Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬

‫مجلة اآلداب واللغات‬


‫جامعة أبي بكر بلقايد‪،‬تلمسان ‪ /‬الجزائر‬
‫‪ISSN : 2676-1963/ EISSN: 2676-167X‬‬
‫‪https://www.asjp.cerist.dz/en/PresentationRevue/416‬‬

‫إلايقاع وإنتاج الداللة بين القصيدة القديمة وقصيدة النثر‬


‫‪Rhythm and the Production of the Connotation‬‬
‫‪Between the Old poem and the Prose poem.‬‬
‫هاشمي محمد بلحبيب‪،‬جامعة وهران ‪ 1‬أحمد بن بلة‪ ،‬الجزائر ‪haouiadab@yahoo.com .‬‬
‫ملياني محمد ‪ ،‬جامعة وهران ‪ 1‬أحمد بن بلة‪ ،‬الجزائر ‪medmel1992@yahoo.fr .‬‬
‫تاريخ املقال‬
‫النشر‪1112- 21 -14 :‬‬ ‫القبول‪2021-06-19:‬‬ ‫إلارسال‪2021-05-16 :‬‬
‫الكلمات املفتاحية‬
‫ـ إلايقاع‬ ‫‪...................‬‬
‫طابات اللغوية ألاخرى‪ ،‬إذ‬ ‫يعبر الشعر عن فاعلية إنسانية تواصلية‪ ،‬يختلف في تركيبه النص ي عن الخ‬
‫ـ الداللة الصوتية‬ ‫يالزمه العنصر إلايقاعي‪ ،‬وال يكاد ينفصل عن نسقه‪ .‬الذي يرى فيه البعض أنه يتعدى الحضور الجمالي‬
‫ـ الانسجام‬ ‫الشكلي‪ ،‬ليكون نوعا من الحضور التعبيري والداللي داخل النص الشعري‪ ،‬من خالل التفاعل الحاصل بين‬
‫ـ القصيدة العمودية‬ ‫بنيته اللغوية والبنية إلايقاعية‪ ،‬مما يثري البنية الداللية للقصيدة‪ .‬ويجعل من إلايقاع عنصرا فعاال في‬
‫ـ قصيدة النثر‬ ‫القصيدة‪.‬‬
‫أما قصيدة النثر التي تمردت عن الجانب إلايقاعي للقصيدة القديمة رأت في هذا الجانب مجرد زلزلة‬
‫خداعة لطبلة ألاذن‪ ،‬ال دخل لها في داللة القصيدة‪ ،‬بل هي عائق أمام التعبير عن كل مايختلج‬ ‫سطحية ّ‬
‫الشاعر من أفكار‪ ،‬بل ويفرض ذلك إلايقاع‪ ،‬خاصة ألاوزان والقافية قوالب جاهزة مسبقا‪ ،‬تحد من‬
‫الوصول إلى الداللة الكاملة‪ .‬وقدمت إلايقاع الداخلي كبديل من الناحية الصوتية والداللية‪ ،‬تعتمد فيه على‬
‫إيقاع الكلمة والجملة والقصيدة كاملة‪ .‬وانطالقا من هذا التباين حاولت هذه الدراسة التحليلية الوصفية‪،‬‬
‫أن تتناول هذه الاشكالية وتدرسها من خالل آلاراء اللسانية والداللية القديمة والحديثة واملعاصرة‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬ ‫‪Keywords‬‬
‫‪Poetry expresses a communicative humanity, which differs in its‬‬ ‫‪Rhythm‬‬
‫‪textual structure from other linguistic discourses, in which there is‬‬ ‫‪Connotation‬‬
‫‪rhythm. Some see it beyond the aesthetic presence, to be a kind of‬‬ ‫‪Textual harmony‬‬
‫‪expressive and semantic presence, through the interaction between its‬‬ ‫‪Ancient poem‬‬
‫‪linguistic structure and rhythmic structure.‬‬ ‫‪Prose poem‬‬
‫‪As for the prose poem that rebelled from the rhythmic side of the‬‬
‫‪old poem, she saw in this aspect a mere superficial matter that had‬‬
‫‪nothing to do with the meaning of the poem. And the internal rhythm‬‬
‫‪was presented as an alternative in terms of phoneme and semantic, in‬‬
‫‪which it depends on the rhythm of the word, the sentence and the‬‬
‫‪whole poem. On the basis of this contradiction, this study attempted‬‬
‫‪to address this difference and study it through the ancient, modern‬‬
‫‪and contemporary linguistic and semantic views.‬‬

‫‪ ‬امللؤلف املرسل‬

‫‪37‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫‪ .2‬مقدمة‬
‫أسموه إلايقاع الداخلي هو الذي يخدم داللة النص‬ ‫تعبر داللية أي نص عن ذلك النتاج الحاصل بين‬
‫الشعري ؟‬ ‫تفاعل نسق الدوال والسياق من جهة‪ ،‬وذلك التفاعل‬
‫‪ .1‬مفهوم إلايقاع‬ ‫الذي يحدث بين قصدية املنتج وقصدية املتلقي عبر‬
‫‪ .2 .1‬لغويا‬ ‫النص من جهة أخرى‪ ،‬والفرق بين النص الشعري‪،‬‬
‫جاء في لسان العرب لـابن منظور‪" :‬إلايقاع من إيقاع‬ ‫وغيره من الخطابات اللغوية‪ ،‬يكمن في كثافة حضور‬
‫ّ‬
‫اللحن و الغناء وهو ُي َوقع ألالحان ويبينها وسمى الخليل‬ ‫إيقاع الذات الكاتبة في الخطاب‪ ،‬حيث هو خصيصة في‬
‫كتابا من كتبه في ذلك املعنى "كتاب إلايقاع" (منظور‪،‬‬ ‫النص الشعري‪ ،‬فيكون هذا إلايقاع بمختلف عناصره‬
‫ً‬
‫‪ ،0212‬صفحة ‪ .)824‬وفي القاموس املحيط‪" :‬إيقاع‬ ‫جزءا من نسق النص يميزه عن باقي الخطابات‬
‫ألحان الغناء وهو أن يوقع ألالحان ويبينها" (أبادي‪،‬‬ ‫اللغوية؛ وقد عده البعض جزء من بنية النص‬
‫‪ ،1994‬صفحة ‪.)777‬‬ ‫الشعري حيث يبرز دوره في التعبير عن التجربة‬
‫أما في املرام في معاني الكالم‪" :‬إلايقاع مصدر أوقع‬ ‫الشعرية ‪ ،‬وتصويرها في نظام فني متسق و منسجم ‪،‬‬
‫ّ‬
‫النقر على الطبل باتفاق ألاصوات وألالحان" (ملؤنس ‪،‬‬ ‫من خالل الدور الداللي الذي يلعبه الجرس املوسيقي‬
‫‪ ،0222‬صفحة ‪ .)152‬واملفاهيم والتحديدات اللغوية‬ ‫والجناس والنبر والوزن في إعطاء ملسة موسيقية‬
‫السابقة جعلت إلايقاع شكال من املوسيقى والطرب‪.‬‬ ‫إيقاعية‪ ،‬تعبر عن النفس و العاطفة والتخيالت ‪.‬‬
‫‪ .1 .1‬اصطالحا‬ ‫لكن الثورة التي قامت عليها الحداثة الشعرية‪،‬‬
‫‪2 .1 .1‬ـ في التراث‬ ‫كانت في جانب هام منها رافضة لهذا إلايقاع بكل‬
‫يعرف بن زيلة إلايقاع قائال "بأنه تقدير ما لزمان‬ ‫أشكاله‪ ،‬وعدت ألاوزان الشعرية التي عرفها الشعر‬
‫ً‬
‫النقرات‪ ،‬فإذا كانت النقرة منغنمة كان إلايقاع شعريا‬ ‫العربي وظلت ترافقه وتصاحبه وتالزمه طوال روح‬
‫لحنيا‪ ،‬وإن كانت محدثة للحروف املنتظم منها كالم‬ ‫كبيرة من الزمن‪ ،‬قوالب ال روح فيها‪ ،‬ومجرد عوائق‬
‫كان إلايقاع شعريا وهو نفسه إيقاع مطلق" (أبو‬ ‫تحد من الوصول إلى الشعرية الحقة‪ ،‬حيث رحابة‬
‫املنصور‪ ،1998 ،‬صفحة ‪ ،)88‬ويراه صفي الدين‬ ‫إلابداع ومواطنه الجديدة‪ ،‬تحدها تلك الحدود الوهمية‬
‫البغدادي بأنه "مجموعة نقرات يتخللها أزمنة محددة‬ ‫التي ال دخل لها في نسق النص الشعري وال في داللته‪،‬‬
‫املقادير على نسب وأوضاع مخصوصة بأدوار متساوية‬ ‫وتعد قصيدة النثر التي مثلت الوجه الثاني للحداثة‬
‫ً‬
‫يدرك تساوي تلك ألادوار ميزان الطبع السليم" (اده‬ ‫ألاكثر تمردا وراديكالية في رفض كل تلك العناصر‬
‫اليسوعي‪ ،1949 ،‬صفحة ‪ ،)115‬ومن خالل ذلك يرى‬ ‫إلايقاعية السطحية ـ حسب تعبير روادهاـ ودعت لنوع‬
‫عز الدين إسماعيل‪ ،‬أن علماؤنا القدامى لم يتبنوا‬ ‫آخر من إلايقاع وهو إلايقاع الداخلي الذي رأت فيه أكثر‬
‫جوهر إلايقاع "إذ تناولوه من خالل املادة التي تجسد‬ ‫إيحاء وداللة‪.‬‬
‫الحركة إلايقاعية‪ ،‬فكان املصطلح عندهم ألصق‬ ‫ومن ما سبق من تباين في آلاراء نرى أنفسنا نقف‬
‫ً‬
‫بمفهوم إلايقاع املوسيقي ألن التوالي الزمني هو جوهر‬ ‫بين جدلية مفادها ‪ ،‬هل حقا إلايقاع الصوتي بكل‬
‫املوسيقى‪ ،‬ومن هنا ركزت أغلب الدراسات على ارتباطه‬ ‫عناصره له دخل في انسجام الشعر وانتاج داللته؟ أم‬
‫بالزمن وأهملت الحركة ولم يلحظه الدارسون إال من‬ ‫هو أمر إضافي شكلي ال غير وأن دعوة الحداثيين إلى ما‬

‫‪38‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫نقطة مركزية واحدة هي جذر الفاعلية إلايقاعية‬ ‫خالل املوسيقى والوزن الشعري مع أنه كان في أوضح‬
‫ملجموع بنا القصيدة ومستوياتها‪ ،‬فيغير من طبيعتها‬ ‫مظاهره في عمارة وزخرف إلاسالميين‪ ،‬كما كان ألاساس‬
‫الجزئية الناقصة املعزولة‪ ،‬ويدخلها في نظام شمولي‬ ‫الذي قامت عليه علوم البالغة والفن اللغوي" (عز‬
‫كامل متصل ببعضه البعض ‪ ،‬كما يغير من فوض ى‬ ‫الدين‪ ،1955 ،‬صفحة ‪ .)115‬ورغم ذلك فقد قدمت‬
‫تراكمها وتراكبها إلى بناء وظيفي مركب " (عبيد‪،0221 ،‬‬ ‫البالغة العربية إسهامات مهمة في الكشف عن‬
‫صفحة ‪ ،)09‬فهي جزء مكمل للنص يساعده على‬ ‫الروابط الصوتية في النصوص العربية من سجع‬
‫الانسجام بوصل أجزائه املعزولة‪.‬‬ ‫وجناس ووزن وقافية (مداس‪ ،0229 ،‬صفحة ‪.)105‬‬
‫وقد اهتم العرب بموسيقى اللفظة واجتهدوا في‬ ‫وانتبه لذلك الكثير و إن كانت دراستهم بالغية‪.‬‬
‫تخليصها مما يفقدها التناسب بين حروفها وحركتها ‪،‬‬ ‫‪ .1 .1 .1‬عند املحدثين‬
‫كذلك حرسوا على موسيقى العبارات‪ ،‬واهتموا‬ ‫يرى شكري عياد أن إلايقاع هو فاعلية ملؤثرة في‬
‫باالنسجام الصوتي في الكلمات بحيث تلؤلف بمجموعها‬ ‫بنية القصيدة و هي تمثل روحها في الطباق بين النبر‬
‫نغما تطرب له ألاذن وتقبل عليه النفس (رحيم‬ ‫العروض ي واملوسيقي وبين النبر اللغوي (عياد‪،1994 ،‬‬
‫العزاوي‪ ،1974 ،‬صفحة ‪ .)097‬وهي نظرة ترى في الوزن‬ ‫صفحة ‪ ،)90‬فهو ال يرتبط "بالقيمة الكمية الوزنية وال‬
‫والقافية وإلايقاع الصوتي بشكل عام جزء ال يتجزء‬ ‫بالقيمة الكمية للوحدات الوزنية التي يمكن أن تنقسم‬
‫من الشعر وتعطيه حسن النسج و الحبك‪ .‬فيرى أبو‬ ‫إليها الكتلة وإنما بحيوية داخلية أعمق‪ ،‬هي النبر‪ ،‬الذي‬
‫الهالل العسكري الشعر في حسن النسج واختيار‬ ‫يضعه الشاعر على نوى معينة من البيت" (أبو الديب‪،‬‬
‫اللفظ‪ ،‬قائال أن الشعر "كالم منسوج‪ ،‬ولفظه منظوم‪،‬‬ ‫‪ ،1978‬صفحة ‪ ،)079‬ويراه محمد بنيس " كل نسق‬
‫ْ‬
‫وحسن لفظه‬ ‫سخف‪َ ،‬‬ ‫وأحسنه ما تالءم نسجه ولم َي‬ ‫صوتي منظم وفق أهداف شعرية‪ ...‬تنتظم في بيت على‬
‫يهجن ‪ ،‬ولم يستعمل فيه الغليظ من الكالم‬ ‫ولم ُ‬ ‫شاكلة خاصة" (بنيس‪ ،0221 ،‬صفحة ‪ ،)178‬الذي‬
‫فيكون جلفا بغيضا‪ ،‬وال السوقي من الكالم فيكون‬ ‫يحدث "ذلك النسيج من التوقيعات وإلاشباعات‬
‫ً‬
‫مهلهال دونا" (العسكري‪ ،1949 ،‬صفحة ‪ .)02‬يلؤكد‬ ‫والاختالفات املفاجآت التي يحدثها تتابع املقاطع"‬
‫أيضا على اختيار الوزن الذي يخدم املعنى والقافية‬ ‫(سلوم‪ ،1947 ،‬صفحة ‪ )20‬عبر "إلايقاع الداخلي‬
‫ً‬
‫التي يحتملها لتزيده نسجا‪ ،‬فيقول " وإذا أردت أن‬ ‫لأللفاظ بحد ذاته و الحقل املوسيقي الذي يحدثه عند‬
‫تعمل شعرا فأحضر املعاني التي تريد نظمها فكرك‪،‬‬ ‫النطق بها‪ .‬يعتبر من أهم املنبهات املثيرة لالنفعاالت‬
‫وأخطرها على قلبك‪ ،‬واطلب لها وزنا يتأتى فيه إيرادها‪،‬‬ ‫الخاصة املناسبة" (عزوز‪ ،1999 ،‬صفحة ‪97‬ـ‪ .)94‬أي‬
‫وقافية يحتملها‪ ،‬فمن املعاني ما تتمكن من نظمه في‬ ‫هو أي حقل منبه لالنفعاالت ‪.‬‬
‫قافية و ال تتمكن منه في أخرى" (العسكري‪،1949 ،‬‬ ‫‪ .7‬إلايقاع وثثر في ا سجام النص الشعري وتوليد‬
‫صفحة ‪ .)179‬وهي نفس النظرة لدى الجاحظ الذي‬ ‫الداللة‬
‫يقرر أن " أجود الشعر ما رأيته متالحم ألاجزاء‪ ،‬سهل‬ ‫تكمن عالقة إلايقاع مع النص و انسجامه في كونه‬
‫املخارج‪ ،‬فتعلم بذلك أنه قد أفرغ إفراغا واحدا وسبك‬ ‫" عبر قدرته على تشكيل خط عمودي يبدأ من مطلع‬
‫سبكا واحدا فهو يجري على اللسان كما يجري الدهان‬ ‫القصيدة حتى نهايتها‪ ،‬وبذلك فهو يخترق كل خطوطها‬
‫ً‬
‫‪ ...‬وكذلك حروف الكالم وأجزاء البيت من الشعر‬ ‫ألافقية بما فيها خط الوزن‪ ،‬ليتقاطع معها جميعا في‬

‫‪40‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫ً‬
‫الجانب ألاكثر تفلتا من وعي الذات املنشئة وليس ذلك‬ ‫‪....‬تراها مختلفة متباينة‪ ،‬ومتنافرة مستكرهة تشق على‬
‫ً‬
‫لش يء إال لكونه في طبيعته متصال بتحسس اللسان‬ ‫اللسان وتكده‪ ،‬وألاخرى تراها سهلة لينة‪ ،‬ورطبة‬
‫للمتتبعات التركيبية ‪ ،‬فتحصل مجاذبات بين الحروف‬ ‫مواتية‪ ،‬سلسة النظام‪ ،‬خفيفة على اللسان‪ ،‬حتى كأن‬
‫و الصيغ بشكل إتباعي تواردي محمول على تأجج فوارة‬ ‫البيت بأسره كلمة واحدة‪ ،‬وحتى كأن الكلمة بأسرها‬
‫ألاحاسيس واملشاعر‪ ،‬والشاعر إذا تساند إلى تلك‬ ‫حرف واحد" (أبو عثمان‪ ،1994 ،‬صفحة ‪ .)97‬فيبدو أن‬
‫العوامل الداخلية ملا تخرجه من الغرابة و الحلؤول "‬ ‫الجاحظ يجعل البنية الصوتية مدخال لدراسة النص‬
‫(عميش ‪ ،0225 ،‬صفحة ‪54‬ـ‪ ،)59‬وربما هذا أول ما‬ ‫وتحليله؛ وعدت مالحظاته أول ملمح تطبيقي لدراسة‬
‫جذب العرب القدامى للشعر‪ ،‬فاإليقاع هو "إصابة‬ ‫التوافق الصوتي الذي يعتري النص ملفوظا ومكتوبا‬
‫العناصر الصوتية املترتبة في السياق التعبيري تستلذ‬ ‫(عبد الخالق‪ ،0210 ،‬صفحة ‪ .)75‬فدراسة الانسجام‬
‫ألاذن مسمعه‪ ،‬حتى إذا انتظمت الانتظام إلايقاعي‬ ‫الصوتي لم تكن وليدة البحث اللغوي املعاصر بل‬
‫القائم على الاستواء و الاعتدال و الانسجام واطمأنت‬ ‫جذوره تمتد إلى الدراسات اللغوية العربية القديمة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إليها نفسية ألاعراب واتخذوها نموذجا لسانيا بالغيا‬ ‫وتلؤكد عزة الشبل بأن الوزن والقافية في الشعر‪،‬‬
‫حرًّيا باملباركة والتمجيد باعتباره تحفة لسانية والتوقيع‬ ‫والسجع والجناس في النثر والشعر وسائل تساهم في‬
‫ً‬
‫كان أصال بالعص ي و العيدان قبل أن تنزاح داللته بعد‬ ‫السبك الصوتي على مستوى النص ألادبي ‪ ،‬وال سيم‬
‫ذلك إلى التوقيع باألصوات و املعاني و الصور التخيلية"‬ ‫أن هذه املقومات الصوتية تسير على وفق نمط إيقاع‬
‫(عميش ‪ ،0225 ،‬صفحة ‪ ،)175‬فاإليقاع ال يتحقق‬ ‫منتظم ‪ ،‬يتجلى في مقاطع النص شعرا كان أو نثرا‬
‫بمجرد "تحقيق نوع من التجانس الصوتي‪ ،‬بين الكلمات‬ ‫(شبل محمد‪ ،0227 ،‬صفحة ‪ .)107‬وأكثر من ذلك يرى‬
‫والحروف‪ ،‬بل ال بد أن يتبع ذلك إيقاع في املضمون"‬ ‫أحمد مداس أن له دخل في البنية النصية فيقول في‬
‫(مخافي‪ ،0227 ،‬صفحة ‪ .)179‬وهذا ما أشار إليه محمد‬ ‫ذلك "يقع املد إلايقاعي في حركية الشعر ونبضه؛ حيث‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫النويهي عند حديثه عن موسيقية القصيدة‪ ،‬التي يرى‬ ‫تجد معاني الكلمات مع رنين ألاصوات وقعا إيقاعيا‬
‫أنها "توجد في هيكلها العام كوحدة وهذا الهيكل يتألف‬ ‫يحمل صورة للتوتر أو صورة للتماثل بين انفعال الذات‬
‫من نمطين‪ ،‬نمط ألاصوات ونمط املعاني الثانوية التي‬ ‫وامللفوظ الشعري من خالل مظهري البنية إلايقاعية‪،‬‬
‫تحملها ألالفاظ" (نويهي‪ ،1971 ،‬صفحة ‪ ،)07‬وهذا‬ ‫حيث يتمركز البعد التناص ي؛ فأما املظهر ألاول فهو‬
‫يعني مما يعنيه‪ ،‬أن لكل نص شعري إيقاعا ينبع من‬ ‫فضاء وما يتعلق فيه بامللفوظ من حيث تشاكله و‬
‫الحالة الشعورية التي تكتنفه‪ ،‬فينتج عن ذلك صورة‬ ‫تباينه‪ ،‬وما يتطلبه ذلك من وقف‪ ،‬وما يصنعه من‬
‫موسيقية تضطلع بنقل املعني إلى وجدان املتلقي‬ ‫أمكنة نصية‪ ،‬تتحدد معها الدالالت واملعاني‪ .‬واملظهر‬
‫(الشامي‪ ،0220/0221 ،‬صفحة ‪ .)189‬أي أنه عنصر‬ ‫الثاني يتعلق بطبيعة البنية الصوتية واملوسيقية"‬
‫مساعد في تكوين الداللة‪ .‬لذلك يلؤكد محمد بنيس على‬ ‫(مداس‪ ،0229 ،‬صفحة ‪ 022‬ـ ‪ )021‬فالوزن والقافية‬
‫أن ارتباط ألاصوات باملعاني في الشعر يفض ي إلى نشوء‬ ‫ليس مجرد قالب تصب فيه الكلمات بل هو يساعد في‬
‫إيقاع متميز متفرد يحكمه‪" ،‬ألن اللغة متورطة في‬ ‫الاتساق والانسجام الذي يحدث داخل النص في حد‬
‫إلايقاع ‪ ،‬به تنجذب نحو حركيتها" (بنيس‪،0221 ،‬‬ ‫ذاته ‪ .‬ويراه العربي عميش تابعا ومترجما للجانب‬
‫النفس ي ويعبر عن ألاحاسيس‪ ،‬قائال‪ :‬أن "إلايقاع هو‬

‫‪41‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫"فقد يكون لإليقاع بمفرده تأثير‪ ،‬ولكن هذا التأثير ال‬ ‫صفحة ‪ ،)177‬ويرى بأن لإليقاع وظيفتين في الشعر‬
‫يسمى فنيا أو غير فني حتى يلتقي بعناصره الكثيرة‪ ...‬مع‬ ‫العربي (بنيس‪ ،0221 ،‬صفحة ‪:)174‬‬
‫لقاء يقوم على التوافق والطباق معا" (عياد‪،‬‬ ‫املعنى ً‬ ‫ـ الوظيفة البنائية‪ :‬حيث يتحكم إلايقاع في نسق‬
‫‪ ،1994‬صفحة ‪ ،)198‬وفي هذا الكالم داللة على أن‬ ‫الخطاب‪ ،‬أي بناء عناصره ومكوناته ضمن تنظيم‬
‫النسق الصوتي والنسق النحوي متشابهان في خدمة‬ ‫وترتيب يستقل بهما الخطاب املفرد عن غيره من‬
‫الداللة و املعنى‪ ،‬والخلل في أحدهما يلؤدي إلى خلل في‬ ‫الخطابات ‪.‬‬
‫املعنى املراد‪.‬‬ ‫ـ الوظيفة الداللية‪ :‬وهي مالزمة لألولى ومترتبة عنها‪،‬‬
‫وفي النقد الغربي يظهر إلالحاح على تلك العالقة‬ ‫بناء لدالليته ولطريقة‬‫فبناء إلايقاع لنسق الخطاب ً‬
‫بين املستويين الصوتي والداللي لدى ت ‪.‬س‪ .‬إليوت‬ ‫إنتاج معناه‪ .‬فليس للكلمات معنى قبلي سابق على‬
‫الذي يلؤكد أن موسيقى الشعر ليست مستقلة عن‬ ‫تركيبها في الخطاب‪ ،‬كما ليس للغة إيقاع ُينتج املعنى‬
‫املعنى (إليوت‪ ،1991 ،‬صفحة ‪ ،)09‬وموسيقى الكلمة‬ ‫خارج الخطاب ‪.‬‬
‫تنبع عن العالقة الكائنة بين معناها املباشر في سياقها‪،‬‬ ‫أي أن الاتساق الذي يفرضه إلايقاع ينتج داللة هي‬
‫وكل املعاني السابقة التي اكتسبتها في سياقات أخرى‬ ‫نفسها تعبر عن انسجام النص‪ .‬وبهذا التكامل بين‬
‫(إليوت‪ ،1991 ،‬صفحة ‪ .)78‬وعليه‪ ،‬فإن القصيدة‬ ‫إلايقاع ونسق الخطاب تتحقق جمالية النص الشعري‬
‫املوسيقية هي "التي لها نمط موسيقي من ألاصوات‪،‬‬ ‫وإبداعيته ‪ ،‬ويبلغ درجة كبرى‪ ،‬من التجانس والتناسب‬
‫ونمط موسيقي من املعاني الثانوية للكلمات التي‬ ‫بين مستوياته النصية املختلفة‪" ،‬فبقدر ما ينم النص‬
‫تلؤلفها‪ ،‬وأن هذين النمطين هما ش ئ واحد وال‬ ‫عن اتساق وتناغم في بنيته وبين مستوياته‪ ،‬بقدر ما‬
‫ينفصالن" (إليوت‪ ،1991 ،‬صفحة ‪ .)75‬فاملوسيقى نوع‬ ‫يبلغ حدا أرفع من الشعرية وإلاتقان إلابداعي"‬
‫من الداللة الثانوية التي تكتسبه القصيدة من خالله‬ ‫(السويدان‪ ،1999 ،‬صفحة ‪.)91‬‬
‫فتكمل معانيها‪.‬‬ ‫كما يعقد شكري عياد في كتابه "موسيقى الشعر‬
‫ويبين أيضا جون كوهن أن النظم هو بنية صوتية‬ ‫العربي"‪ ،‬فصال لقضية العالقة بين إلايقاع والداللة‬
‫داللية‪ ،‬بوجود تلك العالقة بين الصوت واملعنى‬ ‫تحت عنوان " موسيقى الشعر ومعناه " ‪ ،‬وفي هذا‬
‫(كوهن‪ ،1997 ،‬صفحة ‪ .)50‬وال يمكن الفصل بينهما‬ ‫الفصل يتعرض الناقد إلى إغفال العروضيين العرب‬
‫في الشعر‪ ،‬فهما نمطين ال ينفصالن مثل ما رأينا مع‬ ‫لتلك العالقة‪ ،‬مقلال من شأن الخبر الذي يرويه إبن‬
‫إليوت‪ ،‬فالكلمات تنبع من العالقة املوجودة بين معناها‬ ‫رشيق في كتابه العمدة عن الزجاج فيما يتعلق بعلة‬
‫املباشر وسياقها والنمط إلايقاعي الذي تصدر فيه‪.‬‬ ‫تسمية البحور الشعرية‪ ،‬معتبرا ذلك ليس إال وصفا‬
‫ويذهب هنري ميشونيك بعيدا في دوره في الخطاب‬ ‫ظاهريا لألصوات التي يتشكل منها كل بحر (عياد‪،‬‬
‫الشعري‪ ،‬بأن يجعل من إلايقاع "الدال ألاكبر في‬ ‫‪ ،1994‬صفحة ‪ ،)189‬وقد شدد شكري عياد على‬
‫الخطاب الشعري‪ ،‬ومسار التفاعل بينهما هو ما يحقق‬ ‫العالقة بين إلايقاع والداللة‪ ،‬فيرى أن هناك تالزم في‬
‫للخطاب دالليته" (بنيس ‪ ،‬الشعر العربي الحديث بنياته‬ ‫العمل الشعري بين جانبه الصوتي والكلمات و املعنى‪،‬‬
‫وإبدالاتها ج‪ ،0221 ،0‬صفحة ‪ .)174‬وكأنه يريد أن‬ ‫وأن هذا العمل ال يكون متقن ومكتمال إال بتضافر تلك‬
‫يجعل من البنية إلايقاعية جزء ال يتجزأ من النص‬ ‫العناصر و خروجها في ثوب واحد‪ ،‬ويلخص ذلك قوله‪:‬‬

‫‪42‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫قصيدة النثر املتمردة لم تعترف باإليقاع ورأت فيه‬ ‫وأنه غير منفصل عن معنى أي خطاب وانسجامه‪ ،‬ما‬
‫ً‬
‫عامال خارجيا‪ ،‬وليس له أي دور في إنتاج املعنى أو‬ ‫دام هو املنظم لكل من املعنى والذات عبر حركتهما في‬
‫الانسجام في الشعر والقصيدة‪ .‬وفي سياق دعوتهم إلى‬ ‫الخطاب (بنيس ‪ ،‬الشعر العربي الحديث بنياته‬
‫التجديد في الشعر رأوا أن تجاوز تلك الرقابة السطحية‬ ‫وإبدالاتها ج‪ ،0221 ،0‬صفحة ‪ .)128‬ولهذا قال‬
‫ً‬
‫التي تفرضها حسب رأيهم القصيدة القديمة واجبا نحو‬ ‫ميشونيك "إن إلايقاع هو املعنى" (بنيس ‪ ،‬الشعر العربي‬
‫مواكبة النفس إلانسانية الحديثة وتحوالتها‪ ،‬حيث‬ ‫الحديث بنياته وإبدالاتها ج‪ ،0221 ،0‬صفحة ‪،)174‬‬
‫يقول أنس ي الحاج أن تلك القوالب قد عفى عنها‬ ‫وبهذا فقد شدد الكثير من الدارسين على أن املستوى‬
‫الزمن‪ ،‬وأن "موسيقى الوزن و القافية موسيقى‬ ‫الصوتي يشكل عنصرا أساسيا في النص الشعري‪ ،‬فهو‬
‫ّ‬
‫التعمق‪ ،‬تبقى‬ ‫ثم ّإنها ‪ ،‬مهما أمعنت في‬ ‫خارجية ‪ّ ،‬‬ ‫يعد أحد العناصر املكونة لإليقاع في بنية النص‪ ،‬من‬
‫متصفة بهذه الصفة‪ :‬أنها قالب صالح لشاعر كان‬ ‫ّ‬ ‫خالل تفاعله مع العناصر ألاخرى "داللي‪ ،‬صرفي‪،‬‬
‫يصلح لها‪ ،‬وكان العالم يناسبها ويناسبه‪ .‬لقد ظلت هذه‬ ‫تركيبي" فيسهم في تشكيل الرؤيا الشعرية وأبعادها‬
‫املوسيقى كما هي ولكن في عالم تغير‪ ،‬إلنسان ّ‬ ‫ً‬
‫تغير‬ ‫الفنية والجمالية‪ .‬لهذا علينا أن ننوه بدءا بأهمية‬
‫وإلحساس جديد" (الحاج‪ ،1998 ،‬صفحة ‪ ،)10‬فـ‬ ‫الدراسة الصوتية ألن "طبيعة اللغة تتخذ في املقام‬
‫"القارئ اليوم لم يعد يجد نفسه في هذه الزلزلة‬ ‫ألاول صورة صوتية منطوقة مسموعة تعبر عن معان‬
‫الخداعة لطبلة ألاذن" (الحاج‪،1998 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫السطحية‬ ‫أو أفكار ذاتية أو اجتماعية أو عاملية" (كراكبي‪،0227 ،‬‬
‫صفحة ‪ .)10‬وقصيدة النثر أرادت نسقا آخر مغايرا للغة‬ ‫صفحة ‪ .)85‬باإلضافة للجانب الفني الجمالي‪ ،‬إذ نلحظ‬
‫السائدة‪ ،‬تتجاوز فيه كل الوثوقيات متعارف عليها‪ ،‬نوع‬ ‫في العديد من ألاعمال الفنية بما فيها الشعر بطبيعة‬
‫من النزق اللغوي‪ ،‬تمارس فيه إبداعها ويكون عاملها‬ ‫الحال "تلفت طبقة الصوت الانتباه وتلؤلف بذلك جزءا‬
‫الخاص الذي تعيش وتحيا فيه‪ ،‬عالم وصفه أصحابه‬ ‫ال يتجزأ من التأثير الجمالي" (املاكري‪ ،0225 ،‬صفحة‬
‫بالالعافية والاللغة والالانسجام‪ ،‬حيث تنبثق لغة‬ ‫‪.)107‬‬
‫أخرى‪ ،‬لغة مغايرة بعيدة عن ضغط التراث والانسجام‬ ‫ويرى ريتشاردز أن تتابع ألاصوات على شكل معين‬
‫اململ والالتزامات السطحية‪ .‬يقول أنس ي الحاج في‬ ‫ييهئ الذهن لتقبل تتابع جديد من هذا النمط دون‬
‫مقدمة ديوان لن‪" :‬ما يسمونه ألازمنة الحديثة هو‬ ‫غيره‪ ،‬فاإليقاع إذن‪ ،‬مرتبط بالتتابعات املختلفة‬
‫انفصال عن زمن العافية والانسجام‪ .‬إنه تكملة للسعي‬ ‫للسلسلة اللغوية املنسجمة مع ما ينتظره جهاز التلقي‬
‫الذي بدأ منذ قرن ال من أجل تحرير الشعر وحده بل‬ ‫لدينا‪ ،‬والخارجة عن هذا الانسجام أحيانا (ريتشاردز‪،‬‬
‫ً‬
‫أوال لتحرير الشاعر" (الحاج‪ ،1998 ،‬صفحة ‪ ،)00‬مما‬ ‫‪ ،0225‬صفحة ‪ ،)145‬وهكذا يكون "النسيج الذي‬
‫اعتبروه سطحية وعبودية وجهل‪" :‬ألف عام من‬ ‫يتألف من التوقعات وإلاشباعات وخيبة الظن أو‬
‫الضغط‪ ،‬ألف عام ونحن عبيد وجهالء وسطحيون‪.‬‬ ‫املفاجآت التي يولدها سياق املقاطع هو إلايقاع"‬
‫ُ‬
‫سكرـ أن نقف‬ ‫لكي يتم لنا خالص‪ ،‬علينا ـ يا للواجب امل ِ‬ ‫(ريتشاردز‪ ،0225 ،‬صفحة ‪ ،)144‬بذلك فإن إلايقاع‬
‫ونبجه" (الحاج‪ ،1998 ،‬صفحة ‪،)17‬‬ ‫أمام هذا السد‪ّ ،‬‬ ‫الصوتي ليس مجرد نغم خارج عن إطار النص بل هو‬
‫يقصد سد الوزن والقافية وسد اللغة والقوالب‬ ‫جزء ال يتجرأ من داللته وعضو من أعضاء انسجامه ‪.‬‬
‫الجاهزة التي ال دخل لها في حقيقة الشعر واملعنى ـ‬ ‫‪ .8‬تحول مفهوم إلايقاع عند ثصحاب قصيدة النثر‬

‫‪43‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫النظم في نظر التقليديين والقصة‪ ،‬وهي كائن نثري‪،‬‬ ‫حسب رأيه ـ ‪ ،‬والتي كانت تحول ألافكار كما ترى خالدة‬
‫ً‬
‫خالف القصيدة التي هي كائن شعري" (الحاج‪،1998 ،‬‬ ‫سعيدة إلى "رؤى مجردة ثم تنزل في قالب مهيأ مسبقا‬
‫ً‬
‫صفحة ‪ .)11‬ويرى أدونيس أن لهذه القصيدة نظامها‬ ‫وفقا للنظرة القديمة التي كانت ترى الشكل كسوة‬
‫إلايقاعي الداخلي املنافي‪ ،‬الذي يعبر عن إنسان هذا‬ ‫املعنى" (سعيد‪ ،1949 ،‬صفحة ‪)90‬؛ هذه القوالب التي‬
‫العصر إذ يقول ‪" :‬ففي قصيدة النثر موسيقى لكنها‬ ‫تفقد من خالله القصيدة شاعريتها‪ .‬فاعتبر أصحاب‬
‫ليست موسيقى الخضوع لإليقاعات القديمة‪ ،‬بل هي‬ ‫هذا التوجه أن "كل شكل مسبق خيانة للقصيدة‬
‫موسيقى الاستجابة إليقاع تجاربنا وحياتنا الجديدة"‬ ‫وملبدأ الكتابة الشعرية" (سعيد‪ ،1949 ،‬صفحة ‪.)90‬‬
‫(سعيد‪ ،1949 ،‬صفحة ‪ ،)199‬وفي ذلك إقرار بتغير‬ ‫فالشعر إذا إلتزم بالشكل كالوزن والقافية‪ ،‬لم يعد‬
‫بنية إلايقاع مقارنة بالقصيدة القديمة‪ ،‬إذ حسب رأيهم‬ ‫شعر ‪ ،‬ألن القالب املوضوع سلفا يتحكم في شاعرية‬
‫صار يتحرك في إطار أوسع متعديا حدود التعاريف التي‬ ‫الشاعر ويلزمه بحدود تحده من أن يخرج كل ما‬
‫تربطه بالصوت وما ينتج عنه من أثار سطحية‪ ،‬فقد‬ ‫يختلجه‪ ،‬وترى خالدة بأن هذا ألامر إضافي ال فائدة‬
‫يكون له أوجه عديدة حسب متطلبات العصر‪ ،‬ويكون‬ ‫منه‪ .‬وبالتالي ال دخل له في انسجام النص أو تماسكه‬
‫مصدرها الكلمة والجملة وإلى هذا الرأي تشير روز‬ ‫فضال عن دخله في الشاعرية‪.‬‬
‫غريب‪ ،‬حين تعرف إلايقاع بأنه "تكرار حرف أو لفظة أو‬ ‫ويلؤكد أدونيس عن إيقاع الجديد‪ ،‬هو إيقاع عامل‬
‫عبارة على أبعاد متساوية أو غير متساوية‪ ،‬وإلايقاع‬ ‫يتجدد بتجدد إلانسان‪ ،‬ومن ثم يرى بوجوب التشديد‬
‫أيضا‪ ،‬تكرار وزن أو شكل من أشكال التنسيق يضمن‬ ‫على كون الشكل الشعري له والدة مستمرة‪ ،‬وأن‬
‫للعبارة التوازن وحسن الرصف‪ ...‬ويجوز التوسع في‬ ‫الشكل الشعري الحي هو الذي ال يفتأ يتشكل ويتجدد‬
‫مدلول إلايقاع ليشمل جميع الوسائل املوسيقية التي‬ ‫دائما (أدونيس‪ ،‬مقدمة في الشعر العربي‪،1979 ،‬‬
‫يلجأ إليها الفنان لتقوية معانيها ألاساسية عن طريق‬ ‫صفحة ‪ .)112‬وهكذا تكون القصيدة الشعرية مثلما‬
‫إلايحاء الصوتي" (غريب‪ ،1999 ،‬صفحة ‪012‬ـ‪،)011‬‬ ‫وصفتها خالدة سعيدة "دفعة جديدة تضعك في‬
‫فاإليقاع حسب هذا التعريف يعتمد على مفهوم‬ ‫الطريق نحو القصيدة الكاملة" (سعيد‪ ،1949 ،‬صفحة‬
‫التوازن ولكن شرط التساوي في ألابعاد يسقط هنا لكي‬ ‫‪ ،)90‬حيث يكون " إلابداع املتكامل‪ ،‬أي إبداع الشكل‬
‫يتحدد إلايقاع من خالل الانتظام وعدم الانتظام في‬ ‫واملضمون" (سعيد‪ ،1949 ،‬صفحة ‪ ،)90‬فهي قصيدة‬
‫الوقت نفسه وفي هذا إشارة ضمنية إلى الخروج على‬ ‫تختلف في إيقاعها عن رتابة الشعر القديم حيث تكون‬
‫إيقاع القصيدة العمودية الذي تحكمه قوانين‬ ‫لحظة خلق قصيدة النثر "لحظة الحضور الكثيف‬
‫ً‬
‫وضوابط تجعل منه إيقاعا نظاميا‪ ،‬إضافة إلى كل ذلك‬ ‫الذي تتكامل فيه طبقات الوعي جميعا‪ ،‬يلهم الشاعر‬
‫نالحظ أن تعريف روز غريب تشير إلى مسألة أخرى‬ ‫بالرؤيا في شكلها الخاص" (سعيد‪ ،1949 ،‬صفحة ‪،)90‬‬
‫تتعلق بالعالقة بين الصوت واملعنى أو ما تدعوه‬ ‫فتكون داللتها في إيقاع الكلمة داخل القصيدة‪ ،‬بدل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫باإليحاء الصوتي‪ ،‬وهي مسألة خالفية بين الدارسين‬ ‫ألاصوات الخارجية التي ليست جزءا أصيال من بناء‬
‫والنقاد (مفتاح‪ ،0229 ،‬صفحة ‪ ،)55‬وقد حاولت يمنى‬ ‫القصيدة‪ ،‬وعندها فقط كما تقول خالدة "نصل إلى‬
‫ً‬
‫العبد في هذا إلاطار إلاشارة إلى عناصر أخرى تراها ذات‬ ‫عمود القصيدة بدال من عمود الشعر" (سعيد‪،1949 ،‬‬
‫صفحة ‪" ،)90‬ألن الشعر‪ ،‬ال القصيدة وحسب‪ ،‬هو‬

‫‪44‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫تترجمها" (برنار‪ ،1994 ،‬صفحة ‪ . )59‬وبهذا تعوض‬ ‫أهمية أكبر بالنسبة لقصيدة النثر بعد التخلي عن إلايقاع‬
‫قصيدة النثر‪ ،‬ما أسمته باإليقاع الصوتي الخارجي إلى لذة‬ ‫التقليدي ومن هذه العناصر ‪:‬‬
‫تكتسب من معايشة للعالم الداخلي للقصيدة حيث‬ ‫ـ التكرار وفق أشكال موظفة لتأدية داللتها ‪.‬‬
‫الصورة الحقيقية وحيث تكمن الداللة في شكل شاعري‪،‬‬ ‫ـ التوزيع والتقسيم على مستوى القصيدة بهدف داللي‬
‫يصل إليه شاعرها حينما " يرفض عناصر الشعر املتفق‬ ‫محدد ‪.‬‬
‫عليها كلها وعليه أن يعوض عليها بالصور ألاخاذة‪ ،‬ونمط‬ ‫ـ التوقيع على حرس بعض ألالفاظ واملوازاة بين‬
‫من إلايقاع املتنام‪ ،‬داخلي جديد" (جعفر العالق‪،0227 ،‬‬ ‫حروفها (العيد‪ ،1999 ،‬صفحة ‪.)129‬‬
‫صفحة ‪ .)101‬وهذا إلايقاع حسب منظور أدونيس ال‬ ‫لكن هذا رأي لروز غريب ويمنى لعيد يلؤكد ولو‬
‫ينمو في املظاهر الخارجية للنغم من سجع وجناس وتزاوج‬ ‫بشكل مختلف عالقة الصوت وإلايقاع باملعنى الذي‬
‫حروف وتنافرها وإنما هو يتجاوز هذه ألاصول العامة إلى "‬ ‫رفضه أصحاب قصيدة النثر‪ ،‬رغم أنهم يلؤكدون على‬
‫ألاسرار الواصلة فيما بين النفس والكلمة‪ ،‬بين إلانسان‬ ‫إيقاع الكلمة‪ ،‬لكن أدونيس يوضح هذا ألامر مرتب‬
‫والحياة " (أدونيس‪ ،‬مقدمة في الشعر العربي‪،1979 ،‬‬ ‫بالكلمات وألاثر النفس ي لها‪ ،‬مبررا أن القصيدة ليست‬
‫صفحة ‪ ،)98‬فهو يرى أن قصيدة النثر تستثمر عناصر‬ ‫نغما فحسب‪ ،‬وإنما هي نغم وتعبير‪ ،‬إذ يجمع النغم بين‬
‫إيقاعية أخرى‪ ،‬كإيقاع الجملة وعالقة ألاصوات واملعاني‬ ‫إلايقاع واملدلول في حين أن التعبير يربطنا بصاحبه‬
‫والصور‪ ،‬والطاقة إلايحائية للكالم وما يتبعها من أصداء‬ ‫وموضوعه في آن واحد‪ ،‬وأن لذة شعرية تكمن في‬
‫متلونة ومتعددة (أدونيس‪ ،‬مقدمة في الشعر العربي‪،‬‬ ‫"الحركة النفسية للكلمات ومقاطعها" إلن هذه اللغة‬
‫‪ ،1979‬صفحة ‪ ،)119‬يرها أنس ي الحاج بعيدة عن ما "‬ ‫تكون مشروطة بكون تلك الحركة تتولد عند "تفجرات‬
‫يحك العواطف القشرية للجماهير " (الحاج‪،1998 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألاعماق"‪ ،‬وإذا لم تكن كذلك فإنها تتحول إلى رنين بارد‬
‫صفحة ‪ )17‬فـ" الشاعر الحقيقي ال يفضل الارتياح إلى‬ ‫صنعي وأجوف" (أدونيس‪ ،‬مقدمة في الشعر العربي‪،‬‬
‫النفض والبحث‬ ‫ألادوات الجاهزة والبالية‪ ،‬تكفيه ملؤونة ّ‬ ‫‪ ،1979‬صفحة ‪ .)98‬فالشعر هو في ألاصل حالة‬
‫و الخلق" (الحاج‪ ،1998 ،‬صفحة ‪ ،)10‬من خالل "‬ ‫شعورية‪ ،‬تتجسد في الكلمات التي هي أساس الشعر‬
‫ّ‬
‫واملجانية وليست قوانين‬ ‫ّ‬
‫التوهج‬ ‫عناصر إلايجاز و‬ ‫والتواصل حسب رأيه‪ ،‬وربما يساهم في داللته إيقاعات‬
‫سلبية‪ ،‬بمعنى أنها ليست لإلعجاز وال قوالب جاهزة"‬ ‫ّ‬ ‫أخرى‪ ،‬كإيقاع الغموض الذي يراه أدونيس بالنسبة‬
‫(الحاج‪ ،1998 ،‬صفحة ‪.)01‬‬ ‫للشعر "جوهرا أصيل فيه ينشأ عن اعتماد لغة‬
‫و املالحظ أن أصحاب هذا الرأي ال ينفون دور‬ ‫مجازية‪ ،‬خيالية‪ ،‬تعبر عما تعجز عنه اللغة النثرية‬
‫الصوت تماما لكن الصوت الذي يراهنون عليه هو‬ ‫العادية" (أدونيس‪ ،‬زمن الشعر‪ ،1970 ،‬صفحة ‪.)97‬‬
‫صوت الكلمة في حد ذاتها وهي تتنوع كما يرى محمد‬ ‫التي ال تعبر عن الانسان املعاصر‪ .‬وفي هذا يتفق مع ما‬
‫عبد املطلب بين إفرادية وتركيبية‪ ،‬وبين حرفية‬ ‫ذهبت إليه سوزان برنارد في تعبيرها عن الشعر املعاصر‪،‬‬
‫وصرفية ‪ ،‬وبين بديعية ونحوية ‪ ،‬ولكن متابعة اشتغال‬ ‫بأنه أصبح "يرفض وسائل الرقي آلالية جدا للشعر‬
‫هذه العناصر تحتاج إلى صبر بسبب الطابع الكتابي‬ ‫املوزون املقفى‪ ،‬ويطلب مفاتن أكثر دقة من الكلمات‬
‫الذي يميزها‪ ،‬والذي يكاد معه‪ ،‬أن يغيب الحس‬ ‫نفسها‪ ،‬ومن التوافقات السرية في املعنى والصوت وبين‬
‫الصوتي‪ ،‬ومن ثم فإن على املتابع أن ينقل الكتابية إلى‬ ‫الفكرة وإلايقاع وبين التجربة الشعرية واللغة التي‬

‫‪45‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫لقصيدة النثر‪ ،‬ليجد نفسه في حيرة لتحديد معامله‬ ‫الشفاهية لتحديد ركائز إلايقاع ومدى انتشارها أفقيا‬
‫بدقة حيث أن كل ما مر بنا ال يحدد املعنى الحقيقي‬ ‫وعموديا (عبد املطلب‪ ،0211 ،‬صفحة ‪ ،)74‬فيرى أن‬
‫لإليقاع الداخلي‪ ،‬وال يمكن له أن يمسك القواعده‬ ‫التكافلؤ الصوتي الذي يخدم هذه القصيدة يحدث من‬
‫الحقيقية لهذا الشكل املحدث‪ ،‬وال يستطيع أن يقف‬ ‫خالل ما سماه "الدوال"‪ ،‬والدوال املتجاورة حرفيا‬
‫على أساس صلب‪ ،‬لهذا تقول مسعودة وقاد بأن "‬ ‫"وتنشأ هذه العالقة من خالل تردد حرف أو أكثر من‬
‫قواعد إلايقاع الشعري الجديد في صورة شبه واهمة‬ ‫دالين متجاورين أو مجموعة دوال متجاورة التي تتطلب‬
‫لم تتضح إال لقلة من الشعراء الرواد ألاوائل من أمثال‬ ‫إنصاتا تاما لإلحساس بها وإدراكها (عبد املطلب‪،‬‬
‫أنس ي الحاج و ‪ ....‬ظلت غائمة غامضة عند مجموعة‬ ‫‪ ،0211‬صفحة ‪ .)82‬فحدود هذه القصيدة ال يتعدى‬
‫أخرى من الشعراء الضعاف الذي وجدوا فيها مركبا‬ ‫اللغة ذاتها من خالل أصوات ألالفاظ ودالالتها‬
‫ميسورا" (الوقاد‪ ،0210 ،‬صفحة ‪08‬ـ‪ .)05‬لكن محمود‬ ‫وإيحاءتها‪ ،‬ومن خالل التفاعل الحاصل بين الكلمات‬
‫درويش يرى أن هذا ألامر غامض بالكلية‪ ،‬ولم يستطع‬ ‫من الجملة الواحدة‪ ،‬وفي ترابط أجزاء القصيدة‬
‫حتى من تكلموا عنه وروجوا له أن يثبتوه‪ .‬لذلك تساءل‬ ‫وتناسقها وانسجامها‪ .‬وهذه اللغة عندهم دائمة التجدد‬
‫ً‬
‫في دهشة قائال "هل أوضحوا لنا مفهوم املوسيقى‬ ‫وليست ثابتة على شكل حسب أنس ي الحاج فـ" كل‬
‫الداخلية في إصرارهم على احتقار إلايقاع؟ وملاذا ال تأتي‬ ‫ُ‬
‫مخترع لغة‪ .‬وقصيدة النثر هي اللغة ألاخير في‬ ‫شاعر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املوسيقى الداخلية إال من النثر؟" (درويش‪،1949 ،‬‬ ‫سلم طموحه‪ ،‬لكنها ليست باتة‪ .‬سوف يظل يخترعها"‬
‫صفحة ‪ .)4‬أسئلة لم تعرف إجابة إال من خالل أنها‬ ‫(الحاج‪ ،1998 ،‬صفحة ‪ ،)00‬لغة "تسايره في وثبه‬
‫ثورة على القوالب الجاهزة حسب محمود درويش إذ‬ ‫الخارق الوصف إلى املطلق أو املجهول" (الحاج‪،1998 ،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يقول " سيقولون لنا إن إلايقاع يخلق نمطا متشابها‬ ‫صفحة ‪ ،)01‬أي أن اللغة تصبح خلقا جديدا في كل‬
‫ً‬
‫ورتيبا‪ .‬إذن‪ ،‬ما نقول عن هذه القصيدة الواحدة التي‬ ‫قصيدة ‪ .‬و كما يقول علي العالق "ال تعود اللغة وسيلة‬
‫ً‬
‫نقرؤها‪ ،‬كل صباح‪ ،‬منذ عشر سنين‪ ،‬بمئات ألاسماء؟‬ ‫بل تصبح هدفا للخلق وتجليا له‪ ،‬وفي هذه اللغة تبلغ‬
‫أليست هي نموذج نمط؟ نعم‪ .‬ما نقرؤه‪ ،‬من هذا‬ ‫الكثافة حدودها القصية‪ ،‬حيث ينهض صوت الكلمة‬
‫الشعر الحديث‪ ،‬هو قصيدة تتألب عليها مئات ألاسماء‬ ‫بدور في تجميد الداللة‪ ،‬وتعدو الكلمة شكال صوتيا‬
‫في تنقلها من جريدة إلى مجلة إلى منبر إلى ديوان"‬ ‫للمعنى‪ ،‬كما أن صورتها الحسية أو وجودها الفيزيائي‬
‫(درويش‪ ،1949 ،‬صفحة ‪ .)4‬فيرى أن قصيدة النثر‬ ‫يصبح بما فيه من عثرة أو اكتظاظ أو استطالة صورة‬
‫وقعت في رتابة نفس هيكل النص‪ ،‬الذي يتكرر مع كل‬ ‫مرئية ملا تريد التعبير عنه" (جعفر العالق‪،0227 ،‬‬
‫قصيدة‪.‬‬ ‫صفحة ‪ .)107‬لتصبح قصيدة النثر حسب العالق عبارة‬
‫‪ .5‬خاتمة‬ ‫"نبرة عميقة ‪ ،‬ومناخ شعري مترابط‪ ،‬وكأن الصورة‬
‫ومهما يكن فقد عبر الايقاع في القصيدة القديمة‬ ‫التلقائية الباهرة تعكس عاملا ال حدود له من أجواء‬
‫عن قدرة شعرائها وعبقرياتهم في استغالل هذا الجانب‬ ‫الحنين‪ ،‬والصعلكة والتمرد‪ ،‬رغم ما في كتاباته من‬
‫إلثراء قصائدهم‪ ،‬من الناحية الشكلية والجمالية وحتى‬ ‫تلقائية تشتت كثافة النص‪ ،‬وتضعف ترابطه أحيانا"‬
‫في جذب املتلقي وترسيخ املعنى املراد إيصاله إليه‪ ،‬في‬ ‫(جعفر العالق‪ ،0227 ،‬صفحة ‪ .)107‬والقارئ لكل هذه‬
‫شكل منسجم بين الكلمة وإلايقاع الذي صدرت فيه‬ ‫التعريفات والشروح لإليقاع الجديد أو إلايقاع الداخلي‬

‫‪46‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫العربي عميش ‪ .)0225( .‬خصائص إلايقاع الشعري‬ ‫مما يعطي لذلك النص الشعري التماسك والتميز‬
‫بحث في آليات تركيب لغة الشعر‪ .‬وهران‪ :‬دار ألاديب‬ ‫الجمالي‪ ،‬ويسهل الوقوف على املقصدية الناتجة عن‬
‫للنشر‪.‬‬ ‫ذلك التواصل املعنوي للتماسك الحاصل بين الجانب‬
‫الفيروز أبادي‪ .)1994( .‬القاموس املحيط‪ .‬لبنان‪:‬‬ ‫الصوتي والداللي الظاهر على ألاقل من الجانب‬
‫ملؤسسة الرسالة‪.‬‬ ‫الشكلي‪ .‬وال يوجد مبرر لرفض قصيدة النثر لذلك‬
‫ً‬
‫أنس ي الحاج‪ .)1998( .‬لن‪ .‬بيروت‪ :‬دار الجديد‪.‬‬ ‫الجانب إلايقاعي الذي كان يميز حقيقة بين الشعر‬
‫بن زيلة أبو املنصور‪ .)1998( .‬الكافي في علم املوسيقى‪.‬‬ ‫والنثر‪ ،‬وإن كان فعال ليس هو الشعر‪ ،‬خاصة وأن‬
‫القاهرة‪ :‬دار القلم‪.‬‬ ‫تقديمهم لإليقاع الداخلي‘ قد شابه الكثير من‬
‫ت‪.‬س إليوت‪ .)1991( .‬في الشعر والشعراء‪ .‬دمشق‪ :‬دار‬ ‫الغموض‪ ،‬وطغى عليه الجانب التنظيري أكثر من‬
‫كنعان للدراسات والنشر‪.‬‬ ‫التطبيق‪ .‬فلم يستطع أي من منظري‪ ،‬هذه القصيدة‬
‫تامر سلوم‪ .)1947( .‬نظرية اللغة والجمال في النقد‪.‬‬ ‫إعطاء الشكل أو الوجه الحقيقي لهذا إلايقاع الحداثي‪،‬‬
‫الالذقية‪ :‬منشورات دار الحوار‪.‬‬ ‫والقارئ لهذا النوع سيقف على تلك الفوض ى‬
‫جون كوهن‪ .)1997( .‬بنية اللغة الشعرية‪ .‬القاهرة‪ :‬دار‬ ‫املقصودة‪ ،‬حيث ال تجتمع فيها التراكيب اللغوية وتطغى‬
‫املعارف‪.‬‬ ‫عليها العبثية‪ ،‬املتمردة واملعادية لكل إيقاع صوتي‪ ،‬مما‬
‫حسن مخافي‪ .)0227( .‬القصيدة الرؤيا دراسة في‬ ‫يجعل الغموض يشوب كل مفاصلها‪ .‬وكل هذا من‬
‫التنظير الشعري واملمارسات النقدية لحركة مجلة‬ ‫الحداثة حسب تعبير أصحابها‪ ،‬الذين رفعوا لواء‬
‫شعر‪ .‬الرباط‪ :‬اتحاد كتاب املغرب‪.‬‬ ‫العداء ضد التراث وكان إلايقاع أول ضحاياهم‪.‬‬
‫خالدة سعيد‪ .)1949( .‬حركية إلابداع دراسات في ألادب‬ ‫المصادر والمراجع‪:‬‬
‫العربي الحديث‪ .‬بيروت‪ :‬دار الفكر‪.‬‬ ‫ابن منظور‪ .)0212( .‬لسان العرب ج‪ .4‬بيروت‪ :‬دار‬
‫خليل اده اليسوعي‪ .)1949 ,8( .‬إلايقاع في الشعر‬ ‫الصادر‪.‬‬
‫العربي‪ .‬فصول‪ ،‬صفحة ‪.115‬‬ ‫أبو الهالل العسكري‪ .)1949( .‬كتاب الصناعتين‬
‫رشاد الدين ملؤنس ‪ .)0222( .‬املرام في معاني الكالم‪.‬‬ ‫(الكتابة والشعر)‪ .‬بيروت‪ :‬املكتبة العصرية‪.‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الراتب الجامعية‪.‬‬ ‫أحمد عزوز‪ .)1999( .‬علم ألاصوت اللغوية‪ .‬وهران‪:‬‬
‫روز غريب‪ .)1999( .‬جبران في أثاره الكتابية‪ .‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫ديوان املطبوعات الجامعية‪.‬‬
‫املكشوف‪.‬‬ ‫أحمد مداس‪ .)0229( .‬لسانيات النص نحو منهج‬
‫ريتشاردز‪ .)0225( .‬مبادئ النقد ألادبي والعلم والشعر‪.‬‬ ‫لتحليل الخطاب الشعري‪ .‬ألاردن‪ :‬عالم الكتب الحديث‪.‬‬
‫القاهرة‪ :‬املجلس ألاعلى للثقافة‪.‬‬ ‫أدونيس‪ .)1970( .‬زمن الشعر‪ .‬بيروت‪ :‬دار العودة‪.‬‬
‫سامي السويدان‪ .)1999( .‬في النص الشعري العربي‬ ‫أدونيس‪ .)1979( .‬مقدمة في الشعر العربي‪ .‬بيروت‪ :‬دار‬
‫مقاربات منهجية‪ .‬بيروت‪ :‬دار ألادب‪.‬‬ ‫العودة‪.‬‬
‫سوزان برنار‪ .)1994( .‬قصيدة النثر من بودلير إلى‬ ‫إسماعيل عز الدين‪ .)1955( .‬ألاسس الجمالية في النقد‬
‫الوقت الراهن‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الشرقيات للنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫العربي‪ .‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العربي‪.‬‬
‫الجاحظ بحر بن عثمان أبو عثمان‪ .)1994( .‬البيان‬
‫والتبيين‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة الخانجي‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫م‪.‬ب‪.‬هاشمي وآخرون ‪ /‬مجلة آلاداب واللغات‪ ،‬املجلد ‪ ، 12‬العدد ‪،2021، 2،‬ص ص‪84 - 73 :‬‬
‫محمود درويش‪ .)1949( .‬أنقذونا من هذا الشعر‪.‬‬ ‫شاهين عبد الخالق‪ .)0210 ,9 02( .‬أصول املعايير‬
‫الكرمل‪.‬‬ ‫النصية في التراث النقدي والبالغي عند العرب‪ .‬رسالة‬
‫مسعودة الوقاد‪( .‬مارس‪ .)0210 ,‬قصيدة النثر وشعرية‬ ‫ماجستير‪ .‬الكوفة‪ ،‬العراق‪ :‬قسم اللغة العربية‪ ،‬كلية‬
‫التجاوز‪ .‬علوم اللغة العربية وآدابها جامعة الوادي‪.‬‬ ‫آلاداب‪ ،‬جامعة الكوفة‪.‬‬
‫ملؤمنات الشامي‪ .)0220/0221( .‬إلايقاع في شعر نزار‬ ‫شكري عياد‪ .)1994( .‬موسيقى الشعر العربي مشروع‬
‫القباني‪ .‬مذكرة ماجستير‪ .‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ :‬قسم اللغة‬ ‫دراسة علمية‪ .‬القاهرة‪ :‬أصدقاء الكتاب‪.‬‬
‫العربية وآدابها‪ ،‬جامعة دمشق‪.‬‬ ‫صابر عبيد‪ .)0221( .‬القصيدة العربية الحديثة بين‬
‫نعمة رحيم العزاوي‪ .)1974( .‬النقد العربي عند العرب‬ ‫البنية الداللية والبنية إلايقاعية‪ .‬دمشق‪ :‬إتحاد الكتاب‬
‫حتى القرن ‪7‬هـ‪ .‬العراق‪ :‬منشورات وزارة الثقافة‬ ‫العرب‪.‬‬
‫والفنون‪.‬‬ ‫عزة شبل محمد‪ .)0227( .‬علم لغة النص النظرية‬
‫يمنى العيد‪ .)1999( .‬في معرفة النص‪ .‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫والتطبيق‪ .‬القاهرة‪ :‬مكتبة ألادب‪.‬‬
‫آلاداب‪.‬‬ ‫علي جعفر العالق‪ .)0227( .‬في حداثة النص الشعري‪.‬‬
‫ألاردن‪ :‬دار الشروق للطباعة والنشر‪.‬‬
‫كمال أبو الديب‪ .)1978( .‬البنية إلايقاعية في الشعر‬
‫العربي‪ .‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين‪.‬‬
‫محمج املاكري‪ .)0225( .‬الشكل والخطاب مدخل‬
‫لتحليل ظاهرتي‪ .‬بيروت‪ /‬الدار البيضاء‪ :‬املركز الثقافي‬
‫العربي‪.‬‬
‫محمد بنيس ‪ .)0221( .‬الشعر العربي الحديث بنياته‬
‫وإبدالاتها ج‪ .0‬الدار البيضاء‪ :‬دار توبقال‪.‬‬
‫محمد بنيس‪ .)0221( .‬الشعر العربي الحديث بنياته‬
‫وإبدالتها(التقليدية)‪ .‬الدار البيضاء‪ :‬دار توبقال للنشر‪.‬‬
‫محمد عبد املطلب‪ .)0211( .‬النص املشكل أو قصيدة‬
‫النثر‪ .‬القاهرة‪ :‬دار العالم العربي‪.‬‬
‫محمد كراكبي‪ .)0227( .‬خصائص الخطاب في ديوان‬
‫أبو فارس الحمداني دراسة صوتية وتركيبية‪ .‬الجزائر‪:‬‬
‫دار هومة‪.‬‬
‫محمد مفتاح‪ .)0229( .‬دينامية النص تنظير وإنجاز‪.‬‬
‫بيروت‪/‬الدار البيضاء‪ :‬املركز الثقافي العربي‪.‬‬
‫محمد نويهي‪ .)1971( .‬قضية الشعر الجديد‪ .‬القاهرة‪:‬‬
‫مكتبة الخانجي‪/‬دار الفكر‪.‬‬

‫‪48‬‬

You might also like