Professional Documents
Culture Documents
االاسئلة والاجوبة الاستاذ بلال
االاسئلة والاجوبة الاستاذ بلال
الظاهرة االجرامٌة رؼم كونٌتها فإنها تخضع لترتٌب زمنً متسلسل ومتالحق تعرفه كل المجتمعات ذات تنظٌم اجتماعً معٌن ،هذا
التنظٌم االجتماعً ٌسمح بمالحظة دائرة حلقٌة للظاهرة االجرامٌة التً تمر من ثالث مراحل ضرورٌة ،وإلثبات كونٌة الظاهرة
االجرامٌة سنتعرؾ على األوقات الثالثة للجرٌمة .
وٌتمثل فً صباؼة نمط اجتماعً من طرؾ الجماعة التً تفرضه على أفرادها وتضع من أجل ذلك قواعد زاجرة فً مواجهة كل من
ٌخالؾ هذا النمط اإلجتماعً ،ومرحلة وضع القواعد الجنائٌة للحفاظ على سلوك اجتماعً معٌن ال تتأثر وال تذهب أو تؽٌب بوالدة أو
حٌاة أم مماة القانون الجنائً الذي ٌحمً هذا السلوك أو النمط اإلجتماعً ألن قواعد القانون الجنائً تتؽٌر عبر التارٌخ وألن المجتمع
سٌكون دائما فً حاجة إلى قواعد جنائٌة تحمً نظامه من عبث المجرمٌن.
حٌنما ٌضع المجتمع ممثال فً مشرعه النمط أو السلوك الواجب احترامه البد وأن ٌلقً األفراد صعوبات فً استٌعابه واالنضباط
إلٌه ،وإمكانٌات االنضباط قد ال تكون متوفرة بالقدر الضروري عند البعض ،فٌقع انتهاك القواعد األساسٌة للسلوك اإلجتماعً وٌمثل
هذا االنتهاك إلجرام الذي ٌستوجب العقوبة.
حٌنما ٌشعر المجتمع بأنه مهدد فً نظامه وطمأنٌنته ٌهب لٌدافع عن نفسه وذلك بفرض السلوك اإلجتماعً الذي ارتضاه ،لذلك هو
ٌفرض عقوبات زجرٌة على كل من ٌخالؾ السلوك اإلجتماعً وال ٌحترمه ،و تخصٌص عقوبة لكل مخالؾ هو ما نعبر عنه برد
الفعل االجتماعً الزجري مقابل السلوك اإلجرامً ،وٌجب أن ٌتوفر فً العقوبة إٌالم للجانً ٌقابل الضرر الذي ألحقه بالمجتمع،
وهذا الحق فً العقاب إنما ٌملكه المجتمع فً مواجهة كل من ٌعتدي على القواعد السلوكٌة التً ٌختارها لتكون نمطا ٌحتدى وناموسا
أخالقٌا ٌرضً الجمٌع ،وعلى العموم فإن رد الفعل االجتماعً إنما تبرره ضرورة الحفاظ على التضامن االجتماعً وتماسكه حول
قواعد سلوك تضمن الحد األدنى للحفاظ على هذا السلوك وبالتالً الحفاظ على الطمأنٌنة واالستقرار فً المجتمع.
وخلص فٌري إلى أن هناك قاعدة ثابتة فً المجتمع أسماها «التشٌع اإلجرامً» La Saturation criminelleبمعنى أن بٌئة
اجتماعٌة فً ظروؾ صحٌة معٌنة ال تحتمل أكثر من درجة معٌنة من اإلجرام وأن نسبة اإلجرام ترتفع فٌها حتى تصل إلى درجة
معلومة ال تتعداها ،ومن الخٌر إذن العمل على تؽٌٌر الظروؾ االجتماعٌة وتصحٌحها لبلوغ درجة التشٌع اإلجرامً بأسرع ما ٌمكن
وبأقل خسارة ،وٌعطً على ذلك مثاال مفاده أنه من المالحظ أن الطرٌق المظلم ٌؽري بارتكاب عدد من الجرائم أكثر من الطرٌق
المضاء ،وعلى ذلك فإن مجرد إضاءة هذا الطرٌق تشكل وسٌلة أكثر اقتصادا وذكاءا من انشاء السجن ،والهدف األسمى من هذه
النظرٌة هو أن تدابٌر الوقاٌة من الجرٌمة تصبح هً البدائل المنطقٌة للعقوبات وأن تحسٌن مستوى المعٌشة ومكافحة البؤس فً
كل مظاهره أجدى وأنفع فً مقاومة الجرٌمة من حبل المشنقة أو السجن.
وبدٌهً أن فٌري ٌعتبر قانون التشبع اإلجرامً ولٌد العوامل والعناصر الطبٌعٌة التً تقوم الحٌاة اإلجتماعٌة علٌها ،كما تتأثر نسبة
اإلجرام وتتؽٌر بتؽٌر األسباب ؼٌر المنظورة التً تطرأ على العناصر الطبٌعٌة المتحكمة فً حٌاة اإلنسان ،فإذا ما تؽٌر سبب من
هذه األسباب انعكست آثاره سلبا أو إٌجابا على حجم الجرٌمة ،ولم ٌفت فٌري أن ٌتنبه إلى محدودٌة قانون التشبع اإلجرامً فً
المجتمع ورأى أن هذا القانون ٌمكن أن ٌتجاوز حد اإلشباع اإلجرامً خاصة فً حاالت اإلضطراب والفوضى العارمة والحروب
والكوارث فما ٌجعل حجم الجرٌمة أكبر مما ٌفرضه قانون التشبع اإلجرامً فعبر عن تكاثر اإلجرام فً مثل هذه الحاالت بقانون ما
فوق التشبع اإلجرامً.
فقد اعتمد طارد على فكرة التقلٌد وجعل لهل قوانٌن تحكمها لتشرح مٌكانزمات الجرٌمة او االجرام ،وهذه القوانٌن إنما تنبع من
مقومات علم النفس الجماعً أو اإلجتماعً الذي ٌكشؾ عن استعداد األفراد للمحاكاة ولتقلٌد بعضهم البعض فً السلوك اإلجرامً.
وٌقوم قانون التقلٌد عند طارد على عدة قواعد تشرح السلوك اإلجرامً وكٌؾ أنه ٌمكن أن ٌكون ولٌد المحاكاة والتقلٌد ،فالقانون
األول أو القاعدة األولى تقتضً أن التقلٌد ٌذهب من الداخل إلى الخارج ،وهذا ٌعنً أن تقلٌد األفكار ٌسبق تقلٌد الوسائل التً تعبر
عنها ،وطارد فً شرحه لهذه القاعدة ٌذهب إلى أن تقلٌد اإلنسان القرٌب ٌكون أسبق من تقلٌد اإلنسان البعٌد وتطبٌق هذه القاعدة
األولى ٌشرح لماذا األطفال الذٌن تربوا فً أواسط تعسة ٌكون مصٌرهم اإلجرام أو اإلنحراؾ.
أما القاعدة الثانٌة فتفٌد أن التقلٌد ٌأخذ طرٌقه من القوي إلى الضعٌؾ ،بمعنى أن األفراد ذووا المراكز االجتماعٌة الحساسة ٌؤثرون
فً ؼٌرهم أكثر من األفراد العادٌٌن الذٌن لٌست لهم هذه المراكز ،وهذا هو الذي ٌشرح السلوك اإلجرامً الذي ٌعتمد على تقلٌد
رؤساء العصابات ورؤساء الجماعات الشرٌرة ،وهذا التقلٌد ٌحصل حتى من األفراد المكونٌن لهذه العصابات
والقاعدة الثالثة فً علم النفس الجماعً ترتكز على وجود موضات داخل فكرة التقلٌد نفسها ،تماما كما أن هناك موضات فً
المالبس وفً كثٌر من مرافق الحٌاة ،لكن طارد ٌالحظ فً هذا المعنى أن الموضة الجدٌدة تطرد الموضة القدٌمة وتالحقها حتى تأخذ
مكانها ،ولذلك فان االجرام ٌتطور بسرعة كبٌرة وسرعان ما ٌفرض نفسه على المجرمٌن لكن بوسائل جدٌدة توسع دائرة االجرام
كحجز الرهائن ،وتحوٌل الطائرات وبعض انواع العنؾ الدولً الذي أصبح بفعل التقلٌد ٌمارسه المجرمون العادٌون والمجرمون
الس ٌاسٌون على السواء بل وٌتبادلون فٌه التأثٌر.
وأهم مساهمات طارد هو بحثه المستمر عن األسباب الدافعة إلى ارتكاب الجرٌمة والتً حصرها فً تنشئة الفرد اإلجتماعٌة
ومعتقداته الثقافٌة ومحاكاته لآلخرٌن ،وذلك بدال من الدخول فً متاهات البحث عن أسبابا الجرٌمة ضمن العوامل المتعلقة بذات
الجانً وسماته الطبٌعٌة الجسدٌة .فعوامل انحراؾ الفرد وخروجه عن أنماط السلوك اإلجتماعً إنما ترجع أساسا إلى عوامل ٌؽلب
علٌها الطابع اإلجتماعً ،بل إن اإلمكانٌات واالختٌارات الممنوحة والمتاحة لؤلفراد وحرٌتهم فً التفضٌل بٌن النهج السوي والنهج
ؼٌر السوي (أو اإلجرام) تبقى هً المؤشر على استعداد بعض األفراد ومٌولهم إلى اختٌار طرٌق الجرٌمة.
وٌعطً طارد وصفا دقٌقا للمجرم القاتل حٌث ٌصفه بأنه :شخص عود نفسه منذ حداثة سنه على تخزٌن جمٌع أنواع الحسد والكراهٌة
مؽلقا بذلك أبواب الرحمة والشفقة والعطؾ عن قلبه كما مرن نفسه منذ الصؽر على تقبل الصدمات ،وتحمل الشوائد ومختلؾ صنوؾ
المعاناة ،وعلى تبلد الحس والشفقة والرأفة لدٌه ،مما ٌجعله ٌفقد جمٌع عناصر ومشاعر الرحمة نحو اآلخرٌن ،وبالتالً وكنتٌجة لهذا
التكوٌن البدنً والنفسً -االجتماعً ٌنمو هذا الفرد متحفزا الرتكاب األفعال الممٌزة بالشر والعنؾ ،وٌكون محظوظا بذلك لو لم
ٌرتكب جرٌمة قتل فً حٌاته ،وهكذا فاحتراؾ الجرٌمة بمختلؾ أشكالها فً نظر طارد ٌفرض على صاحبه التمرن والتدرٌب مثلها
مثل ؼٌرها من الحرؾ واالعمال المهنٌة األخرى مع فارق بسٌط وهو أن المجرم ٌ نشا وٌتربى منذ البداٌة فً بٌئة اجرامٌة وتساعد
هذه البٌئة او تؤدي به الى االنحراؾ فً عالم الجرٌمة.
ومن كتبه القٌمة اإلجرام المقارن و الفلسفة العقابٌة و قوانٌن التقلٌد و دراسات جنائٌة واجتماعٌة ،ومن هذه الكتب ٌبقى كتاب الفلسفة
العقابٌة متمٌزا ،نظرا ألهمٌته المنهجٌة حٌث عمد فٌه طارد إلى التصدي لمزاعم المدرسة الوضعٌة ،وخاصة الجبرٌة العضوٌة
لتحدٌد اإلجرام وفندها بالحجة والتحلٌل العلمً ،وبذلك ٌمكننا أن نقول بأن طارد بعدما صفى حسابه مع المدرسة الوضعٌة علمٌا
ومنهجٌا هٌأ األرضٌة المناسبة لنشر أفكاره العلمٌة حول الجرٌمة بعٌدا عن فكرة المجرم بالوالدة.
وفً هذه الكتب ٌستعرض طارد العوامل التً تؤثر فً السلوك اإلجرامً ،فٌتوقؾ عند المحٌط اإلجتماعً الذي ٌعتبره سببا مهما فً
تحدٌد هذا السلوك ،كما لفت انتباهه أن معظم المجرمٌن إنما عاشوا ومروا بطفولة تعسة وأنهم عانوا من الحرمان العائلً ورقابة
المحٌط األسري مما جعلهم ٌمتهنون اإلجرام كوسٌلة للعٌش وتركٌزه على المجتمع بهذا الشكل جعل طارد ال ٌعٌر اهتماما للتكوٌن
العضوي فً تنمٌة وتعلٌل السلوك اإلجرامً ،كما أن دراسته للمجتمع جعلته ٌعتقد أن عالقة المناخ باإلجرام هً أضعؾ من عالقة
المدنٌة والدرجة الحضرٌة بأنواع وكذا حجم اإلجرام ،فقد الحظ أن مستوى رقً المدنٌة ٌؽٌر وجه الجرٌمة وٌجعل من الجرائم
العنٌفة جرائم ترتكز على الدهاء والخبث والؽدر الشًء الذي ٌالحظ فً البلدان المتقدمة حضارٌا.
تحدٌد مدلول البدء فً تنفٌذ الجرٌمة ٌقتضً التحدث عن مراحل ارتكاب الجرٌمة ،وتحدٌد المرحلة التً ٌتدخل فٌها القانون بالعقاب
وتمٌٌزها عن المراحل السابقة علٌها التً ال ٌقرر فٌها عقابا ،ومراحل الجرٌمة هً -1 :التفكٌر فٌها والتصمٌم علٌها -2التحضٌر
لها - 3البدء فً تنفٌذها ،وقد ٌبلػ التنفٌذ ؼاٌته فتتم الجرٌمة به ،وقد ٌخٌب أو ٌقؾ فتظل الجرٌمة عند مرحلة الشروع.
إن دوركهٌم استعمل مفهوم األنومٌة ( )ANOMIEأو الالمعٌارٌة واعتبرها سببا لالنحراؾ االجتماعً ،وتعنً حالة األنومٌة حالة
الالقانون أو الالنظام الذي ٌجد الفرد نفسه فٌها وافتقاره إلى قاعدة أو معٌار لسلوكه السوي أو النمطً مقارنة مع السوك ؼٌر السوي
أو الالنمطً ،وهذه الحالة ؼالبا ما تنتج عن الصراع أو التناقض الذي ٌعٌشه الفرد فً عالقته االجتماعٌة وخاصة المتطلبات
والواجبات االجتماعٌة للحٌاة الٌومٌة بحٌث تعبر األنومٌة عن أزمة وحاجة العالقات االجتماعٌة للقٌم التً تحفظ لها تناسقها ووظٌفتها
مما ٌنعكس ذلك على الفرد وٌدفعه إلى العزلة عن المجتمع وربما إلى معاداته مادام أنه لٌس هناك ال معٌار وال قاعدة تقوم بدور
الضبط اإلجتماعً ،واألنومٌة فً عالقتها مع اإلجرام تعنً عند دوركهٌم تلك الوضعٌة التً ٌجد فٌها الفرد نفسه عاجزا عن تحقٌق
الرؼبات الطبٌعٌة التً بدونها ال ٌمكن للحٌاة أن تستقٌم ،أي أن الحد األدنى من تلك الرؼبات ال ٌستطٌع الفرد أن ٌحققه ،أو بمعنى
آخر فإن المجتمع ٌعجز عن توفٌر بعض الحاجٌات والرؼبات ألفراده مما ٌدفع الفرد إلى البحث عن تحقٌق هذه الرؼبات الطبٌعٌة
وحٌنما ٌعجز عن تحقٌق ذلك فإنه ٌستبٌح كل الوسائل ومنها الجرمٌة التً ٌرتكبها نتٌجة ؼٌاب معٌار أو قاعدة ٌستند إلٌها فً سلوكه
السوي داخل المجتمع ،وفكرة األنومٌة التً تعنً الالمعٌارٌة أو الالنظام فً عالقتها مع االنحراؾ االجتماعً هً الفكرة التً دافع
عنها دوركهٌم فً أطروحته حول تقسٌم العمل اإلجتماعً ( )1981والتً تقضً بأن المجتمع حٌنما ٌضعؾ وٌتهاون فً احتضان
الفرد إلٌه فإن هذا األخٌر ٌصبح فً حل من كل قٌد اجتماعً أو خضوع (أو احترام) لطقوسه وٌعتقد أنه أصبح حرا فوق العادة وال
شًء ٌلزمه نحو مجتمعه (ضعؾ اإلكراه أو القهر اإلجتماعً) فٌركب إذ ذاك رأسه وٌستبٌح ارتكاب الجرائم التً تصبح فً نظره
وسائل مشروعة لتحقٌق ما عجز المجتمع عن توفٌره له وهً الحاجٌات الطبٌعٌة التً بدونها ال ٌمكن للحٌاة أن تستقٌم.