكي ملا يف‬
‫َ‬
‫أخبارهم من ألفاظ ُمستبشعة؛كقوهلم ﱹ ﭟ ﭠ ﭡ ﱸ((( وقوهلم‪ :‬ﱹ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﱸ(((‪ ،‬أو املراد‪ :‬جواز التحديث عنهم بأي صيغة وقعت من‬
‫انقطاع‪ ،‬أو بالغ لتعذر االتصال يف التحديث عنهم بخالف األحكام املحمدية؛‬
‫فإن األصل فيها التحديث باالتصال‪.‬‬

‫((( سورة األعراف‪ .‬اآلية‪.138 :‬‬


‫((( سورة المائدة‪ .‬اآلية‪.24 :‬‬
‫‪82‬‬
‫ـ املقصود من قوله ﷺ‪َ « :‬ف ْل َي َت َب َّو ْأ َم ْق َعدَ ُه ِم َن الن ِ‬
‫َّار» أي‪ :‬أن ال َّله ـ تعاىل ـ ُيبوئه‬
‫مقعده من النار‪ ،‬أو أمر عىل سبيل الت ََّهك ُّْم‪ ،‬أو دعاء عىل معنى بوأه ال َّله‪.‬‬
‫لكن لو نقل العامل معنى كالمه ﷺ بلفظ غري لفظه؛ لكنه مطابق ملعنى لفظه‬
‫كان جائزًا عند املحققني كام ذكر يف حمله‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬الدعوة إىل ال َّله هي مرياث النبوة الكامل‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬جواز نقل أخبار أهل الكتاب مع حتري الصدق فيام ورد إلينا منها‪.‬‬
‫خصوصا‪.‬‬
‫ً‬ ‫عموما‪ ،‬وتغليظ حرمته عىل النبي ﷺ‬
‫ً‬ ‫‪4‬ـ ‪4‬حتريم الكذب‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ اذكر معاين املفردات التالية‪:‬‬
‫(آ َية ـ َف ْل َي َت َب َّو ْأ ـ مقعد ُه)‪.‬‬
‫«و َل ْو آ َي ًة»؟‪ ،‬وما نوع الالم يف قوله‪َ « :‬ف ْل َي َت َب َّو ْأ»؟‪.‬‬ ‫‪2‬ـ ما إعراب قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫يل َو َل َح َر َج»؟‬ ‫سائِ َ‬ ‫ِ‬
‫«و َحدِّ ُثوا َع ْن َبني إِ ْ َ‬
‫‪3‬ـ ما املقصود بقوله ﷺ‪َ :‬‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر مما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫احلديث الرابع والعشرون‬
‫النهي عن إيذاء املسلم‬
‫َأ َّن النَّبِي ﷺ َق َال َله ِف حج ِة الوداعِ‪« :‬اس َتن ِْص ِ‬
‫ت‬ ‫َع ْن َج ِر ٍير بن عبد ال َّله‬
‫ْ‬ ‫ُ َ َّ َ َ‬ ‫َّ‬
‫ض»‪.‬‬‫اب َب ْع ٍ‬ ‫«ل ت َْر ِج ُعوا َب ْع ِدي ُك َّف ًارا‪َ ،‬ي ْ ِ‬
‫ض ُب َب ْع ُضك ُْم ِر َق َ‬ ‫َّاس»؛ َف َق َال‪َ :‬‬
‫الن َ‬
‫التعريف براوي احلديث‬
‫بن َع ْب ِد ال َّل ِه ال َب َج ِ ّل‪ ،‬وفد عىل النبي ﷺ يف السنة العارشة من اهلجرة‪،‬‬
‫هو‪َ :‬ج ِرير ُ‬
‫وحج حجة الوداع‪ ،‬وشهد فتح (املدائن) يف خالفة سيدنا عمر بن اخلطاب‬
‫وكان جلامله يلقب بيوسف هذه األمة‪ ،‬مات سنة ‪51‬هـ‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫ِ‬
‫ِ«ف َح َّجة َ‬
‫الو َداعِ»‪ :‬أي‪ :‬عند مجرة العقبة‪ ،‬واجتامع الناس للرمي وغريه‪.‬‬
‫َّاس»‪ :‬السني والتاء للطلب‪ ،‬ومعناه طلب السكوت واإلنصات‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫«اس َتنْصت الن َ‬ ‫ْ‬
‫«ل ت َْر ِج ُعوا»‪ :‬أي‪ :‬ال تصريوا‪.‬‬‫َ‬
‫ِ‬
‫« َب ْعدي ُك َّف ًارا»‪ :‬بعد موقفي هذا‪ ،‬أو بعد مويت ً‬
‫كفارا‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫« ُك َّف ًارا»‪ :‬منصوب؛ ألنه خرب لـ «ت َْر ِج ُعوا» بمعنى‪ :‬تصريوا‪.‬‬
‫ض»‪ :‬برفع يرضب عىل االستئناف بيانًا لقوله‪:‬‬ ‫اب َب ْع ٍ‬ ‫ض ُب َب ْع ُضك ُْم ِر َق َ‬ ‫« َي ْ ِ‬
‫«ل ت َْر ِج ُعوا»‪.‬‬
‫َ‬
‫ـ أو حال من ضمري‪« :‬ت َْر ِج ُعوا»‪ ،‬أي‪َ :‬ل ت َْر ِج ُعوا َب ْع ِدي ُك َّف ًارا حال رضب‬
‫اب َب ْع ٍ‬
‫ض‪.‬‬ ‫َب ْعضك ُْم ِر َق َ‬
‫‪84‬‬
‫ـ أو صفة‪ ،‬أي‪َ :‬ل ت َْر ِج ُعوا َب ْع ِدي ُك َّف ًارا متصفني هبذه الصفة القبيحة‪ ،‬وهي‬
‫اب َب ْع ٍ‬
‫ض‪.‬‬ ‫رضب َب ْعضك ُْم ِر َق َ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫سبب تسمية حجة الوداع هبذا االسم‪:‬‬
‫النبي ﷺ و َّدع الناس فيها‪ ،‬وأوصاهم‬ ‫ـ ُس ِم َّيت حجة الوداع هبذا االسم؛ َّ‬
‫ألن َّ‬
‫بتبليغ الرشع فيها إىل من غاب عنها‪ ،‬وألنه ﷺ فارق الدنيا بعدها بواحد وثامنني‬
‫يوما‪.‬‬
‫ً‬
‫استشكال وجوابه‪:‬‬
‫جريرا أسلم‬
‫ً‬ ‫هلذا احلديث؛ فقالوا‪ :‬إن‬ ‫ـ استشكل بعضهم رواية جرير‬
‫حارضا يف حجة الوداع‪ ،‬ويشافهه النبي‬
‫ً‬ ‫يوما فكيف يكون‬
‫قبل وفاته ﷺ بأربعني ً‬
‫ﷺ هبذا القول؟‬
‫وأجيب عن هذا اإلشكال‪ :‬بأن جرير بن عبد ال َّله أسلم يف رمضان سنة‬
‫مسلم‪.‬‬
‫عرش من اهلجرة‪ ،‬فيمكن أن يكون قد حرض حجة الوداع ً‬
‫ـ يف هذا البيان النبوي‪ ،‬ويف حجة الوداع ّ‬
‫حذر رسول ال َّله ﷺ أمته من الشقاق‬
‫ُفارا متصفني هبذه الصفة‬‫واالختالف ناصحـًا هلم بقوله‪ :‬ال ترجعوا بعدي ك ً‬
‫القبيحة‪ ،‬وهي‪ :‬رضب بعضكم رقاب بعض‪ ،‬فال تتشبهوا بالكفار يف قتل‬
‫كفارا حقيقة إن استحللتم ذلك‪.‬‬
‫بعضا‪ ،‬أو ال تصريوا ً‬‫بعضكم ً‬
‫ما ُيرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبي ﷺ عىل تعليم أمته وحتذيرهم من الوقوع يف الفتن‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬االختالف والشقاق يؤدي إىل الفساد يف األرض‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬التحذير من الترسع يف تكفري املسلم واستباحة دمه‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫َّاس ـ َل ت َْر ِج ُعوا)‪.‬‬ ‫ِ ِ‬
‫(اس َتنْصت الن َ‬
‫ْ‬
‫حجة الوداع هبذا االسم؟‬
‫‪2‬ـ ملاذا سميت ّ‬
‫«ل ت َْر ِج ُعوا َب ْع ِدي ُك َّف ًارا»؟‬
‫‪3‬ـ ما املقصود بقوله ﷺ‪َ :‬‬

‫ض ُب َب ْع ُضك ُْم ِر َق َ‬
‫اب َب ْع ٍ‬
‫ض»؟‬ ‫‪4‬ـ ما إعراب قوله ﷺ‪َ « :‬ي ْ ِ‬
‫‪5‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪6‬ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث الرشيف‪.‬‬

‫***‬

‫‪86‬‬
‫احلديث اخلامس والعشرون‬
‫فضل التوبة‬
‫ود ‪ ،‬عن النبي ﷺ قال‪َ « :‬ل َّل ُه َأ ْف َر ُح بِت َْو َب ِة َع ْب ِد ِه ِم ْن‬ ‫عن عبد ال َّل ِه ب ِن مسع ٍ‬
‫ْ َ ْ ُ‬ ‫َْ‬
‫ضع َر ْأ َس ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫شا ُب ُه‪َ ،‬ف َو َ‬ ‫َر ُج ٍل َنز ََل َمن ِْز ًل َوبِه َم ْه َل َك ٌة‪َ ،‬و َم َع ُه َراح َل ُت ُه‪َ ،‬ع َل ْي َها َط َع ُام ُه َو َ َ‬
‫احل ُّر َوال َع َط ُش‪َ ،‬أ ْو‬ ‫اح َل ُت ُه‪َ ،‬حتَّى إِ َذا ْاشتَدَّ َع َل ْي ِه َ‬ ‫تر ِ‬
‫اس َت ْي َق َظ َو َقدْ َذ َه َب ْ َ‬
‫َفنَا َم ن َْو َم ًة‪َ ،‬ف ْ‬
‫َان‪َ ،‬فرجع َفنَام نَوم ًة‪ُ ،‬ثم ر َفع ر ْأسه‪َ ،‬فإِ َذا ر ِ‬
‫اح َل ُت ُه‬ ‫َ‬ ‫اء ال َّل ُه‪َ ،‬ق َال‪َ :‬أ ْر ِج ُع إِ َل َمك ِ َ َ َ َ ْ َ َّ َ َ َ َ ُ‬ ‫َما َش َ‬
‫ِعنْدَ ُه»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«أ ْف َر ُح»‪ :‬أي‪ :‬أرىض بالتوبة‪َ ،‬‬
‫وأ ْق َب ُل هلا‪.‬‬ ‫َ‬

‫«بِت َْو َب ِة َع ْب ِد ِه»‪ :‬أي‪ :‬برجوعه‪.‬‬


‫وحش‪.‬‬‫م ِدب م ِ‬ ‫« َنز ََل َمن ِْز ًل»‪ :‬أي‪ :‬مكانًا‪ ،‬ويف رواية‪َ « :‬نز ََل بِدَ ِو َّي ٍة»‪ ،‬أي‪ :‬مكان ُ ْ‬
‫ُ‬
‫«وبِ ِه َم ْه َل َك ٌة»‪ :‬أي هيلك ساكنها‪ ،‬أو من حصل فيها‪ ،‬ويف بعض الن َُّسخ‪:‬‬ ‫َ‬
‫ك هي من حصل هبا؛ وذلك لفقدان‬ ‫«م ْهلِ َك ٌة» بضم امليم وكرس الالم‪ ،‬أي‪ُ :‬تلِ ُ‬ ‫ُ‬
‫الطعام والرشاب‪ ،‬مع ُبعد املسافة‪.‬‬
‫تر ِ‬
‫اح َل ُت ُه»‪ :‬أي‪َ :‬ش َد ْت فسعى يف طلبها‪ ،‬والبحث عنها‪.‬‬ ‫«و َقدْ َذ َه َب ْ َ‬‫َ‬
‫اح َل ُت ُه ِعنْدَ ُه»‪ :‬أي‪ :‬بجواره‪ ،‬وعليها طعامه ورشابه‪.‬‬ ‫« َفإِ َذا ر ِ‬
‫َ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫« َل َّل ُه»‪ :‬بالم التأكيد املفتوحة‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫فضل التوبة واملسارعة بالرجوع إىل ال َّله تعاىل‪:‬‬
‫ـ يبني النَّبِ ُّي ﷺ يف هذا احلديث فضل التوبة واملسارعة بالرجوع إىل ال َّله‬
‫ـ تعاىل ـ حيث بني أن ال َّله أرىض بالتوبة وأ ْق َبل هلا من العبد الذي ترشد عنه‬
‫راحلته التي عليها طعامه ورشابه يف أرض صحراء ُم ْق ِف َرة‪ ،‬فيظن العبد يف نفسه‬
‫َاهللكة لعدم وجود الطعام والرشاب‪ ،‬فإذا به ينام فيستيقظ فيجد تلك الراحلة‬
‫عظيم‪ ،‬والفرح املتعارف يف نعوت بني‬
‫ً‬ ‫فرحا‬
‫وعليها الطعام والرشاب‪ ،‬فيفرح ً‬
‫آدم غري جائز عىل ال َّله ـ تعاىل ـ؛ ألنه اهتزاز وطرب جيده الشخص يف نفسه عند‬
‫رضرا أو‬
‫ظفره بغرض يستكمل به نقصانه أو يسد به خلله‪ ،‬أو يدفع به عن نفسه ً‬
‫نقصا‪ ،‬وال َّله ـ تعاىل ـ هو الكامل بذاته الغني بوجوده الذي ال يلحقه نقص وال‬
‫ً‬
‫قصور‪ ،‬ويف ذلك املذهبان املشهوران‪:‬‬
‫مذهب السلف واخللف يف إثبات الفرح ل َّله تعاىل‪:‬‬
‫فرحا‪ ،‬لكن ال نعلم حقيقته‪ ،‬و َنزَّهوه ‪-‬تعاىل‪-‬‬
‫ـ فالسلف أثبتوا له ـ تعاىل ـ ً‬
‫عن صفات املخلوقني‪.‬‬
‫ـ َ‬
‫واخل َلف ّأولو ُه بأنه جما ٌز عن رضاه الذي هو سبب للفرح‪ ،‬أو عن ثمرته‬
‫احلاصلة عنه؛ فإن من فرح بيشء جاد لفاعله بام سأل‪ ،‬وبذل بام طلب فعرب عن‬
‫إعطائه تعاىل وواسع كرمه بالفرح‪ ،‬واملراد أنه ـ تعاىل ـ يبسط رمحته عىل عبده‬
‫ويكرمه باإلقبال عليه‪.‬‬
‫شا ُب ُه‪َ ،‬ف َأيِ َس ِمن َْها‪،‬‬ ‫رواية عند مسلم‪َ « :‬فا ْن َف َلت ْ ِ‬
‫َت منْ ُه َو َع َل ْي َها َط َع ُام ُه َو َ َ‬
‫ٍ‬ ‫ـ ورد يف‬

‫‪88‬‬
‫ك إِ َذا ُه َو‬ ‫اح َلتِ ِه‪َ ،‬ف َب ْينَا ُه َو ك ََذلِ َ‬
‫اض َطجع ِف ظِ ِّلها‪َ ،‬قدْ َأيِس ِمن ر ِ‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َف َأتَى َش َج َرةً‪َ ،‬ف ْ َ َ‬
‫ْت َع ْب ِدي َو َأنَا‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ِ َبا‪َ ،‬قائ َم ًة عنْدَ ُه‪َ ،‬ف َأ َخ َذ بِخ َطام َها‪ُ ،‬ث َّم َق َال م ْن شدَّ ة ا ْل َف َرحِ ‪ُ :‬‬
‫الله َّم َأن َ‬
‫ك‪َ ،‬أ ْخ َط َأ ِم ْن ِشدَّ ِة ا ْل َف َرحِ »‪.‬‬
‫َر ُّب َ‬
‫«إن مثل هذا إن صدر يف حالة الدهشة والذهول ال‬
‫َّ‬ ‫قال القايض ِعياض‬
‫يؤاخذ به اإلنسان‪ ،‬وكذا حكايته عنه عىل وجه العلم‪ ،‬أو الفائدة الرشعية ال عىل‬
‫سبيل االستهزاء والعبث»‪.‬‬
‫عالمات قبول التوبة‪:‬‬
‫ـ قال بعض العلامء‪ :‬حقيقة التوبة هلا عالمات منها‪:‬‬
‫أوهلا‪ :‬الندم عىل ما وقع منه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬العزم عىل أال يعود إىل ذلك الذنب‪.‬‬
‫والثالثة‪ :‬أن َي ْعمد إىل كل فرض ض َّيعه فيؤديه‪.‬‬
‫والرابعة‪ :‬أن َي ْعمد إىل مظامل العباد فيؤدي إىل كل ذي ٍ‬
‫حق حقه‪.‬‬
‫واخلامسة‪ :‬أن ُيذيق البدن حالوة الطاعة كام أذاقه لذة املعصية‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬فضل التوبة والندم عىل فعل املعصية‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬ال َّله منزه عن صفات املخلوقني‪ ،‬ﱹ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧ ﱸ(((‪.‬‬

‫((( سورة الشورى‪ .‬اآلية‪.11 :‬‬


‫‪89‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬رضب األمثال يقرب املعنى يف نفس السامع‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬من رشوط التوبة‪ :‬الندم‪ ،‬وعدم الرجوع إىل الذنوب واملعايص‪ ،‬ور ّد‬
‫احلقوق إىل أهلها‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬املعصية سبب يف هالك األفراد واألمم‪.‬‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ اذكر معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫َ‬
‫(أ ْف َر ُح ـ َمن ِْز ًل ـ َم ْه َل َك ٌة)‪.‬‬
‫‪2‬ـ َب ِّي آراء العلامء يف مسألة (ال َفرح) ونسبته إىل ال َّله تعاىل‪.‬‬
‫‪3‬ـ ما عالمات حقيقة التوبة؟‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما يرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪90‬‬
‫احلديث السادس والعشرون‬
‫بيعة الرجال إثر مبايعة النساء‬
‫ول ال َّل ِه ﷺ َق َال‪َ ،‬و َح ْو َل ُه ِع َصا َب ٌة ِم ْن‬ ‫َأ َّن َر ُس َ‬ ‫ت‬ ‫عن عباد َة ب ِن الص ِام ِ‬
‫َّ‬ ‫َُ َ ْ‬
‫َس ُقوا‪َ ،‬و َل َت ْزنُوا‪َ ،‬و َل‬ ‫ُشكُوا بِال َّل ِه َش ْيئًا‪َ ،‬و َل ت ْ ِ‬ ‫ون َع َل َأ ْن َل ت ْ ِ‬ ‫َأ ْص َحابِ ِه‪َ « :‬بايِ ُع ِ‬
‫ي َأ ْي ِديك ُْم َو َأ ْر ُجلِك ُْم‪َ ،‬و َل َت ْع ُصوا ِف‬ ‫تو َن ُه َب ْ َ‬ ‫ْ ِ ٍ‬ ‫َ‬
‫َت ْق ُت ُلوا أ ْو َل َدك ُْم‪َ ،‬و َل تَأتُوا ب ُب ْهتَان َت ْف َ ُ‬
‫ِ‬ ‫اب ِم ْن َذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫ب ِف‬ ‫ك َش ْيئًا َف ُعوق َ‬ ‫َم ْع ُروف‪َ ،‬ف َم ْن َو َف منْك ُْم َف َأ ْج ُر ُه َع َل ال َّله‪َ ،‬و َم ْن َأ َص َ‬
‫ِ‬
‫ت ُه ال َّل ُه َف ُه َو إِ َل ال َّله‪ ،‬إِ ْن َش َ‬
‫اء‬ ‫ك َش ْيئًا ُث َّم َس َ َ‬ ‫اب ِم ْن َذلِ َ‬ ‫الدُّ ْن َيا َف ُه َو َك َّف َار ٌة َل ُه‪َ ،‬و َم ْن َأ َص َ‬
‫ك»‪.‬‬ ‫اء َعا َق َب ُه»‪َ ،‬ف َبا َي ْعنَا ُه َع َل َذلِ َ‬
‫َع َفا َعنْ ُه َوإِ ْن َش َ‬
‫التعريف براوي احلديث‬
‫صم بن فهر بن غنم بن َسامل بن َع ْوف بن‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫الصامت بن قيس بن أ ْ َ‬ ‫ع َبا َدة بن َّ‬
‫ي‪َ ،‬أ ُبو ا ْل َولِيد‪َ ،‬شهد بيعة العقبة األوىل‬ ‫َع ْمرو بن َع ْوف بن الـْخَ ز َْرج ْالن َْص ِ‬
‫ار ّ‬
‫َان ِمَّن مجع ا ْل ُق ْرآن عىل عهد النَّبِي ﷺ‬ ‫بدرا‪َ ،‬و ُه َو أحد النُّ َق َباء‪َ ،‬وك َ‬
‫والثانية‪ ،‬وشهد ً‬
‫م َّمد بن َك ْعب‪َ ،‬و َبعثه عمر إِ َل َّ‬
‫الشام ليعلم النَّاس ا ْل ُق ْرآن َوا ْلعلم َف َم َت‬ ‫َقا َله ُ َ‬
‫ِ‬
‫بفلسطني سنة َأربع َو َث َلث َ‬
‫ني‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫ِ‬
‫«ع َصا َب ٌة»‪ :‬ما بني العرشة إىل األربعني‪ ،‬وكان عدد املبايعني اثني عرش ً‬
‫رجل‪،‬‬
‫منهم‪ُ :‬ع َبا َد ُة بن الصامت ‪.‬‬
‫ون»‪ :‬أي‪ :‬عاقدوين وعاهدوين‪.‬‬ ‫« َبايِ ُع ِ‬

‫ُشكُوا بِال َّل ِه َش ْيئًا»‪ :‬أي‪ :‬عىل ترك اإلرشاك املستلزم للتوحيد‪.‬‬
‫« َع َل َأ ْن َل ت ْ ِ‬

‫‪91‬‬
‫«بِ ُب ْهت ٍ‬
‫َان»‪ :‬أي‪ :‬كذب ُي ْب ِهت سامعه‪ ،‬أي ُيدْ هشه لفظاعته‪ ،‬مثل الرمي بالزنا‪،‬‬
‫والفضيحة والعار‪.‬‬
‫تو َن ُه»‪ :‬من االفرتاء‪ ،‬أي‪ :‬ختتلقونه‪.‬‬ ‫« َت ْف َ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي َأ ْيديك ُْم َو َأ ْر ُجلك ُْم»‪ :‬أي‪ :‬من ق َب ِل أنفسكم‪ْ ُ .‬‬
‫ويتَمل أن يكون املراد بام بني‬ ‫« َب ْ َ‬
‫األيدي واألرجل القلب؛ ألنه الذي يرتجم عنه اللسان؛ فلذا نسب إليه االفرتاء‪.‬‬
‫«و َل َت ْع ُصوا»‪ :‬أي‪ :‬ال تعصوين‪ ،‬وال تعصوا أحدً ا ممن ُو ِّل عليكم بعدي‪.‬‬ ‫َ‬
‫أمرا وهن ًيا‪.‬‬ ‫وف»‪ :‬هو ما ُع ِر َ‬ ‫ِ«ف معر ٍ‬
‫ف من الشارع ُح ْسنُه ً‬ ‫َ ُْ‬
‫«و َّف»‪ ،‬بالتشديد‪ ،‬أي‪ :‬ثبت عىل العهد‪.‬‬ ‫« َف َم ْن َو َف»‪ :‬بالتخفيف‪ ،‬ويف رواية‪َ :‬‬
‫فضل ووعدً ا‪ ،‬ال وجو ًبا عليه‪.‬‬‫« َف َأ ْج ُر ُه َع َل ال َّل ِه»‪ً :‬‬
‫ك َش ْيئًا»‪ :‬أي‪ :‬غري الرشك؛ لقوله تعاىل‪ :‬ﱹ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬ ‫اب ِم ْن َذلِ َ‬
‫«و َم ْن َأ َص َ‬‫َ‬
‫ﮦ ﮧ ﮨﱸ(((‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب ِف الدُّ ْن َيا»‪ :‬بأن ُأق َ‬
‫يم عليه احلد‪.‬‬ ‫« َف ُعوق َ‬
‫اء َع َفا َعنْ ُه»‪ :‬إما عن الكل‪ ،‬أو البعض بفضله‪.‬‬‫«إِ ْن َش َ‬
‫اء َعا َق َب ُه»‪ :‬بِ َعدْ لِه‪.‬‬
‫«وإِ ْن َش َ‬
‫َ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫ول ال َّل ِه ﷺ َق َال‪َ ،‬و َح ْو َل ُه ِع َصا َب ٌة ِم ْن َأ ْص َحابِ ِه»‪ :‬مجلة حالية‪.‬‬‫«أ َّن َر ُس َ‬ ‫َ‬

‫و«ح ْو َل ُه»‪ :‬خرب ُم َقدَّ م‪.‬‬ ‫ِ‬


‫«ع َصا َب ٌة»‪ :‬مبتدأ ُم َؤ َّخر‪َ ،‬‬
‫«ع َصا َبة»‪.‬‬ ‫«من َأصحابِ ِه»‪ :‬صفة لـ ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ ْ َ‬

‫((( سورة النساء‪ .‬اآلية‪.48 :‬‬


‫‪92‬‬
‫تشبيها باملعاوضة‬
‫ً‬ ‫وس ِّميت بذلك‬ ‫« َبايِ ُع ِ‬
‫ون»‪ :‬من املبايعة‪ ،‬وهي املعاهدة‪ُ ،‬‬
‫املالية‪.‬‬
‫«ش ْيئًا»‪ :‬نكرة يف سياق النهي فتفيد العموم كالنفي‪.‬‬ ‫َ‬
‫ف مفعوله؛ ليفيد العموم‪ ،‬والتقدير‪ :‬ال ترسقوا شيئًا‪.‬‬ ‫َس ُقوا»‪ُ :‬ح ِذ َ‬ ‫«و َل ت ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ي َأ ْيديك ُْم َو َأ ْر ُجلك ُْم»‪َ :‬كنَّى باليد‪ِّ ،‬‬
‫والر ْجل عن الذات؛ ألن معظم األفعال‬ ‫« َب ْ َ‬
‫تقع هبام‪.‬‬
‫اب» الذي‬ ‫«ش ْيئًا»‪ :‬بالنصب مفعول َ‬
‫«أ َص َ‬ ‫اب ِم ْن َذلِ َ‬
‫ك َش ْيئًا»‪ :‬لفظ َ‬ ‫«و َم ْن َأ َص َ‬
‫َ‬
‫و«من» للتبعيض‪ ،‬أي‪ِ :‬‬
‫«م ْن َب ْع ِ‬
‫ض‬ ‫هو صلة املوصول املتضمن معنى الرشط‪ِ .‬‬
‫ْ‬
‫ذلك»‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫ما تشري إليه مجلة «وحوله عصابة من أصحابه»‪:‬‬
‫ت‬‫ـ تشري مجلة «وحو َله ِعصاب ٌة ِمن َأصحابِ ِه» إىل‪ :‬اهتامم عباد َة ب ِن الص ِام ِ‬
‫َّ‬ ‫َُ َ ْ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َ ْ ْ َ‬
‫بأداء اخلرب كام هو‪ ،‬واحلرص عىل الضبط واإلتقان يف نقله‪ ،‬وتصوير الواقعة‬
‫وكأن السامع يراها بعينه‪.‬‬
‫تقديم الرشك بال َّله عىل غريه من الكبائر‪:‬‬
‫ـ َقدَّ َم ﷺ عدم اإلرشاك بِال َّل ِه ـ تعاىل ـ عىل ما بعده من عدم الرسقة‪ ،‬والزنا‪،‬‬
‫وقتل األوالد‪ ،‬وإتيان البهتان‪ ،‬واملعصية يف املعروف؛ ألن التوحيد وعدم الرشك‬
‫تنبيها‬
‫وخص ﷺ هذه املعايص بالذكر ً‬
‫َّ‬ ‫هو األصل‪ ،‬وأما ما عداه فهي الفروع‪،‬‬
‫عىل وخيم عواقبها؛ ألهنا من أكرب الكبائر‪ ،‬وأفحش املعايص‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫ختصيص األوالد بالقتل دون غريهم‪:‬‬
‫«و َل َت ْق ُت ُلوا َأ ْو َل َدك ُْم»؛ ألنه كان شائ ًعا‬
‫ـ َخ َّص ﷺ األوالد بالقتل حني قال‪َ :‬‬
‫وأد البنات أي‪ :‬دفنهم أحياء‪ ،‬وقتل البنني خشية الفقر‪ ،‬أو ألن قتل‬ ‫فيهم‪ ،‬وهو ْ‬
‫وألنم ال يقدرون عىل‬
‫األوالد أشنع من قتل غريهم؛ ألنه قتْل وقطيعة رحم؛ ّ‬
‫الدفاع عن أنفسهم‪ ،‬فالعناية بالنهي عنه أشد تأكيدً ا‪.‬‬
‫ي َأ ْي ِديك ُْم َو َأ ْر ُجلِك ُْم»‪ :‬ال ترموا‬ ‫ـ معنى قوله ﷺ‪ٍ ِ ْ َ :‬‬
‫«و َل تَأتُوا ب ُب ْهتَان َت ْف َ ُ‬
‫تو َن ُه َب ْ َ‬
‫ويت ََمل أن يكون‬
‫أحدً ا بكذب ترونه يف أنفسكم‪ ،‬ثم تبهتون صاحبه بألسنتكم‪ْ ُ ،‬‬
‫واجه ًة‪ ،‬وبعضكم يشاهد ً‬
‫بعضا‪ ،‬وأصل هذا‬ ‫املراد‪ :‬ال تبهتوا الناس باملعايب ُم َ‬
‫ثم ملا‬
‫كان يف بيعة النساء‪ ،‬وهو كناية عن نسبة املرأة ولدها من الزنى إىل زوجها‪َّ ،‬‬
‫استعمل هذا اللفظ يف بيعة الرجال لزم محله عىل غري ما ورد فيه أوال‪.‬‬
‫النهي عن املعصية‪:‬‬
‫ـ هنى ﷺ عن معصيته‪ ،‬وخمالفة أمره حني قال‪« :‬و َل َتعصوا ِف معر ٍ‬
‫وف»‪،‬‬ ‫َ ُْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫وتنبيها عىل أنه ال‬
‫ً‬ ‫و َق َّيدَ باملعروف‪ ،‬وإن كان ﷺ ال يأمر إال به تطيي ًبا لقلوهبم‪،‬‬
‫جتوز طاعة خملوق يف معصية اخلالق‪.‬‬
‫االقتصار عىل املنهيات دون املأمورات‪:‬‬
‫اقترص ﷺ عىل املنهيات دون املأمورات؛ ألن درء املفاسد ُم َقدَّ م عىل جلب‬ ‫َ‬ ‫ـ‬
‫املصالح‪ ،‬كام أنه ﷺ مل ُي ِمل املأمورات‪ ،‬بل ذكرها عىل طريق اإلمجال يف قوله‪:‬‬
‫عموما‪.‬‬ ‫وف»‪ ،‬إذ العصيان خمالفة األمر‬ ‫«و َل َتعصوا ِف معر ٍ‬
‫ً‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫ب ِف الدُّ ْن َيا َف ُه َو َك َّف َار ٌة َل ُه»‪ .‬وهل احلدود كفارات أم زواجر؟‬ ‫ِ‬
‫معنى قوله‪َ « :‬ف ُعوق َ‬
‫‪94‬‬
‫ب ِف الدُّ ْن َيا َف ُه َو َك َّف َار ٌة َل ُه»‪ ،‬أي ال ُي َعا َقب عليه يف‬ ‫ِ‬
‫ـ معنى قوله ﷺ‪َ « :‬ف ُعوق َ‬
‫اآلخرة؛ ألن احلدود كفارات‪ ،‬هذا هو ظاهر احلديث‪ ،‬وهو ما عليه أكثر الفقهاء‪،‬‬
‫َع ِن‬ ‫وحسنَه‪ ،‬من حديث‪َ :‬ع ِ ّل بن أيب طالب‬ ‫ويدل عليه ما أخرجه الرتمذي َّ‬
‫اب َحدًّ ا َف ُع ِّج َل ُع ُقو َب َت ُه ِف الدُّ ْن َيا َفال َّل ُه َأ ْعدَ ُل ِم ْن َأ ْن ُي َثن َِّي‬‫«م ْن َأ َص َ‬‫النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫ت ُه ال َّل ُه َع َل ْي ِه‪َ ،‬و َع َفا َعنْ ُه َفال َّل ُه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬
‫اب َحدًّ ا َف َس َ َ‬ ‫َع َل َع ْبده ال ُع ُقو َب َة ِف اآلخ َرة‪َ ،‬و َم ْن َأ َص َ‬
‫ش ٍء َقدْ َع َفا َعنْ ُه»‪ .‬وقيل‪ :‬هي زواجر‪َ ،‬ف َقت ُْل القاتل حد ورادع‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬
‫أك َْر ُم م ْن أ ْن َي ُعو َد ف َ ْ‬
‫َ‬
‫لغريه‪ ،‬وأما يف اآلخرة فالطلب للمقتول قائم‪ ،‬واعرتض عليه‪ :‬بأنه لو كان كذلك‬
‫َق َال‪:‬‬ ‫مل جيز العفو عن القاتل‪ .‬وتوقف بعض العلامء يف ذلك حلديث َأ ِب ُه َر ْي َر َة‬
‫ات ِلَ ْهلِ َها َأ ْم َل؟» صححه احلاكم‪.‬‬ ‫«ما َأ ْد ِري الـ ُْحدُ و ُد َك َّف َار ٌ‬ ‫َق َال رس ُ ِ‬
‫ول ال َّله ﷺ‪َ :‬‬ ‫َ ُ‬
‫أول‬ ‫وأ ِجيب‪ :‬بأن حديث ُع َبادة أصح إسنا ًدا‪ ،‬وبأن حديث أيب هريرة كان ً‬ ‫ُ‬
‫آخرا‪.‬‬‫قبل أن ُيطلع اهللُ نب َّيه عىل أن احلدود كفارة‪ ،‬ثم أعلمه ال َّله ـ تعاىل ـ ً‬
‫إذ كان ليلة‬ ‫‪ ،‬وت َقدُّ م حديث ُع َبا َدة‬ ‫و ُع ِ‬
‫ورض بتأخر إسالم أيب هريرة‬
‫بيعة العقبة األوىل عىل الراجح‪.‬‬
‫سمعه من صحايب آخر‪ ،‬كان‬ ‫وأ ِجيب‪ :‬بأنه ُيمكن أن يكون أبو هريرة‬
‫ُ‬
‫قديم‪ ،‬ومل يسمع من النبي ﷺ بعد ذلك أن احلدود كفارة‪،‬‬
‫سمعه من النبي ﷺ ً‬
‫‪.‬‬ ‫كام سمعه عبادة‬
‫ت ُه ال َّل ُه َف ُه َو إِ َل ال َّل ِه‪،‬‬ ‫اب ِم ْن َذلِ َ‬
‫ك َش ْيئًا ُث َّم َس َ َ‬ ‫«و َم ْن َأ َص َ‬
‫ـ مفهوم قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫اء َعا َق َب ُه»‪ ،‬يتناول من تاب‪ ،‬ومن مل يتب‪ ،‬وأنه ال يتحتم‬ ‫اء َع َفا َعنْ ُه َوإِ ْن َش َ‬
‫إِ ْن َش َ‬
‫دخوله النار‪ ،‬بل هو إىل مشيئة ال َّله ـ تعاىل ـ‪.‬‬
‫قال اجلمهور‪ :‬والتوبة ترفع املؤاخذة‪ ،‬لكن ال ُيؤمن مكر ال َّله؛ ألنه ال اطالع له‬
‫عىل قبول توبته‪ .‬وقال قوم بالتفرقة بني ما جيب فيه احلد‪ ،‬وما ال جيب‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫ـ واحلكمة يف عطف اجلملة املتضمنة للعقوبة عىل ما قبلها بالفاء‪ ،‬واملتضمنة‬
‫ب ِف الدُّ ْن َيا َف ُه َو َك َّف َار ٌة‬ ‫ِ‬ ‫اب ِم ْن َذلِ َ‬
‫ك َش ْيئًا َف ُعوق َ‬ ‫«و َم ْن َأ َص َ‬‫للسرت‪ُ « ،‬ث َّم» قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫ت ُه ال َّل ُه» التنفري عن الوقوع يف املعايص‪،‬‬ ‫ك َش ْيئًا ُث َّم َس َ َ‬‫اب ِم ْن َذلِ َ‬
‫َل ُه‪َ ،‬و َم ْن َأ َص َ‬
‫فإن السامع إذا علم أن العقوبة مفاجئة إلصابة املعصية‪ ،‬غري مرتاخية عنها‪ ،‬وأن‬
‫السرت مرتاخٍ بعثه ذلك عىل اجتناب املعصية‪ ،‬وتوقيها‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬حرص الصحابة ـ رضوان ال َّله عليهم ـ عىل نقل احلادثة كام وقعت‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬التخلية قبل التحلية‪ ،‬والتحذير من املنهيات قبل الرتغيب يف فعل‬
‫املأمورات‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬احلدود كفارات ألهلها يف مذهب مجهور العلامء‪.‬‬
‫ون ختليده يف النار‪.‬‬ ‫‪5‬ـ ‪5‬الرد عىل اخلوارج الذين ُيك ِّفرون بالذنب‪ ،‬و ُي ِ‬
‫وج ُب َ‬
‫‪6‬ـ ‪6‬الرد عىل املعتزلة الذين ُي ِ‬
‫وجبون تعذيب الفاسق إذا مات بال توبة‪.‬‬
‫‪7‬ـ ‪7‬الكف عن الشهادة ألحد باجلنة أو النار إال ما ورد النَّص بتعيينه‪.‬‬

‫***‬

‫‪96‬‬
‫األسئلة‬
‫ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫تو َن ُه)‪.‬‬‫(ع َصا َب ٌة ـ َباي ُعون ـ ب ُب ْهتَان ـ َت ْف َ ُ‬
‫ُشكُوا بِال َّل ِه َش ْيئًا»؟‬ ‫«أ ْن َل ت ْ ِ‬‫«ش ْيئًا» يف قوله ﷺ‪َ :‬‬ ‫ـ ما رس تنكري َ‬
‫«و َح ْو َل ُه ِع َصا َب ٌة»؟‪.‬‬
‫وما إعراب مجلة‪َ :‬‬
‫ت ُه ال َّل ُه َف ُه َو إِ َل ال َّل ِه‪،‬‬
‫ك َش ْيئًا ُث َّم َس َ َ‬ ‫اب ِم ْن َذلِ َ‬ ‫«و َم ْن َأ َص َ‬ ‫ـ ما مفهوم قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫اء َع َفا َعنْ ُه َوإِ ْن َش َ‬
‫اء َعا َق َب ُه»؟‬ ‫إِ ْن َش َ‬
‫ـ هل احلدود كفارات أم زواجر؟‬
‫ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪97‬‬
‫احلديث السابع والعشرون‬
‫ا َ‬
‫حل َيا ُء ِم َن ا ِإلمي ِ‬
‫َان‬
‫ول ال َّل ِه ﷺ َم َّر َع َل َر ُج ٍل ِم َن األَن َْص ِ‬
‫ار‪َ ،‬و ُه َو‬ ‫َأ َّن َر ُس َ‬ ‫َع ْن َع ْب ِد ال َّل ِه بِن ُع َم َر‬
‫اء ِم َن ا ِ‬
‫إل َيم ِن»‪.‬‬ ‫ول ال َّل ِه ﷺ‪َ « :‬د ْع ُه َفإِ َّن َ‬
‫احل َي َ‬
‫احلي ِ‬
‫اء‪َ ،‬ف َق َال َر ُس ُ‬ ‫َيع ُظ َأ َخا ُه ِف َ َ‬
‫ِ‬

‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«م َّر»‪ :‬أي‪ :‬اجتاز‪.‬‬‫َ‬
‫« َي ِع ُظ»‪ :‬من الوعظ‪ ،‬وهو الن ُّْصح والرتغيب والتخويف والتذكري‪ ،‬واملعنى‪:‬‬
‫زجره و ُي َعاتبه يف شأن احلياء‪.‬‬ ‫َي ُ‬
‫«أ َخا ُه»‪ :‬أي يف النَّسب‪ .‬وقيل‪ :‬يف الدِّ ين‪ .‬ومل ُي ْع َرف اسم هذا الواعظ وأخيه‪.‬‬ ‫َ‬
‫احلي ِ‬
‫اء»‪ :‬أي‪ :‬يف شأن احلياء‪ ،‬واحلياء‪ :‬هو َتغ َُّي وانكسار يعرتي اإلنسان‬ ‫«يف َ َ‬
‫من خوف ما ُي َعاب به‪ ،‬أو ُي َذم عليه‪ ،‬واملعنى‪ :‬أنه كان ينهاه عن احلياء‪ ،‬ويعاتبه‬
‫عليه‪ ،‬ويزجره عن كثرته‪.‬‬
‫« َد ْع ُه»‪ :‬أي‪ :‬اتركه عىل حيائه‪.‬‬
‫اء ِم َن ا ِ‬
‫إل َيم ِن»‪ :‬أي أثر من آثاره‪ ،‬أو ُشعبة من ُش َعبه‪.‬‬ ‫َ‬
‫«احل َي َ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫«ر ُج ٍل»‪ ،‬و«أل» يف «األَن َْص ِ‬
‫ار»‬ ‫«م َن األَن َْص ِ‬‫ِ‬
‫ار»‪ :‬متعلق بمحذوف صفة لـ َ‬
‫للعهد‪ ،‬أي أنصار رسول ال َّله ﷺ‪.‬‬
‫احلي ِ‬ ‫ِ‬
‫اء»‪ :‬مجلة حالية‪.‬‬ ‫«و ُه َو َيع ُظ َأ َخا ُه ِف َ َ‬‫َ‬
‫إليم ِن»‪ِ :‬‬ ‫«احلي ِ‬
‫«م ْن»‪ :‬تبعيضية‪.‬‬ ‫اء م َن ا ِ َ‬‫ََ َ‬
‫‪98‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫معنى احلياء يف احلديث‪:‬‬
‫ـ احلياء من خصائص اإلنسان لريتدع عن ارتكاب كل ما ُي ْشتَهى‪ ،‬فال‬
‫مر عىل رجل من األنصار‬ ‫النبي ﷺ َّ‬‫يكون مثل البهائم‪ ،‬و ُي َب ِّي هذا احلديث أن َّ‬
‫ض بِك أحيانًا‬ ‫ِ‬
‫أخا له كان كثري احلياء قائال‪ :‬إنك َلت َْستحي حتى َي ُ َّ‬‫وهو يعاتب ً‬
‫استحياؤك هذا‪ ،‬وكان هذا احلياء يمنعه من استيفاء حقوقه‪ ،‬فعتب عليه أخوه‬
‫ووعظه عىل ذلك‪ ،‬فأمره رسول ال َّله ﷺ أن يرتكه عىل حيائه؛ ألن احلياء من‬
‫مكمالت اإليامن‪.‬‬
‫ـ َعدَّ رسول ال َّله ﷺ احلياء من اإليامن؛ ألنه يمنع صاحبه من ارتكاب املعايص‪،‬‬
‫كام يمنع اإليامن من ارتكاهبا؛ َف َس َّمى ﷺ احلياء إيامنًا كام ُي َس َّمى اليشء باسم ما‬
‫اء ُش ْع َب ٌة ِم َن ا ِ‬
‫إل َيم ِن»‪.‬‬ ‫«و َ‬
‫احل َي ُ‬ ‫قام مقامه‪ ،‬وهذا مثل قوله ﷺ يف حديث آخر‪َ :‬‬
‫ـ ليس ألحد أن يقول‪ :‬إذا كان احلياء بعض اإليامن لزم أن ينتفي اإليامن‬
‫بانتفائه؛ ألن املراد من احلديث أن احلياء من مكمالت اإليامن‪ ،‬ونفي الكامل ال‬
‫يستلزم نفي احلقيقة‪.‬‬
‫إل َيم ِن» ألن الواعظ‬ ‫اء ِم َن ا ِ‬ ‫النبي ﷺ كالمه بـ «إِ َّن» يف قوله‪َ « :‬فإِ َّن َ‬
‫احل َي َ‬ ‫ُّ‬ ‫ـ أكَدَّ‬
‫تنزيل؛ لظهور أمارات اإلنكار عليه‪ ،‬وجيوز أن‬ ‫كان شاكًّا‪ ،‬بل كان ُمنْكِ ًرا ولو ً‬
‫يكون التأكيد من جهة أن القضية يف نفسها مما جيب أن ُ ْيتَم هبا‪ ،‬و ُي َؤكَّد عليها‪،‬‬
‫وإن مل يكن هناك إنكار‪ ،‬أو شك من أحد‪.‬‬
‫ـ قد يتولد احلياء من ال َّله ـ تعاىل ـ من ال َّت َق ُّلب يف نعمه فيستحيي العاقل أن‬
‫«خ ِ‬
‫ف ال َّله عىل قدر قدرته‬ ‫يستعني هبا عىل معصيته‪ ،‬وقد قال بعض السلف‪َ :‬‬
‫عليك‪ ،‬واستح منه عىل قدر قربه منك»‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫ما ُيرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬احلث عىل االمتناع من قبائح األمور‪ ،‬ورذائلها وكل ما ُيستحيا منه‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬احلياء من أعظم ُش َعب اإليامن‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬احلث عىل التَّخَ ُّلق بخُ ُلق احلياء؛ ملا فيه من اخلري‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬احلياء الرشعي خري ك ُّله‪ ،‬وإن أدى إىل ترك بعض احلقوق الدنيوية‪.‬‬
‫***‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫(م َّر ـ َي ِع ُظ ـ َ‬
‫احل َياء ـ َد ْع ُه)‪.‬‬ ‫َ‬
‫اء ِم َن ا ِ‬
‫إل َيم ِن»؟‬ ‫«م ْن» يف قوله ﷺ‪َ « :‬فإِ َّن َ‬
‫احل َي َ‬
‫‪2‬ـ ما نوع ِ‬
‫احلي ِ‬ ‫ِ‬
‫اء»؟‬ ‫«و ُه َو َيع ُظ َأ َخا ُه ِف َ َ‬
‫وما إعراب مجلة‪َ :‬‬
‫‪3‬ـ ِل َ َعدَّ رسول ال َّله ﷺ احلياء من اإليامن؟‬
‫‪4‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪5‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪100‬‬
‫احلديث الثامن والعشرون‬
‫َف ْض ُل الِع ْلِم والع َ‬
‫َم ِل‬
‫«م َث ُل َما َب َع َثنِي ال َّل ُه بِ ِه ِم َن‬ ‫ي ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬ ‫وسى األَ ْش َع ِر ِّ‬ ‫َع ْن َأ ِب ُم َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث الكَثِ ِري َأصاب َأر ًضا‪َ ،‬فك َ ِ‬ ‫الع ْلمِ‪ ،‬كَم َث ِل ال َغي ِ‬ ‫ُاهلدَ ى و ِ‬
‫اء‪،‬‬ ‫َان من َْها نَق َّي ٌة‪َ ،‬قبِ َلت ا َمل َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َل والع ْشب الكَثِري‪ ،‬وكَان ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َت من َْها َأ َجاد ُب‪َ ،‬أ ْم َسكَت ا َمل َ‬
‫اء‪َ ،‬فنَ َف َع ال َّل ُه ِ َبا‬ ‫َ َ‬ ‫َف َأ ْن َبتَت الك َ َ َ ُ َ‬
‫ان َل‬ ‫ت ِمن َْها َطائِ َف ًة ُأ ْخ َرى‪ ،‬إِن ََّم ِه َي ِقي َع ٌ‬ ‫ش ُبوا َو َس َق ْوا َوز ََر ُعوا‪َ ،‬و َأ َصا َب ْ‬ ‫َّاس‪َ ،‬ف َ ِ‬ ‫الن َ‬
‫ين ال َّل ِه‪َ ،‬و َن َف َع ُه َما َب َع َثنِي ال َّل ُه بِ ِه‬
‫ك َم َث ُل َم ْن َف ُق َه ِف ِد ِ‬ ‫َل‪َ ،‬ف َذلِ َ‬ ‫تكَ ً‬ ‫اء َو َل ُتنْبِ ُ‬‫ك َم ً‬ ‫ُت ْ ِس ُ‬
‫ت بِ ِه»‪.‬‬ ‫ك َر ْأ ًسا‪َ ،‬و َل ْ َي ْق َب ْل ُهدَ ى ال َّل ِه ا َّل ِذي ُأ ْر ِس ْل ُ‬‫َف َعلِ َم َو َع َّل َم‪َ ،‬و َم َث ُل َم ْن َل ْ َي ْر َف ْع بِ َذلِ َ‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«م َث ُل»‪ُ :‬ي َراد به الصفة العجيبة‪.‬‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫«اهلدَ ى»‪ :‬هو الداللة املوصلة للقصد‪.‬‬
‫«و ِ‬
‫الع ْلمِ»‪ :‬هو املدلول‪ ،‬وهو صفة ت ِ‬
‫ُوجب متييزًا ال حيتمل النقيض‪ ،‬واملراد به‬ ‫َ‬
‫هنا األحكام الرشعية‪.‬‬
‫«ال َغ ْيث»‪ :‬هو املطر الذي يأيت عند شدة االحتياج إليه‪.‬‬
‫«ن َِق َّي ٌة»‪ :‬أي طائفة طيبة‪.‬‬
‫ِ‬
‫« َقبِ َلت ا َمل َ‬
‫اء»‪ :‬من القبول‪.‬‬
‫يابسا‪.‬‬ ‫«الك َ َ‬
‫َل»‪ :‬النبات رط ًبا كان أو ً‬
‫«وال ُع ْش َ‬
‫ب»‪ :‬النبات الرطب‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪101‬‬
‫«أج ِ‬
‫اجلدْ ب‪ ،‬وهو القحط‪ ،‬واألرض اجلدبة هي التي مل ُت ْ َطر‪،‬‬ ‫اد ُب»‪ :‬من َ‬ ‫َ َ‬
‫وا ُملراد هنا‪ :‬األرض التي ال ترشب ماء‪ ،‬وال ُتنْبِت‪.‬‬
‫السبخة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ان»‪ :‬مجع قاع‪ ،‬وهي أرض مستوية ملساء‪ ،‬أو األرض َّ‬ ‫«قي َع ٌ‬
‫ك»‪ :‬أي ما ُذكِر من األقسام الثالثة‪.‬‬‫« َف َذلِ َ‬
‫« َف ُق َه»‪ :‬أي‪ :‬صار الفقه له سجية‪ ،‬أو صار ً‬
‫فقيها‪.‬‬
‫« َف َعلِ َم َو َع َّل َم»‪ :‬أي ف َعلِ َم ما جئت به‪ ،‬و َع َّل َم غريه من الناس‪.‬‬
‫«و َل ي ْقب ْل هدَ ى ال َّل ِه ا َّل ِذي ُأر ِس ْل ُ ِ‬
‫ت بِه»‪ :‬أي مل يقبله قبوال ً‬
‫تاما‪ ،‬وحيتمل أنه‬ ‫ْ‬ ‫َ َْ َ ُ‬
‫إشارة إىل َم ْن مل يدخل يف الدين ً‬
‫أصل‪ ،‬بل بلغه فكفر به‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫«من ُاهلدَ ى و ِ‬
‫الع ْلمِ»‪ :‬باجلر عط ًفا عىل ُ‬
‫«اهلدَ ى» من عطف املدلول عىل الدليل‪،‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ادف‪.‬‬ ‫باهلدَ ى العلم نفسه فيكون من عطف املـُر ِ‬ ‫ويت ََمل أن ُي َراد ُ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫اب َأ ْر ًضا»‪ :‬مجلة حالية بتقدير‪« :‬قد»‪.‬‬‫«أ َص َ‬‫َ‬
‫ب»‪ :‬بالنصب عطف عىل «الك ََل»‪ ،‬وهو من ذكر اخلاص بعد العام‪.‬‬ ‫«وال ُع ْش َ‬ ‫َ‬
‫«الكَثِ َري»‪ :‬صفة لل ُع ْشب‪.‬‬
‫«أج ِ‬
‫اد ُب»‪ :‬مجع َجدَ ب عىل غري قياس‪ ،‬أو مجع جديب من اجلدب‪.‬‬ ‫َ َ‬
‫«ل َي ْر َف ْع بِ َذلِ َ‬
‫ك َر ْأ ًسا» الباء بمعنى الالم‪ ،‬أي مل يرفع رأسه لذلك؛ كناية عن‬ ‫َ‬
‫تكربه وعدم التفاته إليه من شدة كربه‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫الناس يف وقت‬
‫النبي ﷺ ما جاء به من الدين بالغيث العام‪ ،‬الذي يأيت َ‬
‫ـ شبه ُّ‬
‫حاجتهم إليه‪ ،‬وكذا كان حال الناس قبل مبعثه ﷺ‪ ،‬فكام أن الغيث ُييي األرض‬
‫‪102‬‬
‫ومن عليها من املخلوقات‪ ،‬فكذا علوم الدين ُتيي القلوب امليتة‪ ،‬ثم شبه ﷺ‬
‫السامعني له باألرايض املختلفة التي ينزل هبا الغيث؛ فاألول‪ :‬تشبيه معقول‬
‫بمحسوس‪ ،‬والثاين‪ :‬تشبيه حمسوس بمحسوس‪.‬‬
‫ـ يف قوله ﷺ « َف َعلِ َم َو َع َّل َم» بيان للعامل العامل املع ِّلم‪ ،‬وهو كاألرض الطيبة‬
‫أيضا للجامع للعلم‬‫رشبت فانتفعت يف نفسها‪ ،‬وأنبتت فنفعت غريها‪ ،‬وبيان ً‬
‫املستغرق لزمانه فيه ا ُمل َع ِّلم غريه‪ ،‬لكنه مل يعمل بنوافله‪ ،‬أو مل يتفقه فيام مجع‪ ،‬فهو‬
‫كاألرض التي يستقر فيها املاء فينتفع الناس به‪.‬‬
‫معنى التمثيل الوارد يف احلديث‪:‬‬
‫ـ أن األرض ثالثة أنواع وكذلك الناس‪:‬‬
‫فالنوع األول من األرض‪ :‬ينتفع باملطر فتحيا بعد أن كانت ميتة‪ ،‬وتنبت‬
‫الكأل فينتفع به الناس والدواب‪ ،‬والنوع األول من الناس‪ :‬يبلغه اهلدى والعلم‪،‬‬
‫فيحفظه وهيدي قلبه‪ ،‬ويعمل به‪ ،‬و ُي َع ِّلمه غريه‪ ،‬فينتفع‪ ،‬وينفع‪.‬‬
‫والنوع الثاين من األرض‪ :‬ما ال تقبل االنتفاع يف نفسها‪ ،‬لكن فيها فائدة‪ ،‬وهي‬
‫إمساك املاء لغريها فينتفع به الناس‪ ،‬وكذلك النوع الثاين من الناس‪ :‬هلم قلوب‬
‫حافظة‪ ،‬لكن ليست هلم أذهان ثاقبة‪ ،‬وال رسوخ هلم يف العلم يستنبطون به املعاين‬
‫واألحكام‪ ،‬وليس هلم اجتهاد يف العمل به‪ ،‬فهم حيفظون حتى جييء أهل العلم‪،‬‬
‫فيحصلون النفع وحيققون االنتفاع لغريهم‪ ،‬فهؤالء نفعوا أنفسهم وغريهم بام‬
‫ِّ‬
‫بلغهم‪.‬‬
‫والنوع الثالث من األرض‪ :‬هو السبخة التي ال تُنبت فهي ال تنتفع باملاء‪،‬‬
‫وال ُت ِسكه لينتفع به غريها‪ ،‬وكذلك النوع الثالث من الناس‪ :‬ليست هلم قلوب‬
‫‪103‬‬
‫حافظة‪ ،‬وال أفهام واعية‪ ،‬فإذا سمعوا العلم ال ينتفعون به‪ ،‬وال حيفظونه لنفع‬
‫غريهم‪ .‬فاألول‪ :‬املنتفع النافع‪ .‬والثاين‪ :‬النافع غري املنتفع‪ .‬والثالث‪ :‬غري النافع‬
‫وغري املنتفع‪ .‬فاألول إشارة إىل العلامء‪ ،‬والثاين إىل النقلة‪ ،‬والثالث إىل من ال علم‬
‫له‪ ،‬وال نقل‪.‬‬
‫ـ ُيتَمل أن يكون التشبيه يف احلديث واحدً ا من باب التمثيل‪ ،‬أي تشبيه صفة‬
‫ب‬
‫العلم الواصل إىل أنواع الناس من جهة اعتبار النفع وعدمه بصفة املطر املـُن َْص ِّ‬
‫إىل أنواع األرض من تلك اجلهة‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫الـم َع ِّلم‪ ،‬وأنه كاألرض الطيبة التي انتفعت‬
‫‪2‬ـ ‪2‬بيان فضل العامل العامل ُ‬
‫ونفعت‪.‬‬
‫الـم َع ِّلم الذي مل يعمل بعلمه أو يتفقه فيه‪ ،‬مثل األرض التي‬
‫‪3‬ـ ‪3‬مثل العامل ُ‬
‫نفعت ومل تنتفع‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬الذي ال ينتفع بالعلم وال حيفظه لنفع غريه‪ِ ،‬م ْثل األرض التي مل تنتفع ومل‬
‫تنفع‪.‬‬
‫الناس يف وقت حاجتهم إليه‬
‫َ‬ ‫‪5‬ـ ‪5‬دين ال َّله ـ تعاىل ـ مثل الغيث الذي يأيت‬
‫فيحيي موات البالد والعباد‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬جواز رضب األمثال؛ لتقريب املعاين إىل األفهام‪.‬‬

‫***‬

‫‪104‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫اد ُب ـ ِقي َع ٌ‬
‫ان)‪.‬‬ ‫(الك ََل ـ الع ْشب ـ َأج ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫«ل َي ْر َف ْع بِ َذلِ َ‬
‫ك َر ْأ ًسا»؟ وما إعراب مجلة‪:‬‬ ‫‪2‬ـ ما معنى «الباء» يف قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫اب َأ ْر ًضا»؟‪.‬‬ ‫َ‬
‫«أ َص َ‬
‫‪3‬ـ ما معنى التمثيل الوارد يف احلديث؟‬
‫‪4‬ـ َب ِّي املراد من قوله ﷺ‪َ « :‬ف َعلِ َم َو َع َّل َم»‪.‬‬
‫‪5‬ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫‪6‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫***‬

‫‪105‬‬
‫احلديث التاسع والعشرون‬
‫االسِت ْغ َفاِر‬
‫َسيِّ ُد ْ‬
‫ول‪:‬‬ ‫ار َأ ْن َت ُق َ‬‫االستِ ْغ َف ِ‬
‫ْ‬ ‫َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َق َال‪َ :‬‬
‫«س ِّيدُ‬ ‫اد ْب ِن َأ ْو ٍ‬
‫س‬ ‫عن َشدَّ ِ‬
‫َ ْ‬
‫ْت‪َ ،‬خ َل ْقتَنِي َو َأنَا َع ْبدُ َك‪َ ،‬و َأنَا َع َل َع ْه ِد َك َو َو ْع ِد َك َما‬ ‫ْت َر ِّب َل إِ َل َه إِ َّل َأن َ‬ ‫ال َّل ُه َّم َأن َ‬
‫ك بِ َذ ْنبِي‬ ‫ك َع َ َّل‪َ ،‬و َأ ُب ُ‬
‫وء َل َ‬ ‫ك بِن ِ ْع َمتِ َ‬ ‫ت‪َ ،‬أ ُب ُ‬
‫وء َل َ‬ ‫ش َما َصنَ ْع ُ‬ ‫ت‪َ ،‬أعو ُذ بِ َ ِ‬
‫ك م ْن َ ِّ‬ ‫ْاس َت َط ْع ُ ُ‬
‫ار م ِ‬ ‫ْت»‪َ ،‬ق َال‪« :‬ومن َق َ ِ‬ ‫َفا ْغ ِف ْر ِل‪َ ،‬فإِ َّن ُه َل َيغ ِْف ُر ُّ‬
‫وقنًا ِ َبا‪،‬‬ ‫الا م َن الن ََّه ِ ُ‬ ‫ََ ْ‬ ‫ُوب إِ َّل َأن َ‬
‫الذن َ‬
‫الا ِمن ال َّلي ِل وهو م ِ‬ ‫َفم َت ِمن يو ِم ِه َقب َل َأ ْن يم ِس‪َ ،‬فهو ِمن َأه ِل َ ِ‬
‫وق ٌن‬ ‫اجلنَّة‪َ ،‬و َم ْن َق َ َ ْ َ ُ َ ُ‬ ‫ُْ َ ُ َ ْ ْ‬ ‫ْ َْ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِ َبا‪َ ،‬ف َم َت َق ْب َل َأ ْن ُي ْصبِ َح‪َ ،‬ف ُه َو م ْن َأ ْه ِل َ‬
‫اجلنَّة»‪.‬‬
‫التعريف براوي احلديث‬
‫ي النجاري‪َ ،‬أ ُبو يعىل‬ ‫ار ّ‬‫حرام ْالن َْص ِ‬
‫َشدَّ اد بن َأ ْوس بن َثابت بن الـ ُْمنْذر بن َ‬
‫الص ِامت ‪َ :‬شدَّ اد من‬ ‫دن‪ ،‬ا ْبن أخي حسان بن َثابت ‪َ ،‬ق َال ع َبا َدة بن َّ‬ ‫ا ْل ِ‬
‫ا َّلذين ُأوتُوا ا ْلعلم واحللم‪َ .‬م َ‬
‫ات سنة َث َمن َومخسني بِ َب ْيت ا ْل ُ‬
‫ـم َقدّ س‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫ار»‪ :‬أي‪ :‬أفضله‪ ،‬فالـمست ِ‬
‫ْغفر هبذا الدعاء أكثر ثوا ًبا عند ال َّله‬ ‫االستِ ْغ َف ِ‬
‫ُ‬ ‫«س ِّيدُ ْ‬ ‫َ‬
‫من املس َتغْفر بغريه‪.‬‬
‫ار»‪ :‬استفعال من ال َغ ْفر‪ ،‬وهو طلب غفران الذنوب‪ ،‬والصيانة من‬ ‫«االستِ ْغ َف ِ‬
‫ْ‬
‫آثارها‪.‬‬
‫«و َأنَا َع َل َع ْه ِد َك َو َو ْع ِد َك»‪ :‬أي‪ :‬ما عاهدتك عليه‪ ،‬وواعدتك من اإليامن‬ ‫َ‬
‫بك‪ ،‬وإخالص الطاعة لك‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وء»‪ :‬أي‪ :‬أعرتف‪.‬‬ ‫َ‬
‫«أ ُب ُ‬
‫ك بِ َذ ْنبِي»‪ :‬أعرتف به‪ ،‬أو أرجع بذنبي فال أستطيع رصفه عني‪.‬‬ ‫«و َأ ُب ُ‬
‫وء َل َ‬ ‫َ‬
‫يصون العبدَ من أن‬
‫َ‬ ‫« َفا ْغ ِف ْر ِل»‪ :‬املغفرة والغفران من ال َّله ـ تعاىل ـ هو‪ :‬أن‬
‫يمسه العذاب‪.‬‬
‫ملِ ًصا من قلبه‪ُ ،‬مصدِّ ًقا بثواهبا‪.‬‬ ‫«م ِ‬
‫وقنًا ِ َبا»‪ْ ُ :‬‬ ‫ُ‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫ار»‪ :‬استعري اسم «السيد» هلذا الدعاء اجلامع ملعاين التوبة كلها؛‬ ‫االستِ ْغ َف ِ‬
‫«س ِّيدُ ْ‬
‫َ‬
‫ألن السيد اسم للرئيس املـُ َقدَّ م الذي ُي ْعتَمد إليه يف احلوائج و ُيرجع إليه يف األمور‪.‬‬
‫«و َأنَا َع ْبدُ َك»‪ :‬جيوز أن تكون ً‬
‫حال مؤكدة‪ ،‬وأن تكون مقدرة‪ ،‬أي وأنا عابد‬ ‫َ‬
‫لك‪.‬‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫عالم يشري قوله‪ :‬وأنا عىل عهدك ووعدك؟‬
‫«و َأنَا َع َل َع ْه ِد َك َو َو ْع ِد َك» إىل االعرتاف بالعجز والتقصري‬
‫ـ يشري قوله ﷺ َ‬
‫عام جيب حلق ال َّله ـ تعاىل ـ‪ ،‬وقد ُي َراد بالعهد ما أخذه ال َّله ـ تعاىل ـ عىل عباده‬
‫حيث أخرجهم أمثال َّ‬
‫الذ ِّر‪ ،‬وأشهدهم عىل أنفسهم ﱹ ﭲ ﭳﭴﱸ(((‪ ،‬فأقروا‬
‫له بالربوبية‪ ،‬وأذعنوا له بالوحدانية‪.‬‬
‫و ُي َراد بالوعد ما قاله ال َّله عىل لسان نبيه ﷺ‪ :‬إن من مات ال ُي ْشك بال َّله شيئًا‪،‬‬
‫وأ َّدى ما افرتض عليه أن يدخله اجلنة‪.‬‬

‫((( سورة األعراف‪ .‬اآلية‪.172 :‬‬


‫‪107‬‬
‫ي النبي ﷺ أنه جيب عىل املسلم أن يعرتف بنعم ال َّله عليه‪ ،‬وتقصريه يف‬ ‫ـ ُي َب ِّ ُ‬
‫ك بِ َذ ْنبِي َفا ْغ ِف ْر ِل‪،‬‬
‫وء َل َ‬ ‫ك بِن ِ ْع َمتِ َ‬
‫ك َع َ َّل‪َ ،‬و َأ ُب ُ‬ ‫وء َل َ‬ ‫أداء ُشكرها حني يقول‪َ :‬‬
‫«أ ُب ُ‬
‫ْت»‪ ،‬ومل ُي َق ِّيد ﷺ النِّعم ليشمل كل اإلنعام‪ ،‬وعدَّ ﷺ‬ ‫ُوب إِ َّل َأن َ‬ ‫َفإِ َّن ُه َل َيغ ِْف ُر ُّ‬
‫الذن َ‬
‫التقصري‪ ،‬وعدم القيام بأداء ُشكر النِّعمة ذن ًبا مبالغ ًة يف التقصري‪ ،‬وهضم النّفس‪.‬‬
‫ويتمل أن يكون ذلك اعرتا ًفا بوقوع الذنب مطل ًقا ليصح االستغفار منه‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وقنًا ِ َبا‪َ ،‬ف َم َت ِم ْن َي ْو ِم ِه َق ْب َل َأ ْن‬
‫ار م ِ‬ ‫ـ تفسري قوله ﷺ‪« :‬ومن َق َ ِ‬
‫الا م َن الن ََّه ِ ُ‬ ‫ََ ْ‬
‫اجلن َِّة‪ :‬أي الداخلني هلا؛ ألن الغالب أن املؤمن بحقيقتها‪،‬‬ ‫س‪َ ،‬ف ُه َو ِم ْن َأ ْه ِل َ‬ ‫ِ‬
‫ُي ْم َ‬
‫املوقن بمضموهنا ال يعيص ال َّله ـ تعاىل ـ متعمدً ا عصيانه‪ ،‬أو أن ال َّله ـ تعاىل ـ‬
‫ويتمل أن يكون هذا فيمن قاهلا‪ ،‬ومات قبل أن‬
‫يعفو عنه بربكة هذا االستغفار‪ُ .‬‬
‫يفعل ما ُي ْغ َفر له به ذنوبه‪.‬‬
‫ِل َ استحق هذا الدعاء أن يكون سيد االستغفار؟‬
‫ـ واستحق هذا الدعاء أن يكون سيد االستغفار؛ ألنه مجع من بديع املعاين‪،‬‬
‫وحسن األلفاظ؛ ففيه إقرار ل َّله ـ تعاىل ـ وحده باأللوهية والعبودية‪ ،‬واالعرتاف‬
‫بأنه اخلالق‪ ،‬واإلقرار بالعهد الذي أخذه عليه‪ ،‬والرجاء بام وعد به‪ ،‬واالستعاذة‬
‫من رش ما جنى العبد عىل نفسه‪ ،‬وإضافة النعامء إىل موجدها‪ ،‬وإضافة الذنب‬
‫إىل نفسه‪ ،‬ورغبته باملغفرة‪ ،‬واعرتافه بأنه ال يقدر أحد عىل ذلك إال ال َّله تعاىل‪،‬‬
‫ويف كل ذلك اإلشارة إىل اجلمع بني الرشيعة واحلقيقة‪ ،‬وأن تكاليف الرشيعة‬
‫ال حتصل إال بمعونة ال َّله ـ تعاىل ـ قال بعض العلامء‪ :‬وال يكون هذا الدُّ عاء‬
‫سيد االستغفار إال إذا مجع رشوط االستغفار‪ ،‬وهي صحة النِّية‪ ،‬وصدق التوجه‪،‬‬
‫واألدب‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫مايرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪2‬الثناء عىل ال َّله بام هو أهله من أهم آداب الدعاء‪.‬‬
‫‪3‬ـ ‪3‬االعرتاف بالتقصري‪ ،‬والشعور بالذنب من أهم البواعث عىل التوبة‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬اإلقرار ل َّله ـ تعاىل ـ وحده باأللوهية واستحقاق العبودية من اإليامن‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬وجوب االعرتاف بنعم ال َّله ـ تعاىل ـ بأداء شكرها‪.‬‬
‫‪6‬ـ ‪6‬من أهم أسباب قبول االستغفار صحة النية‪ ،‬وصدق القصد‪ ،‬والتأدب‬
‫مع ال َّله تعاىل‪.‬‬

‫***‬
‫األسئلة‬
‫ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫ار ـ م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقنًا ِ َبا)‪.‬‬ ‫االست ْغ َف ِ ُ‬
‫وء ـ ْ‬ ‫(و َأنَا َع َل َع ْهد َك َو َو ْعد َك ـ َأ ُب ُ‬
‫َ‬
‫«و َأنَا َع ْبدُ َك»؟‪.‬‬
‫ـ ما إعراب قوله ﷺ‪َ :‬‬
‫ار م ِ‬
‫وقنًا ِ َبا‪َ ،‬ف َم َت ِم ْن َي ْو ِم ِه َق ْب َل َأ ْن‬ ‫ـ ما تفسري قوله ﷺ‪« :‬ومن َق َ ِ‬
‫الا م َن الن ََّه ِ ُ‬ ‫ََ ْ‬
‫اجلن َِّة؟‬
‫س‪َ ،‬ف ُه َو ِم ْن َأ ْه ِل َ‬ ‫ِ‬
‫ُي ْم َ‬
‫ـ ارشح احلديث بأسلوبك‪.‬‬
‫ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫احلديث الثالثون‬
‫من آداب الدعاء‬
‫اب ِلَ َح ِدك ُْم َما َل ْ َي ْع َج ْل‪،‬‬ ‫َأ َّن رس َ ِ‬
‫ول ال َّله ﷺ َق َال‪ُ « :‬ي ْست ََج ُ‬ ‫َ ُ‬‫َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة‬
‫َي ُقول‪َ :‬د َع ْو ُت َف َل ْم ُي ْست ََج ْ‬
‫ب ِل»‪.‬‬
‫معاني المفردات‪:‬‬
‫«يستَج ِ ِ‬
‫اب لَ َحدك ُْم»‪ :‬أي‪َ ُ :‬‬
‫ياب دعاء كل واحد منكم‪.‬‬ ‫ُْ َ ُ‬
‫«ما َل ْ َي ْع َج ْل»‪ :‬أي‪ :‬ما مل يستعجل إجابة الدعاء‪ ،‬يقول دعوت ً‬
‫مرارا كثرية فلم‬ ‫َ‬
‫ُي ْستَجب يل‪.‬‬
‫المباحث العربية‪:‬‬
‫«لَ َح ِدك ُْم»‪ :‬مفرد ُمضاف ُيفيد العموم عىل األصح‪.‬‬
‫ِ‬
‫«ما َل ْ َي ْع َج ْل»‪.‬‬ ‫« َي ُق ُ‬
‫ول»‪ :‬بيان لقوله َ‬
‫الشرح والبيان‪:‬‬
‫املعنى املقصود يف احلديث‪:‬‬
‫النبي ﷺ َم ْن يدعو ال َّله عز وجل بأن ال يستعجل إجابة دعائه‪ ،‬و َب َّي‬ ‫ـ حيث ُّ‬
‫يف حديث آخر يف «صحيح مسلم» بعض موانع إجابة الدعاء؛ ومنها استعجال‬
‫اب لِ ْل َع ْب ِد‪َ ،‬ما‬‫«ل َيز َُال ُي ْست ََج ُ‬ ‫َع ِن النَّبِ ِّي ﷺ َأ َّن ُه َق َال‪َ :‬‬ ‫اإلجابة ف َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة‬
‫االستِ ْع َجال؟‬ ‫يل‪ :‬يا رس َ ِ‬
‫ول ال َّله َما ْ‬ ‫ج ْل» ق َ َ َ ُ‬
‫َل يدْ ع بِإِ ْث ٍم َأو َقطِيع ِة ر ِحمٍ‪ ،‬ما َل يس َتع ِ ِ‬
‫َ َْْ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ‬
‫س((( ِعنْدَ‬ ‫ِ‬ ‫ول‪َ « :‬قدْ َد َع ْو ُت َو َقدْ َد َع ْو ُت‪َ ،‬ف َل ْم َأ َر َي ْست ِ‬ ‫َق َال‪َ :‬ي ُق ُ‬
‫يب ِل‪َ ،‬ف َي ْست َْح ُ‬ ‫َج ُ‬
‫اء»‪.‬‬ ‫ك‪َ ،‬و َيدَ ُع الدُّ َع َ‬ ‫َذلِ َ‬
‫((( أي‪ :‬ينقطع عن الدعاء‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫حكم من له ماللة عند الدعاء‪:‬‬
‫ـ ذكر العلامء أن من كان له ماللة عند الدُّ عاء ال يقبل ال َّله ‪ -‬تعاىل ‪ -‬دعاءه؛‬
‫ألن الدُّ عاء عبادة سواء حصلت اإلجابة‪ ،‬أو مل حتصل‪ ،‬فال ينبغي للمؤمن أن‬
‫َّ‬
‫يمل من العبادة‪ ،‬وتأخري اإلجابة‪َّ ،‬إما؛ ألنه مل يأت وقتها‪ ،‬فإن لكل يشء وقتًا‪،‬‬
‫وإما ألنه مل ُي َقدَّ ر يف األزل قبول دعائه يف الدنيا ل ُي ْع َطى عوضه يف اآلخرة‪ ،‬وإما أن‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُي َؤ َّخر القبول ل ُيل َّح و ُي َبالغ يف مسألته فإن ال َّله ‪ -‬تعاىل ‪ -‬حيب اإلحلاح يف الدُّ عاء‬
‫مع ما يف ذلك من االنقياد‪ ،‬واالستسالم‪ ،‬وإظهار االفتقار‪ ،‬ومن ُيكْثِر قرع الباب‬
‫ستجاب له‪.‬‬
‫وشك أن ُي َ‬ ‫وشك أن ُي ْفت ََح له‪ ،‬ومن ُيكْثِر الدعاء ُي َ‬ ‫ُي َ‬
‫آداب الدعاء‪:‬‬
‫ـ للدعاء آداب كثرية منها‪ :‬الوضوء قبله‪ ،‬وحتري األوقات الفاضلة كالسجود‪،‬‬
‫وبني األذان واإلقامة‪ ،‬وعند نزول املطر‪ ،‬وعند السفر‪ ،‬وثلث الليل األخري‪،‬‬
‫أيضا‪ :‬التوبة‪ ،‬والصالة‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬واالعرتاف بالعجز والتقصري‪،‬‬ ‫ومن آدابه ً‬
‫واستقبال القبلة‪ ،‬وافتتاحه باحلمد‪ ،‬والثناء عىل ال َّله ـ تعاىل ـ بام هو أهله‪ ،‬والصالة‬
‫درج دعاؤه و َط َل ُبه مع أدعية‬
‫عىل النبي ﷺ‪ ،‬وأال خيص نفسه بالدُّ عاء‪ ،‬بل يعم ل ُي َ‬
‫وتاب‪ ،‬وأن خيتم‬ ‫املوحدين‪ ،‬وخيلط حاجته بحاجتهم‪ ،‬لعلها أن ُت ْق َبل بربكتهم ُ‬
‫ورأسه‪ :‬اتقاء الشبهات‪ ،‬وحتري احلالل‬
‫ُ‬ ‫الدُّ عاء بقوله‪« :‬آمني»‪ ،‬وأصل هذا كله‬
‫الطيب‪ ،‬والبعد عن احلرام يف املطعم‪ ،‬واملرشب‪ ،‬وامللبس‪.‬‬
‫مستحبات الدعاء‪:‬‬
‫ك ْب ُن َي َس ٍ‬
‫ار‬ ‫ـ و ُيستَحب أن يرفع الداعي يديه أثناء الدعاء ملا َر َوى َمالِ ُ‬
‫اس َأ ُلو ُه بِ ُب ُط ِ‬ ‫َأ َّن رس َ ِ‬
‫ون َأ ُك ِّفك ُْم‪،‬‬ ‫ول ال َّله ﷺ َق َال‪« :‬إِ َذا َس َأ ْلت ُُم ال َّل َه َف ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫السك ِ ُّ‬
‫ُون‬ ‫َّ‬
‫‪111‬‬
‫ور َها»‪ ،‬فمن عادة من يطلب حاجة من غريه أن يمد كفه إليه‪،‬‬ ‫َو َل ت َْس َأ ُلو ُه بِ ُظ ُه ِ‬
‫فالداعي يبسط كفه إىل ال َّله ـ تعاىل ـ متواض ًعا متخش ًعا‪ ،‬وحكمة مسح الوجه‬
‫بكفيه عقب الدُّ عاء‪ :‬التفاؤل بقبول ما طلب‪ ،‬وتربكًا بإيصال الرمحة إىل وجهه‬
‫الذي هو أعىل األعضاء وأرشفها‪ ،‬ومنه ترسي إىل سائر األعضاء‪.‬‬
‫ما يرشد إليه الحديث‪:‬‬
‫‪1‬ـ ‪1‬حرص النبى ﷺ عىل تعليم أمته‪.‬‬
‫اب للمسلم ُدعاؤه ما مل َيستعجل إجابة الدعاء‪.‬‬
‫‪2‬ـ ‪ُ 2‬ي ْست ََج ُ‬
‫‪3‬ـ ‪3‬ال يقبل ال َّله ‪ -‬تعاىل ‪ُ -‬دعاء من يمل من كثرة الدُّ عاء‪ ،‬أو ينقطع عنه‪.‬‬
‫‪4‬ـ ‪4‬من آداب الدُّ عاء التوبة‪ ،‬واإلخالص‪ ،‬والثناء عىل ال َّله ـ تعاىل ـ بام هو‬
‫أهله‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫‪5‬ـ ‪5‬من أحب أن يكون ُماب الدعوة فل ُيطِب مطعمه ومرشبه‪.‬‬
‫***‬

‫‪112‬‬
‫األسئلة‬
‫‪1‬ـ َب ِّي معاين الكلامت اآلتية‪:‬‬
‫اب ِلَ َح ِدك ُْم ـ َما َل ْ َي ْع َج ْل)‪.‬‬
‫( ُي ْست ََج ُ‬
‫بعضا من آداب الدعاء‪.‬‬
‫‪2‬ـ اذكر ً‬
‫‪3‬ـ ما احلكمة من مسح الداعي وجهه بكفيه عقب الدعاء؟‬
‫‪4‬ـ ما رس َج ْعل االستعجال مان ًعا من إجابة الدعاء؟‬
‫‪5‬ـ ارشح احلديث بأسلوب بليغ‪.‬‬
‫‪6‬ـ اذكر ما ُيرشد إليه احلديث‪.‬‬
‫***‬

‫‪113‬‬
‫قائمة الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫‪3‬‬ ‫مقدمة‪...............................................‬‬
‫‪5‬‬ ‫أهداف الدراسة ‪.....................................‬‬
‫‪6‬‬ ‫احلديث األول‪ :‬سعة فضل ال َّله تعاىل‪..................‬‬
‫‪11‬‬ ‫احلديث الثاين‪ :‬مأمورات ومنهيات نبوية‪..............‬‬
‫‪18‬‬ ‫احلديث الثالث‪ :‬حتريم هجر املسلم‪...................‬‬
‫‪22‬‬ ‫اء إِ ْخ َو ٌة لِ َع َّلت ‪.................‬‬
‫احلديث الرابع‪ْ :‬الَ ْنبِ َي ُ‬
‫‪25‬‬ ‫احلديث اخلامس‪ :‬الرؤْ يا الص َِ‬
‫ال ُة ‪.....................‬‬ ‫ُّ َ َّ‬
‫‪28‬‬ ‫احلديث السادس‪ :‬إثم من َقتَل ُم َع َ‬
‫اهدً ا ‪................‬‬
‫‪31‬‬ ‫احلديث السابع‪ :‬الصدق ُة من الك َْس ِ‬
‫ب احلالل ال َّط ِّيب‪...‬‬
‫‪34‬‬ ‫احلديث الثامن‪ :‬التحري يف كسب اللقمة احلالل ‪......‬‬
‫‪36‬‬ ‫الص َحا َب ِة ريض اهلل عنهم ‪.......‬‬ ‫احلديث التاسع‪ُ :‬‬
‫فضل َّ‬
‫‪39‬‬ ‫احلديث العارش‪ :‬املنافسة يف فعل اخلري ‪................‬‬
‫‪42‬‬ ‫اعي َع َل األَ ْر َم َل ِة َوامل ِ ْسكِ ِ‬
‫ني ‪..‬‬ ‫احلديث احلادي عرش‪ :‬أجر الس ِ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الص ْ ِب عىل‬
‫‪45‬‬ ‫البالء ‪............‬‬ ‫أجر َّ‬
‫احلديث الثاين عرش‪ُ :‬‬
‫‪48‬‬ ‫احلديث الثالث عرش‪ :‬التحذير من قول الزور ‪.........‬‬
‫‪51‬‬ ‫احلديث الرابع عرش‪ :‬يرس اإلسالم وسامحته‪...........‬‬
‫تابع قائمة الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫احلديث اخلامس عرش‪ :‬النهي عن متني املوت‬


‫‪55‬‬ ‫لرضر دنيوي ‪........................................‬‬
‫احلديث السادس عرش‪ :‬من الكبائر شتم الرجل‬
‫‪58‬‬ ‫والديه‪...............................................‬‬
‫‪61‬‬ ‫احلديث السابع عرش‪ :‬فضل الصدق ‪..................‬‬
‫‪64‬‬ ‫احلديث الثامن عرش‪ :‬اغتنام الوقت ‪...................‬‬
‫‪67‬‬ ‫احلديث التاسع عرش‪ :‬حفظ اللسان‪...................‬‬
‫‪70‬‬ ‫احلديث العرشون‪ :‬فضل ال َّت َف ُّقه يف الدين ‪..............‬‬
‫احلديث احلادي والعرشون‪ :‬األمر بالتيسري‪ ،‬والنهي‬
‫‪75‬‬ ‫عن التعسري ‪.........................................‬‬
‫‪78‬‬ ‫احلديث الثاين والعرشون‪ :‬خطورة اإلفتاء بغري علم ‪...‬‬
‫(احلديث الثالث والعرشون‪ :‬حرمة الكذب عىل‬
‫‪81‬‬ ‫رسول ال َّله ﷺ ‪......................................‬‬
‫‪84‬‬ ‫احلديث الرابع والعرشون‪ :‬النهي عن إيذاء املسلم ‪.....‬‬
‫‪87‬‬ ‫احلديث اخلامس والعرشون‪ :‬فضل التوبة ‪.............‬‬
‫احلديث السادس والعرشون‪ :‬بيعة الرجال إثر‬
‫‪91‬‬ ‫مبايعة النساء ‪........................................‬‬
‫تابع قائمة الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫‪98‬‬ ‫إل َيم ِن‪..........‬‬ ‫اء ِم َن ا ِ‬ ‫احلديث السابع والعرشون‪َ :‬‬


‫احل َي ُ‬
‫‪101‬‬ ‫احلديث الثامن والعرشون‪َ :‬ف ْض ُل ِ‬
‫الع ْل ِم وال َع َم ِل ‪.......‬‬
‫‪106‬‬ ‫ار ‪...........‬‬ ‫احلديث التاسع والعرشون‪َ :‬س ِّيدُ ِال ْستِ ْغ َف ِ‬

‫‪110‬‬ ‫احلديث الثالثون‪ :‬من آداب الدعاء ‪...................‬‬

You might also like