DOC-20240522-WA0207.

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 36

‫ماستر‪ :‬ق انون العقود واألعمال‬

‫وحدة‪ :‬تقنيات التعاقد واإلثبات‬

‫الفوج‪ :‬التاسع‬

‫الرباعي‪ :‬الثالث‬

‫مبادئ عامة في قواعد‬


‫اإلثبات‬
‫تحت إشراف‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬
‫الدكتور‪ :‬مراد أسراج‬ ‫سميرة المعروفي‬ ‫▪‬
‫حنينة شافعي‬ ‫▪‬
‫سفيان بومزعق‬ ‫▪‬
‫ياسر القضاوي‬ ‫▪‬
‫يونس حسايني‬ ‫▪‬
‫نسخة مصححة‬

‫‪1‬‬
‫الموسم الجامعي‪2024/2023 :‬‬
‫مقدمة‬
‫إن مجرد ادعاء واقعة كأساس لحق قد نشأ أو لدين قد انقضى ال يلزم القاضي بل‬
‫ال يجيز له ‪ -‬مهما كان حظ هذه الواقعة من القابلية للتصديق‪ -‬أن يعتبرها واقعة صحيحة‪،‬‬
‫لهذا كان البد من وجود رقابة قضائية تعنى بفحص الوقائع التي يدعيها أطراف النزاع‪،‬‬
‫بحيث تبسط هذه الرقابة أيضا على وسائل اإلثبات التي يدلي بها الخصوم إلقناع القاضي‬
‫بصحة ما يدعونه‪...‬والمشرع المغربي في إطار ق ل ع لم يعرف اإلثبات كما هو حال‬
‫باقي التشريعات األخرى‪ ،1‬كما أن االجتهاد القضائي لم يول لهذا الجانب أهمية على قدر ما‬
‫ناله منها الفقه‪ ،‬وعليه فاإلثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق‬
‫واإلجراءات التي حددها القانون على وجود أو صحة واقعة قانونية متنازع عليها تصلح‬
‫أساسا لحق مدعى به‪.2‬‬

‫أما وسائل اإلثبات فتعرف بأنها الطرق التي تمكن القضاء من القيام بمهمته‬
‫المتمثلة في تحقيق العدالة وصيانة المجتمع عن طريق إيصال الحقوق إلى أصحابها وإيقاع‬
‫العقوبات على مستحقها‪ ،3‬واإلثبات بهذا المفهوم يختلف عن اإلثبات بمعناه العام أو اإلثبات‬
‫التاريخي‪ ،‬فبالرغم من أن كل من القاضي والباحث يهدف الى الوصول إلى نتيجة معينة‪،‬‬
‫إال أن الباحث يتمتع بحرية تامة في البحث والتنقيب وإثبات الوقائع بكافة الطرق والوسائل‬
‫المتاحة علما وعمال‪ ،‬فاإلثبات بهذا المعنى إقامة البراهين على وجود حقيقة علمية أو‬
‫تاريخية بكل الطرق‪ ،‬أما القاضي في اإلثبات القانوني ال يتمتع بهذا القدر من الحرية‪ ،‬إذ أنه‬
‫مقيد في تكوين اقتناعه باألدلة المحددة قانونا والمتمثلة طبقا للفصل ‪ 404‬من ق ل ع في‬
‫إقرار الخصم والحجة الكتابية وشهادة الشهود والقرينة ثم اليمين والنكول عنها‪ ،‬والخبرة‬
‫ومعاينة األماكن واألبحاث‪...‬طبقا لنصوص ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫‪ 1‬منها على سبيل المثال التشريع الفرنسي والبلجيكي والمصري( قانون اإلثبات في المواد المدنية والتجارية) القانون رقم ‪ 25‬لسنة ‪ 1868‬المعدل‬
‫بالقانون رقم ‪ 23‬لسنة ‪ 1992‬والقانون ‪ 18‬لسنة ‪.1998‬‬
‫‪ 2‬أحمد نشأت‪ ،‬رسالة اإلثبات‪ ،‬عبء اإلثبات‪ ،‬طرق اإلثبات‪ ،‬الكتابة‪ ،‬شهادة الشهود‪ ،‬مطبعة دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1971 ،‬الطبعة السابعة‪،‬‬
‫الجزء األول‪ ،‬ص ‪.13 :‬‬
‫‪ 3‬محمد ابن معجوز المزغراني‪ ،‬وسائل االثبات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1995 ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪50 :‬‬

‫‪2‬‬
‫وقد عرفت مؤسسة اإلثبات المدني المغربي تمرحال تاريخيا يمكن تقسيمه إلى‬
‫محطتين أساسيتين‪ :‬مرحلة ما قبل الحماية الفرنسية مستندة في أغلبها على الفقه االسالمي‬
‫ومرحلة‬ ‫وخاصة الفقه المالكي( اليمين‪ ،‬الشهود‪ ،‬العدل‪ ،‬شهادة اللفيف‪ ،‬والقرائن‪)...‬‬
‫الحماية التي كانت محطة بارزة ومتطورة بصدور ظهير االلتزامات والعقود‪ 4‬وقانون‬
‫المسطرة المدنية‪ ،5‬مؤسسة بذلك لنظام اإلثبات المدني إطارا قانونيا ينظمه ويحدد قواعده‬
‫ووسائله‪.6‬‬

‫وقواعد اإلثبات تحتل أهمية خاصة إذ أن الحق ‪ -‬الذي هو موضوع التقاضي‪-‬‬


‫يتجرد من كل قيمة إذا لم يقم الدليل على الحادث الذي يستند اليه‪ ،‬فالدليل هو قوام حياته‬
‫" بأن الحق مجردا من دليله يصبح عند المنازعة‬ ‫ومعقد النفع فيه‪ ،‬حتى صدق القول‬
‫فيه والعدم سواء "‪ ،‬كما أنه يعد األداة الضرورية التي يعول عليها القاضي في التحقق من‬
‫الوقائع القانونية والوسيلة العملية التي يعتمد عليها األفراد في صيانة حقوقهم المترتبة عن‬
‫تلك الوقائع‪ ،‬وبناء على هذه األهمية يمكن أن نطرح اإلشكالية اآلتية‪ ،‬ماهي المبادئ العامة‬
‫في قواعد اإلثبات؟‬

‫وتنبثق عن هذه اإلشكالية تساؤالت فرعية تطرح نفسها بنفسها من قبيل‪:‬‬

‫ما هي صور التنظيم القانوني لإلثبات؟‬ ‫❖‬


‫ما موقع أحكام اإلثبات في القانون المغربي والمقارن ومدى تعلق كل‬ ‫❖‬
‫منها بالنظام العام؟‬
‫ما المقصود بمبدأ حياد القاضي ودور الخصوم اإليجابي‪-‬الحق في‬ ‫❖‬
‫االثبات‪-‬؟‬
‫على ماذا ينصب محل اإلثبات؟ ومن يقع عليه عبؤه؟‬ ‫❖‬
‫ما هي وسائل اإلثبات المقررة في إطار التشريع المغربي؟‬ ‫❖‬

‫‪ 4‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 12(1331‬أغسطس ‪ )1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪،74/73‬‬
‫بتاريخ دجنبر ‪ ،1964‬ص‪.63 :‬‬
‫‪ 5‬ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.74.447‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 28( 1394‬شتنبر ‪ )1974‬بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية‪،‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2303‬مكرر بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ ،1974‬ص‪.2741 :‬‬
‫‪ 6‬أمين نصر هللا‪ ،‬وسائل اإلثبات في ظهير االلتزامات والعقود‪ ،‬مجلة القانون واألعمال الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،44‬بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،2020‬ص ـ‪.03‬‬

‫‪3‬‬
‫ولإلسهام في اإلجابة عن اإلشكالية السابقة واألسئلة المتفرعة عنها سنعتمد على‬
‫التصميم اآلتي‪:‬‬

‫❖ المبحث األول‪ :‬المبادئ األساسية التي تقوم عليها قواعد اإلثبات‬


‫❖ المبحث الثاني‪ :‬مسائل اإلثبات‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المبادئ األساسية التي تقوم عليها قواعد االثبات‬
‫يقوم اإلثبات على مبادئ ثالثة وهي‪ :‬القانون(المطلب األول) القضاء والخصوم‬
‫(المطلب الثاني) وهذه المبادئ تترجم نسقا تعاونيا بين هذه المكونات؛ بحيث إن القانون هو‬
‫الذي يحدد قواعد اإلثبات ووسائله المشروعة‪ ،‬والقاضي مهمته السهر على تطبيق هذه‬
‫القواعد بحسن النية‪ ،‬ويلزم في ذلك أن يقف موقف الحياد المطلق في معركة اإلثبات‪ ،‬تاركا‬
‫للخصوم حق وحرية إثبات ادعاءاتهم‪ ،‬حيث يقوم كل خصم بدور إيجابي في الدفاع عن‬
‫مصالحه ومناقشة أدلة الخصم اآلخر بقصد تفنيدها أمام القضاء‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التنظيم القانوني لإلثبات‬

‫إن التنظيم القانوني لإلثبات يتخذ صورا متعددة؛ نميز فيه بين مذهب اإلثبات‬
‫المطلق أو الحر ومذهب اإلثبات القانوني أو المقيد‪ ،‬وبين المذهبين السابقين نجد المذهب‬
‫المختلط أو المعتدل في اإلثبات(الفقرة األولى) وهو المذهب الذي تبعته غالبية التشريعات‬
‫الحديثة‪ ،‬ووسائل اإلثبات ليست كلها من طبيعة واحدة‪ ،‬وإنما تم التمييز فيها بين قواعد‬
‫موضوعية وأخرى شكلية‪ ،‬وما يترتب عن ذلك مدى تعلق كل منها بالنظام العام (الفقرة‬
‫الثانية)‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مذهب اإلثبات الحر ومذهب اإلثبات المقيد والمختلط‬

‫سنعرض بداية مبدأ اإلثبات الحر (أ) ثم نعرج بعد ذلك لمبدأ اإلثبات المقيد(ب)‬
‫وأخيرا مبدأ اإلثبات المختلط (ج)‪:‬‬

‫أ ـ مبدأ اإلثبات الحر‪:‬‬

‫يعرف كذلك بمذهب اإلثبات المطلق‪ ،‬ووفقا لهذا المبدأ ال يرسم القانون طرق‬
‫محددة لإلثبات يقيد بها القاضي‪ ،‬بل يترك الخصوم أحرارا يقدمون األدلة التي يستطيعون‬
‫إقناع القاضي بها‪ ،‬ويترك القاضي حرا في تكوين اعتقاده من أي دليل يقدم إليه‪ ،‬وهذا‬

‫‪5‬‬
‫ُقرب كثيرا بين الحقيقة القضائية والحقيقة الواقعية لمصلحة العدالة‪ ،7‬وقد اعتنقته‬
‫المذهب ي ّ‬
‫بعض الشرائع في بدء تطورها‪ ،‬وال تزال الشرائع الجرمانية والشرائع األنجلوسكسونية ‪-‬‬
‫القانون األلماني والقانون السويسري والقانون اإلنجليزي والقانون األمريكي‪ -‬تأخذ به إلى‬
‫حد كبير‪.8‬‬

‫ويتميز هذا المذهب بكونه يمكن القاضي من القيام بدور إيجابي في اإلثبات‬
‫ويجيز له أن يستعمل ما يشاء من أدلة اإلثبات حتى يتمكن من الوصول إلى الحقيقة‪ ،‬األمر‬
‫الذي من شأنه أن يحقق أكبر قدر من العدالة‪ ،‬إال أنه يؤخذ على هذا المبدأ أنه يمنح القاضي‬
‫سلطة مطلقة في اإلثبات اعتمادا ً على نزاهته وحياده‪ ...‬ورغم التسليم بوجاهة هذا االعتبار‬
‫إال أن القاضي قد يسيء استخدام هذه السلطة فهو بشر قد يميل عن جادة الحق‪ ،‬األمر الذي‬
‫قد يؤدي الى نتيجة عكسية‪ ،‬وهي التحكم وعدم تحقيق العدالة‪.‬‬

‫ومن جانبها نرى أنه حتى وإن كان القاضي نزيها ومحايدا ‪-‬وهو األصل‪ -‬فإن‬
‫تخويله مثل هذه السلطة المطلقة من شأنه أن يعرض الخصوم الختالف التقدير بين قاض‬
‫وآخر‪ ،‬األمر الذي يخل بتحقيق العدالة واستقرار المعامالت‪.‬‬

‫ب – مبدأ اإلثبات المقيد‪:‬‬

‫حتى تتفادى غالبية التشريعات القديمة العيوب التي كانت تشوب المذهب األول ‪-‬‬
‫اإلثبات الحر أو المطلق‪ -‬ذهبت إلى الحد من سلطة القاضي في تسيير الدعوى والفصل‬
‫فيها‪ ،‬وذلك عن طريق حصر وسائل اإلثبات وتعيينها تعيينا دقيقا وتحديد قيمة كل منها‪،‬‬
‫بحيث ال يجوز بعد ذلك للخصوم أن يثبتوا حقوقهم بغير تلك الوسائل‪ ،‬إلى جانب إلزام‬
‫القاضي بالوقوف في الدعوى موقف الحياد؛ بحيث يمتنع عليه القضاء بعلمه الشخصي فال‬
‫يقضي إال بما يظهر له من إجراءات الدعوى المعروضة عليه وال يجوز له أن يستجمع‬

‫‪ 7‬إن الحقيقة القضائية ال تثبت إال عن طريق قضائي رسمه القانون‪ ،‬فقد يكون القاضي من أشد الموقنين بالحقيقة الواقعية‪ ،‬بحيث يعرفها معرفة ال‬
‫يشوبها الشك‪ ،‬إال أنه ينعدم أمامه الطريق القانوني إلثباتها‪ ،‬وهو بذلك يكون مضطرا إلى إهدار الحقيقة الواقعية واألخذ _ بدال منها_ بالحقيقة‬
‫القضائية‪ ،‬وفي هذه الحالة تتعارض الحقيقتان القضائية والواقعية‪.‬‬
‫‪ 8‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬اإلثبات آثار االلتزام‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫بيروت القاهرة‪ ،1968 ،‬د ط ‪ ،‬ص ‪28 :‬‬

‫‪6‬‬
‫األدلة وإنما يقتصر على ما يعرض عليه منها‪ ،‬كما ال يحق له أن يقضي بدليل قدمه أحد‬
‫الخصمين إال بعد أن يمكن الخصم اآلخر من مناقشته‪ ،‬فوصلت التشريعات بذلك إلى ما‬
‫يسمى بمذهب اإلثبات القانوني أو المقيد‪.9‬‬

‫وال نبالغ إذا قلنا إن مبدأ اإلثبات المقيد يدفع القاضي إلى أن يصدر حكمه على‬
‫حسب ما تدل عليه تلك الوسائل وبمقتضى ما تثبته تلك البيانات‪ ،‬لذلك تقتصر مهمته على‬
‫أن يكون اللسان المعبر عما تشير إليه‪ ،‬لذا عبر الفقهاء عن هذه الفكرة عندما عرفوا الشهادة‬
‫التي هي أهم أنواع البيانات بأنها "قول بحيث يوجب على الحاكم سماعه الحكم بمقتضاه إن‬
‫عدل قائله مع تعدده أو حلف طالبه" ومعنى هذا أنه يجب على القاضي أن يحكم بمقتضى ما‬
‫يدل عليه قول الشاهد أو غيره من أنواع البيانات وأن الحكم ال يكون إال بمقتضى ذلك‪.10‬‬

‫لذلك يتميز هذا المذهب بأنه يؤدي إلى بت الثقة والطمأنينة في نفوس الخصوم‬
‫ويكفل تحقيق االستقرار في المجتمع‪ ،‬إال أنه بالرغم من هذه المزية إال أنه يؤخذ عليه على‬
‫أنه يسلب القاضي من كل سلطة في التقدير؛ ألنه يتقيد بالدليل الذي حدده المشرع بحيث ال‬
‫يجوز له أن يعمل من جانبه على إكمال ما في أدلة الخصوم من نقص وال أن يقضي بعلمه‬
‫الشخصي‪ ،‬وهذا من شأنه الحيلولة بين القاضي وبين تحقيق العدالة‪ ،‬مما تصبح معه وظيفة‬
‫القضاء آلية محضة‪.‬‬

‫ج _ مبدأ اإلثبات المختلط‪:‬‬

‫يقوم هذا المبدأ على أساس الجمع بين مزايا المذهبين السابقين‪ -‬المبدأ الحر‬
‫والمبدأ المقيد‪ -‬وتالفي عيوبهما‪ ،‬وقد أخذ به المشرع المغربي عن التشريعات الالتينية بما‬
‫فيها التشريع الفرنسي والتشريع اإليطالي‪ ،‬فبموجب هذا المبدأ ينبغي على القاضي أن‬
‫يكون في موقف وسط بين اإليجابية والسلبية ولكنه يجب أن يكون أقرب إلى اإليجابية منه‬
‫إلى السلبية‪ ،‬فيعطى له شيء من الحرية في تحريك الدعوى وفي توجيه الخصوم واستكمال‬

‫‪ 9‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬وسائل اإلثبات في التشريع المغربي_ القواعد العامة لوسائل اإلثبات‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،1981 ،‬‬
‫ص ‪.10 :‬‬
‫‪ 10‬محمد ابن معجوز الموغزراني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪05 :‬‬

‫‪7‬‬
‫األدلة الناقصة وفي استيضاح ما أبهم من وقائع الدعوى‪ ،‬إال أن ذلك ال يتعارض مع تقيد‬
‫القاضي بأدلة قانونية معينة وبتحديد هذه األدلة‪ ،‬وهذا التقدير يجب أن تقابله حرية القاضي‬
‫في تقدير وزن كل دليل في حدود قيمته القانونية حتى يستجلى الحقائق واضحة كاملة‪،11‬‬
‫بحيث يتقيد ببعض طرق اإلثبات وفقا لما حدده المشرع‪ ،‬كتقيده بالدليل الكتابي ما لم ينكر‬
‫أو يطعن فيه بالتزوير‪ ،‬وتتسع سلطة القاضي على وجه الخصوص في إثبات المسائل‬
‫التجارية نظرا لما تتسم به من سرعة في المعامالت بينما تتقيد هذه السلطة بشأن إثبات‬
‫المسائل المدنية‪...‬‬

‫وما يميز هذا المذهب أنه تغلب على أهم عيوب المذهب الحر بما في ذلك تحكم‬
‫القاضي‪ ،‬وفي الوقت نفسه يمنح له سلطة تقدير األدلة التي تقبل التقدير كشهادة الشهود بل‬
‫تجعل له أن يستنتج ثبوت واقعة غير ثابتة من واقعة أخرى ثابتة في إطار ما يسمى‬
‫بالقرائن القضائية ‪12‬و عليه فاإلثبات المختلط على تعبير الفقيه "عبد الرزاق أحمد‬
‫السنهوري" نظام يجمع بين ثبات التعامل بما احتوى عليه من قيود وبين اقتراب الحقيقة‬
‫الواقعية من الحقيقة القضائية بما أفسح فيه للقاضي من حرية التقدير‪.‬‬

‫صفوة القول‪ ،‬إن نظام اإلثبات المختلط هو نظام يسعى من ورائه المشرع إلى‬
‫تحديد وسائل إثبات بعض التصرفات والحقوق مع ترك حرية إثبات ما لم يتناوله النص‬
‫للخصوم‪ ،‬ومن ثم فإن سلطة القاضي في مجال اإلثبات في المادة المدنية تتأرجح بين‬
‫الضيق واالتساع‪ ،‬وبين الحرية والتقييد‪ ،‬من غير إغفال في هذا الصدد للرقابة التي يمكن‬
‫أن تفرضها محكمة النقض على سلطة قضاء الموضوع بشأن تقدير الحجج وأدلة اإلثبات‬
‫وأيضا في مجال الترجيح بينها‪.13‬‬

‫‪11‬‬‫‪René demogue, Les Notions Fondamentales du Droit privé, librairie nouvelle de droit et de jurisprudence,‬‬
‫‪Paris, 1911, p 534‬‬
‫‪ 12‬وفي هذا اإلطار صدر قرار عن محكمة النقض رقم ‪ ،231 2021/01/03‬بتاريخ ‪ ،2021/01/02‬تحت عدد ‪ ،62/2021‬إن تقدير‬
‫حقيقة الوقائع وتقييم األدلة من خالل تصريحات األطراف واستخالص ثبوت الجريمة من القرائن الثابتة ومن الوقائع المؤدية إلى المؤاخذة‬
‫يرجع أمر تقييمها للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع‪..‬‬
‫‪ 13‬بنسالم أوديجا‪ ،‬سلطة القاضي في اإلثبات في المادة المدنية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال الرباط‪ ،2015،2014 ،‬ص‪.13 :‬‬

‫‪8‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موقع أحكام اإلثبات في القانون المغربي والمقارن ومدى تعلق كل منها‬
‫بالنظام العام‬

‫سنعمل على تبيان أحكام اإلثبات في القانون المغربي والمقارن( أ)‪ ،‬ثم مدى تعلق‬
‫كل منها بالنظام العام( ب)‪:‬‬

‫أ – موقع أحكام اإلثبات في القانون المغربي والمقارن‬

‫ـ تقسيم قواعد اإلثبات إلى قواعد موضوعية وقواعد إجرائية‬

‫إن قواعد اإلثبات ليست كلها من طبيعة واحدة فبعضها قواعد تتعلق بالتنظيم‬
‫الموضوعي والبعض اآلخر تتعلق بالشكل واإلجراءات‪ ،‬ولقد كان هذا سببا في اختالف‬
‫التشريعات على المكان الذي يضم هذه القواعد‪ ،‬بحيث انقسمت إلى ثالث اتجاهات‪ :‬االتجاه‬
‫األول هو الذي سار عليه المشرع المغربي ‪-‬على غرار تشريعات عديدة من قبيل التشريع‬
‫الفرنسي‪ -‬حيث عمل على تنظيم أحكام اإلثبات في موضعين‪ :‬هما ظهير االلتزامات‬
‫والعقود وقانون المسطرة المدنية‪ ،‬أما االتجاه الثاني فقد عملت من خالله مجموعة من‬
‫التشريعات األخرى على جمع قواعد اإلثبات سواء المتعلقة بجانب الموضوع أو الشكل في‬
‫قانون المسطرة المدنية أو قانون المرافعات كما هو الشأن بالنسبة للقانون السويسري في‬
‫المواد من ‪ 168‬إلى ‪ 193‬من قانون المسطرة المدنية‪ ،‬في حين عمل االتجاه الثالث على‬
‫تنظيم قواعد اإلثبات بشقيها الموضوعي والشكلي في قانون مستقل كما هو الحال بالنسبة‬
‫للتشريع األمريكي و االنجليزي وأيضا القانون المصري‪ ،‬بعد صدور القانون رقم ‪ 25‬لسنه‬
‫‪ 1968‬الذي جمع القواعد الموضوعية والقواعد اإلجرائية في قانون مستقل هو قانون‬
‫اإلثبات في الوقت الذي كان القانون المصري يتبنى توجه المشرع المغربي ـ أي يتناول‬
‫القواعد الموضوعية في القانون المدني والقواعد الشكلية في قانون المرافعات ـ‪. 14‬‬

‫‪ 14‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬القانون المدني‪ ،‬دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي‪ ،‬دار‬
‫األفاق العربية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2020 ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ص ‪.18 ،17 :‬‬

‫‪9‬‬
‫موضع لقواعد اإلثبات هو وضعها في مجموعة واحدة مستقلة‬
‫ِ‬ ‫والواقع أن خير‬
‫تجمع بين دفتيها القواعد المتعلقة بالتنظيم الموضوعي والشكلي وذلك من شأنه أن ال يجعل‬
‫هذه القواعد مبعثرة بين القانون المدني وقانون المرافعات‪.‬‬

‫ب – حدود تعلق قواعد اإلثبات بالنظام العام‬

‫أجمع الفقه على اعتبار القواعد اإلجرائية لإلثبات متصلة بالنظام العام‪ ،‬في حين‬
‫عرفت القواعد الموضوعية اختالفا بين الفقهاء في مدى تعلقها بالنظام العام من عدمه ومن‬
‫ثم ذهب جمهور الفقه إلى عدم تعلق القواعد الموضوعية بالنظام العام‪ ،‬ما دام أنها تقررت‬
‫فقط لحماية مصالح األطراف‪ ،‬مما يعني إمكانية االتفاق على مخالفتها‪ ،‬ويترتب على‬
‫ارتباط هذه القواعد بالنظام العام مجموعة من النتائج وهي‪:‬‬

‫‪ -‬جواز التمسك بالقاعدة في جميع مراحل الدعوى ولو ألول مرة أمام محكمة‬
‫النقض‪.‬‬

‫‪-‬عدم إمكانية االتفاق على مخالفة أحكامها وإال كان االتفاق باطال‪.‬‬

‫‪ -‬يجوز للقاضي أن يرفض أي حكم يخرق هذه القواعد‪.‬‬

‫وبالنظر لكون المشرع المغربي لم يحسم بصورة واضحة وصريحة في مسألة ما‬
‫مدى تعلق قواعد اإلثبات بالنظام العام‪ ،‬فإنه يمكن القول من خالل الرجوع لمختلف القواعد‬
‫المنصوص عليها في ظ ل ع يتبين لنا بأن الكثير من هذه القواعد ال ترتبط بالنظام العام‪،‬‬
‫في مقابل تعلق بعضها به‪ ،‬ومن قبيل هذه القواعد األخيرة التي تتعلق بالنظام العام نجد‪:‬‬
‫الورقة الرسمية حجة على الكافة إلى أن ان يطعن فيها بالزور‪ ،‬وحجة القرائن القاطعة كما‬
‫هو مبين في الفصل ‪ 473‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬في مقابل ذلك نجد العديد من‬
‫قواعد اإلثبات ال تتعلق بالنظام العام كما هو الحال بالنسبة لقاعدة تحمل عبء اإلثبات‪،‬‬
‫حيث أنه بالرغم من تنصيص المشرع على أن المدعي هو الذي يلقي على عاتقه هذا‬
‫العبء طبقا للفصل ‪ 399‬من ق ل ع‪ ،‬فإنه ليس هناك ما يمنع من االتفاق على نقل عبء‬

‫‪10‬‬
‫‪ ،‬وهذا ما ذهب اليه بعض الفقه المتخصص في اإلثبات حيث‬ ‫‪15‬‬
‫اإلثبات الى الطرف اآلخر‬
‫أكد الدكتور "أحمد نشأت" بأن قواعد اإلثبات ليست من النظام العام في شيء‪ ،‬ألنها‬
‫وضعت لحماية الخصوم فقط ال إلرشاد القضاة مع ما يرتب عن ذلك من إمكانية تعديلها‬
‫وجعل عبء اإلثبات على عاتق أحد الطرفين بدل اآلخر باتفاقهما‪ ،‬وصاحب تلك الحماية‬
‫يمكن له التنازل عنها أثناء سير الدعوى"‪.16‬‬

‫وفي قرار صادر من محكمة النقض بتاريخ ‪ 27‬أبريل ‪ 2005‬ذهب إلى أن‬
‫استنباط القرائن الموكولة للقاضي وتقدير تأثيرها على مسار النزاع يعد من المسائل‬
‫الموضوعية التي يستقل بها قضاة الموضوع ويعتمدون عليها في تكوين قناعتهم وال رقابة‬
‫عليهم في ذلك من المجلس األعلى‪. 17‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ حياد القاضي ودور الخصوم اإليجابي‪-‬الحق في االثبات‪-‬‬

‫يعد مبدأ حياد القاضي من أهم المبادئ التي ال محيد عنها لضمان استقالل القضاء‬
‫وتحقيق العدل بين المتقاضين (الفقرة األولى)‪ ،‬ولتحقيق هذا األخير ال بد من االعتراف‬
‫للخصوم بالحق في إثبات ادعاءاتهم (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ حياد القاضي‬

‫أ‪ -‬عرض المبدأ‪:‬‬

‫قد يتبادر إلى الذهن أنه يقصد بمبدأ حياد القاضي عدم تحيزه‪ ،‬إال أن األمر على‬
‫خالف ذلك‪ ،‬فذلك مفروض فيه بداهة بحكم وظيفته‪ ،‬فالمقصود بمبدأ حياد القاضي أن‬
‫اإلثبات هو حق للخصوم وواجبهم في حدود القانون‪ ،‬فالخصوم هم الذين يقومون بالطلبات‬
‫والدفوع وهم الذين يقدمون وسائل اإلثبات التي يحددها القانون‪ ،‬وعلى القاضي أن يفصل‬
‫في طلباتهم على أساس األدلة التي تقدموا بها وبحسب قيمة هذه األدلة طبقا للقانون‪ ،‬وفي‬

‫‪15‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.25،24 :‬‬


‫‪ 16‬أحمد نشأت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.88 :‬‬
‫‪ 17‬قرار صادر عن محكمة النقض‪ ،‬رقم ‪ ،1270‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬أبريل ‪ ،2005‬ملف تجاري عدد ‪ (2010/1/4/1774‬غ م )‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫جميع األحوال فإن القاضي ال يحكم على الشخص إذا وصل إليه هذا العلم خارج المناقشة‬
‫الدائرة بين الخصوم وقبل إقفال باب المرافعة‪ ،‬والسبب في أن القاضي ال يحكم بعلمه‬
‫يرد على ما يعلمه‬
‫الشخصي أنه لو جاز ذلك لكان من الجائز أيضا ألي من الخصوم أن ُ‬
‫القاضي طبقا لحق خصوم في الدفاع‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى أن يصبح القاضي خصما وحكما‬
‫ويقول الدكتور أحمد أبو الوفا في هذا اإلطار‪ " :‬إن‬ ‫‪18‬‬
‫في نفس الوقت‪ ،‬وهذا غير معقول‬
‫مبدأ منع القاضي من الحكم بعلمه ال يتأتى من مبدأ حق الخصوم في مناقشة األدلة التي تقدم‬
‫في الدعوى‪ ،‬وإنما يتأتى من أن ما شاهده أو ما سمعه مما يتصل بوقائع القضية سوف يؤثر‬
‫حتما في تقديره بل قد يشل هذا التقدير‪ ،‬وهو عندئذ يصلح أن يكون شاهدا في القضية ليقدر‬
‫شاهد آخر شهادته وإنما ال يصلح أن يكون قاضيا وإال عد قاضيا وشاهدا في نفس‬
‫الوقت"‪.19‬‬

‫ومن وجهة نظرنا نرى أن عدم جواز حكم القاضي بعلمه الشخصي ال يمكن‬
‫االطمئنان إلى تطبيقه بتلك الدقة إال إذا أراد القاضي ذلك حسب ما يمليه عليه ضميره‪،‬‬
‫فالقاضي يستطيع إذا تجرد من ضميره أن يقضي بعلمه الشخصي ويستطيع في نفس الوقت‬
‫أن يتفادى رقابة محكمة النقض بأن ال يذكر شيئا من أسباب الحكم مما كان يعلمه شخصيا‬
‫وأصدر حكمه على أساسه‪.‬‬

‫إال أن مبدأ حياد القاضي لم يستمر في جموده كما نشأ في بداية األمر‪ ،‬حيث بدأت‬
‫صالحيات القاضي تتسع بالتدريج‪ ،‬فنجد االتجاهات الحديثة تعتبر الخصومة تهم المجتمع‬
‫ومرتبطة بالمصلحة العامة‪ ،‬ومن ثم ال بد من إيجاد نوع من التعاون بين الخصوم والقاضي‬
‫‪20‬‬
‫حتى يكون الحكم الصادر في الدعوى أقرب إلى العدالة‬

‫‪ 18‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬أحكام االلتزام واإلثبات‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2009 ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‪.100 :‬‬
‫‪ 19‬أحمد أبو الوفا‪ ،‬المرافعات المدنية والتجاريةـ دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2007 ،‬د ط‪ ،‬ص ‪.80 :‬‬
‫‪ 20‬محمد الغالمي‪ ،‬أثر مبدأ حياد القاضي على الخصومة المدنية‪ ،‬مجلة القانون واألعمال الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،49‬بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪ ،2023‬ص‪.16 :‬‬

‫‪12‬‬
‫وللوقوف عن مدى حقيقة مبدأ حياد القاضي يجب تحديد طبيعة التنظيم القانوني‬
‫لقواعد اإلثبات الذي يعمل القاضي في ظله؛ فإذا كان هذا التنظيم مقيدا فإن دور القاضي‬
‫يكون سلبيا بحتا‪ ،‬وإذا كان هذا التنظيم حرا طليقا فإن دوره يكون إيجابيا ً ويكون له سلطة‬
‫تقديرية واسعة في استكمال الدليل وتوجيه الخصوم‪ ،‬أما إذا كان مختلطا فإن القاضي ينشط‬
‫ويتمتع بقدر من السلطة في توجيه الخصوم واستكمال األدلة واستيضاح ما أبهم من وقائع‪،‬‬
‫بالرغم أنه يعمل في ظل طرق إثبات محددة وقيمة كل منها مقدرة‪.‬‬

‫وفي ظل التشريع المغربي فإن القاضي يتمتع بدور إيجابي في إدارة الدعوى‪،‬‬
‫حيث خول له بموجب ق‪.‬م‪ .‬م صالحيات واضحة ومهمة من أجل البحث عن الحقيقة دون‬
‫المساس بحياده بحيث يمكنه القيام بمجموعة من اإلجراءات التحقيقية بغاية تأكيد أو نفي‬
‫واقعة قانونية معينة تساعده في تشكيل قناعته حول النزاع‪ ،‬وقد أكدت محكمة النقض في‬
‫العديد من قراراتها على الدور اإليجابي للقاضي‪ ،‬ففي قرار صادر عنها بتاريخ ‪ 13‬فبراير‬
‫‪ 2002‬ذهبت إلى أن محكمة االستئناف لما قضت بعدم قبول استئناف الطاعن لتقديمه‬
‫لمقاله االستئنافي بصفه شخصية دون أن تقوم بإنذاره إلصالح المسطرة داخل أجل تحدده‬
‫طبقا للفصل األول من ق‪.‬م‪.‬م يكون قرارها قد خرق الفصل المذكور ويستوجب نقضه‪.21‬‬

‫ب – مظاهر الدور االيجابي للقاضي في القوانين الحديثة‬

‫لقد استقرت القوانين الحديثة على إعطاء القاضي دورا ايجابيا‪ ،‬يتمثل أساسا في‬
‫منحه سلطة استكمال األدلة وجمعها‪ ،‬حيث اعترف كل من التشريع المغربي والمصري‬
‫واللبناني بحق المحكمة في استكمال األدلة وجمعها؛ من ذلك مثال أنه للمحكمة من تلقاء‬
‫نفسها أن تأمر باإلثبات بشهادة الشهود في األحوال التي يجيز فيها اإلثبات بهذه الطريقة‬
‫كما لها أن تستدعي الشهود للشهادة متى رأت لزوما لسماع شهادتهم إظهارا للحقيقة‪ ،‬بل‬
‫وأكثر من ذلك يحق لها أن تنتقل إلى عين المكان لالستمتاع للشهود ‪-‬طبقا للفصل ‪ 73‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬م – وللمحكمة أيضا من تلقاء نفسها أو بناء على طلب األطراف االنتقال للمعاينة –‬
‫الفصل ‪ 67‬من ق‪.‬م‪.‬م‪ -‬وللقاضي أن يوجه اليمين المتممة من تلقاء نفسه إلى أي خصم‬
‫‪ 21‬قرار صادر عن محكمة النقض‪ ،‬رقم ‪ ،248‬بتاريخ ‪ 13‬فبراير ‪ ،2002‬ملف مدني عدد ‪.2001/2/3/882‬‬

‫‪13‬‬
‫ليبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في قيمة ما يحكم به – الفصل ‪ 87‬ق م ق –‬
‫كما يحق لها استنباط القرائن‪ ،‬وهذا ما يتضح من خالل مقتضيات الفصل ‪ 454‬من ق ل‬
‫ع الذي جاء فيه بأن القرائن التي لم يقررها القانون موكولة لحكمة القاضي‪...‬‬

‫ومن مظاهر الدور اإليجابي للقاضي أيضا ما تعترف به التشريعات الحديثة من‬
‫سلطة مطلقة في تقدير الدليل المقدم في الدعوى‪ ،‬إال أنها ال تسمح هذه التشريعات بالمجادلة‬
‫أمام محكمة النقض في تقديرها لألدلة‪ ،‬فال يجوز المجادلة في تقديرها لشهادة شاهد اطمأنت‬
‫اليه‪ ،‬إذ أن المقرر أن تقدير أقوال الشهود واستخالص الوقائع منها مما يستقل به قاضي‬
‫الموضوع‪ ،‬كما أنه ال تجوز المناقشة حول تقدير المحكمة في األخذ بتقرير الخبير أو في‬
‫استنباط قرينة قضائية أو تقديرها إلقرار غير قضائي‪ ،‬إلى جانب ما يتمتع به القاضي من‬
‫سلطة تسيير ما في الخصومة‪ ،‬منها سلطته في الحكم بالتشطيب عن القضية ـ القصل ‪47‬‬
‫من م‪ .‬م ـ أو إدخال من يرى إدخال ادخاله تحقيقا لمصلحة العدالة وإظهارا للحقيقة‪.22‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ دور الخصوم اإليجابي – الحق في اإلثبات‬

‫إن حق الخصوم في اإلثبات هو التمييز اإليجابي عن مبدأ حياد القاضي‪ ،‬فالدعوى‬


‫هي ملك للخصوم تبدأ حياتها بطلب يوجهه خصم إلى خصمه اآلخر‪ ،‬ويقع على مقدم‬
‫الطلب عبء إثبات ما يدعيه والطرف الثاني ‪-‬المدعى عليه‪ -‬من حقه أن يدفع طلب المدعي‬
‫بكل وسائل اإلثبات التي يملكها‪ ،‬والقاضي يقف موقفا حياديا بين الخصمين بالمعنى السالف‬
‫ذكره‪ ،‬يُ َمكن كل منهما من إثبات ما يدعيه هجوما أو دفاعا‪ ،‬وإذا منع أحدهما من ذلك كان‬
‫مخال بحق الخصوم في اإلثبات والدفاع‪ ،‬فهذه هي الفكرة العامة عن حق الخصوم في‬
‫الدفاع‪ ،‬إال أنها تحتاج إلى تحديد‪ ،‬خاصة بالنسبة للخصوم على النحو اآلتي‪:‬‬

‫أ ‪ -‬حق الخصم في اإلثبات‪ :‬على الخصم أن يثبت ما يدعيه أمام القضاء بالطرق‬
‫التي بينها القانون ويجب أن يتقيد في اإلثبات بقيود ثالثة؛‬

‫نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬اإلثبات في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،1995 ،‬ص‪. 43،42 :‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪14‬‬
‫أوال‪ :‬ال يجوز له أن يثبت ما يدعيه إال بالطرق التي حددها القانون فال يجوز له أن‬
‫يثبت بالشهادة ما يلزم إثباته بالكتابة وال يجوز له أن يجزئ إقرار خصمه إذا كان هذا‬
‫اإلقرار ال يتجزأ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬كذلك ال يجوز للخصم أن يطلب إثبات واقعة لم تتوافر فيها الشروط الواجبة‪،‬‬
‫إذ يجب أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى منتجة في داللتها جائزة اإلثبات قانونا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬يبقى للقاضي بعد كل هذا حرية واسعة في تقدير قيمة األدلة التي تقدم بها‬
‫الخصم ‪.23‬‬

‫ب ‪ -‬حق الخصم اآلخر في إثبات العكس ‪-‬مبدأ المجابهة بالدليل‪ :‬إن اإلثبات حق‬
‫لكل من المدعي والمدعى عليه ومن ثم فإن المدعي له الحق في إقامة الدليل على ما يدعيه‬
‫والمدعى عليه ‪-‬من جانبه – له الحق في إقامة الدليل على عكس ذلك‪ ،‬فكل دليل يتقدم به‬
‫أحد الخصمين إلثبات ادعائه يكون للخصم اآلخر الحق في نقضه وإثبات خالفه‪ ،‬فإذا ثبت‬
‫الخصم حقه بالكتابة الواردة في ورقة رسمية جاز للخصم اآلخر أن يطعن في هذه الورقة‬
‫بالتزوير‪ ،‬أما إذا الدليل الذي قدمه الخصم اآلخر ورقة عرفية فباإلضافة إلى ادعاء التزوير‬
‫يمكن له أن ينكر خطه وإمضائه أو أن يثبت عكس ما هو وارد فيها بكتابة أخرى مثلها‬
‫طبقا لما يقرره القانون‪ ،‬فللخصم في جميع الحاالت أن يدحض دليل خصمه بدليل آخر وله‬
‫وإذا كان الدليل الذي قدمه الخصم هو قرينة قضائية جاز‬ ‫‪24‬‬
‫أن يوجه اليه اليمين الحاسمة‪...‬‬
‫للخصم اآلخر أن يثبت عكس هذه القرينة بقرينة أخرى‪ ،‬أو بأي طريق آخر‪ ،‬ويصدق حق‬
‫الخصم في إثبات العكس أيضا بالنسبة لإلقرار واليمين‪ ،‬فيجوز الطعن في اإلقرار بالبطالن‬
‫لعدم األهلية أو لعيب من عيوب اإلرادة ويجوز لمن وجهت اليه اليمين الحاسمة أن يردها‬
‫لمن وجهها إليه‪.‬‬

‫‪ 23‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 34 :‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪ 24‬حسين المؤمن‪ ،‬نظرية اإلثبات‪ ،‬القواعد العامة لإلقرار واليمين‪ ،‬مطبعة العرفان‪ ،‬بغداد العراق‪ ،2016 ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.71‬‬

‫‪15‬‬
‫ج – حق الخصم في مناقشة األدلة في الدعوى وتفنيدها‪ :‬ال يجوز للقاضي أن‬
‫يأخذ بدليل قدمه أحد الخصوم دون أن يعرضه على الخصم اآلخر حتى يتمكن من مناقشته‬
‫تحقيقا لمبدأ التواجهية‪ ،‬بغض النظر عما إذا كان الدليل خطيا أو شهادة أو قرينة‪ ،‬بحيث ال‬
‫يجوز للمحكمة األخذ بأي دليل لم يتم عرضه على الخصوم لمناقشته‪ ،‬كما ال يجوز األخذ‬
‫بدليل نوقش في قضية أخرى ولم يتم مناقشته في هذه الدعوى‪ ،‬ويترتب عن حق الخصوم‬
‫في مناقشة األدلة التي تُقدم في الدعوى أنه ال يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه ذلك إن علم‬
‫القاضي هنا يكون دليال في القضية وفقا ما تم ذكره سابقا‪.‬‬

‫د – عدم جواز قيام الخصم باصطناع دليل لنفسه‪ :‬إن اإلثبات وإن كان عبئا على‬
‫الخصوم فهو حق لهم أيضا‪ ،‬للخصم أن يقيم الدليل بالطرق المحددة على صحة ما يدعيه‬
‫وفي سبيل تقديم الخصم لهذا الدليل ال يجوز له أن يصطنع دليال لنفسه‪ ،‬وهذه القاعدة بديهية‬
‫إذ ال يجوز للشخص أن يستند في دعواه إلى دليل اصطنعه لنفسه‪ ،‬وإال أصبحت عملية‬
‫اإلثبات صورية‪ ،‬فما أيسر على الخصم أن يُعد دليال لنفسه بما يؤيد ادعاءاته‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫ال يجوز أن يكون الدليل الذي يقدمه الخصم على صحة دعواه مجرد أقواله وادعاءاته‪ ،‬أو‬
‫أن يكون ورقة صادرة منه أو مذكرات دونها بنفسه‪ ،25‬فإذا رفع الطبيب دعواه على أحد‬
‫مرضاه يدعي فيها أنه زاره خمس مرات وقدم للتدليل على ذلك مذكراته التي يقيد فيها‬
‫زياراته للمرضى فال يعتبر هذا دليال‪ ،‬وعلة تقرير هذا المبدأ أنه لو جاز أن يصطنع أي‬
‫شخص دليل لنفسه ضد أي شخص آخر‪ ،‬لما آمن إنسان على نفسه أو ماله‪ ،‬ولتعرض كل‬
‫شخص الدعاءات ال حصر لها يصطنع أدلتها أشخاصا آخرون ضده‪.‬‬

‫خ – ال يجوز إجبار خضم على تقديم دليل ضد نفسه‪ :‬وهو مبدأ عام يقتضي أن من‬
‫مصلحة الطرف في الدعوى عدم الكشف عن حجة يحوزها وفي االستدالل بها مصلحة‬
‫لخصمه‪ ،‬إذ ال يجوز إجباره على االستظهار بها حتى ال يستفيد خصمه من هذا اإلجراء‬
‫‪ ، 26‬إال أنه من الناحية الفنية إذا امتنع أحد الخصوم دون حق عن االستجابة لطلبات خصمه‬
‫من تقديم مستندات في حوزته أو جعل بفعله إثبات الدعوى مستحيال بأن امتنع مثال عن‬

‫‪ 25‬أشرف جابر سيد‪ ،‬أصول اإلثبات‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2003 ،‬د ط‪ ،‬ص‪.20 :‬‬
‫‪ 26‬بنسالم أوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.547 :‬‬

‫‪16‬‬
‫تقديم دليل تحت يده ال يمنع القانون من تقديمه‪ ،‬فإن ذلك مؤداه أن يخسر هذا الخصم‬
‫دعواه‪ ،‬على أساس أن ذلك يعتبر من قبيل التسليم من جانبه بصحة ما يدعيه خصمه‪،‬‬
‫وذلك بطريق القياس على من جعل بفعله تحقق الشرط الذي عليه التزاما مستحيال‪ ،‬فإن‬
‫القانون يفترض أن الشرط قد تحقق‪...‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مسائل اإلثبات‬


‫إذا كان اإلثبات هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق واإلجراءات المحددة قانونا‬
‫على وجود أو صحة واقعة قانونية متنازع فيها فإنه من الجلي أن محل اإلثبات ينصب‬
‫بصفه أساسية على تلك الواقعة القانونية دون األثر الذي يرتبه القانون على وجودها أو‬
‫صحتها‪ ،‬وقد سبق أن رأينا دور كل من الخصوم والقاضي في اإلثبات‪ ،‬وتبين لنا أن‬
‫اإلثبات حق للخصوم وأن يلتزم بالحياد في الخصومة‪ ،‬بحيث يمتنع عليه القضاء بعلمه‬
‫الشخصي أو السعي إلى جمع األدلة بنفسه‪ ،‬وهو ما سنحاول رصده في إطار المطلب‬
‫األو ل‪ ،‬حيث سنخصصه لدراسة عبء اإلثبات ومحله‪ ،‬على أن نعالج في إطار المطلب‬
‫الثاني طرق االثبات المتمثلة طبقا للفصل ‪ 404‬من ظ ل ع في كل من إقرار الخصوم‬
‫والحجة الكتابية وشهادة الشهود والقرينة واليمين والنكول عنها‪ ،‬في حين تناول ق م م‬
‫الوسائل األخرى تحت مسمى إجراءات التحقيق‪ ،‬وذلك في الفصول من ‪ 55‬إلى ‪102‬‬
‫وأيضا الفصول من ‪ 334‬إلى ‪ 336‬التي تطرقت للقواعد المسطرية للقيام بهذه اإلجراءات‬
‫أمام محتكم االستئناف‪ ،‬والمتمثلة في‪ :‬الخبرة‪ ،‬معاينة األماكن‪ ،‬األبحاث‪ ،‬اليمين‪...‬‬

‫المطلب األول‪ :‬محل اإلثبات وعبؤه‬

‫إن محل اإلثبات هو المصدر الذي ينشئ هذا الحق‪ ،‬ويستوي أن يكون تصرف‬
‫مادي أو واقعية قانونية ( الفقرة األولى)‪ ،‬وعبء إثبات هذا الحق يطرح إشكاالت عدة‬
‫سنحاول معالجتها تباعا في إطار (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬محل اإلثبات‬

‫محل اإلثبات هو السبب المنشئ للحق المدعى بوجوده أو زواله أو وصفه‪،‬‬


‫فاإلثبات ال يرد على الحق ذاته وإنما يرد على المصدر المنشئ له أو المؤدي إلى زواله أو‬
‫إلحاق وصف به‪ ،‬سواء كان هذا المصدر تصرفا قانونيا أو واقعة مادية‪ ،‬بتعبير موجز إن‬
‫محل اإلثبات ليس هو الحق المدعى به بل هو المصدر الذي ينشئ هذا الحق‪ ،‬وهو ما يشمل‬
‫التصرف القانوني والواقعة المادية على السواء‪ ،27‬وينبني على ذلك أن االلتزام ذاته ال‬
‫يكون محال لإلثبات‪ ،‬فهو ال يثبت وال ينتفى‪ ،‬بل هو يستخلص من مصدره‪ ،‬ومصدر‬
‫االلتزام وحده هو التصرف الواقعة القانونية التي تكون محال لإلثبات‪.28‬‬

‫فالتصرف القانوني تعبيرا عن اإلرادة بقصد إحداث أثر أو آثار قانونية‪ ،29‬وهو‬
‫إما أن يصدر من جانبين‪ -‬كعقد البيع وعقد اإليجار‪ -‬وإما أن يصدر من جانب واحد ‪ -‬كعقد‬
‫الهبة وعقد الوصية ـ أما الواقعة المادية فهي أمر مادي محسوس يرتب القانون عليه آثار‬
‫معينة‪ ،‬وهي إما أن ترجع إلى إرادة اإلنسان‪ ،‬كالفعل الضار الذي يرتب عليه القانون الحق‬
‫في التعويض أو الفعل النافع الذي ينشئ لصاحبه الحق في استرداد ما أنفق من مصاريف‬
‫وما لحقه من خسارة‪ ،‬وإما أن تقع بدون تدخل من إرادة اإلنسان كالوفاة التي يرتب عليها‬
‫القانون الحق في الميراث‪.‬‬

‫وما يجب اإلشارة إليه في هذا الصدد‪ ،‬أنه يشترط في الواقعة القانونية محل‬
‫اإلثبات مجموعة من الشروط‪ ،‬حيث جاء في إطار الفصل ‪ 403‬من ظ‪.‬ل‪.‬ع ما يلي‪ ":‬ال‬
‫يجوز إثبات االلتزام‪:‬‬

‫‪ -1‬إذا كان يرمي إلى إثبات وجود التزام غير مشروع‪ ،‬أو ال يسمح القانون بسماع‬
‫الدعوى فيه‪.‬‬

‫‪ - 2‬إذا كان يرمي إلى إثبات وقائع غير منتجة‪ ،‬وعليه؛"‬

‫‪ 27‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.50 :‬‬


‫‪ 28‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51 :‬‬
‫‪ 29‬أستاذنا جمال الطاهري‪ ،‬محاضرات في النظرية العامة لاللتزامات‪ ،2019 ،‬ص‪.43 :‬‬

‫‪18‬‬
‫أ‪ -‬يجب أن تكون الواقعة محددة‪ :‬وهو شرط بديهي فالواقعة غير المحددة ال يمكن‬
‫إثباتها إذ أن اإلثبات ال يرد على أمر مبهم أو مجهول‪ ،‬لذلك يجب أن يكون تحديد الواقعة‬
‫كافيا حتى يمكن التحقق من أن الدليل الذي سيقدم يتعلق بها ال بغيرها‪ ،‬ومثال الواقعة غير‬
‫المحددة أن يدعي شخص ملكية عقار أو دينا دون أن يحدد سبب هذه الملكية‪ ،‬أو مصدر‬
‫هذا الدين هل هو عقد بيع أو صلح أو قسمة أو غير ذلك من العقود التي تصلح سببا لكسب‬
‫الملكية‪ ،‬أو مصدرا للدين‪ ، 30‬والواقعة القانونية محل اإلثبات قد تكون إيجابية كما قد تكون‬
‫سلبية؛ فالواقعة اإليجابية هي التي تنصب على وجود أمر ما‪ ،‬أما الواقعة السلبية فهي التي‬
‫تنصب أمر غير موجود‪ ،‬كنفي التقصير في االلتزام بعالج المريض‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫إثبات الطبيب أنه قام بكل ما يفرضه عليه واجب العالج‪ ،‬وأنه في سبيل ذلك اتخذ كل‬
‫االحتياطات الالزمة‪.‬‬

‫ب‪ -‬يجب أن تكون الواقعة ممكنة‪ :‬ذلك أن الواقعة المدعاة يجب أن تكون ممكنة‪،‬‬
‫فال يتصور عقال إثبات واقعة مستحيلة فال يجوز مثال أن يكون محال اإلثبات ادعاء شخص‬
‫نسبه من شخص آخر أصغر منه سنا‪ ،‬فاإلثبات في مثل هذه الحالة يعتبر عبثا من شأنه‬
‫إهدار وقت المحكمة‪.‬‬

‫ج – يجب أن تكون الواقعة محل نزاع‪ :‬هذا الشرط بدوره شرط بديهي إذ لو كانت‬
‫الواقعة محل النزاع محل تسليم من الخصم اآلخر لما كان هناك داعي إلهدار وقت‬
‫المحكمة في إثباتها‪ ،‬بحيث ال يجوز البحث في إثبات واقعة سبق وأن أقر بها الخصم‬
‫لمصلحه خصمه‪.‬‬

‫د – يجب أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى‪ :‬تكون الواقعة متعلقة بالدعوى إذا‬
‫كانت ذات صلة وثيقة بها والعكس صحيح‪ ،‬فال يجوز للمستأجر الذي يطالبه المؤجر بأجرة‬
‫شهر معين أن يقدم ما يفيد سداده أجرته شهور سابقة على هذا الشهر‪ ،‬النتفاء الصلة الوثيقة‬
‫بين هذه الدعوى وبين الدعوى المرفوعة‪ ،‬ففي هذه الحالة يشترط أن يكون هذا الشيء الذي‬

‫‪ 30‬سليمان مرقس‪ ،‬شرح القانون المدني‪ ،‬في االلتزامات " مصادر االلتزام وآثاره وأوصافه وانتقاله وانقضاؤه‪ ،‬والنظرية العامة لإلثبات"‪ ،‬المطبعة‬
‫العالمية‪ ،‬م ط غ‪ ،1964 ،‬د ط‪ ،‬ص ‪.63 :‬‬

‫‪19‬‬
‫انتقل إليه محل اإلثبات قريبا ومتصال بالمحل األصلي لإلثبات وهو مصدر الحق وبالتالي‬
‫الحق ذاته‪.31‬‬

‫خ – يجب أن تكون الواقعة منتجة في الدعوى‪ :‬ال يكفي أن تكون الواقعة القانونية‬
‫متعلقة بالدعوى‪ ،‬بل يجب أن تكون كذلك منتجة فيها‪ ،‬أي أن يكون من شأن إثباتها الفصل‬
‫في الدعوى‪ ،‬لذلك ال يجوز للمدين الذي يطالبه دائنه بالوفاء بالدين أن يطلب إثبات هذا‬
‫الوفاء عن طريق إقرار صادر من شخص آخر‪ ،‬ألن اإلقرار بالوفاء المنتج في الدعوى‬
‫هو الذي يصدر من الدائن ال من الغير‪.‬‬

‫ش‪ -‬أن تكون الواقعة جائزة اإلثبات‪ :‬يشترط في الواقعة القانونية أن تكون جائزة‬
‫اإلثبات؛ أي أن ال يكون هناك ما يمنع إثباتها من الناحية القانونية‪ ،‬بحيث قد يمنع القانون‬
‫إثبات واقعة ما ألنها تتعارض مع النظام العام واآلداب العامة‪ ،‬ومثال ذلك عدم جواز‬
‫إثبات دين القمار‪ ،‬وإما ألن ضرورة الصياغة الفنية يقتضي هذا المنع كما هو الحال بالنسبة‬
‫للوقائع التي تصطدم بقرينة قانونية قاطعة‪ ،‬فال يجوز مثال إثبات واقعة مخالفة لما هو ثابت‬
‫بالحكم القضائي‪ ،‬وتقدير كون الواقعة جائزة اإلثبات قانونا من مسائل القانون التي يخضع‬
‫فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض‪.32‬‬

‫وكون محل اإلثبات تصرف قانوني أو رابطة قانونية يفيد أن اإلثبات ال يرد على‬
‫القانون بل القاضي يطبقه من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إثبات الخصوم‪ ،‬ومن ثم فعنصر‬
‫االدعاء بحق أو بأية رابطة قانونية أمام القضاء ينقسم إلى عنصرين‪ :‬عنصر الواقع وهو‬
‫مصدر الحق المدعى به؛ أي التصرف القانوني أو الواقعة القانونية التي أنشأت هذا الحق‪،‬‬
‫وعنصر القانون وهو استخالص الحق من مصدره بعد أن ثبت الخصم هذا المصدر؛ أي‬
‫تطبق القانون على ما ثبت للقاضي من الوقائع ‪،‬وهذا من عمل القاضي وحده ال يكلف‬
‫الخصم بإثباته بحيث على القاضي أن يبحث من تلقاء نفسه على القواعد الواجبة التطبيق‬

‫‪ 31‬عبد هللا القاسم العنزي‪ ،‬شروط الواقعة القانونية محل اإلثبات‪ ،‬مقال منشور بموقع ‪ www.makkahnewspaper.Com‬تم االطالع عليه‬
‫‪ 18‬مارس ‪ ،2024‬على الساعة ‪.22:00‬‬
‫‪ 32‬أشرف جابر سيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28 :‬‬

‫‪20‬‬
‫على ما ثبت عنده من الوقائع فيطبقها من تلقاء نفسه‪ ،‬إال أن مبدأ القاعدة القانونية ليست‬
‫محال لإلثبات ترد عليه استثناءات؛ بحيث تكون القاعدة القانونية محال لإلثبات في حالتين‪:‬‬

‫‪-‬الحالة األولى‪ :‬إذا كانت القاعدة القانونية مصدرها عرف محلي‪ ،‬وهنا يجب التمييز‬
‫بين القاعدة القانونية التي يكون مصدرها عرفا عاما‪ ،‬وتلك التي يكون مصدرها عرفا‬
‫محليا‪ ،‬فإذا كانت القاعدة القانونية مصدرها عرف عام فإنها ال تعد محال لإلثبات‪ ،‬ألن‬
‫العرف العام يكون بمثابة قانون يفترض علم القاضي به‪ ،‬ومن ثم يجب عليه أن يقضي به‬
‫من تلقاء نفسه‪ ،‬أما اذا كانت القاعدة القانونية مصدرها عرفي محلي‪ ،‬فالراجح أن هذه‬
‫القاعدة تأخذ حكم الواقعة القانونية‪ ،‬بحيث ال يتص ور افتراض علم القاضي بها ومن ثم‬
‫تكون محال لإلثبات ويجب على من يتمسك بها من الخصوم أن يقوم بإثباتها‪ ،‬فإذا ثبتت‬
‫أخذت حكم العرف العام‪.33‬‬

‫ويختلف الحال لو كانت القاعدة القانونية ناشئة عن عادة اتفاقية لم تبلغ منزلة‬
‫العرف‪ ،‬فهذه العادة االتفاقية ال تستمد قوتها سوى من اتفاق المتعاقدين عليها وال يفترض‬
‫علم القاضي بها‪ ،‬ومن ثم فإنه يتعين على الخصم الذي يتمسك بها أن يقوم بإثباتها‪.‬‬

‫‪-‬الحالة الثانية‪ :‬القانون األجنبي إذا قضت قواعد اإلسناد بتطبيقه ‪ :‬قد يكون القانون‬
‫الواجب التطبيق على موضوع النزاع قانونا أجنبيا وذلك بمقتضى قواعد اإلسناد‪ ،‬وعادة ما‬
‫يكون هذا القانون غير معروف في البلد المنظور فيه الدعوى‪ ،‬لذلك اختلف الرأي‬
‫مسايرا القضاء الفرنسي إلى أن القانون األجنبي‬ ‫‪34‬‬
‫بخصوص هذه الحالة‪ ،‬فذهب البعض‬
‫يأخذ حكم الواقعة القانونية‪ ،‬وبالتالي يقع على الخصم الذي يتمسك بتطبيقه عبء إثباته‪،‬‬
‫ويستند هذا الرأي الى اعتبارات علمية حيث ال يمكن افتراض علم القاضي الوطني بالقانون‬
‫في‬ ‫‪35‬‬
‫األجنبي الواجب التطبيق وفقا لقواعد اإلسناد‪ ،‬إال أن بعض الفقه الفرنسي الحديث‬

‫‪ 33‬سليمان مرقس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.65 :‬‬


‫‪ 34‬توفيق حسن فرج‪ ،‬قواعد اإلثبات في المادة المدنية والتجارية‪ ،‬مطبعة الثقافة الجامعية‪ ،‬مصر‪ ،2003 ،‬د ط‪ ،‬ص‪.34 :‬‬
‫‪ 35‬انظر بخصوص الفقه الفرنسي فيليب مالوري‪ ،‬سافتييه‪ ،‬مراجع مشار اليها في مرجع هشام صادق‪ ،‬تنازع القوانين‪ ،‬ص‪ ،226 :‬هامش رقم ‪.1‬‬

‫‪21‬‬
‫مجموعه يذهب إلى أ ن القانون األجنبي ال يغير طبيعته لمجرد تطبيقه في دولة أخرى بل‬
‫يظل محتفظا بطبيعته القانونية وال يتحول إلى واقعة مادية‪ ،‬وبالتالي فإن الخصوم وإن جاز‬
‫معاونتهم للقاضي في إثبات القانون األجنبي إال أنهم ال يكلفون بإثباته‪ ،‬فالقاضي يقضي في‬
‫القانون األجنبي بعلمه وعليه أن يبحث هو عن مضمونه وأن يفسره حسب القواعد المعمول‬
‫بها في الدولة صاحبة القانون‪ ،‬وهو يخضع في كل ذلك لرقابة محكمة النقض‪.‬‬

‫ونحن نميل إلى الرأي الراجح إلى أن القانون األجنبي هو واقعة قانونية ال يتغير‬
‫طبيعته لمجرد أن القاضي األجنبي بطبقه وفقا لقاعدة اإلسناد في قانونه الوطني‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫يجب على القاضي أن يبحث من تلقاء نفسه عن أحكام القانون األجنبي الواجب التطبيق‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عبء اإلثبات‬

‫إن اإلثبات كما أسلفنا الذكر حق للخصوم‪ ،‬والقاضي يلتزم الحياد في الخصومة‪،‬‬
‫بحيث يمنع عليه القضاء بعلمه الشخصي‪ ،‬أو السعي إلى جمع األدلة بنفسه‪ ،‬ذلك إن قيام‬
‫القاضي بتكليف أحد الخصمين دون اآلخر باإلثبات يعد خروجا على هذا المبدأ لما يمثله‬
‫ذلك من وضع أحد الخصمين في مركز أفضل من اآلخر‪ ،‬فالخصم الذي يكلف باإلثبات يجد‬
‫نفسه ملتزما بأمر إيجابي قد ال يستطيعه‪ ،‬أما الطرف اآلخر فيقف موقفا سلبيا‪ ،‬وفي ذلك قد‬
‫يرجح كفته في الدعوى دون عناء يبذله‪ ،‬فالكثير من األشخاص يخسرون دعواهم رغم‬
‫كونهم أصحاب الحق فيما يدعونه ألنهم عجزوا عن إقامة الدليل الذي يوصل إلى إقناع‬
‫القاضي‪ ،‬لذلك كانت معرفة الشخص الذي يتحمل عبء اإلثبات مسالة ذات أهمية كبرى من‬
‫الناحية العملية‪ ،‬فكون أحد الخصمين غير مكلف باإلثبات يعتبر ميزة له من ناحية مركز‬
‫‪36‬‬
‫الخصوم في الدعوى‪ ،‬ألن هذا يؤدي به إلى كسب الدعوى إذا عجز خصمه عن اإلثبات‪،‬‬
‫ونظرا لهذه األهمية فقد تدخل القانون لوضع قواعد توزيع هذا اإلثبات بين الخصوم‪:‬‬

‫‪ 36‬إدريس العبدالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.42 :‬‬

‫‪22‬‬
‫البينة على المدعي ‪ :‬إن القاعدة العامة في توزيع عبء اإلثبات تتمثل في أن صاحب‬
‫ما يلي‪" :‬‬ ‫‪37‬‬
‫الدفع هو المكلف باإلثبات‪ ،‬حيث جاء في إطار الفصل ‪ 399‬من ق ل ع‬
‫إثبات االلتزام على مدعيه" ‪،‬وهذا يتماشى مع المبادئ المقررة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬ففي‬
‫حديث عن ابن عباس رضي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ ":‬لو يعطى‬
‫الناس بدعواهم الدعى رجال أموال قوم ودمائهم لكن البينة على المدعي واليمين على من‬
‫أنكر" ‪ -38‬والمقصود بالبينة في هذا الصدد اإلثبات الذي يتطلبه القانون‪ -‬ففي التشريع‬
‫المغربي وسائر القوانين الحديثة توجد القاعدة ذاتها‪ ،‬فالمدعي هو الذي يحمل في األصل‬
‫عبء اإلثبات سواء كان دائنا يدعي ثبوت الدائنية أو مدينا يدعي التخلص من المديونية‪،‬‬
‫فالقاعدة هي أن المدعي هو الذي يقع عليه عبء اإلثبات‪ ،‬فمن هو المدعي؟‪.‬‬

‫ال يقصد بالمدعي الدائن فقط كما يستفاد من نص القانون‪ ،‬فالمدعي الذي يقع‬
‫عليه عبء اإلثبات قد يكون دائنا يدعي ثبوت الدائنية وقد يكون مدينا يدعي التخلص من‬
‫المديونية‪ ،‬بمعنى آخر إن المدعي قد يكون هو مباشر الدعوى كمن يدعي بحق معين في‬
‫مواجهة شخص آخر إذ يقع عليه عبء إثبات مصدر هذا الحق تصرفا قانونيا ‪-‬كعقد البيع‪-‬‬
‫أو واقعة قانونية ‪-‬كالعمل غير المشروع أو اإلثراء بال سبب‪ -‬ولكن ليس ضروري أن‬
‫يكون المدعي هو من يرفع الدعوى‪ ،‬فقد يكون المدعي هو الشخص الذي يقدم دفعا في‬
‫الدعوى فيقع عليه عبء إثبات دفعه‪ ،‬كمن يدفع بالوفاء بالدين المدعى به‪ ،‬من هنا يمكن أن‬
‫نقول أن من يحمل عبء اإلثبات هو المدعي في الدعوى والمدعى عليه في الدفع‪ ،‬فكالهما‬
‫مدع في دعواه‪... 39‬إذا يقع عبء اإلثبات على عاتق من يرفع الدعوى بالنسبة إلى ما يدعيه‬
‫فيها مما يخالف األصل‪ ،‬ويقع على عاتق المدعى عليه بالنسبة إلى ما يدفعها به إذا أثبت‬
‫المدعي دعواه حيث يعتبر المدعى عليه مدعيا في الدفع‪ ،40‬ومؤدى ذلك أن من يقع عليه‬
‫عبء اإلثبات هو من يدعي خالف األصل فمن يتمسك بالوضع الثابت أو الظاهر ال يكلف‬

‫‪37‬وفي إطار القوانين المقارنة نجد على سبيل المثال المادة ‪ 389‬من القانون المدني المصري تنص على ما يلي‪ :‬على الدائن إثبات االلتزام وعلى‬
‫المدين إثبات التخلص منه"‪.‬‬
‫وجاء في إطار الفصل ‪ 1315‬من القانون المدني الفرنسي ما يلي ‪ " :‬من يطالب بتنفيذ االلتزام يجب عليه إثباته‪ ،‬ويجب على من يدعي التخلص‬
‫من التزامه أن يثبت الوفاء به أو أن يثبت الواقعة التي أدت إلى انقضائه"‪.‬‬
‫‪ 38‬محمد بن صالح بن محمد العثيمين‪ ،‬كتاب شرح األربعين النووية للعثيمين‪ ،‬دار الثريا للنشر‪ ،‬م ط غ‪ 1421 ،‬ه‪ ،‬د ط‪ ،‬ص‪.59 :‬‬
‫‪ 39‬أحمد إبراهيم‪ ،‬طرق القضاء في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬المكتبة األزهرية للتراث‪ ،‬م ط غ‪ ،2013 ،‬د ط‪ ،‬ص‪.16 :‬‬
‫‪ 40‬سليمان مرقس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.109` :‬‬

‫‪23‬‬
‫بإثباته أما من يدعي خالف ذلك فيقع عليه إثبات ما يدعيه‪ ،‬والوضع الثابت أو الظاهر ثالثة‬
‫أنواع‪ :‬الثابت أصال و الثابت عرضا والثابت فرضا‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الثابت أصال‪ :‬يقصد به األمر الثابت بطبيعة األشياء ومن أمثلة ذلك أن األصل‬
‫براءة الذمة وأن األصل هو الظاهر وأن األصل هو سالمة اإلرادة من العيوب ما لم يثبت‬
‫خالف ذلك‪ ،‬فمن يتمسك بالثابت أصال ال يكلف بإثباته‪ ،‬أما من يدعي خالف الثابت فيقع‬
‫عليه إثباته‪ ،‬فيستفيد من يتمسك بالثابت من قرينة بقاء األصل على حاله‪:‬‬

‫أ ‪ -‬في نطاق الحقوق الشخصية األصل هو براءة الذمة‪ :‬فإذا ادعى شخص دينا له‬
‫على آخر وجب عليه إثبات مصدر هذه المديونية كأن يثبت عقد القرض مثال ألنه يدعي‬
‫خالف األصل وهو براءة الذمة‪ ،‬وال يكلف المدعى عليه بإثبات براءة ذمته‪.‬‬

‫ب – في نطاق الحقوق العينية األصل هو الظاهر‪ :‬فمالك العقار الذي يتمسك بخلو‬
‫ملكيته من أي حق عيني يثقلها ال يكلف بإثبات ذلك ألنه يتمسك بالظاهر‪ ،‬ويقع على من‬
‫يدعي خالف الظاهر عبء إثبات ما يدعيه‪ ،‬كأن يثبت وجود حق ارتفاق أو حق انتفاع أو‬
‫حق رهن على العين محل النزاع‪ ،‬كذلك الحائز للعين ال يطالب بإثبات ملكيتها ألن الظاهر‬
‫هو أن الحائز مالك للعين‪ ،‬أما من يدعي الملكية وهو غير حائز لها فيقع عليه عبء إثبات‬
‫ملكيته ألنه يدعي خالف الظاهر‪.‬‬

‫ج‪ -‬في نطاق العقود ‪ :‬يعتبر األصل بالنسبة للعقود أنها سليمة خالية من العيوب‪،‬‬
‫وعلى من يدعي وجود عيب بها إثبات ذلك‪ ،‬كما أن األصل فيها أنها حقيقية ويقع على من‬
‫يدعي صوريتها عبء إثبات ذلك‪ ،‬واألصل في كل التزام لم يذكر له سببا في العقد أن له‬
‫سببا مشروعا‪ ،‬ويذكر هنا أن الصورية تثبت بكل وسائل اإلثبات فإذا أثبت المدين أن‬
‫السبب المذكور سبب صوري غير حقيقي فإن العقد يكون باطال‪ ،‬غال إذا أثبت الطرف‬
‫اآلخر( الدائن) بدوره وجود سبب آخر مشروع‪ ،41‬وذلك تطبيقا للفصل ‪ 65‬من ق ل ع‬
‫الذي جاء فيه " غذا ثبت أن السبب المذكور غير حقيقي أو غير مشروع‪ ،‬كان على من‬
‫‪ 41‬عبد الحق الصافي‪ ،‬الوجيز في القانون المدني‪ ،‬المصادر اإلرادية لاللتزام( العقد واإلرادة المنفردة)‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪ ،2006‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.164 :‬‬

‫‪24‬‬
‫يدعي أن لاللتزام سببا آخر مشروعا أن يقيم الدليل عليه"‪ ،‬كما أن األصل في الشخص‬
‫حسن النية وعلى من يدعي خالف ذلك إثبات ما يدعيه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الثابت عرضا‪ :‬وهو األمر الذي قام بدليل على خالف الثابت أصال ‪42‬ومثاله‬
‫أن يتمكن من يدعي وجود حق له في ذمة آخر من إثبات مديونية هذا الحق إذ بذلك يكون‬
‫قد أثبت أمرا خالف الثابت أصال‪ ،‬وهو براءة الذمة‪ ،‬وحينئذ تكون المديونية هي األمر‬
‫الثابت عرضا ويقع على عاتق المدين عبء إثبات براءة ذمته بأن يثبت مثال انقضاء الدين‬
‫ألي سبب من أسباب انقضاء االلتزام ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الثابت فرضا‪ :‬ويقصد به األمر الذي افترض فيه المشرع ثبوته بناء على‬
‫قرينة قانونية‪ ،‬فالمشرع ينشئ قرينة قانونية على ثبوت أمر ما يستطيع المدعي أن يتمسك‬
‫بها إذا توافرت الظروف أو الوقائع التي جعلها المشرع أساسا لقيام هذه القرينة‪ ،‬ومن ثم ال‬
‫يقع على عاتق المدعي عبء إقامة الدليل على ما يدعيه وإنما يكفي أن يثبت هذه الظروف‬
‫وتلك الوقائع‪ ....‬والقرينة القانونية التي يفترض على أساسها ثبوت أمر ما قرينة بسيطة‬
‫تقبل البينة المعاكسة وليست قاطعة‪ ،‬ومن صورها في ظ ل ع قرينة أن لكل التزام سبب‬
‫حقيقي ومشروع حتى يثبت العكس‪ :‬هذه القرينة نص عليها المشرع في الفصل ‪ 63‬من ظ‬
‫ل ع‪ ،‬عندما افترض بأن كل التزام له سبب‪ ،‬وأن هذا السبب حقيقي ومشروع ولو لم يذكر‪،‬‬
‫وعلى من يدعي خالف ذلك إثبات ادعائه‪ ،‬فهنا أعفى القانون الدائن من إثبات أن لاللتزام‬
‫الذي يطالب به المدين سبب حقيقي ومشروع‪ ،‬فالمشرع افترض واستنتج هذه القرينة على‬
‫توفر شروط السبب‪ ،‬فتجنب إلزام المدعي بإثبات مشروعية وحقيقة سبب االلتزام المذكور‬
‫في العقد‪ ،‬ويكفيه إثبات وجود هذا األخير‪ ،‬والخصم إذا قدم دليال كتابيا أو شهادة على ما‬
‫يدعيه‪ ،‬فإنه إنه يكون قد قدم دليال كامال ولكن هذا ال يمنع خصمه من أن يقدم دليال ينقض‬
‫دليله‪ ،‬فالدليل العكسي في القرينة البسيطة ليس نتيجة لنقل عبء اإلثبات إلى الخصم اآلخر‪،‬‬
‫بل هو تطبيق ألصل من أصول اإلثبات يقضي بمقارعة الدليل بالدليل‪.‬‬

‫عبد الرشيد مأمون‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬دار النهضة العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،1995 ،‬د ط‪ ،‬ص‪.160 :‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪25‬‬
‫قرينة المسؤولية في إطار الفصلين ‪ 85‬و ‪ 86‬من ق ل ع ما لم يثبت العكس‪:‬‬
‫على مستوى المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير نالحظ أن المشرع في إطار فصل ‪85‬‬
‫افترض في األب واألم تقصيرا في تربية الولد فحملهما المسؤولية عن األضرار التي‬
‫يتسبب فيها للغير استنادا إلى قرينة قانونية تفترض خطأهما في كيفية اشرافهما على تربية‬
‫القاصر ورعايته‪ ،‬إال أن هذه القرينة قابلة إلثبات العكس وعلى األب واألم إثبات أنهما فعال‬
‫ما بوسعهما دون أن يتمكن من وقوع الفعل‪ ،‬وهي نفس القرينة طبقها المشرع على أرباب‬
‫الحرف بالنسبة ألخطاء المتعلمين الموجودين تحت عهدتهم‪ ،‬فكل خطأ يرتكبه المتعلم أثناء‬
‫وجوده لدى صاحب الحرفة يفترض أن هذا األخير مسؤول عنه ألن القاصر يكون قد خرج‬
‫من نطاق مسؤولية رب الحرفة‪ ،‬ونفس المسؤولية المفترضة تسري أيضا على المكلف‬
‫بحراسة الحيوان حسب الفصل ‪ 86‬من ظ ل ع لقول المشرع "‪..‬وتلزمهم هذه المسؤولية‬
‫ما لم يثبت‪"...‬‬

‫وما يمكن استخالصه من هذه الدراسة‪ ،‬أن عبء اإلثبات ال يثقل كاهل أحد‬
‫الخصمين دون اآلخر‪ ،‬بل يوزع على الخصمين على النحو المتقدم‪ ،‬فقد يقع هذا التوزيع‬
‫بحكم الواقع بمقتضى قرائن قضائية ينقل بها القاضي عبء اإلثبات بحسب تقديره من‬
‫الخصم الى خصمه‪ ،‬مثال شخص يريد أن يثبت صورية عقد صدر من أب إلى ولده فيثبت‬
‫إلى جانب عالقة البنوة أن الولد هو صغير السن عديم الكسب وليس له ظاهر يسمح بدفع‬
‫الثمن المذكور في العقد أنه قد دفع‪ ،‬فتقوم قرينة قضائية على أن واقعة دفع الثمن واقعة‬
‫صورية‪ ،‬فينقل القاضي عبء اإلثبات إلى األب ليثبت مصدرا معينا دفع منه الولد الثمن أو‬
‫أن حقيقة العقد هي هبة في صورة بيع‪ ،‬وعندئذ يكون له حكم الهبة ال حكم البيع‪ ،‬إلى جانب‬
‫هذا قد يتم توزيع عبء اإلثبات بحكم القانون ومثل ذلك أن يقع التوزيع بحكم القانون عن‬
‫طريق قرائن قانونية‪ ،‬فإذا باع شخص ماال يملكه وبعد موته نوزع ورثه البائع المشتري في‬
‫أن الثمن المذكور في العقد صوري وأن البيع قد صدر في مرض الموت فيكون وصية‪،‬‬
‫ومن ثم ال ينفذ إال في الثلث‪ ،‬هنا يوزع القانون اإلثبات بين الورثة والمشتري‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫عالوة على ما سبق فإنه قد يتم تعيين من يقع عليه عبء اإلثبات بحكم االتفاق ‪-‬‬
‫التعديل االتفاقي لقواعد اإلثبات‪ -‬فقواعد اإلثبات وضعت لحماية الخصوم‪ ،‬فمن الجائز إذا‬
‫ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك عندما يضع القانون قرينة قانونية تنقل عبء اإلثبات إلى‬
‫الخصم حماية للخصم اآلخر أن يتفق الطرفان مقدما على إلغاء هذه القرينة‪ ،‬فعادة عبء‬
‫اإلثبات الى من كان ينتفع بها فينزل بذلك عن الحماية التي منحها له القانون‪ ،‬فاألصل في‬
‫الضرر الذي يحدثه الحيوان أن حارسه هو المسؤول عنه إال إذا أثبت هذا أنه اتخذ‬
‫االحتياطات الالزمة لمنعه من إحداث الضرر أو ان ذلك يرجع إلى حادث فجائي أو قوة‬
‫قاهرة أو لخطأ المتضرر‪ ،‬لكن يجوز االتفاق مقدما على نقل عبء اإلثبات إلى المضرور‬
‫فيمكن أن يتفق شخصان شريكان في مرعى واحد أن كل ضرر يقع من مواشي أحدهما‬
‫على مواشي اآلخر ال يكون األول مسؤوال عنه إال اذا أثبت اآلخر خطأ في جانبه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق اإلثبات‬

‫طرق اإلثبات هي الوسائل التي يلجأ إليها الخصوم إلقناع القاضي بصحة الوقائع‬
‫التي يدعونها‪ ،‬وقد أورد المشرع المغربي في إطار ظ ق ل على سبيل الحصر الطرق التي‬
‫يتم بموجبها إثبات ادعاءات األطراف وهي خمسة‪ :‬إقرار الخصوم والحجة الكتابية وشهادة‬
‫الشهود والقرينة واليمين والنكول عنها‪ ،‬والخبرة والمعاينة ( الفقرة األولى) بحيث ال‬
‫يجوز سواء للقاضي او ألحد الخصوم االعتماد على أدلة أخرى لإلثبات ما عدا ما ذكر في‬
‫و ق م م‪ ،‬وعلى ذلك ال يجوز للقاضي مثال أن يلجأ في‬ ‫‪43‬‬
‫إطار الفصل ‪ 404‬من ق ل ع‬
‫اإلثبات في إلى طريقة اإليحاء المغناطيسي لكي يحصل على إقرار صحيح‪ ،‬وقد قسمها‬
‫الفقه إلى تقسيمات عدة تختلف بحسب الزاوية التي ينظر إليها منها ( الفقرة الثانية)‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تحديد طرق االثبات‬

‫‪ 43‬ينص الفصل ‪ 404‬من ق ل ع على ما يلي‪ :‬وسائل اإلثبات التي يقررها القانون هي‪:‬‬
‫‪ _ 1‬إقرار الخصم‪.‬‬
‫‪ _2‬الحجة الكتابية‪.‬‬
‫‪ _3‬شهادة الشهود‪.‬‬
‫‪ _4‬القرينة‪.‬‬
‫‪ _5‬اليمين والنكول عنها‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫إن اإلقرار ليس طريقا إلثبات الحق بقدر ما هو إعفاء من إثباته ونزوال من‬
‫الخصم المقر عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه‪ ،‬ويكون حجة قاصرة على المقر‬
‫دون غيره‪ ،‬أما الكتابة فهي أقوى طريق لإلثبات وهي تصلح إلثبات جميع الوقائع سواء‬
‫كانت تصرفات قانونية أو وقائع مادية‪ ،‬إال أن القانون ال يشترط الكتابة في كل التصرفات‬
‫القانونية بل فقط في التصرفات التي تزيد قيمتها عن عشرة االف درهم‪ ،‬وذلك منعا إلرهاق‬
‫الناس في معامالتهم ذات القيمة المحدودة‪ ،‬والكتابة لها قوة مطلقة في اإلثبات فال يجوز‬
‫إثبات عكسها إال بكتابة أخرى مثلها أو عن طريق الطعن فيها باإلنكار أو التزوير‪ .44‬أما‬
‫‪45‬‬
‫الشهادة أو البينة فقد كانت من بين أقوى األدلة في الوقت الذي لم تكن فيه الكتابة منتشرة‬
‫بل كانت الغلبة لألمية‪ ،‬فكان االعتماد على الرواية دون القلم‪ ،‬إال أن مع انتشار الكتابة‬
‫غلبت هذه األخيرة على الشهادة فأصبح لها المقام األول‪ ،‬بحيث إن الشهادة اليوم طريق‬
‫لإلثبات ذو قوة محدودة إذ ال يجوز إثبات التصرفات القانونية بها إال في حاالت استثنائية‪،‬‬
‫أما القرائن فهي طرق غير مباشرة من طرق اإلثبات‪.‬‬

‫والقرينة هي اعتبار الواقعة األصلية المطلوب إثباتها قد ثبتت بمجرد إثبات واقعة‬
‫أخرى بديلة‪ ،‬وتظهر فائدة القرينة في أن الواقعة البديلة يسهل إثباتها عادة بينما الواقعة‬
‫األصلية تكون عسيرة اإلثبات‪ ،‬وهي على نوعين إما قانونية أو قضائية‪ ،‬فالقرينة القانونية‬
‫هي التي نص عليها القانون‪ ،‬أما القرينة القضائية فهي التي يقررها القاضي‪...‬واليمين‬
‫تعرف بأنها تأكيد الحق أو نفيه باستشهاد هللا تعالى أمام القاضي‪ ،46‬فبموجبها يحتكم الخصم‬
‫إلى ضمير خصمه‪ ،‬فإذا حلف الخصم اليمين فيكون قد كسب الدعوى‪ ،‬بدليل اصطنعه‬
‫بنفسه على خالف األصل‪ ،‬ولكن بموافقة الخصم الذي وجه إليه اليمين‪ ،‬أما اذا أنكل عنها‬
‫فيكون قد خسر الدعوى ويكون النكول في هذه الحالة في حكم اإلقرار‪ ،‬ويتخذ اليمين إحدى‬
‫الصور األربعة اآلتية‪ :‬إذا حلفها من وجهت اليه فقد ثبت حقه بيمينه‪ ،‬واذا أنكل دون أن‬
‫يردها فقد ثبت حق خصمه بنكوله‪ ،‬إذا ردها على الخصم فحلف فقد ثبت حق الخصم بيمينه‬

‫‪ 44‬سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.97 :‬‬


‫‪ 45‬صدر في هذا اإلطار قرار صادر عن محكمة النقض رقم ‪ ،2020/8/6/7‬بتاريخ ‪ ،2021/3]/03‬تحت عدد ‪ ،2021/393‬إن المحكمة‬
‫لما اعتبرت استمرارية المطلوب في النقض في الشغل بناء على شهادة الشهود تكون قد عللت قرارها تعليال قانونيا وما بالوسيلة يبقى بدون‬
‫سند‪.‬‬
‫‪ 46‬زيد عبد هللا‪ ،‬وسائل اإلثبات‪ ،‬مجلة البحوث القضائية‪ ،‬العدد ‪ ،7‬سنة ‪ ،2007‬ص‪.80 :‬‬

‫‪28‬‬
‫واذا ردها على خصمه فلم يحلف فقد ثبت حقه بنكول خصمه‪ ،‬وما يجب تأكيده في هذا‬
‫اإلطار أن تطبيق القاضي لهذه الطرق هو مسألة قانون تخضع لرقابة محكمة النقض‪ ،‬فال‬
‫يجوز للقاضي أن يستدل على صحة الواقعة عن غير الطريق الذي حدده القانون‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن يعطي لوسيلة من وسائل اإلثبات قوة ليست لها‪ ،‬أو يعطي لها قوة أقل مما لها‪،‬‬
‫كما يمكن للقاضي أن يأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين‬
‫المكان أو بحث أو أي إجراء من إجراءات التحقيق‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تقسيمات طرق اإلثبات‬

‫تنقسم طرق اإلثبات إلى طرق مباشرة وطرق غير مباشرة(أ) وطرق مهيأة‬
‫وطرق غير مهيأة (ب) وطرق ذات حجية ملزمة وطرق ذات حجية غير ملزمة (ج)‬
‫وطرق أصلية وطرق تكميلية وأخرى احتياطية (خ) طرق ذات قوة مطلقة وطرق ذات قوة‬
‫محدودة وطرق معفية(ش)‪.‬‬

‫أـ طرق مباشرة وطرق غير مباشرة‪ :‬يقصد بالطرق مباشرة تلك الطرق التي‬
‫تنصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها وتنحصر في كل من الكتابة وشهادة الشهود‪،‬‬
‫فالكتابة تسجل الواقعة المراد إثباتها بالذات سواء كانت هذه الواقعة تصرفا قانونيا أو واقعة‬
‫مادية‪ ،‬أما الطرق الغير مباشرة فهي التي ال تنصب داللتها على الواقعة المراد إثباتها وإنما‬
‫تستخلص بطريق االستنباط وتتجلى في القرائن واليمين واإلقرار‪ ،‬فهذه الطرق ال تعد دليال‬
‫مباشرا على صحة الواقعة‪ ،‬فالقرائن ال ينصب اإلثبات فيها على الواقعة المراد إثباتها‬
‫بالذات بل على واقعة أخرى مت صلة بها اتصاال وثيقا‪ ،‬بحيث يعتبر اثبات الواقعة البديلة‬
‫إثباتا للواقعة األولى؛ الواقعة األصلية بطريق االستنباط‪ .‬وكذلك الحال بالنسبة لإلقرار‬
‫واليمي فكالهما ال يعد طريقا مباشرا لإلثبات‪ ،‬فاإلقرار ال يثبت صحة الواقعة المراد إثباتها‬
‫مباشرة‪ ،‬بل هو يعفي الخصم من اإلثبات‪ ،‬فتصبح واقعة ثابتة بطريق غير مباشر‪ ،‬وكذلك‬
‫اليمين فهي ليست طريقا مباشرا لإلثبات إذ هي احتكام الى ذمة الخصم فإذا حلف فال يعني‬

‫‪29‬‬
‫ذلك بالضرورة صحة الواقعة التي حلف عليها وإنما يعني ذلك أن خصمه قد أعفاه من‬
‫اإلثبات ‪.47‬‬

‫ب – طرق مهيأة وطرق غير مهيأة‪ :‬نميز في طرق اإلثبات من حيث اعداد الدليل‬
‫مسبقا بين طرق مهيأة وطرق غير مهيأة يقصد بالطرق المهيأة تلك الطرق التي أعدها‬
‫الطرف إلثبات حقه في حالة المنازعة فيه وتتمثل عادة في الكتابة‪ ،‬كأن يعد صاحب الحق‬
‫هذه الطرق إلثبات تصرف قانوني‪ ،‬كعقد البيع أو إثبات واقعة قانونية كواقعة الميالد‬
‫وتسمى الكتابة في هذه الحالة سندا ألن الخصم يعدها لكي يستند اليها عند القيام النزاع بينه‬
‫وبين خصمه‪ ،‬أما الطرق الغير مهيأة فهي التي ال تعد مقدما بل يتم اعدادها عند قيام النزاع‬
‫في الحق المراد إثباته‪ ،‬وكل طرق اإلثبات عدا الكتابة تعد طرقا غير مهيأة‪ ،‬فشهادة الشهود‬
‫ال تعد إال وقت قيام النزاع‪ ،‬والقرائن ال تستخلص إال أمام القاضي عندما يقوم بالنظر في‬
‫النزاع‪ ،‬وكذلك بالنسبة لإلقرار واليمين فكالهما ال يجدى إال في مجلس القضاء عند النظر‬
‫في النزاع‪.‬‬

‫ج‪ -‬طرق ذات حجية ملزمة وطرق ذات حجية غير ملزمة‪ :‬تنقسم طرق اإلثبات من‬
‫حيث حجيتها طرق ذات حجية ملزمة وطرق ذات حجية غير ملزمة‪ ،‬الطرق ذات الحجية‬
‫الملزمة هي الطرق التي حدد القانون قدر حجيتها‪ ،‬ولم يترك للقاضي سلطة تقديرها‪،‬‬
‫وتتمثل هذه الطرق في الكتابة واإلقرار واليمين والقرائن القانونية‪ ،‬أما الطرق ذات الحجية‬
‫غير الملزمة فهي التي يملك القاضي سلطة تقديرية إزاء تقدير حجيتها وتتمثل في البينة‬
‫والقرائن القضائية‪ ،‬حيث يتمتع القاضي بحرية في تكوين عقيدته واقتناعه بهدين الدليلين‬
‫دون معقب عليه في ذلك من محكمة النقض‪.‬‬

‫خ‪ -‬طرق أصلية وطرق تكميلية وطرق احتياطية‪ :‬يقصد بالطرق األصلية تلك‬
‫الطرق التي تقوم بذاتها دون أن تكون مكمله ألدلة أخرى موجودة كالكتابة‪ ،‬أما الطرق‬
‫التكميلية فهي األدلة التي ال تقوم بذاتها بل تكون مكملة ألدلة موجودة كما هو الحال بالنسبة‬
‫للبينة( شهادة الشهود) والقرائن القضائية واليمين المتممة‪ ،‬أما الطرق االحتياطية فهي تلك‬
‫‪ 47‬عبد الفتاح عبد الباقي‪ ،‬أحكام االلتزام‪ ،‬مطبعة نهضة مصر‪ ،‬القاهرة‪1989 ،‬د ط‪ ،‬ص‪.80 :‬‬

‫‪30‬‬
‫الطرق التي يلجأ اليها الخصم إذا لم يكن لديه دليل آخر وهي اإلقرار واليمين الحاسمة‪،‬‬
‫فالخصم يضطر إلى اللجوء إلى هذين الدليلين عساه أن يثبت حقه فيلجأ إلى استجواب‬
‫خصمه لعله يقر له بما يسعى إلى إثباته وكذلك الحال بالنسبة لليمين الحاسمة حيث يحتكم‬
‫الخصم إلى ضمير خصمه كأمل أخير يسعف به نفسه ولذلك ال يلجأ الخصم عادة إلى هذه‬
‫الطرق إال في حالة الضرورة القصوى‪.‬‬

‫ش‪ -‬طرق ذات قوة مطلقة وطرق ذات قوة محدودة وطرق معفية‪ :‬طرق اإلثبات‬
‫ذات القوة المطلقة هي تلك الطرق التي تصلح إلثبات جميع الوقائع سواء كانت وقائع مادية‬
‫أو تصرفات قانونية وأيا كانت قيمة الحق المراد إثباته‪ ،‬والكتابة هي الدليل ذو القوة المطلقة‬
‫من بين األدلة موضوع هذه الدراسة ‪ ،‬أما طرق اإلثبات ذات قوة محدودة فهي تلك الطرق‬
‫التي تصلح إلثبات بعض الوقائع دون البعض اآلخر وهذه الطرق هي البينة والقرائن‬
‫القضائية‪ ،‬كذلك اليمين المتممة فهي دليل ذو قوة محدودة في اإلثبات إذ ال يلجأ إليها إال‬
‫إلتمام دليل ناقص‪ ،‬أما الطرق المعفية من اإلثبات فهي تلك الطرق التي تصلح إلعفاء من‬
‫إثبات أيه واقعة مادية أو تصرف قانوني مهما كانت قيمته وهذه الطرق هي االقرار واليمين‬
‫الحاسمة‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫خاتمة‬
‫صفوة القول‪ ،‬إن النظام القانوني لإلثبات يهدف إلى تحقيق العدالة واالستقرار في‬

‫التعامل القانوني‪ ،‬ويقوم بدوره على ثالثة مبادئ أساسية؛ وهي مبدأ النظام القانوني لإلثبات‬

‫والذي يحدد القانون والقواعد والطرق المقبولة لإلثبات‪ ،‬ويتيح للقاضي حرية تقدير قيمة‬

‫األدلة وتحديد الطرق المناسبة لإلثبات‪ ،‬وبموجبه يجب أن يكون القاضي محايدا وغير‬

‫متحيز عند تقدير األدلة‪ ،‬إلى جانب مبدأ دور الخصوم االيجابي‪ -‬الحق في اإلثبات ‪ -‬بحيث‬

‫يتعين على الخصوم تقديم األدلة إلثبات ادعاءاتهم‪ ،‬ولهم الحق في مناقشة األدلة وتقديم أدلة‬

‫معاكسة تحقيقا لمبدأ المجابهة بالدليل‪ ،‬والمشرع المغربي منحن القاضي مجموعة من‬

‫وسائل اإلثبات ليهتدي لها من أجل تكوين قناعته ورفع اللبس عن كل حق مهضوم‪،‬‬

‫وتختلف حجية هذه الوسائل ومدى التزاماتها للقاضي من وسيلة ألخرى‪ ،‬لذلك يتعين على‬

‫الخصم التمسك بالوسيلة المناسبة والناجعة إلقناع القاضي بادعائه‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع‬

‫❖ الكتب‪:‬‬
‫▪ أحمد نشأت‪ ،‬رسالة اإلثبات‪ ،‬عبء اإلثبات‪ ،‬طرق اإلثبات‪ ،‬الكتابة‪ ،‬شهادة الشهود‪،‬‬
‫مطبعة دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1971 ،‬الطبعة السابعة‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫▪ محمد ابن معجوز المزغراني‪ ،‬وسائل االثبات في الفقه اإلسالمي‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1995 ،‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫▪ عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬نظرية‬
‫االلتزام بوجه عام‪ ،‬اإلثبات آثار االلتزام‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت القاهرة‪،‬‬
‫‪.1968‬‬
‫▪ إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬وسائل اإلثبات في التشريع المغربي_ القواعد العامة‬
‫لوسائل اإلثبات‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1981 ،‬‬
‫▪ عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬القانون المدني‪ ،‬دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في‬
‫االقتصادي‪ ،‬دار األفاق العربية‪ ،‬الدار‬ ‫ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون‬
‫البيضاء‪ ،2020 ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء الرابع‪.‬‬
‫▪ سمير عبد السيد تناغو‪ ،‬أحكام االلتزام واإلثبات‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2009‬الطبعة األولى‪.‬‬
‫▪ أحمد أبو الوفا‪ ،‬المرافعات المدنية والتجاريةـ دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2007‬د ط‪.‬‬
‫▪ نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬اإلثبات في المواد المدنية والتجارية‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪.1995 ،‬‬
‫▪ حسين المؤمن‪ ،‬نظرية اإلثبات‪ ،‬القواعد العامة لإلقرار واليمين‪ ،‬مطبعة العرفان‪،‬‬
‫بغداد العراق‪ ،2016 ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزء األول‪.‬‬
‫▪ أشرف جابر سيد‪ ،‬أصول اإلثبات‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،2003 ،‬د ط‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫▪ أستاذنا جمال الطاهري‪ ،‬محاضرات في النظرية العامة لاللتزامات‪.2019 ،‬‬
‫▪ سليمان مرقس‪ ،‬شرح القانون المدني‪ ،‬في االلتزامات " مصادر االلتزام وآثاره‬
‫وأوصافه وانتقاله وانقضاؤه‪ ،‬والنظرية العامة لإلثبات"‪ ،‬المطبعة العالمية‪ ،‬م ط غ‪،‬‬
‫‪1964‬‬
‫▪ توفيق حسن فرج‪ ،‬قواعد اإلثبات في المادة المدنية والتجارية‪ ،‬مطبعة الثقافة‬
‫الجامعية‪ ،‬مصر‪.2003 ،‬‬
‫▪ محمد بن صالح بن محمد العثيمين‪ ،‬كتاب شرح األربعين النووية للعثيمين‪ ،‬دار‬
‫الثريا للنشر‪ ،‬م ط غ‪.1421 ،‬‬
‫▪ أحمد إبراهيم‪ ،‬طرق القضاء في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬المكتبة األزهرية للتراث‪ ،‬م ط‬
‫غ‪.2013 ،‬‬
‫▪ عبد الحق الصافي‪ ،‬الوجيز في القانون المدني‪ ،‬المصادر اإلرادية لاللتزام( العقد‬
‫واإلرادة المنفردة)‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2006 ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫الجزء األول‪.‬‬
‫▪ عبد الرشيد مأمون‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬دار النهضة العربية‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪.1995 ،‬‬
‫▪ عبد الفتاح عبد الباقي‪ ،‬أحكام االلتزام‪ ،‬مطبعة نهضة مصر‪ ،‬القاهرة‪.1989 ،‬‬

‫❖ األطاريح‪:‬‬
‫▪ بنسالم أوديجا‪ ،‬سلطة القاضي في اإلثبات في المادة المدنية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه لفي‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪،‬‬
‫أكدال الرباط‪،2014،2015 ،‬‬

‫‪34‬‬
‫❖ المقاالت والمجالت‪:‬‬
‫▪ أمين نصر هللا‪ ،‬وسائل اإلثبات في ظهير االلتزامات والعقود‪ ،‬مجلة القانون واألعمال‬
‫الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،44‬بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪.2020‬‬
‫▪ محمد الغالمي‪ ،‬أثر مبدأ حياد القاضي على الخصومة المدنية‪ ،‬مجلة القانون واألعمال‬
‫الدولية‪ ،‬العدد ‪ ،49‬بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪.2023‬‬
‫▪ عبد هللا القاسم العنزي‪ ،‬شروط الواقعة القانونية محل اإلثبات‪ ،‬مقال منشور بموقع‬
‫‪ www.makkahnewspaper.com‬تم االطالع عليه ‪ 18‬مارس ‪.2024‬‬
‫▪ زيد عبد هللا‪ ،‬وسائل اإلثبات‪ ،‬مجلة البحوث القضائية‪ ،‬العدد ‪ ،7‬سنة ‪.2007‬‬

‫❖ الظهائر والقوانين‪:‬‬
‫▪ ظهير شريف صادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 12(1331‬أغسطس ‪ )1913‬بمثابة قانون‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،73/74‬بتاريخ دجنبر ‪.1964‬‬
‫▪ ظهير شريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.74.447‬بتاريخ ‪ 11‬رمضان ‪ 28( 1394‬شتنبر‬
‫‪ )1974‬بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 2303‬مكرر بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪.1974‬‬

‫❖ األحكام والقرارات القضائية‪:‬‬


‫▪ قرار صادر عن محكمة النقض‪ ،‬رقم ‪ ،1270‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬أبريل ‪،2005‬‬
‫ملف تجاري عدد ‪ (1774/4/1/2010‬غ م‪(.‬‬
‫▪ قرار صادر عن محكمة النقض‪ ،‬رقم ‪ ،248‬بتاريخ ‪ 13‬فبراير ‪ ،2002‬ملف مدني‬
‫عدد ‪.882/3/2/2001‬‬

‫‪35‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪2 ..........................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المبادئ األساسية التي تقوم عليها قواعد االثبات ‪5 .........................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التنظيم القانوني لإلثبات ‪5 .....................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مذهب اإلثبات الحر ومذهب اإلثبات المقيد والمختلط ‪5 .....................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موقع أحكام اإلثبات في القانون المغربي والمقارن ومدى تعلق كل منها‬
‫بالنظام العام ‪9 ...................................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ حياد القاضي ودور الخصوم اإليجابي‪-‬الحق في االثبات‪11 ..........-‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ حياد القاضي ‪11 ..........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مبدأ دور الخصوم اإليجابي – الحق في اإلثبات ‪14 ..........................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مسائل اإلثبات ‪18 .............................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬محل اإلثبات وعبؤه ‪18 ........................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬محل اإلثبات‪18 .................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عبء اإلثبات ‪23 ................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬طرق اإلثبات ‪28 ...............................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تحديد طرق االثبات ‪29 .........................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تقسيمات طرق اإلثبات ‪30 .....................................................‬‬
‫خاتمة ‪33 ........................................................................................‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع ‪34 ...................................................................‬‬
‫الفهرس ‪37 ......................................................................................‬‬

‫‪36‬‬

You might also like