‫دروس أنثروبولوجيا الريف والمدينة‬

‫لفائدة طلبة السنة الثالثة ليسانس‪ ،‬تخصص‪ :‬أنثروبولوجيا‬

‫األستاذ‪ :‬بوحسون العربي‬

‫استكمال المحاضرة (الخامسة)التي قدمت قبل العطلة‬

‫ثانيا‪ :‬المدينة‪:‬‬

‫‪-‬المفهوم اللغوي‪:‬‬

‫يعرف قاموس المحيط المدينة لغويا بمعنى "االستقرار" ومن تم ي أتي مع نى‬
‫مدن أي أقام‪،‬و يشير القاموس إلى القرية بمعنى االستقرار‪ .‬أي أن األساس اللغ وي‬
‫جعل القرية والمدينة يحمالن نفس المعنى‪(.‬السيد حنفي عوض‪،1997 ،‬ص‪)28‬‬

‫من حيث اللغة مصطلح "الحض ر" يع ني الحاض رة‪ ،‬وهي الم دن والق رى وك ذلك‬
‫الريف‪ ،‬سميت هكذا ألن أهله ا حض ر‪ ،‬أي أنهم س كنوا ال ديار ولهم به ا ق رار‪ ،‬أي‬
‫مقيم بها‪ ،‬ومستقر دائم‪.‬‬

‫وقد توسع العرب في هذا المفهوم"الحضر" وجعلوه مالئم ا لالس تقرار واالش تغال‬
‫ببعض المهن والح رف ال تي تعطي نمط ا معين ا للحي اة‪(.‬عب د الحمي د بوقصاص ة‪،‬‬
‫د‪/‬ت‪ .‬ص‪)101‬‬

‫‪-‬المفهوم االصطالحي‪:‬‬

‫هناك تعريف ات عدي دة ترج ع حس ب طبيع ة البيئ ة ال تي وج د في ه الب احث‪،‬‬

‫وأغلبيته ا ترك ز على التعري ف اإلحص ائي لع دد الس كان‪ ،‬أو نوعي ة‬
‫النشاط(الصناعي)‪ ،‬أو المورفولوجية(البنايات)‪ .‬سوف نقدم في ه ذا الم دخل واح د‬
‫من التعريفات لتوضيح اختالف المدينة عن الري ف‪" :‬المدين ة هي المج ال ال ذي ال‬
‫يق ل ع دد س كانه عن ‪ 5000‬نس مة يعم ل غ البيتهم ب داخلها( على عكس األري اف‬
‫والقرى التي يعمل غالبية سكانها خارجها في مزارع أو مناجم"‪(.‬عب د هللا عط وي‪،‬‬
‫‪ ،2001‬ص ‪)12‬‬

‫كما يعرف معجم اللغة العربية المعاصر المدينة بأنها تجمع سكاني متحض ر‬
‫يزيد على تجمع القرية‪.‬ونذكر أيض ا تعري ف آخ ر لمجم ع المع اني ال ذي ي رى أن‬
‫المدينة من مصدر مدين‪ ،‬وهي المصر الجامع‪ ،‬أي تجمع س كاني يزي د على تجم ع‬
‫القرية‪.‬‬

‫نالحظ مما سبق التركيز على العامل العددي (اإلحص ائي) للس كان‪ ،‬باإلض افة إلى‬
‫مسألة التجمع(أي التمركز)‪.‬والمدينة هي المحلة الالزراعية (‪)non-agriculture‬‬
‫وعرفه ا رات زل (‪ )Ratzil‬على أنه ا اتح اد طوي ل األم د بين الجماع ة والمس اكن‬
‫البشرية‪ ،‬وتغطي مساحة كبيرة وتوجد عند تقاطع طرق ومفترق الطرق التجارية‪.‬‬

‫‪-‬شبه الحضري‪:‬‬

‫هي ليس ت حض رية‪ ،‬ولكنه ا قريب ة من المدين ة ب المفهوم الم ادي‪ ،‬من حيث‬
‫توفر وسائل الحياة العام ة‪ ،‬وع دد الس كان‪ ،‬ون وع النش اطات غ ير الكثيف ة‪ ،‬ولكن‬
‫مالمحها المادية ونم ط ثقافته ا يؤهله ا عن د تحقي ق مق اييس معين ة لتص بح منطق ة‬
‫حضرية‪(.‬مدينة) وهذه المقاييس تختلف من بلد آلخر‪.‬‬

‫‪-‬المجتمع الصناعي‪:‬‬

‫المجتمع الص ناعي كم ا ي رى (ريمون د آرون) ‪ RAYMOND AROND‬أح د‬

‫أبرز علماء االجتماع الفرنسيين المعاصرين‪ :‬هو المجتمع الذي يكون ش كل إنتاج ه الص ناعي‬
‫من أعظم مميزاته والذي يضم مؤسسات صناعية كبيرة تتم فيه ا عملي ات اإلنت اج الص ناعي‪.‬‬
‫فهذا المجتمع له عالقة وطيدة بالمجتمع المتمدن بحكم تنوع النشاطات وكثرة الحركة الس كانية‬
‫والتجارية والتنوع االستهالكي‪.‬‬

‫‪-‬المجتمع الحضري‪:‬‬

‫يشير مفهوم التحضر إلى المعنى الع ددي‪ ،‬أي زي ادة س كان الم دن عن طري ق ن زوح‬
‫سكان الريف بسبب تغير الحياة وت وفر ش روط جي دة لنم ط حي اة أك ثر رقي‪ ،‬مث ل التم درس‬
‫والصحة والرفاهية والعمل والنقل واالستهالك الح ديث إلخ‪ .‬بينم ا الحض رية ب المعنى الكيفي‬
‫كما يعرفه ا ل ويس وارث هي تغ ير نم ط أو أس لوب الحي اة‪ ،‬ويمكن أن نطل ق عليه ا الثقاف ة‬
‫الحضرية التي يكتس بها الف رد من خالل إقامت ه في المدين ة‪ .‬محم د بومخل وف‪ ،‬التحض ر‪،‬‬
‫شركة دار األمة الجزائر‪ ،‬ط ‪ ،2001 ،1‬ص ‪28‬‬

‫‪-‬المجتمع المعاصر والثقافة المعاصرة ‪:‬‬

‫هو مجتمع المؤسسات السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية المرادف ة‬

‫للمؤسسات الرسمية والتي تعمل بشكل ط وعي وح ر وباس تقالل نس بي عن س لطة‬
‫الدولة‪ ،‬وذلك من أجل تحقيق مصالح أفرادها‪.‬‬

‫لذا تسعى مؤسسات المجتمع المدني المعاصر لتحقيق أغ راض متع ددة منه ا‬
‫أغراض سياسية‪ ،‬كالمشاركة في ص نع الق رار على المس توى الوط ني (األح زاب‬
‫السياسية) ومنها غايات نقابي ة كال دفاع عن المص الح االقتص ادية ألعض اء النقاب ة‬
‫ومنها أغراض ثقافية كما في الجمعيات النقابية التي تهدف إلى نشر الوعي‪ .‬ومنه ا‬
‫أغراض اجتماعية لإلسهام في العمل االجتماعي لتحقيق التنمية‪ .‬لذا يمكن القول أن‬
‫العناص ر الب ارزة لمؤسس ات المجتم ع الم دني هي األح زاب السياس ية والنقاب ات‬
‫العمالية واالتحادات المهنية والجمعيات الثقافية واالجتماعية‪.‬‬
 ‫المحاضرة السادسة‪:‬‬

‫القسم األول‪ :‬األنثروبولوجيا الريفية‬

‫‪-‬تمهيد‪:‬‬

‫هناك علم آخر اليبتع د عن األنثروبولوجي ا تم يز بدراس ته للري ف والمدين ة‬

‫وه و علم اجتم اع الري ف والمدين ة‪ ،‬ولكن النظري ة السوس يولوجية له ا طابعه ا‬
‫الموض وعاتي(المتخص ص) والمنهجي(الكمي)‪ ،‬وله ا رواده ا من العلم اء وهم‬
‫كث يرون‪ .‬حيث تت وفر الم ادة األنثروبولوجي ة بك ثرة في األبح اث السوس يولوجية‪،‬‬
‫لكنن ا نح اول أن نص نع التمي يز ول و بش كل بس يط من أج ل الترك يز على الط ابع‬
‫األنثروبولوجي للفضائين الريفي والحضري‪.‬‬

‫قام بعض علماء األنثروبولوجيا ببعض الدراسات األنثروبولوجية حول الري ف في‬
‫بعض القبائل والجهات‪ ،‬تناول بعضها مفهوم الريفي قريب من مفه وم الب دائي‪ ،‬من‬
‫أهمها‪:‬‬

‫‪-‬دراس ة االن ثروبولوجي االنجل يزي إيفنس بريتش ارد ‪ Ivans Pritchard‬لقبيل ة‬
‫الن وير ‪ Neer‬الس ودانية)‪ .the Neer.(1940‬هي عب ارة عن دراس ة وص فية‬
‫ألمزجة وطرق العيش لشعب النوير‪.‬‬

‫‪-‬دراسة األنثروبولوجية األمريكية روث بنديكت‪R.Benedict‬لبعض قبائل الهن ود‬

‫الحمر وثقافتهم‪ ،‬في كتابها أنماط الثقافة‪Patterns of culture.(1949).‬‬

‫‪-‬دراس ة الع الم األن ثروبولوجي األم ريكي روب رت رد فيل د ‪ R.R.Field‬لقري ة‬
‫يوكاتان بالمكسيك‪.‬‬
‫‪-‬تعتبر هذه الدراسات بالرغم من قلتها نماذج ألبحاثاألنثروبولوجيين‪ ،‬لفضاء القرية‬
‫والري ف والبادي ة والبدائي ة‪ ،‬وهي فض اءات انثروبولوجي ة بامتي از‪ .‬ولكن دوائ ر‬
‫االش تغال العلمي لألنثروبولوجي ة القروي ة(الريفي ة) ال يمكن حص رها في مج ال‬
‫القرية وحدها‪ ،‬وال في موضوع اإلنسان القروي وحده‪ .‬بل أن الريف له عدة معاني‬
‫ويصعب تحديده بدقة‪ ،‬لذا فإن مجال األنثروبولوجي ا الريفي ة يت داخل م ع كث ير من‬
‫المعارف‪ ،‬وأهمها‪ :‬علم السكان‪ ،‬الجغرافيا‪ ،‬االقتص اد‪ ،‬الت اريخ‪ ،‬االثنوغرافي ا‪ ،‬علم‬
‫االجتماع الحضري والريفي‪ ،‬علم اجتماع التنمية‪ ،‬علوم التعمير والتهيئة‪ ،‬والهندسة‬
‫القروية‪.‬‬

‫كل هذه المعارف تشتغل بالمجتمع القروي والريفي وتؤسس من خالل ه ع دة‬
‫مقاربات واتجاهات علمية‪ .‬نستطيع القول أن األنثروبولوجي ا القروي ة تج د مكانه ا‬
‫في القرية كموضوع مميز لها‪ ،‬فهل هناك فرق بينها وبين أنثروبولوجيا الريف؟‬

‫‪-‬تعريف علم اإلنسان الريفي‪ /‬األنثروبولوجيا الريفية‪:‬‬

‫هي العلم الخ اص بدراس ة أه ل الري ف‪ ،‬وعالق اتهم ببعض هم البعض‪،‬‬

‫وعالق اتهم م ع غ يرهم من الن اس والس كان غ ير الريف يين‪ ،‬أي الحض ريين وش به‬
‫الحض ريين‪ .‬يهتم ه ذا العلم بدراس ة البيئ ة الريفي ة(الق رى والمداش ر) من حيث‬
‫العالق ات االجتماعي ة والمؤسس ات والوظ ائف‪ ،‬والبن اء االجتم اعي(المؤسس اتي‬
‫وخاصة األسري‪-‬العائلي)‪ ،‬وأنماط العيش المختلفة‪.‬‬

‫إلى غاية الخمسينيات من الق رن الماض ي ظ ل ينظ ر إلى الري ف بأن ه ذل ك‬

‫المكان الذي يقع خارج المناطق الحضرية ويزاول سكانه الزراعة‪ .‬لكن لوح ظ أن‬
‫هن اك العدي د من المن اطق تق ع في األط راف المحيط ة بالم دن الك برى المأهول ة‬
‫بالسكان يزاولون أفرادها الزراعة لكنهم ال يعدون من سكان الريف‪ ،‬بل هم أق رب‬
‫إلى سكان الحضر‪ .‬ومن هنا أصبح مفهوم الريف ال يرتب ط بنش اط الزراع ة وح ده‬
‫كمعيار أساسي‪ .‬بل أن علم االجتماع يع رف الري ف بأن ه ذل ك المك ان ال ذي يض م‬
‫مناطق للتجمعات السكانية المتفرقة أو المتصلة ال تي يق ل ع دد س كانها عن ‪2500‬‬
‫نسمة والتي تتميز بعالقات اجتماعية قوية مترابطة ومتداخلة على أساس من القربة‬
‫والتعاون التام في الوقت الذي يمارسون فيه نشاطا اقتصاديا تمثل الزراعة غالبيته‪.‬‬

‫‪-‬تعريفات للمجتمع الريفي(التعريفات الكالسيكية)‪:‬‬

‫‪-‬تعري‪MMMM‬ف ر‪.‬ر‪.‬فيل‪MMMM‬د‪ Robert Redfield(1897-1958) :‬األن‪MMMM‬ثروبولوجي‬

‫األمريكي‪:‬‬

‫المجتمع الريفي هو مجتمع ش عبي بس يط منع زل تس وده األمي ة والتج انس‪،‬‬

‫يوجد بين أعضائه إحساس قوي بالتضامن االجتماعية‪ ،‬تحدد أس اليب المعيش ة في ه‬
‫بطريقة آلية وفقا للنسق المتماسك الذي هو الثقافة‪.‬‬

‫من مميزات المجتمع الريفي أن أعضائه يهيمن عليهم التفسير القدري للظاهرة‪:‬‬

‫‪-‬كتفس ير الجف اف بغض ب الطبيع ة‪ ،‬وب انحراف الن اس عن ال دين‪ ،‬وليس ب واجب‬
‫االجتهاد العلمي والبحث عن الوسائل العلمية لتحدي الظروف المحيطة بهم‪.‬‬

‫‪-‬مجتمع تلقائي‪ ،‬تقليدي‪.‬‬

‫‪-‬العالقات االجتماعية ونظم القرابة فيه تعتبر نماذج يقتدى بها‪.‬‬

‫‪-‬سيطرة الدين على الحياة الدنيوية‪.‬‬

‫‪-‬نظام االقتصاد مبني على المكان ة االجتماعي ة والمقايض ة أك ثر من اعتم اده على‬
‫قوانين السوق‪.‬‬
‫وقد حدد رد فيلد المجتم ع المض اد للمجتم ع ال ريفي ب المجتمع الحض ري ‪Urban‬‬
‫‪Society‬‬

‫‪-‬تعريف عالم االجتماع الفرنسي إيميل دوركايم‪:‬‬

‫ي رى دورك ايم أن المجتم ع ال ريفي يق وم على التض امن اآللي‬

‫‪ MecanicalSolidarity‬ألن نوع العمل واحد بالنس بة للجمي ع(التج انس الت ام)‪،‬‬
‫ويمتاز هذا المجتمع بالسذاجة والبساطة‪.‬‬

‫فالمجتمع الريفي هو األكثر تشابها وتجانسا في السمات النفسية واالجتماعية وحتى‬

‫الساللية نظرا لكثرة الزواج الداخلي والقرابي‪.‬وهذا انطالقا من نظرية تقسيم العمل‬
‫‪ Division of Labor‬بينم ا المجتم ع الحض ري يس وده التض امن العض وي‬
‫‪ .OrganicSolidarity‬فأعضاء المجتمع كأعضاء الجسم الواح د‪ ،‬ك ل ف رد يق وم‬
‫بوظيفة ما‪ ،‬ولكنهم متس اندين على اس تمرار الحي اة في إط ار المجتم ع الع ام ال ذي‬
‫ينحو نحو التعقيد‪)Emil durkheim. 1898( .‬‬

‫‪-‬تعريف لويس ويرث )‪:Louis Wirth(1897-1952‬‬

‫من خالل كتاب ه الظ اهرة الحض ارية كنم ط للحي اة‪Le phénomène .‬‬
‫‪ Urbain comme mode de vie‬يع رف المجتم ع ال ريفي من خالل تعريف ه‬
‫للمدين ة(المجتم ع الحض ري)‪ ،‬حيث يق ول أن المدين ة عكس الري ف تتم يز بع دم‬
‫التجانس ألنهاتضم نوعي ات مختلف ة من الس كان والطبق ات االجتماعي ة‪ ،‬وتس ودها‬
‫العالقات الثانوية على حساب عالقات القرابة‪ ،‬أي العالق ات الس طحية المص لحية‪،‬‬
‫والتي يسودها أيضا قواعد الضبط االجتماعي الرسمي(القانون وأجهزته المختلفة)‪.‬‬
‫وكل هذا خالفا لما يسود الري ف‪.‬وهن اك تعريف ات أخ رى تعت بر المجتم ع ال ريفي‪:‬‬
‫مجتمع زراعي‪ ،‬مجتمع الصيد‪ ،‬مجتمع ال يحتمل عدد كبير من السكان‪.‬‬
 ‫‪-‬تعريف نذير معروف‪ :‬األنثروبولوجي الجزائري‪:‬‬

‫من خالل كتابه العالقة بين المدينة والقرية‪ ،‬يرى أن م ا ه و ريفي وم ا ه و‬

‫حضري في الجزائر غ ير مح دد بالمع ايير الس ابقة‪ .‬ال ينبغي تعري ف ه ذا الوس ط‬
‫ب الرجوع إلى المعطي ات الدمغرافي ة لس كان الق رى‪ ،‬وبني ة الي د العامل ة‪ ،‬وحجم‬
‫اإلنت اج ال زراعي من الن اتج الوط ني الخ ام‪ .‬ف إلى ج انب العوام ل االقتص ادية‬
‫واالجتماعية توجد عوامل تاريخية‪ ،‬حضارية وثقافية‪ ،‬تخص نمط العيش والس لوك‬
‫وتأويل العالم‪ ،‬حيث تع د الرم وز الديني ة نق اط ارتك از ومرجعي ات لق راءة الواق ع‬
‫وبنائه‪ ،‬فالبركة والولي الصالح لهما آلية من آليات التفك ير والفع ل في ه ذا الوس ط‬
‫الذي كثيرا ما كان مورديه تحت الس مع والطاع ة ت ارة‪ ،‬وتحت التم رد والعص يان‬
‫ت ارة أخ رى‪N. Maarouf, la relation ville compagne dans la .‬‬
‫‪.théorie et la pratique 2 éd, OPU 1981 P, 73 92‬‬

‫الظاهرة الريفية‪Ruralisme :‬‬

‫تعني نمط من الحياة على نطاق واسع من األرض يتكامل فيه نشاط السكان‪،‬‬
‫ونمط حياتهم ليش كا انتش ارا حض اريا واس ع النط اق‪ .‬ل ذلك ص ار ينظ ر للظ اهرة‬
‫الريفية في ثالث معان‪:‬‬

‫‪-‬معنى إيكولوجي‪ :‬يمثل البيئة ومكان اإلقامة‪.‬‬

‫‪-‬معنى مهني‪ :‬يمثل اشتغال أغلب السكان في العمل الزراعي‪.‬‬

‫‪-‬معنى اجتماعي‪ :‬يتعلق بسلوك واتجاهات المجتمع الريفي‪.‬‬

‫المرج‪MM‬ع‪ :‬الزوك‪MM‬ة محم‪MM‬د خميس‪ ،‬ن‪MM‬وال ف‪MM‬ؤاد‪ ،‬جغرافي‪MM‬ة الري‪MM‬ف‪ ،‬مطبوع‪MM‬ات دار‬
‫المعرفة‪ ،‬األسكندرية‪ ،1991 ،‬ص‪.17‬‬
‫بن اء على المع ني الس الفة ال ذكر المتعلق ة ب المجتمع ال ريفي يمكن مالحظ ة‬
‫خصائص المجتمع الريفي مقارنة بالمجتمع الحضري فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬حجم المجتمع‪ ،‬عدد السكان‪ ،‬طبيع ة المهن ة‪ ،‬وقت العم ل والبطال ة(البطال ة‬
‫الموسمية)‪ ،‬نوع الخبرة المكتسبة في البيئة المحيطة(ريف‪-‬مدين ة)‪ ،‬مس توى ون وع‬
‫المعيشة‪ ،‬الثقافة(البساطة والتعقيد)‪ ،‬الضبط االجتماعي(الع رف‪-‬النظ ام والق انون)‪،‬‬
‫المعايير والعادات والتقاليد‪ ،‬الفوارق االجتماعية‪ ،‬التعاون المتبادل‪.‬‬
 ‫المحاضرة السابعة‬

‫‪-‬التعريفات الحديثة للمجتمع الريفي‪:‬‬

‫‪-‬تعريف لوري نلسون ‪ Lori Nelsson‬عالم االجتماع الريفي(أمريكي)‪:‬‬

‫يعتبر المجتمع الريفي هو ذلك المجتمع الذي‪:‬‬

‫‪ -‬ترتف ع في ه درج ة األلف ة بين أعض ائه(أي العالق ات التض امنية) والعالق ات‬
‫الشخصية غير الرسمية‪.‬‬

‫‪ -‬تغلب على أعضائه مهنة الزراعة‪ ،‬مع إمكانية إدخال مهن أخرى‪.‬‬

‫فأمريكا عموما أعطت تعريفا إحصائيا لعدد السكان‪ ،‬وترى أن المجتم ع ال ريفي ال‬
‫يزيد عدد سكانه عن ‪ ،2500‬وإذا زاد عن هذا الح د فه و مجتم ع غ ير ريفي ح تى‬
‫ولو كان أعضاؤه يعملون في الزراعة‪.‬‬

‫‪-‬تعريف ريمون فيرث ‪ Raymond Firth‬عالم األنثروبولوجيا االقتصادية‪.‬‬

‫يقول‪ :‬إن اصطالح المجتمع الريفي ينطبق على كل مجتم ع يتك ون من ع دد‬
‫من المنتجين لغرض االس تهالك الخ اص(ال ذاتي)‪ .‬أي المجتم ع ال ذي ال يفك ر في‬
‫االنفتاح من خالل التبادل مع مجتمعات أخرى عن طري ق الس وق‪ ،‬وه ذا المجتم ع‬
‫يعت بر بس يطا بحكم نش اطه االقتص ادي‪ .‬حيث أدمج ص ناع الح رف اليدوي ة‪،‬‬
‫والصيادين ضمن فئة الريفيين‪.‬‬

‫لقد درس مجتمع"التيكوبيا"‪ Tikopia‬وهي جزي رة تق ع في المحي ط اله ادي‬

‫جنوب جزر السلمون‪ ،‬وغينيا الجديدة عدد سكانها ‪ 1200‬نسمة ومساحتها‪ 5‬كلم‪. 2‬‬
 ‫‪-‬تعريف هيئة األمم المتحدة (‪:)ONU‬‬

‫اعتم دت في تعريفه ا على المعي ار الكمي(اإلحص ائي)‪ ،‬وانطالق ا من ه ذا‪ :‬تك ون‬
‫التجمعات السكانية ريفية إذا قل عدد سكانها عن ‪ 2000‬نسمة‪.‬‬

‫‪-‬تعريف منظمة التعاون االقتصادي والتنمية‪:‬‬

‫‪Organisation de Coopération et de Développement‬‬

‫)‪Economique(OCDE‬‬

‫اعتمدت على ثالثة معايير‪:‬‬

‫‪-‬معيار الكثافة السكانية‪ 150 ،‬فرد‪/‬كلم‪.2‬‬

‫‪-‬صغر حجم التجمعات وتفرقها عن بعضها البعض‪ .‬وهذا ال ينطبق مثال على الهند‬
‫‪2‬‬
‫التي يقطنها أقل من ‪ 50‬فرد‪ /‬كلم‬

‫‪-‬البعد عن المدن واألسواق الحضرية‪.‬‬

‫‪-‬هيمنة النشاط الزراعي‪ ،‬وقلة األراضي المخصصة للبناء والزراعة‪.‬‬

‫‪-‬البناء االجتماعي تقليدي‪ ،‬وبسيط‪.‬‬

‫‪-‬تعريف منظمة الزراعة والتغذية‪:‬‬

‫)‪Food and Agriculture Organisation(FAO‬‬

‫وكذلك منظمة اليونسكو‪:‬‬

‫‪United Nations Educational Scientific and Cultural‬‬

‫)‪Organisation(UNESCO‬‬
‫المجتمع الريفي هو عبارة عن تجمعات سكانية‪ ،‬تتوسطها م راعي وغاب ات‬
‫وجبال وأنهار‪ ،‬أهم نشاط سكانها الزراعة وبأجور منخفضة‪.‬‬

‫المحاضرة الثامنة‬

‫‪-‬أهم المدارس والنظريات التي تناولت المجتمع الريفي‪:‬‬

‫ما هي جذور نشأة أنثروبولوجيا الريف‪/‬القرية؟‪ :‬اعتمدت هذه النشأة على م ا‬
‫قدمت ه االثنولوجي ا الفرنس ية(المنوغرافي ة)‪ ،‬وك ذلك األنثروبولوجي ا األمريكي ة‬
‫(االمبريقية‪-‬الواقعية)‪ ،‬ولكن من اإلجحاف أن نمر على هذه المدارس الغربي ة دون‬
‫معرفة مس اهمة المدرس ة العربي ة ال تي تزعمه ا العالم ة الع ربي عب دالرحمن ابن‬
‫خل دون‪ ،‬وتجلت مس اهمته في كتب ه عن المجتم ع ال ريفي والب داوة والحض ر في‬
‫مقدمته المشهورة‪.‬‬

‫‪-1‬المدرسة العربية‪(:‬ابن خلدون)‪:‬‬

‫أشار ابن خلدون من خالل كتابه المقدمة إلى المجتمع الب دوي وال ريفي وتعم ق في‬
‫شرح بنيات هذا المجتمع‪.‬ولإلشارة يعتبر ابن خلدون عالم اجتماع وأن ثروبولوجي‪،‬‬
‫اعتمد على منهجية المعاينة المباشرة وطريقة تمحيص الواقع‪ ،‬والمقارنة بين سكان‬
‫البدو والحضر في كل جوانب الحياة‪ ،‬هذا ما يعطيه صفة األنثروبولوجي‪.‬‬

‫يركز ابن خلدون في تعريفه للمجتمع الريفي على ما يلي‪:‬‬

‫‪-‬العامل االقتصادي ذو أهمي ة كب يرة‪ ،‬ويتض من البن اء االقتص ادي الع ام(النش اط‪،‬‬
‫العالقات االجتماعية‪،‬وسائل اإلنتاج‪ ،‬طبيعة الملكية‪ ،‬والتوزيع)‪.‬‬

‫‪-‬الروابط والعالقات بين السكان(التبادل االجتماعي واالقتصادي)‪.‬‬

‫‪-‬نظام القرابة والملكية والسلطة العائلية المترتبة عن البناء االقتصادي‪.‬‬

‫‪-‬من هم الريفيون عند ابن خلدون؟‬

‫‪-‬هم الذين يمتهنون الفالحة بالدرجة األولى كنشاط مادي‪.‬‬

‫‪-‬الذين يعيشون حالة استقرار دائم عكس البدو الترحال‪.‬‬

‫‪-‬المتمس كون بزراع ة األرض وتربي ة النح ل والمواش ي‪ ،‬وتج د عالقتهم قوي ة‬
‫باألرض‪.‬‬

‫‪-‬من أهم خصالهم وطبائعهم‪:‬‬

‫‪-‬الرضا والقناعة والتعاون فيما بينهم‪.‬‬

‫‪-‬ال يميلون إلى حياة الترف والكماليات‪ ،‬انطالقامن تأثير البيئة الريفية‪.‬‬

‫‪-‬ثقافتهم متواض عة‪ ،‬ويتم يزون بالبس اطة عكس التعقي د‪(.‬مقدم‪MM‬ة ابن خل‪MM‬دون‪ ،‬دار‬
‫الكتاب اللبناني‪ ،‬ومكتبة المدرسة‪ ،‬المجلد األول‪ ،1982 ،‬ص‪ :210‬الباب الثاني‪،‬‬
‫والفصول(‪ ) 3،2،1‬في العمران البدوي واألمم الوحشية والقبائل وما يع‪MM‬رض في‬
‫ذلك من األحوال)‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬

‫لكن ه ذه الخص ال والطب ائع والخص ائص ليس ت ثابت ة‪ ،‬ودائم ة‪ ،‬ب ل هي‬
‫خاضعة لكل أنواع التغير والتح ول ال ذي يح دث على مس توى س يرورة المجتم ع‪.‬‬
‫وفي هذا الباب يؤكد علماء الغ رب س واء من أمريك ا أو أوروب ا على أن الص ناعة‬
‫والتكنولوجيا هي العوامل األساسية في عملية التغير التي تشهدها البلدان‪.‬‬

‫‪-2‬المدرسة الفرنسية‪:‬‬

‫تب دأ الب دايات التأسيس ية ألنثروبولوجي ا القروي ة حس ب دراس ة مارس يل‬

‫جوليفات‪ Marcel Jollivet‬إلى دروس األنثروبولوجيا القروية التي ك ان يق دمها‬
‫جين س توتزل‪ Jean Stoetzel‬بمعه د الدراس ات السياس ية بب اريس فرنس ا خالل‬
‫الع امين(‪ ،)1949-1948‬قب ل أن يت ولى ه ذا ال درس ه نري من دراس‪Henri‬‬
‫‪ Mendras‬المؤسس الفعلي لألنثروبولوجيا القروي ة لكون ه من بين األوائ ل ال ذين‬
‫كرسوا جهودهم المعرفية للشأن القروي‪.‬‬

‫لقد حاول هذا األخير(هـ‪.‬مندراس) تقديم نموذج نظري لتحليل المجتمعات الفالحي ة‬
‫معتمدا على نماذج األنثروبولوجيا األمريكية التي انشغلت بالمجتمعات القروية من د‬
‫العشرينيات من القرن الماضي(‪.)1920-1910‬‬

‫انشغل مندراس بالموضوع القروي بالتعاون مع اقتصاديين ومؤرخين‪.‬‬

‫إذن‪ :‬يجب على األنثروبولوجي القروي أن يختار مناهجه من مختلف التخصصات‬

‫التي عليه أن يكون ملما به ا( علم االقتص اد‪ ،‬الت اريخ‪ ،‬الجغرافي ا‪ ،‬علم النفس‪ ،‬علم‬
‫االجتماع‪ ،‬الديموغرافيا‪ ،‬االثنوغرافيا)‬

‫ومن هذا التعدد المنهجي اعتبر مندراس األنثروبولوجي ا القروي ة الفرنس ية معرف ة‬
‫متعددة التخصصات‪ ،‬وتتميز عن األنثروبولوجيا القروية األمريكية‪.‬‬

‫حيث يقول في تعريف ه للري ف" أن الوس ط ال ريفي ه و حق ل للبحث المش ترك بين‬
‫جمي ع تخصص ات العل وم االجتماعي ة‪ ،‬ودراس ته ال يمكن أن تك ون حقال مس تقال‪.‬‬
‫فالجغرافيون يقوم ون بتحلي ل العالق ة بين االنس ان ووس طه الط بيعي‪ ،‬واالقتص اد‬
‫الريفي هو فرع قديم من االقتصاد السياسي‪ .‬والتاريخ االجتم اعي ل ه ارتب اط كب ير‬
‫بالماضي الزراعي لإلنسان ويحتل مك ان كب ير في وص ف نش اط الحي اة الريفي ة‪.‬‬
‫وكذلك االثنولوجيا تدرس البني ات القديم ة لالنس ان‪ ،‬أين انش غل البحث في دراس ة‬
‫مصادر عيش االنسان‪ .‬وأخير سواء الحضري أو الريفي هو من اهتمام عالم النفس‬
‫والديمغرافيا‪.‬‬
 ‫‪Marcel Jollivet, La « vocation actuelle » de la sociologie‬‬
‫‪rurale, ruralia, revue de l’association française, 1997.‬‬

‫‪-3‬المدرسة األمريكية‪:‬‬

‫وهي مدرسة شيكاغو‪ ،‬يعتبر العالم ليبرتي هايد بيلي ‪Liberty hadebaily‬‬
‫المؤسس الفعلي لألنثروبولوجيا القروية في أمريكا مند العشرينات‪.‬‬

‫تجلت ه ذه المحاول ة من خالل أبح اث ك ل من ولي ام إس حاق توم اس‬

‫‪W.I.Thomas‬وهوريان زنانيكي‪ Horian Znanieky‬على الفالح البولندي في‬
‫أوروبا وأمريك ا بين (‪ ،)1920-1918‬من هن ا ب دأت تتش كل المالمح األولى له ذه‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫‪-‬ساهمت الصناعة والتكنولوجيا في فرز المجتمع الريفي عن الحضري ال ذي ت أثر‬

‫بالنمو السريع في شتى مج االت الحي اة‪ .‬لق د جلب ه ذا التح ول اهتم ام الجامع ات‪،‬‬
‫وباألخص جامعة شيكاغو التي كانت السباقة في االهتمام بحقل الدراسات القروية‪.‬‬

‫‪-‬وبع د ذل ك ب رز العدي د من األنثروبولوج يين ال ذين تحول وا إلى دراس ة المجتم ع‬

‫الريفي‪/‬القروي‪ ،‬وتوصلوا في أبحاثهم إلى نتيجة‪ ،‬وهي أن‪:‬‬

‫"األرياف‪(/‬ج‪.‬ريف) تتشابه إلى حد كبير في كث ير من من اطق الع الم‪ ،‬ويع ود ذل ك‬

‫إلى اشتغالها بالزراعة واإلقامة بالقرى‪ ،‬وتعتبر العائلة الوحدة البنائية األساس ية في‬
‫التنظيم االجتماعي في المجتمع الريفي"‪.‬‬

‫نذكر من بين هؤالء الباحثين الع الم ر‪.‬رد فيل د‪ R.R.Field‬المهتم باألنثروبولوجي ا‬
‫االجتماعية‪ ،‬الذي كان يشعر دوما بضيق نطاق هذا الحقل(أ‪.‬اجتماعية) ألنه اقتصر‬
‫على دراسة المجتمعات البدائية فقط‪ ،‬هذا م ا حف زه على التح ول إلى دراس ة ع الم‬
‫الريف والقرية‪.‬‬

‫ركز رد فيلد على دراس ة العالق ات االجتماعي ة بين األف راد ال تي أدت إلى وج ود‬
‫نظام قيمي‪ ،‬واستطاع أن يحدد مسار تطوري للمجتمع كما يلي‪:‬‬

‫المجتمع البدائي ـــــــ م‪.‬الريفي ــــــــ م‪ .‬الحضري‬

‫ومما قاله‪:‬‬

‫‪-‬أن المجتمع الريفي القروي يوجد في درجة متقدمة عن المجتمع البدائي‪.‬‬

‫‪-‬أن القرية تتميز بثقافة تظهر معالمه ا في التقالي د الص غرى‪ ،‬ال يمكن فهمه اإال في‬
‫ضوء التقاليد الكلية للمجتمع الكبير‪ ،‬وبخاصة تلك السائدة في المدن‪.‬‬

‫‪-‬استخلص رد فيلد خصائص المجتمع الريفي فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬االستقالل النسبي لسكان الريف بالنسبة للمجتمع العام‪.‬‬

‫‪-‬أهمية الحياة العائلي ة كزم رة بنييوي ة‪ ،‬أي أن العائل ة تش كل زم ر(وح دات ثقافي ة‬
‫واجتماعية)في المجتمع ‪ Structures‬على شكل إقطاعية صغيرة‪.‬‬

‫‪-‬تم يز االقتص اد باالكتف اء النس بي‪ ،‬وارتباط ه باالقتص اد الع ام(ال وطن)‪ ،‬بمع نى‬
‫االكتفاء في المنتجات الزراعية فقط‪ ،‬أما المنتجات الصناعية ترتبط باالقتصاد العام‬
‫للبالد‪.‬‬

‫‪-‬أهمية ودور األعيان في حياة القرية‪/‬الريف(الشيخ‪ ،‬المقدم‪ ،‬كبير السن‪)....‬‬

‫‪-‬التعارف المتبادل من خالل العالق ات الداخلي ة(التض امنية) مث ل رواب ط ال زواج‪،‬‬

‫المقايضات في العمل واالستهالك ووسائل العمل‪.‬‬
‫وهنا يستند إلى نظرية التضامن اآللي والعضوي للعالم الفرنسي دوركايم‪.‬‬

‫التضامن العضوي‬ ‫التضامن اآللي‬

‫مجتمع حضري(مدينة)‬ ‫مجتمع ريفي بسيط‬
‫االختالف والتعقيد‬ ‫التجانس بين األعضاء‬
‫المنافسة‬ ‫كرم الضيافة‬
‫الفردانية‬ ‫الجماعة‬
‫العدواة‬ ‫التضامن والتعاون‬
‫أدوات الضبط الرسمي(القانون)‬ ‫أدوات الضبط االجتماعي‬
 ‫المحاضرة التاسعة‬

‫‪-‬نظريات المجتمع الريفي‪ (:‬نظريات المداخل)‬

‫خصائص المجتمع الريفي عن الحضري‪:‬‬

‫يميل الباحثون في العلوم االجتماعية بشكل عام وعلماء االجتم اع واألنثروبولوجي ا‬
‫بشكل خاص إلى تحديد الخصائص المحددة لألنماط المجتمعي ة من تس هيل تناوله ا‬
‫ودراستها وإعطائها الصبغة العلمية‪ ،‬ومن بين ه ذه األنم اط تقس م المجتمع ات إلى‬
‫مجتمعين ريفي وحضري‪.‬‬
‫حيث يربط علماء االجتماع عند تحديديهم لسمات المجتمع الريفي بين تلك الس مات‬
‫وما يقابلها من سمات وخصائص تم يز المجتمع ات الحض رية‪ .‬أو كم ا يق ال " من‬
‫ضدها تعرف األشياء"‬
‫و فيما يلي‪ :‬نقدم بعض النظريات التي تحدد المجتمعات الريفية من خالل الفروقات‬
‫الريفية الحضرية‪ ،‬وهي عب ارة عن م داخل تفس يرية وتعريفي ة للمجتمعين ال ريفي‬
‫والحضري‪ ،‬مع ذكر بعض االنتقادات التي وجهت لهذه المداخل والنظريات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مدخل الثنائيات‪:‬‬
‫‪-1‬ابن خلدون(‪:)1406-1332‬‬
‫يعتبر ابن خلدون أول من لفت األنظار إلى الفرق الحضر والريف‪.‬‬
‫حيث رأى أن الري ف يك ون بض واحي المدين ة ‪ ،‬بينم ا الحض ر يك ون بض واحي‬
‫األمصار والقرى والمدن‪ .‬وقال أن اختصاص الريف والب دو بالزراع ة وال رعي ‪،‬‬
‫وهو أم ر ض روري لهم‪ ،‬في حين أن الص ناعة هي من اختص اص أه ل الحض ر‪.‬‬
‫وب ذلك اعت بر ك ل من الري ف والحض ر مجتمع ان متك امالن هم ا الل ذان يكون ان‬
‫المجتمع العام‪(.‬ابن خلدون‪ ،‬المقدمة‪ ،‬ص‪)210‬‬
‫لقد أشار ابن خلدون إلى مصطلح"األمصار"‪،‬وهي المدن الكبرى التي توجد‬
‫فيها المرافق العامة والمدارس والمستشفيات واألسواق‪ ،‬مثل بالد مصر‪.‬لكن هن اك‬
‫من يفسر "األمص ار" جم ع "المص ر" وه و الح د ‪/‬جمع ه‪ :‬الح دود ‪ ،‬ك أن تق ول‬
‫المنزل المحدود بمصوره أي بحدوده‪ .‬أو تقول‪ :‬اشترى الرج ل الم نزل بأمص اره‪،‬‬
‫أي بحدوده في جميع الجهات األربعة‪.‬‬
‫‪-2‬هربرت سبنسر ‪H.Spencer ))- 1820-1903‬‬
‫يرى سبنسر أن المجتمع الريفي ه و مجتم ع زراعي يتم يز بالبس اطة وع دم‬
‫التعقيد‪ ،‬حيث ال يتأثر بالتأثيرات الخارجي ة‪ ،‬ح تى وإن ت أثر فدرج ة الت أثير تك ون‬
‫ضعيفة‪(.‬المرجع‪ :‬عبد الحميد بوقصاصة‪ ،‬ب‪/‬ت‪ ،‬ص‪)21‬‬
‫‪ -3‬إيميل دوركايم‪:‬‬
‫أما العالم الفرنسي إيميل دوركايم‪ ،‬فيرى أن المجتمع الريفي يتميز بالبس اطة‬
‫في الحي اة والبس اطة في االنت اج‪ ،‬والمهن ة ال تي يمارس ها تنحص ر في الزراع ة‬
‫والرعي التي تتميز بضآلة التخص ص وتقس يم العم ل‪ ،‬كم ا أن ه مجتم ع يفتق ر إلى‬
‫العناصر التكنولوجية في الحياة االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وتسوده عالق ات الع رف‬
‫وقواعد تقاليد الجماعة‪ ،‬وهي المهيمنة في المجتمع‪.‬‬
‫‪ -4‬فرديناند تونيز األلماني (‪)Ferdinand Toennies‬‬
‫قدم هذا العالم نم وذجين في الدراس ات الحض رية والريفي ة‪ ،‬وهم ا المجتم ع‬
‫المحلي الص غير وس ماها المجتم ع ال ريفي‪ ،‬والمجتم ع الكب ير وس ماه المجتم ع‬
‫الحضري‪ .‬حيث حصر النمط االقتصادي للمجتمع الريفي في الزراعة‪ ،‬بينم ا نم ط‬
‫المجتمعات الحضرية قائم على التجارة‪.‬‬
‫وقال أن االختالف بين المجتمعين يكمن في أن أحدهما يتسم بالطابع العائلي‪،‬‬
‫أي المجتمع الريفي‪ ،‬بينما اآلخر يتس م بالط ابع الرس مي والعقائ دي وه و المجتم ع‬
‫الحضري‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫لق د تلقى نم وذج الثنائي ات انتق ادات من ط رف دارس ي علم االجتم اع‬
‫الحضري‪ ،‬أهمها أن هذا النم وذج ال يمث ل س وى وس يلة مبدئي ة يص عب االعتم اد‬
‫عليها بصفة كلية في التمييز بين الري ف والحض ر‪ .‬ألن ه ذا الم دخل يغف ل ع امال‬
‫هاما في تشكيل هذه المجتمعات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدخل استخدام المحك الواحد‪:‬‬
‫يعتم د ه ذا الم دخل على المعي ار الواح د في التمي يز بين المجتم ع ال ريفي‬
‫والمجتمع الحضري‪ ،‬وأب رز ذل ك ينحص ر في الحجم الس كاني‪ ،‬ومن ثم ينظ ر إلى‬
‫التحضر على أن مصدر هو التركيز السكاني‪.‬‬
‫االنتقاد‪:‬‬
‫لم يسلم أيضا هذا النموذج من االنتقادات‪ ،‬ألن أصحاب هذا المح ك كث ير م ا‬
‫نوا يستعينون بعوامل أخ رى للتمي يز بين المجتمعين ‪ ،‬ألن مقي اس الكم غ ير ك اف‬
‫خاصة بالنسبة للمجتمعات التي تتواجد فيها فئات سكانية عالية ق د تتج اوز ‪ 5‬آالف‬
‫إلى ‪ 10‬آالف نسمة‪.‬‬
‫حيث أن القرية بهذا الحجم في افريقيا مثال تختلف اختالفا بينا عن القرية في‬
‫أوروبا وأمريكا بالرغم من الحجم الواحد لكليهما‪ .‬ومن ثم فإن التمرك ز الس كاني ال‬
‫يص لح للتمي يز بين الري ف والحض ر وإال لك انت م دن الع الم الث الث أك ثر مدني ة‬
‫وتحضرا مثال على ذلك مدينة القاهرة(مصر)‪( .‬رشيد زوزو‪، 2008 ،‬ص ‪)55‬‬
 ‫ثالثا‪ :‬استخدام المحكات المتعددة في التمييز بين الريف والحضر‪:‬‬
‫يأخ ذ به ذا المعي ار العلم اء ل ويس وارث وريم ون ف يرث وزيمرم ان‬
‫وسوروكين‪ ،‬ولعل أبرزهم العالم ريد فيلد الذي وضع تصنيفات للتمييز بين الري ف‬
‫والحضر‪ ،‬تتمثل في مجموعة العوامل أهمها‪:‬‬
‫‪-‬حجم سكان المجتمع المحلي‪.‬‬
‫‪-‬الكثافة السكانية‪.‬‬
‫‪-‬تقسيم العمل‬
‫‪-‬التدرج الطبقي والتمايز االجتماعي‪.‬‬
‫‪-‬االنتقال المكاني‪.‬‬
‫‪-‬البيئة‪.‬‬
‫‪-‬نظم العالقات والتفاعل االجتماعي‪.‬‬
‫واعتبر المعيار األساس ي للتمي يز بين المجتمعين ه و الزراع ة وم ا يحي ط به ا أي‬
‫االنت اج ال زراعي‪ ،‬والنب اتي والحي واني‪ ،‬وجم ع الثم ار وال رعي وحف ر األرض‪.‬‬
‫(السيد رشاد غنيم‪ ،2008 ،‬ص‪)62‬‬
‫رابعا‪ :‬المتصل الريفي الحضري‪:‬‬
‫تستند هذه الفكرة من الناحية النظرية إلى افتراضيين أساسيين هما‪:‬‬
‫األول‪ :‬ه و أن المجتمع ات المحلي ة تت درج بش كل مس تمر ومنتظم من الريفي ة إلى‬
‫الحضرية‪ ،‬وفقا لعدد من الخصائص أهمها‪:‬‬
‫‪-1‬ازدياد حجم المجتمع بشريا وعمرانيا‪.‬‬
‫‪-2‬أن هذا التدرج يصاحبه بالضرورة اختالفات في أنماط السلوك والتصرف‪.‬‬
 ‫‪-‬صعوبات في دراسة المجتمع الريفي‪:‬‬
‫من خالل األبح اث والدراس ات له ذا المجتم ع ب رزت ع دة ص عوبات ل دى‬
‫الباحثين‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪-1‬صعوبة تعميم بعض المفاهيم المرتبطة ب المجتمع ال ريفي على ك ل المجتمع ات‪،‬‬
‫مثل بدوي‪ ،‬قروي‪ ،‬ريفي‪ .‬ويرجع هذا الختالف مق اييس تعري ف المجتم ع ال ريفي‬
‫من بل د إلى آخ ر حس ب ظ روف تكونه ا وتش كلها الت اريخي(المجتم ع األوروبي‪،‬‬
‫المجتمع العربي‪ ،‬العالم النامي‪)...‬‬
‫‪-2‬عدم اتفاق العلماء على مناهج ومقاييس علمية موحدة لتعريف ودراسة المجتم ع‬
‫الريفيبين األوروبيين أنفسهم ما بالك بين الغرب والعالم اآلخر‪.‬‬
‫‪- 3‬النموذج الريفي مفهوم معقد يصعب إدراكه‪ ،‬رغمما يبدو عليه من بساطة‪ ،‬ولكن‬
‫في حقيقة األم ر ه و األك ثر تعقي دا من حيث بن اءه ووظيفت ه(مث ل تعقي د المجتم ع‬
‫البدائي في نظر ك‪.‬ليفي ستروس)‪.‬‬
‫‪-4‬المصالح المادية ال تحتل المكانة األولى في المجتمع ات الريفي ة‪ ،‬ولكنه ا ليس ت‬
‫معدومة‪ ،‬بل توضع في المرتبة الثانية بع د نم ط وس لوك اإلنس ان ال ريفي‪ ،‬وكيفي ة‬
‫تشكيل معتقداته وتصوراته وتعامالته م ع اآلخ ر‪ .‬وهي عب ارة عن خباي ا وأس رار‬
‫تزيد من تعقيد الدراسة‪(.‬نموذج التبادل االقتص ادي مب ني على المكان ة االجتماعي ة‬
‫ال تي يحققه ا األف راد من اله دايا والعط اءات ال تي يق دمونها في المناس بات‪ ،‬مث ل‬
‫ظاهرة البوتالتش‪.‬‬
‫‪-5‬صعوبة تخلص الفرد الريفي من تمثالته ومخياله البيئي(البادية‪-‬الري ف) بمج رد‬
‫تغيير المكان أو الهجرة إلى منطقة حضرية‪ .‬عن دما يه اجر ليعيش ب اقي حيات ه في‬
‫المدينة ال يتغير في سلوكه وطبائع ه‪ ،‬يبقى ب دوي‪/‬ريفي مهم ا لبس لب اس الحداث ة‪،‬‬
‫مثل المهاجرين الجزائريين في فرنس ا حاف ظ الكث ير منهم على ريفيت ه‪ ،‬وق د ظل وا‬
‫أوفياء للكلمات والطق وس ال تي تعلموه ا في ص غرهم ومتمس كين به ا ب الرغم من‬
‫مرور سنوات على هجرتهم للبلدان المتقدمة‪.‬‬