Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫المنظر المسرحي عند الرومان‬

‫بمقارن ة المس رح الروم اني بالمس رح االغ ريقي ‪ ،‬نج د أن ه ليس اال انعكاس ا‬
‫لعالقة الفن الروماني بأجمعه بالفن االغريقي الذي طبعه ‪ ،‬بطابعه وأثر فيه تأثيرا‬
‫تاما ‪.‬‬
‫فلقد سار الرومان على منهاج االغريق في اسس التصميم المسرحي ‪ ،‬كما أنهم‬
‫اض افوا الى فن العم ارة نوع ا من الهندس ة المعماري ة الزخرفي ة لم تكن موج ودة‬
‫قبل ‪ ،‬وذلك بتصميم االقواس (‪ ) ARCHES‬التي تميز بها بناء مسارحهم ‪ ،‬كما أننا‬
‫نالح ظ أن الروم انيين لم ينش ئوا مس ارحهم على س فوح التالل كم ا ك ان يفع ل‬
‫االغريق ‪ ،‬بل اقاموا على ارض مستوية وذلك لكي تظهر فخامة المبنى وزخرفته‬
‫من ال داخل والخ ارج ‪ ،‬وباالختص ار ك انت اعم ال الروم ان تتج ه نح و الزخرف ة‬
‫والتفخيم بعكس اعمال االغريق التي كانت تسودها البساطة والتنظيم ‪.‬‬
‫وفي الق رون االولى قب ل الميالد ب نى بالحج ارة مس رح ( بوم بي ) ‪ ،‬وك ان اول‬
‫نم وذج ب نى على اساس ه مس رح روم ا ‪ ..‬وك انت ام اكن النظ ارة على ش كل نص ف‬
‫دائ رة وبهيئ ة م درجات على النم ط االغ ريقي ‪ ،‬واهتم الروم ان ايض ا بأع داد‬
‫المص ورات لعلي ة القوم ‪ ،‬كما ك ان مك ان االوركس ترا في مستوى االرض ‪ ،‬وك ان‬
‫يحتوي على فراغ كبير يمكن شغله بأماكن اضافية لجلوس النظارة عند الحاجة ‪،‬‬
‫وكانت هناك درجات من الحجر تصل مكان االوركسترا بالمس رح والحائ ط الخلفي‬
‫ل ه ‪ ،‬وق د تفنن الروم ان في زخرف ة ذل ك الحائ ط كم ا وض عوا علي ه في بعض‬
‫الحاالت ما يشبه السقف ‪.‬‬
‫ام ا المس رح فك ان مرتفع ا وعميق ا ج دا ‪ ،‬وعندئ ذ ظه رت الحاج ة الى اقام ة من اظر‬
‫ثابت ة متين ة تص نع من الخش ب ثم تطلى طالء جي دا ‪ ،‬وذل ك لع رض منظ ر قص ر‬
‫ش اهق أو تماثي ل مختلف ة ‪ ..‬وغ ير ه ذا من المن اظر الض خمة ال تي تم يز به ا‬
‫الرومان ‪.‬‬
‫مسرح بومبي وهو اول نموذج بنى على نمطه مسرح روما‬

‫كما عرفت ( االلة ) طريقها الى المسرح الروماني وكانوا يتبعون في‬
‫اداراتها نفس الطرق التي توصل اليها االغريق ‪.‬‬

‫اال ان اهم ما يميز المسرح الروماني ‪ ،‬ذلك النظام الذي اتبعوه لجلوس‬
‫النظارة حيث الغى ( الكورس ) وخصص المكان السفلي من المدرجات وهو ما‬
‫يطلق عليه اليوم اسم ( الصالة ) لجلوس علية القوم ‪ ،‬وهذا النظام له مغزاه من‬
‫وجهة النظر المسرحية ‪.‬‬

‫كما زحفت الى المسرحيات التي كانت تتسم بالطابع الديني في المسرح‬
‫االغريقي عنصرا دنيويا ‪ ،‬واختلف الرومان عن االغريق ايضا في اختيار‬
‫الممثلين المسرحيين ‪ ،‬فكان اختيارهم من طبقة العبيد ذوي السيرة السيئة واالخالق‬
‫الغير حميدة وبعد مدة ادخلوا العنصر النسائي في المسرحيات ‪.‬‬

‫ولم يستعمل الرومان االقنعة في بادئ االمر ولكنهم بالغوا في استعمالها‬


‫بعد مدة من الزمن وكان الممثلون في المسرحيات التراجيدية يلبسون حلال طويلة‬
‫تجر في اذيالها على المسرح ‪ ،‬وفي المسرحيات الكوميدية كانوا يلبسون مالبس‬
‫قصيرة تثير الضحك والتسلية ‪ ،‬وكما كانوا يميزون ممثلى ادوار العجائز بما‬
‫يرتدونه من مالبس بيضاء وما يضعونه على رؤسهم من شعور بيضاء مستعارة ‪،‬‬
‫وكانوا يميزون الشبان بمالبس قرمزية وشعر اسود ‪ ،‬اما العبيد فكان شعرهم‬
‫احمر اللون ‪.‬‬

‫ولم يقتصر الرومانيون نشاطهم على بلدهم فقط بل كانوا يبنون مسارح‬
‫كثيرة في االقاليم المحتلة من بالد البرتغال وانجلترا غربا الى فلسطين شرقا ‪.‬‬

‫ولم يحمل الينا التاريخ الروماني للمسرح أن الشعب الروماني كانت له‬
‫رغبة ملحة لمشاهدة هذه االستعراضات في ايام القياصرة ‪.‬‬

‫استمر الرومان طوال خمسة قرون شغوفين بمظاهر الفخامة واالبهة‬


‫والمباريات والمصارعات وغيرها من االلعاب الرياضية التي كانت تعرض في‬
‫تلك االزمان ‪ ،‬وكانت تدفعهم الى ذلك عوامل كثيرة تعمل في ذات الوقت على‬
‫ابعادهم عن المسرح وقد ازدهرت تلك المباريات في ذلك العصر النها كانت هدفا‬
‫مرغوبا فيه ‪.‬ومن المالعب التي كانت تعرض فيها تلك المباريات ملعب‬
‫( فيرونا )الذي يستعمل االن كمسرح في الهواء الطلق ‪ ،‬وتقدم عليه كل عام‬
‫تمثيليات عالمية مختلفة ولما كان بطبيعة تكوينه وضخامة هندسته يتسع لحوالي‬
‫عشرين الف متفرج ‪ ،‬ومساحة ممثلة تبلغ حوالي ثالثة االف متر مسطح ‪ ،‬فعلينا‬
‫ان نتخيل ما تستوعبه هذه المساحة الفسيحة من ممثلين ومغنيين وراقصين ‪.‬‬

‫اما مسرح الكولوزيوم بروما ( ومعناه الضخم ) فقد اطلقوا عليه هذا االسم‬
‫لعظمة بنائه ‪ ،‬ومساحته الواسعة التي أنشئ عليها ‪ ،‬فهو يشغل حوالي خمسة‬
‫واربعين الف متر مسطح ‪ ،‬اما مساحة ملعبه فحوالي الف وخمسمائة مترا مسطحا‬
‫‪،‬وهو عبارة عن نصفي دائرة من التياترو االغريقي متصلين ببعضها حتى يكونان‬
‫دائرة كبيرة ‪ ،‬ويتكون مكان النظارة من اربعة طوابق ارتفاعها االجمالي خمسون‬
‫مترا ‪ ،‬وبكل طابق ثمانون قوسا ‪ ،‬وتتسع هذه الطوابق لخمسين الف متفرج ‪ ،‬وقد‬
‫استغرقت عملية بنائه ثمانية اعوام ‪ .‬وقد بدأ االمبراطور فيسبازيانو ‪vespasiano‬‬
‫بناءه في عام ‪ 72‬بعد الميالد ‪ ،‬وافتتحه االمبراطور تيتو ‪ TITO‬في عام ‪80‬‬
‫ميالدية بأحتفال دام مائة يوم ‪ .‬ونتيجة لاللعاب الوحشية والصراعية العنيفة مات‬
‫مئات من المصارعين ‪،‬واالف من العبيد ‪ ،‬وعدد ال يحصى من الحيوانات‬
‫المفترسة ومن هذا يتضح لنا ما وصل اليه الرومان من عنف وجبروت ووحشية ‪.‬‬

‫مسرح فيرونا‬

‫وبعد ان غزا الرومان مصر اتخذوا من الرقص الديني الذي كان يؤدي في‬
‫المعابد رقصا جماعيا استغل في المسرح االستعراضي ‪ .‬ولم يقتصر الرقص على‬
‫المسرح فقط ‪ .‬بل تعداه الى الحفالت الخاصة كوسيلة الثارة الغرائز وكانت‬
‫الرقصات موضع حفاوة وتكريم من كبار علية القوم ‪.‬‬

‫لم يختلف المسرح الروماني في تفاصيله المعمارية عن المسرح اليوناني‪،‬‬


‫إنما اختلف عنه في االفادة من االقواس واالروقة التي افتقر اليها المسرح‬
‫اليوناني‪ ،‬كان شكل المسرح مستطيال يجلس النظارة على المدرجات التي تمأل‬
‫نصف الدائرة ولم يكن قطعة من التالل والجبال‪ ،‬إنما يبنى فوق سطح االرض‬
‫( ولكن ما ان شيدت المسارح الرومانية بالحجر حتى فاقت كل النماذج اليونانية)‬
‫(‪ ،)1‬وفي عام (‪100‬ق‪.‬م) تم التعرف على المناظر المصورة‪ ،‬علمًا أن الرومان‬
‫اعتمدوا اآللية اليونانية مضيفين إليها اختراعًا أسموه (بجما)(*) ‪ .pegma‬والتي‬
‫تعد تطورا تقنيا مضافا الى العصر الروماني هذا وعرف (فيتروفيوس)‬
‫بمنشوراته الثالثية‪ ،‬لكل جهة منظر مغاير لآلخر‪ ،‬تدار حول محور‪ ،‬ولهذا‬

‫المنشور الثالثي وجهان‪ ،‬وجه للتراجيديا واآلخر للكوميديا‪ .‬والثالث يمثل مشهدًا‬
‫رعويًا‪ ،‬وهناك إشارة إلى (ستارة) في المسرح الروماني حيث ( ترفع عبر‬
‫منحدرات فوق خشبة المسرح) (‪ .)2‬وكانت (االكيليما ‪ )Ekklema‬تمثل قاعدة‬
‫متحركة على بكرة‪ ،‬وذلك في القرن الخامس ق‪.‬م‪ .‬أما (اآللة الطائرة) المأخوذة‬
‫عن اليونان فتمثل جهازًا من أسالك عجل وبكر تحمل اآللهة‪ ،‬كما انهم أقاموا‬
‫المناظر الثابتة بشكل قصر شاهق أو تماثيل وكانت (البرياكتوس) التي تمثل تقنية‬
‫يونانية الوسيلة الرئيسة للتعبير عن تغير المكان(‪ ،)3‬كما ان هناك ( تجديدين‬
‫رومانيين‪ ...‬وهما السقف الخشبي الذي يغطي المنصة‪ ...‬ثم المجرى‪ ...Trench‬في‬
‫مقدمة المنصة وكانت تستعمل إلنزال الستارة )(‪ .)4‬وعرفت تقنية االضاءة الليلية‬
‫ألول مرة في روما حيث عدت تحوال وتطورا ( لصالح الجديد اكثر مما نعتبره‬
‫خطوة باتجاه الخشبة المضاءة صناعيًا في هذا العصر)(‪.)5‬‬

‫‪1‬‬
‫() جيمس‪ ،‬الفر‪ ،‬الدراما ازياؤها ومناظرها‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫(*) سقالة على شكل ومتعدد االدوار كانت تتداخل الواحدة في األخرى أمرها أمر‬ ‫‪2‬‬

‫التلسكوب‪ .‬ينظر‪ :‬جيمس‪ ،‬الفر‪ ،‬الدراما ازياؤها ومناظرها‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫() تشلدن‪ ،‬تشيني‪ ،‬ثالثة االف سنة من الدراما والحرفة المسرحية‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪3‬‬
‫‪(( Brockett, Oskar, G History of the theatre. Boston Allyn and Bacon,‬‬
‫‪Inc. 1974. P. 49.‬‬
‫() جيمس‪ ،‬الفر‪ ،‬الدراما أزياؤها ومناظرها‪ ،،‬ص‪.35‬‬ ‫‪4‬‬

‫() تشلدن‪ ،‬تشيني‪ ،‬ثالثة االف سنة من الدراما والحرفة المسرحية‪ ،‬ص ‪.142‬‬ ‫‪5‬‬
‫المصادر ‪:‬‬
‫‪ - 1‬حمادة ‪ ،‬إبراهيم ‪ ،‬معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية ‪ ،‬ب ت ‪،‬‬
‫القاهرة ‪ :‬دار الشعب‪.‬‬

‫‪ - 2‬أصالن ‪ ،‬أوديت ‪ ،‬فن المسرح ‪ ،‬ت ‪ :‬سامية احمد ‪ ،‬ج‪ ، 2‬القاهرة ‪ :‬مكتبة‬
‫االنجلو المصرية ‪.1970 ،‬‬

‫‪ - 3‬عطية ‪ ،‬احمد سلمان ‪ ،‬االتجاهات اإلخراجية الحديثة وعالقتها بالمنظر‬


‫المسرحي في العراق ‪ ،‬أطروحة دكتوراه فلسفة ‪ ،‬بغداد ‪ :‬كلية الفنون الجميلة ‪،‬‬
‫‪. ، 1996‬‬

‫‪ - 4‬براي براد ‪ ،‬ديفيد وليامز ‪ ،‬صعود المخرج ‪ ،‬ت ‪ :‬أمين سالمة ‪ ،‬مجلة‬
‫المسرح المصرية ‪ ،‬العدد ‪ ، 59‬القاهرة ‪. , 1993 ،‬‬

‫‪ - 5‬فران ك‪.‬م‪.‬ه واينتج‪ ،‬الم دخل إلى الفن ون المس رحية‪ ،‬ترجم ة‪:‬كام ل يوس ف‬
‫وآخرون‪،‬القاهرة‪ :‬دار المعرفة‪ ،‬مطبعة األهرام‪.1970 ،‬‬
‫‪ - 6‬د‪.‬رم زي مص طفى‪ ،‬المس رح ومص ممي ال ديكور‪ ،‬مجل ة المس رح المص رية‪،‬‬
‫العدد‪،31‬الثقافة واإلرشاد القومي‪ ،‬القاهرة‪.1966:‬‬
‫‪ - 7‬د‪.‬ضياء أنور حبش‪،‬الدالالت البيئية في تصميم المنظر المسرحي العراقي‪.‬‬
‫‪ -‬احمد ‪ ،‬مصطفى‪ ،‬خامات الديكور‪ ،‬دار الفكر الغربي ‪.1974 ،‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪10 - A.S, Cillete , Stage Scenery , 2nd , New York, Har Per‬‬
‫‪and Row , 1972‬‬
‫‪ - 12‬د‪ .‬رمزي مصطفى ‪ ،‬المسرح ومصممي الديكور ‪ ،‬مجلة المسرح‬
‫المصرية ‪ ،‬العدد ‪ ،31‬الثقافة واالرشاد القومي ‪ ،‬القاهرة ‪.1966 ،‬‬
‫‪ - 13‬لويس مكليه‪ ،‬الديكور المسرحي‪ ،‬وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪،‬‬
‫جامعة المستنصرية ‪.‬‬

‫‪ - 14‬الطاهر أحمد الراوي‪ ،‬ترتيب القاموس المحيط‪ ،‬ج‪ ،4‬ب ت‪.،‬‬


‫‪15 - John Dolman, The Art of play production (New York‬‬
‫‪Harpter, Brothers). 1946.‬‬
‫‪ - 16‬هارول د‪ ،‬كليرم ان‪ ،‬ح ول اإلخ راج المس رحي‪ ،‬ترجم ة‪ :‬مم دوح ع دوان‪،‬‬
‫دمشق‪ ،‬دار دمشق للنشر‪.1988 ،‬‬
‫‪- 17‬أوديت أص الن‪ ،‬فن المس رح‪ ،‬ترجم ة‪ :‬س امية أس عد‪ ،‬الق اهرة‪ ،‬مكتب ة االنجل و‬
‫المصرية‪،1970 ،‬‬

You might also like