Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 26

‫ﻣوﻗﻊ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻐرﺑﯾﺔ‬ www.elkanounia.

com ‫ﻟﻠﻣزﯾد ﻣن اﻟﻌروض زوروا‬


www.elkanounia.com

fb.com/Elkanounia.Ma twitter.com/ElkanouniaMa
‫جامعة الحسن الثاني – الدار البيضاء‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫‪ -‬المحمدية‪-‬‬

‫ماستر قانون األعمال‬


‫عرض في مادة المنازعات الضريبية‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫بعنوان‬

‫اإلكراه البدني في إطار تحصيل الديون العمومية‬

‫إشراف الدكتور‪:‬‬
‫محمد فتوح‬
‫إعداد الطلبة ‪:‬‬
‫هدى نومي‬
‫أميمه مشماشي‬
‫فدوى ابويكير‬
‫أيوب شقرون‬

‫السنة الجامعية‪2019-2018:‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫تكتسي األحكام القضائية أهمية بالغة لما لها من دور في حل النزاعات ‪ ،‬فيجب تطبيقها و تنفيذ‬
‫ما تقضي به هيئة الحكم ‪ ،‬فال فائدة من أحكام ال تنزل مقتضياتها إلى الواقع ‪ ،‬ذلك أن مرحلة‬
‫التنفيذ هي مبتغی و هدف كل متقاضي ‪ ،‬رغم أن األصل في األحكام هي أن يعمد المدين طوعا‬
‫واختيارا إلى تنفيذ التزامه ‪ ،‬بحيث تعتبر هذه هي الصورة المثلى لتنفيذ االلتزامات ‪ ،‬وفي أحيان‬
‫أخرى ال يعمل المدين على تنفيذ التزامه طوعا‪ ،‬و ال يبقى للدائن إال اللجوء إلى وسائل التنفيذ‬
‫الجبري‪ ،‬عندما يكون بيد المدين سند تنفيذي يمكنه من حفظ حقه واستخالص دينه ‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق إتباع اإلجراءات القانونية تحت إشراف ورقابة السلطة القضائية‪.‬‬
‫هكذا أو جد المشرع جملة من الوسائل القانونية القتضاء الحقوق بصفة جبرية منها اللجوء إلى‬
‫حجز أموال المدين أو اللجوء إلى اإلكراه البدني مرورا بمجموعة من الوسائل األخرى للتنفيذ ‪،‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫و لعل ما يهمنا هنا هو اإلكراه البدني باعتباره موضوع دراستنا هذه‪.‬‬


‫هذا األخير جذوره قديمة ترجع إلى العهد الروماني بحيث كان تطبيقه يتميز بكثير من‬
‫القسوة واإلذالل‪ ،‬و كانت تعطى للدائن سلطة مطلقة تسمح له بهدر كرامة مدينة واستنزاف دمه‪،‬‬
‫بل كان للدائن الحق في امتالك شخص المدين وبيعه‪ ،‬أو قتله وتمزيقه أشالء بمقدار الدين تطبيقا‬
‫للقاعدة القائلة بأن من لم يستطع األداء من ماله يؤدي من جلده ‪.‬‬
‫وقد ساهمت التطورات االقتصادية وتأثير الدين المسيحي على القانون الروماني في التخفيف‬
‫من قسوة تطبيق اإلكراه البدني بهذه الصورة‪ ،‬حيث تقرر للدائن الحق في طلب وضع مدينه في‬
‫السجن عند عدم وفائه بدينه شريطة أن يقدم نفقات حبسه مهما طال أمد الحبس ‪.‬‬
‫وإذا كان اإلكراه البدني يجد أصله في القانون الروماني‪ ،‬فإن الشريعة اإلسالمية كانت من‬
‫السباقين إلى إعطاء صفة اإللزام لألحكام القضائية من خالل جعل تنفيذها مقترنا باإللزام والقوة‬
‫والطاعة والتسليم‪ ،‬ومن ثم فقد أقر الفقه اإلسالمي مبدأ حبس المدين الممتنع عن الوفاء بديونه‬
‫رغم قدرته ويسره ‪.‬‬
‫وقد نظم الفقه اإلسالمي هذه الوسيلة تنظيما محكما‪ ،‬حيث تمت الموازنة بين مصالح الطرفين‬
‫من خالل مراعاة تكريم اإلنسان وتحريم كل ما يمس كرامته‪ ،‬وفي نفس الوقت االعتناء بالتعامل‬
‫في المال سواء كان هذا التعامل تجارة أو دينا وبعد ذلك انتقل مبدأ تطبيق اإلكراه البدني إلى جل‬
‫التشريعات الوضعية الحديثة‪ ،‬ونصت عليه إلجبار المدين على الوفاء بديونه‪ ،‬غير أن بعض‬
‫التشريعات تراجعت عن تطبيق هذا النظام رغم فعاليته‪ ،‬وذلك لما له من مساس بحرية المدين ‪.‬‬
‫أما على مستوى التشريع المغربي فقد نظم اإلكراه البدني في عدة نصوص أهمها قانون‬
‫المسطرة الجنائية في المواد من ‪ 633‬إلى ‪ ،647‬ومدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة من‬
‫المواد ‪ 262‬مكرر إلى ‪ 265‬ومدونة تحصيل الديون العمومية من المواد ‪ 76‬إلى ‪ ،83‬إضافة‬
‫إلى ظهير ‪ 20‬فبراير ‪ 1961‬المتعلق باإلكراه البدني في المواد المدنية ‪.‬أما مسودة مشروع‬
‫قانون المسطرة الجنائية فإنه أكد على استمرارية نظام اإلكراه البدني وإن لم يكن جاء‬
‫بمقتضيات مختلفة عما عليه األمر في القانون الحالي ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫غير أن تبني المشرع المغربي لمسطرة اإلكراه البدني في مجال الديون الضريبية يبقى‬
‫من اخطر إجراءات التحصيل الجبري التي تطبقها الخزينة العامة و المصلحة المكلفة بتحصيل‬
‫الديون الضريبية نظرا لما ينتج عنها من مساس بحرية المدين ‪.‬‬
‫يبرر المشرع المغربي إبقاءه على إجراء اإلكراه البدني بأنه ال يطبق على اعتباره عقوبة‬
‫زجرية يقصد منها إيالم الملزم‪ ،‬بل كوسيلة ضغط الغاية منها دفع الملزم المدين إلى إظهار‬
‫أمواله و تبرئة ذمته مما عليه من ديون ضريبية‪ ،‬و يعزز موقفه بأن المكره بدنيا يملك إمكانية‬
‫وقف اعتقاله فور أدائه لما عليه من ديون‪.‬‬
‫و كذلك برر المشرع المغربي موقفه انطالقا من اعتبار أن الضريبة رمز من رموز سيادة‬
‫الدولة‪ ،‬وال يمكن الحفاظ عليها في غياب عنصر الزجر الذي يضمن خضوع جميع المواطنين و‬
‫تأديتهم لواجبهم الضريبي ‪.‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫غير انه فات المشرع المغربي أن حبس الملزم من اجل ديونه الضريبية يشكل امتدادا لما‬
‫عرف في العهود القديمة من اعتبار الشخص المدين ضمانا عاما لديونه‪ ،‬و هو مبدأ أصبح‬
‫متجاوزا حيث استبدل بالقاعدة الحديثة التي تعتبر أن أموال المدين وحدها التي تشكل ضمانا‬
‫عاما لديونه ‪.‬‬
‫تظهر أهمية موضوع اإلكراه البدني من خالل ارتباطه بمسألة تنفيذ األحكام وما تثيره من‬
‫إشكاالت على المستوى العملي‪ ،‬إذ ال قيمة لحكم بدون تنفيذه‪ ،‬وبالتالي فإن اإلكراه البدني‬
‫باعتباره وسيلة استثنائية لإلجبار على التنفيذ ألنه يمس شخص المنفذ عليه‪ ،‬له أحكام خاصة‬
‫ومتميزة وجديرة بالدراسة والتحليل ‪.‬‬
‫و بالتالي لدراسة هذا الموضوع نطرح اإلشكالة لتالية هل استطاع المشرع المغربي‬
‫أن يحقق حدا أدنى من التوازن بين مصالح أطراف الخصومة القضائية في مجال‬
‫التحصيل الجبري للديون العمومية؟‬
‫سوف نعمل على اإلجابة على هذه اإلشكالية من خالل التقسيم التالي ‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬األحكام العامة اإلكراه البدني في الديون العمومية‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬اإلشكاالت التي يعرفها اإلكراه البدني في الديون العمومية‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬األحكام العامة لمسطرة اإلكراه البدني‬
‫يعبر عن التحصيل بعبارات متعددة كاالستيفاء و األداء و االستخالص و هي كلها‬
‫عمليات ترمي لنقل أموال من المنتج الجبائي إلى صندوق اإلدارة الجبائية ‪ ،‬و يتم‬
‫ذلك بواسطة القابض أو الشخص المكلف بالتحصيل الذي قد يلجأ أحيانا لإلكراه من‬
‫خالل تحريك و مباشرة مختلف إجراءات التحصيل الجبري الذي سمح بها القانون‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫إلجبار الملزم على تنفيذ ما يقع على عاتقه ‪ .‬هكذا سنتطرق في المطلب األول (‬
‫لماهية اإلكراه البدني ) و في المطلب الثاني ( لتنفيذ اإلكراه البدني ) ‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬ماهية اإلكراه البدني‬
‫إن اإلكراه البدني وسيلة من الوسائل الفعالة التي يلتجأ إليها المحاسب من أجل‬
‫تحصيل ديون الخزينة ‪ ،‬و ذلك في الحاالت التي يمتنع المدين عن أداء ما بذمته من‬
‫ديون ‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم اإلكراه البدني‬
‫كرس المشرع المغربي من خالل مدونة تحصيل الديون العمومية مبدأ اللجوء إلى‬
‫اإلكراه البدني لحمل المدين على الوفاء بما هو ملزم به ‪ ،‬فبصدور هذه المدونة‬
‫نظمت الفصول من ‪ 76‬إلى ‪ 83‬مسطرة اإلكراه البدني كوسيلة لتحصيل الديون‬
‫العمومية ‪ ،‬من خالل الفرع السادس المعنون " باإلكراه البدني " ‪.‬‬
‫و يمكن تعريف اإلكرا ه البدني أنه وسيلة ضغط تمارس على الملزمين السيئين‬
‫النية و المليئين الذمة و المتملصين من أداء ديونهم إلجبارهم على تسديدها طالما‬
‫كانت واجبة عليهم‪.‬‬
‫و إذا كان من المؤمل أن يتم أداء الديون العمومية اختيارا من جانب المدين ‪ ،‬و‬
‫ذلك بقيام المدين بأداء ديونه للخزينة ‪ ،‬عن طواعية و اختيار ‪ ،‬إال أنه في بعض‬
‫الحاالت يصبح التنفيذ الجبري للديون العمومية ضروريا ‪ ،‬و ذلك حينما يمتنع المدين‬

‫‪4‬‬
‫عن أداء ما بذمته من ديون ‪ ،‬إذ يجب على المحاسب المكلف بالتحصيل أن يبحث عن‬
‫وسيلة فعالة لتحصيل هذه الديون و هي اإلكراه البدني ‪.‬‬
‫و عل ى الرغم من أن اإلكراه البدني يمس بحرية الفرد ‪ ،‬التي هي حق من الحقوق‬
‫األساسية لإلنسان فإن مدونة تحصيل الديون العمومية قد اعتبرت مسطرة اإلكراه‬
‫البدني آخر إجراء من إجراءات التحصيل الجبري المنصوص عليها في المادة ‪391‬‬
‫منها ‪ ،‬التي تخول للقابض حق متابعة المدين في شخصه و حريته من أجل‬
‫استخالص الديون العمومية و ذلك بعد استنفاذ باقي اإلجراءات المنصوص عليها في‬
‫نفس المادة و المتمثلة في تبليغ اإلنذار و الحجز و بيع أموال المدين المتأخر في‬
‫األداء‪ . 2‬و هذا ما جاء في المادة ‪ " : 76‬إذا لم تؤد طرق التنفيذ على أموال المدين‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫إلى نتيجة ‪ ،‬يمكن أن يتابع التحصيل الجبري للضرائب و الرسوم و الديون العمومية‬
‫األخرى بواسطة اإلكراه البدني "‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مدة اإلكراه البدني‬
‫تحدد مدد اإلكراه البدني طبقا للمادة ‪ 79‬من مدونة تحصيل الديون العمومية كالتالي ‪:‬‬
‫‪-‬من خمسة عشر يوما (‪ )15‬إلى واحد وعشرين يوما (‪ )21‬بالنسبة للديون‬
‫التي يعادل أو يفوق مبلغها ثمانية آالف درهم (‪ )8.000‬ويقل عن‬
‫عشرين ألف درهم (‪)20.000‬‬
‫‪-‬من شهر إلى شهرين (‪ )2‬بالنسبة للديون التي يعادل أو يفوق مبلغها عشرين‬
‫ألف درهم (‪ )20.000‬ويقل عن خمسين ألف درهم (‪ )50.000‬؛‬
‫‪-‬من ثالثة أشهر (‪ )3‬إلى خمسة أشهر (‪ ) 5‬بالنسبة للديون التي يعادل أو‬
‫يفوق مبلغها خمسين ألف درهم (‪ )50.000‬ويقل عن مائتي ألف درهم‬
‫(‪ )200.000‬؛‬
‫‪-‬من ستة أشهر (‪ )6‬إلى تسعة أشهر(‪ )9‬بالنسبة للديون التي يعادل أو يفوق‬
‫مبلغها مائتي ألف درهم (‪ )200.000‬ويقل عن مليون درهم‬
‫(‪ )1.000.000‬؛‬

‫‪ 1‬ـ تباشر إجرا ءات التحصيل الجبري للديون العمومية حسب الترتيب التالي ‪ :‬اإلنذار ‪ ،‬الحجز ‪ ،‬البيع المادة ‪ 39‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫‪":‬‬
‫‪ 2‬ـ كريم لحرش ‪ ،‬الشرح العملي لمدونة تحصيل الديون العمومية ( فقها ‪ ،‬قانونا و قضاءا ) ‪ ،‬سلسلة العمل التشريعي و االجتهاد القضائي ‪ ،‬العدد ‪5‬‬
‫‪ 2015 ،‬ص ‪127‬‬

‫‪5‬‬
‫‪-‬من عشر أشهر (‪ )10‬إلى خمسة عشر شهرا (‪ )15‬بالنسبة للديون التي‬
‫يعادل أو يفوق مبلغها مليون درهم (‪)1.000.000‬‬
‫وفقا لما هو مبين في نص المادة أعاله و مراعاة من المشرع للتحوالت‬
‫االقتصادية و االجتماعية رفع من قيمة المبالغ إلى حدود ‪ 8000‬درهم عند تحديد مدة‬
‫اإلكراه البدني ‪ ،‬باعتبارها قيمة مضافة و خطوة إيجابية في صالح المدنين من جهة ‪،‬‬
‫و إجراء قانوني ذو أبعاد اجتماعية واضحة ‪ ،‬يجب اإلشارة إليه و التنويه بمقتضياته‬
‫لما يتضمن من إيجابية بالنسبة للمدينين ذوي الدخل البسيط أو المنخفض و ذلك أن‬
‫كل المدينين الذين تقل ديونهم عن ‪ 8000‬درهم ‪ ،‬ال يجوز اللجوء ضدهم إلى مسطرة‬
‫اإلكراه البدني من جهة أخرى ‪.‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬شروط تطبيق مسطرة اإلكراه البدني‬


‫إذا كان اللجوء إلى اإلكراه البدني في تحصيل الديون العمومية ضمانا لحقوق‬
‫الخزينة يمس حرية المدين و حقه في الحرية الشخصية ‪ ،‬فإن المشرع المغربي قد حد‬
‫من ممارسة هذا اإلجراء بمجموعة من الضوابط و الشروط تحد من إستعمالها و التي‬
‫نجد على رأسها أنه ال يمكن للقابض المكلف بالتحصيل أن يباشر مسطرة اإلكراه‬
‫البدني ‪ ،‬إال بعد أن يتأكد من أن طرق التنفيذ على أموال المدين لم تؤدي أي نتيجة ‪.‬‬
‫ذلك أن اإلجراء أن يتم مع مراعاة أحكام المادتين ‪ 773‬و ‪: 784‬‬
‫المدنين الذين لم يثبت عسرهم وفق الشروط المحددة في المادة ‪ 575‬من‬
‫المدونة ‪ ،‬ما عدا المدنين المعروفين بيسريهم أو بقدرتهم على الوفاء و الذين‬
‫لم يفض الحجز الذي أجري عليهم إلى نتيجة ‪ ،‬أو ثبت عسرهم بمحضرهم‬

‫ـ ال يمكن اللجوء إلى اإلكراه البدني في ما يخص تحصيل الضرائب والرسوم والديون العمومية األخرى في الحاالت اآلتية ‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫·إذا كان مجموع المبالغ المستحقة يقل عن ثمانية آالف درهم (‪ )8.000‬؛‬
‫·إذا كان سن المدين يقل عن ‪ 20‬سنة أو بلغ ‪ 60‬سنة فما فوق ؛‬
‫·إذا ثبت عسر المدين طبقا للشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 57‬أعاله ؛‬
‫·إذا كان المدين امرأة حامال ؛‬
‫·إذا كان المدين مرضعة‪ ،‬وذلك في حدود سنتين ابتداء من تاريخ الوالدة‬

‫ـ ال يمكن اللجوء إلى اإلكراه البدني ضد الزوج وزوجته في آن واحد ولو من أجل ديون مختلفة ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫ـ يثبت عسر المدينين ‪:‬‬ ‫‪5‬‬

‫·إما بمحضر عدم وجود ما يحجز كما نصت عليه المادة ‪ 56‬أعاله بالنسبة للمدينين المعروفين بقدرتهم على الوفاء والذين لم يفض الحجز الذي‬
‫أجري عليهم إلى أي نتيجة ؛‬
‫·وإما بشهادة ا لعوز المسلمة من طرف السلطة اإلدارية المحلية بالنسبة للمدينين المعروفين بعسرهم‬

‫‪6‬‬
‫عدم وجود ما ي حجز و المدينين المعروفين بعسرهم و يؤكدون ذلك بشهادة‬
‫العوز و المسلمة من طرف السلطة اإلدارية المحلية ‪.‬‬
‫المدينين الذين افتعلوا عسرهم أو عرقلوا إجراءات التحصيل وفقا للمادة ‪84‬‬
‫من مدونة تحصيل الديون العمومية‪. 6‬‬
‫و يجعل التطبيق العملي للمقتضيات السالفة الذكر ‪ ،‬أن من شأنه حصر تطبيق‬
‫اإلكراه البدني على الفئة الثانية ‪ ،‬أي على المفتعلين للعسر ‪ ،‬ذلك أن ما دام أن‬
‫اإلكراه البدني ال يتم تنفيذه إال إذا لم تؤد مسطرة التنفيذ على أموال المدين إلى‬
‫نتيجة أي عدم إمكانية الحجز على أموال المدين إلى نتيجة أي عدم إمكانية‬
‫الحجز على أمواله ‪ ،‬و بالتالي نكون أمام حالتين ‪:‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫إما مدين معروف بيسره بحيث يتم إنجاز محضر عدم وجود ما يحجز‪.‬‬
‫و إما مدين معروف بعسره يكفيه الحصول على شهادة العوز مسلمة من‬
‫السلطة اإلدارية المحلية‪.‬‬
‫لم يجعل المشرع المغربي من تطبيق مسطرة اإلكراه البدني التي يلتجأ إليها‬
‫المحاسب من أجل تحصيل ديون الخزينة في حق الملزم الذي لم يؤد ما بذمته من‬
‫ديون عمومية حقا مطلقا ‪ ،‬بل أدخلت عليها المادة ‪ 77‬خمسة قيود التي تتعلق بعدة‬
‫حاالت إما بمبلغ الديون المستحقة أو بسن المدين أو ثبوت حالة عسره أو في حالة‬
‫المرأة المرضعة أو لقيام رابطة الزواج ‪ ،‬حيث ان المشرع قام باستثناء هذه الحاالت‬
‫من المسطرة نظرا لظروفهم االجتماعية و االقتصادية‪. 7‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اإلجراءات المسطرية لتطبيق اإلكراه البدني‪.‬‬
‫باعتبار اإلكراه البدني من الوسائل التهديدية الرامية إلى حمل المدين على الوفاء‬
‫بالتزاماته ‪،‬فقد حددت مدونة تحصيل الديون العمومية االشخاص الخاضعين لهذا‬
‫اإلجراء في المادة ‪ ، 76‬و أجازت تطبيقه ضد المدينين الذين لم يثبتوا غيرهم‪ ،‬أو‬
‫الذين قاموا يافتعاله أو تدبيره لغرض عرقلة تحصيل الديون الضريبية ‪.‬‬
‫و قد تولت مدونة التحصيل بيان كيفية اللجوء إلى اإلكراه البدني (الفقرة األولى) ‪،‬‬
‫كما تناولت اآلثار المترتبة عليه (الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ يعتبر مفتعلين لعسرهم أو معرقلين لتحصيل الديون العمومية‪ ،‬المدينون الذين بعد توصلهم بإعالم ضريبي قاموا بأعمال ترتب عنها تبديد األموال‬
‫التي تكون ضمان الخزينة بهدف عدم إخضاعها إلجراءات التحصيل أو الحيلولة دون القيام بهذه اإلجراءات‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ كريم لحرش ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪128‬‬

‫‪7‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات استعمال اإلكراه البدني‬
‫على الرغم من أن المقتضيات العامة لتطبيق مسطرة اإلكراه البدني هي منظمة من‬
‫المواد ‪ 633‬الى ‪ 647‬من قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬ويندرج تحت حكمها كل‬
‫النوازل التي تحتاج إلى استعمال اإلكراه البدني ‪ ،‬كالغرامات الجنائية و المدنية و‬
‫اإلدارية ‪ ،‬و كذا المصاريف القضائية و رد ديون الدولة ‪ ،‬فإن قانون ‪ 97-15‬المتعلق‬
‫بمدونة تحصيل الديون العمومية نظم هو اآلخر إجراءات تحريك مسطرة اإلكراه‬
‫البدني بسبب عدم الوفاء بالضريبة ‪.8‬‬
‫يستعمل اإلكراه البدني بماذا على طلب يوجهه المحاسب المكلف بالتحصيل‪ ،‬و بعد‬
‫إذن مسبق من رئيس اإلدارة التابع لها سواء كان الخازن العام ‪ ،‬مديرية الضرائب ‪،‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫المدير العام للجمارك ‪ ،‬مدير المؤسسة العمومية ‪.‬‬


‫يحدد في الطلب إسم المدين ‪ ،‬أي الشخص الذي يلتمس المحاسب استعمال اإلكراه‬
‫البدني ضده ‪ ،‬و يوجه إلى المحكمة االبتدائية من طرف المحاسب المكلف بالتحصيل‬
‫‪ ،‬حامال توقيع رئيس اإلدارة الذي ينتمي لها المحاسب المكلف بالتحصيل أو الشخص‬
‫الذي يفوضه لهذا الغرض ‪.9‬‬
‫و يجب على قاضي المستعجالت هللا داخل أجل ال يتجاوز ثالثين يوما ‪ ،‬و يتم تطبيق‬
‫اإلكراه البدني فورا و يعمل وكيل الملك على تنفيذه بمجرد توصله به ‪ ،‬بعد أن‬
‫يتحقق من عدم وجود أي موانع تحول دون تطبيقه على تطبيقه على بعض األشخاص‬
‫المستثنون من نطاق تطبيقه العتبارات عائلية أو اجتماعية ارتأى المشروع مراعاتها‬
‫‪10‬‬
‫عند الحكم به ‪.‬‬
‫م ا يالحظ على مستوى هذه اإلجراءات هي أنها ال تكفل الحماية للملزم المدين ‪،‬‬
‫كونها ال تتضمن أي إخطار مسبق له على مستوى هذه المرحلة االستثنائية ‪ ،‬بل ال‬
‫ترقى بالمرة إلى الضمانات المقررة في المادة ‪ 644‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬

‫‪ 8‬ـ المادة ‪ 633‬من قانون المسطرة الجنائية‬


‫‪ 9‬ـ المادة ‪ 80‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫‪ 10‬ـ المواد ‪77‬و ‪ 78‬من قانون ‪95-17‬‬

‫‪8‬‬
‫إن أهمية هذا اإلخطار تتجسد من خالل إمكانية تحفيز الملزم ‪ ،‬ودفعه إلى أخذ األمور‬
‫بجدية أكثر خاصة و أنه مهدد في حريته ‪ ،‬مما يستلزم إشعاره مع إمهاله لبضعة أيام‬
‫‪11‬‬
‫ليتدبر أمره بأداء و لو نصف الدين و اجتناب خطر االعتقال ‪.‬‬
‫على الرغم من إعادة تنظيم المشرع المغربي لهاته المسطرة ‪ ،‬فإن أهميتها من الناحية‬
‫العملية تكاد تكون منعدمة ‪ ،‬بالنظر إلى اإلمكانية المتاحة للملزمين الذين قد يتبث في‬
‫حقهم افتعال العسر إليقاف تنفيذ اإلكراه البدني عليهم ‪ 12،‬إذا ما أدلوا بشهادة إدارية‬
‫مسلمة من الوالي أو العامل أو من ينوب عنه ‪ ،‬يشهد فيها على وضعية العسر التي‬
‫بتواجد فيها الملزم ‪ ، 13‬شريطة إرفاقها مع شهادة تثبت عدم توفره على أي دخل‬
‫مسلمة من مصالح الوعاء الضريبي ‪.‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار الحكم باإلكراه البدني‬


‫كما سبق و أن أشرنا ‪ ،‬فإن اإلكراه البدني يعتبر مجرد وسيلة لجبر المدين على الوفاء‬
‫بما في ذمته فهو ليس غاية في حد ذاته ‪ .‬و من هنا يختلف عن العقوبات الحبسية‬
‫األخرى‪ ،‬إذ ليس له نفس أثر الجنح و الجنايات و ال تأثير له على السجل العدلي‬
‫للمكره‪.‬‬
‫و بالنتيجة فهو ال يقوم مقام الوفاء ‪ ،‬و ال يسقط الدين المطالب به ‪ ،‬و ذلك عكس ما‬
‫يعتقد الكثيرون و قد حرص المشرع على تأكيد هذه المالحظة ؛ كما أكد أنه ال يمكن‬
‫‪14‬‬
‫إكراه المدين أكثر من مرة لنفس الدين‪.‬‬
‫يترتب عن تقديم طلب تطبيق اإلكراه البدني إصدار قرار يتضمن بدقة مدة الحبس ‪،‬‬
‫و قد نصت المادة ‪ 638‬من ق‪.‬م‪.‬ج مدد اإلكراه الواجبة التطبيق ما لم توجد نصوص‬
‫خاصة تقضي بخالف ذلك ‪،‬كما هو الحال بالنسبة لمدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫التي تضمنت مددا خاصة تطبق بالنسبة اإلكراه البدني في الديون العمومية ‪.15‬‬
‫تجدر اإلشارة في هذا الصدد أن الحكم باإلكراه البدني ‪،‬ال يمنع من اإلفراج على‬
‫المدين المعتقل بأمر من وكيل الملك بعد إدالئه ما يفيد األداء الكلي أو الجزئي للدين‬

‫‪ 11‬ـ محمد السماحي ‪،‬م س ص ‪. 145‬‬


‫‪ 12‬ـ دزاكيس حمي د ‪:‬المنازعات الضريبة في مجال التحصيل ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ‪،‬كلبة العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية بالداربيضاء ‪ 1999- 1998‬ص ‪25‬‬
‫‪ 13‬ـ المادة ‪ 635‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪ 14‬ـ تحصيل الضرائب و الديون العمومية على ضوء المدونة الجديدة عبد الرحمن ابليال ‪ -‬رحيم الطور طبعة ‪ 2000‬مطبعة األمنية ص ‪56‬‬
‫‪ 15‬ـ المادة ‪ 79‬من مدونة التحصيل‬

‫‪9‬‬
‫الضريبي أو أ داء قسط يعادل على األقل نصف المبالغ الواجبة ‪ ،‬مع التعهد بأداء‬
‫الباقي داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر بناءا على طلب يقدم المحاسب المكلف‬
‫بالتحصيل مرفقا بالضمانات التي تعزز األداء طبقا للمادة ‪ 118‬من المدونة ‪.‬‬
‫إن إطالق سراح المدين موضوع اإلكراه البدني ال يعفيه من الدين ‪ ،‬بل يبقى‬
‫معرضا إلجراءات التنفيذ في حالة حصوله على مال معين ‪ ،‬و قد يعتقل من جديد‬
‫ألداء المبالغ المتبقية في ذمته ‪ ،‬فاالكراه مجرد وسيلة ضغط الغرض منها التأثير‬
‫‪16‬‬
‫على إرادة المدين و التضييقعليه بحبسه حتى يقوم بأداء ما هو عليه‬
‫و إذا كان المشرع قد تناول أثر األداء الجزئي على تطبيق اإلكراه البدني‪ ،‬فإنه مع‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫ذلك قد سكت بالنسبة إلمكانية تطبيق قواعد الضم و اإلدماج في حالة تعدد طلبات‬
‫اإلكراه البدني في نفس الشخص للمكره‪.‬‬
‫الراجح أنه اعتبارا لكون مقتضيات قانون المسطرة الجنائية من الشريعة العامة‬
‫فيما لم يرد فيه نص ‪ ،‬فإن ال مانع من تطبيق قواعد اإلدماج سواء كانت هذه الطلبات‬
‫في موضع تنفيذ أم ال ‪ ،‬فالمادة ‪ 647‬من ق‪.‬م‪.‬ج يمكن اعتبارها أساسا لحاالت تعدد‬
‫طلبات اإلكراه البدني في موضوع الديون العمومية ‪ ،‬على الرغم من أنها ال تعتبر‬
‫عقوبة بالمفهوم الجنائي ‪ ،‬و مع ذلك فال شيء يمنع من إعمال قواعد اإلدماج بشأنها‪.‬‬
‫‪17‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي تعرفها مسطرة اإلكراه البدني‬


‫يعرف اإلكراه البدني مجموعة من اإلشكاليات العملية و القانونية التي تمتد إلى‬
‫القضاء في بعض األحيان ‪ ،‬و هذا يخلق تضاربا في األحكام و القرارات القضائية ‪،‬‬
‫لذلك خصصنا هذا المبحث إلبراز أهم هذه اإلشكاليات‬

‫‪ 16‬ـ حسن الرميلي م‪.‬س ص ‪126‬‬


‫‪ 17‬ـ المادة ‪ 647‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إشكالية تنازع االختصاص إليقاف مسطرة اإلكراه البدني‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تنازع االختصاص بين المحاكم اإلدارية و اإلبتدائية حول إيقاف مسطرة اإلكراه البدني‪:‬‬
‫يرى محمد القصري ‪18‬بأن قاضي المستعجالت بالمحكمة اإلدارية هو المؤهل للبت‬
‫في طلبات إيقاف مسطرة اإلكراه البدني‪ ،‬استنادا إلى المادة ‪ 141‬من القانون‬
‫‪ 97.15‬التي تنص على أن تعرض جميع المنازعات التي تنشأ عن تطبيق القانون‬
‫المذكور على المحاكم اإلدارية الموجودة بالمكان الذي تستحق فيه الديون العمومية‪.‬‬
‫و ذلك مع مراعاة االستثناء المنصوص عليه في المادة ‪ 80‬من نفس القانون‪ ،‬و الذي‬
‫يمنح بموجبه االختصاص بتحديد مدة اإلكراه البدني لرئيس المحكمة االبتدائية‪ ،‬و‬
‫تبقى المحكمة اإلدارية صاحبة االختصاص بالنظر في المنازعات الناشئة التالية‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫‪19‬‬
‫لصدور األمر بتحديد مدة اإلكراه البدني سواء الموضوعية منها أو االستعجالية‪.‬‬
‫و قد أثير النقاش كذلك حول الجهة المختصة بإيقاف مسطرة اإلكراه البدني في الحالة‬
‫التي يكون فيها المدين معتقال‪ ،‬كما تضاربت مواقف المحاكم اإلدارية بهذا الخصوص‬
‫بين تأييد القضاء االستعجالي اإلداري و تأكيد اختصاص رئيس المحكمة اإلبتدائية بما‬
‫‪20‬‬
‫ذكر‪.‬‬
‫و إذا قلنا باختصاص لمحاكم اإلدارية في هذا الشأن استنادا إلى الفصل ‪ 141‬الذي‬
‫ينص على اختصاص المحاكم اإلدارية في جميع النزاعات التي تنشأ عن تطبيق هذا‬
‫القانون فهي ال تتوفر على نيابة عامة لرفع االعتقال عن المحبوس في إطار تنفيذ‬
‫اإلكراه البدني وأن المفوض المالي لهاته المحاكم ال يقوم بدور النيابة العامة و أن‬
‫األمر يتعلق بالحرية الشخصية المدين يزيد تعقيدا‪.‬‬
‫و أمام غياب نصوص قانونية واضحة تحدد الجهة المختصة بالبت في طلبات ايقاف‬
‫مسطره االكراه البدني والسيما في حاله وجود المدين رهن االعتقال فال شيء سيحد‬
‫م ن تنازع االختصاص بين المحاكم اإلدارية حول ايقاف تنفيذ هذه المسطرة‪ .‬لكن و‬
‫مع ذلك يمكن إيجاد حل لهذا التنازع من خالل التمعن في المقتضيات المتعلقة بمذكرة‬

‫‪1‬محمد القصري "المنازعات الجبائية المتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء اإلداري المغربي"ص‪.237-236‬‬
‫‪ 2‬سعيد العمري "إيقاف تنفيذ الديون العمومية أمام القضاء اإلداري االستعجالي" طبعة األولى ‪ 2013‬ص‪.98‬‬
‫‪ 3‬سعيد العمري ‪-‬مرجع سابق‪-‬ص ‪.99‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ 15.97‬و قانون المسطرة‬ ‫اإلكراه البدني‪ ،‬والمنصوص عليها في كل من القانون‬
‫الجنائية ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الحل المقترح لتنازع االختصاص بين المحاكم اإلدارية و االبتدائية حول إيقاف مسطرة اإلكراه البدني‪:‬‬
‫إن أصل هذا التنازع و االختالف في المواقف ناتج عن إحالة المشرع على قانون‬
‫المسطرة الجنائية فيما يتعلق بالمقتضيات القانونية المتعلقة بتطبيق اإلكراه البدني ‪ ،‬و‬
‫ذلك من خالل المادة ‪ 134‬من القانون ‪ 97.15‬التي نصت على‪ ":‬يبقى اإلكراه البدني‬
‫في ميدان تحصيل الغرامات واإلدانات النقدية خاضعا للفصول ‪ 675‬إلى ‪ 687‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية"‪ ،‬لكن يمكن رفع هذا اإلشكال إذا تمعنا في المقتضيات‬
‫القانونية المنظمة لمسطرة اإلكراه البدني‪ ،‬و التي نصت على تطبيق اإلكراه البدني‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫لتحصيل الضرائب و الرسوم و الديون العمومية األخرى في المواد من ‪ 76‬إلى ‪83‬‬


‫من القانون ‪ 97.15‬و لم يحل بشأنها المشرع على قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫حيث تنص المادة ‪ 76‬من القانون ‪ 97.15‬في فقرتها األولى‪:‬‬
‫"إذا لم تؤد طرق التنفيذ على أموال المدين إلى نتيجة‪ ،‬يمكن أن يتابع التحصيل‬
‫الجبري للضرائب والرسوم والديون العمومية األخرى بواسطة اإلكراه البدني‪".‬‬
‫المالحظ هو أن المشرع قد نظم كل أوجه هذه المسطرة و لم يحل بشأنها على المواد‬
‫من ‪ 633‬إلى ‪ 647‬من قانون المسطرة الجنائية المنظمة لمسطرة اإلكراه البدني‪ ،‬مما‬
‫ال يطرح أي إشكال حول الجهة المختصة بالنظر في النزاعات المرتبطة بتطبيق هذه‬
‫المسطرة‪ .‬السيما و أن المشرع قد حدد نطاق اختصاص رئيس المحكمة اإلبتدائية من‬
‫خالل المادة ‪ 80‬من القانون ‪ ،97.1521‬التي حصرت اختصاص رئيس المحكمة‬
‫اإلبتدائية في البت في طلب إجراء اإلكراه البدني و تحديد مدة الحبس‪ ،‬بينما يرجع‬
‫االختصاص المحكمة اإلدارية للنظر فيما عدا هذين االختصاصيين الذين استأثر بهما‬
‫رئيس المحكمة اإلبتدائية‪.‬‬

‫‪ 4‬تنص المادة ‪ ":80‬يتم اللجوء إلى اإلكراه البدني بناء على طلب يعين المدين إسميا‪ ،‬ويوجه هذا الطلب إلى المحكمة االبتدائية من طرف‬
‫المحاسب المكلف بالتحصيل بعد التأشير عليه من لدن رئيس اإلدارة التابع لها المحاسب المكلف بالتحصيل أو الشخص الذي يفوضه لذلك مع‬
‫مراعاة أحكام المادة ‪ 141‬أدناه‪.‬‬
‫يبت قاضي المستعجالت في الطلب المعروض عليه داخل أجل ال يتجاوز ثالثين يوما(‪ )30‬ويحدد مدة الحبس وذلك طبقا لألحكام الواردة في هذا‬
‫الفرع‪.‬‬
‫يتم تطبيق اإلكراه البدني فورا‪ ،‬ويعمل على تنفيذه بمجرد توصل وكيل الملك لدى المحكمة المختصة بالقرار المحدد لمدة الحبس‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫و خير دليل على اختصاص المحاكم اإلدارية فيما عدا تحديد مدة الحبس‪ ،‬ما جاء في‬
‫الفقرة األولى من المادة ‪ 80‬و التي أكد المشرع من خاللها على احترام اختصاص‬
‫المحاكم اإلدارية في هذا اإلطار‪ ،‬من خالل إدارته إلى ضرورة مراعاة أحكام المادة‬
‫‪ 141‬التي تسند االختصاص بالنظر في جميع النزاعات التي قد تنشأ عن تطبيق‬
‫مدونة التحصيل إلى المحاكم اإلدارية‪ ،‬بما فيها طبعا النزاعات الناشئة عن تطبيق‬
‫مسطرة اإلكراه البدني لتحصيل الديون العمومية‪.‬‬
‫و بناءا على ما ذكر‪ ،‬يبقى القضاء االستعجالي اإلداري هوالمختص بالبت في طلب‬
‫إيقاف مسطرة اإلكراه البدني سواء قبل االعتقال أو بعده‪ ،‬دون رئيس المحكمة‬
‫اإلبتدائية الذي حدد المشرع اختصاصه بصريح المادة ‪ 80‬السابق عرضها‪ ،‬و ال‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫مجال في هذا اإلطار االستدالل بما جاء في المادة ‪ 643‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬ألن المشرع لم‬
‫يشر إليها و لم يحل عليها‪.‬‬
‫و ال يمكن اعتبار عدم وجود نيابة عامة بالمحاكم اإلدارية يمكنها رفع االعتقال عن‬
‫المحبوس ‪ ،‬مانعا يحول دون اختصاص القضاء االستعجالي بهذه المحكمة بإيقاف‬
‫م سطرة اإلكراه البدني‪ ،‬و إنما يجب على وكيل الملك الذي يجري هذه المسطرة أمام‬
‫المحكمة االبتدائية المختصة أن ينفذ األمر الصادر عن قاضي المستعجالت بالمحكمة‬
‫اإلدارية‪ ،‬بأن يفرج عن المدين إلى غاية البت في منازعته في موضوع الدين‪ ،‬وذلك‬
‫ألن السبب االصلي في تحريك مسطرة اإلكراه البدني في مواجهة المدين هو الدين‬
‫العمومي المراد تحصيله‪ ،‬و الذي يختص القضاء اإلداري بالنظر في النزاعات‬
‫الناشئة عن تحصيله ‪.‬‬
‫ولذلك فإن اختصاص القضاء االستعجالي االداري بإيقاف مسطرة اإلكراه البدني ال‬
‫يطرح اي إشكال قانوني‪ ،‬بقدر ما يطرح أشكاال واقعيا يتمثل في ان المحاكم اإلدارية‬
‫غير المنتشرة عبر أقاليم المملكة على عكس المحاكم اإلبتدائية‪ ،‬مما سيجعل منح‬
‫االختصاص لرؤساء المحاكم اإلبتدائية ‪22‬بالبت في طلبات ايقاف مسطرة االكراه‬
‫البدني‪ ،‬أجدى و أنفع للمدين المواجه بمسطرة اإلكراه البدني‪ ،‬والذي قد يكون في حالة‬
‫اإلعتقال ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ محمد قصري "المنازعات الجبائية المتعلقة بربط و تحصيل الضريبة أمام القضاء اإلداري المغربي" ص ‪.244-245‬‬

‫‪13‬‬
‫و يمكن تصور حالة مدين تجري في مواجهته مسطرة اإلكراه البدني أمام المحكمة‬
‫اإلبتدائية بمدينة العيون‪ ،‬والذي يوجد في حالة اعتقال‪ ،‬فإذا قلنا باختصار القضاء‬
‫االستعجالي اإلداري بإيقاف مسطرة اإلكراه البدني‪ ،‬فإن على المدين المذكور أو‬
‫وكيله أن ينتقل إلى مدينة أكادير الستصدار أمر بإيقاف هذه المسطرة لدى رئيس‬
‫المحكمة اإلبتدائية‪ ،‬و إذا قلنا باختصاص رئيس المحكمة اإلبتدائية بإيقاف تنفيذ‬
‫اإلكراه البدني‪ ،‬فإن يكون المدين المذكور ملزما بتأكيد عناء التنقل مع وجود حالة‬
‫استعجال‪ ،‬الستصدار أمر استعجالي لدى رئيس المحكمة اإلدارية المذكورة‪ ،‬و يكفيه‬
‫في ذلك استصدار أمر من رئيس المحكمة اإلبتدائية الجارية أمامها مسطرة اإلكراه‬
‫‪23‬‬
‫البدني‪ ،‬يقضي بإيقاف التنفيذ‪.‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫وفي األخير يمكن الخروج بخالصة عامة مفادها أن القضاء االستعجالي االداري‬
‫يبقى صاحب االختصاص و المؤهل البت في طلبات إيقاف تنفيذ مسطرة اإلكراه‬
‫البدني في أية مرحلة كانت عليها‪ ،‬أي قبل اعتقال المدين أو بعد اعتقاله‪ ،‬و ذلك‬
‫استنادا إلى المادة ‪ 141‬من القانون ‪ 97.15‬التي تمنح االختصاص بالنظر في جميع‬
‫النزاعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون المحاكم اإلدارية‪ ،‬و استنادا إلى المواد ‪76‬‬
‫إلى ‪ 83‬من ن فس القانون التي حددت نطاق اختصاص رئيس المحكمة اإلبتدائية‪ ،‬و‬
‫لم تحل على مقتضيات ق‪.‬م‪.‬ج في هذا اإلطار‪.‬‬
‫و هذه النتيجة التي تم التوصل إليها مردها صراحة المقتضيات القانونية السابق‬
‫عرضها‪ ،‬و التي ال تدع أي مجال ألي تأويل أو تفسير آخر‪ .‬فمتى استثنينا اختصاص‬
‫رئيس ال محكمة اإلبتدائية بالنظر في طلب إجراء اإلكراه البدني و تحديد مدته‪ ،‬تبقى‬
‫جميع النزاعات و المسائل األخرى من اختصاص المحكمة اإلدارية ‪ ،‬بما في ذلك‬
‫اختصاص رئيسها بإيقاف تنفيذ مسطرة اإلكراه البدني‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬بعض اإلشكاالت األخرى لتطبيق اإلكراه البدني‬


‫يعرف موضوع اإلكراه البدني مجموعة من إشكاالت الواقعية التي تثار على مستوى‬
‫تطبيقه ‪ ،‬يتعلق األمر بإشكالية تعدد طلبات اإلكراه البدني بين قواعد الضم و اإلدماج‬
‫و إشكالية التعارض القائم بين الفصل ‪ 77‬و الفصل ‪ 134‬من القانون ‪ ، 97 .15‬و‬

‫‪ 6‬سعيد عمري‪-‬مرجع سابق ‪-‬ص ‪.101‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلشكالية المتعلقة بتطبيق مسطره اإلكراه البدني على مستوى المراكز الحدودية و‬
‫تنفيذ اإلكراه البدني في حق المحكوم عليه المعتقل أو المعتقل احتياطيا‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬تعدد طلبات اإلكراه البدني بين قواعد الضم و اإلدماج و إشكالية التعارض القائم بين الفصل ‪ 77‬و‬
‫الفصل ‪ 134‬من القانون ‪97 .15‬‬

‫أوال ‪ :‬تع دد طلبات اإلكراه البدني بين قواعد الضم و اإلدماج‬


‫بالنظر إلى تنوع و تعدد طبيعة الديون العمومية المستحقة لفائدة الخزينة العامة ‪،‬‬
‫تظهر هذه اإلشكالية و تصبح قائمة الوقوع ‪ ،‬لكن المشرع في قانون ‪ 97.15‬لم‬
‫يتطرق لهذا االحتمال عكس ما عليه األمر بالنسبة للديون الخصوصية‪.‬‬
‫و منه فالسؤال يطرح في حالة تعدد طلبات اإلكراه البدني ضد شخص ملزم ‪ ،‬فهل‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫تدمج مددها على غرار ما عليه األمر بالنسبة لإلكراه البدني في الديون الخصوصية‬
‫‪ ،‬أم أن الطبيعة الخاصة لهذه اآللية اإلذعانية في الديون العمومية تحتم قضاء المدد‬
‫المتعددة دون دمج أي باعتماد تقنية الضم ‪ ...‬؟‬
‫لإلجابة على هذه اإلشكالية ظهرت عدة اتجاهات متباينة ‪:‬‬
‫االتجاه األول ‪:‬‬
‫يرى عمومية اإلكراه البدني ال تمنع مطلقا من اعتماد تقنية قاعدة اإلدماج في أثناء‬
‫تعدد طلبات اإلكراه البدني في الديون العمومية ‪ ،‬يستند هذا التيار على مؤيد قانوني‬
‫يتمثل في غياب نص صريح في مدونة تحصيل الديون العمومية ‪ ،‬لذى فال مناص‬
‫من الرجوع إلى القواعد العامة المضمنة في قانون المسطرة الجنائية‪ 24‬الفصل ‪. 647‬‬
‫هذا باإلضافة إال مؤيد أخر موضوعي يتمثل في الحاجة إلى تعزيز آليات الحماية‬
‫القانونية لفائدة الملزم بأداء الدين العمومي و الحيلولة دون طول مدد اإلكراه البدني‬
‫في حالة ضمها إثر تعدد طلبات اإلكراه البدني بشأن الديون العمومية ‪.‬‬
‫االتجاه الثاني ‪:‬‬
‫يرى أن مضمون الفصل ‪ 687‬من ق‪ .‬م‪.‬ج ال يمكن أن ينصرف إلى ميدان تطبيق‬
‫اإلكراه البدني ف ي الديون العمومية في حالة تعدد الطلبات المقدمة ضد نفس الشخص‬
‫الملزم ‪ ،‬و حجته في ذلك تستمد مرجعيتها من المادة ‪ 30‬مكرر من الظهير المؤرخ‬
‫في ‪ 21‬غشت ‪ 1935‬كما غير في ‪ 6‬مارس ‪ 1961‬حيث إن اإلكراهات تخضع‬

‫‪ 24‬ـ أنظر کنمودج " خصوصية اإلكراه البدني في مدونة تحصيل الديون العمومية الجديدة "ذ‪ /‬محمد الهيني مجلة المحاكم المغربية عدد ‪ - 88‬ماي‬
‫‪-‬يونيو ‪ – 2001‬ص ‪65‬‬

‫‪15‬‬
‫لقواعد خاصة و يتحتم قضاؤها بكاملها‪ 25‬كما تجدد تبريرها في المنشور الصادر عن‬
‫السيد وزير العدل عدد ‪ 71‬بتاريخ ‪ 5‬فبراير ‪ 1969‬الذي جاء فيه ‪:‬‬
‫"‪ ....‬هذا و إن القاعدة التي يتضمنها الفصل ‪ 687‬يسري مفعولها على مجموع‬
‫اإلكراهات الناجمة عن مقررات صادرة في المواد الجنائية ( و إن كانت في تطبيق‬
‫تشريعات خاصة ) و حتى عند تنفيذ اإلكراه البدني في القضايا المدنية غير أنها ال‬
‫تستعمل في خصوص الضرائب المباشرة عمال بفحوى الفصل ‪ 60‬مكرر من الظهير‬
‫الشريف المؤرخ في ‪ 21‬غشت ‪ 1935‬كما غير في ‪ 6‬مارس سنة ‪ 1961‬حيت إن‬
‫اإلكراهات تخضع لقواعد خاصة و يتحتم قضاؤها بكاملها ‪.‬‬
‫و عليه فالمطلوب منكم السير بكل دقة على تطبيق تعليمات هذا المنشور مع إخباري‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫بتوصلكم و السالم ‪"...‬‬


‫غير أنه ما يثير االستغراب أن منشورا سابقا صادرا عن نفس وزارة العدل عدد ‪67‬‬
‫الديوان ‪ -‬بتاريخ ‪ 16‬أبريل ‪ 1959‬جعل قاعدة عدم ضم مدة اإلكراه البدني من‬
‫القواعد المشتركة بين اإلكراه البدني في الديون الخصوصية و نظيرتها العمومية ‪،‬‬
‫حيت جاء فيه ‪:‬‬
‫"‪ )3 ...‬قواعد مشتركة بين اإلكراه البدني المطلوب من طرف إدارة المالية و‬
‫المطلوب من طرف األفراد ‪ -‬قاعدة عدم ضم عقوبات اإلكراه البدني‪ .‬ينصص‬
‫الفصل ‪ 687‬على أنه إذا نفذ اإلكراه البدني في حق شخص ما لم يعد من الجائز أن‬
‫ينفد في حقه ثانية ال من أجل نفس الدين و ال من أجل عقوبات أخرى سابقة له ما لم‬
‫تكن هذه العقوبات تستلزم بسبب مبالغها مدة إكراه أطول من المدة التي تم تنفيذها‬
‫على المحكوم عليه ‪ ،‬و في هذه الحالة يتعين دائما إسقاط مدة االعتقال األول من‬
‫اإلكراه الجديد‪.‬‬
‫و معنى هذا النص بعبارة أخرى أن الشخص الذي نفد في حقه اإلكراه البدني ال يمكن‬
‫أن يعتقل من جديد إال بمقدار ما تكون العقوبة أو العقوبات السابقة للعقوبة التي نفد‬
‫من أجلها اإلكراه مستلزمه اإلكراه البدني لمدة أطول من التي نفدت ‪ ،‬و على شرط‬
‫أن تخفض المدة التي نفدت من المدة الجديدة‪" ...‬‬
‫و نحن بدورنا نذهب مع التيار األول في موقفه و نرى أن مصلحة الملزم هي األولى‬
‫بالحماية مادام ال يوجد نص صريح يدعوا إلى ضم هذه المدد‪.‬‬

‫‪ 25‬ـ إدريس بلمحجوب ‪ :‬قواعد تنفيد العقوبات الجزء األول ‪ -‬صفحة ‪ 252‬منشورات المعهد الوطني للدراسات القانونية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثانيا‪ :‬إشكالية التعارض القائم بين الفصل ‪ 77‬و الفصل ‪ 134‬من القانون ‪97 .15‬‬
‫إن مناط هذا اإلشكال يجد تبريره في التنصيص الوارد بالمادة ‪ 2‬من قانون ‪.15‬‬
‫‪ 97‬الذي أدرج الغرامات و اإلدانات النقدية ضمن الديون العمومية المؤهلة للتحصيل‬
‫‪ ...‬و بتمعن مقتضيات الفصل ‪ 77‬من ذات القانون ‪ ،‬نستنتج أن اإلكراه البدني في‬
‫الديون العمومية يحظر تطبيقه فيما يخص تحصيل الضرائب و الرسوم و الديون‬
‫العمومية ا ألخرى متى كان مجموع المبالغ المستحقة األداء لفائدة الخزينة العامة تقل‬
‫عن ثمانية أالف درهم ‪ ...‬و مما يساعد على تكريس معالم هذا التصور ‪ ،‬أسلوب‬
‫الصياغة التي استهل بها الفصل المذكور( الفصل ‪ 77‬من قانون ‪ ) 97 . 15‬التي تفيد‬
‫شمولها لجميع أنواع الديون العمومية المشار إلى طبيعتها بالمادة ‪ ،2‬ورغم االستثناء‬
‫المنصوص عليه في الفصل ‪ 134‬الذي يقتضي بخضوع اإلكراه البدني في ميدان‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫تحصيل الغرامات و األداءات النقدية للفصول ‪ 675‬إلى ‪ 687‬من قانون المسطرة‬


‫الجنائية ‪ ،‬و الذي يرى البعض أن مداه يسري على اإلجراءات المسطرية ليس إال و‬
‫ال ي هم مبالغ الديون العمومية التي تبقى موحدة على مستوى القواعد القانونية التي‬
‫تخضع لها رغم اختالف طبيعتها و مصدر نشأتها ‪ ...‬و إضافة إلى ما ذكر فإن‬
‫ديباجة المادة ‪ 162‬من قانون ‪ 97 .15‬تقضي بنسخ جميع األحكام المخالفة و ال سيما‬
‫األحكام الواردة تعدادها في صلبه ‪ ،‬و هو تعداد منصوص عليه على سبيل المثال ال‬
‫الحصر حسبما يستفاد من الصياغة الواردة به‪. 26‬‬
‫و من خالل ما سبق بيانه نالحظ وجود تعارض قانوني بل حتى واقعي بين الفصول‬
‫‪ 77‬و ‪ 134‬و ‪ 162‬من قانون مدونة التحصيل ‪ ،‬إذ يمنع الفصل ‪ 77‬اإلكراه البدني‬
‫في الضرائب و الرسوم و الديون العمومية األخرى التي تقل عن ‪ 8.000‬درهم و‬
‫حسب صياغة هذا الفصل تكون الغرامات كدين عمومي بمدلول الفصل ‪ 2‬التي تقل‬
‫في معظمها عن ثمانية أالف درهم غير مشمولة باإلكراه البدني‪.27‬‬
‫فقد ذهب جانب من الفقه‪ 28‬للقول على أن القراءة الجيدة لمقتضيات قانون المسطرة‬
‫الجنائية و مدون ة تحصيل الديون العمومية ستجعلنا نقف عن الحقيقة المستخلصة من‬
‫التحليل أعاله ‪ ،‬و التي مفادها عدم جواز تطبيق اإلكراه البدني متى كان مبلغ‬
‫الغرامات و اإلدانات النقدية يقل على مبلغ ‪ 8.000‬درهم ‪ ،‬و بالتالي فإن أي اتجاه‬
‫مخالف لهذه األحكام ستكون بمثابة خطأ قضائي بغض النظر عن حسن أو سوء نية‬

‫‪ 26‬ـ المادة ‪ 162‬من قانون ‪97 .15‬‬


‫‪ 27‬ـ قراءة في المدونة الجديدة التحصيل الديون العمومية ذ‪ /‬محد قصري ‪ -‬منشورات ‪ REMALD‬عدد ‪ 31‬صفحة ‪.47‬‬
‫‪ 28‬ـ الحكماوي‪ ،‬عبد الحكيم الجوانب الحقوقية لمسطرة اإلكراه البدني في الغرامات واإلدانات النقدية أقل من ‪ 8000‬درهم مجلة فقه القضاء الجنائي‬
‫الصفحة ‪.17‬‬

‫‪17‬‬
‫في تطبيق القانون ‪ ،‬وال يمكن االحتجاج بكون المصالح المالية للخزينة العامة‬
‫ستتضرر من جراء عدم تنفيذ اإلكراه البدني ؛ ألن ذلك لم يقل به المشرع و إنما هو‬
‫من خالص التفسير الواسع المبني على افتراض الغاية التشريعية ‪ .‬و هو افتراض‬
‫غير صحيح ‪ ،‬إذ لو كان كذلك لعمل المشرع ذاته على جعل اإلكراه البدني شامال‬
‫لجميع المبالغ مهما بغلت تفاهتها متى تعلق األمر بدين عمومي‪.‬‬
‫و في هذا الصدد ننهج نفس نهج األستاذ يوسف بنباصر‪ 29‬في اعتبار أن المشرع‬
‫المغربي و إن كان قد إستثنى الغرامات و اإلدانات النقدية من الخضوع لمقتضيات‬
‫المادة ‪ 77‬بنص صريح و هو الفصل ‪ ... 134‬فإن هذا االستثناء ليس له ما يبرره من‬
‫الناحية القانوني أو الواقعية ‪ ...‬كما أننا ال نعتقد أن ثمة خصوصية مميزة ‪ ،‬تتصف‬
‫بها الغرامات اإلدانات النقدية مقارنة مع باقي الديون العمومية المشار إليها في المادة‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫الثانية من قانون ‪ 97 .15‬كالضرائب المباشرة للدولة و الرسوم المماثلة و الضريبة‬


‫على القيمة المضافة و الحقوق و التسجيل و التمبر و الرسوم المماثلة و مداخيل و‬
‫عائدات أمالك الدولة و ضرائب و رسوم الجماعات المحلية و هيئاتها ‪ ،‬و سائر‬
‫الديون األخرى ذات الطابع العمومي المستحقة لفائدة الدولة و الجماعات المحلية و‬
‫الهيئات و المؤسسات العمومية التي يعهد بقبضها للمحاسبين المكلفين بالتحصيل ‪...‬‬
‫أو على األقل معالجة ذات اإلشكال ورفع الغموض عنه بمقتضی مناشير وزارية‬
‫تفسيريه ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلشكالية المتعلقة بتطبيق مسطره اإلكراه البدني على مستوى المراكز الحدودية و تنفيذ اإلكراه البدني في حق المحكوم عليه المعتقل أو المعتقل‬
‫احتياطيا ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬مسطره اإلكراه البدني على مستوى المراكز الحدودية‪.‬‬


‫كان يثار إشكال بخصوص المبحوث عنهم من اجل اإلكراه البدني‪ ،‬على مستوى‬
‫المراكز الحدودية ‪ ،‬وكذا بالمطارات‪ ،‬حيث يضطر هؤالء إلى إلغاء أسفارهم‪ -‬علما‬
‫أن تكلفة هذه األخيرة باهظة‪ ،‬بعد إيقافهم من طرف شرطة الحدود‪ ،‬وما يرافق ذلك‬
‫من كثرة اإلجراءات اإلدارية المعقدة‪ ،‬حتى في حالة ابتداء المعنيين باألمر ألداء ما‬
‫بذمتهم‪ .30‬ذلك أن األمر كان يفرض االتصال بالضابطة القضائية المحررة لمذكرات‬
‫البحث‪ ،‬و التي تشعر بدورها النيابة العامة المصدرة لألمر بنشر برقية البحث‪،‬‬
‫بواقعة إيقاف المعني باألمر لتلقي التعليمات المناسبة‪.‬‬

‫‪ 29‬ـ يوسف بنباصر ‪ :‬الدليل العلمي و القضائي في مسطرة اإلكراه البدني في ضوء أخر المستجدات ‪ -‬سلسلة بنباصر للدراسات القانونية و األبحاث‬
‫القضائية ‪ .‬السنة الثالثة العدد الرابع الصفحة ‪. 394‬‬
‫‪ 30‬ـ في بعض األ حيان يكون المبلغ زهيدا ‪ ،‬لكن إجراءات األداء تتطلب وقتا طويال ‪ ،‬و قد يستلزم األمر يوما أو يومين كاملين سيما إذا اقترن موعد‬
‫السفر مع أيام العطل‬

‫‪18‬‬
‫غير أن المنشور المشترك الصادر عن وزارة العدل والداخلية والمالية‪ ، 31‬وضع حدا‬
‫لهته الحالة الشاذة من خالل تسهيل إجراءات تنفيذ االكراهات البدنية الصادرة عن‬
‫األشخاص المحكوم عليهم في قضايا مدنية أو جنحية أو جنائية وذلك عند عبورهم‬
‫لمركز الحدود‪ ،‬حيت أرسى آلية تمكنهم‪ ،‬إن أفصحوا عن الرغبة في ذلك‪ ،‬من إبراء‬
‫ذمتهم من المبالغ التي هم مدينون بها والتي تكون موضوعا مذكرات بحث الصادرة‬
‫ضدهم من اجل اإلكراه البدني‪ ،‬و تم التنسيق بهذا الخصوص بين األجهزة المعنية‬
‫التابعة لكل وزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬قصد اعتماد‬
‫مسطرة جديدة تمكن من تصفية ملفات اإلكراه البدني للمعنيين باألمر فورا‪ ،‬ودونما‬
‫الحاجة إلى اإلجراءات الحالية التي غالبا ما تتسبب في تعقيدات ومعاناة ناتجة عن‬
‫اعتقالهم‪.‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫لذا تقرر معالجة هذه الحاالت مسبقا من طرف المصالح المعنية وفق اإلجراءات‬
‫موضوع المنشور المذكور‪ ،‬والذي سيحدد الدور الذي ستضطلع به كل مصلحة‬
‫انطالقا من توقيف المدين في المركز الحدودي إلى حين التصفية النهائية لملف التنفيذ‬
‫على صعيد النيابة العامة التي أصدرت األمر بإلقاء القبض عليه‬
‫وهكذا‪ ،‬وعندما يقتضي األمر ذلك تصدير النيابة العامة األمر بالقبض على الشخص‬
‫المحكوم عليه يتضمن كل المعلومات المطلوبة ‪ ،‬علما انه إذا كان األمر الصادر عن‬
‫النيابة موضوع مذكرة بحث‪ ،‬فانه يتم تبليغه لكل المصلح األمنية بما فيها المتواجدة‬
‫في نقطة العبور الحدودية‪.‬‬
‫وفي حالة توقيف احد األشخاص المعنيين بهذا األمر في احد المراكز الحدودية‪ ،‬و إذا‬
‫أفصح عن رغبته في األداء الفوري لما بذمته حتى يتمكن من متابعة سفره‪ ،‬يقوم‬
‫ضابط الشرطة القضائية باستخراج" اإلشعار بتوقيف شخص مبحوث عنه" ويقوم‬
‫بتقديمه إلى صندوق قابض الجمارك والضرائب غير المباشرة بالمركز الحدودي‪.‬‬
‫يتم اإلدالء لقابض الجمارك والضرائب غير المباشرة باإلشعار بتقديم شخص‬
‫مبحوث عنه" الذي وعلى ضوء المعلومات المضمنة فيه‪ ،‬يقوم باستخالص مبلغ‬
‫اإلكراه البدني والذي يمثل أصل الدين المحكوم به والمصاريف القضائية عند‬
‫االقتضاء‪ ،‬مقابله تسليم المعني باألمر وصال بذلك ويضع ختم المصلحة على نسخة‬
‫اإلشعار المذكور بعد تضمينها مراجع األداء والتي تسلم مباشرة لضابط الشرطة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫‪ 31‬ـ المنشور المشترك بين وزارة العدل ووزارة الداخلية و وزارة االقتصاد و المالية ‪ ،‬رقم ‪ 13‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬أبريل ‪ 2009‬حقل تنفيذ‬
‫اإلكراهات البدنية بالمراكز الحدودية على المدينين ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫اثر هذه العملية يقوم هذا األخير باإلفراج عن المكره‪ ،‬ويسمح له بمتابعة سفره ما لم‬
‫يكن موضوع إجراء أخر‪ ،‬ويقوم فضال عن ذلك بإلغاء مذكرة البحث فورا‪.‬‬
‫يتعين على ضابط الشرطة القضائية بعد ذلك ‪ ،‬أن يشعر المصلحة األمنية المختصة‬
‫ترابيا بعملية األداء على أساس أن تتولى بدورها إشعار النيابة العامة التي أصدرت‬
‫األمر بإلقاء القبض كتابة بذلك‪.‬‬
‫ويعمل عندئذ وكيل الملك المختص وبمجرد توصله باإلشعار الكتابي على إخبار‬
‫كتابة الضبط المكلف بالتنفيذ بعملية األداء‪.‬‬
‫موازاة بذلك يقوم قابض الجمارك والضرائب غير المباشرة بإدراج المبلغ‬
‫المستخلص من المكرهين بدنيا في حساباته وفقا للتوجهات التالية ‪:‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫أ‪ -‬يؤهل قباض الضرائب والجمارك غير المباشرة لقبض كل الديون موضوع‬
‫االكراهات البدنية بما فيها الديون المتعلقة بالنزاعات المدنية‪ ،‬وكذا الغرامات‬
‫واإلدانات النقدية الصادرة عن محاكم المملكة‪.‬‬
‫ب‪ -‬ال يمكن أن يتم الوفاء إال نقدا أو بواسطة بطاقة األداء نقدية أو بواسطة شيك‬
‫معتمد‪.‬‬
‫ويعمل قابض الجمارك على تحويل كل مبلغ إلى حساب كتابة الضبط لدى المحكمة‬
‫المعنية بعملية تنفيذ اإلكراه البدني عن طريق الوكالة البنكية المركزية للخزينة العامة‬
‫للملكة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تنفيذ اإلكراه البدني في حق المحكوم عليه المعتقل أو المعتقل احتياطيا ‪:‬‬
‫إذا كان المطلوب ضده اإلكراه البدني معتقال بمؤسسة سجنيه من أجل عقوبة‬
‫ما ‪ ،‬فإن وكيل الملك يحيل الملف مباشرة إلى مدير المؤسسة السجنية المودع بها‬
‫المعني باألمر ‪ ،‬عمال بمقتضيات المادة ‪ 641‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج ‪ .‬و في هاته الحالة يوجه‬
‫رئيس المؤسسة السجنية إلى المعني باألمر إنذارا كتابيا ألداء ما بذمته ( و يشمل‬
‫اإلنذار مبلغ العقوبة المالية و مبلغ المصاريف و كذا مدة اإلكراه البدني المحكوم بها )‬
‫‪.‬‬
‫فإذا أدى المعني باألمر دينه ‪ ،‬يسلم له وصل تودعه إدارة المالية في كل مؤسسة‬
‫سجنية لهذا الغرض ‪ ،‬و يتم إحالة الوصل المذكور إلى كتابة الضبط بالمحكمة التي‬
‫قضت باإلدانة و إلى إدارة المالية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫أما إذا صرح بعجزه عن األداء (دون إثبات عسره) يحرر بهذا الخصوص محضر‬
‫من طرف مدير المؤسسة السجنية ‪ ،‬و يوجه فورا إلى النيابة العامة ‪ ،‬حيث يوقع‬
‫وكيل الملك على أمر بإبقاء المحكوم عليه في السجن و يخضع هذا األخير لإلكراه‬
‫البدني بعد قضائه مدة العقوبة المحكوم بها عليه‪.‬‬
‫لكن يبقى اإلشكال مطروحا بهذا الخصوص ‪ ،‬في سكوت المشرع عن تحديد مدة‬
‫اإلنذار المشار إليه في الفصل ‪ 641‬من ق م ج ‪ ،‬الشيء الذي يفتح الباب أمام قراءات‬
‫منها ‪ :‬هل يفهم من هذا المقتضى أن مدة اإلنذار ال اعتبار لها في مثل هذه الحالة ‪،‬‬
‫حيث أن اإلنذار يصبح عديم الجدوى ‪ ،‬بمجرد ما يفصح المعني باألمر عن عدم‬
‫قدرته على األداء ؟ أم أن مدة اإلنذار شرط جوهري في تطبيق مسطرة اإلكراه‬
‫البدني ؟‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫أما اإلشكال األخر المحوري في هذا اإلطار هو عندما يصادف أن يحال شخص إلى‬
‫المؤسسة السجنية في حالة اعتقال احتياطي من أجل جنحة ما بموجب أمر باإليداع‬
‫بالسجن ‪ ،‬و في نفس الوقت يحال ملف إكراه بدني رفقته بقصد التنفيذ في حقه ‪ .‬ففي‬
‫مثل هاته الحاالت ‪ ،‬أغلب مديري المؤسسات السجنية يبدؤون بتنفيذ اإلكراه البدني‬
‫في حق المعني باألمر ‪ ،‬لعلة أن المقرر القضائي موضوع اإلكراه البدني أصبح‬
‫مكتسبا لقوة الشيء المقضي به ‪ ،‬و سندهم في ذلك أن المعتقل االحتياطي يمكن أن‬
‫يصدر في حقه حكم بالبراءة أو يتم منحه اإلفراج المؤقت ‪ ،‬بموجب حكم قضائي ‪ .‬و‬
‫بالتالي ينفذ مدة اإلجبار المحكوم بها أوال لتفادي أي إشكال قد يثار مستقبال في هذا‬
‫السياق ‪.‬‬
‫و هذا االتجاه يجانب الصواب ‪ ،‬فكان من األولى أن يكون المعني باألمر بداية رهن‬
‫االعتقال االحتياطي لينتفع بهذا النظام و يستفيد من االمتيازات المخولة له بمقتضاه ‪،‬‬
‫ثم بعده ينتقل إلى تنفيذ اإلكراه البدني‪.‬‬
‫فقد تصدر المحكمة حكمها باإلدانة في حق المعني باألمر في نفس اليوم الذي أصدر‬
‫فيه أمر باإليداع بالسجن أو قبل انقضاء مدة اإلكراه البدني ‪ ،‬و إذا سلمنا بأن هذا‬
‫األخير هو األحق بسبقية التنفيذ في حق المعني باألمر ‪ -‬حسب التوجه السابق ‪ -‬فهل‬
‫يؤخر تنفيذ العقوبة المحكوم بها ‪ ،‬إلى غاية تنفيذ اإلكراه البدني ؟‬

‫‪21‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫خاتمة‪:‬‬
‫لقد حاولنا على امتداد صفحات هذا الموضوع‪ ،‬توضيح مختلف األحكام القانونية‬
‫المتعلقة باإلكراه البدني كآلية لتحصيل الديون العمومية‪ ،‬وكذا التطرق لمختلف‬
‫اإلشكاالت العملية المرتبطة بتطبيقه وتنفيذه أمام المؤسسات المعنية بالتنفيذ‪ ،‬إضافة‬
‫إلى الفراغات التش ريعية التي اعترت النصوص القانونية المنظمة لإلكراه البدني‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق أصبح من الضروري على المشرع المغربي ضرورة التدخل‬
‫لجميع شتات النصوص القانونية المتعلقة بتطبيق مسطرة اإلكراه البدني في مدونة‬
‫خاصة‪ ،‬عوض تشتيتها بين قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ومدونة تحصيل الديون‬
‫العمومية‪ ،‬نظرا لالختالف الحاصل بينهما على مستوى المدد والشروط وكذا الموانع‪،‬‬
‫علما ان التشريعين المذكورين أتيا بمبادئ إجرائية مهمة تسعى إلى التوفيق بين‬
‫مصلحتين‪ ،‬مصلحة الدولة في الدفاع عن نفسها ضد المتهربين من عدم أداء ديونهم‬
‫ومصلحة األفراد في الدفاع عن حريتهم وحقوقهم المشروعة من جهة أخرى‪ ،‬كما‬
‫أصبح مفروضا العدول عن اعتبار محضر عدم وجود ما يحجز وسيلة إثبات العسر‪،‬‬
‫وبالتالي التملص من الخضوع لمسطرة اإلكراه البدني‪ ،‬حيث ال يمكن الجمع بين‬
‫متناقضين‪ ،‬الشرط والمانع‪.‬‬
‫إضافة إلى إعادة النظر في دور مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات في مسطرة االكراه‬
‫البدني‪ ،‬بتخويلها اإلشراف الكلي عليها‪ ،‬من خالل تدخلها في جميع مراحل التطبيق‬
‫والتنفيذ سواء كان المطلوب ضده اإلكراه معتقال أو حرا‪ ،‬وكذا البت في جميع‬

‫‪22‬‬
‫المنازعات المتعلقة باإلكراه البدني‪ ،‬سواء من حيث الصحة أو تحديد مدة اإلجبار‪،‬‬
‫عوض االقتصار على بسط رقابتها على الوثائق الالزمة لذلك (الفصل ‪ 640‬من ق م‬
‫ج )‪ .‬تقريبا نفس اإلجراء الذي تقوم به النيابة العامة في هذا اإلطار‪ .‬وتحديد مدة‬
‫اإلكراه البدني في حالة المدينين بالتضامن الفصل ‪ 644‬من ق م ج)‪ .‬وهو ما من شانه‬
‫وضع حد للصعوبات العملية التي تثار أثناء تطبيق اإلكراه البدني وتنفيذه‪ ،‬وتجنب‬
‫كثرة المتدخلين في هاته العملية رئيس المحكمة االبتدائية‪ ،‬رئيس المحكمة اإلدارية‪،‬‬
‫النيابة العامة‪ ،‬قاضي تطبيق العقوبات)‪.‬‬
‫و مع ذلك تجب اإلشارة إلى ضرورة تدخل المشرع إلقرار إمكانية الطعن في‬
‫مقررات قاضي تطبيق العقوبات من طرف جميع األطراف‪ ،‬حتى ال تبقى هاته‬
‫المقررات خارج مبدأ الشرعية‪ ،‬والتي تقتضي الطعن في جميع المقررات القضائية‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫ونعتقد أن المشرع المغربي قد فطن الى االختالف الحاصل في مسطرة اإلكراه‬


‫البدني المنصوص عليها في مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وقانون المسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬فنص في إطار مشروع قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬في الفصل ‪ 640‬على انه‪:‬‬
‫"ال يمكن تطبيق اإلكراه البدني‪ ،‬في جميع األحوال ولو نص عليها مقرر قضائي‪ ،‬مع‬
‫مراعاة مقتضيات القانون المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية‪ ."...‬كما عدل‬
‫الفصل ‪ 641‬من نفس المشروع بتنصيصه على إحالة طلب اإلكراه البدني ضد‬
‫المكره المعتقل بإحدى المؤسسات السجنية مباشرة إلى مدير هذه المؤسسة‪ ،‬عوض‬
‫الصيغة المعمول بها حاليا (تتم اإلحالة من طرف وكيل الملك)‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫الئحة المراجع‪:‬‬
‫الكتب‬
‫محمد القصري ‪ -‬المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء اإلداري‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫سعيد العمري‪ -‬إيقاف تنفيذ الديون العمومية أمام القضاء اإلداري االستعجالي ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫كريم لحرش‪،‬الشرح العملي لمدونة تحصيل الديون العمومية (فقها‪،‬قانونا‪،‬قضاءا) ‪،‬سلسلة العمل‬ ‫‪‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫التشريعي واالجتهاد القضائي العدد ‪2015 ، 5‬‬


‫ـ يوسف بنباصر ‪ :‬الدليل العلمي و القضائي في مسطرة اإلكراه البدني في ضوء أخر المستجدات ‪-‬‬ ‫‪‬‬
‫سلسلة بنباصر للدراسات القانونية و األبحاث القضائية ‪ .‬السنة الثالثة العدد الرابع‬
‫الحكماوي‪ ،‬عبد الحكيم الجوانب الحقوقية لمسطرة اإلكراه البدني في الغرامات واإلدانات النقدية‬ ‫‪‬‬
‫أقل من ‪ 8000‬درهم مجلة فقه القضاء الجنائي‬
‫قراءة في المدونة الجديدة التحصيل الديون العمومية ذ‪ /‬محد قصري ‪ -‬منشورات ‪REMALD‬‬ ‫‪‬‬
‫عدد ‪31‬‬
‫مجلة المحاكم المغربية عدد ‪ - 88‬ماي ‪-‬يونيو ‪2001‬‬ ‫‪‬‬
‫إدريس بلمحجوب ‪ :‬قواعد تنفيد العقوبات الجزء األول ‪ -‬منشورات المعهد الوطني للدراسات‬ ‫‪‬‬
‫القانونية‪.‬‬
‫دزاكيس حميد ‪:‬المنازعات الضريبة في مجال التحصيل ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‬ ‫‪‬‬
‫‪،‬كلبة العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بالداربيضاء ‪1999- 1998‬‬
‫تحصيل الضرائب و الديون العمومية على ضوء المدونة الجديدة عبد الرحمن ابليال ‪ -‬رحيم الطور‬ ‫‪‬‬
‫طبعة ‪ 2000‬مطبعة األمنية‬
‫القوانين‬
‫‪ ‬مدونة تحصيل الديون العمومية‬
‫‪ ‬قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪ ‬المنشور المشترك بين وزارة العدل ووزارة الداخلية و وزارة االقتصاد و المالية ‪ ،‬رقم ‪ 13‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 29‬أبريل ‪ 2009‬حقل تنفيذ اإلكراهات البدنية بالمراكز الحدودية على المدينين ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪2 ...................................................................................................................................................... :‬‬


‫المبحث األول ‪ :‬األحكام العامة لمسطرة اإلكراه البدني ‪4 ...............................................................................................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬ماهية اإلكراه البدني ‪4 ................................................................................................................‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم اإلكراه البدني ‪4 .............................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مدة اإلكراه البدني ‪5 .................................................................................................................‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬شروط تطبيق مسطرة اإلكراه البدني ‪6 ...........................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اإلجراءات المسطرية لتطبيق اإلكراه البدني‪7 ................................................................................... .‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬إجراءات استعمال اإلكراه البدني ‪8 ................................................................................................‬‬
‫‪www.elkanounia.com‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار الحكم باإلكراه البدني ‪9 ............................................................................................................‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬اإلشكاليات التي تعرفها مسطرة اإلكراه البدني ‪10.....................................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إشكالية تنازع االختصاص إليقاف مسطرة اإلكراه البدني‪11................................................................... :‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تنازع االختصاص بين المحاكم اإلدارية و اإلبتدائية حول إيقاف مسطرة اإلكراه البدني‪11.............................. :‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الحل المقترح لتنازع االختصاص بين المحاكم اإلدارية و االبتدائية حول إيقاف مسطرة اإلكراه البدني‪12............. :‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬بعض اإلشكاالت األخرى لتطبيق اإلكراه البدني ‪14..................................................................................‬‬


‫الفقرة األولى ‪ :‬تعدد طلبات اإلكراه البدني بين قواعد الضم و اإلدماج و إشكالية التعارض القائم بين الفصل ‪ 77‬و الفصل ‪ 134‬من‬
‫القانون ‪15....................................................................................................................................... 97 .15‬‬
‫أوال ‪ :‬تعدد طلبات اإلكراه البدني بين قواعد الضم و اإلدماج ‪15...............................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬إشكالية التعارض القائم بين الفصل ‪ 77‬و الفصل ‪ 134‬من القانون ‪17....................................................... 97 .15‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬اإلشكالية المتعلقة بتطبيق مسطره اإلكراه البدني على مستوى المراكز الحدودية و تنفيذ اإلكراه البدني في حق‬
‫المحكوم عليه المعتقل أو المعتقل احتياطيا ‪18................................................................................................... :‬‬

‫أوال ‪ :‬مسطره اإلكراه البدني على مستوى المراكز الحدودية‪18............................................................................... .‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تنفيذ اإلكراه البدني في حق المحكوم عليه المعتقل أو المعتقل احتياطيا ‪20........................................................... :‬‬

‫خاتمة‪22...................................................................................................................................................... :‬‬
‫الئحة المراجع‪24............................................................................................................................................ :‬‬

‫‪25‬‬

You might also like