Professional Documents
Culture Documents
Httpshal Sciencetel-03425942document
Httpshal Sciencetel-03425942document
Billel Djeghri
HAL is a multi-disciplinary open access archive L’archive ouverte pluridisciplinaire HAL, est des-
for the deposit and dissemination of scientific re- tinée au dépôt et à la diffusion de documents scien-
search documents, whether they are published or not. tifiques de niveau recherche, publiés ou non, émanant
The documents may come from teaching and research des établissements d’enseignement et de recherche
institutions in France or abroad, or from public or pri- français ou étrangers, des laboratoires publics ou
vate research centers. privés.
اجلمهورية اجلزائرية الدميوقراطية الشعبية
وزارة التعليم العايل والبحث العلمي
جامعة قسنطينة - 2عبد احلميد مهري
ii
شكر وتقدير
أتقدم خبالص شكري وامتناين إىل املشرف على هذا العمل األستاذة مسرية بوكرو
ابلشكر إىل السادة أعضاء الّلجنة على قبوهلم قراءة ومناقشة هذه األطروحة،
iii
فهرس المحتويات
الصفحة المحتويات
ii إهداء
iii كلمة شكر وتقدير
iv فهرس المحتويات
xii فهرس الجداول
xiv فهرس األشكال
أ -ض مقدمة
الفصل األول :الوقود الحيوي ذو أصل نباتي
2 تمهيد
3 المبحث األول -مفهوم الوقود الحيوي وتطوره التاريخي
3 -1-Iتعريف الوقود الحيوي
4 -2-Iالتطور التاريخي للوقود الحيوي
4 -1-2-Iالوقود الحيوي قبل 1973
6 -2-2-Iالوقود الحيوي بعد 1973
7 -3-Iأسباب التوجه نحو إنتاج الوقود الحيوي
7 -1-3-Iتأمين مصادر الطاقة
8 -2-3-Iالتحضير لمرحلة ما بعد البترول
8 -3-3-Iمواجهة المشكالت البيئة
8 -4-3-Iتنمية الزراعة والمجتمعات الريفية
9 المبحث الثاني -الوقود الحيوي من الجيل األول
10 -1-IIقطاعات الوقود الحيوي من الجيل األول
10 -1-1-IIقطاع الزيت
11 -1-1-1-IIالزيت النباتي الخام
12 -2-1-1-IIالزيت المستعمل (زيت االستهالك المنزلي)
12 -3-1-1-IIالبيوديزل (الديزل الحيوي)
13 -1-3-1-1-IIالمواد المستعملة في إنتاج البيوديزل
13 -1-1-3-1-1-IIالزيوت النباتية
13 -2-1-3-1-1-IIالدهون الحيوانية
iv
فهرس المحتويات
v
فهرس المحتويات
vi
فهرس المحتويات
vii
فهرس المحتويات
viii
فهرس المحتويات
ix
فهرس المحتويات
x
فهرس المحتويات
xi
فهرس الجداول
xii
فهرس الجداول
xiii
فهرس األشكال
xiv
فهرس األشكال
xv
فهرس األشكال
xvi
فهرس األشكال
266 تطور إنتاج اإليثانول وفقا لتدابير السياسة األمريكية لدعم الوقود الحيوي 86
267 عدد مصانع إنتاج اإليثانول في الواليات المتحدة األمريكية ()2014-1999 87
267 عدد محطات الوقود الحيوي في الواليات المتحدة األمريكية ()2016-1992 88
268 إنتاج واستخدام الذرة في اإليثانول في الواليات المتحدة األمريكية ()2015-1987 89
269 حصة الذرة المنتجة في إنتاج اإليثانول في الواليات المتحدة األمريكية 90
xvii
مقدمة
مقدمة
الطاقة عصب البشرية ال غنى عنها في حياة اإلنسان وال تخفى أهميتها عنه منذ الظهور األول له
على سطح األرض ،فقد اعتمد عليها في تسيير حياته وتسهيل معيشته إلى أن أصبحت اقتصاديات
الطاقة في عصرنا الحديث مجال علمي واسع نظ ار للدور البارز الذي تلعبه الطاقة في االقتصاد
الم ِّ
حرك األساسي له ،فضال عن كونها عنص ار جوهريا في تحقيق االستقرار العالمي الذي تعتبر ُ
السياسي واالجتماعي ،لدرجة أن مستوى تطور المجتمع أصبح يتحدد بالعالقة بين االقتصاد والطاقة.
يرجع له في تغذية االزدهار االقتصادي على مدى الخمسون سنة األخيرة باعتباره َش َّك َل محور دوران
أصبحت على مرمى البصر وأن االعتماد عليه يهدد بإخراج االقتصاد العالمي عن مساره ،األمر الذي
أدى إلى تنامي التحذيرات وصيحات اإلنذار ،ال سيما بعد التطورات الدولية واإلقليمية التي شهدها
العقد األول من األلفية الثالثة في ميدان الطاقة ،وأدى إلى ظهور الحاجة الملحة للبحث عن بدائل له
تحسبا لنضوبه المتوقع في القرن الحادي والعشرين ،ولغيرها من الدوافع االقتصادية والجيوسياسية
واأليكولوجية.
وفي إطار البحث عن هذه البدائل ،والجهود المعتبرة التي ُب ِّدَل ْت في هذا االتجاه منذ النصف الثاني من
السبعينات إبان ارتفاع أسعار النفط آنذاك ،حظيت البعض من هذه البدائل باهتمام بالغ سواء لكونها
َّ
بدائل لعبت في الماضي دو ار جوهريا في امدادات الطاقة على المستوى العالمي ،وتَقل َ
ص هذا الدور
شيئا فشيئا نظ ار لتوفر النفط الرخيص والسهل النقل والتخزين واالستخدام ،كما هو الحال بالنسبة للفحم
الحجري الذي يعرف حاليا اهتماما متجددا في بعض الدول التي تعرف معدالت نمو كبيرة على غرار
الصين والهند ،أ و لكونها بدائل متوفرة بكميات كبير في العالم لم تستغل في الماضي إالَّ بشكل محدود
أ
مقدمة
جدا ألسباب ِّعدة ،ال سيما اقتصادية وتكنولوجية ،كما هو الحال بالنسبة للطاقة الحيوية المستمدة من
وفي هذا السياق ،القى الوقود الحيوي المتمثل في اإليثانول والديزل الحيوي (البيوديزل) كبديل للوقود
األحفوري المشتق من البترول وكمصدر للطاقة المتجددة اهتماما كبي ار في مختلف أنحاء العالم ،حيث
ازداد إنتاجه بسرعة في السنوات األخيرة ومن المتوقع أ ن تستمر هذه الزيادة في اإلنتاج مستقبال نظ ار
للتطورات الحالية في السياسات ال ُم َدعمة له واالتجاهات الخاصة بالطلب على الوقود األحفوري في
جميع أنحاء العالم ،ويعود الفضل في ذلك إلى الرغبة في تقليل االعتماد على الوقود األحفوري خاصة
بعد ارتفاع أ سعار هذا األخير في بداية األلفية الجديدة ،وتزايد االنبعاثات المسببة لظاهرة االحتباس
الحراري ،عالوة على رغبة الدول المتقدمة في دعم المزارعين من خالل ض مان الطلب على المحاصيل
التي ينتجونها عن طريق توجيهها إلى صناعة الوقود الحيوي باعتبار أ ن هذه الصناعة تعتمد على
مواد وسيطة زراعية ممثلة أ ساسا في المحاصيل السكرية والنشوية كالقمح والشعير والذرة وقصب
السكر والبنجر بالنسبة لإليثانول ،أو المحاصيل الزيتية كالصويا وعباد الشمس بالنسبة للديزل الحيوي
(البيوديزل) ،مما أدى بأبرز الدول المهتمة بالوقود الحيوي إلى تكتيف استخدام مخزونها من مختلف
المواد األولية الزراعية الستخالص الوقود الحيوي كبديل للوقود األحفوري التقليدي ،األمر الذي زاد من
حجم الضغوط المفروضة على القطاع الزراعي الذي أصبح يرتبط ارتباطا وثيقا بقطاع الوقود الحيوي.
ونتيجة لهذا االرتباط ،فإن صناعة الوقود الحيوي بدأ ت تلقي بظاللها على القطاع الزراعي العالمي،
خاصة بعدما عرف العالم أزمة سنة 2008غذائية سجل فيها اسـتنزاف للمخزونـات الغذائيـة وارتفاعات
غير مـسبوقة في أسعار األغذية ،ال سيما المحاصيل الزراعية األساسية التي يدخل غالبيتها في
صناعة الوقود الحيوي ،فضال عن الـنقص في األغذية وتدني مخزوناتها ،األمر الذي حد من إمكانية
الحصول على الغذاء بالنـسبة للماليين من البشر في عدد كبير من الدول النامية التي ألقت زيادات
ب
مقدمة
مدفوعاتها مما أدى إلى تراجع الجهود الرامية إلى تسريع وتيرة تحقيق خططها ومشروعاتها التنموية.
أول:اإشكاليةاالدراسة ا
ًا
ثمة روابط وثيقة جمعت دوما قطاع الطاقة بقطاع الزراعة وجعلت من ضمان أمن الطاقة وتحقيق
األمن الغذائي هدفان رئيسيان لجميع دول العالم تسعى إلى تحقيقهما من خالل مختلف سياساتها بما
وفي هذا الصدد ،فإن تحليل العالقة التي تجمع بين الوقود الحيوي والزراعة أعاد تأكيد الصلة الموجودة
بين الطاقة والزراعة وطرح جملة من التساؤالت تقع في نقطة التقاطع بين قطاعين استراتيجيين لسيادة
أي دولة وهما قطاع الطاقة وقطاع الزراعة باعتبار أن الوقود الحيوي مازال يلعب دو ار غير مؤكدا في
هذين القطاعين مما يجعله من أكثر مصادر الطاقة المثيرة للجدل والخالف كونه ينطوي على فرص
وتحديات -متناقضة أحيانا -في أسواق الطاقة وأسواق المواد األولية الزراعية تجعل من إمكانية
مساهمته في تحقيق التنمية الزراعية والريفية وضمان األمن الطاقي أم ار ممكنا ،كما تجعل من
مساهمته في احتدام المنافسة على األراضي الزراعية وارتفاع أسعار المحاصيل واألغذية وما يترتب
مما سبق تبرز معالم اإلشكالية التي نود معالجتها من خالل التساؤل الرئيسي التالي:
ماامدىامساهمةاالوقوداالحيويافياتلبيةاالطلباعلىاالوقودادوناتشكيلاقيداغذائيا؟
لمعالجة هذه اإلشكالية والعمل على اإلحاطة بالجوانب التي تشكل محاور هذا الموضوع ،قمنا بطرح
-هل يؤثر إنتاج الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي على القطاع الزراعي ؟
ت
مقدمة
ثانيا:افرضياتاالدراسة ا
ً
على ضوء ما تم طرحه من تساؤالت حول موضوع البحث وأمال في تحقيق أهداف البحث يمكن وضع
الفرضيات التالية:
ُ -يشكل إنتاج الوقود الحيوي ذو أصل نباتي بالنسبة للجيل األول منه قيدا غذائيا كونه يؤثر سلبا على
-يمكن للوقود الحيوي ضمان إمدادات طاقة النقل شرط توفر الحماية والدعم الحكومي بما يضمن
تنافسيته في السوق.
ثال ًثا:اأهميةاالدراسة ا
يكتسب الموضوع في الوقت الراهن أهمية قصوة من الناحيتين االقتصادية والجيوسياسية ،كما يلقى
اهتماما كبي ار على الصعيد الدولي يوازي ما يلقاه من اهتمام على الصعيد الوطني .فتطوير طاقات
بديلة متجددة أصبح يشكل الشغل الشاغل للكثير من بلدان العالم في ظل ما تشهده هذه البلدان من
مشكالت وأزمات طاقية متفاقمة تهدد حقوق أجيالها المقبلة ،وتحديات مستقبلية خطيرة تتربص
باستقرارها َجراء التداعيات المترتبة على عدم استقرار امدادات الطاقة وتقلبات أسعار هذه األخيرة في
األسواق الدولية ،األمر الذي دفع بالكثير منها إ لى تطوير سياسات طاقية طموحة تمكنها من تحقيق
أمن التزود بالطاقة وإنتاج بدائل متجددة لها كالوقود الحيوي الذي يع ُّد من أهم الطاقات المتجددة التي
عرفها العالم في العقود األخيرة رغم كونه أيضا من أكثرها إثارة للجدل بسبب تداعياته المحتملة على
ث
مقدمة
أما على المستوى الوطني ،فتنبع أهمية الموضوع من ضرورة تطوير طاقة متجددة بديلة للوقود
البترولي في قطاع النقل ،وغياب حاليا ورقة طريق ملموسة طويلة المدى لتنويع مصادر الطاقة في
من الطلب عليه ومواجهة تداعيات تراجع المداخيل النفطية الوطنية التي ت ُّ
عد العمود الفقري للدولة في
سياق يتسم بتراجع أسعار النفط وما يترتب من ذلك على الصعد االقتصادية واالجتماعية واألمنية
والجيوسياسية ،مما ي جعل الجزائر عرضة النتقادات شديدة جراء لجوئها إلى خيارات ظرفية سطحية،
سهلة وقصيرة المدى كرفع الدعم أو استيراد الوقود لتغطية العجز المسجل في إنتاجه محليا في وقت
تستطيع فيه تطوير بدائل له واغتنام هذه الفرصة التاريخية للقيام بإصالحات هيكلية عميقة.
رابع ًا:اأسبابااختياراالموضوع
ثمة أسباب ودوافع ،منها الذاتية ومنها الموضوعية ،دفعتنا إلى اختيار هذا الموضوع والبحث فيه دون
-تزايد الحديث والنقاش في السنوات األخيرة حول ضرورة تطوير طاقة بديلة في قطاع النقل مما جعل
من الموضوع يكتسب أهمية كبيرة ويطرح نفسه بإلحاح على الساحة الوطنية والدولية ،السيما أمام
-االهتمام الكبير والمتزاي د الذي يحظى به هذا الموضوع من طرف الكثير من الباحثين والهيئات
-حداثة الموضوع في ميدان البحث العلمي في الجزائر وقلة البحوث والدراسات التي عالجته -حسب
-إمكانية البحث في هذا الموضوع رغم قلة المادة العلمية والمراجع باللغة العربية؛
ج
مقدمة
-الرغبة في تزويد المكتبة الجامعية بمرجع علمي جديد يمثل لبنة إضافية في حقل البحث العلمي
تضاف إلى جهود من سبقونا في البحث في هذا الموضوع ،مع تشجيع الطلبة والباحثين لالهتمام به
أكثر؛
-اإلسهام في التعريف أكثر بموضوع الوقود الحيوي وتسليط الضوء عليه بإزالة الغموض
الذي يكتنفه؛
-مدى ترابط الموضوع وتالئمه إلى حد ما مع تخصصنا " التحليل واالستشراف االقتصادي"؛
-ميوالنا الشخصي ورغبتنا الملحة في االطالع أكثر على هذا الموضوع وتوسيع معرفتنا فيه وإزالة
خام ًسا:اأهدافاالدراسة ا
من بين األهداف التي نسعى إلى تحقيقها من خالل هذه الدراسة ،نذكر ما يلي:
-دراسة تجارب بعض الدول الرائدة في مجال دعم الوقود الحيوي وابراز أهم الدروس المستفادة من
هذه التجارب؛
-تسليط الضوء على أثر إنتاج الوقود الحيوي على القطاع الزراعي؛
-لفت انتباه الباحثين األكاديميين والممارسين إلى ضرورة االهتمام با لبحث في مجال تطوير بدائل
جديدة للطاقة ،باإلضافة إلى لفت انتباه القائمين على الشؤون االقتصادية إلى ضرورة االستعداد
ح
مقدمة
سادسا:االدراساتاالسابقة
ً
بغية سبر أغوار الموضوع محل الدراسة من جهة ،وتحقيق إلماما كامال وشامال به من جهة أخرى،
يصبح من الضروري االستعانة بالدراسات السابقة التي توضح األسس النظرية لموضوع البحث
وتعطي معرفة بتاريخ تطوره ،كما تسمح في الوقت نفسه بمقارنة نتائجها مع البحث الم َّ
قدم ،ومن بين ُ
-دراسة فاتح بن نونة سنة 2015حول أثر سياسات الوقود الحيوي على أسعار السلع الزراعية في
الواليات المتحدة األمريكية خالل الفترة ( 2013– 2004رسالة دكتوراه في العلوم االقتصادية-
الجزائر) ،والتي هدفت إلى تحليل آثار سياسة دعم الوقود الحيوي في الواليات المتحدة األمريكية على
أسواق الحبوب.
زيادة إنتاج اإليثانول من الذرة في الواليات المتحدة األمريكية راجع لسياسة دعم تقوم
سياسة دعم الوقود الحيوي في الواليات المتحدة كان لها أثر على ارتفاع سعر الذرة
فحسب ،بل أيضا على ارتفاع أسعار الحبوب األخرى بسبب أثر اإلحالل وإعادة
سياسة دعم الوقود الحيوي في الواليات المتحدة األمريكية غير فعالة إلى حد ما نظرا
لتكلفتها المرتفعة وقلة مساهمتها في خفض واردات النفط األمريكية وخفض انبعاثات
خ
مقدمة
سياسة دعم الوقود الحيوي في الواليات المتحدة األمريكية غير مبررة بأسباب
اقتصادية أو بيئية ،بل بأسباب جيوسياسية تتمثل في تحقيق أمن الطاقة باستبدال
-دراسة دنيا جالل سنة 2013حول إنتاج الوقود الحيوي في إطار االقتصاد العالمي في مصر
(تقرير بحث -مصر) ،والتي هدفت إلى تسليط الضوء على التحديات والتناقضات التي يطرحها إنتاج
الوقود الحيوي.
يطرح إنتاج الوقود الحيوي اشتباكات بين قطاع الطاقة وقطاع الغذاء ،إضافة إلى
ال يمكن للوقود الحيوي أن يساهم في تحقيق أمن الطاقة في مصر على المدى
على الرغم من توفر الموارد الزراعية واإلمكانات واألسـواق المحتملة في مصر ،إالَّ أن
مشروعات إنتاج الوقود الحيوي تبقى غير جاذبة لالستثمار الخاص على المدى
القصير؛
خدمة متطلبات قطاع النقل في مصر يتطلب دراسة إمكانية إنتاج الوقود الحيوي من
واالجتماعية الب ارزيلي (تقرير بحث -كندا) ،والتي هدفت إلى تقييم مختلف التكاليف البيئية واإليكولوجية
وت َو ُّسع زراعة قصب السكر في الب ارزيل ،إضافة إلى إثراء النقاش العلمي
المتعلقة بإنتاج اإليثانول َ
د
مقدمة
والتوعية حول الشكوك واألسئلة التي يثيرها اإلنتاج الواسع للوقود الحيوي في بلدان الجنوب مع أخد
الزراعة المكثفة لقصب السكر من أجل إنتاج اإليثانول كان لها تأثيرات سلبية كبيرة
نجاح قطاع اإليثانول في الب ارزيل خلق عجز إيكولوجي وبيئي واجتماعي كبير؛
-دراسة ( )Benoit Gabrielleسنة 2008حول أهمية وحدود الوقود الحيوي من الجيل األول (مقال
جامعي -فرنسا) ،والتي هدفت إ لى مناقشة وتحليل إيجابيات وسلبيات الوقود الحيوي من الجيل األول
الجيل األول من الوقود الحيوي يتمتع بميزة تنافسية مقارنة مع األجيال األخرى كونه
يعتمد على تكنولوجيا ناضجة ومتحكم فيها ،أنظمة إنتاج زراعي وسالسل لوجستية
موجودة مسبقا على أرض الميدان ،عالوة على تَ َكُّيفه المباشر مع محركات السيارات
الموجودة في السوق مع مما يجعل من توسع إنتاجه على المدى القصير ممكنا؛
-دراسة ( )Loïc Guindé, Florence Jacquet, Guy Milletسنة 2008حول آثار تطوير الوقود
الحيوي على إنتاج المحاصيل الزراعية الكبرى في فرنسا (مقال جامعي -فرنسا) ،والتي هدفت إلى
ذ
مقدمة
قياس النتائج المحتملة للتخصص في مادة أولية زراعية واحدة –بذور اللفت -لتطوير الوقود
إنتاج وقود حيوي من بذور اللفت وفرض نسبة دمجه بالوقود النفطي قدرها ،%7من
صصة إلنتاج
شأنه أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في مساحات األراضي الزراعية ال ُم َخ َّ
محصول بذور اللفت قد تصل إلى %30من المساحة الزراعية اإلجمالية لفرنسا؛
األراضي الزراعية الموجهة للحبوب والمحاصيل الزراعية الكبرى األخرى مما يقلل من
عرضها في السوق؛
استحالة الوصول إلى نسبة خلط إجبارية قدرها %10دون الحد من صادرات بذور
اللفت واللجوء الى الواردات على الرغم من كون فرنسا ثاني أكبر منتج لبذور اللفت
بعد ألمانيا.
هدفت كل هذه الدراسات ،وغيرها من الدراسات األخرى ،إلى إلقاء الضوء على الوقود الحيوي من
جانب واحد ،سواء كان اقتصادي ،طاقي ،زراعي ،بيئي أو اجتماعي ،وعلى مستوى واحد (وطني)،
غير أن دراستنا تسعى إلى استخالص دروس من جوانب مختلفة (اقتصادي ،طاقي ،زراعي،
سابعا:االحدوداالمكانيةاوالزمنية للدراسة
ً
تهتم هذه الدراسة بالقطاع الزراعي والقطاع الطاقي ،ال سيما الوقود الحيوي دون غيره من األنواع
األخرى من الطاقات البديلة ،نظ ار لالرتباط الوثيق بين هذين القطاعين .وبغرض معالجة اإلشكالية
المقترحة وتحقيق أهدافها ،نضع إطا ار يحدد دراستنا ويتمثل في الحدود المكانية والزمانية التالية:
ر
مقدمة
• الحدود االزمنية :لقد تم تحديد مجال البحث زمنيا في الفترة الممتدة من 2000إلى ،2015وذلك
لألسباب التالية:
هي الفترة التي شهد فيها قطاعي الزراعة والطاقة تقلبات كبيرة تمثلت أساسا في
الدولية ،السيما بعد األزمة الغذائية العالمية سنة ،2008مما أثر بشكل كبير على
هي الفترة التي تتوفر على أكبر قدر من البيانات حول قطاع الوقود الحيوي على
المستوى العالمي؛
هي الفترة التي شهدت اهتمامًا متجدداً بالوقود الحيوي واعادة اقتحام الواليات المتحدة
هي الفترة التي عرفت تعزيز سياسات دعم الوقود الحيوي في مختلف أنحاء العالم
هي الفترة التي عرفت اكتساح الساحة العالمية دول فاعلة جديدة في قطاع لوقود
الحيوي بعدما كان هذا األخير ُحكرة على عدد جد محدود من الدول.
• الحدود االمكانية :نظ ار لكون دراستنا تنصب على اإليثانول والبيوديزل (الديزل الحيوي) دون غيرهما
المنتهجة لدعم هذين النوعين من الوقود الحيوي ،وتوقف اختيارنا على تجارب كل من الب ارزيل،
الواليات المتحدة األمريكية وفرنسا .وقد انص ب اهتمامنا في المقام األول على الب ارزيل كونه الدولة
األكثر تقدما في مجال الوقود الحيوي ،حيث لديه خبرة ترجع لعشرات السنوات في إنتاج االيثانول من
قصب السكر تجعل من تجربته نموذجا ُيقتدى به مما دفعنا إلى دراسته بشكل أ كثر تعمقا من التجربة
ز
مقدمة
األمريكية في إنتاج اإليثانول المستخلص أساسا من الذرة والتجربة الفرنسية في إنتاج البيوديزل (الديزل
الحيوي) المستخلص أساسا من بذور اللفت ،كون هاتين التجربتين األخيرتين مستوحاة مباشرة من
ثامًنا:امنهجيةاالدراسة ا
نظ ار لطبيعة الموضوع ،وحتى نتمكن من اإلجابة على اإلشكالية المطروحة ونختبر صحة الفرضيات
المتبناة ونستخلص دروسا من التجارب الدولية في مجال الوقود الحيوي ،اعتمدنا في دراستنا على
المنهج الوصفي التحليلي :استعرضنا من خالله وصفا دقيقا كيفيا عن كل الجوانب المفاهيمية
الرئيسية للوقود الحيوي بمختلف أجياله من أجل تقديم صورة واضحة عنه واإللمام بمختلف
الجوانب الخاصة به ،ثم وصفا كميا رقميا من خالل عرض بيانات وجداول حول الوقود
الحيوي والجوانب الزراعية المرتبطة به مع شرحها وتحليلها وتفسيرها وتوضيح طبيعة العالقة
المنهج التقويمي :نظ ار لكون الوقود الحيوي ينطوي على إيجابيات وسلبيات على حد سواء ،تم
االعتماد على المنهج التقويمي عند دراسة التجارب الدولية في مجال الوقود الحيوي للداللة
على األضرار الجانبية والفجوات وأوجه القصور والخلل الضروري تفاديهم عند تصميم
المنهج التاريخي :استعرضنا تطور قطاع الوقود الحيوي والمواد األولية الزراعية التي تدخل في
تصنيعه وفقا لسير األحداث وتطورها ،عالوة على التسلسل التاريخي لمختلف المراحل التي
مر بها هذا القطاع عامة ،وفي مجموعة الدول محل الدراسة خاصة ،وذلك بهدف دراسة
س
مقدمة
المنهج االستقرائي :طبيعة الموضوع ال تسمح باالعتماد على المنهج االستنباطي كون الفرص
والتحديات التي ينطوي عليها قطاع الوقود الحيوي ونتائج السياسات المنتهجة لدعمه تتباين
من دولة ألخرى بحسب الخصوصيات االقتصادية واالجتماعية والتاريخية والطاقية والزراعية
لكل دولة ،وبالتالي ال يمكن ِّاستهالل مقدمة األطروحة بحكم عام ثم استخالص نتائج من
مختلف التجارب الدولية في مجال الوقود الحيوي وإعادة إصدار وتأكيد الحكم العام ،وإنما
سيتم االعتماد على المنهج االستقرائي بِّاستهالل المقدمة بأسئلة دون إصدار حكم عام ،ثم
دراسة التجارب الدولية في مجال الوقود الحيوي ،وأخي ار القيام باستدالل تصاعدي الستخالص
تاس ًعا:اصعوباتاالدراسة ا
واجهتنا َجمة من الصعوبات والمشاكل في مسيرة إعداد هذه الدراسة ،نذكر منها ما يلي:
-قلة المراجع باللغة العربية المتعلقة بموضوع الوقود الحيوي ،إذ لم نقول شبه انعدامها ،وإن وجد
-غ ازرة المعلومات وتشابكها وتداخلها في بعض جوانب موضوع الوقود الحيوي مما يجعل من
تلخيصها أم ار حتميا قد يؤدي أحيانا إلى إهمال جوانب هامة وحاسمة في الموضوع؛ وعلى عكس ذلك،
ندرة المعلومات في جوانب أخرى من الموضوع ،خاصة تلك المتعلقة باألبحاث الخاصة بالجانب
الزراعي التي أ جريت على التراب الوطني وصعوبة الحصول عليها من مصادرها الوطنية الرسمية
بسبب رفض الهيئات الرسمية تقديمها لنا بحجة سريتها ،أو منحها لنا لبيانات وإحصاءات عامة ال تفي
بالغرض المطلوب ،ناهيك عن التباين في هذه البيانات واإلحصاءات َلما نجدها في مصادر أخرى؛
ش
مقدمة
-عدم وجود مجالت وطنية علمية تتضمن مقاالت في مجال الوقود الحيوي ،حيث أن كل المقاالت
المستعملة في هذا البحث تم الحصول عليها عن طريق شبكة اإلنترنت أو عن طريق اقتناء القليل جدا
-األدبيات التي تناولت موضوع سياسات دعم الوقود الحيوي في الدول محل الدراسة ،السيما سياسة
الواليات المتحدة األمريكية ،طغى عليها الطابع "القانوني الضريبي" المحض في شكل نصوص قانونية
وتشريعات وأحكام ومراسيم ،في حين أهملت الجانب االقتصادي مما جعلنا نجد صعوبة كبيرة في
دراستها؛
-اطالعنا على عدد من التجارب الدولية في مجال الوقود الحيوي جعلنا نالحظ أن كل هذه التجارب
دون استثناء مستوحات في خطوطها العريضة من التجربة الب ارزيلية القوية بأربعون سنة خبرة في
المجال ،مما جعلنا نشعر أن دراسة سياسة دعم الوقود الحيوي في فرنسا بمثابة دراسة مثال مصغر
للتجربة الب ارزيلية ،وفي الواليات المتحدة األمريكية بمثابة دراسة مثال مكبر للتجربة الب ارزيلية ،رغم أن
هذا الشعور بالتكرار تالشى نسبيا بسبب الفوارق في تطبيق هذه السياسات وخاصة بسبب الفوارق في
عاشًرا:امحتوىااالدراسةا ا
وخمسة فصول أساسية ُمَق َّسمة إلى مباحث جاءت كما يلي :
تناول الفصلااألول الوقود الحيوي ذو أصل نباتي من خالل ثالث مباحثُ ،خص َ
ص المبحث األول
األول ،واستعرض المبحث الثالث الوقود الحيوي من الجيل الثاني .تناول الفصل االثاني أثر الوقود
الحيوي ذو أصل نباتي على السوق الزراعي من خالل ثالث مباحثَ ،و َّ
ض َح المبحث األول تطور
ص
مقدمة
ط َّر َق المبحث
السوق الزراعي ،و َح َّد َد المبحث الثاني االحتياجات الزراعية لإلنتاج الوقود الحيوي ،وتَ َ
الثالث ألثر الوقود الحيوي على أسعار المواد األولية الزراعية .تناول الفصلاالثالث الوقود الحيوي ذو
أصل طحلبي من خالل ثالث مباحث ،استعرض المبحث األول الطحالب الدقيقة والمياه المستعملة في
ض َح المبحث الثاني طرق إنتاج الوقود الحيوي من الطحالب الدقيقة ،و ُخص َ
ص المبحث إنتاجها ،وَو َّ
الثالث لتثمين البقايا الجافة للطحالب الدقيقة .تناول الفصل االرابع إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود
وَو َّ
ض َح المبحث الثاني إمكانية إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول في الجزائر ،وتناول المبحث
الثالث إمكانية إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث في الجزائر .تناول الفصل االخامس التجارب
الحيوي ،وتناول المبحث الثاني التجربة الفرنسية في مجال دعم الوقود الحيوي ،واستعرض المبحث
ض
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
تمهيد
شهد العالم في نهاية الثالثينات المجيدة من القرن الماضي العديد من التغيرات االقتصادية والتكنولوجية
والجيوسياسية جعلت من خيار التوجه نحو إنتاج طاقة متجددة كضمان للحاضر وأمان للمستقبل أم ار
حتميا ،مما دفع عدة دول إلى االهتمام بتطوير وقود حيوي ذو أصل نباتي ،خاصة في ضوء نجاح
التجربة الب ارزيلية .وقد عمدنا في فصلنا هذا على إعطاء تسمية "وقود حيوي ذو أصل نباتي" لكل وقود
سائل مشتق من المواد األولية الزراعية (الوقود الحيوي من الجيل األول) أو من المخلفات الزراعية
والنباتية (الوقود الحيوي من الجيل الثاني) لتمييزه عن "الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي" ،أو كما يسمى
غالبا "الوقود الحيوي من الجيل الثالث" ،الذي سنتطرق إليه في الفصل الثالث من دراستنا باعتبار أن
إن الهدف األساسي للفصل األول يكمن في تسليط الضوء على الجوانب المفاهيمية الرئيسية للوقود
الحيوي ،حيث سنقوم بتوضيح ما المقصود بالوقود الحيوي وتطور مساره التاريخي مع شرح أسباب
التوجه نحو إنتاجه ،ثم سنستعرض الجيل األول والجيل الثاني من الوقود الحيوي بالتطرق إلى
خصائصهما واستخداماتهما فضال عن كيفية إنتاجهما ،وهذا من أجل اإللمام بمختلف الجوانب
الخاصة بهما؛ وعلى هذا األساس سنتناول هذا الفصل من خالل التعرض إلى المباحث اآلتية :
2
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
إن استخدام الكائنات الحية الدقيقة والنباتات باإلضافة إلى منتجات ومخلفات القطاع الزراعي ألغراض
طاقية ليس بالجديد على البشرية ،فقد كان في بدء الحياة وقد يستمر حتى نهايتها ،كما أنه خالفا
لالعتقاد السائد ،فإن الوقود الحيوي بمفهومه وشكله الحالي ليس حديث النشأة ،بل ظهر جنبا إلى
جنب مع والدة صناعة السيارات ،غير أنه لم يبرز على الساحة الطاقية الدولية إالَّ بعد أزمة النفط
لسنة 1973التي َوَّل َدت فكرة تطويره .وبالتالي فإن هناك غموض كبير يحيط بالوقود الحيوي الذي
يعاني من صورة مبسطة وسمعة إيجابية مبالغ فيها بشكل كبير ،األمر الذي يستوجب توضيح ما
المقصود به وملء الثغرات النظرية المتعلقة به ،وهو هدف هذا المبحث.
تمتلك اللغة العربية مصطلح واحد فقط بشأن الوقود الحيوي على غرار اللغة االنجليزية التي تستعمل
مصطلح ( ،)Biofuelفي حين تتعدد المصطلحات التي تشير إلى الوقود الحيوي في النصوص الناطقة
بالفرنسية ،ومن بين هذه المصطلحات نجد مصطلح ( )Biocarburantالذي يعتبر المصطلح األكثر
استعماال في اللغة الفرنسية رغم أنه محل جدل بسبب "الرنة الخضراء اإليجابية" التي يعطيها لهذا النوع
من الوقود ،حيث يفضل الباحثون والخبراء استعمال مصطلح آخر أكثر حداثة ظهر سنة 2004وأكثر
تعبير عن تركيبة هذا النوع من الوقود ،وهو مصطلح ( )Agrocarburantالذي يعتبره الخبراء أكثر
داللة على طبيعة هذا الوقود الذي يتم الحصول عليه من المنتجات المشتقة من الزراعة وغيرها.
ويشير مصطلح الوقود الحيوي بشكل عام إلى أي نوع من الوقود المشتق من الكتلة الحيوية
([ )Biomasseبرنامج األمم المتحدة للبيئة ،]2 ،2008 ،إذ يتم الحصول عليه من األخشاب والمحاصيل
الزراعية ومخلفات النباتات والطحالب ،والتي تتم معالجتها كيميائيا حتى تصبح وقودا متجددا بديال
ألنواع الوقود التقليدية األخرى المعروفة .ويعتبر الوقود الحيوي من أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة،
3
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
على خالف غيرها من الموارد الطبيعية مثل النفط والفحم الحجري وكافة أنواع الوقود األحفوري ،كما
يمكن تحديد ثالثة أجيال لهذا الوقود عند تصنيفه حسب المصدر والنوع كما سنراه الحقا.
وقد يكون الوقود الحيوي سائال مثل اإليثانول والبيوديزل (الديزل الحيوي) أو غازيا مثل الغاز الحيوي؛
وعلى الرغم من محدودية حجم الوقود الحيوي السائل بوجه عام ،إالَّ أن أقوى نمو حدث في السنوات
األخيرة كان ذلك الذي شهده استخدام الوقود الحيوي السائل في قطاع النقل [ ،]FAO, 2008, 11والذي
أنتج في معظمه باستخدام مواد أساسية زراعية وغذائية كمواد وسيطة ،وأهم أشكاله هي البيوديزل
(الديزل الحيوي) واإليثانول علما أن هذا األخير يشكل في الوقت الحالي %90تقريبا من استخدام
الوقود الحيوي على مستوى العالم [حداد ،]2 ،2008 ،وبالتالي سنركز في دراستنا هذه على هذان
عرف اإلنسان الوقود الحيوي منذ اكتشافه للنار [فريق خبراء ،]7 ،2007 ،واشتق الطاقة التي كان بحاجة
إليها من الطبيعة المحيطة به ،خاصة من الخشب من أجل طي الطعام وصنع األسلحة ،حيث أن
الكتلة الحيوية مثلت إليه تاريخيا أول مصدر للطاقة [ .]Legalland et Lemarchand, 2008, 5
فاإلنسان إذن اكتشف الوقود الحيوي منذ زمن طويل بمجرد طيه اللحم على النار وادراكه أن الدهون
الحيوانية الذائبة تلتهب بسهولة ،فصنع المصابيح األولى لإلضاءة منذ أكثر من 50000سنة من
طحالب استعملها كفتيلة إلى أن استبدل الدهون الحيوانية بالزيت النباتي في الزمن العتيق ،مثل زيت
4
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
وعالوة على ذلك ،فإن صنع النبيذ عن طريق تخمير العنب يعود إلى أقدم العصور العتيقة ،فمن
السكر في الفاكهة والنشأ في الحبوب تقوم الكائنات الحية الدقيقة بإنتاج نوع معين من الكحول يسمى
اإليثانول والذي استعمله الصيادلة التقليديون القدامى في العصور الوسطى الستخراج المكونات النشطة
ومع أن موضوع الوقود الحيوي في شكله الحالي المستعمل للنقل محل خالف ونقاش ،فهو يمتلك
المواد الزراعية ليست فكرة حديثة ،فأولى السيارات المصنوعة من طرف "هونري فورد" في نهاية القرن
التاسع عشر وبداية القرن عشرين كانت تستعمل اإليثانول كوقود [ .]Langlois, 2008, 205وفي نفس
الفترة ،أي نهاية القرن التاسع عشر ،اخترع "رودولف ديزل" المحرك الذي يحمل حاليا اسمه ،و َش َّغ َل
المحركات األولى المنتجة من هذا النوع بواسطة الفول السوداني ،ولكن عصر النفط الرخيص والوفير
في بداية العشرينات وضع حدا الستخدام الوقود الحيوي في السيارات [ .]Battiau, 2008, 147
ورغم وضع حد لفكرة استخدام الوقود الحيوي في السيارات في بداية القرن العشرين ،إالَّ أنه بقيت
حافالت فرنسية تشتغل بواسطة مزيج يحتوى على وقود حيوي إلى أن أصبح دمج اإليثانول إلزاميا في
فرنسا إلى غاية الخمسينات بسبب اإلرادة السياسية للحصول على االستقاللية الطاقية تجاه البترول
أما في الستينات ،فقد اختفى الوقود الحيوي مجددا من السوق لسببين رئيسين هما:
-و فرة المنتجات البترولية بأسعار جد منخفضة أدت إلى تدهور القدرة التنافسية للوقود الحيوي؛
5
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
كان يجب االنتظار إلى غاية أزمتي النفط لسنتي 1973و 1978لرؤية والدة جديدة للوقود الحيوي
،]672في تطبيق خطة " "Proalcoolسنة 1975إلنتاج اإليثانول من قصب السكر لتصبح بذلك أول
دولة تقوم بإنتاج الوقود الحيوي على نطاق تجاري واسع وبتطوير الوقود الحيوي للنقل [ Meunier et
،]Meunier-Castelain, 2006, 104بينما سعت الواليات المتحدة االمريكية ،أكبر منتج للذرة في العالم
] ،]Lobell et Asner, 2003, 1032في نفس الفترة ،إلى استخدام بنزين يحتوي على %10من
وقد تم تسويق نوعين من الوقود الحيوي في الب ارزيل في السبعينيات من القرن الماضي مدعومة
بمجموعة من الحوافز الضريبية على حد سواء لتشجيع إنتاجهما وتشجيع شراء السيارات المكيفة للسير
كما شهدت فرنسا أيضا في بداية الثمانينات إطالق برنامج وطني في مجال البحث والتطوير بشأن
الوقود الحيوي يسمى " "plan carburolكان يهدف أساسا إلى استعمال المواد الزراعية إلنتاج الوقود
( ،)lignocellulosiqueأو كما تسمى أحيانا الكتلة الحيوية الخشب-خلوية ،إالَّ أن هذا البرنامج توقف
أما على الصعيد األوروبي بصفة عامة ،وفي إطار إصالح السياسة الزراعية المشتركة ( )CAPلسنة
،1992قررت المفوضية األوروبية بإلزامية تجميد جزء من األراضي المخصصة لزراعة بعض
6
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
المحاصيل الزراعية بغرض حل مشكلة الفوائض الزراعية التي يصعب تصديرها مع إعطاء المزارعون
مكافأة مالية لكل هكتار ُم َج َّمد [ ]Loïc Guindé et autres, 2008, 58-59وإمكانية استغالل هذه
األراضي ال ُم َج َّمدة ألغراض غير غذائية –كإنتاج الوقود الحيوي مثال– واالستفادة من مساعدات
ضريبية على األراضي الغير مزروعة مما أدى إلى ظهور أول وحدة صناعية إلنتاج البيوديزل في
فرنسا سنة 1992وعدة برامج لتنمية وتصنيع هذا النوع من الوقود في مختلف أنحاء أوروبا .وعلى
الرغم من تباطأ هذه البرامج في أواخر الثمانينات بسبب انخفاض مجدد في أسعار النفط العالمية ،إالَّ
أنه في بداية السنوات ،2000زيادة جديدة في أسعار النفط ،تهديد دروة النفط ،ضرورة مكافحة ظاهرة
االحتباس الحرارى (احترام التزامات بروتوكول كيوتو لسنة ،)1997التهديدات على أمن اإلمدادات
وأخي ار وجود فائض في اإلنتاج الزراعي ،دفع بالعديد من الدول األوربية إلى تطوير برامج إنتاج الوقود
الحيوي وتقديم مساعدات لقطاع الوقود الحيوي مع منحه نظام ضريبي خاص كما سنراه الحقا مع
فرنسا.
تزايد توجه مختلف بلدان العالم في السنوات األخيرة إلى إنتاج الطاقة من مصادرها المتجددة وبخاصة
إنتاج الوقود الحيوي ،وقد تزامن هذا التوجه مع تذبذب أسعار الطاقة األحفورية وعدم االستقرار في
يندرج الوقود الحيوي ضمن مصادر الطاقة البديلة التي تعطي فرصة تأمين مصادر الطاقة في مواجهة
التقلبات المستمرة في أسعار النفط ،حيث أن رغبة الدول الصناعية الكبرى ُملِحة إليجاد مصادر بديلة
للوقود األحفوري بسبب تقلبات سوق النفط العالمي من جهة ،وتجنب تحكم الدول المصدرة للنفط في
سوق الطاقة العالمي وبخاصة بلدان الشرق األوسط غير المستقرة أصال من جهة أخرى.
7
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
الترتيب الحتمالية مرحلة ما بعد النفط بسبب احتمال نفاد احتياطيات النفط وعدم كفاية المخزون منه
لإليفاء باالحتياجات العالمية من الطاقة من أهم أسباب تطوير الوقود الحيوي علما أن متوسط
استهالك العالم من النفط الخام كان أكثر من 80,3مليون برميل في اليوم الواحد سنة ،2010وهذا
يعني أن العالم يستهلك قرابة 30مليار برميل من النفط الخام سنويا ،وبمقارنتها مع إجمالي احتياطي
العالم المؤكد من النفط الخام البالغ 1477مليار برميل [جعفر وعبد محمد ،]26-25 ،2010 ،فهذا يعني
نفاد االحتياطات العالمية من النفط الخام بعد قرابة نصف قرن بافتراض بقاء العالم على نفس مقدار
تتحمل الدول النامية والمتقدمة على حد سواء تكاليف باهظة للحد من التلوث البيئي ومواجهة المخاطر
العالمية الناتجة عن التغيرات المناخية وظاهرة االحتباس الحراري؛ ويحتل الوقود الحيوي موضعا هاما
في هذا المجال حيث يفترض أنه قد يسمح بخفض دورة االنبعاثات السلبية على البيئة ،بتكلفة أقل من
تلك المرتبطة بخيارات أخرى ،وبفاعلية أكبر مقارنة مع الوقود األحفوري الذي يتَّ َهم بأنه من أهم
يرى البعض أن الوقود الحيوي قد يساهم في إعادة صياغة هياكل القطاعات الزراعية بفضل إمدادات
المحاصيل الزراعية األولية المستعملة في إنتاجه وخلق فرص عمل وتوليد الدخول وتجنب ترك
األراضي مهجورة والهجرة إلى المدن ،فضالا عن تحسين وحماية التربة الزراعية باإلضافة إلى إصالح
وتجديد األراضي المتدهورة والمهجورة ،مع إمكانية تأمين امدادات الطاقة المستدامة من خالل اإلنتاج
واالستخدام المحلي للوقود الحيوي في المناطق المعزولة وفي المجتمعات الريفية [جالل.]36 ،2013 ،
8
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
مما سبق يتضح لنا أن الوقود الحيوي بمختلف أنواعه مشتق من الكتلة الحيوية على عكس الوقود
التقليدي ذو أصل أحفوري؛ وقد أصبح هذا النوع من الوقود أحد أهم مصادر الطاقة البديلة والمتجددة
الجد واعدة منذ الصدمة النفطية األولى سنة 1973التي لم يعد بعدها إيجاد مصدر بديل للبترول في
مجال النقل هدفا اختياريا بقدر ما أصبح هدف حتميا واستراتيجيا تسعى إليه معظم دول العالم بسبب
عدة عوامل تراوح بين االقتصادية والسياسية واالجتماعية والبيئية ،شكلت دوافع التوجه نحو إنتاج
الوقود الحيوي.
ونظ ار لكون الوقود الحيوي ذو األصل النباتي مشتق من مواد أولية زراعية تستعمل في التغذية
اإلنسانية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ،ومن مخلفات زراعية ونباتية ال تدخل في التغذية اإلنسانية،
الوقود الحيوي من الجيل األول هو ذلك النوع من الوقود الذي يتم إنتاجه باستعمال العديد من
المحاصيل الزراعية السكرية والنشوية والزيتية ،حيث يتم تصنيفه إلى عدة أنواع موزعة على مجموعة
من القطاعات سنشير إليها في هذا المبحث .لذلك ،فإن الغرض من هذا المبحث هو التعرف على كل
أنواع الوقود الحيوي من الجيل األول الموجودة حاليا في مختلف القطاعات مع التطرق بمزيد من
التفاصيل إلى النوعين الرئيسيين لهذا الجيل من الوقود الحيوي ،وهما اإليثانول الذي يمكن أن يحل
محل البنزين والمستخرج من جميع الحاصالت السكرية والنشوية ،والبيوديزل (الديزل الحيوي) الذي
يشكل بديال عن الديزل والمستخرج من الحاصالت الزيتية؛ حيث سنشير في هذا المبحث إلى كيفية
إنتاجهما وإلى كل المواد األولية الزراعية التي تدخل في هذا اإلنتاج لنتمكن الحقا من فهم العالقة بين
9
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
هناك ثالثة قطاعات من الجيل األول للوقود الحيوي موضحة في الشكل الموالي ،هي :قطاع الزيت،
قطاع الكحول وقطاع الغاز ،حيث يضم كل قطاع أنواع مختلفة من الوقود الحيوي تندرج كلها ضمن
الجيل األول ،أهمها البيوديزل (الديزل الحيوي) في قطاع الزيت ،واإليثانول في قطاع الكحول.
● االيثانول •
● ميثيل ثالث بوتيل اإليثير•
● البوتانول • قطاع
● الميثانول •
الكحول
● المثان • قطاع
● الديهيدروجين • الغاز
-1-1-IIقطاع الزيت
الزيوت المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي هي نفسها الزيوت المستعملة في التغذية ،ويتم الحصول
عليها ببساطة عن طريق عملية ضغط البذور الزيتية التي تنتمي ألسر نباتية متنوعة جدا [ Mathis,
]2007, 22-25على غرار اللفت وفول الصويا وعباد الشمس والجاتروفا؛ وتجدر اإلشارة إلى أن زيت
الجاتروفا يشكل حالة خاصة ألنه غير مستعمل في التغذية ،لكن بإمكانه أن يكون مصد ار قيما إلنتاج
الوقود حيوي بالنسبة للعديد من البلدان النامية أين تنمو فيها الجاتروفا.
10
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
ويمكن أيضا استخدام الزيت النقي أو حتى زيت الطبخ المرسكل مباشرة في المحركات [ L. De
،]Vlieger et B. Hanoune, 2008, 01ولكن هذا يزيد في ثلوث المحركات ويقلل من فعاليتها ،حيث
يمكن استخدامه بطريقة أفضل عن طريق تفاعل كيميائي مع الميثانول للحصول على استر الميثيل
وتجدر االشارة إلى أن الزيوت ومشتقاتها هي وقود لمحركات الديزل ،في حين يعمل اإليثانول كبديل
للبنزين؛ وتستخدم محركات البنزين والديزل بشكل مختلف جدا من بلد آلخر :ففي الواليات المتحدة
األمريكية والب ارزيل يستعمل أساسا البنزين ،ومن هنا جاء التركيز فيها على إنتاج اإليثانول كما سنراه
الحقا؛ في حين أن فرنسا تفضل وقود الديزل ،ومن هنا جاء التركيز على إنتاج البيوديزل فيها.
وفيما يلي مختلف أنواع الوقود الحيوي التي يضمها هذا القطاع:
يمكن استخدام الزيت النباتي الخام مباشرة في محركات الديزل المكيفة ،سواء كان هذا الزيت نقي أو
مختلط بالبنزين التقليدي ،إالَّ أن عدم استخدام محركات مكيفة يؤدي إلى زيادة معدالت تلوث هذه
المحركات التي تصبح أيضا أقل فعالية وأقل استدامة كما أشرنا إليه سابقا .وتجدر اإلشارة إلى أن
%95من أسطول السيارات األوروبية الذي يعمل بالزيت النباتي الخام يوجد في ألمانيا أين مئات
الج اررات وعشرات آالف السيارات تشتغل بالزيت النباتي الخام [.]Pellecuer, 2007, 130-134
-له أثر إيجابي من حيث التنمية المحلية ومن حيث خلق فرص عمل؛
-يقلل بشكل كبير من تسربات الغازات المسببة لالحتباس الحراري مقارنة بالوقود التقليدي؛
-هو قابل للتحلل بيولوجيا مما يجعله غير ضار من الناحية البيئية.
11
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
في حين هناك عدد من القيود الفيزيائية والكيميائية (اللزوجة والحساسية للبرد) المرتبطة بطبيعة الزيت
النباتي الخام تمنعه من أن يحل محل الوقود التقليدي مباشرة دون تكييف المحركات.
يتم حاليا تقييم االستيرات المختلفة المشتقة من الزيوت المستعملة في العديد من دول العالم كبديل
لوقود الديزل ،ورغم أن استخدام الزيوت المستعملة ،كزيت القلي ،يقلل من تكلفة المواد األولية ،إالَّ أنه
يرفع من تكلفة العالج ،كما أن مكونات هذه الزيوت يمكن أن تسبب مشاكل عديدة للمحركات؛ وعليه
ال بد من معالجتها من خالل عدة خطوات قبل تحويلها إلى بيوديزل [ديوب ،]17 ،2009 ،ثم ادماجها
فتركيبة هذه الزيوت المستعملة تختلف قليال من تركيبة الزيوت األخرى المستعملة في إنتاج الوقود
بسبب استعمالها المتكرر في ظل وجود ماء ومخلفات غذائية قد تؤدي إلى أكسدتها وتشكيل بوليمرات
( )polymèresوحموضة حرة ،األمر الذي يستلزم التخلص من هذه البوليمرات واألحماض الدهنية؛
وعلى الرغم من ذلك فإن التكلفة اإلضافية الناتجة عن هذه العملية يمكن أن تعوض إلى حد كبير
بتكلفة الحصول على المواد الخام ،أي زيوت القلي ،الجد منخفضة [ Commission énergie et
المعروف أيضا باسم األستر ( )Esterأو الديستر ( )Diesterفي فرنسا ،والمتحصل عليه عن طريق
تحويل الدهون الثالثية ( )triglyceridesالتي تشكل الزيوت النباتية [Romain Richard, 2011, 19-
.]21
12
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
و كالهما بيوديزل يحتوي على الكبريت ،غير سام وجد قابل للتحلل بيولوجيا [ Romain Richard,
.]2011, 23-24
-1-3-1-1-IIالمواد المستعملة في إنتاج البيوديزل
إن البيوديزل يشير إلى الوقود الحيوي المستخرج من الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية المستخدمة في
-1-1-3-1-1-IIالزيوت النباتية
على الصعيد العالمي ،أهمية البيوديزل من حيث الكميات المنتجة أقل بكثير من تلك المتعلقة
باإليثانول [ ]Hladik, 2011, 137المنتج بكميات أكبر في الب ارزيل والواليات المتحدة األمريكية كما
سنراه الحقا ،ولكنه هو األكثر إنتاجا في أوروبا ،حيث يتم إنتاجه من مجموعة كبيرة من الزيوت النباتية
أهمها :زيت بذور اللفت ،زيت الصويا ،زيت النخيل ،زيت عباد الشمس ،زيت بذور اللفت وغيرها.
-2-1-3-1-1-IIالدهون الحيوانية
تكلفة الدهون الحيوانية منخفضة بالمقارنة مع الزيوت النباتية ،إال أنها التزال غير متوفرة بكميات كبيرة
رغم وجود خمسة أنواع رئيسية من الدهون الحيوانية وهي :دهون الخنزير ،دهون األغنام واألبقار،
دهون العظام ،دهون الدواجن ودهون السمك ،غير أن هذه األخيرة مستبعدة في إنتاج البيوديزل بسبب
خصائص الدهون الحيوانية ال تخلق صعوبات في استعمالها إلنتاج البيوديزل بشرط أن تكون هذه
الدهون الحيوانية خالية من الماء ،من األحماض الدهنية الحرة ،من السكريات ومن البروتينات القابلة
للذوبان؛ وتتميز اإلسترات ( )estersالمتحصل عليها من الدهون الحيوانية باحترامها لمواصفات وقود
البيوديزل رغم أن هذه اإلسترات مجحفة في فصل الشتاء بسبب البرد الذي قد يسبب بلورة و/أو تصلب
13
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
الوقود ،ورغم ذلك توجد العديد من المؤسسات على غرار مؤسسة " "Rothsay Biodieselالكندية التي
تنتج وقود البيوديزل بفضل الدهون الحيوانية [ .]Chamoumi, 2013, 2وفيما يلي شكل بياني يوضح
نسب الزيوت والدهون الحيوانية المستعملة في إنتاج البيوديزل على الصعيد الدولي.
5%
5%
1%
زيت بذور اللفت
زيت النخيل
15%
زيت الصويا
زيت عباد الشمس
زيت القلي المستخدم
6% 68%
شحوم حيوانية
المصدر :من اعداد الطالب اعتمادا على ]نادر [58 ،2013 ،
كما ذكرنا سابقا ،يتم إنتاج هذا النوع من الوقود الحيوي باستخدام الشحوم الحيوانية أو الزيوت النباتية
(بما في ذلك زيوت الطهي أو القلي) من خالل عملية كيميائية تسمى األسترة ()transestérification
تسمح بتفاعل هذه الزيوت والدهون مع الميثانول إلعطاء إسترات ميثيل الزيوت النباتية ) (EMHVوهو
النوع الوحيد من البيوديزل المنتج حاليا في العالم ،ومع اإليثانول للحصول على إسترات إيثيل الزيوت
النباتية ) ،(EEHVمع العلم أن كالهما بيوديزل كما أشرنا إليه سابقا ،وبالتالي فإن طريقة اإلنتاج
14
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
وتجدر االشارة إلى أنه سيتم التركيز على طريقة إنتاج إسترات ميثيل الزيوت النباتية ()EMHV
باعتبارها األكثر انتشا ار في العالم ،علما أن إنتاج إسترات إيثيل الزيوت النباتية ) (EEHVمازال في
يتم في البداية استخراج الزيت من العديد من األنواع النباتية كبذور اللفت ،عباد الشمس ،الجاتروفا
وغيرها من النباتات عن طريق الضغط البارد في درجة ح اررة تقل عن 80درجة مئوية ،أو عن طريق
الضغط الساخن في درجة ح اررة تتراوح بين 80و 120درجة مئوية ،أو باستخدام بطريقة كيميائية
بفضل مذيبات عضوية ،أو عن طريق مزيج بين كل الطرق السابق ذكرها؛ لتأتي بعدها مرحلة تحويل
الزيت المتحصل عليه إلى إسترات ميثيل الزيوت النباتية ( )EMHVبفضل عملية األسترة التي تسمى
أيضا الحلكلة ( )alcoolyseوهي تفاعل كيميائي للزيت مع الكحول (كحول الميثانول في أغلب
األحيان) في ظل وجود مادة حفازة كيميائية ( )catalyseurحيث تنطوي عملية األسترة هذه على سلسلة
من ثالثة تفاعالت متتالية ] [Sarin, 2012, 7يتم فيها تحويل الدهون الثالثية ( )triglyceridesإلى
دهون ثنائية ( )diglycéridesثم إلى دهون أحادية ()monoglycerides؛ لتأتي في األخير مرحلتي
التصفية اللتان تعتبران األكثر تعقيدا [ ]Hantson et Thomas, 2010, 9وتدومان من 1إلى 8ساعات
ليتم الحصول من خاللهما على منتجين هما :إسترات ميثيل الزيوت النباتية ( )EMHVوالغليسيرول
(المعروف أيضا بالجليسيرين) ،وبما أن هذا األخير أكثر كثافة ،فهو يقع في الجزء السفلي من
الحاوية ،وبالتالي يمكن إزالته من أسفل الخزان (الجلسرين المتحصل عليها يمكن إعادة استخدامها في
الصناعة الكيميائية أو الغذائية) واسترداد إسترات ميثيل الزيوت النباتية الصافي ( ،)EMHVأي
البيوديزل النقي ،عن طريق إجراء تبخر أو تقطير يعطي أيضا ميثانول يمكن استخدامه مجددا في
15
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
عملية أسترة جديدة .وتنتهي العملية اإلنتاجية بتنقية نهائية للبيوديزل عن طريق الغسل بالماء الساخن
الجليسييرين
التبخر
حمض التنقية
مصفي الماء
المفاعل
عملية أسترة الزيوت النباتية باإليثانول تسمح بإنتاج إسترات اإليثيل ذات تطبيقات صناعية تخص في
المقام األول مستحضرات التجميل أو المواد الغذائية .ويمر إنتاج إسترات إيثيل الزيوت النباتية
( )EEHVبنفس خطوات إنتاج إسترات ميثيل الزيوت النباتية ( )EMHVباإلضافة إلى خطوات إضافية
أخرى أهمها تتمثل في القيام بأسترة أخرى من أجل فصل الجليسرين بعد عملية تقطير الكحول الزائد
وذلك ألن اإليثانول لديه قوة تذويب أقوى بكثير من الميثانول ،مما يجعل الجليسيرين في حالة سائلة
ويعيق تحول اإلسترات لتتماشى مع مواصفات البيوديزل في مرحلة واحدة [ Commission énergie et
16
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
]changement climatique, 2009, 63األمر الذي يجعل إمكانية إنتاج إسترات إيثيل الزيوت النباتية
لفتح مجال تطبيقات إسترات إيثيل الزيوت النباتية ( )EEHVإلى الوقود ،من الضروري تطوير عملية
أسترة أكثر فعالية لتكون مربحة اقتصاديا [ Ministère de l’environnement, de l’énergie et de la
.]mer I, 2015, 217تم دراسة عملية إنتاج إسترات إيثيل الزيوت النباتية ( )EEHVألكثر من عقدين
من الزمن ،ولكن التطور الصناعي لهذه اإلسترات مازال محدودا بسبب التكلفة المرتفعة لعملية إنتاجها
بفعل العدد المرتفع من الخطوات المطلوبة في عملية اإلنتاج والتي تجعلها غير مربحة حاليا من
الناحية االقتصادية؛ لذا فإن تطوير طريقة جديدة لألسترة من أجل التغلب على القيود المفروضة حاليا
-2-1-IIقطاع الكحول
يشير هذا القطاع إلى مختلف أنواع الوقود الحيوي المنتجة من النشأ والسليلوز أو اللجنين وفقا لطرق
كيميائية معينة؛ ولكن يعتبر اإليثانول هو أهم نوع واألكثر إنتاجا في هذا القطاع؛ وفيما يلي مختلف
تم اكتشاف الميثانول من قبل "بويل" سنة ،1661وكان يسمى سابقا "الكربينول" أو "روح الخشب"
(ألنه يستخرج عن طريق تقطير الخشب) ،وهو سائل عديم اللون ،ذو رائحة طيبة وسريع االلتهاب،
تستعمل مشتقات الميثانول بشكل واسع في إنتاج الصباغة ،والمواد الصيدالنية والعطور االصطناعية؛
وعلى الرغم من أنه يشكل خطر كبير على اإلنسان باعتباره جد ساما ،إال أنه من الممكن التحكم في
هذه الخطورة باتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية [.]Compagnie Methanex, 2015, 2
17
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
يستخدم الميثانول كبديل جزئي للبنزين ،ويتشكل أساسا من الغاز الطبيعي وغاز الميثان ،حيث يتكون
هذا الخليط من %85ميثانول و %15البنزين []Ohlstrom et autres, 2001, 49؛ كما يوفر الميثانول
-تكلفة منخفضة؛
-احتراق أكثر نظافة من الوقود التقليدي لعدم وجود انبعاث أول أكسيد الكربون.
في حين استخدام الميثانول كوقود للسيارات يكشف عن بعض النقاط السلبية ،منها:
ميثيل ثالث بوتيل اإليثير مشتق من اإليثانول ،يتكون من %40إلى %45من اإليثانول (ذو أصل
نباتي) وحوالي %60من األيزوبيوتليين (ذو أصل كيميائي) ،وهو يستخدم كمادة مضافة للبنزين بنسبة
.]2014, 89
من الناحية التقنية ،يمثل ميثيل ثالث بوتيل اإليثير الطريقة المثلى إلدماج االيثانول في البنزين ألنه
يطرح صعوبات تقنية أقل من تلك التي يطرحها اإليثانول إلدماجه في البنزين؛ ومع ذلك ،يعتبر ميثيل
ثالث بوتيل اإليثير مركب متجدد جزئيا فقط بسبب األيزوبيوتليين المحتوى فيه والذي يعد عنص ار
18
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
كيميائيا يتم الحصول عليه أثناء عملية تكرير البترول ،على عكس على عكس اإليثانول الذي هو
%100قابل للتجدد.
يتوفر ميثيل ثالث بوتيل اإليثير على مزايا تفوق تلك المتعلقة باإليثانول ،فهو سهل اإلنتاج من منظور
تقني ولوجستي ،باإلضافة إلى أنه عكس اإليثانول ال ُي َس ِهل تبخر الوقود وال يمتص رطوبة الجو ،كما
أنه سريع الذوبان في الماء ،إالَّ أنه يتميز بقدرة تحلل بيولوجي ضعيفة جدا ،مما يجعله ملوثا لطبقات
-3-2-1-IIالبوتانول (البيوبوتانول)
البيوبوتانول (أو بوتيل الكحول) هو الكحول الناتج عن عملية تخمير السكريات المستخرجة من الكتلة
الحيوية [ ،]Boukheteia, 2010, 2و لديه العديد من الخصائص المفيدة كوقود بديل ،إالَّ أن لديه أيضا
العديد من أوجه القصور تجعله أ كثر تعقيدا من الناحية اللوجستية لالستخدام والنقل ،ولكن على ضوء
الفوائد التي يقدمها من المحتمل جدا أن ينمو إنتاجه واستهالكه بشكل ملحوظ مستقبال ،خاصة وأنه تم
اختباره وتسويقه كوقود للسيارات وتم إنشاء استثمارات كبيرة في البحث والتطوير في أمريكا وأوروبا
والصين من أجل إنتاجه بأكثر فعالية ،كما تم تحويل بعض المصانع المنتجة لإليثانول إلى مصانع
منتجة للبيوبوتانول في كل من الواليات المتحدة األمريكية والب ارزيل والصين بسبب المزايا الطاقوية
للبوتانول التي تفوق المزايا الطاقوية المتعلقة باإليثانول بنسبة ،%30باإلضافة إلى كون البوثانول
يعطي أداء أفضل من اإليثانول خاصة في مقاومة التآكل بين أجزاء المحرك [ابو النجا]43 ،2011 ،
و قد لوحظ أن البيوبوتانول يعطي قد ار من الطاقة أكبر من الذي يعطيه اإليثانول ،وينتج عن ذلك أن
السيارة تقطع مسافة أكبر باستخدام البيووتانول عما لو زودت بنفس الكمية من اإليثانول [الجنزوري،
19
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
]58-57 ،2010؛ هذا باإلضافة إلى امكانية استخدام البيوبوتانول مباشرة دون إجراء أية تغييرات على
المحرك.
-4-2-1-IIاإليثانول
كما أشرنا إليه سابقا ،هو أهم نوع واألكثر إنتاجا إلى جانب البيوديزل (الديزل الحيوي) ،حيث يتم
إنتاجه عن طريق تخمير السكر المستخرج مختلف المحاصيل السكرية (قصب السكر ،البنجر،
إن الجزء األكبر من اإليثانول المنتج في العالم يتم عن طريق تخمير المواد األولية الكحولية
( )alcooligèneذات أصل نباتي والتي تنقسم إلى ثالث فئات رئيسية [:]Ballerini I, 2006, 79
-النباتات السكرية ،مثل البنجر وقصب السكر ،والتي تحتوي على سكريات قابلة للتخمر مباشرة إلى
إيثانول؛
-النباتات النشوية مثل الذرة والقمح والشعير والدرنات كالبطاطا ،أين السكريات توجد فيها على شكل
سكريات متعددة تسمى البوليمير ،أي النشأ ،والذي يستمد منه اسم النباتات النشوية ( plantes
)amylacées؛ حيث يجب القيام بالتحلل المائي ( )hydrolyseللنشأ إلى سكريات أحادية تسمى
المونومير ( )monomèresقبل أن يتم تحويله إلى إيثانول؛ ويتم تنفيذ خطوة التحلل المائي كيميائيا
باستخدام الحمض لفترة طويلة؛ إالَّ أنه منذ بضعة سنوات ،يتم تنفيد هذه الخطوة باستخدام
إنزيمات؛
الزراعية وكقش الحبوب وحطب الذرة أو بقايا الغابات وغيرها؛ حيث تجدر اإلشارة هنا إلى أن
اإليثانول المنتج باستعمال هذه النباتات الخشب-خلوية ينتمي إلى الوقود الحيوي من الجيل الثاني
20
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
[ ]Cantin, 2010, 9كما سنراه الحقا باإلضافة إلى أن اثنين من المكونات الرئيسية الثالثة لهذه
المادة اللجنوسليولوزية ،وهما السليلوز والهيميسيلولوز ،تعتبران بوليمرات سكر يجب أن تحلل مائيا
( )hydrolyserإلى أحاديات ( )monomersقبل تخميرها إلى إيثانول؛ أما المكون الثالث ،اللجنين
ويبين الشكل أدناه مخلتف فئات المواد األولية المستخدمة في صناعة اإليثانول سواء تعلق األمر
التخمير
التقطير +التجفيف
اإليثانول
المصدر :من اعداد الطالب اعتمادا على ][Gnansounou et Dauriat, 2004, 12
يالحظ من خالل الشكل أن الحصول على اإليثانول من المحاصيل السكرية أسهل من المحاصيل
بمرحلة التحلل المائي عكس المحاصيل النشوية وال تحتاج إلى معالجة أولية عكس الكتلة الحيوي
الخشب-خلوية (اللجنوسيلولوزية) ،مع العلم أن عملية تصنيع اإليثانول تختلف وفقا لمصدر السكر
21
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
تطورت في العقود األخيرة تكنولوجيا إنتاج اإليثانول ،وصار من أبرز مصادره في الوقت الراهن
النباتات الغنية بالسكريات مثل قصب السكر والبنجر ،و أيضا النباتات الغنية بالنشأ مثل الذرة والقمح
والشعير ،في حين أن إنتاجه من النباتات اللجنوسيلولوزية (الخشب-خلوية) ضئيل جدا إذ لم نقول شبه
منعدم ،وبالتالي فاإليثانول يستخرج بشكل أساسي من المحاصيل السكرية والنشوية [نادر ]59 ،2013 ،؛
وينتقل من مرحلة اإلنتاج إلى مرحلة التسويق بعد أن يعالج في المصانع معالجة خاصة تسمح بأن
يكون وقودا.
سيتم عرض كيفية إنتاج اإليثانول باستخدام قصب السكر والبنجر فقط باعتبارهما إلى حد بعيد األكثر
-قصب السكر
عند الحصاد ،يتم سحق وضغط قصب السكر الستخراج العصير الحلو الذي بعد عملية التخمير
يعطي نبيذ يحتوي على الماء بنسبة %90واإليثانول بنسبة ،%10ليتم تركيز هذا األخير عن طريق
التقطير ،ثم يجفف للحصول على إيثانول نقي بنسبة % 99.8؛ علما أن طن واحد من قصب السكر
يحتوي على 150كغ من السكر ،والذي يوفر بدوره 85لتر ( 67كلغ) من اإليثانول بعد عملية
التخمير ،كما يتراوح إنتاج اإليثانول بين 2500و 6000كغ/هكتار من قصب السكر [Hladik,
].2011, 130-131
-البنجر
حصاد البنجر يحدث خالل فترة قصيرة من السنة تمتد من أواخر سبتمبر إلى أواخر نوفمبر تشتغل
22
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
يخزن البنجر قبل نقله في شاحنات لتزويد مصانع إنتاج اإليثانول ،حيث بعد غسله يتم قطعه وإدراجه
في ناشرون ) (diffuseursأين يتم استخراج السكر بالماء الساخن؛ وهكذا يتم الحصول من جهة ،على
عصير حلو ،و من جهة أخرى ،على بقايا تثمن كعلف للحيوانات.
يتم إدراج العصير الحلو في مخمرات ( )fermentateursأين تتم عملية التحويل البيولوجي للسكريات
إلى إيثانول بفعل الكائنات الحية الدقيقة مثل خميرة الخباز (.)saccharomyces cerevisiae
النبيذ المتحصل عليه بعد التخمير يحتوي على %10كحول في الماء ،ولذلك فمن الضروري فصل
اإليثانول من خالل عملية التقطير والتي تتمثل في تسخين النبيذ وتكثيف األبخرة الناتجة عن التسخين.
اإليثانول المتحصل عليه بعد هذه المرحلة ال يزال يحتوي على الماء بنسبة ،%8فتتم عملية التجفيف
التام عن طريق ما يسمى بالمنخل الجزيئي ( )tamis moléculaireالذي سيفصل الماء عن اإليثانول
ويبين الشكل الموالي مختلف مراحل إنتاج اإليثانول من المحاصيل السكرية بشكل مفصل سواء تعلق
23
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
اللب
دبس
تكرير البنجر
السكر
السكر
غسل
شراب عصير
تركيز بث
السكر حلو
التخمر الكحولي
عصير طحن
تركيز سحق
حلو
المصدر :من اعداد الطالب اعتمادا على ][Ballerini II, 2007, 57
إنتاج اإليثانول الحيوي من المحاصيل النشوية يمر بعدة مراحل [:]Debiton, 2010, 11
-الطحن
يسمح السحق بتشريب ( )imbibitionو طهي أفضل للنشأ مما يسهل عملية التحلل المائي
(.)hydrolyse
هناك نوعان من الطحن :الطحن الجاف والطحن الرطب ،حيث يتثمل الطحن الجاف في سحق
الحبوب دون محاولة للفصل بين مختلف مكوناتها ،في حين يتثمل الطحن الرطب في فصل الغلوتين
-الجلتنة والتمييع
24
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
يجب جلتنة النشأ الموجود على شكل حبيبات ( )granulesفي حبة القمح من أجل تمكين تحلل المائي
جيد باإلنزيمات ،وتتم خطوة الجلتنة تحت درجات ح اررة جد عالية تتراوح بين 150-120درجة مئوية
عملية بيوكيميائية تتمثل تحويل السكريات المعقدة ،مثل السليلوز أو النشأ ،إلى سكريات بسيطة ،مثل
-التخمير
تدوم عملية التخمير من 48الى 72ساعة عند درجة ح اررة 35درجة مئوية ،حيث يخلط النشأ مع
أنواع محددة من الخمائر في غرف خاصة تعرف بغرف التخمر الالهوائي ) (anaérobiqueتتم فيها
عملية التخمر للمحلول السكري بمعزل عن الهواء أو بمعنى أصح بمعزل عن األكسيجين؛ حيث تحت
ظروف التخمر الالهوائي تفرز الخمائر العديد من األنزيمات التي تخمر السكر وتحوله إلى غاز ثاني
-التقطير والتجفيف
يسمح التقطير بفصل اإليثانول من المياه وغيرها من الشوائب ،وإعطاء مزيج يتكون من إيثانول بنسبة
%95وماء بنسبة ،%5ليتم بعد ذلك تجفيف اإليثانول على أغشية من السيراميك للحصول على
اإليثانول النقي.
25
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
المحاصيل النشوية
الطحن
الجلتنة و التمييع
التسكر اإلنزيم
الخمائر التخمير
التقطير و التجفيف الشوائب
CO2 غاز
اإليثانول
-3-1-IIقطاع الغاز
وهو يتضمن العديد من أنواع الوقود الحيوي الغازي تتمثل أساسا في:
-1-3-1-IIالميثان (البيومثان)
هو المكون الرئيسي للغاز الحيوي وينتج عن عملية التخمير الميثاني (أو الهضم الالهوائي) للمواد
العضوية الحيوانية أو النباتية الغنية بالسكريات (النشأ والسليلوز) بواسطة الكائنات الحية الدقيقة
()anaérobique؛ حيث بفضل عملية الهضم الالهوائي هذه يتم تحويل المواد العضوية القابلة للتخمير
إلى مواد معدنية تسمح بإنتاج غاز حيوي ].[Pellecuer, 2007, 140
ومن الممكن لغاز الميثان أن يكون بديال للغاز الطبيعي باعتبار هذا األخير يتكون من أكثر من
%95ميثان ،كما يمكن استخدامه في المحركات االنفجارية (تكنولوجيا محركات البنزين) أو فيما
يسمى بمحركات الوقود المزدوج ( )dual-fuelوهي محركات ديزل تشتغل في الغالب بفضل الميثان أو
26
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
الغاز الحيوي والتي يتم ضمان اشتغالها عن طريق إمدادات طفيفة من البيوديزل أو الديزل [ Benajes
وتجدر اإلشارة إلى أنه من الصعب تخزين الميثان عندما يتم إنتاجه ،و بالتالي يجب أن يكون مستغل
في مكان إنتاجه ،كاستغالله في توريد مولد كهربائي على سبيل المثال.
-2-3-1-IIالديهيدروجين
أكتشف الهيدروجين من قبل الكيميائي اإلنجليزي هنري كافنديش سنة ،]Bobin, 2005, 532[ 1766
حيث يعتبر العنصر األكثر شيوعا في الكون ،ولكن ال وجود له على األرض في الحالة الغازية،
تشكيله لخطر تسرب كونه عنصر كيميائي مجهري باإلضافة إلى صعوبة تخزينه ،األمر الذي يتطلب
وضعه في "مخازن" على شكل جزيئات أخرى (مثل الماء) .وعلى الرغم من أن الديهيدروجين ينظر
إليه كوقود المستقبل الذي سيحل أزمة النفط ،إالَّ أنه مازال ليس صالح لالستعمال بعد بشكل كامل
رغم وجود اتفاقيات لتعزيز البحوث حول هذا الغاز الذي من شأنه أن يكون وقود المستقبل ،وعلى
الرغم أيضا من تكلفة إنتاجه المرتفعة حاليا ،غير أن الزيادة الحتمية في أسعار النفط مستقبال ستجعل
إنتاجه ممكنا ،ولكن اآلن مع تكلفة تصنيعه وتسييله وتخزينه ،فمن المحتمل أن يكون سعره في حالة
كما أن للديهيدروجين مزايا وسلبيات أخرى ،فهو اليطرح الغازات المسببة لالحتباس الحراري (يطرح
ماء فقط) وليس ملوثا (أو بكميات صغيرة للغاية) مقارنة مع الوقود األحفوري .هذان العامالن جعال
غاز الديهيدروجين نظيف للغاية ،لكن وعلى الرغم من إجراء عدة أبحاث ،ال يزال تخزينه صعب
27
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
باإلضافة إلى كونه قابل لالنفجار واالتهاب بسهولة .وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات المالية
والتقنية ،تم افتتاح أول محطة بمضخات الديهيدروجين في العالم لتزود الحافالت بالديهيدروجين في
استخلصنا مما سبق أن األنواع المختلفة من الوقود الحيوي التي تندرج ضمن الوقود الحيوي من الجيل
األول تختلف من حيث مزاياها وعيوبها ،تركيباتها ،طرق إنتاجاها والمواد األولية الزراعية المستخدمة
في إنتاجها سواء كانت هذه المواد األولية الزراعية سكرية ،نشوية أو وزيتية .استخلصنا أيضا أن القيود
التقنية والفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والبيئية واللوجستية المرتبطة بطبيعة مختلف أنواع الوقود
الحيوي من الجيل األول تجعل من إنتاجها غلى نطاق صناعي واسع غير ممكن حاليا ماعدا
البيوديزل (الديزل الحيوي) في قطاع الزيت ،واإليثانول في قطاع الكحول ،مما قد يجعل من إنتاجهما
منافسا محتمال لغذاء اإلنسا ن إذا كان هذا اإلنتاج يتم على نطاق صناعي واسع ،وهذا ما سنحاول
معرفته الحقا.
وتحسبا لالنتقادات العالمية اعتراضا على استخدام المواد األولية الزراعية في إنتاج الوقود والتي
اعتبرت كجريمة في حق الشعوب التي تعاني من الجوع ،بدأت أبحاث خاصة بجيل جديد من الوقود
الحيوي سنة 2000وأسفرت عن ظهور الجيل الثاني من الوقود الحيوي ،وهذا ما سنتناوله في المبحث
الموالي.
الوقود الحيوي من الجيل الثاني هو ذلك الوقود الناتج عن استخدام الجزء الغير صالح لألكل للنباتات
والمحاصيل الزراعية ،أي مخلفات المحاصيل الحقلية وليس ثمارها ،مثل سيقان القمح والذرة ومعظم
المخلفات الزراعية ،باإلضافة إلى نشارة الخشب والتبن األعشاب والحشائش وكل أنواع النباتات .ونظ ار
28
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
لكون هذا الجيل من الوقود الحيوي حديث النشأة نسبيا ،سنعمل في هذا المبحث على سرد معظم
الجوانب المتعلقة به انطالقا من طرق إنتاجه ومصادر الكتلة الحيوي اللجنوسليولوزية التي تستعمل في
هذا اإلنتاج ،وصوال إلى مزاياه وحدوده ،مرو ار بإنتاجيته في الهكتار ،مما يسمح لنا برسم صورة
وفقا لتقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ( ،)IPCCفإن الكتلة الحيوية اللجنوسليولوزية
(الغابات ومخلفات الغابات ،مخلفات صناعة األخشاب ،النفايات (الخشب-خلوية) غير الغذائية
المنزلية) تخزن %3من إجمالي الكربون على كوكب األرض [ ،]Kpogbemabou, 2011, 13مما
يجعل تحويل هذه الكتلة الحيوية الخشب-خلوية غير الغذائية (اللجنوسليولوز) إلى وقود حيوي بديال
حقيقيا .وعلى الرغم من انخفاض سعر المخلفات الزراعية السليولوزية ،إالَّ أن تكاليف إنتاج الوقود
الحيوي من الجيل الثاني ،المحسوبة حسب مختلف سيناريوهات أسعار المواد األولية الزراعية
المستعملة في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول ،أعلى بكثير من تكلفة إنتاج الوقود الحيوي من
الجيل األول [ ،]Scarwell et Leducq, 2014, 8عالوة على أن مادة اللجنوسليولوز أكثر مقاومة
للتكسير والتحلل والتخمر من السكر والنشأ والزيت الموجودة في المواد األولية الزراعية المستعملة في
و يمكن تحويل المواد الخشب-خلوية ،أو كما تسمى أيضا "اللجنوسليولوز" ،إلى وقود حيوي بفضل
تدعى هذه الطريقة بالح اررية الكيميائية ألنها تعتمد على تكسير الجزيئات بفعل الح اررة في مختلف
الظروف الفيزيوكيميائية ،وهي الطريقة األكثر تحكما فيها ].[Mathis, 2007, 30
29
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
تهدف هذه طريقة إلى تحويل الكتلة الحيوية الخشب-خلوية (اللجنوسليولوز) عن طريق تبخير
الجزيئات الصغيرة المتواجدة في هذه الكتلة ،أو عن طريق التغويز( ،)gazéificationليتم بعد ذلك تنقية
بعض التفاعالت الكيميوح اررية األخرى تسمح أيضا بتحويل الكتلة الحيوية الخشب-خلوية
(اللجنوسليولوز) إلى زيوت ممكن تكريرها من أجل استخدام مباشر لها كوقود أو تحويلها إلى غاز
للحصول على غاز مصنع ( )Gaz de synthèseأو وقود سائل يسمى .(Biomass To Liquid) BtL
لتحويل الكتلة الحيوية الخشبية التي تحتوي على اللجنين ) (la lignineمثل الخشب والقش ،إلى غاز
قابل لالحتراق ( ،)combustibleالبد من استخدام العمليات الكيميوح اررية مثل التغويز التي تسمح
بالحصول على غاز الخشب الذي يتم من خالله إنتاج غاز ُمصنَّع يمكن حقنه مباشرة في شبكة الغاز
الطبيعي الموجودة ليصبح مادة متجددة غير ملوثة بإمكانها استبدال الغاز الطبيعي األحفوري التقليدي
وضعت في عام 1925في ألمانيا ،والتي من شأنها أن تنتج وقودا سائال من الفحم؛ حيث سمحت
للرايخ الثالث أثناء الحرب العالمية الثانية من إنتاج 124000برميل يوميا من الوقود في بداية عام
وتتمثل عملية فيشر تروبش ( )Fischer-Tropschفي تحويل الكتلة الحيوية من خالل تفاعل كيميائي
من أحادي أكسيد الكربون والهيدروجين إلنتاج الغاز؛ ولكن ما يؤخذ على هذه العملية هو أنها تتطلب
30
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
استثمارات ضخمة [ ]Parizel, 2008, 12حيث تم التخلي عليها تدريجيا بعد الحرب العالمية الثانية
الطريقة البيوكيماوية ،المعروفة أيضا بطريقة التحويل البيولوجية ،تهدف إلى إنتاج نوع من الوقود
الحيوي ،و بالضبط اإليثانول [ ]Departe, 2010, 12بفضل الكتلة الحيوية الخشب-خلوية
(اللجنوسليولوز) ،وتعتمد هذه الطريقة بشكل خاص على العمليات البيوكيماوية ،على وجه التحديد
وتجدر االشارة إلى أن مختلف عمليات طريقة التحويل البيوكيماوية تتم في وسط سائل ،ولهذا السبب
وتتألف طريقة التحويل البيوكيماوية من أربع مراحل رئيسية [:]Ballerini I, 2006, 264
• هدم المواد الخام والمادة الخشب-خلوية (اللجنوسليولوز) بعد عملية معالجة أولية ()Prétraitement؛
• تحويل السكريات المعقدة للمادة الخشب-خلوية (اللجنوسليولوز) إلى سكريات بسيطة ()Hydrolyse؛
• تخمير الجلوكوز وغيرها من السكريات البسيطة التي تنتجها الكائنات الحية الدقيقة باالعتماد على
ويبين الشكل الموالي مخلتف مراحل إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثاني بفضل الطريقة الح اررية
31
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
فيشر تروبش
تخمير
محاصيل مخصصة سكر إيثانول خليط مع وقود البنزين
• طريقة البيوكيماوية •
المصدر :من اعداد الطالب اعتمادا على ][Le Bars et autres, 2010, 128
تعرف الكتلة الحيوية بأنها "الجزء القابل للتحلل من المنتجات والنفايات والمخلفات من أصل بيولوجي
والمشتقة من الزراعة (بما في ذلك المواد النباتية والحيوانية) ومن الغابات ومن الصناعة ،فضال عن
]mer III, 2009, 27؛ وبالتالي فإن مصطلح الكتلة الحيوية يغطي جميع المواد العضوية من أصل
نباتي أو حيواني .ومع ذلك ،فإن الكتلة الحيوية النباتية ،نظ ار إلحتوائها على السليلوز ،هي الوحيدة
وفيما يلي مختلف مصادر الكتلة الحيوية التي يمكن استخدامها إلنتاج الوقود الحيوي [ Departe,
:]2010, 12
32
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
-1-2-IIIالنفايات الصناعية
هناك عدد كبير من النفايات الصناعية التي يمكن تعبئتها إلنتاج الوقود الحيوي مثل البقايا الناجمة
عن تحويل الحطب والمواد الناجمة عن تحويل المواد األولية الزراعية في المصانع مثل بقايا الحبوب
ولب البنجر.
-المخلفات الزراعية :تتكون المخلفات الزراعية من أجزاء نباتية تم تركها على األرض بعد الحصاد.
يعتبر قش الحبوب (القمح والشعير) وحطب الذرة والبقايا الجافة للمحاصيل الكبرى هي األكثر وفرة،
-المخلفات الغابية :نميز نوعان من المخلفات الغابية ،يتكون النوع األول من المخلفات التي تبقى
على األرض بعد حصاد الحطب ألغراض تجارية ،أما النوع الثاني فيتكون من األشجار المنعزلة أو
المساحات الخضراء خارج الغابات والذي يكون استغالله مكلف للغاية ويتطلب إنشاء هياكل خاصة.
نقصد بالمحاصيل الطاقية المخصصة تلك النباتات التي لها أفضل اإلمكانيات إلنتاج الطاقة ،ولهذا
ويتعين عموما عند اختيار المحاصيل التي ستوظف للحصول على الوقود الحيوي من الجيل الثاني أن
33
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
-أن يكون محتواها من اللجنين منخفضا ،فرغم أن اللجنين يعطي قد ار كبي ار من الطاقة ِإ َّال أنه يعيق
التحلل البيو كيميائي للسليلوز ويزيد التكلفة الحتياجه إلى مفاعالت خاصة؛
في الوقت الحاضر ،يتم إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثاني في محطات تجريبية على نطاق غير
صناعي ،إالَّ أن األبحاث في هذا المجال تَ ِع ُد بالكثير من التحسينات مستقبال [Meunier et Meunier-
،]Castelain, 2006, 107خاصة وأن الكمية الممكن إنتاجها من الوقود الحيوي من الجيل الثاني هي
أكبر من تلك المنتجة من الجيل األول وذلك باستعمال نفس المساحة المزروعة ونفس كمية المحاصيل
فب معرفة عدد األطنان المنتجة من مختلف المحاصيل على مساحة هكتار واحد ،من الممكن تقييم عدد
اللترات المنتج من الوقود الحيوي من الجيل األول ومن الجيل الثاني للهكتار الواحد المزروع ،وهذا ما
يبينه الشكل الموالي الذي يأخذ بعين االعتبار مردود مختلف المحاصيل إلنتاج الوقود الحيوي من
الجيل الثاني ،ومردود الذرة والشعير والقمح والصويا إلنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول في الواليات
المتحدة األمريكية ،باإلضافة إلى مردود عباد الشمس واللفت والبنجر المسجل في أوروبا ،وأخي ار مردود
قصب السكر والجاتروفا ونخيل الزيت الذي يخص على التوالي كل من الب ارزيل ،الهند واندونيسيا.
34
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
يؤكد الشكل أعاله ضرورة وفائدة تطوير البحث في مجال الوقود الحيوي من الجيل الثاني للحد من
المساحات المزروعة إلنتاج الوقود الحيوي بشكل ملحوظ ،فاألعشاب طويلة القامة مثل التبن البري
والميسكانتوس ( )Miscanthusتسمح بمضاعفة إنتاج البيوديزل (الديزل الحيوي) على التوالي بأربعة
35
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
وستة مرات بالمقارنة مع اللفت لنفس المساحة المزروعة ،ويعود سبب هذه اإلنتاجية المرتفعة للهكتار
الواحد من الوقود الحيوي من الجيل الثاني إلى إمكانية استخدام النباتات بالكامل وليس فقط البذور أو
الثمار.
وعالوة على ذلك ،على افتراض استخدام نبتة الذرة بالكامل إلنتاج اإليثانول (ساق النبتة = إيثانول
الجيل الثاني +حبوب = إيثانول الجيل األول) ،يمكن الحصول على حوالي 5175لتر من اإليثانول
في الهكتار الواحد ،في حين مع الميسكانتوس يمكن الحصول على إنتاج يزيد بحوالي %75علما أن
الميسكانتوس هو أقل ضر ار على البيئة ويتطلب كمية قليلة من األسمدة والمبيدات الحشرية وله متوسط
نتيجة لوجود وفرة كبيرة من مادة اللجنوسليولوز في جميع المخلفات خاصة النباتية منها مثل األخشاب،
المحاصيل الزراعية ،فإن ذلك جعلها هدفا جديدا إلنتاج الجيل الثاني من الوقود الحيوي ،خاصة وأن
استخدام المواد السكرية والنشوية وكذا الزيتية في إنتاج الجيل األول من الوقود الحيوي يعني استخدام
جزءا فقط من المادة الحية وإهمال باقي أجزاء النبات بما فيها من طاقة مختزنة ،ولذلك يعمل الجيل
الثاني إلنتاج الوقود الحيوي على استخدام جميع أجزاء النبات المحتوية على مادة السيليلوز بمشتقاتها
من الهيميسيليلوز (نصف السيليلوز) واللجنين بما يزيد من إنتاجية األرض الزراعية من الوقود الحيوي
ويقلل من تنافس الوقود مع الغذاء والمياه ،كما يترك المحصول الغذائي لإلنسان مع االستفادة من
وعالوة على ذلك ،يمكن أيضا أن تنمو بعض النباتات المعمرة سريعة النمو ،مثل المحاصيل الخشبية
قصيرة الدورة الزراعية واألعشاب الطويلة ،على تربة فقيرة ومتدهورة يكون فيها إنتاج المحاصيل
36
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
الغذائية صعب جدا بسبب التعرية أو بسبب معوقات أخرى .وكال هذين العاملين قد يؤديان إلى الحد
وبالنظر إلى أن الكتلة الحيوية اللجنوسليولوزية هي أكثر المواد البيولوجية تواف ار على سطح األرض،
فإن االستحداث الناجح لجيل ثان من الوقود الحيوي القائم على اللجنوسليولوز ،الذي يملك مقومات
البقاء تجاريا ،يمكن أن يؤدي إلى حدوث زيادة كبيرة في حجم وتنوع المواد الوسيطة والمخلفات
السيلولوزية التي يمكن استخدامها في اإلنتاج ،ومن بينها مخلفات الزراعة والغابات (القش والعيدان
واألوراق) والمخلفات التي تنجم عن عمليات التصنيع (قشور الجوزيات ،وتفل قصب السكر ،ونشارة
كما يمكن أن يتيح الجيل الثاني من الوقود الحيوي مزايا من حيث الحد من انبعاثات غازات االحتباس
الحراري ،حيث أن أغلبية الدراسات تتوقع أن يؤدي الوقود المشتق من المخلفات الخشبية والزراعية،
إلى حدوث انخفاض هائل في انبعاثات غازات االحتباس الحراري طيلة دورة العمر ،بالمقارنة بالوقود
النفطي والجيل األول من الوقود الحيوي [منظمة االغذية و الزراعة لألمم المتحددة .]19-18 ،2008 ،I
ولئن كان من الصعب تحلل الكتلة الحيوية اللجنوسليولوزية من أجل تحويلها إلى وقود سائل ،فإنها
أقوى أيضا بالنسبة للمناولة ،مما يساعد على الحد من تكاليف مناولتها والحفاظ على جودتها بالمقارنة
مع المحاصيل الغذائية؛ كما أن تخزينها أيسر أيضا وذلك ألنها تقاوم التدهور.
ومن وجهة النظر المستدامة فإن استخدام مادة اللجنوسليولوزية له عدة مزايا [نادر:]98-97 ،2013 ،
-هذا النوع من الوقود يمكن أن يحل محل الوقود البترولي وغيره من الوقود دون المنافسة مع الغذاء؛
-استخدام المخلفات الزراعية قد تلغي الحاجة إلى المزيد من المساحات الزراعية ومياه الري أو على
37
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
-إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثاني لن يحتاج إلى التوسع في إزالة المزيد من مساحات الغابات
القائمة حاليا إلحاللها بمحاصيل الوقود الحيوي ،حيث سيتم االستفادة من مخلفات هذه الغابات والفروع
واألوراق المتساقطة وغيرها في إنتاج هذا الوقود بما سيبقي على مساحة الغابات القائمة واستمرار
َّ -
يمكن إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثاني من استغالل الشجيرات الخشبية والنباتات العشبية مثل
أشجار الجاتورفا والبونجاميا ،وهي نباتات سريعة النمو وال تحتاج إلى مياه عذبة أو أراضي خصبة
ولكن يمكنها النمو على مياه مخلفات الصرف الصحي وعلى األراضي القاحلة والساحلية المجاورة
للمياه المالحة بما يزيد من االستفادة من مساحات جديدة من األراضي الزراعية المهملة ومن المياه
الهامشية.
ليس من المؤكد ،حتى اآلن ،ما إذا كان تحويل الكتلة الحيوية اللجنوسليولوزية إلى وقود حيوي قاد ار
على المساهمة بنسبة كبيرة في أنواع الوقود السائلة الموجودة في العالم باعتبار أن المخلفات الغابية
والزراعية تستخدم في الواقع لتغذية الماشية ،لتخصيب التربة أو كمأوى للتنوع البيولوجي ،كما تستخدم
أيضا إلنتاج الكهرباء والح اررة من خالل التوليد المشترك للطاقة الخشبية .ويعتقد أن اإلنتاج الصناعي
للوقود الحيوي من الجيل الثاني لن يرى النور إال بعد سنة 2020على األقل [ Spinnler, 2012,
،]entretienهذا ويتم وضع العديد من الشروط من قبل الخبراء لالستثمار فيه مما يجعل إنتاجه على
نطاق صناعي واسع غير ممكن حاليا .فعلى سبيل المثال ،تتمثل المرحلة األولى فقط من هذا اإلنتاج
في جمع الكتلة الحيوية وهي عملية معقدة للعديد من األسباب ،بما في ذلك تنوع المواد األولية
38
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
فالكتلة الحيوية النباتية هي بالتأكيد وفيرة ،ولكنها متنوعة أيضا ،فقد يكون أصلها غابي أو زراعي (في
مختلف قطاعات الزراعة) أو صناعي (نفايات مختلف القطاعات الصناعية) أو حتى بحري؛ لذا فإن
القيود المفروضة على جمعها واستغاللها هي عديدة [،]Legalland et Lemarchand, 2008, 116-117
ال يوجد أي مصنع يمكن أن يعمل على نحو مستدام إذا كان ال يمكنه االعتماد على مصدر آمن
وكافي من المواد األولية ،إالَّ في حالة ما إذا كان لديه مخزون كافي من المواد األولية الشيء الذي
عادة ما يكون له عواقب جسيمة على الربحية .هذه المشكلة ليست نظرية فقط ،ففي الب ارزيل مثال ليس
من غير المألوف رؤية المنتجين يبيعون محاصيلهم من السكر في السوق الدولية وترك مصانع
لذلك يعتبر خطر انقطاع اإلمدادات موجود سواء تعلق األمر بالمخلفات الزراعية ،بالمنتجات الغابية أو
بالمخلفات الصناعية.
من المعلوم أن تكاليف تشغيل مصنع تتألف من تكاليف مباشرة تدخل بشكل مباشر في عملية االنتاج
(المواد األولية ،العمالة ،)...ومن تكاليف غير مباشرة تدخل بشكل غير مباشر في عملية االنتاج
ففيما يخص مصنع ينتج الوقود الحيوي باستخدام الكتلة الحيوي الخشب-خلوية (اللجنوسليولوز) ،تكون
تكاليف اإلنتاج المباشرة وغير المباشرة مرتفعة نسبيا مقارنة مع تكلفة إنتاج الوقود الحيوي من الجيل
األول وذلك بسبب التكاليف الطاقية العالية جدا نتيجة استخدام مفاعالت بيولوجية كبيرة الحجم،
39
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
هذا ويتيح الجيل الثاني من التكنولوجيات ،التي هي قيد االستحداث حاليا ،استخدام الكتلة الحيوية
اللجنوسليولوزية التي تقاوم التحلل أكثر من مقاومة النشأ والسكر والزيوت ،وبالتالي صعوبة تحويلها
إلى وقود سائل تجعل تكنولوجيا التحويل أعلى تكلفة [.]De Dominicis, 2006, 110
-3-5-IIIاالحتجاجات االجتماعية
في الوقت الراهن يمكن فقط وضع قائمة من الشكوك حول اآلثار االجتماعية المحتملة إلنتاج الوقود
الحيوي من الجيل الثاني بسبب عدم وجود إنتاج على مستوى صناعي واسع:
-استغالل المخلفات الغابية :كل ما يمس بالغابة يخلق حساسية إجتماعية ويثير غضب بعض
-تعتبر الغابات أماكن عامة ،حيث أن قيود جديدة ناجمة عن استغاللها قد تثير استياء السكان؛
-سيتم النظر بعين الريبة إلى أثر االستغالل الصناعي للغابات وأثره المحتمل على التنوع
البيولوجي.
-4-5-IIIتأثر التربة
من المهم أيضا النظر إلى الدور الحاسم الذي يلعبه تحلل الكتلة الحيوية في الحفاظ على خصوبة
التربة ونسيجها ،حيث قد تكون لعمليات السحب المفرط ألغراض استخدام الطاقة الحيوية تأثيرات
سلبية .فمن أهم عيوب استخدام المخلفات الزراعية إلنتاج الوقود الحيوي يتمثل في كون هذه المخلفات
سمادا عضويا ُم ِهما للتربة ويلعب دو ار رئيسيا في الحفاظ على خصوبتها ويزيد من إنتاجيتها ،كما أن
حرمان التربة منها سوف يؤدي إلى التوسع في استخدام األسمدة الكيميائية بما يزيد من ثلوث التربة
تحللها من المواد الالحمة لحبيبات التربة لتكوين بناء أرضي ثابت يحسن من خواص الترب الزراعية
ويعالج عيوب قوام التربة خاصة في األراضي الرملية الصحراوية أو األراضي الطينية الثقيلة ،وجميع
40
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
هذه المواد الالحمة والمحسنة والمخصبة للتربة تنتج من تحلل المخلفات العضوية المضافة إلى الترب
المشاكل المتعلقة بتكنولوجيا تحويل الكتلة الحيوية إلى غاز هي متعددة [Ballerini II, 2007, 105-
:]106
-توريد المفاعل بالكتلة الحيوية الصلبة :التكنولوجيات المستخدمة حاليا لتوريد المفاعالت بالكتلة
-تآكل الهياكل المعدنية في مناطق الح اررة الجد عالية؛ وتكمن طريقة حل هذه المشكلة في تطوير
استنتجنا مما سبق أنه رغم توفر الكتلة الحيوية اللجنوسيلولوزية الضرورية إلنتاج الوقود الحيوي من
الجيل الثاني بكميات معتبرة وبأسعار منخفضة ،باإلضافة إلى أن إنتاجية الوقود الحيوي من الجيل
الثاني تفوق إنتاجية الوقود الحيوي من الجيل األول عند استعمال نفس المساحة المزروعة ونفس كمية
المحاصيل ،فضال عن المزايا البيئية التي يقدمها الوقود الحيوي من الجيل الثاني الذي ال ينافس
اإلنسان في الغذاء ،إالَّ أن القيود المالية واللوجستية واالجتماعية والبيئية والتقنية المفروضة على جمع
واستغالل الكتلة الحيوية اللجنوسيلولوزية تجعل من إنتاجه على نطاق صناعي واسع غير ممكن حاليا،
حيث من الالزم التغلب على تحديات كبيرة لجعل إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثاني من المواد
41
الوقود الحيوي ذو أصل نباتي الفصل األول
خالصة
كون هذه الدراسة تتمحور حول موضوع الوقود الحيوي الذي مازال يلفه الكثير من الغموض ،التمسنا
الحاجة في هذا الفصل إلى تقديم صورة كاملة لهذه الطاقة المتجددة ،حيث سعينا إلى عرض مفهومه،
تطوره التاريخي ،أسباب التوجه نحو إنتاجه ،خصائصه ،استخداماته وكيفية تصنيعه ،وقد خلصنا أن
كل وقود سائل أو غازي مشتق من الكتلة الحيوي مهما كان مصدرها يعتبر وقودا حيويا ،إالَّ أن الوقود
الحيوي السائل هو األرجح على أن ينتج على نطاق واسع .كما اتضح لنا أن الوقود الحيوي ليس اسم
جديد في عالم الطاقة البديلة ،إالَّ أنه لم يبرز على الساحة الدولية إالَّ منذ منتصف السبعينات من
القرن الماضي بسبب االهتمام المتزايد به في تلك الفترة والراجع ألسباب عدة تتراوح بين االقتصادية
وبعد استعراضنا لخصائص وكيفية إنتاج الوقود الحيوي ذو األصل النباتي (الوقود الحيوي من الجيل
األول والجيل الثاني) ،عالوة على المواد األولية التي تدخل في إنتاجه ،استخلصنا أن الوقود الحيوي
من الجيل األول منتج من مواد أولية زراعية تدخل في التغذية االنسانية وبالتالي يمثل صورة مختلفة
تماما من حيث انعكاساته المحتملة على الزراعة وعلى األمن الغذائي مقارنة بالوقود الحيوي من الجيل
الثاني الذي ال ينافس اإلنسان على الغذاء وال يمكن إنتاجه على مستوى تجاري واسع لألسباب
اقتصادية ،اجتماعية ،بيئية وتقنية على عكس الوقود الحيوي من الجيل األول الذي قد يخلق مشكلة
اقتصادية وأخالقية وزراعية في حالة ما إذا كان إنتاجه يتم على مستوى صناعي واسع بكونه يصبح
42
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
تمهيد
نظ ار لكون الوقود الحيوي ذو أصل نباتي يضم جيل أول مشتق من مواد أولية زراعية تدخل في التغذية
اإلنسانية ،وجيل ثاني مشتق من مخلفات خشبية وزراعية ال تدخل في التغذية اإلنسانية كما رأيناه في
الفصل السابق ،ف سوف نهتم في هذا الفصل بالجيل األول فقط باعتبار أن إنتاج هذا األخير من
المحتمل أن يخلق مشكلة اقتصادية وزراعية وأخالقية إذا كان يتم على نطاق صناعي واسع من جهة،
وإذا كان الطلب الزراعي الذي يمليه النمو السكاني والتغيرات في أنماط االستهالك أكبر من العرض
الزراعي الذي يمليه توافر األراضي الزراعية ومردودها من جهة أخرى ،وهذا ما سنحاول معرفته في
هذا الفصل ،مع اإلشارة إلى أن هدفنا ليس تقديم عرض شامل عن القطاع الزراعي العالمي بمختلف
أبعاده أو عن كل المواد األولية الزراعية التي تدخل في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول نظ ار
المنتج في العالم مشتق من الحبوب ،باإلضافة إلى كون الحبوب تلعب دو ار رئيسيا في التغذية
لهذا الغرض ،ارتأينا أوال في هذا الفصل تقديم صورة عن تطور السوق الزراعي العالمي من خالل
الحبوب ،ثم ثانيا تسليط الضوء على حجم اإلنتاج العالمي للوقود الحيوي من الجيل األول وتطوره
المستقبلي ،وأخي ار سرد نتائج أهم الدراسات التي أجريت حول تأثير الوقود الحيوي من الجيل األول
على أسعار المواد األولية الزراعية المستخدمة في تصنيعه؛ وعلى هذا األساس سنتناول هذا الفصل
-المبحث الثالث :تأثير الوقود الحيوي من الجيل األول على أسعار المواد الزراعية.
44
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
تتحدد حالة السوق الزراعي على الصعيد الدولي بالعديد من العوامل ،ولكن ما يهمنا في توصيفها،
وحتى نتفادى الدخول في الكثير من التفريعات ،عاملين رئيسيين سنناقشهما في هذا المبحث وهما
العرض الزراعي والطلب الزراعي العالميين الخاصين بالحبوب ،واللذان يمكن لنا من خاللهما تشكيل
صورة مبسطة ولكن معبرة للحالة الراهنة للسوق الزراعي العالمي والتعرف على احتماالتها المستقبلية
بهدف معرفة ما إذا كان هناك تباين بين العرض الزراعي والطلب الزراعي على المستوى العالمي،
تباين إن ثبت وجوده يجعل من الوقود الحيوي من الجيل األول يطرح مشكلة أخالقية
واقتصادية وزراعية بسبب التنافس المباشر بين منتجي الوقود الحيوي ومنتجي األغذية حول استخدام
تمثل األراضي الزراعية والمردودات الزراعية أهم العوامل التي يستند إليها العرض الزراعي في أي
مكان.
-1-1-Iاألراضي الزراعية
نظ ار ألن الحبوب تعتبر بوجه عام الركيزة األساسية لإلنتاج الزراعي ،أو إنتاج الغذاء ،خاصة في
الدول النامية كما أشرنا إليه سابقا ،فإن حجم األراضي الزراعية المخصص إلنتاج الحبوب يعطي
فبحسب معطيات البنك العالمي ،ما يقارب 707.95مليون هكتار من األراضي كان مخصص
إلنتاج الحبوب الغذائية كالقمح واألرز والذرة والشعير سنة ،2013بينما كانت هذه المساحة مقدرة
بحوالي 670.64مليون هكتار سنة ،]Banque Mondiale, 2013[ 2000وهذا ما يتضح من خالل
الشكل الموالي.
45
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
700000000
هكتار
600000000
500000000
2000 2001 2002 2003 2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات البنك الدولي
يمكن مالحظة أنه بين عامي 2000و 2005انخفضت المساحة المخصصة إلنتاج الحبوب بنحو
12.54مليون هكتار ،أي بنسبة ،%1.87 -في حين عرفت هذه المساحة زيادة بين 2005
و 2008مقدرة بحوالي 54.17مليون هكتار ،أي بمعدل ،%8.23لتنخفض مجددا بعدها فيما بين
عامي 2008و 2010بنحو 19.19مليون هكتار ،أي بنسبة %2.69 -قبل أن ترتفع مجددا سنة
2013لتصل إلى نفس المستوى تقريبا الذي كانت عليه قبل خمسة أعوام ،أي سنة .2008
وهو ما يبين أن المساحات المزروعة المخصصة إلنتاج الحبوب الغذائية عرفت نمو ضعيف جدا يقدر
-2-1-Iالمردودات الزراعية
يحدد تطور ال مردودات الزراعية العالمية مدى قدرة األراضي الزراعية الموجودة على االستجابة للطلب
العالمي على مختلف المحاصيل الزراعية المستخدمة ألغراض غذائية ،حيث من المحتمل جدا أن
تتأثر أسعار مختلف هذه المحاصيل الزراعية إلى حد كبير بالتغييرات التي ستحدث في مردودات
46
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
إنتاجها ] .[Bringezu, 2009, XIIولتوضيح تطور مردودات المحاصيل الزراعية ،سوف نركز أيضا
على الحبوب من خالل الشكل أدناه نظ ار الستخدامها الواسع في إنتاج الوقود الحيوي.
3,00
2,50
2,00
طن/هكتار
1,50
1,00
0,50
0,00
56
59
98
50
53
62
65
68
71
74
77
80
83
86
89
92
95
2001
2004
2007
2010
العائد المتوسط العالمي للحبوب
المصدر :من اعداد الطالب اعتمادا على قاعدة بيانات وزارة الزراعة األمريكية
][www.fas.usda.gov/psdonline
Calculs incluant le blé, le maïs, le riz et le soja.
يالحظ في الشكل أعاله تحسن مردود الحبوب بشكل ملحوظ منذ بداية الخمسينات .ومع ذلك ،هناك
تباطؤ في معدل تطور العوائد على مرور السنوات .فمن حيث الكميات المطلقة ،يبدوا أن منحنى
تطور المردود يدل على زيادة منتظمة ومستمرة من حيث الحجم ،إالَّ أن المنحنى ينطوي في الحقيقة
على انخفاض في معدالت المردود (معدل النمو السنوي كنسبة مئوية مقارنة بالسنة السابقة)؛ ولكن
مقدم بهذا الشكل ،فالمنحنى يظهر تباطؤ في النمو أقل حدة مما هو عليه في حقيقة األمر ،وهذا ما
47
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
يبين الجدول أعاله تطور متوسط معدالت النمو السنوية في مردود الحبوب بالمقارنة بفترة األساس
،1960/1950حيث يمكن مالحظة أنه فيما بين عقدي 1960/1950و 1990/1980زاد متوسط
معدل النمو السنوي في مردود الحبوب مقارنة بفترة األساس بمعدالت متدبدبة تتراوح بين ،%0.5
%0.4-على التوالي.
يمكن تقديم أسباب مختلفة لتفسير هذا االنخفاض في المردودات الزراعية العالمية .فجزء من هذا
االنخفاض قد يفسر بفقدان التربة لخصوبتها الطبيعية في المناطق ذات الزراعات الكثيفة .ففي
الستينات مثال ،كان طن إضافي من األسمدة اآلزوتية يسمح بإنتاج 25طن إضافي من الحبوب،
لينخفض بعدها هذا اإلنتاج اإل ضافي من الحبوب الناتج عن استعمال نفس الكمية من األسمدة
اآلزوتية إلى 20طن في السبعينات ،ثم إلى 13طن فقط في الثمانينات ] .]Akbi, 2014, 102من
جهة أخرى ،تميزت سنوات التسعينات بانتهاج البلدان المتقدمة لسياسات زراعية أقل تلويثا للبيئة ،مما
أدى إلى انخفاض المردودات الزراعية نتيجة استخدام أسمدة كيماوية أكثر احتراما للبيئة لكن ذات
فعالية أقل .هذا ويمكن ذكر عوامل أخرى ساهمت في انخفاض المردودات الزراعية ،مثل تغير المناخ
الذي زاد في وثيرة تدهور األراضي (التصحر ،انجراف التربة ،الملوحة ،ارتفاع منسوب المياه) ،وندرة
48
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
موارد المياه التي تشكل كابحا كبي ار على الزراعة علما أن أكثر من %70من المياه العذبة في مختلف
مناطق العالم تستعمل في الزراعة كما يبينه الشكل أدناه وهي نسبة مرشحة لالرتفاع بحلول عام
2050أين سيتطلب توفير الطعام لحوالي 9مليارات نسمة زيادة قدرها %50من اإلنتاج الزراعي
لمقارنة نمو األراضي الزراعية بالمردودات الزراعية نستعين بالشكل الموالي الذي يوضح معدالت النمو
49
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
المردود المساحة
%
3,5
3,0
2,5
2,0
1,5
1,0
0,5
0,0
-0,5
2005-14 2015-24 2005-14 2015-24 2005-14 2015-24
القمح الحبوب الخشنة األرز
المالحظة الهامة المستخلصة من خالل الشكل أعاله هي أن االتجاه العام المشار إليه سابقا والمتمثل
في انخفاض المردودات الزراعية العالمية واألراضي الزراعية لن يتغير مستقبال ( ،)2024مشي ار إلى
أن األراضي الزراعية قد اقتربت من حدود قدرتها االستيعابية ،أي قدرتها على الوفاء باالحتياجات
المتزايدة للسكان ،األمر يستوجب وضع أولويات في استخدام مختلف المواد األولية الزراعية المنتجة
تطور الطلب الزراعي العالمي هو نتيجة متغيرين أساسيين :النمو السكاني والتذبذبات الحاصلة في
50
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
-1-2-Iالنمو السكاني
أول المستهلكون للمنتجات الزراعية هم السكان الذين ينبغي على الزراعة أن تلبي كل احتياجاتهم من
الغذاء؛ فيما يعتبر المنتجون ،بمعنى الزراع ،هم ثاني المستهلكون للمنتجات الزراعية والذين يستثمرون
بالنسبة للزراعة ،فإن الزيادة في عدد السكان تعني ضرورة توفير المزيد من الغذاء للوفاء باحتياجاتهم
مما يعني أعباء تقع مباشرة على عاتق الزراعة ،كما أن هجرة السكان من المناطق الريفية إلى المناطق
الحضرية يزيد من هذه األعباء نظ ار لتغير نمط الغذاء المطلوب فضال عن كميته؛ هذا باإلضافة إلى
أن الزيادة في السكان تستقطع من االستثمارات التي يمكن أن توجه للتنمية الزراعية في الكثير من
الحاالت ،خاصة في الدول النامية ،بل إنه في بعض الحاالت تستخدم فوائض الزراعة ليس لتنمية
قطاع الزراعة ،ولكن لتنمية قطاعات أخرى تحت ضغط احتياجات السكان المتزايدين [محمد السيد عبد
وطبقا لتقرير األمم المتحدة الذي أعده قسم الشؤون االقتصادية واالجتماعية التابع لألمم المتحدة
والخاص بمؤشرات النمو السكاني لسنة ،2015وصل التعداد السكاني العالمي لحوالي 7.3مليار
نسمة سنة ،2015مشي ار إلى زيادة سكانية قدرها مليار نسمة خالل عشرين سنة .وبالتالي فإن مسألة
توفير الغذاء ألكثر من 7مليار نسمة تشكل تحديا كبيرا ،علما أن هناك شخص من بين كل تسعة
أشخاص يعاني من الجوع المزمن ،وأكثر من مليار شخص مصابون بسوء التغذية ،فيما يموت 3.1
مليون طفل كل سنة بسبب الجوع وسوء التغذية [ ،]Voegele, 2014أي ما يقارب ستة أطفال كل
دقيقة ،والمشكلة مرشحة للتضخم في المستقبل رغم أ ن هذه الزيادة تعرف تباينا من منطقة ألخرى كما
51
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
1,18 1,22 1,24 1,32 1,54 1,80 1,78 1,78 1,96 2,06 1,92 1,80 1,77 العالم
2,55 2,53 2,45 2,44 2,63 2,77 2,81 2,75 2,61 2,54 2,45 2,30 2,08 افريقيا
1,04 1,11 1,20 1,33 1,63 2,00 1,97 1,98 2,29 2,46 2,12 1,90 1,91 آسيا
0,08 0,17 0,07 -0,04 0,19 0,37 0,40 0,48 0,60 0,68 0,95 0,98 0,98 أوروبا
1,12 1,24 1,36 1,56 1,73 1,92 2,12 2,27 2,43 2,56 2,76 2,71 2,70 أمريكا الالتينية والكاريبي
0,78 0,93 0,92 1,18 1,05 1,02 0,96 0,97 0,95 1,05 1,42 1,80 1,67 أمريكا الشمالية
1,54 1,74 1,43 1,34 1,49 1,62 1,59 1,33 1,76 2,35 2,07 2,15 2,23 أوقيانوسيا
أهم ما يمكن مالحظته عند قراءتنا لهذا الجدول هو أن الزيادة السكانية العالمية تتوزع بشكل غير
متساوي على مختلف مناطق العالم ،فبينما تعرف أوروبا أضعف معدل نمو %0.08فقط ،تليها
أمريكا الشمالية بمعدل ،%0.78في حين تعد إفريقيا هي األسرع نموا بنسبة بلغت %2.55سنويا في
الفترة بين 2015–2010؛ وعلى ذلك بحلول عام 2050سيحدث أكثر من %80من الزيادة العالمية
في أفريقيا ،بينما لن يتجاوز نصيب آسيا %12من هذه الزيادة [األمم المتحدة ]4 ،2014 ،األمر الذي
سيؤدي حتما إلى تغير نمط وكمية الغذاء المطلوب في أفريقيا مع حتمية توفير المزيد من الغذاء
لسكانها وبالتالي خلق أعباء جديدة تقع على عاتق الزراعة فيها.
يؤثر النمط االستهالكي في كل منطقة من العالم على حصة الفرد من استهالك األغذية في تلك
المنطقة ،وبالتالي على الطلب الزراعي العالمي؛ ويبين الشكل الموالي تطور حصة الفرد من استهالك
لأل غذية حسب مختلف المناطق خالل الفترة الممتدة من 2000إلى .2012
52
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
160
150
2000
140
60
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات [منظمة األغذية والزراعة لألمم المتحدة ]102 ،2012 ، II
يالحظ من خالل الشكل أعاله أن نصيب الفرد من االستهالك الغذائي يتطور في نفس اتجاه تطور
النمو السكاني العالمي (جدول )2؛ فبينما نصيب الفرد من االستهالك الغذائي في أمريكا الشمالية
وأوروبا الغربية في حالة ركود ،يعرف نصيب الفرد من االستهالك الغذائي في باقي مناطق العالم
هذا وقد أدى النمو السكاني السريع إلى تعزيز زيادات متينة في نصيب الفرد من االستهالك الغذائي
في معظم البلدان الناشئة والنامية ،فقد شهدت أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى أقوى نمو في نصيب الفرد
من استهالك األغذية منذ 2000بلغ نسبة ،%24تبعتهما آسيا بنسبة مئوية تكاد تصل إلى ،%20
أما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ،فقد نما نصيب الفرد من االستهالك بسرعة من 2000
إلى ،2005غير أنه يبدو أن ارتفاع األسعار في السنوات األخيرة قد حد من تواصل النمو ،فلم يرتفع
نصيب الفرد من االستهالك في هذه المنطقة إال بنسبة %11في 2012عما كان عليه في .2000
53
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
في حين ،أن نصيب الفرد من استهالك األغذية في أوروبا الغربية أصيب بالركود وانخفض في أمريكا
قمنا في هذا المبحث بمناقشة تطور السوق الزراعي العالمي من زاويتي العرض والطلب على الحبوب،
واستخلصنا أن هناك تباين بين تطور العرض الزراعي العالمي للحبوب الذي يعرف معدالت نمو
ضعيفة ناتجة عن النمو الضعيف في المساحات المزروعة وتراجع المردودات الزراعية ،وبين الطلب
الزراعي العالمي المتزايد نتيجة النمو السكاني السريع في الدول الناشئة والنامية وزيادة نصيب الفرد من
االستهالك الغذائي في هذه الدول ،األمر الذي يطرح مشكلة أخالقية واقتصادية وزراعية تتعلق
بمسألة تحديد األولويات عند استخدام العرض الزراعي في ظل تنافس منتجي األغذية ومنتجي الوقود
الحيوي من الجيل األول حول هذا العرض ،علما أن لمنتجي الوقود الحيوي من الجيل األول احتياجات
زراعية البد من التعرف عليها ،وهذا ما سيتم تناوله بالمزيد من التفاصيل في المبحث الموالي.
موضوع الوقود الحيوي من الجيل األول يطرح مشكلة تخصيص الموارد فيما بين االستخدامات
المتنافسة في قطاع الزراعة ،علما أن هذه المنافسة تحدث على مستويات عدة ،وهذا ما سنناقشه في
هذا المبحث رغبة منا في تسليط الضوء على هذه المنافسة المباشرة الموجودة في األسواق الزراعية بين
منتجي الوقود الحيوي من الجيل األول ومنتجي األغذية على االستئثار بالمواد األولية الزراعية
واألراضي الزراعية .ولهذا ،فمن الضروري أن نقوم أوال برسم صورة واضحة لما آل إليه انتاج الوقود
الحيوي من الجيل األول في العالم وتوقعات تطوره مستقبال ،ثم نعمل على توضيح االحتياجات
54
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
بلغ إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول في العالم سنة 2015نحو 74847ألف طن نفط مكافئ
[ ،]BP Statistical Review of World Energy, 2016حيث يهيمن على هذا اإلنتاج كل من الواليات
المتحدة األمريكية التي تعتبر أكبر منتج بقدرة إنتاجية 30983ألف طن نفط مكافئ ( %41,4من
اإلنتاج العالمي) ،والب ارزيل التي تحتل المرتبة الثانية عالميا بإنتاج قدره 17636ألف طن نفط مكافئ
( %23,6من اإلنتاج العالمي) ،وأخي ار االتحاد االوروبي بقدرة إنتاجية قدرها 13618ألف طن نفط
مكافئ ( %18,2من اإلنتاج العالمي) .ويوضح الشكل أدناه أهم الدول المنتجة للوقود الحيوي من
الجيل األول.
الواليات المتحدة
االمريكية
االتحاد %41,4
االوروبي
%18,2
البرازيل
%23,6
يالحظ من خالل الشكل أعاله أنه باإلضافة إلى المنتجين التقليديين للوقود الحيوي ،فقد اكتسحت
الساحة العالمية إلنتاج الوقود الحيوي دول أخرى مثل الصين التي تعرف نمو سنوي قوي في إنتاج
55
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
الوقود الحيوي من الجيل األول وتستحوذ على %3,2من اإلنتاج العالمي ،باإلضافة الى األرجنتين
الذي يمثل إنتاجها %2,6اإلنتاج العالمي ،وتايلندا بنسبة ،%2في حين يمثل مجموع إنتاج كل الدول
العالمية المتبقية %5,8من اإلنتاج اإلجمالي .وتجدر اإلشارة إلى أن هيكل السوق العالمية إلنتاج
اإليثانول مختلف عن ذلك من البيوديزل (الديزل الحيوي) كما يتضح ذلك من خالل الشكل أدناه.
دول اخرى
تايلندا
االرجنتين
الكندا
اندونيسيا
االيثانول
الصين البيوديزل
االتحاد االوروبي
البرازيل
يالحظ من خالل الشكل أعاله أن الواليات المتحدة األميركية والب ارزيل تحتالن أيضا المرتبة األولى
والثانية على التوالي في إنتاج اإليثانول ،إذ تنتجان معا أكثر من %74من اإلنتاج العالمي لإليثانول،
بينما الصين هي من تحتل المرتبة الثالثة بإنتاج قدره 7657,26مليون لتر ( %6.57من اإلنتاج
العالمي لإليثانول) عوض االتحاد األوروبي الذي يسيطر من جهته على إنتاج البيوديزل (الديزل
الحيوي) إلى حد كبير ويحتل المرتبة األولى بإنتاج قدره 12723,35مليون لتر ،أي ما يفوق %40
56
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
من اإلنتاج العالمي للبيوديزل (الديزل الحيوي) متبوع بكل من الواليات المتحدة األميركية والب ارزيل على
حد سواء.
يمثل الشكل أدناه تطور وتوقعات إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول للفترة .2024-2015
االيثانول البيوديزل
200000
180000
160000
140000
مليون لتر
120000
100000
80000
60000
40000
20000
0
2003
2020
2024
2000
2001
2002
2004
2005
2006
2007
2008
2009
2010
2011
2012
2013
2014
2015
2016
2017
2018
2019
2021
2022
2023
يتضح من خالل الشكل أعاله أ ن تطور وتوقعات اإلنتاج العالمي لإليثانول والبيوديزل (الديزل الحيوي)
يمر بمرحلتين أساسيتين هما على التوالي 2014/2000و .2024/2014ففي المرحلة األولى
،2014/2000عرف إنتاجهما زيادة كبيرة بمعدالت نمو مرتفعة من سنة ألخرى ،بينما عرف نفس
االنتاج زيادة طفيفة منذ 2014والتي من المتوقع أن تستمر بمعدالت منخفضة إلى غاية سنة
.2024ويمكن تفسير ذلك بالسعر المرتفع للبترول في الفترة 2014/2000الذي من المرجح أن
يكون السبب الرئيسي الذي يقف وراء تنامي االهتمام باإليثانول والبيوديزل (الديزل الحيوي) باعتبارهما
57
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
بديالن للوقود التقليدي المشتق من البترول الذي ارتفع سعره في هذه الفترة من 27.6دوالر/برميل سنة
94,45 96,26
100
متوسط سلة األوبك
77,45
دوالار أمريكي /البرميل
60 50,64
36,05
40 28,1
27,6
23,12 24,36
20
0
2000 2002 2004 2006 2008 2010 2012 2014
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج اإليثانول من نحو 67270.24مليون لتر (سنة )2014إلى ما يقرب
69500مليون لتر (سنة ،)2024أي بنسبة زيادة قدرها %3.3فقط ،مما يشير إلى أن اإليثانول
سيعرف ثبات نسبي من حيث الكميات المنتجة إلى غاية 2024بعدما عرف نسبة نمو كبيرة في العقد
ومن المتوقع أيضا أن يكون الب ارزيل وراء ثلثي هذه الزيادة التي تهدف أساسا إلى تلبية الطلب المحلي
[ ]OCDE 2015رغم أن الواليات المتحدة األمريكية ستبقى أكبر منتج لإليثانول مع العلم أن إنتاجها
لإليثانول سيعرف نموا متواضعا إلى غاية ، 2024تليها الب ارزيل ،ثم االتحاد األوروبي والصين بحجم
إنتاج متقارب نسبيا َلما هو عليه الحال في سنة ،2015وهذا ما يوضحه الشكل الموالي.
58
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
اندونيسيا
%18
االتحاد
االوربي البرازيل
%34 %31
وكما أشرنا إليه سابقا ،نالحظ في الشكل أعاله أن معظم الدول ستشهد تباطأ في إنتاجها لإليثانول
بحلول عام 2024بعد ارتفاع في السنوات األخيرة ،ماعدا الب ارزيل ،ويرجع سبب وقوف الب ارزيل وراء
معظم الزيادة في إنتاج اإليثانول لسنة 2024إلى كونه يعرف طلبا محليا متزايدا على اإليثانول ناتج
عن رفع إلزامية مزج اإليثانول بالوقود المحلي بنسبة تتراوح بين %25و %27على األقل [ Olson,
،]Martin, 2015, 25وعن وجود أسطول سيارات ُم َكيَّف بمحركات تشتغل باإليثانول.
أما فيما يخص البيوديزل (الديزل الحيوي) ،فمن المتوقع أن ينمو اإلنتاج العالمي له بمعدالت أعلى
19163.13مليون لتر بحلول سنة ،2020أي بأكثر من الضعف مقارنة باإلنتاج في عام 2007
ومن المرجح أن تكليفات المزج واالمتيازات الضريبية المطبقة في العديد من الدول في إطار سياساتها
المحفزة إلنتاج واستخدام البيوديزل (الديزل الحيوي) ،ال سيما في االتحاد األوروبي الرائد في اإلنتاج،
59
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
تقف وراء النمو المتوقع في إنتاج البيوديزل ،خاصة وأن تكاليف إنتاج البيوديزل (الديزل الحيوي) أعلى
بكثير من صافي تكاليف إنتاج الوقود األحفوري ،وبالتالي دون توليفة التخفيضات الضريبية والزامات
المزج التي تساعد على تحفيز االستخدام واإلنتاج المحليين ،قد يكون من غير المتوقع تماما نمو إنتاج
وكما هو الحال بالنسبة لإليثانول ،فمن المتوقع أن يعرف اإلنتاج العالمي للبيوديزل (الديزل الحيوي)
من 2014إلى 2024زيادة طفيفة قدرها %1.37تشير إلى أن البيوديزل (الديزل الحيوي) سيعرف
أيضا ثبات نسبي من حيث الكميات المنتجة طيلة عقد كامال بعدما عرف نسبة نمو كبيرة في العقد
ومن المتوقع أن يستمر االتحاد األوروبي في احتالل الصدارة من حيث إنتاج البيوديزل (الديزل
الحيوي) بحلول عام 2024بنسبة %34من اإلنتاج العالمي ،في حين ستصبح اندونيسيا ثاني أكبر
منتج بنسبة %18من اإلنتاج العالمي بفعل التدخل الحكومي لتحفيز إنتاج واستهالك البيوديزل
(الديزل الحيوي) ،بينما ستتراجع كل من الب ارزيل والواليات المتحدة األمريكية إلى المرتبتين الثالثة
والرابعة بنسبة إنتاج %13و %14من اإلنتاج العالمي على التوالي ،تليهما األرجنتين بنسبة %7
يتم إنتاج اإليثانول أساسا باستخدام النباتات السكرية مثل البنجر أو قصب السكر في الب ارزيل،
وباستخدام النباتات النشوية مثل الذرة والقمح في كل من الواليات المتحدة األمريكية؛ أما فيما يخص
البيوديزل (الديزل الحيوي) ،فيتم إنتاجه أساسا من الزيوت النباتية بمختلف أنواعها مثل زيت بذور
اللفت وزيت عباد الشمس في أوروبا ،بينما يستخدم زيت الصويا في الواليات المتحدة األمريكية مع
اإلشارة إلى أن إنتاج البيوديزل (الديزل الحيوي) في الواليات المتحدة األمريكية ضئيل جدا.
60
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
ويبين الشكل أدناه نسب اإلنتاج العالمي للحبوب ،الزيوت النباتية والمحاصيل السكرية بصفة عامة
شكل :19اإلنتاج العالمي للحبوب ،السكر والزيوت النباتية الموجه إلنتاج الوقود الحيوي
40%
2007-09 2020
35%
30%
25%
20%
15%
10%
5%
0%
قصب السكر
البنجر السكري
دبس السكر
القمح
الزيت النباتي
الحبوب الخشنة
(الثانوية)
يالحظ من خالل الشكل أعاله أنه بين عامي 2007و ،2009نسبة %20.21من اإلنتاج العالمي
لقصب السكر أستخدم في إنتاج اإليثانول و %09.27من جميع الزيوت النباتية المنتجة في العالم
وجهت إلنتاج البيوديزل ،في حين مثلت هذه النسبة %18.41بالنسبة لدبس السكر%09.17 ،
بالنسبة للحبوب الخشنة (الثانوية) %07.15 ،بالنسبة للبنجر السكري و %0.52بالنسبة للقمح.
وكل هذه النسب دون استثناء مرشحة لالرتفاع بشكل معتبر بحلول سنة 2020كما تشير إليه
التوقعات ،إذ سترتفع نسب المحاصيل السكرية من قصب السكر ،دبس السكر والبنجر السكري الى
%24.50 ،%34.59و %11.40على التوالي ،كما سترتفع نسبة الزيوت النباتية إلى ،%17.40
61
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
ونسبة الحبوب الخشنة الى ،%14.40في حين سيسجل القمح أكبر زيادة سنة 2020مقارنة بمستواه
لسنة ،09-2007حيث ستتضاعف الكمية المستخدمة منه إلنتاج الوقود الحيوي بأكثر من أربع
مرات.
وبالتالي فإن اإلنتاج العالمي من الوقود الحيوي يمتص حصة كبيرة من المنتجات الزراعية الموجهة
للتغذية اإلنسانية ،وسيمتص حصة أكبر مستقبال بحلول سنة ،2020غير أن هذه الحصة مرشحة
الكتلة الحيوي
البيوديزل
الجاتروفا
الزيوت النباتية
2024
آخر 2012-14
الكتلة الحيوية
دبس السكر
االيثانول
القمح
المحاصيل السكرية
الحبوب الثانوية
0 10 20 30 40 50 60 70 80 90 %
يالحظ من خالل الشكل السابق أنه بين عامي 2012و ،2014أكثر من %79اإليثانول المنتج في
العالم كان مصدره الحبوب الخشنة (خاصة الذرة في الواليات المتحدة األمريكية) والمحاصيل السكرية
(خاصة قصب السكر الب ارزيل) ،وتمثل الزيوت النباتية قرابة %82من اإلنتاج العالمي لإليثانول ،في
حين كانت نسبتي كل من دبس السكر والقمح ال تمثالن سوى %6.75و %2.29على التوالي.
62
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
وتشير التوقعات أنه بحلول عام 2024سيبقى كل من قصب السكر والحبوب الخشنة هم المواد الخام
الرئيسية المستخدمة في إنتاج اإليثانول ،بينما تبقى الزيوت النباتية هي المصدر الرئيسي إلنتاج
البيوديزل؛ كما تشير التوقعات أيضا إلى أنه بحلول سنة ،2024سوف تمثل الكتلة الحيوية سوى
حوالي %2.02من اإلنتاج العالمي للوقود الحيوي ،بينما ستمثل حصة اإلنتاج العالمي من الحبوب
الخشنة والزيوت النباتية التي تستخدم في صنع الوقود الحيوي نسبة %10.5و %13على التوالي ،
في حين ستمثل حصة اإلنتاج العالمي من قصب السكر الموجه إلنتاج اإليثانول نسبة %25مقابل
%21في سنة ]OCDE/FAO, 2015, 143[ 2014؛ وتفسر هذه الزيادة بفعل استقرار الطلب المحلي
على اإليثانول من جهة ،وبفعل ربحية صناعة اإليثانول التي تفوق ربحية السكر في الب ارزيل من جهة
أخرى.
وبما أن اإليثانول يمثل %90من الوقود الحيوي المنتج في العالم وأنه مشتق أساسا من الحبوب ،فإن
االستخدامات الرئيسية من الحبوب في العالم ستتأثر حتما بإنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول كما
63
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
900
Mt
800
التغذية االنسانية
استعماالت اخرى
500
400
300
200
100
0
2002-042012-14 2024 2002-042012-14 2024 2002-042012-14 2024 2002-042012-14 2024 2002-042012-14 2024 2002-042012-14 2024
القمح الحبوب الثانوية األرز القمح الحبوب الثانوية األرز
الدول النامية الدول المتقدمة
المالحظة الهامة المستخلصة من الشكل أعاله هي أن استخدامات الحبوب تختلف باختالف درجة
تقدم الدول:
ففي الدول النامية ،يالحظ أنه بين 2014-2012كان القمح يستخدم أساسا للتغذية اإلنسانية بكمية
طن منه إلنتاج الوقود الحيوي ( %0.06من االستخدام الكلي) و 34.77مليون طن للتغذية الحيوانية
( %8.1من االستخدام الكلي) ،ويتوقع ثبات هذا االتجاه العام سنة 2024؛ بينما في نفس الفترة
2014-2012كانت تخصص الحبوب الثانوية أساسا للتغذية الحيوانية بكمية 353.69مليون طن
( %55.77من االستخدام الكلي) ،تليها التغذية اإلنسانية بكمية 170مليون طن ( %26.8من
64
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
االستخدام الكلي) ،وأخي ار إنتاج الوقود الحيوي بكمية 5.65مليون طن ( %0.89من االستخدام
الكلي) ،وكما هو الحال بالنسبة للقمح يتوقع ثبات هذا االتجاه العام بحلول سنة .2024
أما فيما يخص الدول المتقدمة ،يالحظ أنه بين 2014-2012كان القمح يستخدم أيضا أساسا
للتغذية اإلنسانية بكمية 132.4مليون طن ( %49.92من االستخدام الكلي) ولكن بنسبة أقل بكثير
من تلك التي تخصصها الدول النامية من أجل التغذية اإلنسانية ،في حين جزء معتبر من القمح في
الدول المتقدمة يخصص إلنتاج الوقود الحيوي يقدر بكمية 6.31مليون طن ( %2.37من االستخدام
الكلي) ،كما يخصص 90.93مليون طن للتغذية الحيوانية ( %34.29من االستخدام الكلي) ،وهنا
أيضا يتوقع ثبات هذا االتجاه العام بحلول سنة 2024؛ بينما في نفس الفترة 2014-2012كانت
توجه الحبوب الثانوية أساسا للتغذية الحيوانية مثل ما هو عليه الحال في الدول النامية وذلك بمقدار
341.04مليون طن ( %58.71من االستخدام الكلي) ،ولكن على عكس الدول النامية ال تليها
التغذية اإلنسانية في المرتبة الثانية بل إنتاج الوقود الحيوي الذي يخصص له 138.19مليون طن
( %23.79من االستخدام الكلي) ،وأخي ار التغذية اإلنسانية بكمية 30.16مليون طن ( %5.19من
االستخدام الكلي)؛ وكما هو الحال بالنسبة للقمح يتوقع ثبات هذا االتجاه العام بحلول سنة .2024
التغير في استخدام األراضي الزراعية هو قضية بالغة األهمية ،فمعدل نمو الطلب على الوقود الحيوي
من الجيل األول يستلزم بالضرورة زيادة الطلب على المحاصيل الزراعية التي تدخل في إنتاجه ،وقد
لبى هذه الزيادة في الطلب على هذه المحاصيل األساسية الزراعية أساسا من خالل االستحواذ على
ت َّ
األراضي المزروعة بمحاصيل موجهة للتغذية االنسانية واستغاللها فقط إلنتاج الوقود الحيوي من الجيل
األول من خالل نفس هذه المحاصيل المزروعة فيها ،حيث تشير الدراسات التي أجرتها منظمة
التعاون والتنمية في الميدان االقتصادي إلى أنه إذا كانت حصة الوقود الحيوي تبلغ %10من إجمالي
65
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
الوقود العالمي المستعمل في النقل ،فإن ذلك سيتطلب استغالل %37من مجموع مساحات األراضي
المخصصة لزراعة الحبوب والبذور الزيتية وقصب السكر في العالم ]،[HLPE c/o FAO, 2013, 127
كما يشير نفس المصدر أنه تلبية الطلب العالمي على األغذية بحلول سنة 2050سيتطلب زيادة في
اإلنتاج الزراعي نسبتها %60تقريبا مقارنة بسنة األساس ،[HLPE c/o FAO, 2013, 127] 2006
وقد مثلت نسبة األراضي الزراعية المخصصة إلنتاج محاصيل موجهة إلنتاج الوقود الحيوي من الجيل
األول نسبة %0.9من إجمالي األراضي الزراعية على المستوى العالمي ،وتأتي ألمانيا في مقدمة
الدول التي تخصص أكبر حصة من أراضيها الزراعية إلنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول بنسبة
من الذرة) ثم فرنسا بنسبة ( %2.5بشكل رئيسي إلنتاج البيوديزل) وأخي ار الب ارزيل بنسبة %1.9
(أساسا اإليثانول من قصب السكر) ،في حين يخصص االتحاد األوروبي في مجمله %2.5من
أراضيه الزراعية إلنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول ( %2إلنتاج البيوديزل أي ما يعادل 3.7
.]2013
قمنا في هذا المبحث برسم صورة شاملة لحجم إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول في العالم وعن
احتياجاته الزراعية ،واستخلصنا أن اإلنتاج العالمي للوقود الحيوي من الجيل األول وصل إلى
مستويات إنتاج عالية جدا ،األمر الذي يجعل من االحتياجات الزراعية الضرورية إلنتاجه جد معتبرة،
إذ يمتص هذا اإلنتاج حصة كبيرة من المواد األولية الزراعية الموجهة للتغذية اإلنسانية ،وسيمتص
حصة أكبر في المستقبل مما سيؤدي حتما إلى إعادة تخصيص األراضي الزراعية؛ بمعنى آخر
66
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
سيكون هذا التوسع في استخدام المواد األولية الزراعية إلنتاج الوقود الحيوي على حساب مساحات
األراضي الزراعية المخصصة إلنتاج محاصيل زراعية موجهة للتغذية االنسانية ،كما سيكون على
حساب الدول النامية األكثر تأث ار بزيادة الرقعة الزراعية المخصصة إلنتاج مواد أولية زراعية ألغراض
طاقية بدال من أغراض غذائية نظ ار لطبيعة النظام الغذائي لهذه الدول الذي يقوم بدرجة كبيرة على
وكون هذا المبحث يندرج في فصل يتمحور حول أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق
الزراعي ،التمسنا الحاجة إلى عرض أهم األبحاث والدراسات المتعلقة باألثر السعري للجيل األول من
الوقود الحيوي على المواد األولية الزراعية مع اإلشارة إلى المحددات األخرى التي تؤثر بدورها على
أسعار هذه المواد األولية الزراعية ،وهذا ما سيتم التطرق إليه في المبحث الموالي.
المبحث الثالث -تأثير الوقود الحيوي من الجيل األول على أسعار المواد الزراعية
تشهد أسواق المواد األولية الزراعية ارتفاعات في األسعار وصلت إلى قمم تاريخية لم يسبق لها مثيل،
خاصة بعد األزمة الغذائية العالمية لسنة ،2008/2007األمر الذي جعل الماليين من البشر
مهددون بالموت نتيجة سوء التغذية والجوع واألمراض واألوبئة الناجمة عن هذا الوضع.
ولفهم وتحديد دور وحصة الوقود الحيوي في هذا االرتفاع في األسعار ،سنقوم في بداية هذا المبحث
بتسليط الضوء على مختلف المحددات المؤثرة على أسعار هذه المواد األولية الزراعية ،ثم سنعمل على
مناقشة الدور الذي يلعبه الوقود الحيوي ضمن آليات تحديد األسعار ،وأخي ار سنستعرض نتائج أهم
الدراسات والنماذج التي استعملت لقياس أثر الوقود الحيوي على أسعار المواد األولية الزراعية مع
اإلشارة إلى أن هدفنا هنا ليس تقديم سرد لكل الدراسات واألبحاث التي أجريت حول الموضوع ،وإنما
تسليط الضوء على أبعاد ونتائج من شأنها أن تثري دراستنا بتوضيح أثر الوقود الحيوي على أسعار
67
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
تؤثر بعض محددات أسعار المواد األولية الزراعية على عرض هذه المواد ،والبعض اآلخر على طلبها
[جامعة الدول العربية ،]4 ،2009 ،غير أن كل الدراسات التي أ جريت لمعرفة هذه المحددات اتفقت على
أن هناك محددات أساسية وأخرى نقدية ومالية ،نلخصها فيما يلي:
-1-1-IIIالمحددات األساسية
هناك عدة محددات أساسية هيكلية تؤثر على الوضع الغذائي العالمي ،وساهمت وما زالت تساهم في
تحديد أسعار المواد األولية الزراعية ،وال سيما في البلدان النامية ،ومن أهمها:
العرض والطلب
تَ َس ُارع الطلب العالمي على الغذاء ،وبالتالي على المواد األولية الزراعية ،يرجع أساسا إلى عوامل
هيكلية مثل الزيادة في عدد سكان العالم وارتفاع مستوى معيشة بلدان ناشئة مكتظة بالسكان مثل الهند
أو الصين خاصة .وقد أدى التطور االقتصادي لهذه البلدان إلى ارتفاع الطلب العالمي على الغذاء
بسبب زيادة الطلب على الحبوب والبذور من جهة ،وزيادة الطلب على البروتين الحيواني الذي تزامن
مع ظهور طبقة وسطى في هذه البلدان لديها مستوى معيشة قريب من مستوى معيشة سكان الدول
المتقدمة .كما أن متوسط نصيب الفرد من المساحة األرضية المزروعة يعرف تدهو ار نظ ار لتغير أنماط
االستهالك وتزايد معدل النمو السكاني بمعدالت أكبر بكثير من معدالت التزايد في الموارد األرضية
الزراعية ،حيث فقد العالم ثلث األراضي الصالحة للزراعة على مدى العقود األربعة الماضية ،مما له
عواقب وخيمة على أسعار المواد األولية الزراعية وعلى التغذية العالمية بصفة عامة [ Dockrill,
.]2015
68
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
المخزون العالمي
ترتبط األسعار العالمية للمواد األولي ة الزراعية ارتباطا وثيقا بحجم مخزونها العالمي [ Daviron, 2009,
.]1فبالنسبة للمشترين في السوق ،يمثل المخزون التوافر الحقيقي على المدى القصير ،على عكس
اإلنتاج الذي ال يكون متوفر إالَّ بعد وقت طويل نسبيا .ففي حالة غياب مخزون عالمي أو وجود
مخزون عالمي ضعيف ،ترتفع األسعار الدولية ،وهذا ما آل إليه الحال خالل السنوات 2000لما
زيادة الطلب العالمي على المواد األولية الزراعية لم يكن مصحوبا بزيادة مماثلة في اإلنتاج الزراعي
وعليه في مستوى المخزون العالمي ،األمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد األولية الزراعية ،خاصة
وأن العديد من الدول المنتجة للحبوب فضلت التوقف عن التصدير لالستجابة للطلب الداخلي ،مما زاد
في الحركة التصاعدية لألسعار .وقد أظهر من جهته برنامج األغذية العالمي أن مخزونات الحبوب قد
وصلت إلى أدنى مستوى لها في الثالثين سنة الماضية عام Programme alimentaire [ 2008
.]mondial, 2008
الظروف المناخية
التقلبات المناخية الشديدة تؤدي إلى تطاير األسعار في األسواق وخلق فوارق بين الطلب والعرض،
حيث أن هذه الصدمات المناخية الصعبة للتنبؤ والتي يزداد عددها مع االضطرابات المناخية التي
يعرفها كوكب األ رض تجعل األسواق أكثر حساسية وتولد المزيد من التقلبات في أسعار المواد الزراعية
[ .]Gueye Fam, 2016, 16كما أن التقلبات المناخية الشديدة في العالم ،بما فيها حاالت الفيضانات
وارتفاع درجات الح اررة ومخاطر ظاهرة االحتباس الحراري ،تؤدي إلى اضطرابات مناخية تزيد من
وثيرة موجات الحر والجفاف والصقيع في قطاعات واسعة من األراضي الزراعية العالمية ،األمر
ينعكس سلبا على عرض المواد األولية الزراعية ،ويؤدي إلى نشوء أوضاع مبعث قلق لإلمدادات في
األسواق العالمية ،مما يؤثر على أسعار هذه المواد األولية الزراعية.
69
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
الوقود الحيوي
كان الوقود الحيوي في السابق يعتبر من األسباب الظرفية الغير هيكلية التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار
المواد األولية الزراعية نظ ار ألنه إنتاجه كان يتوقف عندما يصبح غير مربحا ،أي عندما ينخفض سعر
البترول ويصبح سعر الوقود األحفوري أقل من سعر الوقود الحيوي ،غير أن األهداف بعيدة المدى
المسطرة من طرف غالبية الدول المنتجة للوقود الحيوي في إطار سياساتها الطاقية جعلت منه سببا
هيكليا يؤثر على أسعار المواد األولية الزراعية بسبب استخدام هذه المواد في تصنيعه مما يؤدي حتما ،
من جهة ،إلى انخفاض إمدادات المواد األولية الزراعية المتاحة لالستهالك البشري في جميع أنحاء
العالم ،وإلى زيادة الطلب الزراعي كما هو عليه الحال منذ منتصف السنوات Collins, 2008, [ 2000
،]21مما يسفر على زيادات في أسعار هذه المواد األولية الزراعية وهذا رغم وجود تباين في مختلف
الدراسات حول معدالت هذه الزيادات في األسعار كما سنراه الحقا .هذا وتعتبر أسعار الحبوب األكثر
تضر ار باستعمالها في إنتاج الوقود الحيوي ،فمثال الكمية الالزمة من الذرة لمأل خزان سيارة رباعية
وهي كمية تكفي لتغذية []Lemaître, 2009, 17 الدفع باإليثانول (حوالي 100لتر) هي 240كغ
السياسات التجارية
ال يتم تداول المنتجات الزراعية في األسواق الدولية بشكل كبير ،حيث ال يتم تسويق إالَّ %11من
إنتاج الحبوب على المستوى العالمي [ .]Gueye Fam, 2016, 25ومع ذلك ،فإن أي صدمة خارجية
تمس عرض أو طلب المواد األولية الزراعية ،حتى ولو كانت شدتها ضعيفة ،يمكن أن تأثر إلى حد
كبير على األسعار العالمية لهذه المواد .وهناك عامالن قد يفسران محدودية السوق والتغيرات التي
70
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
من جهة ،القيود المفروضة على الصادرات تقلل عرض المواد األولية الزراعية ،تزيد في االختالالت
الموجودة بين العرض والطلب وتجعل األسواق الزراعية أكثر محدودية .وقد تم اعتماد هذه السياسات
التقييدية من قبل العديد من الدول على غرار الصين والهند وروسيا وغيرها من الدول بهدف حماية
اقتصاها من ارتفاع أسعار المواد األولية ومواجهة تضخم أسعار المنتجات الزراعية .ومع ذلك ،فإن
تنفيذ هذه السياسات يعزل األسواق ويقطع نسبيا الصلة بين األسعار الداخلية واألسعار العالمية.
من جهة أخرى ،تشرح اجراءات الدعم عتامة األسواق الزراعية ،حيث أن سياسات الدعم تردع
المنتجين المحتملين على زيادة مستوى استثماراتهم في اإلنتاج مما يزيد من حدة االختالالت الموجودة
في األسواق بين العرض والطلب ويرفع مستوى األسعار .وهكذا ،فإن اإلعانات الموجهة لإلنتاج
واالستهالك تقطع نسبيا الصلة بين األسعار المحلية وأسعار السوق العالمية.
مستويات االستثمار
ركود العرض الزراعي المقابل لطلب زراعي متزايد يرجع جزئيا إلى نقص االستثمارات في الزراعة
[ .]Gueye Fam, 2016, 26فحسب الكثير من المؤسسات الدولية ،تعتبر قلة االستثمار في الزراعة من
األسباب الرئيسية لألزمة العالمية للغذاء لسنة . 2008ويرجع نقص االستثمارات في القطاع الزراعي
إلى عاملين :تذبذب مستوى المخزون العالمي للمواد األ ولية الزراعية والقيود المفروضة على االستثمار
من ناحية ،تتميز األسواق الزراعية بصالبة العرض نظ ار لخصوصيات المواد األولية الزراعية في حد
ذاتها والتي يكون حصادها "سنويا" في أغلب األحيان ،في حين أن المنتجات الغذائية المصنعة من
هذه المواد األولية الزراعية غير قابلة للتلف إالا بعد مدة طويلة نسبيا ،وبالتالي هي قابلة للتخزين،
األمر الذي يجعل استخدام مخزون هذه المواد هي الوسيلة الوحيدة لمواجهة الصدمات التي يتعرض
71
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
لها الطلب في المدى القصير؛ وفي حالة عدم قدرة المخزون على االستجابة لهذا الطلب ،ترتفع
األسعار.
من ناحية أخرى ،القيود المفروضة في القطاع الزراعي في الدول النامية تجعل مستوى االستمارات
الزراعية في هذه الدول محدود جدا مما يقلل من انتاجها الزراعي .فعدم وجود بنية تحتية ،غالء أسعار
المدخالت (خاصة الطاقة) ،صعوبات الحصول على قروض ،المشاكل المتعلقة بالتأمينات ،المشاكل
المتعلقة بالموارد الالزمة لإلنتاج مثل المياه والتربة ،إضافة إلى مستويات تكوين ضعيفة ،كلها عوامل
ظاهرة التمدين
تسارع ظاهرة التمدين في البلدان النامية ،أي نزوح أعداد واسعة من سكان األرياف إلى المدن ،وتجمع
جزء كبير منهم في أحزمة بؤس تلف هذه المدن ،مع ارتفاع نسبة البطالة فيها إلى مستويات غير
مسبوقة ،وقل ص عدد العاملين في القطاع الزراعي وانتقال الفئات األكثر حيوية ونشاطا اقتصاديا إلى
قطاعات االقتصاد األخرى غير المنتجة للمواد األولية الزراعية ،وإهمال مساحات واسعة من األراضي
في األرياف؛ كلها أمور تؤد ي إلى تراجع اإلنتاج الزراعي في عدد كبير من البلدان مما يؤدي ،من
جهة ،إلى تقل ص إمكانات التأمين الغذائي لسكانها ،ويؤثر على أسعار المواد األولية الزراعية من جهة
ثمة محددات نقدية ومالية تفسر التطاير الكبيرة في أسعار المواد األولية الزراعية ،ومن بينها:
التغيرات الحاصلة في قيمة الدوالر األمريكي تؤثر على أسعار المواد األولية الزراعية ،ويرجع تأثير
قيمة الدوالر األمريكي على أسعار المواد األولية الزراعية إلى استعمال هذه العملة في األسواق العالمية
72
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
وفي معظم الصفقات والمبادالت الدولية الخاصة بالمواد األولية .وتجدر اإلشارة إلى أنه في المدى
القصير ،توجد عالقة عكسية بين قيمة الدوالر وأسعار المواد األولية ،إذ أعتبر انخفاض قيمة الدوالر
األمريكي مقارنة بغالبية العمالت الرئيسية األخرى من العوامل التي ساهمت في ارتفاع أسعار المواد
األولية الزراعية خالل األزمة الغذائية العامية لسنة .[Charlebois & Hamann, 2010, 8] 2008
السياسات النقدية
السياسات النقدية المعتمدة في معظم الدول ،وخاصة في الواليات المتحدة األمريكية ،تشكل عامال
أساسيا في تحديد المستوى العام لألسعار في هذه الدول وفي تحديد أسعار المواد األولية ،خاصة منها
الزراعية ،على المستوى العالمي .فاتباع سياسة نقدية توسعية في الواليات المتحدة األمريكية ،يؤثر
على معدل النمو االقتصادي وبالتالي على طلب مختلف المنتوجات والمواد األولية في الواليات
المضاربة
زيادة حجم االستثمار المضارب في المواد األولية الزراعية ساهم في اإلخالل بتوازن السوق الزراعي
هشا للغاية ،األمر الذي يؤثر حتما على أسعار المواد األولية
العالمي خاصة وأ ن هذا األخير ً
الزراعية .وقد عرف االستثمار المضارب في المواد األولية الزراعية زيادة كبيرة منذ انهيار أسواق
الدوت كوم وسوق الرهن العقاري عالي المخاطر في الواليات المتحدة األمريكية ،حيث سعت
المؤسسات االستثمارية من بنوك وشركات تأمين وصناديق االستثمار وغيرها إلى إعادة توجيه
استثماراتها نحو أسواق المواد األولية ،خاصة الزراعية منه ،باعتبارها أكثر أمانا وربحية وفعالية .ويقدر
حاليا أن جزءا كبيرا من االستثمارات المالية في القطاع الزراعي لها طابع مضارب [دياب.]54 ،2013 ،
73
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
سعر البترول
ثمة روابط متبادلة وثيقة بين أسعار البترول وأسعار المواد األولية الزراعية ،إذ أن تصنيع األسمدة
والمبيدات الحشرية واستخدام اآلالت الزراعية والنقل تتطلب استخدام البترول .وبالتالي فإن تقلبات
أسعار البترول ،وبشكل أعم ارتفاع أسعار الطاقة ،يشكل عامل حاسم يساهم في زيادة تكاليف إنتاج
مختلف المواد األولية الزراعية ،وفي نهاية المطاف ،يساهم في تحديد أسعارها في السوق [, 5
.]EDCO2008,
تحديد أسعار المواد األولية الزراعية والمواد الغذائية هو عملية معقدة تنطوي على عوامل كثيرة
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][Headey & Fan, 2010
74
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
يتضح لنا من خالل هذا الشكل أن األسعار تتشكل في األسواق الدولية وفقا لعوامل تتعلق بظروف
العرض (المخزون ،المردودات...الخ) وظروف الطلب )االحتياجات الغذائية البشرية والحيوانية ،الوقود
الحيوي...الخ) عند التقاءهما ،ولكن أيضا وفقا لتوقعات ظروف السوق المستقبلية (توافر األراضي
الزراعية ،توقعات الطقس ،سياسات دعم الوقود الحيوي...الخ) .أما فيما يخص أثر عامل الوقود
الحيوي في حد ذاته ،فإ ن الطلب والعرض عليه يتأثران بدورهما بجملة من نفس العوامل المتداخلة
وعليه فإن استخدام نموذج رياضي في دراستنا هذه يأخذ بعين االعتبار كل هذه العوامل الهيكلية
والظرفية المتنوعة والمعقدة والمتداخلة والمتشابكة؛ المؤثرة لبعضها على عرض مختلف المحاصيل
الزراعية ،ولبعضها اآلخر على طلبها؛ وذلك من أجل إ جراء تقييم كمي ألثر إنتاج الوقود الحيوي على
أسعار مختلف المحاصيل الزراعية بطريقة جدية وموضوعية ،أمر معقد يتطلب تظافر جهود فريق من
الخبراء والمختصين في مختلف المجاالت والتخصصات؛ ولهذا السبب سنعمل في الجزء الموالي من
دراستنا على تقديم ملخص لنتائج أهم الدراسات التي أجريت في معاهد علمية مختصة وهيئات دولية
من أجل تقدير أثر استخدام الوقود الحيوي على أسعار مختلف المحاصيل الزراعية.
اليزال النقاش بشأن الوقود الحيوي وأسعار المواد األولية الزراعية قائما منذ زمن بعيد ،ويثير جدال في
األدبيات ،وتتنوع بدرجة كبيرة وجهات النظر المطروحة بشأنه .ويرجع ذلك إلى عدد اآلثار وردود
األفعال التي قد تؤثر إيجابا أو سلبا على نظام األسعار .ومما يقلل أيضا من وضوح نقاشات الخبراء
استخدام نماذج اقتصادية مختلفة وأشكال متنافسة من التحليالت اإلحصائية .وال سبيل إلى التوصل
إلى استنتاجات دقيقة بدون الخوض على األقل في بعض تعقيدات تلك التحليالت ،حيث تم انجاز
75
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
عدد من الدراسات الكمية تدور حول سياسات الوقود الحيوي مع التركيز على آثارها السعرية ،ومن
أهمها :
تستخدم هذه الدراسة نموذج IMPACTالموضوع من قبل معهد بحوث السياسات الغذائية الدولية
) (IFPRIلتقدير أثر استخدام الوقود الحيوي على الصعيد العالمي في شكل إيثانول وبيوديزل فيما
في السيناريو األول ،يتم تحقيق األهداف من خالل استخدام الوقود الحيوي من الجيل األول فقط .زيادة
األسعار تكون حينها كبيرة جدا %41+ :للذرة على المستوى العالمي في عام %30+ ،2020
في السيناريو الثاني ،يتم إدماج الوقود الحيوي من الجيل الثاني إلى جانب الوقود الحيوي من الجيل
األول .نحصل حينها في سنة 2020على %29+للذرة %21+ ،للقمح %49+ ،لقصب السكر
هذه الدراسة الثانية ،لمعهد بحوث السياسات الغذائية الدولية ،تقيم سيناريوهين مختلفين عن السابقين.
السيناريو األول يفترض استمرار سياسات وبرامج دعم إنتاج الوقود الحيوي في مختلف مناطق العالم
وفقا لألهداف المعلنة ،وتقدر هنا لسنة 2020زيادة في األسعار بنسبة %26+للذرة %8+ ،للقمح
السيناريو الثاني يفترض أيضا استمرار برامج إنتاج الوقود الحيوي في مختلف مناطق العالم ولكن
76
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
قادت من جهتها منظمة OECDالعديد من التقييمات المتوسطة األجل ،وذلك باستخدام نموذج التوازن
الجزئي "الروابط الزراعية" ( .)Aglinkعلى افتراض أن يتم اتباع سياسات لدعم الوقود الحيوي في
مختلف الدول ،كانت تتوقع المنظمة سنة 2006ارتفاع طفيف في األسعار حتى عام ،2014بزيادة
تم تقييم سيناريوهات أخرى مع افتراض ارتفاع أسعار النفط إلى 60دوالر للبرميل (تجاوزت إلى حد
كبير منذ ذلك الحين) ،فكانت توقعات ارتفاع األسعار أعلى بكثير باعتبار أن إنتاج الوقود الحيوي
يصبح مربحا لما تكون أ سعار النفط مرتفعة وبالتالي يزيد حجم إنتاجه ،حيث لوحظ هنا زيادة بنسبة
%19+للذرة %17+ ،للقمح و %22+للزيوت النباتية .ولكن في هذا السيناريو الثاني يعتبر تأثير
سياسات دعم الوقود الحيوي هامشي بالمقارنة مع تأثير الزيادة في أسعار النفط.
قدمت منظمة التعاون والتنمية مجموعة ثانية من السيناريوهات في تقرير ﺁخر صدر سنة .2008
السيناريو األول يفترض زوال سياسات دعم إنتاج الوقود الحيوي مع استقرار أسعار النفط ،مما يؤدي
إلى انخفاض في اإلنتاج العالمي للوقود الحيوي في عام 2015بما يقرب %19-بالنسبة لإليثانول
في الواليات المتحدة و %83-بالنسبة للبيوديزل األوروبي ،األمر الذي يجر األسعار العالمية نحو
األسفل بنسبة %5-بالنسبة للقمح %7- ،للذرة %3- ،للبذور الزيتية و %16-للزيوت النباتية.
في السيناريو الثاني ،على عكس األول ،يتم تعزيز سياسات دعم إنتاج الوقود الحيوي بتكليفات خلط
إجبارية في كل من الواليات المتحدة واالتحاد األوروبي ،فتكون هنا اآلثار في عام 2015مقارنة مع
خط األساس كما يلي %2+ :بالنسبة للقمح %5+ ،للذرة %4+ ،بالنسبة للبذور الزيتية و%14+
للزيوت النباتية.
77
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
وضعت و ازرة الزراعة األميركية ( )USDAباستخدام نموذج التوازن الجزئي PEATSimعدة تقديرات
السيناريو المركزي لهذه التقديرات يعمل على تقييم أثر زيادة بنسبة %20في الطلب األمريكي على
الوقود الحيوي في حلول عام 2019ويرى أن نسب ارتفاع األسعار في األسواق العالمية الناتجة عن
يضيف السيناريو الثاني % 10زيادة في الطلب على وقود البيوديزل في أوروبا و %20في الطلب
على اإليثانول في الب ارزيل مما يؤدي الى زيادة بنسبة %5+للبذور الزيتية و %9+للزيوت النباتية.
إلنجاز هذه الدراسة قام باحثون من جامعة ﺁيوا األمريكية ( )University of Iowaبنمذجة تأثير تطوير
السيناريو الرئيسي لهذه الدراسة قدر أنه بحجم إنتاج لإليثانول من الذرة يساوي 31.5مليار جالون
واستقرار في أسعار البترول في حدود 65-60دوالر/للبرميل ،سيتغير سعر الذرة بنسبة ،%58+
في هذه الدراسة قام باحثي FAPRIباستعمال نفس نموذج جامعة ﺁيوا االمريكية إلى جانب نموذج
جامعة ميسوري األمريكية ،حيث قدروا أن زيادة في إنتاج اإليثانول بحجم 8.5مليار جالون ستؤدي
إلى زيادة في أسعار الذرة بنسبة ،%20+وأسعار القمح وفول الصويا زيادة بنسبة .%9+
78
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
تستخدم هذه الدراسة نموذج نظام الغذاء العالمي ( )World Food Systemالموضوع من قبل IIASA
لتقييم آثار السياسات العالمية لدعم الوقود الحيوي وفقا لعدة سيناريوهات:
في سيناريو أول يفترض استخدام الوقود الحيوي بالكميات التي أعلنت عنها وكالة الطاقة الدولية (95
مليون طن نفط مكافئ في عام )2020ويفترض استخدام تقنيات إنتاج الوقود الحيوي من الجيل
الثاني ابتداءا من ، 2015يقدر ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية في عام 2020بنسبة %11+
في سيناريو ثاني يفترض استخدام الوقود الحيوي من الجيل األول بمفرده ،تقدر الزيادات في عام
في سيناريو ثالث أشمل وأدق باعتباره يأخذ بعين االعتبار كل السياسات العالمية لدعم الوقود الحيوي
المعلن عنها ( 189مليون طن نفط مكافئ في عام ،)2020ويفترض استخدام تقنيات إنتاج الوقود
الحيوي من الجيل الثاني ابتداءا من ،2015يقدر ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية في عام 2020
القياس الكمي لمختلف السيناريوهات يسمح بالحصول على نظرة شاملة لتطورات األسعار ،حيث
يلخص الجدول الموالي أهم السيناريوهات المعروضة في الجزء السابق (السيناريوهات المركزية) ،ثم
79
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
تشير كل هذه الدراسات إلى أن االستعاضة عن جزء من اإلنتاج الزراعي ألغراض الطاقة يؤثر على
مستوى األسعار بجرها نحو األعلى ،حيث نالحظ أن تغير الكمية المستهلكة من الوقود الحيوي من
10إلى 200مليون طن نفط مكافئ يؤدي إلى زيادة أسعار كل من الذرة بنسبة تتراوح بين %3
و ،%58القمح بنسبة تتراوح بين %1و ،%32البذور الزيتية بنسبة تتراوح بين %1و ،%76وأخي ار
الزيوت النباتية من %14إلى %22لما يرتفع استهالك الوقود الحيوي من 22إلى 70مليون طن
نفط مكافئ.
ومهما كانت درجة التباين في نتائج مختلف الدراسات فإن كلها تتفق على أ ن استخدام المحاصيل
الزراعية للحصول على الوقود الحيوي يؤثر حتما على أسعار هذه المحاصيل بجرها نحو األعلى ،كما
80
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
70%
40%
الزيوت النباتية
R² = 0,7655
30%
االتجاه العام للذرة
0%
0 50 100 150 200 250
-10%
استهالك الوقود الحيوي (مليون طن نفط مكافئ(
يتضح لنا من خالل الشكل أعاله أ ن هناك ارتباط واضح بين استهالك الوقود الحيوي وأسعار مختلف
المحاصيل الزراعية ،وخصوصا تشابه االتجاهات العامة بين األسواق ،الشيء الذي يعكس ارتباط
يالحظ أيضا تباين في نتائج مختلف هذه الدراسات كما أشرنا إليه سابقا ،وهذا قد يكون راجع لعدة
عوامل أهمها:
-صعوبة التنبؤ بأسعار النفط وبالتالي بحجم إنتاج الوقود الحيوي وذلك ألن سعر نفط مرتفع يعني
سعر وقود أحفوري مرتفع أيضا ،مما يزيد في كميات إنتاج الوقود الحيوي؛
-مرونة العرض الزراعي وخصوصا مرونة المردود الزراعي اللذان يصعب جدا التنبؤ بهما؛
81
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
-احتماالت التوسع في األراضي الزراعية التي تسمح بزيادة العرض الزراعي دون زيادة المردود أ و
خلق منافسة على األ راضي بين مختلف المحاصيل الموجهة للتغذية االنسانية وتلك الموجهة إلنتاج
الوقود الحيوي؛
-عدم التمييز بين اآلثار المتعلقة بالطلب على اإليثانول وتلك المتعلقة بالطلب على البيوديزل.
ولتجنب كل هذه الصعوبات ،سيتم عرض النتائج الرئيسية لبعض الدراسات الكمية التي تستعمل نماذج
أخرى أقل تعقيدا لتقدير أثر الوقود الحيوي على أسعار مختلف المحاصيل الزراعية وذلك على المدى
القصير والمتوسط عكس الدراسات السابقة التي تقدر هذا األثر على المدى الطويل مما يخلق تباين
كما أشرنا إليه سابقا ،من الصعب وضع نماذج كمية لسياسات دعم الوقود الحيوي نظ ار لكونها تنطوي
على ظواهر تخص أسواق الطاقة وغيرها تخص الزراعة ،إالا أن استخدامها مفيدا لفهم وتوقع مدى
وقد تم إنجاز العديد من الدراسات أو التقديرات الكمية األخرى على نطاق واسع لتقدير اآلثار السعرية
للوقود الحيوي على المدى القصير والمتوسط تقدم نتائجها في الجدول الموالي.
82
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
جدول :4تقديرات تأثير إنتاج الوقود الحيوي على أسعار السلع الغذائية
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][Hochman et autres, 2014, 49
-النتائج تشير بوضوح إلى وجود عالقة ترابطية بين أسعار المنتجات الزراعية وإنتاج الوقود الحيوي،
وبالتالي تعزيز توافق اآلراء حول دور الوقود الحيوي في آليات التسعير؛
83
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
-على الرغم من اآلفاق الزمنية المتقاربة ،إال أن نتائج الدراسات تتباين هنا أيضا فيما يخص حجم
التغير في األسعار؛
-أسعار المنتجات المستعملة مباشرة في إنتاج الوقود الحيوي -في هذه الحالة الذرة والزيوت النباتية -
قمنا في هذا المبحث باإلشارة إلى مختلف محددات أسعار المواد األولية الزراعية ،وناقشنا الدور الذي
يلعبه الوقود الحيوي ضمن آليات تحديد هذه األسعار ،وأخي ار استعرضنا نتائج أهم الدراسات واألبحاث
التي اهتمت بأثر الوقود الحيوي من الجيل األول على أسعار المواد األولية الزراعية في السوق الدولي.
وقد استخلصنا أن العوامل التي تؤثر على أسعار المحاصيل الزراعية متنوعة ،معقدة ومتداخلة باعتبار
عملية تحديد أسعار هذه المواد هي عملية معقدة تنطوي على عوامل كثيرة ومتشابكة ذات طبائع
مختلفة ،األمر الذي يجعل من عملية عزل عامل الوقود الحيوي لوحده من أجل معرفة أثره الدقيق على
أسعار هذه المواد األولية الزراعية أمر جد صعب .وبالرغم من هذا ،واعتمادا على نتائج مختلف
الدراسات التي أجريت لقياس أثر إنتاج الوقود الحيوي على أسعار مختلف المحاصيل الزراعية رغم
تباين نتائجها ،يمكننا استخالص أن إنتاج الوقود الحيوي يؤدي إلى زيادة أسعار المواد األولية الزراعية
خالصة
إنتاج وقود حيوي مشتق من مواد أولية زراعية تدخل في التغذية اإلنسانية يطرح سؤال ما إذا كان
هدف الزراعة إطعام البشر أو الحيوانات أو صنع الوقود الحيوي؛ وقد استخلصنا من هذا الفصل أنه
بالتأكيد ليس الثالثة في نفس الوقت بسبب التباين القائم بين عرض زراعي عالمي ضيق في ظل
محدودية األراضي الزراعية وتالشي مردودية هذه األراضي مقابل طلب زراعي في تزايد مستمر نتيج ة
84
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
النمو السكاني وتغير أنماط االستهالك ،السيما بالنسبة للحبوب في الدول النامية ،وهذا ما مثل نقطة
إنصب اهتمامنا بعد ذلك على اإلنتاج العالمي للوقود الحيوي من الجيل األول وتطوره المستقبلي عالوة
على احتياجاته الزراعية بغرض معرفة أبرز الفاعلين في هذه الطاقة المتجددة مع تسليط الضوء على
مدى حجم اإلنتاج الذي وصل إليه هذا الجيل من الوقود الحيوي وحصة كل مادة أولية زراعية في هذا
اإلنتاج ،وخلصنا أن الوقود الحيوي من الجيل األول ينتج حاليا على مستوى صناعي واسع ومن
المرجح أن يستمر على نفس الوضع مستقبال ،مما يؤكد لنا خلقه لمشكلة اقتصادية وزراعية وجريمة
أخالقية نتيجة استعمال المواد األولية الزراعية ألغراض طاقية عوض أغراض غذائية ،كما استخلصنا
أن إنتاج اإليثانول على المستوى العالمي يفوق بكثير إنتاج البيوديزل ،األمر الذي يجعل من أسعار
المحا صيل الزراعية التي تدخل في إنتاج اإليثانول وأبرزها الحبوب بمختلف أنواعها إلى جانب البنجر
وقصب السكر األكثر تأث ار في األسوق العالمية مقارنة بأسعار المحاصيل الزراعية األخرى التي تدخل
وسعينا أيضا في المبحث األخير إلى معرفة تأثير الوقود الحيوي على أسعار المواد األولية الزراعية
التي تدخل في إنتاجه مما استوجب في البداية اإلشارة إلى أهم محددات أسعار المواد األولية الزراعية
في األسواق الدولية ،ثم مناقشة مكانة الوقود الحيوي من الجيل األول ضمن آليات تحديد هذه األسعار
من خالل عرض نتائج وتقديرات دراسات وأبحاث أهم المعاهد والهيئات الدولية المهتمة بالوقود الحيوي
والقطاع الزراعي والتي درست العالقة بين إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول وأسعار مختلف
المحاصيل الزراعية التي تدخل في هذا اإلنتاج؛ وقد استخلصنا أن الطلب على الوقود الحيوي من
الجيل األول وإنتاجه مرتبطان بعوامل هيكلية وظرفية متشابكة ومتداخلة كسعر النفط والسياسات
الطاقية المنتهجة من قبل الدول ،كما استخلصنا أيضا أن الوقود الحيوي من الجيل األول في حد ذاته
85
أثر الوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعي الفصل الثاني
يشكل عامال ضمن مجموعة من العوامل المؤثرة على عرض وطلب مختلف المواد األولية الزراعية في
األسواق الدولية والتي تحدد سعرها ،وأخي ار أن الزيادة في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول تؤدي
إلى ارتفاع أسعار المواد األولية الزراعية في األسوق العالمية ،وهو األمر الذي دفع بالتفكير في تطوير
جيل ثالث من الوقود الحيوي يسمح بتجنب هذه العقبة ،وهذا ما سيكون موضوع دراستنا في الفصل
الثالث.
86
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
تمهيد
في سياق متسم بالبحث عن مصادر جديدة للطاقة ،أظهر الوقود الحيوي من الجيل األول حدود كثيرة
من وجهة نظر أخالقية ،اقتصادية واجتماعية ،السيما من حيث أثره على أسعار مختلف المواد األولية
الزراعية التي تدخل في إنتاجه كما رأيناه في الفصل السابق ،مما أدى إلى ظهور الوقود الحيوي من
الجيل الثاني الذي اعتمد إنتاجه على المخلفات الزراعية والنباتية ،إالّ أن هذا األخير واجه بدوره
صعوبات اقتصادية ،تقنية وبيئية كثيرة أسفرت عن ظهور جيل ثالث من الوقود الحيوي مشتق من
الطحالب الدقيقة ،وهو محور فصلنا هذا الذي يهدف أساسا إلى اإللمام بمختلف الجوانب التكنولوجية
واالقتصادية والبيئية واالجتماعية للوقود الحيوي من الجيل الثالث ،حيث سنقوم في البداية برسم صورة
واضحة عن الطحالب الدقيقة المستخدمة في إنتاج هذا الجيل الجديد من الوقود الحيوي ،خاصة فيما
يتعلق بقدرتها على إنتاج الوقود وبطبيعة المياه المستعملة الستزراعها؛ ثم سنسلط الضوء بعد ذلك على
معظم الجوانب المتعلقة بطريقي إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث انطالقا من هندسة كل طريقة
ووصوال إلى إنتاجيتها ،مرو ار بمزاياها وحدودها؛ وأخي ار سنستعرض مختلف مجاالت تثمين البقايا
الجافة للطحالب الدقيقة المتبقية من عملية إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث؛ وعلى هذا األساس
88
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
إن الزراعة هي من بعيد أكبر مستهلك للمياه ،حيث أن كمية الماء الالزمة إلنتاج غذائنا تمثل ألف مرة
تلك التي نشربها وأكثر من مئة مرة تلك الموجهة إلى احتياجاتنا الشخصية األساسية [ FAO, 2004,
،]iiiكما تشير الدراسات أيضا إلى أن إنتاج لتر واحد من الوقود الحيوي من الجيل األول ،وبالضبط
من االيثانول المنتج من الذرة ،يتطلب 780لتر من الماء للحصول على كمية الذرة الالزمة لتصنيعه
و 25لتر أخرى إلنتاجه في المصنع [ . ]Langlois, 2008, 243ونظ ار لهذه الكميات الهائلة من المياه
الالزمة إلنتاج غذائنا وإلنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول ،خاصة في ظل ندرة الموارد المائية،
ارتأينا أن يكون هدف هذا المبحث ادراج ألهم المفاهيم المحيطة بكل الجوانب التعريفية للطحالب
الدقيقة المستعملة في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث بغرض التعرف أكثر على القدرات الطاقية
واالحتياجات المائية لهذه الكائنات الحية الدقيقة التي من المحتمل أن تصبح الذهب األخضر الجديد
مستقبال وإلقاء الضوء على قدرتها في إنتاج الوقود الحيوي لمعرفة إذا كانت هناك جدوى اقتصادية في
إنتاج الوقود الحيوي بفضلها وإذا كان هذا اإلنتاج يؤثر على مصادر وحجم المياه العذبة الغير ملوثة
والصالحة للشرب.
تشهد السنوات الحالية اهتماما ملحوظا بالوقود الحيوي من الجيل الثالث المستخرج من مختلف أنواع
-1-1-Iالتعريف والخصائص
الطحالب الدقيقة مجموعة من المتعضيات الحية المجهرية وحيدة الخلية [ Alam et autres, 2014, 764
] ،ليس لها سيقان وال أوراق حقيقية وال جذور وال أزهار [ .]dictionnaire.sensagent.leparisien.fr
ي ستخدم مصطلح "الدقيقة" ألن حجمها يتراوح من بضعة ميكرومترات إلى حوالي مائة
89
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
ميكرومتر ] [Cadoret et Bernard, 2008, 2حيث نستطيع أن نجد الماليين منها في قطرة واحدة من
الماء[مغير الربيعي ]2012 ،على عكس الطحالب العمالقة التي يصل طول بعضها إلى 60مترا
هذا وتتكون الطحالب الدقيقة أساسا من الكربون ] ،[Van Den Hende et autres, 2012إالا أن تركيبتها
الداخلية تختلف بحسب أنواعها ،كما يمكن أيضا أن تختلف إلى حد كبير بحسب الظروف البيئية،
ولكن عادة تحتوي خالياها من %30إلى %50بروتينات ،ومن %20إلى %40كربون في شكل
من وجهة نظر تصنيفية ،تنتمي الطحالب الدقيقة إلى عائالت غير متجانسة ومختلفة ،لكل منها
سماتها الخاصة ،إذ توجد على أشكال مختلفة من حيث الحجم واللون وطريقة العيش ،ولكن لديها
أيضا قواسم مشتركة ،خاصة في بنيتها .أما من حيث الشكل يمكن أن تكون بيضوية أو دائرية ،كما
يمكن أن تتخد شكل أقراص أو أغلفة أو شعريات أو قضبان .بعضها له شعيرات صغيرة متحركة
تسمح لها بالتنقل في الماء ،وبعضها اآلخر تكسوه دروع مثقوبة ،وكل هذه األشكال المختلفة مبينة في
الشكل الموالي.
90
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
المصدر:
])[Institut français de recherche pour l'exploitation de la mer (IFREM
إن الطحالب كائنات حية موجودة في مجموعة متنوعة من البيئات البحرية والبرية ،إذ ال توجد بقعة
على سطح األرض خالية من الطحالب الدقيقة ،فهي موجودة في التربة وعلى سطح الصخور والجدران
وجذوع األشجار وفوق الجليد والثلج القطبي وحتى في الصحارى الجافة ،ولكن المجاالت األرحب
النتشارها وتنوعها تتمثل في األوساط المائية العذبة أو المالحة [ ،]Sirois, 2013, 7حيث تعيش
معظمها في األوساط المائية ،منها 14000نوع في المياه العذبة ،و 14000نوع آخر في المياه
المالحة.
تعتبر أغلب الطحالب الدقيقة ذاتية التغذية ) ،)Autotrophiquesأي أنها تصنع غذائها بنفسها اعتمادا
على الضوء وثاني أكسيد الكربون والماء والمواد المغذية [ ،]Viswanath et autres, 2010, 40وهي
تلعب دو ار بيئيا مهما في المياه مماثال لذلك الدور الذي تلعبه النباتات الخضراء على اليابسة ،إلى
جانب دورها األســاسي في إنتــاج األكسجين وامتصاص ثاني أكسيد الكربون علما أن هذا األخير بلغ
رقما فارقا ورمزيا ألول مرة سنة 2015بمتوسط عالمي في الغالف الجوي يقدر ب 400جزء في
91
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
المليون بحسب النشرة السنوية لغازات االحتباس الحراري الصادرة عن المنظمة العالمية لألرصاد
الجوية ] [WMO, 2015كما يبينه الشكل الموالي ،األمر الذي تطلب نزعه من الغالف الجوي ،ولهذا
الغرض اقترحت عدة حلول تتم دراستها لمعرفة مدى نجاعتها وتأثيراتها على النظام البيئي لألرض
عالوة على إمكانية تجسيدها على أرض الواقع وتكاليفها والجدوى من تطبيقها ،ومن بين هذه الحلول
نجد إمكانية إنتاج الوقود الحيوي باستخدام الطحالب الدقيقة التي تعمل على تثبيت وامتصاص ثاني
أكسيد الكربون ( )CO2على عكس النباتات األرضية التي تقوم بنقل جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون
إلى الجزيئات اللجنوسيلولوزية (الخشب-خلوية) الغير قابلة لالستخدام مباشرة كمصدر للوقود
[ .]Cadoret et Bernard, 2008, 4وفي هذا السياق ،أجريت دراسة لتقييم قدرة الطحالب الدقيقة من نوع
« «Chlorella emersoniiعلى امتصاص ثاني أكسيد الكربون المحتوى في مداخن مصنع إسمنت لمدة
الصناعية األكثر توليدا لثاني أكسيد الكربون ،إذ تمثل انبعاثاتها حوالي %8من إجمالي انبعاثات ثاني
أكسيد الكربون العالمية [،]PBL Netherlands Environmental Assessment Agency, 2011, 17
وكانت النتيجة هي قدرة امتصاص 3.25غرام من ثاني أكسيد الكربون لكل لتر منتج من الوقود
الحيوي علما أن إنتاج 1كغ من الكتلة الحيوية الطحلبية يتطلب امتصاص معدل 1.83كغ من ثاني
92
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
شكل :25تطور المتوسط العالمي لتركيز ثاني أكسيد الكربون في الغالف الجوي
المصدر:
][http://www.reportingclimatescience.com/2016/05/18/carbon-dioxide-concentrations/
حسب ][World Meteorological Organization, 2016
-3-1-Iالنمو
يتم التحكم في نمو الطحالب الدقيقة من قبل عدد كبير من اإلعدادات ( ،)paramètresأهمها الضوء،
عالوة على ذلك ،يمر نمو الطحالب الدقيقة بخمسة مراحل أساسية :[Barbara Clement-Larosière,
]2014, 30-31
-مرحلة كمون ( )phase de latenceتترجم بتَ َكيف الطحالب الدقيقة مع ظروف االستنبات الجديدة؛
-مرحلة نمو أسية ( )phase de croissance exponentielleتتكاثر فيها الخاليا بأقصى قدراتها؛
-مرحلة ثبات النمو ( )phase stationnaireتكون فيها الطحالب الدقيقة قد استنفدت واحد أو أكثر من
93
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
-مرحلة تراجع النمو ) (phase de décroissanceتموت فيها الطحالب الدقيقة بسبب التلوث؛ نتكلم
لذلك ،فإن البحث في مجال إنتاج الطحالب الدقيقة يجب أن يمر عبر نمذجة نموها خالل الزمن ،أي
نمذجة حركية ،اعتمادا على مختلف اإلعدادات المذكورة سابقا .وقد تم استخدام عدة نماذج رياضية
على نطاق واسع للتنبؤ بتطور الكتلة الحيوية الطحلبية اعتمادا على التوليفة المثلى لمختلف إعدادات
اإلنتاج في كل مرحلة من مراحل نمو الطحالب الدقيقة ،ويمكن تصنيف هذه النماذج الرياضية في
النماذج يتم تجاهل الخصائص الذاتية لخاليا الطحالب الدقيقة ،وبالتالي تعمل هذه النماذج فقط على
وصف التغيرات في تركيزات الكتلة الحيوية الطحلبية عبر الزمن اعتمادا على إعدادات اإلنتاج مثل
94
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
-النماذج المهيكلة ( .)Les modèles structurésفي هذه النماذج يتم األخذ بعين االعتبار الخصائص
الذاتية لخاليا الطحالب الدقيقة مثل العمر والحجم والمرفولوجيا والحالة الفسيولوجية والتركيبة
الكيميائية...،الخ ،باإلضافة إلى كل إعدادات اإلنتاج .وتعتبر هذه النماذج دقيقة للغاية لكنها جد
معقدة.
تتميز الطحالب الدقيقة بقدرتها على تحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية بكفاءة عالية؛ فإذا كان
اإلنسان يمتص األكسجين ويطرح ثاني أكسيد الكربون ،أي ما يسمى بظاهرة التنفس ،حارقا بذلك
السكريات المخزنة ومحر ار طاقة في نفس الوقت ،فإن الطحالب تقوم بالعملية العكسية ،أي أنها تمتص
وتخزن وتستخدم الطاقة الضوئية الناتجة عن أشعة الشمس ،باإلضافة إلى ثاني أكسيد الكربون ()CO2
والماء إلنتاج األوكسجين والسكريات [ ]Wang, 2013, 4التي هي المواد الخام للدهون ()lipides
والبروتينات [ ،]Encyclopédie Axis, 1993, 152وهذا ما يسمى بعملية التمثيل الضوئي أو التخليق
الضوئي ( ،)processus de photosynthèseحيث تعتبر هذه العملية أنجح آلية في العالم لتحويل طاقة
الشمس إلى جزيئات سكر [عبدهللا ]82 ،2011 ،وإلى أكسيجين [.]Sialve et Steyer, 2013, 28
وتجدر اإلشارة إلى أن الطحالب الدقيقة تمتلك كفاءة تخليق ضوئي من 10إلى 100مرة أكبر من
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][Sialve et Steyer, 2013, 28
95
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
تسمح الطحالب الدقيقة بإنتاج الطاقة الحيوية بأشكال مختلفة مثل الكهرباء والغاز الحيوي والميثان
الحيوي والهيدروجين وطبعا الوقود الحيوي الذي هو محل دراستنا ].[Carlsson et autres, 2007, 11
تعد الطحالب الدقيقة مصد ار هاما للطاقة ،إالّ أن الطحالب الدقيقة األغنى بالدهون والسكر والنشأ
على غرار ساللة الكلوريال " "Chlorella vulgarisهي الوحيدة التي بإمكانها إنتاج اإليثانول والبيوديزل
بشكل فعال ] ،[Dejoye Tanzi, 2013, 55حيث تعتبر هذه الساللة من الطحالب الدقيقة مرشحا واعدا
لهذا اإلنتاج بفضل قدرتها على النمو بسرعة وإنتاجها لمستوى عالي من الزيوت [Xiong et autres,
] 2008, 1بفضل ضوء الشمس ،وثاني أكسيد الكربون ،CO2والماء باإلضافة إلى مختلف المغذيات
مثل اآلزوت والفوسفور ،علما أنه يستحسن استعمال مياه الصرف الصحي الغير صالحة للشرب
الستزراع الطحالب الدقيقة كما سنراه الحقا وهذا من أ جل تخفيض تكاليف اإلنتاج الحتواء هذه المياه
الملوثة على المغذيات الضرورية الستزراع الطحالب الدقيقة؛ كل هذا يجعل من كل خلية طحلبية
96
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
المصدر:
][https://www.earthmagazine.org/article/green-it-gets-algae-biofuels
ولتسليط الضوء على قدرة الطحالب الدقيقة في إنتاج الوقود الحيوي مقارنة بمختلف المحاصيل الزيتية
األخرى ،نقوم بتقديم الجدول الموالي الذي يقارن بين اإلنتاجية الزيتية المتوسطة للطحالب الدقيقة
واإلنتاجية الزيتية المتوسطة لمختلف المحاصيل األخرى ،علما أن استعمال متوسط العائد الزيتي
للهكتار الواحد المزروع من مختلف المحاصيل ،فإن المساحة المزروعة الالزمة لتلبية %50فقط من
احتياجات الوقود في الواليات المتحدة محسوبة في العمود الثالث ،في حين يعبر العمود الرابع عن
97
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
نالحظ في الجدول أعاله أن المحاصيل الزيتية ال يمكنها أن تسهم إلى حد كبير في استبدال الوقود
المشتق من البترول في المستقبل ،إذ تشير الدراسات إلى أنه من أجل ﺇحالل كل أنواع الوقود البترولية
المستهلكة في الواليات المتحدة بوقود البيوديزل ،يجب إنتاج 0.53مليار/م/³سنويا من وقود البيوديزل ،
وأن استعمال كل المحاصيل الزيتية وزيوت الطهي والزيوت الحيوانية معا إلنتاج هذه الكمية من
البيوديزل ال يسمح واقعيا من تلبية هذا الطلب ،ولكن هذا السيناريو يتغير تماما في حالة استخدام
الطحالب الدقيقة إلنتاج البيوديزل ،حيث أن نسبة %1إلى % 3فقط من المساحة اإلجمالية للمزروعة
في الواليات المتحدة ستكون كافية إلنتاج كتلة حيوية طحلبية تلبي %50من احتياجات وقود النقل.
فالطحالب الدقيقة إذن تعطي إنتاجية مرتفعة من الزيوت المستعملة في إنتاج الوقود الحيوي مقارنة
بالمحاصيل األخرى ،إذ تعطي هذه الطحالب الدقيقة باختالف أنواعها كمية من الزيوت تتراوح بين
20000و 60000لتر/هكتار كما يبينه الجدول أعاله ،أي ما يعادل تقريبا من 5283إلى 15849
98
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
جالون أمريكي من الوقود الحيوي/هكتار ،كما أنها سريعة النمو وتنتج الزيوت خالل بضعة ساعات
بدال من بضعة أيام كما هو الحال بالنسبة للنباتات الزيتية األخرى .وإلعطاء صورة أكثر وضوحا على
اإلنتاجية المرتفعة للطحالب الدقيقة ،نقدم فيما يلي إنتاجية بعض المحاصيل األخرى من الوقود الحيوي
فمن الواضح أن الطحالب الدقيقة هي المصدر الوحيد للوقود الحيوي الذي لديه القدرة على أن يحل
محل الوقود األحفوري ،خاصة وأنه على عكس المحاصيل الزيتية األخرى ،فإن الطحالب الدقيقة تنمو
بسرعة كبيرة ولها مردودات جد عالية حيث بإمكانها مضاعفة حجم كتلتها الحيوية في 24ساعة فقط.
أجريت العديد من األبحاث حول جدوى الطحالب الدقيقة في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث من
قبل مؤسسات خاصة تنتج حاليا أو ستنتج مستقبال وقود حيوي ذو أصل طحلبي .وقد توصلت هذه
األبحاث إلى أنه يمكن للوقود الحيوي من الجيل الثالث أن يكون بديال للوقود البترولي وأن يحل محل
البترول بشكل كلي في الصناعة البتروكيماوية شرط تحقق العالقة التالية [:]Chisti, 2007, 301
علما أن:
99
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
الحيوي ذو األصل الطحلبي أكثر من 0.41دوالر/لتر لكي يستطيع أن يحل محل البترول الخام في
إنتاج الوقود ذو األصل األحفوري ،أما إذا ارتفع سعر البترول الخام إلى 80دوالر/برميل ،فإن سعر
الوقود الحيوي ذو األصل الطحلبي بسعر مساوي ل 0.55دوالر/لتر بإمكانه أن يحل محل البترول
طور تكلفة اإلنتاج الصناعي للوقود الحيوي من الجيل الثالث في السنوات األخيرة من ِّقَبل أهم
تَ َ
-شرعت فرنسا في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث عبر عدة مشاريع ،نذكر منها مشروع
" "Ensiaومشروع " ،" Salinalguesولكن أهما وأبرزها كان مشروع " "Shamashالذي انطلق سنة
،]Cote d’Azurحيث تم التوصل من خالل هذا المشروع إلى إنتاج 2000لتر/هكتار/سنة من الوقود
الحيوي من الجيل الثالث سنة ]INRIA & COMORE, 2010, 8[ 2009بتكلفة /€10لتر ،أي ما
-تأسست سنة 2011مؤسسة يابانية تدعى " "IHI NeoG Algae LLCتنشط في مختلف القطاعات
بما فيها الطيران ،بناء السفن والتكنولوجيا الحيوية ،وتهدف هذا المؤسسة أساسا إلى تسويق وقود حيوي
مستخرج من طحالب دقيقة لها خصائص معينة تسمى " .]Vinh, 2012, 1[ " Enomoto Algaوقد
حققت المؤسسة إنتاج للوقود الحيوي من الجيل الثالث سنة 2012بقيمة 1000ين/لتر ،أي ما يعادل
/$11.52لتر سنة ،]https://fr.statista.com[ 2012كما تهدف هذه المؤسسة إلى قسمة تكلفة
100
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
اإلنتاج على 10بحلول عام 2021من أجل أن تكون قادرة على تسويق الوقود الحيوي من الجيل
-تنشط المؤسسة الكندية " "Seed Science Ltdفي مجاالت البحث والتطوير والخدمات االستشارية
وتربية األحياء المائية وزراعة الطحالب ( )uglucAglAreبما فيها 12نوعا من الطحالب الدقيقة [ http:
.]//seedscience.caوقد استطاعت هذه المؤسسة سنة 2013أن تنتج الوقود الحيوي من الجيل الثالث
-توصلت الواليات المتحدة األمريكية سنة ،2015من خالل مؤسسة " "Algenolالرائدة في تحويل
غاز ثاني أكسيد الكربون CO2إلى وقود حيوي ،من إنتاج وقود حيوي من الجيل الثالث (من نوع
3,78لتر) باستخدام ≈ اإليثانول) بتكلفة جد منخفضة قدرها /$1.30غالون ( 1غالون أمريكي
طحالب دقيقة وأشعة الشمس وثاني أكسيد الكربون ومياه مالحة وأراضي غير زراعية [ message from
]Algenol's CEO, Paul Woods - 2015علما أن سعر بيع البنزين األحفوري العادي في محطات
الوقود في الواليات المتحدة االمريكية خالل نفس السنة 2015كان /$2.041غالون [ Energy
،]Information Administration – EIA, USA, 2015كما تمكنت نفس المؤسسة سنة 2015من
إنتاج 8000غالون من الوقود الحيوي السائل لكل فدان سنويا ( 1فدان أمريكي = 4046,85م)2
[ .]message from Algenol's CEO, Paul Woods - 2015بمعنى آخر ،من الممكن تقنيا إنتاج الوقود
الحيوي من الجيل الثالث منذ سنة 2015بالتكلفة والكميات المبينة فيما يلي:
101
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
/$ 0.34لتر
7.47لتر /م/2سنة
( 74700لتر/هكتار/سنة)
المصدر :من اعداد البحث اعتمادا على احصائيات مؤسسة )USA( Algenol
ويلخص الشكل الموالي تطور تكلفة إنتاج الوقود الحيوي المستخرج من الطحالب الدقيقة في السنوات
األخيرة في أهم الدول المهتمة بتطويره ،إنتاجه وتسويقه على نطاق تجاري واسع.
9
8
7 الكندا
6 Seed Science Ltd
5
4
3 الواليات المتحدة
2 االمريكية
1 Algenol
0
2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014 2015 2016
المصدر :من اعداد الباحث
نالحظ من خالل هذا الشكل أن تكلفة إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث عرفت انخفاضا ملموسا
في ظل أقل من عشرية واحدة ،إ ذ انتقلت من /$ 13.9لتر سنة 2009إلى /$ 0.34لتر سنة
،2015أي انخفاض تقدر نسبته ب ،% 97.55وقد كانت الواليات المتحدة األمريكية وراء أهم
102
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
منذ بداية السبعينات ،كانت هناك رغبة كبيرة في استخدام الطحالب الدقيقة لمعالجة مياه الصرف
الصحي ] ،[Boileau, 2015, 21 d’après Wang et autres, 2010, 1175وقد اتضح في تلك الفترة أن
هذه الطحالب الدقيقة قد تكون عالج محتمل أحسن مما كان متوقع حيث بإمكانها إزالة الكثيرة من
الملوثات التي تحتاجها كمغذيات في هذه المياه وذلك بكفاءة عالية .وقد استخدمت أحواض ضخمة
مفتوحة لدراسة كفاءة هذه الطحالب الدقيقة في معالجة المياه الملوثة ،وكانت النتائج الجيدة الغير
متوقعة لهذه الدراسات وسرعة النمو الكبيرة للطحالب الدقيقة دافعا للعديد من الباحثين الختبار نمو
أنواع مختلفة من الطحالب الدقيقة في مياه ملوثة والبحث على سبل تثمينها كاستعمالها ألغراض
" "phytonالتي تعني "النبات" ،والالتينية " "remediumالتي تعني "المعالجة" .ويشير هذا المصطلح
إلى تقنية ازالة التلوث ( )dépollutionالقائمة على النباتات وتفاعالتها مع الكائنات الحية الدقيقة
].[futura-sciences.com
وألسباب قانونية واقتصادية وبيئية ،أصبحت الشركات معنية على نحو متزايد بضرورة الحد من اآلثار
البيئية السلبية ألنشطتها .وقد أدى هذا االتجاه إلى بروز الكثير من األبحاث في مجال معالجة
النفايات الصناعية السائلة .وفي هذا السياق ،ظهرت الطحالب الدقيقة كحل محتمل ،حيث تساعد هذه
األخيرة على إزالة العديد المواد الملوثة الموجودة بتركيزات عالية في مختلف النفايات الصناعية السائلة
أو مياه الصرف الصحي بشكل فعال وتسمح في نفس الوقت بإنتاج الكتلة الحيوية الممكن استخدامها
كمادة خام إلنتاج الوقود الحيوي ،كما توصلت العديد من الدراسات لنتائج قاطعة حول فعالية الطحالب
103
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
الدقيقة في معالجة مياه الصرف الصحي المحملة بالمواد المغذية ،وباألخص فعالية الطحالب الدقيقة
من نوع » «Chlorella spالتي أظهرت إمكانات تَ َكيف ونمو واعدة في مثل هذه المياه مما جعلها
موضوع دراسة لعدة باحثين ] .[Boileau, 2015, 2وقد خلصت نتائج مختلف الدراسات إلى أن
الطحالب الدقيقة قادرة على إزالة كميات جد معتبرة من المعادن والفسفور والنترات وأنه من الممكن
الحصول على تركيز كتلة حيوية طحلبية كبيرة قدرها 0.84غ/لتر في مياه الصرف الصحي شرط
توفر إضاءة جيدة وشرط الحرص على استعمال طحالب دقيقة تَتَ َكيف مع مختلف أنواع الملوثات
فبإمكان الطحالب الدقيقة إذن أن تنمو في مياه الصرف الصحي والمياه الغير صالحة للشرب أو الغير
الصالحة للزراعة ،وكذلك في مياه البحار [ ،]Picazo-Espinosa et autres, 2011, 125حيث تحتاج
هذه الطحالب الدقيقة إلى المواد المغذية الموجودة في كل هذه البيئات ،إالّ أن مياه الصرف الصحي
تعتبر البيئة المفضلة لنموها ألنه لوحظ أن معدل نموها في مياه الصرف الصحي يفوق معدل نموها
وتجدر اإلشارة إلى أن الطحالب الدقيقة تقوم بإزالة الملوثات من الوسط الذي تنمو فيه من خالل آليتين
-التراكم األحيائي آلية تسمح ب نقل الملوثات إلى الخلية التي تمتصها وتراكمها وتستخدمها من أجل
النمو؛
104
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
لخفض تكاليف إنتاج الطحالب الدقيقة ،ينبغي استخدام مياه الصرف الصحي علما أن الطحالب
الدقيقة ال تحتاج إلى األوكسجين وتستخدم ثاني أكسيد الكربون الصادر عن البكتيريا المتواجدة في هذه
المياه من أجل النمو كما أشرنا إليه سابقا .وباإلضافة إلى ذلك ،فإن إنتاج الطحالب الدقيقة تتيح
فرصة رسكلة المواد المغذية ( )nutrimentsمثل اآلزوت في الكتلة الحيوية بدال من تحويله إلى غاز،
األمر الذي جعل بعض المختصين يرون أن إنتاج الطحالب الدقيقة دون استخدام مياه الصرف
الصحي الحضري أو الزراعي من غير المرجح أن يكون له جدوى اقتصادية Podkuiko et autres,
].]2014, 373
وعالوة على ذلك ،استخدام مياه الصرف الصحي كمستنبت للطحالب الدقيقة يسمح بتقليل متطلبات
المياه العذبة بنسبة ،%90وبالقضاء على الحاجة إلى إضافة المواد المغذية ( ،)nutrimentsباستثناء
الفوسفات [ ،]Podkuiko et autres, 2014, 374علما أن تركيزات Nو Pهي ( )10 -100mg L-1في
مياه الصرف الصحي الحضري وأكثر من ( )1000 mg L-1في مياه الصرف الزراعي ،و أن الطحالب
الدقيقة من نوع » «Chlorellaهي األنسب لالستخدام األمثل لهذه المواد بنسبة تثبيت للمواد المغذية
تتحدد إنتاجية الكتلة الحيوية الطحلبية في مياه الصرف الصحي تبعا لعدة عوامل نذكر منها تركيبة
مياه ال صرف الصحي وتوافر المواد المغذية ،الضوء ،نسبة الحموضة ،إمدادات غاز ثاني أكسيد
الكربون...الخ ،وتشير التقديرات إلى أن 1443م 3من مياه الصرف الصحي يمكن أن تنتج 1طن من
الكتلة الحيوية الطحلبية وأن متوسط إنتاجية الكتلة الحيوية الطحلبية هو ( )13 g m-2 jour-1للطحالب
المزروعة في مياه الصرف الصحي علما أن 1كغ من وقود البيوديزل يتطلب حوالي 12كغ من
105
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
الكتلة الحيوية الطحلبية [ .]Podkuiko et autres, 2014, 373كما تشير التقديرات أنه على عكس مياه
الصرف الصحي ،فإذا نمت الطحالب الدقيقة في مياه عذبة فإن إنتاج 1كغ من وقود البيوديزل
[Podkuiko et يتطلب 3726كغ من الماء 0.33 ،كغ من اآلزوت و 0.71كغ من الفوسفات
-4-2-Iحاالت خاصة
توجد حالت خاصة فيما يخص المياه الملوثة المستعملة في إنتاج الطحالب الدقيقة ،نذكر منها:
الدراسات التي أجريت بشأن استخدام الطحالب الدقيقة لعالج مياه الصرف الصحي البلدي تفوق تلك
الخاصة بمياه الصرف الصناعي ] [Boileau, 2015, 21وهذا قد يكون راجع أساسا إلى محتويات مياه
الصرف الصناعي التي تحتوي على عدد أكبر من المكونات السامة للطحالب من مياه الصرف
الصحي البلدي ،مما يتطلب أحيانا معالجتها قبل استخدامها األمر الذي يزيد من تكاليف اإلنتاج.
وعالوة على ذلك ،تركيبة مياه الصرف الصناعي تختلف من منتج آلخر مما يجعل األمور أكثر
تعقيدا.
المياه الناجمة عن صناعة النفط والغاز لها تراكيب مختلفة نتيجة عوامل عدة ،فهي عادة تحتوي على
كميات كبيرة من المواد العضوية (األحماض العضوية ،الهيدروكربونات ،الزيوت والدهون ،المعادن
الثقيلة ،الكبريتات ،النتريت والنترات...الخ) و األمالح الذائبة (الكلوريدات والبروم) ،مما يجعل هذه
المياه سامة ألغلبية الكائنات الحية .ورغم ذلك ،بإمكان استعمال هذه المياه في إنتاج الطحالب الدقيقة
حيث تعمل هذه األخيرة على تعزيز تدهور هذه المواد في األوساط المائية من خالل زيادة تحللها
106
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
الفينول
يوجد الفينول في المخلفات السامة للعديد من الصناعات لكونه يستخدم إلنتاج العديد من المنتجات،
فهو يدخل مثال في صناعة البالستيك .من الصعب إزالته من مياه الصرف الصحي بطريقة بيولوجية
ألنه سام بالنسبة للبكتيريا ،كما أ ن استخدام طريقة كيميائية إلزالة هذا الملوث تستلزم استخدام مواد
كيميائية يؤدي خلطها مع الفينول إلى خلق مواد كيميائية وسيطة أكثر سمية من الفينول في حد ذاته.
ومع ذلك ،أظهرت بعض سالالت الطحالب الدقيقة ،وبالضبط من نوع » ،«Chlorella spمقاومة
كبيرة للفينول حيث بإمكانها أن تنمو في مياه ملوثة بالفينول مع إزالته بتركيزات تفوق 400 mg/Lمبينة
قدرتها العالية في إزالة التلوث ].[Boileau, 2015, 23 d’après Olivier et autres, 2003, 797
ا
المعادن
إذا كانت المعادن ضرورية لجسم كل كائن حي ولكن بكميات ال تتجاوز اآلثار ( ،)tracesفهي تصبح
جد سامة عند تركيزات مرتفعة ،كما أنها غير قابلة التحلل بيولوجيا على عكس الملوثات العضوية.
وتنتقل هذه المعادن في األوساط الطبيعية من خالل اصدارات عدد كبير من الصناعات (مصانع
المعادن " ،"métallurgieالتعدين " ،" exploitation minièreإنتاج األسمدة والمبيدات الحشرية،
...الخ) .وتتحقق عادة معالجتها عن طريق تقنيات فيزيوكيميائية وأخرى بيولوجية .ومن بين هذه
التقنيات البيولوجية ،نجد الطحالب الدقيقة التي تتميز من جهة بقدرة كبيرة على العيش والتأقلم في
أوساط مسممة بالمعادن إلى حد ما ،ومن جهة أخرى بكفاءة عالية على تثبيت هذه المعادن [ Sialve
]et Steyer, 2013, 34باعتبارها ضرورية لنموها حيث تستخدمها كمواد مغذية ،وبالتالي يمكن إزالتها
بسهولة .وفي هذا السياق ،غالبا ما تستعمل هنا أيضا الطحالب الدقيقة من نوع » «Chlorella spإلزالة
بعض المعادن الثقيلة على غرار الزرنيخ والثاليوم والكروم والنحاس والزنك والكوبالت والمنغنيز من مياه
107
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
الصرف الصحي [ .]Ben Amor, 2015, 16وتجدر اإلشارة هنا إلى أن قدرة تثبيت المعادن تختلف من
نوع طحالب دقيقة إلى آخر باعتبار االحتياجات الغذائية للطحالب الدقيقة تختلف من نوع آلخر مما
يجعل قدرتها على تخزين المعادن تختلف أيضا ].[Gagneux-Moreaux, 2006, 57
قمنا في هذا المبحث بتقديم بطاقة وصفية تعريفية للطحالب الدقيقة المستخدمة في تصنيع الوقود
الحيوي من الجيل الثالث وبتسليط الضوء على طبيعة المياه الالزمة إلنتاجها ،باإلضافة إلى جدوى
وتكلفة إنتاج الوقود الحيوي بفضلها .واستخلصنا من خالل رسمنا لصورة عن الطحالب الدقيقة
المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي أن لهذه الطحالب آفاق واعدة في إنتاج هذا النوع من الوقود نظرا
لمميزاتها المتعددة ،وفي مقدمتها إنتاجيتها الزيتية المرتفعة مقارنة مع المحاصيل الزيتية األخرى ،فضال
عن فوائدها البيئية الراجعة إلى امتصاصها لكميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون من الهواء ،مما
يجعلها قادرة على أن تحل محل الوقود البترولي وأن تكون بديال له بفضل التكلفة المنخفضة إلنتاج
الوقود الحيوي بفضلها ،كما استخلصنا أيضا أنه من الممكن إنتاجها باستخدام المياه الملوثة الغير
صالحة للشرب أو الغير الصالحة للزراعة دون معالجة مسبقة ،بل يعتبر استعمال هذه المياه الملوثة
شرطا رئيسيا إلنتاج الطحالب الدقيقة بتكلفة منخفضة ولتوفير تركيزات كافية من الملوثات التي
تستخدمها الطحالب الدقيقة كمواد مغذية ،وباألخص تلك الموجودة في مياه الصرف الصحي التي
تعتبر البيئة األنسب إلنتاج الكتلة الحيوي الطحلبية ،شرط استعمال سالالت من الطحالب الدقيقة
تتكيف مع مختلف أنواع الملوثات ولها مقاومة عالية وفعالية كبيرة في معالجة مياه الصرف الصحي
علما أن الطحالب الدقيقة تستزرع سواء في نظام مفتوح أو نظام مغلق قبل أن يتم تحويلها إلى وقود
108
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
تتم عملية استنبات الطحالب الدقية ثم استخراج الزيوت الموجودة فيها لتحويلها إلى وقود حيوي وفقا
لطريقة األحواض الخارجية المفتوحة (النظام المفتوح) أو طريقة المفاعالت الحيوية الضوئية المغلقة
(النظام المغلق) [ ،]Levin, Oberlin, Adriaens, 2009, 1علما أنه تم التوصل سنة 2013إلى تحويل
هذه الطحالب الدقيقة إلى وقود حيوي قابل لالستخدام في أقل من ساعة [.]sain-et-naturel.com
لذلك ،سنقوم في بداية هذا المبحث بوضع إطار مفاهيمي لهاتين الطريقتين بهدف تقديم نظرة واضحة
عنهما ،ثم سنستعرض مزايا وعيوب كل طريقة عالوة عن إنتاجية كل منهما ،وأخي ار سنسلط الضوء أهم
نقاط التشابه واالختالف الموجودة بينهما بهدف تحديد أنجع طريقة للحصول على الوقود الحيوي.
تجدر اإلشارة هنا إلى أن نوعية الوقود الحيوي ال تتأثر بكونه منتج في مفاعل حيوي مغلق أو حوض
خارجي مفتوح وأن هذا اإلنتاج بفضل هتين الطريقتين يقتصر على االيثانول والبيوديزل [علي محمد عبد
هللا ]30 ،2011 ،باإلضافة إلى وقود الطائرات الكيروسين (Reijnders et Huijbregts, [ )Kérosène
.]2009, 61
يتم إنتاج الطحالب الدقيقة في أحواض خارجية مفتوحة ضخمة وقليلة العمق من أجل السماح لخاليا
الطحالب الدقيقة باستخدام أشعة الشمس وثاني أكسيد الكربون الموجد في الغالف الجوي من ﺃجل
النمو ،إالا أن نوعية وكمية السطوع الطبيعي للشمس تتأثر بالتقلبات الموسمية واليومية ،ولهذا السبب
فإن عمق مياه معظم األحواض الخارجية المفتوحة يتراوح بين 30-20سم فقط لتوفير أشعة الشمس
الكافية لمعظم خاليا الطحالب [ ،]Gong et Jiang, 2011, 1277أي للتأكد من أن الطحالب الدقيقة
109
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
وفيما يلي شكل توضيحي لكيفية استغالل أشعة الشمس والمغذيات ( )nutrimentsوثاني أكسيد الكربون
للحصول على طحالب دقيقة في أحواض خارجية مفتوحة قبل تحويلها إلى وقود حيوي.
المصدر:
][https://www.earthmagazine.org/article/green-it-gets-algae-biofuels
نالحظ من خالل هذا الشكل أن األحواض الخارجية المفتوحة توجد قرب مصنع مصدر النبعاث ثاني
أكسيد الكربون وهذا من أجل رفع إنتاجية هذه األحواض باعتبار أن الطحالب الدقيقة تتغذى بهذه
االنبعاثات ،حيث من المرجح أن تسمح تقنيات االلتقاط والتحويل المرتبطة بإنتاج الكتلة الحيوية
الطحلبية بتخفيض الكميات الكبيرة من ثاني أكسيد الكربون المنتجة عالميا [ Doré-Deschênes, 2009,
]10إذا تم استعمال طريقة األحواض الخارجية المفتوحة على نطاق واسع .وفي هذا الصدد ،فإن فكرة
استخدام الطحالب الدقيقة على نطاق صناعي واسع اللتقاط ثاني أكسيد الكربون هو محل دراسة
واختبار في الواليات المتحدة األمريكية وفي العديد من الدول األخرى .ويوضح الشكل الموالي أحد
110
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
المشاريع الرئيسية المتعلق باستزراع الطحالب الدقيقة إلنتاج الوقود الحيوي قرب محطة توليد الفحم في
الواليات المتحدة األمريكية (الطحالب مرئية باللون األخضر على اليسار السفلي).
المصدر:
][https://algaebiomass.org/resources/documents/MicroalgaeBiofixationProcessesTNO
تتميز األحواض الخارجية المفتوحة بأشكال وأحجام متفاوتة ،غير أن التصاميم األكثر استخداما في
-األحواض ذات الحلقة المغلقة ،وتستعمل في هذه األحواض شفرات دوارة ()pales en rotation؛
-األحواض الدائرية ،ويستعمل فيها ذراع دوري ( )bras rotatifمن أجل الخليط.
111
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
المصدر:
[[http://making-biodiesel-books.com/about-algae/open-pond-biofuels/
أما على نطاق واسع ،يتم اإلنتاج أساسا باستخدام أحواض مفتوحة من نوع » «racewayبجميع
األحجام (ما بين 1000و 5000م ،]Pulli et autres, 2012, 19[ )3وفي مياه عذبة أو ملوثة.
وتعتبر األحواض الخارجية المفتوحة من نوع « »racewayاألكثر استخداما ألنها تسمح بالحصول على
112
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
مردود أكبر مقارنة مع باقي أنواع األحواض المفتوحة .ويتألف هذا النوع من األحواض من صهاريج
مغلقة ذات شكل دائري أو شكل حلقات متداخلة في بعضها البعض كما يبينه الشكل الموالي.
المصدر:
][https://www.pinterest.fr/nutrexhawaii/our-farm/
113
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
إن عملية اإلنتاج في األحواض الخارجية المفتوحة توفر مزايا عديدة ،أهمها:
-االستثمار والحاجة إلى اليد العاملة المؤهلة التي تتطلبها األحواض الخارجية المفتوحة أقل مقارنة
-البنية التحتية لألحواض المفتوحة ليست مكلفة باإلضافة إلى كونها سهلة االستخدام ،حيث عادة ما
تكون هذه األحواض الخارجية المفتوحة أقل تكلفة للبناء والتشغيل من المفاعالت الحيوية الضوئية رغم
أنها تستهلك حجم أكبر من المواد المغذية .فنظام اإلنتاج المفتوح للطحالب ليس فقط األرخص ،بل هو
المصدر:
][https://www.slideshare.net/Funk98/algae-biofuels
نالحظ من خالل الشكل السابق أنه من المستحسن إنشاء أحواض خارجية مفتوحة إلنتاج الوقود
الحيوي قرب مصانع تسبب انبعاثات في غاز ثاني أكسيد الكربون وهذا من أجل زيادة إنتاجية هذه
114
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
األحواض من الطحالب الدقيقة ،ليتم بعد ذلك استخراج الزيوت التي تتضمنها هذه الطحالب الدقيقة،
وأخي ار إنتاج الوقود الحيوي بعملية بسيطة تمر بمرحلة واحدة تتمثل في تكرير الزيوت المستخرجة من
على الرغم من أن األحواض الخارجية المفتوحة لديها عدة مزايا مقارنة مع المفاعالت الحيوية في نظام
اإلنتاج المغلق ،باإلضافة إلى كونها حاليا الوحيدة المستعملة في اإلنتاج على نطاق واسع في العالم
-من الصعب السيطرة فيها على مختلف اعدادات اإلنتاج ( )paramètres de productionكثاني أكسيد
-تلوث الطحالب الدقيقة أحيانا بكائنات حية أخرى تحد من نموها ،أي هي عرضة للتلوث من قبل
الطفيليات والفطريات وبعض الحيوانات كالقشريات (]Filemon, Uriarte, 2010, 134[ )crustacés؛
-تعرف نسبة تبخر عالية مقارنة بنظام اإلنتاج المغلق [.]Podkuiko et autres, 2014, 375
إنتاجية الكتلة الحيوية في نظام اإلنتاج المفتوح قدرها (Podkuiko et autres, [ )10-20 g m-2 jour-1
،]2014, 375وحسب مصدر آخر فإن إنتاجيتها تتراوح من 50إلى 70طن/هكتار/سنة [ Mariana
،]Titica, 2012ويرجع هذا التباين في اإلنتاجية إلى اختالف المناطق التي توجد فيها هذه األحواض،
عمق مياهها ،درجة ملوحة مياهها ودرجة ثلوث مياهها بميكروبات ال تستعملها الطحالب الدقيقة
115
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
كمغذيات حيث أن التلوث الميكروبي أمر ال مفر منه ألن األحواض المفتوحة ال يمكن تعقيمها أو
االحتفاظ بها في ظروف خالية من بعض السموم التي ال تستعمل كمغذيات من طرف الطحالب
يمكن استنبات الطحالب الدقيقة في نظام استزراع مغلق يسمى المفاعل الحيوي الضوئي ( .)PBRوقد
ظهر مفهوم المفاعل الحيوي الضوئي منذ عدة عقود ،إذ بني أول مفاعل حيوي مغلق في أواخر
األربعينات [ .]Olivo, 2007, 11تُْبَنى المفاعالت الحيوية الضوئية بمواد شفافة بالستيكية أو زجاجية
[ ]Wang, 2013, 6تسمح بمرور الضوء لتمكين الطحالب الدقيقة بالقيام بعملية التمثيل الضوئي كما
المصدر:
][http://news.algaeworld.org/2016/12/turbo-cultivating-algae-using-glass-tubes/
فاإلضاءة إذن تكون بواسطة أشعة الشمس ولكن هذا ال يمنع من وجود مفاعالت حيوية ضوئية تعتمد
على ضوء اصطناعي ] [Adrian et autres, 2013, 1نابع من أنابيب الفلورسنت ( tubes
116
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
)fluorescentsعكس إنتاج الطحالب الدقيقة في الهواء الطلق داخل أحواض خارجية مفتوحة الذي
تختلف هندسة المفاعالت الحيوية الضوئية اختالفا كبيرا ،حيث توجد أنواع مختلفة [ ،]Wang, 2013, 6
أهمها:
شفافتين توجد بينهما طبقة رقيقة من الطحالب الدقيقة كما يوضحه الشكل الموالي .في كثير من
األحيان تكون هذه المفاعالت صغيرة الحجم ،وال تستخدم في التجارة والصناعة ،ولكن هي مخصصة
117
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
المصدر:
][http://www.iowaepscor.org/2013/05/25/algaegreenhouse/
عدة أنابيب شفافة (زجاجية أو بالستيكية) ،مرتبة أفقيا أو عموديا ،أو ملفوفة بشكل حلزوني ،حيث
يدور بداخلها مستنبت الطحالب الدقيقة .قد تحتوي هذه المفاعالت من 5إلى 15لت ار لتلك المستخدمة
في المخابر ،ومن 20إلى 1000لت ار لتلك المخصصة لالختبار قبل التصنيع ،وأكثر من
1000000لت ار لتلك المستخدمة في اإلنتاج الصناعي .ومن بين هذه األنواع من المفاعالت ،أكثرها
118
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
المصدر:
[http://www.maxisciences.com/biocarburant/des-micro-algues-pour-fabriquer-du-
]biopetrole_art13564.html
وهناك أيضا مفاعالت حيوية ضوئية من نوع أنبوبي ) (type tubulairesموضحة في الشكل الموالي،
موجهة أفقيا أو عموديا ومجهزة أحيانا بإضاءة سطحية ،حيث تعتبر هذه األخيرة هي األنسب لزراعة
الطحالب الدقيقة في النظام المغلق [ ،]Wang, 2013, 6فهي مناسبة لإلنتاج المكثف للطحالب الدقيقة،
وغالبا ما تعتبر األكثر مالءمة إلنتاج الطحالب على نطاق تجاري ،وقد يصل حجمها كما هو الحال
في ألمانيا إلى 700م 3وتعطي إنتاج قدره 150طن/هكتار/سنة [.]Olivo, 2007, 55
119
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
المصدر:
][https://microbewiki.kenyon.edu/index.php/Biodiesel_from_Algae_Oil
يمكن تشغيل المفاعالت الحيوية الضوئية بشكل مستمر ( )en continuأو غير مستمر ( en
-التشغيل المستمر ،يتم فيه إضافة الكمية ال الزمة من المواد المغذية وفي نفس الوقت سحب كمية
من الطحالب الدقيقة المنتجة بنفس التدفق )للحفاظ على كمية ثابتة في المفاعل)؛
-التشغيل غير المستمر ،يتم فيه وضع كمية محددة من المواد المغذية وترك الطحالب الدقيقة تتكاثر
(تركيز الطحالب الدقيقة يرتفع على مر الزمن في حين تنخفض تركيزات المواد المغذية) حتى تصل
إلى مرحلة نمو ثابتة ،مما يدل على استنفاد المواد المغذية .هنا يوقف تشغيل المفاعل ،ثم يفرغ
120
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
وتجدر االشارة هنا إلى أن مردود اإلنتاج في نظام التشغيل المستمر أعلى بخمس مرات من مردود
إن عملية اإلنتاج في المفاعالت الحيوية المغلقة تعتبر نموذجا مغلقا لعملية اإلنتاج في األحواض
-الميزة الرئيسية للمفاعالت الحيوية الضوئية ،ال سيما المفاعالت الحيوية من النوع األنبوبي ،ه ي
كونها تسمح بالتحكم أكثر في اعدادات اإلنتاج (توزيع وإخالء كل من ثاني أكسيد الكربون
واألكسيجين ،مراقبة درجة الحموضة ،مراقبة درجة الح اررة...،الخ) ،وبالتالي نظام االستزراع المغلق
أكثر مرونة من حيث دقة تحديد كمية المواد المغذية الضرورية للطحالب الدقيقة وفقا للمتطلبات
الفيزيائية والكيميائية لنوع الطحالب الدقيقة المزروعة ،توزيع الضوء ،درجة الحموضة ( ،)Phدرجة
-إنتاج الطحالب الدقيقة في مفاعالت حيوية مغلقة تحت ظروف خاضعة للرقابة يعزز إنقسام الخاليا
ويمنع تلوث الطحالب الدقيقة مما يسمح بالحفاظ على عقم الزراعة ،أي الحد من مخاطر تلوث
-تسمح المفاعالت الحيوية المغلقة بامتصاص أفضل لثاني أكسيد الكربون 2O2؛
-إنتاجية المفاعالت الحيوية المغلقة من الطحالب الدقيقة أعلى من إنتاجية األحواض الخارجية
المفتوحة ،كما أنه من الممكن جدا في المستقبل زيادة مردودات الطحالب الدقيقة المزروعة في
المفاعالت الحيوية المغلقة مقارنة بمستوياتهم الحالية وذلك من خالل تحسين عملية التمثيل الضوئي
121
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
ألنظمة المفاعالت الحيوية الضوئية عدة عيوب أيضا .من بين أهم هذه العيوب يمكن ذكر:
-تت طلب استثمارات مكلفة تزيد بعشرة أضعاف استثمارات نظام األحواض المفتوحة [ Mousdale,
،]2008, 323فهي تتميز بارتفاع تكاليف البناء والتشغيل والصيانة التي تعتبر جد باهظة ،ولو أن هذه
التكاليف تعوض جزئيا باإلنتاجية المرتفعة لهذه المفاعالت []Gong et Jiang, 2011, 1279؛
الضوئي يمكن أن يصبح ضا ار بسبب الزيادة في درجة الحموضة التي تنتج عن ذلك؛
-األشعة فوق البنفسجية التي تمر عبر الجدران الشفافة للمفاعالت وارتفاع درجة الح اررة بشكل كبير
-من الضروري أن تكون هناك مضخة تحريك ،مروحية ،توربينات وفقاعة مغناطيسية للحد من
ترسب الكتلة الحيوية على الحائط الشفاف ،األمر الذي قد يؤدي إلى زيادة التكاليف.
تتأثر إنتاجية المفاعالت الحيوية المغلقة بنوع المفاعل المستعمل ،بدرجة اإلضاءة ،بمستويات ثاني
أكسيد الكربون ،بالتغيرات في درجات الح اررة ،بدرجة الحموضة وبمستويات األكسيجين في المحاصيل
ونوع سالالت الطحالب الدقيقة المختارة .ولهذا السبب نجد تباين كبير في اإلنتاجية المقدمة للمفاعالت
الحيوية الضوئية في مختلف األدبيات .فعلى سبيل المثال ،تقدر إنتاجية المفاعالت الحيوية المغلقة
من النوع األنبوبي ) (type tubulairesب 150طن/هكتار/سنة [ ،]Olivo, 2007, 55في حين تقدم
مفاعالت أخرى إنتاجية طحلبية قدرها ( 100-20غرام/لتر) [ ،]Cantin, 2010, 23أو حسب مصادر
أخرى ف إنتاجية هذه المفاعالت الحيوية المغلقة تقدر بحوالي 150طن/هكتار/سنة [ Olivo, 2007,
،]55أو أيضا بحسب دراسات أخرى (.]Podkuiko et autres, 2014, 375[ )20-40 g m-2 jour-1
122
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
ويمكن تقدير الحد األقصى للعائد السنوي لمفاعل حيوي مغلق في ظل توفر ظروف مثلى بحوالي
وفيما يلي جدول قمنا فيه بتلخيص أهم نقاط التشابه واالختالف الموجودة بين نظام األحواض الخارجية
123
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
تحتاج حتميا إلى يد عاملة مؤهلة ال تحتاج حتميا إلى يد عاملة مؤهلة اليد العاملة
التحكم في العملية
سهل صعب
ال نتاجية
نالحظ من خالل الجدول السابق أن لكلتا طرقتي إ نتاج الطحالب الدقيقة عيوب ومزايا تختلف عن
بعضها البعض مع وجود قواسم مشتركة بينهما على غرار طبيعة المياه المستعملة في هذا اإلنتاج،
ولكن تكلفة اإلنتاج المنخفضة في األحواض الخارجية المفتوحة الراجعة أساسا إلى انخفاض تكاليف
البناء واالستثمار ،وتدني تكاليف التشغيل والصيانة ،واستخدام أشعة الشمس عوض اإلنارة
االصطناعية وفي الوقت نفسه غاز ثاني أكسيد الكربون المتوفران مجانا باإلضافة إلى قلة الحاجة إلى
اليد العاملة المؤهلة ،تجعل من نظام اإلنتاج األحواض الخارجية المفتوحة األرخص ،األنسب واألبسط
أيضا ،وهذا ما يفسر معظم جهود البحث والتطوير الكبيرة المنصبة اآلن على نظام اإلنتاج هذا.
قمنا في هذا المبحث برسم صورة عن طريقة استخراج الكتلة الحيوية الطحلبية المستعملة في تصنيع
الوقود الحيوي من الجيل الثالث وفقا لطريقة األحواض الخارجية المفتوحة (النظام المفتوح) وطريقة
المفاعالت الحيوية الضوئية المغلقة (النظام المغلق) ،مع مناقشة مزايا وعيوب وإنتاجية كل طريقة مما
سمح لنا بسرد مجموعة من نقاط التشابه واالختالف بينهما ،إالا أن مجموعة الصعوبات المالية والتقنية
التي تميز نظام اإلنتاج المغلق تجعل منه نظام غير قادر على المنافسة في التطبيقات الممكن تحقيقها
في نظام األحواض الخارجية المفتوحة على نطاق صناعي واسع مما يجعل من النظام المفتوح األنجع
رغم إنتاجيته المنخفضة نسبيا األمر الذي يتطلب المزيد من البحوث والتطوير للرفع من هذه اإلنتاجية،
خاصة إذا علمنا أن الطحالب الدقيقة المنتجة ال تستعمل في إنتاج الوقود الحيوي فحسب ،بل يمكن
أيضا تثمين بقاياها الستخدامات عدة في مجاالت مختلفة وهو ما سنتناوله في المبحث الموالي.
تصنيع الوقود الحيوي من الجيل الثالث على نطاق صناعي واسع من خالل إنتاج كميات هائلة من
الطحالب الدقيقة في أحواض خارجية مفتوحة ضخمة قد يخّلِّف فائضا في إنتاج هذه الطحالب الدقيقة
125
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
ويخلف حتما بقايا عضوية تتمثل في كتلة حيوية طحلبية جافة ( )biomasse algale sècheناتجة عن
عملية تحويل هذه الطحالب الدقيقة إلى وقود حيوي مما يشكل تكلفة إضافية تضاف إلى تكلفة إنتاج
الوقود الحيوي إذا لم يتم تثمينها .لذلك ،التمسنا الحاجة في هذا المبحث إلى استعراض أهم تطبيقات
الطحالب الدقيقة وبقاياها الجافة في شتى المجاالت التي يمكن فيها تثمين هذه الكتلة الحيوية الطحلبية
لتوضيح أن أهميتها ال تكمن فقط في قدرتها على إنتاج الوقود الحيوي ،وهو الغرض من هذا المبحث.
تعد الطحالب الدقيقة أحد العناصر األساسية ألي عملية تربية لألحياء المائية (قشريات ،الرخويات
أسماك...،الخ) ،حيث تستخدم كغذاء لهذه األحياء المائية طوال كل فترة حياتها .وبما أن المتطلبات
الغذائية لألحياء المائية كبيرة جدا خالل فترة نموها ،يفضل استخدام الطحالب الدقيقة أو الكتلة الحيوية
الجافة المتبقية بعد استخدامها في إنتاج الوقود الحيوي كونها غنية باألحماض الدهنية واألحماض
األمينية األساسية مما يجعلها توفر كل عناصر النمو األساسية التي ال تصنعها األحياء المائية بطريقة
–2–IIIالزراعة
في الزراعة ،تستخدم الطحالب الدقيقة أو الكتلة الحيوية الجافة لبقاياها أساسا كأسمدة من خالل
تحويلها إلى مستخلصات سائلة أو مسحوق ينشر على األراضي الزراعية [Abadli et Harkati, 2015,
].8
فالطحالب الدقيقة أو بقاياها الجافة التي تم استخدامها في إنتاج الوقود الحيوي تثمن إذن كسماد أو
مثبت للتربة أو حتى كحامي للمحاصيل الزراعية من الطفيليات واألمراض؛ وبفضل قدرتها على تثبيت
اآلزوت المستعمل أحيانا كسماد ،فهي تساعد أ يضا على الحفاظ على خصوبة التربة وتنظيم نمو
النبات ] .[Borowitzka, 1995, 12فعلى سبيل المثال في اليابان ،تستخدم الطحالب الدقيقة من ساللة
126
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
" "Chlorella Vulgarisلتحفيز التركيب الحيوي للكلوروفيل من أجل تعزيز نمو النبات [Dejoye Tanzi,
].2013, 48
–3–IIIالتغذية
بدأ االهتمام بالطحالب الدقيقة كغذاء من طرف الباحثين سنة 1940أثناء الحرب العالمية الثانية
كونها مصدر مهم للبروتينات واستمر هذا االهتمام في السنوات 1950بعد نهاية الحرب في سياق
كان يتسم بندرة الغذاء [ ،[Sialve et Steyer, 2013, 32إالّ أنها استخدمت ألول مرة في التغذية
اإلنسانية بشكل واسع في الصين سنة 2000للسماح للسكان بالبقاء على قيد الحياة إثر مجاعة
عرفتها عدة مناطق في الصين [ [Dejoye Tanzi, 2013, 46علما أن بعض أنواع الطحالب الدقيقة
يمكن أن تؤكل مثل الخض اروات ،كما يمكن استخدام العديد من الطرق للحفاظ بها أو ببقاياها وتخزينها
وللطحالب الدقيقة أو بقاياها الجافة فوائد كثيرة في النظام الغذائي عالوة على كونها تستخدم على
تبلور ( )gélifiantوكعامل استقرار ( )stabilisantمما يجعلها تتميز ب خصائص غذائية مثيرة لالهتمام
وبفضل قيمتها الغذائية الجيدة ،تستخدم أيضا في التغذية الحيوانية والتغذية البشرية كمضافات غذائية
( ،[Pulz et Gross, 2004, 640] )compléments alimentairesحيث يتم تصنيعها في أشكال مختلفة
مثل أقراص ،مسحوق ،كبسوالت...،الخ .كما تتكون للطحالب الدقيقة وبقاياها الجافة من أصباغ
) (pigementsكثيرة غالبا ما تستخدم كأصباغ طبيعية في صناعة األغذية األمر الذي يحد من
127
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
وتجدر اإلشارة إلى أن سالالت الطحالب الدقيقة األكثر استعماال في التغذية اإلنسانية هما
هي إحدى الطحالب الدقيقة األكثر إنتاجا في العالم حيث تستخدم في التغذية البشرية منذ العصور
لسكان المناطق الجافة في إفريقيا وأمريكا الوسطى كونها تحتوي على األحماض الدهنية األساسية
والكاروتينات وكذلك العديد من الفيتامينات والمعادن باإلضافة إلى حوالي %70من البروتين (من
وزنها الجاف) وهي نسبة تفوق ب 4مرات نسبة البروتين الموجود في الصويا على سبيل المثال.
تستخدم هذه الساللة من الطحالب الدقيقة بكثرة في صناعة األغذية الحيوانية والبشرية ،فعلى سبيل
المثال تستخدم عندما يوصى بتناول وجبات غذائية عالية البروتين ( ،)régimes hyperprotéiquesكما
أنها تساعد على مكافحة سوء التغذية ونقص البروتين في البلدان النامية [Dejoye Tanzi, 2013, 48-
].49
بدأ االهتمام بالطحالب الدقيقة من ساللة " "Chlorellaكغذاء في أواخر األربعينيات من القرن الماضي
عندما كان يخشى أن يؤدي اكتظاظ السكان إلى أزمة غذائية عالمية ،مما أدى إلى إجراء العديد من
البحوث في الواليات المتحدة األمريكية في تلك الفترة حول هذه الطحالب الدقيقة الغنية بالفيتامينات
واألحماض الدهنية األساسية ( )acides gras essentielsباإلضافة إلى ميزتها في إزالة السموم
( )détoxifiantesمن جسم اإلنسان ،عالوة على قدراتها في تثبيت المعادن الثقيلة [Dejoye Tanzi,
].2013, 49
128
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
–4–IIIالبيئة
التطبيقات البيئية الرئيسية للطحالب الدقيقة أو للكتلة الحيوية الطحلبية الجافة المتبقية من عملية إنتاج
الوقود الحيوي تتمثل في معالجة مياه الصرف الصحي والتقاط ثاني أكسيد الكربون.
يمكن استخدام مياه الصرف الصحي والنفايات العضوية كمغذيات للطحالب الدقيقة التي تتغذى أساسا
من اآلزوت والفوسفور الموجودان بكميات كبيرة في هذه المياه الملوثة كما أشرنا إليه سابقا .فالطحالب
الدقيقة قادرة على استيعاب العديد من العناصر الغذائية الالزمة لنموها ،وبالتالي باستطاعتها القضاء
على بعض هذه العناصر الموجودة في مياه الصرف الصحي مثل الفوسفات والنترات أو خفض
مستوياتها .وبالتالي بإمكانها إزالة السموم وإزالة التلوث من مياه الصرف الصحي .فبفضل القدرة الكبيرة
للطحالب الدقيقة على تثبيت المعادن الثقيلة ] ،[Monteiro et autres, 2009, 1هي تستخدم على نطاق
من الميزات الرئيسية للطحالب الدقيقة قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من خالل عملية
التمثيل الضوئي والذي يتم تحويله بعد ذلك إلى كتلة حيوية ،دهون ،أو منتجات طاقية كما أشرنا إليه
سابقا .ومن ثم جاءت فكرة استخدام ثاني أكسيد الكربون المنبعث من محطات الطاقة الح اررية أو
صناعة الصلب أو صناعة اإلسمنت أو صناعة البتروكيماويات أو أي قطاع آخر إلنتاج الطحالب
الدقيقة] . [Dejoye Tanzi, 2013, 55األمر الذي يسمح في الوقت نفسه بتخفيض انبعاثات غازات
االحتباس الحراري ،وإنتاج الوقود الحيوي ،وتثمين البقايا الجافة للطحالب الدقيقة من خالل إنتاج
129
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
–5–IIIالتجميل ()Cosmétologie
من بين التطبيقات المتعددة للطحالب الدقيقة في مختلف القطاعات نجد مستحضرات
( )Cosmétiqueفي تركيباتها مكونات مستمدة من الطحالب الدقيقة ] [Rastoin, 2015, 23مع اإلشارة
إلى أن الطحالب الدقيقة المستخدمة في صناعة مستحضرات التجميل هي في كثير من األحيان نفس
تلك المستخدمة في التطبيقات الغذائية ] ،[Abadli et Harkati, 2015, 8وقد أعطت العديد منها نتائج
جيدة في مجال مستحضرات التجميل ] .[Stolz et Obermayer, 2005, 6فهي تستخدم في صناعة
منتجات العناية بالشعر ( )soins capillaireوالوجه والجلد بفضل نشاطها المضاد لألكسدة
( ،)antioxydantsخاصة بالنسبة لساللتي " "Chlorellaو " "Spirulineاللتان تهيمنان على السوق
بنسبة %75من اإلنتاج العالمي ] ،[Pulz et Gross, 2004, 640حيث تسمح هاتين الساللتين بإصالح
عالمات شيخوخة الجلد بفضل البروتينات التي تحتويها .كما بإمكان ساللة " "Chlorellaبمفردها
تحفيز إنتاج الكوالجين ( )collagèneالمضادة للشيخوخة مما أدى إ لى استخدامها بكثرة في إنتاج
تحتويها في صناعة مستحضرات التجميل ] [Del Campo et autres, 2000, 52خاصة في إطار الدور
الهام الذي يلعبه التسويق في صناعة مستحضرات التجميل والذي غالبا ما يستخدم الطحالب الدقيقة
–6–IIIصناعة البالستيك
تقليديا ،يتم إنتاج البالستيك من البترول علما أنه منذ منتصف قرن العشرين عرف السوق العالمي
للبالستيك نموا مستم ار إلى أن وصل إنتاجه إلى 250مليون طن في السنة ،أي ما يعادل %8من
صت
االستهالك العالمي للبترول [ ،]Plastics Europe, 2009, 06في حين أن احتياطات البترول تقل َ
130
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
في جميع أنحاء العالم مما استلزم البحث عليه في أ ماكن دائما أبعد وأعمق وهو أمر مكلف ،ناهيك
عن اآلثار البيئية الكارثية الناتجة عن ذلك .باإلضافة إلى ذلك ،جزء كبير من هذا البالستيك يفقد في
الطبيعة ،حيث يقدر أنه ترمى مئات الكيلوغرامات من البالستيك في البحر كل ثانية ،إذ تم رمي بين
حتما إلى حبيبات مجهرية دقيقة مضرة للبيئة وللكائنات الحية؛ كل هذا دفع بالمجتمع العلمي الدولي
إلى البحث عن حلول لعدة سنوات لتصنيع بالستيك بدون النفط وغير ضار للبيئة ،وقد أسفرت
البحوث على تطوير نوع جديد من البالستيك مكون %100من الطحالب الدقيقة ،قابل للتحلل
البيولوجي بشكل كلي ،بل أ فضل من ذلك كونه يوفر المغذيات إلى التربة مع تحلله ويتداول في السوق
بـ 800يورو للطن مقابل 1000يورو للطن بالنسبة للبالستيك التقليدي المشتق من البترول [ Lucas,
–7–IIIالصيدلة
تمثل الطحالب الدقيقة والبقايا الجافة للكتلة الحيوية الطحلبية الناتجة عن إنتاج الوقود الحيوي من
والسموم ( )toxinesالتي يمكن استخدامها في تطوير أدوية جديدة .وقد أبرزت العديد من الدراسات
أهمية الطحالب الدقيقة وبقاياها الجافة في المجال الصيدالني من خالل اكتشاف جزيئات
( )moléculesطبيعية جديدة فعالة ضد سرطان الدم .وباإلضافة إلى ذلك ،تعد الطحالب الدقيقة
مصد ار لمختلف الفيتامينات ،وتستخدم المكونات النشطة ( )principes actifsالمستخرجة منها لمعالجة
،[Abadli et Harkati, 2015, 8] )laxatifخاصة فيما يتعلق بساللة " "Chlorellaالتي لها العديد من
التطبيقات الدوائية التي أعطت نتائج مثيرة لالهتمام في المختبر ضد آثار امتصاص جزيئات الجهاز
131
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
الهضمي السامة وفي تعزيز إفراز الديوكسين في األنسجة ،باإلضافة إلى الدور الكبير الذي تلعبه في
عالج األفراد المعرضين للديوكسين ] [Morita et autres, 1999, 1731وفي عالج ارتفاع ضغط الدم
والمرض السكري ،عالوة على قدراتها في عالج السرطان ].[Pugh et autres, 2001, 741
يلخص الشكل الموالي مختلف مجاالت تثمين الطحالب الدقيقة والكتلة الحيوية الطحلبية الجافة الناتجة
قمنا في هذا المبحث بعرض مختلف مجاالت تثمين الكتلة الحيوية الطحلبية الجافة الناتجة عن بقايا
عملية تحويل الطحالب الدقيقة إلى وقود حيوي ،واتضح لنا أن أهمية الطحالب الدقيقة ال تقتصر فقط
على مجال الطاقة ،بل تشمل أ يضا مجاالت متعددة يمكن من خاللها تثمين هذه الطحالب وبقاياها
الجافة كتربية األحياء المائية ،والزراعة ،والتغذية ،والبيئة ،والتجميل ،وصناعة البالستيك والصيدلة مما
يسمح بتحقيق مداخيل إضافية عن عملية إ نتاج الطحالب الدقيقة بغرض تحويلها إلى وقود حيوي
132
الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي الفصل الثالث
ويعزز ظهور مشاريع استثمارية جديدة قادرة على الدفاع عن مجموعة واسعة من المصالح ومولدة
خالصة
باعتبار أن إنتاج وتثمين الطحالب الدقيقة من ضمن القضايا االقتصادية المعاصرة ،خاصة بعد أ ن
تفاقمت مخاوف احتمالية نضوب البترول وبعد أن أظهرت األجيال األخرى من الوقود الحيوي حدودها،
سعينا في بداية هذا الفصل إلى وضع إطار مفاهيمي للطحالب الدقيقة المستعملة في إنتاج الوقود
الحيوي من الجيل الثالث واحتياجاتها المائية ،واستخلصنا أن الطحالب الدقيقة مصد ار هاما للطاقة،
حيث لديها القدرة على أن تحل محل الوقود البترولي بشكل فعال وبكفاءة عالية وتكلفة منخفضة دون
طرح مشاكل اقتصادية واجتماعية وزراعية وأخالقية على غرار األجيال األخرى من الوقود الحيوي
ودون التأثير سلبا على مصادر وحجم المياه العذبة الصالحة للشرب .قمنا بعد ذلك باستعراض
العناصر الهامة لتحديد وفهم ومناقشة أهم الخصائص المتعلقة بنظام اإلنتاج المفتوح ونظام اإلنتاج
المغلق المستعمالن في استخراج الكتلة الحيوي الطحلبية وإنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث ،
وتوصلنا إلى أن لكل منهما مزاياه وعيوبه غير أن نظام اإلنتاج المفتوح يعتبر األرخص واألنسب
إلنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث .وأخي ار ،قمنا بالبحث عن تطبيقات أخرى للبقايا الجافة
للطحالب الدقيقة المستعملة في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث الممكن من خاللها تثمين هذه
البقايا ،ووجدنا أ ن استعماالت الطحالب الدقيقة ال تقتصر فقط على مجال الطاقة الحيوية فحسب ،بل
تتعدى إلى مجاالت أخرى بفضل بقاياها الجافة كالزراعة ،والتغذية ،والبيئة ،ومستحضرات التجميل
وصناعة البالستيك والصيدلة مما يسمح بتحقيق مداخيل إضافية من مصادر مختلفة وخلق فرص
133
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
تمهيد
اعتمدت العديد من السياسات لدعم الوقود الحيوي في مختلف أنحاء العالم ،ونتج عن هذه السياسات
اختالفًا في صورة قطاع الوقود الحيوي من بلد آلخر كما سنراه في دراستنا لبعض التجارب الدولية
نظ ًار الختالف درجة الحاجة إلى إيجاد وقود بديل ونظ ار الختالف الظروف االقتصادية واالجتماعية
والسياسية والزراعية والمناخية والطاقية في هذه الدول .لذلك ،سوف يخصص هذا الفصل لدراسة
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي مع األخذ بعين االعتبار سياقية التحليل ومع العلم أيضا أنه
لن يتم اإلشارة إلى الوقود الحيوي من الجيل الثاني كون إنتاجه على الصعيد العالمي لم يتجاوز بعد
"مرحلة اإلنتاج التجريبي المخبري" وغير ممكن على مستوى صناعي واسع ألسباب تم التطرق إليها
سابقا.
لهذا الغرض ،ارتأينا أوال في هذا الفصل رسم صورة موجزة عن الوضع الراهن في الجزائر لقطاعي
المحروقات والنقل بهدف تسليط الضوء على الحاجة الملحة لتطوير وقود جديد يكون بديل للوقود
المشتق من البترول في الجزائر ،ثم ثانيا إبراز امكانات الجزائر –أو غيابها -في إنتاج الوقود الحيوي
من الجيل األول على أساس الوضع ال ارهن في الجزائر فيما يتعلق بالمحاصيل الزراعية التي تدخل في
تصنيع هذا الجيل من الوقود الحيوي ،وأخي ار مناقشة امكانات الجزائر–أو غيابها -في إنتاج الوقود
الحيوي من الجيل الثالث على أساس شروط الزم توفرها ومعوقات يجب تجاوزها قبل الشروع في
تصنيع هذا الجيل من الوقود الحيوي؛ وعلى هذا األساس سنتناول هذا الفصل من خالل التعرض إلى
135
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
تنامي الضغوط المالية على الجزائر منذ انهيار أسعار النفط العالمية سنة 2014وانخفاض اإلنتاج
البترولي الجزائري ف ي ظل اعتماد البالد بشكل شبه كامل في مداخيلها على العائدات النفطية في
تمويل مختلف أنواع النفقات العمومية االجتماعية منها واالقتصادية ،وما ترتب عن ذلك على سياسة
الدعم الحكومي التي أعيد النظر فيها من خالل الرفع الجزئي للدعم المقدم في عدد من المواد ،على
غرار الوقود ،جعل من الضروري عرض صورة موجزة على قطاع النقل وقطاع المحروقات -على وجه
الخصوص اإلمكانيات النفطية -في الجزائر ،لتسليط الضوء على العجز المسجل في الوقود المشتق
من البترول في الجزائر من جهة ،إضافة إلى تقديم سنة محتملة لذروة النفط في الجزائر والمدة
المحتملة المتبقية إلنتاج وتصدير النفط عبر سيناريو من جهة أخرى ،وهذا لتوضيح الحاجة الملحة
لخوض غمار تجربة االستثمار في وقود بديل للوقود األحفوري ،وهو الغرض من هذا المبحث ،مع
اإلشارة إلى أن التحليل يتعلق بالنفط فقط دون قطاع الغاز – رغم حتمية التطرق لهذا األخير لما يتم
عرض صورة قطاع المحروقات -كون موضوع بحثنا يخص دراسة إمكانية استبدال الوقود األحفوري
نقدم فيما يلي عرض موجز عن الوضع الذي ﺁل إليه قطاع المحروقات في الجزائر من أجل رسم
يوضح الشكل الموالي تطور إنتاج الغاز الطبيعي في الجزائر خالل الفترة .2017-1970
136
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
70
60
50
40
30
20
10
0
1970
1972
1974
1976
1978
1980
1982
1984
1986
1988
1990
1992
1994
1996
1998
2000
2002
2004
2006
2008
2010
2012
2014
2016
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات ][British Petroleum
بلغ متوسط االنتاج السنوي 46.33مليون طن مكافئ بترول بالنسبة لمجمل الفترة 2017-1970
وقدر التغير الحاصل بين العام األول واألخير بنسبة ،%3225حيث سجلت أعلى قيمة سنة 2003
( 80.7مليون طن مكافئ بترول) وأدنى قيمة سنة 2.28( 1970مليون طن مكافئ بترول).
يعكس الشكل السابق أيضا وجود فترتين متباينتين إلنتاج الغاز الطبيعي في الجزائر ،تميزت الفترة
األولى الممتدة من منتصف الستينات إلى نهاية التسعينات ومطلع األلفية الجديدة بارتفاع مستمر في
اإلنتاج الغازي نتيجة اكتشاف حقول غازية ضخمة على غرار حقول :إن صالح ( ،)1956تين فوي
[ ]Mekhelfi, 2013, 05وخاصة حقل حاسي الرمل ( )1956الذي يعتبر األكثر أهمية على المستوى
الوطني ومن أكبر الحقول الغازية على الصعيد العالمي [بلمقدم وآخرون ،]11 ،2013 ،عالوة عن قانون
المحروقات لسنة 1991المعدل والمتمم لقانون 14-86الذي فتح المجال للمؤسسات األجنبية
لالستثمار في الغاز الطبيعي في الجزائر بعدما كان حك ار على سونطراك ،وباإلضافة إلى تنامي أهمية
137
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
الغاز الطبيعي كمصدر أساسي للطاقة في السوق الدولية وارتفاع سعره في السوق مما شكل حافزا
للمستثمرين األجانب [بلمقدم وآخرون .]13 ،2013 ،في حين اتسمت الفترة الثانية الممتدة من بداية
السنوات 2000إلى سنة 2017بثبات نسبي في اإلنتاج مع تسجيل أحيانا انخفاض طفيف في هذا
اإلنتاج ،حيث يمكن تفسير ذلك بتراجع إنتاجية الحقول الغازية الرئيسية كحقل حاسي الرمل الذي مثل
إنتاجه %65من اإلنتاج الكلي للغاز الطبيعي في الجزائر سنة [ 2007بشكيط ،]34 ،2009 ،إضافة
إلى غياب اكتشاف حقول غازية رئيسية أخرى ما عدى بعض الحقول الصغيرة ،خاصة في حوض
إيليزي .وتجدر اإلشارة إلى أنه بالرغم من االنخفاض المسجل في إنتاج الغاز الطبيعي ،تبقى الجزائر
أكبر منتج له في إفريقيا ومن أكبر المنتجين على الصعيد العالمي ،حيث تحتل الجزائر المرتبة العاشرة
يوضح الشكل الموالي تطور استهالك الغاز الطبيعي في الجزائر خالل الفترة .2017-1965
30
20
10
0
1979
1985
2005
1965
1967
1969
1971
1973
1975
1977
1981
1983
1987
1989
1991
1993
1995
1997
1999
2001
2003
2007
2009
2011
2013
2015
2017
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات ][British Petroleum
138
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
بلغ متوسط االستهالك السنوي 14.98مليون طن مكافئ بترول بالنسبة لمجمل الفترة 2017-1965
وقدر التغير الحاصل بين العام األول واألخير بنسبة ،%5731حيث سجلت أعلى قيمة سنة 2017
( 40.24مليون طن مكافئ بترول) وأدنى قيمة سنة 0.69( 1965مليون طن مكافئ بترول).
ويتضح من خالل الشكل أعاله أن استهالك الغاز الطبيعي في الجزائر مر بأربع مراحل أساسية.
مرحلة أولى في الستينات تميزت بغياب سوق داخلي حقيقي كما كانت فيها جميع العقود الموقعة تحت
تأثير الجمهورية الفرنسية ويحكمها القانون الفرنسي للنفط الصحراوي الذي يهدف إلى تحقيق أقصى
ربح للجانب الفرنسي دون األخذ بعين االعتبار مصالح الجانب الجزائري واحتياجاتها االستهالكية
الغازية على الرغم من استقالل الجزائر سنة .1962مرحلة ثانية في السبعينات تميزت بارتفاع كبير
في استهالك الغاز الطبيعي بعد تأ ميم قطاع المحروقات سنة .1971مرحلة ثالثة من بداية الثمانينات
إلى بداية األلفية الجديدة تميز بتذبذب االستهالك الداخلي للغاز الطبيعي وبتراجع وثيرة نموه مقارنة مع
المرحلة السابقة وذلك بسبب االنخفاض في أسعار النفط سنة 1986الذي رافقه تراجع كبير في
االستثمارات الخاصة بأنشطة البحث والتنقيب عن النفط والغاز ،عالوة عن تراجع استهالك القطاع
الصناعي له نتيجة عدم استحداث قواعد صناعية جديدة متجسدة في مشاريع ضخمة تستعمل الغاز
كمادة أولية على خالف ما تم انجازه في سنوات السبعينات مثل مركب الحديد والصلب بجيجل الذي
يتم تغذيته بالغاز الطبيعي [بشكيط .]43 ،2009 ،مرحلة رابعة منذ بداية األلفية الثالثة إلى يومنا هذا
تميزت بارتفاع كبير ومستمر في االستهالك الداخلي للغاز الطبيعي راجع أساسا إلى معدالت النمو
الكبيرة التي عرفها االقتصاد الجزائري في هذه الفترة جراء ارتفاع اسعار النفط وما ينجم عن ذلك من
آثار إيجابية على الموظفين والمستهلكين والمؤسسات والدولة :ارتفاع مستوى المعيشة ،ارتفاع عدد
السكان ،ارتفاع مستوى األجور ،زيادة حجم االستثمار ،زيادة حجم االستهالك ،زيادة حضيرة
السيارات...الخ.
139
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
يوضح الشكل الموالي تطور احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في الجزائر خالل الفترة -1965
.2017
4000
3500
3000
2500
2000
1500
1981
1983
1985
1965
1967
1969
1971
1973
1975
1977
1979
1987
1989
1991
1993
1995
1997
1999
2001
2003
2005
2007
2009
2011
2013
2015
2017
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات ][OPEP annual statistical bulletin- 2018
][https://asb.opec.org/index.php/data-download
نالحظ من خالل تحليلنا لتطور االحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي أ ن هذه األخيرة تنقسم إلى ثالث
مراحل أساسية .مرحلة أولى من 1970إلى ،1987تميزت باالنخفاض المتواصل الحتياطيات الغاز
السبب الرئيسي في ذلك إلى قرار التأميم الكلي للغاز الطبيعي سنة 1972على عكس البترول الذي
تم تأميمه جزئيا فقط ويعطي لشركة سونطراك نسبة مشاركة قدرها %51على األقل في رأس مال
الشركات األجنبية التي تنشط في القطاع .عالوة عل ذلك ،تم تركيز أغلبية نشاطات شركة سونطراك
على الحقول البترولية وذلك على حساب الغاز الطبيعي الذي يتطلب استثمارات جد مكلفة مقارنة بتلك
الخاصة بالبترول إضافة إلى كون الغاز الطبيعي في تلك الفترة لم يكن يتسم باألهمية البالغة التي
140
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
يتمتع بها اآلن كمص در للطاقة مما أدى إلى تخفيض اكتشافات الغاز الطبيعي .مرحلة ثانية من
1988إلى ،2004اتسمت بالزيادة السريعة في احتياطات الغاز الطبيعي على خالف المرحلة
السابقة حيث انتقلت هذه االحتياطات من 3234بليون م 3سنة 1988إلى 4545بليون م 3سنة
2004ويعود ذلك إلى تزايد االهتمام بالغاز الطبيعي كمصدر للطاقة وكمادة خام لها أهمية استراتيجية
في الصناعات التحويلية وفي تنمية القطاع الصناعي حيث تم تخصيص استثمارات ضخمة في هذه
المرحلة بغرض إنشاء قاعدة صناعية متينة في مجال الغاز رغم االنخفاض المفاجئ والعنيف في
احتياطيات الغاز الطبيعي في 4504بليون م 3حسب االحصائيات الرسمية المتوفرة لدينا من مصادر
متعددة كمنظمة الدول المصدرة للبترول ( )opecوثالت أكبر شركة نفطية خاصة في العالم ( British
)Petroleumرغم إ جراء العديد من عمليات االستكشاف والتنقيب في الجزائر منذ سنة 2005سمحت
وفيما يلي شكل بياني يلخص ما تم اإلشارة إليه فيما يخص تطور حجم إنتاج الغاز الطبيعي في
الجزائر خالل الفترة 2015-2000الذي يتميز بالثبات النسبي ،وتطور حجم استهالك الغاز الطبيعي
141
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات ][British Petroleum
يتضح من هذا الشكل أن الزيادة المستمرة في الطلب الداخلي على الغاز الطبيعي في الجزائر منذ سنة
2005والثبات النسبي في حجم إنتاجه منذ نفس السنة ( 2005مع ثبات احتياطيات الغاز الطبيعي
منذ سنة 2005أيضا كما هو موضح في الشكل )43سيجعل الجزائر تتحول في مستقبل قريب من
دولة مصدرة للغاز الطبيعي إ لى دولة مستوردة له ،مما سيخلق متاعب اقتصادية مرهقة ويشير إلى
حتمية تطوير طاقات متجددة ،السيما ما يهمنا في في هذه الدراسة وهو ضرورة الشروع في تطوير
-4-1-Iإنتاج البترول
يوضح الشكل الموالي تطور إنتاج البترول في الجزائر خالل الفترة .2017-1965
142
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
80
60
40
20
1973
1985
1997
1965
1967
1969
1971
1975
1977
1979
1981
1983
1987
1989
1991
1993
1995
1999
2001
2003
2005
2007
2009
2011
2013
2015
2017
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات ][British Petroleum - 2018
بلغ متوسط اإلنتاج السنوي 56.74مليون طن بالنسبة لمجمل الفترة ِّ 2017-1965
وقدر التغير
الحاصل بين العام األول واألخير بنسبة .%142يالحظ أن إنتاج البترول في الجزائر عرف زيادة
كبيرة منذ سنة 2000وهذا راجع أساسا إلى ارتفاع الطلب العالمي على المنتجات البترولية ،إذ سجلت
أعلى قيمة في اإلنتاج سنة 86.48( 2007مليون طن) وأدنى قيمة سنة 26.48( 1965مليون
طن) .في سنة ،2016انخفض إنتاج البترول في الجزائر لتصبح هذه األخيرة تحتل المرتبة الثامنة
عشر عالميا بنسبة %1.6من اإلنتاج العالمي والثالثة أفريقيا وراء كل من نيجيريا %2.3وأنغوال
.]Statistical Review BP[ %2.0ومن أهم ما يبرز في الشكل أعاله هو االنخفاض المستمر في
اإلنتاج منذ عقد من الزمن بين 2007لما بلغ اإلنتاج دروته وسنة ،2017رغم تسجيل ارتفاع طفيف
سنة ،2015ويرجع هذا التراجع في اإلنتاج ،من جهة ،إلى استنزاف الحقل الكبير لحاسي مسعود
الذي يمثل %45من اإلنتاج الوطني ،حيث تراوح إنتاج هذه الحقل سنة 2017من 200إلى 300
ألف برميل/يوم مقابل 490ألف برميل/يوم قبل بضع سنوات [ ،]Agence Américaine Bloomberg
ومن جهة أخرى ،إلى انهيار ديناميكية الشراكة بين سوناطراك والمؤسسات البترولية األجنبية التي
143
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
فرضت عليها ضريبة إضافية جد ملزمة على أرباحها االستثنائية لما يفوق سعر البرميل 30
دوالر/برميل وذلك في إطار اجراءات ُم َك ِّملة لقانون قانون المحروقات لسنة 2005مما أدى إلى
انخفاض االستثمار الخاص في قطاع النفط ،وبالتالي انخفاض اإلنتاج [ Institut Français des
-5-1-Iاستهالك البترول
يوضح الشكل الموالي تطور استهالك البترول في الجزائر خالل الفترة .2017-1965
25
20
15
10
5
0
1979
1985
2005
1965
1967
1969
1971
1973
1975
1977
1981
1983
1987
1989
1991
1993
1995
1997
1999
2001
2003
2007
2009
2011
2013
2015
2017
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات ][British Petroleum - 2018
بلغ متوسط االستهالك السنوي 9.21مليون طن بالنسبة لمجمل الفترة 2017-1965وقدر التغير
الحاصل بين العام األول واألخير بنسبة ،%1763حيث سجلت أعلى قيمة سنة 24.04( 2017
مليون طن) وأدنى قيمة سنة 1.29( 1965مليون طن) .وأهم ما يبرز في الشكل أعاله هو حجم
االستهالك الداخلي للبترول الذي تضاعف في سبع سنوات فقط وذلك بين سنة 14.84( 2010
مليون طن) وسنة 24.04( 2017مليون طن) ،مما جعل الجزائر تحتل المرتبة الثالثة في الدول
المستهلكة للبترول في إفريقيا باستهالك ال يقل عن 412ألف برميل/يوم ،خلف كل من مصر وجنوب
144
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
أفريقيا [ .]Statistical Review of World Energy – BP, 2017ويرجع السبب لهذا االرتفاع في
االستهالك الوطني للبترول إلى الطلب المتزايد على الطاقة ،وخاصة الوقود ،نظ ًار للزيادة الكبيرة في
محليا خالل الفترة نفسها حسب تصريحات وزير الطاقة ،السيد مصطفى
عدد السيارات التي تم تسويقها ً
قيطون خالل مناقشة قانون المالية لسنة ،]TSA- 2018[ 2018حيث انتقلت حديقة السيارات الوطنية
من 4.314.607وحدة سنة 2010إلى ما يقارب 6ماليين وحدة سنة Algérie Focus- [ 2017
.]2018
يوضح الشكل الموالي تطور احتياطيات البترول المؤكدة في الجزائر خالل الفترة .2017-1965
2011
2013
1965
1967
1969
1971
1973
1975
1977
1979
1981
1983
1985
1991
1993
1995
1997
1999
2001
2003
2005
2007
2009
2015
2017
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات ][OPEP annual statistical bulletin-2018
][https://asb.opec.org/index.php/data-download
ُي ِّ
ظهر الشكل السابق التزايد الكبير في االحتياطي البترولي بعـد سـنة 1986حيث ارتفعت احتياطيات
البترول المؤكدة في الجزائر من 8800مليون برميل سنة 1986إلى 12200مليون برميل سنة
،2006أي بزيادة قدرها 3400مليون برميل تفوق نسبة %38في ظرف 20سنة ،ويرجع ذلك إلى
145
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
انفتـاح القطاع على الشراكة األجنبية بعدما َبيََّنت تجربـة السبعينات وبداية الثمانينات أن القـدرات
الوطنية ،سـواء كانت تقنية أو تسييرية أو ماليـة ،غيـر قـادرة بمفردها علـى إدارة قطاع محروقات جد
واسع ،واقتنعـت الجزائر بضرورة االنفتـاح علـى االسـتثمار األجنبـي وما يقدمه من خبـرات وكفاءات
عالمية عالية الجودة فـي هـذا المجـال .وما يلفت النظر أيضا في هذا الشكل هو ثبات احتياطيات
البترول المؤكدة في الجزائر بعد ،2012حيث استقرت هذه االحتياطيات في 12200مليون برميل.
تشير "ذروة النفط" (باإلنجليزية )Pick-Oilإلى قمة منحنى اإلنتاج لحوض نفطي أو منطقة نفطية.
وبالتالي ،تشير إلى الوقت الذي يبلغ فيه اإلنتاج النفطي ذروته قبل البدء في التراجع بسبب استنفاد
تم تطوير مفهوم "ذروة النفط" من قبل الجيوفيزيائي األمريكي " "Marion King Hubbertالذي قدم في
فيه تطور إنتاج مادة خام معينة ،خاصة البترول .في سنة ،1956لفت ""Marion King Hubbert
انتباه األمريكيين إلى أن إنتاجهم من النفط سوف يبلغ ذروته سنة 1970ثم يبدأ في التراجع بعد ذلك.
وصل اإلنتاج األمريكي إلى الذروة ثم بدأ في االنخفاض .منذ ذلك الحين ،أخذ المنحنى اسم " Courbe
"de Hubbertوالوقت الذي يصل فيه إلى ذروته يسمى " "Pic de Hubbertأو ذروة النفط " Pic
."pétrolier
146
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
160
120
80
40
0
1980 2000 2020 2040 2060
على الصعيد العالمي ،أجريت عدة دراسات للتنبؤ بذروة النفط ،إالَّ أنه من غير الممكن التأكد من مدى
صحة نتائج غالبية هذه الدراسات ألن السنوات المشار إليها فيها كسنوات محتملة لذروة النفط لن تحل
إالَّ بعد فترة الحقة لدراستنا ،في حين أن نتائج الدراسات المتبقية ثبت خطأ تنبؤاتها ألن السنوات
المشار إليها فيها كسنوات محتملة لذروة النفط تم تجاوزها غير أن اإلنتاج العالمي استمر في االرتفاع،
ومن بين أهم هذه الدراسات نجد دراسة إدارة معلومات الطاقة األمريكية ( )EIAالتي نشرت في تقريرها
السنوي المتعلق بتوقعات الطاقة ( )Annual Energy Outlookلسنة 2009أن بداية انخفاض اإلنتاج
العالمي للبترول سيكون سنة 2012لما سيبلغ اإلنتاج العالمي حوالي 87مليون برميل/يوم كحد
أقصى ،إالَّ أن اإلنتاج العالمي استمر في الزيادة بعد سنة 2012بمعدل نمو سنوي قدره %1على
غرار معدل نموه في الخمسون سنة األخيرة ووصل سنة 2016إلى 97مليون برميل/يوم [ U.S.
.]Energy Information Administrationوهكذا ،خالل الخمسون سنة األخيرة ،قامت العديد من
الدراسات باإلعالن عن سنة محتملة لذروة النفط ليتم بعد ذلك اإلعالن عن سنة أخرى بعد اجتياز
السنة المعلن عنها كسنة محتملة لذروة النفط واستمرار اإلنتاج في االرتفاع بعدها .ويمكن إرجاع
147
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
استمرار اإلنتاج في الزيادة لعدة أسباب أهمها إعادة تقييم قدرات الحقول النفطية القديمة التي هي قيد
االستغالل ،تطور تقنيات استخراج النفط ،استغالل البترول غير التقليدي (البترول الصخري ،بترول
على الصعيد الوطني ،بلغ إنتاج الجزائر من النفط بعد االستقالل ببضعة سنوات 26.48مليون طن
سنة ،1965ووصل إلى أول هضبة بحجم قدره 57.74مليون طن سنة ( 1978شكل ،)45
لينخفض بعد ذلك إلى مستوى أقل من الذي وصل إليه سنة 1978وذلك خالل كل الفترة -1979
1995مما جعل الكثير من المختصين يعتقدون -على خطأ– أنه تم اجتياز "ذروة النفط" في الجزائر
سنة 1978لما وصل حينها اإلنتاج إلى أعلى مستوى له ،غير أن اإلنتاج استأنف صعوده ووصل
إلى الهضبة الثانية سنة ( 2007شكل )45لما بلغ 86.48مليون طن ولم يزيد حجمه منذ تلك
السنة ،بل استمر في االنخفاض خالل كل الفترة 2017-2008إلى أن وصل إلى حوالي 64.5
مليون طن سنة ،2017أي نسبة انخفاض ،في 10سنوات ،تقدر بحوالي %25مقارنة مع مستوى
.2007
بافتراض أن باطن األرض في الجزائر ،وباألخص في الصحراء ،ال يزال غير مستغل بطريقة جيدة ،لم
يكتشف بالكامل وأن "ذروة النفط" التي تم اجتيازها سنة 2007ماهي في الحقيقة إالَّ هضبة تقابل فقط
االحتياطيات المؤكدة التي هي قيد االستغالل مع احتمال وجود احتياطات أخرى لم تكتشف بعد يتطلب
البحث عنها بدل جهد معتبر مع أمل أن تكون قادرة على رفع اإلنتاج على نحو مستدام إلى مستويات
لم يصل إليها هذا اإلنتاج من قبل-أكثر من مستوى إنتاج سنة .-2007ولكن إذا لم يتم الوصول إلى
نفس مستوى اإلنتاج التي تم الوصول إليه سنة 2007أو تجاوزه خالل عشرون ً
عاما (متوسط المدة
البحث المعقولة والمتفق عليها دوليا العتبار هضبة إنتاج "ذروة النفط") ،فيمكننا أن نعتبر أنه تم
148
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
تجاوز "ذروة النفط" .وهكذا ،إذا ظل اإلنتاج بحلول عام 20( 2027سنة بعد )2007أقل من هضبة
86.48مليون طن (إنتاج سنة ،)2007فيمكن القول بدرجة كبيرة جدا من الموثوقية أنه لن يتم أبدًا
الوصول بعد سنة 2027إلى مستوى إنتاج هضبة ، 2007وفي هذه الحالة يمكن التأكد أن اإلنتاج
النفطي في البالد قد وصل إلى "ذروة النفط" سنة ، 2007خاصة وأن كل االكتشافات التي حققت منذ
عقد من الزمان بينت أنها غير قادرة على رفع اإلنتاج بطريقة مستدامة .فطالما لم يتم الوصول إلى
سنويا خالل
ً هضبة سنة 2007أو تجاوزها ،يمكننا القول أن األحجام المتواضعة التي تم اكتشافها
الخمسة عشر سنة الماضية ماهي إالَّ مجرد أحجام إضافية تطلق عليها تسمية "قاع اإلناء" وأن البلد
اعتمادا على المعطيات السابقة ،ولمعرفة السنة التي تتوقف فيها الجزائر على تصدير النفط ،نقوم في
دراستنا هذه بوضع سيناريو محتمل يفترض أن هضبة سنة 2007تتوافق مع إجمالي الموارد
واالحتياطيات النفطية المؤكدة التي تزخر بها البالد وبالتالي فهي تشكل "ذروة النفط" البترول الجزائري،
حيث حتى لو كان هناك اكتشافات عرضية في اإلنتاج على المدى القصير أو المتوسط بفضل حقول
جديدة قد تكتشف بين ، 2025-2017فالوضع لن يتغير كثيرا ،خاصة وأن أغلبية الحقول الجديدة
التي يتم اكتشافها في قطاع المحروقات منذ سنوات تخص الغاز الطبيعي (آهنات ،رقان ،إسارن،
قاسي طويل ،تين هرت ،)...وبالتالي فالزيادة المحتملة في إنتاج النفط بحجم كبير وملموس ستكون
ضئيلة بحلول سنة ،2025كما أنه حتى ولو كانت هذه الحقول اإلضافية الجد محدودة من حيث
العدد تستطيع ضد كل انتظار من وقف االنخفاض المستمر في إنتاج النفط ،فسوف يكون ذلك مؤقتًا
فقط لمدة سنتين أو ثالثة على األكثر كما حدث في الفترة 2015-2014قبل أن يعود اإلنتاج إلى
االنخفاض مجددا باعتبار أن االكتشافات النفطية لم تعد قادرة على تغذية االحتياطي النفطي .وبالتالي
149
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
من المرجح أن تكون هضبة إنتاج النفط لسنة – 2025إن وجدت هضبة جديدة سنة 2025في حالة
اكتشاف حقول جديدة -ذات مستوى أقل من مستوى هضبة 2007التي سيكون من الصعب العودة
إلى مستواها ألن االكتشافات الجديدة ستولد كميات إنتاج نفطية هامشية.
من جهة أخرى ،إذا واصل االنخفاض المستمر في اإلنتاج بنفس النسبة المتراوحة بين حوالي %1و
%9.8سنويا التي تمت مالحظتها على مدى عقد من الزمان ( )2017-2007بمعدل انخفاض
سنوي قدره ( %3.95شكل ،)45ففي سنة 2025سينخفض اإلنتاج إلى حوالي 56.11مليون طن
سيوجه منه %45لالستهالك الداخلي الذي سيكون بحوالي 25.24مليون طن في نفس السنة ألن
االستهالك الوطني للنفط ارتفع بطريقة منتظمة بحوالي 1مليون طن سنويا خالل كل الفترة -2007
( 2017شكل ) 46وأن نسبة االستهالك الداخلي من اجمالي اإلنتاج الوطني لكل سنة ارتفعت
ومستمرة عكس االنتاج الوطني الذي انخفض باستمرار خالل كل هذه الفترة كما يبينه الشكل الموالي.
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات ][British Petroleum
150
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
وبالتالي سيصل االستهالك الحالي ،المقدر بحوالي 21مليون طن ( ،)2017إلى حوالي 40مليون
طن على األقل بحلول سنة – 2035تقدير محقق بفضل طريقة المربعات الصغرى اعتمادا على
معطيات استهالك فترة ( )2017-2000مع األخذ بعين االعتبار عدد السكان الذي سيكون حوالي
السنة المحتملة لوقف صادرات النفط لصالح االحتياجات الداخلية للبالد باعتبار أن اإلنتاج سيبلغ
بدوره 40مليون طن فقط بحلول سنة – 2035تقدير محقق بفضل طريقة المربعات الصغرى اعتمادا
على معطيات استهالك فترة ( .-)2017-2000اللجوء إلى الواردات سيصبح إذن حتمية ابتداءا من
الفترة 2040-2035عندما ينخفض اإلنتاج الوطني إلى مستوى أدنى من االستهالك الداخلي ويصبح
غير قادر على تغطية االحتياجات النفطية الداخلية التي سترتفع باستمرار عكس اإلنتاج الذي
سينخفض باستمرار.
استنادًا إلى هذا السيناريو وإلى مفهوم " "Hubbertالذي يفترض أن يكون شكل منحناه متناظ ار (شكل
،) 48أي أن الوقت المنقضي بين بداية اإلنتاج البترولي و"ذروة النفط" هو نفسه الوقت المنقضي بين
"ذروة النفط" ولحظة االستنفاد الكلي لالحتياطيات النفطية ،وبافتراض أن اإلنتاج البترولي في الجزائر
بدأ سنة ،1960وأن "ذروة النفط" المفترضة تم التوصل إليها سنة ،2007أي حوالي 47عامًا ،فإن
تجدر اإلشارة إلى أن المالحظات العملية على حقول النفط العالمية أظهرت في حاالت نادرة أنه إذا
كانت هناك احتياجات استهالكية محلية متزايدة باستمرار وانخفاض في حجم االكتشافات ،فإن منحنى
أقصر من ذلك المنحصر بين بداية اإلنتاج ( 1960في حالة الجزائر) وتاريخ "ذروة النفط" (2007
151
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
شهد قطاع النقل في الجزائر تحوال جذريا بفضل العدد كبير من المشاريع المنجزة أو قيد اإلنجاز من
أجل جعل هذا القطاع أكثر كفاءة وفعالية في تحقيق التنمية االقتصادية للبالد [بوختالة وآخرون،2017 ،
.]50
-1-1-2-Iالنقل البري
الطرقات هي وسيلة النقل الرئيسية في الجزائر ،حيث يقدر أنه يتم نقل %85من السلع والركاب عبر
الطرقات بفضل أسطول مزود بنسبة %93من مركبات أجنبية ،أساسا من أوروبا ،في حين يقتصر
اإلنتاج الوطني على المركبات المرافقة " "véhicules utilitairesكالشاحنات والحافالت والج اررات
152
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
الزراعية .وتبقى شبكة الطرقات الجزائرية واحدة من أكثر كثافة في القارة األفريقية بطول يبلغ
112039كم منها 29573كلم طرقات وطنية [.]Rouai & Zouzou, 2017, 57
كما تقدر شبكة السكك الحديدية في البالد بحوالي 4576كلم تعرف كهربة بعـض المقـاطع منها في
السنوات األخيرة اآلونة بالشراكة مع مؤسسات صينية لوضع قطارات عالية السرعة تربط المدن
الشمالية الرئيسية ،حيث يوجد حاليا 324كلم فقط من السكك الحديدية مكهربة في البالد [ Jeune
-2-1-2-Iالنقل الجوي
تمتلك الجزائر 35مطار ،منهم 13دولي أكبرهم مطار هواري بومدين الدولي بقدرة 6مليون مسافر،
ولديها حاليا 58طائرة مدنية لنقل المسافرين سمحت بنقل حوالي 6ماليين مسافر سنة Air [ 2015
،]Algérie, 2017كما تهدف إلى تطوير وتنويع أسطولها الجوي من خالل برنامج طموح سيسمح
للجزائر بتعزيز أسطولها ب 35طائرة جديدة لتقديم المزيد من العروض قبل سنة Algérie [ 2025
.]Focus, 2018
-3-1-2-Iالنقل البحري
تمتلك الشركة الوطنية للنقل البحري للمسافرين ( 4 )ENTMVسفن لنقل المسافرين هي الطاسيلي،
طارق بن زياد ،الجزائر واإليروس ،كما تقوم الشركة في فترات الضغط العالي للمسافرين باستئجار
سفن طوال كل فصل الصيف ،وقد قامت الشركة بنقل حوالي 379513مسافر خالل سنة 2016
[.]LeSoirdAlgerie, 2017
نقدم في الجدول الموالي تطور عدد مركبات األسطول الوطني للسيارات خالل الفترة .2016-2003
153
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
السنوات
2009 2008 2007 2006 2005 2004 2003
المركبات
4,1718 3,9 3,7 3,4022 3,211 3,1075 3,02
(مليون)
المركبات
8,6 5,6 5,4 5,12 4,81 4,51392 4,3146
(مليون)
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ] [Rouai & Zouzou, 2017, 57حسب الديوان الوطني لإلحصائيات
من البيانات المعروضة في الجدول ،نالحظ أن عدد المركبات في الجزائر في ارتفاع مستمر ،فبعدما
كانت نسبة الزيادة في األسطول الوطني للسيارات تقدر بحوالي %27.6من سنة 2003إلى سنة
،2009ارتفعت هذه النسبة إلى %106.17من سنة 2009إلى سنة ،2016وهذا ما يبينه الشكل
9
8
7
6
المركبات بالمليون
5
4
3
2
1
0
2003 2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014 2015 2016
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][Rouai & Zouzou, 2017, 57
154
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
ويمكن تفسير هذه الزيادة المستمرة في عدد المركبات بعدة عوامل كمعدالت االئتمان المنخفضة في
البنوك التجارية والعروض الترويجية القوية على الشراء وسعر الوقود المنخفض ورداءة النقل العمومي
وظهور طبقة اجتماعية متوسطة ذات قوة شرائية مقبولة ،ولكن يبقى أهم عامل هو النمو الديمغراف ي
الكبير الذي عرفته البالد خالل السنوات األخيرة كما يبينه الشكل أدناه.
40
عدد السكان /مليون
35
30
25
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات المركز الوطني لإلعالم اآللي واإلحصاء ()CNIS
155
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
يتضح من الجدول السابق أن الكميات المنتجة من البنزين بقيت ثابتة بطريقة شبه كلية خالل كل
الفترة ،2015-2008في حين لم يعرف إنتاج المازوت إالَّ ارتفاعا صغي ار يقدر بحوالي %19.22
فقط خالل نفس الفترة على عكس إنتاج وقود الطائرات الذي ارتفع بنسبة ،%78.25وهذا ما يعكسه
بطريقة أكثر وضوحا الشكل الموالي الذي يبين أن إنتاج البنزين والمازوت بقيا ثابتان نسبيا ولم يعرفا
سوى ارتفاعا محتشما في السنوات األخيرة ،في حين ارتفع إنتاج وقود الطائرات بشكل ملموس.
8000
6000 البنزين
المازوت
4000
وقود الطائرات
2000
0
2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014 2015
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات المركز الوطني لإلعالم اآللي واإلحصاء ()CNIS
156
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][Rouai & Zouzou, 2017, 59
نالحظ في هذا الشكل على أنه عكس البنزين والمازوت اللذان لم يعرف إنتاجهما ارتفاعا كبي ار خالل
الفترة ( 2014-2008شكل ،)53فإن استهالكهما عرف قفزة كمية معتبرة ،حيث انتقل استهالك
البنزين من حوالي 2000طن نفط مكافئ سنة 2006إلى أكثر من 4000طن نفط مكافئ سنة
،2014أي بزيادة تفوق نسبتها ،%100وانتقل استهالك المازوت من حوالي 3000طن نفط مكافئ
سنة 2006إلى أكثر من 9000طن نفط مكافئ سنة ،2014أي أن استهالكه تضاعف بثالث
الثبات النسبي لحجم إنتاج الوقود (أ و ارتفاعه بشكل غير ملموس) ،مع ارتفاع استهالكه بأكثر من
الضعف بالنسبة للبنزين وأكثر من ثالث أضعاف بالنسبة للمازوت جعل من استي ارد الوقود أم ار حتميا،
157
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات المركز الوطني لإلعالم اآللي واإلحصاء ()CNIS
أهم ما يمكن تسجيله من مالحظات حول الجدول نوجزها كاآلتي :استيراد الجزائر للوقود ظهر ابتداءا
من سنة ،2009وهي سنة ارتفاع االستهالك الوطني للوقود بسبب زيادة عدد مركبات األسطول
الوطني للسيارات .عرفت الكميات المستوردة من الوقود في الجزائر ارتفاعا مستم ار مع تسجيل فترة
انخفاض واحدة سنة 2014لما ارتفع سعر النفط وارتفعت معه أسعار مختلف أنواع الوقود في نفس
السنة مما أدى إلى انخفاض حجم واردات الوقود .الكميات المستوردة من البنزين أ قل من تلك
المستوردة من المازوت ،إالَّ أن الفارق بينهما تقلص تدريجيا إلى أن أصبحت الكميات المستوردة منهما
متساوية تقريبا ابتداءا من سنة .2014وقود الطائرات غير معني باالستي ارد في الجزائر وهذا راجع
أساسا إلى قلة كثافة نشاط النقل الجوي في الجزائر والراجعة أساسا الرتفاع األسعار.
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات المركز الوطني لإلعالم اآللي واإلحصاء ()CNIS
158
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على قاعدة بيانات المركز الوطني لإلعالم اآللي واإلحصاء ()CNIS
يالحظ في هذا الجدول أن الجزائر تص در وقود الطائرات بشكل منتظم وال تعاني من عجز في هذا
الوقود للسبب المذكور آنفا .كما يالحظ أن الجزائر ال تصدر أي نوع آخر من الوقود ،حيث أن
تصدير البنزين سنتي 2009و 2010رغم استيراده في نفس الفترة (جدول :الكميات المستوردة من
الوقود) راجع إلى كون االستي ارد والتصدير ألي مادة قد يتم في عدة فترات خالل نفس السنة ،بمعنى
آخر قد يتم استيراد بعض المواد بعد التصدير المؤقت لها إلى الخارج ،وهو ما يفسر وجود نفس نوع
قمنا في هذا المبحث برسم صورة عن قطاع النقل وقطاع المحروقات -على وجه الخصوص
اإلمكانيات النفطية -في الجزائر بغرض تسليط الضوء على العجز المسجل في الوقود المشتق من
البترول في الجزائر من جهة ،وعلى السنة المحتملة لذروة النفط في الجزائر والمدة المحتملة المتبقية
لتصدير وإنتاج النفط من جهة أخرى ،وهذا بغرض توضيح ضرورة االستثمار في وقود بديل للوقود
المشتق من النفط .وقد واستخلصنا من خالل السيناريو ال ُمَق َّدم أن هضبة إنتاج النفط لسنة 2007قد
159
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
تشكل "ذروة النفط" الخاصة بالبترول الجزائري الذي من المحتمل أن يصبح مستوى إنتاجه معادل
لمستوى استهالكه الداخلي سنة 2035مما يضع حدا لصادرات البالد في نفس السنة ،لتصبح الجزائر
بلدا مستوردا للنفط بعد هذه السنة .كما استخلصنا أنه على وتيرة اإلنتاج الحالية للبترول في الجزائر
في ظل االرتفاع المستمر لالستهالك الداخلي ﻭثباﺕ حجم ﺍالحتياﻁاﺕ النفطية ،فإن البترول الجزائري
تظهر هذه النتائج حتمية التفكير مليا في إيجاد بديل آخر لمداخيل البترول فحسب ،بل تسلط الضوء
أيضا على الرهان القادم للجزائر – وهذا ما يهمنا في دراستنا -المتمثل في البحث عن مصدر طاقي
بديل للوقود البترولي يسمح للجزائر بإنتاج الوقود دون االعتماد على البترول الخام على غرار ما
حققته الب ارزيل بفضل الوقود الحيوي .وفي هذا الصدد ،تطرح بطبيعة الحال عدة حلول كالطاقة
الشمسية ،الطاقة الكهربائية أو الغاز وغيرها من البدائل األخرى ،ولكن ما يهمنا في بحثنا هذا هو
دراسة مسار الوقود الحيوي الذي لم يستكشف بعد بما فيه الكفاية –حسب معرفتنا -لتسليط الضوء
على إمكانية تصنيعه في الجزائر ،وهذا ما سيتم تناوله في المبحث الثاني والثالث.
باعتبار أن الوقود الحيوي من الجيل األول ينقسم إلى اإليثانول المستخرج أساسا من فائض إنتاج
المحاصيل السكرية والنشوية وأهمها قصب السكر وبنجر السكر والحبوب (شعير ،قمح ،ذرة) ،إضافة
إلى البيوديزل (الديزل الحيوي) الذي يتم تصنيعه أساسا من فائض إنتاج المحاصيل الزيتية وأهمها زيت
الصويا ،زيت اللفت وزيت النخيل ،فإن دراسة إمكانية تصنيع الوقود الحيوي من الجيل األول في
الجزائر تتطلب دراسة وضع أهم هذه المحاصيل السكرية والنشوية والزيتية التي تدخل في تصنيع هذا
الجيل من الوقود الحيوي لمعرفة إ ن كان هناك فائض في إنتاجها يمكن استثماره في قطاع الوقود
الحيوي .وقد تعمدنا في دراستنا أوال إلى دراسة حالة الواردات الغذائية والزراعية الجزائرية إلعطاء
160
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
صورة على الوضع الراهن في الجزائر الخاص بالزراعة والتغذية كون إنتاج الوقود الحيوي من الجيل
األول ينافس اإلنسان في الغذاء وفي الزراعة كما أريناه سابقا ،ثم عملنا على تقديم الواردات الجزائرية
ألهم هذه المحاصيل السكرية والنشوية والزيتية –إن ُو ِّجدت -ألنه في حالة وجود عجز مزمن في
إنتاجها في الجزائر سنشير بطريقة مباشرة على استحالة إنتاج الوقود الحيوي بفضلها في الوضع الراهن
دون الحاجة إلى الخوض في تقديم وتحليل تطور إنتاجها واستهالكها على المستوى الوطني.
نقدم فيما يلي تطور قيم الواردات الغذائية والزراعية الجزائرية بالدوالر.
-1-1-IIالواردات الغذائية
يوضح الشكل الموالي تطور الواردات الغذائية الجزائرية خالل الفترة .2015-1980
161
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
يبرز الشكل السابق الثبات النسبي في قيمة واردات الغذاء في الجزائر من سنة 1980إلى غاية بداية
السنوات 2000حيث كانت ناذ ار ما تتجاوز 2.500.000000دوالر سنويا ،ثم ارتفاع كبير في قيمة
هذه الواردات ابتداءا من السنوات 2000مع تسجيل هضبة في هذه الواردات في بداية األزمة الغذائية
العالمية لسنة 2008أين ارتفع المستوى العام لألسعار لمختلف المواد الغذائية في األسواق الدولية.
كما يتضح من الشكل أن نسبة واردات الغذاء من مجمل واردات البلد (— %من البالد) كانت جد
مرتفعة قبل بداية السنوات 2000حيث فاقت %35في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات ،إالَّ أنها
162
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
انخفضت تدريجيا منذ بداية السنوات 2000لتصل إلى أقل من %20رغم االرتفاع الكبير المسجل
في قيمة الواردات الغذائية الجزائرية خالل هذه الفترة وهو ما يذل على ارتفاع اجمالي واردات الجزائر
منذ بداية األلفية الثالثة .ولكن أهم ما يبرز في هذا الشكل وما يهمنا في دراستنا هو أ ن الواردات
الغذائية الجزائرية جد مرتفعة حيث فاقت العشر ماليير دوالر منذ سنة ،2011أي أن الجزائر مازالت
بعيدة عن تحقيق االكتفاء الذاتي الغذائي ،مما يجعل من تحويل المواد األولية المستعملة في إنتاج
مختلف األغذية إلى وقود حيوي أم ار ال يمكن إدراجه حاليا في جدول أعمال الحكومة.
-2-1-IIالواردات الزراعية
يوضح الشكل الموالي تطور الواردات الزراعية الجزائرية خالل الفترة .2015-1980
163
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
يتضح من خالل الشكل أعاله أنه بإمكاننا االدالء بنفس المالحظات الخاص ة بالشكل السابق (شكل
-56واردات الجزائر من الغذاء خالل الفترة ،)2015-1980حيث يعكس هذا الشكل الثبات النسبي
في قيمة الواردات الزراعية في الجزائر من سنة 1980إلى غاية سنة ،2005ثم سجل ارتفاع كبير
في قيمة هذه الواردات ابتداءا بعد ذلك تزامن من البوادر األولى بداية األزمة الغذائية العالمية لسنة
2008أين ارتفع المستوى العام لألسعار لمختلف المواد األولية الزراعية في األسواق الدولية .كما
يتضح من الشكل أيضا أن نسبة الواردات الزراعية من مجمل واردات البلد (— %من البالد) كانت جد
مرتفعة قبل بداية السنوات 2000حيث فاقت %40في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات ،إالَّ أنها
انخفضت تدريجيا منذ بداية السنوات 2000لتصل إلى حوالي %20سنة 2015رغم االرتفاع الكبير
المسجل في قيمة الواردات الزراعية الجزائرية خالل هذه الفترة وهو ما يذل على ارتفاع اجمالي واردات
الجزائر منذ بداية األلفية الثالثة .وأهم ما يبرز في هذا الشكل وما يهمنا في دراستنا هو أ ن الواردات
الزراعية الجزائرية جد مرتفعة ،حيث فاقت بكثير العشر ماليير دوالر منذ سنة ،2011بمعنى آخر
فإن الجزائر ال تستطيع الخوض في تجربة إنتاج الوقود الحيوي بفضل مختلف المحاصيل الزراعية
كونها دولة مستوردة لها وبعيدة عن تحقيق فائض في إنتاجها يسمح لها بتصنيع الوقود الحيوي.
-2-IIالمحاصيل النشوية
نقدم فيما يلي الواردات الجزائرية لألهم المحاصيل النشوية التي تدخل في إنتاج الوقود الحيوي على
164
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
القيمة الكميات القيمة الكميات القيمة الكميات القيمة الكميات القيمة الكميات السنوات
مليون طن مليون طن مليون طن مليون طن مليون طن
USD USD USD USD USD
3542,4 12295012 975,5 4107867 196,4 770222 1587 5438502 783,5 1978421 2014
3431 13672346 871, 6 4167109 164,5 750025 1612 6741393 782,9 1763454 2015
2 711 13220157 768 4115338 153,3 879213 1240 6430008 549,2 1795596 2016
%23.5- %7.5+ %21.3- %0.2- %21.9- %14.2+ %21.9- %18.2+ %29.9- %9.2-
التغيرات
)(2016-2014
االتجاه
ما يمكن مالحظته عند قراءتنا لهذا الجدول هو انخفاض فاتورة الواردات من الحبوب (القمح والذرة
والشعير) بأكثر من 831.4-( %23.5مليون دوالر) سنة 2016مقارنة بسنة ،2014ولكن مع
تسجيل زيادة من حيث الكميات قدرها 925145+( %7.5طن) .ويمكن تفسير هذا الوضع
بانخفاض أسعار الحبوب [ ]FAO, 2016في األسواق العالمية منذ سنة 2014بفضل المخزونات
الوفيرة للحبوب والحصاد الجيد المحقق في مختلف أنحاء العالم ،السيما في الهند ،الواليات المتحدة
األمريكية وروسيا ،مما أدى إ لى انخفاض واردات الحبوب في الجزائر من حيث القيمة رغم زيادة هذه
الواردات من حيث الكمية ،مما يبقي الجزائر من أ كبر الدول المستوردة للحبوب في العالم ،إذ تحتل
الجزائر المرتبة الثالثة عالميا في قائمة أكبر الدول المستوردة للحبوب [ Département américain de
165
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
( ،]l’agriculture )USDAويجعل من إنتاج الوقود الحيوي في الجزائر بفضل المحاصيل النشوية أمرا
غير واقعيا كون الجزائر تعاني عجز في هذه المحاصيل وبالتالي فاألولوية الستخدامها تكون في
التغذية اإلنسانية عوض استخدمها ألغراض طاقية .وفيما يلي شكل يبين هذا الوضع بأكثر وضوحا.
49%
31%
بالقيمة
6%
20%
46%
28%
يتضح من الشكل أعاله أن الجزائر تعاني عج از في القمح اللين على وجه الخصوص الذي يمثل
%49من إجمالي الواردات بالكمية و %46من إجمالي الواردات بالقيمة ،متبوعا بالذرة (من أهم
وأنسب المحاصيل النشوية المستعملة في إنتاج الوقود الحيوي نظ ار لخصائصها واألكثر استعماال في
166
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
الواليات المتحدة األمريكية لهذا الغرض) الذي يمثل %31من إجمالي الواردات بالكمية %28من
-3-IIالمحاصيل الزيتية
يقدر استهالك الزيوت النباتية في الجزائر بحوالي 12كغ/شخص ،ويبلغ حجم السوق المحلية للزيوت
النباتية حوالي 430.000طن يمثل فيها زيت الصويا لوحده حوالي %50كونه الزيت األساسي
المكون للزيوت الغذائية العادية .وباستثناء زيت الزيتون -الغير مستعمل في إنتاج الوقود الحيوي في
العالم كون تحويله إ لى وقود يمر بمراحل عديدة ويتطلب عمل كبير يجعل من تكلفة إنتاج الوقود
الحيوي بفضله جد مرتفعة [ ،- ]Taylor, 2015, 2فإن كل الزيوت األخرى مستوردة [ Belaid, 2015,
،]4حيث ارتفعت فاتورة استيراد الزيوت النباتية في الجزائر إلى 579.4مليون دوالر سنة 2016
بعدما كانت 521مليون دوالر سنة .2015أما بالنسبة للكميات المستوردة ،فقد ارتفعت أيضا إلى
761.528طن سنة 2016مقابل 688،540طن سنة .2015وهكذا ،ارتفع فاتورة االستي ارد في
سنة واحدة بنسبة %11.22في حين زادت الكميات المستوردة بنسبة .]CNIS-2017[ 10.6%
وفيما يلي الواردات الجزائرية ألهم المحاصيل الزيتية التي تدخل في إنتاج الوقود الحيوي على الصعيد
-1-3-IIزيت النخيل
يبين الجدول الموالي تطور واردات زيت النخيل في الجزائر بالدوالر خالل الفترة .2013-2000
والجدير بالذكر هنا أن زيت النخيل يشير إلى ذلك الزيت النباتي المستخرج من فاكهة نخيل الزيت -
شجرة من إ فريقيا االستوائية -وليس زيت نخيل التمور الموجودة في الجزائر .يستخدم زيت النخيل
بنسبة %80في الص ناعة الغذائية في حين يوجه الباقي لصناعات متعددة أهمها الصابون ،الشموع،
167
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
استهالكا في العالم
ً مستحضرات التجميل والوقود الحيوي ،مما جعل منه أكثر أنواع الزيوت النباتية
يتضح من خالل الشكل أعاله أن الواردات الجزائرية من زيت النخيل سنة 2000كانت منخفضة
نسبيا حيث كانت تقدر بحوالي 10.5مليون دوالر ،غير أنها عرفت بعد ذلك ارتفاع كبير إلى درجة
تضاعف حجمها بحوالي 10مرات سنة 2013مقارنة بحجم بسنة .2000ويمكن تفسير هذا الوضع
بتطور الص ناعات التي يدخل في إنتاجها زيت النخيل في الجزائر وارتفاع حجم استهالك منتجات هذه
الصناعات كمختلف مستحضرات التجميل .كما تم تسجيل حالة شاذة سنة 2008أين بلغ حجم
واردات زيت النخيل مستويات قياسية (من حيث القيمة) يمكن تفسيرها بارتفاع سعر زيت النخيل في
السوق العالمي نتيجة األزمة الغذائية العالمية لسنة 2008أين ارتفعت فيها أسعار المواد األولية
الزراعية إضافة إلى ارتفاع حجم إنتاج الوقود الحيوي في نفس السنة (شكل 16فصل )02علما زيت
168
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
النخيل من بين المواد األولية الزراعية المستخدمة في هذا اإلنتاج مما قلل من عرضها في السوق،
وأخي ار االرتفاع الكبير المسجل في سعر النفط سنة ( 2008شكل 17فصل .)02
من العرض السابق نستنتج أنه رغم تذبذب القيم المستوردة زيت النخيل في الجزائر إالَّ أنها االتجاه
العام لها متزايد مما يشير إلى استحالة استخدام زيت النخيل إلنتاج الوقود الحيوي في الجزائر كون
-2-3-IIزيت اللفت
الجدول التالي يبين تطور واردات زيت اللفت في الجزائر بالدوالر خالل الفترة .2013-2000
نالحظ من الجدول أعاله أن واردات زيت اللفت عرفت تطو ار غير منتظما ،فبعدما ارتفعت إلى مستوى
قياسي سنة ،2002انخفضت أربع سنوات فقط بعد ذلك سنة 2006لتصبح منعدمة تماما ،ثم
ارتفعت مجددا إلى مستوى عالي نسبيا سنة 2011لتنخفض مجددا إلى مستوى الصفر سنة واحدة بعد
169
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
ذلك في ،2012وهذا يذل على عدم وجود خارطة طريق في االستيراد وغياب سياسة زراعية رشيدة
في الجزائر.
تجدر اإلشارة إلى إن زراعة اللفت غير معروفة في الجزائر رغم العجز في الزيوت النباتية الذي تسجله
البالد ورغم أن المناخ في الجزائر مالئما لها لدرجة أننا نجد في عدة أماكن من البالد محصول
"الخردل البري" الذي يعتبر من نفس عائلة اللفت [.]Belaid, 2015, 6
من العرض السابق نستنتج أنه رغم انخفاض القيم المستوردة من زيت اللفت في الجزائر خالل السنوات
األخيرة إالَّ أن الغياب شبه التام لزراعة اللفت في الجزائر تجعل من إنتاج الوقود الحيوي في الجزائر
على نطاق صناعي واسع بفضل زيتها أم ار مستبعدا ألسباب تتعلق بتموين المصانع بشكل مستمر
بالمادة األولية.
الجدول الموالي يبين تطور واردات زيت عباد الشمس في الجزائر بالدوالر خالل الفترة -2000
.2013
170
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
تمثل واردات زيت عباد الشمس في الجزائر %13من إ جمالي واردات الزيوت في الجزائر وتحتل
المرتبة الثانية بعد زيت الصويا [ ،]Belaid, 2015, 4وعلى غرار واردات زيت اللفت التي عرفت تطو ار
غير منتظما ،نالحظ من خالل الشكل السابق أن واردات زيت عباد الشمس خالل الفترة - 2000
2013عرفت بدورها تذبذبات معتبرة في القيم المستوردة التي كانت جد متباينة من سنة ألخرى ،فعلى
سبيل المثال سجل تباين كبير بين أدنى قيمة سنة 46599000( 2006دوالر) وأعلى قيمة سنة
223131000( 2012دوالر) ،أو بين قيمة سنة ( 2012أعلى قيمة) وقيمة السنة الموالية 2013
التي كانت فيها قيمة الواردات من أدنى القيم خالل كل الفترة 2013-2000مما يشير إلى أن
الكميات المستوردة من زيت عباد الشمس ال تستجيب ألي منطق اقتصادي ويجعل من استخدام هذا
الزيت إلنتاج الوقود الحيوي في الجزائر أم ار مستبعدا ،خاصة وأ ن زراعة عباد الشمس شبه منعدمة في
الجزائر.
171
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
-4-3-IIالصويا
يبين الجدول الموالي تطور واردات الصويا (محصول زيتي) في الجزائر بالدوالر خالل الفترة -2000
.2014
2008
2009
2010
2011
2012
2013
2014
200 2013
300 2014
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على
][Perspectives Agricoles de l’OCDE et de la FAO 2016-2025
تمثل واردات زيت الصويا في الجزائر %49من إ جمالي واردات الزيوت في الجزائر وتحتل من بعيد
المرتبة األولى مقارنة مع باقي الزيوت المستوردة في البالد [ .]Belaid, 2015, 4وكما يعكسه الشكل
أعاله ،مرت واردات الصويا في الجزائر خالل الفترة 2014-2000بثالث مراحل أساسية :مرحلة
أولى ( )2002-2000كانت فيها هذه الواردات شبه منعدمة ،ثم مرحلة ثانية ()2008-2003
تميزت بارتفاع نسبي في هذه الواردات مع استقرارها عند مستوى معين (حوالي 44ألف طن) مدة
خمسة سنوات ،وأخي ار مرحلة ثالثة ( )2014-2009تميزت بارتفاع كبير في هذه الواردات إلى غاية
بلوغها 300ألف طن سنة .2014ويمكن تفسير االرتفاع األخير في الواردات إلى تخفيض الرسوم
172
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
الجمركية وضريبة القيمة المضافة على بعض المنتجات المستوردة سنة ،2008ومنها الصويا بهدف
تشجيع إنتاج زيت المائدة المنتج أساسا من زيت الصويا –خاصة في مجمع ،- Cevitalوذلك بعدما
ارتفع سعر زيت الصويا في السوق الدولية سنة 2007من 605.26دوالر إلى 1035دوالر للطن
الواحد ،أي بزيادة قدرها أكثر من APA News - L’huile et la question du monopole, [ %98
.]2008
من العرض السابق نستنتج أن االتجاه العام للكميات المستوردة من الصويا هو متزايد مما يشير إلى
استحالة استخدام زيت الصويا إلنتاج الوقود الحيوي في الجزائر كون الصويا مستوردة من جهة ،وزيتها
-4-IIالمحاصيل السكرية
غني عن القول أن قصب السكر والبنجر السكري (المحاصيل السكرية المستخدمة إلنتاج الوقود
الحيوي على الصعيد العالمي ) غير منتجة في الجزائر -يوجد اختالف بين البنجر السكري ( betterave
الحيوي ،-وبالتالي سوف يتم اإلشارة فقط إلى منتوج سكري لم يستعمل إلى حد اآلن في إنتاج الوقود
الحيوي على مستوى صناعي واسع في العالم وتزخر الجزائر بامكانات كبيرة فيه قد تسمح لها
باستخدامه في إنتاج الوقود الحيوي شرط توفر اإلرادة السياسية ،وهو التمور .وعليه سنقدم فيما يلي
-1-4-IIإنتاج التمور
تحتل زراعة النخيل في الجزائر حوالي %2من المساحة الكلية للبالد [ Observatoire National des
وتغطي 17والية لعدد من أشجار النخيل يفوق 18.6مليون نخلة تعطي إنتاج يقدر بحوالي 990
173
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
ألف طن من التمور لكل األصناف [وزارة الفالحة والتنمية الريفية .]2015-في سنة ،2015تم تسجيل
حوالي 20شركة تنشط في ميدان تحويل وتثمين التمور وبقاياها لتصنيع مختلف المنتجات (سكر
التمر ،العسل ،التمور المملوءة ،الخل ،طحين التمر ،قهوة التمر...،الخ) ،في حين ارتفع هذا العدد إلى
أكثر من 80شركة سنة 2017في واليات مختلفة من البالد [وزارة التجارة الجزائرية .]2017 -تأتي
بسكرة على أرس الواليات األكثر إنتاجا للتمور بإنتاج قدره 4077900قنطار موزع على %27.4من
المساحة اإلجمالية ،كما تمتلك الوالية %23.1من مجموع أشجار النخيل و %41.2من مجموع
اإلنتاج الوطني للتمور ،تليها والية الوادي بإنتاج قدره 2474000قنطار موزع على %22من
المساحة اإلجمالية ،كما تمتلك الوالية %22.4من مجموع أشجار النخيل و %25من مجموع اإلنتاج
الوطني للتمور .هذه األرقام تجعل من واليتي بسكرة والوادي تستحوذان لوحدهما على ثلثي اإلنتاج
الوطني للتمور [وزارة الفالحة والتنمية الريفية .]2015-وفيما يلي جدول يبين ترتيب الواليات األكثر إنتاجا
للتمور في الجزائر.
174
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر :من إعداد البحث اعتمادا على معطيات الطبعة الثالثة الصالون الدولي للتمور ببسكرة.2017 ،
وقد عرف إجمالي إ نتاج التمور في الجزائر ارتفاعا مستم ار منذ عد سنوات كما يبينه الشكل الموالي،
حيث ارتفع هذا اإلنتاج من حوالي 600.000طن سنة 2010إلى 990ألف سنة ( 2015كما
مبين في الجدول أعاله) ثم إلى أكثر من مليون طن سنة 2017وجهت منها %3لالستيراد [وكالة
األنباء الجزائرية ،]2018 -مما جعل الجزائر تحتل المرتبة الرابعة في قائمة ترتيب أكبر الدول المنتجة
للتمور بنسبة %14من اإلنتاج العالمي وراء كل من مصر ،إيران والمملكة العربية السعودية [وزارة
175
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
من الضروري اإلشارة إلى أنه توجد أصناف مختلفة من التمور ذات جودة متباينة وذلك إلبراز تلك
التي لها قيمة سوقية تجارية كبيرة ،أي التي من األفضل تصديرها عوض استخدامها ألغراض أخرى
كإنتاج الوقود الحيوي أو كأغذية للحيوانات ،حيث يستحسن استعمال أصناف التمور رديئة النوعية ،أ و
والدولي [وزارة التجارة الجزائرية ،]2017 -ومن أهمها من الناحية التجارية نجد :دقلة نور ،الغرس ،دقلة
بيضاء أو قرباعي ،تافزوين .هذا يعني أنه بإمكان تثمين أكثر من 300صنف من التمور باستعمالهم
ألغراض متعددة وجعلهم الركيزة األ ساسية إلنتاج العديد من المواد ذات القيمة المضافة العالية ،على
وفيما يلي جدول يبين حجم إنتاج األصناف ذات األهمية التجارية.
176
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على معطيات الطبعة الثالثة الصالون الدولي للتمور ببسكرة.2017 ،
صنف "دقلة نور" لوحده يمثل بنسبة %53من إجمالي إنتاج التمور في الجزائر سنة %51 ،2015
منه منتج في بسكرة %31 ،في الوادي و %13في ورقلة [ Observatoire National des Filières
-3-4-IIصادرات التمور
حجم التمور الموجهة للتصدير في تزايد مستمر ،حيث فاق هذا الحجم ما يقارب 21000طن سنة
التجارة الجزائرية ،]2017 -وهي تعتبر صاد ارت ضئيلة مقارنة باإلمكانات الحالية للبالد .وفيما يلي شكل
177
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
7%
8%
فرنسا
النيجر
43%
روسيا
25% االمارات
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على معطيات الغرفة الوطنية للتجارة والصناعة.2017 ،
والمالحظة الهامة المستخلصة من هذا الشكل هي قلة تنوع عمالء الجزائر فيما يخص صادرات التمور
الجزائرية ،حيث صدرت الجزائر التمور سنة 2017ألكثر من 50دولة 13 ،منها مثلت %97من
إجمالي الصادرات ،بينما في باقي الدول كان متوسط الكمية المصدرة 100طن فقط [الغرفة الوطنية
من العرض السابق لحالة المحاصيل السكرية في الجزائر ،يمكن استخالص أنه على غرار البرازيل
مثال التي طورت برن امج صناعي إلنتاج اإليثانول من قصب السكر ،فالجزائر لديها إمكانات كبيرة في
إنتاج التمور قد تمكنها بدورها من إطالق مثل هذا البرنامج بفضل هذه التمور وبقاياها الغير مستهلكة
علما أنه من 30إلى %50من إنتاج التمور في الجزائر يتكون من بقايا ذات قيمة سوقية منخفضة
[ ]Kaidi & Touzi, 2001, 1ولكن ذات محتوى عالي من السكر ،عالوة عن إمكانية تخزينها لفترة
طويلة.
تجدر اإلشارة إلى أنه بعد خمس سنوات من البحوث ،خططت الشركة اإلماراتية-الجزائرية " Oasis
"Ltdإلنتاج اإل يثانول في الجزائر بفضل فائض إنتاج التمور (خاصة الرديئة منها) ،والتمور التالفة
178
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
من خالل وحدتها اإلنتاجية الجزائرية " "Nakhoilالمتخصصة في التكنولوجية الحيوية ،حيث قامت
هذه الشركة بإعداد أكبر مشروع لها بغالف مالي قدره 30مليون دوالر موجه إلنشاء مصنع إلنتاج
الوقود الحيوي في منطقة أوميتشي بالقرب من بسكرة أين كانت ستقوم الشركة بغرس اآلالف من
أشجار النخيل بهدف زيادة مساحة االستغالل في هذه المنطقة شبه القاحلة لتفادي التعدي على
األراضي الخصبة في شمال البالد المخصصة للحبوب ،غير أن و ازرة الطاقة والمناجم ،وفي مراسلة
وجهتها للشركة ،رفضت مشروع إنشاء مصنع للوقود الحيوي بالجزائر بحجة أن الحكومة هي من تتولى
مهمة تطوير الطاقات المتجددة في الجزائر وليس الخواص ،وهو األمر الذي يطرح مشكلة اإلرادة
قمنا في هذا المبحث بدراسة القدرات التي تتوفر عليها الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل
األول على نطاق وطني واسع من خالل دراسة الواردات الغذائية والزراعية في الجزائر ،إضافة إلى
دراسة وضع أهم المحاص يل السكرية والنشوية والزيتية في الجزائر التي تدخل في تصنيع هذا الجيل
من الوقود الحيوي ،واستخلصنا أن استعمال المواد األولية الزراعية في إنتاج الوقود الحيوي في الجزائر
عوض إنتاج مختلف األغذية أم ار مستحيال وغير واقعيا من الناحية االقتصادية فحسب ،بل أيضا من
الناحية األخالقية كون الجزائر التزال بعيدة عن تحقيق االكتفاء الذاتي الغذائي واألولوية هي للتغذية
اإلنسانية .بمعنى آخر ،من غير الممكن للجزائر حاليا الخوض في تجربة إنتاج الوقود الحيوي من
الجيل األول كونها بعيدة عن تحقيق فائض في إنتاج مختلف المواد األولية الزراعية التي تدخل في
هذا اإلنتاج ،بل هي مستوردة لغالبيتها ،مما يجعل من تحويلها إلى قطاع الوقود الحيوي أم ار مستبعدا
تماما ،باستثناء التمور التي تزخر الجزائر بإمكانات كبيرة فيها ،والممكن استخدام نفاياتها أو أصنافها
179
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
بتخفيض استهالك الوقود البترولي في الجزائر من خالل مزج اإليثانول في البنزين بنسبة تترواح بين
دراسة إمكانية تحقيق إنتاج صناعي ومستدام للوقود الحيوي من الجيل الثالث في الجزائر يعني
بالضرورة دراسة إمكانات إنتاج الطحالب الدقيقة في الجزائر ،ألن أول وأهم خطوة في تصنيع الوقود
الحيوي من الجيل الثالث تتمثل في إنتاج الطحالب الدقيقة الستخراج منها الزيوت التي تحول إلى وقود
حيوي بفضل عملية تكرير بسيطة (على غرار عملية تكرير البترول للحصول على وقود أحفوري)
لكنها تستغرق أقل من ساعة فيما يخص زيت الطحالب الدقيقة كما تم اإلشارة إليه سابقا؛ غير أن
التجارب الدولية بينت أنه يجب تجاوز الكثير من العقبات المناخية والبيولوجية والتقنية قبل التفكير في
إنتاج الطحالب الدقيقة على نطاق واسع واستخراج الوقود الحيوي منها .لذلك ،وجب علينا في بداية
هذا القسم أن نقوم بعرض ما وضعته وكالة الطاقة الدولية – استنادا على مختلف التجارب الدولية -
من شروط الزم توفرها ومعوقات مناخية وبيولوجية وتقنية يجب تجاوزها إلنتاج الطحالب الدقيقة على
نطاق واسع ،ثم نناقش على أساس هذه الشروط والمعوقات اإلمكانات الحقيقية إلنتاج الطحالب الدقيقة
في الجزائر على مستوى صناعي واسع قبل التفكير في تحويلها إلى وقود حيوي ،وأخي ار نستعرض
ملخص ألهم النتائج المتحصل عليها بغرض تحديد المناطق الجغرافية الجزائرية األكثر تالئما إلنتاج
-1-IIIالظروف المناخية
تلعب درجة الح اررة وسطوع الشمس دو ار أساسيا في إنتاج الطحالب الدقيقة كما رأيناه في األقسام
السابقة .وبالتالي فإن المناخ يعتبر من العوامل الرئيسية التي يجب أخدها بعين االعتبار لمعرفة إذا
كان بإمكان الجزائر التوجه نحو هذا اإلنتاج على مستوى صناعي واسع .وقد أشارت مختلف التجارب
180
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
الدولية والدراسات التي اهتمت بنمو الطحالب الدقيقة في مختلف درجات الح اررة إلى أ ن معدل نمو
الطحالب الدقيقة يرتفع كلما ارتفعت درجة الح اررة إلى أن يصل هذا المعدل إلى حده األقصى عند
درجة ح اررة معينة ،ليبدأ بعد ذلك في االنخفاض إ ذا استمرت درجة الح اررة في االرتفاع وذلك بسبب
عدة عوامل أهمها ارتفاع معدالت تبخر الماء .وقد أشارت مختلف األدبيات إلى أن الحد األدنى لدرجة
الح اررة الضروري لنمو الطحالب الدقيقة مهما كانت ساللتها أو نوعها هو 15درجة مئوية ،بينما
يختلف الحد األقصى لدرجة الح اررة من ساللة إلى أخرى إالَّ أنه عموما هو في حدود 35درجة مئوية
لكل األنواع والسالالت .فعلى سبيل المثال ،يعتبر الحد األقصى لنمو الطحالب الدقيقة من ساللة
" "Chlorella Vulgarisهو 30درجة مئوية [ ،]Cassidy, 2011, 6إذ تحقق هذه الساللة معدل النمو
وعليه فإن المناطق الجغرافية التي يفوق متوسط درجات الح اررة فيها 15درجة مئوية هي الوحيدة
المستوفية لشروط اإلنتاج ] [Wang, 2013, 15شرط أن ال يفوق هذا المتوسط 35درجة مئوية ،وهي
181
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر:
][ArcGIS Online plateforme cartographique complète basée sur le cloud, 2017
يتضح من خالل هذا الشكل أنه ماعدا أقصى جنوب الصحراء وجنوب-غربها (الموضحين باللون
األحمر) اللذان يتميزان بدرجات الح اررة جد مرتفعة تفوق 30درجة مئوية ،باإلضافة إلى الهضاب
العليا والمناطق الجبلية في سلسلة األطلس وجبال األوراس (الموضحين باللون األصفر) أين المعدل
السنوي لدرجات الح اررة فيهم يقل عن 15درجة مئوية ،فإن أغلبية مناطق التراب الجزائري تستجيب
لمعيار الظروف المناخية الضرورية إلنتاج الطحالب الدقيقة ،أي أنها تتوفر على درجة ح اررة تتراوح
عموما بين 15و 30درجة مئوية ،خاصة تلك المتعلقة بنمو الطحالب الدقيقة من ساللة " Chlorella
"Vulgarisالتي تحقق معدلها األمثل للنمو عند درجة ح اررة تتراوح بين 30-25درجة مئوية كما أشرنا
إليه من قبل .ولكن من الجذير بالذكر أ ن درجات الح اررة المشار إليها في هذا الشكل هي معدالت
182
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
سنوية ،مما يعني أن إنتاجية ا لطحالب الدقيقة تختلف باختالف درجات الح اررة في الليل والنهار
وباختالف المواسم.
-2-IIIالموارد المائية
إنتاج الطحالب الدقيقة يتطلب استعمال كميات كبيرة من المياه المشبعة بالمواد المغذية الضرورية لنمو
هذه الطحالب كما أشرنا إليه في األقسام السابقة ،كالبوتاسيوم والفوسفور وخاصة اآلزوت ،وكما أشرنا
إليه أيضا ،تعتبر مياه الصرف الصحي هي األكثر تالئما إلنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار الحتوائها على
تركيزات كبيرة من هذه المواد المغذية ،خاصة مياه الصرف الصحي البلدي بسبب التركيزات العالية
لآلزوت فيها علما أن هذا األخير قد يمثل إلى %10من تركيبة الطحالب الدقيقة [ Sialvo et Steyer,
.]2013, 31وعليه نقدم في الشكل الموالي خريطة مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة في الجزائر
التي تحتوي على تركيزات المواد المغذية المستعملة في إنتاج الطحالب الدقيقة.
183
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
-المناطق الجزائرية التي تستجيب لمعيار توافر مياه الصرف الصحي أو المياه الملوثة الضرورية
-تتوافق المناطق الساحلية الشمالية التي تتوفر على تركيزات مهمة من المواد المغذية مع تلك التي
تتوفر على مناخ معتدل يدل على وجود كثافة سكانية عالية كما سنراه الحقا ووجود أنشطة اقتصادية
كثيفة تنتج عنهما كميات معتبرة من مياه الصرف الصحي أ و بصفة عامة مياه ملوثة غنية بالمواد
184
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
-تتوافق المناطق الوسط-شرقية مع تلك التي تتوفر على مناخ شبه جاف ولكن مع وجود أنشطة
اقتصادية كثيفة بسبب وجود حقول النفط والغاز (شكل )63باإلضافة وجود كثافة سكانية مقبولة نسبيا
(شكل ،)66وبالتالي التوافر النسبي لمياه الصرف الصحي أ و بصفة عامة مياه ملوثة غنية بالمواد
-تتوافق المناطق الجزائرية التي تستجيب لمعيار توافر المواد المغذية الضرورية إلنتاج الطحالب
الدقيقة (المناطق الشمالية الساحلية والمناطق الوسط-شرقية) مع تلك التي تتوفر على كميات كبيرة من
المياه األخرى العذبة أو المالحة الممكن استعمالها إلنتاج الطحالب الدقيقة :مياه البحر األبيض
المتوسط بالنسبة للمناطق الشمالية الساحلية ،والمياه الجوفية بالنسبة للمناطق الوسط-شرقية (شكل
• استخدام مياه البحر ال مالحة يستوجب استسزراع طحالب دقيقة خاصة بهذه المياه ،أحسنها وأكثرها
إنتاجا طحالب ساللة ""Dunaliella Salina؛ بينما استخدام مياه عذبة جوفية يستوجب استسزراع
طحالب دقيقة خاصة بهذه المياه ،أحسنها وأكثرها إنتاجا طحالب ساللة ""Chlorella Vulgaris
][Besson, 2013, 20؛ علما بأن لكل نوع من أنواع الطحالب الدقيقة مزاياه وعيوبه ،ويكون أكثر
• استخدام مياه البحر المالحة أ و المياه الجوفية العذبة قد يستوجب إ ضافة بعض المواد المغذية
كاآلزوت والبوتاسيوم والفوسفور إذا كانت تفتقر إليها هذه المياه عكس مياه الصرف الصحي ،مما قد
185
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر:
][http://www.geolinks.fr/geopolitique/maghreb/algerie/algerie-2/
المصدر:
][http://www.geolinks.fr/geopolitique/maghreb/algerie/algerie-2/
186
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
-3-IIIالقيود التقنية
إنتاج الطحالب الدقيقة يتطلب إ نشاء تجهيزات صناعية عمالقة كالمفاعالت الحيوية المغلقة أو خاصة
األحواض الخارجية المفتوحة كما تم اإلشارة إ ليه في األقسام السابقة ،مما يخلق قيود تقنية يجب
يجب إنشاء تجهيزات صناعية تسمح بإنتاج الطحالب الدقيقة في مناطق غير جبلية ،حيث يفترض أن
المناطق التي يقع علوها على أقل من 500م تستجيب لهذا الشرط [ Alboussière & autres, 2009,
،]28كما تعتبر األراضي التي لها ميل ال يزيد عن [Wang, 2013, 16] %5هي االختيار األمثل
إلنشاء هذه التجهيزات الصناعية ،خاصة فيما يخص األحواض الخارجية المفتوحة ( .)Racewayفعلى
علو يفوق 500م أو ميل يفوق ،%5ترتفع درجة تعقيد الهياكل اإلنتاجية وترتفع معها تكلفة اإلنتاج
بشكل ملموس .ويبين الشكل الموالي باللون األخضر كل المناطق الجزائرية التي يقع علوها على أقل
187
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر:
][http://www.carte-algerie.com/carte-topographique-algerie.html
يالحظ من خالل هذا الشكل وجود مناطق على السواحل الشمالية تطل على البحر المتوسط تستجيب
لشرط توافر أراضي مسطحة رغم أنها ضيقة بسبب امتداد جبال األطلس وتحتوي على كثافة سكانية
كبيرة كما سنراه مما يجعل من توفر األراضي فيه أم ار صعبا .كما توجد مناطق أخرى جنوب-شرق
مرتفعات األطلس والهضاب العليا وأقصى الجنوب تستجيب بدورها نسبيا لهذا الشرط ،في حين أن
المناطق األكثر شساعة ومالئمة – وفقا لهذا المعيار فقط -إلنشاء تجهيزات صناعية ضخمة تسمح
بإنتاج الطحالب الدقيقة على مستوى صناعي واسع على أراضي مسطحة هي تلك الموجودة وسط-
جنوب ووسط-شرق الجزائر (المبينة باللون األخضر تحت رقم 1و .)2
188
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
• توافر األراضي
يفترض عموما أن المناطق الجغرافية ذات الكثافة السكانية األدنى من 250شخص/كم 2تقريبا
تستجيب إلى هذا الشرط ،أي تتوفر فيها األراضي [ ،]Alboussière & autres, 2009, 29وهي المناطق
المصدر:
][ArcGIS Online plateforme cartographique complète basée sur le cloud, 2017
نميز في الشكل أعاله ثالث مناطق تتباين فيها الكثافة السكانية في الجزائر لعدة عوامل طبيعية
كالتضاريس والمناخ والثروة المائية ،وعوامل بشرية كالنشاط االقتصادي (األنشطة الصناعية والتجارية
والخدماتية) ودرجة التحضر واتجاهات السكان وغيرها .ففي المناطق الساحلية للبحر األبيض المتوسط
وحول المدن الكبرى نالحظ وجود كثافة سكانية جد مرتفعة تجعلها غير قابلة نسبيا لالستجابة إلى
189
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
شرط توافر األراضي من أجل إنشاء تجهيزات صناعية ضخمة إلنتاج الطحالب الدقيقة كاألحواض
الخارجية المفتوحة ( ،)Racewayأما في مناطق السهوب والجبال فتتناقض هذه الكثافة نسبيا لتصبح
جد منخفضة في منطقة الصحراء .وعليه من السهل تلبية هذا المعيار ألنه يقصي فقط المدن الكبرى
ذات الكثافة السكانية الجد مرتفعة على الشريط الساحلي وبعض المناطق الداخلية ،في حين كل
المناطق األخرى تلبي معيار عدم وجود كثافة سكانية جد مرتفعة ،أي توافر األراضي.
وتجدر اإلشارة إلى أن الكثافة السكانية المشار إليها هنا هي كثافة عامة نظرية وليست فعلية ألنها
غير متطابقة مع توزيع السكان الفعلي على األرض ،وهذا ما يبينه الشكل الموالي ،حيث نالحظ من
خالله وجود واليات (أهمها تلك المبينة في دائرة سوداء) يكون عدد سكانها مرتفع نسبيا ولكن نظرا
لمساحاتها الكبيرة تبدوا كثافتها السكانية منخفضة (شكل )66وهذا ألن معظم سكانها يتركزون في
أماكن محدودة منها ،على غرار الوادي ،بسكرة ،ورقلة ،الجلفة ،بشار وأدرار .ولكن هذا ال يعني أ ن
هذه المناطق أو المدن ال تلبي معيار توافر األراضي ،بل على عكس ذلك ،فمن الضروري وجود كثافة
سكانية مقبولة ( 25شخص/كم 2على األقل) لتوفير غاز ثاني أكسيد الكربون 2O2كما سنراه بعد
الشكل الموالي.
190
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المصدر:
][ArcGIS Online plateforme cartographique complète basée sur le cloud, 2017
لقد تم اإلشارة في األقسام السابقة إلى أن غاز ثاني أكسيد الكربون ضروري للطحالب الدقيقة التي
تعمل على امتصاصه من أجل النمو ،حيث من الضروري توافره بتركيزات مقبولة من أجل إنتاج
الطحالب الدقيقة على نطاق واسع .ولهذا السبب يستحسن أن تبنى التجهيزات الصناعية الخاصة
بإنتاج الطحالب الدقيقة على مقربة من مناطق وجود انبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون 2O2
[ ]Wang d’après Rushing Sam, 2009, 21مثل التجمعات السكانية ،مصانع اإلسمنت ،المحطات
النووية ،مصانع إنتاج المواد الكيميائية الصناعية والبيتروكيميائية ،محطات معالجة الغاز الطبيعي
2
وغيرها .و يفترض عموما أ ن المناطق الجغرافية ذات الكثافة السكانية األعلى من 25شخص/كم
191
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
تسمح بتلبية هذا المطلب [ .]Alboussière & autres, 2009, 29فبعبارة أخرى ،كثافة سكانية تقل عن
25شخص/كم 2تعني عدم إمكانية حصول السكان على الطاقة أو الحصول عليها بحصة ضئيلة
جدا ،مما يعني عدم توافر غاز ثاني أكسيد الكربون 2O2بكميات كافية تسمح بإنتاج الطحالب
الدقيقة.
ورغم أننا وضحنا كل المناطق الجغرافية التي لها كثافة سكانية كافية (شكل )66تسمح بإنتاج
الطحالب الدقيقة (من 25إلى 250شخص/كم ،)2إالَّ أننا سنقدم صورة أكثر وضوحا للمناطق
الجغرافية التي يوجد فيها نشاط بشري كثيف يشير حتما إلى وجود انبعاثات معتبرة من غاز ثاني
المصدر:
][ArcGIS Online plateforme cartographique complète basée sur le cloud, 2018
192
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
نالحظ في الشكل أعاله وجود كثافة أنوار كبيرة في المناطق الساحلية وحول المدن الكبرى في شمال
الجزائر وبعض مناطقها الداخلية أين توجد كثافة سكانية مرتفعة مما يدل على وجود أنشطة بشرية
واقتصادية مهمة تسمح بتوافر غاز ثاني أكسيد الكربون 2O2في هذه المناطق .كما توجد كثافة أنوار
جد معتبرة في وسط ووسط-شرق الجزائر التي تتميز بتجمعات سكانية كبيرة نسبيا كما رأيناه في شكل
توزيع السكان في الجزائر (شكل )67والمناطق التي تتميز بوجود أنشطة صناعية بيتروكيمياوية مهمة
جدا تتمثل في حقول البترول والغاز مما يشير أيضا إلى توافر غاز ثاني أكسيد الكربون 2O2كما
رأيناه في شكل توزيع حقول النفط والغاز في الجزائر (شكل )63؛ إالَّ أن الطابع المؤقت الستغالل
لحقول البترول والغاز يقصي المناطق المتواجدة فيها هذه الحقول من المناطق المحتمل استعمالها في
إنتاج الطحالب الدقيقة ،حيث أ ن نفاذ حقول البترول والغاز مستقبال يعني عدم قدرة هذه المناطقة على
توفير كمية كافية من المواد المغذية وعدم القدرة على توفير غاز ثاني أكسيد الكربون 2O2نظرا
193
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
المنطقة A
المنطقة B
المنطقة C
المنطقة D
المنطقة E
ال تلبي المعيار تلبي المعيار جزئيا تلبي المعيار كليا
الرموز
194
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
٭ المعيار المناخي :تلبي المنطقة المدروسة المعيار المناخي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة بشكل
جزئي فقط ،حيث تتوفر الظروف المناخية الالزمة في المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط
وبعض المناطق الداخلية ،لكن ال تتوفر هذه الظروف المناخية الالزمة في الهضاب العليا والجهات
الجبلية الخاصة بسلسلة األطلس وجبال األو ارس بسبب متوسط درجة ح اررة المنخفض في هذه
المناطق؛
٭ المعيار المائي :تلبي المنطقة المدروسة المعيار المائي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار لتوافر
كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي المشبعة بالمواد المغذية وحتى مياه البحر؛
٭ المعيار التقني :التلبي المنطقة المدروسة المعيار التقني الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار لقلة
األراضي المسطحة في الهضاب العليا والجهات الجبلية الخاصة بسلسلة األطلس وجبال األو ارس،
باإلضافة إلى وجود كثافة سكانية مرتفعة كثي ار في المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط
٭ المعيار المناخي :تلبي المنطقة المدروسة المعيار المناخي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة بشكل
جزئي فقط نظ ار لعدم توفر الظروف المناخية الالزمة في جنوب هذه المنطقة؛
٭ المعيار المائي :التلبي المنطقة المدروسة المعيار المائي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة بسبب قلة
195
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
٭ المعيار التقني :ال تلبي المنطقة المدروسة المعيار التقني الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار إلى
عدم وجود كثافة سكانية مقبولة أو أنشطة اقتصادية مهمة ،أي بمعنى آخر عدم وجود كميات كافية
٭ المعيار المناخي :التلبي المنطقة المدروسة المعيار المناخي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار
لعدم توفر الظروف المناخية الالزمة ،أي بمعنى آخر درجة ح اررة المنطقة مرتفعة كثي ار؛
٭ المعيار المائي :التلبي المنطقة المدروسة المعيار المائي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار لعدم
٭ المعيار التقني :ال تلبي المنطقة المدروسة المعيار التقني الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار لعدم
وجود كثافة سكانية مقبولة أو أنشطة اقتصادية مهمة ،أي بمعنى آخر عدم وجود كميات كافية من
٭ المعيار المناخي :تلبي المنطقة المدروسة المعيار المناخي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة بشكل
٭ المعيار المائي :التلبي المنطقة المدروسة المعيار المائي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة بسبب قلة
٭ المعيار التقني :ال تلبي المنطقة المدروسة المعيار التقني الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار لقلة
األراضي المسطحة ولعدم وجود كثافة سكانية مقبولة أو أنشطة اقتصادية مهمة ،أي بمعنى آخر عدم
196
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
٭ المعيار المناخي :تلبي المنطقة المدروسة المعيار المناخي الخاص باستزراع الطحالب الدقيقة نظ ار
لتوفر الظروف المناخية المالئمة (درجة ح اررة مثلى 35-25م 0لنمو الطحالب الدقيقة)؛
٭ المعيار المائي :تلبي المنطقة المدروسة المعيار المائي الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار لتوافر
كميات معتبرة من مياه الصرف الصحي أو بصفة عامة مياه ملوثة مشبعة بالمواد المغذية ضرورية
إلنتاج الطحالب الدقيقة (مياه ناتجة عن أنشطة بشرية واقتصادية مهمة) ،باإلضافة إلى المياه الجوفية؛
٭ المعيار التقني :تلبي المنطقة المدروسة المعيار التقني الخاص بإنتاج الطحالب الدقيقة نظ ار لوجود
مساحات شاسعة من األراضي المسطحة باإلضافة إلى وجود كثافة سكانية وأنشطة اقتصادية مقبولة،
أي بمعنى آخر توافر مساحات كبيرة من األراضي المسطحة باإلضافة إلى توافر كميات كافية من
قمنا في هذا المبحث بدراسة اإلمكانات الحقيقية إلنتاج الطحالب الدقيقة في الجزائر بغرض تحويلها
إلى وقود حيوي ،وذلك اعتمادا على مجموعة من المعايير المناخية والمائية والتقنية التي وضعتها
وكالة الطاقة الدولية اعتمادا على ما توصلت إليه مختلف التجارب الدولية في هذا الميدان .وقد أبرز
اسقاط هذه المعايير على الجزائر اإلمكانات والمؤهالت الكبيرة التي تتوفر عليها البالد التي
باستطاعتها أن تصبح دولة منتجة للطحالب الدقيقة وبالتالي للوقود الحيوي من الجيل الثالث على
نطاق صناعي واسع .كما استخلصنا على ضوء هذه المعايير أن ه رغم تعدد المناطق الممكن استغاللها
إلنتاج هذه الطحالب الدقيقة قبل تكرار زيتها لتحويله إلى وقود حيوي ،غير أن المنطقة الجغرافية
األنسب إلنتاج الطحالب الدقيقة على مستوى صناعي واسع هي تلك التي تقع في شمال الوادي ،في
بسكرة ،وأقصى جنوب كل من المسيلة وخنشلة وباتنة وتبسة (المنطقة ،)Pخاصة وأن هذه المنطقة
197
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
تحتل الريادة في إنتاج التمور (واليتي بسكرة والوادي تستحوذان لوحدهما على ثلثي اإلنتاج الوطني
للتمور كما تم اإلشارة إليه سابقا) الممكن استعمالها في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول على
مستوى صناعي واسع كما تم اإلشارة إليه أيضا في المبحث السابق؛ مما يجعل من المنطقة مرشحة
خالصة
من خالل التباين الكبير المسجل في حالة قطاع الوقود الحيوي من دولة ألخرى ،والراجع أساسا لتنوع
امكانات كل دولة في دعم هذا القطاع بما يتماشى مع ظروفها الطاقية والزراعية ،التمسنا الحاجة في
هذا الفصل إلى دراسة االمكانات التي تتوفر عليها الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي بما يتوافق مع
الوضع الراهن في قطاعي المحروقات والزراعة ،حيث سعينا في بداية هذا الفصل إلى رسم صورة
موجزة عن قطاع المحروقات وتطوره المستقبلي مع اإلشارة لقطاع النقل ،وذلك إلبراز الحاجة الملحة
198
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
لتطوير وقود بديل للوقود البترولي في الجزائر ،واستخلصنا أن هناك حتمية في التفكير مليا في إيجاد
مصدر طاقي بديل للوقود المشتق من البترول يسمح للجزائر بتحقيق االكتفاء الذاتي في الوقود دون
اللجوء إلى استي ارده كما هو الحال حاليا ،كون اسطول المركبات في الجزائر واستهالك الوقود في
ارتفاع مستمر ،ودون االعتماد على البترول الخام الذي يعرف إنتاجه انخفاضا مستم ار واستهالكه
الداخلي ارتفاعا متواصال مع تباث احتياﻁاته مما سيجعل من الجزائر دولة مستوردة له في مستقبل
قريب .إنصب اهتمامنا بعد ذلك على حالة أهم المحاص يل السكرية والنشوية والزيتية في الجزائر التي
تدخل في إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول مع اإلشارة إلى تطور حجم الواردات الغذائية والزراعية
باعتبار الوقود الحيوي من الجيل األول ينافس اإلنسان في الغذاء والزراعة ،واستخلصنا أنه ماعدا
التمور التي تزخر الجزائر بإمكانات كبيرة فيها قد تسمح لها بتطوير برنامج صناعي كبير إلنتاج
اإليثانول بفضلها على غرار برنامج إنتاج اإليثانول في الب ارزيل بفضل قصب السكر ،فإن الجزائر ال
تستطيع حاليا الخوض في تجربة إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول بفضل مختلف المحاص يل
الزراعية األخرى ،سواء كانت سكرية أو نشوية أو زيتية ،كونها دولة مستوردة لهذه المحاصيل من
جهة ،كما أنها غير متخصص ة فيها وبعيدة عن تحقيق فائض في إنتاجها من جهة أخرى ،مما يجعل
من إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول في الجزائر على نطاق صناعي واسع بفضل هذه المحاص يل
أم ار مستبعدا ال يمكن إدراجه حاليا ضمن أولويات الدولة كونه غير واقعيا باعتبار أن أولوية استخدام
مختلف المحاصيل الزراعية تكون في التغذية اإلنسانية عوض تغذية محركات السيارات .وأخي ار ،ناقشنا
إمكانية تحقيق إنتاج صناعي ومستدام للوقود الحيوي من الجيل الثالث في الجزائر اعتمادا على
مجموعة من الشروط الالزم توفرها والمعوقات المناخية والبيولوجية والتقنية الواجب تجاوزها إلنتاج
الطحالب الدقيقة على نطاق واسع ،وقد توصلنا انطالقا من هذه الشروط والمعوقات أن الجزائر تتوفر
199
إمكانات الجزائر في إنتاج الوقود الحيوي الفصل الرابع
على إمكانات ومؤهالت كبيرة قد تسمح لها بأن تصبح دولة منتجة للوقود الحيوي من الجيل الثالث
200
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
تمهيد
في الوقت الذي تتزايد فيه مخاوف تغير المناخ ،ويزداد الطلب العالمي على النفط إلى جانب تقلبات
أسعار هذا األخير وتقلص حجم امداداته ،اعتمد عدد كبير من الدول اليوم سياسات بشأن الوقود
الحيوي تطرح جملة من الفرص والتحديات من النواحي الزراعية والطاقية واالجتماعية والبيئية.
يصف هذا الفصل المالمح الرئيسية لسياسات دعم الوقود الحيوي في األسواق الرئيسية له ،وذلك
بهدف االستفادة من أهم الدروس المستخلص ة من تجارب الدول الرائدة في هذا المجال .لهذا الغرض،
ارتأينا أوال في هذا الفصل دراسة التجربة الب ارزيلية التي ،في ضوء تاريخها الطويل الذي يجعل منها
تجربة مرجعية ألهمت كل الدول األخرى ،البد من دراستها بشكل أعمق وأدق من التجارب األخرى
المستوحاة مباشرة من التجربة الب ارزيلية على غرار التجربة الفرنسية التي سنسلط الضوء على أهم
التدابير المتخذة في إطارها لدعم قطاع الوقود الحيوي ،السيما في نظامها الضريبي ،باإلضافة إلى
التجربة األمريكية التي سنستعرض أهم اآلليات المعتمدة فيها لحماية قطاع الوقود الحيوي وتحفيز إنتاج
وعلى هذا األساس سنتناول هذا الفصل من خالل التعرض إلى المباحث اآلتية :
202
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
االستجابة للطلب المتزايد على الوقود البترولي مع الحد من التبعية لقطاع المحروقات هو من أهم
التحديات التي واجهت الب ارزيل وأجبرته إلى اللجوء للوقود الحيوي في قطاع النقل من خالل برنامج
اإليثانول ( )Proalcoolمنذ منتصف السبعينات من القرن الماضي ثم برنامج إنتاج واستخدام البيوديزل
( )PNPBمنذ بداية األلفية الثالثة ،وهما برنامجان يمكن من خاللهما تشكيل صورة واضحة لسياسة
دعم الوقود الحيوي في الب ارزيل؛ وبالتالي سنقوم في بداية هذا المبحث بتسليط الضوء على األسس
التاريخية والسياسية واالقتصادية والطاقية التي بني عليها برنامج اإليثانول ( )Proalcoolمن خالل
دراسة مختلف مراحله ،ثم سنعمل على تقديم وتحليل حصيلته االجتماعية ،األيكولوجية ،الزراعية
نشأته ،إطاره القانوني ،أهدافه ونتائجه ،مع اإلشارة إلى أن اإليثانول المستخرج من قصب السكر في
وبالتالي سيتم دراسة برنامج اإليثانول ( )Proalcoolبأكثر تفاصيل من برنامج إنتاج واستخدام البيوديزل
بعدما أطلق برنامج اإليثانول ( )Proalcoolفي وقت هددت فيه واردات النفط الخام البالد باالختناق
المالي ،أصبح اليوم هذا البرنامج رمز االستقاللية الطاقية الب ارزيلية.
برنامج Proalcoolهو برنامج وطني ب ارزيلي واسع جد مبدع ،حيث يعتبر أكبر برنامج في العالم
للطاقة الحيوية []Afionis, 2009, 03؛ تم إطالقه في عام 1975بتمويل حكومي بهدف استبدال
203
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
السكر بفضل التكلفة المنخفضة للسكر في ذلك الوقت ،والقدرات غير المستغلة للتقطير في مصانع
السكر ،عالوة على تقاليد وخبرات الب ارزيل في زراعة وتحويل قصب السكر إلى أن أصبح
.] i
َمر برنامج Proalcoolبخمس مراحل أساسية ،تميزت كل واحدة منها بأحداثها التاريخية التي أثرت
المرحلة األولى تتوافق مع ردة الفعل المباشر للب ارزيل على الصعوبات الناجمة عن صدمة النفط لسنة
1973حينما تضاعف سعر برميل البترول بأربعة مرات في تلك السنة [ ،]Yoffou, 2017, 22والتي
أسفرت سنة 1975عن والدة برنامج .Proalcoolتميزت هذه المرحلة بنقطتين أساسيتين:
من جهة ،كان الب ارزيل ي عتمد بشكل كبير على النفط األجنبي في السنوات ،1970مستوردا بذلك
%85من احتياجاته النفطية [ ،]Alsif, 2010, 3مما انعكس سلبا على ميزان مدفوعاته بعد االرتفاع
الحاد في سعر النفط سنة 1973وأفرج عن تراجع في معدالت نمو اقتصاده وتسارع ضغوطاته
التضخمية [ .]Souza Braga, 1988, 02ففي سنة ،1974أصبحت فاتورة الواردات النفطية الب ارزيلية
تقدر ب 2.8مليار دوالر وهو ما كان يمثل %32.2من إجمالي نفقات االستيراد في البالد ،بينما
كان حجم هذه الفاتورة 469مليون دوالر فقط سنة 1972وهو ما كان يمثل %9.7من إجمالي
204
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
من جهة أخرى ،تزامنت هذه االحتياجات الطاقية الكبيرة مع سوء الظروف السوقية الخاصة بمادة
السكر الذي انهار سعرها تدريجيا إلى أن انتقل من 639دوالر/طن سنة 1974إلى 176دوالر/طن
سنة ،]Leite et autres, 2009, 02[ 1979أي انخفاض نسبته ،%72.45مما جعل من إنتاج وبيع
السكر في األسواق الدولية غير مربحا تجاريا بالنسبة للمزارعين الب ارزيليين بسبب هذا االنهيار في
األسعار ،وأسفر عن فكرة تثمين قصب السكر من خالل تشجيع إنتاج وقود مستخرج من هذا
المحصول ،وهي فكرة ال تقلل فقط من اعتماد الب ارزيل على واردات النفط ،ولكنها توفر أيضًا فرصًا
اقتصادية جديدة لمنتجي قصب السكر ،خاصة في ظل وجود خبرة وتحكم في الجوانب الفنية الخاص ة
بإنتاج هذا النوع من الوقود بعد التجارب التي أجريت قبل عدة سنوات.
وعليه يمكن القول أن ظروف سوق الطاقة وظروف سوق المواد الخام الزراعية ،السيما مادة السكر،
هي من أسفرت سنة 1975عن بعث برنامج Proalcoolمن قبل الجنرال-الرئيس Oliveira, [ Geisel
]2011, 118الذي كان يهدف أساسا إلى تقليل االعتماد الوطني على واردات النفط ،توفير العمالت
من الجذير بالذكر في هذا الصدد أنه قبل المنعطف التاريخي ( ،)1974-1973كان اإليثانول في
الب ارزيل ُيعتبر كمجرد منتج ثانوي للسكر ،حيث كان يتم تصنيعه في ملحقات تقطير صغيرة
( )distilleries annexesمجاورة لمصانع السكر [ ،]Oliveira, 2011, 119كما كانت شركة النفط
الحكومية " "Petrobrasهي ال مسؤولة عن شراء ونقل وتخزين وتوزيع اإليثانول باعتبار الحكومة
الب ارزيلية كانت هي من تحدد سعر اإليثانول في تلك الفترة ،قبل تحريره فيما بعد كما سنراه.
تميزت السنوات 1980-1978بزيادة حادة في العجز التجاري الب ارزيلي الذي انتقل من 1-مليار
دوالر عام 1978إلى 2.7-مليار دوالر عام ]Regnier et Buffet , 1993, 81[ 1980مما وضع
205
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
مباشرة العقيد " "Figueiredoعند وصوله إلى السلطة في مارس 1979أمام معضلة جديدة :كيفية
إدارة التضخم المتصاعد وإدارة الدين الخارجي التي كانت تستوعب خدمته %63من عائدات التصدير
دون التسبب في انخفاض معدل النمو .أما على المستوى الدولي ،كانت األوضاع تتميز بطفرة في
سعر البترول بعد أن ولد َت الثورة اإلسالمية والحرب اإلي ارنية-العراقية صدمة النفط الثانية سنة 1979
التي تسببت في مضاعفة سعر برميل البترول بثالث مرات [ ]Artus et autres, 2010, 11مما رفع
التي تميزت برفع احتكار الدولة على إنتاج اإليثانول وظهور العديد من المصانع الخاصة المستقلة
المتخصصة والمدعمة من الدولة إلنتاج اإليثانول المائي ( )éthanol hydratéالذي يحتوي على %95
من اإليثانول و %5من الماء ويمكن استعماله مباشرة كوقود للسيارات على عكس اإليثانول الالمائي
( )éthanol anhydreالموجود سابقا في السوق الب ارزيلية والواجب خلطه بالبنزين قبل استعماله كوقود
أيضا خالل هذه المرحلة ظهور أول سيارات في السوق مجهزة بمحركات تشتغل
شهد الب ارزيليون ً
حصرًيا باإليثانول المائي ( ،)100 % éthanol hydratéوكانت من نوع Meyer et autres, [ Fiat 147
.]2012, 05
استجاب الب ارزيليون بشكل إيجابي للتدفق الهائل من اإليثانول المائي والسيارات التي تشتغل باإليثانول
بنسبة .%100ففي عام ،1985قرابة جميع السيارات الجديدة التي بيعت في الب ارزيل كانت تشتغل
باإليثانول بنسبة ]Meyer et autres, 2012, 06[ %100كما يبينه الجدول الموالي.
206
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
جدول :19مبيعات السيارات في الب ارزيل حسب نوع الوقود المستعمل ()1986-1979
تميزت المرحلة الثالثة بتباطؤ في برنامج ]Emond, 2011, 08[ Proalcoolجراء الظروف االقتصاد
العالمي المعاكسة تماما لتلك التي ُس ّجلت في المرحلة األولى من البرنامج أين ارتفع سعر البترول
وانخفض سعر السكر في األسواق الدولية .ففي منتصف الثمانينات من القرن الماضي ،وبالضبط في
واالجتماعية للبالد نتيجة الصدمة المضادة للنفط التي انتقل على إثرها سعر البترول من نطاق
40-30دوالر للبرميل إلى نطاق 20-12دوالر للبرميل [ ،]Baddour, 1998, 07األمر الذي أسفر
على انخفاض ملحوظ في االستثمار الحكومي في برنامج Proalcoolودفع بالصناعيين إلى التخلي
عن إنتاج اإليثانول لصالح إنتاج السكر من أجل بيعه مباشرة كمادة خام كونه أصبح أكثر ربحية منذ
207
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
أن أصبح سعره في السوق العالمي جد مرتفع [ Emond d’après Michellon et autres (1998), 2011,
.]08
تراجع الدعم الحكومي للبرنامج ،وإنتاج السكر من أجل تصديره كمادة أولية عوض استخدامه في إنتاج
اإليثانول ،تسببا في خلل كبير بين عرض اإليثانول الذي أصبح محدودا والطلب الكبير عليه الناجم
عن بيع عدد هائل من السيارات التي تعمل باإليثانول بنسبة %100في المرحلة السابقة من البرنامج،
حيث أصبح اإليثانول يتميز بالندرة [ ]Peyrache, 2009, 08وكمياته المتوفرة غير كافية لالستجابة
للطلب الوطني المتزايد .وقد أسفرت هذه الحالة سنة 1989على حدوث أزمة حقيقية أدت إلى فقدان
ثقة الب ارزيليين في هذا النوع من الوقود وانهيار مبيعات السيارات التي تعمل باإليثانول بنسبة
،]Alsif, 2010, 3[%100إذ تراجعت هذه المبيعات من %93.6من إجمالي مبيعات السيارات في
الب ارزيل سنة 1987إلى %13.1فقط سنة ]Rosillo-Calle et autres, 1998, 2[ 1990كما يبينه
الجدول أدناه ،وأُرغمت الحكومة الب ارزيلية على اتخاذ تدابير طارئة كاستيراد اإليثانول.
جدول :20مبيعات السيارات في الب ارزيل حسب نوع الوقود المستعمل ()1990-1987
208
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
على الرغم من كل المشاكل التي واجهتها صناعة اإليثانول خالل المرحلة الثالثة ،إال أن الب ارزيل
استمر في شق طريقه في المرحلة الرابعة من برنامج Proalcoolبعدما استفاد من الخبرة المكتسبة في
تميزت هذه المرحلة بتحرير قطاع السكر وإلغاء تدابير الدعم الحكومي لصناعة اإليثانول .ففي سنة
، 1989تم رسميا غلق معهد السكر واإليثانول (Sugar and Alcohol Institute) IAAالمؤسس
سنة ،]Dubeux-Turres, 2005, 03[ 1933وهو المعهد الحكومي الب ارزيلي الذي كان مسؤول عن
( )éthanol hydratéمتبوعا باإليثانول الالمائي ( )éthanol anhydreسنة Emond, 2011, [ 1999
.]09وفي نفس السنة ،1999تم سحب جميع اللوائح الحكومية التي تحكم صناعة اإليثانول ،إ ذ
أ صبحت ال توجد قيود على إنتاج اإليثانول في الب ارزيل ولم تعد الحكومة تقدم الدعم المالي للمنتجين،
حيث أصبح دور الحكومة يقتصر فقط على تحديد ومراقبة النسبة الدنيا والقصوى من اإليثانول الذي
يجب مزجه بالبنزين (من %20إلى %26منذ بداية السنوات 2000كما يبينه الشكل الموالي) ،وهي
األداة الوحيدة التي تستخدمها الحكومة الب ارزيلية لموازنة العالقة بين العرض والطلب على اإليثانول
[ .]Emond, 2011, 09ومع ذلك ،فإن القطاع الخاص إلنتاج اإليثانول كان قد اكتسب قوة ومتانة في
المراحل السابقة من البرنامج مكنته من االستغناء عن المساعدات الحكومية التي كانت ضرورية له
209
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
يتضح من خالل هذا الشكل أ ن الب ارزيل شرع في إ نتاج ودمج اإليثانول في البنزين منذ الثالثينات من
القرن الماضي رغم أن نسبة اإليثانول في البنزين في تلك الفترة كان تتراوح في حدود %5فقط وذلك
إلى غاية اطالق برنامج Proalcoolفي منتصف السبعينيات أين ارتفعت هذه النسبة من أقل من %5
سنة اطالق البرنامج ( )1975إلى حوالي %22سنة ،1985قبل أن تتراجع هذه النسبة في المرحلة
الثانية من البرنامج لألسباب المذكورة سابقا ،ثم تسجل ارتفاعا جديدا في التسعينيات جراء تحرير الدولة
لقطاع اإليثانول ورفع احتكارها عليه ،عالوة على انخفاض سعر البترول في تلك الفترة لتصل هذه
تتميز أساسا المرحلة الخامسة لبرنامج Proalcoolبإطالق أول سيارة من نوع "مرنة الوقود" ( Flex-
)fuelفي سنة ،2003وهي سيارة يمكن أن تشتغل باستخدام أي نوع من الوقود (البنزين الخالص،
خليط اإليثانول والبنزين ،اإليثانول الخالص سواء كان من النوع المائي أو الالمائي) وبأي نسبة [ Sin
210
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
،]Oih Yu et autres, 2010, 01وكان الدافع وراء إدخال هذا النوع من المركبات ،من بين أمور
عرف هذا النوع من السيارات نجاحا تجاريا كبي ار ،إذ انتقل حجم مبيعاته في السنة األولى من 48000
سيارة ،Flex-fuelأي ما يمثل حوالي %4من اجمالي مبيعات السيارات ،إلى %86من جميع
المركبات الخفيفة المباعة في سنة ]Leite et autres, 2009, 02[ 2007بسبب سماح هذا النوع من
السيارات للسائقين الب ارزيليين باالختيار بين مختلف أنواع الوقود المعروضة وفًقا لتوافرها وسعرها وأدائها
مما أدى إلى إحياء اهتمام وثقة الب ارزيليين في اإليثانول بسبب قدرتهم على تكييف استهالكهم للوقود
وفقا لظروف السوق إلى درجة تجاوز استهالك اإليثانول في الب ارزيل نسبة استهالك البنزين كما يبينه
الشكل أدناه.
نالحظ من خالل هذا الشكل ثبات في حجم مبيعات السيارات التي تعمل حصريا باإليثانول أو حصريا
بالديزل إلى غاية إطالق أول سيارة من نوع "مرنة الوقود" ( )Flex-fuelسنة 2003أين سجل منعرج
عرفت من خالله مبيعات السيارات التي تعمل حصريا بالبنزين انخفاضا مستم ار بينما عرف حجم
211
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
مبيعات السيارات من نوع "مرنة الوقود" ( )Flex-fuelطفرة كبيرة جدا في السوق الب ارزيلية لدرجة تجاوزه
يعتمد نجاح واستمرار برنامج Proalcoolعلى كمية السكر المنتجة والموجهة لمختلف مصانع إنتاج
اإليثانول في الب ارزيل ،وبالتالي تتوقف حصيلة هذا البرنامج أساسا على قطاع قصب السكر.
-1-3-1-Iالحصيلة الزراعية
2006
2014
2000
2002
2003
2004
2005
2007
2008
2009
2010
2011
2012
2013
2015
2016
2017
2018
2019
2020
2021
2022
2023
2024
2025
2026
نالحظ من خالل الشكل أعاله أن االتجاه العام إلنتاج قصب السكر في الب ارزيل هو تصاعدي
وسيستمر على هذا الحال إلى غاية 2026على األقل ،حيث أن هذا اإلنتاج عرف ارتفاعا مستمرا
منذ تحرير قطاع السكر في المرحلة الرابعة من برنامج Proalcoolوتكييف هذا البرنامج مع ظروف
212
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
السوق في المرحلة الخامسة التي عرفت إطالق أول سيارة من نوع "مرنة الوقود" ( )Flex-fuelاألمر
الذي أدى إلى طفرة كبيرة في الطلب على اإليثانول واستجابة منتجي قصب السكر لهذا الطلب برفع
إنتاجهم كون اإليثانول الب ارزيلي مستخرج أساسا من قصب السكر كما يبينه الشكل الموالي ،حيث انتقل
هذا اإلنتاج من 256818طن سنة 2000إلى 664003,79طن سنة ،2016أي بنسبة ارتفاع
تفوق %158في ظرف عشرية ونص ف فقط رغم تسجيل تراجع طفيف في اإلنتاج بين سنتي
.2012/2011
30 000,00
25 000,00
20 000,00
15 000,00
10 000,00
5 000,00
0,00
2000
2007
2014
2021
2001
2002
2003
2004
2005
2006
2008
2009
2010
2011
2012
2013
2015
2016
2017
2018
2019
2020
2022
2023
2024
2025
2026
يبرز الشكل أعاله بوضوح هيمنة قصب السكر في إنتاج اإليثانول في الب ارزيل رغم تعدد المحاصيل
األخرى الممكن استخدامها في إنتاج اإليثانول كما رأيناه في الفصول السابقة (البنجر ،الذرة،
القمح...،الخ) ،حيث يالحظ أن الفرق بين كمية قصب السكر المستعملة في إنتاج اإليثانول في
الب ارزيل سنة 26590.71( 2016مليون طن) وكمية جميع المواد األولية الزراعية األخرى المستعملة
213
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
في هذا اإلنتاج في نفس السنة 2615( 2016مليون طن) هو 23975.71مليون طن ،أي أن
كمية قصب السكر لوحدها تفوق بعشر مرات كمية كل المواد األولية الزراعية األخرى مجتمعة.
ومن الجذير بالذكر هنا أن الكمية المنتجة من قصب السكر الب ارزيلي ال توجه كلها إلنتاج اإليثانول
فحسب ،بل يوجه الب ارزيل جزء معتبر منها إلى إنتاج السكر كما يبينه الشكل أدناه ،حيث أن توزيع
الكمية المنتجة من قصب السكر بين إنتاج اإليثانول أو إنتاج السكر يتوقف على عدة عوامل كسعر
البترول ،وسعر السكر في السوق الدولية ،والعالقة طلب/عرض اإليثانول والسكر على المستوى
شكل :75تطور كمية قصب السكر المستخدم في إنتاج اإليثانول والسكر في الب ارزيل
إيثانول سكر
مليون طن
1000
900
800
700
600
500
400
300
200
100
0
2000
2001
2002
2003
2004
2005
2006
2007
2008
2009
2010
2011
2012
2013
2014
2015
2016
2017
2018
2019
2020
2021
2022
2023
2024
نميز مرحلتين أساسيتين في الشكل أعاله ،تتميز األولى بوجد توازن في كميات قصب السكر
المستخدمة في إنتاج اإليثانول وتلك المخصصة إلنتاج السكر في الب ارزيل ،والثانية بتعمق الفارق
بينهما ،حيث نسجل في المرحلة األولى تطابق تام في هذه الكميات وذلك خالل الفترة الممتدة بين
سنتي 2000و ،2006ثم نالحظ في المرحلة الثانية تفاوت في هذه الكميات لصالح إنتاج اإليثانول،
214
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
خاصة بعد سنة .2013ويمكن تفسير هذا التفاوت لصالح إنتاج اإليثانول بعدة عوامل أهمها انخفاض
سعر السكر الخالص في األسواق الدولية في هذه الفترة ابتداءا من 2013/2012كما يبينه الشكل
الموالي مما جعل من تحويل قصب السكر إلى إيثانول عوض تحويله إلى سكر خالص أكثر ربحية
بالنسبة للمنتجين ،باإلضافة إ لى بلوغ سعر البترول مستويات قياسية في نفس الفترة 2013/2012
كما بينه سابقا الشكل 17مما جعل من سعر الوقود البترولي جد مرتفع في الب ارزيل وجدد االهتمام
شكل :76تطور السعر الدولي للسكر الخالص تطور سعر البترول (تذكير لشكل 17فصل )2
120 Moyenne du
panier OPEP
100
دوالر أمريكي /برميل
80
60
40
20
0
2000 2002 2004 2006 2008 2010 2012 2014
المصدر]SNFS, 2017, 01[ : المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][prixdubaril.com
يشتمل التوسع الحالي لحقول قصب السكر الموجه إلنتاج اإليثانول في الب ارزيل على نوعين من
التأثيرات السلبية على األراضي .فمن ناحية ،تأثير مباشر ينطوي على تحويل األراضي غير الزراعية
إلى حقول قصب السكر مما يلحق ضرر على النظم اإليكولوجية المحلية؛ ومن ناحية أخرى ،تأثير
غير مباشر يسمى أيضا بالتغيرات غير المباشرة في استخدام األراضي والناتج عن توسع حقول قصب
السكر على حساب األراضي الزراعية [ .]Rodrigues & Ortiz, 2006, 11ويمكن لهذا التأثير غير
المباشر أن يؤدي إلى توترات من حيث توافر األراضي الصالحة للزراعة إلنتاج المواد الغذائية وبالتالي
زيادة أسعار هذه األخيرة ] ،[Bertrand et autres, 2008, 20خاصة إذا علمنا أن الشركات الكبرى
المنتجة لإليثانول تقوم باستئجار األراضي الزراعية من المزارعين المحليين المتوسطين والصغار بعقود
215
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
ال تقل مدتها عن 12سنة ،وأن هؤالء المزارعين مسؤولون على إنتاج %70من الغذاء الموجه للسوق
ومن أجل إعطاء صورة أكثر وضوحا لتطور المساحات المخصصة إلنتاج المحاصيل الزراعية في
شكل : 77االتجاهات العامة للمساحات المخصصة إلنتاج المحاصيل الزراعية في الب ارزيل
قصب السكر المحاصيل الزيتية األرز الحبوب الثانوية القمح
مليون هكتار
80
70
60
50
40
30
20
10
0
2000 2001 2002 2003 2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014 2015 2016 2017 2018 2019 2020 2021 2022 2023 2024
نالحظ من خالل الشكل أعاله أن المساحات المخصصة إلنتاج القمح والحبوب الثانوية في الب ارزيل،
والتي تعد المصدر األساسي لغذاء السكان ،تتميز بالثبات النسبي منذ عقدين تقريبا وسيستمر هذا
الوضع على حاله إلى غاية سنة 2024على األقل رغم االرتفاع المستمر للحاجات الغذائية وعدد
السكان في الب ارزيل منذ بداية األلفية الثالثة والذي انتقل من 175مليون نسمة سنة 2000إلى 205
مليون نسمة سنة [Banque Mondiale, 2018] 2015؛ بينما عرفت المحاصيل الزيتية منذ سنة
هكتار سنة 2000إلى 29,46مليون هكتار سنة ،2015أي ارتفاع يقدر ب %112,86وستستمر
216
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
في االرتفاع مستقبال .في حين أن المساحات التي عرفت أكبر نسبة ارتفاع هي تلك المخصصة
إلنتاج قصب السكر حيث ارتفعت ب %132,45بين عامي 2000و 2015وستسمر باالرتفاع
لتبلغ نسبة %203,16سنة 2024مقارنة مع مستوى سنة .2000هذا الوضع سيؤدي حتما إلى
زيادة الضغط على الموارد الطبيعية والزراعية وتفاقم مشكلة الغذاء بسبب الفجوة التي يسببها بين
معدالت النمو السكاني ومعدالت نمو الرقعة الزراعية في الب ارزيل رغم أن تقلص المساحات الزراعية
المخصصة إلنتاج مختلف المواد األولية الزراعية ستعوض نسبيا بزيادة مردودات هذه المواد كما يبينه
الشكل أدناه أين يالحظ أنه رغم الثبات النسبي للمساحات المخصصة إلنتاج مختلف المحاصيل
الزراعية في الب ارزيل كما رأيناه في الشكل السابق إال أن مردودات هذه المحاصيل مرشحة كلها
لالرتفاع مستقبال على عكس قصب السكر الذي رغم استحواذه على مساحات كبيرة من األراضي
شكل :78نمو مردودات الحبوب ،قصب السكر والقطن في الب ارزيل ()2024-2000
القمح الحبوب الثانوية األرز المحاصيل الزيتية قصب السكر القطن
المؤشر )(2000=100
250
200
150
100
50
0
2005
2006
2000
2001
2002
2003
2004
2007
2008
2009
2010
2011
2012
2013
2014
2015
2016
2017
2018
2019
2020
2021
2022
2023
2024
217
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
-2-3-1-Iالحصيلة الطاقية
إن مسألة الجدوى الطاقية لإليثانول لبرنامج ProAlcoolأقل وضوحا من حصيلته الزراعية ،حيث أنه
من أجل دراسة هذه الجدوى ،من الضروري النظر في الطاقة الالزمة إلنتاج محصول قصب السكر
الذي يستعمل في إنتاج اإليثانول (مثل المبيدات أو البنزين الذي ينفق على الج اررات في الحقول) ،ثم
إضافة الطاقة الالزمة لعملية تحويل قصب السكر المقطوع إلى إيثانول ،وأخي ار طرح مجموع كل الطاقة
المنفقة من مجموع الطاقة المنتجة (اإليثانول) .انطالقا من هنا ،قد يبدو أ ن تحديد الجدوى الطاقية
طا ،إال أن بحثنا هذا أظهر لنا أن الجدوى الطاقية لإليثانول ليست خالية من
لإليثانول أم ار بسي ً
فبحسب معطيات اتحاد صناعة قصب السكر لوالية ساو باولو [،]http://www.unicadata.com.br
فإن الجدوى الطاقية لتحويل الذرة إلى إيثانول في الواليات المتحدة األمريكية هي 1.29كيلو كالوري
من الطاقة األحفورية لكل 1كيلو حراري من اإليثانول المنتج ،أي جدوى طاقية سلبية ،في حين أن
الجدوى الطاقية لإليثانول المستخرج من قصب السكر في الب ارزيل إيجابية ،حيث أنه لكل 1كيلو
كالوري من الطاقة األحفورية المستثمرة يتم إنتاج 3.24كيلو كالوري من اإليثانول .إال أننا وجدنا
إحصائيات أخرى متباينة مع نتائج اتحاد صناعة قصب السكر لوالية ساو باولو )(UNICA؛ فعلى
سبيل المثال ،وحسب مصدر آخر ،فإنه لكل وحدة من الطاقة األحفورية المستهلكة يتم إنتاج 8وحدات
من اإليثانول المستخرج من قصب السكر في الب ارزيل ،مقارنة بـ 1.4وحدة منتجة من اإليثانول
المستخرج من الذرة باستهالك نفس عدد الوحدات من الطاقة األحفورية في الواليات المتحدة األمريكية
اإليثانول الب ارزيلي الذي ينتج من قصب السكر أحسن بكثير من نوعية اإليثانول المنتج في الواليات
218
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
المتحدة من الذرة ،وأن إنتاجيته هي 6000لتر لكل هكتار من محصول قصب السكر في الب ارزيل
وبحسب دراسة أخرى ،فإن عملية إنتاج اإليثانول في الب ارزيل ال تتطلب استخدام البنزين إال لتشغيل
اآلالت الزراعية والشاحنات ،أ ما الح اررة والكهرباء الالزمان للعمليات الصناعية فكلها متجددة ،إذ يتم
الحصول عليها بحرق تفل قصب السكر ] .[Rodrigues & Ortiz, 2006, 25ففي الجدول الموالي
الموضح للكفاءة الطاقية لإليثانول في الب ارزيل ،تمثل مدخالت الطاقة استهالك البنزين في النقل
والطاقة البترولية الموجودة في األسمدة الكيماوية المستخدمة وفي البنية التحتية ومختلف المعدات ،في
حين تمثل المخرجات الطاقة الموجودة في اإليثانول المنتج وفي تفل قصب القصب المستخدم إلنتاج
الكهرباء والح اررة .النتيجة المتحصل عليها إيجابية للغاية ويمكن أن تفسر سبب االهتمام الكبير الذي
جدول :21الطاقة المستهلكة في المراحل الزراعية والصناعية إلنتاج اإليثانول في الب ارزيل
)كيلو كالوري/طن من قصب السكر( مدخالت و مخرجات
مدخالت الطاقة مخرجات الطاقة
المرحلة الزراعية 45861
إيثانول 490100
مدخالت/مخرجات 10,2
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][Rodrigues & Ortiz, 2006, 26
إالًّ أنه بعد معاينتنا لألساليب المستخدمة في دراسة " "Rodrigues & Ortizباإلضافة إلى تلك الخاص ة
بمحللي اتحاد صناعة قصب السكر في والية ساو باولو ) ،(UNICAالحظنا أن المتغيرات المستخدمة
في اعداد الجدوى الطاقية الناتجة عن تحويل قصب السكر إلى إيثانول غير مكشف عنها بشكل كامل،
كما الحظنا بعض اإلهمال فيما يتعلق ببعض النقاط التي هي جزء من عملية إنتاج وزراعة القصب
219
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
السكر وتوزيع اإليثانول على غرار استخدام األسمدة التي هي اآلن جد منتشرة في الب ارزيل أثناء مرحلة
تحضير األرض قبل زراعة قصب السكر ،علما أن هذه األسمدة مصنوعة من المشتقات البترولية .كل
هذه النقائص وهذا اإلهمال في بعض النقاط التي يجب أن تأخذ في الحسبان أثناء دراسة الجدوى
الطاقية لإليثانول لتجنب "التحيز" في النتائج المعلنة قد تثير الجدل حول صحة االستنتاجات المقدمة
في دراسة الجدوى الطاقية لإليثانول .باإلضافة إلى ذلك ،فإن النتائج ستكون غير دقيقة دون إدراج
كمية الطاقة البترولية المنفقة في توزيع اإليثانول كون هذا المتغير أساسيا أيضا ًا
نظر ألن توزيع
اإليثانول إلى محطات الوقود في الب ارزيل يتم عن طريق الشاحنات التي تعمل في الغالب بالوقود
البترولي مما يجعل السعر النهائي لإليثانول يعتمد بشكل مباشر على استهالك المشتقات البترولية،
وبالتالي فإن النتائج ستكون غير دقيقة دون إدراج كمية الطاقة البترولية المنفقة في عملية توزيع
اإليثانول .ويوضح بشكل جيد مثال سعر اإليثانول في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية للبرازيل
رزيل ()ANP
تأثير تكلفة توزيع اإليثانول على سعر هذا األخير ،فحسب الوكالة الوطنية للنفط في الب ا
الشرقية للب ارزيل ،ولكن سعر اإليثانول في هذه المناطق -التي هي األكثر فق ار في الب ارزيل -ه و
األعلى في كل الب ارزيل ،إذ وحسب تقرير الوكالة نفسها ،يرجع سبب ارتفاع سعر اإليثانول في هذه
المناطق إلى عدم وجود البنية التحتية الحضرية لتوزيع اإليثانول ،حيث أن مشاكل توزيع وبيع
اإليثانول في هذه المناطق تتطلب بناء الطرق السريعة ،تخلق ازدحام كثيف للشاحنات ،تتطلب المزيد
مما سبق ،ورغم تباين نتائج الدراسات حول الجدوى الطاقية لبرنامج ProAlcoolالمتعلقة بإنتاج
االيثانول في الب ارزيل بفضل قصب السكر ،ورغم تسجيل بعض النقائص في هذه الدراسات ،إال أنه
220
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
يمكننا االستنتاج أن الجدوى الطاقية لإليثانول هي إيجابية ،أي أن الطاقة المنفقة إلنتاج اإليثانول في
سمح برنامج ProAlcoolبالحصول على اسقاطات كبيرة على إنتاج ،استهالك وتصدير اإليثانول
2016
2000
2001
2002
2003
2004
2005
2006
2007
2008
2010
2011
2012
2013
2014
2015
2017
2018
2019
2020
2021
2022
2023
2024
سمح برنامج ProAlcoolبجعل الب ارزيل يحتل الصدارة العالمية في إنتاج اإليثانول طيلة ثالث عقود
كاملة قبل أن تتجاوزه الواليات المتحدة األمريكية منذ بداية السنوات 2000بعدما اتبعت في سياستها
الداعمة للوقود الحيوي نفس خطوات الب ارزيل واستوحت من تجربته الكبيرة في قطاع الوقود الحيوي
جاعلة من الب ارزيل يحتل المرتبة الثانية عالميا بإنتاج يفوق 30مليار لتر سنويا ( )2015كما يبينه
الشكل أعاله بعدما تضاعف هذا اإلنتاج بثالث مرات مقارنة مع مستواه لسنة 2000لما كان قدره
10.6مليار لتر ،ومن المتوقع أن يزيد الب ارزيل في هذا اإلنتاج ليصل إلى أكثر من 42مليار لتر
221
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
سنويًا بحلول سنة .2024إضافة إلى ذلك ،يعد الب ارزيل أيضا ثاني أكبر مستهلك لإليثانول في العالم
بكيمة مستهلكة قدرها 29.5مليار لتر ( )2015التي من المتوقع أن ترتفع إلى ما يقارب 39مليار
لتر سنويًا بحلول سنة ،2024وهذا راجع أساسا إلى تسويق السيارات "مرنة الوقود" ( )Flex-fuelأوائل
عام 2003والتي تعتبر القوة الدافعة الرئيسية الستهالك اإليثانول في الب ارزيل.
يتضح لنا أيضا من هذا الشكل أن صافي مبادالت اإليثانول في الب ارزيل يتوقف على الفرق المسجل
بين حجم اإلنتاج وحجم االستهالك الداخلي لإليثانول ،حيث يالحظ أن هذا الفرق ضئيل جدا إذ لم
نقول شبه منعدم في بعض السنوات ،وعليه سنقدم هذا الفرق اعتمادا على وحدة "مليون لتر" عوض
"مليار لتر" من أجل رؤية أفضل وأكثر وضوحا كما هو مبين في الشكل أدناه.
30 000,00
25 000,00
20 000,00
15 000,00
10 000,00
5 000,00
0,00
2008
2017
2026
2000
2001
2002
2003
2004
2005
2006
2007
2009
2010
2011
2012
2013
2014
2015
2016
2018
2019
2020
2021
2022
2023
2024
2025
يتضح من الشكل أعاله أن الجزء األكبر من اإليثانول الب ارزيلي موجه للسوق الداخلية الب ارزيلي بنسبة
تفوق %93في سنة 28380( 2016مليون لتر لالستهالك الداخلي و 2132مليون لتر للتصدير)
222
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
وهي نسبة مرشحة للثبات في السنوات المقبلة حيث بحلول سنة 2024ستبقى هذه النسبة في حدود
%93أيضا ( 34395مليون لتر لالستهالك الداخلي و 3237مليون لتر للتصدير) األمر الذي يبين
أن الهدف الرئيسي لبرنامج ProAlcoolيتمثل في الوصول إلى االكتفاء الذاتي من الوقود وتحقيق
-3-3-1-Iالحصيلة االجتماعية
في الفترة االستعمارية كان يتم االستيالء على العمال في إفريقيا ليتم نقلهم إلى القارة األمريكية عن
طريق القوارب من أجل استعبادهم في الحقول ،أما حاليا فتقوم صناعة اإليثانول في الب ارزيل بالبحث
عن قوتها العاملة في الداخل ،وبالضبط في واليات الشمال والشمال الشرقي للب ارزيل ،وهي الواليات
حقول قطع قصب السكر الزال نفسه وقت عمل العبيد األوائل [Brito, 2009, 08, d’après Silva,
] 1999مما أدى إلى ظهور مشاكل صحية خطيرة وحتى الموت بالنسبة للعديد منهم .ففي سنة 2004
مثال ،توفي 19قاطع قصب السكر بسبب اإلرهاق في حقول والية ساو باولو ( )São Pauloلوحدها،
أما بين عامي 2005و 2007فتوفي 21قاطع قصب السكر بسبب اإلرهاق أيضا في نفس الوالية
خالل المرحلة البحثية على اليد العاملة الرخيصة ،تلعب الوعود الكاذبة في الب ارزيل دو اًر أساسياً ،إذ
يقوم اإلداريين الملقبون بـ " ،"gatosوهم من تناط بهم مهمة العثور على أفضل العاملين ،بإغواء أقوى
العمال واألكثر مقاوم ًة بعروض العمل ،واألجور الجيدة ،واإلسكان ،والغذاء ،واالستقرار وغير ذلك
بهدف غرس فيهم أمل حياة أفضل وفرصة لدعم أسرهم .من تلك اللحظة ،ليس من غير المألوف أن
يشعر قاطعو قصب السكر الجدد بشعور االمتنان الذي غالبا ما يتجاوز حدود العالقة المهنية [ Brito,
223
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
،]2009, 07إذ تصبح عالقة رب العمل مع العمال تتميز ببعد أبوي ( )dimension patriarcaleأو
عسكري ( colonelismeنسبة إلى العقيد ،)colonelأي أن العالقة بينهم تصبح تنطوي على الحماية
وااللتزام والمحبة واالعتماد واالمتنان ،فيصبح رب العمل يلعب في هذه العالقة دور "األب" أو كما يرى
البعض اآلخر دور "العقيد" من خالل ممارسته للسلطة على هؤالء العمال بفضل الهيبة الشخصية
مما يجعلهم عرضة لالستعباد. ([Brito, 2009, 09] )relation de dépendance وفرض عالقة اعتماد
ففي سنة 2007على سبيل المثال ،أفرج محامون من و ازرة العمل الب ارزيلية عن 1108عامالً من
العبودية في مزارع قصب السكر في والية با ار الموجودة في منطقة األمازون ،حيث أوضحت منظمة
العمل الدولية أن هؤالء العمال كان يتقاضون أقل من 5دوالرات في الشهر ،كما أن األغذية المقدمة
إليهم كانت فاسدة مما يفسر حاالت المرض كالغثيان واإلسهال التي كان يعاني منها البعض منهم،
عالوة على مياه الشرب القذرة التي كانوا يشربونها والتي كانت هي نفسها المياه المستخدمة في ري
حقول قصب السكر ،في حين أن المآوي التي كانوا ينامون فيها فكانت مزدحمة وبمجارير مائية
وعلى الرغم من أن قطاع اإليثانول-السكر يوفر مئات اآلالف من مناصب الشغل الرسمية المباشرة
في الب ارزيل ،خاصة على المستوى الصناعي ،إال أ ن األمر مغاير تماما على المستوى الزراعي أين
معظم مناصب الشغل موسمية وهشة ،حيث يوظف العمال سوى في وقت غرس وحصاد قصب السكر
وذلك بمقابل يقل على الحد األدنى القانوني لألجور في الب ارزيل ويحدد بحسب عدد األطنان المقطوعة
فالعمل في مزارع قصب السكر هو بالتالي نشاط موسمي ،إذ يعتمد القطع والعمل الشاق في الحقول
بشكل كبير على عمال نهاريين ينتقلون باستمرار من منطقة إنتاج إلى أخرى [Droulers II, 2009,
224
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
] .12فعلى سبيل المثال ،يقدر عدد قاطعي قصب السكر الذين يهاجرون من والية ساو باولو ( São
)Pauloفي وقت الحصاد بـ 100.000عامل ،وتطلق عليهم التسمية الشهيرة ""boias frias
(الطاسات الباردة) كونهم يتناولون الطعام في الحقول ] [Droulers I, 2008, 04ويعملون 12ساعة في
اليوم بمتوسط مدخول شهري (بسبب عدم وجود راتب) يقدر بـ 400ريال ب ا
رزيلي ( = 1 BRL
دفع رواتب قاطعي قصب السكر بحسب الكمية قصب السكر المقطوعة وليس بحسب ساعات العمل
كما تم اإلشارة إليه من قبل يخلق حالة استغالل مفرط للعمال تؤدي بالكثير منهم إلى المرض وعدم
االستطاعة على مواصلة العمل .ففي والية ساو باولو ،أكبر والية منتجة لقصب السكر في الب ارزيل،
يحصل العمال على 1.2دوالر أ مريكي لكل طن من قصب السكر مقطوع يدويا ،وعليه للحصول على
[Mendonça, 2010, يجب على العامل إعطاء 30ضربة منجل في الدقيقة لمدة 8ساعات في اليوم
ال
] .11عالوة على ذلك ،تميزت سنة 2007ببداية حصاد قصب السكر المعدل وراثيا ،وهو أقل ثق ً
ويحتوي على المزيد من السكروز .ولكن هذا يعني أيضا أنه إلنتاج 10أطنان في اليوم ،فإن العامل
الذي كان يقطع في السابق متوسط يومي 100متر من قصب السكر ،سيحتاج إلى قطع كمية أكبر
بثالث مرات للحفاظ على نفس الحصاد اليومي من حيث الوزن علما أنه حسب و ازرة الصحة الب ارزيلية
فإن قاطع قصب السكر يفقد ما يقارب 8لترات من الماء يوميًا وأن هذا اليوم يتجاوز عادة 10
ساعات من الجهد البدني [ .]Brito, 2009, 08وعلى الرغم من تحديث طرق قطع قصب السكر في
بعض المناطق ،يزعم العديد من المزارعين الكبار أنه ال يمكن حصاد حقول قصب السكر ميكانيكيًا
أرضي مائلة.
بسبب خصائص قصب السكر الذي ينمو بالقرب من سطح األرض وأحيانا على ا
225
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
• العبودية بالديون
طريقة أخرى الستغالل العمال تتمثل في تحفيز المنافسة فيما بينهم .فأولئك الذين ال يصلون إلى
األهداف الكمية المحددة من قصب السكر المقطوع والتي تساوي عادة ما ال يقل عن عشرة أطنان من
قصب السكر في اليوم ،ال يتم تعيينهم في موسم الحصاد المقبل ،أما أولئك الذين لديهم أفضل عوائد
تطلق عليهم تسمية "الثيران" يتم تعيينهم في موسم الحصاد المقبل إلى غاية أن يتوقفون عن العمل
بسبب المشاكل الصحية الناتجة عن الجهد المفرط ،ويطلق عليهم حينها تسمية "العجول المريضة"
] .[Mendonça, 2010, 08كما أنه في الكثير من األحيان ال يحصل هؤالء العمال على مال بل على
قسائم ) (couponsال يمكن استبدالها إال بالطعام في بعض أسواق المنطقة التي هي غالبا ملكية
أصحاب حقول قصب السكر نفسهم .وهذا يوضح حقيقة نظام يجعل العامل رهينة للخدمات التي
يقدمها له رب العمل .تبعية للعامل هذه لرئيسه غالبًا ما تتحول إلى استغالل من جانب رب العمل
الذي يستغل ديون العمال الذين ليست لديهم بدائل أخرى ،وهذا ما يعرف ب "العبودية بالديون" ،أي
جذب الفقراء العاملون إلى القرى البعيدة ثم دفعهم إلى المديونية من قبل أصحاب حقول قصب السكر
هذا الوضع أدى إلى العثور في كل سنة على مئات العمال في نفس الظروف المؤسفة في مزارع
وحقول قصب السكر :دون إثبات للتسجيل ،دون معدات حماية ،دون القدرة للوصول إلى المرافق
الصحية المناسبة أو حتى االستحمام ،دون مياه ،دون كميات كافية من الطعام أو جودة طعام مقبولة
ويعيشون في مالجئ مؤقتة تتسم بالقذارة .وكثي ًار ما يضطر هؤالء العمال أنفسهم إلى دفع ثمن األدوات
واألحذية والمناجل التي يستعملونها في قطع قصب السكر ،كما أنه في حال وقوع حادث ،ال يحصلون
العمال على الخدمات والعالج المناسب .لهذا السبب ،يختار المنتجون استخدام العمالة المهاجرة ،والتي
تعد واحدة من أخطر المشاكل في مجال صناعة اإليثانول في الب ارزيل باعتبار العمال موجودون خارج
226
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
حماية قوانين العمل ،بل موجودون تحت اللوائح الشخصية للمزارعين وللصناعيين ،كما أن كون معظم
-4-3-1-Iالحصيلة اإليكولوجية
تتميز الب ارزيل بوفرة مواردها المائية على السطح وفي الطبقات الجوفية مما يجعلها في وضع متميز
لتخطيط استخدامات متعددة للمياه بطريقة مستدامة ،كإنتاج قصب السكر من أجل تحويله إلى وقود
حيوي على الرغم من أن تحويل قصب السكر إلى إيثانول يتطلب كمية كبيرة من الماء ،حيث تقدر
هذه الكمية بحوالي 21م 3إلنتاج 1طن من قصب السكر عبر كل مراحل اإلنتاج كما يبينه الجدول
لتر من الماء.
أدناه ،كما أن إنتاج 1لتر من اإليثانول يتطلب ً 26ا
جدول :22متوسط استخدامات المياه في مصانع تحويل قصب السكر إلى إيثانول
متوسط استخدام المياه العملية
)م /3طن قصب السكر)
5.33 التغذية
0.4 استخراج (طحن)
0.4 عالج العصير
6.09 تركيز العصير
0.7 توليد الطاقة الكهربائية
4.0 التخمير
4.0 التقطير
0.08 آخر
21.00 المجموع
هذه المتطلبات الكبيرة من المياه لزراعة قصب السكر وإنتاج اإليثانول تجعل الب ارزيل يشهد في بعض
األحيان ندرة في المياه العذبة في بعض األقاليم أين معدل تساقط األمطار ضئيل .باإلضافة إلى ذلك،
تخطط الب ارزيل إلنتاج ما يقارب 65مليار لتر من اإليثانول بحلول عام ،2020مما سيتطلب ما
227
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
ورغم توافر المياه في الب ارزيل إال أن الكميات الكبيرة من المياه الضرورية إلنتاج قصب السكر وتحويله
إلى إيثانول ستطرح في المستقبل البعيد مشكلة خطر نقص إمدادات المياه في بعض المناطق مما
سيؤثر مباشرة على جودة وكمية المياه المتاحة في عدة قطاعات (المنزلي ،الزراعي ،الصناعي ،الخ).
عالوة على ذلك ،تتطلب زراعة قصب السكر كيماويات زراعية مثل مبيدات األعشاب ومبيدات
الحشرات ومبيدات اآلفات من أجل الحفاظ على إنتاجية الحقول ،حيث يقدر أنه بدون استعمال هذه
المبيدات فإن الحقول تفقد من %10إلى %80من إنتاجيتها [ .]Smeets et autres, 2006, 29ونتيجة
لذلك ،فإن زراعة قصب السكر مسؤولة عن أكثر من %50من جميع مبيدات األعشاب المستخدمة
في الزراعة الب ارزيلية ] .[Brito, 2009, 02وتجدر اإلشارة إلى أن األسمدة األكثر استخداما في الب ارزيل
هي كبريتات األمونيوم ( )NH4التي تسبب انبعاثات أكسيد النيتروز ( ،)N2Oوتتسبب في احتباس حراري
يفوق 150مرة أكثر االحتباس الحراري لغاز ثاني أكسيد الكربون ( ،)CO2أي ما يعادل 250كغ من
ثاني أكسيد الكربون لكل هكتار/سنة ] .[Brito, 2009, 02في حين تستخدم مبيدات األعشاب بكميات
تتراوح من 500إلى 3000غ/هكتار وال مبيدات الحشرية بكميات تتراوح من 15إلى 1000
غ/هكتار ] [Moreira, 2006, 10مما يزيد في الضرر البيئي حيث نجد العديد من هذه المبيدات
واألسمدة ومنتجات العالج الكيميائية في األنهار والمياه الجوفية .ولهذا السبب تعتبر الزراعة األحادية
المكثفة ( )monoculture intensifلقصب السكر سببًا رئيسياً لتلوث المياه وتدهور النظم المائية
العضوية والكيماويات الزراعية التي يقودها المطر وجريان المياه في المجاري المائية أين تتراكم مسببة
بذلك تدهور جودة المياه التي يمكن أن تتسبب في ضياع التنوع البيولوجي وتؤثر على وظائف النظم
البيئية المائية [ .]Martinelli et Filoso , 2011, 01باإلضافة إلى ذلك ،تتسبب الزراعة األحادية المكثفة
لقصب السكر في إنجراف التربة التي تعد من بين المشاكل الرئيسية المرتبطة بزراعة قصب السكر
228
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
[ ]Martinelli et Filoso, 2011, 02مما يزيد من معدل حمل األنهار بالرواسب ،حيث يقوم الجريان
المائي السطحي الذي يحدث في حقول قصب السكر بحمل معه كميات كبيرة من الرواسب
)(sédimentsالتي تتراكم في الوديان واألنهار والبحيرات والخزانات الطبيعية واالصطناعية للماء علما
الكهرومائية التي تعتمد على األداء السليم لألنظمة الهيدرولوجية مثل السدود .وبالتالي ،فإن تفاقم
مشاكل الترسيب يمكن أن يؤدي إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية كبيرة عالوة على العواقب البيئية.
كما تقوم مصانع تقطير قصب السكر إلنتاج اإليثانول برمي نفايات سائلة جد ملوثة ناتجة عن هذا
اإلنتاج في األنهار بحجم 3لتر لكل 1لتر منتج من اإليثانول ]،[Bertrand et autres, 2008, 19
وتعتبر هذه النفايات السائلة مشكلة نجدها في جميع مصانع تقطير قصب السكر إلنتاج اإليثانول
علما أ ن عالج طن واحد من قصب السكر يتطلب 0.85م 3من الماء الذي يتم تفريغه في الطبيعة
ساخنا ومحمالً بمكونات كيميائية مختلفة ] .[Droulers I, 2008, 08كما أن عملية التقطير إلنتاج لتر
ً
،]2009, 24جد أكال ( )corrosifوذو درجة ح اررة عالية وحموضة كبيرة ( ،)pH acideإذ أن معظم
الملوثات العضوية التي تم العثور عليها في المجاري المائية مصدرها هذا السائل الكحولي ذو المحتوى
العالي من الفوسفور والمواد المغذية والمواد العضوية [ .]Emond, 2011, 34ورغم أنه تم منع تفريغ
هذا السائل الكحولي في المجاري المائية منذ سنة 1980ورغم امكانية استعماله كسماد كيميائي للتربة
بعد معالجته نظ ار الحتوائه على اآلزوت والبوتاسيوم والمغنيزيوم [ ،]Soobadar, 2009, 25يبقى الواقع
غير ذلك حيث مازال يفرغ في الطبيعة دون معالجة بمعدل 140مليار لتر سنويا مما يؤدي إلى تلوث
المياه الجوفية ] [Droulers I, 2008, 08واستنزاف األكسجين من الماء مما يسبب نقص في متوسط
229
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
األكسجين ووفاة األسماك ومختلف أشكال الحياة األخرى في النظم اإليكولوجية المائية [ De Resende
.]et autres, 2006, 03ولهذا السبب تم تطوير تقنيات لمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة رسكلتها
هذه التقنيات نظ ار ألن دخولها حيز التطبيق سيؤدي حتما إلى زيادة سعر اإليثانول بنسبة %8حسب
• تدمير الغابات
توسعت صناعة قصب السكر الموجه إلنتاج اإليثانول بسرعة وتسببت في ضرر بيئي كبير باعتبار
أ ن زراعة قصب السكر تتطلب ضرورة تنظيف المنطقة المتواجدة فيها من جميع النباتات المحلية،
وبالتالي اجتثاث جميع األشجار .كما أن مزارع وحقول قصب السكر ال تحل محل مناطق زراعة المواد
الزراعية الموجهة للغذاء فحسب ،بل تدمر أيضا محميات الغابات ،حيث أنه لزرع المزيد من قصب
السكر لزيادة إنتاج اإليثانول ،تقوم الشركات بحرق الغابات األولية ،وهدم األشجار ودفنها للهروب من
عمليات التفتيش ،كما تقوم بنشر المبيدات مباشرة من خالل الطائرات ناشرة بذلك السموم التي تصل
رؤية حيوانات ميتة على الطرق في محاولة للهروب من دمار الغابات على غرار الذئاب ،والثعالب،
والثعابين ،والبوم وغيرها من الحيوانات ،باإلضافة إلى األسماك الميتة في األنهار [Soobadar, 2009,
].158
التوسع الحالي في الزراعة األحادية ( )monocultureلقصب السكر الموجه إلنتاج اإليثانول جعل من
الب ارزيل واحدة من أكبر الدول في العالم المسببة النبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغالف الجوي،
ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى تدمير الغابات المطيرة في األمازون من أجل تحويلها إلى حقول
لزراعة قصب السكر مما جعلها مولدة لوحدها نسبة %80من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في
230
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
الب ارزيل خاصة وأن األبحاث أثبتت أهمية غابات األمازون المطيرة في تنظيم المناخ العالمي ومستوى
تساقط األمطار على المستوى اإلقليمي ،إذ أن إزالة الغابات المطيرة في األمازون على نطاق واسع
يمكن أن يؤدي إلى زيادة في درجات الح اررة العالمية من 1إلى 2درجة مئوية ،بغض النظر عن
تغير المناخ وانخفاض في المستوى السنوي لتساقط األمطار ].[Emond, 2010, 17-18
ولم يقتصر التوسع الحالي في الزراعة األحادية لقصب السكر على تدمير الغابات المطيرة في
األمازون فحسب ،بل مس أيضا الغابات النهرية التي تحيط باألنهار والبحيرات والتي حولت بنسبة
المياه [ ،]Emond, 2011, 38كما مس المناطقة الغابية المحمية في منطقة "السيرادو" ()Cerrado
] [Alves, 2011, 08التي تغطي حوالي 2مليون كم 2من وسط الب ارزيل (تعادل تقريبا مساحة الجزائر
2.3مليون كم )2وتمثل %23من مساحة البالد [ ]Ratter et autres, 1997, 02علما أن الحكومة
الب ارزيلية استهدفتها كمنطقة ذات أولوية لتوسيع زراعة قصب السكر الموجه إلنتاج اإليثانول بسبب
التضاريس المواتية لها والجودة العالية لترابها إضافة إلى توفرها للموارد المائية .وقد أشارت دراسة
إلى أن ما يقارب 22000كم 2من هذه ال منطقة يتم تدميرها كل سنة وأنه بهذا المعدل سيتم تدميرها
بالكامل بحلول عام 2030علما أنه تم تدمير %80من هذه المنطقة إلى حد اآلن؛ هذا وتعد غابات
األمازون ومنطقة "السيرادو" أهم المناطق األحيائية ( )biomesفي الب ارزيل باإلضافة إلى مناطق أخرى
خضعت لضغوط بشرية قوية أدت إلى انخفاض كبير في مناطقها الغابية بسب زراعة قصب السكر
231
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
نالحظ من خالل هذا الجدول أنه ما عدى منطقة األمازون التي دمرت مناطقها الغابية بنسبة %15
"فقط" ،فان كل المناطق األخرى دمرت بشكل شبه كلي ،وهو ما يدل على األثر الجانبي السلبي البيئي
يقترن أسلوب الحرق ( )le brûlisبزراعة قصب السكر منذ ظهور المزارع األولى في الب ارزيل عام
.[Brito, 2009, 06] 1534ويعد حرق قصب السكر في الب ارزيل ممارسة شائعة للمنتجين لتسهيل
عملية الحصاد اليدوي ،إذ تقدر مناطق قصب السكر التي يتم حرقها سنويا بحوالي Smeets et [ %70
.]autres, 2006, 81تتم عملية الحرق بشكل رئيسي ألسباب اقتصادية حيث أن هذه الممارسة تقلل
إلى حد كبير من التكاليف المرتبطة بعمليات الحصاد .فاختيار أسلوب الحرق اذن يعزى أساسا إلى
الرغبة في خفض تكاليف حصاد قصب السكر ،خاصة وأن أداء العمال الذين يقطعون قصب السكر
أكثر فعالية بثالث مرات عندما يتم حرق الحصاد ] .[Brito, 2009, 03هذا ويعتبر حرق قصب السكر
المصدر الرئيسي للملوثات التي يمكن أن تلوث الهواء باعتباره يولد في وقت الحصاد غيوم من الدخان
تلوث الجو بغاز أول أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز ] .[Bertrand et autres, 2008, 19فهو
مصدر هام جدًا للحبيبات الصلبة العالقة في الهواء التي قد تكون مسؤولة عن مشاكل في الجهاز
232
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
التنفسي خالل موسم الحصاد ،حيث أن تركيز الحبيبات الصلبة المعلقة خالل هذا الموسم قد يصل
3 3
ال على صحة
إلى 91ميكروغرام/م مقابل 34ميكروغرام/م في باقي السنة مشكلة بذلك خط اًر محتم ً
اإلنسان [ ]Emond, 2011, 21باعتبار أن تلوث الهواء الناجم عن حرق قصب السكر يزيد بشكل كبير
من معدل اإلصابة بالسرطان وحاالت اإلصابة بالربو وأمراض القلب والشرايين واألوعية الدماغية
األخرى ،سواء كانت حاالت حادة (حاالت الطوارئ في المستشفيات والوفيات الناجمة عن عدم انتظام
ضربات القلب...الخ) أو حاالت مزمنة ] .[Mendonça, 2010, 14باإلضافة إلى ذلك ،لوحظ أن حرق
قصب السكر يسبب ضر ًار بالبنية التحتية (شبكات الكهرباء ،الطرق ،السكك الحديدية ،إلخ) وكذلك
بالغابات الموجود بالقرب من حقول قصب السكر [ ،]Smeets et autres, 2006, 47كما أنه يتسبب في
استخدام أسلوب الحرق على نطاق واسع ،سواء عند إعداد األرض أو أثناء الحصاد ،يولد أيضا عددا
من المشاكل األخرى ،السيما زيادة استخدام المبيدات باعتباره ال يسمح بإبادة كل األعشاب الضارة ،
بل على العكس من ذلك ،فهو يقوم بتسهيل وتسريع نموها مستقبال مما يرغم المزارعون على استخدام
مبيدات األعشاب على نطاق واسع لمكافحة هذه األعشاب غير المرغوبة .عالوة على ذلك ،ترتفع
درجة الح اررة إلى 100درجة مئوية في عمق 1.5سم داخل التربة أثناء عملية الحرق ،ويمكن أن
تصل إلى 800مئوية في عمق 15سم ،مما يؤثر على النشاط البيولوجي للتربة المسؤول عن
وضع حد ألسلوب الحرق من شأنه أن يضع حدا لهذه السلبيات ،ولكن هذا يتطلب ميكنة الحصاد،
غير أن هذه األخيرة ممكنة فقط من الناحية العملية على المنحدرات التي يقل ميلها عن .%15
باإلضافة إلى ذلك ،تصل نسبة فقدان السكر في الحصاد الميكانيكي إلى %15وهي نسبة تفوق بكثير
نسبة الفقدان في الحصاد اليدوي الذي يتم فيه قطع قصب السكر على مستوى سفلي للقصب؛ ولهذا
233
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
السبب مازال الحصاد اليدوي يمثل أكثر من %80من اإلنتاج ،حيث يعتقد العديد من الخبراء أن
حظر أسلوب الحرق سيؤدي إلى نزوح ريفي من شأنه أن يؤدي إلى تضخم األحياء الفقيرة في المدن
على الرغم من أن الب ارزيل يزخر بالمحاصيل الزراعية الزيتية المستخدمة في إنتاج البيوديزل وأنه مهتمًا
بهذا األخير منذ نصف قرن ،غير أن هذا االهتمام لم يتجسد فعال إال سنة 2004لما أبدى الب ارزيل
بوضوح نيته في االستثمار في هذا المجال من خالل إطالق برنامج إنتاج واستخدام البيوديزل
( )PNPBبمشاركة 14و ازرة ،ودعم لجنة تنفيذية ما بين الو ازرات ( ،)IECوتسيير و ازرة المناجم والطاقة
[]Antoine & Renaud, 2007, 09؛ حيث تم إنشاء هذا البرنامج بهدف تحقيق إنتاج مستدام للبيوديزل
وادخاله في مصفوفة الطاقة الب ارزيلية المتمحورة على اإلدماج االجتماعي والتنمية اإلقليمية لتحفيز
االقتصاد الريفي الذي تعتبره الحكومة الب ارزيلية عنصر أساسي في مكافحة الفقر.
تعزيز مفهوم التنمية المستدامة والمخاوف بشأن انبعاثات غازات الدفيئة وأمن الطاقة حفزت إنتاج
واستخدام البيوديزل في أوروبا أين بلغ اإلنتاج السنوي لهذا النوع من الوقود سنة إنشاء برنامج
أمريكي باالعتماد أساسا على الصويا .هذه األرقام لفتت انتباه الحكومة الب ارزيلية ،ال سيما وأن النمو
القوي في إنتاج البيوديزل حدث في بلدان ذات إمكانات زراعية أقل من إمكانات الب ارزيل ،األمر الذي
دفع الرئيس الب ارزيلي ( )Lulaإلى تأسيس مجموعة عمل مشتركة تضم 12و ازرة ( )GTIمكلفة بتحليل
جدوى إنتاج واستخدام البيوديزل في الب ارزيل ،حيث نظمت مجموعة العمل هذه العديد من الجلسات
234
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
العامة لجمع آراء مختلف الفاعلين :المزارعين ،رجال األعمال ،العمال ،النقابات ،الحكومات المحلية،
الجامعات ومعاهد البحوث .وخلص تقرير مجموعة العمل هذه الذي قدم يوم 4ديسمبر 2003إلى
ضرورة اعداد برنامج لتشجيع إنتاج واستهالك البيوديزل في الب ارزيل من خالل دمجه مع الديزل في
لفهم مختلف الجوانب القانونية لبرنامج إنتاج واستخدام البيوديزل ( ،)PNPBالبد من اإلشارة أوال إلى أن
هذا البرنامج هو برنامجا اجتماعيا قبل كل شيء كما سنراه الحقا :
-تم إنشاء البرنامج بموجب المرسوم الصادر في 23ديسمبر ،2003ودخل حيز التطبيق عمليا في
06ديسمبر 2004؛
-تم اعتماد إدخال البيوديزل كوقود جديد في 13سبتمبر 2004بموجب الالئحة الرئاسية رقم 214؛
-منحت الالئحة الرئاسية رقم 214مسؤولية تنظيم إنتاج البيوديزل ،مراقبة جودته ،توزيعه وتسويقه،
فضال عن معدل دمجه في الديزل في محطات الوقود إلى وكالة البترول والغاز الطبيعي والوقود
-تفرض و ازرة التنمية الزراعية على منتجي البيوديزل أ ن يقحموا في عملية اإلنتاج حد أدنى من المواد
الخام الزراعية المنتجة من طرف المزارعين األسريين من خالل توقيع عقود مع هؤالء المزارعين مع
-بموجب القانون رقم 2005/11097تم فرض حد أدنى لدمج البيوديزل في الديزل يقدر ب ،%2
ثم %5بحلول سنة ،2010ليتم بعد ذلك المصادقة على القانون 13033الصادر في 24سبتمبر
235
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
-تم منح المزارع العائلية الصغيرة األولوية عند بيعها لموادها األولية الزراعية أو عند بيعها للبيوديزل
الذي تنتجه ،إضافة إلى منح تسهيالت ائتمانية للمزارعين األسريين لشراء البذور التي تدخل في إنتاج
محاصيل زراعية موجهة للمصانع الكبرى إلنتاج البيوديزل و تسهيالت ائتمانية أخرى لشراء اآلالت
التي تستخدم في إنتاج هذه المحاصيل [ ]Cordoso et autres, 2017, 03أو التي تستخدم إلنتاج
البيوديزل مباشرة في هذه المزارع العائلية الصغيرة ،كما تم منح شهادات "وقود اجتماعي" لمصانع إنتاج
البيوديزل التي تلتزم بشراء نسبة مئوية دنيا من المواد األولية الزراعية من المزارع األسرية شرط إثبات
ذلك بعقد يوضح الكميات المشترات وأسعار الشراء ،وشرط تقديم تكوين مجاني للمزارعين باإلضافة
إلى مختلف المساعدة التقنية .في المقابل ،تسمح هذه الشهادات لمصانع إنتاج البيوديزل بالحصول
على تخفيضات ضريبية واألولوية في مزادات بيع البيوديزل التي تنظمها الوكالة الب ارزيلية للبترول
تحديات التنمية االقتصادية واالجتماعية في الب ارزيل جد معتبرة؛ فمعدل البطالة يفوق ،)2016( %13
نسبة %10من أغنى السكان تكسب أكثر من %50من الدخل الكلي للبالد ونسبة %1فقط منهم
تكسب لوحدها ما يقرب ربع هذا الدخل ،متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي أربعة مرات
ونصف أقل من الرقم المسجل في فرنسا وتفاوتات الدخل صارخة حيث أن نصف السكان لديهم دخل
شهري متوسط أقل من أو يساوي 188ريال ب ارزيلي ( ،)1 BRL = 34,19DZD - 2018سكان الريف
الذين يشكلون %15من إجمالي السكان يكسبون دخل شهري متوسط يقل بنسبة %50على سكان
الحضر ،وما يقرب من نصف الب ارزيليين يعيشون في فقر مدقع ،معظمهم في المناطق الريفية أين
يتمركزون بنسبة [ %75مختلف األدبيات ،إحصائيات .]2016تضاف إلى هذه المالحظات االقتصادية
واالجتماعية إشارة أخرى تنذر بالخطر وهي عدم المساواة العرقية ،حيث يقدر المعهد الب ارزيلي للجغرافيا
236
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
واإلحصاءات ) (IBGEأن أغنى الب ارزيليين ( %10من السكان) هم من البيض بنسبة %70؛ وعلى
كل هذه األرقام جعلت من برنامج إنتاج واستخدام البيوديزل ( )PNPBبرنامج اجتماعي قبل أن يكون
برنامج زراعي ،طاقي أو بيئي .فهو يهدف على وجه الخصوص إلى توليد مداخيل في أفقر المناطق
من خالل دمج المزارع األسرية الصغيرة في اقتصاد السوق والحد من عدم المساواة بين هذه المزارع
األسرية الصغيرة والمزارع التجارية الضخمة باعتبار أن الب ارزيل يتميز بهيكل زراعي ثنائي القطب،
حيث من ناحية توجد زراعة مؤسسية محترفة مندمجة في اقتصاد السوق تتكون من مزارع ضخمة
ورأس المال كبير جدا ،ومن ناحية أخرى زراعة أسرية بدائية تتكون من عدد كبير من المزارع الصغيرة
تضم أغلبية فقراء المناطق الريفية ويقدر عددها ب 4.4مليون مزرعة عائلية صغيرة بينما توجد
.]12ورغم أن المزارع األسرية الصغيرة توفر الجزء األكبر من األطعمة التي يتناولها الب ارزيليون كون
إنتاجها متنوعا (فاصوليا ،قمح ،حليب ،دواجن ،مواشي...الخ) على عكس المزارع التجارية الضخمة
األحادية الزراعة بسبب ضعف مرونتها ،إال أن االستحواذ على المساحات الزراعية وعدم تكافؤ الفرص
في الحصول على الموارد (مثل القروض البنكية) جعل المزارع التجارية الضخمة تخلق أكبر حص ة
من القيمة اإلجمالية لإلنتاج الزراعي الب ارزيلي ،بينما تكتفي غالبية المزارع العائلية بتحقيق االكتفاء
الذاتي .وللحد من كل هذه الفوارق ،تم إنشاء برنامج إنتاج واستخدام البيوديزل ( )PNPBالذي يقدم
الدعم للمزارع العائلية الصغيرة من خالل تمويل مشاريعهم اإلنتاجية لمختلف المواد األولية الزراعية
المستعملة في إنتاج البيوديزل أو ومنحهم إعفاءات ضريبية جزئية أو كلية عند إنتاجهم للبيوديزل مع
237
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
القيام بتقديم لهم تكوين مجاني من طرف الدولة ،وتجدر اإلشارة أن البرنامج يمول من %80إلى
%90من المشاريع التي تم الموافقة عليها [.]Antoine & Renaud, 2007, 11
هذا ويسعى البرنامج إلى تحقيق أهداف أخرى ثانوية مقارنة باألهداف االجتماعية ،وهي [مختلف
األدبيات]:
-تقليل االعتماد على واردات النفط وواردات الديزل (باعتبار البيوديزل يحل محل الديزل فقط)؛
-تحفيز إنتاج مجموعة متنوعة من المحاص يل الزراعية التي تدخل في إنتاج البيوديزل؛
-الحد من نفقات الصحة العامة باعتبار أ ن البيوديزل يقلل من انبعاثات الغازات الضارة [08
نقدم فيما يلي أهم النتائج المحققة في إطار برنامج إنتاج واستخدام وقود البيوديزل (: )PNPB
-سمح البرنامج بإدخال البيوديزل بنجاح في مصفوفة الطاقة الب ارزيلية بطريقة مرضية ،حيث ورغم
ضعف الحد األدنى لمعدل دمج البيوديزل في وقود الديزل في بداية البرنامج ( %2سنة )2003إال
أنه مباشرة بعد الشروع في تنفيذه سمح البرنامج بتكييف 38000محطة وقود في الب ارزيل لتوزيع
البيوديزل بنسبة الدمج المفروضة من قبل الدولة ليصبح الب ارزيل 10سنوات فقط بعد دخول البرنامج
حيز التطبيق عمليا ثاني أكبر منتج عالمي للبيوديزل سنة 2015بكمية منتجة قدرها 3.5مليار لتر
( %12من اإلنتاج العالمي) بعد الواليات المتحدة األمريكية ( 4.8مليار لتر ،أي حوالي %16من
238
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
اإلنتاج العالمي) ،وهذا اإلنتاج في تزايد مستمر حيث يرتفع بمتوسط سنوي قدره % 15.6كما يبينه
الشكل أدناه.
65,3
إنتاج البيوديزل
(ألف برميل/يوم)
20,1
2008 2016
يظهر الشكل أعاله ارتفاع اإلنتاج اليومي للبيوديزل بين سنتي 2008و 2016بمقدار 45.2ألف
برميل /يوم وبمتوسط معدل زيادة سنوية قدره ،%15.9وترجع هذه الطفرة الكبيرة في اإلنتاج إلى
ثالث أسباب رئيسية .السبب األول راجع إلى التسهيالت (إعفاءات ضريبية ،قروض بمعدالت فائدة
منخفضة ،تكوين مجاني ،خدمات استشارية ،تأجير أراضي استثمارية بأسعار رمزية...الخ) التي
حصل عليها المزارعين الصغار المعتمدين عند إبدائهم رغبة إنتاج البيوديزل باستعمال محاصيلهم
الزراعية التي يعرف الب ارزيل فيها فائض في اإلنتاج أو بعد االلتزام بإنتاج محاصيل زراعية يعرف فيها
الب ارزيل عج از بشرط توجيه جزء منها إلى التغذية اإلنسانية؛ السبب الثاني يتمثل في ارتفاع سعر الوقود
األحفوري في الب ارزيل نتيجة ارتفاع سعر البترول خالل هذه الفترة مما حفز إنتاج واستهالك الوقود
الحيوي؛ في حين يرجع السبب الثالث إلى رفع الحد األدنى اإلجباري لمعدل دمج البيوديزل في الديزل
239
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
إلى %5سنة 2010ثم إلى %7سنة .]Cordoso et autres, 2017, 02[ 2014وتجدر اإلشارة إلى
أن إنتاج البيوديزل في الب ارزيل مرشحا للتزايد أكثر مستقبال كما يبينه الشكل الموالي بسبب وجود 56
مصنع للبيوديزل في الب ارزيل يستخدمون أقل من %50من طاقتهم اإلنتاجية [ ،]Rayol, 2013, 24أي
أن إنتاج البيوديزل في الب ارزيل ال يظهر القدرة اإلنتاجية الحقيقة للب ارزيل باعتبار أن الطاقة اإلنتاجية
لمحطات البيوديزل هي أكثر من اإلنتاج الحقيقي ،حيث بلغ الفرق بين الطاقة اإلنتاجية واإلنتاج
2012
2021
2000
2001
2002
2003
2005
2006
2007
2008
2009
2010
2011
2013
2014
2015
2016
2017
2018
2019
2020
2022
2023
2024
2025
2026
يبرز الشكل أعاله الحجم الكبير الذي بلغه إنتاج البيوديزل (الديزل الحيوي) رغم حداثة صناعته في
الب ارزيل التي ظهرت إال في سنة 2004مع إطالق البرنامج الوطني إلنتاج واستخدام البيوديزل
( .]Rayol, 2013, 09[ )PNPBكما يالحظ أ ن هذا اإلنتاج مرشحا لالرتفاع مستقبال ليبلغ أكثر من
42.5مليار لتر بحلول سنة ،2025أي بارتفاع متوقع قدره 0.7مليار لتر مقارنة مع مستوي إنتاج
240
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
-فشل أحد أهم أهداف البرنامج المتمثل في تحفيز إنتاج مجموعة متنوعة من المحاصيل الزراعية
واالستفادة منها في تصنيع البيوديزل .فماعدا الصويا الذي أصبح الب ارزيل ثاني منتج له في العالم
سنتين فقط بعد دخول البرنامج حيز التطبيق [ ،]Bertrand & Théry, 2006, 46والطفرة الكبيرة التي
عرفه إنتاجه خالل السنوات األخيرة كونه تضاعف بأكثر من مرة ونص ف في ظرف خمسة سنوات فقط
كما يبينه الجدول الموالي لدرجة أن حصته أصبحت تمثل أكثر من %80من إجمالي المحاصيل
الزراعية المستخدمة في إنتاج البيوديزل في الب ارزيل [،]Union brésilienne du biodiesel, 2010, 14
إال أن المحاصيل الزراعية األخرى التي يمكن استعمالها في إنتاج البيوديزل لم تعرف تغي ار جذريا
ويمكن تفسير هيمنة الصويا أوال من خالل الكفاءة العالية لزيتها في إنتاج البيوديزل ،وثانيا في كون
زيت الصويا هو في الواقع منتوج ثانوي لبقايا الصويا الذي يتم إنتاجه في المقام األول للتغذية
اإلنسانية والحيوانية ،وبالتالي يمكن للمزارعين الصغار إنتاج الصويا من أجل بيعه ألغراض غذائية
سواء كانت إنسانية أو حيوانية ثم تثمين بقاياه الزيتية إلنتاج البيوديزل .باإلضافة إلى ذلك ،فإن
الب ارزيل مستورد لكل الزيوت األخرى الممكن استعمالها في تصنيع البيوديزل على غرار زيت النخيل،
زيت عباد الشمس ،وزيت بذور اللفت ،باستثناء زيت الصويا [.]Rayol, 2013, 25
241
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
شكل : 83زيوت المواد األولية المستعملة في إنتاج البيوديزل في الب ارزيل ()2015-2006
يتضح من الشكل أعاله غياب كل المحاص يل الزراعية الزيتية التي يستوردها الب ارزيل والهيمنة الواضحة
للصويا في إنتاج البيوديزل حيث قدرت نسبته ب %82سنة ،2015في حين أن المواد األخرى
المستعملة في هذا اإلنتاج هي منتجات ثانوية على غرار الشحوم الحيوانية ) (Suifالمتحصل عليه عن
طريق ذوبان دهون مختلف األنواع الحيوانية كاألغنام ولحم البقر والتي مثلت نسبتها %12سنة
،2015وزيت بذرة القطن بنسبة %5باإلضافة إلى مختلف الزيوت األخرى بنسب ضئيلة جدا لم
البرنامج قد نجح في تعزيز تنمية المناطق الفقيرة ودمج الزراعة األسرية في سوق الطاقة ،حيث شاركت
115000أسرة من المزارعين في هذا البرنامج نهاية سنة 2016وتأسست 70جمعية تعاونية تجمع
ثلثي البذور الزيتية التي ينتجها المزارعون األسريون الذين يستمدون من بيعهم متوسط دخل يبلغ
.]l'approvisionnement alimentaire
242
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
-من الناحية البيئية ،سمح استخدام البيوديزل كبديل للديزل في الب ارزيل من الحد من انبعاثات غازات
االحتباس الحراري وتحسين نوعية الهواء بتخفيضه النبعاثات المواد الجسيمية وثاني أكسيد الكبريت
وثاني أكسيد الكربون ،وهي غازات جد مضرة بالصحة ،إذ سجلت 133000حالة دخول المستشفى
بسبب مشاكل في الجهاز التنفسي في أكبر ستة مدن الب ارزيلية ،أكثر من 37000منها كان سببها
احتراق وقود الديزل البترولي .ووفقًا للتقديرات المتاحة ،فإن استهالك البيوديزل خفض آالف حاالت
االستشفاء المتعلقة بأمراض الجهاز التنفسي في المدن الرئيسية في الب ارزيل سنة ،2010وهو ما يمثل
استثمرت صناعة البيوديزل 1.6مليار يورو وخلقت 1.3مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة .وفي
نهاية سنة ،2011بلغت القيمة التراكمية لمبيعات البيوديزل قرابة 20مليار يورو [ Rayol, 2013,
.]26
-سمح البرنامج من تقليل االعتماد على واردات المنتجات النفطية وتعزيز أمن الطاقة في البالد .فبين
2006و ،2011حسب دراسة أجريت في معهد البحوث االقتصادية لجامعة ساو باولو ،سمح
قمنا في هذا المبحث بتقديم عرض شامل عن التجربة الب ارزيلية في مجال دعم الوقود الحيوي من
خالل برنامج اإليثانول ( )Proalcoolثم برنامج إنتاج واستخدام البيوديزل ( .)PNPBوقد استخلصنا أن
إنشاء برنامج اإليثانول ( )Proalcoolكان يرمي أساسا إلى تحقيق هدف طاقي تمثل في إنهاء التبعية
تجاه النفط المستورد إلنتاج الوقود محليا ،عالوة على هدف اقتصادي تمثل في استثمار الوفرات المالية
243
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
الناجمة عن تقليل تكاليف استيراد النفط في االقتصاد الوطني ،كما أن اإلجراءات والتدابير والقوانين
المتمثل على التوالي في تذبذب أسعار النفط وأسعار مادة السكر في األسواق الدولية.
كما استخلصنا أنه إذا كان لهذا البرنامج حصيلة طاقية جيدة باعتبار أن الب ارزبل حقق االكتفاء الذاتي
من الوقود واحتل الصدارة العالمية في إنتاج واستهالك اإليثانول لعدة عقود قبل أن يصبح حاليا في
المرتبة الثانية عالميا بعد الواليات المتحدة األمريكية ،إال أن ما يؤخذ عليه هو حصيلته االجتماعية
كونه أدى استعباد المزارعين المحليين الصغار وادخالهم في دوامة المديونية وخلقه لمناصب شغل
موسمية وهشة ،إضافة إلى حصيلته الزراعية واأليكولوجية باعتباره َخَل َق زراعة أحادية مكثفة خاصة
بقصب السكر كان لها تأثير سلبي مباشر وغير مباشر على األراضي مما أدى إلى تفاقم مشكلة
الغذاء عالوة على تدهور النظم المائية وتدمير الغابات وتلوث الهواء.
وأخي ار استخلصنا أن الب ارزيل استفاد من دروس برنامج اإليثانول ( ،)Proalcoolالسيما فيما يخص
حصيلته الزراعية واالجتماعية السيئة ،مما سمح له بإطالق برنامج جديد خاص بإنتاج واستخدام
البيوديزل ( )PNPBاستجاب لرهانات وتحديات التنمية الزراعية واالجتماعية االقليمية في الب ارزيل
باعتباره َول َد مداخيل في أفقر المناطقَ ،د َم َج المزارع األسرية الصغيرة في اقتصاد السوقَ ،حد من عدم
المساواة بين المزارع األسرية الصغيرة والمزارع التجارية الكبيرة وحف َز االقتصاد الريفي.
على غرار التجربة الب ارزيلية التي استلهمت منها فرنسا الخطوط العريضة لسياستها في مجال دعم
الوقود الحيوي ،فقد استجاب تطوير قطاع الوقود الحيوي في فرنسا لرهانات بيئية (خفض انبعاثات
غازات الدفيئة الناتجة عن النقل) واقتصادية (خفض اعتماد البالد على الطاقة األحفورية) واجتماعية
(خلق مناصب شغل زراعية وصناعية) وإقليمية (تنمية المناطق الريفية) من خالل انتهاج سياسة
244
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
طموحة في مجال دعم إنتاج واستهالك الوقود الحيوي جعلت من فرنسا الدولة الرائدة في السوق
األوروبية في قطاع الوقود الحيوي إلى جانب ألمانيا والسباقة في اتخاد تدابير دعم لهذا القطاع على
المستوى األوروبي ،السيما في نظامها الضريبي ،وهذا ما سنقوم باستعراضه في هذا المبحث.
-1-IIالتدابير الضريبية
تعتمد السياسة الفرنسية في مجال دعم الوقود الحيوي على مجموعة من التدابير والحوافز ،خاصة منها
الضريبية التي تعتبر أهم حوافز لسياسة دعم الوقود الحيوي في فرنسا مقارنة مع غيرها من الحوافز
األخرى (الزراعية ،البحث والتطوير ،)...حيث تقوم هذه الحوافز الضريبية على آليتين رئيسيتين وآلية
ثانوية تتمثل كلها في :خفض الرسم على االستهالك المحلي للمنتجات الطاقية ( )TICPEلصالح
الوقود الحيوي ،وفرض ضرائب على موزعي الوقود الذين ال يقومون باستبدال جزء من الوقود البترولي
بالوقود الحيوي من خالل الرسم العام على األنشطة الملوثة ( ،)TGAPونظام قانوني خاص يؤطر
استخدام الزيوت النباتية النقية التي تستفيد من اعفاء ضريبي كلي لما تكون غير محظورة.
هو الرسم الرئيسي المفروض في فرنسا على جملة معينة من المنتجات الطاقية ،بما في ذلك المنتجات
من أصل بترولي ،وقد أنيطت إلدارة الجمارك مهمة تنظيم وتطبيق هذا الرسم [٬ 105-117
في سنة ،2011تم تغيير اسم هذا الرسم من الرسم على االستهالك المحلي للمنتجات النفطية
( )TICPPإلى الرسم على االستهالك المحلي للمنتجات الطاقية ( ،)TICPEبعدما أصبحت القاعدة
الضريبية لهذا الرسم تنطبق على المنتجات غير النفطية كالسيارات الكهربائية والوقود الحيوي علما أن
هذا األخير يستفيد من اعفاء ضريبي جزئي أو كلي منذ سنة 1992بغرض ضمان قدرته التنافسية
245
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
يشمل هذا الرسم الئحة مشتركة من المنتجات بين جميع الدول األعضاء في االتحاد األوروبي في
اطار التوجيه EC/96/2003الصادر في 27أكتوبر ،2003ولكن ينص التوجيه على أنه يتم فرض
ينطبق الرسم على أي منتج معروض للبيع وموجه لالستخدام كوقود للمحركات أو كمادة مضافة لزيادة
الحجم النهائي لوقود المحركات (على هذا النحو ،فإنه ينطبق على جميع أنواع الوقود الحيوي ،ولكن
بسلم مختلف).
-2-1-1-IIقيم الرسم
يفرض هذا الرسم على حجم المبيعات وليس على سعر البيع ،وبالتالي فإن مبلغ الرسم ثابت يفرض
على كل وحدة مباعة ،إال أنه يختلف من منتوج طاقي إلى آخر ( البنزين أو الديزل مثال) ومن نوع
استهالك إلى آخر (االستخدام كوقود للسيارة أو للتدفئة المنزلية) ،وهذا ما يوضحه الجدول أدناه.
جدول :25قيم الرسم على االستهالك المحلي لبعض المنتجات الطاقية باألورو/هكتولتر
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على []Code des douanes français, Chapitre Ier : Taxes intérieures
يعكس هذا الجدول إرادة ضمان القدرة التنافسية للوقود الحيوي مع الوقود األحفوري ،إذ نالحظ أن قيمة
الرسم على االستهالك المحلي للوقود الحيوي (اإليثانول الممتاز )E85جد منخفضة مقارنة مع تلك
246
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
المفروضة على أنواع الوقود األخرى ،كما عرفت هذه القيمة انخفاض معتبر سنة 2016بعدما انتقلت
البترولي بمختلف أنواعه الذي يفرض على استهالكه رسم معتبر يعرف ارتفاعا مستم ار منذ سنة
2014مما أ سفر عن اضرابات وحركات احتجاجية واسعة النطاق في فرنسا دامت عدة أسابيع بين
نوفمبر وديسمبر 2018أطلق عليها تسمية "حركة السترات الصفراء" ( Mouvement des gilets
.)jaunes
تستفيد بعض المهن واألنشطة من إعفاءات ضريبية جزئية أو كلية ،منها :
• سيارات األجرة؛
تستفيد وحدات إنتاج الوقود الحيوي من تخفيض في الرسم على االستهالك المحلي للمنتجات الطاقية
( ،)TICPEبشرط أن تكون هذه الوحدات معتمدة من قبل ال وزير المكلف بالميزانية بعد مشاورة للوزراء
المسؤولين عن الزراعة والصناعة ،مع العلم أن مدة االعتمادات الممنوحة ال يمكنها أن تتجاوز ستة
ويقتصر التخفيض في الرسم على االستهالك المحلي للمنتجات الطاقية ( )TICPEعلى كميات الوقود
247
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
• 4.5يورو لكل هكتولتر من استرات ميثيل الزيوت النباتية ( )EMHVواسترات الميثيل الزيوت
• 8.25يورو لكل هكتولتر من مشتقات كحول األثيل مدمج في الوقود الممتاز ذو مكونات زراعية؛
• 8.25يورو لكل هكتولتر من كحول األثيل ذو أصل زراعي مدمج في الوقود الممتاز أو اإليثانول
الممتاز E85؛
• 8.25يورو لكل هكتولتر من استرات إيثيل الزيوت النباتية ( )EEHVمدمج في وقود الديزل أو وقود
التدفئة.
وتجدر اإلشارة إلى أن كل متعامل مستفيد من اعتماد إلنتاج الوقود الحيوي ملزم على أن يعرض للبيع
الرسم العام على األنشطة الملوثة ( )TGAPهو رسم إجباري يقوم على مبدأ الملوث/الدافع ،ويستحق
على المؤسسات ذات أنشطة أو منتجات تعتبر ملوثة :النفايات ،االنبعاثات السامة ،الوقود ،زيوت
التشحيم ،المنظفات وغيرها .ويختلف معدل الرسم العام على األنشطة الملوثة ( )TGAPباختالف نوع
النشاط الممارس والمنتوج :الرسم المطبق على الوقود الحيوي يدعى الرسم العام على األنشطة الملوثة -
وقود ( )TGAP Carburantيخضع إلجراءات خاصة وقد تأسس بموجب قانون المالية لسنة 2005
قيمة الضريبية للرسم العام على األنشطة الملوثة -وقود ( )TGAP Carburantجد مرتفعة ،إذ تصل إلى
%20من رقم أعمال الموزع الذي ال يدمج الوقود الحيوي في الوقود البترولي [ Commission des
248
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
يمثل حافز كبير لدمج الوقود الحيوي في الوقود البترولي؛ ويتم حساب قيمته بإجراء اقتطاع على قيمة
%7 %7 %7 %7 %7 %6.25 %5.75 %3.5 %1.75 %1.2 المعدل
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على إحصائيات الوزارة الفرنسية للبيئة ،الطاقة والبحر2015 ،
][www.developpement-durable.gouv.fr
-2-2-1-IIهدف الرسم
إدماج الوقود الحيوي في البنزين والديزل يقلل من معدل الرسم العام على األنشطة الملوثة الخاصة
بالوقود بما يتناسب مع الكميات المدمجة ،وبالتالي يشجع استخدام الوقود الحيوي.
فهذا الرسم إذن هو في الحقيقة عقوبة مالية ضد موزعي الوقود الذين ال يقومون بدمج الوقود الحيوي
في الوقود البترولي ،إذ يفرض عليهم بلوغ معدل الدمج الذي يفرضه القانون في كل من الديزل
والبنزين (دون وجود امكانية تعويض بين هاتين الفئتين من الوقود) كما هو مبين في الجدول الموالي
وذلك لتفادي هذا الرسم وتحفيز الموزعين على دمج الوقود الحيوي في الوقود البترولي.
249
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
المالحظة الهامة المستخلصة من الجدول أعاله هي أن المعدالت األدنى لدمج الوقود الحيوي في
فرنسا منخفضة نسبيا مقارنة مع ما هو معمول به في ال دول الرائدة في مجال الطاقة الحيوية على
غرار الب ارزيل التي معدل الدمج األدنى فيها هو %25كما بيناه سابقا.
إذا كان الموزع ال يستطيع تبرير دمجه للوقود الحيوي في الوقود البترولي الذي يعرضه للبيع ،فيجب
عليه دفع الرسم على كل كميات الوقود المعروضة لالستهالك .ولذلك ،فمن الضروري أن يقوم موزع
الوقود بتبرير كميات الوقود الحيوي المدمجة في الوقود البترولي الذي يعرضه لالستهالك من خالل
وثائق تسمح بتتبع مسار الوقود الحيوي منذ استالمه (الشراء) إلى غاية إدراجه في الوقود البترولي
مرو ار بنوعه ] ،[Ministère des finances et des comptes publics, 2015, 10وتتمثل هذه الوثائق
-شهادة االكتساب ،صادرة عن مستودع التخزين الحكومي للوقود الحيوي لصالح موزع الوقود
البترولي المعتمد ،حيث تبين هذه الشهادة أنه تم فعال اقتناء الوقود الحيوي ،كما تدل هذه الشهادة على
-شهادة الدمج ،صادرة عن مستودع التخزين الحكومي ،حيث تبين هذه الشهادة أنه تم فعال إدراج
وفقا للمادة 265مكرر من قانون الجمارك الفرنسي ،يحظر استخدام الزيت النباتي النقي كوقود؛ ومع
ذلك ،أذن قانون الزراعة الصادر في 5جانفي 2006استخدام الزيت النباتي النقي كوقود من قبل
المزارعين الذين أنتجوا بأنفسهم النباتات الزيتية التي تم استخراج الزيت النباتي النقي منها ،كما ينص
هذا القانون على اإلعفاء الضريبي الكلي من الرسم على االستهالك المحلي للمنتجات النفطية
250
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
( )TICPPلهذه الزيوت .ويبرر هذا النظام القانوني الخاص بالزيوت النباتية النقية باالستحالة العملية
لمراقبة المزارعين الذين يستعملون الزيت النباتي النقي كوقود باإلضافة إلى استحالة تحصيل الضرائب
عنهم.
-2-IIالتدابير الزراعية
تتمثل التدابير الزراعية في إجراء واحد ،حيث منذ سنة 2004يتم تحفيز المزارعين على إنتاج مختلف
المحاصيل الزراعية الموجهة إلنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول في إطار ما يسمى بمساعدات
محاصيل الطاقة ( )ACEالتي تسمح للمزارعين بالحصول على مساعدة مالية قدرها 45يورو/هكتار
بشرط إنتاج محاصيل طاقية ،أي إنتاج محاصيل موجهة إلنتاج الوقود الحيوي ]،]Bernard, 2008, H
مع العلم أن 45يورو في الهكتار الواحد تمثل بين 12و 15يورو مساعدة مالية لكل طن منتج
[ ،]Lepicard, 2014, 3ويتم منح هذه المساعدات المالية فقط على األراضي الزراعية التي يغطيها عقد
مبرم بين المزارعين المالكين لهذه األراضي ومنتجي الوقود الحيوي .وفي حالة ما إذا كان المزارع ينتج
عدة محاصيل زراعية موجهة إلنتاج الوقود الحيوي (اللفت ،عباد الشمس ،القمح ،)...يستلزم عليه إبرام
سمحت مساعدات محاصيل الطاقة ( )ACEلمنتجي الوقود الحيوي بتأمين تموين وحداتهم اإلنتاجية
بالمواد الخام ،من جهة ،كما سمحت للمزارعين بتأمين بيع محاصيلهم الزراعية دون صعوبة ،من جهة
أخرى.
في ماي 1994تم تأسيس تكتل علمي بهدف تطوير صناعة الوقود الحيوي وتثمين االستخدامات غير
251
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
يجمع هذا التكتل العلمي بين الو ازرات المعنية (الصناعة ،البيئة ،التعليم العالي ،الزراعة) ووكالة إدارة
البيئة والطاقة ( ،)ADEMEباإلضافة الى مجموعة من المعاهد مثل المعهد الوطني للبحوث الزراعية
( )INRAوالمعهد الفرنسي للبترول ( ،)IFPوالعديد من الجمعيات الزراعية مثل اتحاد مزارعي البنجر
وقد أسفر هذا التكتل عن ظهور برنامج جديد لتطوير الوقود الحيوي من الجيل الثالث في فرنسا
تستند التنمية المستدامة على ثالث ركائز أساسية تدمج في جميع السياسات الحكومية الفرنسية :ركيزة
اقتصادية ،ركيزة اجتماعية وركيزة بيئية .فبعدما أظهرت الدراسات أن إنتاج وقود جديد مستخرج من
الطحالب الدقيقة يوفق بين هذه الركائز الثالث ،اضطر السياسيون إلى النظر في فكرة تصنيع هذا
الجيل الجديد من الوقود على نطاق واسع ،خاصة إذا علمنا أنه على عكس الوقود الحيوي من الجيل
األول فإنه يمكن استعمال الوقود الحيوي من الجيل الثالث مباشرة في أي سيارة دون تكييف محركها
مع هذا النوع من الوقود ،وهو ما دعت إ لى معرفته لجنة تحرير النمو الفرنسي ( commission pour la
)libération de la croissance françaiseمن خالل تقرير صادر عنها معروف بتقرير "،"Attali
وبالضبط في القرار رقم ،82دعى إلطالق برنامج للبحث والتطوير في مجال الوقود الحيوي من
الجيل الثالث مشي ار إ لى "وجود امكانات كبيرة غير مستغلة في الطاقة الحيوية المستمدة من الطحالب
الدقيقة من أجل تطوير أكثر للجيل الثالث من الوقود الحيوي والتحكم بشكل أفضل في انبعاثات ثاني
أكسيد الكربون مع تحقيق حماية أفضل للبيئة ،إضافة إلى خلق فرص عمل واكتساب خبرة ومهارات
252
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
أسفر برنامج تطوير الوقود الحيوي من الجيل الثالث على إنجاز ثمانية مخابر مشتركة في مشروع
."Shamash" إنتاج الوقود الحيوي باستخدام الطحالب الدقيقة أطلق عليه تسمية مشروع
Shamash مشروع
) ووكالة البحوث الوطنيةPNRB( هو مشروع ممول من طرف البرنامج الوطني ألبحاث الطاقة الحيوية
UMR 7093
Laboratoire d’Océanographie de Villefranche (LOV) CNRS - Université Paris VI
253
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
وقد شارك أربعون عالما فرنسيا ودوليا في هذا المشروع ،حيث تكفل المعهد الوطني للبحوث الزراعية
الطحالب الدقيقة التي طبقت من طرف مختبر هندسة العمليات لجامعة ( ،)Nantesفي حين تك فل
معهد البحوث الفرنسية الستغالل البحار ( )Ifremerباختيار أفضل سالالت الطحالب الدقيقة من حيث
اإلنتاجية الزيتية ،بينما درس مختبر المحيطات ( )LOVخصائص هذه الزيوت التي تكفل باستخراجها
كل من مركز التعاون الدولي في البحوث الزراعية من أجل التنمية ( )CIRADومختبر الميكانيك
الزيوت إلى جانب المؤسسة الفرنسية الرائدة عالميا في إنتاج وتسويق وتثمين الطحالب الدقيقة ( Alpha
أهم ما توصل إليه المشروع هو تحديد العقبات المناخية والبيولوجية والتقنية الواجب تجاوزها الستهداف
المناطق الجغرافية التي توفر الشروط االزمة إلنتاج الطحالب الدقيقة على نطاق واسع بهدف استخراج
الزيوت منها ثم تكريرها بعميلة بسيطة إلنتاج الوقود الحيوي (أصبحت هذه الشروط معمول بها في
وكالة الطاقة الدولية) وهو ما أسفر عن ظهور عدة شركات فرنسية تنتج الوقود الحيوي انطالقا من
الطحالب الدقيقة على غرار شركة " "Acta Algaالحديثة النشأة والتي في سابقة هي األولى من نوعها
تمكنت سنة 2013من إنتاج وقود حيوي باستخدام الطحالب الدقيقة بفعالية تفوق بمرتين فعالية الطرق
المعروفة إلى ذلك الحين ،وشركة " "Bioalgostralالتي أنشئت سنة 2008في جزيرة ""La Réunion
الموجودة في المحيط الهادي والناشطة في قطاع الوقود الحيوي من الجيل الثالث والطحالب الدقيقة
حيث أنتجت وقودا حيويا من الجيل الثالث على نطاق صناعي واسع بفضل أحواض خارجية مفتوحة
ضخمة وتهدف إلى جعل جزيرة " "La Réunionمستقلة تماما على سوق البترول مستقبال ،إضافة إلى
254
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
شركة " "Salinalgueالتي تمكنت من إنتاج وقود حيوي باستخدام الطحالب الدقية بتكلفة تقل ب 1
يورو/لتر عن تكلفة اإلنتاج المعروفة إلى ذلك الحين وحققت في نفس السنة إنتاجية هي األكبر في
العالم قدرها 20000لتر من الوقود الحيوي للهكتار الواحد وتهدف إلى إنتاج ما يعادل 10طن من
الطحالب الدقيقة في الهكتار الواحد في المستقبل القريب ،وغيرها من المؤسسات المصغرة األخرى في
قمنا في هذا المبحث باستعراض سياسة دعم الوقود الحيوي في فرنسا ،واستخلصنا أن هذه السياسة
تقتصر أساسا على تدابير وحوافز ضريبية تشجع استهالك الوقود الحيوي ،وبدرجة أقل إنتاجه ،ترجمت
كلها على أرض الواقع عبر ثالث آليات رئيسية هي الرسم على االستهالك المحلي للمنتجات الطاقية
( )TICPEوالرسم العام على األنشطة الملوثة ( ،)TGAPإضافة إلى نظام قانوني خاص بالزيوت
النباتية النقية ،في حين افتقرت هذه السياسة بشدة إلى تدابير موجهة إلى قطاع الزراعة من أجل تحفيز
المزارعين على إنتاج مواد أولية زراعية موجهة لقطاع الوقود الحيوي ،كما انعدمت فيها التدابير
الحمائية لقطاع الوقود الحيوي الحديث النشأة في فرنسا .كما أستخلصنا أن السياسة الفرنسية في مجال
دعم الوقود الحيوي تولي أهمية كبيرة لميدان البحث العلمي والتطوير ،مما سمح بوضع برنامج طموح
لتطوير الوقود الحيوي من الجيل الثالث أسفر عن خلق ص ناعة حقيقة إلنتاج الطحالب الدقيقة
وتحويلها إلى وقود حيوي جعل فرنسا من بين الدول الرائدة في هذا المجال.
تبحث الواليات المتحدة األمريكية منذ سنوات عديدة على تقليل اعتمادها على واردات النفط األجنبية،
عالوة على الحد من انبعاثات الغازات المسببة لالحتباس الحراري .تحقيقا لهذه الغاية ،قامت الواليات
المتحدة األمريكية بانتهاج سياسة طموحة لدعم قطاع الوقود الحيوي باالعتماد على مجموعة من
255
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
التكليفات واإلعانات والحوافز الزراعية والصناعية ،تأخذ في غالبيها شكل آليات ضريبية محفزة أو
حمائية ،مستوحاة مباشرة في خطوطها العريضة من التجربة الب ارزيلية المرجعية في هذا المجال مع
ادخال تعديالت وتغييرات في هذه السياسة من أجل "أمركنتها" لجعلها أكثر فعالية؛ وعليه يهدف هذا
المبحث إ لى تسليط الضوء على مختلف التدابير المتخذة في إطار السياسة األمريكية لدعم الوقود
الحيوي.
تذبذب أسعار المواد األولية الزراعية وسعر البترول من فترة إلى أخرى أثار نقاش حول اآلثار الجانبية
السلبية لسياسات دعم الوقود الحيوي كون ارتفاع أسعار المواد األولية الزراعية يجعل من بيع هذه
المواد في األسواق الدولية أكثر ربحية بالنسبة للدول المنتجة لها ،كما أن انخفاض سعر البترول يجعل
من سعر الوقود التقليدي المشتق من البترول أدنى من سعر الوقود الحيوي .وبالتالي ،فالطبيعة الجامدة
نسبيا لسياسات دعم الوقود الحيوي المنتهجة في مختلف دول العالم جعلت من هذه السياسات محل
ً
انتقادات كثيرة ،مما دفع بالواليات المتحدة األمريكية إلى وضع سياسة دعم للوقود الحيوي تتميز
بالمرونة مقارنة مع سياسات دعم الدول األخرى ،وترجمت هذه المرونة من خالل آليتين رئيسيتين
تمثالن في آلية عدم التقيد باألهداف األولية لسياسة الدعم ( ،)Waiverإضافة إلى آلية التخزين
هي اآللية الرئيسية األولى لمرونة السياسة األمريكية في مجال دعم الوقود الحيوي ،وتتجسد هذه اآللية
في امتالك وكالة حماية البيئة ( )Environmental Protection Agencyالسلطة التقديرية واالستقاللية
التامة في تعديل أو حذف ،من تلقاء نفسها أو بناء على طلب طرف ما مثل المزارعين ،األهداف
التأسيسية المنصوص عليها في القوانين الخاصة بسياسة دعم الوقود الحيوي ،سواء تعلق األمر
256
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
باألهداف العامة للسياسة أو األهداف الخاصة بكل جيل من الوقود الحيوي وبكل مادة أولية زراعية،
وذلك دون استشارة أي طرف مهما كان ،مما يسمح بعزل الوكالة عن كل ضغطات خارجية تخدم
مصالح خاصة أو أطراف معينة على حساب المصلحة العامة ،إضافة إلى تفادي البيروقراطية وتفادي
المرور بمجلس النواب أ و مجلس الشيوخ عند اتخاد أي قرار ،وبالتالي التكيف في أسرع وقت ممكن
فضالً عن ذلك ،وللحفاظ على أهداف متسقة من سنة إلى أخرى ،بإمكان وكالة حماية البيئة أن تراجع
وتعدل أهداف سياسة دعم الوقود الحيوي للسنوات المقبلة إذا تم تسجيل ما يلي:
كما تنص قاعدة أخرى خاصة بوكالة حماية البيئة أنه بإمكان الوكالة أن ترفض طلب وارد من طرف
معين ،كإحدى الواليات األمريكية أو موزع وقود على سبيل المثال ،والمتمثل في حذف أو تعديل هدف
-عدم توفر الوقود الحيوي في السوق بشكل كافي لمواجهة الطلب عليه؛
-قبول هذا الطلب من شأنه أن يضر بشدة اقتصاد أو بيئة والية أو منطقة.
تجذر اإلشارة إلى أن فكرة إنشاء وكالة مستقلة مسؤولة على وضع وتنفيذ سياسة دعم الوقود الحيوي
مستوحاة من استقاللية البنك المركزي في وضع وتنفيذ السياسة النقدية التي غالبا ما تكون ذات فعالية
تشكل هذه اآللية المرونة الرئيسية األخرى للسياسة األمريكية في مجال دعم الوقود الحيوي ،حيث
تسمح لموزع الوقود التقليدي ،في الفترات التي يكون فيها سعر البترول منخفض ،بمزج نسبة وقود
257
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
حيوي أ قل من النسبة القانونية المفروض مزجها في الوقود التقليدي شرط دمج نسبة أكبر مستقبال لما
تكون ظروف السوق أحسن ويتحصل مقابلها على شهادة مزج تدعى Renewable ( RIN
)Identification Numberيكون ملزم على أخدها إلى وكالة حماية البيئة ( Environmental
)Protection Agencyفي أجل ال يتعدى سنتين لتسوية وضعيته وتفادي أ ن تنزع منه رخصة التوزيع
أو رخصة االستيراد أو دفع عقوبة قد تصل إلى 25000دوالر لليوم .[Claquin et autres, 2015,
]15
إضافة إلى اآلليتين السابقتين ،اتخذت السلطات األمريكية مجموعة أخرى من اإلجراءات المتفرقة
تخص القطاع الزراعي وذلك من أجل إعطاء مرونة أكبر لسياسة دعم الوقود الحيوي ،ومن بينها:
-إعادة توجيه جزء أو كل اإلنتاج الزراعي في اتجاه الحد من االستخدامات الصناعية (الحد من إنتاج
الوقود الحيوي) في حالة وجود ارتفاع ملموس في أسعار األغذية في السوق األمريكية؛
-وضع عتبات أمن ،أي عتبات سعر تشجع الحكومة ،لما يفوق مستوى أسعار الحبوب هذه العتبات،
على الزام منتجي الحبوب بإيجاد لمحاصيلهم الزراعية منفذ للطعام عوض منفذ للطاقة؛
-التعليق المؤقت لتدابير دعم قطاع الوقود الحيوي في حالة ارتفاع أسعار الحبوب أو /و أسعار
أتخد أول إجراء لتشجيع إنتاج الوقود الحيوي من خالل إعفاءات ضريبية للوقود البترولي الممزوج
باإليثانول سنة 1978تحت إدارة الرئيس كارتر في إطار قانون ضريبة الطاقة (،)Energy Tax Act
إال أنه سرعان ما تم التخلي عن فكرة تشجيع إنتاج وقود بديل للوقود األحفوري بعد انخفاض سعر
برميل النفط في منتصف الثمانينات ،ولم يتم وضع سياسة حقيقية لدعم إنتاج الوقود الحيوي في
258
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
الواليات المتحدة األمريكية إال في بداية السنوات 2000من خالل مجموعة من القوانين مست القطاع
-كان قانون خلق الوظائف األمريكية ( )American Jobs Creation Actالذي تم اعتماده سنة 2004
أول إجراء فعال أتخذ في إطار تشجيع إنتاج اإليثانول ،حيث منح هذا القانون تخفيض في الضريبة
المفروضة على حجم الوقود التقليدي ( )taxe d’acciseالممزوج باإليثانول ("Volumetric "VEETC
)Ethanol Excise Tax Creditلصالح بائعي الجملة والتجزئة قدره 0.51دوالر للغالون (0.135
دوالر/لتر) لإليثانول الممزوج بالبنزين ،و 1دوالر للغالون الواحد ( 0.264دوالر/لتر) للبيوديزل (للديزل
الحيوي) الممزوج بالديزل ،قبل أن يتم تجديده سنة 2009بتخفيض جديد خاص فقط بالوقود التقليدي
الممزوج باإليثانول قيمته األدنى 0.45دوالر للغالون [ ]Stubbs, 2010, 04قابلة للزيادة في حالة زيادة
نسبة اإليثانول الممزوج في البنزين بعدما تم حذف مستوى المزج التقييدي القانوني المفروض من
طرف السلطات وجعله غير مسقفا مما جعل من التخفيض في الضريبة يتناسب مع نسبة اإليثانول
-ابتداءا من سنة 2002في إطار قانون الزراعة ،تم اتخاد تدابير لفائدة منتجي المواد األولية الزراعية
التي تدخل في إنتاج الوقود الحيوي أخدت شكل قروض ومنح ()subventions؛ كما أطلقت وكالة
الخدمات الزراعية ) (Farm Service Agencyالتابعة لو ازرة الزراعة األمريكية ( )USDAبرنامج الطاقة
الحيوية ( )Bioenergy Programفي نفس السنة بقيمة 150مليون دوالر سنويا مخصصة المتصاص
الفوائض المحصولية للذرة وغيرها من المواد لصالح قطاع اإليثانول من خالل إبرام عقود مع المزارعين
تضمن توريد مصانع الوقود الحيوي بالمواد األولية من جهة ،ومن خالل تقديم مساعدات مالية مباشرة
لمنتجي الوقود الحيوي تخصص حصريا لشراء المواد األولية التي تدخل في إنتاج الوقود الحيوي،
وعلى رأسها الذرة ،وبالتالي ضمان أسواق للمزارعين ].[USDA- Farm Service Agency
259
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
-خصصت ميزانيات لدعم البحث والتطوير في مجال الوقود الحيوي ،إ ذ تم القيام بأبحاث على جميع
المستويات ( الصناعة الكيميائية ،مخابر و ازرة الطاقة ،مخابر و ازرة الزراعة ،مخابر الجامعات بتمويل
مختلط "خاص/عام") .فعلى سبيل المثال ،شاركت الشركة البترولية ( )AMOCO Oil Companyفي
برنامج بحث مختبر دنفر ( )Denverخاص بإنتاج اإليثانول من النفايات ،كما ساهمت الصناعة
الكيميائية بنسبة %70في تمويل مختبر بقيمة 60مليون دوالر مخصص حصريا للوقود الحيوي في
-تحسين العامل البكتريولوجي لتنشيط عملية تخمر المواد األولية الزراعية مما يسمح في نهاية
المطاف باستخدام النفايات الزراعية إلنتاج الوقود الحيوي (الوقود الحيوي من الجيل الثاني)؛
وبشكل عام ،و ازرتان فيدراليتان رئيسيتان ،وهما و ازرة البيئة ( )DOEوو ازرة الزراعة ( ،)USDAتجريان
دروس وأبحاث على الوقود الحيوي بهدف تحقيق نفس الهدف ،وهو خفض التكاليف ،حيث تعمل و ازرة
البيئة على خفض تكاليف اإلنتاج وعلى تحويل الكتلة الحيوية الخشبية والعشبية إلى وقود حيوي
(الوقود الحيوي من الجيل الثاني) ،في حين تعمل و ازرة الزراعة على تحقيق نفس الهدف المتمثل في
خفض تكاليف اإلنتاج ولكن تركز بحوثها على المواد الخام الزراعية مثل الذرة .وقد سمحت أعمال كلتا
الو ازرتان من خفض تكاليف إنتاج الوقود الحيوي [.]La documentation Française, 2016, 19
وضعت الواليات المتحدة األمريكية نظام من الحواجز الجمركية لحماية المنتجين المحليين للوقود
الحيوي [ ،]FAO, 2008, 28حيث فرضت تعريفات جمركية على واردات اإليثانول من الدول التي ال
تنتمي إلى "اتفاقية التجارة الحرة ألمريكا الشمالية" ( )NAFTAتتراوح بين %1.9و .%2.5من جهة
260
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
أخرى ،وعلى عكس السياسة الفرنسية ،فإن الواليات المتحدة األمريكية تميز بين اإليثانول الموجه
لقطاع النقل واإليثانول الموجه الستخدامات أخرى ،وعليه فهي فرضت أيضا تعريفات جمركية إضافية
على واردات اإليثانول الموجه للنقل .وتجدر اإلشارة في هذا السياق إلى أن واردات اإليثانول من
البلدان األعضاء في "مبادرة حوض البحر الكاريبي" ( )Caribbean Basin Initiativهي معفاة من
التعريفات الجمركية إال في حالة تجاوز هذه الواردات %7من اإلنتاج الوطني األمريكي.
كل هذه االجراءات الحمائية تستهدف بشكل رئيسي اإليثانول الب ارزيلي ،الوحيد الذي يشكل خط ار حقيقيا
أول إجراء أعتمد من طرف الكونجرس األمريكي لتحفيز استهالك اإليثانول تمثل في اعتماد قانون
الوقود البديل ( (AMFسنة 1988الذي يشجع منتجي السيارات على تصنيع مركبات تشتغل بالوقود
الحيوي (مركبات مرنة-الوقود )Flexfuelمن خالل إعفاءهم من الضريبة البيئية المفروضة على
السيارات التي تشتغل حصريا بالوقود التقليدي ،وبالتالي الحد من استهالك البنزين لصالح الوقود
شائعا في الواليات
ً خيار شعبيا
ًا سمح هذا القانون من جعل السيارات من نوع مرنة-الوقود ()FFF
ولكن أهم إجراء تم اتخاده لتشجيع استهالك الوقود الحيوي تمثل في إنشاء قانون معيار الوقود المتجدد
(" )The Renewable Fuel Standard "RFSبموجب قانون سياسة الطاقة ) (Energy Policy Actلسنة
2005الهادف أساسا إلى تشجيع استخدام الطاقة الحيوي ،وتم تمديده سنة 2007وتنفيذ مرحلته
الثانية سنة 2010بموجب قانون استقالل وأمن الطاقة ).(Energy Independence and Security Act
حدد هذا القانون نسبة دمج إجبارية للوقود الحيوي في وقود النقل البترولي الذي يتم بيعه أو تسويقه في
261
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
الواليات المتحدة األمريكية علما أن هذه النسبة تتراوح بين ( %10رمزها في محطات الوقود )E10
و( %85رمزها في محطات الوقود ،)E85كما حدد أهدافا كمية عامة (كميات مزج) لكل سنة مبينة
في الجدول الموالي ،مع اإلشارة إلى أنه تم تحقيق مجمل أهداف الدمج الكمية السنوية المحددة إلى حد
اآلن وذلك بشكل أساسي بفضل اإليثانول المستخرج من الذرة [.]Bracmort, 2018, 03
جدول :29األهداف الكمية العامة لدمج الوقود الحيوي في الواليات المتحدة األمريكية
2016 2015 2014 2013 2012 2011 السنوات
22.25 20.5 18.15 16.55 15.2 13.95 الكمية (مليار غالون)
2022 2021 2020 2019 2018 2017 السنوات
36 33 30 28 26 24 الكمية (مليار غالون)
كما تعتبر اإلعفاءات الضريبية وسيلة فعالة أخرى أستعملت لتحفيز الطلب الداخلي على الوقود
الحيوي ،علما أن الحوافز أو الجزاءات الضريبية هي من بين األدوات األكثر استعماال في الواليات
المتحدة األمريكية ،وقد استطاعت أن تؤثر بشكل كبير جدا على القدرة التنافسية للوقود الحيوي في
مواجهة مصادر الطاقة األخرى ،و ِم ْن ثَم رفعت من قدرة الوقود الحيوي على الصمود تجاريًا.
نلخص نتائج سياسة الدعم األمريكية في أثرها على البيوديزل (الديزل الحيوي) ،اإليثانول والذرة
يبين الشكل الموالي تطور كل من إنتاج البيوديزل (الديزل الحيوي) في الواليات المتحدة األمريكية،
262
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
نالحظ من خالل هذا الشكل أن إنتاج البيوديزل (الديزل الحيوي) كان منعدما تماما قبل سنة 2004
بسبب تركيز السياسة األمريكية لدعم الوقود الحيوي على اإليثانول فقط دون غيره من الوقود البديل من
جهة ،وبسبب تخصص الواليات المتحدة األمريكية في إنتاج الذرة التي تدخل في إنتاج اإليثانول فقط
من جهة أخرى ،األمر الذي جعل من قطاع الوقود الحيوي األمريكي يرتكز أساسا على اإليثانول ،
على عكس قطاع الوقود الحيوي األوروبي الذي يقوم على البيوديزل (الديزل الحيوي) .ظهرت ما بين
2004و 2008أولى الكميات المنتجة من البيوديزل (الديزل الحيوي) عند بداية اهتمام الواليات
المتحدة األمريكية بهذا النوع من الوقود الحيوي كاستجابة للب ارزيل الذي أطلق برنامج إنتاج واستخدام
البيوديزل ( )PNPBفي نفس السنة ،2004لينخفض بعد ذلك اإلنتاج بين سنتي 2008و2010
بسبب ارتفاع أسعار المواد األولية الزراعية جراء األزمة الغذائية العالمية لسنة 2008التي جعلت من
بيع هذه المواد الزراعية في السوق الدولية أكثر ربحية من تحويلها إلى بيوديزل (ديزل حيوي) ،خاصة
في ظل مرونة السياسة الدعم األمريكية للوقود الحيوي كما أشرنا إ ليه سابقا والتي تجعل من السهل
تغيير وجهة المواد األولية الزراعية في حالة تغير ظروف السوق .بعد سنة ،2010عرف إنتاج
263
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
البيوديزل (الديزل الحيوي) إرتفاعا معتب ار بعدما انتقل من أقل من 500مليون غالون سنة 2010إلى
أكثر من 1500مليون غالون سنة ،2016أي ارتفاع قدره %150راجع أساسا إلى انخفاض جديد
في أسعار المواد األولية الزراعية التي تدخل في إنتاج البيوديزل (الديزل الحيوي).
من جهة أخرى تناسب تطور استهالك البيوديزل (الديزل الحيوي) عموما مع تطور إنتاج هذا األخير
بسبب اجراءات سياسة دعم الوقود الحيوي التي مست إنتاج واستهالك الوقود الحيوي على حد سواء،
حيث لم يسجل تباين في تطورهما إال في فترة 2010-2008أين بقي االستهالك ثابتا مع انخفاض
اإلنتاج لألسباب المذكورة أعاله ،وفي 2016-2013أين االستهالك فاق اإلنتاج مما أدى إلى الحد
من صادرات البيوديزل (الديزل الحيوي) خالل نفس الفترة مع الشروع في استيراده.
يبين الشكل أدناه تطور الكميات المنتجة والمستهلكة من اإليثانول في الواليات المتحدة األمريكية خالل
الفترة .2015-1998
264
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
يتضح من خالل هذا الشكل أن تساوي الكميات المنتجة مع تلك المستهلكة من اإليثانول في الواليات
المتحدة األمريكية كون السياسة األمريكية لدعم الوقود الحيوي تشجع إنتاج واستهالك اإليثانول على
حد سواء ،أي بمعنى آخر فإ ن اإليثانول المنتج في الواليات المتحدة األمريكية موجه في المقام األول
استهالك اإليثانول الذي ارتفع استهالكه من 1653مليون غالون سنة 2000إلى 13940مليون
كما يبرز هذا الشكل أ ن الكميات المنتجة من اإليثانول قبل بداية السنوات ،2000والتي ظهرت بعد
اعتماد قانون الوقود البديل ( )AMFلسنة ،1988كانت ضئيلة بسبب سياق كان يتسم بانهيار أسعار
النفط في التسعينيات وال يشجع على االستثمار في قطاع الوقود الحيوي ،حيث قدرت الكميات المنتجة
من اإليثانول بعد عشر سنوات من اعتماد هذا القانون سوى ب 1405.02مليون غالون سنة .1998
لم يعرف إنتاج اإليثانول ارتفاعا ملموسا ومعتب ار إال بعد سنتي 2004و 2005اللتان اعتمد فيهما
على التوالي قانون تخفيض الضريبة ( )VEETC 1وقانون معيار الوقود المتجدد ( )RFS 1رغم سعر
فعالية هذين القانونين في تحفيز اإلنتاج من جهة ،وعلى رغبة الواليات المتحدة األمريكية في اتباع
سياسة دعم الوقود الحيوي مستقلة –ولو نسبيا -على سوق النفط وذلك بفضل الدروس المستخلصة من
فشل قانون ضريبة الطاقة ( )TAEلسنة 1978وقانون الوقود البديل ( )AMFلسنة 1988اللذان
أعطيا نتائج محتشمة ومخيبة لآلمال بعدما تم التخلي عنهما تدريجيا بسبب انهيار أسعار النفط في
سنوات التسعينيات .وقد بلغ إنتاج اإليثانول دروته سنة 2015بكمية قدرها 14806مليون غالون
( 15800مليون غالون سنة ،)]Agence Internationale de l’Energie [ 2017أي بزيادة بين سنة
265
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
يتضح من خالل ما سبق أ ن تطور استهالك وإ نتاج اإليثانول في الواليات المتحدة األمريكية تزامن مع
مختلف اإلجراءات المتخذة لدعم قطاع الوقود الحيوي التي كانت لها أثر كبير على هذا القطاع ،وهذا
شكل :86تطور إنتاج اإليثانول وفقا لتدابير السياسة األمريكية لدعم الوقود الحيوي
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][Duffield et autres, 2015, 01
نالحظ من خالل هذا الشكل أن أهم التدابير المتخذة منذ سنة ،2004في إطار السياسة األمريكية
لدعم قطاع الوقود الحيوي ،كانت وراء الزيادة الكبيرة المسجلة في إنتاج اإليثانول الناتجة عن ارتفاع
عدد مصانع هذا األخير في الواليات المتحدة األمريكية كما يبينه الشكل الموالي.
266
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
ارتفاع عدد مصانع إنتاج اإليثانول ومستوى إنتاج هذا األخير منذ ،2005/2004أدى إلى زيادة عدد
محطات الوقود الحيوي في الواليات المتحدة األمريكية ابتداءا من نفس الفترة لتوزيع هذا اإلنتاج كما
يتتبين من خالل الشكل أعاله بوضوح أن عدد محطات الوقود الحيوي في الواليات المتحدة األمريكية
ارتفع بشكل كبير بعد سنة ،2004حيث انتقل هذا العدد من 150محطة سنة 2000إلى أكثر من
4200محطة سنة ،2018أي زيادة قدرها .%2800المالحظة الهامة األخرى المستخلصة من
267
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
الشكل هي غلبة عدد محطات اإليثانول من نوع %85( E85إيثانول و %15بنزين) على عدد
محطات البيوديزل (الديزل الحيوي) كون الكميات المنتجة من اإليثانول تفوق بكثير تلك المنتجة من
البيوديزل (الديزل الحيوي) في الواليات المتحدة األمريكية كما تم اإلشارة إليه سابقا.
من جهة أخرى ،ساعد ارتفاع عدد مصانع إنتاج اإليثانول في خلق أسواق جديدة للمزارعين رغم أنه
رفع من أسعار الذرة ومنتجات زراعية أخرى ،كما عزز هذا االرتفاع في إنتاج اإليثانول النشاط
االقتصادي في المناطق الريفية [ ،]Duffield et autres, 2015, 01خاصة وأن الزراعة األمريكية كانت
تعاني من تقلبات في األسعار حيث كثي ار ما شهدت أسعار الذرة انهيا ار بسبب فائض اإلنتاج.
)) de maïs = 0,02540 tonne (soit 25,4 kgبوشل أمريكي( 1 boisseau US
المصدر[ :وزارة الطاقة األمريكية]2017 ،
يتضح من خالل الشكل أعاله أنه منذ ، 2005/2004على غرار الزيادات المسجلة في عدد مصانع
إنتاج اإليثانول ،والكميات المنتجة من اإليثانول وعدد محطات اإليثانول كما أشرنا إليه سابقا ،فإن
كميات الذرة المنتجة وخاصة كميات الذرة المنتجة الموجهة إلى صناعة اإليثانول عرفت بدورها ارتفاعا
كبي ار منذ 2005/2004راجع أساسا إلى التدابير المتخذة لصالح منتجي الذرة والتي أخدت شكل
قروض ومنح ومساعدات مالية وضمانات مثل امتصاص الفوائض المحصولية المحتملة للذرة إن
268
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
وجدت أو ضمان حد سعري أدنى لمحاصيلهم ،شرط توجيه هذا المحاصيل في المقام األول إلى قطاع
صناعة اإليثانول مع إمكانية إلغاء العقود المبرمة مع مصانع إنتاج اإليثانول ،أو تعديلها (غالبية
الطلبات تخص التعديل) ،في إطار مرونة السياسة األمريكية لدعم الوقود الحيوي وذلك من خالل
ومن أجل رؤية أكثر وضوح حول النسبة المئوية للذرة المنتجة المستخدمة في إنتاج اإليثانول في
)) de maïs = 0,02540 tonne (soit 25,4 kgبوشل أمريكي( 1 boisseau US
المصدر :من اعداد الباحث اعتمادا على ][Duffield et autres, 2015, 27
نالحظ في هذا الشكل أن نسبة الذرة المنتجة الموجهة إلنتاج إليثانول سجلت ارتفاعا يفوق ثالث
أضعاف بين عامي 2005و ،2010ويفوق أربع أضعاف بين عامي 2000و 2012بعدما انتقلت
هذه النسبة من أقل من %10سنة ( 2000أقل من مليار بوشل) إلى %43سنة ( 2012أكثر من
269
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
قمنا في هذا المبحث بتسليط الضوء على السياسة المنتهجة في الواليات المتحدة األمريكية لدعم الوقود
الحيوي ،واستخلصنا أن هذه السياسة تتمتع بمرونة كبيرة بفضل آليتان رئيسيتان سمحتا للواليات
المتحدة األمريكية بالتكيف مع ظروف السوق األمريكية من جهة ،ومع ظروف السوق الدولية من جهة
أخرى والمتميزة بتطاير أسعار البترول وأسعار المواد األولية الزراعية التي تدخل في إنتاج الوقود
الحيوي .كما استخلصنا أيضا أن سياسة دعم الوقود الحيوي في الواليات المتحدة األمريكية تعتمد على
إلنتاج وتوزيع واستهالك الوقود الحيوي كدعم المدخالت واإلنتاج الزراعي ،دعم تصنيع وتسويق الوقود
الحيوي ،وأخي ار دعم االستهالك ،عالوة على تدابير حماية الزراعة وقطاع الوقود الحيوي ككل ،األمر
الذي أدى بعد اعتماد قانون معيار الوقود المتجدد ( )The Renewable Fuel Standardسنة 2005
إلى زيادة عدد مصانع إنتاج الوقود الحيوي ومحطات توزيعه وحصة الذرة التي تدخل في إنتاجه وجعل
يمكن إجمال أهم الدروس المستفادة من التجارب الدولية المدروسة فيما يلي :
ثمة روابط متداخلة ،معقدة ومتعددة تجمع بين الوقود الحيوي واألمن الغذائي ويمكن أن تط أر بعدة
أشكال وفي سياقات ومستويات جغرافية عدة (وطنيا ،إقليميا ،عالميا( ،مما يجعل من وضع سياسة
لدعم الوقود الحيوي واالستثمار في هذا المجال يتطلب حتما التقييم الدقيق لهذه الروابط من عدة
جوانب وفي سياقها الصحيح مع ضرورة تبني مقاربة شاملة ،متكاملة وتشاورية مع مختلف الفاعلين
وأصحاب المصلحة (المزارعين ،الصناعيين ،رجال األعمال ،العمال ،النقابات ،المنتخبين المحليين،
270
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
ينبغي انتهاج سياسة دعم لقطاع الوقود الحيوي تضم مجموعة واسعة من التدابير واآلليات تقع في
مفترق الطرق بين السياسة الطاقية والسياسة الزراعية وتمس مختلف حلقات سلسلة إمدادات الوقود
الحيوي الواقعة في مختلف مراحل إنتاج وتوزيع واستهالك الوقود الحيوي ،وذلك من خالل:
تكليفات المزج
لتشجيع استهالك الوقود الحيوي وزيادة هذا االستهالك تدريجيا بزيادة نسب إدراج الوقود
اإلعانات والدعم
لتشجيع توزيع الوقود الحيوي إلى مختلف نقاط البيع وتحفيز استخدامه.
لحماية الزراعة والصناعة المحلية للوقود الحيوي ،عالوة على تحفيز اإلنتاج المحلي للوقود
لتحفيز االستهالك المحلي للوقود الحيوي وزيادة تنافسية الوقود الحيوي أمام الوقود األحفوري
للسماح بزيادة كفاءة الوقود الحيوي ،وتحسين تكنولوجيا مصانع إنتاجه ،وجعله أ قل تكلفة
ص في إنتاج مادة خام زراعية تدخل في تطوير نوع معين من الوقود الحيوي مرحلة أولى
ص ُ
التَ َخ ُّ
حاسمة قبل الشروع في وضع برنامج لتطوير قطاع الوقود الحيوي وشرط ال غنى عنه ،بمعنى آخر
271
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
نجاح قطاع الوقود الحيوي يتوقف على نجاح القطاع الزراعي ،السيما المادة األولية الزراعية التي
العمل على الحد إلى أقصى درجة ممكنة من عواقبها السلبية على التنوع البيولوجي والنظام البيئي
واألراضي والمياه؛
عالوة على حماية قطاع الوقود الحيوي لما يكون ناشئا بإقامة حواجز حمائية جمركية تعريفية أو غير
تعريفية ،هو إجراء حاسم لضمان بقاء واستم اررية هذين القطاعين؛ أي بمعنى آخر ،قيام الدولة بتأطير
الحيوي ،إضافة إلى تأطير وتوجيه قطاع الوقود الحيوي في حد ذاته خالل السنوات األولى من نشأته
هو أم ار ضروريا لبقاء واستم اررية هذين القطاعين المتكاملين ،حيث ال يجب تحريرهما ورفع
والمتانة التي تسمح للحكومة برفع القيود واالحتكار المفروض عليهما وجعل دورها يقتصر فقط على
ص في إنتاج مادة أولية زراعية من الضروري تفادي التأثيرات السلبية على األراضي عند التَ َخ ُّ
ص ُ
موجهة أساسا لصناعة الوقود الحيوي .من جهة ،التأثير المباشر المتمثل في الضرر الذي قد يلحق
على النظم اإليكولوجية المحلية في حالة تحويل األراضي غير الزراعية إلى حقول مخصصة لهذه
المادة األولية الزراعية؛ ومن جهة أخرى ،التأثير غير المباشر الذي ينطوي على زيادة أسعار المواد
األولية الزراعية األخرى الغير موجهة لقطاع الوقود الحيوي ،إضافة إلى أسعار المواد الغذائية ،في
272
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
حالة توسع حقول هذه المادة األولية الزراعية على حساب األراضي الزراعية المخصصة للمواد األولية
الزراعية األخرى؛
من الضروري مرافقة تطوير قطاع الوقود الحيوي بإجراء ُم َك ِّمل وموازي له ،يسمح بتغيير العادات
االستهالكية وترسيخ ثقافة استهالك الوقود الحيوي في المجتمع ،يتمثل في تزويد أسطول المركبات
بسيارات ذات محركات خاصة - Flexfuel-تشتغل باستخدام أي نوع من الوقود (بنزين خالص ،ديزل
خالص ،خليط إيثانول وبنزين ،خليط بيوديزل وديزل ،خليط إيثانول و بيوديزل) وبأي نسبة من هذا
الوقود ،مما يسمح للسائقين بتكييف استهالكهم للوقود الحيوي وفًقا لظروف السوق ،أي وفًقا لتوافر
وسعر وأداء الوقود الحيوي وبالتالي زيادة اهتمام وثقة األفراد به؛
وجود محيط ديمقراطي شرطا البد منه عند وضع برنامج لتطوير قطاع الوقود الحيوي ،وذلك من
أجل دراسة وتحليل درجة المقبولية االجتماعية والبيئية للبرنامج من خالل تأسيس مجموعة عمل
متعددة التخصصات وال ُم َك ِّملة لبعضها البعض تضم العديد من الو ازرات تن ِّ
ظم مجموعة من الجلسات
العامة وورشات العمل لجمع اآلراء واالستماع ألفكار مختلف الفاعلين :المزارعين ،الصناعيين ،رجال
تفاديا للعواقب االجتماعية السلبية ،من الضروري األخذ بعين االعتبار البعد االجتماعي عند
تطوير برنامج للوقود الحيوي وجعله يهدف في المقام األول إلى توليد مداخيل في أفقر المناطق والحد
من عدم المساواة االجتماعية واإلقليمية وتشجيع االقالع االقتصادي للمناطق المحرومة وتعزيز التنمية
تطوير برنامج إلنتاج قطاع الوقود الحيوي ال ينبغي أن يقوض أصحاب المزارع الصغيرة نظ ار
ألهميتهم القصوى ودورهم الحاسم في تحقيق األمن الغذائي ،بل ينبغي على الحكومة تشجيع وتعزيز
273
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
مشاركة أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة في تصميم برامج تطوير قطاع الوقود الحيوي استنادا إلى
شروط عادلة ومنصفة ،وادراجهم في آليات تعاقدية بمزايا تفضيلية تسهل لهم الوصول إلى األسواق؛
ينبغي إعطاء بعد اجتماعي لبرنامج تطوير الوقود الحيوي لتوليد مداخيل في أفقر المناطق من
خالل دعم مشاريع المزارع العائلية الصغيرة الهادفة إلى إنتاج المواد األولية الزراعية المستعملة في
إنتاج الوقود الحيوي مع منح األولية لهذه المزارع عند بيعها لهذه المواد الخام الزراعية مع حتمية اقحام
حد أدنى منها في مصانع إنتاج الوقود الحيوي وتوقيع عقود مع هذه المزارع ومنحهم مساعدة تقنية
وتسهيالت ائتمانية وإعفاءات ضريبية جزئية أو كلية إضافة إلى تكوين مجاني؛
ينبغي تشجيع استثمار زراعي مسؤول عند تطوير قطاع الوقود الحيوي ال يقوض حقوق األرض
ويأخذ بعين االعتبار مبدأ عدم المساس بحقوق حيازة األراضي والموافقة المسبقة والمشاركة الكاملة
قبل الشروع في وضع برنامج لتطوير الوقود الحيوي البد من إجراء دراسة الجدوى األولية للبرنامج
بقياس الكفاءة الطاقية لنوع الوقود الحيوي المراد إنتاجه من خالل تحديد الفرق بين مدخالت الطاقة
ذات األصل األحفوري المستعملة في هذا اإلنتاج ومخرجات الطاقة المتحصل عليها بعد عملية
اإلنتاج .الحصول على كفاءة طاقية موجبة لصالح مخرجات الطاقة المتحصل عليها يشير إلى جدوى
البرنامج المراد تنفيذه ،أما على عكس ذلك ،فإن البرنامج يعتبر دون جدوى من الناحية االقتصادية،
غير أن هذا قد ال يمنع من وضعه حيز التنفيذ إذا كانت سلبية الكفاءة الطاقية للبرنامج غير شاسعة
وذلك بسبب وجود أهداف أخرى غير كمية – غير معلن عنها رسميا في بعض األحيان -كتعزيز
السيادة الوطنية من خالل تحقيق استقاللية ولو نسبية للدولة تجاه سوق النفط وعزلها عن الضغطات
األجنبية؛
274
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
لتحقيق حصيلة طاقية موجبة البد من استخدام أكبر قدر ممكن من الطاقة البديلة في كل أطوار
المصانع؛
من أجل صحة ،دقة ومصداقية النتائج المتحصل عليها عند دراسة الكفاءة الطاقية لبرنامج إنتاج
وقود حيوي ،يجب األخذ بعين االعتبار في أول مقام الطاقة المستخدمة في عملية زراعة المادة األولية
الموجهة لقطاع الوقود الحيوي ،ثم الطاقة المستخدمة في عملية تصنيع الوقود الحيوي ،وأخي ار الطاقة
يجب إعداد تقييم دقيق لجدوى إدراج الوقود الحيوي ضمن مصفوفة امدادات الطاقة للدولة وللتأثير
اإليجابي المحتمل لهذا النوع من الوقود على خفض واردات الوقود البترولي التقليدي ،وعلى مكاسب
الدخل المنتظرة منه ،والموازنة بين هدف تحقيق األمن الغذائي وغيره من األهداف التنموية المحلية؛
قبل الشروع في تصميم سياسة وطنية بشأن الوقود الحيوي ،ينبغي إجراء تقييم دقيق ومفصل عن
االمكانات التي تتوفر عليها البالد في مجال الوقود الحيوي سواء تعلق األمر باألراضي والمياه
المتاحة ،اإلنتاج الزراعي واالحتياجات الزراعية ،كثافة السكان بحسب المناطق الجغرافية واحتياجاتهم
ستخدم إلجراء تقييم دقيق ألثر وجدوى سياسات دعم الوقود الحيوي
ينبغي اعتماد خطوط توجيهية تُ َ
تشمل التحديد المسبق لألراضي المتاحة والموارد ذات الصلة استنادا على اعتبار تقنية واجتماعية
وبيئية ،إضافة إلى التحديد المسبق آلليات تعطي القدرة على التصرف بسرعة في حالة ارتفاع حاد
ينبغي تخصيص ميزانيات للقيام بأعمال بحث وتطوير في المراحل المختلفة لسلسلة امدادات الوقود
الحيوي الممتدة من زراعة المواد األولية إلى حرق الوقود الحيوي أثناء االستهالك ،وجعل من الدور
275
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
الذي يلعبه البحث والتطوير دو ار حاسما ورئيسيا في استحداث حلول للمشاكل التي تواجه صناعة
الوقود الحيوي وتحسين فعالية التكنولوجيات المستخدمة في هذه الصناعة ،سواء تعلق األمر بالعمليات
اإلنتاجية في حد ذاتها كتخفيض تكلفة اإلنتاج لجعل الوقود الحيوي ذو جدوى تجارية وأكثر قابلية
للتسويق ،أو بالموارد المستعملة فيها ككيفية إعادة تأهيل األراضي المتدهورة ،زيادة اإلنتاجية الزراعية
ينبغي تشكيل تكتل علمي ،بتمويل مختلط عام/خاص ،يضم كل الو ازرات المعنية بالوقود الحيوي
(الصناعة ،البيئة ،التعليم العالي ،الزراعة) عالوة على معاهد البحث الخاصة والهيئات المرتبطة بها
من أجل تشجيع وتسهيل تبادل المعلومات والتعاون والتنسيق فيما بينها بشأن األبحاث والدراسات
والنتائج التي تتعلق باألمن الغذائي والوقود الحيوي ،بما في ذلك األساليب واألدوات وقاعدة البيانات
المستعملة في هذه األبحاث والدراسات ،وذلك من أجل توفير أساس علمي أكثر صالبة لصناع القرار؛
وضع سياسة دعم للوقود الحيوي تتميز بالمرونة يسمح بتفادي العواقب السلبية الناتجة عن الطبيعة
الجامدة لسياسات دعم الوقود الحيوي المطبقة في مختلف أرجاء العالم ،كما يسمح بالتكيف مع
التغيرات المحتملة التي قد تحدث في األسواق الدولية بما يخدم المصلحة العامة للبالد ،وبالتالي تفادي
اآلثار الجانبية السلبية الناتجة عن هذه التغيرات المحتملة سواء تعلق األمر بسوق الطاقة كتذبذبات
أسعار النفط ،أو بسوق الزراعة كتذبذبات أسعار المواد األولية الزراعية ،السيما المادة التي تم
ينبغي إضفاء أكبر قدر من المرونة على أهداف سياسة دعم الوقود الحيوي المتبعة من خالل
المزج بين مختلف أنواع الوقود الحيوي لتجنب تفاقم األثر السلبي لقطاع الوقود الحيوي على أسعار
276
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
من الضروري أن تناط مسؤولية تنظيم إنتاج الوقود الحيوي ،مراقبة جودته ،توزيعه وتسويقه ،فضال
عن معدل دمجه في الوقود البترولي التقليدي في محطات الوقود ،إلى وكالة حكومية متخصصة تمتاز
باالستقاللية التامة والعزلة عن كل الضغطات الخارجية ،لها السلطة التقديرية وكل الصالحيات في
وضع ،تعديل ،تعليق مؤقتا أ و حتى التخلي عن سياسة دعم الوقود الحيوي بما يخدم المصلحة العامة
للبالد ،سواء من تلقاء نفسها أو بناءا على طلب أحد الفاعلين (المزارعين ،الصناعيين ،الموزعين،
ثمة حاجة إلجراء تقييم دقيق للفرص والمخاطر التي ينطوي عليها الوقود الحيوي على األمن
الغذائي في األجلين القصير والطويل لضمان تماشي سياسات دعم الوقود الحيوي مع األمن الغذائي
وبالتالي الحد من المخاطر مع التعظيم قدر المستطاع من الفرص التي يمنحها لألمن الغذائي.
خالصة
سعينا في بداية هذا الفصل إلى دراسة السياسة الب ارزيلية في مجال دعم الوقود الحيوي التي تعتبر
كان يهدف أساسا إلى تحقيق هدف طاقي يتمثل في الحد من التبعية تجاه النفط المستورد من أجل
إنتاج الوقود ،وقد نجح هذا البرنامج إ لى حد بعيد في تحقيق هذا الهدف غير أنه أهمل الجانب
االجتماعي مما جعل من برنامج إنتاج واستخدام البيوديزل ( )PNPBالمعتمد في بداية األلفية الثالثة
برنامجا اجتماعيا في المقام األول يهدف إلى معالجة هذا النقص ،حيث َعزَز هذا البرنامج التنمية في
المناطق الفقيرة ودمج الزراعة األسرية في سوق الطاقة و َحد من عدم المساواة االجتماعية.
قمنا بعد ذلك باستعراض السياسة الفرنسية في مجال دعم الوقود الحيوي المستوحاة مباشرة في
خطوطها العريضة من التجربة الب ارزيلية في هذا المجال ،واستخلصنا أنه رغم كون فرنسا من الدول
الرائدة في قطاع الوقود الحيوي في أوروبا ،إال أن سياستها تقتصر فقط على بعض التدابير والحوافز
277
التجارب الدولية في مجال دعم الوقود الحيوي الفصل الخامس
تشجع استهالك الوقود الحيوي ،وبدرجة أقل إنتاجه ،وذلك من خالل ثالث آليات رئيسية
الضريبية التي ّ
(الرسم على االستهالك المحلي للمنتجات الطاقية ،الرسم العام على األنشطة الملوثة ،النظام القانوني
الخاص بالزيوت النباتية النقية) ،لكنها تفتقر بشدة إلى تدابير وحوافز متينة تقع في بداية سلسلة
امدادات الوقود الحيوي والمتمثلة تحفيز وتشجيع المزارعين على إنتاج مواد أولية زراعية موجهة لقطاع
الوقود الحيوي ،كما تنعدم فيها التدابير التي ترمي إلى حماية قطاع الوقود الحيوي رغم حداثته النسبية
في فرنسا ،في حين تولي هذه السياسة أهمية معتبرة لمجال البحث العلمي والتطوير ،السيما فيما
يخص الطحالب الدقيقة ،مما سمح باعتماد برنامج طموح لتطوير الوقود الحيوي من الجيل الثالث
جعل من فرنسا دولة رائدة في هذا الجيل من الوقود الحيوي وحف َز االستثمار فيه.
وأخي ار ،قمنا بدراسة السياسة األمريكية في مجال دعم الوقود الحيوي والمستوحاة بدورها أيضا من
التجربة الب ارزيلية ،واستخلصنا أن لهذه لسياسة ميزة خاصة مقارنة مع سياسات الدول األخرى تتمثل في
القدرة الكبيرة على التكيُّف مع ظروف السوق الداخلية والخارجية بفضل آليتين رئيسيتين (آلية عدم
التقيد باألهداف األولية وآلية التخزين والتبادل) تسمحان بإعطاء مرونة وقوة ومتانة كبيرة لهذه السياسة
وتضمنان بقاءه؛ كما استخلصنا أن هذه السياسة تعتمد على مجموعة واسعة من التكليفات واإلعانات
والحوافز ،زراعية كانت أو صناعية ،تأخذ في غالبيها شكل آليات ضريبية ُم َحِّفزة أو حمائية ،وتقع في
كل حلقة من سلسلة امدادات الوقود الحيوي (دعم المدخالت ،دعم اإلنتاج ،دعم التصنيع والتسويق،
دعم االستهالك) ،مما سمح للواليات المتحدة األمريكية بأن تصبح أكبر منتج ومستهلك للوقود الحيوي
في العالم.
278
خاتمة
خاتمة
إن االستجابة للطلب المتزايد على الوقود البترولي في الجزائر في ظل ارتفاع االستهالك الداخلي
للبترول وانخفاض إنتاجه ،مع الحد من التبعية له ،هو من أهم التحديات التي تواجه الجزائر وتفرض
دون أن ي َش ِك َل ذلك أي قيد مهما كانت طبيعته :اجتماعية ،أيكولوجية ،زراعية ،أو غير ذلك.
في هذا الصدد ،أ جريت العديد من الدراسات واألبحاث في الجزائر استك ِشفت فيها العديد من المسارات
على غرار مسار الطاقة الشمسية أو المسار الغازي ،بما في ذلك الغاز الصخري المثير للجدل بسبب
القيد البيئي المحتمل الذي قد يطرحه ،ولكن يوجد مسار لم يستكشف بعد بما فيه الكفاية –حسب
معرفتنا -وهو مسار الوقود الحيوي الذي كان هدفنا في هذه الدراسة هو رفع الغموض الذي يكتنفه
لمعرفة ما مدى إمكانية مساهمة الوقود الحيوي في ضمان امدادات الوقود دون تشكيل قيد غذائي؛
طَّل َب ِمنا ذلك إلقاء نظرة في مرآة الرؤية الخلفية لدراسة بعض التجارب الدولية في هذا المجال
ولقد تَ َ
من أجل استخالص دروس يمكن االستفادة منها؛ وقد توصلنا إلى مجموعة من النتائج نذكر أهمها
يمكن تصنيفها إلى نتائج نظرية وأخرى مستنبطة من التجارب الدولية ،نوجز أهمها فيما يلي:
يطرح إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول على نطاق صناعي واسع إشكالية اقتصادية واجتماعية
وأخالقية كونه يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد األولية الزراعية في األسواق الدولية ،سواء بشكل مباشر
بالنسبة للمواد األولية التي تدخل في إنتاجه ،أو بشكل غير مباشر بالنسبة للمواد األولية األخرى الغير
مستعملة في هذا اإلنتاج بسبب أثر اإلحالل بين مختلف هذه المواد األولية ،وبالتالي فهو َي ُج ُّر أسعار
السلع الغذائية نحو األعلى ،األمر الذي يؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء ،السيما في الدول النامية.
280
خاتمة
ال ُيشكل إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثاني قيدا غذائيا كون تصنيعه على نطاق صناعي واسع
غير ممكنا ألسباب اقتصادية ،اجتماعية ،بيئية وتقنية ،وبالتالي فهو ال يؤثر على أسعار مختلف
المواد األولية الزراعية في األسواق الدولية وال ينافس اإلنسان على الغذاء.
ال يطرح إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث اإلشكالية االقتصادية واالجتماعية واألخالقية التي
يطرحها الجيل األول من الوقود الحيوي كونه ال ينافس اإلنسان على الغذاء ،بل على عكس ذلك هو
يساهم في تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية من خالل السماح بخلق مداخيل إضافية من مصادر
متعددة ،عالوة على تعزيز ظهور مشاريع استثمارية جديدة في ميادين مختلفة قادرة على الدفاع عن
يقتصر اإلنتاج الصناعي الواسع للوقود الحيوي من الجيل األول على نوعين فقط من الوقود وهما
البيوديزل (الديزل الحيوي) في قطاع الزيت ،واإليثانول في قطاع الكحول ،وذلك بسبب القيود التقنية
والفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والبيئية واللوجستية المرتبطة بطبيعة مختلف أنواع الوقود الحيوي
األخرى التي تندرج ضمن الجيل األول والتي تمنع من إنتاجاها على نطاق صناعي واسع.
يتباين األثر السعري للوقود الحيوي من الجيل األول على السوق الزراعية باختالف نوعه (إيثانول
أو بيوديزل) نظ ار الختالف المواد األولية الزراعية التي تدخل في إنتاج كل نوع ،غير أن هذا األثر قد
ينتقل من مادة أولية زراعية إلى أخرى بسبب التكامل واإلحالل الممكن بين المواد الزراعية ،بمعنى أن
استخدام محاصيل زراعية في إنتاج نوع معين من الوقود الحيوي يخلق أثر مباشر يتمثل في تقليص
عرض هذه المحاصيل ،ويفضي ذلك بدوره إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية المرتبطة بهذه المحاصيل
وانخفاض الطلب عليها ،كما يخلق أيضا أثر غير مباشر يتمثل في اللجوء إلى البدائل على صعيد
281
خاتمة
يربط قطاع الوقود الحيوي بين أسواق األغذية وأسواق الطاقة ،غير أن طبيعة هذا االرتباط وما
ينجم عنه من أثر على األسعار تختلف في المدى القصير على المدى الطويل ،كما أن قوة هذا
االرتباط تختلف باختالف نوع الوقود الحيوي (إيثانول أو بيوديزل) ومواده األولية.
باستثناء الحاالت التي يعتمد فيها إنتاج الوقود الحيوي على الطحالب الدقيقة ،فإن هذا اإلنتاج
يتطلب توفر األراضي الزراعية ،وهو بذلك في منافسة مباشرة مع األنشطة الزراعية األخرى بتقليص ه
نظام األحواض الخارجية المفتوحة (النظام المفتوح) المستعمل في إنتاج الطحالب الدقيقة بغرض
تصنيع الوقود الحيوي من الجيل الثالث هو أنجع من نظام المفاعالت الحيوية الضوئية (النظام
المغلق).
إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث ال يؤثر على مصادر المياه العذبة كونه يستوجب استعمال
مياه الصرف الصحي والمياه الغير صالحة للشرب أو للزراعة ،كما ُيخلِف بقايا عضوية تتمثل في كتلة
حيوية طحلبية جافة يمكن تثمينها في شتى المجاالت مما يسمح بخلق قيمة مضافة جديدة تساهم في
إنتاج الوقود الحيوي من الجيل الثالث يتطلب ُمسبقًا إنتاج كميات كبيرة من الطحالب الدقيقة في
أحواض خارجية مفتوحة ضخمة تمثل عالجا فعاال محتمال لمختلف الملوثات بفضل قدرتها على
امتصاص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون من الهواء وإزالة العديد من المواد الملوثة الموجودة
ال يمكن للجزائر حاليا الخوض في تجربة إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول كون ذلك أم ار غير
واقعيا من الناحية االقتصادية ومستبعدا من الناحية األخالقية باعتبار أن الجزائر التزال بعيدة عن
282
خاتمة
تتوفر الجزائر على اإلمكانات والمؤهالت التي تجعلها تستجيب في بعض مناطقها الجغرافية
لل معايير المناخية والمائية والتقنية التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية من أجل إنتاج الوقود الحيوي من
زيادة أسعار النفط تلعب دو ار جوهريا في زيادة تنافسية الوقود الحيوي أمام الوقود األحفوري من
جهة ،وفي زيادة شدة المنافسة بين الوقود الحيوي ومختلف المواد األولية الزراعية التي تدخل في
إذا ظل حجم إنتاج البترول في الجزائر بحلول سنة 2027أقل من حجم إنتاجه لسنة ،2007
فيمكن القول بدرجة كبيرة من الموثوقية أن الجزائر قد بلغت "ذروة النفط" سنة ،2007وأن اإلنتاج
الحالي يمثل فقط ما يسمى ب "قاع اإلناء" الذي سيكون غير قاد ار على تغطية االحتياجات النفطية
الوطنية ابتداءا من سنة ،2035إلى أن يتوقف هذا اإلنتاج تماما في بداية النصف الثاني من القرن
الحادي والعشرين.
من خالل هذه النتائج ،يمكن تأكيد الفرضيات الموضوعة على النحو التالي:
-فيما يتعلق بالفرضية األولى التي تنص على أن إنتاج الوقود الحيوي ذو أصل نباتي ُيشكل قيدا
غذائيا بالنسبة للجيل األول منه كونه يؤثر سلبا على الركائز األساسية لألمن الغذائي؛ يمكن تأكيدها
كون إنتاج الوقود الحيوي من الجيل األول يؤثر سلبا على توافر الغذاء ،إمكانات الحصـول عليه،
اسـ ــتهالكه واسـ ــتق ارر اإلمدادات منه ،شرط أن يتم هذا اإلنتاج على نطاق صناعي واسع ،مما يؤدي
إلى جر أسعار المواد األولية الزراعية التي تدخل في إنتاجه إلى األعلى ويولد زراعة أحادية تخلق
منافسة بين مختلف المحاصيل الزراعية على نفس األراضي ونفس المياه ونفس العمالة ونفس رأس
المال ونفس المدخالت ونفس االستثمارات ،األمر الذي يقلل من العرض الزراعي ويزيد في أسعار
283
خاتمة
المحاصيل الزراعية األخرى التي ال تدخل في تصنيعه ،مما يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام ألسعار
األغذية وتوافرها.
-فيما يتعلق بالفرضية الثانية التي تنص على أن إنتاج الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي ال يؤثر على
القطاع الزراعي؛ يمكن تأكيدها كون الوقود الحيوي ذو أصل طحلبي ال يؤثر على الموارد المائية
وحجم االستثمارات واألراضي والعمالة والمدخالت الزراعية ،فهو بذلك ال يقلل من عرض المواد األولية
الزراعية وال يؤثر على أسعارها في األسواق الدولية ،مما يجعله غير منافس للقطاع الزراعي.
-فيما يتعلق بالفرضية الثالثة التي تنص على أنه يمكن للوقود الحيوي ضمان إمدادات طاقة النقل
شرط توفر الحماية والدعم الحكومي بما يضمن تنافسيته في السوق؛ يمكن تأكيدها كون بقاء واستدامة
الوقود الحيوي يقترن بسياسة حماية ودعم حكومي تلعب دو ار محوريا في ضمان صموده االقتصادي
وتعزيز قدرته التنافسية أمام الوقود األحفوري التقليدي من خالل جملة من التدابير تمس كل حلقة من
سلسلة امداداته انطالقا من مدخالته الزراعية (إعانات لشراء األسمدة ،إعانات في تسعيرة الطاقة
والمياه ،إعانات لحيازة األراضي ،امتيا ازت ضريبية ،دعم المزارعين) إلى استهالكه النهائي (تحفيزات
القتناء الوقود الحيوي ،إعانات القتناء سيارات تعمل بمحركات مرنة الوقود ،إعفاءات ضريبية لتحفيز
الطلب) مرو ار بتصنيعه وتوزيعه (تعريفات جمركية لحماية الوقود الحيوي المنتج محليا ،ائتمانات
وحوافز لإلنتاج المحلي ،إعفاءات ضريبية ،إعانات البنوك العامة لالستثمار ،تحفيز البحث والتطوير).
في ضوء النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة ،يمكن تقديم التوصيات التالية:
نظ ار الستحالة فصل سياسة األمن الغذائي عن سياسة الوقود الحيوي بالنظر إلى ترابطهما
وتفاعلهما مع بعضهما البعض ،ينبغي أن يكون األمن الغذائي والحق في الغذاء من االعتبارات ذات
284
خاتمة
يجب على الحكومة اعتماد مبدأ عدم المساس أو حتى تهديد األمن الغذائي عند تطوير صناعة
الوقود الحيوي مع اتخاد كافة التدابير الكفيلة للتأكد من أن هذا المبدأ سيحترم مهما تنوعت واختلفت
السياقات ،وبالتالي ينبغي إدارة قطاع الوقود الحيوي بطريقة ال تؤدي إلى تقييد الوصول إلى الغذاء أو
التعدي على الموارد الالزمة إلنتاجه ،ال سيما األرض والمياه واليد العاملة.
ينبغي تبني مقاربة سياسية شاملة فيما يخص الطاقة الحيوية ال تقتصر فقط على تطوير الوقود
الحيوي ،وإنما تشجع كل استخدامات الكتلة الحيوية في إطار استراتيجية تنمية فعالة من شأنها توفير
طاقة بديلة ذات استخدامات متعددة ،بما في ذلك الوقود في قطاع النقل.
األمن الطاقي على المستوى الوطني ،كما يمكنه أن يساعد على خفض تكاليف الطاقة وتنويع
ينبغي تعزيز التنسيق الدولي لسياستي األمن الغذائي والوقود الحيوي باعتبار أن سوق عالمية
للوقود الحيوي آخذة في الظهور ،أي أنه يتعين تعزيز الشراكة والتعاون الدولي مع البلدان التي شرعت
في وضع سياسات وطنية لتطوير قطاع الوقود الحيوي ،سواء تعلق األمر بالدول الجديدة التي
اكتسحت الساحة العالمية إلنتاج الوقود الحيوي كالصين أو بالدول الرائدة في هذا المجال كالب ارزيل؛
ينبغي تعزيز التنسيق والتناغم الدولي عند وضع برنامج لتطوير الوقود الحيوي من خالل رسم
سياسات وتبني ميكانيزمات مشتركة تسمح بتكييف هذه البرامج مع ظروف السوق الدولية لضمان
سرعة اتخاذ التدابير واإلجراءات الكفيلة بحل األزمات الغذائية أو الطاقية في حالة حدوثها ،وبالتالي
تفادي أن يقوم الطلب على الوقود الحيوي الذي تمليه ظروف السوق بتعريض األمن الغذائي للخطر
من خالل رفع األسعار وتقييد الوصول إلى األغذية واألراضي والمياه والموارد ذات صلة بإنتاج
الغذاء؛
285
خاتمة
بعد االنتهاء من معالجة إشكالية بحثنا ودراسة مختلف الجوانب التي ترتبط بالوقود الحيوي ،ظهر لنا
جوانب لم َّ
يتسنى لنا دراستها حيث يمكن أن تكون أساسا لدراسات الحقة ،من بينها:
286
قائمة المراجع
-1كتب
-علي محمد عبدهللا ،الوقود الحيوي واستخدامات الطحالب ،وكالة الصحافة العربية ،مصر.2011 ،
-نادر نور الدين محمد ،الوقود الحيوي وأجياله الجديدة ،مكتبة جزيرة الورد ،مصر.2013 ،
-فريق خبراء ،الوقود الحيوي ،الشركة الوطنية العامة للمطاحن واألعالف ،ليبيا.2007 ،
-منير علي الجنزوري ،الوقود الحيوي ومصادر الطاقة المتجددة ،دار الفكر العربي ،مصر.2010 ،
-محمد السيد عبد السالم ،األمن الغذائي للوطن العربي ،عالم المعرفة ،مصر.1998 ،
-2مقاالت
-مصطفى بلمقدم ،محمد رشيد بومدين ،أنيسة بن رمضان ،الغاز الطبيعي في الجزائر :آفاق واعدة
-محمد دياب ،المشكلة الغذائية في العالم -جوهرها وأسبابها الحقيقية ،-مجلة الدفاع الوطني العدد
،85لبنان.2013 ،
-دينا جالل ،إنتاج الوقود الحيوي في إطار االقتصاد العالمي مع إشارة خاصة بالحالة المصرية،
-سمير بوختالة ،محمد زرقون ،نوال بن عمارة ،واقع وأفاق تطوير قطاع النقل في الجزائر ودوره في
-نصري حداد ،الطاقة والوقود الحيوي واألثر على األمن الغذائي العربي ،مجلة االستثمار الزراعي -
288
قائمة المراجع
-محمد راضي جعفر وعقيل عبد محمد ،الوقود الحيوي السائل بديل النفط مفهومه آثاره ،مجلة كلية
-3دراسات/تقارير/ندوات/ملتقيات
-عباس حسين مغير الربيعي ،علم األحياء المجهرية ،جامعة بابل ،العراق.2012 ،
-فريق خبراء ،HLPEالوقود الحيوي واألمن الغذائي ،لجنة األمن الغذائي العالمي ،ايطاليا.2013 ،
-جامعة الدول العربية ،تداعيات ارتفاع األسعار العالمية للمواد الغذائية األساسية وتأثيرها على
مستوى معيشة المواطن العربي ،المجلس االقتصادي واالجتماعي لجامعة الدول العربية ،الدورة ،83
السودان.2009 ،
-األمم المتحدة (إدارة الشؤون االقتصادية واالجتماعية) ،تقرير موجز :رصد السكان في العالم
-منظمة االغذية و الزراعة لألمم المتحددة ،Iحالة االغذية والزراعة ،ايطاليا.2008 ،
-منظمة األغذية والزراعة لألمم المتحدة ،IIحالة االغذية والزراعة :االستثمار في الزراعة من أجل
-برنامج األمم المتحدة للبيئة ( ،)UNEPمؤتمر األطراف في االتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي،
-4مذكرات/رسائل
-سهام بشكيط ،مكانة الغاز الطبيعي في إتفاقية الشراكة بين الجزائر واالتحاد األوروبي ،مذكرة
ماجستير في العلوم االقتصادية ،كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير ،جامعة قسنطينة ،2
الجزائر.2009 ،
289
قائمة المراجع
دراسة الزيوت والشحوم الغذائية المصروفة الى شبكة الصرف الصحي في بعض، ناجي ديوب-
جامعة، مذكرة ماجستير في الهندسة البيئية تحت اشراف األستاذ أحمد قصير،احياء مدينة الالذقية
.2009 ، سوريا،تشرين
1- Ouvrages
- Amit Sarin, Biodiesel: production and properties, Ed RSC Publishing, UK, 2012.
- A Filemon, Jr Uriarte, Biofuels from Plant Oils, ASEAN Foundation, Indonesia, 2010.
- Ayhan, Demirbas, Fatih Demirbas, Algae Energy : Algae as a New Source of Biodiesel,
Ed Springer, Allemagne, 2010.
- Carlsson S. Anders, Jan B Van Beilen, Ralf Möller, David Clayton, Micro- and macro-
algae: utility for industrial applications : outputs from the EPOBIO project, Ed cplpress,
UK, 2007.
290
قائمة المراجع
- Derek Headey & Shenggen Fan, Reflections on the global food crisis, International Food
Policy Research Institute, USA, 2010, p5.
- Edward Smeets, Martin Junginger, André Faaij, Arnaldo Walter, Paulo Dolzan,
Sustainability of Brazilian bio-ethanol, Report NWS-E-2006-110, Unicamp, Universiteit
Utrecht, Copernicus Institute, Department of Science, Technology and Society, Pays-bas,
2006.
- Gal Hochman, Deepak Rajagopal, Govinda R. Timilsina, David Zilberman, The Impacts
of Biofuels on the Economy, Environment, and Poverty (chap 4: Impacts of Biofuels on
Food Prices), Ed Springer New York, USA, 2014.
291
قائمة المراجع
- Jean Hladik, les énergies renouvelables aujourd’hui et demain, Ed ellipses, France, 2011.
UK, 2009.
- Maria Aparecida de Moraes Silva, Errantes do fim do século, Ed unesp, Brésil, 1999.
- Michel Battiau, L’énergie : un enjeu pour les sociétés et les territoires, Ed ellipses,
France, 2008.
- Mikael Ohlstrom, Tuula Makinen, Juhani Laurikko, Riitta Pipatti, New concepts of
biofuels in transportation, Technical Research Centre of Finland, Finland, 2001.
- Paul Mathis, quel avenir pour les biocarburants ?, Ed Le Pommier, France, 2007.
292
قائمة المراجع
- Stavros Sarafis, Brazil's Ethanol Fuel Program : A History and Analysis, LAP
LAMBERT Academic Publishing, Allemagne, 2009.
- Yves Le Bars, Elsa Faugère, Philippe Menanteau, Bernard Multon, Arthur Riedacker et
Sébastien Velut, L’énergie dans le développement de la Nouvelle-Calédonie, Ed IRD,
France,
2- Articles
- Amina Mekhelfi, Evolution des exportations gazières de l'Algérie et son impact au sein
de l'Opec (1970 à 2012), № مجلة أداء المؤسسات الجزائرية04, Université Kasdi Merbah –
Ouargla, Algérie, 2013.
- Barbara Françoise Cardoso, Pery Francisco Assis Shikida, Adele Finco, Development of
Brazilian Biodiesel Sector from the Perspective of Stakeholders, Energies - Open Access
Journal of Energy Research, Engineering and Policy № 399, Suisse, 2017.
- Benoît Daviron, La crise alimentaire et la gestion des stocks mondiaux, La revue Pour,
vol. 202-203, №3, France, 2009.
293
قائمة المراجع
- Buddolla Viswanath, Taurai Mutanda, Sarah White, Faizal Bux, The microalgae – A
future source of Biodiesel, Global Science books, Department of Biotechnology and Food
Technology, Durban University of technology, Afrique du Sud, 2010.
- Dermot Hayes, Babcock Bruce, Fabiosa, Jacinto, Tokgoz Simla, Elobeid Amani, Yu
Tun-Hsiang, Dumortier Jerome, Chavez Eddie, Pan Suwen, Carriquiry Miguel, Biofuels:
Potential Production Capacity, Effects on Grain and Livestock Sectors, and Implications
for Food Prices and Consumers, Journal of Agricultural and Applied Economics, 41(2),
465-491, USA, 2009.
- Djamel Belaid, La production d’oléagineux en Algérie, recueil d'articles sur la culture des
oléagineux, Collection dossiers agronomiques, Algérie, 2015.
- Dustin Meyer, Lynn Mytelka, Rich Press, Evandro Luís Dall’Oglio, Paulo Teixeira de
Sousa Jr., Arnulf Grubler, Brazilian Ethanol: Unpacking a Success Story of Energy
Technology Innovation. Historical Case Studies of Energy Technology Innovation in:
Chapter 24, The Global Energy Assessment, Cambridge University Press, UK, 2012.
- F. Kaidi et A. Touzi, Production de Bioalcool à partir des déchets de dattes, Rev. Energ.
Ren. : Production et Valorisation – Biomasse, Algérie, 2001.
- Feng, Yujie., Yang, Qiao., Wang, Xin., Liu, Yankun., Lee, He., & Ren, Nanqi.,
Treatment of biodiesel production wastes with simultaneous electricity generation using a
single-chamber microbial fuel cell, Bioresource technology 131 (Elsevier), School of
Municipal and Environmental Engineering, UK, 2011.
- Frank Rosillo-Calle, Luis A.B.Cortez, Towards Proalcool II- A Review of The Brazilian
Bioethanol Programme, Biomass and Bioenergy Vol. 14, No. 2, pp. 115-124, Published by
Elsevier Science Ltd., UK, 1998
294
قائمة المراجع
- Helga-Jane Scarwell et Divya Leducq, Fin de l’état de grâce pour les biocarburants ou
redistribution des rôles à l'avant-scène énergétique ?, Pollution atmosphérique N° 223,
France, 2014.
- Iago Teles Dominguez Cabanelas, Jésus Ruiz, Zouhayr Arbib, Fábio Alexandre Chinalia,
Carmen Garrido-Pérez, Frank Rogalla, Iracema Andrade Nascimento, José A. Perales,
Comparing the use of different domestic wastewaters for coupling microalgalproduction
and nutrient removal, Bioresource technology (Elsevier) Volume 102, UK, 2011.
- J. de la Noue, R. Van Coillie, L. Brunel, Y. Pouliot, Traitement des eaux usées par
culture de micro-algues : influence de la composition du milieu sur la croissance de
Scenedesmus sp, Université Laval, limnology-journal, 1989, Canada.
295
قائمة المراجع
- Jose A. Del Campo, Jose Moreno, Herminia Rodrıguez, M. Angeles Vargas, Joaquın
Rivas, Miguel G. Guerrero, Carotenoid content of chlorophycean microalgae: factors
determining lutein accumulation in Muriellopsis sp. (Chlorophyta), Journal of
Biotechnology 76 : 51–59, Espagne, 2000.
- José Carlos Souza Braga, Inflation et contrôle des prix au Brésil, Cahiers du Brésil
Contemporain № 3, Maison des Sciences de l'Homme. Centre de Recherche du brésil
contemporain, France, 1988.
- Jose Roberto Moreira, Water use and impacts of ethanol production in Brazil, National
Reference Center on Biomass, Institute of Electrotechnology and Energy – CENBIO/IEE,
Brésil, 2006.
- Liang Wang, Min Min, Yecong Li, Paul Chen, Yifeng Chen, Yuhuan Liu, Yingkuan
Wang, Roger Ruan, Cultivation of Green Algae Chlorella sp. in Different Wastewaters
from Municipal Wastewater Treatment Plant, Humana Press № 4, Center for Biorefining
and Department of Bioproducts and Biosystems Engineering, University of Minnesota,
USA, 2010.
- L. Podkuiko, K. Ritslaid, J. Olt and T. Kikas, Review of promising strategies for zero-
waste production of the third generation biofuels, Agronomy Research 12, Estonie, 2014.
- Lobell, David. B., & Asner, Gregory. P, Climate and management contributions to recent
trends in US agricultural yields, Science № 299, USA, 2003.
296
قائمة المراجع
- Loïc Guindé, Florence Jacquet, Guy Millet, Impacts du développement des biocarburants
sur la production française de grandes cultures, Revue d’Etudes en Agriculture et
Environnement (INRA), 89, France, 2008.
- Marris, Emma, Sugar cane and ethanol: Drink the best and drive the rest, Nature № 444,
UK, 2006.
297
قائمة المراجع
- Nirmal Pugh, Samir A. Ross, Hala N. ElSohly, Mahmoud A. ElSohly, David S. Pasco,
Isolation of three high molecular weight polysaccharide preparations with potent
immunostimulatory activity from Spirulina platensis, aphanizomenon flos-aquae and
Chlorella pyrenoidosa, Planta Medica : Journal of Medicinal Plant and Natural Product
Research 67(8):737-42, Allemagne, 2001.
- Olivier, S., Scragg, A. H., Morrison, J, The effect of chlorophenols on the growth of
Chlorella VT-1, Enzyme and microbial technology, volume 32, University of the West of
England, UK, 2005.
- Otto Pulz et Wolfgang Gross, Valuable products from biotechnology of microalgae, Appl
Microbiol Biotechnol 65: 635–648, Allemagne, 2004.
- Raphael Slade, Ausilio Bauen, Micro-algae cultivation for biofuels: Cost, energy
balance, environmental impacts and future prospects, Biomass and Bioenergy 53
(Elsevier), UK, 2013.
- Petra Bombacha, Norbert Nägele, Mònica Rosella, Hans H. Richnow, Anko Fischer,
Evaluation of ethyl tert-butyl ether biodegradation in a contaminatedaquifer by compound-
specific isotope analysis and in situ microcosms, Journal of Hazardous Materials :
Environmental Control, Risk Assessment, Impact and Management 286 (Elsevier), UK,
2014.
- Pierre Claquin, Alexis Lemeillet, Elise Delgoulet, Flexibiliser les politiques de soutien
aux biocarburants : éclairages théoriques et expérience américaine, Notes et études socio-
économiques № 39, Centre d’études et de prospective, France, 2015.
298
قائمة المراجع
- Rodrigues Délcio & Lúcia, Case study sugar cane ethanol from Brazil: Sustainability of
ethanol from Brazil in the context of demanded biofuels imports by The Netherlands,
Núcleo Amigos da Terra (NAT), Vitae Civilis - Institute for Development, Environment
and Peace, Brésil, 2006.
- Rogerio Cezar de Cerqueira Leite, Manoel Regis Lima Verde Leal, Luıs Augusto
Barbosa Cortez, W. Michael Griffin, Mirna Ivonne Gaya Scandiffio, Can Brazil replace
5% of the 2025 gasoline world demand with ethanol ?, Energy № 34 (Elsevier), UK, 2009.
- Sofie Van Den Hende, Han Vervaeren, Nico Boon, Flue gas compounds and microalgae:
Biochemical interactions leading to biotechnological opportunities, Biotechnol Advances
(Elsevier), UK, 2012.
- Sunja Cho, Nakyeong Lee, Seonghwan Park, Jaecheul Yu, Thanh Thao Luong, You-
Kwan Oh, Taeho Lee, Microalgae cultivation for bioenergy production using wastewaters
from a municipal WWTP as nutritional sources, Bioresource Technology 131 (Elsevier),
UK, 2012.
- Thiago Oliveira, Eduardo Penna Gouvêa, Andréa Mayumi Odagima, Dorlivete Moreira
Shitsuka, Ricardo Shitsuka, Um estudo de matérias-primas para fabricaçao de biodiesel,
Educação, Gestão e Sociedade: revista da Faculdade Eça de Queirós № 27, Brésil, 2017.
- Wei Xiong, Xiufeng Li, Jinyi Xiang, Qingyu Wu, High-density fermentation of
microalga Chlorella protothecoides in bioreactor for microbio-diesel production, Appl
299
قائمة المراجع
- Yangmin Gong, Mulan Jiang, Biodiesel production with microalgae as feedstock: from
stains to biodiesel, Revue Biotechnology letters №33, Pays-bas, 2011.
- Yimin Liu Gloria et E.Helfand, The Alternative Motor Fuels Act, alternative-fuel
vehicles, and greenhouse gas emissions, Transportation Research: an international journal
(Part A. Policy and Practice), Volume 43, Issue 8, USA, 2009.
3-Thèses/Mémoires
- Amine Akbi, Les implications du développement des biocarburants : Quel impact sur les
pays en développement?, Thèse présentée en vue de l’obtention du grade de docteur sous la
direction de Michel Rainelli, Ecole doctorale droit et sciences politiques, économiques et
de gestion, Université Nice Sophia Antipolis, France, 2013.
300
قائمة المراجع
Pareau, Laboratoire de Génie des Procédés et des Matériaux, Ecole Centrale Paris, France,
2012.
- Cécile Bessou, Greenhouse gas emissions of biofuels: improving Life Cycle Assessments
by taking into account local production factors, Thèse présentée en vue de l’obtention du
grade de docteur sous la direction de B. Gabrielle et B. Mary, INRA, AgroParisTech,
France, 2009.
301
قائمة المراجع
- Gilles Peltier, Produire des biocarburants à partir de microalgues : quels enjeux pour la
recherche?, CNRS-CEA Cadarache, Institut de Biologie Environnementale et
Biotechnologie, Université Aix Marseille, France, 2010.
- Keelin Owen Cassidy, Evaluating algal growthat different temperatures, Thèse présentée
en vue de l’obtention du grade de docteur sous la direction de C. L. Crofcheck, Université
Kentucky, USA, 2011.
302
قائمة المراجع
- Papa Gueye Fam, Marché des matières premières agricoles et dynamique des cours : un
réexamen par la bancarisation, Thèse présentée en vue de l’obtention du grade de docteur
sous la direction de Gilles Philippe, Faculté des sciences économiques et de gestion,
laboratoire d’économie appliquée au développement, Université de Touloun, France,
20016.
303
قائمة المراجع
- Sébastien Gillotin, Pic pétrolier : scénarios pour le futur et implications pour la Défense,
Mémoire présenté en vue de l'obtention d’un master en sciences sociales et militaires sous
la direction de Koen Troch, Département Etude des Conflits chaire de Politique mondiale,
École royale militaire, Belgique, 2015.
- Tingting Ren, Primary Factors Affecting Growth of Microalgae Optimal Light Exposure
Duration and Frequency, Mémoire présenté en vue de l'obtention du grade de Maître en
Sciences sous la direction de Shihwu Sung, Iowa State University, USA, 2014.
- Yifan He, Impact of flexible-fuel vehecules on Brazil’s markets, Mémoire de fin d’études
présenté en vue de l’obtention d’un master sous la direction de Dr. Gal Hochman et Dr.
Carl Pray, Graduate School-New Brunswick, Rutgers, the State University of New Jersey,
Program in Food and Business Economics, USA, 2013.
4- Rapports/Etudes/Documents de travail
- Agrex Consulting (société de consulting spécialisée dans le secteur d'activité des études
de marché et sondages), étude réalisée pour le compte de FranceAgriMer, France, 2013.
304
قائمة المراجع
- Brent D. Yacobucci, Waiver Authority Under the Renewable Fuel Standard (RFS),
Congressional Research Service (CRS), Report for Congress, USA, 2012.
- Collins Keith, The Role of Biofuels and Other Factors in Increasing Farm and Food
Prices, supporting material for a review conducted by Kraft Foods Global, Inc, USA, 2008.
- Compagnie Methanex, Qu’est-ce que le Méthanol : information pour une utilisation sûre,
Canada, 2015.
- Cliff Taylor, Can olive oil be used as a fuel?, Entreprise Web Quora, USA, 2015.
- Cour des comptes, rapport sur la politique d’aide aux biocarburants, France, 2012.
- Elobeid Amani, Simla Tokgoz, Dermot J. Hayes, Bruce A. Babcock, Chad E. Hart, The
Long-Run Impact of Corn-Based Ethanol on the Grain, Oilseed, and Livestock Sectors: A
Preliminary Assessment, Center for Agricultural and Rural Development, Iowa State
University, CARD Briefing Paper 06-BP 49, USA, 2006.
305
قائمة المراجع
- Hayes Dermot, Babcock Bruce, Fabiosa, Jacinto, Tokgoz Simla, Elobeid Amani, Yu
Tun-Hsiang, Dumortier Jerome, Chavez Eddie, Pan Suwen, Carriquiry Miguel, Biofuels:
Potential Production Capacity, Effects on Grain and Livestock Sectors, and Implications
for Food Prices and Consumers, Journal of Agricultural and Applied Economics, 41(2),
465-491, CARD Reports and Working Papers, Iowa State University, USA, 2009.
- International Institute for Applied Systems Analysis (IIASA), Biofuels and Food
Security, Report for OPEC-OFID, International Institute on Applied Systems Analysis,
Autriche, 2009.
- Jean-Louis Rastoin, Etude coordonnée par Kelly Robin, Le secteur des microalgues en
méditerranée : perspectives et contribution au développement durable, Institut de
prospective économique du monde méditerranéen (IPEMED), France, 2015.
306
قائمة المراجع
- May Peters, Agapi Somwaru, Jim Hansen, Ralph Seeley, Steve Dirkse, Modeling
Biofuels Expansion in a Changing Global Environment, United States Department of
Agriculture, Contributed Paper prepared for presentation at the International Association of
Agricultural Economics Conference, Beijing, China, August 16-22, 2009, USA, 2009.
- Ministère des finances et des comptes publics, Taxe générale sur les activités polluantes,
France, 2015.
- National Agency of Petroleum & Natural Gas and Biofuels, Fuel Production and Supply
Opportunities in Brazil, Brésil, 2017.
307
قائمة المراجع
- OCDE II, Politiques de soutien des biocarburants : une évaluation économique, France,
2009.
- OCDE III, Agricultural Market Impacts of Future Growth in The Production of Biofuels,
Working party on Agricultural Policies and Markets, France, 2006.
- OCDE IV, Economic assessment of biofuel support policies, Directorate for trade and
agriculture, France, 2008.
- Patrick Artus, Antoine d’Autume, Philippe Chalmin et Jean-Marie Chevalier, Les effets
d’un prix du pétrole élevé et volatil, Direction de l’information légale et administrative,
France, 2010.
- Pierre Charlebois & Nathalie Hamann, Les conséquences d’une forte dépréciation du
dollar américain sur les marchés agricoles, direction de la recherche et de l’analyse,
Canada, 2010.
- Plastics Europe, The Compelling Facts about Plastics 2009: An Analysis of European
Plastics Production, Ed Plastics : The material for the 2 st Centuury, Belgique, 2009.
308
قائمة المراجع
- Sergio Barros, Brazil Biofuels Annual : Biofuels - Ethanol and Biodiesel, USDA Foreign
Agricultural Service, USA, 2015.
- Sylvain Pigeon, Charles Fortier, François Coderre, Jean-Yves Drolet, Production d’huile
végétale pure, bureau de l’efficacité et de l’innovation énergétiques, Canada, 2012.
- Susan Olson, Will Martin, Ethanol Emerging Issues - Environmental Regulations &
Global Landscap, Genscape: Data and Intelligence for Global Commodity and Energy,
USA, 2015.
5- Revues/Magazines/Journaux
- Alain Lepicard, sécuriser les débouchés et les prix avec l’ACE, revue Infos-Proléa N°62,
France, 2004.
- Algérie Focus, Transport aérien/Air Algérie veut acquérir 35 nouveaux avions d’ici
2025, Algérie, 2018.
- Andrea Pulli, Etienne Marsot, Benjamin Conter, Microalgues et Biodiesel : Les dessous
d’un éco carburant, ABE Mag, France, 2012.
- Carolyn Gramling, Earth Magazine “The Science behind the headlines”, Article: As
Green As It Gets: Algae Biofuels, USA, 2009.
309
قائمة المراجع
- Charlie Hare, The Differences between Kerosene & Jet Fuel, Institute of Agriculture and
Natural Resources, Hazard Communication, USA, 2005.
- Patrick Stolz and Barbara Obermayer, Manufacturing Microalgae for Skin Care,
Magazine Cosmetics & Toiletries: Science Applied, Vol. 120 Numéro 3, USA, 2005.
- Peter Dockrill, Arable land soil food security shortage, The Guardian, 2015.
- Rémy Lucas, Innovation : il fait du plastique avec des algues, Journal « le Parisien »,
2017.
- Stefan Steinberg, Financial speculators reap profits from global hunger, Global
Research: Centre for Research on Globalization, Canada, 2008.
- Yann Vinh, Grâce aux algues, le Japon se rêve en exportateur de pétrole, Futuribles,
France, 2012.
6- Conférences/Communications
- Abraham Sin Oih Yu, Paulo Tromboni de Nascimento, Lydia Lopes Correia da Silva,
Alceu Salles Camargo Júnior, Cleber Marchetti Duranti, Carlo Borsoi Moura, Evolution of
flex-fuel technology : A case study on Volkswagen Brazil, EnANPAD, XXXIV Encontro
da ANPAD, Rio de Janeiro/RJ- 25 a 29 de setembro de 2010, Brésil, 2010.
310
قائمة المراجع
- Ednaldo Michellon, Aan Aracelly Lima Santos, Juliano Ricardi Alves Rodrigues, Breve
Descrição do Proálcool e Perspectivas Futuras para o Etanol Produzido no Brasil, XLVI
Congresso de Sociedade Brasileira de Economia, Administração e Sociologia Rural, Rio
Branco – Acre, 20 a 23 de julho de 2008.
- Firoz Alam, Saleh Mobin, Harun Chowdhury, Third generation biofuel from Algae, 6th
BSME International Conference on Thermal Engineering , Published by Elsevier Ltd,
RMIT University, Australie, 2014.
- Joachim von Braun, Biofuels, International Food Prices, and the Poor, International
Food Policy Research Institute (IFPRI), Testimony to the United States Senate Committee
on Energy and Natural Resources on the relationship between the United States' renewable
fuels policy and food prices, June 12, 2008, USA, 2008.
311
قائمة المراجع
7- Dictionnaires
8- Entretiens
9- Sitographie
http://carburant-vegetal-bc.e-monsite.com/pages/les-biocarburants/premiere-generation-du-
biocarburant.html
http://tpe-biocarburants-nd.e-monsite.com/pages/iii-production-et-cout-des-
biocarburants.html
https://algaebiomass.org/resources/documents/MicroalgaeBiofixationProcessesTNO
http://donnees.banquemondiale.org/
www.fas.usda.gov/psdonline
https://blogs.worldbank.org/opendata/ar/chart-globally-70-freshwater-used-agriculture
https://www.pinterest.fr/nutrexhawaii/our-farm/
www.pbl.nl
312
قائمة المراجع
www.nrel.gov
https://prixdubaril.com/
dictionnaire.sensagent.leparisien.fr
www.archives-ouvertes.fr
www.fondation-tuck.fr
www.fas.usda.gov
esa.un.org
web04.univ-lorraine.fr
micro-algues-tpe.eklablog.com
http://news.algaeworld.org/2016/12/turbo-cultivating-algae-using-glass-tubes/
https://microbewiki.kenyon.edu/index.php/Biodiesel_from_Algae_Oil
www.ifpenergiesnouvelles.fr
www.developpement-durable.gouv.fr
donnees.banquemondiale.org
https://esa.un.org/unpd/wpp/Download/Standard/Population/
cdurable.info
http://www.maxisciences.com/biocarburant/des-micro-algues-pour-fabriquer-du-
biopetrole_art13564.html
www.futura-sciences.com
http://www.iowaepscor.org/2013/05/25/algaegreenhouse/
www.researchgate.net
www.bp.com
313
قائمة المراجع
http://sain-et-naturel.com/algues-en-carburant.html
https://www.earthmagazine.org/article/green-it-gets-algae-biofuels
https://www.slideshare.net/Funk98/algae-biofuels
http://www.reportingclimatescience.com/2016/05/18/carbon-dioxide-concentrations/
https://nelson.wisc.edu/sage/data-and-models/atlas/maps/avganntemp/atl_avganntemp.jpg
https://www.quora.com/If-sea-levels-were-to-rise-by-one-kilometer-how-much-of-the-
earths-surface-would-still-be-above-water
https://www.populationdata.net/cartes/monde-densite-de-population-2015/
https://www.eia.gov/renewable/
http://algenol.com/
http://archive.wikiwix.com/cache/?url=http%3A%2F%2Fwww.algenol.com%2F
http://www-sop.inria.fr/comore/shamash/index.html
https://fr.statista.com/statistiques/577988/taux-de-change-moyen-annuel-du-dollar-us-
contre-l-euro-1999/
http://www.seedscience.ca/Seed_Science/Products_%26_Services.html
http://wwz.ifremer.fr/
http://www.unicadata.com.br/?idioma=2
http://www.icone-png.com/sciences/statistique/
http://www.anp.gov.br/
https://www.ibge.gov.br/
https://www.populationdata.net/
https://www.statista.com/statistics/741384/soybean-production-volume-brazil/
314
قائمة المراجع
http://veiculos.fipe.org.br/
http://www.mda.gov.br/sitemda/sites/sitemda/files/user_arquivos_64/portal
https://ww2.ibge.gov.br/home/
https://www.afdc.energy.gov/data/categories/biofuels-production
http://www.agricultura.gov.br/
https://donnees.banquemondiale.org/pays/bresil
https://www-sop.inria.fr/comore/shamash
http://www-sop.inria.fr/comore/shamash/equipes.html
https://www.bp.com
https://www.tsa-algerie.com/la-consommation-de-petrole-de-lalgerie-a-double-en-sept-ans/
https://www.bloomberg.com/middleeast
https://www.ifri.org/
https://www.eia.gov/
https://www.wto.org/indexfr.htm
http://onfaa.inraa.dz/images/doconfaa/Rapport%20sur%20le%20commerce%20exterieur%
20des%20dattes.pdf
http://www.aps.dz/economie/64795-datte-plus-d-un-million-de-tonnes-en-algerie-en-2017-
dont-3-destinee-a-l-exportation
https://www.commerce.gov.dz/statistiques/datte-plus-d-un-million-de-tonnes-en-algerie-
en-2017-dont-3-destinee-a-l-exportation
https://www.greenpeace.fr/huile-de-palme/
http://www.algerieinfo.com/forum/index.php?topic=212.0;wap2
315
قائمة المراجع
https://airalgerie.dz/notre-compagnie/profil-et-valeurs/
https://www.lesoirdalgerie.com/articles/2017/04/20/article.php?sid=212562&cid=2
https://www.populationpyramid.net/fr/algérie/2025/
https://www.fsa.usda.gov/
https://www.afdc.energy.gov/data/
https://fr.statista.com/
316
ملخص
دورا رئيسيا يف االقتصاد العاملي ،فهي تعترب أحد احملركات الرئيسية للتنمية كون مستوى التنمية
تلعب الطاقة ً
االجتماعية واالقتصادية جلميع البلدان يتح ّدد ابلعالقة بني االقتصاد والطاقة.
وحظيت أنواع الوقود احليوي مثل اإليثانول والديزل احليوي كبديل للوقود األحفوري املستمد من النفط
ومصادر الطاقة غري املتجددة ابهتمام كبري يف مجيع أحناء العامل .وقد ازداد إنتاجها بسرعة يف السنوات األخرية،
ومن املرجح أن تستمر هذه الزايدة يف املستقبل نتيجة النتهاج سياسات هتدف إىل تقليل التبعية جتاه البرتول،
السيما بعد ارتفاع أسعار هذا األخري يف بداية األلفية اجلديدة.
وقد أدى استعداد الدول املتقدمة لتوجيه الزراعة حنو املنتجات الضرورية لصناعة الوقود احليوي (احملاصيل
السكرية والنشوية ابلنسبة لإليثانول واحملاصيل الزيتية ابلنسبة للديزل احليوي) إىل تبعية كبرية يف القطاع الزراعي،
والذي أصبح يرتبط بشكل وثيق بقطاع الوقود احليوي .هذه العالقة بني قطاع الوقود احليوي والقطاع الزراعي
العاملي كان هلا أثر كبري يف الزايدة املعتربة يف أسعار املواد الغذائية ،وهو ما يطرح إشكالية التحقيق املتزامن
لألهداف الوطنية املتعلقة بكل من األمن الطاقوي واألمن الغذائي.
هتدف هذه الدراسة إىل تسليط ال ضوء على مدى مسامهة الوقود احليوي يف تلبية الطلب على الوقود دون
تشكيل قيد غذائي ،عالوة على استخالص دروس من جتارب بعض الدول الرائدة يف جمال الوقود احليوي.
هلذا الغرضّ ،مت االعتماد على مقاربة متعددة املناهج تبَ نني من خالهلا إمكانية مسامهة الوقود احليوي يف
فعالة ،غري أن هذه املسامهة مرهونة ابحلماية والدعم احلكومي امل َقدنمان
ضمان إمدادات طاقة النقل بطريقة ّ
للوقود احليوي يف كل حلقة من سلسلة امداداته ،من املدخالت الزراعية إىل االستهالك النهائي مرورا ابلتصنيع
والتوزيع ،وهذا هبدف تعزيز صموده االقتصادي وقدرته التنافسية أمام الوقود األحفوري.
من جهة أخرى ،أبرزت الدراسة أن مسامهة الوقود احليوي يف ضمان إمدادات طاقة النقل خُيلِّّف حتما أثرا
سلبيا مباشرا وغري مباشرا على العرض الزراعي لَ ّما يتعلق األمر ابلوقود احليوي من اجليل األول؛ أثر ال ميكن
تفاديه إالن ابلتوجه حنو اإلنتاج الصناعي الواسع واحلصري للوقود احليوي من اجليل الثالث.
الكلمات املفتاحية :الوقود احليوي ،الوقود األحفوري ،القطاع الزراعي ،التجارب الدولية.
318
Résumé
L’énergie joue un rôle prépondérant dans l’économie mondiale. Elle est considérée
comme étant l’un des principaux moteurs du développement dans la mesure où l’on
constate que le niveau de développement socio-économique de l’ensemble des pays est
étroitement tributaire de la relation entre l'économie et l'énergie.
La volonté des pays développés d’orienter l’agriculture vers les productions nécessaires
à l’industrie des biocarburants (cultures sucrées et féculentes pour l'éthanol, ou cultures
oléagineuses pour le biodiesel) a induit une forte dépendance du secteur agricole, devenu
étroitement lié au secteur des biocarburants. Cette relation entre le secteur des
biocarburants et le secteur agricole mondial a eu pour effet une augmentation considérable
des prix des denrées alimentaires induisant ainsi la problématique de la réalisation
simultanée des objectifs nationaux de sécurité énergétique et de sécurité alimentaire.
Cette étude vise à mettre en lumière la contribution des biocarburants comme réponse à
la demande en carburant sans que cela n’occasionne de contrainte alimentaire, tout comme
elle aspire à tirer des enseignements des expériences de certains pays leaders dans le
domaine des biocarburants.
À cette fin, une approche multi-méthodes a été adoptée à travers laquelle il a été
démontré que les biocarburants pouvaient efficacement contribuer à assurer
l’approvisionnement en énergie de transport à condition que la filière biocarburant
bénéficie de mesures de protection et de soutien public dans ses différentes étapes, à
commencer par les intrants agricoles jusqu’à la consommation finale en passant par la
production et la distribution, de manière à renforcer la résilience économique et la
compétitivité des biocarburants par rapport aux carburants fossiles.
319
Abstract
Energy plays a major role in the global economy. It is one of the main drivers of
development, since the level of socio-economic development of countries is closely linked
to the relationship between economy and energy.
Biofuels such as ethanol and biodiesel as alternatives to fossil fuels derived from
petroleum and non-renewable energy sources have received considerable attention around
the world. Their production has increased rapidly in recent years and is expected to
continue in the future as a result of the implementation of policies to reduce dependence on
oil, particularly after the surge in oil prices at the beginning of the new millennium.
This study aims to highlight the contribution of biofuels as a response to fuel demand
without causing food shortage, and draw conclusions from the experience of leader
countries in the biofuel industry as well.
In this regard, a multi-method approach has been adopted in order to demonstrate that
biofuels can effectively contribute to ensure the supply of transport energy, provided that
the biofuel sector is protected and supported by public measures at all stages, from farm
inputs to production and distribution to final consumption. Such a system helps to
strengthen the economic resilience and competitiveness of biofuels in relation to fossil
fuels.
In addition, the study highlights that the contribution of biofuels, in this case first-
generation biofuels, to the supply of transport energy inevitably has a direct and indirect
negative impact on agricultural supply, which can only be avoided through the exclusive
and large-scale production of third generation biofuels.
320