Professional Documents
Culture Documents
DOC-20240522-WA0207.
DOC-20240522-WA0207.
DOC-20240522-WA0207.
الفوج :التاسع
الرباعي :الثالث
1
الموسم الجامعي2024/2023 :
مقدمة
إن مجرد ادعاء واقعة كأساس لحق قد نشأ أو لدين قد انقضى ال يلزم القاضي بل
ال يجيز له -مهما كان حظ هذه الواقعة من القابلية للتصديق -أن يعتبرها واقعة صحيحة،
لهذا كان البد من وجود رقابة قضائية تعنى بفحص الوقائع التي يدعيها أطراف النزاع،
بحيث تبسط هذه الرقابة أيضا على وسائل اإلثبات التي يدلي بها الخصوم إلقناع القاضي
بصحة ما يدعونه...والمشرع المغربي في إطار ق ل ع لم يعرف اإلثبات كما هو حال
باقي التشريعات األخرى ،1كما أن االجتهاد القضائي لم يول لهذا الجانب أهمية على قدر ما
ناله منها الفقه ،وعليه فاإلثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق
واإلجراءات التي حددها القانون على وجود أو صحة واقعة قانونية متنازع عليها تصلح
أساسا لحق مدعى به.2
أما وسائل اإلثبات فتعرف بأنها الطرق التي تمكن القضاء من القيام بمهمته
المتمثلة في تحقيق العدالة وصيانة المجتمع عن طريق إيصال الحقوق إلى أصحابها وإيقاع
العقوبات على مستحقها ،3واإلثبات بهذا المفهوم يختلف عن اإلثبات بمعناه العام أو اإلثبات
التاريخي ،فبالرغم من أن كل من القاضي والباحث يهدف الى الوصول إلى نتيجة معينة،
إال أن الباحث يتمتع بحرية تامة في البحث والتنقيب وإثبات الوقائع بكافة الطرق والوسائل
المتاحة علما وعمال ،فاإلثبات بهذا المعنى إقامة البراهين على وجود حقيقة علمية أو
تاريخية بكل الطرق ،أما القاضي في اإلثبات القانوني ال يتمتع بهذا القدر من الحرية ،إذ أنه
مقيد في تكوين اقتناعه باألدلة المحددة قانونا والمتمثلة طبقا للفصل 404من ق ل ع في
إقرار الخصم والحجة الكتابية وشهادة الشهود والقرينة ثم اليمين والنكول عنها ،والخبرة
ومعاينة األماكن واألبحاث...طبقا لنصوص ق.م.م.
1منها على سبيل المثال التشريع الفرنسي والبلجيكي والمصري( قانون اإلثبات في المواد المدنية والتجارية) القانون رقم 25لسنة 1868المعدل
بالقانون رقم 23لسنة 1992والقانون 18لسنة .1998
2أحمد نشأت ،رسالة اإلثبات ،عبء اإلثبات ،طرق اإلثبات ،الكتابة ،شهادة الشهود ،مطبعة دار الفكر العربي ،القاهرة ،1971 ،الطبعة السابعة،
الجزء األول ،ص .13 :
3محمد ابن معجوز المزغراني ،وسائل االثبات في الفقه اإلسالمي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،1995 ،الطبعة األولى ،ص50 :
2
وقد عرفت مؤسسة اإلثبات المدني المغربي تمرحال تاريخيا يمكن تقسيمه إلى
محطتين أساسيتين :مرحلة ما قبل الحماية الفرنسية مستندة في أغلبها على الفقه االسالمي
ومرحلة وخاصة الفقه المالكي( اليمين ،الشهود ،العدل ،شهادة اللفيف ،والقرائن)...
الحماية التي كانت محطة بارزة ومتطورة بصدور ظهير االلتزامات والعقود 4وقانون
المسطرة المدنية ،5مؤسسة بذلك لنظام اإلثبات المدني إطارا قانونيا ينظمه ويحدد قواعده
ووسائله.6
4الظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12(1331أغسطس )1913بمثابة قانون االلتزامات والعقود ،منشور بالجريدة الرسمية عدد ،74/73
بتاريخ دجنبر ،1964ص.63 :
5ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11رمضان 28( 1394شتنبر )1974بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية،
منشور بالجريدة الرسمية عدد 2303مكرر بتاريخ 30شتنبر ،1974ص.2741 :
6أمين نصر هللا ،وسائل اإلثبات في ظهير االلتزامات والعقود ،مجلة القانون واألعمال الدولية ،العدد ،44بتاريخ 26أكتوبر ،2020ص ـ.03
3
ولإلسهام في اإلجابة عن اإلشكالية السابقة واألسئلة المتفرعة عنها سنعتمد على
التصميم اآلتي:
4
المبحث األول :المبادئ األساسية التي تقوم عليها قواعد االثبات
يقوم اإلثبات على مبادئ ثالثة وهي :القانون(المطلب األول) القضاء والخصوم
(المطلب الثاني) وهذه المبادئ تترجم نسقا تعاونيا بين هذه المكونات؛ بحيث إن القانون هو
الذي يحدد قواعد اإلثبات ووسائله المشروعة ،والقاضي مهمته السهر على تطبيق هذه
القواعد بحسن النية ،ويلزم في ذلك أن يقف موقف الحياد المطلق في معركة اإلثبات ،تاركا
للخصوم حق وحرية إثبات ادعاءاتهم ،حيث يقوم كل خصم بدور إيجابي في الدفاع عن
مصالحه ومناقشة أدلة الخصم اآلخر بقصد تفنيدها أمام القضاء.
إن التنظيم القانوني لإلثبات يتخذ صورا متعددة؛ نميز فيه بين مذهب اإلثبات
المطلق أو الحر ومذهب اإلثبات القانوني أو المقيد ،وبين المذهبين السابقين نجد المذهب
المختلط أو المعتدل في اإلثبات(الفقرة األولى) وهو المذهب الذي تبعته غالبية التشريعات
الحديثة ،ووسائل اإلثبات ليست كلها من طبيعة واحدة ،وإنما تم التمييز فيها بين قواعد
موضوعية وأخرى شكلية ،وما يترتب عن ذلك مدى تعلق كل منها بالنظام العام (الفقرة
الثانية):
سنعرض بداية مبدأ اإلثبات الحر (أ) ثم نعرج بعد ذلك لمبدأ اإلثبات المقيد(ب)
وأخيرا مبدأ اإلثبات المختلط (ج):
يعرف كذلك بمذهب اإلثبات المطلق ،ووفقا لهذا المبدأ ال يرسم القانون طرق
محددة لإلثبات يقيد بها القاضي ،بل يترك الخصوم أحرارا يقدمون األدلة التي يستطيعون
إقناع القاضي بها ،ويترك القاضي حرا في تكوين اعتقاده من أي دليل يقدم إليه ،وهذا
5
ُقرب كثيرا بين الحقيقة القضائية والحقيقة الواقعية لمصلحة العدالة ،7وقد اعتنقته
المذهب ي ّ
بعض الشرائع في بدء تطورها ،وال تزال الشرائع الجرمانية والشرائع األنجلوسكسونية -
القانون األلماني والقانون السويسري والقانون اإلنجليزي والقانون األمريكي -تأخذ به إلى
حد كبير.8
ويتميز هذا المذهب بكونه يمكن القاضي من القيام بدور إيجابي في اإلثبات
ويجيز له أن يستعمل ما يشاء من أدلة اإلثبات حتى يتمكن من الوصول إلى الحقيقة ،األمر
الذي من شأنه أن يحقق أكبر قدر من العدالة ،إال أنه يؤخذ على هذا المبدأ أنه يمنح القاضي
سلطة مطلقة في اإلثبات اعتمادا ً على نزاهته وحياده ...ورغم التسليم بوجاهة هذا االعتبار
إال أن القاضي قد يسيء استخدام هذه السلطة فهو بشر قد يميل عن جادة الحق ،األمر الذي
قد يؤدي الى نتيجة عكسية ،وهي التحكم وعدم تحقيق العدالة.
ومن جانبها نرى أنه حتى وإن كان القاضي نزيها ومحايدا -وهو األصل -فإن
تخويله مثل هذه السلطة المطلقة من شأنه أن يعرض الخصوم الختالف التقدير بين قاض
وآخر ،األمر الذي يخل بتحقيق العدالة واستقرار المعامالت.
حتى تتفادى غالبية التشريعات القديمة العيوب التي كانت تشوب المذهب األول -
اإلثبات الحر أو المطلق -ذهبت إلى الحد من سلطة القاضي في تسيير الدعوى والفصل
فيها ،وذلك عن طريق حصر وسائل اإلثبات وتعيينها تعيينا دقيقا وتحديد قيمة كل منها،
بحيث ال يجوز بعد ذلك للخصوم أن يثبتوا حقوقهم بغير تلك الوسائل ،إلى جانب إلزام
القاضي بالوقوف في الدعوى موقف الحياد؛ بحيث يمتنع عليه القضاء بعلمه الشخصي فال
يقضي إال بما يظهر له من إجراءات الدعوى المعروضة عليه وال يجوز له أن يستجمع
7إن الحقيقة القضائية ال تثبت إال عن طريق قضائي رسمه القانون ،فقد يكون القاضي من أشد الموقنين بالحقيقة الواقعية ،بحيث يعرفها معرفة ال
يشوبها الشك ،إال أنه ينعدم أمامه الطريق القانوني إلثباتها ،وهو بذلك يكون مضطرا إلى إهدار الحقيقة الواقعية واألخذ _ بدال منها_ بالحقيقة
القضائية ،وفي هذه الحالة تتعارض الحقيقتان القضائية والواقعية.
8عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،نظرية االلتزام بوجه عام ،اإلثبات آثار االلتزام ،دار النهضة العربية،
بيروت القاهرة ،1968 ،د ط ،ص 28 :
6
األدلة وإنما يقتصر على ما يعرض عليه منها ،كما ال يحق له أن يقضي بدليل قدمه أحد
الخصمين إال بعد أن يمكن الخصم اآلخر من مناقشته ،فوصلت التشريعات بذلك إلى ما
يسمى بمذهب اإلثبات القانوني أو المقيد.9
وال نبالغ إذا قلنا إن مبدأ اإلثبات المقيد يدفع القاضي إلى أن يصدر حكمه على
حسب ما تدل عليه تلك الوسائل وبمقتضى ما تثبته تلك البيانات ،لذلك تقتصر مهمته على
أن يكون اللسان المعبر عما تشير إليه ،لذا عبر الفقهاء عن هذه الفكرة عندما عرفوا الشهادة
التي هي أهم أنواع البيانات بأنها "قول بحيث يوجب على الحاكم سماعه الحكم بمقتضاه إن
عدل قائله مع تعدده أو حلف طالبه" ومعنى هذا أنه يجب على القاضي أن يحكم بمقتضى ما
يدل عليه قول الشاهد أو غيره من أنواع البيانات وأن الحكم ال يكون إال بمقتضى ذلك.10
لذلك يتميز هذا المذهب بأنه يؤدي إلى بت الثقة والطمأنينة في نفوس الخصوم
ويكفل تحقيق االستقرار في المجتمع ،إال أنه بالرغم من هذه المزية إال أنه يؤخذ عليه على
أنه يسلب القاضي من كل سلطة في التقدير؛ ألنه يتقيد بالدليل الذي حدده المشرع بحيث ال
يجوز له أن يعمل من جانبه على إكمال ما في أدلة الخصوم من نقص وال أن يقضي بعلمه
الشخصي ،وهذا من شأنه الحيلولة بين القاضي وبين تحقيق العدالة ،مما تصبح معه وظيفة
القضاء آلية محضة.
يقوم هذا المبدأ على أساس الجمع بين مزايا المذهبين السابقين -المبدأ الحر
والمبدأ المقيد -وتالفي عيوبهما ،وقد أخذ به المشرع المغربي عن التشريعات الالتينية بما
فيها التشريع الفرنسي والتشريع اإليطالي ،فبموجب هذا المبدأ ينبغي على القاضي أن
يكون في موقف وسط بين اإليجابية والسلبية ولكنه يجب أن يكون أقرب إلى اإليجابية منه
إلى السلبية ،فيعطى له شيء من الحرية في تحريك الدعوى وفي توجيه الخصوم واستكمال
9إدريس العلوي العبدالوي ،وسائل اإلثبات في التشريع المغربي_ القواعد العامة لوسائل اإلثبات ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،1981 ،
ص .10 :
10محمد ابن معجوز الموغزراني ،مرجع سابق ،ص 05 :
7
األدلة الناقصة وفي استيضاح ما أبهم من وقائع الدعوى ،إال أن ذلك ال يتعارض مع تقيد
القاضي بأدلة قانونية معينة وبتحديد هذه األدلة ،وهذا التقدير يجب أن تقابله حرية القاضي
في تقدير وزن كل دليل في حدود قيمته القانونية حتى يستجلى الحقائق واضحة كاملة،11
بحيث يتقيد ببعض طرق اإلثبات وفقا لما حدده المشرع ،كتقيده بالدليل الكتابي ما لم ينكر
أو يطعن فيه بالتزوير ،وتتسع سلطة القاضي على وجه الخصوص في إثبات المسائل
التجارية نظرا لما تتسم به من سرعة في المعامالت بينما تتقيد هذه السلطة بشأن إثبات
المسائل المدنية...
وما يميز هذا المذهب أنه تغلب على أهم عيوب المذهب الحر بما في ذلك تحكم
القاضي ،وفي الوقت نفسه يمنح له سلطة تقدير األدلة التي تقبل التقدير كشهادة الشهود بل
تجعل له أن يستنتج ثبوت واقعة غير ثابتة من واقعة أخرى ثابتة في إطار ما يسمى
بالقرائن القضائية 12و عليه فاإلثبات المختلط على تعبير الفقيه "عبد الرزاق أحمد
السنهوري" نظام يجمع بين ثبات التعامل بما احتوى عليه من قيود وبين اقتراب الحقيقة
الواقعية من الحقيقة القضائية بما أفسح فيه للقاضي من حرية التقدير.
صفوة القول ،إن نظام اإلثبات المختلط هو نظام يسعى من ورائه المشرع إلى
تحديد وسائل إثبات بعض التصرفات والحقوق مع ترك حرية إثبات ما لم يتناوله النص
للخصوم ،ومن ثم فإن سلطة القاضي في مجال اإلثبات في المادة المدنية تتأرجح بين
الضيق واالتساع ،وبين الحرية والتقييد ،من غير إغفال في هذا الصدد للرقابة التي يمكن
أن تفرضها محكمة النقض على سلطة قضاء الموضوع بشأن تقدير الحجج وأدلة اإلثبات
وأيضا في مجال الترجيح بينها.13
11René demogue, Les Notions Fondamentales du Droit privé, librairie nouvelle de droit et de jurisprudence,
Paris, 1911, p 534
12وفي هذا اإلطار صدر قرار عن محكمة النقض رقم ،231 2021/01/03بتاريخ ،2021/01/02تحت عدد ،62/2021إن تقدير
حقيقة الوقائع وتقييم األدلة من خالل تصريحات األطراف واستخالص ثبوت الجريمة من القرائن الثابتة ومن الوقائع المؤدية إلى المؤاخذة
يرجع أمر تقييمها للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع..
13بنسالم أوديجا ،سلطة القاضي في اإلثبات في المادة المدنية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس ،أكدال الرباط ،2015،2014 ،ص.13 :
8
الفقرة الثانية :موقع أحكام اإلثبات في القانون المغربي والمقارن ومدى تعلق كل منها
بالنظام العام
سنعمل على تبيان أحكام اإلثبات في القانون المغربي والمقارن( أ) ،ثم مدى تعلق
كل منها بالنظام العام( ب):
إن قواعد اإلثبات ليست كلها من طبيعة واحدة فبعضها قواعد تتعلق بالتنظيم
الموضوعي والبعض اآلخر تتعلق بالشكل واإلجراءات ،ولقد كان هذا سببا في اختالف
التشريعات على المكان الذي يضم هذه القواعد ،بحيث انقسمت إلى ثالث اتجاهات :االتجاه
األول هو الذي سار عليه المشرع المغربي -على غرار تشريعات عديدة من قبيل التشريع
الفرنسي -حيث عمل على تنظيم أحكام اإلثبات في موضعين :هما ظهير االلتزامات
والعقود وقانون المسطرة المدنية ،أما االتجاه الثاني فقد عملت من خالله مجموعة من
التشريعات األخرى على جمع قواعد اإلثبات سواء المتعلقة بجانب الموضوع أو الشكل في
قانون المسطرة المدنية أو قانون المرافعات كما هو الشأن بالنسبة للقانون السويسري في
المواد من 168إلى 193من قانون المسطرة المدنية ،في حين عمل االتجاه الثالث على
تنظيم قواعد اإلثبات بشقيها الموضوعي والشكلي في قانون مستقل كما هو الحال بالنسبة
للتشريع األمريكي و االنجليزي وأيضا القانون المصري ،بعد صدور القانون رقم 25لسنه
1968الذي جمع القواعد الموضوعية والقواعد اإلجرائية في قانون مستقل هو قانون
اإلثبات في الوقت الذي كان القانون المصري يتبنى توجه المشرع المغربي ـ أي يتناول
القواعد الموضوعية في القانون المدني والقواعد الشكلية في قانون المرافعات ـ. 14
14عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني ،دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي ،دار
األفاق العربية ،الدار البيضاء ،2020 ،الطبعة الثانية ،الجزء الرابع ،ص .18 ،17 :
9
موضع لقواعد اإلثبات هو وضعها في مجموعة واحدة مستقلة
ِ والواقع أن خير
تجمع بين دفتيها القواعد المتعلقة بالتنظيم الموضوعي والشكلي وذلك من شأنه أن ال يجعل
هذه القواعد مبعثرة بين القانون المدني وقانون المرافعات.
أجمع الفقه على اعتبار القواعد اإلجرائية لإلثبات متصلة بالنظام العام ،في حين
عرفت القواعد الموضوعية اختالفا بين الفقهاء في مدى تعلقها بالنظام العام من عدمه ومن
ثم ذهب جمهور الفقه إلى عدم تعلق القواعد الموضوعية بالنظام العام ،ما دام أنها تقررت
فقط لحماية مصالح األطراف ،مما يعني إمكانية االتفاق على مخالفتها ،ويترتب على
ارتباط هذه القواعد بالنظام العام مجموعة من النتائج وهي:
-جواز التمسك بالقاعدة في جميع مراحل الدعوى ولو ألول مرة أمام محكمة
النقض.
-عدم إمكانية االتفاق على مخالفة أحكامها وإال كان االتفاق باطال.
وبالنظر لكون المشرع المغربي لم يحسم بصورة واضحة وصريحة في مسألة ما
مدى تعلق قواعد اإلثبات بالنظام العام ،فإنه يمكن القول من خالل الرجوع لمختلف القواعد
المنصوص عليها في ظ ل ع يتبين لنا بأن الكثير من هذه القواعد ال ترتبط بالنظام العام،
في مقابل تعلق بعضها به ،ومن قبيل هذه القواعد األخيرة التي تتعلق بالنظام العام نجد:
الورقة الرسمية حجة على الكافة إلى أن ان يطعن فيها بالزور ،وحجة القرائن القاطعة كما
هو مبين في الفصل 473من قانون االلتزامات والعقود ،في مقابل ذلك نجد العديد من
قواعد اإلثبات ال تتعلق بالنظام العام كما هو الحال بالنسبة لقاعدة تحمل عبء اإلثبات،
حيث أنه بالرغم من تنصيص المشرع على أن المدعي هو الذي يلقي على عاتقه هذا
العبء طبقا للفصل 399من ق ل ع ،فإنه ليس هناك ما يمنع من االتفاق على نقل عبء
10
،وهذا ما ذهب اليه بعض الفقه المتخصص في اإلثبات حيث 15
اإلثبات الى الطرف اآلخر
أكد الدكتور "أحمد نشأت" بأن قواعد اإلثبات ليست من النظام العام في شيء ،ألنها
وضعت لحماية الخصوم فقط ال إلرشاد القضاة مع ما يرتب عن ذلك من إمكانية تعديلها
وجعل عبء اإلثبات على عاتق أحد الطرفين بدل اآلخر باتفاقهما ،وصاحب تلك الحماية
يمكن له التنازل عنها أثناء سير الدعوى".16
وفي قرار صادر من محكمة النقض بتاريخ 27أبريل 2005ذهب إلى أن
استنباط القرائن الموكولة للقاضي وتقدير تأثيرها على مسار النزاع يعد من المسائل
الموضوعية التي يستقل بها قضاة الموضوع ويعتمدون عليها في تكوين قناعتهم وال رقابة
عليهم في ذلك من المجلس األعلى. 17
يعد مبدأ حياد القاضي من أهم المبادئ التي ال محيد عنها لضمان استقالل القضاء
وتحقيق العدل بين المتقاضين (الفقرة األولى) ،ولتحقيق هذا األخير ال بد من االعتراف
للخصوم بالحق في إثبات ادعاءاتهم (الفقرة الثانية).
قد يتبادر إلى الذهن أنه يقصد بمبدأ حياد القاضي عدم تحيزه ،إال أن األمر على
خالف ذلك ،فذلك مفروض فيه بداهة بحكم وظيفته ،فالمقصود بمبدأ حياد القاضي أن
اإلثبات هو حق للخصوم وواجبهم في حدود القانون ،فالخصوم هم الذين يقومون بالطلبات
والدفوع وهم الذين يقدمون وسائل اإلثبات التي يحددها القانون ،وعلى القاضي أن يفصل
في طلباتهم على أساس األدلة التي تقدموا بها وبحسب قيمة هذه األدلة طبقا للقانون ،وفي
11
جميع األحوال فإن القاضي ال يحكم على الشخص إذا وصل إليه هذا العلم خارج المناقشة
الدائرة بين الخصوم وقبل إقفال باب المرافعة ،والسبب في أن القاضي ال يحكم بعلمه
يرد على ما يعلمه
الشخصي أنه لو جاز ذلك لكان من الجائز أيضا ألي من الخصوم أن ُ
القاضي طبقا لحق خصوم في الدفاع ،وهو ما يؤدي إلى أن يصبح القاضي خصما وحكما
ويقول الدكتور أحمد أبو الوفا في هذا اإلطار " :إن 18
في نفس الوقت ،وهذا غير معقول
مبدأ منع القاضي من الحكم بعلمه ال يتأتى من مبدأ حق الخصوم في مناقشة األدلة التي تقدم
في الدعوى ،وإنما يتأتى من أن ما شاهده أو ما سمعه مما يتصل بوقائع القضية سوف يؤثر
حتما في تقديره بل قد يشل هذا التقدير ،وهو عندئذ يصلح أن يكون شاهدا في القضية ليقدر
شاهد آخر شهادته وإنما ال يصلح أن يكون قاضيا وإال عد قاضيا وشاهدا في نفس
الوقت".19
ومن وجهة نظرنا نرى أن عدم جواز حكم القاضي بعلمه الشخصي ال يمكن
االطمئنان إلى تطبيقه بتلك الدقة إال إذا أراد القاضي ذلك حسب ما يمليه عليه ضميره،
فالقاضي يستطيع إذا تجرد من ضميره أن يقضي بعلمه الشخصي ويستطيع في نفس الوقت
أن يتفادى رقابة محكمة النقض بأن ال يذكر شيئا من أسباب الحكم مما كان يعلمه شخصيا
وأصدر حكمه على أساسه.
إال أن مبدأ حياد القاضي لم يستمر في جموده كما نشأ في بداية األمر ،حيث بدأت
صالحيات القاضي تتسع بالتدريج ،فنجد االتجاهات الحديثة تعتبر الخصومة تهم المجتمع
ومرتبطة بالمصلحة العامة ،ومن ثم ال بد من إيجاد نوع من التعاون بين الخصوم والقاضي
20
حتى يكون الحكم الصادر في الدعوى أقرب إلى العدالة
18سمير عبد السيد تناغو ،أحكام االلتزام واإلثبات ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية ،2009 ،الطبعة األولى ،ص.100 :
19أحمد أبو الوفا ،المرافعات المدنية والتجاريةـ دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،2007 ،د ط ،ص .80 :
20محمد الغالمي ،أثر مبدأ حياد القاضي على الخصومة المدنية ،مجلة القانون واألعمال الدولية ،العدد ،49بتاريخ 15دجنبر ،2023ص.16 :
12
وللوقوف عن مدى حقيقة مبدأ حياد القاضي يجب تحديد طبيعة التنظيم القانوني
لقواعد اإلثبات الذي يعمل القاضي في ظله؛ فإذا كان هذا التنظيم مقيدا فإن دور القاضي
يكون سلبيا بحتا ،وإذا كان هذا التنظيم حرا طليقا فإن دوره يكون إيجابيا ً ويكون له سلطة
تقديرية واسعة في استكمال الدليل وتوجيه الخصوم ،أما إذا كان مختلطا فإن القاضي ينشط
ويتمتع بقدر من السلطة في توجيه الخصوم واستكمال األدلة واستيضاح ما أبهم من وقائع،
بالرغم أنه يعمل في ظل طرق إثبات محددة وقيمة كل منها مقدرة.
وفي ظل التشريع المغربي فإن القاضي يتمتع بدور إيجابي في إدارة الدعوى،
حيث خول له بموجب ق.م .م صالحيات واضحة ومهمة من أجل البحث عن الحقيقة دون
المساس بحياده بحيث يمكنه القيام بمجموعة من اإلجراءات التحقيقية بغاية تأكيد أو نفي
واقعة قانونية معينة تساعده في تشكيل قناعته حول النزاع ،وقد أكدت محكمة النقض في
العديد من قراراتها على الدور اإليجابي للقاضي ،ففي قرار صادر عنها بتاريخ 13فبراير
2002ذهبت إلى أن محكمة االستئناف لما قضت بعدم قبول استئناف الطاعن لتقديمه
لمقاله االستئنافي بصفه شخصية دون أن تقوم بإنذاره إلصالح المسطرة داخل أجل تحدده
طبقا للفصل األول من ق.م.م يكون قرارها قد خرق الفصل المذكور ويستوجب نقضه.21
لقد استقرت القوانين الحديثة على إعطاء القاضي دورا ايجابيا ،يتمثل أساسا في
منحه سلطة استكمال األدلة وجمعها ،حيث اعترف كل من التشريع المغربي والمصري
واللبناني بحق المحكمة في استكمال األدلة وجمعها؛ من ذلك مثال أنه للمحكمة من تلقاء
نفسها أن تأمر باإلثبات بشهادة الشهود في األحوال التي يجيز فيها اإلثبات بهذه الطريقة
كما لها أن تستدعي الشهود للشهادة متى رأت لزوما لسماع شهادتهم إظهارا للحقيقة ،بل
وأكثر من ذلك يحق لها أن تنتقل إلى عين المكان لالستمتاع للشهود -طبقا للفصل 73من
ق.م.م – وللمحكمة أيضا من تلقاء نفسها أو بناء على طلب األطراف االنتقال للمعاينة –
الفصل 67من ق.م.م -وللقاضي أن يوجه اليمين المتممة من تلقاء نفسه إلى أي خصم
21قرار صادر عن محكمة النقض ،رقم ،248بتاريخ 13فبراير ،2002ملف مدني عدد .2001/2/3/882
13
ليبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في قيمة ما يحكم به – الفصل 87ق م ق –
كما يحق لها استنباط القرائن ،وهذا ما يتضح من خالل مقتضيات الفصل 454من ق ل
ع الذي جاء فيه بأن القرائن التي لم يقررها القانون موكولة لحكمة القاضي...
ومن مظاهر الدور اإليجابي للقاضي أيضا ما تعترف به التشريعات الحديثة من
سلطة مطلقة في تقدير الدليل المقدم في الدعوى ،إال أنها ال تسمح هذه التشريعات بالمجادلة
أمام محكمة النقض في تقديرها لألدلة ،فال يجوز المجادلة في تقديرها لشهادة شاهد اطمأنت
اليه ،إذ أن المقرر أن تقدير أقوال الشهود واستخالص الوقائع منها مما يستقل به قاضي
الموضوع ،كما أنه ال تجوز المناقشة حول تقدير المحكمة في األخذ بتقرير الخبير أو في
استنباط قرينة قضائية أو تقديرها إلقرار غير قضائي ،إلى جانب ما يتمتع به القاضي من
سلطة تسيير ما في الخصومة ،منها سلطته في الحكم بالتشطيب عن القضية ـ القصل 47
من م .م ـ أو إدخال من يرى إدخال ادخاله تحقيقا لمصلحة العدالة وإظهارا للحقيقة.22
أ -حق الخصم في اإلثبات :على الخصم أن يثبت ما يدعيه أمام القضاء بالطرق
التي بينها القانون ويجب أن يتقيد في اإلثبات بقيود ثالثة؛
نبيل إبراهيم سعد ،اإلثبات في المواد المدنية والتجارية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع ،بيروت ،1995 ،ص. 43،42 : 22
14
أوال :ال يجوز له أن يثبت ما يدعيه إال بالطرق التي حددها القانون فال يجوز له أن
يثبت بالشهادة ما يلزم إثباته بالكتابة وال يجوز له أن يجزئ إقرار خصمه إذا كان هذا
اإلقرار ال يتجزأ.
ثانيا :كذلك ال يجوز للخصم أن يطلب إثبات واقعة لم تتوافر فيها الشروط الواجبة،
إذ يجب أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى منتجة في داللتها جائزة اإلثبات قانونا.
ثالثا :يبقى للقاضي بعد كل هذا حرية واسعة في تقدير قيمة األدلة التي تقدم بها
الخصم .23
ب -حق الخصم اآلخر في إثبات العكس -مبدأ المجابهة بالدليل :إن اإلثبات حق
لكل من المدعي والمدعى عليه ومن ثم فإن المدعي له الحق في إقامة الدليل على ما يدعيه
والمدعى عليه -من جانبه – له الحق في إقامة الدليل على عكس ذلك ،فكل دليل يتقدم به
أحد الخصمين إلثبات ادعائه يكون للخصم اآلخر الحق في نقضه وإثبات خالفه ،فإذا ثبت
الخصم حقه بالكتابة الواردة في ورقة رسمية جاز للخصم اآلخر أن يطعن في هذه الورقة
بالتزوير ،أما إذا الدليل الذي قدمه الخصم اآلخر ورقة عرفية فباإلضافة إلى ادعاء التزوير
يمكن له أن ينكر خطه وإمضائه أو أن يثبت عكس ما هو وارد فيها بكتابة أخرى مثلها
طبقا لما يقرره القانون ،فللخصم في جميع الحاالت أن يدحض دليل خصمه بدليل آخر وله
وإذا كان الدليل الذي قدمه الخصم هو قرينة قضائية جاز 24
أن يوجه اليه اليمين الحاسمة...
للخصم اآلخر أن يثبت عكس هذه القرينة بقرينة أخرى ،أو بأي طريق آخر ،ويصدق حق
الخصم في إثبات العكس أيضا بالنسبة لإلقرار واليمين ،فيجوز الطعن في اإلقرار بالبطالن
لعدم األهلية أو لعيب من عيوب اإلرادة ويجوز لمن وجهت اليه اليمين الحاسمة أن يردها
لمن وجهها إليه.
15
ج – حق الخصم في مناقشة األدلة في الدعوى وتفنيدها :ال يجوز للقاضي أن
يأخذ بدليل قدمه أحد الخصوم دون أن يعرضه على الخصم اآلخر حتى يتمكن من مناقشته
تحقيقا لمبدأ التواجهية ،بغض النظر عما إذا كان الدليل خطيا أو شهادة أو قرينة ،بحيث ال
يجوز للمحكمة األخذ بأي دليل لم يتم عرضه على الخصوم لمناقشته ،كما ال يجوز األخذ
بدليل نوقش في قضية أخرى ولم يتم مناقشته في هذه الدعوى ،ويترتب عن حق الخصوم
في مناقشة األدلة التي تُقدم في الدعوى أنه ال يجوز للقاضي أن يقضي بعلمه ذلك إن علم
القاضي هنا يكون دليال في القضية وفقا ما تم ذكره سابقا.
د – عدم جواز قيام الخصم باصطناع دليل لنفسه :إن اإلثبات وإن كان عبئا على
الخصوم فهو حق لهم أيضا ،للخصم أن يقيم الدليل بالطرق المحددة على صحة ما يدعيه
وفي سبيل تقديم الخصم لهذا الدليل ال يجوز له أن يصطنع دليال لنفسه ،وهذه القاعدة بديهية
إذ ال يجوز للشخص أن يستند في دعواه إلى دليل اصطنعه لنفسه ،وإال أصبحت عملية
اإلثبات صورية ،فما أيسر على الخصم أن يُعد دليال لنفسه بما يؤيد ادعاءاته ،وعلى ذلك
ال يجوز أن يكون الدليل الذي يقدمه الخصم على صحة دعواه مجرد أقواله وادعاءاته ،أو
أن يكون ورقة صادرة منه أو مذكرات دونها بنفسه ،25فإذا رفع الطبيب دعواه على أحد
مرضاه يدعي فيها أنه زاره خمس مرات وقدم للتدليل على ذلك مذكراته التي يقيد فيها
زياراته للمرضى فال يعتبر هذا دليال ،وعلة تقرير هذا المبدأ أنه لو جاز أن يصطنع أي
شخص دليل لنفسه ضد أي شخص آخر ،لما آمن إنسان على نفسه أو ماله ،ولتعرض كل
شخص الدعاءات ال حصر لها يصطنع أدلتها أشخاصا آخرون ضده.
خ – ال يجوز إجبار خضم على تقديم دليل ضد نفسه :وهو مبدأ عام يقتضي أن من
مصلحة الطرف في الدعوى عدم الكشف عن حجة يحوزها وفي االستدالل بها مصلحة
لخصمه ،إذ ال يجوز إجباره على االستظهار بها حتى ال يستفيد خصمه من هذا اإلجراء
، 26إال أنه من الناحية الفنية إذا امتنع أحد الخصوم دون حق عن االستجابة لطلبات خصمه
من تقديم مستندات في حوزته أو جعل بفعله إثبات الدعوى مستحيال بأن امتنع مثال عن
25أشرف جابر سيد ،أصول اإلثبات ،دار النهضة العربية ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،2003 ،د ط ،ص.20 :
26بنسالم أوديجا ،مرجع سابق ،ص.547 :
16
تقديم دليل تحت يده ال يمنع القانون من تقديمه ،فإن ذلك مؤداه أن يخسر هذا الخصم
دعواه ،على أساس أن ذلك يعتبر من قبيل التسليم من جانبه بصحة ما يدعيه خصمه،
وذلك بطريق القياس على من جعل بفعله تحقق الشرط الذي عليه التزاما مستحيال ،فإن
القانون يفترض أن الشرط قد تحقق...
إن محل اإلثبات هو المصدر الذي ينشئ هذا الحق ،ويستوي أن يكون تصرف
مادي أو واقعية قانونية ( الفقرة األولى) ،وعبء إثبات هذا الحق يطرح إشكاالت عدة
سنحاول معالجتها تباعا في إطار (الفقرة الثانية).
17
الفقرة األولى :محل اإلثبات
فالتصرف القانوني تعبيرا عن اإلرادة بقصد إحداث أثر أو آثار قانونية ،29وهو
إما أن يصدر من جانبين -كعقد البيع وعقد اإليجار -وإما أن يصدر من جانب واحد -كعقد
الهبة وعقد الوصية ـ أما الواقعة المادية فهي أمر مادي محسوس يرتب القانون عليه آثار
معينة ،وهي إما أن ترجع إلى إرادة اإلنسان ،كالفعل الضار الذي يرتب عليه القانون الحق
في التعويض أو الفعل النافع الذي ينشئ لصاحبه الحق في استرداد ما أنفق من مصاريف
وما لحقه من خسارة ،وإما أن تقع بدون تدخل من إرادة اإلنسان كالوفاة التي يرتب عليها
القانون الحق في الميراث.
وما يجب اإلشارة إليه في هذا الصدد ،أنه يشترط في الواقعة القانونية محل
اإلثبات مجموعة من الشروط ،حيث جاء في إطار الفصل 403من ظ.ل.ع ما يلي ":ال
يجوز إثبات االلتزام:
-1إذا كان يرمي إلى إثبات وجود التزام غير مشروع ،أو ال يسمح القانون بسماع
الدعوى فيه.
18
أ -يجب أن تكون الواقعة محددة :وهو شرط بديهي فالواقعة غير المحددة ال يمكن
إثباتها إذ أن اإلثبات ال يرد على أمر مبهم أو مجهول ،لذلك يجب أن يكون تحديد الواقعة
كافيا حتى يمكن التحقق من أن الدليل الذي سيقدم يتعلق بها ال بغيرها ،ومثال الواقعة غير
المحددة أن يدعي شخص ملكية عقار أو دينا دون أن يحدد سبب هذه الملكية ،أو مصدر
هذا الدين هل هو عقد بيع أو صلح أو قسمة أو غير ذلك من العقود التي تصلح سببا لكسب
الملكية ،أو مصدرا للدين ، 30والواقعة القانونية محل اإلثبات قد تكون إيجابية كما قد تكون
سلبية؛ فالواقعة اإليجابية هي التي تنصب على وجود أمر ما ،أما الواقعة السلبية فهي التي
تنصب أمر غير موجود ،كنفي التقصير في االلتزام بعالج المريض ،وذلك من خالل
إثبات الطبيب أنه قام بكل ما يفرضه عليه واجب العالج ،وأنه في سبيل ذلك اتخذ كل
االحتياطات الالزمة.
ب -يجب أن تكون الواقعة ممكنة :ذلك أن الواقعة المدعاة يجب أن تكون ممكنة،
فال يتصور عقال إثبات واقعة مستحيلة فال يجوز مثال أن يكون محال اإلثبات ادعاء شخص
نسبه من شخص آخر أصغر منه سنا ،فاإلثبات في مثل هذه الحالة يعتبر عبثا من شأنه
إهدار وقت المحكمة.
ج – يجب أن تكون الواقعة محل نزاع :هذا الشرط بدوره شرط بديهي إذ لو كانت
الواقعة محل النزاع محل تسليم من الخصم اآلخر لما كان هناك داعي إلهدار وقت
المحكمة في إثباتها ،بحيث ال يجوز البحث في إثبات واقعة سبق وأن أقر بها الخصم
لمصلحه خصمه.
د – يجب أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى :تكون الواقعة متعلقة بالدعوى إذا
كانت ذات صلة وثيقة بها والعكس صحيح ،فال يجوز للمستأجر الذي يطالبه المؤجر بأجرة
شهر معين أن يقدم ما يفيد سداده أجرته شهور سابقة على هذا الشهر ،النتفاء الصلة الوثيقة
بين هذه الدعوى وبين الدعوى المرفوعة ،ففي هذه الحالة يشترط أن يكون هذا الشيء الذي
30سليمان مرقس ،شرح القانون المدني ،في االلتزامات " مصادر االلتزام وآثاره وأوصافه وانتقاله وانقضاؤه ،والنظرية العامة لإلثبات" ،المطبعة
العالمية ،م ط غ ،1964 ،د ط ،ص .63 :
19
انتقل إليه محل اإلثبات قريبا ومتصال بالمحل األصلي لإلثبات وهو مصدر الحق وبالتالي
الحق ذاته.31
خ – يجب أن تكون الواقعة منتجة في الدعوى :ال يكفي أن تكون الواقعة القانونية
متعلقة بالدعوى ،بل يجب أن تكون كذلك منتجة فيها ،أي أن يكون من شأن إثباتها الفصل
في الدعوى ،لذلك ال يجوز للمدين الذي يطالبه دائنه بالوفاء بالدين أن يطلب إثبات هذا
الوفاء عن طريق إقرار صادر من شخص آخر ،ألن اإلقرار بالوفاء المنتج في الدعوى
هو الذي يصدر من الدائن ال من الغير.
ش -أن تكون الواقعة جائزة اإلثبات :يشترط في الواقعة القانونية أن تكون جائزة
اإلثبات؛ أي أن ال يكون هناك ما يمنع إثباتها من الناحية القانونية ،بحيث قد يمنع القانون
إثبات واقعة ما ألنها تتعارض مع النظام العام واآلداب العامة ،ومثال ذلك عدم جواز
إثبات دين القمار ،وإما ألن ضرورة الصياغة الفنية يقتضي هذا المنع كما هو الحال بالنسبة
للوقائع التي تصطدم بقرينة قانونية قاطعة ،فال يجوز مثال إثبات واقعة مخالفة لما هو ثابت
بالحكم القضائي ،وتقدير كون الواقعة جائزة اإلثبات قانونا من مسائل القانون التي يخضع
فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض.32
وكون محل اإلثبات تصرف قانوني أو رابطة قانونية يفيد أن اإلثبات ال يرد على
القانون بل القاضي يطبقه من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إثبات الخصوم ،ومن ثم فعنصر
االدعاء بحق أو بأية رابطة قانونية أمام القضاء ينقسم إلى عنصرين :عنصر الواقع وهو
مصدر الحق المدعى به؛ أي التصرف القانوني أو الواقعة القانونية التي أنشأت هذا الحق،
وعنصر القانون وهو استخالص الحق من مصدره بعد أن ثبت الخصم هذا المصدر؛ أي
تطبق القانون على ما ثبت للقاضي من الوقائع ،وهذا من عمل القاضي وحده ال يكلف
الخصم بإثباته بحيث على القاضي أن يبحث من تلقاء نفسه على القواعد الواجبة التطبيق
31عبد هللا القاسم العنزي ،شروط الواقعة القانونية محل اإلثبات ،مقال منشور بموقع www.makkahnewspaper.Comتم االطالع عليه
18مارس ،2024على الساعة .22:00
32أشرف جابر سيد ،مرجع سابق ،ص.28 :
20
على ما ثبت عنده من الوقائع فيطبقها من تلقاء نفسه ،إال أن مبدأ القاعدة القانونية ليست
محال لإلثبات ترد عليه استثناءات؛ بحيث تكون القاعدة القانونية محال لإلثبات في حالتين:
-الحالة األولى :إذا كانت القاعدة القانونية مصدرها عرف محلي ،وهنا يجب التمييز
بين القاعدة القانونية التي يكون مصدرها عرفا عاما ،وتلك التي يكون مصدرها عرفا
محليا ،فإذا كانت القاعدة القانونية مصدرها عرف عام فإنها ال تعد محال لإلثبات ،ألن
العرف العام يكون بمثابة قانون يفترض علم القاضي به ،ومن ثم يجب عليه أن يقضي به
من تلقاء نفسه ،أما اذا كانت القاعدة القانونية مصدرها عرفي محلي ،فالراجح أن هذه
القاعدة تأخذ حكم الواقعة القانونية ،بحيث ال يتص ور افتراض علم القاضي بها ومن ثم
تكون محال لإلثبات ويجب على من يتمسك بها من الخصوم أن يقوم بإثباتها ،فإذا ثبتت
أخذت حكم العرف العام.33
ويختلف الحال لو كانت القاعدة القانونية ناشئة عن عادة اتفاقية لم تبلغ منزلة
العرف ،فهذه العادة االتفاقية ال تستمد قوتها سوى من اتفاق المتعاقدين عليها وال يفترض
علم القاضي بها ،ومن ثم فإنه يتعين على الخصم الذي يتمسك بها أن يقوم بإثباتها.
-الحالة الثانية :القانون األجنبي إذا قضت قواعد اإلسناد بتطبيقه :قد يكون القانون
الواجب التطبيق على موضوع النزاع قانونا أجنبيا وذلك بمقتضى قواعد اإلسناد ،وعادة ما
يكون هذا القانون غير معروف في البلد المنظور فيه الدعوى ،لذلك اختلف الرأي
مسايرا القضاء الفرنسي إلى أن القانون األجنبي 34
بخصوص هذه الحالة ،فذهب البعض
يأخذ حكم الواقعة القانونية ،وبالتالي يقع على الخصم الذي يتمسك بتطبيقه عبء إثباته،
ويستند هذا الرأي الى اعتبارات علمية حيث ال يمكن افتراض علم القاضي الوطني بالقانون
في 35
األجنبي الواجب التطبيق وفقا لقواعد اإلسناد ،إال أن بعض الفقه الفرنسي الحديث
21
مجموعه يذهب إلى أ ن القانون األجنبي ال يغير طبيعته لمجرد تطبيقه في دولة أخرى بل
يظل محتفظا بطبيعته القانونية وال يتحول إلى واقعة مادية ،وبالتالي فإن الخصوم وإن جاز
معاونتهم للقاضي في إثبات القانون األجنبي إال أنهم ال يكلفون بإثباته ،فالقاضي يقضي في
القانون األجنبي بعلمه وعليه أن يبحث هو عن مضمونه وأن يفسره حسب القواعد المعمول
بها في الدولة صاحبة القانون ،وهو يخضع في كل ذلك لرقابة محكمة النقض.
ونحن نميل إلى الرأي الراجح إلى أن القانون األجنبي هو واقعة قانونية ال يتغير
طبيعته لمجرد أن القاضي األجنبي بطبقه وفقا لقاعدة اإلسناد في قانونه الوطني ،وعلى ذلك
يجب على القاضي أن يبحث من تلقاء نفسه عن أحكام القانون األجنبي الواجب التطبيق.
إن اإلثبات كما أسلفنا الذكر حق للخصوم ،والقاضي يلتزم الحياد في الخصومة،
بحيث يمنع عليه القضاء بعلمه الشخصي ،أو السعي إلى جمع األدلة بنفسه ،ذلك إن قيام
القاضي بتكليف أحد الخصمين دون اآلخر باإلثبات يعد خروجا على هذا المبدأ لما يمثله
ذلك من وضع أحد الخصمين في مركز أفضل من اآلخر ،فالخصم الذي يكلف باإلثبات يجد
نفسه ملتزما بأمر إيجابي قد ال يستطيعه ،أما الطرف اآلخر فيقف موقفا سلبيا ،وفي ذلك قد
يرجح كفته في الدعوى دون عناء يبذله ،فالكثير من األشخاص يخسرون دعواهم رغم
كونهم أصحاب الحق فيما يدعونه ألنهم عجزوا عن إقامة الدليل الذي يوصل إلى إقناع
القاضي ،لذلك كانت معرفة الشخص الذي يتحمل عبء اإلثبات مسالة ذات أهمية كبرى من
الناحية العملية ،فكون أحد الخصمين غير مكلف باإلثبات يعتبر ميزة له من ناحية مركز
36
الخصوم في الدعوى ،ألن هذا يؤدي به إلى كسب الدعوى إذا عجز خصمه عن اإلثبات،
ونظرا لهذه األهمية فقد تدخل القانون لوضع قواعد توزيع هذا اإلثبات بين الخصوم:
22
البينة على المدعي :إن القاعدة العامة في توزيع عبء اإلثبات تتمثل في أن صاحب
ما يلي" : 37
الدفع هو المكلف باإلثبات ،حيث جاء في إطار الفصل 399من ق ل ع
إثبات االلتزام على مدعيه" ،وهذا يتماشى مع المبادئ المقررة في الفقه اإلسالمي ،ففي
حديث عن ابن عباس رضي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ":لو يعطى
الناس بدعواهم الدعى رجال أموال قوم ودمائهم لكن البينة على المدعي واليمين على من
أنكر" -38والمقصود بالبينة في هذا الصدد اإلثبات الذي يتطلبه القانون -ففي التشريع
المغربي وسائر القوانين الحديثة توجد القاعدة ذاتها ،فالمدعي هو الذي يحمل في األصل
عبء اإلثبات سواء كان دائنا يدعي ثبوت الدائنية أو مدينا يدعي التخلص من المديونية،
فالقاعدة هي أن المدعي هو الذي يقع عليه عبء اإلثبات ،فمن هو المدعي؟.
ال يقصد بالمدعي الدائن فقط كما يستفاد من نص القانون ،فالمدعي الذي يقع
عليه عبء اإلثبات قد يكون دائنا يدعي ثبوت الدائنية وقد يكون مدينا يدعي التخلص من
المديونية ،بمعنى آخر إن المدعي قد يكون هو مباشر الدعوى كمن يدعي بحق معين في
مواجهة شخص آخر إذ يقع عليه عبء إثبات مصدر هذا الحق تصرفا قانونيا -كعقد البيع-
أو واقعة قانونية -كالعمل غير المشروع أو اإلثراء بال سبب -ولكن ليس ضروري أن
يكون المدعي هو من يرفع الدعوى ،فقد يكون المدعي هو الشخص الذي يقدم دفعا في
الدعوى فيقع عليه عبء إثبات دفعه ،كمن يدفع بالوفاء بالدين المدعى به ،من هنا يمكن أن
نقول أن من يحمل عبء اإلثبات هو المدعي في الدعوى والمدعى عليه في الدفع ،فكالهما
مدع في دعواه... 39إذا يقع عبء اإلثبات على عاتق من يرفع الدعوى بالنسبة إلى ما يدعيه
فيها مما يخالف األصل ،ويقع على عاتق المدعى عليه بالنسبة إلى ما يدفعها به إذا أثبت
المدعي دعواه حيث يعتبر المدعى عليه مدعيا في الدفع ،40ومؤدى ذلك أن من يقع عليه
عبء اإلثبات هو من يدعي خالف األصل فمن يتمسك بالوضع الثابت أو الظاهر ال يكلف
37وفي إطار القوانين المقارنة نجد على سبيل المثال المادة 389من القانون المدني المصري تنص على ما يلي :على الدائن إثبات االلتزام وعلى
المدين إثبات التخلص منه".
وجاء في إطار الفصل 1315من القانون المدني الفرنسي ما يلي " :من يطالب بتنفيذ االلتزام يجب عليه إثباته ،ويجب على من يدعي التخلص
من التزامه أن يثبت الوفاء به أو أن يثبت الواقعة التي أدت إلى انقضائه".
38محمد بن صالح بن محمد العثيمين ،كتاب شرح األربعين النووية للعثيمين ،دار الثريا للنشر ،م ط غ 1421 ،ه ،د ط ،ص.59 :
39أحمد إبراهيم ،طرق القضاء في الشريعة اإلسالمية ،المكتبة األزهرية للتراث ،م ط غ ،2013 ،د ط ،ص.16 :
40سليمان مرقس ،مرجع سابق ،ص .109` :
23
بإثباته أما من يدعي خالف ذلك فيقع عليه إثبات ما يدعيه ،والوضع الثابت أو الظاهر ثالثة
أنواع :الثابت أصال و الثابت عرضا والثابت فرضا:
أوال :الثابت أصال :يقصد به األمر الثابت بطبيعة األشياء ومن أمثلة ذلك أن األصل
براءة الذمة وأن األصل هو الظاهر وأن األصل هو سالمة اإلرادة من العيوب ما لم يثبت
خالف ذلك ،فمن يتمسك بالثابت أصال ال يكلف بإثباته ،أما من يدعي خالف الثابت فيقع
عليه إثباته ،فيستفيد من يتمسك بالثابت من قرينة بقاء األصل على حاله:
أ -في نطاق الحقوق الشخصية األصل هو براءة الذمة :فإذا ادعى شخص دينا له
على آخر وجب عليه إثبات مصدر هذه المديونية كأن يثبت عقد القرض مثال ألنه يدعي
خالف األصل وهو براءة الذمة ،وال يكلف المدعى عليه بإثبات براءة ذمته.
ب – في نطاق الحقوق العينية األصل هو الظاهر :فمالك العقار الذي يتمسك بخلو
ملكيته من أي حق عيني يثقلها ال يكلف بإثبات ذلك ألنه يتمسك بالظاهر ،ويقع على من
يدعي خالف الظاهر عبء إثبات ما يدعيه ،كأن يثبت وجود حق ارتفاق أو حق انتفاع أو
حق رهن على العين محل النزاع ،كذلك الحائز للعين ال يطالب بإثبات ملكيتها ألن الظاهر
هو أن الحائز مالك للعين ،أما من يدعي الملكية وهو غير حائز لها فيقع عليه عبء إثبات
ملكيته ألنه يدعي خالف الظاهر.
ج -في نطاق العقود :يعتبر األصل بالنسبة للعقود أنها سليمة خالية من العيوب،
وعلى من يدعي وجود عيب بها إثبات ذلك ،كما أن األصل فيها أنها حقيقية ويقع على من
يدعي صوريتها عبء إثبات ذلك ،واألصل في كل التزام لم يذكر له سببا في العقد أن له
سببا مشروعا ،ويذكر هنا أن الصورية تثبت بكل وسائل اإلثبات فإذا أثبت المدين أن
السبب المذكور سبب صوري غير حقيقي فإن العقد يكون باطال ،غال إذا أثبت الطرف
اآلخر( الدائن) بدوره وجود سبب آخر مشروع ،41وذلك تطبيقا للفصل 65من ق ل ع
الذي جاء فيه " غذا ثبت أن السبب المذكور غير حقيقي أو غير مشروع ،كان على من
41عبد الحق الصافي ،الوجيز في القانون المدني ،المصادر اإلرادية لاللتزام( العقد واإلرادة المنفردة) ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء،
،2006الطبعة الثانية ،الجزء األول ،ص .164 :
24
يدعي أن لاللتزام سببا آخر مشروعا أن يقيم الدليل عليه" ،كما أن األصل في الشخص
حسن النية وعلى من يدعي خالف ذلك إثبات ما يدعيه.
ثانيا :الثابت عرضا :وهو األمر الذي قام بدليل على خالف الثابت أصال 42ومثاله
أن يتمكن من يدعي وجود حق له في ذمة آخر من إثبات مديونية هذا الحق إذ بذلك يكون
قد أثبت أمرا خالف الثابت أصال ،وهو براءة الذمة ،وحينئذ تكون المديونية هي األمر
الثابت عرضا ويقع على عاتق المدين عبء إثبات براءة ذمته بأن يثبت مثال انقضاء الدين
ألي سبب من أسباب انقضاء االلتزام .
ثالثا :الثابت فرضا :ويقصد به األمر الذي افترض فيه المشرع ثبوته بناء على
قرينة قانونية ،فالمشرع ينشئ قرينة قانونية على ثبوت أمر ما يستطيع المدعي أن يتمسك
بها إذا توافرت الظروف أو الوقائع التي جعلها المشرع أساسا لقيام هذه القرينة ،ومن ثم ال
يقع على عاتق المدعي عبء إقامة الدليل على ما يدعيه وإنما يكفي أن يثبت هذه الظروف
وتلك الوقائع ....والقرينة القانونية التي يفترض على أساسها ثبوت أمر ما قرينة بسيطة
تقبل البينة المعاكسة وليست قاطعة ،ومن صورها في ظ ل ع قرينة أن لكل التزام سبب
حقيقي ومشروع حتى يثبت العكس :هذه القرينة نص عليها المشرع في الفصل 63من ظ
ل ع ،عندما افترض بأن كل التزام له سبب ،وأن هذا السبب حقيقي ومشروع ولو لم يذكر،
وعلى من يدعي خالف ذلك إثبات ادعائه ،فهنا أعفى القانون الدائن من إثبات أن لاللتزام
الذي يطالب به المدين سبب حقيقي ومشروع ،فالمشرع افترض واستنتج هذه القرينة على
توفر شروط السبب ،فتجنب إلزام المدعي بإثبات مشروعية وحقيقة سبب االلتزام المذكور
في العقد ،ويكفيه إثبات وجود هذا األخير ،والخصم إذا قدم دليال كتابيا أو شهادة على ما
يدعيه ،فإنه إنه يكون قد قدم دليال كامال ولكن هذا ال يمنع خصمه من أن يقدم دليال ينقض
دليله ،فالدليل العكسي في القرينة البسيطة ليس نتيجة لنقل عبء اإلثبات إلى الخصم اآلخر،
بل هو تطبيق ألصل من أصول اإلثبات يقضي بمقارعة الدليل بالدليل.
عبد الرشيد مأمون ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات ،دار النهضة العربية للنشر والتوزيع ،القاهرة ،1995 ،د ط ،ص.160 : 42
25
قرينة المسؤولية في إطار الفصلين 85و 86من ق ل ع ما لم يثبت العكس:
على مستوى المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير نالحظ أن المشرع في إطار فصل 85
افترض في األب واألم تقصيرا في تربية الولد فحملهما المسؤولية عن األضرار التي
يتسبب فيها للغير استنادا إلى قرينة قانونية تفترض خطأهما في كيفية اشرافهما على تربية
القاصر ورعايته ،إال أن هذه القرينة قابلة إلثبات العكس وعلى األب واألم إثبات أنهما فعال
ما بوسعهما دون أن يتمكن من وقوع الفعل ،وهي نفس القرينة طبقها المشرع على أرباب
الحرف بالنسبة ألخطاء المتعلمين الموجودين تحت عهدتهم ،فكل خطأ يرتكبه المتعلم أثناء
وجوده لدى صاحب الحرفة يفترض أن هذا األخير مسؤول عنه ألن القاصر يكون قد خرج
من نطاق مسؤولية رب الحرفة ،ونفس المسؤولية المفترضة تسري أيضا على المكلف
بحراسة الحيوان حسب الفصل 86من ظ ل ع لقول المشرع "..وتلزمهم هذه المسؤولية
ما لم يثبت"...
وما يمكن استخالصه من هذه الدراسة ،أن عبء اإلثبات ال يثقل كاهل أحد
الخصمين دون اآلخر ،بل يوزع على الخصمين على النحو المتقدم ،فقد يقع هذا التوزيع
بحكم الواقع بمقتضى قرائن قضائية ينقل بها القاضي عبء اإلثبات بحسب تقديره من
الخصم الى خصمه ،مثال شخص يريد أن يثبت صورية عقد صدر من أب إلى ولده فيثبت
إلى جانب عالقة البنوة أن الولد هو صغير السن عديم الكسب وليس له ظاهر يسمح بدفع
الثمن المذكور في العقد أنه قد دفع ،فتقوم قرينة قضائية على أن واقعة دفع الثمن واقعة
صورية ،فينقل القاضي عبء اإلثبات إلى األب ليثبت مصدرا معينا دفع منه الولد الثمن أو
أن حقيقة العقد هي هبة في صورة بيع ،وعندئذ يكون له حكم الهبة ال حكم البيع ،إلى جانب
هذا قد يتم توزيع عبء اإلثبات بحكم القانون ومثل ذلك أن يقع التوزيع بحكم القانون عن
طريق قرائن قانونية ،فإذا باع شخص ماال يملكه وبعد موته نوزع ورثه البائع المشتري في
أن الثمن المذكور في العقد صوري وأن البيع قد صدر في مرض الموت فيكون وصية،
ومن ثم ال ينفذ إال في الثلث ،هنا يوزع القانون اإلثبات بين الورثة والمشتري.
26
عالوة على ما سبق فإنه قد يتم تعيين من يقع عليه عبء اإلثبات بحكم االتفاق -
التعديل االتفاقي لقواعد اإلثبات -فقواعد اإلثبات وضعت لحماية الخصوم ،فمن الجائز إذا
ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك عندما يضع القانون قرينة قانونية تنقل عبء اإلثبات إلى
الخصم حماية للخصم اآلخر أن يتفق الطرفان مقدما على إلغاء هذه القرينة ،فعادة عبء
اإلثبات الى من كان ينتفع بها فينزل بذلك عن الحماية التي منحها له القانون ،فاألصل في
الضرر الذي يحدثه الحيوان أن حارسه هو المسؤول عنه إال إذا أثبت هذا أنه اتخذ
االحتياطات الالزمة لمنعه من إحداث الضرر أو ان ذلك يرجع إلى حادث فجائي أو قوة
قاهرة أو لخطأ المتضرر ،لكن يجوز االتفاق مقدما على نقل عبء اإلثبات إلى المضرور
فيمكن أن يتفق شخصان شريكان في مرعى واحد أن كل ضرر يقع من مواشي أحدهما
على مواشي اآلخر ال يكون األول مسؤوال عنه إال اذا أثبت اآلخر خطأ في جانبه.
طرق اإلثبات هي الوسائل التي يلجأ إليها الخصوم إلقناع القاضي بصحة الوقائع
التي يدعونها ،وقد أورد المشرع المغربي في إطار ظ ق ل على سبيل الحصر الطرق التي
يتم بموجبها إثبات ادعاءات األطراف وهي خمسة :إقرار الخصوم والحجة الكتابية وشهادة
الشهود والقرينة واليمين والنكول عنها ،والخبرة والمعاينة ( الفقرة األولى) بحيث ال
يجوز سواء للقاضي او ألحد الخصوم االعتماد على أدلة أخرى لإلثبات ما عدا ما ذكر في
و ق م م ،وعلى ذلك ال يجوز للقاضي مثال أن يلجأ في 43
إطار الفصل 404من ق ل ع
اإلثبات في إلى طريقة اإليحاء المغناطيسي لكي يحصل على إقرار صحيح ،وقد قسمها
الفقه إلى تقسيمات عدة تختلف بحسب الزاوية التي ينظر إليها منها ( الفقرة الثانية):
43ينص الفصل 404من ق ل ع على ما يلي :وسائل اإلثبات التي يقررها القانون هي:
_ 1إقرار الخصم.
_2الحجة الكتابية.
_3شهادة الشهود.
_4القرينة.
_5اليمين والنكول عنها.
27
إن اإلقرار ليس طريقا إلثبات الحق بقدر ما هو إعفاء من إثباته ونزوال من
الخصم المقر عن حقه في مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه ،ويكون حجة قاصرة على المقر
دون غيره ،أما الكتابة فهي أقوى طريق لإلثبات وهي تصلح إلثبات جميع الوقائع سواء
كانت تصرفات قانونية أو وقائع مادية ،إال أن القانون ال يشترط الكتابة في كل التصرفات
القانونية بل فقط في التصرفات التي تزيد قيمتها عن عشرة االف درهم ،وذلك منعا إلرهاق
الناس في معامالتهم ذات القيمة المحدودة ،والكتابة لها قوة مطلقة في اإلثبات فال يجوز
إثبات عكسها إال بكتابة أخرى مثلها أو عن طريق الطعن فيها باإلنكار أو التزوير .44أما
45
الشهادة أو البينة فقد كانت من بين أقوى األدلة في الوقت الذي لم تكن فيه الكتابة منتشرة
بل كانت الغلبة لألمية ،فكان االعتماد على الرواية دون القلم ،إال أن مع انتشار الكتابة
غلبت هذه األخيرة على الشهادة فأصبح لها المقام األول ،بحيث إن الشهادة اليوم طريق
لإلثبات ذو قوة محدودة إذ ال يجوز إثبات التصرفات القانونية بها إال في حاالت استثنائية،
أما القرائن فهي طرق غير مباشرة من طرق اإلثبات.
والقرينة هي اعتبار الواقعة األصلية المطلوب إثباتها قد ثبتت بمجرد إثبات واقعة
أخرى بديلة ،وتظهر فائدة القرينة في أن الواقعة البديلة يسهل إثباتها عادة بينما الواقعة
األصلية تكون عسيرة اإلثبات ،وهي على نوعين إما قانونية أو قضائية ،فالقرينة القانونية
هي التي نص عليها القانون ،أما القرينة القضائية فهي التي يقررها القاضي...واليمين
تعرف بأنها تأكيد الحق أو نفيه باستشهاد هللا تعالى أمام القاضي ،46فبموجبها يحتكم الخصم
إلى ضمير خصمه ،فإذا حلف الخصم اليمين فيكون قد كسب الدعوى ،بدليل اصطنعه
بنفسه على خالف األصل ،ولكن بموافقة الخصم الذي وجه إليه اليمين ،أما اذا أنكل عنها
فيكون قد خسر الدعوى ويكون النكول في هذه الحالة في حكم اإلقرار ،ويتخذ اليمين إحدى
الصور األربعة اآلتية :إذا حلفها من وجهت اليه فقد ثبت حقه بيمينه ،واذا أنكل دون أن
يردها فقد ثبت حق خصمه بنكوله ،إذا ردها على الخصم فحلف فقد ثبت حق الخصم بيمينه
28
واذا ردها على خصمه فلم يحلف فقد ثبت حقه بنكول خصمه ،وما يجب تأكيده في هذا
اإلطار أن تطبيق القاضي لهذه الطرق هو مسألة قانون تخضع لرقابة محكمة النقض ،فال
يجوز للقاضي أن يستدل على صحة الواقعة عن غير الطريق الذي حدده القانون ،وال
يجوز أن يعطي لوسيلة من وسائل اإلثبات قوة ليست لها ،أو يعطي لها قوة أقل مما لها،
كما يمكن للقاضي أن يأمر قبل البت في جوهر الدعوى بإجراء خبرة أو وقوف على عين
المكان أو بحث أو أي إجراء من إجراءات التحقيق.
تنقسم طرق اإلثبات إلى طرق مباشرة وطرق غير مباشرة(أ) وطرق مهيأة
وطرق غير مهيأة (ب) وطرق ذات حجية ملزمة وطرق ذات حجية غير ملزمة (ج)
وطرق أصلية وطرق تكميلية وأخرى احتياطية (خ) طرق ذات قوة مطلقة وطرق ذات قوة
محدودة وطرق معفية(ش).
أـ طرق مباشرة وطرق غير مباشرة :يقصد بالطرق مباشرة تلك الطرق التي
تنصب مباشرة على الواقعة المراد إثباتها وتنحصر في كل من الكتابة وشهادة الشهود،
فالكتابة تسجل الواقعة المراد إثباتها بالذات سواء كانت هذه الواقعة تصرفا قانونيا أو واقعة
مادية ،أما الطرق الغير مباشرة فهي التي ال تنصب داللتها على الواقعة المراد إثباتها وإنما
تستخلص بطريق االستنباط وتتجلى في القرائن واليمين واإلقرار ،فهذه الطرق ال تعد دليال
مباشرا على صحة الواقعة ،فالقرائن ال ينصب اإلثبات فيها على الواقعة المراد إثباتها
بالذات بل على واقعة أخرى مت صلة بها اتصاال وثيقا ،بحيث يعتبر اثبات الواقعة البديلة
إثباتا للواقعة األولى؛ الواقعة األصلية بطريق االستنباط .وكذلك الحال بالنسبة لإلقرار
واليمي فكالهما ال يعد طريقا مباشرا لإلثبات ،فاإلقرار ال يثبت صحة الواقعة المراد إثباتها
مباشرة ،بل هو يعفي الخصم من اإلثبات ،فتصبح واقعة ثابتة بطريق غير مباشر ،وكذلك
اليمين فهي ليست طريقا مباشرا لإلثبات إذ هي احتكام الى ذمة الخصم فإذا حلف فال يعني
29
ذلك بالضرورة صحة الواقعة التي حلف عليها وإنما يعني ذلك أن خصمه قد أعفاه من
اإلثبات .47
ب – طرق مهيأة وطرق غير مهيأة :نميز في طرق اإلثبات من حيث اعداد الدليل
مسبقا بين طرق مهيأة وطرق غير مهيأة يقصد بالطرق المهيأة تلك الطرق التي أعدها
الطرف إلثبات حقه في حالة المنازعة فيه وتتمثل عادة في الكتابة ،كأن يعد صاحب الحق
هذه الطرق إلثبات تصرف قانوني ،كعقد البيع أو إثبات واقعة قانونية كواقعة الميالد
وتسمى الكتابة في هذه الحالة سندا ألن الخصم يعدها لكي يستند اليها عند القيام النزاع بينه
وبين خصمه ،أما الطرق الغير مهيأة فهي التي ال تعد مقدما بل يتم اعدادها عند قيام النزاع
في الحق المراد إثباته ،وكل طرق اإلثبات عدا الكتابة تعد طرقا غير مهيأة ،فشهادة الشهود
ال تعد إال وقت قيام النزاع ،والقرائن ال تستخلص إال أمام القاضي عندما يقوم بالنظر في
النزاع ،وكذلك بالنسبة لإلقرار واليمين فكالهما ال يجدى إال في مجلس القضاء عند النظر
في النزاع.
ج -طرق ذات حجية ملزمة وطرق ذات حجية غير ملزمة :تنقسم طرق اإلثبات من
حيث حجيتها طرق ذات حجية ملزمة وطرق ذات حجية غير ملزمة ،الطرق ذات الحجية
الملزمة هي الطرق التي حدد القانون قدر حجيتها ،ولم يترك للقاضي سلطة تقديرها،
وتتمثل هذه الطرق في الكتابة واإلقرار واليمين والقرائن القانونية ،أما الطرق ذات الحجية
غير الملزمة فهي التي يملك القاضي سلطة تقديرية إزاء تقدير حجيتها وتتمثل في البينة
والقرائن القضائية ،حيث يتمتع القاضي بحرية في تكوين عقيدته واقتناعه بهدين الدليلين
دون معقب عليه في ذلك من محكمة النقض.
خ -طرق أصلية وطرق تكميلية وطرق احتياطية :يقصد بالطرق األصلية تلك
الطرق التي تقوم بذاتها دون أن تكون مكمله ألدلة أخرى موجودة كالكتابة ،أما الطرق
التكميلية فهي األدلة التي ال تقوم بذاتها بل تكون مكملة ألدلة موجودة كما هو الحال بالنسبة
للبينة( شهادة الشهود) والقرائن القضائية واليمين المتممة ،أما الطرق االحتياطية فهي تلك
47عبد الفتاح عبد الباقي ،أحكام االلتزام ،مطبعة نهضة مصر ،القاهرة1989 ،د ط ،ص.80 :
30
الطرق التي يلجأ اليها الخصم إذا لم يكن لديه دليل آخر وهي اإلقرار واليمين الحاسمة،
فالخصم يضطر إلى اللجوء إلى هذين الدليلين عساه أن يثبت حقه فيلجأ إلى استجواب
خصمه لعله يقر له بما يسعى إلى إثباته وكذلك الحال بالنسبة لليمين الحاسمة حيث يحتكم
الخصم إلى ضمير خصمه كأمل أخير يسعف به نفسه ولذلك ال يلجأ الخصم عادة إلى هذه
الطرق إال في حالة الضرورة القصوى.
ش -طرق ذات قوة مطلقة وطرق ذات قوة محدودة وطرق معفية :طرق اإلثبات
ذات القوة المطلقة هي تلك الطرق التي تصلح إلثبات جميع الوقائع سواء كانت وقائع مادية
أو تصرفات قانونية وأيا كانت قيمة الحق المراد إثباته ،والكتابة هي الدليل ذو القوة المطلقة
من بين األدلة موضوع هذه الدراسة ،أما طرق اإلثبات ذات قوة محدودة فهي تلك الطرق
التي تصلح إلثبات بعض الوقائع دون البعض اآلخر وهذه الطرق هي البينة والقرائن
القضائية ،كذلك اليمين المتممة فهي دليل ذو قوة محدودة في اإلثبات إذ ال يلجأ إليها إال
إلتمام دليل ناقص ،أما الطرق المعفية من اإلثبات فهي تلك الطرق التي تصلح إلعفاء من
إثبات أيه واقعة مادية أو تصرف قانوني مهما كانت قيمته وهذه الطرق هي االقرار واليمين
الحاسمة.
31
خاتمة
صفوة القول ،إن النظام القانوني لإلثبات يهدف إلى تحقيق العدالة واالستقرار في
التعامل القانوني ،ويقوم بدوره على ثالثة مبادئ أساسية؛ وهي مبدأ النظام القانوني لإلثبات
والذي يحدد القانون والقواعد والطرق المقبولة لإلثبات ،ويتيح للقاضي حرية تقدير قيمة
األدلة وتحديد الطرق المناسبة لإلثبات ،وبموجبه يجب أن يكون القاضي محايدا وغير
متحيز عند تقدير األدلة ،إلى جانب مبدأ دور الخصوم االيجابي -الحق في اإلثبات -بحيث
يتعين على الخصوم تقديم األدلة إلثبات ادعاءاتهم ،ولهم الحق في مناقشة األدلة وتقديم أدلة
معاكسة تحقيقا لمبدأ المجابهة بالدليل ،والمشرع المغربي منحن القاضي مجموعة من
وسائل اإلثبات ليهتدي لها من أجل تكوين قناعته ورفع اللبس عن كل حق مهضوم،
وتختلف حجية هذه الوسائل ومدى التزاماتها للقاضي من وسيلة ألخرى ،لذلك يتعين على
32
الئحة المصادر والمراجع
❖ الكتب:
▪ أحمد نشأت ،رسالة اإلثبات ،عبء اإلثبات ،طرق اإلثبات ،الكتابة ،شهادة الشهود،
مطبعة دار الفكر العربي ،القاهرة ،1971 ،الطبعة السابعة ،الجزء األول.
▪ محمد ابن معجوز المزغراني ،وسائل االثبات في الفقه اإلسالمي ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،1995 ،الطبعة األولى.
▪ عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،نظرية
االلتزام بوجه عام ،اإلثبات آثار االلتزام ،دار النهضة العربية ،بيروت القاهرة،
.1968
▪ إدريس العلوي العبدالوي ،وسائل اإلثبات في التشريع المغربي_ القواعد العامة
لوسائل اإلثبات ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء.1981 ،
▪ عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني ،دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في
االقتصادي ،دار األفاق العربية ،الدار ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون
البيضاء ،2020 ،الطبعة الثانية ،الجزء الرابع.
▪ سمير عبد السيد تناغو ،أحكام االلتزام واإلثبات ،مكتبة الوفاء القانونية ،اإلسكندرية،
،2009الطبعة األولى.
▪ أحمد أبو الوفا ،المرافعات المدنية والتجاريةـ دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية،
،2007د ط.
▪ نبيل إبراهيم سعد ،اإلثبات في المواد المدنية والتجارية ،دار النهضة العربية للطباعة
والنشر والتوزيع ،بيروت.1995 ،
▪ حسين المؤمن ،نظرية اإلثبات ،القواعد العامة لإلقرار واليمين ،مطبعة العرفان،
بغداد العراق ،2016 ،الطبعة الثانية ،الجزء األول.
▪ أشرف جابر سيد ،أصول اإلثبات ،دار النهضة العربية ،دار النهضة العربية،
القاهرة ،2003 ،د ط.
33
▪ أستاذنا جمال الطاهري ،محاضرات في النظرية العامة لاللتزامات.2019 ،
▪ سليمان مرقس ،شرح القانون المدني ،في االلتزامات " مصادر االلتزام وآثاره
وأوصافه وانتقاله وانقضاؤه ،والنظرية العامة لإلثبات" ،المطبعة العالمية ،م ط غ،
1964
▪ توفيق حسن فرج ،قواعد اإلثبات في المادة المدنية والتجارية ،مطبعة الثقافة
الجامعية ،مصر.2003 ،
▪ محمد بن صالح بن محمد العثيمين ،كتاب شرح األربعين النووية للعثيمين ،دار
الثريا للنشر ،م ط غ.1421 ،
▪ أحمد إبراهيم ،طرق القضاء في الشريعة اإلسالمية ،المكتبة األزهرية للتراث ،م ط
غ.2013 ،
▪ عبد الحق الصافي ،الوجيز في القانون المدني ،المصادر اإلرادية لاللتزام( العقد
واإلرادة المنفردة) ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،2006 ،الطبعة الثانية،
الجزء األول.
▪ عبد الرشيد مأمون ،الوجيز في النظرية العامة لاللتزامات ،دار النهضة العربية
للنشر والتوزيع ،القاهرة.1995 ،
▪ عبد الفتاح عبد الباقي ،أحكام االلتزام ،مطبعة نهضة مصر ،القاهرة.1989 ،
❖ األطاريح:
▪ بنسالم أوديجا ،سلطة القاضي في اإلثبات في المادة المدنية ،أطروحة لنيل الدكتوراه لفي
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة محمد الخامس،
أكدال الرباط،2014،2015 ،
34
❖ المقاالت والمجالت:
▪ أمين نصر هللا ،وسائل اإلثبات في ظهير االلتزامات والعقود ،مجلة القانون واألعمال
الدولية ،العدد ،44بتاريخ 26أكتوبر .2020
▪ محمد الغالمي ،أثر مبدأ حياد القاضي على الخصومة المدنية ،مجلة القانون واألعمال
الدولية ،العدد ،49بتاريخ 15دجنبر .2023
▪ عبد هللا القاسم العنزي ،شروط الواقعة القانونية محل اإلثبات ،مقال منشور بموقع
www.makkahnewspaper.comتم االطالع عليه 18مارس .2024
▪ زيد عبد هللا ،وسائل اإلثبات ،مجلة البحوث القضائية ،العدد ،7سنة .2007
❖ الظهائر والقوانين:
▪ ظهير شريف صادر في 9رمضان 12(1331أغسطس )1913بمثابة قانون
االلتزامات والعقود ،منشور بالجريدة الرسمية عدد ،73/74بتاريخ دجنبر .1964
▪ ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11رمضان 28( 1394شتنبر
)1974بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية ،منشور بالجريدة الرسمية عدد
2303مكرر بتاريخ 30شتنبر .1974
35
الفهرس
مقدمة 2 ..........................................................................................
المبحث األول :المبادئ األساسية التي تقوم عليها قواعد االثبات 5 .........................
المطلب األول :التنظيم القانوني لإلثبات 5 .....................................................
الفقرة األولى :مذهب اإلثبات الحر ومذهب اإلثبات المقيد والمختلط 5 .....................
الفقرة الثانية :موقع أحكام اإلثبات في القانون المغربي والمقارن ومدى تعلق كل منها
بالنظام العام 9 ...................................................................................
المطلب الثاني :مبدأ حياد القاضي ودور الخصوم اإليجابي-الحق في االثبات11 ..........-
الفقرة األولى :مبدأ حياد القاضي 11 ..........................................................
الفقرة الثانية :مبدأ دور الخصوم اإليجابي – الحق في اإلثبات 14 ..........................
المبحث الثاني :مسائل اإلثبات 18 .............................................................
المطلب األول :محل اإلثبات وعبؤه 18 ........................................................
الفقرة األولى :محل اإلثبات18 .................................................................
الفقرة الثانية :عبء اإلثبات 23 ................................................................
المطلب الثاني :طرق اإلثبات 28 ...............................................................
الفقرة األولى :تحديد طرق االثبات 29 .........................................................
الفقرة الثانية :تقسيمات طرق اإلثبات 30 .....................................................
خاتمة 33 ........................................................................................
الئحة المصادر والمراجع 34 ...................................................................
الفهرس 37 ......................................................................................
36